المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الجمعة 1039 - حدثنا أبو العباس محمدُ بن يعقوب، حدثنا - المستدرك على الصحيحين - ط الرسالة - جـ ٢

[أبو عبد الله الحاكم]

فهرس الكتاب

‌كتاب الجمعة

1039 -

حدثنا أبو العباس محمدُ بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني ابن أبي الزِّناد، عن أبيه، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "سيِّدُ الأيام يومُ الجُمُعة، فيه خُلِقَ آدم، وفيه أُدخِلَ الجنة، وفيه أُخرِجَ منها، ولا تقومُ الساعةُ إلّا يومَ الجمعة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد استشهد بعبد الرحمن بن أبي الزِّناد

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل موسى بن أبي عثمان -وهو التبان- وأبيه. ابنُ أبي الزناد: هو عبد الرحمن.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2710) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (1728)، وابن المنذر في "الأوسط"(1706) عن الربيع بن سليمان، به. وسقط من إسناد ابن خزيمة أبو عثمان والد موسى، فقال ابن خزيمة بإثره: غلطنا في إخراج هذا الحديث، لأنَّ هذا مرسل؛ موسى بن أبي عثمان لم يسمع من أبي هريرة، أبوه أبو عثمان التبان روى عن أبي هريرة أخبارًا سمعها منه. قال الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 15/ 618: كأنه سقط من نسخته "عن أبيه"، فقد رواه الحاكم من حديث ابن وهب فقال فيه: عن أبيه.

وأخرجه أبو طاهر المخلِّص في "المخلصيات"(645) من طريق يحيى بن سليمان بن نضلة، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، به.

وأخرجه بنحوه أحمد 13/ (9207) و 15/ (9409) و 16/ (10645)، ومسلم (854)، والترمذي (488)، والنسائي (1675) من طريق عبد الرحمن الأعرج، وأحمد (10970)، وابن خزيمة (1729) من طريق عبد الله بن فروخ، كلاهما عن أبي هريرة. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وسيأتي عند المصنف بنحوه مطولًا من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة برقم (1043) و (1044) ومختصرًا برقم (4043).

وفي الباب عن أوس بن أوس الثقفي، سيأتي برقم (1042).

وعن أبي لبابة البدري عند أحمد 24/ (15548)، وابن ماجه (1084)، وإسناده ضعيف.

وعن سعد بن عبادة عند أحمد 37/ (22457)، وإسناده ضعيف أيضًا.

ص: 5

ولم يُخرجا: "سيّد الأيام".

1040 -

أخبرنا أبو النَّضر محمدُ بن محمد بن يوسف الفَقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارمي، حدثنا أبو تَوْبةَ الرَّبيع بن نافع الحَلَبي، حدثنا الهيثم بن حُمَيد، حدثني أبو مُعَيد حفص بن غَيلان، عن طاووس، عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله يَبعثُ الأيام يومَ القيامة على هَيْئتها، ويبعث الجمعةَ زهراءَ مُنيرةً، أهلُها يَحُفُّون بها كالعَروس تُهدَى إلى كَريمِها، تُضيءُ لهم يمشون في ضَوئِها، ألوانهم كالثَّلج بياضًا، ورِيحُهم يَسطَع كالمِسك، يخوضون في جبال الكافور، يَنظُر إليهم الثَّقَلان لا يَطْرِفون تعجُّبًا حتى يدخلوا الجنة، لا يخالطُهم أحدٌ إلّا المؤذِّنون المحتسِبون"

(1)

.

هذا حديث شاذٌّ

(2)

صحيح الإسناد.

(1)

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإنَّ أبا معيد حفص بن غيلان لم يدرك طاووسًا، كما قال أبو حاتم في "العلل" لابنه 2/ 565 (594)، ثم إنَّ بعضهم قد تكلم في أبي معيد هذا، وقال ابن خزيمة عند إخراجه هذا الحديث: إن صحَّ الخبر، فإنَّ في النفس من هذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2779) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (1730)، والطبراني في "مسند الشاميين"(1557)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2779)، وفي "فضائل الأوقات"(254)، وتمام في "فوائده"(1260) من طرق عن أبي توبة الربيع بن نافع، به.

وأخرجه ابن خزيمة (1730)، والطبراني في "مسند الشاميين"(1557)، وابن عدي في ترجمة عبد الله بن يوسف التنيسي من "الكامل" 4/ 205، وتمام في "فوائده"(1260)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4445) من طريق عبد الله بن يوسف، عن الهيثم بن حميد، به.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 4/ 109 - 110 من طريق طلحة بن زيد هذا عن عبيدة بن حسان، عن طاووس، به. ونقل عن البخاري أنه قال في طلحة: منكر الحديث، وعن النسائي أنه قال: متروك الحديث.

قوله: "يَطرِفون" من طَرَف بَصَرُه: إذا أطبق أحدَ جفنيه على الآخر.

(2)

يريد بالشذوذ تفرد الراوي بالحديث كما قرر ذلك هو في "معرفة علوم الحديث".

ص: 6

فإنَّ أبا مُعَيد من ثقات الشاميين الذين يُجمَعُ حديثهم، والهيثم بن حُمَيد من أعيان أهل الشام غير أنَّ الشيخين لم يخرجا عنهما.

1041 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى القاضي إملاءً، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا [أبو]

(1)

الرَّبيع الزَّهراني ويحيى بن المغيرة، قالا: حدثنا جَرِير بن عبد الحميد، عن منصور، عن أبي مَعْشَر، عن إبراهيم، عن علقمة، عن قَرْثَعٍ الضَّبِّي -وكان قرثعٌ من القرّاء الأولين- عن سلمان قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا سلمانُ، ما يومُ الجمعة؟ " قلت: الله ورسوله أعلم، قال:"يا سلمانُ، يومُ الجمعة فيه جُمِع أبوك -أو أبوكم- وأنا أُحدِّثك عن يوم الجمعة: ما من رجلٍ يَتطهَّرُ يومَ الجمعة كما أُمِرَ، ثم يَخرُج من بيته حتى يأتيَ الجمعةَ فيقعدَ فيُنصِتَ حتى يَقضِيَ صلاته إلّا كان كفَّارةً لما قبلَه مِن الجمعة"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، واحتجَّ الشيخان بجميع رواته غير قرثع، سمعتُ أبا علي القارئ يقول: أردت أن أجمَع مسانيد قرثع الضَّبِّي، فإنه من زهّاد التابعين، فلم يُسنِد تمامَ العشرة.

1042 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو جعفر أحمد بن

(1)

لفظة "أبو" سقطت من النسخ الخطية، وهو أبو الربيع الزهراني سليمان بن داود العتكي.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل قرثع الضبي. أبو الربيع الزهراني: هو سليمان بن داود العتكي، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو معشر: هو زياد بن كليب، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي، وسلمان صحابيه: هو الفارسي.

وأخرجه النسائي (1676) و (1736) عن إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 39/ (23729)، والنسائي (1677) و (1737) من طريق أبي عوانة، وأحمد 39/ (23718) عن هشيم، كلاهما عن مغيرة بن مقسم الضبي، عن أبي معشر، به. إلّا أنَّ هشيمًا لم يذكر علقمة بين قرثع وإبراهيم، وزاد أبو عوانة في آخر المتن:"ما اجتُنبت المَقتلة".

ويشهد لخلق آدم يوم الجمعة حديث أبي هريرة عند مسلم (854).

وفي باب الجمعة إلى الجمعة كفارة حديث أبي هريرة عند مسلم (233).

ص: 7

عبد الحميد الحارثي، حدثنا الحسين بن علي الجُعْفي، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشْعَث الصَّنعاني، عن أوس بن أوس الثَّقَفي قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من أفضلِ أيامِكم يومَ الجُمُعة، فيه خُلِق آدمُ، وفيه قُبِض، وفيه النَّفخةُ، وفيه الصَّعْقة، فأكثِروا عليَّ من الصلاة فيه، فإنَّ صلاتكم معروضةٌ عليَّ" قالوا: وكيف تُعرَض صلاتُنا عليك وقد أَرَمْتَ؟ فقال: "إنَّ الله عز وجل قد حرَّم على الأرض أن تأكلَ أجسادَ الأنبياءِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1043 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الرَّبيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، عبد الرحمن بن يزيد -وإن جاء مقيدًا هنا وفي بعض مصادر التخريج بابن جابر- اختُلف في تعيينه، فذهب الدارقطني وغيره إلى أنه ابن جابرٍ الثقةُ، وعليه فالإسناد صحيح، وذهب البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة وأبو داود وابن حبان إلى أنه ابن تميمٍ الضعيفُ، وعليه فالإسناد ضعيف، ذكر ذلك ابن رجب في "شرح العلل" 2/ 681 - 682، وابن القيم في "جلاء الأفهام" ص 80 - 85. أبو الأشعث الصنعاني: اسمه شراحيل بن آدَهْ.

وأخرجه أحمد 26/ (16162)، وأبو داود (1047) و (1531)، وابن ماجه (1085) و (1636)، والنسائي (1678)، وابن حبان (910) من طرق عن الحسين بن علي الجعفي، بهذا الإسناد. ووقع اسم الصحابي عند ابن ماجه في الموضع الأول: شداد بن أوس، وهو وهمٌ، نبَّه عليه المزي في "تحفة الأشراف" 2/ 4 و 4/ 143.

وسيأتي الحديث عند المصنف برقم (8895).

وله شواهد عديدة ذكرناها في تعليقنا على "سنن أبي داود" فلتُنظر.

قوله: "وفيه النفخة" قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: الثانية.

وقوله: "الصعقة" قال: الصوت الهائل يفزع له الإنسانُ، والمراد: النفخة الأولى، أو صعقة موسى عليه الصلاة والسلام، وعلى هذا فالنفخة يحتمل الأولى أيضًا.

وقوله: "أرَمتَ" قال: بفتح الراء، أصله: أرمَمْت من أرمَّ، بتشديد الميم: إذا صار رميمًا، فحذفوا إحدى الميمين.

ص: 8

وحدثنا أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفقيه، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى البِرْتي وإسماعيل بن إسحاق القاضي، قالا: حدثنا القَعْنَبي، عن مالك.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن مالك، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التَّيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ يومٍ طَلَعَتْ فيه الشمس يومُ الجمعة، فيه خُلقَ آدم، وفيه أُهبِط، وفيه تِيبَ عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعةُ، وما من دابةٍ إلّا وهي مُصِيخةٌ يومَ الجمعة مِن حينِ تُصبِحُ حتى تَطلُعَ الشمسُ، شَفَقًا من الساعة إلّا الجنَّ والإنسَ، وفيها ساعةٌ لا يُصادِفُها عبدٌ مسلمٌ وهو يُصلِّي يسأل اللهَ شيئًا، إلّا أعطاه إياه".

قال كعب: ذلك في كلِّ سنةٍ يومٌ، فقلت: بل في كلِّ جمعة، قال: فقرأ كعبٌ التوراةَ، فقال: صدق رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو هريرة: ثم لقيتُ عبدَ الله بن سَلَام فحدَّثتُه بمجلسي مع كعب، فقال عبد الله بن سَلَام: قد علمتُ أيَّةَ ساعة هي، قال أبو هريرة: فقلت له: فأخبِرْني بها؟ فقال عبدُ الله بنُ سَلَام: هي آخر ساعةٍ في يوم الجمعة، فقلت: كيف هي آخرُ ساعة في يومِ الجمعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُصادِفُها عبدٌ مسلم وهو يصلِّي"، وتلك الساعة لا يُصلَّى فيها؟ فقال عبد الله بن سَلَام: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن جَلَس مجلسًا ينتظرُ الصلاةَ، فهو في صلاةٍ حتى يُصلِّيَ"؟!

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في "مسند أحمد" 16/ (10303) و 39/ (23785) عن عبد الرحمن بن مهدي بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (1046) عن القعنبي، به.

وأخرجه الترمذي (491) من طريق معن بن عيسى، عن مالك به. وقال: حديث صحيح.

وأخرجه النسائي (1766) من طريق بكر بن مضر، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، به.

وأخرجه أحمد 39/ (23791) من طريق قيس بن سعد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، به. =

ص: 9

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، إنما اتفقا على أحرفٍ من أوله في حديث الأعرج عن أبي هريرة:"خيرُ يومٍ طلعت فيه الشمسُ يوم الجمعة"

(1)

.

وقد تابع محمدُ بنُ إسحاق يزيدَ بنَ الهاد على روايته عن محمد بن إبراهيم التَّيمي بالزيادات فيه:

1044 -

أخبرَناه أبو جعفرٍ محمد بن عليٍّ الشَّيبانيّ بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم الغِفَاريّ، حدثنا يعلى بن عُبيد، حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بنِ إبراهيم بن الحارث التَّيميّ، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن، عن أبي هُريرة قال: جئتُ الطُّورَ فلقيتُ هناك كعبَ الأحبار، فحدّثتُه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدَّث عن التوراة، فما اختَلَفا حتى مررتُ بيوم الجمعة، قال: قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في كلِّ يومِ جمعةٍ ساعةٌ لا يوافقُها مؤمنٌ وهو يصلِّي، يسألُ الله شيئًا إلا أعطاه إياه"، فقال كعب: تلك في كلِّ سنة، فقلت: ما كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجع فتَلَا، ثم قال: صَدَقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، في كلِّ جمعة. قال أبو هريرة: ثم لقيتُ عبدَ الله بن سَلَامٍ فحدثتُه بمجلسي مع كعب. فذكر الحديث بنحوٍ من حديث مالك

(2)

.

= وأخرجه النسائي (9840) من طريق أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة.

وسيأتي من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة فيما بعده (1044)، ومختصرًا برقم (4043)، ومن طريق سعيد بن الحارث عن أبي سلمة عن أبي سعيد وعبد الله بن سلام برقم (1046).

وسيأتي من حديث عبد الله بن سلام برقم (8912).

قوله: "مُصيخة" أي: مصغية مستمعة.

(1)

البخاري (935)، ومسلم (854).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمد بن إسحاق وإن رواه بالعنعنة، قد توبع.

وأخرجه أحمد 39/ (23786) عن يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه مطولًا ومختصرًا أحمد 12/ (7151) و 16/ (10302)، والبخاري (935) و (5294)، ومسلم (852)، وابن ماجه (1137)، والنسائي (1760 - 1765) و (10230 - 10233) و (10235) من طرق عن أبي هريرة. =

ص: 10

1045 -

أخبرنا أبو النَّضْر محمد بن محمد الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارمي، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني عَمرو بن الحارث، أنَّ الجُلَاح أبا كثير، أخبره، أنَّ أبا سلمة بن عبد الرحمن حدَّثه عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"يومُ الجمعة ثِنتا عَشْرة -يريد ساعةً- ولا يوجدُ عبدٌ مسلمٌ يسألُ اللهَ شيئًا إلّا آتاه الله، فالتَمِسُوها آخرَ الساعةِ بعد العصر"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتجَّ بالجُلاح أبي كثير، ولم يُخرجاه.

1046 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبيد الله

(2)

بن أبي داود المُنادي، حدثنا يونس بن محمد المؤدِّب، حدثنا فُلَيح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، عن أبي سَلَمة قال: قلت: والله لو جئتُ أبا سعيدٍ الخدري فسألتُه عن هذه الساعة، لعلَّه أن يكون عنده منها عِلْم، فأتيتُه فقلت: يا أبا سعيد، إنَّ أبا هريرة حدَّثَنا عن الساعة التي في الجمعة، فهل عندك منها عِلْم؟ فقال: سألنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم عنها، فقال:"إنِّي كنتُ أعلمُها، ثم أُنسِيتُها كما أُنسيتُ ليلةَ القَدْرِ"، ثم خرجتُ من عنده فدخلت على عبدِ الله بن سَلَام، ثم ذكر الحديث

(3)

.

= وانظر ما قبله.

وقول أبي هريرة هنا: جئت الطور، أي: بلاد الشام، قال ياقوت في "معجم البلدان" 4/ 47: ويقال لجميع بلاد الشام: الطور.

(1)

إسناده حسن من أجل الجلاح، وقد تفرد به. وضعّف هذا الإسناد البيهقي في "الشعب".

وأخرجه أبو داود (1048) عن أحمد بن صالح، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (1709) من طريقين آخرين عن عبد الله بن وهب، به.

وفي الباب عن عبد الله بن سلام وأبي هريرة، انظر ما قبله.

(2)

في النسخ الخطية: عبد الله، وهو خطأ، صوابه: عُبيد الله مصغر.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل فليح بن سليمان. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن.

وأخرجه أحمد 16/ (11624) عن يونس بن محمد المؤدب، بهذا الإسناد. وقرن بيونس سريجَ بنَ النعمان. =

ص: 11

وهذا شاهد صحيح على شرط الشيخين الحديث يزيد بن الهاد ومحمد بن إسحاق، ولم يُخرجاه.

1047 -

حدَّثَناه أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن عَمرو، قال: حدثني عَبيدة بن سفيان الحَضرَميّ، عن أبي الجَعْد الضَّمْري -وكانت له صحبة- أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من تَرَك ثلاثَ جُمَعٍ تَهاوُنًا بها، طَبَعَ اللهُ على قلبه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1048 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحْبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا همّام بن يحيى، حدثنا قتادة، عن قُدامة بن وَبَرةَ الجُعْفي، عن سَمُرة بن جُندُب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن تَركَ الجمعة من غير عُذرٍ، فليتصدَّق بدينار، فإن لم يَجِدْ فبنصفِ دينار"

(2)

.

= وانظر ما سلف برقم (1043) و (1044).

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى، ومسدّد: هو ابن مسرهد، ويحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه أبو داود (1052) عن مسدد بن مسرهد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 24/ (15498)، والنسائي (1668) من طريق يحيى بن سعيد القطان، به.

وأخرجه ابن ماجه (1125)، والترمذي (500)، وابن حبان (2786) من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة، به. وقال الترمذي: حديث حسن.

وأخرجه ابن حبان (258) من طريق سفيان الثوري، عن محمد بن عمرو، به بلفظ:"من ترك الجمعة ثلاثًا من غير عذر فهو منافق".

ويشهد له حديث جابر بن عبد الله الآتي برقم (1093)، وإسناده حسن.

وحديث ابن عمر وأبي هريرة مرفوعًا: "لينتهين أقوام عن وَدْعهم الجمعات، أو ليختمنَّ الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين"

وفي الباب عن أبي هريرة سيأتي برقم (1095).

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه، قدامة بن وبرة -وإن وثقه ابن معين في رواية عثمان بن سعيد =

ص: 12

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرَّج لخلافٍ فيه لسعيد بن بَشير وأيوب بن العلاء فإنهما قالا: عن قتادة عن قُدامةَ بن وَبَرَة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

1049 -

حدَّثَناه أبو بكر بنُ إسحاق، أخبرنا عُبيد بن عبد الواحد، حدثنا أبو الجُماهِر، حدثنا سعيدُ بن بَشير، عن قتادة.

وأخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدثنا إبراهيمُ بنُ أبي طالب، حدثنا أبو هشام محمد بن يزيد، حدثنا إسحاقُ بنُ يوسف، عن أيوب أبي

(1)

العلاء، عن قَتَادةَ، عن قُدامةَ بن وَبَرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ فاتته الجمعةُ مِن غير عُذْرٍ، فليتصدَّقْ بدرهمٍ أو نصفِ درهم، أو صاعِ حِنْطةٍ أو نصفِ صاع"

(2)

.

= الدارمي، وذكره ابن حبان في "الثقات" -قال البخاري: لم يصح سماعه من سمرة، وقال في "التاريخ الكبير" 4/ 177: لا يصح حديث قدامة في الجمعة.

وأخرجه أحمد 33/ (20087)، وأبو داود (1053)، والنسائي (1673) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وقد صرَّح قتادة بالسماع من قدامة عند أحمد.

وأخرجه أحمد 33/ (20087)، وابن حبان (2789) من طرق عن همام بن يحيى، به.

وأخرجه أحمد 33/ (20159)، وابن حبان (2788) من طريق وكيع عن همام، به، بلفظ:"من فاتته الجمعة".

وأخرجه ابن ماجه (1128)، والنسائي (1674) من طريق خالد بن قيس، عن قتادة، عن الحسن البصري، عن سمرة، وخالد بن قيس قد خالفه من هو أوثق منه وهو همام بن يحيى، وقد رجَّح البخاري رواية همام.

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: بن، وهو أيوب بن مِسكين، ويقال: ابن أبي مسكين، أبو العلاء القصاب.

(2)

إسناده ضعيف لإرساله، وقد خالف أيوب أبا العلاء في إسناده همامُ بن يحيى، فقال: عن قدامة عن سمرة، كما في الطريق السابق، وقد رجَّح الإمام أحمد همامًا عن أيوب كما سيأتي بإثر هذا الحديث. أما متابعُه وهو سعيد عن بشير فقد اختُلف عليه، فرواه أبو الجماهر هنا عنه عن قتادة عن قدامة مرسلًا، ورواه محمد بن شعيب عنه قتادة قدامة عن عن سمرة فرفعه، كما عند البيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 248، ثم قال سعيد بإثره: فسألت قتادة هل يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ فشكَّ في ذلك، قال سعيد: وقد ذكر بعض أصحابنا أنَّ قتادة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. =

ص: 13

هذا لفظ حديث العنبري، ولم يزدنا الشيخ أبو بكر فيه على الإرسال.

1049 م - أخبرني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه، حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل، قال: سمعتُ أبي وسُئل عن حديث همامٍ عن قتادة، وخلافِ أبي العلاء إياه فيه، فقال: همامٌ عندنا أحفظُ من أيوبَ أبي العلاء

(1)

.

1050 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا ابن وهب، حدثنا سليمان بن بلال، عن عَمرو بن أبي عَمرٍو مولى المطَّلب، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنَّ رجلين من أهل العراق أتياه فسألاهُ عن الغُسل يومَ الجمعة: أواجبٌ هو؟ فقال لهما ابن عباس: من اغتَسَل فهو أحسن وأطهر، وسأُخبركما لماذا بدأ الغُسل، كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحتاجين يَلبَسون الصُّوف ويَسقُون النخلَ على ظُهورِهم، وكان المسجد ضيّقًا مُقارِبَ السَّقف، فخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ الجمعة في يومٍ صائفٍ شديدِ الحرّ، ومنبرُه قصير، إنما هو ثلاثُ درجات، فخطب الناسَ، فعَرِق الناسُ في الصوف، فثارت أبدانُهم ريحَ العَرَق والصوفِ حتى كان

(2)

يؤذي بعضُهم بعضًا، حتى بلغت أرواحُهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر، فقال:"أيها الناس، إذا كان هذا اليومُ فاغتَسِلوا وليَمسَّ أحدُكم أطيبَ ما يجدُ من طِيبِه أو دُهْنِه"

(3)

.

= أبو الجُماهر هو: محمد بن عثمان التنوخي.

وأخرجه أبو داود (1054) عن محمد بن سليمان الأنباري، عن إسحاق بن يوسف، بهذا الإسناد. فذكره مرسلًا أيضًا. وقرن بإسحاق بن يوسف: محمد بن يزيد الواسطي.

قال أبو داود: رواه سعيد بن بشير عن قتادة هكذا، إلّا أنه قال: مُدًّا أو نصف مُدٍّ، وقال: عن سمرة.

(1)

وأخرجه أبو داود بإثر الحديث (1054) عن أحمد بن حنبل.

(2)

في (ز): كاد.

(3)

إسناده جيد، عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب فيه كلام يحطه عن رتبة الصحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وعكرمة: هو مولى ابن عباس.

وأخرجه أحمد 4/ (2419) عن أبي سعيد عبد الرحمن بن عبد الله البصري، عن سليمان بن =

ص: 14

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1051 -

أخبرنا أبو عَمرو عثمان بن أحمد بن السَّمَّاك ببغداد، حدثنا علي بن إبراهيم الواسطيّ، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي أُمامة بن سهل، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن كعب، قال: كنتُ قائدَ أبي حين ذهب بصرُه، إذا خرجتُ به إلى الجمعة فسمع الأذان صلَّى على أبي أَمامة أسعد بن زُرارة واستغفر له، فمكثتُ كثيرًا لا يسمع أذان الجمعة إلّا فعل ذلك، فقلت: يا أبَتِ، أرأيت استغفارك لأبي أمامة كلما سمعتَ الأذان للجمعة ما هو؟ قال: أيْ بنيَّ، كان أولَ من جمَّع بنا بالمدينة في هَزْمٍ من حَرَّةِ بني بَيَاضة يقال لها: نقيعُ الخَضِمات، قال: قلت: كم كنتم يومئذ؟ قال: أربعين رجلًا

(1)

.

= بلال، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (353) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، به.

وسيأتي مكررًا بإسناده ومتنه برقم (7581).

وفي الباب عن عائشة عند البخاري (902)، ومسلم (847) قالت: كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي، فيأتون في الغبار، يصيبهم الغبار والعرق، ويخرج منهم العرق، فأتى رسولَ الله إنسان منهم -وهو عندي- فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لو أنكم تطهّرتم ليومكم هذا".

وعنها أيضًا عند البخاري (903)، ومسلم (847) قالت: كان الناس مَهَنةَ أنفسهم، وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم، فقيل لهم: لو اغتسلتم.

وقول ابن عباس: لماذا بدأ الغسل، قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: لماذا ابتدأ شرعه، أي: حتى تعرف أنَّ علَّته قد عدمت الآن، فلو فُرِض واجبًا لما بقي وجوبه الآن، فكيف وهو غير واجب من الأصل، وهذا المعنى هو الذي يقتضيه تمام الحديث.

قلنا: ويؤيده قول ابن عباس في آخر الحديث في رواية أبي داود: ثم جاء الله بالخير، ولبسوا غير الصوف، وكُفُوا العمل، ووُسِّع مسجدهم، وذهب بعضُ الذي كان يؤذي بعضهم بعضًا من العرق.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق. وهب بن جرير عن أبيه: هو جرير بن حازم.

وأخرجه أبو داود (1069)، وابن ماجه (1082)، وابن حبان (7013) من طرق عن محمد ابن إسحاق، بهذا الإسناد. ووقع عندنا في أصل "الإحسان" و"التقاسيم": عبد الله بن كعب، بدل =

ص: 15

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وهو شاهد الحديث الذي تفرَّد بإخراجه البخاريُّ

(1)

من حديث إبراهيم بن طَهْمان عن أبي جَمرة عن ابن عباس: أولُ جمعة في الإسلام بعد جمعةٍ بالمدينة جمعةٌ بجُواثَى

(2)

عبد القَيس.

1052 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الحميد الحارثي، حدثنا حُسين بن علي الجُعْفي، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر، عن أبي الأشعث الصَّنْعاني، عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -وذكر يومَ الجُمُعة-: "من غَسَل واغتَسَل، وغدا وابتَكَر، ودَنا وأنصَتَ واستَمعَ، غُفِرَ له ما بينَه وبين الجمعة، وزيادةُ ثلاثةِ أيام، ومن مَسَّ الحصى فقد لَغَا"

(3)

.

= عبد الرحمن، وهو خطأ وجاء على الصواب في "إتحاف المهرة" 13/ 35.

وسيأتي الحديث في "المستدرك" من طريق يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق برقم (4919).

قوله: هزم، قال ابن الأثير: هزم الأرض: هو ما تهزَّم بها، أي: تشقق، ويجوز أن يكون جمع هَزْمَة: وهو المتطامن من الأرض، وهَزْم بني بياضة: هو موضع بالمدينة.

والنقيع: هو الماء الناقع، وهو المجتمع، ونقيع الخضمات: موضع قرب المدينة كان يستنقع فيه الماء، أي: يجتمع.

والخضمات ضُبطت بفتح الخاء المعجمة وتثليث الضاد، كما في "شرح القاموس".

(1)

في "صحيحه"(892) و (4371).

(2)

جُواثَي: موضع يبعد عن مدينة الهفوف من الأحساء -شرقي الملكة العربية السعودية- مسافة 17 كم.

(3)

رجاله ثقات، لكن فيه علتان:

إحداهما: أنَّ عبد الرحمن بن يزيد بن جابر -وإن جاء مصرَّحًا باسمه هكذا في مصادر التخريج- إلّا أنه اختُلف في تعيينه، فذهب قوم إلى أنه ابن جابر هذا وهو ثقة، وذهب آخرون إلى أنه عبد الرحمن بن يزيد بن تميم وهو ضعيف، كما بيّنا ذلك عند الحديث رقم (1042).

والثانية: أنَّ أحمد بن عبد الحميد الحارثي قد تفرَّد في لفظ هذا الحديث فقال فيه: "غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا" وهذا اللفظ ليس من حديث أوس بن أوس، وإنما هو من حديث أبي هريرة عند مسلم (857) وغيره، فيكون الحارثي قد ركّب إسناد حديث أوس على متن حديث أبي هريرة فأخطأ، وخالف من هو أوثق منه كما =

ص: 16

رواه يحيى بن الحارث الذِّماري وحسان بن عَطيَّة عن أبي الأشعث

أما حديث يحيى بن الحارث:

= سيظهر في التخريج.

وأخرجه أحمد 26/ (16172)، وأخرجه النسائي (1741) عن موسى بن عبد الرحمن الكوفي، كلاهما (أحمد وموسى) عن حسين بن علي الجعفي، بهذا الإسناد. ولفظه عندهما:"كان له بكل خطوة كأجر سنة، صيامها وقيامها"، وليس عندهما قوله في آخره:"ومن مسَّ الحصى فقد لغا".

وأخرجه أحمد (16175) عن عبد الله بن المبارك، والنسائي (1703) و (1707) من طريق الوليد بن مسلم الدمشقي، كلاهما عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، به. ولفظه:"كان له كأجر سنة، صيامها وقيامها".

وأخرجه أحمد (16176) من طريق راشد بن داود الصنعاني، عن أبي الأشعث الصنعاني -واسمه: شراحيل بن آده- به. ولفظه أيضًا: "كان له بكل خطوة خطاها عمل سنة، صيامها وقيامها".

وأخرجه أيضًا بنحو هذا اللفظ أحمد (16161) من طريق محمد بن سعيد المصلوب، وأبو داود (346) من طريق عبادة بن نُسي، كلاهما عن أوس بن أوس رفعه. ومحمد بن سعيد المصلوب هذا متروك كذبوه، ووقع عندهما:"من غَسَل رأسه يوم الجمعة واغتسل". وهذا لفظ رواية عبادة بن نسي.

وسيأتي في "المستدرك" بعد هذا الحديث من طريق يحيى بن الحارث، وبعده من طريق حسان ابن عطية، كلاهما عن أبي الأشعث الصنعاني، به. فلينظرا.

وبرقم (1055) من طريق عثمان بن الشيباني، عن أبي الأشعث، عن أوس بن أوس، عن عبد الله ابن عمرو.

قوله: "غسل واغتسل" قال النووي في "شرح المهذب" 4/ 543: يروى "غسل" بالتخفيف والتشديد، والأرجح عند المحققين التخفيف، والمختار أنَّ معناه: غسل رأسه، ويؤيده رواية أبي داود (السالف تخريجها قبل قليل من طريق عبادة بن نسي):"من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل".

وقال السندي في حاشيته على "المسند": "اغتسل"، أي: سائر جسده، وإفراد الرأس للاهتمام به، لأنهم أصحاب الأشعار، وغسل الرأس لصاحب الشعر لا يخلو من تعب.

ص: 17

1053 -

فحدثني علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا يزيد بن الهيثم القَطِيعي، حدثنا إبراهيم بن أبي الليث، حدثنا الأشجَعيُّ عن سفيان، عن عبد الله بن عيسى، عن يحيى بن الحارث، عن أبي الأشعث الصنعانيّ، عن أوسِ بن أوس الثَّقفي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن غَسَل واغتَسَل ثم غدا، وابتَكَر، فجلس من الإمام قريبًا فاستَمَع وأنصَتَ، كان له بكلِّ خُطْوةٍ أجرُ سنةٍ، صيامِها وقيامِها"

(1)

.

وأما حديث حسان بن عطية:

1054 -

أخبرناه الحسن بن حَليم المروَزي، أخبرنا أبو الموجِّه، حدثنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا الأوزاعيُّ، حدثنا حسّان بن عَطيّة، حدثني أبو الأشعث الصَّنعاني، حدثني أوس بن أوس الثقفيّ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن غَسَل واغتَسَل يوم الجمعة، ثم بَكَّر وابتَكَر، فدنا واستَمَع ولم يَلْغُ، كان له بكل خُطْوة يخطوها عملُ سنةٍ، أجرُ صيامها وقيامها"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل إبراهيم بن أبي الليث -وهو إبراهيم بن نصر الترمذي- وهو أحسن حالًا في روايته عن الأشجعي من غيرها، وقد توبع هنا في حديث أوس بن أوس. الأشجعي: هو عبيد الله بن عبد الرحمن، وسفيان: هو الثوري، وأبو الأشعث الصنعاني: هو شراحيل بن آدَه.

وأخرجه أحمد 26/ (16178)، والترمذي (496)، والنسائي (1720) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.

وأخرجه الترمذي (496) من طريق أبي جناب يحيى بن أبي حية، عن عبد الله بن عيسي، به.

وقال بإثره: ويروى عن ابن المبارك: "غسل رأسه واغتسل".

وأخرجه النسائي (1697) و (1719) من طريقين عن يحيى بن الحارث الذِّماري، به.

وانظر ما قبله وما بعده.

(2)

إسناده صحيح. الحسن بن حليم: هو الحسن بن محمد بن حليم الحليمي، نُسب إلى جده، وأبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان بن جبلة، وعبدان لقبه، وعبد الله: هو ابن المبارك، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو.

وأخرجه أحمد 26/ (16173) و (16174)، وأبو داود (345)، وابن ماجه (1087)، =

ص: 18

قد صحَّ هذا الحديث بهذه الأسانيد على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وأظنه لحديثٍ واءٍ لا يُعلَّل مثلُ هذه الأسانيد بمثله، وهو حديث:

1055 -

حدَّثَناه أبو بكر أحمد بن كامل، حدثنا أحمد بن الوليد الفحَّام، حدثنا رَوْح بن عُبادة، حدثنا ثَور بن يزيد، عن عثمان الشَّيبانيّ

(1)

، أنه سمع أبا الأشعث الصَّنعانيَّ يحدِّث عن أوس بن أوس الثَّقفي، عن عبد الله بن عَمروٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن غَسَل يوم الجمعة واغتَسَل، ودنا من الإمام واقترب، واستَمَع وأنصَتَ، كان له بكلِّ خُطوةٍ يَخطُوها أجرُ صيام سنةٍ وقيامِها"

(2)

.

= وابن حبان (2781) من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وقال ابن حبان بإثره: قوله: "من غَسَل" يريد: غَسَل رأسه، "واغتسل" يريد: اغتسل بنفسه. لأنَّ القوم كانت لهم جُمَمٌ (جمع جُمَّة، وهو من شعر الرأس: ما سقط على المنكبين) احتاجوا إلى تعاهدها.

وقوله: "بكّر وابتكر" يريد: بكَّر إلى الغُسل، وابتكر إلى الجمعة.

وأخرج أبو داود (349) بإسناده إلى مكحول في قوله: "غسل واغتسل"، قال: غسل رأسه وجسده. و (350) عن سعيد بن عبد العزيز قال: غسل رأسه وغسل جسده.

(1)

كذا وقع عند الحاكم "الشيباني"، وهو خطأ صوابه: عثمان الشامي، كذا وقع منسوبًا في "إتحاف المهرة" لابن حجر 9/ 436 وفي مصادر التخريج، وهو عثمان بن خالد الشامي، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 6/ 219 وقال: يروي عن أبي الأشعث عن أوس، روى عنه ثور بن يزيد.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عثمان الشامي، وقد أخطأ عثمان هذا فزاد في الإسناد: عبد الله بن عمرو، مع أنَّ أوس بن أوس قد صرَّح بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم كما في رواية حسان بن عطية السالفة قبل هذا.

واخرجه أحمد 11/ (6954)، والبيهقي 3/ 227 من طريق روح بن عبادة، بهذا الإسناد.

قال البيهقي: هكذا رواه جماعة عن ثور بن يزيد، والوهم في إسناده ومتنه من عثمان الشامي هذا، والصحيح رواية الجماعة عن أبي الأشعث عن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

قلنا: لا وهم في متنه، فقد صحَّ الإسناد إليه كما في الرواية السابقة، وانظر لزامًا تعليقنا على "مسند أحمد".

ص: 19

هذا لا يعلِّل الأحاديث الثابتة الصحيحة من أوجُهٍ:

أولها: أنَّ حسان بن عطيّة قد ذَكَرَ سماع أوس بن أوس من النبي صلى الله عليه وسلم.

وثانيها: أنَّ ثَوْر بن يزيد دون أولئك في الاحتجاج به.

وثالثها: أنَّ عثمان الشَّيباني مجهول.

1056 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ، حدثنا موسى بن هارون وصالح بن محمد الرَّازي والحسين بن محمد بن زياد.

وحدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، قالوا: حدثنا سُرَيج بن يونس، حدثنا هارون بن مسلم العِجْلي، حدثنا أبانُ بن يزيد، عن يحيى بن أبي كَثِير، عن عبد الله بن أبي قَتادة، قال: دخل عليَّ أبي وأنا أغتسِلُ يوم الجمعة، فقال: غُسلٌ من جَنابةٍ أو للجمعة؟ قال: قلت: من جَنابة، قال: أعِدْ غُسلًا آخر؛ فإنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من اغتَسَلَ يوم الجمعةِ، كان في طهارةٍ إلى الجمعةِ الأخرى"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وهارون بن مسلم العِجْلي شيخٌ قديمٌ للبصريين يقال له: الحِنّائي، ثقةٌ قد روى عنه أحمد بن حنبل وعبيد الله بن عمر القَوارِيريّ.

1057 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا عليُّ بن عبد العزيز،

(1)

إسناده حسن إن شاء الله، هارون بن مسلم العجلي وثقه المصنف هنا، وروى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: لين، وقال الدارقطني في "العلل": كان ضعيفًا، وقال مرة كما في "سؤالات البرقاني": صويلح يعتبر به.

وأخرجه ابن حبان (1222) من طريق محمد بن عبد الأعلى، عن هارون بن مسلم، بهذا الإسناد.

قوله: "كان في طهارة إلى الجمعة الأخرى" قال ابن حبان: يريد به من الذنوب، لأنَّ من حضر الجمعة بشرائطها، غُفِر به ما بينها وبين الجمعة الأخرى.

ص: 20

حدثنا حجّاج بن منهال، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد ابن إبراهيم، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة وأبي سعيد، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن غَسَل يوم الجمعة واستاك ولَبِس أحسنَ ثيابه وتطيَّب بطيبٍ إِن وَجَدَه، ثم جاء ولم يتخطَّ الناسَ، فصلَّى ما شاء الله أن يصلي، فإذا خرج الإمامُ سكت، فذلك كفارةٌ إلى الجمعة الأخرى"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وقد رواه أيضًا إسماعيل ابن عُليَّة عن محمد بن إسحاق، مثل رواية حماد بن سلمة، وقيَّده بأبي أُمامة بن سهل مقرونًا بأبي سلمة:

1058 -

أخبرَناهُ أحمد بن جعفر القَطِيعيّ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن إبراهيم، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن وأبي أُمامة بن سَهل، عن أبي هريرة وأبي سعيدٍ قالا: سَمِعْنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن اغتسل يوم الجمعة، واستنَّ ومسَّ من

(1)

إسناده حسن محمد بن إسحاق صرَّح بالتحديث عند أحمد -كما سيأتي تخريجه في الرواية التي بعد هذه- فانتفت شبهة تدليسه.

وأخرجه أبو داود (343) عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 15/ (9484)، ومسلم (857)، وأبو داود (1050)، وابن ماجه (1090)، والترمذي (498)، وابن حبان (1231) و (2780) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة. وقال الترمذي: حسن صحيح.

وأخرجه بنحوه أيضًا أحمد 17/ (11347) من طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري.

وفيه زيادة في آخره.

وانظر ما بعده.

وفي الباب عن أبي ذر سيأتي في المستدرك برقم (1086)، والمحفوظ أنه من حديث سلمان الفارسي كما سيأتي بيانه.

وعن أبي أيوب الأنصاري عند أحمد 38/ (23571).

ص: 21

طيبٍ إن كان عنده، ولَبِس أحسنَ ثيابه، ثم جاء إلى المسجد، ولم يتخطَّ رِقابَ الناس، ثم ركع ما شاء الله أن يركع، ثم أنصَتَ إذا خرج إمامُه حتى يصلي، كانت له كفارةً لما بينها وبين الجمعة التي كانت قبلَها".

يقول أبو هريرة: وثلاثةُ أيامٍ زيادةً؛ إنَّ الله قد جعل الحسنة بعَشْر أمثالها

(1)

.

إسماعيل ابن عُليَّة من الثقات الذي أجمعا على إخراجه.

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في شهر ربيع الأول سنةَ خمسٍ وتسعين وثلاث مئة:

1059 -

أخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي، حدثنا الحارث بن أبي أُسامة، حدثنا محمد بن عيسى بن الطَّبّاع، حدثنا مُصعَب بن سَلَّام، عن هشام بن الغازِ، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا خرج يومَ الجمعة فقَعَدَ على المنبر، أذَّن بلال

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، فإنَّ هشام بن الغازِ ممن يُجمع حديثُه، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده حسن كسابقه.

وأخرجه أحمد 18/ (11768)، وأبو داود (343) من طريقين عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل مصعب بن سلَّام التميمي الكوفي، وقال الذهبي في "تلخيصه": ليس بحجة.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 205، وفي "السنن الصغرى"(620) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(1532)، وأبو طاهر المخلص في "المخلصيات"(2560) من طريقين عن محمد بن عيسى بن الطباع، به.

وأخرجه بنحوه ابن عدي في "الكامل" 8/ 87 من طريق زياد بن أيوب، عن مصعب بن سلام، به.

وله شاهد من حديث السائب بن يزيد عند البخاري (912) و (913) و (916)، وانظر تتمة تخريجه في "مسند أحمد" 24/ (15716).

ص: 22

1060 -

حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكِّي، حدثنا محمد بن إسماعيل ابن مِهْران، حدثنا هشام بن عمَّار، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جُرَيج، عن عطاء ابن أبي رباح، عن ابن عباس قال: استوى النبيُّ صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة، فقال للناس:"اجلِسُوا"، فسمعه ابنُ مسعود

(1)

وهو على باب المسجد فجَلَس، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"تعالَ يا ابنَ مسعود"

(2)

.

(1)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: ابن مسعدة، في الموضعين، والتصويب من "السنن الكبرى" للبيهقي، وسائر مصادر التخريج.

(2)

رجاله ثقات ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- وإن لم يصرح بسماعه من عطاء، فروايته عنه محمولة على الاتصال، والوليد بن مسلم قد صرَّح بالتحديث عنه، أما هشام بن عمار فقد كبر فصار يتلقن. ثم إنَّ هذا الحديث قد اختُلف في وصله وإرساله، قال أبو داود: هذا يعرف مرسلًا، وقال الدارقطني: والمرسل أشبه.

قلنا: رواه ابن جريج، واختُلف عنه فيه:

فقد رواه الوليد بن مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، فجعله من مسند ابن عباس، كما عند الحاكم هنا، وعنه أخرجه البيهقي 3/ 205، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (1780) عن محمد بن يحيي، عن هشام بن عمار، به. وقال: إن كان الوليد ابن مسلم ومن دونه حفظ ابن عباس في هذا الإسناد، فإنَّ أصحاب ابن جريج أرسلوا هذا الخبر عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه مخلد بن يزيد ومعاذ بن معاذ وأبو زيد النحوي عن ابن جريج عن عطاء عن جابر بن عبد الله، فجعلوه من مسند جابر.

أما رواية مخلد بن يزيد فستأتي عند الحاكم (1068)، وعنه البيهقي 3/ 206 عن يحيى بن محمد العنبري، عن محمد بن إبراهيم العبدي، عن يعقوب بن كعب الحلبي، عنه، به.

وعن يعقوب بن كعب هذا أخرجه أبو داود (1091)، ومن طريقه البيهقي 3/ 206، وابن الجوزي في "التحقيق" (806). قال أبو داود: هذا يعرف مرسلًا، إنما رواه الناس عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومخلد هو شيخ.

وأخرجه أبو طاهر المخلِّص في "المخلصيات"(680) و (3141) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 128 - من طريق إسحاق بن زريق، عنه، به. =

ص: 23

صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1061 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد ابن يحيى، حدثنا مسدَّد، حدثنا إسماعيل، حدثنا عبد الحميد صاحب الزِّيادي، حدثنا عبد الله بن الحارث ابنُ عمِّ

(1)

محمد بن سِيرِين: أنَّ ابن عباس قال لمؤذِّنه في يومٍ مَطِير: إذا قلتَ: أشهدُ أنَّ محمدًا رسول الله، فلا تقل: حيَّ على الصلاة، قل: صَلُّوا في بيوتِكم قال: فكأنَّ الناسَ استَنكَروا ذلك، فقال: قد فعل ذا مَن هو خيرٌ منِّي، إنَّ الجمعة عَزْمةٌ، وإني كرهتُ أن أُخرجَكم فتَمشُون في الطِّين والماء

(2)

.

= وأما رواية معاذ بن معاذ فقد أخرجها البيهقي 3/ 218 من طريقه عن ابن جريج، به.

وأما رواية أبي زيد النحوي، فكما عند الدارقطني في "العلل" 13/ 383 (3274)، ولم نقع عليها فيما بين يديّ من مصادر.

وقد رجح الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 3/ 293 كونه من حديث ابن عباس.

وروى هذا الحديث أيضًا إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن مسعود، فجعله من مسند ابن مسعود، كما في "علل الدارقطني".

ورواه عبد الرزاق وروح بن عبادة عن ابن جريج عن عطاء، مرسلًا: أما رواية عبد الرزاق فهي في "مصنفه"(5368)، ورواية روح أخرجها الحارث بن أبي أسامة (1015 - بغية الباحث).

ورواه عمرو بن دينار عن عطاء مرسلًا، أخرجه من طريقه البيهقي 3/ 218، وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام" (279). قال الدارقطني في "العلل" 13/ 383: ورواه عمرو بن دينار عن عطاء مرسلًا، والمرسل أشبه.

(1)

قوله: "ابن عم" تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عن، والتصويب من "تلخيص الذهبي" و"صحيح البخاري"، وقد جاء في "إتحاف المهرة" 7/ 325: عبد الله بن الحارث نسيب محمد ابن سيرين، وكذا في "تهذيب الكمال" 14/ 400 فقال: عبد الله بن الحارث الأنصاري، أبو الوليد البصري، نسيب محمد بن سيرين، وختنه على أخته، وهو والد يوسف بن عبد الله بن الحارث.

(2)

إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن علية، وعبد الحميد صاحب الزيادي: هو ابن دينار.

وأخرجه البخاري (901)، وأبو داود (1066) عن مسدد بن مسرهد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (699)(26) عن علي بن حجر، عن إسماعيل ابن عُليَّة، به.

وأخرجه البخاري (616) و (668)، ومسلم (699)(27) من طريق حماد بن زيد، ومسلم =

ص: 24

1062 -

أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة.

وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أَبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعبة، عن خُبَيب بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن محمد بن مَعْن، عن ابنة حارِثةَ بن النُّعمان قالت: ما حفظتُ (قَ) إلّا من فِي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأُ بها في كلِّ يومِ جمعة، قالت: وكان تنُّورُنا وتنُّورُ رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدًا

(1)

.

= (699)(28) من طريق شعبة، كلاهما عن عبد الحميد صاحب الزيادي، به. وقرن في رواية حماد بعبد الحميد: أيوب بن أبي تميمة وعاصم بن سليمان الأحول.

وأخرجه مسلم (699)(29)، وابن ماجه (939) من طرق عن عاصم الأحول وحده، ومسلم (699)(30) من طريق وهيب بن خالد عن أيوب بن أبي تميمة وحده، كلاهما عن عبد الله بن الحارث، به. وجاء عند مسلم عن أيوب: قال وهيب: لم يسمعه منه.

قال الحافظ رشيد الدين العطار في "غرر الفوائد" ص 218: إنما أورد مسلم حديث وهيب هذا لينبه -والله أعلم- على الاختلاف فيه على أيوب، لأنَّ وهيبًا كان من حفاظ أهل البصرة وثقاتهم، إلّا أنَّ حماد بن زيد أثبت في أيوب من غيره، ولذلك قدَّم مسلم حديثه على حديث وهيب، ومع ذلك فلو سلّمنا أنَّ أيوب لم يسمعه من عبد الله بن الحارث، فقد بينا أنه متصل في كتاب مسلم وغيره من حديث غير واحد عنه، وبالله التوفيق، انتهى.

وأخرج ابن ماجه (938) من طريق عباد بن منصور، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في يوم جمعة يوم مطر:"صلُّوا في رحالكم". وفي إسناده ضعف.

وبنحوه أخرجه أحمد 4/ (2503) عن ابن أبي عدي، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس، وشكَّ ابن عون في رفعه. وإسناده صحيح.

وفي الباب عن عبد الرحمن بن سمرة، وسيأتي برقم (1096).

وعن ابن عمر في الجماعة عند أحمد 8/ (447)، والبخاري (632)، ومسلم (697).

قوله: "عزمة" أي: واجبة متحتمة، فلو قال المؤذن: حي على الصلاة، لكُلِّفتم المجئ إليها ولحقتكم المشقة.

(1)

حديث صحيح، عبد الله بن محمد بن معن وإن تفرَّد بالرواية عنه خبيب بن عبد الرحمن =

ص: 25

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه! وابنةُ حارثة بن النُّعمان قد سمَّاها محمد بن إسحاق بن يسار في روايته:

1063 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، حدثنا يحيى بن المغيرة، حدثنا جَرير، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن يحيى بن عبد الله، عن أُمِّ هشامٍ بنت حارثةَ بن النُّعمان قالت: قرأتُ {قَ وَالْقُرْءَانِ إِنِ الْمَجِيدِ} من فِي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ كان يَقرؤُها في كلِّ يوم جمعةٍ إذا خَطَبَ الناسَ

(1)

.

= وجهله الذهبي، قد توبع. وعبد الرحمن بن الحسن القاضي -وهو أبو القاسم الأسدي- شيخ الحاكم في الإسناد الأول، وإن كان ضعيفًا متابع.

إبراهيم بن الحسين: هو ابن ديزيل، وشعبة: هو ابن الحجاج، ومحمد بن جعفر: هو غُندر.

وهو في "مسند أحمد" 45/ (27628) عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (873)(51)، وأبو داود (1100) عن محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 45/ (27455)، والنسائي (1732) من طريقين عن محمد بن عبد الرحمن ابن سعد بن زرارة، عن ابنة حارثة، ووقع في رواية: أحمد امرأة من الأنصار، بدل ابنة حارثة، وهذا إسناد منقطع، فإنَّ محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة قد عدَّه الحافظ ابن حجر في "التقريب" في الطبقة السادسة، ورجال هذه الطبقة لم يثبت لقاؤهم بأحد من الصحابة.

وأخرج أحمد وابنه عبد الله (27629)، والنسائي (1023) و (11456) من طريق عبد الرحمن ابن أبي الرجال، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عن أم هشام بنت الحارث قالت: ما أخذت {ق وَالْقُرْءَانِ الْمَجِيدِ} إلّا من وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بها في الصبح. وهذا إسناد ضعيف، عبد الرحمن بن أبي الرجال صدوق ربما أخطأ، وقد خالف الرواة عن يحيى بن سعيد في متنه، فقد رواه سليمان بن بلال ويحيى بن أيوب، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن أم هشام بنت الحارث، وقالت فيه: يوم الجمعة، كان يقرأ بها على المنبر كل جمعة. أخرجه مسلم (872)(50) وأبو داود (1102) و (1103).

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق. محمد بن أيوب: هو ابن الضُّريس، ويحيى بن المغيرة: هو السعدي الرازي، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وعبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمد بن عمرو بن حزم. =

ص: 26

يحيى بن عبد الله هو: ابن عبد الرحمن بن أسعد بن زُرَارة.

1064 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، حدثنا أبي وشعيب، قالا: حدثنا الليث، حدثنا خالد بن يزيد، عن ابن أبي هلال، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد أنه قال: خَطَبَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومًا فقرأ {ص} ، فلما مَرَّ بالسَّجدة نزل فَسَجَدَ وسَجدْنا، وقرأها مرةً أخرى، فلما مرَّ بالسَّجدة تَبَشَّرْنا للسجود، فلما رآنا قال:"إنما هي توبةُ نبيٍّ، ولكنِّي أراكم قد استعدَدتُم للسُّجود"، فنزل فسَجَدَ وسجدنا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، فأما السجود في:{ص} فقد أخرجه البخاري

(2)

، وإنما الغرض في إخراجه هكذا في كتاب الجمعة أنَّ الإمام إذا قرأ السجدةَ يوم الجمعة على المنبر فمن السُّنة أن ينزل فيسجد.

1065 -

حدثنا حمزة بن العباس العَقَبيّ، حدثنا محمد بن عيسى بن حَيَّان، حدثنا شَبَابة بن سَوَّار، حدثنا يونس بن أبي إسحاق.

وأخبرني أبو بكر بن أبي نَصْر المروَزيُّ -واللفظ له- حدثنا أبو الموجِّه، حدثنا أبو عمَّار، حدثنا الفَضْل بن موسى، حدثنا يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ، عن المغيرة ابن شِبْل، عن جَرير بن عبد الله قال: لما دَنَوتُ من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنخْتُ راحلتي وحللتُ عَيبَتي، فلبِستُ حُلَّتي، فدخلت ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فسلَّم

= وأخرجه أحمد 45/ (27456)، ومسلم (873)(52) من طريق إبراهيم بن سعد، عن محمد ابن إسحاق، بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله.

(1)

إسناده صحيح شعيب هو ابن الليث بن سعد، وابن أبي هلال: اسمه سعيد.

وأخرجه ابن حبان (2799) عن ابن خزيمة، عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، بهذا الإسناد وسيأتي عند المصنف برقم (3657) من طريق عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال.

(2)

في "صحيحه"(1069) من حديث ابن عباس قال: (ص) ليس من عزائم السجود، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها.

ص: 27

عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فرماني الناسُ بالحَدَق، فقلت لجليسي: يا عبد الله، هل ذَكَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن أمري شيئًا؟ قال: نعم، ذكرك بأحسنِ الذِّكر، قال:"إنَّه سيدخُلُ عليكم مِن هذا الباب -أو من هذا الفَجِّ- مِن خَيرِ ذي يَمَنٍ، وإنَّ على وجهِهِ مَسْحةُ مَلَك"، فحَمَدتُ الله على ما أبلاني

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وهو أصلٌ في كلام الإمام في الخطبة فيما يَبدُو له في الوقت.

1066 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، عن ابن عَجْلان، عن عِياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح: أنَّ أبا سعيدٍ الخدري دخل يوم الجمعة ومروانُ بن الحكم يخطُبُ، فقام يصلي، فجاء

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من جهة الفضل بن موسى، يونس بن أبي إسحاق السبيعي مختلف فيه، وهو حسن الحديث، أما من جهة شبابة بن سوار، ففيه محمد بن عيسي ابن حيان -وهو المدائني- متروك.

أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وأبو عمار: هو الحسين بن حريث.

وأخرجه النسائي (8246)، وأخرجه ابن حبان (7199) عن ابن خزيمة، كلاهما (النسائي وابن خزيمة) عن أبي عمار الحسين بن حريث، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (8246) عن محمد بن عبد العزيز بن غزوان، عن الفضل بن موسى، به.

وأخرجه أحمد 31/ (19180) و (19181) و (19227) من طرق عن يونس بن أبي إسحاق، به.

وأخرجه النسائي (8244) عن قتيبة بن سعيد، عن سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله قال: ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا تبسم في وجهي وقال: "يدخل عليكم من هذا الباب من خير ذي يمنٍ على وجهه مسحة مَلَك". وهذا إسناد صحيح.

قوله: حللت عيبتي، قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: موضع ثيابي المخصوصة.

بالحَدَق، بفتحتين أي: بعيونهم.

ذي يمن، قال: الظاهر أنه بضم الياء، بمعنى التيمن والبركة، أو هو بفتحتين، بمعنى البلاد المعروفة، فإنه من بَجيلة في ناحية اليمن.

أبلاني: أعطاني.

ص: 28

الأحراس ليُجلِسوه فأبى حتى صلَّى، فلما انصَرَفَ مروان أتيناه فقلنا له: يرحمُكَ الله، إن كادوا ليَفعَلون بك، قال: ما كنتُ أتركُها بعد شيءٍ رأيتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذَكَرَ رجلًا جاء يومَ الجمعة ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم، يَخطُب، ثم جاء يومَ الجمعة الأخرى ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَخطُب، فأَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الناسَ أن يتصدَّقوا، فألقى الرجلُ أحدَ ثوبيه، فصلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم زَجَرَه وقال:"خُذْ ثوبَك". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ هذا دخلَ في هيئةٍ بَذَّة، فأمرتُ الناسَ أن يتصدَّقوا، فألقَى هذا أحدَ ثَوبَيه"، ثم أمره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُصلّيَ ركعتين

(1)

.

(1)

إسناده قوي من أجل ابن عجلان: وهو محمد. الحميدي: هو أبو بكر عبد الله بن الزبير، وسفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه مطولًا ومختصرًا أبو داود (1675)، وابن ماجه (1113)، والترمذي (511)، والنسائي (1731) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 17/ (11197)، والنسائي (2328)، وابن حبان (2503) و (2505) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن محمد بن عجلان، به. والموضع الأول عند ابن حبان مختصر.

وسيأتي في "المستدرك" مختصرًا برقم (1522) بالإسناد نفسه، غير أنَّ شيخ الحاكم هناك هو: علي بن حمشاذ.

وأخرج أحمد 18/ (11669) من طريق ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن أبي سعيد أنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فدخل أعرابي ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فجلس الأعرابي في آخر الناس، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أركعت ركعتين؟ " قال: لا، قال: فأمره فأتى الرحبة التي عند المنبر فركع ركعتين. وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة.

قوله: "خذ ثوبك" قال ابن حبان: لفظة أمر بأخذ الثوب، مرادها الزجر عن ضده، وهو بذل الثوب، وفي هذا دليل على أنَّ المرء إذا أخرج شيئًا للصدقة فما لم يقع في يد المتصدَّق به عليه له أن يرجع فيه، وفيه دليل على أنَّ المرء غير مستحب له أن يتصدق بماله كله إلّا عند الفضل عن نفسه وعمَّن يقوته.

وقوله: هيئة بذة، أي: سيئة تدل على الفقر.

وقوله: ثم أمره أن يصلي ركعتين، قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم

وقال بعضهم: إذا دخل والإمام يخطب فإنه يجلس ولا يصلي، والقول الأول أصح.

ص: 29

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وهو شاهدٌ للحديث الذي قبله.

وله شاهدٌ آخر على شرط مسلم:

1067 -

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الخُزاعيُّ بمكة، حدثنا عبد الله بن أحمد بن زكريا المكِّي، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن حُميد بن هلال، عن أبي رِفَاعة العَدَويّ قال: انتهيتُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو يَخطُب، فقلت: يا رسولَ الله، رجلٌ غريبٌ جاء يَسألُ عن دِينِه لا يدري ما دِينُه؟ فأقبل إلي وتَركَ خُطبتَه، فأُتي بكرسيِّ خُلْبٍ قوائمُه حديدٌ

(1)

، فجعل يعلِّمُني مما علَّمه الله، ثم أتى خُطبتَه وأتمَّ آخرها

(2)

.

1068 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبريّ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن

(1)

كذا في (ز) و (ب) بالرفع، وكذا وقع في "مسند أحمد"(24009/ 62)، وعليه شرح ابن الأثير في "النهاية" 2/ 58 فقال: الخُلْب: الليف، واحدتُه خُلْبة. وكذا قال الزمخشري في "الفائق" 1/ 388.

ووقع في (ص) و (ع): حديدًا بالنصب، وتُوجّه الجملة حينئذ بأنها: خِلتُ قوائمه حديدًا، بمعنى حسبتُ، ويؤيده ما وقع في "صحيح مسلم" بلفظ: حسبتُ قوائمه حديدًا، قال النووي في "شرح مسلم": هكذا هو في جميع النسخ "حسبت"، ورواه ابن أبي خيثمة في غير "صحيح مسلم": خلتُ، وهو بمعنى حسبت. ونقل النووي عن القاضي عياض أنه وقع في نسخة ابن الحذاء: بكرسيٍّ خشبٍ، وفي كتاب ابن قتيبة: خُلْبٍ، وفسَّره بالليف. وقد رجَّح النووي رواية "حسبت" وما في معناها لموافقتها لما في نسخ "صحيح مسلم"، ويؤيده أن عبد الله بن يزيد المقرئ راوي الحديث -كما عند أحمد (24009/ 62) - قال: قال حميد: أُراه رأى خشبًا أسود حسبه حديدًا، والله أعلم.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 39/ (24009/ 62) عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ بهذا الإسناد. وقرن به هاشم بن القاسم. وقال المقرئ بإثره: قال حميد: أُراه رأى خشبًا أسود حسبه حديدًا.

وأخرجه أحمد 34/ (20753)، و 39/ (24009/ 63)، ومسلم (876)، والنسائي (9740) من طرق عن سليمان بن المغيرة، به.

ص: 30

إبراهيم العَبْديّ، حدثنا يعقوب بن كعب الحَلَبيّ، حدثنا مَخْلَد بن يزيد، حدثنا ابن جُريج، عن عطاء، عن جابرٍ قال: لما استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر قال: "اجلِسُوا" فسمع ابنُ مسعودٍ فجلس على باب المسجد، فرآه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:"تعالَ يا عبدَ الله ابنَ مسعود"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1069 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا حامد بن محمود

(2)

المقرئ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن سَعْد الدَّشْتَكيّ، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن سِمَاك بن حرب، عن جابر بن سَمُرة السُّوائي قال: مَن حدَّثك أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطُب على المنبر جالسًا فكذِّبْه، فأنا شهدتُه كان يخطُب قائمًا، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطُب خطبةً أخرى، قال: قلت كيف كانت خُطبتُه؟ قال: كلامٌ يَعِظُ به الناس ويقرأ آياتٍ من كتاب الله، ثم ينزل، وكانت قصدًا -يعني خطبته- وكانت صلاتُه قصدًا بنحو:{وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ، {وَالسَّمَاءِ والطَّارِقِ} ، إلّا صلاةَ الغداة وصلاةَ الظهر، كان يؤذِّن بلالٌ حيث تَدْحَضُ الشمس، فإن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أقامَ وإلّا سَكَتَ حتى يخرج، والعصرُ نحوًا مما تصلُّون، والمغربُ نحوًا ممّا تصلُّون، والعشاء الآخرة يؤخِّرُها عن صلاتِكم قليلًا

(3)

.

(1)

رجاله ثقات، وقد اختُلف في وصله وإرساله، والأشبه إرساله كما قال الدارقطني. وقد سلف برقم (1060)، وانظر تخريجه هناك.

(2)

وقع في النسخ الخطية: محمد، وكذا في "إتحاف المهرة" 3/ 96، وهو خطأ، صوابه: محمود، وهو حامد بن محمود بن حرب المقرئ، يُعرف بحامد بن أبي حامد المقرئ، كذا جاء مسمِّى في غير ما موضع من "المستدرك"، له ترجمة في "الإرشاد" لأبي يعلى الخليلي 3/ 822، و"المتفق والمفترق" للخطيب 1/ 739، و"الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة" لابن قطلوبغا (2553)، وهو ثقة كما قال أبو يعلى الخليلي.

(3)

إسناده حسن من أجل سماك بن حرب.

وأخرجه مقطعًا أحمد في المسند 34/ (20813) و (20818) و (20826) و (20827) =

ص: 31

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، إنما خرَّج لفظتين مختصرتين من حديث أبي الأحْوَص عن سِمَاك: "كان يَخطُبُ خُطبتَين بينهما جَلْسة

(1)

، وكانت صلاتُه قصدًا"

(2)

.

= و (20829) و (20833) و (20842) و (20843) و (20845) و (20868)، وابنه عبد الله في زياداته عليه (20881) و (20882) و (20885) و (20886) و (20919)، ومسلم (862)(34) و (866)(41)، وأبو داود (1093) و (1094) و (1095) و (1101)، وابن ماجه (1105) و (1106)، والترمذي (507)، والنسائي في "الكبرى"(1735) و (1742) و (1800) و (1801) و (1802)، وفي "المجتبى"(533) و (1574)، وابن حبان ((1527) و (1534) و (2801) و (2802) و (2803) من طرق عن سماك بن حرب، بهذا الإسناد.

وسلف برقم (734) و (868) من طريق إسرائيل عن سماك عن جابر بن سمرة قال: كان بلال يؤذن ثم يمهل، فإذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج فأقام الصلاة.

وبرقم (794) من طريق إسرائيل أيضًا به: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي نحوًا من صلاتكم، ولكنه كان يخفف الصلاة، كان يقرأ في الفجر الواقعة ونحوها من السور.

وسيأتي (1079) من طريق شيبان أبي معاوية عن سماك، به. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هنَّ كلمات يسيرات.

وفي باب خطبته صلى الله عليه وسلم خطبتين يجلس بينهما عن ابن عمر عند البخاري (920) و (928)، ومسلم (861)، وهو في "مسند أحمد" 8/ (4919).

وعن ابن عباس عند أحمد 4/ (2322) وإسناده حسن.

وفي باب تقصير الخطبة عن عمار بن ياسر عند أحمد 30/ (18317)، ومسلم (869)، وسيأتي عند المصنف برقم (5788).

وفي باب تخفيف الصلاة عن ابن عباس عند البخاري (571)، ومسلم (642).

وعن أبي هريرة عند أحمد 12/ (7339) وإسناده صحيح.

وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد 17/ (11015) وإسناده صحيح.

وعن أنس بن مالك عند أحمد 19/ (11967)، وابن حبان (1856) وإسناده صحيح.

(1)

برقم (862).

(2)

برقم (866)(41)، وفيه أيضًا: وكانت خطبته قصدًا.

قلنا: لكن لم يقتصر مسلم على هاتين اللفظتين المختصرتين كما قال الحاكم رحمه الله، بل =

ص: 32

1070 -

حدثنا أبو العباس محمدُ بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا أبو داود ووَهْب بن جَرير، قالا: حدثنا شُعبة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعبة، عن سِمَاك بن حرب قال: سمعتُ النُّعمان بن بَشِير يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَخطُب يقول: "أَنذرتُكم النار، أَنذرتُكم النار"، حتى لو أنَّ رجلًا كان بالسُّوق لسَمِعَه من مَقامي هذا، حتى وَقَعَت خَمِيصةٌ كانت على عاتقِه عند رِجلِه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1071 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا الفَضْل بن عبد الجبّار.

وأخبرنا القاسم بن القاسم السَّيَّاري، حدثنا إبراهيم بن هلال؛ قالا: حدثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، حدثنا الحسين بن واقد، حدثني عبد الله بن بُرَيدة، عن أبيه،

= أخرج برقم (606) من طريق زهير عن سماك عن جابر بن سمرة: كان بلال يؤذِّن إذا دحضت، فلا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه.

و (618) من طريق شعبة عن سماك: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا دحضت الشمس.

و (643)(226) من طريق أبي الأحوص عن سماك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر صلاة العشاء الآخرة.

و (643)(227) من طريق أبي عوانة عن سماك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصلوات نحوًا من صلاتكم، وكان يؤخر العتمة بعد صلاتكم شيئًا، وكان يخفف الصلاة.

(1)

إسناده حسن من أجل سماك بن حرب. شعبة: هو ابن الحجاج، وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي، والحديث في "مسنده"(829)، وعنه أخرجه أحمد في "المسند" 30/ (18360).

وأخرجه أحمد (18398) عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (644) و (667) من طريق معاذ بن معاذ العنبري، عن شعبة، به.

وأخرجه أحمد (18399) من طريق إسرائيل، عن سماك بن حرب، به.

وفي باب الأمر باتقاء النار من حديث عدي بن حاتم عند البخاري (1413)، ومسلم (1016).

وفي باب رفع النبي صلى الله عليه وسلم صوته بالخطبة من حديث جابر بن عبد الله عند مسلم (867).

ص: 33

قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يخطُب فأقبل الحسنُ والحسينُ عليهما قَميصانِ أحمرانِ يَعثُران ويقومان، فنزل فأخذهما فوضعهما بين يديه، ثم قال:"صَدَقَ الله ورسولُه: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15] رأيتُ ولَديّ هذين فلم أصبِرْ حتى نزلتُ فأخذتُهما"، ثم أخَذَ في خُطبته

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وهو أصلٌ في قطع الخُطبة والنُّزولِ من المِنبَر عند الحاجة.

1072 -

أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حاتم الزَّاهد، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير، حدثنا شَريك بن عبد الله بن أبي نَمِر، عن عطاء بن يسار، عن أبي ذَرٍّ قال: دخلتُ المسجدَ والنبيُّ صلى الله عليه وسلم، يخطُب، فجلستُ قريبًا من أُبيِّ بن كعب، فقرأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم سورة براءة، فقلتُ لأُبيٍّ: متى نزلت هذه السورة؟ الحديث

(2)

.

(1)

إسناده قوي من أجل الحسين بن واقد -وهو المروزي- فهو صدوق لا بأس به.

وأخرجه الترمذي (3774)، وابن حبان (6039)، والنسائي (1743) و (1803) و (1804) من طرق عن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من حديث الحسين بن واقد.

وسيأتي من طريق زيد بن الحباب عن الحسين بن واقد برقم (7583) ويأتي تخريجه من هذا الطريق هناك إن شاء الله.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي إن ثبت سماع عطاء بن يسار من أبي ذر، وإلّا فقد قال الذهبي في "تلخيص المستدرك": ما أحسب عطاءً أدرك أبا ذر، وقال الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 14/ 173: أظن فيه انقطاعًا.

قلنا: وقد اختلف على شريك بن عبد الله بن أبي نمر في صحابي هذا الحديث، فقد رواه محمد ابن جعفر بن أبي كثير عنه عن عطاء بن يسار عن أبي ذر كما في هذا الحديث، ورواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي عنه عن عطاء بن يسار عن أُبي بن كعب، فجعله من مسند أُبي بن كعب، أخرجه أحمد 35/ (21287)، وابن ماجه (1111)، فانظر تمام تخريجه وتفصيل الكلام على الاختلاف في إسناده في "المسند". =

ص: 34

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

1073 -

أخبرنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم العَدْل الصَّيدلاني، حدثنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، حدثنا معاوية بن صالح، عن أبي الزَّاهريَّة قال: كنتُ جالسًا مع عبد الله بن بُسْرٍ يوم الجمعة، فما زال يحدِّثنا حتى خَرَجَ الإمام، فجاء رجلٌ يَتخطَّى رِقابَ الناس ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يخطُب، فقال له:"اجلس، فقد آذَيتَ وآنَيتَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

= أما من حديث أبي ذر فقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2737) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وزاد فيه: فحصر ولم يكلِّمني، فلما صلِّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قلت لأُبيّ: إني سألتك فنجهتَني (أي: رددتني وانتهرتني) ولم تكلمني، فقال أُبي: ما لك من صلاتك إلا ما لَغَوتَ، فذهبتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"صَدَقَ أُبيٌّ".

وأخرجه بهذه الزيادة ابن خزيمة (1807) و (1808)، والبيهقي في "السنن" 3/ 219 من طرق عن سعيد بن أبي مريم، به.

وسيأتي من طريق يحيى بن أيوب العلاف عن سعيد بن أبي مريم برقم (2938).

وفي الباب عن أبي هريرة، رواه وجعل القصة بين أبي ذر وأُبي بن كعب، أخرجه الطيالسي (2486)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 367، والطبراني في "مسند الشاميين"(2840)، والبيهقي في "السنن" 3/ 220، وإسناده حسن.

وعن أبي الدرداء، روى عن ذلك لنفسه وجعل القصة بينه وبين أُبي بن كعب، أخرجه أحمد 36/ (21730)، والطحاوي 1/ 367، وإسناده ضعيف.

(1)

إسناده صحيح، أبو الزاهرية: هو حدير بن كريب الحضرمي الحمصي.

وأخرجه أحمد 29/ (17697) عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (17674)، وأبو داود (1118)، والنسائي (1718)، وابن حبان (2790) من طرق عن معاوية بن صالح، به.

وفي الباب عن جابر عند ابن ماجه (1115)، وإسناده ضعيف.

قوله: "آذيت" أي: الناس بتخطيك، "وآنيت" أي: أخرت المجئ وأبطأت.

ص: 35

1074 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا عُبيد بن محمد العِجَلي

(1)

، حدثني العباس بن عبد العظيم العَنْبري، حدثني إسحاق بن منصور، حدثنا هُرَيم بن سفيان، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشِر، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شِهاب، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الجُمعة حقٌّ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ في جماعةٍ إلّا أربعةً: عبدٌ مملوك، أو امرأةٌ، أو صبيٌّ، أو مريضٌ"

(2)

.

(1)

كذا في النسخ الخطية: العجلي، وكذا وقعت في غير ما موضع من "المستدرك"، وهو خطأ، صوابه:"العجل" وهو لقب، كذا ذكر الحاكم نفسه فقال (370): أخبرنا عبيد بن محمد بن حاتم الحافظ المعروف بالعجل، وقال مرةً (8234): عبيد بن حاتم الحافظ المعروف بالعجل. قلنا: وعبيد أيضًا لقب، واسمه: الحسين بن محمد بن حاتم، قال الحافظ ابن حجر في "نزهة الألباب" (1915): وهو الذي يقال له: العجل، وربما جُمع لقباه فقيل: عبيد العجل.

(2)

إسناده صحيح، إلّا أنَّ ذكر أبي موسى في إسناده شاذ، فقد تفرَّد به عبيدٌ العجل، ولم يذكره غيره، قال الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة) " 10/ 35 الحاكم وشيخه أبو بكر بن إسحاق وشيخه عبيد بن محمد حفاظ، لكنها زيادة شاذة. قلنا: لكن عدم ذكره لا يضر، فطارق بن شهاب اتُّفِق على أنه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، لكن اختُلف في سماعه منه، وعلى تقدير أنه لم يسمع منه فإن روايته تُلحَق بمراسيل الصحابة -كما قال العلائي في "جامع التحصيل"- وهي حجة بالإجماع إلّا من شذَّ، كما قال ابن الملقن في "البدر المنير" 4/ 638 - 639، وصحَّح حديثه.

وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(6364)، وفي "فضائل الأوقات"(263) عن الحاكم، بهذا الإسناد. قال البيهقي في "المعرفة": أسنده عبيد بن محمد وأرسله غيره، وقال في "الفضائل": تفرد بوصله عبيد العجل.

قال ابن الملقن: هو ثقة ولا يضر تفرده، وقد عُلم ما في تعارض الوصل والإرسال.

وأخرجه أبو داود (1067)، ومن طريقه البيهقي في "السنن" 3/ 172، وفي "معرفة السنن والآثار"(6366) عن العباس بن عبد العظيم، به، لم يذكر فيه أبا موسى. قال أبو داود: طارق بن شهاب رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئًا. وقال البيهقي: رواه عبيد بن العجل عن العباس بن عبد العظيم فوصله بذكر أبي موسى الأشعري فيه وليس بمحفوظ، فقد رواه غير العباس أيضًا عن إسحاق دون ذكر أبي موسى فيه.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(8206)، وفي "الأوسط"(2579) من طريق ابن أبي شيبة، =

ص: 36

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد اتفقا جميعًا على الاحتجاج بهُرَيم ابن سفيان، ولم يُخرجاه.

ورواه ابن عيينة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، ولم يذكر أبا موسى في إسناده، وطارقُ بن شِهاب ممن يُعَدُّ في الصحابة

(1)

.

1075 -

أخبرنا علي بن محمد بن عُقْبة الشَّيبانيُّ بالكوفة، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزُّهريّ، حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا إسرائيل، حدثنا عثمان بن المغيرة الثَّقَفيّ، عن إِياس بن أبي رَمْلةَ الشَّاميِّ، قال: شَهِدتُ مُعاويةَ بن أبي سفيان وهو يَسأل زيدَ ابنَ أرقم: هل شَهِدتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عِيدينِ اجتمعا في يوم؟ قال: نعم، قال: كيفَ صَنَع؟ قال: صلَّى العيدَ، ثم رَخَّص في الجُمعة، فقال:"مَن شاءَ أن يُصلِّىَ فليُصلِّ"

(2)

.

= والدارقطني (1577)، والبيهقي في "السنن" 3/ 183 من طريق إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس، كلاهما عن إسحاق بن منصور، به، ولم يذكر فيه أبا موسى الأشعري. قال البيهقي: وهذا الحديث وإن كان فيه إرسال فهو مرسل جيد، فطارق من كبار التابعين وممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه، ولحديثه هذا شواهد.

وفي الباب عن أبي حازم عن مولًى لآل الزبير، عند ابن أبي شيبة 2/ 109، والبيهقي 3/ 184.

وعن محمد بن كعب القرظي عن رجل من بني وائل، عند الشافعي في "الأم" 2/ 374، ومن طريقه البيهقي 3/ 173، والبغوي في "شرح السنة"(1056)، وإسناده ضعيف.

وعن ابن عمر عند الطبراني في "الكبير"(13846)، والبيهقي 3/ 184، وإسناده ضعيف.

وعن جابر بن عبد الله عند الدارقطني (1576)، والبيهقي 3/ 184، وإسناده ضعيف.

وعن أبي هريرة عند الطبراني في "الأوسط"(7710)، وإسناده ضعيف.

وعن تميم الداري عند العقيلي في "الضعفاء"(703)، وابن حبان (1257)، والبيهقي في "الكبرى" 3/ 183، وفي "فضائل الأوقات"(266)، قال أبو زرعة -كما في "العلل" لابن أبي حاتم (613) -: هذا حديث منكر.

(1)

أخرج أبو داود الطيالسي (1376) عن شعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعزوت في خلافة أبي بكر في السرايا وغيرها.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة إياس بن أبي رملة الشامي، ذكره الذهبي في "الميزان"، وأشار إلى =

ص: 37

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ على شرط مسلم:

1076 -

حدثنا أبو علي الحافظ، حدثنا محمد بن يحيى بن كثير الحِمْصِيُّ، حدثنا محمد بن المصفَّى، حدثنا بقيَّة، حدثنا شعبة، عن المغيرة بن مِقْسَم الضَّبِّي، عن عبد العزيز بن رُفَيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"قد اجتَمَعَ في يَومِكم هذا عِيدان، فمن شاء أجزأهُ مِن الجُمعة، وإنّا مجمِّعون"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فإنَّ بقيّة بن الوليد لم يُختلَف في صدقه إذا

= هذا الحديث، ونقل عن ابن المنذر تضعيفه بسبب جهالة إياس هذا، وأقره. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.

وأخرجه أحمد 32/ (19318)، وأبو داود (1070)، وابن ماجه (1310)، والنسائي (1806) من طرق عن إسرائيل بن يونس، بهذا الإسناد. ولم يصرح في رواية ابن ماجه باسم معاوية.

(1)

إسناده ضعيف لاضطراب في إسناده، فروي هنا من حديث أبي هريرة، ورواه ابن ماجه بالإسناد نفسه فجعله من حديث ابن عباس، وروي موصولًا ومرسلًا، وصحَّح الدارقطني في "العلل"(1984) إرساله، لأنه روي كذلك من طريق جماعة من الثقات عن عبد العزيز بن رفيع. ثم إنَّ بقية - وهو ابن الوليد - فيه كلام كثير وخصوصًا في روايته عن غير الشاميين، وهذا منها.

أبو علي شيخ المصنف هو: الحسين بن علي الحافظ، وشعبة: هو ابن الحجاج، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.

وأخرجه أبو داود (1073)، وابن ماجه (1311) عن محمد بن المصفى الحمصي، بهذا الإسناد، إلّا أنَّ ابن ماجه جعله من حديث ابن عباس بدلًا من أبي هريرة.

وأخرجه أبو داود (1073) عن عمر بن حفص الوصابي، وابن ماجه (1311 م) من طريق يزيد بن عبد ربه، كلاهما عن بقية بن الوليد، به.

وأخرجه عبد الرزاق (5728)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1156)، والبيهقي 3/ 318 من طريق سفيان الثوري، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح مرسلًا. وصحَّح أحمد والدارقطني إرساله فيما ذكره ابن حجر في "التلخيص" 2/ 88. قال البيهقي: ويروى عن سفيان بن عيينة عن عبد العزيز موصولًا مقيدًا بأهل العوالي، وفي إسناده ضعف.

وانظر لتفصيل أوعب من ذلك تعليقنا على "سنن أبي داود".

ص: 38

روى عن المشهورين، وهذا حديثٌ غريب من حديث شعبة والمغيرة وعبد العزيز، وكلُّهم ممن يُجمَع حديثه.

1077 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا علي بن الحسن الهلالي، حدثنا عبد الله بن الوليد العَدَني، حدثنا سفيان.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن عبد العزيز بن رُفَيع

(1)

، عن تميم الطائي، عن عَديِّ بن حاتم: أنَّ خطيبًا خَطَبَ عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من يُطِع اللهَ ورسولَه فقد رَشَد، ومن يَعصِهما فقد غَوَى، فقال: "قم - أو اذهب - فبِئسَ الخطيبُ أنت"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1078 -

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا محمد بن عبد الله بن سُليمان الحَضْرميّ، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، حدثنا أبي، حدثنا العلاء بن صالح، عن عَدِيِّ بن ثابت، عن أبي راشد، عن عمَّار بن ياسر، قال: أمرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بإقصار الخُطَب

(3)

.

(1)

في النسخ الخطية: رافع، وهو خطأ، والتصويب من "تلخيص الذهبي"، وهو عبد العزيز بن رفيع الأسدي أبو عبد الله المكي.

(2)

إسناده صحيح. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وتميم الطائي: هو ابن طَرَفة.

وأخرجه أبو داود (1099) و (4981) عن مسدد بن مسرهد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 30/ (18247)، ومسلم (870)، وابن حبان (2798) من طريق وكيع، وأحمد 32/ (1382)، والنسائي في "الكبرى"(5505) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن سفيان الثوري، به. وزاد وكيع في آخره قوله صلى الله عليه وسلم:"قل: ومن يعص الله ورسوله". واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد فيه لِينٌ من أجل أبي راشد، فقد تفرَّد بالرواية عنه عدي بن ثابت، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي في "الميزان": لا يعرف. =

ص: 39

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ صحيح على شرط مسلم:

1079 -

حدثني جعفر بن محمد بن الحارث، حدثنا جعفر بن محمد الفِرْيابيّ، حدثنا محمود بن خالد الدِّمشقي، حدثنا الوليد بن مُسلِم، أخبرني شَيبانُ أبو معاوية، عن سِمَاك بن حَرْب، عن جابر بن سَمُرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُطيلُ الموعظةَ يومَ الجمعةَ، إنّما هُنّ كلماتٌ يَسيرات

(1)

.

1080 -

أخبرنا بكر

(2)

بن محمد بن حَمْدان الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا عليُّ بن المدِينيّ، حدثني معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن

= وقد اختلف فيه على عدي بن ثابت، فرواه مسعر عنه عن عمار مرسلًا، كما في "علل الدارقطني"(835).

لكن معنى الحديث صحيح من حديث عمار بن ياسر، فسيأتي عند المصنف برقم (5788) بإسناد صحيح من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة قال: خطَبَنا عمار بن ياسر فأبلغ وأوجز، فقلنا: يا أبا اليقظان، لقد أبلغت وأوجزت، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ طول الصلاة وقصر الخطبة مَئِنّةٌ من فقه الرجل، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة". وهو في "صحيح مسلم" وسيأتي تخريجه في موضعه.

أما حديث أبي راشد فقد أخرجه أبو داود (1106) عن محمد بن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 31/ (18889) عن عبد الله بن نمير، به إلى أبي راشد قال: خطبنا عمار فتجوَّز في خطبته، فقال له رجل من قريش: لقد قلته قولًا شفاءًا، فلو أنك أطلت، فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن نطيل الخطبة.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سماك بن حرب. شيبان أبو معاوية: هو ابن عبد الرحمن النحوي.

وأخرجه أبو داود (1107) عن محمود بن خالد الدمشقي، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (1069).

(2)

في النسخ الخطية: أبو بكر، بزيادة "أبو"، وهو خطأ، والصواب ما أثبتنا، وكنيته: أبو أحمد، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 5/ 554 - 555.

ص: 40

يحيى بن مالك، عن سَمُرة بن جُندُب، أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال:"احضُروا الذِّكْر، وادْنُوا من الإمام، فإنَّ الرجلَ لا يزالُ يَتباعدُ حتى يُؤخِّرَ في الجنة وإن دَخَلَها"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1081 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِي بن خُزيمة، حدثنا عبد الله بن يَزيد المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني أبو مَرْحُوم، عن سَهْل بن معاذ بن أنس الجُهَني، عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحُبْوةِ يومَ الجُمعة، والإمامُ يخطُب

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1082 -

أخبرنا بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا جرير بن حازم، عن ثابت، عن أنس، قال: رأيتُ

(1)

إسناده صحيح. وذكر سماع معاذ بن هشام - وهو ابن أبي عبد الله الدستوائي - من أبيه، وهمٌ من الحاكم أو من شيخه كما قال البيهقي 3/ 238، قال: فأما إسماعيل القاضي فهو أجلُّ من ذلك، والله أعلم. قلنا: والصحيح أنَّ معاذًا وجده في كتاب أبيه كما صرَّح هو بذلك، كما في مصادر التخريج.

يحيى بن مالك: هو أبو أيوب المَراغي الأزدي، مشهور بكنيته.

وأخرجه أحمد 33/ (20118)، وأبو داود (1108) عن علي بن المديني، عن معاذ قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده ولم أسمعه منه، قال: قتادة عن يحيى بن مالك، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده فيه ضعف، انفرد به أبو مرحوم - واسمه عبد الرحيم بن ميمون - عن سهل بن معاذ بن أنس، وضعفه ابن المنذر في "الأوسط" 4/ 90، وعبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 3/ 63، ووافقه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 173، فأبو مرحوم إنما يعتبر به في المتابعات والشواهد.

وأخرجه أحمد 24/ (15630)، وأبو داود (1110)، والترمذي (514) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.

قوله: عن الحبوة، بكسر الحاء وضمها اسم من الاحتباء، والجمع: حُبًا وحِبًا، قال ابن الأثير في "النهاية": وإنما نُهي عنه لأنَّ الاحتباء يجلب النوم فلا يسمع الخطبة، ويعرِّض طهارته للانتقاض.

ص: 41

رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَنزِلُ من المنبَرِ فيَعرِضُ له الرجلُ في الحاجة، فيقومُ معه حتى يقضيَ حاجتَه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1083 -

أخبرني مَخلَد بن جعفر الباقَرْحي، حدثنا جعفر بن محمد الفِرْيابي، حدثنا زهير بن حرب، حدثنا هُشَيم، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن عَمْرة، عن عائشة قالت: صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حُجرته والناسُ يأتمُّون به من وراءِ الحُجرة

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، غير أنَّ المحفوظ من حديث ثابت - وهو ابن أسلم البناني - أنَّ ذلك كان في صلاة العشاء وليس في صلاة الجمعة، أعلَّ الحديث بذلك غير واحد من أهل العلم، منهم البخاري وأبو داود والترمذي والدارقطني، وأرجعوا الوهم فيه إلى جرير بن حازم.

وأخرجه أبو داود (1120) عن مسلم بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وقال بإثره: الحديث ليس بمعروف عن ثابت، وهو مما تفرد به جرير بن حازم.

وأخرجه أحمد 19/ (12201) و (12284) و 20/ (13228)، وابن ماجه (1117)، والترمذي (517)، والنسائي (1744)، وابن حبان (8205) من طرق عن جرير بن حازم، به. قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من حديث جرير بن حازم، سمعت محمدًا يقول: وهم جرير في هذا الحديث، والصحيح ما روي عن ثابت عن أنس قال: أقيمت الصلاة فأخذ رجل بيد النبي صلى الله عليه وسلم فما زال يكلمه حتى نعس بعض القوم، والحديث هو هذا، وجرير بن حازم ربما يهم في الشيء، وهو صدوق.

قلنا: والحديث الذي أشار إليه البخاري هو في "صحيحه"(643) من طريق حميد، وفي "صحيح مسلم"(376)(126) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن ثابت عن أنس. وقد صرَّح حماد في روايته أنَّ ذلك كان في صلاة العشاء.

(2)

إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري، وعمرة: هي بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية.

وأخرجه أبو داود (1126) عن زهير بن حرب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 40/ (24016) عن هشيم بن بشير، به.

وأخرجه بنحوه البخاري (729) من طريق عبدة بن سليمان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى =

ص: 42

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1084 -

أخبرنا أبو بكر بن أبي نصر الدَّارَبردي بمَرْو، حدثنا أبو المُوجِّه، حدثنا يوسف بن عيسى، حدثنا الفضل بن موسى، أخبرنا عبد الحميد بن جعفر، عن يزيدَ بن أبي حبيب، عن عطاء، عن ابن عمر قال: كان إذا كان بمكة فصلى الجمعةَ تقدم فصلى ركعتين، ثم تقدم فصلى أربعًا، فإذا كان بالمدينة صلى الجمعة، ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين، ولم يُصلِّ في المسجد، فقيل له، فقال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يفعلُ ذلك

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، إنما اتفقا على حديث ابن عمر في الركعتين في بيته

(2)

، ولمسلمٍ وحدَه: كان يُصلي بعد الجمعة أربعًا

(3)

.

= الناس شخص النبي صلى الله عليه وسلم، فقام أناس يصلون بصلاته، فأصبحوا فتحدثوا بذلك

الحديث.

وأخرجه بنحوه أيضًا البخاري (730)، ومسلم (782)، وابن ماجه (942)، والنسائي (840) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان له حصير يبسطه بالنهار ويحتجره بالليل، فثاب إليه ناس فصلَّوا وراءه.

(1)

إسناده صحيح أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه أبو داود (1130) عن محمد بن عبد العزيز بن أبي رِزمَة المروزي، عن الفضل بن موسى، بهذا الإسناد.

وانظر ما بعده.

(2)

أخرجه البخاري (937) و (1172)، ومسلم (882)(70) و (71) من طريق نافع عن ابن عمر.

وأخرج البخاري (1165) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد الجمعة، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء. وهو عند مسلم (882)(72) من هذا الطريق في ركعتي الجمعة فقط.

(3)

لم يخرج ذلك مسلم عن ابن عمر، وإنما روى أبو داود والترمذي عنه أنه كان يصلي بعدها =

ص: 43

وقد تابع ابنُ جريج يزيدَ بنَ أبي حبيب على روايته عن عطاء:

1085 -

هكذا أخبرناه أبو بكر بنُ إسحاق الفقيه، أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الأنماطيّ، حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جُريج، قال: أخبرني عطاء أنه رأى ابنَ عمر يُصلي يومَ الجمعة، فيتقدَّمُ عن مُصلَّاه الذي صلى فيه الجمعةَ قليلًا غيرَ كثير، فيركعُ ركعتين، قال: ثم يمشي أنفسَ من ذلك، فيركعُ أربع ركعات، قلتُ لعطاء: كم رأيتَ ابنَ عمر يصنعُ ذلك؟ قال: مِرارًا

(1)

.

1086 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بنُ يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا ابن عَجْلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عبد الله بن وَدِيعة

(2)

، عن أبي ذَرٍّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن اغتسل يومَ الجمعة فأحسن الغُسلَ، وتطهَّر فأحسن الطُّهور، ولَبِس من خير ثيابه، ومسَّ ما كَتَبَ الله له من طِيبِ أو دُهنِ أهله، ولم يفرِّقْ بين اثنين، إلّا غُفِرَ له إلى الجمعة الأخرى"

(3)

.

= ركعتين ثم أربعًا، يعني ست ركعات، كما في الحديث التالي.

(1)

إسناده صحيح. هارون بن عبد الله: هو الحمّال، وحجاج بن محمد: هو المصيصي الأعور، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه أبو داود (1133) عن إبراهيم بن الحسن، عن حجاج بن محمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (523 م) من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن عطاء قال: رأيت ابن عمر صلى بعد الجمعة ركعتين، ثم صلى بعد ذلك أربعًا.

(2)

كذا وقع في رواية المصنف - ومن طريقه رواه هكذا قوام السنة الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(916) -: سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن وديعة، لم يُذكر فيه أبو سعيد بين سعيد وابن وديعة، وقد ذكر الدارقطني في "العلل" (2045) أنَّ يحيى بن سعيد القطان عن ابن عجلان قال فيه: عن أبيه، وهو كذلك في مصادر التخريج من رواية يحيى القطان. أما سفيان بن عيينة فقد رواه عن ابن عجلان واختلف عليه فلم يقل مرةً: عن أبيه، وقال مرة: أُراه عن أبيه، كما سيتبين في التخريج.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على سعيد بن أبي سعيد المقبري، فرواه ابن عجلان =

ص: 44

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1087 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حدثنا الحسن بن مُكْرَمٍ، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق.

= عنه كما هنا فجعله من حديث أبي ذر، ورواه ابن أبي ذئب عنه بالإسناد نفسه لكن جعله من حديث سلمان الفارسي، وهو المحفوظ، قال الدارقطني في "العلل": والحديث عندي حديث ابن أبي ذئب، لأنَّ للحديث أصلًا محفوظًا عن سلمان يرويه أهل الكوفة. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 3/ 605 - 606: فأما ابن عجلان فهو دون ابن أبي ذئب في الحفظ فروايته مرجوحة، مع أنه يحتمل أن يكون ابن وديعة سمعه من أبي ذر وسلمان جميعًا، ويرجح كونه عن سلمان وروده من وجه آخر عنه. انتهى. قلنا ورجح أبو زرعة كما في "علل ابن أبي حاتم"(581) حديث ابن عجلان، ورجح أبو حاتم حديث ابن أبي ذئب لأنه متابع، ونقل عن يحيى بن معين قوله: ابن أبي ذئب أثبت في المقبري من ابن عجلان.

يحيى بن سعيد: هو القطان، وابن عجلان: اسمه محمد.

وأخرجه أحمد 35/ (21539)، وابن ماجه (1097)، والدارقطني في "العلل"(2045) من طرق عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (5589)، والحميدي (138) عن سفيان بن عيينة، وأحمد (21569) من طريق الليث بن سعد عن ابن عجلان، به.

ولم يذكر عبد الرزاق في روايته عن سفيان أبا سعيد المقبري، وقال الحميدي عنه: أُراه عن أبيه؛ على الظن.

أما حديث سلمان الفارسي فقد أخرجه أحمد 39/ (23710) و (23725)، والبخاري (883) و (910)، وابن حبان (2776) من طريق ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن عبد الله بن وديعة عنه.

وأخرجه أحمد (23718) و (23729)، والنسائي (1677) و (1737) من طريق قرثع الضبي، عن سلمان الفارسي.

وخالف ابنَ عجلان وابنَ أبي ذئب صالحُ بن كيسان، فأخرجه من طريقه ابن خزيمة (1803)، والبيهقي 3/ 243 عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة. وصالح بن كيسان ثقة، لكن قال أبو زرعة وأبو حاتم - كما في "العلل" لابنه (581) -: هذا خطأ.

وفي الباب عن أبي هريرة وأبي سعيد معًا، سلف برقم (1057)، وذكرنا هناك تتمة شواهده.

ص: 45

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا عيسى بن يونس، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا نَعَس أحدُكم يومَ الجمعة في مجلِسه، فليتحوَّلْ من مجلسِه ذلك"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1088 -

حدثنا أبو العبَّاس محمد بن يعقوب، حدثنا بكَّار بن قُتيبةَ القاضي بمصر، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا ابن أبي ذئب، عن مسلم بن جُندُب، عن الزُّبير بن العوَّام قال: كنا نصلي الجمعةَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنَّا نبتدِرُ الفيءَ، فما يكون إلّا قَدْر قدم أو قدمين

(2)

.

(1)

صحيح موقوفًا، وهذا إسناد حسن، محمد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد صرَّح بالتحديث عند أحمد (6187) فانتفت شبهة تدليسه، لكن روي الحديث من وجه آخر عن ابن عمر موقوفًا، وقد صحَّح وقفه غير واحد من الأئمة كابن المديني والبيهقي والنووي، انظر تفصيل ذلك التعليق على "مسند أحمد" 8/ (4741).

وأخرجه أحمد (4875) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (4741) و (6187)، وأبو داود (1119)، والترمذي (526)، وابن حبان (2792) من طرق عن محمد بن إسحاق، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه موقوفًا الشافعي في "الأم" 2/ 204 - 205، وابن أبي شيبة 2/ 119، والبيهقي 3/ 237 من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر. وهذا إسناد صحيح، قال البيهقي: ولا يثبت رفع هذا الحديث، والمشهور عن ابن عمر من قوله.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، مسلم بن جندب لم يدرك الزبير بن العوام، بينهما واسطة كما سيأتي.

وأخرجه أحمد 3/ (1411) عن يزيد بن هارون، عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (1436) عن يحيى بن آدم، عن ابن أبي ذئب، عن مسلم بن جندب قال: حدثني من سمع الزبير بن العوام يقول

فذكره. وهذا إسناد ضعيف أيضًا لإبهام الواسطة بين مسلم والزبير. لكن يشهد له حديث سلمة بن الأكوع في "الصحيحين": البخاري (4168)، ومسلم (860) =

ص: 46

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، إنما خرَّج البخاري عن أبي خَلْدة عن أنس بغير هذا اللفظ

(1)

.

1089 -

حدثني علي بن العباس الإسكندرانيُّ بمكة، حدثنا الفضل بن محمد الأنطاكي، حدثنا محمد بن ميمون الإسكندراني، حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعيّ، حدثني الزُّهريّ، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أدركَ مِن صلاةِ الجمعة ركعةً، فقد أدركَ الصلاة"

(2)

.

= قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل فيه.

(1)

"صحيح البخاري"(906)، ولفظه عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكَّر بالصلاة، وإذا اشتدَّ الحر أبرد بالصلاة؛ يعني الجمعة.

(2)

إسناده واهٍ، الفضل بن محمد الأنطاكي قال الدارقطني: كان يضع الحديث، وقال ابن عدي: وصل أحاديث وسرق أحاديث وزاد في المتون. ثم أنَّ ذِكْر الجمعة في الحديث فيه نكارة، وهم فيه محمد بن ميمون الاسكندراني - وهو محمد بن عبد الله بن ميمون نُسب هنا إلى جده - فرواه هنا هكذا عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، كما قال الدارقطني في "العلل"(1730)، وقال: إنما رواه الحفاظ عن الأوزاعي: "من أدرك من الصلاة ركعة".

الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، والزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه من طريق محمد بن عبد الله بن ميمون عن الوليد بن مسلم بهذا اللفظ: ابن خزيمة (1850).

وخالف ابنَ ميمون عليُّ بنُ سهل الرملي، فرواه على الجادَّة، فقد أخرجه من طريقه ابن خزيمة (1849) عن الوليد، به بلفظ:"من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة". وانظر لزامًا التعليق على "سنن ابن ماجه"(1121).

وأخرجه على الجادَّة مسلم (607)(162) من طريق عبد الله بن المبارك، والنسائي (1550) من طريق موسى بن أعين، كلاهما عن الأوزاعي، به.

وخالفهما أبو المغيرة في إسناده دون متنه، فقال فيه: عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، أخرجه من طريقه النسائي (1551)، ثم قال بإثره: لا نعلم أحدًا تابع أبا المغيرة على قوله: عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، والصواب: عن أبي سلمة عن أبي هريرة. =

ص: 47

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه على الجادة أيضًا دون ذكر الجمعة: أحمد 12/ (7284)، ومسلم (607)(162)، وابن ماجه (1122)، والترمذي (524)، والنسائي (1753) و (1754) من طريق سفيان بن عيينة، والبخاري (580)، ومسلم (607)(161)، وأبو داود (1121)، والنسائي (1549)، وابن حبان (1483) من طريق مالك، وأحمد 14/ (8883)، ومسلم (607)(162)، والنسائي (1548)، وابن حبان (1485) من طريق عبيد الله بن عمر العمري، وأحمد 13/ (7665) و (7765)، ومسلم (607)(162) من طريق معمر، ومسلم أيضًا (607)(162) من طريق يونس، وابن حبان (1486) من طريق ثابت بن ثوبان، ستتهم عن الزهري، به. وقال يونس في روايته: "من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام

" فزاد فيها: "مع الإمام"، وقرن ثابت بن ثوبان بالزهري مكحولًا.

وخالف الرواةَ عن ابن عيينة: محمدُ بنُ منصور الجوّاز، فرواه عنه عن الزهري، به، وقال فيه:"من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك"، فشذّ بذلك، أخرجه عنه النسائي في "المجتبى"(1425).

وأخرج أحمد 12/ (7460) و (7538)، وابن ماجه (700)، والنسائي (1515) من طريق معمر، عن الزهري، به:"من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها، ومن أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها".

ونحوه أخرجه أحمد (7458)، والبخاري (556)، والنسائي (1516)، وابن حبان (1586) من طريق يحيى بن أبي كثير، وأحمد 14/ (8585) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، كلاهما عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

وسلف الحديث على الجادة برقم (878) و (1025) من طريق زيد أبي عتاب وسعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا جئتم ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئًا، ومن أدرك ركعة فقد أدرك الصلاة".

ومن طريقين آخرين عن أبي هريرة بصلاة الصبح فقط سلف (1026) و (1027): "من صلى ركعة من الصبح ثم طلعت الشمس فليصل الصبح"، وفي الموضع الثاني:"فليتم صلاته".

وانظر "العلل" للدارقطني (1730).

وانظر الحديثين بعد هذا.

وروي الحديث بذكر الجمعة من حديث عبد الله بن عمر، من رواية الزهري عن سالم عنه مرفوعًا عند ابن ماجه (1123) والنسائي (1552)، وإسناده ضعيف.

وعن الزهري عن سالم مرسلًا عند النسائي (1553) ولفظه: "من أدرك ركعة من صلاة من =

ص: 48

1090 -

حدثناه محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا أسامة بن زيد الليثي، عن ابن شِهاب، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن أدركَ من الجمعة ركعةً فليُصلِّ إليها أخرى"

(1)

.

قال أسامة: وسمعتُ من أهل المجلس عن القاسم بن محمد وسالمٍ أنهما كانا يقولان ذلك.

1091 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشَاذ، حدثنا هشام بن علي، حدثنا عبد الله بن عبد الوهَّاب الحَجَبيُّ، حدثنا حماد بن زيد، عن مالك بن أنس وصالح بن أبي الأخضر، عن الزُّهْري، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أدركَ من الجمعة ركعةً، فليصلِّ إليها أخرى"

(2)

.

= الصلوات

"، وإسناده صحيح لولا إرساله.

قال الإمام ابن خزيمة بإثر حديث أبي هريرة (1850) "من أدرك ركعة من صلاة الجمعة

" قال: هذا خبر روي على المعنى، لم يُؤدَّ على لفظ الخبر، ولفظ الخبر: "من أدرك من الصلاة ركعة"، فالجمعة من الصلاة أيضًا كما قاله الزهري، فإذا روي الخبر على المعنى لا على اللفظ جاز أن يقال: من أدرك من الجمعة ركعة، إذ الجمعة من الصلاة، فإذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة" كانت الصلوات كلها داخلة في هذا الخبر، الجمعة وغيرها من الصلوات.

(1)

إسناده فيه ضعف، يحيى بن أيوب - وهو الغافقي - وشيخه أسامة بن زيد الليثي فيهما مقال وعندهما مناكير، وهذا منها لمخالفتهما في لفظه.

وأخرجه ابن ماجه (1121) من طريق عمر بن حبيب، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. وهذا إسناد ضعيف، عمر بن حبيب متفق على ضعفه.

وانظر ما قبله.

(2)

إسناده ضعيف من جهة صالح بن أبي الأخضر، وهذا اللفظ له كما صرَّح بذلك الدارقطني في "العلل"(1730)، أما لفظ مالك بن أنس فقد جاء على الجادة بدون ذكر الجمعة كما يأتي في مصادر التخريج. =

ص: 49

كُلُّ هؤلاء الأسانيد الثلاثة صِحاح على شرط الشيخين! ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتفقا على حديث الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ أدرك من الصَّلاة ركعةً" و"مَنْ أدرك من صلاةِ العصر ركعةً"

(1)

.

ولمسلم فيه الزيادة: "فقد أدركها كُلَّها" فقط

(2)

.

1092 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، حدثنا عَمرو بن خالد الحرَّاني، حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحْوَص، عن عبد الله، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لِقومٍ يتخلفون عن الجمعة:"لقد هَمَمْتُ أن آمُرَ رجلًا يصلي بالناس، ثم أُحرِّقَ على قومٍ يتخلفون عن الجمعة بُيوتَهم"

(3)

.

وهكذا رواه أبو داود الطيالسي عن زهير

(4)

، وهو صحيح على شرط الشيخين

= فقد أخرجه ابن حبان (1487) من طريق أبي كامل الجَحدري، عن حماد بن زيد، عن مالك بن أنس وحده، بهذا الإسناد، ولفظه:"من أدرك من صلاة ركعة فقد أدرك".

وأخرجه كذلك البخاري (580)، ومسلم (607)(161)، وأبو داود (1121)، والنسائي (1549)، وابن حبان (1483) من طرق عن مالك وحده، به.

(1)

سبق تخريجها.

(2)

مسلم برقم (607)(162) في طريق عبيد الله بن عمر العمري عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، بلفظ:"فقد أدرك الصلاة كلها".

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 6/ (3816) و 7/ (4007)، ومسلم (652) من طرق عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/ (3743) من طريق إسرائيل بن يونس، و 7/ (4295) و (4297) من طريق معمر بن راشد، كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي، به. إلّا أنَّ رواية إسرائيل مطلقة لم يقيدها بالجمعة، ورغم أنَّ رواية إسرائيل عن جده أبي إسحاق في غاية الإتقان لملازمته إياه، إلّا أنَّ زهيرًا ومعمرًا قد تابعهما غير واحد على ذكر الجمعة كسفيان الثوري والرحيل بن معاوية أخي زهير، انظر تفصيل ذلك في تعليقنا على "مسند أحمد"(3743)، وانظر أحاديث الباب هناك.

(4)

"مسند الطيالسي"(314).

ص: 50

ولم يُخرجاه هكذا، إنما خرَّجاه بذكر العَتَمة وسائر الصلوات

(1)

.

1093 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم المِصْري، حدثنا ابن أبي فُدَيك، حدثنا ابن أبي ذئب، عن أَسِيد بن أبي أَسِيد البَرَّاد، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن جابر بن عبد الله، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن تَرَكَ الجُمعةَ ثلاثًا من غير ضَرورةٍ، طَبَعَ الله على قلبه"

(2)

.

1094 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا ابن أبي أُوَيس، حدثني أخي، عن سليمان بن بلال، عن أَسِيد بن أبي أَسِيد، فذكره بنحوه

(3)

.

هذا حديث خرَّجت فيما تقدَّم من هذا الكتاب من حديث الثوري وغيره عن

(1)

بل أخرجه مسلم هكذا بذكر الجمعة من طريق زهير بإسناد الحاكم ومتنه، كما مرَّ في التخريج، أما ما أخرجاه بذكر العتمة وسائر الصلوات فهو من حديث أبي هريرة عند البخاري (644) و (657)، ومسلم (651).

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل أسيد بن أبي أسيد وابن أبي فُدَيك، أما ابن أبي فُدَيك - واسمه محمد بن إسماعيل بن أبي فديك - فمتابع. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب.

وهذا إسناد اختُلف فيه على أَسيد، فرواه ابن أبي ذئب وسليمان بن بلال وزهير بن معاوية عنه عن عبد الله بن أبي قتادة عن جابر، ورواه عبد العزيز الدراوردي عنه عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه. ورجح الدارقطني في "العلل"(3263) رواية ابن أبي ذئب ومن تابعه، وقال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه 2/ 551: ابن أبي ذئب أحفظ من الدراوردي، وكأنه أشبه، وكأن الدراوردي لزم الطريق.

وأخرجه ابن ماجه (1126)، والنسائي (1669) من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 22/ (14559)، وابن ماجه (1126) من طريق زهير بن معاوية، به.

وسيأتي عند المصنف (3853) من طريق الدراوردي عن أسيد عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، ويأتي تخريجه من هذه الطريق هناك. وانظر ما بعده.

وفي الباب عن أبي الجعد الضمري سلف برقم (1047) وإسناده حسن، وذكرنا شواهده هناك.

قوله: "طبع الله على قلبه" أي: ختم عليه وغشاه ومنعه ألطافَه. "النهاية" لابن الأثير 3/ 112.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كسابقه.

ص: 51

محمد بن عمرو بن علقمة، عن عَبِيدَةَ بن سفيان الحَضْرمي، عن أبي الجَعْد الضَّمْري، وصححتُه على شرط مسلم، وهذا الشاهد العالي وجدتُه بعدُ.

وله شاهدٌ آخر من حديث محمد بن عجلان صحيحٌ على شرط مسلم، ولم يُخرجاه:

1095 -

حدَّثَناه أبو القاسم عبد الله بن محمد الفقيه بنَيسابور، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا مَعْديُّ بن سليمان، حدثنا ابن عَجْلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ألا هل عسى أحدُكم أن يتخذَ الصُّبَّةَ من الغنم على رأس مِيلٍ أو مِيلَين، فيتعذَّرَ عليه الكَلأُ على رأس ميلٍ أو ميلينٍ، فيرتفعَ حتى تجيءَ الجمعةُ، فلا يَشهدُها حتى يُطبَع على قلبه"

(1)

.

1096 -

حدثنا أبو بكر إسماعيل بن محمد الفقيه بالرَّيّ، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، حدثنا أبو سَلَمة التَّبُوذكي، حدثنا ناصِح بن العلاء، حدثني عمار بن أبي عمار، قال: مررتُ بعبد الرحمن بن سَمُرة يوم الجمعة وهو على نهرٍ يُسيِّل الماءَ مع غِلمانِه ومَوالِيهِ، فقلت له: يا أبا سعيدٍ، الجمعةَ! فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان مطرٌ وابلٌ، فصلُّوا في رِحالِكم"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف بمرَّةٍ من أجل معدي بن سليمان. ابن عجلان اسمه: محمد.

وأخرجه ابن ماجه (1127) عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد.

وله شواهد عن جابر وابن عمر وحارثة بن النعمان مخرَّجة في التعليق على ابن ماجه، وكلها ضعيفة لا يعضد بعضها بعضًا.

قوله: "الصُّبَّة من الغنم" قال ابن الأثير: أي: جماعة منها، وقد اختلف في عددها فقيل: ما بين العشرين إلى الأربعين من الضأن والمعز، وقيل: من المعز خاصة، وقيل: نحو الخمسين، وقيل: ما بين الستين إلى السبعين، والصبة من الإبل نحو خمس أو ست.

(2)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل ناصح بن العلاء، فهو مختلَف فيه. أبو سلمة التبوذكي: هو موسى بن إسماعيل، ومحمد بن إدريس: هو أبو حاتم الرازي الحافظ.

وأخرجه أحمد 34/ (20620)، وابنه عبد الله (20621) من طريقين عن ناصح، بهذا الإسناد. =

ص: 52

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وناصح بن العلاء هذا بصريٌّ ثقة، إنما المطعونُ فيه ناصحٌ أبو عبد الله المُحَلِّميّ الكوفي، فإنه روى عن سِماك بن حَرْب المناكير.

1097 -

أخبرني يحيى بن منصور القاضي، حدثنا أبو بكر محمد بن النضر الجارُودي، حدثنا نصر بن علي الجَهْضَمي، حدثنا سفيان بن حَبِيب، عن خالد الحذَّاء، عن أبي قِلابة، عن أبي المَلِيح، عن أبيه: أنه شَهِدَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم زمنَ الحُديبية وأصابهم مطرٌ في يوم جمعةٍ لم يَبُلَّ أسفلَ نِعالِهم، فأمرَهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يُصلُّوا في رِحالِهم

(1)

.

= وفي باب ترك الجمعة لعذر عن ابن عباس عند البخاري (901)، ومسلم (699)، وسلف في "المستدرك" برقم (1061).

(1)

إسناده صحيح إن كان سفيان بن حبيب سمع هذا الحديث من خالد - وهو ابن مهران - الحذاء، فقد أخرجه أبو داود (1059) عن نصر بن علي الجهضمي، عن سفيان بن حبيب قال: خُبِّرنا عن خالد الحذاء. قلنا: لكن خالف أبا داود أبو بكر محمدُ بن النضر الجارودي كما هو هنا، وابن خزيمة في "صحيحه"(1863)، ويوسف بن يعقوب القاضي عند البيهقي 3/ 186، فقالوا جميعًا: سفيان بن حبيب عن خالد الحذاء. وقد ثبت سماع سفيان من خالد، ثم هو متابع.

أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرمي، وأبو المليح: هو ابن أسامة بن عمير الهذلي.

وأخرجه أحمد 34/ (20704) و (20705) من طريق سفيان الثوري، و (20707)، وابن ماجه (936) من طريق إسماعيل ابن علية، وابن حبان (2079) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، ثلاثتهم عن خالد بن مهران الحذاء، بهذا الإسناد. وذكر بعضهم في قصة، ولم يذكروا جميعهم أنَّ ذلك كان يوم الجمعة.

وأخرجه أحمد 33/ (20280) من طريق أبي بشر الحلبي، عن أبي المليح، به. وذكر أنَّ ذلك كان يوم الجمعة، لكن لم يذكر زمنه في الحديبية أو في حنين.

وأخرجه أحمد 34/ (20700) و (20702) و (20703) و (20711) و (20713) و (20715) و (20720)، وأبو داود (1057)، والنسائي (929)، وابن حبان (2081) و (2083) من طرق (همام وشعبة وأبان وسعيد) عن قتادة بن دعامة السدوسي، عن أبي المليح، به. واختُلف فيه على شعبة، فقال عبد الله بن المبارك عنه عن قتادة عند ابن حبان (2083) أنَّ ذلك كان زمن الحديبية، وقال بهز ويحيى بن سعيد عنه عن قتادة كسائر الرواة عن قتادة: أنَّ ذلك كان يوم حنين. =

ص: 53

هذا حديث صحيح الإسناد، وقد احتجَّ الشيخان برواته، وهو من النوع الذي طلبوا المتابِع فيه للتابعي عن الصحابي

(1)

، ولم يُخرجاه.

1098 -

أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تمِيم الحنظليُّ ببغداد، حدثنا أبو قِلابة، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا ابن جريج، أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخُوَار: أنَّ نافع بن جُبير أرسله إلى السائب بن يزيد ليسأله عن شيءٍ رآه منه معاوية، فقال: صليتُ معه في المقصورة فقمتُ لأصلِّيَ في مكاني، فقال: لا تصلِّ حتى تمضيَ أمام ذلك أو تَكَلَّمَ، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَنا بذلك

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

1099 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جُرَيج، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا يُقِمْ أحدُكم أخاه من مجلِسِه، ثم يَخلُفه فيه"، فقلت له: إنا في يوم الجمعة، قال: في يوم الجمعة وغيرها

(3)

.

= وأخرج أبو داود (1058) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن صاحب له، عن أبي مليح: أن ذلك كان يوم جمعة. وهذا إسناد ضعيف لإبهام صاحب سعيد.

وفي باب ترك الجمعة لعذر انظر ما قبله.

وفي باب ترك الجماعة بشكل عام لعذر عن ابن عمر عند البخاري (632) و (666)، ومسلم (697)، وذكرنا سائر شواهده عند الحديث (4478) من "مسند أحمد".

(1)

تقدم تعقيبنا على كلامه هذا عند الحديث رقم (97).

(2)

إسناده صحيح. أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل.

وأخرجه أحمد 28/ (16866) و (16913)، ومسلم (883)، وأبو داود (1129) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وذكروا جميعهم في رواياتهم: أنَّ تلك الصلاة كانت صلاة الجمعة. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(3)

إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" 10/ (6371).

وأخرجه مسلم (2177)(28) عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. =

ص: 54

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بزيادة ذكر الجمعة!

آخر كتاب الجمعة

= وأخرجه البخاري (911) من طريق مخلد بن يزيد، عن ابن جريج، به. فاستدراك الحاكم له عليهما ذهول منه.

وأخرجه أحمد 8/ (4659) و (4874) و 9/ (5046) و 10/ (6024) و (6062)، والبخاري (6269) و (6270)، ومسلم (2177)(27) و (28)، والترمذي (2749)، وابن حبان (586) و (587) من طرق عن نافع، به. ولم يذكروا فيه قوله: إنا في الجمعة، إلى آخره، وزاد بعضهم في آخره: ولكن تفسحوا وتوسعوا.

وأخرجه أحمد 9/ (5625)، ومسلم (2177)(29)، والترمذي (2750) من طريق الزهري، عن سالم، عن ابن عمر. وزاد سالم في آخره: وكان ابن عمر إذا قام له رجل عن مجلسه، لم يجلس فيه.

وأخرج أحمد 9/ (5567)، وأبو داود (4828) من طريق عقيل بن طلحة قال: سمعت أبا الخصيب قال: كنت قاعدًا، فجاء ابن عمر، فقام رجل من مجلسه له، فلم يجلس فيه وقعد في مكان آخر، فقال الرجل: ما كان عليك لو قعدت؟ فقال: لم أكن أقعد في مقعدك ولا مقعد غيرك بعد شيء شهدته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام له رجل من مجلسه فذهب ليجلس فيه، فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لفظ أحمد، واقتصر أبو داود على المرفوع فقط. وهذا إسناد فيه ضعف لجهالة حال أبي الخصيب.

وفي الباب عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، والبراء بن عازب، وعائشة أم المؤمنين، انظر التعليق على "المسند"(4659).

ونزيد عليها هنا: عن أبي بكرة، وسيأتي في "المستدرك" برقم (7906).

ص: 55

‌من كتاب صلاة العيدين

1100 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري.

وأخبرنا بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا أبو قِلابة الرَّقَاشي.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حمْشَاذ وعبد الله بن الحسين القاضي، قالوا: حدثنا الحارث بن أبي أسامة؛ قالوا: حدثنا أبو عاصم، أخبرنا ثوَّاب بن عُتبة

(1)

، عن عبد الله بن بُريدَة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرجُ يومَ الفِطر حتى يَطعَمَ، ولا يَطعَمُ يومَ النَّحر حتى يَرجِع

(2)

.

(1)

في (ز) و (ب): ثواب بن عبيد الله، في الموضعين، وصحح عليها في الموضع الأول في (ز)، والصواب ما أثبتنا من (ص) و (ع) و"إتحاف المهرة" 3/ 571.

(2)

إسناده حسن من أجل ثوَّاب بن عتبة. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل.

وأخرجه ابن ماجه (1756) عن محمد بن يحيى الذهلي، عن أبي عاصم النبيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 38/ (22983) و (23042)، والترمذي (542)، وابن حبان (2812) من طرق عن ثواب بن عتبة، به. وقال الترمذي: حديث غريب. ونقل عن البخاري قوله: لا أعرف لثوّاب بن عتبة غير هذا الحديث. قلنا: ووقع عند بعضهم: لم يأكل حتى يذبح، وعند البعض: حتى ينحر، بدلًا من قوله حتى يرجع.

وأخرجه أحمد 38/ (22984) من طريق عقبة بن عبد الله الرفاعي، عن عبد الله بن بريدة، به. ولفظه: ولا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع فيأكل من أضحيّته. وهكذا رواه عن عقبة غير واحد من الثقات، وانفرد الوليد بن مسلم فيما أخرجه البيهقي في "السنن" 3/ 283 فرواه عن ابن مهدي عن عقبة بلفظ: أَكل من كَبِد أضحيّته؛ وعقبة هذا ضعيف صاحب مناكير، والراوي عنه هكذا وقع مسمًّى عند البيهقي: ابن مهدي، وظاهره أنه عبد الرحمن بن مهدي، لكن الوليد بن مسلم لا يعرف بالرواية عنه، وهو - أي: عبد الرحمن - أصغر طبقةً من الوليد، أما الوليد فمشهور بالتدليس، ومن شيوخه أبو مهدي، واسمه سعيد بن سنان الحمصي، وهذا متروك الحديث، فنخشى أن يكون هذا هو صاحب الحديث دلّسه الوليد، والله تعالى أعلم.

وفي باب أكل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر قبل الخروج إلى الصلاة، عن أنس بن مالك، سيأتي بعد هذا =

ص: 56

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وثوَّابُ بن عُتبة المَهْري قليل الحديث، ولم يُجرَح بنوع يَسقُط به حديثُه.

وهذه سُنَّة عزيزةٌ من طريق الرواية، مستفيضةٌ في بلاد المسلمين.

1101 -

أخبرني أبو عون محمدُ بن أحمد بن ماهان الجزَّار على الصَّفا، حدثنا علي بن عبد العزيز عن عَمرو بن عَون، حدثنا هُشَيم، عن محمد بن إسحاق، عن حفص بن عبيد الله بن أنس، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفطِر يومَ الفطر على تمَرات قبل أن يَغدُو

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ صحيح على شرطه:

1102 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حدثنا أحمد بن زُهير.

وأخبرنا أبو عَون الجزَّار بمكة، حدثنا علي بن عبد العزيز؛ قالا: حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، حدثنا زهير، حدثنا عُتبةُ بن حُميد الضَّبِّي، حدثنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، قال: سمعتُ أنسًا يقول: ما خَرَجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ فطرٍ حتى

= الحديث، وهو في "الصحيح".

وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد 17/ (11226)، وإسناده حسن، وذكرنا تتمة شواهده هناك.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على هشيم - وهو ابن بشير - فقد رواه بعضهم عنه - كما هنا - عن محمد بن إسحاق عن حفص بن عبيد الله بن أنس عن أنس، ورواه آخرون عنه عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس، وبذلك أعله الإمام أحمد في "العلل" 2/ 272 (2226)، والدارقطني في "العلل"(2578)، والإسماعيلي كما في "فتح الباري"، وقد ردَّ الحافظ ابن حجر هذا القدح بأنَّ هشيمًا قد صرَّح فيه بالإخبار فأُمن تدليسه، وأنه كان عند هشيم على الوجهين، ونقل الجزم بذلك عن أبي مسعود الدمشقي. انظر لزامًا "فتح الباري" 4/ 20 بتحقيقنا.

وأخرجه الترمذي (543) عن قتيبة بن سعيد، وابن حبان (2813) من طريق ابن أبي شيبة، كلاهما عن هشيم بن بشير، بهذا الإسناد. وقد صرح هشيم بالتحديث عند ابن حبان.

وانظر ما بعده.

ص: 57

يأكل تَمَراتٍ ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا، أو أقلَّ من ذلك أو أكثر من ذلك وِترًا

(1)

.

1103 -

أخبرني أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن حُميد، عن أنس قال: قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال:"ما هذانِ اليومانِ؟ " قالوا: يومانِ كنا نلعبُ بهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الله قد أبدَلَكم بهما خيرًا منهما: يومَ الأضحى، ويومَ الفِطْر"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عتبة بن حميد الضبي. أحمد بن زهير: هو ابن حرب بن شداد أبو بكر بن أبي خيثمة، وأبو عون الجزار: هو محمد بن أحمد بن ماهان، وعلي بن عبد العزيز: هو ابن المرزبان البغوي، وزهير: هو ابن معاوية بن حُديج.

وأخرجه ابن حبان (2814) من طريق علي بن سهل بن المغيرة، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل، بهذا الإسناد. ولم يذكر ما في آخره من قوله: أو أقل من ذلك .. إلى آخره.

وأخرجه البخاري (953)، وابن ماجه (1754) من طريقين عن هشيم بن بشير، عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، عن أنس.

وأخرجه أحمد 19/ (12268) من طريق مُرجَّى بن رجاء، عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، به. وزاد في آخره: ويأكلهن وترًا. وكذلك علقه البخاري من هذا الطريق بإثر الحديث (953).

وأخرج أحمد 21/ (13426) عن علي بن عاصم الواسطي، عن عبيد الله بن أبي بكر، عن أنس قال: ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر قط حتى يأكل تمرات. قال -يعني عبيد الله -: وكان أنس يأكل قبل أن يخرج ثلاثًا، فإن أراد أن يزداد أكل خمسًا، فإن أراد أن يزداد أكل وترًا. فجعل القسم الثاني موقوفًا على أنس، وعلي بن عاصم هذا ضعيف.

وانظر ما قبله.

(2)

إسناده صحيح. موسى بن إسماعيل: هو التَّبوذكي، وحماد: هو ابن سلمة، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل.

وأخرجه أبو داود (1134) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 19/ (12006) و 20/ (12827) و 21/ (13470) و (13622)، والنسائي (1767) من طرق عن حميد الطويل، به.

ص: 58

1104 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان بن عَمرو

(1)

، حدثنا يزيد بن خُمَير

(2)

الرَّحَبي، قال: خرج عبد الله بن بُسْر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس في يوم عيد فطرٍ أو أضحى، فأنكر إبطاءَ الإمام، وقال: إنا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم قد فَرَغْنا ساعتَنا هذه، وذلك حينَ

(3)

التَّسبيحِ

(4)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1105 -

أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن حَلِيم المَرْوَزي، أخبرنا أبو المُوجِّه، حدثنا يوسف بن عيسى، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا ابن جُرَيج، عن عطاء، عن عبد الله بن السائب قال: شهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، العيد، فلما قضَى الصلاة قال:"إنّا نَخطُب، فمَن أحبَّ أن يجلس للخُطبة فليجلس، ومَن أحبَّ أن يذهبَ فليذهب"

(5)

.

(1)

تحرف في نسخنا الخطية إلى: عمر، والتصويب من "إتحاف المهرة" 6/ 530.

(2)

تحرف في نسخنا الخطية إلى: عمير، والتصويب من "إتحاف المهرة".

(3)

تحرف في نسخنا الخطية إلى: خير، والتصويب من "تلخيص الذهبي" ومن مصادر التخريج. أي: وقت صلاة السُّبحة؛ وهي الضحى، بعد الخروج من وقت الكراهية.

(4)

إسناده صحيح أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني.

وأخرجه أبو داود (1135) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (1317) من طريق إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، به.

وعلقه البخاري قبل الحديث (968) عن عبد الله بن بسر بدون إسناد.

وقد أورده الحافظ ابن حجر في "أطراف المسند" للإمام أحمد 2/ 688، وعزاه كذلك له في "إتحاف المهرة" 6/ 530، ويغلب على ظننا أنه قد وهم في ذلك، وربما يكون قد تطرق إليه هذا الوهم لأنَّ الحاكم قد رواه هنا عن أحمد بن جعفر القطيعي راوية "المسند"، والصواب - والله أعلم - أنَّ هذا الحديث ليس في "المسند"، إذ لم يرد في أي من نسخنا العتيقة والمتقنة والمقروءة لـ "مسند الإمام أحمد"، ولم يعزه ابن كثير في "جامع المسانيد" 7/ 353 لأحمد، والله تعالى أعلم بالصواب.

(5)

رجاله ثقات، لكن اختُلف في وصله وإرساله، والمحفوظ هو المرسل، فقد انفرد بوصله =

ص: 59

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وهو معنى الحديث الذي يُسأل عنه في الأعياد، إلّا أنه عن ابن عباس

(1)

.

1106 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني عيسى بن عبد الأعلى بن

(2)

أبي فَرْوة، أنه سَمِعَ أبا يحيى عُبيدَ الله التَّيميَّ يحدِّث عن أبي هريرة: أنهم أصابهم مطرٌ في يوم عيدٍ، فصلّى بهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم العيدَ في المسجد

(3)

.

= الفضل بن موسى السيناني، وخالفه سفيان الثوري وعبد الرزاق وهشام بن يوسف الصنعاني، فرووه عن ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - عن عطاء - وهو ابن أبي رباح - مرسلًا، وقد صحَّح المرسلَ أبو داود في "سننه" كما سيأتي، وابنُ معين كما في "تاريخ عباس الدوري" 3/ 15، وأبو زرعة الرازي كما في "علل" ابن أبي حاتم (513)، والنسائي فيما نقله عنه المزي في "التحفة" 4/ 347، ونقله عنه كذلك المنذري في "مختصر السنن" والزيلعي في "نصب الراية" 2/ 149.

وأخرجه أبو داود (1155)، وابن ماجه (1290)، والنسائي (1792) من طرق عن الفضل بن موسى السيناني، بهذا الإسناد. قال أبو داود بإثره: هذا مرسل.

وأخرجه عبد الرزاق (5670)، وأخرجه البيهقي 3/ 301 من طريق سفيان الثوري، وأبو زرعة الرازي في "العلل" لابن أبي حاتم (513) من طريق هشام بن يوسف، ثلاثتهم (عبد الرزاق والثوري وهشام) عن ابن جريج، عن عطاء، مرسلًا.

(1)

ولفظه عن ابن عباس قال: شهدت عيدًا مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة فطرٍ أو أضحى، فلما فرغ من صلاته أقبل علينا بوجهه فقال:"أيها الناس، قد أصبتم خيرًا كثيرًا، من أحب أن ينصرف فلينصرف، ومن أحب أن يقيم حتى يسمع الخطبة فليقم".

أخرجه الخطيب البغدادي في "مسلسل العيدين"(31 - 33) و (35) وعبد العزيز الكتاني في "مسلسل العيدين"(3 - 5) و (7 - 9)، وأبو القاسم الشحّامي في "تحفة عيد الفطر"(62)، والسِّلفي في "الأحاديث العيدية المسلسلة"(3 - 9)، وأبو الفتح الحراني في "مسلسل العيدين"(1)، ومدار إسناده على بشر بن عبد الوهاب الأموي، قال الذهبي في "الميزان" 1/ 320 كأنه هو وضعه، أو المنفرد به عنه وهو أبو عبيد الله أحمد بن محمد بن فراس الفراسي.

(2)

تحرف في النسخ الخطية إلى: عن.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة حال أبي يحيى عبيد الله التيمي - وهو ابن عبد الله بن موهب - =

ص: 60

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وأبو يحيى التَّيمي صدوق، إنما المجروحُ يحيى بن عبيد الله ابنُه.

1107 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو سعيد محمد بن شاذان، حدثنا أبو عمّار، حدثنا وكيع، عن أبان بن عبد الله البَجَلي، عن أبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص، عن ابن عمر: أنه خَرَجَ في يوم عيد إلى المصلَّى فلم يصلِّ قبلَها ولا بعدَها، وذكر أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فعله

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، لكنّهما قد اتفقا على حديث سعيد بن جُبَير عن ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ قبلَها ولا بعدَها

(2)

.

1108 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهانيُّ الزاهد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا حمّاد بن زيد.

وأخبرني الحسين بن علي، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أحمد بن عَبْدَة،

= وجهالة عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة.

وأخرجه أبو داود (1160) عن الربيع بن سليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (1160) عن هشام بن عمار، وابن ماجه (1313) عن العباس بن عثمان الدمشقي، كلاهما عن الوليد بن مسلم، به.

ولم يسمِّ هشام بنُ عمار عيسى بنَ عبد الأعلى، وإنما قال عن الوليد بن مسلم: حدثنا رجل من الفَرْويين.

(1)

صحيح لغيره، وهذا الإسناد حسن من أجل أبان بن عبد الله البجلي، فهو حسن الحديث إذا لم يأت بما ينكر. أبو عمار: هو الحسين بن حريث.

وأخرجه الترمذي (538) عن أبي عمار الحسين بن حريث. بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 9/ (5212) عن وكيع، به.

ويشهد له حديث ابن عباس في "الصحيحين" وسيشير إليه المصنف بعده.

وانظر تتمة أحاديث الباب في "مسند أحمد".

(2)

أخرجه البخاري (964)، ومسلم (890)(13).

ص: 61

حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن عطاء، عن ابن عباس: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلى قبل الخُطبة في يومِ عيد

(1)

.

(1)

إسناده صحيح. محمد بن إسحاق: هو ابن خزيمة الإمام المشهور صاحب التصانيف، وأحمد بن عبدة: هو الضبي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه مسلم (884)(2) عن أبي الربيع الزهراني، وأبو داود (1144) عن محمد بن عبيد بن حساب الغُبَري، كلاهما عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. ولم يذكرا لفظه، وإنما بنحو ما ذكراه قبله بلفظ: عن ابن عباس قال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلى قبل الخطبة، قال: ثم خطب

الحديث.

وأخرج نحوه أحمد 3/ (1902) و (1983)، والبخاري (1449)، ومسلم (884)(2)، وأبو داود (1142) و (1143)، وابن ماجه (1273)، والنسائي (1779) و (1791) و (5863) من طرق عن أيوب بن أبي تميمة، به.

وأخرج أحمد 4/ (2169) و 5/ (3105) من طريق إبراهيم بن ميمون الصائغ، عن عطاء، عن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس يوم فطر ركعتين بغير أذان ثم خطب بعد الصلاة.

وأخرج مسلم (886)(6) من طريق ابن جريج عن عطاء: أنَّ ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير أول ما بويع له: إنما الخطبة بعد الصلاة.

وأخرج أحمد 5/ (3064) من طريق معمر، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم العيد ثم خطب.

وأخرج أحمد 3/ (2062)، والبخاري (863) و (975) و (977) و (5249) و (7325)، وأبو داود (1146)، والنسائي (1789)، وابن حبان (2823) من طريق عبد الرحمن بن عابس قال: سمعت ابن عباس قيل له: أشهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، ولولا مكاني منه ما شهدته - يعني من صغره - حتى أتى العَلَم الذي عند دار كثير بن الصلت، فصلى ثم خطب

الحديث. هذا لفظ البخاري (977).

وأخرج أحمد 4/ (2171)، والبخاري (962) و (979) و (4895) و (5880)، ومسلم (884)(1)، والنسائي (1781) من طريق طاووس عن ابن عباس قال: شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة.

وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، سيأتي برقم (1113).

وعن عبد الله بن عمر، سيأتي برقم (1122). =

ص: 62

هذا لفظ حديث أحمد بن عَبْدةَ، وفي حديث سليمان تقصير.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه هكذا.

1109 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد. وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي؛ قالا: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عبد الحميد بن جعفر الأنصاري، حدثني وَهْب بن كَيْسان، قال: شهدتُ ابن الزُّبير بمكةَ وهو أميرٌ، فوافق يومُ فطرٍ أو أضحى يومَ الجمعة، فأخَّر الخروجَ حتى ارتَفعَ النهار، فخرج وصَعِد المنبر فخطب فأطال، ثم صلَّى ركعتين ولم يصلِّ الجمعة، فعاتبه عليه ناسٌ مِن بني أُمية بن عبد شمس، فبلغ ذلك ابنَ عباس، فقال: أصاب ابنُ الزبير السنةَ، فبلغ ابنَ الزبير، فقال: رأيتُ عمر بن الخطاب إذا اجتمع عيدانِ صَنَعَ مثلَ هذا

(1)

.

= وعن غير واحد من الصحابة، انظر التعليق على "مسند أحمد" 8/ (4602).

(1)

إسناده صحيح. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى، ويحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(2181) عن يحيى بن محمد بن يحيى الذهلي، عن مسدد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (1807)، وابن خزيمة (1465) من طريقين عن يحيى بن سعيد القطان، به. ولم يذكر النسائي قول ابن الزبير: رأيت عمر بن الخطاب .. إلى آخره.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 186، وابن خزيمة (1465) من طريقين عن عبد الحميد بن جعفر، به.

وأخرج أبو داود (1071) من طريق سليمان الأعمش، عن عطاء عن أبي رباح قال: صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار، ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا، فصلينا وحدانًا، وكان ابن عباس بالطائف، فلما قدم ذكرنا ذلك له، فقال: أصاب السنة.

وأخرج أبو داود أيضًا (1072) من طريق عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، عن عطاء قال: اجتمع يوم جمعة ويوم فطر على عهد ابن الزبير، فقال: عيدان اجتمعا في يوم واحد، فجمعهما جميعًا، فصلاهما ركعتين بُكرةً، لم يزد عليهما حتى صلى العصر.

وفي الباب عن زيد بن أرقم وأبي هريرة، سلفا في الجمعة بالأرقام (1075) و (1076).

ص: 63

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1110 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الوهَّاب، حدثنا خالد بن مَخْلَد، حدثنا عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذَ يومَ عيدٍ في طريقٍ، ثم رَجَعَ في طريقٍ آخر

(1)

.

1111 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عُبيد الله بن أبي داود المُنادي، حدثنا يونس بن محمد المؤدِّب، حدثنا فُلَيح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، عن أبي هريرة قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم كان إذا خَرَجَ إلى العيدين رَجعَ في غير الطريق الذي خَرجَ فيه

(2)

.

(1)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل عبد الله بن عمر - وهو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن العمري - وهو وإن كان في حفظه مقال، يُحسّن حديثه في المتابعات والشواهد، ومن أجل خالد بن مخلد القطواني.

محمد بن عبد الوهاب: هو ابن حبيب العبدي أبو أحمد الفراء النيسابوري، ونافع: هو مولى ابن عمر.

وأخرجه أحمد وابنه عبد الله في زياداته على "المسند" 10/ (5879)، وأبو داود (1156)، وابن ماجه (1299) من طرق عن عبد الله بن عمر العمري، بهذا الإسناد.

وقد أورد الحاكم حديث ابن عمر هذا شاهدًا لحديث أبي هريرة الآتي بعده.

ولهما شاهد أيضًا من حديث جابر بن عبد الله عند البخاري (986)، وفي إسناده فليح بن سليمان، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 4/ 69: تفرد به فليح وهو مضعف عند ابن معين والنسائي وأبي داود، ووثقه آخرون، فحديثه من قَبِيل الحسن، لكن له شواهد من حديث ابن عمر - وهو هذا الحديث - وسعد القرظ، وأبي رافع، وعثمان بن عبيد الله التيمي وغيرهم يعضض بعضها بعضًا، فعلى هذا هو من القسم الثاني من قسمي الصحيح.

قلنا: حديثا سعد القرظ وأبي رافع عند ابن ماجه على التوالي (1298) و (1300)، وإسناداهما ضعيفان.

وحديث عثمان بن عبيد الله التيمي عند الشافعي في "الأم" 1/ 267، ومن طريقه البيهقي في "السنن" 3/ 309.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد وقع فيه اضطراب، فرواه بعضهم عن يونس بن محمد المؤدب، =

ص: 64

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وشاهدُه الحديث الذي قبله، وهو حديث عبد الله بن عمر.

1112 -

أخبرنا أبو عبد الله الصفَّار، حدثنا أبو إسماعيل الترمذيُّ، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا إبراهيم بن سُوَيد، حدثني أُنَيس بن أبي يحيى، حدثني إسحاق بن سالم من بني نَوفَل بن عَدِيٍّ، حدثني بكر بن مُبشِّر، قال: كنت أغدُو مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلَّى يومَ الفطر، فنسلُكُ بطنَ بُطْحانَ حتى نأتي إلى المصلَّى، فنصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نَرجِعُ إلى بيوتنا

(1)

.

1113 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن عيسى بن السَّكَن، حدثنا عبد الله بن مَسْلَمة، حدثنا داود بن قَيْس، عن عِيَاض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخُدْري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر، فيصلِّي تَيْنِكَ

= بهذا الإسناد عن أبي هريرة، ورواه آخرون عنه به عن جابر بن عبد الله، ورجح البخاري بإثر الحديث (986)، والترمذي بإثر الحديث (541) حديث جابر. انظر بسط الكلام على هذا الاضطراب في "مسند أحمد" عند الحديث رقم (8454).

وأخرجه أحمد 14/ (8454)، وابن حبان (2815) من طريق يونس بن محمد المؤدب، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (1301) من طريق أبي تميلة، والترمذي (541) من طريق محمد بن الصلت، كلاهما عن فليح بن سليمان، به.

ويشهد له ما قبله.

(1)

إسناده حسن، إسحاق بن سالم روى له جميع وذكره ابن حبان في "الثقات". أبو عبد الله الصفار، اسمه: محمد بن عبد الله، وأبو إسماعيل الترمذي: هو محمد بن إسماعيل بن يوسف السُّلَمي، وابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم.

وأخرجه أبو داود (1158) عن حمزة بن نصير، عن ابن أبي مريم، بهذا الإسناد.

بطحان: اسم وادٍ في المدينة، ضبطه بعضهم بضم الباء وسكون الطاء، وبعضهم بفتح الباء، وقيل: بفتح الباء والطاء، وقيل: بفتح الباء وكسر الطاء، انظر:"تاج العروس" مادة (بطح)، و"النهاية" لابن الأثير، و"فتح الباري" 2/ 256 و 597.

ص: 65

الرَّكعتين، ثم يُسلِّم، ثم يقوم فيستقبلُ الناس وهم جلوسٌ، فيقول:"تَصدَّقُوا تَصدَّقُوا"، قال: وكان أكثرَ من يتصدَّق النساءُ بالقُرْط والخاتَم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

1114 -

حدثنا أبو بكر بن أبي دارِم الحافظ بالكوفة، حدثنا محمد بن عبد الله بن سُليمان، حدثنا جَنْدَل بن والقٍ، حدثنا عُبيد الله بنُ عمرو

(2)

، عن عبد الله بن

(1)

إسناده صحيح عبد الله بن مسلمة: هو القعنبي، وداود بن قيس: هو الفراء، وعياض بن عبد الله: هو ابن سعد بن أبي سرح. وسيأتي مكررًا برقم (1129).

وأخرجه مطولًا ومختصرًا أحمد 17/ (11315) و (11316) و (11381) و 18/ (11507) و (11508)، ومسلم (889)، وابن ماجه (1288)، والنسائي (1785) و (1798) و (1814)، وابن حبان (3321) من طرق عن داود بن قيس الفراء، بهذا الإسناد. وزاد بعضهم في آخره: فإن كانت له حاجة أو أراد أن يبعث بعثًا تكلم وإلّا انصرف.

وأخرجه بنحوه البخاري (956) و (1462) من طريق زيد بن أسلم، عن عياض بن عبد الله، به.

وأخرج أحمد 18/ (11539) من طريق الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ يوم الفطر ويوم الأضحى بالصلاة قبل الخطبة، ثم يخطب، فتكون خطبته الأمر بالبعث والسرية.

وأخرج أحمد 17/ (11263) عن وكيع، عن داود بن قيس، عن عياض، عن أبي سعيد: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خطب قائمًا على رجليه.

وأخرج البخاري (304) من طريق زيد بن أسلم، عن عياض، عن أبي سعيد: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمر على النساء فقال:"يا معشر النساء تصدقن، فإني أُريتكن أكثر أهل النار" فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: "تكثرن اللعن، وتكفرن العشير

" الحديث.

وأخرج أحمد 17/ (11059) من طريق أبي يعقوب الحناط، عن أبي سعيد الخدري: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل أن يخطب، فصلى يومئذ قبل الخطبة.

وفي الباب عن ابن عباس، سلف برقم (1108). وعن عبد الله بن عمر، سيأتي برقم (1122). وعن غير واحد من الصحابة، انظر تعليقنا على "المسند" 8/ (4602) و 30/ (18490).

والقرط: هو من حليّ الأذن.

(2)

تحرف في نسخنا الخطية إلى: عمر، وهو عبيد الله بن أبي الوليد الرقِّي.

ص: 66

محمد بن عَقِيل، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيدٍ الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رَجَعَ من المصلَّى صلَّى ركعتين

(1)

.

هذه سُنَّةٌ عزيزةٌ بإسناد صحيح، ولم يُخرجاه.

1115 -

حدثنا جعفر بن محمد بن نُصَير الخُلْدي، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطَّالْقاني، حدثنا سفيان بن عُيينة، عن منصور، عن رِبْعيِّ بن حِراش، عن أبي مسعود، قال: أصبح الناسُ صِيامًا لتمام ثلاثين، فجاء رجلان فشَهِدا أنهما رأَيا الهلالَ بالأمس، فأَمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الناسَ فأفطَروا

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، عبد الله بن محمد بن عقيل ليِّن الحديث سيئ الحفظ، لا يقبل إذا خالف، وقد خالف حديثَ ابن عباس في "الصحيحين": أنه صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ قبلها ولا بعدها. والذي أشار إليه المصنف بإثر الحديث (1107). وجندل بن والق وأبو بكر بن أبي دارم - واسمه: أحمد بن محمد بن السري - فيهما كلام إلّا أنهما متابعان.

وأخرجه البيهقي 3/ 217 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد. لكن قرن بأبي بكر بن أبي دارم أبا بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، وهو إمام ثقة.

وأخرجه أحمد 17/ (11226)، وابن ماجه (1293) من طريقين عن عبيد الله بن عمرو الرقي، به.

(2)

إسناده صحيح. علي بن عبد العزيز: هو أبو الحسن البغوي، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو مسعود صحابيه: هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري البدري.

وأخرجه أحمد 31/ (18824) و 38/ (23069) من طريق سفيان الثوري، وأبو داود (2339) من طريق أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، كلاهما عن منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. إلّا أنهما لم يسميا صحابيه، ففي رواية سفيان الثوري: عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية أبي عوانة: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ولفظه عند أبي داود: اختلف الناس في آخر يوم من رمضان، فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالله لأهلّا الهلالَ أمسِ عشيّةً، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا.

قال الطبراني في "المعجم الكبير" 17/ 238: لم يقل أحد في هذا الحديث عن ابن عيينة ولا عند غيره: عن أبي مسعود، إلّا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني. قلنا: لكن قال البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 248: وكذلك رواه إبراهيم بن بشار عن سفيان بن عيينة.

وفي الباب عن أبي عمير بن أنس عن عمومته من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه أحمد (20579) =

ص: 67

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1116 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه، حدثنا محمد بن أحمد بن النَّضْر الأزْديّ، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن سِمَاك بن حَرْب، عن عِكرِمة، عن ابن عباس، قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبصرتُ الهلالَ الليلةَ، فقال:"أتشهدُ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه؟ "، قال: نعم، قال:"قُمْ يا بلالُ فأذِّن في الناس فلْيصوموا"

(1)

.

قد احتجَّ البخاريُّ بعكرمة، واحتج مسلمٌ بسماك، وهذا حديث صحيح الإسناد متداوَلٌ بين الفقهاء، ولم يُخرجاه.

= و (20584)، وأبو داود (1157)، وابن ماجه (1653)، والنسائي (1768).

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنَّ سماكًا في بعض رواياته عن عكرمة - وهو مولي ابن عباس - اضطراب، وقد اختلفوا عليه في هذا الحديث فروي عنه عن عكرمة مرسلًا، ورجَّحه غير واحد من الأئمة، لكن له شاهد يتقوى به كما سيأتي بيانه. زائدة: هو ابن قُدامة.

وأخرجه ابن ماجه (1652) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن زائدة بن قدامة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (2340)، والترمذي (691) من طريق الوليد بن أبي ثور، عن سماك بن حرب، به. قال الترمذي: وروى سفيان الثوري وغيره عن سماك عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وأكثر أصحاب سماك رووا عن سماك عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

ورواية سفيان الثوري المرسلة عند النسائي في "الكبرى" وسيأتي تخريجها عند الحديث رقم (1558)، ورواه أبو داود من طريق حماد بن سلمة عن سماك عن عكرمة مرسلًا، وسيأتي تخريجه عند الحديث (1560).

وسيأتي الحديث أيضًا غير ما ذكرنا برقم (1557) من طريق حسين الجعفي عن زائدة.

وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر، سيأتي برقم (1555).

قال الترمذي: والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم، قالوا: تُقبَل شهادة رجل واحد في الصيام، وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد وأهل الكوفة، قال إسحاق: لا يصام إلّا بشهادة رجلين، ولم يختلف أهل العلم في الإفطار أنه لا يقبل فيه إلّا شهادة رجلين.

ص: 68

1117 -

أخبرنا أبو جعفر محمدُ بن عبد الله البغداديُّ، حدثنا عُبيد الله

(1)

بن محمد بن خُنَيْس الدِّمشقي، حدثنا موسى بن محمد بن عطاء، حدثنا الوليد بن محمد، حدثنا الزُّهري، أخبرني سالم بن عبد الله، أنَّ عبد الله بن عمر أخبره: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُكبِّر يوم الفطر من حينِ يخرجُ من بيته حتى يأتي المصلَّى

(2)

.

هذا حديث غريب الإسناد والمتن، غير أنَّ الشيخين لم يحتجَّا بالوليد بن محمد المُوقَّري، ولا بموسى بن عطاء البَلْقَاوي، وهذه سُنَّة تداوَلَها أئمة أهل الحديث، وصحَّت به الرواية عن عبد الله بن عمر وغيرِه من الصحابة:

1118 -

حدَّثَناه أبو الوليد حسَّان بن محمد الفقيه، حدثنا محمد بن نُعَيم، حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقيُّ، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن عَجْلان، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يخرُج في العيدينِ من المسجد، فيكبِّر حتى يأتيَ المصلَّى

(3)

.

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: عبد الله، والصواب ما أثبتناه من مصادر ترجمته ومصادر التخريج، وكذلك خُنَيس جدُّه تصحف في المطبوع إلى: حبيش.

(2)

إسناده تالف بمرة، موسى بن محمد بن عطاء - وهو البلقاوي - قال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه، كان يضع الحديث، وقال الذهبي في "الميزان": أحد التلفى، وشيخه الوليد بن محمد - وهو الموقري - كذبه يحيى بن معين، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": متروك. الزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب.

وأخرجه البيهقي 3/ 279 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال بإثره: موسى بن محمد بن عطاء منكر الحديث ضعيف، والوليد بن محمد الموقري ضعيف لا يحتج برواية أمثالهما، والحديث المحفوظ عن ابن عمر من قوله.

وأخرجه الدارقطني (1714) عن أبي عبد الله محمد بن علي بن إسماعيل الأُبلي، عن عبيد الله بن محمد بن خنيس، به.

والصحيح ما روي عن ابن عمر في ذلك موقوفًا، انظر ما بعده.

(3)

خبر صحيح، وهذا إسناد قوي، ابن عجلان - وهو محمد - متابع.

محمد بن نعيم: هو النيسابوري المديني، ويحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات"(542) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال بإثره: وروي =

ص: 69

1119 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا قَبِيصةُ بن عُقبة، حدثنا سفيان، عن عطاء بن السَّائب، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، قال: كانوا في التكبير في الفِطر أشدَّ منهم في الأضحى

(1)

.

= ذلك مرفوعًا، والموقوف أصح.

وأخرجه الفريابي في "أحكام العيدين"(46)، والدارقطني (1712) من طريق يعقوب بن إبراهيم الدورقي، به.

وأخرجه الدارقطني (1712)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 279 من طريقين عن يحيى بن سعيد القطان، به.

وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 2/ 164، والفريابي (43) و (44)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 14/ 38، والدارقطني (1716)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(6812) من طرق عن محمد بن عجلان، به.

وأخرجه بمعناه الفريابي (39) و (48) و (53) و (56) و (57)، وابن المنذر في "الأوسط"(2101)، والطحاوي 14/ 38، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 278، وفي "معرفة السنن والآثار"(6813) من طرق عن نافع، به. ووقع في "السنن" للبيهقي: أنه كان يكبر الليلة الفطر حتى يغدو إلى المصلى. وقال بإثره: ذكر الليلة فيه غريب.

وأخرج ابن خزيمة (1431)، ومن طريقه البيهقي في "السنن الصغرى"(685)، و"الكبرى" 3/ 279، و"شعب الإيمان"(3441)، و"فضائل الأوقات"(153) من طريق عبد الله بن وهب، عن عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين مع الفضل بن عباس وعبد الله بن عباس والعباس، وعلي وجعفر، والحسن والحسين، وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة، وأيمن بن أم أيمن، رافعًا صوته بالتهليل والتكبير، فيأخذ طريق الحدادين حتى يأتي المصلى، فإذا فرغ رجع على الحذائين حتى يأتي منزله. أخرجه هكذا مرفوعًا، وعبد الله بن عمر العمري ضعيف عند التفرُّد.

(1)

إسناده صحيح، وسماع سفيان - وهو الثوري - من عطاء بن السائب قبل الاختلاط. أبو عبد الرحمن السلمي اسمه: عبد الله بن حبيب، وهو من كبار التابعين.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 279 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (1713) عن محمد بن مخلد، عن محمد بن إسحاق، به.

وأخرجه الفريابي في "أحكام العيدين"(64) من طريق وكيع، عن سفيان، به.

ص: 70

1120 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا ابن لَهِيعة، عن خالد بن يزيد، عن الزُّهري، عن عُروة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكبِّر في العيدين اثنتي عشْرةَ تكبيرة سوى تكبيرة الافتتاح، ويقرأ بـ:{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}

(1)

.

هذا حديث تفرَّد به عبد الله بن لَهِيعة، وقد استَشهد به مسلم في موضعين

(2)

.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، ابن لهيعة - واسمه: عبد الله - سيئ الحفظ، وقد اضطرب هنا في إسناده ومتنه، والكلام في ذلك مبسوط في التعليق على "مسند أحمد" (24362) بما يغني عن إعادته هنا. إسحاق بن عيسى: هو ابن الطباع، وخالد بن يزيد: هو الجمحي المصري، والزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب، وعروة: هو ابن الزبير.

وأخرجه أحمد 40/ (24409) عن يحيى بن إسحاق، وأبو داود (1150)، وابن ماجه (1280) من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد. ولفظه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبِّر في العيدين سبعًا في الركعة الأولى، وخمسًا في الآخرة، سوى تكبيرتي الركوع. ولم يذكر أبو داود لفظه، وقرن ابن ماجه بخالد بن يزيد عُقيل بن خالد الأيلي.

وسيأتي بعده من طريق عمرو بن خالد عن ابن لهيعة عن عُقيل بن خالد.

قال الدارقطني في "العلل"(3458): والاضطراب فيه من ابن لهيعة.

وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد 11/ (6688)، وأبي داود (1151)، وابن ماجه (1278). وفي إسناده عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي فيه مقال.

وعن عمرو بن عوف المزني عند ابن ماجه (1277)، والترمذي (544) وحسّنه، ونقل في "علله الكبير" 1/ 288 عن البخاري قوله: ليس في الباب شيء أصح من هذا، وبه أقول.

وعن أبي هريرة مرفوعًا عند أحمد 14/ (8679)، وإسناده ضعيف، وموقوفًا عند مالك 1/ 180، وابن أبي شيبة 2/ 173، والبيهقي 3/ 288 وغيرهم، وإسناده صحيح.

وعن ابن عباس عند ابن أبي شيبة 2/ 176، وابن المنذر في "الأوسط" 4/ 273 - 274 و 174، والبيهقي 3/ 288 و 289، وإسناده صحيح.

قلنا: ومثل هذه الموقوفات لا تُفعل من قِبَل الرأي والاجتهاد، وعلى أية حال فبمجموع هذه الشواهد يتحسن الحديث.

(2)

ذكره مسلم في موضع واحد من "صحيحه" بإثر الحديث (624) مقرونًا بعمرو بن الحارث.

ص: 71

وفي الباب عن عائشة وابن عمر وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو، والطرق إليهم فاسدة.

وقد قيل: عن ابن لهيعة عن عُقيل:

1121 -

أخبرَناه أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا عُبيد بن شَرِيك، حدثنا عمرو بن خالد، حدثنا ابن لهِيعة، عن عُقَيل، عن الزُّهري، عن عُروة، عن عائشة أنها قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُكبِّر في العيدين في الأُولى سبعَ تكبيرات، وفي الثانية خمسَ تكبيرات قبل القراءة

(1)

.

1122 -

حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا محمد بن عبد الله بن ماهان، حدثنا موسى بن حِزَام التِّرمذي، حدثنا أبو أسامة، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ وعمرُ يُصلُّون العيدين قبلَ الخُطبة

(2)

.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. عُقَيل: هو ابن خالد الأيلي.

وأخرجه أحمد 40/ (24362) عن أبي سعيد مولى بني هاشم، وأبو داود (1149) عن قتيبة بن سعيد، وابن ماجه (1280) من طريق عبد الله بن وهب، ثلاثتهم عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد. وقرن ابن ماجه بعُقَيلٍ خالدَ بن يزيد.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن بن الحسن القاضي شيخ المصنف، لكنه قد توبع، ومن فوقه ثقات. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وعبيد الله بن عمر: هو العمري.

وأخرجه البخاري (963)، ومسلم (888)، وابن ماجه (1276)، والترمذي (531) من طرق عن أبي أسامة، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 8/ (4602) و 9/ (4963)، ومسلم (888)، والنسائي (1780) من طريق عبدة بن سليمان، عن عبيد الله بن عمر، به.

وأخرج أحمد 9/ (5663)، وابن حبان (2826) من طريق حماد بن مسعدة، والبخاري (957) من طريق أنس بن عياض، كلاهما عن عبيد الله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الأضحى والفطر ثم يخطب بعد الصلاة. لم يذكرا أبا بكر وعمر. =

ص: 72

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ! إنما خرَّجا حديث عطاء عن ابن عباسٍ بغير هذا اللفظ

(1)

.

1123 -

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا إبراهيم بن أبي العَنْبَس القاضي، حدثنا سعيد بن عثمان الخَرّاز

(2)

، حدثنا عبد الرحمن بن سعد المؤذن، حدثنا فِطْر بن خَليفة، عن أبي الطُّفَيل، عن عليٍّ وعمار أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهَر في المكتوبات ببِسْم الله الرحمن الرحيم، وكان يَقنُت في صلاة الفجر، وكان يُكبِّر من يوم عرفةَ صلاةَ الغَداة، ويَقطعُها صلاةَ العصر آخرَ أيام التشريق

(3)

.

= وأخرج أحمد 9/ (5394) من طريق ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن رافع الحضرمي قال: رأيت ابن عمر في المصلى في الفطر، وإلى جنبه ابن له، فقال لابنه: هل تدري كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في هذا اليوم؟ قال: لا أدري، قال ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الخطبة.

(1)

بل أخرجاه باللفظ عينهِ كما ظهر في التخريج، أما حديث عطاء عن ابن عباس فقد سلف في "المستدرك" برقم (1108).

(2)

الخراز بالخاء المعجمة المفتوحة ثم راء مهملة وآخره زاي معجمة، انظر "معرفة علوم الحديث" للمصنف ص 228 النوع السابع والأربعين، معرفة المتشابه في قبائل الرواة وبلدانهم وأساميهم.

(3)

إسناده ضعيف، قال الذهبي في "تلخيص المستدرك": خبر واهٍ كأنه موضوع، لأنَّ عبد الرحمن صاحب مناكير، وسعيد إن كان الكُريزي فهو ضعيف، وإلّا فهو مجهول. وقال ابن عبد الهادي في "تنقيح أحاديث التحقيق" 2/ 197: هو خبر منكر، لأنَّ عبد الرحمن صاحب مناكير، وقد ضعَّفه يحيى بن معين.

وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(7003)، وفي "فضائل الأوقات"(226) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال البيهقي بإثره في "المعرفة": هكذا أخبرناه، وهذا الحديث مشهور لعمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي الطفيل، وكلا الإسنادين ضعيف، وهذا أمثلهما.

وأخرجه بتمامه الدارقطني (1733) و (1734)، ومختصرًا بقصة الجهر بالبسملة (1158)، ومختصرًا بالقنوت (1699) من طريق عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي الطفيل، به. وعمرو بن شمر - وهو الجعفي - ذكره الذهبي في "الميزان" ونَقَل عن الجوزجاني أنه قال فيه: =

ص: 73

هذا حديث صحيح الإسناد، ولا أعلم في رواته منسوبًا إلى الجَرْح!

وقد روي في الباب عن جابر بن عبد الله وغيره

(1)

.

فأما من فِعلِ عمر، وعليٍّ، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، فصحيح عنهم التكبير من غَداةِ عرفة إلى آخر أيام التشريق.

فأما الرواية فيه عن عمر:

1124 -

فأخبرني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن

(2)

الحَجَّاج، قال: سمعت عطاءً يحدِّث عن عُبيد

(3)

بن عُمَير، قال: كان عمر بن الخطاب يُكبِّر بعد صلاة الفجر من يومِ عرفة إلى صلاة الظهر من آخرِ أيام التشريق

(4)

.

= زائغ كذاب، وقال ابن حبان: رافضي يشتم الصحابة، ويروي الموضوعات عن الثقات، وقال البخاري: ضعيف.

وأخرجه الدارقطني (1159) من طريق محمد بن حسان السلمي، عن جابر الجعفي، عن أبي الطفيل، به مختصرًا بالجهر بالبسملة. ومحمد بن حسان هذا قال الذهبي في "الميزان": مجهول.

وفي باب الجهر بالبسملة عن ابن عباس، وقد سلف عند المصنف برقم (761)، وغيره.

(1)

حديث جابر الذي أشار إليه الحاكم هنا لا يصلح شاهدًا في الباب، حيث إنَّ مخرجه ومخرج حديث علي وعمار واحدٌ، فهو من رواية عمرو بن شمر - وفيه ما فيه - عن جابر الجعفي، بأسانيد إلى جابر بن عبد الله، أخرجه الدارقطني (1735) و (1736) و (1737)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 315، ورواه عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي الطفيل، عن علي وعمار، كما سلف في التخريج، ورواه مختصرًا سعيد بن عثمان الخراز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن الجعفي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، فجعله من مسند بريدة، أخرجه الدارقطني (1184)، فالآفة إذن من عمرو بن شمر، والله أعلم.

(2)

تحرف في المطبوع إلى: بن. وشعبة: هو ابن الحجاج، وشيخه: هو الحجاج بن أرطاة، وقد صرَّح البيهقي في روايته أنه ابن أرطاة.

(3)

تحرف في النسخ الخطية إلى: عبيدة، والصواب ما أثبتنا، وهو عُبيد بن عمير بن قتادة الليثي.

(4)

إسناده ضعيف، الحجاج بن أرطاة ليس بذاك القوي، وقد خالف الثقات في ذلك، قال =

ص: 74

وأما حديث علي:

1125 -

فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا هنّاد، حدثنا حسين بن علي، عن زائدةَ، عن عاصم، عن شَقِيقٍ قال: كان عليٌّ يكبّر بعد صلاة الفجر غداةَ عرفةَ، ثم لا يقطعُ حتى يُصليَ الإمامُ من آخر أيام التشريق، ثم يكبِّر بعد العصر

(1)

.

= يحيى بن سعيد القطان -كما في البيهقي 3/ 314 - : هذا وهمٌ من الحجّاج، وإنما الإسناد عن عمر: أنه كان يكبِّر في قبّته بمنى، وقال البيهقي: ومشهور عن عطاء بن أبي رباح أنه كان يكبر صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، ولو كان عند عطاء عن عمر هذا الذي رواه عنه الحجاج لما استجاز لنفسه خلاف عمر، والله أعلم.

وأخرجه البيهقي 3/ 314 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(2191) من طريق مسلم بن إبراهيم، عن شعبة، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 166، والطبراني في "فضل عشر ذي الحجة"(43) من طريق أبي عوانة الوضاح، عن حجاج بن أرطاة، به. ووقع في رواية الطبراني: أنه كان يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة الظهر.

وأخرج سعيد بن منصور كما في "تغليق التعليق" لابن حجر 2/ 379، والفاكهي في "أخبار مكة"(2580) من طريق عمرو بن دينار، وابن المنذر في "الأوسط"(2188) من طريق طلحة بن نافع، والبيهقي 3/ 312 من طريق ابن جريج، ثلاثتهم عن عطاء بن أبي رباح، عن عبيد بن عمير: أنَّ عمر بن الخطاب كان يكبر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، فيسمعه أهل السوق فيكبرون، حتى ترتج منى تكبيرًا.

وبهذا اللفظ علقه البخاري في "صحيحه": باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة، قبل الحديث (970).

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم: وهو ابن بهدلة، وقد توبع. عبد الله بن محمد: هو أبو بكر بن أبي الدنيا صاحب التصانيف، وهنَّاد: هو ابن السَّري، وحسين بن علي: هو الجعفي، وزائدة: هو ابن قدامة وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 314، وفي "الصغرى"(682)، وفي "فضائل الأوقات"(223) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =

ص: 75

وأما حديث ابن عباس:

1126 -

فحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا الحَكَم بن فَرُّوخ، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه كان يُكبِّر من غداةِ عرفةَ إلى صلاة العصر من آخرِ أيامِ التشريق

(1)

.

= وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 165 - ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط"(2194) - والطبراني في "فضل عشر ذي الحجة"(35) من طريق حسين بن علي الجعفي، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 165، وابن المنذر (2192) و (2194) من طريق أبي عبد الرحمن بن عبد الله بن حبيب السلمي، وابن أبي شيبة 2/ 165، والطبراني في "فضل عشر ذي الحجة"(38) من طريق عمير بن سعيد النخعي، والطبراني (36) و (37) من طريق الحارث بن عبد الله الأعور، و (39) من طريق عاصم بن ضمرة السلولي، أربعتهم عن علي بن أبي طالب، بهذا الأثر.

وزاد الحارث وعاصم في آخره: أنه كان يقول في التكبير: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلّا الله، الله أكبر ولله الحمد.

وانظر ما سيأتي برقم (1128).

(1)

إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 314، وفي "فضائل الأوقات"(224) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسدد بن مسرهد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر 15/ 151 (757)، وابن أبي شيبة 2/ 167، ومن طريقه أبي المنذر في "الأوسط"(2193)، و (2201). وأخرجه الدولابي في "الكنى والأسماء"(687)، والبيهقي في "الكبرى" 3/ 314، والخطيب في "تاريخ بغداد" 2/ 51، وفي "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 428، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 8/ 123 من طريق إسحاق بن راهويه، والبيهقي 3/ 315 عن طريق محمد بن بشار، أربعتهم (مسدد وابن أبي شيبة وابن راهويه وبندار) عن يحيى بن سعيد القطان، به. زاد ابن أبي شيبة في آخره: لا يكبر في المغرب: الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر وأجل، الله أكبر ولله الحمد. ونحوه قال محمد بن بشار، ووقع عند بعضهم من رواية إسحاق بن راهويه في آخره: يكبر في العصر ويقطع في المغرب.

وأخرج ابن أبي شيبة 2/ 166، والبيهقي 3/ 313 من طريق شريك القاضي، وابن المنذر في "الأوسط"(2197) من طريق عتاب بن بشير، كلاهما عن خُصيف بن عبد الرحمن، عن =

ص: 76

وأما حديث عبد الله بن مسعود:

1127 -

فأخبرناه أبو يحيى أحمد بن محمد السَّمرقندي، حدثنا محمد بن نصر، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا هشيم، عن أبي جناب، عن عُمير بن سعيد قال: قَدِمَ علينا ابن مسعود، فكان يكبِّر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق

(1)

.

1128 -

فحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد، حدثنا أبي، قال: سمعتُ الأوزاعيَّ - وسُئِلَ عن التكبير يومَ عرفة - فقال: يُكبَّر من غَداةِ عرفة إلى آخرِ أيام التشريق، كما كبَّر عليٌّ وعبد الله

(2)

.

= عكرمة، عن ابن عباس: أنه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق. لفظ شريك، وأما لفظ عتاب: عن ابن عباس قال: يكبر الناس في الأمصار يوم عرفة عند الظهر إلى بعد العصر من آخر أيام التشريق. وهذا إسناد ضعيف، خصيف بن عبد الرحمن سيئ الحفظ، وشريك القاضي سيئ الحفظ أيضًا، ومتابعه عتاب بن بشير قال الإمام أحمد: أحاديثه عن خصيف منكرة. قلنا: وهذا منها، فالذي صحَّ عن ابن عباس - كما سبق - أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة وليس الظهر، والله أعلم.

(1)

إسناده ضعيف لضعف أبي جناب - وهو يحيى بن أبي حية الكلبي - وكثرة تدليسه، وقد اضطرب فيه أيضًا، فرواه هشيم عنه هنا عن عمير بن سعيد عن ابن مسعود، ورواه وكيع عنه عن عمير بن سعيد عن علي بن أبي طالب، أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 165.

لكن صحَّ هذا الأثر عن ابن مسعود من غير هذا الوجه:

فقد أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 165 و 167، وابن المنذر في "الأوسط"(2195) و (2199)، والطبراني في "الكبير"(9534) و (9538) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، عن الأسود بن يزيد النخعي، وابن أبي شيبة 2/ 165 عن ابن مهدي، عن سفيان، عن غيلان بن جامع، عن عمرو بن مرة، عن أبي وائل، والطبراني (9537) من طريق حجاج بن المنهال، عن شعبة، عن الحكم وحماد، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، ثلاثتهم عن عبد الله بن مسعود، به. زاد الأسود في آخره: يقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلّا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

(2)

إسناده إلى الأوزاعي - وهو عبد الرحمن بن عمرو - صحيح.

وانظر ما قبله، وما سلف برقم (1125).

ص: 77

1129 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن عيسى بن السَّكَن، حدثنا عبد الله بن مَسلَمة، حدثنا داود بن قيس، عن عِيَاض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخُدْري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفِطر فيصلي تَيْنِكَ الرَّكعتين، ثم يُسلِّم، ثم يقوم فيستقبلُ الناسَ وهم جلوسٌ، فيقول:"تَصدَّقُوا تَصدَّقُوا، تَصدَّقُوا"، قال: وكان أكثرَ من يتصدَّق النساءُ بالقُرْط والخاتَم

(1)

.

آخر كتاب العيدين

(1)

إسناده صحيح. وهو مكرر (1102).

ص: 78

‌من كتاب الوتر

1130 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب إملاءً، حدثنا محمد بن سِنَان القَزَّاز، حدثنا عبد الله بن حُمْرانَ

(1)

، حدثنا عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحَكَم، حدثني أبي جعفرُ بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي عَمْرة النَّجّاري، أنه سأل عُبادةَ بن الصامت عن الوتر، فقال: أمرٌ حسنٌ جميلٌ، عَمِلَ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم والمسلمون من بعده، وليس بواجب

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وله شواهد، فمنها:

1131 -

ما أخبرناه ميمون بن إسحاق الهاشميُّ ببغداد، حدثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدثنا أبو بكر بن عياش.

وحدثنا أبو محمد بن عبد الله المزنيُّ، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرميُّ، حدثنا أحمد بن يونس والعلاءُ بن عمرو الحنفيّ ومحمد بن يزيد الرِّفاعيّ وعبد الله بن سعيدٍ الكِنْدي، قالوا: حدثنا أبو بكر بن عياش، حدثنا أبو إسحاق، عن عاصم بن ضَمْرةَ، قال: قال عليٌّ: إِنَّ الوِتْر ليس بحَتْم كصلاتكم المكتوبة، ولكنَّ

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حمدان، والتصويب من "إتحاف المهرة" 6/ 437 ومصادر التخريج، وهو عبد الله بن حمران بن عبد الله بن حمران بن أبان القرشي.

(2)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد، محمد بن سنان القزاز حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وقد توبع وعبد الله بن حمران صدوق حسن الحديث، ومن فوقه ثقات.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 467، وفي "الصغرى"(755) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (1069) عن محمد بن بشار بندار، عن عبد الله بن حمران، به.

وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 292 من طريق محمد بن عمر الواقدي، عن عبد الحميد بن جعفر، به. والواقدي متكلَّم فيه.

ص: 79

رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتَرَ ثم قال: "يا أهلَ القرآن أوتِروا، فإنَّ الله وِترٌ يحبُّ الوترَ"

(1)

.

ومن الشواهد لهذا الحديث:

1132 -

ما حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أحمد بن يونس الضَّبِّي، حدثنا أبو بَدْر شُجاع بن الوليد، حدثنا يحيى بن أبي حَيَّة، عن عِكرمة، عن ابن عباس، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثٌ هنَّ عليَّ فرائضُ ولكم تطوُّع: النَّحْر، والوِتر، وركعتا الفجر"

(2)

.

(1)

إسناده قوي من أجل عاصم بن ضمرة. أحمد بن عبد الجبار: هو العطاردي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

وأخرجه ابن ماجه (1169)، والترمذي (453)، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "المسند" لأبيه 2/ (1262)، والنسائي (1388) من طرق عن أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد. واقتصر النسائي على المرفوع فقط. وقال الترمذي: حديث حسن.

وقول عليٍّ: إنَّ الوتر ليس بحتم

إلى آخره دون المرفوع من قول النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه أحمد 2/ (652) و (761) و (786) و (842) و (927)، والترمذي (454)، وعبد الله بن أحمد 2/ (1220) و (1232)، والنسائي (441) و (1389) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، به.

وأخرج المرفوع منه دون قول علي: أحمد 2/ (877)، وأبو داود (1416) من طريق زكريا بن أبي زائدة، وأحمد 2/ (1214) و (1225) و (1228)، والنسائي (440) من طريق منصور بن المعتمر، كلاهما عن أبي إسحاق، به.

وأخرج أحمد 2/ (969) من طريق الحجاج بن أرطاة، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن عليٍّ قال: سئل عن الوتر، أواجب هو؟ قال: إما كالفريضة فلا، ولكنها سنة صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى مضوا على ذلك.

ويشهد لقوله: "إنَّ الله وتريحب الوتر" حديث أبي هريرة عند البخاري (6410)، ومسلم (2677).

وفي باب قوله: "أوتروا يا أهل القرآن" عن ابن مسعود عند ابن ماجه (1170)، وإسناده ضعيف.

(2)

إسناده ضعيف لضعف يحيى بن أبي حية: وهو أبو جناب الكلبي.

وأخرجه أحمد 3/ (2050) عن شجاع بن الوليد، بهذا الإسناد.

وأخرج نحوه أيضًا (2065) و (2081) و (2916) و (2917) من طريق جابر بن يزيد الجعفي، =

ص: 80

قال الحاكم: الأصل في هذا حديثُ

(1)

الإيمان وسؤال الأعرابيِّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الصلوات الخمس: هل علي غيرُها؟ قال: "لا، إلّا أن تطوَّع"

(2)

.

وحديث سعيد بن يسار عن ابن عمر في الوتر على الراحلة

(3)

، وقد اتفق الشيخان على إخراجهما في "الصحيح".

1133 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا يحيى بن إسحاق السَّيْلَحِيني، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: "متى تُوتِر؟ " قال: أُوتِرُ قبل أن أنام، وقال لعمر:"متى تُوتِر؟ "، قال: أنام ثم أُوتِرُ، فقال لأبي بكر:"أخذتَ بالحَزْم - أو بالوَثِيقة -"، وقال لعمر:"أخذتَ بالقُوّة"

(4)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهد بإسناد صحيح:

= عن عكرمة، به. وجابر هذا أيضًا ضعيف، وقد اضطرب في متنه؛ فقال مرة:"أمرت بركعتي الضحى وبالوتر ولم يكتب"، وقال مرة:"أمرت بالأضحى" بدل ركعتي الضحى، وقال مرةً:"أمرت بركعتي الضحى ولم تؤمروا بها، وأمرت بالأضحى ولم تكتب" ولم يذكر الوتر.

(1)

في النسخ الخطية: الحديث، والأوجه ما أثبتناه.

(2)

يريد بحديث الإيمان حديث جبريل الطويل في سؤاله عن الإيمان والإسلام والإحسان، وهو من حديث عمر عند مسلم (8)، وأما حديث سؤال الأعرابي فهو عند البخاري (46) ومسلم (11) من حديث طلحة بن عبيد الله.

(3)

أخرجه البخاري (999)، ومسلم (700).

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (1434) عن محمد بن أحمد بن خلف، عن أبي زكريا يحيى بن إسحاق السيلحيني، بهذا الإسناد.

وفي الباب أيضًا عن جابر بن عبد الله عند أحمد 22/ (14323)، وابن ماجه (1202)، وإسناده حسن.

وعن عقبة بن عامر عند الطبراني في "الكبير" 17/ (838)، وإسناده ضعيف

ص: 81

1134 -

حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ حدثنا الحسين بن محمد بن زياد.

وحدثنا عليُّ بن عيسى، حدثنا الحسين بن إدريس الأنصاري؛ قالا: حدثنا محمد بن عبَّاد المكي

(1)

، حدثنا يحيى بن سُلَيم، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: "متى تُوتِرُ؟ "، قال: أُوتِر ثم أنام، قال:"بالحَزْم أخذتَ"، وسأل عمرَ قال:"متى تُوتِرُ؟ " قال: أنام ثم أقوم من الليل فأُوتر، قال:"فِعْلَ القويِّ فعلتَ"

(2)

.

1135 -

أخبرنا حمزة بن العباس العَقَبيُّ ببغداد، حدثنا العباس بن محمد الدُّوريّ، حدثنا أبو عامر العَقَديّ، حدثنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كَثير، قال: حدثني أبو نَضْرة، أنَّ أبا سعيدٍ الخُدْري أخبرهم: أنهم سألوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الوِتر، فقال:"أَوتِرُوا قبل الصُّبح"

(3)

.

(1)

زاد بعد هذا في (ز) و (ب): حدثنا يحيى بن سليمان، وهو خطأ، والتصويب من (ص) و (ع) و"إتحاف المهرة" 9/ 164، و"سنن البيهقي" 3/ 36 حيث أخرجه عن الحاكم نفسه، ثم من سائر مصادر التخريج.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، يحيى بن سليم - وهو الطائفي - في روايته عن عبيد الله بن عمر مقال، لكن يشهد له ما قبله. عبيد الله: هو ابن عمر العمري، ونافع. هو مولى ابن عمر.

وأخرجه ابن ماجه (1202 م)، وابن حبان (2446) من طرق عن محمد بن عباد المكي، بهذا الإسناد.

(3)

إسناده صحيح. أبو عامر العَقَدي: هو عبد الملك بن عمرو، وأبو نضرة: هو العبدي، واسمه: المنذر بن مالك بن قطعة.

وأخرجه أحمد 17/ (11302) عن أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 17/ (11001) و (11097) و 18/ (11675)، ومسلم (754)(161)، والنسائي في "المجتبى"(1683)، وفي "الكبرى"(1936) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به.

وانظر ما بعده، ما سيأتي برقم (1138).

ص: 82

تابعه معمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير:

1136 -

أخبرَناه أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا مَعمَر، عن يحيى بن أبي كَثير، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أَوتِروا قبلَ أن تُصبِحوا"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.

وله شاهد صحيح:

1137 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشاذ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ابن أبي زائدة، حدثني عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بادِرُوا الصُّبحَ بالوِتر"

(2)

.

1138 -

أخبرني عَبْدان بن يزيد الدَّقّاق بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين

(1)

إسناده صحيح. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي.

وأخرجه أحمد 17/ (11324)، ومسلم (754)(160)، وابن ماجه (1189)، والترمذي (468) من طريقين عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا، وعبيد الله بن عمر: هو العمري.

وأخرجه أبو داود (1436) عن هارون بن معروف، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 9/ (4952)، والترمذي (167)، وابن حبان (2445) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرج أحمد 8/ (4710)، و 10/ (5794)، والبخاري (998)، ومسلم (751)(151)، وأبو داود (1438) من طرق عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا".

وأخرج الحديث أحمد 9/ (1954)، ومسلم (750) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر. قال أحمد بن حنبل - كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (561) -: عاصم لم يرو عن عبد الله بن شقيق شيئًا، ولم يرو هذا إلّا ابن أبي زائدة، ولا أدري.

وانظر ما سيأتي برقم (1139).

ص: 83

الكِسَائي، حدثنا أبو سَلَمة موسى بن إسماعيل، حدثنا هشام بن أبي عبد الله، عن قتادة، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن أدرَكَ الصُّبحَ ولم يُوتِرْ، فلا وِترَ له"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ بإسناد صحيح:

1139 -

أخبرَنيه أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا محمد بن الفَرَج الأزرق، حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: حدثني سليمان بن موسى، حدثنا نافع: أنَّ ابن عمر كان يقول: من صلَّى الليل فليجعل آخرَ صلاته وِترًا، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرَ بذلك، فإذا كان الفجرُ فقد ذهب كلُّ صلاة الليلِ والوترُ، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أَوتِرُوا قبلَ الفَجْر"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطعة.

وأخرجه ابن حبان (2408) من طريق أبي داود الطيالسي، عن هشام الدستوائي، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (1135).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سليمان بن موسى، وهو الأشدق، ففيه كلام ينزله عن رتبة الصحيح. وبقية رجاله ثقات غير محمد بن الفرج أبي بكر الأزرق ففيه كلام أيضًا لكنه قد توبع. وقد رواه ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - مرة أخرى عن نافع عن ابن عمر، لم يذكر فيه سليمان بن موسى، وسليمان فيه من المزيد في متصل الأسانيد. حجاج بن محمد: هو المصيصي الأعور.

وأخرجه أحمد 10/ (6372)، والترمذي (469) من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وقرن أحمد بعبد الرزاق محمد بن بكر البرساني. ولفظ الترمذي مختصر:"إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر"، جعله كله مرفوعًا. قال الترمذي: وسليمان بن موسى قد تفرد به على هذا اللفظ.

قلنا: الذي انفرد به هو عبد الرزاق، وقد رواه غيره على الجادة فلم يرفع من الحديث إلّا قوله صلى الله عليه وسلم "أوتروا قبل الفجر"، وقد اختلف عليه، فقد رواه كرواية محمد بن بكر البرساني كما عند أحمد (6372)، ورواه مرة مرفوعًا كله كما عند الترمذي. =

ص: 84

1140 -

أخبرنا أبو النَّضْر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِميّ، حدثنا عثمان بن سعيد بن كَثِير بن دينار، حدثنا أبو غسان محمد بن مُطرِّف، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيدٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن وِتْرِه أو نَسِيَه، فليصلِّه إذا أصبَحَ أو ذَكَرَه"

(1)

.

= قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي: يحتمل أن يكون سليمان بن موسى وهمَ فأدخل الموقوف من كلام ابن عمر في المرفوع، ويحتمل أن يكون حفظ، وأنَّ ابن عمر كان يذكره مرة هكذا، ومرة كذا.

وأخرجه مسلم (751)(152) عن هارون بن عبد الله، عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر، مختصرًا بقول ابن عمر: من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترًا قبل الصبح، كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرهم. هكذا رواه ابن جريج عن نافع، لم يذكر فيه سليمان بن موسى.

وأخرجه أيضًا دون ذكر سليمان بن موسى: أحمد 10/ (6373) عن عبد الرزاق ومحمد بن بكر البرساني، عن ابن جريج، عن نافع، به.

وأخرجه أحمد 9/ (4971) عن محمد بن بشر، عن عبيد الله، عن نافع عن ابن عمر قال: ومن صلى من أول الليل فليجعل آخر صلاته وترًا، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك. هكذا ذكره مختصرًا، ولم يذكر المرفوع.

وأخرج البخاري (472) من طريق بشر بن المفصل، عن عبيد الله، به عن ابن عمر: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: ما ترى في صلاة الليل؟ قال: "مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى واحدة فأوترت له ما صلى"، وإنه كان يقول: اجعلوا آخر صلاتكم وترًا فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر به.

وأخرجه أحمد 10/ (6008)، ومسلم (751)(150)، والترمذي (437)، والنسائي (1395) من طريق الليث بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر. رواية مسلم والنسائي مختصرة بقول ابن عمر: من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترًا، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك. ولفظ روايتي أحمد والترمذي: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة واجعل آخر صلاتك وترًا".

وانظر ما سلف برقم (1137).

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (1431) عن محمد بن عوف، عن عثمان بن سعيد بن كثير، بهذا الإسناد. =

ص: 85

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1141 -

أخبرني أبو علي الحسين بن عليٍّ الحافظ، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب ومحمد بن إسحاق، قالا: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا الأوزاعيُّ، حدثني الزُّهري، عن عطاء بن يزيد اللَّيثي، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوِترُ حقٌّ، فمن شاء فليوتِرْ بخمسٍ، ومن شاء فليوتِرْ بثلاث، ومن شاء فليوتِرْ بواحدة"

(1)

.

= وأخرجه أحمد 17/ (11264)، وابن ماجه (1188)، والترمذي (465) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، به.

وأخرجه مرسلًا الترمذي (466) عن قتيبة، عن عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من نام عن وتره فليصل إذا أصبح".

قال الترمذي: وهذا أصح من الحديث الأول، سمعت أبا داود السجزي - يعني سليمان بن الأشعث - يقول: سألت أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، فقال: أخوه عبد الله لا بأس به. وسمعت محمدًا يذكر عن علي بن عبد الله أنه ضعَّف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

قلنا: لكن لم ينفرد عبد الرحمن بن زيد به، بل تابعه أبو غسان محمد بن مطرف كما عند الحاكم هنا، وهو ثقة.

(1)

إسناده صحيح، لكن اختلف في رفعه ووقفه، ورجح النسائي وابن أبي حاتم والدارقطني وقفه، وخالفهم ابن القطان الفاسي فرجَّح رفعه محمد بن إسحاق: هو ابن خزيمة صاحب التصانيف، ومحمد بن يحيى: هو الذهلي، ومحمد بن يوسف: هو الفريابي، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، والزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب.

وأخرجه ابن ماجه (1180) عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، عن محمد بن يوسف الفريابي، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (1045) من طريق الوليد بن مزيد، وابن حبان (2410) من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما عن عبد الرحمن الأوزاعي، به.

وأخرجه النسائي (442) من طريق دويد بن نافع، وابن حبان (2407) و (2411) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، كلاهما عن الزهري، به. زاد دويد في أوله:"ومن شاء أوتر بسبع"، وزاد يونس في آخره:"ومن شق عليه ذلك فليومئ إيماءً". =

ص: 86

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد تابعه محمد بن الوليد الزُّبيدي وسفيان بن عيينة وسفيان بن حسين ومعمر

= وقد تابع الأوزاعيَّ على رفعه - كما سيأتي في الروايات التالية عند الحاكم -: محمد بن الوليد الزبيدي، وسفيان بن حسين، وبكر بن وائل، واختلف فيه على معمر بن راشد وسفيان بن عيينة ويونس بن يزيد الأيلي كما ذكر الدارقطني في "العلل"(1005).

قلنا: أما من رفعه عن معمر فعدي بن الفضل، كما سيأتي عند الحاكم (1145)، وأما من وقفه عنه فحماد بن زيد وابن علية وعبد الأعلى وعبد الرزاق، لذلك قال الدارقطني: والذين وقفوه عن معمر أثبت ممن رفعه.

وأما سفيان بن عيينة فرفعه عنه محمد بن حسان الأزرق، كما سيأتي عند الحاكم (1143)، ووقفه عنه الحميدي وقتيبة بن سعيد وسعيد بن منصور، وهؤلاء أكثر وأوثق.

وأما يونس بن يزيد الأيلي فرواه عثمان بن عمر بن فارس العبدي عنه موقوفًا، وهو ثقة من رجال الشيخين، ورواه عبد الله بن وهب عنه واختلف عليه فيه.

من هنا يظهر معنى قول النسائي بإثر الحديث (1406): الموقوف أولى بالصواب.

وذكر ابن أبي حاتم في "العلل"(490) أنَّ عمر بن عبد الواحد قد رواه عن الأوزاعي، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلًا لم يذكر أبا أيوب. ثم قال: قلت لأبي: أيهما أصح: مرسل أو متصل؟ قال: لا هذا ولا هذا، هو من كلام أبي أيوب.

وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 351: وهذا رفعه قوم عن الزهري، ووقفه آخرون، وكلهم ثقة، فينبغي أن يكون القول فيه قول من رفعه، لأنه حفظ ما لم يحفظ واقفه!

قال البيهقي في "معرفة السنن والآثار" 4/ 62: يحتمل أن يكون أبو أيوب يرويه من فتياه مرةً، ومن روايته أخرى.

وانظر الأحاديث الستة التالية.

وفي باب الإيتار بواحدة عن ابن عمر، عند البخاري (473) و (990)، ومسلم (752).

وعن ابن عباس، عند مسلم (753).

وعن عائشة، عند مسلم (736).

وفي باب الإيتار بثلاث عن ابن عباس، عند أحمد 4/ (2714) و (2720)، وانظر تتمة تخريجه هناك.

وفي باب الإيتار بخمسٍ عن عائشة، عند مسلم (737)(123).

ص: 87

ابن راشد ومحمد بن إسحاق وبكر بن وائلٍ على رفعه.

أما حديث الزُّبيدي:

1142 -

فأخبرَناه أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد النَّحْويُّ ببغداد، حدثنا عبد الكريم بن الهيثم، حدثنا محمد بن عيسى بن الطَّباع، حدثنا يزيد بن يوسف الحِمْيري، حدثنا محمد بن الوليد الزُّبيدي، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوتر خمسٌ، أو ثلاثٌ، أو واحدةٌ"

(1)

.

وأما حديث سفيان بن عُيينة:

1143 -

فحدثناه أبو بكر محمد بن إسماعيل بن العباس المُستَمْلي، حدثني أبي، حدثنا محمد بن حسَّان الأزرق، حدثنا سفيان بن عُيينة، عن الزُّهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوِترُ حقٌّ، فمن شاء أوتَرَ بثلاث، ومن شاء أوتَرَ بخَمس، ومن أحبَّ أن يُوتِرَ بواحدةٍ فليُوتِرْ بواحدة"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، على خلاف في رفعه ووقفه كما سبق، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن يوسف الحِميَري، وهو الرحبي الصنعاني، وقد توبع.

وأخرجه الدارقطني (1642) عن إبراهيم بن دبيس الحداد، عن عبد الكريم بن الهيثم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني أيضًا (1642) من طريق محمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى بن الطباع، به.

وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 248 و 16/ 488 من طريق خالد بن مرداس، عن يزيد بن يوسف، به.

(2)

إسناده صحيح، لكن اختلف على سفيان بن عيينة في رفعه ووقفه، فرفعه محمد بن حسان الأزرق هنا، ووقفه غيره كما سيأتي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 195، وأخرجه النسائي (1406) عن الحارث بن مسكين، والطبراني في "الكبير"(3966) من طريق إبراهيم بن محمد، ثلاثتهم (ابن أبي شيبة والحارث وإبراهيم) عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب من قوله، ولم يرفعه. قال النسائي: والموقوف أولى بالصواب.

وزاد الدارقطني في "العلل"(1005) وقفه عن الحميدي وقتيبة وسعيد بن منصور عن سفيان. =

ص: 88

وأما حديث سفيان بن حسين:

1144 -

فأخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المَحْبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا سفيان بن حسين، عن الزُّهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوتِرْ بخَمْسٍ، فإن لم تستطع فبثلاثٍ، فإن لم تستطع فبواحدةٍ، فإن لم تستطع فأَوْمِ إيماءً"

(1)

.

وأما حديث معمر:

1145 -

فحدَّثَناه أبو عليٍّ الحافظ، حدثنا جعفر بن أحمد بن نصر، حدثنا يحيى بن الوَرْد، حدثنا أبي، حدثنا عديُّ بن الفَضْل، عن مَعمَر، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الوِترُ حقٌّ"، فذكره بنحوه

(2)

.

= وانظر (1141).

(1)

حديث صحيح، سفيان بن حسين في روايته عن الزهري مقال، لكنه متابع. سعيد بن مسعود: هو ابن عبد الرحمن المروزي.

وأخرجه أحمد 38/ (23545) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وقوله فيه: "فإن لم تستطع فأوم إيماءً" تابع سفيانَ بنَ حسين فيه عن الزهريِّ أشعثُ بنُ سوار عند الطبراني (3964)، وأشعث ضعيف، وليس في حديث غيرهما عن الزهري.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عدي بن الفضل، لكنه قد توبع، وقد اختلف فيه على معمر - وهو ابن راشد - في رفعه ووقفه. أبو علي الحافظ هو الحسين بن علي، ويحيى بن الورد: هو ابن عبد الله التميمي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.

وأخرجه الدارقطني (1646) عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج، عن يحيى بن الورد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 291، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 24، وفي "الصغرى"(779) من طريق وهيب بن خالد، عن معمر، به مرفوعًا.

وأخرجه عبد الرزاق (4633)، ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط"(2654)، عن معمر، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب قوله، ولم يرفعه.

وزاد الدارقطني من الذين وقفوه عن معمر: حماد بن زيد وابن علية وعبد الأعلى السامي، ثم =

ص: 89

وأما حديث محمد بن إسحاق:

1146 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن خالد بن خَلِيّ، حدثنا أحمد بن خالد الوَهْبيّ، حدثنا محمد بن إسحاق، عن الزُّهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب قال: الوترُ حقٌّ. فذكره موقوفًا على أبي أيوب

(1)

.

وأما حديث بكر بن وائل:

1147 -

فحدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرحمن بن المبارك، حدثنا قُريش بن حَيّان، عن بَكْر بن وائل، عن الزُّهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوتر حقٌّ"، فذكره بنحوه

(2)

.

قال الحاكم: لستُ أشكُّ أنَّ الشيخين تركا هذا الحديث لتوقيف بعض أصحاب الزُّهري إياه، هذا مما لا يُعلِّل مثلَ هذا الحديث، والله أعلم.

1148 -

حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا حاتم بن سالم البصري، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، عن خالد الحذَّاء، عن أبي قِلابة، عن أم الدَّرداء، عن أبي الدَّرداء قال: رُبَّما رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يوتِرُ وقد قام الناسُ لصلاة الصبح

(3)

.

= قال: والذين وقفوه عن معمر أثبت ممن رفعه. انظر "العلل"(1005).

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد فيه عنعنة محمد بن إسحاق، لكنه قد توبع، وقد اختلف على الزهري في رفعه ووقفه كما بينا ذلك فيما مضى برقم (1141).

وأخرجه موقوفًا الدارقطني (1647) من طريق يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (443) من طريق أبي مُعيد حفص بن غيلان، عن الزهري، به، موقوفًا أيضًا. وصحَّح النسائي وقفه.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل بكر بن وائل، وقد توبع.

وأخرجه أبو داود (1422) عن عبد الرحمن بن المبارك، بهذا الإسناد.

(3)

إسناده ضعيف، فقد انفرد به حاتم بن سالم - وهو أبو بشر القزاز الأعرجي - قال أبو حاتم =

ص: 90

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1149 -

حدثنا عبد الباقي بن قانع الحافظ، حدثنا زياد بن الخليل التُّستَري، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحِزامي، حدثنا محمد بن فُلَيح، عن أبيه، عن هلال بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي عَمْرة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أصبَحَ أحدُكم ولم يُوتِر فليُوتِر"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1150 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا طاهر بن عمرو بن الرَّبيع بن طارق.

وأخبرنا أبو يحيى أحمد بن محمد السَّمَرْقَندي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن

= كما في "الجرح والتعديل" لابنه: يتكلمون فيه، وقال ابن أبي حاتم: ترك أبو زرعة الرواية عنه ولم يقرأ علينا حديثه. قلنا: وقد خالف هنا ما روي عن أبي الدرداء بإسناد حسن أنه كان يقول: لا وتر لمن أدرك الصبح، كما سيأتي.

أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي، وأم الدرداء: هي الصغرى، واسمها هُجيمة، وقيل: جُهيمة.

وأخرجه البيهقي 2/ 479 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال بإثره: تفرد به حاتم بن سالم البصري، وحديث ابن جريج أصح من ذلك، والله أعلم.

وحديث ابن جريج الذي أشار إليه البيهقي، أخرجه أحمد 43/ (26058)، والطبراني في "الأوسط"(2132)، والبيهقي 2/ 479 من طريقين عن ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن أبي نَهيك عثمان بن نهيك: أنَّ أبا الدرداء كان يخطب الناس: أن لا وتر لمن أدرك الصبح، فانطلق رجال من المؤمنين إلى عائشة فأخبروها، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح فيوتر. وهذا إسناد حسن.

(1)

إسناده حسن، فليح - وهو ابن سليمان - والد محمد بن فليح، حديثه حسن في المتابعات والشواهد.

وأخرجه البيهقي 2/ 478 عن أبي عبد الله الحكم، بهذا الإسناد.

وله شاهد بإسناد صحيح، سلف برقم (1140) من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا أصبح أو ذكره".

ص: 91

نصر، حدثنا طاهر بن عمرو بن الرَّبيع بن طارق، حدثنا أبي، حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عِرَاك بن مالك، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُوتِروا بثلاثٍ تَشبَّهوا بصلاة المغرب، ولكن أوتِرُوا بخمسٍ، أو بسبعٍ، أو بتسعٍ، أو بإحدى عشْرةَ ركعة، أو أكثرَ من ذلك"

(1)

.

1151 -

حدَّثَناه أبو عليٍّ الحافظ، أخبرنا عبد الله بن سليمان، حدثنا أحمد بن

(1)

إسناده صحيح. وقد اختلف على عراك بن ملك في رفعه ووقفه، لكن قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" 2/ 14: رجاله كلهم ثقات، ولا يضر وقف من أوقفه. الليث: هو ابن سعد.

وأخرجه البيهقي 3/ 31 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 178، والبيهقي 3/ 31 من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب، به.

وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(2643) عن طاهر بن عمرو بن الربيع، به.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 292، والبيهقي 3/ 31 من طريق جعفر بن ربيعة، عن عراك بن مالك، عن أبي هريرة قوله، ولم يرفعه.

وانظر ما بعده.

قوله في هذا الحديث: "لا توتروا بثلاث" يعارضه في الظاهر حديث أبي أيوب السالف قريبًا: "الوتر حق، فمن شاء فليوتر بخمس، ومن شاء فليوتر بثلاث، ومن شاء فليوتر بواحدة"، وحديث عائشة الآتي قريبًا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يقعد إلّا في آخرهن.

والجواب على هذا الإشكال أن الوتر يُطلَق أحيانًا ويراد به صلاة الليل كلها مع الوتر المعروف المتبادر، فإذا قال: أوتر بخمس، يعني أنَّ صلاة الليل ركعتان بعدها الوتر ثلاث ركعات، فالنهي عن الوتر بثلاث في هذا الحديث يعني أن لا تقتصر عليها دون أن يكون قبلها صلاة ركعتين على الأقل، لذلك قال: أوتروا بخمس، يعني: ركعتين ثم ثلاثًا، ثم قال: أو بسبع، يعني: أربع ركعات ثم ثلاثًا، وهكذا. وهذا التأويل قاله إسحاق بن راهويه - فيما نقله عنه الترمذي بإثر حديث أم سلمة (457) في قولها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث عشرة، فلما كبر أو ضعف أوتر بسبع - قال إسحاق: معنى ما روي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث عشرة: أنه كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة مع الوتر، فنسبت صلاة الليل إلى الوتر. انتهى، لذلك قال الطحاوي 1/ 292 بإثر حديث أبي هريرة هذا: فقد يحتمل أن يكون كره إفراد الوتر حتى يكون منه شفع.

ص: 92

صالح، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثنا سليمان بن بلال، عن صالح بن كَيْسان، عن عبد الله بن الفَضْل، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن وعبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُوتِروا بثلاثٍ ولا تَشبَّهوا بصلاة المغرب، أوتِروا بخمسٍ، أو بسَبعٍ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1152 -

أخبرنا الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا الحسن بن عليِّ بن زياد، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن زُرَارةَ بن أَوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يُسلِّم في الركعتين الأُولَيَينِ من الوتر

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو علي الحافظ شيخ المصنف: هو الحسين بن علي، وعبد الله بن سليمان: هو ابن الأشعث السجستاني.

وأخرجه ابن حبان (2429) من طريق حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي (1404) من طريق بشر بن المفضل، عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد.

وروايتا عبد الوهاب وعيسى بن يونس فيها اختصار.

فقد أخرجه مطوّلًا أحمد 40/ (24269)، وأبو داود (1343)، والنسائي (1239)، وابن حبان (2441) من طريق يحيى بن سعيد القطان، ومسلم (746)، وأبو داود (1345) من طريق ابن أبي عدي، ومسلم (746)، وأبو داود (1344) وابن ماجه (1191) من طريق محمد بن بشر، والنسائي (424) و (1412) و (1418) من طريق خالد بن الحارث، أربعتهم عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وفيه: أنه كان يصلي تسع ركعات لا يجلس إلّا في الثامنة، ثم ينهض ولا يسلم، ويصلي التاسعة، ثم يسلم تسليمًا يُسمعنا، ثم يصلي ركعتين وهو قاعد بعدما يسلم، فتلك إحدى عشرة، فلما أسنَّ وأخذ اللحم صلى سبع ركعات لا يقعد إلّا في آخرهن، وصلَّى ركعتين وهو قاعد بعدما يسلم، فتلك تسع. =

ص: 93

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وله شواهد، فمنها:

1153 -

ما أخبرَناه أبو نصر أحمد بن سَهْل الفقيه ببُخارى، حدثنا صالح بن محمد بن حَبِيب الحافظ، حدثنا شَيبان بن أبي شَيبة، حدثنا أبان، عن قتادة، عن زُرَارة بن أَوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُوتِر بثلاثٍ لا يقعدُ إلا في آخرِهنَّ

(1)

.

= وأخرجه كذلك أبو داود (1342) من طريق همام بن يحيى، ومسلم (746)، وابن حبان (2442) من طريق هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وأحمد 42/ (25347)، ومسلم (746)، والنسائي (448) من طريق معمر بن راشد، ثلاثتهم عن قتادة، به.

وأخرجه أبو داود (1349) من طريق بهز بن حكيم، عن زرارة بن أوفى، به.

وأخرجه أحمد 42/ (25987)، وأبو داود (1346) و (1347) و (1348) من طريق بهز بن حكيم أيضًا عن زرارة بن أوفى، عن عائشة، لم يذكر فيه سعد بن هشام، وهذا وهم من بهز بن حكيم، فقد أثبته مرة وأسقطه أخرى، لذلك قال المزي في "تهذيب الكمال" 9/ 340: المحفوظ أنَّ بينهما سعد بن هشام.

وأخرجه أيضًا أحمد 41/ (24658) و 43/ (25986)، وأبو داود (1352)، والنسائي (422) و (423) و (449) و (1414) و (1415) و (1419) و (1420) من طريق الحسن البصري، عن سعد بن هشام، به.

وانظر ما بعده.

وفي باب الإيتار بثلاث ركعات عن أبي أيوب الأنصاري، سلف برقم (1141)، فلينظر.

(1)

إسناده قوي من أجل شيبان بن أبي شيبة: وهو شيبان بن فروخ، لكن أعلَّ البيهقي هذا الحديث بهذا اللفظ من هذه الطريق، بأنَّ حديث سعد بن هشام في وتر النبي صلى الله عليه وسلم بتسع ثم بسبع. أبان: هو ابن يزيد العطار.

وأخرجه البيهقي 3/ 28 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وقال بإثره: كذا في هذه الرواية وقد روينا في حديث سعد بن هشام وتر النبي صلى الله عليه وسلم بتسع ثم بسبع. ثم قال: ورواية أبان خطأ، والله أعلم.

قلنا: لكن يشهد لها بهذا اللفظ حديث أُبي بن كعب عند النسائي (446)، وسيأتي بمعناه عند =

ص: 94

وهذا وِترُ أمير المؤمنين عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه، وعنه أخذه أهلُ المدينة:

1154 -

أخبرنا أحمد بن محمد بن صالح السَّمَرقَنديُّ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن نَصْر، حدثنا أبو جعفر الدَّارِمي، حدثنا حَبّان بن هلال، حدثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا حَبيبٌ المعلِّم، قال: قيل للحسن: إنَّ ابن عمر كان يُسلِّم في الركعتين من الوِتْر، فقال: كان عمرُ أفقَهَ منه، كان ينهضُ في الثالثة بالتكبير

(1)

.

1155 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل، حدثنا مسلم بن إبراهيم وسليمانُ بن حرب، قالا: حدثنا جرير بن حازم، عن قيس بن سعد، عن عطاء: أنه كان يُوتِر بثلاثٍ لا يجلس فيهنَّ ولا يتشهدُ إلّا في آخرِهنَّ

(2)

.

1156 -

أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا سعيد بن عُفَير، حدثنا يحيى بن أيوب، عن يحيى بن سعيد، عن عَمْرةَ بنت عبد الرحمن، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين التي يُوتِر بعدهما بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، ويقرأ في الوتر بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}

(3)

.

= المصنف برقم (3053).

(1)

إسناده قوي من أجل حبيب المعلم. محمد بن نصر: هو المروزي، وأبو جعفر الدارمي: هو أحمد بن سعيد بن صخر.

وأخرجه البيهقي 3/ 29 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، أبو محمد المكي.

وأخرجه البيهقي 3/ 455 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

(3)

إسناده حسن من أجل يحيى بن أيوب - وهو الغافقي - فهو حسن الحديث إذا لم يأت بما ينكر. سعيد بن عفير: هو سعيد بن كثير بن عفير، نسب إلى جده، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه ابن حبان (2432) من طريق محمد بن عمرو الغزي، عن سعيد بن عفير بهذا الإسناد.

وسيأتي من طريق يحيى بن أيوب بالأرقام (1157) و (3964) و (3966).

ومن طريق عبد العزيز بن جريج والد عبد الملك عن عائشة برقم (3965). =

ص: 95

تابعه سعيدُ بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب:

1157 -

حدَّثَناه أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا أبو إسماعيل السُّلَمي.

وحدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني؛ قالا: حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا يحيى بن أيوب، عن يحيى بن سعيد، عن عَمْرةَ، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُوتِر بثلاثٍ، يقرأ في الركعة الأولى بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، وفي الثانية:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وفي الثالثة:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وسعيد بن عُفَير إمام أهل مصر بلا مدافَعة، وقد أتى بالحديث مفسَّرًا مصلَّحًا دالًّا على أنَّ الركعة التي هي الوتر بائنةٌ غيرُ الركعتين اللتين قبلها.

1158 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا أبو عمر، أخبرنا هَمَّام، حدثنا هشام بن عُروة، حدثني أبي، أنَّ عائشة حدثته: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُوتِر بخَمْس رَكَعاتٍ، ولا يَجلِسُ إلّا في الخامسة، ولا يُسلِّم إلا في الخامسة

(2)

.

= قلنا: وهذا الحديث لا يتعارض مع حديثي ابن عباس وأُبي بن كعب اللذين رواهما أصحاب "السنن" وغيرهم ولم يذكرا فيهما المعوذتين، فإن هذا من باب التنوّع في القراءة وتعدّد الأحوال في الصلاة، والله تعالى أعلم. وانظر تعليقنا على هذا الحديث في عملنا على "سنن ابن ماجه" برقم (1173).

(1)

إسناده حسن كسابقه. أبو إسماعيل السلمي: هو محمد بن إسماعيل.

(2)

إسناده صحيح. أبو بكر بن إسحاق: اسمه أحمد، ومحمد بن أيوب: هو ابن يحيى بن الضُّريس، وأبو عمر: هو الحَوضي، واسمه حفص بن عمر بن الحارث بن سخبرة، وهمام: هو ابن يحيى بن دينار العوذي.

وأخرجه أحمد 41/ (24921) عن عفان عن همام بن يحيى، بهذا الإسناد. ولفظه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقد، فإذا استيقظ تسوّك ثم توضأ، ثم صلى ثمان ركعات يجلس في كل ركعتين، فيسلم، ثم يوتر بخمس ركعات لا يجلس إلّا في الحاجة، ولا يسلِّم إلّا في الخامسة.

وأخرجه أحمد 40/ (24239) و (24357) و 42/ (25286) و (25702) و 43/ (25936) =

ص: 96

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1159 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامِريّ، حدثنا زيد بن الحُباب، حدثنا أبو المُنِيب عُبيد الله بن عبد الله، حدثني عبد الله بن بُرَيدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوِترُ حقٌّ، فمن لم يُوتِرْ فليس مِنَّا"

(1)

.

1160 -

أخبرَناه الحسن بن حَلِيم المروزي، أخبرنا أبو المُوجِّه، حدثنا يوسف بن عيسى، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا عُبيد الله

(2)

بن عبد الله العَتَكي، فذكره بنحوه

(3)

.

= و (26358)، ومسلم (737)(123)، وأبو داود (1338)، والترمذي (459)، والنسائي (420) و (434) و (1411) و (1424)، وابن حبان (2437 - 2440) من طرق عن هشام بن عروة، به. زاد بعضهم في أوله: كان يصلى من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر بخمس

إلى آخره. وزاد الترمذي في آخره: فإذا أذَّن المؤذن قام فصلى ركعتين خفيفتين.

وأخرج أحمد 43/ (26358)، وأبو داود (1359) من طريق محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة بركعتين بعد الفجر، قبل الصبح إحدى عشرة ركعة من الليل، ست منهن مثنى مثنى، ويوتر بخمس لا يقعد فيهن.

قال الترمذي: وقد رأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم الوتر بخمس، وقالوا: لا يجلس في شيء منهن إلّا في آخرهن.

(1)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل أبي المنيب.

وأخرجه البيهقي 2/ 469 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 297 عن زيد بن الحباب، به. وانظر ما بعده.

ويشهد لقوله: "الوتر حق" حديث أبي أيوب السالف برقم (1141) بإسناد صحيح.

ويشهد لقوله: "من لم يوتر فليس منا" حديث أبي هريرة عند أحمد في "المسند"(9717)، وإسناده ضعيف.

(2)

تحرف في النسخ الخطية إلى: عبد الله، مكبرًا.

(3)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد كسابقه. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري، =

ص: 97

هذا حديث صحيح، وأبو المُنِيب العَتَكي مروزيٌّ ثقة يُجمَع حديثه، ولم يُخرجاه.

1161 -

حدثنا عليُّ بن حَمْشاذَ العدلُ، حدثنا أبو المثنَّى، حدثنا أبو الوليد الطيالسي.

وأخبرنا أحمد بن سَهْل الفقيه ببُخارى، حدثنا قيس بن أُنيف، حدثنا قُتيبةُ بن سعيد؛ قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن راشد الزَّوْفي، عن عبد الله بن أبي مُرَّة الزَّوفي، عن خارجة بن حُذَافة العَدَوي، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنَّ الله قد أمدَّكم بصلاةٍ هي خيرٌ لكم من حُمْر النَّعَم، وهي الوِترُ، فجعلها لكم فيما بين صلاةِ العِشاء إلى صلاة الفجر"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، رواته مَدنيُّون ومِصريُّون، ولم يتركاه إلّا لما قدمتُ ذكره من تفرد التابعي عن الصحابي

(2)

.

= ويوسف بن عيسى: هو ابن دينار المروزي، والفضل بن موسى: هو السِّيناني.

وأخرجه أحمد 38/ (23019)، وأبو داود (1419) من طريقين عن الفضل بن موسى، بهذا الإسناد. ووقع عندهما أنه كررها ثلاثًا.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن راشد وعبد الله بن أبي مرة الزَّوفيان في عداد المجاهيل، ثم هو منقطع، فلا يعرف لهما سماع من بعضهما كما قال البخاري. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى.

وأخرجه أبو داود (1418) عن أبي الوليد الطيالسي وقتيبة بن سعيد بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (452) عن قتيبة بن سعيد وحده، به. وقال: حديث غريب لا يعرف إلّا من حديث يزيد بن أبي حبيب.

وأخرجه أحمد 39/ (24009/ 9)، وابن ماجه (1168) من طريقين عن الليث بن سعد، به.

وأخرجه أحمد (24009/ 8 و 10) من طريق محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، به.

ويشهد له حديث أبي بصرة الغفاري الآتي في "المستدرك"(6658)، وهو صحيح.

وله شواهد أخرى بأسانيد ضعيفة ذكرناها في "مسند أحمد" عند حديث عبد الله بن عمرو برقم (6693).

(2)

انظر تعليقنا على هذه المسألة عند الحديث السالف برقم (97).

ص: 98

1162 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مُرّة، عن يحيى بن الجزار، عن أم سلمة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُوتِر بثلاثَ عشْرةَ، فلما كَبِرَ وضَعُفَ أوتَرَ بسَبع

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد صحَّ وِترُ النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثَ عشرةَ، وإحدى عشرةَ، وتسعٍ وسبعٍ وخمسٍ وثلاثٍ وواحدةٍ، وأصحُّها وِترُه صلى الله عليه وسلم بركعة واحدة

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، إلّا أنَّ فيه اضطرابًا في سنده ومتنه، قال الأثرم - فيما نقله عنه الحافظ ابن رجب في "فتح الباري" 9/ 136 - : اضطرب الأعمش في إسناده ومتنه، ويحيى بن الجزار لم يلق عائشة ولا أم سلمة.

عبد الله بن محمد بن موسى: هو ابن كعب الكعبي، وإسماعيل بن قتيبة: هو ابن عبد الرحمن السلمي، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران.

وأخرجه أحمد 44/ (26738)، وأخرجه الترمذي (457)، والنسائي (428) و (1349) عن هناد بن السري، كلاهما (أحمد وهناد) عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. ووقع عند النسائي: فلما كبر وضعف أوتر بتسع. وقال الترمذي: حديث حسن.

وخالف أبا معاوية محمدُ بنُ فضيل عند أحمد 40/ (24042)، وأبو الأحوص عند النسائي (427) و (1353)، وزائدة بن قدامة عنده (1350)، وأبو عوانة الوضاح اليشكري عنده أيضًا (1354)، فرووه عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن يحيى بن الجزار، عن عائشة. ووقع عندهم: أنه صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع فلما أسن وثقل أوتر بسبع.

وخالفهم علي بن مسهر - كما ذكر الدارقطني في "العلل"(3697) - فرواه عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن عائشة. ورجح الدارقطني رواية ابن فضيل ومن تابعه على رواية علي بن مسهر، والله أعلم.

(2)

وذلك لما سبق في المقصود بمعنى الوتر، حيث أطلق بعضهم الوتر على صلاة الليل كلها.

ونقل البيهقي في "معرفة السن والآثار" 4/ 66 بعد أن أورد الروايات المختلفة في عدد الوتر، نقل عن الربيع بن سليمان قال: قلت للشافعي: فما معنى هذا؟ قال: هذا نافلة تَسَعُ أن يوتر بواحدة وأكثر. ثم قال أحمدُ البيهقي: هذا هو الطريق عند أهل العلم في أحاديث الثقات أن يؤخذ =

ص: 99

1163 -

أخبرنا أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن هشام بن عمرو الفَزَاري - قال الدارمي: وهو أقدمُ شيخٍ لحماد بن سَلَمة - عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن علي بن أبي طالب: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وِترِه: "اللهم إني أعوذُ برِضاكَ من سَخَطِك، وبمعافاتك من عُقوبتِك، وأعوذُ بكَ منك، لا أُحصِي ثناءً عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك"

(1)

.

= بجميعها إذا أمكن الأخذ به. ثم قال البيهقي: ووتر النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن في عمرِه مرةً واحدة، حتى إذا اختلفت الروايات في كيفيتها كانت متضادة، والأشبه أنه كان يفعلها على ممر الأوقات على الوجوه التي رواها هؤلاء الثقات، فنأخذ بالجميع كما قال الشافعي رحمه الله

(1)

إسناده صحيح، هشام بن عمرو الفزاري - وإن تفرد بالرواية عنه حماد - وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم ويعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في "الثقات" ولم يؤثر عن أحد جرحه.

وأخرجه أبو داود (1427) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/ (751) و (957)، وابن ماجه (1179)، والترمذي (3566)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" لأبيه 2/ (1295)، والنسائي (1448) و (7705) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن غريب.

وأخرج النسائي (1661) عن علي بن حُجر، عن إسماعيل بن جعفر، عن يزيد بن عبد الله بن خُصيفة، عن إبراهيم بن عبد الله بن عبدٍ القاري، عن علي بن أبي طالب قال: بتُّ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فكنت أسمعه إذا فرغ من صلاته وتبوأ مضجعه يقول: "اللهم إني أعوذ بمعافاتك من عقوبتك

" فذكر نحوه. وإبراهيم بن عبد الله بن عبد القاري روايته عن علي بن أبي طالب مرسلة.

ثم أعاده النسائي (10662) عن محمد بن عبد الرحيم البرقي، عن يحيى بن حسان، عن إسماعيل بن جعفر، عن يزيد بن خصيفة، عن عبد الله بن عبد القاري، عن علي، نحوه. وعبد الله بن عبد القاري له رؤية.

وفي الباب عن عائشة قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان معي على فراشي، فوجدته ساجدًا راصًّا عقبيه، مستقبلًا بأطراف أصابعه القبلة، فسمعته يقول

فذكرت نحو هذا الدعاء. وسلف عند المصنف برقم (928)، وإسناده حسن. =

ص: 100

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

آخر كتاب الوتر

= وعن صهيب: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقولهن عند انصرافه من صلاته، يعني: "اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة، وأصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي، اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من نقمتك، وأعوذ بك منك

" أخرجه النسائي (1270) و (9888)، وابن حبان (2026).

ص: 101

‌من كتاب صلاة التطوع

1164 -

أخبرنا الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد بن أبي عَرُوبة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعيّ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يحيى - وهو ابن سعيد - عن سعيد.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المُثنَّى، حدثنا مُسَدَّد، حدثنا يزيد ابن زُرَيع، حدثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن زُرَارةَ بن أَوفى، عن سَعْد بن هشام، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ركعتا الفجرِ خيرٌ من الدنيا جميعًا"

(1)

.

وفي حديث يزيد بن زُرَيع: "خيرٌ من الدنيا وما فيها".

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

(1)

إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو القطان، وأبو المثنى: هو معاذ بن المثنى.

وأخرجه أحمد 43/ (26286) عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، بهذا الإسناد.

وهو في "مسند أحمد" أيضًا 40/ (24241) عن يحيى بن سعيد القطان.

وأخرجه النسائي (458)، وابن حبان (2458) من طريقين آخرين عن يحيى القطان، به. وقرنوا جميعًا بيحيى القطان: سليمان بن طرخان التيمي.

وأخرجه مسلم - كما في "تحفة الأشراف"(16106) - من طريق محمد بن بكر البرساني، والنسائي (1456) من طريق عبدة بن سليمان، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، به.

وأخرجه أحمد 42/ (25165)، ومسلم (725)(96) و (97)، والترمذي (416) من طرق عن قتادة، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرج أحمد 40/ (24167) و (24271) و 42/ (25364)، والبخاري (1169)، ومسلم (724)(94) و (95)، وأبو داود (1254)، والنسائي (456)، وابن حبان (2456) و (2457) من طريق عبيد بن عمير، عن عائشة قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد منه تعاهدًا على ركعتي الفجر.

وبنحوه أخرجه أحمد 42/ (25327) من طريق سعيد بن جبير، عن عائشة.

ص: 102

1165 -

حدثنا أبو النَّضْر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا تمِيم بن محمد، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا أبو خالد الأحمَر، حدثنا عثمان بن حَكيم، عن سعيد بن يَسَار، عن ابن عباسٍ قال: أكثرُ ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في رَكعتَي الفجر: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ} إلى آخر الآية [البقرة: 136]، وفي الركعة الثانية:{قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} إلى قوله: {اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64]

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

1166 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي، حدثنا أبو قِلَابة، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا همَّام، عن قتادة، عن النَّضْر بن أنس، عن بَشِير بن نَهِيك، عن أبي هريرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من نَسِي ركعتَي الفجر فليُصلِّهما إذا طَلَعَتِ الشمس"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي خالد الأحمر: وهو سليمان بن حيان.

وأخرجه مسلم (727)(100) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 3/ (2038) و (2045)، ومسلم (727)(99) و (100)، وأبو داود (1259)، والنسائي (1018) و (11093) من طرق عن عثمان بن حكيم، به.

(2)

ضعيف بهذه السياقة، عمرو بن عاصم وثقه ابن سعد، وقال النسائي: لا بأس به، وقال أبو داود: لا أنشط لحديثه، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق في حفظه شيء. قلنا: وهو وإن كان من رجال الشيخين إلا أنه قد خالفه الثقات في هذا الحديث، فقد رواه بهز بن أسد وعبد الصمد بن عبد الوارث ومحمد بن سنان العوقي - وهم ثقات أثبات حجة - عن همام بهذا الإسناد بلفظ:"من صلى ركعة من الصبح ثم طلعت الشمس فليصل الصبح" وقال بعضهم: "فليصل إليها أخرى"، وقال بعضهم:"فليتم صلاته". وقد سلف في "المستدرك"(1026) من رواية محمد بن سنان العوقي عن همام، انظر تخريجه هناك.

أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد الرقاشي، وهمام: هو ابن يحيى العوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.

وأخرجه المصنف فيما سلف برقم (1028) من طريق عباد بن الوليد الغبري، والترمذي (423) =

ص: 103

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1167 -

أخبرنا أبو الحسن عليُّ بن عيسى بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن نَجْدَة القُرَشي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا وكيع، حدثنا صالح بن رُسْتُم.

وحدثنا أبو علي الحسين بن عليٍّ الحافظ - واللفظ له - حدثنا عبد الله بن محمد بن محمود المروزي، حدثنا أبو عمَّار، حدثنا النَّضْر بن شُمَيل، عن أبي عامر الخزَّاز، عن ابن أبي مُلَيكةَ، عن ابن عباس، قال: أُقيمتِ الصلاةُ، فقمتُ أصلِّي الركعتين، فجَذَبني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:"أتُصلِّي الصبحَ أربعًا؟ "

(1)

.

= عن عقبة بن مكرم العمي، وابن حبان (2472) من طريق عبد القدوس بن محمد الحبحابي، ثلاثتهم عن عمرو بن عاصم، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه

ثم قال: والمعروف من حديث قتادة، عن النصر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح".

قلنا: وكنا قد صححنا حديث عمرو بن عاصم هذا في "جامع الترمذي" و"صحيح ابن حبان" فيستدرك من هنا، ولا يشهد له ما رواه ابن ماجه (1155)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4142)، وابن حبان (2652) من طريق مروان بن معاوية، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نام عن ركعتي الفجر، فقضاهما بعدما طلعت الشمس. فهذه مسألة أخرى، فهذا مختصر من حديث طويل في قصة نوم النبي صلى الله عليه وسلم عن الفجر حتى أيقظه حرُّ الشمس، قال أبو حاتم الرازي كما في "العلل" لابنه 2/ 103 (244): غَلِطَ مروانُ في اختصاره، إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فقال لبلال:"من يكلؤنا الليلة" فقال: أنا، فغلبه النوم حتى طلعت الشمس، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلعت الشمس، فأمر بلالًا أن يؤذن، وأمر الناس أن يصلوا ركعتي الفجر، ثم صلى بهم الفجر. قال أبو حاتم: فقد صلى السنة والفريضة بعد طلوع الفجر.

وانظر لزامًا كلام الطحاوي في هذه المسألة في "شرح مشكل الآثار": باب بيان مشكل ما روي في رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن يفوته أن يصلي ركعتي الفجر، أيصليهما عقيبًا لها أم بعد ذلك؟ الأحاديث (4137 - 4142).

(1)

إسناده من جهة وكيع حسنٌ، بسبب صالح بن رستم أبي عامر الخزاز، ففيه كلام ينزله عن رتبة الصحيح. أما من جهة النضر بن شميل ففيه عبد الله بن محمد بن محمود، لم نتبينه ولم =

ص: 104

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1168 -

أخبرنا أبو الفَضْل محمد بن إبراهيم المزكِّي، حدثنا أحمد بن سَلَمة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جريرٌ، عن عبد الملك بن عُمَير، عن محمد بن المُنتَشِر، عن حُمَيد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة يَرفعُه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أنه سُئِلَ: أيُّ الصلاة أفضلُ بعد المكتوبة؟ وأيُّ الصيام أفضلُ بعد شهر رمضان؟ فقال: "أفضلُ الصَّلاة بعد المكتوبة الصَّلاةُ في جوف الليل، وأفضلُ الصِّيام بعد شهرُ رمضان شهرُ الله المحرَّمُ"

(1)

.

= نقع له على ترجمة، إلّا أن تكون لفظة "بن محمد" مقحمة هنا - وهو الغالب على الظن - فيكون حينئذ هو عبد الله بن محمود السعدي المروزي، فقد روى عن الحسين بن حريث عند البيهقي في "الزهد"(365)، وروى عنه أبو علي الحسين بن علي الحافظ عند البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 15، والخطيب في "تاريخه" 15/ 516، وذكر له الذهبي ترجمة في "تاريخ الإسلام" 7/ 240، وفي "السير" 14/ 399، ونقل عن أبي عبد الله الحاكم أنه قال فيه: ثقة مأمون. والله تعالى أعلم.

أبو عمار: هو الحسين بن حريث، وابن أبي مليكة: اسمه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة.

وأخرجه أحمد 5/ (3329) عن وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/ (2130) عن يزيد بن هارون، وابن حبان (2469) من طريق عثمان بن عمر، كلاهما عن صالح بن رستم، به. ووقع عند أحمد أنَّ المصلي رجلٌ وليس ابن عباس، وإنما يروي ذلك ابن عباس.

وفي الباب عن ابن بُحينة عند البخاري (663)، ومسلم (711): أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم لاث به الناس، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الصبحَ أربعًا؟! الصبحَ أربعًا؟! ".

وانظر حديث قيس بن قهد السالف برقم (1030).

(1)

إسناده صحيح. أحمد بن سلمة: هو ابن عبد الله النيسابوري، وإسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه، وجرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه مسلم (1163)(203) عن زهير بن حرب، والنسائي (2917) عن محمد بن قدامة، كلاهما عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. ورواية ابن قدامة مختصرة بقصة الصيام. =

ص: 105

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1169 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد، حدثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن رَبِيعة بن يزيد

(1)

، عن أبي إدريس الخَوْلاني، عن أبي أمامة الباهلي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"عليكم بقِيام الليل، فإنه دَأْبُ الصالحين قبلَكم، وهو قُرْبةٌ لكم إلى ربِّكم، ومَكْفَرةٌ للسيئات، ومَنْهاةٌ عن الإثم"

(2)

.

= واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 13/ (8026) و 14/ (8358) و (8507) و 16/ (10915)، ومسلم (1163)(203)، وابن ماجه (1742)، والنسائي (2918)، وابن حبان (2563) من طريقين عن عبد الملك بن عمير، به. روايتا مسلم وابن ماجه مختصرتان بقصة الصيام.

وأخرجه تامًا ومختصرًا أحمد 14/ (8534)، ومسلم (1163)(202)، وأبو داود (2429)، والترمذي (438) و (740)، والنسائي (1314) و (2919)، وابن حبان (3636) من طريق أبي بشر جعفر بن أبي وحشية، عن حميد بن عبد الرحمن، به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه النسائي (1315) من طريق شعبة، عن أبي بشر، عن حميد بن عبد الرحمن مرسلًا. قال الدارقطني في "العلل" (1656): ورفعُه صحيح.

(1)

في النسخ الخطية وكذا في "تلخيص الذهبي": ثور بن يزيد، وهو خطأ يقينًا، فقد روى هذا الحديث البيهقي في "سننه" 2/ 502 عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده ومتنه، وجاء عنده على الصواب: ربيعة، وكذلك هو عند الترمذي وغيره من المخرِّجين. ثم إن ثور بن يزيد لم يدرك أبا إدريس، وُلد بعد وفاته.

(2)

إسناده ضعيف، عبد الله بن صالح - وهو أبو صالح المصري كاتب الليث - سيئ الحفظ، وقال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه (346): هو حديث منكر، لم يروه غير معاوية، وأظنه من حديث محمد بن سعيد الشامي الأزدي، فإنه يروي هذا الحديث هو بإسناد آخر. قلنا: ومحمد بن سعيد الشامي هو القرشي المصلوب، وهو كذاب يضع الحديث، وسيأتي تخريج الحديث من طريقه بعد قليل. أبو إدريس الخولاني: هو عائذ الله بن عبد الله بن عمرو.

وأخرجه الترمذي (3549 م) عن محمد بن إسماعيل السلمي، بهذا الإسناد. قال الترمذي: وهذا أصح من حديث أبي إدريس عن بلال. =

ص: 106

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1170 -

أخبرني أبو تُراب أحمد بن محمد المذكِّر بالنَّوْقان، حدثنا تَمِيم بن محمد، حدثنا محمد بن أسلَم الزاهد، حدثنا مُؤمَّل بن إسماعيل، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا ثابت، عن أنس قال: وَجَدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ ليلة شيئًا، فلما أصبح قيل: يا رسول الله، إن أثَرَ الوجَع عليك لبيِّنٌ، قال: "أَمَا إنِّي على

(1)

ما تَرَون، بحمد الله قد قرأتُ السَّبعَ الطِّوال"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1171 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، قال: سمعتُ يزيد بن خُمَير يقول: سمعتُ عبد الله بن أبي

= قلنا: أما حديث أبي إدريس عن بلال، فقد أخرجه الترمذي بإثر الحديث (3549) من طريق بكر بن خنيس، عن محمد القرشي - وهو محمد بن سعيد المصلوب - عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن بلال، رفعه. وقال الترمذي بإثره: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث بلال إلّا من هذا الوجه، ولا يصح من قبل إسناده.

وقول الترمذي في حديث الخولاني عن أبي أمامة: وهذا أصح من حديث أبي إدريس عن بلال، لا يعني أنه أراد صحته، وإنما أراد الصحة النسبية، أي: أنه أرجح، وإلّا فهو ضعيف كما سلف، والله أعلم.

(1)

في (ز) و (ب): إني إنما أثر علي، وفي (ص) و (ع) نحوه بإسقاط لفظ "إني"، وكل ذلك تحريف، والتصويب من "شعب الإيمان" للبيهقي (2204) حيث رواه عن المصنف بإسناده ومتنه، ووقع في المطبوع منه: حدثنا تميم بن محمد بن أسلم الزاهد، وهو خطأ، فهو من رواية تميم بن محمد - وهو ابن طُمغاج الطوسي - عن محمد بن أسلم الطوسي الزاهد.

(2)

إسناده ضعيف، مؤمل بن إسماعيل اتفق أكثر النقاد على أنه سيئ الحفظ كثير الخطأ، وقال البخاري: منكر الحديث. قلنا: وعلى هذا فإنه ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد تفرد في هذا الحديث.

وأخرجه ابن حبان (319) من طريق الحسن بن الصباح البزار، عن مؤمل بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

ص: 107

قيس يقول: قالت لي عائشة: لا تَدَعْ قيام الليل، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يَذَرُه، وكان إذا مَرِض أو كَسِل صلَّى قاعدًا

(1)

.

1172 -

وأخبرنا الحسين بن علي، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا بِشْر بن خالد العَسْكري، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، فذكره بمثله: الإسنادَ والمتنَ جميعًا

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1173 -

أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله السُّنِّي بمَرْو، حدثنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا أبو حمزة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حافَظَ على هؤلاء الصَّلواتِ المكتوبات، لم يُكتَب من الغافلين، ومن قرأ في ليلةٍ منة آيةٍ كُتب من القانتين"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي.

وأخرجه أحمد 43/ (26114). وأخرجه أبو داود السجستاني (1317) عن محمد بن بشار، كلاهما (أحمد ومحمد) عن أبي داود الطيالسي، بهذا الإسناد. ووقع في رواية أحمد وهمٌ في تسمية عبد الله بن أبي قيس، فسُمِّي هناك: عبد الله بن أبي موسى، قال أحمد: وإنما هو عبد الله بن أبي قيس، وهو الصواب، مولى لبني نصر بن معاوية. انتهى، وعزا أبو حاتم هذا الوهم لشعبة، كما في "العلل" لابنه (242)، وكذا قال أحمد بإثر الحديث (24945) كما سيأتي في تخريج الحديث التالي.

(2)

إسناده صحيح. الحسين بن علي: هو التميمي، ويقال له: حسينك، ومحمد بن إسحاق: هو ابن خزيمة الإمام صاحب التصانيف، ومحمد بن جعفر: هو المعروف بغندر.

وأخرجه أحمد 41/ (24945) ضمن حديث طويل، عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. لكن وقع عنده: عبد الله بن أبي موسى، بدلًا من عبد الله بن أبي قيس، وقال أحمد بإثره: يزيد بن خمير صالح الحديث، ثم قال: عبد الله بن أبي موسى هو خطأ، أخطأ فيه شعبة، وهو عبد الله بن أبي قيس.

(3)

حسن بطرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه، فقد اختلف في رفعه ووقفه على أبي هريرة، واختلف في كونه عن أبي صالح عن أبي هريرة من قوله، أو عن أبي صالح عن كعب =

ص: 108

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الأحبار من قوله، ورجح الأخير الدارقطني في "العلل"(1940)، وقد اضطرب متنه كما سيأتي بيانه في التخريج.

أبو الموجه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو ابن عثمان بن جبلة، وأبو حمزة: هو محمد بن ميمون السكري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2002) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه محمد بن نصر المروزي في "قيام الليل" ص 164، وابن خزيمة (1142) من طريق علي بن الحسن بن شقيق، عن أبي حمزة السكري، به. واقتصر المروزي على الشطر الثاني فقط، ووقع لفظه عندهما:"من قرأ في ليلة مئة آية لم يكتب من الغافلين، أو كُتب من القانتين" هكذا على الشك.

وأخرجه موقوفًا ابن أبي شيبة 10/ 508 من طريق عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: من قرأ في ليلة بمئة آية لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ بمئتي آية كتب من القانتين.

وأخرجه موقوفًا أيضًا سعيد بن منصور في التفسير من "سننه"(136)، ومسدد - كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري 1/ 415 (762) - من طريق أبي سنان ضرار بن مرة، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري أو عن أبي هريرة قال: من قرأ في ليلة مئة آية كتب من القانتين، ومن حافظ على الصلوات الخمس لم يكتب من الغافلين.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 507، والبيهقي في "الشعب"(204) من طريق أبي حازم سلمان الأشجعي، عن أبي هريرة قوله: من قرأ في ليلة مئة آية لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ مئتين كتب من القانتين.

وأخرجه الدارمي (3494) عن جعفر بن عون، والطبري في "تفسيره" 29/ 141 من طريق وكيع بن الجراح، كلاهما عن الأعمش، عن أبي صالح، عن كعب الأحبار قال: من قرأ مئة آية كتب من القانتين.

وبنحوه أخرجه ابن أبي شيبة 10/ 507 عن أبي الأحوص، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الله بن ضمرة، عن كعب قوله.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 6/ 4 ضمن حديث مطول، من طريق أبي راشد الحبراني، عن كعب قوله، وفيه: من قرأ بعشر آيات قبل أن يصبح لم بكتب من الغافلين، وفيه: ومن قرأ بمئة آية كتب من القانتين.

وسيأتي برقم (2064) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: "من =

ص: 109

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1174 -

أخبرنا بكر بن محمد الصَّيرَفي، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر، حدثنا عبد الرحمن أبي الزِّناد، عن موسى بن عُقبة، عن عُبيد الله بن سَلْمان، عن أبيه أبي عبد الله سلمانَ الأغرّ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلَّى في ليلةٍ بمئة آية لم يُكتبْ من الغافلين، ومن صلَّى في ليلةٍ بمئتي آيةٍ فإنه يُكتبُ من القانتين المخلَصِين"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1175 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْرُ بن نَصْر بن سابِق الخَوْلاني، حدثنا ابن وَهْب، أخبرني معاوية بن صالح، حدثني سُلَيم بن عامر وضَمْرة

= قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين". وانظر ما بعده.

وأصح ما في الباب ما رواه أبو داود (1398)، وابن حبان (2572) بإسناد حسن من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمئة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطِرين".

وفي الباب أيضًا عن ابن عمر بن المطلب، سيأتي في "المستدرك"(2065) وإسناده واهٍ.

وعن تميم الداري عند أحمد 28/ (16958)، والنسائي (10485)، وإسناده ضعيف.

وعن أبي أمامة موقوفًا عليه: من قرأ بمئتي آية كتب من القانتين، أخرجه الدارمي (3498)، وإسناده صحيح.

وعن عبد الله بن مسعود موقوفًا أيضًا، عند الدارمي (3496) وإسناده قوي.

(1)

إسناده حسن من أجل سعد بن عبد الحميد بن جعفر وشيخه عبد الرحمن بن أبي الزناد.

وأخرجه البيهقي في "السنن الصغرى"(813)، وفي "شعب الإيمان"(2001) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (1143) عن محمد بن يحيى، عن سعد بن عبد الحميد، به.

وأخرجه البزار (725) و (8284) من طريق يوسف بن خالد السمتي، عن موسى بن عقبة، به. ويوسف بن خالد هذا متروك، لا يصلح متابعًا لابن أبي الزناد.

وانظر ما قبله، والاضطراب في إسناده ومتنه.

ص: 110

ابن حَبِيب ونُعيم بن زياد، عن أبي أُمامةَ الباهلي، قال: حدثني عمرو بن عَبَسة قال: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازلٌ بعُكَاظ، فقلت: يا رسول الله، هل من دعوةٍ أقربُ من أخرى، أو ساعةٍ يُتَّقى أو ينبغي ذِكرُها؟ قال:"نَعَم، إنَّ أقربَ ما يكونُ الربُّ من العبد جوفَ الليلِ الآخِرَ، فإن استطعتَ أن تكون ممّن يذكُرُ الله في تلك الساعة فكُنْ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1176 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثني أبي، حدثنا عبد القُدُّوس بن الحجّاج، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن

(1)

إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله بن وهب بن مسلم.

وهذا الحديث هو قطعة من حديث عمرو بن عبسة الطويل في قصة إسلامه.

وأخرجه مطولًا النسائي (1556) من طريق الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (3579) من طريق معن بن عيسى، عن معاوية بن صالح، عن ضمرة بن حبيب وحده، به. وقال: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 22/ (19433) مطولًا من طريق حريز بن عثمان الرحبي، عن سليم بن عامر وحده، عن عمرو بن عبسة. هكذا منقطعًا لم يذكر فيه أبا أمامة، ولفظه فيه: هل من ساعة أفضل من ساعة، وهل من ساعة يتقى فيه؟ فقال:"لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، إنَّ الله عز وجل يتدلى في جوف الليل فيغفر إلّا ما كان من الشرك والبغي، فالصلاة مشهودة محضورة، فصل حتى تطلع الشمس".

وأخرج أحمد 28/ (17018) و (17026)، وابن ماجه (1251) و (1364)، والنسائي (1573) من طريق عبد الرحمن بن البيلماني، عن عمرو بن عبسة. وفيه قال: هل من ساعة أقرب إلى الله من أخرى؟ قال: "نعم جوف الليل الآخر، فصلِّ ما بدا لك حتى تصلي الصبح".

وأخرج الترمذي (3499)، والنسائي (9856) من طريق عبد الرحمن بن سابط، عن أبي أمامة؛ لم يذكر عمرو بن عبسة. في رواية الترمذي: عن أبي أمامة قال: قيل: يا رسول الله، وفي رواية النسائي: عن أبي أمامة قال: قلت: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال:"جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات"، قال الترمذي: هذا حديث حسن.

وسلف الحديث مطولًا عند الحاكم برقم (593).

ص: 111

عبد الله بن أبي قَيْس، عن أُمَّهات المؤمنين، أنهنَّ حدَّثْنه: أَنَّ الله دلَّ نبيَّه على دليل، فقال لهنَّ: ادْلُلنَني على ما دلَّ عليه نبيَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقلن: إنَّ الله دلَّه على قيام الليل

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1177 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا ابن عَجْلان، عن القَعقاع بن حَكِيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رَحِم الله رجلًا قام من اللَّيل فصلَّى، وأيقَظَ امرأته، فإنْ أَبَتْ نَضَحَ في وجهها الماءَ، رَحِم الله امرأةً قامت من اللَّيل فصلَّتْ، وأيقظَتْ زوجَها، فإنْ أبى نَضَحَت في وجهه الماءَ"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم. يحيى بن محمد بن يحيى: هو الذهلي.

وأخرجه ابن خزيمة (1138) عن محمد بن يحيى الذهلي، بهذا الإسناد.

وسلف معناه قريبًا (1171) من حديث عبد الله بن أبي قيس عن عائشة قالت: لا تدع قيام الليل، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يذره.

(2)

إسناده قوي من أجل ابن عجلان واسمه: محمد. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى، ويحيى بن سعيد: هو القطان، وأبو صالح: هو ذكوان السلمان.

وأخرجه أحمد 12/ (7410) و 15/ (9627)، وأبو داود (1308) و (1450)، وابن ماجه (1336)، والنسائي (1302)، وابن حبان (2567) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

وخالف يحيى القطان سفيانُ بن عيينة، فرواه عند أحمد 12/ (7369) عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"رحم الله رجلًا قام من الليل" مختصرًا. انظر "العلل" للدارقطني (1506).

وانظر ما سيأتي برقم (1204).

قوله: "نضح في وجهها الماء" و"نضحت في وجهه"، قال سفيان بن عيينة في إثر روايته هذه: لا تَرشُّ في وجهه، تمسحه. انتهى، قال الشيخ أحمد شاكر: قصد سفيان هنا إلى تفسير "النضح" في هذا المقام، فإنَّ أصل النضح الرش بالماء، لكن سفيان أراد أن يبيّن أنه ليس المراد به الرش في هذا السياق، لما في الرش من إزعاج النائم وقيامه فزعًا، وأبان بأنَّ المراد مسح الوجه بالماء، رفقًا بالنائم، ونشاطًا له من كسل النوم.

ص: 112

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1178 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العَدْلُ، حدثنا عُبيد بن شَرِيك، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث، عن عبد الله بن عُبيد الله بن أبي مُلَيكة، عن يعلى بن مَمْلَك: أنه سأل أمَّ سَلَمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلاتِه بالليل، فقالت: وما لكم وصلاتِه، كان يُصلي، ثم ينام قَدْرَ ما صلَّى، ثم يُصلي بقَدْرِ ما نام، ثم ينامُ قدرَ ما صلَّى، حتى يُصبح. ونَعتَتْ له قراءتَه، فإذا هي تَنعَتُ قراءةً مفسَّرةً حرفًا

(1)

.

(1)

إسناده محتمل للتحسين، يعلى بن مملك تفرد بالرواية عنه ابن أبي مليكة، وذكره ابن حبان في "الثقات".

وأخرجه أحمد 44/ (26526) و (26564)، وأبو داود (1466)، والترمذي (2923)، والنسائي (1096) و (1379) و (8003) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. وقال النسائي: يعلى بن مملك ليس بذاك المشهور.

وقال الترمذي: وقد روى ابن جريج هذا الحديث عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطِّع قراءته، وحديث الليث أصح. انتهى، قلنا: قد اختلف على ابن جريج في إسناده ومتنه، فقد:

أخرج أحمد (26547) عن عبد الرزاق ومحمد بن بكر، و (26625) عن عبد الرزاق وحده، والنسائي (1326) من طريق عبد العزيز بن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ثلاثتهم عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، عن يعلى بن مملك: أنه سأل أم سلمة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: كان يصلي العتمة، ثم يسبح، ثم يصلي بعدها ما شاء الله من الليل، ثم ينصرف فيرقد مثل ما صلى، ثم يستيقظ من نومته تلك، فيصلي مثل ما نام، وصلاته تلك الآخرة تكون إلى الصبح.

وأخرج أحمد (26583)، وأبو داود (4001)، والترمذي (2927) من طريق يحيى بن سعيد الأموي، عن عبد الملك بن جريج، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن أم سلمة: أنها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يقطِّع قراءته آية آية: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} . لم يذكر يعلى بن مملك، قال الترمذي: هذا حديث غريب، وليس إسناده بمتصل

وحديث الليث أصح.

وأخرج أحمد (26742) عن عفان، عن همام بن يحيى، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، =

ص: 113

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1179 -

أخبرني عبد الله بن محمد الصَّيدلاني، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن نُمَير، حدثنا أبي، حدثنا عِمْران بن زائدة بن نَشِيط، عن أبيه، عن أبي خالد الوالِبي، عن أبي هريرة: أنه كان إذا قام من الليل رَفَعَ صوتَه طَوْرًا وخَفَضَه طَورًا، وكان يَذكُر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَفعلُ ذلك

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1180 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، أنَّ عبد الله بن أبي قيس حدثه: أنه سأل عائشةَ كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل، أكان يَجهَر أم يُسِرّ؟ قالت: كلَّ ذلك كان يفعل، ربما جَهَر، وربما أسرَّ، قال: قلت: الحمد الله الذي جَعَل في الأمر سَعَةً

(2)

.

= عن أم سلمة: أنَّ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم كانت بسم الله الرحمن الرحيم، حرفًا حرفًا، قراءة بطيئة. قطَّع عفان قراءته، ولم يذكر أيضًا يعلى بن مملك.

وأخرج أحمد (26451) من طريق نافع بن عمر الجمحي، عن ابن أبي مليكة: أنَّ بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولا أعلمها إلّا حفصة سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنكم لا تطيقونها. قالت: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم

تعني الترتيل.

وفي الباب عن أنس بن مالك أنه سئل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: كان يمد مدًّا. أخرجه البخاري (5045) و (5046).

(1)

إسناده حسن من أجل زائدة بن نشيط وأبي خالد الوالبي: واسمه هُرمز، وقيل: هَرِم.

وأخرجه أبو داود (1328) من طريق عبد الله بن المبارك، وابن حبان (2603) من طريق عيسى بن يونس، كلاهما عن عمران بن زائدة بن نشيط، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح. عبد الله بن أبي قيس: هو أبو الأسود النَّصري.

وهو قطعة من حديث بأطول من هذا في سؤاله عائشة عن وتر النبي صلى الله عليه وسلم وعن غُسله وعن قراءته.

وأخرجه مطولًا ومختصرًا أحمد 40/ (24453)، وأبو داود (1437)، والترمذي (449) و (2924) من طريق الليث بن سعد، وأحمد 42/ (25160)، والنسائي (1377) من طريق =

ص: 114

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، شاهدًا لحديث أبي خالد عن أبي هريرة.

1181 -

أخبرني أبو الحسين محمد بن أحمد بن تمِيم القَنْطَري، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا يحيى بن إسحاق السَّيْلَحِينيّ، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن ثابت البُنانيّ، عن عبد الله بن رَبَاح، عن أبي قَتادةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بأبي بكرٍ وهو يصلي يَخفِضُ من صوته، ومَرَّ بعُمر وهو يصلي رافعًا صوتَه، فلما اجتمعا عند النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر:"يا أبا بكر، مررتُ بكَ وأنتَ تصلي تخفِضُ من صوتك! " قال: قد أسمعتُ من ناجيتُ، فقال:"مررتُ بكَ يا عمر وأنت تَرفعُ صوتك! " قال: يا رسول الله أحتسِبُ به أُوقظُ الوَسْنان، قال: فقال لأبي بكر: "ارفَعْ من صوتك شيئًا"، وقال لعمر:"اخفِضْ من صوتك"

(1)

.

= عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه.

وأخرجه مطولًا ومختصرًا أيضًا أحمد 40/ (24202)، وأبو داود (226)، وابن ماجه (1354)، وابن حبان (2447) و (2582) من طريق غضيف بن الحارث، وأحمد 42/ (25203) و (25344) من طريق يحيى بن يعمر، كلاهما عن عائشة.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير شيخ المصنف، فهو حسن الحديث في المتابعات، وقد توبع. إلّا أنه اختُلف في وصله وإرساله، فقد خالف يحيى بن إسحاق السيلحيني موسى بنُ إسماعيل، فقد رواه عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، ورجح المرسلَ الترمذي وابن أبي حاتم.

وأخرجه أبو داود (1329) عن الحسن بن الصباح، والترمذي (447) عن محمود بن غيلان، وابن حبان (733) من طريق محمد بن عبد الرحيم صاحب السابري، ثلاثتهم عن يحيى بن إسحاق السيلحيني، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث غريب، وإنما أسنده يحيى بن إسحاق عن حماد، وأكثر الناس إنما رووا هذا الحديث عن ثابت عن عبد الله بن رباح مرسلًا.

قلنا: لم نقع إلى الآن على من رواه مرسلًا غير موسى بن إسماعيل، فقد رواه أبو داود (1329) عنه، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن النبي صلى الله عليه وسلم. هكذا لم يذكر ابن رباح ولا أبا قتادة. لكن تابع الترمذيَّ على ما ذهب إليه أبو حاتم الرازي، فقال - كما في "العلل" لابنه =

ص: 115

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1182 -

أخبرنا الحسن بن يعقوب العدلُ، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا محمد بن رافع ومحمد بن يحيى، قالا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخُدْري قال: اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسَمِعهم يَجهَرون بالقراءة، وهو في قُبَّةٍ له، فكَشَفَ السُّتور وقال:"ألا كلُّكم يناجي ربَّه، فلا يُؤذِينَّ بعضُكم بعضًا، ولا يَرفَعنَّ بعضُكم على بعضٍ في القراءة في الصلاة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1183 -

حدثنا يحيى بن منصور القاضي، حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن رجاء بن السِّنْدي، حدثنا أبو كُرَيب وموسى بن عبد الرحمن المَسْروقي، قالا: حدثنا الحسين بن علي الجُعْفي، حدثنا زائدة، عن سليمان، عن حَبِيب بن أبي ثابت، عن عَبْدة بن أبي لُبابة، عن سُوَيد بن غَفَلَة، عن أبي الدَّرْداء، يَبلُغ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "من أَتى فِراشَه وهو يَنْوي أن يقومَ بالليل فغَلَبتْه عينُه حتى يُصبحَ، كُتب له ما نَوَى،

= (327) -: الصحيح عن عبد الله بن رباح: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم

مرسلًا، أخطأ فيه السالحيني.

وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أبي داود (1330)، وإسناده حسن.

وآخر من حديث علي بن أبي طالب عند أحمد 2/ (865)، وإسناده ضعيف.

(1)

إسناده صحيح. الحسين بن محمد بن زياد: هو القباني، ومحمد بن رافع: هو ابن أبي زيد النيسابوري، ومحمد بن يحيى: هو الذهلي، وإسماعيل بن أمية: هو ابن عمرو بن سعيد الأموي.

وأخرجه النسائي (8038) عن محمد بن رافع وحده، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 18/ (11896)، وأبو داود (1232) من طريق عبد الرزاق، به.

وفي الباب عن ابن عمر عند أحمد 8/ (4928)، وإسناده صحيح.

وعن البياضي عند أحمد 31/ (19022)، والنسائي (8037)، وهو صحيح، وانظر الكلام عليه في "المسند".

وعن علي بن أبي طالب عند أحمد 2/ (663)، وإسناده ضعيف.

ص: 116

وكان نومُه صدقةً عليه من ربِّه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، والذي عندي أنهما علَّلاه بتوقيفٍ رُوِيَ عن زائدة:

1184 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أحمد بن النَّضْر، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، فذكره بإسناده من قول أبي الدَّرْداء

(2)

.

وهذا مما لا يُوهِن، فإنَّ الحسين بن علي الجُعْفي أقدمُ وأحفظُ وأعرفُ بحديث زائدة من غيره، والله أعلم.

1185 -

حدثنا يحيى بن منصور القاضي، حدثنا محمد بن محمد بن رجاء، حدثنا موسى بن عبد الرحمن، حدثنا حسين بن علي عن زائدة، عن هشام بن حسّان، عن

(1)

رجاله ثقات، إلّا أنه قد وقع اضطراب في إسناده، واختلف في رفعه ووقفه، وصحَّح الدارقطني وقفه. أبو كريب: هو محمد بن العلاء، وزائدة: هو ابن قدامة، وسليمان: هو ابن مهران الأعمش.

وأخرجه ابن ماجه (1344)، والنسائي (1463) عن هارون بن عبد الله الحمال، عن الحسين بن علي الجعفي، بهذا الإسناد.

وأخرج ابن حبان (2588) من طريق مسكين بن بكير، عن شعبة، عن عبدة بن أبي لبابة، عن سويد بن غفلة: أنه عاد زر بن حبيش في مرضه، فقال: قال أبو ذر أو أبو الدرداء - شك شعبة - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يحدِّث نفسه بقيام ساعة من الليل، فينام عنها، إلّا كان نومه صدقة تصدق الله بها عليه، وكتب له أجر ما نوى".

وانظر تتمة تخريجه وبيان الخلاف في إسناده في عملنا على "سنن ابن ماجه".

وسيأتي بعده من طريق معاوية بن عمرو عن زائدة، بهذا الإسناد إلى أبي الدرداء من قوله، موقوفًا عليه.

(2)

رجاله ثقات، وسلف قبله مرفوعًا، وقال الدارقطني في "العلل" 6/ 207: والمحفوظ الموقوف.

وأخرجه النسائي (1464) عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن عبدة، عن سويد بن غفلة، عن أبي ذر أو أبي الدرداء، موقوفًا. ثم أعاد الإسناد عينه، إلّا أنَّ ابن المبارك قال: سفيان بن عيينة، بدلًا من الثوري.

ص: 117

محمد بن سِيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تخُصُّوا يومَ الجمعة بصيام من بين الأيام، ولا تخُصُّوا ليلةَ الجمعة بقيامٍ من بين الليالي"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

1186 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا

(1)

إسناده صحيح. موسى بن عبد الرحمن: هو ابن سعيد المسروقي، وحسين بن علي: هو الجعفي، وزائدة: هو ابن قدامة.

وأخرجه ابن حبان (3612) و (3613) عن محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن موسى بن عبد الرحمن المسروقي، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (1144)(148)، والنسائي (2764) و (2768) من طريقين عن حسين بن علي الجعفي، به. وزادا في آخره:"إلّا أن يكون في صوم يصومه أحدكم". فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرج أحمد 15/ (9127) من طريق عوف بن أبي جميلة، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفرد يوم الجمعة بصوم.

وأخرج أحمد 16/ (10424)، والبخاري (1985)، ومسلم (1144)(147)، وأبو داود (2420)، والترمذي (743)، وابن ماجه (1723)، والنسائي (2769)، وابن حبان (3614) من طريق أبي صالح ذكوان السمان، والنسائي (2770) من طريق مجاهد بن جبر، كلاهما عن أبي هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يصومن أحدكم يوم الجمعة، إلّا يومًا قبله أو بعده".

وأخرج أحمد 15/ (9284) من طريق همام عن قتادة، قال: حدثنا صاحب لنا عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن صوم يوم الجمعة إلّا في صوم متتابع.

وأخرج أحمد 12/ (7388) و 13/ (7839)، والنسائي (2757)، وابن حبان (3609) من طريق عبد الله بن عمرو القاري، وأحمد 14/ (8772) و 15/ (9467)، والنسائي (3610) من طريق رجل من بني الحارث يقال له: أبو الأوبر، وأحمد 15/ (9097)، والنسائي (2763) من طريق محمد بن جعفر المخزومي، ثلاثتهم عن أبي هريرة، قال: ما أنا نهيتُ عن صيام يوم الجمعة، محمدٌ نهى عنه ورب الكعبة. وذكر في رواية المخزومي وأبي الأوبر لذلك قصة. ولم يسم النسائي في روايته المخزومي، وإنما قال: فلان بن جعفر المخزومي.

وسيأتي في "المستدرك"(1612) من طريق عامر بن لدين الأشعري عن أبي هريرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يوم الجمعة عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلّا أن تصوموا قبله أو بعده".

ص: 118

شُعَيب بن الليث بن سعد، حدثنا الليث.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبيد بن عبد الواحد، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث، عن محمد بن عَجْلان، عن أبي إسحاق الهَمْداني، عن عمرو بن أَوس

(1)

الثقفي، عن عَنْبَسة بن أبي سفيان، عن أخته أُم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من صلّى ثنتي عشرةَ ركعةً في يوم، بنى اللهُ له بيتًا في الجنة: أربعَ ركعاتٍ قبل الظُّهر، وركعتين بعد الظُّهر، وركعتين قبل العصر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين قبل الصُّبح"

(2)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أويس، والصواب ما أثبتنا كما في مصادر ترجمته ومصادر التخريج، ووقع في (ص): بن أبي أُويس، وهو خطأ.

(2)

حديث صحيح، رجاله ثقات، على اضطراب واختلاف كثير وقع في إسناده، كما سيتضح. الليث: هو ابن سعد، وأبو إسحاق الهمداني: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

وأخرجه ابن حبان (2452) عن ابن خزيمة، عن الربيع بن سليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (1476) من طريق بكر بن مضر، عن محمد بن عجلان، به.

وخالف محمدَ بنَ عجلان سهيلُ بن أبي صالح، فرواه عن أبي إسحاق، عن المسيب بن رافع، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة، مرفوعًا، كما في الذي بعده، وسنذكر الاختلاف في رفعه ووقفه هناك.

وأخرجه مختصرًا دون بيان أي الركعات هي: أحمد 44/ (26781)، ومسلم (728)(103)، والنسائي (491)، وابن حبان (2451) من طريق شعبة بن الحجاج، ومسلم (728)(102) عن أبي غسان المسمعي، والنسائي (492) عن حميد بن مسعدة، كلاهما (أبو غسان وحميد) عن بشر بن المفضل، ومسلم (728)(101) من طريق سليمان بن حيان، وأبو داود (1250) من طريق إسماعيل ابن علية، أربعتهم (شعبة وبشر بن المفضل وسليمان بن حيان وابن علية) عن داود بن أبي هند، عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، به.

وقد خالف شعبةَ ومن تابعه يزيدُ بنُ هارون، فرواه عن داود بن أبي هند، عن النعمان بن سالم، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة، مرفوعًا، لم يذكر فيه عمرو بن أوس، واختُلف على بشر بن المفضل، فقد خالف أبا غسان المسمعي وحميدَ بنَ مسعدة: مسدَّدٌ، فرواه عنه كرواية يزيد بن هارون، وهذا ما سيأتي برقم (1188). =

ص: 119

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه أحمد 44/ (26774) من طريق خالد بن يزيد، والنسائي (1473) من طريق ابن جريج، كلاهما عن عطاء بن أبي رباح، عن عنبسة، به. وهذا إسناد منقطع، كما قال النسائي: عطاء بن أبي رباح لم يسمعه من عنبسة. ورغم أنه قد وقع التصريح بالتحديث في "مسند أحمد" إلّا أنه ربما يكون خطأً من بعض الرواة، بدليل ما أخرجه النسائي (1472) من طريق ابن جريج قال: قلت لعطاء: بلغني أنك تركع قبل الجمعة اثنتي عشرة ركعة، أبلغك في ذلك خبر؟ فقال: أخبرتْ أمُّ حبيبة عنبسةَ بنَ أبي سفيان، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم

فذكره.

وما أخرجه النسائي أيضًا (1487) من طريق معقل بن عبيد الله الجزري، عن عطاء قال: أُخبِرتُ أنَّ أم حبيبة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره.

وقد صرَّح محمد بن سعيد الطائفي باسم الواسطة بين عطاء وعنبسة، فيما أخرجه النسائي (493) و (1474) من طريقه عن عطاء، عن يعلى بن أمية، عن عنبسة، به.

وأخرجه النسائي (1475) من طريق أبي يونس القشيري، عن عطاء، عن شهر بن حوشب، عن أم حبيبة، مرفوعًا.

ورواه عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح ذكوان السمان، عن أم حبيبة، واختلف عليه في رفعه ووقفه:

فقد أخرجه أحمد 44/ (26768) و 45/ (27411)، والنسائي (1481) من طريق حماد بن زيد، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح، عن أم حبيبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وتابع حمادَ بنَ زيد حمادُ بنُ سلمة، واختُلف عليه، فقد رواه سويد بن عمرو - كما عند النسائي (1492) - عنه، عن عاصم، به، فرفعه.

ورواه النضر بن شميل - كما عند النسائي في "المجتبى"(1810) - عنه، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أم حبيبة قولها، فذكره موقوفًا.

وأخرجه ابن ماجه (1140)، والترمذي (414)، والنسائي (1471) و (1488)، من طريق المغيرة بن زياد، عن عطاء، عن عائشة، مرفوعًا. وهذا إسناد ضعيف، قال الترمذي: حديث غريب من هذا الوجه، ومغيرة بن زياد قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه. وقال النسائي: هذا خطأ، ولعله أراد عنبسة بن أبي سفيان، فصحفه. ونحوه قال الدارقطني في "العلل"(4026).

وأخرجه ابن ماجه (1142)، والنسائي (1482) من طريق محمد بن سليمان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، رفعه. قال النسائي: هذا الحديث عندي خطأ، ومحمد بن سليمان ضعيف. وقال أبو حاتم - كما في "العلل" لابنه 2/ 165 (288) -: هذا خطأ

كنت =

ص: 120

1187 -

أخبرنا أبو العباس عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أَبي أُسامة، حدثنا يونس بن محمد المؤدِّب، حدثنا فُلَيح بن سليمان، حدثنا سُهَيل بن أبي صالح، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله، عن المسيَّب بن رافع، عن عَنْبَسة بن أبي سفيان، عن أُمِّ حَبيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن صلَّى ثِنتي عشرة ركعةً، بنى الله له بيتًا في الجنة: أربعًا قبل الظُّهر، وثِنتَين بعدها، وركعتين قبل العصر، وركعتين بعد المغرِب، وركعتين قبل الصُّبح"

(1)

.

كلا الإسنادين صحيحان على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وشواهدها كلُّها

= معجبًا بهذا الحديث، وكنت أرى أنه غريب، حتى رأيت سهيلٌ، عن أبي إسحاق، عن المسيب، عن عمرو بن أوس، عن عنبسة، عن أم حبيبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعلمت أنَّ ذاك لزم الطريق.

وانظر الأحاديث الثلاثة التالية.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه، وفليح بن سليمان - وإن ضعفه النسائي وغيره، واحتجَّ به آخرون - قد توبع، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه النسائي (1483) عن أحمد بن الأزهر، عن يونس بن محمد المؤدب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (415) من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، به. وقال: حديث حسن صحيح.

وخالف الثوريَّ زهيرُ بنُ معاوية، فأخرجه من طريقه النسائي (1477) عن أبي إسحاق، عن المسيب، عن عنبسة، عن أم حبيبة قولها، فذكره موقوفًا.

ورواه إسماعيل بن أبي خالد عن المسيب بن رافع، واختُلف عليه في رفعه ووقفه أيضًا، فرواه يزيد بن هارون عنه، عن عنبسة، عن أم حبيبة مرفوعًا، كما عند أحمد 44/ (26769)، وابن ماجه (1141)، والنسائي (1478).

ورواه يعلى بن عبيد كما عند النسائي (1179)، وعبد الله بن المبارك عنده أيضًا (1493)، كلاهما عنه - يعني إسماعيل بن أبي خالد -عن المسيب بن رافع، عن أم حبيبة، موقوفًا.

وخالف إسماعيلَ بنَ أبي خالد حصينُ بنُ عبد الرحمن، فقد أخرجه من طريقه النسائي (1480) عن المسيب بن رافع، عن أبي صالح ذكوان السمان، عن عنبسة، عن أم حبيبة، موقوفًا. فأدخل أبا صالح بين المسيب وعنبسة.

وانظر لزامًا تمام تخريجه وبيان الاختلاف فيه في التعليق على "مسند أحمد" 44/ (26769).

ص: 121

صحيحة.

فمنها متابعةُ النعمانِ بن سالم ومكحولٍ الفقيهِ المسيّبَ بنَ رافع.

أما حديث النعمان بن سالم:

1188 -

فأخبرَناه أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا الحسن بن مُكْرَم، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا داود بن أبي هند.

وأخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا معاذ بن المثنَّى، حدثنا مسدَّد، حدثنا بِشْر بن المفضَّل، حدثنا داود بن أبي هند، عن النعمان بن سالم، عن عَنْبَسة بن أبي سفيان، عن أُمِّ حَبِيبة بنت أبي سفيان قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلَّى ثِنتي عشرةَ سجدةً تطوُّعًا، بنى الله له بيتًا في الجنة"

(1)

.

وأما حديث مكحول:

1189 -

فحدَّثناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق

(1)

حديث صحيح، على وهمٍ في إسناده، فقد اختُلف فيه على داود بن أبي هند:

فرواه عنه يزيد بن هارون هنا، وهشيم بن بشير عند أحمد 45/ (27395)، عن النعمان بن سالم، بهذا الإسناد. بلا واسطة بين النعمان وعنبسة.

ورواه عنه سليمان بن حيان عند مسلم (728)(101)، وإسماعيل ابن علية عند أبي داود (1250)، عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، عن عنبسة، عن أم حبيبة. وصحَّح ذلك الدارقطني في "العلل"(4026).

ورواه عنه بشر بن المفضل، واختلف عليه فيه:

فرواه عنه مسدد بن مسرهد هنا، عن داود بن أبي هند به، دون ذكر عمرو بن أوس.

وخالفه أبو غسان المسمعي عند مسلم (728)(102)، وحميد بن مسعدة عند النسائي (492)، فروياه عن بشر بن المفضل، عن داود بن أبي هند، عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، عن عنبسة، عن أم حبيبة.

وأخرجه أحمد 44/ (26775) و (26781)، ومسلم (728)(103)، والنسائي (491)، وابن حبان (2451) من طريق شعبة بن الحجاج، عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، عن عنبسة، عن أم حبيبة.

ص: 122

الصَّغاني، حدثنا عبد الله بن يوسف التِّنِّيسي، حدثنا الهيثم بن حُميد، حدثنا النعمان بن المنذر، عن مكحول، عن عَنْبَسة بن أبي سفيان، عن أُم حَبِيبة أنها أخبرته، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من حافَظَ على أربع رَكَعَاتٍ قبل الظُّهر وأربعٍ بعدها، حرَّمه الله على النار"

(1)

.

1190 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى العَنْبري، حدثنا مُسدَّد.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، قالا: حدثنا إسماعيل - وهو ابنُ عُليَّة - عن عُيينةَ بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: قال بُرَيدة: خرجتُ ذاتَ يوم أمشي في حاجة، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، قال البخاري - كما في "العلل الكبير" للترمذي (54) -: مكحول لم يسمع من عنبسة. وقال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه (488): مكحول لم يلق عنبسة.

قلنا: ورواه مروان بن محمد، عن سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، واختلف فيه على مروان:

فأخرجه النسائي (1491) عن أحمد بن ناصح، عن مروان، عن سعيد، عن سليمان، عن مكحول، بهذا الإسناد مرفوعًا.

وخالفه محمود بن خالد، فيما أخرجه النسائي (1485) عن مروان بن محمد، عن سعيد، عن سليمان، عن مكحول، به إلى أم حبيبة قولها. فوقفه.

واختلف فيه على سعيد بن عبد العزيز، فقد خالف مروان بن محمد: أبو عاصم النبيل، فرواه عن سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى، عن محمد بن أبي سفيان، عن أم حبيبة، مرفوعًا. فذكر محمد بن أبي سفيان بدل عنبسة. أخرج ذلك النسائي (1486).

وأخرجه مرفوعًا كرواية مكحول هذه النسائي (1484) من طريق حسان بن عطية، عن عنبسة، عن أم حبيبة.

وأخرج النسائي (1489) من طريق القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي، عن عنبسة، عن أم حبيبة مرفوعًا:"ما من عبد مؤمن يصلي أربع ركعات بعد الظهر فتمسَّ وجهه النار أبدًا".

وأخرج أيضًا (1490) من طريق عبد الله بن مهاجر الشعيثي، عن عنبسة، عن أم حبيبة مرفوعًا:"من صلى أربعًا قبل الظهر وأربعًا بعدها لم تمسه النار".

ص: 123

فظَننتُه يريد حاجةً، فجعلتُ أكُفُّ عنه، فلم أزل أفعلُ ذلك حتى رآني، فأشار إليَّ فأتيتُه، فأخذ بيدِي، فانطلقنا نمشي جميعًا، فإذا أنا برجل بين أيدينا يصلي يُكثِر الركوعَ والسجود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أتُرى هذا يُرائي؟ " فقلت: الله ورسوله أعلم، قال: فأرسلَ يدَه وطبَّق بين يديه ثلاث مِرار، ويرفع يديه ويصوِّبها ويقول:"عليكم هَدْيًا قاصدًا، عليكم هَدْيًا قاصدًا، عليكم هَدْيًا قاصدًا، فإنه مَن يُشادَّ هذا الدينَ يَغلِبْه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1191 -

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق العدلُ ببغداد، حدثنا يحيى بن جعفر بن الزِّبْرِقان، حدثنا زيد بن حُباب، حدثنا إسرائيل بن يونس، عن مَيسرة بن حَبِيب، عن المِنْهال بن عمرو، عن زِرٍّ، عن حُذيفةَ: أنه صلَّى مع النبي صلى الله عليه وسلم المغربَ، ثم صلَّى حتى صلَّى العشاء

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى. وهو في "مسند أحمد" 38/ (22963).

وأخرجه أحمد أيضًا 33/ (19786) عن يزيد بن هارون، وبإثره عن وكيع ومحمد بن بكر البرساني، و 38/ (23053) عن وكيع وحده، ثلاثتهم عن عيينة بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. وقال يزيد بن هارون - خطأً - في روايته: عن أبي برزة، بدلًا من بريدة، لكن ذكر الإمام أحمد إثر روايته أنه رجع عن هذا الخطأ، وقال بعد ذلك: عن بريدة.

وفي الباب عن ابن عباس مرفوعًا، وفيه:"وإياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين"، وسيأتي في "المستدرك"(1729).

وعن أبي هريرة، عند البخاري (39)، وفيه:"إنَّ الدين يسر، ولن يشادَّ الدين أحد إلّا غلبه".

وعن أنس بن مالك، عند أحمد 20/ (13052)، وفيه:"إنَّ هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق".

قوله: "هديًا قاصدًا"، أي: طريقًا معتدلًا.

(2)

إسناده صحيح. زِرّ: هو ابن حُبَيش الأسدي، وحذيفة: هو ابن اليمان.

وأخرجه أحمد 38/ (23436). وأخرجه النسائي (379) و (380) عن أحمد بن سليمان، و (8307) عن القاسم بن زكريا، وابن حبان (6960) من طريق ابن أبي شيبة، أربعتهم (أحمد بن حنبل، وأحمد بن سليمان، والقاسم، وابن أبي شيبة) عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد. =

ص: 124

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1192 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدثنا ابن أبي مريم، أخبرني عبد الله بن فَرُّوخ، عن ابن جُريج، عن عطاء، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكرِمُوا بُيوتَكم ببعض صَلاتِكم"

(1)

.

= وذكر أحمد بن حنبل والقاسم بن زكريا الحديث مطولًا فيه قصة لحذيفة مع أمه، واختصره أحمد بن سليمان وابن أبي شيبة كما هو هنا في "المستدرك" إلّا أنَّ الأخير زاد في آخره:"عرض لي ملكٌ استأذن ربه أن يسلم عليَّ، ويبشرني أنَّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة".

وستأتي هذه الزيادة منفردة في "المستدرك" برقم (5730).

وأخرجه أحمد 38/ (23329)، والترمذي (3781)، والنسائي (380) و (8240)، وابن حبان (7126) من طرق عن إسرائيل، به. وذكروه جميعًا مطولًا بالقصة المشار إليها إلّا النسائي (380) فمختصرًا. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، لا نعرفه إلّا من حديث إسرائيل.

(1)

حسن لغيره، عبد الله بن فروخ - هو الخراساني - روايته عن ابن جريج عن عطاء عن أنس فيها مقال، وقال الذهبي في "تلخيصه": أحاديثه غير محفوظة. قلنا: لكن للحديث شواهد بمعناه في "الصحيحين" يتقوى بها. ابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم الجمحي، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 335، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 6/ (2332) من طريق سليمان بن أحمد، عن يحيى بن عثمان بن صالح، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (1207)، وابن المنذر في "الأوسط"(2746)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 333، والضياء في "المختارة"(2330) و (2331) من طريقين عن سعيد بن أبي مريم، به.

وأخرجه عبد الرزاق (1534) عن ابن عيينة، قال: حُدِّثت عن أنس، فذكره.

وله شاهد بمعناه من حديث جابر بن عبد الله عند مسلم (778)، ولفظه:"إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته، فإنَّ الله جاعل في بيته من صلاته خيرًا".

وآخر من حديث زيد بن ثابت، عند مسلم (711)، وفيه:"عليكم بالصلاة في بيوتكم، فإنَّ خير صلاة المرء في بيته إلّا الصلاة المكتوبة".

وثالث من حديث عبد الله بن عمر، عند البخاري (1187)، ومسلم (777):"صلوا في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا"، وهو عند أحمد في "المسند" 8/ (4511)، وهناك ذكرنا سائر أحاديث الباب.

ص: 125

قد اتفق الشيخان على إخراج حديث عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"صلُّوا في بُيوتِكم، ولا تتخذوها قبورًا".

فأما حديث عبد الله بن فَرُّوخ فإنَّ لفظه عجبٌ، وهو شيخٌ من أهل مكة صدوق، سكن مصرَ وبها مات.

1193 -

أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيَّاري، حدثنا عبد الله بن علي الغَزَّال، حدثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، حدثنا الحسين بن واقد، حدثنا عبد الله بن بُريدَة، عن أبيه قال: أصبح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فدعا بلالًا فقال:"يا بلالُ، بمَ سَبقتَني إلى الجنة؟ إني دخلتُ البارحةَ الجنةَ فسمعتُ خَشخَشَتَك أمامي"، فقال بلال: يا رسول الله، ما أذّنتُ قطُّ إلّا صليتُ ركعتين، وما أصابني حَدَثٌ قطُّ إلّا توضأتُ عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بهذا"

(1)

.

(1)

حديث قوي، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الله بن علي الغزَّال، فلم يرو عنه غير القاسم بن القاسم السياري، ولم نقع له على ترجمة، ولم نتبيَّن حاله، لكنه قد توبع. والحسين بن واقد - وهو المروزي - صدوق لا بأس به، وباقي رجاله ثقات. عبد الله بن بريدة: هو ابن الحصيب الأسلمي المروزي.

وأخرجه أحمد 38/ (23040) عن علي بن الحسن بن شقيق، بهذا الإسناد. وزاد فيه قصة رؤيته صلى الله عليه وسلم لقصر عمر بن الخطاب في الجنة.

وأخرجه أحمد (22996)، وابن حبان (7086) و (7087) من طريق زيد بن الحباب، والترمذي (3689) من طريق علي بن الحسين بن واقد، كلاهما عن الحسين بن واقد، به. وزادوا جميعًا فيه قصة قصر عمر بن الخطاب المشار إليها آنفًا، إلّا رواية ابن حبان (7087).

وسيرد الحديث في "المستدرك" برقم (5328) من طريق محمد بن موسى الباشاني عن علي بن الحسن بن شقيق، مشتملًا على القصة المذكورة.

وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (1149)، ومسلم (2458).

وآخر من حديث جابر بن عبد الله عند البخاري (3679)، ومسلم (2457).

قوله: "إني دخلت البارحة الجنة"، قال الترمذي: يعني رأيت في المنام كأني دخلت الجنة، هكذا روي في بعض الحديث. =

ص: 126

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1194 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا شعبة، عن أبي جعفر المَديني قال: سمعت عُمارة بن خُزيمة يحدِّث عن عثمان بن حُنَيف: أنَّ رجلًا ضريرًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: ادْعُ الله أن يُعافيَني، فقال:"إن شئت أخَّرتُ ذلك وهو خير، وإن شئتَ دعوتُ"، قال: فادْعُه، قال: فأمره أن يتوضأ فيُحسِنَ وُضوءَه ويصليَ ركعتين ويدعوَ بهذا الدعاء فيقول: "اللهمَّ إني أسألك وأتوجَّهُ إليك بنبيِّك محمدٍ نبيِّ الرَّحمة، يا محمدُ إني توجّهتُ بك إلى ربي في حاجتي هذه فتُقضَى لي، اللهمَّ شَفِّعْه فيَّ وشَفِّعني فيه"

(1)

.

= "خشخشتك" قال ابن الأثير: الخشخشة: حركة لها صوت كصوت السلاح.

(1)

إسناده صحيح. وقد اختُلف في هذا الإسناد على أبي جعفر المديني، فرواه شعبةُ عنه عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حنيف، كما عند الحاكم هنا وفيما سيأتي برقم (1930)، وتابع شعبةَ في هذا الإسناد حمادُ بنُ سلمة، كما سيأتي في التخريج.

وخالفهما رَوح بن القاسم - فيما سيأتي برقم (1950) و (1951) - فرواه عن أبي جعفر المديني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف. وتابع رَوحًا هشامٌ الدَّستُوائي، وسيأتي تخريج طريقه هناك.

وقد رجَّح أبو زُرعة رواية شعبة، كما في "العلل" لابن أبي حاتم (2064)، وخالفه ابنُ أبي حاتم فرجَّح رواية روح بن القاسم، لمتابعة هشام الدَّستُوائي له.

وسبَق ابنَ أبي حاتم إلى ذلك عليُّ بنُ المديني كما في "الدعاء" للطبراني (1052)، حيث ذكر رواية شعبة ورواية روح بن القاسم، ثم قال: ما أرى روحَ بن القاسم إلا قد حَفِظَه.

قلنا: لا يبعد أن يكون كلٌّ منهما محفوظًا، ويكونَ أبو جعفر المديني قد سمعه من كلا الرجُلين: عُمارة وأبي أمامة، وكلٌّ منهما سمعه من عثمان بن حُنيف. على أنه إن كان الصحيحُ ذكرَ أحدِهما دون الآخر، فلا يضرُّ أيّهما كان، فكلاهما ثقة، والله أعلم.

شعبة: هو ابن الحجاج، وأبو جعفر المديني: هو الخَطْمي، واسمه: عمير بن يزيد

وأخرجه أحمد 28/ (17240). وأخرجه ابن ماجه (1385) عن أحمد بن منصور بن سيار، والترمذي (3578)، والنسائي (10420) عن محمود بن غيلان، ثلاثتهم (أحمد وابن سيار ومحمود) عن عثمان بن عمر، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. =

ص: 127

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1195 -

أخبرنا عليُّ بن عيسى الحِيري، حدثنا أحمد بن نَجْدةَ، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد الله بن وَهْب بن مُسلِم القُرشي، أخبرني حَيْوةُ بن شُرَيح، أنَّ الوليد بن أبي الوليد

(1)

أخبره، أنَّ أيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري حدثه، عن أبيه، عن جده، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اكتُمِ الخِطْبةَ، ثم توضأ فأحسِنْ وضوءك، ثم صلِّ ما كَتبَ الله لك، ثم احمَدْ ربَّك ومجِّدْه، ثم قل: اللهمَّ إنك تَقدِرُ ولا أقدِر، وتَعلَمُ ولا أعلمُ، وأنت علَّام الغُيوب، فإن رأيتَ لي فلانةَ - تُسمِّيها باسمها - خيرًا لي في دِيني ودُنياي وآخرتي فاقدُرْها لي، وإن كان غيرُها خيرًا لي منها في دِيني ودُنياي وآخِرتي فاقضِ لي بها" أو قال: "فاقدُرْها لي"

(2)

.

= وأخرجه أحمد (17241) عن روح بن عبادة، عن شعبة، به.

وأخرجه أحمد (17242)، والنسائي (10419) من طريق حماد بن سلمة، عن أبي جعفر المديني، به.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أبي أيوب.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد فيه لِين، خالد بن أبي أيوب الأنصاري تفرد بالرواية عنه ابنه أيوب، وهذا الأخير فيه لين. وقد ذهب غير واحد من أهل العلم إلى أنَّ أبا أيوب الأنصاري جدُّ أيوب بن خالد لأمه.

وأخرجه أحمد 38/ (23597)، وابن حبان (4040) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (23596) من طريق ابن لهيعة، عن الوليد بن أبي الوليد، به.

وسيأتي في "المستدرك" برقم (2731) من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن ابن وهب، به.

وفي باب صلاة الاستخارة في الأمور كلها مطلقًا عن جابر بن عبد الله عند أحمد (14707)، والبخاري (1162).

وعن أبي سعيد الخدري عند ابن حبان (885)، وإسناده حسن.

وعن أبي هريرة عند ابن حبان (886). =

ص: 128

هذه سُنَّة صلاة الاستخارة عزيزةٌ، تفرَّد بها أهل مصر، ورواته عن آخرهم ثقات، ولم يُخرجاه.

1196 -

أخبرنا أبو النضر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا إسماعيل بن عَبد الله بن زُرَارة الرَّقِّي، حدثنا خالد بن عبد الله، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحافظُ على صلاة الضُّحى إلّا أوَّاب"، قال:"وهي صلاة الأوّابين"

(1)

.

= وعن ابن مسعود عند الطبراني في "الكبير"(10012) و (10052).

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي، وإسماعيل بن عبد الله بن زرارة صدوق فيه كلام لكنه متابع. أبو النضر الفقيه: هو محمد بن محمد بن يوسف، وخالد بن عبد الله: هو الواسطي، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن.

وأخرجه ابن خزيمة (1224) عن محمد بن يحيى، عن إسماعيل بن عبد الله بن زرارة، بهذا الإسناد. وقال بإثره: لم يتابع هذا الشيخ إسماعيلُ بن عبد الله على إيصال هذا الخبر، رواه الدراوردي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، مرسلًا، ورواه حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة قوله.

قلنا: لكن روي هذا الحديث موصولًا من غير وجه عن محمد بن عمرو، فقد أخرجه الطبراني في "الأوسط"(3865) من طريق عمرو بن حمران، وابن عدي في "الكامل" 6/ 198، وقوام السنة الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1968) من طريق محمد بن دينار الطاحي، وابن شاهين في "الترغيب"(127) من طريق عاصم بن بكار الليثي، ثلاثتهم عن محمد بن عمرو بن علقمة، به. واقتصر في روايتي الطبراني وابن شاهين على الشطر الأول من الحديث. وعمرو بن حمران قال أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" 6/ 227: صالح الحديث، ومحمد بن دينار الطاحي قال ابن عدي: حسن الحديث، عامة حديثه ينفرد به.

وأخرج ابن شاهين أيضًا (129) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رفعه:"صلاة الضحى صلاة الأوابين". والإسناد إلى يحيى ضعيف.

وأخرج هشام بن عمار في "حديثه"(145) عن سعيد بن يحيى اللخمي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا يحافظ على صلاة الضحى إلّا أواب".

وأخرج أحمد 16/ (10559) من طريق سليمان بن أبي سليمان، والمروزي في "مختصر قيام =

ص: 129

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.

1197 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا بكر بن مُضَر، حدثنا عمرو بن الحارث، عن بُكَير بن الأشَجِّ، عن الضَّحّاك بن عبد الله القُرشي، حدَّثه عن أنس بن مالك قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ صلَّى سُبْحةَ الضحى ثمانيَ رَكَعات، فلما انصرف قال:"إني صليتُ صلاةَ رَغْبةٍ ورَهْبة، فسألتُ ربي ثلاثًا، فأعطاني اثنتين ومَنَعني واحدةً، سألتُه أن لا يقتلَ أمتي بالسِّنين، ففعل، وسألتُه أن لا يُظهِرَ عليهم عدوًّا، ففعل، وسألته أن لا يُلبِسَهم شِيَعًا، فأَبى عليَّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتفقا على حديث أم هانئ في ثمان ركعاتِ الضحى فقط

(2)

.

= الليل" ص 281 من طريق عبد الرحمن بن مل النهدي، كلاهما عن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث، ولست بتاركهن في سفر ولا حضر: أن لا أنام إلّا على وتر، وأن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وأن لا أدع ركعتي الضحى، فإنها صلاة الأوابين.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الضحاك بن عبد الله القرشي، فلم يرو عنه غير بكير - وهو ابن عبد الله بن الأشج - ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان.

وأخرجه أحمد 19/ (12486) و 20/ (12589)، والنسائي (489) من طريقين عن عمرو بن الحارث، بهذا الإسناد.

لكن للحديث شواهد يصح بها، منها حديث ثوبان وسعد بن أبي وقاص عند مسلم (2889) و (2890). وحديث ثوبان سيأتي عند المصنف مطوَّلًا برقم (8595).

وحديث أبي هريرة، وسيأتي برقم (8789). وإسناده حسن.

وانظر تتمة شواهده وتخريجه وتفصيل الكلام على إسناده في عملنا على "مسند أحمد"(12486).

شِيَعًا: فِرَقًا، ويَلبِسهم: يجعلهم مختلطين؛ يعني في المعارك متحاربين.

(2)

البخاري (1103) و (1176) و (4292)، ومسلم (336) عن أم هانئ قالت: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة، فاغتسل وصلى ثماني ركعات، فلم أر صلاةً قط أخف منها، غير أنه يتم =

ص: 130

1198 -

حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا أبو قِلَابة، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا ابن جُريج، أخبرني عثمان بن أبي سليمان، أنَّ أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره، أنَّ عائشة أخبرته: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَمُتْ حتى كان أكثرُ صلاته جالسًا

(1)

.

= الركوع والسجود.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي قلابة، وهو عبد الملك بن محمد الرقاشي، لكنه قد توبع. وقد اختلف فيه على أبي سلمة، فرواه عثمان بن أبي سليمان، عنه، عن عائشة، كما في هذه الرواية، ورواه أبو إسحاق السبيعي، عنه، عن أم سلمة، كما سيأتي في التخريج، وقد صحَّح الدارقطني في "العلل"(3655) رواية أبي إسحاق عن أبي سلمة عن أم سلمة، ثم قال: وحديث عثمان بن أبي سليمان عن أبي سلمة عن عائشة، غير مدفوع، لأنَّ عثمان ثقة، ويمكن أن يكون أبو سلمة أخذه عنهما.

أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، وابن جريح: هو عبد الملك بن عبد العزيز.

وأخرجه أحمد 42/ (25361) عن عبد الرزاق، ومسلم (732)(116)، والنسائي في "الكبرى"(1364) من طريق حجاج بن محمد، كلاهما عن ابن جريج، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وخالف عثمانَ بن أبي سليمان أبو إسحاق السبيعي، فقد أخرجه أحمد 44/ (26599) و (26709)، والنسائي في "المجتبى"(1655) من طريق سفيان الثوري، وأحمد (26709) و (26730)، والنسائي في "الكبرى"(1363)، وابن حبان (2507) من طريق شعبة، وأحمد (26605) من طريق إسرائيل، وأحمد (26726)، وابن ماجه (1225) و (4237) من طريق أبي الأحوص، أربعتهم عن أبي إسحاق، عن أبي سلمة، عن أم سلمة. وقال بعضهم في روايته: كان أكثر صلاته قاعدًا إلّا المكتوبة.

وخالفهم يونس بن أبي إسحاق، فقد أخرجه أحمد (26544)، والنسائي في "الكبرى"(1362) من طريق يونس، عن أبيه، عن أبي الأسود، عن أم سلمة.

وخالف يونسَ عمرُ بنُ أبي زائدة، فقد أخرجه النسائي في "الكبرى"(1361) من طريقه، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة. قال الدارقطني في "العلل" (3655): وليس بمحفوظ.

وقد روي معنى الحديث من غير وجه عن عائشة، فقد أخرج أحمد 42/ (25449)، والبخاري (1119)، ومسلم (731)(112)، وأبو داود (954)، والترمذي (374)، والنسائي =

ص: 131

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

1199 -

حدثني علي بن حَمْشاذ، حدثنا إبراهيم بن الحسين الكِسَائي، حدثنا الربيع بن يحيى، حدثنا يزيد بن إبراهيم التُّستَري، عن محمد بن سِيرين، عن عبد الله بن شَقِيق العُقَيلي، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قائمًا وقاعدًا، فإذا افتتح الصلاة قائمًا ركع قائمًا، وإذا افتتح الصلاة قاعدًا ركع قاعدًا

(1)

.

= في "المجتبى"(1648) من طريق عبد الله بن يزيد وأبي النضر - اقتصر الترمذي وحده على طريق أبي النضر - عن أبي سلمة، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسًا، فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين أو أربعين آية، قام فقرأها وهو قائم، ثم ركع، ثم سجد، ثم يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك.

وأخرج أحمد 40/ (24191)، والبخاري (1118) و (1148)، ومسلم (731)(111)، وأبو داود (953)، وابن ماجه (1227)، والنسائي في "الكبرى"(1360)، وابن حبان (2509) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين أنها أخبرته: أنها لم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدًا قط حتى أسنَّ، فكان يقرأ قاعدًا، حتى أراد أن يركع قام فقرأ نحوًا من ثلاثين آية، أو أربعين آية، ثم ركع. واللفظ للبخاري.

وأخرج أحمد 42/ (26202)، ومسلم (732)(117) من طريق عبد الله بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: كان آخر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ثَقُل وبدن وهو جالس.

وأخرج البخاري (4837) من طريق حيوة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة، وفيه: فلما كثر لحمه صلى جالسًا، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ، ثم ركع.

وبنحو ذلك أخرجه أحمد 43/ (25826)، ومسلم (731)(113)، وابن ماجه (1226)، والنسائي في "المجتبى"(1650) من طريق عمرة، وأحمد 43/ (26002)، ومسلم (731)(114) من طريق علقمة بن وقاص الليثي، كلاهما عن عائشة.

وانظر حديث عبد الله بن شقيق عن عائشة الآتي بعد هذا.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل الربيع بن يحيى - وهو الأُشناني - وقد توبع.

وأخرجه أحمد 42/ (25688)، والنسائي في "المجتبى"(1647)، وابن حبان (2511) من طريق وكيع، عن يزيد بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 41/ (24809) و (24822)، و 42/ (25329) و (25330)، و 43/ (25907) =

ص: 132

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ

(1)

، وقد خرجتُه قبل هذا من حديث حُمَيد عن عبد الله بن شقيق، وهذا موضعه، وحديث ابن سيرين هذا شاهدٌ صحيح لما تقدم.

1200 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن قُتَيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا وكيع، عن إبراهيم بن طَهْمان، عن حسين المعلِّم، عن عبد الله بن بُرَيدة، أنَّ عِمْران بن حُصَين قال: كان بيَ الناصُورُ، فسألت النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال:"صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فجالسًا، فإن لم تستطع فعلى جَنْب"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما أخرجه

= و (26257)، ومسلم (730)(110)، من طرق عن محمد بن سيرين، به.

وسلف الحديث من طريق حميد الطويل عن عبد الله بن شقيق برقم (1035) وانظر تخريجه هناك.

وانظر ما سلف برقم (960) و (1034).

(1)

بل أخرجه مسلم بهذا اللفظ، لكن في أوله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الصلاة قائمًا وقاعدًا

الحديث.

(2)

إسناده صحيح. حسين المعلِّم: هو الحسين بن ذكوان.

وأخرجه أحمد 33/ (19819)، وأبو داود (952)، وابن ماجه (1223)، والترمذي (372) من طريق وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد.

وسيأتي الحديث من طريق عبد الله بن المبارك عن إبراهيم بن طهمان برقم (3211).

وأخرج أحمد (19887)، والبخاري (1115) و (1116)، وأبو داود (951)، وابن ماجه (1231)، والترمذي (371)، والنسائي (1366)، وابن حبان (2513) من طرق عن حسين المعلم، عن عبد الله بن بريدة، أنَّ عمران بن حصين قال: كنت رجلًا ذا أسقام كثيرة، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاتي قاعدًا، قال:"صلاتك قاعدًا على النصف من صلاتك قائمًا، وصلاة الرجل مضطجعًا على النصف من صلاته قاعدًا".

والناصور: هو الباسور، وهو المرض المعروف، ويجمع على بواسير، يقال بالموحدة وبالنون.

ص: 133

البخاري من حديث يزيد بن زُرَيع عن حسين المعلِّم مختصرًا

(1)

.

1201 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكم، حدثنا أبي وشعيبُ بن الليث، قالا: حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حَبِيب، عن صفوان بن سُلَيم، عن أبي بُسْرة الغِفاري، عن البراء بن عازب أنه قال: سافرتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانيةَ عَشَرَ سَفَرًا، فلم أرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم تَرَك الركعتين حين تَزيغُ الشمس

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد رواه فُلَيح بن سليمان عن صفوان بن سُلَيم:

1202 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا عليُّ بن الحسين بن الجُنَيد،

(1)

هذا وهم من الحاكم رحمه الله، فرواية البخاري المختصرة ليست من حديث يزيد بن زريع، وإنما عنده برقم (1117) من حديث عبد الله بن المبارك، عن إبراهيم بن طهمان، عن حسين المعلم، كما سيأتي في "المستدرك"(3211)، أما رواية يزيد بن زريع عن حسين المعلم فهي ليست مختصرة، وإنما أخرجها ابن ماجه (1231) - كما سلف في التخريج. ولفظها عنده: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يصلي قاعدًا، قال:"من صلى قائمًا فهو أفضل، ومن صلى قاعدًا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائمًا فله نصف أجر القاعد".

(2)

إسناده ضعيف، أبو بُسْرة الغفاري، تفرد بالرواية عنه صفوان بن سليم، ولم يوثقه غير العجلي وابن حبان، وقال الذهبي في "الميزان": لا يُعرف.

وأخرجه أحمد 30/ (18583) عن هاشم بن القاسم، وأبو داود (1222)، والترمذي (550) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن الليث بن سعد، عن صفوان بن سليم، بهذا الإسناد. لم يذكرا فيه: يزيد بن أبي حبيب. وهذا من المزيد في متصل الأسانيد.

قال الترمذي: حديث غريب، وسألت محمدًا عنه فلم يعرفه إلّا من حديث الليث بن سعد، ولم يعرف اسم أبي بسرة الغفاري، ورآه حسنًا.

قلنا: وهو مخالف لما ثبت عن عبد الله بن عمر كما في "صحيح مسلم"(689) قال: إني صحبتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين (يعني الفرض) حتى قبضه الله؛ ثم ذكر مثل ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان.

ص: 134

حدثنا المعافَى بن سليمان، حدثنا فُلَيح بن سليمان، عن صفوان بن سُلَيم، عن أبي بُسْرة الغِفاري، عن البراء بن عازب قال: سافرتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم بضعةَ عَشَرَ سَفَرًا لم أرَه تَرَك الركعتين قبل الظهر

(1)

.

1203 -

حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن إسحاق الإمام، حدثنا محمد بن أبي صفوان الثَّقَفي، حدثنا عبد السلام بن هاشم، حدثنا عثمان بن سَعْد الكاتب - وكانت له مُروءةٌ وعَقْلٌ - عن أنس بن مالك قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يَنزِلُ منزلًا إِلَّا وَدَّعَه بركعتين

(2)

.

هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه، وعثمان بن سعد الكاتب ممن يُجمَع حديثه في البصريِّين

(3)

.

1204 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أحمد بن مِهْران

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه أحمد 30/ (18605) عن يونس بن محمد، عن فليح بن سليمان، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عثمان بن سعد الكاتب، وقد تفرَّد به، والراوي عنه عبد السلام بن هاشم قال الذهبي في "تلخيصه": ذكر أبو حفص الفلاس عبد السلام هذا فقال: لا أقطع على أحد بالكذب إلّا عليه. قلنا: لكنه قد توبع. محمد بن إسحاق الإمام: هو الإمام ابن خزيمة. وهو في "صحيحه"(1260) و (2568).

وأخرجه أبو يعلى (4315) و (4316)، وابن المنذر في "الأوسط"(2774)، والعقيلي في "الضعفاء"(1172)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(882)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 169، والبيهقي 5/ 253 من طرق عن عثمان بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الخرائطي (883) من طريق منصور، عن إبراهيم النخعي، قال: بلغني أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم

فذكره.

وسيتكرر الحديث برقم (2523) غير أنَّ شيخ الحاكم هناك هو أبو عمرو بن إسماعيل.

وسيأتي من وجه آخر عن عثمان بن سعد برقم (1652).

(3)

بل الجمهور على تضعيفه، ولم يؤثر توثيقه عن غير أبي نعيم وأبي جعفر السبتي، وقال ابن عدي: هو حسن الحديث، ومع ضعفه يكتب حديثه.

ص: 135

الأصبهاني، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا شَيبان، عن الأعمش، عن علي بن الأقمَر

(1)

، عن الأغرِّ أبي مسلم، عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استيقَظَ من الليل وأيقَظَ أهلَه، فصلَّيَا ركعتين جميعًا، كُتبا من الذَّاكِرِينَ الله كثيرًا والذَّاكراتِ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1205 -

أخبرنا أبو النَّضر محمد بن محمد الفقيه وأبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، قالا: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي.

وحدثني أبو بكر محمد بن جعفر المزكِّي، حدثنا محمد بن إبراهيم العَبْدي؛ قالا: حدثنا أبو أيوب سليمانُ بن عبد الرحمن الدِّمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جُرَيج، عن عطاء بن أبي رباح وعِكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس: أنه بَيْنا هو جالسٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه عليُّ بن أبي طالب فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، تفلَّتَ هذا القرآنُ من صدري، فما أجدُني أقدِرُ عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبا الحسن، أفلا أُعلِّمُك كلماتٍ يَنفَعُك الله بهنَّ، ويَنفَعُ بهنَّ من

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الأرقم.

(2)

حديث صحيح، على اختلاف في حديث أبي سعيد الخدري في رفعه ووقفه، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن مهران، وقد توبع. شيبان: هو ابن عبد الرحمن التميمي، والأعمش: هو سليمان بن مهران.

وأخرجه أبو داود (1309) و (1451)، والنسائي (1312) و (11342)، وابن حبان (2568) من طرق عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (1335)، وابن حبان (2569) من طريق الوليد بن مسلم، عن شيبان بن عبد الرحمن، به.

وسيأتي برقم (3603) من طريق سفيان الثوري، عن علي بن الأقمر، عن الأغر، عن أبي هريرة وأبي سعيد، موقوفًا. وانظر "علل الدارقطني"(1649).

وانظر ما سلف برقم (1177) من طريق أبي صالح عن أبي هريرة.

ص: 136

علَّمتَه، ويُثبِّت ما تعلَّمتَه في صدرك؟ "، قال: أجل يا رسول الله فعلِّمْني.

قال: "إذا كانت ليلةُ الجمعة فإن استطعتَ أن تقوم في ثُلُث الليل الآخِر، فإنها ساعةٌ مشهودة، والدعاءُ فيها مستجاب، وهي قولُ أخي يعقوب لبنيه:{سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} [يوسف: 98] حتى تأتي ليلةُ الجمعة، فإن لم تستطع فقُم في وَسَطِها، فإن لم تستطع فقُم في أولها فصلِّ أربعَ ركعات، تقرأُ في الأولى بفاتحة الكتاب وسورة {يس} ، وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب و {الم (1) تَنْزِيلُ} السَّجدة، وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب و {حم} الدُّخَان، وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب و {تَبَارَكَ} المفصَّل، فإذا فرغتَ من التشهد فاحمَدِ الله، وأحسِن الثناءَ على الله، وصلِّ عليَّ وعلى سائر النبيِّين، وأحسِنْ، واستغفِرْ لإخوانك الذين سبقوك بالإيمان، ثم استغفِر للمؤمنين والمؤمنات، ثم قل آخرَ ذلك: اللهمَّ ارحَمْني بترك المعاصي أبدًا ما أبقَيتَني، وارحمني أن أتكلَّف ما لا يَعنِيني، وارزُقني حُسْنَ النظر فيما يُرضِيك عنِّي، اللهم بَديعَ السماوات والأرض، ذا الجلالِ والإكرام، والعِزَّةِ التي لا تُرام، أسألك يا الله يا رحمنُ بجَلالِك ونورِ وجهك أن تُلزِمَ قلبي حفظَ كتابك كما علَّمتَني، وارزقني أن أتلُوَه على النحو الذي يُرضيك عنِّي، اللهم بَديعَ السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام، والعِزَّةِ التي لا تُرام، أسألك يا الله يا رحمنُ بجَلالِك ونورِ وجهك أن تُنوِّر بكتابك بَصَري، وأن تُطلِقَ به لساني، وأن تُفرِّجَ به عن قلبي، وأن تَشرَحَ به صَدْري، وأن تُشغِلَ به بَدَني، فإنه لا يُعينُني على الحق غيرُك، ولا يؤتيه إلّا أنت، ولا حولَ ولا قوةَ إلّا بالله العليِّ العظيم.

أبا الحسن تفعلُ ذلك ثلاثَ جُمَع أو خمسًا أو سبعًا، تُجابُ بإذن الله، فوالذي بَعثَني بالحق ما أخطأ مؤمنًا قطُّ".

قال عبد الله بن عباس: فوالله ما لبث عليٌّ إلّا خمسًا أو سبعًا حتى جاء رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك المجلس، فقال: يا رسول الله، إني كنتُ فيما خلا لا أتعلمُ أربعَ آياتٍ أو

ص: 137

نحوَهنَّ، فإذا قرأتُهنَّ يتفلَّتن، فأما اليوم فأتعلمُ الأربعين آيةً ونحوَها، فإذا قرأتهنَّ على نفسي فكأنَّما كتابُ الله نُصْبَ عينيَّ، ولقد كنتُ أسمع الحديث فإذا أردتُه تَفلَّت، وأنا اليوم أسمع الأحاديث فإذا حدَّثتُ بها لم أخْرِمْ منها حَرفًا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك:"مؤمنٌ وربِّ الكعبةِ أبا الحسن"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1206 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حاتم بمَرْو، حدثنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا عِكرمة بن عمّار، أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك: أن أُم سُلَيم غَدَتْ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالت: علِّمني كلماتٍ أقولهنَّ في صلاتي، فقال:"كبِّري اللهَ عشرًا، وسبِّحي اللهَ عشرًا، واحمَدِيه عشرًا، ثم سَلِي ما شئتِ، يقول: نَعَمْ نَعَمْ"

(2)

.

(1)

حديث منكر، الوليد بن مسلم كثير التدليس والتسوية، ولم يصرح بالسماع في جميع طبقات السند. قال الذهبي في "التلخيص": هذا حديث منكر شاذ، أخاف أن يكون موضوعًا، وقد حيّرني واللهِ جودةُ إسناده. ونحو هذا قال في "الميزان" 2/ 213. وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/ 236: طريق أسانيد هذا الحديث جيدة ومتنه غريب جدًّا.

وأخرجه الترمذي (3570) عن أحمد بن الحسن، عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلّا من حديث الوليد بن مسلم.

وأخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات"(1025) من طريق هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم، به. وفي إسناده إلى هشام بن عمار: محمد بن الحسن بن محمد المقرئ النقاش، وهو منكر الحديث.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(12036)، وفي "الدعاء"(1333)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(578)، وابن الجوزي في "الموضوعات"(1024) من طريق هشام بن عمار، عن محمد بن إبراهيم القرشي، عن أبي صالح، عن عكرمة، عن ابن عباس. ومحمد بن إبراهيم القرشي متكلم فيه، وأبو صالح - وهو إسحاق بن نجيح المَلَطي - كذاب يضع الحديث.

(2)

إسناده صحيح. أبو الموجه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان بن جبلة، وعبدان لقبه، وعبد الله: هو ابن المبارك. =

ص: 138

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وشاهده حديث اليمانِيين في صلاة التسبيح:

1207 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد، حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين بن عبيد الله، حدثنا بِشْر بن الحَكَم العَبْدي، حدثنا موسى بن عبد العزيز القِنْباري بعَدَن.

وأخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا إبراهيم بن إسحاق بن يوسف، حدثنا عبد الرحمن بن بِشْر بن الحَكَم بن حَبِيب الهِلالي، حدثنا موسى بن عبد العزيز أبو شُعَيب بعَدَن - الذي يقال له: القِنباري - حدثنا الحَكَم بن أبان، حدثني عِكرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب: "يا عباس، يا عمَّاه ألا أُعطِيك، ألا أُجِيزُك

(1)

، ألا أفعلُ لك؟ عشْرُ خِصالٍ إذا أنت فعلتَ ذلك غَفَر الله لك ذنبَك، أولَه وآخرَه، قديمَه وحديثَه، خطأَه وعمْدَه، صغيرَه وكبيرَه، سِرَّه وعلانيتَه؛ أن تصليَ أربعَ ركعات تقرأُ في كل ركعةٍ بفاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغتَ من القراءة في أول ركعةٍ قلتَ وأنت قائم: سبحان الله، والحمدُ الله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر، خمسَ عشْرةَ مرةً، ثم تركعُ فتقولُ وأنت راكعٌ عشرًا، ثم ترفعُ رأسَك فتقولُها عشرًا، ثم تسجدُ فتقولُها عشرًا، ثم ترفعُ رأسَك فتقولُها عشرًا، ثم تسجدُ فتقولُها عشرًا، ثم ترفعُ رأسَك فتقولُها عشرًا، فذلك خمسةٌ وسبعون في كل ركعة، تفعلُ في أربع رَكَعات، إن استطعتَ أن تصلِّيَها في كلِّ يوم فافعل، فإن لم تفعل ففي كلِّ جُمعةٍ مرةً، فإن لم تفعل ففي كلِّ شهرٍ مرةً، فإن لم تفعل ففي كلِّ سنةٍ مرةً، فإن لم تفعل ففي عُمُرك مرةً"

(2)

.

= وقد سلف الحديث من طريق محمد بن مقاتل عن ابن المبارك برقم (950).

(1)

أي: أُعطيك، من الجائزة وهي العطية، يقال: أجازه يجيزه: إذا أعطاه. قاله ابن الأثير في "النهاية".

(2)

إسناده حسن من أجل موسى بن عبد العزيز.

وقد صحَّح هذا الحديث غير واحد من أهل العلم، انظر تفصيل ذلك في التعليق على "سنن" =

ص: 139

هذا حديث وَصَلَه موسى بن عبد العزيز عن الحَكَم بن أبان، وقد خرَّجه أبو بكر محمد بن إسحاق وأبو داود سليمان بن الأشعث وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب في "الصحيح"

(1)

، فروَوْه ثلاثتُهم عن عبد الرحمن بن بِشْر.

وقد رواه إسحاق بن أبي إسرائيل عن موسى بن عبد العزيز القِنْباري:

1208 -

حدَّثَناه أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا محمد بن هارون بن سليمان الحَضْرمي، حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا موسى بن عبد العزيز أبو شُعيب القِنْباري، فذكر الحديث بمثله لفظًا واحدًا

(2)

.

فأمّا حالُ موسى بن عبد العزيز:

1208/ 1 - فحدثني أبو الحسن محمد بن محمد بن يعقوب، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا محمد بن سَهْل بن عَسْكَر قال: سمعت عبد الرزاق، وسُئل عن أبي شُعيب القِنْباري، فأحسنَ عليه الثناءَ.

وأمّا حالُ الحَكَم بن أبان:

1208/ 2 - فأخبرني أحمد بن محمد بن واصل البِيكَنْدي، حدثنا أبي، حدثنا

= أبي داود (1297)، والترمذي (485)؛ كلاهما طبع مؤسسة الرسالة العالمية.

وأخرجه أبو داود (1297)، وابن ماجه (1387) عن عبد الرحمن بن بشر، بهذا الإسناد.

وانظر الأحاديث الثلاثة التالية. وفي الباب عن عبد الله بن عمر، سيأتي برقم (1211).

وعن رجل كانت له صحبة يُرَون أنه عبد الله بن عمرو، أخرجه أبو داود (1298)، وإسناده ضعيف. وعن أبي رافع، أخرجه ابن ماجه (1387)، والترمذي (482)، وقال الترمذي: حديث غريب من حديث أبي رافع. ثم قال: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم غير حديث في صلاة التسبيح، ولا يصح منه كبير شيء، وقد رأى ابن المبارك وغير واحد من أهل العلم صلاة التسبيح، وذكروا الفضل فيه.

(1)

كذا عزاه إلى أحمد بن شعيب النسائي، وهو وهمٌ، ولم يخرج النسائي لعبد الرحمن بن بشر شيئًا في كتابه.

(2)

إسناده حسن كسابقه.

ص: 140

محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا علي بن المَدِيني، عن ابن عُيينة قال: سألتُ يوسف بن يعقوب: كيف كان الحَكَم بن أبان؟ قال: ذاك سيدُنا.

وأما إرسال إبراهيم بن الحَكَم بن أبان هذا الحديث عن أبيه:

1209 -

فحدثنا علي بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب ومحمد بن إسحاق، قالا: حدثنا محمد بن رافع، حدثني إبراهيم بن الحَكَم بن أبان، حدثني أبي، حدثني عكرمة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمِّه العباس

فذكر الحديث

(1)

.

هذا الإرسال لا يُوهِن وصلَ الحديث، فإنَّ الزيادة من الثقة أَولى من الإرسال، على أن إمامَ عصره في الحديث إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قد أقام هذا الإسناد عن إبراهيم بن الحَكَم بن أبان ووَصَلَه:

1210 -

أخبرَناه أبو بكر بن قُريش، أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا إبراهيم بن الحَكَم بن أبان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ بمثل حديث موسى بن عبد العزيز عن الحَكَم

(2)

.

وقد صحَّت الرواية عن عبد الله بن عمر بن الخطاب: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم علَّم ابنَ عمِّه جعفرَ بنَ أبي طالب هذه الصلاة كما علَّمها عمَّه العباس:

1211 -

حدَّثَناه أبو علي الحسين بن عليٍّ الحافظ إملاءً من أصل كتابه، حدثنا أحمد بن داود بن عبد الغفار بمصر، حدثنا إسحاق بن كامل، حدثنا إدريس بن يحيى،

(1)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف إبراهيم بن الحكم بن أبان، وقد اختلف عليه، فرواه محمد بن رافع هنا عنه مرسلًا، ورواه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي - كما في الرواية التالية - موصولًا، والموصول أرجح لمتابعة موسى بن عبد العزيز له على وصله كما في الروايتين السابقتين قبل هذا.

وهو في "صحيح" محمد بن إسحاق بن خزيمة بإثر الحديث (1216).

وأخرجه البيهقي 3/ 52 من طريق حاجب بن أحمد، عن محمد بن رافع، به.

(2)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف كسابقه.

ص: 141

عن حَيْوةَ بن شُرَيح، عن يزيد بن أبي حَبِيب، عن نافع، عن ابن عمر قال: وجَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفرَ بنَ أبي طالب إلى بلاد الحَبشة، فلما قَدِمَ اعتنَقَه وقَبَّلَ بين عينيه، ثم قال:"ألا أهَبُ لك، ألا أُبشِّرُك، ألا أمنَحُك، ألا أُتحِفُك؟ "، قال: نعم يا رسول الله، قال:"تُصلِّي أربعَ ركَعاتٍ تقرأُ في كلِّ ركعةٍ بالحمد وسورةٍ، ثم تقول بعد القراءة وأنت قائمٌ قبل الركوع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلّا بالله، خمسَ عشْرةَ مرةً، ثم تركعُ فتقولُهنَّ عشرًا، ثم ترفعُ رأسَك من الركوع، فتقولُهنَّ عشرًا، ثم تسجدُ فتقولُهنَّ عشرًا، ثم تقومُ فتقولُهنَّ عشرًا تمامَ هذه الركعة قبل أن تَبتدِئَ بالركعة الثانية، تفعلُ في الثلاثِ ركعاتٍ كما وصفتُ لك حتى تُتمَّ أربعَ رَكَعات"

(1)

.

هذا إسناد صحيح لا غبار عليه

(2)

.

ومما يُستدلُّ به على صحّة هذا الحديث استعمالُ الأئمة من أتباع التابعين وإلى عصرنا هذا إياه، ومواظبتُهم عليه، وتعليمُهنَّ الناسَ، منهم عبد الله بن المبارك:

1212 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الجرَّاح العدل بمَرْو، حدثنا يحيى بن ساسَوَيهِ، حدثنا عبد الكريم بن عبد الله السُّكَّري، حدثنا أبو وَهْب محمد بن مُزاحِم قال: سألتُ عبد الله بن المبارك عن الصلاة التي يُسبَّح فيها، فقال: تكبِّر، ثم تقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمُك، وتعالى جَدُّك، ولا إله

(1)

إسناده تالف بمرّة، أحمد بن داود بن عبد الغفار - وهو الحراني - ذكره الدارقطني في "الضعفاء والمتروكين" (52) وقال: متروك كذاب، وقال ابن حبان في "المجروحين" 1/ 146: كان بالفسطاط يضع الحديث، لا يحل ذكره في الكتب إلّا على سبيل الإبانة عن أمره ليتنكب حديثه. وشيخه إسحاق بن كامل - وهو أبو يعقوب المؤدب - ذكره الحافظ العراقي في "ميزان الاعتدال" ترجمة رقم (181) ونقل عن ابن يونس في "تاريخ مصر" قوله: لم يتابع، في حديثه مناكير.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"(445) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

(2)

تعقّبه الحافظ العراقي في "ذيل ميزان الاعتدال" بقوله: بل هو مظلم لا نور عليه.

ص: 142

غيرك، ثم تقول خمسَ عشْرةَ مرة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر، ثم تتعوَّذُ وتقرأ:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وفاتحةَ الكتاب وسورة، ثم تقول عشْرَ مرات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر، ثم تركعُ فتقولها عشرًا، ثم ترفعُ رأسَك فتقولها عشرًا، ثم تسجدُ فتقولها عشرًا، ثم ترفعُ رأسك فتقولها عشرًا، ثم تسجدُ الثانيةَ فتقولها عشرًا، ثم ترفعُ رأسك فتقولها عشرًا، تصلي أربع ركعاتٍ على هذا، فذلك خمسٌ وسبعون تسبيحةً في كل ركعة

(1)

، وذلك تمامُ الثلاث مئة، فإن صلّاها ليلًا فأحَبُّ إليَّ أن يُسلِّم في الركعتين، فإن صلى نهارًا فإن شاء سلَّم، وإن شاء لم يسلِّم

(2)

.

رواة هذا الحديث عن ابن المبارك كلهم ثقات أثبات، ولا يُتَّهم عبد الله أن يعلِّمَه ما لم يصحَّ عنده سندُه.

1213 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا محمد بن أحمد بن هارون العُودي، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي سَمِينة، حدثنا محمد بن فُضَيل، حدثنا رِشْدِين بن كُرَيب، عن أبيه، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الرّكعتانِ قبل صلاةِ الفجر إدبارُ النجوم، والرّكعتانِ بعد المغرب أَدبارُ السُّجود"

(3)

.

(1)

على مقتضى هذه الرواية يكون عدد التسبيحات خمسًا وثمانين، وليس خمسًا وسبعين، لكن أخرج الترمذي هذا الأثر بإثر الحديث (481) عن أحمد بن عبدة الآمُليّ، عن أبي وهب محمد بن مزاحم، عن ابن المبارك، لم يذكر فيه العشر تسبيحات التي بعد السجدة الثانية، فصح بذلك خمس وسبعون تسبيحة، والله أعلم.

(2)

عبد الكريم بن عبد الله السكري لم نقع له على ترجمة، لكن روى عنه جمع، ولم يؤثر توثيقه عن غير المصنف، وروى له ابن حبان في "صحيحه" مما يخرجه عن حيِّز الجهالة، وهو متابع، تابعه أحمد بن عبدة الآملي شيخ الترمذي، كما مرَّ في التعليق السابق.

(3)

إسناده ضعيف لضعف رشدين بن كريب - وهو ابن أبي مسلم القرشي -، وبه أعلَّه الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه الترمذي (3275) عن أبي هشام الرفاعي، عن محمد بن فضيل، بهذا الإسناد. وقال: =

ص: 143

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أَوْس بن خالد، عن أبي هريرة

(1)

، وليس من شرط هذا الكتاب.

1214 -

أخبرني أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارِمي.

وأخبرني عبد الله بن محمد الصَّيدَلاني، حدثنا محمد بن أيوب؛ قالا حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا فائد أبو الوَرْقاء العطّار، عن عبد الله بن أبي أَوفى، قال: خرج علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومًا فقعد فقال: "مَن كانت له حاجةٌ إلى الله أو إلى أحدٍ من بني آدم، فليتوضأ وليُحسِنْ وُضوءَه، ثم ليصلِّ ركعتين، ثم يُثْني على الله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل: لا إله إلّا الله الحليمُ الكريم، سبحان الله ربِّ العرش العظيم، الحمد لله ربِّ العالمين، أسألك عزائمَ مغفرتِك، والعِصمةَ من كل ذَنْب، والسَّلامةَ من كل إثم"

(2)

.

= هذا حديث غريب، لا نعرفه مرفوعًا إلّا من هذا الوجه.

قوله: "إدبار النجوم" قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" 9/ 115: بكسر الهمزة ونصب الراء، على الحكاية من قوله تعالى:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور: 49]، ويجوز الرفع، وعلى الوجهين هو مبتدأ خبره الركعتان.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 2/ 523 عن عفان عن حماد بن سلمة، وهو موقوف على أبي هريرة، وأوس بن خالد تفرد بالرواية عنه علي بن زيد ابن جُدعان، وفي حديثه لِين.

وروي هذا أيضًا عن غير واحد من الصحابة والتابعين موقوفًا كما في "مصنف ابن أبي شيبة".

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، فائد أبو الورقاء العطار - وهو فائد بن عبد الرحمن - متروك الحديث، وبه أعلَّه الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه ابن ماجه (1384)، والترمذي (479) من طريقين عن فائد بن عبد الرحمن أبي الورقاء، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال، فائد بن عبد الرحمن يضعف في الحديث.

لكن صح نحو قوله: "لا إله إلّا الله الحليمُ الكريم، سبحان الله ربِّ العرش العظيم، الحمد لله ربِّ العالمين" أنه دعاء الكرب من حديث ابن عباس عند البخاري (3645)، ومسلم (2730)، =

ص: 144

فائد بن عبد الرحمن أبو الوَرْقاء كوفيٌّ عِدَاده في التابعين، وقد رأيتُ جماعةً من أعقابه، وهو مستقيم الحديث، إلّا أنَّ الشيخين لم يخرجا عنه، وإنما جعلتُ حديثه هذا شاهدًا لما تقدم.

1215 -

حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا إبراهيم بن يوسف الهِسِنْجاني، حدثنا أبو الطَّاهر أحمد بن عمرو، حدثنا ابن وَهْب، أخبرني حُيَيُّ بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحُبُليّ، عن عبد الله بن عمرو، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ في الجنة غُرَفًا يُرى ظاهرُها من باطنها، وباطنُها من ظاهرِها"، قال أبو مالك الأشعري: لمن هي يا رسول الله؟ قال: "لمن أطابَ الكلام، وأطعَمَ الطعام، وبات قائمًا والناسُ نِيام"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1216 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه، حدثنا محمد بن أحمد بن النَّضْر، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زهير، عن العلاء بن المسيّب، عن عمرو بن مُرَّة، عن طلحة بن يزيد الأنصاري، عن حُذيفةَ بن اليمان قال: صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً من رمضان في حُجْرة من جَريدِ النخل، قال: فقام فكبَّر فقال: "الله أكبرُ ذو الجَبَروت والمَلَكوت، وذو الكِبرياء والعَظَمة"، ثم افتتح البقرةَ فقرأ، فقلت: يَبلغُ رأسَ المئة، ثم قلت: يَبلغُ رأسَ المئتين، قال: ثم خَتَمها، ثم افتتح آلَ عمران، فقرأها، ثم افتتح النساء فقرأها، لا يمرُّ بآية التخويف إلّا وَقَفَ فتعوَّذ، ثم ركع مثلَ ما قام، يقول:"سبحانَ ربيَ العظيم"، يُردِّدُهن، ثم رفع رأسَه فقال:"سَمِع الله لمن حَمِده، اللهم ربَّنا لك الحمد"، مثلَ ما ركع، ثم سَجَدَ مثلَ ما قام يقول:"سبحان ربيَ الأعلى"، ويقول بين السجدتين:"ربِّ اغفِرْ لي" فما صلَّى إلّا أربع

= ومن حديث علي بن أبي طالب، وسيأتي برقم (1894).

(1)

حديث حسن، وقد سلف برقم (273).

ص: 145

ركَعَات من صلاة العَتَمة من أولِ الليل إلى آخرِه حتى جاء بلالٌ فآذَنَه بصلاة الغَدَاة

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد فيه انقطاع؛ طلحة بن يزيد الأنصاري - وهو أبو حمزة الكوفي - لم يسمعه من حذيفة بن اليمان، كما قال النسائي، بينهما صلة بن زفر كما سيأتي بيانه في التخريج. معاوية بن عمرو: هو ابن المهلَّب الأزدي، وزهير: هو ابن معاوية بن حُديج.

وأخرجه النسائي (1083) من طريق حفص بن غياث، و (1382) من طريق النضر بن محمد، كلاهما عن العلاء بن المسيب، بهذا الإسناد. رواية حفص بن غياث مختصرة. وقال النسائي بإثر رواية النضر: لم يسمعه طلحة بن يزيد عن حذيفة.

وأخرجه أحمد 38/ (23375)، وأبو داود (874)، والنسائي (660) و (735) و (1383) من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي هريرة، عن رجل من بني عبس، عن حذيفة. قال النسائي بإثر الرواية (1383): أبو حمزة عندنا - والله أعلم - طلحة بن يزيد، وهذا الرجل يشبه أن يكون صلة بن زفر.

وقد صرَّح باسم صلة بن زفر: المستورد بن الأحنف، كما أخرجه تامًا ومقطعًا مسلم (772)، وأبو داود (871)، وابن ماجه (897) و (1351)، والترمذي (262) و (263)، والنسائي (638) و (723) و (1082) و (1083) و (1381) و (7629)، وابن حبان (1897) و (2604) و (2605) و (2609) من طريق المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وقد سلف الحديث مختصرًا بقصة الذكر بين السجدتين برقم (1016).

وفي الباب عن عوف بن مالك الأشجعي، عن أحمد 39/ (23980)، وأبي داود (873)، والنسائي (722)، وإسناده صحيح.

ص: 146

‌من كتاب السهو

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في رجب سنةَ خمسٍ وتسعين وثلاث مئة:

1217 -

أخبرني محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العَتَكي، حدثنا إسماعيل بن قُتَيبة السُّلَمي وأحمد بن محمد بن شِيرِين

(1)

الجُرْجاني، قالا: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن عَجْلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدريِّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا شكَّ أحدُكم في صلاته، فلْيُلْقِ الشَّكَّ ولْيَبْنِ على اليَقين، فإن استيقَنَ التَّمام سَجَدَ سجدتين، فإن كانت صلاتُه تامّةً كانت الركعة نافلةً والسجدتان، وإن كانت ناقصةً كانت الركعةُ تمامًا لصلاته، والسجدتانِ تُرْغِمان أنفَ الشيطان"

(2)

.

(1)

كذا وقع اسمه في "المستدرك" أحمد بن محمد بن شيرين، وهو قلب، صوابه محمد بن أحمد، وهو محمد بن أحمد بن يحيى بن شيرين الجرجاني، كنيته أبو أحمد، يروي عن علي بن الجعد ويحيى بن عبد الله بن بكير وطبقتهم، روى عنه محمد بن القاسم العتكي. له ترجمة في "تاريخ جرجان" للسهمي (640) ص 386، و"تاريخ الإسلام" للذهبي 6/ 796، وأورده ابن ماكولا في "تهذيب مستمر الأوهام" ص 281 باب سيرين وشيرين، وذكر أنَّ الخطيب سماه: أحمد بن محمد بن شيرين الخراساني، وتعقبه بقوله: وفي هذا وهمان، أحدهما: أنه قال: أحمد بن محمد، وإنما هو محمد بن أحمد، والثاني: أنه جعله خراسانيًا، وهو جرجاني. وانظر "الإكمال" لابن ماكولا 4/ 411، و"توضيح المشتبه" لابن ناصر الدين 5/ 240.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان - واسمه: محمد - والراوي عنه أبي خالد الأحمر - واسمه: سليمان بن حيان - وقد توبعا.

وأخرجه أبو داود (1024)، وابن ماجه (1210) عن أبي كريب محمد بن العلاء، وابن حبان (2664) و (2667) من طريق عبد الله بن سعيد الكندي أبي سعيد الأشج، كلاهما عن أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (588) و (1162) من طريق خالد بن الحارث، عن ابن عجلان، به. =

ص: 147

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة!

1218 -

أخبرنا مُكرَم بن أحمد القاضي ببغداد، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال، حدثني أبو بكر بن أبي أُويس، عن سليمان بن بلال، عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلَّى أحدُكم فلا يَدرِي كم صلَّى ثلاثًا أم أربعًا، فليركَعْ ركعةً يُحسِن سُجودَها ورُكوعَها، ثم يسجدُ سجدتين"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1219 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الحسن بن مُهاجِر، حدثنا أبو الرَّبيع سليمان بن داود المَهْري، حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني عبد العزيز بن أبي حازم، عن الضَّحَّاك بن عثمان، عن الأعرج، عن عبد الله بن بُحَينة أنه قال:

= وأخرجه بنحوه أحمد 18/ (11689) و (11782) و (11794) و (11830)، ومسلم (571)، والنسائي (589) و (1163)، وابن حبان (2663) و (2669) من طرق عن زيد بن أسلم، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أبو داود (1026) عن القعنبي، عن مالك، و (1027) عن قتيبة، عن يعقوب بن عبد الرحمن القاريّ، كلاهما عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره مرسلًا. وقال أبو داود بإثرهما: وكذلك رواه ابن وهب عن مالك وحفص بن ميسرة وداود بن قيس وهاشم بن سعد، إلّا أنَّ هشامًا بلغ به أبا سعيد الخدري. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 19: والحديث متصل مسند صحيح، لا يضره تقصير من قصر به في اتصاله، لأنَّ الذين وصلوه حفاظ مقبولة زيادتهم، وبالله التوفيق.

وانظر ما سيأتي برقم (1225).

ولفقه الحديث انظر التعليق على حديث ابن مسعود في "مسند أحمد" 6/ (3602).

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل أبي بكر بن أبي أويس: وهو إسماعيل.

وهو مكرر (973) غير أنَّ شيخ الحاكم هناك هو أحمد بن عثمان البزاز.

وأخرجه البيهقي 2/ 333 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

ص: 148

صلَّى لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةً من الصَّلوات، فقام من اثنتَين فسُبِّح به، فمضى حتى فَرَغَ من صلاته ولم يَبقَ إلّا السلام، سَجَدَ سجدتَين وهو جالس قبلَ أن يُسلِّم

(1)

.

هذا حديث مفسَّر صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

1220 -

أخبرنا إبراهيم بن عِصْمة بن إبراهيم العدل، حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو معاوية، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن سعد بن أبي وقاص: أنه نَهَضَ في الركعتين، فسبَّحوا به، فاستتمَّ، ثم سَجَدَ سجدتي السَّهو حين انصرف، وقال: أكنتُم تَرَوني كنتُ أجلس؟ إنما صنعتُ كما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَصنَع

(2)

.

(1)

حديث صحيح، الضحاك بن عثمان وإن كان فيه كلام، قد توبع. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز، وصحابيه عبد الله بن بحينة: هو عبد الله بن مالك بن القشب، وبحينة أمه.

وأخرجه أحمد 38/ (22919) و (22920) و (22930) و (22932) و (22933)، والبخاري (829) و (830) و (1224) و (1225) و (1230) و (6670)، ومسلم (570)، وأبو داود (1034) و (1035)، وابن ماجه (1206) و (1207)، والترمذي (391)، والنسائي (601 - 605) و (607) و (767) و (768) و (1146) و (1147) و (1185)، وابن حبان (1938) و (1939) و (1941) و (2676 - 2680) من طرق عن عبد الرحمن الأعرج، بهذا الإسناد. فاستراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 38/ (22931)، وابن حبان (2680) من طريقين عن ابن بحينة، به.

وأخرج النسائي (600) من طرق عبد ربه بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن مالك بن بحينة: أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقام في الشفع الذي يريد أن يجلس فيه، فسبَّحنا، فمضى ثم سجد سجدتين. قال النسائي: هذا خطأ، والصواب: عبد الله بن مالك بن بحينة.

(2)

رجاله ثقات، إلا أنه قد اختلف في رفعه ووقفه والصواب وقفه كما قال الدارقطني في "العلل" (642). أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.

وأخرجه البيهقي 2/ 344 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (1217)، وأبو يعلى (759) و (785) و (794)، وابن خزيمة (1032)، والبيهقي 2/ 344، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 199 - 200، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 3/ (1035) و (1037) و (1038) من طرق عن أبي معاوية، به. قال ابن خزيمة: =

ص: 149

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1221 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله الدَّقَّاق، حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي، حدثنا وَهْب بن جَرير بن حازم، حدثنا أبي، قال: سمعتُ يحيى بن أيوب يحدِّث عن يزيد بن أبي حبيب، عن سُوَيد بن قَيْس، عن معاوية بن حُدَيج قال: صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب، فسَها فسلَّم في ركعتين، ثم انصرف، فقال له رجل: يا رسولَ الله، إنك سَهَوتَ فسلَّمتَ في ركعتين، فأمر بلالًا فأقام الصلاة، ثم أتمَّ تلك الرَّكعةَ، فسألتُ الناسَ عن الرجل الذي قال: يا رسول الله، إنك سَهَوتَ، فقيل لي: تعرفُه؟ قلت: لا، إلّا أن أراه، فمرَّ بي رجلٌ، فقلت: هو هذا، قالوا: هذا طلحةُ بن عبيد الله

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1222 -

أخبرني أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن أبي الوزير التاجر، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحَنْظَلي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا أَشْعَث بن عبد الملك الحُمْراني، عن محمد بن سِيْرين، عن خالد الحَذَّاء، عن أبي قِلَابة، عن أبي المهلَّب، عن عِمْران بن حُصَين: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تشهَّد في سَجدتي

= لا أظن أبا معاوية إلّا وهم في لفظ هذا الإسناد. ونقل ابن عبد البر عن يحيى بن معين قوله: خطأ، ليس يُرفَع.

وأخرجه عبد الرزاق (3486) عن سفيان الثوري، وأبو يعلى (760)، والضياء المقدسي (1036) من طريق وكيع، وابن المنذر في "الأوسط"(1662) من طريق يعلى بن عبيد، و (1690) من طريق زهير بن معاوية، وابن عبد البر 10/ 200 من طريق محمد بن عبيد، أربعتهم عن إسماعيل بن أبي خالد، به موقوفًا، لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه كذلك موقوفًا عبد الرزاق (3486)، وابن أبي شيبة 2/ 34، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 441، والطبراني في "الأوسط"(1413) من طريق أبي بشر بيان بن بشر، عن قيس بن أبي حازم، عن سعد بن أبي وقاص.

(1)

حديث صحيح وهذا إسناد حسن. وهو مكرر (974).

ص: 150

السَّهو، ثم سلَّم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، إنما اتَّفقا على حديث خالد الحَذَّاء عن أبي قِلابة

(2)

، وليس فيه ذِكرُ التشهد لسجدتي السهو:

1223 -

أخبرَناه أبو أحمد بن أبي الحسن، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا أشعث، عن محمد بن سِيرين، عن خالد الحَذَّاء، عن أبي قِلابة، عن أبي المهلَّب، عن عِمْران بن حُصَين: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم فسَهَا في صلاته، فَسَجَدَ سَجدَتي السَّهو بعد السَّلام والكلام

(3)

.

(1)

إسناده صحيح، إلّا أنَّ ذكر التشهد في سجدتي السهو شاذٌّ في حديث عمران بن حصين، فقد رواه جمع عن خالد الحذاء لم يذكروا فيه التشهد، وقد حكم عليه بالشذوذ البيهقي في "السنن" 2/ 355، والحافظ ابن حجر في "الفتح" 4/ 491، إلّا أنَّ الحافظ استدرك وذكر له شاهدين بإسنادين ضعيفين عن ابن مسعود والمغيرة، فحسّنه بمجموعها، انظر تفصيل ذلك في تعليقنا على "سنن أبي داود"(1039).

خالد الحذاء: هو ابن مهران، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي، وأبو المهلب: هو الجرمي البصري، مختلف في اسمه.

وأخرجه أبو داود (1039)، والترمذي (395)، وابن حبان (2670) و (2672) من طريقين عن محمد بن عبد الله الأنصاري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وانظر ما بعده.

(2)

حديث خالد الحذاء عن أبي قلابة إنما انفرد بإخراجه مسلم من بينهما، ولم يخرجه البخاري، كما سيأتي في التخريج.

(3)

إسناده صحيح. محمد بن يحيى: هو الذهلي.

وأخرجه النسائي (609) و (1160) عن محمد بن يحيى الذهلي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 33/ (19828) و (19868) و (19960)، ومسلم (574)، وأبو داود (1018)، وابن ماجه (1215)، والنسائي (580) و (610) و (1161) و (1255)، وابن حبان (2654) و (2671) و (2673) من طرق ثمانية عن خالد بن مهران الحذاء، به. وذكر بعضهم فيه قصة ذي اليدين، وفيه: فصلى الركعة التي كان ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو، ثم سلم.

وانظر ما قبله.

ص: 151

1224 -

أخبرني أبو بكر محمد بن أحمد بن حاتم العدل بمَرْو، حدثنا محمد بن عمرو الفَزَاري، حدثنا يوسف بن عيسى، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا عبد الله بن كَيْسان، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سَمَّى سَجدَتي السَّهو المُرغِمَتين

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وأبو مجاهد عبد الله بن كَيْسان ثقةٌ ممن يُجمَع حديثُه في المَراوِزَة.

1225 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن الحَسَن بن بَيَان، حدثنا عبد الله بن رَجَاء، أخبرنا حرب بن شَدَّاد، أخبرنا يحيى بن أبي كَثِير، حدثني عِيَاض قال: سألتُ أبا سعيد الخُدْري فقلت: أحدُنا يصلي فلا يدري كم صلى، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلَّى أحدكم فلم يَدْرِ كم صلَّى، فليسجد سجدتين، وإذا جاء أحدَكُم الشيطانُ فقال: إنك قد أحدثْتَ، فليقل: كذبتَ، إلّا ما وَجَدَ رِيحًا بأنفه، أو سَمِع صوتًا بأُذنِه"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1226 -

حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام، حدثنا جعفر بن محمد بن الفُضَيل الراسِيّ، حدثنا عمَّار بن مَطَر الرُّهَاوي، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت، عن أبيه، عن مكحول، عن كُرَيب مولى ابن عباس، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَها في

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن كيسان. وهو مكرر (976).

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عياض: وهو ابن هلال. عبد الله بن رجاء: هو الغُداني.

وأخرجه مختصرًا دون قصة الحدث ابن ماجه (1204)، والترمذي (396)، والنسائي (590) من طريق هشام الدستوائي، والنسائي (591) من طريق شيبان النحوي، كلاهما عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد.

وهو مكرر الحديث برقم (469) غير أنَّ شيخ الحاكم هناك هو دعلج السِّجْزي.

وسلف من طريق عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري في قصة الشك في الصلاة برقم (1217).

ص: 152

صلاتِه في ثلاثٍ وأربعٍ فليُتمَّ، فإِنَّ الزيادةَ خيرٌ من النُّقْصان"

(1)

.

هذا حديث مفسَّرٌ صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1227 -

أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارِمي، حدثنا يحيى بن صالح الوُحَاظي، حدثنا أبو بكر العَنْسي، عن يزيد بن أبي حَبِيب، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا سَهْوَ فِي وَثْبةِ الصلاة إلّا قيامٌ عن جلوس، أو جلوسٌ عن قيام"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1228 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبَري وأبو بكر محمد بن جعفر المُزكِّي، قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا أحمد بن أبي شُعيب الحرَّاني، حدثنا محمد بن سَلَمة، عن محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن كُرَيب، عن ابن عباس قال: جلستُ إلى عمر بن الخطاب وهو خليفة، فقال: يا ابن عباس، ما سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من أحدٍ من أصحابه ما يَذكُر ما أَمرَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا سها المرءُ في صلاته؟ قلت: لا، أوَما سمعتَ يا أميرَ المؤمنين؟ قال: لا، فدخل علينا عبدُ الرحمن بن عوف فقال: فيما أنتما؟ فقال عمر: سألتُه

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، عمار بن مطر الرهاوي متروك الحديث، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه".

وسيأتي الحديث من وجه آخر عن مكحول أصحَّ من هذا، بسياق آخر برقم (1228).

ثابت والد عبد الرحمن: هو ابن ثوبان العنسي الشامي.

وأخرجه الدارقطني (1392) عن يعقوب بن إبراهيم البزاز، عن جعفر بن محمد بن فضيل، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة أبي بكر العنسي.

وأخرجه البيهقي 2/ 344 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال بإثره: وهذا حديث ينفرد به أبو بكر العنسي، وهو مجهول.

وأخرجه الدارقطني (1414)، والبيهقي 2/ 344 من طريق عبد الله بن حماد الآملي، عن يحيى بن صالح الوحاظي، به.

ص: 153

هل سَمِع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أو من أحدٍ من أصحابه يَذكُر ما أَمَر به رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سَها المرءُ في صلاته؟ فقال عبد الرحمن: عندي علمُ ذلك، فقال عمر: هَلُمَّ؛ فأنت العدل الرضا، فقال عبد الرحمن: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا شَكَّ أحدُكم في الاثنتين فليَجعلْهما واحدةً، وإذا شَكَّ في الاثنتين والثلاث فليَجعلْهما اثنتين، وإذا شَكَّ في الثلاث والأربع فليَجعلْهما ثلاثًا، ثم يُتمُّ ما بقي من صلاتِه حتى يكونَ الوهمُ في الزيادة، ثم يَسجُد سجدتينِ وهو جالسٌ قبل أن يُسلِّم"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، شاهدٌ لحديث عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان الذي أمليتُ قبل هذا بحديثين.

1229 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مُنقِذ الخَوْلاني، حدثنا إدريس بن يحيى، حدثنا بَكْر بن مُضَر، عن يزيد بن أبي حَبِيب، أنه سَمِع عبد الرحمن بن شُمَاسة المَهْريَّ يقول: صلى بنا عقبةُ بن عامر الجُهَني، فقام وعليه

(1)

حسن لغيره، محمد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد اختلف عليه في هذا الإسناد، فروي عنه موصولًا ومرسلًا، والظاهر أنه سمعه من مكحول مرسلًا، ثم سمعه من حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن مكحول، عن كريب، عن ابن عباس، كما بيَّن ذلك رواية أحمد 3/ (1677)، وحسين ضعيف. انظر بسط هذا الكلام في تعليقنا على "المسند" 3/ (1656). مكحول: هو أبو عبد الله الشامي، وكريب: هو ابن أبي مسلم، مولى ابن عباس.

وأخرجه ابن ماجه (1209) عن محمد بن أحمد الصيدلاني، عن محمد بن سلمة، بهذا الإسناد. لم يذكر فيه قصة عمر بن الخطاب.

وأخرجه أحمد 3/ (1656)، والترمذي (398) من طريق إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، به. ولم يذكر الترمذي فيه قصة عمر. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقد روي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن عوف من غير هذا الوجه؛ رواه الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلنا: رواية الزهري هذه أخرجها أحمد في "المسند" 3/ (1689) من طريق إسماعيل بن مسلم المكي عنه، وهو واهٍ متروك الحديث، وتابعه سفيان بن حسين عن الزهري عن الدارقطني (1415)، وهذا أيضًا ضعيف.

ص: 154

جلوسٌ، فقال الناس: سبحان الله، سبحان الله، فلم يجلِسْ، ومضى على قيامِه، فلمَّا كان في آخر صلاتِه سَجَدَ سجدتين وهو جالس، فلمَّا سلَّم قال: إني سمعتُكم آنفًا تقولون: سبحان الله، لِكَيما أَجلِسَ، لكنَّ السُّنةَ الذي صنعتُ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (1940) من طريق قتيبة بن سعيد، عن بكر بن مضر، بهذا الإسناد.

ص: 155

‌من كتاب الاستسقاء

1230 -

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزُّهري، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة العُمَري، حدثنا محمد بن عَوْن بن الحَكَم، عن أبيه، قال: قال لي محمد بن مسلم بن شهاب الزُّهري، أخبرني أبو سَلَمة، أنَّ أبا هريرة قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خَرَجَ نبيٌّ من الأنبياء يستسقي، فإذا هو بنَمْلةٍ رافعةٍ بعضَ قوائمِها إلى السماء، فقال: ارجِعُوا فقد استُجيب لكم من أجل شأنِ النَّمْلة"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف، محمد بن عون بن الحكم وأبوه لا يكادان يعرفان، ومحمد بن عون هذا هو غير مولى أم حكيم الذي يروي عنه عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، كما توهمه البعض، فعبد العزيز بن أبي سلمة العمري هذا الذي في إسناد الحاكم هو: ابن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن المدني.

وأخرجه الدارقطني (1797) من طريق أحمد بن سعد الزهري، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار"(875)، وأبو الشيخ في "العظمة" 5/ 1753، والخطيب في "تاريخ بغداد" 13/ 533، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 22/ 288 من طريق سلامة بن روح، عن عُقَيل بن خالد، عن الزهري، به. وسلامة بن روح ليس بذاك القوي واتهمه أبو حاتم الرازي بالغفلة.

وقد سمَّى الزهري النبيَّ سليمانَ بن داود، أخرجه ابن عساكر 22/ 288 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري: أن سليمان بن داود خرج

الحديث، فذكره من قول الزهري ولم يرفعه.

وأخرجه أحمد في "الزهد"(449)، وابن أبي حاتم في "التفسير" 9/ 2858، والطبراني في "الدعاء"(968)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 3/ 101، وابن عساكر 22/ 286 و 287 من طريق مسعر، عن زيد العمِّي، عن أبي الصِّدِّيق الناجي قال: خرج سليمان بن داود عليهما السلام بالناس يستسقي. فذكره من قوله ولم يرفعه. وزيد العمي هذا ضعيف.

وأخرجه كذلك ابن عساكر 22/ 287 من طريق عبد الملك بن عمير، عن رجل من بني سليم، عن كعب الأحبار قوله. وهذا إسناد ضعيف لإبهام الرجل من بني سليم.

ص: 156

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1231 -

حدثنا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن المنصور في دار أمير المؤمنين المنصور إملاءً، حدثنا محمد بن يوسف بن عيسى بن الطَّبَّاع، حدثني عمِّي إسحاق بن عيسى، حدثنا حفص بن غِيَاث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: استَسقَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وحوَّل رِداءَه ليتحوَّل القَحْطُ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1232 -

حدثني علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا هشام بن عليٍّ السَّدُوسي، حدثني سَهْلُ بن بَكَّار، حدثنا محمد بن عبد العزيز بن عبد الملك، عن أبيه، عن طلحة بن يحيى قال: أرسلني مروانُ إلى ابن عباس أسأله عن سُنَّة الاستسقاء، فقال: سُنَّة الاستسقاء سُنَّةُ الصلاة في العيدين، إلّا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَلَبَ رِداءَه فجعل يمينه على يساره، ويسارَه على يمينه، فصلى الركعتين، فكبَّر في الأولى سبع تكبيرات، وقرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، وقرأ في الثانية {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} ، وكبَّر فيها خَمسَ تكبيرات

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات، وقد اختلف فيه على إسحاق بن عيسى، فرواه ابن أخيه محمد بن يوسف عنه كما في هذا الإسناد، فجعله من مسند جابر، ورواه محمد بن عبد الله بن أبي الثلج - وهو ثقة - عنه، عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه مرسلًا، لم يذكر جابرًا. وجعفر بن محمد هذا: هو ابن علي بن الحسين أبو عبد الله الصادق، وأبوه هو: أبو جعفر الباقر.

وأخرجه البيهقي 3/ 351 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال بإثره: كذا قال: عن جابر، ورواه غيره عن إسحاق بن عيسى فلم يذكر فيه جابرًا، وجعله من قول أبي جعفر.

وأخرجه الدارقطني (1798) من طريق محمد بن عبد الله بن أبي الثلج، عن إسحاق بن عيسى الطباع، عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: استسقى رسول الله

الحديث، لم يذكر جابرًا.

قوله: ليتحول القحط: يعني تفاؤلًا بتحويل الحال عما هي عليه.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، محمد بن عبد العزيز بن عبد الملك متروك، كما قال النسائي وغيره، =

ص: 157

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1233 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح السَّهْمي، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا إسماعيل بن ربيعة بن هشام بن إسحاق، قال: سمعت أبي

(1)

يحدِّث عن أبيه إسحاق بن عبد الله: أنَّ الوليد أرسَلَه إلى ابن عباس فقال: يا ابن أخي، كيف صَنَع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء يومَ استَسقَى بالناس؟ فقال: خَرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم متخشِّعًا، مُتذلِّلًا، متبذِّلًا، فصنع فيه كما يَصنَع في الفِطْر والأضحى

(2)

.

هذا حديثٌ رواتُه مِصريون ومدنيون، ولا أعلم أحدًا منهم منسوبًا إلى نوعٍ من الجَرح، ولم يُخرجاه.

وقد رواه سفيان الثوري عن هشام بن إسحاق:

1234 -

أخبرَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا علي بن الحسين الصَّفَّار ببغداد، حدثنا هارون بن إسحاق الهَمْدَاني، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن

= وقال البخاري: منكر الحديث. وأبوه مجهول الحال. ويغني عنه الحديث الآتي بعده.

(1)

كذا وقع عند الحاكم "سمعت أبي"، وصوابه:"سمعت جدي"، وقد جاء على الصواب في "مسند أحمد" وغيره.

(2)

إسناده حسن من أجل هشام بن إسحاق، وهو ابن عبد الله بن كنانة، فهو صدوق حسن الحديث.

وأخرجه أحمد 4/ (2423) عن أبي سعيد عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري، عن إسماعيل بن ربيعة بن هشام، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (1165)، والترمذي (558)، والنسائي (1820) و (1824) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن هشام بن إسحاق، به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

وانظر ما قبله، وما بعده.

والوليد الذي سأل ابن عباس: هو الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وكان واليًا على المدينة من قِبل عمه معاوية. انظر "السير" 3/ 534.

والتبذُّل: قال في "النهاية": ترك التزيّن والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع.

ص: 158

هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كِنانة، عن أبيه قال: أرسَلَني أميرٌ من الأمراء إلى ابن عباس أسأله عن الصلاة في الاستسقاء، فقال ابن عباس: ما مَنَعَه أن يسألني؟ خَرَج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم متواضعًا، مُتبذِّلًا، متخشِّعًا، مُتضرِّعًا، مُترسِّلًا، فصلَّى ركعتين كما يصلي في العيد، ولم يَخطُب خُطبتَكم

(1)

.

1235 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، أخبرني أبي، حدثنا عبد الرحمن.

وأخبرني الحسين بن علي، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدثنا شعبة، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يَرفَعُ يديه في شيء من دُعائِه إلّا في الاستسقاء.

قال شعبة: فقلت لثابت: أأنتَ سَمِعتَه من أنس؟ قال: سبحان الله، قلت: أأنت سَمِعتَه من أنس؟ قال: سبحان الله

(2)

.

(1)

إسناده حسن كسابقه.

وأخرجه أحمد 3/ (2029) و 5/ (3331)، وابن ماجه (1266)، والترمذي (559)، والنسائي (1839) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (1839)، وابن حبان (2862) من طريقين عن سفيان الثوري، به.

قوله: "مترسلًا" أي: متأنيًا، قال في "النهاية": يقال: ترسل الرجل في كلامه ومشيه: إذا لم يعجل.

وقوله: "ولم يخطب خطبتكم" قال الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 242: مفهومه أنه خطب، لكنه لم يخطب خطبتين كما يفعل في الجمعة، ولكنه خطب واحدة، فلذلك نفى النوع ولم ينف الجنس. ويؤيد ما ذهب إليه الزيلعي حديث عائشة الآتي برقم (1240)، فإنَّ فيه أنه خطب، وفي بعض طرقه: أنه خطب خطبة واحدة، والله أعلم.

(2)

إسناده صحيح. محمد بن إسحاق: هو ابن خزيمة، وشعبة: هو ابن الحجاج، وثابت: هو ابن أسلم البُناني.

وأخرجه النسائي (1440) عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 20/ (13187) و (13257)، والنسائي (1441) من طرق عن شعبة، عن ثابت، =

ص: 159

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد خرَّجه مسلم من حديث يحيى بن أبي بُكَير عن شعبة

(1)

.

1236 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا جدِّي، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عُمَارة بن غَزِيَّة، عن عبَّاد بن تمِيم، عن عبد الله بن زيد قال: استسقَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعليه خَمِيصةٌ سوداء، فأرادَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يأخُذَ بأسفَلِها فيَجعَلَه أعلاها، فلما ثَقُلت عليه قَلَبَها على عاتقِه

(2)

.

= عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الدعاء حتى يُرى بياض إبطيه. قال شعبة: فذكرت ذلك لعلي بن زيد، فقال: إنما ذلك في الاستسقاء، قال: قلت: أسمعته من أنس؟ قال: سبحان الله. قال: قلت: أسمعته منه؟ قال: سبحان الله.

وأخرجه كذلك أحمد 20/ (12903)، و 21/ (13726)، ومسلم (895)(5)، وابن حبان (877) من طرق أخرى عن شعبة، به. لم يذكروا فيه قصة علي بن زيد بن جدعان.

وأخرج أحمد 20/ (12554)، و 21/ (13536)، ومسلم (895)(7)، وأبو داود (1171) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم استسقى، فأشار بظهر كفيه إلى السماء.

وأخرج أحمد 20/ (12867) و 21/ (14006)، والبخاري (1031) و (3565)، ومسلم (896)، وأبو داود (1170)، وابن ماجه (1180)، والنسائي (1442) و (1832)، وابن حبان (2863) من طريق قتادة، عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلّا في الاستسقاء، وإنه يرفع حتى يُرى بياض إبطيه.

(1)

مسلم برقم (895)(5)، ولفظه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الدعاء، حتى يُرى بياض إبطيه. ليس فيه ذكر الاستسقاء. وعلَّقه كذلك البخاري (1030) و (6341) قال: قال الأويسي: حدثني محمد بن جعفر، عن يحيى بن سعيد وشريك، سمعا أنسًا، عن النبي صلى الله عليه وسلم. فذكره دون قصة الاستسقاء أيضًا.

(2)

إسناده حسن، عبد العزيز بن محمد - وهو الدراوردي - وإبراهيم بن حمزة - وهو ابن محمد بن حمزة بن مصعب الزبيري - صدوقان.

وأخرجه ابن حبان (2867) من طريق محمد بن يحيى الذهلي، عن إبراهيم بن حمزة، بهذا الإسناد. =

ص: 160

قد اتفقا على إخراج حديث عبَّاد بن تمِيم، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، وهو صحيح على شرط مسلم.

1237 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامِريُّ، حدثنا محمد بن عُبيد، حدثنا مِسْعَر بن كِدَام، عن يزيد الفَقِير، عن جابر بن عبد الله قال: أتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بَوَاكٍ، فقال:"اللهمَّ اسقِنا غيثًا مُغيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا، عاجلًا غيرَ آجل، نافعًا غير ضارّ" فأطبقَت عليهم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

= وأخرجه أحمد 26/ (16462) و (16473)، وأبو داود (1164)، والنسائي (1822) من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، به.

وقد روي الحديث مطولًا ومختصرًا من غير وجه عن عباد بن تميم، لم يذكر أحد منهم قصة الخميصة السوداء.

فقد أخرجه أحمد (16432)، والبخاري (1028)، ومسلم (894)(3)، وأبو داود (1166)، وابن ماجه (1267 م)، والنسائي (1819) و (1827) و (1838) من طريق أبي بكر بن محمد بن عمرو، وأحمد (16434)، والبخاري (1005) و (1012) و (1026)، و (1027)، ومسلم (894)(1) و (2)، وأبو داود (1167)، وابن ماجه (1267)، والنسائي (504) و (1826) و (1828) من طريق عبد الله بن أبي بكر، وأحمد (16436)، والبخاري (1023) و (1024) و (1025)، ومسلم (894)(4)، وأبو داود (1161) و (1162) و (1163)، والترمذي (556)، والنسائي (1823) و (1825) و (1829) و (1840)، وابن حبان (2864) و (2865) و (2866) من طريق الزهري، والبخاري (1011) من طريق محمد بن أبي بكر، و (6343) من طريق عمرو بن يحيى المازني، خمستهم عن عباد بن تميم، به. وبعضهم يزيد فيه على بعض.

(1)

إسناده صحيح. محمد بن عبيد: هو الطنافسي.

وأخرجه أبو داود (1169) عن ابن أبي خلف، عن محمد بن عبيد، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث ابن عباس عند ابن ماجه (1270)، ورجاله ثقات، إلا أنه اختلف في وصله وإرساله أيضًا.

وحديث كعب بن مرة عند ابن ماجه أيضًا (1269)، ورجاله ثقات إلّا أنَّ في إسناده انقطاعًا، ولكنه يصلح للشواهد.

ص: 161

1238 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا عُبيدُ بن شَرِيك، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن يزيد بن عبد الله، عن عُمَير مولى آبي اللَّحْم، عن آبي اللحم: أنه رأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عند أحجار الزَّيت يَستسقِي مُقْنِعًا بكفَّيه يدعو هكذا

(1)

.

(1)

حديث صحيح، رجاله ثقات، إلا أن سعيد بن أبي هلال وقع له في هذا الإسناد وهمٌ بإسقاط محمد بن إبراهيم التيمي بين يزيد بن عبد الله - وهو ابن الهاد - وبين عمير مولى آبي اللحم، والعجيب أنَّ الحافظ ابن حجر قد وهم في "إتحاف المهرة" 1/ 171 فأثبته، فيبدو أنه سلك فيه طريق الجادّة، والله أعلم.

الليث: هو ابن سعد، وخالد بن يزيد: هو الجمحي المصري، وآبي اللحم اسمه: عبد الله بن عبد الملك من بني غِفار، قيل: سُمِّي آبي اللحم لأنه كان يأبى أن يأكل اللحم.

وأخرجه أحمد 36/ (21943)، والترمذي (557)، والنسائي (1833) عن قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. قال الترمذي: كذا قال قتيبة في هذا الحديث: عن آبي اللحم، ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم إلّا هذا الحديث الواحد، وعمير مولى آبي اللحم قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وله صحبة.

وقد تابع يحيى بنَ بكير وقتيبةَ بنَ سَعيد على جعله من حديث آبي اللحم: عبدُ الله بن صالح، عن الليث بن سعد، به عند الطبراني (6714).

وسيأتي الحديث برقم (1984) من طريق عبد الله بن عبد الحكم وشعيب بن الليث، كلاهما عن الليث بن سعد، به، لم يذكرا فيه آبي اللحم. لكن وقع في "تلخيص الذهبي" هناك زيادة "آبي اللحم"، وكذا في "إتحاف المهرة"، ولكنها لم ترد في أصولنا الخطية، والله أعلم.

وبرقم (6759) من طريق ابن لهيعة، عن محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ، عن عمير مولى آبي اللحم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر فيه آبي اللحم أيضًا، ويأتي تخريجه من هذه الطريق هناك.

وأخرجه أحمد 36/ (21944) و (21945)، وأبو داود (1168)، وابن حبان (878) و (879) من طريق حيوة وعمر بن مالك - جمعهما بعضهم، وبعضهم فرَّقهما - عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن عمير مولى آبي اللحم: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت، قريبًا من الزوراء، قائمًا، يدعو يستسقي، رافعًا يديه قِبل وجهه، لا يجاوز بهما رأسه.

وأخرج أحمد 26/ (16413)، وأبو داود (1172) من طريق شعبة، عن عبد ربه بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، أخبرني من رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند أحجار الزيت باسطًا كفيه. =

ص: 162

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وعُمير مولى آبي اللَّحْم له صُحْبة.

وبصحة ذلك:

1239 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ، حدثنا محمد بن نُعَيم، حدثنا قُتيبة، حدثنا بِشْر بن المفضَّل، عن محمد بن زيد، عن عُمَير مولى آبي اللَّحم قال: شهدتُ خيبرَ مع سادتي، فكلَّموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيَّ، وأخبروه أني مملوك، فأمرني فقُلِّدتُ السيف، فإذا أنا أَجُرُّه، فأَمَر لي بشيءٍ من خُرْثِيِّ المتاع، وعَرَضتُ عليه رُقْيةً كنتُ أَرقي بها المجانين، فأَمَرَني بطَرْح بعضِها وحبْسِ بعضِها

(1)

.

= وقوله: "أحجار الزيت" قال ياقوت: موضع بالمدينة قريب من الزوراء، وهو موضع صلاة الاستسقاء.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن إن شاء الله، محمد بن نعيم - وهو ابن عبد الله، أبو بكر النيسابوري المديني - ذكر الذهبي له ترجمة في "تاريخ الإسلام" 6/ 826، وذكر جمعًا رووا عنه، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وقد توبع. قتيبة: هو ابن سعيد، ومحمد بن زيد: هو ابن مهاجر بن قنفذ.

وأخرجه الترمذي (1557)، والنسائي (7493) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 36/ (21941) عن عبد الرحمن بن إسحاق، وابن ماجه (2855) من طريق هشام بن سعد، وابن حبان (4831) من طريق حفص بن غياث، ثلاثتهم عن محمد بن زيد بن مهاجر، به. ولم يذكر ابن ماجه وابن حبان قصة الرقية، وتحرف "خيبر" في مطبوع ابن حبان إلى: حنين، وقد جاء على الصواب في "موارد الظمآن"(1669).

وقد رواه جمع عن حفص بن غياث كلهم قال: خيبر، أخرج ذلك ابن أبي شيبة 12/ 406 و 14/ 466، والدارمي (2518)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2617)، وابن الجارود (1087)، وأبو عوانة (6899)، وابن المنذر في "الأوسط"(319)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5274)، والبيهقي 6/ 332.

ورواه يعقوب الدورقي عن حفص بن غياث عند الدارقطني في "العلل"(3183)، فقال فيه: حنين، ونظنه تحريفًا، أو وهمًا من يعقوب، والله أعلم.

وسيأتي الحديث عند المصنف برقم (2649) من طريق الإمام أحمد بن حنبل عن بشر بن المفضل. وخُرْثيّ المتاع: أثاث البيت ومتاعه. قاله في "النهاية".

ص: 163

1240 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا هارون بن سعيد الأَيْلي، حدثني خالد بن نِزَار، حدثنا القاسم بن مبرور، عن يونس بن يزيد، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة قالت: شكا الناسُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قُحُوطَ المطر، فأمر بمِنبَر فوضع له في المصلَّى، ووَعَدَ الناس يومًا يخرُجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بَدَا حاجبُ الشمس، فقعد على المِنبَر فكبَّر وحَمِدَ الله ثم قال:"إنكم شَكَوتم جَدْبَ ديارِكم، واستِئخارَ المطرِ عن إبّانِ زمانِه، وقد أَمَرَكم الله أن تَدْعُوه، ووَعَدَكم أن يستجيبَ لكم" ثم قال: " {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، لا إله إلا الله، يَفعلُ ما يريد، اللهم أنتَ الله لا إله إلّا أنتَ الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزِلْ علينا الغَيْث، واجعلْ ما أنزلتَ لنا قوةً وبَلاغًا إلى حِين"، ثم رَفَعَ يديه، فلم يَزَلْ في الرفع حتى بَدَا بياضُ إبْطَيه، ثم حوَّل إلى الناس ظَهرَه وقَلَبَ - أو حوَّل - رِداءَه وهو رافعٌ يديه، ثم أقبَلَ على الناس ونَزَلَ فصلى ركعتين، فأنشأَ الله سحابًا فرَعَدَتْ وبَرَقَتْ، ثم أمطَرَتْ بإذن الله، فلم يأتِ مسجدَه حتى سالتِ السُّيول، فلمَّا رأى سُرعتَهم إلى الكِنِّ ضَحِكَ حتى بَدَتْ نواجِذُه، فقال:"أشهدُ أن الله على كل شيءٍ قدير، وأني عبدُ الله ورسولُه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1241 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا وَهْب بن جَرِير، حدثنا شُعبة.

(1)

إسناده حسن من أجل القاسم بن مبرور وخالد بن نزار.

وأخرجه أبو داود (1173) عن هارون بن سعيد الأيلي، بهذا الإسناد. وقال بإثره: حديث غريب إسناده جيد، أهل المدينة يقرؤون (مَلِكِ يوم الدِّين)، وإن هذا الحديث حجة لهم.

وأخرجه ابن حبان (991) و (2860) من طريق طاهر بن خالد بن نزار، عن أبيه، به.

قوله: "الكِنّ" بكسر الكاف وتشديد النون: ما يردُّ الحر والبرد من الأبنية والمساكن.

ص: 164

وأخبرني عبد الرحمن بن الحُصَين القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مُرَّة، عن سالم بن أبي الجعد، عن شُرَحْبيل بن السِّمْط، أنه قال لكعب بن مُرَّة أو مُرَّة بن كعب: حدِّثنا حديثًا سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على مُضَر، فأتيته فقلت: يا رسول الله، إنَّ الله قد أعطاك واستجاب لك، وإنَّ قومَك قد هلكوا، فادْعُ الله لهم، فقال:"اللهمَّ اسقنا غيثًا مُغيثًا، مَريئًا سريعًا، غَدَقًا طَبَقًا، عاجلًا غيرَ رائثٍ، نافعًا غيرَ ضارّ"، فما كانت إلّا جمعةٌ أو نحوُها حتى سُقُوا

(1)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، سالم بن أبي الجعد لم يسمع من شرحبيل بن أبي السمط.

وأخرجه أحمد 29/ (18062) عن محمد بن جعفر، عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (18066)، وابن ماجه (1269) من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة، به. إلّا أنه قال: عن كعب بن مرة، بدون شك، وزاد في آخره: فأتوه فشكوا إليه المطر، فقالوا: يا رسول الله، تهدمت البيوت، فقال:"اللهم حوالينا ولا علينا" قال: فجعل السحاب يتقطع يمينًا وشمالًا.

وانظر ما بعده.

ويشهد له حديث جابر بن عبد الله عند أبي داود (1169)، وإسناده صحيح.

وحديث ابن عباس عند ابن ماجه (1270)، ورجاله ثقات، على اختلاف في وصله وإرساله.

وقد ثبت الدعاء على مضر من حديث أبي هريرة عند البخاري (4560)، ومسلم (675)، وهو في "مسند أحمد" 12/ (7465)

وثبت الدعاء في الاستسقاء من حديث أنس بن مالك عند البخاري (932) و (1014)، ومسلم (897)، وهو في "مسند أحمد" 20/ (13016)

قوله: "مريئًا" قال ابن الأثير في "النهاية": يقال: مَرَأني الطعامُ، وأمرأني، إذا لم يثقل على المعدة، وانحدر عنها طيبًا.

"غدقًا": قال: المطر الكبار القطر.

"طبقًا" أي: مالئًا للأرض مغطيًا لها، يقال: غيثٌ طبقٌ، أي: عامٌّ واسع.

"غير رائث" أي: غير بطيء متأخر.

ص: 165

هذا حديث صحيح إسناده على شرط الشيخين، فإنّ بهزَ بن أسَد العَمِّي الثقة الثَّبْت قد رواه عن شعبة بإسناده عن مُرَّةَ بن كعب ولم يَشُكَّ فيه، ومُرَّة بن كعب البَهْزيّ صحابيٌّ مشهور:

1242 -

حدَّثَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا محمد بن محمد بن سليمان، حدثنا عليُّ بن عبد الله المَديني، حدثنا بَهْزُ بن أسد، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مُرَّة، عن سالم بن أبي الجعد، عن شُرَحْبيل بن السِّمْط، عن مُرَّة بن كعب: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا في الاستسقاء فقال: "اللهم اسقنا غيثًا مُغيثًا، مَريئًا سريعًا، غَدَقًا طَبَقًا، عاجلًا غير رائثٍ، نافعًا غيرَ ضارّ"، فما كانت إلّا جمعةٌ أو نحوُها حتى سُقُوا

(1)

.

آخر كتاب الاستسقاء

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه.

ص: 166

‌من كتاب الكسوف

1243 -

أخبرني أبو قُتيبة سَلْم بن الفضل الأَدَمي بمكة، حدثنا أبو شعيب الحرَّاني، حدثنا علي بن عبد الله المَدِيني، حدثنا سالم بن نوح العطّار، حدثنا سعيد بن إياس الجُريري، عن حيَّان بن عُمَير، عن عبد الرحمن بن سَمُرة قال: بينما أنا أَرمي أسهُمًا إذِ انكسفت الشمس، فنَبذتُها وانطلقتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهيتُ إليه وهو قائمٌ رافعٌ يديه يُسبِّح ويُكبِّر ويَحمَد ربَّه ويدعو، حتى انجلَتْ، وقرأ سورتين في ركعتين

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1244 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا حُمَيد بن عيَّاش الرَّمْلي، حدثنا مُؤمَّل بن إسماعيل، حدثنا سفيان، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو. وعن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: انكسفت الشمسُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطال القيامَ حتى قيل: لا يَرْكع، ثم رَكَع، فأطال الرُّكوع حتى قيل: لا يَرفَع، ثم رَفَع رأسه، فأطال القيام حتى قيل: لا يَرْكع، ثم رَكَع، فأطال الرُّكوع حتى قيل: لا يَرفَع، ثم رَفَعَ رأسه، فأطال القيام حتى قيل: لا يَسجُد. وذَكَر باقي الحديث

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، سعيد بن إياس الجريري وإن كان قد اختلط، إلّا أنه قد روى هذا الحديث عنه غير واحد ممن سمع منه قبل الاختلاط، كإسماعيل ابن علية ووهيب بن خالد وغيرهما. أبو شعيب الحراني: هو عبد الله بن الحسن.

وأخرجه مسلم (913)(27) عن محمد بن المثنى، عن سالم بن نوح، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 34/ (20617)، ومسلم (913)(25) و (26)، وأبو داود (1195)، وابن حبان (2848) من طرق عن سعيد بن إياس الجريري، به.

(2)

صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد حسن من جهة عطاء بن السائب، من أجل مؤمل بن إسماعيل، لكنه قد توبع، وعطاء بن السائب سماع سفيان - وهو الثوري - منه قبل الاختلاط. أما =

ص: 167

حديث الثوري عن يعلى بن عطاء غريبٌ صحيح، فقد احتجَّ الشيخان بمؤمَّل بن إسماعيل، ولم يُخرجاه، فأما عطاء بن السائب فإنهما لم يخرجاه.

1245 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن مُكْرَم، حدثنا أبو النضر، حدثنا زهير.

وحدثنا علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نُعَيم، حدثنا زهير، عن الأسود بن قيس، حدثني ثعلبة بن عبَّاد العَبْدي من أهل البصرة: أنه شَهِد خُطبةً يومًا لسَمُرة بن جُنْدُب، فذكر في خُطبته، قال سَمُرة: بينما أنا يومًا وغلامٌ من الأنصار نرمي غَرَضًا لنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كانت الشمس

= من جهة يعلى بن عطاء فضعيف، لجهالة حال عطاء العامري، والد يعلى بن عطاء، فلم يرو عنه غير ابنه يعلى، كما قال أبو الحسن بن القطان.

وأخرجه البيهقي 3/ 324 عن أبي عبد الله الحاكم، بالإسنادين جميعًا.

وأخرجه البزار (2395)، وابن خزيمة (1393) عن محمد بن المثنى، عن مؤمل بن إسماعيل، بهما. قال البزار: وهذا الحديث معروف من حديث عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، وأما حديث يعلى بن عطاء فلا نعلم رواه إلّا مؤمل عن الثوري، فجمعهما.

قلنا: بل تابع مؤملًا عن الثوري أبو عامر العقدي، فقد أخرجه من طريقه البيهقي 3/ 324 عن سفيان الثوري، بالإسنادين جميعًا.

وأخرجه أحمد 11/ (6868) عن عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن عطاء بن السائب، بإسناده وحده، دون إسناد يعلى بن أمية.

وأخرجه مطولًا ومختصرًا أحمد (6483) و (6763)، وأبو داود (1194)، والنسائي (1880) و (1896)، وابن حبان (2838) من طرق عن عطاء بن السائب، به.

وأخرجه مختصرًا أحمد (7080) من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن السائب بن مالك والد عطاء، عن عبد الله بن عمرو.

وفي الباب عن جابر عند أحمد 22/ (14417)، ومسلم (904)، وأبي داود (1178) و (1179)، وابن حبان (2844).

وانظر تتمة أحاديث الباب عند حديث ابن عمر في "مسند الإمام أحمد" 10/ (5883).

ص: 168

على قِيْدِ رمحين أو ثلاثة في عين الناظر من الأُفُق، اسودَّت حتى آضَتْ كأنها تَنُّومة، فقال أحدنا لصاحبه: انطلِقْ بنا إلى المسجد، فوالله ليُحْدِثنَّ شأنُ هذه الشمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أُمته حَدَثًا، فَدَفَعْنا إلى المسجد، فإذا هو بارزٌ، فوافَقْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حين خَرَج إلى الناس، قال: فتقدَّمَ فصلَّى بنا كأطولِ ما قام بنا في صلاةٍ قطُّ، لا نَسمَعُ له صوتَه، ثم رَكَع بنا كأطولِ ما رَكَع بنا في صلاةٍ قطُّ، لا نسمع له صوتَه، ثم سجد بنا كأطولِ ما سجد بنا في صلاةٍ قطّ، لا نسمع له صوتَه، قال: ثم فعل في الركعة الثانية مثلَ ذلك، قال: فوافَقَ تجلِّي الشمس جُلوسَه في الركعة الثانية، قال: ثم سلَّم فحَمِد الله وأثنى عليه، وشهد أن لا إله إلّا الله، وشهد أنه عبدُه ورسولُه، ثم قال:"يا أيها الناس، إنما أنا بَشَرٌ ورسولُ الله، فأُذكِّرُكمُ اللهَ إن كنتُم تعلمون أني قصَّرتُ عن شيءٍ من تبليغ رسالاتِ ربي، لَمَا أخبرتموني، حتى أبلِّغَ رسالاتِ ربي كما ينبغي لها أن تُبلَّغ، وإن كنتُم تعلمون أني قد بلَّغتُ رسالاتِ ربي، لَمَا أخبرتموني"، قال: فقام الناس فقالوا: نَشهَدُ أنّك قد بلَّغتَ رسالاتِ ربِّك، ونصحتَ لأُمتك، وقضيتَ الذي عليك، قال: ثم سكتُوا.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمّا بعدُ، فإنَّ رجالًا يَزعُمون أنَّ كسوفَ هذه الشمس وكسوفَ هذا القمر وزوالَ هذه النُّجوم عن مَطالعِها لموتِ رجالٍ عظماءَ من أهل الأرض، وإنهم كَذَبوا، ولكنْ آياتٌ من آيات الله يَفتِنُ بها عبادَه لِينظُر من يُحدِثُ منهم توبةً، والله لقد رأيتُ منذ قمتُ أُصلي ما أنتم لاقونَ في دنياكم وآخرتِكم، وإنه والله لا تقومُ الساعة حتى يخرُج ثلاثون كذابًا، آخرُهم الأعور الدجال؛ ممسوحُ العين اليُسرى كأنها عينُ أبي تِحْيَى

(1)

- لشيخٍ من الأنصار - وإنه متى خَرَج، فإنه يَزعُم أنه الله، فمن آمن به وصدَّقه واتَّبعه فليس يَنفعُه صالحٌ من عملٍ سَلَفَ، ومن

(1)

تصحف في المطبوع إلى: يحيى، بالتحتانية آخر الحروف، والصواب: تحيى، بالتاء، وقد ضبطه ابن حجر في "الإصابة" 4/ 27 بكسر المثناة وسكون الحاء المهملة وفتح التحتانية.

ص: 169

كَفَر به وكذَّبه فليس يُعاقَب بشيءٍ من عملِه سَلَفَ، وإنه سيَظهَر على الأرض كلِّها إلّا الحرمَ وبيتَ المقدس، وإنه يَحصُر المؤمنين في بيت المقدس، فيُزلزَلُون زلزالًا شديدًا

(1)

، فيهزِمُه الله وجنودَه، حتى إن جِذْمَ الحائط - أو أصلَ الشجرة - ليُنادي: يا مؤمنُ، هذا كافرٌ يستتر بي تعالَ اقتلْه" قال:"فلن يكون ذلك حتى تَرَونَ أُمورًا يَتفاقَم شأنُها في أنفُسِكم، تسَّاءَلون بينكم: هل كان نبيُّكم ذَكَر لكم منها ذِكرًا؟ وحتى تزول جبالٌ عن مَراسِيها، ثم على أَثَر ذلك القَبْضُ" وأشار بيدِه.

قال: ثم شهدتُ خُطبةً أخرى قال: فذكر هذا الحديث ما قدَّمها ولا أخَّرها

(2)

.

(1)

ورد هنا في "صحيح ابن حبان"(2856) من وجه آخر عن الأسود بن قيس ما نصه: قال الأسود: وظني أنه قد حدثني أنَّ عيسى ابن مريم يصيح فيه.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة ثعلبة بن عباد، ولبعضه شواهد. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، وأبو نعيم: هو الفضل بن دكين، وزهير: هو ابن معاوية.

وأخرجه ابن حبان (2852) من طريق ابن أبي شيبة، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، بهذا الإسناد. ولم يسق لفظ خطبة النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه بطوله أحمد 33/ (20178)، ودون ذكر خطبة النبي صلى الله عليه وسلم أبو داود (1184)، والنسائي (1882) من طرق عن زهير بن معاوية، به.

وأخرجه أحمد (20190)، وابنه عبد الله في زياداته على "المسند"(20191)، وابن حبان (2856) من طريق أبي عوانة، عن الأسود بن قيس، به. اختصره أحمد وابنه ولم يذكراه بتمامه.

وأخرج أحمد (20180) عن أبي داود الحفري، عن سفيان، عن الأسود، عن ثعلبة، عن سمرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خطب حين انكسفت الشمس، فقال:"أما بعد".

وسيأتي مختصرًا بعدم الجهر في صلاة الكسوف برقم (1257) في أواخر هذا الباب، ويأتي تخريجه هناك.

قوله: "نرمي غَرَضًا" أي: هدفًا. "قِيد رمحين" بكسر القاف، أي: قدرهما.

"آضت" بالمد، أي: رجعت وصارت.

"تَنُّومة" بفتح مثناة من فوق وتشديد نون: نبتٌ لونه يضرب إلى السواد.

"يتفاقم": يتعاظم.

"تسّاءلون" بتشديد السين، أي: تتساءلون. قاله السندي في حاشيته على "مسند أحمد".

ص: 170

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1246 -

حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن دَرَستَوَيهِ الفارسي، حدثنا يعقوب بن سفيان الفارسي، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأُوَيْسي، حدثنا مسلم بن خالد، عن إسماعيل بن أُمية، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ الشمس كَسَفَت يومَ مات إبراهيم ابنُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فظنَّ الناس أنما انكَسَفَت لِموتِه، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أيها الناس، إنما الشمسُ والقمرُ آيتانِ من آيات الله، لا يَنكَسِفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه، فإذا رأيتم ذلك فقوموا إلى الصلاة وإلى ذِكرِ الله، وادعُوا، وتصدَّقوا"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1247 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن أحمد بن النَّضْر، حدثنا معاوية بن عمرو.

وأخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتَّاب العَبْدي ببغداد، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو حُذيفة موسى بن مسعود؛ قالا: حدثنا زائدة، عن هشام بن عُرْوة، عن فاطمة، عن أسماءَ، قالت: أمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعَتَاقةِ في كُسُوف الشَّمس

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد فيه ضعفٌ، مسلم بن خالد - وهو الزنجي - ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد توبع إلا في قوله:"وادعوا وتصدقوا"، لكن لهذه العبارة ما يشهد لها كما سيأتي بيانه.

وأخرجه ابن خزيمة (1400) عن محمد بن يحيى، عن عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 10/ (5883)، والبخاري (1042) و (3201)، ومسلم (914)، والنسائي (1857)، وابن حبان (2828) من طريق عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر. لم يذكر فيه قوله:"وادعوا وتصدقوا"، لكن هذه العبارة لها شاهد صحيح من حديث عائشة سيأتي برقم (1249).

(2)

إسناده صحيح. معاوية بن عمرو: هو ابن مهلَّب الأزدي، وزائدة: هو ابن قدامة، وفاطمة: =

ص: 171

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

وله شاهد صحيح على شرط مسلم:

1248 -

أخبرَناه إسماعيل بن محمد بن الفَضْل بن محمد الشَّعراني، حدثنا جَدِّي، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن هشام بن عُرْوة، عن فاطمة بنت المُنذِر، عن أسماءَ بنت أبي بكر قالت: أمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَعَتَاقةٍ حين كَسَفتِ الشَّمس

(1)

.

1249 -

حدثنا عمرو بن محمد العَدْلُ وأحمد بن يعقوب الثَّقَفي، قالا: حدثنا عمر بن حفص السَّدُوسي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا الليث بن سعد، عن هشام بن عُروة، عن عروة، عن عائشة قالت: خَسَفَت الشمسُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث وقال فيه:"فإذا رأيتُم ذلك فادْعُوا الله وصلُّوا وتصدَّقوا وأعتِقُوا"

(2)

.

= هي بنت المنذر، وهي امرأة هشام، وأسماء: هي بنت أبي بكر الصديق.

وأخرجه أحمد 44/ (26924)، وأبو داود (1192)، وابن حبان (2855) من طريق معاوية بن عمرو، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (2519) عن موسى بن مسعود، به.

وأخرجه البخاري (1054) عن ربيع بن يحيى، عن زائدة بن قدامة، به.

وأخرجه أحمد (26923)، والبخاري (2520) من طريق عثام بن علي، عن هشام بن عروة، به.

وانظر ما بعده.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل إبراهيم بن حمزة الزبيري وعبد العزيز بن محمد الدراوردي.

وعلَّقه البخاري بإثر الحديث (2519) عن علي بن المديني عن عبد العزيز الدراوردي.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم بن علي - وهو ابن عاصم بن صهيب الواسطي - وقد توبع.

وأخرجه مطوَّلًا ومختصرًا أحمد 40/ (24045) و 41/ (24571) و 42/ (25312) و (25352)، والبخاري (1044) و (1058)، ومسلم (901)(1) و (2)، وأبو داود (1191)، والنسائي (1872)، وابن حبان (2845) و (2846) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. =

ص: 172

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

1250 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار، حدثنا زكريا بن داود أبو يحيى الخَفّاف، حدثنا عبيد الله بن عمر بن مَيْسَرة، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي قِلَابة، عن النُّعمان بن بَشِير: أنَّ الشمس انكسفت، فصلَّى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين حتى انجَلَت، ثم قال: "إنَّ الشمس والقمر لا يَنكسفان لموت أحد، ولكنّهما خَلْقانِ من خَلْقِه، ويُحدِث الله في خَلْقِه ما شاء، ثم إِنَّ الله تبارك وتعالى إذا تجلَّى لشيءٍ

(1)

من خَلْقِه خَشع له، فأيهما انخسف فصلُّوا حتى يَنجَليَ أو يُحدِثَ الله أمرًا"

(2)

.

= ووقع في روايتي البخاري (1058) وأحمد (24571): "فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة" ليس فيهما: "ادعوا وتصدقوا وأعتقوا"، ورواية أحمد (24045) ذكر صفة صلاة الكسوف بطول القيام والركوع، ولم يذكر فيها: "فإذا رأيتم ذلك

" إلى آخره.

وستأتي قطع من حديث الكسوف من طريق عروة عن عائشة، بالأرقام (1254) و (1255) و (1258)، ومن طريق عطاء عن عائشة برقم (1251).

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: لبشر، وهو خطأ، والتصويب من "تلخيص الذهبي" ومصادر التخريج.

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه واضطرابه، ولاضطراب وشذوذ في متنه أيضًا، أبو قلابة - وهو عبد الله بن زيد الجرمي - لم يسمع من النعمان، وقد أشار البخاري إلى ضعف هذا الحديث فيما حكاه عنه الترمذي في "علله الكبير" 1/ 299 - 300. معاذ بن هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي.

وقوله في الحديث: "إنَّ الله تبارك وتعالى إذا تجلى لشيء من خلقه خشع" زيادة شاذة لم ترد في سائر الأحاديث الصحيحة الواردة في الكسوف، فليس في شيء منها أنَّ سبب الكسوف هو تجلي الله سبحانه وتعالى للشمس أو القمر.

وأخرجه مختصرًا النسائي (1886) عن محمد بن المثنى، عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد. (1886) ولفظه: أنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا انخسفت الشمس والقمر فصلوا كأحدث صلاة صليتموها".

وخالف ابنَ المثنى ابنُ بشار، فقد أخرجه النسائي (1888) و (11408) عن محمد بن بشار، عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن الحسن، عن النعمان بن بشير. فجعل الحسن البصري =

ص: 173

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.

1251 -

حدثنا علي بن عيسى الحِيْري، حدثنا مُسدَّد بن قَطَن، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا إسماعيل ابن عُلَيَّة، عن ابن جُريج، عن عطاء، قال: أخبَرَني من أُصدِّق - يريد عائشة - قالت: كَسَفَت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم قيامًا شديدًا، يقوم بالناس ثم يركع، ثم يقوم ثم يركع، ثم يقوم ثم يركع، فركع ركعتين في كلِّ ركعةٍ ثلاثُ رَكَعات، فركع الثالثة ثم سَجَد، حتى إنَّ رجالًا يومئذٍ ليُغشَى عليهم مما قام بهم، حتى إنَّ سِجَال الماء لتُصَبُّ عليهم؛ يقول

= بدلًا من أبي قلابة.

وأخرجه أحمد 30/ (18365) من طريق عبد الوهاب الثقفي، وأبو داود (1193) من طريق الحارث بن عمير البصري، كلاهما عن أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن أبي قلابة، عن النعمان بن بشير. في رواية الحارث: فجعل يصلي ركعتين ركعتين ويسأل عنها حتى انجلت. وفي رواية عبد الوهاب الثقفي: فكان يصلي ركعتين ويسأل، ويصلي ركعتين ويسأل، حتى انجلت. ورواية عبد الوهاب عن أيوب هذه تخالف روايته عن أيوب نفسه عن أبي قلابة عن قبيصة الهلالي الآتية برقم (1253)، فتلك فيها أنه صلى ركعتين فقط أطال فيهما القيام، وهذه فيها أنه صلى ركعتين ركعتين ويسأل حتى انجلت.

وقد تابع عبدَ الوهاب الثقفي في لفظه عبدُ الوارث بنُ سعيد، لكن خالفه في إسناده عن أيوب، فقد أخرجه أحمد (18351) من طريق عبد الوارث هذا عن أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل، عن النعمان بن بشير.

وأخرجه ابن ماجه (1262)، والنسائي (1883) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن النعمان بن بشير. وفيه: فلم يزل يصلي حتى انجلت الشمس، وزاد النسائي:"فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة".

وأخرجه أحمد (18392) و (18443)، والنسائي (1887) من طريق عاصم الأحول، عن أبي قلابة، عن النعمان بن بشير، بلفظ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى حين انكسفت الشمس مثل صلاتنا يركع ويسجد.

وللتوسع في تخريج هذا الحديث والكلام عليه انظر تعليقنا على "مسند أحمد" و"سنن أبي داود".

ص: 174

إذا ركع: "الله أكبر" وإذا رفع قال: "سمع الله لمن حَمِده" حتى تجلَّت الشمس، ثم قال:"إنَّ الشمس والقمر لا يَنكسفان لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه، ولكنهما آيتانِ من آياتِ الله يخوِّف بهما عبادَه، فإذا كَسَفا فافزعوا إلى الصلاة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما خرَّجه

(1)

رجاله ثقات، على خطأ وقع في إسناده هنا، فالصواب: عن عطاء عن عبيد بن عمير، قال: أخبرني من أُصدِّق، هكذا رواه أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة، وكذا في سائر مصادر التخريج، ولا ندري هل الخطأ ممن هو دون عثمان بن أبي شيبة، أم أنه سقطٌ قديمٌ من نسخ "المستدرك".

ثم إنَّ الحديث معلٌّ في مخالفة عبيد بن عمير سائر الرواة عن عائشة الذين رووا صفة صلاته صلى الله عليه وسلم للكسوف بأنها أربع ركوعات وأربع سجدات، ومعلٌّ أيضًا في الاختلاف في رفعه ووقفه، انظر تفصيل ذلك في تعليقنا على "سنن أبي داود" (1177). ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه أبو داود (1177) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وذكر فيه عبيد بن عمير بين عطاء وعائشة، وكذلك سائر مصادر التخريج فيما سنذكره.

وأخرجه النسائي (1866) عن يعقوب بن إبراهيم، عن إسماعيل ابن علية، به.

وأخرجه مسلم (901)(6) من طريق محمد بن بكر، عن ابن جريج، به.

وأخرج أحمد 41/ (24472) من طريق حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في صلاة الإنابة فيركع ثلاث ركعات ثم يسجد، ثم يركع ثلاث ركعات ثم يسجد.

ورواه هشام الدستوائي عن قتادة واختلف عليه فيه، فرواه عنه ابنه معاذ فرفعه، ورواه غيره فوقفه، كما:

أخرجه مسلم (901)(7)، والنسائي (508) و (1867)، وابن حبان (2830) من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة: أنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى ست ركعات وأربع سجدات. فذكره مرفوعًا.

وأخرجه النسائي (509) و (1868) من طريق وكيع، و (510) من طريق يحيى بن سعيد، كلاهما عن هشام به إلى عائشة قالت: صلاة الآيات ست ركعات في أربع سجدات. فذكراه هكذا موقوفًا.

وانظر ما سلف برقم (1249).

ص: 175

مسلم من حديث معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن عطاء، عن عُبَيد بن عُمَير، بغير هذا اللفظ.

1252 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى القاضي ببُخارى، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرَّازي، حدثني أبي، عن أبيه، عن الرَّبيع بن أنس، عن أبي العاليَة، عن أُبي بن كعب قال: انكَسَفَت الشمسُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم فقرأ سورةً من الطُّوَل، ثم رَكَع خمسَ رَكَعات، وسَجَد سجدتين، ثم قام الثانيةَ فقرأ من الطُّوَل، ثم ركع خمسَ رَكَعات وسَجَد سجدتين، ثم قام الثالثةَ فقرأ من الطُّوَل، ثم ركع خمسَ رَكَعات وسَجَد سجدتين، ثم جلس كما هو، مُستقبِلَ القبلةِ يدعو حتى تجلَّى كُسوفُها

(1)

.

الشيخان قد هَجَرا أبا جعفر الرازي ولم يُخرجا عنه، وحاله عند سائر الأئمة أحسنُ الحال، وهذا الحديث فيه ألفاظٌ، ورواته صادقون

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، أبو جعفر الرازي، واسمه: عيسى بن ماهان، وابنه عبد الله فيهما مقال، قال الذهبي في "تلخيص المستدرك": خبر منكر، وعبد الله بن أبي جعفر ليس بشيء، وأبوه فيه لين. قلنا: وقد يقع لأبي جعفر الرازي في روايته عن الربيع بن أنس اضطراب كثير، كما قال ابن حبان في "الثقات" 4/ 228، ثم إن أبا جعفر قد تفرد بهذا الحديث.

وأخرجه أبو داود (1182) عن أحمد بن الفرات الرازي، عن محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (1182)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" 35/ (21225) من طريق عمر بن شقيق، عن أبي جعفر الرازي، به.

قوله: "من الطول"، قال السندي في حاشيته على "المسند": هو بضم ففتح: جمع الطُّولى، كالكُبَر جمع الكُبرى، قيل: هي من البقرة إلى براءة، ومنهم من استثنى الأنفال وعدَّ الباقي.

وقوله: "خمس ركعات" يعني: خمسة ركوعات في ركعة واحدة.

(2)

أبو جعفر الرازي: وثقه إسحاق بن منصور، وعلي بن المديني، وأبو حاتم، وقال عنه أحمد بن حنبل: صالح الحديث، وقال ابنه عبد الله: ليس بالقوي في الحديث، وقال يحيى بن معين: يكتب حديثه لكنه يخطئ، وقال مرةً: صالح، وقال عمرو بن علي: فيه ضعف وهو من أهل الصدق =

ص: 176

1253 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا السَّرِي بن خُزيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وُهَيب، عن أيوب، عن أبي قِلَابة، عن قَبِيصةَ الهِلالي قال: كَسَفتِ الشمسُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج فَزِعًا يجرُّ ثوبه، وأنا معه يومئذٍ بالمدينة، فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام، ثم انصرف وانجَلَت، فقال:"إنما هذه الآياتُ يخوِّف الله بها، فإذا رأيتُموها - يعني - فصلُّوا كأحدَثِ صلاةٍ صلَّيتُموها من المكتوبة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، والذي عندي أنهما علَّلاه بحديث رَيْحان بن سعيد، عن عبَّاد بن منصور، عن أيوب، عن أبي قِلابة، عن هلال بن عامر، عن قَبِيصة، وحديثٌ يرويه موسى بن إسماعيل عن وُهَيب لا يعلِّله

= سيئ الحفظ، وقال أبو زرعة: شيخ يهم كثيرًا، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن حبان: كان ينفرد عن المشاهير بالمناكير، لا يعجبني الاحتجاج بحديثه إلّا فيما وافق الثقات. انظر ترجمته في "تهذيب الكمال".

قلنا: ومثل هذا لا يحتمل تفرده، وقد تفرَّد هنا بهذه الألفاظ، والله أعلم.

(1)

إسناده ضعيف، أبو قلابة - وهو عبد الله بن زيد الجَرمي - لم يسمع هذا الحديث من قبيصة، ذكر ذلك البيهقي في "السنن" 3/ 334، بينهما هلال بن عامر - وقيل: عمرو - كما في رواية أبي داود (1186)، وهلال بن عامر هذا لا يُعرف كما قال الذهبي في "الميزان"، ثم إنَّ في إسناده اضطرابًا، فقد روي الحديث من طريق أيوب - وهو ابن أبي تميمة - عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير، كما سلف برقم (1250)، وقد بيَّنا علله هناك. وُهَيب: هو ابن خالد، وصحابيه قبيصة الهلالي: هو قبيصة بن المخارق أبو بشر.

وأخرجه أبو داود (1185) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 34/ (20607) عن عبد الوهاب الثقفي، والنسائي (1884) من طريق عبيد الله بن الوازع، كلاهما عن أيوب، به. وجعله عبد الوهاب مرّةً من حديث النعمان بن بشير كما سلف عند حديثه.

وأخرجه بنحوه النسائي (1885) عن محمد بن المثنى، عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن قبيصة. وفيه: أنه صلَّى ركعتين ركعتين.

ص: 177

حديثُ ريحان وعبّاد

(1)

.

1254 -

أخبرني أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا الحسن بن أحمد بن الليث الرازي، حدثنا عُبيد الله بن سعد، حدثنا عمِّي، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني هشام بن عُرْوة. وعبدُ الله بن أبي سَلَمة، عن سليمان بن يسار؛ كلٌّ قد حدَّثَني عن عُرْوة، عن عائشة قالت: كَسَفَت الشمسُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلَّى بالناس، قالت: فحَزَرْتُ قراءته فرأيتُ أنه قرأ سورة البقرة ثم سجد سجدتين، ثم قام فأطال القراءةَ، فحَزَرْتُ قراءته فرأيتُ أنه قرأ سورة آل عمران

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، إنما اتفقا على حديث الزهري وهشام عن عروة بلفظ آخر

(3)

.

1255 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد، حدثني أبي، حدثنا الأوزاعي، أخبرني الزُّهري، أخبرني عُرْوة بن الزُّبير، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ قراءةً طويلةً يَجهَر بها في صلاةِ الكسوف

(4)

.

(1)

حديث ريحان بن سعيد عن عباد بن منصور، أخرجه أبو داود (1186) كما سلفت الإشارة إليه قبل قليل، وعباد بن منصور فيه ضعف. وقد بيَّنا أنَّ هذه ليست العلة الوحيدة، بل هناك اضطراب وشذوذ أيضًا، والله أعلم.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرَّح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه. ولابن إسحاق في هذا الإسناد شيخان، فهو يرويه مرة عن هشام عن عروة عن عائشة، ويرويه مرة عن عبد الله بن أبي سلمة عن سليمان بن يسار عن عروة عن عائشة.

عبيد الله بن سعد: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وعمُّه: هو يعقوب بن إبراهيم.

وأخرجه أبو داود (1187) عن عبيد الله بن سعد، بهذا الإسناد.

(3)

حديث الزهري عن عروة هو الآتي بعده، وحديث هشام عن عروة سلف برقم (1249).

(4)

إسناده صحيح، وقد أعلَّه بعضهم بعلل لا تنتهض، ولا يُعلُّ بمثلها حديث أخرجه الشيخان، =

ص: 178

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه هكذا

(1)

.

1256 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العدلُ، حدثنا عُبيد بن محمد الحافظ، حدثنا محمد بن أبي صفوان، حدثنا حَرَميُّ بن عُمَارة، عن عُبيد الله بن النَّضْر، حدثني أبي، قال: كانت ظُلْمةٌ على عهد أنس بن مالك، قال: فأتيتُ أنس بن مالك فقلت: يا أبا حمزة، هل كان يُصيبُكم مثلُ هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: مَعَاذَ الله، إن كان الرِّيح لَيَشتدُّ فنُبادِرُ إلى المسجد مخافةَ القيامة

(2)

.

= وقال البخاري: حديث عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة في صلاة الكسوف، أصح عندي من حديث سمرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أسرّ القراءة فيها. حكاه عنه الترمذي كما في "سنن البيهقي" 3/ 336، وقد بسطنا الكلام في ذلك في تعليقنا على "سنن أبي داود".

الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، والزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب.

وأخرجه مختصرًا كلفظ رواية المصنف: أبو داود (1188) عن العباس بن الوليد بن مزيد، بهذا الإسناد.

وأخرج مسلم (901)(4)، والنسائي (1871) من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، به إلى عائشة: أنَّ الشمس خسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث مناديًا:"الصلاة جامعة"، فاجتمعوا، وتقدم فكبر، وصلَّى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات. هكذا لم يذكر فيه الجهر بالقراءة.

وأخرجه مختصرًا كرواية المصنف هنا، ومطولًا مشتملًا عليها: أحمد 40/ (24365) و 41/ (24473)، والبخاري (1065)، ومسلم (901)(5)، والترمذي (563)، والنسائي (1892) و (1893) و (1894)، وابن حبان (2849) و (2850) من طرق عن الزهري، به.

وأخرج الحديث بطوله، لكن دون ذكر الجهر بالقراءة: أحمد 41/ (24571) و 42/ (25351)، والبخاري (1046) و (1047) و (1058) و (1212) و (3203)، ومسلم (901)(3)، وأبو داود (1180)، وابن ماجه (1263)، والترمذي (561)، والنسائي (1870) و (1897)، وابن حبان (2841) و (2842) من طرق أيضًا عن الزهري، به.

وانظر ما قبله، وما سلف برقم (1249).

(1)

لفظه عندهما: جهر النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخسوف بقراءته

(2)

إسناده قابل للتحسين، النضر والد عبيد الله: هو ابن عبد الله بن مطر القيسي، من ولد قيس =

ص: 179

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وعُبيد الله هذا: هو ابن النَّضْر بن أنس بن مالك، وقد احتَجّا بالنَّضر.

1257 -

حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا الحسين بن إدريس الأنصاري، حدثنا محمود بن غَيْلان، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن الأسْوَد بن قيس، عن ثَعلَبة بن عبَّاد، عن سَمُرة بن جُندُب قال: صلَّى بنا النبي صلى الله عليه وسلم في كُسوفٍ لا نَسمَعُ له صوتًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1258 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وأبو بكر بن بالَوَيهِ الجَلَّاب، قالا:

= ابن عباد، روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات"، انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" للمزي، وليس هو النضر بن أنس بن مالك كما زعم المصنف، فلم يذكر أحد في الرواة عنه ابنه عبيد الله، لذلك استغرب الذهبي في "تلخيصه" من قول الحاكم: إنه عبيد الله بن النضر بن أنس بن مالك، فقال: إنه يقول لأبيه: يا أبا حمزة!

محمد بن أبي صفوان: هو محمد بن عثمان بن أبي صفوان.

وأخرجه أبو داود (1196) عن محمد بن عمرو بن جبلة بن أبي رواد، عن حرمي بن عمارة، بهذا الإسناد.

وأخرج البخاري (1034)، وابن حبان (664) من طريق حميد الطويل، عن أنس بن مالك: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا هبّت الريح عُرف ذلك في وجهه.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد فيه ضعف لجهالة ثعلبة بن عبّاد، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه". سفيان: هو الثوري.

وأخرجه الترمذي (562) عن محمود بن غيلان، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا، وهو قول الشافعي.

وأخرجه أحمد 33/ (20160)، وابن ماجه (1264)، وابن حبان (2851) من طريق وكيع، به.

وأخرجه النسائي (1895) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان الثوري، به.

ويشهد له حديث ابن عباس عند أحمد في "المسند" 4/ (2674) وإسناده حسن.

وانظر الكلام على مسألة الجهر والإسرار في صلاة الكسوف في تعليقنا على "المسند"(2677) و"سنن ابن ماجه"(1264).

ص: 180

حدثنا محمد بن أحمد بن النَّضْر، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة قالت: خَسَفَت الشمسُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنَّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يَنخسِفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فتصدَّقوا وصلُّوا وكبِّروا وادْعُوا الله"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.

1259 -

أخبرني أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا خالد بن الحارث، عن أشعث، عن الحسن، عن أبي بَكْرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى ركعتين بمِثلِ صلاتِكم هذه في كسوف الشمس والقمر

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، معاوية بن عمرو: هو الأزدي، وزائدة: هو ابن قدامة.

وأخرجه مختصرًا كرواية المصنف أبو داود (1191) من طريق مالك بن أنس، عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.

وهو قطعة من حديث الكسوف الطويل، سلف تخريجه عند الحديث رقم (1249) بما يغني عن إعادته هنا.

(2)

إسناده صحيح. وحسّنه الذهبي في "تلخيصه"، والحسن - وهو ابن أبي الحسن البصري - صرَّح بسماعه من أبي بكرة فيما علَّقه البخاري بإثر الحديث (1048). محمد بن أبي بكر: هو المقدَّمي، وأشعث: هو ابن عبد الملك الحُمراني.

وأخرجه هكذا مختصرًا نحو رواية المصنف النسائي (1890) عن إسماعيل بن مسعود، عن خالد بن الحارث، بهذا الإسناد.

وأخرجه كذلك ابن حبان (2837) من طريق النضر بن شميل، عن أشعث، به.

وأخرج النسائي (505) و (1902)، وابن حبان (2835) من طريق يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي بكرة قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فكسفت الشمس، فقام صلى الله عليه وسلم عجلانًا إلى المسجد، فجرَّ إزاره أو ثوبه، وثاب إليه الناس، فصلَّى ركعتين نحو ما تصلون، ثم جُلِّي عنها، فقال صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس" وكان ابنه توفي "فإذا رأيتم منها شيئًا فصلوا حتى يكشف ما بكم" لفظ ابن حبان، والموضع الأول عند النسائي مختصر.

وأخرجه بنحو ذلك مطولًا أحمد 34/ (20390)، والبخاري (1040) لم يذكرا فيه: نحو ما =

ص: 181

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وصلى الله على محمد وآله أجمعين

= تصلون، أو: بمثل صلاتكم. انظر تمام تخريجه والكلام عليه في "المسند".

قال ابن حبان: قول أبي بكرة: فصلَّى بهم ركعتين نحو ما تصلون، أراد به: تصلون صلاة الكسوف ركعتين في أربع ركعات وأربع سجدات. وقال مرة: أراد: مثل صلاتكم في الكسوف.

ص: 182

‌من كتاب صلاة الخوف

1260 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أَسِيد بن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي - واللفظ له - حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثني الأشعث بن سُلَيم، عن الأسود بن هلال، عن ثعلبة بن زَهْدَم قال: كنا مع سعيد بن العاص بطَبَرِسْتان فقال: أيُّكم صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الخوف؟ فقال حذيفة: أنا، فقام حذيفةُ فصفَّ الناسَ خَلْفَه، وصفًّا موازيَ العدو، فصلى بالذين خَلْفَه ركعةً، ثم انصرف هؤلاء مكانَ هؤلاء، وجاء أولئك فصلى بهم ركعةً ولم يَقضُوا

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه هكذا.

1261 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أَسِيد بن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان.

وأخبرنا إبراهيم بن محمد بن حاتم الزاهد، أخبرنا محمد بن إسحاق الصَّنعاني، حدثنا محمد بن جُعْشُم، عن سفيان.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني

(1)

إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو القطان، وسفيان: هو الثوري، والأشعث بن سليم: هو الأشعث بن أبي الشعثاء.

وأخرجه أبو داود (1246)، والنسائي (1931)، وابن حبان (1452) و (2425) من طرق عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 38/ (23268)، والنسائي (1930) من طريق وكيع، وأحمد 38/ (23389) عن عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن سفيان الثوري، به.

وله طرق أخرى عن حذيفة استوفيا تخريجها في "المسند".

ص: 183

أبي، حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثني أبو بكر بن أبي الجَهْم، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بذِي قَرَدٍ صلاةَ الخوف ركعةً ركعةً ولم يَقضُوا

(1)

.

هذا شاهد للحديث الذي قبله، وهو صحيح الإسناد.

1262 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنى، حدثنا مسدَّد، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن أبي بكر بن أبي الجَهْم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتْبة، عن ابن عباس قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الخوف بذي قَرَدٍ، فصفَّ خَلفَه صفًّا، وصفًّا موازيَ العدو، فصلَّى معه ركعةً ثم ذهبوا إلى مَصافِّ أولئك، وجاء أولئك إلى مَصافِّ هؤلاء، فصلَّوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعةً ثم سلَّم عليهم

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري.

وأخرجه النسائي (520) و (1934)، وابن حبان (2871) من طريق محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. بأطول ممّا هنا بنحو لفظ الحديث الآتي بعده.

وأخرجه مطولًا كذلك أحمد 3/ (2063) و 35/ (21592)، و 38/ (23267) عن وكيع بن الجراح، و 5/ (3364) عن عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن سفيان الثوري، به.

وأخرج البخاري (944)، والنسائي (1935) من طريق الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم وقام الناس معه، فكبَّر وكبَّروا معه، وركع وركع ناسٌ منهم، ثم سجد وسجدوا معه، ثم قام للثانية، فقام الذين سجدوا وحرسوا إخوانهم، وأتت الطائفة الأخرى فركعوا وسجدوا معه، والناس كلهم في صلاة، ولكن يحرس بعضهم بعضًا.

وأخرج أحمد 4/ (2382)، والنسائي (1936) من طريق عكرمة، عن ابن عباس قال: ما كانت صلاة الخوف إلّا كصلاة أحراسكم هؤلاء اليوم خلف أئمتكم، إلّا أنها كانت عُقَبًا، قامت طائفة وهم جميع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجدت معه طائفة

فذكر معنى حديث البخاري.

وذو قَرَد: ماء على ليلتين من المدينة، بينها وبين خيبر. "معجم البلدان" 4/ 321.

(2)

إسناده صحيح. أبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي، وأبو المثنى: هو معاذ بن المثنى. =

ص: 184

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه الألفاظ.

1263 -

أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر المقرئ، حدثنا عبد الله بن محمد

(1)

، حدثنا إسحاقُ بن إبراهيم، أخبرنا عقبة بن خالد السَّكُوني، حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن سَلَمة بن الأكوع: أنه سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في القوس، فقال:"صَلِّ في القَوس، واطرَحِ القَرَن"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد

(3)

إن كان محمد بن إبراهيم التَّيمي سمع من سَلَمة بن الأكوع، ولم يُخرجاه.

1264 -

أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان الجَلَّاب بهَمَذان، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، حدثني يزيد بن الهاد، حدثني شُرَحْبيل بن سعد، عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفةٌ من خَلْفِه، وطائفةٌ

= وانظر ما قبله.

(1)

تحرَّف في (ب) إلى: عبيد الله بن موسى.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، موسى بن محمد بن إبراهيم - وهو ابن الحارث التيمي - منكر الحديث، قال يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال مرة: لا يكتب حديثه، وقال البخاري: حديثه مناكير، وقال أبو زرعة وغيره: منكر الحديث. قلنا: ثم إنَّ أباه لم يثبت سماعه من سلمة بن الأكوع. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه، وعبد الله بن محمد: هو ابن شيرويه النيسابوري راويته.

وأخرجه البيهقي 3/ 255 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال بإثره: موسى بن محمد غير قوي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 233، والطبراني في "الكبير"(6277)، وفي "فضل الرمي وتعليمه"(54)، والدارقطني (1486) من طريق عقبة بن خالد السكوني، به.

والقَرَن - بالتحريك -: جَعْبة من جلود تشق ويجعل فيها النُّشَّاب.

(3)

تعقبه الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 5/ 577 بقوله: فكيف يصنع في ضعف موسى؟!

ص: 185

من وراء الطائفة التي خَلْفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قعودٌ، وجوهُهم كلُّهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكبَّر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فكبَّرت الطائفتان، فركع فركعت الطائفةُ التي خَلْفَه، والآخرون قعودٌ، ثم سجد فسجدوا أيضًا، والآخرون قعودٌ، ثم قام فقاموا، ونكَصُوا خَلْفَه حتى كانوا مكانَ أصحابهم قعودًا، وأتت الطائفةُ الأخرى فصلى بهم ركعةً وسجدتين ثم سلَّم، والآخرون قعودٌ، ثم سلَّم، فقامت الطائفتان كلتاهما فصلَّوا لأنفسهم ركعةً وسجدتين، ركعةً وسجدتين

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وقد احتجَّا بجميع رواته غيرَ شُرَحْبيل وهو تابعيٌّ مدنيٌّ غيرُ متّهم

(2)

.

1265 -

حدثنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى المقرئ ببغداد، حدثنا العباس بن محمد بن حاتم الدُّوري، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن الزُّبير، عن عُروة، عن عائشة قالت: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، قالت: فصَدَعَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم الناسَ صَدْعَتَين،

(1)

إسناده ضعيف لضعف شرحبيل بن سعد أبي سعد المدني.

وأخرجه ابن خزيمة (1351)، وابن المنذر في "الأوسط"(2338)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 318، وابن حبان (2888) من طرق عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.

قال الطحاوي: وهذا الحديث عندنا من المحال الذي لا يجوز كونه، لأنَّ فيه أنهم دخلوا في الصلاة وهم قعود، وقد أجمع المسلمون أنَّ رجلًا لو افتتح الصلاة قاعدًا، ثم قام فأتمها قائمًا، ولا عذر له في شيء من ذلك، أنَّ صلاته باطلة، فكان الدخول لا يجوز إلّا على ما يكون عليه الركوع والسجود، فاستحال أن يكون الذين كانوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الصف الثاني دخلوا في الصلاة وهم قعود، فثبت عن جابر بن عبد الله ما رويناه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث. قلنا: وقد اختلف الرواة عن جابر في كيفية صلاة الخوف وعدد ركعاتها لكل من الإمام والمأمومين، انظر تعليقنا على "مسند أحمد" 22/ (14180)، وانظر "شرح السنة" للبغوي 4/ 280 - 286، و"زاد المعاد" 1/ 529 - 532.

(2)

تعقبه الذهبي في "التلخيص" بقوله: شرحبيل، قال ابن أبي ذئب: كان متهمًا، وقال الدارقطني: ضعيف.

ص: 186

فصفَّت طائفة وراءَه، وقامت طائفة وِجاهَ العدوّ، قالت: فكبَّر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وكبَّرت الطائفةُ الذين صفُّوا خلفَه، ثم رَكَع وركعوا، ثم سَجَد وسجدوا، ثم رفع رأسه فرفعوا، ثم مَكَثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا وسجدوا لأنفسهم السجدةَ الثانية، ثم قاموا، ثم نَكَصُوا على أعقابهم يمشون القَهْقَرى حتى قاموا من ورائهم، وأقبلت الطائفةُ الأخرى فصفُّوا خلفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكبَّروا ثم ركعوا لأنفسهم، ثم سَجَدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتَه الثانيةَ فسجدوا معه، ثم قامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركعتِه وسجدوا لأنفسهم السجدةَ الثانية، ثم قامتِ الطائفتانِ جميعًا فصفُّوا خلفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فركع بهم ركعةً فركعوا جميعًا، ثم سجد فسجدوا جميعًا، ثم رفع رأسه ورفعوا معه، كلُّ ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعًا جدًّا لا يَألُو أن يخفِّف ما استطاع، ثم سلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلَّموا، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شَرَكَه الناسُ في صلاته كلِّها

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وهو أتمُّ حديثٍ وأشفاهُ في صلاة الخوف.

1266 -

أخبرني أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا عَبْدان الأهوازي، حدثنا محمد بن مَعمَر بن رِبْعي القيسي، حدثنا عمرو بن خليفة البكراوي، حدثنا أشعث بن عبد الملك الحُمراني، عن الحسن، عن أبي بَكْرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالقوم في الخوف صلاة المغرب ثلاثَ رَكَعَاتٍ ثم انصرف، وجاء الآخرون فصلَّى بهم ثلاثَ ركعات

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.

وأخرجه أحمد 43/ (26354)، وأبو داود (1242)، وابن حبان (2873) من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد.

قوله: فصدع رسول الله صلى الله عليه وسلم صدعتين: أصل الصدع: الشق، والمراد ها هنا: قسمهم قسمين. قاله السندي في حاشيته على "المسند".

(2)

رجاله ثقات غير عمرو بن خليفة البكراوي، فقد روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في =

ص: 187

سمعت أبا عليٍّ الحافظ يقول: هذا حديث غريب أشعث الحُمْراني لم يكتبه إلّا بهذا الإسناد. قال الحاكم وإنه صحيح على شرط الشيخين.

1267 -

أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سهل الدَّبَّاس بمكة، حدثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا جَرِير بن عبد الحميد، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي عيّاش الزُّرَقي قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعُسْفان وعلى المشركين خالدُ بن الوليد، فصلَّينا الظُّهر، فقال المشركون: لقد أصبنا غِرّةً، لقد أَصبنا غَفْلةً، لو كنا حَمَلْنا عليهم وهم في الصلاة، فنزلت آية

= "الثقات" وقال: في روايته بعض المناكير. قلنا: وقد خالف في هذه الرواية من هو أوثق منه وأكثر عددًا كما سيأتي. عبدان الأهوازي اسمه عبد الله بن أحمد بن موسى.

وأخرجه البيهقي 3/ 260: عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (1368)، ومن طريقه الدارقطني (1783) عن محمد بن معمر بن ربعى، به.

وقد وردت هذه الهيئة لصلاة الخوف في المغرب من كلام أبي داود، فقد قال بإثر الحديث (1248) من "سننه": وبذلك كان يفتي الحسن. ثم قال: وكذلك في المغرب، يكون للإمام ست ركعات وللقوم ثلاثٌ ثلاث. وإلى ذلك أشار البيهقي موهمًا رواية صلاة المغرب، فقال 3/ 260:"وكذلك في المغرب" وجدته في كتابي موصولًا بالحديث، وكأنه من قول الأشعث، وهو في بعض النسخ: قال أبو داود وقد رواه بعض الناس عن أشعث في المغرب مرفوعًا، ولا أظنه إلّا واهمًا في ذلك، انتهى.

وقد روى الأشهر والأكثر والأوثق عن الأشعث هذا الحديث وفيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهؤلاء الركعتين وبهؤلاء الركعتين، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم أربعًا، ولهم ركعتين ركعتين. أخرج ذلك أحمد 34/ (20408)، والنسائي (912) و (1956) من طريق يحيى القطان، وأحمد (20497) عن روح بن القاسم، وأبو داود (1248) من طريق معاذ بن معاذ، والنسائي (521) و (1952) من طريق خالد بن الحارث، وابن حبان (2881) من طريق سعيد بن عامر، خمستهم عن أشعث الحمراني، به. ووقع عند أكثرهم: أنه سلَّم بعد الركعتين الأوليين. وعُيِّنت الصلاة في رواية معاذ بن معاذ أنها الظهر.

ويقوي رواية الركعتين متابعةُ أبي حمزة الرقاشي لأشعث عليها عند أبي داود الطيالسي (918)، ومن طريقه أخرجها البزار (3659)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 315.

ص: 188

القَصْر بين الظهر والعصر، فلما حَضَرَت العصرُ قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مستقبلَ القبلة والمشركون أمامه، فصفَّ خلفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم صَفٌّ، وصفَّ بعد ذلك الصفِّ صفٌّ آخر، فرَكَع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ورَكَعوا جميعًا، ثم سجد وسجد الصفُّ الذين يَلُونَه، وقام الآخَرون يَحرسُونهم، فلما صلَّى هؤلاء السجدتين وقاموا سجد الآخَرون الذين كانوا خَلفَهم، ثم تأخر الصفُّ الذي يليه إلى مقام الآخرين، وتقدم الصفُّ الأخير إلى مقام الصفِّ الأول، ثم ركع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعًا، ثم سجد الصفُّ الذي يليه، وقام الآخَرون يَحرسُونهم، فلما جلس رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والصفُّ الذي يليه سَجَدَ الآخرون، ثم جلسوا جميعًا، فسلَّم عليهم جميعًا، فصلَّاها بعُسْفان وصلَّاها يومَ بني سُلَيم

(1)

.

هذا حديثٌ صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده صحيح رجاله ثقات، وقد ثبت سماع مجاهد - وهو ابن جبر المكي - هذا الحديث من أبي عياش الزرقي، خلافًا لما ظنه البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير"(165).

منصور: هو ابن المعتمر.

وأخرجه أبو داود (1236) عن سعيد بن منصور، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 27/ (16580) و (16582)، وابن حبان (2875) من طريق سفيان الثوري، وأحمد (16581)، والنسائي (1950) من طريق شعبة، والنسائي (1951) من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد، وابن حبان (2876) من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، أربعتهم عن منصور بن المعتمر، به. وقد وقع تصريح مجاهد بالسماع من أبي عياش في رواية أبي خيثمة عند ابن حبان، وبوَّب ابن حبان عليها ذِكرُ الخبر المدحض قول من زعم أن مجاهدًا لم يسمع هذا الخبر من أبي عياش الزرقي. ورواية أحمد (16582) مختصرة بقول أبي عياش: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف والمشركون بينهم وبين القبلة مرتين، مرة بأرض بني سليم ومرة بعسفان.

وعُسْفان بوزن عثمان: بلدة تاريخية عامرة، تقع شمال مكة على ثمانين كيلًا على المحجة إلى المدينة المنورة، وهي مجمع ثلاثة طرق: إلى المدينة ومكة وجدة. انظر "معالم مكة التاريخية والأثرية" ص 188 - 189 لعاتق بن غيث.

ص: 189

1268 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن أحمد بن أنس القُرَشي، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حَيْوة بن شُرَيح، أخبرنا أبو الأسود، أنه سَمِع عروة بن الزُّبير يحدِّث عن مروان بن الحكم، أنه سأل أبا هريرة: هل صلَّيتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ قال أبو هريرة: نعم، قال مروان: متى؟ فقال أبو هريرة: عامَ غزوة نَجْد؛ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، صلاةِ العصر، فقامت معه طائفة، وطائفةٌ أخرى مقابلَ العدوِّ، وظهورُهم إلى القِبلة، فكبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكبَّروا جميعًا، الذين معه والذين مقابلَ العدوِّ، ثم رَكَع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعةً واحدةً، وركعت الطائفةُ التي خَلفَه، ثم سَجَد فسجدتِ الطائفةُ التي تليه، والآخرونَ قيامٌ مقابلَ العدو، ثم قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقامت الطائفةُ التي معه وذهبوا إلى العدوِّ فقابلوهم، وأقبلتِ الطائفةُ [التي كانت]

(1)

مُقابِلي العدو فرَكَعوا وسَجَدوا، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ كما هو، ثم قاموا فرَكَع رسول الله ركعةً أخرى وركعوا معه، وسَجَد وسجدوا معه، ثم أقبلت الطائفةُ التي كانت مُقابِلي العدو فرَكَعوا وسجَدَوا، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم قاعدٌ ومن معه، ثم كان السلامُ، فسلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلَّموا جميعًا، فكان لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم ركعتين

(2)

، ولكل رجلٍ من الطائفتين ركعةً ركعة

(3)

.

(1)

ليس في النسخ الخطية، واستدركناه من مصادر التخريج.

(2)

في المطبوع: "ركعتان" بالرفع، والمثبت من (ز) و (ص) و "سنن البيهقي" على أنَّ "كان" ناقصة، و"ركعتين" خبرها.

(3)

إسناده صحيح أبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن بن مؤمل بن الأسود، المعروف بيتيم عروة.

وأخرجه أحمد 14/ (8260)، وأبو داود (1240)، والنسائي (1944) من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. وقرن في روايتي أحمد وأبي داود بحيوة بن شريح عبدَ الله بن لهيعة. وأبهمه النسائي ولم يذكر اسمه.

ووقع في روايتي أحمد والنسائي: ولكل رجل من الطائفتين ركعتان ركعتان. وهو ظاهر، ووقع في روايتي المصنف وأبي داود: ولكل رجل من الطائفتين ركعة ركعة. وكذا عند البيهقي 3/ 264، =

ص: 190

هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

آخر كتاب صلاة الخوف

= وقال البيهقي بإثره: كذا قال، والصواب: لكل واحد من الطائفتين ركعتين ركعتين

ولعله أراد: ركعة ركعة مع الإمام.

وأخرجه أبو داود (1241)، وابن حبان (2878) من طريق عروة بن الزبير عن أبي هريرة، لم يذكر مروان بن الحكم. ورجح الدارقطني في "العلل"(1637) رواية عروة عن مروان عن أبي هريرة. والله أعلم.

ص: 191

‌من كتاب الجنائز

1269 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، حدثنا أبي وشعيبُ بن الليث قالا: أخبرنا الليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، عن هند بنت الحارث، عن أم الفضل أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليهم وعباسٌ عمُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتكي، فتمنَّى عباسٌ الموت، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"يا عمُّ، لا تتمنَّ الموتَ، فإنك إن كنتَ محسِنًا كنتَ تؤخَّرُ تزدادُ إحسانًا إلى إحسانك خيرًا لك، وإن كنتَ مسيئًا فإن تؤخَّرُ تَستعتِبْ من إساءتك خيرًا لك، فلا تتمنَّ الموت"

(1)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتفقا

(2)

على حديث قيس عن

(3)

خبَّاب: لولا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نتمنَّى الموتَ لتمنَّيتُه.

1270 -

أخبرنا مُكْرَم بن أحمد القاضي، حدثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال، حدثني أبو بكر، عن سليمان بن بلال، قال: قال زيد بن أسلم: قال محمد بن المُنكدِر: سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال

(1)

إسناده محتمل للتحسين، رجاله ثقات عن آخرهم غير هند بنت الحارث - وهي الخثعمية امرأة عبد الله بن شداد بن الهاد - فإنه لم يرو عنها غير يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، وهي زوجة ابن ابن عمِّ أبيه، وذكرها ابن حبان في ثقات التابعين 5/ 517. أم الفضل: هي لبابة بنت الحارث الهلالية زوجة العباس.

وأخرجه أحمد في "المسند" 44/ (26874) من طريقين عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

قوله: "تستعتب" أي ترجع عن الإساءة وتطلب الرضا.

(2)

البخاري (5672)، ومسلم (2681).

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: بن، والصواب ما أثبتنا، فالحديث من رواية قيس: وهو ابن أبي حازم، عن خبّاب: وهو ابن الأرت.

ص: 192

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبِّئكم بخِيارِكم من شِراركم؟ " قالوا: بلى، قال:"خيارُكم أطوَلُكم أعمارًا، وأحسَنُكم عملًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ صحيحٌ على شرط مسلم:

1271 -

حدَّثَناه أبو الحسن محمد بن محمد الكاتب، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجّاج بن مِنْهال، حدثنا حماد بن سلمة، عن حُميد ويونس وثابت، عن الحسن، عن أبي بَكْرة: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، أيُّ الناس خيرٌ؟ قال:"مَن طَالَ عمرُه وحَسُن عملُه". قال: فأيُّ الناس شرّ؟ قال: "من طال عمرُه وساءَ عملُه"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، أبو بكر: هو عبد الحميد بن أبي أويس، أخو إسماعيل بن أبي أويس.

وأخرجه البيهقي 3/ 371 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد بن حميد (1086) عن عثمان بن عمر، عن عبد الله بن عامر، عن محمد بن المنكدر، به.

وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار"(682)(تحقيق علي رضا) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه أبي بكر، عن سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد الدِّيلي، عن ابن عامر، عن ابن المنكدر، به.

وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه أحمد 12/ (7212) بإسناد حسن.

وعن عبد الله بن بسر، أخرجه أحمد 29/ (17680)، والترمذي (2329) وحسّنه.

(2)

إسناده صحيح علي بن عبد العزيز: هو ابن المرزبان أبو الحسن البغوي، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل، ويونس: هو ابن عبيد العبدي، وثابت: هو ابن أسلم البناني، والحسن: هو ابن يسار البصري، وأبو بكرة صحابيه اسمه: نُفيع بن الحارث.

وأخرجه أحمد 34/ (20444) و (20481) و (20500) و (20501) من طرق عن حماد بن سلمة عن الثلاثة - فرَّقهم بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 34/ (2045)، والترمذي (2330) من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، رفعه. وقال الترمذي: حسن صحيح. قلنا وابن جدعان - وإن كان ليّنًا - يعتبر به في المتابعات والشواهد.

ص: 193

1272 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بنُ محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا المعتمِر.

وحدثنا محمد بنُ صالح بن هانئ، حدثنا جعفر بنُ محمد بن سَوَّار، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا إسماعيل بن جعفر؛ جميعًا عن حميدٍ، عن أنس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أرادَ الله بعبدٍ خيرًا استعمَلَه"، قال: فقيل: كيف يَستعملُه؟ قال: "يُوفِّقُه لعملٍ صالحٍ قبل الموت"

(1)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وله شاهد بإسناد صحيح:

1273 -

أخبرَناهُ الحسن بن يعقوب العدلُ، حدثنا يحيى بنُ أبي طالب، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثني معاوية بن صالح، حدثني عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير، عن أبيه، عن عمرو بن الحَمِق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحبَّ الله عبدًا عَسَلَه" قال: يا رسول الله، وما عَسَلَه؟ قال:"يُوفِّقُ له عملًا صالحًا بين يدي أجَلِه حتى يرضى عنه جيرانُه" أو قال: "مَن حولَه"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح المعتمر: هو ابن سليمان، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل.

وأخرجه الترمذي (2142) عن علي بن حجر، عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث صحيح.

وأخرجه أحمد 19/ (12036) و (12214) و 21/ (13408) من طرق عن حميد الطويل، به.

(2)

إسناده قوي من أجل يحيى بن أبي طالب.

وأخرجه أحمد 36/ (21949) عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.

قوله: "عَسَلَه" قال ابن قتيبة في "غريب الحديث" 1/ 302: أُراه مأخوذًا من العَسَل، شبَّه العمل الصالح الذي يفتح للعبد حتى يرضى الناسُ عنه، ويطيب ذِكره فيهم بالعسل.

وقال الزمخشري في "الفائق" 2/ 429: هو من عَسَلَ الطعام يعْسِلُه: إذا جعل فيه العسل، كأنه شبّه ما رزقه الله تعالى من العمل الصالح الذي طاب به ذِكره بين قومه بالعسل الذي يُجعل في الطعام، فيَحْلَولي به ويطيب.

ص: 194

1274 -

أخبرنا أبو عبد الله محمدُ بنُ عبد الله الزاهد، حدثنا أحمد بنُ يونس الضّبِّي، حدثنا مُحاضِر بن المورِّع، حدثنا الأعمش.

وأخبرنا علي بنُ عيسى الحِيريّ، حدثنا محمد بن عمرٍو الحَرَشيّ، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا جَرير عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يُبعَثُ كلُّ عبدٍ على ما مات"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجه البخاري.

1275 -

أخبرنا أبو محمد عبدُ الله بنُ إسحاق بن الخُراساني العدْلُ، حدثنا محمد بن الهيثم القاضي، حدثنا ابن أبي مريم، أخبرنا يحيى بنُ أيوب، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سَلَمة، عن أبي سعيدٍ الخُدْري: أنه لما حَضَرَه الموتُ دعا بثيابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَها، ثم قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ الميتَ يُبعَثُ في ثيابِه التي يموتُ فيها"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي سفيان: وهو طلحة بن نافع. جرير: هو ابن عبد الحميد، والأعمش: هو سليمان بن مهران.

وأخرجه مسلم (2878) عن قتيبة بن سعيد وعثمان بن أبي شيبة، عن جرير، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (7313) من طريق وَهْب بن مُنبِّه، عن جابر بن عبد الله. وزاد في روايته:"المؤمن على إيمانه، والمنافق على نفاقه". وإسناده قوي.

وأخرجه بنحوه ابن ماجه (4230) من طريق شريك بن عبد الله النَّخَعي، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، بلفظ:"يحشر الناس على نِيّاتهم"، وهو بمعناه.

وسيأتي الحديث من طريق الأعمش بالأرقام (3729) و (3855) و (8070).

وأخرجه أحمد 23/ (14722) وغيره من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر في آخر حديث مطوَّل مرفوع، وزاد فيه ما زاده وهب في حديثه. ورواه ابن جريج عن أبي الزبير عند عبد الرزاق في "مصنفه"(6746) فوقفه على جابر. ووقفه لا يضر، لأنه مرفوع حكمًا، فمثله لا يقال من قِبل الرأي.

(2)

إسناده حسن من أجل يحيى بن أيوب، وهو الغافقي المصري، وشيخ الحاكم أبي محمد عبد الله بن إسحاق، فقد قال الدارقطني: فيه لين، كما في "تاريخ بغداد" 9/ 414.

ابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم بن محمد الجمحي، وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة =

ص: 195

هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1276 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بنُ يعقوب، حدثنا بحرُ بن نَصْر، حدثنا عبد الله بنُ وهب، أخبرني أبو هانئ الخَوْلاني، عن عمرو بن مالك الجَنْبيّ، أنه سمع فَضَالة بن عُبيد يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"مَن ماتَ على مَرتَبةٍ من هذه المراتِبِ، بُعثَ عليها يومَ القيامة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1277 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنّى، حدثنا مسدَّد، حدثنا هُشَيم، عن إبراهيم بن عبد الرحمن السَّكْسَكي، عن أبي بُرْدة، عن أبي موسى الأشعري قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم غيرَ مرةٍ ولا مرتين يقول: "إذا كان العبدُ يعملُ عملًا صالحًا فشَغَلَه عن ذلك مرضٌ أو سفرٌ، كُتِبَ له كصالح ما كان يعملُ وهو صحيحٌ مقيم"

(2)

.

= ابن الهاد، ومحمد بن إبراهيم: هو التيمي، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه أبو داود (3114) عن الحسن بن علي الخلال، عن ابن أبي مريم، بهذا الإسناد.

قيل: استعمل أبو سعيد الحديث على ظاهره، وقد تأوله بعض العلماء على خلاف ذلك، فحمله بعضهم على الشهداء، لأنهم الذين أُمروا أن يزمَّلوا في ثيابهم ويدفنوا فيها، فحمله هنا أبو سعيد على العموم، قيل: وحمله بعض أهل العلم على العمل، يعني أنه يبعث على ما مات عليه من عمل صالح أو سيّئ. انظر "معالم السنن" للخطابي 1/ 301، و"فتح الباري" 20/ 331 - 332.

(1)

إسناده صحيح: ابن هانئ الخولاني. هو حميد بن هانئ.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2303)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(252) والطبراني في "الكبير" 18/ (785)، والبيهقي في "القضاء والقدر"(22) من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (23945)، والطحاوي (253)، والطبراني 18/ (784) من طريق حيوة بن شريح وابن لهيعة، عن أبي هانئ الخولاني، به. وطريق حيوة سيأتي عند الحاكم برقم (2669) ويأتي تخريجه هناك إن شاء الله.

(2)

حديث صحيح، رجاله رجال الصحيح، إلّا أنَّ فيه انقطاعًا بين هشيم - وهو ابن بشير - وبين =

ص: 196

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه!

1278 -

أخبرنا أبو عمرو عثمانُ بن أحمد بن السَّمّاك ببغداد، حدثنا أحمد بن حيَّان بن مُلاعِب، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق.

وحدثنا محمدُ بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو سعيد الحسنُ بن عبد الصَّمد

(1)

، حدثنا عبد العزيز بن يحيى، حدثنا محمد بن سَلَمة، حدثنا محمد بن إسحاق، عن الزُّهري، عن عُرْوة، عن أسامةَ بن زيد قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودُ عبدَ الله بن أُبي في مَرَضه الذي مات فيه، فلما دخلَ عليه عَرَفَ فيه الموت قال: "قد كنتُ أنهاك عن حُبِّ يهود فقال: قد أَبغَضَهم أسعد بن زُرَارة، فمَهْ؟! فلمّا مات أتاه ابنُه فقال: يا رسول الله، إنَّ عبد الله بن أُبي قد مات فأعطِني قميصَكَ أُكفِّنْه فيه، فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصَه فأعطاه إياه

(2)

.

= إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي، بينهما العوام بن حوشب كما سيأتي في التخريج.

أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري، وأبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري.

وأخرجه أبو داود (3091) عن مسدد ومحمد بن عيسى، عن هشيم، عن العوام بن حوشب، عن إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 32/ (19679)، والبخاري (2996) من طريق يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب، عن إبراهيم السكسكي، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(1)

تحرفت هذه العبارة في المطبوع إلى: حدثنا محمد بن صالح بن هانئ بن سعيد حدثنا أبو الحسن بن عبد الصمد. والحسن هذا: هو الحسن بن عبد الصمد بن عبد الله بن رزين السُّلمي القُهُندزي، نسبة إلى قهندز نيسابور كما ذكر السمعاني في "الأنساب"، والظاهر من كلامه أنه من بيت علم فيها، وقد روى الحسن هذا عند المصنف وغيره عن جمع وروى عنه جمع، وهو متابع فيما يرويه، فمثله حسن الحديث في أقلّ أحواله.

(2)

إسناده حسن، محمد بن إسحاق قد صرَّح بالتحديث عند البيهقي في "الدلائل" 5/ 285، وقصة إلباس النبي صلى الله عليه وسلم قميصه لعبد الله بن أُبيّ مخرَّجة في "الصحيحين" من غير هذا الوجه.

وقوله هنا في الإسناد الأول: أحمد بن حيان بن ملاعب، هكذا وقع هذا الاسم في "المستدرك"، وكذا سمّاه ابن حبان في "ثقاته" 8/ 47، وشيخ المصنف أبو أحمد الحاكم في كتابه "الكنى" كما=

ص: 197

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1279 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن جعفر القَطِيعي، قالا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرَّحمن، عن سفيان، عن محمد بن المُنكَدِر، عن جابرٍ قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَعودُني ليس براكبِ بغلٍ ولا بِرْذَونٍ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

1280 -

حدثني علي بن عيسى، حدثنا مُسدَّد بن قَطَن، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن الحَكَم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عليٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِن رجلٍ يعودُ مريضًا مُمسِيًا إلّا خرج معه سَبعونَ ألفَ مَلَكٍ يستغفرون له حتى يُصبحَ، وكان له خريفٌ في الجنة، ومن أتاه مصبحًا خرج معه سبعونَ ألفَ مَلَكٍ يستغفرون له حتى يُمسِي،

= في مختصره "المقتنى" للذهبي (5061)، وسمّاه آخرون كالدارقطني والخطيب البغدادي في "تاريخه" 6/ 389 وغيرهما: أحمد بن ملاعب بن حيان، وهو ثقة حافظ.

وأخرجه أبو داود (3094) عن عبد العزيز بن يحيى بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 36/ 21758 من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، به. مختصرًا دون قصة ابن عبد الله بن أُبي.

وقصة ابن عبد الله بن أُبيّ وقميص النبي صلى الله عليه وسلم و أخرجها البخاري (1296)، ومسلم (2400) من حديث عبد الله بن عمر، والبخاري أيضًا (1270)، ومسلم (2773) من حديث جابر بن عبد الله.

(1)

إسناده صحيح. عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو الثوري.

وهو في "مسند أحمد" 23/ (15011)، وعن أحمد أخرجه أبو داود (3069).

وأخرجه البخاري (5664)، ومسلم (1616)(7)، والترمذي (3851)، والنسائي في "الكبرى"(7459) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد - ورواية مسلم مطولة بلفظ: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض ومعه أبو بكر ماشيين، فوجدني قد أُغمي عليَّ، فتوضأ رسول الله، ثم صبَّ عليَّ من وَضوئه، فأفقتُ فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، كيف أصنع في مالي؟ فلم يردَّ عليَّ شيئًا حتى نزلت آية الميراث.

والبِرذون: قال القاضي عياض في "المشارق": البراذين: هي الخيل غير العِرابِ والعتاق.

ص: 198

وكان له خريفٌ في الجنة"

(1)

.

هذا إسنادٌ صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، لأنَّ جماعةً من الرواة أوقفوه عن الحكم بن عُتَيبة ومنصور بن المعتمِر عن ابن أبي ليلى عن عليٍّ من حديث شعبةَ عنهما، وأنا على أصلي في الحُكم لراوي الزيادة.

1281 -

أخبرني أبو بكر محمد بن المؤمَّل، حدثنا الفَضْل بن محمد بن المسيَّب، حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيلي، حدثنا حَجَّاج بن محمد، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن زيد بن أرقم قال: عادَني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وَجَعٍ كان بعَيني

(2)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وله شاهد صحيح من حديث أنس بن مالك:

1282 -

حدَّثَناه أبو عليٍّ الحسين بن عليٍّ الحافظ، أخبرنا محمد بن يحيى بن كثير الحِمْصي، حدثنا محمد بن المصفَّى، حدثنا معاوية بن حفص، حدثنا مالك بن مِغوَلٍ، عن الزُّبير بن عَدِيّ، عن أنسٍ قال: عاد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زيدَ بنَ

(1)

حديث صحيح، وقد اختُلف في رفعه ووقفه، كما هو مبيَّن في التعليق على "مسند أحمد" 2/ (612)، ورجَّح وقفه الدارقطني في "العلل" 3/ 267، ورجَّح الحاكم هنا وأبو داود رفْعَه.

أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، والحكم: هو ابن عُتيبة.

وسيأتي الحديث بمعناه عند المصنف برقم (1309) من طريق ابن نمير وأبي كريب، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد، وفيه قصة، يأتي تخريجه هناك، وبرقم (1310) من طريق شعبة، عن الحكم، عن عبد الله بن نافع عن علي مرفوعًا، وسنبين الاختلاف على شعبة في رفعه ووقفه هناك إن شاء الله.

والخريف: أي: المخروف من ثمرها، فعيل بمعنى مفعول. واختراف الثمر: اجتناؤه.

(2)

إسناده حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق: وهو السبيعي. حجاج بن محمد: هو المصيصي.

وأخرجه أبو داود (3102) عن عبد الله بن محمد النفيلي، بهذا الإسناد.

وأخرجه بأطول مما هنا أحمد 32/ (19348) عن حجاج بن محمد، به. وقرن بحجاج إسماعيلَ بنَ عمر وانظر تمام تخريجه فيه.

ص: 199

أرقمَ من رَمَدٍ كان به

(1)

.

1283 -

حدثنا بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا عبد الصَّمد بن الفضل البَلْخِي، حدثنا مَكِّي بن إبراهيم، حدثنا الجُعَيد بن عبد الرحمن، عن عائشة بنت سعد، أنَّ أباها قال: اشتكيتُ بمكة، فجاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يَعودُني، ووَضَع يده على جبهتي، ثم مسح صدري وبطني ثم قال:"اللهم اشْفِ سعدًا وأتمِمْ له هِجرتَه"

(2)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ

(3)

.

1284 -

أخبرني أبو بكر محمد بن أحمد بن حاتم العدلُ بمَرْو، حدثنا أحمد

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد فيه محمد بن يحيى بن كثير الحمصي لم نقع له على ترجمة، وباقي رجاله لا بأس بهم، ويشهد له الحديث الذي قبله.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(8758) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 20/ (12586) و (12636) من طريق جابر بن يزيد الجعفي، عن خيثمة بن أبي خيثمة أبي نصر، عن أنس بن مالك قال: دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم نعود زيد بن أرقم وهو يشتكي عينه، فقال له:"يا زيد، لو كان بصرك لما به، كيف كنت تصنع؟ " قال: إذًا أصبر وأحتسب، قال:"إن كان بصرك لما به، ثم صبرت واحتسبتَ، لتلقينَّ الله وليس عليك ذنب". وجابر الجعفي وخيثمة ضعيفان.

(2)

إسناده صحيح. الجُعيد - بالتصغير - بن عبد الرحمن هو ابن أوس، ويقال: الجعد، مكبرًا، وسعد هو ابن أبي وقاص.

وأخرجه البخاري (5659) وأبو داود (3104) من طريق مكي بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

رواية البخاري مطولة ذكر فيها قصة سؤال سعد عن الوصية بماله. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 3/ (1474)، والنسائي (6284) و (7462) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن الجعيد، به.

وأخرجه مطولًا أحمد 3/ (1440)، ومسلم (1628)(8) من طريق حميد بن عبد الرحمن الحِمَيري، عن ثلاثة من ولد سعد، عن سعد.

(3)

بل أخرجه البخاري بلفظه، أما مسلم فلفظه:"اللهم اشف سعدًا، اللهم اشف سعدًا".

ص: 200

ابن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا الرَّبيع بن يحيى، حدثنا شُعبة.

وأخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، حدثنا يزيد أبو خالد، عن المِنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن عادَ مريضًا لم يَحضُرْ أجلُه، فقال عنده سبعَ مِرارٍ: أسألُ الله العظيم، ربَّ العرش العظيم، أن يَشفِيَك، إلّا عافاه اللهُ من ذلك المرض"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1285 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد، عن المِنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباسٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن

(1)

إسناده جيد من أجل المنهال بن عمرو ويزيد أبي خالد - وهو ابن عبد الرحمن الدالاني - وقد زاد بعضهم في الإسناد بين سعيد بن جبير وبين ابن عباس عبدَ الله بن الحارث الأنصاري - كما سيأتي في تخريجنا للحديث التالي - وهو ثقة، لكن رجّح الحافظان أبو حاتم وأبو زرعة الرازيّان كما في "العلل"(2094) و (2107) حديثَ سعيد بن جبير عن ابن عباس بلا واسطة، ومما يؤيد قولَهما أن الحديث قد رواه أيضًا - غير الدالاني - من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس: ميسرةُ بن حبيب فيما سيأتي عند المصنف برقم (7680)، وزيدُ بن أبي أنيسة عند الطبراني في "الكبير"(12277) و "الدعاء"(1117)، كلاهما عن المنهال به. ولفظ رواية ابن أبي أنيسة في آخره:"إلا خفّفت عنه".

وأخرجه أبو داود (3106) عن الربيع بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/ (2137)، والترمذي (2083)، والنسائي (10820)، والحاكم فيما سيأتي برقم (7679) من طريق محمد بن جعفر، وأحمد 4/ (2182) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، كلاهما عن شعبة، به. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وسيأتي من طريق عبد الله بن نمير وشعبة عن يزيد الدالاني عن المنهال بن عمرو برقم (8487).

ومن غير طريق الدالاني عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس برقمي (1285) و (7680).

وسيأتي من طريق حجّاج بن أرْطاة عن المنهال عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس برقمي (1286) و (7678)، لم يذكر فيه سعيدًا، والحجاج ممن لا يُعتمَد عند المخالفة.

ص: 201

عادَ أخاه المسلم، فقعد عندَ رأسه، ثم قال سبعَ مرات: أسألُ الله العظيم، ربَّ العرش العظيم أن يَشفِيكَ، عُوفيَ إن لم يكن أجلُه حَضَر"

(1)

.

هذا حديث شاهد صحيح غريب من رواية المِصريِّين عن المدنيين عن الكوفيين، لم نكتبه عاليًا إلّا عنه.

(1)

إسناده جيد.

وأخرجه ابن حبان (2978) عن أبي يعلى الموصلي، عن هارون بن معروف، والطبراني في "الدعاء"(1120) من طريق حرملة بن يحيى التجيبي، كلاهما عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد الأنصاري، عن المنهال بن عمرو، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (10815) عن وهب بن بيان، وأبو يعلى في "مسنده"(2430)، وعنه ابن عدي في "الكامل" 6/ 330 عن هارون بن معروف، وابن حبان (2975)، والضياء في "المختارة" 10/ (399) من طريق حرملة بن يحيى التجيبي، والحاكم فيما سيأتي برقم (7677) من طريق بحر بن نصر، أربعتهم عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس - فزادوا في الإسناد عبدَ الله بن الحارث. وقد جاء في رواية النسائي وأبي يعلى وابن عدي والضياء: المنهال بن عمرو مرةً قال: أخبرني سعيد بن جبير، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس. ومعنى ذلك: أن المنهال مرة قال: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، كما في إسناد المصنف هنا، ومرة قال: عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس، بزيادة عبد الله بن الحارث بينهما، فالضمير في "قال" يعود على المنهال، بمعنى أنه روي عنه على الوجهين، كذلك جاءت عبارة "مرة قال" بعد المنهال بن عمرو في أصلَي "سنن النسائي الكبرى" الخطيين: نسخة الرباط، ونسخة ملا مراد، وهو الصواب، خلافًا لما توهّم محقّقه من أن ذلك خطأ، فيستدرك من هنا.

وقد خالف أصحابَ عبد الله بن وهب هؤلاء: أحمدُ بن عيسى بن حسان المصري عند البخاري في "الأدب المفرد"(536) حيث رواه عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد، عن المنهال، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، بإسقاط سعيد بن جبير منه، فالذي يغلب على الظن أن ذلك وهم، لأن كل الذين رووه عن المنهال قد ذكروا سعيدًا، فحذفه من الإسناد خطأ، والله تعالى أعلم.

تنبيه: قوله في إسناد النسائي السابق: "ومرة سعيد" جعل المزي "مرة" في كتابيه "التحفة" و"التهذيب" اسمَ رجل غير منسوب، وهذا وهمٌ تابعه عليه الحافظ ابن حجر رحمهما الله.

ص: 202

وقد خالف الحجاجُ بن أرطاةَ الثقاتِ في هذا الحديث عن المنهالِ بن عمرو:

1286 -

أخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الحجّاج بن أرْطاة، عن المِنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمٍ عادَ أخاه، فدخل عليه ولم يَحضُرْ أجلُه، فقال: أسألُ الله العظيم، ربَّ العرش العظيم، أن يَشفِيَ فلانًا من مَرَضِه، سبعَ مراتٍ، إِلَّا شَفَاه الله منه"

(1)

.

هذا مما لا يُعَدُّ خلافًا، فإنَّ الحجاج بن أرْطاة دون عبد ربِّه بن سعيد وأبي خالد الدَّالاني في الحفظ والإتقان، فإن ثَبَتَ حديثُ عبد الله بن الحارث من هذه الرواية فإنه شاهدٌ لسعيد بن جُبير.

1287 -

أخبرني أبو بكر بن أبي نصر، حدثنا أحمد بن محمد البِرْتي، حدثنا القَعْنبي فيما قَرأ على مالك، عن يزيد بن خُصَيفة.

وحدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكِّي، حدثنا أحمد بن سَلَمة، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا يزيد بن خُصَيفة، عن عمرو بن عبد الله بن كعب السَّلَمي، أنَّ نافع بن جُبير أخبره: أنَّ عثمان بن أبي العاص قَدِم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أخذه وَجَعٌ قد كاد يُبطِلُه، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فزَعَم أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ضَعْ يمينَك على مكانك الذي تشتكي، وامسَحْ به سبعَ مرَّاتٍ وقل: أعوذُ بِعِزَّة الله وقُدرتِه من شَرِّ ما أجدُ، في كلِّ مَسْحةٍ"

(2)

.

(1)

حديث جيد والحجّاج بن أرطاة ليس بذاك القوي خاصة عند المخالفة، وقد خولف كما سبق.

وأخرجه أحمد 5/ (3298) عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/ (2138) عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، والنسائي (10816) من طريق حفص بن غياث، كلاهما عن حجاج بن أرطاة، به. ووقع في رواية أبي معاوية قال: أُراه رفعه.

وسيأتي من طريق يزيد بن هارون برقم (7678). وانظر الحديثين السابقين.

(2)

إسناده صحيح القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب ومالك: هو ابن أنس الإمام. =

ص: 203

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما أخرجه مسلم من حديث الجُرَيري، عن يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير، عن عثمان بن أبي العاص، بغير هذا اللفظ

(1)

.

1288 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مِلِحان، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثني الليث بن سعد، عن زِيادةَ بن محمد الأنصاري، عن [محمد بن]

(2)

كعب القُرَظي، عن فَضَالة بن عُبيد: أَنَّ رجلين أقبلا يَلتمِسان

= وأخرجه أبو داود (3891) عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (16268) و (16274)، والترمذي (2080)، والنسائي (7504) و (10771)، وابن حبان (2965) من طرق عن مالك، به.

وأخرجه أحمد 29/ (17907)، والنسائي (7677) و (10772) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، به.

وأخرجه ابن ماجه (3522) من طريق زهير بن محمد، عن يزيد بن خصيفة، به.

وأخرجه مسلم (2202)، والنسائي (10773)، وابن حبان (2964) و (2967) من طريق الزهري، عن نافع بن جبير، به وفيه زيادة التسمية ثلاثًا، وفي آخره: وأحاذر.

وفي الباب عن أنس بن مالك، سيأتي عند المصنف برقم (7705).

(1)

هذا وهمٌ من أبي عبد الله الحاكم رحمه الله، فإنَّ رواية مسلم إنما هي من حديث الزهري، عن نافع بن جبير، عن عثمان بن أبي العاص، وهي عنده برقم (2202)، ولفظه بنحو لفظ الحاكم، وسلفت الإشارة إلى الاختلاف اليسير بين اللفظين.

أما حديث الجريري عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن عثمان بن أبي العاص فهو حديث آخر أخرجه مسلم بإثر حديث نافع بن جبير برقم (2203) ولفظه: أنَّ عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنَّ الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثًا" قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.

(2)

استدركناه من "تلخيص الذهبي" و"إتحاف المهرة"(16153)، ومن كتابي "الدعوات"(587) و "الأسماء والصفات"(892) كلاهما للبيهقي حيث رواه عن المصنف بهذا الإسناد والمتن.

ص: 204

[لأبيهما]

(1)

الشفاءَ من البول، فانطُلِقَ بهما إلى أبي الدرداء، فذَكَرا وجعَ أبيهما له، فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ربَّنا

(2)

اللهُ الذي في السماء، تقدَّسَ اسمُك، أمرُك في السماء والأرض، كما رحمتُك في السماء فاجعلْ رحمتَك في الأرض، واغفِرْ لنا ذُنوبَنا وخطايانا، إنك ربُّ الطَّيِّبين، فأنزِلْ رحمةً من رحمتِكَ، وشِفاءً من شِفائك على هذا الوَجَع، فيَبرأُ إِن شاء الله تعالى"

(3)

.

قد احتجَّ الشيخان بجميع رواة هذا الحديث غير زيادةَ بن محمد، وهو شيخٌ من أهل مصر قليل الحديث.

1289 -

أخبرني أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثني أبي، حدثنا أبو الطاهر، أخبرنا ابن وَهْب، حدثنا حُييّ بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرٍو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا عادَ أحدُكم مريضًا فليقُلْ:

(1)

هذه الزيادة من كتابي البيهقي.

(2)

أُقحم هنا في المطبوع عبارة: "من اشتكى منكم شيئًا أو اشتكاه أخ له فليقل: ربنا" ولم ترد هذه العبارة في النسخ الخطية ولا في كتابي البيهقي، وسيأتي الحديث بهذه الزيادة برقم (7702) من طريق سعيد بن أبي مريم عن الليث بن سعد.

(3)

إسناده ضعيف جدًّا، زيادة بن محمد قال فيه البخاري والنسائي وأبو حاتم: منكر الحديث، وقال ابن عدي: لا أعلم له إلّا حديثين أو ثلاثة، ومقدار ما له لا يتابع عليه، وقال ابن حبان: منكر الحديث جدًّا، يروي المناكير عن المشاهير، فاستحق الترك. قلنا: وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه أبو داود (3892) عن يزيد بن خالد بن موهب الرملي، والنسائي (10810) عن سعيد بن أبي مريم، كلاهما عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (10809) من طريق ابن وهب، عن الليث - قال النسائي: وذكر آخر قبله - عن زياد بن محمد، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي الدرداء. لم يذكر فيه فضالة بن عبيد.

وأخرجه أحمد 39/ (23957) من طريق أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن الأشياخ، عن فضالة بن عبيد قال: علمني النبي صلى الله عليه وسلم رقية

الحديث لم يذكر أبا الدرداء. وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم، ولإبهام الأشياخ. وانظر تمام تخريجه فيه.

ص: 205

اللهمَّ اشفِ عبدَكَ، يَنكَأُ لك عدوًّا أو يمشي لكَ إلى صلاة"

(1)

.

هذا حديثٌ صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1290 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، حدثنا يحيى بن أيوب البَجَلي، أخبرنا أبو زُرْعة بن عمرو بن جَرِير، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: "إنَّ الرجل تكونُ له المنزلةُ عند الله، فما يَبلُغُها بعَمَلٍ، فلا يزال يَبتَلِيهِ بما يَكرَه حتى يُبلِّغَه ذلك"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه

(3)

.

1291 -

أخبرني أبو بكر بن أبي نصر الدَّارَبردي بمَرُو، حدثنا أبو المُوجِّه، حدثنا سعيد بن منصور وعليُّ بن حُجْر، قالا: حدثنا هُشَيم، أخبرنا يونس بن عُبيد.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا إسماعيل، عن يونس، عن الحسن، عن عُتَيّ، عن أُبيّ بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لمَّا حُضِر آدمُ عليه السلام قال لِبنيه: انطلِقُوا فاجنُوا لي من ثمار الجنة" قال:

(1)

إسناده ضعيف، حيي بن عبد الله - وهو المَعافري - لا يحتمل تفرده، فقد قال فيه الإمام: أحمد: أحاديثه مناكير، وقال البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال يحيى بن معين: ليس به بأس، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات". أبو الطاهر: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله، وأبو عبد الرحمن الحبلي: هو عبد الله بن يزيد المعافري.

وأخرجه أبو داود (3107)، وابن حبان (2974) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 11/ (6600) من طريق ابن لهيعة عن حيى بن عبد الله، به.

وسيأتي برقم (2036).

قوله: "ينكأ لك عدوًا" قال ابن الأثير في "النهاية": نكيتُ في العدو: إذا أكثرتَ فيهم الجراح والقتل.

(2)

إسناده حسن.

وأخرجه ابن حبان (2908) من طريق محمد بن العلاء بن كريب، عن يونس بن بكير، بهذا الإسناد.

(3)

تعقبه الذهبي في "تلخيصه" بقوله: يحيى وأحمد ضعيفان، وليس يونس بحجة. قلنا: والحق أن هؤلاء أحاديثهم من قبيل الحسن وأحمد العطاردي - وإن كان أنزلهم مرتبة - قد توبع.

ص: 206

"فخَرَج بنوهُ فاستَقبلَتهُم الملائكة، فقالوا: أين تُريدُون يا بني آدم؟ قالوا: بَعَثَنا أبونا لنَجْنيَ له من ثمار الجنة. قالوا: ارجِعوا فقد كُفيتُم" قال: "فرَجَعوا معهم حتى دَخَلُوا على آدم، فلمَّا رأتهم حوَّاءُ ذُعِرَتْ وجَعَلتْ تدنو إلى آدمَ وتَلصَقُ به، فقال لها آدم: إليكِ عنِّي، إليكِ عنِّي، فمن قِبَلِكِ أُتيتُ، خَلِّ بيني وبين ملائكةِ ربي" قال: "فقَبَضُوا رُوحَه، ثم غسَّلُوه وحنَّطُوه وكفَّنُوه. قال: ثم صلَّوا عليه، ثم حَفَروا له، ثم دَفَنوه، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سُنَّتُكم في موتاكم، فكذاكُم فافعَلوا"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وهو من النوع الذي لا يوجد للتابعي إلّا الراوي الواحد، فإن عُتَي بن ضَمْرة السعدي ليس له راو غيرُ الحسن

(2)

، وعندي أنَّ الشيخين علَّلاه بعلةٍ أخرى، وهو أنه رُوي عن الحسن عن أُبيِّ دون ذكر عُتَي:

1292 -

أخبرَناه أبو بكر بن عبد الله أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا هارون بن سعيد الأَيْلي، حدثنا ابن وَهْب، أخبرني عمر بن مالك المَعافِري، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن الحسن، عن أُبيٍّ بن كعب، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(1)

حديث غريب، رجاله لا بأس بهم، لكن قد اختلف في رفعه ووقفه، كما أشار إليه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 79، وقد تفرد به عُتي، وعُتَي - وهو ابن ضمرة السعدي - وثقه ابن سعد والعجلي وابن حبان والحافظ ابن حجر، وقال ابن المديني: حديثه يشبه حديث أهل الصدق وإن كان لا يُعرف.

أبو الموجه هو محمد بن عمرو الفزاري وإسماعيل: هو ابن علية، والحسن: هو ابن أبي الحسن البصري.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" 35/ (21240) من طريق حميد بن أبي حميد الطويل، عن الحسن البصري، عن عتي، عن أبي بن كعب موقوفًا عليه. وانظر تمام تخريجه فيه.

وسيأتي بعده دون ذكر عتي، ومختصرًا برقم (3075) و (4042) و (4048).

(2)

بل روى عنه أيضًا ابنه عبد الله بن عتيي بن ضمرة، فيما نقله إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد عن يحيى بن معين.

ص: 207

"كان آدمُ رجلًا طوالًا"، فذكر حديثًا طويلًا، وقال في آخره: إنه قال: "خَلُّوا بيني وبين رُسُل رَبي، فإنكِ أدخلتِ عليَّ هذا، فقَبَضُوا نَفْسَه، وغسَّلوه بالماء والسِّدر ثلاثًا، وكفَّنوه وصلَّوا عليه ودفنوه، ثم قالوا: هذه سُنَّة بَنِيكَ من بعدِك"

(1)

.

هذا لا يعلِّل حديث يونس بن عُبيد، فإنه أعرف بحديث الحسن من أهل المدينة ومصر، والله أعلم.

1293 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامِريّ، حدثنا أبو أسامة، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أبي صالح الأشْعَري، عن أبي هريرة قال: عاد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مريضًا من وَعْكٍ كان به، ومعه أبو هريرة، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أبشِرْ، فإنَّ الله يقول: نارِي أُسلِّطُها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكونَ حظَّه من النار في الآخرة"

(2)

.

(1)

رجاله لا بأس بهم كسابقه، الحسن - وهو البصري - لم يدرك أُبيًّا، بينهما عتي بن ضمرة، كما في الذي قبله.

(2)

إسناده ضعيف، وذِكْرُ عبد الرحمن بن يزيد بن جابر هنا وهمٌ من أبي أسامة - وهو حماد بن سلمة - والصواب أنه عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وهو ضعيف، رواه أبو المغيرة عن عبد الرحمن بن يزيد فقال: ابن تميم، نبَّه على ذلك الدارقطني في "العلل"(1987)، وقال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه 2/ 527 (565): عبد الرحمن بن يزيد بن جابر لا أعلم أحدًا من أهل العراق يحدِّث عنه، والذي عندي أنَّ الذي يروي عنه أبو أسامة وحسين الجعفي واحد، وهو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم. انتهى، وقد اختُلف في اسم صحابيه وفي رفعه ووقفه، كما سيأتي.

إسماعيل بن عبيد الله: هو ابن مهاجر المخزومي، وأبو صالح الأشعري - وهو الشامي الأردني - قال أبو زرعة: لا يعرف اسمه، وقال أبو حاتم: لا بأس به.

وأخرجه أحمد 15/ (9676). وأخرجه ابن ماجه (3470) عن ابن أبي شيبة، كلاهما (أحمد وابن أبي شيبة) عن أبي أسامة حماد بن أسامة، بهذا الإسناد. وقال في رواية ابن ماجه: عبد الرحمن بن يزيد، ولم يبينه، وكنا في "المسند" وابن ماجه قد وسمنا إسناده بأنه جيد، وما تنبهنا إلى هذه العلة، فليستدرك من هنا.=

ص: 208

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1294 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشَاذ العدلُ، قالا: أخبرنا هشام بن علي السِّيرافي، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا بن رجاء، حدثنا حرب بن شدَّاد، أنَّ يحيى بن أبي كَثِير حدثه، أنَّ أبا قِلّابةَ حدثه عن عبد الرحمن بن شَيْبة، عن عائشة قالت: طَرَقَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وَجَعٌ، فجعل يتقلَّبُ على فِراشِه، فقلت: يا رسول الله، لو صَنَعَ هذا بعضُنا لخَشِيَ أَن تَجِدَ عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ المؤمن يُشدَّدُ عليه، وليس من مؤمنٍ يُصيبُه نَكْبةٌ أو وَجَعٌ إلا حطَّ الله عنه خَطِيئةً ورَفَعَ له درجة"

(1)

.

= أما أبو المغيرة فقال: عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وقد أخرجه من طريقه الطبري في "تفسيره" 16/ 111، والطبراني في "الأوسط"(10)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(542)، والبيهقي في "السنن" 3/ 381. وقال في رواية البيهقي: عبد الرحمن بن يزيد، ولم ينسبه.

وأخرجه أحمد 36/ (22165) و (22274) من طريق أبي الحصين مروان بن رؤبة، عن أبي صالح الأشعري، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحمى من كِير جهنم، فما أصاب المؤمن منها كان حظه من النار".

قال الدارقطني في "العلل"(2705): والصواب ما رواه سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبيد الله عن أبي صالح الأشعري عن كعب الأحبار، قولَه.

قلنا: أخرجه من هذه الطريق يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 483، والبيهقي 3/ 382، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 66/ 297 و 298.

وفي الباب عن غير واحد من الصحابة، انظرها في تعليقنا على "المسند"(22165).

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد الله بن رجاء - وهو الغُداني - وقد توبع. أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرمي، وعبد الرحمن بن شيبة: هو ابن عثمان العبدري.

وأخرجه أحمد 42/ (25264) عن هشام بن سعيد، عن معاوية بن سلام، و 43/ (25804) من طريق علي بن المبارك، كلاهما (معاوية وعلي) عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد.

وسيأتي مختصرًا (8099) من طريق يحيى بن بشر عن معاوية بن سلام.

وخالف هشامَ بنَ سعيد ويحيى بنَ بشر معمرُ بنُ يعمر، فرواه عن معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن نسيب، عن عائشة، أخرجه من هذه الطريق ابن حبان (2919) وقال بإثره: يحيى بن أبي كثير واهمٌ في قوله: عبد الله بن نسيب، إنما هو عبد الله بن =

ص: 209

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1295 -

أخبرني إسماعيل بن محمد الفقيه بالرَّيّ، حدثنا أبو حاتم الرَّازي، حدثنا سعيد بن كَثِير بن عُفَير، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن خالد بن يزيد، عن أبي الزُّبير عن جابر بن عبد الله: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عادَ امرأة من الأنصار، فقال لها:"أهيَ أُمُّ مِلْدَم؟ " قالت: نعم فَلَعَنَها الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تَسُبِّيها، فإنها تَغسِلُ ذنوبَ العبد كما يُذهِبُ الكِيرُ خَبَثَ الحديد"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما أخرجه مسلم بغير هذا اللفظ من حديث حَجَّاج بن أبي عثمان عن أبي الزُّبير

(2)

.

1296 -

أخبرنا أبو النَّضْر الفقيه، حدثنا تَمِيم بن محمد، حدثنا يحيى بن المغيرة،

=الحارث، نسيب ابن سيرين فسقط عليه الحارث فقال: عبد الله بن نسيب.

قلنا: وهم في ذلك ابن حبان وهمين، أحدهما: في تسمية الراوي عن عائشة، فإنما هو عبد الرحمن بن شيبة، وليس عبد الله بن الحارث، والثاني: نسبة الوهم إلى يحيى بن أبي كثير، وليس كذلك، فقد رواه جمع عنه كلهم قالوا: عبد الرحمن بن شيبة، وإنما المخالفة وقعت من معمر بن يعمر، كما ذكرنا سابقًا، ومعمر هذا قال ابن القطان: مجهول الحال، وذكره ابن حبان نفسه في "الثقات" وقال: يُغرب.

وانظر ما سلف برقم (191) من حديث عائشة، وبرقم (120) من حديث أبي سعيد الخدري.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن أيوب - وهو الغافقي - وقد توبع. أبو حاتم الرازي: هو الإمام الحافظ محمد بن إدريس بن المنذر، وخالد بن يزيد: هو الجمحي، وأبو الزبير وهو محمد بن مسلم بن تَدرُس - قد صرَّح بالتحديث فيما سلف برقم (249) فانتفت شبهة تدليسه.

فقد سلف برقم (249) من طريق نافع بن يزيد عن خالد بن يزيد، وسلف تخريجه هناك.

وأم ملدم - بكسر الميم وسكون اللام وفتح الدال -: هي كنية الحمى، والميم الأولي زائدة.

(2)

أخرجه مسلم (2575)، ولفظه عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال: "ما لكِ يا أم السائب - أو يا أم المسيب - تزفزفين؟ قالت: الحمى، لا بارك الله فيها، فقال: "لا تسبي الحمى، فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد".

ص: 210

حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، قال: أنت الحُمَّى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فاستأذنت عليه، فقال:"مَن أنتِ؟ " قالت: أنا أمُّ مِلْدَم، فقال:"أَتُهدَيْنَ إلى أهل قُباءٍ؟ " قالت: نعم، قال: فأتَتَهم فحُمُّوا ولَقُوا منها شدةً، فاشتَكَوا إليه، قالوا: يا رسول الله، ما لَقِينا من الحمَّى، قال:"إن شئتُم دعوتُ الله فكَشَفَها عنكم، وإن شئتُم كانت لكم طَهورًا"، قالوا: لا، بل تكون لنا طَهورًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1297 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمَّاك ببغداد، حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزالُ البلاءُ بالمؤمن في نفسِه ومالِه وولدِه،

(1)

إسناده قوي من أجل أبي سفيان - وهو طلحة بن نافع - وفي متنه غرابة. جرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه ابن حبان (2935) من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن جرير بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 22/ (14393) عن أبي معاوية، عن الأعمش، به.

وقد صحَّ من حديث عائشة عند البخاري (1889)، ومسلم (1376) أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمدينة تنقل حمّاها إلى الجُحفة، والجحفة ميقات أهل مصر والشام إذا لم يدخلوا المدينة، وهي جنوب غرب المدينة، قرب مدينة رابغ على الساحل. قال الخطابي وغيره كما في "شرح النووي على صحيح مسلم" 9/ 150 - : كان ساكنوا الجحفة في ذلك الوقت يهودًا.

وقال ابن بطال في "شرح البخاري" 4/ 559: فكانت الجحفة يؤمئذ دار شرك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يدعو على من لم يجب إلى الإسلام إذا خاف منه معونة أهل الكفر حين يئس منهم، فقال صلى الله عليه وسلم:"اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف". انتهى، قلنا: ولا غرابة في ذلك، إنما الغرابة في إهداء الحمى إلى أهل قباء، وهم أهل إسلام، إلّا أن يقال: إنَّ الحمى التي أرسلها النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل قباء ليست حمى الوباء كالتي دعا بها على أهل الجحفة، وإنما رحمةٌ من ربنا للتكفير، أشار إلى ذلك ابن رجب في "البشارة العظمى للمؤمن بأن حظه إلى النار الحمى" ضمن مجموع رسائله 2/ 383، والشريف السمهودي كما في "شرح الزرقاني على موطأ مالك" 4/ 363، والله تعالى أعلم.

ص: 211

حتى يَلقَى الله وما عليه من خَطِيئة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهد صحيح:

1298 -

أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزَّاهد الأصبهاني، حدثنا أحمد بن مهران، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن عبد الله بن المختار، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "وَصَبُ المُؤمِنِ كفارةٌ لخطاياه"

(2)

.

1299 -

أخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة،

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن.

وأخرجه أحمد 15/ (9811)، وابن حبان (2913) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 13/ (7859) عن محمد بن بشر، والترمذي (2399)، وابن حبان (2924) من طريق يزيد بن زريع، كلاهما عن محمد بن عمرو بن علقمة به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وسيأتي برقم (8077) من طريق عباد بن العوام عن محمد بن عمرو.

(2)

هذا إسناد لا بأس برجاله، إلّا أنه قد أعله أبو حاتم الرازي والدارقطني بوهم وقع من عبد الله بن المختار في جعله من حديث أبي هريرة وفي رفعه وقالا: إنَّ الصحيح ما رواه أيوب السختياني وهشام بن حسان - قال الدارقطني وحسبك بهما في الثقة - عن ابن سيرين، عن أبي الرباب القشيري عن أبي الدرداء موقوفًا من قوله.

قلنا: أما من حديث أبي هريرة مرفوعًا فقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(9375) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (9989) عن محمد بن عثمان وأحمد بن عثمان بن حكيم، عن عبيد الله بن موسى، به.

وأما من حديث أبي الدرداء موقوفًا فقد أخرجه معمر في "جامعه"(20313) برواية عبد الرزاق عنه - ومن طريقه البيهقي في "الشعب"(9436)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 58/ 337 - عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي الرباب القشيري، عن أبي الدرداء.

والوَصَب بفتح الواو والصاد: المرض، وقيل: الألم الشديد، وقيل: الألم الدائم.

ص: 212

حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله لأعرابيٍّ: "هل أخَذَتْكَ أمُّ مِلْدَمٍ قطُّ؟ " قال: وما أمُّ مِلْدَم؟ قال: "حرٌّ بين الجِلْد واللَّحم" قال: فما وجدتُ هذا قطّ، قال:"فهل أخَذَكَ الصُّداعُ قطّ؟ " قال: وما الصُّداع؟ قال: "عِرْقٌ يَضْرِبُ على الإنسان في رأسِه" قال: ما وجدتُ هذا قط، فلمَّا ولَّى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ سَرَّه أن يَنظُر إلى رجلٍ من أهلِ النار، فليَنظُرْ إلى هذا"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1300 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا أسَد بن موسى، حدثنا عِمْران بن زيد الثَّعْلبي، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن سالم بن عبد الله، عن عائشة قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما ضَرَبَ من مؤمنٍ عِرْقٌ إلا حطَّ الله عنه به خَطِيئة، وكَتَبَ له به حَسَنة، ورفَعَ له به دَرَجة""

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي. سعيد بن عامر: هو الضبعي، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن.

وأخرجه أحمد 14/ (8395)، والنسائي (7449)، وابن حبان (2916) من طرق عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 14/ (8794) من طريق أبي معشر، عن سعيد بن المقبري، عن أبي هريرة.

وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي معشر، واسمه: نجيح بن عبد الرحمن.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا" قال ابن حبان بإثر الحديث (2916): لفظةُ إخبارٍ عن شيء، مرادها الزجر عن الركون إلى ذلك الشيء وقلة الصبر على ضده، وذلك أنَّ الله جلَّ وعلا جعل العلل في هذه الدنيا والغموم والأحزان سبب تكفير الخطايا عن المسلمين، فأراد صلى الله عليه وسلم إعلام أمته أنَّ المرء لا يكاد يتعرّى عن مقارفة ما نهى الله عنه في أيامه ولياليه، وإيجاب النار له بذلك إن لم يُتفضل عليه بالعفو، فكأن كل إنسان مرتهن بما كسبت يداه، والعلل تُكفِّر بعضُها عنه في هذه الدنيا، لا أن من عوفي في هذه الدنيا يكون من أهل النار.

(2)

إسناده ضعيف، تفرد به بهذا اللفظ عمران بن زيد الثعلبي: وهو أبو يحيى الملائي الطويل، =

ص: 213

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وعمران بن زيد الثعلبي شيخ من أهل الكوفة.

1301 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا يعلى بن عُبيد، حدثنا طلحة بن يحيى، عن أبي بُرْدة

(1)

، عن معاوية قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من شيءٍ يصيبُ المؤمنَ فِي جَسَده يُؤذِيهِ، إِلَّا كفَّر عنه من سَيئاته"

(2)

.

=وهو ليَّن لا يحتمل تفرده، قال ابن معين: ليس يحتج بحديثه، وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه ليس بالقوي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه 2/ 530 (1061): هذا إسناد مضطرب. وانظر "العلل" للدارقطني (3579).

أسد بن موسى هو العمِّي، وسالم بن عبد الله: هو الدَّوسي، ويقال: المَهْري، وهو سالم سبلان.

وحسَّن إسناده المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/ 146، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 17/ 360: سنده جيد.

وأخرجه البيهقي في "الشعب"(9394) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. ووقع عنده: سالم بن عبد الله بن عمر، وهو خطأ.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(2460)، وابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (207) من طريقين عن عمران بن زيد به وقال الطبراني: تفرد به عمران.

وأخرج أحمد 40/ (24114) عن سفيان بن عيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من مسلم يشاك بشوكة فما فوقها إلّا حطت من خطيئته".

وهذا إسناد صحيح.

وقد صحَّ معنى الحديث من غير وجه عن عائشة دون قوله: "ما ضرب من مؤمن من عرق"، انظر "صحيح البخاري"(5640)، و "صحيح مسلم"(2574).

وسلف قريبًا أيضًا برقم (1294)، وانظر (191).

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى ابن بريدة، وهو خطأ، والتصويب من "إتحاف المهرة" 13/ 366 ومصادر التخريج. وأبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل طلحة بن يحيى التيمي، وقد توبع.

وأخرجه أحمد 28/ (16899) عن يعلى بن عبيد الطنافسي بهذا الإسناد.=

ص: 214

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1302 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا أحمد بن عيسى، حدثنا ابن وَهْب، أخبرني عبد الرحمن بن سَلْمان الحَجْريّ، عن عمرو بن أبي عمرو، عن المَقْبريّ، عن أبي هريرة قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ الله لَيَبتلي عبدَه بالسَّقَم حتى يُكفِّرَ ذلك عنه كلَّ ذَنْب"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1303 -

أخبرني أبو النضر الفقيه، حدثنا معاذ بن نَجْدة، حدثنا قَبِيصة.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حذيفة؛ قالا: حدثنا سفيان، عن علقمة بن مَرْثَد، عن القاسم بن مُخَيْمِرة، عن عبد الله بن عمرو

= ويشهد له حديث عائشة المذكور عند الحديث السابق، وغير ما حديث كما في التعليق على حديث أبي سعيد الخدري في "مسند أحمد" 17/ (11007).

(1)

إسناده حسن عبد الرحمن بن سلمان الحَجْري مختلف في توثيقه وتضعيفه، وخلاصة القول فيه أنه يعتبر به في المتابعات والشواهد، وحديثه هذا له شواهد، وانتهى الحافظ ابن حجر فيه إلى أنه لا بأس به. والحَجْري - بحاء مهملة مفتوحة، ثم جيم ساكنة - منسوب إلى حَجْر رُعَين وهي قبيلة معروفة.

محمد بن أيوب: هو ابن يحيى بن الضُّريس الرازي، وأحمد بن عيسى: هو أبو حسان المصري، وابن وهب: هو عبد الله، وعمرو بن أبي عمرو: هو عمرو بن ميسرة مولى المطلب، والمقبُري: هو سعيد بن أبي سعيد.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(9397) من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، ابن أخي عبد الله بن وهب، عن عمه بهذا الإسناد.

وأخرجه تمام الرازي في "فوائده"(1625)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 54/ 124 من طريق الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، به.

وله شاهد من حديث جبير بن مطعم عند الطبراني في "الكبير"(1548)، و "الأوسط"(8745)، وابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(226) و (247)، وفيه عبد الرحمن بن معاوية بن الحويرث، وهو ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد.

ص: 215

قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمٍ يُصابُ ببلاءٍ في جسده إلَّا أمر الله الحفَظَة الذين يحفظُونه: أن اكتُبوا لعَبْدي في كلِّ يوم وليلة من الخير على ما كان يَعملُ ما دام محبوسًا في وَثَاقي"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1304 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العدل، حدثنا عُبيد بن شَرِيك، حدثنا ابن أبي مريم، عن نافع بن

(2)

يزيد، حدثني جعفر بن رَبيعَة، عن عُبيد الله

(3)

بن عبد الرحمن بن السائب، أنَّ عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أزهَر حدثه عن أبيه عبد الرحمن بن أزهر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنما مَثَلُ العبدِ المؤمن من حين يُصيبُه الوَعْكُ أو الحُمَّى، كَمَثَل حَديدةٍ تدخل النار فيذهَبُ خَبَثُها ويبقى طيِّبُها"

(4)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، رواته مدنيُّون ومِصريُّون، ولم يُخرجاه.

1305 -

حدثني أبو منصور محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العَتَكيّ، حدثنا بِشْر

(1)

حديث صحيح رجاله ثقات غير معاذ بن نجدة فهو صالح الحال، وغير أبي حذيفة - وهو موسى بن مسعود النهدي - فهو صدوق وقد تُكلِّم في حديثه عن سفيان الثوري، وقد توبعا.

أبو النضر الفقيه: هو محمد بن محمد بن يوسف، وقبيصة: هو ابن عقبة، ومحمد بن غالب: هو المعروف بتمتام، وسفيان: هو الثوري.

وأخرجه أحمد 11/ (6482) و (6825) و (6870) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (6826) من طريق أبي حَصين عثمان بن عاصم، عن القاسم بن مخيمرة، به.

وأخرج أحمد (6895) من طريق عاصم بن أبي النجود، عن خيثمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة، ثم مرض، قيل للملك الموكل به: اكتب له مثل عمله إذا كان طليقًا، حتى أطلقه أو أكفته إليّ".

(2)

تحرف في النسخ الخطية إلى: عن.

(3)

في النسخ الخطية: عبد الله، مكبرًا، وقد جاء على الصواب في "تلخيص الذهبي" و "إتحاف المهرة"(13469)، وكذا في "شعب الإيمان" للبيهقي (9378) من طريق المصنف.

(4)

صحيح لغيره، وهو مكرر (248)، وقرن هناك بعلي بن حمشاذ أبا بكر بن إسحاق.

ص: 216

ابن سَهْل اللَّبَّاد، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن أبي حَلْبَس يزيد بن مَيْسَرة، أنه سمع أمَّ الدرداء تقول: سمعتُ أبا الدرداء يقول: سمعتُ أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ الله قال: يا عيسى إني باعثٌ من بعدِك أُمةً إن أصابهم ما يحبُّون حَمِدوا الله، وإن أصابهم ما يَكرَهون احتَسَبوا وصبروا، ولا حِلْمَ ولا عِلْمَ، فقال: يا ربِّ، كيف يكون هذا لهم ولا حِلمَ ولا عِلمَ؟! قال: أُعطِيهم من حِلْمي وعِلمي"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1306 -

حدثني بُكَير بن محمد الصُّوفي

(2)

بمكة، حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله، حدثنا علي بن المَدِيني، حدثنا أبو بكر الحَنَفي، حدثنا عاصم بن محمد بن زيد، عن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تبارك وتعالى: إذا ابتَلَيتُ عبدي المؤمنَ، فلم يَشْكُني إلى عُوَّادِه أطلَقْتُه من أُسارِي، ثم أبدَلْتُه لحمًا خيرًا من لحمِه، ودَمًا خيرًا من دَمِه، ثم يَستأنِفُ العملَ"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة حال أبي حلبس يزيد بن ميسرة، فلم يذكروا في الرواة عنه غير اثنين، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقد تفرد به وبشر بن سهل - وإن كان مجهول الحال كما سلف في ترجمته عند الحديث (261) - متابَع.

وأخرجه أحمد 45/ (27545) من طريق الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد.

(2)

تحرف في المطبوع إلى الصيرفي، وفي "إتحاف المهرة" (19707) إلى: بكر بن محمد الصيرفي، وجاء على الصواب في نسخنا الخطية، وبكير لقب، واسمه: أحمد بن محمد بن سهل الحداد، توفي سنة (360 هـ)، وثقه الخطيب البغدادي وذكر له ترجمة في "تاريخ بغداد" 6/ 12، وله ترجمة أيضًا في "تاريخ الإسلام" للذهبي 8/ 160، و "تاريخ دمشق" لابن عساكر 5/ 366، وذكروا جميعًا أنه يروي عن أبي مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي. قلنا: والمصنف لم يرو عن بكير هذا سوى في موضعين من كتابه، وأما بكر بن محمد الصيرفي فهو شيخ آخر له، وقد روى عنه في عشرات المواضع.

(3)

إسناده صحيح إن شاء الله، رجاله ثقات، وقد أعلَّ بما هو معتَرَض، كما سيأتي. أبو بكر الحنفي: عبد الكبير بن عبد المجيد.=

ص: 217

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه البيهقي في "السنن" 3/ 375، وفي "الشعب"(8802) و (9473) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وقد أعله ابن عمار الشهيد في "علل أحاديث صحيح مسلم"(29) بما رواه عاصم بن محمد عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن جده أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رفعه، وقال: عبد الله بن سعيد شديد الضعف، ونقل عن يحيى القطان قوله: ما رأيت أحدًا أضعف من عبد الله بن سعيد المقبري. ثم قال ابن عمار: وهو حديث يشبه أحاديث عبد الله بن سعيد.

قلنا: لم ينفرد عاصم بن محمد في روايته عن سعيد، فقد رواه أبو صخر حميد بن زياد، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال الله عز وجل

فذكره هكذا موقوفًا، ومثل هذا لا يقال بالرأي، وربما وهم أبو صخر في وقفه، فإنه صدوق يهم.

كما أن عاصمًا توبع أيضًا في روايته عن عبد الله بن سعيد، فقد رواه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(78) و (215) من طريق محمد بن الفضيل، وابن الجوزي في "الموضوعات"(1702) من طريق عبد الرحمن بن أبي الجون، كلاهما عن عبد الله بن سعيد، عن جده، عن أبي هريرة مرفوعًا.

وهذا ينفي أن يكون عاصم وهم في قوله: عن سعيد بن أبي سعيد، وأنه إنما هو عن عبد الله بن سعيد، ولكن ربما سمعه عاصم من كليهما، فرواه مرة عن سعيد ومرة عن عبد الله، والله أعلم.

وانظر كلام الشيخ ناصر الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة"(272).

وأخرج البيهقي في "شعب الإيمان"(9475)، وابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(24) من طريق الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي هريرة قال: إذا مرض العبد المسلم نودي صاحب اليمين: أن أجْرِ على عبدي صالحَ ما كان يعمل، ويقال لصاحب الشمال: أقصِرْ عن عبدي ما كان في وثاقي. فقال رجل عند أبي هريرة: يا ليتني لا أزال ضاجعًا، فقال أبو هريرة: كره العبد الخطأ. وهذا إسناد منقطع، حسان بن عطية لم يدرك أبا هريرة.

وأخرج ابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(396) من طريق علي بن محمد الزياد أبادي، عن معن بن عيسى، عن مالك، عن سهل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض العبد بعث الله إليه ملكين فيقول: انظر ماذا يقول لعوّاده، فإن هو إذا دخلوا عليه حمد الله وأثنى عليه، رفعا ذلك إلى الله، وهو أعلم، فيقول: لعبدي عليَّ إن أنا توفيته أن أدخله الجنة، وإن أنا أشفيته أن أبدله لحمًا خيرًا من لحمه ودمًا خيرًا من دمه، وأن أكفِّر عنه سيئاته". وعلي بن محمد هذا ذكره الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" 1/ 14 وقال: أشار الدارقطني في "غرائب مالك" إلى لينه، وأنه تفرد عن معن عن مالك، عن سهيل، عن أبيه، عن =

ص: 218

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

1307 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إسحاق بن الحسن بن ميمون، حدثنا عفَّان بن مُسلِم، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن يونس، عن الحسن، عن عبد الله بن مُغفِّل: أنَّ امرأةً كانت بَغِيًّا في الجاهلية، فمرَّ بها رجلٌ أو مرَّت به، فبَسَطَ يدَه إليها، فقالت: مَهْ، إِنَّ الله أذهَبَ بالشرك وجاء بالإسلام، فتركها ووَلَّى، وجعل ينظرُ إليها حتى أصاب وجهُه الحائطَ، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم لها فذَكَر ذلك له، فقال: "أنت عبدٌ أراد الله بكَ خيرًا، إنَّ الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبدٍ خيرًا، عجَّل له عقوبةَ ذَنْبِه [في الدنيا، وإذا أراد بعبدٍ شرًّا أمسكَ عليه بذَنْبِه]

(1)

حتى يُوافَى به يومَ القيامة"

(2)

.

= أبي هريرة رفعه: "إذا مرض العبد

" الحديث، وقال: إنما هو في "الموطأ" بسند منقطع عن غير سهل. انتهى، قلنا: أخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 940 عن زيد بن أسلم، عن عطاء، مرسلًا.

ووصله سليمان بن سليم وعباد بن كثير، فقد رواه البيهقي في "الشعب"(9472)، وابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 47 من طريق عباد بن كثير، وقرن البيهقي بعباد سليمان بن سليم، كلاهما عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن أبي سعيد الخدري، رفعه. وهذا شاهد لحديث أبي هريرة، والله أعلم.

(1)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من "شعب الإيمان"(9359) حيث أخرجه عن المصنف بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده صحيح. يونس: هو ابن عبيد بن دينار العبدي، والحسن: هو ابن أبي الحسن البصري.

وأخرجه أحمد 27/ (16806)، وابن حبان (2911) من طريق عفان بن مسلم بهذا الإسناد.

وسيأتي عند المصنف برقم (8332) من طريق الحسين بن الفضل البجلي عن عفان بن مسلم.

ويشهد للمرفوع منه حديث أنس الآتي برقم (9014)، وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.

وحديث ابن عباس عند الطبراني في "الكبير"(11842)، وابن الجوزي في "ذم الهوى" ص 126، وإسناده ضعيف.

وحديث عمار بن ياسر ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 192، وقال: رواه الطبراني وإسناده جيد.

وحديث أبي تميمة الهُجيمي عند الطبراني في "الأوسط"(5315)، وإسناده ضعيف.

ص: 219

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1308 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي؛ قالا: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن حَكِيم بن أفلح، عن أبي مسعود الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لِلمُسلم على المسلم أربعُ خِلالٍ: يجيبُه إذا دعاه، ويَعودُه إذا مَرِض ويُشمِّتُه إِذا عَطَسَ، ويُشيِّعُه إذا مات"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما أخرجاه من حديث الأوزاعي، عن الزُّهري، عن سعيد، عن أبي هريرة:"حق المسلم على المسلم خمسٌ"

(2)

.

1309 -

حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا أبو جعفر محمد بن

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، حكيم بن أفلح - وهو المدني - روى عنه جعفر بن عبد الله والد عبد الحميد، وذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/ 200 راويًا آخر عنه، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وكان حكيم هذا معروفًا ممن يدخل على عائشة كما في "صحيح مسلم"(746)(139)، فأقل أحواله أن يكون حسن الحديث. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري، ويحيى بن سعيد: هو القطان. وصحابيه أبو مسعود الأنصاري: اسمه عقبة بن عمرو الأنصاري البدري.

وهو في "مسند أحمد" 37/ (22342).

وأخرجه ابن ماجه (1434)، وابن حبان (240) من طرق عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث أبي هريرة، وهو في "الصحيحين" كما سيشير إليه المصنف.

وحديث البراء بن عازب عند البخاري (1239)، ومسلم (2066).

(2)

انفرد البخاري (1240) بإخراجه من طريق الأوزاعي، أما مسلم فأخرجه (2162) من طريق يونس ومعمر، ثلاثتهم (الأوزاعي ويونس ومعمر) عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعًا.

ص: 220

عبد الله الحَضْرَمي، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمَير وأبو كُرَيب، قالا: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش عن الحَكَم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: جاء أبو موسى الأشعري يعودُ الحسنَ بن علي، فقال له علي: أجئتَ عائدًا أم شامتًا؟ فقال: بل جئتُ عائدًا، فقال علي: إن جئتَ عائدًا، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن أتى أخاه عائدًا، فهو في خِرَافةِ الجنة، فإذا جلس غَمَرتْه الرحمة، وإن كان غُدْوةً صلَّى عليه سبعونَ ألفَ مَلَكٍ حتى يُمسِي، وإن كان مُمسيًا صلَّى عليه سبعونَ ألفَ ملكٍ حتى يُصبِح"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه لخلاف على الحكم فيه.

1310 -

أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا علي بن العباس البَجَلي، حدثنا محمد بن بشَّار، حدثنا ابن أبي عَدِيٍّ، حدثنا شعبة، عن الحَكَم، عن عبد الله بن نافع قال: عادَ أبو موسى الأشعريُّ الحسنَ بنَ عليٍّ وعنده عليٌّ، فقال علي: أزائرًا جئتَ أم عائدًا؟ [قال: عائدٌ]

(2)

، فقال علي: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مِن مسلمٍ يَعودُ مريضًا إلا خرج معه سبعونَ ألفَ مَلَكٍ يُشيَّعونَه، إن كان مُصبِحًا حتى يُمسِي، وكان له خَرِيفٌ من الجنة، وإن كان ممسيًا شيَّعه سبعونَ ألفَ مَلَكٍ حتى يُصبح، وكان له خَرِيفٌ من الجنة"

(3)

.

(1)

حديث صحيح، وقد اختُلف في رفعه ووقفه، ومثله لا يمكن أن يقال من قِبَل الرأي. أبو كريب: هو محمد بن العلاء، وأبو معاوية هو محمد بن حازم الضرير والحكم هو ابن عتيبة.

وأخرجه أحمد 2/ (612)، وأبو داود (3099)، وابن ماجه (1442)، والنسائي (7452) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وقد سلف الحديث عند المستدرك برقم (1280).

وأخرجه أحمد 2/ (702)، والترمذي (991) من طريق ثوير بن أبي فاختة، عن أبيه، عن علي رفعه. وقال الترمذي: هذا غريب حسن. وانظر ما بعده.

(2)

ما بين معقوفين سقط من النسخ الخطية، وأثبتناه من "مستخرج الطوسي على الترمذي"، فقد أخرجه (884) عن محمد بن بشار بإسناده ومتنه.

(3)

حديث صحيح كسابقه. ابن أبي عدي اسمه: محمد.

ص: 221

هذا من النوع الذي ذكرتُه غيرَ مرة: أنَّ هذا لا يُعلِّل ذاك، فإنَّ أبا معاوية أحفظُ أصحاب الأعمش، والأعمشُ أعرف بحديث الحَكَم من غيره.

1311 -

أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل القارئ، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارمي، حدثنا عمرو بن عَوْن، حدثنا هُشَيم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن عمر بن الحَكَم بن ثَوبان، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن عادَ مريضًا لم يَزَلْ يخُوض الرَّحمةَ حتى يَجِلس، فإذا جَلَسَ اغْتَمَسَ فيها"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

= وأخرجه أحمد 2/ (975) عن عبد الله بن يزيد المقرئ عن شعبة، بهذا الإسناد، فذكره مرفوعًا.

وأخرجه أحمد 2/ (976) عن محمد بن جعفر، وأبو داود (3098) عن محمد بن كثير، كلاهما عن شعبة، به، لكن ذكراه موقوفًا. ولفظ رواية أبي داود كالرواية السالفة في "المستدرك" برقم (1280).

وأخرجه موقوفًا أيضًا أبو داود (3100) من طريق منصور بن المعتمر، عن الحكم بن عتيبة به.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد فيه ضعفٌ الاضطرابه، عبد الحميد بن جعفر وإن كان من جملة الثقات، قال فيه ابن حبان ربما أخطأ، وقال ابن حجر: ربما وهم. وقد اختلف عليه في هذا الإسناد، فرواه هنا عن عمر بن الحكم، ورواه مرةً عن أمّه عن عمر بن الحكم، ومرةً عن أبيه، وصرَّح مرةً بالسماع من عمر بن الحكم عند ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 274، لكن قال ابن عبد البر عقبه: لم يسمعه عبد الحميد من عمر بن الحكم، وإنما رواه عن أمّه عنه. انتهى، وقد اختلف فيه على عمر بن الحكم أيضًا، فرواه بعضهم عنه عن كعب بن مالك، وقال بعضهم: كعب بن عُجرة، وقد فصّلنا تخريج ذلك في تعليقنا على "مسند أحمد".

فقد أخرجه أحمد 22/ (14260) عن هشيم بن بشير، وكذا ابن حبان (2956) من طريق سريج بن يونس، عن هشيم بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 25/ (15797) من طريق أبي معشر، عن عبد الرحمن بن عبد الله الأنصاري، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن كعب بن مالك. وأبو معشر - وهو نجيح بن عبد الرحمن - ضعيف.

وفي الباب عن أنس بن مالك، أخرجه أحمد في "المسند" 20/ (12782)، وذكرنا هناك تتمة شواهده.

ص: 222

1312 -

حدثنا يحيى بن منصور القاضي، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو كُرَيب، حدثني يونس بن بُكَير

(1)

، حدثنا موسى بن عُلَيّ بن رَبَاح، عن أبيه، عن عُقبة بن عامرٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُكرهوا مَرْضاكم على الطعام، فإنَّ الله يُطعِمُهم ويَسقِيهِم"

(2)

.

(1)

كذا وقع في نسخ "المستدرك" هنا، وهو خطأ صوابه: بكْر بن يونس بن بُكَير، كما في "سنن البيهقي" 9/ 347 حيث رواه عن المصنف، وقد جاء على الصواب في جميع مصادر التخريج، بل إنَّ بكر بن يونس قد تفرَّد به كما سيأتي، فإن كان ما وقع هنا من أصل "المستدرك"، فيكون المصنِّف قد وهمَ فيه، ولعله يقوي هذا الاحتمال أنه قد صححه هنا على شرط مسلم بناءً على أنه يونس بن بكير، أما بكر بن يونس بن بكير فلم يخرج له الشيخان شيئًا وهو ضعيف. وقد جاء على الصواب: بكر بن يونس بن بكير، في "إتحاف المهرة"(13875)، والله أعلم.

(2)

حسن لغيره إن شاء الله تعالى، وهذا إسناد ضعيف لضعف بكر بن يونس، قال البيهقي: تفرد به بكر بن يونس بن بكير عن موسى بن عُلَيّ وهو منكر الحديث، وعزا ذلك للبخاري، وقال أبو زرعة: واهي الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه 5/ 620 (2216): هذا حديث باطل، وبكر هذا منكر الحديث.

قلنا: ومع ذلك فقد حسّنه الترمذي، وكذلك حسّنه الحافظ ابن حجر بشواهده في "نتائج الأفكار" 4/ 238.

وأخرجه الترمذي (2040) عن أبي كريب محمد بن العلاء الهمداني، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن غريب، لا نعرفه إلّا من هذا الوجه.

وأخرجه ابن ماجه (3444) عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن بكر بن يونس، به.

ويشهد له حديث عبد الرحمن بن عوف الآتي عند المصنف برقم (8464)، وفي إسناده ضعف.

وحديث جابر بن عبد الله عند أبي نعيم في "الحلية" 10/ 50 - 51 و 221، وفيه شريك بن عبد الله القاضي، وهو حسن الحديث في المتابعات والشواهد.

وحديث عبد الله بن عمر، أخرجه العقيلي في "الضعفاء"(1011)، وابن حبان في "المجروحين" 2/ 292، وابن عدي في "الكامل" 5/ 207، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1451) و (1452) من طرق عن مالك عن نافع عن ابن عمر. لكن قال العقيلي: ليس له أصل من حديث مالك، ولا رواه ثقة عنه. وقال ابن عدي: وهذه الأحاديث باطلة عن مالك. ونحوه قال البيهقي في "السنن" 9/ 347.

ص: 223

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1313 -

أخبرنا محمد بن الخليل الأصبهاني، حدثنا موسى بن إسحاق القاضي، حدثنا مِنْجابُ بن الحارث، حدثنا علي بن مُسْهِر، عن مُطرِّف بن طَرِيف الحارثي، عن الشَّعبي، عن يحيى بن طَلْحة بن عُبيد الله، عن أبيه: أنَّ عمر رآه كئيبًا فقال له: ما لكَ؟ لعلك ساءتْكَ إمرَةُ ابن عمِّك؟ قال: لا - وأثنَى على أبي بكر - ولكنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلمةٌ لا يقولها عبدٌ عند موته، إلا فرَّج الله عنه كُرْبتَه وأشرَقَ لونُه"، فما مَنَعَني أن أسأله عنها إلّا القُدرةُ عليها، حتى مات، فقال عمر: إني لأعرفُها، فقال له طلحة: وما هي؟ فقال له عمر: هل تعلمُ كلمةً هي أعظمُ من كلمةٍ أمَرَ بها عمَّه؛ لا إله إلَّا الله؟ فقال له طلحة: هي واللهِ هي

(1)

.

(1)

حديث صحيح، محمد بن الخليل الأصبهاني - شيخ المصنف، وقد كناه في غير ما موضع من "المستدرك" بأبي عبد الله - ذكره المصنف في "تاريخ نيسابور"(كما في "تلخيصه" للخليفة النيسابوري ص 105) ووصفه بالمعدِّل، ومن فوقه ثقات. الشعبي هو عامر بن شراحيل، وهذا إسناد قد اختلف فيه على عامر الشعبي واختلف فيه على مطرف أيضًا:

فقد أخرجه النسائي (10873) عن علي بن حجر، عن علي بن مسهر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/ (1384) عن أسباط بن محمد، و (1386) من طريق صالح بن عمر، كلاهما عن مطرف بن طريف، به.

وخالفهم جرير بن عبد الحميد، فرواه عن مطرف، عن الشعبي، عن يحيى بن طلحة قال: رأى عمر طلحة حزينًا

فذكره، أخرجه النسائي (10872).

ورواه إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، واختلف عليه:

فقد أخرجه ابن ماجه (3795)، والنسائي (10874)، وابن حبان (205) من طريق محمد بن عبد الوهاب، عن مسعر، عن إسماعيل، عن الشعبي، عن يحيى بن طلحة، عن أمه سُعدي المُرِّيَّة، قالت: مرَّ عمر بطلحة

الحديث.

وخالف مسعرًا يحيى بنُ سعيد القطان ومحمدُ بن عبيد:

فقد أخرج أحمد 1/ (252) عن يحيى القطان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي: أنَّ عمر مرَّ بطلحة

ولم يذكر بهما أحدًا. =

ص: 224

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، فأما الوهمُ الذي أتى به محمد بنُ عبد الوهاب عن مِسعَر ..............

(1)

.

1314 -

أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل، حدثنا يحيى بن أبي طالب.

وحدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار إملاءً، حدثنا الحارث بن أبي أُسامة، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد، عن قَتادة، عن مسلم بن يَسَار، عن حُمْران بن أَبَان، عن أبيه: أنَّ عثمان بن عفان حدَّث عمرَ بنَ الخطاب قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إني لأعلمُ كلمةً لا يقولها عبدٌ حقًّا من قَلبِه فيموتُ، إِلَّا حُرِّم على النار"، فقُبض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ولم يُخبِرْناها، فقال عمر بن الخطاب: أنا أُخبِرُك بها؛ هي كلمة الإخلاص التي أمَرَ بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عمَّه أبا طالب عند الموت: شهادةُ أن لا إله إلّا الله، وهي الكلمةُ التي أكرَمَ الله بها محمدًا صلى الله عليه وسلم وأصحابَه

(2)

.

= وأخرجه أيضًا أحمد (252)، والنسائي (10875) من طريق محمد بن عبيد، عن إسماعيل، عن رجل، عن الشعبي قال: مرَّ عمر بطلحة. قال الدارقطني: وهم فيه محمد بن عبيد، وإنما أراد أن يقول: عن إسماعيل عن الشعبي عن رجل.

ورواه مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله قال: سمعت عمر يقول لطلحة.

أخرجه أحمد (187) عن عبد الله بن نمير، عن مجالد، به.

واختلف فيه أيضًا على مجالد، ذكر ذلك الدارقطني في "العلل"(516)، وذكر اختلافات أخرى، وقال في آخره: وأحسنها إسنادًا حديث علي بن مسهر ومن تابعه عن مطرف، عن الشعبي، عن يحيى بن طلحة، عن أبيه، والله أعلم.

(1)

هنا بياض في النسخ الخطية. وهو يشير هنا إلى رواية محمد بن عبد الوهاب عن مسعر بن كدام عن إسماعيل بن أبي خالد عن يحيى بن طلحة عن أمه سعدى المرِّيَّة قالت: مرَّ عمر بطلحة

الحديث. قلنا: وقد حسَّن الدارقطني في "العلل" هذا الإسناد أيضًا، وقال: فإن كان محفوظًا، فإنَّ يحيى بن طلحة حفظه عن أبيه وعن أمه، والله أعلم.

(2)

إسناده قوي. سعيد: هو ابن أبي عَروبة.

وأخرجه أحمد 1/ (447) عن عبد الوهاب بن عطاء بهذا الإسناد. =

ص: 225

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه بهذه السياقة، إنما انفرد مسلم بإخراج حديث خالدٍ الحذَّاء، عن الوليد بن مسلم، عن حُمْران، عن عثمان، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن مات وهو يَعلَمُ أن لا إله إلّا الله، دَخَلَ الجنة"

(1)

.

1315 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حدثنا أحمد بن مَهْدي بن رُسْتُم، حدثنا أبو عاصم النَّبيل، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثنا صالح بن أبي عَرِيب، عن كَثير بن مُرَّة، عن معاذ بن جبلٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان آخرَ كلامِه لا إله إلّا الله، دَخَلَ الجنة"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= وانظر ما سلف برقم (243).

(1)

أخرجه مسلم برقم (26).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل صالح بن أبي عَريب.

وأخرجه أحمد 36/ (22127)، وأبو داود (3116) من طريق أبي عاصم النبيل - واسمه: الضحاك بن مخلد - بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (22034) عن محمد بن بكر، عن عبد الحميد بن جعفر، به.

وأخرجه بنحوه أحمد (21998)، وابن ماجه (3796)، والنسائي في "الكبرى"(10909 - 10911) من طريق هصان بن الكاهل، عن عبد الرحمن بن سمرة، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ما من نفس تموت وهي تشهد أن لا إله إلّا الله وأني رسول الله، يرجع ذلك إلى قلب موقن، إلّا غفر الله لها". وإسناده حسن.

وأخرجه بهذا اللفظ أيضًا أحمد (22003)، والنسائي (10907) من طريق قتادة، عن أنس بن مالك، عن معاذ بن جبل.

وأخرج البخاري (128) و (129)، ومسلم (32)، والنسائي (10905) و (10906) و (10908) من طرق عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل: "من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة".

وسيأتي مرة أخرى برقم (1863) من طريق أبي عاصم.

وانظر تمام تخريجه وبيان شواهده في "سنن أبي داود".

ص: 226

وقد كنتُ أمليتُ حكايةَ أبي زُرْعة، وآخرُ كلامِه كان سياقةَ هذا الحديث

(1)

.

1316 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني مالك.

وأخبرنا أبو بكر بن أبي نَصْر المرْوَزي، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا القَعْنَبي فيما قَرأَ على مالك، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عَتِيك، أنَّ عَتِيك بن الحارث بن عَتِيك - وهو جَدُّ عبد الله بن عبد الله أبو أُمِّه - أخبره، أنَّ جابر بن عَتِيك أخبره: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يَعودُ عبد الله بن ثابت، فوَجَدَه قد غُلِبَ، فصاح به، فلم يُجِبْه، فاستَرجَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال:"غُلِبْنا عليك يا أبا الرَّبيع"، فصاح النَّسوةُ وبَكَين، فجعل ابن عَتِيك يُسكِّتُهنَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دَعْهُنَّ، فإذا وَجَبَ فلا تَبكِيَنَّ باكيةٌ"، قالوا يا رسول الله، وما الوجوب؟ قال:"إذا مات"، فقالت ابنتُه: والله إني كنتُ أرجو أن تكون شهيدًا، فإنك قد كنت قَضَيتَ جِهازَكَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد أوقعَ الله أجرَه على قدْر نِيَّتِه، وما تعدُّون الشهادَة؟ " قالوا: القتلَ في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشهادة سبعٌ سوى القتل في سبيل الله: المطعونُ شهيد، والغَريقُ شهيد، وصاحب ذات الجَنْب شهيد، والمَبطونُ شهيد،

(1)

قصة وفاة أبي زرعة الرازي أخرجها المصنف في "معرفة علوم الحديث" ص 76 وعنه البيهقي في "شعب الإيمان"(8800) - بإسناده إلى أبي جعفر بن علي الساوي ورّاق أبي زرعة الرازي قال: حضرتُ أبا زرعة وهو في السَّوق - يعني في نَزْع الموت - وعنده أبو حاتم ومحمد بن مسلم والمنذر بن شاذان وجماعة من العلماء، فذكروا حديث التلقين، واستحيَوا من أبي زرعة أن يلقنوه التوحيد، فقالوا: تعالوا نذكر الحديث، فقال أبو عبد الله محمد بن مسلم: حدثنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن صالح، وجعل يقول: ابنُ ابن، ولم يجاوز، فقال أبو حاتم: حدثنا بندار قال: حدثنا أبو عاصم، عن عبد الحميد بن جعفر، وسكت ولم يجاوز، والباقون سكتوا، فقال أبو زرعة وهو في السَّوق: حدثنا بندار، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن ابن أبي عَريب عن كثير بن مرة الحضرمي، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان آخر كلامه لا إله إلّا الله دخل الجنة"، وتوفي أبو زرعة رحمه الله.

ص: 227

وصاحبُ الحريق شهيد، والذي يموتُ تحت الهَدْم شهيد، والمرأةُ تموت بجُمْعٍ شهيدة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، رواتُه مدنيُّون قرشيُّون، وعندي "حديث مالك" جَمْعُ مسلم بن الحجّاج، بَدَأ بهذا الحديث من شيوخ مالك.

1317 -

حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن شاذانَ الجَوْهَري ببغداد، حدثنا أبي، حدثنا معلَّى بن منصور، حدثنا قَزَعة بن سُوَيد، عن حُمَيد الأعرج، عن الزُّهري، عن محمود بن لَبِيد، عن شَدَّاد بن أوْس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حَضَرتُم الميِّتَ فأَعْمِضُوا البَصَرَ، فإِنَّ البَصَرَ يَتْبعُ الرُّوحَ، وقولوا خيرًا، فإنَّ الملائكة تؤمِّن على دُعاء أهل البيت"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

حديث صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مَسلمة بن قَعنب.

وأخرجه أبو داود (3111) عن القعنبي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 39/ (23753)، والنسائي (1985) و (7455)، وابن حبان (3189) و (3190) من طرق عن مالك، به.

وانظر تمام تخريجه وذكر شواهده في تعليقنا على الكتب السالفة الذكر.

قولها قضيتَ جهازَك، بفتح الجيم وكسرها، أي: أتممتَ ما تحتاج إليه في سفرك للغزو.

المطعون: هو الذي يموت في الطاعون.

وذات الجَنْب: هو التهابٌ في الغشاء المحيط بالرئة.

والمبطون: هو الذي يموت بمرض بطنه كالإسهال والاستسقاء ونحوهما.

وقوله: "المرأة تموت بجُمْع" بضم الجيم وسكون الميم: الميتة في النفاس وولدها في بطنها لم تلده وقد تمَّ خلقه، وقيل: هي التي تموت من الولادة سواء ألقت ولدها أم لا.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف قزعة بن سويد. حميد الأعرج: هو ابن قيس المكي، والزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب.

وأخرجه أحمد 28/ (17136)، وابن ماجه (1455) من طريقين عن قزعة بن سويد، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث أم سلمة عند مسلم (920)، وسيأتي عند المصنف برقم (6911).

ص: 228

1318 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الأَدَمي بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن قَتادة، عن قَسَامةَ بن زهير، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ المؤمن إذا احتُضِرَ أَتتْه ملائكةُ الرحمة بحَرِيرةٍ بيضاء، فيقولون: اخرُجي راضيةً مَرْضِيَّةً عنك إلى رَوْح الله ورَيْحان، ورَبٍّ غيرِ غَضْبان، فتَخْرُجُ كأطيبِ ريح مِسْكٍ، حتى إنهم لَيُناولُه بعضُهم بعضًا يَشَمُّونه، حتى يأتوا به بابَ السماء فيقولون: ما أطيبَ هذه الرِّيحَ التي جاءتكم من الأرض! فكُلَّما أتَوْا سماءً قالوا ذلك، حتى يأتُوا به أرواحَ المؤمنين، قال: فلهم أفرَحُ به من أحدِكم بغائبِه إِذا قَدِمَ عليه، قال: فيَسألونَه: ما فَعَلَ فلان؟ قال: فيقولون: دَعُوه حتى يَستَريح، فإنه كان في غَمِّ الدنيا، فإذا قال لهم: أمَا أتاكم، فإنه قد مات؟ قال: فيقولون: ذُهِب به إلى أُمِّه الهاويةِ.

قال: وأما الكافرُ، فإنَّ ملائكةَ العذاب تأتيه فتقول: اخرُجي ساخِطةً مسخوطًا عليكِ إلى عذاب الله وسَخَطِه، فيخرجُ كأنتَن ريحِ جِيفةٍ، فينطلقون به إلى باب الأرض، فيقولون: ما أنتَنَ هذه الرِّيحَ! كلَّما أتَوْا على أرضٍ قالوا ذلك، حتى يأتُوا به أرواحَ الكفار"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح، وقد اختُلف فيه على قتادة، فرواه معمر عنه عن قسامة بن زهير عن أبي هريرة هنا، وتابعه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي في الرواية التالية، وخالفهما همام عن قتادة فقال: عن أبي الجوزاء عن أبي هريرة كما في الرواية التالية لهما. وعلى أي حال فقسامةُ وأبو الجوزاء كلاهما ثقة، فلا يضر هذا الخلاف، ولا يمنع أن يكون قتادة رواه عن كليهما، ولم يرجِّح الدارقطني أيًا من الطريقين على الأخرى، فاكتفى بقوله: والله أعلم بالصواب. انظر "العلل" له (2244).

محمد بن علي الأَدمي شيخ المصنف، كذا نسبه أدميًّا هنا في هذا الموضع الوحيد، ونسبه في غير ما وضع من كتابه صنعانيًا، فهو محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني، وشيخه إسحاق بن إبراهيم: هو ابن عبّاد الدَّبَري.

وقصة سؤال أرواح المؤمنين رُويت أيضًا من حديث الحسن البصري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، =

ص: 229

وقد تابع هشامُ بنُ أبي عبد الله الدَّستُوائي معمرَ بنَ راشد في روايته عن قَتَادة عن قَسَامةَ بن زهير:

1319 -

أخبرَنيهِ أبو بكر بن عبد الله، أخبرنا الحسنُ بن سفيان، حدثنا محمد بن أبي بكر المُقدَّمي، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قَتَادة، عن قَسَامة بن زهير، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه

(1)

.

وقال همَّام بنُ يحيى: عن قتادة، عن أبي الجَوْزاء، عن أبي هريرة:

1320 -

حدَّثَنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن سِنَان القَزَّاز، حدثنا عمرو بن عاصم الكِلَابي، حدثنا همَّام، عن قَتادة عن أبي الجَوْزاء، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنّ المؤمنَ إذا حَضَرَه الموتُ، حَضَره ملائكةُ الرحمة"، ثم ذكر الحديث بنحوه

(2)

.

هذه الأسانيد كلها صحيحة، وشاهدها حديث البراء بن عازب، وقد أمليتُه في كتاب الإيمان

(3)

.

1321 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشَّعراني، حدثنا جَدَّي، حدثنا نُعَيم بن حماد، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدَّراوَرْدي، عن يحيى بن عبد الله بن أبي قَتَادة، عن أبيه، عن أبيه

(4)

: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قَدِم المدينةَ سأل عن

= وسيأتي عند المصنف برقم (4012).

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي (1972)، وابن حبان (3014) من طريقين عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.

(2)

حديث صحيح بما قبله، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل محمد بن سنان، وقد توبع.

وأخرجه ابن حبان (3013) من طريق هدبة بن خالد، عن همام بن يحيى، بهذا الإسناد.

(3)

سلف برقم (107)، وإسناده صحيح.

(4)

قوله: "عن أبيه" في المرة الثانية من هامش نسخة (ز) وصحح عليها، فصار الحديث متصلًا من رواية عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أبي قتادة رضي الله عنه، والظاهر أن الحافظ ابن حجر اعتمد =

ص: 230

البراء بن مَعرُور، فقالوا: تُوفِّي، وأَوصى بثُلُثِه لك يا رسول الله، وأَوصى أن يُوجَّه إلى القِبلة لما احتُضِر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أصاب الفِطرةَ، وقد رَدَدْتُ ثُلثَه على وَلدِه"، ثم ذهب فصلَّى عليه، فقال:"اللهمَّ اغفِرْ له وارحَمْه، وأدخِلَه جنّتَك، وقد فعلتَ"

(1)

.

= عليها فخرّج الحديث في مسند أبي قتادة من "إتحاف المهرة"(4054)، إلَّا أنَّ هذه الزيادة ليست في سائر نسخنا الخطية، ومما يؤيد وجودها كما في (ز) أنَّ البيهقي أخرجه هكذا عن المصنف في موضعين من "السنن الكبرى" كما في طبعة هجر (6678) و (12739) اعتمادًا على أصول منها أصل عتيق هو نسخة الحافظ ابن الصلاح، وسقطت هذه الزيادة من نسخ متأخرة منه وكذا من الطبعة الهندية 3/ 384 و 6/ 276. وخرَّجه الحافظ الزَّيلعي في "نصب الراية" 2/ 252 من "مستدرك الحاكم" بذكر أبي قتادة فيه، فهذا مما يقوّي ما وقع في نسخة (ز).

(1)

إسناده حسن إن شاء الله، يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، ونعيم بن حماد فيه لِين لكنه متابع. وهذا الإسناد متصل إن كان أبو قتادة فيه محفوظًا، وإلا فمرسَل، لأنَّ عبد الله بن أبي قتادة لم يدرك هذه القصة، إلَّا أنه تابعي كبير ثقة وهو إنما يرويها عن أهل بيته، فإنَّ البراء بن معرور رضي الله عنه جدّه لأمِّه.

وأخرجه البيهقي 3/ 384 و 6/ 276 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه ابن المنذر في "الأوسط"(2904) من طريق إبراهيم بن حمزة، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، عن أبيه، فوصله إبراهيم بن حمزة - وهو الزُّبيري - وهو صدوق ليس به بأس. وليس فيه قصة توجهه إلى القبلة عند احتضاره.

وأعاده ابن المنذر مختصرًا (7013) من طريق إبراهيم بن حمزة أيضًا، عن الدراوردي، إلّا أنه قال: عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة، عن أمه، عن أبيه.

وأخرج ابن سعد في "الطبقات" 3/ 572 عن محمد بن عمر - وهو الواقدي - عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة، عن أمه، عن أبيه قال: أول من صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينةَ البراءُ بن معرور، انطلق بأصحابه فصفَّ عليه وقال:"اللهم اغفر له وارحمه، وارض عنه وقد فعلتَ".

وفيه بهذا الإسناد عن أبي قتادة قال: كان موت البراء بن معرور في صفر قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم بشهر.

وسيأتي في "المستدرك"(4898) لكن فيه: عن أبيه عن جده. بدل: عن أمه عن أبيه.

قلنا: فإن كان ما وقع عند ابن سعد وابن المنذر من روايته عن أمه عن أبيه محفوظًا، فلا يمنع أن =

ص: 231

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يكون يحيى سمعه من أمه وأبيه، ورواه مرة عنها ومرة عنه، والله أعلم.

وأخرج الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(273 - بغية الباحث) عن يعقوب بن محمد، عن عبد العزيز الدراوردي، عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه: أنَّ النبي صلى على قبر البراء بن معرور وكبَّر عليه أربع تكبيرات.

وقد روي نحوه من وجه آخر مرسلٍ من حديث حماد بن سلمة، عن أبي محمد بن معبد بن أبي قتادة: أنَّ البراء بن معرور

فذكره. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 571، والطبراني في "الكبير"(1185) و (3279)، والبيهقي 4/ 49 - وفيه عند ابن سعد والبيهقي: أن البراء قال لهم: وجِّهوني في قبري نحو القبلة. وهو عند الطبراني مختصر بقصة الوصية بالثلث فقط، ووقع في إسناده: عن أبي محمد بن معبد عن أبي قتادة، وهو خطأ والصواب ما عند ابن سعد والبيهقي. وأبو محمد هذا مجهول، لم يرو عنه غير حماد بن سلمة. وفي "سنن البيهقي": أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قدم بعد موت البراء بسنة، لكن قال البيهقي بإثره: كذا وجدته في كتابي، والصواب: بعد شهر، والله أعلم.

وروي صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن كعب قال: كان البراء بن معرور أول من استقبل القبلة حيًّا وعند حضرة وفاته، قبل أن يتوجهها رسول الله صلى الله عليه وسلم

حتى إذا حضرته الوفاة أمر أهله أن يوجّهوه قبل المسجد الحرام

،، أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5538)، وابن منده في "معرفة الصحابة" ص 288. وهذا إسناد صحيح إن كان كعبٌ فيه محفوظًا.

فقد خالف صالحًا في وصله محمدُ بن عبد الله ابن أخي الزهري ومعمرٌ عند ابن سعد 3/ 571، وشعيبُ بن أبي حمزة عند البيهقي 3/ 384، فروياه عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك مرسلًا ليس فيه كعب. ولفظ رواية ابن أخي الزهري بنحو رواية صالح، وقال فيه معمر: أن يوجَّه إذا وُضع في قبره. واختصره البيهقي وقال: هو مرسل جيد.

وروى معمر في "جامعه"(20705) عن الزهري قال: والبراء بن معرور أول من استقبل الكعبة حيًا وميتًا، كان يصلي إلى الكعبة والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة يصلي إلى بيت المقدس، فأُخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه أن يصليَ نحوَ بيت المقدس، فأطاع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما حضره الموتُ قال لأهله: استقبلوا بيَ الكعبةَ. ورواه عبد الرزاق في "مصنفه"(6064) عن معمر عن الزهري مختصرًا.

وفي باب توجيه المحتضَر إلى القبلة ما رواه ابن أبي الدنيا في "المحتضَرين"(309) بإسناد صحيح عن رِبعِي بن حِراش: أن أخته - وهي امرأة حذيفة - قالت: لما كان ليلة تُوفي حذيفة جعل =

ص: 232

هذا حديث صحيح؛ فقد احتجَّ البخاري بنَعَيم بن حماد، واحتجَّ مسلم بن الحجّاج بالدَّراوَرْدي، ولم يخرجا هذا الحديث، ولا أعلم في توجُّه المحتَضَر إلى القِبلة غيرَ هذا الحديث.

1322 -

أخبرني أبو قُتيبة سَلْمُ

(1)

بن الفضل الأَدَمي بمكة، حدثنا إبراهيم بن هاشم البَغَوي، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة حدثنا أبو معاوية، حدثنا أبو بُرْدة بُرَيد بنُ عبد الله

(2)

، عن عَلْقمة بن مَرْثَد، عن سليمان بن بُرَيدة، عن أبيه، قال: لما أخذوا في غَسْل رسول الله الله فإذا هم بمُنادٍ من الداخل: لا تُخرِجوا

(3)

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصَه

(4)

.

= يسألنا أيُّ الليل هذا؟ فنخبره، حتى كان السَّحَر، فقال: أجلِسوني، فأجلسناه، قال: وجِّهوني، فوجَّهناه، قال: اللهم إني أعوذ بك من صباح النار ومن مسائها. وهذا موقوف من فعل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، والمراد بالتوجيه هنا التوجيه إلى القِبلة.

(1)

تحرف في (ص) و (ب) و (ع) إلى: سالم.

(2)

كذا سماه المصنف هنا: بريد بن عبد الله، وكذلك سماه فيما سيأتي برقم (1354)، وأخرجه عنه البيهقي في "السنن" 3/ 387، وفي "الدلائل" 7/ 242 - 243، وسكت عنه، لكن خالف ذلك الحاكمُ نفسُه كما في "سؤالات السجزي له"(152)، حيث قال السجزي: وسألته عن أبي بردة الحنفي الذي يروي عن علقمة بن مرثد؟ فقال عمرو بن يزيد، شيخ من أهل الكوفة.

وذهب المزي في "تحفة الأشراف" 2/ 76 إلى أنَّ أبا بردة هذا الذي يروي عن علقمة بن مرثد، ويروي عنه أبو معاوية الضرير، هو عمرو بن يزيد التميمي، ونقل ذلك في "تهذيب الكمال" 22/ 299 عن ابن معين، وقد جزم بذلك الدارقطني كما نقله عنه ابن الملقن في "البدر المنير" 5/ 202، وإلى ذلك ذهب البوصيري في "مصباح الزجاجة" 2/ 26 وقال في تصحيح الحاكم له وتسميته بريد بن عبد الله فيه نظر، وإنَّ اسمه عمرو بن يزيد ووهَّم الحاكم أيضًا في "مستدركه" ابن عبد الهادي في "التنقيح" 2/ 617.

(3)

في "تلخيص المستدرك" للذهبي: لا تنزعوا.

(4)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أبو بردة الصواب أنه عمرو بن يزيد كما بيناه سابقًا، وهو ضعيف، فقد ضعفه ابن معين وأبو حاتم وأبو داود وغيرهم. أبو معاوية: هو محمد بن خازم =

ص: 233

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1323 -

أخبرني بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرُو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا عبد الله بن يزيد المُقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، عن شُرَحْبيل بن شَرِيكَ المَعَافِري، عن عُلَيِّ بن رَبَاح اللَّخْمي، عن أبي رافعٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن غَسَّل ميتًا فكَتَم عليه، غُفِر له أربعين مرةً، ومن كفَّنَ ميتًا، كَسَاه الله من السُّنْدُس وإسْتَبرقِ الجنة، ومن حَفَرَ لميتٍ قبرًا فأجَنَّهُ فيه، أُجريَ له من الأجْر كأجْرِ مَسكَنٍ أسكَنَه إلى يوم القيامة"

(1)

.

= الضرير وصحابيه هو: بريدة بن الحُصيب.

وأخرجه ابن ماجه (1466) عن سعيد بن يحيى بن الأزهر، عن أبي معاوية، عن أبي بردة - ولم يسمِّه - بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث عائشة الآتي برقم (4446)، وإسناده حسن.

(1)

إسناده حسن من أجل شرحبيل بن شريك المعافري. وقد صرَّح عُلي بن رباح بسماعه هذا الحديث من أبي رافع عند غير المصنف.

وأخرجه البيهقي في "الآداب"(276)، وفي "شعب الإيمان"(8827)، وفي "معرفة السنن والآثار"(7353) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(929)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6782)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 295، وفي "السنن الصغرى"(1038)، وقوام السنة الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(2280) و (2281) من طرق عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. ووقع في مطبوع الطبراني:"من غسل ميتًا فكتم عليه غفر له أربعين كبيرة" بدلًا من "أربعين مرة"، وقد ذهب الشيخ ناصر الألباني رحمه الله في "السلسلة الضعيفة"(6781) إلى أن لفظة "كبيرة" شاذة، وعزا الوهم فيه إلى شيخ الطبراني هارون بن ملول البصري، فقد رواه الطبراني عنه عن عبد الله بن يزيد المقرئ بلفظ "أربعين كبيرة"، وقد خالف بذلك مجموعة من الثقات الذين رووه بلفظ "أربعين مرة". قلنا: ويعكِّر عليه أن رواية أبي نعيم في "معرفة الصحابة" إنما هي من طريق هارون بن ملول هذا، وهي بلفظ "أربعين مرة" كرواية سائر الرواة عن عبد الله بن يزيد المقرئ، وبذلك ينتفي الوهم والشذوذ الذي نسبه له الألباني رحمه الله، وتكون لفظة "كبيرة" تحريف من بعض نساخ "المعجم الكبير"، والله أعلم.=

ص: 234

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1324 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفَرّاء، أخبرنا جعفر بن عَوْن، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن قُتَيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا يحيى بن سُلَيم، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ ثيابِكم البَيَاض، فأَلْبِسُوها أحياءَكم، وكفِّنوا فيها مَوْتاكم"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

= وسيأتي الحديث برقم (1356).

وفي الباب عن عائشة أم المؤمنين عند أحمد في "المسند" 41/ (24881)، وإسناده ضعيف.

وعن علي بن أبي طالب عند ابن ماجه (1462)، وإسناده واهٍ.

وعن أبي أمامة عند الطبراني في "الكبير"(8077) و (8078)، والبيهقي في "الشعب"(8829)، وإسناده ضعيف أيضًا.

قوله: "فأجَنَّه" يعني: ستره، وكفَّنه.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي، عبد الله بن عثمان بن خثيم، صدوق لا بأس به، ويحيى بن سليم - وهو الطائفي - حسن الحديث وقد توبع هنا.

وأخرجه أحمد 5/ (3342) من طريق وكيع بن الجراح، عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (4061)، وابن ماجه (1472) و (3566)، والترمذي (994) من طرق عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، به.

وأخرجه مجموعًا مع الحديث الآتي عند المصنف برقم (7565) من طرق عن ابن خثيم أيضًا: أحمد 4/ (2219) و (2479) و 5/ (3035) و (3426)، وأبو داود (3878)، وابن حبان (5423).

ويشهد له حديث سمرة بن جندب الآتي بعده.

وفي الباب عن أبي الدرداء عند ابن ماجه (3568)، وإسناده واهٍ.

ص: 235

وشاهدُه صحيح عن سَمُرة بن جُندُب:

1325 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن نَصْر، حدثنا أبو نُعَيم، حدثنا سفيان.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حُذَيفة، حدثنا سفيان، عن حَبِيب

(1)

بن أبي ثابت، عن مَيمُون بن أبي شَبِيب، عن سَمُرة بن جُندُبٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البَسوا الثيابَ البَياض، وكفِّنوا فيها موتاكم، فإنها أطهَرُ وأطيَب"

(2)

.

1326 -

حدثني علي بن عيسى، حدثنا أحمد بن نَجْدة، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمَير [حدثنا يحيى بن آدم]

(3)

حدثنا قُطْبةُ بن عبد العزيز، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أجمَرتُم الميِّتَ فَأَوْتِروا"

(4)

.

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: جندب.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات غير ميمون بن أبي شبيب فهو حسن الحديث، لكن لا يُعلم له سماع من أحد من الصحابة، كما قال عمرو بن علي الفلاس، وقد توبع. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي، وسفيان: هو الثوري.

وأخرجه أحمد 33/ (20154) و (20218)، وابن ماجه (3567)، والترمذي (2810)، والنسائي (9564) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (20185) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، و (20200) عن يزيد بن هارون، كلاهما عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن حبيب بن أبي ثابت والحكم، عن ميمون بن أبي شبيب، به.

وسيأتي من طريق ميمون بن أبي شبيب وسمرة برقم (7566).

ومن طريق أبي قلابة عن أبي المهلب عن سمرة برقم (7562)، ومن طريق أبي قلابة عن سمرة دون ذكر أبي المهلب برقم (7563) و (7564). ويشهد له ما بعده.

(3)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، وأثبتناه من "السنن الكبرى" للبيهقي 3/ 405 حيث أخرجه عن المصنف، ومن "إتحاف المهرة" 3/ 167، وسائر مصادر التخريج.

(4)

ظاهر إسناده أنه قوي، لكن أعله يحيى بن معين فيما رواه البيهقي 3/ 405 عن الحاكم =

ص: 236

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1327 -

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أخبرنا إسماعيل بن قُتَيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا هُشَيم، أخبرنا عُيَينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بَكْرة قال: لقد رأيتُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنَّا لَنَكادُ أن نَرْمُلَ بالجِنازةِ رَمَلًا

(1)

.

= بإسناده إلى يحيى بن معين قال: لم يرفعه إلّا يحيى بن آدم. قال يحيى: ولا أظن ذا الحديث إلّا غلطًا. وتعقبه النووي في "خلاصة الأحكام" 2/ 957 فقال: وكأن ابن معين بناه على قاعدة أكثر المحدثين أنه إذا روي الحديث مرفوعًا وموقوفًا حُكِم بالوقف، والصحيح الحكم بالرفع لأنه زيادة ثقة، ولا شكَّ في توثيق يحيى بن آدم قلنا: ثم وجدنا البزار قد كشف عن علة هذا الحديث بما يؤيد ما ذهب إليه ابن معين، فيما أخرجه (813 - كشف الأستار) عن علي بن سهل المدائني، عن بشر بن آدم، عن يزيد بن عبد العزيز عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أجمرتم الميت فأجمروه ثلاثًا"، فقال البزار بإثره: لا نعلم رواه إلّا جابر بهذا الإسناد، ويزيد كوفي مشهور، لم يتابع على هذا، وإنما يحفظ عن الأعمش بهذا:"إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثًا" قلنا: وبهذا يتبين الغلط الذي أشار إليه ابن معين، فالحديث الذي أشار إليه البزار أخرجه أحمد في "المسند" 33/ (15296) من طريق عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي سفيان - وهو طلحة بن نافع - عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثًا"، وإسناده قوي. أما ذكر بشر بن آدم في إسناد البزار فنظنه خطأ أو تحريفًا من النسخ، صوابه: يحيى بن آدم، انظر "تاريخ ابن معين" رواية الدوري (1460)، والله أعلم.

أما حديث قُطبة، فقد أخرجه ابن حبان (3031) عن أبي يعلى، عن ابن نمير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 22/ (14540) عن يحيى بن آدم، به.

تنبيه: كنا قد قوّينا إسناده في تعليقنا على "المسند" دون التنبيه إلى علته، وكذا في التعليق على "صحيح ابن حبان"، فليستدرك من هنا.

قوله: "إذا أجمرتم" من أجمرتُ الثوب وجمّرتُه: إذا بخّرتَه بالطِّيب.

(1)

إسناده صحيح. أبو بكر بن إسحاق، اسمه أحمد، ويحيى بن يحيى: هو النيسابوري.

وأخرجه أحمد 34/ (20388)، والنسائي (2051)، وابن حبان (3044) من طريق هشيم بن بشير بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (20375)، والنسائي (2051) من طرق عن عيينة بن عبد الرحمن، به.

وأخرج أحمد (20400)، وأبو داود (3183)، والنسائي (2050)، وابن حبان (3043) من =

ص: 237

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وشاهده بإسناد صحيح عن عبد الله بن جعفر الطيّار:

1328 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني ابن أبي الزِّناد، عن أبيه قال: كنتُ جالسًا مع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بالبَقِيع، فأُطلِعَ علينا بجِنازة، فأقبلَ علينا ابن جعفر، فتعجَّبَ من إبطاء مَشْيِهم بها، فقال: عَجَبًا لما تغيَّر من حال الناس، والله إن كان إِلَّا الجَمْز، وإن كان الرجلُ ليُلاحِي الرجل فيقول: يا عبدَ الله اتق الله، لكأنه قد جُمِزَ بك، متعجبًا لإبطاء مَشْيِهم"

(1)

.

= طرق عن عيينة عن أبيه قال: خرجت في جنازة عبد الرحمن بن سمرة، فجعل رجال من أهله يستقبلون الجنازة فيمشون على أعقابهم، ويقولون: رويدًا بارك الله فيكم، قال: فلحقنا أبو بكرة من طريق المربد، فلما رأى أولئك وما يصنعون حمل عليهم ببغلته وأهوى لهم بالسوط وقال: خلُّوا، فوالذي كرَّم وجه أبي القاسم صلى الله عليه وسلم لقد رأيتُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنا لنكاد نرمل بها.

وسيأتي عند المصنف (5990) بهذه القصة من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ عن عيينة وبرقم (5997) من طريق شعبة عن عيينة، لكن في رواية شعبة ذكر أنها جنازة عثمان بن أبي العاص، وهو وهم سنبينه في موضعه إن شاء الله تعالى.

ويشهد له حديث عبد الله بن جعفر الآتي بعده.

وفي الباب عن أبي هريرة، عند البخاري (1315)، ومسلم (944).

وعن ابن مسعود عند أحمد 6/ (3734)، وإسناده ضعيف.

(1)

إسناده حسن من أجل ابن أبي الزناد، واسمه عبد الرحمن. وأبوه أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والربيع بن سليمان: هو المرادي المؤذن.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(8825) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(3010)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 477 - 478 عن الربيع بن سليمان، به.

وأخرجه مختصرًا ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 28/ 46 - 47 من طريق عبد العزيز بن عمران، عن عبد الله بن وهب، به - مقتصرًا على قول أبي الزناد: كنت جالسًا مع عبد الله بن جعفر بالبقيع، فأطلع علينا جنازة.

ص: 238

1329 -

أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا الحسن بن مُكْرَم، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا سعيد بن عبيد الله الثَّقَفي، حدثنا زياد بن جُبَير بن حَيَّة، عن أبيه جُبَير بن حَيَّة، عن المغيرة بن شُعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الماشي أمامَ الجِنازة، والراكبُ خَلْفَها، والطفلُ يُصلَّى عليه"

(1)

.

= وأخرجه بتمامه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1497) عن داود بن عمرو، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، به.

والجَمْز: هو ضرب من السَّير أشد من العَنَق. قاله الجوهري في "الصحاح"، وقال الخطابي في "غريب الحديث" 1/ 365: جَمَزَ: أي: أسرع يهرول.

وقوله: "جُمِزَ بك" قال: يريد المشي السريع في جنازته.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنه قد اختلف في رفعه ووقفه، فرواه سعيد بن عبيد الله الثقفي عن زياد بن جبير، فرفعه، ورواه يونس بن عبيد عن زياد بن جبير فيما سيأتي (1360) واختُلف عليه فيه، وظهر لنا أنَّ الراجح وقفه، وقد بينا تفصيل ذلك في تعليقنا على "المسند" بما يغني عن إعادته هنا. وانظر أيضًا "العلل" للدارقطني (1258).

وأخرجه أحمد 30/ (18162) و (18207)، والترمذي (1031)، والنسائي (2081) و (2086)، وابن حبان (3049) من طرق عن سعيد بن عبيد الله الثقفي، به. لكن قالوا جميعًا:"الماشي حيث شاء منها". وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وسيأتي من طريق روح بن عبادة عن سعيد بن عبيد الله برقم (1359)، ومن طريق يونس بن عبيد عن زياد بن جبير برقم (3345).

وأخرجه أحمد (18174) من طريق المبارك بن فضالة، عن زياد بن جبير، به. وقال:"الماشي أمامها قريبًا عن يمينها أو يسارها".

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(2080) عن زياد بن أيوب، عن عبد الواحد بن وائل الحداد، عن سعيد بن عبيد وأخيه المغيرة بن عبيد الله، عن زياد بن جبير، عن المغيرة بن شعبة، رفعه. لم يذكر فيه جبير بن حية. وأشار إلى ذلك المزي في "تحفة الأشراف" 8/ 471، لكن وقع الحديث نفسه في مطبوع "المجتبى" للنسائي (1942) بإسناده ومتنه ذكر فيه: عن أبيه، يعني جبير بن حية، وبالرجوع إلى أصول "المجتبى" الخطية التي عندنا، تبين لنا أنه مذكور في بعض النسخ دون بعض، والله أعلم.

وفي باب المشي أمام الجنازة عن ابن عمر عند أحمد 8/ (4539) وغيره. =

ص: 239

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1330 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر عن يحيى بن أبي كَثير، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن، عن ثَوْبان: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم شَيَّع جنازةً، فأُتي بدابّةٍ، فأبى أن يركبَها، فلمَّا انصرف أُتي بدابّةٍ فركبها، فقيل له، فقال:"إنَّ الملائكةَ كانت تمشي، فلم أكن لأركَبَ وهم يمشون، فلمَا ذهبوا - أو قال: عَرَجوا - رَكِبتُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وله شاهد بلفظٍ أشفَى من هذا:

1331 -

أخبرَناه أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكِّي وأبو نَصْر محمد بن أحمد الخَفَّاف، قالا: حدثنا أحمد بن سَلَمة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عيسى بن يونس، عن أبي بَكْر بن أبي مريم، عن راشد بن سَعْد، عن ثَوْبَانَ قَالَ: خَرَجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في جِنازةٍ فرأى ناسًا رُكْبانًا، فقال: "ألا تَسْتَحيُون؟! إنَّ ملائكةَ الله على أقدامِهِم

= وعن أنس عند الترمذي (1010)، وعلَّقه البخاري عنه في الجنائز: باب السرعة بالجنازة، قبل الحديث (1315) قال: فامشِ بين يديها وخلفها وعن يمينها وعن شمالها.

وفي باب الصلاة على الطفل انظر حديث جابر الآتي برقم (1361).

(1)

رجاله ثقات، وصحَّح إسناده ابن دقيق العيد في "الاقتراح" ص 448 - 449 على شرط الشيخين، وسكت عنه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 2/ 136، ولم يتعقبه ابن القطان، وحسّن إسناده البزار فيما نقله عنه المنذري في "مختصر سنن أبي داود"، لكن قد أعله أبو حاتم كما في "العلل" لابنه 3/ 554 - 555 بأنَّ أبا سلمة ليس له رواية عن ثوبان وهو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذا حديث خطأ، ليس الحديث من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن، وأبو سلمة عن ثوبان لا يجيء

ثم قال: ولا أعلم روى أبو سلمة عن ثوبان إلّا حديثًا يرويه أبو سعد البقال وهو حديث منكر - عن أبي سلمة، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من شهد أن لا إله إلا الله

". انتهى، وأبو سعد ضعيف.

وأخرجه أبو داود (3177) عن يحيى بن موسى البلخي، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وانظر ما بعده.

ص: 240

وأنتم على ظُهور الدوابِّ! "

(1)

.

1332 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدثنا محمد بن عمرو الحَرَشي، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو معاوية، عن سُهَيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرةَ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان مع الجِنازة لم يَجلِسْ حتى تُرفَعَ أو تُوضَع

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم، وقد رواه هنا مرفوعًا، وخالفه ثور بن يزيد - وهو ثقة فرواه عن راشد بن سعد عن ثوبان موقوفًا، ورجَّح البخاري الموقوف.

وأخرجه الترمذي (1012) عن علي بن حجر، عن عيسى بن يونس، بهذا الإسناد. وقال بإثره: حديث ثوبان قد روي عنه موقوفًا، قال محمد - يعني البخاري: والموقوف أصح.

وأخرجه ابن ماجه (1480) من طريق بقية بن الوليد، عن أبي بكر بن أبي مريم، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 281، ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط"(3029) عن وكيع، عن ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن ثوبان، موقوفًا. وهذا إسناد صحيح.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو الحَرَشي، ذكره الذهبي في "تاريخ الإسلام" 6/ 819 وقال: كان صدوقًا مقبولًا. قلنا: وقد توبع.

يحيى بن يحيى: هو النيسابوري، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، وأبو صالح والد سهيل هو ذكوان السمان.

وأخرجه ابن حبان (3105) و (3106)، من طريق مسدد، عن أبي معاوية بهذا الإسناد.

وفيه: لم يجلس حتى توضع في اللحد أو تدفن. شك أبو معاوية.

وأخرجه البيهقي 4/ 26 من طريق سفيان الثوري، عن سهيل بن أبي صالح، به. وفيه: فلا يجلس حتى توضع بالأرض.

وأخرج أحمد 13/ (7593) من طريق سعيد ابن مرجانة، عن أبي هريرة رفعه:"من صلى على جنازة فلم يمش معها فليقم حتى تغيب عنه، ومن مشى معها فلا يجلس حتى توضع".

وأخرج النسائي (2056) من طريق ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري قالا: ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد جنازة قط فجلس حتى توضع.

وسيأتي بعده من حديث أبي سعيد الخدري وحده.

وفي الباب عن عامر بن ربيعة، كما سيشير إليه المصنف بإثر الحديث التالي.

ص: 241

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ بمثل هذا الإسناد عن أبي سعيد:

1333 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشاذ العدلُ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا عارم بن الفَضْل، حدثنا وُهَيْب، حدثنا سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا تبعتُم جِنازةً فلا تَقعُدوا حتى تُوضَع"

(1)

.

قد اتَّفَقَ الشيخان على إخراج حديث ابن عمر عن عامر بن رَبِيعة: "مَن تَبِعها فلا يجلسْ حتى تُوضَع"

(2)

، وهذا حديثٌ غير ذاك، لزيادةِ الدفنِ وغيره.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على سهيل بن أبي صالح، فقد رواه سفيان الثوري وأبو معاوية عنه، عن أبيه، عن أبي هريرة، كما في الحديث السابق وتخريجه، ورواه وهيب - وهو ابن خالد - كما عند المصنف هنا، وتابعه غير واحد، فقالوا عن سهيل، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، ووراه زهير بن معاوية فقال: عن سهيل بن أبي صالح، عن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبي سعيد الخدري، ورواه عَبيدة بن حميد فقال: عن سهيل، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد.

قلنا: ومع ذلك فقد روي من وجه آخر عن أبي سعيد الخدري في "الصحيحين" كما سيأتي.

وأخرجه أحمد 17/ (11328) و 18/ (11443) و (11810)، ومسلم (959)(76) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 17/ (11195) و (11366) و (11451) و (11476)، والبخاري (1310)، ومسلم (959)(77)، والترمذي (1043)، والنسائي (2054) و (2055) و (2136) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري بنحوه.

وأخرجه أبو داود (3173) من طريق زهير بن معاوية، عن سهيل بن أبي صالح، عن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه.

وأخرجه ابن حبان (3104) من طريق عَبيدة بن حميد، عن سهيل، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري به. قال الدارقطني في "العلل" (2329): ووَهِمَ فيه - يعني عَبيدة - والأول أصح. قلنا: يعني طريق سهيل عن أبيه عن أبي سعيد الخدري.

وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم (1335).

(2)

أخرجه البخاري (1308)، ومسلم (958) من حديث ابن عمر عن عامر بن ربيعة، وهو =

ص: 242

1334 -

أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن الدَّارِمي، حدثنا محمد بن سليمان بن فارس، حدثنا محمد بن رافع، حدثنا ابن أبي فُدَيك، أخبرنا ابن أبي ذِئب، عن ابن شِهَاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مرَّتْ به جنازةٌ وَقَفَ حتى تمُرَّ به

(1)

.

هذا حديث صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وليس هذا متنَ حديث ابن عمر عن عامر بن رَبِيعة، فإِنَّ ذلك المتنَ في تَشْييعِ الجنازة، وهذا في القيام للجنازة، على كثرة اختلاف الروايات فيه.

1335 -

حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب بن أحمد بن مِهْران الزَّاهد، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا يحيى بن أيوب المَقابِريّ الزَّاهد وأبو مُصعَب أحمد بنُ أبي بكر قالا: حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه:

= في "مسند أحمد" 24/ (15675)، ولفظه:"إذا رأى أحدكم جنازة فإن لم يكن ماشيًا معها، فليقم حتى يُخلِّفها أو تُخلِّفه، أو تُوضَع قبل أن تخلِّفه".

(1)

إسناده صحيح. محمد بن رافع: هو النيسابوري، وابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.

وأخرجه الطيالسي (1913) عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.

وأخرج ابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(336) من طريق شعبة، عن عبد الله بن عون، عن نافع، عن ابن عمر: أنه مرت به جنازة فقام، وحدَّث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل مثله.

وأخرج الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 484، والطبراني في "المعجم الكبير"(13483) من طريق أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الجنازة يهودي مرَّت عليه. وذكر في رواية الطحاوي قصة.

وفي الباب عن سهل بن حنيف وقيس بن سعد عند البخاري (1312)، ومسلم (961).

وعن أبي سعيد الخدري عند البخاري (1310)، ومسلم (959)(77)، وفيه عندهما:"إذا رأيتم الجنازة فقوموا"، وهو الحديث السالف قبل هذا إلّا أنه لم يذكر هنا الأمر بالقيام للجنازة.

وعن جابر بن عبد الله عند البخاري (1311)، ومسلم (960).

وعن أبي هريرة عند أحمد 13/ (7861)، وابن ماجه (1543)، وإسناده حسن.

ص: 243

أنه شَهِدَ جنازةً صلَّى عليها مروان بن الحَكَم، فذهب أبو هريرة مع مروان حتى جَلَسا في المَقبُرة، فجاء أبو سعيد الخُدري، فقال لمروان: أرِني يدَكَ، فأعطاه يدَه، فقال: قُمْ، فقام، ثم قال مروان: لمَ أقمتَني؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى جنازةً قام حتى يُمَرَّ بها ويقول: "إنَّ الموتَ فَزَعٌ"، فقال مروان: أصَدَقَ يا أبا هريرة؟ قال: نعم، قال: فما مَنَعَك أن تُخبِرَني؟ قال: كنتَ إمامًا فجلستَ فجلستُ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

1336 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرُو، حدثنا أبو بكر محمد بن عيسى الطَّرَسُوسي، حدثنا عبد الله بن يزيد المُقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني رَبِيعةُ بن سَيف المَعافِري، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه قال: سأل رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، تمرُّ بنا جنازةُ الكافر، فنقومُ لها؟ قال:"نَعَم، قُوموا لها، فإنكم لستُم تقومونَ لها، إنما تقومونَ إعظامًا للذي يَقبِضُ النفوسَ"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. عبد الرحمن والد العلاء: هو ابن يعقوب مولى الحُرْقة. وهو في "حديث إسماعيل بن جعفر"(304).

وأخرجه أبو يعلى (6455) عن يحيى بن أيوب وحده، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 18/ (11927)، والبخاري (1309) من طريق أبي سعيد المقبري قال: كنا في جنازة، فأخذ أبو هريرة بيد مروان فجلسا قبل أن توضع، فجاء أبو سعيد

فذكره.

وانظر ما سلف برقم (1333).

قوله: "فَزَعٌ"، أي: ذُعْرٌ، قال القرطبي - كما في "فتح الباري" لابن حجر 4/ 65 - : معناه: أنَّ الموت يُفزَع منه، إشارة إلى استعظامه. وقال غيره: جَعَلَ نفس الموت فزعًا مبالغةً، كما يقال: رجل عدلٌ. وقال البيضاوي: هو مصدر جرى مجرى الوصف للمبالغة، وفيه تقدير، أي: الموت ذو فزع.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، ربيعة بن سيف المعافري، قال البخاري وابن يونس: عنده مناكير، وضعفه الأزدي، والنسائي في "المجتبى" 4/ 27، وقال مرة ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يخطئ كثيرًا. أبو عبد الرحمن الحبلي: هو عبد الله بن يزيد المعافري.=

ص: 244

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1337 -

أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيَّاري، حدثنا أبو المُوجِّه، حدثنا أبو عمّار، حدثني النَّضْر بن شُمَيل، حدثنا حمَاد بن سَلَمة، عن قتادة، عن أنس بن مالك: أنَّ جنازةَ يهوديٍّ مرَّتْ برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام، فقالوا: يا رسول الله، إنها جنازة يهوديٍّ، فقال:"إنَّما قمتُ للملائكة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، غيرَ أنهما قد اتَّفقا على إخراج حديث عُبيد الله بن مِقْسَم عن جابر في القيام لجنازةِ اليهودي

(2)

.

1338 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا سُرَيج بن النُّعمان، حدثنا فُلَيح بن سليمان، عن سعيد بن عُبيد بن السَّبَّاق، عن أبي سعيد الخُدْري قال: كنا مَقْدَمَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذا حُضِر منا الميتُ آذَنَّا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فحَضَرَه، واستغفر له، حتى إذا قدَّمنا

(3)

انصَرَفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ومَن معه، وربما قَعَدوا حتى يُدفَنَ، وربما طال حَبْسُ ذلك على نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم، فلمّا خَشِينا مشقةَ ذلك عليه،

= وأخرجه أحمد 11/ (6573)، وابن حبان (3053) من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.

ويشهد له أحاديث الباب السابقة واللاحقة.

(1)

إسناده صحيح أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري المروزي، وأبو عمار: هو الحسين بن حريث المروزي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.

وأخرجه النسائي (2066) عن إسحاق بن راهويه، عن النضر بن شميل، بهذا الإسناد.

وفي الباب عن أبي موسى الأشعري عند أحمد في "المسند" 32/ (19491)، وفي إسناده ليث بن أبي سليم وهو ضعيف.

(2)

أخرجه البخاري (1311)، ومسلم (960)(78)، ولفظه: مرَّ بنا جنازة، فقام لها النبي صلى الله عليه وسلم وقمنا، فقلنا: يا رسول الله، إنها جنازة يهودي، قال:"إذا رأيتم الجنازة فقوموا".

(3)

كذا في النسخ الخطية، ولعله تحريف، صوابه: حتى إذا قُبِض، كما سيأتي في الموضع الآخر من "المستدرك"، وكما في مصادر التخريج، وإن كانت محفوظة فمعناه: حتى إذا قدَّمناه في اللحد، أي بعد قبضه والله أعلم.

ص: 245

قال بعض القوم لبعض: لو كنَّا لا نُؤذِنُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بأحدٍ حتى يُقبَضَ، فإذا قُبِض آذنَّاه، فلم يكن في ذلك مشقةٌ ولا حَبْس، فكنا نُؤذِنُه بالميت بعد أن يموت، فيأتيه فيُصلِّي عليه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1339 -

حدثنا علي بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيانُ قال: ابن عَجْلان أخبرنا، أنه سَمِع سعيد بن أبي سعيد يقول: صلَّى ابن عباس على جنازةٍ، فَجَهَرَ بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ} ، ثم قال: إِنما جَهَرْتُ لِتَعلَمُوا أنها سُنة

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم.

وقد أجمعوا على أنَّ قول الصحابي: سُنَّة، حديثُ مُسنَد

(3)

.

(1)

رجاله ثقات غير فليح بن سليمان، فقد تكلم بعض الأئمة في حفظه بما يحطه عن رتبة الصحيح، وقد بينا ذلك في تعليقنا على "المسند".

وأخرجه أحمد 18/ (11628)، وابن حبان (3006) من طريقين عن فليح بن سليمان، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (1365) من طريق محمد بن عبد الوهاب عن سريج.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان - وهو أبو عبد الله محمد بن عجلان القرشي - وقد توبع في الرواية الآتية بعده. ابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني، وسفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه الشافعي في "الأم" 2/ 608 و 8/ 500، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 39، وفي "معرفة السنن والآثار"(7599) عن سفيان بن عيينة بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 298، والطبراني في "الكبير"(10823)، وفي "الأوسط"(5910) من طريقين عن محمد بن عجلان، به.

وانظر ما بعده.

(3)

تعقبه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 4/ 699 بقوله: كذا نقل الإجماع، مع أنَّ الخلاف عند أهل الحديث وعند الأصوليين شهير. ثم قال: وعلى الحاكم فيه مأخذ آخر، وهو استدراكه=

ص: 246

وله شاهدٌ بإسنادٍ صحيح أخرجه البخاري:

1340 -

أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، عن سَعْد

(1)

بن إبراهيم، عن طَلْحة بن عبد الله بن عَوْف قال: صلَّيتُ خلفَ ابن عباس على جنازةٍ، فسمعتُه يقرأ بفاتحة الكتاب، فلما انصَرَفَ أخذتُ بيدِه فسألتُه فقلت: تقرأُ؟ فقال: نعم، إنَّه حقٌّ وسُنّة

(2)

.

وله شاهدٌ مفسَّر من حديث إبراهيم بن أبي يحيى:

1341 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الرَّبيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، حدثنا إبراهيم بن أبي يحيى، حدثنا عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن جابرٍ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكبِّر على جنائزِنا أربعًا، ويقرأُ بفاتحة الكتاب

= له وهو في البخاري. انتهى، قلنا: بل لم يَفُتْ ذلك على الحاكم، فقد أشار إلى إخراج البخاري له كما في الرواية التالية، والحاكم يسمي الطرق المختلفة عن الصحابي الواحدِ شواهدَ.

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: سعيد، والتصويب من مصادر التخريج، وهو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل عبد الرحمن بن الحسن القاضي، لكنه متابع إبراهيم بن الحسين: هو ابن علي الهَمداني، يعرف بابن دِيزِيل.

وأخرجه البخاري (1335)، والنسائي (2126) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (1335)، وأبو داود (3198)، والترمذي (1027) من طريق سفيان بن عيينة، والنسائي (2125)، وابن حبان (3071) و (3072) من طريق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، كلاهما عن سعد بن إبراهيم، به.

قلنا: وطريق سفيان بن عيينة عن سعد، ستأتي برقم (1441).

وأخرج ابن ماجه (1495)، والترمذي (1026) من طريق إبراهيم بن عثمان، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب. قال الترمذي: إبراهيم بن عثمان: هو أبو شيبة الواسطي، منكر الحديث، والصحيح عن ابن عباس قوله: من السنة القراءة على الجنازة بفاتحة الكتاب

ثم ساق الحديث من طريق سعد بن إبراهيم.

ص: 247

في التكبيرة الأُولى

(1)

.

1342 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه، حدثنا الحسن بن علي بن شَبِيب المَعمَري، حدثنا الحَكَم بن موسى، حدثنا هِقْل بن زياد، عن الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كَثير، حدثني أبو سَلَمة، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلَّى على جنازةٍ قال: "اللهمَّ اغفِرْ لحيِّنا وميِّتنا، وشاهدِنا وغائبِنا، وصغيرِنا وكبيرِنا، وذَكَرِنا وأُنثانا، اللهمَّ من أحييتَه منّا فأحْيِه على الإسلام، ومن تَوفَّيتَه منا فتوفَّه على الإيمان"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، إبراهيم بن أبي يحيى - وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي - متروك، لا يصلح للاحتجاج ولا للاستشهاد.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 39 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وهو في "الأم" للشافعي 2/ 607، ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في "الحلية" 9/ 159، والبيهقي في "المعرفة"(7600).

(2)

رجاله ثقات، إلّا أنه اختلف في إسناده اختلافًا شديدًا، وصلًا وإرسالًا، ورفعًا ووقفًا، وروي مرة من حديث أبي هريرة، ومرة من حديث عائشة كما يأتي في الذي بعده، ومرة من حديث أبي قتادة مرفوعًا، ومرة من حديث عبد الله بن سلام موقوفًا، ومرة من حديث أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه، وقد بينا تفصيل ذلك في تعليقنا على "المسند" 14/ (8809).

الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن.

وأخرج حديث أبي هريرة هذا الموصول: الترمذي (1024) عن علي بن حجر، عن هقل بن زياد بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (3201)، والنسائي (10852)، وابن حبان (3070) من طرق عن الأوزاعي، به.

وأخرجه أحمد 14/ (8809) من طريق أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، به. وأيوب هذا ضعيف.

وأخرجه ابن ماجه (1498)، والنسائي (10853) من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، به. ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.

وأخرجه البيهقي 4/ 41 من طريق الوليد بن مزيد وبشر بن بكر، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة مرسلًا. وصحح أبو حاتم المرسل كما في "العلل" لابنه 3/ 517، وقال =

ص: 248

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!

وله شاهد صحيح على شرط مسلم

(1)

:

1343 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنَان القَزَّاز، حدثنا عمر بن يونُس بن القاسم اليَمَامي، حدثنا عكرمة بن عمَّار، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سَلَمة بن عبد الرحمن، قال: سألتُ عائشةَ أُمّ المؤمنين: كيف كانت صلاةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الميِّت؟ قالت: كان يقول: "اللهمَّ اغفِرْ لحيِّنا وميِّتِنا، وذَكَرِنا وأُنثانا، وشاهدِنا وغائبِنا وصغيرِنا وكبيرِنا، اللهمَّ من أحيَيْتَه منَّا فأحْيِه على الإسلام، ومَن توفَّيْتَه فتوفَّه على الإيمان"

(2)

.

= 3/ 527: لا يوصله عن أبي هريرة إلّا غير متقن، والصحيح مرسل. وانظر "العلل" للدارقطني (1794) و (3650).

وقال البخاري - فيما نقله عنه البيهقي 4/ 42 - : وحديث أبي سلمة عن أبي هريرة وعائشة وأبي قتادة في هذا الباب غير محفوظ، وأصح شيء في هذا الباب حديث عوف بن مالك. يعني ما أخرجه مسلم في "صحيحه" (963) عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة، فحفظت من دعائه وهو يقول:"اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقِّه من خطاياه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعِذه من عذاب القبر، أو من عذاب النار".

وانظر ما بعده.

(1)

بل هو معلول كالذي قبله.

(2)

إسناده ضعيف، عكرمة بن عمار ضعفه الأئمة في روايته عن يحيى بن أبي كثير لاضطرابه فيها، وهذا منها، ومحمد بن سنان القزاز مختلف فيه إلّا أنه متابع هنا. وقد اختلف في هذا الإسناد اختلافًا كبيرًا كالذي قبله.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(972)، والنسائي (10851) من طرق عن عمر بن يونس اليمامي، بهذا الإسناد. قال الترمذي بإثر الحديث (1024): حديث عكرمة بن عمار غير محفوظ، وعكرمة ربما يهم في حديث يحيى.

ص: 249

1344 -

حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن عبد الرحمن الخَلَّال بمكة، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق الكاتب، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحِزَامي، حدثنا الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن يزيد بن عبد الله بن رُكَانة بن المطَّلِب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للجنازةِ ليُصلِّيَ عليها قال: "اللهمَّ عبدُك وابنُ أَمَتِك، احتاجَ إلى رَحمتِك، وأنت غنيٌ عن عذابِه، إن كان مُحسنًا فزِدْ في إحسانِه، وإن كان مُسيئًا فتجاوَزْ عنه"

(1)

.

(1)

إسناده فيه لين، الحسين بن زيد بن علي ضعفه ابن معين وابن المديني وأبو حاتم، ووثقه الدارقطني، وقال ابن حجر في "التقريب": صدوق ربما أخطأ، وعبد الرحمن بن إسحاق الكاتب لم نتبينه، ولم نقف له على ترجمة، ولم يرو عنه غير عبد العزيز بن عبد الرحمن الدباس، وقد كناه المصنف في "معرفة علوم الحديث" ص 169: أبا محمد، ونسبه كما في "معرفة السنن والآثار" (2750): المزني، ولكنه مع هذا متابع. جعفر بن محمد: هو ابن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأبو محمد: هو أبو جعفر الباقر. وقد سمَّى المصنِّف صحابيه هنا: يزيد بن عبد الله بن ركانة، وهو وهم منه رحمه الله، صوابه: يزيد بن ركانة بن عبد يزيد بن المطلب، كذا في مصادر ترجمته ومصادر التخريج وكذا سماه المصنِّف نفسه بإثر هذا الحديث. وبسبب هذا الوهم فقد وهم أيضًا الحافظ ابن حجر فذكره بهذا الاسم في "الإصابة" 6/ 717 (9456) وقال: ذكره بعضهم في الصحابة لحديث أرسله، أخرجه البيهقي في "الدعوات"

فذكر هذا الحديث.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"(630) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(444)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 222 - 223، والطبراني في "الكبير" 22/ (647)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2616) من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب وابن قانع 3/ 223 من طريق أبي مصعب الزهري، واسمه: أحمد بن أبي بكر، كلاهما عن الحسين بن زيد بن علي، به. وسأل ابن أبي حاتم في "العلل"(472) أباه عن حديث أبي مصعب الزهري هذا، فقال: هذا حديث منكر لا أصل له.

قلنا: بل له شاهد صحيح موقوف على أبي هريرة يدل على أنَّ له أصلًا، أخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 228 عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، أنه سأل أبا هريرة: كيف تصلي على الجنازة؟ فقال أبو هريرة أنا لعَمْرُ الله أخبرك، أتبعها من أهلها، فإذا وُضعت كبَّرَتُ وحمدتُ الله وصليتُ على نبيه، ثم أقول: اللهم إنه عبدك وابنُ عبدك وابن أمتك، كان يشهد =

ص: 250

هذا إسناد صحيح، ويزيد بن رُكَانة وأبوه رُكانةُ بن عبد يزيد صحابيان من بني المطَّلب بن عبد مناف، ولم يُخرجاه.

1345 -

أخبرنا أبو النضر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارمي، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا موسى بن يعقوب الزَّمْعي، حدثني شُرَحْبيل بن سعد قال: حضرتُ عبدَ الله بن عباس صلَّى بنا على جنازة بالأبواء، فكبَّر، ثم اقتَرأَ بأُم القرآن رافعًا صوته بها، ثم صلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: اللهمَّ عبدُك وابنُ عبدك، وابنُ أَمتَك، يشهدُ أن لا إله إلّا أنت، وحدَكَ لا شَريك لك، ويشهدُ أنَّ محمدًا عبدُك ورسولُك، أَصبح فقيرًا إلى رحمتك، وأصبحتَ غنيًا عن عذابِه، تَخلَّى من الدنيا وأهلِها، إن كان زاكيًا فزَكِّه، وإن كان مخطئًا فاغفرْ له، اللهمَّ لا تَحرِمنا أجرَه، ولا تُضلَّنا بعده، ثم كبَّر ثلاثَ تكبيرات، ثم انصرَفَ، فقال: يا أيها الناس، إنِّي لم أقرأ علنًا إلّا لتَعْلَموا أنها السُّنة

(1)

.

لم يَحتجَّ الشيخان بشُرَحْبيل بن سعد، وهو من تابِعِي أهل المدينة، وإنما أخرجتُ هذا الحديث شاهدًا للأحاديث التي قدَّمنا، فإنها مختصرةٌ مجمَلة، وهذا حديث مفسَّر.

1346 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا محمد بن مَندَهْ، حدثنا بكر بن بَكَّار.

وأخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس.

وحدثنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي،

= أن لا إله إلّا أنت، وأن محمدًا عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسنًا فزد في إحسانه، وإن كان كان مسيئًا فتجاوز عن سيئاته، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا بعده.

(1)

إسناده ضعيف لضعف شرحبيل بن سعد، وموسى بن يعقوب الزَّمْعي فيه لين، وقد انفردا به بهذه السياقة. أبو النضر الفقيه: هو محمد بن محمد بن يوسف.

وأخرجه البيهقي 4/ 42 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

ص: 251

حدثنا محمد بن جعفر؛ قالوا: حدثنا شُعبة، عن إبراهيم الهَجَري، عن عبد الله بن أبي أوفَى، قال: تُوفِّيتْ بنتٌ له، فتَبِعها على بغلةٍ يمشي خلفَ الجنازة، ونساءٌ يَرْثِينَها، فقال: يَرثِينَ أو لا يَرثينَ، فإنَّ رسول الله له نهى عن المَرَاثي، ولْتُفِضْ إحداكنَّ من عَبْرَتِها ما شاءَت. ثم صلَّى عليها، فكبَّر عليها أربعًا، ثم قام بعد الرابعة قَدْرَ ما بينَ التكبيرتين يستغفرُ لها ويدعو، وقال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصنَعُ هكذا

(1)

.

هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه، وإبراهيم بن مُسْلم الهَجَري لم يُنقَم عليه بحُجَّة.

1347 -

أخبرنا إسماعيل بن أحمد التاجر، حدثنا محمد بن الحسين العَسْقَلاني، حدثنا حَرْمَلة بن يحيى، حدثنا ابن وَهْب أخبرني يونس، عن ابن شِهاب، قال:

(1)

إسناده ضعيف لضعف إبراهيم الهجري: وهو إبراهيم بن مسلم الهجري. وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه". والتكبير على الجنازة أربعًا صحَّ من طريق آخر.

وأخرجه أحمد 31/ (19140) عن حسين بن محمد، عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 32/ (19417)، وابن ماجه (1503) من طريقين عن إبراهيم الهجري، به.

وسيأتي مختصرًا برقم (1428) من طريق إبراهيم الهجري، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن المراثي.

وأخرج الطبراني في "الصغير"(268)، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 333، والبيهقي 4/ 35 من طريق السري بن يحيى، عن قبيصة بن عقبة، عن الحسن بن صالح، عن أبي يعفور، عن عبد الله بن أبي أوفى: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فكبر عليها أربعًا. وإسناده حسن.

والتكبير على الجنازة أربع تكبيرات ثابت من حديث أبي هريرة عند البخاري (1318)، وسيأتي برقم (1348).

ومن حديث جابر، عند البخاري (1334)، ومسلم (952).

ومن حديث ابن عباس عند البخاري (1319)، ومسلم (954).

وانظر تعليقنا على "مسند أحمد" 12/ (7147).

قوله: يرثين، قال السندي في حاشيته على "مسند أحمد" من رثى الميت: إذا عدَّ محاسنه.

ولتُفِض قال: من الإفاضة، يريد أن البكاء بلا صياح جائز.

ص: 252

أخبرني أبو أُمامة بن سَهْل بن حُنَيف - وكان من كُبَراء الأنصار وعلمائِهم وأبناءِ الذين شهدوا بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره رجالٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الجنازة: أن يُكبِّر الإمام، ثم يُصلِّيَ على النبي صلى الله عليه وسلم ويُخلِصَ الصلاةَ في التكبيرات الثلاث، ثم يُسلِّمَ تسليمًا خفيًا حين ينصرف، والسُّنة أن يفعل مَن وراءَه مثلَ ما فعل إمامُه.

قال الزُّهري: حدثني بذلك أبو أمامة وابنُ المسيّب يَسمَع، فلم يُنكِر ذلك عليه.

قال ابن شهاب: فذكرتُ الذي أخبرني أبو أُمامة من السُّنة في الصلاة على الميت لمحمد بن سُوَيد، قال: وأنا سمعتُ الضَّحَّاك بن قيس يحدِّث عن حَبِيب بن مَسْلَمة في صلاةٍ صلّاها على الميت مثلَ الذي حدَّثَنا أبو أمامة

(1)

.

(1)

إسناده صحيح، حرملة بن يحيى تكلم فيه بعضهم، إلا أنه أعلم الناس في ابن وهب، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف مختلف في صحبته، والراجح أنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وليس له سماع منه صلى الله عليه وسلم. انظر "نتائج الأفكار" لابن حجر 4/ 380، و "جلاء الأفهام" لابن القيم ص 110.

وأخرجه البيهقي 4/ 39 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 500، والطبراني في "مسند الشاميين"(3000) من طريق شعيب بن أبي حمزة. عن الزهري، به.

وأخرجه الشافعي في "الأم" 2/ 608 - ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" 4/ 39، وفي "الصغرى"(1080) و (1081)، وفي "معرفة السنن والآثار"(7601) و (7602) عن مطرف بن مازن، عن معمر، وأخرجه النسائي (2127) و (2128) من طريق الليث بن سعد، كلاهما عن الزهري، به. إلّا أنَّ مطرفًا جعل الإسناد الثاني من حديث الضحاك بن قيس، لم يذكر فيه حبيب بن مسلمة، أما الليث فجعل الإسناد الأول من حديث أبي أمامة بن سهل، لم يذكر فيه رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرج حديث أبي أمامة وحده ابن المنذر في "الأوسط"(3158) عن ابن عبد الحكم، عن ابن وهب، به إلى رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه يسلِّم تسليمًا خفيًّا حين ينصرف، والسنة أن يفعل مَن وراءه ما فعل إمامُه.=

ص: 253

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وليس في التَّسليمة الواحدة على الجنازة أصحُّ منه.

وشاهده حديث أبي العَنْبَس سعيدِ بن كَثِير:

1348 -

حدَّثَناه أبو بكر بن أبي دارِم، الحافظ، حدثنا عبد الله بن غنَّام بن حفص بن غِيَاث حدثني أبي، عن أبيه، عن أبي العَنْبَس، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازةٍ، فكبر عليها أربعًا، وسلَّم تسليمةً

(1)

.

= وأخرج حديث أبي أمامة وحده أيضًا، لكن دون ذكر رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: عبد الرزاق (6428) - ومن طريقه ابن الجارود (540)، وابن المنذر (3137) وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 296 عن عبد الأعلى، كلاهما (عبد الرزاق وعبد الأعلى) عن معمر، عن الزهري، به.

قوله: ويُخلِص الصلاةَ في التكبيرات الثلاث، أي: يُخلِص بالدعاء للميت في هذه التكبيرات، وهي بقية التكبيرات الأربع.

(1)

إسناده ضعيف مرفوعًا، غنام بن حفص مجهول الحال، وأبو بكر بن أبي دارم متكلم فيه، لكن تابع غنامًا إبراهيمُ بنُ إسماعيل بن بشير على رفعه إلّا أنَّه قد خالفهما أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة فروياه عن حفص بن غياث فوقفاه على أبي هريرة، وصحَّح الدارقطني وقفَه.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 43، وفي "الصغرى"(1088) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني في "السنن"(1817) و (1842)، وأبو طاهر المخلّص في "المخلصيات"(1228) و (1569) من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن بشير، عن حفص بن غياث به.

وأما الموقوف فقد أخرجه ابن أبي شيبة 3/ 308، ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط"(3155) عن حفص بن غياث، عن أبي العنبس، عن أبيه أنه قال: صليت خلف أبي هريرة على جنازة، فكبَّر عليها أربعًا، وسلَّم عن يمينه تسليمة.

ورواه أيضًا عثمان بن أبي شيبة عن حفص موقوفًا على أبي هريرة، كما في "العلل" للدارقطني (2188)، قال الدارقطني: وهو الصواب.

أما التكبير على الجنازة أربعًا دون ذكر التسليم، فقد صحَّ من حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا، أخرجه أحمد 12/ (7147)، والبخاري (1318)، ومسلم (951)، وأبو داود (3204)، وابن ماجه (1534)، والترمذي (1022)، والنسائي، (2109)، ولفظه عند البخاري: =

ص: 254

التّسليمةُ الواحدة على الجنازة قد صحَّت الروايةُ فيه عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن أبي أوْفَى، وأبي هريرةَ: أنهم كانوا يُسلمون على الجنازة تسليمةً واحدة

(1)

.

1349 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، حدثنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد.

وأخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبَري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المثنَّى ومحمد بن بشار وعُبيد الله بن سعيد؛ قالوا: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا المثنَّى بن سعيد، عن قتادة، عن عبد الله بن بُريدَة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنُ يموتُ بعَرَق الجَبِين"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1350 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمَّاك، حدثنا الحسن بن سلَّام، حدثنا قَبِيصة بن عُقبة، حدثنا سفيان.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني

= أبي هريرة قال: نَعَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه النجاشيَّ، ثم تقدم فصفوا خلفه، فكبر أربعًا.

(1)

انظر "مصنف عبد الرزاق"(6444) و (6450)، و"مصنف ابن أبي شيبة" 3/ 307 و 308، و"الأوسط" لابن المنذر (3150 - 3159).

(2)

حديث صحيح، رجاله ثقات، غير أن قتادة لا يُعرف له سماع من عبد الله بن بريدة، فيما قاله البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 12، لكنه قد توبع. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى، ومسدد: هو ابن مسرهد وبريدة: هو ابن الحصيب.

وأخرجه الترمذي (982)، والنسائي (1967) عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن، وقد قال بعض أهل العلم: لا نعرف لقتادة سماعًا من عبد الله بن بريدة.

وأخرجه ابن حبان (3011) عن أبي خليفة الفضل بن الحُباب، عن مسدد، به.

وأخرجه أحمد 38/ (22964) و (23047) عن يحيى بن سعيد القطان، به.

وأخرجه أحمد (23022) و (23047) من طريقين آخرين عن المثنى بن سعيد، به.

وأخرجه النسائي (1968) من طريق كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن بريدة، به. وإسناده قوي.

وانظر أحاديث الباب في "مسند أحمد".

ص: 255

أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن عاصم بن عُبيد الله، عن القاسم بن محمد، عن عائشة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قبَّل عثمانَ بن مَظْعون وهو ميت وهو يبكي، قال: وعيناه تُهْراقانِ

(1)

.

هذا حديث مُتداوَلٌ بين الأئمة إلّا أنَّ الشيخين لم يحتجّا بعاصم بن عُبيد الله، وشاهدُه الصحيح المعروف حديث عبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وعائشة: أنَّ أبا بكرٍ الصدِّيق قبَّل النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو ميتٌ

(2)

.

1351 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن سِنَان القزَّاز،

(1)

حديث قابل للتحسين، وهذا إسناد ضعيف لضعف عاصم بن عبيد الله - وهو ابن عاصم بن عمر بن الخطاب - لكن روي ما يشهد له كما سيأتي. عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري.

وهو في "مسند أحمد" 42/ (25712) عن عبد الرحمن بن مهدي.

وأخرجه الترمذي (989) عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 40/ (24165) و (24286) و 42/ (25712)، وأبو داود (3163)، وابن ماجه (1456) من طرق عن سفيان الثوري، به.

وسيأتي ذكر تقبيله صلى الله عليه وسلم عثمانَ بن مظعون برقم (4929) من طريق معاوية بن هشام عن سفيان الثوري.

ويشهد لذلك حديث عائشة بنت قُدامة بن مظعون عند الطبراني 24/ (855)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(4918)، وفي إسناده لِين.

ويشهد لبكائه صلى الله عليه وسلم عليه حديث ابن عباس عند الطبراني في "الكبير"(10826)، وأبي نعيم في "الحلية" 1/ 105، وفي "معرفة الصحابة"(4921)، وابن عبد البر في "الاستيعاب"(1879) ص 552، ورجاله عند الطبراني ثقات.

لكن قد صحَّ تقبيل أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم وهو ميت كما سيشير إليه المصنف.

(2)

حديث ابن عباس وعائشة أخرجه البخاري (4455) و (5709)، وابن ماجه (1457)، والنسائي (1979) و (7074)، وابن حبان (3029).

وحديث جابر بن عبد الله أخرجه الطيالسي (1818)، وفيه صالح بن أبي الأخضر، وهو ضعيف.

ص: 256

حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا شُعبة.

وحدثنا علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا أبو عمر الحَوْضي ومسلم بن إبراهيم، قالا: حدثنا شعبة.

وأخبرنا أبو علي الحافظ، حدثنا علي بن العباس البَجَلي، حدثنا أبو كُرَيب، حدثنا وكيع، عن شعبة، عن خُلَيد بن جعفر، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أطيبُ الطِّيبِ المِسْكُ"

(1)

.

تابعه المستمِرُّ بن الرَّيّان عن أبي نَضْرة:

1352 -

أخبرَناه عبد الصمد بن علي البزَّاز ببغداد، حدثنا حامد بن سَهْل، حدثنا أبو مَعمَر، حدثنا عبد الوارث عن المُستمِرِّ بن الرَّيّان، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد الخُدْرِي: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئِل عن المِسْك، فقال:"هو أطيَبُ طِيبِكم"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. محمد بن غالب: هو ابن حرب أبو جعفر الضبي، وأبو عمر الحوضي: هو حفص بن عمر بن الحارث، ومسلم بن إبراهيم: هو الأزدي الفراهيدي، وأبو علي الحافظ: هو الحسين بن علي، وأبو كريب: هو محمد بن العلاء، وخليل بن جعفر: هو ابن طريف الحنفي، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطْعة.

وأخرجه الترمذي (991)، والنسائي (2043) عن محمود بن غيلان، عن أبي داود الطيالسي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 17/ (11269) و 18/ (11439)، والترمذي (992)، وابن حبان (1378) من طرق عن وكيع بن الجراح، به.

وأخرجه أحمد 18/ (11646) و (11832)، ومسلم (2252)(18) و (19)، والترمذي (991)، والنسائي (2043) و (9352) و (9353) من طرق عن شعبة، به. وأورده بعضهم ضمن قصة لامرأة من بني إسرائيل.

وانظر ما بعده.

(2)

إسناده صحيح. أبو معمر: هو عبد الله بن عمرو المنقري، وعبد الوارث هو ابن سعيد.

وأخرجه أحمد 17/ (11311) و (11364) و 18/ (11426) و (11590) و (11646)، ومسلم (2252)(19)، وأبو داود (3158)، والنسائي (2044) و (9353)، وابن حبان (5591) =

ص: 257

هذا حديث صحيح الإسناد، فإنَّ خُلَيدَ بن جعفر والمُستَمِرَّ بن الرَّيّانِ عِدادُهما في الثِّقات، ولم يُخرجا عنهما.

وله شاهدٌ عن علي بن أبي طالب، وإليه ذهب أحمد بن حنبل:

1353 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا حُمَيد بن عبد الرحمن الرُّؤَاسي، حدثنا الحسن بن صالح، عن هارون بن سعد، عن أبي وائل قال: كان عند عليٍّ مِسكٌ، فأوصَى أن يُحنَّط به. قال: وقال علي وهو فَضْلُ حَنوط رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

1354 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية.

وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل،

= و (5592) من طرق عن المستمر بن الريان، بهذا الإسناد. وأورده بعضهم ضمن قصة المرأة من بني إسرائيل.

(1)

إسناده حسن من أجل هارون بن سعيد - وهو العجلي - فهو صدوق، وباقي رجاله ثقات، وحسَّن إسناده النووي في "خلاصة الأحكام" 2/ 955، لكن قد اختلف فيه على حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، فقد رواه كما هنا إبراهيم بن موسى - وهو ابن يزيد بن زاذان الرازي، وهو ثقة حافظ - عنه عن الحسن بن صالح - وهو ابن حي - عن هارون بن سعد - وهو العجلي - عن أبي وائل - وهو شقيق بن سلمة - قال: كان عند عليٍّ

فذكره، وخالفه غيره فرووه عن حميد، عن الحسن بن صالح، عن هارون بن سعد قال: كان عند علي، لم يذكروا فيه أبا، وائل، كما سيأتي. وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 405، وفي "الصغرى"(1044)، وفي "دلائل النبوة" 7/ 249 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 2/ 251. وأخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة" (943)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" 4/ 370، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 563 من طريق إسحاق بن إبراهيم - وهو ابن راهويه - والبيهقي في "الدلائل" 7/ 249 من طريق يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ثلاثتهم (ابن سعد، وابن راهويه، والدورقي) عن حميد، عن الحسن، عن هارون قال: كان عند عليٍّ

لم يذكروا فيه أبا وائل.

ص: 258

حدثنا أبو بكر بن أبي شَيبة، حدثنا أبو معاوية، حدثنا أبو بُرْدة، عن عَلْقَمة بن مَرْثَد، عن ابن بُرَيدة، عن أبيه قال: لما أَخَذوا في غَسْل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ناداهم مُنادٍ من الدَّاخل: لا تَنزِعُوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَميصَه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

وأبو بُرْدةَ هذا: هو بُريدُ بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، محتجٌّ به في "الصحيحين"

(2)

.

1355 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مسدَّد، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا مَعمَر، عن الزُّهري، عن سعيد بن المسيّب قال: قال عليُّ بن أبي طالب: غسلتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهبتُ أنظُرُ ما يكون من الميِّت فلم أرَ شيئًا، وكان طيِّبًا صلى الله عليه وآله وسلم حيًّا وميتًا.

وَلِيَ دَفْنَه وإجنانَه دون الناس أربعةٌ: عليٌّ، والعباسُ، والفضلُ، وصالحٌ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولُحِدَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم لَحْدًا، ونُصِبَ عليه اللَّبِنَ نصبًا

(3)

.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي بردة: وهو عمرو بن يزيد على الراجح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير وابن بريدة: هو سليمان، وأبوه هو بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه.

وانظر ما سلف برقم (1322).

(2)

هذا وهم من المصنف رحمه الله، بل أبو بردة هذا: هو عمرو بن يزيد، وهو ضعيف، كما بيّنا ذلك في تعليقنا على الرواية السالفة برقم (1322).

(3)

رجاله ثقات غير أنه قد اختُلف في وصله وإرساله، وصحَّح إرساله أبو حاتم والدارقطني، وعلى ثبوت إرساله فهو من مرسل سعيد بن المسيب، ومراسيله من أقوى المراسيل.

وقد رواه الزهري، واختلف عليه فيه:

فرواه معمر - وهو ابن راشد عنه واختلف عليه فيه:

فرواه عبد الواحد بن زياد - كما عند المصنف هنا، وعن المصنف أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 53، وفي "دلائل النبوة" 7/ 234 - 244 عن معمر عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: قال علي بن أبي طالب

فذكره. =

ص: 259

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجا منه غيرَ اللَّحد

(1)

.

1356 -

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسحاق الخُزاعي بمكة، حدثنا عبد الله بن أحمد بن أبي مَسَرّة، حدثنا عبد الله بن يزيد المُقرئُ، حدثنا سعيد بن

= وأخرجه أيضًا البيهقي في "الكبرى" 3/ 388، وفي "الدلائل" 7/ 253 من طريقين عن مسدد، بهذا الإسناد، مثله.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(463)، والبزار (519) من طريقين عن عبد الواحد بن زياد، به واقتصر ابن أبي عاصم في روايته على الشطر الثاني من الحديث، والبزار على الشطر الأول منه.

ورواه حماد بن زيد كما سيأتي برقم (4445)، وصفوان بن عيسى كما عند ابن ماجه (1467)، كلاهما عن معمر، عن الزهري عن سعيد بن المسيب، عن علي بن أبي طالب قال: لما غُسل النبي صلى الله عليه وسلم

فذكراه مقتصرين على الشطر الأول.

وخالفهما عبد الرزاق وعبد الله بن المبارك وعبد الأعلى، فرووه عن معمر، عن الزهري عن ابن المسيب قال: التمس عليٌّ من النبي صلى الله عليه وسلم ما يلتمس من الميت فلم يجده، فقال: بأبي أنت وأمي، طبت حيًّا وميّتًا. فرووه هكذا مرسلًا.

أما رواية عبد الرزاق فهي في "مصنفه"(6094).

وأما رواية ابن المبارك فقد أخرجها ابن أبي شيبة 3/ 246 و 14/ 558، وأبو داود في "المراسيل"(415)، والضياء في "الأحاديث المختارة" 2/ (476). وقرن ابن أبي شيبة بابن المبارك عبدَ الأعلى بن عبد الأعلى.

وأخرج الشطر الثاني مرسلًا أيضًا ابن أبي شيبة 14/ 556 عن عبد الأعلى، عن معمر، به.

ورواه سليمان بن أرقم عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن علي موصولًا.

وخالفه صالح بن كيسان والأوزاعي، فروياه عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، مرسلًا. كما في "العلل" للدارقطني (371)، وقال الدارقطني: والمرسل أصح. وكذلك قال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه: 3/ 519، وزاد وحديث عبد الواحد خطأ.

وله شاهد من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف عند أحمد 4/ (2357)، وابن ماجه (1628).

وذكرنا في التعليق عليهما بقية شواهده.

(1)

أخرج مسلم (966) من حديث سعد بن أبي وقاص أنه قال في مرضه الذي هلك فيه: الحَدوا لي لحدًا، وانصِبوا عليَّ اللبِن نصبًا، كما صُنع برسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 260

أبي أيوب، عن شُرَحْبيل بن شَرِيكَ المَعافِري، عن عُلَيِّ بن رباح اللَّخْمي، عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من غَسّل ميّتًا فكَتَم عليه، غُفِر له أربعين مرةً، ومن كفَّن ميتًا، كَسَاه الله من سُندسِ وإسْتَبرقِ الجنة، ومن حَفَر لميتٍ قبرًا وأَجنَّه فيه، أُجريَ له من الأجر كأجرِ مَسْكَنٍ سَكَّنه إلى يوم القيامة"

(1)

.

هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1357 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون حدثنا محمد بن إسحاق.

وأخبرنا يحيى بن منصور القاضي، حدثنا محمد بن محمد بن رجاء بن السِّنْدي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا إسماعيل ابن عُلَيّة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حَبِيب، عن مَرْثَد بن عبد الله اليَزَني، عن مالك بن هُبَيرة - وكانت له صحبة - قال: كان إذا أُتي بجنازةٍ ليُصلِّي عليها، فتقالَّ أهلَها، جزّأَهم صفوفًا ثلاثة، فصلَّى بهم عليها، ويقول: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما صَفَّ صفوفٌ ثلاثةٌ من المسلمين على جنازةٍ، إلَّا أَوجَبَته". هذا لفظ حديث ابن عُلَيّة، وفي حديث المحبوبي:"إلّا غُفِر له"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده جيد من أجل شرحبيل بن شريك المعافري.

وانظر ما سلف برقم (1323).

(2)

إسناده حسن، فقد صرَّح محمد بن إسحاق بالتحديث عند الروياني في "مسنده"(1537)، وحسنه الترمذي والنووي وابن حجر.

وأخرجه أحمد 27/ (16724)، وأبو داود (3166)، وابن ماجه (1490)، والترمذي (1028) من طرق عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد قال الترمذي بعد أن حسنه: هكذا رواه غير واحد عن محمد بن إسحاق، وروى إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق هذا الحديث وأدخل بين مرثد ومالك بن هبيرة رجلًا، ورواية هؤلاء أصح عندنا.

تنبيه: لم نكن قد وقعنا على تصريح ابن إسحاق بالتحديث خلال عملنا في "مسند أحمد" فحُكم على إسناده بالضَّعف لذلك، فليستدرك من هنا.

ص: 261

1358 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، حدثنا شَرِيك، عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن جَبْر

(1)

، عن أنس بن مالكٍ، قال: كان غلامٌ يهوديٌّ يَخدُمُ النبي صلى الله عليه وسلم، فمَرِض فعاده، وقال:"قل: أشهدُ أن لا إله إلّا الله وأنكَ رسول الله" فنظر الغلامُ إلى أبيه فقال: قل ما يقولُ لك محمد. قال: فلمَّا مات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صَلُّوا على أخيكُم"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1359 -

أخبرنا أحمد بن سَلْمان بن الحسن الفقيه، حدثنا الحسن بن مُكْرَم، حدثنا رَوْح بن عُبادة، حدثنا سعيد بن عبيد الله بن جُبَير بن حَيَّة، حدثني عمِّي زياد بن جُبَير بن حيَّة، حدثني أبي جُبَير بن حيَّة الثقفي، أنه سَمِع المغيرة بن شعبةَ يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الراكبُ خلفَ الجنازةِ، والماشي قريبًا منها، والطفل يُصلَّى عليه

(3)

.

(1)

تحرَّف في (ص) و (ب) و (ع) إلى: جبير، وهو في (ز) على الصواب. وهو عبد الله بن عبد الله بن جبر بن عَتيك الأنصاري، فهو المعروف بالرواية عن أنس بن مالك.

(2)

حديث صحيح دون قصة الأمر بالصلاة على الغلام اليهودي، فقد تفرد بها شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - وفي حفظه سوء، وقد روي من وجه آخر صحيح عن أنس من دون هذا الحرف كما سيأتي.

وأخرجه أحمد 21/ (13736)، والنسائي (7458) من طريقين عن شريك، بهذا الإسناد.

وسيأتي من طريق شريك مرة أخرى برقم (7982).

وأما الوجه الآخر عن أنس، فقد أخرجه أحمد 20/ (12792)، والبخاري (1356) و (5657)، وأبو داود (3095)، والنسائي (8534)، وابن حبان (2960) و (4884) من طريق حماد بن زيد، عن ثابت بن أسلم البناني، عن أنس بن مالك، فذكر الحديث، وفي آخره قال النبي صلى الله عليه وسلم:"الحمد لله الذي أنقذه من النار"؛ ولم يذكر فيه صلاة.

(3)

حديث صحيح، على خِلاف في رفعه ووقفه.

وأخرجه أحمد 30/ (18207)، وابن ماجه (1481) و (1507) من طريق روح بن عبادة:=

ص: 262

رواه يونس بن عُبيد عن زياد بن جُبَير:

1360 -

أخبرَناه علي بن حمشاذَ العَدْل، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو همَّام محمد بن الزِّبْرِقان، حدثنا يونس بن عُبيد، عن زياد بن جُبَير بن حيَّة، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة - قال يونس: وحدثني بعضُ أهله أنه رَفَعَه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: الراكبُ يَسيرُ خلفَ الجنازةِ، والماشي عن يَمينِها وشِمالِها قريبًا

(1)

، والسِّقْط يُصلَّى عليه ويُدعَى لوالديه بالعافيةِ والرَّحمة

(2)

.

قال إبراهيم بن أبي طالب في عَقِب هذا الحديث: قولُ

(3)

يُونُس بن عُبيد: "وحدثني بعضُ أهله أنه رَفَعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم" روايةٌ ليونُسَ بن عُبيد عن سعيد بن عُبيدِ الله بن جُبير بن حَيَّة.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، فقد احتجَّ في "الصحيح" بحديث المعتمِر، عن سعيد بن عُبيد الله، عن زياد بن جُبَير، عن جُبَير بن حيَّة، عن المغيرة، الحديث الطويل

(4)

.

وشاهد هذه الأحاديث حديثُ إسماعيل بن مُسلِم المكي عن أبي الزُّبير:

1361 -

أخبرَناه عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي

= بهذا الإسناد. لم يذكر ابن ماجه في الموضع الأول قوله: "الطفل يصلى عليه" واقتصر في الموضع الثاني عليه.

وانظر ما بعده، وما سلف برقم (1329).

(1)

في النسخ الخطية: قريبان، والمثبت من "تلخيص الذهبي" ومصادر التخريج.

(2)

حديث صحيح كسابقه.

وأخرجه أحمد 30/ (18181) عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، وأبو داود (3180) من طريق خالد بن عبيد الله الواسطي، كلاهما عن يونس بن عبيد، بهذا الإسناد. قال يونس - عند أحمد -: وأهل زياد يذكرون النبي صلى الله عليه وسلم، وأما أنا فلا أحفظه.

(3)

في النسخ الخطية: قال، والمثبت من "سنن البيهقي" وهو أوجه.

(4)

أخرجه البخاري (3159).

ص: 263

أسامة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا إسماعيل المكِّي، عن أبي الزُّبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استَهَلَّ الصبيُّ وُرِّثَ وصُلِّيَ عليه"

(1)

.

(1)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف إسماعيل بن مسلم المكي، وقد اختلف في رفعه ووقفه، ورجح وقفَه الترمذي والنسائي والدارقطني. أبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي.

وأخرجه الترمذي (1032) من طريق محمد بن يزيد الواسطي، عن إسماعيل بن مسلم المكي، بهذا الإسناد. وقال: وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا، قالوا: لا يصلَّى على الطفل حتى يستهل، وهو قول سفيان الثوري والشافعي.

وأخرجه ابن ماجه (1508) و (2750) من طريق الربيع بن بدر، والبيهقي 4/ 8 من طريق الأوزاعي، كلاهما عن أبي الزبير، به. والربيع بن بدر هذا متروك، وفي الطريق إلى الأوزاعي بقية بن الوليد وفيه مقال.

وسيأتي عند المصنف من طريق المغيرة بن مسلم (8220)، ومن طريق سفيان الثوري (8221)، كلاهما عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعًا.

وأخرجه موقوفًا ابن أبي شيبة 3/ 319 و 11/ 382، والدارمي (3168)، والبيهقي 4/ 8 من طريق أشعث بن سوّار، عن أبي الزبير، عن جابر قوله.

وأخرج ابن ماجه (2751) من طريق مروان بن محمد الطاطري، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن جابر والمسور بن مخرمة مرفوعًا:"لا يرث الصبي حتى يستهل صارخًا". ورجاله ثقات، إلا أن الدارقطني أعلّه في كتابه "العلل" (3246) فوهّم فيه مروان بن محمد ثم قال: الصحيح عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن جابر والمسور وسعيد بن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

مرسلًا. كذا قال، ولم يبيّن رجاله إلى سليمان! ولم نقف على ما قاله مسندًا، لكن أخرج ابن أبي شيبة 3/ 319 خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب في المولود، قال: لا يورَّث حتى يستهلّ. وخالد ليس بذاك القوي.

وأخرج عبد الرزاق (6608) - ومن طريقه النسائي (6325) - عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في المنفوس: يَرِثُ إِذا سُمِع صوتُه.

وأخرجه موقوفًا أيضًا الدارمي (3172)، والبيهقي 4/ 8 من طريق محمد بن إسحاق، عن عطاء، عن جابر. وأشار الدارقطني في "العلل"(3271) إلى أن المثنى بن الصباح خالف ابنَ إسحاق =

ص: 264

الشيخان لم يحتجَّا بإسماعيل بن مسلم.

1362 -

حدثنا أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه، حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، حدثنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبّان، عن أبي عَمْرةَ، عن زيد بن خالد الجُهَنيِّ قال: كنّا مع النبي صلى الله عليه وسلم بخَيبَر، فمات رجلٌ منّا من أشجَعَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صَلُّوا عليه"، فذهبنا ننظُرُ، فوجدنا خَرَزًا من خَرَزِ يهودَ، ما يُساوي دِرهَمَين

(1)

.

= فرواه عن عطاء مرفوعًا، والمثنى ضعيف.

قال الترمذي بإثر الحديث (1032): هذا حديث قد اضطرب الناس فيه، فرواه بعضهم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا، وروى أشعث بن سوار وغير واحد عن أبي الزبير عن جابر موقوفًا، وروى محمد بن إسحاق عن عطاء بن أبي رباح عن جابر موقوفًا، وكأن هذا أصح من الحديث المرفوع.

ويشهد للصلاة على الصبي حديث المغيرة السالف قبله.

وروى ابن الأعرابي في "معجمه"(514) عن محمد بن سليمان بن هشام اليشكري عن عَبيدة بن حميد وعلي بن عاصم، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا:"إذا استهل المولود ورث وصلي عليه". واليشكري ضعيف جدًّا.

ويشهد لتوريث الصبي إذا استهل حديث أبي هريرة عند أبي داود (2920)، وإسناده حسن.

وفي الباب عن ابن عباس موقوفًا عند الدارمي (3169)، وإسناده ضعيف.

(1)

إسناده حسن، أبو عمرة ذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحَّح حديثه ابن الجارود وابن حبان، وأبو نعيم في "الحلية" 8/ 262، والجورقاني في "الأباطيل والصحاح"، وقال ابن عساكر في "معجمه": حديث حسن. الحميدي: اسمه عبد الله بن الزبير، وسفيان: هو ابن عيينة، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه أحمد 28/ (17031)، وابن ماجه (2848) من طرق، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد.

وسيأتي من طريق يحيى بن سعيد القطان وبشر بن المفضل عن يحيى بن سعيد الأنصاري برقم (2614) ويأتي تخريجه هناك.

وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري (6707)، ومسلم (115)، وسيأتي برقم (4395). =

ص: 265

رواه الناس عن يحيى بن سعيد. أبو عَمْرةَ هذا: رجلٌ من جُهَينةَ معروفٌ بالصِّدق، ولم يُخرجاه.

1363 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهاني، حدثنا أحمد بن مِهْران بن خالد الأصبهاني، حدثنا عُبيد الله بن موسى، حدثنا إسرائيل، عن سِمَاك بن حَرْب، عن جابر بن سَمُرة قال: مات رجلٌ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجلٌ، فقال: مات فلان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"لم يَمُتْ"، ثم أتاه الثانيةَ، فقال: مات فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لم يَمُتْ"، ثم أتاه الثالثةَ، فقال: مات فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كيف مات؟ " قال: نَحَرَ نفسَه بمِشْقَصٍ كان معه، فلم يُصلِّ عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

1364 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سُلَيمان المُرَاديّ، حدثنا أَسَدُ بن موسى.

وأخبرنا جعفر بن محمد بن نُصَير الخُلْدي ببغداد، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا سليمان بن داود الهاشمي؛ قالا: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن عبد الله بن أبي قتادةَ، عن أبيه أبي قتادةَ قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا دُعِي إلى جنازةٍ

= وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند البخاري (3074).

وعن عمر بن الخطاب عند مسلم (114).

(1)

إسناده حسن من أجل سماك بن حرب وأحمد بن مهران الأصبهاني. إسرائيل: هو ابن يونس السبيعي.

وأخرجه تامًّا ومختصرًا أحمد 34/ (20816) و (20910) و (20977)، والترمذي (1068) من طرق عن إسرائيل بن يونس، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

وأخرجه تامًّا ومختصرًا أيضًا أحمد (20848) و (20858)، ومسلم (978)، وأبو داود (3185)، وابن ماجه (1526)، والنسائي (2102)، وابن حبان (3093) و (3095) من طرق عن سماك بن حرب، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه

والمِشْقص: هو نصل السهم إذا كان طويلًا وليس بالعريض.

ص: 266

سأل عنها، فإن أُثني عليها خيرٌ صلَّى عليها، وإن أُثني عليها غيرُ ذلك قال لأهلها:"شأنَكم بها"، ولم يُصلِّ عليها

(1)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1365 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف الحافظ إملاءً، حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب العَبْدي، حدثنا أبو الحسين سُرَيج بن النُّعمان الجَوْهَري، حدثنا فُلَيح بن سليمان، عن سعيد بن عُبيد بن السَّبَّاق، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قد كنَّا مَقْدَمَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذا حُضِر منّا الميتُ، آذنَّا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَحَضَرَه واستغفَرَ له، حتى إذا قُبِض انصرَفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ومن معه حتى يُدفَن، وربما طالَ حَبْسُ ذلك على نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم، فلما خَشِينا مشقَّةَ ذلك عليه قال بعضُ القوم لبعض: لو كنا لا نُؤذِنُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بأحدٍ حتى يُقبَضَ، فإذا قُبِضَ آذنّاه، فلم يكن عليه في ذلك مشقَّةٌ ولا حبسٌ، ففعلنا ذلك، وكنا نُؤذِنُه بالميت بعد أن يموت، فيأتيهِ فيصلِّي عليه، فربما انصَرَفَ، وربما مَكَثَ حتى يُدفَنَ الميت، فكنا على ذلك حِينًا، ثم قلنا: لو لم نُشخِصِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وحملنا جنازتَنا إليه حتى يصلِّيَ عليه عند بيته، لكان ذلك أرفَقَ به، ففعلنا، فكان ذلك الأمرُ إلى اليوم

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وقد أمليتُه فيما مضى مختصرًا.

1366 -

حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الحسن بن مُهاجِر، حدثنا أبو الطّاهر وهارون بن سعيد، قالا: حدثنا عبد الله بن وَهْب،

(1)

إسناده صحيح. إبراهيم بن سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه أحمد 37/ (22555) و (22556)، وابن حبان (3057) من طريقين عن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد.

(2)

رجاله ثقات غير فليح بن سليمان، ففيه كلام يحطه عن رتبة الصحيح. وانظر ما سلف برقم (1338).

ص: 267

أخبرني عمرو بن الحارث، عن عُمَارة بن غَزِيَّة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه: أنَّ أبا طلحةَ دعا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إلى عُمير بن أبي طلحة، حين تُوفِّي، فأتاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فصلَّى عليه في منزلهم، فتقدَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو طلحة وراءَه وأمُّ سُليم وراءَ أبي طلحة، ولم يكن معهم غيرُهم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وسُنَّةٌ غريبةٌ في إباحة صلاة النساء على الجنائز، ولم يُخرجاه.

1367 -

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم العدلُ ببغداد، حدثنا عبد الله بن رَوْح المَدائني، حدثنا عثمان بن عمر.

وأخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا رَوْح بن عُبادة، قالا: حدثنا أسامة بن زيد، عن الزُّهري، عن أنسٍ، قال: لما كان يومُ أُحدٍ، مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزةَ بنِ عبد المطلب وقد جُدِعَ ومُثِّلَ [به]

(2)

، فقال:"لولا أن تَجِدَ صفيّةُ تركتُه حتى يَحشُرَه الله من بُطون الطير والسِّباع"، فكفَّنه

(1)

إسناده إلى عبد الله بن أبي طلحة صحيح، إلّا أنَّ عبد الله هذا لم يدرك هذه القصة، والغالب أنه رواها عن أحدٍ من أهل بيته، فهم أصحاب القصة، وبذلك يكون قد أرسله عن صحابيٍّ، ولا يضر ذلك في صحة الحديث، والله أعلم. أبو الطاهر: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح المصري.

وأخرجه البيهقي 4/ 30 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "معاني الآثار" 1/ 508، والطبراني في "المعجم الكبير"(4727) من طريقين عن عبد الله بن وهب، به.

وله شاهد من حديث أنس بن مالك، أخرجه أحمد 20/ (13270) من طريق عبد الله بن عمر العمري، عن أم يحيى قالت: سمعت أنس بن مالك يقول: مات ابن لأبي طلحة، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقام أبو طلحة خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأم سليم خلف أبي طلحة، كأنهم عرف ديك، وأشار بيده. وإسناده ضعيف لضعف عبد الله العمري وجهالة أم يحيى.

(2)

لفظة "به" سقطت من نسخنا الخطية، واستدركناها من "تلخيص الذهبي" و"سنن البيهقي" حيث رواه من طريق المصنف.

ص: 268

في نَمِرةٍ إذا خُمِّر رأسُه بَدَتْ رِجْلاه، وإذا خُمِّرت رجلاه بَدَا رأسُه، فخَمَّر رأسَه، ولم يُصلِّ على أحدٍ من الشهداء غيرِه، وقال:"أنا شاهدٌ عليكم اليومَ"، وكان يَجمَع الثلاثةَ والاثنين في قبرٍ واحدٍ، ويَسألُ:"أيُّهم أكثر قرآنًا؟ " فيقدِّمُه في اللَّحْد، وكَفَّن الرَّجُلين والثلاثةَ في الثوب الواحد

(1)

.

1368 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني أسامة بن زيد اللَّيثي، أنَّ ابن شهاب حدَّثه، أنَّ أنس بن مالك حدَّثه: أنَّ شهداء أُحدٍ لم يُغَسَّلوا، ودُفِنوا بدِمائِهم، ولم يُصلَّ عليهم

(2)

.

(1)

صحيح لغيره دون قوله: "ولم يصل على أحد من الشهداء غيره"، فقد قال الدارقطني في "سننه" بإثر الحديث (4205): لم يقل هذا اللفظ غير عثمان بن عمر، وليست بمحفوظة. انتهى، قلنا: وهذا إسناد لا بأس برجاله، لكن غلط فيه أسامة بن زيد - وهو الليثي - إذ جعله عن الزهري عن أنس، كما جزم به البخاري فيما سأله عنه الترمذي في "علله الكبير"(252)، وقال الترمذي في "سننه" (1016) والبزار (6347): لا نعلم أحدًا ذكره عن الزهري عن أنس غير أسامة بن زيد.

على أنَّ الدارقطني قال في "العلل (2585): يشبه أن يكون حديث أسامة بن زيد محفوظًا. قلنا: الظاهر أنَّ قول البخاري هو الأصح، لتفرُّد أسامة بن زيد به، ولأنه وقع في نص الحديث وهمٌ يدل على عدم ضبطه له، وهو أن بعضهم يذكر عنه الصلاة على حمزة ونفي الصلاة على غيره، كما وقع عند المصنف هنا، وبعضهم يذكر عنه نفي الصلاة على الشهداء دون استثناء أحد.

وأخرجه مختصرًا أبو داود (3137) عن عباس العنبري، عن عثمان بن عمر، بهذا الإسناد عن أنس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بحمزة وقد مُثِّلَ به، ولم يصلِّ على أحد من الشهداء غيره.

وأخرجه تامًّا أحمد 19/ (12300) عن صفوان بن عيسى وزيد بن الحباب، وأبو داود (3136)، والترمذي (1016) من طريق أبي صفوان عبد الله بن عيسى المرواني وزيد بن الحباب، ثلاثتهم عن أسامة بن زيد الليثي، به. لكن وقع في روايتي أحمد والترمذي:"لم يصلِّ عليهم"، ولم يستثن حمزة منهم، أما في رواية أبي داود فلم يذكر قصة الصلاة أصلًا. وقال الترمذي: حديث أنس حديث غريب، لا نعرفه من حديث أنس إلّا من هذا الوجه.

وسيأتي مقطعًا فيما بعده وبرقم (2590) و (4948).

(2)

صحيح لغيره كسابقه. ابن وهب: هو عبد الله. =

ص: 269

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، قد أخرج البخاريُّ وحده

(1)

حديث الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ عليهم، ليس فيه هذه الألفاظ المجموعة التي تفرَّدَ بها أسامة بن زيد الليثي عن الزهري، قد اتفقا جميعًا

(2)

على إخراج حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حَبيب، عن أبي الخَير، عن عُقْبة بن عامر الجُهَني: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى على قتلى أُحدٍ صلاتَه على الميِّت، فالله أعلم.

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً، في شوَّال سنةَ خَمْسٍ وتسعين وثلاث مئة:

1369 -

حدثني علي بن حَمْشَاذَ العدل، حدثنا هشام بن عليٍّ السَّدوسي، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا همَّام.

وحدثني علي بن حَمْشاذ قال: وحدثنا موسى بن هارون، حدثنا زهير بن حرب، حدثنا وَكيع، حدثنا همَّام، عن قتادة، عن أبي الصَّدِّيق الناجيّ، عن ابن عمر قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وَضَعتُم موتاكم في قُبورِهم فقولوا: باسم الله، وعلى سُنَّة رسول الله"

(3)

.

= وأخرجه أبو داود (3135) عن أحمد بن صالح وسليمان بن داود المهري، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

(1)

برقم (1343).

(2)

البخاري (1344)، ومسلم (2296).

(3)

إسناده صحيح، وقد خالف همامًا شعبةُ فرواه موقوفًا كما في الرواية التالية، ورجح الدارقطني في "العلل"(2838) وقفه، وذلك على عادته في ترجيح الوقف أو الإرسال، لكن هنا لا يضر كونه روي موقوفًا، فإنَّ همام بن يحيى ثقة حافظ، كما أشار إلى ذلك المصنف بإثر هذا الحديث، ثم إنه قد اختلف فيه على شعبة نفسه، فرواه بعضهم عنه موقوفًا، ورواه بعضهم عنه مرفوعًا كما سيأتي.

عبد الله بن رجاء: هو الغُداني، وأبو الصديق الناجي: اسمه بكر بن عمرو، وقيل: ابن قيس. =

ص: 270

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وهمَّام بن يحيى ثَبْتٌ مأمونٌ، إذا أسنَدَ مثلَ هذا الحديث لا يُعلَّل بأحدٍ إذا أوقَفَه، وقد أوقَفَه شعبةُ:

1370 -

أخبرَناه عبد الرحمن بن الحَسَن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة.

وأخبرني الحسين بن علي، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا بُنْدار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي الصَّدِّيق الناجي، عن ابن عمر: أنه كان إذا وَضَعَ الميِّتَ في قبرِه قال: باسم الله، وعلى سُنَّة رسول الله

(1)

.

= وأخرجه أحمد 9/ (5233) عن وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 8/ (4812) و 9/ (4990) و (5370)، وأبو داود (3213)، والنسائي (10860)، وابن حبان (3110) من طرق عن همام، به.

وأخرجه ابن ماجه (1550)، والترمذي (1046) من طريقين ضعيفين عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

وأخرج ابن ماجه (1553) عن هشام بن عمار، عن حماد بن عبد الرحمن الكلبي، عن إدريس بن صبيح الأودي، عن سعيد بن المسيب قال: حضرتُ ابن عمر في جنازة، فلما وضعها في اللحد قال: باسم الله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله، فلما أخذ في تسوية اللَّبن على اللحد قال: اللهم أجِرْها من الشيطان ومن عذاب القبر، اللهم جافِ الأرض عن جنبيها، وصَعِّد روحها، ولقِّها منك رضوانًا، قلت: يا ابن عمر، أشيءٌ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم قلته برأيك؟ قال: إني إذًا لقادر على القول، بل شيء سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد ضعيف، حماد الكلبي ضعيف، وشيخه إدريس مجهول.

وانظر ما بعده.

(1)

إسناده صحيح، على خلاف في رفعه ووقفه، فقد رواه همام بن يحيى عن قتادة فرفعه، كما في الرواية السابقة، ورواه شعبة واختلف عليه، فرواه آدم بن أبي إياس ومحمد بن جعفر عنه كما هو هنا في هذه الرواية فوقفاه، وتابعهما على وقفه عبد الله بن المبارك عن شعبة عند النسائي (10861)، وخالفهم أبو داود الطيالسي، كما عند ابن حبان (319)، فرواه عن شعبة بإسناده فرفعه.

ص: 271

حديث البَيَاضي - وهو مشهورٌ في الصحابة - شاهدٌ لحديث همَّام عن قتادة مسندًا:

1371 -

أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، حدثنا سعيد بن أبي مريم وابنُ بُكَير، قالا: حدثنا الليث بن سعد، حدثني ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التَّيمي، عن أبي حازم مولى الغِفَارِيِّين قال: حدَّثني البَيَاضيُّ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الميتُ إذا وُضِع في قَبرِه فليقُل الذين يَضَعُونَه حين يُوضَعُ في اللَّحْد: باسم الله، وبالله، وعلى مِلَّةِ رسول الله"

(1)

.

1372 -

أخبرنا أبو النَّضر الفقيه وأحمد بن محمد العَنَزي، قالا: حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارِمي، حدثنا يحيى بن صالح الوُحَاظي، حدثنا عبد العزيز بن محمد، حدثني أُنَيس بن أبي يحيى مولى الأسْلَمَيِّين، عن أبيه، عن أبي سعيد الخُدريِّ قال: مَرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بجنازةٍ عند قبرٍ فقال: "قبْرُ مَن هذا؟ " فقالوا: فلانٌ الحَبَشِيُّ يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا إله إلّا الله، لا إله إلّا الله، سِيقَ من أرضِه وسمائِه إلى تُربتِه التي منها خُلِق"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو حازم مولى الغفاريين مختلف في صحبته، والظاهر أنه لا صحبة له، فقد أخرج له أبو داود حديثًا في "المراسيل"، وقد اختلف على محمد بن إبراهيم التيمي في اسمه، فقيل: هو مولى الغفاريين كما في هذه الرواية، وقيل: التمار، كما في "مسند أحمد" 31/ (19022) في حديث الجهر بالقرآن، وقيل: مولى بني بياضة، وقيل: مولى الأنصار، روى له البخاري في "خلق أفعال العباد" والنسائي، ووثقه أبو داود وابن عبد البر، وباقي رجاله ثقات.

أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل: هو ابن يوسف السلمي، وابن بكير: هو يحيى بن عبد الله بن بكير، وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، والبياضي - صحابي الحديث - قيل: اسمه عبد الله بن جابر، وقيل: فروة بن عمرو.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"(635) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

(2)

غريب، وظاهر إسناده الحُسن من أجل أبي يحيى الأسلمي - واسمه: سمعان - والد أُنيس، وعبدِ العزيز بن محمد - وهو الدراوردي - إلا أن الدراوردي تفرَّد به، وقد أنكر عليه الإمام أحمد بعض أحاديثه، من جهة أنه قد يرفع حديثًا موقوفًا أو يصلُ رواية مرسلة. =

ص: 272

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وأُنيس بن أبي يحيى الأَسلَمي هو عمُّ إبراهيم بن أبي يحيى، وأُنَيس ثقة معتمَد، ولهذا الحديث شواهدُ، وأكثرها صحيحة، فمنها:

1373 -

ما حدَّثَناه أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدثنا الحسين بن بشار الخَيّاط، حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، حدثنا داود بن أبي هند، عن الحسن، عن جُنْدُب بن سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله قبْضَ عبدٍ بأرضٍ، جَعَلَ له فيها - أو بها - حاجةً"

(1)

.

= وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(9425) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الآجري في "الشريعة"(1850) من طريق سليمان بن داود الشاذكوني، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 213 - 214، وفي "تعزية المسلم" له (90) من طريق محمد بن يحيى بن أبي عمر، كلاهما عن عبد العزيز الدراوردي، به. وسليمان بن داود هذا متروك.

وخالفهم محمد بن الحسن بن زَبالة، فرواه عن عبد العزيز الدراوردي عن أُنيس بن يحيى قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره مرسلًا. أخرجه ابن النجار في "الدرة الثمينة في أخبار المدينة" ص 145، لكن هذه المخالفة لا عبرة بها لأنَّ محمد بن الحسن بن زبالة هذا متروك، وكذبه بعضهم.

وأخرجه موصولًا البزار (842 - كشف الأستار) من طريق عبد الله بن جعفر بن نجيح، عن أبيه، عن أُنيس بن أبي يحيى، به. قال البزار: لا نعلمه عن أبي سعيد إلّا بهذا الإسناد، وأُنيس وأبوه صالحان. قلنا: وفي إسناده عبد الله بن جعفر ضعيف، وأبوه مجهول.

وأخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(304) عن عمر بن أبي عمر العبدي، عن سعيد بن أبي مريم، عن عبد العزيز الدراوردي، عن أُنيس، عن أبيه، عن أبي هريرة. فجعله من مسند أبي هريرة، وهو خطأ، الآفة فيه عمر بن أبي عمر العبدي، فهو متروك وكذبه بعضهم.

وفي الباب عن ابن عمر عند الطبراني في "الكبير"(14022)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 200، وإسناده ضعيف جدًّا.

وعن عبد الله بن سوّار معضَلًا جدًّا، أخرجه القطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة"(528)، ولا يصح.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، غير أن فيه عنعنة الحسن - وهو ابن أبي الحسن =

ص: 273

ومنها:

1374 -

ما أخبرني علي بن العباس الإسكندراني العدل بمكة، حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الواحد الحِمْصي، حدثنا كَثِير بن عُبيد المَذْحِجي، حدثنا محمد بن خالد الوَهْبي، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عبد الله بن مسعود، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كانت مَنِيَّةُ أحدِكم بأرضٍ، أُتيحَتْ له الحاجة فيَقْصِدُ إليها، فيكونُ أقصى أثرٍ منه، فتُقبَضُ رُوحُه فيها، فتقولُ الأرض يوم القيامة: ربِّ هذا ما استَودَعْتَني"

(1)

.

ومنها:

1375 -

ما حدَّثَناه أبو العباس قاسم بن القاسم السَّيَّاري بمَرْو، حدثنا محمد بن موسى الباشاني، حدثنا علي بن الحسن

(2)

بن شَقِيق، حدثنا أبو حمزة السُّكَّري، عن أبي إسحاق، عن مَطَر بن عُكامِس العَبْديِّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما جُعِل أجَلُ رجلٍ في أرضٍ، إلّا جُعِلتْ له فيها حاجةٌ"

(3)

.

ومنها:

1376 -

ما حدَّثَناه أبو علي الحافظ غيرَ مرةٍ، أخبرنا الحسين بن نَهَار العسكري، حدثنا زيد بن الحَرِيش، حدثنا عِمْران بن عُيَينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشَّعبي، عن عُروة بن مُضَرِّس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أرادَ الله قَبْضَ عبدٍ

= البصري - وهو لم يصح له سماع من جندب كما قال أبو حاتم في "مراسيل" ابنه (138).

جندب بن سفيان صحابيه: هو جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي، نُسب إلى جده.

وله شواهد صحيحة، انظر الأحاديث التالية.

(1)

حديث صحيح، وهو مكرر (124).

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الحسين.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن موسى الباشاني - وهو محمد بن موسى بن حاتم - والحديث مكرر ما سلف برقم (127).

ص: 274

بأرضٍ، جَعَلَ له إليها حاجةً"

(1)

.

1377 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الحميد أبو جعفر الحارثي، حدثنا إسحاق بن منصور السَّلُولي، حدثنا محمد بن مُسلِم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن جابر: أنَّ رجلًا كان يَرفَع صوتَه بالذِّكر، فقال رجل: لو أنَّ هذا خَفَضَ من صوتِه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فإنَّه أوّاهٌ". قال: فمات، فرأى رجلٌ نارًا في قبره، فأتاه، فإذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فيه وهو يقول:"هَلُمُّوا صاحِبَكم"، فإذا هو الرجلُ الذي كان يَرفَع صوته بالذِّكْر

(2)

.

1378 -

أخبرَناه علي بن عيسى، حدثنا محمد بن عمرو الحَرَشي، حدثنا إبراهيم بن نَصْر، حدثنا أبو أحمد الزُّبَيري، حدثنا محمد بن مُسلِم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله قال: رأيتُ نارًا في المقابر، فأَتيتُهم فإذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في القبر وهو يقول:"ناوِلُوني صاحِبَكم"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

(1)

صحيح بما قبله، وهذا إسناد ضعيف، الحسين بن نهار العسكري، كذا وقعت تسميته هنا، ولم نتبيَّنه، وسماه في "شعب الإيمان" (9424) من طريق المصنف: الحسين بن نبهان العسكري، وفي "إتحاف المهرة 11/ 163: الحسين بن هانئ، وكل هذه التسميات لم نجد لها ذكرًا فيما بين أيدينا من مصادر، إلّا ما وقع في "تهذيب الكمال": الحسين بن نبهان العسكري، ذكره فيمن روى عن محمد بن زياد الزيادي 25/ 216، وفيمن روى عن محمد بن سعيد بن غالب البغدادي 25/ 275. وزيد بن الحَرِيش، قال ابن القطان: مجهول الحال، كما في "لسان الميزان" 3/ 550، وعمران بن عيينة صاحب أوهام. وقد خالف فيه عمرانُ ثقاتِ أصحاب إسماعيل بن أبي خالد الذين رووه عنه عن قيس بن أبي خازم عن عبد الله بن مسعود، كما سلف قبله بحديثين (1374)، وانظر ما سلف برقم (122) وما بعده.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن مسلم الطائفي.

وسيأتي من وجهين آخرين عن محمد بن مسلم الطائفي فيما بعده، وبرقم (3358).

(3)

إسناده حسن كالذي قبله.

ص: 275

وله شاهد بإسنادٍ مُعضَل:

1379 -

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقْبة الشَّيباني، حدثني أبي، حدثني أبي

(1)

، حدثنا وكيع، عن شعبة.

وأخبرني الحسين بن علي، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا بُنْدار، حدثنا محمد، حدثنا شعبة، عن أبي يونس - وهو حاتم بن أبي صَغِيرة - قال: سمعتُ رجلًا كان بمكة، وكان رُوميًّا - وفي حديث شعبة: اسمه: وقَّاص - يحدِّث عن أبي ذرٍّ، قال: كان رجلٌ يطوف بالبيت وهو يقول في دُعائِه: أَوَّهُ أَوَّهُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّهُ لأَوّاه"، قال أبو ذر: فخرجتُ ذات ليلةٍ فإذا النبيُّ صلى الله عليه وسلم في المقابر يَدفِنُ ذلك الرجلَ ومعه المِصْباح

(2)

.

1380 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي.

وأخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبَري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع؛ قالوا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن

(1)

قوله: "حدثني أبي" المرة الثانية سقط من (ب). ومحمد والد علي: هو محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد أبو جعفر الشيباني، شيخ الكوفة، وهو لا يدرك وكيعًا، فقد ولد سنة 220 هـ كما في "تاريخ الإسلام" 7/ 149، وتوفي وكيع سنة 197 هـ.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الرجل الرومي الذي يحدِّث عن أبي ذر، ولا ندري ما وجه وصف المصنِّف له بالإعضال إلا إن أراد هذا الإبهام! محمد بن إسحاق: هو ابن خزيمة، وبندار: هو محمد بن بشار، وشيخه محمد: هو ابن جعفر غندر.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 346، وأبو يعلى كما في "المطالب العالية"(822)، والطبري في "تفسيره" 11/ 50 - 51، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1895 من طرق عن وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرج الطبري 11/ 50 عن محمد بن جعفر، عند شعبة، عن أبي يونس القشيري، عن قاصٍّ كان بمكة: أنَّ رجلًا كان في الطواف، فجعل يقول: أوه، قال: فشكا أبو ذر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "دعه، إنه أوَّاه".

ص: 276

جُرَيج، أخبرني أبو الزُّبير، أنه سَمِعَ جابر بن عبد الله يحدِّث: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يومًا، فذَكَر رجلًا من أصحابه قُبِضَ وكُفِّن في كَفَنٍ غيرِ طائلٍ وقُبِرَ

(1)

ليلًا، فَزَجَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يُقبَر الرجلُ بالليل حتى يُصلَّى عليه، إلا أن يُضطَرَّ إنسانٌ إلى ذلك، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إذا كفَّنَ أحدُكم أخاه فليُحَسِّنْ كَفَنَه"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهد من حديث وَهْب بن مُنبِّه عن جابر:

1381 -

أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني بمكة، حدثنا علي بن المبارك، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني أبو هشام، حدثنا إبراهيم بن عَقِيل بن مَعْقِل بن مُنبِّه، عن أبيه عَقِيل، عن وَهْب بن مُنبِّه قال: هذا ما

(1)

تحرف في (ز) و (ص) إلى: وقبض.

(2)

إسناده صحيح. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس.

وهو في "مسند أحمد" 22/ (14145)، وعنه أخرجه أبو داود (3148).

وأخرجه مسلم (943)، والنسائي (2033) و (2152)، وابن حبان (3103) من طريق حجاج بن محمد المصيصي الأعور، عن ابن جريج، به.

وأخرج قصة الأمر بتحسين الكفن مختصرة أحمد (14524) و (14601) و (14766) و (14993) و (15087) من طرق عن أبي الزبير، به.

وأخرج أحمد (14146) عن محمد بن بكر، عن ابن جريج قال: قال سليمان بن موسى: سُئل جابر .. فذكر نحوه. وهذا إسناد منقطع، سليمان بن موسى لم يسمع من جابر.

وأخرج ابن ماجه (1521) من طريق إبراهيم بن يزيد المكي، عن أبي الزبير، به:"لا تدفنوا موتاكم بالليل إلّا أن تضطروا"، وإبراهيم بن يزيد المكي متروك.

وانظر ما بعده.

قوله: "حتى يصلَّى عليه" ضبطها النووي في "شرح مسلم" 7/ 11 بفتح اللام بالبناء للمفعول، والمراد: حتى يصلي عليه جماعة المسلمين، وضبطها ابن حجر في "فتح الباري" 4/ 705 بكسر اللام بالبناء للفاعل، والمراد: حتى يصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 277

سألتُ عنه جابرَ بنَ عبد الله الأنصاري، فأخبَرَني: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يومًا فَذَكَرَ رجلًا من أصحابه قُبِضَ فكُفِّن في كَفَنٍ غيرِ طائل، وقُبِرَ ليلًا، فَزَجَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يُقبَرَ الرجلُ بالليل ولا يُصلَّى عليه، إلَّا أن يُضطَرَّ إنسانٌ إلى ذلك، وقال:"إذا وَلِيَ أحدُكم أخاه فليُحَسِّنْ كَفَنَه"

(1)

.

1382 -

أخبرني أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا معاذ بن نَجْدةَ القُرَشي، حدثنا خلَّاد بن يحيى، حدثنا سفيان.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن - وهو ابن مَهدي - عن سفيان، عن حَبِيب بن أبي ثابت [عن أبي وائل]

(2)

: أنَّ عليًّا قال لأبي هَيّاج: أَبعثُكَ على ما بَعثَني عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تَدَعَ تمثالًا إلَّا طَمَستَه، ولا قبرًا مُشرِفًا إلّا سَوَّيتَه

(3)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، على بن المبارك - وهو الصنعاني - روى عنه غير واحد، له ترجمة في "تاريخ الإسلام "للذهبي" 6/ 784، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وقد توبع. وإسماعيل بن عبد الكريم ثقة، وثقه يحيى بن معين وابن حبان، وقال النسائي: ليس به بأس.

وأخرجه أبو داود (3150)، وابن حبان (3034) من طريق الحسن بن الصبّاح، عن إسماعيل بن عبد الكريم، بهذا الإسناد. إلّا أنَّ رواية أبي داود مختصرة ولفظها:"إذا توفي أحدكم فوجد شيئًا فليكفن في ثوب حبرة".

(2)

ما بين معقوفين سقط من النسخ الخطية، وأثبتناه من "مسند أحمد" و"إتحاف المهرة" 11/ 357، واشار الدارقطني في "العلل"(494) إلى أن عبد الرحمن بن مهدي ذكر في روايته أبا وائل، ناهيك عن أنَّ قول المصنِّف نفسه بإثر هذا الحديث يدل على وجود أبي وائل في السند.

(3)

إسناده صحيح، وقد اختلف فيه على سفيان - وهو الثوري - فرواه بعضهم كما هنا عنه عن حبيب عن أبي وائل - وهو شقيق بن سلمة - أنَّ عليًّا قال لأبي هياج، وقال بعضهم: عن حبيب عن أبي وائل عن أبي الهياج قال: قال لي علي، كما في الرواية التالية، لكن أشار المصنف إلى صحة سماع أبي وائل من علي بن أبي طالب. وانظر "العلل الكبير" للترمذي (258)، و"علل الدارقطني" (494). أبو هيّاج: اسمه حَيان بن الحُصين.

وهو في "مسند أحمد" 2/ (1064). =

ص: 278

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه

(1)

، وأظنُّه لخلافٍ فيه عن الثَّوري، فإنه قال مَرّةً: عن أبي وائل عن أبي الهَيَّاج، وقد صحَّ سماعُ أبي وائلٍ من عليٍّ.

1383 -

أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد الجُمَحي بمكة، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني.

وأخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة؛ قالا: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن حَبِيب بن أبي ثابت، عن أبي وائل، عن أبي الهَيّاج قال: قال لي عليّ: ألا أَبعثُكَ على ما بَعَثَني عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث بنحوه

(2)

.

1384 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر الخَوْلاني، قال: قُرئ على عبد الله بن وَهْب: أخبرك محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك المدني، عن عمرو بن هانئ، عن القاسم بن محمد قال: دخلتُ على عائشةَ فقلت: يا أُمّاه، اكشِفي لي عن قبر النبيِّ صلى الله عليه وسلم وصاحبَيه، فكشفَتْ لي عن ثلاثةِ قبور لا مُشرِفةٍ ولا لاطِئةٍ، مبطوحةٍ ببَطحاءِ العَرْصةِ الحمراء، فرأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مقدَّمًا، وأبا بكرٍ

= وأخرجه الترمذي (1049) عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، يكرهون أن يُرفع القبر فوق الأرض. ثم قال: قال الشافعي: أكره أن يُرفع القبر إلّا بقدر ما يُعرف أنه قبر لكيلا يوطأ ولا يُجلَس عليه.

(1)

بل أخرجه مسلم كما سيأتي في الحديث التالي.

(2)

إسناده صحيح كالذي قبله.

وأخرجه مسلم (969) عن ابن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/ (741) و (1064)، ومسلم (969) من طريق وكيع، به.

وأخرجه مسلم (969)، والنسائي (2169) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وأبو داود (3218) عن محمد بن كثير، كلاهما عن سفيان الثوري، به. زاد يحيى القطان:"ولا صورة إلّا طمستها".

ص: 279

رأسُه بين كَتِفَي النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعمرَ رأسُه عند رِجْلَي النبيِّ صلى الله عليه وسلم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1385 -

حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، حدثنا سَلْم بن جُنادة بن سَلْم القُرَشي، حدثنا حفص بن غِيَاث النَّخَعي، حدثنا ابن جُرَيج، عن أبي الزُّبير، عن جابر قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُبنَى على القبر، أو يُجَصَّص، أو يُقعَد عليه، ونهى أن يُكتَب عليه

(2)

.

(1)

إسناده حسن، عمرو بن هانئ - وهو عمرو بن عثمان بن هانئ، نُسب هنا إلى جده - روى عنه ثلاثة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" 4/ 171: كأنه صدوق، وقد صحَّح حديثه هذا النووي في "المجموع" 5/ 296، وابن الملقن في "البدر المنير" 5/ 319. القاسم بن محمد: هو ابن أبي بكر الصديق.

وأخرجه أبو داود (3220) عن أحمد بن صالح، عن ابن أبي فديك، بهذا الإسناد. مختصرًا إلى قوله: ببطحاء العرصة الحمراء.

وأخرجه تامًّا البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 3، وفي "الدلائل" 7/ 263 عن أبي عبد الله الحاكم، به.

وأخرجه تامًّا أيضًا ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 192، وأبو يعلى (4571)، والطبري في "تاريخه" 3/ 422 - 423، والآجري في "الشريعة"(1867) و (1868) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، به.

وانظر ما سيأتي برقم (4570).

قوله: "لا مشرفة" أي: غير مرتفعة غاية الارتفاع.

"ولا لاطئة" بالهمز والياء، أي: غير مستوية على وجه الأرض.

"مبطوحة" أي: مُلقَى فيها البطحاء، وهي الحصى الصِّغار.

"ببطحاء" البطحاء: هي الحصى الصغار

و"العرصة": هي كل موضع واسع لا بناء فيه، جمعها: عَرَصات.

وبطحاء العرصة: أي: رمل العرصة.

(2)

إسناده صحيح، ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - وأبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرس - صرّحا بالتحديث عند أحمد ومسلم وغيرهما فانتفت شبهة تدليسهما، وأبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، شيخ المصنف، وإن كان أقل رتبةً من رتبة الصحيح، متابع. =

ص: 280

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وقد خرَّج بإسناده غيرَ الكتابة، فإنها لفظة صحيحة غريبة.

وكذلك رواه أبو معاوية عن ابن جُرَيج:

1386 -

حدَّثَناه أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا محمد بن عبد الرحمن السَّامي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا أبو معاوية، عن ابن جُرَيج، عن أبي الزُّبير، عن جابرٍ قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تَجصِيص القبور، والكتابِ فيها، والبناءِ عليها، والجلوسِ عليها

(1)

.

= وأخرجه تامًّا ومقطعًا مسلم (970)(94)، وأبو داود (3226)، والنسائي (2165)، وابن حبان (3163) من طرق عن حفص بن غياث، بهذا الإسناد. وقرن في روايتي أبي داود والنسائي بأبي الزبير: سليمانَ بن موسى، لكن رواية سليمان بن موسى عن جابر منقطعة، فهو لم يسمع منه. ومن طريق سليمان بن موسى أخرجه ابن ماجه (1563) عن عبد الله بن سعيد، عن حفص بن غياث، عن ابن جريج، عنه، عن جابر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب على القبر شيء. لم يذكر فيه أبا الزبير مقرونًا بسليمان.

وأخرجه أحمد 22/ (14148) و 23/ (14647)، ومسلم (970)(94)، وأبو داود (3225)، والترمذي (1052)، وابن حبان (3165) من طرق عن ابن جريج، عن أبي الزبير، به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح

وقد رخص بعض أهل العلم منهم الحسن البصري في تطيين القبور، وقال الشافعي: لا بأس أن يطين القبر. قلنا: وبعضهم لم يذكر فيه الكتابة، منهم مسلم كما سيشير المصنف.

وأخرج أحمد 22/ (14565)، ومسلم (970)(95)، وابن ماجه (1562)، والنسائي (2167)، وابن حبان (3162) من طريق أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن أبي الزبير، عن جابر قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقصيص القبور. وقال بعضهم: تجصيص القبور، وكلاهما بمعنى.

وأخرج أحمد 22/ (15289) من طريق نصر بن راشد، عمن حدثه عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجصص القبور، أو يبنى عليها.

ولكل فقرة من الحديث شواهد، ذكرناها في تعليقنا على "المسند"(14148).

وانظر ما بعده.

(1)

إسناده صحيح كسابقه. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. =

ص: 281

هذه الأسانيد صحيحةٌ وليس العملُ عليها، فإنَّ أئمّة المسلمين من الشرق إلى الغرب مكتوبٌ على قبورهم، وهو عملٌ أَخذ به الخَلَفُ عن السَّلف

(1)

.

1387 -

أخبرنا عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا بن أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا وكيع، عن الصَّلْت بن بَهْرام، عن الحارث بن وَهْب، عن الصُّنَابحيِّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال أُمتي - أو هذه الأمة - في مُسْكةٍ من دِينِها ما لم يَكِلُوا الجنائزَ إلى أهلها"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد إن كان الصُّنابِحي هذا عبدَ الله، فإن كان عبدَ الرحمن بن عُسَيلة الصُّنابِحي

(3)

فإنه يُختَلف في سماعه من النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يُخرجاه

(4)

.

= وأخرجه ابن حبان (3164) من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.

(1)

تعقبه الذهبي في "التلخيص" بقوله: ما قلتَ طائلًا، ولا نعلم صحابيًا فعل ذلك، وإنما هو شيء أحدثه بعض التابعين فمن بعدهم، ولم يبلغهم النهي.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة الحارث بن وهب، فقد تفرد بالرواية عنه الصلت بن بهرام، ولم يؤثر توثيقه عن أحد. والصُّنابحي - وهو أبو عبد الله عبد الرحمن بن عُسَيلة - ليس له صحبة على الراجح، فقد قدم المدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أيام، كما بسطنا القول في ترجمته أولَ مسنده في تعليقنا على "مسند الإمام أحمد" 31/ 409 - 411، فلينظر لزامًا.

وأخرجه بأطول مما هنا أحمد 31/ (19067) عن عبد الله بن نمير، عن الصلت بن بهرام - وتحرف في نسخ المسند إلى: الصلت بن العوام - بهذا الإسناد، عن الصنابحي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن تزال أمتي في مُسْكة ما لم يعملوا بثلاث: ما لم يؤخروا المغرب بانتظار الإظلام مضاهاة اليهود، وما لم يؤخروا الفجر إمحاق النجوم مضاهاة النصرانية، وما لم يكلوا الجنائز إلى أهلها".

قوله: "مُسْكة" بضم فسكون، أي: قوة وثبات على الدين.

"ما لم يكلوا" بالتخفيف، أي: ما لم يتركوا إعانة أهل الجنازة. قاله السندي في حاشيته على "المسند".

(3)

تحرف في النسخ الخطية إلى: الصحابي.

(4)

هكذا جعل المصنِّف عبد الله الصنابحي رجلًا آخر صحابيًا، والصواب أنهما واحد، وأن كنيته أبو عبد الله، واسمه: عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، وهو تابعي، وروايته مرسلة كما =

ص: 282

1388 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا يحيى بن مَعِين، حدثنا هشام بن يوسف الصَّنْعاني، حدثنا عبد الله بن بَحِير، عن هانئ مولى عثمان قال: سمعتُ عثمان بنَ عفان يقول: مرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بجنازةٍ عند قبرٍ وصاحبُه يُدفَن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"استغفِروا لأخيكم وسَلُو الله له التثبيتَ، فإنه الآنَ يُسأَل"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1389 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا هشام بن يوسف الصَّنعاني، حدثنا عبد الله بن بَحِير قال: سمعتُ هانئًا مولى عثمان بن عفان يقول: كان عثمان بن عفان إذا وَقَفَ على قبرٍ بَكَى حتى يَبُلَّ لحيتَه، فيقال له: قد تَذكُرُ الجنةَ والنارَ فلا تبكي، وتبكي من

= ذكرنا قبل قليل، أما الصحابي: فهو الصنابح بن الأعسر، الذي يروي عنه قيس بن أبي حازم، قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 3/ 447 في ترجمة الصنابح بن الأعسر في التفريق بينهما: فحيث جاءت الرواية عن قيس بن أبي حازم عنه فهو ابن الأعسر وهو الصحابي، وحديثه موصول، وحيث جاءت الرواية عن غير قيس عنه فهو الصنابحي وهو التابعي، وحديثه مرسل. انتهى، وقد بسطنا الكلام في تحقيق هذه المسألة في تعليقنا على "المسند".

(1)

إسناده حسن من أجل هانئ مولى عثمان وعبد الله بن بحير، وقول الذهبي في "التلخيص": ابن بحير ليس بالعمدة ومنهم من يقويه، وهانئ روى عنه جماعة ولا ذكر له في الكتب الستة؛ متعقَّب بكون ابن بحير هذا روى عنه جماعة، وأثنى عليه هشام بن يوسف فقال: كان يتقن ما سمع، ونص على توثيقه ابن حبان في "المجروحين" 2/ 25، وذكره أيضًا في "الثقات"، وهو غير أبي وائل القاص الصنعاني على الصحيح، وإن كان المزي جعلهما في "تهذيبه" واحدًا، وأبو وائل هذا لا يعرف اسمه، وقد فرق بينهما البخاري وابن أبي حاتم، وهذا لم يرو سوى حديث مرفوع في الغضب من الشيطان، وروى أيضًا موقوفات، وأما قوله في هانئ فذهول منه، فقد أخرج له أصحاب "السنن" غير النسائي.

وأخرجه أبو داود (3221) عن إبراهيم بن موسى الرازي، عن هشام بن يوسف، بهذا الإسناد.

وقال أبو داود بإثره: بَحيرٌ: ابن رَيْسان.

ص: 283

هذا؟ فيقول: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ القبرَ أولُ منازل الآخرة، فإن نَجَا منه فما بعدَه أيسَرُ منه، وإن لم يَنْجُ منه فما بعدَه أشدُّ منه"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما رأيتُ منظرًا إلّا والقبرُ أفظَعُ منه"

(1)

.

1390 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العدل، حدثنا العباس بن الفَضْل الأسفاطي، حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيس، حدثني أبي، حدثنا المفضَّل بن محمد الضَّبِّي، عن عمر بن يَعلَى بن مُرَّة، عن أبيه، قال: سافرتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم غيرَ مرَّةٍ، فما رأيتُه مَرَّ بجيفةِ إنسانٍ إِلَّا أَمَرَ بدَفنِه، لا يَسألُ أمسلمٌ هو أم كافرٌ

(2)

.

(1)

إسناده حسن كسابقه.

وأخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(1318) و (1326)، والبغوي في "شرح السنة"(1523) من طريقين عن إبراهيم بن موسى، بهذا الإسناد.

وسيأتي عند المصنف برقم (8141) من طريق يحيى بن معين عن هشام بن يوسف.

(2)

إسناده ضعيف بمَرَّة، عمر بن يعلى بن مرة - وهو عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة - مجمع على ضعفه كما قال الذهبي في "التلخيص"، وكذلك أبوه ضعفه غير واحد كما في "ميزان الاعتدال"، وقال البخاري: فيه نظر، والمفضل بن محمد الضبي - وهو الكوفي، كما صرَّح به في "سنن الدارقطني" - ذكره الذهبي في "الميزان" ونقل قول الخطيب فيه: كان أخباريًا علامة موثقًا، وقول أبي حاتم الرازي: متروك القراءة والحديث، وقول أبي حاتم السجستاني: هو ثقة في الأشعار غير ثقة في الحروف. وإسماعيل بن أبي أويس وأبوه فيهما مقال، ثم إنَّ إسناد الحاكم هنا منقطع، فعبد الله بن يعلى بن مرة والد عمر، تابعيٌّ لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يرويه عن أبيه يعلى بن مرة، فقد جاء موصولًا من وجه آخر عن إسماعيل بن أبي أويس كما سيأتي في التخريج، والله أعلم.

وأخرجه البيهقي 3/ 386 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (4203)، ومن طريقه البيهقي 3/ 386 من طريق عبد الله بن شبيب، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن أبيه، عن المفضل، عن عمر بن عبد الله بن يعلى، عن أبيه قال: سمعت يعلى بن مرة

فذكره موصولًا.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1568) عن يعقوب بن حميد، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن المفضل، عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة قال: سمعت يعلى بن مرة

=

ص: 284

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1391 -

أخبرنا أبو أحمد حمزة بن العباس بن الفَضْل بن الحارث العَقَبي ببغداد، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا أبو داود سليمان بن داود الطيالسي، حدثنا عمران بن داوَرَ

(1)

القَطَّان، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكلِّ إنسانٍ ثلاثةُ أخِلّاء: أما خليلٌ فيقول: ما أنفقتَ فلَكَ، وما أمسكْتَ فليس لك، وذاك مالُه، وأما خليلٌ فيقول: أنا معكَ فإذا أتيتَ باب المَلِكِ تركتُكَ ورجعتُ، فذاك أهلُه وحَشَمُه، وأما خليلٌ فيقول: أنا معكَ حيثُ دخلتَ وحيث خرجتَ، فذاك عملُه، فيقول: إن كنتَ لَأَهونَ الثلاثةِ عليَّ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه هكذا بتمامه، لانحرافهما عن عمران القطان، وليس بالمجروح الذي يُترَك حديثُه، وقد اتفقا على حديث سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، عن أنس: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ماتَ الميتُ تَبِعَه ثلاثة"

(3)

.

1392 -

أخبرني أبو جعفر أحمد بن عُبيد بن إبراهيم الحافظ بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا أبو سَلَمة التَّبوذَكي موسى بنُ إسماعيل، حدثنا حمّاد

= فذكره. وفي هذا الإسناد علتان إضافيتان، وهما: عدم ذكر والد إسماعيل بن أبي أويس، فلا ندري هل سقط من المطبوع أم أنَّ الرواية هكذا؟ والعلة الأخرى: فيه رواية عمر بن عبد الله عن جده يعلى بن مرة، ولم يسمع منه فيما قال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه (988). وما نظن محقق "الآحاد والمثاني" حفظه الله إلّا وقد وهم عندما أقحم عبارة (عن أبيه) بين عمر بن عبد الله وبين يعلى، مع أنها ليست في أصل الكتاب، والله أعلم.

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: داود.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عمران بن داور القطان.

وأخرجه ابن حبان (3108) من طريق زيد بن أخزم، عن أبي داود الطيالسي، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (252).

(3)

أخرجه البخاري (6514)، ومسلم (2960).

ص: 285

ابن سَلَمة، عن سِمَاك بن حَرْب، عن النُّعمان بن بَشِير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الرَّجُل ومَثَلُ الموت كمَثَل رجلٍ له ثلاثةُ خِلّان، فقال أحدُهم: هذا مالي فخُذْ منه ما شئتَ، وقال الآخر: أنا معَكَ حياتَك فإذا مِتَّ تركتُكَ، وقال الآخر: أنا معَكَ أدخُلُ وأخرُجُ معك إن مِتَّ وإن حَيِيتَ، فأما الذي قال: خُذْ منه ما شئتَ ودَعْ ما شئتَ، فإنه مالُه، وأما الآخَر عَشِيرتُه، وأما الآخَر فهو عملُه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1393 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، حدثنا جعفر بن خالد بن سارةَ المخزومي، أخبرني أبي - وكان صديقًا لعبد الله بن جعفر - أنه سَمِعَ عبد الله بن جعفر قال: لما نُعيَ جعفرٌ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اصنَعوا لآلِ جعفرٍ طعامًا، فقد أتاهم أمرٌ يَشغَلُهم"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وجعفر بن خالد بن سارةَ من أكابر مشايخ قريش، وهو كما قال شعبة: اكتُبوا عن الأشراف فإنهم لا يَكذِبون، وقد رَوَى غيرَ هذا الحديث مفسَّرًا:

1394 -

أخبرَناه أبو الحسين محمد بن أحمد بن تَمِيم الحَنْظَلي ببغداد، حدثنا

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سماك بن حرب. إبراهيم بن الحسين: هو ابن ديزيل، وهو ثقة حافظ، لكن خالفه أبو داود السجستاني، فرواه في "الزهد"(397) عن أبي سلمة التبوذكي، بهذا الإسناد، فوقفه.

وانظر ما سلف برقم (253).

(2)

إسناده حسن من أجل خالد بن سارة المخزومي، فقد روى عنه ابنه جعفر وعطاء بن أبي رباح، وهما ثقتان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وحسّن له الترمذي حديثه هذا، وقال الذهبي في "الميزان" في ترجمته: يكفيه أنه روى عنه أيضًا عطاء. الحميدي: هو عبد الله بن الزبير، وسفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه أحمد 3/ (1751)، وأبو داود (3132)، وابن ماجه (1610)، والترمذي (998) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.

ص: 286

عبد الملك بن محمد الرَّقاشي، حدثنا أبو عاصم، أخبرني جعفر بن خالد بن سارة - وقد حدثنا ابنُ جُرَيج عنه - قال: حدثني أبي، أنَّ عبد الله بن جعفر قال: لو رأَيتَني وقُتَمَ وعُبيدَ الله بن العباس نلعبُ، إذ مَرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على دابةٍ فقال:"احمِلوا هذا إليَّ" فجَعَلَني أمامه، ثم قال لقُثَمَ:"احملوا هذا إليَّ" فَجَعَلَه وراءَه، ما استَحيَى من عمِّه العباس أن حَمَلَ قُثَمَ وتركَ عُبيدَ الله، ثم مَسَحَ برأسي ثلاثًا، فلما مَسَحَ قال:"اللهمَّ اخلُفْ جعفرًا في ولدِه" قلت لعبد الله بن جعفر: ما فَعَلَ قُثَمُ؟ قال: استُشهِد، قلتُ لعبد الله: الله ورسولُه كان أعلمَ بخِيَرِه، قال: أَجل

(1)

.

1395 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ العدل، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، أنَّ رَوْح بن عُبادةَ حدثهم، أخبرنا ابن جُريج، أخبرني جعفر بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفرٍ، قال: مَسَح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدِه على رأسي - قال: أظنُّه قال: ثلاثًا - كلما مَسَحَ قال: "اللهمَّ اخلُفْ جعفرًا في ولدِه"

(2)

.

قد أتى جعفر بنُ خالد بسُنَّتين عزيزتين، إحداهما: مَسْحُ رأس اليتيم، والأخرى: تفقُّد أهل المُصيبة بما يَتقوَّتون ليلتَهم، وفَّقنا الله لاستعمالِه عنه.

1396 -

أخبرنا أبو سَهْل أحمد بن محمد بن عبد الله النَّحْوي، حدثنا أبو قِلَابة، حدثنا أبو عاصم، حدثنا الأسْوَد بن شَيْبان، حدثنا خالد بن سُمَير، حدثني بشير بن نَهِيك، حدثني بَشيرُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وكان اسمُه في الجاهلية زَحْم بن مَعبَد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما اسمُك؟ " قال: زَحْم بن مَعبَد فقال: "أنت بَشِير" فكان اسمَه -

(1)

إسناده حسن من أجل خالد بن سارة المخزومي. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.

وأخرجه النسائي (10838) و (10845) من طريقين عن أبي عاصم، عن ابن جريج، عن جعفر بن خالد، بهذا الإسناد. وسيأتي بعده مختصرًا، وبرقم (6553).

(2)

إسناده حسن كسابقه.

وأخرجه أحمد 3/ (1760) عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد. بلفظ الحديث السابق.

ص: 287

قال: بينا أنا أُماشي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا ابنَ الخَصاصِيَة، ما أصبحتَ تَنقِمُ على الله؟ تُماشي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم"، فقلت: ما أَنقِمُ على الله شيئًا، كلَّ خيرٍ فَعَلَ بيَ

(1)

الله، فأَتى على قُبورٍ من المشركين فقال:"لقد سُبِق هؤلاءِ بخيرٍ كثير" ثلاث مرارٍ، ثم أَتى على قُبورِ المسلمين فقال:"لقد أدركَ هؤلاءِ خيرًا كثيرًا" ثلاث مراتٍ، فبينما هو يمشي إذ حانت منه نظرةٌ، فإذا هو برجلٍ يمشي بين القبور عليه نَعلانِ، فقال:"يا صاحبَ السِّبْتِيَّتينِ، وَيحَكَ أَلْقِ سِبْتِيَّتَيكَ"، فنظر فلما عَرَفَ الرجلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، خَلَعَ نَعلَيه فرمى بهما

(2)

.

1397 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن قُتَيبة، حدثنا

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: نبي. والتصويب من "سنن البيهقي" 4/ 80 حيث رواه عن المصنف.

(2)

إسناده صحيح. أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد الرَّقاشي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل.

وأخرجه أحمد 34/ (20787) و (20788)، وأبو داود (3230)، وابن حبان (3170) من طرق عن الأسود بن شيبان، بهذا الإسناد.

وانظر ما بعده.

قوله: "السبتيتين" بكسر السين: قال ابن الأثير في "النهاية": السِّبْت: جلود البقر المدبوغة بالقَرَظ يتخذ منها النعال، سُميت بذلك لأنَّ شعرها قد سُبت عنها، أي: حُلِقَ وأُزيل، وقيل: لأنها انسبتت بالدباغ، أي: لانت.

وفي سبب أمرِه صلى الله عليه وسلم بخلع سبتيته يقول ابن حبان بإثر حديثه: يشبه أن تكون تلك من جلد ميتة لم تُدبغ، فكره صلى الله عليه وسلم لبس جلد الميتة، وفي قوله صلى الله عليه وسلم:"إنه ليَسمع خفق نعالهم إذا ولَّوا عنه" دليلٌ على إباحة دخول المقابر بالنعال.

وقال الخطابي: يشبه أن يكون إنما كره ذلك لما فيها من الخُيَلاء، وذلك أنَّ نعال السِّبت من لباس أهل الترفُّه والتنعُّم

فأحب صلى الله عليه وسلم أن يكون دخوله المقابر على زي التواضع ولباس أهل الخشوع.

وقال ابن الأثير في "النهاية": وإنما أمره بالخلع احترامًا للمقابر، لأنه كان يمشي بينها، وقيل: لأنها كان بها قذر، أو لاختياله في مشيه.

ص: 288

يحيى بن يحيى، أخبرنا وَكِيع، عن الأَسْوَد بن شَيْبان، عن خالد بن سُمَير، عن بَشِيرِ بن نَهِيك، عن بَشيرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يَمشِي في نَعلَين بين القُبور فقال: "يا صاحب السِّبْتِيَّتينِ أَلْقِهِما"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه؛ في النوع الذي لا يَشتهِرُ الصحابيُّ إلّا بتابعيَّين

(2)

.

1398 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا نافع بن يزيد، أخبرني رَبيعةُ بن سَيف، حدثني أبو عبد الرحمن الحُبُليّ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قَبَرْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا، فلما رَجَعنا وحاذَينا بابَه إذا هو بامرأةٍ لا نَظنُّه عَرَفَها، فقال:"يا فاطمةُ، من أين جِئْتِ؟ " قالت: جئتُ من أهل الميِّت، رَحَّمتُ إليهم ميِّتَهم وعزَّيتُهم، قال:"فلعلَّكِ بَلَغْتِ معهم الكُدَى؟ " قالت: مَعاذَ الله أن أبلُغَ معهم الكُدَى، وقد سمعتُك تَذكرُ فيه ما تَذكُر، قال:"لو بَلَغْتِ معهم الكُدَى ما رأيتِ الجنةَ حتى يَرَى جَدُّ أبيكِ". والكُدَى: المقابر

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. يحيى بن يحيى: هو ابن بكر النيسابوري.

وأخرجه أحمد 34/ (20784) و 36/ (21953)، وابن ماجه (1568)، والنسائي (2186) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

(2)

تقدم تعقيبنا على كلامه هذا عند الحديث رقم (97).

(3)

إسناده ضعيف، ربيعة بن سيف - وهو ابن ماتع المعافري - قال البخاري وابن يونس: عنده مناكير، وقال البخاري أيضًا في "الأوسط": روى أحاديث لا يتابع عليها. وضعفه الأزدي عندما روى له هذا الحديث فيما ذكره الذهبي في "الميزان"، وضعفه النسائي في "المجتبى"(1880)، وفي قول آخر له: لا بأس به، وقال الدارقطني: صالح، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان يخطئ كثيرًا، وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 617 - 618: هو عندي حسن لا ضعيف، وتعقبه الذهبي في "الرد على ابن القطان" ص 62: ما أشبه أن يكون حديثه موضوعًا؛ يعني حديثه هذا. أبو عبد الرحمن الحبلي: هو عبد الله بن يزيد المعافري. =

ص: 289

رواه حَيْوَةُ بن شُرَيح الحَضْرمي عن ربيعةَ بن سيف:

1399 -

أخبرَناه بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيْرفي، حدثنا عبد الصمد بن الفَضْل البَلْخي، حدثنا عبد الله بن يزيد المُقرئ، حدثنا حَيْوَةُ، أخبرني رَبيعةُ بن سَيفٍ المَعافِري، عن أبي عبد الرحمن الحُبُليّ، عن عبد الله بن عمرو: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصَرَ امرأةً منصرِفةً من جنازةٍ، فسألها:"من أينَ جِئتِ؟ " فقالت: من تَعزيةِ أهل هذا الميِّت، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"واللهِ لو بَلَغتِ معهم الكُدَى ما رأيتِ الجنةَ حتى يراها جَدُّ أبيكِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1400 -

أخبرني أبو بكر أحمد بن كامل بن خَلَف القاضي، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو الوليد ومسلم بن إبراهيم، قالا: حدثنا شُعبة.

وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد

(2)

بن بالَوَيه، حدثنا أبو المُثنَّى العَنْبري، حدثنا يحيى بن مَعِين، حدثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر، قالا: حدثنا شعبة، عن

= وأخرجه أبو داود (3123)، وابن حبان (3177) من طريق المفضل بن فضالة، عن ربيعة بن سيف، بهذا الإسناد. ووقع في رواية أبي داود: قال: أظنه عرفها، وفي سائر مصادر التخريج: لا نظنه عرفها، أو نحوها بالنفي. ولم يذكر أبو داود أيضًا قوله:"ما رأيتِ الجنة حتى يرى جد أبيك" وإنما قال: فذكر تشديدًا في ذلك.

وانظر ما بعده.

قوله بإثره: والكدى: المقابر، هذا قول ربيعة، كما جاء مصرحًا به عند أبي داود وابن حبان.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه النسائي (2019) من طريق عبيد الله بن فضالة، عن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 11/ (6574). وأخرجه النسائي (2019) عن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، كلاهما (أحمد ومحمد) عن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب، عن ربيعة بن سيف، به.

(2)

انقلب هذا الاسم في النسخ الخطية إلى: أحمد بن محمد، وهو خطأ، وقد جاء على الصواب في عشرات المواضع من "المستدرك".

ص: 290

محمد بن جُحَادة، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: لَعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زائراتِ القُبور والمتَّخِذِين عليها المساجدَ والسُّرُج

(1)

.

قال الحاكم: أبو صالح هذا ليس بالسَّمَّان المحتجِّ به، إنما هو باذانُ، ولم يَحتجَّ به الشيخان، لكنه حديثٌ متداوَلٌ فيما بين الأئمة، ووجدتُ له متابعًا من حديث سفيان الثوري في متن الحديث فخرَّجته:

1401 -

حدَّثَناه أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه إملاءً، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن عبد الرحمن بن بَهْمان، عن عبد الرحمن بن حسَّان بن ثابت، عن أبيه قال: لَعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زوَّاراتِ القُبور

(2)

.

وهذه الأحاديث المرويَّة في النهي عن زيارة القبور منسوخة، والناسخُ لها حديثُ علقمة بن مَرثَد، عن سليمان بن بُرَيدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "قد كنتُ

(1)

حسن لغيره دون ذكر السُّرُج، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي صالح: واسمه باذان، كما قال المصنِّف، وهو مولى أم هانئ، خلافًا لما قال ابن حبان. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، ومسلم بن إبراهيم: هو الأزدي الفراهيدي، أبو المثنى العنبري: هو معاذ بن المثنى، ويحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه أحمد 3/ (2030) عن يحيى بن سعيد القطان وحده، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/ (2603) و 5/ (3118) عن محمد بن جعفر وحده، به.

وأخرجه أحمد 5/ (2984) و (3118)، وأبو داود (3236) من طرق عن شعبة بن الحجاج، به.

وأخرجه ابن ماجه (1575)، والترمذي (320)، والنسائي (2181)، وابن حبان (3179) و (3180) من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن محمد بن جحادة، به. وقال الترمذي: حديث حسن.

ويشهد له حديث حسان بن ثابت الآتي بعده، وانظر تتمة شواهده في تعليقنا على "سنن أبي داود". ولفقه الحديث انظر لزامًا تعليقنا على الحديث (2603) من "المسند".

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال عبد الرحمن بن بهمان. أبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي.

وأخرجه أحمد 24/ (15657)، وابن ماجه (1474) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

ص: 291

قد نهيتُكم عن زيارة القُبور، ألا فزُورُوها، فقد أَذِنَ الله تعالى لنبيِّهِ صلى الله عليه وسلم في زيارة قبرِ أُمِّه".

وهذا الحديث مخرَّج في الكتابين الصحيحين للشيخين رضي الله عنهما

(1)

.

1402 -

وقد حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان.

وحدثنا أبو العباس، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم؛ قالا: أخبرنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني أسامة بن زيد، أنَّ محمد بن يحيى بن حَبّان الأنصاري أخبره، أنَّ واسعَ بنَ حَبَّان حدّثه، أنَّ أبا سعيدٍ الخُدْري حدثه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"نَهيتُكم عن زيارة القُبور فزُوروها، فإنَّ فيها عِبرةً، ونهيتُكم عن النَّبيذ، ألا فانْبِذُوا، ولا أُحِلُّ مُسكِرًا، ونهيتُكم عن لحوم الأضاحيِّ، فكُلُوا وادَّخِروا"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1403 -

وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن

(1)

لم يخرجه البخاري، وإنما أخرجه مسلم فقط برقم (977) و (1975)(37).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أسامة بن زيد: وهو اللَّيثي.

وأخرجه أحمد 17/ (11329) من طريق عبد الله بن المبارك، عن أسامة بن زيد الليثي، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 18/ (11606) و (11627) من طريق عمرو بن ثابت، عن أبي سعيد الخدري.

وأخرج قصة الأضاحيّ أحمد 17/ (11176)، والنسائي (4502)، وابن حبان (5926) من طريق زينب بنت كعب بن عجرة، عن أبي سعيد الخدري.

وأخرجها أيضًا أحمد 18/ (11543) من طريق أيوب السختياني، والنسائي (4508) من طريق عبد الله بن عون، كلاهما عن محمد بن سيرين، عن أبي سعيد. ويغلب على ظننا أن ابن سيرين لم يسمع أبا سعيد الخدري.

فقد رواه يزيد بن إبراهيم التستري - وهو ثقة - عن محمد بن سيرين، عن أبي العلانية، عن أبي سعيد. أخرجه أحمد 45/ (27157). وأبو العلانية وثقه أبو داود والبزار.

وانظر ما سيأتي برقم (7759) و (7760).

ص: 292

عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني ابن جُرَيج، عن أيوب بن هانئ، عن مسروق بن الأجْدَع، عن عبد الله بن مسعود، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنِّي كنتُ نهيتُكم عن زيارة القُبور، وأكلِ لُحومِ الأضاحيِّ فوقَ ثلاثٍ، وعن نَبيذِ الأوعية، ألا فزُورُوا القُبور فإنها تُزهِّد في الدنيا وتُذكِّر الآخرة، وكلوا لحومَ الأضاحيِّ وأَبقُوا ما شِئتُم، فإنما نهيتُكم عنه إذِ الخيرُ قليلٌ، تَوسِعةً على الناس، ألا إنَّ وعاءً لا يُحرِّم شيئًا، فإِنَّ كلَّ مُسكِرٍ حرامٌ"

(1)

.

1404 -

حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عمرو البزّاز ببغداد، حدثنا محمد بن شاذانَ الجَوهَريُّ، حدثنا زكريا بن عَدِيٍّ، حدثنا سَلَّام بن سُلَيم، عن يحيى الجابر، عن عمرو بن عامر، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نَهيتُكم عن زيارة القُبور فزُورُوها، فإنها تُذكِّركم الموتَ"

(2)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - مدلس وقد عنعن، وأيوب بن هانئ ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: شيخ صالح، وقال الدارقطني: يعتبر به، وذكره ابن حبان في "الثقات". ابن وهب: هو عبد الله.

وأخرجه مقطعًا ابن ماجه (1571) و (3388) عن يونس بن عبد الأعلى، وابن حبان (981) من طريق أحمد بن عيسى المصري، كلاهما عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وزاد في رواية أحمد ابن عيسى قصة زيارة النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه. وهي الآتية عند المصنف (3331) من طريق بحر بن نصر عن ابن وهب.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يحيى الجابر: وهو يحيى بن عبد الله بن الحارث الجابر، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه". زكريا بن عدي: هو التيمي مولاهم، وسلّام بن سُليم: يكنى أبا الأحوص.

وأخرجه مطولًا أحمد 21/ (13615) عن عفان بن مسلم، عن أبي الأحوص، بهذا الإسناد.

وأخرجه مطولًا كذلك أحمد (13487) من طريق ابن إسحاق، عن يحيى الجابر، به. وقرن بعمرو بن عامر عبدَ الوارث مولى أنس بن مالك، وعبد الوارث هذا قال أبو زرعة: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في "الثقات".

وسيأتي برقم (1409) و (1410). =

ص: 293

1405 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدُّنيا، حدثنا أحمد بن عِمْران الأخْنَسي، حدثنا يحيى بن يَمَان، عن سفيان، عن علقمة بن مَرْثَد، عن سليمان بن بُرَيدة، عن أبيه قال: زار النبيُّ صلى الله عليه وسلم قبرَ أُمِّه في ألفِ مُقنَّعٍ، فلم يُرَ باكيًا أكثرَ من يومِئذٍ

(1)

.

= وانظر تمام شواهده في "المسند".

(1)

إسناده ضعيف بهذا اللفظ، تفرد به يحيى بن يمان - وهو العجلي - عن سفيان - وهو الثوري -، وهو ممن لا يحتمل تفرده، ضعفه أحمد بن حنبل، وقال: ليس بحجة، حدّث عن الثوري بعجائب، وقال يحيى بن معين: ليس بثبت، وقال مرة: أرجو أن يكون صدوقًا، وقال مرة: ليس به بأس، وقال وكيع: ما كان أحد من أصحابنا أحفظ للحديث منه، كان يحفظ في المجلس خمس مئة حديث ثم نسي، وقال وكيع مرة: هذه الأحاديث التي يحدث بها يحيى بن يمان ليست من أحاديث الثوري، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ، وهو في نفسه لا يتعمد الكذب، إلّا أنه يخطئ ويشتبه عليه. انتهى، والراوي عنه وهو أحمد بن عمران الأخنسي ضعيف، قال البخاري - كما في "ميزان الاعتدال" -: يتكلمون فيه، وقال أبو زرعة: كوفي تركوه، وتركه أبو حاتم. قلنا: لكنه قد توبع، تابعه حميد بن الربيع عند ابن عبد البر في "التمهيد" وأبي طاهر المخلص في "المخلصيات"، وأبو سعيد الجعفي عند المصنِّف (4237) والبيهقي في "الشعب"، والقاسم بن أبي شيبة وسليمان الشاذكوني عند ابن عدي في "الكامل"، وكلهم ضعفاء.

لكن صحَّ الحديث بغير هذا اللفظ، فقد أخرج الترمذي (1054) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل - وهو ثقة حجّة - عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد عن بريدة مرفوعًا:"قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه، فزوروها فإنها تذكر الآخرة"، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرج أحمد 38/ (23016) عن مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان الثوري، به، بنحو الحديث الآتي برقم (1407)، وقال فيه:"قد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه".

وأخرجه كذلك ابن حبان (3168) من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن علقمة بن مرثد، به.

وأخرجه كذلك أحمد 38/ (23017) من طريق القاسم بن عبد الرحمن، و (23038) من طريق أبي جناب يحيى بن أبي حية الكلبي، كلاهما عن سليمان بن بريدة عن أبيه رفعه. لفظ القاسم:"إني أتيت قبر أم محمد فسألت ربي الشفاعة فمنعنيها"، ولفظ يحيى: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة الفتح، فخرج يمشي إلى القبور حتى إذا أتى أدناها جلس إليه كأنه يكلم إنسانًا جالسًا =

ص: 294

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1406 -

حدثنا أبو عبد الله محمدُ بنُ يعقوب الحافظ وأبو الفَضْل الحسن بن عقوب العَدْل، قالا: حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفَرَّاء، أخبرنا يعلى بن عُبَيد، حدثنا أبو مُنَيْن يَزيدُ بن كَيْسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرةَ، قال: زارَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قبر أُمِّه فبكى وأَبكَى مَن حولَه، ثم قال:"استأذنتُ ربِّي أن أَزورَ قبرَها فأذِنَ لي، واستأذنتُه أن أستغفِرَ لها فلم يُؤذَن لي، فزُورُوا القبورَ فإنها تُذكِّر الموت"

(1)

.

وهذا الحديث صحيحٌ على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1407 -

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا أبو شُعيب عبد الله بن الحسن الحَرَّاني، حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيلي، حدثنا زهير، حدثنا زُبَيد، عن مُحارِب بن دِثَار، عن ابن بُريدةَ، عن أبيه قال: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبًا من ألفِ راكبٍ، فنزل بنا فصلَّى بنا ركعتين، ثم أقبَلَ علينا بوَجهِه وعيناه تَذْرِفان، فقام إليه عمر ففدَّاه بالأم والأب يقول: ما لك يا رسول الله؟ قال: "إنِّي استأذنتُ ربِّي عز وجل في الاستغفار لأُمِّي، فلم يأذَنْ لي، فدَمَعَ عينايَ رحمةً لها، واستأذنتُ ربِّي في زيارتها فأَذِنَ لي، وإنِّي كنتُ قد نَهيتُكم عن زيارةِ القبور فزُورُوها،

= يبكي، قال: فاستقبله عمر بن الخطاب فقال: ما يبكيك جعلني الله فداءك؟ قال: "سألت ربي أن يأذن لي في زيارة قبر أم محمد فأذن لي، فسألته أن يأذن لي فأستغفر لها فأبى". وأبو جناب الكلبي ضعيف.

وسيتكرر الحديث من وجه آخر عن يحيى بن يمان برقم (4237).

(1)

إسناده قوي من أجل يزيد بن كيسان. يعلى بن عبيد: هو الطنافسي، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي.

وأخرجه ابن حبان (3169) من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن يعلى بن عبيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه تامًّا ومختصرًا أحمد 15/ (9688)، ومسلم (976)(108)، وأبو داود (3234)، وابن ماجه (1569) و (1572)، والنسائي (2172) من طريق محمد بن عبيد الطنافسي، ومسلم (976)(105) من طريق مروان بن معاوية، كلاهما عن يزيد بن كيسان، به.

ص: 295

ولْيزِدْكُم زيارتُها خيرًا"

(1)

.

وهذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1408 -

حدثنا أبو بكر أحمد

(2)

بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى معاذُ بن

(1)

إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية أبو خيثمة، وزبيد: هو ابن الحارث اليامي، وابن بُريدة: هو عبد الله، صرَّح باسمه ضرار بن مرة عن محارب بن دثار، وهو صنيع المزي في "تحفة الأشراف"(2001)، وقد وهم الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة"(2225) فجعله في ترجمة سليمان بن بريدة، والله أعلم. أما أصحاب ابن بريدة فبعضهم قال: عبد الله، وبعضهم قال: سليمان، وبعضهم قال: ابن بريدة، كما سيأتي.

وأخرجه تامًّا ومختصرًا مسلم (977)(106)، والنسائي (5143)، وابن حبان (5390) من طرق عن أبي خيثمة زهير بن معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه تامًّا ومقطّعًا أحمد 38/ (22958)، ومسلم (977)(106) و (1975)(37) و (1999)(63)، والنسائي (2170) و (5142)، وابن حبان (5391) و (5400) من طريق أبي سنان ضرار بن مرة، ومسلم (1999)(65)، وأبو داود (3235) و (3698) من طريق معرِّف بن واصل، كلاهما عن محارب بن دثار، به. وقال ضرار بن مرة في حديثه: عبد الله بن بريدة، وقال معرف: ابن بريدة.

وأخرجه دون قصة زيارة قبر أمه صلى الله عليه وسلم أحمد (23005)، ومسلم (977)(106) من طريق عطاء الخراساني، وأحمد (23015) من طريق سلمة بن كهيل، والنسائي (2171) من طريق المغيرة بن سبيع، ثلاثتهم عن عبد الله بن بريدة، به.

وأخرجه كذلك النسائي (5141) من طريق الزبير بن عدي، عن ابن بريدة، عن أبيه. ذكره هكذا ولم يصرح باسمه، لكن خرجه المزي في "التحفة" في ترجمة عبد الله بن بريدة.

وأخرجه تامًّا ومقطعًا أحمد (23016)، ومسلم بإثر (977)(106) وبإثر (1975)(37) وبرقم (1999)(64) من طريق علقمة بن مرثد، وأحمد (23052) من طريق أبي جناب يحيى بن حية الكلبي، كلاهما عن سليمان بن بريدة، عن أبيه. وقد صرَّح علقمة في بعض مواضع مسلم وكذلك أبو جناب باسم سليمان بن بريدة.

وانظر ما سلف برقم (1405).

(2)

تحرف في النسخ الخطية إلى: محمد، والتصويب من "إتحاف المهرة"(12861)، وانظر ترجمته في "السير" للذهبي 15/ 483.

ص: 296

المثنَّى، حدثنا محمد بن مِنْهالٍ الضَّرير، حدثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا بِسْطام بن مُسلِم، عن أبي التَّيَّاح يزيد بن حُمَيد، عن عبد الله بن أبي مُلَيكةَ: أنَّ عائشةَ أقبلَتْ ذات يومٍ من المقابر، فقلتُ لها: يا أُمَّ المؤمنين، من أين أقبلتِ؟ قالت: مِن قبرِ أخي عبدِ الرحمن بن أبي بكر، فقلتُ لها: أليس كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، كان نَهَى ثم أمَر بزيارتها

(1)

.

1409 -

حدثنا أبو عليٍّ الحسين بن عليٍّ الحافظ، أخبرنا عَبْدانُ الأَهوازيُّ، حدثنا بِشْر بن معاذ العَقَدي، حدثنا عامر بن يِسَاف، حدثنا إبراهيم بن طَهْمان، عن يحيى بن عبَّاد، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كنتُ نَهيتُكم عن زيارةِ القبور، ألا فزُورُوها، فإنه يُرِقُّ القلبَ، ويُدمِعُ العينَ، ويُذكِّر الآخرة، ولا تقولوا هُجْرًا"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي 4/ 78 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو يعلى (4871)، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 233 من طريق محمد بن المنهال، به.

وأخرج ابن ماجه (1570) من طريق روح بن عبادة، عن بسطام بن مسلم، به عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في زيارة القبور.

قال البيهقي بإثر روايته: تفرد به بسطام بن مسلم البصري. قلنا: لم يتفرد، بل تابعه على معناه ابنُ جريج، فرواه عن ابن أبي مليكة قال: توفي عبد الرحمن بن أبي بكر بالحُبشي على بريد من مكة، فلما حجت عائشة رضي الله عنها أتت قبره فبكت

الحديث، وسيأتي عند المصنف برقم (6126).

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عامر بن يساف - وهو عامر بن عبد الله بن يساف اليمامي، كما قرر الذهبي في "الميزان" - قال ابن عدي: منكر الحديث عن الثقات، ثم قال: ومع ضعفه يكتب حديثه، وقال أبو داود: ليس به بأس، رجل صالح، وقال العجلي: يكتب حديثه وفيه ضعف، وقال الدوري عن ابن معين: ليس بشيء، وقال البرقي عن ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم الرازي: هو صالح، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقد خالف عامر بن يساف من هو أحسن حالًا منه، وهو أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، فقد رواه =

ص: 297

1410 -

أخبرَناه أحمد بن عثمان بن يحيى المُقرئ ببغداد، حدثنا سعيد بن عثمان الأهوازي، حدثنا الرَّبيع بن يحيى، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، حدثني يحيى بن عبد الله

(1)

التَّيمي، عن عمرو بن عامر الأنصاري، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنِّي كنتُ نَهيتُكم عن زيارة القُبور، فمن شاءَ أن يَزور قبرًا فَلْيَزُرْه، فإنه يُرِقُ القلبَ، ويُدمِعُ العينَ، ويُذكِّر الآخرة"

(2)

.

1411 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا موسى بن داود الضَّبِّي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، عن يحيى بن سعيد، عن أبي مسلم الخَوْلاني، عن عُبيد بن عُمَير، عن أبي ذرٍّ قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "زُرِ القُبور تَذَكَّرْ بها الآخرة، واغسِل الموتَى، فإنَّ معالجةَ جَسَدٍ خاوٍ موعظةٌ بليغة، وصلِّ على الجنائزِ، لعلَّ ذلك أن يُحزِنَكَ، فإنَّ الحزينَ في ظلِّ الله يَتعرّضُ كلَّ خير"

(3)

.

= أبو حذيفة عن إبراهيم بن طهمان عن عمرو بن عامر وعبد الوارث مولى أنس عن أنس، أخرجه البيهقي 4/ 77، فيغلب على الظن أنَّ ذكر يحيى بن عباد في هذا السند وهم من عامر بن يساف، والله أعلم.

وانظر ما بعده.

قوله: "هُجْرًا" أي: فُحشًا وقبيحًا من القول.

(1)

في (ص) وهامش (ز): عبيد الله، وهو خطأ، والصواب ما في أصل (ز)، وهو يحيى الجابر.

(2)

صحيح لغيره، وانظر ما قبله، وما سلف برقم (1404).

(3)

إسناده ضعيف لانقطاعه، كما قال الذهبي، فإن يحيى بن سعيد لم يدرك أبا مسلم الخولاني، بينهما رجل مبهم كما سيأتي، ثم إن متنه منكر كما قال البيهقي.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(8851) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال: هذا متن منكر.

وسيأتي عند المصنف برقم (8140) من طريق أحمد بن حازم الغفاري عن موسى بن داود.

وأخرجه ابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(470) من طريق إسحاق بن بُهلول، وابن حجر في "الأمالي المطلقة" ص 113 - 114 من طريق علي بن زيد الفرائضي، عن موسى =

ص: 298

هذا حديث رواته عن آخرهم ثقات

(1)

!

1412 -

حدثنا أبو حُمَيد أحمد بن محمد بن حامد العَدْل بالطَّابَران، حدثنا تَمِيم بن محمد، حدثنا أبو مُصعَب الزُّهري، حدثني محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك، أخبرني سليمان بن داود، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه: أنَّ فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم كانت تَزورُ قبرَ عمِّها حمزةَ كلَّ جُمعةٍ، فتصلِّي وتبكي عنده

(2)

.

= ابن داود الضبي، عن يعقوب بن إبراهيم، عن يحيى بن سعيد، عن رجل، عن أبي مسلم الخولاني، عن أبي ذرٍّ. بأطول مما هنا، وذكرا في إسناده رجلًا مبهمًا بين يحيى بن سعيد وبين أبي مسلم، وأسقطا منه عبيدَ بن عمير.

قال الحافظ بإثره: هذا حديث غريب

والرجل المبهم في الإسناد ما عرفتُه، وفيه استدراك على الحاكم في استدراكه هذا الحديث، لكن وقع عنده بحذفه فخفيت عليه علّته، مع أنه أخرجه من طريقين إلى موسى بن داود، وزاد عنده بين أبي مسلم وأبي ذرٍّ عبيدَ بنَ عمير، وهذا يؤذن بأنه ما ضبط إسناده، انتهى.

(1)

فيه موسى بن داود الضبي، نقل الحافظ في "أماليه" المذكورة عن أبي حاتم قوله: في حديثه اضطراب، وعن أحمد توثيقه.

وفيه يعقوب بن إبراهيم، قال البيهقي: أظنه المدني المجهول، وقال الحافظ ابن حجر: لم أره منسوبًا، وكأنه المدني الذي ذكره ابن عدي وهو مجهول. وقال ابن الملقن: فيه يعقوب بن إبراهيم وهو واهٍ. لكن قال الذهبي في "تلخيصه": يعقوب هو القاضي أبو يوسف، حسن الحديث! وخالفهم الشيخ الألباني رحمه الله في "ضعيفته" (7138) فقال: موسى بن داود الضبي من رجال مسلم، وليس هو الذي ذكره الذهبي في "الضعفاء" وجهَّله، ويعقوب بن إبراهيم: هو الدورقي الحافظ الثقة من رجال الشيخين، ويعقوب بن إبراهيم الذي لا يعرف إنما هو آخر، وهو القاضي الزهري، متقدم على هذا، يروي عن هشام بن عروة، ويحيى بن سعيد: هو القطان، من رجال الشيخين. قلنا: ووجود الرجل المبهم بين يحيى بن سعيد وأبي مسلم يجعل يحيى في طبقة أنزل، وهذا يرجح كونه القطان، والراوي عنه هو يعقوب الدورقي، وعليه يتوجه قول الألباني، والله أعلم.

(2)

إسناده ضعيف، سليمان بن داود: هو ابن قيس الفرّاء، ذكره الذهبي في "الميزان" ونقل =

ص: 299

هذا الحديث رواتُه كلُّهم ثقات.

وقد استَقصَيتُ في الحثِّ على زيارة القُبور تحرِّيًا للمشاركة في الترغيب، ولِيعلَمَ الشَّحيحُ بدِينِه أنها سُنةٌ مسنونة. وصلى الله على محمدٍ وآله أجمعين.

1413 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدثنا الحسن بن سلَّام، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا حَرْب بن ميمون، عن النَّضْر بن أنس، عن أنسٍ، قال: كنتُ قاعدًا مع النبي صلى الله عليه وسلم فمُرَّت بجنازةٍ

(1)

فقال: "ما هذه الجنازةُ؟ " قالوا: جنازةُ فلانٍ الفُلاني، كان يحبُّ اللهَ ورسولَه، ويَعمَلُ بطاعة الله، ويَسعَى فيها، فقال:"وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ"، ومرَّت بجنازةٍ أخرى، فقال:"ما هذه الجنازةُ؟ " قالوا:

= عن الأزدي قوله: تُكلِّم فيه. وقد اختلف في هذا الإسناد على ابن أبي فديك؛ فرواه أبو مصعب الزهري هنا عنه عن سليمان بن داود عن جعفر بن محمد بإسناده إلى الحسين بن علي بن أبي طالب، وخالفه علي بن شعيب - وهو ثقة - فرواه عن ابن أبي فديك، عن سليمان بن داود، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، بالإسناد نفسه، فيما سيأتي برقم (4365).

ثم إنَّ له علةً أخرى، وهي الاختلاف في وصله وإرساله، فرواه سليمان بن داود كما هنا، أو أبوه كما ذكرنا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن أبيه عن أبيه الحسين بن علي: أنَّ فاطمة، هكذا موصولًا، وخالفه ابن عيينة فيما أخرجه عنه عبد الرزاق (6713) عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: كانت فاطمة

إلى آخره.

وأخرجه ابن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 132 من طريق سعيد بن طريف، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين: أنَّ فاطمة

لذلك أعله البيهقي بالانقطاع حينما أخرجه في "السنن الكبرى" 4/ 78 عن أبي عبد الله الحاكم، بإسناده سواء. وقال البيهقي بإثره: وقد قيل عنه، عن سليمان بن داود، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، دون ذكر علي بن الحسين عن أبيه فيه، وهو منقطع. وقال الذهبي في "التلخيص" متعقبًا الحاكم: هذا منكر جدًّا، وسليمان ضُعِّف.

(1)

كذا في (ز) و (ب) هنا، وفي الموضع الثاني ومرَّت بجنازة أخرى، وقد نصَّ البيهقي في "شعب الإيمان" على أنَّ هذه هي رواية الحاكم، ووقع في (ص) و (ع): فمُرَّ بجنازة، ومُرَّ بجنازة أخرى، ووقع عند البيهقي من غير طريق الحاكم: فمَرَّت جنازةٌ، ومَرَّت جنازة أخرى.

ص: 300

جنازةُ فلانٍ الفُلاني، كان يُبغِضُ اللهَ ورسولَه، ويَعملُ بمعصيةِ الله، ويسعى فيها، فقال:"وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ"، قالوا: يا رسولَ الله، قولك في الجنازة والثناءِ عليها، أُثنيَ على الأَوّل خيرٌ وعلى الآخَرِ شَرٌّ، فقلتَ فيها:"وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ"! فقال: "نعم يا أبا بكر، إنَّ للهِ ملائكةً تَنطِقُ على أَلسنةِ بني آدمَ بما في المرءِ من الخيرِ والشَّر"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.

1414 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل العَنْبَري

(1)

إسناده صحيح إن شاء الله، حرب بن ميمون - وهو الأكبر الأنصاري أبو الخطاب - أخرج له مسلم متابعة، ووثقه علي بن المديني وعمرو بن علي الفلاس والخطيب، وقال ابن معين: صالح، وقال الساجي: صدوق، وليّنه أبو زرعة، وباقي رجاله ثقات. يونس بن محمد: هو المؤدِّب.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(8876) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (7308)، وابن أبي شريح الأنصاري في "جزء بِيبَى"(109)، والبيهقي في "الشعب"(8876)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 7/ (2697) و (2698) من طرق عن يونس بن محمد المؤدب، به.

وللحديث أوجه أخرى عن أنس بعضها في "الصحيحين" دون قوله: "إنَّ لله ملائكة

" إلى آخره.

فقد أخرج أحمد 20/ (12938) و 21/ (13996)، والبخاري (1367)، ومسلم (949)(60)، والنسائي (2070)، وابن حبان (3023) و (3027) من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: مَرُّوا بجنازة فأثنوا عليها خيرًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"وجبت"، ثم مرُّوا بأخرى فأثنوا عليها شرًا، فقال: وجبت، فقال عمر بن الخطاب: ما وجبت؟ قال: "هذا أثنيتم عليه خيرًا فوجبت له الجنة، وهو أثنيتم عليه شرًا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض". هذا لفظ البخاري، ووقع عند مسلم وغيره:"وجبت وجبت وجبت" كررها ثلاثًا، كرواية النضر بن أنس.

وأخرجه بنحو رواية عبد العزيز: أحمد 20/ (12939) و 21/ (13572)، والبخاري (2642) ومسلم (949)، وابن ماجه (1491)، وابن حبان (3025) من طريق ثابت بن أسلم، وأحمد 20/ (12837)، والترمذي (1058) من طريق حميد الطويل، كلاهما عن أنس.

وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد 12/ (7552) و 16/ (10013)، وأبي داود (3233)، وابن ماجه (1492)، والنسائي (2071)، وابن حبان (3024).

ص: 301

وتَمِيم بن محمد، قالا: حدثنا محمد بن أَسلَم العابد، حدثنا مُؤمَّل بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمٍ يموتُ، فيَشهدُ له أربعةٌ من أهل أبياتِ جيرانِه الأَدْنَينَ: أنهم لا يَعلَمون منه إلّا خيرًا، إلا قال الله تبارك وتعالى: قد قَبِلتُ قولَكم - أو قال: شَهادتَكم - وغفرتُ له ما لا تعلمون"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده ضعيف، فالحديث بهذه السياقة غير محفوظ، تفرد به مؤمل بن إسماعيل، وهو سيئ الحفظ، وخالف الثقات من أصحاب حماد بن سلمة الذين رووه عنه بغير هذا اللفظ، كما سيأتي. ثابت: هو ابن أسلم البُناني.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(9121) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 21/ (13541)، وابن حبان (3026) من طريق عن مؤمل بن إسماعيل، به.

والمحفوظ من حديث حماد بن سلمة ما رواه عفان بن مسلم عند أحمد 21/ (13572)، وأبو الوليد الطيالسي عند عبد بن حميد (1357)، وهدبة بن خالد عند أبي يعلى (3353)، عنه، عن ثابت، عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت عليه جنازة، فأثنوا عليها خيرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وجبت"، ثم مُرَّ عليه بجنازة أخرى، فأثنوا عليها شرًّا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وجبت"، ثم قال:"أنتم شهداء الله في الأرض".

وتابع حمادَ بنَ سلمة على اللفظ المحفوظ حمادُ بنُ زيد عند أحمد 20/ (12939)، والبخاري (2642)، ومسلم (949)، وابن ماجه (1491)، وابن حبان (3025)، وجعفرُ بنُ سليمان عند مسلم (949)، ومعمرٌ عند أحمد 20/ (13039)، وسليمانُ بنُ المغيرة عنده أيضًا (13203)، فرووه عن ثابت عن أنس، بنحوه.

ولحديث مؤمل شاهد من حديث أبي هريرة من طريق شيخ من أهل البصرة عنه، عند أحمد 14/ (8989)، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن أبي هريرة.

وفي الباب عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما مسلم شهد له أربعة بخير، أدخله الله الجنة" فقلنا: وثلاثة؟ قال: "وثلاثة"، فقلنا: واثنان؟ قال: "واثنان"، ثم لم نسأله عن الواحد. أخرجه أحمد 1/ (139) و (318)، والبخاري (1368)، والنسائي (2072)، وابن حبان (3028). وليس في هذا الشاهد عبارة "جيرانه الأدنين".

ص: 302

1415 -

أخبرنا أبو العباس قاسم بن قاسم السَّيَّاري بمَرْو، حدثنا محمد بن موسى بن حاتم، حدثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، أخبرنا الحسين بن واقد، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرةَ، قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، دُلَّني على عملٍ إذا أنا عَمِلتُ به أُدخِلتُ الجنةَ، قال:"كُنْ مُحسِنًا"، قال: كيف أَعلمُ أنِّي مُحسِنٌ؟ قال: "سَلْ جِيرانَكَ، فإن قالوا: إنك مُحسِن، فأنت مُحسِنٌ، وإن قالوا: إنك مُسيءٌ، فأنت مُسيء"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن موسى بن حاتم، والحسين بن واقد قوي الحديث، وقد توبعا. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وهو أصغر من الحسين بن واقد، فرواية الحسين عنه من رواية الأكابر عن الأصاغر. وأبو صالح: هو ذكوان بن عبد الله السمان.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(7925) و (9120) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وزاد في الموضع الأول في أوله: جاء رجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة، ولا تكثر عليَّ، قال:"لا تغضب". وهذه الزيادة أخرجها البخاري مفردةً برقم (6116) من طريق أبي حَصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.

وأخرجه النسائي في "جزء من إملائه"(16)، وقوام السنة في "الترغيب والترهيب"(871) من طريقين عن علي بن الحسن بن شقيق، به. وزادا في أوله الزيادة المشار إليها آنفًا.

أما متابعة الحسين بن واقد، فقد أخرجها الدارقطني في "العلل"(1907) من طريق أبي حمزة السكري - وهو ثقة - عن سليمان الأعمش، به. وزاد في أوله أيضًا الزيادة المذكورة. قال الدارقطني: وهذه الألفاظ لم يأت بها غيرهما - يعني الحسين بن واقد وأبا حمزة السكري - ثم قال: وهذه الألفاظ إنما رواها الأعمش، عن جامع بن شداد، عن كلثوم الخزاعي، عن النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى، يعني مرسلًا.

وحديث كلثوم الخزاعي المرسل أخرجه ابن ماجه (4222) من طريق أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، عن جامع بن شداد، عن كلثوم الخزاعي. ولا نعتقد أنَّ ذلك يُعِلُّ حديث أبي هريرة، سيما وإنَّ الأعمش مكثر، فلا يمنع أن يكون له فيه طريقان، والله أعلم.

ويشهد له حديث عبد الله بن مسعود، عند أحمد 6/ (3808)، وابن ماجه (4223)، وابن حبان (525) و (526)، وإسناده صحيح.

ص: 303

1416 -

أخبرني عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عُبيدٍ الأَسَدي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن دِيزِيل، حدثنا آدَم بن أبي إياس، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، حدثنا ثابتٌ البُناني، عن أنس بن مالكٍ قال: قيل: يا رسول الله، مَن أهلُ الجنة؟ قال:"مَن لا يَموتُ حتى تُملأَ أُذُناه مما يُحِبّ"، قيل: مَنْ أهلُ النار يا رسول الله؟ قال: "مَن لا يموتُ حتى تُملأَ أُذُناه مما يَكْره"

(1)

.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد فيه لِين من أجل عبد الرحمن بن الحسن شيخ المصنف - وهو القاضي - وباقي رجاله ثقات، وقد اختلف فيه على حماد بن سلمة، فرواه آدم بن أبي إياس - كما هنا - عنه عن ثابت بن أسلم البُناني عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخالفه غيره - كما سيأتي - فرووه عن حماد عن ثابت عن أبي الصِّدِّيق الناجي مرسلًا، وصحَّح إرساله أبو حاتم وأبو زرعة الرّازيّان.

ورواه سليمان بن المغيرة عن ثابت، واختلف عليه فيه، فرواه أبو ظفر عبد السلام بن مطهّر وعلي بن عبد الحميد عنه عن ثابت عن أنس رفعه، وخالفهما عبد الله بن المبارك فرواه عن سليمان بن المغيرة عن ثابت مرسلًا.

وتابع سليمانَ بنَ المغيرة على وصله يوسفُ بنُ عطية الصَّفّار، لكنه متروك.

وإليك تفصيل ذلك:

فقد أخرجه البيهقي في "الزهد"(815) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 5/ (1646) و (1647) من طريقين عن عبيد الله بن آدم، به.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 93، و"الأوسط"(1269)، والبزار (6940)، والضياء (1722) من طريق أبي ظفر عبد السلام بن مطهّر، والضياء (1721) من طريق علي بن عبد الحميد، كلاهما عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس مرفوعًا.

وخالفهما عبد الله بن المبارك، فأخرجه في "الزهد" برواية نعيم بن حماد (214) عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت قال: قيل: يا رسول الله

فذكره مرسلًا. قال أبو زرعة - كما في "العلل" لابن أبي حاتم 5/ 571 - : والوهم من أبي ظفر. انتهى، لكن يعكّر عليه متابعة علي بن عبد الحميد له المذكورة في "المختارة".

وقال أبو زرعة وأبو حاتم - كما في "العلل" أيضًا -: هذا عندنا خطأ، رواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي الصديق الناجي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وهو الصحيح. =

ص: 304

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1417 -

أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارمي، حدثنا أصْبَغ بن الفَرَج المِصري، حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أنَّ خارجة بن زيد أخبره، أنَّ أُمَّ العلاء - امرأةً من الأنصار قد بايَعَتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته: أنهم اقتَسَموا المهاجرين

(1)

قُرْعةً، فطارَ لنا عثمانُ بن مَظعُون، فأنزلْناه في أبياتنا، فوَجِعَ وَجَعَه الذي مات فيه، فلما تُوفِّي غُسِّل وكُفِّن في أثوابه، دَخَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا عثمانُ بنَ مظعونٍ، رحمةُ الله عليكَ أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرَمَكَ الله، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"وما يُدريكِ أنَّ الله أكرَمَه؟ " فقالت: بأبي أنتَ وأمي يا رسول الله، فمَنْ؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أمّا هو فقد جاءَه اليقينُ، فوالله إنِّي لأرجو له الخير، واللهِ ما أَدري وأنا رسولُ الله ماذا يُفعَلُ

= ومرسل أبي الصديق هذا أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 93، وفي "الأوسط"(1270) عن أبي سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات"(3354) عن علي بن الجعد، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي الصديق الناجي، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ووقع تسمية شيخ البخاري في "التاريخ الكبير": سليمان، بدلًا من موسى، وهو تحريف، والله أعلم.

وأخرج نحوه، وزاد فيه: الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(1174) و (1433)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(6544) من طريق يوسف بن عطية، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "من المؤمن؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم

فذكر حديثًا مطولًا. ويوسف بن عطية هذا متروك، قال البيهقي: تفرد به يوسف بن عطية الصفار عن ثابت، وروايته عنه أكثرها مناكير لا يتابع عليه، والله تعالى أعلم.

وله شاهد من حديث ابن عباس عند ابن ماجه (4224)، وإسناده حسن إن شاء الله.

وآخر من حديث أبي زهير الثقفي عند أحمد 24/ (15439)، وابن ماجه (4221)، وابن حبان (7384)، وإسناده محتمل للتحسين.

ويشهد لمعناه حديث أبي ذر عند أحمد 35/ (21380)، ومسلم (2642).

(1)

في النسخ الخطية: للمهاجرين، والمثبت من مصادر التخريج، وهو أوجه.

ص: 305

بي" قالت: فواللهِ ما أُزكِّي بعدَه أحدًا أبدًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!.

1418 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبَّاد الصَّنعاني، أخبرنا عبد الرزاق.

وحدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني إملاءً، حدثنا أحمد بن نَجْدةَ القُرَشي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جُرَيج، أخبرني ابن طاووس، عن أبيه: أنه كان يقول بعد التشهد كلماتٍ كان يُعظِّمهنَّ جدًّا، قلت: في الثَّنتين كلاهما؟ قال: بل في المثنَّى الآخِر بعد التشهد، قلت: ما هو؟ قال: "أعوذُ بالله من عذاب جهنم، وأعوذُ بالله من شَرِّ المسيح الدَّجّال، وأعوذُ بالله من عذاب القبر، وأعوذُ بالله من فتنة المَحْيا والمَمات"، قال: وكان يُعظِّمهنّ.

قال ابن جريج: أخبَرَنيهِ عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه أحمد 45/ (27457)، والبخاري (1243) و (2687) و (3929) و (7003) و (7004) من طرق عن ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وسيأتي من طريق معمر عن الزهري برقم (3738).

وأخرج أحمد 45/ (27459) من طريق سالم أبي النضر، عن خارجة بن زيد، عن أمه قالت: إنَّ عثمان بن مظعون لما قبض، قالت أم خارجة بنت زيد: طبت أبا السائب، فذكره بنحوه. وقد رجَّح الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 8/ 439 أن تكون أمه هي نفسها أم العلاء الأنصارية المذكورة في رواية الزهري عن خارجة، وقال: فلا يلزم من كونه أَبهمها في رواية الزهري أن تكون أخرى، فقد يبهم الإنسان نفسه فضلًا عن أمه.

وفي الباب عن ابن عباس سيأتي عند المصنف برقم (4930).

(2)

إسناده صحيح، ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - قد صرَّح بالتحديث من عبد الله بن طاووس هنا، ولذا يُستدرَك على ابن معين في قوله - الذي نقله عنه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 1/ 245 - : لم يسمع ابن جريج من ابن طاووس إلّا حديثًا في مُحْرمٍ أصاب ذرّاتٍ قال: فيها قبضات من طعام. =

ص: 306

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، في التعوُّذ من عذاب القبر، ولم يُخرجاه.

وقد أمليتُ ما صحَّ على شرطهما في هذا الباب ممّا لم يُخرجاه في كتاب الإيمان، ولم أُمْلِ هذا الحديث.

1419 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا محمد بن عمرو بن عَلْقَمة، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ المَيِّتَ يَسمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِم إِذا وَلَّوْا مُدبِرِين، فإِن كان مؤمنًا كانت الصلاةُ عند رأسِه، وكان الصَّومُ عن يَمينِه، وكانت الزكاةُ عن يَسارِه، وكان فعلُ الخيرات من الصَّدقة والصَّلاة والصِّلة والمعروفِ والإحسانِ إلى الناس عند رِجلَيه، فيُؤتَى من قِبَلِ رأسِه، فتقول الصلاة: ما قِبَلي مَدخَلٌ، ويُؤتَى مِن عن يمينِه، فيقول الصوم: ما قِبلَي مَدخَل، ويُؤتَى مِن عن يساره، فتقول الزكاة: ما قِبَلي مَدخَل، ويُؤتَى مِن قبل رِجلَيه، فيقول فِعْلُ الخيرات من الصَّدقة والمعروف والصِّلة والإحسانِ إلى الناس: ما قِبَلي مَدخَل.

فيقالُ له: اقعُدْ، فيَقعُد، وتُمثَّلُ له الشمسُ وقد دَنَتْ للغُروب، فيقال له: ما تقولُ في هذا الرَّجل الذي كان فيكم وما تَشهدُ به؟ فيقول: دَعُوني أُصلِّي، فيقولون: إنك ستَفعَل، ولكن أخبِرنا عمَّا نسألُك عنه، قال: وعمَّ تسأَلوني؟ فيقولون: أخبِرنا عمَّا نَسألُك عنه، فيقول: دَعُوني أُصلِّي، فيقولون: إنك ستَفعَل، ولكن أخبِرنا عمَّا نَسألُك عنه، قال: وعمَّ تسألوني؟ فيقولون: أخبِرنا ما تقولُ في هذا الرَّجل الذي كان فيكم، وما تَشهدُ به عليه؟ فيقول: أمحمدًا؟ أشهدُ أنه عبدُ الله، وأنه جاء بالحقِّ من عند الله، فيقالُ له: على ذلك حَيِيتَ، وعلى ذلك مِتَّ، وعلى ذلك تُبعَثُ إن شاء الله، ثم يُفتَح له بابٌ من قِبَل النار، فيُقال له: انظُرْ إلى منزلِكَ وإلى ما أعَدَّ الله لكَ

= وأخرجه أحمد 42/ (25648) عن عبد الرزاق الصنعاني، بهذا الإسناد.

وسيأتي من طريق عروة بن الزبير عن عائشة برقم (2007).

وفي الباب عن أبي هريرة، سلف برقم (1024).

ص: 307

لو عَصَيْتَ، فيزدادُ غِبْطةً وسرورًا، ثم يُفتَحُ له بابٌ من قِبَل الجنة، فيقال له: انظُرْ إلى منزلِكَ، وإلى ما أعَدَّ الله لك، فيزدادُ غِبْطةً وسرورًا، وذلك قولُ الله تبارك وتعالى:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27] ".

قال: وقال أبو الحَكَم، عن أبي هريرة

(1)

: "فيُقالُ: له ارقُدْ رِقْدةَ العَروس الذي لا يُوقِظُه إلا أَعزُّ أهلِه إليه، أو أَحبُّ أهلِه إليه".

ثم رَجَعَ إلى حديث أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، قال:"وإن كان كافرًا أُتِي مِن قِبَل رأسِه، فلا يُوجدُ شيءٌ، ويُؤتَى عن يَمينِه، فلا يُوجدُ شيءٌ، ثم يُؤتَى عن يَسارِه، فلا يُوجدُ شيءٌ، ثم يُؤتَى مِن قِبل رِجلَيه، فلا يُوجدُ شيءٌ، فيقالُ له: اقعُدْ، فيَقعُدُ خائفًا مَرعوبًا، فيقال له: ما تقول في هذا الرَّجل الذي كان فيكم، وماذا تَشهدُ به عليه؟ فيقول: أَيُّ رجل؟ فيقولون: الرَّجل الذي كان فيكم، قال: فلا يَهتدِي له، قال: فيقولون: محمدٌ، فيقول: سمعتُ الناسَ قالوا فقلتُ كما قالوا، فيقولون: على ذلك حَيِيتَ، وعلى ذلك مِتَّ، وعلى ذلك تُبعَثُ إن شاء الله، ثم يُفتَح له بابٌ من قِبَل الجنة، فيقال له: انظُرْ إلى مَنزِلِك، وإلى ما أعدَّ الله لك لو كنتَ أطعتَه، فيزدادُ حسرةً وثُبورًا، قال: ثم يُضيَّقُ عليه قبرُه حتى تختلفَ أضلاعُه، قال: وذلك قولُه تبارك وتعالى: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124] "

(2)

.

(1)

القائل هو محمد بن عمرو بن علقمة، وهو موصول بالإسناد الذي قبله. وتكنية الراوي هنا بأبي الحكم، يغلب على ظني أنه وهم من أحد الرواة، أو خطأ من النساخ، صوابه: عمر بن الحكم، وهو ابن ثوبان، كنيته: أبو حفص، كما جاء مصرحًا باسمه في مصادر التخريج كـ "مصنف ابن أبي شيبة" 3/ 384، و"حديث هشام بن عمار"(6)، و"تهذيب الآثار" للطبري 2/ (728)، و"الاعتقاد" ص 220، و"إثبات عذاب القبر"(67) كلاهما للبيهقي، والله أعلم.

(2)

صحيح لغيره، محمد بن عمرو بن علقمة - وهو الليثي - صدوق له أوهام، كما قال الحافظ ابن حجر في "التقريب"، وقد اختلف عليه هنا في رفعه ووقفه، انظر "العلل" للدارقطني (1772). أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن. =

ص: 308

1420 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"والذي نَفْسي بيدِه، إنه ليَسْمَعُ خَفْقَ نِعالِهم حين يُوَلُّون عنه"، ثم ذكر الحديث بنحوه، إلّا أنَّ حديث سعيد بن عامر أَتمّ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1421 -

حدثنا أبو بكر بن سَلْمان الفقيه، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، حدثنا أبو الوليد الطَّيالسي، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، في قوله - جلَّ وعزَّ -:{مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124] قال: عذابُ القبر

(2)

.

= وأخرجه مرفوعًا ابن حبان (3113) من طريق معتمر بن سليمان، عن محمد بن عمرو بن علقمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (1071)، وابن حبان (3117) من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، مرفوعًا. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وأخرجه مختصرًا بقصة سماع الميت قرع النعال: أحمد 15/ (9742)، وابن حبان (3118) من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدي، عن أبيه، عن أبي هريرة. وهذا إسناد ضعيف لجهالة والد السدي، واسمه: عبد الرحمن بن أبي كريمة.

وانظر ما بعده.

وفي الباب عن أنس بن مالك عند البخاري (1338) و (1374)، ومسلم (2870)، وغيرهما.

وعن جابر بن عبد الله عند ابن ماجه (4272)، وابن حبان (3116)، وإسناده حسن.

وعن البراء بن عازب، سلف عند المصنف برقم (107)، وإسناده صحيح.

(1)

صحيح لغيره كسابقه.

وأخرجه مرفوعًا أحمد 14/ (8563) عن عفان، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. مختصرًا بقصة سماع الميت قرع النعال.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو الليثي. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن.

وأخرجه ابن حبان (3119) عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا =

ص: 309

1422 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الفقيه الإسماعيلي، حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله الحَضْرمي، حدثنا هارون بن إسحاق الهَمْداني، حدثنا عَبْدةُ بن سليمان، عن هشام بن عُروة، عن وَهْب بن كَيْسان، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي هريرة قال: خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم على جنازةٍ ومعه عمر بن الخطاب، فسَمِعَ نساءً يَبكِينَ، فزَبَرَهنَّ عمرُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عمرُ، دَعْهنَّ، فإنَّ العينَ دامعةٌ، والنفْسَ مُصابةٌ، والعهدَ حديث

(1)

"

(2)

.

= الإسناد.

وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، سيأتي برقم (3480).

(1)

في (ص) و (ب): قريب، والمثبت من (ز) و (ع)، وكتب فوقها في (ز) بخط مغاير: قريب، دون الإشارة بعلامة تصحيح، واختلفت مصادر التخريج، فأكثرها فيه: حديث، وفي بعضها: قريب، والله أعلم.

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإنَّ محمد بن عمرو بن عطاء لم يسمعه من أبي هريرة، بينهما سلمة بن الأزرق، كما سيأتي، ورجح الدارقطني في "العلل"(2097) رواية من ذكر سلمة بن الأزرق، وسلمة هذا مجهول، ليس له سوى هذا الحديث عن أبي هريرة، ولم يرو عنه سوى محمد بن عمرو بن عطاء، وقال ابن القطان: لا يعرف حاله، ولا أعرف أحدًا من المصنفين في كتب الرجال ذكره. وقال الذهبي في "الميزان": لا يعرف حديثه.

وأخرجه أحمد 15/ (9731)، وابن ماجه (1587) من طريق وكيع بن الجراح، عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 13/ (7691) و 14/ (8401) و 15/ (9293)، وابن ماجه (1587 م)، وابن حبان (3157) من طرق عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سلمة بن الأزرق، عن أبي هريرة. بذكر سلمة بن الأزرق، وذكر في بعض الروايات قصة لعبد الله بن عمر بن الخطاب.

وأخرجه أحمد 10/ (5889)، والنسائي (1998) من طريق محمد بن عمرو بن حلحلة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سلمة بن الأزرق، عن أبي هريرة.

وفي إباحة البكاء على الميت انظر حديث أنس بن مالك عند البخاري (1303)، ومسلم (2315)، وحديث ابن عمر عند البخاري أيضًا (1304)، ومسلم (924).

ص: 310

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1423 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمَّاك، حدثنا الحسن بن مُكرَم، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا أسامة بن زيد، حدثني الزُّهري، عن أنس بن مالك قال: لما رَجَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من أُحُد، سَمِعَ نساءَ الأنصار يَبكِين، فقال:"لكنَّ حمزةَ لا بَوَاكيَ له"، فبَلَغ ذلك نساءَ الأنصار، فبَكَين لحمزة، فنام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهُنَّ يَبكِين، فقال: "يا وَيحَهُنَّ، ما زِلْنَ يَبكِينَ منذُ اليومِ، فَلْيَبكِينَ

(1)

، ولا يَبكِين على هالكٍ بعد اليوم"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وهو أشهرُ حديث بالمدينة، فإنَّ نساء المدينة لا يَندُبنَ موتاهُنَّ حتى يَندُبنَ حمزةَ، وإلى يومنا هذا.

وقد اتفق الشيخان على إخراج حديث أيوب السَّخْتِياني عن عبد الله بن أبي مُلَيكة؛ مناظرةِ عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس في البكاء على الميِّت، ورُجوعِهما فيه إلى أم المؤمنين عائشة، وقولِها: والله ما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الميتَ يُعذَّب ببُكاء أحدٍ، ولكنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الكافر يَزيدُه عند الله بكاءُ أهله عليه عذابًا"، وإنَّ الله هو أَضحَكَ وأبكى، ولا تَزِرُ وازِرةٌ وِزْرَ أخرى

(3)

.

(1)

كذا في (ز) و (ص) و (ع): يبكين، وكذا هو في بعض مصادر التخريج، وفي (ب) و"السنن الكبرى" للبيهقي: فليسكتن.

(2)

إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد: وهو الليثي.

ورواه أسامة بن زيد مرةً عن نافع عن ابن عمر، وسيأتي برقم (4944) و (4952).

أما حديث الزهري عن أنس، فقد أخرجه البيهقي 4/ 70 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (6346)، وأبو يعلى (3576) و (3610)، والضياء في "المختارة" 7/ (2611) من طريق روح بن عبادة، عن أسامة بن زيد الليثي، به.

(3)

حديث أيوب عن ابن أبي مليكة انفرد بإخراجه مسلم (928)، أما البخاري فقد أخرجه برقم (1286 - 1288) من حديث ابن جريج عن ابن أبي مليكة.

ص: 311

1424 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا أبو أسامة، حدثني حماد بن زيد.

وأخبرنا دَعلَجُ بن أحمد السِّجْزِي، حدثنا بشرٌ بن موسى، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا أبو أسامة حمَّادُ بن أسامة، حدثنا حمَّاد بن زيد، عن ثابت، عن أنس، قال: قالت فاطمة: يا أنسُ، أطابت أنفُسُكم أن تَحثُوا الترابَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: وقالت فاطمة: يا أبَتاه، أجابَ ربًّا دعاه، يا أبَتاه، مِن ربِّه ما أدناه، يا أبَتاه، جَنَّةُ الفِردَوس مأواه، يا أبَتاه، إلى جبريلَ أنْعاه.

زاد سعيد بن منصور في حديثه عن أبي أسامة، قال: سمعتُ حمّاد بن زيدٍ يقول: رأيتُ ثابتَ البُنانيَّ حين حدثنا بهذا الحديث بَكَى، حتى رأيت أضلاعَه تضطرب

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

1425 -

أخبرني أزهر بن أحمد المُنادِي ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد الصَّائغ، حدثنا عفَّان بن مُسلِم وأبو الوليد، قالا: حدثنا شعبة.

وحدثنا محمد بن موسى الصَّيدلاني، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، سمعتُ قتادةَ يحدِّث عن مُطرِّف بن عبد الله بن الشَّخِّير، عن حَكِيم بن قيس بن عاصم، عن

(1)

إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني.

وأخرجه ابن ماجه (1630) عن علي بن محمد، عن أبي أسامة حماد بن أسامة، بهذا الإسناد.

وزاد بإثره قول حماد بن زيد الذي أشار إليه المصنف.

وأخرجه دون هذه الزيادة أحمد 20/ (13117) عن يزيد بن هارون، والبخاري (4462) عن سليمان بن حرب، وابن حبان (6622) من طريق إسماعيل بن يونس، ثلاثتهم عن حماد بن زيد، به. ولم يذكروا جميعهم الزيادة التي زادها سعيد بن منصور وعلي بن محمد في حديثهما عن أبي أسامة، وزاد سليمان بن حرب وإسماعيل بن يونس في أوله: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشّاه، فقالت فاطمة عليها السلام: واكربَ أباه، فقال لها:"ليس على أبيك كرب بعد اليوم".

وسيأتي برقم (4444).

ص: 312

أبيه: أنه أوصاهم عند موته فقال: إذا أنا مِتُّ فلا تَنُوحُوا عليَّ، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُنَحْ عليه

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقيس بن عاصم المِنْقَري سيِّدُ بني تَميم، وليس له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسندٌ غيرُ هذا الحرف، فإنه أملى وصيّتَه: لا تَنُوحُوا عليَّ، فإنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النَّوح

(2)

.

وشاهد هذا الحديث حديثُ الحسن البصري عن قيس بن عاصم في ذكر وصيَّتِه بطولها.

وله شاهدٌ عن أبي هريرة:

1426 -

أخبرَناه [أبو] إسحاق إبراهيم بن إسماعيل القارئ

(3)

، حدثنا السَّرِيُّ

(1)

إسناده حسن، حكيم بن قيس بن عاصم قيل: إنه ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبوه صحابي، وروى عنه تابعي كبير ثقة، وهو مطرف بن عبد الله بن الشخير، وحسبُك به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وذكره ابن منده وأبو نعيم في الصحابة، وقال أبو نعيم: قيل: إنه ولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: قلنا: ولا عبرة حينئذٍ بقول ابن القطان: مجهول الحال.

وأخرجه أحمد 34/ (20612) عن حجاج الأعور ومحمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وسيأتي مطولًا ضمن قصة وصية قيس بن عاصم برقم (6710).

(2)

كذا قال، وقد روي عنه غير هذا الحرف، فقد أخرج أحمد 34/ (20613) وابن حبان (4369) من طريق شعبة بن التوأم عنه مرفوعًا:"لا حلف في الإسلام"، وأخرج ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 348 والطبراني 18/ (868) من طريق خليفة بن حصين: أن قيس بن عاصم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني وأدتُ في الجاهلية اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة بنتًا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أعتق عن كل واحدة منهن نسمة".

(3)

في النسخ الخطية: إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل القارئ، وهو خطأ، صوابه ما أثبتنا، فهو إبراهيم بن إسماعيل، ويكنى أبا إسحاق، وقد روى عنه المصنف في غير موضع من هذا الكتاب، وانظر ترجمته في "تاريخ الإسلام" للذهبي 7/ 714 وفي رسمي (الخشاوري) و (القارئ) من "الأنساب" للسمعاني. وقد جاءت تسميته على الصواب في أصل "إتحاف المهرة" 16/ 197 =

ص: 313

ابن خُزَيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرةَ قال: لما مات إبراهيمُ ابنُ رسول الله صلى الله عليه وسلم صاح أسامةُ بن زيدٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليس هذا منّي، وليس بصائحٍ حقٌّ، القلبُ يَحزَنُ، والعينُ تَدمَعُ، ولا نُغضِبُ الربَّ"

(1)

.

1427 -

حدَّثَناه أبو إسحاق المزكِّي إملاءً، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا عُقْبة بن سِنَان البَصريُّ، حدثنا عثمان بن عثمان الغَطَفاني، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، قال: قال أبو هريرة: إذا أنا مِتُّ فلا تَنُوحوا عليَّ، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُنَحْ عليه

(2)

.

هذه الزيادة عن أبي هريرة غريبةٌ جدًّا، إلّا أن عثمان الغَطَفانيَّ ليس من شرط كتابنا هذا

(3)

.

1428 -

حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد الحاكم الوزير إملاءً، حدثنا حماد بن أحمد القاضي ومحمد بن حَمْدَوَيهِ السِّنْجي، قالا: حدثنا علي بن حُجْر، حدثنا

= دون ذكر الكنية، إلا أن محققه - عفا الله عنا وعنه - أثبت الخطأ ركونًا إلى نسخ "المستدرك". ولم يتنبه لهذا الخطأ محققو طبعة دار الميمان!

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي. موسى بن إسماعيل: هو أبو سلمة التَّبوذَكي، وأبو سلمة الراوي عن أبي هريرة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه ابن حبان (3160) من طريق هدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

ولفظه عنده: "ليس هذا منا، ليس لصارخ حظٌّ، القلبُ يحزنُ، والعين تدمعُ، ولا نقول ما يُغضِب الرب".

(2)

إسناده حسن من أجل عثمان الغطفاني ومحمد بن عمرو: وهو ابن علقمة. أبو إسحاق المزكي: هو إبراهيم بن محمد بن يحيى، ومحمد بن إسحاق: هو ابن خُزيمة.

وأخرجه بأطول مما هنا ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 67/ 382 من طريق يحيى بن محمد بن صاعد، عن عقبة بن سنان، بهذا الإسناد.

(3)

العجب من أبي عبد الله الحاكم رحمه الله في قوله هذا، فإنه قد جعل من شرط كتابه هذا من هو دون عثمان الغطفاني رتبةً وضبطًا.

ص: 314

شَرِيك وعليُّ بن مُسْهِر، قالا: حدثنا أبو إسحاق الهَجَري، عن عبد الله بن أبي أَوفى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عن المَرَاثي

(1)

.

إبراهيم بن مسلم الهَجَري ليس بالمتروك، إلّا أنَّ الشيخين لم يحتجَّا به.

وهذا الحديث شاهدٌ لما تقدَّمَه، وهو غريبٌ صحيح، فإن مسلمًا قد احتجَّ بشَرِيك بن عبد الله.

1429 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنَان القَزَّاز، حدثنا أبو عامر العَقَدي، حدثنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلَّام، عن أبي سَلَّام قال: قال أبو مالكٍ الأشعريُّ: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ في أُمّتي أربعًا

(2)

من أَمْر الجاهلية ليسوا بتارِكيهِنَّ: الفَخْرُ في الأحساب، والطَّعْنُ في الأنساب، والاستسقاءُ بالنُّجوم، والنِّياحةُ على الميت، فإنَّ النائحة إن لم تَتُبْ قبل أن تموت، فإنها تقومُ يومَ القيامة عليها سَرَابيلُ من قَطِرانٍ، ثم يُغلَى عليهِنَّ دُروعٌ من لَهَبِ النار"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف أبي إسحاق إبراهيم بن مسلم الهجري.

وأخرجه ابن ماجه (1592) من طريق سفيان بن عيينة، عن إبراهيم الهجري، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (1346).

المراثي: النَّدب والنياحة على الميت.

(2)

جاء هذا الحرف في النسخ الخطية: "أربع"، بحذف ألف النصب، مع أن حقه النصب لكونه اسم "إن"، وذلك جائز على لغة ربيعة وغَنْم في الوقوف على المنصوب المنوّن بالسكون؛ فيكون منصوبًا في اللفظ إلا أنه يكتب بلا ألف. انظر "شواهد التوضيح" لابن مالك ص 37، و"شرح المفصل" لابن يعيش 9/ 69 - 70. ويجوز أن يكون المكتوب بلا ألف منصوبًا غير منون على نية الإضافة، كأنه قال: أربع خصال، وقد ذكر ابن مالك في "شواهد التوضيح" ص 39 - 40 نظائر لذلك عند العرب. ويجوز كذلك أن يكون وجه الرفع بأن يكون اسم "إن" محذوفًا، أو هو ضمير الشأن، أي: إنه، وتكون الجملة في موضع رفع خبر "إن"، كما ذكر أبو البقاء العُكبَري في "إعراب ما يُشكل من ألفاظ الحديث" ص 120. وما أثبتناه هو اللغة العالية الفصيحة.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل محمد بن سنان القزاز، =

ص: 315

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرج مسلمٌ حديث أبان بن يزيد

(1)

عن يحيى بن أبي كَثِير، وهو مختصَرٌ، ولم يُخرجاه بالزيادات التي في حديث علي بن المبارك، وهو من شرطهما

(2)

.

1430 -

أخبرنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكِّي، حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين

(3)

، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو معاوية، حدثنا عاصم بن سليمان،

= وقد توبع. أبو عامر العقدي: هو عبد الملك بن عمرو، وأبو سلَّام: هو ممطور الحبشي، وزيد بن سلَّام: هو ابن أبي سلام، حفيد ممطور.

وأخرجه أحمد 37/ (22904) عن أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (22903) و (22912)، ومسلم (934)، وابن حبان (3143) من طريق أبان بن يزيد العطار، عن يحيى بن أبي كثير، به.

وخالف أبانَ العطار وعليَّ بنَ المبارك معمرٌ، فقد أخرجه ابن ماجه (1581) من طريق عبد الرزاق عنه، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن معانق أو أبي معانق، عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النياحة من أمر الجاهلية، وإنَّ النائحة إذا ماتت ولم تتب قطع الله لها ثيابًا من قطران ودرعًا من لهب النار". وابن معانق أو أبو معانق - واسمه عبد الله - قال فيه الدارقطني: لا شيء مجهول. ووثقه العجلي وابن حبان، لذلك قال الدارقطني في "العلل" (1183): حديث أبي سلام أشبه بالصواب.

وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري (3850).

وعن أبي هريرة عند أحمد في "المسند" 12/ (7560).

وعن غير واحد من الصحابة، انظر:"مجمع الزوائد" 3/ 12 - 13.

السرابيل: جمع سربال، وهو القميص، وكذا الدروع.

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: زيد. وهو أبان بن يزيد العطار.

(2)

بل هو في "صحيح مسلم" مثل ما في الحاكم سواء، لكن وقع عنده:"ودرع من جرب" بدل قوله: "ثم يغلى عليهن دروع من لهب النار".

(3)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: الحسن، والتصويب من "إتحاف المهرة" 18/ 97، وقد تكرر على الصواب في غير موضع من "المستدرك"، وهو محمد بن جعفر بن الحسين النيسابوري، المعروف بالترك، وهو من كبار أصحاب يحيى بن يحيى. انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" =

ص: 316

عن حَفْصة بنت سِيرين، عن أُم عَطيَّة قالت: لما نزلَتْ: {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} إلى قوله: {وَلَا يَعْصِينَكَ} [الممتحنة: 12]، كانت منه النِّياحةُ، فقلت: يا رسول الله، إلّا آلَ فلان، فإنهم كانوا أسعَدُوني في الجاهلية، فلا بدَّ لي من أن أُسعِدَهم، فقال:"إلّا آلَ فلان"

(1)

.

= 14/ 46، و"تاريخ الإسلام" 6/ 923.

(1)

إسناده صحيح، لكن انفرد عاصم بن سليمان - وهو الأحول - بالتصريح بإذنه صلى الله عليه وسلم لها بالنياحة، وبقوله:"إلّا آل فلان"، وبذلك أعله البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 62 فقال: كذلك رواه عاصم بن سليمان الأحول عن حفصة بنت سيرين، ولا أدري هل حفظ ما روى من الإذن في الإسعاد أم لا، فقد رواه أيوب السختياني، وهو أحفظ منه، على ما ذكرنا - وسيأتي بيانه في التخريج - ورواه هشام بن حسان عن حفصة، فلم يذكر شيئًا من ذلك.

يحيى بن يحيى: هو النيسابوري، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.

وأخرجه أحمد 34/ (20796)، ومسلم (936)(33)، والنسائي (11523)، وابن حبان (3145) من طريق أبي معاوية الضرير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 45/ (27037) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن عاصم الأحول، به. وفيه: فقالت امرأة من الأنصار: إنَّ آل فلان أسعدوني في الجاهلية، وفيهم مأتم، فلا أبايعك حتى أُسعدهم لما أسعدوني، فقالت: فكأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وافقها على ذلك، فذهبت فأسعدتهم، ثم رجعت فبايعت النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه البخاري (4892) و (7215) من طريق أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن حفصة بنت سيرين، به. لكن فيه: فقبضت امرأة يدها، فقالت: أسعدتني فلانة، أريد أن أجزيها، فما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، فانطلقت ورجعت، فبايعها. وزاد في الموضع الثاني: فما وَفَت امرأة إلّا أم سليم، وأم العلاء، وابنة أبي سبرة امرأة معاذ، أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ.

فرواية أيوب عن حفصة هذه ليس فيها التصريح بالإذن بالإسعاد، ثم إنها أخرت البيعة إلى ما بعد ذلك.

وأخرج أحمد 34/ (20791) و (20798) و 45/ (27305)، ومسلم (936)(31) من طريق هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية قالت: أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيعة ألا تَنُحْنَ، فما وفت منهن غير خمس، منهن أم سليم. ولم يذكر بعضهم أم سليم، وزاد في الموضع الثاني عند أحمد: ولا نحدِّث من الرجال إلّا محرمًا، وهي زيادة ضعيفة، تفرد بها غسان =

ص: 317

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1431 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا سعيد بن عثمان التَّنُوخي، حدثنا بِشْر بن بكر، عن الأوزاعي، حدثني إسماعيل بن عبيد الله، قال: حدثتني كَرِيمةُ المُزَنيَّة، قالت: سمعتُ أبا هريرة وهو في بيت أُم الدَّرداء يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ من الكفر بالله: شَقُّ الجَيب، والنِّياحةُ، والطَّعْنُ فِي النَّسَب"

(1)

.

= ابن الربيع، وهو ممن لا يحتمل تفرده.

وأخرجه البخاري (1306)، ومسلم (936)(31)، والنسائي (7755) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية قالت: أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيعة أن لا ننوح، فما وفت منا امرأة غير خمس نسوة. وذكرتهن.

ورواه سفيان بن عيينة، عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية، وفيه: لما أردت أن أبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله، إني امرأة أسعدتني في الجاهلية، فأذهب فأسعدها، ثم أجيئك فأبايعك، قال:"اذهبي" فذهبت فساعدتها، ثم جئت فبايعت النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه النسائي (7754).

وخالف سفيانَ هشامُ بنُ حسان وحبيبُ بنُ الشهيد فروياه عن محمد بن سيرين عن أم عطية، ليس فيه الإذن بالإسعاد، بل فيه: فقبضت يدها، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، فلم يبايعها. أخرجه أحمد 45/ (27308).

ويؤيد عدم الإذن في الإسعاد، ما جاء في حديث أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ على النساء حين بايعهن أن لا يَنُحْنَ، فقلن: يا رسول الله، إنَّ نساءً أسعدننا في الجاهلية، أفنسعدهن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا إسعاد في الإسلام". أخرجه أحمد 20/ (12658) و (13032)، والنسائي (1991) - واللفظ له - وابن حبان (3146)، وإسناده صحيح.

وانظر تتمة أحاديث الباب عند الحديث رقم (20796) من "مسند أحمد".

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف سعيد بن عثمان التنوخي، لكنه قد توبع، وكريمة المزنية - وهي بنت الحسحاس - ذكرها ابن حبان في "الثقات"، وكانت من صواحب أبي الدرداء، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه ابن حبان (1465) من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن بشر بن بكر، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (3161) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن الأوزاعي، به. =

ص: 318

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1432 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه، حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا خَلّاد بن يحيى، حدثنا بَشِير بن مُهاجِر.

وحدثنا بُكَير بن محمد بن الحدَّاد الصُّوفي بمكة، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن فُضَيل، حدثنا بَشِير بن مُهاجِر، عن عبد الله بن بُرَيدةَ، عن أبيه قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يتعهَّد الأنصارَ ويَعُودُهم، ويَسأَل عنهم، فبَلَغَه عن امرأةٍ من الأنصار مات ابنُها وليس لها غيرُه، وأنها جَزِعَتْ عليه جَزَعًا شديدًا، فأَتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرها بتقوى الله وبالصَّبر، فقالت: يا رسولَ الله، إنِّي امرأةٌ رَقُوبٌ لا أَلِدُ ولم يكن لي غيرُه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الرَّقُوبُ الذي يبقى ولدُها"، ثم قال: "ما مِن امرِئٍ أو امرأةٍ مسلمةٍ يموتُ لها ثلاثةُ أولادٍ، إلّا أدخَلَهُم اللهُ

= وقد روي نحوه من غير وجه عن أبي هريرة، فقد:

أخرج أحمد 14/ (8905) و 15/ (9690) و 16/ (10434)، ومسلم (67)، وابن حبان (3142) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"ثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت". ولفظه عند ابن حبان: "أربع من الجاهلية، لن يدعها الناس: النياحة، والتعاير، أو التعاير في الأنساب، ومُطِرنا بنوء كذا وكذا، والعدوى جرب البعير في مئة بعير، فمن أعلى الأول؟ ".

وأخرجه بنحو لفظ رواية أبي صالح هذه: أحمد 13/ (7908) و 15/ (9365) و (9872) و (9878) و 16/ (10809) و (10871)، والترمذي (1001) من طريق أبي الربيع المدني، عن أبي هريرة. وقال الترمذي: حديث حسن.

وأخرج أحمد 12/ (7560) و 15/ (9574)، وابن حبان (3141) من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"ثلاث من عمل الجاهلية لا يتركهن أهل الإسلام: النياحة، والاستسقاء بالأنواء، ودعوى الجاهلية يا آل فلان، يا آل فلان". لفظ أحمد (7560)، ووقع عند ابن حبان:"والتعاير" بدل: "دعوى الجاهلية

" إلى آخره. ولفظ أحمد في الموضع الثاني: "شعبتان من أمر الجاهلية لا يتركهما الناس أبدًا: النياحة، والطعن في النسب".

وفي الباب عن غير واحد من الصحابة، انظر تعليقنا على ابن حبان (1465) و (3141).

ص: 319

بهم الجنةَ"، فقال عمر: يا رسولَ الله، بأبي وأمي، واثنان؟ قال: "واثنانِ"

(1)

.

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بذِكر الرَّقُوب.

1433 -

حدثنا أبو الصَّقْر أحمد بن الفَضْل الكاتب بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شُعبة، سمعت معاوية بن قُرَّة.

وحدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قُرَّة، يحدِّث عن أبيه: أنَّ رجلًا كان يأتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم ومعه ابنٌ له، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أتحبُّه؟ " فقال: أَحبَّك الله كما أُحبُّه، ففَقَدَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما فَعَلَ فلان؟ " قالوا: مات ابنُه، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أما يَسرُّك أن لا تأتيَ بابًا من أبواب الجنة إلّا وَجَدْتَه يَنتظِرُك؟ " فقال رجل: أَلَه خاصّةً أو لِكُلِّنا؟ قال: "بل لِكُلِّكُم"

(2)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل بشير بن مهاجر.

وأخرجه البزار (4401)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(9301) من طريق جعفر بن عون، عن بشير بن مهاجر، بهذا الإسناد.

وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند أحمد 20/ (12535)، والبخاري (1248).

وآخر من حديث أبي هريرة عند أحمد 12/ (7265)، والبخاري (1251)، ومسلم (2632).

وعن ابن مسعود عند أحمد 7/ (3995)، وابن ماجه (1606)، والترمذي (1061).

وعن أبي سعيد الخدري، عند أحمد 17/ (11296)، والبخاري (101)، ومسلم (2633).

وعن غير واحد من الصحابة، انظر "المسند"(3554).

ويشهد لقوله: "الرقوب الذي يبقى ولدها" حديث عبد الله بن مسعود عند أحمد 6/ (3626)، ومسلم (2608).

قال الإمام النووي في "شرح مسلم": أصل الرَّقوب في كلام العرب: الذي لا يعيش له ولد، ومعنى الحديث: أنكم تعتقدون أن الرقوبَ المحزونَ هو المصابُ بموت أولاده، وليس هو كذلك شرعًا، بل هو من لم يمت أحدٌ من أولاده في حياته فيحتسبه، فيُكتَب له ثواب مصيبته به وثواب صبره عليه، ويكون له فَرَطًا وسلفًا.

(2)

إسناده صحيح. =

ص: 320

هذا حديث صحيح الإسناد، لمَا قدَّمتُ الذِّكر من تفرُّد التابعي الواحد بالرواية عن الصحابي

(1)

.

1434 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا حميد بن عيَّاش الرَّمْلي، حدثنا مُؤمَّل بن إسماعيل، حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أولادُ المؤمنينَ في جَبَلٍ في الجنة، يَكْفُلُهم إبراهيم وسارةُ حتى يَرُدَّهم إلى آبائِهم يومَ القيامة"

(2)

.

= وهو في "مسند أحمد" 33/ (20366)، وقرن بمحمد بن جعفر يزيدَ بن هارون.

وأخرجه أحمد أيضًا 24/ (15595) و 33/ (20365)، والنسائي (2009)، وابن حبان (2947) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد.

(1)

تقدم تعقيبنا على كلامه هذا عند الحديث رقم (97).

(2)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد إلى أبي هريرة، من أجل مؤمَّل بن إسماعيل، وقد توبع، لكن قد اختُلف في رفعه ووقفه كما سيأتي. سفيان: هو الثوري، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي.

وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور"(210) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 263، وأبو القاسم بن بشران في "أماليه"(925) و (1251)، وأبو منصور الديلمي - كما في "الغرائب الملتقطة" لابن حجر (379) - وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 69/ 189 من طرق عن مؤمَّل بن إسماعيل، به.

ورواه وكيع عن سفيان، واختُلف عليه في رفعه ووقفه، فقد رواه محمد بن عبد الله بن سليمان عنه، عن سفيان به، مرفوعًا. أخرجه البيهقي في "القضاء والقدر"(634).

وخالف محمدًا أبو بكر بن أبي شيبة، فأخرجه في "مصنفه" 3/ 379 عن وكيع، عن سفيان، عن ابن الأصبهاني، عن أبي حازم، عن أبي هريرة من قوله.

ووقفه أيضًا عن سفيان يحيى بن سعيد القطان، فقد أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 69/ 190 من طريق مسدد، عن يحيى القطان، عن سفيان، به موقوفًا.

وقد رجح الدارقطني وقفه كما في "العلل" له (2211)، حيث قال: والموقوف أشبه.

قلنا: لكن مثل هذا الحديث له حكم المرفوع، فمثله لا يقال بالرأي، ويؤيد ذلك ما رواه أحمد 14/ (8324)، وابن حبان (7446) من وجه آخر عن أبي هريرة بإسناد حسن مرفوعًا: "ذراري =

ص: 321

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1435 -

حدثنا أبو بكر محمد بن داود بن سليمان، حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية، حدثنا رجاء بن محمد العُذْري، حدثنا عمرو بن محمد بن أبي رَزِين، حدثنا شعبة، عن مِسعَر، عن زياد بن عِلَاقة، عن عمِّه: أنَّ المغيرة بن شعبة سبَّ عليَّ بن أبي طالب، فقام إليه زيدُ بنُ أرقمَ، فقال: يا مُغيرةُ، ألم تعلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن سبِّ الأموات، فلِمَ تسُبُّ عليًّا وقد مات؟

(1)

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه هكذا، إنما اتفقا على حديث الأعمش عن مجاهد عن عائشة: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَسبُّوا الأمواتَ،

= المؤمنين يكفلهم إبراهيم في الجنة"، ولم يذكر فيه سارة، وسيأتي في "المستدرك" برقم (3439).

وكذلك ما أخرجه البخاري في "صحيحه"(1386) في حديث سمرة بن جندب الطويل، وفيه:"والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم عليه السلام، والصبيان حوله فأولاد الناس"، وفي رواية برقم (7047):"وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وأما الوِلدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة".

(1)

إسناده حسن من أجل عمرو بن محمد بن أبي رزين، وباقي رجاله ثقات. مسعر: هو ابن كدام، وعم زياد بن علاقة: هو قطبة بن مالك، وله صحبة.

وأخرجه أحمد 32/ (19288) عن محمد بن بشر، و (19315) عن وكيع، كلاهما عن مسعر، عن الحجاج بن أيوب مولى بني ثعلبة، عن قطبة بن مالك عمّ زياد بن علاقة.

ورواية مسعر للحديث وقع فيها اضطراب، وقد أشار إلى الوهم فيها الدارقطني في "العلل"(1249)، والمحفوظ في الحديث أنه من رواية زياد بن علاقة عن المغيرة:

فقد أخرج أحمد 30/ (18208) و (18209)، والترمذي (1982)، وابن حبان (3022) من طرق عن سفيان الثوري، عن زياد بن علاقة، عن المغيرة بن شعبة، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب الأموات. وفي رواية عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء". فجعله من مسند المغيرة بن شعبة.

وأخرجه كهذا اللفظ الأخير أحمد (18210) عن عبد الرحمن، عن سفيان، عن زياد بن علاقة، قال: سمعت رجلًا عند المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره. قلنا: والظاهر هذا الرجل المبهم هو زيد بن أرقم، والله أعلم.

ص: 322

فإنَّهم قد أَفضَوْا إلى ما قدَّموا"

(1)

.

1436 -

أخبرنا علي بن أحمد بن قُرْقُوب التَّمَّار بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا أبو اليَمَان، أخبرني شعيب بن أبي حمزة، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، حدثني نَوفَلُ بن مُسَاحِق، عن سعيد بن زيد، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُؤذُوا مسلمًا بشَتْمِ كافر"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1437 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكِّي، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو كُرَيب [حدثنا معاوية بن هشام، عن عِمْران بن أنس المكّي، عن عطاءٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم]

(3)

: "اذكُرُوا مَحاسِنَ موتاكُم،

(1)

لم يتفقا على حديث عائشة هذا، وإنما أخرجه البخاري فقط برقم (1393) و (6516)، وهو في "مسند أحمد" 42/ (25470).

(2)

إسناده صحيح. إبراهيم بن الحسين: هو ابن ديزيل، وأبو اليمان: هو الحكم بن نافع.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 75، وفي "شعب الإيمان"(6253) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ضمن حديثٍ ابنُ قانع في "معجم الصحابة" 1/ 260 عن إبراهيم بن الهيثم البلدي، عن أبي اليمان، به.

(3)

ما بين المعقوفين بياض في النسخ الخطية، وأثبتناه من "السنن الكبرى" للبيهقي 4/ 75 و"شعب الإيمان" له (6252)، فقد رواه عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده ومتنه. لكن وقع في مطبوع "السنن الكبرى": عمران بن أبي أنس، وهو خطأ، صوابه: عمران بن أنس، وقد جاء على الصواب في مطبوع "الشعب"، فعمران بن أبي أنس مدني مصري، أما عمران بن أنس فهو مكي، وهو يروي عن عطاء، ويروي عنه معاوية بن هشام، قال الترمذي بعد إخراجه هذا الحديث بعينه: وعمران بن أبي أنس مصريٌّ أقدم وأثبت من عمران بن أنس المكي. قلنا: وعمران بن أنس المكي يكنى أبا أنس، أما عمران بن أبي أنس المدني فيكنى أبا شعيب، أفاده ابن عبد البر في "التمهيد" 17/ 237. وانظر "التاريخ الكبير" للبخاري 6/ 423، و"الثقات" لابن حبان 7/ 240، و"غنية الملتمس إيضاح الملتبس" للخطيب البغدادي ص 322 - 323.

ص: 323

وكُفُّوا عن مَساوئِهم"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وهذه الأحاديث وجدتُها في الباب بعد نقل كتاب الجنائز، وسبيلُها أن تكون مخرَّجةً في مواضعها قبلَ هذا.

1438 -

أخبرنا إبراهيم بن عِصْمة بن إبراهيم العدل، حدثنا أبو مُسلِم المسيَّبُ بن زُهير البغدادي، حدثنا أبو بكرٍ وعثمانُ ابنا أبي شَيْبة، قالا: حدثنا سفيان بن عُيينةَ، عن عمرو بن دِينار، عن عطاء بن أبي رَبَاح، عن ابن عباس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُنجِّسوا موتاكُم، فإنَّ المُسلِمَ لا يَنجَسُ حَيًّا أو مَيْتًا"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عمران بن أنس المكي. أبو كريب: هو محمد بن العلاء، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه أبو داود (4900)، والترمذي (1019)، وابن حبان (3020) من طريق أبي كريب محمد بن العلاء، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث غريب، سمعت محمدًا يقول: عمران بن أنس المكي منكر الحديث.

قلنا: لكن صحَّ النهي عن سب الأموات، فانظر أحاديث الباب السالفة قبله.

(2)

صحيح موقوفًا، رجاله ثقات عن آخرهم غير المسيب بن زهير فلم يؤثر فيه جرح أو تعديل، لكن روى عنه جمع من حفّاظ نيسابور، وهو في الغالب متابع في رواياته، فهو حسن الحديث إن شاء الله، إلا أنه قد خولف في رفع هذا الخبر، خالفه بقيّ بن مخلد - وكفاك به - في روايته عن أبي بكر بن أبي شيبة في "المصنف" 3/ 267 فوقفه، وهو المحفوظ.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 306، وفي "المعرفة"(7367) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد مرفوعًا. وقال بإثره: وهكذا روي من وجه آخر غريب عن ابن عيينة، والمعروف موقوف.

وهذا الوجه الذي أشار إليه هو ما أخرجه الدارقطني في "سننه"(1811) - ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق في مسائل الخلاف"(855)، والضياء في "المختارة" 11/ (245) - من طريق عبد الرحمن بن يحيى المخزومي، عن سفيان بن عيينة، به. قال ابن الجوزي بإثره: عبد الرحمن بن يحيى فيه ضعف.

ورواه موقوفًا سعيد بن منصور في "سننه" - كما في "فتح الباري" 4/ 547 - ومن طريقه ابن المنذر =

ص: 324

صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1439 -

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلَّاب بهَمَذان، حدثنا أبو الوليد محمد بن أحمد بن بُرْدٍ الأنطاكي، حدثنا الهَيثَم بن جَمِيل، حدثنا مُبارَك بن فَضَالة، عن الحسن، عن أنس قال: كبَّرتِ الملائكةُ على آدمَ أربعًا، وكبَّر أبو بكرٍ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم أربعًا، وكبَّر عمرُ على أبي بكرٍ أربعًا، وكبَّر صُهيبٌ على عمرَ أربعًا، وكبَّر الحسنُ بن عليٍّ على عليٍّ أربعًا، وكبَّر الحسينُ على الحسنِ أربعًا

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، والمُبارَك بن فَضَالة من الزُّهد والعلم

= في "الأوسط"(2910) عن سفيان بن عيينة، به.

وعلّقه البخاري في "صحيحه" - كتاب الجنائز: باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر - بين يدي الحديث (1253) عن ابن عباس موقوفًا. وقال الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" 2/ 461: والذي يتبادر إلى ذهني أنَّ الموقوف أصح.

وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" أيضًا 3/ 267 من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن ابن عباس قال: لا تنجّسوا ميتكم؛ يعني: ليس عليه غسل.

وأخرج عبد الرزاق (6101) عن ابن جريج، عن عطاء قال: سُئل ابن عباس: أعَلى مَن غسَّل ميتًا غُسْلٌ؟ قال: لا، إذن نجَّسوا صاحبهم، ولكن وضوءٌ. وانظر ما سيأتي برقم (1442).

قوله: "لا تُنجِّسوا موتاكم" قال ابن حجر في "الفتح" 4/ 547: أي: لا تقولوا: إنهم نجس.

(1)

إسناده ضعيف، وفي متنه نكارة، مبارك بن فضالة مختلف فيه، وقد كان يدلس ويسوِّي كما لخص بالقول فيه الحافظ ابن حجر، وهو هنا قد عنعن، وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": مبارك ليس بالحجة. وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" 2/ 120 - 121: وفيه موضعان منكران، أحدهما: أنَّ أبا بكر كبَّر على النبي، وهو يشعر بأنَّ أبا بكر أمَّ الناس في ذلك، والمشهور أنهم صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم أفرادًا، والثاني: أنَّ الحسين كبَّر على الحسن، والمعروف أنَّ الذي أمَّ في الصلاة عليه سعيد بن العاص. قلنا: أما الثاني فنَعَم، وأما الأول فيرد على الحافظ أنه ليس بالضرورة أن يفهم منه أنَّ أبا بكر أمَّ الناس، فيجوز أن يكون صلَّى عليه فردًا وكبَّر أربعًا، وعلى كلٍّ فيبقى الإسناد ضعيفًا، والله أعلم. الحسن: هو ابن أبي الحسن البصري.

وأخرجه الدارقطني (1816) من طريق محمد بن الوليد القلانسي، عن الهيثم بن جميل، بهذا الإسناد. وقال بإثره: محمد بن الوليد هذا ضعيف.

ص: 325

بحيثُ لا يُجرَح مثلُه، إلّا أنَّ الشيخين لم يخرجاه لِسوءِ حفظِه.

ولهذا الحديث شاهد:

1440 -

أخبرَناه أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا خُنَيس بن بكر بن خُنَيس، حدثنا الفُرات بن السائب الجَزَري، عن مَيمُون بن مِهْران، عن عبد الله بن عباسٍ قال: آخرُ ما كبَّر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على الجنائزِ أربعًا، وكبَّر عمرُ على أبي بكرٍ أربعًا، وكبَّر عبدُ الله بن عمر على عمر أربعًا، وكبَّر الحسنُ بن عليٍّ على عليٍّ أربعًا، وكبَّر الحسينُ بن عليٍّ على الحسنِ أربعًا، وكبَّرتِ الملائكةُ على آدمَ أربعًا

(1)

.

لستُ ممن يَخفَى عليه أنَّ الفُرات بن السائب ليس من شَرْط هذا الكتاب، وإنما أخرجتُه شاهدًا.

1441 -

أخبرنا أبو علي محمد بن عليٍّ الواعظ ببُخارى، حدثنا علي بن عبد الله بن مُبشِّرٍ الواسطي، حدثنا أحمد بن سِنَان، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، حدثنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن طلحة بن عبد الله بن عَوف، قال: صلَّى ابنُ عباسٍ على جنازةٍ، فقرأ بفاتحة الكتاب، فقلتُ له، فقال: إنَّه من السُّنة، أو من تَمَامِ السُّنة

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، الفرات بن السائب متروك الحديث كما قال الدارقطني، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن حبان: كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا تجوز الرواية عنه، وقال البخاري: منكر الحديث. وقد تابعه من هو أسوأ حالًا منه فلا يُفرح بمتابعته كما سيأتي.

وأخرجه الدارقطني (1818) - ومن طريقه الحازمي في "الناسخ والمنسوخ" ص 124 - من طريق أحمد بن الوليد الفحام ويحيى بن زيد الفزاري، عن خنيس بن بكر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 4/ 96 من طريق محمد بن زياد، عن ميمون بن مهران، به. لكن متابعة محمد بن زياد هذا لا يُفرَح بها، فقد قال ابن القيسراني في "تذكرة الحفاظ" (621): محمد بن زياد الجريري الحنفي يضع الحديث.

(2)

إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. =

ص: 326

هذا حديث صحيح على شرطهما، ولم يُخرجاه!

1442 -

حدثنا أبو علي الحسين بن عليٍّ الحافظ، حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد الهَمْداني، حدثنا أبو شَيْبة إبراهيم بن عبد الله، حدثنا خالد بن مَخلَد، حدثنا سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عِكْرمة، عن ابن عباس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ليس عليكم في غَسْلِ ميِّتِكم غُسْلٌ إذا غَسَّلتُموه، فإنَّ ميِّتَكم ليس بنَجِسٍ، فَحَسْبُكم أن تَغْسِلوا أيديَكم"

(1)

.

هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

= وأخرجه الترمذي (1027) عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (1335)، وأبو داود (3198) من طريق محمد بن كثير، عن سفيان بن عيينة، به فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وانظر ما سلف برقم (1340).

(1)

صحيح موقوفًا، وخالد بن مخلد - وهو القطواني -: له مناكير، وقد خالف الثقات، فقد رواه هنا عن سليمان بن بلال مرفوعًا، ورووه عن سليمان موقوفًا، وهو الصواب كما سيأتي.

وأخرجه البيهقي 1/ 306 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد، مرفوعًا. وقال بإثره: هذا ضعيف، والحمل فيه على أبي شيبة كما أظن. قلنا: وأبو شيبة، وهو إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، أقوى وأوثق من خالد بن مخلد، فالحملُ فيه على خالد أولى من الحمل عليه، والله أعلم.

وأخرجه مرفوعًا كذلك: ابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(38) و (304)، والدارقطني (1839) عن أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، به.

وخالف خالدًا في رفعه: أبو سلمة منصور بن سلمة عند ابن شاهين (39) و (305)، والبيهقي 1/ 306، ومعلَّى بن منصور عند البيهقي 1/ 306، وعبد الله بن وهب عند البيهقي 3/ 398، فرووه - وهم ثقات - عن سليمان بن بلال، به موقوفًا علي ابن عباس.

ويؤيد وقفه ما رواه عبد الرزاق (6101) عن ابن جريج، عن عطاءٍ قال: سئل ابن عباس: أعلى من غسل ميتًا غسل؟ قال: لا، قد إذًا نجَّسوا صاحبهم، ولكن وضوءٌ.

وانظر ما سلف برقم (1438).

ص: 327

وفيه رَفْضٌ لحديثٍ مختلَفٍ فيه على محمد بن عمرٍو بأسانيد: "مَن غسَّلَ ميتًا فليغتسل"

(1)

.

(1)

تعقبه الذهبي في "تلخيص المستدرك" قائلًا: بل نعمل بهما فيستحب الغسل. قلنا: وحديث "من غسل ميتًا فليغتسل" أخرجه أحمد 13/ (7689)، وأبو داود (3161)، وابن ماجه (1463)، والترمذي (993)، وابن حبان (1161) من حديث أبي هريرة مرفوعًا، ورجاله ثقات إلّا أنه اختلف في رفعه ووقفه أيضًا. انظر لزامًا تعليقنا على "مسند أحمد"(7689).

قال الترمذي: وقد اختلف أهل العلم في الذي يغسل الميت، فقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا غسل ميتًا فعليه الغسل، وقال بعضهم: عليه الوضوء، وقال مالك: أستحب الغسل من غسل الميت ولا أرى ذلك واجبًا، وهكذا قال الشافعي، وقال أحمد: أرجو أنه لا يجب عليه الغسل، وإنما الوضوء فأقل ما قيل فيه، وقال إسحاق: لا بد من الوضوء. وقد روي عن عبد الله بن المبارك أنه قال: لا يغتسل ولا يتوضأ من غسل الميت.

ص: 328

‌أول كتاب الزكاة

1443 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنَان القَزَّاز، حدثنا عمرٌو بن عاصم الكِلَابي، حدثنا عِمْران بن داوَرَ

(1)

القَطَّان، حدثنا مَعمَر بن راشد، عن الزُّهري، عن أنس بن مالكٍ، قال: لما تُوفِّي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ارتَدَّتِ العرب، فقال عمر بن الخطّاب: يا أبا بكر، أتريدُ أن تُقاتِلَ العرب؟ قال: فقال أبو بكر: إنَّما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أُمِرتُ أن أقاتلَ الناس حتى يَشْهَدُوا أن لا إله إلّا الله، وأنِّي رسول الله، ويُقِيمُوا الصلاة، ويُؤتُوا الزكاة"، والله لو مَنَعوني عَنَاقًا مما كانوا يُعطُونَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، لأُقاتِلنَّهم عليه. قال عمر: فلمَّا رأيتُ رأيَ أبي بكرٍ قد شُرِحَ عليه، عَلِمتُ أنه الحقّ

(2)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: داود.

(2)

حديث صحيح، لكن من حديث أبي هريرة، عمران بن داور القطان لا تحتمل مخالفته، وقد خالفه هنا عبد الرزاق فرواه (6916) - وعنه أحمد في "المسند" 1/ (335) - عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة. وتابع معمرًا جمعٌ في روايته عن الزهري، عن عبيد الله، عن أبي هريرة، فقد أخرجه أحمد 1/ (67) و (117) و (335)، والبخاري (1399) و (1400) و (1456) و (1457) و (6924) و (6925) و (7284) و (7285)، ومسلم (20)، وأبو داود (1556)، والترمذي (2607)، والنسائي (2235) و (3418) و (3419) و (3421) و (4284) و (4285)، وابن حبان (216) و (217) من طرق عن الزهري، عن عبيد الله، عن أبي هريرة.

أما حديث الزهري عن أنس، فقد أخرجه النسائي (3417) و (4287) عن محمد بن بشار، عن عمرو بن عاصم، بهذا الإسناد. وقال بإثر (4287): عمران القطان ليس بالقوي في الحديث، وهذا الحديث خطأ، والصواب حديث الزهري عن عبيد الله عن أبي هريرة. وبنحوه أعله أبو حاتم وأبو زرعة كما في "علل" ابن أبي حاتم 5/ 225 (1937)، وحمل أبو زرعة الوهم على عمران القطان. وانظر "علل الدارقطني"(3).

قلنا: ولعل الوهم دخل علي عمران بسبب حديثٍ رواه حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: =

ص: 329

هذا حديث صحيح الإسناد، غير أنَّ الشيخين لم يُخرجا عِمْرانَ القَطَّان، وليس لهما حُجَّة في تركه، فإنه مستقيم الحديث.

وشاهدُه حديث أبي العَنْبَس ولم يُخرجاه:

1444 -

أخبرَناه أبو الحسن علي بن محمد بن عُقْبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا الهَيثَم بن خالد، حدثنا أبو نُعَيم، حدثنا أبو العَنْبَس سعيد بن كَثِير، حدثني أَبي، عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أُمرتُ أن أقاتلَ الناس حتى يَشهَدوا أن لا إله إلّا الله، ويُقيمُوا الصَّلاة، ويُؤتُوا الزَّكاة، ثم حُرِّمت عليَّ دماؤُهم وأموالُهم وحِسابُهم

(1)

على الله عز وجل"

(2)

.

1445 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العدل، حدثنا أبو المُثنَّى العَنْبري، حدثنا علي بن عبد الله المَدِيني، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن يحيى بن أبي كَثِير، وحدثني عامرُ العُقَيلي

(3)

، أنَّ أباه أخبره، أنه سمع أبا هريرةَ يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

= قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلّا الله، فإذا قالوها، وصلوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا، وذبحوا ذبيحتنا، فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلّا بحقها، وحسابهم على الله"، أخرجه أحمد 20/ (13056) و 21/ (13348)، والبخاري (392)، وأبو داود (2641)، والترمذي (2608)، والنسائي (4314) و (4315)، وابن حبان (5895).

وفي الباب عن جابر بن عبد الله، سيأتي عند المصنف برقم (3970).

وعن غير واحد من الصحابة، انظر تعليقنا على "مسند أحمد"(8163).

والعَناق: هي الأنثى من ولد المعز ما لم تتم سنة.

(1)

في (ز): حسابهم، بدون واو، وصحَّح عليها، والمثبت من (ص) و"السنن الكبرى" للبيهقي 8/ 177، وسائر مصادر التخريج.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل والد أبي العنبس، وهو كثير بن عبيد مولى أبي بكر الصديق، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات". أبو نعيم: هو الفضل بن دكين.

وأخرجه أحمد 14/ (8544) عن عفان، عن عبد الواحد بن زياد، عن سعيد بن كثير، بهذا الإسناد.

(3)

في المطبوع: عامر بن شبيب العقيلي، وهو خطأ، وهذا الراوي هو عامر بن عقبة العقيلي، ويقال: ابن عبد الله، تفرد بالرواية عنه يحيى بن أبي كثير، انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" =

ص: 330

"عُرِضَ عليَّ أولُ ثلاثةٍ يَدخُلون الجنة، وأولُ ثلاثةٍ يَدخُلون النار، فأمّا أولُ ثلاثةٍ يدخلونَ الجنةَ: فالشهيدُ، وعبدٌ مملوكٌ أحسَنَ عِبادةَ ربِّه ونَصَحَ لسيِّده، وعَفِيفٌ مُتعفِّفٌ ذو عِيالٍ، وأما أولُ ثلاثةٍ يدخلونَ النار: فأميرٌ مُسلَّط، وذو ثَرُوةٍ من مالٍ لا يؤدِّي حقَّ الله في ماله، وفقيرٌ فَجُور"

(1)

.

عامر بن شَبيب العُقَيلي شيخٌ من أهل المدينة مستقيم الحديث. وهذا أصلٌ في هذا الباب تفرَّد به عنه يحيى بن أبي كَثِير، ولم يُخرجاه.

= للمزي، و"ميزان الاعتدال" للذهبي.

وقد وهم المصنِّف رحمه الله حين سمّاه بإثر هذا الحديث: عامر بن شبيب العقيلي، فليس في الرواة من عُرِف بهذا الاسم، ورجح الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" أن يكون شبيب تصحيفًا من شقيق، لأنَّ ابن حبان ذكره في "الثقات"، فقال: عامر بن عبد الله العقيلي، وأبوه عبد الله بن شقيق. قلنا: ولم يتابع أحدٌ ابن حبان على ذكر اسم جد عامر، والله أعلم.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة عامر العقيلي، فقد تقدم أنه تفرد بالرواية عنه يحيى بن أبي كثير، ولم يوثقه غير ابن حبان، وقال الذهبي: لا يعرف، وكذا أبوه لا يعرف. أبو المثنى العنبري: هو معاذ بن المثنى، وهشام والد معاذ: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي.

وأخرجه ابن حبان (4656) من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.

وأخرجه مقطَّعًا ابن حبان أيضًا (3412) و (7248) و (7481) من طريق محمد بن المثنى، عن معاذ بن هشام، به.

وأخرجه بشطريه أحمد 15/ (9492) عن إسماعيل بن إبراهيم - وهو ابن علية - عن هشام الدستوائي، به.

وأخرجه أحمد 16/ (10205)، والترمذي (1642) من طريق علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، به. واقتصر الترمذي على الشطر الأول فقط، وقال: حديث حسن.

قوله: "عفيف" أي: عن تعاطي ما لا يحل، "متعفِّف" أي: عن سؤال الناس.

و"أمير مسلَّط" أي: على رعيته بالجور والعسف.

و"فقير فجور" بالجيم، كذا وقع في (ز) و (ب) و (ع) وبعض المصادر، وأُهملت في (ص)، وفي "تلخيص المستدرك" للذهبي ومعظم مصادر التخريج:"فخور" بالخاء المعجمة، والمعنى: أنه كثير الفخر، أي: ادِّعاء العِظَم.

ص: 331

وشاهده حديث الأعمش عن عبد الله بن مُرَّة:

1446 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني عمرو بن محمد النَّاقِد، حدثنا يحيى بن عيسى الرَّمْلي، عن الأعمش، عن عبد الله بن مُرَّة، عن مسروقٍ، قال: قال

(1)

عبدُ الله: آكلُ الربا، ومُوكِلُه، وشاهداهُ إذا عَلِماهُ، والواشِمةُ والمُوتَشِمةُ، ولاوِي الصَّدقةِ، والمرتدُّ أعرابيًّا بعد الهجرة، مَلعُونُون

(2)

على لسانِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم يومَ القيامة

(3)

.

(1)

تحرَّف في الطبعة الهندية إلى: "ما" ليصبح المعنى: ما عَبَدَ اللهَ آكلُ

! وتبعتها على هذا التحريف كثير من طبعات "المستدرك".

(2)

في النسخ الخطية: ملعون، والمثبت من "السنن الكبرى" للبيهقي حيث رواه من طريق المصنف بإسناده ومتنه، ومن سائر مصادر التخريج.

(3)

ضعيف بهذه السياقة، يحيى بن عيسى الرملي وإن وثقه العجلي، وأحسن أحمد الثناء عليه، فقد قال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن معين مرة: ليس بشيء، وقال مرة: لا يكتب حديثه، وقال مرة: ضعيف، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقد لخص ابن حجر هذه الأقوال بقوله: صدوق يخطئ ورمي بالتشيع. قلنا: وقد تفرَّد برواية هذا الحديث عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن ابن مسعود، وخالفه جمهور أصحاب الأعمش الثقات فرووه عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن الحارث بن عبد الله الأعور عن ابن مسعود، والحارث الأعور ضعيف. وانظر:"العلل" للدارقطني (692).

أما حديث مسروق عن ابن مسعود فقد أخرجه البيهقي 9/ 19 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال بإثره: تفرد به يحيى بن عيسى هكذا.

وأخرجه ابن خزيمة (2250) عن علي بن سهل الرملي، عن يحيى بن عيسى الرملي، به.

وأما حديث الحارث الأعور فقد أخرجه أحمد 6/ (3881)، وابن حبان (3252) من طريق سفيان الثوري، وأحمد 7/ (4428)، والنسائي (5512) و (8666) و (9333) من طريق شعبة، وأحمد 7/ (4090) عن يحيى بن سعيد القطان ووكيع، أربعتهم (الثوري وشعبة والقطان ووكيع) عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن الحارث الأعور، عن ابن مسعود، بمتنه سواء.

وقد صحَّ بعضه من أوجه أخرى عن عبد الله بن مسعود:

فقد أخرج مسلم (1597) من طريق علقمة، عن ابن مسعود قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا =

ص: 332

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتجَّ بيحيى بن عيسى الرَّمْلي، ولم يُخرجاه.

1447 -

أخبرني دَعْلَج بن أحمد السِّجْزِي ببغداد، حدثنا هشام بن علي السَّدُوسي، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن سَلَمة بن أبي الحُسام، حدثنا عِمْران بن أبي أَنَس، عن مالك بن أَوْس بن الحَدَثان، عن أبي ذرٍّ: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "في الإبلِ صَدَقتُها، وفي الغَنَم صَدَقتُها، وفي البقر صَدَقتُها، وفي البَزِّ صَدَقتُه، ومَن رَفَعَ دنانيرَ أو دراهمَ أو تِبْرًا أو فضةً لا يُعِدُّها لغَريمٍ، ولا يُنفِقُها في سبيلِ الله، فهو كَنزٌ يُكوَى به يومَ القيامة"

(1)

.

= وموكله.

وأخرج أحمد 7/ (4283)، والنسائي (5511) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، وأحمد (4284) عن أسود بن عامر، و (4403) عن محمد بن عبد الله بن الزبير، ثلاثتهم عن سفيان الثوري، عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان، عن الهزيل بن شرحبيل الأودي، عن ابن مسعود قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة والمتوشمة، والواصلة والموصولة، والمُحِل والمحلَّل له، وآكل الربا وموكله. وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن ثروان.

وأخرج أحمد 6/ (3725) و (3737) و (3809) و 7/ (4327)، وأبو داود (3333)، والترمذي (1206)، وابن ماجه (2277)، وابن حبان (5025) من طرق عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وفي الباب عن أبي جحيفة عند البخاري (5347): لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة، وآكل الربا وموكله، ونهى عن ثمن الكلب، وكسب البغي، ولَعَنَ المصورين.

وعن جابر بن عبد الله عند مسلم (1598): لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء.

قوله: "لاوي الصدقة" اسم فاعل من لواه، أي: صَرَفه، والمراد: مانع الصدقة. قاله السندي في حاشيته على "سنن النسائي".

(1)

ضعيف، وهذا إسناد ظاهره السلامة، إلّا أنَّ الصواب أنَّ سعيد بن سلمة بن أبي الحسام لم يروه عن عمران، بينهما موسى بن عبيدة الرَّبَذي، وهو ضعيف، فقد أخرجه الدارقطني في =

ص: 333

تابعه ابن جُرَيج عن عِمْران بن أبي أَنَس:

1448 -

أخبرناه أبو قُتيبةَ سَلْم بن الفَضْل الأَدَمي بمكة، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا زهير بن حَرْب، حدثنا محمد بن بَكْر، عن ابن جُرَيج، عن عِمْران بن أبي أَنس، عن مالك بن أوس بن الحَدَثان، عن أبي ذرٍّ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

= "السنن"(1933) - ومن طريقه البيهقي 4/ 147 - عن دعلج السجزي، عن هشام بن علي، عن عبد الله بن رجاء - وهو الغُداني - عن سعيد بن سلمة، عن موسى بن عبيدة، عن عمران بن أبي أنس، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي أيضًا 4/ 147 من طريق أحمد بن عبيد الصفار، عن عبد الله بن رجاء، عن سعيد بن سلمة، عن موسى بن عبيدة، عن عمران، به. ثم عطَفَ عليه ما أخرجه من طريق أبي عبد الله الحاكم نفسه عن دعلج، عن هشام بن علي، به. ولم يذكر البيهقي تتمة إسناده، وإنما اكتفى بما ذكرنا، مما يدل على أنه مثل إسناد أحمد بن عبيد الصفار سواء.

ومما يرجح أنَّ سقوط موسى بن عبيدة من هذا الإسناد ليس بسبب النساخ، وإنما هو ذهول من المصنف نفسه: أنه صححه على شرط الشيخين على ظاهر الإسناد، فلو تنبّه لوجود موسى لما صحَّحه، لأنه قد روى لموسى بن عبيدة كما سيأتي في "المستدرك"(2944) ولم يصحح حديثه، بل أشار إلى ضعفه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 213، وابن زنجويه في "الأموال"(1356)، وابن شبَّة في "تاريخ المدينة" ص 1033 - 1034، وابن أبي عاصم في "الجهاد"(85) و (86)، والبزار (3895)، والدارقطني (1932)، والبيهقي 4/ 147، وابن الجوزي في "التحقيق في مسائل الخلاف"(944) من طرق عن موسى بن عبيدة الربذي، عن عمران بن أبي أنس، به.

قوله: "وفي البَزِّ صدقته" وقع في نسخة (ص): "البُرّ" بالباء الموحدة والراء المهملة، وأُهملت في (ز)، لكن جاءت مقيدة في "سنن الدارقطني" بالزاي، ونقله عنه البيهقي في "سننه"، وأدرج هذا الحديث تحت عنوان: باب زكاة التجارة. وقال النووي في "المجموع 6/ 47: هو بفتح الباء وبالزاي، هكذا رواه جميع الرواة، وصرَّح بالزاي الدارقطني والبيهقي. وقال في "تهذيب الأسماء واللغات" ص 536: هو بفتح الباء وبالزاي، وهذا وإن كان ظاهرًا لا يحتاج إلى تقييد، فإنما قيدته لأنني بلغني أنَّ بعض الكتّاب صحَّفه بالبُرّ بضم الباء وبالراء. قلنا: ومعنى البز: الثياب التي هي أمتعة البزاز.

ص: 334

"في الإبل صَدَقتُها، وفي الغنم صَدَقتُها، وفي البَزِّ صَدَقتُه"

(1)

.

كلا الإسنادين صحيحان

(2)

على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1449 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سُليمان، حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني سليمان بن بلال، عن شَرِيك بن عبد الله بن أبي نَمِر، عن عطاء بن يَسَار، عن معاذ بن جَبَل: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَه إلى اليمن، فقال:"خُذِ الحَبَّ من الحَبِّ، والشَّاةَ من الغَنَم، والبَعيرَ من الإبل، والبقرةَ من البَقَر"

(3)

.

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين إن صَحَّ سماعُ عطاء بن يسار من معاذ بن جبل، فإنِّي لا أُتقِنُه

(4)

.

(1)

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإنَّ ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - مدلس وقد عنعنه، بل صرَّح بأنه لم يسمعه من عمران عند أحمد في "المسند" 35/ (21557)، وكذلك قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير": ابن جريج لم يسمع من عمران بن أبي أنس، يقول: حُدِّثتُ عن عمران بن أبي أنس. وقال الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 14/ 181: فكأن ابن جريج دلَّسه عن موسى بن عبيدة، فالحديث حديثه، ومداره عليه، وهو ضعيف.

وأخرجه أحمد 35/ (21557)، وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير"(171) عن يحيى بن موسى، كلاهما (أحمد ويحيى) عن محمد بن بكر البرساني، بهذا الإسناد. وقد صرَّح ابن جريج عند أحمد أنه بلغه عنه.

(2)

في النسخ الخطية: صحيحين، وهو خطأ.

(3)

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإنَّ عطاء بن يسار لم يدرك معاذ بن جبل، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه أبو داود (1599) عن الربيع بن سليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (1814) عن عمرو بن سواد المصري، عن عبد الله بن وهب، به.

وروي من غير وجه عن معاذ بن جبل قال: بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تَبيعًا أو تبيعةً، ومن كل أربعين مسنّةً، ومن كل حالمٍ دينارًا أو عدله معافرَ. انظر "مسند أحمد" 36/ (22013) و (22037) و (22084).

(4)

كذا في (ب)، وأُهملت في (ز)، وفي (ص):"لا أنفيه"، وكلاهما له وجه، والله أعلم.

ص: 335

1450 -

أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد بن أبي عَرُوبة.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المُثنَّى، حدثنا محمد بن المِنْهال، حدثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا سعيد، عن قَتَادةَ، عن سالم بن أبي الجَعْد الغَطَفاني، عن مَعْدان بن أبي طلحة اليَعمَري، عن ثَوْبان قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن تَرَكَ بعدَه كَنزًا، مُثِّل له يومَ القيامة شُجاعًا أقرَعَ له زَبِيبتان، يَتْبَعُ فَاهُ، فيقول: وَيلَكَ ما لكَ؟ فيقول: أنا كنزُك الذي تَركتَه بعدَك، فلا يزال يَتبعُه حتى يُلْقِمَه يدَه فيَقْضَمُها، ثم يُتبِعُه سائرَ جسدِه"

(1)

.

هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ صحيح على شرطه أيضًا:

1451 -

أخبرَناه أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أبو صالح وابنُ بُكَير، قالا: حدثنا الليث، عن ابن عَجْلان، عن القَعْقاع بن حَكِيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يكون كنزُ أحدِكم يومَ القيامةِ شُجاعًا أقرَعَ ذا زَبِيبَتَين، يَتبَعُ صاحبَه، وهو يتعوَّذُ منه، فلا يَزالُ يَتبَعُه وهو يَفِرُّ منه حتى يُلقِمَه إصبَعَه"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو المثنى: هو معاذ بن معاذ، وثوبان: هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه ابن حبان (3257) من طريق أمية بن بسطام، عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان: واسمه محمد وقد توبع. أبو صالح الراوي عن الليث: هو عبد الله بن صالح كاتب الليث، ومتابعه ابن بكير: هو يحيى بن عبد الله بن بكير، والليث: هو ابن سعد، وأبو صالح الراوي عن أبي هريرة: هو ذكوان السمان.

وأخرجه أحمد 14/ (8933)، والنسائي (11153)، وابن حبان (3258) من طريقين عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وتابع القعقاعَ بن حكيم على رفعه عاصمُ بنُ أبي النجود عند أحمد 13/ (7756)، فرواه عن أبي صالح، به. =

ص: 336

قد اتّفقَ الشيخان على إخراج حديث ابن مسعود وابن عُمَر في هذا الباب على سبيل الاختصار، في التغليظ المانع من الزكاة، غيرَ أنهما لم يخرجا حديث أبي هريرة وثَوْبان

(1)

.

1452 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْرُ بن نَصْر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني معاوية بن صالح، عن أبي يحيى سُلَيم بن عامر الكَلَاعي، قال: سمعتُ أبا أُمامةَ يقول: قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فينا في حَجَّةِ الوداع وهو

= ورواه عبد الله بن دينار عن أبي صالح، واختلف عليه فيه:

فقد أخرجه أحمد 14/ (8661)، والبخاري (1403) و (4565)، والنسائي (2273) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، به مرفوعًا.

وخالفه مالك الإمام، فأخرجه في "الموطأ" 1/ 256 عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موقوفًا. قال الدارقطني في "العلل" (1946): والموقوف أشبه بالصواب!

وقد روي هذا الحديث مرفوعًا من أوجه عن أبي هريرة:

فقد أخرجه أحمد 13/ (8185)، والبخاري (6957) من طريق همام، وأحمد 16/ (10855)، والبخاري (1402) و (4659)، والنسائي (2240) و (11152) من طريق عبد الرحمن الأعرج، وأحمد 16/ (10344) من طريق الحسن البصري، وابن ماجه (1786)، وابن حبان (3254) و (3261) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي، أربعتهم عن أبي هريرة، مرفوعًا.

(1)

أما حديث ثوبان فنعم، وأما حديث أبي هريرة فقد سلف أنه قد أخرجه البخاري من أوجه عن أبي هريرة، وأما ابن مسعود وابن عمر فلم يتفق على إخراجهما الشيخان، بل لم يخرجهما أيٌّ منهما، فحديث ابن مسعود أخرجه أحمد 6/ (3577)، وابن ماجه (1784)، والترمذي (3012)، والنسائي (2233) و (11018) مرفوعًا، وإسناده صحيح، وسيأتي موقوفًا في "المستدرك" برقم (3207).

وأما حديث ابن عمر فقد أخرجه أحمد 10/ (5729) و (6209) و (6448)، والنسائي (2272)، وإسناده صحيح.

وفي الباب أيضًا عن جابر بن عبد الله، أخرجه أحمد 22/ (14442)، ومسلم (988)، والنسائي (2246)، وابن حبان (3255).

وانظر تتمة أحاديث الباب في التعليق على حديث ابن مسعود في "المسند"(3577)

ص: 337

على ناقتِه الجَدْعاء، قد جَعَلَ رِجلَيه في غَرْزَي الرِّكاب، يَتَطاوَل ليُسمِعَ الناس، فقال:"ألا تَسْمَعُون صوتي؟ "، فقال رجلٌ من طوائف الناس: فما تَعهَدُ إلينا؟ فقال: "اعبُدوا ربَّكم، وصَلُّوا خَمْسَكم، وصُومُوا شهرَكم، وأدُّوا زكاةَ أموالِكم، وأَطِيعُوا ذا أَمرِكم، تدخُلُوا جنَّةَ ربِّكم".

قال: قلتُ: يا أبا أمامة، فمِثلُ مَن أنتَ يومئذٍ؟ قال: أنا يا ابنَ أخي يومئذٍ ابنُ ثلاثين سنةً، أُزاحِمُ البعيرَ أُزَحزِحُه قُربًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

هذا حديثٌ صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1453 -

أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان الجَلَّاب بهَمَذان، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا عمرو بن الرَّبِيع بن طارق، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا عُبيد الله بن أبي جعفر، أنَّ محمد بن عمرو بن عطاء أخبره، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: دخلنا على عائشةَ زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: دَخَلَ عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي سِخابًا من وَرِقٍ، فقال:"ما هذا يا عائشةُ؟ " فقلت: صَنَعتُهنَّ أتزيَّنُ لك فيهنَّ يا رسول الله، فقال:"أتؤدِّين زكاتَهنَّ؟ " فقلتُ: لا، أو ما شاء الله من ذلك، قال:"هي حَسْبُكِ من النار"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وسيأتي من طريق زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح برقم (1759)، ويأتي تخريجه من هذه الطريق هناك.

وسلف من طريق سعيد بن أبي مريم عن معاوية بن صالح برقم (19).

(2)

إسناده حسن، يحيى بن أيوب صدوق حسن الحديث.

وأخرجه أبو داود (1565) عن أبي حاتم الرازي، بهذا الإسناد.

قولها: سخابًا من وَرِق، قال النووي في "شرح مسلم" 15/ 193: السِّخاب بكسر السين المهملة وبالخاء المعجمة، جمعُه سُخُب، وهو قلادة من القرنفل والمسك والعود ونحوها من أخلاط الطيب، يُعمَل على هيئة السُّبحة ويُجعَل قلادة للصبيان والجواري. وقيل: هو خيط فيه خرز، سُمي سخابًا لصوت خرزه عند حركته. =

ص: 338

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1454 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو عُتْبةَ أحمدُ بن الفَرَج، حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، حدثنا محمد بن مُهاجِر، عن ثابت بن عَجْلان، حدثنا عطاء، عن أُم سَلَمة: أنها كانت تَلبَس أَوْضاحًا من ذهب، فسألَتْ عن ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت: أكَنزٌ هو؟ فقال: "إذا أدَّيتِ زكاتَه، فليسَ بكَنْز"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1455 -

حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الحسن بن المُهاجِر، حدثنا هارون بن سعيد الأَيْلي، حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني ابن جُرَيج، عن أبي الزُّبير، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أدّيتَ زكاةَ مالِكَ، فقد أذهبتَ عنكَ شرَّه"

(2)

.

= وقال الأزهري كما في "شرح القاموس" مادة (سخب): السِّخاب عند العرب: كُلُّ قلادةٍ، كانت ذات جوهر أو لم تكن. قلنا: وعليه يتوجه أنَّ السِّخاب الذي في يد عائشة من وَرِق، على أنه وقع في رواية أبي داود وغيره:"فتخات من ورق" بمعنى خواتيم، ولا إشكال فيها.

(1)

حسن لغيره، أبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصي حديثه حسن في المتابعات والشواهد وقد توبع، ومن فوقه ثقات إلّا أنَّ عطاء - وهو ابن أبي رباح - لم يسمع من أم سلمة فيما قاله علي بن المديني، ومع ذلك فقد صحَّحه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام"(2535)، وجوَّد إسناده الحافظ العراقي في "شرح الترمذي" فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 5/ 27. محمد بن مهاجر: هو الأنصاري الشامي.

وأخرجه أبو داود (1564) من طريق عتاب بن بشير، عن ثابت بن عجلان، بهذا الإسناد. بلفظ:"ما بلغ أن تؤدَّى زكاتُه فزُكِّي، فليس بكنز".

ويشهد له حديث ابن عمر عند البخاري (1404)، وابن ماجه (1787). وحديثا جابر بن عبد الله وأبي هريرة الآتيان بعده.

(2)

صحيح موقوفًا، رجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه، ورجَّح وقفه أبو زرعة - كما في "علل ابن أبي حاتم"(647) - والبيهقي وابن الملقن. وقد صرَّح بالتحديث ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - وأبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرس - عند عبد الرزاق والبيهقي، =

ص: 339

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وشاهده صحيحٌ من حديث المِصْريِّين:

1456 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا ابن وَهْب، عن عمرو بن الحارث، عن دَرَّاجٍ أبي السَّمْح، عن ابن حُجَيرةَ الأكبرِ الخَوْلاني، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أدَّيتَ الزكاةَ فقد قَضَيتَ ما عليكَ، ومَن

= لكن حيث روياه موقوفًا.

أما المرفوع كرواية المصنِّف فقد أخرجه البيهقي 4/ 84 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال بإثره: هكذا رواه ابن وهب بهذا الإسناد مرفوعًا، وكذلك رواه يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب، ورواه عيسى بن مثرود عن ابن وهب من قول أبي الزبير.

قلنا: ورواية يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب المرفوعة، أخرجها ابن خزيمة في "صحيحه"(2258) و (2470)، وابن المقرئ في "معجمه"(44)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 6/ 288، وابن عساكر في "معجمه"(1389).

وأخرجه مرفوعًا أيضًا الطبراني في "المعجم الأوسط"(1579) من طريق عمر بن أيوب، عن المغيرة بن زياد، عن أبي الزبير، عن جابر، رفعه. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن مغيرة إلّا عمر، تفرد به محمد بن عمار. قلنا: يعني عن عمر بن أيوب، أما المغيرة بن زياد فله أوهام كما قال الحافظ في "التقريب"، وقال الإمام أحمد: منكر الحديث.

وأما الموقوف فقد أخرجه عبد الرزاق (7145). وأخرجه البيهقي 4/ 84 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، كلاهما (عبد الرزاق وأبو عاصم) عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرًا يقول

فذكره موقوفًا. قال البيهقي: وهذا أصح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 114 عن أبي داود الطيالسي، عن هشام الدستوائي، عن أبي الزبير، عن جابر، موقوفًا.

وانظر "العلل" لابن أبي حاتم 2/ 624 برقم (647)، و"البدر المنير" لابن الملقن 5/ 480. وأخرج أبو داود في "المراسيل" (130)، ومن طريقه البيهقي 4/ 84 عن محمد بن الصباح بن سفيان، عن هشيم بن بشير، عن عذافر البصري، عن الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدّى زكاة ماله فقد أدى الحق الذي عليه، ومن زاد فهو أفضل". وهذا مرسل، وعذافر البصري ليس له سوى هذا الحديث، وهو مستور الحال.

ص: 340

جَمَعَ مالًا حرامًا ثم تصدَّق به، لم يكن له فيه أجرٌ، وكان إصْرُه عليه"

(1)

.

1457 -

أخبرنا أبو النَّضْر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيدٍ الدَّارِمي.

وحدثنا علي بن حَمْشاذَ العدلُ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، وهشام بن عليٍّ، قالوا: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، قال: أخذتُ من ثُمَامة بن عبد الله بن أنس كتابًا زَعَمَ أنَّ أبا بكرٍ كَتَبَه لأنسٍ، وعليه خاتَمُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بَعثَه مُصَدِّقًا، وكتبه له، فإذا فيه:

هذه فريضةُ الصَّدَقةِ التي فَرَضَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمَرَ اللهُ بها نبيَّه صلى الله عليه وسلم فمن سُئِلها على وَجْهِها فليُعْطِها، ومن سُئِل فوقَها

(2)

فلا يُعطِه.

(1)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل درّاج أبي السمح ففيه ضعف ويعتبر به في المتابعات والشواهد. ابن وهب: هو عبد الله، وابن حجيرة الأكبر: هو عبد الرحمن.

وأخرجه الترمذي (618)، وابن حبان (3216) و (3367) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. واقتصر الترمذي على الشطر الأول، واقتصر ابن حبان في الموضع الثاني على الشطر الثاني. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وأخرج الشطر الأول ابن ماجه (1788) من طريق موسى بن أعين، عن عمرو بن الحارث، به. وذكرنا شواهده هناك.

وفي معنى الشطر الثاني عن ابن عباس مرفوعًا: "لا يُغبَطَنَّ جامعُ المالِ من غير حِلِّه، فإنه إن تَصدَّق لم يُقبَل منه، وما بقي كان زادَه إلى النار"، وسيأتي برقم (2166)، وإسناده ضعيف جدًّا.

ونحوه عن ابن مسعود عند أحمد 6/ (3672)، وإسناده ضعيف.

وعن أبي الطفيل عند الطبراني كما في "مجمع الزوائد" 10/ 292 - 293، قال الهيثمي: وفيه محمد بن أبان الجعفي وهو ضعيف.

ومن مرسل القاسم بن مُخيمِرة: "ومن اكتسب مالًا من مأثم، فوصل به رحمًا أو تصدق به أو أنفقه في سبيل الله، جمع ذلك جمعًا، فقُذف به في جهنم". أخرجه أبو إسحاق الفزاري في "السير"(498)، وأبو داود في "المراسيل"(131)، وهو مرسل محتمِل للتحسين.

(2)

لفظ "فوقها" سقط من نسخنا الخطية، واستدركناه من "تلخيص الذهبي"، وهو ثابت في النسخة المحمودية من "المستدرك" كما في طبعة الميمان.

ص: 341

فيما دونَ خَمسٍ وعشرين من الإبل الغنمُ؛ وفي كلِّ ذَوْدٍ شاةٌ، فإذا بَلَغَتْ خمسًا وعشرين ففيها ابنةُ مَخَاضٍ إلى أن تبلُغَ خمسًا وثلاثين، فإن لم يكن فيها ابنةُ مَخَاضٍ فابنُ لَبُونٍ ذكرٌ، فإذا بلغتْ ستًّا وثلاثين ففيها ابنةُ لَبُونٍ إلى خمسٍ وأربعين، فإذا بلغت ستًّا وأربعين ففيها حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الفَحْل إلى ستين، فإذا بلغتْ إحدى وستين ففيها جَذَعةٌ إلى خمس وسبعين، فإذا بلغتْ ستًّا وسبعين ففيها ابنتا لَبُونٍ إلى تسعين، فإذا بلغتْ إحدى وتسعين ففيها حِقَّتانِ طَرُوقتا الفَحْلِ إلى عشرين ومئة، فإذا زادتْ على عشرين ومئة ففي كلِّ أربعينَ ابنةُ لبونٍ وفي كلِّ خمسين حِقَّةٌ.

فإذا تبايَنَ أسنانُ الإبل في فرائض الصَّدقات، فمَن بلغتْ عنده صدقةُ الجَذَعة وليست عنده جَذَعةٌ، وعنده حِقَّةٌ فإنها تُقبَلُ منه، وأن يَجعَلَ معها شاتين إن استَيْسَرَتا له، أو عشرين درهمًا، ومَن بلغتْ عنده صدقةُ الحِقَّة وليست عنده حِقَّة وعنده جَذَعةٌ فإنها تُقبَلُ منه، ويُعطيهِ المصَدِّقُ عشرين درهمًا أو شاتين، ومَن بلغتْ عنده صدقةُ بنتِ لبونٍ وليست عنده إلّا حِقَّةٌ فإنها تُقبَلُ منه، ويُعطيهِ المصَدِّق عشرين درهمًا أو شاتين، ومن بلغتْ عنده صدقةُ بنتِ لبونٍ وليس عنده إلّا ابنةُ مَخَاضٍ فإنها تُقبَلُ منه وشاتين أو عشرين درهمًا، ومن بلغتْ عنده صدقةُ بنتِ مَخاضٍ وليس عنده إلّا ابنُ لَبونٍ ذكرٌ فإنه يُقبَل

(1)

منه وليس معه شيءٌ، ومن لم يكن عنده إلّا أربعٌ فليس فيها شيءٌ إلّا أن يشاء ربُّها.

وفي سائِمةِ الغَنَم إذا كانت أربعينَ ففيها شاةٌ إلى عشرين ومئة، فإذا زادت على عشرين ومئة ففيها شاتانِ إلى أن تَبلُغ مئتين، فإذا زادت على المئتين ففيها ثلاثُ شِياهٍ إلى أن تَبلُغ ثلاثَ مئة، فإذا زادت على ثلاث مئة ففي كلِّ مئةٍ شاةٌ.

ولا تُؤخَذُ فِي الصَّدقةِ هَرِمةٌ ولا ذاتُ عَوَارٍ من الغَنَم، ولا تَيْسُ الغَنَم إلّا أن

(1)

في (ز) و (ب) و (ع): "فإنها تقبل منه وليس معها شيء" والمثبت من (ص) و"تلخيص الذهبي"، وهو الوجه.

ص: 342

يشاء المصَّدِّق.

ولا يُجمَعُ بين متفرِّقٍ ولا يُفرَّقُ بين مُجتَمِعٍ خشيةَ الصدقة، وما كانا من خَليطَين فإنَّهما يتراجعانِ بينهما بالسَّوِيَّة، فإن لم تَبلُغْ سائمةُ الرجلِ أربعينَ فليس فيها شيءٌ إلّا أن يشاء ربُّها.

وفي الرِّقَةِ رُبعُ العُشْر، فإن لم يكن المالُ إلّا تسعين ومئةً فليس فيها شيءٌ إلّا أن يشاء ربُّها

(1)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو النضر الفقيه: هو محمد بن محمد بن يوسف، وموسى بن إسماعيل: هو أبو سلمة التبوذكي.

وأخرجه أبو داود (1567) عن موسى بن إسماعيل التبوذكي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/ (72)، والنسائي (2239) و (2247) من طريقين عن حماد بن سلمة، به.

وأخرجه بنحوه البخاري (1454)، وابن ماجه (1800)، وابن حبان (3266) من طريق محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري، عن أبيه، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس، به. ومحمد بن عبد الله الأنصاري صدوق حسن الحديث.

ومن هذا الطريق نفسه قطّعه البخاري بالأرقام (1448) و (1450) و (1451) و (1453) و (1455) و (2487) و (3106) و (5878) و (6955).

وانظر ما بعده.

قوله: "ذَوْد": قال ابن الأثير: الذَّود من الإبل: ما بين الثنتين إلى التسع، وقيل: ما بين الثلاث إلى العشر. واللفظة مؤنثة لا واحد لها كالنَّعَم.

وابن المخاض، وابنة المخاض: ما دخل في السنة الثانية.

وابن اللبون، وابنة اللبون، قال: هما من الإبل ما أتى عليه سنتان ودخل في الثالثة، فصارت أمّه لبونًا، أي: ذات لبن.

والحِقَّة من الإبل، قال: هو ما دخل في السنة الرابعة إلى آخرها، وسمي بذلك لأنه استحق الركوب والتحميل.

طَروقة الفحل، قال: أي يعلو الفحلُ مثلَها في سنِّها.

والجَذَعة من الإبل: هي التي لها أربع سنين، ودخلت في الخامسة.

وقوله: هَرِمَة، قال الحافظ في "الفتح" 5/ 125: بفتح الهاء وكسر الراء: الكبيرة التي سقطت =

ص: 343

هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم، ولم يُخرجاه هكذا، إنما تفرَّد بإخراجه البخاري من وجهٍ عَلَا فيه عن الأنصاري عن ثُمامةَ بن عبد الله، وحديث حماد بن سلمة أصحُّ وأشفَى وأتمُّ من حديث الأنصاري.

1458 -

أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا أحمد بن سَلَمة وإبراهيم بن أبي طالب، قالا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا النَّضْر بن شُمَيل، حدثنا حمَّاد بن سلمة، قال: أخذْنا هذا الكتاب من ثُمامةَ بن عبد الله بن أنس، يُحدِّثُه عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر الحديث بنحوٍ من حديث موسى بن إسماعيل عن حماد بطوله

(1)

.

ولهذه الألفاظ شاهدٌ من حديث الزُّهري عن سالم عن أبيه:

1459 -

أخبرَناه أبو بكر محمد بن المؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا عبد الله بن محمد النُّفيلي، حدثنا عبَّاد بن العوَّام، عن سفيان بن حسين، عن الزُّهري، عن سالم، عن أبيه قال: كَتَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابَ الصدقة، فلم يُخرِجْه

= أسنانها.

ذات عَوَار، قال: بفتح العين المهملة وبضمها، أي: مَعيبة، وقيل: بالفتح: العيب، وبالضم: العَوَر.

وقوله: "ولا تيس الغنم إلّا أن يشاء المصدِّق" قال - يعني الحافظ 5/ 125 - : اختُلف في ضبطه، فالأكثر على أنه بالتشديد، والمراد: المالك، وهذا اختيار أبي عبيد، وتقدير الحديث: لا تؤخذ هرمة ولا ذات عيب أصلًا، ولا يؤخذ التيس - وهو فحل الغنم - إلّا برضا المالك لكونه يحتاج إليه، ففي أخذه بغير اختياره إضرارٌ به، والله أعلم، وعلى هذا فالاستثناء مختص بالثالث. ومنهم من ضبطه بتخفيف الصاد: وهو الساعي، وكأنه يشير بذلك إلى التفويض إليه في اجتهاده، لكونه يجري مجرى الوكيل، فلا يتصرف بغير المصلحة، فيتقيد بما تقتضيه القواعد، وهذا قول الشافعي.

قوله: "الرِّقَة" قال ابن الأثير في "النهاية"(رقه): يعني الفضة والدراهم المضروبة منها، وأصل اللفظة: الوَرِق، وهي الدراهم المضروبة خاصة، فحذفت الواو وعُوِّض منها الهاء.

(1)

إسناده صحيح. أحمد بن سلمة: هو ابن عبد الله أبو الفضل النيسابوري، وإسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه. وانظر ما قبله.

ص: 344

إلى عُمَّاله حتى قُبِض، فقَرَنَه بسيفه، فعَمِل به أبو بكر حتى قُبِض، ثم عَمِل به عمرُ حتى قُبِض، فكان فيه: في خمس من الإبل شاةٌ، وفي عشَرةٍ شاتان، وفي خمسَ عَشْرةَ ثلاثُ شِياه، وفي عشرين أربعُ شِياه، وفي خمسٍ وعشرين بنتُ مَخَاض إلى خَمسٍ وثلاثين، فإذا زادت واحدةً ففيها بنتُ لَبونٍ إلى خمسٍ وأربعين، فإذا زادت واحدةً ففيها حِقَّة إلى ستين، فإذا زادت واحدةً ففيها جَذَعة إلى خمسٍ وسبعين، فإذا زادت واحدةً ففيها بنتا لَبونٍ إلى تسعين، فإذا زادت واحدةً ففيها حِقَّتان إلى عشرين ومئة، فإن كانت الإبلُ أكثرَ من ذلك ففي كلِّ خمسين حِقَّةٌ، وفي كلِّ أربعين بنتُ لَبون.

وفي الغنم في كلِّ أربعين شاةً شاةٌ إلى عشرين ومئة، فإذا زادت واحدةً فشاتان إلى مئتين، فإذا زادت واحدةً على المئتين ففيها ثلاثُ شِياه إلى ثلاث مئة، فإن كانت الغنم أكثرَ من ذلك ففي كل مئة شاةٍ شاةٌ، وليس فيها شيءٌ حتى تَبلُغَ المئةَ.

ولا يُفرَّق بين مُجتَمِع، ولا يُجمَع بين متفرِّقٍ مخافةَ الصدقة، وما كان من خَليطَينِ فإنهما يتراجعان بالسَّوِيّة.

ولا يُؤخَذ في الصدقة هَرِمةٌ ولا ذاتُ عيبٍ.

قال الزهري: إذا جاء المصَدِّقُ قُسِمت الشاءُ أثلاثًا: ثلثًا شِرارٌ، وثلثًا خِيارٌ، وثلثًا وَسَطٌ

(1)

، فيأخذُ المصَدِّقُ من الوسط. ولم يَذكُر الزهريُّ البقر

(2)

.

(1)

كذا في (ز) و (ب) بنصب "ثلثًا" ورفع ما بعدها في الكلمات الثلاث، وهو الموافق لما في "السنن الكبرى" للبيهقي 4/ 88 بروايته عن المصنف، وفي (ص) و (ع) بنصب الجميع، وكلاهما له وجه في العربية.

(2)

حديث صحيح، رجاله ثقات إلا أن سفيان بن حسين في روايته عن الزهري كلام، وقد توبع. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب.

وأخرجه أبو داود (1568) عن عبد الله بن محمد النفيلي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 8/ (4632)، والترمذي (621) من طريق عباد بن العوام، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن، والعمل على هذا عند عامة الفقهاء. واقتصر أحمد على أول الحديث فقط =

ص: 345

هذا حديث كبيرٌ في هذا الباب، يشهد بكثرة الأحكام التي في حديث ثُمامة عن أنس، إلّا أنَّ الشيخين لم يخرجا لسفيان بن حسين الواسطي في الكتابين، وسفيان ابن حسين أحد أئمة الحديث، وثَّقه يحيى بن معين، ودخل خُرَاسان مع يزيد بن المهلَّب، ودخل نيسابورَ، سمع منه جماعةٌ من مشايخنا القَهَنْدَزِيُّون، مثل مُبشِّر بن عبد الله بن رَزِين وأخيه عمر بن عبد الله وغيرهما، ويُصحِّحه على شرط الشيخين حديثُ عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزُّهري، وإن كان فيه أدنى إرسالٍ فإنه شاهدٌ صحيح لحديث سفيان بن حسين:

1460 -

أخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي وأبو بكر محمد بن أحمد المزكِّي المَروَزِيَّان بمَرْو، قالا: أخبرنا أبو المُوجِّه محمد بن عمرو، أخبرنا عَبْدانُ بن عثمان، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرني يونس بن يزيد.

وحدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق الفقيه - واللفظ له - أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن ابن شِهابٍ

= إلى قوله: "وفي خمس وعشرين ابنة مخاض"، ثم قال الإمام أحمد بإثره فيما رواه عنه ابنه عبد الله: ثم أصابتني عِلَّةٌ في مجلس عباد بن العوام، فكتبت تمام الحديث، فأحسبني لم أفهم بعضه، فشككتُ في بقية الحديث، فتركتُه.

وأخرجه أحمد (4634)، وأبو داود (1569) من طريق محمد بن يزيد الواسطي، عن سفيان بن حسين، به.

وأخرجه ابن ماجه (1798) و (1805) من طريق سليمان بن كثير، عن الزهري، به. وذكر سليمان في روايته أنَّ الزهري قال: أقرأني سالم كتابًا .. إلى آخره. وسليمان بن كثير في روايته عن الزهري كلام أيضًا، إلّا أنه وسفيان بن حسين يقوي أحدهما الآخر.

وأخرجه بأخصر مما هنا: ابن ماجه (1807) من طريق يزيد بن عبد الرحمن، عن أبي هند، عن نافع، عن ابن عمر. لم يذكر زكاة الإبل. وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي هند.

ويشهد للحديث ما صحَّ من أحاديث هذا الباب فيما سلف قبله وفيما سيأتي بعده.

ونقل البيهقي في "السنن" 4/ 88 عن الترمذي أنه قال في "العلل": سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: أرجو أن يكون محفوظًا، وسفيان بن حسين صدوق.

ص: 346

قال: هذه نسخةُ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كَتَبَ الصدقةَ، وهو عند آل عمر بن الخطاب.

قال ابن شهاب: أقرأَنيها سالمُ بن عبد الله بن عمر فوَعَيتُها على وجهها، وهي التي انتَسَخَ عمرُ بن عبد العزيز من عبدِ الله بن عبد الله بن عمر وسالمِ بن عبد الله حين أُمِّر على المدينة، فأمر عُمَّاله بالعمل بها [وكتب بها إلى الوليد بن عبد الملك، فأمر الوليدُ عمَّاله بالعمل بها]

(1)

ثم لم تَزَلْ في الخلفاء يأمرون بذلك بعدَه، ثم أَمَر بها هشامٌ فنَسَخها إلى كلِّ عامل من المسلمين، وأَمَرهم بالعمل بما فيها ولا يتعدَّونها، وهذا كتابٌ تفسيره: لا يوجد

(2)

في شيءٍ من الإبل الصدقةُ حتى تَبْلُغَ خمسَ ذَوْدٍ، فإذا بلغت خمسًا ففيها شاةٌ حتى تبلغ عشرًا، فإذا بلغت عشرًا ففيها شاتان حتى تبلغ خمسَ عشْرةَ، فإذا بلغت خمسَ عشْرةَ ففيها ثلاثُ شِياهٍ حتى تبلغ عشرين، فإذا بلغت عشرين ففيها

(3)

أربع شياهٍ حتى تبلغ خمسًا وعشرين، فإذا بلغت خمسًا وعشرين أَفرَضَتْ، فكان فيها فَريضةٌ بنتُ مَخاضٍ، فإن لم يوجد بنتُ مخاضٍ فابن لَبُونٍ ذكرٌ حتى تبلغ خمسًا وثلاثين، فإذا بلغت ستًّا وثلاثين ففيها بنتُ لَبون حتى تبلغ خمسًا وأربعين، فإذا كانت ستًّا وأربعين ففيها حِقَّةٌ طَرُوقةُ الجَمل حتى تبلغ ستين، فإذا كانت إحدى وستين ففيها جَذَعةٌ حتى تبلغ خمسًا وسبعين، فإذا بلغت ستًّا وسبعين ففيها بنتا لَبونٍ

(4)

حتى تبلغ تسعين، فإذا كانت إحدى وتسعين ففيها حِقَّتان طَرُوقتا الجمل حتى تبلغ عشرين ومئة، فإذا كانت

(1)

ما بين معقوفين سقط من نسخنا الخطية، وأثبتناه من "تلخيص الذهبي" ومن "السنن الكبرى" للبيهقي 7/ 90 حيث أخرجه عن المصنف بإسناده ومتنه.

(2)

في "التلخيص": يؤخذ، وكذا في النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان، وكلاهما صحيح.

(3)

من قوله: "ثلاث شياه" إلى هنا سقط من (ز) و (ب) والمطبوع، واستدركناه من (ص) و (ع) و"سنن البيهقي".

(4)

في (ز) و (ب): بنت لبون، وهو خطأ، والتصويب من (ص) و (ع) ومصادر التخريج.

ص: 347

إحدى وعشرين ومئة ففيها ثلاثُ بناتِ لَبونٍ حتى تبلغ تسعًا وعشرين ومئة، فإذا كانت ثلاثين ومئة ففيها حِقَّةٌ وبنتا لبونٍ

(1)

حتى تبلغ تسعًا وثلاثين ومئة، فإذا كانت أربعينَ ومئة ففيها حِقَّتانِ وبنتُ لبونٍ حتى تبلغ تسعًا وأربعين ومئة، فإذا كانت خمسين ومئة ففيها ثلاثُ حِقاقٍ حتى تبلغ تسعًا وخمسين ومئة، فإذا بلغت ستين ومئة ففيها أربعُ بناتِ لبون حتى تبلغ تسعًا وستين ومئة، فإذا كانت سبعين ومئة ففيها حِقَّة وثلاثُ بناتِ لبونٍ حتى تبلغ تسعًا وسبعين ومئة، فإذا كانت ثمانين ومئة ففيها حِقَّتان وبنتا لبونٍ [حتى تبلغ تسعًا وثمانين ومئة]

(2)

، فإذا كانت تسعين ومئة ففيها ثلاثُ حِقاقٍ وبنتُ

(3)

لبونٍ حتى تبلغ تسعًا وتسعين ومئة، فإذا كانت مئتين ففيها أربعُ حِقاقٍ أو خمسُ بناتِ لبونٍ، أيُّ السِّنَّينِ [وُجدت]

(4)

فيها أُخِذَت على عِدَّة ما كَتبْنا في هذا الكتاب، ثم كلُّ شيءٍ من الإبل على ذلك يُؤخَذ على نحو ما كتبنا في هذا الكتاب.

ولا يُؤخَذ من الغنم صدقةٌ حتى تبلغ أربعين شاةً، فإذا بلغت أربعين شاةً ففيها شاةٌ حتى تبلغ عشرين ومئة، فإذا كانت إحدى وعشرين ومئة ففيها شاتان حتى تبلغ مئتين، فإذا كانت شاةً ومئتين ففيها ثلاث شياهٍ حتى تبلغ ثلاث مئة، فإذا زادت على ثلاث مئة شاةٍ فليس فيها إلّا ثلاثُ شياءٍ حتى تبلغ أربعَ مئة شاةٍ، فإذا بلغت أربع مئة شاةٍ ففيها أربع شياهٍ حتى تبلغ خمس مئة شاةٍ، فإذا بلغت خمس مئة

(1)

وقع بدل قوله: "حقة وبنتا لبون" في نسخنا الخطية: "ثلاث بنات لبون" وهو خطأ، لعله سبق قلم من النساخ، والصواب ما أثبتنا من "سنن البيهقي" وسائر مصادر التخريج.

(2)

ما بين معقوفين سقط من النسخ الخطية، وأثبتناه من "التلخيص" والبيهقي وسائر مصادر التخريج.

(3)

بدل قوله: "وبنت" وقع في (ز) و (ب): وثلاث بنات، والمثبت من (ص) و (ع) والبيهقي ومصادر التخريج.

(4)

لفظة "وجدت" لم ترد في النسخ الخطية.

ص: 348

ففيها خمس شِياهٍ حتى تبلغ ست مئة شاةٍ، فإذا بلغت ست مئة شاةٍ ففيها ستُّ شياهٍ، فإذا بلغت سبعَ مئةٍ ففيها سبع شياهٍ حتى تبلغ ثمان مئة شاةٍ، فإذا بلغت ثمانَ مئة شاةٍ ففيها ثمانُ شياهٍ حتى تبلغ تسع مئة شاةٍ، فإذا بلغت تسع مئة شاةٍ ففيها تسع شياهٍ حتى تبلغ ألفَ شاةٍ، فإذا بلغت ألفَ شاة ففيها عَشْرُ شِياهٍ، ثم في كلِّ ما زادت مئةَ شاةٍ شاةٌ

(1)

.

ومما يشهد لهذا الحديث بالصِّحة:

1461 -

ما حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق وحَبِيب بن [أبي]

(2)

حَبِيب، عن عمرو بن هَرِم

(3)

، أنَّ أبا الرِّجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري حدَّثه: أنَّ عمر بن عبد العزيز حين استُخلِف أَرسَل إلى المدينة يلتمس عهدَ النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقات، فوَجَدَ عند آل عمرو بن حزم كتابَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حَزْم في الصَّدقات، ووَجَدَ عند آل عمر بن الخطاب كتابَ عمرَ إلى عُمّاله في الصَّدقات، بمثلِ كتاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حَزْم، فأَمَرَ عمرُ بن عبد العزيز عمَّالَه على الصَّدقات أن يأخذوا بما في ذَينِكَ الكتابين، فكان فيهما: صدقةُ الإبل ما زادت على

(1)

رجاله ثقات، وهو وإن كان فيه أدنى إرسال كما قال المصنِّف، إلّا أنه في حكم الموصول، فابن شهاب - وهو محمد بن مسلم الزهري - يقول: أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر، قلنا: وسالم بن عبد الله بن عمر هل هو إلّا من آل عمر بن الخطاب، وهل أخذ الكتاب إلّا عن أبيه عبد الله بن عمر، ويوضح ذلك الرواية الموصولة السالفة قبله، وهذا يقوي الرواية الموصولة تلك، وليس علةً لها، خلافًا لما ذهب إليه الحافظ ابن حجر رحمه الله في "تغليق التعليق" 3/ 17.

عبدان بن عثمان: هو عبد الله بن عثمان بن جبلة العتكي، وعبدان لقبه، وأبو بكر بن إسحاق: اسمه أحمد، وأبو المثنى: هو معاذ بن المثنى.

وأخرجه أبو داود (1570) عن محمد بن العلاء، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

(2)

سقط من النسخ الخطية. وهو حبيب بن أبي حبيب الجرمي، وأبو حبيب اسمه: يزيد.

(3)

تحرف في النسخ إلى: هارون، والمثبت من "تلخيص الذهبي"، وهو الصواب.

ص: 349

التسعين واحدةً ففيها حِقَّتان إلى عشرين ومئة، فإذا زادت على العشرين ومئة واحدةً ففيها ثلاثُ بنات لبونٍ حتى تبلغ تسعًا وعشرين ومئة، فإذا كانت الإبلُ أكثرَ من ذلك فليس في ما لا يبلُغُ العشرةَ منها شيءٌ حتى تبلُغَ العشرة

(1)

.

وأما كتابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لعَمْرو بن حَزْم فإنَّ إسناده من شرط هذا الكتاب، ولذلك ذكرتُ السِّياقةَ بطولها.

1462 -

أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعيُّ ببغداد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيس، حدثني أَبي، عن عبد الله بن أبي بكر ومحمد ابنَي أبي بكر بن عَمرو بن حَزْم، عن أبيهما، عن جدِّهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ للكتابِ الذي كَتَبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعَمرِو بن حَزْم: فإذا بَلَغَ قيمةُ الذهب مئتي درهمٍ، ففي كلِّ أربعينَ درهمًا درهمٌ

(2)

.

(1)

إسناده - مع إرساله - صحيح، فهو مرسل في حكم المسند، ويقال فيه كما قيل في الذي قبله، فعمر بن عبد العزيز وجد كتابي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب، فهو وِجادة، وطريقه من طرق التحمل الدالة على الاتصال في عرف علماء المصطلح.

وأخرجه البيهقي 4/ 92 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه مطولًا ومختصرًا أبو عبيد القاسم بن سلام في "الأموال"(934) و (947)، والطحاوي في "أحكام القرآن"(616)، وفي "معاني الآثار" 4/ 473، والدارقطني (1987)، والبيهقي 4/ 91 من طريق يزيد بن هارون، عن حبيب بن أبي حبيب وحده، به. لم يذكروا فيه محمد بن إسحاق بن يسار.

(2)

أصل الكتاب صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن كان المراد بجدهما: عمرَو بن حزم، فهو منقطع، لأنَّ أبا بكر بن محمد لم يدرك جده عَمْرًا، وإن كان المراد به: محمدَ بن عمرو بن حزم، فهو مرسل. أبو أويس: اسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس.

وأخرجه ابن زنجويه في "الأموال"(1683) عن ابن أبي أويس، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "ليس فيما دون خمس أواقٍ صدقة" أخرجه البخاري (1405)، ومسلم (979)، وهو في "مسند أحمد" 17/ (11030). والأواق: جمع أُوقية، وهي أربعون درهمًا، والدرهم يساوي 2،975 غم.

وحديث أبي هريرة مثل حديث أبي سعيد عند أحمد 15/ (9221)، وإسناده صحيح. =

ص: 350

هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم، وهو دليلٌ على الكتاب المشروح المفسَّر:

1463 -

أخبرَناه أبو نصر أحمد بن سَهْلٍ الفقيه ببُخاري، حدثنا صالح بن محمد بن حَبيب الحافظ، حدثنا الحَكَم بن موسى.

وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد العَبْدي، حدثنا أبو صالح الحَكَم بن موسى القَنْطَري، حدثنا يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، عن الزُّهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، عن أبيه، عن جدِّه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كَتَبَ إلى أهل اليمن بكتابٍ فيه الفرائضُ والسننُ والدِّيَاتُ، وبعث [به]

(1)

مع عمرو بن حزم فقُرِئت على أهل اليمن، وهذه نُسختُها:

"بسم الله الرحمن الرحيم، من محمدٍ النبيِّ إلى شُرَحْبيل بن عبد كُلَالٍ والحارث بن عبد كُلَال ونُعَيم بن كُلَال قَيْلِ ذي رُعَينٍ ومَعافِرَ وهَمْدان، أما بعد: فقد رَجَعَ رسولُكم وأَعطَيتُم من المغانم خُمُسَ الله، وما كَتَبَ الله على المؤمنين من العُشْر في العَقَار، ما سَقَتِ السماءُ، أو كان سَيْحًا، أو كان بعلًا، ففيه العُشْر إذا بلغت خمسةَ أوسُقٍ، وما سُقي بالرِّشاء والدَّاليَةِ، ففيه نصفُ العُشْر إذا بلغ خمسةَ أوسقٍ.

وفي كل خَمْسٍ من الإبل سائمةٍ شاةٌ إلى أن تبلغ أربعًا وعشرين، فإذا زادت واحدةً على أربعٍ وعشرين ففيها ابنة مَخَاض، فإن لم توجد ابنةُ مخاضٍ فابنُ لبونٍ ذكرٌ إلى أن تبلغ خمسًا وثلاثين، فإذا زادت على خمسةٍ وثلاثين واحدةً ففيها ابنة لبونٍ إلى أن تبلغ خمسةً وأربعين، فإن زادت واحدةً على خمسةٍ وأربعين ففيها حِقَّةٌ طَرُوقةُ الفحل إلى أن تبلغ ستين، فإن زادت على ستين واحدةً ففيها جَذَعة إلى أن تبلغ خمسةً وسبعين، فإن زادت على خمسةٍ وسبعين واحدةً ففيها ابنتا

(2)

= وانظر ما بعده.

(1)

أثبتناه من "سنن البيهقي" 1/ 87 - 88 من روايته عن المصنِّف، ومن سائر مصادر التخريج.

(2)

في نسخنا الخطية: ابنة، وهو خطأ، والتصويب من النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان =

ص: 351

لَبونٍ إلى أن تبلغ تسعينَ، فإن زادت واحدةً على تسعين ففيها حِقَّتان طَرُوقتا الجَمَل إلى أن تبلغ عشرين ومئة، فما زادت على عشرين ومئة ففي كلِّ أربعينَ ابنةُ لبونٍ، وفي كل خمسين حِقَّةٌ طَروقَةُ الجمل.

وفي كلِّ ثلاثين باقورةً تَبيعٌ جَذَعٌ أو جَذَعةٌ، وفي كل أربعين باقورةً بقرةٌ.

وفي كلِّ أربعين شاةً سائمةً شاةٌ إلى أن تبلغ عشرين ومئة، فإن زادت على العشرين ومئة واحدةً ففيها شاتان إلى أن تبلغ مئتين، فإن زادت واحدةً ففيها ثلاث شياهٍ إلى أن تبلغ ثلاث مئة، فإن زادت فما زاد ففي كلِّ مئة شاةٍ شاةٌ.

ولا يُؤخَذُ في الصدقة هَرِمةٌ ولا عَجْفاءُ، ولا ذاتُ عَوَارٍ، ولا تيسُ الغنم إلّا أن يشاء المصَّدِّق.

ولا يُجمَع بين متفرِّق، ولا يفرَّق بين مجتَمِعٍ خِيفةَ الصدقة.

وما أُخذَ من الخليطَين فإنهما يتراجعان بينهما بالسَّوِيَّة.

وفي كلِّ خمسٍ أواقٍ من الوَرِق خمسةُ دراهم، وما زاد ففي كلِّ أربعين [درهمًا درهم، وليس فيما دون خمسِ أواقٍ شيءٌ، وفي كل أربعين]

(1)

دينارًا دينار.

إنَّ الصَّدقة لا تَحِلُّ لمحمدٍ، ولا لأهل بيتِ محمد، إنما هي الزكاةُ تُزكَّى بها أنفسُهُم، ولفقراءِ المؤمنين، وفي سبيل الله، وابنِ السَّبيل.

وليس في رَقيقٍ ولا مزرعةٍ ولا عُمَّالِها شيءٌ إذا كانت تؤدَّى صدقتُها من العُشر، وأنه ليس في عبدٍ مسلمٍ ولا في فرسِه شيءٌ".

قال: وكان في الكتاب: "إنَّ أكبر الكبائر عند الله يومَ القيامة إشراكٌ بالله، وقتلُ النَّفس المؤمنِ بغير حقٍّ، والفِرارُ في سبيل الله يومَ الزَّحف، وعقوقُ الوالدين، ورميُ المُحصَنة، وتعلُّم السِّحر، وأكلُ الربا، وأكلُ مال اليتيم.

= ومن "صحيح ابن حبان".

(1)

مكان ما بين المعقوفين بياض في النسخ الخطية، واستدركناه من "تلخيص الذهبي" و"صحيح ابن حبان" و"سنن البيهقي" 4/ 89.

ص: 352

وإنَّ العُمرةَ الحجُّ الأصغر، ولا يَمَسُّ القرآنَ إلّا طاهر، ولا طلاقَ قبل إملاكٍ، ولا عَتَاقَ حتى يَبتاع، ولا يُصلِّيَنَّ أَحدٌ منكم في ثوبٍ واحدٍ وشِقُّه بادٍ، ولا يُصلينَّ أحدٌ منكم عاقصٌ شَعرَه، ولا يُصلينَّ أحدٌ منكم في ثوبٍ واحدٍ ليس على مَنكِبِه شيء".

وكان في الكتاب: "إنَّ من اعتَبَطَ مؤمنًا قتلًا عن بيِّنةٍ فإنه قَوَدٌ، إلَّا أن يَرضَى أولياءُ المقتول، وإنَّ في النَّفْس الدِّيةَ مئةً من الإبل، وفي الأنف الذي أُوعِبَ جَدْعُه الديةُ، وفي اللسان الديةُ، وفي الشَّفَتين الديةُ، وفي البَيضَتَين الديةُ، وفي الذَّكَر الديةُ، وفي الصُّلْب الديةُ، وفي العَينين الديةُ، وفي الرِّجْل الواحدة نصفُ الدية، وفي المأمومة ثلثُ الدية، وفي الجائِفَة ثلثُ الدية، وفي المُنقِّلة خمسَ عشرةَ من الإبل، وفي كل إِصبَعٍ من الأصابع من اليد والرِّجل عشرٌ من الإبل، وفي السِّنِّ خمسٌ من الإبل، وفي المُوضِحةِ خمسٌ من الإبل، وأنَّ الرَّجل يُقتَل بالمرأة، وعلى أهل الذهب ألفُ دينار"

(1)

.

(1)

أصل الكتاب صحيح، كما أسلفنا في الحديث الذي قبله، وهذا إسناد ضعيف؛ سليمان بن داود وَهِمَ في تسميته هكذا الحكمُ بن موسى، والصواب أنه سليمان بن أرقم، كما قال أبو داود في "المراسيل" والنسائي وأبو زرعة وأبو الحسن الهروي وأبو حاتم والذهبي وغيرهم، وهو متفق على ضعفه.

لكن لمُعظَمِه شواهد صحيحة، ولبعضه شواهد مرسلة تقويه، انظر تفصيلها في التعليق على "صحيح ابن حبان" برقم (6559)، فقد أخرجه بطوله من طريق الحكم بن موسى، بهذا الإسناد.

ومن طريق الحكم بن موسى بالإسناد نفسه أخرجه مختصرًا النسائي (7029).

قوله: "العقار"، قال ابن الأثير في "النهاية": أي: الضيعة والنخل والأرض ونحو ذلك.

"سيحًا": السَّيْح: ما سقي بالماء الجاري.

"بعلًا": البعل: ما ينبت في أرض يقربُ ماؤها، فرسخت عروقها في الماء، واستغنت عن ماء السماء والأمطار وغيرها.

"خمسة أوسق" جمع وَسْق، والوَسْق: ستون صاعًا، والصاع: خمسة أرطال وثلث، والمجموع ثلاث مئة صاع، وهي ألف وست مئة رطل بغدادي، والرطل مئة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع. وهو بالرطل الدمشقي المقدر بست مئة درهم: ثلاث مئة رطل واثنان وأربعون =

ص: 353

هذا حديث كبيرٌ مفسَّر في هذا الباب، يشهدُ له أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، وإمامُ العلماءِ في عصره محمدُ بن مسلم الزُّهري بالصِّحة، كما تقدم ذكري له.

وسليمان بن داود الدِّمشقي الخَوْلاني معروف بالزُّهري، وإن كان يحيى بن مَعينٍ غَمَزَه فقد عدَّله غيرُه.

1463 م - كما أخبرَنيهِ أبو أحمد الحسين بن علي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: سمعتُ أبي، وسُئِل عن حديث عمرو بن حزمٍ في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كَتَبَه له في الصدقات، فقال: سليمان بن داود الخَوْلاني عندنا ممن لا بأسَ به.

قال أبو محمد بن أبي حاتم: وسمعتُ أبا زُرعة يقول ذلك

(1)

.

قال الحاكم: قد بذلتُ ما أدّى إليه الاجتهادُ في إخراج هذه الأحاديث المفسَّرة الملخَّصة في الزَّكَوات، ولا يستغني هذا الكتاب عن شرحها، واستدللتُ على صحتها بالأسانيد الصحيحة عن الخلفاء والتابعين بقَبولها واستعمالها بما فيه غُنْيةٌ

= رطلًا وستة أسباع رطل، وهي تعادل 655 كغم تقريبًا.

والسائمة: الراعية، عكس المعلوفة.

والباقورة: هي البقرة بلغة اليمن.

والعجفاء: واحدة العِجَاف، وهي المهزولة من الغنم وغيرها.

وقوله: "عاقص شعره": العَقْص: هو ليُّ الشعر وإدخال أطرافه في أصوله.

"اعتبط مؤمنًا قتلًا" أي: قتله بلا جناية كانت منه ولا جريرة توجب قتله.

والقَوَد: القصاص وقتل القاتل بدل القتيل.

"أُوعِبَ" ويروى: "استُوعِبَ" أي: قُطِع جميعه.

والمأمومة: هي الشجَّة التي بلغت أم الراس، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ.

والجائفة: هي أن يضرب ظهره أو بطنه أو صدره، فتنفذ إلى جوفه.

والمنقِّلة: هي التي تخرج منها صغار العظام، وتنتقل عن أماكنها. وقيل: التي تكسر العظم. والمُوضِحة: هي الشجة التي تكشف العظم.

(1)

بل سليمان هذا إنما هو سليمان بن أرقم، وقد وهم فيه الحكم بن موسى فسماه: سليمان بن داود، كما حققنا ذلك قبل قليل، والله أعلم.

ص: 354

لمن تأمَّلها، وقد كان إمامُنا شعبةُ يقول في حديث عُقْبة بن عامر الجُهَني في الوضوء: لَأنْ يَصِحَّ لي مثلُ هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحبَّ إليَّ من نفسي ومالي وأهلي. وذاك حديث في صلاة التطوع، فكيف بهذه السُّنن التي هي قواعدُ الإسلام، والله الموفِّق وهو حَسْبي ونعم الوكيل.

1464 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفقيه، حدثنا الحسن بن مُكرَم، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا بَهْز بن حَكِيم.

وأخبرنا أحمد بن سلمان، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا أبو مَعْمَر، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثنا بَهز بن حَكِيم، عن أبيه، عن جده، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "في كلِّ إبلٍ سائمةٍ في كلِّ أربعينَ ابنةُ لَبُونٍ، لا تُفرَّق إبلٌ عن حسابها، من أعطاها مُؤتجرًا فله أجرُها، ومن مَنَعَها فإنّا آخِذُوها وشَطْرَ إبلِه، عَزْمةً من عَزَمات ربِّنا، لا يُحِلُّ لآلِ محمدٍ منها شيء"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على ما قدَّمنا ذِكرَه في صحيح هذه الصحيفة، ولم يُخرجاه.

1465 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ بن جبل: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَه إلى اليمن، وأمرَه أن يأخذ من البقر من كلِّ ثلاثينَ بقرةً تَبيعًا، ومن كل أربعينَ بقرةً مُسِنَّةً، ومن كلِّ حالِمٍ دينارًا أو عَدْلَه ثوبَ مَعَافِرَ

(2)

.

(1)

إسناده حسن، بهز بن حكيم وأبوه صدوقان. أبو معمر: هو عبد الله بن عمرو المقعد.

وأخرجه أحمد 13/ (20016) و (20038) و (20041) من طرق عن بهز بن حكيم، بهذا الإسناد.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن عبد الجبار - وهو العطاردي - وقد توبع، وقد اختلف في هذا الإسناد كما سيأتي، ولا يضر هذا الخلاف، فمدار الحديث كله على الثقات. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة، ومسروق: هو ابن الأجدع. =

ص: 355

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1466 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث، حدثني هشام بن سعد، عن عباس بن عبد الله بن مَعبَد بن عباس، عن عاصم بن عمر بن قَتادة الأنصاري، عن قيس بن

= وقد رواه أبو معاوية، واختلف عليه فيه:

فرواه أحمد بن عبد الجبار هنا عنه، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ.

ورواه عبد الله بن محمد النفيلي عنه، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن معاذ، لم يذكر مسروقًا، أخرجه عن النفيلي أبو داود (1576) و (3038).

وتابع أبا معاوية على هذا الإسناد - يعني دون ذكر مسروق - محمدُ بنُ إسحاق، فرواه عن الأعمش، عن أبي وائل، عن معاذ، أخرجه النسائي (2245).

ورواه عبد الله بن محمد النفيلي مرة أخرى عند أبي داود (1577) و (2039)، وعثمانُ بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى عنده أيضًا (1577)، وأحمد بنُ حرب عند النسائي (2244)، فرووه عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن مسروق، عن معاذ. فذكروا فيه مسروقًا، لكنهم ذكروا إبراهيم بدلًا من أبي وائل.

ورواه يعلى بن عبيد، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن معاذ، لم يذكر مسروقًا، أخرجه النسائي (2243).

وأخرجه أحمد 36/ (22037) و (22129)، والنسائي (2281) من طريق عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن معاذ. لم يذكر مسروقًا.

وتابع أبا معاوية في رواية أحمد بن عبد الجبار عنه، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ: سفيانُ الثوري ويحيى بن عيسى الرملي ومفضل بن مهلهل ويعلى بن عبيد، أخرجه من طرقهم أحمد (22013)، وأبو داود (1578)، وابن ماجه (1803)، والترمذي (623)، والنسائي (2242) و (2243)، عن الأعمش، بهذا الإسناد.

والتبيع: ما دخل في السنة الثانية.

والمسنة: ما دخلت في الثالثة.

والحالم: البالغ، أي: يؤخذ منه في الجزية دينار.

وعدله، بفتح العين، وجُوِّز الكسر: ما يساوي قيمة الشيء.

ومعافر: برود تنسج في اليمن.

ص: 356

سعد بن عُبادة الأنصاري: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَه ساعيًا، فقال أبوه: لا تَخرُجْ حتى تُحدِثَ برسول الله صلى الله عليه وسلم عهدًا، فلما أراد الخروج أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا قَيسُ، لا تأتي يومَ القيامة على رَقَبَتك بعيرٌ له رُغاءٌ، أو بقرةٌ لها خُوَارٌ، أو شاةٌ لها يُعَار، ولا تكن كأبي رُغَال" فقال سعد: وما أبو رُغال؟ قال: "مُصَدِّقٌ بعثَه صالحٌ، فوجد رجلًا بالطائف في غُنَيمةٍ قريبةٍ من المئة شِصَاصٍ إلّا شاةً واحدة، وابنٌ صغيرٌ لا أُمَّ له، فلَبَنُ تلك الشاة عِيشتُه، فقال صاحب الغنم: من أنت؟ فقال: أنا رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فرحَّب وقال: هذه غَنَمي، فخُذْ أيَّما أحببتَ، فنظر إلى الشاة اللَّبون فقال: هذه، فقال الرجل: هذا الغلامُ كما ترى ليس له طعامٌ ولا شرابٌ غيرُها، فقال: إن كنتَ تحبُّ اللبن فأنا أحبُّه، فقال: خذ شاتين مكانها، فأَبى، فلم يزل يزيدُه ويبذلُ حتى بَذَلَ له خمسَ شياه شِصاصٍ مكانَها، فأَبى عليه، فلمّا رأى ذلك عَمَدَ إلى قوسه فرَمَاه فقتله، فقال: ما ينبغي لأحدٍ أن يأتي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر أحدٌ قبلي، فأتى صاحبُ الغنم صالح النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال صالح: اللهم العَنْ أبا رُغالٍ، اللهم العَنْ أبا رُغال"، فقال سعد بن عُبادة: يا رسول الله، اعفُ قيسًا من السِّعاية

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ مختصرٌ على شرط الشيخين:

(1)

إسناده ضعيف لانقطاعه، قال الذهبي في "تلخيص المستدرك": عاصم لم يدرك قيسًا. الليث: هو ابن سعد.

وأخرجه البيهقي 4/ 157 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (2272) عن محمد بن عمر بن تمام المصري، عن يحيى بن بكير، به.

وأخرجه ابن زنجويه في "الأموال"(1553) عن عبد الله بن صالح، عن الليث، عن هشام بن سعد، عن عباس بن عبد الله، عن عاصم بن عمر قال: بعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

فذكره.

والرُّغاء: صوت الإبل، والخُوار: صوت البقر، واليُعار: صوت المعز.

وقوله: "شِصاص" بكسر السين، جمع شَصُوص: وهي قليلة اللبن.

ص: 357

1467 -

أخبرَناه أبو بكر محمد بن داود بن سليمان، حدثنا علي بن الحسين بن الجُنَيد، حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأُموي، حدثنا أبي، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثَ سعدَ بن عُبادة مصَدِّقًا، فقال:"يا سعدُ، إياك أن تجيءَ يوم القيامة ببَعيرٍ تحملُه له رُغاء" قال: لا آخُذُه، ولا أجيءُ به، فعَفَاه

(1)

.

1468 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرَارة، عن عُمَارة بن عمرو بن حَزْم، عن أُبي بن كعبٍ قال: بَعَثَني النبيُّ صلى الله عليه وسلم مصَدِّقًا، فمررتُ برجل، فجَمَع لي ماله، لم أجِدْ عليه فيها إلّا ابنةَ مَخاضٍ، فقلت له: أَدِّ ابنةَ مخاضٍ، فإنها صدقتُك، فقال: ذاك ما لا لَبَنَ فيه ولا ظهرَ، ولكن هذه ناقةٌ عظيمةٌ سمينةٌ فخذها، فقلت له: ما أنا بآخِذٍ ما لم أُؤمَرْ به، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم منكَ قريب، فإن أحببتَ أن تأتيَه فتَعرِضَ عليه ما عرضتَ عليَّ، فافعل، فإن قَبِلَه منك قبلتُه، وإن ردَّه عليك رددتُه، قال: فإني فاعل.

قال: فخَرَجَ معي وخَرَجَ بالناقة التي عَرَضَ عليَّ، حتى قَدِمْنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبيَّ الله، أتاني رسولُك ليأخذَ من صَدَقةِ مالي، وايمُ اللهِ ما قام في مالي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولا رسولُه قطُّ قبلَه، فجَمعتُ له مالي، فزعم أنَّ ما عَليَّ فيه ابنةُ مخاضٍ، وذلك ما لا لَبَنَ فيه ولا ظهرَ، وقد عرضتُ عليه ناقةً عظيمةً ليأخذها فأَبى عَليَّ، وها هي ذِه قد

(1)

إسناده صحيح. نافع: هو مولى ابن عمر، والراوي عنه يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه ابن حبان (3270) عن أبي يعلى الموصلي، عن سعيد بن يحيى الأموي، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 37/ (22461) من طريق حميد بن هلال، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن عبادة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:"قم على صدقة بني فلان، وانظر لا تأتي يوم القيامة ببَكْر تحمله على عاتقك، أو على كاهلك، له رغاء يوم القيامة"، قال: يا رسول الله، اصرفها عني، فصرفها عنه.

ص: 358

جئتُك بها يا رسول الله، خُذْها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ذلك الذي عليك، فإن تطوعتَ بخيرٍ أجَرَكَ الله فيه، وقَبِلْناه منك"، قال: فها هي ذِه يا رسول الله، قد جئتُك بها فخذها، قال: فأمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقَبْضِها، ودعا في مالِه بالبَرَكة

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1469 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا سعيد

(2)

بن سليمان، حدثنا محمد بن مُسلِم، حدثنا عمرو بن دينار، قال: سمعتُ جابر بن عبد الله قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا صَدَقةَ في الرِّقَةِ حتى تَبلُغَ مئتي درهمٍ"

(3)

.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق. يعقوب بن إبراهيم: هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. وهو في "مسند أحمد" 35/ (21279).

وأخرجه أبو داود (1583) عن محمد بن منصور، عن يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند"(21280)، وابن حبان (3269) من طريقين عن محمد بن إسحاق، به.

(2)

تحرَّف في (ز) و (ص) إلى: سعد. وسعيد بن سليمان هذا: هو الضبي.

(3)

صحيح بغير هذه السياقة، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإنَّ عمرو بن دينار لم يسمعه من جابر كما قال ابن خزيمة، ومحمد بن مسلم - وهو الطائفي - صدوق لكن في حفظه سوء، وقد أسقط الواسطة بين عمرو وجابر، كما سيأتي بيانه عند الحديث رقم (1476).

وأخرجه البيهقي 4/ 134 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 35، وابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 116 - 117 و 20/ 136 من طريقين عن محمد بن مسلم الطائفي، به. قال ابن عبد البر: انفرد به محمد بن مسلم من بين أصحاب عمرو بن دينار، وما انفرد به فليس بالقوي.

وأخرج أحمد 22/ (14162) عن عبد الرزاق، وابن ماجه (1794) من طريق وكيع، كلاهما عن محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمس ذَوْد صدقة، وليس فيما دون خمس أواق صدقة، وليس فيما دون خمسة أوساق صدقة"، لفظ ابن ماجه. =

ص: 359

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه بالشرح حديثُ عاصم بن ضَمْرة:

1470 -

أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا أبو عَوَانة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضَمْرة، عن عليٍّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس في تِسعينَ ومئة شيءٌ، فإذا بَلَغَتْ مئتين ففيها خَمسةُ دراهم"

(1)

.

1471 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أحمد بن يونس الضَّبِّي.

وأخبرنا محمد بن أحمد بن تَمِيم القَنْطَري ببغداد، حدثنا أبو قِلَابة؛ قالا: حدثنا أبو عاصم، عن سفيان، عن عاصم بن كُلَيب، عن أبيه، عن وائل بن حُجْر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه بَعَثَ إلى رجلٍ، فبَعَثَ إليه بفَصِيلٍ مَخْلولٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"جاءه مُصَدِّقُ الله، ومُصَدِّقُ رسوله، فبَعَثَ بفَصيلٍ مَخلولٍ، اللهم لا تباركْ له فيه ولا في إبلِهِ"، فبلغ ذلك الرجلَ، فبَعَثَ إليه بناقةٍ من حُسْنها وجمالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بَلَغَ فلانًا ما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فبَعَثَ بناقةٍ من حُسْنها، اللهم بارِكْ فيه وفي إبلِه"

(2)

.

= وبنحو لفظ ابن ماجه هذا صحَّ الحديث من وجه آخر عن جابر، فقد أخرجه مسلم (980) من طريق عبد الله بن وهب، عن عياض بن عبد الله، عن أبي الزبير، عن جابر.

(1)

إسناده قوي من أجل عاصم بن ضمرة. أبو عوانة: هو الوضاح عن عبد الله اليشكري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

وأخرجه أحمد 2/ (711)، وأبو داود (1574)، والترمذي (620) من طرق عن أبي عوانة، به.

وأخرجه بنحوه أحمد (913)، وأبو داود (1572) و (1573)، وابن ماجه (1790)، والنسائي (2268) و (2269) من طرق عن أبي إسحاق، به. روايتا أبي داود مطولتان، وقرن فيهما بعاصم بن ضمرة الحارثَ الأعور، وهو ضعيف.

(2)

إسناده قوي، عاصم بن كليب وأبوه كُليب - وهو ابن شهاب الجرمي - صدوقان لا بأس بهما. =

ص: 360

هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1472 -

أخبرنا محمد بن موسى الصَّيدَلاني، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المُثنَّى، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضَرِّب قال: جاء ناسٌ من أهل الشام إلى عمر، فقالوا: إنا قد أصَبْنا أموالًا؛ خيلًا ورقيقًا، نحبُّ أن يكون لنا فيها زكاةٌ وطُهورٌ، قال: ما فَعَلَه صاحباي قَبْلي فأفعَلُه، فاستشار عمرُ عليًّا في جماعةٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليٌّ: هو حَسَنٌ إن لم يكن جِزيةً يُؤخَذون بها راتبةً

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، إلّا أنَّ الشيخين لم يُخرجا عن حارثة، وإنما ذكرتُه في هذا الموضع للمُحْدَثات الراتبة التي فُرِضَتْ في ...............

(2)

.

1473 -

أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا جعفر بن أحمد بن سِنَان، حدثنا أحمد بن سِنَان، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدثنا سفيان، عن عمرو بن عثمان، عن موسى بن طلحة قال: عندنا كتابُ معاذ بن جَبَل عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنه إنَّما أخَذَ الصدقة من الحِنْطة والشَّعير والزَّبيب والتَّمر

(3)

.

= أبو قلابة: هو عبد الملك الرَّقاشي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد، وسفيان: هو الثوري.

وأخرجه النسائي (2250) من طريق زيد بن يزيد بن أبي الزرقاء، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

قوله: "بفصيل مخلول" أي: مهزول، وهو الذي جُعِل على أنفه خِلَال لئلا يَرضَع أمَّه فتهزل. والفصيل: ولد الناقة إذا فُصل عنها، والخِلال: عود يُغرَز في أنفه.

(1)

إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

وأخرجه أحمد 1/ (82) عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (218) من طريق زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، به.

(2)

وقع هنا بياض في النسخ الخطية.

(3)

إسناده صحيح، موسى بن طلحة وإن لم يلق معاذًا إلّا أنه نقله عن كتابه، وهي وِجادة صحيحة مقبولة عند أهل العلم. سفيان: هو الثوري، وعمرو بن عثمان: هو ابن مَوهَب.

وأخرجه أحمد 36/ (21989) عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وانظر ما بعده.

ص: 361

هذا حديث قد احتُجَّ بجميع رواته، ولم يُخرجاه، وموسى بن طلحة تابعيٌّ كبير لم يُنكَر له أنه يُدرِك أيام معاذ

(1)

.

1474 -

أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا عُمَير بن مِرْداس، حدثنا عبد الله بن نافع الصائغ، حدثني إسحاق بن يحيى بن طلحة، بن عبيد الله، عن عمِّه موسى بن طلحة، عن معاذ بن جبل، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"فيما سَقَتِ السماءُ والبَعْلُ والسَّيلُ العُشْرُ، وفيما سُقِي بالنَّضْح نصفُ العُشْر".

وإنما يكون ذلك في التَّمر والحِنْطة والحُبوب، وأما القِثَّاء والبِطِّيخُ والرُّمَّان والقَضْبُ، فقد عفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(1)

نقل ابن عبد الهادي في "المحرر"(573) قول أبي زرعة متعقبًا به الحاكم: موسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمر مرسلًا، ثم قال ابن عبد الهادي: ومعاذ توفي في خلافة عمر، فرواية موسى عنه أولى بالإرسال، وقد قيل: إنَّ موسى ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وسماه، ولم يثبت.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن نافع وإسحاق بن يحيى.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 129، وفي "السنن الصغرى"(1186) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (1915)، والبيهقي 4/ 129 من طريق يحيى بن المغيرة، عن ابن نافع، به.

وأخرج الدارقطني (1916 - 1919) من طرق عن موسى بن طلحة، عن معاذ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس في الخضراوات زكاة"، وفي بعض هذه الطرق محمد بن نصر بن حماد، وهو كذاب، وفي بعضها الحسن بن عمارة وهو ضعيف.

وأخرج الدارقطني مرسلًا (1920) من طريق عطاء بن السائب، عن موسى بن طلحة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يؤخذ من الخضراوات صدقة.

وأخرج الترمذي (638) من طريق الحسن بن عُمارة، عن محمد بن عبد الرحمن بن عبيد، عن عيسى بن طلحة، عن معاذ: أنه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الخضراوات، وهي البُقول، فقال:"ليس فيها شيء". قال الترمذي: إسناد هذا الحديث ليس بصحيح، وليس يصحُّ في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء. ثم قال: والعمل على هذا عند أهل العلم؛ أن ليس في الخضراوات صدقة. ثم قال: والحسن هو ابن عمارة، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه شعبة وغيره، وتركه عبد الله بن المبارك. =

ص: 362

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ بإسناد صحيح:

1475 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه وأبو بكر بن أبي نصر المَرْوَزِيُّ، قالا: حدثنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان، عن طلحة بن يحيى، عن أبي بُرْدةَ، عن أبي موسى ومعاذِ بنِ جبل، حين بَعَثَهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن يعلِّمانِ الناسَ أمرَ دِينِهم:"لا تأخذوا الصَّدقةَ إلّا من هذه الأربعة: الشَّعير، والحِنْطة، والزَّبيب، والتَّمر"

(1)

.

1476 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيّب، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا محمد بن مُسلم، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس على الرَّجُل المسلمِ زكاةً في كَرْمِه، ولا في زَرْعِه، إذا كان أقلَّ من خمسةِ أوسُقٍ"

(2)

.

= وانظر لزامًا تعليقنا على الحديث رقم (21989) من "مسند أحمد".

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي حذيفة موسى بن مسعود وطلحة بن يحيى التيمي. سفيان: هو الثوري، وأبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري.

وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(8190) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. إلّا أنه لم يذكر فيه أبا بكر بن أبي نصر المروزي.

وأخرجه الدارقطني (1921)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 125 من طريقين عن أبي حذيفة النهدي، به.

وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 4/ 125، وفي "المعرفة"(8191) من طريق عبيد الله الأشجعي، عن سفيان، به.

وأخرجه البيهقي 4/ 125 من طريق وكيع، عن طلحة بن يحيى، عن أبي بردة، عن أبي موسى وحده.

وانظر الحديثين قبله.

(2)

إسناده ضعيف، وقد سلف الكلام عليه عند الحديث برقم (1476).

وأخرجه البيهقي 4/ 128 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =

ص: 363

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1477 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العدلُ، حدثنا أبو المُثنَّى ومحمد بن أيوب، قالا: حدثنا أبو الوليد الطَّيالسي، حدثنا سليمان بن كثير، عن الزُّهري، عن أبي أُمامةَ بن سهل بن حُنيف، عن أبيه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن لَونَينِ من التمر: الجُعْرُورِ، ولونِ الحُبَيْق، قال: وكان ناسٌ يَتَيَمَّمُون شرَّ ثمارِهم فيُخرِجونَها في الصدقة، فنُهُوا عن لَونَينِ من التَّمر، فنزلت:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267]

(1)

.

= وأخرجه ابن خزيمة (2304)، وأبو الحسن الخِلعي في "الخلعيات"(591) من طريق منصور بن زيد الموصلي، عن محمد بن مسلم، به.

وأخرج الطحاوي في "المشكل"(1483) عن يزيد بن سنان وفهد بن سليمان، عن سعيد بن أبي مريم، عن محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صدقة في شيء من الزرع أو النخل أو الكرْم حتى تكون خمسة أوسق، ولا في الوَرِق حتى يبلغ مئتي درهم".

وأخرج عبد الرزاق (7250)، ومن طريقه ابن خزيمة (2306) عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، قال: سمعت غير واحد عن جابر بن عبد الله أنه قال: ليس فيما دون خمسة أواق صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق من الحب صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق من الحلو صدقة.

قال أبو بكر بن خزيمة: هذا هو الصحيح، لا رواية محمد بن مسلم الطائفي، وابن جريج أحفظ من عدد مثل محمد بن مسلم. وقال: يعني بالحلو: التمر.

(1)

حديث صحيح، سليمان بن كثير - وإن ضُعِّف في حديثه عن الزهري - قد توبع. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 376، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 201، وابن أبي حاتم في "التفسير" 2/ 528، والطبراني في "الكبير"(5566)، والدارقطني (2040)، والبيهقي 4/ 136، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 84 من طرق عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد.

وسيأتي من طريقين آخرين عن أبي الوليد الطيالسي برقم (3162).

وانظر ما بعده. =

ص: 364

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

وقد تابعه سفيان بن حسين ومحمد بن أبي حَفْصة عن الزهري.

فأما حديث سفيان بن حسين:

1478 -

فأخبرَناه جعفر بن محمد بن نُصَير الخُلْدي، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عبَّاد بن العَوَّام، عن سفيان بن الحسين، عن الزُّهري، عن أبي أُمامة بن سَهْل، عن أبيه قال: أَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بصَدَقةٍ، فجاء رجلٌ من هذا السُّخَّل بكَبائِسَ - فقال سفيان: يعني: الشِّيص - فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن جاء بهذا؟ " وكان لا يجيءُ أحدٌ بشيءٍ إلّا نُسِب إلى الذي جَلَبَه، فنزلت:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} ، قال: ونهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الجُعْرُور ولونِ الحُبَيق أن يُؤخَذَا في الصدقة.

قال الزُّهري: لونانِ من تمرِ الصَّدقة

(1)

.

وأما حديث محمد بن أبي حَفْصة:

= والجُعْرور: قال ابن الأثير في "النهاية": ضربٌ من الدَّقَل يحمل رطبًا صغارًا لا خير فيه.

ولون الحُبَيق: قال: هو نوع من أنواع التمر رديء منسوب إلى ابن حُبَيق، وهو اسم رجل.

يتيممون: أي: يتعمدون ويقصدون.

(1)

حديث صحيح، رجاله ثقات، وسفيان بن حسين - وإن كان في روايته عن الزهري كلام - متابع، كما سبق.

وأخرجه أبو داود (1607) عن محمد بن يحيى بن فارس، عن سعيد بن سليمان، بهذا الإسناد. مختصرًا بلفظ: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجعرور ولون الحُبيق أن يؤخذا في الصدقة. قال الزهري: لونين من تمر المدينة.

وسيأتي من طريقين آخرين عن سعيد بن سليمان برقم (3161).

قوله: السُّخَّل: بضم السين وتشديد الخاء، ويقال بالحاء المهملة، فسَّره سفيان هنا بالشِّيص، قال في "النهاية": يقال: سَخَّلَتِ النخلةُ: إذا حملت شِيصًا. والشِّيص: هو التمر الذي لا يشتد نواه ويقوى، وقد لا يكون له نوًى أصلًا.

والكبائس: قال: هي جمع كِباسة، وهو العِذْق التام بشماريخه ورطبه.

ص: 365

1479 -

فأخبرَناه الحسن بن حَلِيم المَروَزي، أخبرنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن محمد بن أبي حَفْصة، عن الزُّهري، عن أبي أُمامةَ بن سَهْل بن حُنَيف، عن أبيه قال: كان أناسٌ يَتلاوَمُون شِرارَ ثِمارِهم، فأنزل الله عز وجل:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} ، قال: فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لونين: عن الجُعْرور وعن لونِ حُبَيق

(1)

.

1480 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا وَهْب بن جَرِير، حدثنا شُعبة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يحيى وعبد الرحمن، قالا: حدثنا شعبة، قال: سمعت خُبَيب بن عبد الرحمن يحدِّث عن عبد الرحمن بن مسعود بن نِيَار، عن سهل بن أبي حَثْمة؛ قال: أتانا ونحن في السُّوق فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خَرَصْتُم فَخُذُوا ودَعُوا الثلث، فإن لم تأخُذُوا أو تَدَعُوا الثلث - شَكَّ شعبةُ في الثلث - فدَعُوا الرُّبع"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن أبي حفصة، وقد توبع كما في سابقيه.

الحسن بن حليم: هو الحسن بن محمد بن حليم، نسب إلى جده، وأبو الموجه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان بن جبلة، وعبدان لقبه.

وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج"(435)، وابن خزيمة (2311)، وابن زنجويه في "الأموال"(1943) من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 226 عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن محمد بن أبي حفصة، به.

يتلاومون: أي: ينتظرون ويتلبثون، مأخوذ من التلوُّم بمعنى الانتظار والتلبُّث. ومعناه هنا: أنهم ينتظرون حصول الثمار الرديئة عندهم ليقدموها صدقة مالهم.

(2)

إسناده محتمل للتحسين، عبد الرحمن بن مسعود بن نيار تابعيٌّ، تفرد بالرواية عنه خبيب بن عبد الرحمن، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم يجرحه أحد. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وعبد الرحمن: هو ابن مهدي.

وهو في "مسند أحمد" 26/ (16094) عن يحيى القطان وحده، بهذا الإسناد.

ومن طريق يحيى أيضًا أخرجه النسائي (2282). =

ص: 366

قال الحاكم: أنا جمعتُ بين يحيى وعبد الرحمن، وليس في حديث وَهْب بن جرير شَكُّ شعبة.

هذا حديث صحيح الإسناد.

وله شاهدٌ بإسنادٍ متفق على صحته: أنَّ عمر بن الخطاب أَمرَ به.

1481 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن بُشَير بن يسار، عن سَهْل بن أبي حَثْمة: أنَّ عمر بن الخطاب بَعَثَه على خَرْصِ التمر، وقال: إذا أتيتَ أرضًا فاخْرُصْها ودَعْ لهم قَدْرَ ما يأكلون

(1)

.

= وأخرجه أحمد 24/ (15713) و 26/ (16093)، وأبو داود (1605)، والترمذي (643)، والنسائي (2282)، وابن حبان (3280) من طرق عن شعبة، به. وليس عندهم شك شعبة.

قال الترمذي: وفي الباب عن عائشة وعتاب بن أسيد وابن عباس، ثم قال: والعمل على حديث سهل بن أبي حثمة عند أكثر أهل العلم في الخَرْص، وبحديث سهل بن أبي حثمة يقول أحمد وإسحاق.

ثم قال: والخرصُ إذا أدركتِ الثمارُ من الرُّطب والعنب مما فيه الزكاة، بعث السلطان خارصًا فخرص عليهم، والخَرْصُ أن يَنظُر من يُبصِر ذلك فيقول: يخرج من هذا من الزبيب كذا، ومن التمر كذا وكذا، فيحصي عليهم، ويَنظرُ مبلغَ العُشر من ذلك، فيُثبِت عليهم، ثم يخلِّي بينهم وبين الثمار، فيصنعون ما أحبوا، فإذا أدركتِ الثمارُ أُخذ منهم العُشر، هكذا فسَّره بعض أهل العلم، وبهذا يقول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق.

وقال ابن حبان: لهذا الخبر معنيان: أحدهما: أن يُترَك الثلث أو الربع من العُشر. والثاني: أن يُترَك ذلك من نفس التمر قبل أن يُعشَّر إذا كان ذلك حائطًا كبيرًا يحتمله.

(1)

رجاله ثقات، إلّا أنَّ حماد بن زيد في روايته عن يحيى بن سعيد - وهو الأنصاري - مقال، قال عبد الرحمن بن مهدي - كما في "الجرح والتعديل" 3/ 138 لابن أبي حاتم -: ما رأيت أحدًا لم يكتب الحديث أحفظ من حماد بن زيد، لم يكن عنده كتاب إلّا جزء ليحيى بن سعيد، وكان يخلِّط فيه. قلنا: وقد خالف هنا جمعًا من الثقات الذين رووه مرسلًا إلى عمر، وفي رواياتهم أنَّ الذي بعثه عمر هو أبو حثمة وليس ابنه سهلًا، كما سيأتي في التخريج.

وأخرجه البيهقي 4/ 124 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =

ص: 367

1482 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا شُعبة، عن قتادة، عن أبي عمر الغُدَاني، عن أبي هريرة: أنه مَرَّ عليه رجلٌ من بني عامر، فقيل: هذا من أكثر الناس مالًا، فدعاه أبو هريرةَ فسأله عن ذلك، فقال: نَعَم، لي مئةٌ حمراءُ، ولي منةٌ أَدْماءُ، ولي كذا وكذا من الغَنَم، فقال أبو هريرة: إياكَ وأَخفافَ الإبل، إياكَ وأظلافَ الغَنَم؛ إنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مِن رجلٍ يكون له إبلٌ لا يؤدِّي حقَّها في نَجْدَتِها ورِسْلِها

= وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 4/ 237 من طريق خلف بن هشام، عن حماد بن زيد، به.

وأخرج أبو عبيد في "الأموال"(1449) - ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" 5/ 159 - عن هشيم بن بشير ويزيد بن هارون، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" 4/ 283 عن أنس بن عياض ويزيد بن هارون، وابن أبي شيبة 3/ 194 عن أبي خالد الأحمر، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 124، وفي "المعرفة"(8188) من طريق سليمان بن بلال، خمستهم عن يحيى بن سعيد، عن بُشير بن يسار: أنَّ عمر بن الخطاب كان يبعث أبا حثمة خارصًا

الحديث.

وهذا هو الصواب - والله أعلم - فسهل بن أبي حثمة توفي النبي صلى الله عليه وسلم وعمره ثماني سنوات، وعيَّن بعضهم مولده سنة ثلاث من الهجرة، أما الذي كان يبعثه النبي صلى الله عليه وسلم وعمرُ بن الخطاب هو أبوه أبو حثمة. انظر ترجمة سهل في "تهذيب الكمال" و"تهذيب التهذيب".

وأخرج عبد الرزاق (7221) عن سفيان الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار: أنَّ عمر بن الخطاب كان يقول للخرّاص: دع لهم قدر ما يقع، وقدر ما يأكلون. لم يذكر فيه اسم المبعوث.

وأخرج عبد الرزاق أيضًا (7222) عن معمر، عن يحيى بن سعيد: أنَّ عمر بن الخطاب، فذكر نحوه، ولم يذكر بشير بن يسار.

وأخرج الطحاوي في "معاني الآثار" 2/ 40 من طريق أبي بكر بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سعيد بن المسيب، قال: بعث عمر بن الخطاب سهل بن أبي حثمة يخرص على الناس

الحديث، وأبو بكر بن عياش له أغلاط، وقد تفرد هنا بذكر سعيد بن المسيب، وخالف الثقات إلّا حماد بن زيد في تسمية الصحابي المبعوث سهل بن أبي حثمة.

وأخرج أبو عبيد (1450) - ومن طريقه ابن حزم 5/ 160 - عن يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، أنَّ أبا ميمون أخبره عن سهل بن أبي حثمة: أنَّ مروان بعثه خارصًا للنخل، فخرص مال سعد بن أبي وقاص سبع مئة وسق

وأبو ميمون هذا مجهول.

ص: 368

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ونَجْدتُها ورِسْلُها: عُسْرُها ويُسْرُها - إلّا بَرَزَ له بقاعٍ قَرقَرٍ، فجاءته كأَغذِّ

(1)

ما تكون وأَسَرِّهِ وأسمَنِه أو أعظمِه

(2)

- شعبةُ شَكَّ - فتَطَؤُه بأخفافِها وتَنطِحُه بقرونها، كلَّما جازت عليه أُخراها أُعيدتْ عليه أُولاها، في يومٍ كان مقدارُه خمسين ألفَ سنة، حتى يُقضَى بين الناس فيُرى سَبيلَه.

وما من عبدٍ يكون له بقرٌ لا يُؤدِّي حقَّها في نَجْدَتِها ورِسْلِها - قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ونَجْدَتها ورِسْلُها، عُسْرُها ويُسْرُها - إلّا بَرَزَ له بِقاعٍ قَرْقَرٍ كأغَذِّ ما تكونُ وأسرِّه واسمَنِه وأعظَمِه، فتطؤُه بأظلافها، وتَنْطِحُه بقُرونِها، كلما جازَتْ عليه أُولاها أُعيدَتْ عليه أُخراها، في يومٍ كان مِقدارُه خمسينَ ألفَ سنة، حتى يُقضَى بين الناس، فيُرَى سبيلَه".

فقال له العباس: وما حقُّ الإبل يا أبا هريرة؟ قال: تُعطي الكريمةَ، وتَمنحُ الغَزيرةَ، وتُفقِرُ الظَّهرَ، وتُطرِقُ الفَحْل، وتَسقِي اللَّبَن

(3)

.

(1)

تحرف في المطبوع إلى: كعدد. وهي غير منقوطة في أصولنا الخطية، إلّا أنَّ مصادر التخريج وكتب الغريب اتفقت على روايتها بالغين والذال المعجمتين، قال السندي في حاشيته على "سنن النسائي": بغين معجمة وذال معجمة مشددة، أي: أسرع وأنشط. وكذا قال ابن الأثير في "النهاية"(غذذ) وقال: أغَذَّ يُغِذُّ إغذاذًا: إذا أسرع في السَّير.

(2)

في النسخ الخطية: وأعظمه، وقوله:"شعبة شك" من (ص) و (ب) فقط.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين، أبو عمر - ويقال: أبو عمرو - الغُداني، تابعيٌّ تفرد بالرواية عنه قتادة بن دعامة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم يذكره أحد بجرح، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه أحمد 16/ (10351)، وأبو داود (1660) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. ولم يذكر أبو داود لفظه، وإنما أحال على لفظ حديث أبي صالح عن أبي هريرة، الآتي تخريجه بعد قليل، وذكر قول أبي هريرة الذي في آخر الحديث: تعطي الكريمة

إلى آخره.

وأخرجه بطوله أحمد 16/ (10350)، والنسائي (2234) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به. وزاد أحمد في روايته ذكر صاحب الغنم.

وأخرجه أحمد 14/ (8979) من طريق همام، عن قتادة، به. ولم يسق لفظه وإنما أحال على =

ص: 369

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= حديث أبي صالح عن أبي هريرة المشار إليه قريبًا.

وأخرجه بنحوه وبمعناه مطولًا ومختصرًا أحمد 13/ (7563) و 14/ (8977) و (8978)، ومسلم (987)، وأبو داود (1658) و (1659)، وابن حبان (3253) من طريق أبي صالح السمان، وأحمد 16/ (10352) من طريق خِلاس بن عمرو الهَجَري، والبخاري (1402)، والنسائي (2240) من طريق عبد الرحمن الأعرج، وابن حبان (3254) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب، أربعتهم عن أبي هريرة.

وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله عند مسلم (988) وغيره.

قوله: حمراء، أكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل، والإبل الحمر أعزّ أموال العرب. قاله النسفي في "طلبة الطلبة" مادة (حمر).

وقوله: أدماء، قال ابن الأثير في "النهاية": الأُدْمة في الإبل: البياض مع سواد المقلتين، بعيرٌ آدَم: بيِّن الأُدْمة، وناقة أَدْماء.

نجدتها ورِسْلها: قال ابن الأثير: النجدة: الشدة، والرِّسل بالكسر: الهِينة والتأني.

القاع: المكان الواسع.

القرقر - بفتح القافين -: المكان المستوي.

وأَسرِّه، كذا وقعت هنا مهملة في أصولنا الخطية، قال في "النهاية": أي: كأسمن ما كانت وأوفره، من سِرِّ كل شيء وهو لبُّه ومخُّه، وقيل: هو من السرور، لأنها إذا سمنت سرَّت الناظر إليها. انتهى، ووقع في "مسند أحمد" وغيره من مصادر التخريج: وآشره، بالمد والشين المعجمة، وقال ابن الأثير في معناها: أبطره وأنشطه.

فيُرى سبيله: قال القاضي عياض في "المشارق" 2/ 364: بنصب سبيله على المفعول الثاني، والمفعول الأول مضمر، أي: فيُرى هو سبيلَه. وقال النووي في "شرح مسلم" 7/ 65: ضبطناه بضم الياء وفتحها، وبرفع لام سبيله ونصبها. وتعقبه الحافظ العراقي في "طرح التثريب" 4/ 10 بقوله: الوجهان في رفع لام سبيله ونصبها إنما يجيئان مع ضم الياء، فأما مع فتح الياء فيتعين نصب اللام، والله أعلم.

الكريمة: هي الخالية من العيوب، وذلك في الصدقة.

الغزيرة: هي كثيرة اللبن.

تفقر الظهر: تعيره للحمل والركوب، والظهر: الدابة

تطرق الفحل: الطَّرْق: ماء الفحل، أي: تعيره من أجل اللقاح.

ص: 370

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، إنما خرَّج مسلم بعض هذه الألفاظ من حديث سُهيل عن أبيه عن أبي هريرة

(1)

.

وأبو عمر الغُدَاني يقال: إنه يحيى بن عُبيد البَهْراني، فإن كان كذلك، فقد احتجَّ به مسلم.

ولا أعلم أحدًا حدَّث به عن شعبة غيرَ يزيد بن هارون، ولم نكتبه عاليًا إلّا عن أبي العباس المحبوبي.

1482 م - إنما حدَّثَناه أبو زكريا العَنْبري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا عَبْدَةُ بن عبد الله الخُزَاعي.

وحدثنا أبو عليٍّ الحافظ، حدثنا أبو عبد الرحمن النَّسائي، حدثنا محمد بن عليّ بن سَهْل؛ قالا: حدثنا يزيد بن هارون، نحوه.

1483 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيّب، حدثنا نُعَيم بن حماد، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن رَبيعَة بن أبي عبد الرحمن، عن الحارث بن بلال بن الحارث، عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَخَذَ في المَعادن القَبَلِيَّةِ الصَّدقةَ، وأنه أقطَعَ بلالَ بن الحارث العَقِيقَ أجمَعَ، فلمَّا كان عمرُ قال لبلال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُقطِعْكَ لتَحْتَجِرَه عن الناس، لم يُقطِعْكَ إلّا لتعمَلَ. قال: فأقطَعَ عمرُ بن الخطاب للناس العَقِيقَ

(2)

.

(1)

أخرجه مسلم برقم (987)، كما سلف تخريجه قريبًا.

(2)

في إسناده لِين، الحارث بن بلال تفرد بالرواية عنه ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وقال فيه ابن القطان في "بيان الوهم" 3/ 468: الحارث بن بلال هذا لا يعرف حاله، وقال أحمد بن حنبل عن حديث بلال بن الحارث هذا: لا أقول به، وليس إسناده بالمعروف، ولم يروه إلّا الدراوردي وحده.

قلنا: إلّا أنَّ لقصة إقطاع النبي صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث شاهدًا من حديث عمرو بن عوف وابن عباس، أخرجه أحمد 5/ (2785) و (2786) وأبو داود (3062) و (3063) بإسناد ضعيف، يعضد قصة الإقطاع دون زكاة المعادن، وانظر بسط الكلام على الحديث في التعليق على "سنن أبي داود"(3061). =

ص: 371

قد احتجَّ البخاري بنُعَيم بن حماد، ومسلمٌ بالدَّراوَرْدي، وهذا حديث صحيح ولم يُخرجاه.

= وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 152 و 6/ 148، وفي "المعرفة"(1212) و (8357) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقد جاء في "المعرفة" مختصرًا: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من معادن القبلية الصدقة.

وأخرجه تامًا ومختصرًا أبو عبيد القاسم بن سلام في "الأموال"(679) و (713)، وابن زنجويه في "الأموال"(1012) و (1069)، وابن شبة في "تاريخ المدينة "1/ 150، وابن الجارود في "المنتقى"(371)، وابن خزيمة (2323) من طريق نعيم بن حماد، به. قال ابن خزيمة: إنَّ في القلب من اتصال هذا الإسناد.

وأخرج يحيى بن آدم في "الخراج"(294)، ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" 6/ 149 عن يونس، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم - مرسلًا - قال: جاء بلال بن الحارث المزني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه أرضًا

فذكر نحوه.

وأخرج البيهقي 6/ 149 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن رجل من أهل المدينة قال: قطع النبي صلى الله عليه وسلم العقيق رجلًا واحدًا، فلما كان عمر كثر عليه فأعطاه بعضه وقطع سائره الناس. ويغلب على الظن أنَّ الرجل المدني صحابي، لأنَّ طاووسًا جل روايته عن الصحابة، والله أعلم.

وأخرج أبو داود (3061) عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن غير واحد: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية، وهي من ناحية الفُرُع، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلّا الزكاة إلى اليوم. وهذا مرسل كما قال المنذري في "مختصر السنن".

وانظر ما سيأتي برقم (6324).

قوله: المعادن القَبَلية، قال ابن الأثير: القَبَلية: منسوبة على قَبَل - بفتح القاف والباء - وهي ناحية من ساحل البحر، بينها وبين المدينة خمسة أيام، وقيل: هي من ناحية الفُرع، وهو موضع بين نخلة والمدينة، هذا هو المحفوظ في الحديث.

وقوله: أقطَعَ، قال السندي في حاشيته على "مسند أحمد": من أقطعه الإمام أرضًا: إذا أعطاه أرضًا، وهو يكون تمليكًا وغيره.

والعقيق: وادٍ من أودية المدينة، مَسيلٌ للماء.

ص: 372

1484 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إسحاق بن الحسن بن مَيمُون، حدثنا عفّان بن مُسلِم، حدثنا شُعبة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن الحَكَم، عن ابن أبي رافع، عن أبي رافع: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رجلًا من بني مَخزُوم على الصَّدقة، فقال لأبي رافع: اصحَبْني كَيْما تُصيبَ منها، فقال: لا، حتى آتيَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فانطَلَقَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال:"إنَّ الصَّدقةَ لا تَحِلُّ لنا، وإنَّ مَواليَ القوم من أنفُسِهم"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1485 -

أخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حَبيب، عن عبد الرحمن بن شُمَاسة، عن عُقْبة بن عامر قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يَدخُلُ صاحبُ مَكْسٍ الجنةَ". قال يزيد بن هارون: يعني العَشَّار

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. الحكم: هو ابن عُتيبة الكِندي، وابن أبي رافع: اسمه عبيد الله، وهو كاتب علي بن أبي طالب، وأبو رافع: هو مولى النبي صلى الله عليه وسلم، واسمه أسلم.

وهو في "مسند أحمد" 39/ (23872). وقرن أحمد هناك بمحمد بن جعفر: بهزَ بن أسد العمِّي.

وأخرجه الترمذي (657) عن محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 45/ (27182)، وأبو داود (1650)، والنسائي (2404)، وابن حبان (3293) من طريقين عن شعبة، به.

وأخرجه بنحوه أحمد 39/ (23863) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم بن عتيبة، به. وسمَّى الرجل صاحب القصة مع أبي رافع: الأرقمَ الزهري، أو ابن أبي الأرقم.

وأخرجه النسائي (2405) من طريق حمزة الزيات، عن الحكم بن عتيبة، عن بعض أصحابه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أرقم بن أبي أرقم ساعيًا على الصدقة

فذكر نحوه.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن. =

ص: 373

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1486 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، حدثنا عمرو بن خالد الحَرَّاني، حدثنا عبيد الله بن عمرو الرَّقِّي، عن زيد

(1)

بن أبي أُنيسة، عن القاسم بن عوف الشَّيباني، عن علي بن الحسين، قال: حدثتنا أمُّ سلمة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بينما هو في بيتها، وعنده رجالٌ من أصحابه يَتحدَّثون، إذ جاء رجلٌ فقال: يا رسول الله، كم صدقةُ كذا وكذا من التمر؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كذا وكذا" فقال الرجل: إنَّ فلانًا تعدّى عليَّ فأخذ منِّي كذا وكذا، فازداد صاعًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فكيف إذا سَعَى عليكم مَن يَتعدَّى عليكم أشدَّ من هذا التّعدِّي؟ " فخاض الناسُ وبَهَرَ الحديثُ، حتى قال رجلٌ منهم: يا رسولَ الله، إن كان رجلًا غائبًا عنك في إبلِه وماشيتِه وزَرْعِه، فأدَّى زكاةَ مالِه فتُعُدِّيَ عليه الحقَّ، فكيف يَصنَعُ وهو غائب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أدّى زكاةَ مالِه طيِّبَ النفسِ بها، يريدُ به وَجْهَ الله والدارَ الآخرة، لم يُغيِّب شيئًا من ماله، وأقام الصلاةَ، وأدّى الزكاةَ، فتُعُدِّي

= وأخرجه أحمد 28/ (17354) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (17294)، وأبو داود (2937) من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، به.

وفي الباب عن رويفع بن ثابت عند أحمد 28/ (17001)، ولفظه مرفوعًا:"إنَّ صاحب المكس في النار"، وإسناده قابل للتحسين.

والمَكس: قال ابن الأثير: الضريبة التي يأخذها الماكس، وهو العَشَّار. وقال السندي في حاشيته على "المسند": والعَشَّار: هو الذي يأخذ من المسلمين عُشر أموالهم في الزكاة، ولعلَّ المعنى: لا يستحق الدخول ابتداءً.

وقال البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 16: المكس: هو النقصان، فإذا كان العامل في الصدقات ينتقص من حقوق المساكين ولا يعطيهم إياها بالتمام، فهو حينئذٍ صاحب مكس يُخاف عليه الإثم والعقوبة، والله أعلم.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: يزيد.

ص: 374

عليه الحقِّ، فأَخَذ سلاحَه فقاتَلَ فقُتل، فهو شهيد"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. ولم يُخرجاه.

1487 -

أخبرنا أبو إسحاق بن فراس الفقيه بمكة، حدثنا بكر بن سَهْل الدِّمْياطي، حدثنا شعيب بن يحيى التُّجِيبي، حدثنا الليث بن سعد، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: أنه لمَّا كان عامُ الرَّمادة، وأجْدَبَتِ الأرض، كَتَبَ عمر بنُ الخطاب إلى عمرو بن العاص: مِن عبد الله عمرَ أميرِ المؤمنين إلى العاصي ابن العاص، لعَمْري

(2)

ما تُبالي إذا سَمِنْتَ ومَن قِبَلَكَ أن أَعْجَفَ ومَن قِبَلي، ويا غَوْثاه، فكتب عمرو: السلام، أما بعدُ: لبَّيك لبَّيك، أتتك عِيرٌ أولُها عندك وآخرُها عندي، مع أني أرجو أن أجد سبيلًا أن أحمِلَ في البحر، فلمَّا قَدِمَ أولُ عِيرٍ دعا الزُّبيرَ فقال: اخرُجْ في أول هذه العِير، فاستقبِلْ بها نجدًا

(3)

، فاحمِلْ إليَّ كلَّ أهل بيتٍ قَدَرتَ أن تَحمِلَهم إليَّ، ومَن لم تستطع حَمْلَه فمُرْ لكلِّ أهل بيتٍ ببعيرٍ بما عليه، ومُرْهُم فليَلْبَسوا اللِّباسَ كِساءَيْنِ

(4)

، وليَنحَروا البعيرَ فيَجْمُلوا شَحْمَه، وليُقدِّدوا لحمَه،

(1)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل القاسم بن عوف الشيباني. علي بن الحسين: هو ابن علي بن أبي طالب زينُ العابدين.

وأخرجه أحمد 44/ (26574)، وابن حبان (3193) من طريقين عن عبيد الله بن عمرو الرقي، بهذا الإسناد. رواية أحمد مختصرة.

قال ابن حبان: معنى هذا الخبر: إذا تُعدِّي على المرء في أخذ صدقته، أو ما يشبه هذه الحالة، وكان معه من المسلمين الذين يواطئونه على ذلك، وفيهم كفاية، بعد أن لا يكون قصدهم الدنيا، ولا شيئًا منها، دون إلقاء المرء نفسه إلى التهلكة، إذ المصطفى صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر:"اسمع وأطع ولو عبدًا حبشيًا مجدَّعًا"، وقال صلى الله عليه وسلم:"من حمل السلاح فليس منا".

(2)

تحرف في (ز) و (ص) و (ع) إلى: العمري، وفي هامش (ز):"لعلَّها أخبرني العمري"، ووقع في (ب) و"تلخيص الذهبي": أخبرني العمري، وكله خطأ، والتصويب من "إتحاف المهرة" 2/ 87 و"سنن البيهقي" في روايته هذا الحديث عن المصنِّف نفسه، ومن "صحيح ابن خزيمة".

(3)

تحرف في نسخنا الخطية إلى: غدًا، والتصويب من مصدري التخريج.

(4)

تحرف في (ز) و (ب) إلى: فليلبسوا الناس كماتين، وسقطت لفظة "كساءين" من (ص) و (ع) =

ص: 375

وليَحتَذُوا جِلدَه، ثم ليأخُذُوا كُبَّةً من قَدِيدٍ وكُبَّةً من شَحْمٍ وحَفْنَةً من دقيق فيَطبُخوا

(1)

، وليأكُلوا حتى يأتيهم الله برِزْق، فأَبى الزُّبير أن يَخرُج، فقال: أما والله لا تجدُ مثلَها حتى تخرج من الدنيا، ثم دعا آخَرَ أظنُّه طلحة، فأبى، ثم دعا أبا عُبيدةَ بن الجرَّاح، فخَرَج في ذلك، فلمَّا رَجَعَ بَعَثَ إليه بألف دينار، فقال أبو عبيدة: إني لم أعمَلْ لك يا ابنَ الخطاب، إنما عَمِلتُ لله، ولستُ آخُذُ في ذلك شيئًا، فقال عمر: قد أعطانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في أشياءَ بَعَثَنا فيها فكَرِهْنا، فأَبى ذلك علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فاقبَلْها أيها الرجل، فاستَعِنْ بها على دُنياكَ، فقَبِلَها أبو عبيدةَ بن الجرَّاح

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1488 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمَّاك ببغداد، حدثنا أحمد بن حيَّان بن مُلاعِب، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، عن حسين المُعلِّم، عن عبد الله بن بُريدةَ، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من استَعمَلْناه على عَمَلٍ فرَزَقْناه رِزقًا، فما أخَذَ بعد ذلك فهو غُلول"

(3)

.

= ووقع في "السنن الكبرى" للبيهقي في روايته عن المصنف: "فليلبسوا كساءين" بإسقاط لفظة اللباس.

(1)

في (ص) و (ع): فيطحنوا، والمثبت من (ز).

(2)

إسناده حسن إن شاء الله، هشام بن سعد وإن كان مختلفًا فيه، فقد جعله أبو داود السجستاني من أثبت الناس في زيد بن أسلم، وبكر بن سهل الدمياطي فيه ضعف، لكنه قد توبع. وقد قوى هذا الإسناد الذهبي في "مختصر سنن البيهقي". أسلم والد زيد: هو القرشي العدوي المدني، مولى عمر بن الخطاب.

وأخرجه البيهقي 6/ 355 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (2367) عن أبي زهير عبد المجيد بن إبراهيم المصري، عن شعيب بن يحيى التجيبي، به.

وأخرجه البيهقي 6/ 354 عن عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، به.

يَجمُلوا: يُذيبوا. يقدِّدوا لحمه: يملّحوه ويجفّفوه. والكُبَّة: الشيء المجتمع من الطعام وغيره.

(3)

إسناده صحيح. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد، وحسين المعلم: هو ابن ذكوان، وبريدة: =

ص: 376

هذا حديث صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1489 -

أخبرني أبو النَّضْر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا الحسين بن إدريسَ الأنصاريُّ، حدثنا محمد بن عبد الله بن عمّار المَوْصِلي، حدثنا المُعافَى بن عِمْران، عن الأوزاعي، حدثنا الحارث بن يزيد، عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير، عن المُستورِد بن شدَّاد قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من كان لنا عاملًا فليكتسِبْ زوجةً، وإن لم يكن له خادمٌ فليكتسِبْ خادمًا، ومن لم يكن له مَسكنٌ فليكتسِبْ مسكنًا".

قال

(1)

: وأُخبِرتُ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن اتخذ غيرَ ذلك فهو غالٌّ أو سارق"

(2)

.

= هو ابن الحُصيب الأسلمي.

وأخرجه أبو داود (2943) عن أبي طالب زيد بن أخزم، عن أبي عاصم، بهذا الإسناد.

والغلول: الخيانة في أموال الغنائم وغيرها.

(1)

جاء في "صحيح ابن خزيمة" بإثر الحديث (2370): قال أبو بكر يعني المعافى: وأُخبرتُ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اتخذ غير ذلك فهو غالٌّ أو سارق". لكن لم يذكر أحد ممن ترجم للمعافى أنه يكنى أبا بكر، ووقع عند الطبراني في "الكبير" 20/ (725) أنَّ أبا بكر رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أكثرتَ يا رسول الله، فردَّ عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"من أصاب بعد ذلك فهو غالٌّ". ووقع في "سنن أبي داود" بإثر (2945): قال: قال أبو بكر: أُخبرت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اتخذ غير ذلك فهو غالٌّ أو سارق". ولا شكَّ أنَّ هذا الاختلاف هو وهم من بعض الرواة، لكن بالتوفيق بين الروايات يحتمل أنَّ القائل: وأُخبرتُ

إلى آخره: هو المعافى بن عمران، وأنَّ قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من اتخذ

" إلى آخره، هو جواب لأبي بكر الصديق حين قال: أكثرت يا رسول الله. فهو على هذا معضلٌ، والله تعالى أعلم.

(2)

إسناد الشطر الأول منه صحيح، غير أنَّ تسمية عبد الرحمن بن جبير بن نفير هنا خطأ، صوابه: عبد الرحمن بن جبير، دون ذكر "ابن نفير"، لأنَّ الحارث بن يزيد مصريٌّ، وهو يروي عن عبد الرحمن بن جبير المصري، وليس له رواية عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير وهو شامي، وقد جزم الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" 8/ 377 أنَّ عبد الرحمن بن جبير هذا هو المصري. ولم يرد ذكر "ابن نفير" في مصادر التخريج إلّا في بعض روايات الطبراني، والله أعلم.

وأخرجه أحمد 19/ (18015) و (18017) و (18018) من طريق ابن لهيعة، عن الحارث =

ص: 377

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1490 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو زُرْعة عبد الرحمن بن عمرو الدِّمشقي، حدثنا أحمد بن خالد الوَهْبي، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود

(1)

بن لَبِيد، عن رافع بن خَدِيجٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العاملُ على الصَّدَقة بالحقِّ كالغازي في سبيل الله حتى يَرجِعَ إلى بيتِه"

(2)

.

= ابن يزيد، عن عبد الرحمن بن جبير، عن المستورد بن شداد، رفعه. وقرن بالموضع الأول والثالث بالحارث بن يزيد: عبد الله بن هبيرة. وقد جاء عنده في جميع مواضعه قول النبي صلى الله عليه وسلم في آخره: "من اتخذ

" إلى آخره موصولًا بالحديث. وابن لهيعة سيئ الحفظ.

وأخرجه كذلك 29/ (18019) من طريق ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة وحده - لم يذكر الحارث - عن عبد الرحمن بن جبير، به.

وأخرجه أبو داود (2945) عن موسى بن مروان الرقي، عن المعافى، عن الأوزاعي، عن الحارث بن يزيد، عن جبير بن نفير، عن المستورد بن شداد، فذكره. وذكر جبير بن نفير هذا خطأ، صوابه عبد الرحمن بن جبير، كما ذكر المزي في "التحفة" 8/ 377 - 378، والآفة فيه من موسى بن مروان، والله أعلم.

وانظر تمام تخريجه وذكر وشواهده في تعليقنا على "المسند"(18015).

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: محمد.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار - وقد صرَّح بالتحديث عند أحمد في "المسند" فانتفت شبهة تدليسه.

وأخرجه الترمذي (645) عن محمد بن إسماعيل البخاري، عن أحمد بن خالد الوهبي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 28/ (17285)، وأبو داود (645)، وابن ماجه (1809) من طرق عن محمد بن إسحاق، به.

وأخرجه الترمذي (645) من طريق يزيد بن عياض، عن عاصم بن عمر بن قتادة، به. قال الترمذي: حديث رافع بن خديج حديث حسن، ويزيد بن عياض ضعيف عند أهل الحديث، وحديث محمد بن إسحاق أصح. قلنا: العمدة فيه على ابن إسحاق، أما يزيد بن عياض فهو متهم. =

ص: 378

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1491 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنعاني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصَّنْعاني، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن الزهري.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيديُّ، حدثنا سفيان، عن الزُّهري، عن حُمَيد بن عبد الرحمن، عن أُمِّه أُمُّ كلثوم بنت عُقبة - قال سفيان: وكانت قد صلَّتْ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القِبلَتَين - قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ الصَّدقة على ذي الرَّحِمِ الكاشِح"

(1)

.

= وأخرجه أحمد 25/ (15826) عن يعلى بن عبيد، عن محمد بن إسحاق، عن رافع بن خديج. وهو مُعضَل.

(1)

إسناده من جهة معمر - وهو ابن راشد - صحيح، أما من جهة سفيان - وهو ابن عيينة - فمنقطع، فقد صرَّح سفيان كما في "مسند الحميدي" بعدم سماع هذا الحديث من الزهري.

الحميدي: هو أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى، وحميد بن عبد الرحمن: هو ابن عوف القرشي الزهري.

وهو في "مسند الحميدي"(330)، وفيه: عن سفيان قال: أخبَروني عن الزهري، بهذا الإسناد.

وبإثره قال سفيان: ولم أسمعه من الزهري.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 27 عن أبي عبد الله الحاكم، بالإسنادين جميعًا.

وأخرجه البيهقي أيضًا في "شعب الإيمان"(3154)، وفي "الآداب"(9) عن الحاكم، بالإسناد الأول.

وأخرجه كذلك في "معرفة السنن والآثار"(13378) عن الحاكم، بالإسناد الثاني.

وأخرجه الجصاص في "أحكام القرآن" 2/ 336 عن عبد الباقي بن قانع، عن بشر بن موسى، به.

وأخرجه ابن خزيمة (2386)، والطبراني في "الكبير" 25/ (204)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1282) من طرق عن سفيان بن عيينة، به.

ورواه سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أيوب بن بشير الأنصاري، عن حكيم بن حزام: أنَّ رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم .. فذكره، أخرجه أحمد في "المسند" 24/ (15320)، وسفيان بن حسين الواسطي ضعيف في روايته عن الزهري.

ورواه حجاج بن أرطاة عن الزهري، عن حكيم بن بشير، عن أبي أيوب الأنصاري، رفعه. =

ص: 379

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهد بإسناد صحيح:

1492 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب إملاءً، حدثنا الحسن بن مُكرَم البزَّاز، حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا ابن عون، عن حفصة بنت سيرين، عن أم الرّائح بنت صُلَيع، عن سلمان بن عامر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الصدقةَ على المسكين صدقةٌ، وإنها على ذي الرَّحِم اثنتان؛ إنها صدقةٌ وصِلَة"

(1)

.

= وحجاج بن أرطاة قيل: لم يسمع من الزهري.

قال الدارقطني في "العلل"(4064): وكلاهما غير محفوظ. يعني حديثي حكيم وأبي أيوب. والكاشح، قال في "النهاية": العدوّ الذي يضمر عداوته ويطوي عليها كشحه، أي: باطنه. والكشح: الخصر، أو الذي يطوي عنك كشحه ولا يألفك.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين، أم الرائح بنت صُلَيع - واسمها: الرباب - فهي وإن تفردت بالرواية عنها حفصة بنت سيرين، تابعية، وروايتها هنا عن عمها، وقد وثقها ابن حبان. عثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي، وابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرطبان، وسلمان بن عامر: هو الضبي، وهو عم أم الرائح.

وأخرجه أحمد 26/ (16227) و (16235) و 29/ (17872) و (17883)، وابن ماجه (1844)، والنسائي (2374)، وابن حبان (3344) من طرق عن ابن عون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 26/ (16226) و 29/ (17873)، والترمذي (658) من طريق عاصم بن سليمان الأحول، وأحمد (16232) عن عبد الرزاق، عن هشام بن حسان، كلاهما (عاصم وهشام) عن حفصة بنت سيرين، به. وزادا فيه قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور" وزاد أحمد في رواياته أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم: "مع الغلام عقيقته، فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذى". وقال الترمذي: حديث حسن.

وأخرجه أحمد 26/ (16233) و 29/ (17884) عن يزيد بن هارون، و (16234) و (17870) عن يحيى بن سعيد القطان، كلاهما عن هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، عن سلمان بن عامر. ليس فيه الرباب أم الرائح.

ويشهد له حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود، أخرجه البخاري (1466)، ومسلم (1000)، وفيه:"لها أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة".

ص: 380

1493 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان المَوصِلي، حدثنا علي بن حرب، حدثنا سفيان.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه - واللفظ له - أخبرنا بشرُ بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، عن منصور، عن أبي حازم، عن أبي هريرةَ، يَبلُغُ به:"لا تَحِلُّ الصدقةُ لِغنيٍّ ولا لذي مِرَّةٍ سَوِيٍّ"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد فيه اختلاف سيأتي بيانه. علي بن حرب: هو الطائي، وسفيان: هو ابن عيينة، وأبو بكر بن إسحاق: اسمه أحمد، والحميدي: هو عبد الله بن الزبير، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي.

وهو في "حديث سفيان بن عيينة" برواية علي بن حرب الطائي (38).

وتابع عليَّ بن حرب والحميديَّ عن سفيان في رفعه جمعٌ، فقد أخرجه البزار (9725) عن محمد بن الوليد القرشي، والطبري في مسند عبد الرحمن بن عوف من "تهذيب الآثار"(749) عن صالح بن مسمار المروزي، وابن خزيمة (2387) عن عبد الجبار بن العلاء، وأبو طاهر المخلص في "المخلصيات"(1268) و (3077) عن محمد بن ميمون المكي، أربعتهم عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد مرفوعًا. وفي رواية صالح بن مسمار: قال ابن عيينة: أظنه منصورًا عن أبي حازم عن أبي هريرة.

وخالفهم غيرهم فرووه عن سفيان وقد شكَّ في رفعه، كما أخرجه سعدان بن نصر في "جزئه"(96) - ومن طريقه أخرجه البيهقي 7/ 13 - 14 - وأخرجه أبو يعلى (6199) عن محمد بن عباد، كلاهما (سعدان ومحمد بن عباد) عن سفيان، عن منصور، عن أبي حازم، عن أبي هريرة. قيل لسفيان: هو عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لعله. وفي رواية سعدان: قال سفيان: أظنه عن منصور.

ورواه حصين بن عبد الرحمن السلمي عن أبي حازم الأشجعي، واختلف عليه فيه، فقد أخرجه الطبراني في "الأوسط"(7859)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(885) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي عنه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة مرفوعًا.

وخالفه هشيم بن بشير عند الطبري في "تهذيب الآثار"(748)، وأبو يوسف - كما ذكر الجصاص في "أحكام القرآن" 4/ 333 - فروياه عن حصين، عن أبي حازم، عن أبي هريرة موقوفًا.

وقد أعلّ البزار رواية سفيان بن عيينة عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة، وقال: الصواب حديث إسرائيل عن منصور عن سالم عن أبي هريرة، وقد تابع إسرائيل على روايته أبو حَصين =

ص: 381

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

شاهدُه حديث عبد الله بن عمرو:

1494 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا أحمد بن سَيَّار، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم.

وحدثنا أحمد بن سَلْمان الفقيه، حدثنا أبو بكر بن أبي العَوَّام، حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه.

وأخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن رَيْحان بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تحلُّ الصَّدقةُ لِغنيٍّ، ولا لِذِي مِرَّةٍ قويّ". هكذا قال الثوري وشعبة، وفي حديث إبراهيم بن سعد:"سَوِيّ"

(1)

.

= فرواه عن سالم عن أبي هريرة.

قلنا: أما حديث إسرائيل فقد أخرجه البزار (9627)، والدارقطني في "السنن"(1989)، وأما حديث أبي حصين عن سالم - وهو ابن أبي الجعد - فقد أخرجه أحمد 14/ (8908) و 15/ (9061)، وابن ماجه (1839)، والنسائي (2389)، وابن حبان (3290) من طريق أبي بكر بن عياش، عنه مرفوعًا.

وانظر "علل الدارقطني"(2209).

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص سيأتي بعد هذا، وعن غير واحد من الصحابة ذكرناها عند حديث عبد الله بن عمرو في "مسند أحمد" 11/ (6530).

(1)

إسناده قوي ريحان بن يزيد - وهو العامري - وثقه ابن معين وابن حبان، وجاء في ترجمته في "التاريخ الكبير" 3/ 329: وكان أعرابيَّ صِدْقٍ.

سعد بن إبراهيم: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

وأخرجه أحمد 11/ (6530) و (6798)، والترمذي (652) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن، وقد روى شعبة عن سعد بن إبراهيم هذا الحديث بهذا الإسناد، ولم يرفعه.

وأخرجه أبو داود (1634) عن عباد بن موسى الأنباري، عن إبراهيم بن سعد، به.

ص: 382

1495 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن عليِّ بن عفَّان العامرِي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا سفيان بن سعيد، عن حَكِيم بن جُبَير، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن عبد الله قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَألَ وله ما يُغْنيهِ جاءَ يومَ القيامة خُمُوشٌ - أو خُدُوشٌ أو كُدُوحٌ - في وَجْهِه"، فقيل: يا رسول الله، وما الغِنَى؟ قال:"خَمسونَ دِرهمًا أو قيمتُها من الذَّهب"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، حكيم بن جبير لم ير يحيى القطان بحديثه بأسًا، كما رواه الترمذي بإثر (155) عن علي بن المديني عنه، وقال أبو زرعة: محلُّه الصدق. قلنا: إنما تكلَّم فيه شعبة لأجل هذا الحديث، كما قال يحيى القطان، وهذا الحديث قد حسَّنه الترمذي ووافقه ابن العربي في "العارضة" 3/ 148، وقال الذهبي في "معجم شيوخه" 2/ 86: صالح الإسناد. وقد ذكر سفيان الثوري كما عند المصنف هنا بإثر هذا الحديث: أنه قد تابعه زبيد بن الحارث اليامي، وكذا عند أبي داود وابن ماجه والنسائي، وهو ثقة. لكن قد ضعَّف حكيمًا هذا جمهورُ أهل الحديث، كأحمد وابن معين وابن مهدي والنسائي وغيرهم، وأفرط الجوزجاني فقال عنه: كذاب. فأعدل الأقوال فيه أنه ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد، ولحديثه هذا ما يشهد له كما سيأتي بيانه.

وأخرجه أبو داود (1626) عن الحسن بن علي بن عفان، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (1840)، والترمذي (651)، والنسائي (2384) من طرق عن يحيى بن آدم، به.

وأخرجه أحمد 6/ (3675) و 7/ (4207) من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، به.

وأخرجه الترمذي (650) من طريق شريك، عن حكيم بن جبير، به. وقال: حديث ابن مسعود حديث حسن، وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث.

وأخرج نحوه أحمد 7/ (4440) عن نصر بن باب، عن حجاج بن أرطاة، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود بن يزيد النخعي، عن ابن مسعود. وهذا إسناد ضعيف لضعف نصر بن باب، وتدليس وعنعنة حجاج بن أرطاة.

وللحديث شواهد ذكرناها في "المسند" عند الحديث رقم (3675).

قوله: "خموش" قال في "النهاية": يعني خدوشًا، يقال: خمشت المرأة وجهها تَخمِشُه خَمْشًا وخُموشًا.

والخُدُوش: جمع خَدْش، وخَدْشُ الجلد: قَشْرُه بعودٍ أو نحوه.

والكُدُوح: بمعنى الخُدُوش. وكلُّ أثرٍ من خَدْشٍ أو عَضٍّ فهو كَدْح.

ص: 383

قال يحيى بن آدم: فقال عبد الله بن عثمان لسفيان: حِفْظي أنَّ شُعبة كان لا يروي عن حَكِيم بن جُبَير، قال سفيان: فقد حدثنا زُبَيد عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد.

1496 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحَسَن بن علي بن زياد، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَحِلُّ الصَّدقةُ لغنيٍّ إلَّا لخمسةٍ: لِغازٍ في سبيل الله، أو لعاملٍ عليها، أو لغارمٍ، أو لرجلٍ اشتراها بمالِه، أو لرجلٍ كان له جارٌ مسكينٌ، فتُصُدِّق على المسكين، فأَهدَى المسكينُ للغنيِّ"

(1)

.

هذا حديث صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يُخرجاه لإرسال مالك بن أنس إياه عن زيد بن أسلم

(2)

.

(1)

حديث صحيح، رجاله ثقات، إلا أنه قد اختلف في وصله وإرساله كما سيأتي. أبو بكر بن إسحاق الفقيه: اسمه أحمد، وإبراهيم بن موسى: هو ابن يزيد الرازي.

وأخرجه أحمد 18/ (11538)، وأبو داود (1636)، وابن ماجه (1841) من طريق عبد الرزاق الصنعاني، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 17/ (11268)، وأبو داود (1637) من طريق عطية بن سعد العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحل الصدقة لغني، إلّا في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو جار فقير يتصدق عليه، فيهدي لك أو يدعوك". وعطية العوفي ضعيف.

وانظر ما بعده.

(2)

وقد تابع مالكًا على إرساله سفيانُ بن عيينة عند ابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 96. أما معمر بن راشد فقد تابعه على وصله: سفيان الثوري عند عبد الرزاق (7152)، والدارقطني في "السنن" (1997)، وفي "العلل" (2279)، والبيهقي 7/ 15، ولا شكَّ أنَّ معمرًا والثوري حافظان، فيكون عطاء قد أرسله مرة ووصله أخرى، وصحَّح وصله البزار في "مسنده" كما في "نصب الراية" 4/ 378، ورجَّح الإرسال الدارقطني في "العلل"، وأبو حاتم كما في "العلل" لابنه (642).

وقد أعلَّ أبو حاتم وأبو زرعة رواية الثوري بما علّقه أبو داود بإثر الحديث (1636) عن الثوري، عن زيد بن أسلم، قال: حدثني الثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. فسألهما ابن أبي حاتم: أليس الثبت هو عطاء؟ =

ص: 384

1497 -

أخبرَناه أبو بكر بن أبي نَصْر المروَزيّ، حدثنا أحمد بن عيسى، حدثنا القَعْنبي فيما قَرأَ على مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَحِلُّ الصَّدقةُ لغنيٍّ إلَّا لخمسةٍ"، فذكر الحديث

(1)

.

هذا من شَرْطي في خطبة الكتاب أنه صحيح، فقد يُرسِلُ مالك في الحديث ويَصِلُه أو [يُسنِده]

(2)

ثقةٌ، والقولُ فيه قولُ الثقة الذي يَصِلُه ويُسنِده.

1498 -

أخبرنا الحسن بن حَلِيم المروَزي، أخبرنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا بَشِير بن سَلْمان، عن سَيّار، عن طارق، عن ابن مسعودٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أصابتْه فاقةٌ فأنزَلَها بالناس، لم تُسَدَّ فاقتُه، ومَن أنزَلَها بالله، أوْشَكَ الله له بالغِنَى؛ إما بموتٍ آجِلٍ، أو غِنًى عاجِلٍ"

(3)

.

= قالا: لو كان عطاءً لم يُكْنِ عنه.

(1)

حديث صحيح، وقد رجحنا قبلُ أنَّ عطاء بن يسار ربما أسنده مرة وأرسله أخرى، ولا تعلُّ إحداهما الأخرى. وعلى فرض إرساله فإنه يتقوى ويعتضد بعمل الأئمة، والله أعلم.

أحمد بن عيسى: هو أحمد بن محمد بن عيسى البرتي، نسب إلى جده، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.

وأخرجه أبو داود (1635) عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، بهذا الإسناد.

(2)

ما بين معقوفين ليس في النسخ الخطية، وآخر كلام المصنف يدل عليه.

(3)

إسناده حسن، سيَّار - وهو أبو حمزة - روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد وهم بعضهم فسماه: سيَّارًا أبا الحكم، قال الدارقطني في "العلل" (762): وقولهم: سيّار أبو الحكم وهمٌ، وإنما هو سيار أبو حمزة الكوفي، وسيّار أبو الحكم لم يسمع من طارق بن شهاب شيئًا، ولم يروِ عنه.

أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان بن جبلة، وعبدان لقبه، وعبد الله: هو ابن المبارك، وطارق: هو ابن شهاب.

وأخرجه أبو داود (1645) عن عبد الملك بن حبيب أبي مروان، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وفيه: سيار أبو حمزة، على الصواب.

وأخرجه أحمد 6/ (3696) و (3869) و 7/ (4219)، وأبو داود (1645)، والترمذي =

ص: 385

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1499 -

أخبرنا أحمد بن جعفرٍ القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عَبِيدة بن حُمَيد العَمِّي، حدثني أبو الزَّعْراء، عن أبي الأحوَص، عن أبيه مالك بن نَضْلةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأَيدي ثلاثةٌ: فيَدُ الله العُليا، ويدُ المُعطِي التي تَليها، ويدُ السائل السُّفلى، فأعطِ الفَضْل ولا تَعجِزْ عن نفسِك"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه الحديث المحفوظ المشهور عن عبد الله بن مسعود:

1500 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا حُمَيد بن عيّاش الرَّمْلي،

= (2326) من طرق عن بشير بن سلمان، به. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب. ووقع في رواية أحمد (4219): قال عبد الله بن أحمد: قال أبي - يعني في سيار أبي حمزة - وهو الصواب، وسيار أبو الحكم لم يحدث عن طارق بن شهاب بشيء.

قوله: "بموتٍ آجل"، كذا في نسخنا الخطية، ووقع في "السنن الكبرى" للبيهقي 4/ 196 في روايته عن المصنف:"بموت عاجل أو غنى عاجل"، وكذا في "سنن أبي داود"، ووقع في بعض الروايات:"بموت عاجل أو غنى آجل" ورجح الطِّيبي الأخير، وقال: هو أصح دراية، لقوله تعالى:{إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} .

وعلى كلٍّ فالمعنى: أن يموت قريبٌ له فيرثه، وقيل: معناه: أن يميته الله فيستغني عن المال، والله أعلم. انظر "مرقاة المفاتيح" لعلي القاري 4/ 1316، و"فيض القدير" للمناوي 6/ 66.

(1)

إسناده صحيح. أبو الزعراء: هو عمرو بن عمرو - ويقال: ابن عامر - بن مالك، وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك بن نضلة.

وهو في "مسند أحمد" 25/ (15890) و 28/ (17232)، وعن أحمد أخرجه أبو داود (1649).

وأخرجه ابن حبان (3362) من طريق الحسن بن محمد بن الصباح، عن عبيدة بن حميد، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث ابن مسعود الآتي بعده.

وحديث عبد الله بن عمر عند البخاري (1429)، ومسلم (1033).

قوله: "ولا تعجز عن نفسك" أي: لا تعجز عن رد نفسك إذا منعتك عن الإعطاء.

ص: 386

حدثنا مؤمَّل بن إسماعيل، حدثنا شعبة، عن إبراهيم بن مسلم الهَجَري، قال: سمعتُ أبا الأحوَص يحدِّث عن عبد الله بن مسعود: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأَيدي ثلاثةٌ"؛ سَقَطَ عليَّ تمامُ الحديث

(1)

.

1501 -

وأخبرَناه أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد، حدثنا شعبة، عن إبراهيم الهَجَري، عن أبي الأحوَص، عن عبد الله قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الأيدي ثلاثةٌ: يدُ الله العُلْيا، ويدُ المُعطِي التي تَلِيها، ويدُ السائل السُّفلى إلى يوم القيامة، فاستَعِفَّ عن السُّؤال ما استطعتَ"

(2)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، مؤمل - وإن كان سيئ الحفظ - متابع، وإبراهيم بن مسلم الهجري لين الحديث، كان رفاعًا كما قال الإمام أحمد؛ يعني كان يرفع الموقوفات. قلنا: وقد اختلف عليه في رفعه ووقفه، فقد رواه عنه القاسم بن مالك عند أحمد 7/ (4261)، وعبد العزيز بن مسلم عند الشاشي (719)، وعلي بن عاصم عند البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 198، وفي "الشعب"(3231)، وإبراهيم بن طهمان عنده في "الشعب"(3230)، وفي "الأسماء والصفات"(700)، رووه عنه مرفوعًا، وخالفهم جعفر بن عون فرواه عنه موقوفًا من كلام ابن مسعود، ذكر ذلك البيهقي في "السنن".

ورواه مرفوعًا أيضًا جرير بن عبد الحميد عن إبراهيم بن طهمان، فيما سيأتي بعد هذا الحديث.

ورواه شعبة عن إبراهيم الهجري، واختلف عليه أيضًا في رفعه ووقفه، فرواه مؤمل بن إسماعيل هنا في هذا الحديث، ومحمد بن جعفر فيما سيأتي بعده، وعمرو بن حكام عند الشاشي (718)، ثلاثتهم عن شعبة مرفوعًا، وخالفهم أبو داود الطيالسي فرواه كما في "مسنده" (310) عن شعبة موقوفًا. وقال بإثره: غير شعبة يرفعه. قلنا: بل رفعه شعبة نفسه كما سبق.

وانظر تالييه.

ويشهد له حديث مالك بن نضلة السالف قبله، وإسناده صحيح.

وانظر تتمة شواهده في "المسند" 7/ (4261).

(2)

صحيح لغيره كسابقه. محمد: هو ابن جعفر الملقب بغُندَر.

وأخرجه الطبري في مسند عمر من "تهذيب الآثار"(71)، وابن خزيمة في "صحيحه"(2435)، وفي "التوحيد" 1/ 157، والبغوي (1618) من طريقين عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

ص: 387

1502 -

أخبرَنيهِ أبو عمرو إسماعيل بن نُجَيد، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا يحيى بن المغيرة، حدثنا جَرِير، عن إبراهيم بن مسلم الهَجَري، فذكره بنحوه، وقال فيه:"فاستعِفُّوا عن السؤال ما استَطعتُم"

(1)

.

1503 -

أخبرنا أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارمي، حدثنا علي بن عبد الله بن المَدِيني، حدثنا يحيى بن يَعلَى المُحارِبي، حدثنا أبي، حدثنا غَيْلان بن جامع، عن جعفر بن إياس، عن مجاهد، عن ابن عباسٍ، قال: لما نزلت هذه الآية: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] كَبُر ذلك على المسلمين، فقال عمر: أنا أُفرِّجُ عنكم، فانطَلَقَ فقال: يا نبيَّ الله، إنه كَبُر على أصحابك هذه الآية، فقال:"إنَّ الله لم يَفرِضِ الزكاةَ إلَّا ليُطيِّبَ ما بقيَ من أموالكم، وإنَّما فَرَضَ المواريثَ - وذكر كلمة - لتكون لمن بَعدَكم" قال: فكبَّر عمر، ثم قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أُخبِرُكَ بخيرِ ما يُكنَزُ: المرأةُ الصَّالحة؛ إذا نَظَرَ إليها سَرَّتْه، وإذا أَمرَها أطاعَتْه، وإذا غاب عنها حَفِظَتْه"

(2)

.

(1)

صحيح لغيره كسابقيه. جرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه ابن خزيمة في "الصحيح"(2435)، وفي "التوحيد" 1/ 156 - 157 عن يوسف بن موسى، عن جرير، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإنَّ بين غيلان وجعفرٍ عثمان أبا اليقظان، كما سيأتي عند المصنف برقم (3320)، وهو ضعيف. يعلى المحاربي: هو ابن الحارث بن حرب.

وأخرجه أبو داود (1664) عن عثمان بن أبي شيبة، عن يحيى بن يعلى، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 38/ (23101) من طريق شعبة، عن سلم بن عطية قال: سمعت عبد الله بن أبي الهذيل قال: حدثني صاحب لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تبًّا للذهب والفضة"، قال: فحدثني صاحبي: أنه انطلق مع عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، قولك:"تبًّا للذهب والفضة" ماذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لسانًا ذاكرًا، وقلبًا شاكرًا، وزوجةً تُعين على الآخرة". وسلم فيه لِين، ويتحسن لغيره.

فإنه يشهد له بهذا اللفظ حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أحمد 37/ (22392)، قال: لما أُنزلت {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فقال =

ص: 388

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في صَفَر سنة ستٍّ وتسعين وثلاث مئة:

1504 -

أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مِهْران الإسماعيلي، حدثنا أبي، حدثنا محمود بن خالد الدِّمشقي، حدثنا مروان بن محمد الدِّمشقي، حدثنا يزيد بن مسلم الخَوْلاني

(1)

- وكان شيخَ صدقٍ، وكان عبد الله بن وَهْبٍ يحدِّث عنه - حدثنا سَيَّار بن عبد الرحمن الصَّدَفي، عن عِكرِمة، عن ابن عباس قال: فَرَضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاةَ الفِطر طُهرةً للصِّيام

(2)

من اللَّغو والرَّفَث، وطُعْمةً للمساكين، مَن أدّاها قبلَ الصلاة، فهي زكاةٌ مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة، فهي صدقةٌ من الصَّدقات

(3)

.

= بعض أصحابه: قد نزل في الذهب والفضة ما نزل، فلو أنا علمنا أيُّ المال خير اتخذناه، فقال:"أفضله لسانًا ذاكرًا، وقلبًا شاكرًا، وزوجةً مؤمنةً تُعينه على إيمانه"، وفي سنده انقطاع، وحسنه الترمذي (3094).

وفي معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبرك بخير

" حديث عبد الله بن عمرو عند مسلم (1467) بلفظ: "الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة".

وحديث أبي هريرة عند النسائي (5324): "خير النساء التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر

" الحديث.

(1)

كذا وقعت تسميته عند الحاكم رحمه الله، وهو خطأ، صوابه أبو يزيد الخولاني، أشار إلى ذلك البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 162 - 163، ثم قال: ذكره أبو أحمد الحافظ في "الكنى" ولم يعرف اسمه.

(2)

في (ص) و (ع): للصائم، والمثبت من (ز) و (ب)، ويؤيده أنها كذلك في "سنن البيهقي" في روايته عن المصنِّف نفسه بهذا الإسناد.

(3)

إسناده حسن، أبو يزيد الخولاني وشيخه سيار بن عبد الرحمن صدوقان. وقال الدارقطني في "سننه" بعد أن رواه (2067): ليس في رواته مجروح.

وأخرجه أبو داود (1609) عن محمود بن خالد الدمشقي، بهذا الإسناد. وقرن بمحمود بن خالد: =

ص: 389

هذا حديثٌ صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1505 -

أخبرنا بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيْرفي، حدثنا عبد الصمد بن الفضل البَلْخي، حدثنا مَكِّي بن إبراهيم، حدثنا عبد العزيز بن أبي رَوَّاد، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان الناسُ يُخرِجون صدقةَ الفِطْر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعًا من شَعير، أو صاعًا من تمر، أو سُلْتٍ، أو زَبيب

(1)

.

هذا حديث

(2)

صحيحٌ، عبد العزيز بن أبي رَوَّاد ثقةٌ عابد، واسم أبي رَوّاد: أيمن، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.

1506 -

حدثنا علي بن عيسى الحِيْريّ، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب وعبد الله بن محمد، قالا: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا المُعتمِر بن سليمان، عن

= عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي.

وأخرجه ابن ماجه (1827) عن عبد الله بن أحمد بن بشير وأحمد بن الأزهر، عن مروان بن محمد، به. ووقعت تسمية الخولاني عندهما وفي سائر مصادر التخريج أبا يزيد الخولاني.

اللغو: هو تكلُّم الإنسان بالمُطَّرَح من القول، وما لا يعني.

والرفث، نقل ابن الأثير عن الأزهري قوله: هي كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة.

(1)

حديث صحيح، إلّا أنَّ أن ذِكْر السلت والزبيب في هذه الرواية وهمٌ، فقد تفرد عبد العزيز بن أبي رواد بذكرهما دون أصحاب نافع، كما نبه على ذلك مسلم في "التمييز"(92)، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 317 - 318. لكن تابع عبدَ العزيز بنَ أبي روّاد موسى بنُ عقبة عند ابن خزيمة (2416) على ذكر السلت دون الزبيب.

وأخرجه أبو داود (1614)، والنسائي (2307) من طريق حسين بن علي الجعفي، عن زائدة بن قدامة، عن عبد العزيز بن أبي روّاد، بهذا الإسناد. زاد أبو داود في آخره: قال عبد الله: فلما كان عمر وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الأشياء.

قال ابن عبد البر في "التمهيد" معقبًا على هذه الزيادة: وابن عيينة يقول: فلما كان معاوية، وقول ابن عيينة عندي أولى، والله أعلم، لأنه أحفظ وأثبت من ابن أبي رواد.

وانظر ما بعده.

(2)

لفظ "حديث" من (ع) وحدها.

ص: 390

أبيه، عن نافع، عن ابن عمر، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين فَرَضَ صدقة الفِطر: "صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شَعِير"، وكان لا يُخرج إلَّا التَّمر

(1)

.

هذا حديث صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يُخرجا فيه: إلَّا التّمر.

1507 -

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا محمد بن عبد الله الحَضْرمي، حدثنا جعفر بن محمد الثَّعْلبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن سَلَمةَ بن كُهَيل، عن القاسم بن مُخَيمِرة، عن أبي عمَّار الهَمْداني، عن قيس بن سعدٍ قال: أَمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصَدَقةِ الفطر قبل أن تنزلَ الزكاة، فلمّا نزلت الزكاةُ لم يأمرنا ولم يَنْهَنا، ونحن نفعلُه

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. عبد الله بن محمد: هو ابن عبد الرحمن بن شيرويه، ومحمد بن عبد الأعلى: هو الصنعاني، وسليمان والد المعتمر: هو ابن طرخان التيمي.

وأخرجه ابن خزيمة (2392) عن محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، بهذا الإسناد.

وأخرج نحوه بزيادة ونقصان أحمد 10/ (5942)، والبخاري (1503) و (1504) و (1507)، ومسلم (984)، وأبو داود (1611) و (1612)، وابن ماجه (1825) و (1826)، والنسائي (2291 - 2295)، وابن حبان (3300 - 3304) من طرق عن نافع، به.

وانظر تمام تخريجه وتفصيل طرقه في التعليق على "المسند" 8/ (4486).

وسيأتي من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع برقم (1511)، ومن طريق كثير بن فرقد عن نافع برقم (1508)، ويأتي تخريجهما هناك.

(2)

إسناده صحيح، إلّا أنَّ البخاري أعله بأنه خلاف ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من فرضية زكاة الفطر، كما سيأتي. سفيان: هو الثوري، وأبو عمار الهمداني: اسمه عريب بن حميد، وقيس بن سعد: هو ابن عبادة الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه.

وأخرجه أحمد 39/ (23843)، والنسائي (2298) من طريق وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (23840)، وابن ماجه (1828) من طريقين عن سفيان الثوري، به.

وأخرج النسائي (2297) و (2855) من طريق الحكم بن عتيبة، عن القاسم بن مخيمرة، عن عمرو بن شرحبيل - وكنيته أبو ميسرة - عن قيس بن سعد بن عبادة قال: كنا نصوم عاشوراء، ونؤدي صدقة الفطر، فلما نزل رمضان ونزلت الزكاة، لم نؤمر به ولم نُنْهَ عنه، وكنا نفعله.

وأورد الترمذي في "العلل الكبير"(205) حديثي سلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة، وسأل =

ص: 391

هذا حديث صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1508 -

أخبرنا جعفر بن محمد بن نُصَير الخُلْدي، حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج بن رِشْدين الفِهْري

(1)

بمصر، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث، عن كَثِير بن فَرْقَد، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"زكاةُ الفِطْر فرضٌ على كلِّ مسلم حرٍّ وعبدٍ، ذكرٍ وأنثى من المسلمين، صاعٌ من تمرٍ أو صاعٌ من شعيرٍ"

(2)

.

= عنهما البخاري فقال: حديث سلمة بن كهيل أشبه عندي، إلّا أنَّ هذا خلاف ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر، قال ابن عمر: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر.

(1)

كذا وقعت نسبته هنا في النسخ الخطية، وكذا في "السنن الكبرى" للبيهقي 4/ 162 حيث روى هذا الحديث عن المصنف، فالظاهر أنه تحريف قديم، فقد وقعت نسبته في مصادر ترجمته وغيرها من كتب التخريج: المَهري، وقد أورده السمعاني في "الأنساب" 12/ 499 في المهري، وكذا ابن الأثير في "اللباب" 3/ 275 وقال: بفتح الميم وسكون الهاء وفي آخرها الراء، نسبة إلى مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، قبيلة كبيرة ينسب إليها أبو الحجاج رشدين بن سعد المهري من أهل مصر.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين، وقد توبع. الليث: هو ابن سعد.

وأخرجه البيهقي 4/ 162 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (2074) عن محمد بن إسماعيل الفارسي، عن ابن رشدين، به.

وأخرجه الدارقطني (2074) من طريق أبي علاثة محمد بن عمرو بن خالد، والبيهقي 4/ 162 من طريق عبيد بن عبد الواحد بن شريك، كلاهما عن يحيى بن بكير، به. وأبو علاثة وعبيد لا بأس بهما.

وأخرج البخاري (1507)، ومسلم (984)(15)، وابن ماجه (1825)، والنسائي (11658)، وابن حبان (3300) من طرق عن الليث بن سعد، عن نافع، أنَّ عبد الله بن عمر قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، قال عبد الله رضي الله عنه: فجعل الناس عَدْلَه مدَّين من حنطة. لم يذكروا فيه كثير بن فرقد.

وانظر ما سلف برقم (1506)، وما سيأتي برقم (1511).

ص: 392

هذا حديث صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، وإنما جعلتُه بإزاء حديث أبي عمّار، فإنه على الاستحباب، وهذا على الوجوب.

1509 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن علي الوَرَّاق - ولقبه حَمْدان - حدثنا داودُ بن شَبِيب، حدثنا يحيى بن عبَّاد - وكان من خيار الناس - حدثنا ابن جُرَيج، عن عطاء، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَر صارخًا ببطن مكةَ ينادي: "إنَّ صدقةَ الفِطْر حقٌّ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ صغيرٍ أو كبيرٍ، ذكرٍ أو أنثى، حُرٍّ أو مملوك، حاضرٍ أو بادٍ، صاعٌ من شعيرٍ أو تمرٍ"

(1)

.

(1)

صحيح بما قبله، وهذا إسناد ضعيف، يحيى بن عباد - وهو السعدي - ليَّنه الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار"(659)، وقد خولف يحيى في إسناده كما سيأتي. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه البيهقي 4/ 172 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (2084) عن ابن مخلد، عن حمدان، به.

وأخرجه بهذه الزيادة البزار (5187)، والعقيلي في "الضعفاء"(1983)، والدارقطني (2084) من طرق عن داود بن شبيب، به. قال البزار: وقد روي أكثر كلام هذا الحديث من غير وجه إلّا "حاضر أو باد" فإنَّ هذا اللفظ لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلّا من هذا الوجه.

وخالف يحيى بنَ عباد فيه علي بن صالح أبو الحسن المكي، وهو أحسن حالًا منه، فرواه عند العقيلي في "الضعفاء"(1984)، والدارقطني (2083)، والبيهقي 4/ 173 عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص. ورواية ابن جريج عن عمرو بن شعيب منقطعة، فإنه لم يسمع منه فيما قاله البخاري.

ورواه عن ابن جريج أيضًا عبدُ الرزاق عند العقيلي بإثر (1983)، والدارقطني (2081)، وعبدُ الوهاب بن عطاء الخفاف عند الدارقطني (2082)، كلاهما عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. قال العقيلي: وحديث عبد الرزاق أَولى.

وأخرج أحمد 5/ (3291)، وأبو داود (1622)، والنسائي (1815) و (2299) و (2306) من طريق حميد الطويل، عن الحسن البصري قال: خطب ابن عباس وهو أمير البصرة في آخر الشهر فقال: أخرجوا زكاة صوكم، فنظر الناس بعضهم إلى بعض، فقال: مَن ها هنا من أهل المدينة؟ قوموا فعلموا إخوانكم، فإنهم لا يعلمون أنَّ هذه الزكاة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل =

ص: 393

هذا حديثٌ صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه الألفاظ

(1)

.

= ذكر وأنثى

فذكر نحوه دون قوله: "حاضر أو باد". وهذا إسناد -على ثقة رجاله - منقطع، فإنَّ الحسن البصري لم يسمع من ابن عباس، كما قال غير واحد من أهل العلم.

وأخرج الدارقطني (2087) من طريق محمد بن عمر الواقدي، عن عبد الحميد بن عمران، عن ابن أبي أنس، عن أبيه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه أمر بزكاة الفطر، صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، أو مدَّين من قمح، على كل حاضر وبادٍ، صغير وكبير، حر وعبد. وهذا إسناد ضعيف جدًّا، فيه الواقدي وهو متروك.

وأخرج الدارقطني (2119) من طريق سلَّام الطويل، عن زيد العمي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدقة الفطر على كل صغير وكبير، ذكر وأنثى، يهودي أو نصراني، حر أو مملوك، نصف صاع من بر، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير". وقال الدارقطني بإثره: سلَّام الطويل متروك الحديث، ولم يسنده غيره.

وروى الحديث هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن ابن عباس، واختلف عليه فيه في رفعه ووقفه، فقد أخرج الدارقطني (2091) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس قال: أُمرنا أن نعطي صدقة رمضان عن الصغير والكبير والحر والمملوك، صاعًا من طعام، من أدّى بُرًّا قُبل منه، ومن أدى شعيرًا قبل منه، ومن أدى زبيبًا قبل منه، ومن أدى سُلتًا قبل منه. قال: وأحسبه قال: ومن أدى دقيقًا قبل منه، ومن أدى سَويقًا قبل منه.

وخالفه مخلد بن الحسين الأزدي، فرواه عن هشام، عن ابن سيرين، عن ابن عباس، موقوفًا قال: ذكر في صدقة الفطر فقال: صاع من بر، أو صاع من تمر، أو صاع من شعير، أو صاع من سلت. أخرجه النسائي (2300). وعلى كلٍّ فرواية محمد بن سيرين عن ابن عباس منقطعة، كما قال علي بن المديني في "العلل" له ص 60، ونقل هناك عن شعبة قوله: أحاديث محمد بن سيرين عن ابن عباس إنما سمعها محمد عن عكرمة، لقيه أيام المختار.

وقد صحَّ موقوفًا من وجه آخر عن ابن عباس، أخرجه النسائي (2301) عن قتيبة بن سعيد، عن حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، عن أبي رجاء العطاردي، قال: سمعت ابن عباس يخطب على منبركم - يعني منبر البصر - يقول: صدقة الفطر صاع من طعام.

(1)

تعقب الذهبي المصنفَ في تصحيحه فقال: بل خبر منكر جدًّا، قال العقيلي: يحيى بن عباد عن ابن جريج حديثه يدل على الكذب، وقال الدارقطني: ضعيف. قلنا: لا يبلغ يحيى في الضعف هذه المرتبة التي أنزله إياها العقيلي، فإن الأحاديث التي ساقها له وتكلم عليه من أجلها إنما الحطُّ =

ص: 394

1510 -

حدثني محمد بن يعقوب بن إسحاق القاضي، حدثني أبي، حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق القُلُوسي، حدثنا بكر بن الأسود، حدثنا عبَّاد بن العوَّام، عن سفيان بن الحسين، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حَضَّ على صَدَقةِ رمضان، على كلِّ إنسانٍ صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شَعيرٍ، أو صاعًا من قمح

(1)

.

هذا حديث صحيح.

وله شاهدٌ صحيح:

1511 -

حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان بنُ الحَضرَمي، حدثنا زكريا بن يحيى بن صَبِيح.

= فيها على من دون يحيى، وأما هو فأعدل الأقوال فيه أنه ليِّن كما قال الحافظ ابن حجر، والله أعلم.

(1)

صحيح لغيره دون قوله: "أو صاعًا من قمح"، وهذا إسناد ضعيف؛ سفيان بن الحسين على ثقته فإن الأكثر على تضعيفه في الزهري، وبكر بن الأسود قال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": بكر ليس بحجة.

وقد اختلف في وصله وإرساله، ورجح الدارقطني المرسل، وذكر أنَّ بكر بن الأسود قد وهم في لفظه أيضًا فقال:"صاعًا من قمح"، وخالفه غيره فقال:"على كل نفس مدّان من قمح". قال الدارقطني: وهو المحفوظ عن الزهري. انظر "العلل" له (1665).

وأخرجه الدارقطني في "السنن"(2090) عن الحسين بن إسماعيل ومحمد بن مخلد، عن أبي يوسف يعقوب بن إسحاق القلوسي، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 13/ (7724) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة في زكاة الفطر: على كل حر وعبد، ذكر أو أنثى، صغير أو كبير، فقير أو غني، صاع من تمر، أو نصف صاع من قمح. ذكره هكذا موقوفًا، وفيه نصف صاع من قمح. ثم قال معمر بإثره: وبلغني أن الزهري كان يرويه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قلنا: يعني مرفوعًا، ولكنَّ رفْعَهُ ضعيف لأنه بلاغ، والله أعلم.

ويشهد لبعضه ما صح من أحاديث هذا الباب.

ص: 395

وأخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أحمد بن الخَزّاز

(1)

، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم التَّرْجُماني

(2)

؛ قالا: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجُمَحي، حدثنا عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَرَضَ زكاةَ الفِطر صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من بُرٍّ، على كلِّ حرٍّ أو عبدٍ، ذكرٍ أو أنثى، من المسلمين

(3)

.

1512 -

حدثنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم الصَّيدلانيُّ العدلُ إملاءً، حدثنا

(1)

هو أحمد بن علي الخزاز، كما في "سنن البيهقي" 4/ 166.

(2)

في النسخ الخطية: الترجمان، والمثبت من سائر مصادر ترجمته، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن بسام البغدادي، أبو إبراهيم التَّرجُماني، من أبناء خراسان.

(3)

صحيح دون قوله: "صاعًا من بُر"، وإسماعيل بن إبراهيم الترجماني قال ابن معين والنسائي وغيرهما: لا بأس به، وقال أبو حاتم: شيخ، ووثقه ابن قانع وابن حبان، وقد خالفه سليمان بن داود الهاشمي - وهو ثقة جليل - فرواه عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ولم يذكر البر، وسعيد الجمحي هذا مختلف فيه؛ وثقه بعضهم، ولينه آخرون، وقال بعضهم: ليس به بأس. قلنا: وقد رواه غيره عن عبيد الله بن عمر في "الصحيحين" وغيرهما، لم يذكر البر، ولم يذكر فيه:"من المسلمين"، كما سيأتي.

وأخرجه البيهقي 4/ 166 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال بإثره: وذكر البر فيه ليس بمحفوظ.

وأخرجه أحمد 9/ (5339) و 10/ (6214) عن سليمان بن داود الهاشمي، عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، به. وذكر فيه:"صاعًا من شعير" بدلًا من البر.

وأخرج أحمد 9/ (5174)، والبخاري (1512)، ومسلم (984)(13)، وأبو داود (1613)، والنسائي (2296) من ست طرق عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، على الصغير والكبير والحر والمملوك. فذكروا جميعًا الشعير بدلًا من البر، ولم يذكر أحد منهم زيادة:"من المسلمين".

قال أبو داود: رواه سعيد الجمحي عن عبيد الله عن نافع، قال فيه: من المسلمين، والمشهور عن عبيد الله ليس فيه: من المسلمين.

وانظر ما سلف برقم (1508).

ص: 396

الحسين بن الفضل البَجَلي، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن حنبل، حدثنا إسماعيل ابن عُلَيّة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن عبد الله بن عَدِيّ

(1)

بن حَكِيم بن حِزَام، عن عِياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح قال: قال أبو سعيد - وذُكِر عنده صدقةُ الفطر فقال -: لا أُخرجُ إلَّا ما كنت أُخرجُه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من حِنطةٍ، أو صاعًا من شعيرٍ، أو صاعًا من أَقِطٍ. فقال له رجلٌ من القوم: أو مُدَّين من قمح؟ فقال: لا، تلك قيمةُ معاوية، لا أَقبلُها ولا أعملُ بها

(2)

.

(1)

هكذا وقع في النسخ الخطية التي بين أيدينا، وهو خطأ قديم، نبه إلى ذلك ابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 111، والصواب في اسمه: عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام، كما في جميع مصادر ترجمته ومصادر التخريج.

(2)

حديث صحيح دون ذكر الصاع من حنطة، فذِكرُه هنا وهمٌ أو خطأ، كما قال أبو داود وابن خزيمة وغيرهما، وهذا إسناد حسن، عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم روى عن جمعٌ، وأخرج حديثه هذا أبو داود والنسائي، ومحمد بن إسحاق صرَّح بالتحديث عند ابن حبان، فانتفت شبهة تدليسه.

وأخرجه ابن حبان (3306) من طريق يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. مثل رواية الحاكم هذه سواء، وذكر فيها: أو صاع حنطة.

وأخرجه أبو داود (1617) عن مسدد، عن إسماعيل ابن علية، به، ليس فيه ذكر الحنطة. وقال في ذكر الحنطة: ليس بمحفوظ.

وقال ابن خزيمة بإثر الحديث (2419) بعد أن رواه من طريق يعقوب بن إبراهيم عن ابن علية: ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد، ولا أدري ممن الوهم، قوله: وقال رجل من القوم: أو مدَّين من قمح؟ إلى آخر الخبر، دالٌّ على أنَّ ذكر الحنطة في أول القصة خطأ أو وهمٌ، إذ لو كان أبو سعيد قد أعلمهم أنهم كانوا يخرجون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاع حنطة لما كان لقول الرجل:"أو مدين من قمح" معنًى. قلنا: ويغلب على ظننا أنَّ الوهم فيه من محمد بن إسحاق، كما ذهب إلى ذلك ابن التركماني، فقد قال في "الجوهر النقي" 4/ 166: قد تفرد ابن إسحاق بذكر الحنطة في هذا الحديث، والحفاظ يتوقَّون ما ينفرد به.

وأخرج النسائي (2309) من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان، أنَّ عياض بن عبد الله حدثه، أنَّ أبا سعيد الخدري قال: كنا نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعًا من =

ص: 397

هذه الأسانيدُ التي قدَّمتُ ذِكرَها في ذكر صاع البُرِّ كلُّها صحيحة

(1)

، وأشهرها حديث أبي مَعْشَر عن نافع عن ابن عمر الذي عَلَونا فيه

(2)

، لكني تركتُه إذ ليس

= تمر، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من أقط، لا نخرج غيره.

وأخرجه بنحوه دون ذكر الحنطة أحمد 17/ (11182) و 18/ (11932) و (11933)، ومسلم (985)(18)، وأبو داود (1616)، وابن ماجه (1829)، والنسائي (2304) و (2308)، وابن حبان (3305) من طريق داود بن قيس، وأحمد 18/ (11698)، والبخاري (1505) و (1506) و (1508) و (1510)، ومسلم (985)(17)، والترمذي (673)، والنسائي (2303) من طريق زيد بن أسلم، ومسلم (985)(19) من طريق إسماعيل بن أمية، ومسلم (985)(20)، والنسائي (2302) من طريق الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، أربعتهم عن عياض بن عبد الله، به. وبعضهم يزيد فيه على بعض، وبعضهم ذكر قصة معاوية وبعضهم لم يذكرها.

ورواه أيضًا محمد بن عجلان عن عياض بن عبد الله، واختلف عليه فيه، فقد رواه عن ابن عجلان حاتمُ بنُ إسماعيل عند مسلم (985)(21)، ويحيى القطان عند أبي داود (1618)، وابن حبان (3307)، كرواية الآخرين لم يذكرا فيه الحنطة.

ورواه سفيان بن عيينة عن ابن عجلان عند أبي داود (1618)، والنسائي (2305)، فشكَّ فيه سفيان، فقال: دقيق أو سلت، قال النسائي: لا أعلم أحدًا قال في هذا الحديث دقيقًا غير ابن عيينة. وذكر أبو داود عن حامد بن يحيى قال في قول سفيان: "أو دقيق" فأنكروا عليه، فتركه. ثم قال أبو داود: فهذه الزيادة وهم من ابن عيينة.

(1)

نقل الحافظ ابن حجر في "الفتح" 5/ 227 - 228 عن ابن المنذر قوله: لا نعلم في القمح خبرًا ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم يُعتمد عليه، ولم يكن البُرُّ بالمدينة ذلك الوقت إلّا الشيء اليسير منه، فلما كثر في زمن الصحابة رأوا أنَّ نصف صاع منه يقوم مقام صاع من شعير، وهم الأئمة، فغير جائز أن يُعدَل عن قولهم إلّا إلى قول مثلهم. ثم أسند عن عثمان وعلي وأبي هريرة وجابر وابن عباس وابن الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر بأسانيد صحيحة: أنهم رأوا أنَّ في زكاة الفطر نصف صاع من قمح.

(2)

أبو معشر - واسمه: نجيح بن عبد الرحمن السندي - ضعيف، وحديثه هذا أخرجه المصنف في "معرفة علوم الحديث" ص 131 من طريق نصر بن حماد، عن أبي معشر، عن نافع، عن ابن عمر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج صدقة الفطر عن كل صغير وكبير، حرٍّ أو عبدٍ، صاعًا من تمر، أو صاعًا من زبيب، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من قمح، وكان يأمرنا أن نخرجها قبل الصلاة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسمها قبل أن ننصرف من المصلى، ويقول: "أغنوهم عن طواف =

ص: 398

من شرط الكتاب.

وقد روي عن علي بن أبي طالب:

1513 -

حدَّثَناه أبو الفضل محمد بن إبراهيم المُزكِّي، حدثنا أحمد بن سَلَمة، حدثنا الحسن بن الصَّبّاح، حدثنا أبو بكر بن عيَّاش، عن أبي إسحاق الهَمْداني، عن الحارث، عن عليِّ بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال في صدقة الفِطر: "عن كلِّ صغيرٍ وكبيرٍ، حُرٍّ أو عبدٍ، صاعٌ من بُرٍّ، أو صاعٌ من تمر"

(1)

.

= هذا اليوم". وقال الحاكم بإثره: هذا حديث رواه جماعة من أئمة الحديث عن نافع، فلم يذكروا صاع القمح فيه، إلّا حديث عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي يتفرد به عن عبيد الله بن عمر عن نافع. قلنا: والراوي عن أبي معشر، وهو نصر بن حماد بن عجلان الوراق، ضعيف، قال أبو زرعة: لا يكتب حديثه، وقال الذهبي: حافظ متهم.

وقد روي نحوه من وجهين آخرين عن أبي معشر ليس فيهما ذكر الصاع من حنطة، فقد أخرجه ابن زنجويه في "الأموال" (2362) عن أبي نعيم الفضل بن دكين - وهو ثقة ثبت - عن أبي معشر عن نافع عن ابن عمر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر، فجعل الناس عدل الشعير مدين من حنطة.

وأخرج نحوه البيهقي 4/ 175 من طريق أبي الربيع الزهراني - وهو ثقة أيضًا - عن أبي معشر، به، لم يذكر فيه صاع الحنطة.

(1)

صحيح موقوفًا دون قوله: "صاع من بُرٍّ"، وهذا إسناد ضعيف لضعف الحارث، وهو ابن عبد الله الأعور الهمداني، وقد اختلف في رفعه ووقفه، وصحَّح الدارقطني والبيهقي وقفه، وروي من غير وجه عن عليٍّ موقوفًا وفيه: نصف صاع من بر، كما سيأتي في التخريج. أبو إسحاق الهمداني: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وأبو بكر بن عياش ثقة إلّا أنه لما كبر ساء حفظه، كما قال الحافظ ابن حجر، وقال أبو حاتم: هو وشريك في الحفظ سواء.

وأخرجه الدارقطني (2113) عن محمد بن عبد الله بن غيلان، عن الحسن بن الصباح، بهذا الإسناد. وذكره مرفوعًا، لكن وقع فيه:"نصف صاع من بر". وقال بإثره: كذا حدثناه مرفوعًا. يعني محمد بن عبد الله بن غيلان، وقال في "العلل" (343): وَهِمَ في رفعه. وتعقبه الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 11/ 314 بقوله: فالظاهر أنَّ الوهم فيه من أبي بكر بن عياش.

ثم أخرجه الدارقطني بإثره برقم (2114) عن عبد الله بن أحمد المارستاني، عن الحسن بن الصباح =

ص: 399

هكذا أسنَدَه عن علي، ووَقَفه غيره:

1514 -

أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الله العُمَري، حدثنا محمد بن إسحاق، أخبرنا محمد بن عُزَيز الأَيْلي، حدثنا سلامة بن رَوْح، عن عُقَيل بن خالد، عن أبي إسحاق الهَمْداني، عن الحارث: أنه سَمِع علي بن أبي طالب يأمرُ بزكاة الفِطر فيقول: صاعٌ من تمرٍ، أو صاعٌ من شعيرٍ، أو صاعٌ من حِنْطةٍ أو سُلْتٍ أو زَبِيب

(1)

.

= البزار، به. موقوفًا، وقال بإثره: وهو الصواب.

وأخرج الدارقطني (2068) من طريق علي بن عمر بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي مرفوعًا:"هي على كل مسلم صغير أو كبير، حر أو عبد، صاعًا من تمر أو شعير أو أقط". قال ابن دقيق العيد في "الإمام" كما في "نصب الراية" للزيلعي 2/ 411: وفي إسناده بعض من يحتاج إلى معرفة حاله.

وأخرج البيهقي 4/ 161 من طريق حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه أبي جعفر الباقر، عن علي بن أبي طالب: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل صغير أو كبير .. فذكره مرفوعًا، ولم يذكر فيه البُرّ. إلّا أنه منقطع كما قال البيهقي.

وسيأتي بعده من وجه آخر عن أبي إسحاق موقوفًا.

(1)

صحيح موقوفًا دون قوله: "أو صاع من حنطة"، كسابقه، الحارث - وهو الأعور - ضعيف، وقد خالفه غيره عن عليٍّ فقالوا: نصف صاع من بر، ثم إنَّ هذا إسناد منقطع، عقيل بن خالد لم يسمع من أبي إسحاق، بينهما في هذا الحديث عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، كما في رواية غير المصنف.

وأخرجه البيهقي 4/ 166 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال بإثره: لم يذكر أبو عبد الله في إسناده عتبةَ بن عبد الله، وروي ذلك مرفوعًا، والموقوف أصح.

وأخرجه الدارقطني (2112) - ومن طريقه البيهقي 4/ 166 - عن أبي بكر النيسابوري، عن محمد بن عزيز، به. وزاد في الإسناد عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود بين عقيل وبين أبي إسحاق.

وأخرج عبد الرزاق (5773) - ومن طريقه الدارقطني (2127)، والبيهقي 4/ 161 - ، وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 172 عن وكيع، وابن زنجويه في "الأموال"(2375) عن محمد بن سنان، ثلاثتهم (عبد الرزاق ووكيع وابن سنان) عن سفيان الثوري، عن عبد الأعلى بن عامر، عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عليٍّ قال: على من جرت عليه نفقتك نصف صاع من بر أو صاع من =

ص: 400

وقد روي أيضًا بإسناد يُخرَّج مثلُه في الشواهد عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم:

1515 -

حدَّثَناه أبو الوليد الفقيه، حدثنا محمد بن نُعَيم، حدثنا عبَّاد بن الوليد الغُبَري، حدثنا عبّاد بن زكريا، حدثنا سليمان بن أرقَم، عن الزُّهري، عن قَبِيصةَ بن ذُؤيب، عن زيد بن ثابت قال: خَطَبَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مَن كان عندَه طعامٌ فليتصدَّقْ بصاعٍ من بُرٍّ، أو صاعٍ من شعيرٍ، أو صاعٍ من تمرٍ، أو صاعٍ من دقيقٍ، أو صاعٍ من زَبيب، أو صاعٍ من سُلْت"

(1)

.

1516 -

أخبرني أبو نصر محمد بن محمد بن حامد التِّرمذي، حدثنا محمد بن حِبَال الصَّغاني

(2)

، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث، عن عُقَيل، عن هشام بن عُرْوة بن الزُّبير، عن أبيه، عن أمه أسماء بنت أبي بكر، أنها حدَّثته: أنهم كانوا يُخرِجون زكاة الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمُدِّ الذي يَقتاتُ به أهلُ البيت، أو الصاعِ الذي يَقتاتُون به، يَفعلُ ذلك أهلُ المدينة كلُّهم

(3)

.

= تمر. زاد محمد بن سنان: وإن كان نصرانيًا. وعبد الأعلى بن عامر صدوق يهم، وقال بعضهم: لين الحديث. قال البيهقي: وهذا موقوف، وعبد الأعلى غير قوي، إلّا أنه إذا انضم إلى ما قبله قويا فيما اجتمعا فيه.

وأخرج عبد الرزاق (16077) عن وكيع، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي - موقوفًا أيضًا - قال: صاع من شعير، أو نصف صاع من قمح. وعبد الله بن سلمة هذا حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وابن أبي ليلى صدوق سيئ الحفظ.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، سليمان بن أرقم مجمع على ضعفه، وعبَّاد بن زكريا - وهو الصُّرَيمي - مجهول لا يُعرف، قال الدارقطني: لم يروه بهذا الإسناد وهذه الألفاظ غير سليمان بن أرقم، وهو متروك الحديث. أبو الوليد الفقيه: هو حسان بن محمد.

وأخرجه الدارقطني (2117) عن أحمد بن العباس البغوي، عن عباد بن الوليد، بهذا الإسناد.

(2)

تحرف في (ز) و (ب) إلى: الصنعاني.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمد بن حِبَال روى عنه جمع، ولم نقع فيه على جرح ولا تعديل، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات. يحيى بن بكير: هو يحيى بن عبد الله بن بكير، نُسب إلى جده، والليث: هو ابن سعد، وعُقيل - مصغرًا -: هو ابن خالد بن عَقِيل - مكبرًا. =

ص: 401

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وهي الحُجَّة لمناظرة مالك وأبي يوسف.

1517 -

أخبرني أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد العَدْل، حدثنا يحيى بن محمد بن البَختَري، حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن عاصم، عن أبي العاليَة، عن ثَوْبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن تَكفَّلَ لي أن لا يَسألَ الناسَ شيئًا فأتكفَّلَ له بالجنة؟ " فقال ثوبان: أنا، فكان لا يَسألُ الناس شيئًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط [مسلم]

(2)

ولم يُخرجاه.

= وأخرجه البيهقي 4/ 170 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (2401)، والطبراني في "الكبير" 24/ (219) من طريق سلامة بن روح، عن عقيل بن خالد، به.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 43، والطبراني 24/ (218) من طريق يحيى بن أيوب، عن هشام بن عروة، به. وفيه: بالمد أو بالصاع الذي يتبايعون به.

وأخرج ابن أبي شيبة 3/ 176 عن عبد الرحيم بن سليمان، عن هشام، عن أبيه أو عن فاطمة، عن أسماء قالت: بالمد والصاع الذي يمتارون به.

وأخرج أحمد 44/ (26936) و (26995) من طريق محمد بن عبد الله بن نوفل، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: كنا نؤدي زكاة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مدَّين من قمح، بالمد الذي تقتاتون به.

(1)

إسناده صحيح. معاذ: هو ابن معاذ العنبري، وعاصم: هو ابن سليمان الأحول، وأبو العالية: هو رُفيع بن مهران الرياحي.

وأخرجه أبو داود (1643) عن عبيد الله بن معاذ، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 37/ (22374) عن محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، به.

وأخرجه أحمد (22366) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن عاصم الأحول، به.

وأخرجه أحمد (22385) و (22405) و (22423) و (22424)، وابن ماجه (1837)، والنسائي (2382) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية، عن ثوبان، به.

(2)

مكانها بياض في النسخ الخطية، وأثبتناها من "تلخيص الذهبي"، وفي "إتحاف المهرة" =

ص: 402

1518 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا سَهْل بن مِهْران البغدادي، حدثنا عبد الله بن بَكْر السَّهْمي، حدثنا مبارك بن فَضَالة، عن ثابت البُناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "هل منكم أحدٌ أطعمَ اليومَ مسكينًا؟ " فقال أبو بكر: دخلتُ المسجد، فإذا أنا بسائلٍ يَسألُ، فوجدتُ كِسرةَ الخُبز في يَدِ عبد الرحمن، فأخذتُها فدفعتُها إليه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1519 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا الأحوَص بن جَوَّاب، عن عمّار بن رُزَيق، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "من سألكم بالله فأَعطُوه، ومن استعاذَكُم بالله فأعِيذُوه، ومن دَعاكُم فأجِيبُوه، ومن أَهدَى إليكم فكافِئُوه، فإن لم تَجِدوا ما تُكافئونَه، فادْعُوا له حتى تَرَونَ أن قد كافأْتُموه"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين؛ فقد تابع عمَّارَ بن رُزَيق على إقامة هذا الإسناد: أبو عَوَانة وجَرِير بن عبد الحميد وعبد العزيز بن مُسلِم القَسْمَلي عن الأعمش.

أما حديث أبي عَوانة:

1519/ 1 - فأخبرَناه أبو العباس المحبوبي، حدثنا محمد بن عيسى الطَّرَسُوسي،

= (2510): على شرطهما.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل مبارك بن فضالة.

وأخرجه أبو داود (1670) عن بشر بن آدم، عن عبد الله بن بكر السهمي، بهذا الإسناد.

وله شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم (1028).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل الأحوص بن جَوَّاب وشيخه عمار بن رُزَيق، وهما متابَعان.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(3260) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 9/ (5703) من طريق ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، به.

ص: 403

حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا أبو عَوَانة

(1)

.

وأما حديث جرير:

1519/ 2 - فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا زهير بن حَرْب، حدثنا جَرِير

(2)

.

وأما حديث عبد العزيز بن مسلم:

1519/ 3 - فحدَّثَناه محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِيُّ بن خُزَيمة، حدثنا مُعلَّى بن أَسَد، حدثنا عبد العزيز بن مسلم

(3)

.

هذه الأسانيد المُتفَقُ على صحتها لا تُعلَّل بحديث محمد بن أبي عُبيدة بن مَعْن، عن أبيه، عن الأعمش، عن إبراهيم التَّيمي، عن مجاهد

(4)

.

وعند الأعمش فيه إسنادٌ آخر صحيحٌ على شرطهما:

1520 -

أخبرَناه عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا الأَسود بن عامر شاذانُ، حدثنا أبو بكر بن عيّاش، عن الأعمش، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَألكم بالله فأَعطُوه، ومن

(1)

إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.

وأخرجه أحمد 9/ (5365) و 10/ (6106)، وأبو داود (5109)، والنسائي (2359) من طرق عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.

وسيأتي من طريق سريج بن النعمان عن أبي عوانة برقم (2400).

(2)

إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه أبو داود (1672) و (5109)، وابن حبان (3408) من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، بهذا الإسناد.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شريح في "الأحاديث المئة الشريحية"(41) من طريق بشر بن موسى، عن أبي زكريا، عن عبد العزيز بن مسلم، بهذا الإسناد.

(4)

أخرجه من هذه الطريق ابن حبان (3375) و (3409)، وإسناده صحيح.

ص: 404

استعاذَكُم بالله فأعِيذُوه، ومن دعاكم فأجِيبُوه"

(1)

.

هذا إسناد صحيح، فقد صحَّ عند الأعمش الإسنادان جميعًا على شرط الشيخين، ونحن على أصلنا في قَبول الزِّيادات من الثقات في الأسانيد والمتون.

1521 -

أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حمَّاد، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عُمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل بمثل بَيضةٍ من ذهب، فقال: يا رسول الله، أصبتُ هذه من مَعدِنٍ، فخُذْها فهي صدقةٌ، ما أملِكُ غيرَها، فأعرَضَ عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتاه من قِبَل رُكْنِه الأيمن، فقال مثلَ ذلك، فأعرَضَ عنه، ثم أتاه من رُكنِه الأيسر، فأعرَضَ عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتاه من خَلْفِه، فأخذها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فحَذَفَه بها، فلو أصابته لأوجَعَتْه ولَعَقَرتْه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يأتي أحدُكم بما يَملِكُ فيقول: هذه صدقةٌ، ثم يقعُدُ يَستكِفُّ الناسَ، خيرُ الصَّدقةِ ما كان عن ظَهْرِ غِنًى"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على أبي بكر بن بن عياش، فقد رواه عنه الأسود بن عامر - عند المصنف هنا - عن الأعمش، عن أبي حازم، عن أبي هريرة. وتابع الحارثَ بنَ أبي أسامة في روايته عن الأسود بهذا الإسناد: أحمدُ بن حنبل في "المسند" 16/ (10651).

وأخرجه أحمد مرةً أخرى 9/ (5703) عن أسود بن عامر، عن أبي بكر بن عياش، عن ليث بن أبي سلم، عن مجاهد، عن ابن عمر. وليث بن أبي سليم ضعيف.

وتابع الأسودَ بنَ عامر في إسناد ليث هذا: ثابت بن محمد الشيباني - وهو صدوق يخطئ - عن أبي بكر بن عياش، به، أخرجه الطبري في مسند عمر "تهذيب الآثار"(106) و (112).

وقال الدارقطني في "العلل"(2212): وهذه الألفاظ إنما تعرف عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر.

(2)

رجاله ثقات غير شيخ المصنف، وهو عبد الرحمن بن الحسن، ففيه ضعفٌ لكنه متابع، ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.

وأخرجه أبو داود (1673) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 22/ (14531)، وابن حبان (3345) من طريق أبي الزبير عن جابر قال: قال =

ص: 405

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1522 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العدل، حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، عن ابن عَجْلان، عن عياض بن عبد الله بن سعد، سمع أبا سعيدٍ الخُدْريَّ يقول: دخلَ رجلٌ المسجد، فأمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يَطْرَحُوا له ثيابًا، فَطَرَحُوا له، فأمر فيها بثوبين، ثم حثَّ على الصدقة فجاء فَطَرَح الثوبين، فصاح به وقال:"خُذْ ثَوبَيكَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1523 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا ابن بُكَير، حدثنا الليث، عن أبي الزُّبير، عن يحيى بن جَعْدَة، عن أبي هريرة أنه قال: يا رسولَ الله، أيُّ الصَّدَقةِ أفضلُ؟ قال:"جُهْدُ المُقِلِّ، وابدأْ بمَن تَعُول"

(2)

.

= رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة عن ظهر غنى، وابدأ بمن تَعُول، واليد العليا خير من اليد السفلى". وإسناده صحيح.

وأخرج أحمد 22/ (14273)، ومسلم (997)(41)، وأبو داود (3957)، والنسائي (2338) و (4987) و (4988) و (6203) و (6204) من طريق أبي الزبير عن جابر قال: أعتق رجل من بني عُذْرة عبدًا له عن دُبُر، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ألك مال غيره؟ " فقال: لا، فقال:"من يشتريه مني؟ " فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمان مئة درهم، فجاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعها إليه، ثم قال:"ابدأ بنفسك فتصدَّق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا"، هذا لفظ مسلم، وبعضهم يزيد فيه على بعض.

(1)

إسناده قوي من أجل ابن عجلان: وهو محمد. الحميدي: هو عبد الله بن الزبير، وسفيان: هو ابن عيينة.

وسلف مطولًا برقم (1066)، وسلف تخريجه هناك.

(2)

إسناده صحيح. أحمد بن إبراهيم: هو ابن ملحان، وابن بكير: هو يحيى بن عبد الله بن بكير، والليث: هو ابن سعد، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تَدرُس.

وأخرجه أحمد 14/ (8702)، وأبو داود (1677)، وابن حبان (3346) من طرق عن الليث =

ص: 406

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1524 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار العدلُ، حدثنا أحمد بن محمد بن نَصْر، حدثنا أبو نُعَيم، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلمَ، عن أبيه، قال: سمعتُ عمر بن الخطاب يقول: أمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومًا أن نتصدَّقَ، فوافَقَ ذلك مالًا عندي، فقلتُ: اليومَ أسبِقُ أبا بكرٍ إن سَبَقتُه يومًا، فجئتُ بنصف مالي، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ما أبقيتَ لأهلِكَ؟ " قلت: مِثلَه. قال: وأتى أبو بكرٍ بكُلِّ ما عندَه، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ما أبقيتَ لأهلِكَ؟ " قال: أبقيتُ لهم اللهَ ورسولَه، فقلت: لا أُسابِقُك إلى شيءٍ أبدًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

= ابن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 12/ (7155)، والبخاري (1426) و (1428) و (5355) و (5356) ومسلم (1042)، وأبو داود (1676)، والترمذي (680)، والنسائي (2325) و (2326) و (2336) و (9165)، وابن حبان (3363) و (4243) من طرق عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أفضل الصدقة ما ترك غنًى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول". هذا لفظ أبي صالح عن أبي هريرة عند البخاري، وبعضهم يختصره.

وفي باب جُهد المُقِل عن غير واحد من الصحابة، وذكرناها في "المسند" عند الحديث (8702).

قوله: "جهد المقل" قال السندي في حاشيته على "المسند": الجهد - بالضم -: الوُسع والطاقة، أي: ما يحتمله حال القليلِ المال، وقيل: أي: مجهوده، لقلة ماله، وإنما يجوز له الإنفاق إذا قدر على الصبر ولم يكن له عيال، وإلّا فالأفضل ما كان عن ظهر غنى.

(1)

إسناده حسن، هشام بن سعد وإن كان فيه كلام، ذهب أبو داود إلى توثيقه وقال: هو أثبت الناس في زيد بن أسلم، قال الترمذي في حديثه هذا: حسن صحيح، وقال البزار بعد أن أخرجه في "مسنده" (270): لم نر أحدًا توقف عن حديث هشام بن سعد، ولا اعتل عليه بعلة توجب التوقف عن حديثه. وصحَّحه كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" 8/ 499، وابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 414. أبو نُعيم: هو الفضل بن دكين.

وأخرجه أبو داود (1678)، والترمذي (3675) من طرق عن أبي نعيم، بهذا الإسناد.

ص: 407

1525 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا علي بن الحسن الهِلَالي، حدثنا محمد بن عَرْعَرة، حدثنا شعبة، عن قَتَادة، عن سعيد بن المسيّب والحسن، عن سعد بن عُبادة: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: أيُّ الصَّدقةِ أعجَبُ إليك؟ قال: "سقْيُ الماءِ"

(1)

.

تابعه همّام عن قتادة:

1526 -

أخبرَناه أبو النَّضْر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد ومحمد بن أيوب، قالا: حدثنا محمد بن كَثِير، حدثنا همَّام، عن قتادة، عن سعيد: أنَّ سعدًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: أيُّ الصدقةِ أعجبُ إليك؟ قال: "الماءُ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1527 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا أَسد بن موسى، حدثنا أبو معاوية، عن محمد بن إسحاق.

(1)

صحيح من جهة سعيد بن المسيب، فهو وإن لم يدرك سعد بن عبادة، قد قبل جمهور من أهل العلم مراسيله واحتجوا بها. والحسن - وهو ابن أبي الحسن البصري - أيضًا لم يدرك سعدًا، لذلك تعقب الذهبيُّ في "تلخيصه" المصنف إذ صححه على شرط الشيخين، فقال: لا، فإنه غير متصل.

وأخرجه أبو داود (1680) عن محمد بن عبد الرحيم، عن محمد بن عرعرة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 37/ (22459) و 39/ (23845)، والنسائي (6460) من طريق حجاج بن محمد المصيصي، عن شعبة، عن قتادة، عن الحسن البصري وحده، به.

وأخرجه ابن ماجه (3684)، والنسائي (6458) و (6459)، وابن حبان (3348) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب وحده، به.

وأخرجه أحمد 37/ (22458) من طريق المبارك بن فضالة، عن الحسن وحده، به.

(2)

مرسلٌ صحيح، رجاله ثقات. همام: هو ابن يحيى بن دينار العوذي.

وأخرجه أبو داود (1679) عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود أيضًا (1681) عن محمد بن كثير، عن إسرائيل بن يونس السبيعي، عن جده أبي إسحاق السبيعي، عن رجل، عن سعد بن عبادة.

ص: 408

وأخبرني أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبَري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا هنَّاد بن السَّري، حدثنا عَبْدة، عن محمد بن إسحاق، عن بُكَير بن عبد الله بن الأشَجِّ، عن سليمان بن يسار، عن ميمونةَ زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كانت لي جاريةٌ فأعتقتُها، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال:"آجَرَكِ الله، أَمَا إنَّكِ لو كنتِ أعطيتِها أخوالَكِ كان أعظمَ لأجرِكِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

1528 -

أخبرنا محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزة، حدثنا قَبِيصة، حدثنا سفيان.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد لا بأس برجاله غير أن محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار - مدلس وقد عنعنه، ثم إنه قد خولف في هذا الإسناد، فرواه عمرو بن الحارث المصري ويزيد أبي حبيب وابن لهيعة وغيرهم عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن كريب مولى ابن عباس عن ميمونة، فذكروا كريبًا بدل سليمان بن يسار، وكلاهما ثقة. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، وعبدة: هو ابن سليمان الكلابي.

وأخرجه أبو داود (1690)، والنسائي (4911) عن هناد بن السري، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (2883) من طريق يعلى بن عبيد عن ابن إسحاق. وانظر تخريجه هناك.

وأخرجه أحمد 44/ (26822) من طريق ابن لهيعة، والبخاري (2592) من طريق يزيد بن أبي حبيب، والبخاري - تعليقًا - (2594)، ومسلم (999)، والنسائي (4910)، وابن حبان (3343) من طريق عمرو بن الحارث، ثلاثتهم عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن كريب مولى ابن عباس، عن ميمونة.

وأخرجه النسائي (4913) عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم، عن أسد بن موسى، عن محمد بن خازم، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ميمونة. وقال النسائي فيما نقله عنه المزي في "التحفة" (18074): هذا الحديث خطأ، لا نعلمه من حديث الزهري.

وأخرج النسائي (4912) من طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن ميمونة الهلالية: أنها كانت لها جارية سوداء، فقالت: يا رسول الله، إني أردت أن أعتق هذه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أفلا تفدين بها بنت أخيك أو بنت أختك من رعاية الغنم؟ ".

ص: 409

وأخبرنا محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا أحمد بن سَيَّار، حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن محمد بن عَجْلان، عن المَقبُري، عن أبي هريرة قال: أَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالصدقة، فقال رجل: يا رسول الله، عندي دينار، قال:"تصدَّقْ به على نفسك" قال: عندي آخر، قال:"تصدَّقْ به على وَلَدِك" قال: عندي آخر، قال:"تصدَّقْ به على زَوجِك" - أو قال: "على زوجتك" - قال: عندي آخر، قال:"تصدَّقْ به على خادِمِك" قال: عندي آخر، قال:"أنت أبصَرُ"

(1)

.

صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1529 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمَّاك ببغداد، حدثنا الحسن بن سلَّام، حدثنا قَبِيصة.

وأخبرنا أبو العباس المحبوبي، حدثنا أحمد بن سَيَّار، حدثنا محمد بن كَثير.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حذيفة؛ قالوا: حدثنا سفيان - وهو الثَّوري - حدثنا أبو إسحاق، عن وَهْب بن جابر الخَيْواني، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرءِ إثمًا أن يُضيِّع مَن يَقُوتُ"

(2)

.

(1)

إسناده قوي من أجل محمد بن عجلان، فهو صدوق لا بأس به. قبيصة: هو ابن عقبة، وسفيان: هو الثوري، والمقبري: هو سعيد بن أبي سعيد.

وأخرجه أبو داود (1691) عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (4233) من طريق إبراهيم بن بشار، عن سفيان الثوري، به.

وأخرجه أحمد 12/ (7419) و 16/ (10086)، والنسائي (2327) و (9137)، وابن حبان (3337) و (4235) من طرق عن ابن عجلان، به.

وأخرج أحمد 16/ (10119) و (10174)، ومسلم (995)، والنسائي (9139) من طريق مزاحم بن زفر، عن مجاهد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك".

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، وهب بن جابر الخيواني وإن لم يرو عنه غير أبي إسحاق =

ص: 410

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، ووهب بن جابر من كِبار تابعي الكوفة.

1530 -

أخبرنا مُكرَم بن أحمد القاضي، حدثنا يحيى بن جعفر بن الزِّبْرِقان، حدثنا أبو عامر العَقَديُّ وأبو داودَ الطيالسي، قالا: حدثنا شعبة.

وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا بِشْر بن عمر ووَهْبُ بن جرير، قالا: حدثنا شعبةُ، عن عمرو بن مُرَّة، عن عبد الله بن الحارث، عن أبي كثير، عن عبد الله بن عمرو قال: خَطَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إياكم والشُّحَّ، فإنما هَلَكَ من كان قَبْلكُم بالشُّحِّ، أمَرَهم بالبُخل فبَخِلوا، وأمَرَهم بالقَطِيعة فقَطَعوا، وأمَرَهم بالفُجور ففَجَروا"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وأبو كثير الزُّبيدي من كبار التابعين.

1531 -

أخبرنا الحسن بن حَليم المروَزي، أخبرنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، حدثنا حَرْمَلَة بن عمران، أنه سَمِع يزيد بن أبي حَبِيب يحدِّث، أنَّ

= - وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - قد وثقه ابن معين والعجلي وابن حبان، وهو تابعي كبير كما قال المصنف، ثم هو متابع، وبقية رجاله ثقات. قبيصة: هو ابن عقبة، ومحمد بن كثير: هو العبدي البصري، وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي.

وأخرجه أبو داود (1692)، ابن حبان (4240) من طريق محمد بن كثير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 11/ (6495) و (6828)، والنسائي (9132) من طريقين آخرين عن سفيان، به.

وأخرجه أحمد (6819) و (6842)، والنسائي (9131) و (9133) من طرق عن أبي إسحاق، به.

وسيأتي من طريق معمر عن أبي إسحاق برقم (8736).

وله طريق أخرى عن عبد الله بن عمرو يصح بها، أخرجها مسلم (996)، وابن حبان (4241) من طريق طلحة بن مصرِّف، عن خيثمة بن عبد الرحمن قال: كنا جلوسًا مع عبد الله بن عمرو، إذ جاءه قهرمان له فدخل، فقال: أعطيت الرقيق قُوتَهم؟ قال: لا، قال: فانطلِق فأعطهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمَّن يملك قوتَه".

(1)

إسناده صحيح إن شاء الله. وقد سلف بأطول مما هنا برقم (26)، وسلف تخريجه والكلام على إسناده هناك.

ص: 411

أبا الخير حدَّثه، أنه سمع عقبةَ بن عامر يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلُّ امرئٍ في ظلِّ صدقته حتى يُفصَلَ بين الناس" أو قال: "حتى يُحكَمَ بين الناس".

قال يزيد: وكان أبو الخير لا يُخطِئُه يومٌ لا يتصدقُ فيه بشيءٍ ولو كعكةً ولو بَصَلةً

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1532 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا الفضل بن عبد الجبار، حدثنا النَّضْر بن شُمَيل، عن [أبي]

(2)

قُرَّة قال: سمعتُ سعيد بن المسيّب يحدِّث عن عمر بن الخطّاب قال: ذُكِر لي أنَّ الأعمال تَباهَى، فتقول الصَّدقةُ: أنا أفضَلُكم

(3)

.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات. الحسن بن حليم: هو الحسن بن محمد بن حليم الحليمي، نُسب إلى جده، وأبو الموجه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: وهو عبد الله بن عثمان بن جبلة، وعبدان لقبه، وعبد الله: هو ابن المبارك، وأبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليزني.

وأخرجه أحمد 28/ (17333)، وابن حبان (3310) من طريقين عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 29/ (18043) و 38/ (23490) من طريق محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لم يسمّ الصحابي.

(2)

لفظة "أبي" سقطت من النسخ الخطية، وأثبتناها من "إتحاف المهرة" لابن حجر، و"شعب الإيمان" للبيهقي، وسائر مصادر التخريج، وهو أبو قرة الأسدي كما جاء مصرَّحًا به في بعض مصادر التخريج.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة أبي قرة الأسدي الصيداوي، فقد تفرَّد بالرواية عنه النضر بن شميل، وقال ابن خزيمة: فإني لا أعرف أبا قرة بعدالة ولا جرح.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(3058) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(952)، وابن خزيمة (2433)، وأبو علي الصواف في "فوائده"(35) من طريق النضر بن شميل، به. وتحرَّف في مطبوع ابن خزيمة النضر بن شميل إلى: النضر بن إسماعيل، وتحرف فيه كذلك أبو قرة إلى: أبي فروة.

ص: 412

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1533 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو بَكْرةَ بكَّار بن قُتَيبة القاضي بمصر، حدثنا صفوان بن عيسى، حدثنا محمد بن عَجْلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَبَقَ درهمٌ مئةَ ألف" قالوا: يا رسولَ الله، كيف يَسبِق درهمٌ مئةَ ألف؟ قال:"رجلٌ له درهمانِ فأخذ أحدَهما فتصدَّقَ به، وآخرُ له مالٌ كثيرٌ فأخذ من عُرْضِها مئةَ ألف"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه

(2)

.

1534 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمَّاك ببغداد، حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون ووَهْب بن جرير: قالا: حدثنا شُعْبة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن منصور، عن رِبْعِيّ بن حِرَاش، عن

(1)

إسناده قوي، محمد بن عجلان صدوق لا بأس به، إلّا أنه اختلف عليه في إسناده، فرواه صفوان بن عيسى عنه عن زيد بن أسلم عن أبي صالح ذكوان السَّمان عن أبي هريرة، وخالفه الليث بن سعد - وهو أوثق منه - فرواه عن ابن عجلان عن سعيد المقبري والقعقاع بن حكيم عن أبي هريرة.

وأخرجه النسائي (2319)، وابن حبان (3347) من طريقين عن صفوان بن عيسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 14/ (8929) من طريق الليث بن سعد، عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري والقعقاع بن حكيم، عن أبي هريرة. ووقع في "مسند أحمد":"سبق درهم درهمين"، والصواب ما في رواية الجماعة:"سبق درهم مئة ألف".

قوله: "من عُرْضها" قال السندي في حاشيته على "مسند أحمد": بضم العين وسكون الراء، أي: جانبها، وظاهر الحديث أنَّ صدقة الفقير أفضل بأضعاف من صدقة الغني، ويؤيده:"أفضل الصدقة جهد المقل". قلنا: وقد سلف برقم (1523).

(2)

تعقبه الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 14/ 517 فقال: في صحته نظر، فإنَّ الليث أحفظ من صفوان، وقد رواه عن محمد بن عجلان فقال: عن سعيد المقبري والقعقاع بن حكيم عن أبي هريرة، فاضطرب فيه ابن عجلان، فانحط عن رتبة الصحة.

ص: 413

زيد بن ظَبْيان، عن أبي ذرٍّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ يحبُّهم الله، وثلاثةٌ يُبغِضُهم الله، أما الذين يحبُّهم الله: فرجلٌ أَتى قومًا فسألهم بالله ولم يسألهم بقرابةٍ بينهم وبينه، فتخلَّفَ رجلٌ من أعقابهم، فأعطاه سرًّا لا يَعلمُ بعطيَّتِه إِلَّا اللهُ والذي أعطاه، وقومٌ ساروا ليلتَهم حتى إذا كان النومُ [أحبَّ إليهم مما يُعدَل به]

(1)

نزلوا فوَضَعُوا رؤوسَهم، فقام رجلٌ

(2)

يتملَّقُني ويَتلُو آياتي، ورجلٌ كان في سَريَّةٍ فلقي العدوَّ فهُزِموا، فأقبل بصَدْره حتى يُقتَلَ أو يُفتَحَ له، والثلاثةُ الذين يُبغِضُهم الله: الشَّيخ الزاني، والفقير المُخْتال، والغنيُّ الظَّلوم"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

(1)

ما بين ليس في نسخنا الخطية، وأثبتناه من المطبوع ومن "مسند أحمد" وسائر مصادر التخريج.

(2)

لفظ "رجل" من (ع) وحدها.

(3)

حديث صحيح، زيد بن ظبيان وإن تفرد بالرواية عنه ربعي بن حراش، ولم يوثقه غير ابن حبان، قد توبع، ثم إنه قد صحَّح حديثه هذا الترمذي وابن خزيمة وابن حبان.

وقد اختُلف في هذا الإسناد على منصور - وهو ابن المعتمر - فرواه شعبةُ هنا وغيرُه عنه عن ربعي بن حراش عن زيد بن ظبيان عن أبي ذر، وخالفهم سفيان الثوري فرواه عن منصور عن ربعي عن أبي ذر، لم يذكر فيه زيد بن ظبيان، والمحفوظ رواية شعبة ومن تابعه، كما نص عليه الدارقطني في "العلل"(696) و (1103).

والحديث في "مسند أحمد" 35/ (21355).

وأخرجه الترمذي (2568)، والنسائي (1316) و (2362) و (7099)، وابن حبان (3349) و (4771) من طرق عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث صحيح.

وأخرجه الترمذي بإثر الحديث (2568) من طريق النضل بن شميل، عن شعبة، به.

وأخرجه ابن حبان (3350) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور، به.

أما رواية سفيان الثوري التي أشرنا إليها فقد أخرجها أحمد (21356)، والنسائي (1317) و (7098) من طريقه عن منصور، عن ربعي، عن أبي ذر، دون ذكر زيد بن ظبيان.

وسيأتي برقم (2564) من طريق آدم بن أبي إياس عن شعبة.

وسيأتي بنحوه من طريق مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبي ذر برقم (2477).

ص: 414

1535 -

أخبرنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِيُّ بن خُزَيمة، حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن ابن بُرَيدةَ، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يَخْرُجُ رجلٌ بشيءٍ من الصدقةِ حتى يَفُكَّ عنها لَحْيَيْ سبعينَ شيطانًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1536 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العدل، حدثنا عبيد بن شَرِيك البزّار والفَضْل بن محمد بن المسيَّب، قالا: حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عُبيد الله بن عمر وعَبْد الله بن عمر

(2)

، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مِن كل حائطٍ بقِنْوٍ للمسجد

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

(1)

رجاله ثقات، غير أنَّ الأعمش - وهو سليمان بن مهران - لم يسمع هذا الحديث من ابن بريدة - وهو سليمان - فيما يظن أبو معاوية الضرير كما في "مسند أحمد"، وذهب البخاري إلى أنه لم يسمع منه فيما نقله عنه الترمذي كما في "العلل الكبير" 2/ 964.

وأخرجه أحمد 38/ (22962) عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وعنده قال أبو معاوية: ولا أُراه سمعه منه.

قوله: "لحيي سبعين شيطانًا" اللَّحْيُ: منبِتُ اللِّحْية من الإنسان وغيره، أو العظمان اللذان فيهما الأسنان.

(2)

عبد الله بن عمر، سقط من (ص) و (ب) و (ع)، وهو ثابت في (ز) و"إتحاف المهرة" 9/ 181، ومصادر التخريج.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي، عبد العزيز بن محمد - وهو الدراوردي - وإن كان يُضعَّف في روايته عن عبيد الله بن عمر - وهو العمري - فإنه قويٌّ في غيره، وقد قرن به هنا أخاه عبد الله بن عمر العمري، وهذا الأخير وإن كان ضعيفًا في نفسه، إلّا أنَّ رواية الدراوردي عن كليهما يقوي الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (3288) من طريق يحيى بن معين، عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث جابر الآتي بعده.

وحديث عوف بن مالك الآتي برقم (3163). وحديث البراء بن عازب الآتي برقم (3164).

ص: 415

وشاهدُه صحيح على شرط مسلم:

1537 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ العدلُ، حدثنا العباس بن الفضل ومحمد بن أيوب، قالا: حدثنا سَهْل بن بَكَّار، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عمِّه واسع بن حَبَّان، عن جابر بن عبد الله: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رَخَّص في العَرايا الوَسْقَ والوَسْقين والثلاثةَ والأربعة، وقال:"في جادِّ كلِّ عشرة أوسُقٍ قِنوٌ يُوضَع للمساكينِ في المسجد"

(1)

.

(1)

إسناده حسن، وقد صرَّح محمد بن إسحاق بالسماع عند أحمد، فانتفت شبهة تدليسه، وقال ابن كثير في "تفسيره": هذا إسناد جيد.

وأخرجه أحمد 23/ (14866) و (14868)، وابن حبان (5008) من طريق إبراهيم بن سعد القرشي، وأحمد (14867)، وأبو داود (1662)، وابن حبان (3289) من طريق محمد بن سلمة الحراني، كلاهما عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وفي ترخيصه صلى الله عليه وسلم بالعرايا، روي من طرق عن جابر بن عبد الله، أخرجها أحمد 22 (14358) و 23/ (14876) و (14921) و (15215)، والبخاري (2189) و (2381)، ومسلم (1543)(81) و (82)، وأبو داود (3373) و (3404)، والترمذي (1313)، والنسائي (4592) و (6069) و (6070) و (6097) و (6185).

وفي الترخيص في العرايا عن ابن عمر أيضًا سيأتي برقم (8288).

قوله: رخص في العرايا، قال ابن الأثير في "النهاية" 3/ 224: قيل: إنه لما نهى عن المزابنة - وهو بيع الثمر في رؤوس النخل بالتمر - رخَّص في جملة المزابنة في العرايا، وهو أنَّ من لا نخل له من ذوي الحاجة يدرك الرطب، ولا نقد بيده يشتري الرطب لعياله، ولا نخل له يطعمهم منه، ويكون قد فَضَل له من قوته تمرٌ، فيجئ إلى صاحب النخل فيقول له: بعني ثمر نخلةٍ أو نخلتين بخَرْصها من التمر، فيعطيه ذلك الفاضلَ من التمر بثمر تلك النخلات ليصيب من رطبها مع الناس، فرخَّص فيه إذا كان دون خمسة أوسق.

وقوله: "جادّ عشرة" قال الخطابي: قال إبراهيم الحربي: يريد قدرًا من النخل يُجَدُّ منه عشرة أوسق، وتقديره تقدير مجدود فاعل بمعنى مفعول.

وأراد بالقنو: العِذق بما عليه من الرطب والبسر، يعلَّق للمساكين يأكلونه، وهذا من صدقة المعروف دون الصدقة التي هي فرض واجب.

ص: 416

1538 -

أخبرني أحمد بن سَهْل بن حَمْدَويهِ الفقيه ببُخارى، حدثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي، حدثنا الليث بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عبد الرحمن بن بُجَيد، أخي بني حارثة، أنَّ جدَّته حدّثته - وهي أم بُجَيد، وكانت زعمت أنها ممن بايعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يا رسول الله، والله إنَّ المسكين لَيَقومُ على بابي، فما أجدُ له شيئًا أُعطِيه إيّاه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فإن لم تَجِدي شيئًا تُعطيهِ إيَّاه إلَّا ظِلْفًا مُحرَّقًا، فادفَعيهِ إليه في يدِه"

(1)

.

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1539 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصنعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبَّاد، حدثنا عبد الرزاق.

وأخبرنا محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع، قالا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن يحيى بن أبي كَثِير، عن زيد بن سلَّام، عن عبد الله بن زيد الأزدي

(2)

، عن عُقبةَ بن عامر الجُهَني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غَيْرَتانِ

(1)

إسناده قوي، عبد الرحمن بن بجيد مختلف في صحبته، وذكر الحافظ في "التقريب" أنَّ له رؤية، وقد روى عنه جمعٌ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحَّح الترمذي حديثه هذا. أم بجيد: يقال: اسمها حواء.

وأخرجه أحمد 45/ (27149) و (27150)، وأبو داود (1667)، والترمذي (665)، والنسائي (2366)، وابن حبان (3337) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وصحَّحه الترمذي.

وأخرجه أحمد (27148) و (27151) من طريقين عن سعيد المقبري، به.

وأخرج أحمد 45/ (27450)، والنسائي (2357)، وابن حبان (3374) من طريق زيد بن أسلم، وأحمد 27/ (16648)، و 38/ (23233) و 45/ (27152) من طريق منصور بن حيان، كلاهما عن ابن بجيد، عن جدته: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ردُّوا السائل ولو بظِلف محرَّق"، والظِّلف، قال في "القاموس" بالكسر للبقرة والشاة وشِبهها بمنزلة القدم لنا.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "ظِلفًا محرَّقًا" المقصود به المبالغة، وإلّا فالظلف المحترق لا ينتفع به عادةً.

(2)

كذا وقعت نسبته في نسخ "المستدرك" التي بين أيدينا، وهو خطأ، صوابه: الأزرق، وقد كتب في هامش (ز): لعله الأزرق. وكذا جاءت تسميته بالأزرق في "إتحاف المهرة" 11/ 206، =

ص: 417

إحداهما يحبُّها الله، والأخرى يُبغِضُها الله، ومَخِيلَتان إحداهما يُحبُّها الله والأخرى يُبغِضُها الله، فالغَيرةُ في الرِّيبة يحبُّها الله، والغَيرة في غير رِيبةٍ يُبغِضُها الله

(1)

، والمَخِيلةُ إذا تصدَّق الرجلُ يُحبُّها الله، والمَخِيلة من الكِبْر يُبغِضُها الله"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1540 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه إملاءً ببغداد، حدثنا الحسن بن مُكرَم، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يقول الله عز وجل: استَقرضْتُ عبدي فلم يُقرِضْني، وشَتَمَني عبدي وهو لا يَدرِي، يقول: وادَهْراهْ، وادَهْراهْ، وأنا الدَّهرُ"

(3)

.

= و"جامع معمر"(19522) وسائر مصادر التخريج التي خرجته من طريق معمر، ويقال في اسمه: خالد بن زيد، فهما واحد على الراجح، كما فصلنا ذلك فيما سيأتي برقم (2498).

(1)

من قوله: "فالغيرة" إلى هنا سقط من (ز) و (ب) و (ع)، وأُثبتت في هامش (ص) وأشير عليها بعلامة صح.

(2)

إسناده حسن إن شاء الله، انظر تعليقنا على الحديث رقم (2498).

وأخرجه أحمد 28/ (17398) عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

المخيلة: بمعنى الخُيَلاء، وهو الكبر.

والريبة: هي مواضع الشك والتهمة.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمد بن إسحاق - وإن عنعن - قد توبع، وهو حسن الحديث. العلاء بن عبد الرحمن: هو ابن يعقوب الجُهَني مولى الحُرَقة.

وأخرجه أحمد 16/ (10578) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 13/ (7988) عن محمد بن يزيد الواسطي، عن محمد بن إسحاق، به.

وقد تابع ابنَ إسحاق عن العلاء على لفظ حديثه هذا: إبراهيم بن طهمان في "مشيخته"(105)، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير عند الطبري في "تفسيره" 2/ 13، وابن عبد البر في "التمهيد" 18/ 153، وكلاهما ثقة.

وسيأتي الحديث من طريق محمد بن مسلمة عن يزيد بن هارون برقم (3858).

وسيأتي بنحوه من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة برقم (3732) و (3734)، ومن طريق الأعرج عن أبي هريرة برقم (3733). =

ص: 418

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1541 -

أخبرنا أبو العباس قاسم بن القاسم السَّيَّاري، أخبرنا عبد الله بن علي الغَزَّال، حدثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، حدثنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا حَيْوَةُ بن شُرَيح، حدثنا الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان، أنَّ عُقْبة بن مُسلم حدَّثه، أنَّ شُفيًّا حدّثه: أنه دخل المدينةَ فإذا هو برجل قد اجتمع الناسُ عليه، فقال: من هذا؟ قالوا: أبو هريرة، قال: فدَنَوتُ منه حتى قعدتُ بين يَدَيه وهو يحدِّث الناس، فلما سَكَتَ وخَلَا قلتُ: أَنْشُدُكَ اللهَ بحقِّ وحَقِّ، لَمَا حدَّثتَني حديثًا سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعَلِمتَه.

فقال أبو هريرة: أفعلُ، لأُحدِّثنَّك حديثًا حدَّثَنيهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، عَقَلتُه وعَلِمتُه، ثم نَشَغَ أبو هريرة نَشْغةً، فمَكَثَ قليلًا، ثم أفاق فقال: لأُحدِّثنَّك حديثًا حدَّثَنيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا وهو في البيت ما معنا أحدٌ غيري وغيرُه، ثم نَشَغَ أبو هريرة نَشْغةً أخرى فمَكَثَ بذلك، ثم أفاق ومسح وجهه فقال: أَفعلُ، لأحدِّثنَّك بحديثٍ حدَّثَنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وهو في البيت ما معنا أحدٌ غيري وغيره، ثم نَشَغَ أبو هريرة نَشْغةً أخرى، ثم مالَ خارًّا على وجهه، وأَسندتُه طويلًا، ثم أفاق فقال:

حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله عز وجل إذا كان يوم القيامة نَزَلَ إلى العباد ليقضِيَ بينهم، وكلُّ أمَّةٍ جاثيةٌ، فأولُ مَن يدعو به رجلٌ جَمَعَ القرآن، ورجلٌ يُقتَل في سبيل الله، ورجلٌ كثيرُ المال، فيقول الله للقارئ: ألم أُعلِّمْكَ ما أنزلتُ على رسولي؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا عَمِلتَ فيما عَلِمتَ؟ قال: كنتُ أقوم به آناءَ الليل وآناءَ النهار، فيقول الله له: كذبتَ، وتقول الملائكةُ له: كذبتَ، فيقول الله عز وجل: أردتَ أن يقال: فلانٌ قارئ، فقد قيل.

ويُؤتَى بصاحب المال فيقول: ألم أُوسِّعْ عليك حتى لم أدَعْك تحتاجُ إلى أَحد؟ قال: بلى، قال: فماذا عَمِلتَ فيما آتيتُك؟ قال: كنتُ أصِلُ الرَّحِمَ وأتصدَّق، فيقول

= قوله: "استقرضتُ عبدي" أي: استقرضه عبدٌ من عبادي ذو حاجة.

ص: 419

الله له: كذبتَ، وتقول الملائكة: كذبتَ، ويقول الله: بل أردتَ أن يقال: فلانٌ جَوَاد، فقد قيل ذلك.

ويُؤتَى بالذي قُتل في سبيل الله، فيقال له: فيمَ قُتِلتَ؟ فيقول: أُمِرتُ بالجهاد في سبيلِكَ فقاتلتُ حتى قُتِلتُ، فيقول الله: كذبتَ، وتقول الملائكة له: كذبتَ، ويقول الله: بل أردتَ أن يقال: فلانٌ جريءٌ، فقد قيل ذلك".

ثم ضَرَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رُكْبتي، فقال:"يا أبا هريرة، أولئك الثلاثةُ أولُ خَلْقِ الله تُسعَّرُ بهم النارُ يومَ القيامة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه هكذا.

والوليد بن أبي الوليد العُذْري شيخٌ من أهل الشام لم يحتجَّ به الشيخان، وقد اتفقا جميعًا على شواهدَ لهذا الحديث بغير هذه السِّياقة.

1542 -

أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن محمد، حدثنا أبو النَّضْر، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق، عن عمرو بن الحارث، عن جُوَيريَةَ بنت الحارث قالت: والله ما تَرَكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عندَ موته دينارًا ولا درهمًا ولا عبدًا ولا أَمةً، إلا بغلتَه وسلاحَه، وأرضًا تَرَكَها صدقةً

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، الوليد بن أبي الوليد وثقه أبو زُرعة الرازي وابن معين والعِجلي ويعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وسئل أبو داود عنه فقال خيرًا، وأخطأ الحافظ ابن حجر في "التقريب" فليَّنه، وباقي رجال الإسناد ثقات. شُفي: هو ابن ماتع، ويقال: ابن عبد الله الأصبحي.

وأخرجه الترمذي (2382)، وابن حبان (408) من طريقين عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (369).

وقوله: بحقِّ وحقِّ، على تقدير محذوف، يعني أنه سأله بحق كذا وحق كذا

وذكر حقوقًا.

(2)

حديث صحيح، رجاله ثقات، لكن اختُلف فيه على أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - فرواه بعضهم عنه عن عمرو بن الحارث عن أخته جويرية بنت الحارث، ورواه بعضهم عنه عن عمرو بن الحارث عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر جويرية، ورجح الأخير الدارقطني في "العلل" =

ص: 420

هذا حديث صحيح وقد خرَّجه البخاري.

1543 -

أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو حاتم الرَّازي، حدثنا عبد الله بن جعفر الرَّقِّي، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أُنيسةَ، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، قال: لما حُصِرَ عثمانُ بن عفّان أشرف عليهم من فوق دارِه، ثم قال: أُذكِّرُكم الله، هل تعلمون أنَّ رُوْمَةَ لم يكن يشربُ منها أحدٌ إلَّا بثمنٍ، فابتعتُها من مالي فجعلتُها للغنيِّ والفقير وابن السَّبيل؟ قالوا: نعم

(1)

.

= (4038)، قلنا: وهذا الاختلاف لا يضر في صحة الحديث، فعمرو بن الحارث وأخته كلاهما صحابيان.

زهير: هو ابن معاوية، وأبو النضر: هو هاشم بن القاسم، والحارث بن محمد: هو ابن أبي أسامة صاحب "المسند" المشهور.

وأخرجه ابن خزيمة (2489) من طريق حسين بن الحسن الأشقر، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 207 من طريق علي بن الجعد، كلاهما عن زهير بن معاوية بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (2739) من طريق يحيى بن أبي بكير، عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن الحارث. لم يذكر فيه جويرية.

وأخرجه دون ذكر جويرية أيضًا أحمد (18458)، والبخاري (2873) و (2912) و (3098)، والنسائي (6389) من طريق سفيان الثوري، والبخاري (4461)، والنسائي (6388) من طريق أبي الأحوص، والنسائي (6390) من طريق يونس بن أبي إسحاق، ثلاثتهم عن أبي إسحاق، به.

(1)

إسناده صحيح. عبيد الله بن عمرو: هو الرقّي وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وأبو عبد الرحمن السلمي: هو عبد الله بن حبيب بن ربيعة.

وأخرجه الترمذي (3699) عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن جعفر الرقي، بهذا الإسناد. وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان.

وأخرجه ابن حبان (6916) من طريق أبي نصر التمار، عن عبيد الله بن عمرو الرقي، به.

وأخرجه النسائي (6404) من طريق أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد الحراني، عن زيد بن أبي أنيسة، به.

وعلّقه البخاري (2778) عن عَبْدان، عن أبيه، عن شعبة، عن أبي إسحاق، به.

وخالف زيدَ بنَ أبي أنيسة وشعبةَ: يونس بن أبي إسحاق عند أحمد 1/ (420)، والنسائي =

ص: 421

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1544 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أحمد بن مِهْران، حدثنا رَوْح بن عُبادةَ بن خلف بن مَخْلَد

(1)

، عن مالك.

وأخبرني أبو بكر بن أبي نَصْر المروَزي، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا القَعْنَبي فيما قرأَ على مالك، عن سعيد بن عمرو بن شُرَحْبيل [بن سَعيد]

(2)

بن سَعْد بن عُبادة، عن أبيه، عن جدِّه أنه قال: خَرَجَ سعدُ بن عبادة مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فحَضَرتْ أمَّ سعدٍ الوفاةُ، فقيل لها: أَوصي، قالت: فيما أُوصِي؟ إنما المالُ مال سعد، فتوفِّيَت قبل أن يَقدَم سعدٌ، فلما قَدِمَ سعدٌ ذُكِر له ذلك فقال: يا رسولَ الله، هل ينفعُها أن أتصدَّقَ عنها؟ قال:"نعم". قال سعد: حائطُ

= (6403)، وإسرائيلُ عند الدارقطني في "السنن"(4442)، فروياه عن أبي إسحاق، عن أبي سلمة، عن عثمان. ورجح الدارقطني في "العلل"(282) رواية شعبة وابن أبي أنيسة، ومال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 8/ 592 إلى عدم الترجيح، وقال: لعلَّ لأبي إسحاق فيه إسنادين.

وقد روي الحديث من غير وجه عن عثمان، فقد رواه أبو سعيد مولى أبي أسيد عن عثمان، سيأتي برقم (3339).

ورواه الأحنف بن قيس عن عثمان، أخرجه أحمد (511)، والنسائي (4376) و (6400) و (6401)، وابن حبان (6920).

ورواه ثمامة بن حَزْن عن عثمان، أخرجه أحمد (555)، والترمذي (3703)، والنسائي (6402).

(1)

كذا وقع في أصول "المستدرك"، وهو خطأ يقينًا، ولم يتبين لنا وجه الجزم بالصواب، لكن يغلب على الظن أنه: روح بن عبادة وخالد بن مخلد، فتحرف خالد إلى: خلف، فإنَّ روحًا وخالدًا لهما رواية عن مالك، كما أنَّ أحمد بن مهران له رواية عن كليهما، إلّا أنَّ رواية خالد بن مخلد لهذا الحديث خاصة لم تقع لنا، أما رواية روح بن عبادة فهي عند ابن خزيمة (2500)، وأبي بكر النصيبي في "فوائده"(183).

(2)

ما بين معقوفين ليس في نسخنا الخطية، ولا بدَّ منه، فأثبتناه من "تلخيص المستدرك" للذهبي، ومن مصادر ترجمته ومصادر التخريج.

ص: 422

كذا وكذا صدقةٌ عنها؛ لحائطٍ قد سمَّاه

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ صحيح على شرط البخاري:

1545 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا رَوْح بن عبادة، حدثنا زكريا بن إسحاق، أخبرني عمرو بن دينار، عن عِكرمة، عن ابن عباس: أنَّ رجلًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ أُمه تُوفيتْ، أفينفعُها إن تصدقتُ عنها؟ قال:"نعم" قال: فإنَّ لي مَخْرَفًا، وأُشهِدُك أني قد تصدقتُ به عنها

(2)

.

(1)

حديث صحيح، انظر الكلام على إسناده مستوفًى في التعليق على "صحيح ابن حبان".

وأخرجه النسائي (6444)، وابن حبان (3354) من طريقين عن مالك بن أنس، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 5/ (3504)، والبخاري (2770)، وأبو داود (2882)، والترمذي (669)، والنسائي (6449) من طريق روح بن عبادة، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (9448) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، به. وقد صرَّح في هذه الرواية أنَّ الرجل المبهم هنا هو سعد بن عبادة.

وأخرجه أحمد (3080) و (3508)، والبخاري (2756) و (2762) من طريق يعلى بن حكيم الثقفي، عن عكرمة، به. وصرّح يعلى أيضًا باسم سعد بن عبادة.

وروى عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس: أنَّ سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إِنَّ أمي ماتت وعليها نذر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اقض عنها"، أخرجه أحمد 3/ (1893) و 5/ (3048) و (3087) و (3506)، والبخاري (2761) و (6698) و (6959)، ومسلم (1638)، وأبو داود (3307) وابن ماجه (2132)، والترمذي (1546)، والنسائي (4740 - 4742) و (6453) و (6454) و (6456) و (6457)، وابن حبان (4393 - 4395). قلنا: رواه الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، واختُلف عليه فيه، فرواه بعضهم عنه عن ابن عباس، كما في "الصحيحين" وغيرهما، ورواه بعضهم عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عباس عن سعد بن عبادة، فجعلوه من مسند سعد بن عبادة، ومثل هذا لا يضر، لأن كليهما صحابي. وحديث سعد بن عبادة هذا أخرجه أحمد 3/ (1893)، والنسائي (6450 - 6452) و (6455).

ثم إنه لا تنافي بين قوله: إنَّ أمي ماتت وعليها نذر، وبين قوله: إنَّ أمه توفيت، أفينفعها إن =

ص: 423

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تصدق عنها؟ قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 8/ 559: لاحتمال أن يكون سأل عن النذر وعن الصدقة عنها، والله تعالى أعلم.

قوله: "إنَّ لي مَخرفًا" يعني: بستانًا.

ص: 424

بسم الله الرحمن الرحيم

‌كتاب الصوم

1546 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك ببغداد، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو بكر بن عيّاش.

وحدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا أحمد بن نَجْدةَ، حدثنا سعيد بن منصور وأبو كُرَيب، قالا: حدثنا أبو بكر بن عيّاش، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أولُ ليلةٍ من رمضانَ صُفِّدت الشياطينُ ومَرَدةُ الجن، وغُلِّقت أبوابُ النار، فلم يُفتَحْ منها باب، وفُتِّحتْ أبوابُ الجِنان فلم يُغلَقْ منها باب، ونادى منادٍ: يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ، ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِرْ، وللهِ عُتقاءُ من النار"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، رجاله ثقات غير أبي بكر بن عياش ففيه كلام يحطه عن رتبة الصحيح، ثم إنه قد ضُعِّف في روايته عن الأعمش، لذلك لم يخرج له الشيخان شيئًا من روايته عنه، وقد غلط هنا في هذا الحديث كما قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير"(190)، وفي "السنن"(682)، ثم روى البخاري الحديث من طريق أبي الأحوص عن الأعمش عن مجاهدٍ قولَه، وقال البخاري: هذا أصح عندي من حديث أبي بكر بن عياش. قلنا: لكن روي الحديث من غير وجه عن أبي هريرة، بعضها في "الصحيحين"، كما سيأتي. وانظر "علل" الدارقطني (1956). أبو صالح: هو ذكوان السمان، وأبو كريب: هو محمد بن العلاء.

وأخرجه الترمذي (682)، وابن ماجه (1642)، وابن حبان (3435) من طريق أبي كريب، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث غريب، لا نعرفه من رواية أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة إلّا من حديث أبي بكر.

وأخرجه بنحوه أحمد 13/ (7780 - 7783) و 14/ (8684) و (8914) و 15/ (9204)، والبخاري (1898) و (1899) و (3277)، ومسلم (1079)، والنسائي (2418 - 2423)، وابن حبان (3434) من طريق أبي أنس مالك بن أبي عامر، عن أبي هريرة. =

ص: 425

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

1547 -

أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، قال: قُرِئ على عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، وأنا أسمع، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا شعبة، عن محمد بن أبي يعقوب، قال: سمعتُ أبا نصرٍ الهِلاليَّ يحدِّث عن رجاء بن حَيْوة، عن أبي أمامةَ، قال: قلت: يا رسول الله، دُلَّني على عمل؟ قال:"عليك بالصَّوم، فإنه لا عِدْلَ له"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

ومحمد بن أبي يعقوب هذا الذي كان شعبةُ إذا حدَّث عنه يقول: حدثني سيدُ بني تميم، وأبو نصر الهلالي: هو حُميد بن هلال العَدَوي، ولا أعلمُ له راويًا عن شعبة غيرَ عبد الصمد، وهو ثقة مأمون.

= وأخرجه كذلك أحمد 12/ (7148) و 14/ (8991) و (8992) و 15/ (9497)، والنسائي (2427) من طريق أبي قلابة، عن أبي هريرة. وإسناده صحيح.

وأخرجه النسائي (2425) من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة. وإسناده صحيح أيضًا.

ويشهد له حديث عتبة بن فرقد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عند أحمد 31/ (18794) و (18795)، والنسائي (2429). وإسناده حسن.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات. عبد الملك بن محمد الرقاشي: هو أبو قلابة الرقاشي، ومحمد بن أبي يعقوب: هو محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، نُسِبَ إلى جده، وأبو نصر الهلالي: هو حميد بن هلال العدوي، كما حققنا القول فيه في تعليقنا على "المسند" 36/ (22149) بما يغني عن إعادته هنا، فلينظر.

وأخرجه أحمد (22149)، وابن حبان (3426) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (22276)، والنسائي (2543) و (2544) من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه أحمد (22140) و (22141) و (22195)، والنسائي (2541) و (2542)، وابن حبان (3425) من طرق عن محمد بن أبي يعقوب، به. وهو عند ابن حبان وبعض روايات أحمد ضمن حديث مطول.

ص: 426

1548 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب إملاءً، حدثنا بكَّار بن قُتيبةَ القاضي، حدثنا أبو داود الطَّيالسي، حدثنا أبان بن يزيد العطّار، عن يحيى بن أبي كَثِير، عن زيد بن سلَّام، عن أبي سلَّام، عن الحارث الأشعري: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الله أَوحى إلى يحيى بن زكريا بخَمسِ كلمات أن يَعملَ بهنَّ ويأمرَ بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ، فكأنه أبطأَ بهنَّ، فأتاه عيسى، فقال: إنَّ الله أمرَكَ بخمس كلماتٍ أن تَعمَلَ بهِنَّ وتأمرَ بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ، فإما أن تُخبِرَهم، وإما أن أُخبِرَهم، قال: يا أخي لا تفعلْ، فإني أخاف إن سَبَقْتَني بهنَّ أن يُخسَفَ بي وأُعذَّبَ.

قال: فجَمَعَ بني إسرائيل ببيت المَقدِس حتى امتَلأَ المسجد، وقَعَدُوا على الشُّرُفات، ثم خَطَبَهم فقال: إنَّ الله أوحى إليَّ بخمس كلماتٍ أن أعمَلَ بهنَّ، وآمرَ بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ: أوّلُهنَّ أن لا تُشرِكوا بالله شيئًا، فإِنَّ مَثَلَ مَن أشرك بالله كمَثَل رجلٍ اشترى عبدًا من خالص ماله بذهبٍ أو وَرِقٍ، ثم أَسْكنَهُ دارًا فقال: اعمَلْ وارفَعْ إليَّ، فجعل يعملُ ويرفعُ إلى غير سيِّدِه، فأيكم يَرضَى أن يكون عبدُه كذلك؟ فإِنَّ الله خلقكم ورَزَقكم، فلا تُشرِكوا به شيئًا.

وإذا قمتم إلى الصلاة فلا تَلْتَفِتوا، فإنَّ الله يُقبِلُ بوجهه إلى وجهِ عبدِه ما لم يَلتفِتْ، وآمُرُكم بالصيام، ومَثَلُ ذلك كمَثل رجلٍ في عصابةٍ معه صُرَّة مِسْكٍ، كلهم يحبُّ أن يَجِدَ ريحَها، وإنَّ الصيام أطيبُ عند الله من ريح المِسْك.

وآمرُكم بالصدقة، ومَثَلُ ذلك كمَثَل رجلٍ أسَرَه العدوُّ، فأوثَقوا يدَه إلى عُنُقِه، وقرَّبوه ليضربوا عُنُقَه، فجعل يقول: هل لكم أن أَفدِيَ نفسي منكم؟ وجعل يُعطي القليلَ والكثيرَ حتى فَدَى نفسَه.

وآمُرُكم بذِكر الله كثيرًا، ومَثَلُ ذِكرِ الله كمَثَلِ رجلٍ طلبه العدوُّ سِرَاعًا في أَثرِه، حتى أتى حِصْنًا حَصِينًا، فأحرَزَ نفسَه فيه، وكذلك العبدُ لا ينجو من الشيطان إلَّا بذِكرِ الله".

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأنا آمُرُكم بخمسٍ أمَرَني الله بهنَّ: الجماعةِ، والسَّمْعِ، والطاعةِ،

ص: 427

والهجرةِ، والجهادِ في سبيل الله، ومَن فارَقَ الجماعة قِيدَ شِبرٍ فقد خلعَ رِبْقةَ الإيمان من عُنُقِه - أو من رأسِه - إلَّا أن يُراجِع، ومن ادَّعى دعوى جاهليةٍ، فهو من جُثَاءِ جهنم" قيل: يا رسول الله، وإن صامَ وصلَّى؟ قال:"وإن صام وصلَّى. تَدَاعَوا بدَعْوَى الله التي سمَّاكم بها: المؤمنينَ المسلمينَ، عبادَ الله"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1549 -

أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن عبد الرحمن الدَّبّاس بمكة، حدثنا محمد بن علي بن زيد حدثنا الحكم بن موسى، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا إسحاق بن عبد الله

(2)

قال: سمعت عبد الله بن أبي مُلَيكة يقول: سمعتُ عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ للصائم عند فِطْرِه دعوةً ما تُرَدّ".

قال ابنُ أبي مُلَيكة: وسمعتُ عبد الله بن عمرٍو يقول عند فِطْرِه: اللهمَّ إنِّي أسألك برحمتِك التي وَسِعَتْ كلَّ شيءٍ أن تَغفِرَ لي ذنوبي

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. زيد بن سلام: هو ابن أبي سلام ممطور الحبشي، يروي هنا عن جده.

وأخرجه الترمذي (2864) عن محمد بن بشار، عن أبي داود الطيالسي، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (411).

(2)

كذا وقع للحاكم هنا عبد الله مكبرًا، والصواب فيه: عبيد الله مصغرًا، صرَّح بذلك البيهقي في "شعب الإيمان" بإثر الحديث (3622) وقال: إسحاق هو ابن عبيد الله مدني، يروي عنه الوليد بن مسلم ويعقوب بن محمد، وشيخاي لم يثبتاه، فقالا: إسحاق بن عبد الله، انتهى. وسيأتي بيان الاختلاف في تعيينه لاحقًا.

(3)

حسن لغيره، رجاله ثقات، غير إسحاق بن عبيد الله، فقد ورد اسمه هكذا مطلقًا في "عمل اليوم والليلة" لابن السني (481)، و"معجم ابن عساكر"(365)، وفي غيرهما من المصادر جاء مسمًّى: إسحاق بن عبيد الله المدني، كما عند ابن ماجه (1753)، والطبراني في "الدعاء"(919)، وفي "المعجم الكبير"(14343)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(3623).

وقد اختُلف في تعيينه، ففي "التاريخ الكبير" للبخاري 1/ 398، و"الثقات" لابن حبان 6/ 48: إسحاق بن عبيد الله المدني، قال البخاري: سمع ابنَ أبي مليكة في الصوم، ويزيد بن =

ص: 428

إسحاق هذا إن كان ابنَ عبد الله مولى زائدةَ، فقد خرَّج عنه مسلم، وإن كان ابنَ أبي فَرْوةَ، فإنهما لم يخرجاه!

1550 -

أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد الخطيب بمَرْو، حدثنا إبراهيم بن هلال، حدثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، أخبرنا الحسين بن واقد، حدثنا مروان بن سالم المُقفَّع قال: رأيت ابنَ عمر يَقبِضُ على لِحيتِه فيَقطَعُ ما زادَ على الكف، وقال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطَرَ قال: "ذَهَبَ الظَّمأُ، وابتلَّتِ العُرُوق، وثَبَتَ الأجرُ إن شاء الله"

(1)

.

= رومان مرسل سمع منه يعقوب بن محمد، قال: وكان مسنًّا، وسمع أيضًا منه الوليد بن مسلم. انتهى، وقال ابن حبان: يروي عن ابن أبي مليكة، روى عنه الوليد بن مسلم.

وسمَّاه أبو حاتم وأبو زرعة كما في "الجرح والتعديل" 2/ 228: إسحاق بن عبيد الله بن أبي مليكة، وزاد أبو زرعة: يعدّ في المكيين، وتبعهما على ذلك المزي في "تهذيب الكمال" 2/ 456، والذهبي في "تاريخ الإسلام" 4/ 306.

وأغرب ابنُ عساكر حيث اعتبره في "تاريخ دمشق" 8/ 255 إسحاق بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي مولاهم، وتبعه على ذلك ابن حجر في "تهذيب التهذيب"، و"إتحاف المهرة" 9/ 549، ومغلطاي في "إكمال تهذيب الكمال" 2/ 104، والله تعالى أعلم.

وأخرجه ابن ماجه (1753) عن هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.

وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد 15/ (9743)، وابن ماجه (1752)، والترمذي (3915)، وابن حبان (3428)، ولفظه "ثلاثة لا ترد دعوتهم - وذكر منهم -: الصائم حتى يفطر"، وإسناده حسن.

وآخر نحوه من حديث أنس بن مالك عند البيهقي 3/ 345، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 6/ (2057).

(1)

إسناده حسن كما قال الدارقطني في "سننه"(2279)، والحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 2/ 202؛ مروان بن سالم المقفّع روى عنه ثقتان وذكره ابن حبان في "الثقات"، والحسين بن واقد صدوق لا بأس به، وإبراهيم بن هلال حسن الحديث، وقد سلفت ترجمته برقم (420) وقد توبع.

وأخرجه أبو داود (2357) عن عبد الله بن محمد بن يحيى، والنسائي (3315) و (10058) عن =

ص: 429

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتُجَّ بالحسين بن واقد ومروان بن المُقفَّع.

1551 -

أخبرنا إسماعيل بن نُجَيد بن أحمد بن يوسف السُّلَمي، حدثنا جعفر بن أحمد بن نَصْر الحافظ، حدثنا إسماعيل بن بِشْر بن منصور السُّلَمي، حدثنا عمر بن علي المُقدَّمي، حدثنا مَعْنُ بن محمد الغِفَاري، قال: سمعتُ حنظلةَ بن علي السَّدُوسيَّ

(1)

يقول: سمعتُ أبا هريرة يقول بهذا البَقيع: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الطاعمُ الشاكرُ مثلُ الصَّائمِ الصَّابر"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه

(3)

.

= قريش بن عبد الرحمن، كلاهما عن علي بن الحسن بن شقيق، بهذا الإسناد.

وروى البخاري برقم (5892) من طريق محمد بن عمر بن زيد عن نافع: أنَّ ابن عمر كان إذا حجَّ أو اعتمر، قبض على لحيته، فما فَضَلَ أخذه. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 396 عن نافع بلفظ: كان ابن عمر إذا حَلَقَ رأسه بحج أو عمرة، أخذ من لحيته وشاربه.

(1)

كذا وقعت نسبته هنا، وهو خطأ، فكل المصادر التي ترجمته نسبته أسلميًّا، وقال بعضهم: سُلَميّ.

(2)

إسناده حسن من أجل معن بن محمد الغفاري.

وأخرجه ابن ماجه (1764) من طريقين عن معن بن محمد الغفاري، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (7377) من طريق معن الغفاري عن سعيد المقبري، وبرقم (7378) من طريق سلمان الأغر، كلاهما عن أبي هريرة.

قوله: "الطاعم الشاكر" قال السندي في حاشيته على "مسند أحمد" 13/ (7806): يريد أنَّ المطلوب من العبد الطاعة لله، والقيام بوظائف العبودية له تعالى، لا الصوم بخصوصه، فمن أكل وقام بشكره تعالى، فهو ومن صام وصبر عن الأكل والشرب أو عن المعاصي، وما لا ينبغي أن يُفعل في الصوم، سواءٌ، إذ كلٌّ منهما في الطاعة.

(3)

تعقبه الذهبي في "تلخيص المستدرك" بقوله: هذا في "الصحيحين" فلا وجه لاستدراكه. قلنا: بل القول فيه قول الحكم، ولم يخرجاه، وإنما علَّقه البخاري بإثر الحديث (5460) كتاب الأطعمة، باب الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 16/ 499: هذا من الأحاديث المعلَّقة التي لم تقع في هذا الكتاب - يعني "صحيح البخاري" - موصولة.

ص: 430

1552 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر الخَوْلاني، قال: قُرِئ على عبد الله بن وهب: أخبَرَكَ عمرو بن الحارث، عن بُكَير بن عبد الله [ابن] الأشَجِّ، عن يزيد بن أبي عُبيد، عن سَلَمةَ بن الأكوع قال: كنّا في رمضانَ في عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مَن شاءَ صامَ، ومَن شاء أفطَرَ وافتَدى بطعامِ مسكين، حتى أُنزلت الآية:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} الآية [البقرة: 185]

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

1553 -

أخبرني مُكرَم بن أحمد القاضي، حدثنا أحمد بن حيّان بن مُلاعِب، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد العزيز بن أبي رَوَّاد، حدثنا نافع، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله جَعَلَ الأهلَّةَ مواقيت، فإذا رأيتُمُوه فصُومُوا، وإذا رأيتُمُوه فأفطِروا، فإن غُمَّ عليكم فاقْدُرُوا له، واعلموا أنَّ الأشهرَ لا تَزيدُ على ثلاثين"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. عمرو بن الحارث: هو ابن يعقوب الأنصاري، ويزيد بن أبي عبيد: هو مولى سلمة بن الأكوع.

وأخرجه مسلم (1145)، وابن حبان (3624) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (4507)، ومسلم (1145)، وأبو داود (2315)، والترمذي (798)، والنسائي (2637) و (10950)، وابن حبان (3478) من طريق بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، به.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن أبي رواد. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، وأحمد بن حيان بن ملاعب تقدم ذكر الخلاف في اسمه عند الحديث رقم (1278).

وأخرجه ابن خزيمة (1906) عن عبد الله بن محمد الزهري، عن أبي عاصم النبيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (7306)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 205، والخطيب البغدادي في "جزء فيه طرق حديث ابن عمر في ترائي الهلال"(18) من طريقين عن عبد العزيز بن أبي رواد، به.

وأخرجه بنحوه أحمد 9/ (5294)، والبخاري (1906)، ومسلم (1080)(3) و (6) و (7)، وأبو داود (2320)، والنسائي (2441) و (2442) و (2443)، وابن حبان (3445) و (3451) =

ص: 431

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وعبد العزيز بن أبي رَوَّاد ثقةٌ عابدٌ مجتهدٌ شريف النَّسب

(1)

.

1554 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن صالح، أخبرني معاوية بن صالح، عن عبد الله بن أبي قيس، قال: سمعتُ عائشةَ تقول: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتحفَّظُ من هلال شعبانَ ما لا يَتحفَّظُ من غيره، ثم يصومُ لرؤيةِ رمضان، فإن غُمَّ عليه عَدَّ ثلاثين يومًا ثم صام

(2)

.

= و (3593) من طرق عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال: "لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له"، واللفظ للبخاري.

وأخرج أحمد 10/ (6323)، والبخاري (1900)، ومسلم (1080)(8)، وابن ماجه (1655)، والنسائي (2441)، وابن حبان (3441) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، والبخاري (1907)، ومسلم (1080)(9)، وابن حبان (3597) من طريق عبد الله بن دينار، كلاهما عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له"، لفظ حديث سالم عن ابن عمر عند البخاري، ولفظ حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر عنده أيضًا:"الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين".

وله شواهد من أحاديث سعد، وابن عباس، وأبي هريرة، وأبي بكرة، وجابر، وطلق بن علي، وأنس، وعائشة، وأم سلمة، وغيرهم، ذكرناها عند الحديث رقم (4489) من "مسند أحمد".

قوله: "فإن غُمَّ عليكم" أي: حال بينكم وبينه غيم أو نحوه.

(1)

في (ب) وهامش (ز): شريف البيت.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الله بن صالح - وهو كاتب الليث بن سعد - وقد توبع.

وأخرجه أحمد 42/ (25161)، وعنه أبو داود (2325)، وأخرجه ابن حبان (3444) من طريق إسحاق بن راهويه، كلاهما (أحمد وإسحاق) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. وهما صحيحان.

قولها: "يتحفظ" معناه: يتكلف في حفظ أيام شعبان لمحافظة صوم رمضان.

ص: 432

هذا حديث صحيحٌ على شرط الشيخين، فقد حدَّث ابنُ وهبٍ وغيرُه عن معاوية بن صالح، ولم يُخرجاه.

1555 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا هارون بن سعيد الأَيْلي، حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم، عن أبي بكر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: تَراءَى الناسُ الهلالَ، فأَخبرتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أني رأيتُه، فصامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَ الناسَ بالصِّيام

(1)

.

صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1556 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيبةَ، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن عمرو بن قيس المُلَائي، عن أبي إسحاق، عن صِلَةَ بن زُفَرَ قال: كنَّا عند عمَّار بن ياسر فأمَرَ بشاةٍ مَصْليَّةٍ، فقال: كُلُوا، فتنحَّى بعضُ القوم فقال: إنِّي صائم، فقال عمّار: مَن صامَ يومَ الشَّكِّ فقد عَصَى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم

(2)

.

هذا حديث صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1557 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو البَخْتَري عبدُ الله بن محمد بن شاكر، حدثنا الحسين بن علي الجُعْفي، حدثنا زائدة، عن سِمَاك بن حَرْب، عن عِكرِمة، عن ابن عباسٍ قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إِنِّي رأيتُ الهلال

(1)

إسناده صحيح. نافع والد أبي بكر بن نافع: هو المدني مولى عبد الله بن عمر.

وأخرجه أبو داود (2342)، وابن حبان (3447) من طريق مروان بن محمد، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده قوي من أجل أبي خالد الأحمر: وهو سليمان بن حيان. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.

وأخرجه أبو داود (2334)، وابن ماجه (1645)، وابن حبان (3596) من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، والترمذي (686)، والنسائي (2509)، وابن حبان (3585) و (3595) من طريق عبد الله بن سعيد الأشج، كلاهما عن أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح.

ص: 433

- يعني هلالَ رمضان - فقال: "أتشهدُ أن لا إلهَ إِلَّا الله؟ " قال: نعم، قال:"أتشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله؟ " قال: نعم، قال:"يا بلالُ، أذِّن في الناس أن يَصُوموا غدًا"

(1)

.

تابعه سفيانُ الثَّوريُّ وحمَّاد بن سَلَمة عن سِمَاك بن حرب.

أما حديث الثوري:

1558 -

فحدَّثَناه عبد الباقي بن قانِع الحافظ، حدثنا الحسن بن علي بن شَبِيب المَعْمَري، حدثنا محمد بن بكَّار العَيْشي

(2)

، حدثنا أبو عاصم، عن سفيان، عن سِمَاك، عن عِكْرِمة، عن ابن عباسٍ قال: جاء رجلٌ أعرابيٌّ ليلةَ هلالِ رمضان، فقال: يا رسول الله، إنِّي قد رأيتُ الهلال، فقال:"تشهدُ أن لا إله إلَّا الله، وتشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله؟ " قال: نعم، قال:"فنادِ في الناس أن يَصُوموا"

(3)

.

وهكذا رواه الفضل بن موسى عن سفيان الثوري:

1559 -

أخبرَناه الحسن بن حَلِيم، أخبرنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرنا

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنَّ في بعض روايات سماك عن عكرمة اضطرابًا، وقد اختُلف عليه في هذا الحديث، فرواه بعضهم مرسلًا وبعضهم موصولًا، ورجَّح الأكثر المرسل، إلَّا أنَّ له شاهدًا من حديث ابن عمر سلف قبلُ بحديثين. زائدة: هو ابن قدامة.

وقد سلف الحديث من طريق معاوية بن عمرو عن زائدة بن قدامة برقم (1116)، وسلف تخريجه هناك.

أما طريق الحسين بن علي الجعفي هذه فقد أخرجها من طرق عنه: أبو داود (2340)، والترمذي (691 م)، والنسائي (2433)، وابن حبان (3446).

وانظر الأحاديث الثلاثة التالية.

(2)

تحرف في النسخ الخطية إلى: القيسي، والصواب: العَيْشي، بفتح العين وسكون الياء آخر الحروف وبعدها شين معجمة، نسبة إلى بني عايش بن مالك بن تيم الله كما في "الأنساب" للسمعاني 9/ 427.

(3)

حسن لغيره كسابقه. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل.

وأخرجه النسائي (2435) من طريق أبي داود الحفري، و (2436) من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن سفيان الثوري، عن سماك، عن عكرمة مرسلًا لم يذكرا فيه ابن عباس.

ص: 434

الفضل بن موسى، حدثنا سفيان الثَّوري، عن سِمَاك، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس قال: جاء أعرابيٌّ ليلةَ هلالِ رمضان، فقال: يا رسولَ الله، قد رأيتُ الهلال، فقال:"أتشهدُ أن لا إله إلَّا الله، وأني رسولُ الله؟ " قال: نعم، قال:"فنادِ أن يَصُوموا"

(1)

.

أما حديث حماد بن سَلَمة:

1560 -

فأخبرَناه أحمد بن محمد بن سَلَمَة العَنَزي، عن عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن سِمَاك، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنهم شَكُّوا في هلال رمضان، فأرادوا أن لا يَقومُوا ولا يَصومُوا، فجاء أعرابيٌّ من الحَرّةِ فشَهِدَ أنه رأى الهلال، فأمرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بلالًا فنادى في الناس: أن يقوموا ويصوموا

(2)

.

قد احتجَّ البخاريُّ بأحاديث عكرمة، واحتجَّ مسلمٌ بأحاديث سِمَاك بن حرب وحمّاد بن سَلَمة، وهذا الحديث صحيح، ولم يُخرجاه.

1561 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خَلَف القاضي، حدثنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرَّقاشي، حدثنا أبو غسان يحيى بن كَثِير العَنْبَري، حدثنا شعبة، عن سِمَاك قال: دخلتُ على عِكرِمةَ في اليوم الذي يُشَكُّ فيه من رمضان وهو يأكل، فقال: ادْنُ فكُلْ، قلت: إنِّي صائم، قال: واللهِ لَتدنُوَنَّ، قلت: فحدِّثْني، قال: حدَّثَني ابن عباسٍ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَستقبِلوا الشَّهرَ استِقبالًا، صُومُوا

(1)

حسن لغيره كسابقيه. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان بن جبلة، وعبدان لقبه.

وأخرجه النسائي (2434) عن محمد بن عبد العزيز، عن الفضل بن موسى السيناني، بهذا الإسناد.

(2)

حسن لغيره كسابقه. موسى بن إسماعيل: هو أبو سلمة التَّبوذكي.

وأخرجه أبو داود (2341) عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة: أنهم شكُّوا .... الحديث، فذكره هكذا مرسلًا. وقال أبو داود: رواه جماعة عن سماك عن عكرمة مرسلًا، لم يذكر القيام أحد إلا حماد بن سلمة.

ص: 435

لِرُؤيتِهِ، وأفطِرُوا لِرُؤيتِه، فإن حالَ بينَكم وبينَ مَنظَرِه سحابةٌ أو قَتَرةٌ، فأكمِلُوا العِدّةَ ثلاثين"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، سماك - وهو ابن حرب الذهلي، وإن كان في بعض رواياته عن عكرمة كلام - قد توبع، وباقي رجاله ثقات. عبد الملك بن محمد الرقاشي: هو المشهور بأبي قلابة الرقاشي.

وأخرجه ابن حبان (3590) من طريق يحيى بن السكن، عن يحيى بن كثير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/ (1985)، والنسائي (2450) و (2510) من طريق أبي يونس حاتم بن أبي صغيرة، وأحمد 4/ (2335)، وأبو داود (2327) من طريق زائدة بن قدامة، والترمذي (688)، والنسائي (2451)، وابن حبان (3594) من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم، ثلاثتهم عن سماك بن حرب، به. ولم يذكروا جميعهم قصة سماك مع عكرمة إلّا حاتم بن أبي صغيرة عند النسائي (2510) فذكرها. وزاد زائدة في آخر روايته:"الشهر تسع وعشرون". وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرج أحمد 3/ (1931)، والنسائي (2446) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن حنين، عن ابن عباس قال: عجبت ممن يتقدم الشهر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تصوموا حتى تروه" أو قال: "صوموا لرؤيته".

وأخرجه مختصرًا النسائي (2445) من طريق حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤية الهلال، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"، ولم يذكر فيه ابن حنين.

وأخرج أحمد 5/ (3021) و (3515)، ومسلم (1088) من طريق عمرو بن مرة قال: سمعت أبا البَختري قال: خرجنا للعمرة، فلما نزلنا ببطن نخلة قال: تراءينا الهلال، فقال بعض القوم: هو ابن ثلاث، وقال بعض القوم: هو ابن ليلتين، قال فلقينا ابن عباس، فقلنا: إنا رأينا الهلال، فقال بعض القوم: هو ابن ثلاث، وقال بعض القوم: هو ابن ليلتين، فقال: أيَّ ليلة رأيتموه؟ قال: فقلنا: ليلة كذا وكذا، فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله مده للرؤية"، فهو لليلة رأيتموه. لفظ مسلم، وفي رواية أخرى عنده:"إنَّ الله قد أمدَّه لرؤيته، فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة".

وأخرج أحمد 5/ (2789)، ومسلم (1087)، وأبو داود (2332)، والترمذي (693)، والنسائي (2432) من طريق كريب مولى ابن عباس، أنَّ أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمتُ الشام، فقضيتُ حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة =

ص: 436

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.

1562 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو معاوية، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرةَ، قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَحصُوا هلالَ شعبانَ لِرمضان"

(1)

.

= الجمعة، ثم قدمتُ المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلتُ: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيتَه؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنّا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي، لكن قد أعل هذا الحديث أبو حاتم الرازي والترمذي كما سيأتي. يحيى بن يحيى: هو النيسابوري، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن.

وأخرجه الترمذي (687) عن مسلم بن الحجاج النيسابوري صاحب "الصحيح"، عن يحيى بن يحيى، بهذا الإسناد. وقال بإثره: حديث أبي هريرة لا نعرفه مثل هذا إلّا من حديث أبي معاوية، والصحيح ما روي عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تتقدموا شهر رمضان بيوم ولا يومين". ثم قال الترمذي: وهكذا روي عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، نحو حديث محمد بن عمرو الليثي.

وبنحو ذلك أعل الحديث أبو حاتم الرازي كما في "العلل" لابنه 3/ 33 فقد قال: هذا خطأ، إنما هو محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" أخطأ أبو معاوية في هذا الحديث.

قلنا: وباللفظين اللذين ذكرهما الترمذي وأبو حاتم مجموعين مع بعضهما أخرجه أحمد 15/ (9654)، والترمذي (684) من طريقين عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

وأخرج الدارقطني (2174)، ومن طريقه البيهقي 4/ 206 من طريق مسلم بن الحجاج، عن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية، عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحصوا هلال شعبان لرمضان، ولا تخلطوا برمضان إلّا أن يوافق ذلك صيامًا كان يصومه أحدكم، وصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فإنها ليست تغمى عليكم العدة"، ومن هنا يتبين أنه لا وجه لإعلال الترمذي وأبي حاتم لرواية أبي معاوية، فهو لم يخالف أصحاب محمد بن عمرو، وإنما زاد في أوله:"أحصوا هلال شعبان لرمضان" وهي زيادة ثقة ليس =

ص: 437

صحيح علي شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1563 -

حدثنا أبو النَّضر الفقيه في آخَرِين من مشايخنا؛ قال أبو النَّضر: حدثنا إمامُ المسلمين في عصره أبو بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيمة، أسكَنَه الله جنّتَه، حدثنا محمد بن علي بن مُحْرِز البغداديُّ بالفُسْطاط بخبرٍ غريبٍ، حدثنا أبو أحمد الزُّبيري، حدثنا سفيان، عن ابن جُرَيج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الفجرُ فجرانِ: فأما الأولُ فإنَّه لا يُحرِّم الطعامَ ولا يُحِلُّ الصلاة، وأما الثاني فإنه يُحرِّم الطعامَ، ويُحِلُّ الصلاة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه:

1564 -

ما حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المُثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا ابن عُلَيَّة، عن عبد الله بن سَوَادةَ، عن أبيه، عن سَمُرةَ قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا يَغُرَّنَّكم أذانُ بلالٍ، ولا هذا البياضُ لِعَمود الصُّبح، حتى يَستَطير"

(2)

.

= فيها نكارة، على أنَّ أبا معاوية لم ينفرد بروايتها عن محمد بن عمرو، بل رواها عنه أيضًا يحيى بن راشد عند الطبراني في "الأوسط"(8242)، وهو وإن كان ضعيفًا إلّا أنه يدفع التفرد عن أبي معاوية، والله أعلم.

(1)

صحيح موقوفًا على ابن عباس. أبو أحمد الزُّبيري: هو محمد بن عبد الله بن الزبير، وسفيان: هو الثوري، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وهو مكرر (699).

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سوادة والد عبد الله، وهو ابن حنظلة القشيري، فقد روى له مسلم هذا الحديث الواحد، وهو صدوق أبو بكر بن إسحاق: هو أحمد بن إسحاق، وأبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري، وابن علية: هو إسماعيل بن إبراهيم، وصحابيه سمرة: هو ابن جندب.

وأخرجه أحمد 33/ (20149)، ومسلم (1094)(42) من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (1094)(41) من طريق عبد الوارث بن سعيد، و (1094)(43)، وأبو داود =

ص: 438

1565 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنَان القَزَّاز، حدثنا أبو عامرٍ العَقَديُّ، حدثنا زَمْعةُ بن صالح، عن سَلَمة بن وَهْرام، عن عِكرِمة، عن ابن عباس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "استَعِينوا بطعام السَّحَر على صيامِ النَّهار، وبقَيْلُولة النَّهار على قيام الليل"

(1)

.

زَمعةُ بن صالح وسَلَمَةُ بن وَهْرامَ ليسا بالمتروكَين اللَّذَين لا يُحتَجُّ بهما، لكنَّ الشيخين لم يُخرجا عنهما، وهذا من غُرَر الحديث في هذا الباب.

1566 -

حدثنا أبو النَّضْر الفقيه، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا عبد الأعلى بن حمَّاد النَّرْسي، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سَمِع أحدُكم النِّداءَ والإناءُ على يَدِه، فلا يَضَعْه حتى يَقضِيَ حاجتَه منه"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1567 -

أخبرني أحمد بن عثمان بن يحيى الأَدَمي المُقرئ ببغداد وبَكْرُ بن محمد

= (2346) من طريق حماد بن يزيد، كلاهما عن عبد الله بن سوادة، به.

وأخرجه أحمد 33/ (20079) و (20097) و (20158) و (20203)، ومسلم (1094)(44)، والترمذي (706)، والنسائي (2492) من طرق عن سوادة بن حنظلة القشيري، به. وقال الترمذي: حديث حسن.

وله شاهد من حديث عبد الله بن مسعود عن البخاري (621) و (5298) و (7247)، ومسلم (1093) وغيرهما.

وعن ابن عمر وعائشة عند البخاري (622) و (1918).

وعن غير واحد من الصحابة انظرها في التعليق على "المسند" 6/ (3654).

(1)

إسناده ضعيف لضعف زمعة بن صالح أبو عامر العقدي: هو عبد الملك بن عمرو.

وأخرجه ابن ماجه (1693) عن محمد بن بشار، عن أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - وقد توبع فيما مضى برقم (740). أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه أبو داود (2350) عن عبد الأعلى بن حماد، بهذا الإسناد.

ص: 439

الصَّيرَفي بمَرْو، قالا: حدثنا أبو قِلابةَ الرَّقَاشي، حدثنا عبد الصَّمد بن عبد الوارث.

وحدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل - واللفظ له - حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا محمد بن المُثنَّى العَنَزي، حدثنا عبد الصَّمد بن عبد الوارث، قال: سمعتُ أَبي يقول: حدثنا الحسين - وهو المُعلِّم - حدثنا يحيى بن أبي كَثِير، أنَّ أبا عمرٍو الأوزاعيَّ حدَّثه، أن يَعِيشَ بن الوليد حدَّثه، أن مَعْدانَ بن أبي طلحةَ حدَّثه، أنَّ أبا الدَّرداء حدَّثه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قاءَ فَأَفطَرَ، فلقيتُ ثَوبانَ في مسجد دمشق، فذكرتُ ذلك له، فقال: صَدَقَ، أنا صَبَبتُ له وَضوءَه

(1)

.

(1)

إسناده صحيح، وهو وإن حصل فيه اضطراب كثير كما قال البيهقي، إلّا أنَّ البخاري قال: إنَّ حسينًا المعلم قد جوَّده، نقل ذلك عنه الترمذي في "العلل الكبير"(57)، وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي" 1/ 144: وإذا أقام ثقةٌ إسنادًا اعتُمد، ولم يبال بالاختلاف، وكثير من أحاديث "الصحيحين" لم تسلم من مثل هذا الاختلاف.

وأخرجه النسائي (3109)، وابن حبان (1097) من طريق أبي موسى محمد بن المثنى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 45/ (27502)، والترمذي (87)، والنسائي (3108) من طرق عن عبد الصمد بن عبد الوارث، به، إلّا أنَّ فيها: يعيش بن الوليد، عن أبيه، عن معدان، بزيادة أبي يعيش بينه وبين معدان، ووقع في رواية النسائي: معدان بن طلحة.

وأخرجه أبو داود (2381)، والنسائي (3107) من طريق أبي معمر عبد الله بن عمرو، عن عبد الوارث، به. وقال فيه أيضًا: يعيش بن الوليد عن أبيه، ووقع عند أبي داود: معدان بن طلحة.

وأخرج أحمد 45/ (27537)، والنسائي (3116) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء قال: استقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفطر، فأُتي بماء فتوضأ. وهنا قد أخطأ معمر، كما قال الترمذي، فهو لم يذكر الأوزاعي، وقال: خالد بن معدان، وصوابه: معدان بن أبي طلحة.

وأخرج أحمد 37/ (22372) و (22143) من طريق بلج، عن أبي شيبة المهري قال: قيل لثوبان: حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر.

والكلام مستوفى في الاختلاف في إسناده وتوجيه بعضه في التعليق على "مسند أحمد" 45/ (27502) مما يغني عن إعادته، فلينظر لزامًا. وانظر الحديثين بعده.

ص: 440

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه لخلافٍ بين أصحاب عبد الصمد فيه، قال بعضُهم: عن يعيش بن الوليد عن أبيه عن معدان، وهذا وهمٌ من قائله، فقد رواه حرب بن شَدّاد وهشام الدَّستُوائي عن يحيى بن أبي كثير على الاستقامة.

أما حديث حرب بن شدَّاد:

1568 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشاذ، حدثنا هشام بن عليّ السَّدُوسي، حدثنا عبد الله بن رَجَاء، حدثنا حرب بن شدَّاد، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الرحمن بن عمرو، عن يَعِيش بن الوليد، عن مَعدانَ بن أبي طلحة، عن أبي الدَّرداء: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قاءَ فأفطَرَ

(1)

.

وأما حديث هشام:

1569 -

فحدَّثَناه علي بن حَمْشاذ، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا بُنْدار، حدثنا أبو بَحْرٍ البَكْراوي، حدثنا هشام الدَّستُوائي، عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدَّثني رجل من إخواننا - قال أبو بكر محمد بن إسحاق: يريد به الأوزاعيَّ - عن يَعِيش بن الوليد بن هشام، حدثني مَعْدان بن أبي طلحة، عن أبي الدَّرداء: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قاءَ فأفطَرَ

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد الله بن رجاء - وهو الغداني - وقد توبع.

وأخرجه يعقوب بن شيبة في "مسند عمر بن الخطاب" ص 77 عن عبد الله بن رجاء بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (1958)، والبغوي في "شرح السنة"(160) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن حرب بن شداد، به. وفي آخره قال: فلقيت ثوبان في مسجد دمشق، فذكرت ذلك له، فقال: صدق، وأنا صببت له وضوءه.

وأخرج البزار (4123) عن الحسن بن يحيى، عن عبد الله بن رجاء، عن حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، عن الأوزاعي، أنَّ وليد بن هشام حدثه، أنَّ أباه حدثه، قال: حدثني معدان .. فذكره. هكذا وقع عنده: وليد عن أبيه!

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي بحر البكراوي - واسمه: عبد الرحمن بن عثمان بن أمية - وباقي رجاله ثقات. بندار: هو محمد بن بشار. =

ص: 441

1570 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن أبي داود البُرُلُّسي، حدثنا أبو سعيد يحيى بن سليمان الجُعْفي، حدثنا حفص بن غِيَاث، حدثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سِيرِين، عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استَقاءَ الصائمُ أفطَرَ، وإذا ذَرَعَه القَيءُ لم يُفطِرْ"

(1)

.

تابعه عيسى بن يونس عن هشام.

1571 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المُثنَّى، حدثنا مُسدَّد.

وحدثنا أبو الوليد الفقيه، حدثنا الحسن بن سفيان وجعفر بن أحمد بن نصْر، قالا: حدثنا علي بن حُجْر؛ قالا: حدثنا عيسى بن يونس، عن هشام بن حسان، عن ابن سِيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن ذَرَعَه القيءُ فليس عليه قضاءٌ، ومن استَقَاءَ فَلْيَقْضِ"

(2)

.

= وأخرجه النسائي (3110) و (3111) من طريق النضر بن شميل، و (3114) من طريق معاذ بن هشام، و (3115) من طريق ابن أبي عدي، ثلاثتهم عن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، بهذا الإسناد. وقد صرَّح النضر بن شميل في الموضع الأول باسم الأوزاعي، وقال في الموضع الثاني في معدان: أبا معدان وقال معاذ بن هشام: خالد بن معدان، وقال ابن أبي عدي: ابن معدان، وذكر النضر بن شميل قصة ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث.

وأخرجه أحمد 36/ (21701) و 37/ (22381) عن إسماعيل ابن علية، والنسائي (3112) و (3113) من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن هشام، عن يحيى، عن يعيش، به. لم يذكرا فيه أحدًا بين يحيى ويعيش. وذكر النسائي في الموضع الثاني قصة ثوبان.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن سليمان الجعفي، وقد توبع.

وأخرجه ابن ماجه (1676) من طريق أبي الشعثاء علي بن الحسن بن سليمان - وهو ثقة - عن حفص بن غياث، بهذا الإسناد. وسيأتي بعده من طريق عيسى بن يونس عن هشام بن حسان.

وأخرج النسائي (3118) بإسناد صحيح إلى عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة قال: من قاء وهو صائم فليفطر. هكذا موقوفًا، والموقوف هذا لا يعلُّ الرواية المرفوعة.

"ذرعه القيء" أي: سبقه وغلبه في الخروج من غير إرادة منه.

(2)

إسناده صحيح. أبو بكر بن إسحاق: اسمه أحمد، وأبو المثنى: هو معاذ بن المثنى، وأبو =

ص: 442

صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1572 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد البَيْروتي، حدثني أبي، حدثنا الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو قِلابةَ، حدثني أبو أسماءَ، حدثني ثَوْبان قال: خرجتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لثماني عشرةَ ليلةً خَلَتْ من شهر رمضان، فلمّا كان بالبَقيع نَظَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى رجلٍ يَحتجمُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أفطَرَ الحاجِمُ والمَحجُوم"

(1)

.

= الوليد الفقيه: اسمه حسان بن محمد.

وأخرجه أبو داود (2380) عن مسدد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (720) عن علي بن حجر، به.

وأخرجه أحمد 16/ (10463)، وابن ماجه (7616)، والنسائي (3117)، وابن حبان (3518) من طرق عن عيسى بن يونس، به.

قال الترمذي: حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلّا من حديث عيسى بن يونس، وقال محمد - يعني البخاري -: لا أُراه محفوظًا. ثم قال الترمذي: وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة ولا يصح إسناده. قلنا: ويعكِّر على قول الترمذي بتفرد عيسى بن يونس به عن هشام: ما سلف قبله من رواية حفص بن غياث عن هشام وقد رواه غير واحد عن حفص، فانتفت دعوى التفرد، والله تعالى أعلم.

وحديث أبي هريرة هذا عليه العمل عند أهل العلم - فيما قال الترمذي -: أنَّ الصائم إذا ذرعه القيء فلا قضاء عليه، وإذا استقاء عمدًا فليقض، وهو قول الشافعي وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق. قلنا: وهو قول أبي حنيفة أيضًا.

(1)

إسناده صحيح، إلّا أنَّه قد ثبت عند الأئمة نسخه، وقد وقع اضطراب في إسناده، قال الترمذي في "العلل الكبير" (208): قلت للبخاري: كيف بما فيه من الاضطراب؟ فقال: كلاهما عندي صحيح. انتهى، يعني حديثي ثوبان هذا وحديث شداد بن أوس الآتي بعد قليل، بل نقل الترمذي عن البخاري قوله: ليس في هذا الباب شيء أصح من حديث شداد بن أوس وثوبان.

الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرمي، وأبو أسماء: هو عمرو بن مرثد الرحبي، وثوبان: هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه أحمد 37/ (22410) عن أبي المغيرة، وابن حبان (3532) من طريق الوليد بن =

ص: 443

قد أقام الأوزاعيُّ هذا الإسناد فجوَّده، وبيَّن سماعَ كلِّ واحدٍ من الرواة من صاحبه، وتابعه على ذلك شَيْبان بن عبد الرحمن النَّحْوي وهشام بن أبي عبد الله الدَّستُوائي، وكلُّهم ثقات، فإذًا الحديث صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

أما حديث شَيبان:

1573 -

فأخبرَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عَمرَوَيهِ الصفَّار ببغدادَ من أصل كتابه، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا الحسن بن موسى الأشْيَب.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعليُّ بن حَمْشاذَ العدلُ، قالا: حدثنا عبد الله

= مسلم، كلاهما عن الأوزاعي، بهذا الإسناد.

وسيأتي بعده من طريقين آخرين عن يحيى بن أبي كثير، به.

وأخرجه النسائي (3128) من طريق أيوب السختياني، عن أبي قلابة، به.

وأخرجه أبو داود (2371)، والنسائي (3123) من طريق مكحول الشامي، والنسائي (3124) من طريق أبي المهلب راشد بن داود، كلاهما عن أبي أسماء الرحبي، به.

وأخرجه أحمد (22431)، وأبو داود (2370)، والنسائي (3121) و (3122) من طريق مكحول، أنَّ شيخًا من الحي أخبره أنَّ ثوبان .. فذكره.

وأخرجه النسائي (3120) من طريق سعيد بن عبد العزيز عن مكحول، عن ثوبان. ومكحول لم يسمع من ثوبان.

وأخرجه أحمد (22371) و (22429) و (22430)، والنسائي (3145 - 3148) من طرق عن ثوبان، به.

وفي الباب عن غير واحد من الصحابة غير ما أخرجه المصنف بإثر حديث ثوبان هذا، ذكرناها عند حديث أبي هريرة في "مسند أحمد" 14/ (8768).

ونقل الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 6/ 401 عن ابن حزم قوله: صحَّ حديث "أفطر الحاجم والمحجوم" بلا ريب، لكن وجدنا من حديث أبي سعيد: أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم، وإسناده صحيح فوجب الأخذ به، لأنَّ الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدلَّ على نسخ الفطر بالحجامة، سواءً كان حاجمًا أو محجومًا. وانظر تمام الكلام على هذه المسألة عند حديث أبي هريرة السابق ذكره في "المسند".

ص: 444

ابن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا الحسن، عن

(1)

شَيْبان بن عبد الرحمن، عن يحيى بن أبي كثير، أخبرني أبو قِلابةَ، أنَّ أبا أسماءَ الرَّحَبيَّ حدثه، أنَّ ثَوبانَ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره قال: بينما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يمشي في البقيع في رمضان، إذ رأى رجلًا يحتجم، فقال:"أفطَرَ الحاجِمُ والمَحجُوم"

(2)

.

قال أحمد بن حنبل: وهو أصحُّ ما رُويَ في هذا الباب.

وأما حديث هشام الدَّستُوائي:

1574 -

فأخبرنا أبو عمرو إسماعيل بن نُجَيد، حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا أبو عمر الحَوْضي، حدثنا هشام.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا أبو المُثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى، عن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قِلَابة، أنَّ أبا أسماء الرَّحَبي حدثه، أنَّ ثوبان أخبره قال: بينما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يمشي بالبَقِيع في رمضان، إذ رأى رجلًا يَحتجِم، فقال:"أفطَرَ الحاجمُ والمحجومُ"

(3)

.

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: بن، وصوابه: عن، والحسن هذا: هو ابن موسى الأشيب، صرَّح به في "إتحاف المهرة" 3/ 36.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في "مسند أحمد" 37/ (22450)، وعنه أخرجه أبو داود (2367).

وأخرجه أحمد أيضًا (22450) عن حسين بن محمد، وابن ماجه (1680) من طريق عبيد الله بن موسى، كلاهما عن شيبان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد أيضًا (22449) - وعنه أبو داود (2368) - عن الحسن بن موسى، وابن ماجه (1681) من طريق عبيد الله بن موسى، كلاهما عن شيبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن شداد بن أوس. فجعله من مسند شداد بن أوس، ولم يذكر فيه أبا أسماء الرحبي. وقرن أحمد في روايته في "المسند" بالحسن بن موسى: حسين بن محمد.

(3)

إسناده صحيح. محمد بن أيوب: هو ابن يحيى بن الضريس الرازي، وأبو عمر الحوضي: هو حفص بن عمر بن الحارث، وأبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري، ومسدد: هو ابن مسرهد، وشيخه يحيى: هو ابن سعيد القطان، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي. =

ص: 445

فهذه الأسانيد المبيَّن فيها سماعُ الرواة الذين هم ناقِلوها والثقاتِ الأثبات، لا تُعلَّل بخلافٍ يكون فيه بين المجروحين على أبي قلابة وغيره فيه.

وعند يحيى بن أبي كثير فيه إسنادٌ آخر صحيحٌ على شرط الشيخين:

1575 -

أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد، حدثنا عبد الرزاق.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق.

وحدثني أبو بكر محمد بن جعفر المُزكِّي، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق، حدثنا العباس بن عبد العظيم العَنْبري، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارِظ، عن السائب بن يزيد، عن رافع بن خَدِيج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفطَرَ الحاجمُ والمحجومُ"

(1)

.

وفي حديث إسحاق الدَّبَري: والمُستَحجِم.

وقال أبو بكر محمد بن إسحاق في حديثه: سمعتُ العباس بن عبد العظيم يقول: سمعتُ عليَّ بن المَديني يقول: لا أعلمُ في الحاجم والمحجوم حديثًا أصحَّ من هذا

(2)

.

= وأخرجه أبو داود (2367) عن مسدد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 37/ (22382) و (22432)، والنسائي (3125) من طرق عن هشام الدستوائي، به.

(1)

إسناده جيد من أجل إبراهيم بن عبد الله بن قارظ. وهو في "مسند أحمد" 25/ (15828).

وأخرجه ابن حبان (3535) عن عمر بن محمد الهمداني، عن العباس بن عبد العظيم العنبري، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (774) من طرق عن عبد الرزاق، به. وقال: حديث حسن صحيح.

(2)

ونقله عن ابن المديني أيضًا الترمذي بإثر الحديث، ونقل نحوه عن أحمد بن حنبل أيضًا، وقد خالف في ذلك عدد من الأئمة، فقد نقل الحافظ ابن حجر في "الفتح" 6/ 399 عن يحيى بن =

ص: 446

تابعه معاويةُ بن سلَّام عن يحيى بن أبي كثير:

1576 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ، حدثنا عُبيد بن شَرِيك، أخبرنا الرَّبيع بن نافع، حدثنا معاوية بن سلَّام، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارِظ، عن السَّائب بن يزيد، عن رافع بن خَدِيج، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوَه

(1)

.

فليَعلمْ طالبُ هذا العلم أنَّ الإسنادين ليحيى بن أبي كثير قد حَكَمَ لأحدهما أحمدُ بن حنبل بالصحة، وحَكَمَ علي بن المَديني للآخر بالصحة، فلا يُعلَّل أحدُهما بالآخر.

وقد حكم إسحاق بن إبراهيم الحنظلي لحديث شدّاد بن أَوس بالصحة:

1577 -

حدَّثَناه أبو النَّضْر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وُهَيْب.

وحدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن سَلَمة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا أحمد بن إسحاق الحضرمي، حدثنا وُهَيْب، حدثنا أيوب، عن أبي قِلابة، عن أبي الأشعث الصَّنعاني، عن شدَّاد بن أَوس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجلٍ بالبَقيع وهو يَحتَجِم، وهو آخذٌ بيدي، لثمانِ عَشْرةَ خَلَتْ من رمضان، فقال:"أفطَرَ الحاجمُ والمَحجُوم"

(2)

.

= معين أنه قال: حديث رافع أضعفها، وعن البخاري أنه قال: هو غير محفوظ، وعن أبي حاتم قوله: هو عندي باطل، قال: وقال الترمذي: سألت إسحاق بن منصور عنه فأبى أن يحدثني به عن عبد الرزاق، وقال: هو غلط، قلت: ما علّته؟ قال: روى هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد حديث: "مهر البغيِّ خبيث"، وروى عن يحيى عن أبي قلابة أنَّ أبا أسماء حدثه أنَّ ثوبان أخبره به، فهذا هو المحفوظ عن يحيى، فكأنه دخل لمعمر حديثٌ في حديث، والله أعلم.

(1)

إسناده جيد كسابقه. عبيد بن شريك: هو عبيد بن عبد الواحد بن شريك البزار.

وأخرجه من هذا الطريق عن الحاكم البيهقيُّ في "سننه" 4/ 265.

وأخرجه أيضًا ابن خزيمة (1965) من طريق عمار بن مطر، عن معاوية بن سلّام، به.

(2)

إسناده صحيح. إسحاق بن إبراهيم: هو الحنظلي المشهور بابن راهويه، ووهيب: هو ابن =

ص: 447

فسمعتُ محمدَ بن صالح يقول: سمعتُ أحمد بن سَلَمة يقول: سمعتُ إسحاق بن إبراهيم يقول: هذا إسنادٌ صحيحٌ تقوم به الحُجة.

وهذا الحديث قد صحَّ بأسانيد، وبه نقول، فرضي الله عن إمامنا أبي يعقوب

(1)

، فقد حَكَمَ بالصحة لحديثٍ ظاهرٌ صحتُه وقال به.

= خالد الباهلي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي، وأبو الأشعث: هو شراحيل بن آده.

وأخرجه أبو داود (2369) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 28/ (17124)، والنسائي (3129) من طريقين عن أيوب السختياني، به.

وأخرجه أحمد (17112)، والنسائي (3126)، و (3138 - 3141)، وابن حبان (3534) من طريق خالد بن مهران الحذاء، والنسائي (3126) من طريق منصور بن زاذان، كلاهما عن أبي قلابة، به.

وأخرجه أحمد (17117) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء الرحبي، عن شداد. فزاد أبا أسماء الرحبي بين الأشعث وشداد، وهذا من المزيد في متصل الأسانيد.

وأخرجه كذلك بزيادة أبي أسماء بينهما أحمد (17129)، والنسائي (3133) من طريق داود بن أبي هند، والنسائي (3134) من طريق أبي غفار المثنى بن سعد، كلاهما عن أبي قلابة، به.

وأخرجه النسائي (3131) من طريق حماد بن زيد، و (3132) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن أيوب، عن أبي قلابة، عن شداد. لم يذكرا فيه أبا الأشعث ولا الرحبي.

وأخرجه كذلك دون ذكرهما أحمد 37/ (22449) - وعنه أبو داود (2368) - وابن ماجه (1680) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن شداد.

وأخرجه النسائي (3127) من طريق عاصم بن هلال، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن شداد فذكر أبا أسماء بدلًا من أبي الأشعث.

وأخرجه كذلك أحمد 28/ (17125)، والنسائي (3143) من طريق قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن شداد.

وأخرجه أحمد (17138) عن إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن أبي قلابة، عمن حدثه عن شداد بن أوس. لم يسمِّ أبا الأشعث ولا أبا أسماء.

(1)

هو أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، المعروف بابن راهويه، المذكور سابقًا.

ص: 448

وقد اتَّفق الثوريُّ وشعبةُ على روايته عن عاصم الأحول عن أبي قِلابةَ هكذا.

أما حديث الثَّوري:

1578 -

فأخبرَناه محمد بن عليٍّ الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم الغِفَاري، حدثنا قَبِيصةُ بن عُقبة، حدثنا سفيان.

وأخبرني أبو بكر بن حاتم المروَزي، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان، عن عاصم الأحول عن أبي قِلابةَ، عن أبي الأشعث الصَّنعاني، عن شدَّاد بن أوسٍ قال: مَرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمَعقِلِ بن يسار صَبِيحةَ ثماني عَشْرةَ من رمضان وهو يَحتجِم، فقال:"أفطَرَ الحاجِمُ والمحجومُ"

(1)

.

وأما حديث شُعْبة:

1579 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا وَهْب بن جَرير، حدثنا شعبة.

وأخبرني أبو عمرو بن جعفر العَدْل، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن عاصم، عن أبي قِلابةَ، عن أبي الأشعث، عن شدّاد بن أوس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ برجل يَحتَجِم في سبعَ عَشْرةَ من رمضان، فقال:

(1)

إسناده صحيح. أبو بكر بن حاتم: اسمه محمد بن أحمد بن حاتم، وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي.

وأخرجه النسائي (3137) من طريق هشام بن حسان، و (3139) من طريق سفيان بن حبيب، كلاهما عن عاصم بن سليمان الأحول، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 28/ (17119)، والنسائي (3135) من طريق يزيد بن هارون، وأحمد (17127) من طريق سعيد بن أبي عروبة، والنسائي (3136) من طريق زائدة بن قدامة، وابن حبان (3533) من طريق عبد الله بن المبارك، أربعتهم عن عاصم الأحول، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء الرحبي، عن شداد بن أوس. فزادوا أبا أسماء الرحبي بين أبي الأشعث وشداد. وهذا من المزيد في متصل الأسانيد.

ص: 449

"أفطَرَ الحاجمُ والمحجومُ"

(1)

.

1580 -

حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن إسحاق الإسفرايِني، حدثنا محمد بن أحمد بن البَرَاء، حدثنا علي بن المَدِيني قال: حديثُ شدّاد بن أوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه رأى رجلًا يَحتجمُ في رمضان، رواه عاصم الأحول عن أبي قِلابةَ عن أبي الأشعث، ورواه يحيى بن أبي كثير عن أبي قِلابةَ عن أبي أسماء عن ثَوْبان، ولا أَرى الحديثين إلَّا صحيحين، فقد يمكن أن يكون سَمِعَه منهما جميعًا.

فأما الرُّخصة للحِجَامة للصائم، فقد أخرجه محمد بن إسماعيل البخاري في "الجامع الصحيح".

1581 -

كما حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى البِرْتي، حدثنا أبو مَعمَر، حدثنا عبد الوارث، عن أيوب، عن عِكرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم احتَجَمَ وهو صائم

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو عمرو بن جعفر: هو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر، ويحيى بن محمد: هو ابن البختري الحنائي، ومعاذ والد عبيد الله: هو ابن معاذ العنبري.

وأخرجه أحمد 28/ (17126) عن محمد بن جعفر، والنسائي (3138) من طريق النضر بن شميل، كلاهما عن شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح. أبو معمر: هو عبد الله بن عمرو المنقري، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وعكرمة: هو مولى ابن عباس.

وأخرجه البخاري (1939) و (5694)، وأبو داود (2372)، وابن حبان (3531) من طريق أبي معمر، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (775)، والنسائي (3204) عن بشر بن هلال البصري، عن عبد الوارث، به.

لكن وقع في رواية الترمذي: احتجم وهو محرِم صائم. وقال الترمذي بإثره: حسن صحيح.

وأخرجه البخاري (1938)، والنسائي (3205) من طريق وهيب بن خالد، والنسائي (3206) من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب السختياني، به. وفيه: احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم. واقتصر النسائي في الموضع الأول مع الصيام.

وأخرجه النسائي (3202) من طريق الحسن بن زيد، و (3203) من طريق هشام بن حسان،=

ص: 450

فاسمع الآن كلامَ إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافَعَة على هذا الحديث، لتستدلَّ به على أرشد الصواب.

1582 -

سمعتُ أبا بكر بن جعفر المزكِّي يقول: سمعتُ أبا بكر محمدَ بن إسحاق بن خُزيمةَ يقول: قد ثبتت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفطَرَ الحاجِمُ

= كلاهما عن عكرمة، به. ولفظ رواية هشام: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بمكان يقال له: لَحْي جمل وهو صائم.

وأخرجه النسائي (3207) من طريق حماد بن زيد، و (3208) من طريق معمر، و (3209) من طريق إسماعيل ابن علية، ثلاثتهم عن أيوب السختياني، و (3210) من طريق جعفر بن ربيعة، كلاهما (أيوب وجعفر) عن عكرمة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره مرسلًا.

وأخرج أحمد 3/ (1849)، وأبو داود (2373)، وابن ماجه (1682) و (3081)، والترمذي (777)، والنسائي (3212) و (3213) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم. وهذا إسناد ضعيف، قال النسائي: يزيد بن أبي زياد لا يحتج بحديثه.

وأخرجه أحمد 4/ (2186) و (2536) و (2594) و (3211)، والنسائي (3211) و (3214) من طريق شعبة، عن الحكم بن عتيبة، والنسائي (3215) من طريق خصيف بن عبد الرحمن، كلاهما عن مقسم، عن ابن عباس، رفعه. وقع إحدى روايات الحكم عند النسائي (3214) وفي رواية خصيف: احتجم وهو صائم محرم. قال النسائي: الحكم لم يسمعه من مقسم. قلنا: وخصيف سيئ الحفظ وقد خلط بأخرة.

وأخرجه الترمذي (776)، والنسائي (3218) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، عن حبيب ابن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس، رفعه. وقع في رواية النسائي: احتجم وهو محرم صائم. قال النسائي: هذا منكر، لا نعلم أحدًا رواه عن حبيب غير الأنصاري، ولعله أراد: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة.

وأخرجه النسائي (3216) من طريق قبيصة بن عقبة، عن سفيان الثوري، عن حماد بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، رفعه. قال النسائي: هذا خطأ، لا نعلم أحدًا رواه عن سفيان غير قبيصة، وقبيصة كثير الخطأ.

وأخرجه النسائي (3217) من طريق أبي هاشم الرماني، عن حماد بن أبي سليمان مرسلًا.

وانظر ما سيأتي برقم (1682) و (8442).

ص: 451

والمحجوم"، فقال بعضُ من خالَفَنا في هذه المسألة: إنَّ الحِجامة لا تُفطِّر الصائم، واحتجَّ بأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم احتَجَم وهو صائمٌ مُحرِم، وهذا الخبر غير دالٍّ على أنَّ الحجامة لا تُفطِّر الصائم، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم إنما احتَجَم وهو صائمٌ محرمٌ في سفرٍ لا في حَضَر، لأنه لم يكن قطُّ مُحرِمًا مقيمًا ببلده، إنما كان مُحرِمًا وهو مسافر، والمسافر

(1)

وإن كان ناويًا للصوم وقد مضى عليه بعضُ النهار وهو صائمٌ

(2)

الأكلُ والشربُ، وإن كان الأكلُ والشربُ يفطِّرانه، لا كما توهَّم بعضُ العلماء أنَّ المسافر إذا دَخَلَ في الصوم لم يكن له أن يُفطِر إلى أن يُتمَّ صومَه ذلك اليومَ الذي دَخَلَ فيه، فإذا كان له أن يأكلَ ويشربَ وقد دخل في الصَّوم ونواهُ ومضى بعضُ النهار وهو صائمٌ، جاز له أن يَحتجِم وهو مسافرٌ في بعض نهار الصوم، وإن كانت الحِجامة تفطِّره.

1583 -

حدثنا أحمد بن كامل القاضي، حدثنا محمد بن سعد العَوْفي، حدثنا رَوْح بن عُبادةَ.

وحدثنا علي بن عيسى، حدثنا أحمد بن النَّضْر بن عبد الوهاب.

وحدثنا أبو الوليد الفقيه، حدثنا الحسن بن سفيان.

وأخبرني أبو عليٍّ الحافظ، أخبرنا أبو يعلى؛ قالوا: حدثنا أبو خَيثَمة زُهير بن حرب، حدثنا رَوْح بن عُبادةَ، عن سعيد بن أبي عَرُوبةَ، عن مَطَر الورَّاق، عن بكر بن عبد الله المُزَني، عن أبي رافع قال: دخَلْنا على أبي موسى وهو يَحتجِمُ بعد المغرب، فقلت: ألا احتَجَمتَ نهارًا؟ فقال: تأمرُني أن أُهريقَ دمي وأنا صائم؟! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أفطَرَ الحاجمُ والمحجوم"

(3)

.

(1)

كذا في نسخنا الخطية وفي "صحيح ابن خزيمة"، ولعلَّ الصواب:"وللمسافر" فبذلك يستقيم الكلام، والله أعلم.

(2)

تحرف في المطبوع إلى: مباح.

(3)

إسناده حسن من أجل مطر بن طهمان الوراق، وأما محمد بن سعد العوفي - وإن لينه بعضهم - =

ص: 452

1583/ 1 - سمعتُ أبا عليٍّ الحافظ يقول: قلتُ لعَبْدان الأهوازيِّ: صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم احتَجَم وهو صائم؟ فقال: سمعتُ عباس العَنْبريَّ يقول: سمعتُ عليَّ بن المَدِيني يقول: قد صحَّ حديثُ أبي رافع عن أبي موسى، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"أفطَرَ الحاجمُ والمحجوم"

(1)

.

هذا حديث صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

وفي الباب عن جماعة من الصحابة بأسانيد مستقيمة مما يطول شرحُه في هذا

= فهو متابع، لكن قد اختُلف في رفعه ووقفه كما سيأتي. أبو الوليد الفقيه: اسمه حسان بن محمد، وأبو علي الحافظ: اسمه الحسين بن علي، وأبو يعلى: هو أحمد بن علي بن المثنى الحافظ صاحب "المسند"، وأبو رافع: هو نفيع الصائغ.

وأخرجه النسائي (3195) عن الحسن بن إسحاق، عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد. وقال النسائي: هذا خطأ، وقد وقفه حفص.

ثم أخرجه النسائي (3196) من طريق حفص بن عبد الرحمن البلخي، عن سعيد بن أبي عروبة، به إلى أبي موسى موقوفًا، لم يرفعه.

وأخرجه موقوفًا أيضًا (3200) من طريق شعبة، عن قتادة، عن بكر بن عبد الله، به.

وأخرجه موقوفًا أيضًا (3201) من طريق حميد الطويل، عن بكر بن عبد الله، عن أبي العالية، عن أبي موسى.

لكن سأل ابن أبي حاتم أبا زرعة: موقوف أو مرفوع؟ قال: فسكت. كما في "العلل" 3/ 50 (682).

وأخرجه النسائي (3199) من طريق حفص، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أبي مالك، عن ابن بريدة قال: دخلت على أبي موسى وهو يحتجم

فذكره مرفوعًا. قال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه: ولا أعرف من البصريين أحدًا كنيته أبو مالك من القدماء، إلّا عبيد الله بن الأخنس.

وأخرجه مرفوعًا أيضًا النسائي (3197) من طريق عبد الأعلى، و (3198) من طريق سعيد بن عامر، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، عن بعض أصحابنا - قال سعيد بن عامر: عن صاحب له - عن ابن بريدة عن أبي موسى.

قال أبو زرعة وأبو حاتم كما في "العلل" 3/ 49 و 50: كأن حديث أبي رافع أشبه.

قلنا: وانظر "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهاد" 3/ 269 - 271.

(1)

أثر علي بن المديني هذا رواه ابن خزيمة (1964) عن عباس - وهو ابن عبد العظيم - العنبري.

ص: 453

الموضع.

1583/ 2 - سمعت أبا الحسن أحمد بن محمد العَنَزي يقول: سمعتُ عثمان بنَ سعيد الدارميّ يقول: قد صحَّ عندي حديث "أفطَرَ الحاجم والمحجوم" لحديث ثَوْبانَ وشدّادِ بن أوس، وأقول به، وسمعتُ أحمد بن حنبل يقول به، ويَذكُر أنه صحَّ عنده حديثُ ثوبان وشداد.

1584 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر بن سابِق الخَوْلاني، حدثنا بِشْر بن بكر، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن سُلَيم بن عامر أبي يحيى الكَلَاعي، قال: حدثني أبو أُمامةَ الباهلي قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بَيْنا أنا نائمٌ إذ أتاني رجلان، فأخذا بضَبْعيَّ فأتَيا بي جبلًا وَعْرًا، فقالا لي: اصعَدْ، فقلت: إني لا أُطيقه، فقالا: إنا سنُسهِّلُه لك، فصَعَّدْتُ، حتى إذا كنتُ في سواء الجبل إذا أنا بأصواتٍ شديدةٍ، فقلتُ: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عُواءُ أهل النار، ثم انطُلِقَ بي، فإذا أنا بقومٍ مُعلَّقين بعَرَاقيبهم، مُشقَّقةٍ أشداقُهم، تسيلُ أشداقُهم دمًا، قال: قلتُ: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يُفطِرون قبل تَحِلَّة صومِهم"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1585 -

أخبرني أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله التاجر، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن أفطَرَ في رمضانَ ناسيًا، فلا قَضاءَ عليه ولا كفَّارةَ"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. بشر بن بكر: هو التِّنِّيسي.

وأخرجه النسائي (3273) من طريق الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (2883)، وذكرنا غريب ألفاظه هناك.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي. أبو سلمة: هو =

ص: 454

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

1586 -

حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا موسى بن إسحاق بن موسى الخَطْمي

(1)

، حدثنا أبي، حدثنا أنس بن عِيَاض عن الحارث بن عبد الرحمن، عن عمِّه، عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ليسَ الصِّيامُ من الأكل والشرب، إنما الصيامُ من اللَّغْو والرَّفَث، فإن سابَّكَ أحدٌ أو جَهِلَ عليك فقل: إنِّي صائم، إنِّي صائم"

(2)

.

= ابن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه ابن حبان (3521) من طريق إبراهيم بن محمد بن مرزوق، عن محمد بن عبد الله الأنصاري، بهذا الإسناد.

وأخرج النسائي (3264) من طريق علي بن بكار، عن محمد بن عمرو، به عن أبي هريرة رفعه، في الرجل يأكل في شهر رمضان ناسيًا، قال:"الله أطعمه وسقاه". قال النسائي: هذا حديث منكر من حديث محمد بن عمرو.

وأخرج أحمد 15/ (9136)، والبخاري (6669)، وابن ماجه (1673)، والترمذي (722) من طريق خِلاس بن عمرو ومحمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"من أكل ناسيًا وهو صائم فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه". وهذا لفظ البخاري.

وأخرجه كذلك أحمد 15/ (9489) و 16/ (10369) و (10393) و (10665)، والبخاري (1933)، ومسلم (1155)، وأبو داود (2398)، والنسائي (3262) و (3263)، وابن حبان (3519) و (3520) و (3522) من طريق محمد بن سيرين وحده، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 16/ (10348) من طريق أبي رافع، عن أبي هريرة.

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: الحنظلي، والتصويب من "إتحاف المهرة" 5/ 136.

(2)

صحيح دون قوله: "ليس الصيام من الأكل والشرب"، فقد تفرد به الحارث بن عبد الرحمن - وهو ابن أبي ذباب - عن عمه، وهذا الأخير قد سماه ابن حبان: عبد الله بن المغيرة بن أبي ذباب، وذكره في "الثقات"، ولا يعرف حاله.

وأخرجه ابن حبان (3479) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن الحارث بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.

وقد روي الحديث بنحوه وفي معناه من غير وجه عن أبي هريرة، فقد أخرجه أحمد 12/ (7340) =

ص: 455

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1587 -

أخبرنا أبو بكر بن أبي نصر المروَزي، حدثنا أبو المُوجِّه، حدثنا قُتيبة بن سعيد البَلْخي، حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا عمرو بن أبي عمرو، عن أبي سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صائمٍ حَظُّه من صيامِه الجُوعُ، ورُبَّ قائمٍ حَظُّه من قيامِه السَّهَر"

(1)

.

= و 16/ (9998)، والبخاري (1894)، ومسلم (1151)(160)، وأبو داود (2363)، والنسائي (3239) و (3240) و (3256)، وابن حبان (3416) من طريق عبد الرحمن الأعرج، وأحمد 13/ (7693)، والبخاري (1904)، ومسلم (1151)(163)، وابن ماجه (1691)، والنسائي (3241) و (3242) من طريق أبي صالح ذكوان السمان، والترمذي (764)، والنسائي (3244)، وابن حبان (3484) من طريق سعيد بن المسيب، وأحمد 15/ (9532)، والنسائي (3246)، وابن حبان (3483) من طريق عجلان مولى المشمعل، وابن حبان (3416) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي، و (3482) من طريق أبي حازم، ستتهم عن أبي هريرة، ولفظه - وهو للبخاري -:"إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإنَّ سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم".

وأخرج أحمد 15/ (9839) و 16/ (10562)، والبخاري (1903) و (6057)، وأبو داود (2362)، وابن ماجه (1689)، والترمذي (707)، والنسائي (3233) و (6234)، وابن حبان (3480) من طريق أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رفعه:"من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".

(1)

إسناده جيد، عمرو بن أبي عمرو - وهو المدني مولى المطَّلب - وإن روى عن الشيخان، فيه كلام يحطه عن رتبة الصحيح، وباقي رجال الإسناد ثقات.

وأخرجه أحمد 14/ (8856) عن سليمان بن داود الهاشمي، عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (3481) من طريق عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.

وأخرجه النسائي (3236) من طريق حبان بن موسى، عن عبد الله بن المبارك، عن أسامة بن زيد الليثي، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 15/ (9685) عن أبي خالد الأحمر.

وأخرجه ابن ماجه (1690) عن عمرو بن رافع، والنسائي (3237) من طريق يحيى بن آدم، =

ص: 456

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1588 -

أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلَّاب بهَمَذان، حدثنا أبو حاتم وإبراهيم بن نصر الرّازيّان، قالا: حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا الليث بن سعد، عن بُكَير بن عبد الله بن الأشَجّ، عن عبد الملك بن سعيد بن سُوَيد الأنصاري، عن جابر بن عبد الله، عن عمر بن الخطاب أنه قال: هَشِشْتُ يومًا فقبَّلتُ وأنا صائم، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلت: صَنعتُ اليوم أمرًا عظيمًا فقبلتُ وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أرأيتَ لو تَمَضْمَضْتَ ماءً وأنت صائمٌ؟ " قال: فقلت: لا بأسَ بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ففيمَ؟ "

(1)

.

= كلاهما عن عبد الله بن المبارك، كلاهما (أبو خالد الأحمر وابن المبارك) عن أسامة بن زيد الليثي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.

وأخرجه النسائي (3238) و (3319) من طريق سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن أسامة بن زيد، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قوله، موقوفًا.

وأخرج أحمد 15/ (9839) و 16/ (10562)، والبخاري (1903) و (6057)، وأبو داود (2362)، وابن ماجه (1989)، والترمذي (707) والنسائي (3235) من طرق - من ضمنها طريق عبد الله بن المبارك - عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه".

وأخرجه كذلك ابن حبان (3480) من طريق عبد الله بن المبارك، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وانظر "علل الدارقطني"(2073).

وأخرجه كذلك بلفظ "من لم يدع قول الزور

" النسائي (3232) من طريق يونس بن يحيى بن نباتة، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعير، عن أبي هريرة، رفعه. وقال النسائي بإثره: هذا حديث منكر، ولا أعلم أحدًا روى هذا الحديث عن الزهري غير ابن أبي ذئب إن كان يونس بن يحيى يحفظه عنه.

(1)

رجاله ثقات، إلَّا أنَّ الإمام أحمد قد ضعفه وقال: هذا ريح، ليس من هذا شيء، فيما نقله عنه ابن قدامة في "المغني" 4/ 361، وابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 235، وقال النسائي: حديث منكر. =

ص: 457

حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1589 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى

(1)

، حدثنا مُسدَّد، حدثنا خالد بن عبد الله، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزالُ الدِّينُ ظاهرًا ما عَجَّل الناسُ

= وأخرجه ابن حبان (3544) عن الفضل بن الحباب الجمحي، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/ (138) و (372)، وأبو داود (2385)، والنسائي (3036) من طرق عن الليث بن سعد، به.

قال النسائي: هذا حديث منكر، وبكير مأمون، وعبد الملك بن سعيد رواه عنه غير واحد، ولا ندري ممن هذا؟! قلنا: ووجه استنكار الإمامين أحمد والنسائي لهذا الحديث مع أنَّ رجاله ثقات، ما قاله ابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 236 من أنَّ الثابت عن عمر خلافه، قال: روى عبد الرزاق (7406) عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب: أنَّ عمر بن الخطاب كان ينهى عن القبلة للصائم، فقيل له: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم، فقال: من ذا له من الحفظ والعصمة ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

وخبر عمر هذا أخرجه أيضًا إسحاق بن راهويه (663) من طريق الزبيدي، عن الزهري، به.

وأخرجه مختصرًا ابن أبي شيبة 3/ 61، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 88 من طريق ابن أبي ذئب، عن الزهري، به.

لكن مال ابن عبد البر إلى إعمال النصَّين جميعًا، فقد قال في "التمهيد" 5/ 112 - 113: لا أرى معنى حديث ابن المسيب في هذا الباب عن عمر إلّا تنزُّهًا واحتياطًا منه، لأنه قد روي فيه عن عمر حديث مرفوع، ولا يجوز أن يكون عند عمر حديث ويخالفه إلى غيره. ثم روى ابن عبد البر حديث الليث بن سعد عن بكير بن عبد الله، فذكره بإسناده والله تعالى أعلم.

قوله: هششتُ، بكسر الشين الأولى وفتحها، من قوله: هَشَّ لهذا الأمر يَهَشُّ ويَهِشُّ هشاشةً، إذا فرح به واستبشر، وارتاح له وخَفَّ. "النهاية" لابن الأثير.

(1)

وقعت تسميته في (ز) و (ص) و (ب): محمد بن يحيى بن محمد وفي (ع): محمد بن محمد، وهو خطأ، صوَّبناه من "إتحاف المهرة" 16/ 122، وهو يحيى بن محمد بن يحيى الذهلي.

ص: 458

الفِطرَ، لأنَّ اليهود والنصارى يُؤخِّرون"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1590 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا شُعبة، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن وَجَدَ تمرًا فليُفطِرْ عليه، ومن لا فليُفطِرْ على الماء، فإنه طَهور"

(2)

.

(1)

صحيح لغيره دون قوله: "لأنَّ اليهود والنصارى يؤخرون"، وهذا إسناد حسن، محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - صدوق حسن الحديث. خالد بن عبد الله: هو الطحان، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه أبو داود (2353) عن وهب بن نعيم، عن خالد بن عبد الله، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 15/ (9810)، وابن ماجه (1698)، والنسائي (3299)، وابن حبان (3503) و (3509) من طرق عن محمد بن عمرو، به.

وفي الباب عن سهل بن سعد في "الصحيحين"، وسيأتي برقم (1600).

وعن عائشة عند أحمد 40/ (24212)، ومسلم (1099)، وغيرهما.

وعن أبي هريرة عند أحمد 12/ (7241)، وابن حبان (3507) و (3508).

وعن أنس بن مالك عند ابن حبان (3504) و (3505).

وعن أبي ذر عند أحمد 35/ (21507)، وإسناده ضعيف.

(2)

صحيح من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا إسناد أخطأ فيه سعيد بن عامر الضُّبعي، فقد قال البخاري كما في "العلل الكبير" للترمذي (195): حديث سعيد بن عامر وهم. وقال الترمذي في "سننه": لا نعلم أحدًا رواه عن شعبة مثل هذا غير سعيد بن عامر، وهو حديث غير محفوظ، ولا نعلم له أصلًا من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس

ثم قال: والصحيح ما روى سفيان الثوري وابن عيينة وغير واحد عن عاصم الأحول، عن حفصة بنت سيرين، عن الرباب، عن سلمان بن عامر. ونحو ذلك قال النسائي، وحديث سلمان بن عامر هو الآتي بعد هذا. لكن ثبت الإفطار على التمر أو على الماء عند عدمه من فعله صلى الله عليه وسلم من حديث أنس، كما سيأتي برقم (1592).

وأخرجه الترمذي (694)، والنسائي (3303) و (6679) عن محمد بن عمر المقدَّمي، عن سعيد بن عامر، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

ص: 459

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1591 -

أخبرني إبراهيم بن إسماعيل القارئ، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارمي، حدثنا قيس بن حفص الدَّارمي، حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن عاصم الأحول، عن حَفْصة بنت سِيرين، عن الرَّباب، عن عمِّها سلمان بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أحدُكم صائمًا فليُفطِرْ على التَّمر، فإن لم يَجِدِ التمرَ فعلى الماءِ، فإنَّ الماء طَهور"

(1)

.

(1)

صحيح من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا إسناد محتمل للتحسين، فإنَّ الرباب - وهي أم الرائح بنت صُليع - قد ذكرها ابن حبان في "الثقات" وتفردت بالرواية عنها حفصة بنت سيرين، فهي في عداد المجهولين، إلّا أنها تابعية وتروي عن عمها وقد قال الترمذي في حديث الرباب هذا: حسن صحيح، وقال مرة: حديث حسن.

وأخرجه أبو داود (2355) عن مسدد، عن عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 26/ (16226) و 29/ (17873)، والترمذي (658)، والنسائي (3306) و (6675) من طريق سفيان بن عيينة، وأحمد 26/ (16228) و 29/ (17874)، والترمذي (695) من طريق سفيان الثوري، وأحمد 26/ (16231) و (16237) و 29/ (17876) و (17880)، والترمذي (695) من طريق أبي معاوية الضرير، وابن ماجه (1699) من طريق محمد بن فضيل، والنسائي (3305) من طريق حماد بن زيد، خمستهم عن عاصم الأحول، به. ووقع في رواية ابن عيينة عند الترمذي والنسائي دون أحمد: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإنه بركة

" الحديث، قال النسائي: هذا الحرف "فإنه بركة" لا نعلم أحدًا ذكره غير ابن عيينة، ولا أحسبه بمحفوظ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وروى الحديث أيضًا هشام بن حسان، واختلف عليه فيه، فرواه مرة عن عاصم الأحول كباقي أصحاب عاصم مرفوعًا، أخرجه أحمد 26/ (16242) و 29/ (17870) عن محمد بن جعفر، والنسائي (3311) من طريق حماد بن مسعدة، و (3312) من طريق يوسف بن يعقوب، ثلاثتهم عن هشام، عن عاصم، به مرفوعًا.

ورواه مرة عن حفصةَ دون ذكر عاصم الأحول بينه وبينها، واختلف عليه هنا أيضًا في رفعه ووقفه، فقد أخرجه أحمد 26/ (16232) و 29/ (17877)، وابن حبان (3515) من طريق عبد الرزاق، والنسائي (3307) من طريق إسماعيل ابن علية، و (3308) من طريق قران بن =

ص: 460

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ صحيح على شرط مسلم:

1592 -

أخبرَناه أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا جعفر بن سليمان، أخبرني ثابت البُنَاني، أنه سمع أنس بن مالك يقول: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُفطِرُ على رُطَباتٍ قبل أن يصلِّي، فإن لم يكن رُطَباتٌ فعلى تَمَراتٍ، فإن لم يكن تَمَراتٌ حَسَا حَسَواتٍ من ماء

(1)

.

1593 -

حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن إسحاق الإمام، حدثنا زكريا بن يحيى بن أبَان، حدثنا محمد بن عبد العزيز الواسطي، حدثنا

= تمام، و (3309) من طريق خالد الحذاء، أربعتهم عن هشام، عن حفصة، به مرفوعًا.

وأخرجه أحمد 26/ (16225) و 29/ (17870) عن محمد بن جعفر، والنسائي (3310) و (6676) من طريق حماد بن مسعدة، و (3312) من طريق يوسف بن يعقوب، ثلاثتهم عن هشام، عن حفصة، عن الرباب، عن سلمان بن عامر قوله، فذكره موقوفًا.

وقد بيَّن الخطيب البغدادي في "الفصل" 1/ 591 أنَّ المرفوع لم يسمعه هشام من حفصة بنت سيرين، وإنما سمعه من عاصم الأحول عنها، وأنَّ الرفع مدرج في حديث الذين رووه عن هشام عن حفصة.

وروى الحديث مرفوعًا أيضًا شعبة، لكن أسقط من إسناده الرباب، كما أخرجه أحمد 26/ (16242) و 29/ (17887)، والنسائي (3301) و (6677) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عاصم الأحول. وأخرجه النسائي (3302)، وابن حبان (3514) من طريق سعيد بن عامر، عن شعبة، عن خالد الحذاء. وأخرجه النسائي (3300) و (6678) من طريق أبي قتيبة، عن شعبة، عن هشام بن حسان، ثلاثتهم (عاصم وخالد وهشام) عن حفصة بنت سيرين، عن سلمان بن عامر مرفوعًا.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد جيد من أجل جعفر بن سليمان الضبعي.

وهو في "مسند أحمد" 20/ (12676)، وعنه أخرجه أبو داود (2356).

وأخرجه الترمذي (696) عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق، به. وقال: حسن غريب.

وأخرج النسائي (3304) من طريق بُريد بن أبي مريم، عن أنس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ إذا أفطر بالتمر. ورجاله ثقات.

ص: 461

شعيب بن إسحاق، حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان لا يُصلِّي المغرب حتى يُفطِرَ ولو على شَرْبةٍ من ماء

(1)

.

1594 -

حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيْرفي بمَرْو من أصل كتابه، حدثنا عبد الصمد بن الفضل وإسحاق بن الهَيّاج، قالا: حدثنا محمد بن نُعَيم السَّعْدي، حدثنا مالك بن أنس، عن سُمَيٍّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرةَ قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بالعَرْج يَصُبُّ على رأسه الماءَ من الحَرِّ وهو صائم

(2)

.

هذا حديث له أصل في "الموطأ"، فإن كان محمد بن نُعَيم السَّعْدي حَفِظَه هكذا فإنه صحيح على شرط الشيخين.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل محمد بن عبد العزيز الواسطي، وقد توبع.

محمد بن إسحاق الإمام: هو ابن خزيمة. والحديث في "صحيحه" برقم (2063).

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(8793)، وابن الأعرابي في "معجمه"(2233)، والبيهقي في "السنن" 4/ 239 من طرق عن محمد بن عبد العزيز الرملي الواسطي، به.

وأخرجه ابن خزيمة (2063)، والبزار (7127)، والعقيلي في "الضعفاء"(1470)، والبيهقي في "الشعب"(3616) من طريق القاسم بن غصن، عن سعيد بن أبي عروبة، به. والقاسم ضعيف لكن يعتبر به في المتابعات والشواهد.

وأخرجه ابن حبان (3504) و (3505) من طريق ابن أبي شيبة، عن حسين بن علي الجعفي، عن زائدة بن قدامة، عن حميد بن أبي حميد الطويل، عن أنس قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قط صلى المغرب حتى يفطر ولو على شربة ماء. وهذا إسناد صحيح.

(2)

حديث صحيح، وهذ إسناد ضعيف لجهالة حال محمد بن نعيم السعدي، وقد أخطأ في إسناده، فقد قال الحافظ ابن حجر في "اللسان" 2/ 80 في ترجمة إسحاق بن الهياج البلخي: ذكر الدارقطني من هذا الوجه عن محمد بن نعيم عن مالك عن أبي صالح عن أبي هريرة: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصب الماء على رأسه بالعرج وهو صائم. وقال: وهم فيه في موضعين، وهو في "الموطأ" 1/ 294 عن مالك عن سُمَي عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن بعض الصحابة، غير مسمى. انتهى، وهو الحديث الآتي بعده، فلينظر.

ص: 462

1595 -

فقد أخبرَناه أبو بكر بن أبي نَصْر المَرْوزي، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا القَعْنبي، فيما قرأَ على مالك، عن سُمَيٍّ مولى أبي بكر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أمَرَ الناس في سَفَرِه بالفطر عامَ الفتح، وقال:"تقوَّوا لِعدوِّكم"، وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال أبو بكر بن عبد الرحمن: وقال الذي حدَّثني: لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعَرْج يَصبُّ على رأسه الماءَ وهو صائمٌ من العَطَش، أو قال: من الحَرِّ

(1)

.

1596 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُميديّ، حدثنا سفيان، قال: سمعتُ الزُّهريّ يقول: أخبرني صفوان بن عبد الله بن صفوان، عن أم الدرداء

(2)

، عن كعب بن عاصم الأشعري، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس من البرِّ الصيامُ في السَّفر"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب.

وأخرجه أبو داود (2365) عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 25/ (15903) و 27/ (16601) و (16602) و 38/ (23190) و (23191) و (23223) و (23467) و 39/ (23649)، والنسائي (3017) من طرق عن مالك بن أنس، به.

والعَرْج: بفتح فسكون، قرية جامعة من عمل الفُرْع جنوب المدينة على بعد (113) كم تقريبًا.

(2)

في (ز) و (ص): أبي الدرداء، وهو خطأ، والمثبت من (ع)، وسقط من (ب).

(3)

إسناده صحيح. أبو بكر بن إسحاق: اسمه أحمد، والحميدي: هو عبد الله بن الزبير بن عيسى، وسفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب، وأم الدرداء: هي الصغرى، واسمها هجيمة - وقيل: جهيمة - بنت حيي.

وأخرجه أحمد 39/ (23681)، وابن ماجه (1664)، والنسائي (2575) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (23679) و (23680) من طريقين عن الزهري، به.

وأخرجه النسائي (2576) من طريق محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره مرسلًا. ثم قال النسائي: هذا الحديث خطأ، ولا نعلم أحدًا تابع محمد بن كثير على هذا الإسناد، والله أعلم، والصواب الذي قبله. =

ص: 463

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد اتفق الشيخان على حديث حمزة بن عمرو الأسْلَمي، فأخرجاه من حديث هشام بن عُرْوة عن أبيه عن عائشة: أنَّ حمزة

(1)

.

وله رواية مفسَّرة من حديث أولاد حمزةَ بن عمرٍو، ولم يُخرجاه:

1597 -

أخبرَناه أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحَرَّاني، حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيلي، حدثنا محمد بن عبد المجيد المَدِيني، قال: سمعت حمزة بن محمد بن حمزة بن عمرو الأسْلَمي يَذكُر أنَّ أباه أخبره، عن جدِّه حمزة بن عمرو قال: قلتُ: يا رسول الله، إنِّي صاحب ظَهْرٍ أُعالِجُه، أُسافر عليه وأَكْرِيهِ، وإنه ربما صادَفَني هذا الشهرُ - يعني شهرَ رمضان - وأنا أجدُ القُوَّة، وأنا شابٌّ، وأجِدُني أن أصومَ يا رسول الله أهونُ عليَّ من أن أُؤخِّرَه فيكونَ دَينًا، أفأصومُ يا رسول الله أعظمُ لأجري أو أُفطِر؟ قال:"أيَّ ذلك شئتَ يا حمزة"

(2)

.

= وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند أحمد 22/ (14193)، ومسلم (1115).

وعن عبد الله بن عمر عند ابن ماجه (1665)، وابن حبان (3548).

(1)

أخرجه البخاري (1942) و (1943)، ومسلم (1121)(103 - 106)، وهو في "مسند أحمد" 40/ (24196).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة محمد بن عبد المجيد المديني وشيخه حمزة بن محمد بن حمزة، لكن روي الحديث من وجوه أخرى.

وأخرجه أبو داود (2403) عن عبد الله بن محمد النفيلي، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 25/ (16037)، والنسائي (2614) و (2615) و (2617) و (2618) و (2620) من طريق سليمان بن يسار، عن حمزة بن عمرو الأسلمي.

وهذا إسناد منقطع، فإنَّ سليمان بن يسار لم يسمعه من حمزة، بينهما أبو مراوح الغفاري، فقد أخرجه النسائي نفسه (2622) من طريق سليمان بن يسار، عن أبي مراوح، عن حمزة بن عمرو الأسلمي. وأبو مراوح ثقة.

وأخرجه النسائي (2624) من طريق عروة بن الزبير، عن حمزة بن عمرو. =

ص: 464

1598 -

أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن أبي الزُّبير، عن جابر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سافَرَ في رمضان، فاشتدَّ الصوم على رجل من أصحابه، فجعلت راحلتُه تَهِيمُ به تحت الشجرة، فأُخبِر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأمرِه، فأَمَرَه أن يُفطِر، ثم دعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بإناءٍ فوَضَعَه على يده، ثم شَرِبَ والناسُ ينظرون

(1)

.

= وعروة أيضًا إنما سمعه من أبي مراوح عن حمزة، كما أخرجه مسلم (1121)(107)، والنسائي (2623)، وابن حبان (3567) من طريق عروة بن الزبير، عن أبي مراوح، عن حمزة بن عمرو.

وأخرجه النسائي (2619) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، و (2620) و (2621) من طريق حنظلة بن علي، كلاهما عن حمزة بن عمرو.

وأخرجه النسائي (2616) من طريق سليمان بن يسار: أنَّ حمزة بن عمرو قال: يا رسول الله

فذكره مرسلًا.

وقد روت عائشة الحديث: أنَّ حمزة بن عمرو سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أخرجه من حديثها أحمد 40/ (24196)، والبخاري (1942) و (1943)، ومسلم (1121)(103 - 106)، وأبو داود (2402)، والنسائي (2627) و (2628) و (2629)، وابن حبان (3560).

(1)

إسناده صحيح. أبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرس - صرح بالسماع عند أحمد وغيره.

وأخرجه ابن حبان (3565) من طريق عبد الأعلى بن حماد، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 22/ (14529) من طريق زكريا بن إسحاق، و (14530) من طريق إبراهيم بن طهمان، كلاهما عن أبي الزبير، به.

وأخرج أحمد 22/ (14508) من طريق حسين بن واقد، عن أبي الزبير قال: سمعت جابرًا يقول: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم برجل يقلِّب ظهرَه لبطن، فسأل عنه، فقالوا: صائم يا نبي الله، فدعاه، وأمره أن يفطر فقال:"أما يكفيك في سبيل الله، ومع رسول الله، حتى تصوم! "

وأخرج أحمد 22/ (14193) و (14410) و (14426) و 23/ (15282)، والبخاري (1946)، ومسلم (1115)، وأبو داود (2407)، والنسائي (2582)، وابن حبان (3552) من طريق محمد بن عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب، عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فرأى زحامًا ورجلًا قد ظُلِّل عليه، فقال:"ما هذا؟ " قالوا: صائم، فقال: "ليس من البر الصوم في =

ص: 465

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1599 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفَّان العامِري، حدثنا أبو داود عمر بن سعد، حدثنا سفيان الثَّوري، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمَرِّ الظَّهْران، فأُتي بطعام، فقال لأبي بكر وعمر:"ادنُوا فَكُلَا"، فقالا: إنّا صائمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اعملوا لصاحِبَيكم، ارحَلُوا لصاحِبَيكم! ادنُوَا فكُلا"

(1)

.

= السفر"، واللفظ للبخاري.

وأخرج نحوه النسائي (2577) و (2578)، وابن حبان (2553) و (3554) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن زرارة، عن جابر.

وأخرج مسلم (1114)، والترمذي (710)، والنسائي (2583)، وابن حبان (2706) و (3549) و (3550) من طريق محمد بن علي الباقر، عن جابر بن عبد الله: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام، حتى بلغ كُراع الغَميم، فصام الناس - وفي رواية: فقيل له: إنَّ الناس قد شقَّ عليهم الصيام، وإنما ينظرون فيما فعلت - ثم دعا بقدح من ماء فرفعه، حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إنَّ بعض الناس قد صام، فقال:"أولئك العصاة، أولئك العصاة"، واللفظ لمسلم.

وانظر شواهده وتمام تخريجه في تعليقنا على "المسند" 22/ (14193).

(1)

رجاله ثقات، لكن اختُلف في وصله وإرساله، وصحَّح النسائي والدارقطني المرسل.

الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن.

وأخرجه أحمد 14/ (8436)، والنسائي (2584)، وابن حبان (3557) من طريق أبي داود عمر بن سعد الحفري، بهذا الإسناد. وقال النسائي بإثره: هذا خطأ، لا نعلم أحدًا تابع أبا داود على هذه الرواية، والصواب مرسل.

ثم أخرجه - يعني النسائي - (2585) من طريق محمد بن شعيب، و (2586) من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة مرسلًا.

وأخرجه أيضًا (2587) من طريق علي بن المبارك، عن يحيى، عن أبي سلمة مرسلًا.

وانظر "علل" الدارقطني (1762).

مرّ الظهران: وادٍ من أودية الحجاز، يأخذ مياه النخلتين فيمر شمال مكة على بعد 22 كم، =

ص: 466

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1600 -

حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا عَبْدان الأهوازيّ، حدثنا محمد بن أبي صفوان الثَّقَفي، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدثنا سفيان، عن أبي حازم، عن سَهْل بن سعدٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزالُ أُمتي على سُنّتي ما لم تنتظرْ بفِطْرها النُّجومَ"، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا كان صائمًا أمَرَ رجلًا، فأَوفَى على نَشَزٍ، فإذا قال: قد غابتِ الشمسُ، أفطَرَ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، إنما خرَّجا بهذا الإسناد للثَّوري:"لا يزالُ الناس بخير ما عجَّلوا الفطرَ"، فقط

(2)

.

= ويصب في البحر جنوب جدة بقرابة 20 كم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم نزله في توجهه لفتح مكة.

وقوله: "ارحلوا لصاحبيكم" أي: شدوا الرَّحل لهما على البعير. قال ابن حبان: يريد به: كأني بكما وقد احتجتما إلى الناس من الضعف إلى أن تقولوا: ارحلوا لصاحبيكما، اعملوا لصاحبيكما.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات، إلَّا أنَّ ابن خزيمة قال بعد أن أخرجه في "صحيحه" (2061): هكذا حدثنا به ابن أبي صفوان، وأهاب أن يكون الكلام الأخير عن غير سهل بن سعد، لعله من كلام الثوري أو من قول أبي حازم، فأُدرج في الحديث.

سفيان: هو الثوري، وأبو حازم: هو سلمة بن دينار.

وأخرجه ابن حبان (3510) عن ابن خزيمة، عن محمد بن أبي صفوان، بهذا الإسناد.

وقد روي الحديث بلفظ آخر كما سيشير المصنف إليه بعد هذا الحديث.

وانظر حديث أبي هريرة السالف برقم (1589).

والنَّشَز - بفتحتين، وقد تسكن الشين -: المرتفع من الأرض.

(2)

أما مسلم فنعم، وأما البخاري فقد أخرجه من غير طريق الثوري.

فقد أخرجه أحمد 37/ (22846)، ومسلم (1098)، والترمذي (699) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، بهذا الإسناد. باللفظ الذي أشار إليه المصنف.

وأخرجه أحمد (22827) عن عبد الرزاق، و (22846) عن إسحاق بن يوسف الأزرق، كلاهما عن سفيان الثوري، به.

وأخرجه أحمد (22804) و (22859) و (22870)، والبخاري (1957)، ومسلم (198)، وابن ماجه (1697)، والترمذي (699)، والنسائي (3298)، وابن حبان (3502) و (3506) من طرق =

ص: 467

1601 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، أنَّ عبد الله بن أبي قيس حدثه، أنه سمع عائشة تقول: كان أحبَّ الشُّهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومَه، شعبانُ، ثم يَصِلُه برمضان

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1602 -

أخبرنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الفاكِهِي بمكة، حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرَّة، حدثنا عبد الله بن يزيد المُقرئ، حدثنا موسى بن علي بن رَبَاح، عن أبيه، عن عُقْبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يومُ عَرفةَ ويومُ النَّحر وأيامُ التَّشريق عيدُنا أهلَ الإسلام، وهُنَّ أيامُ أكلٍ وشُرب"

(2)

.

= ليس فيها سفيان الثوري عن أبي حازم، به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي (2671) و (2922) عن الربيع بن سليمان، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 42/ (25548) - وعنه أبو داود (2431) - عن عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، به.

وأخرج أحمد 40/ (24116)، والبخاري (1970)، ومسلم (1156)(175)، وأبو داود (2434)، وابن ماجه (1710)، والترمذي (737) والنسائي (2498) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله، وكان يقول:"خذوا من العمل ما تطيقون، فإنَّ الله لا يملُّ حتى تملُّوا"، واللفظ للبخاري، وانظر تمام تخريجه في التعليق على "المسند".

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي (3981) عن عبيد الله بن فضالة، عن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 28/ (17379) و (17383)، وأبو داود (2419)، والترمذي (773)، والنسائي (2842) و (4167)، وابن حبان (3603) من طرق عن موسى بن علي، به.

وفي الباب عن علي بن أبي طالب وعمرو بن العاص، سيأتيان برقمي (1604) و (1605)، وعن بديل بن ورقاء سيأتي برقم (3025). =

ص: 468

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1603 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمَّاك ببغداد، حدثنا يحيى بن جعفر بن الزِّبْرِقان، حدثنا أبو داود الطَّيالسي، حدثنا حَوْشَبُ بن عَقِيل، حدثنا مَهْديّ بن حسان العَبْدي، عن عِكْرِمة، عن أبي هريرةَ قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صومِ يومِ عَرَفةَ بعَرَفات

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1604 -

أخبرني يوسف بن يعقوب العدل، حدثنا أحمد بن محمد بن نَصْر، حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن إسحاق، عن حَكِيم بن حَكِيم بن عبَّاد بن حُنَيف، عن مسعود بن الحَكَم الزُّرَقي، عن أمه أنها حدثته قالت: كأني أنظرُ إلى علي بن أبي طالب على بغلة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم البيضاءِ في شِعْبِ الأنصار، وهو يقول: أيها الناس، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّها ليست أيامَ صيامٍ، إنها أيامُ أكلٍ وشُربٍ وذِكْرٍ"

(2)

.

= وعن ابن عمر عند أحمد في "المسند" 9/ (4970)، وذكر هناك أحاديث الباب عن عدة من الصحابة.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة مهدي بن حسان العبدي، كذا سماه المصنف هنا، وعنه البيهقي في "السنن" 4/ 284، وسماه ابن حزم مهدي بن هلال، وقال: مجهول، وسماه عبد الحق الإشبيلي مهدي بن حرب، وقال: إنه ليس بمعروف، وقال المزي: هو مهدي بن أبي مهدي الهجري، وسئل عنه يحيى بن معين فقال: لا أعرفه، ونقل الذهبي في "الميزان" عن أبي حاتم أنه قال: لا أعرفه. انظر "البدر المنير" لابن الملقن 5/ 750، وقد رواه العقيلي في ترجمة حوشب من "الضعفاء" (379) وقال: لا يتابع عليه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد جياد أنه لم يصم يوم عرفة، ولا يصح عنه أنه نهى عن صومه، وقد روي عنه أنه قال:"صوم يوم عرفة كفارة سنتين: سنةٍ ماضية، وسنة مستقبلة".

وأخرجه أحمد 13/ (8031) و 15/ (9760)، وأبو داود (2440)، وابن ماجه (1732)، والنسائي (2843) و (2844) من طرق عن حوشب بن عقيل، بهذا الإسناد.

(2)

مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل حكيم بن حكيم، ومحمد بن إسحاق =

ص: 469

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= - وهو ابن يسار - وإن كان قد عنعنه إلَّا أنَّ له شيخًا آخر فيه عن حكيم بن حكيم، وهو عبد الله بن أبي سلمة، وقد صرَّح بالتحديث عنه، كما سيأتي. أم مسعود بن الحكم: اسمها حبيبة بنت شريق، بفتح الشين، الهذلية، ويقال: الأنصارية.

وأخرجه النسائي (2899) من طريق أحمد بن خالد الوهبي، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/ (708)، والنسائي (2900) من طريق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي سلمة، عن مسعود بن الحكم، به.

وأخرجه النسائي (2901) من طريق عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني من سمع عبد الله بن أبي سلمة، ولا أراني إلّا سمعته منه يحدث عن مسعود بن الحكم، به.

وأخرجه النسائي (2892) من طريق عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن سليمان بن يسار، عن مسعود بن الحكم، عن أمه قالت: مرَّ بنا راكب ونحن بمنى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي في الناس

فذكرته هكذا موقوفًا، وفي آخره: فقالت أختي: هذا علي بن أبي طالب، وقلت أنا: لا بل هو فلان.

وتابع عمرو بن الحارث على وقفه مخرمةُ بن بكير، لكنه أخطأ فيه وقال: الحكم الزرقي، بدلًا من مسعود بن الحكم الزرقي، أخرجه النسائي (2891) من طريق مخرمة بن بكير، عن أبيه بكير بن عبد الله الأشج، عن سليمان بن يسار، عن الحكم الزرقي، عن أمه: أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى، فسمعوا راكبًا يصرح يقول، فذكره موقوفًا، ولم يذكر علي بن أبي طالب.

قال النسائي: ما علمت أنَّ أحدًا تابع مخرمة على هذا الحديث على الحكم الزرقي، والصواب: مسعود بن الحكم.

وأخرجه أحمد (992)، والنسائي (2898) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن يوسف بن مسعود بن الحكم، عن جدته قالت: بينما نحن بمنى إذا أقبل راكب سمعته ينادي

فذكرته هكذا موقوفًا، وفي آخره: قلت: من هذا؟ قال: علي بن أبي طالب.

وأخرجه مرفوعًا أحمد (821) من طريق المفضل بن فضالة، وأحمد أيضًا (824)، والنسائي (2902) من طريق الليث بن سعد، كلاهما عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أمه قالت: بينما نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب

الحديث.

وأخرجه أحمد (567) من طريق سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عمرو بن سليم، عن أمه قالت: بينما نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب

الحديث، لم يذكر =

ص: 470

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ صحيح:

1605 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الرَّبيع بن سُليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك.

وأخبرني أبو بكر بن أبي نَصْر المَرْوزي، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا القَعْنَبي فيما قرأَ على مالك، عن يزيد بن الهاد، عن أبي مُرَّةَ مولى أُم هانئ: أنه دخل مع عبد الله بن عمرٍو على أبيه عمرو بن العاص، فقرَّب إليهما طعامًا، فقال: كُلْ، فقال: إنِّي صائم، فقال عمرو: كُلْ، فهذه الأيامُ التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمُرُنا بإفطارِها وينهانا عن صيامِها. قال مالك: وهُنَّ أيامُ التشريق

(1)

.

= فيه ابنُ أبي الحسام عبدَ الله بن أبي سلمة، وقد أشار إلى رواية ابن أبي الحسام هذه الدارقطني في "العلل"(467).

ثم قال الدارقطني بعد أن أورد هذه الأسانيد كلها وبيّن الخلاف في رفعه ووقفه: ورفعه صحيح وأسانيدها كلها محفوظة.

وأخرج النسائي (2903) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن نافع بن جبير، عن بشير بن سحيم، عن علي بن أبي طالب: أنَّ منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في أيام التشريق

فذكر نحوه. كذا رواه عبد الرحمن المسعودي، قال الدارقطني في "العلل" (320): وخالفه أصحاب حبيب، منهم: منصور بن المعتمر، وشعبة، والثوري، وحمزة الزيات، فرووه عن حبيب، عن نافع بن جبير، عن بشر بن سحيم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكروا فيه عليًا، ثم قال: وهو الصواب.

وسيأتي الحديث عن المصنف برقم (3025) من طريق عيسى بن مسعود بن الحكم، عن جدته حبيبة بنت شريق، وفيه أنَّ المنادي الذي جاءهم هو بديل بن ورقاء.

وبرقم (6795) من طريق مسعود بن الحكم عن عبد الله بن حذافة السهمي.

وفي الباب أيضًا عن عقبة بن عامر، سلف برقم (1602)، وأشرنا هناك إلى باقي أحاديث الباب.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (2418) عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، بهذا الإسناد. =

ص: 471

1606 -

أخبرني أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا شعبة، عن قَتادة، عن مُطرِّف، عن أبيه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَن صامَ الدَّهرَ ما صامَ وما أفطَرَ"، أو "لا صامَ ولا أفطَرَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

وشاهدُه على شرطهما صحيحٌ، ولم يُخرجاه

(2)

:

= وأخرجه أحمد 29/ (17768) عن روح بن عبادة، عن مالك بن أنس، به.

وأخرج أحمد (17769)، والنسائي (2912) و (2913) من طريق جعفر بن المطلب: أنَّ عبد الله بن عمرو دخل على عمرو بن العاص وهو يتغدى فقال: هلم، فقال: إني صائم

فذكر الحديث.

وفي لفظ لأحمد (17779) من طريق جعفر بن المطلب أيضًا، وكان رجلًا من رهط عمرو بن العاص، قال: دعا أعرابيًا إلى طعام، وذلك بعد النحر بيوم، فقال الأعرابي: إني صائم، فقال له: إنَّ عمرو بن العاص دعا رجلًا إلى الطعام في هذا اليوم، فقال: إني صائم، فقال عمرو: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم هذا اليوم.

(1)

إسناده صحيح. سعيد بن مسعود: هو ابن عبد الرحمن المروزي، ومُطرِّف: هو ابن عبد الله بن الشِّخِّير. وهو في "مسند أحمد" 26/ (16315).

وأخرجه ابن ماجه (1705) عن محمد بن بشار، عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (16304) و (16323)، وابن ماجه (1705)، والنسائي (2696)، وابن حبان (3583) من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه أحمد (16308) و (16320) و (16318)، والنسائي (2695) من طرق عن قتادة، به.

وانظر ما بعده.

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند البخاري (1977) و (1979)، ومسلم (1159).

وعن أبي قتادة عند مسلم (1162).

وعن عمر بن الخطاب عند النسائي (2697).

وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب عند النسائي (2699) و (2700) و (2701).

وعن أسماء بنت يزيد عند أحمد 45/ (27576).

(2)

قال الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 6/ 692 بعد عزوه حديث عمران بن حصين هذا =

ص: 472

1607 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا إسماعيل - وهو ابن عُلَيَّة - عن سعيد بن إياس الجُرَيْري، عن يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير، عن مُطَرِّف، عن عِمْران بن حُصَين قال: قيلَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ فلانًا لا يُفطِرُ نهارَ الدَّهر، قال:"لا صامَ ولا أفطَرَ"

(1)

.

1608 -

أخبرني أبو حُمَيد أحمد بن محمد بن حامد العدلُ بالطَّابَرَان، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل العَنْبري، حدثنا صفوان بن صالح، حدثنا الوليد بن مسلم، عن ثَوْر بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن عبد الله بن بُسْر السُّلَمي، عن أخته الصَّمَّاء، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تصوموا يوم السبت إلَّا فيما افتُرِضَ عليكم، وإن لم يَجِدْ أحدُكم إلَّا لِحَاءَ عِنَبةٍ أو عُودَ شجرةٍ فليَمْضَغْها"

(2)

.

= للحاكم، قال: جعله شاهدًا لحديث ابن الشخير، وغيرُهُ علَّله به. قلنا: لكن سأل الترمذيُّ شيخه البخاري كما في "العلل الكبير" ص 207: أيُّهما أصح؟ فقال: يحتمل عنهما كليهما، وقال أبو زرعة كما في "العلل" لابن أبي حاتم (679): جميعًا صحيحين. أما أبو حاتم فقد رجَّح حديثَ قتادة، والله أعلم.

(1)

إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" 33/ (19825) و (19873) و (19892).

وأخرجه النسائي (2694) عن علي بن حجر، عن إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (3582) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عن سعيد بن إياس الجريري، به.

(2)

رجاله ثقات، إلّا أنه أُعِلَّ بالاضطراب والمخالفة، وقد فصَّلنا القول فيه في تعليقنا على "مسند أحمد" 29/ (17686) بما يغني عن إعادته هنا، وقد أورد المصنف هنا في هذا الباب بعض ما يخالفه من الأحاديث الصحيحة.

وأخرجه أبو داود (2421) عن يزيد بن قُبيس، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وقال بإثره: هذا الحديث منسوخ.

وأخرجه أحمد 45/ (27075)، وأبو داود (2421)، وابن ماجه (1726 م)، والترمذي (744)، والنسائي (2775) و (2776) و (2777) من طرق عن ثور بن يزيد به. قال الترمذي: هذا حديث حسن، ومعنى كراهته في هذا: أن يخص الرجلُ يومَ السبت بصيام، لأنَّ اليهود تعظم يوم السبت.

وأخرجه النسائي (2778) عن سعيد بن عمرو، عن بقية بن الوليد، عن ثور بن يزيد، به. =

ص: 473

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

وله معارضٌ بإسناد صحيح وقد أخرجاه؛ حديثُ همام، عن قتادة، عن أبي أيوب العَتَكي، عن جُوَيرِيَة بنت الحارث: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يومَ الجمعة وهي صائمة، فقال:"صُمْتِ أمسِ؟ " قالت: لا، قال: "فتُريدينَ أن تَصُومي

= إلَّا أنه قال: عن عمته الصماء، بدلًا من أخته الصماء.

وأخرجه أحمد (27077) من طريق إسماعيل بن عياش، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن لقمان بن عامر، والنسائي (2782) عن سعيد بن عمرو، عن بقية بن الوليد، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن لقمان بن عامر، والنسائي (2784) من طريق داود بن عبيد الله، كلاهما (لقمان وداود) عن خالد بن معدان، به. إلّا أنَّ بقية بن الوليد عند النسائي قال: عن خالته الصماء، أما إسماعيل بن عياش فقال: عن أخته الصماء.

وأخرجه النسائي (2773) من طريق ابن عبد الله بن بسر، و (2780) من طريق الفضيل بن فضالة، كلاهما عن عبد الله بن بسر، به. إلّا أنَّ الفضل قال: عن خالته الصماء.

وقد رواه بعضهم من حديث عبد الله بن بسر عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر فيه الصماء:

فقد أخرجه ابن ماجه (1726)، والنسائي (2774) من طريق عيسى بن يونس، عن ثور بن يزيد، به. لم يذكر فيه الصماء.

وأخرجه كذلك النسائي (2779) عن عمرو بن عثمان، عن بقية بن الوليد، عن الزبيدي، عن لقمان بن عامر، عن عامر بن جشيب، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وخالفه يزيد بن عبد ربه عند النسائي أيضًا (2783) فرواه عن بقية، عن الزبيدي، عن عامر بن جشيب، به، لم يذكر فيه لقمان.

وأخرجه أحمد 29/ (1769)، والنسائي (2772)، وابن حبان (3615) من طريق حسان بن نوح، وأحمد (17686) من طريق يحيى بن حسان، كلاهما عن عبد الله بن بسر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه النسائي (2781) من طريق أبي تقي عبد الحميد بن إبراهيم الحضرمي، عن عبد الله بن سالم الأشعري، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن فضيل بن فضالة، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال النسائي بإثره: أبو تقي هذا ضعيف ليس بشيء، وإنما أخرجته لعلة الاختلاف.

واللحاء، بكسر اللام: قشر الشجرة، ولحاء العنبة: قشر العِنَبة، استعارة من قشر العود. قاله ابن الأثير في "النهاية".

ص: 474

غدًا؟ "، الحديث

(1)

.

1609 -

فحدَّثَني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث، حدثنا ابن وَهْب، قال: سمعتُ الليث يحدِّث عن ابن شهابٍ: أنه كان إذا ذُكِر له أنه نُهِيَ

(2)

عن صيام يوم السبت، قال: هذا حديثٌ حمصي

(3)

.

وله مُعارِضٌ بإسنادٍ صحيح:

1610 -

أخبرَناه الحسن بن حَلِيم المَرْوَزي، أخبرنا أبو المُوَجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، أنَّ كُرَيبًا مولى ابن عباس أخبره: أنَّ ابن عباس وناسًا من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بَعَثُوني إلى أم سلمةَ أسألُها عن أيِّ الأيام كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أكثرَ لها صيامًا؟ فقالت: يومُ السبت والأحد، فرجعتُ إليهم فأخبرتُهم، فكأنَّهم أنكروا ذلك، فقاموا بأجمَعِهم إليها، فقالوا: إنّا بَعثْنا إليكِ هذا في كذا وكذا، فذَكَرَ أنكِ قلتِ كذا وكذا، فقالت: صَدَقَ، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرُ ما كان يصومُ من الأيام يومُ السبت والأحد، وكان يقول: "إنَّهما يومانِ عيدٌ للمشركين

(4)

، وأنا أُريدُ أن أُخالِفَهم"

(5)

.

(1)

وقع المصنِّف رحمه الله هنا وهمان، الأول: أنَّ مسلمًا لم يخرجه، وإنما هو في "صحيح البخاري" (1986). الثاني: أنَّ البخاري لم يخرجه من طريق همام عن قتادة، وإنما من طريق شعبة عن قتادة، بالإسناد الذي ذكره المصنف.

أما طريق همام عن قتادة، فهي عند أحمد 44/ (26756) و 45/ (27425)، وأبو داود (2422)، وغيرهما.

(2)

لفظة "نهي" وقع مكانها بياض في (ز) و (ص)، وأثبتناها من (ع) و"إتحاف المهرة" 16/ (996)، وسقطت من (ب).

(3)

هذا الأثر أخرجه أبو داود (2423) عن عبد الملك بن شعيب، بهذا الإسناد.

(4)

كذا في (ز)، وفي (ص) و (ب) و (ع):"يومان عيد المشركين"، وفي "السنن الكبرى" 4/ 303 و"فضائل الأوقات" (306) كلاهما للبيهقي:"يوما عيدٍ للمشركين"، ورواه فيهما عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده ومتنه.

(5)

إسناده حسن من أجل عبد الله بن محمد بن عمر العلوي وأبيه، وقد صحَّح =

ص: 475

1611 -

حدثني علي بن حَمْشاذَ العدلُ، حدثنا مُسدَّد بن قَطَن، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جَرِير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيدٍ، قال: جاءت امرأةٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عندَه، فقالت: يا رسول الله، إنَّ زوجي صفوانَ بنَ المُعَطَّل يَضربُني إذا صليتُ، ويُفطِّرُني إذا صُمتُ، ولا يصلِّي صلاةَ الفجر حتى تطلُعَ الشمس، قال: وصفوانُ عندَه، قال: فسألَه عمَّا قالت، فقال: يا رسولَ الله، أمّا قولها: يَضربُني إذا صليتُ، فإنها تقرأُ سورتين نهيتُها عنهما، وقلت: لو كان سورةً واحدةً لكَفَتِ الناس، وأما قولها: يُفطِّرني إذا صمتُ، فإنها تنطلقُ فتصومُ وأنا رجلٌ شابٌّ فلا أصبِر، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ:"لا تصومُ امرأةٌ إلَّا بإذنِ زوجها"، وأما قولُها: بأنِّي لا أصلِّي حتى تَطلُعَ الشمس، فإنَّا أهلُ بيتٍ قد عُرِفَ لنا ذاك، لا نكادُ نَستيقظُ حتى تطلع الشمس، قال:"فإذا استَيقظتَ فصَلِّ"

(1)

.

= هذا الحديث ابن خزيمة وابن حبان، وحسنه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 269. أبو الموجه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان بن جبلة، وعبدان لقبه، وعبد الله: هو ابن المبارك.

وأخرجه أحمد 44/ (26750) عن عتاب بن زياد، والنسائي (2789)، وابن حبان (3646) من طريق حبان بن موسى، وابن حبان (3616) من طريق سلمة بن سليمان، ثلاثتهم عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. رواية عتاب مختصرة ليس فيها قصة.

وأخرج النسائي (2788) من طريق بقية بن الوليد، عن ابن المبارك، به إلى كريب: أنَّ ابن عباس بعث إلى أم سلمة وإلى عائشة يسألهما: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يصوم من الأيام؟ فقالتا: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أكثر صومه يوم السبت والأحد، ويقول:"هما عيدان لأهل الكتاب، فنحن نحب أن نخالفهم". وبقية ليس بالقوي.

(1)

إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان، وأبو سعيد: هو سعد بن مالك الخدري رضي الله عنه.

وأخرجه أحمد 18/ (11759)، وأبو داود (2459) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. =

ص: 476

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1612 -

أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العدل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا زيد بن الحُباب، حدثنا معاوية بن صالح.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن - وهو ابن مَهْدي - عن معاوية بن صالح، عن أبي بِشْر، عن عامر بن لُدَين الأشعري، أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يوم الجمعة عيدٌ، فلا تجعلوا يومَ عيدِكم يومَ صيامِكم، إلَّا أن تصوموا قبلَه أو بعدَه"

(1)

.

= وقد وقع عندهما قوله: "لو كانت سورةً واحدةً لكفت الناس" مرفوعًا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من كلام صفوان، وقد تابع عثمانَ بنَ أبي شيبةَ على رفعه غيرُ واحد، ولم تقع لنا هذه العبارة موقوفة إلّا عند الحاكم هنا، وقد رواها هكذا عنه في "السنن الكبرى" 4/ 303، مما يدل على أنَّ وقفها وهمٌ، ولعلَّ الوهم وقع ممن هو دون عثمان بن أبي شيبة، والله أعلم.

وأخرجه ابن حبان (1488) من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، عن جرير بن عبد الحميد، به.

وأخرجه أحمد (11801) من طريق أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، به.

وأخرج ابن ماجه (1762) من طريق سليمان بن مهران، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء أن يصلين إلّا بإذن أزواجهن.

وقد استشكل البخاري هذا الحديث فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 3/ 441 في ترجمة صفوان بن المعطل، واستنكره البزار وأعله بتدليس الأعمش، فيما نقله عنه الحافظ أيضًا في "الفتح" 14/ 35 - 36، وأجاب الحافظ هناك عن هذه الإشكالات فيما يستحق الرجوع إليه.

وانظر كلام الطحاوي في ذلك في "شرح مشكل الآثار"(2044).

ولفقه الحديث انظر "معالم السنن" للخطابي 2/ 136.

وفي باب عدم صيام المرأة إلّا بإذن زوجها عن أبي هريرة عند البخاري (5192)، ومسلم (1026).

(1)

إسناده حسن، أبو بشر - وهو مؤذن مسجد دمشق، كما جاء مصرَّحًا به في "مسند أحمد" وبعض مصادر التخريج - روى عنه جمع، ووثقه العجلي فيما نقله عنه الحافظ في "التهذيب"، وعامر بن لُدَين - بضم اللام وفتح الدال المهملة - نقل الذهبي في "تاريخ الإسلام" 2/ 1120، والحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة" 1/ 708 عن العجلي قوله: تابعي ثقة. قلنا: ثم إنه متابع على معنى الحديث من وجه آخر عن أبي هريرة في "الصحيحين" وغيرهما كما سيأتي. =

ص: 477

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، إلَّا أنَّ أبا بِشْر هذا لم أقف على اسمه، وليس ببَيانِ بن بِشْر ولا بجعفر بن أبي وَحْشِيَّة، والله أعلم

(1)

.

وشاهدُ هذا بغير هذا اللفظ مخرَّج في الكتابين

(2)

.

1613 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا موسى بن الحسن بن عبَّاد ومحمد بن غالب بن حَرْب، قالا: حدثنا أبو حذيفة، حدثنا عِكْرِمة بن عمَّار.

وأخبرني أبو يحيى أحمد بن محمد السَّمَرْقَنْدي، حدثنا محمد بن نصر، حدثنا محمد بن المثنَّى، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدثنا عِكرِمة بن عمَّار، عن سِمَاك الحَنَفي، حدثني مالك بن مَرْثَد، عن أبيه قال: سألتُ أبا ذرٍّ فقلت: أسألتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القَدْر؟ فقال: أنا كنت أسألَ الناسِ عنها، قال: قلت: يا رسولَ الله

(3)

، أخبِرْني عن ليلة القَدْر، أفي رمضانَ، أو في غيره؟ قال:"بل هي في رمضانَ"، قال: قلت: يا رسولَ الله، تكونُ مع الأنبياء ما كانوا، فإذا قُبِضَ الأنبياءُ رُفِعَتْ، أم هي إلى يوم القيامة؟ قال:"بل هيَ إلى يوم القيامة"، قال: فقلت: يا رسولَ الله، في أيِّ رمضانَ هي؟ قال:"التَمِسوها في العَشْرِ الأُوَلِ والعَشْرِ الأواخرِ".

= وهو في "مسند أحمد" 13/ (8025) عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد أيضًا 16/ (10890) عن حماد بن خالد، عن معاوية بن صالح، به. وقد وقع عنده هنا تعيين أبي بشر بأنه مؤذن مسجد دمشق.

وقد سلف برقم (1185) من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة رفعه: "لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، ولا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي".

(1)

وقد وافقه الذهبي في "تلخيص المستدرك" على ذلك، فقال: هو مجهول!

(2)

أخرجه البخاري (1985)، ومسلم (1144)(147) من طريق أبي صالح ذكوان السمان، عن أبي هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلّا يومًا قبله أو بعده"، وقد تقدم تخريجه عند الحديث (1185) المشار إليه سابقًا.

(3)

زاد هنا في النسخ الخطية لفظة "تكون"، ولا وجه لها هنا، فلعله سبق قلم من أحد النساخ قديمًا نشأ عن انتقال نظر إلى العبارة التالية.

ص: 478

قال: ثم حدَّث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وحدَّث، فاهتَبَلتُ غَفْلتَه فقلت: يا رسولَ الله، في أيِّ العِشرينَ؟ قال:"التَمِسوها في العَشْر الأَواخِر، لا تسألْني عن شيءٍ بعدها"، ثم حدَّث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدّث، فاهتَبَلتُ غَفْلتَه فقلت: يا رسولَ الله، أقسمتُ عليك لتُخبِرَنِّي - أو لمَا أخبَرْتَني - في أي العَشْر هي؟ قال: فغضِبَ عليَّ غضبًا ما غضِبَ عليَّ مثلَه قبلَه ولا بعده، فقال:"إنَّ الله لو شاء لأطلَعَكم عليها، التَمِسوها في السَّبع الأواخر"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1614 -

حدثني أبو الحسن أحمد بن أبي عثمان الزاهد، حدثنا أبو عبد الله محمد بن بَرَّوَيهِ المؤذن، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا عبد الله بن إدريس، حدثنا عاصم بن كُلَيب الجَرْمي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قال: كان عمر بن الخطاب يدعوني مع

(1)

إسناده محتمل للتحسين، مرثد - وهو ابن عبد الله الزِّمّاني، ويقال: الذماري - وإن تفرد بالرواية عنه ابنه مالك، فهو تابعي، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: تابعي ثقة. أما ما نسب للعقيلي من قوله: لا يتابع على حديثه، فقد أورد هذا القول الذهبي في "الميزان" 4/ 87، إلّا أنه قال: هكذا وجدت بخطي، فلا أدري من أين نقلته، إلّا أنه ليس بمعروف. قلنا: لكن يَرِدُ عليه توثيق العجلي وابن حبان، والله أعلم.

أبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي، وسماك الحنفي: هو ابن الوليد، أبو زميل اليمامي.

وأخرجه أحمد 35/ (21499) والنسائي (3413) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن عكرمة بن عمار، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (3683) من طريق الأوزاعي، عن مرثد بن أبي مرثد، عن أبيه، به. هكذا سماه مرثد، قال الحافظ في "التهذيب": مالك بن مرثد بن عبد الله الزماني روى عن أبيه عن أبي ذر، وعنه أبو زميل سماك بن الوليد، روى عنه الأوزاعي فقال مرة: عن مرثد بن أبي مرثد، وقال مرة: عن ابن مرثد أو أبي مرثد.

قوله: اهتبلت غفلته، قال السندي في حاشيته على "مسند أحمد": من الاهتبال، وهو الاغتنام والاحتيال، يقال: اهتبلت غفلته، يعني: تحينتُها واغتنمتها من الهُبالة: الغنيمة. وانظر "النهاية" لابن الأثير مادة (هبل).

ص: 479

أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ويقول لي: لا تتكلَّم حتى يتكلَّموا، قال: فدعاهم وسألهم عن ليلةِ القَدر، فقال: أرأيتُم قولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التَمِسوها في العَشْر الأواخر"، أيَّ ليلةٍ تَرَونها؟ قال: فقال بعضُهم: ليلة إحدى، وقال بعضُهم: ليلة ثلاثٍ، وقال آخر: خمسٍ. وأنا ساكتٌ، فقال: ما لَكَ لا تكلَّمُ؟ فقلت: إن أذنتَ لي يا أمير المؤمنين تكلمتُ، قال: فقل، ما أرسلتُ إليك إلَّا لتكلَّمَ، قال: فقلت: أُحدِّثكم برأيٍ؟ قال: عن ذلك نسألك، قال: فقلت: السبع، رأيتُ الله ذَكَرَ سبعَ سماوات، ومن الأرَضِين سبعًا، وخَلَقَ الإنسان من سبعٍ، وبَرَزَ نبتُ الأرض [من سبعٍ]

(1)

، قال: فقال: هذا أخبرتَني ما أعلمُ، أرأيتَ ما لا أعلمُ من قولك: نبتُ الأرض سبعٍ؟ قال: قلت: إنَّ الله يقول: {ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا} إلى قوله: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس: 26 - 31] والأبُّ: نبتُ الأرض مما يأكلُه الدوابُّ ولا يأكلُه الناس، قال: فقال عمر: أعَجَزتُم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم تَجتمِعْ شُؤُونُ رأسِه بعدُ؟! إنِّي والله ما أرى القولَ إلَّا كما قلتَ. قال: وقال: قد كنتُ أمرتُك أن لا تَكلَّمَ حتى يتكلَّموا، وإنِّي آمرُكَ أن تتكلَّم معهم

(2)

.

(1)

ما بين معقوفين ليس في النسخ الخطية، وأثبتناه من المطبوع و"تلخيص الذهبي"، ولا بد منه ليستقيم الكلام، ووردت العبارة في مصادر التخريج: ونبتُ الأرض سبعٌ.

(2)

إسناده قوي، عاصم بن كُليب وأبوه - وهو كليب بن شهاب الجرمي - صدوقان لا بأس بهما. محمد بن برَّويه: هو محمد بن إبراهيم بن سعد بن قطبة أبو عبد الله النيسابوري، له ترجمة في "تاريخ الإسلام" للذهبي 6/ 1006، ويحيى بن يحيى: هو النيسابوري، وعبد الله بن إدريس: هو الأودي.

وأخرجه مطولًا ومختصرًا عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة"(1921)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 519، وابن خزيمة (2173)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(971) من طرق عن عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (2172)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 313، وفي "شعب الإيمان"(3412) من طريق محمد بن فضيل، عن عاصم بن كليب، به. =

ص: 480

قال ابن إدريس: فحدَّثنا عبدُ الملك عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس بمثله

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1615 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المُثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا إسماعيل ابن عُليَّة، عن عُيينةَ بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: ذُكِرَتْ ليلةُ القدر عند أبي بَكْرةَ فقال: ما أنا بطالبِها إلَّا في العشر الأواخر [بعد حديثٍ سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعتُه يقول: "التَمِسوها في العشر الأواخر]

(2)

في تسعٍ، أو في سبعٍ يَبْقَينَ، أو في خمسٍ يَبْقَين، أو في ثلاثٍ يَبْقَين، أو في آخر ليلةٍ"، فكان لا يُصلِّي في

= وأخرجه عبد الرزاق (7679)، والطبراني (10618)، والبيهقي في "السنن" 4/ 313، وفي "فضائل الأوقات"(103) من طريق عكرمة، عن ابن عباس.

وأخرجه ابن خزيمة (2174) عن سلم بن جنادة، عن عبد الله بن إدريس، عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.

وأخرج أحمد 1/ (298) من طريق زائدة بن قدامة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان منكم ملتمسًا ليلة القدر، فليلتمسها في العشر الأواخر وترًا".

وأخرج أحمد 4/ (2543)، والبخاري (2022) من طريق أبي مجلز لاحق بن حميد وعكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي في العشر، هي في تسع يمضين، أو في سبع يبقين" يعني ليلة القدر.

وأخرج أحمد 3/ (2052) و 4/ (2520) و 5/ (3401) و (3456)، والبخاري (2021)، وأبو داود (1381) من طريق عكرمة وحده عن ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى"، واللفظ للبخاري.

وانظر ما سيأتي برقم (6430). وشُؤون الرأس: أصول الشَّعر.

(1)

هو موصول بالإسناد السابق، وقد أخرجه ابن خزيمة (2174) عن سلم بن جنادة، عن عبد الله بن إدريس، به. وعبد الملك: هو ابن أبي سليمان العرزمي.

(2)

ما بين معقوفين سقط من النسخ الخطية ومن مطبوعات "المستدرك"، وأثبتناه من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وكذلك هو في مصادر التخريج التي أخرجته من طريق إسماعيل ابن عُليَّة.

ص: 481

العشرين إلَّا صلاتَه سائرَ سَنَتِه، فإذا دخل العَشرُ اجتَهَدَ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1616 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَكَّار بن قُتيبة القاضي، حدثنا صفوان بن عيسى القاضي، حدثنا أبو يونس حاتم بن أبي صَغيرة، عن سِمَاك بن حرب، عن أبي صالح، عن أم هانئ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "الصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاء صامَ، وإن شاء أفطرَ"

(2)

.

1617 -

حدثنا الشيخ الإمام أبو الوليد حسّان بن محمد الفقيه، حدثنا جعفر بن أحمد بن نصر، حدثنا بُنْدار، حدثنا يحيى بن أبي الحَجّاج الخاقاني، حدثنا حاتم بن أبي صَغِيرة، حدثني سِمَاك بن حرب، عن أبي صالح، عن أم هانئ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المتطوِّع بالخِيار، إن شاء صامَ، وإن شاء أفطَرَ"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو المثنّى: هو معاذ بن المثنى.

وأخرجه ابن حبان (3686) من طريق مؤمل بن هشام، عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 34/ (20376) و (20404) و (20417)، والترمذي (794)، والنسائي (3389) و (3390) من طرق عن عيينة بن عبد الرحمن، به.

(2)

إسناده ضعيف لاضطرابه، كما هو مفصَّل في التعليق على "مسند أحمد" 44/ (26897) بما يغني عن إعادته. أبو صالح: اسمه باذام، ويقال: باذان مولى أم هانئ، وأم هانئ: هي بنت أبي طالب، واسمها: فاختة، وقيل: هند.

أما طريق أبي صالح عن أم هانئ هذه فقد أخرجها أحمد 45/ (27385) عن صفوان بن عيسى، بهذا الإسناد. وأبو صالح هذا ضعيف.

وأخرجها النسائي (3295) من طريق خالد بن الحارث، عن حاتم بن أبي صغيرة، به. وفيه قصة. قال النسائي: هذا الحديث مضطرب، وقد اختلف على سماك بن حرب فيه، وسماك بن حرب ليس ممن يعتمد عليه إذا انفرد بالحديث، لأنه كان يقبل التلقين.

وانظر "علل الدارقطني"(4069).

وانظر ما بعده.

(3)

إسناده ضعيف كالذي قبله. بندار: هو محمد بن بشار.

ص: 482

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وتلك الأخبارُ المعارِضة لهذا، لم يصحَّ منها شيء.

1618 -

أخبرنا إبراهيم العَدْل، حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا محمد بن أبي عَدِي، أخبرنا حُمَيد الطويل، عن أنس بن مالك قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعتكِفُ في العَشْر الأواخر من رمضان، فلم يَعتكِفْ عامًا، فلما كان العامُ المقبِلُ اعتَكَفَ عشرين

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ صحيح:

1619 -

حدَّثَناه أبو النَّضر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدّارمي، حدثنا سَهْل بن بَكَّار وموسى بن إسماعيل، قالا: حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أُبي بن كعب: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يَعتَكفُ العشرَ الأواخرَ من رمضان، فسافر عامًا فلم يَعتكِف، واعتَكَفَ من العام المُقبِل عشرين ليلةً

(2)

.

1620 -

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محبوب الرَّمْلي بمكة، حدثنا عبد الله بن محمد بن نصر الرَّمْلي، حدثنا محمد بن أبي عمر العَدَني، حدثنا عبد العزيز بن محمد،

(1)

إسناده صحيح. إبراهيم العدل: هو إبراهيم بن عِصمة بن إبراهيم، ويحيى بن يحيى: هو النيسابوري.

وأخرجه أحمد 19/ (12017)، ومن طريقه ابن حبان (3662) و (3664). وأخرجه الترمذي (803) عن محمد بن بشار، كلاهما (أحمد ومحمد) عن ابن أبي عدي، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن غريب من حديث أنس بن مالك.

(2)

إسناده صحيح. أبو النضر الفقيه: هو محمد بن محمد بن يوسف، وموسى بن إسماعيل: هو التبوذكي، وثابت: هو ابن أسلم البناني، وأبو رافع: هو نفيع الصائغ.

وأخرجه أبو داود (2463) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 35/ (21277)، وابن ماجه (1770)، والنسائي (3330) و (3375)، وابن حبان (3663) من طرق عن حماد بن سلمة، به.

ص: 483

عن أبي سُهيل بن مالك، عن طاووس، عن ابن عباس، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس على المُعتكِفِ صيامٌ إلَّا أن يَجعَلَه على نفسِه"

(1)

.

هذا حديثٌ صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده قوي من أجل عبد العزيز بن محمد - وهو الدراوردي - إلّا أنَّ الصواب فيه أنه موقوف، وهم فيه عبد الله بن محمد بن نصر الرملي فرفعه، كما قال البيهقي وغيره. محمد بن أبي عمر: هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، وأبو سهيل بن مالك: هو عمُّ الإمام مالك بن أنس، واسمه نافع الأصبحي.

وأخرجه البيهقي 4/ 318 - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 5/ 489 - 490 - عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. قال البيهقي: تفرد به عبد الله بن محمد بن نصر الرملي هذا.

وأخرجه الدارقطني (2355) - ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق"(1187) - عن محمد بن إسحاق السوسي، عن عبد الله بن محمد بن نصر، به. قال الدارقطني: رفعه هذا الشيخ، وغيره لا يرفعه، وتعقبه ابن الجوزي بقوله: السوسي ثقة، ونقل عن الخطيب قوله: دخل بغداد وحدث أحاديث مستقيمة. قلنا: الوهم ليس من السوسي، لأنه متابع على رفعه، وإنما الوهم ممن هو فوقه، والله أعلم.

وأخرج الدارمي (164)، والبيهقي 4/ 319 من طريق عمرو بن زرارة - وقرن الدارمي بعمرو بن زرارة: إبراهيم بن موسى - والطحاوي في "أحكام القرآن"(1072)، وابن حزم في "المحلى" 3/ 414 من طريق أبي بكر الحميدي، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 10/ 350 عن عبد الملك بن أبي الحواري، أربعتهم عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن أبي سهيل قال: كان على امرأتي اعتكاف ثلاثة أيام في المسجد الحرام، فسألت عمر بن عبد العزيز وعنده ابن شهاب، قال: قلت: عليها صيام؟ قال ابن شهاب: لا يكون اعتكاف إلّا بصيام، فقال له عمر بن عبد العزيز: عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، قال: فعن أبي بكر؟ قال: لا، قال: فعن عمر؟ قال: لا، قال: فعن عثمان؟ قال: لا، قال عمر - يعني ابن عبد العزيز -: ما أرى عليها صيامًا. فخرجتُ فوجدت طاووسًا وعطاء بن أبي رباح، فسألتهما، فقال طاووس: كان ابن عباس لا يرى عليها صيامًا إلّا أن تجعله على نفسها، وقال عطاء: ذلك رأيي - وفي بعض المصادر: ذلك رأيٌ -. قال البيهقي: هذا هو الصحيح موقوف، رفعه وهمٌ.

وانظر كلام ابن التركماني في ذلك في "الجوهر النقي" المطبوع في حاشية "السنن الكبرى" للبيهقي 4/ 319.

ص: 484

ولفُقهاء أهل الكوفة في ضِدِّ هذا حديثان أَذكُرُهما، وإن كانا لا يقاومان هذا الخبر في عدالة الرُّواة:

الحديث الأول:

1621 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنان القَزَّاز، حدثنا أبو علي الحنفي، حدثنا عبد الله بن بُدَيل عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر: أنَّ عمرَ نَذَرَ في الجاهلية أن يَعتكِفَ يومًا، فسأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اعتَكِفْ، وصُمْ يومًا"

(1)

.

الحديث الثاني:

1622 -

حدَّثَناه أبو علي الحسين بن عليٍّ الحافظ، حدثنا أحمد بن عُمَير الدمشقي، حدثنا محمد بن هاشم، حدثنا سُوَيد بن عبد العزيز، حدثنا سفيان بن حسين، عن الزُّهري، عن عُرْوة، عن عائشة، أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا اعتكافَ إلَّا بصيامٍ"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، دون قوله:"صم يومًا"، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن بديل - وهو ابن ورقاء الخزاعي - فقد ضعفه الدارقطني وغيره، وقد خالف هنا الثقات من أصحاب عمرو بن دينار الذين رووه عنه بذكر الاعتكاف فقط دون الصيام، لذلك قال أبو بكر النيسابوري - فيما نقله عنه الدارقطني بإثر الحديث (2361) -: هذا حديث منكر.

أبو علي الحنفي: هو عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي.

وأخرجه أبو داود السجستاني (2474) من طريق أبي داود الطيالسي، والنسائي (3341) من طريق عمرو بن محمد العنقزي، كلاهما عن عبد الله بن بديل بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 1/ (255) و 8/ (4577)، والبخاري (2032) و (2042) و (2043)، ومسلم (1656)، وأبو داود (3325)، وابن ماجه (1772) و (2129)، والترمذي (1539)، والنسائي (4744) و (4745)، وابن حبان (4379 - 4381) من طريق نافع عن ابن عمر: أنَّ عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنت نذرتُ في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال:"فأوفِ بنذرك".

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، سويد بن عبد العزيز متفق على ضعفه، بل قال أحمد: متروك الحديث، وقال البخاري: في حديثه نظر لا يحتمل. محمد بن هاشم: هو ابن سعيد البعلبكي، والزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب، وعروة: هو ابن الزُّبير. =

ص: 485

لم يحتجَّ الشيخان بسفيان بن حسين

(1)

وعبد الله بن بُدَيل.

1623 -

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا وَرْقاء، عن ابن أبي نَجِيح، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}

= وأخرجه البيهقي 4/ 317 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال بإثره: هذا وهم من سفيان بن حسين أو من سويد بن عبد العزيز، وسويد بن عبد العزيز الدمشقي ضعيف بمرة، لا يقبل منه ما تفرد به.

وأخرجه الدارقطني (2356) - ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق"(1188) - عن أحمد بن عمير بن يوسف بالإجازة، به.

وخالف سويدَ بنَ عبد العزيز محمدُ بنُ يزيد الواسطي - فيما قاله الدارقطني في "العلل"(3927) - فرواه عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة من قولها موقوفًا. قال الدارقطني: وقول محمد بن يزيد أصح.

وأخرج أبو داود (2473) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: السنة على المعتكف أن لا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلّا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلّا بصوم، ولا اعتكاف إلّا في مسجد جامع. وهذا إسناده حسن إلّا أنَّ أهل العلم اختلفوا في قولها: "ولا اعتكاف إلّا بصوم

" إلى آخره هل هو مرفوع أو مدرج في الحديث من قول عائشة؟ رجح الوقف الدارقطني في "العلل"، ونسب البيهقي 4/ 321 ذلك إلى كثير من الحفاظ، وخالفهم ابن التركماني وغيره فرجحوا الرفع، انظر تعليقنا في ذلك على "السنن" لأبي داود.

قلنا: ويؤيد وقفَه ما أخرجه البيهقي 4/ 317 عن أبي عبد الله الحاكم وأبي سعيد بن أبي عمرو، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن يحيى بن أبي طالب، عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، عن سعيد بن أبي عروة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: لا اعتكاف إلّا بصوم. هكذا موقوفًا، وهذا إسناد قوي.

(1)

تعقب المصنّف رحمه الله ابنُ حجر في "إتحاف المهرة" 17/ 198، فقال: إنما اتفقا على الإعراض عن روايته عن الزهري، وليس هو علّة هذا الخبر، بل علّته سويد.

قلنا: وسفيان كما قال المصنف لم يحتجَّا به، وإنما ذكره البخاري في المتابعات، وروى له مسلم في مقدمة "صحيحه" فقط.

ص: 486

واحدٍ {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} قال: زاد مسكينًا آخرَ {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} ، وليست بمنسوخة، إلَّا أنه قد وُضِعَ للشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصِّيام، وأُمِر أن يُطعِمَ الذي يَعلَم أنه لا يطيقُه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1624 -

أخبرنا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالرَّيّ، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، حدثنا محمد بن عبد الله الرَّقَاشي، حدثنا وُهَيب، حدثنا خالد الحذَّاء، عن عِكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: رُخِّص للشيخ الكبير أن يفطِر ويُطعِم عن كلِّ يومٍ مسكينًا، ولا قضاءَ عليه

(2)

.

(1)

حديث صحيح، رجاله ثقات غير شيخ المصنف عبد الرحمن بن الحسن القاضي، فهو ضعيف، لكنه لم ينفرد به. إبراهيم بن الحسين: هو المشهور بابن ديزيل، وورقاء: هو ابن عمرو اليشكري، وابن أبي نجيح: اسمه عبد الله، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه النسائي (2638) و (1951) من طريق يزيد بن هارون عن ورقاء، عن عمرو بن دينار، بهذا الإسناد؛ لم يذكر ابن أبي نجيح، وورقاء له رواية عن عمرو بن دينار في "الصحيحين" وغيرهما.

وأخرج البخاري (4505) من طريق زكريا عن إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، سمع ابن عباس يقرأ:"وعلى الذين يطوِّقونه فلا يطيقونه فدية طعام مسكين". قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا.

وأخرجه بنحوه أبو داود (2318) من طريق قتادة، عن عَزْرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وقد بسطنا القول في تخريجه وبيان الخلاف في هذه المسألة هناك.

وانظر ما بعده.

(2)

إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد بن عجلان، وخالد الحذّاء: هو ابن مهران.

وأخرجه البيهقي 4/ 271 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (2380) من طريق أبي مسعود أحمد بن الفرات الرازي، عن محمد بن عبد الله الرقاشي، به.

وأخرج أبو داود (2317) من طريق قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أُثبتَت للحُبلى والمرضع.

ص: 487

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1625 -

أخبرنا عبد الله بن محمد البَلْخي ببغداد، حدثنا أبو إسماعيل السُّلَمي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، حدثني أبو طلحة نُعيم بن زياد الأنصاري، قال: سمعتُ النُّعمان بن بَشِير، على مِنبَر حمص يقول: قُمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ليلةَ ثلاثٍ وعشرين إلى ثُلُث الليل، ثم قمنا معه ليلةَ خمسٍ وعشرين إلى نصف الليل، ثم قُمنا معه ليلةَ سبعٍ وعشرين إلى نصف الليل، حتى ظننَّا أن لا نُدرِكَ الفَلاحَ، وكنا نُسمِّيها الفلاحَ وأنتم تُسمُّون السُّحور

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرظ البخاري

(2)

، ولم يُخرجاه.

وفيه الدليلُ الواضح أنَّ صلاة التراويح في مساجد المسلمين سُنةٌ مسنونة، وقد كان عليُّ بن أبي طالب يحثُّ عمرَ على إقامة هذه السُّنَّة إلى أن أقامها.

هذا آخر ما انتهى إليه علمي من الأحاديث الصحيحة في أبواب كتاب الصيام مما لم يُخرجه الشيخان

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الله بن صالح - وهو المصري كاتب الليث بن سعد - فهو حسن في المتابعات والشواهد، وقد توبع. أبو إسماعيل السلمي: اسمه محمد بن إسماعيل. وأخرجه أحمد 30/ (18402)، والنسائي (1301) من طريق زيد بن الحباب، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد.

وله شاهد من حديث أبي ذر الغفاري عند أحمد 35 / (21419)، وأبي داود (1375)، وابن ماجه (1327)، والنسائي (1289)، وابن حبان (2547)، وإسناده صحيح.

(2)

تعقبه الذهبي في "التلخيص" بقوله: كذا قال، ومعاوية إنما احتجَّ به مسلم، وليس الحديث على شرط واحد منهما، بل هو حسن.

ص: 488

بسم الله الرحمن الرحيم

‌أول كتاب المناسك

1626 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا سفيان بن حسين، عن الزُّهري، عن أبي سِنان، عن ابن عباس: أنَّ الأقرع بن حابس سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، الحجُّ في كلِّ سنةٍ، أو مرةً واحدة؟ قال: "مرةً واحدةً، فمن أراد فتطوُّعٌ

(1)

"

(2)

.

(1)

كذا في (ز)، ووقع في (ص) و (ع):"فمن أراد أن يتطوع"، وفي (ب):"فمن أراد فيتطوع"، ولعل الأصح ما في "السنن الصغرى" للبيهقي (1470) حيث رواه عن المصنِّف نفسه بإسناده ومتنه، وفيه:"فمن زاد فتطوُّع"، وكرره في "معرفة السنن والآثار"(9138) عن المصنف أيضًا، وفيه:"فمن زاد فهو تطوُّع".

(2)

حديث صحيح، سفيان بن حسين ثقة إلّا في روايته عن الزهري، وقد توبع. سعيد بن مسعود: هو ابن عبد الرحمن المروزي، وأبو سنان: هو يزيد بن أمية الدؤلي.

وأخرجه أحمد 5/ (3303)، وأبو داود (1721)، وابن ماجه (2886) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (3520) من طريق زمعة بن صالح، والنسائي (3586) من طريق عبد الجليل بن حميد كلاهما عن الزهري. به.

وسيأتي من طريق يزيد بن هارون برقم (3194)، ومن طرق عن الزهري بالأرقام (1745) و (1746) و (3193)، وقد قال المصنف هناك: كان من حكم هذه الأحاديث الثلاثة - يعني (3214 - 3216) - أن تكون مخرجة في أول كتاب المناسك، فلم يقدر ذلك، فخرجتها في تفسير الآية.

وأخرج أحمد 4/ (2663) و (2741) و 5 / (2969) و (2996) من طريق عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"على كل مسلم حجة، ولو قلت كل عام، لكان".

وفي الباب عن علي بن أبي طالب، سيأتي برقم (3195).

وعن أبي هريرة عند ومسلم (1337). =

ص: 489

هذا إسناد صحيح، وأبو سنان هذا هو الدُّؤَلي، ولم يخُرجاه، فإنهما لم يخرجا سفيان بن حسين وهو من الثقات الذين يُجمَع حديثهم.

1627 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن عيسى بن السَّكَن الواسطي، حدثنا عمرو بن عَوْن، حدثنا سفيان بن حَبيب، حدثنا حُمَيد الطويل، عن بكر بن عبد الله المُزَني، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استَمتِعُوا من هذا البيت، فإنه قد هُدِمَ مرتين ويُرفَع الثالثةَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1628 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مُنْقِذ بن عبد الله الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني مَخرَمةً بن بُكَير، عن أبيه قال: سمعت سُهيل بن أبي صالح يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَفْدُ اللهِ ثلاثة: الغازي، والحاجُّ والمُعتمِر"

(2)

.

= وعن أنس بن مالك عند ابن ماجه (2885).

(1)

إسناده صحيح أبو بكر بن إسحاق: اسمه أحمد.

وأخرجه ابن حبان (6753) من طريق الحسن بن قَزَعة، عن سفيان بن حبيب، بهذا الإسناد.

قوله "هدم مرتين" قال المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" 1/ 150: أراد به هدمها عند الطوفان إلى أن بناها إبراهيم، وهدمها في أيام قريش، وكان ذلك مع إعادة بنائها وللمصطفى من العمر خمس وثلاثون.

وقوله: ويُرفع "الثالثة" قال: بهدم ذي السُّويقتين له، والمراد رفع بركته.

وقال ابن خزيمة بإثر الحديث (2506): يريد بعد الثالثة، إذ رفع ما قد هدم محال، لأنَّ البيت إذا هدم لا يقع عليه اسم بيت إذا لم يكن هناك بناء.

(2)

صحيح من قول كعب الأحبار، وهذا الإسناد تفرد به بكير بن عبد الله بن الأشج عن سهيل عن أبي صالح عن أبي هريرة، وتفرد به عن بكير ابنه مخرمة بن بكير، كما قال الدارقطني في "الأفراد"(15)، ثم قال: ولا نعلم حدث به عن مخرمة غير عبد الله بن وهب، وقد خالف بكيرًا جمعٌ من الثقات وهم: روح بن القاسم، وسليمان بن بلال، وعبد العزيز بن المختار، وعبد العزيز الدراوردي، وعبد العزيز بن أبي حازم، ووهيب بن خالد، فرووه عن سهيل بن أبي صالح، عن =

ص: 490

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1629 -

أخبرنا بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرُو، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا الحسين بن محمد المَرْوَرُّذي، حدثنا شَرِيك، عن منصور، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ اغفِرْ للحاجِّ ولمن استَغفَرَ له الحاجُّ"

(1)

.

=أبيه، عن مرداس بن عبد الرحمن الجندعي، عن كعب الأحبار قوله. وقال في "العلل" (1913): وهو الصحيح.

وحديث أبي هريرة هذا أخرجه النسائي (3591) و (4314)، وابن حبان (3692) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذ الإسناد.

وأخرجه بنحوه ابن ماجه (2892) من طريق صالح بن عبد الله بن صالح، عن يعقوب بن يحيى بن عباد، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة رفعه. وهذا إسناد ضعيف لضعف صالح بن عبد الله وجهالة يعقوب بن يحيى.

أما أثر كعب الأحبار فقد أخرجه الدارقطني في "العلل" 10/ 126 (1913) من طريق روح بن القاسم ووهيب بن خالد وسليمان بن بلال، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 262، وفي "شعب الإيمان"(3807) من طريق وهيب بن خالد، ثلاثتهم عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن مرداس الجندعي، عن كعب قوله.

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(912) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن السلولي - وهو عبد الله بن ضمرة - عن كعب قوله.

وأخرجه ابن أبي شيبة (12795 - عوامة) من طريق منصور، عن مجاهد، عن عبد الله بن ضمرة السلولي، عن كعب قوله.

وأخرجه عبد الرزاق (8803)، وسعيد بن منصور (2351) من طريق الليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن كعب قوله.

وانظر "العلل" لابن أبي حاتم (1007).

وفي الباب عن جابر، وابن عمرو وابن عمر، وأنس، ذكرناها في تعليقنا على "سنن ابن ماجه"(2892)، وأسانيدها كلها لا يفرح بها.

(1)

إسناده ضعيف، تفرد به شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - وفي حفظه شيء، وقد قال فيه إبراهيم بن سعيد الجوهري - فيما نقله عنه ابن عدي في "الكامل" 4/ 11 بعد أن أخرج الحديث من طريقه -: ما أظن شريكًا إلا ذهب وهمُه إلى حديث منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة: =

ص: 491

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1630 -

حدثنا أبو بكر [بن] محمد بن أبي دارِم

(1)

الحافظ بالكوفة وأبو سعيد إسماعيل بن أحمد التاجر، قالا: حدثنا علي بن العباس بن الوليد البَجَليّ، حدثنا علي بن سعيد بن مسروق الكِنْديّ، حدثنا ابن أبي زائدة، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قَتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تبارك وتعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]، قال: قيل: يا رسولَ الله، ما السَّبيل؟ قال: الزَّادُ والرَّاحلةُ"

(2)

.

= "من حج البيت ولم يرفث ولم يفسق

".

منصور: هو ابن المعتمر، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 261، وفي "الشعب"(3817) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (9726)، وابن خزيمة (2516)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 11 من طريق إبراهيم إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن الحسين بن محمد به. وذكر البزار وابن عدي أنه لا يعرف إلا من رواية شريك عن منصور.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(8594)، و "الصغير"(1089) من طريق علي بن شبرمة الحارثي، عن شريك بن عبد الله، به. وذكر أنه لم يروه عن منصور إلا شريك.

ومما يرجح وهم شريك في هذا الإسناد، أنه نفسه قد روى هذا الحديث عن جابر الجعفي، عن مجاهد، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، أخرجه عن شريكٍ ابن أبي شيبة (12801 - عوامة). وجابر الجعفي هذا ضعيف.

وتابع شريكًا في روايته عن جابر عن مجاهد مرسلًا، شيبانُ النحوي فيما أخرجه قوام السنة الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1065) من طريقه عن جابر الجعفي، به.

(1)

تحرَّف في (ز) و (ص) و (ع) والمطبوع إلى: أبو بكر محمد بن أبي حازم، وهو خطأ صوبناه من "إتحاف المهرة" 2/ 221، وهو أبو بكر أحمد بن محمد بن السري محدِّث الكوفة، قال فيه الحاكم كما في "ميزان الاعتدال" للذهبي: رافضي غير ثقة.

(2)

رجاله ثقات غير ابن أبي دارم ففيه كلام كما سبق، ولكنه متابع، إلا أنَّ علة هذا الحديث في وصله من حديث أنس، فذكر أنس في الحديث وهمٌ، والصحيح رواية قتادة عن الحسن البصري =

ص: 492

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم، منهم البيهقي 4/ 330، وابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 381، وابن المنذر فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 2/ 221. ولعلَّ الحملَ فيه على سعيد بن أبي عروبة فإنه كان قد اختلط، وابن أبي زائدة - وهو يحيى بن زكريا - لا يُدرى هل روى عنه قبل الاختلاط أم بعده، وقد خالفه يزيد بن زريع وجعفر بن عون فروياه عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن مرسلًا، ويزيد بن زريع ممن روى عن ابن أبي عروبة قبل الاختلاط، أما متابعة حماد بن سلمة التي أشار إليها وأوردها بعد هذا الحديث، فالراوي فيها عن حماد هو عبد الله بن واقد الحراني، وهو متروك، فلا يفرح بتلك المتابعة، والله أعلم.

وأخرجه الدارقطني (2418) - ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق في مسائل الخلاف"(1133) - عن أحمد بن علي بن حبيش الرازي، عن علي بن العباس بن الوليد بهذا الإسناد. وقرن الدارقطني بأحمد بن علي بن حبيش محمدَ بنَ سهيل، ولم يذكره ابن الجوزي.

وأخرجه الطبري في "التفسير" 4/ 17 من طريق يزيد بن زريع والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 330 من طريق جعفر بن عون، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، مرسلًا. قال البيهقي: هذا هو المحفوظ.

وأخرجه سعيد بن منصور في التفسير من "سننه"(518). وأخرجه عبد الله بن أحمد في "مسائله عن أبيه"(737)، وأبو داود السجستاني في: مسائله للإمام أحمد" (672) أحمد، كلاهما (سعيد وأحمد) عن هشيم بن بشير، و قرن سعيد بن منصور بهشيم خالدًا الطحان.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 90، والبيهقي في "السنن الصغرى"(1456) من طريق سفيان الثوري، وابن أبي شيبة 4/ 90 من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، والطبري في "التفسير" 4/ 16 من طريق إسماعيل ابن علية وبشر بن المفضل، ستتهم (هشيم وخالد والثوري وعبد الأعلى وابن علية وبشر) عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

وخالف هؤلاء الثقات الأثبات حصينُ بنُ مخارق، فرواه عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه من طريقه الدارقطني (2426). وحصين هذا قال فيه الدارقطني: يضع الحديث.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 90 عن أبي أسامة حماد بن أسامة و 4/ 91 عن ابن عيينة، كلاهما عن هشام بن حسان. وأخرجه الطبري 4/ 16 من طريق جرير عن منصور بن المعتمر، كلاهما (هشام ومنصور) عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وهذان أيضًا وجهان صحيحان عن الحسن مرسلًا.

ورواه عتّاب بن أعين عن سفيان الثوري، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أمه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه من طريقه العقيلي في "الضعفاء"(1305)، والدارقطني في "السنن" =

ص: 493

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد تابع حمادُ بن سلمة سعيدًا على روايته عن قتادة:

1631 -

حدَّثَناه أبو نَصْر أحمد بن سَهْل بن حَمْدَويهِ الفقيه ببُخارى، حدثنا صالح بن محمد بن حَبِيب الحافظ، حدثنا أبو أُميّة عمرو بن هشام الحَرَّاني، حدثنا أبو قَتادة، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن قَتادة عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِل عن قول الله: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} ، فقيل: ما السَّبيل؟ قال: "الزَّادُ والرَّاحلةُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!.

1632 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبل، حدثني أبي، حدثنا أبو هشام المخزوميّ، حدثنا وُهَيب، عن محمد بن عَجْلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُسافرِ امرأةٌ

= (2420)، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 330، وفي "الصغرى"(1455). وذكر العقيلي أنَّ عتَّابًا وهم في حديثه هذا عن الثوري، وانظر "العلل" للدارقطني (3924).

وقد روي الحديث عن غير واحد من الصحابة، كابن عمر عند الترمذي (813) و (2998)، وابن عباس عند ابن ماجه (2897)، وجابر بن عبد الله عند الدارقطني (2413) وغيره، وابن عمرو عند الدارقطني أيضًا (2414 - 2417)، وعلي بن أبي طالب عنده أيضًا (2428) وعند غيره، وكلها لا تخلو أسانيدها من كذاب أو متهم أو متروك، فلا يفرح بواحد منها، قال ابن المنذر: لا يثبت الحديث في ذلك مسندًا، والصحيح من الروايات رواية الحسن المرسلة.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، أبو قتادة - وهو عبد الله بن واقد الحراني - ضعفه أبو زرعة والدارقطن، وقال أحمد ويحيى: ليس بشيء، وقال يحيى مرة: ثقة ولكن كان كثير الغلط، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال البخاري: تركوه، وقال أبو حاتم: ذهب حديثه، ولخص ذلك الحافظ ابن حجر في "التقريب" فقال: متروك. قلنا: ومثل هذا لا يصلح أن يكون شاهدًا لرواية سعيد بن أبي عروبة السالفة، هذا لو انفرد، فكيف إذا خالف الثقات مثل أبي نعيم وحجاج بن منهال؟!

فقد أخرجه الطبري في "تفسيره" 4/ 17 عن أحمد بن حازم الغفاري، عن أبي نعيم الفضيل بن دكين. وعن محمد بن بشار، وعن حجاج بن منهال، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وقرن أبو نعيم بقتادة حميدًا الطويل.

ص: 494

مَسيرةَ ليلةٍ إلَّا مع ذي مَحْرَم"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل محمد بن عجلان، وقد توبع. أبو هشام المخزومي: هو المغيرة بن سلمة القرشي، ووهيب: هو ابن خالد، وأبو سعيد: هو كيسان المقبري.

وقد أورد المصنف بإثره الحديثَ من وجه آخر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة، لم يذكر فيه أبا سعيد، وهذا لا يضر في صحة الإسناد لأنَّ سعيدًا سمع من أبيه وسمع من أبي هريرة، قال ابن حبان في "صحيحه" 6/ 438: سمع هذا الخبر سعيد المقبري من أبي هريرة، وسمعه من أبيه عن أبي هريرة، فالطريقان جميعًا محفوظان. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 50: وكان سعيد بن أبي سعيد - فيما يقولون - قد سمع من أبي هريرة، وسمع من أبيه عن أبي هريرة، كذا قال ابن معين وغيره، فجعلها كلها أحيانًا عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 15/ (9448) من طريق يحيى بن أبي كثير، وأحمد أيضًا 12/ (7419) و 15/ (9630) و (9741) و 16 / (10575)، والبخاري (1088)، ومسلم (1339)(420)، وابن حبان (2726) من طرق عن ابن أبي ذئب - وهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة - وأحمد 14 / (8489) و 11 / (10401)، ومسلم (1339)(419)، وأبو داود (1723)، وابن حبان (2728) من طريق الليث بن سعد، وأخرجه مسلم (1339)(421)، وأبو داود (1724)، والترمذي (1170) - وقال: حسن صحيح - من طريقين عن مالك بن أنس، أربعتهم عن سعيد بن أبي سعيد، بهذا الإسناد. إلّا أنَّ ألفاظهم قد اختلفت، فقال بعضهم: يومًا فما فوقه، وقال بعضهم: مسيرة يوم وليلة، وبعضهم: مسيرة يوم، وبعضهم: مسيرة يوم تام، وبعضهم: مسيرة يوم واحد.

ووفق بين هذا الاختلاف ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 55 فقال: قد اضطربت الآثار المرفوعة في هذا الباب - كما ترى - في ألفاظها، ومحملها عندي - والله أعلم - أنها خرجت على أجوبة السائلين، فحدّث كلُّ واحد بمعنى ما سمع، كأنه قيل له صلى الله عليه وسلم في وقت ما: هل تسافر المرأة مسيرة يوم بلا محرم؟ فقال: لا، وقيل له في وقت آخر: هل تسافر المرأة مسيرة يومين بلا محرم؟ فقال: لا، وقال له: آخر: هل تسافر المرأة مسيرة ثلاثة أيام بغير محرم؟ فقال: لا، وكذلك معنى الليلة والبريد ونحو ذلك، فأدى كل واحد ما سمع على المعنى، والله أعلم، ويجمع معاني الآثار في هذا الباب - وإن اختلفت ظواهرها - الحظرُ على المرأة أن تسافر سفرًا يخاف عليها الفتنة بغير محرم، قصيرًا كان أو طويلًا، والله أعلم. وانظر كلام الحافظ ابن حجر في "الفتح" 4/ 255 - 257.

وقد اختُلف على مالك وابن أبي ذئب، فروى بعضهم عنهما عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه =

ص: 495

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ

(1)

.

1633 -

حدثنا عبد الله بن محمد الصَّيدلاني، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا يحيى بن المغيرة، حدثنا جَرِير، عن سُهَيل بن أبي صالح، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافرِ امرأةٌ بَريدًا إلَّا ومعها ذو مَحْرَم"

(2)

.

=عن أبي هريرة، كما سبق، وروى آخرون عنهما عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة، لم يذكروا أبا سعيد، فقد أخرجه أحمد 12 / (7222) عن عبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود (1724) من طريق عبد الله بن مسلمة والنفيلي، وابن حبان (2725) من طريق أحمد بن أبي بكر، أربعتهم عن مالك. وأخرجه ابن ماجه (2899) من طريق شبابة بن سوار، عن ابن أبي ذئب، كلاهما (مالك وابن أبي ذئب) عن سعيد المقبري عن أبي هريرة.

واختلف أيضًا على محمد بن عجلان، فخالف وهيبَ بنَ خالد أبو عاصم الضحاك بنُ مخلد، فرواه عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، أخرجه ابن حبان (2732) و (3758).

وانظر "علل الدارقطني"(2042).

وفي الباب عن غير واحد من الصحابة ذكرناها في "مسند أحمد" 12 / (7222).

(1)

أما لفظ البخاري، وهو من رواية ابن أبي ذئب عن سعيد:"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة". وبنحوه لفظ مسلم إلّا أنه قال في رواية ابن أبي ذئب عن سعيد: "مسيرة يوم"، وفي رواية الليث عن سعيد:"مسيرة ليلة" وفي رواية مالك عن سعيد: "مسيرة يوم وليلة".

(2)

رجاله ثقات، إلّا أنَّ لفظ "البريد" شاذٌ في هذه الرواية، منشؤه الاضطراب الحاصل في الإسناد والمتن، وقد بينا الخلاف في المتن في الرواية السابقة، فلم يذكر أحد لفظ "البريد"، وقد خالف جريرًا - وهو ابن عبد الحميد - بشرُ بنُ المفضل فرواه عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، ولفظه:"أن تسافر ثلاثًا"، ورواه حماد بن سلمة عن سهيل، واختلف عنه في إسناده ولفظه كما سيأتي.

وأخرجه أبو داود (1725) عن يوسف بن موسى، عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (2727) من طريق إبراهيم بن الحجاج السامي، عن حماد بن سلمة، عن سهيل بن أبي صالح، به. وفيه:"لا تسافر المرأة بريدًا". =

ص: 496

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1634 -

أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب بهَمَذان، حدثنا إسحاق بن أحمد الخَرّاز، حدثنا إسحاق بن سليمان، حدثنا حنظلة بن أبي سفيان، أنه سمع القاسم بن محمد يقول: كنتُ عند ابن عمر، فجاءه رجلٌ، فقال: أردتُ سَفَرًا، فقال عبد الله: انتظرْ حتى أُودِّعَك كما كان رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُودِّعُنا: "أَستَودِعُ الله دِينَكَ وأمانتَكَ وخواتيمَ عَملِكَ"

(1)

.

= وخالف إبراهيمَ الساميَّ عفانُ بنُ مسلم في إسناده ومتنه، فقد أخرجه أحمد 14/ (8564) عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. وفيه:"مسيرة ثلاثة أيام".

وتابعه بشر بن المفضل، فيما أخرجه مسلم (1339)(422)، وابن حبان (2720) من طريق بشر، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة. وفيه:"تسافر ثلاثًا".

قال ابن حبان" سمع هذا الخبر سهيل بن أبي صالح من أبيه عن أبي هريرة، وسمعه من سعيد المقبري عن أبي هريرة، فالطريقان جميعًا محفوظان. قلنا: لكن الإمام أحمد قد أعلَّ رواية سهيل من أساسها، فقال: هذا خطأ، إنما هو حديث أبي صالح عن أبي سعيد الخدري، الأعمش يرويه عنه. نقل ذلك عنه ابن عدي في "الكامل" في ترجمة سهيل بن أبي صالح 3/ 448، والله تعالى أعلم.

وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 53: والألفاظ عن سهيل في هذا الحديث مضطربة لا تقوم بها حجة من روايته.

والبريد: مسيرة نصف يوم، وهو مسافة 23 كم تقريبًا.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات، إسحاق بن سليمان - وهو الرازي - ثقة من رجال الشيخين، وقد تابع الوليدَ بنَ مسلم في رواية هذا الحديث عن حنظلة عن القاسم عن ابن عمر فيما سيأتي برقم (2506)، وفي ذلك تزول شبهة الوهم التي نسبها أبو زرعة وأبو حاتم للوليد بن مسلم كما في "علل ابن أبي حاتم" 186/ 3 (790)، حيث أعلَّا رواية الوليد بن مسلم بما رواه عبد العزيز بن عمر عن يحيى بن إسماعيل بن جرير عن قزعة عن ابن عمر - وسيأتي في "المستدرك"(2507) - وسبب توهيم الوليد - والله أعلم - أنهما لم يقعا على متابعة إسحاق بن سليمان هذه، أو أنهما ظنّا أنَّ رواية الوليد بن مسلم إنما هي عن حنظلة عن سالم عن القاسم عن ابن عمر، كما =

ص: 497

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

=جاء في "علل ابن أبي حاتم"، وذكرُ سالم بين حنظلة والقاسم خطأ، والمعروف أنه من رواية الوليد عن حنظلة عن القاسم عن ابن عمر دون ذكر سالم، وانظر "علل الدارقطني"(3015).

ثم إنَّ رواية القاسم لا تُعلُّ برواية قزعة، فهي مخرج آخر عن ابن عمر، وقد روي الحديث من غير وجه عن ابن عمر كما سيأتي في التخريج.

وأخرجه البيهقي 5/ 251 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 8/ (4524)، والترمذي (3443)، والنسائي (8755) و (10280) من طريق سعيد بن خُثيم، عن حنظلة، عن سالم، عن ابن عمر نحوه. قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث سالم بن عبد الله. واستغراب الترمذي له لأنَّ سعيدًا خالف إسحاق بن سليمان والوليد بن مسلم حيث روياه عن حنظلة عن القاسم عن ابن عمر، لذلك قال ابن حاتم وأبو زرعة: وَهِم سعيد في هذا الحديث.

وأخرج نحوه ابن ماجه (2826)، والنسائي (10267) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، والترمذي (3442) من طريق إبراهيم بن عبد الرحمن بن يزيد بن أميّة، كلاهما عن نافع عن ابن عمر. قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه.

وأخرجه النسائي (2/ 10269) من طريق عبد الله بن عمر العمري، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن مجاهد، عن ابن عمر. قال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه 6/ 37 (2297): هذا خطأ، إنما هو عبد العزيز بن عمر عن يحيى بن إسماعيل عن قزعة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. ونسب الوهمَ إلى العمري.

لكن روي نحوه من وجه آخر قوي عن مجاهد عن ابن عمر موقوفًا، أخرجه النسائي (1/ 10269) عن أحمد بن إبراهيم بن محمد، وابن حبان (2693) عن أبي زرعة الرازي، كلاهما عن محمد بن عائذ، عن الهيثم بن حميد، عن المطعم بن المقدام، عن مجاهد قال: خرجت إلى العراق أنا ورجل معي، فشيعنا عبد الله بن عمر، فلما أراد أن يفارقنا قال: إنه ليس معي شيء أعطيكما، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا استودع الله شيئًا حفظه"، وإني أستودع الله دينكما وأمانتكما وخواتيم عملكما.

وفي الباب عن عبد الله بن يزيد الأنصاري، سيأتي برقم (2509).

وعن أبي هريرة، عند أحمد 14/ (8694) و 15 / (9230)، وابن ماجه (2825)، والنسائي (10269).

ص: 498

1635 -

حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا إسماعيل بن حفص بن عُمر

(1)

بن ميمون، حدثنا يحيى بن اليَمان، عن حمزة الزَّيّات، عن حُمْران بن أعْيَن، عن أبي الطُّفيل، عن أبي سعيد الخُدري قال: حَجَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه مُشاةً من المدينة إلى مكة، قال:"اربِطُوا على أوساطِكُم بأُزُرِكم"، ومشى خِلْطَ الهَرْولةِ

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1636 -

أخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا رَوْح بن عبادة، حدثنا ابن جُرَيج، أخبرني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: شَكَا ناسٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم المشيَ، فدعا بهم، فقال:"عليكم بالنَّسَلان"، فنَسَلْنا، فوجدناه أخفَّ علينا

(3)

.

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: عمرو.

(2)

إسناده ضعيف لضعف حمران بن أعين، ويحيى بن اليمان وهو وإن كان حسن الحديث في الجملة إلا أن في حفظه لِينًا. حمزة الزيات: هو ابن حبيب، وأبو الطفيل: هو عامر بن واثلة.

وأخرجه ابن ماجه (3119) عن إسماعيل بن حفص، بهذا الإسناد.

قوله: "خِلْط الهرولة" قال السندي في حاشيته على "سنن ابن ماجه": أي: مشيًا مخلوطًا بالهرولة، بأن يمشي حينًا ويهرول حينًا أو معتدلًا.

(3)

إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وجعفر بن محمد: هو ابن علي الصادق.

وأخرجه البيهقي في "الآداب"(667) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (1663 - كشف الأستار)، وابن خزيمة (2737)، والطبراني في "الأوسط"(8102)، والخطابي في "غريب الحديث" 2/ 371، وأبو نعيم في "الطب النبوي"(425) من طرق عن روح بن عبادة، به.

وأخرج ابن خزيمة (2536)، وأبو يعلى (1880) - وعنه ابن حبان (2706) - من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وأبو نعيم في "الطب النبوي"(426) من طريق محمد بن إسحاق، كلاهما عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر ضمن حديث خروجه صلى الله عليه وسلم عام الفتح =

ص: 499

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1637 -

أخبرنا بكر بن محمد الصَّيرَفي، حدثنا عبد الصمد بن الفَضْل، حدثنا عبد الله بن يزيد المُقرئ، أخبرنا حَيْوَةُ بن شُرَيح، أخبرني شُرَحْبيل بن شَرِيك، عن أبي عبد الرحمن الحُبُليّ، عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خيرُ الأصحاب عند الله خيرُهم لصاحبِه، وخيرُ الجيران عند الله خيرُهم لجارِه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1638 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق البَصْري بمصر، حدثنا وَهْب بن جَرِير حدثنا أبي، قال: سمعتُ يونس بن يزيد يحدِّث عن الزُّهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ الصحابة أربعةٌ، وخيرُ الجيوش أربعةُ آلاف، ولم يُغلَبْ اثنا عَشَرَ ألفًا من قِلَّة"

(2)

.

= إلى مكة، وفيه: اجتمع المشاة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: نتعرض لدعوات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اشتد السفر، وطالت المشقة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"استعينوا بالنَّسل، فإنه يقطع عَلَمَ الأرض وتَخِفُّون له" قال: ففعلنا، فخففنا.

وسيأتي الحديث من وجه آخر عن روح برقم (2522).

والنَّسَلان بفتح النون والسين: الإسراع في المشي، قال الخطابي: هو ضرب من العَدْو مثل عَدْو الذئب.

(1)

إسناده قوي من أجل شرحبيل بن شريك، فهو صدوق لا بأس به. أبو عبد الرحمن الحبلي: هو عبد الله بن يزيد المعافري.

وأخرجه أحمد 11/ (6566) عن عبد الله بن يزيد المقرئ بهذا الإسناد. وقرن بحيوة بن شريح عبدَ الله بنَ لهيعة.

وسيأتي من طريق عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح برقم (2521) و (7482)، ويأتي تخريجه من هذه الطريق هناك.

(2)

رجاله ثقات، وقد اختلف في وصله وإرساله كما بيناه في تعليقنا على "مسند أحمد" 4/ (2682)، وصحَّح المرسل أبو داود في "السنن" وفي "المراسيل" والدارقطني في "العلل"=

ص: 500

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاهن والخلاف فيه على الزهري من أربعة أوجه قد شرحتُها في كتاب "التلخيص".

1639 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله، أخبرنا أبو عاصم النَّبيل، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن سعيد المَقبُري، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: بَعَثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثًا وهم نَفَر، فقال:"ماذا معكم من القرآن؟ " فاستَقرَأَهم كذلك حتى مَرَّ على رجلٍ منهم هو من أحدَثِهم سِنًّا، فقال:"ماذا معك يا فلانُ؟ "، قال: كذا وكذا وسورةُ البقرة، قال:"اذهب فأنتَ أميرُهم"

(1)

.

= (2617)، ورجحه أبو حاتم كما في "العلل" لابنه (1024)، وصحَّح الموصول ابن خزيمة وابن حبان وابن التركماني وابن القطان والضياء المقدسي، وحسنه الترمذي. جرير: هو ابن حازم.

وأخرجه موصولًا أحمد (2682)، وأبو داود (2611)، والترمذي (1555)، وابن حبان (4717) من طرق عن وهب بن جرير بهذا الإسناد. قال أبو داود: الصحيح مرسل، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا يسنده كبير أحد غير جرير بن حازم، وإنما روي هذا الحديث عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

وقد فصلنا في تخريج الرواية المرسلة في "المسند"بما يغني عن إعادتها هنا، فلتنظر.

وسيأتي موصولًا في "المستدرك"(2520) من طريق أبي قلابة الرقاشي، عن وهب بن جرير.

(1)

رجاله ثقات غير عطاء - وهو مولى أبي أحمد - فلم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير سعيد المقبري، وقال الذهبي في "الميزان" و "المغنى": لا يعرف، ثم إنَّ الليث بن سعد قد خالف عبد الحميد بن جعفر، فرواه عن سعيد المقبري عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، ورجح المرسل البخاري في "تاريخه" 6/ 462 وأبو حاتم والنسائي والدارقطني. إبراهيم بن عبد الله: هو السعدي، وأبو عاصم النبيل: هو الضحاك بن مخلد.

وأخرجه بأطول مما هنا الترمذي (2876)، والنسائي (8696)، وابن حبان (2126) و (2578) من طرق عن عبد الحميد بن جعفر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن، وقال النسائي: والمشهور مرسل.

وأخرجه بأطول مما هنا الترمذي بإثر الحديث (2876) عن قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، عن سعيد المقبري، عن عطاء مولى بني أحمد، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. =

ص: 501

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1640 -

حدثنا أبو محمد المُزَني، حدثنا جعفر بن أحمد بن سَنَان، حدثنا عمّار بن خالد، حدثنا القاسم بن مالك المُزَني، عن الأعمش، عن زيد بن وهبٍ قال: قال عمر بن الخطّاب: إذا كان نَفَرٌ ثلاثةٌ فليؤمِّروا أحدَهم، ذاك أميرٌ أمَّره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

= وانظر "علل ابن أبي حاتم"(827)، و "علل الدارقطني"(2053).

(1)

إسناده قوي من أجل القاسم بن مالك المزني، فهو لا بأس به، لكنه انفرد هنا بزيادة "ذاك أميرٌ أمَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقد رواه الثقات من أصحاب الأعمش من قول عمر دون هذه الزيادة، وبذلك أعله الدارقطني والبزار وأبو نعيم الأصبهاني والذهبي في "ميزانه" 3/ 378، قال الدارقطني في "العلل" (176): رواه عبد الواحد بن زياد وأبو معاوية وغيرهما عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عمر قوله، وهو الصواب. انتهى، لكن تعقبهم ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 291 بقوله: القاسم بن مالك ثقة لا شك فيه، والراوي عنه وهو عمار بن خالد ثقة، فهذا الطريق صحيح، فإنَّ وقْفَ من وقفه لا يضره، لاحتمال أن يكون الأعمش قد رواه على الوجهين، والله أعلم.

وأخرجه البزار (329)، وابن خزيمة (2541)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(4619)، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 172، وفي "أخبار أصبهان" 1/ 280 من طريق عمار بن خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (6960) عن معمر بن راشد، والبيهقي 9/ 359 من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، كلاهما عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عمر بن الخطاب. ولم يذكرا فيه قوله:"ذاك أمير .... " إلى آخره.

وأخرجه كذلك علي بن حجر السعدي في "جزء حديث إسماعيل بن جعفر"(464) عن حبيب بن حسان، عن زيد بن وهب، عن عمر. وحبيب بن حسان هذا - وهو حبيب بن أبي الأشرس - متروك.

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد 11/ (6647)، وفيه:"ولا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلّا أمروا عليهم أحدهم"، وإسناده ضعيف.

وعن أبي سعيد الخدري، وعن أبي هريرة مرفوعًا أيضًا، أخرجهما أبو داود (2608) و (2609) بإسنادين رجالهما ثقات، وقد بيَّنا هناك أنَّ الصواب إرسالهما.

وعن عبد الله بن مسعود عند أبي القاسم البغوي في "الجعديات"(430)، وأبي العباس السّرَّاج في "مسنده"(1288)، والطحاوي في شرح "مشكل الآثار" 5/ 43، والطبراني في "الكبير"=

ص: 502

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1641 -

أخبرنا علي بن محمد بن عُقْبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزُّهري، حدثنا محمد بن عبيد الطَّنافِسي، حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التَّيميّ، عن عمر بن الحكم بن ثَوْبان، عن أَبي لاسٍ الخُزاعي قال: حَمَلَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على إبلٍ من إبل الصدقة ضِعافٍ للحج، فقلنا: يا رسولَ الله، ما نُرَى أَن تَحْمِلَنا هذه، فقال:"ما من بعيرٍ إلَّا على ذُروتِه شيطان، فاذكروا اسمَ الله إذا رَكِبتُموها كما أمرَكُم، ثم امتَهِنُوها لأنفُسِكم، فإنما يَحمِلُ اللهُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ صحيح:

1642 -

حدثنا أبو جعفر أحمد بن عُبيد الحافظ بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا شَبَابةُ بن سَوَّار، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حَبِيب، عن [سَهْل بن]

(2)

معاذ بن أنس، عن أبيه - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

= (8915)، وإسناده صحيح.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرَّح بالتحديث عند أحمد في "المسند"، وصحابيه أبو لاس اختلف في اسمه، فقيل: عبد الله، وقيل: زياد.

وأخرجه أحمد 29/ (17938) عن محمد بن عبيد الطنافسي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (17939) من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، عن محمد بن إسحاق، به.

وفي الباب عن حمزة بن عمرو الأسلمي وعن أبي هريرة سيأتيان بعد قليل.

وعن عمر بن الخطاب عند ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(497).

وعن ابن عمر عند الطبراني في "الأوسط"(6688).

وعن عبد الرحمن بن أبي عميرة، أخرجه مسدد كما في "المطالب العالية" 9/ 349.

(2)

ما بين معقوفين سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من "السنن الكبرى" للبيهقي 5/ 255 حيث رواه عن المصنف بإسناده ومتنه بذكر سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه، ونَصَّ البيهقي على أنه وجده هكذا في "المستدرك".

ومما يؤكد أنَّ ما وقع في نسخنا الخطية هنا إنما هو سقط وليس روايةً، أنَّ الدارمي (2710)، =

ص: 503

"اركَبُوا هذه الدَّوابَّ سالمةً، وايْتَدِعوها سالمةً، ولا تتَّخِذوها كراسيَّ"

(1)

.

=وابن خزيمة (2544) قد أخرجاه من طريق شبابة بن سوار عن الليث بإسناد الحاكم هنا، وعندهما: ابن معاذ بن أنس، بل عند الدارمي: سهل بن معاذ.

(1)

إسناده حسن من أجل سهل بن معاذ. إبراهيم بن الحسين: هو ابن ديزيل.

وأخرجه أحمد 24/ (15639) عن حجاج بن محمد الأعور، و (15641) عن أبي الوليد الطيالسي، وابن حبان (5619) من طريق يونس بن محمد المؤدب، ثلاثتهم عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. قال حجاج والطيالسي في روايتيهما: عن ابن معاذ بن أنس عن أبيه، وقال يونس: عن سهل بن معاذ عن أبيه.

وأخرجه أحمد (15650) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب به. وقال: ابن معاذ بن أنس عن أبيه.

وأخرجه أحمد (15629) و (15646) من طريق ابن لهيعة، و (15640) عن حجاج، عن الليث بن سعد، كلاهما عن زَبَّان بن فائد، عن ابن معاذ بن أنس، عن أبيه. قال ابن لهيعة: سهل بن معاذ عن أبيه. وزبان بن فائد هذا ضعيف، وابن لهيعة سيئ الحفظ.

وأخرجه أحمد 29 / (18052) عن موسى بن داود، عن الليث بن سعد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه. لم يذكر فيه يزيد بن أبي حبيب ولا زبان بن فائد، قال ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 9/ 388: الليث لا يروي عن سهل، وإنما يروي عن يزيد بن أبي حبيب وزبان بن فائد عنه.

قلنا: بل إنَّ الليث قد أدرك سهل بن معاذ، ثم إنَّ سهلًا قد نزل مصر، فاحتمال اللقاء قوي، ثم إنَّ ما يقوي هذا أنَّ الليث نفسه قد صرَّح بسماعه لهذا الحديث عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(40)، وعليه فإنَّ رواية الليث لهذا الحديث عن سهل بن معاذ، ثم روايته بواسطة يزيد وزبان عنه، هو من المزيد في متصل الأسانيد، والله أعلم.

وأخرج أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(20) في ترجمة أنس الجهني - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 9/ 387 - من طريق هاشم بن القاسم وأبي الوليد الطيالسي ويونس بن محمد، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، ثم أعاده البغوي (21) - ومن طريقه ابن عساكر 9/ 387 - من طريق يونس بن محمد وحده، عن الليث بن سعد، عن زبان بن فائد، كلاهما (يزيد وزبان) عن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ليس فيه سهل. قال البغوي: هكذا حدثنا ابن زنجويه هذا الحديث عن الليث عن يزيد عن معاذ بن أنس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

لكن قال الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة" 1/ 324: وقع عند البغوي حذف اقتضى هذا =

ص: 504

1643 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مِهْران بن خالد، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا أسامة بن زيد، حدثني محمد بن حمزة بن عمرٍو الأسلَميّ، قال: سمعتُ أبي يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "فوقَ ظَهرِ كلِّ بعيرٍ شيطانٌ، وإذا رَكِبتموهنَّ فاذكُروا اسمَ الله، لا تُقَصِّروا عن حاجةٍ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ على شرطه:

1644 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَضْر، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني ابن أبي الزِّناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ على كلِّ ذُرْوةٍ بعيرٍ شيطانًا، فامتَهِنُوهُنَّ بِالرُّكوب، فإنَّما يَحمِلُ اللهُ عز وجل"

(2)

.

=الوهم. يعني سقوط لفظة "ابن" من رواية البغوي، ودلَّل الحافظ على ذلك بروايات أحمد السابق تخريجها، وفي كلِّ منها: عن ابن معاذ بن أنس، وبرواية الحاكم الآتية (2517) من طريق الليث وفيها: عن سهل بن معاذ بن أنس، ودليل آخر أورده على السقط بأنَّ يزيد بن أبي حبيب لم يدرك معاذ بن أنس، وإنما يروي عن ابنه، وهو سهل.

وفي الباب عن أبي هريرة عند أبي داود (2567)، وإسناده حسن.

وعن سهل بن الحنظلية عند أحمد 29/ (17625)، وأبي داود (2548)، وابن حبان (545) و (3394).

قوله: "ايتدعوها" أي اتركوها ورفِّهوا عنها إذا لم تحتاجوا إلى ركوبها، ولا تتخذوها كأنها كراسيّ للجلوس.

(1)

إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد الليثي وأحمد بن مهران بن خالد.

وأخرجه النسائي (10265) عن العباس بن عبد العظيم، عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 25/ (16039) من طريق عبد الله بن المبارك، وابن حبان (1703) و (2694) من طريق عبد الله بن وهب كلاهما عن أسامة بن زيد، به.

وفي الباب عن أبي لاس الخزاعي سلف برقم (1641).

(2)

إسناده حسن من أجل ابن أبي الزناد، واسمه: عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان. =

ص: 505

1645 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا موسى بن إسماعيل والحجاج بن مِنْهال، قال: حدثنا حماد بن سَلَمة، عن قَتادة، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشُّرب من فِي السِّقاء، وعن الجَلَّالة، والمُجَثَّمة

(1)

.

هذا حديث صحيح قد احتجَّ البخاري بعكرمة، واحتج مسلم بحماد بن سلمة،

= الأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.

وأخرجه ابن خزيمة (2547) عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث أبي لاسٍ المتقدم برقم (1641).

قوله: "فامتهنوهنَّ بالركوب "قال المناوي في "فيض القدير": لتلين وتذل، وقد يكون بها نار من جهة الخلقة يطفئها الركوب، لأن المؤمن إذا ركب حمد الله وسبحه، فكأنه قال: سكنوا هذا الكِبر بالركوب المقرون بذكر الله المنفر للشيطان.

وقوله: "فإنما يحمل الله عز وجل" قال: أي: لا يعجب الإنسان بحملها، فإنَّ الحامل هو الله.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (3719) عن موسى بن إسماعيل وحده، بهذا الإسناد. لكن لم يطلق النهي عن الجلّالة، وإنما قيده بالنهي عن ركوبها.

وأخرجه أحمد 3/ (1989) و 4 / (2671) و 5 / (2949)، وأبو داود (3786)، والترمذي (1825)، والنسائي (4522) و (6837) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به. ووقع في رواية هشام هذه تقييد النهي بالنهي عن لبن الجلالة. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وقد ورد في غير حديث ابن عباس النهي عن لحوم الجلالة، وسنفصل ذلك فيما سيأتي برقم (2278) إن شاء الله.

وسيأتي الحديث من طريق الأسود بن عامر عن حماد بن سلمة برقم (2528).

ومن طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة برقم (2278)، وذكرنا هناك شواهد الحديث وغريبه ومعناه. ومختصرًا بالنهي عن الشرب من في السقاء من طريق خالد الحذاء عن عكرمة برقم (7391)، وزاد هناك النهي أن يتنفس في الإناء.

وبرقم (7292) من طريق سلمة بن وهرام، عن عكرمة عن ابن عباس، ولفظه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية

وفيه قصة.

ص: 506

ثم لم يخرجاه

(1)

.

1646 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الرّبيع بن سليمان، حدثنا ابن وهب، حدثني سليمان بن بلال، حدثني العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الجَرَسُ مِزْمارُ الشَّيطان"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1647 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا رُوَيْم بن يزيد، حدثنا الليث بن سعد.

وحدثنا أبو النَّضْر الفقيه، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل العَنْبري، حدثنا محمد بن أسلَمَ العابد، حدثنا قَبِيصةُ بن عُقبة، حدثنا الليث بن سعد، عن عُقَيل، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالدُّلْجة، فإنَّ الأرض تُطوَى باللّيل للمسافر"

(3)

.

(1)

قد أخرج البخاري ذكر النهي عن الشرب من في السقاء من طريق خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس، وسيأتي تخريجه في موضعه.

(2)

إسناده صحيح. ابن وهب هو عبد الله، والعلاء: هو ابن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحُرَقة.

وأخرجه ابن حبان (4704) من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 14 / (8783)، وأبو داود (2556) من طريقين عن سليمان بن بلال، به.

وأخرجه أحمد (8851)، ومسلم (2114)، والنسائي (8761) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، به. فاستدراك المصنف لهذا الحديث ذهول منه رحمه الله.

(3)

صحيح لغيره، رجاله ثقات، لكن اختلف فيه على الليث بن سعد في وصله وإرساله، فقد خالف رويمَ بنَ يزيد وقبيصةَ بنَ عقبة جماعةٌ من الثقات فرووه عن الليث عن عقيل عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وصحح المرسلَ البخاريُّ ومسلم والترمذي والدارقطني وغيرهم، كما سيأتي. أبو بكر بن إسحاق: هو أحمد، وأبو النضر الفقيه: هو محمد بن محمد بن يوسف، وعُقَيل: هو ابن خالد بن عَقِيل، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.

وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(277)، وابن بشران في "أماليه"(630)، والضياء المقدسي =

ص: 507

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

= في الأحاديث المختارة 7/ (2629) من طريق محمد بن غالب، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (2555)، وأخرجه ابن أبي حاتم في "العلل"(2256) عن أحمد بن سلمة، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 250 من طريق محمد بن أسلم به.

وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 159 من طريق قطن بن إبراهيم، عن قبيصة بن عقبة، به.

وأخرجه الترمذي في "العلل"(644)، والبزار (6315)، وأبو يعلى في "مسنده"(3618)، وفي "معجمه"(159)، وابن خزيمة بإثر (2555)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(113)، والبيهقي 5/ 256، والخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 446، والضياء في "الأحاديث المختارة"(2630) من طرق عن رويم بن يزيد، به.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "العلل"(2256) من طريق قتيبة بن سعيد، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(114) من طريق عبد الله بن صالح، كلاهما عن الليث بن سعد، عن عُقَيل، عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا مرسلًا.

وقد تابعهما على إرساله إبراهيم بن أعين نزيل مصر، ذكر ذلك الدارقطني في "الغرائب والأفراد" كما في "أطرافه" لأبي الفضل المقدسي (1120).

وذكر الإمام مسلم بن الحجاج - فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل" 5/ 685 - : أنَّ عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد قد أخرج له كتاب جده الليث فإذا هو على ما رواه قتيبة بن سعيد؛ يعني مرسلًا.

وسيأتي الحديث في "المستدرك"(2567) من طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإسناده حسن.

وفي الباب عن أبي هريرة عند الطحاوي في "شرح المشكل"(115)، وإسناده حسن في الشواهد.

وعن عبد الله بن عباس عند البزار (5302)، والطبراني في "الكبير"(10811)، وإسناده حسن في الشواهد.

وعن عبد الله بن مغفل، ذكره الهيثمي في "المجمع" 3/ 488 وعزاه للطبراني، وقال: رجاله ثقات.

وعن خالد بن معدان عن أبيه، ذكره الهيثمي أيضًا في "المجمع" وقال: رجاله رجال الصحيح.

وله شاهد أيضًا من حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري (39)، ومسلم (2816) رفعه:"واستعينوا بالغَدوة والرَّوحة وشيء من الدُّلجة".

والدُّلْجة: هو سير الليل.

ص: 508

1648 -

أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن بالَويهِ، حدثنا محمد بن رِبْح

(1)

السَّمّاك، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد سلمة، حمُيَد، عن بكر بن عبد الله، عن عبد الله بن رَبَاح، عن أبي قَتادةَ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَان إِذا عَرَّسَ بليلٍ اضطَجَعَ على يمينه، وإذا عَرَّسَ قبل الصُّبح نَصَبَ ذراعيه نَصْبًا، ووضَعَ رأسه على كفِّه

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1649 -

حدثنا علي بن عيسى بن إبراهيم حدثنا أبو يحيى زكريا بن داود، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ويوسف بن موسى: قالا: حدثنا جَرير، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيمي، عن عطاء بن يسار، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أقِلُّوا الخروجَ إذا هَدَأَتِ الرِّجلُ، إِنَّ الله يَبُثُّ من خَلْقِه باللَّيل ما شاء"

(3)

.

(1)

هو براءٍ مكسورة في أوله كما ضبطه الخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم" ص 759، والحافظ ابن حجر في "تبصير المنتبه" 2/ 611.

(2)

إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وبكر بن عبد الله: هو المزني.

وأخرجه أحمد في آخر حديث طويل 37 / (22546) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (22632)، ومسلم (683)، وابن حبان (6438) من طرق عن حماد بن سلمة، به. فاستدراك المصنف له ذهول منه رحمه الله.

والتعريس: نزول المسافر آخرَ الليل نزلةً للنوم والاستراحة، يقال منه: عَرَّس يعرِّس تعريسًا، ويقال فيه: أعْرَسَ.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار - وقد صرَّح بسماعه لهذا الحديث من محمد بن إبراهيم عند ابن حبان (5518). إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه الحافظ، وجرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه أحمد 22 / (14283)، وابن حبان (5517) و (5518) من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. روياه مطولًا ضمن حديث، وفيه عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم نباح الكلاب ونهاق الحمير من الليل فتعوذوا بالله، فإنها ترى ما لا ترون، وأقلوا الخروج إذا هدأت الرجل، =

ص: 509

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1650 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا وكيع عن أسامة بن زيد عن سعيد المَقبُري، عن أبي هريرةَ قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُريدُ سَفَرًا، فقال: يا رسول الله، أَوْصِني، فقال:"أُوصِيكَ بتقوى الله، والتَّكبيرِ على كلِّ شَرَف"، فلما مضى قال:"اللهمَّ ازْوِ له الأرضَ، وهَوِّن عليه السَّفَر"

(1)

.

= فإنَّ الله يبث في ليله من خلقه ما شاء، وأجيفوا الأبواب، واذكروا اسم الله عليها، فإنَّ الشيطان لا يفتح بابًا أُجيف وذكر اسم الله عليه، وأوكوا الأسقية، وغطوا الجرار، وأكفئوا الآنية".

وسيأتي الحديث عند المصنف بنحو هذه الزيادة من طريق يزيد بن هارون عن ابن إسحاق برقم (7955)، ومختصرًا بمعنى حديثنا هذا برقم (7956).

وأخرجه بنحوه أحمد 23/ (14830)، وأبو داود (5104) من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن شرحبيل بن سعد، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد ضعيف لضعف شرحبيل بن سعد.

وأخرجه أبو داود (5104)، والنسائي (10712) من طريق الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن سعيد بن زياد، عن جابر، رفعه. وهذا إسناد ضعيف لجهالة سعيد بن زياد.

وأخرجه أحمد أيضًا (14830)، وأبو داود (5104) من طريق الليث، عن يزيد بن الهاد، عن عمر بن علي بن الحسين، أنه بلغه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم

فذكره، وهذا إسناد ضعيف أيضًا لإعضاله.

وأخرج أحمد (14870) من طريق طلق بن حبيب عن جابر مرفوعًا: "اتقوا فَورة العشاء" كأنه لما يُخاف من الاحتضار. وفي إسناده راوٍ مبهم.

وأخرج أحمد 22 / (14342)، ومسلم (2013)(98)، وأبو داود (2604)، وابن حبان (1275) من طريق أبي الزبير، وأحمد 23 / (14898)، والبخاري (3280)، ومسلم (2012)(97)، وأبو داود (3733)، وابن حبان (1276)، والمصنف فيما يأتي برقم (7956) من طريق عطاء بن أبي رباح، والبخاري (3304)، ومسلم (2012)(97) من طريق عمرو بن دينار، ثلاثتهم عن جابر مرفوعًا في كفَّ الصبيان والفَوَاشي (أي: المواشي) عن الانتشار ساعة غروب الشمس حتى تذهب ساعة من الليل. وهو معنى حديث عطاء بن يسار عن جابر، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد: وهو الليثي وهو في "مسند أحمد" 15/ (9724) =

ص: 510

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1651 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني حفص بن مَيْسَرة، عن موسى بن عُقْبة، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، أنَّ كعبًا حدّثه، أنَّ صهيبًا صاحبَ النبي صلى الله عليه وسلم حدَّثه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يَرَ قريةً يريدُ دخولَها إلا قال حين يراها: "اللهم ربَّ السماواتِ السبع وما أظلَلْنَ، وربَّ الأَرَضِينَ السَّبع وما أقلَلْنَ، وربَّ الشياطينِ وما أضلَلْنَ، وربَّ الرِّياح وما ذَرَينَ، فإنا نسألُكَ خيرَ هذه القريةِ وخيرَ أهلِها، ونعوذُ بك من شرِّها وشرِّ أهلها وشرِّ ما فيها"

(1)

.

= و 16/ (10165).

وأخرجه ابن ماجه (2771) عن ابن أبي شيبة، عن وكيع، به. ولم يذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للرجل.

وأخرجه أحمد 14 / (8310) و (8385)، والترمذي (3445)، والنسائي (10266)، وابن حبان (2692) و (2702) من طرق عن أسامة بن زيد، به. وقال الترمذي: حديث حسن.

وسيأتي عند المصنف من طريق عبيد الله بن موسى عن أسامة بن زيد برقم (2512).

وأخرج أحمد 15 / (9599)، وأبو داود (2598)، والنسائي (10261) من طريق محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر قال: "اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال، اللهم اطو لنا الأرض، وهوِّن علينا السفر". واللفظ لأبي داود، وإسناده صحيح.

وروى نحوه أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة، وسيأتي عند المصنف برقم (2515).

وفي باب التكبير على كل شرف، عن جابر بن عبد الله عند البخاري (2993).

وعن ابن عمر عند البخاري (1797)، ومسلم (1344).

وعن أبي موسى الأشعري عند البخاري (2992)، ومسلم (2704).

وفي باب الدعاء في السفر عن ابن عمر عند مسلم (1342).

والشَّرَف، قال السندي في حاشيته على "مسند أحمد": بفتحتين، أي: مكان مرتفع، والمقصود تذكر عظمة الخالق عند رؤية ارتفاع المخلوق. ازْوِ: من زَوَى كطَوَى، لفظًا ومعنَى.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي مروان الأسلمي والد عطاء، واختلف في =

ص: 511

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1652 -

أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد الخيَّاط ببغداد، حدثنا أبو قِلَابة

=اسمه، كما اختلف في صحبته، وذكره العجلي وابن حبان في ثقات التابعين، وهو متابع، ومن دونه ثقات.

كعب: هو ابن ماتع الحِميَري، المعروف بكعب الأحبار.

وأخرجه النسائي (8776) و (10302) عن عمرو بن سواد، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (2709) من طريق محمد بن أبي السري، عن حفص بن ميسرة، به.

وخالف حفص بنَ ميسرة عبدُ الرحمن بن أبي الزناد، فرواه عن موسى بن عقبة، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن مغيث، عن كعب، عن صهيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أخرجه النسائي (10303)، وقال: حفص بن ميسرة لا بأس به، وعبد الرحمن بن أبي الزناد ضعيف.

ورواه محمد بن إسحاق، واختلف عليه فيه، فرواه محمد بن سلمة عنه، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن أبي مغيث - أو أبي معتب - بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم. هكذا أخرجه النسائي (10304) عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، عن أبي جعفر النُّفيلي، عن محمد بن سلمة.

ورواه أبو شعيب الحراني عن النفيلي عند الطبراني في "الكبير"22 / (902)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(7025)، عن محمد بن سلمة فقال عن ابن إسحاق: حدثني من لا أتهم (وتحرف في مطبوع الطبراني إلى: حدثني مولى لهم) عن عطاء بن أبي مروان به. فذكر واسطة بين ابن إسحاق وعطاء.

ورواه بوجود الواسطة المبهمة هارونُ بن أبي عيسى الشامي عن ابن إسحاق عند النسائي (10305).

ورواه سلمة بن الفضل الأبرش عن ابن إسحاق عند الطبري في "تاريخه" 11/ 593، فسمّي الواسطة الحسنَ بن دينار، إلا أنه عنده من روايته عن محمد بن حميد الرازي عن سلمة بن الفضل، وابن حميد هذا حافظ إلا أنهم ليّنوه، فإن كان حفظ ذكر الحسن بن دينار فيه، فإن هذا الإسناد ضعيف جدًّا، فالحسن متروك الحديث.

وروي الحديث من وجه آخر عن كعب الأحبار، أخرجه النسائي (8775) و (10301) من طريق سليمان بن بلال، عن أبي سهيل بن مالك، عن أبيه مالك بن أبي عامر الأصبحي، عن كعب الأحبار، عن صهيب رفعه. وهذا إسناد صحيح إن شاء الله.

وسيأتي الحديث برقم (2519) من طريق محمد بن عبد الحكم عن ابن وهب.

ص: 512

عبد الملك بن محمد، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عثمان بن سعد، عن أنس بن مالك قال: كان النبيُ صلى الله عليه وسلم لا ينزلُ منزلًا إلّا وَدَّعَه بركعتين

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1653 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثنا سليمان بن بلال، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفرٍ فبَدَا له الفجرُ قال: "سَمِعَ سامعٌ بحمدِ الله ونِعمتِه، وحُسنِ بَلائِه علينا، ربَّنا صاحِبْنا فأفضِلْ علينا، عائذًا

(2)

بالله من النار"، يقول ذلك ثلاثَ مراتٍ ويرفعُ بها صوته

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عثمان بن سعد، وبه أعلَّه الذهبي في "تلخيصه". أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"(447) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي (2723)، والبزار (6532)، والطبراني في "الأوسط"(3441)، وابن عساكر في "معجم شيوخه"(785) من طرق عن أبي عاصم النبيل، به. قال البزار: وأحاديث عثمان بن سعد إنما ذكرناها لأنَّ ألفاظها تخالف الألفاظ التي تروى عن أنس. وقال ابن عساكر: حديث حسن غريب.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 253 من طريق علي بن محمد بن سليمان الخرقي، عن أبي قلابة، عن يحيى بن أبي كثير، عن عثمان بن سعد، به فقال: يحيى بن أبي كثير بدلًا من أبي عاصم.

وانظر ما سلف برقم (1203).

(2)

في (ز): عائذ، بالرفع، والمثبت من (ص) وغالب مصادر التخريج، قال النووي في "شرح مسلم": هو منصوب على الحال، أي أقول هذا في حال استعاذتي واستجارتي بالله من النار. قلنا: والرفع هي رواية ابن حبان، والتقدير: أنا عائذٌ، وكلاهما له وجه.

(3)

إسناده صحيح.

الربيع بن سليمان: هو المرادي صاحب الشافعي، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.

وأخرجه مسلم (2718)، وأبو داود (5086)، والنسائي (8777) و (10293)، وابن حبان (2701) من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. فاستدراك المصنف له ذهول منه. =

ص: 513

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1654 -

أخبرنا إبراهيم بن فِراس الفقيه بمكة، حدثنا بَكْر بن سَهْل الدِّمياطي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان بن عمرو، عن شُرَيح بن عُبيد الحَضْرميّ، أنه سمع الزُّبير بن الوليد يحدّث عن عبد الله بن عمر بن الخطّاب قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا أو سافَرَ فأدرَكَه الليلُ قال: "يا أرضُ، ربِّي وربُّكِ الله، أعوذُ بالله من شَرَّ كلِّ أَسدٍ، وشرِّ كلِّ أسوَدَ، وحيّةٍ وعقربٍ، ومن ساكِنِي البلد، ومن شرِّ والدٍ وما وَلَده"

(1)

.

= وقد أعلَّ ابن عمار الشهيد هذا الحديث في "علل الأحاديث في صحيح مسلم"(31) بأنَّ هذا الحديث إنما يعرف بعبد الله بن عامر الأسلمي عن سهيل، قال: وعبد الله بن عامر ضعيف الحديث، فيشبه أن يكون سليمان سمعه من عبد الله بن عامر. قلنا: وهذا إعلال ضعيف مبني على الظن لا دليل عليه، وخصوصًا أنَّ سليمان بن بلال لا يُعرف بتدليس، فلا يمنع أن يكون كلُّ من سليمان وعبد الله بن عامر سمعه من سهيل.

وحديث عبد الله بن عامر أخرجه البزار (9077) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض، وابن خزيمة (2571) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم وأبي ضمرة، كلاهما عن عبد الله بن عامر، عن سهيل بن أبي صالح، به. وكان ابن خزيمة قد قدّم إخراج طريق ابن وهب عن سليمان بن بلال، وقال بإثر الحديث: عبد الله بن عامر ليس من شرطنا في هذا الكتاب، وإنما خرجت هذا الخبر عن سليمان بن بلال عن سهيل، فكُتب هذا إلى جنبه.

قوله: "سمع سامع بحمد الله" قال ابن الأثير في "النهاية": أي: ليسمع السامع، وليشهد الشاهد حَمْدَنا الله على ما أحسن إلينا وأولانا من نعمه. وحُسْنُ البلاء: النعمة.

(1)

إسناده محتمل للتحسين، الزبير بن الوليد - وهو الشامي - وإن تفرد بالرواية عنه شريح ابن عبيد الحضرمي، فإنه تابعي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم يجرحه أحد، وحسَّن حديثه هذا الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" كما في "الفتوحات الربانية" لابن علان 5/ 164، وبكر بن سهل الدمياطي وإن كان ضعيفًا قد توبع. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج، وصفوان بن عمرو: هو السَّكسكي.

وأخرجه أحمد 10 / (6161) و 19/ (12249)، والنسائي (7813) من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد. =

ص: 514

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1655 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا أحمد بن أبي الطَّيِّب قال: قُرئ على أبي بكر بن عيَّاش وأنا أَنظُر في هذا الكتاب فأقرَّ به: عن يعقوب بن عطاء، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قال: اغتَسَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثم لَبِس ثيابَه، فلما أتى ذا الحُلَيفة صلَّى ركعتين، ثم قَعَدَ على بعيرِه، فلمَّا استَوى به على البَيْداء أحرَمَ بالحجّ

(1)

.

= وأخرجه أبو داود (2603)، والنسائي (10322) من طريق بقية بن الوليد، عن صفوان بن عمرو، به.

وسيأتي الحديث من طريق محمد بن عوف الطائي عن أبي المغيرة برقم (2518).

والأَسْوَد: هو الحية العظيمة التي فيها سواد، وهو أخبث الحيات، وقد خصه بالذِّكر مع ذِكْر الحية لعظم شره. قاله السندي في حاشيته على "المسند".

وساكنو البلد: قال الخطابي: هم الجن الذين هم سكان الأرض، فالبلد من الأرض ما كان مأوى للحيوان، وإن لم يكن فيه بناء ومنزل.

وقال: ويحتمل أنَّ المراد بالوالد: إبليس، وما ولد الشياطين. والله تعالى أعلم.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يعقوب بن عطاء: وهو ابن أبي رباح.

وأخرجه البيهقي 5/ 33 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (2432) - ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق" 2/ 120 - 121 - عن محمد بن مخلد، عن محمد بن إسحاق الصغاني، به.

ورُويت بعض عباراته من وجه آخر صحيح عن ابن عباس، فقد أخرج أحمد 4/ (2296) و (2528) و 5/ (3149) و (3206) و (3244) و (3525)، ومسلم (1243)، وأبو داود (1752) و (1753)، وابن ماجه (3098)، والنسائي (3740) و (3748) و (3758) من طريق أبي حسان مسلم بن عبد الله الأعرج، عن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بذي الحليفة، ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن، وسَلَتَ الدمَ، وقلدها نعلين، ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء أهلَّ بالحج.

وانظر ما سيأتي برقم (1675).

وللحديث مفرقًا شواهد ذكرناها في "مسند أحمد" 4/ (2358). =

ص: 515

هذا حديث صحيح الإسناد، فإنَّ يعقوب بن عطاء بن أبي رباح ممَّن جَمَعَ أئمةُ الإسم حديثه، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ صحيح على شرطهما:

1656 -

حدَّثَناه أبو علي الحافظ، أخبرنا عَبْدان الأهوازي، حدثنا محمد بن المثنَّى، حدثنا سهل بن يوسف، حدثنا حُميد، عن بكر بن عبد الله المُزَني، عن ابن عمر قال: إنَّ من السُّنة أن يغتسلَ إذا أراد أن يُحرِمَ، وإذا أراد أن يَدخُل مكةَ

(1)

.

= والبيداء: هو طرف ذي الحليفة.

(1)

إسناده صحيح. أبو علي الحافظ: هو الحسين بن علي، وعبدان الأهوازي: هو عبد الله بن أحمد بن موسى، ومحمد بن المثنى: هو ابن عبيد أبو موسى البصري الحافظ، وسهل بن يوسف: هو الأنماطي، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل.

وأخرجه البيهقي 5/ 33 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (2433) عن إبراهيم بن حماد، عن أبي موسى محمد بن المثنى، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 74/ 4. وأخرجه البزار (6158) عن الفضل بن يعقوب الجزري، كلاهما (ابن أبي شيبة والفضل بن يعقوب) عن سهل بن يوسف، به.

وأخرجه بنحوه الطبراني في "الكبير"(14034)، وفي "الأوسط"(8046) من طريق سفيان بن حبيب، عن حميد الطويل، به.

وأخرج أحمد 8/ (4628) و 9 / (5082)، والبخاري (1573)، ومسلم (1259)(227)، وأبو داود (1865)، والنسائي (4226) من طريق نافع قال: كان ابن عمر إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية، ثم يبيت بذي طُوى، ثم يصلّي به الصبح ويغتسل، ويحدِّث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.

وأخرج الترمذي (852) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر قال: اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم لدخول مكة. قال الترمذي: هذا غير محفوظ، والصحيح ما روى نافع عن ابن عمر: أنه كان يغتسل لدخول مكة، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف في الحديث .. ولا نعرف هذا الحديث مرفوعًا إلا من حديثه. قلنا: لكن في بعض طرق حديث نافع عن ابن عمر في "الصحيحين"وغيرهما ذكر الاغتسال، وهو وإن كان موقوفًا على ابن عمر، إلّا أنَّ فيه أنه كان يحدِّث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، فهذا في حكم المرفوع، وكذلك في حديث الباب الذي عند =

ص: 516

1657 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا جعفر بن عَوْن، أخبرنا هشام بن عُروة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، قال: حدثني ناجيةُ الخُزاعي، صاحبُ بُدْنِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه سألَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنَعُ بما عَطَبَ من بُدْنِي؟ فأَمَرني أن أنحَرَ كلَّ بَدَنةٍ عَطَبَتْ، ثم يُلقَى نَعلُها في دَمِها، ثم يُخَلَّى بينها وبين الناس فيأكلونها

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

= المصنِّف من طريق بكر بن عبد الله عن ابن عمر قال: من السنة أن يغتسل

إلى آخره، فهذا له حكم الرفع أيضًا، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده صحيح. محمد بن عبد الوهاب: هو ابن حبيب الفرّاء. وهو في "مسند أحمد" 31/ (18943).

وأخرجه ابن ماجه (3106) من طرق عن وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (18944)، وابن حبان (4023) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، والترمذي (910)، والنسائي (4123) و (6605) من طريق عبدة بن سليمان، وأبو داود (1762) من طريق سفيان الثوري، ثلاثتهم عن هشام بن عروة، به. ووقعت تسمية الصحابي في رواية سفيان الثوري: ناجية الأسلمي، ولم ينفرد الثوري في نسبته أسلميًا، بل تابعه شعيب بن إسحاق عند الدارمي (1950)، وعلي بن مسهر عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(6451)، وقد اختلف أهل العلم في ذلك؛ منهم من جعلهما واحدًا، ومنهم من فرَّقهما، وليس ذلك بعلة للحديث، إذ الاختلاف في الصحابي لا يضر، والله أعلم.

قال الترمذي: حديث ناجية حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم، قالوا في هدي التطوع، إذا عَطَبَ لا يأكل هو ولا أحد من أهل رفقته، ويُخَلَّى بينه وبين الناس يأكلونه، وقد أجزأ عنه، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، وقالوا: إن أكل منه شيئًا غرم بقدر ما أكل منه، وقال بعض أهل العلم: إذا أكل من هدي التطوع شيئًا فقد ضمن الذي أكل.

وفي الباب عن قبيصة أبي ذؤيب، أخرجه أحمد في "المسند" 29/ (17974)، وقد ذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

ص: 517

1658 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد البَيروتي، حدثنا أبي حدثنا الأوزاعي، حدثني عبد الله بن عامر، حدثني نافع، عن ابن عمر: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن أَهدَى تطوعًا، ثم ضلَّتْ، فإن شاءَ أبدَلَها وإن شاءَ تَرَكَ، وإن كانت في نَذْرٍ فليُبدِلْ"

(1)

.

(1)

صحيح موقوفًا، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن عامر - وهو الأسلمي أبو عامر المدني المقرئ - وقد خالف الحفّاظ كمالك بن أنس وشعيب بن أبي حمزة فإنهما روياه عن نافع عن ابن عمر موقوفًا.

وأخرجه ابن خزيمة (2579)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 154، والدارقطني (2528)، وتمام الرازي في "فوائده"(1191)، والبيهقي 5/ 244 من طرق عن عبد الرحمن الأوزاعي، بهذا الإسناد. قال ابن خزيمة: إن صحَّ الخبر ولا إخال، فإنَّ في القلب من عبد الله بن عامر الأسلمي.

وخالف الرواةَ عن الأوزاعي المعافى بنُ عمران، فقال: أيوب بن موسى بدلًا من عبد عبد الله بن عامر، أخرجه من طريقه البيهقي 5/ 243 - 244 عن الأوزاعي، عن أيوب بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا. وقال البيهقي بإثره: كذا روي بهذا الإسناد عن الأوزاعي، وأظنه وهمًا، فإنما رواه غيره عن الأوزاعي عن عبد الله بن عامر الأسلمي، وعبد الله بن عامر يليق به رفع الموقوفات، والله أعلم.

وروي الحديث من وجه آخر عن ابن عمر مرفوعًا، أخرجه الدارقطني (2527) - ومن طريقه البيهقي 5/ 244 - عن القاضي الحسين بن إسماعيل المحاملي، عن أبي سعيد عبد الله بن شبيب، عن عبد الجبار بن سعيد المساحقي، عن ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزبير، عن ابن عمر، رفعه. وهذا إسناد ضعيف كما قال الدارقطني، عبد الله بن شبيب قال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث، وقال الذهبي: أخباري علامة لكنه واهٍ. قلنا: وشيخه عبد الجبار بن سعيد، قال العقيلي: له مناكير.

والصحيح في هذا الخبر أنه موقوف على ابن عمر كما قال البيهقي، فقد رواه مالك في "الموطأ" 1/ 381 - ومن طريقه البيهقي 5/ 243 - عن نافع عن ابن عمر قوله.

وتابع مالكًا على وقفه شعيبُ بنُ أبي حمزة عند البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 259، وفي "معرفة السنن والآثار"(10927).

ص: 518

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1659 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العدل وعلي بن محمد المُستَمْلي في آخرين، قالوا: حدثنا محمد بن إسحاق بن خُزَيمة، حدثنا محمد بن العلاء بن كُرَيب، حدثنا أبو خالد، عن شعبة، عن الحَكَم، عن مِقسَم، عن ابن عباس قال: لا يُحرَمُ بالحجِّ إِلَّا في أشهُر الحجِّ، فإنَّ من سُنَّة الحجِّ أن يُحرمَ بالحجِّ في أشهُر الحج

(1)

.

(1)

خبر صحيح عن ابن عباس، وهذا إسناد قوي إن كان أبو خالد - وهو سليمان بن حيان الأحمر - قد حفظه عن شعبة عن الحكم، وإلَّا فقد رواه أبو كريب محمد بن العلاء نفسه عن أبي خالد الأحمر عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم، وتابعه في روايته عن الحجاج عن الحكم غير واحد، قال الإسماعيلي: وهو المحفوظ. الحكم: هو ابن عتيبة، ومقسم: هو مولى ابن عباس.

وهو في "صحيح ابن خزيمة"(2596)، وعن ابن خزيمة أخرجه الإسماعيلي في "معجم شيوخه"(89)، ومن طريق الإسماعيلي أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(9240).

قال الإسماعيلي: المحفوظ عن أبي خالد عن الحجاج بن أرطاة.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 343، وفي "الصغرى"(1510)، وفي "فضائل الأوقات"(165) عن أبي عبد الله الحاكم، عن علي بن حمشاذ وحده، بهذا الإسناد. لم يذكر فيه المستملي، وذكر بدلًا منه في "الكبرى": أحمد بن محمد بن جعفر البحيري.

ورواية أبي خالد عن الحجاج عن الحكم أخرجها ابن خزيمة بإثر الحديث (2596) عن أبي كريب محمد بن العلاء، عن أبي خالد، به.

وتابع أبا خالد على هذه الرواية غير واحد، فقد أخرجه ابن أبي شيبة (14837 - عوامة) عن حفص بن غياث وأحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (1160) عن أسد بن موسى، والدارقطني (2486) - ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" 4/ 343 - من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ثلاثتهم عن الحجاج، عن الحكم، به.

وأخرج الدارقطني (2487)، والبيهقي 4/ 343 من طريق حمزة الزيات عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس في الرجل أحرم بالحج في غير أشهر الحج، قال: ليس ذاك من السنة.

وأخرج الطبراني في "الأوسط"(5047) من طريق خصيف بن عبد الرحمن، عن مقسم، عن ابن عباس في قول الله:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} قال: شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة، ولا يفرض الحج إلّا فيهن. =

ص: 519

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد جَرَتْ فيه مناظرةٌ بيني وبين شيخنا أبي محمد السَّبيعي، فإنه أنكره وقال: إنما رواه الناسُ عن أبي خالد عن الحجّاج بن أَرطاة عن الحَكَم، فمِن أين جاء به شيخُكم عن شعبة؟ فقلت: تأمَّل ما تقول، فإنَّ شيخنا أتى بالإسناديَن جميعًا، فكأنما ألقَمْتُه حجرًا

(1)

.

1660 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، عن أبي الزَّبير، عن عبد الله بن باباه، عن جُبَير بن مُطْعِمٍ: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "يا بني عبدِ مَنَاف، لا تَمنعَوا أحدًا طافَ بهذا البيت وصلَّى أيَّ ساعةٍ أحبَّ من ليلٍ أو نهار"

(2)

.

= وأخرج ابن جرير الطبري في "تفسيره" 2/ 257 - 258 من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} وهنَّ شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة، جعلهن الله سبحانه للحج، وسائر الشهور للعمرة، فلا يصلح أن يحرم أحد بالحج إلا في أشهر الحج، والعمرة يحرم بها في كل شهر.

وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 345 من طريق عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس: لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلّا في أشهر الحج من أجل قول الله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} .

وعلَّق البخاري في "صحيحه" في كتاب الحج، باب (33) قول الله تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} الآية، قبل الحديث (1560) قول ابن عباس: من السنة أن لا يحرم بالحج إلّا في أشهر الحج.

وروي ذلك عن غير واحد من الصحابة موقوفًا، انظر "المصنف" لابن أبي شيبة.

(1)

يعني بشيخه: محمد بن إسحاق بن خزيمة، وقد بيَّنّا في التخريج أنه أخرجه من طريق أبي خالد وشعبة عن الحكم، ثم أخرجه بإثره من طريق أبي خالد عن الحجاج عن شعبة.

(2)

إسناده صحيح. أبو بكر بن إسحاق: اسمه أحمد، والحميدي: هو عبد الله بن الزبير بن عيسى الحافظ، وسفيان هو ابن عيينة، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرُس المكّي.

وقد اختلف في هذا الإسناد على أبي الزبير اختلافًا ذكره الدارقطني في "العلل"(3326)، وقد =

ص: 520

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1661 -

حدثني علي بن عيسى، حدثنا مُسدَّد بن قَطَن، حدثنا عثمان بن أبي شَيبة، حدثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن ابن جُرَيج، عن عمر بن عطاء، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا صَرُورة في الإسلام"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= فصلناه في تعليقنا على "المسند" 27/ (16736).

وهذا الحديث أخرجه أحمد (16736)، وأبو داود (1894)، وابن ماجه (1254)، والترمذي (868)، والنسائي (1574) و (3932)، وابن حبان (1552) و (1554) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي حديث حسن صحيح.

وأخرجه بنحوه أحمد (16743) و (16774) من طريق ابن جريج، وابن حبان (1553) من طريق عمرو بن الحارث، كلاهما عن أبي الزبير، به.

وأخرجه أحمد (16753) و (16769) من طريق عبد الله بن أبي نجيح، عن عبد الله بن باباه، به.

وفي الباب عن ابن عباس أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(489)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 186، والطبراني في "الكبير"(11359)، و "الأوسط"(497) و (6335)، و "الصغير"(55)، والدارقطني (1575)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 273.

(1)

إسناده ضعيف، عمر بن عطاء - وهو ابن وزَّار، ويقال: وزَّارة - ضعيف، وليس هو ابن أبي الخُوار كما ظنه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1282).

أبو خالد الأحمر: هو سليمان بن حيان وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.

وأخرجه أبو داود (1729) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وانظر تمام تخريجه فيه.

وتابع أبا خالد الأحمر محمدُ بنُ بكر البرساني على هذا الإسناد، وسيأتي عند المصنف برقم (2706).

وخالف روح بن عبادة فرواه عن ابن جريج، عن عمر بن عطاء وغيره، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، ولفظه:"لا صرورة في الحج". أخرجه أحمد 5/ (3113 م).

والصَّرُورة في هذا الحديث: هو التبتل وترك النكاح، كما قال أبو عبيد في "غريب الحديث" 3/ 98، قال: والذي تعرفه العامة من الصرورة أنه إذا لم يحج قط، وقد علمنا أنَّ ذلك يسمى بهذا الاسم، إلّا أنه ليس واحدٌ منهما يدافع الآخر، والأول أحسنهما وأعرفُهما وأعربُهما.

ص: 521

1662 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثّنى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا أبو معاوية محمد بن خازم عن الحسن بن عمرو الفُقَيمي، عن أبي صفوان، عن ابن عباسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صَرُورة في الإسلام".

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه

(1)

.

1663 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبر أبو المُثنّى، حدثنا مُسدّد، حدثنا أبو معاوية محمد بن خازم، عن الحسن بن عمرو الفُقَيمي، عن أبي صفوان، عن ابن عباس، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أرادَ الحجَّ فليتَعجَّل"

(2)

.

(1)

هذا الحديث ثابت في نسخنا الخطية كلها بهذا الإسناد والمتن إلا أن الحافظ ابن حجر لم يذكره في "إتحاف المهرة"، ولم نجد أحدًا أخرج هذا الحديث بهذا الإسناد البتة، والراجح أنه سبق نظر من أحد النساخ قديمًا، حيث ركّب متن حديث عكرمة عن ابن عباس الذي قبل هذا على إسناد الحديث الذي بعده، وهو حديث أبي صفوان عن ابن عباس في التعجيل بالحج، والله تعالى أعلم.

(2)

حديث حسن، وهذا إسناد محتمل للتحسين، أبو صفوان - وهو الكوفي، واسمه مهران - وإن تفرد بالرواية عنه الحسن بن عمرو الفقيمي فهو تابعي وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى له حديثه هذا أبو داود في "سننه"، ولا يُعرف بجرح كما ذكر المصنف بإثر هذا الحديث، ثم إنه قد توبع.

أبو بكر بن إسحاق: اسمه أحمد، وأبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري.

وأخرجه أبو داود (1732) عن مسدد، بهذا الإسناد. وقد أُقحم في مطبوعات "سنن أبي داود" الأعمش بين أبي معاوية والحسن بن عمرو، وكذلك جاء في طبعتنا من "السنن" بناءً على وروده في بعض النسخ الخطية لـ "السنن" ومنها نسخة بخط الحافظ ابن حجر، وهو خطأ من بعض النساخ يقينًا، إذ لم يرد في النسخ القديمة كنسخة ابن داسه وغيرها، ولا في النسخة التي اعتمدها ابن القطان الفاسي، حيث أورد إسناد أبي داود في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 273 دون ذكر الأعمش، ولا في نسخة الحافظ المزي التي اعتمدها في "تحفة الأشراف"، وقد روى الحديثَ غيرُ واحد عن أبي معاوية، لم يذكر واحد منهم الأعمش، فالصواب حذفُه، والله تعالى أعلم.

وأخرجه أحمد 3 / (1973) عن أبي معاوية الضرير، به. وانظر تخريج طرقه عن أبي معاوية هناك.

وأخرجه أحمد أيضًا 3/ (1974) عن عبد الرحمن بن الحسن المحاربي، عن الحسن بن عمرو، به. =

ص: 522

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وأبو صفوان هذا سمَّاه غيره: مِهْران مولى لقريش، ولا يُعرَف بالجَرح.

1664 -

أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا حُصَين بن عمر الأحْمَسي، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم التَّيمي، عن الحارث بن سُوَيد قال: سمعت عليًّا يقول: "حُجُّوا قبل أن لا تَحُجُّوا، فكأني أنظُرُ إلى حَبَشيٍّ أصمَعَ أَفدَعَ، بيده مِعوَلٌ يَهْدِمُها حَجَرًا حَجَرًا"، فقلت له: شيءٌ تقولُه برأيك، أو سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا والذي فَلَقَ الحبَّة وبَرَأَ النَّسمة، ولكني سمعتُه من نبيكم صلى الله عليه وسلم

(1)

.

= وأخرجه أحمد 3 / (1833) و (1834) و 5 / (2973) و (3340)، وابن ماجه (2883) من طريق أبي إسرائيل إسماعيل بن خليفة العبسي، عن فضيل بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أو عن الفضل بن عباس أو عن أحدهما عن صاحبه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وزاد فيه:"فإنه قد تضل الضالة، ويمرض المريض، وتكون الحاجة". ووقع عند ابن ماجه وأحد مواضع أحمد: عن ابن عباس عن الفضل، وفي الموضع الأخير لأحمد: عن ابن عباس والفضل. وهذا الاضطراب الحطُّ فيه على أبي إسرائيل، فهو ضعيف بسبب سوء حفظه، والله أعلم.

وأخرج أحمد 5 / (2867) من طريق أبي إسرائيل هذا، عن فضيل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (بدون شك) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة فإنَّ أحدكم لا يدري ما يعرض له".

(1)

إسناده تالف، تفرد به حصين بن عمر الأحمسي، وهو متروك متَّهم بالكذب، قال الذهبي في "تلخيصه": حصين متهم ويحيى الحماني ليس بعمدة، انتهى علي بن عبد العزيز: هو أبو الحسن البغوي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم التيمي: هو ابن يزيد بن شريك.

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(755)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(351 - بغية الباحث) - ومن طريقه المستغفري في "دلائل النبوة"(295) - وأبو نعيم في "الحلية" 131/ 4، والبيهقي 4/ 340 من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، بهذا الإسناد. قال أبو نعيم: هذا حديث غريب من حديث الحارث بن إبراهيم، لم يروه عن الأعمش إلا حصين بن عمر.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/ 396 من طريق جبارة، عن حصين بن عمر، به. وجبارة هذا: هو ابن المغلس، وهو متروك أيضًا. =

ص: 523

1665 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المُثنّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا العلاء بن المسيَّب، حدثنا أبو أُمامة التَّيمي، قال: كنتُ رجلًا أُكْرِي في هذا الوجه، وكان أناسٌ يقولون لي: إنه ليس لك حجٌّ، فلقيتُ ابن عمر، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إنِّي رجلٌ أُكْرِي في هذا الوجه، وإنَّ أُناسًا يقولون لي: إنَّه ليس لك حجٌّ، فقال: ألست تُحْرمُ وتُلبِّي وتَطوفُ وتُفيضُ من عرفاتٍ وتَرمي الجِمار؟ قال: قلتُ: بلى، قال: فإنَّ لك حجًّا؛ جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن مثلِ ما سألتَني عنه، فسكتَ عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يُجِبْه، حتى نزلت هذه الآية:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]، فأرسلَ إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقرأَ هذه الآيةَ عليه، وقال:"لك حجٌّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

1666 -

حدثنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا ابن أبي ذئب، عن عطاء بن أبي رباح، عن

= وله شاهد لا يفرح به من حديث أبي هريرة، أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(809)، والعقيلي في "الضعفاء"(1698)، والدراقطني في "سننه"(2795)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 77، والبيهقي 4/ 341، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(926) من طريق محمد بن أبي محمد، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه:"حجوا قبل أن لا تحجوا" قالوا: وما شأن الحج يا رسول الله؟ قال: "تقعد أعرابها على أذناب شِعابها، ولا يصل إلى الحج أحد"، قال العقيلي: محمد بن أبي محمد مجهول النقل، ولا يعرف هذا الحديث إلّا به، ولا يتابع عليه، ولا يصح في هذا شيء.

(1)

إسناده صحيح، أبو أمامة التيمي وثقه ابن معين، وقال أبو زرعة" لا بأس به، وروى عنه شعبة. أبو بكر بن إسحاق: هو أحمد وأبو المثنى هو معاذ بن المثنى العنبري.

وأخرجه أبو داود (1733) عن مسدد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 10/ (6435) من طريق سفيان الثوري، عن العلاء بن المسيب به، إلّا أنه لم يسم أبا أمامة، بل قال: رجل من بني تيم.

وأخرجه أحمد (6434) من طريق الحسن بن عمرو الفقيمي، عن أبي أمامة التيمي، به.

قوله: أُكْرِي، أي: أؤاجر الإبل ونحوها للحج.

ص: 524

عُبيد بن عُمَير، عن ابن عباس: أنَّ الناس في أول الحج كانوا يَتَبَايعون بمِنًى وعرفةَ وسوقِ ذي المَجَاز ومواسمِ الحجِّ، فخافوا البيعَ وهم حُرُم، فأنزل الله تبارك وتعالى: (لا جُناحَ عليكم

(1)

أن تَبتَغُوا فَضْلًا من ربكُم) في مواسمِ الحجِّ، قال

(2)

: فحدثني عُبيد بن عُمير أنه كان يقرؤُها في المصحف

(3)

.

(1)

كذا الرواية هنا في نسخنا الخطية، وكذا في نسخ كتاب "المصاحف" لابن أبي داود (192)، والمطبوع من كتاب "الانتصار" 1/ 351 للباقلاني، و"جامع الأصول" لابن الأثير (498)، و "البرهان" 1/ 337 للزركشي، وبعض النسخ الخطية ل "فتح الباري" 5/ 658 لابن حجر، إحداها مقابلة على نسخة بخط الحافظ ابن حجر. ووقع لفظ الآية في الموضعين الآتيين في "المستدرك"(1791) و (3132)، ومطبوعات مصادر التخريج على الصواب كالتلاوة "ليس عليكم جناح"، ويغلب على ظننا أن قراءة "لا جناح عليكم "خطأ من أحد الرواة، وليست هي قراءة ابن عباس، والله تعالى أعلم.

(2)

القائل: هو عطاء بن أبي رباح.

(3)

إسناده صحيح، رجاله ثقات. إبراهيم بن الحسين: هو ابن ديزيل، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة، وعبيد بن عمير: هو ابن قتادة الليثي على الصحيح، كما سيأتي تفصيله تاليًا إن شاء الله.

وسيأتي الحديث برقم (1791) من طريق أبي بكر الحنفي، وبرقم (3132) من طريق حماد بن مسعدة، كلاهما عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. ويأتي تخريجه من هاتين الطريقين في موضعهما.

وأخرجه أبو داود (1735) عن أحمد بن صالح المصري، عن ابن أبي فديك - وهو محمد بن إسماعيل بن مسلم - عن عبيد بن عمير، عن عبد الله بن عباس، فذكره. لم يذكر في الإسناد عطاء بن أبي رباح، لذلك جاء فيه: قال أحمد بن صالح كلامًا معناه: أنه مولى ابن عباس.

قلنا: كذا قال أحمد بن صالح بأنَّ عُبيد بن عمير هذا هو مولى ابن عباس، واعتمد على قوله هذا كلٌّ من ابن أبي داود في "المصاحف"(193)، والخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق" 3/ 1585، ورجحه المزي في "تهذيب الكمال" 19 / (227)، ويؤكِّد ظنهم هذا أنه قد وقع في آخر الخبر عند ابن أبي داود في "المصاحف": قال ابن أبي ذئب: فحدثني عبيد بن عمير؛ يعني أنَّ ابن أبي ذئب صرح بتحديث عبيد بن عمير له، وابن أبي ذئب لم يدرك عبيد بن عمير الليثي، فيتعين أن يكون عبيد بن عمير هذا هو غير الليثي، لذلك قال أحمد بن صالح: هو مولى ابن عباس. قلنا: وهو وهمٌ منهم رحمهم الله، مبني على خطأ صريح في رواية ابن أبي فديك من =

ص: 525

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1667 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا هشام بن علي السَّدُوسي، حدثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي، حدثنا وُهَيب، حدثنا موسى بن عُقبة، حدثني نافعٌ

= سقوط ذكر عطاء بن أبي رباح من إسناد روايته، وقد خالف ابن أبي فديك ثلاثة من حفاظ أصحاب ابن أبي ذئب، وهم آدم بن أبي إياس كما في رواية "المستدرك" هذه، وأبو بكر الحنفي و حماد بن مسعدة وستأتي روايتاهما في "المستدرك" أيضًا كما سبق، فذكروا جميعهم عطاء بن أبي رباح، بل جاء في آخر الخبر في رواية آدم هذه ورواية حماد بن مسعدة الآتية ما نصه: قال: فحدثني عبيد بن عمير، دون تقييد القائل، فقال مغلطاي في "إكمال تهذيب الكمال" 9/ 98: هذا كالتصريح بأنَّ قائل ذلك هو عطاء بغير شك ولا مرية. قلنا: وبهذا يتبين أن المحفوظ في حديث ابن أبي ذئب أنه عن عطاء بن أبي رباح بن عبيد بن عمير الليثي، قال ابن عساكر في "الأطراف" كما في "تحفة الأشراف" للمزي 5 / (5872): فأما عبيد بن عمير مولي ابن عباس فغير مشهور. قلنا: بل لم يرد له ذكر في غير هذا الخبر على التوهُّم، ولم يذكر ابن سعد في "الطبقات" 7/ 28، ولا ابن أبي خيثمة في "تاريخه الكبير" في السفر الثالث منه (2419) ولا غيرهما في أولاد عمير مولي ابن عباس غير عبد الله بن عمير الذي خرَّج له مسلم وابن ماجه، فلا ندري ما هو مستند أحمد بن صالح المصري فيما قاله، وتبعه عليه غيره؟ والله تعالى أعلم بالصواب.

تنبيه: لم نتنبه لهذه النكتة في تخريجنا لـ "سنن أبي داود" فضعفنا الإسناد هناك على أن عبيد بن عمير هو مولى ابن عباس المجهول، فيستدرك من هنا.

وقد روي معنى هذا الحديث من وجهين آخرين عن ابن عباس، فقد أخرج البخاري (1770) و (2050) و (2098) و (4519)، وابن حبان (3894) من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: كان ذو المجاز وعكاظ متجر الناس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك، حتى نزلت:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج.

وأخرج أبو داود (1731) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قرأ هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} قال: كانوا لا يتجرون بمنًى، فأُمروا بالتجارة إذا أفاضوا من عرفات. ويزيد بن أبي زياد وهو الهاشمي ضعيف.

وسوق ذي المجاز، بفتح الميم وتخفيف الجيم، قال الأزرقي في "أخبار مكة" 1/ 191: هو سوق لهذيل عن يمين الموقف من عرفة على فرسخ منه.

ص: 526

وسالم: أن ابن عمر كان إذا مَرَّ بذِي الحُلَيفة بات بها حتى يُصبحَ، ويخبرُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعلُ ذلك

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه هكذا.

(1)

إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد، ونافع: هو مولى ابن عمر، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر.

وأخرجه أبو يعلى (5461)، وابن خزيمة (2615) من طريقين عن أحمد بن إسحاق الحضرمي، بهذا الإسناد.

وأخرج معناه أحمد 9/ (5594) عن موسى بن طارق، عن موسى بن عقبة، عن نافع وحده: أنَّ ابن عمر كان إذا صدر من الحج أو العمر، أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة، وحدَّث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرِّس بها حتى يصلي صلاة الصبح.

وبنحو حديث أحمد أخرجه البخاري (1767)، ومسلم (1345)(432) من طريق أنس بن عياض، عن موسى بن عقبة، عن نافع وحده: كان ابن عمر إذا صدر عن الحج أو العمرة، أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم ينيخ بها. هكذا بصورة الموقوف.

وأخرج البخاري (484) و (491)، ومسلم (1259)(228) من طريق أنس بن عياض، عن موسى بن عقبة، عن نافع وحده: أنَّ ابن عمر أخبره أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل بذي الحليفة حين يعتمر، وفي حجته حين حج

وفيه: فإذا ظهر من بطن وادٍ أناخ بالبطحاء التي على شفير الوادي الشرقية، فعرّس حتى يصبح

الحديث، هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل بذي طوى، ويبيت حتى يصلي الصبح حين يقدم مكة.

وبنحو لفظ مسلم أخرجه أحمد (9 / (5600)، والنسائي (3831) من طريقين آخرين عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا أيضًا.

وأخرجه بعبارات بعضها متفق وبعضها مختلف، إلّا أنَّ جميعها في المعنى نفسه: أحمد 8/ (4628) و (4819) و 10/ (5756) و (5922) و (6004)، والبخاري (1532) و (1533) و (1573) و (1574) و (1769) و (1799)، ومسلم (1259)(226) و (1345)(430) و (431)، وأبو داود (1865) و (2012) و (2031) و (2044)، وابن ماجه (3069)، والترمذي (921)، والنسائي (3627) و (4231) من طرق عن نافع، عن ابن عمر.

وأخرج مسلم (1188)، والنسائي (3625) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر قال: بات رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة مبدأه، وصلَّى في مسجدها.

ص: 527

1668 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب إملاءً، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سَلَمة، أنَّ عبد الله بن الفضل حدَّثه عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرةَ قال: كان من تَلبيةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لبيك إلهَ الحَقِّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1669 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا عُبيد الله بن عمر القَوَارِيري، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا محمد بن إسحاق، عن نافع عن ابن عمر: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَبَّدَ رأسَه بالغِسْل

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 14 / (8497) و (8629) و 16 / (10171)، وابن ماجه (2920)، والنسائي (3718)، وابن حبان (3800) من طرق عن عبد العزيز بن عبد الله الماجشون، بهذا الإسناد.

قال النسائي: لا أعلم أحدًا أسند هذا الحديث غير عبد الله بن الفضل، وعبد الله بن الفضل ثقة، خالفه إسماعيل بن أمية. قلنا: رواية إسماعيل بن أمية هذه أوردها ابن ناصر الدين الدمشقي في "جامع الآثار" 5/ 481، وعزاها إلى "جامع" عبد الرزاق، يرويه عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن عبد الرحمن الأعرج قال: بلغني أنه كان من إهلال النبي صلى الله عليه وسلم

فذكره مرسلًا. ولم نجد هذه الرواية في "مصنف عبد الرزاق" ولا في "جامع معمر"، وهي لا تُعِلُّ روايةَ عبد الله بن الفضل فهو ثقة، وزيادته مقبولة، والله أعلم.

وخالف الرواة عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون يزيدُ بنُ هارون، فقد أخرجه أبو حاتم - كما في "العلل" لابنه 3/ 219 (812) - عن محمد بن إسماعيل البختري، عن يزيد بن هارون، عن عبد العزيز بن الماجشون، عن عبد الله بن الفضل، عن الأعرج، عن أبي سلمة - وهو ابن عبد الرحمن بن عوف - عن أبي هريرة، رفعه، فزاد أبا سلمة بين الأعرج وأبي هريرة، ويزيد بن هارون وإن كان ثقة إلّا أنَّ زيادته هذه شاذة لمخالفته جمعًا من أصحاب ابن الماجشون، والله أعلم.

(2)

حديث حسن لولا عنعنة محمد بن إسحاق، فلم نقع له على تصريح بالسماع لهذا الحديث من نافع مولى ابن عمر، لكن يشهد له الحديث المتفق عليه من طريق سالم عن ابن عمر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لو ما كان يهلُّ ملبِّدًا، كما سيشير إليه المصنف بعده، لذلك جوَّد إسناده الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 7/ 429. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي. =

ص: 528

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه، إنما اتفقا على حديث سالم عن ابن عمر: أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُهِلُّ مُلبِّدًا

(1)

.

1670 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث بن هشام، عن خَلّاد بن السائب، عن أبيه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"أتاني جبريلُ فقال: مُرْ أصحابَك أن يَرفَعوا أصواتَهم بالإهلال والتَّلبية"

(2)

.

= وأخرجه أبو داود (1748) عن عبيد الله بن عمر القواريري، بهذا الإسناد.

والغِسْل: بكسر الغين المعجمة وسكون السين المهملة، كذا ضُبطت في أصولنا الخطية، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 5/ 280: ضبطناه في روايتنا في "سنن أبي داود" بالمهملتين يعني بالعَسَل، وهو معروف - ونقل عن ابن الصلاح قوله: يحتمل أنه بفتح المهملتين، ويحتمل أنه بكسر المعجمة وسكون المهملة: وهو ما يُغسَل به الرأس من خَطْميٍّ أو غيره. قلنا: والخطمي بكسر الخاء المعجمة وفتحها وسكون الطاء المهملة - وقيل: بل بفتح الخاء وجهًا واحدًا -: هو ضرب من النبات يُغسَل به الرأس.

قال ابن عبد البر في "الاستذكار" 13/ (18295): التلبيد سنّة الخلق، وذلك أنه من لبَّد رأسه بالخطمي وما أشبهه مما يمنع وصول التراب إلى أصول الشعر وقاية لنفسه.

(1)

أخرجه البخاري (1540)، ومسلم (1184).

(2)

إسناده صحيح. الحميدي: هو عبد الله بن الزبير القرشي الأسدي، وسفيان: هو ابن عيينة، وعبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمد بن عمرو بن حزم، وصحابيه هو: السائب بن خلاد بن سويد الأنصاري.

وأخرجه أحمد 27/ (16557/ 1) و (16569)، وابن ماجه (2922)، والترمذي (829)، والنسائي (3719)، وابن حبان (3802) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد (16567)، وأبو داود (1814) من طريق مالك بن أنس، وأحمد (16568) من طريق ابن جريج، كلاهما عن عبد الله بن أبي بكر، به.

وأخرج أحمد (16566) من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي لبيد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن السائب بن خلاد: أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كن عجّاجًا ثجّاجًا. =

ص: 529

وقد قيل: عن خَلّاد بن السائب عن زيد بن خالد الجُهَني:

1671 -

أخبرَناه عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيبة، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي لَبيد، عن المُطَّلب بن عبد الله بن حَنْطَب، عن خَلَّاد بن السائب، عن زيد بن خالد الجُهَنيِّ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "جاءني جبريلُ فقال: يا محمد، مُرْ أصحابَك فليرفَعوا صِياحَهم بالتَّلبية، فإنها شِعارُ الحج"

(1)

.

وقيل: عن المطَّلب بن عبد الله بن حَنْطب عن أبي هريرة:

1672 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أنبأ ابن وَهْب، أخبرني أسامة بن زيد، أنَّ محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وعبدَ الله بنَ أبي لَبِيد، أخبراه عن المطَّلب بن عبد الله بن حَنْطَب قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمرني جبريلُ برفع الصَّوت بالإهلال، فإنَّه من شعائر الحج"

(2)

.

= والعج: التلبية، والثج: نحر البُدن.

وسيأتي بعده من طريق عبد الله بن أبي لبيد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن خلاد بن السائب، عن زيد بن خالد الجهني، فجعله من مسند زيد بن خالد الجهني، وقد صحَّح المصنف هنا الإسنادين جميعًا، وكذلك ابن حبان، فقد قال: سمع هذا الخبر خلاد بن السائب من أبيه، ومن زيد بن خالد الجهني، ولفظاهما مختلفان، وهما طريقان محفوظان. ورجَّح الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 602/ 15 رواية المطلب عن خلاد عن زيد الجهني، أما الإمام البخاري فقد رجَّح رواية عبد الملك عن خلاد عن أبيه، كما في "العلل الكبير" للترمذي 1/ 377، وتابعه على ذلك الترمذي في "جامعه" فقال في حديث زيد بن خالد: لا يصح، والصحيح هو: خلاد بن السائب عن أبيه. قلنا: وغاية ما فيه أنه اختلاف في اسم الصحابي، ولا يؤثر ذلك في صحة الحديث.

(1)

إسناده صحيح سفيان: هو ابن سعيد الثوري.

وأخرجه أحمد 36/ (21678)، وابن ماجه (2923)، وابن حبان (3803) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

(2)

حديث صحيح، لكن من غير حديث أبي هريرة، أسامة بن زيد - وهو الليثي - عنده مناكير، =

ص: 530

هذه الأسانيد كلُّها صحيحة، وليس يُعلِّل واحدٌ منها الآخر، فإنَّ السلف رضي الله عنهم كان يجتمع عندهم الأسانيد لمتنٍ واحدٍ كما يجتمع عندنا الآن، ولم يخرج الشيخان هذا الحديث.

1673 -

أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعراني، حدثنا جَدِّي، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثني محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك، أخبرنا الضَّحّاك بن عثمان، عن محمد بن بن المُنكَدِر، عن عبد الرحمن بن يَرْبُوع، عن أبي بكرٍ الصِّدِّيق: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئِل: أيُّ العملِ أفضل؟ قال: "العَجُّ والثَّجُّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= وقد وهم فيه فجعله من حديث أبي هريرة، والصواب أنه من حديث عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب عن خلاد بن السائب عن زيد بن خالد الجهني، كما في الرواية التي قبل هذه. ثم إنه لا يصح تصريح المطلب بن عبد الله بسماعه من أبي هريرة، إذ لا يُعرف له سماع منه كما ذكر البخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 292، وذكر أبو حاتم الرازي كما في "المراسيل"(780)، "والعلل"(243) - كلاهما لابنه - أنَّ المطلب بن عبد الله عن أبي هريرة مرسل. وانظر "تحفة التحصيل" ص 307.

والحديث أخرجه أحمد 14/ (8314) عن روح بن عباد، عن أسامة بن زيد، عن عبد الله بن أبي لبيد وحده، بهذا الإسناد.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإنَّ محمد بن المنكدر لم يسمع من عبد الرحمن بن يربوع، كما قال الترمذي. الفضل جد إسماعيل: هو ابن محمد بن المسيب الشعراني، وإبراهيم ابن حمزة: هو ابن محمد بن حمزة بن مصعب الزبيري.

وأخرجه ابن ماجه (2924)، والترمذي (827) من طرق عن ابن أبي فديك بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: غريب لا نعرفه إلّا من حديث ابن أبي فديك عن الضَّحاك بن عثمان، ومحمد بن المنكدر لم يسمع من عبد الرحمن بن يربوع.

وله شاهد بإسناد حسن من حديث عبد الله بن مسعود، أخرجه أبو يوسف القاضي في "الآثار"(459)، وأبو يعلى (5086).

وآخر من حديث ابن عمر، أخرجه ابن ماجه (2896)، والترمذي (2998)، وفيه إبراهيم بن يزيد الخُوزي، متروك، وبعضهم اتهمه.

ص: 531

قال أبو عُبيد: العَجُّ: رفع الصوت بالتلبية، والثّجُ: نحر البُدْن ليثُجَّ الدم من المَنْحَر.

1674 -

حدثني أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا عَبيدة بن حُميد، حدثني عُمارة بن غَزِيّة، عن أبي حازم، عن سَهْل بن سعدٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مُلَبٍّ يُلبِّي إلَّا لَبّى ما عن يَمينه وعن شِمالِه من شجرٍ وحَجَرٍ حتى تنقطعَ الأرضُ من هاهنا وهاهنا، عن يَمينِه وعن شِمالِه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1675 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثني يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني خُصَيف بن عبد الرحمن الجَزَري، عن سعيد بن جُبير قال: قلتُ لعبد الله بن عباس: يا أبا العباس عَجِبتُ لاختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إهلالِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حين أَوجَبَ، فقال: إنِّي لأعلمُ الناسِ بذلك، إِنَّهَا إِنَّما كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حَجةٌ واحدة، فمن هناك اختَلَفوا، خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حاجًّا، فلمّا صلَّى في مسجده بذي الحُلَيفة ركعتيه أوجَبَه في مَجلِسه، فأهلَّ بالحجِّ حين فَرَغَ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوامٌ فحَفِظَه

(2)

عنه، ثم ركب، فلمّا استَقلَّت به ناقتُه أهلَّ، وأدرَكَ ذلك منه أقوامٌ، وذلك أنَّ الناس كانوا يأتون أرسالًا، فسَمِعوه حين استقلَّت

(1)

إسناده صحيح. أبو حازم: هو سلمة بن دينار.

وأخرجه الترمذي بإثر الحديث (828) عن الحسن بن محمد الزعفراني وعبد الرحمن بن الأسود، عن عبيدة بن حميد بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (2921)، والترمذي (828) من طريق إسماعيل بن عياش، عن عمارة بن غزية، به.

(2)

كذا في نسخنا الخطية، أما في "مسند أحمد": فحفظوا، وفي "سنن أبي داود" و"سنن البيهقي": فحفظته.

ص: 532

به ناقتُه يُهِلُّ، فقالوا: إنما أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استقلَّت به ناقتُه، ثم مَضَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلما عَلَا على شَرَفِ البَيْداء أهلَّ، وأدرَكَ ذلك منه أقوامٌ، فقالوا: إنما أهلَّ حين عَلَا على شَرَفِ البيداء، وايمُ الله، لقد أوجَبَ في مُصلّاه، وأهلَّ حين استقلَّت به ناقتُه وأهلَّ حين عَلَا شَرَفَ البَيْداء.

قال سعيد بن جُبير: فمَن أخذ بقول ابن عباس، أهلَّ في مُصلّاه إِذا فَرَغَ من ركعتيه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم مفسَّر في الباب، ولم يخُرجاه.

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في جُمادى الآخرة سنة سَتِّ وتسعين وثلاث مئة:

1676 -

أخبرنا أبو عمرو عثمانُ بن أحمد بن عبد الله بن السَّمّاك ببغداد، حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي، حدثنا وَهْب بن جَرِير، حدثنا أبي، قال: سمعتُ محمد بن إسحاق يحدِّث عن أبي الزِّناد، عن عائشةَ بنت سعد بن أبي وقاصٍ قالت: قال سعد بنُ أبي وقّاص: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخَذَ طريقَ الفُرْع أهلَّ إذا استقلَّت به راحلتُه

(2)

.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين، ابن إسحاق - وهو محمد - صرَّح بالتحديث، وخصيف بن عبد الرحمن الجزري - وإن كان في حفظه شيء - مختلف فيه، وحديثه يصلح للمتابعات، وباقي رجاله ثقات. وهو في "مسند أحمد" 4/ (2358).

وأخرجه أبو داود (1770) عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (1655).

(2)

إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق لم يصرِّح بسماعه من أبي الزناد - وهو عبد الله بن ذكوان - وقال الدارقطني فيما نقله عنه ابن طاهر في "أطراف الغرائب" 1/ 341: تفرَّد به محمد بن إسحاق عن أبي الزناد وقال ابن كثير في البداية والنهاية 7/ 439: فيه غرابة ونكارة.

وأخرجه أبو داود (1775) عن محمد بن بشار، عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد. وزاد فيه: فإذا أخذ طريق أحد أهلَّ إذا أشرف على جبل البيداء. =

ص: 533

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1677 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا الحسين بن الحسن المُهاجري، حدثنا هارون بن سعيد الأَيْلي، حدثنا ابن وَهْب، أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن الزُّهري ويحيى بن عبد الله بن سالم، أن عَمْرًا مولى المُطَّلب أخبرهما عن المُطَّلب بن عبد الله بن حَنْطب، عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لَحمُ صَيدِ البَرِّ لكم حلالٌ، وأنتم حُرُم ما لم تَصِيدُوه أو يُصاد

(1)

لكم"

(2)

.

=والفُزْع - بضم الفاء وسكون الواو، ويقال بضمها -: موضع بأعالي المدينة واسع، فيه مساجد للنبي صلى الله عليه وسلم و منابر وقرى كثيرة. "انظر مشارق الأنوار"2/ 167 للقاضي عياض.

(1)

كذا الرواية هنا "يصاد" وكذلك هي في بعض المصادر، وفي مواضع أخرى من "المستدرك" وكذا في مصادر أخرى:"يصد" على الأصل في العطف على المجزوم، أما رواية "يصاد" فهي جائزة على لغةٍ، بل قال السندي في حاشية النسائي: الوجه نصب "يصاد" على أنَّ "أو" بمعنى: إلّا أن، وحينئذٍ فلا إشكال.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن إن صحَّ سماع المطلب بن عبد الله بن حنطب من جابر ابن عبد الله، فقد قال أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" لابنه 8/ 359: يشبه أن يكون أدركه، وفي "المراسيل" لابنه أيضًا (785) قال: لم يسمع من جابر. قلنا: وعمرو مولى المطلب - وهو ابن أبي عمرو - صدوق لا بأس به، وقد اختلف عليه في هذا الحديث، فرواه بعضهم عنه عن المطلب عن جابر، كما هنا، ورواه بعضهم عنه عن رجل من الأنصار عن جابر، كما سيأتي برقم (1768)، وقال آخرون: عنه عن رجل ثقة من بني سلمة، وقال بعضهم: عنه عن المطلب عن أبي مو موسى، وقد فصلنا تخريج ذلك في "مسند أحمد" 23/ (14894).

أخرجه أحمد (14894)، وأبو داود (1851)، والترمذي (846)، والنسائي (3796)، وابن حبان (3971) من طريقين عن يعقوب بن عبد الرحمن وحده، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث جابر مفسَّر، والمطلب لا نعرف له سماعًا من جابر. ثم قال: قال الشافعي: هذا أحسن حديث روي في هذا الباب وأقيَس.

وسيأتي الحديث في "المستدرك" من طريق ابن وهب برقم (1766)، ومن طريق مالك بن أنس عن عمرو مولى المطلب برقم (1767)، ومن طريق سليمان بن بلال عن عمرو مولى المطلب برقم (1768)، ومن طريق عبد العزيز الدراوردي عن عمرو مولى المطلب عن رجل من الأنصار =

ص: 534

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1678 -

أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن محمد، حدثنا إسحاق بن عيسى بن الطَّباع، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن ابن عباسٍ أنه قال: يا زيدُ بنَ أرقمَ، هل عَلِمتَ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُهدِيَ له بَيضاتُ نعامٍ وهو حرامٌ فردَّهُنَّ؟ قال: نعم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1679 -

أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله التاجر، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا ابن جُرَيج، أخبرني

= عن جابر برقم (1769).

وفي الباب عن أبي قتادة عند أحمد 37/ (22526)، وإسناده صحيح.

وعن رجل من بهز عند أحمد 25/ (15744).

وعن طلحة بن عبد الله عند أحمد أيضًا 3 / (1383)، وفي تلك المواضع من "المسند" تمام تخريج هذه الشواهد.

(1)

إسناده صحيح. الحارث بن محمد: هو ابن أبي أسامة، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه أحمد 32/ (19294) و (19311)، وأبو داود (1850)، والنسائي (3789)، وابن حبان (3968) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. لكن وقع عندهم:"عضو صيد" بدلًا من "بيضات نعام".

وأخرج أحمد (19271) و (19341)، ومسلم (1195)، والنسائي (3790) من طريق طاووس، عن ابن عباس قال: قدم زيد بن أرقم فقال له عبد الله بن عباس يستذكره: كيف أخبرتني عن لحم صيد أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حرام؟ قال: أهدي له عضوٌ من لحم صيد فردّه، فقال:"إنا لا نأكله؛ إنا حرم".

وأخرج أحمد 26/ (16422)، والبخاري (1825) و (2596)، ومسلم (1193)، وابن ماجه (3090)، والترمذي (849)، والنسائي (3787) و (3788)، وابن حبان (3967) و (3969) من حديث عبد الله بن عباس، عن الصعب بن جثّامة: أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارًا وحشيًا وهو بالأبواء - أو بوَدَّان - فردَّه عليه، فلما رأى ما في وجهه قال:"إنا لم نرده عليك إلّا أنّا حُرُم". واللفظ للبخاري.

ص: 535

عبد الله بن عُبيد بن عُمَير، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمّارٍ قال: لقيتُ جابرَ بنَ عبد الله فسألتُه عن الضَّبُع، أنأكلُها؟ فقال: نعم، قلتُ: أصيدٌ هي؟ قال: نعم، قلت: أسمعتَه من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد لخّصَه جَرِير بن حازم عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير:

1680 -

أخبرَناه أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا وكيع، عن جَرِير بن حازم، عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير، عن عبد الرحمن بن أبي عمَّار، عن جابر بن عبد الله قال: جَعَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الضَّبُع يُصيبُه المُحرِمُ كَبْشًا نجديًّا، وجَعَلَه من الصَّيد

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.

وأخرجه أحمد 22/ (14425) و (14449)، والترمذي (851) و (1791)، والنسائي (3805) و (4816)، وابن حبان (3965) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال البخاري - كما في "العلل الكبير" للترمذي (551) -: هو حديث صحيح.

وأخرجه أحمد 22 / (14165)، وابن ماجه (3236) من طريق إسماعيل بن أمية، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، به. وانظر ما بعده.

قال الإمام البغوي في "شرح السنة" 7/ 271: اختلف أهل العلم في إباحة لحم الضبع، فروي عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يأكل الضَّبع، وروي عن ابن عباس إباحة لحم الضبع، وهو قول عطاء، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وكرهه جماعة، يروى ذلك عن سعيد بن المسيب، وبه قال ابن المبارك ومالك والثوري وأصحاب الرأي، واحتجوا بأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع، وهذا عند الآخرين عامٌّ خصه حديث جابر.

وانظر "شرح مشكل الآثار" للطحاوي 9/ 92 وما بعدها، و "نصب الراية" للزيلعي 4/ 193 - 194.

تنبيه: وقع اضطراب في الطبعة الهندية القديمة للمستدرك، نتج عنه تداخل بين هذا الحديث وبين الذي بعده، وتبعها في هذا التخليط سائر الطبعات التي اعتمَدَت عليها! ووقع على الصواب في نسخنا الخطية.

(2)

إسناده صحيح. محمد بن عبد السلام: هو النيسابوري الوراق، وإسحاق بن إبراهيم: هو =

ص: 536

1681 -

حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الجَرَّاح بمَرْو، حدثنا يحيى بن ساسَوَيْهِ، حدثنا محمد بن أبي يعقوب، حدثنا حسان بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الضَّبُعَ صَيدٌ، فإذا أصابه المُحرِمُ ففيه جزاءٌ؛ كَبْشٌ مُسِنٌّ، ويُؤكَل"

(1)

.

=ابن راهويه، ووكيع: هو ابن الجراح.

وأخرجه ابن ماجه (3085) عن علي بن محمد، عن وكيع بهذا الإسناد.

وأخرج أبو داود (3801) عن محمد بن عبد الله الخزاعي، وابن حبان (3964) من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن جرير بن حازم، به إلى جابر بن عبد الله قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال: "هي صيد وفيها كبش". لفظ ابن المبارك، ولفظ الخزاعي: قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال: "هو صيد، ويُجعل فيه كبش إذا صاده المحرم".

(1)

رجاله ثقات غير إبراهيم - وهو ابن ميمون - الصائغ، وحسان بن إبراهيم - وهو الكرماني - فمختلف فيهما، وبالجملة فهما صدوقان لا بأس بهما، لكن قد خولفا في إسناد هذا الحديث، فرواه إبراهيم الصائغ هنا عن عطاء - وهو ابن أبي رباح - عن جابر مرفوعًا، وخالفه غيره فوقفه، ورجَّح الطحاوي الموقوف كما سيأتي في التخريج.

وأخرجه ابن خزيمة (2648)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 164 - 165، وفي "شرح مشكل الآثار"(3472)، والدارقطني (2539)، والبيهقي 183/ 5 و 9/ 319 من طرق عن حسان بن إبراهيم، بهذا الإسناد. ولفظه عند الطحاوي: عن جابر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الضبع، فقال:"هي من الصيد"، وجعل فيها إذا أصابها المحرم كبشًا مسنًا ويؤكل.

وخالف إبراهيمَ الصائغَ منصورُ بن زاذان - وهو ثقة - فرواه عن جابر موقوفًا؛ أخرجه ابن خزيمة (2647)، والطحاوي في "شرح المعاني" 2/ 165، وفي "شرح المشكل" 9/ 98، والدارقطني (2547)، والبيهقي 5/ 183 من طريق منصور بن زاذان، عن عطاء، عن جابر قال: قُضِي في الضبع بكبش.

وتابع منصورًا على وقفه عبدُ الكريم بن مالك الجزري، فيما أخرجه الطحاوي في "شرح المشكل" 9/ 98 من طريقه عن عطاء عن جابر قال في الضبع إذا أصابه المحرم: كبش. قال الطحاوي: إبراهيم الصائغ - وإن كان مكانه من العلم الذي هو مكانه منه - قد خالفه في هذا الإسناد رجلان ليسا دونه وهما منصور بن زاذان وعبد الكريم بن مالك الجزري

ثم قال: وكان اثنان أولى بالحفظ من واحد. =

ص: 537

هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه، وإبراهيم بن ميمون الصائغ زاهدٌ عالمٌ، أدرك الشهادة رضي الله عنه.

1682 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا رَوح بن عُبادة، حدثنا زكريا بن إسحاق، حدثنا عمرو بن دينار، عن طاووسٍ، قال: قال ابن عباس: احتَجَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو مُحرِم على رأسِه

(1)

.

=قلنا: وخالفهم جميعهم عبد الملك بن أبي سليمان، فرواه عن عطاء، عن جابر قال: قضى عمر في الضبع كبشًا. أخرجه من طريقه البيهقي 5/ 184، ويغلب على ظننا - والله أعلم - أن عبد الملك قد وهم في جعله من قضاء عمر في رواية عطاء عن جابر، والصواب أن قضاء عمر إنما هو من رواية أبي الزبير عن جابر، فقد أخرج مالك 1/ 414، والشافعي في "الأم" 3/ 494 و 531، وعبد الرزاق (8224)، والطحاوي في "شرح المعاني" 2/ 164، وفي "شرح المشكل" 9/ 96، والبغوي في "شرح السنة"(1993)، والبيهقي 5/ 183 من طرق عن أبي الزبير، عن جابر: أنَّ عمر حكم في الضبع كبشًا.

(1)

إسناده صحيح. طاووس: هو ابن كيسان اليماني.

وأخرجه أحمد 5 / (3524) عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/ (1922) و (1923)، والبخاري (1835) و (5695)، ومسلم (1202)، وأبو داود (1835)، والترمذي (839)، والنسائي (3815) و (3816)، وابن حبان (3951) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، به. دون ذكر الرأس. وقرن عمرو بن دينار بطاووس عطاءَ بن أبي رباح، وعند بعضهم رواه مرة عن طاووس وحده ومرة عن عطاء وحده.

وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه بذكر الرأس أحمد 4/ (2108)، والبخاري (5700)، ومعلقًا برقم (5701)، وأبو داود (1836)، والنسائي (7555)، وابن حبان (3950) من طريق عكرمة، عن ابن عباس قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم في رأسه وهو محرم من وجع كان به. وفي رواية: من شقيقة كانت به.

وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس ليس فيها ذكر الرأس، وقد وقع في بعضها: وهو محرم، وهو صائم، وفي بعضها: وهو محرم صائم، أخرجها أحمد في "المسند" 3/ (1849) و 4/ (2560) و (2666) و 5/ (2888)، واستوعبنا هناك في المسند تمام تخريجه وبيان خطأ رواية محرم، صائم، فلينظر.

ص: 538

هذا حديث مُخرَّج بإسناده في الصحيحين" دون ذكر الرأس، وهو صحيح على شرطهما.

1683 -

أخبرنا أبو النَّضْر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارمي، حدثنا يحيى بن مَعين، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن قَتادة، عن أنس: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم احتَجَمَ وهو مُحرِمٌ على ظهر القَدَمين من وَجَعٍ كان به

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه الزيادة.

1684 -

حدثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ، حدثنا أبي، حدثنا أبو كُرَيب، حدثنا حفص بن غِيَاث، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسْوَد، عن عبد الله: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مُحْرِمًا أن يَقتُلَ حيّةٌ في الحَرَم بمِنَى

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، لكن أعله أبو داود - فيما رواه عن أحمد - بأنَّ سعيد بن أبي عروبة قد رواه عن قتادة فأرسله. قلنا: ورواية معمر عن قتادة فيها كلام لأهل العلم، وأما سعيد بن أبي عروبة فهو ثبت في قتادة، ثم إنَّ معمرًا قد خالف هنا في متنه، فالمحفوظ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد احتجم في رأسه، كما في حديث ابن عباس السابق، وكذا في حديث ابن بحينة في "الصحيحين" وغيرهما، لكن إن ثبت حديث معمر هذا فهو محمول على تعدد القصة، كما ذهب إلى ذلك الإمام ابن خزيمة فقد صحَّحه برقم (2659) مستدلًا به على أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم احتجم محرمًا غير مرةٍ مرةً على الرأس ومرة على ظهر القدم، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 17/ 457: وليست هذه بعلة قادحة - يعني رواية سعيد عن قتادة المرسلة - والجمع بين حديثي ابن عباس وأنس واضح بالحمل على التعدد، أشار إلى ذلك الطبري.

والحديث أخرجه أحمد 20 / (12682)، وعنه أبو داود (1837).

وأخرجه النسائي (3818) و (7554)، وابن حبان (3952) من طريق إسحاق بن راهويه، كلاهما (أحمد وإسحاق) عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وقد روى نحوه حميد الطويل عن أنس، لكن لم يحدد مكان الحجامة، فقد أخرجه أحمد 21 / (13816) من طريقه قال: سئل أنس عن الحجامة للمحرم، فقال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع كان به.

وانظر ما سيأتي برقم (7667).

(2)

حديث صحيح، أبو بكر بن أبي دارم - واسمه أحمد بن محمد بن السري بن يحيى التميمي - =

ص: 539

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه هكذا.

1685 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، حدثنا الحسن بن الرَّبيع، حدثنا عبد الله بن إدريس، حدثنا محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عبَّاد بن عبد الله بن الزُّبير، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر الصديق قالت: خَرَجْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حُجّاجًا، وإِنَّ زِمَالَةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وزِمَالةَ أبي بكرٍ واحدةٌ، فنَزَلْنَا العَرْج، وكانت زِمَالتُنا مع غلامِ أبي بكر، قالت: فجلس رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وجلست عائشةُ إلى جَنْبه، وجلس أبو بكر إلى جَنْب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشِّقِّ الآخَر، وجلستُ إلى جَنْبِ أبي ننتظرُ غلامَه وزمالَتَه حتى يأتِيَنا، فاطَّلَع الغلامُ يمشي ما مَعَه بعيرُه، قال: فقال له أبو بكر: أين بعيرُك؟ قال: أَضلَّني الليلةَ،

= فيه كلام، وأبوه - وهو ابن أخي هناد بن السري - مجهول، لكنهما قد توبعا. أبو كريب: هو محمد بن العلاء، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي، وهو خال إبراهيم، وصحابيه عبد الله: هو ابن مسعود رضي الله عنه.

وأخرجه مسلم (2235) عن أبي كريب، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهول منه رحمه الله.

وخالف أبا كريب في إسناده ومتنه عبدُ الصمد بنُ عبد الوارث، فرواه عن حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل حية بمنى. لم يذكر أن المأمور بقتل الحية كان محرمًا، أخرجه أحمد في "المسند" 7/ (3990).

وأخرج نحوه مطولًا مفسَّرًا البخاريُّ (1830) و (4934)، ومسلم (2234) وغيرهما عن عمر بن حفص بن غياث، عن حفص بن غياث، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن ابن مسعود قال: بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غارٍ بمنى، إذ نزل عليه:{وَالْمُرْسَلَاتِ} وإنه ليتلوها، وأني لأتلقاها من فيه، وإنَّ فاه لرطبٌ بها، إذ وثبت علينا حية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اقتلوها" فابتدرناها فذهبت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"وُقِيَتْ شرَّكم كما وُقيتمُم شرَّها". وهذا الحديث سيأتي في "المستدرك" برقم (3031) دون ذكر قصة الحية، من طريق عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن ابن مسعود، وسيأتي تمام تخريجه هناك، وقد وقع اختلاف كبير في إسناده، ورجَّح الدارقطني في "العلل"(728) طريق حفص عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن ابن مسعود، كما في "الصحيحين".

ص: 540

قالت: فقام أبو بكرٍ يَضربُه ويقول: بعيرٌ واحدٌ أضلَّك وأنت رجل؟! فما يزيدُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على أن يتبسَّمَ ويقول: "انظروا إلى هذا المُحرِم ما يَصنَعُ"

(1)

.

1686 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا محمد بن شاذان الجَوهَري، حدثنا زكريا بن عَدِيّ، حدثنا علي بن مُسهِر، عن هشام بن عُروة، عن فاطمةَ بنت المُنذِر، عن أسماء بنت أبي بكرٍ قالت: كنا نُغطِّي وُجوهَنا من الرِّجال، وكنا نَتمشِطُ قبلَ ذلك في الإحرام

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1687 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو سعيد الحسن بن عبد الصَّمد، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك، عن هشام بن سعد،

(1)

إسناده ضعيف محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.

وأخرجه أحمد 44/ (26916)، وأبو داود (1818)، وابن ماجه (2933) من طريق عبد الله بن إدريس بهذا الإسناد.

والزِّمالة، بكسر الزاي: أدوات السفر وآلاته مما يتعلق به.

والعَرْج: بفتح فسكون، قرية جامعة من عمل الفُرْع جنوب المدينة على بعد (113) كم تقريبًا.

(2)

إسناده صحيح، على خلاف في إسناده لا يضر، كما سيأتي هشام بن عروة: هو ابن الزبير بن العوام، وفاطمة بنت المنذر هي زوجته، وهي بنت المنذر بن الزبير بن العوام، وأسماء بنت أبي بكر جدتهما.

وأخرجه ابن خزيمة (2690) عن محمد بن العلاء بن كريب، عن زكريا بن عدي، عن إبراهيم بن حميد، عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وبهذا يكون محمد بن العلاء قد خالف محمدَ بنَ شاذان، فجعل إبراهيم بن حميد بدلًا من علي بن مسهر، ومحمد بن العلاء وإن كان أوثق من محمد بن شاذان وأشهر - إلّا أنَّ هذا الخلاف لا يضر في صحة الإسناد، إذ إنَّ كُلًّا من علي بن مسهر وإبراهيم بن حميد ثقة.

وأخرج مالك في "الموطأ" 1/ 328 عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر قالت: كنا نخمِّر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق.

ص: 541

عن زيد بن أسلمَ، عن أبيه قال: سمعتُ عمر بنَ الخطاب يقول: فيمَ الرَّمَلانُ الآن والكشفُ عن المَناكِب؟! وقد أطَّأَ

(1)

اللهُ الإسلامَ ونَفَى الكفرَ وأهلَه، ومع ذلك لا نتركُ شيئًا كُنّا نَصنعُه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1688 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهاني الزاهد إملاءً، حدثنا أحمد بن يونس الضَّبِّي، حدثنا يعلى بن عُبيد الطَّنافِسي، حدثنا محمد بن عَوْن، عن نافع، عن ابن عمرَ قال: استقبَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الحَجَرَ واسْتَلَمَه، ثم وَضَعَ شَفَتَيْه عليه يَبكي طويلًا، فالتَفَتَ فإذا عمرُ يبكي، فقال:" يا عمرُ، هاهنا تُسكَبُ العَبَراتُ"

(3)

.

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: أضاء، والمثبت من المطبوع و "السنن الكبرى" للبيهقي 5/ 79 حيث رواه عن المصنف، وهو الموافق لمصادر التخريج. ومعنى أطَّأَ: أي ثبَّته وأرساه، والهمزة فيه بدل من واو وطّأ.

(2)

صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل هشام بن سعد - وهو المدني - وقد توبع. يحيى بن يحيى: هو النيسابوري.

وأخرجه أحمد 1/ (317) وعنه أبو داود (1887) - عن عبد الملك بن عمرو، وابن ماجه (2952) من طريق جعفر بن عون، كلاهما عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرج البخاري (1605) من طريق محمد بن جعفر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أنَّ عمر بن الخطاب قال: فما لنا وللرَّمَل؟ إنما كنا راءينا به المشركين، وقد أهلكهم الله، ثم قال: شيء صنعه النبي صلى الله عليه وسلم فلا نحب أن نتركه.

والرَّمَلان: الإسراع في المشي.

(3)

إسناده ضعيف جدًّا، محمد بن عون - وهو الخراساني - متروك، قال أبو حاتم: روى عن نافع حديثًا ليس له أصل، قال المزي بعد أن روى الحديث المذكور أعلاه: وكأنه الحديث الذي أشار إليه أبو حاتم.

وأخرجه ابن ماجه (2945) عن علي بن محمد الطنافسي، عن خاله يعلى بن عبيد الطنافسي، بهذا الإسناد.

والعَبَرات: الدموع.

ص: 542

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1689 -

أخبرني أبو بكر محمد بن المُؤمَّل بن الحسن بن عيسى، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيّب، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر - وهو محمد بن علي بن الحسين - عن جابر بن عبد الله قال: دَخَلْنا مكةَ عند ارتفاع الضُّحى، فأَتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بابَ المسجد، فأناخَ راحلتَه ثم دَخَلَ المسجد، فبدأ بالحَجَر فاستَلَمَه، وفاضت عيناهُ بالبكاء، ثم رَمَلَ ثلاثًا، ومَشَي أربعًا حتى فَرَغَ، فلما فَرَغَ قبل الحَجَر، ووَضَعَ يدَيهِ عليه، ومَسَحَ بهما وجهه

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف، فقد تفرد به بهذه السياقة نعيمُ بنُ حماد، وله أوهام، ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن. لكن قصة استلام الحجر دون البكاء، وقصة الرمل ثلاثًا والمشي أربعًا، قد صحَّت من غير طريق محمد بن إسحاق عن أبي جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين، كما سيأتي في التخريج، وأيضًا لقصة دخوله صلى الله عليه وسلم مكة ضحًى وتقبيل الحجر شواهد، وقد جوَّد إسناده ابن كثير في "البداية والنهاية" 7/ 535.

وأخرجه البيهقي 5/ 74 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (2713) عن محمد بن يحيى الذهلي، عن نعيم بن حماد، به.

وأخرج أحمد 23/ (14660) و (14661) و (15007) و (15169) و (15243) و (15275)، ومسلم (1218)(150) و (1263)(235) و (236)، وابن ماجه (2951)، والترمذي (856) و (857)، والنسائي (3922) و (3926) و (3941)، وابن حبان (3810) من طرق عن جعفر بن محمد بن علي - وهو جعفر الصادق - عن أبيه محمد بن علي بن الحسين، عن جابر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه، ثم مشى على يمينه، فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا.

واللفظ لمسلم.

وهو قطعة من حديث جابر الطويل في الحج، أخرجه بطوله من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر: أحمد في "المسند" 22 / (14440)، ومسلم (1218)(147)، وأبو داود (1905)، وابن ماجه (3074)، والنسائي (3954)، وابن حبان (3944).

ولدخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة ضحَى شاهد من حديث ابن عمر: أنه كان إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية، ثم يبيت بذي طوى، ثم يصلي به الصبح ويغتسل، ويحدِّث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل=

ص: 543

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1690 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا محمد بن معاذ، حدثنا أبو عاصم النبيل، حدثنا جعفر بن عبد الله - وهو ابن الحَكَم - قال: رأيتُ محمد بن عبَّاد بن جعفر قَبَّلَ الحَجَرَ وسجد عليه، ثم قال: رأيتُ خالَكَ ابنَ عباس يُقبِّله ويسجُدُ عليه، وقال ابن عباس: رأيتُ عمر بنَ الخطاب قبَّله وسَجَدَ عليه، ثم قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَعَلَ هكذا ففعلتُ

(1)

.

=ذلك. أخرجه البخاري (1573)، ومسلم (1259)(227).

ولتقبيل الحجر الأسود شاهد من حديث عمر بن الخطاب، سيأتي بعد هذا.

(1)

جعفر بن عبد الله ليس هو ابن الحكم كما توهم المصنف فيما قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 2/ 246، وإنما هو: جعفر بن عبد الله بن عثمان كما جاء مصرحًا به في بعض مصادر التخريج، وقد أخرج هذا الحديث العقيلي في "الضعفاء"(256) في ترجمة جعفر بن عبد الله بن عثمان بن حميد القرشي، وقال: مكيٌّ، في حديثه وهمٌ واضطراب. قلنا: وقد اضطرب في هذا الحديث فرواه مرةً من حديث ابن عباس عن عمر مرفوعًا، ومرة عن ابن عباس مرفوعًا لم يذكر فيه عمر، وخالفه ابن جريج - وهو أوثق منه - فرواه من حديث ابن عباس موقوفًا، قال العقيلي: حديث ابن جريج أولى.

محمد بن معاذ: هو ابن يوسف أبو بكر السلمي المروزي، وأبو عاصم النبيل: هو الضحاك بن مخلد.

وأخرجه البيهقي 5/ 74 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي (1907)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 1/ 270، والبزار (215)، وابن خزيمة (2714) من طريق أبي عاصم النبيل، به.

وأخرجه الطيالسي (28)، ومن طريقه أبو يعلى (219)، والدارقطني في "الأفراد"(19)، والبيهقي 5/ 74 عن جعفر بن عبد الله بن عثمان، به قال الدارقطني: هذا حديث غريب من حديث محمد بن عباد بن جعفر المخزومي عن عبد الله بن عباس عن عمر، تفرد به جعفر بن عبد الله بن عثمان القرشي عنه.

وخالف الطيالسيَّ بشرُ بنُ السري، فرواه عن جعفر بن عبد الله بن عثمان، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن ابن عباس: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قبَّل الحجر وسجد عليه. هكذا مرفوعًا ولم يذكر فيه عمر بن الخطاب، أخرجه من هذه الطريق العقيلي في "الضعفاء"(256). =

ص: 544

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1691 -

أخبرنا أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدثنا الحسن بن مُكْرَم البزاز، حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا ابن جُرَيج.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن جُرَيج، أخبرني يحيى بن عُبيد مولى السائب، أنَّ أباه أخبره، أنَّ عبد الله بن السائب أخبره: أنه سَمِع النبيَّ صلى الله عليه وسلم فيما بين ركن بني جُمَحَ والركنِ الأسود يقول: "ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حَسَنَةً وفي الآخرة حَسَنَةً وقِنا عَذابَ النار"

(1)

.

= ورواه ابن جريج عن محمد بن عباد فوقفه على ابن عباس، كما أخرجه عبد الرزاق (8912) - ومن طريقه العقيلي (256) - وأخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" 1/ 329 من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما (عبد الرزاق وابن عيينة) عن ابن جريج، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن ابن عباس موقوفًا. وتحرف في مطبوع "المصنف" محمد بن عباد بن جعفر إلى: محمد بن عباد عن أبي جعفر! وقد جاء على الصواب في أصول "المصنف" الخطية.

وأخرجه الشافعي في "الأم" 3/ 429 - ومن طريقه البيهقي 5/ 75 عن سعيد بن سالم القداح المكي، عن ابن جريج، عن أبي جعفر، عن ابن عباس، موقوفًا أيضًا. وأبو جعفر هذا يغلب على ظننا أنه محمد بن عباد بن جعفر، كما في رواية عبد الرزاق، إن كان سعيد بن سالم حفظه، رغم أننا لم نقف على من كناه أبا جعفر، إلّا أن له ابنًا اسمه جعفر بن محمد بن عباد بن جعفر، وله ترجمة في "التاريخ الكبير" للبخاري، و"الكامل" لابن عدي، و "ضعفاء" العقيلي، و "ثقات" ابن حبان وغيرها. وإن لم يكن كذلك فيكون سعيد بن سالم قد وهم فيه، فقد خالفه عبد الرزاق وابن عيينة، وهما أوثق منه وأثبت، والله أعلم.

وروي هذا الحديث من طريق عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا، وسيأتي في "المستدرك" برقم (1758)، لكن تفرد به يحيى بن سليمان الجعفي عن يحيى بن اليمان العجلي - ولا يحتمل تفردهما إذا خالفا - عن سفيان الثوري.

(1)

إسناده محتمل للتحسين، عبيد مولى السائب - وهو المخزومي - انفرد بالرواية عنه ولده يحيى، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وهو تابعي كبير، بل قد عدَّه بعضهم في الصحابة فوهمَ، والصحيح أنه تابعي كما جاء في ترجمته في "الإصابة"، وباقي رجاله ثقات. محمد بن بكر: هو=

ص: 545

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1692 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا أَسد بن موسى، حدثنا سعيد بن زيد، حدثنا عطاء بن السائب، حدثنا سعيد بن جُبير قال: كان ابن عباسٍ يقول: احفَظوا هذا الحديث، وكان يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان يدعو به بين الرَّكنين:"ربِّ قنِّعني بما رَزَقْتَني، وباركْ لي فيه، واخلُفْ علَيَّ كلَّ غائبةٍ لي بخير"

(1)

.

= البرساني، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.

وهو في "مسند أحمد" 24/ (15398).

وأخرجه أحمد أيضًا (15398) عن عبد الرزاق وروح بن عبادة، وأحمد (15399)، والنسائي (3920)، وابن حبان (3826) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وأبو داود (1892) من طريق عيسى بن يونس، أربعتهم عن ابن جريج، بهذا الإسناد.

وخالفهم سفيان الثوري فرواه عن ابن جريج، عن يحيى بن عبيد، عن أبيه، عن عبد الله بن السائب، عن أبيه فيما سيأتي في "المستدرك" برقم (3135)، وبيَّنا هناك أنه وهمٌ، والله أعلم.

قوله: ركن بني جُمَح، يعني: الركن اليماني، ونُسب إلى بني جُمَح - وهم بطن من قريش - لأنَّ بيوتهم كانت من جهته.

(1)

إسناده ضعيف، عطاء بن السائب اختلط بأخرة، وسماع سعيد بن زيد منه بعد الاختلاط، ثم إنه قد اضطرب في إسناده وفي متنه، فرواه مرة مرفوعًا ومرة موقوفًا، ورواه مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، ومرة عن يحيى بن عمارة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وأطلق الدعاء مرةً، وقيَّده مرةً بما بين الركنين.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(3756)، ومن طريقه ابن حجر في "نتائج الأفكار" 5/ 275 - 276 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. قال ابن حجر: حديث غريب.

وأخرجه ابن خزيمة (2728)، وابن المظفر في الثاني من "الفوائد المنتقاة"(80) من طريقين عن أسد بن موسى، به.

وأخرجه ابن السني في "القناعة"(12)، والسهمي في "تاريخ جرجان"(50) من طريق الحارث بن نبهان، وابن السني (13) من طريق الحسين بن واقد، كلاهما عطاء بن السائب، به.

والحارث بن نبهان متروك لا يفرح بمتابعته، وحسين بن واقد ثقة له أوهام وقد خولف، فرواه=

ص: 546

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، فإنهما لم يحتجا بسعيد بن زيد أخي حماد بن زيد.

1693 -

أخبرنا عبد الله بن محمد الصَّيدلاني، حدثنا علي بن الحسين بن الجُنَيد، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم عبدُ الرحمن بن عبد الله، حدثنا إسرائيل، عن عبد الله بن مسلم بن هُرْمُز، عن مجاهد، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَّل الرُّكنَ اليمانيَ ووَضَعَ خَدَّه عليه

(1)

.

=غير واحد عن عطاء فوقفه:

فقد أخرجه ابن أبي شيبة 4/ 109 و 10/ 368، والفاكهي في "أخبار مكة"(269) من طريق أسباط بن محمد، والبخاري في "الأدب المفرد"(681) من طريق نصير بن أبي الأشعث، وسعيد بن منصور - كما في "نتائج الأفكار" 5/ 276 - عن خلف بن خليفة وخالد بن عبد الله، أربعتهم عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس موقوفًا.

وسيأتي في "المستدرك"(1899) عن محمد بن الخليل الأصبهاني، و (3400) عن أبي بكر بن إسحاق، كلاهما عن يعقوب بن يوسف، عن محمد بن سعيد بن سابق، عن عمرو بن أبي قيس، عن عطاء بن السائب - زاد في رواية محمد بن الخليل: عن يحيى بن عمارة، ولم يذكره أبو بكر بن إسحاق - عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعًا. وأطلق في متنه فلم يقيِّد الدعاء بين الركنين، وسيأتي تخريجهما مع الكلام عليهما في موضعيهما.

وسأل ابن أبي حاتم كما في "العلل"(2052) أباه عن طريقي عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير، وعطاء بن السائب عن يحيى بن عمارة عن سعيد بن جبير، أيهما أصح؟ فقال: ما يدرينا، مرة قال كذا، ومرة قال كذا.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن مسلم بن هرمز. أحمد بن صالح: هو أبو جعفر المصري، وإسرائيل: هو ابن يونس، ومجاهد: هو ابن جبر المكي.

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(150)، وابن خزيمة (2727) عن محمد بن ميمون المكي، عن أبي سعيد مولى بني هاشم، بهذا الإسناد.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (888)، وعبد بن حميد (638) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن إسرائيل بن يونس، به.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 290، وابن عدي في "الكامل" 3/ 398 و 4/ 157، =

ص: 547

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1694 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطّة الأصبهاني، حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا، حدثنا بِشْر بن خالد العسكري، حدثنا المُعتمِر بن سليمان، قال: سمعتُ عبد العزيز بن أبي رَوَّاد يحدِّث عن نافع، عن ابن عمر: أَنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت مَسَحَ - أو قال: استَلَم - الحَجَرَ والرُّكنَ في كلِّ طواف

(1)

.

= وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(338)، والبيهقي 5/ 76 من طريق إبراهيم بن سليمان مؤدب ولد آل عبيد الله، والفاكهي في "أخبار مكة"(151) من طريق يحيى بن أبي الحجاج، كلاهما (إبراهيم ويحيى) عن عبد الله بن مسلم بن هرمز، به. قال ابن عدي بإثره: عبد الله بن مسلم بن هرمز مقدار ما يرويه لا يتابع عليه. وقال البيهقي: تفرد به عبد الله بن مسلم بن هرمز وهو ضعيف، والأخبار عن ابن عباس في تقبيل الحجر الأسود والسجود عليه، إلّا أن يكون أراد بالركن اليماني الحجر الأسود، فإنه أيضًا يسمى بذلك، فيكون موافقًا لغيره.

قلنا: وعبد بن مسلم بن هرمز لم يخالف في متنه فقط، بل اضطرب في إسناده أيضًا، فقال مرةً: عن مجاهد عن ابن عباس، وقال مرة: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، فقد رواه عليُّ بن أبي هاشم عن إبراهيم بن سليمان عن عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عند البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 289 - 290، فجعل سعيد بن جبير بدلًا عن مجاهد.

وكذلك رواه يحيى بن أبي بكير فيما أخرجه أبو يعلى (2605)، والدارقطني (2743) من طريق يحيى، عن إسرائيل، عن عبد الله بن هرمز، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.

قال ابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 262: هذا لا يصح، وإنما المعروف: قبَّل يده، وإنما يُعرف تقبيل الحجر الأسود ووضع الوجه عليه، وقد جاء هذا الحديث كما ترى وليس يُعرف بالمدينة العمل به، فالله أعلم.

وله شاهد لا يفرح به من حديث جابر بن عبد الله عند أبي بكر الشافعي في "الغيلانيات"(343)، والخطيب في "تلخيص المتشابه"(81)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 76، وابن عساكر في تاريخ دمشق 40/ 367، وفيه عمر بن قيس المكي، وهو متروك.

(1)

إسناده قوي من أجل عبد العزيز بن أبي رواد.

وأخرجه أحمد 8/ (4686) و 10/ (5965) و (6395)، وأبو داود (1876)، والنسائي (3914) من طرق عن عبد العزيز بن أبي رواد بهذا الإسناد. =

ص: 548

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1695 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا أيوب بن سُوَيد، حدثنا يونس بن يزيد، عن الزُّهري، عن مُسافِع الحَجَبي، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الرُّكنُ والمَقامُ ياقوتتان من يَواقِيتِ الجَنَّة طَمَسَ الله نُورَهما، ولولا ذلك لأضاءَتا ما بين المشرق والمغرِب"

(1)

.

=ورواه غير واحد عن نافع لم يذكروا أنه كان يستلمهما في كل طواف، فقد أخرج أحمد 8 / (4888) و 9/ (4986)، والنسائي (3903) من طريق أيوب السختياني، وأحمد 8/ (4463) و 9 / (5201) و (5239) و 10/ (5875)، والبخاري (1606)، ومسلم (1268)(245) من طريق عبيد الله بن عمر العمري، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر قال: ما تركت استلام هذين الركنين في شدة ولا رخاء منذ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلمهما. واللفظ للبخاري.

وأخرج أحمد 10 / (5945) من طريق عبد الله - مكبرًا - بن عمر العمري، ومسلم (1267)(244)، والنسائي (3918) من طريق عبيد الله بن عمر العمري، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر ذكر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يستلم إلّا الحجر والركن اليماني. وهذا لفظ عبيد الله.

وأخرج مسلم (1268)(246)، وابن حبان (3824) من طريق عبيد الله العمري أيضًا، عن نافع قال: رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده ثم قبَّل يده، وقال ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.

وأخرج أحمد 10/ (6272) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عطاء بن أبي رباح وابن أبي مليكة، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة استلم الحجر الأسود والركن اليماني ولم يستلم غيرهما من الأركان.

وقد روي الحديث أيضًا بنحوه من وجهين آخرين عن ابن عمر، فقد أخرجه أحمد 8/ (4887) و 9 / (5622) و 10/ (6017)، والبخاري (1609)، ومسلم (1267)(242) و (243)، وأبو داود (1874)، وابن ماجه (2946)، والنسائي (3915) و (3919)، وابن حبان (3827) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، وأحمد 8 / (4672) و 9/ (5338) و 10 / (5894)، والبخاري (166) و (5851)، وأبو داود (1772)، والنسائي (3917)، وابن حبان (3763) من طريق عبيد بن جريج، كلاهما عن عبد الله بن عمر، مرفوعًا. وحديث عبيد بن جريج جاء ضمن حديث مطول، وفيه: أما الأركان فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس إلّا اليمانيين.

(1)

إسناده ضعيف لضعف أيوب بن سويد، وخالفه عبد الله بن وهب فرواه عن يونس بن يزيد=

ص: 549

هذا حديث تفرد به أيوب بن سُويد عن يونس، وأيوب ممَّن لم يحتجّا به، إلّا أنه من أَجِلَّة مشايخ الشام

(1)

.

ولهذا الحديث شاهد صحيحٌ:

= - وهو الأيلي - بهذا الإسناد عن عبد الله بن عمرو موقوفًا قوله، فيما أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(962) عن هارون بن موسى بن طريف عن ابن وهب عن يونس، إلّا أنَّ هارون بن موسى هذا لم نقف له على ترجمة، ورواه شعبة أيضًا عن مسافع - وهو ابن شيبة الحجبي، عن ابن عمرو موقوفًا، فيما ذكره أبو حاتم كما في "العلل" لابنه 318/ 2 (899)، لذلك رجَّح أبو حاتم الموقوف، وعبارة الترمذي توحي بترجيحه الموقوف أيضًا، فقال بعد أن أخرجه مرفوعًا (878): هذا يروى عن عبد الله بن عمرو موقوفًا قوله.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 75، وفي "شعب الإيمان"(3741) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه مرفوعًا كذلك ابن خزيمة (2731) عن عبد العزيز بن أحمد بن سويد، وأبو طاهر المخلص في "المخلصيات"(2048)، وابن أبي الفوارس البغدادي في التاسع من "الفوائد المنتقاة"(125) من طريق موهب بن يزيد بن خالد، كلاهما عن أيوب بن سويد، به. قال ابن خزيمة: هذا الخبر لم يسنده أحد أعلمه من حديث الزهري غير أيوب بن سويد إن كان حفظ عنه، وقد رواه عن مسافع بن شيبة مرفوعًا غير الزهري، رواه رجاء أبو يحيى. قلنا: وطريق رجاء أبي يحيى ستأتي في "المستدرك" بعد قليل، ويأتي تخريجها هناك.

ورواه مثنى بن الصباح عن مسافع الحجبي عن ابن عمرو موقوفًا، أخرجه من طريقه الأزرقي في "أخبار مكة" 328/ 1، ومثنى بن الصباح هذا ضعيف قد اختلط بأخرة.

وأخرجه موقوفًا كذلك الأزرقي 1/ 327 عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن ليث بن سعد، عن مغيرة بن خالد المخزومي، عن ابن عمرو. وإبراهيم بن محمد هذا متروك.

وفي الباب عن ابن عباس عند أحمد 5/ (2795)، وإسناده ضعيف.

وعن أنس بن مالك، وهو الحديث الآتي بعده، والصحيح وقفه كذلك.

(1)

تعقبه الذهبي في "التلخيص" قائلًا: ضعفه أحمد. قلنا: وضعفه كذلك أبو داود والساجي وابن يونس، وقال ابن معين: ليس بشيء، يسرق الأحاديث، وقال البخاري: يتكلمون فيه، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال في موضع آخر: متروك الحديث، وقال أبو حاتم: لين الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات" لكنه قال: كان رديء الحفظ يخطئ.

ص: 550

1696 -

حدَّثَناه أبو سعيد أحمد بن يعقوب بن إبراهيم

(1)

بن مِهْران الثَّقَفي إملاءً من أصل كتابه، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا أحمد بن هشام بن بَهْرام المَدائني، حدثنا داود بن الزّبْرِقان، حدثنا أيوب السَّخْتِياني، عن قتادةَ، عن أنسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرُّكنُ والمَقامُ ياقوتَتانِ من يَواقِيتِ الجنة"

(2)

.

1697 -

وحدَّثَناه أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَويهِ، حدثنا إسحاق بن الحسن بن ميمون، حدثنا عفّان بن مسلم، حدثنا أبو يحيى رجاء بن يحيى

(3)

، حدثنا مُسافِع

(1)

كذا وقعت تسميته في نسخ "المستدرك" هنا: "بن إبراهيم"، وقد سماه الحاكم في غير موضع منه: أحمد بن يعقوب بن أحمد، وكذا سماه الذهبي إذ ترجمه في "تاريخ الإسلام" 735/ 7، لكن وقعت تسميته في "الأحاديث العيدية المسلسلة" (5) لأبي طاهر السِّلفي: أحمد بن يعقوب بن أحمد بن إبراهيم الثقفي، مما يعني أنَّ إبراهيم هو أحد أجداده، نسبه الحاكم هنا إليه، وليس كما توهَّم البعض أن إبراهيم محرفة عن أحمد، والله تعالى أعلم.

(2)

إسناده تالف، داود بن الزبرقان متروك، كما قال الذهبي في "التلخيص"، وكذبه بعضهم.

لكن ثبت عن أنس موقوفًا أنه قال: الحجر الأسود من الجنة. أخرجه أحمد 21/ (13944) عن يحيى بن سعيد القطان، عن شعبة، عن قتادة عنه. وهذا إسناد صحيح.

ورواه كلفظ شعبة عمرُ بن إبراهيم العبدي البصري عن قتادة عن أنس مرفوعًا، أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(7)، والبزار (7203)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات"(976)، والعقيلي في "الضعفاء"(1095)، والطبراني في "الأوسط"(4954)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 42، والبيهقي 5/ 75. وعمر بن إبراهيم هذا في حديثه عن قتادة ضعف.

وذكر ابن أبي حاتم في "العلل"(814) عن أبيه أنه قال: أخطأ عمر بن إبراهيم، ورواه شعبة وعمرو بن الحارث المصري عن قتادة عن أنس موقوفًا. قلنا: ورواية عمرو بن الحارث عند الفاكهي برقم (8)، لكن لم يبين نصًا أنها موقوفة، بل عطفها على رواية عمر بن إبراهيم المرفوعة.

(3)

كذا وقع هذا الاسم هنا، قال الذهبي في "التلخيص": كذا قال عفان: حدثنا رجاء بن يحيى، وصوابه: رجاء أبو يحيى. قلنا: لكن عفان قاله على الصواب: رجاء أبو يحيى، قاله عنه أحمد وابنه عبد الله في "المسند" 11 / (7008)، فيحتمل أنَّ الخطأ ممن هو دونه، وقد أخطأ فيه أيضًا يونس بن محمد المؤدب عند أحمد في الموضع المذكور فقال: رجاء بن يحيى، والصواب أنه أبو يحيى رجاء بن صبيح الحرشي، والله أعلم.

ص: 551

ابن شَيْبة، قال: سمعتُ عبد الله بن عمرٍو أنشَدَ بالله ثلاثًا - ووَضَعَ إِصْبَعَيهِ فِي أُذُنيه -: لَسَمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الرُّكنُ والمَقَام ياقوتَتَان من يَوَاقيتِ الجنة، طَمَسَ الله نُورَهما، ولولا ذلك لأضاءتا ما بينَ المَشرِقِ والمَغرِب"

(1)

.

وهذا شاهدٌ لحديث الزُّهري عن مُسافِع.

1698 -

حدثنا عبد الصَّمد بن علي البزَّاز ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا الحسن بن موسى الأشْيَب، حدثنا ثابت بن يزيد، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لهذا الحجر لسانًا وشَفَتَين، يشهَدُ لمن استَلَمَه يومَ القيامةِ بحقٍّ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وله شاهدٌ صحيح:

(1)

إسناده ضعيف لضعف رجاء أبي يحيى، فقد ضعفه ابن معين وأبو حاتم، وقال ابن خزيمة: لست احتجَّ بخبر مثله، وقال الذهبي في "التلخيص": ليس بالقوي. ثم الراجح بأنَّ الخبر موقوف كما تقدم برقم (1695).

وأخرجه أحمد (7000) عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وقد قال عفان هناك: حدثنا رجاء أبو يحيى، يعني على الصواب.

وأخرجه أحمد (7008) عن يونس بن محمد المؤدب، والترمذي (878) من طريق يزيد بن زريع، وابن حبان (3710) من طريق هدبة بن خالد، ثلاثتهم عن رجاء أبي يحيى، به. كذا سماه يزيد بن زريع، وهو نفسه رجاء بن صبيح الحرشي كما سماه هدبة بن خالد، أما يونس فقال: رجاء بن يحيى، وهو خطأ.

قال الترمذي: هذا يروى عن عبد الله بن عمرو موقوفًا قوله. وانظر "علل" ابن أبي حاتم (899).

(2)

إسناده قوي من أجل عبد الله بن عثمان بن خثيم.

وأخرجه أحمد 4 / (2398)، وابن حبان (3711) من طريق الحسن بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 4 / (2215) و (2643) و 5 / (2796) و (2797) و (3511)، وابن ماجه (2944)، والترمذي (961)، وابن حبان (3712) من طرق عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، به. قال الترمذي: حديث حسن.

ص: 552

1699 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد.

وحدثنا أبو حفص عمر بن أحمد الفقيه ببُخارَى، حدثنا صالح بن محمد بن حَبِيب الحافظ، قالا: حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي، حدثنا عبد الله بن المُؤمَّل قال: سمعتُ عطاءً يحدِّث عن عبد الله بن عمرٍو، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يأتي الرُّكنُ يوم القيامة أعظمَ من أبي قُبَيس، له لسانٌ وشَفَتانِ يتكلَّم عمَّن استَلَمَه بالنِّية، وهو يمينُ الله التي يُصافِح بها خَلْقَه"

(1)

.

وقد روي لهذا الحديث شاهدٌ مفسَّر، غير أنه ليس من شرط الشيخين، فإنهما لم يحتجا بأبي هارون عُمارة بن جُوَين العَبْدي:

1700 -

أخبرَناه أبو محمد عبد الله بن محمد بن موسى العَدْل من أصل كتابه حدثنا محمد بن صالح الكِيلِيني

(2)

، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العَمِّي، عن أبي هارونَ العَبْدي، عن أبي سعيد الخُدْري قال: حَجَجْنا مع عمر بن الخطاب، فلمّا دَخَلَ الطوافَ استقبَلَ الحَجَرَ فقال: إنِّي أعلمُ أنك حَجَرٌ لا تَضَرُّ ولا تَنفَعُ، ولولا أنِّي رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَّلكَ ما قبَّلتُك. ثم قبَّله، فقال له عليُّ بن أبي طالب: بلى يا أميرَ المؤمنين، إنه يضُرُّ ويَنفعُ، قال: بِمَ قلتَ؟ قال: بكتاب الله تبارك وتعالى، قال: وأينَ ذلك من كتاب الله؟ قال: قال الله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ

(1)

حسن لغيره دون قوله: "وهو يمين الله التي يصافح بها خلقه"، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن المؤمّل، قال الذهبي في "التلخيص": عبد الله بن المؤمل واهٍ. عطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرج الشطر الأول فقط أحمد 11/ (6978) عن سريج بن النعمان، عن عبد الله بن المؤمل، بهذا الإسناد.

ويشهد لهذا الشطر ما قبله.

(2)

تحرف في النسخ الخطية إلى: الكليني، والتصويب من مصادر ترجمته، والكِيليني بكسر الكاف بعدها ياء مثناة تحت ساكنة ثم لام مكسورة ثم ياء ثم نون مكسورة. انظر "توضيح المشتبه" لا بن ناصر الدين 7/ 338.

ص: 553

عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172]، خَلَقَ الله آدمَ ومَسَحَ على ظهره، فقرَّرهم بأنه الربُّ وأنهم العَبيد، وأخذ عُهودَهم ومَوَاثِيقَهم، وكَتَبَ ذلك في رَقٍّ، وكان لهذا الحَجَرِ عينانِ ولسانٌ فقال له: افتحْ فاكَ، قال: فَفَتَحَ فاهُ فأَلقَمَه ذلك الرَّقَّ، وقال: اشْهَدْ لِمَن وافاكَ بالمُوافاةِ يومَ القيامة، وإنِّي أشهدُ لَسمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يُؤتى يومَ القيامة بالحَجَر الأسود وله لسانٌ ذَلِقٌ يَشهدُ لمن يَستلمُه بالتوحيد"، فهو يا أميرَ المؤمنين يضرُّ ويَنفعُ، فقال عمر: أعوذُ بالله أن أعيشَ في قومٍ لستَ فيهم يا أبا حسن

(1)

.

1701 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن السَّرِي، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي، حدثنا عبَّاد بن العوَّام، عن هلال بن خبَّاب، حدثنا مجاهد قال: قال لي مولاي عبدُ الله بنُ السائب: كنتُ فيمن بَنَى البيت، فأخذتُ حَجَرًا فسوَّيتُه، فوضعتُه إلى جنب البيت، قال: فكنتُ أعبدُه، فإن كان لَيَكونُ في البيت الشيءُ أبعثُ به إليه، حتى إذا كان يومًا لَبَنٌ طَيِّبٌ فبعثتُ به إليه، فصَبُّوه عليه.

وإنَّ قريشًا اختلفوا في الحَجَر حين أرادوا أن يَضَعُوه، حتى كادَ أن يكون بينهم

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، عمارة بن جوين أبو هارون العبدي متروك الحديث، وبعضهم كذَّبه.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(3749) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 3/ 605 وزاد نسبته إلى الجندي في "فضائل مكة" وأبي الحسن القطان في "الطوالات".

ويغني عنه في قصة تقبيل عمر بن الخطاب للحجر الأسود ما ثبت من غير وجه عنه عند البخاري (1597) و (1610)، ومسلم (1270)، وغيرهما، قال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" 1/ (99).

قوله: "في رَقٍّ" بفتح الراء: ما يُكتب فيه، وهو جلد رقيق.

و "لسان ذَلِقٌ": أي فصيح بليغ.

ص: 554

قتالٌ بالسيوف، فقالوا: اجعلوا بينَكم أوّلَ رجلٍ يدخل من الباب، فدخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هذا الأمينُ، وكانوا يُسمُّونَه في الجاهلية الأمينَ، فقالوا: يا محمدُ، قد رَضِينا بك، فدعا بثوبٍ فبَسَطَه، ووَضَعَ الحجرَ فيه، ثم قال لهذا البَطْن ولهذا البَطْن - غير أنه سمى بُطونًا -:"ليأخُذْ كلُّ بطنٍ منكم بناحيةٍ من الثَّوب"، ففَعَلُوا، ثم رَفَعوه، وأخذه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَه بيده

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ صحيح على شرطه:

1702 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا سُرَيج بن النُّعمان الجَوهَري، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن سِمَاك بن حرب، عن خالد بن عَرْعَرةَ قال: لما قُتِل عثمان ذُعِر الناسُ في ذلك اليوم ذُعرًا شديدًا، وكان سلُّ السيف فينا عظيمًا، فقعدتُ في بيتي، فعَرَضَتْ لي حاجةٌ في السوق، فخرجتُ، فإذا في ظلِّ القصرِ نَفَرٌ جلوسٌ نحوًا من أربعين رجلًا، وإذا سلسلةٌ معروضةٌ على الباب، فأردتُ أن أدخل، فمَنَعَني البواب، فقال القوم: دَعِ الرجلَ، فدخلتُ، فإذا أشرافُ الناس ووجوهُهم، فجاء رجلٌ جميلٌ في حُلَّةٍ ليس عليه

(1)

حديث صحيح، رجاله ثقات غير أنَّ هلال بن خباب قد تغيَّر بأخرة، وأخطأ هنا في تسمية الصحابي، فجعله عبد الله بن السائب، وعبد الله بن السائب هذا يصغر عن إدراك بناء الكعبة في الجاهلية، وإنما الذي أدركها هو أبوه السائب، فقد كان شريكًا للنبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وعُمِّر إلى أن أدرك خلافة معاوية، كما في "تاريخ الإسلام" للذهبي 2/ 412، وعلى كلٍّ فغاية الأمر أنه اختلاف في اسم الصحابي ولا يضرُّ. مجاهد: هو ابن جبر المكي، وقد كان مولى لآل السائب.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5596)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 300، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(113) من طرق عن سعيد بن سليمان الواسطي، بهذا الإسناد. وسقط ذكر مجاهد من مطبوع "معجم الصحابة".

وأخرج نحوه أحمد 24 / (15504) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن ثابت بن يزيد الأحول، عن هلال بن خباب، عن مجاهد، عن مولاه أنه حدثه، هكذا أطلق مولاه ولم يسمِّه.

ص: 555

قميصٌ ولا عِمَامةٌ، فقَعَدَ، فإذا عليُّ بن أبي طالب، ثم قال: إنَّ إبراهيم لما أراد بناءَ البيت ضاقَ به ذَرْعًا، فلم يَدْرِ ما يَصنَع، فأرسل الله السَّكينةَ، وهي ريحُ خَجُوجٌ، فانطَوتْ، فجعل يبني عليها كلَّ يوم سافًا

(1)

ومكةُ شديدةُ الحرّ، فلمَّا بلغ موضعَ الحَجَر، قال لإسماعيل: اذهب فالتمِسْ حَجَرًا فضَعْه هاهنا. فجعل يطوف في الجبال، فجاء جبريلُ بالحَجَر فَوَضَعَه، فجاء إسماعيل فقال: مَن جاء بهذا؟ أو من أين هذا؟ أو من أين أُتي بهذا؟ فقال: جاء به مَن لم يتَّكِلْ على بنائي وبنائِكَ، فَبَنَاه.

ثم انهَدَمَ، فَبَنَتْه العَمالقةُ، ثم انهَدَمَ فَبَنَتْه جُرْهُم، ثم انهَدَمَ فَبَنَتْه قريش، فلما أرادوا أن يضعوا الحَجَر تشاجروا في وضعِه، فقالوا: أولُ من يَخرج من هذا الباب فهو يضعُه، فخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من قِبَل باب بني شَيْبَة، فَأَمَرَ بثوبٍ فَبُسِطُ، فَوَضَعَ الحَجَرَ في وَسَطِه، ثم أَمَرَ رجلًا من كلِّ فَخِذٍ من أفخاذ قريشٍ أن يأخذ بناحيةِ الثِّياب، فأخذَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدِه فَوَضَعَه

(2)

.

(1)

تصحفت في المطبوع إلى: ساقًا، والسَّاف: هو المدماك من البناء.

(2)

إسناده حسن من أجل سماك بن حرب وخالد بن عَرْعرة.

وأخرجه مطولًا ومختصرًا الطيالسي (115)، والأزرقي في "أخبار مكة" 1/ 61، والحارث بن أبي أسامة (388 - بغية الباحث)، والطبري في "التفسير" 1/ 551 و 2/ 611، وابن المنذر في "الأوسط"(7504)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 72، وفي "الدلائل" 2/ 56، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 2/ (438) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرج قطعة منه مختصرة الطبراني في "الأوسط"(2442) من طريق أبي عمر الضرير، عن حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن سماك بن حرب، به. فزاد داودَ بن أبي هند بين حماد وسماك، وهذا من المزيد في متصل الأسانيد.

وأخرجه مطولًا ومختصرًا أيضًا الطيالسي (115)، وابن أبي شيبة 170/ 10 و (14348 - عوامة)، وابن أبي عاصم في "الأوائل"(95)، والطبري في "التفسير" 1/ 551 و 2/ 611، وفي "التاريخ" 1/ 251 و 253، وابن أبي حاتم في "التفسير" 3/ 708، والبيهقي في "الدلائل" 5/ 56، وفي "الشعب"(3704)، وقوام السنة في "دلائل النبوة"(272)، والضياء المقدسي (439) من طرق عن سماك بن حرب، به. =

ص: 556

قد اتفَقَ الشيخان على إخراج الحديث الطويل عن أيوب السَّخْتِياني وكَثِير بن كثير عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس قصةَ بناءِ الكعبة أولَ ما بناه إبراهيمُ الخليل عليه السلام

(1)

، وهذا غيرُ ذاك.

1703 -

حدثنا بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا مكِّيّ بن إبراهيم، حدثنا عبيد الله بن أبي زياد.

وحدثنا أبو زكريا العَنْبري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو كُرَيب وسَلْم بن جُنادةَ، قالا: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان الثَّوري، حدثنا عبيد الله بن أبي زياد، عن القاسم، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّما جُعِل رميُ الجِمار والطَّواف والسَّعي بين الصَّفَا والمَرْوة لإقامةِ ذِكرِ الله لا لغيرِه"

(2)

.

= وأخرج الطبراني في "الأوسط"(6941) من طريق عبد العزيز بن عثمان بن جبلة، عن أبيه، عن شعبة، عن سماك، عن خالد بن عرعرة، عن علي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"السكينة ريح خجوج" هكذا رفعه. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن شعبة إلّا عثمان بن جبلة، تفرَّد به ولده عنه.

وخبر سماك هذا عن خالد بن عرعرة قد نثره المصنف في عدة مواضع من هذا الكتاب، فانظر ما سيأتي برقم (3192) و (3785) و (3931) و (3948).

(1)

بل قد انفرد بإخراجه البخاري (3364) دون مسلم، وسيأتي في "المستدرك" مختصرًا من طريق عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، عن كثير بن كثير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، برقم (4069)، ويأتي تخريجه هناك إن شاء الله.

(2)

إسناده ضعيف، عبيد الله بن أبي زياد - وهو المكي القداح - حسن الحديث في المتابعات والشواهد، ولم يتابع على رفع هذا الحديث، بل قد اختلف عليه في رفعه ووقفِه، ووَقَفَه غيرُه، كما سيأتي. أبو زكريا العنبري: هو يحيى بن محمد بن عبد الله، وأبو كريب: هو محمد بن العلاء، والقاسم: هو ابن محمد بن أبي بكر.

وأخرجه أحمد 41 / (25080) عن وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 40 / (24351) عن أبي نعيم الفضل بن دُكين، عن سفيان الثوري، به.

وأخرجه أحمد 41/ (24468) عن محمد بن بكر البرساني، وأبو داود (1888)، والترمذي (902) من طريق عيسى بن يونس، كلاهما عن عبيد الله بن أبي زياد، به. وقال الترمذي: حسن صحيح! =

ص: 557

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1704 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا محمد بن صالح الهمذاني، حدثنا عبد الصمد بن حسان، حدثنا سفيان الثوري، عن عطاء بن السائب، عن طاووس، عن ابن عباسٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الطَّوافُ بالبيت صلاةٌ إِلَّا أَنَّ الله قد أحلَّ لكم فيه الكلام، فمَن تكلَّمَ فلا يتكلَّمْ إلَّا بخير"

(1)

.

= ورواه سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن القاسم، عن عائشة قولها موقوفًا، أخرجه عنه ابن أبي شيبة 4/ 32.

وأخرجه عبد الرزاق (8961)، والفاكهي في "أخبار مكة"(332) و (1423) من طريقين - بإسناد حسن - عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة موقوفًا.

وانظر "علل الدارقطني"(3882).

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن صالح - وهو الأشج والمعروف بحمدان الهمذاني - وشيخه عبد الصمد بن حسان، فهما صدوقان، وقد توبعا، وعطاء بن السائب وإن كان قد اختلط فسماع سفيان الثوري منه قبل الاختلاط، لكن قد اختلف في رفعه ووقفه وفي تعيين اسم صحابيه، ورجح الموقوف النسائي والبيهقي وابن الصلاح والمنذري والنووي وابن حجر في "التلخيص الحبير" 1/ 130، أما الاختلاف في اسم الصحابي أو إبهامه فلا يضر، وقد بسطنا القول في هذا الحديث في تعليقنا على" شرح مشكل الآثار" للطحاوي (5973).

وأخرجه مرفوعًا الترمذي (960) عن قتيبة بن سعيد، عن جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السائب بهذا الإسناد. وجرير بن عبد الحميد وإن كان سماعه من عطاء بعد الاختلاط، فقد تابعه سفيان الثوري في رواية الحاكم هذه، وسفيان بن عيينة في الحديث التالي بعد هذا، وسماعهما منه قبل الاختلاط. قال الترمذي: وقد روي هذا الحديث عن ابن طاووس وغيره عن طاووس عن ابن عباس موقوفًا، ولا نعرفه مرفوعًا إلّا من حديث عطاء. قلنا: بل قد رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعًا، فيما سيأتي برقم (3093) وإسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (9791) عن جعفر بن سليمان الضبعي، عن عطاء بن السائب، عن طاووس أو عكرمة أو كليهما، عن ابن عباس قوله. هكذا موقوفًا، وجعفر بن سليمان بصري، ورواية البصريين عن عطاء بعد الاختلاط.

وأخرج النسائي في "الكبرى"(3931) من طريق إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن=

ص: 558

1705 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن طاووس، عن ابن عباسٍ رَفَعَه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الطَّواف بالبيت مِثلُ الصلاة، إلَّا أنكم تتكلَّمونَ، فمن تكلَّم فلا يتكلَّمْ إلا بخير"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وقد أوقفه جماعة.

1706 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، عن هشام بن حُجَير، عن طاووس، عن ابن عباس قال: الحِجْرُ من البيت، لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم طافَ بالبيت من وَرَائِه، قال الله تبارك وتعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]

(2)

.

= عباس قال: الطواف بالبيت صلاة، فأقلوا الكلام.

وخالف ابنَ ميسرة الحسنُ بنُ مسلم فرفعه وأبهم الصحابي، أخرجه أحمد 24/ (15423) و 27 / (16612) و 38/ (23201)، والنسائي في "الكبرى" (3930) من طريق ابن جريج قال: أخبرني الحسن بن مسلم، عن طاووس، عن رجل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنما الطواف صلاة، فإذا طفتم فأقلوا الكلام". قال أحمد بإثره: ولم يرفعه محمد بن بكر. وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 1/ 130 - 131: والظاهر أنَّ المبهم فيه هو ابن عباس، وعلى تقدير أن يكون غيره فلا يضر إبهام الصحابة.

قلنا: قد جعله حنظلة بن أبي سفيان من حديث ابن عمر موقوفًا عليه، أخرجه من طريقه النسائي في "المجتبى"(2923) عن طاووس، عن ابن عمر قال: أقلوا الكلام في الطواف، فإنما أنتم في الصلاة. قال الدارقطني في "العلل" (3044): وقول من قال: ابن عمر، أشبه.

وللشيخ الألباني رحمه الله بحث نفيس في تخريج هذا الحديث والكلام عليه في "إرواء الغليل"(121) فلينظر.

وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (3093) و (3095).

(1)

إسناده صحيح على خلاف في رفعه ووقفه. أبو بكر بن إسحاق: اسمه أحمد، وبشر بن موسى: هو ابن صالح الأسدي، والحميدي: هو أبو بكر عبد الله بن الزبير الأسدي، وسفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه البيهقي 5/ 87 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن إن شاء الله من أجل هشام بن حجير. =

ص: 559

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1707 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا مالك بن إسماعيل، أخبرنا عبد السلام بن حَرْب، عن شُعبة، عن عاصم، عن الشَّعْبي، عن ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم شَرِبَ ماءً في الطَّواف

(1)

.

هذا حديث غريب

(2)

صحيح.

= وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 90، وفي "الصغرى"(1634) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه تامًّا ومقطعًا الشافعي في "الأم" 3/ 449 - ومن طريقه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(9918) - وعبد الرزاق (8985) و (9149) - ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(10988) - وإسحاق بن راهويه (764)، وابن خزيمة (2740) من طريق سفيان بن عيينة، به. لكن وقع في إسناد الشافعي: عن طاووس فيما أحسب أنه قال: عن ابن عباس، وفي إسناد عبد الرزاق وابن راهويه: عن طاووس أو غيره عن ابن عباس.

وأخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" 1/ 312 عن جده أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، عن سفيان، عن هشام بن حجير قال: قال ابن عباس: الحجر من البيت. لم يذكر طاووسًا.

وله شاهد من حديث عائشة، أخرجه البخاري (1584)، ومسلم (1333)، وفيه أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الجَدْر: أمنَ البيت هو؟ قال: "نعم" قالت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: "إنَّ قومك قصَّرت بهم النفقة" الحديث، وهو في "مسند أحمد" 41 / (24616) ولفظه فيه عن عائشة أنها قالت: كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأدخلني في الحِجر، فقال لي:"صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت، فإنما هو قطعة من البيت .. " الحديث.

(1)

إسناده صحيح. مالك بن إسماعيل: هو أبو غسان الكوفي، وعاصم هو بن سليمان: الأحول، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.

وأخرجه ابن حبان (3837) عن هارون بن عيسى بن السكين، عن العباس بن محمد الدوري، بهذا الإسناد.

(2)

كذا استغربه المصنف، وتبعه على ذلك البيهقي 5/ 86 فقال: هذا غريب بهذا اللفظ، ومن قبلهما ابن خزيمة (2750) فقد قال: فإنَّ في القلب من هذا الإسناد، وأنا خائف أن يكون عبد السلام أو من دونه وهم في هذه اللفظة، أعني قوله في الطواف، وقال ابن التركماني في=

ص: 560

ولم يُخرجاه يها اللفظ

(1)

.

1708 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي، حدثنا محمد بن سعد العَوْفي، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا ابن جُرَيج، أخبرني سليمان الأحول، أنَّ طاووسًا أخبره: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ وهو يطوف بالكعبة برجل يقودُ رجلًا بخِزامةٍ في أنفه، فقَطَعَه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدِه، ثم أمرَهُ أن يقودَه بيدِه، قال: ومرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوفُ برجلٍ قد رُبِقَ بسَيْرٍ بيدٍ أو رِجْلٍ أو بخَيطٍ، أو بشيء غير ذلك، فقَطَعَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال:"قُدْهُ بيَدِك".

قال ابن جُريج: أخبرني بهذا أجمَعَ سليمانُ الأحولُ، أنَّ طاووسًا أخبره: أنَّ ابن عباسٍ قال ذلك عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم

(2)

.

="الجوهر النقي": ولا يلزم من قول البيهقي: "غريب" عدم ثبوته، وقد شهد له ما أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (14849 - عوامة) فقال: حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن منصور، عن خالد بن سعد، عن أبي مسعود: أنه عليه السلام استسقى وهو يطوف بالبيت، فأتي بذَنوب نبيذ السقاية فشربه.

وأخرج عبد الرزاق (9766) عن صاحب له، وابن أبي شيبة (14847) عن علي بن هاشم، كلاهما عن ابن أبي ليلى، عن عكرمة بن خالد، عن رجل من آل وداعة قال: استسقى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت

الحديث.

(1)

كأنه يشير إلى ما أخرجاه بلفظ آخر: البخاري (1637) و (5617)، ومسلم (2027) من طريق عامر الشعبي، أن ابن عباس حدثه قال: سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم، فشرب وهو قائم. زاد مسلم في إحدى رواياته: واستسقى وهو عند البيت.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن سعد العوفي، وقد توبع أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد، وابن جريج: هو عبد الملك، وسليمان الأحول: هو ابن أبي مسلم.

وأخرجه البخاري (1621) و (6702) عن أبي عاصم النبيل، بهذا الإسناد، مختصرًا: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يطوف بالكعبة بزمام أو غيره، فقطعه.

وأخرجه تامًّا ومختصرًا أحمد 5/ (3442) و (3443)، والبخاري (1620) و (6703)، وأبو داود (3302)، والنسائي (4733) و (4734)، وابن حبان (3831) و (3832) من طرق عن ابن جريج، به. =

ص: 561

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

1709 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني أسامة بن زيد، عن عطاء بن أبي رباح، حدثه أنه سمع جابرَ بنَ عبد الله يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كلُّ فِجَاجِ مكّةَ طريقٌ ومَنْحَر"

(1)

.

= الخِزامة، بالخاء المعجمة المكسورة وتخفيف الزاي: حَلْقة من شعر أو وَبَر، تجعل في الحاجز الذي بين مَنخِرَي البعير، يُشَدُّ فيها الزِّمام ليَسهُل انقياده إذا كان صعبًا. انظر "فتح الباري" لابن حجر 21/ 230.

والسَّير: هو ما يُقدُّ من الجلود.

(1)

أسامة بن زيد - وهو الليثي - وإن كان حسن الحديث في الجملة، إلّا أنَّ عنده مناكير، وقد انفرد بهذا اللفظ عطاء عن عن جابر، وخالف من هو أوثق منه، والمحفوظ من حديث جابر ضمن حديثه الطيل في الحج:"منى كلها منحر"، ليس فيه "كل فجاج مكة طريق ومنحر"، لذلك تركه يحيى القطان لأجل هذا الحديث، كما في "سؤالات الحاكم للدارقطني"(290)، وقال أحمد بن حنبل في "العلل" (4712): تركه يحيى بأخرة لهذا الحديث.

وأخرجه أحمد 22 / (14498) عن عثمان بن عمر، وأبو داود (1937) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، وابن ماجه (3048) من طريق وكيع، ثلاثتهم عن أسامة بن زيد، بهذا الإسناد.

ولفظه: "كل عرفة موقف، وكل مِنى منحر، وكل المزدلفة موقف، وكل فجاج مكة طريق ومنحر".

وأخرج أحمد 22 / (14440)، وأبو داود (1907) و (1909)، والنسائي (4119) من طريق يحيى بن سعيد القطان، ومسلم (1218)(149)، وأبو داود (1908) و (1936) من طريق حفص بن غياث، كلاهما عن جعفر بن محمد بن علي الصادق، عن أبيه محمد بن علي الباقر، عن جابر، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف". لفظ مسلم، وهذا إسناد صحيح، وليس فيه كل "فجاج مكة طريق ومنحر".

وحديث محمد بن علي الباقر عن جابر له شاهد بإسناد حسن من حديث علي بن أبي طالب، أخرجه أحمد 2 / (652) و (768) و (1348)، وأبو داود (1935)، والترمذي (885)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

أما حديث أسامة بن زيد عن عطاء عن جابر فليس له شاهد إلّا حديث أبي هريرة عند أبي داود =

ص: 562

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1710 -

حدثنا أبو علي الحافظ، حدثنا محمد بن الحسين بن حفص الخَثْعَمي، حدثنا علي بن سعيد بن مسروق الكِنْدي، حدثنا عيسى بن سَوَادةَ، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زاذانَ قال: مَرِضَ ابن عباس مرضًا شديدًا، فدعا وَلَدَه فجمعهم، فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن حَجَّ من مكةَ ماشيًا حتى يَرجِعَ إلى مكة، كَتَبَ الله له بكلِّ خُطْوةٍ سبعَ مئة حسنةٍ، كلُّ حسنةٍ مثلُ حَسَنات الحَرَم"، قيل: وما حَسَناتُ الحَرَم؟ قال: "بكلِّ حسنةٍ مئةُ ألفِ حَسَنة"

(1)

.

= (2324)، وهو من رواية محمد بن المنكدر عنه، ومحمد بن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة، وقد اختلف عليه في رفعه ووقفه كما في "العلل" للدارقطني (1868).

وروى القاسم بن عبد الله العمري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر رفعه: "

وكل منى منحر إلّا ما وراء العقبة"، والقاسم هذا متروك، رماه أحمد بالكذب، فلا يعتد بروايته.

والفِجاج: جمع فجٌّ، وهو الطريق الواسع.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، عيسى بن سوادة - وهو النخعي - قال ابن معين: كذاب، رأيته، وقال أبو حاتم: منكر الحديث ضعيف، روى عن إسماعيل بن أبي خالد عن زاذان عن ابن عباس حديثًا منكرًا. ونقل المنذري في "الترغيب والترهيب" قول البخاري: هو منكر الحديث. وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك" متعقبًا تصحيح المصنف له: ليس بصحيح، أخشى أن يكون كذبًا.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 331 و 10/ 78، وفي "الصغرى"(4083)، وفي "شعب الإيمان"(3695) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال: تفرد به عيسى بن سوادة هذا وهو مجهول.

وأخرجه ابن خزيمة (2791) عن علي بن سعيد بن مسروق، به. وقال قبله: إنَّ في القلب من عيسى بن سوادة هذا.

وأخرجه البزار (4745)، والدولابي في "الكنى والأسماء"(1185)، والطبراني في "المعجم الكبير"(12606)، وفي "الأوسط" (2675) من طرق عن عيسى بن سوادة به. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن إسماعيل إلّا عيسى.

وقد روي نحوه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس، رفعه، وفيه:"إنَّ للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة، والماشي بكل خطوة يخطوها سبع مئة حسنة"، وفيه =

ص: 563

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= محمد بن مسلم الطائفي، وهو وإن كان صدوقًا لكن في حفظه سوء، وقد اضطرب في إسناده وفي متنه، كما أنَّ الرواة عنه كلهم ضعاف، فقد أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(832)، وأبو يعلى في "مسنده" كما في "المطالب العالية" 6/ 275، والواحدي في "التفسير الوسيط" 3/ 267 من طريق يحيى بن سليم الطائفي، عن محمد بن مسلم الطائفي، عمن أخبره عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. ويحيى بن سليم صدوق لكن في حفظه سوء، وقد ضعفه أحمد وغيره، وقد بيَّن الرجل المبهم في رواية الواحدي فقال: وهو إبراهيم بن ميسرة. ومرة قال: إبراهيم بن ميسرة، دون إبهام، كما أخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 7، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 354، والضياء المقدسي في "المختارة"(45) من طريق يحيى بن سليم، عن محمد بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.

وتابعه على ذكر إبراهيم بن ميسرة: عبد الله بن محمد بن ربيعة عن محمد بن مسلم، فيما أخرجه من طريقه ابن عدي في "الكامل" 4/ 258، وقوام السنة في "الترغيب والترهيب"(1037). وعبد الله بن محمد هذا ضعيف جدًّا لا يعتدُّ بمتابعته، قال الذهبي في "الميزان": أحد الضعفاء، أتى عن مالك بمصائب، وقال ابن عدي: عامة حديثه غير محفوظ، وهو ضعيف.

ثم رواه محمد بن مسلم الطائفي مرة أخرى فقال: إسماعيل بن أمية، بدلًا من إبراهيم بن ميسرة، فقد أخرجه الطبراني في "الكبير"(12522) من طريق يحيى بن سليم، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(326)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(931) و (932) من طريق حجاج بن نصير، كلاهما عن محمد بن مسلم، عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. قال ابن الجوزي: هذان حديثان لا يصحان، مدارهما على إسماعيل بن أمية، قال الدارقطني: كان يضع الحديث.

ورواه يحيى بن سليم مرة رابعة فجعل إسماعيل بن إبراهيم بدلًا من إبراهيم بن ميسرة وإسماعيل بن أمية، كما أخرجه البزار (5119)، وأبو طاهر السلفي في الجزء الخامس والثلاثين من "المشيخة البغدادية"(20).

ورواه مرة خامسة عن محمد بن مسلم عن سعيد بن جبير - دون واسطة - عن ابن عباس، فأرسله، ذكر ذلك ابن أبي حاتم في "العلل"(826).

وروي هذا الحديث من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، فقد أخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 7 من طريق هارون بن كعب، وأبو الفضل الزهري في "جزء من حديثه"(277) من طريق عبد الرحيم بن زيد بن الحواري، كلاهما عن زيد بن الحواري العمي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وهارون بن كعب لم نتبينه ومتابعه عبد الرحيم بن زيد متروك، وأبوه =

ص: 564

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1711 -

أخبرنا أحمد بن محمد بن جعفر الجُلُودي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا أبو قُرَّةَ، عن موسى بن عُقْبة، عن نافع، عن ابن عمرَ قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا كانَ قبلَ التَّرويةِ بيومٍ خَطَبَ الناسَ، فأخبَرَهم بمناسِكِهم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1712 -

أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا أبو كُدَينةَ يحيى بن المُهلَّب البَجَلي، عن الأعمش، عن الحَكَم، عن مِقْسَم، عن ابن عباس: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى خمسَ صلواتٍ بمِنًى

(2)

.

= زيد الحواري ضعيف.

وهذه طرق لا يزيد بعضها بعضًا إلّا اضطرابًا ووهنًا.

وإضافة إلى هذا الاضطراب في السند، حصل أيضًا اضطراب في متنه بما يطول بيانه، وحاصله أنه كله من هؤلاء الضعفاء والمتروكين، هذا فضلًا عن أنه يخالف الأحاديث الصحيحة في حج النبي صلى الله عليه وسلم راكبًا، وأمرِه التي نذرت أن تمشي أن تركب وتكفر عن يمينها، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن يوسف - وهو الزّيادي - فهو صدوق، وباقي رجاله ثقات.

أبو قرة: هو موسى بن طارق اليماني.

وأخرجه البيهقي 5/ 111 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (2793) من طريق عمرو بن مجمع الكوفي، عن موسى بن عقبة، به.

وعمرو بن مجمع ضعيف.

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات. الأعمش: هو سليمان بن مهران، والحكم: هو ابن عُتيبة، ومقسم: هو مولى ابن عباس.

وأخرجه أحمد 4/ (2700) و (2765) عن الأسود بن عامر، بهذا الإسناد.

وأخرج أبو داود (1911) من طريق عمار بن رزيق، والترمذي (880) من طريق عبد الله بن الأجلح، كلاهما عن الأعمش، به إلى ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يوم التروية، =

ص: 565

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1713 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عبد الله بن الزُّبير قال: من سُنَّةِ الحجِّ أن يُصلِّي الإمامُ الظُّهرَ والعصرَ والمغربَ والعِشاءَ الآخرةَ والصُّبحَ بمنًى، ثم يَغدُوَ إلى عَرَفةَ، فيَقيلَ حيثُ قُضِي له، حتى إذا زالت الشمسُ خَطَبَ الناسَ، ثم صلَّى الظُّهرَ والعصرَ جميعًا، ثم وَقَفَ بعرفاتٍ حتى تَغيبَ الشمسُ، ثم يُفيض فيصلِّي بالمُزدلِفَةِ أو حيثُ قَضَى الله، ثم يقفُ بجَمْعٍ، حتى [إذا] أسفَرَ دَفَعَ قبلَ طُلوع الشمس، فإذا رَمَى الجمرةَ الكُبرى حلَّ له كلُّ شيءٍ حَرُمَ عليه إلَّا النساءَ والطِّيبَ حتى يَزورَ البيت

(1)

.

هذا حديث على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1714 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدّثنا أبو بَكْرةَ بكَّارُ بن قُتيبة

= والفجر يوم عرفة بمنى.

وأخرج ابن ماجه (3004)، والترمذي (879) من طريق إسماعيل بن مسلم، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم غدا إلى عرفات. قال الترمذي: وإسماعيل بن مسلم قد تكلموا فيه من قبل حفظه.

وفي الباب عن عبد الله بن الزبير، وسيأتي بعد هذا.

وعن جابر ضمن حديثه الطويل في الحج، أخرجه مسلم (1218).

وعن ابن عمر عند أحمد 10/ (6131)، وابن ماجه (3005).

(1)

إسناده صحيح. إبراهيم بن عبد الله: هو السعدي أبو إسحاق التميمي، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري، والقاسم بن محمد: هو ابن أبي بكر الصديق.

وأخرجه البيهقي 5/ 122 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (2801) عن محمد بن الوليد، عن يزيد بن هارون، به.

وأخرجه تامًا: ابن خزيمة (2800)، والطبراني في "الكبير"(14850)، ومختصرًا: ابن أبي شيبة (14760 - عوامة)، وابن خزيمة (2798)، وابن عبد البر في "الاستذكار"(15801) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.

ص: 566

القاضي بمصر، حدثنا صفوان بن عيسى، حدثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذُباب، عن مجاهد، عن عبد الله بن سَخْبَرةَ قال: غَدَوتُ مع عبد الله بن مسعودٍ من مِنى إلى عَرَفةَ، وكان عبد الله رجلًا آدمَ له ضَفِيرتانِ، عليه مَسْحةُ أهل البادية، وكان يُلبِّي، فاجتمع عليه غَوْغاءٌ من غَوْغاءِ الناس فقالوا: يا أعرابيُّ، إنَّ هذا ليس بيومِ تلبيةٍ، إنَّما هو التكبير، قال: فعند ذلك التَفَتَ إليَّ فقال: جَهِلَ الناسُ أم نَسُوا؟ والذي بَعَثَ محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق، لقد خرجتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مِنى إلى عَرَفةَ، فما تَرَكَ التلبيةَ حتى رَمَى الجَمْرةَ، إلَّا أن يَخلِطَها بتكبيرٍ أو تهليلٍ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1715 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا أحمد بن

(1)

إسناده جيد من أجل صفوان بن عيسى وشيخه الحارث بن أبي ذباب. مجاهد: هو ابن جبر المكي.

وأخرجه أحمد 7/ (3961) عن صفوان بن عيسى، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 6/ (3549) و 7/ (3976)، ومسلم (1283)، والنسائي (4039) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي: أنَّ عبد الله لبّى حين أفاض من جمع، فقيل: أعرابيٌّ هذا؟ فقال عبد الله: أنسي الناس أم ضلُّوا؟! سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المكان: "لبيك اللهم لبيك". واللفظ لمسلم.

وأخرجه البخاري (1683) مطولًا من طريق عبد الرحمن بن يزيد أيضًا قال: خرجنا مع عبد الله إلى مكة، ثم قدمنا جمعًا

فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر.

وأخرج أحمد 6/ (3739) من طريق ثوير بن أبي فاختة، عن أبيه سعيد بن علاقة، عن ابن مسعود قال: لبَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رمى جمرة العقبة. وثوير بن أبي فاختة ضعيف.

وفي الباب عن الفضل بن عباس عند البخاري (1685)، ومسلم (1281).

وعن عبد الله بن عباس عند البخاري (1543) و (1686)، ومسلم (1286).

وأول الخبر في وصف ابن مسعود سيأتي عند المصنف برقم (5455).

آدم: فيه سُمْرة. والضفيرتان: ذؤابتان أو خُصلتان من شَعره.

وقوله: "عليه مَسحة أهل البادية" أي: أثرهم.

ص: 567

سيّار، حدّثنا محمد بن كَثير، حدّثنا سفيان بن عُيينة، عن زياد بن سعد، عن أبي الزُّبير، عن أبي مَعبَد

(1)

، عن ابن عباس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ارفَعوا عن بَطْنِ عُرَنةَ، وارفَعوا عن بَطْنِ مُحسِّر"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وشاهده على شرط الشيخين صحيحٌ، إلَّا أنَّ فيه تقصيرًا في سنده:

1716 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المُثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جُرَيج، أخبرني عطاء، عن ابن عباس قال: كان يقال: ارتفِعوا عن مُحسِّر، وارتفِعوا عن عُرَنات.

أما قوله: العُرَنات، فالوقوفُ بعَرَفةَ: أنْ لا تَقِفوا بعُرَنة، وأما قوله: عن مُحسِّر، فالنزول بجَمْعٍ: أنْ لا يَنزلوا مُحسِّرًا

(3)

.

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: أبي سعيد، والصواب ما أثبتنا، وأبو معبد هذا: هو نافذ مولى ابن عباس.

(2)

حديث صحيح، محمد بن كثير - وهو ابن أبي عطاء المصيصي - وإن كان متكلمًا فيه، فهو يعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد توبع، ومن فوقه ثقات. زياد بن سعد: هو ابن عبد الرحمن الخراساني، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس.

وأخرجه أحمد 3/ (1896) عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. ولفظه:"ارفعوا عن بطن محسِّر، وعليكم بمثل حصى الخذْف". وانظر ما سيأتي مطوَّلًا برقم (5280).

وفي الباب عن جبير بن مطعم عند أحمد 27/ (16751)، وابن حبان (3854)، وإسناده ضعيف بسبب انقطاعه.

وعن جابر بن عبد الله عند ابن ماجه (3012)، وفيه القاسم بن عبد الله العمري، وهو متروك.

وبطن عُرَنة، بضم العين وفتح الراء: موضع عند الموقف بعرفات.

وبطن مُحسِّر، بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين المشددة: وادٍ بين عرفات ومنى.

(3)

إسناده صحيح. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري، ويحيى بن سعيد: هو القطان، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه ابن خزيمة (2817) عن عبد الله بن هاشم، عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد. =

ص: 568

1717 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان.

وحدثني علي بن عيسى - واللفظ له - حدّثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان قال: حفظتُه من عمرو بن دينار، عن عمرو بن عبد الله بن صفوان، عن خاله يزيد بن شَيْبان قال: كنّا وقوفًا من وراء المَوقِف - موقفًا يتباعدُه عمرٌو من الإمام - فأتانا ابنُ مِرْبَع الأنصاريُّ فقال: إنِّي رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إليكم، يقول لكم:"كونوا على مَشَاعرِكم هذه، فإنَّكم على إرْثٍ من إرْثِ إبراهيم"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= وأخرجه البيهقي 5/ 115 من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: ارتفعوا عن عرنات

فذكره. فجعله من قول ابن عباس. وعبد الوهاب بن عطاء ربما أخطأ كما قال ابن حجر.

وخالف في ذلك يعقوبُ بن عطاء فرفعه، أخرجه الطبراني في "الكبير"(11408)، و"الأوسط"(9496) من طريق محمد بن جعفر، وهو الحنفي اليمامي، عن يعقوب بن عطاء، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل عرفات موقف، وارتفعوا عن بطن عرنة، وكل جمع مشعر، وارتفعوا عن بطن محسر". ويعقوب بن عطاء هذا ضعيف، والراوي عنه محمد بن جعفر اليمامي سيئ الحفظ.

(1)

إسناده حسن من أجل عمرو بن عبد الله بن صفوان. علي بن عبد الله: هو ابن المديني، وسفيان: هو ابن عيينة، وابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني الحافظ، وابن مربع الأنصاري: هو يزيد بن مربع.

وأخرجه أحمد 28/ (17233)، وأبو داود (1919)، وابن ماجه (3011)، والترمذي (883)، والنسائي (3996) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن، لا نعرفه إلّا من حديث ابن عيينة عن عمرو بن دينار.

وفي الباب عن علي بن أبي طالب عند أحمد 2/ (562)، وأبي داود (1935)، وابن ماجه (3010)، والترمذي (885)، وإسناده حسن.

وعن جبير بن مطعم عند أحمد 27/ (16751)، وابن حبان (3854)، وإسناده ضعيف.

ص: 569

1718 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا رَوْحُ بن عُبادة، حدثنا شُعبة.

وأخبرني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا موسى بن الحسن بن عبَّاد، حدثنا عفّان بن مسلِم، حدثنا شعبة قال: سمعتُ عبد الله بن أبي السَّفَر يقول: سمعتُ الشَّعبيَّ يحدِّث عن عُرْوةَ بن مُضَرِّس بن أوس بن حارثةَ بن لام قال: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو بجَمْعٍ، فقلت: هل لي من حَجٍّ؟ فقال: "من صلَّى معنا هذه الصلاةَ في هذا المكان، ثم وَقَفَ معنا هذا الموقفَ حتى يُفِيضَ الإمام، [وأفاض]

(1)

قبلَ ذلك من عَرَفاتٍ ليلًا أو نهارًا، فقد تمَّ حَجُّه وقَضَى تَفَثَه"

(2)

.

1719 -

وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق البَصْري

(1)

لفظة "وأفاض" سقطت من النسخ الخطية، واستدركناها من "السنن الصغرى" للبيهقي (1753) حيث أخرجه عن المصنِّف من جهة روح بن عبادة، وهي كذلك في "المسند" 30/ (18301) حيث أخرجه عن روح، وفي "تلخيص الذهبي": وكان وقف قبل

(2)

إسناده صحيح. الشعبي: هو عامر بن شراحيل.

وأخرجه النسائي (4031) من طريق خالد بن الحارث، وابن حبان (3850) من طريق أبي الوليد الطيالسي، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد

وأخرجه بنحو لفظ الحديث التالي أحمد 26/ (16208) و (16209)، والترمذي (891)، والنسائي (4034)، وابن حبان (3851) من طريق زكريا بن أبي زائدة وداود بن أبي هند، عن الشعبي، به. ولم يذكر أحمد: داود بن أبي هند. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه كذلك النسائي (4032) من طريق أمية بن خالد، عن شعبة، عن سيار أبي الحكم، عن الشعبي، به.

وأخرج النسائي (4033) من طريق مطرف بن طريف، عن الشعبي، عن عروة بن مضرس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك جمعًا مع الإمام والناس حتى يفيضوا فقد أدرك الحج، ومن لم يدرك مع الناس والإمام فلم يدرك".

وانظر تالييه.

قوله: "قضى تفثه" قال الترمذي: يعني نُسُكه.

ص: 570

بمصر، حدثنا وَهْب بن جَرير، عن شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد.

وأخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد المعدِّل بمَرْو - واللفظ له - أخبرنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشَّعبي، عن عُرْوة بن مُضَرِّس الطائي قال: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو واقفٌ بجَمْع، فقلت: يا رسول الله، جئتُك من جَبَلَي طيِّئ، وقد أكلَلْتُ مَطِيَّتي وأتعبتُ نفسي، واللهِ ما تركتُ من حَبْلٍ

(1)

إِلَّا وقفتُ عليه، فهل لي من حجٍّ؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"مَن أدرَكَ معنا هذه الصلاةَ وقد أتى عَرَفاتٍ قبلَ ذلك ليلًا أو نهارًا، فقد قَضَى تَفَثَه وحَجَّه"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط كافَّة أئمة الحديث، وهي قاعدة من قواعد الإسلام، وقد أمسك عن إخراجه الشيخان محمدُ بنُ إسماعيل ومسلم بن الحجّاج رضي الله عنهما، على أصلهما أنَّ عُرْوة بن مُضرِّس لم يحدِّث عنه غيرُ عامرٍ الشَّعبي

(3)

، وقد وجدنا عُروةَ بن الزُّبير بن العوَّام حدَّث عنه:

1720 -

حدَّثَناه عبد الصَّمد بن علي بن مُكْرَم البزَّاز ببغداد، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الله بن أحمد بن حسان التُّسْتَري بتُسْتَر، حدثنا عبد الوهاب بن فُلَيح المكِّي، حدثنا يوسف بن خالد السَّمْتي البصري، حدثنا هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عُروة بن مُضَرِّس الطائي قال: جئتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمَوقِف، فقلت: يا

(1)

تصحفت في المطبوع إلى: جبل، بالجيم، والصواب: حَبْل، بالحاء المهملة وسكون الباء الموحدة، والحَبْل: هو المستطيل من الرمل، قال الترمذي: إذا كان من رمل يقال له: حَبْل، وإذا كان من حجارة يقال له: جَبَل.

(2)

إسناده صحيح. أبو الموجه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان بن جبلة، وعبد الله: هو ابن المبارك.

وأخرجه أحمد 26/ (16208)، وأبو داود (1950)، وابن ماجه (3016)، والترمذي (891)، والنسائي (4034) و (4035)، وابن حبان (3851) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد.

(3)

انظر تعليقنا على هذه المسألة عند الحديث رقم (97).

ص: 571

رسول الله، أتيتُ من جَبَلَي طيِّئ، أكلَلْتُ مَطِيَّتي، وأتعبتُ نفسي، والله ما بقي من حَبْلٍ من تلك الحِبال إلَّا وقفتُ عليه، فقال:"مَن أدرَكَ معنا هذه الصلاةَ - يعني صلاةَ الغَداة - وقد أتى عَرَفةَ قبل ذلك ليلًا أو نهارًا، فقد تمَّ حجُّه وقضى تَفَثَه"

(1)

.

وقد تابع عروةَ بن المُضرِّس في رواية هذه السُّنة من الصحابة عبدُ الرحمن بن يَعْمَرَ الدُّؤَلي:

1721 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان بن عُيينة، حدثنا سفيان بن سعيدٍ الثَّوري.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، عن سفيان، عن بُكَير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يَعمَر قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعَرَفةَ، وأتاه ناسٌ من أهل نجدٍ وهو بعَرفةَ، فسألوه، فأمَرَ مناديًا فنادى:"الحجُّ عَرَفةُ، الحجُّ عَرَفةُ، ومن جاء ليلةَ جَمْعٍ قبل طلوع الفجر فقد أدرَكَ، أيامُ مِنى ثلاثةٌ، من تعجَّل في يومينِ فلا إثمَ عليه، ومن تأخَّر فلا إثمَ عليه"، وأردَفَ رجلًا فنادى

(2)

.

(1)

إسناده تالف، يوسف بن خالد السَّمْتي متهم، قال الذهبي في "تلخيص المستدرك": السمتي ليس بثقة، وقال الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 11/ 161: هذه الرواية لا تسوى شيئًا، فإنَّ يوسف بن خالد قد اتهموه بالوضع، فلا يصلح الاستشهاد به.

ولم نقف على هذه الطريق عند غير الحاكم، والله أعلم.

(2)

إسناده صحيح. أبو بكر بن إسحاق اسمه: أحمد، والحميدي: هو عبد الله بن الزبير الأسدي.

وأخرجه الترمذي (890) و (2975)، والنسائي (3998)، وابن حبان (3892) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. ثم قال: قال ابن أبي عمر - يعني شيخ الترمذي فيه -: قال سفيان بن عيينة: وهذا أجود حديث رواه سفيان الثوري. وقال ابن حبان: قال ابن عيينة: فقلت لسفيان الثوري: ليس عندكم بالكوفة حديث أشرف ولا أحسن من هذا.

وأخرجه الترمذي (889) عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، به. =

ص: 572

1722 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن محمد القَبّاني، حدثنا نصر بن علي الجَهْضَمي، حدثنا وهب بن جَرير، حدثني أبي، عن محمد بن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن عثمان بن أبي سليمان، عن عمِّه نافع بن جُبير، عن أبيه جُبير بن مُطعِمٍ، قال: كانت قريشٌ إنما تَدفَعُ من المزدلِفة ويقولون: نحن الحُمْسُ فلا نَخرجُ من الحَرَم، وقد تَرَكوا الموقفَ على عرفة، قال: فرأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية يقفُ مع الناس بعَرفةَ على جَمَلٍ له، ثم يُصبح مع قومه بالمزدلِفة فيَقفُ معهم يَدفَع إذا دَفَعوا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1723 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مُنقِذ الخَوْلاني، حدثنا ابن وَهْب، عن مَخْرَمة بن بُكَير، عن أبيه قال: سمعتُ يونسَ بن يوسف يحدِّث عن سعيد بن المسيّب، عن عائشةَ زوجِ النبيّ صلى الله عليه وسلم، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما مِن يومٍ أكثرَ مِن أن يُعتِقَ اللهُ فيه عبدًا من النار من يومِ عَرَفةَ، وإنَّه ليَدْنو ثم يُباهي الملائكةَ فيقول: ما أرادَ هؤلاءِ؟ "

(2)

.

= وأخرجه أحمد (18774) و (18954)، وأبو داود (1949)، وابن ماجه (3015) و (3015 م)، والترمذي (889)، والنسائي (3997) و (4036) من طرق عن سفيان الثوري، به.

وسيأتي برقم (3137) من طريق شعبة، عن بكير بن عطاء، ويأتي تخريجه هناك.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار - وقد صرَّح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه. وهب بن جرير: هو ابن حازم.

وأخرجه ابن خزيمة (2843) عن نصر بن علي الجهضمي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1578) من طريق محمد بن يحيى القُطعي، عن وهب بن جرير، به.

وسيأتي بنحوه برقم (1792) و (1793).

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل مخرمة بن بكير - وهو ابن عبد الله بن الأشج - فإنَّ روايته عن أبيه وجادة، لكن هذا لا يضعف روايته بل قد احتجَّ بها مسلم. ابن وهب: هو =

ص: 573

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1724 -

أخبرنا إسحاق بن محمد بن خالد الهاشمي بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزةَ الغِفَاري، حدثنا خالد بن مَخْلَد القَطَواني.

وأخبرني أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد المؤذِّن، حدثنا محمد بن إسحاق الإمام، حدثنا علي بن مسلم، حدثنا خالد بن مَخْلَد، حدثنا علي بن مُسهِر

(1)

، عن مَيسَرَةَ بن حبيب، عن المِنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبير قال: كنا مع ابن عباسٍ بعَرفةَ فقال لي: يا سعيد، ما لي لا أسمعُ الناسَ يُلَبُّون؟ فقلت: يخافون من معاويةَ، قال: فخرج ابنُ عباس من فُسطاطِه فقال: لبَّيكَ اللهمَّ لبَّيك، فإنهم قد تَرَكوا السُّنةَ من بُغض عليٍّ رضي الله عنه

(2)

.

= عبد الله، ويونس بن يوسف: هو ابن حِماس الليثي.

وأخرجه مسلم (1348)، وابن ماجه (3014)، والنسائي (3982) من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وفي الباب عن أبي هريرة سيأتي برقم (1726).

وبنحو حديث أبي هريرة: حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد 11/ (7089) مرفوعًا: "إِنَّ الله عز وجل يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثًا غبرًا". وإسناده لا بأس به.

وعن جابر بن عبد الله عند ابن حبان (3853)، وإسناده لا بأس به.

(1)

كذا في النسخ الخطية: علي بن مسهر، وهو خطأ صوابه: علي بن صالح، كما في "صحيح ابن خزيمة"(2830)، وقد رواه غير واحد أيضًا خالد بن مخلد، عن علي بن صالح، عن ميسرة بن حبيب، كما عند النسائي (3979)، والبيهقي 5/ 113. ولعلَّ منشأ هذا الخطأ من إحدى النسخ القديمة لـ "المستدرك" أو أنه سبق قلم من المصنِّف نفسه، والله أعلم.

(2)

خبر منكر، خالد بن مخلد القطواني حسن الحديث ما لم يخالف أو يأتي بما ينكر، فقد قال أبو داود: صدوق يتشيع، وقال ابن سعد: كان منكر الحديث في التشيع مفرطًا، وقال الجوزجاني: كان شتامًا معلنًا بسوء مذهبه، وقال صالح جزرة - فيما نقله عنه الحاكم في "تاريخ نيسابور" -: ثقة في الحديث إلّا أنه كان متهمًا بالغلوّ. =

ص: 574

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1725 -

حدثني أبو سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان، حدثنا الهَيثم بن خَلَف الدُّوري، حدثنا جميل بن الحسن الجَهْضَمي، حدثنا محبوب بن الحسن، حدثنا داود بن أبي هند، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وَقَفَ بعرفاتٍ، فلمّا قال:"لبَّيك اللهمَّ لبَّيك" قال: "إنّما الخيرُ خيرُ الآخرة"

(1)

.

قد احتجَّ البخاريُّ بعِكرمة، واحتجَّ مسلم بداود، وهذا الحديث صحيح لم يُخرجاه.

= قلنا: وهذا الخبر من تشيعه، وقد انفرد به، وإلّا فما علاقة ترك التلبية ببغض عليٍّ أو حبه؟! وخصوصًا أنَّ مسألة التلبية بعرفة مسألة اجتهادية فيها خلاف قديم بين الصحابة، وقد توسع في ذكر مذاهب الصحابة في ذلك الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 223 - 227، وابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 75 وما بعدها.

وأخرجه النسائي (3979) عن أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، عن خالد بن مخلد، عن علي بن صالح، عن ميسرة بن حبيب، بهذا الإسناد.

(1)

إسناده ليِّن، جميل بن الحسن وشيخه محبوب بن الحسن - واسمه محمد، ومحبوب لقبه - فيهما لين، وقد انفردا فلم يتابعا على قوله:"إنما الخير خير الآخرة" إلّا فيما رواه الشافعي في "الأم" 3/ 391 - ومن طريقه البيهقي 5/ 45 و 7/ 48 - من مرسل مجاهد أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُظهر من التلبية: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك" قال: حتى إذا كان ذات والناس يُصرَفون عنه كأنه أعجبه ما هو فيه فزاد فيها: "لبيك إنَّ العيش عيش الآخرة"، قال ابن جُريج: وحسبت أنَّ ذلك يوم عرفة.

قلنا: ولعله بهذا الشاهد قد صحَّح ابن الجارود وابن خزيمة حديث ابن عباس هذا، وحسَّن إسناده الهيثمي في "المجمع" 3/ 223، وقال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار": رواته موثقون، وجميل فيه مقال ولا بأس به في المتابعات.

وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى"(470)، وابن خزيمة (2831) ومن طريقه البيهقي 5/ 45.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(5419) - ومن طريقه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 5/ 233 - عن محمد بن هارون الأنصاري، ثلاثتهم (ابن الجارود، وابن خزيمة، ومحمد بن هارون) عن جميل بن الحسن الجهضمي، بهذا الإسناد.

ص: 575

1726 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن محمد بن نَصْر، حدثنا أبو نُعيم الفضل بن دُكَين، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله يُباهي بأهل عَرَفاتٍ أهلَ السماء، فيقول لهم: انظُرُوا إلى عبادي، جاؤوني شُعْثًا غُبْرًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1727 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامِري، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن الحَكَم، عن مِقْسَم، عن ابن عباس، عن أسامة: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أردَفَه حين أفاضَ من عَرفةَ، فأفاض بالسَّكِينة، وقال:"أيُّها الناسُ، عليكم بالسَّكِينة" وقال: "ليس البِرُّ بإيجافِ الخيلِ والإبل"، فما رأيتُ ناقتَه رافعةً يدَها حتى أتَى مِنى

(2)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق.

وأخرج أحمد 13/ (8047)، وابن حبان (3852) من طرق عن يونس بن أبي إسحاق، بهذا الإسناد.

قال أبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء" 3/ 306 بعد أن أخرجه من حديث أبي هريرة: هذا حديث صحيح من حديث سعيد بن المسيب عن عائشة، غريب من حديث مجاهد عن أبي هريرة، ولا أعلم له راويًا إلّا يونس بن أبي إسحاق.

قلنا: حديث سعيد بن المسيب عن عائشة أخرجه مسلم (1348).

وفي الباب أيضًا عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد 11/ (7089)، وإسناده قوي لا بأس به.

وعن جابر بن عبد الله عند ابن حبان (3853)، وإسناده قوي.

قوله: "شُعثًا غُبرًا" جمع أشعث أغبر، وهو مفرّق الشعر ومغبرُّه.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل معاوية بن هشام، وقد توبع. سفيان: هو الثوري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، والحكم: هو ابن عتيبة، ومقسم: هو مولى ابن عباس.

وأخرجه ابن خزيمة (2844) عن محمد بن الحسن بن إبراهيم بن الحسين، عن معاوية بن هشام، بهذا الإسناد. =

ص: 576

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1728 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بنُ عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو النُّعمان محمد بن الفضل، حدثنا حمّاد بن زيد، عن كَثِير بن شِنْظِير، عن عطاء، عن ابن عباس قال: إنَّما كان بَدْءُ الإيضاع من أهل البادية؛ كانوا يَقِفُون حافَتَي الناسِ قد علَّقوا

(1)

القِعابَ والعِصِيَّ، فإذا أفاضُوا تَقَعقَعوا، فَأَنفَرَتْ بالناس، فلقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن ذِفْرَى

(2)

ناقتِه لَيَمَسُّ حارِكَها

(3)

، وهو يقول: "يا

= وسيأتي أوله برقم (6679) من طريق الحجاج بن أرطاة عن الحكم.

وأخرجه أحمد 36/ (21756) و (21803)، والنسائي (4000) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، عن أسامة.

وأخرجه بنحوه مطولًا ومختصرًا أحمد (21760) من طريق عروة بن الزبير، و (21761) من طريق كريب، و (21793) من طريق عامر الشعبي، و (21812) و (21834) من طريق مجاهد، أربعتهم عن أسامة بن زيد.

وأخرجه بنحوه أحمد 4/ (2427) عن مؤمل بن إسماعيل، وأبو داود (1920) عن محمد بن كثير، كلاهما عن سفيان الثوري بإسناد الحاكم إلى ابن عباس، فجعله من مسند ابن عباس.

وأخرجه أحمد كذلك من حديث ابن عباس 4/ (2507) من طريق جرير بن عبد الحميد، وأبو داود (1920) من طريق عَبيدة بن حميد الكوفي، كلاهما عن الأعمش، به.

وأخرجه أحمد أيضًا 4/ (2099) و (2264) و 5/ (3309) من طريق المسعودي، عن الحكم، به.

وسيأتي حديث ابن عباس عند المصنف برقم (5281) من طريقي طاووس وسعيد بن جبير عنه، وسيأتي تخريجه من باقي الطرق عن ابن عباس هناك إن شاء الله.

وفي الباب عن الفضل بن عباس، سيأتي برقم (5280).

وعن علي بن أبي طالب عند أحمد 2/ (562)، وأبي داود (1922)، والترمذي (1922).

وانظر الحديث التالي.

(1)

عبارة "قد علَّقوا" سقطت من (ص) و (ع).

(2)

في النسخ الخطية: ظفرى، والمثبت من "سنن البيهقي" 5/ 126 حيث رواه عن المصنِّف بإسناده هذا، وهو الصواب، وهو الموافق لما في مصادر التخريج عدا ابن خزيمة.

(3)

في النسخ الخطية: "لا يمس الأرض حاركها" ولا يستقيم المعنى، والمثبت من رواية =

ص: 577

أيُّها الناسُ، عليكم بالسَّكِينة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1729 -

أخبرنا جعفر بن محمد

(2)

بن نُصَير الخوّاص، حدثنا الحارث بن محمد التَّميمي، حدثنا أبو النَّضر هاشم بن القاسم، حدثنا عَوف بن أبي جَميلة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عَوف، عن زياد بن الحُصَين، حدثنا أبو العاليَة، قال: قال لي ابنُ عباس: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم غَداةَ العَقَبة: "هاتِ الْقُطْ لي

(3)

حَصَيَاتٍ من حَصَى الخَذْف"، فلمّا وُضِعنَ في يده قال: "بأمثال هؤلاءِ، بأمثال هؤلاء،

= البيهقي التي رواها عن المصنف، وهو الموافق لسائر مصادر التخريج.

(1)

إسناده حسن، كثير بن شنظير فيه كلام يحطه عن رتبة الصحيح، وباقي رجاله ثقات.

عطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه أحمد 4/ (2193) عن يونس بن محمد، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وفيه: ولقد رُئي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن ذفرى ناقته

بلفظ المبني للمجهول، وهو الصواب، فإنَّ ابن عباس إنما روى ذلك عن أسامة بن زيد كما وقع في رواية قيس بن سعد عن عطاء عند أحمد 36/ (21756) و (21803)، والنسائي (4000)، وانظر ما قبله.

قوله: "الإيضاع": حمل البعير ونحوه على الإسراع في السير عند الإفاضة.

والقِعاب: جمع قَعْب، وهو القدح الضخم الغليظ من الخشب.

"تقعقعوا" أي: ضرب بعضهم بعضًا، فكان منها صوت وصخب ينفر منه الناس.

"ذفرى ناقته": أصل أذنها.

والحارك: أعلى الكاهل.

ولا يعارض إسراعه صلى الله عليه وسلم في وادي محسِّر، فقد كان يسرع فيه، أما الإيضاع الذي فعلته الأعراب ولم يكن من فعله صلى الله عليه وسلم، إنما هو عند الإفاضة من عرفات، انظر توجيه ذلك في "زاد المعاد" 2/ 309.

(2)

في (ب) والمطبوع: أحمد بن جعفر بن محمد، وهو خطأ.

(3)

وقع هنا في النسخ الخطية: "هات القعيهات القط لي"، ولا معنى لها، وضبَّب عليها في (ز)، والذي يظهر أنَّ عبارة "هات القط" مكررة مرتين في إحدى النسخ القديمة المنقول عنها، فتحرَّفت كلمتا "القط هات" فيها إلى: القعيهات، والله أعلم.

ص: 578

وإياكم والغُلوَّ في الدِّين؛ فإنَّما هَلَكَ مَن كان قبلَكم بالغُلوِّ في الدِّين"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1730 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا الفضل بن عبد الجبار، حدثنا النضر بن شُمَيل.

وحدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمَّاك، حدثنا عبد الرحمن بن منصور، حدثنا يحيى بن سعيد القطّان.

وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا أبو علي الحَنَفي وأبو عاصم النَّبيل، قالوا: حدثنا أيمن بن نابِلٍ قال: سمعتُ قُدامةَ بن عبد الله بن عمّار الكِلَابيَّ يقول: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجَمْرةَ يومَ النَّحر على ناقةٍ صَهباءَ، لا ضَرْبَ ولا طَرْدَ، ولا إليكَ إليكَ

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. الحارث بن محمد التميمي: هو ابن أبي أسامة الحافظ، ومحمد بن جعفر: هو المعروف بغندر، وزياد بن الحصين: هو ابن قيس الحنظلي، وأبو العالية: هو الربيع بن مهران الرِّياحي.

وابن عباس صاحب هذا الحديث كان عوف بن أبي جميلة لا يدري هل هو عبد الله أو الفضل، فيما ذكر يحيى القطان عنه عند أحمد (3248) وابن خزيمة (2868).

وقد رواه جمهرة أصحاب عوف عنه على الإطلاق دون تقييد، كما عند أحمد 3/ (1851) و 5/ (3248)، وابن ماجه (3029)، والنسائي (4049) و (4051)، وابن حبان (3871)، وغيرهم.

وخالف جعفرُ بن سليمان الضبعي عند الطبراني في "الكبير" 18/ (742) و"الأوسط"(2189) والبيهقي 5/ 127 فرواه عن عوف، عن زياد، عن أبي العالية قال: سمعت ابن عباس يقول: حدثني الفضل بن عباس قال: قال لي رسول الله. وصوّب هذه الرواية الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 2/ 263، لأن الفضل هو الذي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم حينئذٍ، كما سيأتي في الحديث رقم (5280). وأبو العالية تابعي كبير أسلم في خلافة أبي بكر الصديق، فسماعه من الفضل محتمل جدًّا.

وفي باب النهي عن الغلو في الدين عن بريدة الأسلمي، سلف برقم (1190) وذكرنا شواهده هناك.

(2)

إسناده حسن من أجل أيمن بن نابل. أبو عاصم النبيل: هو الضحاك بن مخلد. =

ص: 579

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1731 -

حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أنسٍ القُرَشي، حدثنا حفص بن عبد الله، حدثني إبراهيم بن طَهْمان، حدثنا الحسن بن عُبيد الله، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن ابن عباسٍ رفَعَه، قال: "لما أتى إبراهيمُ خليلُ الله المناسكَ عَرَضَ له الشيطانُ عند جَمْرةِ العَقَبة، فرماه بسَبعِ حَصَياتٍ حتى ساخَ في الأرض [ثم عَرَضَ له عند الجَمرة الثانية، فرماه بسَبْع حَصَياتٍ حتى ساخ في الأرض، ثم عَرَضَ له عند الجَمرة الثالثة، فرماه بسَبع حَصَياتٍ حتى ساخ في الأرض]

(1)

".

قال ابن عباس: الشيطانَ تَرجُمون، وملَّةَ أبيكم تتَّبعون

(2)

.

= وأخرجه أحمد 24/ (15410) و (15411) و (15412) و (15413) و (15415)، وابن ماجه (3035)، والترمذي (903)، والنسائي (4053) من طرق عن أيمن بن نابل، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وسيأتي برقم (8758).

قال السندي في حاشيته على مسند أحمد": قوله: "ولا إليكَ" اسم فعل بمعنى: ابتعِد وتنحَّ، أي: لم يكن ثَمَّ شيءٌ من هذه الأمور التي تُفعل الآن بين أيدي الأمراء، فهي محدَثة ومكروهة كسائر المحدَثات، وفيه بيان تواضعه صلى الله عليه وسلم، أنه لم يكن على صفة الأمراء اليوم، والله تعالى أعلم.

(1)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، وأثبتناه من "تلخيص المستدرك" للذهبي، ومن "السنن الكبرى" 5/ 153، و"شعب الإيمان"(3784) كلاهما للبيهقي حيث رواه عن المصنف بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده صحيح إن كان الحسن بن عبيد الله هو الكوفي النخعي، فلم نقع على تصريح بأنه هو، لكن يغلب على الظن أنه هو لأنه المشهور في هذه الطبقة، والله أعلم، وباقي رجاله ثقات، فمحمد بن أحمد بن أنس القرشي قد وثقه محمد بن صالح بن هانئ كما في "تاريخ الإسلام" للذهبي 6/ 594، والخطيب في "المتفق والمفترق" 3/ 1819، وحفص بن عبد الله - وهو ابن راشد السَّلَمي - ثبتٌ في إبراهيم بن طهمان لملازمته له، كما قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 9/ 485.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 153، وفي "الشعب"(3784) عن أبي عبد الله الحاكم، =

ص: 580

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1732 -

أخبرنا علي بن محمد بن عُقْبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزُّهري، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن إبراهيم بن مُهاجِر، عن يوسف بن ماهَكَ، عن أمه مُسَيكة، عن عائشةَ قالت: قيل: يا رسولَ الله، ألا نَبْني لك بمِنًى بناءً يُظِلُّك؟ قال:"لا، مِنًى مُناخُ مَن سَبَق"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1733 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، حدثنا محمد بن إسحاق.

وحدثنا علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا عيّاش بن الوليد الرَّقّام، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي نَجِيح، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: أَهدَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامَ الحُدَيبية في هداياهُ جَمَلًا لأبي جَهْل، في رأسه بُرَةٌ من فضَّة، لِيَغيظَ المشركين بذلك

(2)

.

= بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 4/ (2707) ضمن حديث طويل من طريق أبي عاصم الغنوي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن ابن عباس.

وانظر ما سيأتي برقم (1773) من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.

(1)

إسناده ضعيف، إبراهيم بن مهاجر ضعيف يعتبر به في المتابعات، ولم يتابع، ومسيكة تفرَّد بالرواية عنها ابنها يوسف ولم يؤثر توثيقها عن أحد، فهي مجهولة الحال. عبيد الله بن موسى: هو ابن أبي المختار، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.

وأخرجه أحمد 42/ (25541) و (25718)، وأبو داود (2019)، وابن ماجه (3006) و (3007)، والترمذي (8801) من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

(2)

حديث حسن، رغم تصريح ابن إسحاق هنا بالتحديث، فقد نقل المصنف نفسه في "معرفة علوم الحديث" ص 107 عن علي بن المديني أنه قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن =

ص: 581

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1734 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، حدثنا محمد بن إسحاق.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعيُّ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثني أبي، عن ابن إسحاق، حدثني يزيد بن أبي حَبِيب المِصْري، عن خالد بن أبي عِمْران، عن أبي عيّاش، عن جابر بن عبد الله الأنصاري: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ذَبَحَ يومَ العيد كَبشَين، ثم قال حين وَجَّهَهما:" {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 79]، {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163]، باسمِ الله، واللهُ أكبرُ، اللهمَّ منكَ ولكَ عن محمدٍ وأُمّتِه"

(1)

.

= سعد، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني من لا أتّهم عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس. قلنا: لكن ابن إسحاق قد توبع.

وأخرجه أحمد 4/ (2362) من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، وأبو داود (1749) من طريق محمد بن سلمة ويزيد بن زريع، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

ووقع في رواية يزيد بن زريع: برة من ذهب.

وأخرجه أحمد 4/ (2466) من طريق جرير بن حازم، عن ابن أبي نجيح، به. قال البيهقي 5/ 230: وهذا إسناد صحيح، إلّا أنهم يرون أنَّ جرير بن حازم أخذه من محمد بن إسحاق ثم دلّسه، فإن بُيِّن فيه سماع جرير من ابن أبي نجيح صار الحديث صحيحًا، والله أعلم.

وسيأتي الحديث بنحوه برقم (4430) من طريق سفيان الثوري، يرويه عن الحكم بن عتيبة عن ابن أبي ليلى عن مقسم عن ابن عباس، ويرويه أيضًا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر.

قوله: "بُرة من فضة" قال ابن الأثير في "النهاية": البُرَة: حلقة تجعل في لحم الأنف، وربما كانت من شعر.

(1)

إسناده محتمل للتحسين، أبو عياش - وهو ابن النعمان المعافري المصري - روى عنه ثلاثة، ولم يؤثر توثيقه عن أحد، لكن صحَّح حديثه هذا ابن خزيمة والمصنِّف. يعقوب بن =

ص: 582

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1735 -

أخبرنا أبو علي الحسين بن عليٍّ الحافظ، أخبرنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب الفقيه بمصر، حدثنا محمد [بن عبد الله بن ميمون الإسكندراني، حدثنا الوليد بن مُسلِم، حدثنا الأوزاعي، حدثني يحيى]

(1)

بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: ذَبَحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عمَّنِ اعتَمَرَ من نسائِه في حَجَّة الوداع بقرةً بينَهنَّ

(2)

.

= إبراهيم: هو ابن سعد الزهري.

وهو في "مسند أحمد" 23/ (15022).

وأخرجه ابن خزيمة (2899) من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي (1989)، والطحاوي 4/ 177، والبيهقي 9/ 287 من طريق أحمد بن خالد، وأبو داود (2795)، والبيهقي 9/ 287 من طريق عيسى بن يونس، وابن ماجه (3121) من طريق إسماعيل بن عياش، والمزي في ترجمة أبي عياش من "تهذيب الكمال" 34/ 163 - 164 من طريق يزيد بن زريع، أربعتهم عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي عياش، به. بإسقاط خالد بن أبي عمران.

وتفرَّد عيسى بنُ يونس من بين أصحاب ابن إسحاق الخمسة بزيادة "مَوجِيَّين"(يعني مخصيَّين)، وهي زيادة شاذَّة. وقد جاءت هذه الزيادة أيضًا في حديث عبد الله بن محمد بن عقيل فيما سيأتي برقم (7738)، وإسناده ضعيف لاضطرابه.

وسيأتي حديث جابر من طريق آخر عند المصنف برقم (7744) بدون ذكر الآيات.

وفي باب أضحيّة النبي صلى الله عليه وسلم عنه وعن أمّته، انظر أحاديث حذيفة بن أَسيد وعائشة - أو أبي هريرة - وأبي سعيد وأبي رافع الآتية عند المصنف على التوالي بالأرقام (6665) و (7738) و (7740) و (7745)، وليس في شيء منها ذكر الآيات.

(1)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من "السنن الكبرى" للبيهقي 4/ 354 حيث رواه عن المصنِّف بهذا الإسناد، وأورده الذهبي في "تلخيص المستدرك" وبدأ فيه من الوليد بن مسلم.

(2)

حديث صحيح، وقد ضعَّفه البخاري كما في "العلل الكبير" للترمذي (228) حيث قال - يعني البخاري -: إنَّ الوليد بن مسلم لم يقل فيه: حدثنا الأوزاعي، وأراه أخذه عن يوسف بن =

ص: 583

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1736 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا هارون بن سليمان الأصبهاني، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدثنا شعبة.

وأخبرنا مُكرَم بن أحمد القاضي ببغداد، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا يزيد بن هارون وزيد بن الحُبَاب، عن شعبة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، وحدثنا يحيى بن سعيد، وحدثنا أبو داود؛ قالوا: حدثنا شعبة - وهذا لفظُ حديث أبي العباس - قال: سمعتُ سليمان بنَ عبد الرحمن يقول: سمعتُ عُبيدَ بن فَيْروزَ يقول: قلت للبراء: حدِّثْني عمَّا كَرِهَ أو نَهَى عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من الأضاحيِّ، قال: فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هكذا بيدِه - ويدي أقصرُ من

= السَّفر، ويوسف ذاهب الحديث. قلنا: ويرد عليه بأنَّ الوليد قد صرَّح بالتحديث عن الأوزاعي هنا، كما صرَّح بسماع الأوزاعي من يحيى بن أبي كثير، فانتفت شبهة تدليسه، لذلك قال البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 354: فإن كان قوله: حدثنا الأوزاعي، محفوظًا صار الحديث جيدًا. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 12/ 136: حديث أبي هريرة هذا صحيح ثابت. قلنا: ومع هذا فإنَّ الوليد بن مسلم قد توبع عند ابن حبان كما سيأتي.

الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن.

وأخرجه أبو داود (1751)، والنسائي (4114) عن عمرو بن عثمان، وقرن أبو داود بعمرٍو محمدَ بنَ مهران، وابنُ ماجه (3177) عن عبد الرحمن بن إبراهيم، ثلاثتهم عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وقد صرَّح الوليد بالتحديث عن الأوزاعي أيضًا عند ابن ماجه.

وأخرجه ابن حبان (4008) من طريق هشام بن عمار، عن إسماعيل بن عبد الله بن سماعة، عن الأوزاعي، به. وهشام وإن لم يكن بذاك، يعتبر حديثه في المتابعات، وتقوى بذلك رواية الوليد.

وله شاهد من حديث جابر عند مسلم (1319)(357): أنه صلى الله عليه وسلم نحر عن نسائه بقرة في حجته.

وآخر عن عائشة عند أحمد 43/ (26109)، وأبي داود (1750)، وابن ماجه (3135)، والنسائي (4112) و (4113) و (4116).

وانظر "فتح الباري" لابن حجر 5/ 574 - 575.

ص: 584

يدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربعٌ لا يُجْزِئنَ في الأضاحيِّ: العَوْراءُ البيِّنُ عَوَرُها، والمريضةُ البيِّنُ مَرَضُها، والعَرْجاءُ البيِّنُ عَرَجُها، والكَسِيرُ التي لا تُنْقي". قال: فإنِّي أكرَهُ أن يكون نَقْصٌ في الأُذُن والقَرْن، قال: فما كَرِهتَ فَدَعْهُ ولا تُحرِّمه على غيرك

(1)

.

(1)

إسناده صحيح. محمد بن جعفر: هو الملقب بغُندَر، ويحيى بن سعيد: هو القطان، وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي، والثلاثة الراوي عنهم هنا هو أحمد بن حنبل.

وهو في "مسند أحمد" 30/ (18542) عن يحيى بن سعيد القطان وحده، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (3144)، والنسائي (4444) عن محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر وعبد الرحمن بن مهدي وأبي داود الطيالسي، به. وقَرَن بهم أبا الوليد الطيالسي وابن أبي عدي.

وأخرجه أحمد (18510) و (18543) و (18667)، وأبو داود (2802)، والترمذي (1497)، والنسائي (4443)، وابن حبان (5922) من طرق عن شعبة، به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، لا نعرفه إلّا من حديث عبيد بن فيروز عن البراء، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم.

وأخرجه النسائي (4445)، وابن حبان (5919) و (5921) من طريقي عمرو بن الحارث والليث بن سعد، كلاهما عن سليمان بن عبد الرحمن، به.

ورواه مالك بن أنس عن عمرو بن الحارث، عن عبيد بن فيروز، به. أسقط منه سليمان بن عبد الرحمن، أخرجه من طريق مالك: أحمد (18675)، وانظر الكلام على إسناده هذا هناك.

وأخرجه الترمذي (1497) من طريق محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سليمان ابن عبد الرحمن، به.

ورواه الأوزاعيُّ عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن يزيد بن أبي حبيب عن البراء فيما سيأتي برقم (7717)، وعبد الله ضعيف وقد أعضله بين يزيد والبراء.

وانظر تفصيل الكلام على إسناد الحديث وعلى ما وقع فيه من اختلاف في "المسند"(18510).

وسيأتي الحديث بنحوه من طريق أبي سلمة عن البراء برقم (7718).

قوله: "ويدي أقصر من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم" قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: هو أشار بيده صلى الله عليه وسلم، كما أُشير أنا بيدي، لكن يدي أقصر من يده.

والكسير، قال: فُسِّر بالمنكسرة الرِّجل التي لا تقدر على المشي، فعيل بمعنى مفعول، وفي رواية الترمذي بدلها:"العجفاء" وهي المهزولة، وهذه الرواية أظهر معنًى. =

ص: 585

هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه لعلّة

(1)

روايات سليمان بن عبد الرحمن، وقد أظهر عليُّ بن المَديني فضائلَه وإتقانَه.

ولهذا الحديث شواهد متفرقة بأسانيد صحيحة ولم يخرجوها، فمنها:

1737 -

ما حدَّثَناه عليُّ بن حَمْشاذَ العدل وعبدُ الله بن الحسين القاضي، قالا: حدثنا الحارث بن أبي أُسامة، حدثنا رَوْحُ بن عُبادة.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا عفان.

وأخبرنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي؛ قالوا: حدثنا شعبة، عن قتادةَ قال: سمعتُ جُرَيَّ بن كُلَيب النَّهْدي يحدِّث عن عليٍّ: أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى أن يُضحَّى بأعْضَبِ القُرونِ والأُذُن.

قال قتادة: فذكرتُ ذلك لسعيد بن المسيّب فقال: العَضَبُ: النِّصفُ فما فوقَ ذلك

(2)

.

= لا تُنْقِي: من أَنقَى: إذا صار ذا نِقْي، أي: مخ، فالمعنى: التي ما بقي لها مخ من غاية العجف.

(1)

في (ب): لقلة.

(2)

إسناده ضعيف للتفرُّد والمخالفة، فقد تفرَّد به جري بن كليب، وبهذا الاسم اثنان نسب الأول كما هنا نهديًّا، والثاني سدوسيًّا، وقد اضطرب فيهما النُّقّاد، فجعلهما واحدًا البخاريُّ في "التاريخ الكبير" 2/ 244، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/ 536، وابن حبان في "الثقات" 4/ 117، وفرَّق بينهما أبو داود فقال: جري بن كليب صاحب قتادة سدوسي بصري لم يرو عنه غير قتادة، وجري بن كليب كوفي روى عنه أبو إسحاق السبيعي، وتبعه المزي في "تهذيب الكمال" وابن حجر في "تهذيبه" وابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 294.

ومنشأ الخلاف هو اضطراب رواة هذا الحديث عن قتادة في تسميته، فقد رواه عنه شعبة وسعيد بن أبي عروبة، فقالا مرةً: جري بن كليب السدوسي، وقالا مرة: عن جري بن كليب رجل من قوم قتادة (وهو سدوسي)، وقالا مرة: جري بن كليب النهدي. لكن رواه عن قتادة أيضًا همام بن يحيى (عند أحمد: 791) وهشام الدستوائي (عند المخلِّص: 721)، فنسباه سدوسيًّا، فيكون من نسبه سدوسيًا أكثر وأشهر، فيترجح كونه سدوسيًّا، وأن من نسبه نهديًّا فقد وهم، فالسدوسي بصري تفرد بالرواية عنه قتادة، كما قال علي بن المديني وأبو داود، والثاني كوفي =

ص: 586

ومنها:

1738 -

ما حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبيد الله بن أبي داود المُنادي، حدثنا وهب بن جَرير وأبو النَّضر، قالا: حدثنا شعبة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، أنَّ سَلَمةَ بن كُهَيل أخبره، قال: سمعتُ حُجَيَّةَ بنَ عَديٍّ الكِنْدِي يقول: سمعتُ عليًّا يقول: أَمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَن نَستَشرِفَ العينَ والأُذُنَ

(1)

.

= روى عنه الكوفيون كأبي إسحاق السبيعي وابنه يونس، وزاد ابن حجر عاصمَ بن أبي النجود، والله تعالى أعلم.

وعليه يكون صاحبنا هو السدوسي الذي تفرد بالرواية عنه قتادة، وكان يُثْني عليه خيرًا، وعدَّه ابنُ المديني مجهولًا، لأنه لم يرو عنه غير قتادة.

وأما المخالفة، فالثابت عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول بعدم كراهية مكسورة القرن كما سيأتي عند المصنف برقم (1739).

وأما هذا الحديث فهو في "مسند أحمد" 2/ (1066) عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (1157) عن حجاج بن محمد المصيصي، والنسائي (4451) من طريق سفيان بن حبيب، كلاهما عن شعبة، به.

وأخرجه أحمد (633)، وأبو داود (2805) و (2806) من طريق هشام الدستوائي، وأحمد (791) من طريق همام بن يحيى، كلاهما عن قتادة، به.

وسيأتي من طريق شعبة وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة برقم (7720)، ويأتي تخريجه هناك.

وأخرج أحمد (864) من طريق جابر الجعفي، عن عبد الله بن نجي، عن علي، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُضحَّى بعضباء القرن والأذن. وإسناده ضعيف ومنقطع، لكن صح مرفوعًا استشرافُ العين والأذن كما في الحديث التالي.

وعضباء القرن: هي مكسورة القرن، قال ابن الأثير في "النهاية": وقد يكون العَضَب في الأذن أيضًا، إلّا أنه في القرن أكثر. وقال ابن قدامة في "المغني" 5/ 462: العضباء: ما ذهب نصف أذنها أو قرنها.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل حجية بن عدي الكندي. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم.

وهو في "مسند أحمد" 2/ (1022) و (1309) عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد - لكنه مطول =

ص: 587

ومنها:

1739 -

ما حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبيد الله المُنادِي، حدثنا وهب بن جَرير، حدثنا أبي، عن أبي إسحاق الهَمْداني، عن سَلَمة بن كُهَيل، عن حُجَيّةَ بن عَدِيٍّ: أنَّ رجلًا سأل عليًّا عن البقرة، فقال: عن سبعةٍ. قال: القَرْن؟

(1)

قال: العَرَج؟ قال: إذا بَلَغَت المناسكَ، قال: وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَنا أن نَستشرِفَ العينَ والأُذُن

(2)

.

ومنها:

1740 -

ما حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عيسى التِّنِّيسي، حدثنا عمرو بن أبي سَلَمة، حدثنا صَدَقة بن عبد الله الدمشقي، عن ثَوْر بن يزيد،

= كلفظ الحديث الآتي بعده.

وأخرجه أحمد (826) و (1021)، والنسائي (4450) من طرق عن شعبة، به. وروايتا أحمد مطولتان كذلك.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند"(1106) من طريق أبي إسحاق، عن هبيرة بن يَريم، عن علي. وإسناده حسن.

وسيأتي من طريق حجية بأطول مما هنا بالأرقام (1739) و (7724) و (7725) و (7726).

قوله: "نستشرف العين والأذن"، قال ابن الأثير في "النهاية": أي: نتأمل سلامتهما من آفةٍ تكون بهما، وقيل: من الشُّرفة، وهي خيار المال، أي: أُمرنا أن نتخيرها.

(1)

كذا في نسخنا الخطية و"تلخيص المستدرك"، والذي يظهر أنَّ هنا سقطًا، فقد رواه ابن خزيمة (2915)، والبزار (754)، والمحاملي في "أماليه"(204) من طريق وهب بن جرير، وعندهم: فقال: القرن؟ فقال: لا يضرك، قال: العرج

إلى آخره.

(2)

إسناده حسن كسابقه. جرير والد وهب: هو ابن حازم، وأبو إسحاق الهمداني: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

وأخرجه أحمد 2/ (734) و (1312)، والترمذي (1503) من طرق عن سلمة بن كهيل، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

قوله: "إذا بلغت المناسك" جمع منسك بكسر السين وفتحها: وهو المذبح.

ص: 588

عن أبي حُمَيد الرُّعَينيِّ قال: كنّا جُلوسًا إلى عُتبةَ بن عبدٍ السُّلَمي، فأقبل يزيدُ ذو مِصْرٍ المُقْرائي فقال لعُتبة: يا أبا الوليد، إنّا خرجنا آنفًا في التِمَاسِ جَدْيِ نُسُكٍ، فلم نَكَدْ نجدُ شيئًا يُنْقِى غيرَ أنِّي وجدتُ ثَرْماءَ سمينةً، فقال عتبة: فلوما جئتَنا بها، فقال: اللهم غُفْرًا، أتجوزُ عنكَ ولا تجوز عنِّي؟ قال: نعم، قال: إنَّك تشُكُّ ولا أَشكُّ، قال: ثم أخرج عتبةُ يدَه فقال: إنَّما نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن خمسٍ: عن المُؤصَلَة والمُصْفَرَة والبَخْقاء والكَسْراء والمُشَيِّعة.

قال: والمُؤصَلَةُ: المستأصَلَة قَرْنُها، والمُصْفَرَة: المستأصَلَة أُذُنها

(1)

، والبَخْقاء: البيِّنُ عَوَرُها

(2)

، والمُشيِّعة

(3)

: المهزولة أو المريضة التي لا تَتْبعُ الغنمَ

(4)

.

1741 -

حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا علي بن الحسين بن الجُنَيد، حدثنا أحمد بن صالح، حدثني ابن أبي فُدَيك، حدثني الضَّحَّاك بن عثمان، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشةَ قالت: أرسَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأُمِّ سَلَمة ليلةَ النَّحْر، فرَمَتِ الجَمْرة قبل الفجر، ثم مَضَتْ فأفاضت، وكان ذلك يومَ الثاني الذي يكونُ عندها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

(5)

.

(1)

قال الخطابي: وأُراها سميت مُصْفَرة لأنَّ صِمَاخَيها قد صَفِرا من الأذنين، أي: خَلَوا، يقال: صَفِر الوعاءُ: إذا خلا.

(2)

أي: قد بُخِقَت عينها.

(3)

المشيّعة بكسر الياء المشددة، قال الخطابي في "غريب الحديث": أي التي لا تزال تتبع الغنم عَجَفًا، يريد أنها لا تلحق الغنم، فهي أبدًا تشيِّعها، أي تكون من وراء القطيع. انتهى، وقال ابن الأثير في "النهاية": وإن فتحتها - يعني الياء - فلأنها تحتاج إلى من يُشيِّعُها: أي يسوقها لتأخرها عن الغنم.

(4)

إسناده ضعيف، صدقة بن عبد الله ضعيف، وأبو حميد الرعيني ويزيد ذو مصر مجهولان.

وسيأتي عند المصنف برقم (7727) من طريق عيسى بن يونس عن ثور بن يزيد.

ويأتي تخريجه هناك.

(5)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل الضحاك بن عثمان - وهو الأسدي الحزامي - =

ص: 589

صحيح على شرطهما، ولم يُخرجاه.

1742 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد المعدَّل بمَرْو، حدثنا أبو المُوجِّه، أخبرنا أبو عمّار.

وحدثنا أبو علي الحسين بن عليٍّ الحافظ، أخبرنا زكريا بن يحيى السَّاجي، حدثنا محمد بن زُنْبور ومحمد بن عمرو بن سليمان؛ قالوا: حدثنا عيسى بن يونس، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمرَ قال: إذا نَفَرَ أحدُكم فليكن آخرُ عهدِه بالبيت، إلَّا الحُيَّض، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لهنّ

(1)

.

= فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع. ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل.

وقد اختلف فيه على هشام بن عروة، فرواه بعضهم عن هشام عن أبيه مرسلًا، ورواه آخرون - كما هنا - عن هشام عن أبيه عن عائشة، ورواه البعض عن هشام عن أبيه عن زينب عن أم سلمة، وصحَّح الدارقطني في العلل (3822) المرسل، لكن قال ابن كثير في "تخريج أحاديث التنبيه" 1/ 339: ولعلَّ هذا غير قادح، إذ قد يكون عن هشام عن أبيه من الطريقين. وقال في "البداية والنهاية" 7/ 597: وهو إسناد جيد قوي رجاله ثقات.

وصحَّح إسناده أيضًا بالإضافة إلى المصنف: البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 133، والحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" وفي "الدراية" 2/ 24، وابن الملقن في "الدر المنير" 6/ 250.

وأخرجه أبو داود (1942) عن هارون بن عبد الله، عن ابن أبي فديك، بهذا الإسناد. وانظر تمام تخريجه والكلام على إسناده هناك.

وانظر حديث هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة، في "مسند أحمد" 44/ (26492).

(1)

إسناده صحيح. أبو الموجه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وأبو عمار: هو الحسين بن حريث، وعيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق الفزاري، ونافع: هو مولى ابن عمر.

وأخرجه الترمذي (944) عن أبي عمار، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.

وأخرجه النسائي (4182)، وابن حبان (3899) من طريقين عن عيسى بن يونس، به.

وأخرج أحمد 10/ (5765)، والبخاري (330) و (1760)، والنسائي (4186) من طريق وهيب بن خالد، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه: كان ابن عمر يقول في أول أمره: إنها لا تَنفِر، ثم سمعته يقول: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لهن. لفظ البخاري. =

ص: 590

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1743 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا مروان بن معاوية الفَزَاري، حدثنا الحجّاج بن أبي عثمان الصوّاف، عن يحيى بن أبي كثير، عن عِكرِمةَ قال: حدّثني الحجّاج بنُ عمرو الأنصاريُّ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن كُسِرَ أو عَرَجَ فقد حَلَّ، وعليه الحجُّ من قابلٍ".

قال عكرمة: فسألتُ أبا هريرةَ وابنَ عباسٍ، فقالا: صَدَق

(1)

.

= وقد أعلَّ الدارقطني في "علله"(2943) حديث نافع عن ابن عمر هذا فقال: تفرد به عيسى بن يونس عن عبيد الله، وروى الزهري عن طاووس عن ابن عمر أنه كان يفتي بضد هذا، حتى كان بعد سنة قال: زعموا أنه رخص للحائض، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال الدارقطني: وقول الزهري عن طاووس أصح. قلنا: حديث الزهري لم نقع عليه باللفظ الذي أورده الدارقطني، بل قد أخرجه الطحاوي موافقًا لحديث نافع عن ابن عمر، فقد رواه في "شرح معاني الآثار" 2/ 235، وفي "أحكام القرآن"(1322) من طريق الليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن الزهري، عن طاووس: أنه سمع عبد الله بن عمر يُسأل عن حبس النساء عن الطواف بالبيت إذا حضن قبل النفر، وقد أفضن يوم النحر، فقال: إنَّ عائشة كانت تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم رخصة للنساء؛ وذلك قبل موت عبد الله بن عمر بعام.

ويؤيد رفعه أيضًا طريق وهيب بن خالد عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عمر المذكورة آنفًا، وقد أخرجها البخاري في "الصحيح".

وما أخرجه النسائي (4183) من طريق إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن عمر: أنه كان يقول قريبًا من سنتين: لا تنفر حتى يكون آخر عهدها بالبيت، ثم قال ابن عمر بعد: تنفر؛ إنه رخص للنساء.

وأخرج ابن ماجه (3071) من طريق إبراهيم بن يزيد، عن طاووس، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينفر الرجل حتى يكون آخر عهده بالبيت. وإبراهيم بن يزيد هذا متروك.

وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري (329)، ومسلم (1328).

وعن عائشة عند البخاري (1757)، ومسلم (1211).

(1)

إسناده صحيح. أبو بكر بن إسحاق اسمه: أحمد، ويحيى بن يحيى: هو النيسابوري. =

ص: 591

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1744 -

أخبرنا أبو بكر بن أبي دارِم الحافظ بالكوفة، حدثنا محمد بن عثمان بن محمد العَبْسي، حدثنا أبي، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثنا سفيان الثَّوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابرٍ قال: حَجَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حَجَّتينِ قبلَ أن يُهاجِر - يعني - وحَجَّ بعدما هاجَرَ حَجَّةً قَرَنَ معها عُمرةً

(1)

.

= وأخرجه أحمد 24/ (15731)، وأبو داود (1862)، وابن ماجه (3077)، والترمذي (940)، والنسائي (3829) و (3830) من طرق عن حجاج الصواف، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.

وسيأتي برقم (1795) من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن الحجاج الصواف، به، وبرقم (1796) من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن عبد الله بن رافع، عن الحجاج بن عمرو الأنصاري، فزاد معمر - وتابعه معاوية بن سلام - بين عكرمة والحجاج بن عمرو: عبدَ الله بن رافع، ورجح البخاري رواية معمر ومعاوية بن سلام، فيما نقله عنه الترمذي في "الجامع" وفي "العلل الكبير"(238)، ثم تعقبه الترمذي بقوله: وحجاج الصواف ثقة حافظ عند أهل الحديث. ونقل البيهقي 5/ 220 عن علي بن المديني قوله: الحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير أثبت. وقال الإمام أحمد كما في "مسائله - رواية أبي داود السجستاني"(1882): ما أدري ما مخرجه، وبعضهم يقول: عن عبد الله بن رافع. قلنا: لا يمنع أن يكون عكرمة رواه أولًا عن الحجاج بن عمرو بواسطة عبد الله بن رافع، ثم لقي الحجاج فسمعه منه بلا واسطة، فيكون حينئذ من المزيد في متصل الأسانيد، والله تعالى أعلم.

قوله: "أو عَرَج" قال ابن الأثير في "النهاية": يقال: عَرَجَ يَعرُجُ عَرَجانًا: إذا غمز من شيء أصابه، وعَرِجَ يَعرَجُ عَرَجًا: إذا صار أعرَجَ أو كان خِلقةً فيه.

(1)

صحيح، أبو بكر بن أبي دارم متكلم فيه، لكنه قد توبع. جعفر بن محمد: هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو جعفر الصادق.

وقد أعلَّ البخاري هذا الحديث فيما نقله عنه الترمذي في "جامعه" بإثر (815)، والبيهقي في "سننه الكبرى" 5/ 12 بما حاصله: أنَّ زيد بن الحباب أخطأ فيه، وأنَّ المحفوظ رواية الثوري له عن أبي إسحاق عن مجاهد مرسلًا، وأقرَّ كلٌّ من الترمذي والبيهقي الإمامَ البخاريَّ فيما نقلاه عنه، لكن صحَّح ابنُ خزيمة هذا الخبر في "صحيحه"(3056)، ثم ذكر بعده ترجمة أخرى قال =

ص: 592

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1745 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأُمَويُّ وعليُّ بن عبد الله الحَكِيمي ببغداد، قالا: حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا رَوح بن عُبادة، حدثنا محمد بن أبي حَفْصة، عن ابن شِهاب، عن أبي سِنان، عن ابن عباس: أنَّ الأقرع بن حابس سألَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحجُّ كلَّ عام؟ قال: "لا بل حَجَّةٌ واحدةٌ، ولو قلتُ: نَعَم، لَوَجَبَتْ، ولو وَجَبَتْ، لم تَسمَعوا ولم تُطيعوا

(1)

"

(2)

.

1746 -

حدَّثَناه أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا هاشم

= فيها: باب ذكر الدليل على صحة هذا المتن، والبيان أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد حجَّ قبل هجرته إلى المدينة، لا كما من طعن في هذا الخبر وادَّعى أنَّ هذا الخبر لم يروه غير زيد بن الحباب، ثم ذكر حديث جبير بن مُطعِم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يُنزَل عليه وإنه لَواقفٌ على بعيرٍ له بعرفات مع الناس يدفع معهم.

وأجاب ابن كثير في "البداية والنهاية" 7/ 473 بجواب مكين أيضًا، وهو أنَّ ابن ماجه رواه من طريق عبد الله بن داود الخريبي عن سفيان الثوري. ثم قال ابن كثير: وهذه الطريق لم يقف عليها الترمذي ولا البيهقي، وربما ولا البخاري حيث تكلم في زيد بن الحُباب ظانًا أنه انفرد به، وليس كذلك.

قلنا: وهو كما قال ابن كثير، وسيأتي الحديث من طريق الخُريبي برقم (4430)، وإذا انضم إليه حديث جبير بن مطعم الذي سلف عند المصنف برقم (1722) صح الخبر بيقين، ثم إنَّ سفيان الثوري كان واسع الرواية فلا تُعِلُّ إحدى روايتيه الرواية الأخرى، والله أعلم.

وأخرجه الترمذي (815) عن عبد الله بن أبي زياد القطواني، عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد، بأطول مما هنا بنحو لفظ الخريبي الآتي عند المصنِّف.

(1)

في (ز): تطيقوا.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن أبي حفصة، وقد توبع. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وأبو سنان: هو يزيد بن أمية الدؤلي.

وأخرجه أحمد 5/ (3510) عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد.

وانظر ما بعده، وما سلف برقم (1626).

ص: 593

ابن يونس العصّار

(1)

، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث، حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مُسافِر، عن ابن شهاب، عن أبي سِنان الدُّؤلي، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا قومِ، كُتِبَ عليكم الحَجُّ"، فقال الأقرع بن حابس: أَكُلَّ عامٍ يا رسولَ الله؟ فصَمَتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"لا، بل حَجَّةٌ واحدةٌ، ثم مَن حَجَّ بعدَ ذلك فهو تطوُّعٌ، ولو قلتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ عليكم، ثم إذًا لا تَسمَعونَ ولا تُطيعون"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1747 -

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا إسماعيل بن مُسلِم، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: الحجُّ والعُمرةُ فريضَتانِ على الناس كلِّهم إلَّا أهلَ مكةَ، فإنَّ عُمرتَهم طوافُهُم، فليَخرُجوا إلى التَّنعيم ثم لْيدخُلوها، فوالله ما دَخَلَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلَّا حاجًّا أو مُعتمِرًا

(3)

.

(1)

تحرَّف في (ز) و (ص) و (ب) إلى: القصار، والمثبت من (ع)، وسيأتي تحقيق نسبته عند الحديث رقم (2552).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، عبد الله بن صالح كاتب الليث - وهو ابن سعد - حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وقد توبع.

(3)

إسناده ضعيف بمرّة من أجل إسماعيل بن مسلم: وهو المكي أبو إسحاق البصري.

وأخرجه الدارقطني في "السنن"(2717) من طريق محمد بن سعيد بن غالب، عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد.

وأخرج الدارقطني (2721) - ومن طريقه البيهقي 4/ 352 - من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: العمرة واجبة كوجوب الحج، وهو الحج الأصغر. وإبراهيم بن أبي يحيى هذا متروك.

وأخرج الدارقطني أيضًا (2720/ 2) - ومن طريقه البيهقي 4/ 351 - من طريق ابن جريج قال: أُخبرت عن عكرمة، عن ابن عباس قال: العمرة واجبة كوجوب الحج من استطاع إليه سبيلًا. وهذا إسناد ضعيف لإبهام الواسطة بين عكرمة وابن جريج. وسيأتي خبر ابن جريج هذا بإثر حديث ابن عمر برقم (1750). =

ص: 594

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وقد أُسنِد عن محمد بن كثير بإسنادٍ آخر:

1748 -

حدَّثَناه الأستاذ الإمام أبو الوليد رحمه الله حدثنا محمد بن المنذر الهَرَوي، حدثنا أبو يحيى محمد بن سعيد بن غالب، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا إسماعيل بن مُسلِم، عن محمد بن سِيرين، عن زيد بن ثابتٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الحجَّ والعمرةَ فريضتانِ لا يَضرُّك بأيِّهما بدأتَ"

(1)

.

= لكن أخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه"(13839 - عوامة)، وابن أبي حاتم في "التفسير" 1/ 334 من طرق عن فضيل بن غزوان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: العمرة الحجة الصغرى. لم يقل: العمرة واجبة كوجوب الحج، وهذا إسناد صحيح.

وأخرج الدارقطني (2722) - ومن طريقه البيهقي 4/ 352 - عن محمد بن محمود الواسطي، عن محمد بن عبد الملك بن مروان، عن يزيد بن هارون، عن ورقاء بن عمر، عن أبي إسحاق الشيباني الكوفي، عن عبد الله بن شداد، عن ابن عباس قال: الحج الأكبر يوم النحر، والحج الأصغر والعمرة.

وأخرج الشافعي في "الأم" 3/ 327، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 351، وفي "المعرفة"(9274)، وابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 16 من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس أنه قال: والذي نفسي بيده، إنها لقرينتها في كتاب الله:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} . وعلَّقه البخاري بين يدي الحديث (1773).

وأخرج الجصاص في "أحكام القرآن" 1/ 331 من طريق محمد بن الفضل بن عطية، عن سالم الأفطس، عن ابن عباس رفعه:"الحج جهاد، والعمرة تطوع". ومحمد بن الفضل بن عطية متروك.

وفي باب وجوب العمرة أيضًا عن جابر بن عبد الله قال: ليس من خلق الله أحد إلّا وعليه عمرة واجبة. أخرجه ابن خزيمة (3067)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 150، والدارقطني (2724)، والبيهقي 4/ 350 - 351. وإسناده ضعيف.

وروي من حديث جابر مرفوعًا ما يخالف هذا، فقد أخرج أحمد 22/ (14397) و (14845)، والترمذي (931) عن جابر قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم أعرابيٌّ فقال: يا رسول الله، أخبرني عن العمرة، أواجبة هي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا، وأن تعتمر خير لك". وإسناده ضعيف أيضًا، انظر الكلام عليه في "المسند".

(1)

إسناده ضعيف كسابقه، ومحمد بن المنذر الهروي، قال أبو حاتم: مجهول، وذكره ابن =

ص: 595

والصحيح عن زيد بن ثابت قولَه:

1749 -

حدَّثَناه أبو الوليد، حدثنا محمد بن نُعيم، حدثنا يحيى بن أيوب المَقابِري، حدثنا عبّاد بن عبّاد المُهلَّبي، حدثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سِيرين: أنَّ زيد بن ثابتٍ سُئِل عن العُمرة قبل الحَجِّ، قال: صلاتانِ لا يَضرُّك بأيِّهما بدأتَ

(1)

.

1750 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، أخبرنا إبراهيم بن موسى، حدثنا هشام بن يوسف، وعبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جُريج قال: أخبَرَني نافع مولى ابن عمر: أَنَّ عبد الله بن عمر كان يقول: ليس من خَلْقِ اللهِ أحدٌ إِلَّا عليه حَجَّةٌ وعُمرةٌ واجبتانِ مَن استطاع إلى ذلك سبيلًا، فمَن زادَ بعدها شيئًا فهو خيرٌ وتطوُّع.

= حبان في "الثقات" وقال: يخطئ أحيانًا. قلنا: وقد توبع. قال البيهقي: الصحيح موقوف.

وأخرجه ابن الغطريف في "جزئه"(20)، والدارقطني في "سننه"(2718) من طريقين عن محمد بن سعيد بن غالب، بهذا الإسناد.

(1)

صحيح من قول زيد بن ثابت، رجاله ثقات، لكن في سماع محمد بن سيرين من زيد بن ثابت خلاف، فقد روى الخطيب في "تاريخه" 3/ 283 أنه دخل على زيد بن ثابت، وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 2/ 225 في معرض حديثه على الإسناد المرفوع منه: هو عن محمد بن سيرين عن زيد وهو منقطع. قلنا: وقد رواه حفص بن غياث عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين، عن كثير بن أفلح، عن زيد بن ثابت، فيما أخرجه الطحاوي في "أحكام القرآن"(1569)، فذكر الواسطة بين ابن سيرين وزيد، وهو كثير بن أفلح، وهو ثقة. أبو الوليد: هو حسان بن محمد الفقيه، ومحمد بن نعيم: هو النيسابوري المديني.

وأخرجه دون ذكر الواسطة بين ابن سيرين وزيد: البيهقي 4/ 351 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (2719) عن أبي القاسم بن منيع، عن يحيى بن أيوب المقابري، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13840 - عوامة) من طريق أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن زيد بن ثابت. لم يذكر الواسطة أيضًا.

ص: 596

قال ابن جريج

(1)

: وأُخبِرتُ عن ابن عباسٍ أنه قال: العُمرةُ واجبةٌ كوُجوب الحجِّ مَن استطاع إليه سبيلًا

(2)

.

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

1751 -

أخبرنا أحمد بن سَهْل بن حَمْدَوَيهِ الفقيه ببُخارَى، حدثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا هُشيم، عن ابن عَوْن،

(1)

هو موصول بالإسناد السابق. وخبر ابن عباس هذا سلف بنحوه موصولًا من وجه آخر عن ابن عباس برقم (1747)، وسلف تخريجه هناك.

(2)

إسناده صحيح. أبو بكر بن إسحاق: اسمه أحمد، وإبراهيم بن موسى: هو الرازي، وهشام بن يوسف: هو الصنعاني، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.

وأخرجه البيهقي 4/ 351 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (2720/ 1، 2) من طريق سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن عبد المجيد بن عبد العزيز، به. وقرن بعبد المجيد هشام بن سليمان بن عكرمة المخزومي.

وأخرج خبر ابن عمر بنحوه مطولًا ومختصرًا ابن أبي شيبة (13835 - عوامة)، وعبد بن حميد في "التفسير" كما في "تغليق التعليق" لابن حجر 3/ 117، وابن خزيمة (3066)، وابن أبي حاتم في "التفسير" 1/ 335، وابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 16 من طرق عن ابن جريج، به.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 45 من طريق خالد بن يوسف السمتي، عن عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر، ومن طريق خالد بن يوسف السمتي أيضًا، عن سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر قال: ما من أحدٍ إلّا وعليه حجة وعمرة واجبتان. قال ابن عدي: هذا الحديث بهذا الإسناد باطل. قلنا: آفته خالد بن يوسف السمتي، فإنه متروك.

وأخرج سعيد بن أبي عروبة في "المناسك"(82)، والطحاوي في "أحكام القرآن"(1595)، والبيهقي 4/ 351 من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: الحج والعمرة فريضتان. وتحرَّف في مطبوع "المناسك" أيوب إلى: حدثوا، وقد جاء على الصواب في "تغليق التعليق" 3/ 117، و"فتح الباري" 6/ 6.

وعلَّق البخاري في باب وجوب العمرة وفضلها من "صحيحه" بين يدي الحديث (1773) فقال: قال ابن عمر رضي الله عنهما: ليس أحد إلّا وعليه حجة وعمرة.

ص: 597

عن القاسم بن محمد، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها في عُمْرتِها: "إِنَّ لكِ من الأجر على قَدْرِ نَصَبِكِ ونَفَقَتِكِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

وله شاهد صحيح:

1752 -

حدَّثَناه أبو علي الحسين بن عليٍّ الحافظ، أخبرنا علي بن سَلْم

(2)

الأصبهاني، حدثنا أبو الفضل جعفر بن مُكْرَم الرازي، حدثنا أبو عليٍّ الحسن بن إدريس الحُلْواني

(3)

، حدثنا مِهْران بن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن منصور، عن

(1)

إسناده صحيح. سعيد بن سليمان: هو الضبي الواسطي، وابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرطبان، والقاسم بن محمد: هو ابن أبي بكر الصديق.

وهو قطعة من حديث عائشة في حيضتها في الحج، وعمرتها من التنعيم.

وأخرجه هكذا مختصرًا أحمد 40/ (24159)، والبخاري (1787)، ومسلم (1211)(126) و (127) من طرق عن ابن عون، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وانظر ما بعده.

(2)

تحرف في (ص) و (ع) إلى: مسلم، وقد نسبه المصنف هنا إلى جده، وهو علي بن الحسن بن سلم الأصبهاني، له ترجمة في "سير أعلام النبلاء" 14/ 411.

(3)

الحسن بن إدريس الحلواني أبو علي، لم نقف له على ترجمة بهذه النسبةِ، وقد سبرنا أحاديثه في المصادر فوجدناه يروي عن الإمام الشافعي وعن مهران بن أبي عمر وسليمان بن أبي هوذة وإسحاق بن سليمان الرازي، ويروي عنه أحمد بن يحيى الحلواني وجعفر بن مكرم والحسن بن محمد البجلي ومحمد بن إبراهيم بن عبد الحميد، ثم إن هذه المصادر قد اضطربت في اسمه، ففي بعضها: الحسن، وفي بعضها: الحسين، لذلك قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 28: لم أر أحدًا ذكره.

قلنا: قد وقفنا في طبقته على اثنين، كنية كلٍّ منهما أبو علي، الأول: الحسن بن إدريس العسكري، روى عنه جمع، له ترجمة في "طبقات المحدثين بأصبهان" لأبي الشيخ 4/ 73، و"أخبار أصبهان" لأبي نعيم 1/ 263 - 264، وترجمه الذهبي أيضًا في "تاريخ الإسلام" 6/ 929، و"ميزان الاعتدال" ونَقَل عن ابن مردويه قوله: قدم أصبهان وكان يحدّث من حفظه ويخطئ.

والثاني: الحسين بن إدريس بن المبارك الهروي الحافظ، صاحب تصنيف، وثقه الدارقطني =

ص: 598

إبراهيم، عن الأسوَد، عن عائشة: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها في عمرتها: "إنَّما أجرُكِ في عُمرَتِكِ على قَدْرِ نَفَقَتِكِ"

(1)

.

1753 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عبد الرحمن بن حرملة، قال: سمعتُ سعيد بن المسيّب قال: حجَّ عليٌّ وعثمانُ، فلمّا كانا ببعض الطريق نهى عثمانُ عن التمتُّع بالعمرة إلى الحج، فقيل لعليٍّ: إنه قد نَهَى عن التمتُّع، فقال: إذا رأيتُمُوه قد ارتَحَلَ فارتَحِلوا. فلبَّى عليٌّ وأصحابه بالعُمرة، ولم يَنهَهم عثمان، فقال علي: ألم أُخبَرْ أنك تَنهى عن التمتُّع بالعمرة؟ قال: بلى، فقال عليٌّ: ألم تَسمَعْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تمتَّعَ؟ قال: بلى

(2)

.

= وابن حبان والذهبي، وترجم له الذهبي في "السير" 14/ 113، و"تاريخ الإسلام" 7/ 33، و"تذكرة الحفاظ" 2/ 192، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ 41، وابن أبي حاتم 3/ 47، وغيرهم، وقد وقعت تسمية هذا الأخير أيضًا في بعض المصادر: الحسن.

وعليه فإن يكن الحلوانيُّ صاحبُنا هو العسكريَّ، فهو من قبيل الحسن، وإن كان هو الأنصاريَّ الهرويَّ، فهو صحيح الحديث، وإن لم يكن هذا ولا ذاك، فهو مستور الحال، وعلى كل حالٍ فهو متابع هنا في هذا الحديث.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل مهران بن أبي عمر، لكنه هو والحسن بن إدريس الحلواني قد توبعا، وباقي رجاله ثقات. سفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي.

وأخرجه أحمد 40/ (24159)، والبخاري (1787)، ومسلم (1211)(126) و (127) من طرق عن عبد الله بن عون بن أرطبان، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، بهذا الإسناد.

وقد سلف قبله من طريق عبد الله بن عون، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، وكلا الطريقين محفوظ عن ابن عون.

(2)

أصل القصة صحيح، لكن بغير المعنى الذي توحيه هذه الرواية، فقد دلَّت الروايات الصحيحة لهذه القصة أنَّ نهي عثمان إنما كان عن العمرة في موسم الحج، سواء كان تمتعًا أو قرانًا، كما في رواية البخاري (1563)، لذلك أهلَّ عليٌّ بعمرةٍ وحجٍّ معًا - يعني قارنًا - ويصرِّح =

ص: 599

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بهذا المعنى رواية عبد الله بن يزيد لهذه القصة في "مسند أحمد" 2/ (707) وفيها قول عثمان: إنَّ أتمَّ للحج والعمرة أن لا يكونا في أشهر الحج، فلو أخَّرتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل.

وعلّة إسناد الحاكم في هذا الحديث إنما هو عبد الرحمن بن حرملة، وهو وإن كان صدوقًا، فحسبُنا قولُه في نفسه فيما نقله عنه يحيى القطان: كنت سيئ الحفظ، أو قال: كنت لا أحفظ، فرخّص لي سعيد بن المسيب في الكتابة. لذلك قال فيه الحافظ ابن حجر: صدوق ربما أخطأ. قلنا: وباقي رجاله ثقات. يحيى بن محمد بن يحيى: هو الذهلي، ويحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه أحمد 1/ (402)، والنسائي (3699) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند"(424) من طريق أبي معشر البرَّاء، عن عبد الرحمن بن حرملة، به. لكن قال في آخره: فما أدري ما أجابه عثمان رضي الله عنه.

وخالف عبدَ الرحمن بنَ حرملة في لفظ هذا الحديث عمرُو بنُ مُرّة، فيما أخرجه أحمد 2/ (1146)، والبخاري (1569)، ومسلم (1223)(159) من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب قال: اختلف عليٌّ وعثمان وهما بعُسْفان في المتعة، فقال علي: ما تريد إلّا أن تنهى عن أمرٍ فعله النبي صلى الله عليه وسلم. فلما رأى ذلك عليٌّ أهلَّ بهما جميعًا. هذا لفظ البخاري، ووقع عند مسلم: فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة. وهذا صريح في أنَّ نهي عثمان لم يكن عن التمتع الذي هو قسيم القِران والإفراد، وإنما عن العمرة في أشهر الحج، بدليل أنَّ عليًّا أنكر عليه وخالفه ثم أهل بهما جميعًا، فلو كان المقصود التمتع لكان فعل عليٍّ موافقًا لرأي عثمان، ولم يكن معنًى لمخالفته، والله أعلم.

وقد روى قصة عثمان وعلي هذه غير سعيد بن المسيب بما يوافق رواية عمرو بن مرة عنه:

منهم عبد الله بن شقيق، أخرجه أحمد 1/ (431) و (432) و 2/ (756)، ومسلم (1223)(158) من طريق شعيب، عن قتادة، عنه.

ومنهم مروان بن الحكم بن أبي العاص، أخرجه أحمد 2/ (733) و (1139)، والبخاري (1563)، والنسائي (3688) و (3689) و (3690) من طريقين عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عنه.

ومنهم عبد الله بن الزبير، أخرجه أحمد 2/ (707) من طريق محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد، عن أبيه، عنه. وهذا إسناد حسن.

وللحافظ كلام نفيس في توجيه هذا الحديث، ذكره في "فتح الباري" 5/ 326 - 327، ينظر لزامًا.

ص: 600

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1754 -

أخبرني محمد بن يزيد العَدْل، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا الحسين بن الحسن المروَزي بمكة، حدثنا يزيد بن زُرَيع، عن يونس بن عُبيد، عن حُميد، عن أنس، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لبَّيك بحَجَّةٍ وعُمرةٍ معًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

1755 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا مسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: إنما جَمَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين الحجِّ والعُمرة، لأنه عَلِمَ أنه

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 19/ (12091) و 20/ (12870) و 21/ (13806) و (14002)، وابن ماجه (2969)، والترمذي (821)، وابن حبان (3933) من طرق عن حميد الطويل، عن أنس. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 19/ (11958)، ومسلم (1251)(214)، وأبو داود (1795)، والنسائي (3695) من طريق هشيم بن بشير، ومسلم (1251)(215) من طريق إسماعيل ابن علية، كلاهما عن حميد، عن أنس أيضًا، إلّا أنَّ هشيمًا قرن بحميد الطويل يحيى بن أبي إسحاق وعبد العزيز بن صهيب، وقرن ابنُ علية بحميد يحيى بن أبي إسحاق وحده.

وأخرج أحمد 9/ (4996) و (5147) و (5509) و 19/ (11961)، والبخاري (4353) و (4354)، ومسلم (1232)(185)، والنسائي (3697) من طرق عن حميد الطويل، حدثنا بكر - يعني ابن عبد الله المزني - أنه ذكر لابن عمر أنَّ أنسًا حدثهم: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أهل بعمرة وحجة

إلى آخر القصة.

وهذه الطريق لا تُعِلُّ رواية حميد عن أنس، لأنَّ حميدًا سمعه من أنس مختصرًا دون قصة عبد الله بن عمر، أما قصة ابن عمر فسمعها حميد من بكر بن عبد الله عن أنس، ويوضح ذلك رواية ابن حبان (3933) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض، عن حميد، عن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لبيك بعمرة وحجة". قال حميد: حدثني بكر بن عبد الله المزني أنه ذكر حديث أنس بن مالك لابن عمر، فقال

إلى آخر الحديث.

وللحديث طرق أخرى عن أنس، انظر تخريجنا للحديث (11958) من "المسند".

ص: 601

ليس بحاجٍّ بعدَها

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1756 -

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدثنا أحمد بن يحيى، حدثنا محمد بن الصبَّاح، حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن عثمان بن الأسوَد، قال: جاء رجلٌ إلى ابن عباسٍ، فقال له: من أين جئتَ؟ فقال: شربتُ من زمزم، فقال له ابن

(1)

رجاله ثقات، لكن اختلف في وصله وإرساله، وصوَّب الدارقطني المرسل. محمد بن أيوب: هو ابن الضريس، ويحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه الدارقطني في "السنن"(2735)، وفي "العلل" 6/ 138 (1030)، وابن حزم في "حجة الوداع"(498) من طريق أزهر بن جميل، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني 6/ 138 من طريق معتمر بن سليمان، وابن حزم (499) من طريق إبراهيم بن زياد، عن سفيان بن عيينة، كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

وخالف إبراهيمَ بنَ زياد يحيى بنُ زكريا المروزي في "جزء حديث سفيان بن عيينة"(26)، وأبو عبد الله المخزومي عند ابن عدي في "الكامل" 7/ 170، فروياه عن سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن أبي قتادة مرسلًا. لم يذكرا أبا قتادة.

وتابع سفيانَ بنَ عيينة في روايته المرسلة حفصُ بنُ غياث، فيما أخرجه ابن أبي شيبة (14505 - عوامة) عنه، عن إسماعيل، عن عبد الله بن أبي قتادة، مرسلًا.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 7/ 170 من طريق يوسف بن بحر التميمي، عن إسحاق بن عيسى، عن سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن ابن أبي أوفى: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم

فذكره، جعله من مسند ابن أبي أوفى، وهو خطأ، الآفة فيه يوسف بن بحر التميمي، قال ابن عدي: ليس بالقوي، رفع أحاديث وأتى عن الثقات بالمناكير.

ورواه أيضًا يزيد بن عطاء، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن ابن أبي أوفى، فجعله من مسند ابن أبي أوفى، أخرجه من طريقه البزار (3344)، والدارقطني في "العلل" 6/ 139 (1030)، والطبراني في "الكبير" - كما في "مجمع الزوائد" 3/ 236 - وفي "الأوسط"(3608)، وابن حزم في "حجة الوداع" (500). قال البزار: وهذا الحديث أخطأ فيه يزيد بن عطاء، إذ رواه عن إسماعيل عن ابن أبي أوفى، وإنما الصحيح: عن إسماعيل عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الدارقطني: كلاهما وهم، والصواب: عن إسماعيل، عن عبد الله بن أبي قتادة، مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 602

عباس: أشربتَ منها كما ينبغي؟ قال: وكيف ذاك يا أبا عباس؟ قال: إذا شربتَ منها فاستقبِلِ القِبلةَ، واذكُر اسمَ الله، وتنفَّسْ ثلاثًا، وتضلَّعْ منها، وإذا فرغتَ فاحمَدِ الله، فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"آيةٌ بينَنا وبينَ المنافقين أنَّهم لا يَتضلَّعون من زمزمَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، إن كان عثمان بن الأَسوَد سَمِع من ابن عباس

(2)

.

1757 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العدل، حدثنا أبو عبد الله محمد بن هشام المَروَرُّوذي، حدثنا محمد بن حَبيب الجارُودي، حدثنا سفيان بن عُيينة، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ماءُ زمزمَ لِمَا شُرِبَ له، فإن شَرِبتَه تَستَشفي به شفاكَ الله، وإن شَرِبتَه مُستعيذًا أعاذك الله، وإن شَرِبتَه ليَقطَعَ ظَمَأَك قَطَعَه".

قال: وكان ابنُ عباس إذا شَرِبَ ماء زمزمَ قال: اللهمَّ أسألُك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاءً من كلِّ داءٍ

(3)

.

(1)

حديث ضعيف، وهذا إسناد سقط منه الواسطة بين عثمان بن الأسود وابن عباس في رواية "المستدرك" هذه، وهو ابن أبي مليكة، فقد أثبته البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 147 حيث رواه عن الحاكم نفسه بإسناده ومتنه. وقد اضطرب الرواة عن عثمان بن الأسود في تسمية ابن أبي مليكة، فسماه بعضهم: عبد الله بن أبي مليكة، وسماه بعضهم: عبد الرحمن بن أبي مليكة، وقال بعضهم: ابن أبي مليكة، ولم يسمّه البعض فقال: جليس لابن عباس، وخالف آخرون فقالوا في الراوي عن ابن عباس: محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر.

وأخرجه ابن ماجه (3061) من طريق عبيد الله بن موسى، عن عثمان بن الأسود، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: كنت عند ابن عباس جالسًا، فجاءه رجل

فذكره. ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر هذا هو الجمحي، روى عنه اثنان ولم يوثقه أحد.

(2)

تعقبه الذهبي في "تلخيصه" بقوله: لا والله ما لحقه، توفي عام خمسين ومئة، وأكبر مشيخته سعيد بن جبير.

(3)

ضعيف مرفوعًا، والصحيح أنه عن مجاهد قولَه. محمد بن هشام - وهو ابن علي المرورُّذي، كما وقع في بعض نسخ "سنن الدارقطني" - لا يُعرَف حاله كما قال ابن القطان في "بيان الوهم =

ص: 603

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والإيهام"، والمنذري في "الترغيب والترهيب"، ونقله عنه أيضًا الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" في ترجمة محمد بن هشام بن علي المرُّوذي. وليس هو محمد بن هشام بن عيسى، كما وقع في بعض نسخ أخرى من "سنن الدارقطني"، وهو وإن كانت كنيته أبا عبد الله - وهو الطالقاني المرُّوذي، وله ترجمة في "التهذيب" وفروعه - فإنَّ علي بن حمشاذ لم يدركه، فقد ولد علي بن حمشاذ سنة 258 هـ، بينما توفي محمد بن هشام بن عيسى المرُّوذي في سنة 252 هـ. وليس هو أيضًا محمد بن هشام بن أبي الدميك، كما ظنه الخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم" 1/ 112 في ترجمة محمد بن حبيب الجارودي، وتبعه على ذلك الذهبي في "الميزان" في ترجمة عمر بن الحسن الأُشناني 3/ 185، وفي "الرد على ابن القطان" ص 39، وهو وإن أدركه عليُّ بن حمشاذ في السنِّ، فإنَّ ابن أبي الدميك يكنى أبا جعفر، بينما محمد بن هشام هذا الذي في إسناد الحاكم يكنى أبا عبد الله، فإذا لم يكن هذا ولا ذاك، فإنه مجهول أنه لا يعرف حاله، والله تعالى أعلم.

وشيخه محمد بن حبيب الجارودي، وهو وإن كان صدوقًا، فقد تفرد عن ابن عيينة بوصله، لذلك قال الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 8/ 22: وَهِمَ الجارودي في رفعه، والمحفوظ عن ابن عيينة وَقْفُه على مجاهد، كذا رواه الحميدي وابن أبي عمر وعبد الرزاق وغيرهم. وقال السخاوي في "المقاصد الحسنة" ص 568: ومثله إذا انفرد لا يحتج به، فكيف إذا خالف.

وأخرجه - دون قول ابن عباس في آخره - الدارقطني (2739) عن عمر بن الحسن بن علي، عن محمد بن هشام، بهذا الإسناد. وزاد في آخره:"وهي هَزْمة جبريل، وسقيا اللهِ إسماعيلَ".

وخالف محمدَ بنَ حبيب الحفاظُ من أصحاب ابن عيينة، فقد أخرجه - دون قول ابن عباس - عبدُ الرزاق (9124)، وابن أبي شيبة (24189 - عوامة). وأخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 50 عن جده أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، والفاكهي في "أخبار مكة"(1056) عن محمد بن أبي عمر، أربعتهم (عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، والأزرقي، وابن أبي عمر) عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: زمزم لما شربت له، إن شربته تريد الشفاء، شفاك الله، وإن شربته تريد أن يقطع ظمأك قطعه، وإن شربته تريد أن تشبعك أشبعتك، وهي هَزْمة جبريل، وسقيا الله إسماعيل. ورواية ابن أبي شيبة مختصرة.

وأخرج عبد الرزاق (9123) عن معمر، عن ابن خثيم، عن مجاهد، كان يقول: هي لما شربت له.

وأما طريق الحميدي التي أشار إليها الحافظ ابن حجر في "الإتحاف"، فقد وقفنا على أثر في "المجالسة" للدينوري (509) من طريقه قال: كنا عند سفيان بن عيينة، فحدَّثَنا بحديث زمزم أنه لما شُرب له، فقام رجل من المجلس ثم عاد فقال له: يا أبا محمد، أليس الحديث صحيحًا =

ص: 604

هذا حديث صحيح الإسناد إن سَلِمَ من الجارودي هذا، ولم يُخرجاه.

1758 -

أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرفيُّ بمَرْو، حدثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، حدثنا أبو سعيد يحيى بن سليمان الجُعْفي، حدثنا يحيى بن اليَمَان، عن سفيان، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ على الحَجَر

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1759 -

أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، حدثنا أبو بكر

= الذي حدثتَنا به في زمزم: أنه لما شُرب له؟ فقال سفيان: نعم، فقال الرجل: فإني قد شربت الآن دلوًا من زمزم على أنك تحدثني بمئة حديث، فقال سفيان: اقعد، فحدَّثه بمئة حديث.

وأما قول ابن عباس، فقد أخرجه منفردًا الدارقطني (2738) من طريق حفص بن عمر العدني، عن الحكم بن عتيبة، عن عكرمة، عن ابن عباس قوله. وحفص بن عمر ضعيف.

وأخرجه كذلك عبد الرزاق (9112) عن الثوري قال: سمعتُ من يذكر: أنَّ ابن عباس شرب من زمزم، ثم قال

فذكره.

وفي الباب عن جابر بن عبد الله رفعه: "ماء زمزم لما شرب له"، أخرجه أحمد 23/ (14849)، وابن ماجه (3062). وهو حديثٌ حسنٌ إن شاء الله.

وعن أبي ذر الغفاري في قصة إسلامه، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم:"إنها مباركة، إنها طعامُ طُعم"، أخرجه أحمد 35/ (21525)، ومسلم (2473).

(1)

ضعيف مرفوعًا، انفرد به عن سفيان - وهو الثوري - يحيى بن اليمان العجلي، وانفرد به عن يحيى أبو سعيد الجعفي، وهما وإن كانا حسنا الحديث، لكن حيث لا يخالفان، وقد خالفهما عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج - وهو أوثق منهما - فرواه عن محمد بن عباد عن ابن عباس موقوفًا، ومحمد بن عباد وإن اختلف عليه - كما بينّاه فيما سلف برقم (1690) - إلَّا أنَّ طريق ابن جريج هذه أثبتها.

وأخرجه الدارقطني (2741) عن محمد بن مخلد وآخرين، عن أبي الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(909)، والبيهقي 5/ 75 من طريقين عن أبي سعيد يحيى بن سليمان الجعفي، به.

ص: 605

يحيى

(1)

بن جعفر بن الزِّبْرِقان، حدثنا زيد بن الحُباب، حدثنا معاوية بن صالح، حدثني سُلَيم بن عامر، سمعت أبا أُمامةَ يقول: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ وهو يَخطُبُ الناسَ على ناقته الجَدْعاء في حَجَّة الوداع، يقول:"يا أيها الناس، أَطيعوا ربَّكم، وصلُّوا خَمْسَكم، وأدُّوا زكاةَ أموالِكم، وصومُوا شهرَكم، وأَطيعُوا ذا أمرِكم؛ تَدخُلوا جنةَ ربِّكم". قلتُ لأبي أُمامة: منذُ كم سمعتَ هذا الحديث؟ قال: سمعتُه وأنا ابنُ ثلاثين سنة

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1760 -

أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن النَّضْر بن عبد الوهاب، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا وهب بن جَرير، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، حدثنا ابن أبي نَجِيح، عن مجاهدٍ وعطاءٍ، عن جابر بن عبد الله قال: كَثُرَت القالةُ من الناس، فخرجنا حُجّاجًا، حتى إذا لم يكن بيننا وبين أن نَحِلَّ إلَّا ليالي

(3)

قلائلُ أُمِرْنا بالإحلال، فيَرُوحُ أحدُنا إلى عَرَفَة وفَرْجُه يَقطُرُ مَنيًّا، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقام خطيبًا فقال:"أبالله تُعَلِّموني أيها الناسُ، فأنا واللهِ أعلَمُكُم بالله وأتقاكم له، ولو استقبلتُ من أَمري ما استَدبرتُ ما سُقْتُ هَدْيًا، ولَحَلَلتُ كما أحَلُّوا، فمَن لم يكن معه هديٌ فليصمْ ثلاثةَ أيامٍ وسبعةً إذا رَجَعَ إلى أهله، ومن وَجَدَ هديًا فليَنْحَر"، فكنا ننحرُ الجَزُورَ عن سبعة

(4)

.

(1)

في النسخ الخطية: أبو بكر بن يحيى، وهو خطأ، فهو يحيى بن جعفر بن الزبرقان، وأبو بكر كنيته، كما في مصادر ترجمته.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الترمذي (616)، وابن حبان (4563) من طريقين عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 36/ (22161) عن معاوية بن صالح، به. وانظر ما سلف برقم (19) و (1452).

(3)

كذا أثبت الياء في حالة الرفع، وهو جائز على قلة استعماله.

(4)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار - وقد توبع. =

ص: 606

1760 م - قال عطاء

(1)

: قال ابنُ عباس: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَسَمَ يومئذٍ في أصحابه غنمًا، فأصاب سعدَ بنَ أبي وقاصٍ تَيْسٌ، فذَبَحه عن نفسه، فلمّا وقف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعَرَفةَ أَمَرَ ربيعةَ بن أُمية بن خلف فقام تحت يَدَي ناقتِه، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اصرُخْ: أيها الناس، هل تَدْرُونَ أيُّ شهرٍ هذا؟ " قالوا: الشهرُ الحرام، قال:"فهل تَدرونَ أيُّ بلدٍ هذا؟ " قالوا: البلد الحرام، ثم قال:"هل تَدرونَ أيُّ يومٍ هذا؟ " قالوا:

= يحيى بن أيوب: هو المقابري، ووهب بن جرير: هو ابن حازم الأزدي، وابن أبي نجيح: هو عبد الله، ومجاهد: هو ابن جبر المكي، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 23، وفي "السنن الصغرى"(1718) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (2926) و (2927) عن أحمد بن المقدام، عن وهب بن جرير، به.

وأخرجه مختصرًا بقصة الأمر بالإحلال أحمد 23/ (14833) و (14931)، والبخاري (1570)، ومسلم (1216)(146) من طريق أيوب، عن مجاهد وحده، به.

وأخرجه مطولًا ومختصرًا أحمد 22/ (14238) و (14239) و (14279) و (14409) و 23/ (14900) و (14942) و (14943)، والبخاري (1568) و (1651) و (1785) و (2505) و (7230) و (7367)، ومسلم (1216)، وأبو داود (1787) و (1788) و (1789)، وابن ماجه (2980)، والنسائي (3773) و (3971) و (4157)، وابن حبان (3791) و (3921) من طرق عن عطاء، عن جابر، وبعضهم يزيد فيه ألفاظًا أخرى ليست عند البعض.

وأخرجه أحمد 23/ (14923) من طريق أبي سفيان، عن جابر.

وأخرج معظمه - يعني بألفاظ حديث جابر هذا، وحديث ابن عباس الآتي بعده - ضمن حديث جابر الطويل في الحج: أحمد 22/ (14440)، ومسلم (1218)، وأبو داود (1905)، وابن ماجه (3074)، وابن حبان (3944) من طريق جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه محمد بن علي الباقر، عن جابر.

وسيأتي عند المصنف برقم (7749) من طريق أبي الزبير عن جابر قال: نحرنا يوم الحديبية سبعين بدنة، البدنة عن عشرة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليشترك النفرُ في الهدي"، ويأتي تخريجه هناك.

(1)

هو موصول بالإسناد السابق.

ص: 607

يومُ الحجِّ الأكبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد حرَّم الله عليكم دِماءَكم، وأموالَكم كحُرمةِ شهرِكم هذا، وكحُرمةِ بلدِكم هذا، وكحُرمةِ يومِكم هذا"، فقضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حَجَّه، وقال حين وَقَفَ بعَرَفةَ:"هذا الموقفُ، وكلُّ عرفةَ موقفٌ"، وقال حين وقف على قُزَحَ:"هذا الموقفُ، وكلُّ المزدلفةِ موقفٌ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وفيه ألفاظٌ من ألفاظِ حديث جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جابر، وفيه أيضًا زيادةُ ألفاظٍ كثيرة.

1761 -

أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، عن هشام بن حسان، عن أنس بن سِيرين، عن أنس بن مالكٍ

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن كسابقه.

وأخرجه ابن خزيمة (2926) و (2927) عن أحمد بن المقدام، عن وهب بن جرير، به.

وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(757) عن أبي الأشعث أحمد بن المقدام العجلي، والطبراني في "الكبير"(11399) - وعنه الضياء المقدسي في "المختارة" 11/ (236) - من طريق محمد بن يحيى القطعي، كلاهما عن وهب بن أبي نجيح، عن عطاء، به. ولم يذكر أبو الأشعث عبدَ الله بنَ أبي نجيح، فلا ندري هل هي روايته أم أنه سقطٌ في مطبوعة "الصحابة"؟ ورواه أبو الأشعث مرة عن عبيد بن عقيل عن جرير بن حازم، بالإسناد المذكور، وهو تحويل في سند البغوي (757)، فيبقى الاحتمال قائمًا، والله أعلم.

وأخرج أحمد 5/ (2802) من طريق ابن جريج قال: أخبرني عكرمة مولى ابن عباس، زعم أن ابن عباس أخبره: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قسم غنمًا يوم النحر في أصحابه، وقال:"اذبحوها لعمرتكم، فإنها تجزئ عنكم" فأصاب سعد بن أبي وقاص تيسًا. وهذا إسناد منقطع؛ فإن ابن جريج لم يلق ابن عباس، وكنا قد صححناه في "المسند" - سهوًا - على شرط البخاري، فيستدرك من هنا.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "هذا الموقف وكل عرفة موقف

" إلى آخره، روي أيضًا من حديث جابر، فقد أخرجه أحمد 22/ (14498)، وأبو داود (1937)، وابن ماجه (3048) من طريق أسامة بن زيد عن عطاء، ومسلم (1218)(149)، وأبو داود (1907 - 1909)، والنسائي (4037) من طريق جعفر بن محمد الصادق عن أبيه، وابن ماجه (3012) من طريق محمد بن المنكدر، ثلاثتهم (عطاء ومحمد الباقر ومحمد بن المنكدر) عن جابر، رفعه.

ص: 608

أنه قال: لما رَمَى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجَمْرةَ ونَحَر هَدْيَه، ناوَلَ الحالقَ شِقَّهُ الأَيمنَ فحَلَقَه، ثم ناوَلَهُ الشِّقَّ الأيسَرَ فحَلَقَه، ثم ناوَلَهُ أبا طلحةَ وأَمره أن يَقْسِمَه بين الناس

(1)

.

(1)

حديث صحيح، إلّا أنَّ ذكر أنس بن سيرين في هذا الإسناد وهمٌ، والمحفوظ أنه من رواية محمد بن سيرين وليس أنسًا، وذلك لأمور:

الأول: أنَّ الحديث مخرَّج في "مسند الحميدي" نفسه (1254)، وهو برواية بشر بن موسى أيضًا، ويرويه عن بشر أبو علي الصواف الموصوف بأنه كان من أهل التحرز، وقد قال فيه: محمد بن سيرين.

الأمر الثاني: أنه قد رواه عن الحميدي اثنان من الثقات، وهما: محمد بن إسماعيل أبو إسماعيل الترمذي عند أبي عوانة (3230)، وحاتم بن ميمون عند ابن المنذر في "الأوسط"(586)، فقالا فيه: محمد بن سيرين، لكن أبا إسماعيل قال: ابن سيرين، وإذا أُطلق فإنما يراد به محمدًا.

الأمر الثالث: أنَّ البيهقي رواه في "السنن الكبرى" 5/ 134 عن أبي عبد الله الحاكم نفسه عن علي بن محمد بن سختويه عن بشر بن موسى عن الحميدي بهذا الإسناد، وقال فيه: ابن سيرين. قلنا: يعني محمدًا كما هو مشهور.

الأمر الرابع: أنه قد رواه عن سفيان - وهو ابن عيينة - جمعٌ غير الحميدي، كما رواه عن هشام ابن حسان جمعٌ غير سفيان، وكلهم قال: محمد بن سيرين، وبعضهم: ابن سيرين.

أما ما رواه البيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 427 عن الحسين بن محمد الروذباري عن محمد بن بكر عن أبي داود عن محمد بن العلاء عن حفص عن هشام عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك، فذكر الحديث، فذِكر أنس بن سيرين هنا خطأ من النساخ جزمًا، وذلك لأمرين:

الأول: أنَّ البيهقي قال بإثره: رواه مسلم في "الصحيح" عن محمد بن العلاء أبي كريب، وأخرجه البخاري من وجه آخر عن ابن سيرين. قلنا: وروايتا "الصحيحين" اللتان أشار إليهما البيهقي إنما هما من محمد بن سيرين، مما يعني أنَّ رواية البيهقي عن محمد بن سيرين، وليس عن أنس بن سيرين، ومما يؤيد ذلك ما في الأمر الثاني: وهو أنَّ البيهقي أخرجه مرة أخرى في "دلائل النبوة" 5/ 441 بإسناده ومتنه، وفيه هنالك: عن ابن سيرين.

وعلى أية حال فكلاهما ثقة، ولا يضر ذلك في صحة الحديث.

وأخرجه أحمد 19/ (12092)، ومسلم (1305)(326)، وأبو داود (1982)، والترمذي (912)، والنسائي (4102)، وابن حبان (3879) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 20/ (13164) و (13242) و 21/ (13685)، ومسلم (1305)(323 - 325) =

ص: 609

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1762 -

أخبرنا أحمد بن محمد بن سَلَمة، حدثنا عثمان بن سعيدٍ الدارمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبان بن يزيد، حدثنا يحيى بن أبي كثير، أنَّ أبا سَلَمة حدّثه، أنَّ محمد بن عبد الله بن زيد حدّثه: أنَّ أباه شَهِدَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عند المَنْحَر هو ورجلٌ من الأنصار، فحَلَقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رأسَه في ثوبِه، فأعطاه فقَسَمَ منه على رجالٍ، وقلَّم أظفارَه فأعطاه صاحبَه. قالوا: فإنه عندنا مخضوبٌ بالحِنّاء والكَتَم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1763 -

حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو سعيد محمد بن شاذانَ، حدثنا محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاضَ يومَ النَّحر، ثم رَجَعَ فصلَّى الظُّهرَ بمِنًى، قال نافع: وكان ابنُ عمر يُفيضُ يومَ النَّحر، ثم يَرجعُ فيصلِّي الظُّهرَ بمِنًى، ويَذكُر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم فَعَلَه

(2)

.

= وأبو داود (1981)، والنسائي (4087)، وابن حبان (1371) من طرق عن هشام بن حسان، به.

وقرن أحمد (13685) بهشام بن حسان أيوبَ السختياني.

وأخرج البخاري (171) من طريق ابن عون عن محمد بن سيرين عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه كان أبو طلحة أول من أخذ من شعره.

(1)

إسناده صحيح. موسى بن إسماعيل: هو التبوذكي، وأبان بن يزيد: هو العطار، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن، وصحابيه عبد الله بن زيد: هو ابن عبد ربه.

وأخرجه أحمد 26/ (16474) و (16475) من طريقين عن أبان بن يزيد، بهذ الإسناد.

والكَتَم، بالتحريك: نبات يخلط مع الوَسْمة للخِضاب.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1308) عن محمد بن رافع، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 8/ (4898)، وأبو داود (1998)، والنسائي (4154)، وابن حبان (3882) و (3883) و (3885) من طرق عن عبد الرزاق، به.

وأخرجه البخاري (1732) من طريق سفيان، عن عبيد الله بن عمر، به، موقوفًا. وقال عقبه: =

ص: 610

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

1764 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نصرٍ، قال: قُرئ على عبد الله بن وهب، أخبرك ابنُ جُريج، عن عطاء، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَرْمُلُ في السَّبْع الذي أفاض فيه. وقال عطاء: لا رَمَلَ فيه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1765 -

أخبرني أبو يحيى أحمد بن محمد السَّمَرْقَندي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن نَصْر الإمام، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا خالد بن عبد الله، عن خالدٍ الحذَّاء، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى السِّقاية فاستسقَى، فقال العباس: يا فضلُ، اذهب إلى أمِّك فأْتِ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بشرابٍ من عندها، فقال:"اسقنِي"، فقال: يا رسولَ الله، إنَّهم يجعلون أيديَهم فيه، فقال:"اسقِني"، فشرب منه، ثم أتى زمزمَ وهم يَستَقُون ويعملون فيها، فقال:"اعمَلُوا فإنكم على عملٍ صالحٍ"، ثم قال:"لولا أن تُغلَبوا لنزلتُ حتى أَضَعَ الحَبْلَ على هذه"؛ يعني: عاتقَه، وأشار إلى عاتقِه

(2)

.

= ورفعه عبد الرزاق: أخبرنا عبيد الله.

(1)

إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه أبو داود (2001)، وابن ماجه (3060)، والنسائي (4156) من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

والرمل - بفتحتين -: الهرولة، قال في "النهاية": وهو أن يهزَّ منكبيه ولا يسرع.

(2)

إسناده صحيح. يحيى بن يحيى: هو النيسابوري، وخالد بن عبد الله: هو الواسطي، وخالد الحذاء: هو ابن مهران.

وأخرجه البخاري (1635)، وابن حبان (5392) من طريقين عن خالد بن عبد الله الواسطي، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه بنحوه أحمد 3/ (1841) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عكرمة، به.

وأخرج أحمد 4/ (2227) من طريق مقسم عن ابن عباس قال: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت، =

ص: 611

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه!

1766 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر قال: قُرئ على ابن وهبٍ قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الله بن سالم، أنَّ عمرو بن أبي عمرٍو مولى المُطَّلب أخبرهما عن المُطَّلب بن عبد الله بن حَنْطَب، عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لحمُ صيدِ البَرِّ لكم حلالٌ وأنتم حُرُم، ما لم تَصِيدُوه أو يُصادَ

(1)

لكم"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وهكذا رُويَ عن مالك بن أنس وسليمانَ بن بلال عن عمرٍو متصلًا مسندًا:

أما حديث مالك:

1767 -

فأخبرَناه الحسن بن محمد الإسفرايِني، حدثني خالي، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ بمصر، حدثنا محمد بن سليمان بن أبي داود، حدثنا مالك بن أنس، عن عمرو بن أبي عمرو، عن المُطّلِب بن عبد الله بن حَنطَب، عن جابر بن

= وجعل يستلم الحجر بمحجنه، ثم أتى السقاية بعدما فرغ، وبنو عمه ينزعون منها، فقال:"ناوِلوني" فرفع له الدلو فشرب، ثم قال:"لولا أنَّ الناس يتخذونه نسكًا ويغلبونكم عليه، لنزعت معكم" الحديث.

وأخرج أحمد 5/ (3527) من طريق مجاهد عن ابن عباس أنه قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمزم، فنزعنا له دلوًا فشرب، ثم مجَّ فيها، ثم أفرغناها في زمزم، ثم قال:"لولا أن تُغلبوا عليها لنزعت بيدي".

وفي الباب عن علي عند أحمد 2/ (562)، والترمذي (885) وقال: حسن صحيح.

وعن جابر بن عبد الله عند مسلم (1218)، وأبي داود (1905)، وابن ماجه (3074)، والنسائي (4153).

(1)

كذا الرواية هنا "يصاد" وهو جائز على لغةٍ، أو على أن "أو" بمعنى:"إلَّا أنَّ" وحينئذٍ فلا إشكال.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عمرو مولى المطلب، إن صحَّ سماع المطلب بن عبد الله من جابر، كما سلف بيانه برقم (1677).

ص: 612

عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

(1)

.

وأما حديث سليمان بن بلال:

1768 -

فحدَّثَناه أبو الحسن إسماعيل بن محمد بن الفضل، حدثنا جدِّي حدثنا سعيد بن كَثِير بن عُفَير، حدثنا سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن المُطَّلب بن عبد الله بن حَنْطَب، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "صيدُ البَرِّ لكم حلالٌ ما لم تَصِيدُوه أو يُصادَ لكم"

(2)

.

1769 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن رجل من الأنصار، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

(3)

.

هذا حديث لا يعلِّلُ حديث مالك وسليمان بن بلال ويعقوب الإسكَندَراني، فإنهم وَصَلُوه وهم ثقات.

1770 -

حدثنا عمرو بن محمد بن منصور العدل، حدثنا إبراهيم بن محمد الصَّيدلاني، حدثنا إسحاق ومحمد بن رافع، قالا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا زكريا بن إسحاق، عن سليمان الأحْوَل، أنه سمع طاووسًا يحدِّث عن ابن عباسٍ قال:

(1)

صحيح لغيره كسابقه. خال الحسن بن محمد: هو أبو عوانة الإسفرايني الحافظ.

(2)

صحيح لغيره. كسابقه.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن جابر، وقد سلف الكلام في الاختلاف فيه برقم (1677). عبد العزيز بن محمد: هو الدراوردي.

وهو في "الأم" للشافعي 3/ 537 - 538، لكن وقع عنده: عن رجل من بني سلمة. وبنو سَلِمة هم من الأنصار.

وأخرجه أحمد 23/ (15158) عن أبي سلمة الخزاعي، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (15185) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن رجل ثقة من بني سلمة، عن جابر.

ص: 613

كان الناسُ يَنفِرُون من مِنى إلى وُجوهِهِم، فأمَرَهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يكون آخرُ عهدِهِم بالبيت، ورَخَّصَ للحائض

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1771 -

أخبرني يحيى بن منصور القاضي، حدثنا أبو عمرو أحمد بن المبارك المُستَمْلي، حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأُمَوي، حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن سِنَان [عن زَيد بن أبي أُنَيسة]

(2)

عن عمرو بن مُرَّة، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخُدْري، عن أبيه أبي سعيدٍ قال: قلنا: يا رسولَ الله، هذه الأحجارُ التي نَرمِي بها تُحمَلُ فنَحسِبُ

(1)

إسناده صحيح. إسحاق: هو ابن راهويه، وسليمان الأحول: هو ابن أبي مسلم المكي.

وأخرجه أحمد 3/ (1936)، ومسلم (1327)، وأبو داود (2002)، وابن ماجه (3070)، والنسائي (4170)، وابن حبان (3897) من طريق سفيان بن عيينة، عن سليمان الأحول، بهذا الإسناد.

وأخرج البخاري (329) و (1755) و (1760)، ومسلم (1328)(381)، والنسائي (4186)، وابن حبان (3898) من طريق عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: رُخِّص للحائض أن تنفر إذا حاضت. واللفظ للبخاري، وفي لفظ آخر له عن ابن عباس قال: أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلّا أنه خُفِّف عن الحائض.

وأخرج أحمد 3/ (1990) و 5/ (3256)، ومسلم (1328)(381)، والنسائي (4187) من طريق الحسن بن مسلم، عن طاووس قال: كنت مع ابن عباس إذ قال زيد بن ثابت: تفتي أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت؟! فقال له ابن عباس: إمّا لا، فَسَلْ فلانة الأنصارية، هل أمرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فرجع زيد بن ثابت إلى ابن عباس يضحك وهو يقول: ما أراك إلّا قد صدقت.

وأخرج أحمد 5/ (35051) من طريق عمرو بن دينار: أنَّ ابن عباس كان يذكر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رخَّص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف إذا كانت قد طافت الإفاضة.

(2)

ما بين معقوفين سقط من نسخ "المستدرك"، والمحفوظ أنَّ هذا الحديث من رواية يزيد بن سنان، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة، هكذا رواه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 128 عن الحاكم نفسه بهذا الإسناد، وهو ثابت في رواية سعيد بن يحيى الأموي كما في مصادر التخريج، والله أعلم.

ص: 614

أنها تَنقَعِرُ، قال:"إنَّه ما تُقُبِّلَ منها يُرفَع، ولولا ذلك لرأيتَها مثلَ الجبال"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، ويزيد بن سنان ليس بالمتروك.

1772 -

حدثنا أبو الطيِّب محمد بن أحمد الذُّهْلي، حدثنا جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ، حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني، حدثنا أبو ضَمْرةَ اللَّيثي، عن هشام بن عُرْوة، عن عُرْوة، عن عائشة، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قَضَى أحدُكم حَجَّه فليُعَجِّلِ الرِّحلةَ إلى أهلِه، فإنَّه أعظمُ لأجْرِه"

(2)

.

(1)

الصحيح موقوفًا، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن سنان، وهو أبو فروة الرهاوي، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(1750) عن أحمد بن محمد بن أبي موسى الأنطاكي، والدارقطني (2789) عن الحسين بن إسماعيل، كلاهما عن سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، بهذا الإسناد. ووقع عندهما ذكر زيد بن أبي أنيسة بين سعيد وعمرو.

وأخرج ابن أبي شيبة 4/ 32، والأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 177، والبيهقي 5/ 128 من طريق سفيان بن عيينة، عن سليمان بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن أبي نُعم، عن أبي سعيد الخدري قال: ما تُقُبِّل من حصى الجمار رُفع. هكذا موقوفًا، وهذا إسناد صحيح.

وفي الباب عن ابن عباس موقوفًا عند ابن أبي شيبة 4/ 32، والأزرقي 2/ 177، والبيهقي 5/ 128.

وعن سعيد بن جبير موقوفًا أيضًا عند الأزرقي 2/ 177.

وعن عبد الله بن عمر موقوفًا عند الأزرقي 2/ 177، والفاكهي في "أخبار مكة"(2659).

وأخرج حديث ابن عمر أبو نعيم في "دلائل النبوة" مرفوعًا، كما في "نصب الراية" للزيلعي 3/ 79، وضعَّفه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 128.

(2)

إسناده قوي، رجاله ثقات، ومحمد بن عثمان العثماني وإن كان فيه كلام من حيث النكارة في حديثه فيما يرويه عن أبيه، فقد بيَّن الذهبي في "الميزان" أنَّ نكارتها من قبل أبيه، فخرج من عهدتها، وقد وثقه أبو حاتم وصالح جزرة، وقال البخاري: كان صدوقًا وهو خير من أبيه وأبوه عنده عجائب. أبو ضمرة الليثي: هو أنس بن عياض.

وأخرجه البيهقي 5/ 259 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (2790) من طريق إبراهيم بن محمد بن العتيق، عن أبي مروان العثماني، به.

وفي باب الحث على تعجيل المسافر بشكل عام الرجوع إلى الأهل، عن أبي هريرة رفعه: =

ص: 615

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1773 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا الفضل بن عبد الجبار.

وأخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيّاري، حدثنا عبد الله بن علي الغَزَّال؛ قالا: حدثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، حدثنا أبو حمزة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباسٍ قال: جاء جبريلُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَذَهَبَ به ليُرِيَه المناسكَ، فانفَرَجَ له ثَبِيرٌ، فدخل منًى، فأراه الجِمَار، ثم أراه جَمْعًا، ثم أراه عرفاتٍ، فنَبَعَ الشيطانُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم عند الجَمْرة، فرَمَى بسَبع حَصَياتٍ حتى ساخ، ثم نَبَغَ له في الجَمْرة الثانية، فرماه بسَبع حَصَياتٍ حتى ساخ، ثم نَبَغَ له في جَمْرة العَقَبة، فرماه بسَبع حَصَياتٍ حتى ساخَ فذهب

(1)

.

= "السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى نهمته فليُعَجِّل إلى أهله". أخرجه البخاري (1804) و (3001) و (5429)، ومسلم (1927).

(1)

إسناده ضعيف لتفرد عطاء بن السائب به، وكان قد اختلط بأخرة، ولم يَذكُر أحدٌ أنَّ أبا حمزة - وهو محمد بن ميمون السُّكري - قد روى عنه قبل الاختلاط، بل إنَّ ابن القطان الفاسي قد ذكر أبا حمزة السكري هذا فيمن اختلط، كما في ترجمته من "تهذيب التهذيب"، ثم إنَّ عطاء قد اضطرب فيه، فذكر هنا أنَّ صاحب القصة هو نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم، وذكر مرةً أخرى فيما رواه عنه حماد بن سلمة - وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط وبعده - أنَّ صاحب القصة هو إبراهيم عليه السلام، كما عند أحمد 5/ (2794). أما عبد الله الغَزَّال - فهو وإن كان مجهولًا - قد توبع.

وأخرجه البيهقي 5/ 153 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال بإثره: تفرد به هكذا عطاء بن السائب.

وأخرجه ابن خزيمة (2967) عن أحمد بن سعيد الدارمي، عن علي بن الحسن بن شقيق، به.

وانظر ما سلف برقم (1731).

وثَبير، بفتح فكسر: جبل بين مكة ومنى، وهو على يمين الداخل منها إلى مكة، ويسميه أهل مكة اليوم جبل الرَّخم.

وساخ: أي: تسفَّل في الأرض.

ص: 616

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1774 -

حدثنا أبو سعيد محمد بن جعفر الخَصِيب الصُّوفي، حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله الحَضْرمي، حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي ومحمد بن العلاء الهَمْداني، قالا: حدثنا حُمَيد [بن] الخُوَار، حدثنا ابن جُرَيج، عن عطاءٍ، قال: لا أَرمي حتى تَزِيغَ الشمسُ، إنَّ جابر بن عبد الله قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَرمي يومَ النَّحْر قبلَ الزَّوال، فأما بعدَ ذلك فعندَ الزَّوالِ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1775 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو زُرعة عبد الرحمن بن عمرٍو الدِّمشقي، حدثنا أحمد بن خالد الوَهْبي، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشةَ قالت: أفاضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من آخرِ يومِه حين صلَّى الظُّهر، ثم رَجَعَ فَمَكَثَ بمنًى لياليَ أيامِ التَّشريق يرمي الجَمْرةَ إذا زالت الشمسُ؛ كلَّ جمرةٍ بسبعِ حَصَياتٍ، يكبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ، ويقف عند الأُولى وعند الثانية، فيُطيلُ القيامَ ويتضرَّعُ، ثم يرمي الثالثةَ ولا يقفُ عندها

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف حميد بن الخوار، وقد تفرد في هذا الإسناد بذكر عطاء - وهو ابن أبي رباح - فخالف بذلك الثقات من أصحاب ابن جريج الذين قالوا: عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر، لذلك قال ابن خزيمة (2969): هذا حديث غريب إن كان ابن خوار حفظ عطاءً في هذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 22/ (14354)، ومسلم (1299)، والنسائي (4055)، وابن حبان (3886) من طريق عبد الله بن إدريس، وأحمد 22/ (14435)، وأبو داود (1971) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وأحمد 23/ (15291) من طريق حماد بن سلمة، ومسلم (1299)، والترمذي (894) من طريق عيسى بن يونس، ومسلم (1299) من طريق أبي خالد الأحمر، وابن ماجه (3053) من طريق عبد الله بن وهب، ستتهم عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر.

وأخرجه أحمد 23/ (14671) من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار - وقد صرَّح بالتحديث عند ابن حبان =

ص: 617

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1776 -

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا يونس بن يزيد، عن الزُّهري: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رَمَى الجَمْرة التي تلي مسجدَ مِنًى يرميها بسَبعِ حَصَياتٍ، يكبِّر كلَّما رَمَى بحصاةٍ، ثم تقدَّم أمامَها فوقفَ مُستقبِلَ البيتِ رافعًا يديه يدعو، وكان يُطيلُ الوقوف، ثم يأتي الجَمْرَة الثانية فيَرميها بسَبعِ حَصَياتٍ يُكبِّر كلَّما رمى بحصاةٍ، ثم يَنحدِر ذاتَ اليَسار مما يلي الوادي، فيقف مُستقبِلَ القِبلةِ رافعًا يديه، ثم يأتي الجَمْرةَ التي عند العَقَبة فيرميها بسَبعِ حَصَياتٍ يُكبِّر عند كلِّ حصاةٍ، ثم ينصرفُ ولا يقومُ عندها.

قال الزُّهري: سمعتُ سالمَ بن عبد الله يحدِّث بمِثلِ هذا عن أبيه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. قال: وكان ابنُ عمر يفعلُه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

= فانتفت شبهة تدليسه. عبد الرحمن بن القاسم: هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق.

وأخرجه أحمد 41/ (24592)، وأبو داود (1973) من طريق سليمان بن حيان أبي خالد الأحمر، وابن حبان (3868) من طريق يحيى بن سعيد الأموي، كلاهما عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

(1)

إسناده صحيح. محمد بن يحيى: هو الذهلي، وعثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي، ويونس بن يزيد: هو الأيلي، والزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب.

وعلَّقه البخاري (1753) فقال: وقال محمد: حدثنا عثمان بن عمر

فذكره بهذا الإسناد.

هكذا أهمل محمدًا شيخه، وقد اختُلف في تسميته، فقيل: هو محمد بن بشار، وقيل: محمد بن المثنى، وقيل: محمد بن يحيى الذهلي، ورواية الحاكم هذه ترجح أنه الذهلي، والله أعلم.

وأخرجه أحمد 10/ (6404). وأخرجه النسائي (4075) عن العباس بن عبد العظيم العنبري، كلاهما (أحمد والعباس) عن عثمان بن عمر، به.

وأخرجه البخاري (1751) و (1752)، وابن ماجه (3032)، وابن حبان (3887) من طريقين عن يونس بن يزيد، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

ص: 618

1777 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب بن حَبِيب، حدثنا خالد بن مَخْلَد، حدثنا مالك بن أنس.

وأخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا عبد الله بن مَسْلَمة، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن أبي البَدَّاح بن عَدِيٍّ، عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّص للرِّعاء أن يَرمُوا يومًا ويَدَعُوا يومًا

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1778 -

حدَّثَناه أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم البُوشَنْجي، حدثنا أُميّة بن بِسْطامَ، حدثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا رَوْح بن القاسم، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن أبي البَدّاح بن عَدِي، عن أبيه: أنَّ

(1)

إسناده صحيح، إلّا أنَّ المحفوظ في هذا الحديث لفظ رواية مالك التالية برقم (1779)، وهذا لفظ رواية سفيان - وهو ابن عيينة - فقد قال يحيى بن معين فيما نقله عنه المصنف (5883): وكان سفيان إذا حدثنا بهذا الحديث قال: ذهب عليَّ في هذا الحديث شيء. لذلك قال يحيى في حديث سفيان هذا: وهذا خطأ إنما هو كما قال مالك. قلنا: لكن تابع سفيان على هذا اللفظ روحُ بن القاسم كما في الرواية التالية، والله تعالى أعلم. الحميدي: هو عبد الله بن الزبير بن عيسى، وعبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمد بن عمرو بن حزم، وصحابيه: هو عاصم بن عدي، كما ذكر المصنِّف بإثر الحديث الذي بعده.

وأخرجه أحمد 39/ (23774)، وأبو داود (1976)، والترمذي (954)، والنسائي (460)، وابن حبان (3888) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقرن أبو داود بعبد الله بن أبي بكر أخاه محمدًا. وقال الترمذي: رواية مالك أصح.

وأخرجه ابن ماجه (3036) عن ابن أبي شيبة، عن سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أخيه عبد الملك بن أبي بكر، عن أبي البداح، عن أبيه.

وأخرجه بنحوه أحمد 39/ (23777) من طريق ابن جريج، عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن أبي البداح، عن أبيه.

ص: 619

رسول الله صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ للرِّعاءِ أن يَرمُوا الحِمارَ يومًا ويَدَعُوا يومًا

(1)

.

أبو البَدّاح: هو ابن عاصم بن عَدِيّ، وهو مشهور في التابعين، وعاصمُ بن عَدِيّ مشهور في الصحابة، وهو صاحب اللِّعان، فمَن قال: عن أبي البداح بن عدي، فإنه نسبه إلى جدِّه.

وبصحة ما ذكرتُه:

1779 -

حدَّثني أبو علي الحسن بن علي بن داود المصري بمكة، حدثنا أحمد بن محمد بن جَرير، حدثنا الحارث بن مِسْكين، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم، حدثني مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، عن أبيه، أنَّ ابنَ عاصم بن عَدِيٍّ أخبره عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رَخَّص لرِعاءِ الإبل في البَيتوتةِ يَرمُون يومَ النَّحر، ثم يَرمُون الغَدَ، أو من بعدِ الغَدِ ليومين، ثم يَرمُون يومَ النَّفْر

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، إلّا أنَّ المحفوظ لفظ رواية مالك بن أنس الآتية بعده، كما سبق.

وأخرجه ابن خزيمة (2978) من طريق إسماعيل ابن علية، عن روح بن القاسم، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح. أحمد بن محمد بن جرير: هو أحمد بن محمد بن يحيى بن جرير، أبو علي الهمْداني المصري، ذكره الذهبي في "تاريخ الإسلام" وابن قطلوبغا في "الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة" ونقل عن ابن يونس قوله: كان فهمًا ثقة.

وأخرجه أحمد 39/ (23775)، وابن ماجه (3037)، والنسائي (4164) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود (1975) من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي وعبد الله بن وهب، والنسائي (4061) من طريق يحيى القطان، أربعتهم عن مالك بن أنس، بهذا الإسناد. وطريق القعنبي سبقت قريبًا، وطريق ابن وهب ستأتي برقم (5882).

وأخرج أحمد 39/ (23776)، والترمذي (955)، وابن ماجه (3037) من طريق عبد الرزاق، عن مالك، به إلى عاصم بن عدي قال: أرخصَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر، ثم يجمعوا رمي يومين بعد النحر فيرمونه في أحدهما. قال مالك: ظننت أنه في الآخر منهما، ثم يرمون يوم النفر. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وهو أصح من حديث ابن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر.

قال مالك في "الموطأ" 1/ 409: تفسير الحديث الذي أرخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل =

ص: 620

1780 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحسن بن موسى الأشْيَب، حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن عَوْن بن أبي جُحَيفة، عن أبيه قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بالأبْطَحِ صلاةَ العصر ركعتَين

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

1781 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد بن عبد الجبار بن مالك التَّنُوخي بتِنِّيس، حدثنا عمرو بن أبي سَلَمة التِّنِّيسي، حدثنا زهير بن محمد المكي، عن موسى بن عُقْبة، عن سالم بن عبد الله: أنَّ عائشة كانت تقول: عجبًا للمَرْءِ المسلم إذ دَخَلَ الكعبة حتى يَرفَعَ بصَرَه قِبَلَ السقف، يَدَعُ ذلك إجلالًا لله وإعظامًا، دخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الكعبةَ ما خلَّفَ بصَرُه

= في تأخير رمي الجمار فيما نُرى - والله أعلم -: أنهم يرمون يوم النحر، فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا من الغد، وذلك يوم النفر الأول، فيرمون لليوم الذي مضى، ثم يرمون ليومهم ذلك، لأنه لا يقضي أحد شيئًا حتى يجب عليه، فإذا وجب عليه ومضى كان القضاء بعد ذلك، فإذا بدا لهم النفر فقد فرغوا، وإن أقاموا إلى الغد رموا مع الناس يوم النفر الآخر ونفروا.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلَّا أنَّ المحفوظ فيه عن أبي إسحاق أنه من روايته عن أبي جحيفة بلا واسطة.

وأخرجه أحمد 31/ (18753) عن الحسن بن موسى الأشيب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (18747) من طريق أبي بكر بن عياش، و (18752) من طريق يونس بن أبي إسحاق، و (18750) و (18755) من طريق إسرائيل بن يونس، ثلاثتهم عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة. لم يذكروا عون بن أبي جحيفة.

وأخرجه أحمد (18743) و (18746) و (18749) و (18762)، والبخاري (376) و (495) و (3566) و (5786)، ومسلم (503)، وأبو داود (688)، والنسائي (4189)، وابن حبان (2382) و (4394) من طرق عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه.

وأخرجه أحمد (18744) و (18757) و (18767)، والبخاري (187) و (501) و (3553)، ومسلم (503)(252)، والنسائي (341) من طريق الحكم بن عتيبة، عن أبي جحيفة.

وفي الباب عن حارثة بن وهب عند مسلم (696).

ص: 621

موضعَ سُجودِه حتى خَرَجَ منها

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

1782 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مِهْران بن خالد، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا إسماعيل بن عبد الملك، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عائشة قالت: خَرَجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي وهو قَريرُ العين، طيِّبُ النفس، ثم رَجَعَ إليَّ وهو حزين، فقلتُ: يا رسولَ الله، خرجتَ من عندي وأنتَ كذا وكذا، قال:"إنِّي دخلتُ الكعبةَ ووَدِدْتُ أنِّي لم أكن فعلتُه، إني أخافُ أن أكونَ قد أتعبتُ أُمتي من بَعدي"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1783 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن بكر، حدثنا ابن جُرَيج قال: قلتُ لعطاء: أسمعتَ ابنَ عباس يقول: إنما أُمِرتم بالطواف ولم تُؤمَروا بدخوله؟ قال: لم يكن ينهانا عن

(1)

إسناده ضعيف، فرواية عمرو بن أبي سلمة عن زهير بن محمد غير مستقيمة، قال أحمد بن حنبل: روى عن زهير أحاديث بواطيل، كأنه سمعها من صدقة بن عبد الله فغلط، فقلبها عن زهير. قلنا: ثم أنَّ الراوي عن عمرو بن أبي سلمة، وهو أحمد بن عيسى التنوخي، ضعيف، ولم يتابع. لذلك قال أبو حاتم في هذا الحديث كما في "العلل" لابنه (895): هو حديث منكر.

وأخرجه البيهقي 5/ 158 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (3012) عن أحمد بن عيسى التنوخي، به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف إسماعيل بن عبد الملك: وهو ابن أبي الصُّفير الأسدي. ابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عبيد الله.

وأخرجه أحمد 41/ (25056)، وابن ماجه (3064)، والترمذي (873) من طريق وكيع، وأبو داود (2029) من طريق عبد الله بن داود، كلاهما عن إسماعيل بن عبد الملك، بهذا الإسناد.

وروي بنحوه من وجه آخر لا يفرح به عن عائشة، أخرجه أحمد 42/ (25197) من طريق جابر بن يزيد الجعفي عن عرفجة عنها. وجابر الجعفي هذا لا يصلح في المتابعات، والله أعلم.

ص: 622

دُخولِه، ولكن سمعتُه يقول: أخبَرَني أسامة بن زيد: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ البيت، فلما خَرَجَ ركع ركعتين في قُبُل البيت، وقال:"هذه القِبلةُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه هكذا!

1784 -

أخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا جَرير بن حازمٍ قال: سمعتُ يزيد بن رُومانَ يحدِّث عن عبد الله بن الزُبير قال: قالت عائشة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشةُ، لولا أنَّ قومَكِ حديثُ عهدٍ بجاهليةٍ، لهَدَمْتُ البيت حتَّى أُدخِل فيه ما أَخرَجوا منه في الحِجْر، فإنهم عَجَزوا عن نفقتِه، وجعلتُ لها بابَين: بابًا شرقيًّا، وبابًا غربيًّا، وألصَقْتُه بالأرض، ولَوَضعتُه على أساسِ إبراهيم". قال: فكان الذي دعا ابنَ الزُّبير

(1)

إسناده صحيح. محمد بن بكر: هو البُرساني، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه مسلم (1330) من طريقين عن محمد بن بكر، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 36/ (21754) و (21809)، والبخاري (398)، والنسائي (3886) من طريق عبد الرزاق، وأحمد (21809) عن روح بن عبادة، وابن حبان (3208) من طريق الضحاك بن مخلد، ثلاثتهم عن ابن جريج، به.

وأخرج النسائي في "الكبرى"(3878) من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، عن أسامة بن زيد قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة، فسبّح في نواحيها وكبّر ولم يصلِّ، ثم خرج فصلى خلف المقام ركعتين، ثم قال:"هذه القبلة". كذا وقع هذا الإسناد في نسخنا الخطية من "الكبرى" بذكر ابن عباس بين عطاء وأسامة، ولم يرد ذكره في "المجتبى"(2909) ولا في "تحفة الأشراف"(110)، ونصَّ المزي على عدم وجودها في رواية عبد المجيد بن أبي رواد، والله أعلم.

وأخرجه بنحوه مطولًا ومختصرًا أحمد (21822) و (21823) و (21830)، والنسائي (3883) و (3884) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، عن عطاء، عن أسامة بن زيد، لم يذكر ابن عباس.

ص: 623

على هَدْمِه وبنائِه.

قال يزيد بن رُومان: فشهدتُ ابنَ الزُّبير حين هَدَمَه، فاستخرَجَ أساسَ البيت كأسْنِمة البُخْت متلاحكةً

(1)

، قال جَرير: فقلتُ ليزيدَ بن رُومان - فأنا يومئذٍ أطوفُ معه -: أَرِني ما أَخرَجوا من الحِجْر منه، قال: أُرِيكَه الآن، فلما انتهى إليه قال: هذا الموضعُ.

قال أبي

(2)

: فحَزَرتُه نحوًا من ستة أذرُع

(3)

.

(1)

المتلاحكة: هي المتلائمة والمتداخلة، كما في "لسان العرب" مادة (لحك).

(2)

القائل "قال أبي": هو وهب بن جرير، فقد روى هذا الحديث عن أبيه كما عند إسحاق بن راهويه في "مسنده"(551)، وابن خزيمة في "صحيحه"(3020)، وابن حبان (3816)، فالذي يظهر أنه دخل على المصنف لفظ حديث يزيد بن هارون بحديث وهب بن جرير، والله أعلم.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (3816) من طريق وهب بن جرير، عن جرير بن حازم، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه مطولًا ومختصرًا أحمد 42/ (25463) و (25466)، ومسلم (1333)(401)، وابن حبان (3818) من طريق سعيد بن ميناء، والنسائي (3879) من طريق عطاء، كلاهما عن ابن الزبير، به.

وخالف الحارثَ بنَ أبي أسامة جمعٌ، فرووه عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد، لكنهم جعلوه من طريق عروة بن الزبير عن عائشة، بدلًا من عبد الله، فقد أخرجه أحمد 43/ (26029)، وأخرجه البخاري (1586) عن بيان بن عمرو، والنسائي (3872) عن عبد الرحمن بن محمد الطرسوسي، ثلاثتهم (أحمد وبيان وعبد الرحمن) عن يزيد بن هارون، عن جرير، عن يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير، عن عائشة.

وذكر ابن خزيمة (3021)، والبيهقي 5/ 90 أنَّ يزيد بن رومان ربما سمع الخبر من عبد الله وعروة جميعًا. والذي ذهب إليه ابن حجر في "الفتح" 5/ 368 أنَّ رواية الجماعة أوضح، فهي أصح. وصحَّح الدارقطني في "العلل" 15/ 6 (3802) رواية من قال: عبد الله بن الزبير.

وأخرجه أحمد 40/ (24297)، والبخاري (1585)، ومسلم (1333)(398)، والنسائي (3871) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.

وروي الحديث من غير وجه عن عائشة، انظر تخريجنا لـ "مسند أحمد"(24297).

ص: 624

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه هكذا.

1785 -

أخبرنا أبو يحيى أحمد بن محمد السَّمَرقَنْدي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن نصر، حدثنا يحيى بن يحيى وعليُّ بن خَشْرَم، قالا: حدثنا عيسى بن يونس، عن ابن جُريج، أخبَرَني موسى بن عُقْبة، عن نافع، أنَّ ابن عمر أخبره: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حَلَقَ رأسه في حَجَّة الوداع.

قال: فكان الناسُ يَحلِقُون في الحجِّ، ثم يَعتَمِرون عند النَّفْر ويقول: بما يُحلَق هذا؟ فنقول: أَمرِرِ المُوسَى على رأسك

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

1786 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، حدثنا ابن بُكَير، حدثني الليث، أنَّ أبا الزُّبير أخبره عن جابر بن عبد الله: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أعمَرَ عائشةَ من التَّنعيم في ذي الحِجّة ليلةَ الحَصْبة

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. يحيى بن يحيى: هو النيسابوري، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.

وأخرجه أحمد 9/ (5614)، والبخاري (4411) من طريق محمد بن بكر، عن ابن جريج، به. دون قوله: فكان الناس يحلقون في الحج

إلى آخره، والقائل لذلك هو ابن جريج، تفرد به عيسى بن يونس عنه.

وأخرجه بنحوه - بدون هذه الزيادة - البخاري (4410) من طريق أبي ضمرة، ومسلم (1304)، وأبو داود (1980) من طريق يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني، ومسلم (1304) من طريق حاتم بن إسماعيل، ثلاثتهم عن موسى بن عقبة، به.

وأخرجه أحمد 8/ (4890)، والبخاري (1726) و (1729)، والترمذي (913)، والنسائي (4099) من طرق عن نافع، به.

وأخرجه أحمد (4889) و (5623)، والنسائي (4100) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه.

(2)

إسناده صحيح. أبو بكر بن إسحاق: اسمه أحمد، وابن بكير: هو يحيى بن عبد الله بن بكير، والليث: هو ابن سعد، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تَدرُس.

وأخرجه أحمد 23/ (15244)، ومسلم (1213)(136)، وأبو داود (1785)، والنسائي =

ص: 625

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!

1787 -

أخبرني إبراهيم بن عِصْمة بن إبراهيم العدل، حدثنا السَّرِيُّ بن خُزيمة، حدثنا عثمان بن الهيثم، حدثنا عوف بن أبي جَمِيلة، عن محمد بن سِيرِين، عن أبي هريرة: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجلٌ فقال: إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ أدرك الإسلام ولم يَحُجَّ، ولا يَستَمسِكُ على الراحلة، وإن شَدَدتُه بالحبل على الراحلة خَشِيتُ أن أقتله، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"احجُجْ عن أبيك"

(1)

.

= (3729) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وأوردوه جميعًا بأطول مما هنا ضمن قصة عائشة وحيضها في الحج. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 22/ (14322)، ومسلم (1213)، والنسائي (4217) من طريقين عن أبي الزبير، به.

وأخرجه النسائي (4217) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن جابر.

وفي الباب عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق سيأتي برقم (6130).

(1)

حديث صحيح لكن من حديث ابن عباس كما سيأتي، وقد وهمَ عثمان بن الهيثم فيه - وهو ليس بالحافظ - فرواه على هذا الوجه من حديث أبي هريرة، وتابعه يحيى بن أبي الحجاج عن عوف بن أبي جميلة عند ابن خزيمة في "صحيحه"(3038) وابن عدي في "الكامل" 7/ 221، ويحيى هذا ليّن الحديث وقد اضطرب فيه، فرواه عندهما مرة أخرى عن عوف عن الحسن البصري مرسلًا، فسقط الاحتجاج بروايته.

وذكر الدارقطني في "العلل" 10/ 44 (1844) أنَّ الأشبه بالصواب هو رواية هشام بن حسان عن ابن سيرين عن يحيى بن أبي إسحاق عن سليمان بن يسار عن ابن عباس. وهذه الرواية أخرجها النسائي (3609) و (5914) إلا أنه سمّى ابنَ عباس الفضلَ وليس عبدَ الله، وسليمان بن يسار لم يسمع من الفضل، والصواب أن بينهما عبد الله بن عباس كما وقع في رواية الزهري عن سليمان عند أحمد 3/ (1818) و (1822) والبخاري (1853) ومسلم (1335) وغيرهم.

واسم الرجل السائل هو حصين بن عوف الخثعمي كما قرر ذلك الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 6/ 184 بناءً على ما تحصل عنده من مجموع روايات الحديث، وذكر أنَّ قصة الخثعمي هذا غير قصة أبي رَزِين - الآتية بعد هذا الحديث - وقال: وهذه قصة أخرى، ومن وحّد بينها وبين حديث الخثعمي، فقد أبعَدَ وتكلّف.

ص: 626

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه الألفاظ.

1788 -

أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة.

وأخبرنا أبو عمرو محمد بن جعفر العَدْل، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن صُدْران، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا شعبة، سمعتُ النعمان بن سالم يقول: سمعتُ عمرَو بن أَوس يحدِّث عن أبي رَزِين أنه قال: يا رسولَ الله، إنَّ أبي شيخٌ كبير لا يستطيع الحَجَّ والعُمرة ولا الظَّعَن، قال:"حُجَّ عن أبيكَ واعتَمِر"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1789 -

حدثنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا عفّان، حدثنا شعبة.

وأخبرنا إسماعيل بن محمد الفقيه بالرَّي، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، حدثنا أبو الوليد ومحمد بن كثير، قالا: حدثنا شعبة.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا أبو المثنَّى، حدثنا محمد بن المِنهال، حدثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن أبي ظَبْيان، عن ابن عباسٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حَجَّ الصبيُّ فهي له حَجَّةٌ حتَّى يَعقِل، وإذا عَقَلَ فعليه حَجَّةٌ أُخرى، وإذا حَجَّ الأعرابيُّ فهي له حَجَّةٌ، فإذا هاجَرَ فعليه حَجَّةٌ أُخرى"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، عبد الرحمن بن الحسن القاضي شيخ المصنف - وإن كان فيه ضعف - متابع عند المصنف وغيره. إبراهيم بن الحسين: هو ابن دِيزيل، وأبو رَزِين: اسمه لقيط بن صَبِرة، ويقال: لقيط بن عامر.

وأخرجه النسائي (3587) عن محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، عن خالد بن الحارث، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 26/ (16184) و (16185) و (16190) و (16199) و (16203)، وأبو داود (1810)، وابن ماجه (2906)، والترمذي (930) والنسائي (3603)، وابن حبان (3991) من طرق عن شعبة، به.

(2)

صحيح موقوفًا، فقد صحَّح وقفه ابن خزيمة وابن عدي والبيهقي وابن عبد الهادي في =

ص: 627

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "المحرر"(663)، وهو مقتضى كلام ابن دقيق العيد في "الإلمام" 1/ 367، واستغرب رفعه الخطيب البغدادي، وعلته تفرد محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع عن شعبة في رفعه، ووقَفه سائر أصحاب شعبة عنه، ورواه غير واحد غير شعبة عن الأعمش فوقفوه، كما وقفه غير واحد ممن رواه عن ابن عباس. أما متابعة عفان - وهو ابن مسلم الصفار - وأبي الوليد - وهو الطيالسي - ومحمد بن كثير فقد أجاب عنها البيهقي في "الخلافيات" كما في "مختصره" 3/ 224 فقال: وأظنُّ أنَّ شيخنا - يعني الحاكم - حمل حديث عفان وغيره على حديث يزيد، فهذا الحديث إنما رواه أصحاب شعبة عنه موقوفًا، سوى ابن زريع، فإنَّ محمد بن المنهال ينفرد برفعه عنه، والله أعلم.

قلنا: وأما متابعة الحارث بن سريج الخوارزمي لمحمد بن منهال في روايته لهذا الحديث عن يزيد بن زريع مرفوعًا، فيما أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في "حديث سليمان الأعمش" كما في "نصب الراية" للزيلعي 3/ 6 - 7 نقلًا عن "الإمام" لابن دقيق العيد، وفيما أخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/ 196 - 197، والخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 101 من طريق الحارث بن سريج هذا عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد مرفوعًا، فهذه المتابعة لا تقوي رواية محمد بن المنهال، لأنَّ ابن عدي أورد رواية الحارث وأعلها به، فقال: وهذا الحديث معروف بمحمد بن المنهال الضرير عن يزيد بن زريع، وأظن أنَّ الحارث بن سريج هذا سرقه منه، وهذا الحديث لا أعلم يرويه عن يزيد بن زريع غيرهما، ورواه ابن أبي عدي وجماعة معه عن شعبة موقوفًا.

أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري، وأبو ظبيان هو حصين بن جندب الجنبي.

وأخرجه ابن خزيمة (3050)، والطبراني في "الأوسط"(2731)، وأحمد بن جعفر القطيعي في "جزء الألف دينار"(145) - ومن طريقه الضياء في "المختارة" 9/ (537) - والبيهقي في "الكبرى" 4/ 325 و 5/ 179، وفي "الصغرى"(1479)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 101 من طرق عن محمد بن المنهال، بهذا الإسناد. زاد بعضهم:"وأيما عبدٍ حجَّ ثم عتق فعليه أن يحج حجة أخرى". قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن شعبة مرفوعًا إلّا يزيد، تفرد به محمد بن المنهال. وقال البيهقي: كذا رواه يزيد بن زريع عن شعبة مرفوعًا، ورواه غيره عن شعبة موقوفًا، والموقوف أصح. وقال الخطيب: لم يرفعه إلّا يزيد بن زريع عن شعبة، وهو غريب.

وأخرجه ابن خزيمة بإثر الحديث (3050) من طريق أبي عدي، والبيهقي 4/ 325 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، كلاهما عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس موقوفًا.

قال ابن خزيمة بإثره: هذا علمي هو الصحيح بلا شك.

وأخرج ابن أبي شيبة (15105 - عوامة) عن أبي معاوية، عن الأعمش. عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: احفظوا عني - ولا تقولوا: قال ابن عباس - أيما عبد حج به أهله ثم أعتق

الحديث. =

ص: 628

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1790 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنعاني بمكة، حدثنا علي بن المبارك الصَّنعاني، حدثنا زيد بن المبارك الصَّنعاني، حدثنا مَعْمَر بن راشد الصَّنعاني، عن عبد الكريم الجَزَري، عن سعيد بن جُبَير قال: أتى رجلٌ ابنَ عباس فقال: إني آجَرْتُ نفسي من قوم، فتركتُ لهم بعض أجري ليُخَلُّوا بيني وبين المناسك، فهل يُجزئ ذلك عنِّي؟ فقال ابن عباس: هذا من الذين قال الله عز وجل: {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [البقرة: 202]

(1)

.

= قال ابن عبد الهادي في "المحرر"(663): هذا شبه المرفوع.

قلنا: لكن خالف أبا معاوية سفيانُ الثوري فرواه عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس موقوفًا، فيما قال البيهقي في "السنن الصغرى"(1479)، وفي "الكبرى" 5/ 179، ثم قال: هو الصواب. قلنا: ورواية الثوري هذه لم نقف عليها عند غيره.

وقد روي من غير وجه عن ابن عباس موقوفًا أيضًا، فقد أخرجه سعيد بن أبي عروبة في "المناسك"(11) عن قتادة، والشافعي في "الأم" 3/ 275 - 276 و 451 - 452، والطحاوي 2/ 257، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 156 و 178 وفي "المعرفة"(10263) من طريق أبي السفر الهمداني، والطحاوي 2/ 257 من طريق يونس بن عبيد، ثلاثتهم عن ابن عباس موقوفًا.

ورجَّح صحة رفعه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 2/ 220 برواية ابن أبي شيبة السالف ذكرها، واعتبر بعضهم أنَّ رفع محمد بن منهال له - وهو ثقة حافظ - إنما هو زيادة ثقة، وهي مقبولة، والله تعالى أعلم.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل زيد بن المبارك وعلي بن المبارك الصنعانيين، وقد توبعا. عبد الكريم الجزري: هو ابن مالك.

وأخرجه عبد الرزاق في "التفسير" 1/ 80، ومن طريقه ابن خزيمة (3053) عن معمر بن راشد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسدد كما في "المطالب العالية"(1149)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 333، وفي "معرفة السنن والآثار"(9173) و (9174) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس.

وسيأتي الحديث من طريق مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس برقم (3136).

ص: 629

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1791 -

أخبرنا حمزة بن العباس العَقَبي ببغداد، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا أبو بكر الحَنَفي، حدثنا ابن أبي ذِئب، عن عطاء، عن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس: أنَّ الناس كانوا في أوّل الحج يتبايعون بمِنًى وعَرَفةَ وسوق ذي المَجَاز ومواسم الحج، فخافوا البيعَ وهم حُرُم، فأنزل الله عز وجل:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] في مَوَاسم الحَجّ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1792 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، حدثنا محمد بن إسحاق.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا عبد الله بن الحسن الحَرّاني، حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيلي، حدثنا محمد بن سَلَمة، عن ابن إسحاق، حدثنا عبد الله بن أبي بَكْر بن محمد بن عمرو بن حَزْم الأنصاري، عن عثمان بن أبي سليمان بن جُبَير بن مُطْعِم، عن عمِّه نافع بن جُبَير، عن أبيه جُبَير بن مُطْعِم قال: لقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قبلَ أن يُنزَل عليه، وإنَّه لَوَاقفٌ على بعيرٍ له بعرفاتٍ مع الناس يَدْفَعُ معهم منها، وما ذاكَ إلَّا توفيقٌ من الله عز وجل له

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1793 -

أخبرني أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل،

(1)

إسناده صحيح. أبو بكر الحنفي: هو عبد الكبير بن عبد المجيد، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وانظر ما سلف برقم (1666).

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق. محمد بن سلمة: هو الباهلي الحراني.

وأخرجه أحمد 27/ (16757) من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد.

وسلف بنحوه برقم (1722)، وانظر ما بعده.

ص: 630

حدثني أبي، حدثنا محمد بن بَكْر

(1)

، أخبرنا ابن جُرَيح، أخبرني أبي، عن جُبَير بن مُطْعَم قال: أضلَلْتُ جَمَلًا لي يومَ عرفة، فانطلقتُ إلى عرفةَ أبتغيه، فإذا أنا بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم واقفٌ مع الناس بعَرفةَ على بعيرِهِ عشيَّةَ عرفة، وذلك بعدما أُنزِلَ عليه

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، إنما اتَّفقا على حديث ابن عُيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن جُبير عن أبيه، الحديث في ذكر الحُمْس

(3)

، وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقفُ بعرفة بثَنِيّة مكة.

1794 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا وهب بن جَرير، حدثنا شعبة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن إبراهيم بن مُهاجر، عن أبي بكر بن

(1)

تحرَّف في (ص) و (ب) و (ع) إلى: محمد بن بكير، وفي المطبوع إلى: محمد بن زكريا بن بكير، والمثبت من (ز) وهو الصواب، فهو محمد بن بكر البرساني.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عبد العزيز بن جريج والد ابن جريج: وهو عبد الملك بن عبد العزيز.

وأخرجه ابن خزيمة (3059) عن محمد بن معمر، عن محمد بن بكر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 27/ (16776) عن محمد بن بكر قال أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني عن جبير بن مطعم

فذكره، كذا بإسقاط أبيه.

قوله: "بعدما أُنزل عليه"، يعارضه الحديث السالف قبله بإسناد حسن وفيه: قبل أن يُنزَل عليه.

وقد روي الحديث في "الصحيحين" وغيرهما بغير هذه السياقة كما أشار المصنف بإثر هذا الحديث، فقد أخرج أحمد 27/ (16737)، والبخاري (1664)، ومسلم (1220)، والنسائي (3995)، وابن حبان (3849) من طريق محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: أضللت بعيرًا لي، فذهبت أطلبه يوم عرفة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم واقفًا بعرفة، فقلت: هذا والله من الحُمْس، فما شأنه ها هنا؟ لفظ البخاري.

(3)

تحرف في النسخ الخطية إلى: الجرس، وصوابه: الحُمْس، كما جاء في الرواية، والحُمس: هم قريش، فقد كانت قريش تقف بمزدلفة، وسائر العرب يقفون بعرفة، وكان صلى الله عليه وسلم بتأييد الله تعالى إياه موفقًا للصواب، فوقف بعرفة.

ص: 631

عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، قال: أَرسَل مروانُ إلى أم مَعْقِل يسألها عن هذا الحديث، فحدَّثَتْ أنَّ زوجها جعل بَكْرًا في سبيل الله، وأنها أرادت العُمرةَ فسألتْ زوجَها البَكْرَ، فأَبى عليها، فأتت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فذَكَرَت ذلك له، فأمره النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يُعطيَها، وقال:"إنَّ الحج والعُمرة لَمِنْ سبيل الله، وإِنَّ عُمرةً في رمضان تَعدِلُ حَجَّةً" أو "تُجزِئُ بحَجَّةٍ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1795 -

أخبرنا علي بن حَمْشاذ العدلُ، حدثنا هشام بن علي، حدثنا أبو النُّعمان عارِمٌ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثني الحجاج بن أبي عثمان، حدثني يحيى بن أبي كثير، أنَّ عِكْرِمة مولى ابن عباس حدثه، قال: حدثني الحجّاج بن عمرو الأنصاري، أنه سمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:"مَن كُسِرَ أو عَرَجَ فقد حلَّ، وعليه حَجّةٌ أخرى". قال: فحدثتُ ابن عباس وأبا هريرةَ فقالا: صَدَق

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

وقيل: عن عكرمة، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن الحجاج بن عمرو:

(1)

إسناده ضعيف لضعف إبراهيم بن مهاجر، ولم يتابع على هذا السياق، وقد اختلف عليه في هذا الإسناد، ورواه غيره واختلف فيه اختلافًا كبيرًا، فضعف بسبب اضطرابه، وقد فصلنا القول في ذلك في تعليقنا على "مسند أحمد" 45/ (27106)، وانظر "علل الدارقطني"(3179).

وهو في "مسند أحمد"(27286)، وقرن هناك بمحمد بن جعفرٍ الحجاجَ بن محمد المصيصي الأعور.

وأخرجه أحمد (27107)، وأبو داود (1988) من طريق أبي عوانة، عن إبراهيم بن مهاجر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، أخبرني رسول مروان الذي أرسل إلى أم معقل قال: قالت

فذكره.

وأخرجه أحمد (27287) من طريق محمد بن أبي إسماعيل، عن إبراهيم بن مهاجر، عن أبي بكر بن عبد الله، عن معقل بن أم معقل: أنَّ أمه أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت

فذكر معناه.

(2)

إسناده صحيح. أبو النعمان: هو محمد بن الفضل السدوسي، وعارم لقبه. وسلف برقم (1743).

ص: 632

1796 -

أخبرَناه أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن يحيى بن أبي كَثير، عن عِكْرمة، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، قال: سألتُ الحجاج بن عمرو الأنصاري عن حَبْسِ المسلم، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن كُسِرَ أو عَرَجَ فقد حلَّ، وعليه الحجُّ من قابلٍ". قال عكرمة: فحدثتُ ابن عباس وأبا هريرةَ، فقالا: صَدَقَ الحجّاج

(1)

.

1797 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا أبو الجوَّاب، حدثنا عمار بن رُزَيق، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله قال: كانت قريشٌ يُدْعَونَ الحُمْسَ، وكانوا يَدخُلون من الأبواب في الإحرام، وكانت الأنصارُ وسائر العرب لا يَدخُلون من الأبواب في الإحرام، فبينما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في بستانٍ، فخرج من بابه، وخرج معه قُطْبةُ بن عامرٍ الأنصاري، فقالوا: يا رسولَ الله، إنَّ قُطبة بن عامر رجلٌ فاجر، وإنه خرج معك من الباب، فقال:"ما حَمَلَكَ على ذلك؟ " قال: رأيتُك فعلتَ، ففعلتُ كما فعلتَ، فقال:"إِنِّي أحمَسُ"، قال: إِنَّ دِيني دِينُك، فأنزل الله عز وجل:{وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189]

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (1863)، وابن ماجه (3078)، والترمذي (940 م) من طرق عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده قوي، لكن اختلف في وصله وإرساله، فقد رواه عمار بن رزيق هنا عن الأعمش عن أبي سفيان - وهو طلحة بن نافع - عن جابر بن عبد الله، فذكره هكذا موصولًا، ورواه عَبيدة بن حميد عن الأعمش به، واختلف عليه في وصله وإرساله كما سيأتي. أبو الجوَّاب: هو الأحوص بن جواب.

وأخرجه ابن خزيمة في الحج كما في "إتحاف المهرة" 3/ 185 (2786) عن العباس بن عبد العظيم، وابن أبي حاتم في "التفسير" 1/ 323 عن أحمد بن منصور الرمادي، كلاهما عن أبي الجواب، بهذا الإسناد. =

ص: 633

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه الزيادة.

1798 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا أيوب بن سُوَيد، حدثنا الأوزاعي، عن محمد بن المُنكَدِر، عن جابرٍ قال: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ما بِرُّ الحَجِّ؟ قال: "إطعامُ الطّعام، وطِيبُ الكلام"

(1)

.

= وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(100)، والحازمي في "الاعتبار" ص 150 من طريق أبي الشيخ عبد الله بن محمد بن حيان الأصبهاني، عن أبي يحيى الرازي، عن سهل بن عثمان، عن عبيدة بن حميد، عن سليمان الأعمش، به موصولًا أيضًا.

ورواه أبو الشيخ مرةً فأرسله، فقد أخرجه في "تفسيره" كما في "إتحاف المهرة"(2786) - وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5762) - عن أبي يحيى الرازي، عن سهل بن عثمان، عن عبيدة، عن الأعمش، عن أبي سفيان مرسلًا.

ورواه هناد بن السري عن عبيدة فأرسله أيضًا، فقد أخرجه بقيّ بن مخلد كما في "إتحاف المهرة"(2786) - ومن طريقه ابن بَشكُوال في "غوامض الأسماء المبهمة" 2/ 737 - 738 - عن هناد، عن عبيدة، عن الأعمش، عن أبي سفيان مرسلًا.

ولقصة قطبة هذه أصل من حديث جابر عند أحمد 22/ (14607) من رواية ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر.

وانظر "فتح الباري" لابن حجر 6/ 50 - 52.

وفي الباب عن البراء بن عازب عند البخاري (1803)، ومسلم (3026).

قوله: "إني أحمس" من الحُمْس، وهم قريش وما ولدت، قال ذلك عروة بن الزبير كما عند البخاري (1665)، ومسلم (1219)(152).

(1)

حديث حسن إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لضعف أيوب بن سويد، وقد توبع، لكن اختلف فيه على الأوزاعي - وهو عبد الرحمن بن عمرو - في وصله وإرساله، والراجح أنه مرسل من حديث الأوزاعي عن ابن المنكدر، موصول من حديث غيره عن ابن المنكدر، كما سيأتي بيانه.

وأخرجه البيهقي 5/ 262 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو البركات النيسابوري في "الأربعين حديثًا من الصحاح العوالي"(21) من طريق عبد الرحمن بن محمد السراج، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، به.

وأخرجه ابن خزيمة في الحج كما في "إتحاف المهرة"(3714)، وأبو طاهر المخلص في =

ص: 634

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "المخلصيات"(308)، وابن أبي الفوارس في الجزء الأول من "الفوائد المنتقاة"(282)، وأبو عثمان البحيري في الثاني من "فوائده"(63) من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، به.

وأخرجه ابن خزيمة في الحج (إتحاف - 3714)، وأبو العباس الأصم في "فوائده"(333) ضمن مجموع فيه مصنفاته، والطبراني في "الأوسط"(6618)، وفي "مكارم الأخلاق"(168)، وابن عدي في "الكامل" 1/ 364 من طرق عن أيوب بن سويد، به.

وتابع أيوبَ بنَ سويد على وصله محمدُ بنُ مصعب القرقساني، أخرجه من طريقه عن الأوزاعي بهذا الإسناد موصولًا: أبو نعيم في "الحلية" 6/ 146، وأبو علي الوخشي في الخامس من "الوخشيات"(174)، ومحمد بن مصعب هذا فيه ضعف لكن يعتبر به في المتابعات والشواهد.

وخالفهما الوليد بن مسلم القرشي - وهو ثقة - فرواه عن الأوزاعي عن ابن المنكدر مرسلًا، لم يذكر فيه جابرًا، أخرجه من طريقه ابن دحيم في "فوائده"(139) - ومن طريق ابن دحيم أخرجه ابن عدي في "الكامل" 1/ 364، ومن طريق ابن عدي أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 262 - وفيه قال: حدثنا الأوزاعي، حدثني محمد بن المنكدر: أنَّ رجلًا قال

فذكره، فيكون الوليد قد صرَّح بالتحديث في كل طبقات السند، فانتفت شبهة تدليسه. وهذا يرجح أنَّ رواية الأوزاعي مرسلة، فلا يقوى أيوب بن سويد ومحمد بن مصعب وهما ضعيفان أمام الوليد بن مسلم، والله أعلم.

لكن قد روي الحديث موصولًا من غير وجه عن محمد بن المنكدر، فقد وصله عنه طلحة بن عمرو الحضرمي ومحمد بن ثابت البناني وسفيان بن حسين:

أما طلحة بن عمرو فقد أخرجه من طريقه الطيالسي (1824)، ومن طريق الطيالسي أخرجه عبد بن حميد (1091)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(141)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 156. إلّا أنَّ طلحة بن عمرو هذا متروك الحديث ولا يصلح للمتابعات.

وأما محمد بن ثابت فقد أخرجه من طريقه أحمد 22/ (14482) و (14582)، وأبو جعفر البختري في المجلس الثاني من "أماليه"(28) ضمن مجموع فيه مصنفاته، وأبو الحسن السكري في "مشيخته"(33)، وإسماعيل الصفار في التاسع من "حديث ابن منده"(29)، والبيهقي في "الشعب"(3824)، وقوام السنة في "الترغيب والترهيب"(1074). ومحمد بن ثابت هذا جاء التصريح في رواية إسماعيل الصفار أنه البناني، وهو ضعيف، وقد اضطرب في روايته هذه، فقد وقع في بعض الطرق عنه قوله:"وإفشاء السلام" بدلًا من قوله: "وطيب الكلام".

وأما سفيان بن حسين - وهو ثقة - فقد رواه عن محمد بن المنكدر موصولًا، وصحَّ الإسناد إليه، فقد أخرجه ابن أبي الدنيا في "مداراة الناس"(112) عن يحيى بن محمد بن السكن، عن حبان =

ص: 635

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، لأنهما لم يحتجّا بأيوب بن سُوَيد، لكنه حديثٌ له شواهدُ كثيرة.

1799 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا عبد الوارث بن سعيد العَنْبَري، عن عامرٍ الأحول، عن بكر بن عبد الله المُزَني، عن ابن عباس قال: أرادَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الحجَّ، فقالت امرأةٌ لزوجها: حُجَّ بي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما عندي ما أُحِجُّكِ عليه، قالت: فحُجَّ بي على ناضِحِك، فقال: ذاك نَعتَقِبُه أنا وولدُك، قالت: فحُجَّ بي على جَمَلِك فلان، قال: ذلك حَبِيسٌ في سبيل الله، قالت: فبِعْ ثَمَرَ رَفِّكَ

(1)

، قال: ذاك قُوْتِي وقُوتُكِ، قال: فلما رَجَعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من مكة، أرسلَتْ إليه زوجَها، فقالت: أَقرئْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم منِّي السلام وسَلْه: ما يَعدِلُ حَجَّةً معك؟ فأتى زوجُها النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله، إِنَّ امرأتي تُقرِئُك السلامَ ورحمةَ الله، وإنها سألَتني أن أحُجَّ بها معك، فقلتُ لها: ليس عندي، قالت: فحُجَّ بي على جملك فلان، فقلت لها: ذلك حَبِيسٌ في سبيل الله، قال

= ابن هلال، عن أبي محصن حصين بن نمير، والبيهقي في "الشعب"(3825) من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم، عن العباس بن محمد الدوري، عن عباد بن العوام، كلاهما عن سفيان بن حسين، عن محمد بن المنكدر، به. وهذان الإسنادان قويان مجتمعَين، ليس فيهما ضعيف لا يحتج به، ولولا مرسل الوليد بن مسلم لصح الحديث بهما.

وروي الحديث من وجه آخر عن جابر، فقد أخرجه العقيلي في "الضعفاء"(201)، والطبراني في "الأوسط"(8405) من طريق بشر بن المنذر، عن محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن جابر. وهذا إسناد ضعيف لضعف بشر بن المنذر، والله أعلم.

تنبيه: كنا قد ضعفنا الحديث في "المسند" 22/ (14482) بسبب عدم وقوعنا على طريق سفيان بن حسين التي تقوى بها الحديث، فيستدرك من هنا.

(1)

كذا في (ز)، وفي (ص): فبع تمرك، وفي (ع): فبع تمرتك، وفي "النهاية" في مادة (رفف) كما في (ز): فبع ثمر رفك، وقال في شرحه: الرَّف بالفتح: خشب يُرفع عن الأرض إلى جنب الجدار، يوقى به ما يوضع عليه، وجمعه: رُفوف ورِفاف.

ص: 636

النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أمَا إِنَّكَ لو كنتَ حَجَجْتَ بها، كان في سبيل الله"، قال: فَضَحِكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجُّبًا من حِرْصِها على الحج، قال: وإنها أمرَتْني أن أسألك: ما يَعدِلُ حَجَّةً معك؟ قال: "أقرِئْها منِّي السلامَ ورحمةَ الله، وأخبِرْها أنها تَعدِلُ حَجّةً معي عُمرةٌ في رمضان"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في شعبان سنة ستٍّ وتسعين:

1800 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني ابن أبي الزِّناد، عن عَلْقَمة بن أبي عَلْقَمة، عن أمِّه، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرَ الناسَ عامَ حجَّةِ الوداع، فقال:"مَن أحبَّ أن يَرجِعَ بعُمرةٍ قبل الحجِّ فلْيَفعَلْ"

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل عامر - وهو ابن عبد الواحد - الأحول.

وأخرجه أبو داود (1990) عن مسدد، بهذا الإسناد.

وأخرجه بغير هذه السياقة أحمد 3/ (2025)، والبخاري (1782) و (1863)، ومسلم (1256) من طريق عطاء عن ابن عباس قال: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته قال لأم سنان الأنصارية: "ما منعك من الحج؟ " قالت: أبو فلان - تعني زوجها - كان له ناضحان، حَجَّ على أحدهما، والآخر يسقي أرضًا لنا، قال:"فإنَّ عمرة في رمضان تقضي حجةً" أو "حجةً معي". هكذا ورد اسم الصحابية في "الصحيحين" أنها أم سنان، وهي غير أم معقل السالف حديثها بإسناد ضعيف برقم (1794).

وقد ورد الحديث بنحو حديث بكر بن عبد الله المزني عن ابن عباس، من حديث أبي طليق، وفيه أنَّ المرأة التي سألت زوجها هي امرأة أبي طليق، وإسناده صحيح، أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2710)، والبزار (1151 - كشف الأستار)، والدولابي في "الكنى والأسماء" 1/ 120، والطبراني في "الكبير" 22/ (816)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 182 - 183، وابن حجر في "الإصابة" 7/ 232 - 233 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن السكن وابن منده، وقال: إسناده جيد.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين، أم علقمة بن أبي علقمة - واسمها مرجانة. =

ص: 637

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1801 -

أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد النَّحْوي ببغداد، حدثنا الحسن بن سلَّام، حدثنا أبو بكر عُبيد الله

(1)

بن عبد المجيد الحَنَفي، حدثنا عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سَعَى ثلاثةَ أطوافٍ ومشى أربعةً حين قَدِمَ بالحج والعمرة حين كان اعتَمَر.

وقال ابن عمر: اعتَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجَّتِه مرتين أو ثلاثًا ولم يحجَّ غيرها، إحدى عُمرتَيهِ في رمضان

(2)

.

= وإن لم يرو عنها غير اثنين، فهي تابعية وقد وثقها ابن حبان والعجلي، وقد توبعت على معنى الحديث. الربيع بن سليمان: هو المرادي صاحب الشافعي، وابن أبي الزناد: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان.

وأخرجه أحمد 41/ (24615) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن علقمة بن أبي علقمة، بهذا الإسناد. وزاد في آخره: وأفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج ولم يعتمر. وانظر علّة هذه الزيادة في التعليق على "المسند".

وقد ورد معنى هذا الحديث دون هذه الزيادة بإسناد صحيح من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، ضمن حديث الحج، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم:"من أحب منكم أن يهل بالحج فليهل، ومن أحب أن يهل بعمرة فليهل" الحديث، أخرجه أحمد 42/ (25587)، والبخاري (317) و (1783) و (1786)، ومسلم (1211)(15) و (16)، وأبو داود (1778)، وابن ماجه (3000)، والنسائي (3683)، وابن حبان (3792) و (3942).

(1)

كذا وقعت تسميته في أصولنا الخطية، وفي "إتحاف المهرة"(10706)، وهو خطأ صوابه عبد الكبير بن عبد المجيد، فهو الذي كنيته أبو بكر ويروي عن عبد الله بن نافع، أما عُبيد الله بن عبد المجيد فهو أخو عبد الكبير ويكنى أبا علي، ويغلب على ظننا أنه وهم أو سبق قلم من المصنف نفسه، فقد سماه هكذا أبا بكر عبيد الله بن عبد المجيد في موضعين آخرين من "المستدرك" برقم (7473) و (8437).

(2)

الشطر الأول منه صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن نافع، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه"، وقد توبع على الشطر الأول، أما الثاني فلم يتابع عليه. نافع والد عبد الله: هو المدني مولى عبد الله بن عمر. =

ص: 638

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1802 -

أخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا محمد بن عمرو، حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عائشةَ قالت: خرَجْنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم على أنواعٍ ثلاثٍ، فمنَّا مَن أهلَّ بحَجّةٍ وعُمرة، ومنّا من أهلَّ بحجٍّ مفرَد، ومنّا من أهلَّ بعُمرة، فمَن كان أهلَّ بحجٍّ وعمرةٍ فلم يَحِلَّ من شيءٍ مما حَرُمَ عليه حتى قضى مناسكَ الحج، ومن أهلَّ بحجٍّ مفرَد لم يَحِلَّ من شيءٍ حتى يقضيَ مناسكَ الحجّ، ومَن أهلَّ بعُمرةٍ فطاف بالبيت وبالصّفا والمَرْوةِ حلَّ ثم استَقبَل الحجَّ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

= وأخرجه بمعنى الشطر الأول أحمد 8/ (4618) و (4844) و 9/ (5444) و 10/ (5737) و (5760)، والبخاري (1617) و (1644)، ومسلم (1261)(230) و (1262)(233) و (234)، وأبو داود (1891)، وابن ماجه (2950)، والنسائي (3924) من طريق عبيد الله بن عمر العمري، وأحمد 9/ (4983) و (5238) و 10/ (5943) و (6047) و (6433) و (6463) من طريق عبد الله بن عمر العمري، وأحمد 10/ (6081)، والبخاري (1604) من طريق فليح بن سليمان، والبخاري (1616)، ومسلم (1261)(231)، وأبو داود (1893)، والنسائي (3921) من طريق موسى بن عقبة، والنسائي (3923) من طريق كثير بن فرقد، خمستهم عن نافع، به.

وأخرجه - يعني بنحو الشطر الأول - أحمد 10/ (6247)، والبخاري (1603)، ومسلم (1261)(232)، والنسائي (3925) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي. عامر بن سعيد: هو الضُّبعي.

وأخرجه أحمد 42/ (25096)، وابن ماجه (3075) من طريقين عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 40/ (24076) و (24093)، والبخاري (319) و (1562) و (4408)، ومسلم (1211)، وأبو داود (1779) و (1780)، والنسائي (3683) من طريق عروة بن الزبير، عن عائشة.

ص: 639

1803 -

حدثنا أبو أحمد الحسين بن علي التَّميمي، حدثنا الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيمة، حدثني محمد بن العلاء بن كُرَيب، وأنا سألتُه، حدثنا خلَّاد بن يزيد الجُعْفي، حدثني زهير بن معاوية الجُعْفي، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه: أنَّ عائشة كانت تحملُ ماءَ زمزمَ، وتُخبِرُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعلُه

(1)

.

1804 -

أخبرَناه أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثني أبو كُرَيب، حدثنا خلَّاد بن يزيد الجُعْفي، عن زهير بن معاوية، عن هشام بن عُرْوة، فذكره

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده حسن من أجل خلاد بن يزيد الجُعْفي، فقد روى عنه جماعةٌ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه الذهبي في "تلخيصه" عند الحديث الآتي برقم (2009)، وقال ابن حجر في "التقريب": صدوق ربما وهم. وحسَّن الترمذيُّ حديثَه هذا، وصحَّح له ابنُ خزيمة حديثًا آخر، على أن لحديثه هذا شواهد بمعناه.

وأخرجه الترمذي (963) عن أبي كريب محمد بن العلاء، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلّا من هذا الوجه.

ويشهد له حديثُ جابر بن عبد الله عند الفاكهي في "أخبار مكة"(1125)، والبيهقي 5/ 202، ولفظه: أرسل النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة قبلَ أن تُفتح مكة إلى سهيل بن عمرو: أن أهدِ لنا من ماء زمزم، ولا تَترُك. قال: فبعث إليه بمزادتين. هذا لفظ البيهقي، وإسناده عنده حسنٌ.

وحديثُ ابن عباس عند الطبراني في "الكبير"(11491)، وفي "الأوسط"(5796)، والبيهقي 5/ 202، بمثل حديث جابر، وهو حسن في الشواهد.

ومرسلُ عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين بمثل حديثهما أيضًا عند عبد الرزاق (9127)، وابن سعد في "الطبقات" 6/ 124، والأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 50 و 51، والفاكهي في "أخبار مكة"(1088) و (1089)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 73/ 56، ورجاله ثقات.

وقال تقي الدين الفاسيّ في "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام" 1/ 342: أما نقلُ ماء زمزم فإنه يجوز باتفاق المذاهب الأربعة، بل هو مستحبٌّ عند المالكية والشافعية.

(2)

إسناده حسن كسابقه.

ص: 640

1805 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عمرو بن ميمون بن مِهْران، حدثنا أبو حاضرٍ عثمان بن حاضرٍ قال: سمعتُ ابن عباس يقول: إنَّ أهل الحُدَيبيَةِ أُمِروا بإبدال الهَدْي في العام الذي دخلوا فيه مكة، فأبدَلوا، وعزَّتِ الإبلُ، فرُخِّصَ لهم فيمن لا يجدُ بَدَنةً في اشتِراءِ بقرة

(1)

.

رواه محمد بن إسحاق بن يسار عن عمرو بن ميمون مفسَّرًا ملخَّصًا:

1806 -

أخبرَناه أبو بكر محمد بن المُؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا النُّفَيلي، حدثنا محمد بن سَلَمة، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن ميمون بن مِهْران قال: سمعتُ أبا حاضر الحِمْيَري يحدِّث أبي ميمونَ بن مِهْران قال: خرجتُ معتمرًا عامَ حاصَرَ أهلُ الشام ابنَ الزبير بمكة، وبَعَثَ معي رجالٌ من قومي بهديٍ، فلما انتهينا إلى أهل الشام مَنَعُونا أن ندخل الحرم، فنحرتُ الهدي مكاني وأحللتُ، ثم رجعتُ، فلما كان من العام المُقبِل خرجتُ لأقضيَ عُمرتي، فأتيتُ ابن عباس فسألته، فقال: أبدِلِ الهديَ، فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أصحابه أن يُبدِلوا الهديَ الذي نَحَروا عام الحديبية في عُمْرة القضاء.

قال عمرو: وكان أبي قد أهمَّه ذلك، يقول: لا أدري هل أبدلَ أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الهديَ الذي نحروا بالحديبية في عمرة القضاء، أم لا، حتى حدَّثه أبو حاضر

(2)

.

(1)

إسناده قوي من أجل عثمان بن حاضر. سعيد بن مسعود: هو ابن عبد الرحمن المروزي.

وأخرجه ابن ماجه (3134) من طريق أبي بكر بن عياش، عن عمرو بن ميمون، بهذا الإسناد.

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(2864) مطولًا ضمن قصة بنحو الرواية الآتية بعده عن محمد بن عبد الملك الواسطي، عن يزيد بن هارون، عن عمرو بن ميمون، به.

(2)

حديث قوي، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار - وقد صرَّح بالتحديث عند البيهقي في "الدلائل" فانتفت شبهة تدليسه، وقد توبع. النفيلي: هو عبد الله بن محمد، ومحمد بن سلمة: هو الباهلي.

وأخرجه أبو داود (1864) عن النفيلي، بهذا الإسناد. إلّا أنه لم يذكر قول عمرٍو في آخره: =

ص: 641

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وأبو حاضر شيخٌ من أهل اليمن مقبولٌ صدوق.

1807 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن عليٍّ الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزة، حدثنا أبو نُعيم، حدثنا زهير، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباسٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِمكَّةَ: "ما أطيَبَكِ من بلدةٍ، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنَّ قومَكِ أَخرَجوني ما سكنتُ غيرَكِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1808 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يعقوب، حدثني أبي، عن ابن إسحاق، حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر، حدثني عبد الله بن عمر، أنه سَمِع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول؛ يَنهَى النِّساءَ في إحرامِهِنَّ عن القُفَّازين والنِّقاب، وما مَسَّ الوَرْسُ والزَّعفرانُ من الثياب، ولْتَلْبَس بعد ذاك ما أحبَّت من ألوان الثياب من مُعصفَرٍ أو خَزٍّ أو حُلِيٍّ، أو سَرَاويلَ، أو قَميصٍ، أو خُفٍّ

(2)

.

= وكان أبي قد أهمه ذلك

إلى آخره.

وقول عمرو هذا أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 4/ 319 - 320 ضمن هذا الحديث من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق، به.

(1)

إسناده قوي من أجل عبد الله بن عثمان بن خثيم. أبو نعيم: هو الفضل بن دكين، وزهير: هو ابن معاوية.

وأخرجه الترمذي (3926)، وابن حبان (3709) من طريق الفضيل بن سليمان، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، بهذا الإسناد. وقَرَن الفضيل بسعيد بن جبير أبا الطفيل عامر بن واثلة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد من أجل ابن إسحاق: وهو محمد بن إسحاق بن يسار.

يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري.

وأخرجه أبو داود (1827) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد. =

ص: 642

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1809 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المُثنّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا بِشْر بن المُفضَّل، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبيه، عن عامر بن سعد بن أبي وقَّاص، عن أبيه سعدٍ: أنه كان يَخرُج من المدينة فيجدُ الحاطبَ من الحُطَّاب معه شجرٌ

(1)

رَطْبٌ قد عَضَدَه من بعض شَجَر المدينة، فيأخذُ سَلَبَه، فيكلِّمُه فيه - وقال بِشْر: فيُكلَّم فيه - فيقول: لا أدَعُ غَنيمةً غنَّمَنِيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا من أكثر الناس مالًا

(2)

.

= وأخرجه أحمد 8/ (4740) عن يعلى بن عبيد الطيالسي، عن محمد بن إسحاق، به.

وأخرج أحمد 8/ (4868) عن يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر ضمن حديث ما يُنهى عنه المحرم، وقال في آخره: وسمعته ينهى النساء عن القفاز والنقاب، وما مسَّ الورس والزعفران من الثياب.

وبنحو رواية يزيد أخرجه أحمد 10/ (6003)، والبخاري (1838)، وأبو داود (1825)، والترمذي (833)، والنسائي (3639) و (5847) من طريث الليث بن سعد، والنسائي (3647) من طريق موسى بن عقبة، كلاهما عن نافع، به. لكن قال في حق النساء:"ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين". وقال الترمذي: حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم.

(1)

في (ز) و (ص): شجرة.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن إسحاق - وهو ابن عبد الله بن الحارث القرشي المدني - وقد توبع. أبو بكر بن إسحاق: اسمه أحمد، وأبو المثنى: هو معاذ بن المثنى.

وأخرجه البزار (1126)، والبيهقي 5/ 199 من طريقين عن بشر بن المفضل، بهذا الإسناد.

ووقع في مسند البزار تسمية والد عبد الرحمن بن إسحاق: إسحاق بن سالم، وهو خطأ قديم، صوابه كما قال البيهقي بإثره: أبوه إسحاق بن الحارث القرشي.

وأخرج أحمد 3/ (1460)، وأبو داود (2037) من طريق سليمان بن أبي عبد الله قال: رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلًا يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فسلبه ثيابه، فجاء مواليه فكلموه فيه، فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حرَّم هذا الحرم، وقال:"من أخذ أحدًا يصيد فيه فليسلبه ثيابه"، فلا أردُّ عليكم طُعمةً أطعمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إن شئتم دفعت إليكم ثمنه. =

ص: 643

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1810 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتَّاب العَبْدي ببغداد، حدثنا عبد الرحمن بن مرزوق أبو عوف البُزُوري، حدثنا خالد بن مَخْلَد القَطَواني، حدثنا عبد الله بن جعفر المَخْرَميّ، حدثنا إسماعيل بن محمد، عن عامر بن سعد: أنَّ سعدًا ركب إلى قصرِه بالعَقِيق فوجد عبدًا يقطع شجرًا فاستَلَبَه، فلما رَجَعَ جَاءَه أهلُ العبد يسألونه أن يَرُدَّ عليهم ما أَخذ من عبدهم، قال: مَعَاذَ اللهِ أَن أَرُدَّ شيئًا نَفَّلَنِيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلم يَرُدَّ إليهم شيئًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

1811 -

أخبرنا أبو النضر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا يحيى بن صالح الوُحاظيّ، حدثنا عبد العزيز بن محمد، حدثنا أُنيس بن أبي يحيى، حدثني أبي، قال: سمعتُ أبا سعيدٍ الخُدْريَّ: أنَّ رجلًا من بني عمرو بن عوف ورجلًا من بني خُدْرة اختلفا - أو امتَرَيا - في المسجد الذي أُسِّس على التقوى، فقال العَوْفي: هو مسجد قُباءٍ، وقال الخُدْري: هو مسجدُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأَتَيا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فسألاه، فقال:"هو مسجدي هذا، وفي ذلك خيرٌ كثير"

(2)

.

= وأخرج أبو داود (2038) من طريق صالح مولى التوأمة عن مولىً لسعد: أنَّ سعدًا وجد عبيدًا من عبيد المدينة يقطعون من شجر المدينة، فأخذ متاعهم وقال - يعني لمواليهم -: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن يُقطَع من شجر المدينة شيء، وقال:"من قطع منه شيئًا فلمن أخذه سَلَبُه".

وانظر ما بعده.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل خالد بن مخلد القطواني، وقد توبع. إسماعيل بن محمد: هو ابن سعد بن أبي وقاص.

وأخرجه أحمد 3/ (1443)، ومسلم (1364) من طريق أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، عن عبد الله بن جعفر، بهذا الإسناد.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي يحيى والد أُنيس: وهو الأسلمي، واسمه سمعان. أبو النضر: اسمه محمد بن محمد بن يوسف، وعبد العزيز بن محمد هو الدراوردي. =

ص: 644

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وأُنيس بن أبي يحيى بخلاف أخيه إبراهيم

(1)

.

1812 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفَّان العامِرِي، حدثنا أبو أسامة، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثنا أبو الأبْرَد موسى بن سُلَيم مولى بني خَطْمة

(2)

، أنه سَمِعَ أُسَيدَ بن ظُهَيرٍ الأنصاريَّ - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحدِّث، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاةٌ في مسجد قُباءٍ كعُمْرة"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، إِلَّا أَنَّ أَبا الأبْرَد مجهول.

= وأخرجه أحمد 17/ (11178) و 18/ (11864)، والترمذي (323)، وابن حبان (1626) من طرق عن أنيس بن أبي يحيى، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وسيأتي موقوفًا برقم (3324)، ومرفوعًا برقم (3325)، ويأتي الكلام عليه هناك.

(1)

كذا قال المصنف رحمه الله، والصواب أنَّ إبراهيم ليس أخا أُنيس، وإنما ابن أخيه محمد، وأبو يحيى جدُّه، فهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، وهو متروك.

(2)

تحرف في النسخ الخطية إلى: قطبة، وصوبناه من مصادر التخريج وكتب التراجم، وقد انفرد المصنف هنا بتسميته موسى بن سليم، خلافًا لشيخه أبي أحمد الحاكم الذي ذكره في "الكنى" فيمن لا يعرف اسمه، وكذلك ابن أبي حاتم وابن حبان، وسماه الترمذي: زيادًا، كما في "جامعه" بإثر الحديث (324)، وتبعه على ذلك المزي في "تهذيب الكمال"، وتعقبه الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" بقوله: وهو وهم، وكأنه اشتبه عليه بأبي الأبرد الحارثي، فإنَّ اسمه زياد كما قال ابن معين وأبو أحمد الحاكم وأبو بشر الدولابي وغيرهم، والمعروف أنَّ أبا الأبرد لا يعرف اسمه.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين، فإنَّ أبا الأبرد - وإن لم يرو عنه غير واحد، ولم يؤثر توثيقه عن أحد - فهو تابعي، والراوي عنه من الثقات، ولحديثه هذا شواهد. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.

وأخرجه ابن ماجه (1411)، والترمذي (324) من طرق عن أبي أسامة بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث أبي أمامة سهل بن حنيف، سيأتي برقم (4325) بإسناد قوي.

وحديث ابن عمر عند ابن حبان (1627)، وإسناده حسن.

وحديث أبي سعيد الخدري عند ابن سعد في "الطبقات" 1/ 210.

ص: 645

1813 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن سَلَمة، حدثنا محمد بن مِهْران الجَمّال، حدثنا جَرير، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُكثِرُ الاختلافَ إلى قُباءٍ ماشيًا وراكبًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.

1814 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي.

وأخبرني أبو بكر بن أبي نصر المُزكِّي بمَرْو، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قالا: حدثنا القَعْنبي فيما قَرأَ على مالك.

وأخبرني أبو يحيى السَّمَرقَنْدي، حدثنا محمد بن نَصْر

(2)

.

وأخبرنا يحيى بن منصور، حدثنا محمد بن عبد السلام؛ قالا: حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأتُ على مالك، عن علقمة بن أبي علقمة، عن أُمه، عن عائشة سَمِعتُها تقول: قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فلَبِسَ ثيابه ثم خرج، فأمرتُ جاريتي بَرِيرةَ أَن تَتْبعَه فتنظرَ أين يذهب، فتَبِعَتْه حتى جاء البَقِيع، فوقف في أدناهُ ما شاء الله أن يقفَ، ثم انصَرَف

(1)

إسناده صحيح. أحمد بن سلمة: هو ابن عبد الله النيسابوري، وجرير: هو ابن عبد الحميد، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه أحمد 8/ (4846) عن يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 9/ (5218) و (5329) و (5522) و (5403) و 10/ (5860)، والبخاري (1193) و (7326)، ومسلم (1399)(518 - 522)، والنسائي (779)، وابن حبان (1618) و (1629) و (1630) و (1632) من طرق عن عبد الله بن دينار، به وزاد بعضهم: كلَّ سبت، وزاد بعضهم في آخره: وكان عبد الله رضي الله عنه يفعله.

وأخرجه أحمد 8/ (4485) و 9/ (5199) و (5219) و (5330) و 10/ (5774) و (6432)، والبخاري (1191) و (1194)، ومسلم (1399)(515 - 517)، وأبو داود (2040)، وابن حبان (1628) من طريق نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر.

(2)

تحرف في النسخ الخطية إلى: نصير. وهو محمد بن نصر المروزي أبو عبد الله.

ص: 646

راجعًا، فَسَبَقَتْه بَرِيرةُ، قالت عائشة: فأخبَرَتْني، قالت: فلم أذكرْ شيئًا من ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبحتُ، فذكرتُ ذلك له، فقال صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي بُعِثْتُ إلى أهل البَقِيع لأُصلِّيَ عليهم"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1815 -

حدثنا عبد الصمد بن علي البزّاز إملاءً ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا يعقوب بن إسحاق الحَضْرمي، حدثنا زائدة، عن سِمَاك بن حَرْب، عن عِكْرمة، عن ابن عباسٍ قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قَدِمَ من سفرٍ فرأَى أهلَه قال: "أَوْبًا أوْبًا، إلى ربِّنا تَوْبًا

(2)

لا يغادرُ علينا حَوْبًا"

(3)

.

(1)

إسناده محتمل للتحسين من أجل أم علقمة - واسمها مرجانة - فهي تابعية لم يرو عنها غير اثنين ولم يؤثر توثيقها عن غير ابن حبان والعجلي. القعنبي: هو عبد الله بن مَسلمة، وأبو يحيى السمرقندي: اسمه أحمد بن محمد، ومحمد بن عبد السلام: هو ابن بشار أبو عبد الله النيسابوري، ويحيى بن يحيى: هو النيسابوري.

وأخرجه النسائي (2176) من طريق عبد الرحمن بن القاسم، وابن حبان (3748) من طريق أحمد بن أبي بكر، كلاهما عن مالك بن أنس، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 41/ (24612) من طريق عبد العزيز الدراوردي، عن علقمة بن أبي علقمة، به.

وأخرج نحو هذه القصة بأطول منها أحمد 43/ (25855)، ومسلم (974)(103)، والنسائي (2175) و (8861) من طريق محمد بن قيس بن مخرمة، عن عائشة، إلّا أنَّ فيها أنَّ الذي تبع النبيَّ صلى الله عليه وسلم هي عائشة نفسها وليس بريرة، وفيه قول جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم:"إنَّ ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم" فقالت عائشة: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: "قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون".

(2)

تحرفت هذه اللفظة في (ز) و"تلخيص الذهبي" إلى: حوبًا، وسقطت من (ص) و (ع)، وأثبتناها من (ب)، ووقع في "الدعوات الكبير" للبيهقي (479) حيث رواه من طريق المصنف بهذا الإسناد: توبًا أوبًا، وإلى ربنا أوبًا، لا يغادر علينا حوبًا".

(3)

إسناده حسن إن شاء الله، وحسَّن هذا الحديث الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" فيما =

ص: 647

هذا حديث صحيح بين الشيخين، لأنَّ البخاري تفرَّد بالاحتجاج بعكرمة، ومسلم بسِمَاك بن حرب، ولم يُخرجاه.

1816 -

أخبرنا محمد بن أحمد بن حاتم المُزكِّي بمَرْو، حدثنا عبد الله بن رَوْح المَدائني، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عمرو عن أبيه، عن جدِّه، عن عائشة أُم المؤمنين قالت: أَقبَلْنا من مكة في حجٍّ أو عُمرةٍ، وأُسَيدُ بنُ حُضَير يَسِير بين يَدَيْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فتلقَّانا غلمانٌ من الأنصار كانوا يَتلَقَّون أهاليَهم إذا قَدِموا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1817 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، حدثنا أبو فَرْوة الرُّهَاوي، عن عُرْوة بن رُوَيم اللَّخْمي قال:

= نقله عنه ابن علان في "الفتوحات الربانية" 5/ 172. زائدة: هو ابن قدامة.

وأخرجه أحمد 4/ (2311) و (2727)، وابن حبان (2716) من طريق أبي الأحوص، عن سماك بن حرب، بهذا الإسناد. ضمن حديث ما يقول إذا أراد السفر، وإذا أراد الرجوع، وفي آخره قال: وإذا دخل أهله قال: "توبًا توبًا، لربنا أوبًا، لا يغادر علينا حوبًا".

قوله: "توبًا" قال النووي في "الأذكار": سؤال للتوبة، وهو منصوب إما على تقدير: تب علينا، وإما على تقدير: أسألك توبًا، و"أوبًا" بمعناه من آبَ: إذا رجع، ومعنى:"لا يغادر": لا يترك، و"حوبًا": إثمًا، وهو بفتح الحاء وضمها لغتان.

(1)

إسناده فيه لِينٌ من أجل عمرو بن علقمة بن وقّاص الليثي والد محمد، فإنه لم يرو عنه غير ابنه محمد، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقد خولف في لفظ حديثه هذا كما سيأتي بيانه عند رواية المصنف المطولة الآتية برقم (4991) من طريق إبراهيم بن عبد الله السعدي عن يزيد بن هارون.

وأخرجه البيهقي 5/ 260 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وسيأتي بأطول مما هنا ضمن قصة برقم (4991) و (5347).

وفي الباب عن عبد الله بن جعفر عند أحمد 13/ (1743)، ومسلم (2428)، وغيرهما، وفيه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تُلُقِّي بصبيان أهل بيته.

ص: 648

سمعتُ أبا ثَعْلبة الخُشَنيَّ يقول: قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من غَزاةٍ له، فدخل المسجد فصلَّى فيه ركعتين - وكان يُعجبُه إذا قَدِمَ من سفر أن يَدخُلَ المسجد فيصلِّيَ فيه ركعتين

(1)

ثم يَخرج - فأتى فاطمةَ فبدأ بها فاستَقبَلَته، فجعلَت تُقبِّل وجهَه وعينَيه، فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما يُبكيكِ

(2)

؟ " قالت: يا رسولَ الله، أراك قد شَحَبَ لونُك، فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا فاطمةُ، إنَّ الله عز وجل بَعَثَ أباكِ بأمرٍ لم يَبْقَ على ظهر الأرض بيتُ مَدَرٍ ولا شَعرٍ إلَّا أدخلَ الله به عزًّا أو ذلًّا، حتى يَبلُغ حيثُ بَلَغَ الليلُ

(3)

"

(4)

.

هذا حديث رواته مُجمَعٌ عليهم بأنهم ثقات، إلَّا أبا فروةَ يزيدَ بنَ سِنان.

(1)

من قوله: وكان يعجبه .. " إلى هنا لم يرد في (ص) و (ع)، ووقع فيهما: ثم خرج" بصيغة الماضي.

(2)

تحرف في النسخ الخطية إلى: ما معك، والتصويب من مصادر التخريج.

(3)

في النسخ الخطية حيث يبلغ حيث الليل، ولا وجه له.

(4)

إسناده ضعيف لضعف أبي فروة الرهاوي - واسمه يزيد بن سنان - وقد اضطرب في تعيين شيخه، إذ روي عنه مرة أنه عروة بن رويم - كما هنا - ومرة أخرى روي عنه أنه عقبة بن يريم، وذكرهما مرة جميعًا فقال: عن عروة بن رويم عن عقبة بن يريم - كما سيأتي بيانه في التعليق على الحديث رقم (4790) - وعروةُ بنُ رويم لا بأس به، لكن عقبة بن يريم مجهول، وقال البخاري في "تاريخه الكبير" 6/ 436: في صحة خبره نظر. وقد جزم البخاري بسماع عروة بن رويم من أبي ثعلبة، وأما ابن أبي حاتم وابن عمار الموصلي فجزما بأنه لم يسمع منه، وأنَّ روايته عنه مرسلة.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 40/ 230 من طريق أبي بكر الحيري، عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة في الحج كما في "إتحاف المهرة"(17411) - ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" 2/ 30 و 6/ 123 - من طريق محمد بن أبان، به.

وأخرجه بحشل في "تاريخ واسط" ص 55 من طريق علي بن مسهر، وابن خزيمة في الحج (إتحاف - 17411)، والطبراني في "الكبير" 22/ (596) من طريق جعفر بن زياد الأحمر، كلاهما عن أبي فروة يزيد بن سنان، به. ورواية علي بن مسهر مختصرة.

ص: 649

وله شاهدٌ من حديث إبراهيم بن قُعَيْس:

1818 -

حدَّثَناه أبو الحسين أحمد بن عثمان الأَدَمي المقرئ ببغداد، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا يحيى بن حمَّاد، حدثنا أبو عَوَانة، حدثنا العلاء بن المسيّب، عن إبراهيم بن قُعَيس، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خَرَجَ في غَزَاةٍ، كان آخرُ عَهدِه بفاطمة، وإذا رَجَعَ من غَزَاةٍ، كان أولُ عهدِه بفاطمة؛ ثم ذَكَرَ باقيَ الحديث بغير هذا اللفظ

(1)

.

1819 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا يحيى بن المغيرة، حدثنا جَرِير، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير، عن أبيه: أنَّ ابن عمر كان يُزاحِم على الرُّكْنين، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إنَّكَ تُزاحِم على الركنين زِحامًا ما رأيتُ أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُزاحِم عليه! قال: إنْ أَفعلْ فإنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ مَسْحَهُما كفَّارةٌ للخَطَايا"، [وسمعتُه

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد فيه لين من أجل إبراهيم بن قُعَيس - وهو إبراهيم بن إسماعيل المدني، ويقال: إبراهيم قُعيس - فقد ضعفه أبو حاتم الرازي، وقال يعقوب بن سفيان: هو عندي منكر الحديث، وقال المصنف نفسه في "سؤالات السجزي" له (202): حدّث بأحاديث يسيرة ما فيها حديثٌ إلّا وقد وهم في إسناده ومتنه.

قلنا: لكن ذكره ابن حبان في "الثقات" وصحَّح حديثَه هذا، وترجم له البخاري في "تاريخه الكبير" ولم يجرحه كما قال الحافظ ابن حجر في "اللسان"، وكأنَّ الحافظ مال إلى تحسين أمره، ولهذا حسَّن له حديثًا في "الأمالي المطلقة" ص 221. وقد توبع على شطره الثاني، وله ما يشهد له بتمامه.

وسيأتي برقم (4792) و (4793).

وأخرج أحمد 8/ (4727)، وأبو داود (4149)، وابن حبان (6353) من طريق فُضيل بن غزوان، عن نافع، عن ابن عمر، في قصة دخوله صلى الله عليه وسلم على فاطمة، قال فيها: وقَلّما كان يدخل إلّا بدأ بها. وإسناده صحيح.

ويشهد له بتمامه حديث ثوبان الذي أخرجه أحمد 37/ (22363)، وأبو داود (4213) وغيرهما. وراويه عن ثوبان فيه جهالة، لكن روايته تصلح للشواهد إن شاء الله.

ص: 650

يقول: "مَن طافَ بهذا البيت سُبوعًا فأحصاهُ، كان كعِتْقِ رَقَبة"]

(1)

، وسمعته يقول:"لا يَضَعُ قدمًا ولا يَرفَعُ أخرى إلَّا حَطَّ اللهُ عنه بها خَطيئةً، وكَتَبَ له بها حسنةً"

(2)

.

(1)

ما بين المعقوفين لم يرد في نسخنا الخطية، وأثبتناه من "تلخيص الذهبي"، وهو ثابت في رواية جرير - وهو ابن عبد الحميد - عن عطاء بن السائب في مصادر التخريج.

(2)

إسناده صحيح، جرير بن عبد الحميد وإن كانت روايته عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط قد توبع ممَّن روى عنه قبل الاختلاط وبعده، وقد صرَّح عبد الله بن عبيد بسماعه من أبيه عند أحمد (4462).

وأخرجه الترمذي (959) عن قتيبة بن سعيد، وابن حبان (3697) من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، كلاهما عن جرير، بهذا الإسناد. ورواية أبي خيثمة مختصرة بالثلث الأخير من الحديث. وقال الترمذي: حديث حسن.

وأخرجه أحمد 8/ (4462) عن هشيم بن بشير، و 9/ (5701) من طريق همام بن يحيى العوذي، كلاهما عن عطاء بن السائب، به. ولم يذكر همام الثلث الأخير منه. وهشيم وهمام كلاهما روى عن عطاء بعد الاختلاط.

وأخرجه مختصرًا بالثلث الأول أحمد 8/ (4585) عن سفيان بن عيينة، وأحمد 9/ (5621)، وابن حبان (3698) من طريق سفيان الثوري، وقرن أحمد بالثوري معمرَ بنَ راشد، ثلاثتهم عن عطاء، به. والسفيانان قد رويا عن عطاء قبل اختلاطه، أما معمر فبعده.

وأخرج النسائي (3916) و (3937) من طريق حماد بن زيد - وهو ممن روى عن عطاء قبل الاختلاط - عن عطاء، عن عبد الله بن عبيد بن عمير: أنَّ رجلًا قال: يا أبا عبد الرحمن، ما أراك تستلم إلّا هذين الركنين، قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ مسحهما يحط الخطيئة"، زاد في الموضع الثاني: وسمعته يقول: "من طاف سبعًا فهو كعدل رقبة". والرجل المبهم هنا هو عبيد بن عمير والد عبد الله كما جاء مصرحًا به في سائر الروايات.

وأخرج ابن ماجه (2956) من طريق العلاء بن المسيب، عن عطاء - وهو ابن أبي رباح - عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من طاف بالبيت وصلى ركعتين كان كعتق رقبة".

وأخرج أحمد 10/ (6395)، والبخاري (1611)، والترمذي (861)، والنسائي في "المجتبى"(2946) من طريق الزبير بن عربي، قال: سأل رجلٌ ابنَ عمر عن استلام الحجر، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويُقبِّله. قال: قلت: أرأيتَ إن غُلبتُ؟ قال: اجعل (أرأيت) باليمن، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويُقبِّله. =

ص: 651

هذا حديث صحيح على ما بيّنتُه من حال عطاء بن السائب، ولم يُخرجاه.

1820 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا أبو المُثنَّى العَنْبريُّ، حدثنا يحيى بن مَعِين، حدثنا ابن أبي عَديِّ، عن محمد بن إسحاق، حدثنا أبو عُبيدةَ بن عبد الله بن زَمْعة، عن أبيه وعن أُمه زينب بنت أبي سلمة، يحدِّثانه عن أُم سلمة - يحدِّثانه بذلك جميعًا عنها - قالت: كانت ليلتي التي يَصيرُ إليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فدخل عليَّ وهبُ بن زَمْعة ومعه رجلٌ من آل أبي أُمية مُتقمِّصَين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لوهب:"هل أفَضْتَ أبا عبد الله؟ " قال: لا والله يا رسولَ الله، قال:"انزِعْ عنك القَمِيصَ". قال: فنَزَعَه من رأسه، ونَزَعَ صاحبُه قميصَه من رأسه، قالوا: ولِمَ يا رسول الله؟ قال: "إنَّ هذا قد رُخِّصَ لكم إذا رَمَيتُم الجَمْرةَ أن تحِلُّوا من كل ما حُرِمْتُم منه إلَّا النساء، فإذا أَمسيتُم قبل أن تَطُوفوا بهذا البيت صِرتُم حُرُمًا كهيئتِكم قبل أن تَرمُوا الجَمْرة حتى تَطُوفوا"

(1)

.

= وسلف عند المصنف برقم (1694) من طريق نافع عن ابن عمر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت مسح - أو قال: استلم - الحجر والركن في كل طواف.

وفي الباب عن المنكدر بن عبد الله، سيأتي برقم (6038).

سُبوعًا: أي: سبع مرات.

فأحصاه من الإحصاء، أي: استوفاه وأتمه.

(1)

إسناده ضعيف، أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة لم يذكره أحد بجرح أو تعديل، وأخرج له مسلم حديثًا واحدًا متابعةً، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول. وقد اضطرب في هذا الحديث كما بيناه في "مسند أحمد" 44/ (26530).

أبو المثنى العنبري: هو معاذ بن المثنى، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم السلمي مولاهم.

وأخرجه أبو داود (1999) عن يحيى بن معين بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 44/ (26530) - وعنه أبو داود (1999) - عن ابن أبي عدي، به.

وأخرجه أحمد (26587) من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، عن ابن إسحاق، به. وفي آخره: قال أبو عبيدة: أوَلا يَشدُّ لك هذا من الأثر إفاضةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه ذلك قبل أن يمسي؟

وأخرجه أحمد (26588) من طريق خالد مولى الزبير بن نوفل، عن زينب ابنة أبي سلمة، =

ص: 652

قال أبو عُبيدة

(1)

: وحدَّثَتني أمُّ قيس

(2)

.

= عن أمها أم سلمة. وخالد مولى الزبير بن نوفل مجهول.

(1)

يعني بالإسناد السابق.

(2)

كذا وقع في النسخ التي بين أيدينا من "المستدرك" دون ذكر حديث أم قيس، ولعله سقط من إحدى النسخ القديمة، أو أنَّ المصنف نفسه بيَّض له ليكتبه لاحقًا ثم فاته، والله تعالى أعلم، وإلّا فقد روى البيهقي هذا الحديث 5/ 137 عن المصنِّف نفسه بهذا الإسناد، وفيه: قال أبو عبيدة: وحدثتني أم قيس بنت محصن - وكانت جارةً لهم - قالت: خرج من عندي عكاشة بن محصن في نفر من بني أسد متقمِّصين، عشية يوم النحر، ثم رجعوا إليَّ عِشاءً وقمصهم على أيديهم يحملونها. قالت: فقلت: أيْ عكاشة، ما لكم خرجتم متقمصين ثم رجعتم وقمصكم على أيديكم تحملونها؟ فقال: خيرٌ يا أم قيس، كان هذا يومًا رَخَّص لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لنا فيه إذا نحن رمينا الجمرة حللنا من كل ما حرمنا منه إلّا ما كان من النساء حتى نطوف بالبيت، فإذا أمسينا ولم نطف جعلنا قمصنا على أيدينا.

وهو في "مسند أحمد"(26531).

ص: 653

‌كتاب الدعاء والتسبيح والتكبير والتهليل والذكر

1821 -

أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، حدثنا أبو بكر يحيى بن جعفر بن أبي طالب، حدثنا أبو داود سليمان بن داود الطيالسي، حدثنا أبو العَوّام عمران القطان.

وحدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو مسلم ومحمد بن أيوب ويوسف بن يعقوب، قالوا: حدثنا عمرو بن مرزوق، أخبرنا عِمْران القطّان.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا عِمْران القَطّان، حدثنا قَتَادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس شيءٌ أكرَمَ على الله من الدُّعاء"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل عمران القطان - وهو ابن داوَر - وقد تفرد به، وباقي رجاله ثقات. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وسعيد بن أبي الحسن: هو أخو الحسن البصري.

وأخرجه أحمد 14/ (8748)، وابن ماجه (3829)، والترمذي (3370) من طريق أبي داود الطيالسي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (3370 م) عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، به. وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلّا من حديث عمران القطان.

وأخرجه ابن حبان (870) عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، عن عمرو بن مرزوق، به.

وهذا الحديث أخرجه العقيلي في "الضعفاء"(1264) في ترجمة عمران القطان، وقال: لا يتابع عليه، ولا يعرف هذا اللفظ إلّا عن عمران. وقال الدارقطني كما في "أطراف الغرائب" (5215): غريب من حديث قتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن أبي هريرة، تفرَّد به أبو العوام عمران القطان عن قتادة.

ص: 654

أما مسلم فإنه لم يخرِّج في كتابه عن عِمْران القطَّان، على أنه صدوقٌ في روايته، وقد احتجَّ به البخاري في "الجامع الصحيح"

(1)

، وأنا بمشيئة الله أُجري الأخبار التي سَقَطَت على الشيخين في كتاب الدَّعَوات على مذهب أبي سعيد عبد الرحمن بن مَهْدي في قَبولها:

1821 م - فإنِّي سمعتُ أبا زكريا يحيى بن محمد العَنْبري يقول: سمعتُ أبا الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظليَّ يقول: كان أَبي يَحكي عن عبد الرحمن بن مهديٍّ يقول: إذا رَوَيْنا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والأحكام شدَّدْنا في الأسانيد وانتقَدْنا الرجال، وإذا رَوَيْنا عنه في فضائل الأعمال والثَّواب والعِقاب والمباحات والدَّعَوات، تساهَلْنا في الأسانيد

(2)

.

1822 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا هارون بن سليمان الأصبهاني، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، حدثنا سفيان، عن منصورٍ والأعمش [عن ذَرٍّ]

(3)

عن يُسَيْع الحضرمي، عن النُّعمان بن بَشِير قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ الدُّعاء هو

(1)

علَّق له حديثًا واحدًا برقم (4125) في باب غزوة ذات الرقاع.

(2)

وأخرج المصنف هذا الأثر بهذا الإسناد أيضًا في "المدخل إلى كتاب الإكليل" ص 29، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "الدلائل" 1/ 34، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي"(1267).

وروي نحوه عن أحمد بن حنبل، فيما أخرج الخطيب في "الكفاية" ص 134 من طريق أبي عبد الله النوفلي، عن أحمد بن حنبل قال: إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام، تشددنا في الأسانيد، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال، وما لا يضع حكمًا ولا يرفعه، تساهلنا في الأسانيد.

(3)

سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من "تلخيص الذهبي" ومن "شعب الإيمان" للبيهقي (1070) حيث رواه عن المصنف نفسه بهذا الإسناد، وهو ثابت في سائر مصادر التخريج التي أوردت الحديث من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وصنيع المصنف في الحديثين بعده يدل على ثبوته في هذا الموضع، والله أعلم. وذر هذا: هو ابن عبد الله بن زُرارة المُرْهِبي.

ص: 655

العِبادة" ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد رواه شعبة وجَرير عن منصور.

وأما حديث شعبة:

1823 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا هارون بن سليمان، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، حدثنا شعبة، عن منصور، عن ذرٍّ، نحوَه

(2)

.

وأما حديث جَرير:

1824 -

فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتَيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا جَرِير، عن منصور، عن ذَرٍّ، فذكره بإسناده بمثله

(3)

.

ولهذا الحديث شاهدٌ بإسناد صحيح عن عبد الله بن عباس:

1825 -

حدَّثَناه أبو بكر محمد بن داود بن سليمان، حدثنا محمد بن أيوب الرَّازيُّ وإبراهيم بن شَريكٍ الكوفي، قالا: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدثنا

(1)

إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ويُسيع الحضرمي: هو ابن معدان الكندي.

وأخرجه أحمد 30/ (18436)، والترمذي (3247) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد (18352) عن عبد الرزاق الصنعاني، عن سفيان الثوري، به.

وأخرجه أحمد (18386) و (18391) و (18432)، وابن ماجه (3828)، والترمذي (2969) و (3372)، والنسائي (11400) من طرق عن الأعمش وحده، به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (18437)، وأبو داود (1479)، والنسائي (11400) من طرق عن شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد.

(3)

إسناده صحيح. يحيى بن يحيى: هو النيسابوري، وجرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه ابن حبان (890) من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، عن جرير، بهذا الإسناد.

ص: 656

كامل بن العلاء، عن حَبِيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس. وعن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباسٍ قال: أفضلُ العِبادة الدعاءُ، وقرأ:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}

(1)

.

1826 -

أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد القَنْطَري ببغداد، حدثنا أبو قِلَابة عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، حدثنا أبو عاصم الضَّحّاك بن مَخْلَد الشَّيباني، حدثنا أبو المَلِيح الفارسي، حدثنا أبو صالح، قال: قال أبو هريرة: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن لا يَسألِ اللهَ يَغضَبْ عليه"

(2)

.

1827 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن قُتَيبة، حدثنا

(1)

حديث حسن، وهذا الحديث له إسنادان، الأول رواه كامل بن العلاء عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس، والثاني رواه كامل بن العلاء عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس، وكامل بن العلاء صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله من جهة حبيب بن أبي ثابت ثقات، وحبيب وإن كان قد لقي ابن عباس إلّا أنه معروف بالتدليس وقد عنعن، أما من جهة أبي يحيى - وهو القتات الكوفي - فإنَّ يحيى هذا فيه ضعف، وباجتماع الطريقين فإنَّ الإسناد يرتقي إلى الحسن، والله أعلم. مجاهد: هو ابن جبر المكي.

وهذا الحديث بهذا الإسناد لم نقع عليه عند غير المصنف.

(2)

إسناده ضعيف، أبو صالح - وهو الخُوزي - لم يرو عنه غير أبي المَليح الفارسي - ويقال: المدني لأنه سكن المدينة، واسمه: صبيح، وقيل: حميد ثم إنَّ أبا صالح هذا ليس له غير هذا الحديث، وقد تفرَّد به، وهو مختلف فيه، فقد ضعفه ابن معين، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال الحافظ في "التقريب": ليِّن الحديث، أي: تقبل روايته حيث يتابع، ولم يتابع.

وأخرجه الترمذي (3373 م) عن إسحاق بن منصور، عن أبي عاصم، بهذا الإسناد. وسُمّي أبو المليح عنده حميدًا، قال الترمذي: حميد هذا يقال له: الفارسي، سكن المدينة.

وأخرجه أحمد 15/ (9719) و 16/ (10178)، وابن ماجه (3827) من طريق وكيع، والترمذي (3373) من طريق حاتم بن إسماعيل، كلاهما عن أبي المليح، به. قال الترمذي: ولا نعرفه إلّا من هذا الوجه.

وانظر ما بعده.

ص: 657

يحيى بن يحيى، أخبرنا خارجة، عن أبي المَليح حُميد المَديني، حدثني أبو صالح الخُوْزي، عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن لا يَدْعو الله يَغضَبُ عليه"

(1)

.

1828 -

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن محمد بن حيَّان

(2)

الأنصاري، حدثنا محمد بن الصَّبّاح الجَرجَرائي، حدثنا مروان بن معاوية الفَزَاري، حدثنا أبو المَلِيح المَدَني

(3)

، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله ليَغْضبُ على مَن لم

(4)

يَفعلْهُ، ولا يفعلُ ذلك أحدٌ غيرُه"؛ يعني في الدعاء

(5)

.

هذا حديث صحيح الإسناد؛ فإنَّ أبا صالح الخُوزيَّ وأبا المَلِيح الفارسيَّ لم يُذكَرا بالجَرح، إنما هما في عِداد المجهولين لقلَّة الحديث.

1829 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني سليمان بن بلال، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما من قومٍ جلسوا مجلسًا وتفرَّقوا منه لم يَذكُروا الله فيه، إلَّا كأنّما تفرَّقوا عن جِيفَةِ حمار، وكان عليهم حسرةً يومَ القيامة"

(6)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، خارجة - وهو ابن مصعب الخراساني - متروك الحديث، ويغني عن روايته هذه الرواية السابقة. يحيى بن يحيى: هو النيسابوري.

(2)

في (ز) و (ع): حبان، بالباء الموحدة، وأُهملت في (ص)، وقد تكرر ذكره في كتب البيهقي وكتب التراجم بالياء آخر الحروف، انظر التعليق على الحديث رقم (49).

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الهذلي، وأبو المليح هذا ليس هو الهذلي، وإنما هو فارسيٌّ سكن المدينة، فيقال له: المدني.

(4)

لفظة "لم" سقطت من (ز)، ووقع في "مسند الفردوس":"على من لا يسأله".

(5)

إسناده ضعيف من أجل أبي صالح - وهو الخوزي - كما سبق.

وأخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" كما في "الغرائب الملتقطة" لابن حجر (777) من طريق عبد الله بن أحمد بن مملوس، عن محمد بن محمد بن حيان، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 15/ (9701) عن مروان بن معاوية الفزاري، به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من لا يسأله يغضب عليه".

(6)

إسناده صحيح. الربيع بن سليمان: هو المرادي، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. =

ص: 658

تابعه عبد العزيز بن أبي حازم عن سهيل:

1830 -

أخبرَناه إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشَّعراني، حدثنا جدِّي، حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيس، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوَه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، والذي عندي أنه تَرَكَه لأنَّ أبا إسحاق الفَزَاريَّ أوقَفَه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة:

1831 -

حدَّثَناه أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبَري وأبو بكر محمد بن جعفر المزكِّي، قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى، حدثنا أبو إسحاق الفَزَاريُّ، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرةَ قال: ما جلس قومٌ مجلسًا، ثم تفرَّقوا قبل أن يَذكُروا الله ويصلُّوا على نبيه صلى الله عليه وسلم، إلَّا كان عليهم حسرةً يومَ القيامة

(2)

.

= وأخرجه أحمد 15/ (9052) و 16/ (10680) و (10825)، وأبو داود (4855)، وابن حبان (590) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد.

وله طرق أخرى عن أبي هريرة، انظر ما سيأتي بالأرقام (1832) و (1847) و (2040).

وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند النسائي (9803) و (10172).

وعن أبي سعيد الخدري عند النسائي (10170).

وعن أبي أمامة عن عبد الله بن مغفل، انظر تعليقنا على "المسند"(9052).

قوله: "عن جيفة حمار" قال السندي في "حاشيته على المسند" أي: قاموا عن أمر مكروه مستقذَر، لأنَّ المجلس لا يخلو عن كلام زائد أو ناقص عادةً، وذكر الله تعالى بمنزلةَ الكفارة لما جرى فيه.

وقوله: "حسرة" قال: لما فات عنهم من الخير، والله تعالى أعلم.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل إسماعيل بن أبي أويس، وقد توبع.

وأخرجه النسائي (10169) من طريق أبي مصعب أحمد بن أبي بكر، عن ابن أبي حازم، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده قوي، محبوب بن موسى فيه كلام يحطه عن رتبة الصحيح، وقد اختلف على =

ص: 659

هذا لا يعلِّلُ حديثَ سهيل، فإنَّ الزيادة من سليمان بن بلال وابن أبي حازم مقبولة، وقد أسنَدَه سعيدٌ المقبُريُّ عن أبي هريرة:

1832 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المُثنّى، حدثنا مسدَّد، حدثنا بشر بن المفضَّل، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن سعيدٍ المقبُريِّ، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمع قومٌ، ثم تفرَّقوا لم يَذكُروا الله، إلّا كأنّما تفرَّقوا عن جِيفَةِ حمار"

(1)

.

1833 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عُبيد القرشي، حدثنا الحسن بن حماد الضبِّي، حدثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد

(2)

الهَمْداني، حدثنا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين،

= الأعمش في رفعه ووقفه، فقد وقفه هنا محبوب عن الفزاري عن الأعمش، وخالفه شعبة فيما رواه عبد الرحمن بن مهدي عنه عن الأعمش فرفعه، وهو المحفوظ؛ لجلالة قدر شعبة أولًا، ثم إنَّ سهيل بن أبي صالح رواه أيضًا عن أبيه فرفعه - كما سلف قبله - وقد رواه غير واحد عن أبي هريرة فرفعوه.

وأخرجه أحمد 16/ (9965)، وابن حبان (591) و (592) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا. وزاد في آخره:"وإن دخلوا الجنة للثواب".

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن إسحاق - وهو المدني - وقد توبع. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري.

وأخرجه النسائي (10163) عن إسماعيل بن مسعود، عن بشر بن المفضل، بهذا الإسناد.

وأخرج أبو داود (4856) و (5059)، والنسائي (10164) و (10585) من طريق محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من قعد مقعدًا لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله تِرَة، ومن اضطجع مضجعًا لا يذكر الله فيه إلّا كانت عليه من الله تِرَة". واللفظ لأبي داود.

وسيأتي بنحو ذلك برقم (2040) من طريق سعيد المقبري عن أبي إسحاق مولى عبد الله بن الحارث عن أبي هريرة، ويأتي تخريجه والكلام عليه هناك إن شاء الله.

(2)

في المطبوع: محمد بن الحسن بن الزبير، وهو خطأ، والصواب ما أثبتنا كما في الأصول =

ص: 660

عن أبيه، عن جده، عن عليٍّ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاءُ سلاحُ المؤمن، وعِمادُ الدِّين، ونورُ السماوات والأرض"

(1)

.

هذا حديث صحيح، فإنَّ محمد بن الحسن هذا هو التّل، وهو صدوقٌ في الكوفيين

(2)

.

1834 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو مسلم، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحَجَبي، حدثنا زكريا بن منظور، شيخٌ من الأنصار، قال: أخبرني عطَّاف بن خالد، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشةَ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُغْني حَذَرٌ من قَدَر، والدعاءُ ينفعُ مما نَزَلَ وممّا لم يَنزِل، وإنَّ البلاء لَيَنزلُ فيَتَلقَّاهُ الدعاءُ فيَعتَلِجانِ إلى يوم القيامة"

(3)

.

= الخطية وسائر مصادر التخريج. ووقع بعده في (ع) وهامشي (ز) و (ص): التل، وصحَّح عليها في هامش (ص) ولم يصحح عليها في هامش (ز)، وإقحامها هنا خطأ، فصنيع المصنف بإثر هذا الحديث يدل على عدم وجودها هنا. ثم إنَّ المصنف رحمه الله قد وهم بقوله بإثر الحديث: فإنَّ محمد بن الحسن هذا هو التل؛ فالتل: هو لقب محمد بن الحسن بن الزبير وليس ابن أبي يزيد الهمْداني، ثم إنَّ جعفر بن محمد مذكور في شيوخ ابن أبي يزيد الهمداني وليس في شيوخ التل.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني متروك، وكذبه بعضهم، ثم إنَّ فيه انقطاعًا، فإنَّ علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لم يدرك عليًا كما قال أبو زرعة فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "المراسيل" (503) و (676). عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي: هو ابن أبي الدنيا صاحب التصانيف.

وأخرجه أبو يعلى (439)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 172، والقضاعي في "مسند الشهاب"(143)، وأبو طاهر السِّلفي في "الدعاء"(46)، وعبد الغني المقدسي في "الترغيب في الدعاء"(10) من طريق الحسن بن حماد الضبي، بهذا الإسناد.

(2)

كذا قال المصنف، وهو وهم منه رحمه الله في تعيين محمد بن الحسن، كما سبق، ولذلك صحَّح الحديث.

(3)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف زكريا بن منظور، وهو زكريا بن يحيى بن منظور =

ص: 661

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= المدني، نسب إلى جده. أبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله الكشي.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(2498)، وفي "الدعاء"(33) - ومن طريقه أبو ظاهر السِّلفي في "الدعاء"(25) - عن أبي مسلم الكشي. وأخرجه أيضًا أبو العباس العصمي في "جزء حديثه"(6)، وأبو بكر الذكواني في "أماليه"(49) من طريقين آخرين عن أبي مسلم الكشي، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار 18/ (72)، والخطابي في "غريب الحديث" 2/ 145، وابن جُميع في "معجم شيوخه" ص 105، والقضاعي في "مسند الشهاب"(861)، والبيهقي في "القضاء والقدر"(246) من طرق عن عبد الله بن عبد الوهاب، به.

وأخرجه إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 3/ 1194، والقضاعي (861) من طريق عباد بن موسى، وابن عدي في "الكامل" 2/ 212، والقضاعي (859)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 464، وقوام السنة في "الترغيب والترهيب"(1264)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1411) من طريق إسماعيل بن إبراهيم الترجماني، كلاهما عن زكريا بن منظور، به. قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح. ثم قال: قال يحيى: زكريا ليس بثقة، وقال الدارقطني: متروك.

ورواه أحمد بن عبيد عن زكريا بن منظور، لكن ذكر فيه: فليح بن سليمان بدلًا من عطاف بن خالد، أخرجه ابن السماك في الثاني من "الفوائد المنتقاة"(69)، وعبد الغني المقدسي في "الترغيب في الدعاء"(5) من طريق أحمد بن عبيد، عن زكريا، عن فليح بن سليمان، عن هشام بن عروة، به.

وأخرجه ابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(149)، وأبو طاهر السِّلفي في "الدعاء"(28) من طريق الحارث بن أبي الزبير المدني، عن عباية بن عمر، عن هشام بن عروة، به.

وعباية بن عمر هذا لم نقف له على ترجمة، لكن ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/ 75 فيمن روى عنه الحارث بن أبي الزبير المدني، وذكره الذهبي في "السير" 6/ 42 مِن بَين مَن روى حديث "إنَّ الله لا يقبض العلم انتزاعًا

" عن هشام بن عروة.

وقد روي الحديث من وجه آخر عن عائش، أخرجه القضاعي (860) من طريق محمد بن عبد الله، عن أبيه، عن عاشة. ومحمد بن عبد الله هذا أيضًا لم نتبينه.

وفي الباب عن ثوبان وابن عمر، وهما الآتيان بعد هذا.

وعن معاذ بن جبل عند أحمد 36/ (22044)، وإسناده ضعيف.

وعن عبادة بن الصامت ضمن حديث عند ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 1/ 220، والطبراني في "الدعاء"(34)، وفي "مسند الشاميين"(18)، وابن عساكر في "معجم شيوخه"(1544)، وأبي طاهر السلفي في "الدعاء"(27)، وإسناده ضعيف أيضًا. =

ص: 662

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1835 -

أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلَّاب بهَمَذان، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، حدثنا قَبِيصة بن عُقْبة.

وأخبرنا أبو بكر بن أبي نصر الدَّارَبردي بمَرْو، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حذيفة؛ قالا: حدثنا سفيان الثَّوْري، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن أبي الجَعْد، عن ثوبانَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَرُدُّ القَدَرَ إلَّا الدعاءُ، ولا يَزيدُ في العُمُر إِلَّا البِرُّ، وإنَّ الرجل ليُحرَمُ الرِّزقَ بالذَّنْب يصيبُه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1836 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مُلَيكة، عن موسى

= وعن أبي هريرة عند البزار (8149)، وأبي طاهر السلفي في "الدعاء"(29)، وعبد الغني المقدسي في "الترغيب في الدعاء"(2)، وإسناده ضعيف جدًّا، قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 146: فيه إبراهيم بن خثيم بن عراك وهو متروك.

(1)

حسن لغيره دون قوله: "وإنَّ الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل عبد الله بن أبي الجعد، فقد روى عنه اثنان أو ثلاثة وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد تفرد بالحرف المشار إليه. أبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي.

وأخرجه أحمد 37/ (22386) و (22413)، وابن ماجه (90) و (4022)، وابن حبان (872)، والنسائي في الرقائق كما في "تحفة الأشراف"(2093) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (6152) من طريق مجاهد عن ابن عباس عن ثوبان، وإسناده تالف.

ويشهد له حديث سلمان عند الترمذي (2139)، وقال فيه الترمذي: حديث حسن غريب من حديث سلمان.

وحديث أنس بن مالك عند الطبراني في "الدعاء"(29)، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(150)، وأبي طاهر السلفي في "الدعاء"(24).

وانظر حديث عائشة السالف قبله.

ص: 663

ابن عُقبة، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الدُّعاء يَنفَعُ ممَّا نَزَلَ ومما لم يَنزِلْ، فعليكم عباد الله بالدُّعاء"

(1)

.

1837 -

أخبرنا أبو نَصْر أحمد بن سَهْل الفقيه ببُخارى، حدثنا صالح بن محمد بن حبيبٍ الحافظ، حدثنا علي بن الجَعْد، أخبرني علي بن علي الرِّفاعي.

وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفَّار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا محمد بن يزيد أبو هشام، حدثنا أبو أسامة، حدثني علي بن عليٍّ، عن أبي المتوكِّل، عن أبي سعيدٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من مسلمٍ يدعو اللهَ بدعوةٍ ليس فيها مَأْثَمٌ ولا قطيعةُ رَحِمٍ، إلَّا أعطاه إحدى ثلاث: إما أن يَستجيبَ له دعوتَه، أو يَصرِفَ عنه من السوء مِثلَها، أو يَدّخرَ له من الأجرِ مِثلَها"، قالوا: يا رسول الله، إذًا نُكثِرَ، قال:"اللهُ أكثرُ"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة.

وأخرجه الترمذي (3548) عن الحسن بن عرفة، عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي، وهو المكي المليكي، وهو ضعيف في الحديث قد تكلم فيه بعض أهل الحديث من قبل حفظه. قلنا: وقال فيه أحمد والعقيلي: منكر الحديث وقال ابن عدي: لا يتابع في حديثه، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال مرةً: متروك الحديث، وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": واهٍ، وخفف الساجي فيه العبارة فقال: صدوق فيه ضعف يحتمل، وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث.

وحديث عائشة المتقدم برقم (1834) يغني عنه.

(2)

حديث جيد، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن يزيد أبي هشام - وهو الرفاعي - وقد توبع. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وعلي بن علي: هو ابن نجاد الرفاعي، وهو صدوق جيد الحديث، وأبو المتوكل: هو علي بن داود - ويقال ابن دؤاد - الناجي.

وأخرجه أحمد 17/ (11133) عن أبي عامر العقدي، عن علي بن علي، بهذا الإسناد. ويشهد له حديث أبي هريرة الآتي برقم (1850).

وحديث عبادة بن الصامت أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على "المسند" لأبيه 37/ (22785)، والترمذي (3573) وقال: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. =

ص: 664

هذا حديث صحيح الإسناد إلَّا أنَّ الشيخين لم يُخرجاه عن علي بن علي الرِّفاعي.

1838 -

أخبرنا عَبْدانُ بن يزيد الدَّقّاق بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن دِيزِيل، حدثنا عفّان بن مسلم وموسى بن إسماعيل، قالا: حدثنا صالح المُرِّي، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سِيرين، عن أبي هريرةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ادعُوا الله وأنتُم مُوقِنون بالإجابة، واعلَموا أنَّ الله لا يَقبَلُ دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ"

(1)

.

هذا حديث مستقيم الإسناد تفرَّد به صالح المُرِّي، وهو أحد زهّاد أهل البصرة، ولم يُخرجاه.

1839 -

أخبرنا عبد الصمد بن علي البزَّاز ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا مُعلَّى بن أَسَد العَمِّي، حدثني عُمر

(2)

بن محمد الأسْلَمي، عن ثابت

= قولهم: إذًا نكثر، أي: من الدعاء.

وقوله: "الله أكثر" أي: فضله وعطاؤه أكثر من دعائكم، والله تعالى أعلم. قاله السندي في حاشيته على "المسند".

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل صالح المري - وهو ابن بشير البصري - فإنه متروك الحديث كما قال الذهبي في "تلخيص المستدرك".

وأخرجه الترمذي (3785) عن عبد الله بن معاوية الجمحي، عن صالح المري، بهذا الإسناد.

وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد 11/ (6655)، وفي إسناده عبد الله بن لهيعة، وفي حفظه سوء.

وآخر من حديث عبد الله بن عمر عند الطبراني (14100) وفيه بشير بن ميمون الواسطي وهو متروك، بل متهم بالوضع كما قال البخاري.

(2)

في النسخ الخطية: عمرو، وهو خطأ صوابه ما أثبتنا، وبسبب هذا التحريف الذي وقع في نسخ "المستدرك" قال الذهبي في "تلخيصه": لا أعرف عمرًا، تعبتُ عليه. قلنا: وهو عمر بن محمد بن صهبان الأسلمي، كما جاء مصرَّحًا به في "أخبار أصبهان" 2/ 232 لأبي نعيم، و"الكامل" لابن عدي 5/ 13 حيث أخرج هذا الحديث من طريق معلى بن أسد بهذا الإسناد في ترجمة عمر بن محمد بن صهبان، وعمر هذا له ترجمة في "تهذيب الكمال" 21/ 398 - 399، وترجم العقيلي في "الضعفاء" 3/ 50: عمر بن محمد عن ثابت، ثم قال: ولا يتابع عليه ولا يعرف إلّا به. =

ص: 665

البُنَاني، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَعْجِزوا في الدُّعاء، فإنه لا يَهلِكُ مع الدعاء أَحدٌ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1840 -

أخبرني أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفيُّ وأبو محمد عبد الله بن محمد بن موسى العدل، قالا: حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا عبد الأعلى بن حمّاد، حدثنا أبو عاصم العَبّاداني، عن الفضل بن عيسى، عن محمد بن المُنكَدِر، عن جابر بن عبد الله، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"يَدْعو اللهُ بالمؤمن يومَ القيامة حتى يُوقِفَه بين يديه، فيقول: عبدي، إنِّي أَمرتُك أن تَدعُوَني، ووعدتُك أن أستجيبَ لك، فهل كنتَ تَدْعُوني؟ فيقول: نَعَم يا رب، فيقول: أمَا إِنَّك لم تَدْعُني بدعوةٍ إِلَّا استجبتُ لك، أليس دَعَوتَني يومَ كذا وكذا لِغَمٍّ نزل بك أن أفُرِّجَ عنك، ففرَّجتُ عنك؟ فيقول: نعم يا رب، فيقول: فإني عجّلتُها لك في الدنيا، ودَعوتَني يومَ كذا وكذا لِغَمٍّ نزل بك أن أُفرِّج عنك، فلم تَرَ فَرَجًا؟ قال: نعم يا رب، فيقول: إنِّي ادَّخرتُ لك بها في الجنة كذا وكذا، ودَعوتَني في حاجةٍ أَقضيها لكَ في يوم كذا وكذا، فقضيتُها؟ فيقول: نعم يا رب، فيقول: فإنِّي عجَّلتُها لك في الدنيا، ودَعَوتَني في يوم كذا وكذا في حاجةٍ أَقضيها لك، فلم تَرَ قضاءَها؟ فيقول: نعم يا رب، فيقول: إنِّي ادَّخرتُ لك في الجنة كذا وكذا"، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"فلا يَدَعُ اللهُ دعوةً دعا بها عبدُه المؤمنُ إلَّا بيَّن له، إمّا أن يكون عَجَّل له في الدنيا، وإمَّا أن يكون ادَّخَر له في الآخرة" قال: "فيقولُ المؤمنُ في ذلك المَقَام: يا ليتَه لم يكن عُجِّل له شيءٌ من دُعائِه"

(2)

.

= ثم أخرج هذا الحديث عن جده عن معلى بن أسد.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، عمر بن محمد بن صهبان الأسلمي متروك.

وأخرجه أيضًا ابن حبان (871) من طريق هوذة بن خليفة، عن عمر بن محمد، بهذا الإسناد.

وقد وهم ابن حبان رحمه الله فقرر أنه عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، الفضل بن عيسى - وهو الرقاشي - مجمع على ضعفه، وأبو عاصم =

ص: 666

هذا حديثٌ تفرَّد به الفضل بن عيسى الرَّقَاشي عن محمد المُنكدِر، ومحلُّ الفضل بن عيسى محلُّ من لا يُتَوهَّم بالوضع.

1841 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مسدَّد، حدثنا بِشْر بن المُفضَّل، حدثنا عمر بن عبد الله مولى غُفْرة قال: سمعتُ أيوب بن خالد بن صفوان الأنصاريُّ يقول: قال جابر بن عبد الله: خَرَجَ علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس، إنَّ لله سَرَايا من الملائكة تَحُلُّ وتقفُ على مجالس الذِّكر في الأرض، فارتَعُوا في رياض الجنة"، قالوا: وأين رياضُ الجنة يا رسول الله؟ قال: "مجالسُ الذِّكر، فاغْدُوا ورُوحُوا في ذكر الله، وذكِّروه أنفُسَكم، من كان يحبُّ أن يَعلَمَ منزلتَه عند الله، فلينظُر كيف منزلةُ الله عنده، فإنَّ الله يُنزِلُ العبدَ منه حيث أنزَلَه من نفسِه"

(1)

.

= العباداني ليِّن الحديث.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(1093) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدينوري في "المجالسة"(126) عن أحمد بن علي المروزي، عن عبد الأعلى بن حماد، به.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 6/ 208 من طريق سعيد بن يعقوب، عن أبي عاصم العباداني، به.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عمر بن عبد الله مولى غُفْرة، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه".

وهو في "مسند مسدد" كما في "المطالب العالية"(3387/ 1)، ومن طريق مسدد أخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(766)، والطبراني في "الدعاء"(1891).

وأخرجه عبد بن حميد (1107)، والبزار (3064 - كشف الأستار)، وأبو يعلى (1865) و (1866) و (2138)، وابن حبان في "المجروحين" 2/ 81، والطبراني في "الدعاء"(1891)، وفي "الأوسط"(2501)، وأبي القاسم بن بشران في "أماليه"(596)، والبيهقي في "الدعوات"(525) من طرق عن بشر بن المفضل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده" - كما في "المطالب العالية"(3387/ 2) - من طريق إسماعيل بن عياش، والبيهقي في "الدعوات"(6)، وفي "الشعب"(525)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 56/ 79 و 80 من طريق محمد بن شعيب، كلاهما عن عمر بن عبد الله مولى غفرة، به. =

ص: 667

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1842 -

أخبرني أبو عَوْن محمد بن أحمد بن ماهان الجزّار

(1)

بمكة على الصَّفا، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجّاج بن مِنْهال.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو مسلم، حدثنا أبو عُمَر الضرير، قالا: حدثنا حمّاد بن سلمة، أنَّ سهيل بن أبي صالح أخبرهم، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ لله ملائكةً سَيّارةً وفُضُلًا يَلتَمِسون مجالسَ الذِّكر في الأرض، فإذا أَتَوا على مجلس ذِكْرٍ حَفَّ بعضُهم بعضًا بأجنحتهم إلى السماء، فيقول تبارك وتعالى: من أين جئتُم؟ وهو أعلمُ، فيقولون: ربَّنا جئنا من عند عبادك يُسبِّحونك ويُكبِّرونك ويَحْمَدُونك ويُهلِّلونك، ويَسألونك ويَستَجيرونك، فيقول: ما يسألونني؟ وهو أعلمُ، فيقولون: ربَّنا يسألونك الجنة، فيقول: وهل رأَوها؟ فيقولون: لا يا رب، فيقول: فكيف لو رأَوها؟ فيقول: وممَّ يَستَجيرونني؟ وهو أعلمُ، فيقولون: من النار، فيقول: هل رأَوها؟ فيقولون: لا، فيقول: فكيف لو رأَوها؟ ثم يقول: اشهَدُوا أني قد غفرتُ لهم، وأعطيتُهم ما سألوني، وأَجَرْتُهم مما استجاروني، فيقولون: ربَّنا إِنَّ فيهم عبدًا خطّاءً جلس إليهم وليس منهم! فيقول: وهو أيضًا قد غفرتُ له، هم القومُ لا يَشقَى بهم جَليسُهم"

(2)

.

= قوله: "فارتعوا" من الرَّتَع، وهو الاتساع في الخِصْب.

(1)

تصحف في المطبوع إلى: الخزاز، بثلاث معجمات، ووقع رسمها في (ز): الخراز، بخاء معجمة ثم راء مهملة وآخره زاي، وفي (ص): الحراز، وفي (ع): الخرار، والصواب في ضبطه كما أثبتنا بجيم وزاي وآخره راء مهملة، كما ضبطناه عند الحديث الآتي برقم (2219)، والله تعالى أعلم.

(2)

إسناده صحيح. أبو بكر بن إسحاق: اسمه أحمد، وأبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله بن مسلم الكجّي.

وأخرجه أحمد 14/ (8705) عن حسن بن موسى، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 12/ (7426) و 14/ (8972)، ومسلم (2689) من طريق وهيب بن خالد =

ص: 668

هذا حديث صحيح، تفرَّد بإخراجه مسلم بن الحجاج مختصرًا من حديث وهيب بن خالد عن سهيل

(1)

!

1843 -

حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثنا معاوية بن صالح، حدّثني عمرو بن قيس السَّكُوني، عن عبد الله بن بُسْر: أنَّ أعرابيًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ شرائع الإسلام قد كَثُرَتْ عليَّ، فأنبِئني بشيءٍ أَتشبَّثُ به، فقال:"لا يَزالُ لسانُكَ رَطْبًا من ذِكْرِ الله"

(2)

.

= الباهلي، وأحمد 14/ (8704) من طريق زهير بن محمد، كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، به.

وأخرجه أحمد 12/ (7424)، والترمذي (3600) من طريق أبي معاوية الضرير، والبخاري (6408)، وابن حبان (857) من طريق جرير بن عبد الحميد وابن حبان (856) من طريق الفضيل بن عياض، ثلاثتهم عن سليمان الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. لكن وقعت رواية أبي معاوية على الشك، فقال فيها: عن أبي هريرة أو أبي سعيد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وخالفهم شعبة فرواه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة موقوفًا، أخرجه أحمد (7425)، لكن هذا لا يعلُّ الرواية المرفوعة، لأنَّ رواية شعبة وإن كان ظاهرها الوقف إلّا أنها في حكم المرفوع، فمثلها لا يقال بالرأي، والله تعالى أعلم.

قوله: "فضلًا" قيل: بضم الفاء والصاد، وقيل: بضم الفاء وسكون الضاد، وقيل: بفتح الفاء وسكون الضاد، وقيل: فُضَلاء بالمد جمع فاضل، وفي رواية "فُضَلٌ" بضم الفاء والضاد ورفع اللام على أنها خبر "إن"، قال العلماء: ومعناه على جميع الروايات: أنهم زائدون على الحفظة وغيرهم من المرتبين مع الخلائق، لا وظيفة لهم إلّا حِلَق الذِّكر. انظر "فتح الباري" 19/ 452 - 453.

(1)

بل أخرجه مسلم من حديث وهيب بن خالد عن سهيل مطولًا.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن ماجه (3793)، والترمذي (3375) من طريقين عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه.

وأخرجه أحمد 29/ (17698) عن عبد الرحمن بن مهدي، وابن حبان (814) من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن معاوية بن صالح، به.

وأخرجه أحمد (17680) من طريق حسان بن نوح، عن عمرو بن قيس، به.

ص: 669

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1844 -

أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان المقرئ ببغداد، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا أبو عامر العَقَدي، حدثنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كَثير، عن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحُرَقَة، قال: سمعتُ أبا هريرة يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "سَبَقَ المُفرِّدون" قالوا يا رسول الله، وما المُفرِّدون؟ قال:"الذين يُهْتَرونَ في ذِكْر الله"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1845 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا بِشْر بن بَكْر، حدثنا الأوزاعي، عن إسماعيل بن عُبيد الله، عن أم الدَّرداء، عن أبي الدَّرداء

(1)

إسناده صحيح. أبو عامر العقدي: هو عبد الملك بن عمرو.

وأخرجه أحمد 14/ (8290) عن أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 15/ (9332)، ومسلم (2676)، وابن حبان (858) من طريق العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة، فمرَّ على جبل يقال له: جُمْدان، فقال:"سيروا، هذا جُمْدان، سَبَقَ المفرِّدون" قالوا: وما المفرِّدون يا رسول الله؟ قال: "الذاكرون اللهَ كثيرًا والذاكرات".

وأخرج الترمذي (3596) من طريق عمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رفعه:"سبق المفردون" قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: "المستهتَرون في ذكر الله، يضعُ الذِّكرُ عنهم أثقالهم، فيأتون يوم القيامة خفافًا". قال الترمذي: حديث حسن غريب. قلنا: عمر بن راشد متفقٌ على ضعفه.

و"المفردون" بفتح الفاء وكسر الراء المشددة، وقيل: بتخفيفها وإسكان الفاء. قال ابن الأثير: يقال: فَرَد برايه وفرّد وأفرد واستفرد، بمعنى انفرد. وقيل: فرَّد الرجلُ: إذا تفقه واعتزل الناس وخلا بمراعاة الأمر والنهي. وقيل: المفردون: هم الهَرْمى الذين هلك أقرانهم من الناس، فبقوا يذكرون الله تعالى.

و"يُهتَرون": يولعون، يقال: أهتر فلان بكذا واستهتر، فهو مُهتَرٌ به، ومستهتَر: أي: مولع به لا يتحدث بغيره، ولا يفعل غيره. انظر "النهاية" و"شرح مسلم".

ص: 670

قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ الله يقولُ: أنا مع عبدي إذا هو ذَكَرَني وتحرَّكَتْ بي شَفَتاه"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، رجاله ثقات، لكن قد اختلف فيه على إسماعيل بن عبيد - وهو ابن أبي المهاجر - فروي عنه عن أم الدرداء، كما هنا، وروي عنه عن أم الدرداء عن أبي هريرة، وروي عنه عن كريمة بنت الحسحاس عن أبي هريرة، كما سيأتي. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وأم الدرداء هي الصغرى، واسمها: هجيمة، وقيل: جهيمة الأوصابية الدمشقية.

وأخرجه ابن سمعون في "أماليه"(4) و (44) - وعنه ابن الآبنوسي في "مشيخته"(148)، ومن طريق ابن الآبنوسي: ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ 53 - عن أحمد بن سليمان، عن هشام بن عمار، عن عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، عن الأوزاعي، بهذا الإسناد.

قال المزي في "تحفة الأشراف" 11/ 109: رواه عبد الحميد بن أبي العشرين عن الأوزاعي عن إسماعيل عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس بمحفوظ. وقال الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" 5/ 363 بعد أن ذكر طريق ابن أبي العشرين هذه: وهو المحفوظ عن الأوزاعي، وأنه كان يهم بذكر أبي الدرداء فيه، والصواب قول من قال: عن إسماعيل عن كريمة عن أبي هريرة، وسبب الاشتباه على من رواه عن إسماعيل عن أم الدرداء، كون أبي هريرة حدَّث به كريمةَ وهو في بيت أم الدرداء.

قلنا: وحديث كريمة عن أبي هريرة أخرجه ابن حبان (815) من طريق أيوب بن سويد الرملي، عن الأوزاعي، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن كريمة بنت الحسحاس، قالت: سمعت أبا هريرة في بيت أم الدرداء يحدِّث عن النبي صلى الله عليه وسلم

فذكره.

وأخرجه أيضًا أحمد 16/ (10975) و (10976) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن كريمة قالت: سمعت أبا هريرة يقول في بيت أم الدرداء .. إلى آخره.

ورواه الأوزاعي مرة ثالثة فقال: عن إسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء عن أبي هريرة، أخرجه بهذا الإسناد أحمد 16/ (10968)، وابن ماجه (3792) من طريق محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، به. وقرن أحمد بمحمد بن مصعب أبا المغيرة الخولاني.

قال المزي في "تهذيب الكمال" 35/ 293 في حديث أم الدرداء عن أبي هريرة وحديث كريمة بنت الحسحاس عن أبي هريرة، قال: وكلاهما صحيح.

تنبيه: طريق "المستدرك" هذه، وهي بشر بن بكر، فلم يذكر أحد أنَّ بشر بن بكر رواه عن الأوزاعي عن إسماعيل عن أم الدرداء عن أبي الدرداء، بل قالوا: إن الذي رواه عن الأوزاعي بهذا =

ص: 671

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1846 -

أخبرنا بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل البَلْخي، حدثنا مَكِّي بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن زياد بن أبي زياد مولى ابن

(1)

عيّاش [عن] أبي

(2)

بَحْريَّة، عن أبي الدَّرداء قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "ألا أُنبِّئُكم بخيرِ أعمالِكم، وأزكاها عند مَليكِكُم، وأرفعِها في درجاتِكم، وخيرٌ لكم من إعطاء الذَّهب والوَرِق، وأن تَلْقَوا عدوَّكم فتَضرِبوا أعناقَهم ويَضرِبوا أعناقَكُم؟ " قالوا: وما ذاكَ يا رسول الله؟ قال: "ذِكْرُ الله عز وجل".

وقال معاذ بنُ جبل: ما عمل آدميٌّ من عَملٍ أنجَى له من عذاب الله من ذِكْرِ الله عز وجل

(3)

.

= الإسناد إنما هو عبد الحميد بن أبي العشرين كما سبق في أول التخريج، بل إنَّ الحافظ ابن حجر أورد طريق بشر بن بكر هذه في مسند أبي هريرة من طريق أم الدرداء عن أبي هريرة في "إتحاف المهرة" 16/ 232 (20858) وكذلك صنع في "تغليق التعليق" 5/ 363، و"فتح الباري" 24/ 518، فلا ندري أمنشأ هذا الاختلاف هو اختلاف في نسخ "المستدرك" أم هو وهم من الحافظ ابن حجر، والله تعالى أعلم.

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: أبي، والصواب ما أثبتنا من المطبوع ومن مصادر ترجمته، وابن عياش: هو عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة.

(2)

في النسخ الخطية: وأبي، بدلًا من: عن أبي، وهو خطأ صوَّبناه من مصادر التخريج، وكذلك رواه البيهقي على الصواب من طريق المصنف نفسه في "الدعوات الكبير"(20)، وفي "شعب الإيمان"(516).

(3)

إسناده صحيح، على خلاف في رفعه ووقفه، ووصله وإرساله، كما هو مبين في التعليق على "مسند أحمد" 36/ (21702). أبو بحرية: هو عبد الله بن قيس الكندي.

وأخرجه أحمد (21702) عن مكي بن إبراهيم، بهذا الإسناد. لكن لم يذكر خبر معاذ بن جبل في آخره.

وأخرجه أحمد كذلك (21702) عن يحيى بن سعيد القطان، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، به.

وأخرجه تامًّا مجموعًا مع قول معاذٍ ابنُ ماجه (3790) من طريق المغيرة بن عبد الرحمن، =

ص: 672

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1847 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنى وأبو مُسلِم، قالا: حدثنا مسدَّد، حدثنا بشر بن المُفضَّل، حدثنا عُمارة بن غَزِيّة

(1)

، عن صالح مولى التَّوأمة، قال: سمعتُ أبا هريرة يقول: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "أيُّما قومٍ جَلَسوا فأطالوا الجلوس، ثم تفرَّقوا قبل أن يَذكُروا الله، أو يصلُّوا على نبيِّه

(2)

صلى الله عليه وسلم، إِلَّا كانت عليهم من الله تِرَةٌ، إن شاء عذَّبهم، وإن شاء غَفَرَ لهم"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وصالحٌ ليس بالساقط

(4)

.

= والترمذي (3377) من طريق الفضل بن موسى، كلاهما عن عبد الله بن سعيد، به.

وأخرجه دون خبر معاذ أحمد 36/ (21704) و 45/ (27525) من طريق موسى بن عقبة، عن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد منقطع، لم يُذكَر فيه أبو بحرية.

وقد روى الحديث بشطريه عبد العزيز بن أبي سلمة عن زياد بن أبي زياد، لكن رفعه كله من حديث معاذ بن جبل، أخرجه أحمد 36/ (22079) من طريقه عن زياد بن أبي زياد أنه بلغه عن معاذ بن جبل أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره. وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: غريب، وضبَّب عليها في (ز).

(2)

في (ص) و (ع): "ويصلوا على النبي".

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل صالح مولى التوأمة - وهو ابن نبهان - فهو صدوق حسن الحديث، وهو وإن كان قد اختلط إلّا أنَّ سماع عمارة بن غزية منه قبل الاختلاط، وتابعه أيضًا ابن أبي ذئب وزياد بن سعد - كما سيأتي في التخريج - وهما ممن سمع منه قبل الاختلاط أيضًا.

وأخرجه أحمد 15/ (9764) و 16/ (10277) و (10278)، والترمذي (3380) من طريق سفيان الثوري، وأحمد 15/ (9843) من طريق ابن أبي ذئب، و 16/ (10422) من طريق زياد بن سعد، ثلاثتهم عن صالح مولى التوأمة، بهذا الإسناد. أما الثوري فسماعه من صالح بعد اختلاطه. قال الترمذي: حديث حسن. ثم قال: ومعنى قوله: "ترة" يعني حسرة وندامة.

وانظر ما سلف برقم (1829).

(4)

تعقبه الذهبي في "التلخيص" بقوله: صالح ضعيف. قلنا: إنما ضعفوه بسبب اختلاطه، =

ص: 673

1848 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث، عن ابن الهاد، عن يحيى بن سعيد، عن زُرَارة بن أَوفَى، عن عائشةَ قالت: ما كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلسٍ إلَّا قال: "سُبحانَك اللهمَّ ربي وبحمدِك، لا إله إلَّا أَنتَ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليك" فقلت له: يا رسول الله، ما أكثرَ ما تقول هؤلاء الكلمات إذا قمتَ! قال:"لا يقولُهنَّ أحدٌ حين يقوم من مَجلسِه، إِلَّا غُفِر له ما كان منه في ذلك المَجلِس"

(1)

.

= فإذا عرفنا أنَّ عمارة بن غزية قديم الرواية عنه زال سبب الضعف.

(1)

حديث صحيح، رجاله ثقات، غير أنَّ زرارة بن أوفى ذكر المزي في ترجمته من "تهذيب الكمال" أن المحفوظ أنَّ بينه وبين عائشة سعد بن هشام. وقد أعله أبو حاتم بالاختلاف على الليث بن سعد فيه كما سيأتي. والليث: هو ابن سعد، وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه النسائي (10158) من طريق شعيب بن الليث بن سعد، عن أبيه، بهذا الإسناد.

وخالف شعيبًا وابنَ بكير قتيبةُ بن سعيد، فقد أخرجه النسائي (10159) عنه، عن الليث، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، عن رجل من أهل الشام، عن عائشة.

ورجَّح الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" 1/ 629 أنَّ ذكر زرارة بن أوفى عن عائشة وهمٌ، وأنَّ الصواب أنه كان ابن زرارة عن عائشة فوقع فيه حذف، والله أعلم. وانظر "علل ابن أبي حاتم" 6/ 333 - 335.

وأخرج أحمد 41/ (24486)، والنسائي (1268) و (10067) و (10160) من طريق عروة عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس مجلسًا، أو صلَّى، تكلم بكلمات، فسألته عائشة عن الكلمات، فقال:"إن تكلم بخير كان طابعًا عليهن إلى يوم القيامة، وإن تكلم بغير ذلك كان كفارة؛ سبحانك الله وبحمدك، لا إله إلّا أنت أستغفرك وأتوب إليك". وإسناده صحيح.

وأخرج أحمد 40/ (24065) و 42/ (25508)، ومسلم (484)، وابن حبان (6411) و (6412) من طريق مسروق عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول قبل أن يموت: "سبحانك وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك" قلت: يا رسول الله، ما هذه الكلمات التي أراك أحدثتها تقولها؟ قال:"جُعلتْ لي علامة في أمتي، إذا رأيتها قلتها"{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إلى =

ص: 674

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1849 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعْدي، حدثنا محمد بن القاسم الأَسَدي، حدثنا الرَّبيع بن صَبِيح، عن الحسن، عن أنس بن مالك قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: عبدي أنا عند ظَنِّك بي، وأنا معك إذا ذَكَرْتَني"

(1)

.

ذِكْرُ الظن مخرَّج في "الصحيح"

(2)

، وذِكْرُ الدعاء غريبٌ صحيح

(3)

؛ فإنَّ محمد بن القاسم ثقة

(4)

!

وفي هذا الإسناد يقول صالح جَزَرة: حدثنا ابن عركان

(5)

.

= آخر السورة.

ولحديث زرارة عن عائشة شواهد من أحاديث أبي هريرة وجبير بن مطعم وأبي برزة ورافع بن خديج، وستأتي أحاديثهم على التوالي (1990 - 1993)، وانظر تمام شواهده عند حديث أبي هريرة.

(1)

إسناده واهٍ، محمد بن القاسم الأسدي متهم بالكذب، لكن متن الحديث صحيح. وهذا الحديث لم نجد من أخرجه بهذا الإسناد غير المصنِّف، لكن روي من وجه آخر صحيح عن أنس بن مالك، فقد أخرجه أحمد 20/ (13192) و 21/ (13939) عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يقول الله: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني".

وفي الباب عن واثلة بن الأسقع، وسيأتي برقم (7795).

وعن أبي هريرة عند أحمد في "المسند" 12/ (7422)، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

(2)

أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري (7405) و (5705)، ومسلم (2675)(2) و (2686)(19).

(3)

إن كان يقصد قوله: "وأنا معك إذا ذكرتني، وفي بعض الروايات: "وأنا معه إذا دعاني"، فهذا أيضًا مخرَّج في "الصحيحين" بل وفي إحدى روايات مسلم: "وأنا معه إذا دعاني".

(4)

بل مجمع على ضعفه إلّا ما روي عن يحيى بن معين في توثيقه، وقد رماه بالكذب أحمد وأبو داود والدارقطني.

(5)

كذا في نسخنا الخطية، ولم نتبينها، لكن ورد في ترجمة محمد بن القاسم الأسدي أنه كان =

ص: 675

1850 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا محمد بن يزيد الرِّفاعي، حدثنا وكيع، حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن مَوْهَب، عن عمه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِن عبدٍ يَنصِبُ وجهَه إلى الله عز وجل في مسألةٍ إلَّا أعطاه اللهُ إياها، إمّا أن يُعجِّلَها وإما أن يدَّخِرَها"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1851 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب التاجر بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا سليمانُ التَّيمي، عن أبي عثمان النَّهْدي، عن سَلْمانَ قال: إِنَّ الله يَسْتَحْيي أَن يَبسُطَ العبدُ إليه يديه [يسألُه]

(2)

فيهما

= يلقب بـ "كاو"، فلعلَّ هناك تحريفًا من هذا القبيل، والله أعلم.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عم عبد الله بن عبد الرحمن بن موهب، وهو عبيد الله بن عبد الله بن موهب، ومحمد بن يزيد الرفاعي ضعيف وقد توبع.

وأخرجه أحمد 15/ (9785) عن وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد.

وأخرج الترمذي (3926 - طبعة الرسالة) من طريق يحيى بن عبيد الله بن عبد الله بن موهب، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يرفع يديه حتى يبدو إبطه، يسأل الله مسألة إلّا آتاها إياه ما لم يعجل". ويحيى بن عبيد الله متروك الحديث.

وأخرج الترمذي (3925) من طريق الليث بن أبي سليم، عن زياد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل يدعو بدعاء إلّا استجيب له، فإما أن يعجَّل في الدنيا، وأما أن يُدَّخَر له في الآخرة، وإما أن يُكَفَّر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل". وهذا إسناد ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم، وقد اختلف في تعيين شيخه زياد.

تنبيه: هذان الحديثان مع بضعة أحاديث أخرى ليست في أصول الترمذي التي برواية الكروخي، لذلك لم ترد في طبعة الشيخ أحمد شاكر، وهي ثابتة في نسخة عندنا برواية أبي حامد التاجر وأبي ذر الترمذي عن أبي عيسى الترمذي، أثبتناها منها في طبعة مؤسسة الرسالة، وهي ثابتة أيضًا في النسخة التي اعتمدها المزِّي في "تحفة الأشراف" والتي اعتمدها المباركفوري في "تحفة الأحوذي".

وفي الباب عن أبي سعيد الخدري سلف برقم (1837).

(2)

ما بين معقوفين سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من رواية يزيد بن هارون عند غير المصنف.

ص: 676

خيرًا فيردَّهما خائبتَين

(1)

.

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

وقد وَصَلَه جعفر بن ميمون عن أبي عثمان النَّهْدي:

1852 -

أخبرنا أبو العباس المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا جعفر بن ميمون، عن أبي عثمان، عن سلمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله حَيِيٌّ كريمٌ، يَستَحْيي من عبدِه أن يَبسُطَ إليه يديه ثم يَرُدَّهما خائبتَين"

(2)

.

وله شاهدٌ بإسناد صحيح من حديث أنس بن مالك:

1853 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا بِشْر بن الوليد القاضي، حدثنا عامر بن يِسَاف، عن حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري، قال: حدثني أنس بن مالكٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله رحِيمٌ حَيِيٌّ

(1)

إسناده صحيح، وهو هنا موقوف، إلَّا أنه قد أخرجه المصنف بعده مرفوعًا. سليمان التيمي: هو ابن طرخان، وأبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملّ، وصحابيه هو سلمان الفارسي رضي الله عنه.

وأخرجه أحمد 39/ (22714) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وسيأتي مرفوعًا بعده، وبرقم (1983).

وفي الباب عن أنس سيأتي لاحقًا.

وعن جابر عند أبي يعلى (1867)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 156، والطبراني في "الأوسط"(4591)، وإسناده ضعيف.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل جعفر بن ميمون، ففيه ضعف لكنه يعتبر به، وقد توبع على رفع الحديث.

وأخرجه أحمد 39/ (23715) عن يزيد بن هارون، عن رجل في مجلس عمرو بن عبيد، عن أبي عثمان، بهذا الإسناد. وبإثره قال يزيد: سمَّوه لي قالوا: هو جعفر بن ميمون.

وأخرجه أبو داود (1488) من طريق عيسى بن يونس، وابن ماجه (3815)، والترمذي (3556)، وابن حبان (876) من طريق ابن أبي عدي، كلاهما عن جعفر بن ميمون، به. قال الترمذي: حديث حسن غريب، ورواه بعضهم ولم يرفعه.

وسيأتي مرفوعًا من طريق محمد بن الزبرقان عن سليمان التيمي برقم (1983).

ص: 677

كريمٌ، يَستَحْيي من عبدِه أن يَرفَع إليه يديه ثم لا يَضَعُ فيهما خيرًا"

(1)

.

1854 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مُلَيكة، عن موسى بن عُقبة، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن فُتِح له في الدُّعاء منكم، فُتِحَتْ له أبوابُ الجنة، ولا يسألُ اللهَ عبدٌ شيئًا أحبَّ إليه من أن يَسألَ العافيةَ"

(2)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عامر بن يساف، وقد ذكرنا حاله فيما سلف برقم (1409)، وقال الذهبي في "تلخيصه": عامر ذو مناكير.

وهذا الحديث بهذا الإسناد الظاهر أنه من أفراد المصنف، فلم نقف على من أخرجه من طريق حفص بن عمر عن أنس غيره.

وقد روي الحديث من غير وجه عن أنس، لكنها طرق لا يفرح بها.

فقد أخرجه معمر في "الجامع"(19648) - وعنه عبد الرزاق في "المصنف"(3250)، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه البغوي في "شرح السنة"(1386) - وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/ 131 من طريق الفضيل بن عياض، كلاهما (معمر والفضيل) عن أبان بن أبي عياش، عن أنس. وأبان متروك. قال أبو نعيم: كذا رواه الفضيل عن أبان، وهو غريب مشهور من حديث أبي عثمان النهدي عن سلمان .. ثم قال: وأبان بن أبي عياش لا يصح حديثه لأنه كان نهمًا بالعبادة، والحديث ليس من شأنه.

وأخرجه أبو يعلى (4108) - وعنه ابن عدي في "الكامل" 4/ 61 - عن إبراهيم بن الحجاج السامي، عن صالح بن بشير المرّي، عن ثابت ويزيد الرقاشي وميمون بن سياه عن أنس. وهذا إسناد ضعيف لضعف صالح المرّي.

وأخرجه الطبراني في "الدعاء"(204) عن المقدام بن داود، عن حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك بن أنس، عن هشام بن سعد، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أنس. وهذا إسناد ضعيف جدًّا، حبيب كاتب مالك متروك، بل كذبه بعضهم.

وبهذا الإسناد أخرج الطبراني في "الدعاء" أيضًا (205) عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا العبد فرفع يديه فسأله، قال الله عز وجل: إني لأستحي من عبدي أن أرده".

ويشهد له حديث سلمان السالف قبله.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، وبه أعلّه =

ص: 678

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1855 -

أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، حدثنا جَدِّي، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحِزَاميّ، حدثنا موسى بن إبراهيم بن بَشِير الحَرَاميّ، قال: سمعتُ طلحة بن خِرَاش يقول: سمعتُ جابر بن عبد الله يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أفضلُ الذِّكر لا إله إلَّا الله، وأفضلُ الدعاءِ الحمدُ لله"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه الترمذي (3548) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وقال بإثره: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلّا من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي، وهو ضعيف في الحديث، ضعَّفه بعض أهل العلم من قبل حفظه.

وأخرج الشطر الثاني منه الترمذي (3549) من طريق إسرائيل، عن عبد الرحمن المليكي، به.

وفي الباب عن عبد الله بن عباس، سيأتي برقم (1960) وهو صحيح بطرقه.

وعن عبد الله بن جعفر، سيأتي برقم (6559).

وعن أبي بكر الصديق عند أحمد 1/ (6) و (10) و (38) و (16)، وابن ماجه (3849)، والترمذي (3558)، والنسائي (10654 - 10658)، وابن حبان (950)، وإسناده صحيح.

وعن العباس بن عبد المطلب عند أحمد 3/ (1776) و (1783)، والترمذي (3514)، وإسناده ضعيف.

وعن أنس بن مالك عند أحمد 19/ (12291)، وابن ماجه (3848)، والترمذي (3512)، وإسناده ضعيف.

(1)

إسناده حسن، تفرد به موسى بن إبراهيم بن كثير عن طلحة بن خراش، وكلاهما فيه كلام يحطه عن رتبة الصحيح.

وأخرجه ابن ماجه (3800) عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، عن موسى بن إبراهيم الحَرَامي، بهذا الإسناد.

وسيأتي من طريق يحيى بن حبيب عن موسى بن إبراهيم برقم (1873) ويأتي تخريجه من هذه الطريق هناك.

وفي الباب عن أبي ذر عند أحمد 35/ (21487)، وإسناده ضعيف.

ص: 679

1856 -

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبَري وأبو بكر محمد بن جعفر المُزكِّي، قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العبدي، حدثنا عبد العزيز بن عِمران بن أيوب بن مِقْلاص، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا عمر بن راشد.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن بالَوَيهِ، قالا: حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عبد الصمد، حدثنا عمر بن راشد، حدثنا إياس بن سَلَمةَ بن الأكوع، عن سَلَمةَ بن الأكوع، قال: ما سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يستفتحُ دعاءً إِلَّا اسْتَفْتَحَه بـ "سُبحان رَبِّيَ الأعلى العَليِّ الوهّاب"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1857 -

أخبرنا الحسن بن محمد الحَلِيمي، حدثنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عبدان، أخبرنا عبد الله، أخبرني يحيى بن حسان، يحدِّث عن ربيعة بن عامرٍ قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أَلِظُّوا بِيا ذا الجَلالِ والإكرام"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1858 -

أخبرنا أبو نصر أحمد بن سَهْل الفقيه، حدثنا خَلَف بن سليمان النَّسَفي،

(1)

إسناده ضعيف لضعف عمر بن راشد.

وأخرجه أحمد 27/ (16548) عن عبد الصمد - وهو ابن عبد الوارث - عن عمر بن راشد، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح. أبو الموجه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك، ويحيى بن حسان: هو البكري الفلسطيني.

وأخرجه النسائي (11499) عن محمد بن يحيى بن أيوب المروزي، عن عبدان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 29/ (17596)، والنسائي (7669) من طريقين عن عبد الله بن المبارك، به.

وعن أنس بن مالك عند الترمذي (3524) و (3525). ورجَّح الترمذي أنه عن الحسن البصري مرسل.

قوله: "ألظّوا بيا ذا الجلال والإكرام" أي: الزموا هذا النداء واثبتوا عليه وأكثروا من قوله والتلفظ به في دعائكم.

ص: 680

حدثنا محمد بن المُتوكِّل العَسْقَلاني، حدثنا رِشْدِين بن سعد، حدثنا موسى بن حَبِيب، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَلِظُّوا بِيا ذا الجَلالِ والإكرام"

(1)

.

1859 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا خارجة، عن موسى بن عُقبة، عن محمد بن المُنكَدِر، عن عطاء بن يَسَار، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: "أَتحبُّون أيها الناس أن تَجتَهِدوا في الدعاء؟ " قالوا: نعم يا رسول الله، قال:"قولوا: اللهمَّ أَعِنَّا على ذِكرِكَ وشُكرِكَ وحُسْنِ عبادتِك"

(2)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف رشدين بن سعد، وشيخُه موسى بن حبيب لم نقف على حاله، لكن قال الخطيب البغدادي في "غنية الملتمس" (555): موسى بن حبيب الكوفي: شيخ لرشدين بن سعد المصري.

وهذا الحديث لم نقف على أحد أخرجه غير المصنف. ويشهد له ما قبله.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف بمرّةٍ، خارجة - وهو ابن مصعب الخراساني - متروك الحديث، إلا أنه قد توبع، لكن في الإسناد اضطراب أيضًا كما سيأتي.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات"(275) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

ورواه إبراهيم بن إسحاق السراج عن يحيى بن يحيى، فخالف إسماعيلَ بن قتيبة، فقد أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(1180) عنه عن يحيى بن يحيى عن خارجة عن عبد الله بن عطاء عن موسى بن عقبة، به. لكن قال فيه: عن عطاء بن يسار أو عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة.

ورواه موسى بن طارق أبو قرة الزبيدي - فيما رواه عنه أحمد 13/ (7982)، ومن طريق أحمد أخرجه أبو نعيم في "الحلية" 9/ 223 - عن موسى بن عقبة عن أبي صالح السمان وعطاء بن يسار أو عن أحدهما عن أبي هريرة. هكذا قال، ولم يذكر فيه محمد بن المنكدر. ورجاله ثقات.

وأخرجه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(620) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن مجبر عن محمد بن المنكدر عن عطاء وأبي صالح السمان عن أبي هريرة. ومحمد بن عبد الرحمن هذا متروك.

ورواه أيضًا عبد العزيز بن عبد الله الماجشون عن محمد بن المنكدر - كما ذكر الدارقطني في "العلل"(1977) - واختلف عليه أيضًا، فقد رواه موسى بن إسماعيل التبوذكي عنه عن محمد =

ص: 681

هذا حديث صحيح، فإنَّ خارجة لم يُنقَم عليه إلَّا روايته عن المجهولين، وإذا روى عن الثقات الأثبات فروايتُه مقبولة

(1)

.

1860 -

حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ببغداد، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، حدثنا سعيد بن كَثير، وأصْبَغُ بن الفَرَج.

= ابن المنكدر عن عطاء بن يسار عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال الدارقطني: والصحيح عن عبد العزيز الماجشون عن محمد بن المنكدر عن عطاء أو أبي صالح عن أبي هريرة.

وقد روى الحديثَ هشام بنُ عروة عن محمد بن المنكدر مرسلًا، واختلف عليه فيه أيضًا، فقد أخرج ابن أبي الدنيا في "الشكر"(4) عن إسحاق بن إسماعيل، والبيهقي في "الدعوات"(274)، وفي "الشعب"(4098) من طريق محمد بن عبد الوهاب، كلاهما عن جعفر بن عون. وقرن ابن أبي الدنيا بابن عون أبا معاوية - عن هشام بن عروة عن محمد بن المنكدر قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".

وتابعهما حماد بن سلمة فيما أخرجه ابن أبي شيبة 10/ 427 من طريقه عن هشام بن عروة عن محمد بن المنكدر مرسلًا.

وخالف ابنُ أبي شيبة الراويين عن جعفر بن عون، فأخرجه في "مصنفه" 10/ 427 عن جعفر بن عون عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

الحديث. فجعله من مرسل عروة.

وتابع جعفرَ بن عون في ذلك معمرٌ فيما رواه في "جامعه"(19632) عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلًا.

ويشهد له حديث ابن مسعود عند البزار (2075)، ورجاله ثقات.

وحديث عائشة عند أبي سعيد النقاش في "ثلاثة مجالس من أماليه"(52). وإسناده حسن.

وحديث أبي سعيد الخدري عند الخطيب في "تاريخ بغداد" 6/ 372، وأبي علي الصفار في "فوائده"(5). لكن إسناده واهٍ.

وقد روي هذا الدعاء حديث معاذ بن جبل لكن بتقييده في دُبر الصلاة، وقد سلف برقم (1023)، وإسناده صحيح.

(1)

تعقبه الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 15/ 410 منكرًا عليه بقوله: لا والله. انتهى، قلنا: وهو كذلك، فهو شديد الضعف، ولولا قول يحيى بن يحيى فيه: مستقيم الحديث، لكان متفقًا على ضعفه، بل قد كذبه، بعضهم، ولخص الحافظ ابن حجر القول فيه في "التقريب" بقوله: متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إنَّ ابن معين كذبه.

ص: 682

وأخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا أحمد بن عيسى.

وحدثنا محمد بن صالح، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو الطاهر؛ قالوا: حدثنا عبد الله بن وَهْب، قال: وأخبرني عمرو بن الحارث، أنَّ درَّاجًا أبا السَّمْح حدَّثه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخُدْري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أكْثِرُوا ذِكرَ الله حتى يقولوا: مجنونٌ"

(1)

.

هذه صحيفةٌ للمِصريين صحيحة الإسناد، وأبو الهيثم سليمان بن عُبيد العُتْواري من ثِقات أهل مِصر.

1861 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أحمد بن علي الأبّار، حدثنا هشام بن خالد الأزرق، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا زهير بن محمد، عن منصور بن عبد الرحمن، عن أُمِّه، عن عائشةَ أُمِّ المؤمنين قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أتاه الأمرُ يَسُرُّه قال: "الحمدُ لله الذي بنِعمتِه تَتِمُّ الصالحاتُ"، وإذا أتاه الأمرُ يَكرَهُه قال:"الحمدُ لله على كلِّ حالٍ"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، فإنَّ دراجًا أبا السمح - واسمه سمعان - ضعيف في روايته عن أبي الهيثم: وهو سليمان بن عمرو بن عَبْد - ويقال: ابن عُبيد - العتواري وقد ذكر ابن عدي في "الكامل" 3/ 115 هذا الحديث في ترجمة دراج من بين الأحاديث التي تنكر عليه.

محمد بن إسماعيل: هو ابن يوسف أبو إسماعيل الترمذي، وأبو الطاهر: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح.

وأخرجه ابن حبان (817) عن عمر بن محمد الهمداني، عن أبي الطاهر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 18/ (11653) عن سريج بن النعمان، عن عبد الله بن وهب، به.

وأخرجه أحمد (11674) من طريق ابن لهيعة، عن دراج، به.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، زهير بن محمد - وهو التميمي - رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، وهذا منها، فالوليد بن مسلم دمشقي. لكن للحديث شواهدُ يحسُن بها إن شاء الله. أم منصور بن عبد الرحمن: هي صفية بنت شيبة بن عثمان القرشية. =

ص: 683

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1862 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا محمد بن عيسى بن السَّكَن، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمَير، حدثنا أبي، حدثنا موسى بن سالم

(1)

، عن عون بن عبد الله بن عُتْبة، عن أبيه، عن النعمان بن بَشِيرٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذين يَذكُرون مِن جَلالِ الله التحميدَ والتَّسبيحَ والتكبيرَ والتهليلَ، يَتعاطَفْنَ حولَ العرش، لهنَّ دَوِيٌّ كدَوِيِّ النحل، يَقُلنَ

(2)

لصاحبِهنَّ، [أفلا] يحبُّ [أحدُكم]

(3)

أن

= وأخرجه ابن ماجه (3803) عن هشام بن خالد الأزرق، بهذا الإسناد.

وسيأتي معناه برقم (2022) من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما يمنع أحدكم إذا عرف الإجابة من نفسه، فشفي من مرض، أو قدم من سفر، يقول: الحمد لله الذي بعزته وجلاله تتم الصالحات". وعيسى بن ميمون - وهو مولى القاسم بن محمد بن أبي بكر الصّدّيق - متروك منكر الحديث.

وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب عند البزار (533)، وأبي الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"(194)، والبغوي في "شرح السنة"(1380)، وفي سنده من لا يُعرف كما قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 655.

وآخر عن أبي هريرة سيأتي تخريجه عند حديث عائشة الآتي برقم (2022)، لأنه مثل لفظه.

وثالث عن ابن عباس عند الخطيب في "تاريخ بغداد" 4/ 221، وإسناده منقطع.

ورابع عن حبيب بن أبي ثابت عن بعض أشياخه عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 10/ 340، وأبي داود في "المراسيل"(532)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(150)، ورجاله ثقات، وحبيبٌ له رواية عن بعض الصحابة، فإن كان الذي حدّثه صحابيٌّ فالإسناد صحيح، وإلا فهو مرسل.

(1)

كذا سماه المصنف هنا، وهو إما وهمٌ منه أو ممن فوقه، أو أنه تحريف في بعض الأصول القديمة، صوابه: موسى بن مسلم، وهو الحزامي أبو عيسى الطحان، يعرف بموسى الصغير. ولم يتنبه الذهبي لهذا الوهم، لذلك تعقب المصنفَ في تصحيحه لهذا الحديث فقال: موسى بن سالم قال أبو حاتم: منكر الحديث.

(2)

كذا في النسخ الخطية، والذي في مصادر التخريج: يذكِّرن، والمعنى واحد، كأنهن يَقُلنَ كلامًا لأجل صاحبهن فيذكِّرن به، والله أعلم.

(3)

ما بين معقوفات سقط من نسخنا الخطية، وأثبتناه من المطبوع، إذ لا يستقيم المعنى بدونه، =

ص: 684

يكون له عندَ الرَّحمن شيءٌ يُذكِّره به"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1863 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مَهْدي بن رُسْتُم.

وحدثنا أبو الحُسين محمد بن أحمد بن تَمِيم القَنْطَري، حدثنا أبو قِلَابة الرَّقاشي

(2)

.

وحدثنا أبو بكر بنْ إسحاق الفقيه وأبو عمرو إسماعيل بن نُجَيد السُّلَمي وأبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي وأبو بكر بن بالَوَيهِ، قالوا: حدثنا أبو مسلم؛ قالوا: حدثنا أبو عاصم النَّبيل، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثني صالح بن أبي عَرِيب، عن كَثِير بن مُرَّةَ، عن معاذ بن جبلٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن كان آخرَ كلامِه لا إله إلَّا الله، دَخَلَ الجنة"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله قصةٌ لأبي زُرعةَ الرازي قد ذكرتُها في كتاب "المعرفة".

= وقد جاء كذلك في مصادر التخريج.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 30/ (18362) عن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد. ووقعت تسمية موسى عنده على الصواب: موسى يعني ابن مسلم الطحان. ووقع عنده في الإسناد شك، ففيه: عن عون بن عبد الله عن أبيه أو عن أخيه عن النعمان بن بشير. وهذا الشك لا يضر في الحكم على الحديث لأنَّ أباه عبد الله وأخاه عبيد الله كلاهما ثقة من رجال الشيخين، والله تعالى أعلم.

وسيأتي الحديث برقم (1876).

(2)

في النسخ الخطية: حدثنا أبو قلابة حدثنا الرقاشي، وهو خطأ واضح.

(3)

حديث صحيح، وهذ إسناد حسن من أجل صالح بن أبي عَريب. أبو قلابة الرقاشي: هو عبد الملك بن محمد، وأبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله الكشي، وأبو عاصم النبيل: هو الضحاك بن مخلد.

وسلف برقم (1315).

ص: 685

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في شهر رمضان سنة ستٍّ وتسعين وثلاث مئة:

1864 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك ببغداد، حدثنا أبو قِلَابةَ، حدثنا سهل بن حمّاد وحجّاج بن مِنْهال وأبو ظَفَرٍ، قالوا: حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابتٍ وداودَ بن أبي هند، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن قال في يومٍ مئةَ مرة: لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، لم يَسبِقْهُ أحدٌ كان قبلَه ولا يُدرِكُه أحدٌ كان بعدَه، إلَّا مَن عمل عملًا أفضلَ من عملِه"

(1)

.

(1)

إسناده حسن، إلّا أنَّ المحفوظ من رواية عمرو بن شعيب أنَّ من قالها في اليوم مئتي مرة، كما جاء في بعض الروايات عنه، وفي بعضها: مئة مرة حين يصبح ومئة مرة حين يمسي.

أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد الرقاشي، وأبو ظَفَر: هو عبد السلام بن مطهِّر الأزدي، وثابت: هو ابن أسلم البناني.

وأخرجه النسائي (10337) من طريق إبراهيم بن يعقوب، عن الحجاج بن منهال وحده، بهذا الإسناد. وفيه: من قال في يوم مئتي مرة

".

وأخرجه أحمد 11/ (6740) عن الحسن بن موسى الأشيب و (7005) عن عفان بن مسلم، كلاهما عن حماد بن سلمة، به. وقالا:"مئتي مرة".

وأخرجه النسائي (10336) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن داود بن أبي هند وحده، به. وقال أيضًا:"مئتي مرة".

وأخرجه النسائي (10335) من طريق شعبة عن الحكم بن عتيبة، و (10588) من طريق الأوزاعي، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به. قال الحكم في روايته:"مئة مرة إذا أصبح، ومئة مرة إذا أمسى"، وقال الأوزاعي:"مئة مرة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها".

وله شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري (3293)، ومسلم (2691) ولفظه:"من قال: لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في يوم مئة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يوم ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلّا أحد عمل أكثر من ذلك".

ص: 686

1864 م - سمعت الأستاذ أبا الوليد القرشي رضي الله عنه يقول: سمعت إبراهيم بن أبي طالبٍ يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظليَّ يقول: إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقةً، فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر.

قال الحاكم: لم أُخرِّج من أول الكتاب إلى هذا الموضع حديثًا لعمرو بن شعيب

(1)

، وقد ذكرتُ في أول كتاب الدعاء والتسبيح مذهبَ الإمام أبي سعيد عبد الرحمن بن مَهدي في المسامحة في أسانيدِ فضائل الأعمال.

1865 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا إسماعيل بن عيَّاش، عن راشد بن داود، عن يعلى بن شدّاد قال: حدثني أبي شدّادُ بن أوس، وعبادةُ بن الصامت حاضرٌ يصدِّقُه، قال: إِنا لَعِندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: "هل فيكم غَريبٌ؟ " - يعني أهلَ الكتاب - قلنا: لا يا رسول الله، فأمر بغَلْقِ الباب، فقال:"ارفَعوا أيدِيَكُم فقولوا: لا إله إلَّا الله" فرفعنا أيدِيَنا ساعةً، ثم وَضَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدَه ثم قال:"الحمدُ لله، اللهم إنَّك بَعَثْتَني بهذه الكلمة، وأمرتَني بها، ووعدتَني عليها الجنةَ، إنك لا تُخْلِفُ الميعاد" ثم قال: "أبشِروا، فإنَّ الله قد غَفَرَ لكم"

(2)

.

قال الحاكم: حالُ إسماعيل بن عياش يَقرُب من الحديث قبلَ هذا، فإنه أحد

(1)

تعقب ابنُ الملقن في "مختصر تلخيص الذهبي"(126) المصنِّفَ في قوله هذا، فقال: هذا عجيب من الحاكم، فإنه أخرج له في أول الصلاة (726) حديث: "مروا الصبيان بالصلاة لسبع

" الحديث، والعجب من الذهبي كيف أقرّه على ذلك. قلنا: بل العجب من ابن الملقن، فإنه لم يتنبه أنَّ الحاكم لم يخرج هذا الحديث محتجًا به، وإنما أورده في الشواهد، بل قد أعله بعدم سماع شعيب والد عمرو من جدّه عبد الله، وقد تكلمنا على هذه العلة هناك.

(2)

إسناده ضعيف لضعف راشد بن داود - وهو الصنعاني الدمشقي - فإنَّ له مناكير. قال الذهبي في "تلخيصه". راشد ضعَّفه الدارقطني وغيره، ووثقه دحيم.

وأخرجه أحمد 28/ (17121) عن أبي اليمان الحكم بن نافع، عن إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد.

ص: 687

أئمة أهل الشام، وقد نُسِبَ إلى سُوء الحفظ، وأنا على شَرْطي في أمثاله.

1866 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان، حدثنا الحسن بن عطية، حدثنا محمد بن طلحة بن مُصرِّف، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن قال: لا إله إلَّا الله، وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، عشرَ مِرارٍ، فهو كعَتَاقِ نَسَمة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1867 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحَجَبي، حدثنا إسماعيل ابن عُلَية، حدثنا سعيد بن إياس الجُرَيري، عن أبي عبد الله الجَسْري - حيٌّ من عَنَزَة - عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذرٍّ قال: قلت: يا رسولَ الله، بأبي وأُمِّي، أيُّ الكلام أحبُّ إلى الله؟ قال:"ما اصْطَفاهُ الله لملائكتِه: سبحانَ ربِّي، وبحمدِه سبحانَ ربِّي وبحمدِه"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد لا بأس برجاله، إلَّا أنَّ محمد بن طلحة بن مصرف لم يسمع من أبيه كما سيأتي بيانه برقم (2144)، لكنه قد توبع. الحسن بن عطية: هو ابن نجيح القرشي، قال الذهبي في "التلخيص": الحسن ضعفه الأزدي. انتهى، وكذا قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب"، لكن قال: فأظنه اشتبه عليه بالذي قبله.

وأخرجه أحمد 30/ (18516) عن عفان بن مسلم، عن محمد بن طلحة، بهذا الإسناد. لكن ليس فيه التكرار عشر مرار، وهو عند أحمد ضمن حديث مطوَّل.

وأخرجه أحمد (18518) و (18704) من طريق شعبة بن الحجاج، والنسائي (9876) من طريق منصور بن المعتمر، وابن حبان (850) من طريق زبيد الإيامي، ثلاثتهم عن طلحة بن مصرف، به. رواية شعبة مطولة.

وأخرجه أحمد (18531) من طريق قنان بن عبد الله النهمي، عن عبد الرحمن بن عوسجة، به وزاد فيه:"أو منح منحة، أو أهدى رقاقًا كان كعتق رقبة".

(2)

إسناده صحيح. أبو عبد الله الجَسْري: هو حِميَري - اسم بلفظ النسبة - بن بشير.

وأخرجه الترمذي (3593) عن أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. =

ص: 688

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1868 -

حدثنا جعفر بن محمد بن نُصَير الخُلْدي، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجّاج بن مِنْهال، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن الحجّاج الصَّوّاف، عن أبي الزُّبير، عن جابر، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قال: سُبحانَ الله العظيم، غُرِسَتْ له نَخلةٌ في الجنة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1869 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز وزياد بن الخليل التُّستَريُّ ومحمد بن أيوب البَجَليُّ ومحمد بن شاذانَ الجَوْهَريُّ ومحمد بن إبراهيم

= وقال: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 35/ (21320) و (21429) و (21529)، ومسلم (2731)(84) و (85) من طرق عن سعيد بن إياس الجريري، به.

وأخرجه النسائي (10591) من طريق عبد الله بن المختار، عن سعيد الجريري، عن أبي عبد الله الجسري، عن أبي ذر. لم يذكر عبد الله بن الصامت. قال الدارقطني في "العلل" (1107) بعد ذكر طريق عبد الله بن المختار هذه: والصواب قول ابن علية ومن تابعه.

(1)

إسناده صحيح. حجاج الصواف: هو ابن أبي عثمان، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي.

وأخرجه النسائي (10594) من طريق مسلم بن إبراهيم، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (3465)، وابن حبان (827) من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر. لم يذكر فيه حجاج الصواف، ومؤمل بن إسماعيل هذا سيئ الحفظ، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وأخرجه الترمذي (3464)، وابن حبان (826) من طريق روح بن عبادة، عن حجاج الصواف، به. قال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث أبي الزبير عن جابر.

وسيأتي الحديث من طريق موسى بن إسماعيل بن حماد بن سلمة برقم (1909).

وفي باب غراس الجنة عن أبي هريرة، وسيأتي برقم (1908).

وعن معاذ بن أنس عند أحمد 24/ (15645). وانظر تمام شواهده فيما سيأتي من حديث أبي هريرة.

ص: 689

العَبْديُّ، قالوا: حدثنا عبيد الله بن محمد القُرَشي التَّيميُّ، حدثنا عبد الرحمن بن حمّاد، حدثنا حفص بن سليمان، حدثنا طلحة بن يحيى بن طلحة، عن أبيه، عن طلحة بن عُبيد الله قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير سبحانَ الله، قال:"هو تَنْزيهُ اللهِ عن كلِّ سُوءٍ"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، حفص بن سليمان متروك الحديث، وعبد الرحمن بن حماد - وهو ابن عمران ابن موسى بن طلحة بن عبيد الله الطلحي - منكر الحديث كما قال أبو حاتم، وقال ابن حبان في "المجروحين" 2/ 60: يروي عن طلحة بن يحيى بنسخة موضوعة، فلست أدري أوضعها أو قُلبت عليه، وأيما كان من ذلك فهو ساقط الاحتجاج به. انتهى، لذلك تعقَّب الذهبيُّ المصنِّفَ في تصحيحه لهذا الإسناد، فقال: بل لم يصح؛ فإنَّ طلحة منكر الحديث، قاله البخاري، وحفص بن سليمان واهي الحديث، وعبد الرحمن قال أبو حاتم: منكر الحديث.

وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"(59) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الشاشي في "مسنده"(10) عن محمد بن علي بن الوراق، والطبري في "التفسير" 11/ 90 عن علي بن عيسى البزار، والطبراني في "الدعاء"(1751)، والبيهقي (59)، والخطيب في "الكفاية" ص 226 من طريق علي بن عبد العزيز، ثلاثتهم عن عبيد الله بن محمد القرشي، به.

وأخرجه البزار (950) عن محمد بن المثنى، وابن حبان في "المجروحين" 2/ 60، والخطيب في "الكفاية" ص 225 - 226 من طريق الفضل بن الحباب، كلاهما عن عبيد الله بن محمد القرشي، عن عبد الرحمن بن حماد الطلحي، عن طلحة بن يحيى، به. فأسقطا من الإسناد حفص بن سلمان.

وقد رواه موسى بن طلحة، واختلف عليه فيه، فروي عنه عن أبيه طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروي عنه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، قال الدارقطني في "العلل": والمرسل أصح.

قلنا: أخرجه الطبري في "التفسير" 11/ 90، والطبراني في "الدعاء"(1752) من طريق سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله، عن أبيه، عن جده موسى بن طلحة، عن أبيه طلحة بن عبيد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه نسخة في بعض رواتها جهالة وفيها بعض المناكير، ومع ذلك قال يعقوب بن شيبة كما في "التحفة" للمزي (5004): أحاديثها عندي صحاح!

وقد اختُلف فيه على موسى بن طلحة في وصله وإرساله:

فقد رواه عثمان بن موهب، عن موسى بن طلحة، واختلف عليه فيه: =

ص: 690

هذا حديثٌ صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1870 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا وهب بن جَرير وسعيد بن عامر، قالا: حدثنا شعبة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعتُ أبا عُبيدةَ يحدِّث عن أبيه قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُكثِرُ أن يقول: "سُبحانَكَ اللهمَّ وبحمدِك، اللهمَّ اغفِرْ لي"، فلما نزلت:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} ، قال: "سُبحانَكَ اللهم، اللهمَّ اغفِرْ

= فأخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" كما في "الغرائب الملتقطة" لابن حجر (1810) من طريق سهل بن عثمان الوشاء، عن أبي أسامة، عن سفيان الثوري، عن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وسهل بن عثمان الوشاء هو العسكري، وهو ثقة، لكن خالفه غيره من الثقات:

منهم نصرُ بن عبد الرحمن الأَودِي، عند الطبري في "التفسير" 11/ 90، ومحمد بن علي بن مُحرِز عند أبي جعفر النحاس في "إعراب القرآن" 1/ 194، فروياه عن أبي أسامة، عن سفيان الثوري، عن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

وتابعهما عبدُ الرحمن بنُ مهدي، عند الطبري 11/ 90 والفضلُ بنُ دُكين، عند الطبراني في "الدعاء"(1753)، ومحمد بن يوسف الفريابي، عند البيهقي في "الأسماء والصفات"(58)، ثلاثتهم عن الثوري، عن عثمان، عن موسى مرسلًا.

وتابع الثوريَّ على إرساله أيضًا قيسُ بنُ الربيع، فقد أخرجه من طريقه الطبراني في "الدعاء"(1754) عن عثمان، عن موسى مرسلًا. قال الطبراني بإثره: لم يُجاوز به عثمانُ بن عبد الله بن مَوهب موسى بنَ طلحة.

وخالفهما (يعني الثوريَّ وقيسَ بنَ الربيع) أبو شيبة إبراهيم بن عثمان، كما سيأتي برقم (1871) من طريقه عن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قال: سبحان الله، والحمد لله، لا إله إلّا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله، قال الله: أسلم عبدي واستسلم"، وعند غير الحاكم بأطول مما هنا، وفيه:"سبحان الله - وفي رواية: والتسبيح - تنزيه الله من كل سوء". قلنا: أبو شيبة متروك الحديث، فلا يُعتَدُّ بمخالفته.

ص: 691

لي، إنك أنت التَّوّاب"

(1)

.

هذا إسناد صحيح إن كان أبو عُبيدةَ بن عبد الله بن مسعود سمع من أبيه، ولم يُخرجاه.

1871 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عُبيد بن عبد الواحد حدثنا هشام بن عمّار، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا إبراهيم بن عثمان، [عن عثمان]

(2)

بن عبد الله بن مَوْهَب، عن موسى بن طلحة بن عُبيد الله، عن أبي هريرة، أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن قال: سُبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلَّا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوّةَ إلَّا بالله، قال الله: أسلَمَ عبدي واستَسلَمَ"

(3)

.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، فأبو عبيدة - وهو ابن عبد الله بن مسعود - لم يسمع منه أبيه. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وهو في "مسند أحمد" 6/ (3719).

وأخرجه أحمد أيضًا 7/ (3891) عن عفان، عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/ (3683) و (3745) و (4140) و (4352) و (4356) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، به.

وسيأتي من طريق النضر بن شميل عن شعبة برقم (4027).

وله شاهد من حديث عائشة عند البخاري (4967) و (4968)، ومسلم (484).

(2)

ما بين معقوفين سقط من نسخنا الخطية و"إتحاف المهرة"، ولا بد منه، وقد جاء على الصواب في مصادر التخريج، وإبراهيم بن عثمان هذا: هو ابن خواستي العبسي مولاهم، أبو شيبة الكوفي، وشيخه: هو عثمان بن عبد الله بن موهب.

(3)

إسناده ضعيف جدًّا، أبو شيبة إبراهيم بن عثمان متروك الحديث.

وأخرجه بأطول مما هنا الطبراني في "الأوسط"(6745) عن محمد بن أبي زرعة، عن هشام بن عمار، بهذا الإسناد. ولفظه:"من قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلَّا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلّا بالله، ضم عليهن ملكٌ جناحه، فلا يرجعن بشيء حتى يبلغ بهن العرش، ولا يمر على شيء إلَّا صلى عليهن وعلى قائلهن، والتسبيح تنزيه الله عن كل سوء، ومن قال: لا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم، قال الله: أسلم عبدي واستسلم".

وأخرجه بنحو لفظ الطبراني أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 150 - 151 من طريق ابن بنت =

ص: 692

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1872 -

أخبرنا حمزة بن العباس العَقَبي ببغداد، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا قُرَادٌ أبو نُوح، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن حَبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أولُ من يُدعَى إلى الجنة، الذين يَحْمَدون الله في السَّرّاء والضَّرّاء"

(1)

.

= شرحبيل سليمان بن عبد الرحمن عن الوليد بن مسلم، به.

(1)

إسناده ضعيف مرفوعًا، عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، كان قد اختلط، وذكر ابن حجر أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط، والراوي عنه هنا قراد أبو نوح - وهو عبد الرحمن بن غزوان الخزاعي - بغدادي، وحبيب بن أبي ثابت مدلس وقد عنعن، والمحفوظ بالإسناد الصحيح أنه من قول سعيد بن جبير كما سيأتي.

وأخرجه البيهقي في "الشعب"(4063)، وفي "الدعوات"(136)، وفي "الآداب" بإثر الحديث (715) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الصبر والثواب عليه"(109)، والبزار (5028) عن محمد بن عبد الله، عن قراد عبد الرحمن بن غزوان، به.

وأخرجه الخرائطي في "فضيلة الشكر"(33) من طريق حجاج بن محمد الأعور، عن عبد الرحمن المسعودي، به. وحجّاج أيضًا سكن بغداد وكان قد اختلط بها في آخر عمره.

وتابع المسعوديَّ قيسُ بن الربيع وشعبةُ بن الحجاج، لكن بطريقين ضعيفين إليهما:

أما الأول، فقد أخرجه الطبراني في "الكبير"(12345)، وفي "الأوسط"(3033)، وفي الصغير (288)، وفي "الدعاء"(1768)، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 69، وفي "صفة الجنة"(82)، والبيهقي في "الشعب"(4064) و (4166)، وفي "الآداب"(715)، من طريق عاصم بن علي الواسطي، عن قيس بن الربيع، عن حبيب بن أبي ثابت، به. وقيس بن الربيع هذا فيه ضعف، والراوي عنه عاصم بن علي لا بأس به، لكن له ما ينكر.

وأما الثاني، فأخرجه الطبراني في "الصغير" بإثر الحديث (288)، والبيهقي في "الشعب"(4167)، وفي "الدعوات"(135)، وفي "الآداب" بإثر الحديث (715)، والبغوي في "شرح السنة"(1270)، وابن فاخر في "موجبات الجنة"(370)، وابن حجر العسقلاني في "الأمالي المطلقة" ص 23 - 24 من طريق نصر بن حماد الوراق، عن شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، به. =

ص: 693

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1873 -

حدثنا أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا يحيى بن حَبيب بن عَرَبي، أخبرنا موسى بن إبراهيم بن كَثير الأنصاري المَدَني قال: سمعتُ طلحة بن خِرَاشٍ يقول: سمعتُ جابر بن عبد الله يقول: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أفضلُ الذِّكر لا إله إلَّا الله، وأفضلُ الدُّعاء الحمدُ لله"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1874 -

حدثنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق العدل ببغداد، حدثنا عبد العزيز ابن معاوية القرشي، حدثنا عبد الله بن بكرٍ السَّهْمي، حدثنا حاتم بن أبي صَغِيرة،

= وهذه متابعة ضعيفة جدًّا، فنصر بن حماد ضعيف جدًّا، كذبه بعضهم. قال الحافظ ابن حجر: هذا حديث غريب، تفرد به نصر بن حماد وهو ضعيف، لكن أخرجه ابن أبي شيبة والحاكم من طريق المسعودي عن حبيب بن أبي ثابت

والمسعودي صدوق إلّا أنه اختلط، فالحديث على هذا حسن إن لم يكن نصر بن حماد انقلب عليه، وكان عنده: عن المسعودي، فصار عن شعبة.

قلنا: قد وقفنا على متابعة لنصر بن حماد، أخرجها الماليني في "الأربعين في شيوخ الصوفية"(40) عن أبي علي محمد بن الحسين بن حمزة الصوفي، عن أبي الحسن علي بن أحمد الفقيه، عن محمد بن الفضيل الزاهد، عن سعيد بن عامر، عن شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، به.

وسعيد بن عامر ثقة، والراوي عنه محمد بن الفضيل صدوق، إلّا أننا ما عرفنا من دونه.

وقد روي هذا الحديث من طريقين أحدهما صحيح عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير من قوله، أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(206) عن مسعر بن كدام وابن أبي شيبة 14/ 134 عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن عيسى بن المختار، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، كلاهما (مسعر وابن أبي ليلى) عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير قوله. وابن أبي ليلى، وإن كان سيئ الحفظ، فقد تابعه مسعر وهو ثقة ثبت، وطريقه هذا أصح طرق هذا الحديث، فلعله هو الصواب، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده حسن من أجل موسى بن إبراهيم وشيخِه طلحة بن خراش.

وأخرجه الترمذي (3383)، والنسائي (10599)، وابن حبان (846) من طريق يحيى بن حبيب، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث موسى بن إبراهيم.

وانظر ما سلف برقم (1855).

ص: 694

عن أبي بَلْج، عن عمرو بن مَيمون أنه أخبره، أنه سمع عبد الله بن عمرٍو يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما على الأرض رجلٌ يقول: لا إله إلَّا الله، والله أكبر، وسبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا حولَ ولا قوّةَ إلَّا بالله، إلا كُفِّرت عنه ذُنوبُه، وإن كانت أكثرَ من زَبَد البحر"

(1)

.

رواه شعبة عن أبي بلج يحيى بن أبي سليم فأَوقفه:

1875 -

أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة.

وأخبرنا أحمد بن محمد العَفْصي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي بَلْج، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن عمرٍو أنه قال: مَن قال: لا إله إلَّا الله، والله أكبر، والحمدُ لله، وسبحانَ الله كثيرًا، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلا بالله، كُفِّرتْ خطاياهُ وإن كانت أكثرَ من زَبَدِ البحر

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل أبي بَلْج - وهو يحيى بن أبي سليم، ويقال: ابن سليم - لكن خالف حاتمَ بنَ أبي صغيرة شعبةُ بنُ الحجاج فرواه عن أبي بلج بهذا الإسناد موقوفًا، كما في الرواية التالية، وهو الراجح لحفظ شعبة وإمامته، والله أعلم.

وأخرجه أحمد 11/ (6479) و (6973)، والترمذي (3460) من طريق عبد الله بن بكر السهمي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وأخرجه أحمد (6959)، والترمذي (3460 م)، والنسائي (9875) و (10589) من طرق عن حاتم بن أبي صغيرة، به.

(2)

إسناده حسن من أجل أبي بلج، وقد سلف الكلام عليه في الذي قبله.

وأخرجه الترمذي بإثر الحديث (3460)، والنسائي (9874) عن محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

ورواه أبو النعمان الحكم بن عبد الله عن شعبة فخالف في لفظه، أخرجه النسائي (9873) من طريقه عن شعبة، به بلفظ: من قال: لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، كفرت عنه ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر. وهذا لفظ شاذ، فأبو النعمان وإن كان ثقة، فله أوهام، ولعلَّ هذا من أوهامه، والله أعلم.

ص: 695

حديث حاتم بن أبي صَغِيرةَ صحيحٌ على شرط مسلم، فإنَّ الزِّيادة من مثله مقبولة.

1876 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، عن أبي عيسى موسى بن عيسى الصَّغير

(1)

، حدثني عَوْن بن عبد الله بن عُتْبة، عن أبيه قال: سمعتُ النُّعمان بن بَشِيرٍ يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِن جَلال اللهِ مما تَذْكُرونَ، التَّسبيحَ والتَّحميدَ والتَّهليلَ، إنَّهنَّ لَيَتَعَطَّفْنَ حولَ العرش لهنَّ دَوِيٌّ كدَوِيِّ النحل، يُذَكَّرنَ بصاحبِهنَّ، أفلا يُحِبُّ أحدُكم أن يكونَ له عندَ الله من يُذكِّرُه به؟ "

(2)

.

هذا حديث على شرط مسلم، فقد احتَجَّ بموسى القارئ، وهو ابن عيسى هذا!

1877 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني أبو علي أحمد بن إبراهيم المَوْصِلي، حدثنا خَلَف بن خليفة، عن حفص ابنِ أخي أنسٍ، عن أنس بن مالك قال: كنّا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حَلْقَةٍ، ورجلٌ قائمٌ يصلِّي، فلما رَكَعَ وسجد، تشهَّد ودعا، فقال في دُعائِه: اللهمَّ إنِّي أسألُك بأنَّ لك الحمدَ، لا إله إلَّا أنتَ، بديعُ السماوات والأرض، يا ذا الجَلال والإكرام، يا حيُّ يا قَيُّوم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لقد دعا باسمِ الله الأعظم، الذي إذا

(1)

كذا سماه المصنف هنا، وهو وهمٌ منه رحمه الله، فقد ذهب وهمه إلى الذي احتجَّ به مسلم، وهو موسى بن عيسى القارئ الخياط، وهذا لا يقال له: الصغير، والصواب أنه أبو عيسى موسى بن مسلم الكوفي الطحان المعروف بموسى الصغير، وكأنَّ المصنف قد خلط بينهما فعدهما واحدًا، وقد سلف الحديث من طريق موسى بن مسلم هذا برقم (1862)، ووهم المصنف في تسميته أيضًا هناك، فسماه مسلم بن سالم.

(2)

إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد، ويحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه أحمد 30/ (18388). وأخرجه ابن ماجه (3809) عن أبي بشكر بن بكر بن خلف، كلاهما (أحمد وأبو بشر) عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. لكن وقع عندهما: عون بن عبد الله عن أبيه أو عن أخيه، على الشك.

وسلف الحديث برقم (1862)، وذكرنا هناك أنَّ هذا الشك لا يضر لأنَّ كليهما ثقة.

ص: 696

دُعِيَ به أجاب، وإذا سُئِلَ به أَعطَى"

(1)

.

هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وقد روي من وجهٍ آخر عن أنس بن مالك:

1878 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سُليمان، حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني عِياض بن عبد الله الفِهْري، عن إبراهيم بن عُبيد، عن أنس بن مالك: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: اللهمَّ إِنِّي أسألك بأنَّ لك الحمد، لا إله إلَّا أنت، المَنَّانُ، بديعُ السماوات والأرض، ذو الجَلال والإكرام، أسألُك الجنةَ، وأعوذُ بك من النار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لقد كادَ يدعو اللهَ باسمِه الذي إذا دُعيَ به أجابَ، وإذا سُئِل به أَعطَى"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل خلف بن خليفة. حفص ابن أخي أنس: قيل: هو حفص بن عبد الله بن أبي طلحة، وقيل: حفص بن عبيد الله بن أبي طلحة، وقيل: حفص بن عمر بن عبيد الله بن أبي طلحة، وقيل: حفص بن محمد بن عبد الله بن أبي طلحة، كما في ترجمته في "تهذيب الكمال" 7/ 80.

وأخرجه أحمد 20/ (12611) و 21/ (13570)، وأبو داود (1495)، والنسائي (1224) و (7654)، وابن حبان (893) من طرق عن خلف بن خليفة، بهذا الإسناد. ووقعت تسمية حفص عند أحمد: حفص بن عمر، وفي الموضع الثاني عند النسائي: حفص بن عبد الله. وقال ابن حبان بإثره: حفص هذا: هو حفص بن عبد الله بن أبي طلحة أخو إسحاق ابن أخي أنس لأمه.

وأخرجه أحمد 19/ (14205)، وابن ماجه (3858) من طريق أبي خزيمة، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك. وهذا إسناد ضعيف من أجل أبي خزيمة - وهو يوسف بن ميمون الصباغ - فقد صرَّح وكيع باسمه عند ابن حبان في "المجروحين" 3/ 133 فقال: حدثنا يوسف أبو خزيمة عن أنس بن سيرين.

وأخرجه الترمذي (3544) من طريق سعيد بن زربي، عن عاصم الأحول وثابت، عن أنس.

قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه. قلنا: وسعيد بن زربي هذا ضعيف.

(2)

حديث صحيح كسابقه، وهذا إسناد فيه ضعف من أجل عياض بن عبد الله الفهري، وقد توبع، وإبراهيم بن عبيد - وهو ابن رفاعة - صدوق. الربيع بن سليمان: هو المرادي. =

ص: 697

1879 -

حدثنا أحمد بن كامل بن خلف القاضي، حدثنا أحمد بن عُبيد الله النَّرْسي، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك بن مِغْوَل.

وحدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان، حدثنا سعيد بن عمرو الأشْعَثي، حدثنا وكيع بن الجرّاح، حدثنا مالك بن مِغْول، عن عبد الله بن بُرَيدةَ الأسْلَمي، عن أبيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: اللهمَّ إنِّي أسألُك بأنك أنتَ الله لا إله إلَّا أنتَ، الأحدُ الصَّمدُ، الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ، ولم يكن له كفوًا أَحد، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لقد سألتَ اللهَ باسمِه الأعظمِ، الذي إذا سُئِل به أَعطَى، وإذا دُعِي به أجاب"

(1)

.

= وأخرجه أحمد 21/ (13798) من طريق عبد العزيز بن مسلم، عن إبراهيم بن عبيد، بهذا الإسناد. وقد سمَّى الرجل المبهم في الحديث أبا عياش زيد بن صامت الزرقي. ولفظه عنده: "لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي

".

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 38/ (23041)، وابن ماجه (3857) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصرًا ومطولًا وفيه قصة أحمد (22952) عن عثمان بن عمر، وأحمد أيضًا (22965)، وأبو داود (1493)، والنسائي (7619)، وابن حبان (891) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وأبو داود (1494)، والترمذي (3475)، والنسائي (11652)، وابن حبان (892) من طريق زيد بن الحباب، ثلاثتهم عن مالك بن مغول، به.

وذكر زيد بن الحباب بإثر الحديث عند الترمذي والنسائي أنه رواه أيضًا عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق السبيعي عن مالك بن مغول به، ثم رواه عن سفيان الثوري عن مالك بن مغول. وكذا ذكر عند ابن حبان لكنه لم يذكر روايته عن سفيان.

وسيأتي بعده من طريق شريك القاضي عن أبي إسحاق، وقد اضطرب شريك فيه.

وسلف برقم (999) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه، عن حسين المعلم، عن عبد الله بن بريدة عن حنظلة بن علي، عن محجن بن الأدرع، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا برجل قد صلَّى صلاته وهو يتشهد، ويقول: اللهم أني أسألك يا الله الواحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، أن تغفر ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم، فقال:"قد غُفر له، قد غُفر له". فجعله من حديث محجن، قال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه (2082): =

ص: 698

هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ صحيح على شرط مسلم:

1880 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدُّنيا، حدثنا الحسن بن الصبّاح، حدثنا الأسْوَد بن عامر، أخبرنا شَرِيك، عن أبي إسحاق، عن ابن بُرَيدةَ، عن أبيه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: اللهمَّ إنِّي أسألُك بأنَّك أحدٌ صَمَدٌ، لم يَلِدْ ولم يُولَدْ، ولم يكن لك كُفُوًا أَحد، فقال:"لقد سألَ الله باسمِهِ الأعظم - أو الأكبر - الذي إذا دُعِي به أجابَ، وإذا سُئِل به أَعطَى"

(1)

.

1881 -

أخبرنا عبد الله بن جعفر الفَسَوي، حدثنا يعقوب بن سفيان الفَسَوي، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سعيد

(2)

بن أبي أيوب، عن الحسن بن ثَوْبان، عن هشام بن أبي رُقَيَّة، أنَّ أبا الدَّرداءِ وابن عباسٍ قالا: إِنَّ اسمَ الله الأكبرَ: رَبِّ رَبِّ

(3)

.

= حديث عبد الوارث أشبه. قلنا: وقد ذكرنا في التعليق على "سنن أبي داود"(985) أنه لا وجه لترجيح إحدى الروايتين على الأخرى، حيث إنَّ ألفاظهما متباينة، فلا يوجد ما يمنع أن تكونا قصتين، وأن يكون ابن بريدة رواهما جميعًا، والله أعلم.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، فقد اضطرب فيه شريك - وهو ابن عبد الله القاضي - فقد رواه هنا عن أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - عن ابن بريدة، ورواه مرة عن أبي إسحاق ومالك بن مغول عن ابن بريدة، كما أخرجه الطحاوي في "شرح المشكل"(173) عن أبي أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم عن أسود بن عامر عن شريك به، ورواه مرة عن أبي إسحاق عن مالك بن مغول عن ابن بريدة، كما ذكر الخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 447، وهذا هو المحفوظ من حديث أبي إسحاق، فقد رواه زيد بن الحباب عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن مالك بن مغول عن ابن بريدة، كما سلف في تخريج الحديث الذي قبله. لذلك قال الترمذي بإثر الحديث (3475): وروى شريك هذا الحديث عن أبي إسحاق عن ابن بريدة عن أبيه، وإنما أخذه أبو إسحاق عن مالك بن مغول.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: سعد.

(3)

إسناده قوي من أجل الحسن بن ثوبان. =

ص: 699

1882 -

أخبرني أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عمّار، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الله العلاء، قال: سمعتُ القاسم يحدِّثُ عن أبي أُمامةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اسمُ الله الأعظمُ في ثلاثِ سُوَرٍ من القرآن: في سورة البقرةِ، وآلِ عمران، وطه". قال القاسم: فالتمستُها، إنه: الحيُّ القيُّوم

(1)

.

1883 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب إملاءً، حدثنا محمد بن علي بن مَيْمُون الرَّقِّي، حدثنا محمد بن يوسف الفِرْيابي، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن إبراهيم بن محمد بن سعد، عن أبيه، عن جدِّه سعد بن أبي وقّاص، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "دعوةُ ذي النُّون إذْ دعا وهو في بطن الحُوت: لا إلهَ إِلَّا أَنتَ، سبحانَكَ إِنِّي كنتُ من الظالمين، إنه لم يَدْعُ بها مسلمٌ في شيءٍ قطُّ، إلا استجابَ اللهُ له بها"

(2)

.

= وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 273 و 14/ 32 عن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الدعاء"(119) من طريق عبد الله بن وهب، عن سعيد بن أبي أيوب، به.

ووقع في المطبوع منه: سعيد بن أبي أيوب والحسن بن ثوبان، بالعطف، وهو خطأ، إنما هو سعيد بن أبي أيوب عن الحسن بن ثوبان.

(1)

حديث صحيح إن شاء الله، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه، كما فصّلناه في تعليقنا على "سنن ابن ماجه"(3856) و (3856 م).

وسيأتي برقم (1887) و (1888).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق.

وأخرجه الترمذي (3505)، والنسائي (10417) من طريقين عن محمد بن يوسف الفريابي، بهذا الإسناد. وذكر الترمذي أنَّ بعضهم رواه عن يونس عن إبراهيم بن محمد بن سعد عن سعد، لم يذكر عن أبيه، ثم قال الترمذي: وكان يونس بن أبي إسحاق ربما ذكر في هذا الحديث عن أبيه، وربما لم يذكره.

وأخرجه مطولًا ضمن قصةٍ أحمد 3/ (1462) عن إسماعيل بن عمر الواسطي، عن يونس بن أبي إسحاق، به. =

ص: 700

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد رُوي عن الفِرْيابي عن سفيان الثوري عن يونس بن أبي إسحاق كذلك، وهو وهمٌ من الراوي:

1884 -

حدَّثَناه أبو عمرو محمد بن أحمد بن إسحاق العدل، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن جُوروَيهِ

(1)

الرازي، حدثنا عمر بن الخطاب الأهوازي، حدثنا محمد بن يوسف الفِرْيابي، حدثنا سفيان، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن إبراهيم بن محمد بن سعد، عن أبيه

(2)

قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "دعوةُ ذي النُّون إِذْ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلَّا أنتَ سبحانك إنِّي كنتُ من الظالمين، لا يدعو بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ، إِلَّا استجابَ اللهُ له"

(3)

.

1885 -

فأخبرَناه أبو عبد الله الصَّفَّار، حدثنا ابن أبي الدُّنيا، حدّثني عُبيد بن

= وسيكرره المصنف بإسناده ومتنه برقم (3485).

وانظر الأحاديث الثلاثة التالية بعده، وما سيأتي أيضًا برقم (4166)، ومن وجه آخر حسن عن سعد برقم (4172).

(1)

في النسخ الخطية: جوريه، وهو خطأ، والتصويب من "تاريخ بغداد" 3/ 452، و"الأنساب" للسمعاني 3/ 357 رسم (الجورويي).

(2)

كذا في النسخ الخطية بصورة الإرسال، ووقع في المطبوع بعد هذا:"عن جده سعد بن أبي وقاص"، موصولًا، وصنيع الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة"(5116) يوهم أنه موصول، حيث لم يشر إلى إرساله، والله أعلم.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد وقع فيه الوهم ممن دون الفريابي، فذكر فيه سفيان الثوري بين الفريابي ويونس كما قال المصنف، فقد رواه جمعٌ عن الفريابي - كما سلف في تخريج الحديث الذي قبله - لم يذكروا فيه سفيان، فالوهم إما من عمر بن الخطاب الأهوازي فهو صدوق كما في "التقريب"، أو من محمد بن عبد الله بن جورويه، فقد ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. ثم إذا كان الصواب في رواية سفيان هذه أنه مرسل، فهذا وهمٌ آخر، حيث المحفوظ أنه من حديث سعد بن أبي وقاص موصولًا، والله تعالى أعلم.

ولم نقف عليه من هذا الوجه عند غير المصنف.

ص: 701

محمد، حدثنا محمد بن مُهاجر القُرَشي، حدثني إبراهيم بن محمد بن سعد، عن أبيه، عن جدِّه قال: كنا جلوسًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ألا أخبِرُكم بشيء إذا نزل برجل منكم كَرْبٌ أو بلاءٌ من بلايا الدنيا دعا به يُفَرَّجْ عنه؟ " فقيل له: بلى، فقال:"دعاءُ ذي النُّون: لا إله إلَّا أنتَ، سبحانَك إنِّي كنتُ من الظالمين"

(1)

.

1886 -

حدَّثَناه الزُّبير بن عبد الواحد الحافظ، حدثنا محمد بن الحسن بن قُتيبة العَسْقلاني، حدثنا أحمد بن عمرو بن بَكْر السَّكْسَكيّ، حدّثني أبي، عن محمد بن زيد

(2)

، عن سعيد بن المسيّب، عن سعد بن مالكٍ قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هل أدلُّكم على اسمِ الله الأعظم الذي إذا دُعِيَ به أجاب، وإذا سُئِلَ به أَعطَى؟ الدعوةُ التي دعا بها يُونُسُ حيثُ ناداه في الظُّلُمات الثلاث: لا إله إلَّا أنتَ، سبحانَكَ إِنِّي كنتُ من الظالمين"، فقال رجل: يا رسولَ الله، هل كانت ليونُسَ خاصةً أم للمؤمنين عامة؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ألا تسمعُ قولَ الله عز وجل: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88] " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيُّما مسلمٍ دعا بها في مَرَضِه أربعينَ مرةً، فمات في مَرَضِه ذلك، أُعطِيَ أجرَ شهيد، وإن بَرَأَ بَرَأَ وقد غُفِرَ له جميعُ ذنوبه"

(3)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبيد بن محمد - وهو المحاربي - وشيخُه محمد بن مهاجر القرشي قال البخاري: لا يتابع على حديثه.

وأخرجه النسائي (10416) عن القاسم بن زكريا، عن عبيد بن محمد، بهذا الإسناد.

(2)

في النسخ الخطية: يزيد، والتصويب من "إتحاف المهرة"(5116) و"تلخيص المستدرك" و"قوارع القرآن" للجوري حيث رواه من طريق المصنف نفسه، ومحمد بن زيد هذا: هو ابن المهاجر، فهو الذي يروي عن سعيد بن المسيب، ويروي عنه عمرو بن بكر السكسكي.

(3)

إسناده تالف، أحمد بن عمرو بن بكر السكسكي، كذا سماه المصنف، ولم نقع لعمرو بن بكر السكسكي على ابنٍ اسمه أحمد، وإنما يروي عنه ابنه إبراهيم، فالغالب على الظن أنه إبراهيم هذا، ووهم المصنف فسماه أحمد، وإبراهيم وأبوه عمرو بن بكر متروكان، بل اتهمهما ابن حبان بالوضع. =

ص: 702

1887 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني عمّار بن نَصْر، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني عبد الله بن العلاء بن زَبْرٍ، حدثنا القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أُمامةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ اسمَ الله الأعظم لَفِي ثلاثِ سورٍ من القرآن: في سورةِ البقرة وآلِ عمرانَ، وطه".

فالتمستُها فوجدتُ في سورة البقرة آيةَ الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]، وفي سورة آل عمران:{الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 1 - 2]، وفي سورة طه:{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه: 111]

(1)

.

1888 -

حدَّثَناه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن مَهْدي العطّار بالفُسْطاط، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، حدثنا ابن زَبْر - وهو عبد الله بن العلاء - قال: سمعت القاسم أبا عبد الرحمن يقول: إنَّ اسمَ الله الأعظم لفي سورٍ من القرآن ثلاثٍ: البقرة وآل عمران، وطه.

فقال له رجل يقال له: عيسى بن موسى - وأنا أسمع -: يا أبا زَبْر سمعتُ غَيْلانَ بن أنسٍ يقول: سمعتُ القاسم أبا عبد الرحمن يقول

(2)

: سمعتُ أبا أمامة يحدِّث

= وأخرجه أبو عمر الجوري في "قوارع القرآن"(70) عن أبي عبد الله الحاكم إجازةً، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 17/ 82 من طريق يحيى بن صالح، عن أبي يحيى بن عبد الرحمن، عن بشر بن منصور، عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب، به. أبو يحيى بن عبد الرحمن لم نتبينه، وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف، فيحتمل أن تكون رواية عمرو بن بكر السكسكي عن علي بن زيد هذا، فأبدله عمرو بن بكر أو ابنه إبراهيم بمحمد بن زيد - وهو ابن المهاجر الثقة - ولا يستبعد هذا فهما متهمان، والله تعالى أعلم.

لكن صحَّ الحديث بسياقة أخرى من وجه آخر عن سعد، انظر الأحاديث الثلاثة السابقة.

(1)

حديث صحيح، عمار بن نصر - وإن كان فيه مقال - متابع، وقد سلف من طريق هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم برقم (1882).

(2)

من قوله: "إن اسم الله" إلى هنا سقط من (ب) والمطبوع.

ص: 703

عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّ اسمَ الله الأعظم لفي سورٍ من القرآن ثلاثٍ. ثم ذكره بنحوه

(1)

.

حديث عمرو بن أبي سلمة هذا لا يعلِّل حديث الوليد بن مسلم، فإنَّ الوليد أحفظُ وأتقنُ وأعرفُ بحديث بلده، على أنَّ الشيخين لم يحتجّا بالقاسم أبي عبد الرحمن.

1889 -

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا ابن أبي مَسَرَّة، حدثنا خَلّاد بن يحيى، حدثنا عبد الواحد بن أيمن المكِّي، عن عُبيد بن رِفاعةَ بن رافع الزُّرَقي، عن أبيه قال:[لمّا] كان يومُ أُحدٍ انكَفَأَ المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"استَوُوا حتى أُثْنيَ على ربِّي"، فصاروا خلفَه صفوفًا، فقال:"اللهمَّ لك الحمدُ كلُّه، اللهمَّ لا مانعَ لما بَسَطْتَ، ولا باسطَ لما قَبضتَ، ولا هاديَ لمن أضللتَ، ولا مُضِلَّ لمن هديتَ، ولا مُنْطِيَ لما مَنعتَ، ولا مانعَ لما أَنْطيتَ، ولا مقرِّبَ لما باعدتَ، ولا مُباعِدَ لما قرَّبتَ، اللهمَّ ابسُطْ علينا من بَرَكاتِكَ ورَحمتِك وفَضلِكَ ورِزْقِكَ، اللهمَّ إنِّي أسألك النَّعيمَ يومَ القيامة، والأمنَ يومَ الخوف، اللهمَّ عائذٌ بك من شرِّ ما أعطيتَنا، وشرِّ ما مَنَعْتَنا، اللهمَّ حبِّب إلينا الإيمانَ وزيِّنْه في قلوبنا، وكَرِّه إلينا الكُفْرَ والفُسوقَ والعِصيانَ، واجعلنا من الرَّاشدين، اللهمَّ تَوفَّنا مُسلمِين، وأَحْيِنا مُسلمِين، وأَلْحِقْنا بالصالحين، غيرَ خزايا ولا مَفتونِين اللهمَّ قاتلِ الكفرةَ الذين يكذِّبون رُسُلَك، ويَصُدُّون عن سبيلك، واجعلْ عليهم رِجْزَكَ وعذابَك الحقَّ الحقَّ"

(2)

.

(1)

إسناده فيه لين، عمرو بن أبي سلمة يعتبر به في المتابعات، والراوي عنه محمد بن مهدي العطار، روى عنه جمع منهم ابن خزيمة، ولم نقف له على ترجمة، غير أنَّ ابن خزيمة قال في "صحيحه" (1746): فارسي الأصل سكن الفُسطاط. قلنا: وهو متابع، لكن المحفوظ رفعه كما في رواية الوليد بن مسلم السابقة. محمد بن إسحاق: هو ابن خزيمة الإمام.

وأخرجه ابن ماجه (3856) و (3856 م) عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، عن عمرو بن أبي سلمة، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح، وعبيد بن رفاعة ثقة كما قال الذهبي في "تلخيصه"، على أنَّ بعضهم جزم بصحبته، كابن معين في رواية الدُّوري عنه، والطبراني وغيرهما، لكن الصحيح أنه ولد في عهد =

ص: 704

هذا حديث صحيح

(1)

على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1890 -

أخبرنا علي بن عبد الرحمن بن ماتَى الدِّهقانُ بالكوفة، حدثنا الحسين بن الحَكَم الحِبَري، حدثنا قَبِيصةُ، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن عُمارةَ بن عُمَير، عن أبي عمَّار، عن حُذيفة رَفَعه قال:"يأتي عليكم زمانٌ لا يَنجُو فيه إلَّا مَن دعا دعاءَ الغَريق"

(2)

.

= النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى عنه جمع ووثقه العجلي وابن حبان، فمثله يُعدُّ ثقةً، ولهذا صحَّح حديثه هذا الحافظ في "نتائح الأفكار" 2/ 163، وأقرَّ الذهبيُّ المصنِّفَ هنا في "تلخيصه" بنظافة إسناده، لكنه استنكره وقال: أخاف أن يكون موضوعًا. ولا يُسلَّم للذهبي ذلك مع ثقة رجاله، وإخراج البخاري له في "الأدب المفرد"، وسكوت الأئمة المتقدمين عليه مع إخراجهم له.

وسيأتي برقم (4354)، ويأتي تخريجه هناك.

(1)

لفظة "صحيح" سقطت من (ز) و (ع)، وأثبتناها من (ص) و (ب).

(2)

صحيح موقوفًا، رجاله ثقات إلا أنه قد اختُلف فيه على سفيان - وهو الثوري - فرواه قبيصة - وهو ابن عقبة - عنه فرفعه، وقبيصة في سفيان ليس بذاك القوي فإنه سمع منه وهو صغير كما قال ابن مَعين، وقد خالفه الحسين بن حفص فيما سيأتي برقم (8513) فرواه عن سفيان موقوفًا، ورواه موقوفًا أيضًا أبو معاوية وعبدة بن سليمان عن الأعمش كما سيأتي.

الأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو عمار: هو عَريب بن حُميد الهمداني الدُّهني.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(504) عن عبدة بن سليمان، وابن أبي شيبة 10/ 201 و 15/ 21 عن أبي معاوية الضرير، كلاهما عن سليمان الأعمش، بهذا الإسناد موقوفًا.

وروي عن الأعمش، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، عن همام بن الحارث، عن حذيفة موقوفًا، أخرجه من طريقه نعيم بن حماد (503)، وابن أبي شيبة 10/ 202 و 15/ 21 عن أبي معاوية الضرير، وقرن نعيم بن حماد بأبي معاوية عيسى بنَ يونس، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 274 من طريق جرير، والبيهقي في "شعب الإيمان"(1078) من طريق يعلى بن عبيد، أربعتهم عن الأعمش، به.

قال وكيع بن الجراح - فيما حكاه عنه الإمام أحمد في "العلل"(1370) رواية ابنه عنه -: كان سفيان ينكر حديث إبراهيم عن همام، يقول: إنما هو حديث عمارة هذا.

وفي الباب عن أبي هريرة مرفوعًا عند نعيم بن حماد في "الفتن"(703) و (720)، وإسحاق =

ص: 705

هذا حديث صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1891 -

حدثنا بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيْرفي بمَرْو، حدثنا عبد الصّمد بن الفَضْل البَلْخي، حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني أبو مَرحُوم عبد الرحيم

(1)

بن ميمون، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن أكل طعامًا فقال: الحمدُ لله الذي أطعَمَني هذا، ورَزَقَنيه من غير حَوْلٍ منِّي ولا قوّة، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذَنْبِه، ومَن لَبِسَ ثوبًا فقال: الحمدُ لله الذي كَسَاني هذا من غير حولٍ منِّي ولا قوة، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه"

(2)

.

= ابن راهويه في "مسنده"(424)، والمستغفري في "دلائل النبوة"(63)، والبيهقي في "الشعب"(1077)، وقوام السنة في "الترغيب والترهيب"(1263)، وموقوفًا عند نعيم بن حماد (676)، وابن أبي شيبة 15/ 245. وإسناده لا يصح.

وعن أنس بن مالك مرفوعًا عند أبي نعيم في "الحلية" 3/ 48، وابن قدامة المقدسي في "إثبات صفة العلو"(30). وإسناده ضعيف جدًّا.

قوله: "إلا من دعا دعاء الغريق" أي: دعاءَ من يخشى الغرق، فهو وَجِلٌ ملحٌّ في الدعاء مخلص فيه.

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: عبد الرحمن.

(2)

إسناده ليِّن، أبو مرحوم وشيخه سهل يعتبر بهما في المتابعات والشواهد، وقد انفردا بهذا الحديث، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي في "جامعه"، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 120، وفي "الخصال المكفرة" ص 74.

وأخرجه أحمد 24/ (15632)، وأخرجه أبو داود (4023) عن نصير بن الفرج، والترمذي (3458) عن محمد بن إسماعيل البخاري، ثلاثتهم (أحمد ونصير والبخاري) عن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن غريب. قلنا: واقتصر أحمد والبخاري على الشطر الأول، وفي رواية نصير في آخره:"غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" بزيادة "وما تأخر" وهي زيادة منكرة تفرد بها نصير بن الفرج عن بقية أصحاب عبد الله بن يزيد المقرئ.

وأخرج الشطر الأول منه ابن ماجه (3285) من طريق عبد الله بن وهب، عن سعيد بن أبي أيوب، به.

وسيأتي برقم (7597)، وفي الإسناد هناك يحيى بن أيوب بدل سعيد بن أبي أيوب، وهو وهم.

ص: 706

هذا حديث صحيحٌ على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1892 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا صالح بن محمد الرَّازي، حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية عبد الرحمن بن قيس، حدثنا محمد بن أبي حُمَيد، عن محمد بن المُنكدر، عن جابرٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنعَمَ الله على عبدٍ من نعمةٍ فقال: الحمدُ لله، إلَّا وقد أَدَّى شُكْرَها، فإن قالها الثانيةَ، جَدَّدَ اللهُ له ثوابَها، فإن قالها الثالثةَ، غَفَرَ اللهُ له ذُنوبَه"

(1)

.

هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه، إلَّا أنهما لم يخرِّجا أبا معاوية.

1893 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو الحسن محمد بن سِنَان القَزّاز، حدثنا عمر بن يونس بن القاسم اليَمَاميّ، حدثنا عكرمة بن عمَّارٍ، قال: سمعتُ شدّادًا أبا عمار يحدِّثُ، عن شدَّادِ بن أوْسٍ - وكان بدريًّا - قال: بينما هُم في سَفَرٍ إذ نَزَلَ القومُ يَتصبَّحون، فقال شدّاد: أَدْنُوا هذه السُّفرة نَعبَثْ بها، ثم قال: أَستغفرُ الله، ما تكلمتُ بكلمةٍ منذ أسلمتُ إلَّا وأنا أَزُمُّها وأَخطِمُها قبلَ كلمتي هذه، ليس كذلك قال محمدٌ صلى الله عليه وسلم، ولكن قال: "يا شدَّادُ، إذا رأيتَ الناسَ يَكنِزونَ الذَّهبَ والفضةَ فاكنِزْ هؤلاءِ الكلمات: اللهمَّ إِنِّي أسألُك التَّثبُّتَ في الأمور، وعزيمةَ الرُّشْد، وأسألكَ شُكرَ نعمتِك، وحُسنَ عبادَتِك، وأسألكَ قلبًا سليمًا، ولسانًا صادقًا، وخُلُقًا مستقيمًا، وأستغفرُكَ لما تعلم، وأسألك من خيرِ ما تعلمُ،

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، عبد الرحمن بن قيس أبو معاوية متروك، بل متهم، وشيخه محمد بن أبي حميد - وهو الأنصاري الزرقي - ضعيف، والراوي عنه يعني عن أبي معاوية - وهو محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، والد صالح بن محمد الرازي - لم نقع له على ترجمة وقد تعقب الذهبي في "تلخيصه" المصنِّفَ في تصحيحه لهذا الحديث بقوله: ليس بصحيح، قال أبو زرعة: عبد الرحمن بن قيس كذاب.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4090) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" كما في "الغرائب الملتقطة" لابن حجر (2369) من طريق أحمد بن منصور الحنظلي، عن عبد الرحمن بن قيس، به.

ص: 707

وأعوذُ بكَ من شرِّ ما تعلمُ، إنَّك أنتَ علَّامُ الغُيوب"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1894 -

أخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا رَوْح بن عُبادة، حدثنا أسامة بن زيد، عن محمد بن كعبٍ القُرَظي، عن عبد الله بن شدَّاد، عن عبد الله بن جعفر، عن علي بن أبي طالبٍ قال: علَّمني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا نَزَلَ بِي كَرْبٌ أن أقول: "لا إله إلَّا الله الحليمُ الكريم، سبحانَ الله، وتبارك اللهُ ربُّ العرش العظيم، والحمدُ لله ربِّ العالمين"

(2)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد، محمد بن سنان القزاز وإن كان فيه ضعف فهو حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وحديثه هذا روي من غير وجه عن شداد بن أوس، وهي وإن كانت لا يخلو كلٌّ منها من مقال، إلّا أنه بمجموعها يتقوى الحديث. شداد أبو عمار: هو شداد بن عبد الله القرشي.

وأخرجه دون القصة التي في أوله البيهقي في "الدعوات"(243) عن محمد بن عبد الله الضبي، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 28/ (17114) من طريق حسان بن عطية، عن شداد بن أوس. وهذا إسناد منقطع، فحسان لم يسمع من شداد، لكن أخرجه ابن حبان (935) من وجه آخر عن حسان بن عطية عن مسلم بن مِشكم عن شداد بن أوس، فذكر الواسطة بينهما، لكن مسلم بن مشكم هذا ضعيف.

ورواه مطولًا ومختصرًا سعيد بن إياس الجريري - وكان قد اختلط - فاضطرب فيه، فرواه مرةً عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير عن رجل من بني حنظلة عن شداد بن أوس، كما أخرجه أحمد (17133)، والترمذي (3407)، ورواه مرةً عن أبي العلاء بن الشخير عن شداد، لم يذكر فيه الحنظلي، وهذا إسناد ضعيف أيضًا لاختلاط الجريري ولإبهام الرجل الحنظلي.

وللحديث طرق أخرى غير هذه مذكورة في تعليقنا على "المسند" يتقوى الحديث بمجموعها، والله أعلم.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أسامة بن زيد - وهو الليثي - وقد توبع.

وأخرجه أحمد 2/ (701) عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (10389) و (10390) من طريق أبان بن صالح، عن محمد بن كعب القرظي، به. =

ص: 708

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه لاختلافٍ فيه على الناقِلِين

(1)

، وهكذا أقام إسنادَه محمدُ بن عَجْلان عن محمد بن كعب:

1895 -

أخبرَناه أبو عَوْن محمد بن أحمد بن ماهان الجزَّار بمكة، حدثنا محمد بن علي بن زيد، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن محمد بن عَجْلان عن محمد بن كعب، عن عبد الله بن شدّاد، عن عبد الله بن جعفر، عن عليٍّ قال: لَقَّنَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هؤلاءِ الكلماتِ إن نَزَلَ بِي شِدَّة أو كَرْبٌ أن أقولَهُنَّ: "لا إله إلَّا اللهُ الحليمُ الكريم، سبحانه وتعالى، تبارك اللهُ ربُّ العرش العظيم، والحمدُ لله ربِّ العالمين".

قال: فكان عبدُ الله بن جعفر يلقِّنُها الميِّتَ، ويَنفُثُ بها على المَوعُوك

(2)

.

= وأخرجه النسائي (10388) و (10389) من طريق علي بن الحسين، عن ابنة عبد الله بن جعفر، عن أبيها، عن علي رفعه، وفيه قصة بين علي بن الحسين وعبد الله بن جعفر وابنته.

وأخرجه النسائي (10394) من طريق ربعي بن حراش، عن عبد الله بن شداد، عن عبد الله بن جعفر، عن علي قوله، فذكره موقوفًا.

وأخرجه النسائي أيضًا موقوفًا من طريق ربعي بن حراش (10395) عن عبد الله بن شداد: أَنَّ عليًا قال لابن أخيه

فذكره، وبرقم (10396) من طريق ربعي أيضًا عن ابن شداد، عن علي أنه قال لابني جعفر

فذكره.

وسيأتي بعده من طريق محمد بن عجلان عن محمد بن كعب القرظي، وبرقم (4721) من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عليٍّ مرفوعًا، مع اختلاف في بعض ألفاظه، وسيأتي الكلام عليها هناك.

وله شاهد من حديث ابن عباس في "الصحيحين" كما سيشير إليه المصنف بإثر الحديث التالي.

وسلف هذا الذكر ضمن سياقة أخرى برقم (1214) من حديث عبد الله بن أبي أوفى بإسناد ضعيف جدًّا.

(1)

سيأتي بيان اختلاف الناقلين عند الحديث رقم (4721).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل محمد بن عجلان.

وأخرجه النسائي (7626) و (10391) عن قتيبة بن سعيد، عن يعقوب بن عبد الرحمن، بهذا =

ص: 709

قد أخرج البخاريُّ ومسلمٌ

(1)

هذا الحديث مختصرًا من حديث قتادةَ عن أبي العاليَة عن ابن عباس.

1896 -

أخبرنا أبو بكر بن أبي دَارِم الحافظ بالكوفة، حدثنا أحمد بن موسى بن إسحاق التَّميمي، حدثنا وَضَّاح بن يحيى النَّهْشَلي، حدثنا النَّضر بن إسماعيل البَجَلي، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، حدثنا القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعودٍ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نَزَلَ به همٌّ أو غمٌّ قال: "يا حيُّ يا قيُّومُ، برحمتِكَ أَستَغيث"

(2)

.

= الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/ (726)، وابن حبان (865) من طريق الليث بن سعد، والنسائي (10392) من طريق عبد الوهاب بن بخت، كلاهما عن محمد بن عجلان، به.

وأخرجه النسائي (10393) من طريق أبي ثوبان، عن الحسن بن الحر، عن محمد بن عجلان، عن محمد بن كعب، عن عبد الله بن جعفر، عن بعض أهله، عن جعفر بن أبي طالب: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم علمه كلمات

فذكره. قال النسائي: هذا خطأ، وأبو ثوبان ضعيف لا يقوم بمثله حجة، والصواب حديث يعقوب.

(1)

البخاري (6345) و (6346) و (7426) و (7431)، ومسلم (2730) بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم".

(2)

إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن إسحاق - وهو الكوفي أبو شيبة الواسطي - وضعف النضر بن إسماعيل البجلي، ثم إنه قد انفرد وضاح بن يحيى النهشلي بوصله - وهو متكلم فيه، ولا يحتمل تفرده - وخالفه غيره فرواه عن النضر عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود، لم يذكر فيه: عن أبيه، فلا ندري العهدةُ في ذلك عليه أم على أبي بكر بن أبي دارم، فقد قال فيه الحاكم: رافضي غير ثقة، لذلك قال الذهبي: عبد الرحمن - يعني ابن عبد الله بن مسعود - لم يسمع من أبيه، وعبد الرحمن - يعني ابن إسحاق - ومن بعده ليسوا بحجة، قلنا: أما سماع عبد الرحمن من أبيه فقد رجحنا فيما سلف برقم (278) أنه سمع منه شيئًا قليلًا.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات"(190) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =

ص: 710

هذا حديثٌ صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1897 -

أخبرنا محمد بن المُؤمَّل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا أبو ثابت محمد بن عُبيد الله، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك، حدثني سعد بن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما كَرَبَني أَمرٌ إِلَّا تَمثَّل لي جبريلُ عليه السلام فقال: يا محمد، قل: توكَّلتُ على الحي الذي لا يموت، والحمدُ لله الذي لم يَتَّخِذْ ولدًا، ولم يكن له شَريكٌ في المُلك، ولم يكن له وَليٌّ من الذُّلِّ، وكبِّره تكبيرًا"

(1)

.

= وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الفرج بعد الشدة"(47)، ومن طريقه أبو علي التنوخي في "الفرج بعد الشدة" 1/ 138، وقوام السنة في "الترغيب والترهيب"(1287) عن إسحاق بن أبي إسرائيل المروزي، عن النضر بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود. لم يذكر فيه: عن أبيه، وهو المحفوظ فإسحاق بن أبي إسرائيل وثقه غير واحد، وقد توبع.

وأخرجه أبو علي التنوخي 1/ 139 من طريق أخرى عن إسحاق بن أبي إسرائيل، عن النضر بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: حدثنا عبد الله بن مسعود .. فذكره. والتصريح بالتحديث هنا وهم من أحد الضعفاء في هذا الإسناد، لأنَّ الانقطاع فيه ظاهر، والله أعلم.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(9751)، وفي "الأسماء والصفات"(215) من طريق حفص بن غياث، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود. لم يذكر فيه أيضًا: عن أبيه. قال البيهقي بإثره: وهذا مع إرساله أصح. يعني أصح من رواية من قال في الإسناد: عن أبيه.

وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند الترمذي (3524)، وفيه يزيد بن أبان الرقاشي وهو ضعيف، قال الترمذي: حديث غريب. وسيأتي حديث أنس هذا في "المستدرك" برقم (2023)، لكن ليس دعاءً للهمِّ والغم والكرب، وإنما ذِكْر من أذكار الصباح والمساء.

وفي الباب عن رجل من بني زريق عن أبيه عن جده، قال: أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: "يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، اكفني كل شيء، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين"، أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2925)، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الزرقي وأبيه وجده.

(1)

إسناده ضعيف، سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري يُضعَّف في الحديث، ضعفه غير واحد =

ص: 711

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1898 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن شاذان الجَوهري، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي، حدثنا فُضَيل بن مرزوق، حدّثني أبو سَلَمةَ الجُهَني، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: قال عبد الله بن مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أصابَ مسلمًا قَطُّ همٌّ ولا حَزَنٌ فقال: اللهمَّ إِنِّي عبدُك، وابنُ أَمَتَكَ، ناصِيتي في يَدِكَ، ماضٍ فيَّ حُكمُك، عدلٌ فيَّ قضاؤُك، أسألكَ بكلِّ اسمٍ هو لك، سمَّيتَ به نفسَك، أو أنزلتَه في كتابك، أو علَّمتَه أحدًا من خَلْقِكَ، أو استأثرتَ به في عِلْمِ الغَيبِ عندك، أن تجعلَ القرآنَ رَبيعَ قلبي، وجلاءَ حُزْني، وذهابَ همِّي، إلَّا أذهَبَ الله همَّه، وأبدَلَه مكانَ حَزَنِه فَرَحًا"، قالوا يا رسولَ الله، ألا نتعلمُ هذه الكلمات؟ قال:"بلى، ينبغي لمن سَمِعَهُنَّ أن يتعلَّمَهنَّ"

(1)

.

= من أهل العلم، ثم إنه لم يدرك أباه كما قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" 4/ 1106، فعامة ما يرويه إنما هو عن أخيه عبد الله، وأخوه هذا متروك الحديث، ولذلك قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" في إسناد هذا الحديث: وكأنه سقط عبد الله من السند. وقال أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" لابنه 4/ 85: هو في نفسه مستقيم، وبليَّته أنه يحدِّث عن أخيه عبد الله بن سعيد، وعبد الله بن سعيد ضعيف الحديث، ولا يحدِّث عن غيره، فلا أدري منه أو من أخيه؟

وأخرجه البيهقي في "الدعوات"(185) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وقوله: "الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا

" إلى آخره أخرجه الطبراني في "الدعاء" (676) في فضل قوله في دبر كل صلاة، من طريق موسى بن يسار عن أبي هريرة، وإسناده ضعيف فيه من لم يُعرَف.

وأخرج هذا الذكر أيضًا ضمن قصة وأنه يُذهِبُ الله به السّقم والضُّر: أبو يعلى (6671)، والطبراني في "الدعاء"(1045)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(546) من طريق موسى بن عبيدة الرّبذي، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة. وهذا إسناد ضعيف أيضًا لضعف موسى بن عبيدة الربذي.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة أبي سلمة الجهني، كما هو مبيَّن في التعليق على "مسند أحمد" 6/ (3712)، فليس هو موسى بن عبد الله - أو ابن عبد الرحمن - الجهني الثقة الذي هو من رجال =

ص: 712

هذا حديث صحيح على شرط مسلم إن سَلِمَ من إرسال عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه، فإنه مختَلَف في سماعه عن أبيه

(1)

.

1899 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن الخليل الأصبهاني، حدثنا يعقوب بن يوسف القَزْويني، حدثنا محمد بن سعيد بن سابق، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن عطاء بن السائب، عن يحيى بن عُمارة، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو يقول: "اللهمَّ قنِّعْني بما رزَقْتَني، وبارِكْ لي فيه، واخلُفْ عليَّ كلَّ غائبةٍ لي بخير"

(2)

.

= "التهذيب"، لذلك تعقب المصنِّفَ الحافظُ الذهبي في "تلخيصه" فقال: أبو سلمة لا يُدرى من هو، ولا رواية له في الكتب الستة، انتهى. القاسم بن عبد الرحمن: هو ابن عبد الله بن مسعود.

وأخرجه أحمد (3712) و (4318)، وابن حبان (972) من طريق يزيد بن هارون، عن فضيل بن مرزوق، بهذا الإسناد.

(1)

قد رجحنا فيما سلف برقم (278) أنه سمع منه شيئًا قليلًا، والله أعلم.

(2)

إسناده ضعيف، عطاء بن السائب كان قد اختلط، وقد اضطرب في إسناده ومتنه، كما سلف الكلام عليه برقم (1692). يحيى بن عمارة: هو الكوفي.

وأخرجه البيهقي في "الآداب"(944)، وفي "الدعوات الكبير"(242) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه القاسم بن الفضل الثقفي في السادس من "الثقفيات"(34)، والديلمي في "مسند الفردوس" كما في "الغرائب الملتقطة" لابن حجر (623)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 10/ (418) - ومن طريقه ابن حجر في "نتائج الأفكار" 5/ 277 - من طريق محمد بن مسلم بن وارة، عن محمد بن سعيد بن سابق، به. قال الحافظ ابن حجر: حديث حسن، وعمرو قديم السماع من عطاء. قلنا: لكن عطاءً قد اضطرب فيه كما سلف بيانه برقم (1692)، ثم إنَّ رواية عمرو بن قيس نفسها ستأتي عند المصنف برقم (3400) لم يذكر فيها يحيى بن عمارة.

وأخرجه ابن السني في "القناعة"(11)، وقوام السنة الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(2303)، والضياء المقدسي (419) - ومن طريقه ابن حجر في "النتائج" 5/ 276 - من طريق عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي، والخطيب في "المتفق والمفترق"(1745) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الرازي، وابن حجر 5/ 277 من طريق عبد الله بن الجهم ثلاثتهم عن عمرو بن أبي قيس، به. =

ص: 713

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1900 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني أسامة بن زيد، أنَّ سليمان بن موسى حدَّثه عن مكحول: أنه دَخَلَ على أنس بن مالكٍ، قال: فسمعتُه يَذكُرُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهمَّ انفَعْني بما علَّمْتَني، وعلِّمْني ما يَنفَعُني، وارزُقْني عِلْمًا تَنفَعُني به"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1901 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشَّيباني، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا إسرائيل بن يونس، عن منصور، عن رِبْعيِّ بن حِرَاش، عن عِمران بن حُصَين، عن أبيه: أنَّه أتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم قبل أن يُسلِمَ، فلما أراد أن ينصرف قال: ما أقول؟ قال: "قُل: اللهمَّ قِنِي شَرَّ نفسي، واعزِمْ لي على رُشْدِ أمري"، فقالها، ثم انصرف ولم يُسلِمْ، ثم أسلم، قال: يا رسول الله، فما أقول الآن وقد أسلمتُ؟ قال:"قُل: اللهمَّ قِنِي شرَّ نفسي، واعزِمْ لي على رُشْدِ أمري، اللهمَّ اغفر لي ما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أخطأتُ وما عَمَدتُ، وما عَلِمتُ وما جَهِلتُ"

(2)

.

= وسيأتي الحديث برقم (3400) عن أبي بكر بن إسحاق عن يعقوب بن يوسف بإسناده إلى عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، لم يذكر فيه يحيى بن عمارة.

(1)

إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد - وهو الليثي - وسليمان بن موسى - وهو الأشدق - لكن أسامة قد توبع. الربيع بن سليمان: هو المرادي، ومكحول: هو الشامي.

وأخرجه النسائي (7819) عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(1748)، وفي "مسند الشاميين"(3371) من طريق عمارة بن غزية، عن سليمان الأشدق، به.

وله شاهد من حديث أبي هريرة عند الترمذي (3599)، وابن ماجه (251) و (3833)، وإسناده ضعيف.

(2)

إسناده صحيح، وقد اختلف في إسناده، فرواه بعضهم عن عمران بن حصين عن أبيه، =

ص: 714

هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1902 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مسدَّد، حدثنا بِشْر بن المفضَّل، حدثنا شعبة قال: سمعتُ أبا إسحاق قال: سمعتُ أبا المغيرةِ - أو المغيرةَ أبا الوليد - يحدِّثُ عن حذيفة أنه قال: يا رسول الله، إنِّي رجلٌ ذَرِبُ اللسانِ، وإنَّ عامَّة ذلك على أهلي، فقال:"فأينَ أنتَ من الاستغفار؟ إنِّي لأَستغفرُ الله في اليوم والليلة - أو الليلةِ، أو في اليوم - مئةَ مرَّة"

(1)

.

= فجعله من مسند حصين بن عبيد الخزاعي، ورواه بعضهم عن عمران بن حصين أنَّ أباه إلى آخره، وقال بعضهم عن عمران بن حصين أنَّ رجلًا، فجعله من مسند عمران، ولا يعلُّ هذا الحديث، إذ إنَّ عمران وأباه صحابيان، ولا يضر الاختلاف في الصحابي، بل ومرسله مقبول.

منصور: هو ابن المعتمر.

وأخرجه النسائي (10764) عن أحمد بن سليمان، عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (10765) من طريق عمرو بن أبي قيس، عن منصور، به.

وأخرجه ابن حبان (899) من طريق محمد بن عثمان العجلي، عن عبيد الله بن موسى، به إلى عمران بن حصين قال: أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال

فجعله من مسند عمران.

وأخرجه أحمد 33/ (19992) من طريق شيبان، والنسائي (10766) من طريق زكريا بن أبي زائدة، كلاهما عن منصور، عن ربعي، عن عمران قال: جاء حصين إلى النبي صلى الله عليه وسلم

فذكره، في رواية شيبان: عمران بن حصين أو غيره أنَّ حصينًا

إلى غيره.

قال البزار (3580): وأحسب أنَّ حديث عمران أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبيه، أصوب.

وأخرج أحمد (19925) من طريق مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عمران بن حصين قال: كان عامة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغفر لي ما أخطأتُ وما تعمدتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما جهلتُ وما تعمدتُ". وإسناده صحيح.

وأخرج الترمذي (3483) من طريق شبيب بن شيبة، عن الحسن البصري، عن عمران بن حصين قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي: "قل: اللهم أَلهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي". وهذا إسناد ضعيف لضعف شبيب بن شيبة، والحسنُ البصريُّ لم يسمع من عمران. قال الترمذي: هذا حديث غريب.

(1)

إسناده محتمل للتحسين، وقصة استغفار النبي صلى الله عليه وسلم صحيحة بشواهدها، وأبو المغيرة لم =

ص: 715

قال الحاكم: هذا عُبيدٌ أبو المغيرة بلا شكٍّ، وقد أتى شعبةُ بالإسناد والمتن بالشك، وحَفِظَه سفيانُ بن سعيد فأَتى به بلا شكٍّ في الإسناد والمتن:

= يرو عنه غير أبي إسحاق السبيعي، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقد اختلف في اسمه، فقيل: عبيد بن المغيرة، وقيل: عبيد بن عمرو، وقيل: عبيد الله بن أبي المغيرة، وقيل: المغيرة بن أبي عبيد، وقيل: الوليد، وقيل: أبو الوليد. لكن قد صحَّت قضية استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم مئة مرة أو سبعين مرة من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.

وأخرجه أحمد 38/ (23362)، والنسائي (10210) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (23340) من طريق إسرائيل، وابن ماجه (3817) من طريق أبي بكر بن عياش، والنسائي (10211) من طريق أبي الأحوص، و (10214) من طريق أبي خالد الدالاني، أربعتهم عن أبي إسحاق السبيعي، به. وسموه جميعهم أبا المغيرة بلا شك، وقال الدالاني: أبو المغيرة عبيد البجلي. وفي رواية أبي بكر بن عياش: "تستغفر الله في اليوم سبعين مرة"، وقال الباقون:"كل يوم" بلا شك، وزاد إسرائيل والدالاني في المتن:"وأتوب إليه".

وخالف سعيد بن عامر عن شعبة عن أبي إسحاق، فقال: عن مسلم بن نذير عن حذيفة، أخرجه هكذا النسائي (10209). وهذا من أوهام سعيد بن عامر، فهو ربما وهم كما قال أبو حاتم الرازي.

وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (3748).

ويشهد لاستغفار النبي صلى الله عليه وسلم حديث أبي هريرة عند البخاري (6307) رفعه: "والله إني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة".

وحديث الأغر المزني مرفوعًا عند مسلم (2702): "إنه ليُغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة"، وسيشير إليه المصنف بعد قليل.

وحديث ابن عمر عند أحمد 8/ (4726)، وأبي داود (1516)، وابن ماجه (3814)، والترمذي (3434)، والنسائي (10219)، وابن حبان (927): إنْ كنّا لَنَعُدُّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مئة مرة: "ربِّ اغفر لي وتب عليَّ، إنك أنت التواب الرحيم"، وإسناده صحيح، وسيشير إليه المصنِّف أيضًا.

قوله: "ذَرِبُ اللسان" يعني: حادَّ اللسان، لا يبالي بما قال. قاله ابن الأثير في "النهاية".

ص: 716

1903 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا الحسن بن سلَّام، حدثنا قَبِيصَةُ، حدثنا سفيان.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيانُ، عن أبي إسحاق، عن عُبيدٍ أبي المغيرة، عن حذيفةَ قال: كنتُ ذَرِبَ اللسانِ على أهلي، قلتُ: يا رسول الله، قد خشيتُ أن يُدخِلَني لساني النارَ؟ قال:"فأينَ أنتَ من الاستغفار؟ إنِّي لأستغفرُ الله في اليوم مئةَ مرَّة".

قال أبو إسحاق: فذكرتُ ذلك لأبي بُرْدة، فقال:"وأتوبُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه هكذا، إنَّما أخرج مسلم حديث أبي بُردةَ، عن الأغرِّ المُزْني، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إنه لَيُغانُ على قلبي، وإنِّي لأستغفرُ الله في اليوم مئةَ مرة".

وكذلك حديثُ نافع، عن ابن عمر: إِنْ كُنَّا لَنَعُدَّ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(1)

إسناده محتمل للتحسين كسابقه. قبيصة: هو ابن عقبة، وعبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وأبو بردة المذكور بإثر الحديث: هو ابن أبي موسى الأشعري.

وهو في "مسند أحمد" 38/ (23371).

وأخرجه النسائي (10212) عن عمرو بن علي الفلاس، وابن حبان (926) من طريق أبي خيثمة، كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي، به. ولم يذكر عمرو بن علي رواية أبي إسحاق عن أبي بردة.

وأخرجه أحمد (23421) عن وكيع، والنسائي (10213) من طريق مخلد بن يزيد، كلاهما عن سفيان الثوري، به. لم يذكرا رواية أبي إسحاق عن أبي بردة أيضًا.

وطريق أبي بردة هذه اختلف فيها عليه، فرواه بعضهم عنه مرسلًا، ورواه بعضهم عنه عن أبي موسى الأشعري، والمحفوظ عنه عن الأغر المزني، انظر تفصيل ذلك في تعليقنا على "مسند أحمد" 32/ (19672) و 38/ (23340).

(2)

حديث الأغر المزني عند مسلم برقم (2702)، وأما حديث ابن عمر فليس عنده كما يُوهم ظاهر كلام المصنف، وإنما هو مخرَّج في "السنن" وغيرها كما في تعليقنا على الحديث السابق.

ص: 717

1904 -

أخبرنا مُكْرَم بن أحمد القاضي، حدثنا أبو قِلَابة الرَّقَاشي، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثني أبي، عن حسين المعلِّم، عن عبد الله بن بُريدةَ، عن أبي موسى الأشعريِّ قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهمَّ إِنِّي أستغفرُكَ لما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أعلنتُ وما أسررتُ، أنت المقدِّمُ، وأنت المؤخِّر، وأنت على كلِّ شيءٍ قديرٌ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1905 -

أخبرنا بكر بن محمد الصَّيْرَفي، حدثنا أحمد بن عبيد الله النَّرْسي، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا إسرائيل، عن أبي سِنَان، عن أبي الأحْوَص، عن ابن مسعودٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قال: أستغفرُ الله الذي لا إله إلَّا هو الحيُّ القَيُّومُ

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فقد خالف أبا قلابة الرقاشي - وهو عبد الملك بن محمد البصري - أحمدُ بنُ حنبل، فرواه عن عبد الصمد بهذا الإسناد إلى عبد الله بن بريدة قال: حُدِّثت عن الأشعري، فذكر واسطةً مبهمةً بين ابن بريدة وأبيه. والذي يبدو أنَّ الوهم بإسقاط الواسطة المبهمة إنما هو من أبي قلابة، فقد قال الدارقطني فيه: صدوق كثير الخطأ في الأسانيد والمتون، كان يحدِّث من حفظه فكثرت الأوهام منه. قلنا: وهذا المبهم متابع، فيصح الحديث.

وأخرجه أحمد 32/ (19489) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه، عن حسين، عن ابن بريدة قال: حُدِّثتُ عن الأشعري أنه قال .. فذكره.

وأخرجه البخاري (6398)، ومسلم (2719)، وابن حبان (957) من طريق ابن أبي موسى الأشعري عن أبيه. هكذا في البخاري وابن حبان لم يذكرا اسم ابن أبي موسى، وفي مسلم: أبو بردة بن أبي موسى. وزادوا جميعًا في أوله: "رب اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري كله، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي خطاياي، وعمدي وجهلي وهزلي، وكل ذلك عندي".

وفي الباب عن ابن عمر، وسيأتي برقم (1955).

وعن أبي هريرة عند أحمد 13/ (7913).

وعن علي بن أبي طالب عند مسلم (771).

وعن ابن عباس عند البخاري (1120)، ومسلم (769).

ص: 718

وأتوبُ إليه، ثلاثًا، غُفِرت له ذُنوبُه وإن كان فارًّا من الزَّحْف"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1906 -

حدثنا عمرو بن محمد بن منصور العَدْل، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا سليمان بن أحمد الواسطي، حدثنا الوليد بن مُسلم، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثني أبو سَلّام الأسودُ، حدثني أبو سلمى راعي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ولقيتُه في مسجد الكوفة - قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بخٍ بخٍ بخمسٍ ما أثقلَهُنَّ في الميزان: سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إلهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، والولدُ الصالحُ يُتوفَّى للمسلمِ فيَحتسبُه"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل محمد بن سابق، وقد توبع إسرائيل: هو ابن يونس، وأبو سنان: هو ضرار بن مرة، وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك الجشمي.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات"(161) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وسيأتي عند المصنف برقم (2582) من طريق محمد بن يوسف الفريابي عن إسرائيل.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 300 عن ابن نمير، عن إسرائيل، به. لكنه وقفه على ابن مسعود، ومثل هذا لا يضر ما دام ثبت مرفوعًا من غير هذه الطريق الواحدة.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(8541) من طريق حُديج بن معاوية، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن ابن مسعود قوله، موقوفًا، وهذا إسناد ضعيف لضعفٍ في حُديج بن معاوية.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل سليمان بن أحمد الواسطي، وقد تابعه غير واحدٍ عن الوليد بن مسلم.

فقد أخرجه النسائي (9923)، وابن حبان (833) من طرق عن الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن العلاء بن زَبْر وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي سلَّام، عن أبي سلمى. فقرنُوا بابن جابر عبدَ الله بنَ العلاء بن زَبْر، وهو ثقة أيضًا.

وأخرجه أحمد 24/ (15662) و 29/ (18076) من طريق أبان بن يزيد العطّار، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلَّام، عن أبي سلّام، عن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد صحيح، والمولى المبهم هو الراعي أبو سلمى المبيَّن في رواية ابن جابر وابن زَبْر.

وأخرجه أحمد 38/ (23100) من طريق هشام الدَّستُوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي =

ص: 719

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1907 -

حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، حدثنا إسرائيل، عن أبي سِنَان، عن أبي صالح، عن أبي سعيد وأبي هريرة، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله اصطَفَى من الكلامِ: سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، فإذا قال العبدُ: سبحانَ الله، كَتَبَ اللهُ له عشرين حسنةً، أو حَطَّ عنه عشرين سيئةً، وإذا قال: اللهُ أكبرُ، فمثلُ ذلك، وإذا قال: لا إلهَ إلَّا الله، فمثلُ ذلك، وإذا قال العبدُ: الحمدُ لله ربِّ العالمين، من قِبَل نفسِه، كُتبتْ له ثلاثون حسنةً، وحُطَّ عنه ثلاثون سيئةً"

(1)

.

= سلّام، أنَّ رجلًا حدَّثه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم. وقد كان يحيى ربما حدَّث من صحيفةٍ لأبي سلَّام كانت عنده، وإلّا فقد سمعَ هذا الحديث من زيد بن سلّام عن جده أبي سلّام كما في رواية أبان العطّار السابقة، فلا اختلاف.

وقوله: "بَخ بَخ" كلمة تُقال عند المدح والرضا بالشيء، وتُكرّر للمبالغة، وهي مبنية على السكون، فإن وصلتَ جَرَرْتَ ونَوَّنتَ - يعني كما هو الحال هنا - وربما شُدِّدت الخاء.

(1)

رجاله ثقات، لكنه اختُلف في رفعه ووقفه على أبي سِنان - وهو ضرار بن مُرّة - والراجح وقفه فيما يغلب على الظن. إسرائيل: هو ابن يونس، وأبو صالح: هو عبد الرحمن بن قيس الحَنفي.

وأخرجه أحمد 13/ (8012) و 17/ (11304)، والنسائي (10608) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وأحمد 13/ (8093) و 17/ (11327) عن عبد الرزاق، كلاهما عن إسرائيل، بهذا الإسناد.

وخالف إسرائيلَ فيه خالدُ بنُ عبد الله الواسطي عند عبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "الزهد" لأبيه (1000) فرواه عن أبي سنان عن أبي صالح عن أبي هريرة وحده موقوفًا.

ويُرجِّح الوقفَ ما رواه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه ذكوان السمان، عن عبد الله بن ضمرة السَّلُولي، عن كعب الأحبار، قال: اختار الله الكلام فأحبُّ الكلام إلى الله: لا إله إلّا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، فمن قال: لا إله إلّا الله، فهي كلمة الإخلاص كتب الله بها

ثم ذكر مثله. أخرجه النسائي (10611) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن سهيل.

وكذلك هو عند محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(326) من طريق خالد بن =

ص: 720

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1908 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المُثنّى، حدثنا محمد بن عبد الله الخُزاعي، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن أبي سِنَان، عن عثمان بن أبي سَوْدة، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ به وهو يَغرِسُ غَرْسًا، فقال:"ما تَصنعُ يا أبا هُريرة؟ " قال: أغرِسُ غرسًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أدلُّك على غَرْسٍ خيرٍ لك منه؟ " قلت: ما هو؟ قال: "سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، يُغرَسُ لك بكلِّ واحدةٍ شجرةٌ"

(1)

.

= عبد الله الواسطي، عن سُهيل، عن أبيه، عن السَّلولي، عن كعب، لكن مختصرًا بذكر أوله، دون قوله: فمن قال

إلى آخره.

فلعلَّ أبا هريرة سمع الخبر بطوله من كعب الأحبار، لأنَّ أبا هريرة كان جليسًا له، ويكون رفع الخبر وهمًا، والله تعالى أعلم. وانظر ما سيأتي برقم (1911).

لكن أخرج النسائيُّ (10609)، وابنُ حبان (836) و (1812) من طريق الأعمش، عن أبي صالح السمّان، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير الكلام أربعٌ لا تُبالي بأيّهن بدأتَ: سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلّا الله، واللهُ أكبرُ". وإسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" 26/ (16412) أيضًا، لكنه لم يسمِّ فيه أبا هريرة، إنما قال عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فالظاهر أنَّ أبا هريرة أحدهم.

إذًا فهذا القدر من الحديث هو الذي يصحُّ مرفوعًا دون سائره، ويؤيده ما رواه مسلم (2695)، والترمذي (3597)، والنسائي (10603)، وابن حبان (834) من طريق الأعمش، عن أبي صالح السمّان، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأَن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبَرُ، أحبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمس".

ويشهد لهذا القدر حديث سمرة بن جندب عند مسلم (2137).

(1)

إسناده ضعيف من أجل أبي سِنان - وهو عيسى بن سنان القَسْملي - فهو ليِّن الحديث كما قال الحافظُ ابن حجر، وقد حسَّن إسنادَه المنذريُّ في "الترغيب والترهيب".

أبو المثنّى: هو معاذ بن المثنّى العنبري ومحمد بن عبد الله الخُزاعي: هو ابن عثمان البصري.

وأخرجه ابن ماجه (3807) من طريق عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وقد روي مرفوعُه عن أبي هريرة من طريقين آخرين، أحدهما عند البزار (9311) من طريق =

ص: 721

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ عن جابر:

1909 -

أخبرَناه أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزِي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، عن الحجّاج الصَّوّاف، عن أبي الزُّبير، عن جابر، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن قال: سبحانَ الله العَظيم، غُرِست له نخلةٌ في الجنة"

(1)

.

1910 -

حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي وأبو محمد عبد الله بن محمد الصَّيدلاني، قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أيوب البَجَلي، حدثنا أحمد بن عيسى المصري، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي السَّمْح، عن أبي الهَيثم، عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"استكثِروا من الباقِياتِ الصالحاتِ" قيل: وما هُنّ يا رسولَ الله؟ قال: "المِلّةُ" قيل: وما هي؟ قال: "التكبيرُ والتهليلُ والتسبيحُ والتحميدُ، ولا حولَ ولا قوةَ إلَّا بالله"

(2)

.

= حميد المكي مولى ابن علقمة، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة. وإسناده ضعيف لجهالة حميد هذا.

وثانيهما عند الطبراني في "الأوسط"(3171) من طريق سليمان بن أبي كريمة، عن ابن جُريج، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وإسناده ضعيف لضعف سليمان بن أبي كريمة، ولعنعنة ابن جريج، ولا رواية له عن أبي صالح - وهو السمّان - أصلًا، إنما يروي بواسطةٍ عنه.

ويشهد لغِراس الجنة حديثُ عبد الله بن مسعود عند الترمذي (3462)، وقال عنه: حسنٌ غريب.

وحديثُ عبد الله بن عباس عند الطبراني في "الأوسط"(8475)، وفي "الدعاء" (1676). وقال المنذري في "الترغيب والترهيب": إسناده حسن لا بأس به في المتابعات.

ويشهد لذكر التسبيح وحده أنه يغرس به غرس في الجنة حديث جابر التالي.

(1)

إسناده صحيح. وقد سلف برقم (1868).

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف رواية أبي السَّمْح - وهو درّاج بن سمعان - عن أبي الهيثم - وهو سليمان بن عمرو العُتْواريّ - وللخبر شواهد أوردها الحافظ العلائي في "جزء تفسير الباقيات الصالحات" يصح بها كما قال. =

ص: 722

هذا أصح إسناد للمِصريِّين

(1)

، ولم يُخرجاه.

1911 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأُويسي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرِّجَال، حدثنا سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن كَبَّر واحدةً كُتِب له عشرون ومُحِيَت عنه عشرون، ومن سبَّح واحدةً كُتِبَت له عشرون ومُحِيَت عنه عشرون، ومن حَمِدَ واحدةً كُتِبَت له ثلاثون ومُحِيَت عنه ثلاثون"

(2)

.

= وأخرجه ابن حبان (840) من طريق حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 18/ (11713) من طريق ابن لهيعة، عن درّاج أبي السَّمْح، به.

ويشهد له حديثُ أبي هريرة الآتي برقم (2008)، ورجاله ثقات لكنه معَلٌّ.

وحديث النعمان بن بشير عند أحمد 30/ (18353) وغيره، وفيه رجل مبهم، ولولاه لكان إسناده على شرط الصحيح كما قال الحافظُ في "الأمالي المطلقة" ص 222.

وروي من قول عثمان بن عفان فيما أخرجه أحمد 1/ (513)، وإسناده حسن، ومثله لا يُقال من قِبَل الرأي والاجتهاد.

ومن قول ابن عباس في أكثر الروايات عنه عند الطبري في "تفسيره" 15/ 254، وهو أصح ما روي عنه كما قال العلائي.

ومن قول ابن عُمر عند الطبري أيضًا 15/ 255، ورجاله ثقات.

وأسنده الطبريُّ أيضًا عن عطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب وسالم ومجاهد ومحمد بن كعب القرظي والحسن وقتادة.

(1)

كذا قال المصنّف هنا، وهو خلاف قوله في "معرفة علوم الحديث" ص 56 حيث قال: أثبت إسناد المصريين: الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر الجُهني. وهذا أصح من قوله هنا، لما هو معلوم من كلام كثير من الأئمة في ضعف رواية درّاج أبي السَّمْح عن أبي الهيثم، وما قاله المصنف هنا هو رأي يحيى بن معين، فقد أسنده عنه هو في مصنفه هذا بإثر الحديث الآتي برقم (3636).

(2)

رجاله ثقات، لكنه اختُلف في إسناده على سُهيل بن أبي صالح، فقد رواه عبدُ الرحمن بن أبي الرِّجال كما وقع عند المصنف هنا، وتابعه حماد بن سلمة، لكن الراوي عنه المؤمَّل بن إسماعيل، وهو سيئ الحفظ، وخالفهما جماعةٌ فرووه عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن =

ص: 723

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1912 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا أبو الوليد الطَّيالسي، حدثنا أبو عَوَانة، عن حُصَين، عن سالم بن أبي الجَعْد، قال: حدثنا أبو أُمامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما مِن عبدٍ قال: الحمدُ لله عددَ ما خَلَق، والحمدُ لله مِلءَ ما خَلَق، والحمدُ لله عددَ ما في السماوات والأرض، والحمدُ لله عددَ ما أَحصى كتابُه، والحمدُ لله عددَ كل شيءٍ، وسبحانَ الله مِثلَهن"، قال: فأعظمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذلكَ

(1)

.

= عبد الله بن ضَمْرة السَّلُولي، عن كعب الأحبار قولَه، وهو الصحيح، وروايته عن أبي هريرة مرفوعًا خطأٌ كما جزم به أبو زرعة الرازي فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل"(2022). وقد روي ذلك عن أبي هريرة مرفوعًا أيضًا من وجه آخر تقدَّم برقم (1907)، لكنه اختُلف في رفعه ووقفه، كما سبق، ووقفه أرجَح وأشبه.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4084) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي في "الشعب"(571)، وقوام السنة الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(758) من طريق المؤمّل بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن سهيل بن أبي صالح، به.

وأخرجه محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني في "الإيمان"(3) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، والنسائي (10611) - ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 48 - من طريق جرير بن عبد الحميد، والبيهقي في "الشعب"(3465) من طريق زهير بن محمد التميمي، ثلاثتهم عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن عبد الله بن ضمرة السَّلُولي، عن كعب الأحبار قوله.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن اختُلف في سماع سالم بن أبي الجعد من أبي أُمامة - وهو صُديّ بن عجلان - فقد قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "المراسيل" (290): أدرك أبا أمامة، وحسَّن الدارقطنيُّ في "علله" (2696) إسناد خبر من روايته عنه. لكن قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "علله الكبير" ص 386: ما أرى سمع منه. وجزم في "تاريخه الكبير" 4/ 81 بأنَّ روايته عنه مرسلة. وما وقع هنا من تصريحه بالسماع إن ثبت فهو يؤيد سماعَه منه، وعلى أيِّ حالٍ فقد روي مثلُ هذا الخبر عن أبي أمامة بأسانيد عدة.

حُصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، وأبو عوانة: هو الوضّاح بن عبد الله اليشكري، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. =

ص: 724

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1913 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن المُؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا عمرو بن عَوْن الواسطي، حدثنا هُشيم، أخبرنا يعلى بن عطاء، عن عمرو بن عاصم، عن أبي هريرة: أنَّ أبا بكر الصِّدّيق سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: مُرْني بكلماتٍ أقولُهن إذا أصبحتُ وإذا أمسيتُ، فقال:"قل: اللهمَّ فاطرَ السماواتِ والأرضِ، عالمَ الغَيبِ والشهادةِ، ربَّ كلِّ شيءٍ ومَليكَه، أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا أنتَ، أعوذُ بك من شرِّ نفْسي، ومن شَرِّ الشيطانِ وشِرْكِه"، فقال:"قُلْها إذا أصبحتَ وإذا أمسيتَ، وإذا أخذت مَضجَعكَ"

(1)

.

= وأخرجه أحمد 36/ (22144) عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك، به غير أنه قال: عن سالم: أنَّ أبا أمامة حدَّث. لم يصرِّح بسماعه كما وقع في روايته عند المصنف هنا.

وأخرجه النسائي (9921)، وابن حبان (830) من طريق محمد بن سعد بن زرارة، عن أبي أمامة. ومحمد بن سعد بن زرارة هذا قال عنه الذهبي في "الميزان": لا يُعرف. واحتمل المزي في "التهذيب" 25/ 255 أن يكون هو محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرارة، وأنه قد يُنسب إلى جده، وبه جزم ابنُ حجر، فقال: هذا لا محيد عنه. قلنا كذلك سماهُ أبو حنيفة في روايته لهذا الخبر عنه كما في "الآثار" لأبي يوسف (218) حيث قال: عن أبي حنيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرارة. فإسناده قويٌّ إن شاء الله.

وله طريق ثالثة عند الطبراني في "الدعاء"(1743)، والخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه" 1/ 560، وأبي القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(754) بإسناد حسنٍ كما قال الحافظ في "إتحاف المهرة" 6/ (6479). ولفظه عند الخطيب وأبي القاسم بنحو لفظ حديث سعد بن أبي وقاص الآتي عند المصنف برقم (2032).

(1)

إسناده صحيح. عمرو بن عاصم: هو ابن سفيان بن عبد الله الثقفي.

وأخرجه أبو داود (5067)، والنسائي (7644) و (7652) و (10326) من طرق عن هُشيم بن بشير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/ (51)، و (63) و 13/ (7961)، والترمذي (3392)، والنسائي (7668) و (9755) و (10563)، وابن حبان (962) من طريق شعبة بن الحجاج، عن يعلى بن عطاء، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

ص: 725

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1914 -

حدثنا إبراهيم بن عِصْمة بن إبراهيم العَدْل، حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن موسى الفَرّاء، حدثنا زكريا بن مَنظُور، حدثني محمد بن عُقبة، عن أم هانئ بنت أبي طالب، قالت: قلتُ: يا نبيَّ الله، إني امرأةٌ قد كَبِرتُ وضَعُفتُ، فدُلَّني على عملٍ، قال:"كَبِّري اللهَ مئةَ مرّة، واحمَدِي اللهَ مئةَ مرّة، وسبِّحي اللهَ مئةَ مرّة، فهو خيرٌ لك من مئة بَدَنةٍ مُتقبَّلَة، وخيرٌ من مئة فرَسٍ مُسرَجٍ مُلجَمٍ في سبيل الله، وخيرٌ من مئة رَقَبةٍ مُتقبَّلَة، وقولُ: لا إله إلَّا الله، لا يَتْرُك ذَنبًا، ولا يُشبِهُها عملٌ"

(1)

.

(1)

صحيح بطرقه وشاهده، وهذا إسناد ضعيف، لأنَّ زكريا بن منظور ضعَّفوه كما قال الذهبي في "تلخيصه"، لكن روي هذا الخبر من وجوه أخرى عن أم هانئ، إلا أنها لا تخلو من مقالٍ، لكنها باجتماعها مع شاهده من حديث أبي أمامة من وجهين عنه يتقوى الخبرُ إن شاء الله.

وأخرجه ابن ماجه (3810) عن إبراهيم بن المنذر الحِزامي، عن أبي يحيى زكريا بن منظور، به. لكن دون ذكر التهليل.

وأخرجه بتمامه أحمد 44/ (26911)، والنسائي (10613) من طريق عاصم بن بَهْدلة، عن أبي صالح مولى أم هانئ، عن أم هانئ. وإسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل أبي صالح مولى أم هانئ فيُكتب حديثُه. وقد قُيّد أبو صالح في رواية البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 254 وفي رواية الطبراني في "الكبير" 24/ (1008) بمولى أم هانئ، فبطلت دعوى من ظنَّه أبا صالح ذكوان السمان الثقة.

وأخرجه بتمامه أيضًا أحمد 45/ (27393) من طريق أبي مَعْشَر نَجيح السِّنْدي، عن مسلم بن أبي مريم، عن صالح مولى وَجْزَة، عن أم هانئ. وأبو معشر ضعيف، لكنه لم ينفرد به عن مسلم بن أبي مريم، فقد تابعه محمد بن عجلان عند ابن أبي شيبة 10/ 278، غير أنه جعله من رواية مسلم بن أبي مريم مرسلًا.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 24/ (995)، وفي "الدعاء"(327) من طريق سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة، عن جدته أم هانئ. ورجاله لا بأس بهم لكن سعيد لم يدرك جدته.

ويشهد له حديث أبي أمامة عند أبي عمرو الحيري في الجزء الرابع من "فوائد الحاج"(34)، والطبراني في "الكبير"(8024)، وفي "مسند الشاميين"(830) من طريقين عن أبي أمامة. وكلٌّ من الطريقين فيه مقالٌ، لكنهما باجتماعهما يتقوى خبرُ أبي أُمامة. =

ص: 726

هذا حديث صحيح الإسناد، وزكريا بن مَنظُور لم يُخرجاه.

1915 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا زياد بن الخليل التُّستَري، حدثنا محمد بن جامع العطّار، حدثنا السَّكَن بن أبي السكن البُرْجُمي، حدثنا الوليد بن أبي هشام، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنعَمَ اللهُ على عبدٍ من نعمةٍ فعَلِمَ أنها مِن الله إِلَّا كتب الله له شُكرَها قبل أن يَحمَدَه عليها، وما أذنبَ عبدٌ ذنبًا فنَدِم عليه إلَّا كتبَ اللهُ له مغفرتَه قبل أن يَستغفرَه، وما اشترى عبدٌ ثوبًا بدينارٍ أو نصفِ دينارٍ، فلَبِسَه فحَمِدَ الله عليه إِلَّا لم يَبلُغْ ركبتَيه حتى يغفرَ اللهُ له"

(1)

.

= وقد صحَّ من حديث عائشة عند إسحاق بن راهويه في "مسنده"(1173)، والمصنِّف في "معرفة علوم الحديث" ص 201، لكن بلفظ:"قولي: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، مئة مرة، فلن تسبقك حسنةٌ ولا تترك سيئةً، وقولي: الله أكبر، مئة مرة، يُكتب لك بها خيرٌ من مئة بدنة، وقولي: سبحان الله، مئة مرة، يُكتب لك بها خير من مئة فرس مُلجَّم مُسرج في سبيل الله، وقولي: الحمد لله، مئة مرة، يُكتب لك بها خير من مئة رقبة". وإسناده صحيح.

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي في "الكبرى"(10767) بإسناد حسنٍ، لكن بلفظ:"من قال: سبحان الله، مئة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، كان أفضل من مئة بدنة، ومن قال: الحمد لله، مئة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، كان أفضل من مئة فرس يُحمل عليها، ومن قال: الله أكبر، مئة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، كان أفضل من عتق مئة رقبة، ومن قال: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، مئة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها لم يجئ يوم القيامة أحدٌ بعمل أفضلَ من عمله، إلّا من قال قوله، أو زاد". وقد تقدَّم عند المصنف برقم (1864) مختصرًا بذكر التهليل.

وفي الباب أيضًا عن أبي هريرة عند البخاري (3293) و (6403)، ومسلم (2691) واللفظ له:"من قال: لا إله إلّا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مئة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة، ومُحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حِرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يُمسي، ولم يأت أحدٌ أفضل مما جاء به إلّا أحدٌ عمل أكثر من ذلك، ومن قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مئة مرة، حُطَّت خطاياه ولو كانت مثل زَبَد البحر".

(1)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن جامع العطار كما أشار إليه الذهبي في "تلخيصه"، إذ نقل =

ص: 727

هذا حديث لا أعلم في إسناده أحدًا ذُكر بجَرْح! ولم يُخرجاه.

1916 -

أخبرنا أبو بكر بن أبي نصر الدارَبردي بمَرْو، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا عبد الله بن مَسلَمة، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن أبيه، عن أبان بن عثمان، قال: سمعت عثمان بن عفّان يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مِن عبدٍ يقولُ في صباحِ كلِّ يومٍ ومساءِ كلِّ ليلةٍ: باسم اللهِ الذي لا يَضُرُّ معَ اسمِه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ، وهو السميعُ العليمُ، ثلاثَ مراتٍ، فيَضُرَّه شيءٌ"

(1)

.

= قول ابن عدي فيه أنه لا يُتابَع على أحاديثه. قلنا: وضعَّفه أبو حاتم وأبو يعلى والدارقطني، وقد روى هذا الحديثَ أيضًا هشامُ بن زياد، وهو هشام بن أبي هشام أخي الوليد راوي الحديث هنا، لكن هشامًا رواه عن أبي الزناد عن القاسم بن محمد عن عائشة كما سيأتي عند المصنف برقم (7838) مختصرًا بذكر طرف منه: وهو ذكر الندم على الذنب، ورواه غير المصنف تامًّا، وهشام المذكور متروك الحديث، فلا اعتداد بمتابعته. وللحديث طريق أخرى عن عائشة لكن فيها رجلٌ متَّهم، فلا يُعتدُّ بها كذلك. لكن روي منه ذكر النعمة بإسناد لا بأس به.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(4503)، وشُهدة الكاتبة في "فوائدها"(84)، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 131 من طريق أبي أيوب سليمان بن داود الشاذَكوني، عن السّكن بن أبي السّكن البُرجُمي، بهذا الإسناد. والشاذكوني متروك متهم.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(2676) من طريق بَزِيع بن حسّان أبي الخليل، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وبَزِيع هذا متروك اتهمه ابن حبان والمصنّف في "المدخل إلى الصحيح".

وقد رُوي أوله في ذكر النعمة عند البيهقي في "شعب الإيمان"(4071) من طريق أحمد بن زيد الفلسطيني - وهو الرملي - عن إبراهيم بن عبد الحميد الواسطي - وهو الجُرشي - عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وهذا إسناد لا بأس به إن شاء الله.

ويشهد لذكر الندم على الذنب حديثا عبد الله بن مسعود وأنس الآتيان برقم (7804) و (7806) بلفظ: "الندم توبة"، وهو حديث صحيح.

(1)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد. واسم أبي الزِّناد عبدُ الله بن ذكوان.

وأخرجه أحمد 1/ (446) و (474)، وابن ماجه (3869)، والترمذي (3388)، والنسائي (10106) من طرق عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن =

ص: 728

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1917 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا مُسدَّد، حدثنا عيسى بن يونس، عن الوليد بن ثَعلَبة، عن عبد الله بن بُريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قال: اللهمّ أنتَ ربِّي لا إله إِلَّا أَنتَ، خَلَقْتَني وأنا عبدُك، وعلى عَهْدِك ووَعدِك ما استطعتُ، أعوذُ بك من كلِّ ما صنعتُ، وأبُوءُ بذَنْبي، فاغفِرْ لي ذُنوبي، إنه لا يغفرُ الذنوبَ إلَّا أنت، فمات من يومِه وليلتِه، دَخَل الجنةَ"

(1)

.

= صحيح غريب.

وأخرجه النسائي (10107) من طريق يزيد بن فراس، عن أبان بن عثمان، به. وقال: يزيد بن فراس مجهول لا نعرفه. قلنا: وكذلك قال أبو حاتم الرازي.

وأخرجه أبو داود (5089)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" لأبيه (528)، والنسائي (9759)، وابن حبان (852) و (862) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض، عن أبي مودود عبد العزيز بن أبي سُليمان، عن محمد بن كعب القُرظي، عن أبان بن عثمان، به. لكن خولف فيه أبو ضمرة:

فقد أخرجه أبو داود (5088) عن عبد الله بن مسلمة، عن أبي مودود، عمن سمع أبان بن عثمان، به. وقد تابع عبدَ الله بنَ مسلمة زيدُ بنُ الحباب عند ابن أبي شيبة 10/ 238، لكنهما قد خولفا:

فقد رواه عبد الرحمن بن مهدي من كتابه عند ابن أبي حاتم "العلل"(2079)، وأبي نعيم في "الحلية" 9/ 42، وكذلك رواه أبو عامر العقدي عند ابن أبي حاتم أيضًا، كلاهما عن أبي مودود، عن رجلٍ، عمن سمع أبان بن عثمان، عن أبيه. فصار في الإسنادين رجلان مبهمان وقد وافقهما عبدُ الله بنُ مَسلمة القعنبي في رواية أبي زرعة الرازي عنه كما في "العلل" لابن أبي حاتم (2105)، ورواية محمد بن علي بن ميمون الرقي عنه كذلك عند النسائي (9760)، فهذا هو الصحيح في هذا الإسناد بلا ريب، وبذلك جزم عبد الرحمن بن مهدي وأبو زرعة والدارقطنيُّ في "العلل"(254) وغيرُهم، وخطَّؤوا من ذكر فيه محمد بن كعب القُرظي بدل الرجلين المبهمين.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن خالف فيه الوليدَ بنَ ثعلبة حسينُ بنُ ذكوان المُعلِّم، فرواه عن عبد الله بن بريدة عن بُشَير بن كعب عن شداد بن أوس، وقد خطّأ =

ص: 729

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1918 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عوف بن سُفيان الطائي، حدثنا أبو المُغيرة عبد القُدّوس بن الحجّاج، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم، حدثنا الأحوص بن حَكِيم بن عُمير وحبيب بن عُبيد، عن أبي الدرداء، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَدَعُ رجلٌ منكم أن يعمل ألفَ حسنةٍ حتى يُصبحَ، يقولُ: سبحانَ اللهِ وبحمدِه، مئةَ مرّة، فإنها ألفُ حسنةٍ، فإنه لم يعملْ إن شاءَ اللهُ مثلَ ذلك في يومِه من الذنوب، ويكونُ ما عملَ من خَيرٍ سِوى ذلك وافِرًا"

(1)

.

= النسائيُّ وابنُ مَنْدَه في "التوحيد"(218) رواية الوليد بن ثعلبة، وصوَّبا رواية حسين المعلّم، وعليها اقتصر البخاري، وأما الحافظ ابن حجر فقال في "نتائج الأفكار" 2/ 341 - 342: كنتُ أظن أنَّ رواية الوليد بن ثعلبة شاذة وأنه سلك الجادّة، حتى رأيت الحديث من رواية سليمان بن بُريدة عن أبيه أخرجها ابن السُّنّي (يعني في "عمل اليوم والليلة": 43)، فبان أنَّ للحديث عن بريدة أصلًا. قلنا: لكن في الإسناد إلى سليمان بن بُريدة رجلان ضعيفان!!

وأخرجه أحمد 38/ (23013)، وأبو داود (5070)، وابن ماجه (3872)، والنسائي (9764) و (10227) و (10340)، وابن حبان (1035) من طرق عن الوليد بن ثعلبة، به. وزادوا في الدعاء:"أبوءُ بنعمتك عليَّ وأبوءُ بذنبي".

وأخرجه أحمد 28/ (17111) و (17130)، والبخاري (6306) و (6323)، والنسائي (7908) و (9763) و (10225) و (10341)، وابن حبان (932) و (933) من طرق عن حسين المعلّم، عن عبد الله بن بريدة، عن بُشَير بن كعب، عن شداد بن أوس. وقال النسائي في آخر موضع: حسينٌ أثبت عندنا من الوليد بن ثعلبة، وأعلم بعبد الله بن بريدة، وحديثه أولى بالصواب. وسيأتي عند المصنف من هذه الطريق برقم (3749).

وأخرجه النسائي (10226) و (10342) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البُناني، و (10342) من طريق حماد بن سلمة، عن أبي العَوّام فائد بن كيسان، كلاهما عن عبد الله بن بُريدة: أنَّ ناسًا من أهل الكوفة كانوا في سفر ومعهم شداد بن أوس

فذكراه مرسلًا. وهذا يؤيد أنَّ الحديث لشداد بن أوس، ولعلَّ بُشَير بن كعب يكون أحد أولئك النفر الذين كانوا مع شداد في سفره، والله أعلم.

(1)

إسناده ضعيف من أجل أبي بكر بن أبي مريم، فهو واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وقد =

ص: 730

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1919 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن مُسلم، حدثنا حجاج بن مِنهال، حدثنا عبد الله بن عمر النُّمَيري، عن يونس بن يزيد الأَيْلي، حدثني الحَكَم بن عبد الله الأَيْلي، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت: دخَل عليَّ أبو بكر فقال: هل سمعتِ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم دعاءً علَّمَنِيه؟ قلتُ: ما هو؟ قال: كان عيسى ابنُ مريم يُعلِّمه أصحابَه، قال: "لو كان على أحدِكُم جبلُ ذهبٍ دَينًا، فدعا اللهَ بذلك، لقَضاه اللهُ عنه: اللهمَّ فارجَ الهَمّ، كاشِفَ الغَمّ، مُجيبَ دعوةِ المُضطرين، رحمنَ الدنيا والآخرةِ

(1)

ورَحِيمَهما، أنت تَرحمُني فارحمْني رحمةً تُغنِيني بها عن رحمةِ مَن سِواكَ".

قال أبو بكر الصديق: وكانت عليَّ بقيةٌ من الدَّين، وكنتُ للدَّيْن كارهًا، فكنتُ أدعُو بذلك، فأتاني اللهُ بفائدةٍ فقضاهُ اللهُ عنّي، قالت عائشةُ:[كان] لأسماءَ بنتِ عُميسٍ عليَّ دينارٌ وثلاثةُ دراهمَ، فكانت تدخُل علي فأستحيي أن أنظُر في وجهها،

= اختُلف في إسناده في تسمية شيخه عن عبد القدوس بن الحجاج، فبعض من رواه عن عبد القدوس ذكر فيه أبا الأحوص حكيم بن عُمير بدل ابنه الأحوص بن حكيم بن عمير، وأغلب الظن أنَّ الوهم فيه من جهة أبي بكر بن أبي مريم نفسه، على أنَّ كلًّا من أبي الأحوص وابنه الأحوص لا يدرك السماع من أبي الدرداء، ولا حتى حبيب بن عُبيد، فالإسناد منقطع أيضًا كما قال الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية"(3385) عن أبي بكر بن زنجويه، عن أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 36/ (21741) و 45/ (27478)، وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(1471) عن أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، كلاهما (أحمد وابن نجدة) عن أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن أبي الأحوص حكيم بن عُمير وحبيب بن عبيد، عن أبي الدرداء. لكن وقع في رواية ابن نجدة: ألفي حسنة، بدل: ألف حسنة.

(1)

لفظة "والآخرة" سقطت من (ز) و (ب)، ورُمِّجت في (ص)، وأثبتناها من (ع)، وهي ثابتة لجميع من خرَّج هذا الخبر.

ص: 731

لأني لا أجدُ ما أَقضيها، فكنتُ أدعُو بذلك، فما لبثتُ إِلَّا يسيرًا حتى رَزَقنيَ اللهُ رِزقًا ما هو بصدقةٍ تُصدِّق بها عليَّ، ولا ميراثٍ ورثتُه، فقضاهُ اللهُ عني، وقسمتُ في أهلي قَسْمًا حسنًا، وحَلَّيتُ ابنةَ عبد الرحمن بثلاثِ أواقِ وَرِقٍ وفَضَلَ لنا فَضْلٌ حَسَن

(1)

.

قد احتجَّ البخاريُّ بعبد الله بن عمر النُّميري، وهذا حديثٌ صحيحٌ، غير أنهما لم يحتجّا بالحكم بن عبد الله الأَيْلي

(2)

.

1920 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا أبو المُثنّى العَنْبري ومحمد بن أيوب البَجَلي، قالا: حدثنا عبد الرحمن بن المبارك العَيشي، حدثنا فُضيل بن سليمان النُّميري، حدثنا موسى بن عُقبة، حدثنا عبيد الله بن سلْمان الأغَرّ، عن أبيه، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"كلُّ شيءٍ يتكلم به ابنُ آدمَ فإنه مكتوبٌ عليه، فإذا أخطأ خطيئةً فأحبَّ أن يتوبَ إلى اللهِ، فليأتِ رَفِيعةً فَليَمُدَّ يدَيه إلى الله عز وجل، ثم يقول: اللهمّ إني أتوبُ إليك منها، لا أرجِعُ إليها أبدًا، فإنه يُغفر له ما لم يَرجِعْ في عمله ذلك"

(3)

.

(1)

إسناده واهٍ بمرّة من أجل الحكم بن عبد الله الأيْلي، فهو متروك وكذّبه بعض الأئمة.

وأخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر الصديق"(40)، والبزار (62)، والطبراني في "الدعاء"(1041)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 203 - 204، والبيهقي في "الدعوات الكبير"(304)، وفي "دلائل النبوة" 6/ 171، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1281)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 47/ 472 من طرق عن يونس بن يزيد الأيْلي، بهذا الإسناد. وبعضهم لا يذكر قصة أبي بكر وقصة عائشة.

(2)

بل قال البخاري فيه: تركوه، وهي من أغلظ عبارات الجرح عنده.

(3)

إسناده ضعيف من أجل فُضيل بن سليمان النُّميري، فليس هو بذاك القوي، وقد انفرد به ولم يتابع عليه، بل قال الذهبي في "مهذب السنن الكبرى" للبيهقي 8/ 4158: هذا منكر.

وأخرجه الطبراني في "الدعاء"(207)، وفي "المعجم الكبير" كما في "جامع المسانيد والسنن" لابن كثير 9/ (11905)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 154، وفي "شعب الإيمان"(6678)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(784) من طرق عن عبد الرحمن بن المبارك، بهذا الإسناد. =

ص: 732

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1921 -

أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيَّاري بمَرْو، حدثنا أبو المُوجِّه، حدثنا علي بن خَشْرم، أخبرنا عيسى بن يونس، عن أبي بكر بن أبي مريم الغَسّاني، عن ضَمْرة بن حبيب، عن زيد بن ثابت: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم علَّمه وأمَرَه أن يَتعاهدَ أهلَه في كل صباحٍ: "لَبّيكَ اللهمَّ لَبّيكَ وسَعْدَيك، والخيرُ في يدَيك، ومنك وإليك، اللهمّ ما قلتُ مِن قولٍ، أو حلَفتُ من حَلِفٍ، أو نذَرتُ من نَذْرٍ، فمشيئتُك بين يدَي ذلك كلِّه، ما شئتَ كان، وما لم تَشأ لم يكُن

(1)

، ولا حَولَ ولا قُوةً إلَّا بك، إنك على كل شيءٍ قديرٌ، اللهم ما صليتُ من صلاةٍ فعلى من صلّيتُ، وما لعنتُ من لَعنٍ فعلى من لَعنتُ، أنت وَليِّي في الدنيا والآخرة، تَوفَّني مسلمًا وأَلحِقْني بالصالحين، اللهم إني أَسألُك الرضا بعد القضاءِ، وبَرْدَ العيشِ بعد الموت، ولذةَ النظرِ إلى وجهك، وشوقًا إلى لقائك، في غير ضَرَّاءَ مُضِرّة، ولا فتنةٍ مُضِلّة، وأعوذُ بك أن أَظلِمَ أو أُظلَمَ، أو أَعتديَ أو يُعتدى علَيَّ، أو أكسِبَ خطيئةً أو ذنبًا لا تغفرُه، اللهمَّ فاطرَ السماوات والأرض، عالمَ الغيبِ والشهادة، ذا الجَلالِ والإكرام، فإني أَعهَدُ إليك في هذه الحياة الدنيا وأُشهِدُك، وكفى بك شهيدًا، أني أشهد أن لا إله إلَّا أنتَ وحدَك لا شَريكَ لك، لك المُلك ولك الحَمدُ، وأنت على كلِّ شيءٍ قديرٌ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُك ورسولُك، وأشهدُ أنَّ وَعدَكَ حقٌّ، ولقاءَك حقٌّ، والساعةَ آتيةٌ لا رَيبَ فيها، وأنك تبعثُ مَن في القُبور، وأنك إن تَكِلْني إلى نفسي تَكِلْني إلى ضعفٍ

= وسيأتي عند المصنف برقم (7866) من طريق يحيى بن محمد الشهيد، عن عبد الرحمن بن المبارك.

وفي الباب عن الحسن البصري مرسلًا عند البيهقي في "شُعب الإيمان"(6679).

قوله: رفيعة، أي بقعة رفيعة، كما وقع مقيدًا عند سائر من خرّج الحديث، ويمكن حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه عند اتضاح الموصوف وأمن اللبس.

(1)

في (ز): لا يكن.

ص: 733

وعَورةٍ وذنبٍ وخطيئةٍ، وإني لا أثِقُ إلَّا برحمتِك، فاغفِرْ لِي ذُنوبي كلَّها، إنه لا يَغفرُ الذنوبَ إلَّا أنتَ، وتُب علَيَّ إنك أنت التوّابُ الرحيمُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1922 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المُثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا أبو الأحوص، حدثنا أبو إسحاق، عن كُميل بن زياد، عن أبي هريرة، قال: كنا نمشي مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في بعض حِيطان المدينةِ، فقال:"يا أبا هريرة" فقلتُ: لبيكَ يا رسولَ الله، فقال:"إنَّ المُكثِرين هم الأَقَلُّون إِلَّا مَن قال بمالِه هكذا وهكذا - وأومأ بيدِه عن يمينِه وعن شمالِه - وقليلٌ ما هُم"، ثم قال:"يا أبا هِرّ، ألا أدلُّك على كَنْزٍ من كُنوز الجنةِ؟ " قلت: بلى يا رسول الله، قال:"تقول: لا حَولَ ولا قُوَّة إلَّا بالله، ولا مَلجأَ ولا مَنْجا من الله إلَّا إليه"، ثم قال:"يا أبا هِرّ، تدري ما حقُّ الله على العِباد، وما حقُّ العِبادِ على الله؟ " قال: قلت: اللهُ ورسولُه أعلم، قال:"فإنَّ حقَّ الله على العِباد أن يَعبُدوه ولا يُشرِكُوا به شيئًا، وحقَّ العِباد على الله أن لا يُعذِّبَ مَن لا يُشركُ به"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم، ولانقطاعه، لأنَّ ضمرة بن حبيب لم يدرك زيد بن ثابت، على أنَّ بعض من رواه عن أبي بكر بن أبي مريم زاد فيه بين ضمرة وبين زيد بن ثابت أبا الدرداء، وبذلك يكون انقطاعه أظهر، لأنَّ أبا الدرداء توفي قبل زيد بن ثابت، وقد توبع أبو بكر بن أبي مريم فيبقى في الخبر علةُ الانقطاع.

وأخرجه أحمد 35/ (21666) عن أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخَولاني، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن ضمرة، عن أبي الدرداء، عن زيد بن ثابت.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4932)، وفي "الدعاء"(320)، وفي "مسند الشاميين"(2013)، وابن بطة في "الإبانة" 7/ 39 من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن معاوية بن صالح، عن ضمرة بن حبيب، عن زيد بن ثابت.

(2)

إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وأبو الأحوص: هو سلّام بن سُليم، وأبو المُثنَّى: هو معاذ بن المثنَّى. =

ص: 734

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه هكذا.

1923 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن عُبادة بن مُسلم الفَزَاري، قال: حدثني جُبير بن [أبي]

(1)

سليمان بن جُبير بن مُطعم، قال: سمعتُ ابن عمر يقول: لم يكن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَعُ هؤلاءِ الكلمات حين يُصبحُ وحين يُمسي: "اللهم إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في دِيني ودُنياي، وأهلي ومالي، اللهم استُرْ عَوراتي، وآمِن رَوْعاتي، اللهم احفَظْني من بين يَدَيّ ومِن خَلْفي، وعن يَميني وعن شِمالي ومن فَوقي، وأعوذُ بعظمتِك أن أُغتالَ من تَحتي"؛ يعني الخَسْفَ

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1924 -

أخبرني عبد الله بن الحُسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا رَوح بن عُبادة، حدثنا محمد بن أبي حُميد، عن إسماعيل بن محمد

= وأخرجه مختصرًا بذكر المكثرين أحمد 13/ (8085) و 16/ (10795) من طريقين عن أبي إسحاق السبيعي، به.

وأخرجه مختصرًا بذكر كنز الجنة النسائي (10118) من طريق إسرائيل بن يونس، عن جده أبي إسحاق، به.

وأخرجه دون ذكر حق الله وحق العباد أحمد 16/ (10736) و (10918) من طريق عبد الرحمن بن عابس، عن كُميل بن زياد، به.

وأخرجه مختصرًا أيضًا ابن ماجه (4131) من طريق محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، رفعه:"الأكثرون هم الأسفلون، إلّا من قال هكذا وهكذا وهكذا" ثلاثًا. وإسناده قويٌّ.

(1)

لفظة "أبي" سقطت من نسخنا الخطية، والصواب ذكرها كما جاء في "مسند أحمد" 8/ (4785).

(2)

إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" 8/ (4785).

وأخرجه أبو داود (5074)، وابن ماجه (3871)، والنسائي (7915) و (7916) و (10325)، وابن حبان (961) من طرق عن عُبادة بن مسلم الفزاري، بهذا الإسناد. وجاء في رواية النسائي: قال جبير: هو الخسف، قال عُبادة: فلا أدري قولُ النبي صلى الله عليه وسلم أو قولُ جُبير؟

ص: 735

ابن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "من سَعادةِ ابنِ آدمَ استخارتُه إلى الله، ومن شِقْوةِ ابنِ آدمَ تَرْكُه استخارةَ الله"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1925 -

أخبرنا الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثني عبد الرحمن بن شُريح، حدثني أبو هانئ التُّجِيبيّ، قال: سمعتُ أبا علي الجَنْبي، قال: سمعتُ أبا سعيد الخُدريَّ يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قال: رَضِيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام دِينًا، وبمحمدٍ رسولًا، وَجَبتْ له الجنةُ"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف بمَرّة، محمد بن أبي حُميد متفق على ضعفه، وقد تابعه رجل مثلُه في الضعف، فلا يعتد بمتابعته.

وأخرجه أحمد 3/ (1444) عن رَوح بن عبادة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (2151) من طريق أبي عامر العَقَدي، عن محمد بن أبي حميد، به. وقال: غريب لا نعرفه إلّا من حديث محمد بن أبي حميد، وليس هو بالقوي عند أهل الحديث.

قلنا: قد تابعه عبد الرحمن بن أبي بكر المُليكي عند البزار (1179)، وأبي يعلى (701)، لكن عبد الرحمن هذا متفق على ضعفه.

وروي الخبر من وجه آخر عند البزار (1097) من طريق عمران بن أبان الواسطي، عن عبد الرحمن المُليكي أيضًا، لكنه قال فيه: عن محمد بن المنكدر، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه. فعاد الحديث إلى المُليكي، وعمران الراوي عنه ضعيف كذلك.

وقد صحَّ من حديث جابر بن عبد الله عند أحمد 23/ (14707)، والبخاري (1162) وغيرهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلّمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يُعلّمنا السورة من القرآن

وذكر دعاء الاستخارة.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه على أبي هانئٍ - وهو حميد بن هانئ الخَولاني - في تعيين شيخه، فذكر أبو شُريح المعافري - وهو عبد الرحمن بن شُريح - عنه أنه أبو على الجَنْبي - وهو عمرو بن مالك الهَمْداني - كما وقع عند المصنف هنا، وخالفه عبد الله بن وهب، فذكر عن أبي هانئ أنه أبو عبد الرحمن الحُبُلي - واسمه عبد الله بن يزيد المعافري - وكلاهما ثقة، فالخَطبُ هيّن، ولذلك صحَّح ابن حبان كلا الطريقين، وإن كانت الرواية بذكر أبي عبد الرحمن =

ص: 736

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1926 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدَّقّاق، حدثنا علي بن إبراهيم الواسِطي، حدثنا وهب بن جَرير، حدثنا شعبة.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن حَمْدان الزاهد، قالا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعتُ أبا عَقيل هاشم بن بلال يُحدِّث عن أبي سَلَّام سابِق بن ناجيةَ، قال: كنا جُلوسًا في مسجد حِمصَ، فمرَّ رجلٌ فقالوا: هذا خَدَمَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فنهضتُ إليه فسألتُه، قلت: حدِّثني حديثًا سمعتَه من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولم يَتداولْه الرجالُ بينكما، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "ما من عبدٍ يقولُ حين يُمسي ويُصبحُ: رضيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام دِينًا، وبمحمد نبيًّا، إلَّا كان حقًّا على الله أن يُرضِيَه يومَ القيامةِ"

(1)

.

= الحُبُلي أقربُ وأشبَه، لأن ابن وهب أعلم بحديث المصريين كما قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 92، ولأنَّ الليث بن سعد قد تابعه عليه، كما نبَّه عليه الطبراني في "الأوسط"(8742)، غير أننا لم نقف على روايته فيما بأيدينا من مصادر التخريج، وتابعه أيضًا خالد بن أبي عمران يرويه عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي مباشرة، وطريقه هذه وإن كانت من رواية ابن لهيعة عنه تصلح للتقوية في مثل هذا، والله أعلم. وقد تابع زيدَ بنَ الحباب عبدُ الله بنُ صالح فيما سيأتي برقم (2492).

وأخرجه أبو داود (1529)، والنسائي (9748)، وابن حبان (863) من طرق عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.

وأما رواية عبد الله بن وهب، فقد أخرجها مسلم (1884)، والنسائي (4324) و (9749)، وابن حبان (4612) من طرق عنه، عن أبي هانئ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن أبي سعيد، مطولًا بنحو الرواية الآتية عند المصنف برقم (2492).

(1)

صحيح بما قبله، لكن بلفظ:"وجبت له الجنة" بدل: "إلّا كان حقًّا على الله أن يرضيه" كما في حديث أبي سعيد الخدري السابق. وهذا إسناد ضعيف لجهالة سابق بن ناجية، وما وقع في إسناد الحاكم هنا من قوله: عن أبي سلّام سابق بن ناجية، فوهمٌ، صوابه: عن سابق بن ناجية، عن أبي سلّام، عن هذا الرجل الذي خَدَمَ النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء في رواية "مسند أحمد" =

ص: 737

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 38/ (23111). وإذا صحَّ ذلك فأبو سلّام هذا قُيِّد في رواية عفّان عن شعبة عند أحمد بأبي سلّام البراء، يعني أنه غير ممطور الحبشي، وهذا ما اعتمده الذهبي في "المُقتنى في سرد الكنى" حيث أورد الترجمتين بالرقمين (2748) و (2751)، لكن قيّده أبو النضر هاشم بن القاسم في روايته عن شعبة عند أحمد بالحبشي، وبه جزم ابن معين في رواية ابن محرز عنه، وكذلك المنذري في "الترغيب والترهيب"، والعلائيُّ في "جامع التحصيل"(971)، وابنُ حجر في "تهذيب التهذيب" و"الإصابة" 7/ 185، و"نتائج الأفكار" 2/ 373، يعني أنَّ أبا سلّام هذا هو مَمطُور الحبشي التابعي المعروف، وعلى أي حالٍ يبقى فيه جهالة سابق بن ناجية.

وقد روى هذا الحديثَ مِسعَرُ بن كدام عن أبي عقيل فاضطرب في إسناده ولم يضبطه كما سيأتي بيانه. وضبطه شعبة وهُشيم في روايتهما عن أبي عقيل، حيث قالا: عن سابق، عن أبي سلام، عن خادم النبي صلى الله عليه وسلم. وتساهلَ الحافظُ رحمه الله إذ قوَّى إسناد هذا الخبر في "فتح الباري" 19/ 243.

وأخرجه أحمد 31/ (18967) عن أسود بن عامر، و (18969) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، و 38/ (23112) عن عفان بن مسلم، وأبو داود (5072) عن حفص بن عمر، والنسائي (9747) من طريق خالد بن الحارث، خمستهم عن شعبة، عن أبي عَقيل، عن سابق بن ناجية، عن أبي سلام، عن الرجل الذي خدم النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه النسائي (10324) من طريق هُشيم، عن أبي عَقيل هاشم بن بلال، عن سابق بن ناجية، عن أبي سلّام، عن رجل طُوالٍ أشعثَ خدم النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه أحمد 31/ (18968) عن وكيع عن مِسعَر بن كدام، عن أبي عَقيل، عن أبي سلّام، عن سابق خادم النبي صلى الله عليه وسلم. وهكذا قلب الإسناد وأسقط منه رجلًا، وجعل سابقًا هو الصحابي الذي خدم النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه ابنُ ماجه (3870) من طريق محمد بن بشر العَبْدي، عن مِسعَر، عن أبي عَقيل، عن سابق، عن أبي سلام خادم النبي صلى الله عليه وسلم. فجعل أبا سلّام هو الصحابي الذي خدم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد اغتر بهذه الرواية خليفةُ بن خيّاط، فذكر أبا سلام في الصحابة، وكذلك جزم بصحبته ابنُ عبد البر، ولا يصحُّ ذلك كما يظهر جليًّا من رواية شعبة وهُشيم اللذين ضبطا الرواية عن أبي عقيل.

وفي الباب عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الترمذي (3389)، وقال: حديث حسن غريب، وذكر المنذري في "الترغيب والترهيب" أنه جاء في بعض نسخ الترمذي: حسن صحيح. قلنا: كذلك جاء في نسخة عندنا برواية أبي حامد التاجر وأبي ذر الترمذي عن أبي عيسى الترمذي، وفي هذا ردٌّ على الحافظ ابن حجر رحمه الله في "نتائج الأفكار" 2/ 371 حيث ردَّ على النووي في =

ص: 738

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1927 -

حدثنا أبو جعفر أحمد بن عُبيدٍ الحافظ بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن دِيزِيلَ، حدثنا أبو النصر

(1)

عمر بن محمد المصري

(2)

، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن قال إذا أصبحَ مئةَ مرَّة، وإذا أمسى مئةَ مرَّة: سبحانَ الله وبحمدِه، غُفِرَت ذُنوبُه وإن كانت أكثرَ من زبَدِ البحر"

(3)

.

= نقله حكم الترمذي بأنه حسن صحيح غريب، فقال: لم أر لفظة صحيح لا بخط الكروخي، ولا بخط الحافظ أبي علي الصَّدَفي من طريق أبي علي السِّنجي، ولا في غيرهما من النسخ، ولا في الأطراف، فكأنَّ الشيخ رآه في نسخة ليست معتمدة.

قلنا: مردُّ جميع النسخ التي عند الحافظ إلى رواية أبي العباس المحبُوبي عن أبي عيسى الترمذي، فلذلك لم يجده فيها.

وتحسين الترمذي لهذا الخبر أو تصحيحه له فيه نظرٌ، لأنَّ في إسناده أبا سَعْد سعيد بن المرزُبان البقّال، يرويه عن أبي سلمة عن ثوبان، وأبو سعد البقال ضعيف، وكان يدلس وقد عنعنه، ولعله يكون وهم في هذا الإسناد بأن يكون أخطأ في تسمية الصحابي والتابعي، ويكون الحديث لأبي سلّام عن خادم النبي صلى الله عليه وسلم، فتحرف عليه اسم أبي سلّام إلى أبي سلمة ويكون قوله: عن ثوبان، من صنيعه هو، لكون ثوبان كان مولًى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يخدمه، وكان نزل حمص، فقيَّد اسمَه من عنده بناء على هذه المعطيات المشتركة، والله تعالى أعلم.

(1)

كذلك جاء في (ص) و (ب) و (ع) بإهمال الصاد، ورسم فوقها في (ص) و (ب) علامة إهمال، وفي (ز): النضير، بالضاد المعجمة وزيادة الياء بعدها، ولم نقف لهذا الراوي على ترجمة فيما بأيدينا من مصادر، ولم نقف له على رواية غير هذه أيضًا.

(2)

كذلك في النسخ الخطية: المصري نسبة لمصر، وفي المطبوع: النصري، بالنون بدل الميم، وكذلك رُسمت في "إتحاف المهرة" للحافظ لكن دون إعجام، فتحتمل هذا وتحتمل أيضًا البصري بالباء الموحدة.

(3)

حديث صحيح، وأبو النصر متابع، وقد اختُلف فيه على سهيل بن أبي صالح في إسناده ومتنه، كما سيأتي بيانه. أبو صالح: هو ذكوان السمّان.

وأخرجه ابن حبان (859) من طريق هُدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. =

ص: 739

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1928 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب إملاءً وقراءةً، حدثنا هارون بن سُليمان الأصبهاني، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدثنا سفيان، عن منصور، عن الشَّعبي، عن أمّ سلمة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرجَ من بيتِه قال: "باسم الله، ربِّ أعوذُ بك أن أَزِلَّ أو أضِلَّ، أو أَظلِمَ أو أُظلَمَ، أو أَجهَلَ أو يُجهَلَ علَيَّ"

(1)

.

= وأخرجه أحمد 14/ (8835) من طريق إسماعيل بن زكريا الخُلْقاني، عن سهيل، به، لكن بلفظ:"لم يأت أحدٌ يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلّا أحدٌ قال مثل ما قال أو زاد عليه".

وأخرجه مسلم (2692)، والترمذي (3469)، والنسائي (10327) من طريق عبد العزيز بن المختار، وأبو داود (5091)، والنسائي كما في "تحفة الأشراف" للمزي 9/ (12560)، وابن حبان (860) من طريق روح بن القاسم، كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، عن سُمَيّ مولى أبي بكر بن عبد الله، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، بمثل لفظ إسماعيل بن زكريا، لكنهما زادا في إسناده سُميًّا بين سُهيل وأبيه.

وأخرجه أحمد 13/ (8009) و 14/ (8873) و 16/ (10683)، والبخاري (6405)، ومسلم (2691)، وابن ماجه (3812)، والترمذي (3466)، والنسائي (10593)، وابن حبان (829) من طريق مالك بن أنس، عن سميّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، بمثل لفظ حماد بن سلمة عن سهيل لكن دون ذكر الصباح والمساء.

وتحصّل من مجموع هذه الروايات أنَّ سُهيلًا رواه مرة عن أبيه مباشرة، ومرة بواسطة سُميّ، فالظاهر أنه رواه على الوجهين، وأما ثواب التسبيح فرواه باللفظين المذكورين، وكأنهما محفوظان عنه جميعًا، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، والشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وقد أدرك الشعبيُّ أمَّ سلمة بيقين، كما أوضحناه في "سنن ابن ماجه" بتحقيقنا (3884)، وبه جَزَمَ المصنّف هنا.

وأخرجه أحمد 44/ (26704)، والنسائي (7870) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (26616)، والترمذي (3427)، والنسائي (9835) من طريق وكيع بن الجراح، عن سفيان الثوري، به. وزاد في أوله:"باسم الله توكلتُ على الله". وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. =

ص: 740

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وربما توهَّم مُتوهِّم أنَّ الشعبيّ لم يسمع من أم سلمة، وليس كذلك، فإنه دَخَلَ على عائشة وأم سلمة جميعًا، ثم أكثرَ الروايةَ عنهما جميعًا.

1929 -

أخبرنا أبو قُتيبة سَلْم بن الفضل الأَدَمي بمكة، حدثنا محمد بن نصر بن منصور الصائغ، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن عبد الله بن حُسين بن عطاء بن يَسار، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من بيتِه يقول: "باسمِ الله، لا حَولَ ولا قُوَّة إلَّا بالله، التُّكْلانُ على الله"

(1)

.

= وأخرجه أحمد (26729)، وأبو داود (5094)، وابن ماجه (3884)، والنسائي (7868)(7869)(9834) من طرق عن منصور بن المعتمر، به. ولم يذكر بعضُهم في روايته أولَ الحديث:"باسم الله".

وأخرجه النسائي (9833) من طريق مؤمَّل بن إسماعيل، عن شعبة، عن عاصم، عن الشعبي، عن أم سلمة. وقال بإثره: هذا خطأ: عاصم عن الشعبي، والصواب: شعبة عن منصور، ومؤمَّل بن إسماعيل كثير الخطأ، خالفه بهز بن أسد، رواه عن شعبة عن منصور عن الشعبي.

وأخرجه النسائي (9836) عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن زُبيد الياميّ، عن الشعبي مرسلًا، ولم يذكر:"باسم الله". وقال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 160 بعد أن ذكر الاختلاف بين منصور وزُبيد في وصل الحديث وإرساله: هذه العلة غير قادحة، فإنَّ منصورًا ثقة حافظ، ولم يُختلَف عليه فيه.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن حُسين بن عطاء بن يسار، وقد وهم فيه كما نبّه عليه أبو زرعة الرازي في سؤالات البرذعي له (453) حيث قال: ضعيفٌ، حدَّث عن سُهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"والتكلان على الله"، وإنما هو عن سُهيل، عن أبيه، عن السَّلُولي، عن كعب. قلنا: السَّلُولي هو عبد الله بن ضَمْرة. وله طريق أخرى عن أبي هريرة لكنها ضعيفة أيضًا، فلا يُفرح بها، غير أنَّ لهذا الخبر شواهد يتحسّن بها في أقل أحواله، ولذلك حسَّنَه الحافظ في "نتائج الأفكار" 1/ 166.

وأخرجه ابن ماجه (3885) عن يعقوب بن حميد بن كاسب، عن حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد. =

ص: 741

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1930 -

أخبرنا أحمد بن سَلْمان الفقيه، حدثنا الحسن بن مُكْرم، حدثنا عثمان بن عُمر، حدثنا شعبة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي جعفر المَديني، قال: سمعتُ عُمارة بن

= وأخرجه ابن ماجه أيضًا (3886) من طريق هارون بن هارون القرشي التيمي، عن الأعرج، عن أبي هريرة. وهارون هذا ضعيف باتفاق.

ولم نقف عليه من رواية سُهيل، عن أبيه، عن السَّلُولي، عن كعب قوله، لكن من رواية مجاهد، عن عبد الله بن ضمرة السَّلولي، عن كعب قوله، عند معمر في "جامعه"(19827)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 10/ 212، وابن أبي الدنيا في "التوكل على الله"(21)، وأبي نعيم في "الحلية" 5/ 389، وعبد الغني المقدسي في "الترغيب في الدعاء"(116). لكن سقط اسم السلولي من مطبوع "جامع معمر".

ويشهد له مرفوعًا حديث أنس بن مالك عند أبي داود (5095)، والترمذي (3426)، والنسائي (9837)، وابن حبان (822) من طريق ابن جريج، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس. وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه؛ كذلك جاء في رواية أبي العباس المحبوبي عنه، وأما في رواية أبي حامد التاجر وأبي ذر الترمذي عنه فقال: حسن صحيح غريب. كذلك جاء في نسخة خطيّة منه عندنا بروايتهما. وقد أعلَّ البخاري هذا الحديث فيما نقله عنه الترمذي في "علله الكبير"(673) بقوله: لا أعرف لابن جريج عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة غير هذا الحديث، ولا أعرف له سماعًا منه. قلنا: وجزم الدارقطني في "العلل"(2349) بأنَّ ابن جريج لم يسمعه من إسحاق، محتجًّا برواية عبد الله بن عبد العزيز بن أبي روّاد عن ابن جريج - وهو أثبت الناس فيه - فقال: حُدِّثت عن إسحاق.

قلنا: لقاؤه له ممكن جدًّا، فقد أدرك ابن جُريج من حياة إسحاق ما يقارب الخمسين عامًا، على أنه وقع تصريحه منه بالسماع في رواية الضياء المقدسي في "المختارة" 4/ (1540).

كما يشهد له حديث عثمان بن عفان عند أحمد 1/ (471)، وفي إسناده رجلٌ مبهم يرويه عن عثمان، وقد جاء في بعض مصادر التخريج تقييده بأنه ابنٌ لعثمان بن عفان، وبقية رجاله لا بأس بهم، فيصلحُ مثلُه في الشواهد.

ص: 742

خُزيمة يُحدِّث عن عثمان بن حُنَيف: أنَّ رجلًا ضريرًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: ادْعُ اللهَ تعالى أن يُعافِيَني، قال:"إن شئتَ أخَّرتَ ذلك، وإن شئتَ دعوتُ"، قال: فادْعُه، قال: فأمَرَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ فيُحسنَ الوضوءَ، ويُصليَ ركعتَين، ويدعوَ بهذا الدُّعاء:"اللهمّ إني أسألُك وأتوجَّه إليكَ بنبيِّك محمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيِّ الرَّحمةِ، يا محمدُ، إني أتوجَّه بك إلى ربّك في حاجَتي هذه فتَقضِيها لي، اللهم شفِّعْه فيَّ وشَفِّعْني فيه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1931 -

أخبرنا عبد الله بن جعفر بن دَرَستَوَيهِ الفارسي، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا قَبيصة ومحمد بن كثير، قالا: حدثنا سفيان، عن عمرو بن مُرَّة، عن عبد الله بن الحارث، عن طَلِيقِ بن قيس، عن ابن عباس، قال: كان من دُعاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "ربِّ أعِنِّي ولا تُعِنْ عليَّ وانصُرني ولا تَنصُرْ عَلَيَّ، وامكُرْ لي ولا تمكُرْ علَيَّ، واهدِني ويَسِّرِ الهُدى لي، وانصُرني على مَن بَغَى عَلَيَّ، رَبِّ اجعلْني لك شَكّارًا، لك ذَكّارًا، لك رَهّابًا، لك مِطوَاعًا، لك مُخبِتًا، لك أوّاهًا مُنِيبًا، تَقبّل تَوبتي، وأجِبْ دعوتي، واهْدِ قلبي وثَبِّتْ حُجَّتي، وسَدِّد لِساني، واسْلُلْ سَخِيمةَ قلبي"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده صحيح. أبو جعفر المديني: هو عُمير بن يزيد الخَطْمي.

وقد تقدَّم برقم (1194) من طريق العباس بن محمد الدُّوري عن عثمان بن عُمر.

(2)

إسناده صحيح. قبيصة: هو ابن عُقبة السُّوَائي، ومحمد بن كثير: هو العَبْدي، وسفيان: هو الثَّوري.

وأخرجه أحمد 3/ (1997)، وأبو داود (1510)، وابن ماجه (3830)، والترمذي (3551)، والنسائي (10368)، وابن حبان (947) و (948) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

والسَّخيمة: الحِقد والضغينة في النفس.

ص: 743

1932 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطّة الأصبهاني، حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا الأصبهاني، حدثنا مُحرِز بن سَلَمة العَدَني، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن سُهيل بن أبي صالح، عن موسى بن عُقبة، عن عاصم بن أبي عُبيد، عن أم سلَمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا ما سألَ محمدٌ ربَّه: "اللهمَّ إني أسألُك خيرَ المَسألة، وخيرَ الدُّعاء، وخيرَ النَّجاح، وخيرَ العمَل، وخيرَ الثَّواب، وخيرَ الحياة، وخيرَ المَمات، وثَبِّتني وثَقِّل مَوازِيني، وحَقِّق إيماني، وارفَع درجتي، وتَقبّل صلاتي، واغفِر خَطيئتي، وأسألُك الدرجاتِ العُلَى من الجنة، اللهمَّ إني أسألُك فَواتحَ الخيرِ وخواتِمَه وجَوامِعَه، وأولَه، وظاهرَه، وباطنَه، والدرجاتِ العُلى مِن الجنة، آمين.

اللهمَّ إني أسألُك خيرَ ما آتي، وخيرَ ما أفعلُ، وخير ما أعملُ، وخيرَ ما بَطَنَ، وخيرَ ما ظَهَرَ، والدرجاتِ العُلَى من الجنة، آمين.

اللهمَّ إني أسألُك أن ترفعَ ذِكْري، وتَضَعَ وِزْري، وتُصلِحَ أمري، وتُطهِّرَ قلبي، وتُحصِّن فَرْجي، وتُنوِّر لي قلبي، وتَغفِر لي ذَنبي، وأسألُك الدرجاتِ العُلى من الجنة، آمين.

اللهمَّ إني أسألُك أن تُبارك لي في نَفْسي، وفي سَمْعي، وفي بصري، وفي رُوحي، وفي خَلْقي وفي خُلُقي، وأهلي، وفي مَحْيَاي، وفي مَماتي، وفي عَمَلي، وتقبّل حَسناتي، وأسألُك الدرجاتِ العُلَى من الجنة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1933 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد

(1)

إسناده محتمل للتحسين من أجل عاصم بن أبي عُبيد، فهو - وإن لم يرو عنه غير موسى بن عقبة - تابعي كان يدخل على زينب بنت أم سلمة وعلى أم سلمة كما وصفه موسى بن عقبة مرةً، وذكره ابن حبان في "الثقات".

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (717)، وفي "الأوسط"(6218)، وفي "الدعاء"(1422)، والبيهقي في "الدعوات"(256) و (257) من طرق عن عبد العزيز بن أبي حازم، بهذا الإسناد.

ص: 744

البَيْروتي، حدثنا محمد بن شعيب بن شابُور، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثنا خالد بن اللَّجْلاج، حدثنا عبد الرحمن بن عائش الحَضْرمي، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ وذَكَر الربَّ تبارك وتعالى، فقال:"قُل: اللهمَّ إني أسألُك الطَّيباتِ، وتَرْك المُنكراتِ، وحُبَّ المساكين، وأن تَتُوب علَيَّ وتَغفرَ لي وتَرحمَني، وإذا أردتَ فتنةً في قومٍ فتوفَّني غيرَ مَفتُون"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تَعلَّموهُنَّ، فوالذي نفْسي بيده إنهنَّ الحقُّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد رُويَ عن مُعاذ بن جَبَل عن النبي صلى الله عليه وسلم مثلُه:

1934 -

أخبرَناهُ أبو حفص عُمر بن محمد الفقيه بِبُخارى، حدثنا صالح بن

(1)

إسناده ضعيف لاضطرابه كما هو مبيَّن مفصَّل في تعليقنا على "مسند أحمد"(3484) و (16621)، وخالد بن اللجلاج مع فضله لم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وابن عائش لا تصح له صحبة.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات"(206) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(388)، وفي "الآحاد والمثاني"(2585)، ومحمد بن نصر المروزي في "قيام الليل - مختصره" ص 55 - 56، وابن خزيمة في "التوحيد" 2/ 536، والآجري في "الشريعة"(1041)، والطبراني في "الدعاء"(1418) و (1419)، وفي "مسند الشاميين"(597) و (598)، والدارقطني في "رؤية الله"(233 - 240)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(644)، والبغوي في "شرح السنة"(924)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(11) من طرق عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، به.

ورواه زهير بن محمد التميمي عند أحمد 27/ (16621) عن يزيد بن يزيد بن جابر - أخي عبد الرحمن - عن خالد بن اللجلاج، عن عبد الرحمن بن عائش، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه أبو سلام الحبشي عند أحمد 36/ (22109)، والترمذي (3235) عن عبد الرحمن بن عائش، عن مالك بن يخامر السكسكي، عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وانظر الطريق التالي.

ص: 745

محمد بن حبيب الحافظ، حدثنا محمد بن سعيد بن سُويد القرشي بالكوفة، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن معاذ بن جبل قال: أبطأ عنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الفجر، حتى كادتْ أن تُدرِكَنا الشمسُ، ثم خرج فصلَّى بنا فخفَّف في صلاتِه، ثم انصرفَ فأقبلَ علينا بوجهِه، فقال:"على مَكانِكم أُخبِرْكم ما بَطّأني عنكم اليومَ في هذه الصلاةِ، إني صلَّيتُ في ليلَتي هذه ما شاءَ اللهُ، ثم مَلَكتْني عيني فنِمتُ، فرأيتُ ربّي تبارك وتعالى، فألهَمَني أنْ قلتُ: اللهمَّ إني أسألُك الطيّباتِ، وتَرْك المُنكراتِ، وحبَّ المَساكينِ، وأن تتوبَ علَيَّ، وتَغفرَ لي وتَرحَمَني، وإذا أردتَ في خَلْقِك فتنةً، فنجِّني إليك منها غيرَ مفتونٍ، اللهمَّ وأسألُك حبَّك وحبَّ من يُحبُّك، وحبَّ عمل يقرِّبُني إلى حُبِّك"، ثم أقبل إلينا صلى الله عليه وسلم، فقال:"تعلَّمُوهنَّ وادرُسُوهنَّ، فإنهن حَقٌّ"

(1)

.

1935 -

أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحُسين، حدثنا آدمُ بن أبي إياس، حدثنا شعبةُ.

وأخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الجَلّاب وأبو بكر أحمد بن جعفر القَطِيعي، قالا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا

(1)

إسناده ضعيف بمرَّة، سعيد بن سويد مجهول تفرد بالرواية عنه ابنه محمد، ومحمد هذا - وإن روى عنه غير واحدٍ - لا يعرف بجرح ولا تعديل، فهو مستور الحال، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 7/ 266 وسكت عنه، وعبد الرحمن بن أبي إسحاق - وهو أبو شيبة الواسطي - ضعيف منكر الحديث، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى سيئ الحفظ، لكن لم يقع في إسناد هذا الخبر إلا عند المصنف، وأبوه عبد الرحمن لم يسمع من معاذ بن جبل كما قال ابن خزيمة في "التوحيد".

والدارقطني في "رؤية الله"(228) من طريق محمد بن سويد بن سعيد، بهذا الإسناد. ووقع في المطبوع من "مسند البزار": عبد الله بن سويد، وهو خطأ. وقد أشار الدارقطني في "العلل" 6/ 57 إلى طريق محمد بن سويد هذه مع بقية طرق هذا الخبر ثم قال: ليس فيها صحيح، وكلها مضطربة.

ص: 746

شعبة، عن جَبْر بن حَبيب، عن أم كُلثوم بنت أبي بكر، عن عائشة: أنَّ أبا بكر الصديق دَخَل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلَّمَه في شيءٍ يُخفِيه من عائشة، وعائشةُ تُصلِّي، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"يا عائشةُ، عليكِ بالكَوامِلِ" - أو كلمةً أخرى - فلما انصرفَتْ عائشةُ سألتْه عن ذلك، فقال لها:"قُولي: اللهمَّ إني أسألُك من الخيرِ كلِّه، عاجِلِه وآجلِه، ما علمتُ منه وما لم أعلَمْ، وأعوذُ بكَ من الشرِّ كُلِّه، عاجلِه وآجلِه، ما علمتُ منه وما لم أعلَمْ، وأسألُك الجنةَ وما قَرَّب إليها مِن قولٍ أو عملٍ، وأعوذُ بك من النار وما قَرَّب إليها مِن قولٍ أو عمل، وأسألُك خيرَ ما سألك عبدُك ورسولُك محمدٌ، وأعوذُ بك من شرِّ ما استعاذك منه عبدُك ورسولُك محمدٌ صلى الله عليه وسلم، وأسألُك ما قَضَيتَ لي مِن أمرٍ أن تجعلَ عاقبتَه رَشَدًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1936 -

وقد حدَّثَناهُ أبو محمد

(2)

بنُ الخُراساني، حدثنا الحسن بن مُكْرَم، حدثنا عثمان بن عُمر، أخبرنا أبو نَعَامَة العَدَوي عمرو بن عيسى، حدثنا جَبْر بن حبيب،

(1)

إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" 42/ (25137).

وأخرجه أحمد 41/ (25019) و 42/ (25139)، وابن ماجه (3846) من طريق حماد بن سلمة، عن جَبْر بن حبيب، به.

وأخرجه أحمد 42/ (25138) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن شعبة، به.

وأخرجه ابن حبان (869) من طريق حماد بن سلمة، عن سعيد بن إياس الجُريري، عن أم كلثوم بنت أبي بكر، به. وذكر حماد بن سلمة الجُريريَّ بدل جَبْر بن حبيب، وهذا لا يضرُّ، لأنَّ حماد بن سلمة قد سمع هذا الحديث من كليهما كما تدل عليه رواية أبي يعلى (4473)، والطبراني في "الدعاء"(1347)، حيث قَرن حمادٌ في روايتهما الجُريري بجَبْر، وحماد سمع من الجُريري قبل أن يتغيّر.

وخالف شعبةَ وحمادَ بنَ سلمة في إسناده أبو نَعَامة العَدَوي كما في الطريق التالية عند المصنف، فجعله من رواية جَبْر بن حبيب عن القاسم بن محمد عن عائشة. وذكر القاسم بن محمد بدل أم كلثوم بنت أبي بكر، وهو شُذوذٌ.

(2)

وقع في المطبوع: أبو بكر محمد، وهو خطأ، فهو أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن الخُراساني.

ص: 747

عن القاسم بن محمد، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه

(1)

.

هكذا قاله أبو نَعامة، وشعبةُ أحفظُ منه، وإذا خالفَه فالقولُ قولُ شعبةَ.

1937 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا هارون بن مَعروف، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرنا حُيَيّ بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان يَدعُو يقولُ: "اللهمَّ اغفِرْ لنا ذُنُوبَنا وظُلْمَنا وهَزْلَنا، وجِدَّنا وعَمْدَنا، وكلُّ ذلك عِندنا"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1938 -

أخبرنا عبد العزيز بن محمد بن إسحاق الوَرّاق، حدثنا الفضل بن محمد

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن خالف فيه أبو نَعَامة العدوي الحفاظَ من أصحاب جَبْر بن حبيب كشعبة وحماد بن سلمة الذين رووه عنه فذكروا أم كلثوم بنت أبي بكر بدل القاسم بن محمد، وكذلك رواه سعيدٌ الجُريري عن أم كلثوم كما تقدَّم بيان ذلك عند الطريق السابقة، وقد نبَّه الدارقطني في "علله"(3596) على هذا الاختلاف، وصحَّح قولَ شعبة ومن تابعه، ومع ذلك جَوَّد إسنادَه الحافظُ ابن رجب في "فتح الباري" 9/ 310!

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية"(3344/ 3) عن عبد الأعلى بن حماد النَّرسي، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(6028) عن إبراهيم بن مرزوق، كلاهما عن عثمان بن عُمر، بهذا الإسناد.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل حُيَيّ بن عبد الله: وهو المَعَافِري. أبو عبد الرحمن الحُبُلي: هو عبد الله بن يزيد المَعَافري.

وأخرجه ابن حبان (1027) من طريق أحمد بن عمرو بن السَّرْح، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 11/ (6617) من طريق عبد الله بن لَهيعة، عن حُيّي بن عبد الله، به.

ويشهد له حديث أبي موسى الأشعري عند البخاري (6398) و (6399)، ومسلم (2719)، ولفظه:"اللهم اغفر لي خطيئتي وجَهْلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلمُ به مني، اللهم اغفر لي هَزْلي وجِدِّي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي"، وفي بعض الروايات زيادة:"أنت المُقدِّم وأنت المؤخِّر وأنت على كل شيء قديرٌ".

ص: 748

الشَّعْراني، حدثنا سُنَيد بن داود، حدثنا عمرو بن أبي سَلَمة، حدثنا زُهير بن محمد، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشة، أنها قالت: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم جبريلُ عليه السلام، فقال:"إِنَّ الله يأمُرُك أن تَدعُوَ بهؤلاءِ الكلماتِ، فإنه مُعطيكَ إحداهُنّ: اللهمَّ إني أسألُك تَعجيلَ عافيَتِك، وصَبرًا على بَليّتِك، أو خُروجًا من الدنيا إلى رَحمتِك"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1939 -

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان، حدثنا العلاء بن عمرو الحَنَفي، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المُحارِبي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هُريرة، قال: كان مِن دُعاءِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ أمتِعْني بسَمْعي وبَصَري، واجعلهُما الوارثَ مني، وانصُرني على مَن ظَلَمَني، وأرِني فيه ثَأْري"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، عمرو بن أبي سلمة - وهو التِّنِّيسي الدمشقي، وإن كان لا بأس به - روى عن زهير بن محمد التميمي مناكير، فيما قاله أحمد والنسائي، على أنَّ زهيرًا نفسَه أحاديثُ أهل الشام عنه غير مستقيمة، لأنه لما نزل الشام حدثهم من حفظه، فكثر غلطُه.

وأخرجه ابن حبان (922) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم المعروف بدُحيم، عن عمرو بن أبي سلمة، بهذا الإسناد.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم غير العلاء بن عمرو الحَنَفي، فقد اختُلف فيه اختلافًا بيِّنًا بين مُوثِّق ومُضعِّف، وأقرب أحواله أنه يُقبل في المتابعات والشواهد، وقد تابعه حماد بن سلمة فيما سيأتي عند المصنف برقم (2662) وإسناده حسن، لأنَّ محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - حسنُ الحديث، وللحديث شواهد يصحُّ بها.

وأخرجه الترمذي (3604/ 7) من طريق جابر بن نوح، عن محمد بن عمرو، به. وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه.

ويشهد له حديث علي بن أبي طالب الآتي عند المصنف برقم (1954)، ورجاله لا بأس بهم غير أنَّ فيه انقطاعًا.

وحديثُ ابن عمر الآتي كذلك برقم (1955)، وهو حديث حسن. =

ص: 749

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1940 -

أخبرنا بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفَضْل، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيّوب، حدثني عبد الله بن الوليد، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن حُجَيرة، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَوصَى سلمانَ الخَير، فقال:"يا سلمانُ، إنَّ رسولَ الله يريدُ أن يَمنحَك كلماتٍ تسألُهُن الرحمنَ، وترغبُ إليه فيهنّ، وتدعُو بهنّ في الليل والنهار، قُل: اللهمَّ إني أسألُك صحةً في إيمانٍ، وإيمانًا في حُسن خُلُق، ونجاحًا يتبعه فَلاحٌ، ورحمةً منك وعافيةً، ومغفرةً منك ورِضوانًا"

(1)

.

= وحديثُ عائشة الآتي أيضًا برقم (1962)، وهو حسنٌ إن شاء الله.

وحديثُ سَعْد بن زُرارة عند الطبراني في "الدعاء"(1448)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 12/ 175، وإسنادُه صحيح إن كان محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان أدرك سَعْد بن زُرارة.

وحديثُ عبد الله بن الشِّخِّير عند البزار (2294)، وضياء الدين المقدسي في "المختارة" 9/ (464)، وإسناده حسنٌ في المتابعات والشواهد.

ومرسلُ عروة بن الزبير عند معمر بن راشد في "جامعه"(19640) ورجاله ثقات.

(1)

إسناده ضعيف من أجل عبد الله بن الوليد - وهو التُّجِيبي - فهو ليِّن الحديث كما قال الحافظ في "التقريب"، وقد اختُلف في إسناده كذلك فمرة يرويه عبد الله بن الوليد، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن حُجيرة، عن أبيه، عن أبي هريرة، ومرة يرويه عن عبد الرحمن بن حُجيرة مباشرة، عن أبي هريرة، والوهم في ذلك فيما يغلب على الظن من جهة عبد الله بن الوليد نفسِه، والله أعلم.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"(225) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (9765) عن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، و (10329) عن عبيد الله بن فضالة، والطبراني في "الأوسط"(9333) عن هارون بن ملول، ثلاثتهم عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، به.

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(327)، وأحمد بن حنبل في "مسنده" 14/ (8272) كلاهما عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب، عن عبد الله بن الوليد، عن عبد الرحمن بن حُجيرة - كذلك قُيّد في رواية ابن راهويه، وفي رواية أحمد: عن ابن =

ص: 750

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1941 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن يحيى الحُجْري، حدثنا زيد بن الحُباب، حدثنا حميد

(1)

بن مِهْران، حدثنا عطاء، عن أبي هريرة، قال: حدثنا سلمانُ الفارسيُّ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قال: اللهمَّ إني أُشهِدُك وأُشهِدُ ملائكتَك وحَمَلَةَ عَرشِك، وأُشهِدُ مَن في السماواتِ وأُشهِدُ من في الأرض، أنك أنتَ اللهُ لا إله إلَّا أنتَ، وحدَك لا شريكَ لك، وأشهَدُ أنَّ محمدًا عبدُك ورسولُك، من قالها مَرَّةً أَعتقَ اللهُ ثُلثَه من النار، ومَن قالها مرتَين أَعتقَ اللهُ ثُلثَيه من النار، ومن قالها ثلاثًا أُعتِقَ كلُّه من النار"

(2)

.

= حُجيرة عن أبي هريرة، وبين وفاة عبد الرحمن بن حُجيرة ووفاة عبد الله بن الوليد نحو ثمانية وأربعين سنةً. وربما روى عبدُ الله بن الوليد عن عبد الرحمن بن حُجيرة عن أبيه، فكأنه كان أحيانًا يقلب اسم عبد الله بن عبد الرحمن بن حُجيرة إلى عبد الرحمن بن حُجيرة، ويقصد الابنَ لا الأب، والله أعلم.

(1)

تحرَّف في أصولنا الخطية إلى: حمد، وإنما هو حُميد مولى ابن علقمة المكي، ولا يُعرف تسمية أبيه بمهران إلّا في رواية المصنِّف، وكذلك رواه البيهقي في "الدعوات" (224) عن المصنف فقال: حُميد بن مهران، ويوجد في الرواة من اسمه حُميد بن مهران، لكنه بصري ثقة، وليس مكِّيًا، ولا يُعرف بحميد بن مهران البصري رواية عن عطاء - وهو ابن أبي رباح - ولا يُعرف روى عنه زيد بن الحُباب، وحميد مولى ابن علقمة هذا مجهول كما قال الدارقطني، ولا يتابع على حديثه كما قال البخاري.

(2)

حسنٌ لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حميد راويه عن عطاء، ولأنه لم يتابع على حديثه، يعني بهذا الإسناد، وإلّا فقد روي نحوه عن أنس بن مالك كما سيأتي.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"(224) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (2531)، والطبراني في "الدعاء"(300)، وفي "الكبير"(6062)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 274، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في "العرش وما روي فيه"(25)، وأبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي العيسوي في "فوائده"(39) من طرق عن زيد بن الحُباب، عن حميد مولى ابن علقمة المكي، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن سلمان.

وأخرجه الطبراني في "الدعاء"(299)، وفي "الكبير"(6061) من طريق إبراهيم بن عبد الله =

ص: 751

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1942 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العدل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا أبو الوليد، حدثنا شُعبة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي عُبيدة، عن عبد الله، قال: مَرَّ بي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا أُصلّي، فقال:"سَلْ تُعطَهْ يا ابنَ أَمِّ عَبْدٍ"، فقال عمر: فابتدرْتُه أنا وأبو بكر، فسبقَني إليه أبو بكر. فقال

(1)

: إنَّ من دعائي الذي لا أكادُ أدَعُه

(2)

: اللهمَّ إني أسألُك نَعيمًا لا يَبِيدُ، وقُرَّةَ عَينٍ لا تَنفَدُ، ومُرافقةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في أعلى جنةِ الخُلدِ

(3)

.

= ابن خالد المِصِّيصي، عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن عطاء، به. وإبراهيم هذا أحد المتروكين، واتهمه غير واحدٍ بالوضع والكذب.

وفي الباب عن أنس بن مالك عند البخاري في "الأدب المفرد"(1201)، وأبي داود (5069)، والنسائي (9753) وغيرهم من طريقين عن أنس بن مالك، فيهما مقالٌ، لكن بمجموعهما يحسنُ الحديث، كما قال ابن حجر في "نتائج الأفكار" 2/ 376: لمجيئه من وجه آخر عن أنس قلت: إنه حسنٌ.

(1)

الضمير هنا يعود إلى عبد الله - يعني ابن مسعود - كما جاء مصرَّحًا به في رواية أحمد 6/ (3797)، والطبراني في "الكبير" 9/ (8413)، وأبي نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 127، وكذلك جاء في الرواية الآتية عند المصنِّف برقم (1949). وقد ذكرنا ذلك لئلا يُتوهَّم أنَّ هذا دعاء أبي بكر كما يُوهمه ظاهر هذه الرواية التي هنا، وبذلك تكون عبارة:"فقال عمر: فابتدرته أنا وأبو بكر، فسبقني إليه أبو بكر" معترضة، وإنما ابتدرا عبد الله بن مسعود ليبشِّراه بما بشَّره به النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما يدلُّ عليه حديث عمر بن الخطاب عند أحمد 1/ (175) و (265) وغيره بإسناد صحيح.

(2)

تحرَّف في أصولنا الخطية إلى: أدعو، بالواو، وبها ينقلب المعنى إلّا إذا اقترن به أداة الحصر والضمير، يعني: لا أكاد أدعو إلّا به. والمثبت هو الأوفق لمصادر تخريج الحديث، حيث جاء فيه: الذي لا أكاد أدَعُ.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه منقطع لأنَّ أبا عُبيدة - وهو ابن عبد الله بن =

ص: 752

هذا حديث صحيح الإسناد إذا سَلِمَ من الإرسال، ولم يُخرجاه.

1943 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطّةَ الأصبهاني، حدثنا عبد الله

= مسعود - لم يسمع من أبيه، لكن روي هذا الحديثُ عن ابن مسعود من غير طريقٍ، ورويت القصة دون الدعاء عن عمر بن الخطاب بسند صحيح كما سيأتي. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.

وهو في "مسند أحمد" 7/ (4165).

وأخرجه أحمد 6/ (3662) عن يحيى بن سعيد، عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 6/ (3797) من طريق إسرائيل بن يونس السَّبيعي، عن جده أبي إسحاق، به.

لكن نصّ الدعاء عنده كنصّ الرواية الآتية عند المصنف برقم (1949): اللهم إني أسألك إيمانًا لا يَرتدّ، ونعيمًا لا يَنفد، ومُرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في أعلى غُرف الجنة جنة الخُلد.

وأخرجه بهذا اللفظ أيضًا أحمد 7/ (4255) و (4340) و (4341)، وابن حبان (1970) و (7067) من طريق زرّ بن حُبيش، عن عبد الله بن مسعود. وإسناده حسن، وهو عند الترمذي أيضًا (593) من طريق زر بن حُبيش، لكن مختصرًا دون ذكر الدعاء، وقال عنه: حديث حسن صحيح.

وله طريق ثالثة عن عبد الله بن مسعود عند ابن أبي عمر العَدَني في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ (4063)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 104 عن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب، عن النعمان بن عمرو بن خالد اللَّخْمي، عن عُلَيّ بن رباح، عن ابن مسعود قال: إنه دخل المسجد

فذكر القصة مطولة ثم ذكر الدعاء بأطول مما هنا، ورجاله لا بأس بهم، والنعمان بن عمرو روى عنه اثنان كما قال الذهبي في "تاريخ الإسلام"، وذكره ابن حبان في "الثقات"، فهو يُقبل في المتابعات والشواهد. لكن جاء في رواية ابن عساكر: عن عُلَيّ بن رباح، قال: دخل ابن مسعود المسجد .. فذكره مرسلًا، وقد قال الدارقطني والبيهقي: لا يثبُت له سماعٌ من ابن مسعود، لكن احتمل ابن التركماني في "الجوهر النقي" 1/ 110 سماعه فيه، لأنَّ عُليًّا ولد سنة خمس عشرة، وابن مسعود توفي سنة اثنتين وثلاثين. وعلى أي حالٍ فيقبل مثل هذا في المتابعات والشواهد.

وقد رُويت القصة دون الدعاء من حديث عمر بن الخطاب عند أحمد 1/ (175) و (265) وغيره، وإسناده صحيح.

وقد رُوي الدعاء مرفوعًا من حديث عمار بن ياسر كما سيأتي برقم (1944)، بإسناد صحيح.

ص: 753

ابن محمد بن زكريا، حدثنا مُحرِزُ بن سَلَمة العَدَني، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم [عن سُهيل بن أبي صالح]

(1)

عن موسى بن عُقبة، عن عاصم بن أبي عُبيد، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يدعو بهؤلاءِ الكلمات: "اللهم أنتَ الأولُ لا شيءَ قَبلَك، وأنت الآخِرُ فلا شيءَ بعدَك، أعوذُ بك من شرِّ دابةٍ ناصيتُها بيدِك، وأعوذُ بك من الإثم والكَسَل، ومن عذابِ القبر، ومن فِتنةِ الغِنى، ومن فِتنة الفَقْر، وأعوذُ بك من المَأثَم والمَغرَم، اللهمَّ نَقِّ قلبي من الخطايا كما نَقَّيت الثوبَ الأبيضَ من الدَّنَس، اللهمَّ بَعِّد بيني وبين خَطِيئتي كما بَعَّدتَ بين المشرقِ والمغربِ"

(2)

.

(1)

سقط سهيل بن أبي صالح من أصولنا الخطّية هنا، واستدركناه من إسناد الحديث الذي تقدَّم برقم (1932)، حيث روي هذا الحديث وذاك بالإسناد نفسه تمامًا من لدن المصنّف إلى آخره، وسيأتي هذا الحديث عند المصنف أيضًا برقم (2242) من طريق إبراهيم بن حمزة الزبيري عن ابن أبي حازم عن سهيل، وقد ثبت ذكر سهيل لجميع من خرَّج هذا الحديث من طريق عبد العزيز بن أبي حازم.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل عاصم بن أبي عُبيد كما تقدم بيانه برقم (1932)، وقد روى هذا الحديثَ أيضًا جُنادةُ بنُ سَلْم السُّوائي عن عُبيد الله بن عمر العُمري عن عاصم مولى بن جُمح عن أم سلمة، أو عن زينب عن أمها أم سلمة. وجُنادة هذا مختلف فيه، ضعَّفه أبو زُرعة وأبو حاتم، ووثقه ابن خزيمة وخرَّج له في "الصحيح"، وذكره ابن حبان في "الثقات" وخرَّج له في "صحيحه" أيضًا، وقال عنه البخاري: مقارب الحديث، وحسَّن له الترمذي حديثَه، وقال أبو حاتم: عَمَدَ إلى أحاديث موسى بن عقبة فحدَّث بها عن عُبيد الله بن عمر. قلنا: يعني نظائر حديثنا هذا الذي هنا، فإنه مشهور من رواية موسى بن عُقبة، فإن كان جُنادة بن سَلْم حفظ إسناده، صار عن عاصم في هذا الحديث راويان، ويكون عند جنادة زيادةُ فائدة أنَّ عاصمًا مولًى لبني جُمح، والله تعالى أعلم، على أنه قد صحَّ مثلُ هذه الأدعية مفرّقةً عن عدد من الصحابة كما سيأتي بسطُه.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" معلقًا 6/ 479، والطبراني في "الدعاء"(1356)، وفي "الكبير" 23/ (717)، وفي "الأوسط"(6218)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 5/ 456 من طرق عن عبد العزيز بن أبي حازم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "تاريخه" أيضًا معلقًا 6/ 479 من طريق فُضيل بن سليمان، عن موسى =

ص: 754

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن عقبة، عن عاصم شيخ كان يدخل على زينب بنت أبي سلمة وعلى أم سلمة، عن زينب أو عن أم سلمة.

ورواه يوسفُ بن خالد السَّمْتي عن موسى بن عقبة فيما قاله الدارقطني في "العلل"(3963)، غير أنه قال: عن موسى، عن عاصم، عن شيخ كان يدخل على زينب، عن زينب بنت أم سلمة، عن أمها. والسمتي هذا متروك.

وسيأتي عند المصنف برقم (2242) من طريق إبراهيم بن حمزة الزبيري عن عبد العزيز بن أبي حازم.

ويشهد لأول هذا الدعاء إلى قوله: "بيدك" حديثُ أبي هريرة الآتي برقم (2025) و (4796)، وهو حديث صحيح.

كما يشهد له حديث عائشة عند النسائي (10557)، ورجاله ثقات لكنه مرسل.

ويشهد لسائره حديث عائشة الآتي برقم (2007) بإسناد صحيح.

وللاستعاذة بالله من الكسل والمأثم والمغرم شاهدٌ من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد 11/ (6734) و (6749)، والنسائي (7879) وغيرهما بإسناد حسن.

وللاستعاذة من عذاب القبر شواهد عديدة، منها حديث أبي بكرة المتقدم برقم (99) و (940)، وحديثُ البراء بن عازب المتقدم برقم (107)، وحديثُ أبي هريرة المتقدم برقم (1024)، وحديث عائشة الآتي برقم (2007).

وكذلك حديثُ سعد بن أبي وقاص عند أحمد 3/ (1585)، والبخاري (2822).

وحديثُ ابن عباس عند أحمد 4/ (2168)، ومسلم (590).

وحديث أنس بن مالك عند أحمد 19/ (12113)، والبخاري (2823) و (4707)، ومسلم (2706).

وحديثُ زيد بن أرقم عند أحمد 32/ (19308)، ومسلم (2722).

وحديث عوف بن مالك عند أحمد 39/ (23975)، ومسلم (963).

وللاستعاذة من الكسل شواهد من أحاديث عبد الله بن عمرو بن العاص وأنس بن مالك وزيد بن أرقم وعائشة التي تقدم تخريجها.

ومن حديث عبد الله بن مسعود عند مسلم (2723).

وللاستعاذة من الفقر شواهدُ من أحاديث أبي بكرة وأنس وأبي هريرة وعائشة عند المصنف بالأرقام (99) و (1965) و (2006) و (2007).

ولسؤال الله تعالى التنقية من الخطايا وإبعادها كما بين المشرق والمغرب شاهد من حديث =

ص: 755

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1944 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا علي بن الحسن الهِلاليّ، حدثنا أبو النُّعمان محمد بن الفضل، حدثنا حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عمار بن ياسر: أنه صلَّى بأصحابِه يومًا أوجَزَ فيها، فقيل له: يا أبا اليَقْظانِ خَفّفتَ! قال: ما علَيَّ في ذلك، لقد دعوتُ فيها بدعواتٍ سمِعتُهن من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقام رجلٌ فتبعَه - وهو أبو عطاءٍ - فسألَه عن الدعاءِ، فرجعَ فجاء فأخبرَ:"اللهمَّ بعِلمِك الغيبَ، وقُدرتِكَ على الخَلْقِ، أحيِني ما علِمتَ الحياةَ خيرًا لي، وتوفَّني إذا كانتِ الوفاةُ خيرًا لي، اللهم وأسألُك خَشْيَتك في الغيبِ والشهادةِ، وأسألُك كلمةَ الحُكم في الغَضَب والرِّضا، وأسألُك القصدَ في الغِنى والفقر، وأسألُك نعيمًا لا يَبِيد، وأسألك قُرّة عَينٍ لا تَنفَد ولا تَنقطِع، وأسألُك الرِّضا بعد القضاء، وأسألُك بَرْدَ العَيشِ بعد الموتِ، وأسألُك لَذَّةَ النظَرِ إلى وجهك، وأسألُك الشوقَ إلى لِقائِك في غير ضَرّاءَ مُضِرّة، ولا فتنةٍ مُضِلَّة، اللهم زيِّنّا بزينةِ الإيمان، واجعلْنا هُداةً مُهتَدين"

(1)

.

= عائشة الآتي برقم (2007).

ومن حديث أبي هريرة عند أحمد 12/ (7164)، والبخاري (744)، ومسلم (598).

ومن حديث عبد الله بن أبي أوفى عند أحمد 31/ (19118)، ومسلم (476).

والمأثم: الأمر الذي يأثم به الإنسان.

والمَغرَم: الدَّين، ويريد به فيما يكرهه اللهُ، أو فيما يجوز ثم عجز عن أدائه، فأما دَينٌ احتاج إليه وهو قادر على أدائه فلا يُستعاذُ منه.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي (1229)، وابن حبان (1971) من طريقين عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (1230) من طريق أبي مجلز لاحق بن حميد، عن قيس بن عُباد، عن عمار بن ياسر. وإسناده حسنٌ.

وأخرجه أحمد 30/ (18324) و (18325) من طريق أبي مجلز، عن عمار، فلم يذكر قيس =

ص: 756

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1945 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا يحيى بن أيوب العَلّاف بمصر، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث بن سعد، حدثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هِلال، عن أبي الصَّهْباء، عن عبد الرحمن

(1)

بن أبي ليلى أخبره عن ابن مَسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يَدعُو:"اللهمّ احفَظْني بالإسلام قائمًا، واحفَظْني بالإسلام قاعدًا، واحفَظْني بالإسلام راقِدًا، ولا تُشمِتْ بي عدوًّا حاسدًا، اللهمّ إني أسألُك من كلِّ خيرٍ خَزائنُه بيدِك، وأعوذُ بك من كلِّ شرِّ خَزائنُه بيدِك"

(2)

.

= ابن عُباد، والصحيح ذكره، كما في رواية النسائي وغيره كما بُيِّن في "المسند" عند الحديث (18325).

(1)

جاء في النسخ الخطية: عبد الله، وهو خطأ، إنما هو عبد الرحمن، وقد كتب في (ص) فوق لفظ الجلالة، اسم الرحمن إشارة إلى تصويبها.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أبو الصَّهباء كذلك وقع مسمًّى في أصول "المستدرك"، وهو تحريف قديم وقع للمصنِّف نفسه، لأنَّ البيهقي روى هذا الحديث بعينه في "الدعوات الكبير"(253) عنه بإسناده هذا وسماه أبا الصَّهباء، وإنما هو أبو المُصفّى كما سُمِّي في رواية سائر من خرَّج هذا الحديث. وقد روى النسائي حديثًا آخر (10473) عن عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن أبي المصفّى عن ابن أبي ليلى عن ابن مسعود، فتبين بذلك أنَّ ما وقع في رواية المصنف هنا تحريف.

وأبو المصفّى هذا شيخ مدنيٌّ قديم، روى عنه سعيد بن أبي هلال ومحمد بن عجلان، وقال عنه ابن حبان: لا أدري من هو، فهو في حيّز الجهالة، وعبد الله بن صالح - وهو كاتب الليث بن سعد - متابع، فبقي جهالةُ حال أبي المصفَّى، لكن للحديث شاهدًا يحسُنُ به إن شاء الله.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"(253) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابنُ أبي عاصم في "السنة"(377) عن الحسن بن علي الخَلَّال، والطبراني في "الدعاء"(1445)، عن مطّلب بن شعيب الأزدي، كلاهما عن عبد الله بن صالح، عن الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن أبي المصفّى، عن ابن أبي ليلى، عن ابن مسعود. فسميا الراوي عن ابن أبي ليلى أبا المصفّى. =

ص: 757

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1946 -

حدثنا علي بن عيسى الحِيْري، حدثنا أحمد بن نَجْدة القُرشي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا خَلَف بن خَلِيفة، حدثنا حُميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن مسعود، قال: كان من دُعاء رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: "اللهمّ إنا نسألُك مُوجِباتَ رحمتِك، وعَزائمَ مَغفرتك، والسلامةَ من كل إثمٍ، والغنيمةَ من كل بِرٍّ، والفَوزَ بالجنة، والنَّجاةَ بعونِك مِن النار"

(1)

.

= وكذلك أخرجه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(1183) من طريق سعيد بن أبي مريم، عن الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن أبي المصفّى، به. فسماه أيضًا أبا المصفّى، وسعيد بن أبي مريم ثقة.

ويشهد له حديثُ عمر بن الخطاب عند ابن حبان (934)، وإسنادُه حسن في الشواهد.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل حميد الأعرج - وهو حميد بن عطاء - فهو متروك. وقد روى نسخةً عن عبد الله بن الحارث - وهو الزُّبيدي المُكتب - عن ابن مسعود، ولم يسمع من ابن مسعود فيما جزم به ابن المديني والدارقطني، ونحوه قول أبي حاتم الرازي. وقال ابن حبان عن نسخته هذه: كأنها موضوعة، ونحوه قال الدارقطني.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"(237) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وسيأتي عند المصنف (1978) ضمن دعاء مطوّل من طريق إبراهيم بن يوسف عن خلف بن خليفة.

وروي عن ابن مسعود أنه كان يدعو بذلك إذا فرغ من الصلاة، ولم يرفعه، كما أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 303 و 10/ 332 من طريق أبي اليقظان عثمان بن عُمير، عن حُصين بن يزيد التغلبي أو الثعلبي، عن ابن مسعود. وأبو اليقظان متفق على ضعفه، وحُصين بن يزيد مختلف فيه، قال عنه البخاري: فيه نظر، لكن ذكره ابن حبان في "الثقات"!

وله بتمامه شاهدٌ لا يُفرح به من حديث أبي الورقاء فائد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن أبي أوفى عند ابن ماجه (1384)، والترمذي (479). وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال، فائد بن عبد الرحمن يُضعَّف في الحديث. وقد تقدَّم عند المصنف (1214).

وآخر من حديث أنس بن مالك عند الطبراني في "الدعاء"(1044)، وفي "الأوسط"(3398)، وفي "الصغير"(341)، وراويه عن أنس تالفٌ. =

ص: 758

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1947 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر، حدثنا بشر بن بكر، أخبرني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: سمعت بُسْر بن عُبيد الله يقول: سمعت أبا إدريسَ الخَوْلاني يقول: سمعت النَّوّاس بن سمعان الكِلابي، يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من قلبٍ إلَّا بين إصبَعين من أصابعِ الرحمن، إن شاء أقامَه، وإن شاء أَزاغَه".

وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم يا مُقلِّبَ القُلوب، ثَبِّت قلبي على دِينِك، والميزانُ بيدِ الرحمن، يرفعُ أقوامًا ويَخفِض آخرينَ إلى يومِ القيامة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ بإسناد صحيح عن أنس بن مالك:

1948 -

حدَّثَناه إبراهيم بن عِصْمةَ بن إبراهيم، حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن أنس قال: كان

= ولقوله: "اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك" شاهد من حديث شداد بن أوس عند الطبراني في "الكبير"(7135)، وعنه أخرجه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 265 وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 56/ 274. وإسناده حسن.

(1)

إسناده صحيح. أبو إدريس الخَولاني: هو عائذ الله بن عبد الله.

وأخرجه ابن ماجه (199) من طريق صدقة بن خالد الدمشقي، والنسائي (7691)، وابن حبان (943) من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (8105) عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن بشر بن بكر. فذكر محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بدل بحر بن نصر، وكلاهما شيخ لأبي العباس، فليس ببعيد أن يسمع الحديث من كليهما عن بشر بن بكر، فكلاهما روى عنه.

وسيأتي أيضًا برقم (3178) من طريق محمد بن شعيب بن شابور عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر.

ص: 759

النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُكثِر أن يقولَ: "يا مُقلِّبَ القلوبِ ثَبِّت قَلبي على دِينكَ"

(1)

.

1949 -

حدثنا إبراهيم بن عِصمة، حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي عُبيدة، قال: سُئل عبدُ الله عن الدعاءِ الذي دعَوتَ به حين قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "سَل تُعْطَهْ"، قال: قلتُ: اللهمَّ إني أسألُك إيمانًا لا يَرتدُّ، ونَعيمًا لا يَنفَدْ، ومُرافقةَ نبيِّك محمدٍ صلى الله عليه وسلم في أعلى دَرَجِ

(1)

صحيح بما قبله، وهذا إسناد قوي من أجل أبي سفيان: وهو طلحة بن نافع. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم، ويحيى بن يحيى: هو النَّيسابُوري.

وأخرجه أحمد 19/ (12107)، والترمذي (2140) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حديث حسن، وهكذا روى غير واحدٍ عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس، وروى بعضهم عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث أبي سفيان عن أنس أصح.

وأخرجه أحمد 21/ (13696) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، به.

ورواية أبي سفيان عن جابر التي أشار إليها الترمذي رواها سفيان الثوري عن الأعمش، وستأتي عند المصنف برقم (3177). ورجَّحها ابن منده، وكذلك رجَّحها أبو موسى المديني في "اللطائف من دقائق المعارف"(317)، فخالفا بذلك الترمذي الذي رجَّح الرواية بذكر أنس بن مالك.

وقول الترمذي أَولى بالقَبول، لأنَّ جماعة أصحاب الأعمش قد رووه عنه عن أبي سفيان بذكر أنس بن مالك، منهم أبو معاوية وعبد الواحد بن زياد كما تقدَّم، وتابعهما أبو الأحوص سلّام بن سُليم عند البخاري في "الأدب المفرد"(683)، وفُضيل بن عياض عند أبي بكر الآجُرّي في "الشريعة"(731)، والدارقطني في "الصفات"(40)، وابن بطّة في "الإبانة" 7/ 274، وأبي طاهر الذهبي في "المُخلِّصيات"(1440)، وضياء الدين المقدسي في "مختارته" 6/ (2225).

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(683) من طريق أبي الأحوص سلّام بن سُليم، وابن ماجه (3834) من طريق عبد الله بن نمير، كلاهما عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، وقرن أبو الأحوص بيزيد الرقاشي أبا سفيان طلحة بن نافع، قال الدارقطني في "العلل" (2677): فدلَّ على أنَّ القولين صحيحان. يعني أنَّ الأعمش سمعه من يزيد الرقاشي ومن أبي سفيان طلحة بن نافع كليهما، وكلاهما رواه عن أنس بن مالك.

ص: 760

الجنةِ جنةِ الخُلْد

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1950 -

أخبرنا حمزة بن العباس العَقَبي ببغداد، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِيّ، حدثنا عَوْن بن عُمَارة الغُبَري

(2)

، حدثنا رَوح بن القاسم، عن أبي جعفر الخَطْميّ، عن أبي أُمامة بن سهل بن حُنيف، عن عمِّه عثمان بن حنيف: أنه أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، علِّمني دعاءً أدعو به يَردُّ اللهُ علَيَّ بَصَري، فقال له:"قُل: اللهمَّ إني أسألُك وأتوجَّه إليك بنبيِّك نَبيِّ الرحمةِ، يا محمدُ، إني قد تَوجَّهتُ بك إلى ربّي، اللهمَّ شفِّعْه فيَّ، وشفِّعني في نفسي"، فدعا بهذا الدعاء، فقام وقد أبصَرَ

(3)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه منقطع كما تقدم بيانه برقم (1942) حيث تقدَّم الحديث هناك من طريق شعبة بن الحجاج، عن أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - وتقدَّم تخريج طرقه هناك. يحيى بن يحيى: هو النيسابوري.

وأخرجه النسائي (10639) عن محمد بن العلاء أبي كريب، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.

(2)

كذلك ضُبطت هذه النسبة في (ز)، وكذلك رُسمت في (ز) عند الحديث الآتي برقم (8524)، والظاهر أنَّ هذا ما كان المصنِّف يراهُ في نسبة عون بن عمارة هذا، فقد جاءت هذه النسبة أيضًا عنده في "معرفة علوم الحديث" ص 256، وكذلك هي عند الخطيب البغدادي، كما جاء في كتابيه "تاريخ بغداد" 16/ 326 في ترجمة يحيى بن الفُضَيل الكاتب، وفي "تلخيص المتشابه في الرسم" 1/ 246 في ترجمة المذكور أيضًا، حيث ذكر في الرواة عنه عون بن عمارة الغُبري. وهذا بخلاف ما جاء منسوبًا في بعض أسانيد أخبار أخرى، حيث نُسب فيها العَبْديَّ، وهو ما نَسَبَه به العُقيلي في "الضعفاء" 3/ 209، وكذلك جاء في "تهذيب الكمال" للمزي، وزاد: القَيسي البصري، مع أنَّ سائر من ترجم له غير العُقيلي والمزي ومن تبعه لم يزيدوا على نسبة البصري كالبخاري وابن أبي حاتم وابن حبان وابن عدي وغيرهم.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عَون بن عُمارة، وقد روى هذا الحديث مرة فجعله عن روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله، وهو وهمٌ منه فاحشٌ كما قال الطبراني في "الدعاء"(1053) وقد أخرج الحديث من طريقه. وأخطأ فيه في رواية المصنف هنا أيضًا، إذ جعل القصة لعثمان بن حُنيف نفسه، مع أنه رواه مرةً أخرى - كما في رواية ابن حبان في "المجروحين" 2/ 197 - فذكر فيه أنَّ عثمان بن حُنيف يحكي قصة رجل =

ص: 761

تابعه شَبيب بن سعيد

(1)

الحَبَطي عن رَوح بن القاسم بزيادات في المتن والإسناد، والقولُ فيه قولُ شَبيب، فإنه ثقةٌ مأمونٌ:

1951 -

أخبرَناهُ أبو محمد عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سهل الدَّبّاس بمكة من أصل كتابه، حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن زيد الصائغ، حدثنا أحمد بن شَبيب بن سَعيد الحَبَطي، حدثني أبي، عن رَوح بن القاسم، عن أبي جعفر المَديني - وهو الخَطْمي - عن أبي أُمامة بن سهل بن حُنيف، عن عمِّه عُثمان بن حُنيف، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وجاءه رجلٌ ضَريرٌ، فشكا إليه ذهابَ بصَرِه، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائدٌ وقد شَقَّ عليَّ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ائتِ المِيضأةَ فتوضَّأْ، ثم صلِّ ركعتَين، ثم قل: اللهمَّ إني أسألُك وأتوجّه إليك بنبيِّك محمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيِّ الرَّحمة يا محمدُ، إني أتوجّه بك إلى ربّك، فيُجَلّي لي عن بَصَري، اللهمَّ شَفِّعْه فيَّ، وشَفِّعني في نفسي". قال عثمانُ: فواللهِ ما تفرّقنا ولا طالَ بنا الحديثُ، حتى دخل الرجلُ وكأنه لم يكن به ضُرٌّ قَطُّ

(2)

.

= أعمى أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك دالٌّ على أنه لم يضبط الرواية عن روح بن القاسم، وقد ضبطها من هو أوثق منه؛ شَبيبُ بن سعيد الحَبَطي في روايته التالية عند المصنِّف، ووافقه عليها هشام الدَّستُوائي في روايته عن أبي جعفر الخَطمي - وهو عُمير بن يزيد بن عُمير الأنصاري - وقد اختُلف في تعيين التابعيّ عن أبي جعفر الخطمي، كما تقدَّم بيانه برقم (1194)، وقدَّمنا هناك أنه اختلافٌ لا يضرُّ مثلُه، والله أعلم.

(1)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: حبيب.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد جيد من أجل أحمد بن شبيب وأبيه، وقد اختُلف في تعيين التابعيّ كما تقدَّم بيانه برقم (1194)، وذكرنا هناك أنه اختلاف لا يضرُّ مثلُه، والله أعلم. أبو جعفر المديني الخَطْمي: هو عُمير بن يزيد الأنصاري.

وأخرجه النسائي (10421) من طريق هشام الدَّستُوائي، عن أبي جعفر الخطمي، به.

وتقدَّم قبله من طريق عون بن عمارة عن روح بن القاسم.

وبرقم (1194) و (1930) من طريق شعبة بن الحجاج، عن أبي جعفر الخَطْمي، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عثمان بن حُنيف. فذكر عمارة بن خزيمة بدل أبي أمامة، وكلاهما ثقة.

ص: 762

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه، وإنما قدّمتُ حديثَ عَوْن بن عُمارة، لأنَّ مِن رَسْمنا أن تُقدِّم العاليَ من الأسانيد.

1952 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا موسى بن إسحاق الأنصاري وإسماعيل بن قُتيبة السُّلَمي، قالا: حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا ابن فُضَيل، عن العلاء بن المُسيَّب، عن أبي داود الأَوْدي، عن بُريدة الأسلمي، قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قل: اللهمَّ إني ضَعيفٌ فقوِّ في رِضاك ضَعْفي، وخُذ إلى الخير بناصِيَتي، واجعلِ الإسلامَ مُنتهى رِضائي، اللهمَّ إني ضعيفٌ فقَوِّني، وإني ذليلٌ فأعِزَّني، وإني فقيرٌ فارزُقني"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل أبي داود الأَوْدي - وهو نُفَيع بن الحارث الأعمى - فهو متروك الحديث كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وقد انفرد ابن فُضيل - وهو محمد - بنسبته أبا داود الأعمى أوديًا، وهو بذلك يلتبس بيزيد بن عبد الرحمن الأودي الثقة، فإنه يكنى أبا داود، وإنما هو هنا نفيع بن الحارث المتروك.

وهو عند محمد بن فُضيل في "الدعاء"(8)، وعند أبي بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" 10/ 286، وفي "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ (3348/ 1).

وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"(268) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب"(3348/ 2) من طريق جرير بن عبد الحميد، والطحاوي في "مشكل الآثار"(180) و (181)، والطبراني في "الأوسط"(6585) من طريق مندل بن علي، والرامَهُرمُزي في "المحدِّث الفاصل"(267) من طريق علي بن مُسهر، ثلاثتهم عن العلاء بن المسيّب، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(14496) من طريق عبّاد بن العوام، عن العلاء بن المسيّب، عن أبي داود الهمداني، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وعباد فمن دونه كلهم ثقات، لكن ذكر عبد الله بن عمرو بن العاص وهمٌ فالمحفوظ رواية جرير وابن مُسهر وابن فضيل.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 340 من طريق ياسين بن معاذ الزيات، عن العلاء بن المسيب، عن أبي داود، عن البراء بن عازب. وياسين الزيات ضعيف متروك.

وأخرجه ابن المقرئ في "معجمه"(535) من طريق مندل بن علي أيضًا، عن العلاء بن المسيب، لكنه قال: عن عبد الله بن بُريدة عن أبيه. ويغلب على الظن أن مندل بن علي لزم فيه هنا الجادّة =

ص: 763

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1953 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفَضْل بن محمد بن المسيَّب، حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح [حدثنا معاوية بن صالح]

(1)

عن أبي يحيى الكَلَاعي، عن أبي سَلّام الأسود، عن ثَوْبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قيل لي: يا محمدُ، قُلْ تُسمَعْ، وسَلْ تُعطَ"، قال:"فقلتُ: اللهمَّ إني أسألُك فِعلَ الخَيراتِ، وتَرْكَ المُنكَراتِ، وحُبَّ المساكين، وأن تغفرَ لي وترحمَني، وإذا أردتَ بقومٍ فتنةً فتَوفَّني إليك وأنا غيرُ مَفتُون، اللهمَّ إني أسألُك حُبَّك، وحبَّ مَن يُحبُّك، وحبًّا يُبلّغُني حُبَّك"

(2)

.

= لشهرة رواية عبد الله بن بريدة عن أبيه، ومندلٌ ضعيف الحديث، والمحفوظ روايته التي وافق فيها جريرَ بن عبد الحميد وعليَّ بن مسهر ومحمدَ بن فضيل، أي: كما خرَّجه من طريقه الطحاويُّ والطبرانيُّ، بذكر أبي داود الأعمى.

وفي الباب عن عائشة عند ابن شاهين في الخامس من "الأفراد"(1)، وأبي القاسم بن بشران في الأول من "أماليه"(934) من طريقين عن القاسم بن محمد عن عائشة، وأحد الطريقين فيه رجل متروك متهم، وفي الآخر رجل ضعيف عامة ما يرويه غير محفوظ.

وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب عند ابن الأعرابي في "معجمه"(1061). وفي إسناده رجل متروك اتهمه بعضهم، ورجل آخر مجهول.

وعن عُمير بن وهب خال النبي صلى الله عليه وسلم عند الطبري في "ذيل المذيَّل" كما في "منتخبه" لعُريب بن سعد القرطبي، بإثر "تاريخ الطبري" 11/ 587، وفي إسناده رجل متهم كذاب.

وأصح ما رُوي فيه أنه من قول الحكم بن عُتيبة كما أخرجه عنه معمر في "جامعه"(19651)، ورجاله ثقات.

(1)

سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من رواية البيهقي عن المصنف في كتابه "الدعوات الكبير"(207).

(2)

إسناده ضعيف لا يُحفَظ فيه ذكر ثوبان، وقد وقع في إسناد المصنّف هنا سقطٌ، فإنَّ سائر من خرَّج هذا الحديث من هذه الطريق ذكر فيه بين أبي يحيى الكلاعي - وهو سُليم بن عامر - وبين أبي سلّام - وهو ممطور الحَبَشي - رجلًا اسمه أبو يزيد هكذا غير مقيَّدٍ، وهو رجلٌ مجهول لا يُعرف، فقد ذكره البخاري في "تاريخه" 9/ 81، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 459 =

ص: 764

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= نقلًا عن أبيه، فلم يُبيّناه، وقال ابنُ خزيمة: لستُ أعرفُه بعدالة ولا جَرح. قلنا: وفي الرواة عن أبي سلّام رجلٌ اسمه غيلان بن أنس الدمشقي يكنى بأبي يزيد، فلعله يكون هو، وهو رجلٌ روى عنه جمعٌ، فيمكن تحسين حديثه، لكن إن صحَّ أنه هو فقد خالفه في إسناده من هو أوثق منه وأعرف بأبي سلّام، ألا وهو زيد بن سلّام حفيد أبي سلّام، فقد روى هذا الحديث عن جدِّه أبي سلّام - وكان عند زيد كتابُ جدِّه أبي سلّام - عن عبد الرحمن بن عائش عن مالك يُخامر السَّكْسَكي عن معاذ بن جبل، وقد صحَّح كونه من حديث معاذ بن جبل كلٌّ من أحمد بن حنبل كما في "الكامل في الضعفاء" لابن عدي في ترجمة موسى بن خلف، والبخاريُّ والترمذي كما في "جامع الترمذي"(3235)، وكما في "علل الترمذي الكبرى"(661)، وعلى فرض صحة ذكر ثوبان في إسناده فإنَّ أبا سلام لم يسمع منه فيما جزم به ابن المديني وابن معين وأبو حاتم، وقال أحمد: ما أُراه سمع منه. وما وقع من تصريحه بسماعه منه في بعض الطرق فوهمٌ، إذ لا طريق منها يخلو عن مقالٍ، ولأنَّ أبا سلّام إنما يروي بعض أحاديث ثوبان بواسطة رجلٍ هو أبو أسماء الرَّحَبي، فالظاهر أنَّ هذا هو عُمدة من جزم بعدم سماعه منه.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات"(207) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو بكر الروياني في "مسنده"(656)، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(1598)، والطبراني في "الدعاء"(1417)، وفي "الشاميين"(1974)، والدارقطني في "رؤية الله"(254)، وابن منده في "الرد على الجهمية"(73)، والبغوي في "شرح السنة"(925)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1300) من طرق عن عبد الله بن صالح أبي صالح كاتب الليث، عن معاوية بن صالح، عن أبي يحيى، عن أبي يزيد، عن أبي سلّام، عن ثوبان. فزادوا فيه بين أبي يحيى وأبي سلّام رجلًا هو أبو يزيد.

وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ (3699) من طريق الليث بن سعد، وابنُ خزيمة في "التوحيد" 2/ 544، والدارقطني في "رؤية الله"(253) و (256)، من طريق عبد الله بن وهب، والدارقطني (255) من طريق سعيد بن أبي مريم، ثلاثتهم عن معاوية بن صالح، عن أبي يحيى، عن أبي يزيد، عن أبي سلّام، عن ثوبان. فزادوا في الإسناد أبا يزيد أيضًا.

وأخرجه أحمد 36/ (22109)، والترمذي (3235) وغيرهما من طريق جهضم بن عبد الله اليمامي، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلّام، عن أبي سلّام، عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي، عن مالك بن يُخامر، عن معاذ بن جبل فجعله زيدُ بنُ سلّام من حديث أبي سلّام، عن عبد الرحمن بن عائش، عن مالك بن يُخامر، عن معاذ بن جبل، وقال الترمذي: حديث =

ص: 765

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1954 -

حدثنا علي بن عيسى بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن نَجْدة القرشي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد الله بن وهب بن مُسلم القرشي، أخبرني حفص بن مَيسَرة، عن موسى بن عُقبة، عن حُسين بن علي بن الحسين، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي، قال: كان مِن دُعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ أَمتِعْني بسَمْعي وبَصَري حتى تجعلَهما الوارثَ مني، وعافِني في دِيني وجَسَدي، وانصُرْني ممَّن ظَلَمَني حتى تُريَني فيه ثَأْري، اللهمَّ إني أسلمْتُ دِيني

(1)

إليك، وفَوَّضتُ أمري إليك، وألجأتُ ظَهْري إليك، وخَلّيتُ وَجْهي إليك، لا مَلجأَ منك

= حسن صحيح، سألت محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - عن هذا الحديث، فقال: هذا حديثٌ حسن صحيحٌ.

وكذلك رواه موسى بن خلف عن يحيى بن أبي كثير عند الشاشي في "مسنده"(1344)، وأبي بكر النجاد في "الرد على من يقول بخلق القرآن"(74)، والطبراني في "الدعاء"(1414)، وفي "الكبير" 20/ (216)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 345، والدارقطني في "رؤية الله"(232)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 34/ 468، لكن خالف جهضمًا في تسمية شيخ أبي سلّام، فسماه أبا عبد الرحمن السَّكْسَكي. وقال ابن عدي: رأيت أحمد بن حنبل صحَّح هذه الرواية التي رواها موسى بن خلف عن يحيى بن أبي كثير، حديث معاذ، قال: هذا أصحُّها. وقال الحافظ في "الإصابة" 4/ 323: فإن كان الأمر كذلك فإنما روى هذا الحديثَ عن مالك بن يُخامر أبو عبد الرحمن السَّكْسَكي لا عبد الرحمن بن عائش.

قلنا: وهذا الحديث مُعَلٌّ بالاضطراب كما هو مفصَّل في تعليقنا على "مسند أحمد"(3484) و (16621)، والله تعالى أعلم.

(1)

في المطبوع: نفسي، والمثبت من أصولنا الخطية، وهو كما رواه ضياء الدين المقدسي في "المختارة"(679) من طريق المصنِّف، مُصحَّحًا عليها في الأصل المعتمد كما قال محقّقه. وقد رُوي مثل ذلك في هذا الدعاء من حديث البراء بن عازب عند النسائي (10527) ومن حديث رافع بن خديج عنده أيضًا (10539)، وإنما ذكرنا هذا كلَّه لئلا يُظَنَّ بأنَّ لفظ "دِيني" فيه وهمٌ، بحجّة أنَّ المشهور في "الصحيحين" وغيرهما هو لفظ "نفسي"، بل يتبيَّن بذلك أنَّ كلاهما مرويٌّ، والله أعلم.

ص: 766

إلَّا إليك، آمنتُ برسولِك الذي أرسلتَ، وبكتابِك الذي أنزلتَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن علي بن الحُسين لم يدرك جدّه عليًّا، وقد خالف حفصَ بنَ ميسرة في إسناده عبدُ الله بنُ جعفر بن نَجيح المديني، فرواه عن موسى بن عُقبة، عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب، فجعله من رواية الحسن بن محمد بن علي عن أبيه محمد المعروف بابن الحنفية عن أبيه علي بن أبي طالب، ووصل الإسناد، لكن عبد الله بن جعفر المديني ضعيف الحديث، وأما حفص بن ميسرة فثقة، فالقول قوله.

وأخرجه ضياء الدين المقدسي في "الأحاديث المختارة" 2/ (679) - ومن طريقه مختصرًا أخرجه الحافظ في "نتائج الأفكار" 3/ 87 - من طريق أبي بكر أحمد بن علي بن عبد الله بن عمر بن خلف الشيرازي، عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الدعاء"(1410)، وفي "الأوسط"(7884)، وفي "الصغير"(1070) من طريق عبد الله بن جعفر المديني، عن موسى بن عقبة، عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب.

ويشهد للشطر الأول من هذا الدعاء إلى قوله: "ثأري" حديثُ أبي هريرة المتقدم برقم (1939)، وانظر تمام شواهده هناك.

ويشهد لشطره الثاني حديث البراء بن عازب عن أحمد 30/ (18515)، والبخاري (247)، ومسلم (2710). وفيه أنَّ هذا الدعاء إذا أخذ الإنسان مضجعه.

وحديثُ رافع بن خديج عند الترمذي (3395)، والنسائي (10539)، وحسّنه الترمذي. لكن قوله في الرواية هنا:"برسولك الذي أرسلتَ" خطأ، فقد جاء في بعض طرق حديث البراء بن عازب عند البخاري (6311)، ومسلم (2710)، أنَّ البراء أراد أن يستذكرهن على مسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: وبرسولك الذي أرسلت، فطعن بيده في صدرِه، ثم قال:"وبنبيّك الذي أرسلتَ". قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 19/ 241: أراد صلى الله عليه وسلم أن يجمع بينهما في اللفظ لاجتماعهما فيه، حتى يُفهَم من كل واحدٍ منهما من حيث النطقُ ما وُضع له، وليخرج عما يكون شبه التكرار في اللفظ من غير فائدة، فإنه إذا قال: ورسولك، فقد فُهم فيه أنه أرسله، فإذا قال: الذي أرسلت، صار كالحشو الذي لا فائدة فيه، بخلاف قوله:"ونبيك الذي أرسلتَ" فلا تكرار فيه، لا محققًا ولا متوهِّمًا.

ص: 767

وحُسين بن عليّ هذا الذي روى عنه موسى بن عُقبة، وهو حسين الأصغر الذي أدركه عبدُ الله بن المبارك وروى عنه حديثَ مَواقيت الصلاة

(1)

.

1955 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا جَدّي، حدثنا أبو صالح كاتبُ الليث بن سعد، حدثني الليث بن سعد، أنَّ خالد بن أبي عِمران حدَّث عن نافع، عن ابن عمر: أنه لم يكن يجلسُ مَجلسًا، كان عنده أحدٌ أو لم يكن، إلَّا قال: اللهمَّ اغفِرْ لي ما قدّمتُ وما أخّرتُ، وما أسرَرتُ وما أعلَنتُ، وما أنت أعلمُ به منِّي، اللهمَّ ارزُقني من طاعتِك ما تَحُول بيني وبين مَعصيتِك، وارزُقْني من خَشيتِك ما تُبلِّغُني به رحمتَك، وارزُقْني من اليقين ما تُهوِّنُ به عليَّ مصائبَ الدنيا، وباركْ لي في سَمْعي وبَصَري، واجعلهُما الوارثَ مني، اللهمَّ اجعَلْ ثَأْري

(2)

ممَّن ظَلَمني، وانصُرْني على من عاداني، ولا تجعل الدنيا أكبرَ هَمِّي، ولا مَبلَغَ عِلمي، اللهمَّ ولا تُسلِّطْ عليَّ مَن لا يَرحمُني.

فسُئِلَ عنهنَّ ابنُ عمر، فقال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَختِمُ بهنّ مَجلِسَه

(3)

.

(1)

تقدَّم عند المصنف برقم (707).

(2)

في (ص) و (ع): وخذ ثأري، مع فصل بين الكلمتين ببياض، وتحرَّف في (ز) و (ب) إلى: وعل ثأري، والمثبت من "تلخيص الذهبي" ومن "الدعوات" للبيهقي (244) حيث روى هذا الحديث عن المصنِّف بإسناده ومتنه.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسنٌ في المتابعات والشواهد من أجل أبي صالح كاتب الليث - وهو عبد الله بن صالح بن محمد المصري - وقد تابعه اثنان لا بأس بروايتهما أيضًا في المتابعات والشواهد، فيصح الحديثُ إن شاء الله.

وأخرجه النسائي (10161) من طريق بكر بن مضر، عن عبيد الله بن زَحْر، عن خالد بن أبي عمران، به. وعُبيد الله بن زَحْر فيه ضعف، لكنه صالحٌ في المتابعات والشواهد.

وأخرجه الترمذي (3502)، والنسائي (10162) من طريق يحيى بن أيوب الغافقي، عن عُبيد الله بن زَحْر، عن خالد بن أبي عمران، أنَّ ابن عمر قال، وذكره. كذا لم يذكر في إسناده نافعًا مولى ابن عمر، ولم يسمع خالد من ابن عمر كما قال المزي، ورواية يحيى بن أيوب - وهو صدوق - بإسقاط نافع شاذَّة. =

ص: 768

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1956 -

حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك إملاءً ببغداد، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، حدثنا يحيى بن سعيد القَطّان، حدثنا ثَور بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن أبي أُمامة قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذا رُفِعَت المائدةُ قال: "الحمدُ لله كثيرًا طيبًا [مُباركًا]

(1)

فيه، غيرَ مَكفيٍّ، ولا مُودَّع، ولا مُستغنًى عنه ربُّنا"

(2)

.

= ورواه عبد الله بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عند الطبراني في "الصغير"(866)، وفي "الدعاء"(1911)، وتمام الرازي في "فوائده"(505)، فذكر نافعًا مولى ابن عمر.

(1)

لفظة "مباركًا" سقطت من أصولنا الخطيّة، وأثبتناها من "تلخيص الذهبي"، وهي ثابتة في الرواية لجميع من خرَّج هذا الحديث، ولا بدَّ منها لتعلُّق الجار والمجرور اللذين بعدها بها، وقد ثبتت لإسماعيل بن محمد الصفَّار في جزء له ضمن مجموع فيه مصنفاته ومصنفات أبي العباس الأصم (611) عن عبد الرحمن بن محمد الحارثي.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الرحمن بن محمد الحارثي، وقد توبع.

وأخرجه أحمد 36/ (22200)، وأخرجه الترمذي (3456) عن محمد بن بشار، كلاهما (أحمد وابن بشار) عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد (22168) عن وكيع بن الجراح، والبخاري (5458)، والنسائي (6870) و (10043) من طريق سفيان الثوري، والبخاري (5459) عن أبي عاصم الضحّاك بن مخلد، وابن ماجه (3284) من طريق الوليد بن مسلم، أربعتهم عن ثور بن يزيد، به. وقد ذكر البخاري لأبي عاصم لفظين أحدهما نحو لفظنا، والآخر:"الحمد لله الذي كفانا وأروانا غير مكفيٍّ ولا مَكفُور"، وقال وكيع في روايته:"غير مُكفَّرٍ" بدل: "غير مَكفيٍّ". واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وسيأتي برقم (7375) من طريق مسدَّد بن مسرهد عن يحيى القطان، وبرقم (7374) من طريق عامر بن جَشِيب عن خالد بن معدان.

قوله: "غير مَكفيٍّ" معناه: أنَّ الله غير مُطعَمٍ ولا مَكفيٍّ، إنما هو المُطعِم والكافي، من الكفاية، ويجوز أن يعود الضمير إلى الطعام، يعني: غير مردود ولا مقلوب، من: كَفَأ الإناء.

وقوله: "غير مكفَّر" أو "مكفُور"، معناه: غير مجحود النعمة. =

ص: 769

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

1957 -

أخبرنا أبو النضر محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا أصبَغُ بن الفَرَج المِصري، أخبرنا ابن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث، أنَّ دَرَّاجًا أبا السَّمْح حَدَّثهم عن أبي الهَيثم، عن أبي سعيد الخُدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"قال موسى عليه السلام: يا ربِّ، عَلِّمْني شيئًا أذكُرُك به وأدعُوك به؟ قال: يا موسى، قُل: لا إله إلَّا اللهُ، قال: يا ربِّ، كلُّ عبادِك يقول هذا، قال: قُل: لا إله إلَّا الله، قال: لا إله إلَّا أنت، يا رب، إنما أريدُ شيئًا تَخصُّني به، قال: يا موسى، لو أنَّ السماواتِ السَّبعَ وعامِرَهن غيري، والأَرَضِينَ السَّبعَ، في كِفّةٍ، ولا إله إلَّا الله في كِفّةٍ، مَالتْ بهنّ لا إله إلَّا اللهُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1958 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدلُ، حدثنا عُبيد بن شَريك وأحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، قالا: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بُكير، حدثنا الليث بن سعد، عن عامر بن يحيى، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، قال: سمعتُ عبدَ الله بن عمرو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُصاحُ بِرجُلٍ من أُمَّتي على رُؤوس الخَلائقِ يومَ القيامة، فيُنشَرُ له تِسعٌ وتسعون سِجِلًّا، كلُّ سِجِلٍّ مدَّ البَصَر، ثم يقال له: أتُنكِرُ من هذا شيئًا؟ فيقول: لا يا ربِّ [فيقولُ: أَلَكَ عُذرٌ، أو حَسَنةٌ؟ فيَهابُ الرجلُ، فيقول: لا

= وقوله: "غير مُودَّع" أي: غير متروك الطلب إليه والرغبة فيما عنده.

(1)

إسناده ضعيف لضعف رواية درّاجٍ أبي السَّمْح عن أبي الهيثم: وهو سليمان بن عمرو العُتْواري. ابن وهب: هو عبد الله بن وهب بن مسلم، وعمرو بن الحارث: هو ابن يعقوب.

وأخرجه النسائي (10602) و (10913)، وابن حبان (6218) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

ويشهد لقوله: "لو أنَّ السماوات السبع" إلى آخره، حديث عبد الله بن عمرو الذي تقدَّم عند المصنف برقم (155) بإسناد صحيح.

ص: 770

يا ربّ]

(1)

فيقول: بلى، إنَّ لك عندنا حسناتٍ، وإنه لا ظُلمَ عليكَ، فتُخرَجُ له بطاقةٌ فيها: أشهدُ أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، فيقول: يا ربِّ، ما هذه البِطاقةُ مع هذه السِّجِلّات؟ فيقول: إنك لا تُظْلَمُ، قال: فتُوضَعُ السِّجلاتُ في كِفّة، والبطاقةُ في كِفّة، فطاشَتِ السِّجِلّاتُ وثَقُلتِ البطاقةُ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1959 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا بِشر بن بكر، حدثني ابن جابر، حدثني سُليم بن عامر، قال: قال: سمعتُ أوسطَ البَجَليَّ على مِنبَر حِمْص يقولُ: سمعت أبا بكر الصّدّيق على مِنبَر رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال: فاختَنقَتْه العَبْرةُ وبَكى، ثم قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المِنبَر عامَ أولَ يقول: "سَلُوا اللهَ العفوَ والعافيةَ واليقينَ في الأُولى والآخِرة، فإنه ما أُوتِيَ العبدُ بعدَ اليقين خيرًا

(3)

من العافيةِ"

(4)

.

(1)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، وهو ثابت في الرواية لجميع من خرَّج هذا الحديث، وهو ثابت أيضًا في الرواية المتقدمة عند المصنف برقم (9)، ولا بد منه، لتعلُّق ما بعده به، فلذلك أثبتناه.

(2)

إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن الحُبُلي: هو عبد الله بن يزيد المَعَافري.

وقد تقدَّم برقم (9) من طريق يونس بن محمد المؤدِّب عن الليث بن سعد.

(3)

وقع في (ز) و (ص): خير، بحذف ألف النصب، وما أثبتناه هو اللغة العالية الفصيحة، كما قدمنا بيانه عند الحديث (1429).

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي (10650) من طريق عمر بن عبد الواحد، و (10651) من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد. لكن قال ابن عبد الواحد في حديثه:"سلوا الله المعافاة، فإنه لم يؤتَ عبدٌ بعد يقين خيرًا من معافاة"، وقال الوليد في حديثه:"سلوا الله العفو والعافية والمعافاة، فإنه ما أوتي عبد بعد يقين خيرًا من معافاة".

وأخرجه أحمد 1/ (5) و (17) و (34)، وابن ماجه (3849)، والنسائي (10652) من طريق يزيد بن خُمير، وأحمد (44)، والنسائي (1653)، وابن حبان (952) من طريق معاوية بن =

ص: 771

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد رُويَ بغير هذا اللفظ من حديث ابن عباسٍ:

1960 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المُثنّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا هلال بن خَبّاب، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لِعمِّه:"أكثرِ الدُّعاءَ بالعافيةِ"

(1)

.

= صالح، كلاهما عن سُليم بن عامر، به. بنحو لفظ عمر بن عبد الواحد عن ابن جابر.

وأخرجه النسائي (10649) من طريق لقمان بن عامر، عن أوسط البجلي، به. بنحو لفظ ابن عبد الواحد عن ابن جابر أيضًا.

وأخرجه أحمد (6)، والترمذي (3558) من طريق رفاعة بن رافع، وأحمد (10)، والنسائي (15656)، وابن حبان (950) من طريق أبي هريرة، وأحمد (38) من طريق الحسن البصري، وأحمد (46) و (66) من طريق أبي عُبيدة بن عبد الله بن مسعود، وأحمد (49)، والنسائي (10655) من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن عمر بن الخطاب، والنسائي (10654) من طريق جبير بن نُفير، كلهم عن أبي بكر الصديق. ولفظ رفاعة كلفظ بشر بن بكر عن ابن جابر دون قوله: "فإنه ما أوتي

"، ولفظ أبي هريرة: "لم تُؤتَوا شيئًا بعد كلمة الإخلاص مثل العافية، فاسألوا الله العافية"، ولفظ الحسن: "إنَّ الناس لم يُعطَوا في الدنيا خيرًا من اليقين والمعافاة، فسلُوهما الله عز وجل"، ولفظ أبي عبيدة: "سلُوا الله العافية، فإنَّه لم يُعط عبدٌ أفضل من العافية"، ولفظ حميد: "إنه لم يُقسَم بين الناس شيءٌ أفضل من المعافاة بعد اليقين"، ولفظ جبير: "سلوا الله العافية - ثلاثًا - فإنه لم يُؤتَ أحدٌ مثل العافية بعد يقين". لكن الحسن البصري وأبا عُبيدة لم يُدركا أبا بكر، وحميد لم يُدرك عمر بن الخطّاب. وقال الترمذي عن رواية رفاعة: حسن غريب من هذا الوجه عن أبي بكر.

(1)

إسناده صحيح. أبو المُثنَّى: هو معاذ بن المثنَّى بن معاذ العَنْبري.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الشكر"(153)، والطبري في مسند ابن عباس من "تهذيب الآثار" 1/ 395، والطبراني في "الكبير"(11908)، والبيهقي في "الدعوات الكبير"(281)، وأبو طاهر السِّلَفي في "معجم السفر"(691)، والضياء المقدسي في "المختارة" 12/ (330) من طريق عبّاد بن العَوّام، عن هلال بن خَبّاب، به.

وأخرج أحمد 3/ (1766) و (1767) من طريق علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جدّه =

ص: 772

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، وقد رُويَ بلفظ آخر:

1961 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المُثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا أبو مالك الأشجعي، عن أبيه، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّم مَن أسلمَ أن يقول: "اللهمَّ اهدِني وارزُقني وعافِني وارحَمْني"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1962 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن النضر الزُّبيري، حدثنا بكر بن بكار، حدثنا حمزة بن حبيب الزَّيّات، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عُروة، عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهمَّ عافِني في جَسَدي، وعافِني في بَصَري، واجعلْه الوارثَ مني، لا إله إلَّا اللهُ الحليمُ الكريم، سبحانَ اللهِ ربِّ العرشِ العظيم، الحمدُ لله ربِّ العالَمين"

(2)

.

= العباس: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أنا عمك كبرت سنّي، واقترب أجلي، فعلّمني شيئًا ينفعني الله به، قال: "يا عباس، أنت عمي، ولا أغني عنك من الله شيئًا، ولكن سَلْ رَبّك العفو والعافية في الدنيا والآخرة قالها ثلاثًا، ثم أتاه عند قَرْن الحول، فقال له مثل ذلك. وفي إسناده رجل مبهمٌ.

وأخرج أحمد (1783)، والترمذي (3514) من طريق يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن العباس بن عبد المطلب، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، فذكر نحو حديث علي بن عبد الله بن عباس. وقال الترمذي: حديث صحيح. قلنا: ويزيد بن أبي زياد ضعيف يُعتبر به، وقد تابعه عبد الملك بن عُمير عند البزار (1312)، وأبي بكر الشافعي في "الغيلانيات"(293)، وإسناده حسن.

(1)

إسناده صحيح. أبو مالك الأشجعي: هو سعْد بن طارق.

وأخرجه أحمد 25/ (15881) عن عفان، ومسلم (2697) عن أبي كامل الجَحْدري، كلاهما عن عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد (15877)، ومسلم (2697)، وابن ماجه (3845) من طريق يزيد بن هارون، ومسلم (2697) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، كلاهما عن أبي مالك الأشجعي، به.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل بكر بن بكار - وهو =

ص: 773

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= القيسي - فهو ليس بالقوي، لكنه متابع. وسماع حبيب بن أبي ثابت من عروة - وهو ابن الزبير بن العوّام - صحيح ثابت، فقد أشار إلى تصحيحه أبو داود بإثر الحديث (180)، وكذلك فعل الترمذي حين خرَّج الحديث برقم (3480) ونقل قول البخاري بأنَّ حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير شيئًا، فقد جاء في "جامعه الكبير" بروايتي أبي حامد التاجر وأبي ذرٍّ الترمذي عنه كما في نسخة عندنا منه بروايتهما أنَّ الترمذي قال: حديث حسن غريب، ثم نقل قول البخاري المشار إليه، ثم قال الترمذي: وحبيب بن أبي ثابت هو حبيب بن قيس بن دينار، وقد أدرك ابن عُمر وابن عباس. فكأنَّ الترمذي مالَ إلى صحة سماعه منه. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 174: لا معنى لطعنِ من طعن على حديث حبيب بن أبي ثابت عن عروة، لأنَّ حبيبًا ثقة ولا يُشَكُّ أنه أدرك عروة، وسمع ممَّن هو أقدم من عروة، فغير مستنكر أن يكون سمع من عروة، ونقله عنه ابن التركماني في "الجوهر النقي" 1/ 124، ونقل أيضًا تصحيح أبي داود، وأيّدهما بقوله: هذا مُثبِت، فيُقدَّم على ما زعمه الثوري لكونه نافيًا. ونحوه قولُ الزيلعيِّ في "نصب الراية" 1/ 72، وقال ابن سيد الناس في شرح الترمذي ورقة 199 بعد أن نقل قول ابن عبد البر: قول أبي عمر هذا أفاد إثبات إمكان اللقاء، وهو مزيل للانقطاع عند الأكثرين، وأرفعُ من هذا قول أبي داود - فذكر قوله المشار إليه سابقًا - فهذا يُثبت اللقاء، فهو مزيلٌ للانقطاع عندهم. قلنا: وممَّن صحَّح روايةَ حبيب بن أبي ثابت عن عروة أيضًا الطبريُّ في تفسير قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} 5/ 105، وكذلك الطحاوي في "أحكام القرآن" بإثر الحديث (1926)، حيث قال نحو قول الترمذي الذي تقدم وقول ابن عبد البر في رواية حبيب عمن هو أسنُّ من عروة، وأنَّ قول سفيان الثوري لا يُوقف على وجهه ولا على السبب الذي أنكره من أجله.

والظاهر أنَّ جميع من نفى سماع حبيب من عروة إنما اعتمد في ذلك قول سفيان الثوري، وقد أشار يحيى القطان إلى ذلك.

وأخرجه الترمذي (3480) من طريق معاوية بن هشام، عن حمزة الزيات، بهذا الإسناد.

وتابع معاوية بن هشام وبكر بن بكار أيضًا عبدُ الصمد بنُ النعمان عند البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 52، وهو قوي الحديث.

وقد خالف حمزةَ بنَ حبيب الزيات فيه أبو مريم عبد الغفار بن القاسم، عند أبي محمد جعفر بن محمد الخُلدي في الجزء الثاني من "فوائده"(136) وغيره، فرواه عن حبيب بن أبي ثابت، عن مولى لقريش، عن عروة بن الزبير، عن عائشة. قال الدارقطني في "العلل" (3563): مولى قريش هذا هو إبراهيم مولى صخر بن أبي الجهم، ويشبه أن يكون أبو مريم قد ضبطه، والله أعلم. كذا قال الدارقطني! وهو متعقَّب بأنَّ أبا مريم هذا قال عنه الدارقطني نفسُه: متروك، وهو =

ص: 774

هذا حديث صحيح الإسناد إن سَلِم سماعُ حَبيبٍ من عُروة، ولم يُخرجاه.

1963 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عَتّاب العَبْدي، حدثنا أبو بكر بن أبي العوّام الرِّيَاحي، حدثنا أبو النَّضْر، حدثنا الأشجَعي، عن سفيان الثَّوْري، عن عَلقمة بن مَرثَد، عن سليمان بن بُريدة، عن عائشة، قالت: قلتُ: يا رسولَ الله، أرأيتَ إن وافقتُ ليلةَ القدرِ، ما أقولُ فيها؟ قال:"قُولي: اللهمَّ إنك عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ، فاعفُ عنّي"

(1)

.

= شيخ شعبة، أثنى عليه شُعبة وخفي على شعبة أمره، فبقي بعد شعبة فخلَّط. قلنا: واتهمه ابن المديني وأبو داود بوضع الحديث، وتركه الأئمة، وحمزةُ الزيّات خيرٌ منه بمَفاوز، هو ثقة جليل القدر.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي بكر الرياحي - واسمه محمد بن أحمد بن يزيد - وقد توبع. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، والأشجعي: هو عُبيد الله بن عُبيد الرحمن.

وأخرجه أحمد 43/ (26215)، وأخرجه النسائي (10647) عن العباس بن عبد العظيم، كلاهما (أحمد والعباس) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 42/ (25741)، وابن ماجه (3850) من طريق وكيع، والترمذي (3513)، والنسائي (10642) من طريق جعفر بن سليمان، و (7665) و (10643) و (11624) من طريق خالد بن الحارث، ثلاثتهم عن كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن بريدة، عن عائشة. فذكر كهمسٌ عبد الله بن بريدة بدل أخيه سليمان بن بريدة، وكلاهما ثقة، على أنَّ خالد بن الحارث وحده أطلق فقال: عن ابن بريدة، فلم يقيّده، ولا يمتنع سماعُ كلا الأخوين للحديث من عائشة. وقال الترمذي حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 42/ (25384) عن محمد بن جعفر، و (25497) عن يزيد بن هارون، والنسائي (10644) من طريق المعتمر بن سليمان، ثلاثتهم عن كهمس بن الحسن، عن ابن بريدة (وقيَّد يزيدُ ابنَ بريدة بعبد الله، وأطلق الآخران، فقالا: ابن بريدة)، قال: قالت عائشة: يا نبي الله

فذكروه مرسلًا، ومثل هذا لا يضرُّ ما دام الواصلون ثقات.

وأخرجه أحمد 42/ (25505) عن علي بن عاصم، والنسائي (10646) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن سعيد بن إياس الجريري، قال الثوري: عن ابن بريدة، وقال الآخر: عن عبد الله بن بريدة، عن عائشة قالت: قلتُ: يا رسول الله

والثوريُّ سماعُه من الجريري قبل =

ص: 775

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1964 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحْبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عُمر: أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يَتعوَّذُ من خمسٍ: من الجُبْن، والبُخْل، وسُوءِ العُمُر، وعذابِ القبر، وفِتْنةِ الصَّدْر

(1)

.

= تغيُّره واختلاطه.

وأخرجه أحمد 42/ (25495) عن يزيد بن هارون، عن الجريري، عن عبد الله بن بريدة، أنَّ عائشة قالت: يا رسول الله، فذكره مرسلًا. ويزيد سماعه من الجُريري بعد اختلاطه، فقول سفيان الثوري مقدَّم عليه.

ولعله لأجل بعض الروايات المرسلة السالفة ونظائرها في أحاديث ابن بريدة عن عائشة نفى الدارقطنيُّ سماعَ عبد الله بن بريدة من عائشة، وتبعه البيهقيُّ، وتعقبه ابن التركماني في "الجوهر النقي" 7/ 118 بأنَّ ابن بريدة ولد سنة خمس عشرة وسمع جماعة من الصحابة، وقد ذكر مسلم في مقدمة كتابه: أنَّ المتفق عليه أنَّ إمكان اللقاء والسماع يكفي للاتصال، ولا شكَّ في إمكان سماع ابن بريدة من عائشة، فروايته عنها محمولة على الاتصال، على أنَّ صاحب "الكمال" صرَّح بسماعه منها. قلنا: وفي إطلاق الترمذي تصحيح الحديث دلالة على أنه كان يرى سماع ابن بريدة من عائشة، إذ لو كان لا يرى ذلك لنبَّه عليه على عادته، وقد صحَّح إسناد هذا الحديث النووي في "الأذكار" والبُوصيري في "مصباح الزجاجة".

(1)

إسناده صحيح. عمرو بن ميمون: هو الأودي الكوفي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وإسرائيل الراوي عنه هو حفيدُه ابن يونس بن أبي إسحاق.

وأخرجه أحمد 1/ (145) و (388)، وأبو داود (1539)، وابن ماجه (3844)، والنسائي (7829) و (7862) و (9885) من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (7864) و (7881) من طريق يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، عن أبيه، به.

وأخرجه النسائي (7828) و (7865) و (9886) من طريق زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون قال: حدثني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فذكره.

وأخرجه النسائي (7832) و (7863) و (9884) من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود. =

ص: 776

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1965 -

أخبرنا عَبْدان بن يزيد الدّقّاق بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن دِيزِيل، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شَيبان بن عبد الرحمن، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ في دُعائه: "اللهمَّ إني أعوذُ بك من العَجْز والكَسَل، والجُبْن والبُخل، والهَرَم والقَسْوة، والغَفْلة والعَيْلة، والذِّلة والمَسْكنة، وأعوذُ بك من الفَقر والكُفر، والفُسوق والشِّقاق والنِّفاق والسُّمعة والرِّياء، وأعُوذ بك من الصَّمَم والبَكَم والجُنون، والجُذام والبَرَص، وسيِّئ الأسقام"

(1)

.

= وأخرجه النسائي (9887) من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ، فذكره مرسلًا.

وكل هذا الخلاف لا يضرُّ، لأنه إذا كان عمرو بن ميمون سمعه من غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما تفيده رواية زهير بن معاوية، يكون في رواية إسرائيل وأبيه يونس ورواية زكريا قد سمَّى بعضهم، ويكون إرسال عمرو بن ميمون للحديث في رواية سفيان الثوري لأجل أنه سمع الحديث من غير واحدٍ فأرسله اختصارًا، وهذا معلوم مستقِرٌّ سائغٌ عند أهل الحديث، ولا يؤثِّر مثلُه في الروايات الموصولة.

وفتنة الصدر: ما يَعرِضُ فيه من الشكوك والوساوس والشُّبَه، ومثل ذلك. وقيل: ما ينطوي عليه الصدر من حسد وغِلٍّ وخلق سيئ وعقيدة غير مرضية. وقيل: هي الضيق المشار إليه في قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} ، وهي الإنابة إلى دار الغرور التي هي سجن المؤمن، والتجافي عن دار الخلود التي عرضها كعرض السماء.

وسوء العمر: سوء الكِبَر في آخر الحال، أو مضيُّه فيما لا ينفع في المآل.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (1023) من طريق عبد الصمد بن النعمان، عن شيبان، به.

وأخرجه مختصرًا أحمد 20/ (13004)، وأبو داود (1554)، وابن حبان (1017) من طريق حماد بن سلمة، وأحمد 20/ (13172) و (13233) و 21/ (13417)، والنسائي (7831) و (7842) من طريق هشام الدستوائي، والنسائي (7876) من طريق همام بن يحيى، ثلاثتهم عن قتادة، به. لكن زاد هشام في روايته على اختصارها:"وفتنة المحيا والممات".

وأخرجه مختصرًا كذلك أحمد 19/ (12113) و (12166)، والبخاري (2823) و (6367)، =

ص: 777

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1966 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحُسين بن الحسن ومحمد بن إسماعيل، قالا: حدثنا هارون بن سعيد الأَيلي، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني حُيَيّ بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يدعُو بهؤلاءِ الكلماتِ: "اللهمَّ إني أعوذُ بك من غَلَبةِ الدَّينِ، وغَلَبةِ العدوِّ، وشَماتَةِ الأعداءِ"

(1)

.

= ومسلم (2706)، وأبو داود (1540) و (3972)، والنسائي (7838) وابن حبان (1009) من طريق سليمان التيمي، وأحمد 19/ (12225) و 20/ (12616) و 21/ (13304) و (13365) و (13524)، والبخاري (2893) و (5425) و (6363) و (6369) وأبو داود (1541)، والترمذي (3484)، والنسائي (7836) و (7887) من طريق عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، وأحمد 20/ (12833) و (13076) و (13133) و 21/ (13472) و (13782)، والترمذي (3485)، والنسائي (7837) و (7840) و (7878)، وابن حبان (1010) من طريق حميد بن أبي حميد الطويل، والبخاري (4707)، ومسلم (2706) من طريق شعيب بن الحَبْحاب، والبخاري (6371) من طريق عبد العزيز بن صهيب، والنسائي (7835) من طريق المنهال بن عمرو، كلهم عن أنس بن مالك. لكن زاد سليمان وحميد وشعيب في رواياتهم على اختصارها الاستعاذة من عذاب القبر، وزاد سليمان وشعيب الاستعاذة من فتنة المحيا والممات، وزاد عمرو بن أبي عمرو والمنهال بن عمرو الاستعاذة من ضَلَع الدَّين وغَلَبة الرجال، وزاد عمرو وحده الاستعاذة من الهم والحزن، وزاد حميد وشعيب الاستعاذة من فتنة الدَّجال.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل حُييّ بن عبد الله: وهو المَعَافِري المصري. أبو عبد الرحمن الحُبُلي: هو عبد الله بن يزيد المَعَافِري.

وأخرجه النسائي (7857) و (7871)، وابن حبان (1027) من طريق أحمد بن عمرو بن السَّرْح، و (7872) عن يونس بن عبد الأعلى، كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 11/ (6618) من طريق عبد الله بن لَهيعَة، عن حُييّ بن عبد الله، به.

وأخرج أحمد (6734) و (6749)، والنسائي (7879) و (5490) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمَغْرم

". وإسناده حسنٌ. والمَغرم: هو غَلَبة الدَّين. =

ص: 778

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1967 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحُسين بن الحسن ومحمد بن إسماعيل، قالا: حدثنا هارون بن سعيد الأَيلي، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني حفص بن مَيسَرة ويعقوب بن عبد الرحمن، عن موسى بن عُقبة، عن عبد الله بن دِينار، عن ابن عمر: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول: "اللهمَّ إني أعوذُ بك من زَوال نِعْمتِك، ومن تحوُّل عافيتِك، ومن فُجَاءة نِقْمتِك، ومن جميع سَخَطِك"

(1)

.

قال ابنُ وهب: ذكرَه يعقوبُ عن عبد الله بن دِينار عن ابن عمر، وأرسلَه حفصٌ

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1968 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي، حدثنا أحمد بن الوليد الفَحّام وموسى بن الحسن بن عبّاد قالا: حدثنا محمد بن مصعب القَرْقَساني، حدثنا الأَوزاعي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن جعفر بن عِياض، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَعوَّذوا بالله من الفقر والقِلّة والذِّلّة، وأن تَظلِمَ أو تُظْلَمَ

(3)

"

(4)

.

= ويشهد للاستعاذة من غَلَبة الدَّين وغَلَبة العدوّ حديثُ أنس الذي قبله حيث جاء في بعض طرقه عند أحمد والبخاري وغيرهما ذكر الاستعاذة من غَلَبة الدَّين وغَلَبة الرّجال.

ويشهد للاستعاذة من غَلَبة الدين حديث أم سلمة المتقدم برقم (1943) وحديثُ عائشة الآتي برقم (2007). حيث جاء في روايتهما بلفظ: المَغْرم، وهو غَلَبة الدَّين.

ويشهد للاستعاذة من شماتة الأعداء حديث أبي هريرة عند البخاري (6347)، ومسلم (2707).

(1)

إسناده صحيح. يعقوب بن عبد الرحمن: هو الزهري الإسكندراني.

وأخرجه مسلم (2739) والنسائي (7901)، وأبو داود (1545)، والنسائي (7900) من طريقين عن يعقوب بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(2)

مثل ذلك لا يضر بصحة الرواية الموصولة، لأن المسنِدَ ثقة مُتقِن.

(3)

في (ز): وأن تظلم.

(4)

صحيح لغيره، وهذا إسناد اختُلف فيه على إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة في تعيين راويه عن أبي هريرة، فرواه الأوزاعي - وهو عبد الرحمن بن عمرو - عنه كما في رواية المصنف =

ص: 779

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1969 -

حدثنا بكر بن محمد بن حمدان الصَّيرفي، حدثنا عبد الصمد بن الفضل البَلْخي، حدثنا مَكِّيّ بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن جده أبي هند، عن صَيفيّ مولى أبي أيوب، عن أبي اليَسَر السَّلَمي - واسمه كعب بن عَمرو -: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعُو فيقول: "اللهمَّ إني أعوذُ بك من الهَدْم والتردِّي، والهَرَم والغَمّ، والغَرَق والحَرَق، وأعوذُ بك أن يَتخبَّطَني الشيطانُ عند الموت، وأعوذُ بك أن أموتَ في سبيلِك مُدبِرًا، وأعوذ بك أن أموت لديغًا"

(1)

.

= هنا وغيره فقال: عن جعفر بن عياض، وخالف الأوزاعيَّ فيه حماد بنُ سلمة كما سيأتي عند المصنف برقم (2006) فرواه عن إسحاق، فقال: عن سعيد بن يسار، فأما سعيد هذا فهو ثقة، وأما جعفر بن عياض فلم يرو عنه غير إسحاق، لكن ذكره ابن حبان في ثقات التابعين وصحَّح حديثَه هذا، فيُحتمل تحسين حديثه، ونظرًا لهذا الاختلاف فيه بين الأوزاعي وحماد بن سلمة قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 5/ 282: هذا يحطُّه عن درجة الصحيح. وحسَّنه من حديث أبي هريرة، وإلّا فله شواهدُ يصحُّ بها لا محالة. ومحمد بن مصعب القَرْقَساني فيه ضعف لكنه متابَع.

وأخرجه أحمد 16/ (10973)، وابن ماجه (3842) من طريق محمد بن مصعب، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (7845)، وابن حبان (1003) من طريق الوليد بن مسلم، و (7846) من طريق عمر بن عبد الواحد، و (7848) من طريق موسى بن شيبة الحضرمي المصري، ثلاثتهم عن أبي عمرو الأوزاعي، به.

ويشهد للاستعاذة من الفقر والقلّة والذِّلّة حديث أنس الذي تقدَّم برقم (1965)، وسنده صحيح.

ويشهد للاستعاذة من أن يَظلِم الإنسان أو يُظلَم حديث أم سلمة الذي تقدَّم برقم (1928)، وإسناده صحيح كذلك.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير أبي هند جدِّ عبد الله بن سعيد، فلم يرو عنه غير حفيده عبد الله، ولا يُعرف بغير هذا الحديث. وقد رواه جماعة من الثقات الحفاظ عن مكي بن إبراهيم، فلم يذكروا فيه أبا هند إنما جعلوه من رواية عبد الله بن سعيد عن صيفي =

ص: 780

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مباشرة، وكذلك رواه جماعة من الثقات عن عبد الله بن سعيد، فلم يذكروا جدّه أبا هند في الإسناد. لكن رواه عن عبد الله بن سعيد أبو ضمرة أنس بن عياض فاختُلف عنه فبعضهم يرويه عنه بذكر أبي هند، وبعضهم يرويه عنه بإسقاطه. وقد أشار أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه، ابنُه في "العلل"(2085) إلى وجود أبي هند في إسناد الحديث، وإلى ذلك أشار أبو زرعة الرازي أيضًا فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "بيان خطأ البخاري في تاريخه" ص 51، لكن البخاري لما ترجم في "تاريخه الكبير" 4/ 323 لصيفيّ ذكر في الرواة عنه عبد الله بن سعيد بن أبي هند، وكذلك فعل ابن أبي حاتم الرازي في "الجرح والتعديل" 4/ 448، وكذلك ابنُ حبان في "الثقات" 4/ 384، وتَبعهم غيرهم. وهذا يقتضي أن لا وجود لأبي هند في إسناد الحديث!!

ويحتمل أن يكون عبد الله بن سعيد سمعه من جدّه، ومن صيفي مباشرة، فكان يحدِّث به على الوجهين، خصوصًا أنه صرَّح في بعض روايات هذا الحديث بسماعه من صيفيّ، فإن صحَّ ذلك كان هذا من المزيد في متصل الأسانيد، ويكون الإسناد الذي ليس فيه أبو هند صحيحًا، والله تعالى أعلم. وعلى أيِّ حال فللحديث شواهد.

وأخرجه أحمد 24/ (15523)، وأخرجه أبو داود (1552)، والهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده"(1522) من طريق عُبيد الله بن عمر القواريري، وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 319 - ومن طريقه البيهقي في "الدعوات الكبير"(339) - وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (381) من طريق علي بن بحر، والشاشي (1521) عن العباس بن محمد الدُّوري، خمستهم (أحمد والقواريري ويعقوب بن سفيان وعلي بن بحر والعباس الدُّوري) عن مكي بن إبراهيم، عن عبد الله بن سعيد، عن صيفي، عن أبي اليسر فلم يذكروا في الإسناد أبا هند جدَّ عبد الله بن سعيد.

وأخرجه النسائي (7917) من طريق الفضل بن موسى، والنسائي (7919)، والطبراني 19/ (381)، وأبو طاهر الذهبي في "المخلِّصيات"(2364)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(321)، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة صيفي 13/ 252 من طريق محمد بن جعفر، وأبو داود (1553)، والطبراني في "الدعاء"(1363) من طريق عيسى بن يونس السَّبيعي، ثلاثتهم عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن صيفي، به، فلم يذكروا أبا هند كذلك. ووقع في بعض هذه الطرق تصريح عبد الله بن سعيد بسماعه من صيفيّ، واختلف فيه على أبي ضمرة أنس بن عياض.

وأخرجه أحمد (15524) عن علي بن بحر، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1919) وفي "الجهاد"(269) عن يعقوب بن حميد بن كاسب، والطبراني في "الدعاء"(1362) من =

ص: 781

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= طريق هارون بن موسى الفَرْوي، ثلاثتهم عن أبي ضمرة أنس بن عياض، عن عبد الله بن سعيد، عن جدّه أبي هند، عن صيفي، عن أبي اليسر. فذكروا أبا هند.

وأخرجه النسائي (7918)، والدولابي في "الكنى والأسماء"(357) عن يونس بن عبد الأعلى، والطبراني في "الكبير" 19/ (381) من طريق إبراهيم بن حمزة الزبيري، كلاهما عن أبي ضمرة أنس بن عياض، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن صيفي، عن أبي اليَسَر. فلم يذكرا أبا هند.

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد 11/ (6594)، وإسناده ضعيف.

وعن أبي هريرة عند أحمد 14/ (8667)، والنسائي (7814) بذكر التعوذ من موت الغَمّ والهَمّ، وموت الغَرَق، والتخبط عند الموت، وموت اللدغ. وإسناد ضعيف جدًّا.

ويشهد للاستعاذة من الهَرَم حديث أنس بن مالك المتقدم برقم (1965).

وحديثُ عائشة الآتي برقم (2007)، وإسناداهما صحيحان.

وحديث عبد الله بن عمرو عند أحمد 11/ (6743)، والنسائي (7879)، وإسناده حسن.

وحديث زيد بن أرقم عند أحمد 32/ (19308)، ومسلم (2722).

وحديث عثمان بن أبي العاص عند النسائي (7873)، وإسناده صحيح.

وحديث سعد بن أبي وقاص عند أحمد 3/ (1585)، والبخاري (3822) بلفظ:"أعوذ بك أن أُردَّ إلى أرذل العمر".

وحديث عبد الله بن مسعود عند مسلم (2723)، وأبي داود (5071)، والترمذي (3390)، والنسائي (9767) و (10334) بلفظ:"سوء الكِبَر". وهو عند ابن حبان (963) بلفظ: "الهَرَم وسوء العُمر". وسيأتي عند المصنف برقم (1978) بلفظ: "ومن الهرم ومن أن أُردَّ إلى أرذل العمر".

ويشهد لذكر موت الهَدْم والغمّ وحدهما حديثُ أبي هريرة عند الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" للهيثمي (1059)، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 3/ 1066، والطبراني في "الدعاء"(1361)، بذكر موت الهدم، وعند البيهقي في "الدعوات الكبير"(350) بذكر موت الهدم وموت الغمّ، وجاء عند إبراهيم الحربي: موت الغَمْر، زيادة الراء المهملة في آخره، وفَسَّره بالغَرَق، وعند البزار (8534) بذكر الغمِّ وفُسِّر في روايته بالغَرَق. وأحسنها إسنادًا إسناد البيهقي في "الدعوات"، والحديث حسنٌ في الجملة، والله أعلم.

ص: 782

1970 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي، حدثنا أبو أسامة، حدثنا مِسعَر، عن زياد بن عِلَاقة، عن عمِّه، قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "اللهمَّ جَنِّبني مُنكراتِ الأخلاقِ والأهواءِ والأعمالِ والأدواءِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1971 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا خُشْنام بن الصِّدِّيق، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حَيْوة بن شُريح، عن دَرّاج أبي السَّمْح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخُدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أعُوذُ بالله من الكُفر والدَّيْن"، فقال رجلٌ: يا رسول الله، ويُعدَلُ الكفرُ بالدَّين؟ قال:"نعم"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو أُسامة: هو حماد بن أسامة، ومِسعَر: هو ابن كِدام، وعم زياد بن علاقة: هو قُطْبة بن مالك.

وأخرجه الترمذي (3591)، وابن حبان (960) من طريقين عن أبي أسامة، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حسن غريب، وقرن بأبي أسامة أحمدَ بنَ بشير، ولم يذكر الأدواء، وأما ابن حبان فذكر الأسواء بدل الأعمال.

(2)

إسناده ضعيف لضعف رواية درّاج أبي السَّمْح عن أبي الهيثم - وهو سليمان بن عمرو العُتْواري - وقد رواه مرةً بلفظ: "أعوذ بك من الكفر والفقر"، وقد اختُلف في إسناد هذا الحديث عن عبد الله بن يزيد المقرئ، فأكثر من روى هذا الحديث من الحفاظ ذكروا بين حيوة بن شُريح ودرّاج رجلًا هو سالم بن غيلان، وهو رجل مصري لا بأس به، فالراجح ذكره، وقد رواه غيرُ حيوة بن شريح عن سالم بن غيلان. خُشْنام بن الصِّدّيق: هو محمد بن الصِّدِّيق بن علي بن إبراهيم النُّميري النيسابوري أبو بكر.

وأخرجه النسائي (7856) عن محمد بن بشار، عن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 17/ (11333)، وأخرجه النسائي (7855) عن محمد بن عبد الله بن يزيد، وابن حبان (1025) من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، ثلاثتهم (أحمد بن حنبل ومحمد بن عبد الله بن يزيد وأبو خيثمة) عن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حيوة بن شريح عن سالم بن غيلان، عن دراج أبي السَّمْح، به. فزادوا في إسناد الحديث سالم بن غيلان. =

ص: 783

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1972 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إبراهيم بن يوسف الرازي، حدثنا أبو كُرَيب، حدثنا أبو خالد الأحمَر، عن ابن عَجْلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقولُ في دُعائه: "اللهمَّ إني أعوذ بك من جارِ السُّوء في دار المُقامةِ، فإنَّ جارَ الباديةِ يَتحوَّلُ"

(1)

.

= وأخرجه أحمد (11333) عن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن عبد الله بن لهيعة، والنسائي (7867)، وابن حبان (1026) من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن سالم بن غيلان، عن درّاج، به. لكن ابن وهب رواه بلفظ:"اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر" بدل: "من الكفر والدَّين".

ويشهد له بلفظ ابن وهب حديثُ أبي بكرة نُفيع بن الحارث المتقدم برقم (99) و (940).

وحديث أنس الذي تقدَّم برقم (1965).

وقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم الاستعاذة من غَلَبة الدَّين والمَغْرم كما تقدَّم بيانه برقم (1966). وأما الدَّيْن مجرّدًا فلا يصحُّ استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم منه، إنما المستعاذ منه هو غَلَبة الدَّين حتى يصبح الإنسان غارمًا.

وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم الاستعاذة من الفقر في حديث عائشة الآتي برقم (2007) بلفظ: "شرّ فتنة الفقر"، وهو تفسير لمُجمل ما جاء في الروايات الأخرى.

(1)

صحيح بلفظ: "تعوّذوا بالله من جار السوء

" لا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله في دعائه، وهذا إسناد قوي من أجل أبي خالد الأحمر - وهو سليمان بن حيان - وابن عجلان - واسمه محمد - فهما صدوقان لا بأس بهما، وقد روى هذا الحديثَ غيرُ أبي خالد الأحمر بلفظ: "تعوذوا بالله من جار السوء"، وهو أصح، فقد رواه بهذا اللفظ أيضًا عبد الرحمن بن إسحاق المدني عن سعيد بن أبي سعيد - وهو المقبري - كما سيأتي عند المصنف بعده، وعبد الرحمن بن إسحاق صدوق حسن الحديث، فالحديث صحيح بهذا اللفظ.

وأخرجه ابن حبان (1033) من طريق عبد الله بن سعيد الأشجّ، عن أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في "المجتبى"(5502) عن عمرو بن علي الفلاس، عن يحيى بن سعيد القطان، عن محمد بن عجلان، به بلفظ: "تعوّذوا بالله من جار السوء

". =

ص: 784

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وقد تابعَه عبد الرحمن بن إسحاق عن المَقبُري:

1973 -

حدَّثَناه أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إسحاق بن الحسن، حدثنا عفّان، حدثنا وُهَيب، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "استَعيِذوا باللهِ من شَرّ جار

(1)

المُقام،

= وأخرجه النسائي أيضًا في "الكبرى"(7886) عن عمرو بن علي الفلاس كذلك، لكنه قال: عن صفوان بن عيسى، عن محمد بن عجلان، به. كلفظ "المجتبى" إلّا أنه ذكر صفوان بن عيسى بدل يحيى بن سعيد.

وذكر المزيُّ في "تحفة الأشراف" 9/ (13054) بعد أن صدّر تخريجه من النسائي بذكر يحيى بن سعيد القطان، أنه وقع في بعض النسخ: عن صفوان بن عيسى.

وهو عند البزار (8496) عن عمرو بن علي الفلّاس كذلك، عن صفوان بن عيسى، عن ابن عجلان.

وعند البيهقي في "شعب الإيمان"(9106)، ومن طريقه أخرجه أبو القاسم الرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" 2/ 352 من طريق نصر بن علي الجهضمي ومحمد بن أبي بكر المقدَّمي، عن صفوان بن عيسى، عن ابن عجلان.

فالظاهر أنَّ ذكر صفوان بن عيسى في إسناد النسائي هو الصحيح، والله تعالى أعلم.

ولفظ صفوان عندهم جميعًا كلفظ النسائي: "تعوَّذوا بالله من جار السوء

" وكأنَّ أبا خالد الأحمر وهم في لفظه فجعله من دعائه صلى الله عليه وسلم، وإنما هو بلفظ الأمر بالدعاء به كما وقع في رواية صفوان بن عيسى وفاقًا لرواية عبد الرحمن بن إسحاق المدني التالية عن سعيد المقبري، وإنما دخل الوهم على أبي خالد الأحمر - فيما يغلب على ظننا - أنَّ أبا خالد روى أيضًا عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري قال: كان من دعاء داود النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أعوذ بك من جار السوء؛ هكذا رواه المقبريُّ مقطوعًا من قولِه. أخرجه هناد بن السَّريّ في "الزهد" (1038)، وأبو سعيد الأشجّ في "حديثه" (69).

ورواه أيضًا سعيد بن أبي هلال مقطوعًا من قوله: أنَّ داود النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من جار السوء

أخرجه عنه الخطابي في "العُزلة" ص 38. فظهر بذلك أنَّ أبا خالد الأحمر قد دخل له حديث في حديث، والله أعلم.

(1)

وقع في نسخنا الخطية: دار، والمثبت من نسخة بهامش (ز) ومن "تلخيص الذهبي"، وهو =

ص: 785

فإن جارَ المسافر إذا شاء أن يُزايِلَ زايَل"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1974 -

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا الخَضِر بن أبان الهاشمي، حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله الزُّبيري، حدثنا سعد بن أوس، عن بلال بن يحيى العَبْسي، عن شُتَير بن شَكَل، عن أبيه شَكَل بن حُميد، قال: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، علِّمني تَعوُّذًا أتعوّذُ به، فأخذَ بكفّي، فقال:"قُل: اللهمَّ إني أعوذُ بك من شرِّ سَمْعي، ومن شرِّ بَصَري، ومن شرِّ نَفْسي، ومن شرِّ مَنِيّي"، حتى حَفِظتُها

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1975 -

أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد الحَنْظَلي ببغداد، حدثنا أبو قِلابة الرَّقَاشي، حدثنا أبو عاصم النَّبيل، حدثنا عُثمان الشّحّام، حدثني مُسلم بن أبي

= الصواب الموافق لرواية أحمد بن حنبل وغيره عن عفان.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن إسحاق - وهو ابن عبد الله المدني - وقد توبع كما في الحديث السابق. عفان: هو ابن مسلم، ووُهَيب: هو ابن خالد المدني.

وأخرجه أحمد 14/ (8553) عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.

قوله: زايَل، أي: فارَقَ.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف الخَضِر بن أبان الهاشمي، لكنه متابع.

وأخرجه أحمد 24/ (15542)، وعنه أبو داود (1551)، وأخرجه الترمذي (3492) عن أحمد بن منيع، كلاهما (أحمد بن حنبل وأحمد بن منيع) عن أبي أحمد محمد بن عبد الله الزبيري، بهذا الإسناد وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وزادا في روايتهما: "ومن شر لساني ومن شرّ قلبي"، ولم يقولا:"ومن شر نفسي".

وأخرجه أحمد (15541)، وأبو داود (1551)، والنسائي (7826) من طريق وكيع بن الجرّاح، والنسائي (7827) من طريق أبي نُعيم الفضل بن دُكين، كلاهما عن سعد بن أوس، به. ولفظهما كلفظ ابن حنبل وابن منيع عن الزُّبيري.

وقوله: "ومن شر مَنِيّي" أي: من شرّ غَلَبة منيِّي حتى لا أقع في الزني، والنظر إلى المحارم.

ص: 786

بَكْرة، قال: سَمِعَني أبي وأنا أقولُ: اللهم إني أعوذُ بك من الهَمّ والكَسَل وعذاب القَبر، فقال: يا بُنيّ، ممَّن سمعتَ هذا؟ قلت: سمعتك تقولُهن، قال: الْزَمْهنّ، فإني سمعتُهنّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُهنَّ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

1976 -

حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا عَبْدان الأهوازي، حدثنا عَبْدة بن عبد الله الخُزاعي، حدثنا زيد بن الحُباب، أخبرنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثَوبان، حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يتعوَّذ يقول: "أعوذُ بك من عذابِ جهنّمَ، وعذاب القبر، وفتنةِ المَحيا وفتنة المَمات، وفتنةِ الدَّجّال"

(2)

.

(1)

إسناده قوي من أجل عثمان الشَّحّام وأبي قِلابة. وهو عبد الملك بن محمد أبو عاصم النبيل: هو الضحاك بن مَخلَد. وقد روى هذا الحديث جماعة غير أبي عاصم، فقالوا في الدعاء:"اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر" فذكروا "الكفر والفقر" بدل "الهمّ والكسل" كما تقدَّم برقم (99)، وهو روايةٌ عن أبي عاصم أيضًا كما تقدَّم برقم (940).

وأخرجه الترمذي (3503)، والنسائي (7841) عن محمد بن بشار، عن أبي عاصم، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وليس في رواية النسائي ذكر الهمّ.

وقد روي مثلُ لفظ المصنف هنا بذكر الهم والكسل وعذاب القبر مع أمور أخرى من حديث عائشة أم المؤمنين عند الترمذي (3495)، وقال: حديث حسن صحيح، وسيأتي عند المصنف برقم (2007) دون ذكر الهمّ.

ومن حديث زيد بن أرقم عند الطبري في تهذيب الآثار" في مسند عمر بن الخطاب 2/ 586، والبغوي في "شرح السنة" (1358)، وفي "تفسيره" 8/ 439. وهو في "صحيح مسلم" (2722) أيضًا لكن دون ذكر الهمِّ.

ومن حديث أنس بن مالك كما تقدَّم بيانه برقم (1965) حيث جاء في بعض طرقه الاستعاذة من الهم والكسل، وفي بعضها الاستعاذة من عذاب القبر، كما أوضحناه هناك.

وللاستعاذة من الكسل وعذاب القبر شواهد قدمناها عند حديث أم سلمة السالف برقم (1943). وللاستعاذة من الكفر والفقر شاهد من حديث أنس المتقدم برقم (1965).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وقد توبع. =

ص: 787

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه

(1)

.

1977 -

أخبرنا أحمد بن سَلْمان بن الحسن الفقيه، حدثنا الحسن بن مُكرَم، حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن الوليد بن عبد الرحمن، عن جُبير بن نُفير، عن معاذ بن جبل، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"استَعِيذُوا بالله من طَمَعٍ يهدي إلى طَبَعٍ، ومن طَمَع في غير مَطمَعٍ، ومن طَمَعٍ حين لا مَطمَعَ"

(2)

.

= عبد الرحمن الأعرج: هو ابن هُرمز.

وأخرجه أحمد 13/ (7870) عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/ (2342)، والنسائي (7889) و (7892) و (7897) و (7898) و (7902) من طريق أبي الزِّناد، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، به. وجاء عند النسائي في بعض رواياته بلفظ الأمر بالاستعاذة من هذه الأمور، وليس من دعائه صلى الله عليه وسلم.

وقد تقدَّم عند المصنف برقم (1024) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.

(1)

قد أخرجاه من غير طريق الأعرج كما تقدَّم برقم (1024)، فلعلَّ المصنف قصد طريق الأعرج بعينها، فإن كان كذلك فاستدراكه صحيح.

(2)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن عمار الأسلمي، على أنه خُولف في إسناده أيضًا، خالفه يحيى بن جابر الطائي، وهو رجلٌ شاميٌّ ثقة، فرواه عن عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير عن أبيه عن عوف بن مالك، وقد أورد البخاري هذا الخلاف في إسناده في "تاريخه الكبير" 8/ 266، ثم رجَّح رواية يحيى بن جابر الطائي.

وأخرجه أحمد 36/ (22128) عن عثمان بن عُمر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (22021) عن محمد بن بشر، عن عبد الله بن عامر، به.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 8/ 266 تعليقًا، والطبراني في "الكبير" 18/ (94)، وفي "مسند الشاميين"(1872) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن العلاء، وهو المعروف بابن زبريق، عن عمرو بن الحارث الحمصي، عن عبد الله بن سالم الأشعري، عن محمد بن الوليد الزُّبيدي، عن يحيى بن جابر الطائي، عن عبد الرحمن بن جُبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي. وهذا إسناد حسنٌ إن شاء الله من أجل ابن زِبريق وشيخه، وقد تقدم الكلام فيهما برقم (907)، وللحديث طريق أخرى عن يحيى بن جابر تقوّي هذه.

فقد أخرجه الطبراني في "الكبير" 18/ (127) من طريق داود بن عمرو الضبّي، و (128) من =

ص: 788

هذا حديث مستقيمُ الإسناد، ولم يُخرجاه.

1978 -

أخبرنا الحُسين بن الحَسن بن أيوب، حدثنا حاتم الرازي، حدثنا إبراهيم بن يوسف، حدثنا خَلَف بن خَليفة، عن حُميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود قال: كان من دُعاء رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذُ بك من عِلمٍ لا يَنفعُ، وقلبٍ لا يَخشعُ، ودُعاءٍ لا يُسمعُ، ونَفْسٍ لا تَشبعُ، ومن الجُوع، فإنه بئس الضَّجيع، ومن الخِيانة فبئستِ البِطانةُ، ومن الكَسَل والبُخل والجُبْن، ومن الهَرَم، ومن أن أُردَّ إلى أَرْذَل العُمر، ومن فتنة الدَّجّال، وعذاب القبر، وفتنة المَحيا والمَمات، اللهمَّ إنا نسألُك قلوبًا أوّاهةً مُخبِتةً مُنِيبةً في سبيلِك، اللهمَّ إنا نسألُك عَزائمَ مَغفِرتِك، ومُنجِياتِ أمرِك، والسلامةَ من كل إثمٍ، والغَنيمةَ من كل بِرٍّ، والفوزَ بالجنة، والنَّجاةَ من النار".

= طريق محمد بن عيسى الطبّاع ومن طريق أبي الربيع الزهراني سليمان بن داود وأبو طاهر الذهبي في "المخلصيات"(850)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 22/ 325 و 64/ 101 من طريق داود بن رُشيد، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/ 214 من طريق محمد بن بُكير بن واصل الحضرمي، كلهم عن إسماعيل بن عياش، عن سليمان بن سُليم الكناني الحمصي، عن يحيى بن جابر الطائي، عن عَوف بن مالك. وإسماعيل بن عياش روايته عن أهل بلده مستقيمة، وهذا منها، ويحيى بن جابر الطائي روايته عن عوف بن مالك هنا مُرسلة، وقد عُلمت الواسطةُ من رواية محمد بن الوليد الزُّبيدي عنه كما تقدم، حيث يرويه عن عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير عن أبيه عن عوف بن مالك، ويحيى بن جابر كان يُرسل كثيرًا عن الصحابة الشاميين، والواسطة بينه وبينهم عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير يروي عن أبيه عنهم.

الطَّبَع، بفتح الطاء والباء الموحدة: الدّنَس والعيب، وكل شَين في دين أو دُنيا فهو طَبَع، والمعنى: أعوذ بالله من طمع يسوقني إلى ما يشينني ويُزري بي من المقابح كالمذلّة للسَّفَلة والتواضع لأرباب الدنيا وإظهار السمعة والرياء.

وقوله: "طمع في غير مطمع" أي: طمع بما يبعُد حصوله والتعلق به.

وقوله: "طمع حين لا مطمع" أي: طمع في شيء لا مطمع فيه بالكُليّة لتعذّره حِسًّا أو شرعًا. وهي أحطّ مراتب الدناءة وأقبحها.

ص: 789

وكان إذا سَجَد قال: "اللهمَّ سَجَد لك سَوَادي وخَيَالي، وبك آمَنَ فُؤادي، أبُوء بنعمتِك عليَّ، وهذا ما جَنَيتُ على نفسي، يا عظيمُ، يا عظيمُ، اغفِرْ لي، فإنه لا يَغْفِر الذنوبَ العظيمةَ إلَّا الربُّ العظيمُ"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا بهذا التمام مجموعًا من أجل حُميد الأعرج - وهو ابن عطاء - فهو متروك كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وقال: أبو حاتم الرازي: لزم عبدَ الله بن الحارث عن ابن مسعود، ولا نعلم لعبد الله بن الحارث عن ابن مسعود شيئًا. قلنا: وجزم ابن المديني والدارقطني بعدم سماع عبد الله بن الحارث - وهو الزُّبيدي - من ابن مسعود، وقال ابن حبان: يروي عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود نسخة كأنها موضوعة، وقال الدارقطني نحو ذلك. وقد وهم في هذا الحديث في عدة أمور، ومن ذلك أنه جمع فيه ألفاظ أحاديث مختلفة في سياقٍ واحدٍ، ثم جعلها جميعًا عند عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود، وإنما روى عبدُ الله بن الحارث بعض هذه الأدعية عن زيد بن أرقم، وبعضَها عن طَلِيق بن قيس الحَنَفي عن ابن عباس، وبعضها لا يُعرف من رواية عبد الله بن الحارث أصلًا، فالظاهر أنَّ حميدًا الأعرج سمع عدة أحاديث بعضها عن عبد الله بن الحارث وبعضها عن غيره، ثم اختلط عليه الأمر، فجمعها جميعًا بإسنادٍ واحدٍ كما فعل هنا عن عبد الله بن الحارث، وجعلها من روايته عن ابن مسعود.

فأما أول الحديث إلى قوله: "ونفسٍ لا تشبع" وكذا الاستعاذة من الكسل والبخل والجُبن والهرم وعذاب القبر، فأخرجه أحمد 32/ (19308)، ومسلم (2722)، والنسائي (7816) و (7817) و (7843) من طريق عاصم بن سليمان الأحول، والنسائي (7815) من طريق المثنَّى بن سعيد الطائي، كلاهما عن عبد الله بن الحارث الزُّبيدي، عن زيد بن أرقم. وفي حديث المثنى بن سعيد زيادة الاستعاذة من فتنة الدجّال، وقُرِنَ في بعض الروايات عن عاصم الأحول بعبد الله بن الحارث رجلٌ آخر هو أبو عثمان النَّهْدي.

ولعبد الله بن الحارث الزُّبيدي إسناد آخر لأول دعاء في هذا الحديث إلى قوله: "ونفسٍ لا تشبع" فقد أخرجه الترمذي (3482) من طريق عمرو بن مُرّة الجَمَلي، عن عبد الله بن الحارث، عن زهير بن الأقمر، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. وقال أبو زرعة فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "علل الحديث"(2090): حديث زهير أصح وأشبه. يعني أصح من حديث حميد الأعرج.

وأخرج أحمد 3/ (1997)، وابن ماجه (3830)، والترمذي (3551)، والنسائي (10368)، وابن حبان (947) و (948) من طريق عمرو بن مُرة الجَمَلي، عن عبد الله بن الحارث الزُّبيدي، =

ص: 790

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن طَلِيق بن قيس الحَنَفي، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو: "

رب اجعلني لك شكّارًا، لك رهّابًا، لك مِطواعًا، إليك مُخبتًا، لك أوّاهًا مُنيبًا

"، وإسناده صحيح. وقد تقدَّم عند المصنف برقم (1931).

وقوله: "اللهمَّ إنا نسألك عزائم مغفرتك" إلى قوله: "والنجاة من النار" تقدَّم مفردًا عند المصنف برقم (1946) من طريق سعيد بن منصور عن خلف بن خليفة.

وقد صحَّ عن ابن مسعود مرفوعًا الاستعاذة من الكسل وسوء الكِبَر (وهو الهَرَم) وعذاب النار وعذاب القبر، كما أخرجه مسلم (2723)، وأبو داود (5071)، والترمذي (3390)، والنسائي (9767) و (10333)، وزاد مسلم في بعض رواياته الاستعاذة من فتنة الدنيا، وهي فتنة المحيا، وزاد النسائي في روايته الأولى الاستعاذة من الجُبن والبُخل.

وصحَّ عنه أيضًا الاستعاذة من البُخل والجُبن وسوء العمر (هو الهرم) وفتنة الصدر، كما أخرجه النسائي (7832) و (7863) و (9884)، بإسناد صحيح، وانظر ما تقدَّم برقم (1964).

ويشهد للدعاء الأول في هذا الحديث حديثُ أبي هريرة الذي تقدَّم برقم (359) و (360)، وسيأتي بعده.

وحديث أنس بن مالك المتقدم برقم (361).

وحديثُ عبد الله بن عمرو بن العاص الآتي برقم (1980).

ويشهد للاستعاذة من الجوع والخيانة حديثُ أبي هريرة عند أبي داود (1547)، وابن ماجه (3354)، والنسائي (7851) و (7852)، وابن حبان (1029)، وإسناده قوي.

وللاستعاذة من فتنة المحيا والممات شاهدٌ من حديث أبي هريرة المتقدم برقم (1024) و (1976).

ومن حديث عائشة المتقدم برقم (1418).

ولدعاء السجود في آخره شاهدٌ من حديث عائشة عند أبي يعلى (4661)، والعُقيلي في "الضعفاء الكبير"(1622)، والطبراني في "الدعاء"(606)، وأبي الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"(569)، والدارقطني في "النزول"(92)، والبيهقي في "الدعوات الكبير"(530)، وفي "شعب الإيمان"(3557)، وفي "فضائل الأوقات"(26)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1854)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(917)، وابن حجر في "الأمالي المُطلقة" ص 119 - 120 من طرق عن عائشة كلها فيها مقالٌ.

ومن حديث أنس بن مالك عند ابن بشران في "أماليه"(416)، والبيهقي في "الدعوات"(531)، وفي "فضائل الأوقات"(27)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(918)، والذهبي في "ميزان =

ص: 791

هذا حديث صحيح الإسناد، إلَّا أنَّ الشيخين لم يُخرجا عن حُميد الأعرج الكوفي، إنما اتفقا على إخراج حديث حميد بن قيس الأعرج المكي.

فأما أولُ الحديث في الاستعاذة من الأربع، فقد رُوي عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو.

أما حديثُ أبي هريرة:

1979 -

فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق وأبو سعيد بن يعقوب الثَّقَفي، قالا: حدثنا عمر بن حفص السَّدُوسي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا الليث بن سعد، أنَّ سعيدَ المقبُريَّ حدَّثه، عن أخيه عَبَّاد بن أبي سعيد، أنه سمع أبا هُريرة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهمَّ أعوذُ بك من أربعٍ: من علمٍ لا يَنفعُ، وقلبٍ لا يَخشعُ، ونفسٍ لا تَشبعُ ومِن دعاءٍ لا يُسمعُ"

(1)

.

وأما حديث عبد الله بن عمرو:

1980 -

فحدَّثَناه بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا قَبيصة بن عُقبة، حدثنا سفيان، عن أبي سِنان، عن عبد الله بن أبي الهُذيل، عن عبد الله بن عمرو قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَتعوّذُ من علمٍ لا يَنفعُ، ودُعاءٍ لا يُسمعُ، وقلبٍ لا يَخشعُ، ونفسٍ لا تَشبعُ

(2)

.

= الاعتدال" 2/ 129 - 150، وإسناده تالفٌ بمرة.

(1)

حديث صحيح. وهو مكرر ما تقدَّم برقم (359)، و (360).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه اختُلف فيه على أبي سنان - وهو ضرار بن مُرة الشَّيباني - فقد رواه عنه سفيان - وهو ابن سعيد الثوري - كما وقع في رواية المصنّف هنا.

وخالفَ سفيانَ الثوريَّ فيه جماعةٌ، فرووهُ عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهُذيل، عن شيخ من النَّخَع، عن عبد الله بن عمرو. فزادوا فيه الشيخ النَّخَعي، وهو رجلٌ مبهم لا يُدرى من هو، وعلى أي حالٍ فقد روي عن عبد الله بن عمرو من وجهين آخرين.

وأخرجه أحمد 11/ (6557)، والنسائي (7825) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. =

ص: 792

1981 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحْبوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن بُرَيد بن أبي مَريم، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سأل الله الجنةَ ثلاثًا، قالتِ الجنةُ: اللهمّ أدخِلْه الجنةَ، ومَن تَعوَّذ بالله من النار ثلاثًا، قالتِ النارُ: اللهمّ أعِذْهُ من النار"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1982 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنْعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عَبّاد، حدثنا عبد الرزاق.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرني يونس بن سُلَيم، قال: أملَى عليَّ يونسُ بن يزيد

= وأخرجه أحمد (6561) من طريق يزيد بن عطاء اليشكري، و (6865) من طريق خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، كلاهما عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن شيخ من النَّخَع، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وتابعهما عَبيدة بن حُميد عند ابن أبي شيبة 10/ 194.

وأخرجه الترمذي (3482) من طريق زهير بن الأقمر، عن عبد الله بن عمرو بن العاص.

وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وله طريق ثالثة عند الطبراني في "الكبير"(14577) من طريق مهاجر بن حبيب، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. ورجالها ثقات عن آخرهم، فإن ثبت سماع مهاجر من عبد الله بن عمرو فالإسناد صحيح.

(1)

إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وإسرائيل: هو ابن يونس حفيد أبي إسحاق.

وأخرجه أحمد 20/ (13173) عن حُجين بن المثنَّى، عن إسرائيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (4340)، والترمذي (2572)، والنسائي (7907) و (9858)، وابن حبان (1034) من طريق أبي الأحوص سلّام بن سُليم، عن أبي إسحاق السَّبيعي، به.

وأخرجه أحمد 19/ (12170) و (12439) و 20/ (12585) و 21/ (13755)، وابن حبان (1014) من طريق يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، عن بُريد بن أبي مريم، به.

ص: 793

الأَيْلي: عن ابن شِهاب، عن عُروة بن الزُّبير، عن عبد الرحمن بن عَبْدٍ القاريِّ، قال: سمعتُ عمر بن الخطاب يقول: كان إذا أُنزل على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الوحيُ، يُسمَع عند وجهه كدَوِيّ النحْل

(1)

، فسكَتْنا ساعةً، فاستقبلَ القِبلَة ورفَع يديه، فقال:"اللهمّ زِدْنا ولا تَنقُصنا وأكرِمْنا ولا تُهِنّا، وأعطِنا ولا تَحرِمْنا، وآثِرْنا ولا تُؤثِر علينا، وارْضَ عنا وأَرضِنا، ثم قال: "لقد أُنزل عليَّ عشرُ آياتٍ، من أقامَهنَّ دخَل الجنةَ"، ثم قرأ:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}

(2)

.

قال عبد الرزاق: ويونس بن سُلَيم هذا، كان عمُّه واليًا على أَيلَة، قال: أرسلَني عمّي إلى يونس بن يزيد حتى أملَى عليَّ أحاديثَ.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

زاد بعدها في المطبوع: فأنزل عليه يومًا، وليست في شيء من أُصولنا الخطيّة، ولا في رواية البيهقي لهذا الحديث في "الدعوات"(240) إذ رواه عن المصنف بإسناديه اللذين هنا، وإن كانت ثابتةً في بعض مصادر تخريج الحديث.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة يونس بن سُلَيم - وهو الصَّنْعاني - بل قال عبد الرزاق نفسُه: أظنه لا شيء، وقال النسائي عن حديثه هذا: منكر، ومع ذلك ذكره ابن حبان في "الثقات"، وحسَّن حديثَه هذا البغوي في "شرح السنة"(1376)، وصحَّحه الضياء المقدسي في "المختارة" 1/ (234)!!

وهو في "مسند أحمد" 1/ (223).

وأخرجه الترمذي بإثر الحديث (3173) عن محمد بن أبان البَلْخي، عن عبد الرزاق، به.

وأخرجه الترمذي أيضًا (3173) عن يحيى بن موسى البَلْخي وعبد بن حُميد وغير واحدٍ، عن عبد الرزاق، عن يونس بن سُليم، عن الزهري، به. فلم يذكروا فيه يونس بن يزيد الأيلي، وذكر الترمذي أنَّ ذكر يونس بن يزيد الأيلي فيه أصحُّ، قال: سمعت إسحاق بن منصور يقول: روى أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وإسحاق بن إبراهيم (يعني ابن راهويه وستأتي روايته عند المصنف برقم: 3521) عن عبد الرزاق عن يونس بن سُليم عن يونس بن يزيد عن الزهري، الحديث. ومن سمع من عبد الرزاق قديمًا فإنهم إنما يذكرون فيه يونس بن يزيد، وبعضهم لا يذكر فيه عن يونس بن يزيد، ومن ذكر فيه يونس بن يزيد فهو أصحُّ.

ص: 794

1983 -

حدثني علي بن عيسى الحِيْري، حدثنا الحسين بن محمد القَبّاني، حدثنا جَميل بن الحَسن الجَهضَمي، حدثنا أبو هَمَّام محمد بن الزِّبْرِقان الأَهوازي، حدثنا سُليمان التَّيمي، عن أبي عثمان، عن سَلْمان، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ الله لَيستحْيي مِن العبدِ أن يرفَعَ إليه يدَيه فيردَّهما خائبتَين"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

1984 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا أبي وشُعيب بن اللّيث، قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هِلال، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة، عن عُمير مولى آبي اللَّحْم: أنه رأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عند أحجار الزَّيت يدعُو وهو مُقْنِعٌ بكفَّيه

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1985 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المُثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا إسماعيل ابن عُليَّة، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن معاوية، عن ابن ذُباب، عن سهل بن سعد، قال: ما رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم شاهِرًا يدَيه يدعُو على مِنبَره ولا غيرِه، كان يجعلُ إصبعَيه بحِذاء مَنكِبَيه ويَدعُو

(3)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد فيه لين من أجل جميل بن الحسن الجهضمي، لكنه متابع فيما تقدم برقم (1851) و (1852).

وأخرجه ابن حبان (880) عن أحمد بن يحيى بن زهير، عن جميل بن الحسن، بهذا الإسناد.

(2)

حديث صحيح، وقد تقدَّم برقم (1238) من طريق يحيى بن عبد الله بن بُكير عن الليث بن سعد، فجعله من حديث عُمير عن مولاه آبي اللحم. وآبي اللحم لم يُذكَر في نسخنا الخطية في هذا الموضع، بينما ذكره الذهبي في "تلخيصه" وابن حجر في "إتحاف المهرة"(1)!

(3)

إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن إسحاق: وهو ابن الحُويرث المدني. ابن أبي ذُباب: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث، وعبد الرحمن بن إسحاق: هو المدني.

وأخرجه أحمد 37/ (22855) عن ربعي بن إبراهيم، وأبو داود (1105)، وابن حبان (883) من طريق بشر بن المفضل، كلاهما عن عبد الرحمن بن إسحاق المدني، بهذا الإسناد. ولكن جاء في =

ص: 795

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1986 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بكّار بن قُتيبة القاضي بمِصر، حدثنا صفوان بن عيسى القاضي، حدثنا محمد بن عَجْلان، عن القَعْقاع بن حَكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: أنَّ رجلًا كان يَدعُو بإصبعَيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أحِّدْ، أحِّدْ"

(1)

.

قد رُوِيَت هذه السُّنة عن سعد بن أبي وقّاص:

1987 -

حدَّثَناهُ إبراهيم بن عِصمة بن إبراهيم، حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن سعد بن أبي وقاص،

= روايتهما ذكر الإشارة بإصبع واحدة، وهي السّبّابة.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد جيد من أجل صفوان بن عيسى وشيخه ابن عجلان، وقد رُوي هذا الحديث عن أبي هريرة من وجه آخر صحيح الإسناد كما سيأتي. أبو صالح: هو ذكوان السّمّان.

وأخرجه أحمد 16/ (10739)، والترمذي (3557)، والنسائي (1196) من طريق صفوان بن عيسى، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وسيأتي بعده من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير عن الأعمش، عن أبي صالح، عن سعد بن أبي وقاص أنه هو صاحبُ القصة.

لكن خالف أبا معاوية فيه حفصُ بنُ غياث عند أحمد 15/ (9439) وغيره فرواه عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بسعدٍ وهو يدعو، فذكره.

وعلى أيِّ حالٍ فمثل هذا الاختلاف لا يضر بصحة الحديث، لأنه حيث دار كان عن صحابي، وكلهم عَدْلٌ، وأبو صالح السمان رأى سعدًا وسمع منه كما أوضحناه في "المسند"، وقد أشار الدارقطني في "علله"(655) إلى أنَّ بعضهم رواه عن الأعمش، عن أبي صالح، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يَبعُد أن يكون أبو صالح سمعه من غير واحدٍ.

وأخرجه ابن حبان (884) من طريق محمد بن سيرين، عن أبي هريرة. وإسناده صحيح.

قوله: "أحِّدْ أحِّدْ"، أراد: وحِّد، من التوحيد، فقلبت الواو همزة، والمعنى: أشِر بإصبع واحدة، لأنَّ الذي تدعوه واحدٌ: وهو الله سبحانه وتعالى.

ص: 796

قال: مَرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بي وأنا أدعو بأصابعي

(1)

، فقال:"أحِّدْ أحِّدْ" وأشارَ بالسَّبّابة

(2)

.

هذا حديث صحيح بالإسنادين جميعًا، فأما حديث أبي معاوية، فهو صحيح على شرطهما إن كان أبو صالح السَّمّان سمع من سعد

(3)

.

1988 -

أخبرني أبو الحسن محمد بن الحسن، حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجِيَة، حدثنا نصر بن علي ومحمد بن موسى الحَرَشِي، قالا: حدثنا حماد بن عيسى، حدثنا حَنْظَلة بن أبي سفيان، قال: سمعتُ سالم بن عبد الله يُحدِّث، عن أبيه عبد الله بن عمر، عن عمر: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مَدَّ يدَيه في الدعاء، لم يَرُدَّهما حتى يَمسَحَ بهما وجهَه

(4)

.

(1)

كذلك جاء في أصول "المستدرك": بأصابعي، بصيغة الجمع، مع أنَّ سائر من خرَّج هذا الحديث ذكر هذا الحرف بصيغة المثنَّى، والتعبير عن المثنى بصيغة الجمع جائز في لغة العرب، كما في قوله تعالى:{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} .

(2)

إسناده صحيح، وقد اختُلف فيه على الأعمش اختلافًا لا يضرُّ مثله كما تقدم. الأعمش: هو سليمان بن مِهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، ويحيى بن يحيى: هو النيسابُوري.

وأخرجه أبو داود (1499)، والنسائي (1197) من طريقين عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.

(3)

ذكر المزي في ترجمة أبي صالح من "تهذيب الكمال" 8/ 513 أنه سأل سعدًا عن مسألة في الزكاة، وأنه شهد يوم الدار زمن عثمان، وصرَّح الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 5/ 36 أنه سمع منه، وذكر أنَّ أبا صالح ولد في خلافة عمر.

(4)

إسناده ضعيف جدًّا، حمّاد بن عيسى الجهني متفق على ضعفه، وغالى المصنف نفسه في كتابه "المدخل إلى الصحيح" 1/ 158 فقال فيه: دجّال يروي أحاديث موضوعة، وقال أبو زرعة الرازي فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل" (2106): حديث منكر أخاف أن لا يكون له أصل. وقال الذهبي في "السير" 16/ 67: أخرجه الحاكم في "مستدركه" فلم يُصب، حماد ضعيف.

وأخرجه الترمذي (2386) عن جماعة من شيوخه، عن حماد بن عيسى، بهذا الإسناد.

وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلَّا من حديث حماد بن عيسى، وقد تفرَّد به، وهو قليل الحديث

=

ص: 797

وقد رُويَ عن عبد الله بن عباس:

1989 -

حدَّثَناه أبو بكر بن أبي نصر المَروَزي، حدثنا أبو المُوجِّه، حدثنا سعيد بن هُبَيرة، حدثنا وُهَيب بن خالد، عن صالح بن حسّان

(1)

، عن محمد بن كعب القُرَظي، عن ابن عباس، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سألتُم اللهَ فسَلُوه ببطون أكُفِّكم، ولا تسألوه بظُهورها، وامسَحُوا بها وُجوهَكم"

(2)

.

= وفي الباب عن يزيد أبي السائب بن يزيد عند أحمد 29/ (17943)، وأبي داود (1492)، وإسناده ضعيف لجهالة راوٍ فيه، وسوء حفظ ابن لهيعة راويه عنه، ومخالفة في متنه كما هو مبيّن عند أحمد.

وعن ابن عباس كما سيأتي بعده، وإسناده ضعيف جدًّا.

وقد تساهل الحافظُ ابن حجر فحسَّن الحديثَ في "بلوغ المرام"(1553) و (1554) بمجموع هذه الشواهد التي لا تصلح للاعتبار!

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: حيان.

(2)

إسناد ضعيف جدًّا من أجل صالح بن حسان، فإنه متروك الحديث.

وأخرجه ابن ماجه (1181) و (3866) من طريق عائذ بن حبيب، عن صالح بن حسان، به.

وأخرجه أبو داود (1485) من طريق عبد الملك بن محمد بن أيمن، عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، عمَّن حدَّثه عن محمد بن كعب القُرظي، عن ابن عباس. وعبد الملك بن محمد بن أيمن وشيخه مجهولان، وراويه عن محمد بن كعب المبهم الظاهر أنه صالح بن حسان نفسه.

وله طريق أخرى عند الطبراني في "الكبير"(12234) و"الأوسط"(5226) عن محمد بن إسحاق بن يَسار، عن خُصَيف بن عبد الرحمن الجَزَري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا جعل باطن كفَّيه إلى وجهه.

وهذا القدر من الحديث له شواهد يتقوّى بها وإن كان خُصَيف بن عبد الرحمن فيه لين سيئ الحفظ، ومحمد بن إسحاق مُدلِّس وقد عَنْعنه، لكن يصلح هذا الإسناد في المتابعات والشواهد.

فللدعاء بباطن الكفين شاهد من حديث مالك بن يسار السَّكُوني عند أبي داود (1486)، وإسناده حسنٌ.

وآخَرُ من حديث أبي بكرة عند الطبراني كما في "فض الوعاء" للسيوطي (43)، وعند علي بن عمر الحربي في "فوائده"(141)، وأبي طاهر المخلِّص في "المخلِّصيات"(389)، وأبي نعيم =

ص: 798

1990 -

حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا محمد بن الفَرَج الأزرق، حدثنا حجّاج بن محمد، قال: قال ابنُ جُريج: أخبَرني موسى بن عُقبة، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما جَلَسَ قومٌ مجلِسًا كَثُر لَغَطُهم فيه، فقال قائلٌ قبل أن يقوم: سبحانَك ربَّنا

(1)

وبحمدِك، لا إله إلَّا أنت، أستغفِرُك ثم أتوبُ إليك، إِلَّا غُفِرَ له ما كان في مَجلسِه"

(2)

.

= في "تاريخ أصبهان" 2/ 224، ورجاله ثقات.

وثالث عن ابن محيريز مرسلًا عند مسدَّد كما في "المطالب العالية" للحافظ ابن حجر (3353)، وابن أبي شيبة 10/ 286، ورجاله ثقات، وابن محيريز هذا تابعي كبير.

ورابع عن عروة بن الزبير مرسلًا عند عبد الرزاق (3249)، ورجاله ثقات أيضًا.

(1)

في (ب): سبحانك اللهم ربنا، بزيادة اسم الجلالة، وليس في بقية نسخنا الخطية، ولا في أكثر الروايات عن حجاج بن محمد.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن رواه وُهَيب بن خالد عن سُهيل بن أبي صالح عن عون بن عبد الله بن عُتبة مقطوعًا من قوله. وبذلك أعلَّ أحمدُ بن حنبل والبخاريُّ وأبو زرعة وأبو حاتم والدارقطني وغيرهم رواية موسى بن عقبة الموصولة المرفوعة برواية وُهيب المقطوعة، وقد روى جماعة من الثقات عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رفعه:"ما جلس قوم مجلسًا فتفرقوا عن غير ذكر إلّا تفرقوا عن مثل جيفة حمار، وكان ذلك المجلس عليهم حسرةً يوم القيامة"، فكأنَّ هذا هو الذي رواهُ سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، فاختلط الأمر على موسى بن عقبة، والله أعلم.

لكن تابع موسى بن عُقبة عليه أربعة آخرون ذكرهم الحافظُ ابن حجر في "فتح الباري" 24/ 611 وخرَّج رواياتهم، إلّا أنَّ تلك الروايات كلها لا تصحُّ كما بيَّنه الحافظُ. فأصحها رواية موسى بن عُقبة، وقد أُعِلَّت بما تقدَّم، وكأنَّ الترمذي لم ير ذلك علةً للحديث فصحَّحه. وعلى أي حال فقد رُوي مثل هذا الحديث عن جمعٍ من الصحابة خرَّج الحافظ في "الفتح" رواياتهم، ونبَّه على أحكامها صحةً وضعفًا، فليُرجع إليه.

وأخرجه أحمد 16/ (10415)، والترمذي (3433)، والنسائي (10157) من طرق عن حجاج بن محمد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.

وأخرجه ابن حبان (594) من طريق أبي قُرَّة موسى بن طارق، عن ابن جُريج، به. =

ص: 799

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه أحمد 14/ (8818) من طريق إسماعيل بن عياش، عن سهيل بن أبي صالح، به.

وإسماعيل روايته عن غير الشاميين ضعيفة وهذا منها كما قال الحافظُ في "الفتح" 24/ 116.

ورواية وُهيب بن خالد التي أُعِلَّت بها روايةُ موسى بن عقبة أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 105، وفي "التاريخ الأوسط" 3/ 379، والعقيلي في "الضعفاء" 2/ 185، والمصنِّف في "معرفة علوم الحديث" ص 114، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 15/ 124، وابن حجر في "تغليق التعليق" 5/ 429 - 430.

وأخرجه أبو داود (4858)، وابن حبان (593) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرو المدني، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وعبد الرحمن هذا مجهول، وقد انفرد به، وخالفه سعيد بن أبي هلال، وهو رجلٌ ثقةٌ، فرواه عن سعيد المقبري عن عبد الله بن عمرو بن العاص موقوفًا عليه من قوله. أخرجه أبو داود (4857)، وابن حبان (593)، فالظاهر أنَّ عبد الرحمن بن أبي عمرو سلك فيه الجادة، لأنَّ رواية المقبري عن أبي هريرة طريق معروفة.

وفي الباب عن السائب بن يزيد عند أحمد 24/ (15729)، وإسناده صحيح.

وعن عائشة عند أحمد 41/ (24486)، والنسائي (1268) و (10067) و (10160)، وإسناده صحيح، وتقدَّم عند المصنف برقم (1848) من طريق أخرى.

وعن جُبير بن مُطعم وأبي بَرْزة الأسلمي ورافع بن خَديج، وستأتي أحاديثهم عند المصنف بالأرقام (1991 - 1993).

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص موقوفًا كما تقدَّم قريبًا، وإسناده صحيح، وانظر "النكت على ابن الصلاح" للحافظ ابن حجر 2/ 730 - 731.

وعن أبي سعيد الخُدري موقوفًا عليه أيضًا عند جعفر الفريابي في "الذكر" كما في "النكت" للحافظ 2/ 738، وإسناده صحيح كما قال الحافظ، ثم قال: لكن له حكم المرفوع لأنَّ مثله لا يقال بالرأي.

وعن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود موقوفًا كذلك عند أبي جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص 687، ورجاله ثقات، وهو عند ابن أبي شيبة 10/ 257 عن أبي الأحوص، لكن لم يجاوزه، وقد رُوي عن ابن مسعود موقوفًا من وجه آخر كما نبَّه عليه الحافظ في "النكت" 2/ 730، وروي من هذا الوجه نفسه مرفوعًا عند الطبراني في "الكبير"(10333)، وفي "الأوسط"(1227)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 240، ولكن إسناده ضعيف كما قال الحافظ ابن حجر. =

ص: 800

هذا الإسنادُ صحيحٌ على شرط مسلم، إلَّا أنَّ البخاري قد علَّله بحديث وُهَيب، عن موسى بن عُقْبة، عن سُهيل، عن أبيه، عن كعب الأحبار

(1)

من قوله، فالله أعلم.

ولهذا الحديث شواهدُ عن جُبير بن مُطعِم، وأبي بَرْزة الأسلمي، ورافع بن خَديج:

أما حديثُ جُبير بن مطعِم:

1991 -

فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأُويسي وأحمد بن الحسين اللَّهَبي، قالا: حدثنا داود بن قيس الفَرّاء، عن نافع بن جُبير بن مُطعِم، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قال: سبحانَ الله وبحمْدِه، سبحانَك اللهمَّ وبحمْدِك، أشهدُ أن لا إله إلَّا أنتَ، أستغفِرُك وأتوبُ إليك، فقالها في مجلسِ ذكرٍ، كانت كالطابَع يُطبَعُ عليه، ومن قالها في مجلسِ لغوٍ، كانت كفّارةً له"

(2)

.

= وله شواهد أخرى مرفوعة ومرسلة خرَّجها الحافظُ في "النكت" 2/ 716 - 743، ولخّصَها في "فتح الباري" 24/ 612 - 613، واقتصرنا هنا على ذكر أصحّ المرفوعات والموقوفات.

(1)

كذا قال المصنّف، وهو وهم منه رحمه الله، لأنَّ وهيبًا إنما رواه عن سهيل بن أبي صالح عن عون بن عبد الله بن عُتبة من قوله، وبرواية وُهيب هذه أعل أهل النقد رواية موسى بن عقبة. وقد وافق المصنِّفُ في "معرفة علوم الحديث" ص 113 النقادَ في إعلال رواية موسى بن عقبة الموصولة هذه، حيث قال: هذا حديث من تأمّله لم يشكّ أنه من شرط الصحيح، وله علة فاحشة؛ ثم ذكر إعلال البخاري له. فقول المصنّف في "معرفة علوم الحديث"، أَولى من قوله هذا وتصحيحه الإسناد واستدراكه الحديث على "الصحيحين".

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه اختُلف في وصله وإرساله، كما أوضحه الحافظُ في "النَّكت على ابن الصلاح" 2/ 734 - 736، والأظهر إرسالُه.

وأخرجه النسائي (10185) من طريق عبد الجبار بن العلاء عن سفيان بن عيينة، عن محمد بن عجلان، عن مسلم بن أبي حرَّة وداود بن قيس، عن نافع بن جبير، عن أبيه.

وأخرجه النسائي أيضًا (10186) من طريق محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، عن سفيان بن عيينة، عن ابن عجلان، عن مسلم بن أبي حرة، عن نافع بن جبير، مرسلًا. =

ص: 801

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وأما حديث أبي بَرْزة الأسلَمي:

1992 -

فأخبرَناه أبو الطيب محمد بن أحمد بن الحسن المَناديلي

(1)

، حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب الفرّاء، حدثنا يعلى بن عُبيد، حدثنا حجّاج بن دِينار، عن أبي هاشم، عن أبي العالِيَة، عن أبي بَرْزة الأسلَمي قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بآخِرِه إذا طالَ المَجلسُ، قال:"سبحانَك اللهمَّ وبحمدِك، أشهدُ أن لا إله إلَّا أنتَ، أستغفِرُك وأتوبُ إليك"، فقال بعضُنا: يا رسول الله، إنَّ هذا القولَ ما كنا نسمعُه منك، قال:"هذا كفَّارةُ ما يكونُ في المَجلِس"

(2)

.

= وأخرجه النسائي (10086) من طريق سفيان بن عيينة، عن داود بن قيس الفراء، عن نافع بن جبير، مرسلًا كذلك.

وعلى أي حالٍ فللحديث شواهد تقدَّم ذكرها عند حديث أبي هريرة السابق.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الماديلي، وجاء على الصواب في "إتحاف المهرة" للحافظ 13/ (10761)، وهي نسبة إلى بيع المناديل ونَسْجِها، كما قال السمعاني في "الأنساب" وذكر هذا الرجل. وقد جاء اسمُه في نسخنا الخطية وكذلك في "إتحاف المهرة" مقلوبًا: أحمد بن محمد، وإنما هو محمد بن أحمد بن الحسن، كما سمَّاه المصنف في غير موضع من كتابه هذا، وكذلك سماه في "تاريخ نيسابور"(2019 - مختصرة).

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي كما قال الحافظ في "فتح الباري" 24/ 612 من أجل حجّاج بن دينار - وهو الأشجعي الواسطي - وقد اختُلف فيه عن أبي العالية - وهو رُفيع بن مهران الرِّيَاحي - في تعيين صحابي الحديث، فرواه أبو هاشم - وهو الرُّمّاني الواسطي - هنا عن أبي العالية عن أبي بَرْزة، ورواه الربيع بن أنس كما في الطريق التالية عند المصنف عن أبي العالية عن رافع بن خديج، فجعله من مسند رافع بن خَديج، وفي الطريق إلى الربيع بن أنسٍ مصعبُ بنُ حيّان البَلْخي أخي مقاتل وهو صدوق روى عن جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولكن رجال إسناد حديث أبي بَرْزة أقوى، وعلى أي حالٍ فمثل هذا الاختلاف لا يضرُّ فالصحابة كلهم عُدولٌ، ولعلَّ أبا العالية يكون سمعه من كلا الرجُلين، والله أعلم.

وقد خالف أبا هاشم والربيعَ بنَ أنس في وصل الحديث زيادُ بنُ حُصين اليَرْبوعي، فرواه عن أبي العالية مرسلًا، ورجَّح أبو حاتم وأبو زرعة فيما نقله عنهما ابنُ أبي حاتم في "العلل" =

ص: 802

وأما حديث رافع بن خَديج:

1993 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عُبيد الله بن أبي داود المُنادي، حدثنا يونس بن محمد المؤدِّب، حدثنا مصعب بن حَيَّان، أخو مُقاتل، عن الرَّبيع بن أنس، عن أبي العاليَة الرِّيَاحي، عن رافع بن خَديج، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعَ إليه أصحابُه، فأرادَ أن يَنهَضَ قال:"سبحانك اللهمَّ وبحمْدِك، أشهدُ أن لا إله إلَّا أنتَ، أستغفِرُك وأتوبُ إليك، عمِلتُ سُوءًا وظلَمتُ نفسي، فاغفِرْ لي، فإنه لا يغفِرُ الذنوبَ إِلَّا أَنتَ"، فقلنا: يا رسول الله، هذه كلماتٌ أحدَثْتَهنّ؟ قال:"أجَل، جاءني جبريلُ فقال لي: يا محمدُ، هُنَّ كفَّاراتُ المَجالِس"

(1)

.

= (1999) الروايةَ المُرسلةَ، وكذلك رجَّح الدارقطني في "علله"(1161) الرواية المرسلة، لكن إذا صحَّ أنَّ الحديث أخذه أبو العالية عن غير واحدٍ من الصحابة، ومنهم أبو برزة ورافع بن خَديج احتمل أن يكون أرسلَ الخبر لمّا حدَّث به زيادَ بنَ حصين اختصارًا حتى لا يُعدِّد له الذين حدَّثوه بالخبر من الصحابة، ويؤيده اختلاف سياق المرسل عن سياق الموصول، فلا يُعِلُّ حينئذٍ المرسَلُ الموصولَ، والله تعالى أعلم.

وأخرجه أحمد 33/ (19812)، وأبو داود (4859)، والنسائي (10187) من طرق عن الحجاج بن دينار، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (10189) و (10191) من طريق زياد بن حُصين، عن أبي العالية مرسلًا.

ورواه زياد بن حُصين مرةً من قول أبي العالية كما أخرجه النسائي (10190)، وكذلك روته حفصة بنت سيرين عن أبي العالية من قوله، كما أشار إليه الدارقطني في "العلل"(1161)، لكن الأشهر والأكثر في رواية زياد بن الحُصين الإرسالُ.

وعلي كلِّ فللحديث شواهد صحيحة تقدم ذكرها عند حديث أبي هريرة السالف.

(1)

صحيح لغيره دون قوله في الدعاء: "عملت سوءًا

" إلى آخره، وهذا إسناده رجاله لا بأس بهم غير أنه اختُلف فيه على يونس بن محمد المؤدِّب فأكثر الذين رووا هذا الحديث عنه زادوا فيه بين مصعب بن حَيّان والرّبيع بن أنس رجلًا هو مُقاتل بن حَيَّان أخو مصعب، ومُقاتِل هذا قويُّ الحديث، وأخوه مصعب روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، فهو حسن الحديث، فيكون إسناد حديث رافع بن خَديج حسنًا كما حكم به العراقيُّ في تخريج أحاديث "الإحياء" (1048)، وقد اختُلف في تعيين صحابي الحديث كما تقدم بيانه عند الطريق التي =

ص: 803

1994 -

أخبرنا إبراهيم بن عِصمة بن إبراهيم، حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو معاوية، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق القُرشي، عن سَيَّار أبي الحَكَم، عن أبي وائل، قال: جاء رجلٌ إلى عليٍّ، فقال: أعِنِّي في مُكاتَبتَي، فقال: ألا أُعلِّمُك كلماتٍ عَلَّمَنيهنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، لو كان عليكَ مثلُ جبلِ صِيرٍ

(1)

دَينًا لأدّاهُ اللهُ عنك؟ قل: اللهمَّ اكفِني بحَلالِك عن حَرامِك، وأغنِني بفَضْلِكَ عَمَّن سِواك

(2)

.

= قبل هذه، وذكرنا هناك أنَّ مثل الاختلاف لا يضرُّ لعدالة الصحابة كلّهم، ونبَّهنا هناك على اختلاف آخر وقع في إسناده في وصله وإرساله ووقفه، وأنَّ كلَّ ذلك لا يضرُّ إن شاء الله.

وأخرجه النسائي (10188) عن عُبيد الله بن سعد بن إبراهيم، عن يونس بن محمد، عن مصعب بن حيّان، عن مقاتل بن حيّان، عن الربيع بن أنس، به.

ويشهد له دون قوله: "عملت سوءًا" إلى آخر الدعاء شواهد تقدم ذكرها عند حديث أبي هريرة برقم (1990).

ويشهد لقوله في هذا الحديث: "عملت سوءًا .... " إلى آخر الدعاء، حديث عبد الله بن مسعود موقوفًا عليه عند النسائي (10622) قال: إنَّ من أحسن الكلام أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدُّك ولا إله غيرك، رب إني عملتُ سوءًا وظلمتُ نفسي فاغفر لي. وإسناده صحيح.

(1)

جاء في "تلخيص الذهبي" والمطبوع: جبل صَبير، بزيادة الباء الموحدة، وهو روايةٌ في هذا الحديث، وهو جبل باليمن، فأما صِير بحذف الموحدة فهو جبل بالساحل بين سِيراف وعُمان، وهو أيضًا اسم جبل لطَيّئ. قاله أبو السعادات ابن الأثير في "جامع الأصول" 4/ (2374).

(2)

رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن إسحاق، وقد نُسب هنا في رواية المصنِّف قرشيًا وكذلك نسب قرشيًا في رواية عبد الله بن أحمد بن حنبل عن عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان عن أبي معاوية الضرير، والمعروف بنسبته قرشيًا هو عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث العامري مولاهم المدني، ولأجل نسبته قرشيًا في هاتين الروايتين ذكر ابن أبي حاتم الرازي في "الجرح والتعديل" في شيوخ عبد الرحمن بن إسحاق القرشي العامري سيّارًا أبا الحكم، وكأنَّ الحافظَ ابن حجر عدَّه كذلك في "نتائج الأفكار" 4/ 126 - 127، إذ خرَّجه وحسَّنه، ولم يتكلَّم عليه بشيء، وقد أُطلق ذكر عبد الرحمن بن إسحاق من غير نسبة في رواية =

ص: 804

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

1995 -

حدثنا أبو بكر إسماعيل بن محمد الفقيه بالرَّيّ وأبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، قالا: حدثنا الحارث بن أبي أُسامة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا أزهرُ بن سِنان القرشي، حدثنا محمد بن واسع، قال: قدمتُ المدينةَ فلقيتُ بها سالمَ بن عبد الله بن عمر، فحدّثَني عن أبيه، عن جدِّه عمر بن الخطاب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن دخل السُّوق فقال: لا إله إلَّا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، له المُلكُ، وله الحمدُ،

= غير المصنّف وعبد الله بن أحمد بن حنبل لهذا الحديث، ووقع في رواية لعبد الواحد بن زياد لحديث آخر عن عبد الرحمن بن إسحاق عن سيّار أبي الحكم نسبةُ عبد الرحمن بن إسحاق كوفيًا، وهي نسبة لأبي شيبة عبد الرحمن بن إسحاق بن سعد الواسطي، وهو رجلٌ ضعيف باتفاقٍ، خلافًا للقرشي العامري مولاهم، فهو صدوق حسن الحديث، وقد مشى الدارقطني في "الغرائب والأفراد" كما في "أطرافه" لمحمد بن طاهر المقدسي (452) على أنَّ عبد الرحمن بن إسحاق في حديثنا هذا هو أبو شيبة الواسطي الذي قيل فيه الكوفي أيضًا، وكذلك المزيُّ مشى على ذلك، إذ ذكر في "تهذيبه" سيّارًا أبا الحكم في شيوخ عبد الرحمن بن إسحاق بن سعد، لا في شيوخ عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله العامري، كما ذكر أبا معاوية الضرير في الرواة عن الأول، ولم يذكره في الثاني، وكأنَّ الدارقطني والمزي لم يَعُدَّا نسبة عبد الرحمن في حديثنا بالقرشي شيئًا، أو أنهما لم يَطَّلعا على ذلك أصلًا، وإنما اطّلعا على رواية عبد الواحد بن زياد التي نُسب فيها عبدُ الرحمن بنُ إسحاق كوفيًا، وكون شيخه فيها سيّارًا أبا الحكم أيضًا، فجزما بأنه هو هنا أبو شيبة الضعيف نفسُه، ولا يمتنع أن يكون القرشيُّ العامريُّ والكوفيُّ الواسطيُّ كلٌّ منهما يروي عن سيّارٍ أبي الحكم، والله أعلم.

فإذا ثبت أنَّ عبد الرحمن بن إسحاق هنا هو القرشي - وهو الظاهر - فالإسناد حسنٌ، وإن كان هو الآخر فالإسناد ضعيف، والله أعلم بالصواب. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة.

وأخرجه الترمذي (3563) من طريق يحيى بن حسّان، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "المسند" 2/ (1319) عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان، كلاهما عن أبي معاوية الضرير بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وقد أورده الضياء المقدسي في "مختارته" 2/ (489) و (490) من طريقي المصنِّف وعبد الله بن أحمد اللذين نُسب فيهما عبد الرحمن بن إسحاق قُرشيًا.

ص: 805

يُحيي ويُميت، بيدِه الخيرُ، وهو على كل شيء قديرٌ، كَتبَ اللهُ له ألفَ ألفِ حسنةٍ، ومَحَا عنه ألفَ ألفِ سيئةٍ، ورَفَع له ألفَ ألفِ درجةٍ، وبنَى له بيتًا في الجنة"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف من أجل أزهر بن سنان، فقد ضعفه علي بن المديني جدًّا وابن معين وأبو داود والساجيّ ويعقوب بن شيبة، وليَّنه أحمد بن حنبل، لكن قال ابن عدي: أحاديثه صالحة ليست بالمنكرة جدًّا، وأرجو أنه لا بأس به. ونقل مُغَلْطاي في "إكمال تهذيب الكمال" 2/ 49 أنَّ ابن أبي حاتم قال عنه: هو ثقة! ولم نقف عليه في شيء من كتابيه المطبوعين "الجرح والتعديل" و"العلل"، فلعله نقله عنه من كتاب آخر له، أو أنه وهمَ في نقله.

وخالف أزهَرَ بنَ سنانٍ يزيدُ أبو الفضل صاحب الجواليق عند العقيلي في "الضعفاء" بإثر (186)، فرواه عن محمد بن واسع عن سالم بن عبد الله مقطوعًا من قوله، لم يجاوز به. قال العقيلي: هذا أولى من حديث أزهر بن سنان. قلنا: ويزيد هذا لم نتبيّنه.

ورواه عن سالم موصولًا كرواية أزهرَ عمرُو بنُ دينار قهرمان آل الزبير عند أحمد 1/ (327)، وابن ماجه (2235)، والترمذي (3428)، لكن عمرو بن دينار هذا متَّفق على ضعفه.

ورواه موصولًا عن سالم أيضًا مهاصر بن حبيب - ووقع في بعض المصادر: مهاجر، بالجيم بدل الصاد المهملة - عند الطبراني في "الدعاء"(793)، ومهاصر هذا ثقة لكن الراوي عنه وهو أبو خالد سليمان بن حيان الأحمر لم يلقه فيما جزم به ابن المديني ويعقوب بن شيبة، فإسناده منقطع، وقال ابن المديني فيما نقله عنه ابن كثير في "مسند الفاروق" (920): لو كان مهاصر يصح حديثه في السوق، لم يُنكر على عمرو بن دينار هذا الحديثُ.

ورواه كذلك عمران بن مسلم، لكن اختُلف عليه في إسناده اختلافًا بيّنًا، فروي عنه مرةً عن سالم عن أبيه عن جده، ومرةً رُوي عنه عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم عن أبيه عن جده، بزيادة ذكر عمرو بن دينار، فعاد الخبر إلى عمرو بن دينار، وروي مرةً ثالثة عنه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر كما سيأتي عند المصنف برقم (1999)، فذكر عبد الله بن دينار بدل عمرو بن دينار، ولم يذكر سالمًا ولا عمر بن الخطّاب، وهو شذوذ كما سيأتي بيانه في موضعه.

واختُلف في عمران بن مسلم: هل هو عمران القصير أو غيره، فجزم البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير"(674) أنه غيره، وأنه شيخ منكر الحديث، وكذلك فرَّق أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" بين عمران القصير وعمران هذا الذي يروي عن عبد الله بن دينار، وأنَّ عمران الذي يروي عن عبد الله بن دينار منكر الحديث شبه المجهول، =

ص: 806

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وإلى التفريق أيضًا ذهب ابن أبي خيثمة ويعقوب بن سفيان وابن عدي والعقيلي والذهبي، لكن عَدَّ ابنُ حبان والدارقطني والمزيُّ عمران بن مسلم الذي يروي عن عبد الله بن دينار هو القصير نفسه، بل قال الدارقطني: هو هو بغير شكٍّ. وعمران القصير قوي الحديث، وعلى أي حالٍ فقد اضطرب عمران في إسناده أيضًا كما تقدم، فلا اعتداد بمتابعته.

ورواه عن سالم أيضًا أبو عبد الله الفراء فيما أشار إليه البخاري في "تاريخه الكبير" 9/ 50، ولكنّ أبا عبد الله الفراء، وإن ذكره ابن حبان في "الثقات"، لا يُعرف روى عنه غير عبد العزيز بن محمد الدراوردي، فهو مجهول، ثم إنَّ راويه عن الدراوردي ضِرارُ بنُ صُرَد، وهو ضعيف جدًّا، فلا اعتداد بهذه المتابعة.

ورواه عن سالم كذلك عمر بن محمد بن زيد، كما في الرواية التالية عند المصنف، لكنه اختُلف عليه، فبعضهم زاد فيه بين عمر بن محمد وسالم رجلًا مبهمًا، والغالب أنه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير.

وممَّن رواه عن سالم بن عبد الله أيضًا عُبيدُ الله بن عمر العُمري، لكنه جعله عن سالم عن أبيه لم يجاوزه، فجعله من مسند ابن عمر، وعُبيد الله العمري ثقة، لكن في الإسناد إليه سَلْم بن ميمون الخوّاص، وهو رجل متروك الحديث على صلاحه.

وله طريقان آخران عن ابن عمر من مسنده، ليس فيه ذكر أبيه عمر بن الخطاب:

أحدهما: من رواية هشام بن حسان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، كما سيأتي عند المصنّف برقم (1998)، وعدَّه المصنّف متابعةً لرواية عمران بن مسلم التي تقدم ذكرها، مع أنَّ عمران قد اضطرب في إسناده، ثم إنَّ المحفوظ عن هشام بن حسان روايته لهذا الحديث عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم بن عبد الله بن عمر، بإسناده. فرجع الحديث إلى عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير.

وثانيهما: من رواية زيد بن أسلم عن ابن عمر، ويرويه عن زيد بن أسلم رجلان: أحدهما عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف الحديث، وثانيهما خارجة بن مصعب، وهو متروك الحديث، والراوي عن خارجة رجلٌ ضعيفٌ أيضًا. فلا عبرة بهذين الطريقين كذلك البتة.

ونظرًا لضعف طرق هذا الحديث جميعها، أنكره جمهور أهل العلم، فقد قال ابن المديني فيما نقله عنه ابن كثير في "مسند الفاروق" (920): كان أصحابنا ينكرون هذا الحديث أشد الإنكار.

وقال أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل"(2006): هذا حديث منكر جدًّا، لا يحتمل سالمٌ هذا الحديث. وكذلك قال أحمد بن حنبل فيما نقله عنه أبو داود في "مسائله" (1879): =

ص: 807

قال

(1)

: فقَدِمتُ خُراسان، فأتيتُ قُتيبةَ بن مسلم، فقلتُ له: أتيتك بهديّة، فحدّثتُه بالحديث، فكان قُتيبة بن مسلم يَركَبُ في مَوكبِه حتى يأتيَ باب السوق، فيقولُها ثم ينصرفُ.

= هذا حديث منكر، ومثلُه قولُ البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "علله الكبير"(672)، وقال العقيلي في "الضعفاء" (1268): الأسانيد فيها لِين. وممَن ضَعَّف الحديثَ جُملةً شيخ الإسلام ابنُ تيمية في "مجموع الفتاوى" 18/ 68، وتلميذه ابنُ القيم في "تهذيب سنن أبي داود" 7/ 337.

وبعضُ أهل العلم ذهبَ إلى تحسين بعض طرقه، منهم البغويُّ في "شرح السنة"(1338)، والمنذري في "الترغيب والترهيب" 2/ 337، وشرفُ الدين الدِّمياطي في "المتجر الرابح"(476)، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 17/ 498، وغيرهم، مع أنَّ تلك الطرق التي حسَّنوها مُعلَّة كما قدَّمناه مُلخَّصًا.

وأما حديث أزهر، فقد أخرجه الترمذي (3428) عن أحمد بن منيع، عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب

وسيأتي عند المصنف برقم (1997) من طريق عمر بن محمد بن زيد عن سالم.

وبرقم (1996) من طريق عمر بن محمد عن رجل من أهل البصرة عن سالم.

وبرقم (1998) من طريق هشام بن حسان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر.

وبرقم (1999) من طريق عمران بن مسلم عن عبد الله بن دينار أيضًا عن ابن عمر.

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند البغوي في "شرح السنة"(1339)، وفي إسناده عبد الله بن لَهيعة، وهو سيئ الحفظ، والراوي عنه عثمان بن صالح السَّهمي المصري كان عنده كتاب عن ابن لهيعة أضاعه ثم وجده عند صاحب ناطف فاشتراه منه، فلعله زيد في كتابه هذا ما ليس منه. وكان عثمان بن صالح يكتب الحديث وبصحبته سعيد بن أبي مريم وعبد الله بن صالح كاتب الليث وخالد بن نَجيح أبو يحيى المصري، وكان خالد بن نجيح هذا يفتعل الحديث ويضعه في كتب ابن أبي مريم وعبد الله بن صالح، فيُفسِد كُتُبهم، فلا يستبعد أن يكون وضع شيئًا في كتب عثمان بن صالح أيضًا، والله أعلم.

وفي الباب أيضًا عن ابن عباس عند ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(183)، لكن بلفظ:"ألفي ألف"، وإسناده مسلسل بالضعفاء والمتروكين.

(1)

أي: محمد بن واسع.

ص: 808

هذا حديث له طرق كثيرة تُجمَع ويُذاكَر بها عن أبي يحيى عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم، وأبو يحيى هذا ليس من شرط هذا الكتاب، فأما أزهر بن سِنان فإنه من زُهّاد البصريين من أصحاب محمد بن واسِع ومالك بن دينار.

وله شاهدٌ من حديث عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر المخرَّج حديثُه في "الصحيحين"، عن سالم:

1996 -

حدَّثَناهُ أبو علي الحُسين بن علي الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا أبو همَّام بن أبي بدر، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمر بن محمد بن زيد، حدثني رجل من أهل البصرة مولًى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن جده عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن خَرَجَ إِلى السُّوق فقال: أشهدُ أن لا إله إلَّا الله وحدَه لا شريكَ له، له المُلْك وله الحَمْد، يُحيي ويُميت، وهو حيٌّ لا يموت، بيده الخيرُ، وهو على كلِّ شيء قديرٌ، كَتَبَ اللهُ له ألفَ ألفِ حسنة، ومَحَا عنه ألفَ ألفِ سيئة، وبنى له بيتًا في الجنة"

(1)

.

هكذا رواه عبدُ الله بن وهب.

ورواه إسماعيل بن عياش، عن عمر بن محمد بن زيد، عن سالم - وقد روى عن عمر بن محمد بن زيد عن سالم غيرَ هذا الحديث -:

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل هذا الرجل البصري الذي رواه عن سالم بن عبد الله بن عمر، وهو عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير كما جزم به الدارقطني في "العلل"(101)، وهو رجل متروك متفق على ضعفه، وقد روي هذا الحديث مرةً عن عمر بن محمد بن زيد بإسقاط ذكر عمرو بن دينار البصري، كما في الرواية التالية عند المصنّف، وهو خطأ، لأنَّ إسناده هنا في هذه الرواية إلى عمر بن محمد بن زيد رجاله ثقات عن آخرهم، بخلاف ذلك الإسناد ففيه رجل متروك متّهم بوضع الحديث.

وأخرجه أحمد 1/ (327)، وابن ماجه (2235)، والترمذي (3429) من طريق حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، عن سالم بن عبد الله بن عمر، به. وقُرن في رواية الترمذي بحماد بن زيد المعتمرُ بنُ سليمان.

ص: 809

1997 -

حدَّثَناهُ أبو علي الحافظ، أخبرنا العباس بن أحمد بن حسّان السُّلمي بالبصرة، حدثنا عبد الوهاب بن الضحّاك، حدثنا إسماعيل بن عيّاش عن عمر بن محمد بن زيد، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن دخل السُّوق فقال: لا إله إلَّا الله وحدَه لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ، يحيي ويميت، وهو حيٌّ لا يموت، بيده الخيرُ، وهو على كلِّ شيء قديرٌ، كتبَ الله له ألفَ ألفِ حسنةٍ، وحَطَّ عنه ألفَ ألفِ سيئةٍ، ورَفعَ له ألفَ ألفِ درجةٍ"

(1)

.

وقد كتَبناهُ من حديث هشام بن حسّان عن عبد الله بن دينار:

1998 -

حدَّثَناه أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أبو العباس محمد بن الحسن بن حَيدَرة البغدادي، حدثنا مسروق بن المَرزُبان، حدثنا حفص بن غِياث، عن هشام بن حسّان، عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دخل السُّوقَ فباعَ فيها واشترى، فقال: لا إله إلَّا الله وحدَه لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ، يُحيي ويُميتُ، وهو على كل شيء قديرٌ، كتبَ اللهُ له ألفَ ألفِ حسنةٍ، ومَحَا عنه ألفَ ألفِ سيئةٍ، وبنى له بيتًا في الجنة"

(2)

.

(1)

إسناده تالف بمرة من أجل عبد الوهاب بن الضحاك، فهو متروك متّهم بوضع الحديث.

(2)

حديث ضعيف، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، ومسروق بن المَرْزُبان مختلفٌ فيه، قال عنه أبو حاتم: ليس بقوي يُكتب حديثُه، وقال صالح بن محمد: صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، فمثله يكون صدوقًا كما جزم الذهبي في "الميزان"، والحافظُ في "التقريب" وزاد: له أوهام.

وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": ليس بحجة، قلنا: وهو كذلك، فقد وهم في إسناد الحديث هنا إذ جعله من رواية هشام بن حسَّان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، وإنما المحفوظ في حديث هشام بن حسَّان كما رواه الثقات عنه أنه يرويه عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده، فرجع الحديثُ إلى عمرو قهرمان آل الزبير الذي تقدَّمت روايته عند المصنف، ولا عبرة بالمتابعة التي سيذكرها بعد هذه الرواية، كما سيأتي بيانه هناك. =

ص: 810

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين! والله أعلم.

تابعه عِمران بن مُسلم عن عبد الله بن دينار:

1999 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارِب، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحَجَبي، حدثنا يحيى بن سُليم المكّي، حدثنا عِمران بن مُسلم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قال في السُّوق: لا إله إلَّا الله وحدَه لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ، بيده الخَيرُ، وهو على كل شيء قديرٌ، كتَبَ الله له ألفَ ألفِ حسنةٍ، ومحا عنه ألفَ ألفِ سيئةٍ، وبنى له بيتًا في الجنة"

(1)

.

= وأخرجه الرامهرمزي في "المحدِّث الفاصل"(242) من طريق روح بن عُبادة، والطبراني في "الدعاء"(790)، وتمام في "فوائده"(1409) من طريق عبد الله بن بكر السَّهْمي، وابن عدي في "الكامل" 5/ 135، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان"(185)، وأبو طاهر المخلِّص في "المخلصيات"(1475)، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/ 180 من طريق الفُضيل بن عياض، وتمام الرازي في "فوائده"(1409)، وابن بشران في "أماليه"(683)، والخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 286 من طريق عبد الأعلى بن سليمان العَبْدي، أربعتهم عن هشام بن حسّان، عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزُّبير، عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن أبيه، عن جده. وبعضهم لا يذكر في إسناده عمر بن الخطاب، فيجعله من مسند ابنه عبد الله بن عمر.

(1)

حديث ضعيف، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم إن كان عِمران بن مسلم هذا هو القَصير، فإنه اختُلف في تعيينه كما مضى بيانه برقم (1995)، وخلاصةُ ذلك أنَّ أكثر نقّاد الحديث ذهبوا إلى أنه رجلٌ آخر غير عمران القصير القوي الحديث، ووصفه البخاري وأبو حاتم بأنه منكر الحديث، وخالفهم ابن حبان والدارقطني والمزي، فعدُّوه القصير نفسَه، وعلى أي حالٍ فقد اختُلف عليه في إسناد الحديث اختلافًا بيِّنًا، فقد رواه يحيى بن سليم المكي الطائفي - وهو حسنُ الحديث لكنه كان يهم أحيانًا - عن عمران بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، كما وقع في رواية المصنِّف، وكما أخرجه الترمذي في "علله الكبير"(674)، والبزار (6140)، والعُقيلي في "الضعفاء"(1268)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 91 من طرق عن يحيى بن سُليم، به. وسأل الترمذيُّ البخاريَّ عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث منكر، وعمران بن مسلم هذا شيخ منكر الحديث. =

ص: 811

وفي الباب عن جابر وأبي هريرة وبُريدة الأسلمي وأنس، وأقربُها بشرائط هذا الكتاب حديثُ بُريدة بغيرِ هذا اللفظ:

2000 -

أخبرَناه أبو عمرو بن السَّمّاك، حدثنا محمد بن عيسى المدائني، حدثنا شُعيب بن حرب، حدثنا جارٌ لنا يُكنى أبا عُمر، عن علقمة بن مَرثَد، عن سليمان

= ومِن قبله - قال أحمد بن حنبل - ذلك فيما نقله عنه أبو داود في "مسائله"(1879) وسأله عن هذه الطريق، فقال أحمد: عمران لم يحدِّث عن عبد الله بن دينار، وهذا حديث منكر.

ونحوه أيضًا قول أبي حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل"(2038) وسأله عن هذه الطريق، فقال: هذا حديث منكر.

وقد خالف يحيى بنَ سُليم في إسناده بكيرُ بنُ شهاب الدامَغَاني كما أخرجه ابنُ أبي حاتم في "العلل"(2038)، وابنُ عدي 2/ 35، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان"(252)، فرواه عن عمران بن مسلم، عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن أبيه، عن جده. ووافق بُكيرًا عليه يوسفُ بنُ عطية الصفّار فيما قاله الدارقطني في "العلل"(2812)، فرجع الحديث على قولهما إلى عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير الذي تقدم بيان روايته عند المصنف برقم (1996)، والدامَغَاني يروي عنه جمع وقال عنه ابن عدي: منكر الحديث، ولم نر للمتقدمين فيه كلامًا، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت بعض أهل الدامغان عن بكير هذا، فقال: كان رجلًا عابدًا منقطعًا عن الناس، قلنا: ويوسف بن عطية الصفّار متروك الحديث، ومع ذلك فروايتهما أشبه من رواية يحيى بن سُليم الطائفي التي خطّأها أهل العلم، ولأنَّ الحديث مشهور بعمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم عن أبيه عن جده كما تقدَّم برقم (1996).

وخالفهم أبو الأشهر جعفر بن حيّان العُطاردي فيما أخرجه الذهبي في "تاريخ الإسلام" 9/ 505، و"السير" 17/ 498، وهو ثقة، فرواه عن عمران بن مسلم، عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن أبيه، عن جده، كذا جعله من رواية سالم بن عبد الله عن أبيه عن جده على ما هو المشهور في روايته، لكنه أسقط من إسناده عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، فوافق قولُه قولَ الدامَغَاني وصاحبه من جهة أنَّ الحديث لسالم عن أبيه عن جده، لكن خالفهما بإسقاط ذكر عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، والظاهر أنَّ إسقاطه وهمٌ من جهة عمران بن مسلم، ومع ذلك حسَّنه الذهبيُّ! مع أنه ممَّن فرَّق في "الميزان" بين عمران بن مسلم راوي هذا الحديث وبين عمران بن مسلم القصير!

ص: 812

ابن بُريدة، عن أبيه، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا دخلَ السوقَ قال: "باسم الله، اللهمَّ إني أسألُك خيرَ هذه

(1)

السُّوقِ وخيرَ ما فيها، وأعوذُ بك من شَرِّها وشرِّ ما فيها، اللهمَّ إني أعوذُ بك أن أُصيبَ فيها يمينًا فاجرةً، أو صَفْقةً خاسرةً"

(2)

.

2001 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عفّان بن مسلم، حدثنا الأسود بن شَيْبان، أخبرنا أبو نَوفَل بن أبي عَقْرب، عن عائشة: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يُعجِبُه الجوامعُ من الدُّعاء، ويتركُ ما بينَ ذلك

(3)

.

(1)

هكذا في (ب)، وفي بقية نسخنا الخطية: هذا السوق، باسم الإشارة إلى مذكّر، والسُّوق يُذكَّر ويُؤنَّث، ولكن سياق الضمائر في الحديث على التأنيث، فأثبتناه ها هنا على التأنيث لذلك.

(2)

إسناده ضعيف لضعف أبو عُمر، وهو محمد بن أبان بن صالح القرشي الكوفي، كما وقع مسمًّى في رواية غير شعيب بن حرب عنه، فقد رواه جماعةٌ عن محمد بن أبان بن صالح هذا، وهذا كنيتُه أبو عُمر كما قال البخاري ومسلم وغيرهما، وشعيب بن حرب حفظ كنيته دون اسمه وإلّا فهو معروف، وليس كما قال الذهبي في "تلخيصه" بأنه لا يُعرف، ومحمد بن عيسى المدائني ليس هو متروكًا كما أطلقه الذهبي في "التلخيص"، بل اختُلِف فيه، وعلى أي حالٍ فقد تابعه يعقوب بن إبراهيم الدَّورقي الحافظ الثقة، فبقي الشأن في ضعف أبي عمر محمد بن أبان بن صالح الكوفي.

وأخرجه أبو بكر الروياني في "مسنده"(40) من طريق يعقوب بن إبراهيم الدَّورقي، عن شعيب بن حرب، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"(300)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1278)، والموفق بن قدامة في" فضل يوم التروية وعرفة"(37) من طريق إسماعيل بن أبان الورّاق الكوفي، والطبراني في "الكبير"(1157)، وفي "الأوسط"(5534) و (5589)، وفي "الدعاء"(794) و (795) من طريق عبد الحميد بن صالح البُرجُمي، وابن السُّنّي في "عمل اليوم والليلة"(181)، والبيهقي في "الدعوات"(301) من طريق أبي إسحاق إبراهيم بن سليمان الدباس، ثلاثتهم عن محمد بن أبان بن صالح الكوفي، عن علقمة بن مرثد، به.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 813

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2002 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا أبو الوليد الطَّيالسي وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن سعيدٍ الجُريري، عن أبي نَعَامة: أنَّ عبدَ الله بن مُغَفّل سمع ابنَه يقول: اللهمَّ إني أسألُك القصرَ الأبيضَ عن يَمينِ الجنة، قال: إني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يكونُ في هذه الأمّةِ قومٌ يَعتَدُون في الدُّعاء والطُّهور"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2003 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا يوسف بن عَدِي، حدثنا عَثّام بن علي، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا تَضوَّر عن الليل قال: "لا إله إلَّا اللهُ الواحدُ القهار، ربُّ السماواتِ والأرضِ وما بينَهما العزيزُ الغَفّار"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2004 -

أخبرنا عبد الله بن جعفر بن دَرسْتَوَيهِ، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، عن عبد الله بن الوليد، عن سعيد

= وأخرجه أحمد 42/ (25151) و (25555)، وأبو داود (1482)، وابن حبان (867) من طُرق عن الأسود بن شيبان، به.

(1)

حديث حسن على خلاف في إسناده كما بيناه في غير كتاب من تحقيقاتنا.

وقد سلف عند المصنف برقم (588) من طريق موسى بن إسماعيل وحده.

(2)

رجاله ثقات، لكن خولف عثّام بن علي في إسناده، خالفه جرير بن عبد الحميد كما قال أبو حاتم وأبو زُرعة فيما نقله عنهما ابن أبي حاتم في "العلل"(197) و (1987) و (2054) فرواه عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقوله هو نفسُه. وأنكرا جميعًا رفعه، ومع ذلك حسَّنه الحافظُ في "نتائج الأفكار" 3/ 103 مع حكايته قول أبي حاتم وأبي زرعة فيه.

وأخرجه مرفوعًا النسائي (7641) و (10634)، وابن حبان (5530) من طرق عن يوسف بن عديّ، بهذا الإسناد.

ص: 814

ابن المسيّب، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظَ من الليل قال: "لا إله إلَّا أنتَ سبحانَك، اللهمَّ إني أستغفِرُك لِذنْبي، وأسألُك برحمتِك، اللهمَّ زِدْني علمًا، ولا تُزِغْ قلبي بعد إذ هدَيتَني، وهَبْ لي من لَدُنكَ رحمةً، إنك أنت الوهّابُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2005 -

أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثني أبو زكريا يحيى بن يزيد الأهوازي، حدثنا أبو همَّام محمد بن الزِّبْرِقان، حدثنا ثَور بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن زهير الأَنْماري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أَخذ مَضْجَعَه قال: "اللهمَّ اغفرْ لي واخسَ

(2)

شيطاني، وفُكّ رِهاني، وثَقِّل مِيزاني، واجعلني في النَّدِيِّ الأعلى"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن الوليد - وهو ابن قيس التُّجِيبي - فقد قال الدارقطني: لا يعتبر به. وليَّنه الحافظُ ابن حجر في "التقريب"، ومع ذلك حسَّن حديثَه هذا في "نتائج الأفكار" 1/ 118!

وأخرجه أبو داود (5061)، والنسائي (10635) من طريقين عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (10635)، وابن حبان (5531) من طريق عبد الله بن وهب، عن سعيد بن أبي أيوب، به.

(2)

في المطبوع: اخسأ، وكلاهما جائز، لأنَّ اخْسَ تخفيف، اخسأ، والمعنى: اطرُدْ شيطاني.

(3)

حديث صحيح، وهو إسناد حسن من أجل أبي زكريا يحيى بن يزيد الأهوازي، فقد روى عنه جمع من الحفاظ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي في "تلخيص الموضوعات" (677): لم أر أحدًا ضعَّفه. قلنا: وهو متابَع فيما سيأتي عند المصنف برقم (2035)، وأبو همَّام محمد بن الزِّبْرِقان ينحطُّ عن رتبة الثقة قليلًا، وهو متابع أيضًا.

وقد وقع في رواية المصنِّف هنا وفيما سيأتي تسميةُ الصحابي بزهير الأنماري، وقد روى البيهقيُّ في "الدعوات الكبير"(396) هذا الحديث عن أبي عبد الله الحاكم بسنده الآتي، ثم قال: كذا قال: عن زهير الأنماري، وقيل: عن أبي زهير، وقيل: عن أبي الأزهر، وأبو زهير أشهر. قلنا: ما قاله البيهقي صحيحٌ في رواية أبي همام محمد بن الزِّبرقان، لكن خالفه يحيى بن حمزة =

ص: 815

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2006 -

أخبرنا أبو النَّضْر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن سعيد بن يَسَار، عن أبي هريرة، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول في دُعائه: "اللهمَّ إني أعوذُ بك من الفقر والقِلّة والذِّلّة، وأعوذُ بك من أن أَظلِمَ أو أُظلَم"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2007 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العَدْل، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا إسماعيل بن الخليل الخَزّاز، حدثنا علي بن مُسهِر، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشة،

= الحَضْرمي، فرواه عن ثور بن يزيد، وسمَّى الصحابيَّ أبا الأزهر، قال الحافظ في "نتائج الأفكار" 3/ 61: يحيى بن حمزة أثبت في ثور من أبي همام. قلنا: لكن وافق أبا همام على تسميته بأبي زهير الأنماري صدقةُ بنُ عبد الله السَّمين كما جزم به المزي في ترجمة أبي الأزهر من "تهذيب الكمال" 33/ 24، وروايتُه عند الطبراني في "الكبير" 22/ (758) معطوفة على رواية أبي همام محمد بن الزِّبرقان، لكن صدقة ليّنُ الحديث، فالله تعالى أعلم.

وأخرجه أبو داود (5054) من طريق يحيى بن حمزة، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي الأزهر الأنماري. وقال أبو داود بإثره: رواه أبو همام الأهوازي عن ثور، قال: أبو زهير الأنماري.

قوله: "فكّ رهاني"، أراد به تخليصه مما نفسُه مرتهنةٌ به من حقوق الله تعالى.

وقوله: "النديّ الأعلى" النَّدِيّ: النادي، وهو المجلس الذي يجتمع فيه القوم، فإذا تفرقوا عنه فليس بنادٍ ولا نَديٍّ، والمراد بالنديِّ الأعلى: مجتمع الملائكة المقربين، ولهذا وصفه بالعلوّ.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه اختُلف فيه على إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة في تعيين راويه عن أبي هريرة كما سلف بيانه برقم (1968).

وأخرجه أبو داود (1544) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 13/ (8053) و 14/ (8311) و (8643) من طرق عن حماد بن سلمة به.

وقد تقدَّم برقم (1968) من طريق الأوزاعي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن جعفر بن عياض، عن أبي هريرة. فسمّى راويه عن أبي هريرة جعفر بن عياض!

ص: 816

قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهمَّ إني أعوذُ بك من فِتنة النارِ وعذابِ النار، وأعوذُ بك من فِتنة القَبر وعذابِ القَبر، وأعوذُ بك من شرِّ فِتنةِ الغِنى، ومن شر فتنةِ الفَقْر، وأعوذُ بك من شرِّ فِتنةِ المَسيح الدَّجّال، اللهمَّ اغسِلْ خَطايايَ بماءِ الثلجِ والبَرَد، ونَقِّنى من خَطايايَ كما نَقَّيتَ الثوبَ الأبيضَ من الدَّنَس، وباعِدْ بيني وبين خَطايايَ كما باعَدتَ بين المَشرقِ والمَغربِ، اللهمَّ إني أعوذُ بك من الكَسَل والهَرَم، والمَأثَمِ والمَغْرَم"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة

(2)

.

2008 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا أبو عمر حفص بن عمر، حدثنا عبد العزيز بن مُسلم، حدثنا محمد بن عَجْلان، عن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا

(1)

إسناده صحيح. محمد بن غالب: هو ابن حرب الملقّب بتَمتام.

وأخرجه أحمد 40/ (24301) و 42/ (25727)، والبخاري (6368) و (6375) و (6376)، ومسلم (2705)(49)، وابن ماجه (3838)، والترمذي (3495)، والنسائي (59) و (7859) من طرق عن هشام بن عروة، به.

وأخرجه أحمد 41/ (24578) و 43/ (26075) و (26327)، والبخاري (832) و (833) و (2397) و (7129)، ومسلم (587) و (589)، والنسائي (1233) و (7839) و (7854)، وابن حبان (1968) من طريق ابن شهاب الزهري، عن عُروة، به. ووقع في رواية الزهري هذه تقييد هذا الدعاء في الصلاة، وبعض من رواه عن الزهري اقتصر على ذكر الاستعاذة من فتنة المسيح الدجال، وزاد الزهري في روايته: فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم يا رسول الله! فقال: "إِنَّ الرجل إِذا غَرِمَ حَدَّث فكذَبَ، وَوَعَدَ فأخلَفَ".

وقد تقدَّم ذكرُ الاستعاذة من عذاب جهنم وشر فتنة المسيح الدَّجال وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات برقم (1418) من طريق طاووس اليماني عن عائشة. وقيَّده طاووسٌ في روايته أنَّ ذلك كان منه صلى الله عليه وسلم في الصلاة بعد التشهد الأخير.

وقد تقدَّم تفسير المأثم والمغرم برقم (1943).

(2)

بل قد خرَّجاه بهذه السياقة، فلا استدراك عليهما فيه.

ص: 817

جُنَّتَكم" قلنا: يا رسول الله مِن عدوٍّ قد حَضَر؟ قال: "لا، بل جُنَّتَكم من النار؛ قَولُ: سُبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر، فإنهنَّ يأتينَ يومَ القيامةِ مُنجِياتٍ ومُقدَّماتٍ، وهنَّ الباقياتُ الصالحاتُ"

(1)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه اختُلف فيه على محمد بن عجلان على أربعة وجوه: فقد رواه عنه عبد العزيز بن مسلم - وهو القَسْملي مولاهم - على الوجه الذي جاء عند المصنف.

ورواه أبو خالد الأحمر وعمر بن علي المقدمي، عن ابن عجلان، عن عبد الجليل بن حميد، عن خالد بن أبي عمران مرسلًا.

ورواه فضيل بن عياض، عن ابن عجلان، عن رجل من أهل الإسكندرية مرسلًا. وكذلك رواه سهيل بن أبي صالح عن محمد بن عجلان غير أنه قال: عن رجل بعسقلان، فذكره مرسلًا.

وخالفهم سفيانُ بنُ عيينة فيما قاله الدارقطني في "العلل"(1474) فرواه عن ابن عجلان مرسلًا، لم يُجاوز به ابن عجلان. وقد أعلَّ أهلُ العلم الرواية الموصولة ببعض هذه الوجوه.

فأما البخاري فقد أعلَّ الروايةَ الموصولةَ في كتابيه "التاريخ الكبير" 6/ 122 و"التاريخ الأوسط" 3/ 380 برواية عمر بن علي المقدَّمي الموافقة لرواية أبي خالد الأحمر، وزاد في "الأوسط" قوله: ولا يصحُّ فيه المقبريّ ولا أبو هريرة. ولم يذكر البخاري الوجهين الثالث والرابع السابقين.

وأما أبو حاتم الرازي فنقل عنه ابنه في "العلل"(1793) إعلاله للموصول برواية فُضيل بن عياض الموافقة لرواية سهيل بن أبيه صالح، فقال: فعلمتُ أنَّ فضيلًا قد أفسَدَ على عبد العزيز بن مسلم وبيَّن عورته، وحديث فُضيل أشبه. ولم يذكر أبو حاتم الوجهين الثاني والرابع.

وأما الدارقطني فرجَّح في "علله"(1474) برواية أبي خالد الأحمر الموافقة لرواية عمر بن علي المقدَّمي، ولم يذكر الوجه الثالث من الوجوه المتقدمة.

وأما العقيلي فذكر في "ضعفائه"(948 - 950) الوجوه الثلاثة دون الوجه الرابع، ووهَّم عبد العزيز بن مسلم في روايته الموصولة.

قلنا: حَمْل الوهم فيه على عبد العزيز بن مسلم مجانبٌ للصواب، والأولى حملُه على محمد بن عجلان نفسه لِدَوَران هذا الاختلاف عليه في هذا الحديث، ولأنه مذكور بالوهم أحيانًا في بعض رواياته. ومع ذلك جَوَّد المنذريُّ إسناد الرواية الموصولة في "الترغيب والترهيب" 2/ 281، وحسَّنَها العلائي في "جزء تفسير الباقيات الصالحات" ص 24، وابن حجر في "الأمالي المطلقة" ص 225. =

ص: 818

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقد روي هذا الحديثُ من وجهٍ آخرَ عن أبي هريرة، لكن بإسناد ضعيف لا يُعتمد عليه، غير أنَّ لهذا الحديث شواهدَ يصحُّ بها إن شاء الله تعالى.

وأخرجه النسائي (10617)، والطبري في "تفسيره" 15/ 255، والعقيلي في "الضعفاء"(948)، وابن أبي حاتم في "العلل"(1793)، والطبراني في "الدعاء"(1682)، وفي "الأوسط"(4027)، وفي "الصغير"(407)، وأبو القاسم بن بشران في "أماليه"(693)، والبيهقي في "الدعوات الكبير"(131)، وفي "شعب الإيمان"(598)، وأبو طاهر السِّلفي في "المشيخة البغدادية"(42)، والعلائي في "جزء تفسير الباقيات الصالحات" ص 23، وابن حجر في "الأمالي المطلقة" ص 225، وفي الثاني من "معجم الشيخة مريم"(9) من طرق عن عبد العزيز بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 393، ومن طريقه العُقيلي في "الضعفاء الكبير"(949) عن أبي خالد الأحمر، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 3/ 380، ومعلقًا في "التاريخ الكبير" 6/ 122 من طريق عمر بن علي المقدّمي، كلاهما عن محمد بن عجلان، عن عبد الجليل بن حميد المصري، عن خالد بن أبي عمران مرسلًا.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "العلل"(1793) من طريق فُضيل بن عياض، عن محمد بن عجلان، عن رجل من أهل الإسكندرية مرسلًا.

وأخرجه العُقيلي في "الضعفاء"(950) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن محمد بن عجلان، عن رجلٍ بعسقلان مرسلًا. ولعلَّ هذا الرجل الذي حدثه بعسقلان هو من أهل الاسكندرية، فلا مغايرة بين فضيل بن عياض وسهيل بن أبي صالح.

وقد روي عن أبي هريرة من وجوه أخرى لا يعتدُّ بها:

أمثلُها ما أخرجه النسائي كما في "تحفة الأشراف" للمزي 10/ (14599)، والطبراني في "الدعاء"(1684)، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 2/ 562، والخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه في الرسم" 1/ 150، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة حُكيم بن محمد 7/ 216، وابن حجر في" الأمالي المطلقة" ص 224 من طريق منصور بن سلمة الليثي، عن حُكَيم بن محمد بن قيس بن مخرمة، عن أبيه، عن أبي هريرة. وحسَّنه ابن حجر مع أنَّ منصور بن سلمة الليثي هذا - وإن ذكره ابن حبان في "الثقات" - لا يكاد يُعرف كما قال الذهبي في "الميزان"، وأقره الحافظ ابن حجر نفسُه في "اللسان"، لكن لعلَّ الحافظ ابن حجر حسّنه بطريق المقبُري عن أبي هريرة، إذ ذكر الطريقين على التوالي في "الأمالي".

وأخرجه الحسن بن علي الجوهري في ثلاثة مجالس من "أماليه"(2) من طريق عاصم بن سليمان =

ص: 819

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2009 -

حدثني علي بن عيسى الحِيْري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو كُريب، حدثنا خَلّاد بن يزيد الجُعفي، حدثنا شَريك، عن الأعمش، عن مُجاهد،

= التميمي الكُوزي البصري، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة. وعاصم الكُوزي هذا متروك اتهمه غير واحد من أهل العلم بوضع الحديث.

وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 458 من طريق صلة بن سليمان العطار، عن أشعث بن عبد الملك الحُمراني، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة. وصلة هذا كذَّبه ابن معين في رواية العباس الدُّوري وكذَّبه أيضًا أبو داود، وتركه الباقون وقال أبو حاتم: أحاديثه عن أشعث منكرة، وخالفه الدارقطني فقال: يُعتبر بحديثه عن أشعث الحُمراني!!

وأخرجه بنحوه الواحدي في "التفسير الوسيط" 3/ 151، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(740) من طريق يوسف بن العنبس اليمامي، عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وقد روى يوسفُ هذا عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير نسخةً، لكن رواية عكرمة بن عمار عن يحيى خاصةً ضعيفةٌ عند أهل العلم. وقد روي نحوه من طرق عن عمر بن راشد اليمامي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي الدرداء. وعمر ضعيف في يحيى أيضًا، وأبو سلمة لا يدرك أبا الدرداء.

وأخرجه بنحوه أيضًا ابن عساكر 65/ 276 من طريق هشام بن عمار، عن أبي خالد يزيد بن عبد الله السَّرَّاج، عن مكحول، عن أبي هريرة. ورجاله لا بأس بهم، لكن مكحولًا لم يسمع من أبي هريرة، ثم إنَّ هشام بن عمار كبر فصار يتلقن، فلعلَّ هذا مما لُقِّنه، والله أعلم.

ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري الذي تقدَّم برقم (1910)، وانظر تمام شواهده هناك.

قوله: "جُنَّتَكم"، أي: ما يَستُركم ويَقِيكم.

وقوله: "منجيات"، كذلك جاء في رواية الحاكم كما جزم به المنذري في "الترغيب والترهيب"، وعلى ذلك اتفقت أصولنا الخطية، وكذلك جاء بهذا اللفظ عند بعض من خرَّج الحديث غير الحاكم، ولكن جاء في رواية الأكثرين: مجنَّبات، بميم ثم جيم ثم نون مشددة مفتوحة بعدها باء موحدة، أي: مقدَّمات أمامكم، وقيل: بكسر النون المشددة جمع مجنِّبة، وهي التي تكون في الميمنة والميسرة.

ص: 820

عن ابن عُمر، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدعُو: "اللهمَّ إني أسألُك عِيشةً نَقِيَّةً، ومِيتةً سَوِيّةً، ومَرَدًّا غيرَ مُخْزِي

(1)

ولا فاضِحٍ"

(2)

.

(1)

كذلك جاء في أصولنا الخطية، بإثبات الياء، مع أنَّ القياس حذفُ الياء لأنه اسم منقوص مجرد من الألف واللام مجرورٌ بالإضافة، ولكن جاء في لغةٍ إثبات الياء في المنقوص المجرّد من الألف واللام في حالتي الرفع والجر، ومنه قراءة ابن كثير في بعض المواضع:{وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} بثبوت الياء في هادي. انظر "شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك" 4/ 172.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسنٌ من أجل خلاد بن يزيد الجُعفي وشريك: وهو ابن عبد الله النَّخَعي. وقد جوَّد هذا الإسنادَ الهيثميُّ في "المجمع" 10/ 179، ولهذا الحديث شواهد يصحُّ بها إن شاء الله.

أبو كُريب: هو محمد بن العلاء بن كُريب الهَمْداني، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومجاهد: هو ابن جَبْر المكي، وقد وقع في أكثر مصادر التخريج ذكر عبد الله بن عَمرو بدل عبد الله بن عُمر، وهو أصحُّ، ومجاهدٌ سمع أيضًا من عبد الله بن عمرو بن العاص كما جزم به الحافظُ في "فتح الباري" 9/ 499، على أنَّ مثل هذا الخلاف في تعيين الصحابي لا يضرّ في صحة الحديث.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات"(196) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(14288)، وفي "الدعاء"(1435) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، والقُضاعي في "مسند الشِّهاب"(1498) من طريق محمد بن الحُسين الخَثْعمي، و (1499) من طريق أبي جعفر الطبري، ثلاثتهم عن أبي كريب، به، فجعلوه من مسند عبد الله بن عمرو بن العاص، غير أنه وقع في مطبوع "الدعاء" للطبراني: عبد الله بن عُمر، ولا نظنها إلَّا تحريفًا، لأنه أورده بالإسناد نفسه وعن شيخه نفسه في "الكبير" في مسند ابن عمرو بن العاص. وذكر مُحقِّق كتاب القضاعي أنه جاء عنده في نسخه الثلاث بذكر عبد الله بن عمرو بن العاص، فثبت أنه عند الطبراني والقضاعي بذكر ابن عمرو بن العاص.

وأخرجه البزار كما في "كشف الأستار" للهيثمي (3186)، و"مختصر البزار" لابن حجر (2177) عن حميد بن الربيع، عن خالد بن زريع بن الطيب، عن شريك، به. كذلك جاء عند الهيثمي والبزار: خالد بن زريع بن الطيب، وأغلب الظن أنه تحرَّف في النسخة التي اعتمداها من البزار عن خلاد بن يزيد الجعفي، فإنَّ هذا الحديث لا يُعرف عن غير خلاد بن يزيد هذا، ثم إنه لا ذكر لرجل =

ص: 821

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2010 -

حدثنا أبو نصر أحمد بن سهل بن حَمْدَوَيهِ الفقيه إملاءً ببُخارَى، حدثنا أبو علي صالح بن محمد بن حَبيب الحافظ البغدادي، حدثنا سعيد بن سُليمان الواسطي، حدثنا عيسى بن ميمون مولى القاسم بن محمد بن أبي بكر الصِّدِّيق، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يدعُو:"اللهمَّ اجعل أوسعَ رزقِك عليَّ عند كِبَر سِنّي، وانقطاعِ عُمري"

(1)

.

هذا حديث حسنُ الإسناد والمتن، غريبٌ في الدعاء مستحَبٌّ للمشايخ، إلَّا أنَّ عيسى بن ميمون لم يَحتَجَّ به الشيخان رضي الله عنهما.

2011 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري،

= اسمه خالد بن زريع بن الطيب في شيء من كتب التراجم ولا في شيء من مصادر التخريج، والله تعالى أعلم. والحديثُ عند البزار أيضًا من مسند عبد الله بن عمرو بن العاص.

ويشهد له حديث عبد الله بن أبي أوفى عند أحمد 32/ (19402)، وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.

ومرسلُ حبيب بن أبي ثابت عند ابن أبي شيبة 10/ 192، ورجاله ثقات.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل عيسى بن ميمون مولى القاسم فهو متروك منكر الحديث، وبالغ الذهبي في "تلخيصه" في قوله بأنه متَّهم فلا نعرف له فيه سَلَفًا.

وأخرجه الطبراني في "الدعاء"(1049)، وفي "الأوسط"(3611)، وابن عدي في "الكامل" 1/ 166، وأبو الشيخ الأصبهاني في "طبقات المحدثين بأصبهان"(922)، والبيهقي في "الدعوات"(275)، وأبو طاهر السِّلَفي في "المشيخة البغدادية"(49)، وابن الجوزي في "الموضوعات"(380)، والذهبي في "تاريخ الإسلام" 9/ 293، وابن كثير في "طبقات الشافعيين" ص 368 من طرق عن عيسى بن ميمون، به.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "إصلاح المال"(152) من طريق محمد بن أبي بكر المقدّمي، عن أبي يحيى مولى آل الزبير، عن القاسم، عن عائشة. وأبو يحيى يغلب على الظن أنه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، وهو متروك الحديث فلا اعتداد بمتابعته هذه، وإلّا فهو رجلٌ آخر مجهول.

ص: 822

حدثنا الأسود بن عامر شاذانُ، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن أبي جعفر الخَطْمي، عن محمد بن كعب القُرَظي، عن أبي هريرة، قال: كان فيكُم أمانانِ، مضتْ إحداهُما وبقيتِ الأخرى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33]

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وقد اتفقا على أنَّ تفسير الصحابي حديثٌ مُسنَدٌ

(2)

.

وله شاهدٌ عن أبي موسى الأشعَري:

2012 -

أخبرَناه أبو العباس السَّيّاري، حدثنا أبو المُوجِّه، حدثنا صَدَقة بن الفضل، حدثنا وكيع بن الجرّاح، حدثني حَرْمَلة بن قيس، عن محمد

(3)

بن أبي أيوب، عن أبي موسى الأشعَري، قال: أمانانِ كانا في الأرض، فرُفِعَ أحدُهما وبقيَ الآخَرُ:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}

(4)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو جعفر الخَطْمي: هو عُمير بن يزيد الأنصاري.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(645) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

(2)

انظر الكلام على هذه المسألة فيما تقدَّم برقم (73).

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبيد. والمثبت على الصواب من "المسند" لأحمد ومن "تاريخ البخاري الكبير".

(4)

خبر حسن، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل محمد بن أبي أيوب، فهو - وإن لم يرو عنه غير حرملة بن قيس - تابعي ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد روي هذا الخبر من وجه آخر عن أبي موسى.

وأخرجه أحمد 32/ (19506) و (19607) عن وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد.

وله طريق أخرى عند الطبراني في "الدعاء"(1792)، وفي "الأوسط"(3346)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 573، وابن النجار في "الذيل على تاريخ بغداد" 5/ 135 من رواية عمر أبي حفص الملقّب كسرى، عن سعيد بن أبي بُردة، عن أبيه، عن أبي موسى الأشعري. وعمر كسرى هذا ترجم له ابنُ النجار، وهو أخباريٌّ معروفٌ روى عنه جماعةٌ، منهم إسماعيل ابن عُليَّة وأبو عُبيدة معمر بن المثنَّى الذي أخذ عنه كتاب "أخبار الفرس". ولُقِّب كسرى لأنه كان =

ص: 823

2013 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو عمرو المُستَمْلي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحَنْظَلي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا بشر بن رافع، عن محمد بن عَجْلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"مَن قال: لا حولَ ولا قوةَ إلَّا بالله، كان دواءً من تسعةٍ وتسعين داءً، أيسرُها الهَمُّ"

(1)

.

= يتعاطى أمر كسرى وأمر الفُرس. فإسناده حسنٌ إن شاء الله، وقد روي هذا من طريق أخرى عن أبي بُردة:

فقد أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 4/ 99 - 100، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 17/ 4 من طريق خلف بن تميم، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن عباد بن يوسف، عن أبي بردة، عن أبي موسى. وإسماعيل ضعيف يعتبر به، وشيخه مجهول.

وخالف خَلَفًا فيه سفيانُ بنُ وكيع عند الترمذي (3082) وغيره، فرواه عن عبد الله بن نمير، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن عباد، عن أبي بردة، عن أبي موسى مرفوعًا. كذا رفَعَه سفيانُ بن وكيع، وقد انفرد برفعه، وهو ضعيف، وخلف صدوق، وعلى أي حالٍ فالسند ضعيف لضعف إسماعيل وجهالة شيخه عبّاد. وإن كان الأقربُ فيه رواية خلف لموافقتها في الوقف لرواية محمد بن أبي أيوب عن أبي موسى، ولرواية عمر كسرى عن سعيد بن أبي بُردة عن أبيه عن جده أبي موسى.

وقد صحَّ عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا: "أنا أَمَنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يُوعدون

"، أخرجه أحمد 32/ (19566)، ومسلم (2531)، وابن حبان (7249).

ويشهد للموقوف حديث أبي هريرة الذي قبله موقوفًا عليه أيضًا.

وحديثُ ابن عباس موقوفًا عليه كذلك عند الطبراني في "تفسيره" 9/ 235، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1691، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 45، وفي "شعب الإيمان"(1411) بإسنادين عنه، وهو صحيح.

(1)

إسناده ضعيف بمرَّة من أجل بشر بن رافع - وهو الحارثي النجراني - فإنه ضعيف منكر الحديث، ووهَّاه الذهبي في "تلخيصه". أبو عمرو المستمْلي: هو أحمد بن المبارك النيسابوري.

وهو عند إسحاق بن راهويه الحنظلي في "مسنده"(541)، ومن طريق ابن راهويه أخرجه ابن حبان في "المجروحين" 11/ 188، والطبراني في "الدعاء"(1674).

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الفرج بعد الشدة"(11)، والطبراني في "الدعاء"(1674)، وفي "الأوسط"(5028)، وأبو علي التَّنُوخي في "الفرج بعد الشدة" 1/ 123 - 124، وأبو نعيم الأصبهاني في =

ص: 824

هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه، وبشر بن رافع الحارِثي ليس بالمتروك، وإن لم يُخرجاه.

وكذلك هيثمٌ البَكّاء لم يُخرجاه، وله حديث يَنفردُ به، وهذا موضعُه، فإنه من عُبّاد المسلمين:

2014 -

حدَّثَناه محمد بن صالح، حدثنا إبراهيم بن محمد الصَّيدلاني، حدثنا عُقبة بن مُكْرَم العَمَّي، حدثنا شَريك بن عبد المجيد

(1)

، أخو أبي بكر الحَنَفي، حدثنا الهيثم

(2)

بن جَمّاز البَكّاء، عن ثابت البُناني، عن أنس بن مالك: أنَّ أبا طالبٍ مَرِضَ فثَقُل فعادَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا ابنَ أخي، ادْعُ ربَّك الذي تعبُدُ

(3)

أن يُعافيَني، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اللهمَّ اشفِ عَمِّي"، فقامَ كأنَّما نُشِطَ من عِقَال، فقال أبو طالب: إِنَّ ربَّك الذي تعبُدُ لَيُطِيعُك، قال: "وأنتَ يا عَمِّ، لئِنْ أَطعتَ اللهَ ليُطِيعُك

(4)

"

(5)

.

= "الطب النبوي"(231)، والبيهقي في "الدعوات الكبير"(191) من طريق خالد ابن خِداش، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبد الحميد، بحاء مهملة بعدها ميم.

(2)

تحرَّف في النسخ إلى: القاسم وفي "التلخيص" على الصواب.

(3)

في النسخ في الموضعين: بعثك، والمثبت من نسخة بهامش (ز) في كلا الموضعين، وهو الموافق لما في مصادر تخريج الحديث.

(4)

كذلك وقعت مرفوعةً في نسخنا الخطية مع كونها جوابًا للشرط، لأنَّ الجواب إذا كان مضارعًا وكان الشرط ماضيًا ففي ذلك الجواب وجهان الرفع والجزم، والجزم أكثر. انظر "المُفصَّل" للزمخشري ص 321، و"شواهد التوضيح" لابن مالك ص 176، و"حاشية الشَّنَواني على شرح مقدمة الإعراب لابن هشام" ص 71 - 72.

(5)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل الهيثم بن جَمّاز البكاء، فقد تركوه كما قال الذهبي في "تلخيصه"، والراوي عنه شريك بن عبد المجيد الحنفي غير معتمد كما قال الدارقطني في "سؤالات البرقاني له"(319).

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(3973)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 102، وأبو طاهر الذهبي في "المخلِّصيات"(606)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 184، والخطيب في "تاريخ بغداد" =

ص: 825

2015 -

أخبرنا الإمام أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا هشام بن علي.

وحدثنا أحمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي؛ قالا: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا المبارك بن حسّان، عن عطاء، عن عائشة قالت: سُئل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الدعاء أفضلُ؟ قال: "دُعاءُ المرءِ لِنفسِه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= 9/ 353، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 66/ 324 و 325 من طرق عن عُقبة بن مُكرَم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو محمد عبد الله بن زيدان البجلي في "مسنده"(44)، وأبو بكر القطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة"(1152)، وابن عساكر 66/ 325 من طريق محمد بن يونس القرشي الكُديمي، عن شريك بن عبد المجيد الحَنَفي، به. والكديمي ضعيف جدًّا.

(1)

إسناده فيه لين من أجل المبارك بن حسان، فقد اختُلف فيه، وثّقه ابن معين ويعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان وابنُ شاهين في "الثقات"، غير أنَّ ابن حبان قال: يخطئ ويخالف، وقال عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الكبرى" 3/ 496: ثقة مشهور، وخالفهم آخرون، فقال ابن أبي خيثمة وأبو داود: منكر الحديث، وقال النسائي: ليس بالقوي في حديثه شيءٌ، وقال ابن عدي: روى أشياء غير محفوظة، وضعَّفه البيهقي في "شعب الإيمان"(9001)، وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك" عند هذا الحديث: واهٍ. قلنا: وبالغ أبو الفتح الأزدي فقال: متروك الحديث لا يحتج به، يُرمَى بالكذب. وأعدَل الأقوال فيه قولُ الحافظ ابن حجر في "التقريب": ليِّن الحديث. ومعذلك حسَّن الحافظُ إسنادَ حديثه هذا في "زوائد مسند البزار"(2147) و (2148).

وأخرجه البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" للهيثمي (3173)، وأبو جعفر بن البَختَري في ستة مجالس له ضمن مجموع مصنفاته (128)، وأبو بكر بن لال في "أحاديث أبي عمران موسى بن هارون البزاز وغيره"(82)، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 1/ 211، والبيهقي في "الدعوات الكبير"(654) من طرق عن موسى بن إسماعيل أبي سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(715)، والبزار (3174)، وأبو بكر الدِّينَوري في "المجالسة"(1567 م) من طريق عُبيد الله بن موسى، عن مبارك بن حسان، به.

ص: 826

2016 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا عبد العزيز بن حاتم، حدثنا أبو وهب محمد بن مُزاحِم، حدثنا سفيان بن عُيينة، عن مِسعَر، عن علي بن بَذِيمة، عن أبي عُبيدة، عن عبد الله، قال: أتى رجلٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وأُراه عوفَ بنَ مالك، فقال: يا رسول الله، إنَّ بني فلانٍ أَغارُوا عليَّ، فذهَبوا بابني وإبِلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ آلَ محمدٍ كذا وكذا أهلَ بيتٍ - وأظنُّه قال: تسعةَ أبياتٍ - ما فيهم صاعٌ من طعامٍ ولا مُدٌّ من طعامٍ، فاسألِ اللهَ عز وجل"، قال: فرجعَ إلى امرأته، فقالت له: ما ردَّ عليك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فأخبَرَها، قال: فلم يَلبَثِ الرجلُ أن رُدَّ عليه إبِلُه وابنُه أوفَرَ ما كانوا، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبرَه، فقام على المِنبر، فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه، وأمرَهم بمسألةِ الله عز وجل والرغبةِ إليه، وقرأ عليهم:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3]

(1)

.

(1)

رجاله لا بأس بهم، لكنه اختُلف في وصله وإرساله كما سيأتي بيانه، والصحيح هو المرسل كما قال الدارقطني في "العلل"(896)، على أنه على فرض صحته موصولًا يكون الإسناد منقطعًا، لأنَّ أبا عبيدة - وهو ابن عبد الله بن مسعود - لم يسمع من أبيه. مِسعَر: هو ابن كِدام.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 106، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 47/ 249 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وقد خالف فيه محمدَ بنَ مُزاحم إسحاقُ بنُ إسماعيل الطالقاني، فقد أخرجه ابن أبي الدنيا في "الفرج بعد الشدة"(10)، ومن طريقه أبو علي التنوخي في "الفرج بعد الشدة" 1/ 87، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 107 من طريق إسحاق بن إسماعيل، عن سفيان بن عيينة، عن مِسعَر، عن علي بن بَذِيمة، عن أبي عبيدة مرسلًا، ليس فيه ذكر أبيه عبد الله بن مسعود. وإسحاق هذا قوي الحديث، وهو أحسنُ حالًا من محمد بن مُزاحم.

ووافقه على إرساله جعفرُ بنُ عون فيما أخرجه عبد بن حميد كما في "اللآلئ المصنوعة" 2/ 117 عنه، عن مِسعَر بن كِدام، عن علي بن بَذِيمة، عن أبي عبيدة مرسلًا. وجعفر بن عون هذا ثقة.

لكن أخرجه ابنُ الأعرابي في "معجمه"(978)، وأبو الحسن علي بن عمر العسكري في "مشيخته"(8) من طريق مؤمل بن إهاب، عن مالك بن سُعير، عن علي بن بَذِيمة، عن أبي عبيدة، عن أبيه، مختصرًا إلى قوله:"فاسأل الله عز وجل"، هكذا وصله مالك بن سُعير بذكر عبد الله بن مسعود. =

ص: 827

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2017 -

حدثنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، حدثنا جدِّي، أخبرنا إبراهيم بن المنذر الحِزامي، حدثنا عُبيد الله بن محمد بن حُنين، حدثني عَبد الله

(1)

بن محمد بن جابر بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله

= ووافقه على وصله مختصرًا أيضًا المسعوديُّ، فقد أخرجه ابن ماجه (4148) من طريق أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن علي بن بَذِيمة، عن أبي عُبيدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أصبح في آل محمد إلّا مُدٌّ من طعامٍ - أو ما أصبح في آل محمد مُدٌّ من طعام -"، فوصله بذكر عبد الله بن مسعود، لكن لا يُعرف ما إذا كان سماعُ أبي المغيرة من المسعودي قبل اختلاطه أو بعده.

ويشهد لهذا الحديث حديثُ سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله الآتي عند المصنف برقم (3862)، لكن الصحيح فيه الإرسال كما سيأتي بيانه هناك، وفيه مغايرة في بعض ألفاظه لرواية أبي عُبيدة.

كما يشهد له مرسلُ السُّدِّي عند الطبري في "تفسيره" 28/ 138، ورجاله لا بأس بهم، وهو قريب من لفظ سالم بن أبي الجعد.

ويشهد له أيضًا مرسل محمد بن إسحاق عند آدم بن أبي إياس في "الثواب" كما في "الإصابة" للحافظ ابن حجر 3/ 11، ومن طريقه أخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 265، بنحو لفظ سالم بن أبي الجعد، غير أنه سمى الصحابيَّ صاحبَ القصة مالكًا الأشجعي، وأنَّ الذي أَسره العدو ابنُه عوف، قال ابن حجر: كأنه سقط منه "ابن" فكان في الأصل: جاء ابن مالك، فتوافق الروايات الأُخرى. لكن انفرد به عن ابن إسحاق رجلٌ اسمه عبد الله بن الوليد، ولا يُعرف من هو.

وروي أيضًا مثل هذه القصة من حديث ابن عباس عند الخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 118 - 119، ومن طريقه أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات"(1194)، لكن فيه رجل كذّاب وآخر متروك.

وعلي أي حالٍ فيمكن تحسين الخبر بلفظ مرسلَي سالم بن أبي الجعد والسُّدِّي، والله أعلم.

(1)

في (ز) و (ب): عُبيد الله مصغرًا، وسقط الاسم من (ص) و (ع)، والمثبت بالتكبير من "شعب الإيمان" للبيهقي، حيث روى هذا الخبر عن أبي عبد الله الحاكم، وجاء على الصواب مكبّرًا في "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر 3/ (3114)، وكذلك سُمِّي مكبَّرًا في خبرٍ ذكره ابن أبي حاتم في "العلل"(1878).

ص: 828

صلى الله عليه وسلم، فقال: وا ذُنُوباه وا ذُنُوباه، فقال هذا القولَ مرتَين أو ثلاثًا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قل: اللهمَّ مَغفرتُك أوسعُ من ذُنوبي، ورحمتُك أرجَى عندي من عَمَلي"، فقالها، ثم قال:"عُدْ" فعادَ، ثم قال:"عُدْ" فعادَ، فقال:"قُم، فقد غَفَر اللهُ لك"

(1)

.

حديث رُواتُه عن آخرهم مَدنيُّون ممَّن لا يُعرَف واحدٌ منهم بجَرْحٍ، ولم يُخرجاه.

2018 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني محمد بن سَهْل بن عَسكَر، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا نافع بن يزيد، حدثني يحيى بن أبي أُسَيد، عن الفضل بن عيسى، عن عمِّه، عن أنس بن مالك، قال: مرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يقولُ: يا أرحمَ الراحمين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سَلْ، فقد نَظَر اللهُ إليك"

(2)

.

الفضل بن عيسى: هو الرَّقَاشي، وأخشى أن يكون عمُّه يزيدَ بنَ أبان

(3)

، إلَّا أني قد وجدتُ له شاهدًا من حديث أبي أُمامة الباهِلي.

2019 -

حدَّثَناهُ أبو بكر محمد بن عبد الله العُمَاني، حدثنا موسى بن زكريا التُّسْتَري، حدثنا كامل بن طلحة، حدثنا فَضّال بن جُبير، عن أبي أُمامة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لله مَلَكًا موكَّلًا بمن يقول: يا أرحمَ الراحمين، فمن قالها ثلاثًا قال له الملَك: إِنَّ أرحمَ الراحمينَ قد أقبلَ عليك فاسألْ"

(4)

.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة عُبيد الله بن محمد بن حُنين، وسُمِّي في بعض الروايات عُبيد الله بن عبد الله بن محمد بن حُنين، وجهالة عبد الله بن محمد بن جابر بن عبد الله.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(6724) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده ضعيف لضعف الفضل بن عيسى: وهو ابن أبان الرَّقَاشي، وضعف عمه: وهو يزيد بن أبان الرَّقَّاشي، ولهذا قال الذهبي في "تلخيصه": لم يصحّ هذا. قلنا: وله شواهد لا يعتدُّ بها بتاتًا، سنذكرها عند حديث أبي أمامة الذي يليه، فإنها أقرب إلى لفظه.

(3)

هو عمُّه قطعًا.

(4)

إسناده واهٍ بمرة من أجل موسى بن زكريا التُّستَري وفضّال بن جبير، فهما متروكان، ولم =

ص: 829

2020 -

حدثنا عُبيد الله

(1)

بن محمد الخُراساني ببغداد في القَطِيعة، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا معاوية بن صالح، عن أبي عامر الأَلْهاني، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَرَّه أَن يُستجابَ له عند الكُرَب والشّدائد، فليُكثِرِ الدعاءَ في الرَّخاءِ"

(2)

.

= يُحسِن الذهبي رحمه الله في "تلخيصه" إذِ اقتصر على قوله: فَضّال ليس بشيء؛ فإنَّ موسى أشد ضعفًا من فَضَّال.

وفي الباب عن أبي هريرة موقوفًا عليه عند أبي بكر الدِّينوري في "المجالسة"(3101)، وأبي الشيخ في "الثواب" كما في "الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس" لابن حجر (655)، بلفظ: ألحَّ رجلٌ في الدعاء: يا أرحم الراحمين، نودي: أن قد سُمعت، فما حاجتُك؟ وإسناده ضعيف، فيه ضعيفٌ ومجهولان.

وعن أبي عُمر الصنعاني حفص بن ميسرة مرسلًا عند ابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(523) يذكر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ في السماء ملكًا يُقال له: اليسع، فإذا قال العبد: يا أرحم الراحمين، سبع مرات، قال له اليسع: قد سُمع قولك فاذكر حاجتك". ورجاله ثقات لكنه معضل، لأنَّ حفصًا هذا من أتباع التابعين.

(1)

تحرَّف في أصول "المستدرك" إلى: عبد الله، مكبّرًا، وقد روى المصنِّف لهذا الشيخ عدة روايات كل ذلك يسميه عُبيد الله، مصغرًا، ومن ثمّ صوبناه هنا، وقد جاء هنا على الصواب في أصل "إتحاف المهرة" للحافظ 16/ (20701)، وتصرّف محققه فأثبت خلاف ما في أصله الخطي اعتمادًا على التحريف الذي وقع في أصول "المستدرك"، فلم يُحسِن، وقد روى هذا الخبر ابن النجار في "الذيل على تاريخ بغداد"(365) من طريق المصنِّف، فسمّاه علي الصواب: عُبيد الله بن محمد بن عبد الرحمن الخُراساني. كذا زاد في نسبته عبد الرحمن.

(2)

حديث حسن، وهذا إسناد محتمل للتحسين. أبو عامر الألهاني كذا سُمِّي في رواية المصنِّف، وسُمِّي في رواية غيره أبا عمران الألهاني، وبه ترجم البخاري في الكنى من "تاريخه الكبير" 9/ 60، وهذا رجل آخر غير أبي عامر الألهاني، وأبو عامر اسمه عبد الله بن غابر، وهو رجل ثقة، وأما أبو عمران هذا فتابعي لا يُعرف روى عنه غير معاوية بن صالح الحضرمي وخليد بن دعلج وقيل: خليد بن جعفر، وما ذكره البخاري في ترجمته من أنَّ أرطاة بن المنذر قد روى عن أبي عمران أيضًا، فتعقّبه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" بأنَّ البخاري روى عنه أرطاة هو أبو عامر الألهاني، وهو كما قال ابن أبي حاتم، فبقي أنَّ الرواة عن أبي عمران هما =

ص: 830

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= معاوية بن صالح وخُليد، ولكنه تابعيٌّ لا يُعرف بجرح، فحديثه محتمل للتحسين إن شاء الله، خصوصًا وإنه متابع، فقد روي هذا الحديث ومن وجه آخر عن أبي هريرة بإسنادٍ حسنٍ. وعبد الله بن صالح - وهو أبو صالح كاتب الليث بن سعد - يُقبل حديثُه في المتابعات والشواهد، وللحديث شاهد صحيح من حديث ابن عباس.

وأخرجه ابن النجار في "الذيل على تاريخ بغداد"(365) من طريق أحمد بن علي بن عبد الله الشيرازي، عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الدعاء"(44)، وفي "مسند الشاميين"(2004) عن بكر بن سهل الدِّمياطي، وفي "الدعاء" أيضًا (44) عن مطَّلب بن شعيب، كلاهما عن عبد الله بن صالح، به. لكن تصرَّف محققُ كتاب "مسند الشاميين" بتغيير أبي عمران إلى أبي عامر، مع أنَّ الاسم جاء في الأصلين المخطوطين اللذين اعتمدهما بإفادته هو نفسُه: أبو عمران، بما يتفق مع رواية الطبراني في "الدعاء"، وقد أخرجه عبد الغني المقدسي في كتاب الدعاء من كتابه الكبير "نهاية المراد من كلام خير العباد" من طريق الطبراني فسُمِّي التابعيَّ أبا عمران، فهو الصواب في رواية الطبراني جزمًا.

وأخرجه الترمذي (3382)، وأبو يعلى (6396)، والطبراني في "الدعاء"(45)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 352، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1331)، وعبد الغني المقدسي في كتاب الدعاء من كتابه الكبير "نهاية المراد"(31) من طريق عُبيد بن واقد، عن سعيد بن عطية الليثي، وأبو يعلى (6397) من طريق أبي بشر جعفر بن إياس، كلاهما عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة. وقال الترمذي: هذا حديث غريب. قلنا: إسناد أبي يعلى من طريق أبي بشر حسنٌ إن شاء الله.

وأخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه" 2/ 313 و 9/ 382، ومن طريقه ابنُ الجوزي في "العلل المتناهية"(1410) من طريق روح بن مسافر، عن أبان بن أبي عياش، عن أبي صالح ذكوان السمان، عن أبي هريرة. وروح وأبان متروكان.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/ 414 من طريق حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة. ولكن حبيبًا هذا متروك متهم.

وأخرجه بمعناه أبو القاسم بن بشران في "أماليه"(1365) من طريق عبد الله بن داود الواسطي، عن أبي الزِّناد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"تعرَّفْ إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة"، وعبد الله بن داود الواسطي ضعيف الحديث. =

ص: 831

حديث صحيح الإسناد، احتجَّ البخاري بأبي صالح، وأبو عامر الألْهاني أظنُّه الهَوْزَني

(1)

، وهو صدوق

(2)

.

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً غُرةَ صفرٍ سنة سبعٍ وتسعين وثلاث مئة:

2021 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي بمَرْو، حدثنا محمد بن عيسى الطَّرَسُوسى.

وحدثنا أحمد بن سلْمان الفقيه ببغداد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي.

وحدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني؛ قالوا: حدثنا إسماعيل بن أبي أُويس، حدثنا أحمد بن محمد بن داود الصَّنْعاني، أخبرني أفلَحُ بن كثير، حدثنا ابنُ جُريج، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدِّه، قال: نزل جبريلُ عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الدعاء من السماء، وإنَّ جبريل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحسنِ صُورة لم يَنزلْ في مثلِها قطُّ ضاحكًا مُستبشرًا، فقال: السلام عليك يا محمدُ، قال:"وعليك السلامُ يا جبريلُ"، قال: إِنَّ الله بعثني إليك بهديةٍ، قال:"وما تلك الهديةُ يا جبريلُ؟ " قال: كلماتٌ من كُنوز العرشِ، أكرمَك اللهُ بهنّ، قال: وما هنّ يا جبريلُ؟ قال: فقال جبريلُ: قُل: يا مَن أظهرَ الجَميلَ، وسَتَر

= ويشهد له بمثل لفظ عبد الله بن داود الواسطي حديثُ عبد الله بن عباس عند أحمد 5/ (2803) وغيره بإسناد حسن، وسيأتي عند المصنف من طريق عن ابن عباس برقم (6436) و (6437)، والحديث صحيح بطرقه.

(1)

قال المصنف ذلك بناءً على ما وقع له من كون التابعي أبا عامر، وقد قرَّرنا أنَّ الألهانيَّ في هذا الإسناد إنما هو أبو عمران لا أبو عامر، على أنه على فرض كونه هنا أبا عامر الألْهاني فهو عبد الله بن غابر، وأما الهَوزَني فهو رجلٌ آخر اسمُه عبد الله بن لُحيّ، ولا يُعرف لمعاوية بن صالح رواية عن الهَوزَني أصلًا.

(2)

جاء في (ز) بعد هذا ما نصه: آخر المجلدة الأولى المنقول هذا منها، والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين بسم الله الرحمن الرحيم.

ص: 832

القَبيحَ، يا مَن لا يُؤاخِذُ بالجَرِيرةِ، ولا يَهتِكُ السِّتْر، يا عظيمَ العَفْو، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ، يا واسعَ المغفرةِ، يا باسِطَ اليَدين بالرحمةِ، يا صاحبَ كُلِّ نَجْوى، ويا مُنتهى كلِّ شَكْوى، يا كريمَ الصَّفْح، يا عظيمَ المَنِّ، يا مُبتدئَ النِّعَم قبل استحقاقِها، يا ربَّنا ويا سيدَنا ويا مَولانا، ويا غايةَ رَغبتِنا، أسألُك يا اللهُ أن لا تَشوِيَ خَلْقي بالنار"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فما ثَواب هذه الكلماتِ؟ " ثم ذكر باقيَ الحديث بعد الدعاء بطُوله

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، فإنَّ رواته كلهم مدنيون ثِقات، وقد ذكرتُ فيما تقدَّم الخلافَ بين أئمة الحديث في سماع شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو من جَدِّه.

2022 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعْدي، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا عيسى بن ميمون، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما يَمنعُ أحدَكم إذا عرَفَ الإجابةَ من نفسِه، فشُفِيَ من مرض أو قَدِمَ من سفر يقول: الحمدُ لله الذي بعِزّتِه وجلالِه تَتِمُّ الصالحاتُ"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل أحمد بن محمد بن داود الصَّنعاني، فقد اتهمه الذهبي في "الميزان" بهذا الحديث مُتعقِّبًا الحاكمَ في تصحيحه وتوثيق رجاله. وقال الحافظ في "اللسان": قد جوّزتُ في ترجمة أحمد بن عبد الله ابن أخت عبد الرزاق أنه هذا، فإنَّ أحد ما قيل فيه: إنه أحمد بن داود، فكأنه نُسب إلى جده، وقد تقدَّم النقلُ عمَّن نسبه إلى الكذب. وقال الذهبي في "الميزان": وأما أفلحُ فذكره ابن أبي حاتم ولم يضعفه. قلنا: سماه ابن أبي حاتم أفلح بن كثير بن عبد الله بن فيروز الصنعاني، وذكر في الرواة عنه أبا زياد حماد بن زاذان.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"(238) عن أبي عبد الله الحاكم، بأسانيده الثلاثة.

وفي الباب عن ابن عباس عن أبي بن كعب عند العقيلي في "الضعفاء الكبير"(526)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(90)، والخطيب في "المتفق والمفترق"(609)، وإسناده ضعيف.

(2)

إسناده واهٍ بمرةٍ من أجل عيسى بن ميمون - وهو مولى القاسم بن محمد بن أبي بكر الصدِّيق - فهو متروك منكر الحديث. ولم يتكلم عليه الذهبي في "تلخيصه" هنا، لكنه تكلَّم عليه عند الحديث المتقدِّم قريبًا برقم (2010)، فوصفه بأنه متَّهم. وقد تقدَّم معناه من وجه آخر عن عائشة برقم (1861) بإسناد أصلح من هذا، وله شواهد بمثل لفظه يحسُن بها إن شاء الله كما نبهنا عليه هناك. =

ص: 833

تفرَّد عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد، وعيسى غيرُ مُتَّهم بالوضع.

2023 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدُّنيا، حدثنا الحسن بن الصبّاح وغيرُه، قالوا: حدثنا زيد بن الحُباب، حدثني عثمان بن عبد الله بن مَوهَب، قال: سمعت أنسَ بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمةَ: "ما يمنعُكِ أن تَسمَعي ما أُوصيكِ به، أن تقولي إذا أصبَحتِ وإذا أمسَيتِ: يا حيُّ يا قيّومُ برحمتِك أستغيثُ، أصلِحْ لي شأني كلَّه، ولا تَكِلْني إلى نفسي طَرْفَةَ عَينٍ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2024 -

أخبرنا أحمد بن سَلْمان الفقيه، حدثنا أحمد بن زُهير بن حرب، حدثنا

= ويشهد للفظه هنا حديث أبي هريرة عند البيهقي في "الأسماء والصفات"(274)، وفي "الدعوات الكبير"(375)، ورجاله لا بأس بهم، لكن فيه انقطاعٌ لأنَّ راويه عن أبي هريرة لا يُدركُه، وقد أرسلَه مرةً فلم يذكر أبا هريرة كما أخرجه علي بن حُجر السَّعْدي في "أحاديث إسماعيل بن جعفر"(370)، ومن طريقه أخرجه البغوي في "شرح السنة"(1379)، فالإسناد ضعيف.

(1)

إسناده حسن كما قال الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار"(2121). وعثمان الراوي عن أنس إنما هو عثمان بن مَوهَب، وهو رجل كوفي قال عنه أبو حاتم الرازي: صالح الحديث، وليس هو بعثمان بن عبد الله بن موهب البصري كما قال المزيُّ في "تهذيب الكمال" 19/ 499، والحافظُ في "فتح الباري" 11/ 114، وسبقهما إلى التفريق بينهما ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" حيث ذكر الترجمتين 6/ 155 و 169، وعليه فتقييده في هذا الحديث عند المصنف بابن عبد الله بن مَوهَب خطأٌ، ومما يؤيد صحته أنَّ عثمان بن موهب قُيِّد في بعض روايات هذا الحديث بالهاشمي وبمولى بني هاشم، في حين أنَّ عثمان بن عبد الله بن مَوهَب مولًى لبني تَيْم.

وأخرجه النسائي (10330) عن عبد الرحمن بن محمد بن سلَّام، عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.

وفي الباب عن أبي بكرة الثقفي عند أحمد 34/ (20430)، وأبي داود (5090)، والنسائي (10412) بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعاء المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طَرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلّا أنت". وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.

ص: 834

موسى بن إسماعيل، حدثنا خَلَف بن المُنذر، حدثنا بكر بن عبد الله المُزَنِي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قال إذا أوى إلى فِراشِه: الحمدُ لله الذي كَفاني وآواني، الحمدُ لله الذي أطعَمَني وسَقَاني، الحمدُ لله الذي مَنَّ عَلَيَّ فأفضَلَ، اللهمَّ إني أسألُك بعِزّتِك أن تُنجِّيَني من النارِ، فقد حَمِدَ اللهَ بجميعِ مَحامِدِ الخَلْقِ كُلِّهم"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

صحيح من فعله صلى الله عليه وسلم، وهذا إسناد حسنٌ من أجل خلف بن المنذر، فقد روى عنه موسى بن إسماعيل - وهو التَّبُوذكي - ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي، وهما حافظان كبيران، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: روى عنه موسى بن إسماعيل وأهلُ بلده، فمثله يكون حَسَنَ الحديث، على أنه روي مثلُ حديثه هذا مختصرًا من وجه آخر عنه أنس، وبنحوه تامًّا من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب.

وأخرجه ضياء الدين المقدسي في "الأحاديث المختارة" 4/ (1574) من طريق أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4072)، وضياء الدين المقدسي في "المنتقى من مسموعات مرو"(8) من طريقين عن موسى بن إسماعيل، به.

وأخرج أحمد 20/ (12552) و (12712) و 21/ (13653)، ومسلم (2715)، وأبو داود (505)، والترمذي (3396)، والنسائي (10567)، وابن حبان (5540) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: "الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي"، كذا جعله حكايةً لدعائه صلى الله عليه وسلم بذلك.

ويشهد له بمثل لفظ بكر المزني عن أنسٍ، غير أنه بحكاية دعائه صلى الله عليه وسلم بذلك أيضًا: حديثُ عبد الله بن عمر بن الخطاب عند أحمد 10/ (5983)، وأبي داود (5058)، والنسائي (7647) و (10566)، وابن حبان (5538): أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أخذ مضجعه: "الحمد لله الذي كفاني، وآواني وأطعمني وسقاني، والذي مَنَّ عَليَّ وأفضَلَ، والذي أعطاني فأجزل، الحمد لله على كل حالٍ، اللهمَّ ربَّ كل شيء وملكَ كل شيء، وإله كل شيء، ولك كل شيء، أعوذ بك من النار". وإسناده صحيح، واللفظ المذكور لأحمد وابن حبان.

ص: 835

2025 -

أخبرنا علي بن عبد الرحمن السَّبيعي بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم الغِفاري، حدثنا خالد بن مَخلَد، حدثنا يوسف بن عبد الرحمن، حدثني سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدُكم فِراشَه فليقُل: اللهمَّ ربَّ السماوات وربَّ الأرض، ربَّنا وربَّ كلِّ شيء أنت آخِذٌ بِناصِيَتِه، أنتَ الأولُ فليس قبلَك شيءٌ، وأنت الآخِرُ فليس بعدَك شيءٌ

(1)

، وأنت الباطِنُ فليس دُونَك شيءٌ، أغنِنا مِن الفقرِ واقضِ عنا الدَّين"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه

(3)

، ويوسُف هذا هو الذي يقال له: مولى سُكّرة.

2026 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدُّنيا، حدثنا

(1)

في سائر مصادر تخريج الحديث في هذا الدعاء زيادة: "وأنت الظاهر فليس فوقك شيءٌ".

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة يوسف بن عبد الرحمن مولى سُكّرة، وذكر ابنُ عديّ في "الكامل" 3/ 35 أنَّ لخالد بن مخلد - وهو القَطَواني - عنه نسخةً يرويها عن العلاء بن عبد الرحمن الحُرَقي مولاهم. وفي طبقته رجلٌ بهذا الاسم ذكره ابنُ أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، وذكر عن أبيه أبي حاتم أنه حدَّث بحديثين كذبٍ لا أصل لهما، ولعله يكون هو نفسُه، والله أعلم. وعلى أي حالٍ فهو متابَع.

وأخرجه بتمامه أحمد 14/ (8960) و 15/ (9247) و 16/ (1924)، ومسلم (2713)، وأبو داود (5051)، وابن ماجه (3873)، والترمذي (3400)، والنسائي (7621) و (7667) و (10558)، وابن حبان (5537) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، به. وبعضهم يجعله من دعائه صلى الله عليه وسلم هو نفسُه بذلك.

وسيأتي برقم (4796) من طريق سليمان الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.

وأخرجه بتمامه أيضًا مسلم (2713)، وابن ماجه (3831)، والترمذي (3481)، والنسائي (7622)، وابن حبان (966) من طريق سليمان الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: أتت فاطمةُ النبيَّ تسأله خادمًا، فقال لها: "قولي: اللهم رب السماوات

" فذكر الدعاء بمثل رواية سهيل عن أبيه.

(3)

بل قد أخرجه مسلم كما تقدم، ونبَّه على ذلك الذهبي في "تلخيصه".

ص: 836

عبد الأعلى بن حماد وأزهَر بن مروان البصريان، أنَّ بشر بن منصور السَّلِيمي

(1)

حدَّثهم عن زُهير بن محمد، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: دعا رجلٌ من الأنصار من أهل قُباءٍ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فانطلقْنا معه، فلما طَعِمَ وغَسَلَ يَدَيه - أو قال: يدَه - قال: "الحمدُ لله الذي يُطْعِمُ ولا يُطعَم، مَنَّ علينا فهَدَانا، وأطعَمَنا وسَقَانا، وكلَّ بلاءٍ حَسَنٍ أَبْلانا، الحمدُ لله غيرَ مُودَّعٍ ولا مُكافإٍ، ولا مَكفُورٍ، ولا مُستغنًى عنه، الحمدُ لله الذي أطعَمَ من الطعام، وسَقَى من الشراب، وكَسَا من العُرْيِ، وهَدَى من الضَّلالة، وبَصَّر من العَمَاية، وفَضَّلَ على كثيرٍ ممَّن خَلَقَ تفضيلًا، الحمدُ لله ربِّ العالمين"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2027 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أحمد بن علي بن مُسلم الأبّار، حدثنا الهيثم بن خارجة، حدثنا الوليد بن مسلم، عن عُفير بن مَعْدان، عن سُلَيم بن عامر، عن أبي أُمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا نادى المُنادِي فُتحت أبوابُ السماءِ، واستُجيب الدُّعاءُ، فمن نَزَلَ به كَرْبٌ أو شِدّةٌ فليَتحيَّن المُناديَ، فإذا كبَّرَ كبَّرَ، وإذا تَشهَّد تَشهَّدَ، وإذا قال: حيَّ على الصلاة، قال: حيَّ على الصلاة، وإذا قال: حيَّ على الفَلاح، قال: حيَّ على الفلاح، ثم يقول: اللهمَّ ربَّ هذه الدعوة الصادقةِ المستجابِ لها دعوةِ الحقِّ وكلمةِ التقوى أحْيِنا عليها، وأمِتْنا عليها، وابعَثْنا عليها،

(1)

نسبة إلى سَلِيمة، بفتح السين وكسر اللام، من ولد مالك بن فَهْم من الأزد.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي (10060) عن زكريا بن يحيى السِّجْزي، وابن حبان (5219) عن الحسن بن سفيان، كلاهما عن عبد الأعلى بن حماد وحده، بهذا الإسناد.

ولبعضه شاهد من حديث أبي أمامة الذي تقدَّم برقم (1956).

قوله: "أبلانا" أي: أنعم به علينا.

وقوله: "ولا مُكافأ"، أي: إنَّ نعمة الله لا تُكافأ.

والعَماية، بفتح العين المهملة، معناها: الغَوايةُ واللَّجَاجُ في الباطل والجَهالةُ.

ص: 837

واجعَلْنا من خِيارِ أهلِها أحياءً وأمواتًا، ثم يسألُ اللهَ حاجتَه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2028 -

حدثنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحُسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شُعبة.

وأخبرنا أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا الحسن بن المُثنَّى، حدثنا عَفَّان، حدثنا شُعبة، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَعقِدُ التَّسبِيحَ

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل عُفير بن مَعْدان، فهو واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه أحمد بن مَنيع في "مسنده"، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (242/ 1 و 4)، والطبراني في "الدعاء"(458)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(98)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 10/ 212 من طرق عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وهو عند ابن منيع والطبراني مختصر.

وأخرج الطبراني في "الكبير"(7713)، والبيهقي في "الدعوات الكبير"(669)، والبيهقي في "الكبرى" 3/ 360، وفي "معرفة السنن والآثار"(7240)، وابن الشجري في "أماليه" 1/ 224، والحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 383 من طريقين عن الوليد بن مسلم، به، مرفوعًا بلفظ:"تُفتح أبوابُ السماء ويُستجاب الدعاء في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف في سبيل الله، وعند نزول الغيث، وعند إقامة الصلاة، وعند رؤية الكعبة".

ولإجابة الدعاء بعد الأذان شاهد من حديث أنس بن مالك عند أحمد 20/ (12584)، وأبي داود (521)، والترمذي (212)، و (3594)، والنسائي (9812)، وابن حبان (1696)، بلفظ:"إنَّ الدعاء لا يُردُّ بين الأذان والإقامة فادعوا". وهو صحيح.

وآخر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد 11/ (6601)، وأبي داود (524)، والنسائي (9789)، وابن حبان (1695): أنَّ رجلًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إنَّ المؤذنين يفضُلوننا بأذانهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قل كما يقولون، فإذا انتهيت فَسَلْ تُعْطَ". وهو حسن في المتابعات والشواهد.

وثالث من حديث سهل بن سعد عند المصنف برقم (730) و (2566)، وهو صحيح.

(2)

إسناده صحيح، وسماع شعبة من عطاء بن السائب قبل اختلاطه، وعبد الرحمن بن الحسن =

ص: 838

رواه الأعمش عن عطاء بن السائب:

2029 -

أخبرَناهُ أبو الطَّيب محمد بن أحمد بن الحسن الحِيْري، حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفَرّاء، حدثنا علي بن عَثّام بن علي العامِري، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَعقِدُ التَّسبيحَ

(1)

.

2030 -

أخبرَناهُ أزهَرُ بن أحمد المُنادِي ببغداد، حدثنا عبد الملك بن محمد الرَّقاشي، حدثنا عبد الله بن داود الخُرَيبي، حدثنا هانئ بن عثمان، عن حُمَيضةَ بنتِ

= شيخ المصنف - وإن كان فيه ضعف - متابع. وقد اختُصِرت روايةُ شعبة هنا بهذا اللفظ، وإنما هذا المذكور لفظ الأعمش كما أورده المصنف بعده.

وأخرجه أحمد 11/ (6910) عن محمد بن جعفر، وأبو داود (5065) عن حفص بن عُمر الحوضي، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد، عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خصلتان أو خلتان لا يحافظ عليهما رجلٌ مسلم إلَّا دخل الجنة، هما يسير ومن يعمل بهما قليل، تسبّح الله عشرًا، وتحمد الله عشرًا، وتكبر الله عشرًا في دُبُر كل صلاة، فذلك مئة وخمسون باللسان وألف خمس مئة في الميزان وتسبح ثلاثًا وثلاثين، وتحمد ثلاثًا وثلاثين، وتكبر أربعًا وثلاثين، إذا أخذ مضجعه، فذلك مئة باللسان وألف في الميزان، فأيكم يعمل في اليوم ألفين وخمس مئة سيئة؟ " قالوا: يا رسول الله، كيف هما يسير ومن يعمل بهما قليل؟ قال:"يأتي أحدَكم الشيطانُ إذا فرغ من صلاته، فيذكِّره حاجة كذا وكذا، فيقوم ولا يقولها، فإذا اضطجع يأتيه الشيطانُ فيُنوّمه قبل أن يقولها" فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقِدهُنَّ في يده. هذا لفظ محمد بن جعفر، ولفظ حفص بن عمر بنحوه.

وأخرجه بنحو هذا اللفظ أحمد (6498)، وابن ماجه (926)، والترمذي (3410)، والنسائي (1272) و (10586)، وابن حبان (2012) و (2018) من طرق عن عطاء بن السائب، به.

وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

(1)

إسناده صحيح. وسماع الأعمش - وهو سليمان بن مِهران - من عطاء بن السائب قديم قبل اختلاطه.

وأخرجه أبو داود (1502)، والترمذي (3411) و (3486)، والنسائي (1280)، وابن حبان (843) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

ص: 839

ياسر، عن جَدّتِها يُسَيرة - وكانت إحدى المهاجراتِ - قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "عَليكُنَّ بالتَّسبِيح والتَّهلِيل والتَّقدِيس، ولا تَغفُلْنَ فتَنسَيْنَ التوحيدَ، واعقِدْنَ بالأناملِ، فإنهنَّ مسؤولاتٌ ومُستَنطَقاتٌ"

(1)

.

2031 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا هشام بن علي السَّدُوسي، حدثنا شاذُّ بن فَيَّاض، حدثنا هاشم بن سعيد عن كِنانةَ، عن صَفِيَّةَ قالت: دخلَ علَيَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وبين يدَيّ أربعة آلافِ نَوَاةٍ أسبِّحُ بهنّ، فقال:"يا بنتَ حُيَيٍّ، ما هذا؟ " قلتُ: أُسبِّحُ بهنّ، قال:"قد سبَّحتُ منذ قُمتُ على رأسِكِ أكثرَ من هذا"، قلت: عَلِّمني يا رسولَ الله، قال:"قُولي: سبحانَ الله عَدَدَ مَا خَلَقَ من شيءٍ"

(2)

.

(1)

إسناده محتمل للتحسين، حُميضة بنت ياسر وإن انفرد بالرواية عنها ابنها هانئ بن عثمان، ذكرها ابنُ حبان في "الثقات"، وقال ابن حجر في "التقريب": مقبولة، وابنها هانئ روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات".

وأخرجه أبو داود (1501) عن مُسدَّد بن مُسرهد، عن عبد الله بن داود، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 45/ (27089)، والترمذي (3583)، وابن حبان (842) من طريق محمد بن بشر، عن هانئ بن عثمان، به.

ويشهد له حديثُ عبد الله بن عمرو الذي قبله.

(2)

حديث حسن كما قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 82، وهذا إسناد ضعيف لضعف هاشم بن سعيد - هو الكوفي - لكنه متابع، وللحديث طريق أخرى لا بأس بها عن صفية، وبذلك يمكن تحسين الحديث، على أنَّ له شاهدًا أيضًا، فتأكد تحسينُه، والله أعلم.

وأخرجه الترمذي (3554) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن هاشم بن سعيد، به.

وقال: حديث غريب لا نعرفه عن صفية إلّا من هذا الوجه من حديث هاشم بن سعيد الكوفي، وليس إسناده بمعروف.

كذا قال مع أنَّ له طريقًا أخرى عند أبي الحسن الخِلَعي في "الخِلَعيّات" كما قال الحافظ ابن حجر في "النكت الظِّراف" 11/ (15904)، وأخرجه من طريقه في "نتائج الأفكار" 1/ 83 من طريق حُدَيج بن معاوية، عن كنانة مولى صفيّة، عن صفيّة. وحُديج بن معاوية ضعيف يُعتبر به في المتابعات والشواهد كما هو الحال هنا.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(5472)، و"الدعاء"(1740) من طريق يزيد بن مُعتِّب مولى =

ص: 840

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ من حديث المصريين بإسناد أصحَّ من هذا:

2032 -

حدَّثناه إسماعيل بن أحمد الجُرْجاني، حدثنا محمد بن الحسن بن قُتيبة العَسقَلاني، حدثنا حَرْملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أنَّ سعيد بن أبي هلال حدَّثَه عن عائشة بنت سعد بن أبي وقّاص، عن أبيها: أنه دَخَلَ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم على امرأةٍ وبين يديها نَوًى أو حَصًى تُسبِّحُ، فقال:"أُخبِرُك بما هو أيسَرُ عليكِ من هذا وأفضلُ؟ قُولي: سُبحانَ الله عَددَ مَا خَلَق في السماءِ، سُبحانَ الله عدَدَ ما خَلَق في الأرض، سُبحانَ الله عدَدَ ما بينَ ذلك، وسُبحانَ الله عدَدَ ما هو خالقٌ، الله أكبرُ مثلَ ذلك، والحمدُ لله مثل ذلك، ولا إله إلَّا اللهُ مثلَ ذلك، ولا قُوَّةَ إلَّا بالله مثلَ ذلك"

(1)

.

= صفيّةَ، عن صفية. ويزيد مولى صفيّة سمِّي أبوه معتّبًا في كتابي الطبراني المذكورين، وكذلك سمَّاه المزِّي في "تهذيب الكمال" في الرواة عن صفيّة، وسمَّاه البخاري في "تاريخه الكبير" 8/ 340، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 271: يزيد بن شعيب، وسمِّي في رواية له في "المطالب العالية" (1070): يزيد بن سعيد، فالظاهر أنَّ سعيدًا تحريف عن شعيب، وكذلك معتب تحريف عن شعيب، والله تعالى أعلم، وعلى أي حالٍ فهو - وإن كان فيه جَهالة - تابعيٌّ كان مولًى لصفيّة بنت حُيَيّ، ولا يُعرف بجرح، فيُحتمل تحسينُ حديثه في المتابعات والشواهد.

ويشهد له حديث سعد بن أبي وقاص التالي.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه اختُلف فيه عن عبد الله بن وهب، فأكثر الروايات عنه وقع فيها زيادة راوٍ في الإسناد بين سعيد بن أبي هلال وعائشة بنت سعد بن أبي وقاص، وهو رجل اسمه خزيمة، كذلك وقع اسمه مهملًا غير مقيد، وهو رجل مجهول. وممَّن لم يذكره في الإسناد حرملة بن يحيى - وهو التَّجِيبي - عند المصنِّف وعند ابن حبان، ولا يُظَنُّ أنه سقط ذكر خزيمة من أصول "المستدرك" الخطية، بحجة أنَّ الحافظ ذكره في "إتحاف المهرة" 5/ (5094)، فقد نصَّ الضياء المقدسي في "المختارة" 3/ بإثر (1011) أنه لم يُذكر خزيمةُ في رواية حرملة عند ابن حبان والحاكم، هذا ولسعيد بن أبي هلال روايةٌ عن عائشة بنت سعد بغير واسطة كما في حديثٍ له عند النسائي (7465)، وآخر عند البزار (1202)، كلاهما من طريق =

ص: 841

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= خالد بن يزيد المصري عنه، وسماعه منها ممكن، فإنه أدركها، فلعله يكون سمع منها مرةً بواسطة، ومرة بغير واسطة، والله تعالى أعلم.

وأخرجه ابن حبان (837) عن عبد الله بن محمد بن سَلم الفريابي، عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (1201) عن عمر بن الخطاب السجستاني، عن أصبغ بن الفرج، وأبو يعلى (710) عن هارون بن معروف، كلاهما عن عبد الله بن وهب، به. دون ذكر خزيمة في إسناده أيضًا.

وخالفهم غيرهم:

فأخرجه الترمذي (3568) عن أحمد بن الحسن الترمذي، والطبراني في "الدعاء"(1738) عن يحيى بن عثمان بن صالح، والبغوي في "شرح السنة"(1279) من طريق حميد بن زنجويه، ثلاثتهم عن أصبغ بن الفرج، عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن خزيمة، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها. فزادوا فيه ذكر خزيمة بين ابن أبي هلال وعائشة بنت سعد. وقال الترمذي والبغوي: حديث حسنٌ غريب. وحسّنه أيضًا الحافظ في "نتائج الأفكار" 1/ 81، يعني حسّنوه مع وجود خزيمة في إسناده.

وكذلك أخرجه أحمد بن إبراهيم الدورقي في "مسند سعد بن أبي وقاص"(88) عن عبد الله بن أبي موسى، وأبو داود (1500) - ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان"(595) - عن أحمد بن صالح المصري، وأخرجه النسائي كما في "تحفة الأشراف" 3/ (3955) - ومن طريقه الضياء المقدسي في "المختارة" 3/ (1010) - عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السَّرْح، وأخرجه أبو طاهر المخلِّص في "المخلَّصيات"(2052) - ومن طريقه الضياء المقدسي 3/ (1011)، والمزي في "تهذيب الكمال" 8/ 246 - من طريق يونس بن عبد الأعلى، وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"(343)، وفي "الشعب" بإثر (595) من طريق أحمد بن عيسى المصري، خمستهم (عبد الله بن أبي موسى وأحمد بن صالح وأبو طاهر بن السرح ويونس بن عبد الأعلى وأحمد بن عيسى) عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن ابن أبي هلال، عن خزيمة، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها.

قال الحافظ في "نتائج الأفكار" 1/ 81: يمكن أن تكون هذه المرأة (يعني التي أُبهمت في حديث سعد بن أبي وقاص) صفية، فقد جاء من حديثها بهذا اللفظ. يعني الحديث السابق.

ويشهد له حديث أبي أُمامة الباهلي المتقدم عند المصنف برقم (1912). وهو حديث صحيح.

ص: 842

2033 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنْبل، حدثنا عُبيد الله بن عمر، حدثنا جَرير بن عبد الحميد، عن محمد بن إسحاق، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدِّه، عن عبد الله - وهو ابن عَمرو - قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمُرُ بكلماتٍ من الفَزَع: "أعوذُ بكلماتِ الله التامّات من غَضَبِه ومن عِقابِه، ومن شَرِّ عباده، ومن هَمَزاتِ الشياطينِ وأن يَحضُرونِ".

قال: فكان عبد الله بن عَمرٍو مَن بَلَغَ من ولده عَلَّمَهن إياه، فقالهنَّ عند نومِه، ومن لم يَبلُغْ منهم كَتَبها فعَلَّقَها في عُنُقِه

(1)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم لولا عنعنةُ محمد بن إسحاق، وما وقع في إسناد المصنِّف من قوله: عن جده عن عبد الله بن عَمرو، فهو غريب، وقد وقع مثلُه في رواية ابن بطة العُكْبَري في "الإبانة" 5/ 258 - 259 من طريق يوسف بن موسى عن جرير بن عبد الحميد، وقال ضياء الدين المقدسي فيما نقله عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 5/ 112: أظن "عن"(يعني في قوله: عن عبد الله) فيه زائدة، وإلّا فيكون من رواية محمد (يعني ابن عبد الله بن عمرو بن العاص) عن أبيه. قال الذهبي: عمرو بن شعيب لا يعني بجده إلَّا جده الأعلى عبد الله رضي الله عنه، وقد جاء مصرَّحًا به في غير حديثٍ، يقول: عن جدِّه عبد الله، فهذا ليس بمرسل، وقد ثبت سماع والده شعيب من جده عبد الله بن عمرو، وما علمنا بشعيب بأسًا، رُبِّي يتيمًا في حجر جدّه عبد الله، وسمع منه، وسافر معه

وما أدري هل حفظ شعيب شيئًا من أبيه أم لا؟ وأنا عارف بأنه لازم جدَّه وسمع منه.

قلنا: لم يقع ذلك إلّا عند المصنف وابن بطة، وعند غيرهما ممن خرَّج الحديثَ: عن جده، لم يزيدوا على ذلك، وهذا يدلُّ على وهم ما وقع في رواية المصنّف وابن بطة.

وقد أخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"(429) من طريق المصنّف هذه، ثم قال بعد قوله: عن عبد الله: كذا وجدتُه في كتابي!

وأخرجه أحمد 11/ (6696)، وأبو داود (3893)، والترمذي (3528)، والنسائي (10533) من طرق عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده. وقال الترمذي: حديث حسنٌ غريب.

وأخرجه النسائي (10534) عن عمران بن بكار، عن أحمد بن خالد الوهبي، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: كان خالد بن الوليد بن المغيرة رجلًا =

ص: 843

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يَفْزع في منامه، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا اضطجعت فقل: باسم الله، أعوذ

فذكره، فقالها، فذهب ذلك عنه. كذا وقع في هذه الرواية قصة الحديث المذكور وأنَّ صاحب القصة هو خالد بن الوليد.

لكن خالف عمرانَ بنَ بكار جماعةٌ آخرون عند البخاري في "خلق أفعال العباد"(440)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(6509)، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 109، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 3/ 119، فرووه عن أحمد بن خالد الوهبي، عن ابن إسحاق، به فذكروا القصة، لكنهم ذكروا أنَّ صاحب القصة هو الوليد بن الوليد بن المغيرة، وليس أخاه خالد بن الوليد، وكأنَّ هذا هو الأشبه، فقد روى قصة الوليد بن الوليد هذه مع الدعاء المذكور جماعةٌ من الحفاظ عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن يحيى بن حَبّان مرسلًا، منهم شعبةُ عند أحمد 27/ (1657)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(638)، وعبدُ الرحيم بنُ سليمان عند ابن أبي شيبة 8/ 160 و 10/ 362، ويحيى بنُ سعيد القطانُ عند مسدّد بن مُسرهد في "مسنده" كما في "إتحاف الخِيَرة المهرة" للبوصيري (6094/ 1) وسليمانُ بنُ بلال عند البيهقي في "الأسماء والصفات"(406)، ويزيدُ بنُ هارون عند الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 3/ 112. كلهم ذكر أنَّ صاحب القصة هو الوليد بن الوليد. وقال الحافظ هذا مرسل صحيح الإسناد.

وخالفهم مالك بن أنس وحده في "الموطأ" 2/ 950 فرواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال: بلغني أنَّ خالد بن الوليد

فذكر القصة، فجعل صاحب القصة خالد بن الوليد، والقول قول الجماعة الذين جعلوها لأخيه الوليد بن الوليد.

ورواه أيوب بن موسى عند مسدَّد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"(6203)، وابن السني (750)، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 109، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 3/ 111، حيث رواه سفيان بن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، فذكر القصة لخالد بن الوليد، ولعلّه وهمٌ من أحد الرواة، والله أعلم.

وقد رُوي عن خالد بن الوليد من عدة روايات انه كان يفزع أيضًا، لكن وقع فيها جميعًا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم علّمه لدفع ذلك دعاءً آخر غير هذا الدعاء الذي علمه لأخيه الوليد بن الوليد، وهو:"أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بَرٌّ ولا فاجر، من شرِّ ما ينزل من السماء ومن شَرِّ ما يعرُج فيها، ومن شرِّ ما ذرأ في الأرض، ومن شرِّ ما يخرج منها، ومن شرِّ طوارق الليل والنهار، ومن شرِّ كل طارق يطرُق، إلّا طارقًا يطرق بخير، يا رحمن". فلعلَّ هذا هو منشأ الوهم لدى الذين جعلوا صاحب قصة الدعاء في حديث عمرو بن شعيب وغيره خالدَ بنَ الوليد، فكأنه دخل لهم حديثٌ في حديثٍ، والله تعالى أعلم. =

ص: 844

هذا حديث صحيح الإسناد مُتّصلٌ في موضع الخِلاف.

2034 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنَان القَزّاز، حدثنا مُعاذ بن فَضَالة، حدثنا هشامٌ صاحب الدَّسْتُوائي، حدثنا أبو الزُّبير، عن جابر، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أَوَى أحدُكم إلى فِراشِه ابتدَرَه مَلَكٌ وشيطانٌ، يقول الشيطانُ: افتح بشَرٍّ، ويقول المَلَك: افتَحْ بخَيرٍ، فَإِن ذَكَرَ اللهَ ذهبَ الشيطانُ وباتَ الملكُ يَكلؤُه، وإذا استيقظ ابتدَرَه مَلَكٌ وشيطانٌ، يقول الشيطان: افتح بشَرٍّ، ويقول المَلَك: افتح بخَيرٍ، فإن قال: الحمدُ لله الذي رَدَّ إِليَّ نَفْسي بعد مَوتها ولم يُمِتْها في نومها، الحمدُ لله الذي يُمسِكُ السماءَ أن تَقعَ على الأرضِ إِلَّا بِإِذنِهِ، إِنَّ الله بالناس لرؤوفٌ رحيمٌ، الحمدُ لله الذي يُحيي الموتى وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ، فإن خَرَّ مِن دابَّةٍ مات شهيدًا، وإن قام فصلَّى صلَّى في الفَضائلِ"

(1)

.

= إذًا فمرسل محمد بن يحيى بن حَبّان شاهدٌ لحديث عمرو بن شعيب الذي بأيدينا، وهو مرسل صحيح الإسناد كما قال الحافظ، فيصحُّ به حديثُ عمرو بن شعيب، وقد قال ابنُ عبد البر في "التمهيد" 24/ 109: هذا حديثٌ مشهورٌ مسندًا وغير مسندٍ.

ويشهد له أيضًا مرسلُ محمد بن المنكدر عند ابن السني (747)، وإسناده يصلح في المتابعات والشواهد.

قوله: "همزات الشياطين"، أي: خَطَراتُها التي تُخطِرها بقلب الإنسان.

وقوله: "وأن يَحضُرون": معناه: أن يُصيبُوني بشرٍّ.

وكلمات الله التامة: يحتمل أن يريد به أنَّه لا يدخلها نقص وإن كان كلمات غيره يدخلها النقص. ويحتمل أن يريد به الفاضلة، يقال: فلان تامٌّ وكاملٌ، أي: فاضل. ويُحتمل أن يريد به الثابت حكمُها كما في قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا} .

(1)

حديث حسن غريب كما قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 3/ 79، ورجال إسناد المصنف هنا ثقات غير محمد بن سنان القَزَّاز، ففيه مقال، لكنه يعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد تابعه أبو حاتم الرازي عند ابن مَنْدَه في "التوحيد"(137). وإنما اقتصر الحافظُ في "نتائج الأفكار" على تحسينِه، مع اعترافه بثقة رجاله، لأنه رحمه الله يرى أنَّ مثلَ ذلك مما يعنعنه الثقة المدلّس - وهو هنا أبو الزبير المكي في رأي ابن حجر - يحط الحديث عن درجة =

ص: 845

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2035 -

أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيَّاري بمَرْو، حدثنا أبو المُوجِّه، حدثنا صَدَقة بن الفضل، حدثنا أبو هَمّام الأهوازي، حدثنا ثَور بن يَزيدَ، عن خالد بن مَعْدان عن زُهير الأَنْماري، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذا أَخَذَ مَضْجَعَه قال: "اللهم اغفِرْ لي ذَنْبي، واخسَ شيطاني، وفُكَّ رِهاني، وثَقِّل مِيزاني، واجعلْني في المَلأ الأعلى"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= الصحيح كما صرَّح به عند تخريجه هذا الحديث 3/ 80، وأما المنذري في "الترغيب والترهيب" فنسبه إلى أبي يعلى وصحح إسناده.

وأخرجه النسائي (10625) من طريق أزهر بن القاسم، عن هشام الدَّستُوائي، عن الحجاج بن أبي عثمان الصَّوّاف، عن أبي الزبير، عن جابر موقوفًا. كذا خالف فيه أزهرُ معاذَ بنَ فضالة فذكر واسطةً بين هشام الدستُوائي وأبي الزبير، ووقفَ الحديثَ على جابر، غير أنَّ أزهر بن القاسم قال عنه أبو حاتم الرازي: يُكتب حديثُه ولا يُحتج به، وقال ابن حبان: كان يخطئ. وأطلق أحمد والنسائي توثيقه، ولهذا قال الذهبي في "الميزان": ليس بالحجة، فهو كما قال الذهبي، فمعاذُ بنُ فَضَالة أوثقُ منه حيث وثَّقه أبو حاتم واحتجَّ به البُخاري، ثم إنَّ لهشامٍ الدَّستوائي في الصحيح روايةً عن أبي الزبير مباشرة، على أنه صرَّح هنا في رواية المصنف بسماعه من أبي الزبير، وأما ما يتعلق بوقف الحديث فإنَّ غير أزهر رفع الحديث، فالمحفوظ رفعه، ولهذا قال الحافظ في "الأمالي السَّفَرية الحلبية" ص 53: سند المرفوع أقوى.

وأخرجه النسائي (10624)، وابن حبان (5533) من طريق حماد بن سلمة، عن الحجاج بن أبي عثمان الصَّوّاف عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعًا. وكذلك رواه جماعةُ أصحاب الحجاج الصّوّاف مرفوعًا.

وأخرجه كذلك النسائي (10623) من طريق المغيرة بن مسلم القَسْملي، عن أبي الزبير، عن جابر.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قويٌّ من أجل أبي همام الأهوازي - وهو محمد بن الزِّبْرقان - وقد توبع كما تقدَّم تخريجه عند الطريق السالفة برقم (2005) حيث تقدَّم الحديث هناك من طريق أبي زكريا يحيى بن يزيد الأهوازي عن أبي همام الأهوازي

ص: 846

2036 -

أخبرني أبو النضر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أصبَغُ بن الفَرَج المصري وهارون بن مَعروف البغدادي، قالا: حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني حُيَيّ بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عَمرو، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا جاءَ الرجل يعودُ مَريضًا فليقل: اللهمَّ اشْفِ عبدَك يَنكَأُ لك عدوًّا، أو يَمشي لك إلى صلاةٍ"

(1)

.

هذا حديث مِصري صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد رُوي في هذا الباب حديثٌ آخرُ من حديث الكوفيين:

2037 -

حدَّثَناهُ أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أحمد بن علي الخَزّاز، حدثنا جَنْدَلُ بن والِقٍ التَّغْلِبي، حدثنا شُعيب بن راشد بَيَّاع الأنْماطِ، حدثنا أبو هاشم الرُّمّاني، عن زَاذانَ، عن سَلْمَانَ، قال: عادَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا عَلِيلٌ، فقال:"يا سلمانُ، شَفَى الله سَقَمَك، وغَفَر ذَنْبَك، وعافاك في دِينِك وجِسمِك إلى مُدةِ أجَلِكَ"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف من أجل حُيّي بن عبد الله - وهو المَعافِري - فهو ضعيف عند التفرد، وقد تفرَّد بهذا الحديث كما قال الحافظ في "نتائج الأفكار" 4/ 189، ومع ذلك حسَّنه!

وقد تقدَّم هذا الحديثُ برقم (1289) من طريق أبي الطاهر بن السَّرْح عن ابن وهب.

(2)

إسناده تالفٌ بمرةٍ، وقد سقط هذا الإسناد بين شعيب وأبي هاشم رجلٌ هو أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي كما نبَّه عليه الحافظُ في "نتائج الأفكار" 4/ 208، وهو رجلٌ كذّاب يضعُ الحديث، وقد خفي أمرُه على الحاكم فصحَّح إسناده، وخفي على الذهبي في "تلخيصه" فجوَّد الإسناد. وشعيب بن راشد - ويقال: بن أبي راشد - قال عنه أبو حاتم: حدَّث بثلاثة أحاديث بإسناد واحدٍ عن عمرو بن خالد منكرة، وهو شيخ مجهولٌ.

وأخرجه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 207 من طريق أحمد بن علي بن خلف، عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد. وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(548) من طريق محمد بن الحسين الكوفي، والبيهقي في "الدعوات"(602) من طريق محمد بن صالح الأنماطي، كلاهما عن جَنْدل بن والِقٍ، عن شُعيب بن راشد عن أبي خالد عمرو بن خالد الواسطي، عن أبي هاشم الرُّماني، به. =

ص: 847

2038 -

أخبرنا جعفر بن هارون النَّحْوي ببغداد، حدثنا إسحاق بن صَدَقة بن صَبِيح، حدثنا خالد بن مَخلَد القَطَواني، حدثنا سليمان بن بلال، حدثنا عُمارة بن غَزِيّة، قال: سمعتُ عبدَ الله بن علي بن الحُسين يُحدِّث عن أبيه، عن جدِّه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ البَخِيلَ من ذُكرتُ عنده فلم يُصَلِّ عَلَيَّ"

(1)

.

= وأخرجه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(31)، ومن طريقه أخرجه الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 288 - 289، وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1073)، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 21/ 417، كلاهما (ابن أبي الدنيا والبغوي) عن أبي محمد عبد الرحمن بن صالح الأزدي، عن شعيب بن راشد، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6106) من طريق وهب بن حفص الحراني، عن محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني، عن عمرو بن خالد الواسطي، به. ووهب بن حفص هذا كذّاب يضع الحديث.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف إسحاق بن صدقة، لكنه متابع.

وأخرجه النسائي (8046) و (9800) عن أحمد بن الخليل البغدادي، عن خالد بن مخلد القَطَواني، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/ (1736)، والترمذي (3546)، والنسائي (8046) و (9801)، وابن حبان (909) من طريق أبي عامر عبد الملك بن عَمرو العَقَدي، وأحمد (1736) عن أبي سعيد مولى هاشم، كلاهما عن سليمان بن بلال، به.

ووافق سليمانَ بنَ بلال عليه إسماعيلُ بن جعفر بن أبي كثير عند القاضي إسماعيل بن إسحاق في "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"(35)، وأبي بكر الدِّينوري في "المجالسة"(1048)، وابن المقرئ في "معجمه"(930)، وقاضي المارستان في "مشيخته"(419).

وخالفهما عبد العزيز بنُ محمد الدَّراوردي عند النسائي (9802)، فرواه عن عُمارة بن غزية، عن عبد الله بن علي بن الحسين، قال: قال علي بن أبي طالب. كذا رواه منقطعًا وجعله من مسند علي بن أبي طالب.

وخالفهم عمرو بن الحارث المصري، فقد أخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 148 معلَّقًا، والقاضي إسماعيل في "فضل الصلاة على النبي"(33) عن أحمد بن عيسى بن حسان المصري عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عمارة بن غزية، عن عبد الله بن علي بن الحسين، أنه سمع أباه يقول

فذكره مرسلًا. =

ص: 848

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ عن أبي هريرة:

2039 -

حدَّثَناهُ أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المُثنّى، حدثنا مُسدّد، حدثنا بشر بن المُفضَّل، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن سعيدٍ المَقبُري، عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "رَغِمَ أنْفُ رجلٍ ذُكرتُ عنده فلم يُصَلِّ عَليَّ"

(1)

.

= وخالف أحمدَ بنَ عيسى المصريَّ فيه أحمدُ بنُ عمرو بن السَّرْح عند البيهقي في "شعب الإيمان"(1464) فرواه عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عمارة بن غزية، عن عبد الله بن علي بن الحسين، أنه سمع أبا هريرة يقول

فذكره وذكر أبي هريرة في هذا الإسناد وهمٌ لا محالة، على أنه وإن صحَّ فيه ذكر أبي هريرة تنزُّلًا فيبعد سماع عبد الله بن علي بن الحسين منه بل يبعد إدراكه له كذلك، لأنَّ أباه علي بن الحسين كان عمره لما مات أبو هريرة تسعةَ عشرَ عامًا أو واحدًا وعشرين عامًا، فيبعد وجود ولد له يدرك السماع من أبي هريرة، والله أعلم.

وقال الدارقطني في "العلل"(304): قول سليمان بن بلال أشبه بالصواب.

(1)

حديث صحيح، وهذ إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن إسحاق - وهو المدني - فهو صدوق، وقد توبع. أبو المُثنَّى: هو معاذ بن المُثنَّى.

وأخرجه أحمد 12/ (7451)، والترمذي (3545) من طريق ربعي بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن إسحاق، به. وقال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه.

وأخرجه ابن حبان (907) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صعِدَ المِنبرَ، فقال:"آمين آمين آمين"، قيل: يا رسول الله، إنك حين صعِدتَ المنبر قلت: آمين آمين آمين، قال: "إنَّ جبريل أتاني، فقال:

ومن ذُكِرتَ عنده فلم يُصَلِّ عليك فمات فدخل النار فأبعدَه اللهُ، قل: آمين، فقلت: آمين". وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو.

وبنحو لفظ محمد بن عمرو عن أبي سلمة رواه أيضًا كثيرُ بنُ زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة عند البخاري في "الأدب المفرد"(646) وغيره، وإسناده حسن كذلك من أجل كثير والوليد.

قوله: "رَغِمَ أنفُ رجل"، أي: لَصِق بالتراب، وهو كناية عن غاية الذُّلِّ والهَوان.

ص: 849

2040 -

حدثنا أحمد بن عُبيد الحافظ، حدثنا إبراهيم بن الحُسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا ابن أبي ذِئْب، عن سعيد بن أبي سعيد، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما جَلَسَ قومٌ يَذكُرون اللهَ لم يُصلُّوا على نَبيِّهم، إلَّا كان ذلك المجلسُ عليهم تِرَةً، ولا قَعَدَ قومٌ لم يَذكُروا الله، إلَّا كان ذلك عليهم تِرَةً"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه في تسمية التابعي فسُمِّي هنا في رواية آدم بن أبي إياس عن ابن أبي ذئب: إسحاقَ بنَ عبد الله بن الحارث، وسماه يحيى بن سعيد القطان في روايته عن ابن أبي ذئب: إسحاق مولى الحارث، وكذلك سمّاه القاسم بن يزيد الجَرْمي في روايته عن ابن أبي ذئب لكنه أسقط سعيدًا المقبري من الإسناد، وكل ذلك وهم، قال المزي في "تهذيب الكمال" 2/ 502: قال عبد الله بن المبارك وعثمان بن عمر بن فارس ويحيى بن سعيد القطان: عن ابن أبي ذئب (وهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة) عن سعيد المقبري، عن أبي إسحاق مولى عبد الله بن الحارث، عن أبي هريرة، وهو الصواب. قلنا: كذلك عدَّ المزيُّ يحيى بنَ سعيد القطان ممّن ذكر أبا إسحاق بدل إسحاق، اعتمادًا على ما وقع له في النسخ التي اعتمدها من "سنن النسائي الكبرى"، لكن ذكر الحافظ في "النكت الظراف" 10/ (14856) أنه وقع في رواية حمزة الكناني لسنن النسائي: إسحاق، بدل أبي إسحاق. قلنا: وهو الذي جاء في مصادر التخريج التي خرَّجت هذا الحديثَ من طريق يحيى القطان، فكأنَّ هذا الوهم كله من جهة ابن أبي ذئبٍ، والله أعلم.

وممَّن سمَّاه أبا إسحاق مولى عبد الله بن الحارث أيضًا رَوح بن عُبادة، فهو الصواب، كما قال المزي، وإذا عرفنا ذلك فأبو إسحاق مولى عبد الله بن الحارث هذا تابعي روى عنه تابعي معروف بالرواية عن أبي هريرة، فيحتمل تحسينُ حديثه، على أنَّ هذا الحديث مرويٌّ بنحو هذا اللفظ من طريق أبي صالح السمان عن أبي هريرة كما تقدَّم عند المصنف بالأرقام (1829 - 1831) بإسناد صحيح، ومن طريق صالح مولى التوأمة أيضًا عن أبي هريرة كما تقدَّم برقم (1847) بإسناد حسن، فالحديث صحيح بهذا اللفظ.

ولا تُعِلُّ رواية سعيد المقبري هذه عن أبي إسحاق مولى عبد الله بن الحارث عن أبي هريرة، روايةَ سعيد المقبري التي قبل هذه عن أبي هريرة مباشرة بدون واسطةٍ بينهما، لأنهما سياقان مختلفان، فهما حديثان، والله تعالى أعلم. =

ص: 850

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2041 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مِهْران، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، عن بُرَيد بن أبي مريم، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن صلَّى عليَّ صلاةً، صلَّى اللهُ عليه عشرَ صلَواتٍ، وحَطَّ عنه عشرَ خَطِيئاتٍ"

(1)

.

= وأخرجه أحمد 15/ (9583) عن روح بن عُبادة، والنسائي (10165) من طريق عبد الله بن المبارك، والنسائي أيضًا كما في "تحفة الأشراف" للمزي 10/ (14856) من طريق عثمان بن عمر، ثلاثتهم عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (9583)، والنسائي (10166) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن إسحاق - وقيّد في رواية النسائي بمولى الحارث - عن أبي هريرة. كذا سمّاه القطانُ إسحاقَ وأنه مولى الحارث!

وأخرجه النسائي (10168) من طريق القاسم بن يزيد الجرمي، عن ابن أبي ذئب، عن إسحاق، عن أبي هريرة. كذا سماه القاسمُ إسحاقَ، وأسقط سعيدًا المقبري من الإسناد!

وأخرج شطره الثاني ابنُ حبان (853) من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. فأسقط من إسناده أبا إسحاق مولى عبد الله بن الحارث، لكن الوليد بن مسلم يدلّس تدليس التسوية، فلا يبعد أن يكون دلّس أبا إسحاق من الإسناد.

وأصل التِّرةِ: النقصُ، ومعناها ها هنا التَّبِعة والمؤاخذة.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق - واسم أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السَّبيعي - وقد تابعه أبوه.

وأخرجه أحمد 19/ (11998) و 21/ (13754)، والنسائي (1221) و (9807) و (10122 - 10124)، وابن حبان (904) من طرق عن يونس بن أبي إسحاق، به. زاد بعضهم:"ورفعت له - أو ورفعه بها عشر درجات".

وأخرجه النسائي (9808) من طريق مخلد بن يزيد، عن يونس بن أبي إسحاق، عن بُريد بن أبي مريم، عن الحسن البصري، عن أنس. فزاد في إسناده الحسن البصري بين بُريد وأنس، مع أنَّ بُريدًا سمع من أنس عدة أحاديث، وقد صرَّح بسماعه منه هذا الحديثَ بعينه في بعض طُرقه، فالظاهر أنه سمع الحديث أولًا بواسطة الحسن البصري، ثم التقى بأنس فسمعه منه مباشرة، =

ص: 851

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2042 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا جَدّي، حدثنا إسماعيل بن أبي أُويس، حدثنا سُليمان بن بلال، حدثني عَمرو بن أبي عَمرو، عن عاصم بن عمر بن قَتادة، عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عَوف، عن عبد الرحمن بن عَوف، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إني لَقِيتُ جبريلَ عليه السلام فبَشَّرني، وقال: إنَّ ربّك يقول لك: من صَلَّى عليكَ صَلَّيتُ عليه، ومن سَلَّم عليكَ سلَّمْتُ عليه، فسجدتُ لله شُكرًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

آخر كتاب الدعوات

= فكان بُريد يحدِّث به على الوجهين، وإلّا فالإسناد بدون ذكر الحسن البصري متصلٌ كما يفيده قول ابن القيم في "جلاء الأفهام" ص 66. وقد تابع يونسَ على روايته على بُريد عن أنس مباشرةً أبوه أبو إسحاق عند أبي يعلى في "مسنده" (3681) بإسناد صحيح إليه.

وأما الضياء المقدسي في "مختارته"(1567) فرجَّح رواية بُريد عن أنس مباشرة لتصريحه بالسماع منه.

(1)

حديث حسن إن شاء الله بمجموع طرقه على خلاف في إسناده كما هو مبيَّن في التعليق على الحديث في "مسند أحمد"، وفي "علل الدارقطني"(577).

وأخرجه أحمد 3/ (1664) عن أبي سعيد مولى بني هاشم، عن سليمان بن بلال، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم عند المصنِّف برقم (905) من طريق يزيد بن الهاد عن عمرو بن أبي عمرو عن عبد الرحمن بن الحويرث عن محمد بن جُبير بن نُفير عن عبد الرحمن بن عوف.

ص: 852