المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب فضائل القرآن 2043 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، - المستدرك على الصحيحين - ط الرسالة - جـ ٣

[أبو عبد الله الحاكم]

فهرس الكتاب

‌كتاب فضائل القرآن

2043 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا حَجَّاج بن محمد.

وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أبو المثنَّى العَنبَري، حدثنا يحيى بن مَعِين، حدثنا حجّاج، قال: قال ابن جُرَيج: أخبرني أَبي، أنَّ سعيد بن جُبير أخبره قال:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: 87]، قال: هي أمُّ القرآن، قال أَبي: وقرأها عليَّ سعيدُ بن جُبير: "بسم الله الرحمن الرحيم" الآيةُ السابعة، قال سعيد بن جبير: وقرأَها عليَّ ابنُ عباس

(1)

كما قرأتُها عليك، ثم قال:"بسم الله الرحمن الرحيم" الآيةُ السابعة، قال ابن عباس: فأخرجَها الله لكم، وما أخرجَها لأحدٍ قبلَكم

(2)

.

(1)

في النسخ الخطية: وقرأها علي أبي، وهو خطأ، والتصويب من "تلخيص الذهبي" و"الشعب" للبيهقي.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عبد العزيز بن جُرَيج والد ابن جُرَيج المذكور - واسمه عبد الملك - وقد انفرد بهذا الخبر عن ابن عباس، وخالفه غيره كما سيأتي برقم (3393)، فرووه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أنَّ السبع المثاني هي السبع الطُّوَل، وكذلك رواه مجاهد عن ابن عباس. وجاء في بعض الطرق عن سعيد بن جبير تفسير الطُّوَل بأنها: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس، وعند الحاكم (3393) ذكر سورة الكهف بدل: يونس.

أبو المثنى العنبري: هو معاذ بن المثنَّى، وحجاج بن محمد: هو المِصِّيصي الأعور.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2117) عن أبي عبد الله الحاكم وآخرين، عن أبي العباس، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو عُبيد القاسم بن سلّام في "فضائل القرآن" ص 222، وأبو القاسم بن بشران في "أماليه"(1210)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 44، وابن عبد البر في "الإنصاف" ص 277، وضياء الدين المقدسي في "الأحاديث المختارة" 10/ (239) و (240) من طرق عن حجاج بن محمد، به. =

ص: 5

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد رواه عبد الله بن المبارَك، ومحمد بن بكر البُرْساني، وعبد الرزاق بن همّام، وحفص بن غياث وعثمان بن عُمر

(1)

، وعبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جُرَيج بألفاظ مختلفة.

أما حديث عبد الله بن المبارَك:

2044 -

فأخبرَناه الحسنُ بن حَلِيم المروَزي، أخبرنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله.

وحدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا أحمد بن محمد بن حُرَيث، حدثنا سعيد بن يعقوب الطّالْقاني، حدثنا عبد الله بن المبارَك، عن ابن جُرَيج، عن أبيه، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، في السَّبع المَثَاني، قال: هنَّ فاتحةُ الكتاب. قرأَها ابنُ عباس ببِسْم الله الرحمن الرحيم سبعًا، قال ابن جُرَيج: فقلت لأبي: أخبرك سعيد بن جُبير عن ابن عباس أنه قال: "بسم الله الرحمن الرحيم" آيةٌ من كتاب الله؟ قال: نعم، ثم قال: قرأها ابن عباس ببسم الله الرحمن الرحيم في الركعتين جميعًا

(2)

.

= وأخرجه الطبري في "تفسيره" 14/ 55، والضياء 10/ (238) من طريق سفيان الثَّوري، الطبري 14/ 55 من طريق يحيى بن سعيد الأموي، ومن طريق عبد الله بن وهب، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/ 244، وفي "معاني الآثار" 1/ 200 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، والضياء 10/ (239) من طريق حماد بن زيد خمستهم عن ابن جُرَيج، به.

وله طرق أخرى سيخرجها الحاكم بعد هذه الطريق.

وقد صحَّ أنَّ السبع المثاني هي سورة الفاتحة عن غير ابن عباس، كما في حديث أبي سعيد بن المعلّى عند البخاري (4474)، وحديث أُبي بن كعب الآتي برقم (2071).

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عمرو، بزيادة الواو، وإنما هو عثمان بن عُمر بن فارس العَبْدي.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه، وأحمد بن محمد بن حريث هو السجستاني، وهو واهٍ. =

ص: 6

وأما حديث محمد بن بَكْر:

2045 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا محمد بن بكر البُرْساني.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حَنبَل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن جُرَيج، أخبرني أَبي، أنَّ سعيد بن جُبير أخبره، أنَّ ابن عباس قال:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} ، قال: وقرأها عليَّ سعيد بن جُبير ببسم الله الرحمن الرحيم، حِين خَتَمها، وقال:"بسم الله الرحمن الرحيم" الآيةُ السابعة، قال: وقال لي سعيد بن جُبير: قد أخرجَها اللهُ لكم، فما أخرجها لأحد قبلَكم

(1)

.

وأما حديث عبد الرزاق:

2046 -

فحدَّثَناه أبو الوليد الفقيه، حدثنا جعفر بن محمد وعبد الله بن شِيرَوَيهِ قالا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جُرَيج، عن أبيه، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} ، قال: فاتحةُ الكتاب، ثم قال:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، فقلت لأبي: فقد أخبرك سعيدٌ أنَّ ابن عباس قال: "بسم الله الرحمن الرحيم" آيةٌ؟ قال: نعم

(2)

.

= وأخرجه البيهقي 2/ 47 عن أبي عبد الله الحاكم، بالإسنادين جميعًا.

وأخرجه ابن الضُّريس في "فضائل القرآن"(159) عن سهل بن عثمان، عن ابن المبارك، به. لكن دون ذكر البسملة. وانظر ما قبله.

(1)

إسناده ضعيف كما تقدم بيانه.

وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 3/ 244 عن إبراهيم بن مرزوق بهذا الإسناد.

(2)

إسناده ضعيف كما تقدم.

وهو في "مصنف عبد الرزاق"(2609)، وفي "تفسيره" 1/ 350، ومن طريقه أخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(1346).

ص: 7

وأما حديث حفص بن غِيَاث:

2047 -

[فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدثنا حفص بن غِياث. وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا أحمد بن سَلَمة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا حفص بن غِياث]

(1)

عن ابن جُرَيج، عن أبيه، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس في قوله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} ، قال: فاتحةُ الكتاب، قيل لابن عباس: فأين السابعةُ؟ قال: "بسم الله الرحمن الرحيم"

(2)

.

وأما حديث عثمان بن عُمر:

2048 -

فأخبرَناه أبو بكر أحمد بن سلْمان الفقيه ببغداد، حدثنا الحسن بن مُكْرَم، حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا ابن جُرَيج، عن أبيه، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، في قوله:"السَّبْعُ المَثَاني" قال: عدَّها عليَّ في يدي: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} ، ثم قال: أخرجَها اللهُ لكم، فما أخرجَها لِغَيركم

(3)

.

وأما حديث عبد المجيد:

2049 -

فأخبرَنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا عبد المجيد، عن ابن جُرَيج، أخبرني أبي، عن سعيد بن جبير، {وَلَقَدْ

(1)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (7366)، وسيأتي مكررًا من طريق أبي العباس برقم (3055).

(2)

إسناده ضعيف كما سبق.

وأخرجه البيهقي 2/ 45 عن أبي عبد الله الحاكم وأبي سعيد بن أبي عمرو، كلاهما عن أبي العباس محمد بن يعقوب، بهذا الإسناد.

(3)

إسناده ضعيف كما سبق.

ص: 8

آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي}، قال: هي أمُّ القرآن، قال أبي: وقرأها عليَّ سعيد بن جبير حين خَتَمها، ثم قال:"بسم الله الرحمن الرحيم" السابعةُ، قال ابن عباس: وقد ادَّخَرها الله لكم، فما أخرجَها لأحدٍ قبلَكم

(1)

.

2050 -

حدثني جعفر بن محمد بن الحارث، أخبرنا علي بن أحمد بن سليمان المصري، حدثنا جعفر بن مُسافر التِّنِّيسي، حدثنا زيد بن المبارك الصنعاني، حدثنا سلّام بن وهب الجَنَدي، حدثني أبي، عن طاووس، عن ابن عباس: أنَّ عثمان بن عفّان سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن "بسم الله الرحمن الرحيم"، فقال:"هو اسمٌ من أسماء الله، وما بينَه وبينَ اسمِ الله الأكبر، إلَّا كما بين سَوَادِ العين وبياضِها من القُرْب"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

وهو في "الأم" للشافعي 1/ 129، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(3044)، والواحدي في "التفسير الوسيط" 1/ 59، والبَغَوي في "شرح السنة"(580).

(2)

إسناده ضعيف، سلام بن وهب الجَنَدي وأبوه مجهولان، وقال أبو حاتم الرازي عن هذا الحديث كما في "العلل" لابنه (2029): حديث منكر. وقال العقيلي في ترجمة سلام من "الضعفاء" 2/ 193: لا يُتابع على حديثه هذا ولا يُعرف إلَّا به. وقال الذهبي في خبره هذا في ترجمته من "المغني": موضوع لا يُعرف.

وأخرجه العقيلي (624)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 25 و 1/ 2714، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2123) من طريق جعفر بن مسافر، بهذا الإسناد. إلَّا أنه وقع في رواية العقيلي: سلام بن وهب عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس.

وأخرجه الخطيب في "تاريخه" 8/ 274، ومن طريقه الذهبي في "الميزان" 2/ 182 من طريق جعفر بن محمد القلانسي، عن زيد بن المبارك؛ كرواية العقيلي.

ص: 9

‌أخبار في فضائل القرآن جملة

2051 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح السَّهْمي، حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا خالد بن أبي يزيد، عن ثَعلَبة بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ القرآنَ فقد استَدرَجَ النبوَّةَ بين جنبَيهِ غيرَ أنه لا يُوحَى إليه، لا ينبغي لصاحبِ القرآن أن يَحِدَّ مع مَن حَدَّ

(1)

، ولا يَجهَلَ مع من جَهِل، وفي جوفِه كلامُ الله"

(2)

.

(1)

تصحف في (ز) و (ب) إلى: يجدّ مع من جدَّ، بالجيم بدل الحاء، وإنما هي بالحاء، بمعنى: يغضب مع من غضب.

(2)

حسن موقوفًا، فقد خالف يحيى بنَ عثمان بن صالح فيه أبو عبيد القاسم بن سلّام، فرواه عن عمرو بن الربيع بن طارق موقوفًا، وكذلك رواه عبد الله بن وهب عن يحيى بن أيوب - وهو الغافقي - موقوفًا.

ثعلبة بن يزيد - وهو ثعلبة بن أبي الكَنود، وقيل: ثعلبة أبو الكنود - روى عنه عبد الله بن سليمان الطويل وسليمان بن أبي زينب وخالد بن يزيد - وليس ابن أبي يزيد كما وقع عند الحاكم - الجمحي المصري، وذكره ابن حبان في "الثقات".

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2353) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو عُبيد القاسم بن سلّام في "فضائل القرآن" ص 113 عن عمرو بن الربيع بن طارق، به موقوفًا على عبد الله بن عمرو.

وأخرجه كذلك موقوفًا أبو بكر الآجُرِّي في "أخلاق أهل القرآن"(13)، ومن طريقه أبو الفضل الرازي المقرئ في "فضائل القرآن"(52) عن أبي بكر بن أبي داود، عن أبي طاهر، عن عبد الله بن وهب، عن يحيى بن أيوب الغافقي، به. وهذا الإسناد إلى يحيى أقوى من إسناد الحاكم إليه، ولهذا قال الحافظ في "إتحاف المهرة" (11634) وأورد رواية أبي بكر بن أبي داود هذه: فظهرت علّة الخبر؛ يعني خبر الحاكم وأنَّ الرفع فيه مُعَلٌّ.

وقد رواه أيضًا إسماعيل بن رافع عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر عن عبد الله بن عمرو، واختُلف عليه: =

ص: 10

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2052 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن علي بن زياد العَدْل، حدثنا محمد بن إسحاق الإمام، حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا أبي، حدثنا شُعبة، عن عاصم عن ذَكْوان، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يجيءُ صاحبُ القرآن يومَ القيامة فيقول القرآنُ: يا ربِّ، حَلِّهِ، فيُلبَسُ تاجَ الكَرامة، ثم يقول: يا ربِّ، زِدْهُ، يا ربِّ، ارْضَ عنه، فيَرضى عنه، ويقال له: اقرَهْ وارقَهْ، ويُزادُ بكل آيةٍ حسنةً"

(1)

.

= فقد أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "تخريج أحاديث الكشاف" للزيلعي 2/ 217، ومحمد بن نصر المروَزي في قيام الليل كما في "مختصره" لتقي الدين المقريزي ص 175، والطبراني في "الكبير"(14575) من طريق عيسى بن يونس، والطبراني أيضًا من طريق يحيى بن أبي الحجاج التميمي، كلاهما عن إسماعيل بن رافع، عن إسماعيل بن عُبيد الله بن أبي المهاجر، عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد"(799) عن إسماعيل بن رافع وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 467، وابن الضُّريس في "فضائل القرآن"(65)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(196) من طريق وكيع، عن إسماعيل بن رافع، كلاهما (ابن المبارك ووكيع) روياه عنه موقوفًا.

وإسماعيل بن رافع ضعيف، وإسماعيل بن عبيد الله كان سنُّه يوم توفي عبد الله بن عمرو أربع سنين على صحيح الأقوال في وفاة عبد الله بن عمرو سنة خمس وستين، فلم يسمع منه. وعلى تقدير صحة سماعه منه جدلًا تترجح رواية الوقف، فقد رواه أبو رجاء مُحرز بن عبد الله الشامي عن إسماعيل بن عُبيد الله أبي المهاجر عن عبد الله بن عمرو موقوفًا، أخرجه من طريقه البيهقي في "الشعب"(2352)، ومحرز صدوق.

(1)

إسناده حسن من أجل عاصم - وهو ابن أبي النجود، المعروف بابن بَهْدلة - وقد اختُلف عليه في رفع هذا الحديث ووقفه، ورجَّح الموقوفَ الترمذيُّ وصوَّبه الدارقطني، ولكنه على تسليم رُجحان الوقف له حكم المرفوع، كما قال الحافظ في ترجمة أبي توبة أحمد بن سالم العسقلاني من "لسان الميزان". ذكوان: هو أبو صالح السمان.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(1841) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار في "مسنده"(9035)، وضياء الدين المقدسي في "فضائل القرآن"(14) من =

ص: 11

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2053 -

حدَّثَناه علي بن عيسى الحِيْري، حدثنا مُسدَّد بن قَطَن، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا وكيع بن الجرّاح عن سفيان، عن عاصم بن أبي النَّجُود، عن

= طريق عبد الوارث بن عبد الصمد، به. لكن ما جاء في رواية البيهقي:"ويُزاد بكل آية حُلَّتين"، بدل:"حسنة".

وأخرجه الترمذي (2915) عن نصر بن علي الجهضمي، والبزار (9036) عن بشر بن آدم، كلاهما عن عبد الصمد بن عبد الوارث، به. وقال الترمذي: حديث حسن.

وأخرجه أبو نُعيم في "حلية الأولياء" 7/ 206، ومن طريقه الجورقاني في "الأباطيل والصحاح"(687) من طريق أبي قتيبة سَلْم بن قتيبة، عن شعبة، به، نحوه إلَّا أنه قال في آخره:"يا رب ارض عنه، فيرضى عنه، فليس بعد رضا الله شيء"، ولم يقل: ويقال له: اقره وارقه

" إلى آخره.

وقد خالف عبدَ الصمد وسَلْمَ بن قتيبة في رفعه حجاجُ بن محمد ومحمدُ بن جعفر، فروياه عن شعبة موقوفًا:

فقد أخرجه أبو عبيد القاسم في "فضائل القرآن" ص 83 عن حجاج بن محمد، والترمذي (2915)، والبيهقي في "الشعب"(1842) من طريق محمد بن جعفر، كلاهما عن شعبة، به موقوفًا. وقال الترمذي: هذا أصح عندنا من حديث عبد الصمد عن شعبة.

وكذلك رواه زائدة بن قدامة وزيد بن أبي أُنيسة عن عاصم موقوفًا:

فقد أخرجه ابن أبي شيبة 10/ 495، وابن الضُّريس في "فضائل القرآن"(101) و (109)، والجورقاني في "الأباطيل الصحاح"(689) من طريق زائدة بن قدامة، والدارمي (3354) من طريق زيد بن أبي أنيسة، كلاهما عن عاصم به موقوفًا. قال الدارقطني في "العلل" 10/ 158: وهو الصواب.

وأخرج ابن أبي شيبة 10/ 498، وأحمد 16/ (10087)، وابن الضُّريس (110)، والبيهقي (1840) من طريق وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد - شك الأعمش - قال: يقال لصاحب القرآن يوم القيامة: اقرأ وارقَ، فإنَّ منزلتك عند آخر آية تقرؤها. هكذا روى منه هذه الجملة، موقوفةً، وهذا يؤيد رجحان الوقف في حديث الباب، على أنه ثبت رفع هذه الجملة لكن من غير حديث أبي هريرة، كما سيأتي بعده.

قوله: "اقْرَهْ وارقَهْ" الهاء فيه هاء السَّكْت.

ص: 12

زِرِّ بن حُبيش، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يُقال لصاحب القرآن يومَ القيامة: اقرَهْ وارقَهْ، ورَتِّل كما كنتَ تُرتِّل، فإنَّ منزلتَك في آخر آيةٍ تقرؤُها"

(1)

.

2054 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبو همَّام، حدثنا ابن وهب، أخبرني حَيوة بن شُريح، عن عُقيل بن خالد، عن سَلَمة بن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن ابن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"نزل الكتابُ الأولُ من بابٍ واحدٍ على حرفٍ واحدٍ، ونزل القرآنُ من سبعةِ أبواب على سبعة أحرف؛ زاجرًا وآمرًا، وحلالًا وحرامًا، ومُحكَمًا ومُتشابهًا، وأمثالًا، فأَحِلُّوا حلالَه، وحَرِّموا حرامَه، وافعلوا ما أُمرتُم به، وانتَهُوا عما نُهِيتُم عنه، واعتبِروا بأمثاله، واعْمَلُوا بمُحكَمِه، وآمِنُوا بمُتشابِهه، وقولوا: آمنَّا به كلٌّ مِن عند ربِّنا"

(2)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم بن أبي النجود. سفيان: هو الثَّوري.

وأخرجه أحمد 11/ (6799)، والنسائي (8002)، وابن حبان (766) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود (1464) من طريق يحيى بن سعيد القطّان، كلاهما عن سفيان الثَّوري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

ويشهد له حديث أبي هريرة أو أبي سعيد المذكور في آخر التعليق السابق.

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه، أبو سلمة - وهو ابن عبد الرحمن بن عوف - لم يلق ابنَ مسعود فيما قاله الطحاوي في "مشكل الآثار" 8/ 116، وابن عبد البر في "التمهيد" 8/ 275، وأعلَّه ابنُ عبد البر أيضًا بسلمة بن أبي سلمة فقال: ليس ممَّن يُحتَج به. وكذلك أعلَّه بالانقطاع الذهبي في "تلخيصه"، وابن حجر في "فتح الباري" 15/ 58 وردَّ على ابن حبان والحاكم تصحيحَهما له.

وأخرجه ابن حبان (745) عن أبي يعلى، عن أبي همّام بن أبي بدر - وهو الوليد بن شجاع السَّكوني - بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار"(3102) من طريق أبي زرعة وهب الله بن راشد، عن حيوة بن شريح، به.

وخالف حيوةَ فيه الليثُ بن سعد عند أبي عبيد في "فضائل القرآن" ص 100، والطحاوي أيضًا (3103) فرواه عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب الزُّهْري، عن سلمة بن أبي سلمة، به مرسَلًا =

ص: 13

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2055 -

أخبرني أبو جعفر محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم الغِفاري، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، حدثنا زهير بن معاوية، حدثنا شعيب بن خالد الرازي، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَعاهَدُوا هذا القرآنَ، فإنه وَحْشِيٌّ؛ أشدُّ تَفَصِّيًا من صُدور الرِّجال من الإبل من عُقُلِها، ولا يقولَنَّ أحدُكم: نَسِيتُ آيةَ كَيتَ وكَيتَ، بل هو نُسِّيَ"

(1)

.

= لم يذكر فيه ابنَ مسعود.

وأخرجه مختصرًا دون قوله: "زاجرا وآمرًا

إلخ" أحمد 7/ (4252)، والنسائي (7930) من طريق فُلفُلة الجُعْفي، عن ابن مسعود موقوفًا عليه من قوله. وفي إسناده لِين.

وسيأتي الحديث مرة أخرى عند المصنف برقم (3181) من طريق الحسن بن أحمد بن الليث عن عبد الله بن وهب.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات غير عاصم - وهو ابن أبي النَّجود - فهو صدوق له أوهام، وقد اختُلف عليه في رفع هذا الحديث ووقفه، وفي تسمية تابعيّه، كما سيأتي بيانه، على أنَّ رفع الحديث صحيح من غير طريقه.

وأخرجه الشاشي في "مسنده"(640)، والطبراني في "الكبير"(10231)، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 188 من طريق أبي غسان مالك بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وتحرَّف اسم شعيب بن خالد في المطبوع من "الحلية" إلى: شعبة عن خالد.

وأخرجه الطبراني (10231)، وأبو نعيم 4/ 188 من طريق عبد الله بن صالح العجلي، عن زهير، به.

وأخرجه أحمد 7/ (4416) عن عفان بن مسلم عن حماد بن زيد، والطبراني (10415) من طريق أبان بن يزيد العطار، كلاهما (حماد وأبان) عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، مرفوعًا. وقرن حماد في روايته بعاصمٍ منصورَ بن المعتمر.

وأخرجه سعيد بن منصور في قسم التفسير من "سننه"(17) عن حماد بن زيد، عن عاصم ومنصور، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، موقوفًا عليه.

وأخرجه عبد الرزاق (5968) عن معمر، عن عاصم، عن أبي الضحى أو أبي وائل، عن ابن مسعود مرفوعًا. =

ص: 14

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه

(1)

.

2056 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا الليث بن سعد، حدثني ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أُسَيد بن حُضَير: أنه كان يقرأ وهو على ظهر بيته، وهو حَسَنُ الصوت، فجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: بَيْنا أنا أقرأُ إِذ غَشِيَني شيءٌ كالسحاب، والمرأةُ في البيت، والفرسُ في الدار، فتخوّفتُ أن تُسقِطَ المرأةُ وتَنفَلِتَ الفرسُ، فانصرفتُ، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"اقرأْ يا أُسَيدُ، فإنما هو مَلَكٌ استَمَعَ القرآنَ"

(2)

.

= وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلّام في "فضائل القرآن" ص 203 عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي الأحوص عن ابن مسعود، موقوفًا.

وأخرجه أيضًا ص 203 من طريق شيبان بن عبد الرحمن، عن عاصم، عن المسيب بن رافع، عن ابن مسعود، موقوفًا.

وأرجح هذه الطرق عن عاصم وأشبهها ما ذَكَر فيه أبا وائل كما رواه عنه أبان العطّار وحماد بن زيد، لمتابعة منصور بن المعتمر له على ذلك، فقد أخرجه البخاري (5032)، ومسلم (790) من طريق، منصور عن أبي وائل، عن ابن مسعود، مرفوعًا.

وتابعه على ذلك أيضًا الأعمش عند مسلم (790)، إلَّا أنه وَقَفَ شطر الحديث الأول في تعاهد القرآن، ورَفَعَ شطره الثاني في النهي عن قول: نسيت.

والظاهر أنَّ ابن مسعود نفسه يرفع الحديث أحيانًا، وأحيانًا لا يرفعه، وأحيانًا يرفع شطره الثاني، ولا يرفع الشطر الأول.

على أنَّ الشطر الأول في تعاهد القرآن قد جاء مرفوعًا من حديث أبي موسى الأشعري عند البخاري (5033)، ومسلم (791).

قوله: وحشيٌّ، أي: لا يُقدر على إمساكه إذا أفْلَتَ.

وقوله: تفصّيًا، أي: خروجًا وتخلُّصًا.

وقوله: عُقُلها، جمع عِقال، وهو الحبل.

(1)

كذا قال الحاكم! وقد تقدَّم أنَّ الشيخين قد أخرجاه من طريق أبي وائل عن عبد الله بن مسعود.

(2)

صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه اختُلف فيه على الليث بن سعد، فقد رواه عنه أسد =

ص: 15

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن موسى كما وقع عند المصنّف هنا، وتابعه على ذلك عبد الله بن صالح كاتب الليث، وخالفهما عبدُ الله بن يوسف وقتيبةُ بن سعيد فروياه عن الليث عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك: أنَّ أُسيد بن حضير، مرسلًا، ووافقهما سفيان بن عُيينة في الرواية التالية عند الحاكم. فالأشبه أنه مرسلٌ من هذه الطريق.

وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في "فضائل القرآن" ص 63 عن عبد الله بن صالح، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 313 تعليقًا عن عبد الله بن يوسف، والفريابي في "فضائل القرآن"(96) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن الليث، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك: أنَّ أسيد بن حضير، فذكره مرسلًا.

وقد رواه معمر عن الزُّهْري أيضًا، واختلف فيه على معمر:

فقد رواه معمر عن الزُّهْري عن ابن كعب بن مالك، قال: إنَّ أسيد بن حضير قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره مرسلًا، يعني كرواية عبد الله بن يوسف عن الليث، أخرجه كذلك إسحاق بن راهويه كما في "المطالب العالية"(3548) عن عبد الرزاق عن معمر، به.

ورواه عبد الرزاق مرة أخرى عن معمر، فقال: عن الزُّهْري ويحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، قال: بينما أسيد بن حضير الأنصاري يصلي، فذكره مرسلًا. أخرجه كذلك في "مصنفه"(4182).

وخالف عبدَ الرزاق فيه ابنُ المبارك في "الزهد"(812)، فرواه عن معمر عن الزُّهْري ويحيى بن أبي كثير، قالا: بينما أسيد بن حضير يصلي، فذكره مرسلًا دون ذكر أبي سلمة في إسناده.

ورواه ابن جُرَيج عن الزُّهْري، قال: قال أسيد بن حضير: بينا أنا يا رسول الله البارحة أقرأ، فذكره مرسلًا، يعني كرواية معمر من طريق ابن المبارك عنه. أخرجه كذلك عبد الرزاق (4183).

ورواه إسحاق بن راشد عن الزُّهْري، عن ابن كعب، عن أبيه، أنَّ أسيد بن حضير، فذكره وجعله من مسند كعب بن مالك. أخرجه من طريقه البزار في "مسنده"(3209)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(880).

تنبيه: للّيث بن سعد في قصة أسيد بن حضير هذه إسناد آخر، فقد علَّقه عنه البخاري في "صحيحه" (5018) فقال: وقال الليث: حدثني يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أُسيد بن حضير، قال: بينما هو يقرأ، فذكره نحوه، ثم قال: قال ابن الهاد، وحدثني هذا الحديث عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخُدْري، عن أسيد بن حضير. قال الحافظ في "فتح الباري" 15/ 128: محمد بن إبراهيم هو التيمي، ولم يُدرك أسيد بن حُضير، فروايته عنه منقطعة، لكن الاعتماد في وصل الحديث المذكور على الإسناد الثاني. =

ص: 16

2057 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، حدثنا الزُّهْري، عن ابن كعب بن مالك: أنَّ أُسيد بن حُضَير أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث بنحوه، وقال فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأْ أُسيدُ، اقرأْ أُسيدُ، فإنَّ ذلك مَلَكٌ يَستمِعُ القرآن"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ على شرط مسلم، من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أُسيد:

2058 -

أخبرَناه أبو بكر إسماعيل بن محمد الفقيه بالرَّي، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا عفّان بن مسلم وموسى بن إسماعيل، قالا: حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت البُنَاني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أُسَيد بن حُضَير، أنه قال: بينا أنا أقرأُ ليلةً سورةَ البقرة، فلما انتهيتُ إلى آخرها سمعتُ وَجْبةً مِن خَلْفي، فظننتُ أنَّ فرسي تَطَلَّق، فقال: اقرأْ أبا عَتِيك، فالتفتُّ، فإذا أمثالُ المصابيح مدلّاةٌ بين السماء والأرض، فقال: يا رسول الله، والله ما استطعتُ أن أمضِيَ، قال: فقال: "تلكَ الملائكةُ نزلتْ لِقراءة القرآنِ، أمَا إنك لو مَضَيتَ لرأيتَ العَجائب"

(2)

.

= قلنا: أخرجه بالإسناد الثاني مسلم (796).

وستتكرر طريق أبي العباس محمد بن يعقوب هذه برقم (5341). وانظر تالييه.

وأخرج قصة أسيد هذه أيضًا لكن دون التصريح باسمه، البخاري (3614)، ومسلم (795) من حديث البراء بن عازب.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات.

وأخرجه إسحاق بن راهويه كما في "المطالب العالية"(3548)، وابن بَشكُوال في "غوامض الأسماء المبهمة" 2/ 782 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله، وما بعده.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يَلحق أُسيد بن حضير فيسمعَ منه، كما قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" في ترجمة أُسيد 1/ 341. =

ص: 17

2059 -

حدثنا عبد الله بن سَعْدٍ الحافظ، أخبرني موسى بن عبد المؤمن، حدثنا هارون بن سعيد الأَيْلي، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني حُيَيُّ بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الصيامُ والقرآنُ يَشفعان للعبدِ، يقولُ الصيام: ربِّ إني مَنعتُه الطعامَ والشهواتِ بالنهار، فَشَفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعتُه النومَ بالليل، فشَفِّعني فيه، فيُشَفَّعان"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2060 -

أخبرني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو سعيد محمد بن شاذان، حدثنا قُتيبة بن سعيد.

وحدثنا عبد الله بن سعد، حدثنا إبراهيم بن إسحاق، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ويعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي؛ قالوا: حدثنا جَرير، عن قابُوس بن أبي ظَبْيان، عن

= وأخرجه ابن حبان (779) من طريق هدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وتابع ثابتًا البُنانيَّ عليه قتادة بن دعامة، أخرجه من طريقه إسحاق بن راهويه كما في "المطالب العالية"(3546)، ومحمد بن نصر المروَزي في "قيام الليل - مختصره" ص 141، والفريابي في "فضائل القرآن"(28)، والطبراني في "الكبير"(567)، وفي "الأوسط"(8117)، وأبو طاهر المخلِّص في "المخلِّصيات"(285)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 9/ 237.

وقوله: تَطَلَّق، يجوز أن يكون بضم القاف، فعلًا مضارعًا حذفت إحدى تائيه تخفيفًا، ويجوز أن يكون بفتح القاف، فعلًا ماضيًا، والمعنى أنَّ الفرس مَضَتْ تعدو لا تَلْوي على شيء، والفَرس يذكَّر ويؤنَّث. ويجوز أن يكون من: طَلَق يَطلُق، من باب قعد: إذا انحلَّ وثاق الفرس.

(1)

إسناده ضعيف لضعف حُيَيّ بن عبد الله: وهو المَعَافري. أبو عبد الرحمن الحُبُلي: هو عبد الله بن يزيد المَعَافري.

وأخرجه أحمد 11/ (6626) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن حُيي بن عبد الله، به.

ويشهد لشفاعة القرآن حديث جابر بن عبد الله الذي أخرجه ابن حبان (124) ولفظه: "القرآن شافع مشفَّع"، وإسناده جيد كما قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 1/ 42.

وحديث أبي أمامة عند أحمد 36/ (22147)، وسيأتي برقم (2096)، وهو صحيح.

ص: 18

أبيه، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الذي ليس في جوفه من القرآن شيءٌ، كالبيتِ الخَرِبِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2061 -

أخبرنا عُبيد الله بن محمد البَلْخي التاجر ببغداد، حدثنا أبو إسماعيل، محمد بن إسماعيل، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن بَحِير بن سَعْد، عن خالد بن مَعْدانَ، عن كثير بن مُرَّة الحَضْرمي، عن معاذ بن جبل، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الجاهرُ بالقرآن كالجاهرِ بالصدقة، والمُسِرِّ بالقرآن كالمُسِرِّ بالصدقة"

(2)

.

(1)

إسناده فيه لين من أجل قابوس بن أبي ظبيان. جرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه أحمد 3/ (1947)، والترمذي (2913) من طريق جرير بن عبد الحميد بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وفي الباب عن ابن مسعود موقوفًا قال: البيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن كمثل البيت الخرب الذي لا عامر له. أخرجه ابن أبي شيبة 10/ 486، والفريابي في "فضائل القرآن"(41) وغيرهما. وإسناده صحيح. وانظر تمام تخريجه فيما سيأتي برقم (2106).

(2)

صحيح من حديث عقبة بن عامر، لا من حديث معاذ بن جبل، فقد وهم يحيى بن أيوب - وهو الغافقي المصري - هنا في إسناده إذ ذكر معاذ بن جبل، وخالفه معاوية بن صالح وإسماعيل بن عياش فروياه عن بَحير بن سعد بذكر عقبة بن عامر، وكذلك رواه زيد بن واقد ويزيد بن أبي حبيب عن كثير بن مرة عن عقبة بن عامر، فتبين وهمُ يحيى فيه.

وأخرجه أحمد 28/ (17368)، والنسائي (2353)، وابن حبان (734) من طريق معاوية بن صالح، وأبو داود (1333)، والترمذي (2919) من طريق إسماعيل بن عياش، كلاهما عن بَحير بن سعْد، عن خالد بن مَعْدان، عن كثير بن مرة، عن عقبة بن عامر.

وأخرجه النسائي (1378) من طريق زيد بن واقد، عن كثير بن مرة، عن عقبة بن عامر. وإسناده حسن.

وكذلك رواه يزيد بن أبي حبيب عن كثير بن مرة، فقال: عن عقبة بن عامر. أخرجه الرُّوياني في "مسنده"(267)، ومن طريقه أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي المقرئ في "فضائل "القرآن" (109) عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، =

ص: 19

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2062 -

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن زياد العدل، حدثنا جدي أحمد بن عبد الله، حدثنا سَلَمة بن شَبيب، حدثني أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن زيد بن أرْطاة، عن جُبَير بن نُفَير، عن أبي ذر الغِفاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم لا تَرجِعُون إلى الله بشيءٍ أفضلَ ممّا خَرَجَ منه"؛ يعني القرآن

(1)

.

= عن يزيد. وهذا من صالح حديث ابن لهيعة، لأنَّ ابن وهب راويه عنه ممَّن سمع منه قبل احتراق كتبه.

(1)

رجاله ثقات، والصحيح إرساله، فقد رواه جماعة من كبار أصحاب الإمام أحمد عنه دون ذكر أبي ذر في إسناده، منهم ابنه عبد الله وحرب بن إسماعيل الكرماني.

وكذلك رواه محمد بن يحيى الذهلي وإسحاق بن منصور الكوسج وعمرو بن العباس الباهلي، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن مهدي، مرسلًا.

وكذلك رواه عبد الله بن وهب عن معاوية بن صالح، مرسلًا.

فقد أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"(503) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "الزهد"(190) - وهو من رواية ابنه عبد الله عنه - عن عبد الرحمن بن مهدي، به مرسلًا. وهو كذلك في "السنة" لعبد الله بن أحمد (109) و (1143).

وأخرجه حرب الكرماني في "مسائله" 3/ 1133 عن أحمد بن حنبل وعمرو بن العباس، كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي، مرسلًا.

وأخرجه أبو داود في "المراسيل"(538) عن محمد بن يحيى الذُّهلي، والترمذي (2912) عن إسحاق بن منصور، كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي مرسلًا.

وأخرجه أبو يعلى الموصلي كما في "الآداب الشرعية" لابن مفلح 2/ 330، وابن أبي زمنين في "أصول السنة"(28) من طريق عبد الله بن وهب، عن معاوية بن صالح، به مرسلًا.

وخالفهم عبدُ الله بن صالح كاتب الليث كما سيأتي برقم (3692) فرواه عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن زيد بن أرطاة، عن جُبير بن نفير، عن عقبة بن عامر. وعبد الله بن صالح يعتبر به في المتابعات، لكنه لم يتابَع في روايته هذه.

وخالف العلاءَ بنَ الحارث فيه ليثُ بن أبي سُليم، فرواه بكر بن خُنيس عنه عن زيد بن أرطاة عن =

ص: 20

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2063 -

حدثنا أبو الوليد حسان بن محمد القرشي الفقيه، حدثنا مُسدَّد بن قَطَن بن إبراهيم، حدثنا داود بن رُشَيد، حدثنا صالح بن عمر، أخبرنا إبراهيم الهَجَري، عن أبي الأحْوص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ هذا القرآن مَأدُبةُ الله، فاقبَلُوا من مأدُبتِه ما استطعتُم، إنَّ هذا القرآن حَبْلُ الله، والنُّور المُبِين، والشفاء النافع، عصمةٌ لمن تمسّك به، ونَجاةٌ لمن تبعه، لا يَزيغُ فيَستَعتِبَ، ولا يَعْوَجُّ فيُقوَّمَ، ولا تَنقَضي عجائبُه، ولا يَخلَقُ من كَثْرة الرَّدِّ، اتلُوه، فإنَّ الله يأجُرُكم على تلاوته كلَّ حرف عشرَ حسناتٍ، أمَا إني لا أقول:{الم} حرفٌ

(1)

، ولكنْ ألفٌ ولامٌ وميمٌ"

(2)

.

= أبي أمامة. أخرجه من طريقه أحمد 36/ (22306)، والترمذي (2911). وبكر وليث ضعيفان، وزيد بن أرطاة لم يسمع أبا أمامة، وانظر تمام الكلام على هذه الطريق في "مسند أحمد".

(1)

لفظ "حرف" لم يرد في النسخ الخطية، وأثبتناه من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وهو ثابت في النسخة التي اعتمدها المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/ 231 والزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" 1/ 212 من "المستدرك".

(2)

صحيح موقوفًا، إبراهيم الهجري - وهو ابن مسلم، وإن كان ضعيفًا - قد روى هذا الحديث عنه سفيان بن عيينة موقوفًا، وقد ذكر سفيان أنَّ إبراهيم هذا دفع إليه عامة كتبه فأصلحها له مبينًا له المرفوع من الموقوف من حديث عبد الله بن مسعود، قال الحافظ: هذا يقتضي أنَّ حديث ابن عيينة عنه صحيح، لأنه عِيب عليه رفعُه أحاديث موقوفة. قلنا: وكذلك رواه عنه موقوفًا جماعة، منهم: جعفر بن عون وأبو شهاب الحنَّاط وإبراهيم بن طهمان وغيرهم، ورفعه عنه آخرون، والموقوف هو الصحيح، لأنَّ ابن عيينة هو أحد رواة هذا الحديث موقوفًا عنه.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 49 عن أبي اليقظان عمار بن محمد الثَّوري أو غيره، وابن أبي شيبة 10/ 482، ومحمد بن نصر المروَزي في "قيام الليل - مختصرة" ص 171، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(202)، وأبو الفضل الرازي المقرئ في "فضائل القرآن"(32)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي"(79) من طريق أبي معاوية، وابن حبان في "المجروحين" 1/ 100، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(145) من طريق محمد بن فضيل، =

ص: 21

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يحتجا بصالح بن عمر

(1)

.

2064 -

أخبرنا عبد الرحمن بن حمْدان الجَلّاب بهَمَذان، حدثنا محمد بن إبراهيم بن كثير الصُّوري، حدثنا مؤمَّل

(2)

بن إسماعيل، عن حماد بن سَلَمة، عن سُهيل بن

= وابن حبان 1/ 100 من طريق عبد الله بن الأجلح، والآجرّي في "أخلاق أهل القرآن"(11) من طريق علي بن عاصم، وأبو الفضل الرازي (30) من طريق يحيى بن عثمان الحنفي، والبيهقي في "الشعب"(1786) من طريق محمد بن عجلان، كلهم عن أبي إسحاق إبراهيم بن مسلم الهجري، به مرفوعًا.

وأخرجه عبد الرزاق (6017)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(8646) عن سفيان بن عيينة، والدارمي (3358) عن جعفر بن عون، وسعيد بن منصور في التفسير من "سننه"(7) عن أبي شهاب الحنّاط، والبيهقي في "الشعب"(1832) من طريق إبراهيم بن طهمان، كلهم عن إبراهيم الهجري، به موقوفًا.

وسيأتي آخره في ذكر أجر تلاوة القرآن برقم (2106) من طريق عاصم بن أبي النجود، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، موقوفًا، وسيأتي تخريجه هناك.

قوله: "مأدبة الله" قال أبو عبيد: فيه وجهان، يقال: مأدُبة ومأدَبة، فمن قال: مأدُبة، أراد به الصنيع يصنعه الإنسان فيدعو إليه الناس .. قال: ومعنى الحديث أنه مَثَلٌ شبّه القرآن بصنيع صنعه الله للناس لهم فيه خير ومنافع، ثم دعاهم إليه.

قال: وأما من قال: مأدَبة، فإنه يذهب به إلى الأدب، يجعله مفعلة من ذلك. قلنا: يعني أنه مصدر على وزن مفعلة.

وقوله: "لا يزيغ فيستعتب" أي: لا يميل فيحتاج إلى العتب في عُدوله عن نهج الصدق، قاله ملّا علي القاري في "شرح الشفا" 1/ 584.

وقوله: "ولا يَخْلَق من كثرة الردّ" أي: لا يزول رونقه ولذة قراءته واستماعه عن كثرة ترداده على ألسنة التالين، وتكراره على آذان المستمعين على خلاف ما عليه كلام المخلوقين.

(1)

هو الواسطي، وقد أخرج له مسلم حديثًا واحدًا من مسند أنس بن مالك قد رَوى نحوه من وجه آخر عن أنس في غسل المرأة ممّا ترى في منامها كالرجل.

(2)

وقع في نسخنا الخطية: موسى بن إسماعيل، بدل مؤمَّل، والمثبت على الصواب من "شعب الإيمان" للبيهقي (2003) حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم، بإسناده، فذكر مؤمَّلًا، وهو كذلك عند الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة"(18093)، ويؤيده أنَّ ابن =

ص: 22

أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قرأ عشرَ آياتٍ في ليلةٍ، لم يُكتَبْ من الغافِلين"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وقد روي عن عبد الله بن عمر بزيادةٍ في المتن:

2065 -

حدَّثَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا أحمد بن عُمير بن يوسف، حدثنا أبو سلمة عبد الرحمن بن محمد بن يزيد الألْهَاني، حدثنا الحسن بن علي السَّكُوني، أنَّ أباه حدثه، عن الزُّبيدي، عن عبد الله بن زياد، عن محمد بن كعب القُرَظي، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"من قرأ عشرَ آيات في ليلةٍ لم يُكتبْ من الغافِلين، ومن قرأ مئة آيةٍ كُتبَ من القانِتِين"

(2)

.

= السني أخرجه في "عمل اليوم والليلة"(702) من طريق محمد بن إبراهيم الصوري شيخ شيخ الحاكم هنا، فقال: مؤمل بن إسماعيل.

(1)

إسناده ضعيف لضعف مؤمل بن إسماعيل ومحمد بن إبراهيم بن كثير الصُّوري، وقد توبع الصّوري، فيبقى الشأن في مؤمَّل، وقد روي الحديث من وجهين آخرين عن أبي هريرة بلفظ مغاير للفظ مؤمّل هنا، وقد تقدما برقم (1173) و (1174)، وفيهما: "من قرأ - أو من صلَّى - في ليلة مئة آية

".

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2003) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(702) عن محمد بن حفص البعلبكي، عن محمد بن إبراهيم الصُّوري، به.

وأخرجه أبو عمرو الداني في "البيان في عدّ آي القرآن" ص 28 من طريق محمود بن غيلان، والبيهقي في "الشعب"(571)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(758) من طريق حميد بن عياش الرملي، كلاهما عن مؤمل بن إسماعيل، به.

(2)

إسناده واهٍ كما قال الذهبي عبد الله بن زياد: هو ابن سليمان بن سمعان المخزومي، وهو متروك الحديث، واتهمه غير واحد بالكذب.

وقد خالفه موسى بن عقبة، فرواه عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عمر موقوفًا عليه مقتصرًا على الشطر الثاني من الحديث، وهذا أشبه. =

ص: 23

2066 -

أخبرنا أبو النَّضْر محمد بن محمد بن يوسف، حدثنا معاذ بن نَجْدة القُرشي، حدثنا خلّاد بن يحيى، حدثنا بَشير بن مهاجِر، عن عبد الله بن بُريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجيءُ يومَ القيامة القرآنُ كالرجلِ الشابِّ، فيقول لصاحبه: أنا الذي أسهرتُ ليلَك، وأظمأتُ نهارَك"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2067 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة محمد بن عمرو بن خالد، حدثنا أبي، حدثنا المعتمر بن سلمان، قال: سمعت أبي

= فقد أخرجه الدارمي (3487) عن إسماعيل بن أبان عن أبي أويس الأصبحي، عن موسى بن عقبة، به موقوفًا، وإسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل أبي أويس.

وأخرجه سعيد بن منصور في التفسير من "سننه"(24) عن أبي عوانة اليشكري، وابن الضُّريس في "فضائل القرآن"(63) من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن أبي إسحاق، عمَّن سمع ابن عمر، من قوله موقوفًا أيضًا. وخالفهما وكيع عند ابن أبي شيبة، فرواه عن أبي إسحاق عن ابن عمر، والصحيح قول شعبة وأبي عوانة.

فقد أخرجه الدارمي (3488) و (3500) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن المغيرة بن عبد الله الجدلي، عن ابن عمر موقوفًا، فظهر بهذا الواسطة المبهمة بين أبي إسحاق وابن عمر. والمغيرة هذا يغلب على ظننا أنه اليشكري، فإنَّ أبا إسحاق يروي عن اليشكري، وفي أجداد يشكر مَن اسمُه جَدِيلة، فلعله نُسب هنا إليه، والمغيرة اليشكري ثقة، فالإسناد صحيح، والله أعلم.

(1)

حسن في المتابعات والشواهد، بشير بن المهاجر يعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد روي ما يَشهد لحديثه، كما قال ابن كثير في "تفسيره" في أول تفسير سورة البقرة 1/ 243، وحسَّن إسنادَه لأجل ذلك، وقد حسَّن إسناده كذلك الحافظُ ابن حجر في "المطالب العالية"(3478)، والبوصيري في "إتحاف المهرة"(5952/ 1).

وأخرجه أحمد 38/ (22950)، وابن ماجه (3781) من طريقين عن بشير بن المهاجر، به. ويشهد له حديث أبي أمامة الآتي برقم (2096) بلفظ:"تعلَّموا القرآن، فإنه شفيع لأهله يوم القيامة" الحديث، وهو صحيح.

وحديث جابر بن عبد الله عند ابن حبان (124) بلفظ: "القرآن شافع مُشفَّع"، وجوَّد إسنادَه المنذريُّ في "الترغيب والترهيب" 1/ 42، وهو كما قال.

ص: 24

يحدِّث عن قَتَادة، عن ابن أبي الجَعْد

(1)

، عن أبي أمامة: أنَّ رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، اشتريتُ مِقسمَ بني فُلان فربحتُ فيه كذا وكذا، قال:"أفلا أنبِّئُك بما هو أكثرُ منه ربحًا؟ " قال: وهل يُوجد؟ قال: "رجل تعلَّم عشرَ آياتٍ"، فذهب الرجل فتعلّم عشرَ آيات، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبره

(2)

.

إن كان عمرو بن خالد حَفِظَ في إسناده سالمَ بن أبي الجعد، فإنه صحيح على شرط الشيخين، غير أنَّ البصريِّين من أصحاب المعتمِر خالفوه فيه:

(1)

جاء اسم هذا الرجل في المطبوع مقيدًا بسالم بن أبي الجعد، وهو خطأ. وقد روى البيهقي هذا الحديث عن الحاكم في "شعب الإيمان" (1794) إلّا أنه قال فيه: عن أبي الجعد، كذلك جاء في الأصلين اللذين اعتُمدا في تحقيق الكتاب، كما نبَّه عليه، محققه، وهذا محتمل، كما تدل عليه الرواية التالية لهذا الحديث التي وقع فيها الاسم على الشك: عن أبي الجعد أو ابن أبي الجعد، لكن كلام الحاكم بإثره وتقييده بسالم يرجح أنَّ رواية "المستدرك": ابن أبي الجعد. وكأنَّ الحاكم لما حدَّث البيهقي بالحديث صار إلى القول بأنه أبو الجعد، خلافًا لما قاله في "المستدرك"، والله أعلم.

(2)

رجاله ثقات معروفون غير ابن أبي الجعد، وتقييد الحاكم له في هذه الرواية بسالم غير مُسلَّم، والذي دعاه إلى ذلك فيما يغلب على ظننا أنَّ لسالم بن أبي الجعد رواية عن أبي أمامة، كما وقع عنده في "المستدرك" في حديثين آخرين غير هذا، ولكن الجزم بذلك لا يستقيم مع الرواية التالية التي وقع فيها الاسم على الشك: عن أبي الجعد أو ابن أبي الجعد، ولا يستقيم كذلك مع رواية البيهقي في "الشعب"(1794) عن أبي عبد الله الحاكم نفسه، حيث قال فيها: عن أبي الجعد، فالأقرب أنه أبو الجعد، فإنَّ قتادة قد روى حديثًا آخر عند أحمد 36/ (22172) قال فيه: عن أبي الجعد مولًى لبني ضُبيعة عن أبي أمامة، وكذلك قال أبو التيّاح في حديث ثالث عند أحمد 36/ (22254): سمعتُ أبا الجعد يُحدّث عن أبي أمامة. وإذا ثبت هذا فإنَّ الإمام أحمد قال في حديث أبي التياح: لا أدري من أبو الجعد هذا. قلنا: يعني أنه مجهول، فإنه لم يرو عنه غير قتادة وأبي التيّاح، ولم يؤثر توثيقه عن أحدٍ.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(1794) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. لكن أثبت محقق الكتاب في إسناد هذه الرواية ذكر سالم اعتمادًا على ما وقع في مطبوع "المستدرك"، بالرغم من أنه أشار إلى أنَّ الذي في الأصلين اللذين اعتمدهما في تحقيقه للكتاب: أبو الجعد!

ص: 25

2068 -

حدَّثَناه علي بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا عمرو بن علي وأحمد بن المِقدام، قالا: حدثنا المعتمر، قال: سمعت أبي يحدِّث عن قَتَادة، عن أبي الجعد أو

(1)

ابن أبي الجعد، عن أبي أُمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه

(2)

.

2069 -

أخبرني أبو محمد بن زياد العَدْل، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن بشار ويعقوب بن إبراهيم ومحمد بن أبان ومحمد بن يحيى بن فَيّاض، قالوا: حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدثنا عبد الرحمن بن بُدَيل، عن أبيه، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لله أهلِينَ من الناس"، قالوا: مَن هم يا رسول الله؟ قال: "أهلُ القرآن هم أهلُ الله وخاصَّتُه"

(3)

.

قد رُوِيَ هذا الحديث من ثلاثة أوجه عن أنس، هذا أمثَلُها

(4)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: وابن أبي الجعد، بواو العطف، وجاء على الصواب بالشك في "تلخيص الذهبي" و"إتحاف المهرة" لابن حجر (6498)، موافقًا لما في معجمي الطبراني "الكبير" و"الأوسط". وهو الذي يفيده تعبير الحاكم بالمخالفة، لأنه بالعطف لا يُعدُّ مخالفةً.

(2)

رجاله ثقات غير أبي الجعد كما بيناه عند الرواية السابقة.

وأخرجه البيهقي في "الشعب" بإثر (1794) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد. لكن وقع في المطبوع منه: وابن أبي الجعد بالعطف خطأً، كالذي في أصلي الحاكم عندنا، وجاء في طبعة زغلول لشعب الإيمان (1945) على الصواب.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(8012)، وفي "الأوسط"(2872) من طريق عاصم بن النضر التيمي، عن المعتمر - وهو ابن سليمان - به.

(3)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن بُديل: وهو ابن ميسرة.

وأخرجه ابن ماجه (215) والنسائي (7977) من طريقين عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 19/ (12279) و (12292) و 21/ (13542) من طرق عن عبد الرحمن بن بُديل، به.

(4)

أخرجه أبو بكر المقرئ في "المنتخب من غرائب مالك"(4)، وأبو الفضل الرازي المقرئ في "فضائل القرآن"(36)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 373، =

ص: 26

2070 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا شاذانُ الأسود بن عامر، حدثنا شَريك، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله قال: كنا إذا تعلَّمْنا من النبي صلى الله عليه وسلم عشرَ آياتٍ من القرآن، لم نتعلّمْ من العشر التي نزلت بعدَها حتى نَعلَمَ ما فيه، قيل لشريك: مِن العَمَل؟ قال: نعم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= وفي "تاريخ بغداد" 2/ 311 من طريق محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، عن مالك، عن الزُّهْري، عن أنس. ومحمد بن عبد الرحمن هذا متهم بوضع الحديث.

وأخرجه الضياء في "المنتقى من مسموعات مَرْو"(529) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن قُراد، عن عبد الله بن المبارك، عن حميد، عن أنس. ومحمد هذا هو نفسه ابن غزوان المتهم بوضع الحديث.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - وقد تابعه على هذا الخبر جماعة من أصحاب عطاء بن السائب ممّن سمع منه قبل اختلاطه، إلَّا أنهم لم يصرّحوا بذكر عبد الله - وهو ابن مسعود - وإنما قالوا: عن أبي عبد الرحمن - وهو عبد الله بن حبيب السلمي - قال: أخبرنا أصحابنا الذين كانوا يعلمونا، وقال بعضهم في روايته: كان أصحابنا يقرئونا ويعلمونا ويخبرونا، وبعضهم قال: إنا أخذنا هذا القرآن عن قوم أخبرونا. قلنا: كان أبو عبد الرحمن السُّلمي ممن أخذ القرآن عرضًا عن عثمان بن عفان وعلي وابن مسعود وأُبيّ بن كعب وزيد بن ثابت، كما قال أبو عمرو الداني، حتى جلس للإقراء في إمارة عثمان كما ثبت في "صحيح البخاري"(5027).

وقد روي هذا الخبر بعينه من غير طريق أبي عبد الرحمن السلمي بذكر عبد الله بن مسعود، وسنده قوي، فهذا مما يؤيد رواية شريك النخعي هنا، والله أعلم.

وأخرجه أحمد 38/ (23482) عن محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، قال: حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

وابن فضيل ممَّن سمع من عطاء بن السائب بعد اختلاطه، لكن تابعه عليه حماد بن زيد وسفيان الثَّوري وهمام بن يحيى العَوذي، وهم ممَّن سمع منه قبل الاختلاط، وانظر تخريج رواياتهم في "المسند".

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 1/ 35 من طريق الحسين بن واقد، عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود. وإسناده قوي.

ص: 27

2071 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامِري، حدثنا أبو أسامة، حدثني عبد الحميد بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أُبيِّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أُعلِّمك سورةً ما أُنزلت في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزَّبُور ولا في القرآن مثلُها؟ " قلت: بلى، قال:"إني لأرجو أن لا تخرجَ من ذلك الباب حتى تَعَلَّمَها"، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمتُ معه، فجعل يحدِّثني ويدِي في يده، فجعلتُ أتباطأ كراهيةَ أن يخرج قبل أن يخبرني بها، فلما دنَوتُ من الباب قلت: يا رسول الله، السورةَ التي وعدتَني، فقال:"كيف تقرأُ إذا قمتَ إلى الصلاة؟ " فقرأت فاتحة الكتاب، فقال:"هيَ هيَ، وهي السَّبعُ المَثَاني التي قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر:87]، الذي أُعطِيتُ"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح، وقد اختُلف فيه عن العلاء بن عبد الرحمن - وهو ابن يعقوب مولى الحُرَقة - كما نبَّه الحاكم على بعض ذلك بإثر الحديث، ومما فات الحاكمَ التنبيهُ عليه أنَّ جماعةً خالفوا عبدَ الحميد بن جعفر، فرووه عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، لم يجاوزوه، فجعلوه من مسند أبي هريرة، وقد رجَّح الترمذي بإثر الحديث (3125) رواية أولئك الجماعة الذين جعلوه من مسند أبي هريرة، وقوَّاه ابن حجر في "الفتح" 13/ 10. قلنا: لكن رجَّح الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" بإثر (1532)، وكذا ابنُ عبد البر في "التمهيد" 20/ 218 ذكرَ أُبي بن كعب، وأنه من مسنده، واحتجَّ الحكيم في ذلك بأنَّ في رواية أبي هريرة ما يدل على ذلك وإن لم يسنده عن أبيّ - يعني كما في رواية الجماعة - وهو قول أبي فيه:"قلتُ". وعلى كلا الاحتمالين لا يؤثر ذلك في صحة إسناد الحديث، لأنه إما أن يكون موصولًا بذكر أبي بن كعب أو من مرسل أبي هريرة، وإرسال الصحابي حجة، وإما أن يكون أبو هريرة قد حضر القصة، لكن هذا الاحتمال الأخير بعيد مع قول أبي بن كعب في الحديث: قلتُ، والله تعالى أعلم. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" 35/ (21095) عن إسماعيل بن إبراهيم بن معمر الهُذَلي، عن أبي أسامة، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد (21094) عن محمد بن عبد الله بن نمير وأبي بكر بن أبي شيبة، وابن حبان (775) من طريق ابن أبي شيبة، كلاهما عن أبي أسامة به مختصرًا بلفظ: "ما أنزل الله =

ص: 28

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وقد اختُلِف على العلاء بن عبد الرحمن فيه، فرواه مالك بن أنس، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد مولى عامر بن كُريز، عن أبيّ بن كعب، ورواه شعبة، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبيّ بن كعب.

أما حديث مالك بن أنس:

2072 -

فأخبرَناه الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا مالك بن أنس.

وأخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا عبد الله بن مَسلَمة، عن مالك، العلاء بن عبد الرحمن، أنَّ أبا سعيد مولى عامر بن كُرَيز أخبره: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبيّ بن كعب وهو يصلي،

= في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي مقسومة بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل"، لكن قال ابن أبي شيبة في روايته: "قال الله تعالى

" فذكر الحديث.

وأخرجه الترمذي (3125)، والنسائي (988) من طريق الفضل بن موسى، عن عبد الحميد بن جعفر، به، مختصرًا كلفظ ابن نمير عن أبي أسامة سواءً.

وأخرجه أحمد 14/ (8682) من طريق إسماعيل بن جعفر، و 15/ (9345) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم القاصّ المدني، والترمذي (2875) و (3125 م) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، والنسائي (11141) من طريق رَوح بن القاسم، كلهم عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، دون ذكر أُبيٍّ في إسناده، وقال الترمذي: حسن صحيح، وهو أصح من حديث عبد الحميد بن جعفر.

وانظر الروايات الثلاث التي بعده.

وسيتكرر عند المصنف برقم (3056). وسيأتي مختصرًا من رواية أبي أسامة برقم (3391).

وقد رَوى مثلَ هذا الحديث أبو سعيد بن المعلَّى يحكي فيه قصته مع النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه من حديثه البخاري (4474) و (4647)، قال البيهقي في "شعب الإيمان" بإثر (2139) وذكر الحديثين: يشبه أن يكون هذا القولُ صدر من جهة صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم لأُبيٍّ ولأبي سعيد بن المعلَّى كليهما.

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 13/ 10: يتعين المصير إلى ذلك لاختلاف مخرج الحديثين واختلاف سياقهما.

ص: 29

فلما فرغ من صلاته لَحِقَه

(1)

، قال: فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يدَه على يدِي، قال: وهو يريد أن يخرج من باب المسجد، فقال:"إني أرجُو أن لا تخرُجَ من المسجد حتى تعلَمَ سورةً ما أُنزل في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في القرآن مثلُها"، قال: فجعلتُ أتباطأُ في المشي رجاءَ ذلك، ثم قلت: يا رسول الله، السورةَ التي وعدتَني، قال:"كيف تقرأ إذا افتتحتَ الصلاةَ؟ " قال: فقرأتُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} حتى أتيتُ على آخرها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هي هذه السورةُ، وهي السبعُ المَثاني، والقرآنُ العظيمُ الذي أُعطِيتُ"

(2)

.

وأما حديث شعبة:

2073 -

فأخبرَناه أبو بكر محمد بن أحمد بن حاتم المروَزي، حدثنا عبد الله بن روح المدائني، حدثنا شَبَابة بن سَوّار، حدثنا شعبة، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أُبي بن كعب: أنه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} حتى خَتَمَها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنها السبعُ المَثَاني، والقرآنُ العظيمُ الذي أُعطِيتُ"

(3)

.

(1)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: كفه، ولم ترد هذه الكلمة في (ص) و (ع)، والتصويب من الموطآت الحاضرة، ومن مصادر التخريج ولا معنى لكلمة "كفه" في سياق الحديث.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل، وهو المحفوظ فيه عن مالك، وأما ما سيأتي برقم (3057) من طريق أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن العلاء، عن أبي سعيد، عن أبيّ بن كعب، فهو وهمٌ، والصواب رواية القعنبي التي هنا، لموافقتها سائر روايات "الموطأ".

وهو في "الموطأ" برواية يحيى الليثي 1/ 83، ورواية أبي مصعب الزُّهْري (231)، ورواية سويد بن سعيد (89) على الإرسال.

وأخرجه إسحاقُ بن راهويه كما في "المطالب العالية"(3518) عن روح بن عبادة، وأبو القاسم الجوهري في "مسند الموطأ"(626) من طريق علي بن عبد العزيز البَغَوي، عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، كلاهما (روح والقعنبي) عن مالك، به.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه منقطع، لأنَّ عبد الرحمن - وهو ابن يعقوب =

ص: 30

وقد وجدتُ لحديث عبد الحميد بن جعفر شاهدًا في سماع أبي هريرة هذا الحديثَ من أبيِّ بن كعب من حديث المدنيين:

2074 -

أخبرَناه أبو بكر محمد بن المؤمَّل بن الحسن بن عيسى، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعراني، حدثنا عبد الله بن محمد النُّفيلي، حدثنا محمد بن سلمة، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نادى أبيَّ بن كعب وهو قائم يصلي، فلم يجبْه، فقال:"ما مَنَعَكَ أن تُجيبَني يا أبيُّ؟ " فقال: كنت أصلي، فقال:"ألم يقلِ اللهُ تبارك وتعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24]، لا تَخرُج من المسجد حتى أُعلِّمَك سورةً ما أَنزل الله في التوراة والإنجيل والزبُور مثلَها"، قال أبيّ: ثم اتَّكأَ على يدي، حتى إذا كان بأقصى المسجد قلتُ: يا نبيّ الله، قلتَ: كذا

= مولى الحُرَقة - إنما سمعه بواسطة أبي هريرة كما مر برقم (2071)، ولا يُظن أنَّ عبد الرحمن هذا قد أدرك أُبيًّا أصلًا، لما رجحه الذهبي من أنَّ وفاة أبيّ كانت في خلافة عمر بن الخطاب، وقد ورد بإسناد صحيح عن جندب بن عبد الله البجلي عند ابن سعد 3/ 465 ما يفيد موته في خلافة عمر. على أنَّ بعضهم قد رواه عن شعبة موقوفًا من قول أبيّ بن كعب، وهو أشبه في رواية شعبة خاصة لما سيأتي بيانه.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 14/ 55، وابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 211 من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، به. لكن وقفه على أبيّ بن كعب.

وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 6/ 12 من طريق عثمان بن جبلة، عن شعبة، لكنه قال فيه: عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة. فجعله من مسند أبي هريرة، ولم يذكر أبيًا.

وشعبة هو راوي حديث أبي سعيد بن المعلَّى الذي أخرجه البخاري (4474) و (4647) و (4703) من طرق عن شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد بن المعلى، بنحو حديث أبيّ بن كعب المذكور في هذا الباب، فلعلَّ المحفوظ في رواية شعبة هنا - أي من حديث أبيّ بن كعب - هو الموقوف، أي: كما رواه محمد بن جعفر عنه، وهو أثبت الناس في شعبة كما نصَّ عليه عبد الرحمن بن مهدي وعلي بن المديني وغيرهما، فهذه علَّةٌ أخرى غير الانقطاع.

ص: 31

وكذا، قال:"نعم، هي أمُّ القرآن، والذي نفسي بيده، ما أنزل الله في التوراة والإنجيل والزَّبُور مثلَها، وإنها السبعُ الطُّوَلُ التي أُوتيتُ، وإنها القرآنُ العظيمُ"

(1)

.

قد أخرج البخاري في "الجامع الصحيح"

(2)

حديثَ ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبُري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الحمد لله، أمُّ القرآن، والسبعُ المثاني، والقرآنُ العظيمُ"، هذه اللفظةَ فقط.

2075 -

أخبرني أبو جعفر محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزة، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا عمار بن رُزَيق، عن عبد الله بن عيسى، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: بَيْنا جبريلُ عليه السلام جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع نقيضًا من السماء، فرفع رأسه، ثم قال: "فُتحَ بابٌ من السماء لم يُفتَح قبلَه قطُّ، فإذا مَلَك يقول: أبشِرْ بِنُورَين أُوتِيتَهما لم يُؤتَهُما نبيٌّ قبلَك: فاتحةُ الكتاب، وخَواتيمُ سورة البقرة، لن تَقرأَ منهما

(3)

حرفًا إلَّا أُعطِيتَه"

(4)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات غير محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار المطلبي مولاهم - فهو صدوق، لكنه مدلس، وقد عنعن.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(1427) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

(2)

برقم (4702).

(3)

في الطبعة الهندية: "لم تقرأ منها" بالجزم وإفراد الضمير في "منها"، وقد وقع كذلك بهذا اللفظ في "صحيح ابن حبان"(778) عن أبي يعلى عن عثمان بن أبي شيبة. وما أثبتناه من نسخنا الخطية يوافق رواية مسلم (806) والنسائي (10490) وغيرهما من طريق أبي الأحوص عن عمار بن رُزَيق.

(4)

إسناده قوي من أجل معاوية بن هشام - وهو القصّار - وعمار بن رزيق.

وأخرجه ابن حبان (778) عن أبي يعلى، عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (806)، والنسائي (986) و (10490) من طريق أبي الأحوص سلّام بن سُليم، عن عمار بن رُزِيق، به. =

ص: 32

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه هكذا، إنما أخرج مسلم هذا الحديث عن أحمد بن جَوَّاس الحنفي، عن أبي الأحوص، عن عمار بن رُزَيق، مختصرًا

(1)

.

2076 -

أخبرَنا أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي بمَرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل البَلْخي، حدثنا مَكيُّ بن إبراهيم، عن عبيد الله بن أبي حُميد، عن أبي المَليح، عن مَعقِل بن يسار قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أُعطيتُ فاتحةَ الكتابِ من تحت العرش، والمُفصَّلَ النافلةَ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2077 -

حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن محمد القَبّاني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحَنْظَلي، أخبرنا جرير، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد قال: بَعَثَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في غَزاةٍ أو سَريّةٍ، فمررنا على أهل أبيات، فاستضفناهم، فلم يضيِّفُونا، فنزلنا بالعَراء، فلُدِغ سيدُهم، فأتَونا فقالوا: هل أحدٌ منكم يَرقي؟ فقلت: أنا رَاقٍ، قال: فارْقِ صاحِبَنا، فقلت: لا، قد استضَفْناكم فلم تُضَيِّفونا، قالوا: فإنا نجعلُ لكم، فجَعَلُوا لنا ثلاثين شاةً، قال: فأتيتُه فجعلتُ أمسَحُه وأقرأ فاتحةَ الكتاب وأُردِّدُها حتى بَرَأ، فأخذنا الشِّياه، فقلنا: أخذناه ونحن لا نُحسِنُ أن نَرقي، ما نحن بالذي نأكُلُها حتى نسألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم،

= والنقيض: الصوت.

(1)

كذا قال الحاكم، مع أنَّ مسلمًا أخرجه تامًّا كرواية الحاكم! ثم إنَّ مسلمًا رواه عن حسن بن الربيع وأحمد بن جواس الحنفي، كلاهما عن أبي الأحوص، وليس عن ابن جواس وحده.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل عبيد الله بن أبي حميد، فهو متروك الحديث كما أشار إليه الذهبي.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 9، وفي "شعب الإيمان"(2249) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وسيتكرر بهذا الإسناد بعينه ضمن حديث مطوَّل برقم (2114)، ويأتي تمام تخريجه هناك.

ص: 33

فأتيناه فذكرنا ذلك له، قال: فجعل يقول: "وما يُدريكَ أنها رُقْيةٌ؟ " قلت: يا رسول الله، ما دَرَيتُ أنها رُقْيةٌ، ولكن شيءٌ ألقى اللهُ في نفسي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كُلُوا واضرِبُوا لي معكم بسَهمٍ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، إنما أخرجه عن يحيى بن يحيى، عن هُشَيم، عن أبي بِشْر، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد، مختصرًا

(2)

.

وأخرج البخاري أيضًا مختصرًا من حديث هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أخيه مَعْبَد، عن أبي سعيد

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو نَضْرة: هو المنذر بن مالك بن قِطْعة.

وقد خالف الأعمشَ جماعة من الثقات منهم شعبة وأبو عوانة وهُشيم، فرووه عن أبي بشر جعفر بن إياس، عن أبي المتوكّل علي بن داود الناجيّ، عن أبي سعيد، فذكروا أبا المتوكّل بدل أبي نضرة. وقد صحَّح أبو زرعة وابن ماجه والدارقطني روايتهم، وقال الترمذي: هي أصح من رواية الأعمش، لكن قال الحافظ في "الفتح" 7/ 334: الذي يترجح في نقدي أنَّ الطريقين محفوظان، لاشتمال طريق الأعمش على زيادات في المتن ليست في رواية شعبة ومن تابعه، فكأنه كان عند أبي بشر عن شيخين، فحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا، ولم يُصِب ابنُ العربي في دعواه أنَّ هذا الحديث مضطرب، فقد رواه عن أبي سعيد أيضًا معبد بن سيرين وسليمان بن قَتَّة. انتهى.

وأخرجه ابن حبان (6112) من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 17/ (11070)، وابن ماجه (2156)، والترمذي (2063)، والنسائي (7490) و (10799) و (10802) من طرق عن الأعمش، به.

قوله: نَجعَلُ لكم، من الجُعْل بالضم، وهو: الأجرة على قول أو فعل.

(2)

كذا اقتصر المصنف على عزوه لمسلم (2201)، مع أنه عند البخاري أيضًا، لكن من طريق أبي عوانة (2276) ومن طريق شعبة بن الحجاج (5736) كلاهما عن أبي بشر. على أنَّ مسلمًا قد أخرجه أيضًا (2201) من طريق شعبة.

(3)

هو عند البخاري برقم (5007)، وفات الحاكم أنه عند مسلم أيضًا برقم (2201)(66).

ص: 34

2078 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله السَّعدي، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا زكريا بن أبي زائدة.

وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا بشر بن موسى الأسدي، حدثنا أبو نُعيم، حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن خارجة بن الصَّلْت التميمي، عن عمه: أنه مرَّ بقوم وعندهم مجنون مُوثَقٌ في الحديد، فقال له بعضهم: أعندك شيء يُداوَى به هذا؟ فإنَّ صاحبكم قد جاء بخير، قال: فقرأت عليه فاتحة الكتاب ثلاثةَ أيام في كلِّ يوم مرتين، فبَرأ، فأعطاه مئةَ شاةٍ، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال:"كُلْ، فمَن أكل برُقْيةِ باطلٍ، فقد أكلتَ برُقْيَةِ حَقٍّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2079 -

أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا علي بن عبد الحميد المعنيّ، حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في مَسيرٍ فنزل ونزل رجلٌ إلى جانبه، قال: فالتفتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: "ألا أُخبِرُك بأفضلِ القرآنِ؟ "، قال: فتلا عليه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده حسن من أجل خارجة بن الصلت، فقد روى عنه غير واحد، وذكره ابن حبان وابن خلفون في "الثقات"، وقال الذهبي: محله الصدق؛ وهو كما قال أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، والشعبي: هو عامر بن شَراحيل.

وأخرجه أحمد 36/ (21835)، وأبو داود (3896)، وابن حبان في "صحيحه"(6111) من طريقين عن زكريا بن أبي زائدة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (21836)، وأبو داود (3420) و (3897) و (3901)، والنسائي (7492) و (10804) من طريق عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي، به.

(2)

إسناده صحيح. أبو حاتم الرازي: هو محمد بن إدريس الحافظ المعروف.

وأخرجه النسائي (7957) و (10491)، وابن حبان (774) من طريقين عن علي بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.

ص: 35

‌أخبار في فضل سورة البقرة

2080 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن محمد بن نَصْر، حدثنا أبو نُعيم الفضل بن دُكَين، حدثنا بَشير بن المُهاجر.

وأخبرنا أحمد بن محمد بن سلمة العَنَزي، حدثنا معاذ بن نَجْدة القرشي، حدثنا خَلّاد بن يحيى، حدثنا بَشير بن المُهاجر، حدثنا عبد الله بن بُريدة، عن أبيه قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"تعلَّموا سورةَ البقرة وآل عمران، فإنهما الزَّهْراوانِ يُظِلّانِ صاحبَهما يومَ القيامةِ، كأنهما غَمَامتان - أو غَيَايتان - أو فِرْقانِ من طيرٍ صَوَافَّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2081 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وأبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن النضر، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن حَكيم بن جُبير، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لكل

(1)

صحيح لغيره، لكن بلفظ:"تُحاجّان عن أصحابهما" بدل: "تظلان أصحابهما"، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل بَشير بن المهاجر.

وأخرجه أحمد 38/ (22950) عن أبي نعيم الفضل بن دكين بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (22975) و (23050) عن وكيع عن بشير بن مُهاجر، به. بلفظ:"تحاجّان عن أصحابهما"، وقال وكيع مرة:"تُجادِلان".

ويشهد له حديث أبي أمامة عند مسلم (804) بلفظ: "تُحاجّان عن أصحابهما"، وسيأتي برقم (2096) لكن بلفظ:"يدفعان بأجنحتهما عن أصحابهما".

وحديث النوّاس بن سمعان عند مسلم أيضًا (805) بلفظ: "تحاجّان عن أصحابهما".

والغياية: كل شيءٍ أظلَّ الإنسانَ فوق رأسه كالسحابة وغيرها.

وفِرقان من طير، أي: قطعتان.

وصوافّ، أي: مُصطفَّة متضامّة.

والزهراوان: تثنية الزهراء، بمعنى: النيِّرة المضيئة، وسُمِّيا بذلك لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما.

ص: 36

شيءٍ سَنَامًا، وإنَّ سنامَ القرآن سورةُ البقرة"

(1)

.

رواه سفيان بن عيينة عن حَكيم بن جبير بزيادة فيه:

2082 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، حدثنا حَكيم بن جُبير الأَسَدي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"سورةُ البقرة فيها آيةٌ سيِّدُ آيِ القرآن، لا تُقرأُ في بيتٍ وفيه شيطانٌ إلّا خرج منه؛ آيةُ الكُرْسي"

(2)

.

(1)

حسن لغيره، حكيم بن جبير ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد كما تقدم بيانه برقم (1495)، ولحديثه هذا ما يشهد له كما سيأتي بيانه. زائدة: هو ابن قُدامة، وأبو صالح: هو ذكوان السمّان.

وأخرجه الترمذي (2878) من طريق حسين بن علي الجُعفي، عن زائدة، بهذا الإسناد.

وسيتكرر من طريق أبي بكر بن بالَوَيهِ وحده برقم (3064).

ويشهد له حديث عبد الله بن مسعود الآتي برقم (2083) و (2084) موقوفًا ومرفوعًا.

وحديث معقل بن يسار عند أحمد 33/ (20300) وغيره، وإسناده ضعيف.

وحديث سهل بن سعد عند ابن حبان (780) وغيره، وإسناده ضعيف كذلك.

(2)

حسن لغيره كسابقه، وله ما يشهد له كذلك. سفيان: هو ابن عيينة. وهو في "مسند الحميدي"(994).

وأخرجه الترمذي (2878) من طريق زائدة بن قُدَامة، عن حكيم بن جبير، به - دون قوله: "لا تُقرأ في بيت

".

وسيتكرر برقم (3063) عن علي بن حَمْشاذَ عن بشر بن موسى.

وسيأتي منه قوله: "سيد آي القرآن آية الكرسي" برقم (3067) من طريق زائدة عن حكيم.

ويشهد لهذا القدر منه حديثُ أُبيّ بن كعب عند مسلم (810) وغيره، بلفظ:"يا أبا المنذر أتدري أيُّ آية من كتاب الله أعظم؟ " قال: قلت: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ، قال: فضرب في صدري، وقال:"لِيَهنِك العلمُ أبا المنذر".

ولقوله في آية الكرسي: "لا تُقرأ في بيت وفيه شيطان إلَّا خرج منه" شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري معلقًا بالجزم (2311) و (5010)، والنسائي (10729): أنَّ شيطانًا قال له: إذا أويتَ إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية، وقال له: لن يزال عليك من الله =

ص: 37

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه. والشيخان لم يخرجا عن حكيم بن جبير لِوهَنٍ في رواياته، إنما تركاه لغُلوِّه في التشيُّع

(1)

.

2083 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا حامد بن أبي حامد المقرئ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدَّشْتَكي، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن عاصم بن أبي النَّجُود، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: إنَّ لكلِّ شيء سَنَامًا، وسنامُ القرآن سورةُ البقرة، وإنَّ الشيطانَ إذا سمع سورةَ البقرة تُقرَأُ خرجَ من البيت الذي يُقرأ فيه سورةُ البقرة

(2)

.

= حافظٌ ولا يقربك شيطانٌ حتى تصبح، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"صدقك وهو كذوب".

وقد ورد هذا في عموم سورة البقرة أيضًا، كما سيأتي عن عبد الله بن مسعود بعده وبرقم (2086) و (2087) موقوفًا ومرفوعًا أنَّ الشيطان لا يدخل البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.

وعن أبي هريرة عند مسلم (780) وغيره رفعه: "إنَّ الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة".

(1)

وعلى غلوّه في التشيع روى ما يدل على فضل أبي بكر وعمر، كما أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2728) وغيره من طريقه قال: قلت: لعليّ بن حسين: أشهدُ على عبد خير أنه حدثني أنه سمع عليًا يقول على هذا المنبر: خير هذه الأمة بعد نبيِّها أبو بكر ثم عمر، وقال: لو شئت لسمّيت ثالثًا. والإسناد إلى حكيم صحيح.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد لا بأس برجاله، لكنه اختُلف في رفعه ووقفه، فقد رواه عمرو بن أبي قيس وزائدة بن قدامة فرفعاه تارةً ووقفاه تارةً، والوقف أشبه، لأنَّ حماد بن زيد وحماد بن سلمة قد وافقاهما عليه.

وكذلك رواه سلمة بن كهيل عن أبي الأحوص عن ابن مسعود موقوفًا، ووافقه أبو إسحاق السبيعي في رواية شعبة ومعمر وزكريا بن أبي زائدة وفطر عنه عن أبي الأحوص، وخالفهم ابن عجلان فرواه عن أبي إسحاق السبيعي مرفوعًا، والموقوف عن أبي إسحاق أشبه. ولكنه مع وقفه له حكم المرفوع، لأنَّ مثله لا يقال من قِبَل الرأي، كما قال البرهان البقاعي في "مصاعد النظر" 2/ 22.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2159) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن وهب في فضائل القرآن (المطبوع مع تفسيره باسم علوم القرآن) من "جامعه" 3/ (26)، وابن الضُّريس في "فضائل القرآن"(177)، والطبراني في "الكبير"(8644)، =

ص: 38

هذا حديث صحيح الإسناد وقد روي مرفوعًا بمثل هذا الإسناد.

2084 -

أخبرَناه أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن الدَّشْتَكي، حدثنا أَبي، حدثنا أَبي

(1)

، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن عاصم، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

= والجورقاني في "الأباطيل والصحاح"(706) من طريق حماد بن زيد، والدارمي (3420)، وابن الضريس (178) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن عاصم، به. لكن اقتصر حماد بن سلمة في روايته على الشطر الأول من الحديث دون شطره الثاني في فرار الشيطان من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة.

وأخرجه عبد الرزاق (5998) - ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(8642)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 130 - عن معمر بن راشد وابن الضريس (175) من طريق شعبة بن الحجاج، والفريابي في "فضائل القرآن"(41) من طريق زكريا بن أبي زائدة، والدارمي (3418) من طريق فطر بن خليفة أربعتهم عن أبي إسحاق السبيعي، به موقوفًا، دون شطر الحديث الأول.

وخالفهم محمد بن عجلان عند النسائي (10733)، والبيهقي في "الشعب"(2162) فرواه عن أبي إسحاق السبيعي، به مرفوعًا، دون شطر الحديث الأول أيضًا.

ورواه إبراهيم الهَجَري عن أبي الأحوص، واختُلف عليه، فأخرجه الدارمي (3537) عن جعفر بن عون، وابن الضريس (164) من طريق جرير بن عبد الحميد، كلاهما عن إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود موقوفًا، دون شطر الحديث الأول.

وأخرجه البَغَوي في "شرح السنة"(1194) من طريق محمد بن فضيل، عن إبراهيم الهجري، به. فرفعه. وإبراهيم الهجري لين الحديث، وكان رفّاعًا.

وسيأتي بعده من طريق أخرى عن عبد الرحمن الدشتكي، عن عمرو بن أبي قيس، مرفوعًا.

وبرقم (2087) من طريق زائدة بن قدامة، عن عاصم، مرفوعًا.

وبرقم (2086) و (3066) من طريق سلمة بن كهيل، عن أبي الأحوص، موقوفًا.

ويشهد له حديث أبي هريرة السابق، وانظر تمام شواهده عنده.

(1)

عبارة "حدثنا أبي" الثانية سقطت من (ص) و (ب).

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم كسابقه.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2160) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

ص: 39

2085 -

أخبرنا بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل البَلْخي، حدثنا مَكيّ بن إبراهيم، حدثنا عبيد الله بن أبي حُميد، عن أبي المَليح، عن مَعقِل بن يَسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُعطِيتُ سورةَ البقرةِ من الذِّكرِ الأوّلِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2086 -

أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، حدثنا أحمد بن موسى بن إسحاق التميمي، حدثنا الفضل بن دُكين، حدثنا شعبة، عن سلمة بن كُهيل، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: اقرؤُوا سورة البقرة في بيوتكم، فإنَّ الشيطان لا يدخلُ بيتًا يُقرأُ فيه سورةُ البقرة

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد أسنده عاصم بن بَهْدَلة عن أبي الأحوص:

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل عبيد الله بن أبي حميد، فهو متروك الحديث كما قال الحافظ في "إتحاف المهرة"(16897).

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2165) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن السُّنّي في "عمل اليوم والليلة"(684) من طريق سعيد بن يحيى اللخمي، عن عبيد الله بن أبي حميد، به.

وانظر تمام تخريجه برقم (2114) حيث سيأتي ضمن حديث مطوّل في فضائل جملةٍ من السُّور، وسيتكرر برقم (3065).

(2)

صحيح لغيره، أبو بكر بن أبي دارم - وإن كان متكلَّمًا فيه - قد توبع.

وأخرجه الدارمي (3422) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 76 و 229، والنسائي (10734) من طريق محمد بن جعفر، والفريابي في "فضائل القرآن"(39) من طريق خالد بن الحارث، و (40) من طريق حجاج بن محمد، ثلاثتهم عن شعبة، به.

وسيأتي برقم (3066) من طريق آدم بن أبي إياس عن شعبة.

وانظر ما تقدَّم برقم (2082 - 2084).

ص: 40

2087 -

أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى القاضي، حدثنا إبراهيم بن يوسف بن خالد، حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا حسين بن علي الجُعْفي، عن زائدة، عن عاصم، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا سورةَ البقرةِ في بُيوتكم، فإنَّ الشيطانَ لا يدخُلُ بيتًا يُقرأ فيه سورةُ البقرة"

(1)

.

2088 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق بن يوسف، حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا أبو داود الطّيالسي، حدثنا حَرْب بن شدَّاد، عن يحيى بن أبي كَثير، حدثني الحَضْرمي بن لاحِقٍ، عن محمد بن عمرو بن أُبيّ بن كعب، عن جدِّه أُبيّ بن كعب: أنه كان له جَرِينُ تمرٍ

(2)

، فكان يجدُه ينقُصُ، فحرسَه ليلةً، فإذا هو بمثل الغلامِ المحتلِم، فسلَّم عليه، فردَّ عليه السلامَ، فقال: أجِنّيٌّ، أم إنسيٌّ؟ فقال: بل جِنّيٌّ، فقال: أرِني يدَكَ، فأراه، فإذا يدُ كلبٍ، وشعرُ كلبٍ، فقال: هكذا خَلْقُ الجنِّ، فقال: لقد عَلِمَتِ الجنُّ أنه ليس فيهم رجلٌ أشدَّ مني، قال: ما جاء بك؟ قال: أُنبئنا أنك تحبُّ الصدقةَ، فجئنا نُصيبُ من طعامِكَ، قال: ما يُجِيرُنا منكم؟ قال: تقرأ آيةَ الكرسيّ من سورة البقرة {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]؟ قال: نعم، قال: إذا قرأتها غَدوةً أُجِرْتَ مِنّا حتى تُمسيَ، وإذا قرأتها حين تمسي أُجِرتَ مِنّا حتى تصبحَ. قال أُبي: فغَدَوتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرتُه بذلك، فقال:"صَدَقَ الخَبِيثُ"

(3)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه اختُلف في رفعه ووقفه كما بيناه عند الحديث المتقدم برقم (2083). يوسف بن موسى: هو التُّسْتَري.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2163) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(8643) من طريق معاوية بن عمرو، عن زائدة، به موقوفًا.

(2)

الجَرِين: موضع تجفيف التمر، وهو كالبَيدَر للحنطة.

(3)

إسناده ضعيف لاضطرابه، فقد اختُلف فيه على يحيى بن أبي كثير، فروي عنه عن الحضرمي بن لاحق، كما وقع في هذه الطريق، وروي عنه عن الحضرمي عن محمد بن عمرو بن أُبيّ بن كعب أنه كان لجده جرين، يعني مرسلًا، وروي عنه عن عبدة بن أبي لبابة عن عبد الله بن أُبيّ بن كعب =

ص: 41

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن أبيه، وروي عنه عن ابن أُبيّ بن كعب عن أبيه، يعني دون واسطة، وسيأتي بيانه، ومحمد بن عمرو بن أُبي المذكور هنا مجهول. أبو داود الطيالسي: هو سليمان بن داود.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 109 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(541) عن العباس بن الفضل الأسفاطي، عن موسى بن إسماعيل، عن أبان بن يزيد، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي، عن محمد بن أُبيّ بن كعب، عن أبيه. ومحمد هذا: هو ابن عمرو بن أُبيّ الوارد اسمُه في إسناد الحاكم، فقوله: عن أبيه، يعني: عن جده، مجازًا.

لكن خالف العباسَ الأسفاطيَّ البخاريُّ في "تاريخه" 1/ 27 - 28، فقال: عن موسى، عن أبان، عن يحيى، عن الحضرمي، عن محمد بن أبي بن كعب: أنَّ أبيًّا، فأرسله، وهذا أشبه.

فقد أخرجه البخاري أيضًا في "تاريخه" 11/ 27 عن عمرو بن علي الفلّاس، ومحمد بن نصر المروَزي في "قيام الليل أيضًا - مختصره" ص 166 - 167، والشاشي في "مسنده"(1449)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 4/ (1261) من طريق محمد بن بشار، كلاهما عن أبي داود الطيالسي، عن حرب، عن يحيى، عن الحضرمي، عن محمد بن أبيّ بن كعب، قال: كان لجدي أبي بن كعب، مرسلًا.

وكذلك أخرجه النسائي (10731)، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 269 من طريق معاذ بن هانئ، عن حرب بن شداد، به مرسلًا.

وكذا أخرجه النسائي (10732)، ومن طريقه ابن عبد البر 16/ 269 من طريق شيبان بن عبد الرحمن، عن يحيى بن أبي كثير، مرسلًا.

ورواه أيضًا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، واختُلف عليه:

فأخرجه ابن أبي الدنيا في "الهواتف"(174) عن الحسن بن الصبّاح، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (5634/ 2)، ومن طريقه الضياء (1262) عن أحمد بن إبراهيم الدورقي، كلاهما عن مبشّر بن إسماعيل، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبدة بن أبي لبابة، عن عبد الله بن أبيّ بن كعب، أنَّ أباه أخبره.

وخالف عبدُ الحميد بن سعيد عند النسائي (10730) فرواه عن مبشِّر، عن الأوزاعي، عن يحيى، قال: حدثني ابنُ أبيّ بن كعب، أنَّ أباه أخبره. فلم يذكر عبدة في إسناده. وهذا عن الأوزاعي هو الأشبه.

فقد أخرجه الحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث" للهيثمي (1051)، ومن طريقه أبو نعيم في "دلائل النبوة"(544) من طريق الهِقْل بن زياد، وابن حبان (784)، وأبو الشيخ =

ص: 42

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2089 -

أخبرني أبو نصر أحمد بن سَهْل الفقيه ببُخارى، حدثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، حدثنا أبو هشام محمد بن يزيد، حدثنا محمد بن فُضيل، حدثنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مَرْثَد بن عبد الله، عن عُقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأْ بالآيتَين من آخرِ سورة البقرة، فإني أُعطِيتُهما من تحتِ العرش"

(1)

.

= في "العظمة"(1092)، والبَغَوي في "شرح السنة"(1197) من طريق الوليد بن مسلم، والشاشي في "مسنده"(1448) من طريق عمر بن عبد الواحد، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 108 - 109 من طريق الوليد بن مزيد، أربعتهم عن الأوزاعي، عن يحيى، فقال: حدثني ابن أبيّ بن كعب، أنَّ أباه أخبره. فوافقوا مبشّر بن إسماعيل في روايته الثانية التي ليس فيها عبدة، مع تصريح يحيى بن أبي كثير فيها بالسماع من عبد الله بن أبيّ بن كعب.

ولأصل القصة شواهد رويت عن غير واحد من الصحابة تتقوّى بها سيأتي بيانها عند حديث ابن عباس برقم (6045).

(1)

صحيح لغيره، أبو هشام محمد بن يزيد - وهو الرفاعي، وإن كان ضعيفًا - قد توبع، ومحمد بن إسحاق مدلّس وقد عنعن، لكنه توبع أيضًا فتحتمل عنعنته هنا.

وأخرجه أحمد 28/ (17324) من طريق سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (17445) عن يحيى بن إسحاق، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به.

وابن لهيعة - وهو عبد الله، وإن كان ساء حفظه بعد احتراق كتبه - قد روى عنه هذا الحديث قتيبة بن سعيد عند الفريابي في "فضائل القرآن"(51)، وقد أخذ قتيبة أحاديث ابن لهيعة من كتب عبد الله بن وهب، وعبد الله بن وهب ممّن سمع من ابن لهيعة قديمًا قبل احتراق كتبه، فإسناد ابن لهيعة حسنٌ.

ويشهد له حديث أبي ذر الغفاري الآتي برقم (2091).

وحديث حذيفة بن اليمان الذي أشار إليه الحاكم بإثر (2092)، وهو عند مسلم (522) إلَّا أنه لم يسق لفظه، وأفصح عنه ابن أبي شيبة 11/ 435 وغيره.

وحديث عبد الله بن مسعود موقوفًا عليه عند النسائي (7969) بإسناد صحيح، ومثله لا يقال بالرأي، فله حكم المرفوع.

ص: 43

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2090 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصغَاني، حدثنا عفّان بن مسلم، حدثنا حماد بن سَلَمة، أخبرنا الأشعثُ بن عبد الرحمن، عن أبي قِلابة، عن أبي الأشعث، عن النعمان بن بَشير، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله تبارك وتعالى كتب كتابًا قبل أن يَخلُقَ السماواتِ والأرضَ بألفَي عام، وأَنزل

(1)

منه آيتين خَتَمَ بهما سورةَ البقرة، ولا تُقرآنَ في دارٍ فيَقرَبَها شيطانٌ ثلاثَ ليالٍ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2091 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعراني، حدثنا جدِّي، حدثنا عبد الله بن صالح المصري، أخبرني معاوية بن صالح، عن أبي الزاهريّة، عن جُبير بن نُفير، عن أبي ذرٍّ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله خَتَمَ سورةَ البقرة بآيتين أعطانِيهما من كَنْزِه الذي تحت العرش، فتعلَّمُوهنَّ وعَلِّمُوهُنَّ نِساءَكم وأبناءَكم، فإنها صلاةٌ وقرآنٌ ودعاءٌ"

(3)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: "وإنه"، ولا يستقيم معها نصب كلمة "آيتين"، والمثبت على الصواب من "تلخيص الذهبي" وهو الموافق لرواية البيهقي في "الأسماء والصفات"(490) حيث رواه عن الحاكم، وهو الموافق أيضًا لرواية الحديث الآتية برقم (3068) من طريق الحسين بن الفضل عن عفان، وكذلك جاء في سائر المصادر التي خرَّجت الحديث.

(2)

إسناده قوي من أجل الأشعث بن عبد الرحمن. أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي، وأبو الأشعث: هو شَراحيل بن آدَهْ الصنعاني.

وأخرجه أحمد 30/ (18414) عن عفان بن مسلم، والنسائي (10737) عن أحمد بن سليمان الرهاوي، عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (18414) والترمذي (2882)، وابن حبان (782) من طرق عن حماد بن سلمة، به.

وسيأتي برقم (3068) من طريق الحسين بن الفضل عن عفان بن مسلم.

(3)

صحيح دون قوله: "فتعلَّموهن وعلِّموهن" إلى آخر الحديث، وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن صالح - وهو كاتب الليث. وقد خالفه عبد الله بن وهب ومعن بن عيسى القزاز، =

ص: 44

هذا حديث صحيح على شرط البخاري

(1)

، ولم يُخرجاه.

وقد رواه عبد الله بن وهب عن معاوية بن صالح مرسلًا:

2092 -

أخبرَنيهِ عبد الله بن محمد بن زياد، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا

= وهما ثقتان، فأرسلا الحديث، وكذلك رواه عبد الله بن صالح مرةً مرسلًا. وقد جاء شطر الحديث الأول من وجه آخر عن أبي ذر، وله شواهد تقدم ذكرها عند الحديث (2089).

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2181) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلّام في "فضائل القرآن" ص 233 عن عبد الله بن صالح، عن معاوية، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، مرسلًا.

وستأتي رواية عبد الله بن وهب المرسلة في الطريق التالية عند المصنف، وتخريج طريق معن هناك.

وأخرج شطره الأول أحمد 35/ (21344) من طريق زهير بن معاوية، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2182) من طريق سفيان الثَّوري، كلاهما عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش، عن زيد بن ظبيان، عن أبي ذر، لكن قال زهير: عن زيد بن ظبيان أو عن رجل، على الشك.

وخالفهما جرير بن عبد الحميد عند أحمد (21343)، فقال: عن منصور، عن ربعي، عمن حدثه عن أبي ذر.

وخالفهم شيبان بن عبد الرحمن عند أحمد أيضًا (21345) و (21564)، فقال: عن منصور، عن ربعي، عن خَرَشة بن الحُرِّ أو عن المعرور بن سُويد، عن أبي ذر. وقد سقط حرف "أو" من أصولنا الخطية لـ "مسند أحمد"، ويُستدرك من "أطراف المسند"(8019) ومن "إتحاف المهرة"(17497)، كلاهما لابن حجر، ومن "جامع المسانيد" لابن كثير (12166)، ويؤيدهم إيراد الدارقطني لهذا الاختلاف في "العلل"(1101)، وعنده: عن ربعي عن خرشة بن الحر والمعرور عن أبي ذر، هكذا بالعطف.

فصار الاختلاف بين ذكر زيد بن ظبيان وبين خرشة بن الحر أو المعرور بن سويد، وزيد بن ظبيان لم يرو عنه غير ربعي، وذكره ابن حبان في الثقات، وخرشة والمعرور ثقتان وعلى أي حالٍ فيصلح هذا الطريق للمتابعة.

(1)

كذا قال الحاكم، مع أنَّ معاوية بن صالح وأبا الزاهرية وجبير بن نفير من رجال مسلم، وليسوا من رجال البخاري، وإنما أخرج لهم البخاري خارج الصحيح!

ص: 45

يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جُبير بن نُفير، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثلَه

(1)

.

وقد أخرج مسلم حديث أبي مالك الأشجعي عن رِبْعيّ بن حِراش عن حذيفة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُعطيتُ خَواتيمَ سورةِ البقرةِ من كَنْزٍ تحتَ العرشِ"

(2)

.

2093 -

أخبرنا أبو العباس قاسم بن القاسم السيّاري، حدثنا إبراهيم بن هلال البُوزَنْجِرْدِي، حدثنا علي بن الحسن بن شَقيق، حدثنا عبد المؤمن بن خالد الحنفي، حدثنا عبد الله بن بُريدة الأسلمي، عن أبي الأسود الدِّيْلي، قال: قلت لمعاذ بن جبل: حَدِّثني عن قصة الشيطان حين أخذتَه، فقال: جعلني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على صدقة المسلمين، فجعلتُ التمرَ في غرفةٍ، فوجدت فيه نُقصانًا، فأخبرتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"هذا الشيطانُ يأخذُه" قال: فدخلتُ الغرفةَ فأغلقتُ الباب عليَّ، فجاءت ظُلْمةٌ عظيمةٌ فَغَشِيَت الباب، ثم تَصَوَّر في صورةِ فيلٍ، ثم تَصوَّر في صورة أخرى، فدخل من شَقِّ الباب، فشَدَدْتُ إزاري عليَّ، فجعل يأكل من التمر، قال: فوثَبْتُ إليه فضبَطْتُه فالتقتْ يداي عليه، فقلت: يا عدوَّ الله، فقال: خَلِّ عني، إني كبير ذو عِيال كثيرٍ، وأنا فقيرٌ، وأنا من جِنِّ نَصِيبين، وكانت لنا هذه القرية قبل أن يُبعَث صاحبُكم، فلما بُعث أُخرجنا عنها، فخَلِّ عني فلن أعود إليك، فخلَّيتُ عنه، وجاء جبريلُ عليه السلام فأخبر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بما كان، فصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبحَ،

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسلٌ، وهو أصح من الموصول الذي قبله.

محمد بن إسحاق: هو ابن خزيمة وابن وهب: هو عبد الله.

وأخرجه أبو داود في "المراسيل"(91) عن ابن السَّرْح، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي (3433) من طريق معن بن عيسى، عن معاوية بن صالح، به.

وانظر ما قبله.

(2)

قد أخرج مسلم حديث حذيفة من هذا الطريق برقم (522) الذي فيه: "فُضِّلنا على الناس بثلاث

" فذكر الحديث وليس فيه هذا الحرف الذي ذكره المصنف. وهو عند أحمد 38/ (23251)، والنسائي (7968)، وابن حبان (1697)، بتمامه من هذا الطريق.

ص: 46

فنادى مُنادِيه: أين معاذُ بنُ جبل؟ فقمتُ إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما فَعَلَ أَسيرُك يا معاذُ؟ " فأخبرته، فقال:"أمَا إنه سيعودُ فعُدْ" قال: فدخلتُ الغرفة وأغلقتُ عليَّ الباب، فدخل من شَقِّ الباب، فجعل يأكل من التمر، فصنعتُ به كما صنعتُ في المرة الأولى، فقال: خَلِّ عني فإني لن أعود إليك، فقلت: يا عدوَّ الله، ألم تقل: لا أعودُ؟ قال: فإني لن أعود، وآيةُ ذلك أن لا يقرأَ أحدٌ منكم خاتمةَ البقرة، فيدخلَ أحدٌ منا في بيته تلك الليلةَ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وعبد المؤمن بن خالد الحنفي مروزي ثقة يُجمَع حديثه، وروى عنه زيد بن الحُبَاب هذا الحديث بعَينه:

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل إبراهيم بن هلال، وقد توبع في الإسناد الذي يليه.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 109 - 110 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (89) و (337) من طريق نعيم بن حماد، عن عبد المؤمن بن خالد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: بلغني أنَّ معاذ بن جبل، فذكره. كذا خالف فيه نعيمُ بنُ حماد عليَّ بنَ الحسن بن شقيق كما في إسناد الحاكم هنا، وخالف زيدَ بنَ الحباب أيضًا كما في الإسناد التالي، وهما ثقتان، وهو - أي: نعيم - فيه ضعف، فالصحيح قولهما.

وأخرجه الطبراني 20/ (197) من طريق لقمان بن عامر، عن الحسن بن جابر القرشي، عن معاذ بن جبل.

وأخرج البيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 111 من طريق عمرو بن مرزوق، عن مالك بن مِغول، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: كان لي طعام فتبيّنتُ فيه النقصان، فذكر نحوه، فجعله من حديث بريدة بن الحُصيب. قال البيهقي بإثره: كذا قال؛ عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، وهذا غير قصة معاذ، فيحتمل أن يكونا محفوظين! كذا قال، وفي إسناده عمرو بن مرزوق، وهو مع ثقته له أوهام، ويغلب على الظن أن هذا من أوهامه.

وانظر ما سيأتي من حديث ابن عباس برقم (6045).

قوله: "فضبطتُه" أي: أخذتُه أخذًا شديدًا.

ص: 47

2094 -

أخبرَناه أبو بكر محمد بن عبد الله الورّاق، أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الأنماطي، حدثنا أبو عثمان سعيد بن عثمان الجُرجاني ببغداد، حدثنا زيد بن الحُبَاب العُكْلي، حدثنا عبد المؤمن بن خالد الحَنَفي الخُراساني من أهل مَرْو، حدثنا عبد الله بن بُريدة، عن أبي الأسود، قال: قلتُ لمعاذ بن جبل: أخبِرني عن قصة الشيطان؛ ثم ذكر الحديث

(1)

.

2095 -

أخبرني إبراهيم بن عِصْمة بن إبراهيم، حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا عمرو بن أبي عمرو، عن حبيب بن هند الأسلمي، عن عُرْوة بن الزُّبَير، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أَخذ السَّبْع

(2)

فهو حَبْرٌ"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2096 -

أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا محمد بن الحسن

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي بكر بن محمد بن عبد الله الوراق - وهو ابن قريش - وأبي عثمان سعيد بن عثمان الجرجاني، وقد توبعا.

فقد أخرجه ابن أبي الدنيا في "الهواتف"(175) عن أبي عثمان سعيد بن عثمان الجرجاني، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "مكايد الشيطان"(14) من طريق أبي سعيد أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(547) من طريق أبي كريب محمد بن العلاء، كلاهما عن زيد بن الحباب، به.

(2)

زاد في المطبوع: السبع الأُول من القرآن، وهي زيادة مقحمة في رواية الحاكم، ثابتة لغيره، كأحمد 41/ (24531) وغيره.

(3)

إسناده حسن من أجل عمرو بن عمرو - وهو مولى المطلب بن عبد الله بن حَنطَب - وحبيب بن هند الأسلمي، فهو صدوقان.

وأخرجه أحمد 40/ (24443) عن سليمان بن داود أبي الربيع الزهراني وحسين بن محمد المرُّوذي، كلاهما عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 41/ (24531) من طريق سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، به.

ص: 48

العَسقَلاني، حدثنا حَرمَلة بن يحيى، أخبرنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أنَّ سعيد بن أبي هلال حدَّثه عن يحيى بن أبي كَثير، عن زيد بن سلَّام، عن أبي أُمامة الباهلي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَعلَّموا القرآنَ، فإنه شفيعٌ لأهله يومَ القيامة، واقرؤوا الزَّهْراوَين" قيل: يا رسول الله، وما الزهراوان؟ قال:"البقرةُ وآلُ عمران، فإنهما يأتِيانِ يومَ القيامة كأنهما غَمامتانِ - أو كأنهما غَيَايتان - أو كفِرْقَين من الطَّير بِيضٍ صَوافَّ، يَدفعان بأجنحتهما عن أصحابهما، تَعلَّموا البقرةَ فإنَّ تعليمها بركةٌ، وتركَها حَسْرةٌ، ولا يستطيعها البَطَلةُ"

(1)

.

‌ذكر فضائل سُوَرِ آيٍ متفرقة

2097 -

أخبرنا أبو الحُسين أحمد بن عثمان المقرئ ببغداد، حدثنا أبو قِلابة عبد الملك بن محمد، حدثنا يحيى بن كثير، حدثنا شعبة، عن أبي هاشم [عن

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن زيد بن سلّام لم يسمعه من أبي أمامة، إنما سمعه من جدّه أبي سلّام عن أبي أمامة، كما توضحه رواية أبان بن يزيد وعلي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير. وكذلك رواه معاوية بن سلّام عن أخيه زيد، بذكر جده أبي سلّام.

أما رواية أبان، فستأتي عند المصنف برقم (3172) مختصرةً.

وأخرجه ابن حبان (116) من طريق علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلّام، عن جدِّه أبي سلام، عن أبي أمامة.

وأخرجه مسلم (804) من طريق معاوية بن سلّام، عن أخيه زيد، أنه سمع أبا سلّام يقول: حدثني أبو أمامة، فذكره.

وفي الباب عن بريدة الأسلمي، وقد سلف برقم (2080).

وفي شفاعة القرآن انظر حديث عبد الله بن عمرو المتقدم برقم (2059).

والبَطَلة، قيل: هم السَّحَرة، يقال: أبطَلَ: إذا جاء بالباطل.

والزهراوان: تثنية الزهراء، بمعنى: النيِّرة المضيئة، وسُمِّيا بذلك لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما.

ص: 49

أبي مِجلَزٍ]

(1)

عن قيس بن عُبَاد، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورةَ الكهف كما أُنزلت كانت له نُورًا يومَ القيامة من مَقامِه إلى مكةَ.

ومن قرأ عشرَ آيات مِن آخرها ثُمَّ خرج الدجّالُ، لم يُسلَّطْ عليه.

ومن توضأ ثم قال: سبحانَك اللهمَّ وبِحمدِك، لا إله إلَّا أنت أستغفرُك وأتوبُ إليك، كُتِبَ في رَقٍّ، ثم طُبِع بطابَعٍ فلم يُكْسَر إلى يومِ القيامة"

(2)

.

(1)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، وهو ثابت في جميع الروايات عن يحيى بن كثير، وكذا في جميع الروايات عن أبي هاشم. وأبو مجلز هذا: هو لاحق بن حميد.

(2)

صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه اختُلف فيه على أبي هاشم - وهو يحيى بن دينار الرُّمّاني، وقيل غير ذلك - في رفع هذا الحديث ووقفه كما سيأتي بيانه هنا، وفي الطريق التالية، وعند الرواية الآتية برقم (3432)، وقد صحَّح وقفَه النسائيُّ والدارقطنيُّ، وقال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 5/ 39 و 40: رجال الموقوف في الطرق كلها أتقن من رجال المرفوع، قال: لكن له مع ذلك حكم المرفوع، إذ لا مجال للرأي فيه.

وأخرجه النسائي (9829) و (10722)، والطبراني في "الأوسط"(1455)، وفي "الدعاء"(390)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2499) من طريق يحيى بن محمد بن السكن، والبيهقي (2221) من طريق أبي قُدامة عبيد الله بن سعيد، وأبو العباس المستغفري في "فضائل القرآن"(816) من طريق محمد بن سِنان القزّاز، ثلاثتهم عن يحيى بن كثير، بهذا الإسناد - واقتصر أبو قدامة ومحمد بن سنان على القسم الأول من الحديث، ولم يذكر البيهقي في رواية ابن السكن القسم الثاني منه، وجاء في رواية محمد بن سنان ما نصُّه: رفعه شعبة مرةً، ومرةً لم يرفعه.

وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "نتائج الأفكار" 5/ 40، والبيهقي في "الشعب"(2499) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن شعبة، به - دون ذكر القسم الثاني.

وخالف يحيى بنَ كثير وعبدَ الصمد من هم أكبر منهما من الحفّاظ من أصحاب شعبة، فرووه عنه موقوفًا:

فقد أخرجه مُسدَّد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (582/ 1)، وجعفر الفريابي في "الذكر" كما في "النكت على ابن الصلاح" لابن حجر 2/ 738 عن يحيى القطان، والنسائي =

ص: 50

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

ورواه سفيان الثَّوْري عن أبي هاشم فأوقفه:

2098 -

أخبرَناه أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي.

وأخبرني محمد بن موسى بن عِمران الفقيه، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو موسى؛ قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن أبي مِجلَزٍ، عن قيس بن عُبَادٍ، عن أبي سعيد الخُدْري قال: من قرأ سورةَ الكهف، فذكره بنحوه

(1)

.

= (9830) و (10723) من طريق محمد بن جعفر، والطبراني في "الدعاء"(391) من طريق عمرو بن مرزوق ثلاثتهم عن شعبة، به موقوفًا - واقتصر يحيى القطان وعمرو بن مرزوق على القسم الثالث من الحديث.

وقال الحافظ ابن حجر: إسناده صحيح، وهو موقوف، لكن له حكم المرفوع، لأنَّ مثله لا يقال بالرأي.

ورواه عن أبي هاشم جماعة فرفعوه:

فقد أخرجه الطبراني في "الدعاء"(388) من طريق قيس بن الربيع، و (389) من طريق الوليد بن مروان، وأبو إسحاق المزكِّي في "فوائده"(55) من طريق روح بن القاسم، ثلاثتهم عن أبي هاشم، به مرفوعًا - واقتصروا على القسم الثالث من الحديث أيضًا.

وسيأتي القسم الأول من الحديث برقم (3432) من طريق نعيم بن حماد، عن هُشَيم بن بشير، عن أبي هاشم مرفوعًا، بلفظ:"من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين"، هكذا رواه نعيم مُقيِّدًا قراءتها بيوم الجمعة، ووافقه غيره من الثقات من أصحاب هُشَيم في التقييد بيوم الجمعة، لكنهم خالفوه في رفع الحديث فوقفوه، كما خالفوه في نصه، فقالوا: أضاء له نور فيما بينه وبين البيت العتيق. وهو نحو لفظ حديث شعبة هنا، وسيأتي بيان ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.

وسيأتي الحديث بعده من طريق سفيان الثَّوري عن أبي هاشم موقوفًا.

(1)

إسناده صحيح موقوف، لكنه مع ذلك له حكم المرفوع، إذ لا مجال للرأي فيه، كما قال الحافظ في "نتائج الأفكار" 12/ 246 و 5/ 39، وفي "النكت على ابن الصلاح" 2/ 738، وفي =

ص: 51

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "النكت الظراف"(4285)، ورواية ابن مهدي عن سفيان للقسم الثاني من الحديث: من قرأ سورة الكهف كما أنزلت ثم أدرك الدجال لم يُسلّط عليه. وكذلك هي رواية عبد الرزاق وقبيصة بن عقبة عن سفيان، وخالفهم وكيع كما سيأتي. أبو موسى: هو محمد بن المثنى الزَّمِن.

وأخرجه النسائي (10724) عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد - دون القسم الثالث من الحديث الذي جاء مُصرَّحًا بلفظه في الطريق التي قبله.

وأخرجه عبد الرزاق (730) و (6023)، ومن طريقه الطبراني في "الدعاء"(391)، وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1579)، وابن أبي شيبة 1/ 3 و 10/ 450 عن وكيع بن الجراح، والنسائي (9831) من طريق عبد الله بن المبارك، وأبو العباس المستغفري في "فضائل القرآن"(824) والبيهقي في "الشعب"(2776) من طريق قبيصة بن عقبة، أربعتهم (عبد الرزاق ووكيع وابن المبارك وقبيصة) عن سفيان الثَّوري، به. لكن اقتصر ابن أبي شيبة والنسائي والطبراني في "الدعاء" على القسم الثالث من الحديث، وأما نعيم بن حماد فأخرج الحديثَ دون هذا القسم، وذكر القسم الثاني من الحديث بنحو رواية شعبةَ المتقدمة في الطريق التي قبله إلَّا أنه رواه بلفظ: ومن قرأ آخرها - يعني سورة الكهف - ثم أدرك الدجال لم يُسلَّط عليه. فلم يُقيّد ذلك بعشر آيات من آخرها.

وقد خالف قبيصةُ بن عقبة في روايته عند البيهقي أصحابَ الثَّوري في القسم الأول من الحديث، فرواه بلفظ: من قرأ خاتمة الكهف أضاء له نور من حيث كان بينه وبين مكة. فقيَّد بقراءة خاتمتها، وقبيصة في حديثه عن الثَّوري بعض الضعف، لأنه سمع منه وهو صغير، فالظاهر أنه انقلب عليه متن الحديث، والله أعلم، على أنه قد أتى به على الصواب عند أبي العباس المستغفري موافقًا لسائر أصحاب الثَّوري.

وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(30)، والبيهقي في "الدعوات"(59)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(2069) من طريق يوسف بن أسباط، عن سفيان الثَّوري، به - مقتصرًا على القسم الثالث كذلك، مرفوعًا. هكذا رواه مرفوعًا مخالفًا بذلك سائر أصحاب الثَّوري، ويوسف هذا وإن وثقه يحيى بن معين، قال عنه أبو حاتم: لا يحتج به، وقال البخاري: دفن كتبه، فكان حديثُه لا يجيء كما ينبغي.

وسيأتي القسم الثاني من الحديث موقوفًا أيضًا برقم (8774) من طريق نعيم بن حماد عن ابن مهدي.

ويشهد لهذا القسم حديث أبي الدرداء الآتي برقم (3431) بإسناد صحيح، وفيه:"عشر آيات من أول سورة الكهف".

وحديث النواس بن سمعان عند مسلم (2937)، وفيه:"فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف".

ص: 52

2099 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفّار، حدثنا الحسن بن علي بن بحر البَرِّيّ، حدثنا عارم بن الفضل أبو النُّعمان، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن سليمان التَّيمي، عن أبي عثمان - وليس بالنَّهدي - عن أبيه، عن مَعقِل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سورةُ يس اقرَؤوها عند مَوْتاكم"

(1)

.

أوقفه يحيى بن سعيد

(2)

وغيرُه عن سليمان التَّيمي، والقول فيه قولُ ابن المبارك، إذ الزيادةُ من الثقة مقبولةٌ.

2100 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا وهب بن جَرير، حدثنا شعبة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعبة، عن قَتَادة، عن عباس الجُشَمي، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"سُورةٌ من القرآن ثلاثونَ آيةً، شَفَعَت لِرجلٍ حتى غُفِر له، وهي {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} "

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة أبي عثمان المذكور وأبيه، ولاضطرابه كما سيأتي.

وأخرجه أحمد 33/ (20301) عن عارم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (20314)، وأبو داود (3121)، وابن ماجه (1448) من طرق عن عبد الله بن المبارك، به.

وأخرجه النسائي (10314) من طريق الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن المبارك، به. دون ذكر والد أبي عثمان.

وأخرجه أحمد (20300)، والنسائي (10847) من طريق معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن رجلٍ، عن أبيه، عن معقل.

وأخرجه ابن حبان (3002) من طريق يحيى بن القطان، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن معقل. دون ذكر والد أبي عثمان كذلك.

(2)

كذا ذكر الحاكم أنَّ يحيى القطان أوقفه، مع أنَّ ابن حبان قد أخرجه (3002) من طريقه مرفوعًا، فالله أعلم!

(3)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل عباس الجشمي، فقد روى عنه اثنان ثقتان، وذكره ابن حبان =

ص: 53

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2101 -

أخبرنا بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل البَلْخي، حدثنا حفص بن عمر العَدَني، حدثني الحَكَم بن أبان، عن عِكْرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَدِدْتُ أنها فِي قَلْبِ كلِّ مؤمنٍ" يعني: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}

(1)

.

= في "الثقات"، وصحَّح حديثه هذا، وحسَّنه الترمذي والبيهقي في "إثبات عذاب القبر"(151)، وصحَّحه البوصيري في "إتحاف الخيرة"(5870/ 1). وهو في "مسند أحمد" 13/ (7975).

وأخرجه الترمذي (2891) عن محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 14/ (8276)، وأبو داود (1400)، وابن ماجه (3786)، والنسائي (10478) و (11548)، وابن حبان (787) و (788) من طرق عن شعبة، به.

وسيأتي عند المصنف برقم (3880) من طريق عمران القطان عن عباس الجشمي.

وقد تابع شعبةَ وعمرانَ على روايتهما الحديث عن أبي هريرة سلّامُ بنُ مِسكين عند أبي عمرو الداني في "علم الحديث"(26) من طريق مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، عن سلّام بن مسكين، عن قتادة، عن رجل، عن أبي هريرة. وهذا الرجل المبهم هو عباس الجشمي كما في روايتي شعبة وعمران القطان، ومسلم بن إبراهيم حافظ ثقة، والإسناد إليه كلهم ثقات معروفون.

ورُوي عن سلّام على وجه آخر، أخرجه الطبراني في "الأوسط"(3654)، وفي "الصغير"(490)، والضياء المقدسي في "المختارة" 5/ (1738) و (1379) من طريق سليمان بن داود الطبيب مولى بني هاشم، عن شيبان بن فرّوخ، عن سلّام، عن ثابت البُناني، عن أنس بن مالك. وسليمان هذا روى عنه الطبراني وابن قانع، ولم نقف له على ترجمة، ونظن أنه أخطأَ في روايته هذه، لأنه خالف من هو أوثق منه كما يظهر من رواية أبي عمرو الداني، ومع ذلك فقد صحَّح الحافظ ابن حجر حديث أنس في "التلخيص الحبير" 1/ 234، وفي "نتائج الأفكار" 5/ 52!

وفي الباب عن ابن مسعود موقوفًا عليه، وسيأتي برقم (3881).

(1)

حديث حسن كما قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 5/ 53، وهذا إسناد ضعيف لضعف حفص بن عمر العَدَني، لكن تابعه إبراهيم بن الحكم بن أبان، وهو مثل حفص بن عمر في الضعف، وباجتماعهما يحسن الحديث.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2277) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =

ص: 54

هذا إسناد عند اليمانيين صحيح، ولم يُخرجاه.

2102 -

أخبرنا علي بن عبد الرحمن السَّبيعي بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزةَ، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق

(1)

، عن فَرْوة بن نوفل الأشجعي، عن أبيه - وكان النبي صلى الله عليه وسلم دَفَع إليه ابنةَ أمِّ سلمة، وقال:"إنما أنت ظِئْري" - قال: فقَدِمتُ عليه، فقال:"ما فعلتِ الجُوَيريَةُ - أو الجاريةُ؟ -" قلت: عند أمِّها، قال:"فمجيءٌ ما جئتَ؟ " قال: جئتُ تُعلِّمُني شيئًا أقوله عند مَنامي، قال:"اقرأْ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، فإنها بَراءةٌ من الشِّرك"

(2)

.

= وأخرجه ابن أبي الدنيا في "المتمنين"(133)، والبيهقي في "الشعب"(2277) من طريقين عن حفص بن عمر العدني، به.

وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (3763)، والطبراني في "الكبير"(11616) من طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان، عن أبيه، به.

(1)

وقع في النسخ الخطية: أبي إسرائيل، وهو خطأ، صوبناه من "شعب الإيمان" للبيهقي (2290)، حيث روى هذا الحديث عن الحاكم، ومن "إتحاف المهرة" للحافظ (17217).

(2)

حديث حسن كما قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 3/ 62، قال: وفي سنده اختلاف كثير على أبي إسحاق، ولذلك اقتصرتُ على تحسينه. قلنا: وقد بينّا وجوه الاختلاف في إسناده في "مسند أحمد".

فقد أخرجه أحمد 39/ (23807)، والترمذي (3403 م) من طريق يحيى بن آدم، وأحمد 39/ (24009/ 50) عن أبي أحمد الزُّبَيري، والنسائي (10570) من طريق شعيب بن حرب، ثلاثتهم عن إسرائيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (24009/ 49)، وأبو داود (5055)، والنسائي (10569) و (11645)، وابن حبان (790) من طريق زهير بن معاوية، وابن حبان (5525) من طريق زيد بن أبي أُنيسة، كلاهما عن أبي إسحاق، به. وسيأتي من طريق زهير عند المصنف برقم (4026).

وخالفهم سفيان الثَّوري فأرسله:

أخرجه من طريقه أحمد (24009/ 51) عن أبي أحمد الزُّبَيري، و (24009/ 52) عن عبد الرزاق، و (24009/ 53) عن يحيى بن آدم، ثلاثتهم عن سفيان الثَّوري، عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، كذا رواه مرسلًا. =

ص: 55

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2103 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا يَمَان بن المغيرة العَنَزي البصري، حدثنا عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " {إِذَا زُلْزِلَتِ} تَعدِلُ نصفَ القرآن، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} تَعدِلُ ربعَ القرآن و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تَعدِلُ ثلثَ القرآن"

(1)

.

= وخالفهم شعبة أيضًا، فزاد بين أبي إسحاق وفروة رجلًا، وجعله من مسند فروة بن نوفل:

أخرجه من طريقه الترمذي (3403) من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن رجل، عن فروة بن نوفل: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم

فجعله من مسند فروة وزاد رجلًا في الإسناد، وفيه اختلافات أخرى راجعها في "المسند".

ولكون قراءة "الكافرون" براءةً من الشرك شاهد من حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عند أحمد 27/ (16605)، والنسائي (7974) وغيرهما، وهو حديث صحيح.

وآخر من حديث جابر عند ابن حبان (2460)، وحسَّنه ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 489.

قوله: "فمَجيءٌ ما" يجوز ضبط "مجيء" مرفوعًا منوّنًا وغير منوَّن، والتنوين أظهر، والمراد: أيُّ أمرٍ عظيم جاء بك؟ قاله القاضي عياض في "شرح مسلم" في حديث أبيّ بن كعب في قصة موسى والخضر (2380)(172).

(1)

إسناده ضعيف لضعف يمان بن المغيرة، وبه أعلَّه الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه الترمذي (2894) عن علي بن حُجر، عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وقال: حديث غريب لا نعرفه إلّا من حديث يمان بن المغيرة.

وللحديث بتمامه شاهد من حديث أبي هريرة عند أبي أمية الطرسوسي في "مسنده"(16)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(686)، لكن في إسناده عُبيس بن ميمون، وهو شديد الضعف كما قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 3/ 268.

وآخر من حديث أنس بن مالك عند الترمذي (2893)، لكن في إسناده الحسن بن سَلْم العجلي، وهو مجهول، وقال الذهبي في ترجمته في "الميزان" وأورد حديثه هذا: هذا منكر، والحسن لا يُعرف.

ولسورة الزلزلة منه شاهد من مرسل الحسن البصري عند أبي عبيد في "فضائل القرآن" ص 263، ورجاله ثقات، إلّا أنَّ مراسيل الحسن ليست عندهم بذاك. =

ص: 56

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2104 -

أخبرنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببُخارى، حدثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ البغدادي، حدثنا غسّان بن الربيع، حدثنا جعفر بن مَيسرة الأشجعي، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} رُبعُ القرآن"

(1)

.

= وآخر من قول بكر بن عبد الله المزني - وهو تابعيّ - عند عبد الرزاق (6008)، وأبي عبيد ص 263، وابن الضُّريس (240)، ورجاله ثقات أيضًا.

وروي عن أنس بن مالك عند الترمذي (2895): أنَّ الزلزلة تعدل ربع القرآن، وحسَّنه! مع أنَّ في إسناده سلمة بن وردان، وهو ضعيف منكر الحديث.

وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 15/ 125: هو حديث ضعيف وإن حسَّنه الترمذي، فلعله تساهل فيه لكونه من فضائل الأعمال.

وقد صحَّ في فضل {إِذَا زُلْزِلَتِ} حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الآتي برقم (4008): أنَّ رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أقرئني سورةً جامعةً، فأقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم {إِذَا زُلْزِلَتِ} حتى فرغ منها.

ولسورة الكافرون منه شاهد من حديث ابن عمر الآتي بعده، وإسناده ضعيف.

وآخر من حديث أنس عند الترمذي (2895) وإسناده ضعيف كما سبق.

وثالث من حديث سعد بن أبي وقاص عند الطبراني في "الصغير"(165)، وفي إسناده زكريا بن عطية، قال عنه أبو حاتم: منكر الحديث.

ورابع من قول بكر بن عبد الله المزني عند عبد الرزاق (6008)، وأبي عبيد في "فضائل القرآن" ص 266، ورجاله ثقات.

وقد جاء في فضل سورة الكافرون في حديث نوفل الأشجعي الذي تقدَّم قبله: أنها براءة من الشِّرك، وهو حديث حسن.

وأما سورة الإخلاص فصحَّ أنها تعدل ثلث القرآن عن عدة من الصحابة، ومن ذلك: حديث أبي سعيد الخُدْري عند البخاري (5013). وحديث قتادة بن النعمان عنده (5014). وحديث أبي الدرداء عند مسلم (811). وحديث أبي هريرة عنده (812).

وانظر تمام شواهده في "مسند أحمد" عند حديث عبد الله بن عمرو بن العاص برقم (6613).

(1)

حسن إن شاء الله بطرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف لضعف جعفر بن ميسرة الأشجعي وأبيه كما قال الدارقطني في "العلل"(2994)، وجعفر هذا: هو ابن أبي جعفر أبو الوفاء، كما =

ص: 57

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= قال ابن عدي وعبد الغني بن سعيد المصري وغيرهما، وفرَّق الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 19 - 20 بين جعفر بن ميسرة الأشجعي وبين جعفر بن أبي جعفر الأشجعي، وأنَّ هذا الثاني اسم أبيه محمد وكنيته أبو سفيان، والظاهر أنهما رجل واحد لكنه اختلف في كنيته واسم أبيه، وأيهما كان جعفر هذا فهو ضعيف، وقد روي هذا الحديث من وجهين آخرين لا يُفرح بهما كما سيأتي بيانه، لكن له شواهد قدّمنا ذكرها عند الحديث الذي قبله يمكن أن يُحسّن بها هذا الحديثُ إن شاء الله تعالى.

وأخرجه عبد بن حميد (854)، وابن أبي حاتم في "العلل"(250)، والطبراني في "الكبير"(13957)، والمستغفري في "فضائل القرآن"(1024)، والحسن بن محمد الخلّال في "فضائل سورة الإخلاص"(22)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 19 - 20، وابن عبد البر في التمهيد 7/ 259 - 260 من طريق مندل بن علي العَنَزي، وابن الضريس في "فضائل القرآن"(253) من طريق، مُسدَّد، كلاهما عن جعفر، به. وقيد مُسدَّد جعفرًا هذا بابن محمد، وقال: وليس بالعَلَوي، وكذلك قيَّده مندل في روايته عند ابن أبي حاتم والحسن الخلّال والخطيب بابن محمد، وقيِّد عند الباقين بابن أبي جعفر، ولم يقيد عند المستغفري.

وأخرجه عبد الله بن وهب في "الجامع"(349 - رفعت)، والطبراني في "الكبير"(13493)، وفي "الأوسط"(186)، والمستغفري (1086) من طريق عبيد الله بن زَحْر، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمر. وعبيد الله بن زحر فيه ضعف، وليث بن أبي سليم سيئ الحفظ، وقد اضطرب في إسناده، فروي عنه بوجهين آخرين:

فقد أخرجه ابن الضريس (303)، وأبو يعلى (5720) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن ليث بن أبي سُليم، عن أبي محمد عن ابن عمر. وفي هذا الإسناد مع وجود ليثٍ أبو محمد، قال عنه الدارقطني في "العلل" (2994): مجهول.

وأخرجه الدارقطني فيه من طريق زفر بن الهُذيل، عن الليث، عمن حدثه عن ابن عمر.

وقال الدارقطني عن هذه الأسانيد التي تدور على الليث: كلها مضطربة وليث مضطرب الحديث.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(13894)، وابن عبد البر 7/ 258 من طريق زيد بن أبي أُنيسة، وابن عدي في "الكامل" 7/ 190 من طريق يحيى بن أبي أُنيسة، كلاهما عن أبي داود نفيع بن الحارث الأعمى، عن ابن عمر. ونفيع بن الحارث متروك الحديث، وكذا يحيى بن أبي أُنيسة.

ص: 58

2105 -

أخبرنا أبو بكر بن أبي نصر المروَزي، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا عبد الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن عبيد الله بن عبد الرحمن، عن عبيد بن حُنين مولى آل زيد بن الخطاب، أنه سمع أبا هريرة يقول: أقبلتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع رجلًا يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وَجَبَتْ"، فسألتُه: ماذا يا رسول الله؟ قال: "الجنةُ". قال أبو هريرة: فأردتُ أن أذهبَ إلى الرجل فأُبشِّرَه، ثم فَرِقْتُ أن يَفُوتَني الغَداءُ

(1)

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فآثرتُ الغداءَ، ثم ذهبتُ إلى الرجل فوجدتُه قد ذهب

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2106 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا حامد بن محمود

(1)

وقع في (ز) وحدها: الغداة، بالتاء المربوطة في آخره، يريد صلاة الفجر، لكن ضُبِّب عليها، إشارة إلى استشكالها، إذ الرواية بالهمز في الموطآت وغيرها من مصادر التخريج، وهو طعام الغداء.

(2)

إسناده صحيح، عبيد الله بن عبد الرحمن الراجح أنه ابن السائب بن عمير المدني، كما جزم به ابن عبد البر في "التمهيد" 19/ 215، وابن خلفون في "أسماء شيوخ مالك"، وقال أبو حاتم: حديثه مستقيم، وقال ابن عبد البر: مدني ثقة، وصحح حديثه هذا في "التمهيد" 7/ 254، وقال ابن معين: عبد الله بن عبد الرحمن الذي روى عن ابن حُنين ثقة. كذا ذكره مكبّرًا، وقد ذكره كذلك بالتكبير جماعة عن مالك، منهم القعنبي ومُطرِّف وعثمان بن عُمر والعقدي، ولكن أكثر الرواة عن مالك من أصحاب "الموطأ" وغيرهم ذكروه مصغرًا كما بينه ابن عبد البر في "التمهيد" 19/ 215 وصوَّبه، ومن قبله صوَّبه أبو القاسم الجوهري في "مسند الموطأ" بإثر الحديث (579).

وقيل: إنَّ عبيد الله بن عبد الرحمن هذا هو ابن أبي ذباب.

وأخرجه أحمد 13/ (8011) عن أبي عامر العقدي، و 16/ (10919) عن عثمان بن عمر، والترمذي (2897) من طريق إسحاق بن سليمان، والنسائي (1068) و (11651) عن قتيبة بن سعيد، و (11651) من طريق عبد الرحمن بن القاسم، كلهم عن مالك، بهذا الإسناد.

ص: 59

ابن حرب، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدَّشْتَكي، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن عاصم بن أبي النَّجُود، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: إِنَّ أصفَرَ البيوت بيتٌ ليس فيه من كتاب الله شيء، فاقرؤوا القرآنَ، فإنكم تُجزَون عليه بكلِّ حَرفٍ فيه عشرَ حسناتٍ، أمَا إني لا أقولُ:{الم} ، ولكني أقولُ: ألفٌ، ولامٌ، وميمٌ

(1)

.

(1)

صحيح، وهذا إسناد لا بأس برجاله، لكنه اختُلف في رفعه ووقفه، والصواب الوقف كما قال الدارقطني في "العلل"(919)، وسيأتي بيانه، ولكنه مع رجحان وقفه له حكم المرفوع، لأنَّ مثله وخصوصًا ما يتعلَّق بأجر قراءة القرآن لا يقال من قبل الرأي، والله أعلم. أبو الأحوص: هو عوف بن مالك الجُشمي.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(1833) عن أبي عبد الله الحاكم، به. لكن جمع البيهقي معه إسناد الرواية التالية، ورفع الحديث، فأَوهم أنه مرفوع من كلا الطريقين، وهو خطأ، والصواب ما عند الحاكم هنا.

وأخرج الشطر الأول من الحديث في أنَّ أصفر البيوت ما خلا من كتاب الله: عبد الله بن وهب في قسم التفسير من "جامعه"(26)، وابن الضريس في "فضائل القرآن"(177)، والطبراني في "الكبير"(8644)، والجورقاني في "الأباطيل والصحاح"(716) من طريق حماد بن زيد، عن عاصم، به. مع زيادات أخرى ليست في حديثنا هنا.

وأخرجه أيضًا عبد الرزاق (5998)، ومن طريقه الطبراني (8642)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 130 عن معمر بن راشد، والطبراني (8645) من طريق شعبة بن الحجاج، والفريابي في "فضائل القرآن"(41) من طريق زكريا بن أبي زائدة، ثلاثتهم عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص به، بلفظ: أصفر البيوت من الخير البيت الذي ليس فيه من كتاب الله شيء، وإنَّ البيت الذي ليس فيه من كتاب الله شيء خرب كخراب البيت الذي لا عامر له. هذا لفظ معمر، ولفظ شعبة وابن أبي زائدة بنحوه، وعند ابن أبي زائدة زيادات أخرى.

وخالفهم محمد بن عجلان عند النسائي (10733)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2162)، فرواه عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، به مرفوعًا. والقول قول شعبة ومعمر وابن أبي زائدة.

وكذلك أخرجه موقوفًا ابنُ أبي شيبة 10/ 486 من طريق أبي صالح ذكوان السمان، والدارمي (3537)، وابن الضريس (164) من طريق إبراهيم بن مسلم الهَجَري، كلاهما عن أبي الأحوص، ولفظ أبي صالح: البيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن كمثل البيت الخَرِب الذي لا عامر له، وفي رواية إبراهيم الهجري زيادات في فضل سورة البقرة. =

ص: 60

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرج الشطر الثاني من الحديث في أجر تلاوة القرآن: أبو يوسف في "الآثار"(222)، وأخرجه أيضًا محمد بن الحسن في "الآثار" كما في "جامع المسانيد" للخوارزمي 1/ 328 عن أبي حنيفة، وأبو عُبيد القاسم بن سلّام في "فضائل القرآن" ص 61، ومن طريقه أبو القاسم بن منده في "الرد على من يقول: الم حرف" (12) من طريق عطاء بن أبي رباح، ثلاثتهم (أبو يوسف وأبو حنيفة وعطاء) عن عاصم، به موقوفًا.

وكذلك أخرجه عن أبي الأحوص موقوفًا: أبو حَصين عثمان بن عاصم، عند سعيد بن منصور في التفسير من "سننه"(4)، وأبي القاسم بن منده (13)، وقتادة عند ابن الضريس (60)، كلاهما عن أبي الأحوص.

ورواه أيضًا عن أبي الأحوص: أبو إسحاق السَّبيعي، وقد اختُلف عليه في رفعه ووقفه: فقد أخرجه أبو عبيد ص 61 عن عمر بن عبيد الطنافسي، وابن المبارك في "الزهد"(808) عن شريك بن عبد الله النخعي، كلاهما عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، به موقوفًا.

وخالفهما محمد بن عجلان عند البيهقي في "الشعب"(1786)، وفي "السنن الصغير"(943)، ومحمد بن عمرو بن علقمة عند ابن منده (11) فروياه عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن أبي الأحوص، مرفوعًا. وقول البيهقي في "الشعب" بإثر الحديث أبو إسحاق هذا هو إبراهيم الهجري، لا ندري ما الذي دعاه إلى الجزم بذلك، مع أنه لم يقع التصريح بذلك في الرواية، وقد أورد المزي في "التحفة"(9523) شطر الحديث الأول من طريق ابن عجلان في ترجمة أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص، وكذلك وقع في غير ما حديث تقييد ابن عجلان لأبي إسحاق شيخه بالهَمْداني، والهَمْداني هو أبو إسحاق السَّبيعي، ثم إنَّ الذين الذي يسبق إلى القلب عند إطلاق ذكر أبي إسحاق في هذه الطبقة هو السبيعي، والله تعالى أعلم.

وممَّن رواه عن أبي الأحوص كذلك: إبراهيم بن مسلم الهجري، وقد اختلف عليه أيضًا في رفع الحديث ووقفه، والموقوف عنه أشبه، لأنَّ سفيان بن عيينة هو أحد من رواه عنه موقوفًا، وقد ذكر ابنُ عيينة أنَّ إبراهيم الهجري دفع إليه عامة كتبه، فأصلحها له سفيانُ مُبيّنًا له المرفوع من الموقوف من حديث عبد الله بن مسعود وغيره، قال الحافظ: وهذا يقتضي أنَّ حديث ابن عيينة عنه صحيح، لأنه عِيب عليه رفعُه أحاديثَ موقوفةً.

وقد أخرجه عبد الرزاق (6017)، ومن طريقه الطبراني (8646)، وأبو القاسم بن منده (9) عن سفيان بن عيينة، والدارمي (3358)، والبيهقي في "الشعب"(1832) من طريق جعفر بن عون، وسعيد بن منصور في التفسير من "السنن"(7) عن أبي شهاب عبد ربّه بن نافع الحنّاط، والبيهقي (1832) من طريق إبراهيم بن طهمان، كلهم عند إبراهيم الهَجَري، عن أبي الأحوص، به موقوفًا. =

ص: 61

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وخالفهم جماعة فرووه عن إبراهيم الهجري مرفوعًا، منهم:

صالح بن عمر كما تقدَّم برقم (2063)، وأبو اليقظان عمار بن محمد الثَّوري عند أبي عبيد في "فضائل القرآن" ص 49، وجرير بن عبد الحميد عند ابن الضُّريس (58)، وأبو معاوية محمد بن خازم عند محمد بن نصر المروَزي في "قيام الليل" كما في "مختصره" للمقريزي ص 171، وعند أبي حفص بن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(202)، ومحمد بن فضيل عند ابن حبان في "المجروحين" 1/ 100، وأبي القاسم بن منده (7)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(145)، وعبد الله بن الأجلح عند ابن حبان في "المجروحين" 1/ 100، وعلي بن مُسهر عند ابن منده (7)، ويحيى بن عثمان الحنفي عند البيهقي في "الشعب"(1832)، وأبي الفضل الرازي المقرئ في "فضائل القرآن"(30)، وسُكين بن عبد العزيز عند ابن منده (8) - وتحرَّف اسم سُكين في المطبوع إلى: سليمان - وعلي بن عاصم عند الآجري في "أخلاق أهل القرآن"(11).

ورواه عن أبي الأحوص أيضًا عطاء بن السائب، واختلف عليه كذلك في رفع الحديث ووقفه، والوقف عنه أشبه، لأنَّه رواه كذلك عنه شعبة وسفيان الثَّوري وحماد بن زيد، وهم ممَّن سمع منه قبل تغيُّره.

فقد أخرجه أبو عبيد ص 61، وسعيد بن منصور في قسم التفسير (6)، والطبراني في "الكبير"(8649) من طرق عن شعبة بن الحجاج.

وأخرجه الدارمي (3351) عن قبيصة بن عقبة، وأبو القاسم بن منده (6) من طريق عبد الرزاق (كلاهما قبيصة وعبد الرزاق) عن سفيان الثَّوري.

وأخرجه الطبراني (8648) من طريق محمد بن الفضل السَّدوسي عارم، عن حماد بن زيد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 462، والفريابي في "فضائل القرآن"(63) من طريق أبي الأحوص سلّام بن سُليم، وابن الضريس (59) من طريق جعفر بن سليمان الضُّبعي، وأحمد في "الزهد"(1802)، والآجري في "أخلاق أهل القرآن"(12) من طريق حماد بن سلمة، والبيهقي في "الشعب"(1834) من طريق مِسعَر بن، كدام، كلهم (شعبة وسفيان وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وجعفر بن سليمان وسلّام بن سليم ومسعر) عن عطاء بن السائب، عن أبي الأحوص، به موقوفًا. وقرن حماد بن سلمة في روايته بأبي الأحوص أبا البختري.

وقد روي من طريق أخرى عن حماد بن زيد عن عطاء بن السائب مرفوعًا، عند أبي نعيم في "الحلية" 6/ 263، وفي "معرفة الصحابة"(4505)، وأبي القاسم بن منده (4)، لكن الراوي عنه في هذه الطريق مُعلّى بن مهدي، وله مناكير والإسناد إليه فيه مقال. =

ص: 62

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وروي من طريق أخرى أيضًا عن سفيان الثَّوري عن عطاء مرفوعًا كذلك، عند الدارقطني في "العلل"(919)، وأبي القاسم بن منده (6)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (78)، وفي "تاريخ بغداد" 10/ 285 - 286 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن سفيان الثَّوري، به. وقال الطبراني فيما نقله عنه ابن منده: رفعه أبو عاصم ووقفه عبد الرزاق والناس. قلنا: يريد أنَّ أبا عاصم تفرَّد برفعه من بين سائر أصحاب سفيان.

كما روي مرفوعًا أيضًا من طريق همام بن يحيى العَوذي عن عطاء بن السائب عند أبي القاسم بن منده (5)، وهمام بن يحيى قَوَّى الطحاويُّ في "شرح مشكل الآثار" 1/ 149 - 150 بإثر الحديث (161) سماعَه من عطاء بن السائب قبل تغيُّره، لكن في الإسناد إليه محمد بن أحمد بن أبي يحيى الزُّهْري - واسم أبي يحيى يزيد - وهو ضعيف، قال عنه أبو الشيخ وهو تلميذه: لم يكن بالقوي في حديثه.

وروي عن أبي الأحوص كذلك مرفوعًا من طريق سعيد بن جبير، عند أبي القاسم بن منده (10) من طريق أبان بن أبي عياش، عن مسلم بن أبي عمران البطين، عن سعيد بن جبير، عن أبي الأحوص. وأبان متروك الحديث.

وقد روي هذا الحديث من غير طريق أبي الأحوص، فقد أخرجه الترمذي (2910) من طريق محمد بن كعب القرظي، قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره. وقال: حسن صحيح غريب. كذا قال، مع أنَّ البخاري لما أورد هذا الخبر في "تاريخه" 1/ 216 قال بإثره: لا أدري حفظه أم لا. قلنا: يعني تصريح محمد بن كعب بسماعه من ابن مسعود، فإنَّ محمد بن كعب هذا استبعد ابن عساكر سماعه من ابن مسعود، وخطَّأ الذهبي في "السير" ولادته في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال في "تاريخ الإسلام": أحسب روايته عن علي وذويه مرسلة. قلنا: وإنما توفي ابن مسعود في خلافة عثمان بن عفان، وقد روى أحمد في "مسنده" 7/ (4385) خبرًا من طريق ابن إسحاق، قال فيه: حدثنا محمد بن كعب القرظي، عمَّن حدثه عن ابن مسعود قال: بينا نحن معه يوم الجمعة

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 461، وأبو القاسم بن منده (15) من طريق قيس بن السكن، عن عبد الله بن مسعود موقوفًا، وإسناده صحيح عند ابن أبي شيبة، وهو مما يؤيد رجحان الوقف في الطرق الآنفة الذكر عن أبي الأحوص.

وأخرجه عبد الرزاق (5993)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(8647)، وأبو القاسم بن منده (16) عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه موقوفًا كذلك. وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه منقطع، لأنَّ أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، ولكنه ممّا =

ص: 63

قد رفعه غيرُه عن الدَّشْتَكي:

2107 -

حدَّثَناه أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الدَّشْتَكي، حدثنا أَبي، حدثنا أَبي، حدثنا عمرو بن أبي قيس عن عاصم، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2108 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا جعفر بن محمد القَلانِسي بمصر، حدثنا داود بن الربيع، حدثنا حفص بن مَيسَرة، عن عُقبة بن محمد بن عُقبة، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا يستطيعُ أحدُكم أن يقرأَ ألفَ آيةٍ في كلّ يوم؟ " قالوا: ومن يستطيع أن يقرأَ ألفَ آيةٍ؟ قال: "أمَا يستطيعُ أحدُكم أن يقرأَ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} "

(2)

.

= يؤيد الوقف في الحديث في الطرق الآنفة عن أبي الأحوص.

وللحديث طرق أخرى عن ابن مسعود عند أبي القاسم بن منده لم نذكرها لوهاء أسانيدها.

وانظر ما تقدَّم برقم (2060) و (2063).

(1)

صحيح، وهذا إسناد لا بأس برجاله، ولكنه اختلف في رفعه ووقفه كما بيّناه مبسوطًا في الطريق السابق.

(2)

إسناده ضعيف من أجل عقبة بن محمد بن عقبة، فإنه لا يعرف إلَّا في هذا الحديث عند المصنف! داود بن الربيع: هو ابن مصحح العسقلاني.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2287) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه خيثمة بن سليمان الأطرابلسي في "حديثه" بانتقاء الضياء المقدسي - ضمن مجموع أجزاء حديثية - (8) عن جعفر بن محمد، به. غير أنه قال في إسناده: عن ابن عقبة، ولم يُقيده، ولعله يكون موسى بن عقبة، فإنَّ حفص بن ميسرة مشهور بالرواية عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر، ويكون ذكر عقبة بن محمد بن عقبة في إسناد الحاكم وهمًا، يغلب على الظن أنه من أبي جعفر شيخ الحاكم، ويؤيده أنَّ جعفر بن محمد القلانسي المذكور قد روى حديثًا آخر عن داود بن الربيع عند أبي محمد الحسن بن أحمد المخلدي في "فوائده" بانتخاب أبي عمرو =

ص: 64

رواة هذا الحديث ثقات، وعقبة هذا غير مشهور.

2109 -

أخبرني أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا عُمير بن مِرداس، حدثنا عبد الله بن نافع الصائغ، حدثنا يحيى بن عُمير، عن أبيه عمير مولى نوفل بن عَدِيّ، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَنامنَّ أحدُكم حتى يقرأَ ثُلثَ القرآنِ" قالوا: يا رسول الله، وكيف يستطيع أحدُنا أن يقرأ بثلثِ القرآنِ؟ قال:"لا يستطيعُ أن يقرأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}؟ "

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2110 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الحميد الحارثي، حدثنا أبو أسامة، عن سفيان الثَّوْري، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير، عن أبيه، عن عُقبة بن عامر: أنه سألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن المعوِّذتَين، فأمَّنَا بهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر

(2)

.

= البحيري (790) قال فيه: عن حفص بن ميسرة عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر، وإذا ثبت ذلك أمكن تحسين الحديث، والله أعلم بالصواب.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة عمير مولى نوفل بن عدي فلا يعرف أنه روى عنه غير ابنه، وعبد الرحمن بن الحسن شيخ الحاكم ضعيف، وقد روي الحديث من وجه آخر عن عمير، وهو ضعيف أيضًا.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2336) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود الطيالسي (2601) عن محمد بن أبي حميد الأنصاري، عن عمير، به. ومحمد بن أبي حميد متفق على ضعفه.

ويخالف هذا الحديث الأحاديث الدالة على أنَّ سورة الإخلاص وحدها تعدل ثلث القرآن، كما تقدَّم برقم (2103) وذكرنا شواهده هناك.

(2)

إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.

وقد تقدَّم برقم (795) من طريق الحسن بن علي بن عفان العامري عن أبي أسامة.

ص: 65

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2111 -

أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله الورّاق، حدثنا الحسن بن سُفيان، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، حدثنا أبي، حدثنا طلحة بن يحيى، أخبرني أبو بُردة، عن أبي موسى: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا وأبا موسى إلى اليمن، وأمَرهما أن يُعلّما الناسَ القرآنَ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه هكذا.

2112 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى القاضي إملاءً، حدثنا إبراهيم بن يوسف الهِسِنجاني، حدثنا أبو الطاهر وهارون بن سعيد، قالا: حدثنا ابن وهب، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن زَبّان بن فائد، عن سَهْل بن معاذ بن أنس الجُهني، عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من قرأ القرآنَ وعمِل بما فيه أُلبس والدُه يومَ القيامة تاجًا، ضَوْؤُه أحسنُ من ضَوْء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيه، فما ظَنُّكم بالذي عَمِل به؟ "

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2113 -

أخبرنا بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل البَلْخي، حدثنا مَكّي بن إبراهيم، حدثنا بَشير بن مُهاجِر، عن عبد الله بن بُريدة الأسلمي، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ القرآنَ وتَعلَّمَه وعَمِل به، أُلبس

(1)

إسناده حسن من أجل طلحة بن يحيى: وهو ابن طلحة بن عُبيد الله التيمي. أبو بُردة: هو ابن أبي موسى الأشعري صحابي الحديث.

وأخرجه أحمد 32/ (19544) عن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده ضعيف لضعف زبّان بن فائد، وبه أعلّه الذهبي في "التلخيص". أبو الطاهر: هو أحمد بن عَمرو بن السَّرْح.

وأخرجه أبو داود (1453) عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السَّرح، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 24/ (15645) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن زبّان، به.

وسيأتي بعده من حديث بُريدة الأسلمي بلفظ آخر أحسن من لفظه هنا وله شواهد.

ص: 66

يومَ القيامة تاجًا من نور، ضَوْؤُه مثل ضَوْء الشمس، ويُكسَى والدَيه حُلَّتان

(1)

، لا يقومُ لهما الدنيا، فيقولان: بما كُسينا هذا؟ فيقال: بأخْذِ ولدِكُما القرآنَ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2114 -

وأخبرنا بكر بن محمد، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا مَكّي بن إبراهيم، حدثنا عُبيد الله بن أبي حُميد، عن أبي المَليح، عن مَعقِل بن يَسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعمَلُوا بالقرآن، أحِلُّوا حَلالَه وحَرِّموا حرامَه واقتَدُوا به، ولا تَكفُروا

(1)

كذا وقع في النسخ الخطية بنصب "والديه" على أنه مفعول ثانٍ لِيُكسى مقدَّم، ورفع "حلتان" على أنه في الأصل مفعول أول رُفع لبناء فعله للمجهول. وكذلك جاء في رواية الدارمي، وجاء عند سائر من خرَّجه بلفظ:"يُكسى والداه حُلتين"، بعكس المفعولين، وهو الجادّة.

(2)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل بشير بن مهاجر، وقد حسَّن حديثه هذا البَغَوي في "شرح السنة"(1190)، وابنُ كثير في "تفسيره" 1/ 53، وابن حجر في "المطالب"(3478).

وأخرجه أحمد 38/ (22950) عن أبي نُعيم الفضل بن دكين، عن بشير بن المهاجر، به.

ويشهد له ما رواه عبد الرزاق (6014) عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، قال: بلغنا أنَّ القرآن يأتي

فذكره نحوه، وقد وصله شريك بن عبد الله القاضي عند الطبراني في "الأوسط" (5764) فقال: عن عبد الله بن عيسى، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا.

ولكن شريكًا والراوي عنه يحيى بن عبد الحميد الحماني، كلاهما لا يُقبَل عند المخالفة.

ويشهد له كذلك حديث أبي أمامة عند الطبراني (8119)، وعنه أخرجه أبو نعيم في "الحلية" 5/ 107. وفي إسناده سويد بن عبد العزيز السُّلَمي مولاهم، وهو ضعيف الحديث يعتبر به، كما قال الدارقطني.

ولإلباس صاحب القرآن التاج شواهد أخرى، منها حديث أبي هريرة الذي تقدم برقم (52)، وهو حسن.

وآخر من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند ابن أبي شيبة 10/ 491 - 492، وأبي يعلى في "مسنده الكبير" كما في "إتحاف الخيرة"(5962)، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(207) من طرق عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب. ورجاله لا بأس بهم، لكن فيه عنعنة ابن إسحاق، إلَّا أنها تُحتمل في جملة الشواهد، ولذلك حسَّن إسناده الحافظُ في "المطالب العالية"(3491)، والبوصيريُّ في "إتحاف الخيرة"(5962).

ص: 67

بشيءٍ منه، وما تَشابَه عليكم منه فرُدُّوه إلى الله وإلى أُولي الأمر مِن بعدي كيما يُخبِروكم، وآمِنُوا بالتوراة والإنجيل والزَّبور وما أُوتي النبيون من ربهم، وليسَعْكُمُ القرآنُ وما فيه من البيان، فإنه شافعٌ مُشفَّعٌ، وماحِلٌ مُصَدَّقٌ، ألا ولكل آيةٍ نورٌ يومَ القيامة

(1)

، وإني أُعطيتُ سورة البقرة من الذكر الأول، وأُعطيت طه وطَوَاسينَ والحواميمَ من ألواح موسى، وأُعطيتُ فاتحةَ الكتاب من تحت العَرْش"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2115 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدَّقّاق ببغداد، حدثنا أحمد بن حيّان بن مُلاعِب، حدثنا عمرو بن عاصم الكِلابي، حدثنا صالح المُرِّي، حدثنا قَتَادة، عن زُرارة بن أَوفى، عن ابن عباس: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، أيُّ الأعمال أفضلُ؟ قال:"الحالُ المُرتحِلُ" قال: يا رسول الله، وما الحالُّ المرتحِلُ؟ قال:"الذي يَضرِبُ مِن أولِ القرآنِ إلى آخرِه، ومِن آخرِه إلى أولِه"

(3)

.

(1)

وقع في (ز): "ولكل السور يوم القيامة" وكذلك كانت في (ص) ثم رُمِّجت، وصُحِّحت إلى:"ولكل آية نور"، وهو الصواب كما وقع عند البيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 9، وفي "شعب الإيمان"(2249) عن أبي عبد الله الحاكم، بإسناده.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل عُبيد الله بن أبي حميد، فهو متروك الحديث كما أشار إليه الذهبي.

وأخرجه محمد بن نصر المروَزي في "قيام الليل" كما في "مختصره" للمقريزي ص 166، وابن حبان في "المجروحين" 2/ 65، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2249)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(212)، وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام"(196) من طرق عن مكي بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية" للحافظ (3477)، والطبراني 20/ (525)، وابن بطة في "الإبانة" 6/ 143 - 144، وأبو الفضل الرازي في "فضائل القرآن"(77) من طرق عن عبيد الله بن أبي حميد، به.

وقد تقدَّم بعض هذا الحديث برقم (2076) و (2085) بإسناد المصنف هنا. وانظر (6614).

(3)

إسناده ضعيف لضعف صالح المُرِّي - وهو ابن بشير - وقد تفرَّد به عن ابن عباس، كما قال الحاكم وغيره، وقد اختُلف عليه أيضًا في وصله وإرساله، كما سيأتي. =

ص: 68

2116 -

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنّى، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا صالح المُرِّي.

وأخبرني أبو بكر بن قريش، أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو كُريب، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثنا صالح المُرِّي، عن قَتَادة عن زُرارة بن أوفى العامِري، عن ابن عباس: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، أيُّ الأعمال أفضلُ؟ قال:"الحالُّ المُرتحِلُ" قال: يا رسول الله، وما الحالُّ المُرتحِل؟ قال:"صاحبُ القرآن يَضرِبُ من أوّلِه حتى يبلغَ آخرَه، ومن آخرِه حتى يبلغَ أوّلَه، كلما حَلَّ ارتحَلَ"

(1)

.

تفرَّد به صالحٌ المرِّي، وهو من زُهّاد أهل البصرة، إلَّا أنَّ الشيخين لم يخرجاه.

وله شاهد من حديث أبي هريرة:

2117 -

حدثنا أبو علي الحسينُ بن علي الحافظ، أخبرنا محمد بن سعيد بن بكر

(2)

، حدثنا المِقدام بن داود بن تَلِيد الرُّعَيني، حدثنا خالد بن نِزار، حدثني الليث بن سعد، حدثني مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قام رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أيُّ العمل أفضلُ - أو أيُّ العمل أحب إلى الله -؟

= وأخرجه الترمذي (2948) من طريق الهيثم بن الربيع، عن صالح المُرِّي، بهذا الإسناد. وقال: حديث غريب، لا نعرفه عن ابن عباس إلّا من هذا الوجه.

وأخرجه الدارمي (3519) عن إسحاق بن عيسى، والترمذي (2948 م) من طريق مسلم بن إبراهيم، كلاهما عن صالح المرِّي، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وقال الترمذي: هذا عندي أصح من حديث نصر بن علي عن الهيثم بن الربيع.

قلنا: قد تابع الهيثم بن الربيع على وصله جماعةٌ عند الحاكم وغيره، فيبقى الشأن في ضعف صالح المرِّي وتفرّده به.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه. أبو المثنّى: هو معاذ بن المثنّى العنبري، وأبو كُريب: هو محمد بن العلاء.

(2)

في (ز) و (ص) و (ب): بكير، مصغرًا، والمثبت مكبرًا من (ع)، ومن "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر وقيَّده بالعَسقلاني، وكذلك جاء مكبرًا في عدة روايات له في مصادر التخريج، وأنه كان قاضي عسقلان.

ص: 69

قال: "الحالُّ المُرتحِلُ، الذي يفتحُ القرآنَ ويَختِمُه، صاحبُ القرآن يَضرِبُ من أولِه إلى آخرِه، ومن آخرِه إلى أولِه، كلَّما حَلَّ ارتحَلَ"

(1)

.

2118 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشاذَ العَدْل، قالا: حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عُبيد الله بن أبي نَهيكٍ، عن سعد قال: أتيتُه فسألَني مَن أنتَ؟ فأخبرتُه عن نَسَبي، فقال سعد: تجّارٌ كَسَبَةٌ، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ليس مِنا من لم يَتَغنَّ بالقرآن"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، المقدام بن داود بن تليد ضعيف الحديث وخاصة عن خالد بن نزار، فقد نقل الحافظ في "لسان الميزان" في ترجمته عن أبي عمر محمد بن يوسف الكندي قوله: لم يكن بالمحمود في روايته عن خالد بن نزار، وذلك أنهم سألوه عن مولده، فأخبرهم، ثم نظروا إلى الأسطوانة على رأس خالد بن نزار فإذا سنُّ المقدام يومئذ أربعة أعوام أو خمسة. قلنا: وقول الذهبي في "تلخيصه": هذا موضوع على سند الصحيحين، ومقدام متكلم فيه والآفة منه؛ قولٌ فيه مجازفة منه رحمه الله، فلا يبلغ مقدام هذا المقدار في الحكم على روايته بالوضع، إلَّا أن يكون قد أُدخل عليه الحديث من قبل بعض الكذابين، والله تعالى أعلم.

وأخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" كما في "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (19272) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن بحير (وتحرَّف في مطبوع الإتحاف إلى: مجبر) بن رَيسان الحميري، عن خالد بن نجيح، عن مالك، به. وقال: هذا غير محفوظ عن مالك ولا عن الزُّهْري أيضًا. قال الحافظ: واتهم الدارقطني فيه ابن بَحير، فقال: إنه كان يضع الحديث. قلنا: وكذلك خالد بن نجيح كان يضع الحديث.

(2)

إسناده صحيح. وقد اختُلف فيه على ابن أبي مُلَيكة - وهو عبد الله - في اسم تابعيّه وتعيين صحابيّه، كما نبَّه عليه البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 401، والدارقطني في "العلل"(649)، والمزي في "تحفة الأشراف"(3905)، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 3/ 203، وغيرهم، وصحَّحوا جميعًا أنه من رواية ابن أبي مُلَيكة عن ابن أبي نَهيكٍ عن سعد بن أبي وقاص، وكذلك صحَّحه أحمد بن حنبل كما في "منتخب علل الخلال" ص 113، والبزار في "مسنده"(1234).

الحميدي: هو عبد الله بن الزُّبَير المكي، وسفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه أحمد 3/ (1549) عن سفيان بن عيينة، وأبو داود (1470) عن عثمان بن أبي شيبة، =

ص: 70

قال سفيان: يعني: يَستغني به

(1)

.

وعند سفيان بن عُيينة فيه إسنادٌ آخرُ:

2119 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، حدثنا سفيان بن عيينة.

وحدثني علي بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا ابن أبي عُمر، حدثنا سفيان، عن ابن جُرَيج، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عُبَيد الله بن أبي نَهيكٍ، قال: قال له سعد: تجّارٌ كَسَبَةٌ، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ليس مِنّا من لم يَتغَنَّ بالقرآن"

(2)

.

= عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. مقتصرًا على المرفوع منه.

وأخرجه ابن ماجه (1337) من طريق إسماعيل بن رافع، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عبد الرحمن بن السائب، قال: قدم علينا سعد بن أبي وقاص، فذكره. قال الحافظ في "نتائج الأفكار" 3/ 202: هذا غريب من هذا الوجه، وإسماعيل بن رافع ضعيف. قلنا: وفي "منتخب علل الخلال" ص 114 عن المرُّوذي أنه سأل أحمد عن هذه الرواية فقال: ليس حديث هذا بشيء، وضعَّفه.

وانظر ما سيأتي بعده من الطرق.

وللمرفوع شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (7527).

(1)

أي: من لم يستغن بالقرآن عن الإكثار من الدنيا فليس منا، أي: على طريقتنا، وقد خالف ابنَ عيينة غيرُه في تفسير التغني، كما بسطه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 15/ 140 - 142، ومن ذلك أنَّ الليث بن سعد فسره بقوله: يَتَحزّن فيه ويُرقِّق به قلبه، وعن الشافعي أنه قال ردًّا على تفسير ابن عيينة: لو أراد الاستغناءَ لقال: لم يستغن، وإنما أراد تحسينَ الصوت، لكن قال الحافظ: ارتضى أبو عبيد تفسير يتغنّى بيستغني، وقال: إنه جائز في كلام العرب، واستشهد له.

وجاء في روايةٍ للبخاري (7544) ومسلم (792)(234) من حديث أبي هريرة: "ما أَذِنَ الله لشيء كأَذَنِه لنبيٍّ يتغنّى بالقرآن يجهر به"، قال القرطبي في "المفهم" 2/ 423: هذا أشبهُ (أي: تفسير التغنّي بالجهر) وعلى هذا فسَّره الصحابي، وهو أعلم بالمقال، وأقعد بالحال.

(2)

إسناده صحيح كسابقه. ابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني صاحب "المسند".

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(2154)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 3/ (969) من طريق ابن أبي عمر، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحميدي في "مسنده"(77) عن سفيان بن عيينة، به. =

ص: 71

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذا الإسناد.

ورواه سعيد بن حسان المخزُومي، عن عبد الله بن أبي مُلَيكة، عن عُبَيد الله بن أبي نَهيكٍ:

2120 -

أخبرَناه أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى؛ قالا: أخبرنا وكيعٌ، حدثنا سعيد بن حسان المخزومي، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عُبيد الله بن أبي نَهيكٍ، عن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس مِنّا مَن لم يَتغَنَّ بالقرآنِ"

(1)

.

قد اتفقت روايةُ عمرو بن دينار، وابن جُرَيج، وسعيد بن حسان: عن ابن أبي مُلَيكة، عن عبيد الله بن أبي نَهيكٍ. وقد خالفَهُما الليثُ بن سعد، فقال: عن عَبد الله بن أبي مُلَيكة عن عَبْد الله

(2)

بن أبي نَهيكٍ:

2121 -

أخبرَناه علي بن حَمْشاذَ العَدْلُ، حدثنا عُبيد بن شَريك، حدثنا يحيى بن بُكير.

= ولابن جُرَيج فيه إسناد آخر: فقد أخرجه عبد الرزاق (4170)، وأخرجه أحمد بن إبراهيم الدورقي في "مسند سعد بن أبي وقاص"(130) عن حجاج بن محمد المصيصي، كلاهما (عبد الرزاق وحجاج) عن ابن جُرَيج، عن عطاء بن أبي رباح، قال: دخل عبد الله بن عمرو القاريّ والمتوكّل بن أبي نهيك على سعد بن أبي وقاص، فذكره. ورجاله ثقات لكن اختُلف فيه على ابن جُرَيج أيضًا كما بينه الدارقطني في "العلل"(649).

(1)

إسناده صحيح كسابقيه. يحيى بن يحيى: هو النَّيسابوري. وهو في "مسند أحمد" 3/ (1476).

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية هنا وفي إسناد الحديث إلى: عبيد الله، مصغرًا، وكانت في (ز): عبد الله، مكبرًا، ثم صُلِّحت إلى: عُبيد الله، بالتصغير، والصواب أنه في رواية الحاكم بالتكبير، كما يدل عليه كلامه في المغايرة بين رواية الليث وبين رواية غيره في تسمية ابن أبي نهيك. وقد أشار البزار أيضًا في "مسنده" إلى هذا الاختلاف بين الليث وبين غيره بإثر الحديث (205).

ص: 72

وأخبرنا أحمد بن سهل الفقيه ببُخارى، حدثنا قيس بن أُنَيف، حدثنا قتيبة بن سعيد؛ قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عَبْد الله بن أبي نَهيكٍ، عن سعد بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس مِنّا مَن لم يَتغَنَّ بالقرآنِ"

(1)

.

ليس يَدفَعُ روايةَ الليث تلك الرواياتُ عن عُبيد الله بن أبي نَهيكٍ، فإنهما أخَوانِ تابعيّان

(2)

، والدليل على صحة الروايتين روايةُ عمرو بن الحارث، وهو أحد الحفّاظ

(1)

إسناده صحيح، وقيس بن أُنيف في الطريق الثاني صالح حسن الحديث وهو متابع.

وأخرجه أبو داود (1469) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/ (1512) عن حجاج بن محمد، وعن أبي النضر هاشم بن القاسم، وأبو داود (1469) عن أبي الوليد الطيالسي، وابن حبان (120) عن محمد بن الحسن بن قتيبة، عن يزيد بن خالد بن موهب، أربعتهم عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وخالف أبو داود (1469) محمدَ بنَ الحسن بن قتيبة في روايته عن يزيد بن خالد بن موهب، فرواه عن يزيد بن خالد، عن الليث، عن ابن أبي مُلَيكة، عن سعيد بن أبي سعيد. كذا سمَّى راوي الحديث سعيد بن أبي سعيد. وهو وهمٌ.

وكذلك رواه عن الليث جماعة، منهم ابنه شعيب وعبد الله بن عبد الحَكَم وعبد الله بن صالح كاتبه وغيرهم عند أبي عبيد في "فضائل القرآن" ص 210، وأبي عوانة في "صحيحه"(3874)، والطحاوي في "شرح المشكل" (1304) و (1305) وغيرهم. وقال عبد الله بن صالح في رواية الطحاوي: قال لنا الليث بالعراق في هذا الحديث: عن سعد بن أبي وقاص. وقال أبو زرعة فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل"(538): في كتاب الليث في أصله: سعيد بن أبي سعيد، ولكن لُقِّن بالعراق: عن سعد. وقال الدارقطني في "العلل"(649): أما الغرباء عن الليث فرووه عنه على الصواب، وأما أهل مصر، فرووه عنه وقالوا: عن سعيد بن أبي سعيد.

(2)

كذا جزم الحاكم بأنَّ عبد الله وعبيد الله أخوان، ولم نقف على مستند صحيح له على ذلك، ولا قال ذلك أحدٌ ممن تقدّمه، ولم نقف كذلك في كتب التراجم المتقدمة على ترجمة مفردة لعبد الله مكبرًا، وإنما الذي جاء فيها ترجمة عبيد الله، بالتصغير، كذلك جاء في "التاريخ الكبير" للبخاري 5/ 401، و"الثقات" للعجلي (1172) و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 5/ 336، و"الثقات" لابن حبان 5/ 74، وقال الدارمي بعد أن روى الحديث (3531): الناس يقولون: عُبيد الله بن أبي نهيك. =

ص: 73

الأثبات عن ابن أبي مُلَيكة:

2122 -

حدَّثَناه محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا سليمان بن داود المَهْرِي وأحمد بن عمرو بن السَّرْح، قالا: حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، عن ابن أبي مُلَيكة: أنه حدثه عن ناسٍ دَخَلُوا على سعد بن أبي وقّاص، فسألوه عن القرآن، فقال سعد: أمَا إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس مِنّا من لم يَتغَنَّ بالقرآن"

(1)

.

فهذه الرواية تدلُّ على أنَّ ابن أبي مُلَيكة لم يسمعه من راوٍ واحدٍ، إنما سمعه مِن رُواةٍ لسعدٍ.

وقد تَرَك عبيدُ الله بن الأخنس وعِسْلُ بن سفيان الطريقَ عن ابن أبي مُلَيكة، وأَتيا به فيه بإسنادَين شاذّين.

أما حديث عُبيد الله بن الأخنس:

2123 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري،

= قلنا: لكن جاء في بعض روايات الحديث كما في رواية الليث هنا مثلًا: عبد الله، مكبّرًا، إلّا أنَّ أكثر من روى الحديث قالوا فيه: عبيد الله، مصغرًا، بل قال الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1309) بعد أن روى الحديث من طريق عبد الجبار بن الورد عن ابن أبي مُلَيكة عن عبد الله بن أبي نهيك، قال: هكذا قال لنا فهد - يعني شيخه -: عبد الله، وإنما هو عبيد الله.

قلنا: فبان بذلك أنَّ هذا الذي وقع خلاف في اسم رجلٍ واحدٍ، لا أنهما رجلان كما جزم الحاكم، ولهذا جاء في "التهذيب" وفروعه: عبد الله بن أبي نهيك، وقيل: عبيد الله، لكن مع ذلك فالأرجح تسميته عبيد الله، مصغرًا، وفاقًا لما في كتب التراجم المتقدمة، وكما في رواية الأكثرين للحديث.

وقد جاء في رواية لهذا الحديث عند عبد الرزاق والدَّورقي في "مسند سعد بن أبي وقاص" من طريق عطاء بن أبي رباح، قال: دخل عبد الله بن عمرو القاريّ والمتوكل بن أبي نهيك على سعد بن أبي وقاص، فذكر الحديث، ورجاله ثقات، فذكر المتوكل بن أبي نهيك، فهذا أشبه أن يقال فيه: إنه أخو عبيد الله بن أبي نهيك، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده صحيح، وإبهام هؤلاء الذي دخلوا على سعد لا يضر، لأنه عُرف منهم عُبيد الله بن أبي نَهيك، وهو ثقة، وثقه النسائي والعجلي وابن حبان.

ص: 74

حدثنا عبد الرحمن بن غَزْوان أبو نوح، حدثنا عُبيد الله بن الأخنس، حدثنا عَبد الله بن عُبيد الله

(1)

بن أبي مُلَيكة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس مِنّا من لم يَتغَنَّ بالقرآن"

(2)

.

وأمّا حديث عِسْل بن سفيان:

2124 -

فأخبرَناه أحمد بن سهل الفقيه، حدثنا صالح بن محمد بن حبيب، حدثنا أبو غسان مالك بن سعد

(3)

، حدثنا رَوح بن عُبادة، حدثنا شعبة، عن عِسْل بن سفيان، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"ليس مِنّا مَن لم يَتغنَّ بالقرآن"

(4)

.

(1)

انقلب في النسخ الخطية إلى: عبيد الله بن عبد الله، والصواب ما أثبتنا.

(2)

صحيح من حديث ابن أبي مُلَيكة عن ابن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه شاذّ كما قال الحاكم، وقال البخاري كما يدل في "علل الترمذي الكبير" (649): هذا حديث خطأ.

قلنا: يعني أنَّ عُبيد الله بن الأخنس خالف جماعة الثقات من أصحاب ابن أبي مُلَيكة الذين رووه عنه عن ابن أبي نَهيك عن سعد بن أبي وقاص، كما تقدَّم في الروايات السابقة، وكذلك خطَّأ هذه الرواية غير واحد من أئمة الحديث كما قدمناه عند الحديث (2181)، إذ صوَّبوا رواية من رواه عن ابن أبي مُلَيكة عن ابن أبي نهيك عن سعد.

وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير"(649)، والبزار (2332 - كشف الأستار)، وأبو عوانة (3879)، والطبراني في "الكبير"(11239)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1200) من طرق عن عُبيد الله بن الأخنس، به.

(3)

كذا وقع في النسخ الخطية و"إتحاف المهرة"(21842): مالك بن سعد، وهو خطأ، صوابه: مالك بن إسماعيل، كما جاء في كتب التراجم والرجال.

(4)

صحيح من حديث سعد بن أبي وقاص، كما سبق بيانه، وهذا إسناد ضعيف لضعف عِسْل بن سفيان، مع تفرّده برواية الحديث عن ابن أبي مُلَيكة عن عائشة كما نبَّه عليه الحاكم، لأنَّ المحفوظ فيه عن ابن أبي مُلَيكة عن ابن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص، كذلك رواه الثقات من أصحاب ابن أبي مُلَيكة عنه كما سبق، وقال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" (649): حديث ابن أبي مُلَيكة عن عائشة خطأ، وكذلك قال أحمد فيما نقله عنه =

ص: 75

ورواه الحارثُ بن مُرَّة الثقفي البصري، عن عِسْل بن سفيان، عن ابن أبي مُلَيكة، عن ابن عباس:

2125 -

حدَّثَناه أبو عليّ الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا عَبْدان الأَهْوازي، حدثنا نَصْر بن علي الجَهْضَمِي، حدثنا الحارث بن مُرّة، حدثنا عِسْل بن سفيان، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس مِنّا مَن لم يَتغنَّ بالقرآن"

(1)

.

ليس مُستبدَعٌ من عِسْلِ بن سُفيان الوهمَ، والحديثُ راجعٌ إلى حديثِ سعد بن أبي وقاص، والله أعلم.

فأما الحديث الذي اتفق الشيخان على إخراجه في "الصحيحين" فغَيرُ هذا المتن: اتفقا على إخراج حديث الزُّهْري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

= الخلال في "العلل" كما في "منتخبه" لابن قدامة ص 113.

وأخرجه البزار (205) عن أحمد بن عبد الله السدوسي، عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" تعليقًا 5/ 401، وابن عدي في "الكامل" 5/ 374 من طريق معاذ بن معاذ العنبري، عن شعبة، به.

وأخرجه البزار (204) من طريق معقل بن مالك، عن أبي أمية بن يعلى، عن أيوب السختياني وعسل بن سفيان، به. ومعقل قال عنه الأزدي: متروك. قلنا: وقوله في هذا الإسناد: أبو أمية بن يعلى، نظن أنه خطأٌ والصواب: أبو أمية أيوب بن خُوط، فقد ذكر الدارقطني في "العلل"(649) أنَّ أيوب بن خوط قد رواه عن أيوب السختياني وعسل معًا. وأيوب بن خوط هذا كنيته أبو أمية، فإذا ثبت ذلك فإنَّ أيوب بن خُوط متروك الحديث، على أنه في هذه الطبقة أيضًا أبو أمية إسماعيل بن يعلى الثقفي، وهو متروك الحديث كذلك.

(1)

صحيح من حديث ابن أبي مُلَيكة عن ابن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص، كما تقدم بيانه عند الرواية السالفة برقم (2123)، وهذا إسناد ضعيف لضعف عِسل بن سفيان. عَبْدان الأهوازي: هو عبدان بن أحمد بن موسى.

وأخرجه أبو يعلى (4755) عن نصر بن علي الجهضمي، بهذا الإسناد. غير أنه قال فيه: عن عائشة.

ص: 76

قال: "ما أذِنَ اللهُ لشيءٍ ما أذِنَ لنبيٍّ يَتغنّى بالقرآنِ"

(1)

.

2126 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحْرُ بن نَصْر الخَوْلاني، حدثنا بِشْر بن بَكْر، حدثنا الأوزاعي.

وحدثني أبو الحسن علي بن العباس الإسكندراني بمكة، وكتبَه لي بخطّه، حدثنا سعيد بن هاشم بن مَرْثَد الطبَراني، حدثنا دُحَيم، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني أبو عَمرو الأوزاعي، حدثني إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المُهاجر، عن فَضَالة بن عُبيد الأنصاري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَلهُ أشدُّ أَذَنًا إلى الرجلِ الحَسَنِ الصوتِ بالقرآن مِن صاحبِ القَيْنةِ إلى قَيْنَتِه"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2127 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا مالك بن مِغوَلٍ.

وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفّار، حدثنا أحمد بن مِهران بن خالد

(1)

أخرجه البخاري (5023) و (5024) و (7482)، ومسلم (792) من طرق عن ابن شهاب الزُّهْري، به.

وأخرجه مسلم (792) من طرق أخرى عن أبي سلمة، به، بزيادة:"يجهر به".

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه كما نبَّه عليه الذهبي، ذلك لأنَّ إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر لم يدرك فضالة بن عبيد، وإنما سمع منه هذا الحديث بواسطة ميسرة مولى فضالة، كما ورد في بعض طرق الحديث، وميسرة هذا مجهول لا يُعرَف أنه روى عنه غير إسماعيل هذا. دُحيم: هو عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي.

وأخرجه أحمد 39/ (23947) عن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن الوليد بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (23956) عن علي بن بحر، وابن ماجه (1340) عن راشد بن سعيد الرملي، وابن حبان (754) عن عبد الله بن محمد بن سَلْم، عن دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم، ثلاثتهم عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، عن ميسرة مولى فضالة، عن فضالة.

ص: 77

الأصبهاني، حدثنا محمد بن سابِق، حدثنا مالك بن مِغوَلٍ، حدثني طلحة بن مُصَرِّف اليامِيّ، عن عبد الرحمن بن عَوسَجة، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنُوا القرآنَ بأصواتكم"

(1)

.

هكذا رواه منصور بن المعتمر وأبو إسحاق السَّبيعي وزُبَيدُ بن الحارث وسليمانُ

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(1954) عن الحاكم، عن أبي العباس المحبوبي، بإسناده.

وأخرجه أبو العباس السرّاج في "حديثه" بتخريج زاهر الشّحّامي (1595) من طريق أبي أحمد الزُّبَيري، وأبو علي الطوسي في "مختصر الأحكام"(1548) من طريق عبد الله بن نمير، كلاهما عن مالك بن مِغوَل، بهذا الإسناد.

وقد روي هذا الحديث من طريق معمر عن الأعمش عن طلحة، كما سيأتي برقم (2137) بلفظ:"زيّنوا أصواتكم بالقرآن"، وقد حمل الخطابي في "المعالم" 1/ 290 معنى الحديث على وفق رواية معمر، فقال: معناه: زيّنوا أصواتكم بالقرآن، هكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث، وزعموا أنه من باب المقلوب، كما قالوا: عرضتُ الناقةَ على الحوض، أي: عرضت الحوضَ على الناقة

ورواه معمر عن منصور عن طلحة، فقدم الأصوات على القرآن، وهو الصحيح.

ثم رواه بإسناده إلى عبد الرزاق - وهو في "مصنفه"(4176) - عن معمر، عن منصور.

قلنا: فرواه معمر إذًا عن منصور والأعمش، كلاهما عن طلحة، بتقديم الأصوات على القرآن.

وممن سبق الخطابيَّ إلى تأويل هذا الحديث على وَفق رواية معمر: أبو بكر الكلاباذي في "بحر الفوائد" ص 59، واحتجَّ بحديث أبي هريرة الذي أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 160 و 228، وأبو عوانة (3893)، كلفظ رواية معمر، وهذا يؤكد صحة القول بأنَّ الحديث تأويله على القلب، كما حكاه الخطابي عن بعض أئمة الحديث، والله تعالى أعلم.

وسيأتي من طرق أخرى عن ابن مصرِّف بالأرقام (2128) و (2134) و (2135) و (2137 - 2153).

وبرقم (2157) من طريق الحكم بن عتيبة، وبرقم (2158) من طريق زبيد بن الحارث، كلاهما عن عبد الرحمن بن عوسجة.

وبرقم (2154) من طريق أبي عمر زاذان، وبرقم (2155) من طريق عدي بن ثابت، وبرقم (2156) من طريق أوس بن ضَمْعَج، ثلاثتهم عن البراء بن عازب.

ص: 78

الأعمش وشعبةُ والحسنُ بن عبيد الله النَّخَعي وعبدُ الرحمن بن زُبيد بن الحارث وحمادُ بن أبي سليمان وفِطْرُ بن خَليفة ومحمدُ بن طلحة وزيدُ بن أبي أُنيسة وأبو هاشم الرُّمّاني والحسنُ بن عُمارة والحجّاجُ بن أَرْطاة وليثُ بن أبي سُليم وعيسى بنُ عبد الرحمن السُّلَمي وأبو اليَسَع المكفوفُ وعبدُ الملك بن أبْجَر، كلُّهم عن طلحة بن مُصرِّف.

أما حديث منصور بن المعتمر:

2128 -

فأخبرَناه أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنْعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد، أخبرنا عبد الرزاق.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان بن سعيد.

وأخبرنا محمد بن عَلُّون

(1)

المقرئ ببغداد، حدثنا محمد بن يونس القرشي، حدثنا مُؤمَّل بن إسماعيل، حدثنا سفيان عن منصور، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوسَجةَ، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله وملائكَته يُصَلُّون على الصفوف المقدَّمة"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(2)

.

(1)

تحرَّف في (ص) إلى: علوان، وإنما هو علُّون، بحذف الألف، وهو محمد بن علي بن الهيثم أبو بكر المقرئ يعرف بابن عَلُّون، له ترجمة في "تاريخ بغداد" 4/ 141.

(2)

إسناده صحيح من طريق عبد الرزاق، وأما الإسناد الأخير ففيه محمد بن يونس القرشي - وهو الكُديمي - ضعيف جدًّا. سفيان: هو ابن سعيد الثَّوري.

وهو في "مصنف عبد الرزاق"(4175)، وعنه أخرجه أحمد 30/ (18616) وزاد فيه:"ومن مَنَح مَنيحة لبنٍ أو مَنيحةَ وَرِقٍ، أو أهدى زُقاقًا، فهو كعَدْل رقبة". وفي رواية أحمد: "أو هدى زُقاقًا".

وهذه الزيادة رواها شعبة وزبيد بن الحارث وغيرهما كما سيأتي برقم (2136) و (2139).

وأخرج الحديث الأول منه أبو داود (664)، والنسائي (887)، وابن حبان (2161) من =

ص: 79

هكذا رواه زائدةُ بن قُدامة وعمرُو بن أبي قيس وجَريرُ بن عبد الحميد وعمارُ بن محمد وإبراهيمُ بن طَهْمان عن منصور بن المُعتمِر.

أما حديث زائدةَ:

2129 -

فحدَّثَناه أبو بكر محمد بن أحمد بالَوَيهِ، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن النَّضر الأزدي، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن منصور، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوسَجة، عن البراء بن عازب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثٍ طويل:"زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(1)

.

وأما حديث عمرو بن أبي قيس:

2130 -

فحدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا حامد بن محمود بن حَرْب، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن منصور، عن طلحة اليامِيّ، عن عبد الرحمن بن عَوسَجة، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(2)

.

وأما حديث جَرير بن عبد الحميد:

= طريق سلّام بن سُليم أبي الأحوص، عن منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. وزاد فيه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية، يمسح صدُورنا ومناكبنا، ويقول:"لا تختلفوا فتختلفَ قلوبكم". وهذه الزيادة ستأتي عند المصنف بالأرقام (2141 - 2146) من طرق عن طلحة بن مُصرِّف.

وأخرجه أحمد (18616) من طريق الأعمش، عن طلحة بن مُصرِّف، به. وزاد فيه: "ومن منح منيحة

".

وأخرجه أبو داود (543) من طريق شيخ من أهل الكوفة، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب. وإسناده ضعيف لإبهام الشيخ الكوفي.

وأخرج الحديث الثاني منه ابنُ حبان (749) من طريق عبيد الله بن موسى، عن سفيان الثَّوري، به.

(1)

إسناده صحيح. معاوية بن عمرو: هو ابن المهلَّب الأزدي.

(2)

إسناده قوي من أجل عمرو بن أبي قيس: وهو الرازي.

ص: 80

2131 -

فحدَّثَناه محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى.

وحدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي؛ قالا: حدثنا أبو الربيع الزَّهْراني، حدثنا جرير، عن منصور، عن طلحة بن مُصَرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوسَجة، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(1)

.

وأما حديث إبراهيم بن طَهْمان:

2132 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصغَاني، حدثنا محمد بن سابِق، حدثنا إبراهيم بن طَهْمان، عن منصور، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوسَجة، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(2)

.

وأما حديث عمار بن محمد:

2133 -

فحدَّثَناه عبد الله بن سَعْد، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثني الحسين بن الضحّاك، حدثنا عمار بن محمد، عن منصور، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوسَجة، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح من جهة يحيى بن محمد بن يحيى - وهو الذُّهلي - حسن من الطريق الثانية من أجل أبي سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي. يوسف بن يعقوب القاضي: هو ابن إسماعيل بن حماد بن زيد، وأبو الربيع الزهراني: هو سليمان بن داود العتكي، وجرير: هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعتمر.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه على إبراهيم بن طهمان، كما سيأتي بيانه عند الرواية الآتية برقم (2157).

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل الحسين بن الضحاك - وهو القرشي النيسابوري - =

ص: 81

وأما حديث أبي إسحاق السَّبيعي، عن طلحة بن مُصرِّف:

2134 -

فحدَّثَناه أبو محمد المُزَني وأبو بكر بن أبي دارم وأبو سعيد الثقفي، قالوا: حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا جعفر بن حُميد، حدثنا حُدَيج بن معاوية، عن أبي إسحاق، قال: حدثني طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ للهِ ملائكةً"

(1)

يُصلّون على الصفوف الأُوَل، وزيِّنوا القرآنَ بأصواتكم"

(2)

.

= فقد روى عنه جمع منهم مسلم خارج "الصحيح"، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(1)

كذا في نسخنا الخطية! وفي مصادر الحديث كافة: "إنَّ الله وملائكته".

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه على أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - فقد رواه عنه حُديج بن معاوية كما وقع عند المصنف هنا، وتابعه عليه يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق عن جدِّه، وخالفهما عمار بن رُزيق وأبو بكر بن عياش وجرير بن حازم، فرووه عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء، فأسقطوا من إسناده طلحة بن مُصرِّف، وخالفهم جميعًا إسرائيل وقتادة وسعيد بن سنان، فقالوا: عن أبي إسحاق عن البراء، فأسقطوا من إسناده طلحة بن مُصرِّف وعبد الرحمن بن عوسجة، وأبو إسحاق قد لقي البراء وسمع منه، وروايته عنه في "الصحيحين" وغيرهما، لكنه لم يسمع منه هذا الحديث، ولا حتى سمعه من عبد الرحمن بن عوسجة، وإن وقع تصريحه بسماعه منه في رواية جرير بن حازم، فقد خطّأ ذلك أبو حاتم كما في "العلل" لابنه (343) و (404)، وصحَّح هو وابن عدي في "الكامل" 3/ 363 و 6/ 434 رواية من رواه عن أبي إسحاق عن طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء.

وأخرج الحديث الأول منه تمام الرازي في "فوائده"(981) من طريق يَسَرة بن صفوان، وأبو الفضل الزُّهْري في "حديثه"(397) من طريق محمد بن بكار بن الريّان، كلاهما عن حُديج بن معاوية بهذا الإسناد.

وأخرجه بتمامه أبو نعيم في "الحلية" 5/ 27، وابن الشجري في "أماليه الخميسية" 1/ 115 من طريق إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي، عن أبيه، عن جده أبي إسحاق، به.

وأخرج الحديث الأول منه ابن أبي شيبة 1/ 378، وأحمد 30/ (18643) و (18646)، وابن =

ص: 82

وأما حديث زُبيد بن الحارث:

2135 -

فأخبرَناه محمد بن القاسم الذُّهْلي ببغداد، حدثنا أحمد بن علي الخزّاز، حدثنا جَنْدَل بن والِقٍ، حدثنا قيس بن الربيع، حدثنا زُبَيد بن الحارث، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: زَيِّنوا القرآن بأصواتكم"

(1)

.

= الأعرابي في "معجمه"(802) من طريق عمار بن رُزيق، وأحمد (18621)، وابن خزيمة (1552) من طريق جرير بن حازم، وأحمد (18646) من طريق أبي بكر بن عياش، ثلاثتهم عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب.

وأخرجه أحمد (18506)، والنسائي (1622)، والرُّوياني في "مسنده"(283)، وأبو العباس السرّاج في "مسنده"(759)، والطبراني في "الأوسط"(8198)، وابن عدي 6/ 433 - 434، وأبو الفضل الزُّهْري في "حديثه"(369) من طريق قتادة بن دعامة، وأحمد (18640)، وأبو العباس السرّاج (761) من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وأبو العباس السرّاج (762)، وابن عدي 3/ 362 - 363 من طريق أبي سنان، سعيد بن سنان ثلاثتهم عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب. وإسرائيل وإن كان من أوثق الناس في جده لملازمته إياه، وقد خطّأ روايتَه هذهِ أبو حاتم كما في "العلل" لابنه (404)، وصحَّح رواية من زاد بين أبي إسحاق والبراء الرجلين المذكورين في إسناد المصنف.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن القاسم الذُّهلي: وهو ابن سليمان، وقيس بن الربيع ضعيف عند المخالفة، وقد اختُلف عليه في إسناده، فروي عنه كما عند المصنف هنا، وروي عنه مرة أخرى عن زبيد بن الحارث عن عبد الرحمن بن عوسجة، دون ذكر طلحة بن مصرِّف كما سيأتي عند المصنف برقم (2158)، وهذا أشبه، فقد تابعه على إسقاط طلحة من إسناده عبد الرحمن بن زبيد كما سيأتي، وإنما روى زبيد عن طلحة الحديث بطوله بغير قطعة تحسين الصوت بالقرآن كما أشار إليه أبو عبد الله الحاكم بإثره.

وأخرجه أبو أحمد الحاكم في "فوائده"(17) عن أبي الأزهر صدقة بن منصور الكِنْدي الحرَّاني، عن محمد بن بكّار بن الريّان، عن قيس بن الربيع، به.

وقد رواه غير أبي الأزهر عن محمد بن بكار، فلم يذكروا في إسناده طلحة بن مُصرِّف كما سيأتي برقم (2158). =

ص: 83

رواه جَرير بن حازم عن زُبيد بن الحارث عن طلحة بن مُصرِّف، الحديثَ بطوله، ولم يذكر:"زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(1)

.

2136 -

حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، حدثنا عارِم بن الفضل، حدثنا جَرير بن حازم [عن زُبيدَ]

(2)

عن طلحة بن مُصرِّف، فذكره

(3)

.

= وأخرجه الضياء المقدسي في "المنتقى من مسموعات مرو"(883) من طريق أشعث بن عبد الرحمن بن زبيد عن أبيه، عن جده، عن عبد الرحمن بن عوسجة، به. فوافق رواية من أسقط ذكر طلحة من إسناده.

وقد روي الحديث من طرق أخرى صحاح عن طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء كما تقدَّم بيانه برقم (2127).

وانظر ما سيأتي برقم (2141) و (2158).

(1)

أصل هذا الحديث مطوّل يتكون من خمسة أحاديث، وقد أتى به تامًّا شعبة في روايته عن طلحة بن مُصرِّف عند أحمد 30/ (18704)، وكذلك مالك بن مغول في رواية عبد الله بن نمير عنه عن طلحة عند أبي علي الطوسي في "مختصر الأحكام"(1548)، ولفظ شعبة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من منح منيحة وَرِقٍ أو هدى زقاقًا، أو سقى لبنًا، كان له عَدْل رقبة أو نسمة، ومن قال: لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرار، كان له عَدْل رقبةٍ أو نسمة" وكان يأتينا إذا قمنا إلى الصلاة فيمسح صدورنا أو عواتقنا، يقول:"لا تختلف صفوفكم فتختلف قلوبكم" وكان يقول: "إنَّ الله وملائكته يصلّون على الصفّ الأول أو الصفوف الأُوَل" وقال: "زيِّنوا القرآن بأصواتكم"، كنت نسيتها فذكرنيها الضحاك بن مزاحم. ولفظ ابن نمير نحوه، لكنه قال في الدعاء:"له الملك، يُحيي ويُميت".

(2)

سقط من النسخ الخطية، مع أنَّ المصنف إنما ساقه لبيان الاختلاف على زبيد فيه، وهو ثابت عند جميع من خرَّج هذه الرواية.

(3)

إسناده صحيح. أبو عبد الله محمد بن يعقوب: هو الأخرم الحافظ، ومحمد بن عبد الوهاب: هو ابن حبيب الفرّاء، وعارِم: اسمه محمد بن الفضل وعارِم لقبُه.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 177 - 178، والطبراني في "الأوسط"(2590)، و"الدعاء"(1716) من طريق أبي النعمان عارم، بهذا الإسناد. واقتصر الطبراني على بعض الحديث المطول الذي أشرنا إليه.

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (6108/ 4)، وابن حبان =

ص: 84

وأما حديث الأعمش:

2137 -

فأخبرَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو حُذيفة، حدثنا سفيان، عن الأعمش.

وحدثنا أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن أحمد بن النضْر، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن الأعمش.

وحدثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي الفقيه إملاءً، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا أبي، حدثنا جرير ووكيع، عن الأعمش.

وأخبرنا عبد الصمد بن علي بن مُكْرَم البزّاز ببغداد، حدثنا أبو علي الحسن بن العبّاس بن مِهران

(1)

الرازي، حدثنا سهل بن عثمان، حدثنا وكيع وابن فُضيل، عن الأعمش.

وحدثنا عبد الله بن سَعْد، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الأَنماطي، حدثنا عبد الرحمن بن بِشْر، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر والثَّوْري، عن الأعمش، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم". وفي حديث معمرٍ: "زَيِّنوا أصواتَكُم بالقرآنِ"

(2)

.

= (850) و (2157) و (5096)، والطبراني في "الدعاء"(1716) من طريق شيبان بن فرُّوخ، عن جرير بن حازم، به. واقتصر الطبراني على ذكر الدعاء من الحديث المطول.

وأخرج منه قطعة المنيحة الترمذيُّ (1957) من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن طلحة بن مصرف، به.

وأخرج منه قطعة الدعاء النسائيُّ (9876) من طريق منصور بن المعتمر، عن طلحة، به.

(1)

كذا وقع اسم هذا الرجل في النسخ الخطية: بن مهران، وكذلك جاء عند البيهقي في عدة روايات في "سننه الكبرى" باسم ابن مهران، وهو خطأ، صوابه: ابن أبي مهران، كما في كتب التراجم والرجال، وقد ترجم له الخطيب في "تاريخ بغداد" 8/ 402، والذهبي في "معرفة القراء الكبار" 1/ 136، وابن الجزري في "غاية النهاية" 1/ 216.

(2)

إسناده صحيح. أبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النَّهْدي، وسفيان: هو الثَّوري، والأعمش: =

ص: 85

وأما حديث شُعبة:

2138 -

فحدَّثَناه أبو النَّضر الفقيه بالطابَران وأبو نصر الفقيه ببُخارى، قالا: حدثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، حدثنا عُبيد الله بن عمر القَواريري، حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، حدثني طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(1)

.

قال عبد الرحمن: وكنت نُسِّيتُ هذه الكلمةَ حتى ذكَّرَنيه الضحاكُ بن مُزاحِم

(2)

.

قال الحاكم: قد حدَّثَ بهذا الحديث جماعةٌ عن شعبة عن طلحة، الحديثَ بطولِه، ولم يذكر هذه اللفظة "كنت نُسِّيتُ" غيرُ يحيى بن سعيد ومعاذ العَنْبري.

2139 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنّى، حدثني أبي، حدثنا

= هو سليمان بن مهران، وزائدة: هو ابن قُدامة، وجرير: هو ابن عبد الحميد، ووكيع: هو ابن الجرّاح، وابن فُضيل: هو محمد، ومعمر: هو ابن راشد.

وأخرجه أبو داود (1468) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (1089) عن علي بن حُجر السَّعدي، عن جرير، به.

وأخرجه أحمد 30/ (71709) عن وكيع، به.

وأخرجه أحمد (18494) عن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، و (18709) عن عبد الله بن نُمير، كلاهما عن الأعمش، به.

(1)

إسناده صحيح. أبو النضر الفقيه: هو محمد بن محمد بن يوسف، وأبو نصر الفقيه: هو أحمد بن سهل، كنية الأول بالضاد المعجمة، والثاني بالصاد المهملة، ويحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه ابن ماجه (1342) عن محمد بن بشار، والنسائي (1090) عن عمرو بن علي الفلّاس، كلاهما عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. ولم يذكر ابن ماجه في روايته مقالة عبد الرحمن بن عوسجة في آخره.

وأخرجه ابن ماجه (1342) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، به.

(2)

يعني أنَّ الضحاك بن مزاحم، هو أحد مَن سمعه مِن عبد الرحمن بن عوسجة، لكننا لم نقف عليه من طريقه عن عبد الرحمن بن عوسجَة، فالظاهر أنَّ أحدًا لم يحمله عنه.

ص: 86

أبي، حدثنا شعبة؛ قال

(1)

: وحدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى، عن شعبة، فذكر الحديث بطوله

(2)

.

وأما حديث الحسن بن عبيد الله النَّخَعي:

2140 -

فأخبرَناه أبو علي الحافظ، أخبرنا أبو بكر محمد بن إسحاق، حدثنا أبو سعيد الأشَجّ، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن الحسن بن عبيد الله، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(3)

.

وأما حديث عبد الرحمن بن زُبيد:

2141 -

فحدَّثَناه أبو بكر أحمد بن كامل بن خَلَف، حدثنا محمد بن سَعْد العَوْفي، حدثنا أبو بدر شُجاع بن الوليد، حدثنا عبد الرحمن بن زُبيد اليامِيّ، حدثنا طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة التميمي، عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يأتي ناحيةَ الصفّ إلى الناحية القُصْوى، يُسَوِّي بين صُدور القوم

(1)

القائل هو أبو المثنى - وهو معاذ بن المثنَّى بن معاذ بن معاذ العَنْبري - فقد رواه أبو المثنى عن أبيه وعن مُسدَّد.

(2)

إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وقد تقدم بيانُ الحديث المطول بين يدي الحديث (2136).

وأخرجه أحمد 30/ (18704)، وابن ماجه (997) و (1342) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد، واقتصر ابن ماجه على ذكر صلاة الله وملائكته على الصف الأول وعلى تزيين الصوت بالقرآن.

وأخرجه أحمد (18704)، وابن ماجه (997) و (1342) من طريق محمد بن جعفر، وأحمد (18518) عن عفان، كلاهما عن شعبة، به. واقتصر ابن ماجه على ما ذكرنا قبلُ، ولم يذكر عفان في روايته تزيين الصوت بالقرآن.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. أبو علي الحافظ: هو الحسين بن علي بن يزيد النيسابوري، ومحمد بن إسحاق: هو ابن خزيمة، وأبو سعيد الأشج: هو عبد الله بن سعيد، وأبو خالد الأحمر: هو سليمان بن حيّان.

ص: 87

ومَناكِبِهم، ويقول:"لا تَختَلِفُوا فتختلفَ قلوبُكم، إِنَّ اللهَ وملائكتَه يُصلُّون على الصفوف الأُوَل، وزَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(1)

.

وأما حديث حماد بن أبي سليمان:

2142 -

فأخبرَناه أبو الفضل الحسن بن يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا سعيد بن زَرْبيّ، عن حمّاد، عن طَلْحة الهَمْداني، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا إذا أُقيمتِ الصلاةُ، فيمسحُ عَواتِقَنا ويقول: "أقيمُوا صفوفَكم، ولا تختلفوا فتختلفَ قلوبُكم، ولِيليَنِّي منكم أولُو الأحلامِ والنُّهى، وزيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم، إنَّ الله

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن زبيد ومحمد بن سعد العوفي - وهو ابن محمد بن الحسن بن عطية - وقد توبعا:

فقد تابع محمدَ بنَ سعد العوفيَّ سليمانُ بنُ توبة البغدادي النهرواني عند أبي العباس السرَّاج في "مسنده"(751)، وفي "حديثه"(10) و (1884)، فرواه عن أبي بدر شجاع بن الوليد.

وتابع أبا بدر شجاعَ بنَ الوليد عليه أيضًا محمدُ بنُ المعلى الكوفي الرازي عند الطبراني في "الأوسط"(7206)، فرواه عن عبد الرحمن بن زبيد.

وإنما ذكرنا هذه المتابعات لئلا يُظَنَّ بأنَّ رواية عبد الرحمن بن زُبيد عن طلحة بن مُصرِّف غير محفوظة، وأنَّ المحفوظ روايةُ أبيه زُبيد عن طلحة كما رواه عنه جرير بن حازم في الرواية المتقدمة برقم (2136)، وأنَّ المحفوظ في رواية عبد الرحمن بن زبيد روايته عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوسجة، كما أخرجه ابن خزيمة (1557) والضياء المقدسي في "المنتقى من مسموعات مرو" (883) من طريق الأشعث بن عبد الرحمن بن زبيد عن أبيه عن جده. فالأشبه أن يكون الكل محفوظًا: رواية عبد الرحمن بن زبيد عن طلحة بن مصرف، وروايته عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوسجة، وروايةُ زُبيد عن طلحة بن مصرِّف إلّا في قطعة:"زينوا القرآن بأصواتكم" فإنَّ المحفوظ فيها رواية زُبيد لها عن عبد الرحمن بن عوسجة مباشرة كما بيناه عند الرواية المتقدمة برقم (2135)، والله تعالى أعلم.

وعلى أي حالٍ فقد توبع عبد الرحمن بن زبيد على رواية جملة الحديث عن طلحة بن مصرِّف كما تقدم برقم (2139).

ص: 88

وملائكتَه يُصلُّون على الصفّ المقدَّم"

(1)

.

وأما حديث فِطْر بن خَليفة:

2143 -

فحدَّثَنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوْري، حدثنا أبو يحيى عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمّاني، حدثنا مالك بن مِغْوَل وفِطْر بن خَليفة، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء بن عازب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مَناكِبَنا في الصلاة؛ وذكر الحديث. قال البراء: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(2)

.

وأما حديث محمد بن طلحة عن أبيه:

2144 -

فحدثني علي بن حَمْشاذَ، حدثنا محمد بن غالبٍ، حدثنا عبد الصمد بن النعمان، حدثنا محمد بن طلحة، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء بن عازب قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تَختلِفوا فتختلفَ قلوبُكم، إنَّ الله وملائكتَه يُصلُّون على الصفِّ الأوَّل، وزَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(3)

.

(1)

حديث صحيح دون قوله: "وليلينِّي منكم أولو الأحلام والنُّهى"، فقد انفرد بزيادته في حديث البراء سعيدُ بنُ زَربي عن حماد بن أبي سليمان، وسعيد هذا ضعيف الحديث، إلَّا أنَّ هذا الحرف قد صحَّ من حديث أبي مسعود البدري عند مسلم برقم (432)(122)، ومن حديث عبد الله بن مسعود عند مسلم أيضًا برقم (432)(123)، وسيأتي حديث ابن مسعود برقم (2179).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمّاني، وهو لم ينفرد به عن فطر بن خليفة ولا عن مالك بن مِغوَل، فقد تابعه في روايته عن مالك بن مِغوَل عبدُ الله بن نمير عند أبي علي الطُّوسي في "مستخرجه على الترمذي"(1548)، ومحمدُ بن سابق بالحديث الثاني كما تقدم برقم (2127).

وتابعه في روايته عن فطرِ بنِ خليفة بالحديث الأول أبو نعيم الفضل بن دُكين عند أبي العباس السرّاج في "مسنده"(755).

وإنما ذكرنا هذه المتابعات لئلا يُظَنَّ أنَّ روايتَه هنا معلولةٌ بروايته الآتية برقم (2156) عن مالك بن مِغول وفطر بن خليفة، عن إسماعيل بن رجاء، عن أوس بن ضمعج، عن البراء.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد لا بأس برجاله، لكن محمد بن طلحة لم يسمع من أبيه، =

ص: 89

وأما حديث زيد بن أبي أُنَيسة:

2145 -

فحدَّثَنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن بِشْر بن مَطَر، حدثنا يحيى بن يوسف الزَّمِّي، حدثنا عُبيد الله بن عمرو الرَّقِّي، حدثنا زيد بن أبي أُنَيسة، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء قال: أُقيمتِ الصلاةُ، فذكر الحديث بطوله، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(1)

.

وأما حديث أبي هاشم الرُّمّاني:

2146 -

فحدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ، حدثنا أبو جعفر محمد بن الفضل بن جابر السَّقَطي، حدثنا سُهيل بن إبراهيم الجارُودي، حدثنا عمرو بن بِشْر

(2)

القَيسي، حدثنا سَلّام، عن أبي هاشم الرُّمّاني، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيءُ ونحنُ في الصلاةِ، فيمسحُ صُدورَنا، ويقول:"زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(3)

.

= حيث صرَّح هو نفسه بأنه أدرك أباه كالحُلم، يعني لصغر سنِّه لم يكن يَعيه تمامًا. وهذا يقدح في صحة قول البخاري في "تاريخه الكبير" في ترجمته بأنه سمع أباه، والله أعلم، ولكنه متابع.

وأخرجه أحمد 30/ (18516) عن عفان بن مسلم، عن محمد بن طلحة، بهذا الإسناد.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

وقع في (ب): عمرو بن أبي بشر، بزيادة لفظة "أبي" وهي زيادة مقحمة، وهو عمرو بن بشر القيسي البصري، انظر ترجمته في "تلخيص المتشابه" للخطيب البغدادي 1/ 338.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، عمرو بن بشر القيسي مجهول، وسهيل بن إبراهيم قال عنه ابن حبان: يخطئ ويخالف، وقد حصل في إسناد هذا الحديث اضطراب، والحمل فيه على أحد هذين الرجلين، فقد روي مرة كما وقع في إسناد الحاكم هنا بذكر سلّام بين عمرو بن بشر وأبي هاشم الرماني، وسلّام هذا لم نتبين من هو، وروي مرة عن عمرو بن بشر عن أبي هاشم عن الحكم بن عتيبة عن طلحة بن مصرف، كذلك أخرجه الخطيب في "تلخيص المتشابه" 1/ 338 من طريق سليمان بن أحمد الطبراني، عن محمد بن الفضل بن جابر السَّقَطي، عن سهيل، عن عمرو بن بشر، فأسقط من إسناده سلامًا وزاد بين أبي هاشم وطلحة بن مصرف رجلًا هو الحكم بن عُتيبة، وسيأتي الحديث من طريق الحكم بن عُتيبة عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة برقم (2157).

ص: 90

وأما حديث الحسن بن عُمارة:

2147 -

فحدَّثَناه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه البُخاري بنَيسابُور، حدثنا صالح بن محمد الحافظ، حدثنا شَيبان بن فَرُّوخ، حدثنا عبد العزيز بن مُسلم القَسْملي، حدثنا الحسن بن عُمارة، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(1)

.

وأما حديث الحجّاج بن أرْطاةَ:

2148 -

فحدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ، حدثنا أبو المثنَّى، حدثنا عُبيد الله بن محمد بن عائشةَ، حدثنا حماد، عن الحجّاج بن أرْطاةَ.

وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدثنا جعفر بن أحمد الحافظ، حدثنا أبو الخطّاب، حدثنا المُعتمِر، حدثنا حجّاج بن أرْطاة، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(2)

.

وأما حديث ليث بن أبي سُلَيم:

2149 -

فأخبرَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا صالح بن محمد الرازي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا يزيد بن إبراهيم التُّستَري، حدثنا ليثُ بن أبي سُلَيم، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، الحسن بن عمارة متروك الحديث، ويغني عن روايته هذه روايةُ غيره ممَّن رواه عن طلحة بن مصرِّف كما في الأحاديث السابقة.

(2)

حديث صحيح، حجاج بن أرطاة صدوق لكنه مدلّس وقد عنعن، إلّا أنه متابع بالروايات السابقة واللاحقة. حماد: هو ابن سلمة، وأبو الخطاب: هو زياد بن يحيى الحسّاني، والمعتمر: هو ابن سليمان التيمي.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل ليث بن أبي سُليم، وقد توبع.

ص: 91

وأما حديث عيسى بن عبد الرحمن السُّلَمي:

2150 -

فحدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر، حدثنا أبو نُعَيم، حدثنا عيسى بن عبد الرحمن السُّلَمي، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(1)

.

وأما حديث محمد بن عُبيد الله الفَزَاري

(2)

:

2151 -

فأخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أحمد بن الوليد الكَرَابِيسي، حدثنا الحَكَم بن موسى، حدثنا محمد بن سَلَمة، عن الفَزَاريّ، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(3)

.

وأما حديث أبي اليَسَع المَكفُوف:

2152 -

فأخبرَناه أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عُقبة، حدثنا إبراهيم بن أبي العَنْبَس، حدثنا محمد بن عُبيد الطَّنَافسي، حدثنا أبو اليَسَع، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(4)

.

(1)

إسناده صحيح. أحمد بن محمد بن نصر: هو النيسابوري اللبّاد، وأبو نعيم: الفضل بن دُكين.

(2)

لم يذكر الحاكم هذه المتابعة في جملة المتابعات التي سردها أولًا بإثر رواية مالك بن مِغْول برقم (2127).

(3)

إسناده واهٍ من أجل محمد بن عبيد الله الفزاري - وهو العَرْزَمي - فقد تركه الأئمة، وقال عنه الحاكم نفسه في "المدخل إلى الصحيح" 1/ 129: متروك الحديث بلا خلاف.

وقد صحَّ الحديث من غير طريقه كما في هذه الطرق التي يسردها المصنف.

(4)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي اليسع المكفوف، فقد وثقه ابن معين في رواية العباس الدُّوري وابن حبان، وسماه هذا الثاني يحيى بن شعيب، وقال أبو حاتم: يكتب حديثُه. =

ص: 92

وأما حديث عبد الملك بن أبْجَرَ:

2153 -

فأخبرناه جعفر بن محمد بن نُصير الخُلْدي، حدثنا أبو الحسن علي بن أبان

(1)

المُقرئ، حدثنا سُرَيج بن يونس، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبْجَرَ، عن أبيه، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(2)

.

وقد وجدنا لعبد الرحمن بن عَوسَجة عن البراء مُتابعِين في رواية هذا الحديث عن البراء: وهم زاذانُ أبو عمر، وعَديّ بن ثابت، وأَوس بن ضَمْعَج.

أما حديث أبي عمر زاذانَ:

2154 -

فحدَّثَناه أبو علي الحافظ، حدثنا إبراهيم بن يوسف الهِسِنْجاني، حدثنا الحسن بن الصبَّاح البزَّار، حدثنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن السَّمَرقَنْدي، حدثنا محمد بن بكر، حدثنا صَدَقة بن أبي عِمران، عن علقمة بن مَرْثَد، عن زاذان، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم، فإنَّ الصوتَ الحسنَ يزيدُ القرآنَ حَسنًا"

(3)

.

= ويغلب على ظننا أنَّ هذا غير أبي اليسع أيوب بن سليمان الذي قال عنه الأزدي: ليس بحجة.

(1)

كذا وقع مسمَّى في النسخ الخطية وفي "إتحاف المهرة" للحافظ 2/ 477 (2086)، والذي يغلب على ظننا أنَّ تسمية أبيه أبان تحريف عن بيان، فإنَّ في هذه الطبقة رجلًا روى له الحاكم أيضًا (812) و (1225) و (8378)، وسماه: علي بن الحسن بن بيان المقرئ، وقد ترجم الخطيب في "تاريخه" 13/ 300 لعلي بن الحسن بن بيان هذا، ونقل توثيق الدارقطني له، وذكر الخطيب في "تلخيص المتشابه" 1/ 241 أنَّ أبا بكر الشافعي - قلنا: وهو صاحب "الغيلانيات" المعروف - كان يروي عنه وينسبه إلى جده، فيقول: علي بن بيان، والله أعلم

(2)

إسناده صحيح إن صحَّ ما قرّرناه سابقًا من كون علي بن أبان المذكور هو علي بن بيان المقرئ.

(3)

حديث صحيح، وهذ إسناد حسن من أجل صدقة بن أبي عمران، لكن روي الحديث من وجه آخر عن البراء كما في الطرق السابقة. محمد بن بكر: هو البُرساني. =

ص: 93

وأما حديث عَدِيّ بن ثابت:

2155 -

فحدَّثَناه علي بن الحسن الرُّصَافي، حدثنا [أبو]

(1)

العباس، عن

(2)

أحمد بن الحسن بن سعيد بن عثمان الخزاز، حدثني أبي، قال: وجدتُ في كتاب جَدّي: حدثنا حُصين بن مُخارِق، حدثنا أبو مريم عبد الغفار بن القاسم، عن عديّ بن ثابت، عن البراء، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(3)

.

وأما حديث أوس بن ضَمْعَجٍ:

= وأبو محمد السمرقندي: هو الدارمي صاحب "المسند"، والحديث في "مسنده" برقم (3544)، ووقع في المطبوع: بن أبي بكر، بإقحام لفظة "أبي".

وأخرجه ابن حبان في "الثقات" 9/ 48، وأبو الشيخ الأصبهاني في "طبقات المحدثين بأصبهان" 4/ 12، وتمّام الرازي في "فوائده"(1072) من طرق عن عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي الدارمي، بهذا الإسناد.

وأخرجه تمام (1071)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(1955)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 51/ 23 من طريق سلمة بن سعيد البصري، عن صدقة بن أبي عمران، به.

(1)

سقط لفظ "أبو" من نسخنا الخطية، وأثبتناه من "إتحاف المهرة"(2116)، وقيده الحافظ ابن حجر بقوله: أبو العباس بن عُقْدة، وهذا هو الصحيح، فإنَّ أبا العباس بن عُقْدة - واسمه أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ المشهور - معروف بالرواية عن أحمد بن الحسن الخزاز، فقد روى ابن الشجري في "أماليه الخميسية" عدة أحاديث من طريقه عنه.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: بن.

(3)

إسناده تالف بمرةٍ، علي بن الحسن - وهو ابن جعفر العطار المعروف بابن كرنيب وحُصين بن مخارق وعبد الغفار بن القاسم، اتُّهِموا بوضع الحديث، وقد روى أبو العباس بن عُقْدة عن أحمد بن الحسن بن سعيد عن أبيه عدة روايات عند الدارقطني وابن الشجري في "أماليه الخميسية" لا يذكر في شيء منها جدّه، إنما يرويها عن أبيه عن حصين بن مخارق مباشرة! وقد اضطرب فيه حُصين بن مخارق كما نبَّه عليه الدارقطني في "الغرائب" كما في "أطرافه" لابن طاهر المقدسي (1396).

ويغني عن هذه الرواية رواية مَن رواه عن طلحة بن مُصرِّف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء في الطرق المتقدمة، وكذا رواية زاذان عن البراء المتقدمة قبله.

ص: 94

2156 -

فحدَّثَناه أبو علي الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا زياد بن أيوب، حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن، حدثنا مالك بن مِغْوَل وفِطْر بن خَليفة، عن إسماعيل بن رَجَاء، عن أوس بن ضَمْعَج، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(1)

.

ثم نظرنا فوجدنا لطلحة بن مُصرِّف متابعَين في روايته عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، وهما الحَكَم بن عُتَيبة وزُبيد بن الحارث.

أما حديث الحكم بن عُتيبة:

2157 -

فحدَّثَناه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا أحمد بن موسى العسكري، حدثنا محمد بن سابق

(2)

، حدثنا إبراهيم بن

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله في الجملة ثقات، لكنه غريب من هذه الطريق، لا يُعرف من رواية إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج عن البراء بن عازب إلّا من طريق عبد الحميد بن عبد الرحمن - وهو أبو يحيى الحِمّاني والد يحيى - ولا رواه عنه كذلك إلّا زياد بن أيوب - وهو ابن زياد الطُّوسي - كما نبَّه عليه الدارقطني في "الغرائب" كما في "أطرافه" لابن طاهر المقدسي (1382). قلنا: ويؤيده أنَّ العباس بن محمد الدُّوري قد رواه عن أبي يحيى الحِمّاني في الطريق المتقدمة برقم (2143)، فقال: عن مالك بن مِغْول وفطر بن خليفة، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، وقد ذكرنا هناك أنَّ الحِمّاني قد توبع في روايته عن مالك بن مِغْول وعن فطر بن خليفة بروايتهما عن طلحة بن مُصرِّف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء. فهذا هو المحفوظ دون روايته عنهما عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج، والله تعالى أعلم.

وأخرجه أبو يعلى (1706)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 4/ 30، وأبو بكر الإسماعيلي في "معجمه" 2/ 689 - 690 من طريق زياد بن أيوب، بهذا الإسناد. وقُرن في روايتهم بمالك وفطر ثالثٌ هو الحسن بن عمارة، وهو متروك الحديث.

(2)

وقع في الأصلين: محمد بن بشر، وفي المطبوع وهامش (ز) إشارة إلى نسخة: بشار، بدل: بشر، وكلاهما تحريف عن سابق، والمثبت على الصواب من "إتحاف المهرة" للحافظ 2/ 477 (2086)، وكذا من "مسند السراج"(760) ومن "حديث السرَّاج"(51) إذ هو محمد بن إسحاق الثقفي الذي روى الحاكمُ هذا الحديثَ من طريقه. ويؤيده الرواية المتقدمة برقم (2132) من =

ص: 95

طَهْمان، عن منصور، عن الحَكَم وطلحة

(1)

بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله وملائكتَه يُصلُّون على الصفِّ الأوّل، وزَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(2)

.

= طريق محمد بن إسحاق الصغاني، عن محمد بن سابق، عن إبراهيم بن طهمان، عن منصور، عن طلحة بن مصرف وحده، بذكر الحديث الثاني.

(1)

وقع في نسخنا الخطية: عن منصور والحكم عن طلحة بن مصرف، وهو خطأ ينافي تقديمَ الحاكمِ لهذا الإسناد بقوله: وجدنا لطلحة بن مصرف متابعَين عن عبد الرحمن بن عوسجة. والمثبت على الصواب من "إتحاف المهرة" للحافظ 2/ 477 (2086)، ومن "مسند السرَّاج"(760)، ومن "حديثه"(51) إذ روى الحاكمُ هذا الحديثَ - كما قدَّمنا - من طريقه، إلّا أنه سقط من كتابي السرَّاج ذكر منصور - وهو ابن المعتمر - من إسناده، والصواب إثباته كما وقع هنا، وكما رواه محمد بن إسحاق الصغاني عن محمد بن سابق عن إبراهيم بن طهمان في الطريق المتقدمة برقم (2132)، وكما رواه حفص بن عبد الله السَّلَمي عند الطبراني في "الأوسط"(739) عن إبراهيم بن طهمان.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه على محمد بن إسحاق الثقفي - وهو أبو العباس السرّاج - فقد رواه عنه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى - وهو النَّيسابوري المزكّي الحافظ - كما وقع في إسناد الحاكم هنا، وخالفه أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد الخفّاف راوية "مسند السرّاج" فرواه عن السرّاج، فأسقط من إسناده منصورًا، والصحيح إثباته، كما رواه محمد بن إسحاق الصغاني عن محمد بن سابق عن ابن طهمان في الرواية المتقدمة برقم (2132)، وقال الذهبي في "تلخيصه": إبراهيم لم يُدرك الحكم.

واختُلف فيه اختلاف آخر عن إبراهيم بن طهمان، فقد رواه محمد بن سابق عنه عن منصور عن الحكم وطلحة بن مُصرِّف، هكذا مقرونين، وأنَّ كلًّا منهما قد رواه عن عبد الرحمن بن عوسجة.

وخالفه حفص بن عبد الله السَّلَمي، فرواه عن ابن طهمان، عن منصور، عن الحكم، عن طلحة، عن عبد الرحمن بن عوسجة، فجعل رواية الحكم عن طلحة.

والصحيح من ذلك رواية محمد بن سابق لموافقتها لرواية جماعة أصحاب منصور الحفاظ الذين رووه عنه عن طلحة، دون واسطة بينهما كما تقدم في الطرق التي ساقها الحاكم بالأرقام (2128 - 2133)، فخلصنا بذلك إلى أنَّ إسناد محمد بن سابق الذي روى الحاكم الحديث من طريقه لا غبار عليه، وأنه هو الصحيح بذكر منصور بن المعتمر في إسناده أولًا، ثم برواية منصور له عن =

ص: 96

وأما حديث زُبيد بن الحارث:

2158 -

فحدَّثَناه أبو علي الحافظ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن ناجِيَة، حدثنا محمد بن بَكَّار، حدثنا قيس بن الربيع، عن زُبيد بن الحارث، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم"

(1)

.

آخر كتاب فضائل القرآن

(2)

= الحكم وطلحة مقرونين، كلاهما يرويه عن عبد الرحمن بن عوسجة، والله ولي التوفيق.

وأخرج الشطر الأول منه أبو العباس السراج في "مسنده"(760)، وفي "حديثه"(51) - كلاهما برواية أبي الحسين الخفاف عنه - عن أحمد بن موسى العسكري، عن محمد بن سابق، عن إبراهيم بن طهمان، عن الحكم بن عتيبة وطلحة بن مصرف، كلاهما عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء.

وأحمد بن موسى العسكري هذا: هو البزاز، كما قيَّده أبو عوانة في حديث آخر عنه في "صحيحه"(8379)، ويقال له أيضًا: الشَّطَوى، نسبة لنوع من الثياب تُجلَب من شطا بمصر، وقد وثقه الدارقطني، وقال ابن أبي حاتم عنه: صدوق.

وأخرج الشطر الأول أيضًا الطبراني في "الأوسط"(739)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(2003) من طريق حفص بن عبد الله السَّلَمي، عن إبراهيم بن طهمان، عن منصور، عن الحكم، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء.

(1)

حديث صحيح بالطرق السابقة، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل قيس بن الربيع، وقد توبع. محمد بن بكّار: هو ابن الريّان البغدادي.

وأخرجه أبو القاسم البَغَوي في "الجعديات"(2077)، وابن الطيوري في "الطيوريات"(15)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 5/ 432 من طرق عن محمد بن بكار، بهذا الإسناد.

وأخرجه الضياء المقدسي في "المنتقى من مسموعات مرو"(883) من طريق أشعث بن عبد الرحمن بن زبيد، عن أبيه، عن جده، به. وقد أخرج ابن خزيمة (1557) قطعةً من حديث البراء المطوَّل من طريق أشعث، لكن دون ذكر قطعة تزيين الصوت بالقرآن.

(2)

في (ز): وهو آخر المجلد الأول من كتاب "المستدرك" للحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، يتلوه في الثاني أول كتاب البيوع، والحمد لله وحده، وصلواته وسلامه على سيد المرسلين وآله وصحبه أجمعين.

ص: 97

‌كتاب البيوع

2159 -

أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرَّة المكي.

وأخبرنا بكر بن محمد الصَّيرفي، حدثنا عبد الصمد بن الفضل.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وأبو بكر بن بالَوَيهِ، قالا: أخبرنا بشر بن موسى؛ قالوا: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا موسى بن عُليّ بن رَبَاح، قال: سمعت أبي يقول: سمعت عمرو بن العاص يقول: بعث إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيتُه، فأمرني أن آخذَ عليَّ ثيابي وسلاحي، ثم آتيَه. قال: ففعلتُ، ثم أتيتُه وهو يتوضأ، فصعَّد فِيَّ البصر، ثم طأطأَ، ثم قال: "يا عمرو، إني أُريد أن أبعثَك على جيش، فيُغنِمُك اللهُ ويُسلِّمُك، وأَزعَبُ لك زَعْبةً

(1)

صالحةً من المال"، قال: فقلتُ: يا رسول الله، إني لم أُسلِم رغبةً في المال، ولكني أسلمتُ رغبةً في الإسلام، وأن أكونَ مع رسول الله، فقال: "يا عمرو، نِعِمَّا بالمال الصالح للرجلِ الصالح"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، إنما خَرَّجا

(3)

في إباحة طلب

(1)

تصحف في النسخ الخطية إلى: وأرغب لك رغبة، بالراء المهملة ثم بالغين المعجمة، وإنما هي بالزاي المعجمة ثم بالعين المهملة، من: زَعَب يَزعَبُ، أي: أُعطيك دُفعةً من المال، وأصل الزَّعْب: الدفع والقَسْم. قاله ابن الأثير في "النهاية".

(2)

إسناده صحيح. أبو يحيى بن أبي مَسَرَّة: هو عبد الله بن أحمد بن أبي مَسَرَّة، وعبد الصمد بن الفضل: هو ابن موسى البَلْخي، وأبو بكر بن إسحاق: هو أحمد بن إسحاق بن أيوب الصِّبْغي، وأبو بكر بن بالَوَيهِ: هو محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ الجلّاب النَّيسابوري.

وأخرجه أحمد 29/ (17764) عن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد أيضًا (17763) و (17802)، وابن حبان (3210) و (3211) من طرق عن موسى بن عُلَيّ، به.

وسيأتي برقم (2963) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث عن موسى بن عُلَي.

(3)

البخاري (2842) و (6427)، ومسلم (1052).

ص: 98

المال حديثَ أبي سعيد الخُدْري: "من أخذه بحقِّه فنِعمَ المعونةُ هو" فقط.

2160 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرنا سليمان بن بلال.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا سليمان بن بلال.

وأخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل، حدثنا جدِّي، حدثنا إسماعيل بن أبي أُويس، حدثنا سليمان بن بلال، حدثني عبد الله بن سليمان بن أبي سَلَمة، أنه سمع معاذ بن عبد الله بن خُبيب الجُهَني يحدِّث عن أبيه، عن عمِّه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم وعليه أثرُ غُسل، وهو طيّبُ النفس، قال: فظننا أنه ألمَّ بأهله، فقلنا: يا رسول الله، نراكَ أصبحت طيِّبَ النفسِ، قال:"أجل، والحمدُ لله"، قال: ثم ذكر الغِنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا بأس بالغِنى لمن اتّقى، والصحة لمن اتّقى خيرٌ من الغنى، وطِيبُ النفسِ من النعيم"

(1)

.

هذا حديث مدنيٌّ صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، والصحابي الذي لم يُسمِّه سليمان بن بلال هو يَسارُ بن عبد الله الجُهَني

(2)

.

2161 -

أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أبو الوليد الطيالسي ويحيى بن بُكَير، قالا: حدثنا الليث بن سعد.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 38/ (23158) و (23228)، وابن ماجه (2141) من طريقين عن عبد الله بن سليمان بن أبي سلمة، بهذا الإسناد.

(2)

كذا جزم الحاكم بأنَّ اسمه يسار بن عبد الله، بينما أفاد ابن منده في "معرفة الصحابة" أنَّ اسمه عبيد، كما نقله عنه الحافظ في "النكت الظراف" 11/ 169 (15606)، وفي "تهذيب التهذيب" في ترجمة عبد الله بن خبيب، وسماهُ ابن الأثير في "أُسْد الغابة" عبيد بن معاذ بن أنس.

ص: 99

وأخبرنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي وأبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور، قالا: حدثنا عُمر

(1)

بن حفص السَّدُوسي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا الليث بن سعد، عن بُكير بن عبد الله بن الأشَجّ، عن الضحَّاك بن عبد الرحمن بن خالد بن حِزام، عن جده خالد بن حِزام: أنَّ حكيم بن حِزام أعانَ

(2)

بفرسين يوم حُنَين

(3)

فأُصيبا، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: أصيبَ فرسايَ يا رسول الله، فأعطاهُ، ثم استزادَه فزادَه، ثم استزادَه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا حكيمُ، إنَّ هذا المالَ خَضِرةٌ حُلْوةٌ، ومن سأل الناسَ أعطَوه، والسائلُ منها كالآكِلِ ولا يَشبَعُ"

(4)

.

(1)

تحرَّف في (ب) إلى: عثمان، وفي (ع) إلى: عمرو، وهو عمر بن حفص أبو بكر السَّدوسي، له ترجمة في "تاريخ بغداد" 11/ 216.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أغار، من الغارة، والمثبت على الصواب من "تلخيص المستدرك" للذهبي، ومن "إتحاف المهرة" للحافظ (4355) من المعونة، وهو الذي في مصادر تخريج الحديث عدا "تاريخ دمشق"، ونظنه تحرَّف فيها أيضًا، والله أعلم.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: خيبر، وجاء على الصواب في مصادر التخريج، وحكيم لم يسلم إلّا في فتح مكة بعد خيبر، وقد شهد حنينًا.

(4)

حديث صحيح دون ذكر الإعانة بفرسين، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الضحاك بن عبد الرحمن، فلم يرو عنه غير بكير بن الأشج، وقد تفرَّد بذكر الإعانة بالفرسين، ثم هو مرسلٌ فلم يذكر أحدٌ من أصحاب الليث في إسناده خالد بن حزام إلّا عاصم بن علي - وهو ابن عاصم الواسطي - وهو لا بأس به لكن له ما يُنكر، وخالفه أبو الوليد الطيالسي وعيسى بن حماد وغيرهما من الثقات، فرووه عن الليث فلم يذكروا خالد بن حزام، وكذلك رواه عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج.

وعلى فرض صحة ذكر خالد بن حزام في إسناده على التنزُّل، فهو منقطع أيضًا إن كان خالد المذكور هو ابنَ حزام على ظاهر ما وقع هنا، وأنه أخو حكيم بن حزام، وقد مات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قبل أخيه حكيم، فيتعذر سماع الضحاك منه، وإن كان هو خالد بن حكيم بن حزام، ونسب إلى جده، فيمكن سماع الضحاك منه، وعلى أي حالٍ فلا يثبت ذكر خالد في إسناده كما بينّا، والله أعلم.

لكن روي الحديث من وجوه أخرى صحيحة عن حكيم بن حزام، فالاعتماد عليها في تصحيح هذا الحديث. =

ص: 100

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2162 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرنا سليمان بن بلال، حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد بن سُويد، عن أبي حُميد الساعِدي، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أجمِلُوا في طلبِ الدُّنيا، فإنَّ كلًّا مُيسَّرٌ لما كُتِبَ له منها"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2163 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن الليث المروَزي، حدثنا أحمد بن عيسى، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي

= وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 6/ 52، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 165، والطبراني في "الكبير"(3112) من طريق أبي الوليد الطيالسي، والطبراني (3112) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، ومن طريق شعيب بن يحيى التُّجِيبي، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 15/ 111 من طريق عيسى بن حماد، أربعتهم عن الليث بن سعد، عن بكير، عن الضحاك، عن حكيم بن حزام، إلّا عيسى فقال: أنَّ حكيم بن حزام، فذكره.

وأخرجه الطبراني (3113) و (3114) من طريق عمرو بن الحارث، عن بكير، عن الضحاك، فأما في الموضع الأول فقال: عن حكيم، وفي الموضع الثاني فقال: أنَّ حكيم بن حزام.

وأخرجه البخاري (1472) و (2750)، ومسلم (1035) من طرق عن الزُّهْري، عن عروة بن الزُّبَير وسعيد بن المسيب، عن حكيم بن حزام. لكن دون ذكر أنَّ القصة كانت في حُنين.

وقد ورد النص بأنها كانت في حنين في رواية عبد الرزاق (16407) عن معمر، وكذا في رواية ابن وهب في "جامعه"(585 - أبو الخير) عن يونس بن يزيد، كلاهما عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيب مرسلًا.

وانظر ما سيأتي برقم (6163).

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن ماجه (2142) من طريق عُمارة بن غَزِيَّة، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، بهذا الإسناد. لكن بلفظ:"فإنَّ كُلًّا مُيسَّر لما خُلِقَ له".

وللإجمال في الطلب عدةُ أحاديث سيذكرها المصنف بعد هذا الحديث.

ص: 101

هِلال، عن محمد بن المُنكَدِر، عن جابر بن عبد الله، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَستبطِئوا الرزقَ، فإنه لم يَكُن عبدٌ لِيموتَ حتى يبلُغَ آخرَ رِزقٍ هو له، فأجمِلُوا في الطلَب؛ أَخْذِ الحلال وتَرْكِ الحرام"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه عن أبي الزُّبَير عن جابر صحيح على شرط مسلم:

2164 -

أخبرَناه أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جُرَيج، عن أبي الزُّبَير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أحدَكُم لن يموتَ حتى يَستكمِلَ رزقَه، فلا تَستبطِئوا الرزقَ، واتقُوا اللهَ أيها الناسُ، وأجمِلُوا في الطلَبِ، خُذُوا ما حَلَّ، ودَعُوا مَا حَرُمَ"

(2)

.

وأيضا شاهدٌ عن ابن مسعود، بزيادات ألفاظٍ:

2165 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، حدثنا ابن بُكير

(3)

، حدَّثني الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن سعيد بن أبي أُميّة الثقفي، عن يونس بن كَثير

(4)

، عن ابن مسعود، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الله بن الليث المروَزي، فقد روى عنه جمع من الثقات، ولا يُعرف بجرح، وقد توبع. أحمد بن عيسى: هو المصري المعروف بالتُّسْتَري.

وأخرجه ابن حبان (3239) من طريق حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (8122).

وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أبي يعلى (6583)، وإسناده حسن.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد صرَّح ابن جُرَيج وأبو الزُّبَير بسماعهما عند ابن الطيوري في "الطيوريات"(127).

وأخرجه ابن ماجه (2144) من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن جُرَيج، به.

(3)

وقع في (ب): ابن أبي بكير، بإقحام لفظة "أبي"، وإنما هو يحيى بن عبد الله بن بكير، كثيرًا ما يُنسب لجده.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: بكير، والمثبت على الصواب من رواية البيهقي في "الاعتقاد" =

ص: 102

قال: "ليس من عَمَلٍ يُقرِّب إلى الجنة إلّا قد أمرتُكم به، ولا عَمَلٍ يُقرِّب إلى النار إلّا قد نهيتُكم عنه، فلا يَستبطئنَّ أحدٌ منكم رزقَه، إنَّ جبريل عليه السلام ألقَى في رُوعِي أنَّ أحدًا منكم لن يَخرُجَ من الدنيا حتى يَستكمِلَ رزقَه، فاتقُوا اللهَ أيها الناسُ وأَجمِلُوا في الطَّلَبِ، فإن استبطأَ أحدٌ منكم رزقَه فلا يطلُبْه بمعصيةٍ، فإنَّ الله لا يُنالُ فضلُه بمعصيةٍ"

(1)

.

= ص 173 إذ روى هذا الحديث عن الحاكم، وجاء على الصواب أيضًا في "إتحاف المهرة" 11/ (14008).

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة كلٍّ من يونس بن كثير وسعيد بن أبي أمية الثقفي، لكنهما متابَعان، وليس هذا الثاني بسعيد بن أبي أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص الذي ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، كما ظنه بعض المعاصرين، فذاك أُمويّ، وصاحب يونس بن كثير ثقفيّ، وجاء في "تاريخ البخاري" تسميته بسعيد بن أمية الثقفي، دون لفظة "أبي"، وعلى أي حالٍ فكلاهما مجهولٌ الأموي والثقفي.

وقد روي الحديث عن ابن مسعود من وجه آخر لكنه منقطع كما سيأتي، إلّا أن له شواهد يتقوّى بها إن شاء الله تعالى.

وأخرجه البيهقي في "الاعتقاد" ص 173، وفي "القضاء والقدر"(235) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 227، وإسحاق بن راهويه كما في "المطالب العالية"(927)، وهناد في "الزهد"(494)، وابن مردويه في "ثلاثة مجالس من أماليه"(24)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(9891)، والبغوي في "شرح السنة"(4111) و (4113) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الملك بن عمير وزبيد بن الحارث اليامي - وبعضهم يقتصر على أحدهما - كلاهما عن ابن مسعود. ولفظ ابن أبي شيبة: عن عبد الملك بن عمير، قال: أُخبرتُ أنَّ ابن مسعود قال.

وقال الحافظ ابن حجر في "المطالب": فيه انقطاع. وهو كما قال، لأنهما لم يدركا ابن مسعود.

وقد وصله من هذا الطريق أبو عمر هبيرة بن محمد التمار في روايته عن هُشَيم عن إسماعيل بن أبي خالد، فقال: عن زبيد الإيامي، عن مُرّة - وهو ابن شراحيل الهمْداني - عن ابن مسعود.

أخرجه من طريقه الدارقطني في "العلل" 5/ 274 (875)، وذكر أنَّ المنقطع أصحُّ.

ويشهد للحديث بطوله بنحو لفظه مرسَلُ المطَّلب بن عبد الله بن حَنْطَب عند الشافعي في "الأم" =

ص: 103

2166 -

حدثنا أبو زكريا العَنْبَري وعلي بن عيسى وأبو بكر بن جعفر، قالوا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ، حدثنا المُعتمِر بن سليمان، عن أبيه، عن حَنَش بن قيس الرَّحَبي، عن عِكْرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُغبَطنَّ جامعُ المالِ من غير حِلِّه - أو قال: من غير حقِّه - فإنه إن تَصدَّق لم يُقبَلْ منه، وما بقي كان زادَه إلى النار"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2167 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا بِشْر بن موسى الأسدي، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، قال: سمعتُه من عاصم ومن عبد الملك بن أعْيَنَ ومن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائلٍ، عن قيس بن أبي غَرَزةَ، قال: كنا قومًا نُسمَّى السماسرةَ،

= 9/ 70، وهو مرسل قويُّ الإسناد.

ويشهد لأوله دون قصة الرزق حديث أبي ذر عند الطبراني (1647)، ورجاله ثقات.

ويشهد لشطره الثاني في مسألة الرزق والإجمال في طلبه حديثُ جابر بن عبد الله وحديث أبي حميد السابقين.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل حَنَش بن قيس الرحبي - واسمه حُسين، وحنش لقبه - فهو متروك الحديث، ولهذا تعقَّب المنذري تصحيح الحاكم بقوله: كيف وحنش متروك؟!

وأخرجه أبو العباس السرَّاج في "حديثه"(2612)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5138) من طريق علي بن عاصم الواسطي، عن أبي علي حنش الرحبي، به.

وأخرجه ابن حبان في "المجروحين" 1/ 242 من طريق حصين بن نمير، عن حنش، لكنه قال: عن عطاء عن ابن عمر!

وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من تصدق بعَدل تمرةٍ من كسب طيّب، ولا يقبل اللهُ إلّا الطيّب، وإنَّ الله يتقبلها بيمينه، ثم يربّيها لصاحبه كما يربّي أحدكم فَلُوَّه حتى تكون مثل الجبل"، أخرجه البخاري (1410) ومسلم (1014) من حديث أبي هريرة، واللفظ للبخاري.

وقال صلى الله عليه وسلم: "من جمع مالًا حرامًا ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر، وكان إصرُه عليه"، وقد سلف عند المصنف برقم (1456) من حديث أبي هريرة أيضًا، وإسناده حسن في المتابعات والشواهد. وانظر تمام شواهده هناك.

ص: 104

وكنا نَبيع بالبَقيع

(1)

، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمَّانا بأحسنَ من اسمِنا، فقال:"يا معشرَ التجار، إنَّ هذا البيعَ يحضُرُه الكذبُ واليمينُ فشُوبُوهُ بالصدقةِ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه؛ لِما قدَّمتُ ذِكرَه من تفرُّد أبي وائل بالرواية عن قيس بن أبي غَرَزَة

(3)

، وهكذا رواه منصورُ بن المعتمِر والمغيرةُ بن

(1)

وقع في (ز): بالنقيع، بالنون، معلَّمًا فوقها بعلامة تصحيح، ولم يظهر إعجامها في (ص). وفي (ب) و (ع): البقيع، بالباء الموحدة، وهو الذي جاء في سائر مصادر تخريج الحديث، وهو الصحيح، والبقيع الذي كان السوق فيه هو بقيع الخيل، ويسمى أيضًا بقيعَ المصلَّى، وقد ضبطه أبو الحسن السَّمْهودي في "وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى" 2/ 261 - 262، وفرَّق بينه وبين النقيع الذي بالنون، لأنَّ هذا الذي بالنون الحِمى الذي حَمَاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لإبل الفَيء والصدقة، وخطَّأ النوويَّ في تسميته بقيعَ الغرقد أيضًا، لكن ذلك ليس خطأً، كما سيأتي بيانه عند الحديث (2316).

(2)

إسناده صحيح من جهة جامع بن أبي راشد، حسن من جهة صاحبيه الآخرين عبد الملك بن أعين وعاصم: وهو أبي النَّجود المعروف بابن بهدلة. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.

وأخرجه أحمد 26/ (16134)، وأبو داود (3327)، والنسائي (4720) و (4721) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. ولم يذكر أحمد في روايته عبد الملك بن أعين، واقتصر النسائي في الموضع الأول عليه.

وأخرجه الترمذي (1208) من طريق أبي بكر بن عياش، عن عاصم وحده، به. وقال: حسن صحيح.

وأخرجه أحمد (16135)، وأبو داود (3326)، وابن ماجه (2145)، والترمذي (1208 م) من طريق الأعمش، عن أبي وائل، به.

وانظر ما بعده.

السماسرة: جمع سِمْسَار، وهو القيّم بالأمر الحافظ له، وهو في البيع اسمٌ للذي يدخُل بين البائع والمشتري متوسِّطًا لإمضاء البيع، والسمسرة: البيع والشراء.

وقوله: فشوبوه، أي: اخلطوه، وإنما أمرهم بالصدقة لما يجري بينهم من الكذب والربا والزيادة والنقصان في القول، لتكون كفارةً لذلك.

(3)

انظر الكلام على هذه المسألة عند الحديث المتقدم برقم (97).

ص: 105

مِقْسَم وحَبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل.

أما حديث منصورٍ:

2168 -

فأخبرَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا أبو حُذيفة ومحمد بن كثير، قالا: حدثنا سفيان الثَّوْري، عن منصور.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق وأبو محمد بن موسى، قالا: أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا يحيى بن المغيرة السَّعْدي، حدثنا جَرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن قيس بن أبي غَرَزَة الغِفاري، قال: كنا بالمدينة، فنبيعُ الأوساقَ ونبتاعُها، وكنا نسمي أنفسَنا السماسرةَ ويُسمِّينا الناسُ، فخرج علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يوم، فسمَّانا باسمٍ هو خَيرٌ مِن الذي سمَّينا أنفسَنا وسمّانا الناسُ، فقال:"يا مَعشَرَ التجار، إنه يشهدُ بيعكم اللغوُ والحَلِفُ، فَشُوبُوه بصدقةٍ"

(1)

.

وأما حديث المغيرة:

2169 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مَرْزُوق، حدثنا أبو داود الطَّيالِسي.

وأخبرنا أبو عمرو بن السَّمّاك، حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي، حدثنا وهب بن جَرير.

وأخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذَان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس.

(1)

إسناده صحيح. أحمد بن محمد بن عيسى: هو القاضي البِرْتي، وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النَّهدي، ومحمد بن كثير: هو العَبْدي، وأبو بكر بن إسحاق: هو أحمد بن إسحاق بن أيوب الصِّبغي، وأبو محمد بن موسى: هو عبد الله بن محمد بن موسى الكَعْبي، ومحمد بن أيوب: هو ابن الضُّريس الرازي، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.

وأخرجه النسائي (4723) و (6012) من طريقين عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.

ص: 106

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشاذَ، قالا: أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا مسلم بن إبراهيم؛ قالوا: حدثنا شعبة، عن مغيرة، عن أبي وائل، عن قيس بن أبي غَرَزَة، قال: أتانا النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى السوق، فقال:"يا مَعشَرَ التجار، إنَّ هذا السوقَ يخالِطُها حَلِفٌ، فشُوبُوها بصدقةٍ"

(1)

.

وأما حديث حَبيب بن أبي ثابت:

2170 -

فأخبرَناه أبو عبد الله الصفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى، حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت.

وأخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحُسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا علي بن الجَعْد، حدثنا شعبة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن حَبيب بن أبي ثابت، عن أبي وائل، عن قيس بن أبي غَرَزَة، قال: جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نبيع الرَّقيقَ بالمدينة، وكنا نُسمَّى السماسرةَ، فسمّانا بأحسنَ مما سمَّينا به أنفسَنا، فقال:"يا معشرَ التجار، إنَّ هذا البيعَ يحضُرُه اللغوُ والأيمانُ، فشُوبُوه بالصدقة"

(2)

، هذا لفظ حديث الثَّوْري.

(1)

إسناده صحيح. إبراهيم بن الحسين: هو ابن علي، المعروف بابن دِيْزِيل.

وأخرجه أحمد 26/ (16136)، والنسائي (4722) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح. أبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النَّهدي، وسفيان: هو الثَّوري، وأبو المثنى: هو معاذ بن المثنّى، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. =

ص: 107

2171 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا كَثير بن هشام، حدثنا كُلْثوم بن جَوشَنٍ القُشَيري، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التاجرُ الصَّدوق، والأمينُ المُسلِم، مع الشهداء يومَ القيامة"

(1)

.

كُلْثومٌ هذا بصريٌّ قليل الحديث، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ في مَرَاسيل الحسن:

2172 -

أخبرَناه علي بن محمد بن عُقبة الشَّيباني، حدثنا إبراهيم بن إسحاق

= وأخرجه أحمد 26/ (16137) عن بَهْز بن أسد، عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (16138) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثَّوري، به.

(1)

إسناده جيد كما قال الذهبي في "الميزان" في ترجمة كلثوم بن جوشن، فقد وثَّق كلثومًا هذا البخاريُّ وابنُ معين، وضعَّفه أبو حاتم، وقال أبو داود: منكر الحديث، واضطرب فيه قول ابن حبان، فأورده في "الثقات"، وأيضًا في "المجروحين" وأورد له هذا الحديث الواحد، وحُكم الذهبيِّ الذي قدّمناه كان ردًّا عليه في تضعيفه هذا الحديث، فمثل هذا الرجل حقُّه أن يكون جيد الحديث كما انتهى إليه الذهبي، والله أعلم. أيوب: هو ابن أبي تَميمة السَّختياني.

وأخرجه ابن ماجه (2139) عن أحمد بن سنان، عن كثير بن هشام، بهذا الإسناد. لكن بلفظ: "التاجر الأمين الصدوق المسلم

".

قال الذهبي: هذا الحديث صحيح المعنى، ولا يلزم من المعية أن يكون في درجتهم، ومنه قوله تعالى:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} الآية. قلنا: ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب" جوابًا لمن سأله فقال: يا رسول الله، كيف تقول في رجل أحب قومًا ولم يلحق بهم؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. أخرجه البخاري (6169)، ومسلم (2640) من حديث عبد الله بن مسعود، والبخاري (6170)، ومسلم (2641) من حديث أبي موسى الأشعري.

وقد ورد مثل ذلك أيضًا في حديث عمرو بن مرة الجهني عند ابن خزيمة (2212) وابن حبان (3438) وغيرهما: أنَّ رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمتُ رمضان، وقمتُه، فممّن أنا؟ قال:"من الصدِّيقين والشهداء".

ص: 108

الزُّهْري، حدثنا يَعلى بن عُبيد، حدثنا سفيان، عن أبي حمزة، عن الحسن، عن أبي سعيد الخُدْري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"التاجرُ الصَّدوق الأمينُ مع النبيين والصِّدِّيقين والشهداء"

(1)

.

2173 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن شاذان الجَوهري، حدثنا مُعلَّى بن منصور، أخبرنا إسماعيل بن زكريا، أن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم حدَّثهم عن إسماعيل بن عُبيد بن رِفاعة بن رافع الزُّرقي، عن أبيه، عن جده: أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلَّى بالمدينة، فوجد الناسَ يَتبايعُون، فقال:"يا معشرَ التُّجار". فاستجابوا له، ورفعوا أبصارَهم وأعناقَهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"إنَّ التُّجارَ يُبْعَثُون يوم القيامة فجّارًا، إلَّا مَن اتَّقى وبَرَّ وصَدَقَ"

(2)

.

(1)

حسن بما قبله، وهذا إسناد رجاله ثقات غير أنَّ الحسن - وهو البصري - لم يسمع من أبي سعيد الخُدْري فيما نصَّ عليه بهز بن أسد وابن المديني وابن معين وأشار إليه الحاكم هنا.

سفيان: هو الثَّوري، وأبو حمزة: هو عبد الله بن جابر البصري.

وأخرجه الترمذي (1209) من طريقين عن سفيان الثَّوري، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن.

(2)

حسن لغيره، إسماعيل بن عبيد بن رفاعة وإن لم يرو عنه غير عبد الله بن عثمان بن خُثيم صحَّح حديثَه هذا الترمذيُّ والطبريُّ في "تهذيب الآثار" في مسند علي ص 47، وصححه كذلك ابنُ حبان، ويشهد له حديث عبد الرحمن بن شبل الآتي بعده.

وأخرجه ابن ماجه (2146)، والترمذي (1210)، وابن حبان (4910) من طرق عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، بهذا الإسناد.

وقد ورد عند البيهقي في "الشعب"(4507) من حديث البراء بن عازب كلفظ حديث رفاعة هذا، ولكنه معلول بعلتين: أولاهما: أنَّ المحفوظ في لفظه أنه كلفظ حديث قيس بن أبي غَرَزة الذي تقدم عند الحاكم بالأرقام (2167 - 2170)، فقد أخرجه كذلك ابن أبي شيبة 7/ 21، والترمذي في "العلل الكبير"(309)، والروياني في "مسنده"(420)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2082)، وتمام الرازي في "فوائده"(1164) من طُرق عن عبد الله بن بكر، عن حاتم بن أبي صغيرة، عن عمرو بن دينار، عن البراء بن عازب، وعند بعضهم: أنَّ البراء بن عازب قال. وهذا يشير إلى العلة الثانية، وهي أنَّ عمرو بن دينار لم يسمع من البراء، كما نصَّ عليه ابنُ معين والبخاريُّ. وعليه فلم يُصب =

ص: 109

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2174 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد السَّمّاك ببغداد، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو راشد الحُبْراني، أنه سمع عبد الرحمن بن شِبْلٍ يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ التجار هم الفُجّار"، قالوا: يا رسول الله، أليس قد أحلَّ اللهُ البيعَ؟! قال:"بلى، ولكنهم يَحلِفونَ فيأثَمُون، ويحدِّثُون فيَكذِبُونَ"

(1)

.

= الشيخ ناصر الألباني رحمه الله في تجويد إسناده في "الصحيحة" 3/ 441 (1458).

(1)

حديث صحيح، رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، فهو حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وقد توبع. وقد اختُلف في إسناد هذا الحديث على يحيى بن أبي كثير، فقد رواه هشام - وهو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي - عنه عن أبي راشد الحُبْراني، مُصرِّحًا بسماع يحيى من أبي راشد، كما وقع هنا، وكما عند الطبري في "تهذيب الآثار" في مسند علي ص 48 و 50 من غير طريقٍ عن هشام الدَّستُوائي.

وخالفه أبان بن يزيد العطَّار وعلي بن المبارك - وهما ثقتان - فروياه عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلّام عن جده أبي سلّام عن أبي راشد الحُبْراني، فزاد في الإسناد رجلين زيد بن سلّام وجدَّه كما سيأتي بيانه في الطريق التالية، وزيد وجده ثقتان.

ووافق أبانَ وعليًّا معمرُ بن راشد، غير أنه أسقط من إسناده أبا راشد الحُبْراني.

وقد صحَّح أبو حاتم الرازي رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد، وكذا رواية يحيى عن زيد بن سلّام عن جده عن أبي راشد كما نقله عنه ابنه في "العلل"(1674).

وأما البيهقي فرجَّح في "الآداب"(960) رواية هشام، بقوله: هشام أحفظ.

قلنا: وأما معمرٌ فوهمَ في إسقاطه أبا راشد الحُبْراني من إسناده، لما سيأتي بيانه، والله أعلم.

وأخرجه البيهقي في "الآداب"(960)، وفي "شعب الإيمان"(4505) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" في مسند علي ص 48 و 50 من طريق معاذ بن هشام ومن طريق محمد بن أبي عدي، وأحمد بن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (2755/ 2) و (2755/ 5)، والطبري في "تهذيب الآثار" ص 50 من طريق إسماعيل ابن عُليَّة، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2077)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق"(122) من =

ص: 110

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد ذكر هشامُ بن أبي عبد الله سماعَ يحيى بن أبي كثير من أبي راشد، وهشام ثقة مأمون، وأدخل أبانُ بن يزيدَ العَطّار بينهما زيد بن سَلّام.

2175 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ العَدْلُ، حدثنا محمد بن عيسى بن السَّكَن الواسطي، حدثنا عفّان بن مسلم، حدثنا أبان بن يزيدَ العَطّار، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سَلَّام، عن أبي راشد الحُبْراني، عن عبد الرحمن بن شِبْل، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "التُّجّارُ هم الفُجّار، التُّجّارُ هم الفُجّار، التُّجّارُ هم الفُجَّار"، قالوا: يا رسول الله، أليس قد أحلَّ الله البيع؟! قال:"بلى، ولكنهم يقولون ويَكذِبُون، ويَحلِفُون فيَأثَمُون"

(1)

.

= طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، أربعتهم عن هشام الدستوائي، به.

وأخرجه أحمد 24/ (15666/ 1)، وعبد بن حميد (314) عن عبد الرزاق، وابن المنذر في "الأوسط"(8253)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(800) من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن معمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلّام، عن جده أبي سلّام، عن عبد الرحمن بن شبل. فأسقط من إسناده أبا راشد الحُبْراني.

وأخرجه الطبري ص 50 من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن معمر، عن يحيى، عن زيد بن سلّام، عن عبد الرحمن بن شبل. فأسقط من إسناده أبا راشد الحبراني وأبا سلّام.

وكلا الروايتين عن معمر وهمٌ، إذ الصحيح في رواية يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلّام ذكرُ جده أبي سلّام وذكرُ أبي راشد كما سيأتي بيانه في الطريق التالية.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه على يحيى بن أبي كثير كما بيناه عند الطريق السابقة، وقد وقع في إسناد الحاكم هنا وهمٌ، حيث سقط من إسناده ذكرُ أبي سلّام ممطور بين زيد بن سلام وأبي راشد الحُبْراني، فالصحيح في رواية يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلّام أنها عن جده أبي سلّام عن أبي راشد، وهذا الوهم ممَّن دون عفان بن مسلم فيما يغلب على ظننا.

فقد أخرجه أحمد 24/ (15669)، وأبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"(2755/ 5)، وأخرجه أيضًا البيهقي في "الشعب"(4504) من طريق محمد بن العباس المؤدب، وهو في "جزء عفان بن مسلم برواية محمد بن عبد الله الخلال" ضمن مجموع "أحاديث الشيوخ =

ص: 111

2176 -

أخبرنا الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا وهب بن جَرير بن حازم.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وأبو بكر بن جعفر القَطِيعي؛ قال أبو بكر بن إسحاق: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال: سمعت يونس بن عُبيد يحدِّث عن الحسن، عن عمرو بن تَغْلِبَ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِن أشراطِ الساعة أن يَفيضَ المالُ، ويَكثُرَ الجهلُ، وتَظهَرَ الفِتَنُ، وتَفْشُوَ التجارةُ"

(1)

.

= الكبار" (171)، أربعتهم (أحمد وابن أبي شيبة ومحمد بن العباس والخلّال) عن عفان بن مسلم، عن أبان بن يزيد، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلّام، عن جده أبي سلّام، عن أبي راشد الحُبْراني، عن عبد الرحمن بن شبل.

وعليه فما وقع عند ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 175 عن محمد بن العباس المؤدب عن عفان بإسقاط أبي سلّام وهم أيضًا، وقد كان لابن قانع أوهام، بينما إسناد البيهقي إلى محمد بن العباس في غاية الضبط والثقة.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2078)، والطبراني 19/ (711) من طريق موسى بن إسماعيل، عن أبان بن يزيد، به. بذكر أبي سلّام في إسناده.

وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" ص 50، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 266، وفي "شعب الإيمان"(4503) من طريق علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، به. بذكر أبي سلام في إسناده كذلك.

(1)

إسناده صحيح. الحسن: هو ابن أبي الحسن البصري.

وهو في "مسند أحمد" 39/ (24009/ 78)، لكن بلفظ:"ويظهر القلم" بدل الفتن، ودون ذكر كثرة الجهل.

وأخرجه النسائي (6005) عن عمرو بن علي الفلّاس، عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد. كلفظ رواية أحمد. والذي في مطبوع النسائي:"ويظهر الجهل" مع أنَّ الذي في أصله الخطي: "ويظهر القلم"، وهو الصحيح الموافق لرواية أحمد، فلا مَعدِل عنه، ولا وجه للقول بأنه تحريف كما ادعى المعلِّق على "سنن النسائي الكبرى".

وقد فسَّر عمرو بن تغلب صحابي الحديث ظهور القلم بقوله: فإن كان الرجل ليبيع البيع فيقول: =

ص: 112

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وإسناده على شرطهما صحيح، إلّا أنَّ عمرو بن تَغْلِب ليس له راوٍ غير الحسن

(1)

.

2177 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ وإبراهيم بن عِصْمة العَدْل، قالا: حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود، حدثنا زُهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن محمد بن جُبير بن مُطعِم، عن أبيه: أنَّ رجلًا أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أيُّ البلدان شَرٌّ؟ فقال:"لا أدري"، فلما أتاه جبريل عليه السلام، فقال:"يا جبريل، أيُّ البلدان شَرٌّ؟ قال: لا أدري حتى أسألَ ربي، فانطَلَقَ جبريلُ، فمَكُثَ ما شاء الله أن يمكُث، ثم جاء، فقال: يا محمد، إنك سألتَني: أيُّ البلدان شَرٌّ؟ وإني قلتُ: لا أدري، وإني سألتُ ربي، فقلت: أيُّ البلدان شَرٌّ؟ فقال: أسواقُها"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد رواه قيس بن الربيع وعمرو بن ثابت بن أبي المِقْدام عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل

(3)

.

= حتى أستأمر تاجر بني فلان، ويُلتمس في الحي العظيم الكاتب ولا يُوجد.

وقال عز الدين بن الأثير في "أسد الغابة" في ترجمة عمرو بن تغلب: يعني: يكثر الذين يكتبون، فإنَّ الكتابة كانت قليلة في العرب.

(1)

قد ذكرنا فيما سلف عند الحديث (97) أنَّ هذه الدعوى من الحاكم غير مسلَّمة في شرط الصحيح، على أنَّ البخاري قد أخرج حديثًا آخر للحسن عن عمرو بن تغلب في أشراط الساعة أيضًا برقم (2927)، فتأكد بطلان تلك الدعوى، والله ولي التوفيق.

(2)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل، كما تقدم برقم (307).

(3)

أخرجه من طريق قيس الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" للهيثمي (420)، والطبراني في "الكبير"(1545). وأما طريق عمرو بن ثابت فقد تقدَّمت عند المصنف برقم (308).

ص: 113

وله شاهد صحيح:

2178 -

حدَّثَناه عبد الله بن محمد بن موسى العَدْل، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا علي بن الحسن الهِسنْجاني ويحيى بن المغيرة السَّعْدي، قالا: حدثنا جَرير، عن عطاء بن السائب، عن مُحارِب بن دِثَار، عن عبد الله بن عمر، قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أيُّ البقاع خَيرٌ؟ فقال:"لا أدري"، قال: فأيُّ البقاع شَرٌّ؟ قال: "لا أدري"، فأتاه جبريلُ

(1)

، فقال:"سَلْ ربَّك، فقال جبريل: ما نسألُه عن شيء" قال: فانتفَضَ انتفاضةً كاد أن يُصعَقَ منهما محمدٌ صلى الله عليه وسلم، فلما صَعِدَ جبريلُ قال الله:"سألك محمدٌ: أيُّ البقاع خيرٌ؟ فقلتَ: لا أدري، وسألك: أيُّ البقاع شَرٌّ؟ فقلتَ: لا أدري، قال: فقال: نعم، قال: فحَدِّثْه أَنَّ خير البِقاعِ المساجدُ، وأنَّ شَرَّ البِقاعِ الأَسواقُ"

(2)

.

2179 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يزيد بن زُريع، حدثنا خالدٌ الحذّاء، عن أبي مَعْشَر، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لِيَليَنِّي منكم أُولُو الأحلام والنُّهى، ثم الذين يَلُونهم، ثم الذين يَلُونهم، ولا تختَلِفُوا فتختلفَ قلوبُكم، وإياكُم وهَيْشاتِ الأسواق"

(3)

.

(1)

قوله: فأتاه جبريل، أثبتناه من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وسقط من نسخنا الخطية، وقد جاء على حاشية (ز) ما نصّه: في حاشية الأصل: لعله سقط منه: فلما نزل جبريل سأله، فقال: لا أدري.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن عطاء بن السائب اختلط بأخرة، وسماع جرير - وهو ابن عبد الحميد - منه بعد اختلاطه، وقد تقدم برقم (310).

(3)

إسناده صحيح. خالد الحذّاء: هو ابن مهران، وأبو معشر: هو زياد بن كليب، وإبراهيم: هو ابن يزيد النَّخَعي، وعلقمة: هو ابن قيس النَّخَعي.

وأخرجه أبو داود (675) عن مُسدَّد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (432)، والترمذي (228)، وابن حبان (2180) من طرق عن يزيد بن زُريع، به. =

ص: 114

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجه البخاري.

2180 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوّام بن حَوشَب، عن إبراهيم السَّكْسَكِي، عن ابن أبي أَوفى: أنَّ رجلًا أقامَ سلعةً له، فحلَفَ بالله لقد أُعطيَ بها ما لم يُعْطَ بها، فنزلت هذه الآية:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الآية [آل عمران: 77]

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه

(2)

، إنما اتفقا على حديث عمرو بن دينار والأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: رجل حَلَفَ على سِلْعةٍ له، الحديث

(3)

،

= وانظر لأوله حديث أبي مسعود البدري السالف برقم (891).

هيشات الأسواق: اختلاطها وما يُوكَسُ فيها الإنسان ويُغبَن، وأن يُحتال عليه فيُسرَق.

(1)

إسناده حسن من أجل إبراهيم السَّكْسَكي - وهو ابن عبد الرحمن - وقد أخرج له البخاري هذا الحديث الواحد، وقال ابن عدي: لم أجد له حديثًا منكر المتن.

وأخرجه البخاري (2675) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. بلفظ:"أعطَى بها ما لم يُعطَها".

وأخرجه أيضًا (2088) و (4551) من طريق هُشَيم بن بشير، عن العوّام بن حوشب، به.

وزاد: ليُوقع فيها رجلًا من المسلمين.

قوله: أُعطي بها ما لم يُعطَ بها، ضبط بضم الهمزة وكسر الطاء في "أُعطي"، وضم الياء وفتح الطاء في "يعط"، والمعنى: دُفِعَ له فيها من قِبل المُستامين ما لم يكن أحدٌ دفعه.

وضبط أيضًا بفتح الهمزة والطاء في الأول، وضم الياء وكسر الطاء في الثاني، بمعنى: دَفَعَ بها من ماله ما لم يكن دفعه على الحقيقة. أفاده القسطلّاني في "إرشاد الساري" 4/ 30 عند شرح الحديث (2088).

ولا يمنع من ضبطه بضم الهمزة وكسر الطاء في الأول، مع ضم الياء وكسر الطاء في الثاني، ويكون له معنيان: أحدهما: أنه دُفع له فيها من قبل المستامين ما لم يدفعه هذا المستام الأخير، والثاني: أنه دُفع له من قبل المستامين ما أَبَى أن يدفع السلعة به. وكل هذه صور تقع من التجار، ويُحمل الحديث عليها جميعًا.

(2)

بل قد أخرجه البخاري كما قدَّمنا!

(3)

أخرجه البخاري (2369)، ومسلم (108)، ولفظه عند مسلم:"حلف له بالله لَأَخذها بكذا وكذا، فصدّقه وهو على غير ذلك".

ص: 115

وهذا غير ذاك بزيادة نزول الآية وغيرها.

2181 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنان القزّاز، حدثنا وهب بن جَرير، حدثنا أبي، قال: سمعت يحيى بن أيوب يحدِّث عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن شُمَاسة، عن عُقْبة بن عامر الجُهَني، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المسلمُ أخو المسلمِ، ولا يَحِلُّ لمسلمٍ إن باع من أخيه بيعًا فيه عَيبٌ أن لا يُبيِّنَه له"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2182 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشاذَ العَدْل، قالا: أخبرنا بشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، حدثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: مَرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم برجلٍ يبيع طعامًا، فأعجبه، فأدخل يدَه فيه، فإذا هو بطعامٍ مَبْلُولٍ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ليس مِنّا مَن غَشَّنا"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه هكذا

(3)

، وقد رواه محمد وإسماعيل ابنا جعفر بن أبي كثير عن العلاء.

(1)

إسناده حسن كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 7/ 50، يحيى بن أيوب - وهو الغافقي - صدوق حسن الحديث، ومحمد بن سنان القزاز حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وقد توبع.

جرير: هو ابن حازم.

وأخرجه ابن ماجه (2246) عن محمد بن بشار، عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 28/ (17451) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به.

(2)

إسناده صحيح. الحُميدي: هو عبد الله بن الزُّبَير المكي، وسفيان: هو ابن عيينة، وعبد الرحمن: هو ابن يعقوب مولى الحُرَقة.

وأخرجه أحمد 12/ (7292)، وأبو داود (3452)، وابن ماجه (2224) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. بلفظ:"ليس منا من غَشَّ".

وانظر تالييه.

(3)

بل قد أخرجه مسلم (102) من طريق إسماعيل بن جعفر الآتية برقم (2184)!

ص: 116

أما حديث محمد بن جعفر:

2183 -

فأخبرَناه أبو النضر الفقيه وأبو الحسن العَنَزي

(1)

، قالا: حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا محمد بن جعفر، أخبرني العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى السُّوق، فرأى حِنطةً مُصَبَّرة، فأدخل يدَه فيها، فوَجَدَ بَلَلًا، فقال:"ألا مَن غشَّنا فليس مِنّا"

(2)

.

وأما حديث إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير:

2184 -

فأخبرَناه دَعْلَج بن أحمد السِّجْزي، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا يحيى بن أيوب.

وحدثنا أبو الفضل بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم بن محمد بن يزيد، حدثنا علي بن حُجر؛ قالا: حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ على صُبْرةٍ من طعام، فأدخل يدَه فيه، فنالتْ أصابعُه بَلَلًا، فقال:"ما هذا يا صاحبَ الطعام!؟ " فقال: أصابتْه السماءُ يا رسول الله، قال:"أفلا جعلتَه فوقَ الطعامِ حتى يَراهُ الناسُ"، ثم قال:"مَن غشَّ فليس مِنّي"

(3)

.

(1)

تصحف في (ز) و (ب) إلى: العنبري، وإنما هو العَنَزي كما في (ص) و (ع)، وهو أحمد بن محمد بن عَبْدُوس، له ترجمة في "سير أعلام النبلاء" 15/ 519.

(2)

إسناده صحيح كسابقه.

وقوله: "مُصبَّرة" أي: مُكدَّسَة.

(3)

إسناده صحيح. موسى بن هارون: هو ابن عبد الله الحمّال، ويحيى بن أيوب: هو المَقابري، وأبو الفضل بن إبراهيم: هو محمد بن إبراهيم بن الفضل المزكّي النيسابوري، وإبراهيم بن محمد بن يزيد: هو إبراهيم بن محمد بن خالد بن يزيد المروَزي.

وأخرجه مسلم (102)، والترمذي (1315) عن علي بن حُجر، ومسلم (102) عن يحيى بن أيوب المقابري، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (102) عن قتيبة بن سعيد، وابن حبان (1905) من طريق موسى بن إسماعيل، كلاهما عن إسماعيل بن جعفر، به. =

ص: 117

وقد أخرج مسلم حديث سُهيل عن أبيه عن أبي هريرة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن غَشّنا فليس مِنّا"

(1)

. وأما شرحُ الحالِ في هذه الأحاديث فلم يخرجاه

(2)

، وكلُّها صحيحة على شرط مسلم.

2185 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا أبو الجَوّاب الأحوص بن جَوّاب، حدثنا عمار بن رُزَيق، حدثنا عبد الله بن عيسى، عن عُمير بن سعيد، عن عمِّه، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع، فرأى طعامًا يباع في غَرائر، فأدخل يده، فأخرج شيئًا كَرِهَه، فقال:"مَن غشّنا فليس مِنّا"

(3)

.

= وصُبْرة الطعام، بضم الصاد المهملة وسكون الباء: ما جُمع من الطعام بلا كيل ولا وزن، بعضه فوق بعض.

(1)

أخرجه مسلم (101) من طريقين عن سهيل - وهو ابن أبي صالح السمّان - به.

(2)

بل قد أخرجه مسلم كما قدَّمنا من طريق إسماعيل بن جعفر عن العلاء.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد جيدٌ إن شاء الله، وقد اختُلف في اسم التابعي المذكور، فسماه عمار بن رُزَيق عن عبد الله بن عيسى - وهو ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى -: عمير بن سعيد، وخالف عمارًا شريكُ بن عبد الله النخعي كما سيأتي تخريجه، فرواه عن عبد الله بن عيسي، فسماه: جميع بن عمير، وقال: عن خاله، وخالفهما قيس بن الربيع كما قال الدارقطني في "العلل" 6/ 24 (954)، فرواه عن عبد الله بن عيسى، فسماه سعيد بن عمير. ونظن أنَّ هذا الأخير هو الصحيح في اسمه، وأنه هو نفسه الذي يروي عنه وائل بن داود حديث "أفضل الكسب" الآتي عند المصنف، فقد رواه سفيان الثَّوري عن وائل بن داود برقم (2188)، فسماه سعيد بن عمير، فوافق قيس بن الربيع، وأخطأ شريك النخعي مرة أخرى فرواه عن وائل بن داود برقم (2187) فسماه جميع بن عمير، وقال: عن خاله.

ونظن أيضًا أنه نفسه الذي يروي عنه سعيد بن سعيد أبو الصبَّاح التغلبي حديث فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه النسائي في "الكبرى"(9809) و (9810)، فقد سماه سعيد بن عمير، وقُيّد في بعض الروايات بسعيد بن عمير بن عقبة بن نِيار. وعليه يدل صنيع البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 502 حيث أورد في ترجمة سعيد بن عمير حديث فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الذي قُيّد فيه بأنه ابنُ عقبة بن نيار، وحديث أطيب الكسب.

فخلصنا بذلك إلى أنَّ الصحيح اسم التابعي سعيد بن عمير، وأنَّ شريكًا كان يخطئ في اسمه =

ص: 118

هذا حديث صحيح، وعَمُّ عمير بن سعيد: هو الحارث بن سويد النَّخَعي

(1)

.

2186 -

حدثنا أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالرَّيّ، حدثنا محمد بن الفَرَج الأزرق، حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن يزيد بن أبي مالك، حدثنا أبو سِبَاع، قال: اشتريتُ ناقةً من دار واثِلةَ بن الأسْقَع، فلما خرجتُ بها أدركَني واثلةُ وهو يجُرُّ إزاره، فقال: يا عبدَ الله، اشتريتَ؟ قلتُ: نعم، قال: بُيِّنَ لك ما فيها؟ قلت: وما فيها؟ إنها لَسَمينةٌ ظاهرةُ الصِّحّة؟ قال: أردتَ بها سفرًا أو أردتَ بها لحمًا؟ قلت: أردتُ بها الحجَّ، قال: فارتجِعْها، فقال صاحبُها: ما أردتَ إلّا هذا أصلحك الله؟ تُفسِدُ عَليَّ، قال: إني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يَحِلُّ لأحدٍ يبيعُ شيئًا إلّا بيَّن ما فيه، ولا يَحِلُّ لمن عَلِمَ ذلك إلّا بَيَّنَه"

(2)

.

= دائمًا، وأنَّ عمار بن رُزيق قلب اسمه، وإذا ثبت ذلك فسعيد بن عمير هذا هو ابن عقبة بن نِيار، وعمه أبو بردة بن نيار، يعني عمَّ أبيه، وقد روى عن سعيد جمعٌ وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال عنه يعقوب بن سفيان: لا بأس به.

وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه الكبير"(2551) عن أبيه زهير بن حرب، عن أبي الجوّاب الأحوص بن جوّاب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 25/ (15833) و 27/ (16489) من طريقين عن شريك النخعي، عن عبد الله بن عيسى، عن جميع - وفي الموضع الثاني قال: أو أبي جميع - عن خاله أبي بردة. وانظر تمام تخريجه في "المسند".

ويشهد له حديث أبي هريرة السابق.

والغرائر جمع غِرارة: وهي وعاء من صوف أو شعر أو خيش، يوضع فيه الحبوب والتبن.

(1)

كذا جزم الحاكم بأنَّ صحابي الحديث هو الحارث بن سويد النخعي، وإنما هو أبو بردة بن نيار كما بينّاه، ولم نجد للحاكم في ذلك سلفًا، والله تعالى أعلم.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة أبي سباع، ولانقطاعه، فقد قال ابن معين فيما نقله عنه عباس الدُّوري: أبو جعفر الرازي لم يسمع من يزيد بن أبي مالك شيئًا.

وأخرجه أحمد 25/ (16013) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد.

وأخرج المرفوع منه ابن ماجه (2247) من طريق بقية بن الوليد، عن معاوية بن يحيى، عن =

ص: 119

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2187 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا شَريك، عن وائل بن داود، عن جُميع بن عُمير، عن خاله أبي بُردة، قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الكسب أطيبُ أو أفضلُ؟ قال: "عَمَلُ الرجلِ بيده، وكلُّ بَيعٍ مَبْرُورٍ"

(1)

.

= مكحول وسليمان بن موسى، عن واثلة، رفعه بلفظ:"من باع عيبًا لم يُبيّنه لم يَزَل في مقت الله، ولم تزل الملائكة تلعنه". وإسناده ضعيف أيضًا لضعف بقية وشيخه معاوية بن يحيى.

ولقوله: "لا يحل لأحد يبيع شيئًا إلّا بيَّن ما فيه" شاهد من حديث عقبة بن عامر الذي تقدم برقم (2181)، وإسناده حسن.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد قد أخطأ فيه شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - في تسمية التابعي، كما قال محمد بن عبد الله بن نمير فيما نقله عنه البيهقي في "شعب الإيمان"(1173)، وصحَّح أنَّ اسمه سعيد بن عمير، يعني كما قال سفيان الثَّوري وغيره ممن روى هذا الحديث عن وائل بن داود كما سيأتي، وكذلك قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 3/ 3. وانظر لزامًا تعليقنا على الحديث المتقدم برقم (2185).

وقد اضطرب شريكٌ في إسناده أيضًا: فرواه عنه أسود بن عامر كما وقع في إسناد المصنف هنا، وخالفه سويد بن عمرو الكلبي، فرواه عن شريك، لكنه قال في روايته عنه: عن عمه، بدل: عن خاله.

وخالفهما محمد بن أبان الواسطي، فرواه عن شريك، فقال: عن عبد الله بن عيسى - وهو ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى - عن جميع بن عمير أو عمير بن جميع، عن خاله أبي بردة بن نيار. والظاهر أنه هنا دخل له حديث في حديث، لأنَّ المحفوظ في هذا الحديث أنه من رواية وائل بن داود، كما رواه الثَّوري وغيره عنه، وأما الحديث الذي يرويه عبد الله بن عيسى فهو حديث "من غشّنا فليس منا"، كما رواه عمار بن رُزيق عنه، ورواه شريك نفسه عنه، وقد تقدم برقم (2185)، والله تعالى أعلم.

وفيه علة أخرى، وهي أنَّ المحفوظ في هذا الحديث أنه عن سعيد بن عمير مرسلًا، كما نبَّه عليه البخاري وأبو حاتم وغيرهما كما سيأتي بيانه عند الرواية التالية إن شاء الله.

وأخرجه أحمد 25/ (15836) عن أسود بن عامر، بهذا الإسناد. وانظر تمام تخريجه من هذه الطريق فيه. =

ص: 120

2188 -

حدثنا أبو العباس، حدثنا العباس بن محمد، حدثنا الأسود بن عامر، أخبرنا سفيان الثَّوْري، عن وائل بن داود، عن سعيد بن عمير، عن عمه، قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الكسبِ أفضلُ؟ قال: "كَسْبٌ مَبْرُورٌ"

(1)

.

= وأخرجه البزار في "مسنده"(3798) عن عبدة بن عبد الله، عن سويد بن عمرو الكلبي، عن شريك، عن وائل بن داود، عن جميع، عن عمه.

وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 304، والطبراني في "الكبير" 22/ (519) من طريق محمد بن أبان الواسطي، عن شريك، عن عبد الله بن عيسى عن جميع بن عمير أو عمير بن جميع، عن خاله أبي بردة.

وانظر تالييه.

وفي الباب عن عبد الله بن عمر عند أبي بكر الخلّال في "الحث على التجارة والصناعة والعمل"(41)، والطبراني في "الأوسط"(2140)، و"الكبير"(13939)، والإسماعيلي في "معجم شيوخه" 2/ 642 - 643، وجوَّد إسناده الدِّمياطي في "المتجر الرابح" ص 632، وقال الحافظ في "التلخيص" 3/ 3: رجاله لا بأس بهم.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الصحيح عن الثَّوري وغيره إرسالُه، فقد قال البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 502: أسنده بعضهم وهو خطأ، ووافقه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 433 فصحَّح المرسَل، وكذا رجَّح المرسَل أبو حاتم كما في "العلل" لابنه (2837).

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 263، وفي "شعب الإيمان"(1172) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 179 - 180، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان"(1171) عن أبي نعيم الفضل بن دكين وقبيصة بن عقبة، عن سفيان الثَّوري، عن وائل بن داود، عن سعيد بن عمير، مرسلًا.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 269، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال"(314) من طريق أبي معاوية، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 433 من طريق محمد بن عبيد الطنافسي، كلاهما عن وائل بن داود، عن سعيد بن عمير، مرسلًا. وتحرَّف اسم عمير في نسخ ابن أبي شيبة الخطية إلى: المسيب، كما نبَّه عليه الشيخ محمد عوامة في طبعته، فالظاهر أنه خطأ قديم تواردت عليه النسخ. =

ص: 121

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، ووائل بن داود وابنه بكر بن وائل ثقتان، وقد ذكر يحيى بن مَعِين أنَّ عمَّ سعيد بن عمير البراءُ بن عازب، وإذا اختلفَ الثَّوْري وشريكٌ، فالحُكم للثوريّ.

2189 -

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أحمد بن النضر، حدثنا معاوية بن عمرو، أخبرنا المسعودي، عن وائل بن داود، عن عَبَاية بن رافع بن خَدِيج، عن أبيه، قال: قيل: يا رسول الله، أيُّ الكسبِ أطيبُ؟ قال:"كَسْبُ الرجلِ بيدِه، وكلُّ بَيعٍ مَبْرُورٍ"

(1)

.

= وأخرجه ابن أبي حاتم في "العلل"(2837) من طريق أبي إسماعيل المؤدِّب، عن وائل بن داود، عن سعيد بن عمير ابن أخي البراء، عن البراء، كذا رواه موصولًا بذكر البراء، وهو خطأ خالف فيه أبو إسماعيل المؤدّب أصحابَ وائل بن داود، كما تقدم، وأخطأ أيضًا في قوله: سعيد بن عمير ابن أخي البراء، لأنَّ المعروف أنه ابن ابن أخي أبي بردة بن نيار، فأبو بردة عم أبيه كما بيناه عند الحديث (2185)، وكما يدل عليه صنيع البخاري في "تاريخه" 3/ 502، وجاء في رواية محمد بن عبيد الطنافسي عن وائل بن داود التي قدّمنا ذكرها: عن سعيد بن عمير أبو أمه البراء، فلا تعارض حينئذٍ، يعني فيكون جدّه لأمه البراءَ وعمُّ أبيه أبا بُردة بن نِيار. وعليه فمن جزم بأنَّ البراء هو عم سعيد بن عمير كابن معين ويعقوب بن سفيان وغيرهما فغير مُصيبٍ، والظاهر أنَّ اعتمادهم في ذلك على رواية أبي إسماعيل المؤدّب المذكورة، وقد بيَّنا أنه لم يُقِم الإسناد، فلا تصلحُ للاعتماد عليها، والله تعالى أعلم.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن المسعودي - وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهُذلي - كان قد اختلط، وقد خالف في روايته هذا الحديث جميع أصحاب وائل ابن داود كما تقدم في الطريقين السابقتين، إذ رووه عن وائل عن سعيد بن عمير، ولهذا خطّأ روايتَه هذه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 263، وقال الدارقطني في "الغرائب والأفراد" كما في "أطرافه" لابن طاهر المقدسي 3/ 64 (2060): تفرَّد به المسعوديُّ، أسنده عن رافع بن خديج.

وقال الحافظ في "التلخيص" 3/ 3: قول الحاكم في هذا الإسناد: عن أبيه، فيه تجوُّز، فإنه عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج. قلنا: وكذلك وقع في رواية بعض من خرَّجه غير الحاكم: عن أبيه، تجوُّزًا.

وأخرجه أحمد 28/ (17265) عن يزيد بن هارون، عن المسعودي، بهذا الإسناد.

ص: 122

وهذا خلافٌ ثالث على وائل بن داود، إلّا أنَّ الشيخين لم يُخرجا عن المسعودي، ومحلُّه الصِّدق

(1)

.

2190 -

أخبرني الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا عبد الله بن مَسلَمة القَعْنبي، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ رجلًا لَزِمَ غَريمًا له بعشرة دنانير، فقال: والله لا أُفَارِقُك حتَّى تَقضيَني أو تأتيَني بحَمِيلٍ، قال: فتَحمَّل بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأتاه بقَدْر ما وَعَدَه، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"من أين أصبتَ هذا الذهبَ؟ " قال: من مَعْدِنٍ، قال:"لا حاجةَ لنا فيها، ليس فيها خَيرٌ"، فقَضَاها عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2191 -

حدثنا أبو الوليد الفقيه، حدثنا الحسن بن سفيان.

وحدثنا علي بن عيسى، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد؛ قالا: حدثنا وهب بن بقيّة الواسِطي، حدثنا خالد بن عبد الله، عن داود بن أبي هند، عن الحسن، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَيأتيَنَّ على الناس زمانٌ لا يبقى فيه أحدٌ إِلَّا أَكَلَ الرِّبا، فإن لم يأكُلْه أصابَه مِن غُبارِه"

(3)

.

(1)

هو وإن كان محلُّه الصدق لكنه اختلط كما قدَّمنا، وخالف غيره، فتأكد أنَّ روايته لهذا الحديث في الاختلاط.

(2)

إسناده جيد من أجل عمرو بن أبي عمرو - وهو مولى المطَّلب - فهو صدوق لا بأس به.

وأخرجه أبو داود (3328) عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (2406) عن محمد بن الصبّاح، عن عبد العزيز بن محمد الدَّراوردي، به. وسيأتي برقم (2259).

والحَميل: الكفيلُ والضامنُ.

والمعدن: الموضع الذي يُستخرج منه جواهرُ الأرض كالذهب والفضة والنحاس وغير ذلك.

(3)

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإنَّ الحسن - وهو البصري - لم يسمع من أبي هريرة، وداود لم يسمع هذا الحديث من الحسن كما نصَّ عليه الدارقطني في "العلل" 10/ 258 (1996)، إلا أنَّ =

ص: 123

قد اختلف أئمتُنا في سماعِ الحسنِ عن أبي هريرة، فإن صحَّ سماعُه منه فهذا حديثٌ صحيحٌ.

2192 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، حدثنا جعفر بن عَون، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن القاسم بن يزيد، عن أبي أمامة، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُحتَكَر الطعامُ

(1)

.

= الواسطة بينهما قد عُلمت إذ صُرِّح بها في أكثر مصادر التخريج، وهو سعيد بن أبي خيرة.

والظاهر أنَّ هذا الاختلاف من داود بن أبي هند، فكان يُسقط أحيانًا ذكر سعيد بن أبي خيرة، كما يدلُّ عليه كلام الدارقطني في "العلل" حيث ذكر أنَّ حفص بن غياث رواه عن داود بن أبي هند أيضًا بإسقاط سعيد بن أبي خيرة. وعلى أيّ حال يبقى في الحديث علة الانقطاع بين الحسن وأبي هريرة.

وأخرج أبو داود هذا الحديث (3331) عن وهب بن بقية، به فذكر سعيد بن أبي خيرة فيه.

وأخرجه ابن ماجه (2278) من طريق إسماعيل ابن عُليَّة، والنسائي (5999) من طريق محمد بن أبي عدي، كلاهما عن داود بن أبي هند عن سعيد بن أبي خيرة، عن الحسن، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 16/ (10410)، وأبو داود (3331) من طريق عباد بن راشد، عن سعيد بن أبي خيرة، به.

وأخرج البخاري (2083) من حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ من المال، أمِن الحلال أم من الحرام".

(1)

إسناده صحيح، لكن وقع فيه خطأ في تسمية القاسم، حيث قُيد بابن يزيد، وإنما هو القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي أبو عبد الرحمن، وهو المعروف بالرواية عن أبي أمامة، وجاء تقييده على الصواب في رواية محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني في "مسنده" وكذا في رواية ابن المنذر في "الأوسط".

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(10699) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وفيه: القاسم بن يزيد.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 6/ 102، وفي "المسند" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (2743/ 2)، وابن أبي عمر العَدَني في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"(2743/ 1)، والرُّوياني في "مسنده"(1199)، وابن المنذر في "الأوسط"(7981)، والطبراني في "الكبير"(7776)، =

ص: 124

قد أخرج مسلم حديث محمد بن إسحاق

(1)

، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد بن المسيب، عن مَعمَر بن عبد الله بن نَضْلةَ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَحتَكِرُ إلّا خاطئٌ".

وهذا الحديث أحدُ ما يُنقَضُ عليه أن لا يصحَّ حديثُ صحابيٍّ لا يروي عنه تابعيان

(2)

، فإنَّ معمرًا هذا ليس له راوٍ غير سعيد بن المسيب، وأما حديث القاسم عن أبي أمامة فليس بذلك اللفظ.

وقد روي في الزَّجْر عن احتكار الطعام والتقاعُد عن مُواساةِ المسلمين في الضِّيق أخبارٌ

(3)

لا بدَّ من ذكرها في هذا الموضع، لمَا دُفِع المسلمونَ إليه في الوقت.

فمنها:

2193 -

ما أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مِهْران، حدثنا عُبيد الله

(4)

بن موسى، حدثنا إسرائيل، عن علي بن سالم بن ثَوبان، حدثني علي

= وفي "مسند الشاميين"(595)، وأبو طاهر المخلِّص في "المخلصيات"(2240/ 2) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، به.

والاحتكار المنهيّ عنه شرعًا - كما عرَّفه ابن حجر في "فتح الباري" 7/ 121 - : هو إمساك الطعام عن البيع وانتظار الغلاء مع الاستغناء عنه وحاجة الناس إليه. قال: وبهذا فسَّره مالك عن أبي الزِّناد عن سعيد بن المسيب.

(1)

كذا قال الحاكم، وهو وهم منه رحمه الله، لأنَّ مسلمًا إنما رواه من حديث محمد بن عجلان عن محمد بن عمرو بن عطاء برقم (1605)، على أنَّ محمد بن إسحاق قد روى هذا الحديث، لكن عن محمد بن إبراهيم التيمي عن سعيد بن المسيب، وروايته عند أحمد 25/ (15758)، وابن ماجه (2154)، والترمذي (1267)، وابن حبان (4936).

(2)

انظر تعليقنا على هذه المسألة عند الحديث (97).

(3)

في النسخ الخطية: لأخبار، والمثبت هو الوجه.

(4)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: عبد الله، مكبرًا.

ص: 125

ابن زيد، عن سعيد بن المسيّب، عن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المحتكِرُ مَلْعُونٌ"

(1)

.

ومنها:

2194 -

ما أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا عمرو بن الحُصين العُقَيلي، حدثنا أصبَغُ بن زيد الجُهَني، عن أبي الزاهِريّة، عن كثير بن مُرّة الحَضْرمي، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن احتكرَ طعامًا

(1)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابنُ جُدعان - وجهالة أو ضعف علي بن سالم بن ثوبان، فقد قال البخاري فيما نقله عنه العقيلي وابن عدي: لا يتابع في حديثه، وقال ابن المديني عن هذا الحديث فيما نقله عنه ابن كثير في "مسند الفاروق" (404): حديث كوفي ضعيف الإسناد منكر.

وأخرجه ابن ماجه (2153) من طريق أبي أحمد الزُّبَيري، عن إسرائيل، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد (135)، وابن ماجه أيضًا (2155) من طريق أبي يحيى المكي، عن فرُّوخ مولي عثمان بن عفان، عن عمر بن الخطاب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالإفلاس أو بجذام". وذكره أحمد ضمن قصة وقعت لفروخ نفسه هو ومولًى لعمر، وأنَّ عمر قال ذلك مخاطبًا لهما، لكن أبا يحيى مجهول كما قال ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(998)، والذهبي في "المغني في الضعفاء"(7825)، وفي "الميزان"، وقال الذهبي: الخبر منكر.

قلنا: ومع ذلك جوّد إسناده المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/ 364، وحسّنه ابن حجر في "الفتح" 7/ 122، وحسَّن ابن كثير في "مسند الفاروق" 1/ 347 الحديثَ بمجموع هاتين الروايتين عن عمر، وبما روي من قوله.

قلنا: الذي رُوي من قوله في مطلق النهي عن الاحتكار، دون ذكر عقوبته من اللعن أو الإصابة بالجذام والإفلاس، ومن ذلك قوله: لا يبيع في سوقنا مُحتكِر، أخرجه عبد الرزاق (14901) و (14902) و (14903) من طرق مرسلة عن عمر رجالها ثقات. ونحوه عند ابن المنذر في "الأوسط"(7991)، والبيهقي 6/ 29، وأبي القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(314) من مرسل إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة عن عمر، وبمجموعها يحسُنُ الخبر عن عمر بن الخطاب من قوله موقوفًا عليه دون المرفوع، والله تعالى أعلم.

ص: 126

أربعين ليلةً، فقد بَرِئَ من الله وبَرِئَ الله منه، وأيُّما أهلُ عَرَصةٍ أصبح فيهم امرؤٌ جائعًا، فقد بَرِئَت منهم ذِمّةُ الله"

(1)

.

ومنها:

2195 -

ما أخبرَناهُ محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الغَسِيلي، حدثنا عبد الأعلى بن حماد النَّرْسِي، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن احتكَر يريدُ أن يُغاليَ بها على المسلمين، فهو خاطئٌ، وقد بَرِئ منه ذمةُ الله"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا لأجل عمرو بن الحصين العقيلي، فهو متروك الحديث كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وقد وهم فيه فأسقط من إسناده أبا بشر بين أصبغ وأبي الزاهرية، وذكره يزيد بن هارون في روايته عن أصبغ المذكور، وأبو بشر هذا ليس هو جعفر بن إياس الثقة، وإنما هو رجل شامي، قال عنه ابن معين: لا شيء، وقال عنه أبو حاتم: لا أعرفه، وأصبغ بن زيد ثقة، ولم يُصب ابنُ عدي في عدّ هذا من منكراته، إذ ذكر له ثلاثة أحاديث أنكرها عليه، منها هذا وحديثان آخران، فأما هذا الحديث فالأولى أن يكون الحمل فيه على أبي بشر المذكور، وأما الحديثان الآخران فأحدهما يرويه أصبغ عن يحيى بن عبيد الله التيمي، وهو متروك الحديث، فالحمل عليه فيه أَولى من الحمل على أصبغ، وأما الحديث الآخر فقد توبع عليه عند أبي داود وغيره، فلا نكير عليه فيه، والله الموفق. فيبقى الشأن في هذا الحديث في أبي بشر الشامي، وقد قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" (1174): هذا حديث منكر، وأبو بشر لا أعرفه. أبو الزاهرية: هو حُدير بن كُريب الحمصي.

وأخرجه أحمد 8/ (4880) عن يزيد بن هارون، عن أصبغ بن زيد، عن أبي بشر، عن أبي الزاهرية، به.

ويشهد للقسم الأول من الحديث حديث أبي هريرة الآتي بعده، غير أنه لا يُفرَح به لما سيأتي بيانه.

وانظر شواهد القسم الثاني منه عند الحديث الآتي برقم (2196).

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل إبراهيم بن إسحاق الغَسيلي، فقد قال ابن حبان: يسرق الحديث، وكذلك قال الذهبي في "تلخيصه". وقد رُوي الحديثُ من غير طريقه عن محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة - لكن دون ذكر البراءة في آخره.

فقد أخرجه أحمد 14/ (8617) عن سُريج بن النعمان، عن أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن =

ص: 127

ومنها:

2196 -

ما أخبرَناه عبد العزيز بن عبد الرحمن الدَّبّاس بمكة، حدثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ، حدثنا عبد العزيز بن يحيى، حدثنا سليمان بن بلال، عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمّه، عن عائشة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس بالمؤمنِ الذي يَبيتُ شبعانًا وجارُه جائعٌ إلى جَنْبِه"

(1)

.

ومنها:

2197 -

ما أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد، حدثنا جدّي، حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيس، حدثني محمد بن طلحة بن

(2)

عبد الرحمن بن طلحة، عن عبد الرحمن بن أبي بكر بن المغيرة، عن عمه اليَسَع بن المغيرة، قال: مَرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم برجلٍ بالسوق، يبيع طعامًا بسعرٍ هو أرخَصُ من سعر السوق، فقال له:"تبيعُ في سوقِنا بسعر هو أرخَصُ من سعرنا؟ " قال: نعم، قال:"صبرًا واحتسابًا؟ " قال: نعم، قال:"أبشِرْ، فإنَّ الجالِبَ إلى سوقِنا كالمجاهد في سبيل الله، والمحتكِرُ في سوقِنا كالمُلحِد في كتاب الله"

(3)

.

= السِّندي، عن محمد بن عمرو بن علقمة، به - دون قوله:"وقد برئ منه ذمةُ الله". وإسناده ضعيف لضعف أبي معشر، لكن يشهد لهذا القدر من الحديث حديث معمر بن عبد الله عند مسلم، وقد تقدَّمت الإشارة إليه بإثر الحديث (2192).

(1)

إسناده واهٍ بمرة، عبد العزيز بن يحيى - وهو المدني نزيلُ نيسابور - اتهمه البخاري وغيره بوضع الحديث وسرقته.

وفي الباب ما يغني عنه كحديث ابن عباس الآتي عند المصنف برقم (7494)، وهو حديث حسن بمجموع شواهده، انظرها هناك.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عن. وإنما هو محمد بن طلحة بن عبد الرحمن بن طلحة التيمي.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن أبي بكر بن المغيرة، ولإرساله، لأنَّ اليسع تابعي صغير معروف، كما بينه الحافظ في "الإصابة" 6/ 722. وقول الذهبي رحمه الله: إسناده مظلم، فيه مجازفة منه. =

ص: 128

ومنها:

2198 -

ما حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن يونس، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا زيدٌ أبو المُعلَّى.

وحدثنا أبو بكر قال: وأخبرنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا عَمرو بن علي، حدثنا المُعتمِر بن سليمان، قال: سمعتُ زيدًا أبا المُعلى يحدِّث عن الحسن، عن مَعقِل بن يَسار، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن دَخَلَ في شيءٍ من أسعارِ المسلمين ليُغْليَ عليهم، كان حقًّا على الله أن يَقذِفَه في مُعظَمِ جهنَّم، رأسُه أسفلَه"

(1)

.

هذه الأحاديث الستة طلبتُها وخَرَّجتها في موضعها من هذا الكتاب احتسابًا لما فيه الناسُ من الضِّيق، والله يَكشِفُها، وإن لم يكن مِن شرط هذا الكتاب.

2199 -

أخبرنا أحمد بن كامل، حدثنا عبد الملك بن محمد، حدثنا سعيد بن عامر وعفّان، قالا: حدثنا شعبة.

وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا مُسدَّد، حدثنا

= وقد روي عن عمر بن الخطاب من قوله بسند حسن: أنَّ احتكار الطعام بمكة إلحاد، فقيّده بمكة. أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 255 - 256، والأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 135، والفاكهي في "أخبار مكة"(1776)، وابن المنذر في "الأوسط"(7987).

وعن عمر أيضًا قال: من جاء أرضنا بسلعةٍ فليبعها كما أراد، وهو ضيفي حتى يخرج، وهو أسوتنا، ولا يَبعْ في سوقنا محتكر. أخرجه عبد الرزاق (14901 - 14903)، وانظر تمام تخريجه عند الحديث (2193).

(1)

إسناده جيد من جهة الحسين بن محمد بن زياد من أجل زيد أبي المعلَّى - وهو زيد بن مرة، ويقال: يزيد بن أبي ليلى - فهو صدوق لا بأس به، وفي الإسناد الآخر محمد بن يونس - وهو الكديمي - ضعيف جدًّا.

وأخرجه أحمد 33/ (20313) عن عبد الصمد بهذا الإسناد. بلفظ: "فإنَّ حقًّا على الله أن يُقعده بعُظْم من النار يوم القيامة".

ومُعظَم جهنم وعُظْمها: وسطُها، قال ابن سِيدَهْ: عُظْم الشيء ومُعظَمه: وسطُه.

ص: 129

يزيد بن زُريع، حدثنا شعبة، عن بُرَيد بن أبي مريم، عن أبي الحَوْراء قال: سألتُ الحسنَ بن عليٍّ: ما يَذكُر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمعتُه يقول: "دَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك، فإنَّ الخيرَ اطمَأْنينةٌ، وإنَّ الشرَّ رِيبةٌ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد رُوي بلفظ آخر:

2200 -

حدَّثَناه أبو زكريا العَنْبري وأبو بكر بن جعفر وعلي بن عيسى وعبد الله بن سعد، قالوا: حدثنا محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا أبو صالح مَحْبوب بن موسى، حدثنا أبو إسحاق الفَزاري، عن الحسن بن عُبيد الله النَّخَعي، عن بُرَيد بن أبي مريم، عن أبي الحَوْراء، قال: قلتُ للحسن بن علي: مِثلُ مَن كنتَ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وماذا عَقَلتَ عنه؟ قال: أتى رجلٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"دَع ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك، فإنَّ الشرَّ رِيبةٌ، والخيرَ اطمَأْنينةٌ"

(2)

.

شاهدُه حديث أبي أُمامة الباهِلي:

(1)

إسناده صحيح. عفان: هو ابن مسلم الصَّفّار، ويحيى بن محمد: هو ابن يحيى القطان، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد، وأبو الحَوراء: هو ربيعة بن شيبان السَّعْدي، والحسن بن علي: هو ابن أبي طالب سِبْط رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه أحمد 3/ (1723) و (1727)، والترمذي (2518)، والنسائي (5201)، وابن حبان (722) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (7223).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل محبوب بن موسى. أبو إسحاق الفَزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5363) عن أبي عبد الله الحاكم، عن أبي زكريا العنبري وحده، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني (2708)، وعنه أبو نعيم في "الحلية" 8/ 264 عن هاشم بن مرثد الطبراني، عن أبي صالح الفراء - وهو محبوب - به.

ص: 130

2201 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا موسى بن الحسن بن عبّاد، حدثنا عبد الله بن بكر السَّهْمي، حدثنا هشام الدَّستُوائي.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن هشام الدَّستُوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سَلّام، عن جدِّه ممطور، عن أبي أمامة: أنَّ رجلًا سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم: ما الإيمانُ؟ قال: "إذا سرَّتْك حسنتُك وساءتك سيئتُك، فأنت مؤمنٌ" قال: يا رسولَ الله، ما الإثمُ؟ قال:"إذا حاكَ في صدرك شيءٌ فدَعْهُ"

(1)

.

2202 -

أخبرَناه أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا عبد الله بن صالح، أخبرني معاوية بن صالح.

وأخبرنا أحمد بن جعفر، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير، عن أبيه، عن نَوَّاس بن سِمْعان الأنصاري، قال: سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن البِرِّ والإثمِ، قال:"البِرُّ حسنُ الخُلُق، والإثمُ ما حاكَ في صدرِك وكرهتَ أن يَطَّلعَ عليه الناسُ"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، كما تقدم برقم (33). وهو في "مسند أحمد" 36/ (22199).

(2)

إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" 29/ (17631).

وأخرجه مسلم (2553) عن محمد بن حاتم بن ميمون، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد (17633)، والترمذي (2389)، وابن حبان (397) من طريق زيد بن الحُباب، ومسلم (2553) من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن معاوية بن صالح، به.

وأخرجه أحمد (17632) من طريق صفوان بن عمرو، عن يحيى بن جابر القاصّ، عن النواس بن سمعان. قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" (1849): لم يلق ابنُ جابر النواسَ، قلنا: ذلك أنَّ يحيى بن جابر هذا إنما يروي عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن النواس، فقد روى عدة أحاديث من أحاديث النواس بهذا الإسناد، وكان ابنُ جابر هذا معروفًا بالإرسال ولا اعتماد =

ص: 131

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2203 -

أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيّاري، حدثنا أبو المُوجِّه، حدثنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا أسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تَضَوَّرَ ذاتَ ليلةٍ، فقيل له: ما أسهَرَك؟ قال: "إني وَجدتُ تمرةً ساقِطةً فأكلتُها، ثم ذَكَرتُ تمرًا كان عندنا من تمر الصَّدقة، فما أدري أمِن ذلك كانتِ التمرةُ، أو من تمرِ أهلي، فذلك أسْهَرَني"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2204 -

حدثنا محمد بن صالح، حدثنا أبو سعيد محمد بن شاذان، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع ومحمد بن يحيى، قالوا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أدري أتُبَّعٌ لعينًا كان أم لا، وما أدري ذو القَرْنين أنَبيًّا كان أم لا، وما أدري الحدودُ كفاراتٌ لأهلِها أم لا؟ "

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2205 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عيسى اللَّخْمي، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، حدثنا أبو مُعَيد حفص بن غَيلان، حدثنا سليمان بن موسى،

= على ما وقع في بعض طرق حديثه هنا من تصريحه بالسماع من النواس، فهو خطأ من الراوي عن صفوان بن عمرو كما قال أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل".

(1)

إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد: وهو الليثي. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري المروَزي، وعَبْدان: هو عبد الله بن عثمان بن جبلة المروَزي، وعبدان لقبُه.

وأخرجه أحمد 11/ (6720) عن أبي بكر الحنفي، و (6820) عن وكيع، كلاهما عن أسامة بن زيد، بهذا الإسناد.

تَضَوَّر: أي: تَلَوَّى وتَقَلَّب ظهرًا لبطن.

(2)

إسناده صحيح إن شاء الله كما قدّمنا بيانه برقم (104).

ص: 132

عن نافع، عن ابن عُمر، وعن عطاء بن أبي رَبَاح، عن ابن عبّاس؛ أنهما كانا يقولان: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن اشترى بَيعًا فوَجَبَ له، فهو بالخيار ما لم يُفارِقْه صاحبُه، إن شاء أخذَه، فإن فارقَه فلا خِيارَ له"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.

2206 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا مسلم بن خالد، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة: أنَّ رجلًا اشترى مِن رجل غلامًا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فكان عنده ما شاء الله، ثم رَدَّه مِن عَيْبٍ وَجَدَ به، فقال الرجل حين ردَّ عليه الغلام: يا رسول الله، إنه كان استغلَّ غلامي منذ كان عنده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"الخَرَاجُ بالضَّمَان"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف أحمد بن عيسى اللَّخْمي، لكنه متابع.

وأخرجه ابن حبان (4914) و (4915) من طريق زيد بن يحيى بن عُبيد، عن أبي مُعَيد حفص بن غيلان، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 9/ (5418) و 10/ (6006)، والبخاري (2107) و (2109) و (2111) و (2112)، ومسلم (1531)، وأبو داود (3154)، وابن ماجه (2181)، والترمذي (1245)، والنسائي (6014 - 6022)، وابن حبان (4912) و (4916) من طرق عن نافع، عن ابن عمر. زادوا "إلّا بيع الخيار" ولفظ بعضهم:"أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر" وبعضهم يقول: "أو يكون بيع خيار"، وكلها بمعنًى.

وأخرجه أحمد 8/ (4566) و 9/ (5130)، والبخاري (2113)، ومسلم (1531)، والنسائي (6023 - 6028)، وابن حبان (4913) من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، بلفظ:"كل بَيِّعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا، إلّا بيع الخيار".

قال الترمذي: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "إلّا بيع الخيار" معناه: أن يُخيِّر البائعُ المشتري بعد إيجاب البيع، فإذا خيّره فاختار البيع فليس له خِيار بعد ذلك في فسخ البيع، وإن لم يتفرقا.

قلنا: وقد جاء بيان ذلك في رواية الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر عند أحمد 10/ (6006)، والبخاري (2112)، ومسلم (1531)، وابن ماجه (2181)، والنسائي (6020).

(2)

حديث صحيح إن شاء الله، مسلم بن خالد - وهو الزَّنجي - ضعيف يُعتبَر به في المتابعات =

ص: 133

2207 -

حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا مُسدَّد، حدثنا مسلم بن خالد، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة: أنَّ رجلًا اشترى غلامًا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبه عَيبٌ لم يَعلَمْ به، فاستغلَّه، ثم عَلِمَ العيبَ فردَّه، فخاصمَه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنه استغلَّه منذ زمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الغَلَّةُ بالضَّمَان"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد رواه ابنُ أبي ذئب، عن مَخلَد بن خُفَافٍ، عن عُرْوة، عن عائشة مختصرًا

(2)

.

2208 -

أخبرَناه عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب، حدثنا محمد بن الجَهْم، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا ابن أبي ذِئب.

= والشواهد، وقد تابعه عمر بن علي المقدَّمي عند الترمذي، وجرير بن عبد الحميد عند أبي عوانة (5493)، وله طريق أخرى عن عروة ستأتي، وقد تلقّى العلماء هذا الحديث بالقَبول، والعمل عليه عندهم كما قال الترمذي.

وأخرجه أحمد 41/ (24514) و (24847)، وأبو داود (3510)، وابن ماجه (2243)، وابن حبان (4927) من طرق عن مسلم بن خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (1286) من طريق عمر بن علي المقدمي، عن هشام بن عروة، به. وقال: حديث حسن غريب.

وانظر ما بعده.

قوله: "الخراج بالضمان" معناه: أن ما يحصُل من غَلّة العين المبتاعة عبدًا كان أو أمةً أو مِلكًا، وذلك أن يشتريه فيستغلّه زمانًا، ثم يعثُر منه على عيب قديم لم يُطلعه البائع عليه، أو لم يعرفه، فله ردُّ العين المبيعة وأخذ الثمن، ويكون للمشتري ما استغلَّه، لأنَّ المبيع لو كان تلف في يده لكان من ضمانه، ولم يكن له على البائع شيء. والباء في قوله:"بالضمان" متعلقة بمحذوف تقديره: الخراج مستحق بالضمان، أي: بسببه. قاله ابن الأثير.

(1)

حديث صحيح كسابقه.

(2)

لكن أخرجه بعضهم من هذه الطريق مطولًا بنحو لفظ مسلم بن خالد كأبي داود الطيالسي والشافعي وغيرهما.

ص: 134

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، والحسن بن علي بن زياد، قالا: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا ابن أبي ذِئب.

وأخبرنا أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا عمر بن حفص السَّدُوسي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا ابن أبي ذئب.

وأخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا علي بن الجَعد، حدثنا ابن أبي ذئب، عن مَخلَدِ بن خُفَافٍ، عن عُرْوة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الخَرَاجَ بالضَّمان"

(1)

.

وحديث عاصم: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنَّ الخَرَاج بالضَّمان

(2)

.

رواه الثَّوْري وابنُ المبارك ويحيى بنُ سعيد عن ابن أبي ذئب.

أما حديث الثَّوري:

2209 -

فأخبرَناه بَكْر بن محمد الصَّيرفي، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا قَبيصة، حدثنا سفيان.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل مخلد بن خُفافٍ، فقد وثقه ابن وضَّاح فيما نقله عنه ابن القطان والذهبي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحح حديثه هذا الترمذي وابن القطّان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 211 - 212، ثم هو متابع كما في الطريقين اللتين قبله. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة.

وأخرجه أحمد 43/ (25999) عن يزيد بن هارون، وأبو داود (3508) عن أحمد بن يونس، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 42/ (25276) عن قُرّان بن تمّام، وابن ماجه (2242)، والنسائي (6037) من طريق وكيع بن الجراح، والترمذي (1285) من طريق عثمان بن عمر بن فارس وأبي عامر العقدي، والنسائي (6037) من طريق عيسى بن يونس، وابن حبان (4928) من طريق جعفر بن عون، كلهم عن ابن أبي ذئب، به.

وسيأتي من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب سيخرجها المصنف بعده.

(2)

وأخرجه البيهقي في "السنن" 5/ 321 عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده.

ص: 135

وحدثنا أبو عبد الله الصَّفار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا أبو حُذيفة، حدثنا سفيان، عن ابن أبي ذئب، عن مخلد بن خُفاف، عن عُرْوة، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أنَّ الخَرَاج بالضَّمان

(1)

.

وأما حديث ابن المبارك:

2210 -

فأخبرَناه الحسن بن حَلِيم، أخبرنا أبو الموجِّه، حدثنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا ابنُ أبي ذئب، عن مَخْلَد بن خُفاف، عن عُرْوة، عن عائشة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الخَراج بالضَّمان"

(2)

.

وأما حديث يحيى بن سعيد:

2211 -

فأخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى، عن ابن أبي ذئب، عن مَخْلَد بن خُفاف، عن عُرْوة، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أنَّ الخَرَاج بالضَّمان

(3)

.

2212 -

أخبرنا الشيخ أبو الوليد، أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، حدثنا أبو خَيْثمة زُهير بن حَرْب، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قَتَادة، عن الحسن،

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن كسابقه. قبيصة: هو ابن عقبة السُّوَائي، وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النَّهْدي.

وأخرجه أبو داود (3509) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان الثَّوري به عن مخلد قال: كان بيني وبين أناس شركة في عبدٍ، فاقتَويتُه (أي: استخدمته) وبعضنا غائب، فأغلَّ عليّ غلَّةً، فخاصمني في نصيبه إلى بعض القضاة، فأمرني أن أردّ الغَلّة، فأتيت عروة بن الزُّبَير، فحدثتُه، فأتاه عروة، فحدّثه عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الخراج بالضمان".

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن كسابقه. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعَبْدان: هو عبد الله بن عثمان بن جَبَلة، وعبد الله: هو ابن المبارك.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. أبو المثنّى: هو معاذ بن المثنى العَنْبري، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد، ويحيى: هو ابن سعيد القطان.

وأخرجه أحمد 40/ (24224) عن يحيى القطّان، بهذا الإسناد.

ص: 136

عن سَمُرة بن جُندُب، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"البَيِّعانِ بالخِيار ما لم يَتَفَرّقا ويأخُذُ كلُّ واحدٍ منهما من البيع ما يَهْوَى" قالها ثلاثًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه الزيادة

(2)

.

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وثلاث مئة:

2213 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، حدثنا موسى بن إسحاق القاضي، حدثنا عبد الله بن أبي شَيْبة، حدثنا زيد بن الحُباب، عن الحسين بن واقد، حدثني عبد الله بن بُريدة، عن أبيه: أنَّ سلمان لما قَدِم المدينة أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بهديةٍ على طَبَقٍ، فوضعها بين يديه، فقال:"ما هذا يا سلمانُ؟ " قال: صدقةٌ عليك وعلى أصحابك، قال:"إني لا آكُلُ الصدقةَ" فرفعها، ثم جاءه من الغدِ بمثلها، فوضعها بين يديه، فقال:"ما هذا؟ " قال: هديةٌ لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"كُلُوا" قال: "لمن أنت؟ " قال: لقومٍ، قال:"فاطلُب إليهم أن يُكاتِبُوك"، قال: فكاتَبُوني على كذا وكذا نخلةً أغرِسُها لهم، ويقومُ عليها سلمانُ حتى تُطعِمَ، قال: ففَعَلُوا، قال: فجاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم فغَرَسَ النخلَ كلَّه إلّا نخلةً واحدةً غرسَها عمرُ، وأطعَمَ نخلُه مِن سَنَتِه إِلَّا تلك النخلةَ، قال

(1)

إسناده صحيح، وقد ثبت سماع الحسن - وهو البصري - من سمرة كما بيناه برقم (151).

قتادة: هو ابن دِعامة السَّدُوسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي.

وأخرجه النسائي (6029) عن عمرو بن علي الفلّاس، عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 33/ (20182) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن هشام: به. دون قوله: "ويأخذ كل واحد" إلى آخره.

وأخرجه أحمد (20142) و (20253) من طريق سعيد بن أبي عَروبة، وأحمد أيضًا (20189) و (20252)، والنسائي (6030) من طريق همام بن يحيى، وأحمد (20241)، وابن ماجه (2183) من طريق شعبة بن الحجاج، ثلاثتهم عن قتادة، به. ولم يذكر سعيد وشعبة في روايتهما قوله في الحديث:"ويأخذ كل واحدٍ" إلى آخره، ولفظ همام:"ويأخذ كل واحدٍ منهما ما رضي من البيع".

(2)

يعني بزيادة قوله: "ويأخذ كل واحدٍ منهما من البيع ما يهوى".

ص: 137

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن غَرَسَها؟ " قالوا: عمرُ، فَغَرَسَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من يده، فحَمَلَت من عامِها

(1)

.

(1)

إسناده قوي، الحسين بن واقد صدوق لا بأس به.

وأخرجه أحمد 38/ (22997) عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

قوله: "يُكاتبوك" من المكاتبة: وهو أن يُكاتِب الرجلُ عبدَه على مالٍ يؤدّيه إليه العبدُ منجّمًا (أي: مقسَّطًا) فإذا أدّاه صار حُرًّا، وسميت كذلك لأنه يكتب على نفسه لمولاه ثمنه، ويكتب مولاه له عليه العتق.

وقوله: "أطعَمَ نخلُه" أي: أثمر، أي: صار ذا طَعْم وشيئًا يؤكل منه.

وقد اختلفت الروايات فيما أدَّاهُ سلمان الفارسي مقابل مكاتبته، ففي رواية بُريدة هنا أنه أدَّى كذا وكذا نخلة. هكذا دون تقييد، وزاد أحمد في روايته: فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا درهمًا، وعلى أن يغرس نخلًا.

وفي رواية ابن عباس، عن سلمان، وستأتي بعده: أنه كاتب على ثلاث مئة نخلة وبأربعين أوقية. وقد ساق ابن إسحاق في "السيرة" روايةَ ابن عباسٍ بطولها.

وفي رواية أبي عثمان النهدي عن سلمان الآتية برقم (2898): أنه كاتب على خمس مئة فَسيلة (أي: فسيلة النخل).

وفي رواية أبي الطُّفيل عن سلمان الآتية برقم (6689): أنه كاتب على مئة نخلة، وعلى قطعة من ذهب بوزن نواة. ويوافقه مرسل سعيد بن المسيب عند عبد الرزاق (15765) وغيره، بذكر عدد النخل، لكن دون ذكر قطعة الذهب. ورجاله ثقات.

وفي رواية زيد بن صوحان عن سلمان الآتية برقم (6688): أنَّ أبا بكر اشتراه فأعتقه.

واختلفت هذه الروايات أيضًا فيما نبت من النخل المذكور، ففي رواية بُريدة هنا أنها نبتت كلها إلّا واحدة، كان عمر بن الخطاب غرسها بيده. وكذلك في رواية أبي عثمان، غير أنه ذكر أنَّ التي لم تنبت كان سلمان نفسه هو من غرسها.

وفي رواية ابن عباس أنه ما مات منها نخلة واحدة.

وقد أشار البيهقيُّ في "سننه الكبرى" 10/ 322 إلى بعض هذه الاختلافات، ثم قال: وفي ثبوت بعض هذه الروايات نظر.

وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" 3/ 520: وطريق محمد بن إسحاق أقوى إسنادًا، وأحسن اقتصاصًا.

ص: 138

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، أخرجه الشيخُ أبو بكر في باب الرخصة في اشتراط البائع خدمةَ العبد المَبيع وقتًا معلومًا.

وله شاهد من حديث ابن عباس عن سلمانَ صحيحٌ على شرط مسلم:

2214 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن شاذان الجَوهَري، حدثنا مُعلَّى بن منصور، حدثنا يعقوب أبو يوسف، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لَبيد، عن ابن عباس، حدثني سلمانُ: أنَّ رجلًا من اليهود اشتراهُ، فقَدِم به المدينةَ، قال: فأَتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بهديةٍ، فقلتُ: هذه صدقةٌ، فقال لأصحابه:"كُلُوا"، ولم يأكل. ثم ذكر الحديث نحوه

(1)

.

2215 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْلُ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا عبد الوارث بن سعيد.

وحدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يزيد بن زُريع؛ كلهم عن أيوب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ سَلَفٌ وبَيعٌ، ولا شَرطانِ في بيعٍ، ولا

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو المطّلبي، صاحب المغازي والسيرة - وقد صرَّح بسماعه في "السيرة النبوية" برواية ابن هشام 1/ 214، فانتفت شبهة تدليسه. يعقوب أبو يوسف: هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب صاحب الإمام أبي حنيفة.

وأخرجه أحمد 39/ (23722) عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، و (23737) عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزُّهْري، عن أبيه، كلاهما عن محمد بن إسحاق، به. وصرَّح ابن إسحاق أيضًا في رواية إبراهيم بن سعد بسماعه، ورواية ابن أبي زائدة مختصرة بذكر الصدقة والهدية.

وسيأتي كذلك عند المصنف من طريق أبي قرة الكندي عن سلمان برقم (7263).

وسيأتي مطولًا برقم (6688) من طريق زيد بن صوحان وبرقم (6689) من طريق أبي الطفيل، كلاهما عن سلمان.

ص: 139

رِبْحُ ما لم يُضْمَن، ولا بيعُ ما ليس عِندَك"

(1)

.

(1)

إسناده حسن. أيوب: هو ابنُ أبي تَميمة السَّخْتياني.

وأخرجه النسائي (6160) عن عمرو بن علي الفلاس وحميد بن مسعدة، عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد. دون قوله:"ولا ربحُ ما لم يُضمَن".

وأخرجه ابن ماجه (2188) عن أزهر بن مروان، عن حماد بن زيد، به. دون ذكر السلف والبيع والشرطين في بيع.

وأخرجه أحمد 11/ (6671)، وأبو داود (3504)، وابن ماجه (2188)، والترمذي (1234)، والنسائي (6181) من طريق إسماعيل ابن عُليَّة، عن أيوب السختياني، به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

وانظر ما بعده.

وقوله: "لا يحلُّ سلف وبيع .. " يدخل في باب النهي عن بيعتين في بيعة، وذلك مثل أن يقول: أبيعك هذا العبد بخمسين دينارًا على أن تسلفني ألف درهم في متاع أبيعه منك إلى أجل، أو على أن تقرضني ألف درهم، ويكون معنى السلف: القرض، وذلك فاسد لأنه إنما يقرضه على أن يحابيه في الثمن، فيدخل الثمن في حد الجهالة، ولأنَّ كل قرض جرَّ نفعًا مشروطًا فهو ربا، ولأنَّ في العقد شرطًا ولا يصح.

وقوله: "ولا شرطان في بيع" وهو أيضًا بمنزلة بيعتين في بيعة، وهو مثل أن يقول: بعتك هذا الثوب حالًا بدينار ونسيئة بدينارين، فهذا بيع تضمن شرطين يختلف المقصود منه باختلافهما، وهو الثمن ويدخله الغرر والجهالة، ولا فرق في مثل ذلك بين شرط واحد أو شرطين أو أكثر عند أكثر العلماء لأنَّ العلة في ذلك واحدة، وفرَّق أحمدُ بين شرط وبين شرطين عملًا بظاهر الحديث.

والمراد من هذه الشروط ما يناقض البيوع ويفسدها كالشروط التي تدخل الثمن في حدّ الجهالة أو ما يوقع في العقد أو في تسليم المبيع غررًا، أو يمنع المشتري من اقتضاء حق الملك في المبيع. ولا تدخل في ذلك الشروطُ التي هي من مصلحة العقد أو من مقتضاه، فهي جائزة.

وقوله: "ولا ربحُ ما لم يُضمن" فهو أن يبيعه سلعةً قد اشتراها ولم يكن قبضها فهي من ضمان البائع الأول، ليس من ضمانه، فهذا لا يجوز بيعه حتى يقبضه، فيكون من ضمانه.

وقوله: "ولا بيع ما ليس عندك" يعني بيع العين دون بيع الصفة، وهو بيع ما ليس عند البائع في الحال، ويدخل في ذلك بيع كل ما ليس بمضمون على البائع أن يحصله، وكذا بيع الرجل مال غيره موقوفًا على إجازة المالك، وعلة النهي عن ذلك كله الغررُ واحتمال الوجود أو العدم، أفاد =

ص: 140

هذا حديث على شرطِ جملةٍ من أئمة المسلمين صحيحٌ، وهكذا رواه داود بن أبي هند وعبد الملك بن أبي سليمان وغيرُهم عن عمرو بن شعيب.

ورواه عطاء بن مسلم الخُراساني عن عمرو بن شعيب بزيادات ألفاظٍ:

2216 -

أخبرَناه أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب القرشي، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا يزيد بن زُرَيع الرَّمْلي، حدثنا عطاءٌ الخُراساني، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قلت: يا رسولَ الله، إني أسمعُ منك أشياءَ أخافُ أن أنساها، فتأذنُ لي أن أكتُبَها؟ قال:"نعم". قال: فكان فيما كَتَبَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: أنه لما بَعَثَ عَتَّابَ بن أَسِيدٍ إلى أهل مكة، قال:"أخبِرْهُم أنه لا يجوزُ بيعانِ فِي بَيعٍ، ولا بَيعُ ما لا يُملَكُ، ولا سلفٌ وبَيعٌ، ولا شرطانِ في بَيعٍ"

(1)

.

= ذلك كلَّه الخطابي في "معالم السنن" 3/ 140 - 143، وابن الأثير في "النهاية" في المواد (سلف وشرط وضمن).

(1)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن زُريع الرمْلي، وهو غير يزيد بن زريع البصري الحافظ الثقة، ولكنه متابع.

وأخرجه عبد الرزاق (14222)، وسحنون في "المدونة" 2/ 457، والنسائي (5010)، وابن حبان (4321) من طريق ابن جُرَيج، عن عطاء الخراساني، أنَّ عبد الله بن عمرو بن العاص قال

وعند النسائي وابن حبان: عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وهذا مرسل، وقال النسائي فيما نقله عنه المزي في "تحفة الأشراف" 6/ 362 (8885): هذا منكر، وهو عندي خطأ، ونقل عنه الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 19 قوله: هذا خطأ، وعطاء الخُراساني لم يسمع من عبد الله بن عمرو بن العاص.

وأخرجه أبو سعيد عيسى بن سالم الشاشي في "جزئه"(93) من طريق زيد بن أبي أُنيسة، وابن أبي شيبة 6/ 572 من طريق حجاج بن أرطاة، والطبراني في "الأوسط"(1498) من طريق أيوب السختياني، والبيهقي 5/ 313 من طريق محمد بن عجلان وعبد الملك بن أبي سليمان، و 5/ 339 من طريق الأوزاعي، كلهم عن عمرو بن شعيب، به بقصة عتاب بن أسِيد فقط وما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم به.

وقد تقدَّمت قصة عبد الله بن عمرو دون قصة عتّاب بن أَسِيد من طريق عُقَيل بن خالد عن عمرو =

ص: 141

2217 -

أخبرني أبو الحسن علي بن أحمد بن قُرقُوب التمّار بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا أبو اليمان، أخبرني شعيب بن أبي حمزة، عن الزُّهْري، عن عُمارة بن خُزيمة، أنَّ عمَّه حدثه - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وحدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْلُ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي والحسن بن علي بن زياد، قالا: حدثنا إسماعيل بن أبي أُويس، حدثنا أخي أبو بكر، عن سُليمان بن بلال، عن محمد بن أبي عَتيق، عن ابن شهاب، عن عُمارة بن خُزيمة، أنَّ عمَّه أخبره - وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتاعَ فرسًا من رجل من الأعراب، فاستَتْبعَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ليقضيَ ثمنَ فرسِه، فأسرع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المشيَ، وأبطأ الأعرابيُّ، فطَفِقَ رجالٌ يَعترِضُون الأعرابيَّ ويُساوِمونه الفرسَ، ولا يَشعُرون أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد ابتاعَه، حتى زاد بعضُهم الأعرابيَّ في السَّومِ، فلما زادُوا، نادى الأعرابيُّ: يا رسولَ الله، إن كنتَ مبتاعًا هذا الفرس فابتَعْه، وإلّا بِعتُه، فقامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين سمع نداءَ الأعرابيِّ، حتى أتى الأعرابيَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أوَلَيس قد ابتَعْتُ منكَ؟ " قال: لا، والله ما بِعتُكَهُ، قال:"بل ابتَعْتُه منكَ"، فطَفِقَ الناس يَلُوذُون برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالأعرابيِّ وهما يَتراجَعان، فَطَفِقَ الأعرابيُّ يقول: هَلُمَّ شهيدًا أني بايَعْتُك، فقال خُزيمةُ: أشهدُ أنك بايَعْتَه، فأقبَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على خُزيمة، فقال:"بمَ تَشهدُ؟ " فقال: بتصديقِك، فجعلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شهادةَ خُزيمةَ شهادةَ رجُلين

(1)

.

= ابن شعيب عن أبيه ومجاهد عن عبد الله بن عمرو بن العاص برقم (363)، ومن طريق يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو برقم (364).

(1)

إسناده صحيح. إبراهيم بن الحسين: هو ابن ديزيل، وأبو اليمان: هو الحكم بن نافع، ومحمد بن أبي عتيق: هو ابن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، وثقه الدارقطني في "سؤالات الحاكم"، والذهبي في "تاريخ الإسلام" 3/ 729، وإنما ذكرنا ذلك في شأن ابن أبي عتيق، لأنه فات الحافظين المزي وابن حجر ذكر توثيق الدارقطني. =

ص: 142

هذا حديث صحيح الإسناد، ورجاله باتفاق الشيخين ثقاتٌ، ولم يُخرجاه، وعُمارة بن خزيمة سمعَ هذا الحديث من أبيه أيضًا:

2218 -

حدَّثَناه الأستاذُ أبو الوليد، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب ومحمد بن إسحاق، قالا: حدثنا عَبْدة بن عبد الله الخُزاعي، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثني محمد بن زُرَارة بن عبد الله بن خُزيمة بن ثابت، حدثني عُمارة بن خُزيمة، عن أبيه خُزيمة بن ثابت: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتاعَ من سَواء بن الحارث المُحاربي

(1)

فرسًا، فجَحَدَهُ، فشَهِدَ له خُزيمةُ بن ثابت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما حَمَلَك على الشهادة ولم تَكُنْ معه؟ " قال: صدَقْتَ يا رسول الله، ولكن صدَّقتُك بما قُلتَ، وعرفتُ أنك لا تقول إلّا حقًّا، فقال:"مَن شَهِدَ له خُزيمةُ أو شَهِدَ عليه فحَسْبُه"

(2)

.

= وأخرجه أحمد 36/ (21883)، وأبو داود (367) من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع، بإسناده.

وأخرجه النسائي (6198) من طريق محمد بن الوليد الزُّبَيدي، عن ابن شهاب الزُّهْري، به.

قوله: يلوذُون، أي: يُحيطون.

قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 173: هذا حديث يضعه كثير من الناس في غير موضعه، وقد تذرّع به قوم من أهل البدع إلى استحلال الشهادة لمن عُرف عنده بالصدق على كل شيء ادّعاه، وإنما وجه الحديث ومعناه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم إنما حكم على الأعرابي بعلمه، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم صادقًا بارًّا في قوله، وجرت شهادة خزيمة في ذلك مجرى التوكيد لقوله، والاستظهار بها على خصمه، فصارت في التقدير شهادته له وتصديقه إياه على قوله كشهادة رجلين في سائر القضايا.

(1)

وقع في (ز): المحارمي، بالميم بدل الباء الموحدة، مصححًا عليها، وهو خطأ، والصواب المحاربي، كما وقع في (ص) وغيرها، وقد ذكر هذا الرجلَ في وفد بني محارب غيرُ واحد من أصحاب السير والمغازي، كابن سعد في "الطبقات" 1/ 258، وانظر "أسد الغابة" لابن الأثير 2/ 330.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة محمد بن زرارة بن عبد الله بن خزيمة، فلم يرو عنه غير زيد بن الحُباب، وقد روى عبدة بن عبد الله أيضًا عن زيد بن الحباب عن محمد بن زرارة قال: حدثني المطلب بن عبد الله بن حنطب، قال: قلت لبني سواء بن الحارث: أبوكم الذي جحد بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم

أخرجه ابن منده في "معرفة الصحابة" 1/ 809، وعنه أبو نعيم =

ص: 143

2219 -

أخبرني أبو عون محمد بن أحمد بن ماهَان الجزّار بمكة، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج بن مِنْهال، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن جابر، قال: بِعْنا أمهاتِ الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فلما كان عمرُ نهانا فانتَهَينا

(1)

.

= في "المعرفة"(3564)، وهذا أشبه في رواية محمد بن زرارة، لأنَّ الزُّهْري قد خالفه كما في الطريق الذي قبله فأسنده عن عمارة بن خزيمة عن عمه، فجعله عن عم عمارة بن خزيمة، وليس عن أبيه، وإن كان عمارة يروي عن أبيه غير ما حديثٍ، والله تعالى أعلم.

وأخرجه البيهقي 10/ 146 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده"(19)، والبخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 87، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2084)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية"(4019/ 3)، وابن المنذر في "الأوسط"(6752)، والطبراني في "الكبير"(3730)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2357)، والخطيب في "الأسماء المبهمة" ص 121 - 122، وفي "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 106، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 16/ 366، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء" ص 360، وابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 331 من طرق عن زيد بن الحباب، به. وبعضهم سمى الأعرابي في روايته: سواء بن قيس، قال الحافظ في "الإصابة" 3/ 251: أظنه وهمًا، ثم ذكر رواية المطلب بن عبد الله بن حنطب التي أشرنا إليها قريبًا، وقد جاء اسمه فيها سواء ابن الحارث، كرواية الأكثرين.

(1)

إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه أبو داود (3954)، وابن حبان (4324) من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 22/ (14446)، وابن ماجه (2517)، والنسائي (5021) و (5022)، وابن حبان (4323) من طريق ابن جُرَيج، أخبرني أبو الزُّبَير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: كنا نبيع سَرَاريَّنا وأمهاتِ أولادنا والنبي صلى الله عليه وسلم فينا حيٌّ، لا نرى بذلك بأسًا.

قال البيهقي في "سننه الكبرى" 10/ 348: ليس في شيء من الطرق أنه اطلع على ذلك وأقرهم عليه صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن حزم في "المحلى" 9/ 219: ليس فيه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم علم ذلك.

وقد ثبت عن علي بن أبي طالب أنه قال: اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الأولاد أن لا يُبَعن، ثم رأيتُ بعد أن يُبعن، قال عَبيدة السَّلماني: فقلت له: فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحبّ إليَّ =

ص: 144

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهد صحيح:

2220 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب ويوسف بن يعقوب، قالا: حدثنا عمرو بن مرزوق، أخبرنا شعبة، عن زيدٍ العَمِّي، عن أبي الصِّدِّيق الناجِيّ، عن أبي سعيد الخُدْري، قال: كنا نبيعُ أمهاتِ الأولاد على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

2221 -

فحدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ وأبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، قالا: حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، حدثنا شَريك، عن حسين بن عبد الله، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيُّما أَمةٍ وَلَدَت من سيِّدها، فهي حُرّةٌ بعد موتهِ"

(2)

.

= من رأيك وحدك في الفُرقة. أخرجه عبد الرزاق (13224).

لكن ثبت عن علي أنه رجع عن ذلك أخيرًا إلى رأي عمر، وذلك فيما قاله لِعَبيدة السَّلْماني وشريح: اقضوا كما كنتم تقضون، فإني أكره الاختلاف، حتى يكون للناس جماعة، أو أموت كما مات أصحابي. أخرجه البخاري (3707).

قال البَغَوي في "شرح السنة" 9/ 370: هذا يدلُّ على أنه وافق الجماعة على أنها لا تُباع، واختلاف الصحابة إذا خُتم باتفاق وانقرض العصر عليه، كان إجماعًا.

قلنا: لكن يعكّر على القول بالإجماع ما رواه سفيان بن عيينة في "جزئه" برواية زكريا بن يحيى (19) عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال: والله ما أمُ ولدك إلّا بمنزلة شاتك أو بعيرك. قال البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 388: هذا المعروف من فُتيا ابن عباس. قلنا: ولعلَّ قصد ابن عباس أنَّ حكمها كذلك في حال حياة سيدها من حيث عدم استحقاقها حقوق الزوجة الحرة، وعدم ترتب الآثار اللازمة فيه كما في نكاح المسلم للمرأة الحرة، كعدم جواز الزيادة على الأربع في النكاح، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده ضعيف لضعف زيد العَمّي: وهو ابن الحواري أبو الصِّدّيق الناجي: هو بكر بن عمرو، ويقال: ابن قيس.

وأخرجه أحمد 17/ (11164)، والنسائي (523) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده ضعيف لضعف حسين بن عَبد الله: وهو ابن عُبيد الله بن عباس الهاشمي، وشريك =

ص: 145

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد تابعه أبو بكر بن أبي سَبْرة القرشي عن حُسين:

2222 -

أخبرَناه أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببُخارى، حدثنا أبو عِصمة سهل بن المتوكِّل، حدثنا عبد الله بن مسلمة القَعْنبي، حدثنا أبو بكر بن أبي سَبْرة، عن حُسين بن عبد الله، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأم إبراهيم حين وَلَدتْه: "أعتقَها ولدُها"

(1)

.

= - وهو ابن عبد الله النخعي - في حفظه سوء.

وأخرجه أحمد 4/ (2759) و 5/ (2910)، وابن ماجه (2515) من طرق عن شريك النخعي، بهذا الإسناد.

ورواه بنحو هذا اللفظ الدارقطني في "السنن"(4232) من طريق سفيان الثوري، عن حسين بن عبد الله، به. وإسناده واهٍ، فيه من اتُّهم بالكذب.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل أبي بكر بن أبي سَبْرة، فقد اتُّهم بوضع الحديث، وحسين بن عبد الله ضعيف، وقد تُوبعا بمتابعات لا يُعتدُّ بها كما سيأتي، وقد أُعلَّ هذا الخبر بما رواه عكرمة عن عمر من قوله موقوفًا عليه، وبما رواه عطاء عن ابن عباس من قوله أيضًا، كما سنبينه إن شاء الله تعالى.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 10/ 204، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" قسم مسند ابن عباس (955)، وابن ماجه (2516)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3132)، وابن حبان في "المجروحين" 1/ 242، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" 7/ 297، والدارقطني (4233) و (4237 - 4239)، والبيهقي 10/ 346 من طرق عن أبي بكر بن أبي سَبْرة، بهذا الإسناد.

ووقع عند ابن ماجه: أبو بكر النَّهْشَلي: بدل ابن سَبْرة، وهو خطأ نبَّه عليه المزي في "تهذيب الكمال" 33/ 108.

وأخرجه الدارقطني (4234) من طريق محمد بن إسماعيل الجعفري، عن عبد الله بن سلمة بن أسلم، عن حسين بن عبد الله الهاشمي، به. والجعفري وعبد الله وحسين ضعفاء.

وأخرجه البيهقي 10/ 346 من طريق أبي أويس، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة مولى ابن عباس، مرسلًا. ووقع في المطبوع: عن ابن عباس، وهو خطأ، وأبو أويس - وهو عَبد الله بن عبد الله الأصبحي - فيه لِين، وحسين ضعيف. =

ص: 146

2223 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا عفَّان بن مسلم وحَبّان بن هلال، قالا: حدثنا حماد بن سَلَمة، أخبرنا حُميد، عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحبِّ حتى يَشتَدَّ، وعن بيع العِنب حتى يَسْوَدّ، وعن بيع التمر حتى يحمرَّ ويَصفرَّ

(1)

.

= وقد تابع حُسينًا الهاشمي عبدُ الكريم الجزري عند ابن حزم في "المحلى" 9/ 18، لكن في الإسناد إليه مصعب بن سعيد أبو خيثمة المصيصي، وهو صاحب مناكير وبلايا، وكان يصحف ويدلس وكُفَّ في آخر عمره، فلا اعتداد بمتابعته هذه.

وتابع حسينًا كذلك عبدُ الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين الهاشمي عند الدارقطني (4235)، ومن طريقه البيهقي 10/ 346، من طريق علي بن أبي سارة عنه. وابن أبي سارة هذا ضعيف جدًّا، فلا اعتداد بهذه المتابعة أيضًا.

وقد أُعِلَّ هذا الحديث بعلتين أخريين:

أولاهما: أنَّ المحفوظ فيه عن عكرمة روايته عن عمر بن الخطاب مرسلًا، كما أخرجه ابن أبي شيبة 6/ 406، وأبو القاسم البَغَوي في "الجعديات"(1748)، والبيهقي 10/ 346 من طريق سفيان الثَّوري، عن أبيه، عن عكرمة قال: قال عمر بن الخطاب في أم الولد: أعتقها ولدها وإن كان سقطًا. وعند البَغَوي ومن طريقه البيهقي: عن عكرمة عن عمر. وعكرمة لم يدرك عمر، ولكنه على إرساله أصح من المرفوع. وقد روي عن عمر من وجوه أخرى صحاح من فتواه، كما تقدَّم برقم (2219).

والعلة الثانية: أنَّ المحفوظ عن ابن عباس فتواه بخلاف برواية حسين الهاشمي عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا، كما أخرجه سفيان بن عيينة في "جزئه" برواية زكريا بن يحيى المروَزي (19) عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال: والله ما أمُّ ولدك إلّا بمنزلة شاتِك أو بعيرِك. قال البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 388: هذا المعروف من فتيا ابن عباس. قلنا: لكن قد يُحمل قول ابن عباس على مَحملٍ لا يُخالف ما نُقل عن عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة كما أوضحناه عند الحديث (2219)، والله تعالى أعلم.

وانظر ما قبله.

(1)

إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل.

وأخرجه أحمد 21/ (13613)، والترمذي (1228) من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. لكنه قال: نهى عن بيع الثمرة حتى تَزْهُو، بدل قوله: عن بيع التمر حتى يحمرّ ويصفرَّ. ولم يذكر =

ص: 147

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه

(1)

، إنما اتفقا على حديث نافع عن ابن عمر في النهي عن بيع التمر حتى يُزهِي

(2)

.

= الترمذي هذا الحرف فيه، وحسّن الحديث.

وأخرجه أحمد (13314)، وأبو داود (3371)، وابن ماجه (2217)، والترمذي (1228)، وابن حبان (4993) من طرق عن حماد بن سلمة، به. وعند أحمد وابن ماجه في روايتهما: نهى عن بيع الثمرة حتى تَزهُو، وعند ابن حبان: عن بيع النخل حتى يزهُو، بدل قوله: عن بيع التمر حتَّى يحمرَّ ويصفر. ولم يذكر أبو داود والترمذي هذا الحرف.

وأخرجه أحمد 19/ (12138) عن يحيى بن سعيد القطان، والبخاري (2208)، ومسلم (1555) من طريق إسماعيل بن جعفر، والبخاري (2195) من طريق عبد الله المبارك، و (2197) من طريق هُشَيم بن بشير، والبخاري (1488)، ومسلم (1555)، والنسائي (6072)، وابن حبان (4990) من طريق مالك، خمستهم عن حميد الطويل، عن أنس، بالاقتصار على النهي عن بيع الثمر حتى يزهو. زاد بعضهم: قيل لأنس: ما زَهوُها؟ قال: تحمرّ وتصفرّ، وعند بعضهم: تحمرّ، فقط.

ولا خلاف بين ذكر التمر - بالمثناة - وبين ذكر الثمرة أو الثمر - بالمثلثة - فقد قال ابن الأثير في "النهاية" في مادة (ثمر): الثمر: الرُّطب ما دام في رأس النخلة، فإذا قُطع فهو الرُّطب، فإذا كُنز فهو التمر. قلنا: وعليه تكون الرواية التي بالتاء المثناة مجازًا باعتبار ما سيؤول إليه ثمر النخل بعد قطعِه.

وروى شعبة عند ابن أبي شيبة في "المصنف" 7/ 116 قصة العنب منه عن حميد، فوقفه على أنس.

(1)

كذا جزم الحاكم بأنهما لم يخرجاه، وهو ليس على إطلاقه، فقد أخرجا منه قطعةً كما بيّناه.

(2)

أخرجه البخاري (2194)، ومسلم (1534) من طريق نافع، عن ابن عمر، لكن لفظه عند البخاري وبعض روايات مسلم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحُه. زاد مسلم في رواية: قال: يبدو صلاحُه: حُمرته وصُفرته.

واقتصار الحاكم على أنهما اتفقا على إخراجه من حديث نافع عن ابن عمر، فيه نظر، فقد اتفقا أيضًا على إخراجه باللفظ الذي أشرنا إليه من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر، أخرجه البخاري (1486)، ومسلم (1535)(52). =

ص: 148

2224 -

أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن عبد العزيز والعباس بن الفضل الأسفاطي، قالا: حدثنا عَتيقُ بن يعقوب الزُّبَيري، حدثنا عبد العزيز بن محمد، حدثني إبراهيم بن طَهْمان، عن أبي الزُّبَير المكي، قال: سمعت أبا أُسَيد الساعِدِيَّ، وابنُ عباس يُفتي: الدينار بالدينارين، فقال له أبو أُسَيد الساعِدي، وأغلَظَ له، قال: فقال ابن عباس: ما كنت أظنَّ أنَّ أحدًا يعرف قَرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي مثلَ هذا يا أبا أُسَيد، فقال أبو أُسَيد: أشهدُ لَسمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الدِّينارُ بالدينارِ، والدِّرهمُ بالدرهمِ، وصاعُ حِنْطةٍ بصاعِ حِنْطةٍ، وصاعُ شعيرٍ بصاعِ شَعيرٍ، وصاعُ مِلْح بصاعِ ملحٍ، لا فضلَ بينهما في شيءٍ من ذلك"، فقال ابن عباس: إنما هذا شيءٌ كنتُ أقوله برأيي، ولم أسمعْ فيه بشيءٍ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة. وعَتيق بن يعقوب شيخٌ قرشيٌّ من أهل المدينة.

2225 -

أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي وصالح بن محمد بن حبيب الحافظ، قالا: حدثنا أبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز التمّار، حدثنا حماد بن سَلَمة، حدثنا ثابت البُنَاني، عن أنس بن مالك:

= واتفقا كذلك على إخراجه باللفظ المذكور من حديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، أخرجه البخاري (2183)، ومسلم (1538)(57).

(1)

إسناده قوي من أجل عبد العزيز بن محمد - وهو الدَّراوردي - فهو صدوق لا بأس به.

وأخرجه الشاشي في "مسنده"(1519)، والطبراني في "المعجم الكبير" 19/ (595)، وابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 244 - 245 من طريق علي بن عبد العزيز - وهو أبو الحسن البغوي - بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في "جزء ما رواه أبو الزُّبَير عن غير جابر"(15)، ومن طريقه أخرجه الذهبي في "تاريخ الإسلام" 3/ 521، وفي "سير أعلام النبلاء" 5/ 386 من طريق علي بن حرب، عن عَتيق بن يعقوب، به.

ص: 149

أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، إنَّ لفلانٍ نخلةً وأنا أُقِيمُ حائطي بها، فمُرْه أن يُعطِيَني أُقيمُ حائطي بها، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أعطِها إياهُ بنخلةٍ في الجنة" فأبى، وأتاهُ أبو الدَّحْداح، فقال: بِعْني نخلَك

(1)

بحائطي، قال: ففعل، قال: فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني قد ابتَعْتُ النخلةَ بحائطي، فجَعَلَها له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كم مِن عِذْقٍ رَدَاحٍ لأبي الدَّحْداح في الجنة" مِرارًا، فأتى امرأتَه، فقال: يا أمَّ الدَّحْداح، اخرُجي من الحائط، فإنه بعتُه بنخلةٍ في الجنة، فقالت: قد ربحتَ البيعَ؛ أو كلمةً نحوها

(2)

.

هذا حديثٌ صحيح على شرط مسلم.

وله شاهدٌ من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري:

2226 -

أخبرَناه أبو بكر محمد بن حاتم العَدْل بمَرْو، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو حذيفة النَّهْدي، حدثنا زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن جابر بن عبد الله: أنَّ رجلًا أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: إِنَّ لفلانٍ في حائطي عِذْقًا، وقد آذاني وشَقَّ عَليَّ مكانُ عِذْقِه، فأرسلَ إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:"بِعْني عِذقَكَ الذي في حائط فلانٍ" قال: لا، قال:"هَبْهُ" قال: لا، قال:"فبِعْنِيهِ بعِذْقٍ في الجنة" قال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما رأيتُ أبخلَ منك إلّا الذي يَبخلُ بالسلام"

(3)

.

(1)

كذا في النسخ الخطية، وفي سائر مصادر تخريج الحديث: نخلتك، وهو الجادة.

(2)

إسناده صحيح. ثابت البُناني: هو ابن أسْلَم.

وأخرجه ابن حبان (7159) عن أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، عن أبي نصر التمّار، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 19/ (12482) عن حسن بن موسى الأشيب، عن حماد بن سلمة، به.

قوله: "عِذْقٌ رَدَاحٌ" أي: قِنْوُ نخلةٍ ثقيلٌ عظيمٌ، يعني لامتلائه.

والحائط: البستان.

(3)

حسن بشواهده، دون قوله: "ما رأيت أبخل

إلخ"، عبد الله بن محمد بن عَقيل حسن الحديث في الاعتبار، ويشهد لحديثه حديثُ أنس السابق وغيره.

وأخرجه أحمد 22/ (14517) عن أبي عامر العَقَدي، عن زهير بن محمد، به. =

ص: 150

2227 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ما لا أُحصِيه من مرةٍ، حدثنا هِلال بن العلاء بن هلال بن عمر الرَّقِّي، حدثنا أبي العلاء بن هلال، حدثني أبي هلال بن عمر، حدثني أبي عمرُ بن هلال، حدثني أبو غالِبٍ، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرءِ مِن الكَذِبِ أن يحدِّث بكُلِّ ما سَمِعَ، وكفى بالمرء مِن الشُّحِّ أن يقول: آخُذُ حَقِّي لا أترُكُ منه شيئًا"

(1)

.

هذا إسناد صحيح، فإنَّ آباء هلال بن العلاء أئمةٌ ثقات! وهلال إمام أهل الجزيرة في عصره.

= ويشهد له بنحوه حديث أبي صالح عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عند أحمد 38/ (23085)، ورجاله ثقات.

وقد ورد في غير هذه القصة أنَّ أبخل الناس من يبخل بالسلام، من حديث أبي هريرة موقوفًا عليه عند البخاري في "الأدب المفرد"(1042)، وابن حبان (4498)، وإسناده صحيح، وقد روي مرفوعًا، لكن الصحيح وقفه كما قال الدارقطني في "العلل"(2234).

وعن عبد الله بن مغفَّل مرفوعًا عند الطبراني في "الأوسط"(3392)، وفي "الصغير"(335)، وفي "الدعاء"(61)، وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" 1/ 198: إسناده جيد.

(1)

إسناده ضعيف لضعف العلاء بن هلال بن عمر الرقي وضعف أبيه، وجهالة عمر بن هلال جدّ العلاء. وهو في "المدخل إلى الصحيح" للحاكم 1/ 139 - 140.

وأخرجه الخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق"(1276) عن أبي سعيد محمد بن موسى الصيرفي، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(2396)، ومن طريقه القضاعي في "مسند الشهاب"(1415) عن هلال بن العلاء، به.

وأخرج شطره الثاني فقط ابنُ عدي في "الكامل" 5/ 223 عن صالح بن أبي الجن وعصمة بن بجماك، عن هلال بن العلاء، به.

ولشطره الأول شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدّث بكل ما سمع" أخرجه مسلم في مقدمة "صحيحه"(5) في باب النهي عن الحديث بكل ما سمع.

وآخر من حديث عمر بن الخطاب موقوفًا، وثالث من حديث عبد الله بن مسعود موقوفًا كذلك في مقدمة "صحيح مسلم" أيضًا في الباب المذكور (5).

ص: 151

2228 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا موسى بن داود الضَّبِّي وعفان بن مسلم، قالا: حدثنا حماد بن سَلَمة.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا العباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا أبو الوليد، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم اشترى صَفيَّة من دِحْيةَ الكَلْبي بسبعة أَرؤُسٍ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

2229 -

أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قَتَادة، عن الحسن، عن عُقبة بن عامر الجُهَني: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في عُهْدة الرَّقيق: "ثلاثُ ليالٍ"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.

وأخرجه أحمد 21/ (13575)، ومسلم (1427)(87) من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 19/ (12240)، وأبو داود (2997)، وابن ماجه (2272)، وابن حبان (7212) من طرق عن حماد بن سلمة، به.

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإنَّ الحسن - وهو ابن أبي الحسن البصري - لم يسمع من عقبة بن عامر، فيما قاله المصنف هنا، وسبقه إلى القول بذلك علي بن المديني، وأحمد فيما نقله عنه الخطابي، وأبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل"(1184)، وغيرهم، وقد اختُلف فيه أيضًا عن الحسن، فمرة يُروى عنه عن عقبة كما وقع عند المصنف هنا، ومرة يُروى عنه عن سمرة بن جندب، واختُلف في لفظه كذلك كما أشار إليه الحاكم.

وأخرجه أحمد 28/ (17384) عن إسماعيل ابن عُليَّة، عن سعيد بن أبي عَروبة، به. دون كلام قَتَادة الذي بإثره في شرح الحديث.

وتابع ابنَ عُليَّة وعبد الوهاب الخفاف على ذكر عقبة بن عامرٍ هُشَيمُ بنُ بشير عند يونس بن سُريج في "القضاء"(95). =

ص: 152

قال سعيد: فقلت لقَتَادة: كيف يكون هذا؟ قال: إذا وَجَدَ المشتري عيبًا بالسِّلعة، فإنه يَردُّها في تلك الأيام، ولا يُسألُ البيّنةَ، فإذا مَضَتْ عليه أيامٌ فليس له أن يَرُدَّها إلّا ببيِّنةِ أنه اشتراها وذلك العيبُ بها، وإلّا فيمينُ البائع أنه لم يَبِعْه وبه داءٌ.

هكذا قال سعيد وهمام عن قَتَادة، وكذلك رواه يونس بن عُبيد عن الحسن:

2230 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عمرو بن عَون، حدثنا هُشَيم، أخبرنا يونس بن عُبيد، عن الحسن، عن عُقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عُهدةَ فوقَ أربعٍ"

(1)

.

وأما خلافُ هشام الدَّستُوائي إياهما:

2231 -

فحدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ، حدثنا هشام بن علي السَّدُوسي، حدثنا حجّاج بن مِنْهال، حدثنا هشام.

= وأخرجه أبو داود (3507) من طريق همام بن يحيى، وأحمد 28/ (17385) من طريق شعبة بن الحجاج، وأبو داود (3506) من طريق أبان بن يزيد العطّار، ثلاثتهم عن قتادة، به.

وأخرجه ابن ماجه (2244) من طريق عَبْدة بن سليمان، عن سعيد بن أبي عروبة، به. لكن قال: عن سمرة بن جندب، فجعله من مسند سمرة.

وتابع عبدةَ بنَ سليمان على ذلك جماعةٌ منهم أبو عاصم الضحاك بن مخلد عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(6092)، ومحمد بن بشر عند ابن حزم في "المحلى" 8/ 379 - 380، فروياه عن سعيد بن أبي عروبة، فقالا: عن سمرة بن جندب. وكذلك قال هشام الدستوائي في رواية سيأتي التنبيه عليها برقم (2231) غير أنه ذكره على الشك، فقال: عن سمرة أو عقبة.

لكن الأشبه رواية من رواه عن سعيد بن أبي عروبة بذكر عقبة بن عامر، لموافقتهم رواية من رواه عن قتادة كذلك ممَّن تقدَّم ذكرهم، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده ضعيف لانقطاعه كسابقه. هُشَيم: هو ابن بشير الواسطي.

وأخرجه أحمد 28/ (17292)، وابن ماجه (2245) من طريق هُشَيم بن بشير، بهذا الإسناد.

وقد خالف هُشَيمًا إسماعيلُ ابنُ عَليَّة عند ابن أبي شيبة 14/ 227 فرواه عن يونس عن الحسن مرسلًا.

ص: 153

وحدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا بُندارٌ وأبو موسى، قالا: حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قَتَادة، عن عقبة بن عامر

(1)

، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"عُهدة الرَّقيق أربعُ ليال"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد غير أنه على الإرسال، فإنَّ الحسن لم يسمع من عقبة بن عامر.

وله شاهدٌ:

2232 -

حدثنا علي بن عيسى الحِيْري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا ابن أبي عُمر، حدثنا سفيان، حدثني محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان حَبَّان بن مُنْقِذٍ رجلًا ضعيفًا، وكان قد سُفِع في رأسه مأمومةً، فجعل له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الخِيارَ فيما اشترى ثلاثًا، وكان قد ثَقُل لسانُه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بِعْ وقُل: لا خِلَابةَ". فكنتُ أسمَعُه يقول: لا خِذابةَ لا خِذابةَ.

وكان يشتري الشيءَ ويجيء به أهلَه، فيقولون: هذا غالٍ، فيقول: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خَيَّرني في بَيعي

(3)

.

(1)

كذا وقع للمصنف بإسقاط الحسن، فعدّه خلافًا لهشام، ويغلب على ظننا أنه وهمٌ وقع للحاكم، فإنَّ سائر أصحاب هشام الدستوائي قد أثبتوه في الإسناد، ولأنَّ البيهقي بعد أن أخرجه 5/ 323 من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن هشام، قال: وكذلك رواه معاذ بن هشام وغيره عن هشام، فلو كان في رواية معاذ بن هشام مفارقةٌ في الإسناد لأشار إليها، والله تعالى أعلم.

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه.

وأخرجه أحمد 28/ (17358) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، وأبو بكر الرُّوياني في "مسنده"(191) من طريق محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وأبو داود الطيالسي (950)، ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط"(8087)، وأخرجه ابن حزم 8/ 380، والبيهقي 5/ 323 من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، كلهم (عبد الصمد وابن أبي عدي والطيالسي وعبد الوهاب بن عطاء) عن هشام الدَّستوائي، بهذا الإسناد. إلّا أنَّ الطيالسي قال في روايته: عن سمرة أو عقبة.

(3)

حديث صحيح دون قوله في آخر الحديث: وكان يشتري الشيء، إلى آخره، وهذا إسناد =

ص: 154

2233 -

أخبرني أبو النَّضْر محمد بن محمد الفقيه، حدثنا محمد بن غالب بن حَرْب الضبّي وصالح بن محمد بن حبيب الحافظ، قالا: حدثنا سعيد بن سليمان الواسِطي، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن مجبَّر، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة: أنها كانت تَدّانُ، فقيل لها: ما لَكِ والدَّيْنَ، وليس عندك قضاءٌ؟ فقالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مِن عبدٍ كانت له نِيّةٌ في أداء دَيْنه، إلّا كان له مِن الله عَونٌ"، فأنا ألتَمِسُ ذلكَ العَونَ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار المطّلبي مولاهم، صاحب المغازي - وقد صرَّح بسماعه عند أحمد وغيره، فأُمن تدليسه، لكن قوله الذي أشرنا إليه آخر الحديث مدرج كما سنبينه.

ابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني، وسفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه أحمد 10/ (6134) عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق به. دون قوله في آخر الحديث: وكان يشتري الشيء

إلى آخره.

وهذه الزيادة المذكورة إنما سمعها ابن إسحاق من محمد بن يحيى بن حَبّان، قال: كان جدي منقذ بن عمرو

، فذكره، وقد جاء بيان ذلك مفصَّلًا في رواية يونس بن بكير عند البيهقي 5/ 273، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى عند الدارقطني (3011)، كلاهما عن محمد بن إسحاق، فما وقع في رواية الحاكم هنا إدراج، أوهمَ أنَّ هذه الجملة من قول ابن عمر، وليس كذلك.

والحديث عند البخاري (2117)، ومسلم (1533) من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر مختصرًا بلفظ: أنَّ رجلًا ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يُخدَع في البيوع، فقال:"إذا بايعتَ فقل: لا خِلابة"، فكان يقوله.

وفي الباب عن أنس بن مالك سيأتي برقم (7238).

والخِلابة: الخِداع.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، محمد بن عبد الرحمن بن مجبَّر متروك الحديث، وسيأتي بعده بإسناد أحسن منه، وله شواهد يصح بها.

وأخرجه البيهقي 5/ 354 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(5222) من طريق محمد بن الفضل السقطي، عن سعيد بن سليمان، به.

ص: 155

وقد رُويَ عن محمد بن علي بن الحسين عن عائشة مثلُه:

2234 -

أخبرَناه أبو بكر بنُ إسحاق، أخبرنا أبومسلم، حدثنا الحجّاج بن مِنْهال، حدثنا القاسم بن الفضل، قال: سمعتُ محمد بن علي يقولُ: كانت عائشةُ تَدَّانُ، فقيل لها: ما لَكِ والدَّيْنَ؟ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبدٍ كانت له نِيّةٌ في أداء دينِه، إلّا كان له مِن الله عَونٌ"، فأنا ألتَمِسُ ذلكَ العَونَ

(1)

.

وشاهده حديثُ ميمونة:

2235 -

حدَّثَناه أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا أبو الوليد الطَّيالسي، حدثنا جَرير.

وحدثنا الأستاذ أبو الوليد الفقيه، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جرير، عن منصور، عن زياد بن عمرو بن هند، عن عِمران بن حذيفة، عن ميمونة: أنها كانت تَدّانُ، فتُكثِر، فقيل لها في ذلك، فقالت: لا أدَعُ الدَّين، لأنَّ له من اللهِ عونًا، فأنا ألتمِسُ ذلك العَونَ

(2)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه منقطع، لأنَّ محمد بن علي - وهو ابن الحسين، المعروف بالباقر - لم يسمع عائشة، وروايته هنا مرسلة.

وأخرجه أحمد 40/ (24439) و 41/ (24679) و (24993) و 43/ (25977) و (26127) من طرق عن القاسم بن الفضل، به.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"(7608) عن محمد بن إسحاق بن إبراهيم، عن أبيه إسحاق المعروف بشاذان، عن سعْد بن الصلت، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. ولا يُعرف هذا الحديث من هذه الطريق إلّا من رواية سعد بن الصلت، ولم يروه عنه غير شاذان، ولا عن شاذان إلّا ابنه، ولم نقف على ترجمة لابنه، فلا يحتمل تفرد مثله بمثل هذا الإسناد.

لكن له شواهد يصح بها إن شاء الله، منها:

حديث أبي هريرة عند البخاري (2387) وغيره بلفظ: "من أخذ أموالَ الناس يريد أداءها أدّى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه اللهُ".

وحديثا ميمونة وعبد الله بن جعفر الآتيان بعده.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة زياد بن عمرو بن هند، وعمران بن حذيفة، =

ص: 156

2236 -

أخبرنا جعفر بن محمد بن نُصَير الخُلْدي، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم ضِرَار بن صُرَدٍ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك.

وأخبرني يحيى بن منصور القاضي، حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن رَجَاء، حدثنا يعقوب بن حُميد بن كاسِب، حدثنا ابن أبي فُديك، حدثنا سعيد بن سفيان الأسلمي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله مع الدائنِ حتَّى يقضيَ دَينَه، ما لم يكن فيما يَكرهُه اللهُ"

(1)

.

= ثم الأشبهُ أنه عن عمران بن حذيفة أنَّ ميمونة كانت تدّان، يعني مرسلًا، كما نبَّه عليه الدارقطني في "العلل"(4016)، وقد اختُلف فيه على منصور كما سيأتي بيانه، وجميع من رواه عن ميمونة غير الحاكم رفع آخره.

أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وجرير: هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعتمر.

وأخرجه النسائي (6239) عن محمد بن قدامة، وابن حبان (5041) من طريق زهير بن حرب، كلاهما عن جرير، عن منصور، عن زياد بن عمرو، عن عمران بن حذيفة، قال: كانت ميمونة تدّان، الحديث مرسلًا مرفوعًا آخره.

وأخرجه ابن ماجه (2408) من طريق عبيدة بن حميد، عن منصور، به. فوصله ورفع آخره.

وأخرجه أحمد 44/ (26816) و (26840) من طريق جعفر بن زياد، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن ميمونة مرفوعًا آخره أيضًا. وسالم بن أبي الجعد قد روى حديثًا لميمونة في "الصحيحين" وغيرهما بواسطة كريب عن ابن عباس عنها، وهذا يعني أنه لم يدركها، والله أعلم.

وأخرجه النسائي (6240) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أنَّ ميمونة استدانت، هكذا رواه مرسلًا أيضًا ومرفوعًا آخره، ورجاله ثقات، وقد روي موصولًا، لكن قال الدارقطني في "العلل" (4019): المرسل أشبه.

قلنا: وباجتماع هذه الطرق يصح الحديث إن شاء الله تعالى، فتكون ميمونة وعائشة كلتاهما كانتا تدَّانان وترويان هذا الحديث، والله أعلم بالصواب.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سعيد بن سفيان الأسلمي، وقد روى القاسمُ بن الفضل - وهو ثقة - عن محمد بن علي الباقر والد جعفر بن محمد عن عائشة نحوه، كما تقدم برقم (2234)، وهو أشبه بالصواب، وكأنَّ سعيدًا أخطأ فيه، والله أعلم.

ص: 157

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه حديث أبي أُمامة:

2237 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنّى، حدثنا محمد بن المِنْهال، حدثنا يزيد بن زُريع، حدثنا بِشر بن نُمير، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن تَداين بدَين، وفي نفسه وفاؤُه، ثم مات، تجاوز الله عنه، وأرضَى غريمَه بما شاء، ومَن تَداين بدَين وليس في نفسه وفاؤُه، ثم مات، اقتصَّ اللهُ لغَريمِه منه يومَ القيامة"

(1)

.

2238 -

حدثنا الأستاذ أبو الوليد حَسّان بن محمد وأبو بكر محمد بن قُريش، قالا: حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن المِنْهال، حدثنا يزيد بن زُريع، حدثنا عُمارة بن أبي حفصة، عن عِكْرمة، عن عائشة، قالت: كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بُردان قِطْريان غَليظان خَشِنان، فقلت: يا رسول الله، إنَّ ثوبَيك خَشِنان غليظان، وإنك تَرشَحُ فيهما فيَثقُلان عليك، وإنَّ فلانًا قَدِمَ له بَزٌّ من الشام، فلو بعثتَ إليه فأخذْتَ منه ثوبَين بنَسيئةٍ إلى مَيسَرة، فأرسلَ إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قد علمتُ ما يريدُ محمدٌ، يريدُ أن يَذهَبَ بِثَوبيَّ ويَمطُلَني بهما، فأتى الرسولُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"قد كَذَبَ، قد عَلِمُوا أني أتقاهُم لله وآدَاهُم للأمانة"

(2)

.

(1)

إسناده تالف بمرةٍ، بشر بن نمير متروك الحديث، واتهمه بعضهم بالكذب.

وأخرجه الطبراني في "معجمه الكبير"(7937) عن إبراهيم بن هاشم البَغَوي، عن محمد بن المنهال، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (2922/ 1) من طريق أبي هلال، عن بشر بن نمير، به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الترمذي (1213)، والنسائي (6179) عن عمرو بن علي الفلّاس، عن يزيد بن زُريع، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح.

وانظر ما بعده. =

ص: 158

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

وقد روي عن شعبة عن عُمارة بن أبي حفصة مختصرًا:

2239 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن شاذان الجوهري، حدثنا عمرو بن مرزوق وعمرو بن حَكّام، قالا: حدثنا شعبة.

وحدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا الحُسين بن محمد بن زياد، حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عُمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله، ثوباك غَليظانِ فلو نَزَعْتَهما وبعثتَ إلى فلانٍ التاجرِ، فأرسَلَ إليك ثوبين إلى المَيسَرة، قال: فأرسَلَ إليه: "ابعَثْ إِليَّ ثَوبَينِ إِلى المَيسَرةِ"، فأَبَى

(1)

.

2240 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني.

وأخبرنا أبو بكر أحمد

(2)

، حدثنا محمد بن أيوب والحسين بن بشار، قالا: حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي؛ قالا: حدثنا شَريك، عن سماك بن حَرْب، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، قال: قَدِمَتْ عِيرٌ فابتاع النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم منها بيعًا، فربح أَوَاقيَّ

(3)

من

= والقِطْريُّ: نوع من البُرود حمرٌ لها أعلام فيها بعض الخُشونة.

وقوله: ترشح، أي: تعرق، سمي العرقُ رَشْحًا لأنه يخرج من البدن شيئًا فشيئًا، كما يرشح الإناء المتخلخِل الأجزاء.

والبَزُّ: الثياب، وقيل: ضَربٌ منها.

والنَّسيئة: الدَّين إلى أجل.

ويَمطُلني، أي: يُطيل مدافعتي وتأجيلي بوعدٍ بعد وعدٍ للوفاء.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 42/ (25141) عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

(2)

هو أبو بكر أحمد بن إسحاق شيخه في الإسناد السابق.

(3)

جاء في نسخنا الخطية: أواقًا؛ بحذف الياء من آخر الكلمة، وإعرابها بتنوين الفتح الظاهر =

ص: 159

ذَهَبٍ، فتصدَّق بها بين أبناء بني عبد المطّلب، وقال:"لا أَشتَري ما ليس عِندي ثمنُه"

(1)

.

قد احتجَّ البخاريُّ بعِكْرمة، واحتجَّ مسلمٌ بِسماكٍ وشريكٍ، والحديث صحيح، ولم يُخرجاه.

2241 -

أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا بشر بن عُبيد الدّارِسي، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدَّينُ رايةُ الله في الأرض، فإذا أراد أن يُذِلَّ عبدًا وَضَعَها في عُنُقِه"

(2)

.

= على ما قبلها، مع أنها في الأصل "أواقيّ" جمع "أوقيَّة" فهي ممنوعة من الصَّرف؛ لكونها على وزن أفاعيل، وما وقع في النسخ الخطية جائزٌ عند بعض العرب، وبه قرأ ابنُ مسعود:(ولَهُ الجَوَارُ) برفع الراء، وقرأ بعضُ السَّلَف (ومِن فَوقِهم غَوَاشٌ). انظر "التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل" لأبي حيان الأندلسي 9/ 328، لكن الوجْهَ هو ما أثبتناه، انظر "إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث" لأبي البقاء العُكبَري ص 211.

(1)

إسناده ضعيف، شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - قد تفرَّد به عن سماك بن حرب، واختُلف في وصله وإرساله، كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 7/ 511، وسماك في روايته عن عكرمة اضطراب، وقد أشار البخاري في "صحيحه" - كما قال الحافظ - إلى ضعف هذا الحديث في ترجمته بين يدي الحديث (2385) بأنه يخالف مضمون حديث ابن عباس هذا، وضعَّفه أيضًا ابنُ حزم في "المحلى" 9/ 64، وابن القطّان الفاسي في "بيان الوهم" 3/ 301 - 302.

وأخرجه أحمد 4/ (2093) و 5/ (2970) و (2971)، وأبو داود (3344) من طرق عن شريك النخعي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (3344) عن عثمان بن أبي شيبة وقتيبة بن سعيد، عن شريك، عن سماك، عن عكرمة مرسلًا.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، من أجل بشر بن عُبيد الدارسي، فهو واهٍ، كما قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/ 370، والذهبي في "تلخيص المستدرك". وقد جاء الحديث من وجهين آخرين عن محمد بن غالب - وهو تمتام الحافظ المعروف بزيادة رجل بين بشر وحماد، وهو أبو موسى المقرئ، ولم نَتبيّن من هو. =

ص: 160

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2242 -

أخبرني إسماعيل بن محمد الشَّعراني، حدثنا جدي، حدثنا إبراهيم بن حمزة الزُّبَيري، حدثنا ابن أبي حازم

(1)

، عن سُهيل بن أبي صالح، عن موسى بن عُقبة، عن عاصم بن أبي عُبيد، عن أم سَلَمة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان يدعُو بهؤلاء الكلماتِ: "اللهم أنتَ الأولُ فلا شيءَ قبلَكَ، وأنت الآخِرُ فلا شيءَ بعدَك، أعوذُ بكَ من شَرِّ كلِّ دابّةٍ ناصيتُها بيدِك، وأعوذ بكَ من الإثمِ والكَسَل، ومن عذابِ القَبرِ، ومن عذابِ النارِ، ومِن فتنةِ الغِنى، ومن فتنةِ الفَقْر، وأعوذُ بكَ من المأثَمِ والمَغرمِ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2243 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا هشام بن علي، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن سلمة بن أبي الحُسام، حدثنا العلاء بن عبد الرحمن.

وأخبرني أبو بكر بن أبي نصر، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا القَعْنبي، حدثنا عبد العزيز بن محمد، حدثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي كثير مولى محمد بن جَحْش، عن محمد بن جحش، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قاعدًا حيث تُوضَعُ الجنائز، فرفع رأسَه قِبَلَ السماءِ، ثم خَفَضَ بصرَه فوضع يدَه على جَبْهتِه، فقال:"سبحانَ اللهِ سبحان الله! ما أنزلَ اللهُ من التشديدِ! " قال: فعَرَفْنا وسَكَتْنا، حتى إذا كان

= وأخرجه أبو بكر الشافعي في "الفوائد المنتقاة" في الجزء الثالث عشر منها (209) عن محمد بن غالب، وأبو منصور الدَّيلمي في "مسند الفردوس" كما في "الغرائب الملتقطة" منه للحافظ ابن حجر (1626)، و (1627) من طريق محمد بن عبد الله بن بَرْزَة، عن محمد بن غالب، عن بشر بن عبيد الدارسي، قال: حدثنا أبو موسى المقرئ، قال: حدثنا حماد بن سلمة، به.

(1)

تحرَّف في (ز) و (ب): مزاحم، وهو خطأ، وابن أبي حازم: هو عبد العزيز.

(2)

إسناده محتمل للتحسين من أجل عاصم بن أبي عبيد كما سلف برقم (1943).

وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"(13)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الحُجة في بيان المحجة"(33) من طريق أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

ص: 161

الغدُ، سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يا رسول الله، ما التشديدُ الذي نَزَلَ؟ قال:"في الدَّيْن، والذي نفسُ محمدٍ بيدِه، لو قُتِلَ رجلٌ في سبيل الله، ثم عاشَ ثم قُتل ثم عاشَ، وعليه دَينٌ، ما دخَلَ الجنةَ حتَّى يُقضى دينُه"

(1)

.

(1)

إسناده حسن من أجل أبي كثير مولي محمد بن جحش، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وكنا قد ضعفناه في "المسند" 37/ (22493) بهذه السياقة، لكونه روي بلفظ آخر سنذكره لاحقًا، ثم ظهر لنا أن لا تعارض بين اللفظين، لأنَّ ثاني اللفظين يمكن أن يكون مختصرًا من اللفظ الذي هنا، وقد جمع الدارقطني في "العلل"(3384) بين طُرق الحديث بلفظيه، فكأنه رآه حديثًا واحدًا، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى، فلا يُعِلُّ أحدُ اللفظين الآخر، والله تعالى أعلم. عبد الله بن رجاء: هو الغُدَاني، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.

وأخرجه أحمد 37/ (22493)، والنسائي (6237) من طريقين عن العلاء بن عبد الرحمن به.

وأخرجه أحمد 28/ (17253) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي كثير، عن محمد بن عبد الله بن جحش: أنَّ رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ماذا لي إن قُتِلتُ في سبيل الله؟ قال:"الجنة"، فلما ولى قال:"إلّا الدَّين، سارّني به جبريل عليه السلام آنفًا" وإسناده حسن أيضًا.

ويشهد له بهذا اللفظ الثاني المختصر حديث أبي قتادة الذي أخرجه مسلم (1885)، وحديث أبي هريرة عند النسائي (4348)، وإسناده صحيح، فهو صحيح لغيره.

ويشهد للمرفوع وحده حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند مسلم (1886) بلفظ: "يغفر للشهيد كلُّ ذنب إلّا الدَّين".

وقوله: حيث توضع الجنائز، يعني في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء في حديث رجم اليهوديين عند البخاري (7332).

قال ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 238: الدَّين الذي يُحبس به صاحبُه عن الجنة - والله أعلم - هو الذي قد ترك له وفاءً ولم يُوصِ به، أو قدر على الأداء فلم يُؤدِّ، أو ادّانه في غير حقٍّ، أو في سَرَف ومات ولم يؤدِّه، وأما من ادَّان في حقٍّ واجب لفاقةٍ وعُسر، ومات ولم يترك وفاءً، فإنَّ الله لا يحبسه به عن الجنة إن شاء الله، لأنَّ على السلطان فرضًا أن يؤدي عنه دَينَه، إما من جملة الصدقات، أو من سهم الغارمين، أو من الفَيْء الراجع على المسلمين من صنوف الفيء، وقد قيل: إنَّ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشديده في الدَّين كان قبل أن يفتح الله عليه ما يجب منه الفيء والصدقات لأهلها. وانظر لزامًا "شرح الزرقاني على الموطأ" 3/ 55 - 56.

ص: 162

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2244 -

حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا محمد بن عبد الوهاب بن حبيب العَبْدي، حدثنا جعفر بن عَون، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن أحمد بن النضر، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا أبو إسحاق الفَزَاري، عن إسماعيل بن أبي خالد.

وأخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، حدثني عامرٌ الشَّعبي، عن سَمُرة بن جُندُب، قال: صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ، فلما أقبَلَ قال:"ها هنا مِن بني فُلانٍ أحدٌ؟ " فسكتَ القومُ - وكان إذا ابتغاهم بشيء سكتوا - ثم قال: "ها هنا من بني فُلانٍ أحدٌ؟ "، فقال رجلٌ: هذا فُلانٌ، فقال:"إنَّ صاحِبَكم قد حُبِسَ على باب الجنةِ بدَينٍ كان عليه" فقال رجلٌ: عَليَّ دَينُه، فقَضَاه

(1)

.

وهكذا رواه فراسٌ عن الشعبي:

2245 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصغَاني، حدثنا يحيى بن حماد وعفان بن مسلم، قالا: حدثنا أبو عَوَانة، عن فِراسٍ.

وحدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا محمد بن سعيد

(1)

إسناده صحيح، وقد وقع تصريح الشعبي بسماعه هذا الحديثَ من سمرة عند أبي داود الطيالسي (932)، وسيأتي برقم (2246) أنَّ الشعبي رواه عن سمرة بواسطة سِمعان بن مُشَنَّج، وهو قوي الحديث، لكن لا يُنكر سماعُ الشعبي من سمرة أيضًا، فقد كان عمر الشعبي عند وفاة سمرة قريب الثمانية والثلاثين عامًا، فكيف إذا انضم إلى ذلك تصريحه بالسماع عند الطيالسي، فلا يبعد عند ذلك أن يكون الشعبيُّ قد سمعه على الوجهين، والله أعلم بالصواب.

وأخرجه أحمد 33/ (20124) من طريق شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

وقد تابع إسماعيلَ بنَ أبي خالد فراسُ بنُ يحيى، كما في الطريق التالية، والعلاء بن عبد الكريم الياميّ عند الطبراني في "الأوسط"(3049)، وإسناده قويّ.

ص: 163

ابن الأصبهاني، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المُحارِبي، عن يزيد الدّالاني، عن فِراسٍ.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو مسلم ومحمد بن غالب، قالا: حدثنا عمرو بن مرزُوق، حدثنا شعبة، عن فِراسٍ، عن الشعبي، عن سَمُرةَ بن جُندب، قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ، فقال:"ها هنا أحدٌ من بني فُلانٍ؟ " فنادى ثلاثًا لا يجيبه أحدٌ، ثم قال:"إنَّ الرجلَ الذي ماتَ بينكم قد احتُبِس عن الجنة مِن أجْلِ الدَّين الذي عليه، فإن شئتُم فافْدُوه، وإن شئتُم فأسلِمُوه إلى عذابِ الله"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، لخلافٍ فيه من سعيدِ بن مَسروق الثَّوْري.

2246 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن الهيثم، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان، حدثنا أبو الأحوص، عن سعيد بن مَسروق، عن الشعبي، عن سِمعان بن مُشنَّج.

وأخبرني أبو بكر بن عبد الله الوَرَّاق، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا وكيع، عن أبيه، عن سعيد بن مسروق، عن الشعبي، عن سِمْعان بن مُشنَّج، عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه

(2)

.

(1)

إسناده صحيح كسابقه. فراس: هو ابن يحيى المُكتِب، وأبو مسلم: هو الكَجِّي الحافظ. وأخرجه أحمد 33/ (20232) عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده حسن من أجل سمعان بن مُشنَّج، فقد وثقه العجلي وابن ماكولا، وذكره ابن خلفون وابن حبان في "الثقات"، وقد صحَّ عن الشعبي عن سمرة مباشرة، دون ذكر سمعان فيه، كما تقدم في الطريقين اللتين قبله، بل جزم النسائي بإثر (6238) أنه لا يَعلَم أحدًا قال في هذا الحديث: عن سمعان، غير سعيد بن مسروق.

وأخرجه أبو داود (3341) عن سعيد بن منصور، عن أبي الأحوص، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 33/ (20231)، والنسائي (6238) من طريق عبد الرزاق، وأحمد (20233) عن أبي سفيان المعمري، كلاهما عن سفيان الثَّوري، عن أبيه - وهو سعيد بن مسروق -، به.

ورواه وكيع بن الجراح مرةً عن سفيان الثَّوري، فلم يذكر في إسناده سمعان، أخرجه من طريقه =

ص: 164

مُتعذِّرٌ أن تُعلَّلَ روايةُ إسماعيلَ بن أبي خالد وفراسِ بن يحيى من رواية الأئمة الأثبات عنهما، بمثلِ هذه الروايات، والله أعلم.

2247 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سُليمان، حدثنا عبد الله بن وهب قال: سمعتُ حَيْوةَ بن شُريح يحدِّث عن بكر بن عمرو المَعَافِري، عن شعيب بن زُرْعة، عن عُقْبة بن عامر الجُهَني أنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ لأصحابه: "لا تُخِيفُوا أنفُسَكم" فقيل: يا رسول الله، وما نُخِيفُ أنفُسَنا؟ قال:"بالدَّينِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2248 -

أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد، عن قَتَادة عن سالم بن أبي الجَعْد، عن مَعْدان بن أبي طلحة، عن ثَوْبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن فارقَ الرُّوحُ الجسدَ وهو بريءٌ من ثلاثٍ، دخلَ الجنةَ: الغُلولِ، والدَّينِ، والكَنْزِ

(2)

"

(3)

.

= الطبراني في "الكبير"(6756).

(1)

إسناده حسن من أجل بكر بن عمرو المعافري وشعيب بن زُرعة.

وأخرجه أحمد 28/ (17407) عن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حيوة بن شريح، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (17320) من طريق رشدين بن سعْد، عن بكر بن عمرو، به.

(2)

كذا قُيِّد في (ص) بالنون، وهو الموافق لكلام الترمذي الذي قاله بإثر الحديث (1573)، حيث قال: هكذا قال سعيد: الكنز، قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/ 371: يعني بالزاي. قلنا: ونقل ابن الجوزي في "جامع المسانيد" 1/ 392 (796) عن الدارقطني قوله: إنما هو الكنز، بالنون، ونقل السيوطي في "قوت المغتذي" 1/ 414 عن العراقي قوله: من رواه بالموحدة والراء (يعني: الكِبْر) فهو تصحيف. قلنا: وقال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" 3/ 338: وكذلك أيضًا ذكر ابن مردويه الحديث في تفسير {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34]. قلنا: وأورده ابن عبد البر في "الاستذكار" كما سيأتي في باب ما جاء في الكنز من أبواب الزكاة والفضة. وقال السِّندي في "حاشيته على ابن ماجه" 2/ 76: هذا هو الموافق لما بعده، إذ الكلام فيما يتعلق بالأموال. قلنا: وتصحف في (ز) و (ب) و (ع) إلى: الكبر، بالباء والراء، وانظر تمام الكلام عليه عند تخريج الحديث.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل يحيى بن أبي طالب وعبد الوهاب بن عطاء، فهما صدوقان لا بأس بهما، وقد توبعا. سعيد: هو ابن أبي عَرُوبة، وقتادة: هو ابن دِعامة.

ص: 165

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه أحمد 37/ (22427) عن عبد الوهاب بن عطاء الخفَّاف، بهذا الإسناد. لكنه قال في روايته:"الكبر" بالباء والراء بدل: "الكنز" بالنون والزاي. وقد وافق يحيى بنَ أبي طالب على روايته بالنون والزاي الحارثُ بنُ أبي أسامة عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(1411).

وأخرجه الترمذي (1573) من طريق ابن أبي عدي، والنسائي (8711) عن عمرو بن علي الفلَّاس، عن يزيد بن زُريع، كلاهما (ابن أبي عدي ويزيد بن زريع) عن سعيد بن أبي عروبة، به. فقالا في روايتهما:"الكنز" بالنون والزاي.

وأخرجه أحمد (22427) عن محمد بن بكر البُرساني، وابن ماجه (2412) من طريق خالد بن الحارث، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، وأخرجه النسائي (8711) عن محمد بن عبد الله بن بزيع، وابن حبان (198) من طريق محمد بن المنهال الضرير وأمية بن بسطام، ثلاثتهم (ابن بزيع وابن المنهال وأمية) عن يزيد بن زُريع، عن سعيد بن أبي عروبة، فقالوا جميعًا في رواياتهم:"الكبر" بالباء والراء.

وأخرجه أحمد (22369) و (22390) و (22428) و (22434) من طريق همام بن يحيى، و (22369) من طريق أبان بن يزيد العطار، و (22428) عن محمد بن جعفر، عن شعبة، ثلاثتهم عن قَتَادة، به، ووقع في رواية همام وأبان:"الكبر" بالباء والراء، وأسقط أحمد هذا الحرفَ من رواية شعبة مع أنه ثابت في رواية محمد بن جعفر عنه بالنون والزاي، كما نصَّ عليه أحمد نفسُه فيما أسنده عنه أبو أحمد العسكري في "تصحيفات المحدثين" 1/ 140، وخطَّأ أحمدُ روايته وصحَّح الرواية بالباء والراء، وإنما دعا أحمد إلى ذلك أنَّ معظم الروايات التي وقعت له في "المسند" مما قدمنا ذكره إنما وقعت بالباء والراء، فصححها وخَطَّأ رواية محمد بن جعفر عن شعبة، وهذا بخلاف ما قدمنا ذكره في التعليق السابق من تخطئة الترمذي والدارقطني وغيرهما لرواية الباء والراء، وترجيحهم رواية النون والزاي وقولهم هو الراجح فيما نُرى، لأنَّ ابن عبد البر قد روى هذا الحديث في "الاستذكار"(12719) من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة، عن عفان بن مسلم، عن أبان بن يزيد وهمام، عن قَتَادة به، ووقعت له الرواية بالنون والزاي، وأورد الحديث في باب ما جاء في الكنز من أبواب الزكاة، وهذا يؤيد أنَّ الأشبه في روايتهما ما وافقا عليه مَن رواه بالنون والزاي والله تعالى أعلم.

ص: 166

تابعه أبو عَوَانة عن قَتَادة في إقامة هذا الإسناد:

2249 -

أخبرَناه أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا أبو الوليد الطَّيالسي وعفّان بن مسلم، قالا: حدثنا أبو عَوَانة، عن قَتَادة، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن مَعْدان بن أبي طلحة، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن ماتَ وهو بَريءٌ من ثلاثٍ: الكَنْزِ

(1)

، والغُلولِ، والدَّينِ، دخَلَ الجنةَ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2250 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشاذَ العَدْل ودَعَلَجُ بن أحمد السِّجِسْتاني، قالوا: أخبرنا هشام بن علي السِّيرافي، حدثنا عبد الله بن رجاء، أخبرنا سعيد بن سلمة بن أبي الحُسام، حدثني صالح بن كَيسان، عن سَعْد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"نفسُ المؤمنِ مُعَلَّقةٌ بدَينِه حتى يُقضَى عنه"

(3)

.

(1)

وقع في النسخ الخطية: الكبر، ولم يظهر إعجامها في (ص)، وقد نصَّ البيهقي في "شعب الإيمان" (5151) أنه في كتابه عن أبي عبد الله الحاكم:"الكنز" مقيدٌ بالزاي، قال: والصحيح في حديث أبي عَوانة بالراء، ثم نقل كلام الترمذي الذي قاله بإثر الحديث (1573) حيث قال: قال أبو عوانة في حديثه: "الكبر".

(2)

إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وأبو عوانة: هو الوضّاح بن عبد الله اليشكري.

وأخرجه الترمذي (1572) عن قتيبة بن سعيد، عن أبي عوانة، عن قتادة، عن سالم، عن ثوبان، فأسقط من إسناده معدان بن أبي طلحة.

وقد وافق أبا الوليد الطيالسي وعفان بن مسلم على ذكر معدان جميع من روى هذا الحديث عن قتادة غير أبي عوانة، كما خرّجناه في الطريق السابقة، فلا شكَّ عندئذٍ أن يكون إسقاط معدان وهمًا من قتيبة، والله تعالى أعلم.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، وقد تابع صالح بن كيسان على روايته هذه زكريا بن أبي زائدة، لكن خالفهما شعبة وسفيان الثَّوري وإبراهيم بن سعد، فزادوا في إسناده بين سعد بن إبراهيم - وهو ابن عبد الرحمن بن عوف - وبين أبي سلمة رجلًا هو عمر بن أبي سلمة =

ص: 167

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه لِرواية الثَّوْري، قال فيها: عن سعد بن إبراهيم، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة.

وإبراهيمُ بن سعد على حفظِه وإتقانِه أعرَفُ بحديث أبيه من غيره:

2251 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوْري، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه.

= ابن عبد الرحمن بن عوف، وصحح روايتهم يحيى بن معين في رواية الدُّوري 3/ 288، والترمذي بإثر (1079)، والدارقطني في "العلل"(1780)، وابن التركماني في "الجوهر النقي" بهامش "السنن الكبرى" للبيهقي 6/ 76، وهو الصحيح إن شاء الله، وإن كان سعد بن إبراهيم قد روى عن عمِّه أبي سلمة عدة أحاديث غير هذا في "الصحيحين" وغيرهما، ويصير إسناد الحديث بزيادة عمر بن أبي سلمة فيه حسنًا، لأنَّ عمر هذا حسن الحديث.

وأخرجه أحمد 16/ (10599)، والترمذي (1078) من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن سعد بن إبراهيم، به.

وأخرجه ابن حبان (3061) من طريق إسحاق بن راهويه، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. ولا يُعرف ذكر الزُّهْري إلّا من هذه الطريق عند ابن حبان وحده، ولم نقف عليه عند غيره، وهو غريب فردٌ، وقد أشار الدارقطني في "العلل"(1780) إلى أنَّ مسلم بن خالد قد رواه مرة عن صالح بن كيسان، فقال في إسناده: عن الزُّهْري عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قال: وسعد بن إبراهيم زهري، فإن كان أراد بقوله: الزُّهْري سعد بن إبراهيم، وإلّا فقد وهم.

وأخرجه أحمد 15/ (9679) و 16/ (10156) من طرق عن سفيان الثَّوري، وابن ماجه (4413)، والترمذي (1079) من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن سعد بن إبراهيم، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة. فزادا في الإسناد عمر بن أبي سلمة، وهذا إسناد حسنٌ.

وتابعهما شعبة عند أبي الحسين بن المظفر في "حديث شعبة"(125)، والخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم" 2/ 876، وأبي القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1336).

وقد صحَّ في هذا الباب غيرُ ما حديث، منها حديث سمرة بن جندب الذي تقدم برقم (2244).

وحديث محمد بن جحش المتقدم برقم (2445)، وانظر تمام شواهده والكلام على فقهه هناك. وانظر ما بعده.

ص: 168

وأخبرني أحمد بن سهل الفقيه ببُخارى، حدثنا صالح بن محمد بن حَبيب الحافظ.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن بشر بن سعْد

(1)

المَرْثَدي؛ قالا: حدثنا محمد بن جعفر الوَرْكاني، حدثنا إبراهيم بن سعْد، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نفسُ المؤمِنِ مُعلَّقةٌ بدَينهِ حتى يُقضى عنه"

(2)

.

2252 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا خالد بن عبد الله، حدثنا إبراهيم الهَجَري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود،

(1)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: سعيد. وإنما هو سعْد، بدون الياء، وانظر ترجمته في "تاريخ بغداد" 5/ 87، و"معجم الأدباء" لياقوت 1/ 453.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات كسابقه، لكن جميع من روى هذا الحديث عن إبراهيم بن سعد عن أبيه، زادوا فيه عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف بين سعد بن إبراهيم وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، كالشافعي وعبد الرحمن بن مهدي وأبي سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي وأبي معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلي وأبي ثابت محمد بن عبد الله المديني ويونس بن محمد المؤدِّب، وغيرهم، حتى إنَّ البيهقي قد رواه في "سننه الكبرى" 6/ 49 عن أبي عبد الله الحاكم، بإسنادين آخرين له ليسا في "المستدرك" عن إبراهيم بن سعد - أحدهما من طريق الشافعي - فذكر في الإسنادين عمر بن أبي سلمة، فهذا هو المحفوظ في طريق إبراهيم بن سعد، وهو يوافق رواية سفيان الثَّوري وشعبة بن الحجاج اللتين خرجناهما آنفًا عند الطريق السابقة، وعليه فما وقع في إسناد الحاكم هنا من إسقاط عمر وهمٌ، والله أعلم بالصواب.

أما رواية الشافعي فهي في "الأم" 1/ 318 و 3/ 216، وأما رواية ابن مهدي فهي عند الترمذي (1079)، وأما رواية موسى بن إسماعيل التبوذكي فهي عند ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"(4006)، وأما رواية أبي معمر الهُذلي فهي عند أبي يعلى (6026)، وأما رواية أبي ثابت فهي عند البيهقي 6/ 49، وأما رواية يونس بن محمد فهي عند أبي علي بن شاذان في الجزء الأول من "حديثه"(73).

والإسناد بذكر عمر بن أبي سلمة حسن، لأنَّ عمر هذا حسن الحديث.

ص: 169

أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ إبليسَ يَئِسَ أن تُعبدَ الأصنامُ بأرض العَرَب، ولكنه سيرضَى بدُونِ ذلك منكم، بالمحقَّرات من أعمالِكم، وهي المُوبِقاتُ، فاتَّقوا المظالمَ ما استطعتم، فإنَّ العبدَ يجيءُ يومَ القيامة وله مِن الحسناتِ ما يُرى أنه يُنجِيه، فلا يزالُ عبدٌ يقومُ فيقولُ: يا ربِّ، إنَّ فلانًا ظَلَمَني مَظلِمةً، فيقال: امحُوا من حَسَناتِه، حتى لا يَبقى له حَسَنةٌ"

(1)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، إبراهيم الهَجَري - وهو ابن مسلم، وإن كان ضعيفًا - قد روى سفيان بن عيينة عنه الشطر الأول من هذا الحديث في يأس الشيطان أن تُعبد الأصنام في أرض العرب ورضاه بالمحقَّرات من الأعمال، ورواية ابن عيينة عنه صالحة كما بيّناه عند الحديث السالف برقم (2063)، وأما الشطر الثاني من الحديث فقد روي عن ابن مسعود من غير هذا الوجه، لكن قد اختُلف في رفعه ووقفه، ومثله لا يقال من قِبَل الرأي، وقد وردت فيه شواهد صريحة في الرفع، ولشطره الأول كذلك شواهد مرفوعة، فصحَّ الحديث في الجملة، والله تعالى أعلم.

أبو المثنى: هو معاذ بن المثنَّى العَنْبري، وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك الجُشَمي.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(7067) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو يعلى (5122)، والبيهقي في "الشعب"(6877)، وفي "الآداب"(1019) من طريق محمد بن دينار بن أبي الفُرات، عن إبراهيم الهجري، به.

وأخرج الشطر الأول منه الحميدي (98) عن سفيان بن عيينة، عن إبراهيم الهجري، به.

وزاد سفيان ومحمد بن دينار في روايتهما: "فاتقوا المحقَّرات، فإنهن من المُوبِقات، أولًا أُخبركم بمَثَل ذلك، مثل رَكْبٍ نزلوا فلاةً من الأرض ليس بها حطبٌ، فتفرقوا، فجاء ذا بعُودٍ، وجاء ذا بعظمٍ، وجاء ذا برَوثةٍ، حتى أنضَجُوا الذي أرادوا، فكذلك الذُّنوب".

ويشهد للشطر الأول حديث أبي هريرة عند أحمد 14/ (8810) وغيره، بلفظ:"قد أيس أن يُعبد بأرضكم"، وإسناده صحيح.

وآخر من حديث سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه عند ابن ماجه (3055)، والترمذي (2159)، والنسائي (4085)، وقال: الترمذي: حسن صحيح. ولفظه: "أيس أن يُعبد في بلدكم".

وثالث من حديث ابن عباس تقدم عند المصنف برقم (322)، وفي إسناده لين. ولفظه كحديث أبي هريرة.

ورابع من حديث جابر عند مسلم (2812) لكن بلفظ: "إنَّ الشيطان قد أيس أن يعبده المصلُّون =

ص: 170

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2253 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا العباس بن الفضل الأسْفاطي، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زُهير، حدثنا عُمارة بن غَزِيّة، عن يحيى بن راشد، عن عبد الله بن عمر

(1)

، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن حالَت شفاعتُه دون حَدٍّ مِن حُدُود الله، فقد ضادَّ اللهَ في أمرِه، ومن مات وعليه دَين، فليس ثَمَّ دينارٌ ولا دِرهمٌ، ولكنها الحسناتُ والسيئاتُ، ومن خاصم في باطلٍ وهو يعلمُ، لم يَزَلْ في سَخَطِ الله حتى يَنزِعَ، ومَن قال في مؤمنٍ ما ليس فيه، حُبِسَ في رَدْغةِ الخَبَالِ حتى يأتيَ بالمَخْرَج مما قالَ"

(2)

.

= في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم".

وأما الشطر الثاني منه فقد أخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق"(642) من طريق عمار بن محمد، عن إبراهيم الهَجَري، به.

وأخرجه المعافى بن عمران في "الزهد"(41)، والدِّينوَري في "المجالسة"(2059) من طريق زاذان أبي عمر، عن ابن مسعود موقوفًا، وإسناده حسن.

ورواه أبو عثمان النهدي عن ابن مسعود وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيما سيأتي عند المصنف برقم (2299) و (8929)، واختلف في رفعه ووقفه كما سيأتي.

ويشهد لهذا الشطر في المرفوع حديث أبي هريرة عند البخاري (2449) بلفظ: "من كانت له مَظلِمة لأخيه من عِرضه أو شيء، فليتحَلَّلْهُ من اليوم، قبل أن لا يكون دينارٌ ولا درهم، إن كان عَمَلٌ صالحٌ أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحُمل عليه". وهو عند مسلم (2581) بنحوه.

وآخر بمعناه من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب سيأتي عند المصنف بعده.

وثالث من حديث بُريدة الأسلمي عند مسلم (1897).

(1)

في نسخنا الخطية: عبد الله بن عمرو، وهو خطأ، فإنَّ هذا الحديث لا يعرف إلَّا عن ابن عُمر كما في مصادر التخريج من هذا الوجه، وقد روي عنه أيضًا من غير وجه، ويحيى بن راشد لا تعرف له رواية عن عبد الله بن عَمرو، وقد أخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 82 من طريق أخرى عن عباس بن الفضل الأسفاطي، فذكره على الصواب.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عباس الأسفاطي، وقد توبع. زهير: هو ابن معاوية الجُعْفي، ويحيى بن راشد: هو أبو هشام الدمشقي. =

ص: 171

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2254 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نَصْر بن سابِق الخَوْلاني، حدثنا شعيب بن الليث بن سعد، حدثني أبي.

وحدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا عُبيد بن عبد الواحد، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث، عن ابن عَجْلان، عن زيد بن أسلَمَ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إنَّ رجلًا لم يعمل خيرًا قطُّ، وكان يُدايِنُ الناسَ، فيقولُ لرسوله: خُذْ ما تيسَّر واتْرُكْ ما عَسُر، وتجاوَزْ لعلَّ اللهَ يتجاوزُ عنا، فلما هَلَكَ قال اللهُ: هل عَمِلتَ خيرًا قطُّ؟ قال: لا، إلّا أنه كان لي غلامٌ، وكنت أُدايِنُ الناسَ، فإذا بعثتُه يَتقاضَى قلتُ له: خُذ ما تيسَّر، واترُك ما تَعَسَّر، وتجاوَزْ لعلَّ الله يتجاوزُ عنا، قال الله: فقد تجاوزْتُ عنك"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2255 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا محمد

= وأخرجه أبو داود (3597) عن أحمد بن يونس - وهو ابن عبد الله بن يونس، معروف بالنسبة إلى جده - بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 9/ (5385) عن حسن بن موسى، عن زهير بن معاوية، به.

والشطر الأول منه في ذكر الشفاعة سيأتي من طريق عبد الله بن عامر عن ابن عمر برقم (8356)، وقصة الخصومة ستأتي برقم (7228) من طريق نافع عن ابن عمر.

ورَدْغة الخَبَال: عُصارة أهل النار، والرَّدغة، بفتح الدال وسكونها: الماء والطين، والخَبال: الفساد.

(1)

إسناده قوي. الليث: هو ابن سعد، وابن عجلان: هو محمد، وأبو صالح: هو ذكوان السمّان.

وأخرجه أحمد 14/ (8730) عن يونس بن محمد المؤدَّب، والنسائي (6247)، وابن حبان (5043) من طريق عيسى بن حماد، كلاهما عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 13/ (7579)، والبخاري (2078) و (3480)، ومسلم (1562)، والنسائي (6248)، وابن حبان (5042) و (5046) من طريق عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة، مختصرًا.

ص: 172

ابن عبّاد المكي، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن أبي حَزْرة يعقوب بن مجاهد، عن عُبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت: قال خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحيّ من الأنصار قبل أن يهلِكُوا، فكان أولَ من لَقِينا أبو اليَسَر صاحبُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ومعه غُلامٌ له، وعليه بُردٌ ومَعافِريّ، وعلى غلامه بُرْدٌ ومَعافِريّ

(1)

، ومعه إضبارة

(2)

صُحُف، فقال له أبي: كأني أرى في وجهك سُفْعةً من غَضَب. قال: أجلْ، كان لي على فلانِ بن فلانٍ الحَراميّ

(3)

مالٌ، فأتيتُ أهلَه، فقلت: أثَمَّ هو؟ قالوا: لا، فخرج ابنٌ له، فقلت له: أين أبوك؟ قال: سمع كلامَك، فدخل أريكةَ أمي، فقلت: اخرُجْ، فقد علمتُ أين أنتَ، فخرج إليَّ، فقلتُ له: ما حَمَلك على أنِ اختبأتَ مني؟ قال: أنا واللهِ أُحدّثُك ولا أَكذِبُك، خشيتُ واللهِ أن أُحَدِّثَك فأَكذِبَك، أو أعِدَك فأُخلِفَك، وكنتَ صاحبَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكنتُ واللهِ مُعسرًا، فقلتُ: آللهِ، قال: آللهِ، قال: فقلتُ: آللهِ، قال: آللهِ، قال: فنشر الصحيفةَ ومَحَا الحقَّ، وقال: إن وجدتَ قضاءً فاقضِ، وإلّا فأنتَ في حِلٍّ، فأشهَدُ لبَصُرَتْ عيناي هاتان - ووضع إصبعيه على عينيه - وسمعَتْه أذناي هاتان - ووضع إصبعيه في أذنيه - ووَعَاه قلبي - وأشار إلى نِيَاط قلبه - رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن أَنظَر مُعسِرًا أو وَضَعَ له، أظلَّه اللهُ في ظِلّه"

(4)

.

(1)

المَعَافريُّ: ثياب تُعمل بقرية يقال لها: مَعَافِر، وقيل: هي نسبة إلى قبيلة نزلت تلك القرية، وهي بفتح الميم. والبُرْد: شَمْلة مخططة، وقيل: كساء مربّع فيه صِغَر يلبسه الأعراب.

(2)

الإضبارة: الحُزمة.

(3)

الحراميّ: نسبة إلى بني حَرَام.

(4)

إسناده صحيح. أبو اليَسَر: هو كعب بن عمرو السَّلَمي.

وأخرجه مسلم (3006) عن هارون بن معروف ومحمد بن عبّاد - واللفظ لهارون - عن حاتم، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه ابن حبان (5044) من طريق عمرو بن زرارة، عن حاتم بن إسماعيل، به.

الأريكة: السرير المُرخَى عليه السَّتْر.

ونِياط القلب: عِرْق غليظ عُلِّق به القلب بالرئتين.

ص: 173

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وكذلك روي مختصرًا عن زيد بن أسلم

(1)

ورِبْعي بن حِراش

(2)

وحَنْظلة بن قيس

(3)

، كلهم عن أبي اليَسَر.

2256 -

حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني وأبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، قالا: حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله الحَضْرمي، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا عَفّان، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثنا محمد بن جُحَادة، عن سليمان بن بُريدة، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن أنظَرَ مُعسِرًا فله بكلِّ يوم صدقةٌ قبل أن يَحِلَّ الدَّينُ، فإذا حَلَّ الدَّينُ فأنْظَرَه بعد ذلك فله بكلِّ يوم مثلُه صدقةً"

(4)

.

(1)

أخرجه من طريقه الواحدي في "التفسير الوسيط" 1/ 399، لكن زيد بن أسلم يُستبعد جدًّا إدراكه لأبي اليَسَر، فبين وفاتيهما واحد وثمانون عامًا.

(2)

أخرجه من طريقه أحمد 24/ (15521)، وإسناده صحيح.

(3)

أخرجه من طريقه أحمد 24/ (15520)، وابن ماجه (2419)، وإسناده حسن في المتابعات.

(4)

إسناده صحيح. عفان: هو ابن مسلم الصَّفّار.

وأخرجه أحمد 38/ (23046) عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. لكن بلفظ:"من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثله صدقة" قال: ثم سمعته يقول: "من أنظر مُعسرًا فله بكل يوم مثليه صدقة" قلت: سمعتك يا رسول الله تقول: "من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثله صدقة" ثم سمعتك تقول: "من أنظر مُعسرًا فله بكل يوم مثليه صدقة" قال له: "بكل يوم صدقة قبل أن يَحِلَّ الدَّين، فإذا حلَّ الدَّين فأنظرَه فله بكل يوم مثليه صدقة".

لكن لفظ الحاكم هو المعتمد، وهو الذي رواه جماعة أصحاب عفان غير أحمد، وكذلك هو الذي رواه جماعة أصحاب عبد الوارث.

وأخرجه أحمد (22970)، وابن ماجه (2418) من طريق نُفيع بن الحارث أبي داود الأعمى، عن بريدة. ولفظه على الجادة، لكن أبا داود الأعمى متروك الحديث.

ومعنى الحديث: أنه إن أنظره قبل حلول الدَّين كان له بكل يوم صدقة مطلقة غير محددة، وإن أنظره بعد حلول أجل الدَّين كان له بكل يوم مثلُ قدرِ ما أقرضَه صدقةً. =

ص: 174

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2257 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي - من أصل كتابه -، حدثنا أحمد بن سَيَّار، حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، حدثني الأعمش، عن أبي وائل، عن أبي مسعود البَدْري، قال: حُوسِب رجلٌ فلم يُوجَد له خَيرٌ، وكان ذا مالٍ، وكان يُدايِنُ الناسَ، وكان يقولُ لغِلْمانِه: من وَجَدتموه غنيًا، فخُذُوا منه، ومن وجدتموه مُعسِرًا، فتجاوَزُوا عنه، لعلَّ اللهَ يتجاوزُ عَنِّي، فقال اللهُ: أنا أحقُّ أن أتجاوَزَ عنه

(1)

.

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه

(2)

.

وقد أُسند عن عبد الله بن نُمير عن الأعمش:

2258 -

حدَّثَناه أبو حامد أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن نُمير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن أبي مسعود، أنَّ

= وهذه الصدقة المطلقة في الإنظار قبل حُلول أجل الدَّين قد جاء تقييدها في حديث ابن مسعود عند أحمد 7/ (3911) وغيره بأنها تعدل شَطْرَ الصدقة. يعني كأنه تصدّق بشطر ما أقرض.

(1)

إسناده صحيح، وقد وقفه سفيان - وهو الثَّوري - لكن رفعه غيره، كما في الطريق التالية، وصحَّ مرفوعًا أيضًا من غير هذا الوجه عن أبي مسعود، كما سيأتي بيانه. الأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة، وأبو مسعود: هو عُقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه.

وأخرجه أحمد 28/ (17083)، ومسلم (1561)، والترمذي (1307)، وابن حبان (5047) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، عن الأعمش، به مرفوعًا.

وسيأتي بعده من طريق عبد الله بن نمير عن الأعمش مرفوعًا كذلك.

وأخرجه بنحوه أحمد 28/ (17064) و 38/ (23384) و (23463)، والبخاري (2391)، ومسلم (1560)، وابن ماجه (2420) من طريق ربعيّ بن حِراش، عن حذيفة وأبي مسعود مرفوعًا.

وسيأتي عند المصنف من هذا الوجه برقم (3236).

وانظر ما بعده.

(2)

إن أراد الحاكم طريق الأعمش عن أبي وائل، فقد بيّنا أنَّ مسلمًا أخرجه فلا استدراك عليه، وإن أراد أصل الحديث فقد أخرجاه كلاهما، فلا استدراك عليهما!!

ص: 175

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حُوسِب رجلٌ فلم يُوجَد له خَيرٌ"، فذكره بنحوه

(1)

.

2259 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا القَعْنبي، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ رجلًا لَزِمَ غَريمًا له بعشرة دنانير، فقال له: والله ما عندي قضاءٌ أَقْضِيكَهُ اليومَ، قال: فواللهِ لا أُفارِقُكَ حتَّى تَقضِيَ أو تأتيَ بحَمِيلٍ يَحمِلُ عنك، قال: واللهِ ما عندي قضاءٌ، وما أجدُ أحدًا يَحمِلُ عني، قال: فَجَرَّه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، هذا لازِمي واستَنْظرتُه شهرًا واحدًا، فأَبى حتَّى أقضيَه أو آتيَه بحَمِيل، فقلتُ: والله ما أجدُ حَمِيلًا، ولا عندي قضاءٌ اليومَ. فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"هل تَستَنظِرُه إِلّا شهرًا واحدًا؟ " قال: لا، قال:"فأنا أتحمَّل بها عنكَ" قال: فتحمَّلها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عنه، فذهب الرجلُ فأتى بقَدْر ما وَعَدَه، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"من أين أصبتَ هذا الذَّهَب؟ " قال: من مَعْدِنٍ، قال:"فاذهبْ، فلا حاجةَ لنا فيها، ليس فيها خَيرٌ"، فقضاها عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(1)

حديث صحيح، محمد بن عثمان بن أبي شيبة - وإن كان تُكُلِّم فيه - قد توبع كما تقدَّم في الطريق التي قبله.

(2)

إسناده جيد. القَعْنبي: هو عبد الله بن مَسلمة، وعمرو بن أبي عمرو: هو مولى المطَّلب بن عبد الله حنَطْب.

وأخرجه أبو داود (3328) عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (2406) عن محمد بن الصبّاح، عن عبد العزيز بن محمد، به.

والحَميل: الكفيل.

والمَعدِن: هو الموضع الذي يستخرج منه شيء من جواهر الأرض كالذهب والفضة والنحاس، وغير ذلك، وهو ما يُسمَّى أيضًا بالمنجم.

وقوله: "لا حاجة لنا فيها، ليس فيها خير" قال الخطابي: يشبه أن يكون ذلك لسبب عَلِمَه فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم خاصة، لا من جهة أنَّ الذهب المستخرج من المعدن لا يباح تملكه وتموُّله، فإنَّ عامة الذهب والورِق مستخرجة من المعادن

قال: ويُحتمل أن يكون ذلك من أجل أنَّ أصحاب المعادن يبيعون ترابها ممن يُعالجه فيحصّل =

ص: 176

هذا حديث صحيح على شرط البخاري لعمرو بن أبي عمرو، والدَّرَاوَرْدِي على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2260 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن سعيد بن هانئ، عن العِرباض بن ساريَة السُّلَمي، قال: بعتُ مِن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بَكْرًا، فجئتُ أتقاضَاهُ، فقلتُ: يا رسول الله، اقض ثمنَ بَكْري، قال:"نعم، لا أَقضيكَه إلّا لحِينِه"، ثم قضاني فأحسنَ قضائي، ثم جاءه أعرابيٌّ، فقال: يا رسول الله، اقضني بَكْري فقضاه بعيرًا مُسِنًّا، فقال: يا رسول الله، هذا أفضلُ من بَكْري، فقال:"هو لك، إنَّ خيرَ القومِ خيرُهم قَضاءً"

(1)

.

= ما فيه من ذهب أو فضة، وهو غرر، لأنه لا يُدرى هل يوجد فيه شيء أم لا؟

قال: وفيه وجه آخر، وهو أنَّ معناه: ليس لها رَواجٌ، ولا لحاجتنا فيها نجاح، وذلك أنَّ الذي جاء به تَبْرٌ غير مضروب، وليس بحضرته من يضربه دنانير.

قال: ويحتمل أن يكون إنما كرهه لما يقع فيه من الشبهة ويدخله من الغرر عند استخراجه من المعدن، وذلك أنهم استخرجوه بالعشر أو الخمس أو الثلث مما يصيبونه، وهو غرر لا يُدرى هل يُصيبُ العاملُ فيه شيئًا أم لا؟

قال: وفيه أيضًا نوع من الخطر والتغرير بالأنفس، لأنَّ المعدن ربما انهار على من يعمل فيه، فكره من أجل ذلك معالجته واستخراج ما فيه.

قلنا: وحمله الطحاوي في "شرح المشكل" 12/ 228 على وجهٍ استحسنه، وهو أنه لما كان هذا الذهب تبرًا غير مضروب، وهو عند الناس دون الدنانير المضروبة، وكان من شريعته صلى الله عليه وسلم أنَّ خيار الناس أحسنهم قضاءً، وكان هو أولى الناس بذلك، فلو دفع إليه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك التبر لم يُحسِن قضاؤه، وهو صلى الله عليه وسلم أبعدُ الناس من ذلك، فكره أخذها لذلك وأدّى للذي تحمّل له بها من ماله دنانير لا نقص فيها.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 28/ (17149)، والنسائي (6169)، وابن ماجه (2286) من طريقين عن معاوية بن صالح، به. =

ص: 177

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة

(1)

.

2261 -

أخبرنا عبد الله بن إسحاق الخُزاعي بمكة، حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرّة.

وأخبرنا بكر بن محمد الصَّيرفي بِمَرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفَضْل؛ قالا: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، قال: سمعتُ سفيان بن سعيد الثَّوْري.

وأخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي بمَرْو، حدثنا أحمد بن سيّار، حدثنا محمد بن كثير.

وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا أبو حُذيفة؛ قالا: حدثنا سفيان، عن سِماك بن حَرْب، عن سُويد بن قيس قال: جلبتُ أنا ومَخْرَمَةُ العَبْدي بَزًّا من هَجَرَ - أو البحرين - فلما كنا بمنًى أتانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاشترى منا سَراويلَ وقَباءً، ووزَّانٌ يَزِنُ بالأجر، فدفع إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الثمنَ، فقال:"زِنْ وأَرْجِحْ"

(2)

.

رواه شعبة عن سِماك بن حرب:

2262 -

حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفّار، حدثنا أحمد بن مَهدي بن رُسْتُم الأصبَهاني، حدثنا المُؤمَّل بن إسماعيل، حدثنا شعبة.

وحدثنا علي بن حَمْشاذَ العدل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة.

= والبَكْر، بفتح فسكون: الفتيُّ من الإبل، بمنزلة الغلام من الناس، والأنثى بَكْرة.

(1)

يشير إلى أنهما أخرجاه بسياقة أخرى، فقد أخرجه البخاري (2305)، ومسلم (1601) من حديث أبي هريرة، ومسلم (1600) من حديث أبي رافع، بنحوه.

(2)

إسناده حسنٌ من أجل سِماك بن حرب. أبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النَّهْدي.

وأخرجه أحمد 31/ (19098)، وأبو داود (3336)، وابن ماجه (2220) و (3579)، والترمذي (1305)، والنسائي (6140) و (9592)، وابن حبان (5147) من طرق عن سفيان الثَّوري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح. وسيأتي عند المصنف برقم (7595).

والقَبَاء: نوع من الثياب مضمومة أطرافُه، وهو يُلبَس فوق الثياب أو القميص.

ص: 178

وأخبرنا أبو أحمد بن أبي الحسن، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا بشر بن خالد العسكري، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سماك بن حَرْب، قال: سمعتُ أبا صفوان يقولُ: بِعتُ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم سَراويلَ، فَوَزَنَ لي فأرجَحَ

(1)

.

أبو صفوان كنية سويد بن قيس، هما واحدٌ من صحابيِّي الأنصارِ، والحديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2263 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عَمرو بن عون، أخبرنا خالد بن عبد الله، عن حسين بن قيس، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابِ الكَيل والوَزْن: "إنكم قد وُلِّيتُم أمرًا

(1)

إسناده حسن، غير أنَّ شعبة لم يضبط اسم صحابي الحديث، وضبطه سفيانُ الثَّوري كما في الطريق السابقة، وتابع سفيانَ على تسميته سويدَ بن قيس كلٌّ من قيس بن الربيع عند أبي داود الطيالسي (1288)، وشريك النخعي فيما قاله الدارقطني في "العلل"(3391)، وإسرائيل بن يونس السَّبيعي فيما قاله الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 4/ 2136 في رسم مخرمة ومخرفة. قال أبو داود: رواه قيس كما قال سفيان، والقول قول سفيان. قلنا: وكذلك صحَّح النسائي (6141) والدارقطني في "العلل" رواية سفيان ومن تابعه.

على أنَّ الحاكم ومن قبله النسائيُّ - فيما نقله عنه الدولابي في "الكنى"(413) - قد جزما بأنَّ أبا صفوان كنية سويد بن قيس، فإن ثبت ذلك لم يتعارض قول سفيان ومن تابعه مع قول شعبة، لكن يعكر عليه أنَّ شعبة كان أحيانًا يقيد أبا صفوان بابن عميرة، وأحيانًا يسميه مالك بن عميرة، ومرة يقول: ابن عُمير، ومرة يقول: صفوان، ومرة يقول: ابن صفوان، فهذا اضطراب من شعبة يدلُّ على أنه لم يضبط الاسم.

وأخرجه أحمد 39/ (24009/ 45)، وابن ماجه (2221) والنسائي (6141) و (9594) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 31/ (19099) عن حجاج بن محمد، و 39/ (24009/ 45) عن يزيد بن هارون، وأبو داود (3337) عن حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم، والنسائي (9593) من طريق أبي داود الطيالسي، و (9595) من طريق سهل بن حماد الدلّال، كلهم عن شعبة، به.

ص: 179

فيه هَلَكَةُ الأمّةِ السالفةِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2264 -

أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن أبي الوزير التاجر، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس.

وأخبرني أبو عمرو إسماعيل بن نُجَيد السُّلَمي، أخبرنا أبو مسلم؛ قالا: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا محمد بن فَضَاء.

وحدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا المعتمر بن سليمان، حدثنا محمد بن فَضَاء، عن أبيه، عن علقمة بن عبد الله المُزَني، عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كَسْر سِكّةِ المسلمين الجائزةِ بينهم إلّا من بأسٍ، أو أن يُكسَرَ الدرهمُ فيُجعلَ فضةً، ويُكسَرَ الدينارُ فيُجعلَ ذهبًا"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل حسين بن قيس - وهو أبو علي الرحبي - فهو متروك الحديث. وقد روي عن ابن عباس موقوفًا عليه، وهو الصحيح.

وأخرجه الترمذي (1217) عن سعيد بن يعقوب الطالقاني، عن خالد بن عبد الله، بهذا الإسناد.

وقال: لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث حسين بن قيس، وحسين بن قيس يضعّف في الحديث، وقد روي هذا بإسناد صحيح عن ابن عباس موقوفًا.

قلنا: قد أخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 3/ 359 من طريق شريك النخعي، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن عباس، مرفوعًا كذلك.

لكن خالف شريكًا فيه جماعة أصحاب الأعمش، فرووه موقوفًا على ابن عباس، وهو الصحيح:

فقد أخرجه هناد بن السَّرِيّ في "الزهد"(681) عن أبي معاوية الضرير، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 32 من طريق عبد الله بن نمير، وفي "شعب الإيمان"(4904) من طريق يعلى بن عبيد، وابن المنذر في "الأوسط"(7893) من طريق قيس بن الربيع، كلهم عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس موقوفًا، غير أنَّ قيس بن الربيع أسقط من إسناده كريبًا، فوافق في ذلك شريكًا، والصحيح ذكره.

(2)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن فضاء وجهالة أبيه فضاء بن خالد الجهضمي. =

ص: 180

ولم يذكر الأنصاريُّ في حديثه والدَ علقمة، وذكره المعتمِر.

2265 -

أخبرني أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أنس القرشي، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، أخبرنا حَيْوة بن شُريح، أخبرنا مالك بن خير الزَّبَادي، أنَّ مالك بن سعد التُّجِيبِي حدثه، أنه سمع ابن عباس يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أتاني جبريلُ، فقال: يا محمد، إِنَّ الله لَعَنَ الخمرةَ، وعاصِرَها، ومُعتَصِرَها، وشارِبَها، وحامِلَها، والمحمولةَ إليه، وبائعَها، وساقِيَها، ومُستَقِيَها

(1)

"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، وشاهده حديث عبد الله بن عمر، ولم يُخرجاه:

2266 -

أخبرَناه محمد بن عيسى القزّاز الرازي ببغداد وعبد الله بن موسى العَدْل بنَيسابُور، قالا: حدثنا علي بن الحسين بن الجُنيد، حدثنا المُعافى بن سليمان، حدثنا

= وأخرجه أحمد 24/ (15457)، وأبو داود (3449)، وابن ماجه (2263) من طرق عن المعتمر بن سليمان، بهذا الإسناد، دون قوله: "أو أن يكسر الدرهم

" إلى آخره.

قال الخطابي: أصل السكة: الحديدة التي يطبع عليها الدراهم، والنهي إنما وقع عن كسر الدراهم المضروبة على السكة.

(1)

تحرَّفت في (ز) و (ب) إلى: مُسقيها، بحذف المثناة، والساقي والمُسقِي واحدٌ، وأما المُستقي فهو الذي يطلب الخمر، وهو أعمّ من أن يكون شاربًا.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل مالك بن خير الزَّبادي وشيخه مالك بن سعد التُّجِيبي.

وأخرجه أحمد 5/ (2897) عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. وزاد "ومُبتاعها".

وأخرجه ابن حبان (5356) من طريق عبد الله بن وهب، عن حيوة بن شُريح، به. لكنه قال في روايته:"ومسقاها" بدل: "مُستَقيها"، ومسقى الخمر، بفتح الميم وضمها، من الثلاثي والرباعي: موضع شرب الخمر.

وسيأتي من طريق ابن وهب عند المصنف برقم (7415).

ويشهد له حديث عبد الله بن عمر الآتي بعده.

ص: 181

فُليح بن سليمان، عن سعيد بن عبد الرحمن بن وائل، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لعنَ اللهُ الخمرَ، ولعنَ ساقِيَها، وشاربَها، وعاصِرَها، ومُعتَصِرَها، وحامِلَها، والمحمولةَ إليه، وبائعَها، ومُبتاعَها، وآكلَ ثَمنِها"

(1)

.

2267 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا يحيى بن سَلَّام، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ابتاعَ مِن أعرابي جَزُورًا بتمرٍ، وكان يرى أنَّ التمرَ عنده، فإذا بعضُه عندَه وبعضُه ليس عندَه، فقال:"هل لك أن تأخُذَ بعضَ تمرِك وبعضَه إِلى الجَدَاد؟ " فأَبى، فاستسلَفَ له النبيُّ صلى الله عليه وسلم تمرَه، فدَفَعَه إليه

(2)

.

(1)

حديث صحيح، سعيد بن عبد الرحمن بن وائل - وإن كان مجهولًا - لم ينفرد به، فقد روي الحديث من وجهين آخرين عن عبد الله بن عمر.

وأخرجه أحمد 10/ (5716) عن يونس بن محمد، عن فليح بن سليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 8/ (4787) و 9/ (5390)، وأبو داود (3674)، وابن ماجه (3380) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي وأبي طعمة الشامي، عن عبد الله بن عمر. وإسناده جيد.

وسيأتي من طريق ثالثة عند الحاكم ضمن حديث مطوّل برقم (7414).

(2)

إسناده جيّد، يحيى بن سلّام مختلف فيه، وهو إلى الثقة أقرب، قال عنه أبو حاتم: صدوق، وقال أبو زرعة: لا بأس به، ربما وهم، ووثقه أبو العرب القيرواني وأبو عمرو الداني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ربما أخطأ، وضعفه الدارقطني، وقال ابن عدي: يُكتَب حديثه مع ضعفه. قلنا: ولم يُصب الذهبي في إطلاق القول بتضعيفه في "تلخيص المستدرك"، ومال في "تاريخ الإسلام" 5/ 222 إلى تقوية حاله، وهو الأقرب، على أنه لم ينفرد به، فقد توبع.

وقد اختُلف في وصل هذا الحديث وإرساله عن هشام بن عروة، فقد رواه جماعة عنه موصولًا منهم حماد بن سلمة ومحمد بن إسحاق ويحيى بن عمير في آخرين ذكرهم الدارقطني في "العلل"(3497)، وذكر أنَّ حماد بن زيد وأنس بن عياض قد روياه عن هشام مرسلًا، وصحح المرسل، لكن وصلُه غير مستنكر باجتماع جماعة عليه، والله أعلم بالصواب. ولما أخرجه العُقيلي (1820) من طريق مُرجَّى بن رجاء عن هشام موصولًا، قال: هذا يُروى بغير هذا الإسناد من وجه أصلح من هذا.

وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(11592) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =

ص: 182

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2268 -

أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن فراس الفقيه بمكة، حدثنا بكر بن سهل الدِّمْياطي، حدثنا عبد الله بن يوسف التِّنِّيسي، حدثنا عبد الله بن سالم، حدثنا محمد بن حمزة بن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سَلَام، عن أبيه، عن جده: أنَّ زيد بن سَعْنةَ كان من أحبار اليهود أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يتقاضاه، فجَبَذَ ثوبه عن مَنكِبِه الأيمن، ثم قال: إنكم يا بني عبد المطّلب أصحابُ مَطْلٍ، وإني بكم لَعَارِف، قال: فانتَهَره عمرُ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عمرُ، أنا وهو كنا إلى غيرِ هذا منك أحوجَ، أن تأمُرَني بحُسن القَضاءِ، وتأمُرَه بحُسن التَّقاضي، انطلِقْ يا عمرُ أَوفِهِ حَقَّه، أما إنه قد بقيَ مِن أجله

= وأخرجه أحمد 43/ (26312)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"(76)، والبَغَوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار"(224) من طريق محمد بن إسحاق، وعبد بن حميد (1499)، والبزار 18/ (88)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 20 من طريق يحيى بن عمير، والعقيلي في "الضعفاء"(1820)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(983) من طريق مُرجَّى بن رجاء، وابن مَنْدهْ في "معرفة الصحابة" كما في "الإصابة" للحافظ 7/ 632 من طريق عبد الملك بن يحيى بن عبّاد، كلهم عن هشام بن عروة، به موصولًا.

وخالفهم وكيع بن الجراح عند ابن أبي شيبة 6/ 591، وعَبْدة بن سليمان عند إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(1452)، ومعمر بن راشد عند عبد الرزاق في "مصنفه"(15358)، كلهم عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلًا. وزاد فيهم الدارقطني كما تقدم حماد بن زيد وأنس بن عياض.

لكن جاء من طريق أخرى عن عروة بن الزُّبَير موصولًا:

فقد أخرجه البزار كما في "كشف الأستار"(1309)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(10718) من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزُّبَير، عن عروة، عن عائشة. ومحمد بن إسحاق من هنا وإن لم يصرح بالسماع تصلح روايته هذه لتقوية وصل الحديث في الجملة، والله أعلم.

والجداد، بفتح الجيم وكسرها، وبمهملتين بينهما ألف: صِرام النخل، وهو قطع ثمرتها.

والجَزُور: البعير ذكرًا كان أو أنثى، إلّا أنَّ اللفظة مؤنثة، تقول: هذه الجزور، وإن أردت ذكرًا.

ص: 183

ثلاثٌ، فزِدْه ثلاثين صاعًا لتدويرِك عليه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2269 -

أخبرنا أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عُبيد الله بن أبي جعفر، عن نافع، عن ابن عمر وعائشة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن طَلَبَ حقًّا فليطلُبْ في عَفافٍ، وافٍ أو غيرُ وافٍ"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، بكر بن سهل الدمياطي ضعيف، وقد توبع، وحمزة بن محمد بن يوسف - وقيل: حمزة بن يوسف بن عبد الله - تفرَّد بالرواية عنه ولده محمد، ولم يوثقه معتبر، وذكره ابن حبان في "ثقاته"، فهو مجهول الحال، ومع ذلك حسَّن المزي حديثه هذا في ترجمة حمزة بن يوسف من "التهذيب" 7/ 347. وإسناده هنا مرسل كما قال الذهبي في "التلخيص"، وسيأتي موصولًا مطولًا عند المصنف برقم (6692) من طريق الوليد بن مسلم عن محمد بن حمزة بن يوسف عن أبيه عن جدّه عن عبد الله بن سلام. واستنكره الذهبي هناك.

عبد الله بن سالم: هو الأشعري الوحاظي.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4330) عن مالك بن عبد الله بن سيف النحوي، عن عبد الله بن يوسف، بهذا الإسناد. ولفظ آخره:"وزده ثلاثين صاعًا لردِّك عليه".

وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(8103)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3001) من طريقين آخرين عن عبد الله بن سالم، به. ورواية ابن المنذر مطولة بنحو الرواية الآتية، وأشار أبو نعيم إلى أنَّ روايته بنحو الرواية المطولة كذلك، ولم يسقها. وقد تحرَّف اسم عبد الله بن سالم عند ابن المنذر إلى: عبد السلام بن سالم.

وأخرجه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 3/ 1388 من طريق بقية بن الوليد، حدثنا عبد الله بن سالم، حدثني محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلَام، عن رجل من أهل بيته، عن أبيه، عن جده، قال: قال زيد بن سعنة. فزاد في الإسناد رجلًا مبهمًا، وانفرد بذلك بقيّة، وأحاديثه غير نقية.

الجَبْذ: لغة في الجَذْب.

وقوله: "فزده لتدويرك عليه" أي: زده لأجل تدوير عينيك فيه مُظهرًا الغضب منه لترويعه، كما تبينه الرواية الآتية عند المصنف.

(2)

إسناده حسن من أجل يحيى بن أيوب: وهو الغافقي المصري. =

ص: 184

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ عن أبي هريرة:

2270 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا أبو هَمّام محمد بن محبَّب، حدثنا سعيد بن السائب

(1)

الطائفي، عن عبد الله بن يامِينَ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِصاحبِ الحقّ: "خُذْ حَقَّكَ فِي عَفَافٍ" وأحسبه قال: "وافٍ أو غيرُ وافٍ"

(2)

.

= وأخرجه ابن ماجه (2421)، وابن حبان (5080) من طرق عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.

وقال ابن حبان: قوله صلى الله عليه وسلم: "في عفاف" شرطٌ أُريد به الزجر عن ضد العفاف مما لا يحلّ استعماله.

وقوله: "وافٍ أو غيرُ وافٍ" قال السندي في "حاشيته على سنن ابن ماجه" 2/ 78: أي: فليطلبه حال كونه ساعيًا في عدم الوقوع في المحارم مهما أمكن، تم له العفاف أم لا، وهذا المعنى هو ظاهر اللفظ، ويحتمل أن يجعل وافٍ حالًا عن الحق على أنه مجرور في اللفظ على الجوار، ويُحتمل أن يكون مرفوعًا، والجملة حال، أي: هو وافٍ، أي: الحق، فلا يتعدى إلى المحارم، سواء وصل إليه وافيًا أم لا، وهذا المعنى أمتن.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: سعيد بن ياسين، وجميع من خرَّج الحديث قال فيه: سعيد بن السائب، وهذا رجل معروف، ولا يُعرف من الرواة من اسمه سعيد بن ياسين غير واحدٍ يَصغُر عن سعيد بن السائب الطائفي، ذكره الخطيب في "تاريخه" 10/ 122، وهو بَلْخي لا طائفي.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير عبد الله بن يامين، فقد روى عنه جماعة من الثقات، ولم يؤثر فيه جرح أو تعديل، فيمكن تحسين حديثه، لكن لا ندري هل سمع هذا الحديث من أبي هريرة أم لا، فأنه قد روى عن أبيه أنه شهد جنازة عبد الله بن عباس كما رواه أحمد في "فضائل الصحابة"(1907) وغيره، ومعلوم أنَّ ابن عباس توفي سنة ثمان وستين بالطائف، وأبو هريرة توفي سنة سبع أو ثمان أو تسع وخمسين، فالظاهر أنه لم يسمع منه، وقد أورد البخاري في ترجمته في "تاريخه الكبير" 5/ 234 - 235 روايته عن أبيه في قصة جنازة ابن عباس، وأورد أيضًا روايته عن أبي هريرة، ولم يجزم بسماعه منه، فكأنه توقّف، والله تعالى أعلم بالصواب. =

ص: 185

2271 -

أخبرنا أبو العباس قاسم بن القاسم السَّيّاري بمَرْو، حدثنا محمد بن موسى بن حاتم الباشاني، حدثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النَّحْوي، أنَّ عِكْرمة حدَّثَه عن ابن عباس قال: لما قَدِم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ كانوا من أخبث الناس كَيلًا، فأنزل الله تبارك وتعالى:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} ، فأحسَنُوا الكَيلَ بعد ذلك

(1)

.

هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ عن أبي هريرة مُفسَّر:

2272 -

حدَّثَناه أبو الوليد الفقيه، حدثنا إبراهيم بن محمد بن يزيد المروَزي، حدثنا أبو عمار الحسين بن حُريث، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا خُثَيم بن عِراك بن مالك، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: لما خَرَج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبرَ استخلَفَ سِباعَ بن عُرْفُطة الغِفاري، فقَدِمنا فشهدنا معه صلاةَ الصبح، فقرأ في أول ركعة {كهيعص} ، وفي الثانية {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} ، فقلت في نفسي: ويلٌ لأبي فلانٍ، له مِكيالان، يَستَوفي بواحِدٍ ويَبْخَسُ بآخَرَ، فأتَينا سِباعَ بن عُرْفُطة فجهَّزَنا، فأتينا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قبلَ الفتحِ بيومٍ أو بعدَه بيوم

(2)

.

= وأخرجه ابن ماجه (2422) عن محمد بن المؤمّل بن الصبّاح، عن محمد بن محبَّب، بهذا الإسناد. بتمام لفظه دون شك.

(1)

حديث قوي، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن موسى بن حاتم، وقد توبع، والحسين بن واقد قوي الحديث.

وأخرجه ابن ماجه (2223)، وابن حبان (4919) من طريق علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 14/ (8552) من طريق وهيب بن خالد، عن خثيم بن عراك، به.

وأخرجه ابن حبان (7156) من طريق عثمان بن أبي سليمان، عن عِراك بن مالك، به، مختصرًا.

وسيأتي ذكر استخلاف سباع بن عرفطة على المدينة برقم (4384) من طريق الحسين بن محمد =

ص: 186

2273 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا العباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا أبو كُريب، حدثنا عبد الرحمن بن شَريك، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح وأبي حازم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لا يَحِلُّ مَهرُ الزانيةِ، ولا ثَمنُ الكلبِ"

(1)

.

= القباني عن الحسين بن حريث.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن بن شريك - هو ابن عبد الله النَّخَعي القاضي - لكنه قد توبع، وكذا أبوه قد توبع. أبو كريب: هو محمد بن العلاء الهَمْداني، والأعمش: هو سليمان بن مِهران، وأبو صالح: هو ذكوان السَّمّان، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي.

وأخرجه ابن ماجه (2160)، والنسائي (4680) و (6226) من طريق محمد بن فضيل، والنسائي (4681) من طريق أبي عبيدة عبد الملك بن معن المسعودي، كلاهما عن الأعمش، عن أبي حازم وحده، عن أبي هريرة. ولم يذكر ابن فضيل مهر الزانية.

وأخرجه أحمد 13/ (7851)، والبخاري (2283)، وأبو داود (3425)، وابن حبان (5158) من طريق محمد بن جُحادة، عن أبي حازم وحده، عن أبي هريرة، بلفظ: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الإماء. وليس عندهم ذكر ثمن الكلب.

وأخرجه أبو داود (3484)، والنسائي (4786) من طريق عُلَيّ بن رباح اللَّخْمي، وأحمد 13/ (7976)، والنسائي (4675) و (6224) من طريق عبد الرحمن بن أبي نُعْم، وأحمد 14/ (8389) من طريق معاوية المهري، ثلاثتهم عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 16/ (10489) من طريق حجاج بن أرطاة، والنسائي (4677) من طريق الأعمش، وابن حبان (4941) من طريق قيس بن سعْد، ثلاثتهم عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة، رَفَعه حجاج وقيس، ووَقَفه الأعمش.

وخالفهم في إسناده ابنُ جُرَيج وعمرو بن دينار عند النسائي (4678) و (4679) فروياه عن عطاء بن أبي رباح، عن سُعَيد - مصغرًا - مولى خليفة، عن أبي هريرة، موقوفًا، فزادا في الإسناد بين عطاء وأبي هريرة رجلًا، وابن جُرَيج وعمرو بن دينار أوثق في عطاء من غيرهما، فروايتهما أصح، وإلى ذلك أشار البخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 21، فالصحيح في طريق عطاء الوقفَ، وإن صحَّ الرفع من طريق غيره، وكذا ذِكرُ الواسطةِ بينه وبين أبي هريرة.

وأخرجه الترمذي (1281) من طريق أبي المهزَّم، عن أبي هريرة. وإسناده ضعيف لضعف أبي المهزّم، بل ترك بعضُهم حديثَه. ولفظه: نُهي عن ثمن الكلب إلّا كلب صيد. =

ص: 187

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهد عن عبد الله بن عمرو:

2274 -

أخبرني أبو محمد بن زياد العَدْل، حدثنا جدي أحمد بن إبراهيم، حدثنا عمرو بن زُرارة، حدثنا هُشَيم، أخبرنا حُصين، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال: نُهِيَ عن ثَمنِ الكلبِ، ومهرِ البَغِيِّ، وأجرِ الكاهِنِ، وكَسْبِ الحَجَّام

(1)

.

2275 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا الحسن بن الربيع البُوراني الكوفي، حدثنا حفص بن غِياث، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن ثَمنِ الكلبِ والسِّنَّور

(2)

.

= وفي الباب عن أبي مسعود الأنصاري عند البخاري (2237)، ومسلم (1567).

وعن أبي جُحيفة عند البخاري (5347).

وعن رافع بن خديج عند مسلم (1568).

(1)

إسناده صحيح. أحمد بن إبراهيم: هو ابن عبد الله أبو محمد النَّيسابوري ابن بنت القاضي نصر بن زياد، وعمرو بن زُرارة: هو ابن واقد النَّيسابوري، وحُصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي.

وأخرجه البيهقي 6/ 8 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(14289) من طريق حصين بن نُمير، عن حُصين بن عبد الرحمن، به. بلفظ: يكره مهرُ البغي، فذكره.

(2)

حديث صحيح، أبو سفيان: واسمُه طلحة بن نافع صدوق لا بأس به، وقد تابعه أبو الزُّبَير محمد بن مسلم بن تَدرُسَ المكي عند مسلم وغيره، كما سيأتي بيانه في الطريق الآتية برقم (2277).

وقد ضعَّف الترمذيُّ (1279)، وكذا ابنُ عبد البر في "التمهيد" 8/ 403 طريق أبي سفيان هذه، ولا يُسلَّم لهما ذلك، وحجة الترمذي أنه اختُلف فيه على الأعمش في ذكر أبي سفيان، لكن رواه عن الأعمش بذكر أبي سفيان كلٌّ من حفص بن غياث وعيسى بن يونس السَّبيعي، وكذا رواه وكيع عن الأعمش عند ابن أبي شيبة 6/ 414 وغيره، غير أنه قال: عن الأعمش، قال: أُرى أبا سفيان ذكره عن جابر، لكن هذا الشك يقطعه رواية حفص وعيسى. وحجّة ابن عبد البر أنَّ رواية أبي سفيان عن جابر صحيفة، وليس ذلك بطاعن عند أهل النقد ما دام الطريق إليها كلهم ثقات، ولهذا لما أورد العقيلي هذه الطريق في "الضعفاء" (699) قال: هذا إسناد صالح.

وصحَّحه من هذه الطريق أيضًا ابن الجارود في "المنتقى"(580)، والبيهقي 6/ 11. =

ص: 188

تابعه عيسي بن يونس عن الأعمش:

2276 -

أخبرَناهُ أبو بكر محمد بن أحمد

(1)

بن حاتم العَدْل بمَرْو، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا عبد الله بن مَسلَمة القَعنبي، حدثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن ثَمَنِ الكلب والسِّنَّور

(2)

.

تابعه أبو الزُّبير عن جابر:

2277 -

أخبرَناه أبو العباس السَّيَّاري، حدثنا أبو المُوجِّه، حدثنا صدقة بن الفضل، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا عُمر بن زيد، من أهل صنعاء، عن أبي الزُّبَير، عن جابر،

= والسِّنَّور: هو الهِرُّ.

قال الخطابي في "معالم السنن" 3/ 130: النهي عن السِّنَّور متأوَّل على أنه إنما كُره من أجل أحد معنيين: إما لأنه كالوحشي الذي لا يُملك قيادُه، ولا يصح التسليمُ فيه، وذلك لأنه ينتابُ الناسَ في دُورهم ويطوف عليهم فيها، ثم يكاد ينقطع عنهم، وليس كالدواب التي تُربَط، ولا كالطير الذي يُحبس، وقد يتوحش بعد الأُنوسة، ويتأبد حتى لا يُقرَب ولا يُقدر عليه.

والمعنى الآخر: أن يكون إنما نهى عن بيعه لئلا يتمانع الناسُ فيه، وليتعاوروا ما يكون منه في دُورهم فيرتفقوا به ما أقام عندَهم، ولا يتنازعوه إذا انتقل عنهم إلى غيرهم تنازعَ المُلّاك في النفيس من الأعلاق.

وقيل: إنما نهى عن بيع الوحشي منه دون الإنسي.

(1)

وقع في الأصلين والمطبوع: أحمد بن محمد، بتقديم أحمد على محمد، والمثبت على الصواب من "إتحاف المهرة"(2783)، ومن سائر مواضع روايات الحاكم عن هذا الرجل، حيث سماه في كل ذلك محمد بن أحمد بن حاتم، وكذلك جاء اسمه في "السنن الكبرى" للبيهقي في عدة مواضع من روايته عن الحاكم. وربما سماه الحاكم أبا بكر بن أبي نصر، وقد وثقه، كما في سؤالات السِّجْزي له الترجمة (320).

وللحاكم شيخٌ آخر اسمه أحمد بن محمد بن عبدوس بن حاتم الحاتمي المروَزي، ذكره في "تاريخ نيسابور"، وهو غير هذا، والله تعالى أعلم.

(2)

حديث صحيح كسابقه. عيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السَّبيعي.

وأخرجه أبو داود (3479)، والترمذي (1279) من طُرق عن عيسى بن يونس، بهذا الإسناد.

ص: 189

قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الهِرَّة، وأكلِ ثَمنِها

(1)

.

حديث الأعمش عن أبي سفيان صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.

2278 -

أخبرنا الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قَتَادة، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن لبن الجَلَّالة، وعن أكل المُجَثَّمة، وعن الشُّرب من في السِّقَاء

(2)

.

(1)

صحيح بذكر ثمن الهِرِّ، دون ذكر أكله، فقد انفرد عمر بن زيد الصنعاني بذكره، وهو ضعيف، وقد توبع على ذكر النهي عن ثمنه كما سيأتي، على أنَّ أحمد بن حنبل قد رواه عن عبد الرزاق، مقتصِرًا على ذكر ثمن الهرّ.

فقد أخرجه كذلك أبو داود (3480) و (3807) عن أحمد بن حنبل، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 23/ (14652)، وابن ماجه (2161) من طريق عبد الله بن لَهيعة، ومسلم (1569)، وابن حبان (4940) من طريق مَعقِل بن عُبيد الله، والنسائي (4788) و (6219) من طريق حماد بن سلمة، ثلاثتهم عن أبي الزُّبَير، به، بذكر ثمن الهر دون أكله، وزادوا فيه خلا ابن ماجه ذكر النهي عن ثمن الكلب. ولفظه رواية معَقِل عن أبي الزُّبَير، قال: سألت جابرًا عن ثمن الكلب والسِّنَّور، قال: زجر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك.

وأما أكل الهر، فقد ثبت تحريمه بأحاديث النهي عن أكل كل ذي ناب من السِّباع. والهرُّ سَبُع.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل يحيى بن أبي طالب وعبد الوهاب بن عطاء، فهما صدوقان لا بأس بهما، وقد توبعا.

وأخرجه أحمد 5/ (3142) و (3143)، وابن حبان (5399) من طريق أبي عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد، وأحمد 4/ (2161) و 5/ (3142) عن محمد بن جعفر، والترمذي بإثر (1825) من طريق ابن أبي عدي، ثلاثتهم عن سعيد بن أبي عَروبة، بهذا الإسناد. غير أنَّ محمد بن جعفر قال في روايته: نهى عن المجثَّمة والجلّالة، فأطلق ذكر الجلالة دون تقييده بذكر لبنها، كرواية حماد بن سلمة عن قتادة المتقدمة برقم (1645).

وإنما المنهيُّ عنه من الجلّالة ثلاثةُ أمورٍ: شرب لبنها، كما جاء مقيَّدًا في رواية عبد الوهاب بن عطاء وعبد العزيز بن عبد الصمد، وكما في رواية هشام الدستوائي عن قتادة، وسيأتي تخريجها، وكما في حديث ابن عُمر الآتي بعده. =

ص: 190

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ عن عبد الله بن عُمر وأبي هريرة، أما حديث ابن عُمر:

= ويُنهى عن أكلها كذلك، كما في بعض روايات حديث ابن عباس، وكما في حديث ابن عُمر الآتي بعده، وحديث عبد الله بن عمرو الآتي برقم (2300)، وحديث أبي هريرة الآتي برقم (2281).

ويُنهى أيضًا عن ركوبها، كما في رواية حماد بن سلمة عن قتادة الآتية برقم (2528)، وكما في حديث ابن عُمر الآتي برقم (2280)، وحديث عبد الله بن عَمرو الآتي برقم (2529).

وأخرجه أحمد 3/ (1989) و 4/ (2671) و 5/ (2949)، وأبو داود (3786)، والترمذي (1825)، والنسائي (4522) و (6837) من طريق هشام الدستُوائي، عن قتادة، به.

وقد رواه أيوب عن عكرمة، فقال: عن أبي هريرة، بدل: ابن عباس، وهذا اختلاف لا يضر مثله، لأنَّ الإسناد حيث دار كان عن صحابي، ولهذا أخرج البخاري كلا الحديثين برقم (5628) و (5629) واقتصر فيهما على النهي عن الشرب من في السقاء.

والجلّالة من الحيوان: التي تأكل العَذِرة، والجِلَّة: البعر، فوُضِع مَوضع العَذِرة، يقال: جَلَّت الدابة الجِلَّة، واجتلَّتها، فهي جالَّة وجلّالة: إذا التقطتها.

وقال الحربي في "غريبه" 1/ 115: إنما نُهي عن ألبانها، لأنَّ آكله يجد فيه طعم ما أكلت، وكذلك في لحومها، ونُهي عن ركوبها لأنها تعرق، فتوجد رائحته في عَرَقها، وراكبها لا يخلو أن يُصيبه ذلك أو يجدَ رائحته، فإن تحفَّظَ من ذلك جاز ركوبها، ولم يجُز شربُ ألبانها ولا أكلُ لحومها، إلّا أن يُصنَع بها ما يُزيلها.

وقال الشافعي فيما نقله عنه ابن عبد البر في "التمهيد" 15/ 180: الجلالة المكروه أكلها إذا لم يكن أكله غير العَذِرة، أو كانت العذرة أكثر أكله، فإن كان أكثر أكله وعلفه غير العَذِرة لم أكرهه.

وأما المجثَّمة، فقال الخطابي في "المعالم" 4/ 273: هي المصبُورة، وذلك أنها قد جُثّمت على الموت، أي: حُبست عليه، بأن تُوثق وتُرمى حتى تموت.

ويشهد للنهي عن المجثَّمة غير ما حديثٍ كما سيأتي عند حديث العرباض برقم (2639).

وأما الشرب من في السقاء، فقال ابن الجوزي في "كشف المشكل" 2/ 433: إنما نهي عن ذلك لخمسة معانٍ، أحدها: أنه ربما كانت في السقاء هامّة أو قَذاة فانتشرت في الحلق، والثاني: أنه ربما وقع الشَّرَق باندفاق الماء، والثالث: أنه لا يمكن مصُّ الماء، بل يقع العَبُّ الذي يؤذي الكبد، والرابع: أنه يُغيّر ريح السقاء، والخامس: أنه يتخايل الشارب الثاني رجوع شيء من فم الأول فيستقذره.

ص: 191

2279 -

فأخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، أخبرنا محمد بن عمّار المَوصِلي، حدثنا عيسى بن يونس، عن محمد بن إسحاق، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الجَلّالة وألبانها

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، إلّا أنَّ فيه عنعنة محمد بن إسحاق - وهو ابن يَسار، صاحب المغازي - ثم إنه خالفه سفيان الثَّوري، فرواه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرسلًا، وكذلك رواه جماعة عن مجاهد، فأرسلوه.

لكن رواه أبو الزُّبَير محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي، عن مجاهد، عن ابن عمر، فوصله، والطريق إليه في غاية الصحة، فهذه متابعة قوية لمحمد بن إسحاق، وبها تُغتفر عنعنة ابن إسحاق، والله تعالى أعلم.

على أنه قد صحَّ عن ابن عُمر ذكر النهي عن ألبان الجلّالة من غير طريق مجاهد، كما في الرواية التالية، وكذلك صحَّ عن غير ابن عُمر ذكرُ النهي عن أكل الجلالة وألبانها، كما بيَّناه عند حديث ابن عباس الذي قبله.

وأخرجه أبو داود (3785)، وابن ماجه (3189) والترمذي (1824) من طريقين عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وخالفه سفيان الثَّوري عند عبد الرزاق (8718)، وابن أبي شيبة 8/ 336، فرواه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، مرسلًا.

وكذلك رواه إبراهيمُ بن أبي حرّة عند عبد الرزاق (8714)، وإبراهيم بن المهاجر عنده (8713)، وليث بن أبي سُليم عند ابن أبي شيبة 8/ 334، كلهم عن مجاهد، مرسلًا.

لكن أخرجه الطبراني في "الكبير"(13464) من طريق أبي الزُّبَير، عن مجاهد، عن ابن عُمر، قال: نُهي عن الجلّالة. وهذا لفظ عامٌّ ينصرف إلى جميع أنواع الانتفاع بها، كأكل لحمها ويشرب لبنها وركوبها، وهذا اللفظ حكمه الرفع.

وأخرج الطبراني في "الكبير"(13187)، وفي "الأوسط"(618) من طريق هشام بن عمار، عن إسماعيل بن عياش، عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن سالم، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الجلالة، وألبانها وظهرها. لكن هشامًا كبر فصار يتلقن، وإسماعيل مُخلِّط في روايته عن غير أهل بلده والشاميين، وعمر بن محمد مدني، فهذه طريق غير محفوظة. =

ص: 192

2280 -

وأخبرني أبو الوليد الفقيه، حدثنا محمد بن نُعيم، حدثنا أحمد بن أبي سُريج الرازي، حدثنا عبد الله بن الجَهْم، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن أيوب السَّخْتِياني، عن نافع، عن ابن عمر، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجَلّالة - يعني: الإبل - أن يُركَبَ عليها، أو يُشربَ من ألبانها

(1)

.

وأما حديث أبي هريرة:

2281 -

فحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عبد الصمد بن النعمان، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن أيوب، عن عِكْرمة، عن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المُجثَّمة والجَلّالة

(2)

.

= وممّا يُستأنَسُ به لتأبيد ثبوت النهي عن أكل الجَلّالة لدى عبد الله بن عمر أنه قد ثبت عنه أنه كان يحبس الدجاجة الجلّالة ثلاثًا. أخرجه ابن أبي شيبة 8/ 335، بإسناد صحيح عنه كما قال الحافظ في "الفتح" 17/ 100.

وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (2300).

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الله بن الجهم وعمرو بن أبي قيس الرازيّين، لكنهما متابعان في الطريق السالفة قبله، وفيما سيأتي.

وأخرجه أبو داود (2558) و (3787) عن أحمد بن أبي سريج الرازي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (2557) من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن أيوب، به. بلفظ: نُهي عن ركوب الجلّالة. وهذا حكمه الرفع، كما قال البوصيري في "إتحاف الخيرة"(2413/ 1).

(2)

حديث صحيح، وعبد الصمد بن النعمان - وهو البغدادي - قد توبع. أيوب: هو ابن أبي تَميمة السختياني.

وأخرجه البيهقي 9/ 333 من طريق حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وفيه زيادة النهي عن الشرب من في السِّقاء.

وقد رواه قتادة عن عكرمة، فقال: عن ابن عباس، بدل أبي هريرة، كما تقدم برقم (2278)، وهذا اختلاف لا يضر مثلُه كما سبق.

وأخرج أحمد 14/ (8789)، والترمذي (1795) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حرَّم يوم خيبر كلُّ ذي ناب من السباع، والمجثَّمة، والحمار الإنسي. وإسناده حسن.

ص: 193

2282 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا العباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا إسماعيل بن يزيد الأصبهاني، حدثنا يحيى بن الضُّرَيس، عن إبراهيم بن طَهْمان، عن الحجّاج بن الحجّاج، عن قَتَادة، عن الحسن، عن سَمُرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الشاةِ باللَّحْم

(1)

.

(1)

إسناده قوي، وصحَّحه البيهقي في "السنن الكبرى"، وسماع الحسن من سمرة صحيح كما بينّاه عند الحديث المتقدم برقم (151).

وأخرجه البيهقي 5/ 296 عن أبي عبد الله الحاكم، عن يحيى بن منصور القاضي، عن أبي بكر بن خزيمة، عن أحمد بن حفص السَّلَمي، عن أبيه، عن إبراهيم بن طهمان، بهذا الإسناد. وهذه الطريق ليست عند الحاكم في "المستدرك"، وهي متابعة قوية جدًّا للطريق التي هنا عن ابن طهمان.

ويشهد له مرسلُ سعيد بن المسيب الذي بعده، كما قال الحاكم.

وأخرج الشافعي في القديم كما في "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (11144) عن سعيد بن سالم القداح، عن ابن أبي الزِّناد، عن أبيه، عن القاسم بن محمد وسعيد بن المسيب وعروة بن الزُّبَير وأبي بكر بن عبد الرحمن: أنهم كانوا يُحرِّمون بيع اللحم الموضوع بالحيوان عاجلًا وآجلًا، يعظّمون ذلك ولا يرخّصون فيه.

وقال أبو الزِّناد فيما نقله عنه مالك 2/ 655: كل من أدركتُ من الناس ينهون عن بيع الحيوان باللحم، قال أبو الزِّناد: وكان ذلك يُكتب في عهود العُمّال في زمان أبان بن عثمان وهشام بن إسماعيل، ينهون عن ذلك.

وقد روي من طرق عن قتادة، عن الحسن البصري، عن سمرة، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة. أخرجه أحمد 33/ (20143)، وأبو داود (3356)، وابن ماجه (2270)، والترمذي (1237)، والنسائي (6170). وقال الترمذي حديث حسن صحيح.

ولكن هذا يختلف عن مسألة بيع اللحم بالحيوان، لأنَّ بيع اللحم بالحيوان بيع ميت بحيٍّ، وبيع الحيوان بالحيوان بيع حيٍّ بحيّ، وقد روي ما يدل على جواز بيع الحي بالحي متفاضلًا، ومن ذلك: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى عبدًا بعبدين. أخرجه أحمد 23/ (14772)، ومسلم (1602) من حديث جابر بن عبد الله.

ومنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم اشترى صفية بنت حيي من دحية الكلبي بسبعة أرؤس. أخرجه أحمد 19/ (12240)، ومسلم (1427)(87) من حديث أنس بن مالك.

ومنه أنَّ ابن عباس سئل: بعير ببعيرين، فقال: قد يكون البعير خيرًا من البعيرين. أخرجه =

ص: 194

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الشافعي في "الأم" 3/ 119، وعبد الرزاق في "المصنف"(14140)، وعلَّقه البخاري بين يدي الحديث (2228).

ولم ير جابر بن عبد الله بأسًا بالبعير بالبعيرين. أخرجه ابن أبي شيبة 6/ 114.

وقال عبد الله بن عمر: من يبيعني بعيرًا ببعيرين، من يبيعني ناقة بناقتين. أخرجه ابن أبي شيبة 6/ 118.

ووردت آثار أخرى تدل على جواز اجتماع النسيئة إلى الفضل في بيع الحي بالحي، ومن ذلك: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمرو بن العاص أن يجهز جيشًا، فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ على قلائص الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة. أخرجه أبو داود (3357)، وصحَّحه البيهقي 5/ 287 من طريق أخرى أوردها غير طريق أبي داود عن عبد الله بن عمرو.

واشترى عبد الله بن عُمر راحلةً بأربعة أبعرةٍ مضمونة عليه، يوفيها صاحبها بالربذة. أخرجه مالك 2/ 652، وعلقه البخاري بين يدي الحديث (2228).

واشترى رافع بن خديج بعيرًا ببعيرين، فأعطاه أحدَهما، وقال: آتيك بالآخر غدًا رهوًا إن شاء الله. والرهو بفتح الراء وسكون الهاء، أي: سهلًا، والمراد يأتيه به سريعًا من غير مطل كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 7/ (263). أخرجه عبد الرزاق (14141)، وعلَّقه البخاري.

وقال سعيد بن المسيب: لا ربا في الحيوان، البعير بالبعيرين، والشاة بالشاتين إلى أجل. أخرجه مالك 2/ 654، وعلَّقه البخاري.

ووردت آثار أخرى تدل على منع النسيئة دون الفضل في بيع الحي بالحي، ومن ذلك حديث قَتَادة، عن الحسن، عن سمرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئةً، وقد تقدم تخريجه قريبًا في هذا التعليق.

ومنه عن عمر بن الخطاب: أنه سئل عن الشاة بالشاتين إلى الخِصب، فكره ذلك. أخرجه ابن أبي شيبة 6/ 117.

وسأل أنس بن سيرين ابنَ عُمر عن البعير بالبعيرين إلى أجل، فقال: يدًا بيد؟ فقلت: لا، قال: فكرهه. أخرجه ابن أبي شيبة 6/ 115. ولكن هذا من ابن عمر يعارض رأيه الذي قدمناه من تجويزه ذلك، لكن قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 3/ 33: يمكن الجمع بأنه كان يرى فيه الجواز، وإن كان مكروهًا على التنزيه، لا على التحريم.

وقال سويد بن غَفَلة: لا بأس بالفرس بالفرسين، والدابة بالدابتين، يدًا بيد. أخرجه ابن أبي شيبة 6/ 117. =

ص: 195

هذا حديث صحيح الإسناد، رواتُه عن آخرهم أئمةٌ حفاظٌ ثقاتٌ، ولم يُخرجاه، وقد احتجَّ البخاريُّ بالحسن عن سمرة.

وله شاهدٌ مرسلٌ في "موطأ مالك":

2283 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الرَّبيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن سعيد بن المسيّب: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نَهى عن بيع اللَّحْم بالحَيوان

(1)

.

2284 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ وإبراهيم بن محمد بن حاتم الزاهد، قالا: حدثنا الحسن بن عبد الصمد بن عبد الله بن رَزِين السُّلَمي، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا مسلم بن خالد الزَّنْجي، عن مصعب بن محمد المدني، عن شُرَحبيل مولى الأنصار، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"مَن اشترى سَرِقةً، وهو يعلم أنها سَرِقةٌ، فقد شَرِكَ في عارِها وإثمِها"

(2)

.

= وقد ذكر الحافظ في "فتح الباري" 7/ 520 أنَّ الشافعي وجماعة قد جمعوا بين هذه الآثار بحمل النهي على ما إذا كان نسيئةً من الجانبين، قال: ويتعين المصير إلى ذلك، لأنَّ الجمع بين الحديثين أولى من إلغاء أحدهما، وإذا كان ذلك المراد من الحديث، بقيت الدلالة على جواز استقراض الحيوان والسَّلَم فيه.

قلنا: وأما بيع اللحم بالشاة، يعني بيع الميت بالحي، فلا توجد نصوص تعارض النهي عنه، فيبقى النهي على أصلِه، والله تعالى أعلم.

(1)

صحيح الإسناد إلى سعيد بن المسيب، وهو مرسل، ومراسيل سعيد من أصح المراسيل وأقواها. وقال ابن عبد البر 4/ 322: إسناد هذا المرسل أحسن أسانيد الحديث.

وهو في "موطأ مالك" 2/ 655.

وأخرج مالك أيضًا 2/ 655 عن داود بن الحصين، أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: من مَيسِر أهل الجاهلية بيع الحيوان باللحم بالشاة والشاتين.

وأخرج أيضًا 2/ 655 عن أبي الزِّناد، عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: نُهي عن بيع الحيوان باللحم.

(2)

إسناده ضعيف من أجل مسلم بن خالد الزَّنْجي وشرحبيل بن سعد مولى الأنصار. =

ص: 196

شُرَحبيل هذا: هو ابن سعد الأنصاري، قد روى عنه مالك بن أنس بعد أن كان يُسيءُ الرأيَ فيه، والحديثُ صحيحٌ، ولم يُخرجاه.

2285 -

أخبرني عبد الصمد بن علي بن مُكرَم البزَّاز، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا أبو الوليد الطَّيالِسي وعَفّان بن مسلم ومسلم بن إبراهيم، قالوا: حدثنا هشام بن أبي عبد الله، حدثنا قَتَادة، عن الحسن، عن سمُرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أيُّما رجلٍ باع بيعًا مِن رجلٍ أو رجلَين، فهو للأول منهما، وأيُّما امرأةٍ زَوَّجها وَليّانِ، فهي للأول منهما"

(1)

.

= وقد اختلف في إسناده على مصعب بن محمد، فخالف مسلمًا الزنجيَّ فيه سفيان الثَّوري وسفيانُ بنُ عيينة، فروياه عن مصعب بن محمد، عن رجل من أهل المدينة، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ يعني مرسلًا، وقال الدارقطني في "العلل" (2104): المرسل أشبه بالصواب.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 335 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(413)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(8112) من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 577، وإسحاق بن راهويه (412)، وابن أبي عمر العدني في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ ابن حجر (1346) عن وكيع بن الجراح، وأحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب"(1346) عن قَبيصة بن عقبة، كلاهما عن سفيان الثَّوري، عن مصعب بن محمد، عن رجل من أهل المدينة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلًا.

وتابع سفيانَ الثَّوري سفيانُ بنُ عيينة كما قال الدارقطني في "العلل"(2104).

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 1/ 328 من طريق ابن لهيعة، عن إسحاق بن أبي فروة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وابن أبي فروة متروك الحديث، وابن لهيعة ضعيف.

(1)

إسناده صحيح، وسماع الحسن - وهو البصري - من سَمُرة - وهو ابن جُندب - صحيح، كما بيناه عند الحديث السالف برقم (151). وقد صحَّحَ هذا الحديثَ أبو زرعة وأبو حاتم، كما في "البدر المنير" لابن الملقن 7/ 590، وانتقاه ابنُ الجارود (622)، وحسّنه الترمذي.

وأخرجه أحمد 33/ (20116) و (20141) و (20208)، وأبو داود (2088)، والنسائي (5376) و (5377) من طرق عن هشام، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (20085) و (20263)، وأبو داود (2088) من طريق حماد بن سلمة، =

ص: 197

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2286 -

أخبرنا أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالرَّي، حدثنا محمد بن الفَرَج الأزرق، حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جُرَيج.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشْر بن موسى وعلي بن عبد العزيز وموسى بن الحسن بن عبّاد وإسحاق بن الحسن بن ميمون الحَرْبي، قالوا: حدثنا هَوْذة بن خَليفة، حدثنا ابن جُرَيج، حدثني عِكْرمة بن خالد، أنَّ أُسَيد بن حُضَير بن سِماك حدّثه، قال: كتبَ معاويةُ إلى مروان: إذا سُرِق للرجل فوجد سَرِقتَه فهو أحقُّ بها حيثُ وَجَدَها، قال: فكتب إلي بذلك مروانُ وأنا على اليمامة، فكتبتُ إلى مروانَ: أنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم قضى إذا كان عند الرجل غير المتَّهَمِ، فإن شاء سيّدُها أَخذَها بالثمنِ، وإن شاء اتَّبَع سارقَه، ثم قضى بذلك بعدَه أبو بكر وعمر وعثمان، قال: فكتب مروانُ إلى معاويةَ بكتابي، فكتب معاويةُ إلى مروان: إنك لستَ أنتَ ولا أُسيد تقضيان عليَّ فيما وَلِيتُ، ولكني أَقضي عليكما، فانفُذْ لما أمرتُك به، وبعثَ مروانُ بكتابِ معاويةَ إليه، فقال: واللهِ لا أَقضي به أبدًا

(1)

.

= وأحمد (20090) و (20121)، وأبو داود (2088)، وابن ماجه (2344) من طريق همام بن يحيى، كلاهما عن قتادة، به.

وسيأتي برقم (2754) من طريق معاذ بن هشام عن أبيه.

وبرقم (2755) من طريق سعيد بن أبي عَروبة، وبرقم (2756) من طريق سعيد بن بَشير، كلاهما عن قتادة.

وبرقم (2757) من طريق أشعث بن عبد الملك الحُمْراني عن الحسن البصري.

وقال البيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 139: للأول حق السبق، والسبق أصل في الشريعة.

(1)

إسناده صحيح، لكن تسمية الصحابي فيه أُسيد بن حضير بن سماك وهمٌ من ابن جُرَيج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - لما حدَّث بالحديث بالبصرة، كما نبّه عليه أحمد بن حنبل فيما أسنده عنه أبو داود في "المراسيل"(192) عن هارون بن عبد الله الحمّال، أنَّ أحمد قال له ذلك، وقال له أيضًا: هو في كتاب ابن جُرَيج: أُسيد بن ظُهير. وقال ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 9/ 97: =

ص: 198

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هذا هو الصحيح، فقد جاء من غير وجه أنَّ أسيد بن حضير مات في خلافة عمر بن الخطاب، وكذلك قال المزي في "تهذيب الكمال" 3/ 254، وفي "تحفة الأشراف"(150)، وقال: ومن مات في زمن عمر لا تدركه أيامُ معاوية. ونحوه قول الحافظ في "أطراف المسند"(143)، وفي "إتحاف المهرة"(265).

وقد صرَّح ابن جُرَيج بسماعه من عكرمة بن خالد، فأُمن تدليسه.

وقد أعلَّ الإمامُ أحمد هذا الحديث فيما نقله عنه ابنُ كثير في "جامع المسانيد" 1/ 289 - 290، بحجة الاضطراب في تسمية صحابيه ومعارضته لحديث الحسن عن سمرة، وبعدم ظهور معناه، وردَّ ذلك ابنُ كثير بقوله: في كلٍّ من هذه التعاليل نظر، ولا يظهر تأثير واحدٍ منها، والله أعلم.

وأخرجه أحمد 29/ (17988) عن هَوذة بن خليفة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد أيضًا (17986) عن روح بن عُبادة، و (17987)، والنسائي (6232) من طريق عبد الرزاق بن همام، والنسائي (6231) من طريق حماد بن مَسْعَدة، ثلاثتهم عن ابن جُرَيج، به. إلّا أنَّ عبد الرزاق ذكر اسمَ الصحابي على الصواب، فقال: أُسيد بن ظُهير.

وذكر أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(891)، والضياء المقدسي في "المختارة" 4/ 264، والمزي في "التحفة": أنَّ روح بن عبادة رواه كذلك على الصواب، فقال: أُسيد بن ظهير. كذا قالوا! مع أنَّ الذي في أصولنا الخطية من "مسند أحمد" في روايته عن روح: أُسيد بن حضير، على الوهم، فالله تعالى أعلم.

وحديث الحسن عن سمرة الذي عناه الإمام أحمد هو ما أخرجه هو 33/ (20148)، وأبو داود (3531)، والنسائي (6233) و (11689)، ولفظه عند أحمد:"المرء أحق بعين ماله حيث عرفه، ويتبع البَيِّعُ بَيِّعَه".

وفي رواية لأحمد (20146) من طريق أخرى عن سمرة فيها ضعف: "إذا سُرِق من الرجل متاع، أو ضاع له متاع، فوجده بيد رجل بعينه، فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن".

ويشبه أن يكون حديث أسيد بن ظُهير هو ما استقرَّ عليه الأمر في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم لعمل الخلفاء الثلاثة به بعده، وعدم مخالفة تصح عن أحدٍ من الصحابة لهم في ذلك، والله أعلم.

وقد صحَّ عن تَميم بن طرفة مرسلًا ما يؤيد معنى خبر أُسيد: أنَّ العدو أصابوا ناقة لرجل من المسلمين، فاشتراها رجل من المسلمين من العدو، فعرفها صاحبها، وأقام عليها البينة، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدفع إليه الثمن الذي اشتراها به من العدوّ، وإلّا خلّى بينها وبين المشتري. أخرجه أبو يوسف في "الخراج" ص 218، وعبد الرزاق (9358)، وابن أبي شيبة 12/ 447. =

ص: 199

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

= وصحَّ عن عمر بن الخطاب في هذا المعنى أيضًا أنه قال فيما أحرزه المشركون، ثم أصابه المسلمون فعرفه صاحبه، قال: إن أدركه قبل القسم فهو له، وإذا جرت فيه السهام فلا شيء له.

أخرجه ابن أبي شيبة 12/ 444، وابن المنذر في "الأوسط"(6138)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 263، والدارقطني في "السنن"(4199)، والبيهقي 9/ 112 من طريق قبيصة بن ذؤيب عن عمر بن الخطاب. وأخرج نحوه أبو إسحاق الفزاري في "السير"(135)، ومُسدَّد في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(2071)، وابن أبي شيبة 12/ 444 من طريق أزهر بن يزيد المرادي، عن عمر بن الخطاب. وقبيصة له رؤية وسماعه من عمر ممكن كما قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" 9/ 112، وأزهر تابعي كبير شهد الجابية والفتوح كما قال ابن عساكر، والطريق إليه حسنة إن شاء الله.

وثبت أيضًا عن زيد بن ثابت أنه قضى بمثل ما قضى به عمر. أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 263.

والجامع بين الأمرين أنَّ العين انتقلت إلى مَن وُجدت عنده من المسلمين بطريق مشروع، تلك بالبيع وهذه بالغنيمة وخروجها بالسهم، فلا تؤخذ منه جبرًا عنه، لأنَّ ملكيته لها صحيحة، فلا تُحوَّل عنه إلّا بالثمن.

على أنَّ الإمام أحمد قد ذهب في رواية إسحاق بن منصور عنه في "المسائل"(2754)، وكذا في رواية غيره، إلى ما يقتضيه فتوى عمر وزيد بن ثابت. واحتجَّ بحديث العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، المخرَّج عنده في "مسنده" 33/ (19894) وعند مسلم (1641).

قال الإمام أحمد: أخذها النبي صلى الله عليه وسلم من المرأة، فإذا قُسم المتاعُ فقد ذهب إلّا بالثمن. وكذلك قال إسحاق بن راهويه. وهذا مصير منهما إلى العمل بمقتضى حديث أُسَيد كذلك.

وهو قول مالك والثَّوري والليث وأصحاب الرأي، كما في "الأوسط" لابن المنذر 6/ 195، و"مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي 3/ 466 المسألة (1619).

وذهب الإمام الشافعي إلى أنَّ ما يأخذه العدو، فصاحبه أحق به قبل القسمة وبعدها. وهذا مصير منه إلى العمل بمقتضى حديث سمرة، خلافًا للجمهور.

وانظر بيان المسألة في "المغني" لابن قدامة 9/ 271.

وقد قضى الحسن البصري بمثل قضاء عمر وزيد بن ثابت كما أخرجه ابن أبي شيبة 12/ 446، وهذا مَصير من الحسن البصري إلى خلاف مقتضى ما رواه عن سمرة.

ص: 200

2287 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن الفضل بن موسى القُسْطاني، حدثنا هارون بن موسى، حدثنا أبو ضَمْرة، عن يحيى بن سعيد، أخبرني ابن جُرَيج، حدثنا أبو الزُّبَير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بعْتَ أخاك تمَراتٍ، فأصابَتْه جائحةٌ، فلا يَحِلُّ لك أن تأخذَ منه شيئًا، لِمَ تأخذُ مالَ أخيكَ بغيرِ إذنه؟! "

(1)

.

هذا حديث غريب صحيح على شرط الشيخين.

ورواه محمد بن ثَور عن ابن جُرَيج:

2288 -

أخبرَناهُ أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنْعاني بمكة، حدثنا علي بن مُبارك الصَّنْعاني، حدثنا زيدُ بن مُبارك الصَّنْعاني، حدثنا محمد بن ثَوْر، عن ابن جُرَيج، عن أبي الزُّبَير، عن جابر، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "بِمَ يستحلُّ أحدُكُم مالَ أخيه إن أصابَتْه جائحةٌ مِن السماء؟! "

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن الفضل بن موسى القُسْطاني، فهو صدوق، وقد توبع. هارون بن موسى: هو الفَرْوي، وأبو ضمرة: هو أنس بن عياض.

وأخرجه مسلم (1554)، وأبو داود (3470) من طريق عبد الله بن وهب، ومسلم (1554)، وأبو داود (3470)، وابن حبان (5035) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، وابن ماجه (2219)، والنسائي (6074) من طريق ثور بن يزيد، والنسائي (6073)، وابن حبان (5034) من طريق حجاج بن محمد، أربعتهم عن ابن جُرَيج، به.

وسيأتي برقم (2305) من طريق سليمان بن عتيق عن جابر، بلفظ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع الجوائح.

والجائحة: هي الآفة.

(2)

حديث صحيح دون قوله: "من السماء" فلم تَرِد هذه الزيادة في شيء من طرق الحديث عن ابن جُرَيج، إلّا في هذه الطريق، وشيخ الحاكم فيها وشيخ شيخه ليسا بمشهورين، بل إنَّ حالهما غير معروفة، ولذلك قال البيهقي في "معرفة السنن" (11234): وقد روي في حديث محمد بن ثور عن ابن جُرَيج: "إن أصابته جائحة من السماء" وفيه نظر.

قلنا: وجاء عن ابن جُرَيج عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: الجوائح كل ظاهر مفسدٍ من مطر أو بردٍ أو =

ص: 201

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

والأصل في هذا الباب حديث مالك بن أنس عن حُميدٍ الطَّويل الذي:

2289 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نصر، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني مالك بن أنس، عن حُميد الطويل، عن أنس بن مالك، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أرأيتَ إن منعَ الله الثَّمرةَ، فبِمَ يَستحِلُّ أحدُكُم مالَ أخيهِ؟! "

(1)

.

2290 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن بالَوَيهِ، قالا: أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا ابن أبي عَدِيّ، حدثنا شعبة، عن زُبَيد، عن إبراهيم، عن مسروق، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الرِّبا ثلاثةٌ وسبعون بابًا، أيسَرُها مثلُ أن يَنكِحَ الرجلُ أمَّه، وإِنَّ أَرْبى الرِّبا عِرضُ الرجلِ المسلمِ"

(2)

.

= جرادٍ أو ريح أو حريق. أخرجه أبو داود (3471) من طريق ابن وهب، عن عثمان بن الحكم، عن ابن جُرَيج، وإسناده حسن. وفي هذا ما يضعف صحة رواية الصنعانيين هذه عن ابن جُرَيج، والله تعالى أعلم.

وقد تقدم الحديث قبله من رواية يحيى بن سعيد عن ابن جُرَيج، دون تقييد الجائحة بأن تكون من السماء.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1555) عن أبي الطاهر بن السرح، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (2198)، والنسائي (6072)، وابن حبان (4990) من طرق عن مالك، به.

وأخرجه البخاري أيضًا (2208)، ومسلم (1555) من طريق إسماعيل بن جعفر، ومسلم (1555) من طريق عبد العزيز بن محمد، كلاهما عن حميد الطويل، به.

(2)

رجاله ثقات، وقد روي موقوفًا من وجوه، وهو الصحيح، كما بيَّناه في "سنن ابن ماجه" (2275). زُبيد: هو ابن الحارث الياميّ، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ومسروق: هو ابن الأجدع، وعبد الله: هو ابن مسعود.

وقد أخرجه ابن ماجه (2275) عن عمرو بن علي الفلاس، بهذا الإسناد، مقتصرًا على قوله:"الربا ثلاثة وسبعون بابًا". =

ص: 202

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2291 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأُويسي، حدثنا إبراهيم بن خُثَيم بن عِراك بن مالك، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربعٌ حقٌّ على الله أن لا يُدخِلَهم الجنةَ ولا يُذيقَهُم نَعِيمَها: مُدمِنُ خمرٍ، وآكلُ الربا، وآكلُ مالِ اليتيم بغير حقٍّ، والعاقُّ لِوالدَيه"

(1)

.

= وقال ابن الجوزي في "الموضوعات" 3/ 26: واعلم أنَّ مما يَرُدّ صحة هذه الأحاديثِ أنَّ المعاصي إنما تُعلَم مقاديرها بتأثيراتها، والزنى يُفسِد الأنسابَ، ويصرفُ الميراثَ إلى غير مستحقيه، ويؤثر من القبائح ما لا يؤثر أكلُ لقمةٍ لا تتعدّى ارتكابَ نهيٍ، فلا وجه لصحة هذا.

قلنا: وقد صحَّ من هذا الحديث آخر فقرة منه في عرض الرجل المسلم من حديث سعيد بن زيد مرفوعًا عند أحمد 3/ (1651)، وأبي داود (4876)، بلفظ:"من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق".

(1)

إسناده واهٍ بمرة من أجل إبراهيم بن خُثَيم، فهو ضعيف جدًّا.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5142)، وابن الجوزي في "البر والصلة"(111) من طريق أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وقد روي عن أبي هريرة من وجه آخر أخرجه أبو حامد الحضرمي، كما في "المنتقى من فوائده الحسان" للمزي (38) من طريق محمد بن إسماعيل البخاري، عن محمد بن بلال، عن همام، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، رفعه:"ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: العاق لوالديه، والمدمن الخمر والمترجّلة"، وإسناده حسن.

وروي عن ابن عمر مثله مرفوعًا: "ثلاثة لا ينظر الله إليهم: العاقُّ لوالديه، والمدمن الخمر، والمنَّان بما أَعطى"، وسيأتي عند المصنف برقم (7421) بإسناد حسن أيضًا.

وعن أبي الدرداء رفعه: "لا يدخل الجنة عاقٌّ، ولا مُدْمن خمر، ولا مكذّب بقَدَر"، وإسناده حسن أيضًا، وهو عند أحمد 45/ (27484)، وأخرج ابن ماجه منه (3376) مدمن الخمر فقط.

وعن أبي هريرة موقوفًا عليه عند هنّاد في "الزهد"(980)، والنسائي (4901) وغيرهما، بلفظ: أربعة لا يلجون الجنة: عاقٌّ لوالديه، ومدمن خمر، ومَنَّان، وولد زِنيةٍ. ورجاله ثقات. =

ص: 203

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وقد اتفقا على خُثَيم.

2292 -

أخبرني عبد الصمد بن علي البَزّاز، حدثنا يعقوب بن يوسف القَزْويني، حدثنا محمد بن سعيد بن سابِق، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن سِمَاك بن حرب، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَن تُشتَرى الثمرةُ حتى تُطْعِمَ.

وقال: "إذا ظَهَر الزِّنى والرِّبا في قرية، فقد أحَلُّوا بأنفسِهم عذابَ الله"

(1)

.

= وقد صحَّ عن أبي هريرة مرفوعًا ذكر أكل الربا وأكل مال اليتيم في حديث: "اجتنبوا السبع الموبقات" قالوا يا رسول الله، وما هن؟ قال:"الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلّا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" أخرجه البخاري (2766)، ومسلم (89) من طريق أبي الغيث عن أبي هريرة.

(1)

حديثان صحيحان، وهذا إسناد لا بأس برجاله، وسماك بن حرب - وإن كان في روايته عن عكرمة مقال - لم ينفرد به، كما سيأتي.

وأخرجهما مجموعين البيهقيُّ في "شعب الإيمان"(5143) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرج الحديث الأول الطبراني في "الكبير"(11783) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله الدَّشْتكي، عن عمرو بن أبي قيس، به.

وأخرجه أيضًا الطبراني في "الكبير"(11935)، و"الأوسط"(3708)، والدارقطني (2835 - 2837)، والبيهقي 5/ 340 من طريق حبيب بن الزُّبَير، عن عكرمة، به.

وأخرجه أحمد 5/ (3173)، والبخاري (2246)، ومسلم (1537) من طريق أبي البَخْتري الطائي، قال: سألت ابن عباس عن السَّلَم في النخل، قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يؤكل منه وحتى يُوزن.

وأخرجه أحمد 4/ (2247) من طريق زكريا بن إسحاق، و 23/ (14994) من طريق شبل بن عباد، كلاهما عن عمرو بن دينار، قال زكريا: أنَّ ابن عباس كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُباع الثمر حتى يُطعِم"، وقال شبل: عن جابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه. وعمرو بن دينار سمع هذا الحديث من جابر كما وقع عند مسلم (1536)، لكنه لم يسمعه من ابن عمر ولا من ابن عباس، إنما رواه عنهما بواسطة طاووس بن كيسان، كما وقع في رواية سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عند الشافعي =

ص: 204

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2293 -

أخبرنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عمرو بن عَوْن، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، حدثنا إسرائيل، عن الرُّكين بن الرَّبيع.

= في "الأم" 3/ 48، وابن حبان (4988). ولا أثر للاختلاف في وقفه ورفعه من طريق طاووس عن ابن عباس، لثبوته عنه مرفوعًا من الوجوه التي قدمنا ذكرها، والله تعالى أعلم.

وأما الحديث الثاني فقد صحَّ لكن من رواية سماك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، كما نبَّه عليه أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل"(2796)، وقال: منهم من يرفعه، ومنهم من يُوقفه.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(460) عن الحسن - وتحرَّف في المطبوع إلى: الحسين - بن العباس الرازي، عن علي بن هاشم بن مرزوق، عن أبيه، عن عمرو بن أبي قيس، عن سماك، لكنه قال فيه: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. فجعله عن سعيد بن جبير وليس عن عكرمة، والظاهر أنَّ هذا الاختلاف من عمرو بن أبي قيس، فقد كان صدوقًا لكن له أوهام، كما قال غير واحد من أهل العلم، فقد رواه عن سماكٍ أبو الأحوص سلّام بن سليم وشريك بن عبد الله النخعي، فجعلوه عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، وهو الصحيح، كما أشار إليه أبو حاتم الرازي.

فقد أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 307 من طريق أبي الأحوص سلّام بن سليم، وأحمد 6/ (3809)، وأبو يعلى (4981)، وابن حبان (4410) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، كلاهما عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، مرفوعًا. وقد جوَّد إسنادَه المنذريُّ في "الترغيب والترهيب" 3/ 6 و 191.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "العقوبات"(9) من طريق أخرى عن أبي الأحوص سلّام بن سليم، عن سماك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، موقوفًا.

وأخرجه محمد بن نصر المروَزي في "السنة"(205)، والطبراني في "الكبير"(10329)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(321)، والخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم" ص 729 من طريق الأعمش، عن أبي سلمان، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، عن ابن مسعود موقوفًا عليه. وأبو سلمان هذا لا يُعرف.

قوله: "أحلُّوا بأنفسهم" أي: استوجبوا العقوبة.

ص: 205

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا أبو كامل وحجّاج، قالا: حدثنا شَريك

(1)

، عن الرُّكَين بن الرَّبيع، عن أبيه الرَّبيع بن عُمَيلة، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الرِّبا وإِن كَثُر فَإِنَّ عاقبتَه تَصيرُ إلى قُلٍّ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2294 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني ابن جُرَيج، أنَّ أبا الزُّبَير حدثه، قال: سمعتُ جابر بن عبد الله يقول: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الصُّبْرة من التَّمْر، لا يُعلَمُ مَكِيلُها بالكَيلِ المُسمَّى من التَّمْر

(3)

.

(1)

وقع في (ب): إسرائيل، بدل: شريك، وهو خطأ.

(2)

إسناده صحيح من جهة إسرائيل - وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي - حسن من جهة شريك - وهو ابن عبد الله النخعي -. حجاج: هو ابن محمد المِصِّيصي، وأبو كامل: هو مُظفَّر بن مُدرِك الخُراساني.

وهو في "مسند أحمد" 6/ (3754) عن حجاج بن محمد، و 7/ (4026) عن أبي كامل.

وأخرجه ابن ماجه (2279) عن العباس بن جعفر بن الزبرقان، عن عمرو بن عون، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (8090) من طريق يعقوب بن سفيان عن عمرو بن عون.

والقُلُّ: القِلّة، كالذُّل والذِّلّة، أي: أنه وإن كان زيادةً في المال عاجلًا فإنه يؤول إلى نقص، كقوله تعالى:{يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} .

(3)

إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله بن وهب المصري، وابن جُرَيج: هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي، وأبو الزُّبَير: هو محمد بن مسلم بن تَدْرُس المكي.

وأخرجه مسلم (1530) عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن سَرْح، عن ابن وهب، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه مسلم (1530)، والنسائي (6093) من طريقين عن ابن جُرَيج، به.

وأخرجه النسائي (6094) من طريق حجاج بن محمد، عن ابن جُرَيج، به. بلفظ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُباع الصُّبْرة من الطعام بالصُّبْرة من الطعام، ولا الصُّبْرة من الطعام بالكيل من الطعام المسمّى". =

ص: 206

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

2295 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك.

وحدثنا علي بن عيسى الحِيْري، حدثنا محمد بن عمرو الحَرَشِيّ وجعفر بن محمد التُّرك وموسى بن محمد الذُّهْلي، قالوا: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأتُ على مالكٍ.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وأبو محمد بن موسى، قالا: أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا أبو الوليد الطيالسي، قال: سألتُ مالكَ بن أنس، فحدثَنا عن عبد الله بن يزيد عن زيدٍ أبي عياش، قال: سألت سعدًا عن البَيضاء بالسُّلْتِ، فقال: بينهما فَضْلٌ؟ فقالوا: نعم، فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الرُّطَبِ بالتَّمْر، فسأل مَن حولَه:"أينقُص إذا جَفَّ؟ " قالوا: نعم، قال:"فلا إذًا"

(1)

.

= قال النووي في "شرح مسلم": هذا تصريح بتحريم بيع التمر بالتمر حتَّى تُعلَم المماثلةُ، قال العلماء: لأنَّ الجهل بالمماثلة في هذا الباب كحقيقة المفاضلة، لقوله صلى الله عليه وسلم:"إلّا سواء بسواء" ولم يحصل تحقق المساواة مع الجهل، وحكم الحنطة بالحنطة والشعير بالشعير وسائر الرِّبَويات إذا بيع بعضها ببعض حكم التمر بالتمر، والله أعلم.

وقال الأزهري في "الزاهر" ص 140: الصُّبْرة: الكومة من الطعام، سميت صُبْرةً لإفراغ بعضها على بعض.

(1)

إسناده صحيح، زيد أبو عياش - وهو ابن عياش الزُّرقي - وثقه الدارقطني وابن حبان، وصحَّح حديثَه هذا الترمذيُّ وابنُ خزيمة وابنُ حبان والمصنف هنا، وقال المنذري: اعتمده مالك مع شدة نقده، ولا أعلم أحدًا طعن فيه، وقال العيني في "البناية" 8/ 288: هو ثقة عند النقلة.

عبد الله بن يزيد: هو مولى الأسود بن سفيان.

وأخرجه أحمد 3/ (1515) و (1544)، وأبو داود (3359)، وابن ماجه (2264)، والترمذي (1225)، والنسائي (5991) و (6091)، وابن حبان (4997) و (5003) من طرق عن مالك، بهذا الإسناد.

وسيأتي بعده من طريق إسماعيل بن أمية عن عبد الله بن يزيد. =

ص: 207

قال أبو الوليد: وسمعت مالكَ بن أنس مرةً أخرى، قال: فكرِهَه. هذا لفظُ حديث أبي الوليد.

تابعه إسماعيلُ بن أُميَّة عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان:

2296 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشاذَ، قالا: حدثنا بِشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، حدثنا إسماعيل بن أمية، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي عياش، قال: تبايَعَ رجلان على عهد سعد بن أبي وقّاص بسُلْتٍ وشعير، فقال سعد بن أبي وقاص: تبايَعَ رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ببُسْر ورُطَبٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل ينقُصُ الرُّطَبُ إِذا يَبِس؟ " قالوا: نعم، قال:"فلا إذًا"

(1)

.

وهكذا رواه سفيانُ الثَّوْري عن إسماعيل بن أمية:

2297 -

حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا علي بن الحسن الهِلالي، حدثنا عبد الله بن الوليد، حدثنا سفيان.

= وقد تابع عبدَ الله بنَ يزيد على رواية هذا الحديث عمرانُ بنُ أبي أنس كما سيأتي برقم (2314).

ورواه يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن يزيد بلفظ آخر كما سيأتي برقم (2298).

والسُّلت: هو حبٌّ بين الحنطة والشعير، لا قشر له كقشر الشعير، فهو كالحنطة في ملامسته، وكالشعير في طبعه وبرودته.

والبيضاء: الحنطة.

وقال ابن قتيبة في "غريب الحديث" 1/ 185: إنما كره سعد بيع السُّلت بالحنطة، لأنهما عنده جنس واحدٌ. وقال ابن الأثير في "النهاية": وخالفه غيره.

وقوله: "أينقص إذا جَفَّ" قال الخطابي في "المعالم" 3/ 76: لفظه لفظ الاستفهام، ومعناه التقرير والتنبيه فيه على نكتة الحكم وعلّته، ليعتبروها في نظائرها وأخواتها.

(1)

إسناده صحيح كسابقه. الحُميدي: هو عبد الله بن الزُّبَير المكي، وسفيان شيخُه: هو ابن عُيينة.

وأخرجه أحمد 3/ (1552) عن سفيان، بهذا الإسناد.

والبُسْر: هو ثمر النخل قبل أن يرطب.

ص: 208

وأخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا أحمد بن سَيّار، حدثنا محمد بن كَثير، حدثنا سُفيان.

وحدثنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو نُعيم وأبو حُذيفة، قالا: حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أُميّة، عن عبد الله بن يزيد، عن زيدٍ أبي عياش، عن سَعْد بن مالك قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرُّطَبِ بالتمر، فقال:"أينقُصُ إذا يَبِسَ؟ " قالوا: نعم، قال: فنَهَى عنه

(1)

.

وقد تابعهما يحيى بن أبي كثير على روايته عن عبد الله بن يزيد:

2298 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشاذَ، قالا: حدثنا هشام بن علي، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا حَرْب بن شدّاد، عن يحيى بن أبي كثير، حدثنا عبد الله بن يزيد، أنَّ أبا عياش أخبره، أنه سمع سعد بن أبي وقاص يقول: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرُّطَب بالتمْر نَسيئةً

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النَّهْدي.

وأخرجه النسائي (6092) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان الثَّوري، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده قوي من أجل عبد الله بن رجاء: وهو الغُداني. إلَّا أنَّ قوله فيه: نسيئة، مخالَف فيه، فقد قال الدارقطني في "سننه" بعد الحديث (2994): وخالفه (يعني يحيى بن أبي كثير) مالك وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وأسامة بن زيد، رووه عن عبد الله بن يزيد، ولم يقولوا فيه: نسيئة، واجتماع هؤلاء الأربعة على خلاف ما رواه يحيى يدل على ضبطهم للحديث، وفيهم إمام حافظ وهو مالك بن أنس. انتهى.

وأخرجه أبو داود (3360) من طريق معاوية بن سلّام، عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. لكن تابع يحيى على ذكر النسيئة في الخبر عمرانُ بن أبي أنس عند ابن المنذر في "الأوسط"(8059)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(6173)، وفي "شرح معاني الآثار" 4/ 6 من طريق عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن عمران بن أبي أنس، أنَّ مولًى لبني مخزوم حدثه: أنَّه سأل سعد بن أبي وقاص عن الرجل يُسلِف الرجلَ بالتمر إلى أجل، فقال سعد: نهانا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن هذا. كذا قال: مولى لبني مخزوم، وهو أبو عياش نفسُه.

وقد خولف عمرو بن الحارث في روايته، فرواه مخرمة بن بكير بن عبد الله الأشج، عن أبيه، =

ص: 209

هذا حديثٌ صحيحٌ، لإجماع أئمة النقل على إمامة مالك بن أنس، وأنه محكَّمٌ في كل ما يرويه من الحديث، إذ لم يوجد في رواياته إلّا الصحيح، خصوصًا في حديث أهل المدينة، ثم لمتابعة هؤلاء الأئمة إيّاه في روايته عن عبد الله بن يزيد، والشيخان لم يُخرجاه لما خَشِيَاه من جهالة زيدٍ أبي عيّاش

(1)

.

2299 -

حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا أبو بكر محمد بن إسحاق وأبو العباس محمد بن إسحاق وأبو يحيى زكريا بن يحيى البزَّاز، قالوا: حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا أبو داود، حدثنا شُعبة، عن خالد الحذّاء، قال: سمعت أبا عثمان النَّهْدي يحدِّث، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يُرفع للرجُلِ صحيفةٌ يومَ القيامة حتَّى يُرى أنه ناجٍ، فما تزالُ مظالمُ بني آدم تَتْبعُه حتى ما تبقى له حسنةٌ، ويُزادُ عليه مِن سيّئاتهم".

قال: فقلتُ له - أو قال له عاصمٌ -: عمَّن يا أبا عثمان؟ قال: عن سلمانَ وسعدٍ وابن مسعود ورجلين آخرَين لم يحفظهما.

قال شعبة: فسألت عاصمًا عن هذا الحديث، فحدَّثَنيهِ عن أبي عثمان عن سلمان.

= عن عمران، عن أبي عياش، عن سعد، نحو روايتي مالك وإسماعيل بن أمية المتقدمتين قبله بدون ذكر النسيئة، وستأتي روايته عند المصنف برقم (2314). وهو المحفوظ في حديث سعد هذا، والله أعلم.

وقد احتمل البيهقي احتمالًا أن يكونا حديثين، فقال في "معرفة السنن والآثار" (11132) عن رواية عمران بن أبي أنس: هذا يخالف رواية الجماعة في غير موضع، فإن كان محفوظًا فهو إذًا حديث آخر.

ثم استدرك فقال بإثر رواية مخرمة بن بكير: فالخبر يصرِّح بأن المنع إنما كان لنقصان الرطب في المتعقَّب وحصول الفضل بينهما بذلك، وهذا المعنى يمنع من أن يكون النهيُ لأجل النَّسيئة، فلذلك لم تُقبَل هذه الزيادة ممّن خالف الجماعةَ بروايتها في هذا الحديث.

(1)

قد أخرج الشيخان لنظير حال زيد أبي عياش هذا، فلا يصحُّ التعليل بذلك.

ص: 210

وأخبرني عثمان بن غِياثٍ: أنه سمع أبا عثمان يحدِّث بهذا عن سلمان وأصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

هذا حديث غريبٌ صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، ولا أعرفُ لشعبة عن عثمان بن غِياث حديثًا مسنَدًا غيرَ هذا.

2300 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنان القَزّاز، حدثنا أبو علي عبيد الله بن عبد المجيد الحَنَفي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجِر، سمعتُ أبي يحدِّث عن عبد الله بن باباهُ، عن عبد الله بن عمرو، قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الجَلّالة أن يُؤكل لحمُها، ويُشربَ لبنُها، ولا يُحمَلَ عليها الأَدَمُ، ولا يَركَبَها الناسُ، حتَّى تُعلَفَ أربعين ليلةً

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، ولشعبة فيه ثلاثة شيوخ: خالد بن مِهران الحذّاء، وعاصم بن سليمان الأحول، وعثمان بن غياث، وسيأتي عند المصنف من طريق أبي داود أيضًا - وهو سليمان بن داود الطيالسي - برقم (8929)، وقد خولف شعبةُ في رفعه.

فقد رواه ابن المبارك في "الزهد"(1626)، ومعتمر بن سليمان فيما رواه عنه مُسدَّد في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4582)، كلاهما (ابن المبارك ومعتمر) عن خالد الحذاء، عن أبي عثمان النَّهدي، عن ابن مسعود وحذيفة وسَلْمان وغيرهم، موقوفًا عليهم.

ورواه موقوفًا أيضًا أبو أسامة حماد بن أسامة فيما رواه عنه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 13/ 336 عن عثمان بن غياث، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان وغيره من أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم قالوا

فذكره.

ورواه خالد بن حمزة العطار عن عثمان بن غياث عند البزار (2524)، والطبراني (6153)، من حديث سلمان وحده، ورفعه. وخالد هذا لا يُعرف.

والحديث وإن كان روي عند بعضهم من هذا الوجه موقوفًا، إلَّا أنَّ له حكم المرفوع، فإنَّ مثله لا يُقال من قِبَل الرأي، وممّا يبرهن على صحة ذلك وُرود شواهد بمعناه صريحة في الرفع كما سلف بيانه عند الحديث رقم (2252).

(2)

إسناده ضعيف بهذه السياقة من أجل إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجِر، فهو ضعيف، وأبوه ليِّن الحديث، وقد صحَّ من غير هذا الوجه عن عبد الله بن عمرو ذكر النهي من ركوب الجلّالة وأكل لحمها، دون ما سوى ذلك ممّا ورد في هذه الرواية. =

ص: 211

هذا حديث صحيح الإسناد، لما قَدَّمنا من القول في إبراهيم بن المُهاجِر

(1)

، ولم يُخرجاه.

2301 -

أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارثُ بن أبي أسامة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن تُباعَ السلعُ حيث تُشتَرى، حتى يَحُوزَها الذي اشتراها إلى رَحْلِه، وإن كان ليَبعَثُ رجالًا فيضرِبونا على ذلك

(2)

.

= على أنه قد صحَّ ذكر النهي عن لبن الجلّالة من غير حديث عبد الله بن عمرو، كما بيناه عند حديث ابن عباس المتقدم برقم (2278).

وأخرجه أحمد 11/ (7039) عن مؤمَّل بن إسماعيل، وأبو داود (3811)، والنسائي (4522) من طريق سهل بن بكّار، كلاهما عن وهيب بن خالد، عن عبد الله بن طاووس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وعن الجلّالة: عن ركوبها وأكل لحمها. وإسناده حسن كما قال الحافظ في "الفتح" 17/ 101. قلنا: ووقع عند بعض من خرَّج الحديث من هذه الطريق كأحمد والنسائي: عن الجَلّالة وعن ركوبها وأكل لحومها. بعطف الركوب على مطلق النهي عن الجلالة، والصحيح أنه على البدل، لا معطوفًا، كما وقع في رواية أبي داود، وكذلك جاء في "جامع الأصول" و"تحفة الأشراف"، وكذلك جاء في الرواية التي اعتمدها المزي من "سنن النسائي" كما في "تهذيب الكمال" 25/ 515. والظاهر أنَّ العطف من صنيع بعض الرواة، وإن كان محفوظًا فيكون ذكر الركوب واللحوم من عطفٌ الخاصّ على العامّ، والله تعالى أعلم.

وقد صحَّ عن عبد الله بن عمر بن الخطاب موقوفًا عليه في التوقيت لزوال كراهة الجلّالة خلاف ما روي هنا، فقد أخرج ابن أبي شيبة 8/ 335 بسند صحيح عنه: أنه كان يحبس الدجاجة الجلالة ثلاثًا.

(1)

هذا ذهولٌ من المصنف رحمه الله، فإنه لم يتقدم له كلام فيه.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، وقد صرَّح محمد بن إسحاق بسماعه عند أحمد فانتفت شبهة تدليسه، وقال في روايته: الأطعمة، بدل: السِّلَع، وهو الصحيح، كما سيأتي بيانه. وقد توبع محمد بن إسحاق.

وأخرجه أحمد 10/ (6191) من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، حدثني نافع، عن =

ص: 212

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن عمر حدثهم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث عليهم إذا ابتاعوا الأطعمة من يمنعهم أن يتبايعوها حتَّى يؤووا إلى رِحالهم.

وأخرجه أحمد 1/ (395) و 10/ (5924)، ومسلم (1527)(33)، وأبو داود (3493)، والنسائي (6154) من طريق مالك بن أنس، وأحمد 8/ (4639)، والبخاري (2167)، ومسلم (1527)(34)، وأبو داود (3494)، وابن ماجه (2229)، والنسائي (6155)، وابن حبان (4986) من طريق عُبيد الله بن عمر، والبخاري (2123) من طريق موسى بن عقبة، و (2166) من طريق جويرية بن أسماء، والنسائي (6156) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن عنج، كلهم عن نافع، عن ابن عمر بنحوه، لكن بلفظ "الطعام" عند جميعهم. وقد جاء في رواية موسى بن عقبة وجويرية وبعض الروايات عن عبيد الله بن عمر أنَّ هذا الحديث وارد في تلقي الركبان بأعلى السوق.

وجاء في رواية جويرية وموسى بن عقبة ومحمد بن عبد الرحمن ما يفسر المراد بحيازة الطعام إلى الرَّحل، وهو نقله إلى حيث يباع الطعام، أي: إلى السوق.

ووقع في بعض روايات عبيد الله بن عمر: طعامًا جِزافًا. فقُيِّد بالجزاف، وهو ما لم يكن مكيلًا ولا موزونًا. وهذا قيد مهمّ، فقد نصَّ ابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 343 على الإجماع على أنَّ ما يُستوفى بالكيل أو الوزن أنه يجوز بيعُه في موضعه.

وأخرجه بنحوه أيضًا أحمد 8/ (4517)، والبخاري (2131)، ومسلم (1527)(37) و (38)، وأبو داود (3498)، والنسائي (6157) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، بلفظ "الطعام"، ومقيدًا بالجزاف كذلك.

وكأنَّ حديث ابن عمر هذا قد ورد في نقل وتحويل الطعام الذي اشتُري من الركبان بأعلى السوق، حتى يُنتهى به إلى داخل السوق، لكي يُتمكن من بيعه بالكيل أو بالوزن.

وإذا ثبت ذلك لم يكن هذا الحديث بعينه دالًا على عموم النهي عن بيع المبيع قبل قبضه واستيفائه.

لكن قد ثبت عن نافع عن ابن عمر، مرفوعًا:"من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه"، وفي رواية:"حتى يقبضه"، فهذا هو الذي يصلح حجة في النهي عن بيع المبيع قبل قبضه، لأنَّ الاستيفاء هو القبض، وهو عامٌّ في الطعام الجزاف وغيره، وفي ما تُلُقّي من أعلى السوق من الركبان وما اشتُري من داخل السُّوق. وقد ثبت عن عدد من الصحابة غير ابن عمر النهي عن بيع المبيع قبل قبضه.

وقد أخرجه بهذا اللفظ أحمد 1/ (396) و 9/ (539)، والبخاري (2126) و (2136)، ومسلم (1526)، وأبو داود (3492)، وابن ماجه (2226)، والنسائي (6143) من طريق مالك بن أنس، =

ص: 213

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وعند محمد بن إسحاق فيه إسنادٌ آخر:

2302 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو زُرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، حدثنا أحمد بن خالد الوَهْبي، حدثنا محمد بن إسحاق، عن أبي الزِّناد، عن عُبيد بن حُنين، عن ابن عمر، قال: ابتعتُ زيتًا في السوق، فلما استَوجبْتُه لَقِيَني رجلٌ، فأعطاني به ربحًا حسنًا، فأردت أن أضربَ على يديه، فأخذ رجلٌ من خَلْفي بذِراعي، فالتفتُّ إليه، فإذا زيدُ بن ثابت، فقال: لا تَبِعْه حيث ابتعْتَه حتى تَحُوزَه إلى رَحْلِك، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تُباعَ السِّلَعُ حيث تُبتاع، حتى يَحُوزَها التجّار إلى رِحالهم

(1)

.

= وأحمد 8/ (4736)، ومسلم (1527)(34)، وابن حبان (4986) من طريق عبيد الله بن عمر، والبخاري (2124) من طريق موسى بن عقبة، ومسلم (1527)(35) من طريق عمر بن محمد، كلهم عن نافع، عن ابن عمر.

وأخرجه بهذا اللفظ أيضًا أحمد 9/ (5064)، والبخاري (2133)، ومسلم (1527)(36)، والنسائي (6144)، وابن حبان (4981) من طريق عبد الله بن دينار، وأحمد 10/ (5900)، وأبو داود (3495)، والنسائي (6153) من طريق القاسم بن محمد، وابن حبان (4979) من طريق عمرو بن دينار، ثلاثتهم عن ابن عمر. لكن زاد القاسم في روايته:"طعامًا اشتراه بكيل" وعند أحمد زيادة: "أو وزن".

وقال الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" بإثر (3166): هذا المروي عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيه عن بيع الطعام حتى يستوفى، وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيه عن ابتياع الجِزاف من الطعام أن يباع حتى ينقل إلى مكان آخر، فكان ذلك حكم بيع الطعام المشتَرى كيلًا، وحكم بيع الطعام المشترى جزافًا.

قلنا: وكل ذلك عن ابن عمر بلفظ: "الطعام"، وبذلك يندفع الإشكال الذي يتبادر إلى الذهن عند النظر في حديث عُبيد بن حنين الآتي بعده عن ابن عمر، كما سيأتي بيانه.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، وقد صرَّح ابن إسحاق بسماعه عند أحمد وغيره، وهو متابع. أبو الزِّناد: هو عبد الله بن ذكوان. =

ص: 214

2303 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عُبيد الله بن موسى، حدثنا شَيبان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي نابٍ من السِّباع، وعن قتل الوِلْدان، وعن شراء المَغنَم حتى يُقسَم

(1)

.

= وأخرجه أبو داود (3499) عن محمد بن عوف الطائي، عن أحمد بن خالد الوهبي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 35/ (21668)، وابن حبان (4984) من طريق إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، به.

وقد تابع محمدَ بنَ إسحاق عليه جريرُ بن حازم عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3165)، والطبراني في "المعجم الكبير"(4781)، والدارقطني (2829)، وإسناده صحيح.

وقد ذكر الطحاوي في "شرح المشكل" بإثر (3166) أنَّ صنيع ابن عمر في هذا الحديث يُشكِل مع ما رواه من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يُستَوفى (يعني كما في حديثه السابق) قال الطحاوي: فما كانت حاجته في ذلك إلى زيد حتى أخذ ذلك عنه، وحدَّث به بعد ذلك، قال: فكان جوابنا في ذلك بتوفيق الله وعونه: أنه قد يحتمل أن يكون ابن عُمر لم يكن يرى الزيت من الطعام، إذ كان حكمه الائتدام به لا الأكل له، وكان مذهبه حلّ بيع ما اشتُري قبل قبضه من غير الطعام، فلم ير ببيعه لذلك قبل قبضه إياه بأسًا، حتى حدَّثه زيد بما حدثه به، فعَلِم به أنه كالطعام المأكول المشتَرى، لا كالأشياء المبيعة سوى ذلك، فانتهى إلى ما حدثه به زيد فيه وامتنع من بيعه.

(1)

إسناده صحيح. شيبان: هو ابن عبد الرحمن النَّحْوى، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومجاهد: هو ابن جبر.

وسيتكرر بهذا الإسناد برقم (2646)، لكن بلفظ: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وعن النساء الحَبَالى أن يوطأن حتى يضعن ما في بطونهن، وعن كل ذي ناب من السباع، وعن بيع الخُمس حتى يُقسم.

وبنحو هذا اللفظ سيأتي برقم (2367) و (2644) من طريق عبد الله بن أبي نَجيح عن مجاهد، إلّا أنه قال: وعن بيع المغانم حتى تقسم، كلفظ المصنف هنا.

وسيأتي مقتصِرًا على هذا الحرف من الحديث في الطريق الذي بعده، وبرقم (2645) من طريق عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد.

وأخرجه مقتصِرًا على ذكر النهي عن كل ذي نابٍ أحمدُ 5/ (3002) من طريق شريك النخعي، عن الأعمش، به. =

ص: 215

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السّياقة.

وله شاهد صحيح:

2304 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا عُبيد بن شَريك، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا ابن أبي الزِّناد، حدثني عبد الرحمن بن الحارث، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن بَيع المغانِمِ حتى تُقْسَم

(1)

.

2305 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن حُميد بن قيس، عن سليمان بن عَتِيق،

= وأخرجه مقتصِرًا على هذا الحرف أيضًا أحمد 4/ (2192) و (2747) و 5/ (3023) و (3544)، ومسلم (1934)، وأبو داود (3803)، وابن حبان (5280) من طريق ميمون بن مهران، عن ابن عباس. وزاد ذكر النهي عن كل ذي مِخلَب من الطير.

وأخرجه أيضًا أحمد 5/ (3141)، وأبو داود (3805)، وابن ماجه (3234)، والنسائي (4842) من طريق ميمون بن مهران، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. بزيادة النهي عن كل ذي مخلبٍ أيضًا، وزاد فيه بين ميمون وابن عباس رجلًا هو سعيد بن جبير.

وانظر كلامنا على هذا الاختلاف في تحقيقنا على "سنن أبي داود"(3803).

وأخرج مسلم (1812) من طريق يزيد بن هرمز، عن ابن عباس: أنه كتب إلى نجدة بن عامر الحَرُوري: وكتبتَ تسألُني عن قتل الولدان، وإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقتلهم.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن الحارث - وهو ابن عبد الله بن عياش المخزومي - فهو ضعيف يعتبر به، وقد توبع. ابن أبي الزِّناد: هو عبد الرحمن، وابن أبي نَجيح: هو عَبد الله.

وأخرجه النسائي (6196) من طريق عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن أبي نجيح، به. بزيادة أشياء أخرى ممّا نهى عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. وإسناده صحيح.

وسيتكرر برقم (2645) بزيادة ذكر وقت النهي عن ذلك أنه كان يوم خيبر.

وسيأتي برقم (2367) و (2644) من طريق عمرو بن شعيب عن ابن أبي نجيح، وأنَّ هذا النهي كان يوم خيبر أيضًا.

ص: 216

عن جابر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وَضَعَ الجَوائح

(1)

.

2305 م - قال عليٌّ

(2)

: وقد كان سفيانُ حدثَنا عن أبي الزُّبَير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه وَضَعَ الجوائحَ

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2306 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن بُكير بن الأشَجّ، عن عِياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخُدْري، قال: أُصيبَ رجلٌ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمارٍ ابتاعَها، فكَثُر دَيْنُه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تَصدَّقُوا عليه"، فتصدَّقُوا عليه، فلم يبلُغْ ذلك وفاءَ دَيْنِه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خُذُوا ما وَجَدْتُم، وليس لكم إلّا ذلكَ"

(4)

.

(1)

إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه أحمد 22/ (14320)، ومسلم (1555)(17)، وأبو داود (3374)، والنسائي (6075)، وابن حبان (5031) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وقد تقدم من طريق أبي الزُّبَير عن جابر برقم (2287) بلفظ: "إن بعت أخاك تمرات، فأصابته جائحة، فلا يحلُّ لك أن تأخذ منه شيئًا، أو تأخذ مال أخيك بغير إذنه".

(2)

يعني علي بن عبد الله بن المديني، بالإسناد الذي قبله.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي في "الأم" 4/ 116 - 117، والحميدي (1279)، وأبو عوانة (5096)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 34 والبيهقي 5/ 306 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (2287).

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1556)، والنسائي (6230) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 17/ (11317)، ومسلم (1556)، وأبو داود (3469)، وابن ماجه (2356)، =

ص: 217

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

2307 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن محمد بن نَصْر، حدثنا أبو نُعيم الفضل بن دُكَين، حدثنا بُكير بن عامر، عن ابن أبي نُعْم، حدثنا رافع بن خَديج: أنه زَرَعَ أرضًا، فمرَّ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهو يسقيها، فسأله:"لمن الزرعُ؟ ولمن الأرضُ؟ " فقال: زرعي ببَذْري وعَمَلي، لي الشطرُ ولبني فلانٍ الشطرُ، فقال:"أربَيتُما، فَرُدَّ الأرضَ على أهلها، وخُذ نَفَقَتَك"

(1)

.

= والترمذي (655)، والنسائي (6076) و (6230)، وابن حبان (5033) من طريق الليث بن سعد، عن بُكير بن عبد الله الأشج، به.

وقد يتوهم التعارض بين هذا الحديث وبين حديث وضع الجوائح، لكن قال الخطابي: هذا الحديث ليس فيه ذكر الجائحة، وقد يحتمل أن يكون أصيب في تلك الثمار بعدما جَذَّها وآواها الجرين، فطرقها لص أو جرفها سيل، أو باعها، فافتات الغريم بحقه، وكل هذه الوجوه يصح إضافة المصيبة فيها إلى الثمار التي كان ابتاعها، وإذ كان كذلك لم يجب الحكمُ بذهاب حق رب المال.

قلنا: والجمع ممكن أيضًا بأن يكون وضع الجوائح خاصًا بما يكون أصاب الثمار قبل بدوّ صلاحها وطيبها كما في حديث أنس المتقدم برقم (2289) حيث جاء فيه: "أرأيت إن منع الله الثمرة، فبم يستحل أحدكم مال أخيه؟! ". فقد قال ابن حزم في "المحلى" 8/ 385: صح بهذين الخبرين أنَّ الجوائح التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضعها هي التي تصيب ما بيع من الثمر سنين، وقبل أن يُزهي، وأنَّ الجائحة التي لم يسقطها وألزم المشتري مُصيبتها، وأخرجه عن جميع ماله بها، هي التي تصيب الثمر المبيع بعد ظهور الطِّيْب فيه وجواز بيعه، وبالله تعالى التوفيق.

(1)

إسناده ضعيف لضعف بُكير بن عامر، كما قال الذهبي في "تلخيصه". ابن أبي نُعْم: هو عبد الرحمن.

وأخرجه أبو داود (3402) عن هارون بن عبد الله، عن أبي نعيم، بهذا الإسناد.

وأخرج أبو داود (3399)، والنسائي (4602) عن رافع بن خديج: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بني حارثة، فرأى زرعًا في أرض ظُهير، فقال:"ما أحسنَ زرعَ ظُهير! " قالوا: ليس لظُهير، قال:"أليس أرضَ ظُهير؟! " قالوا بلى ولكنه زرعُ فلان، قال:"فخذوا زرعكم، ورُدُّوا عليه النفقة"، قال رافع: فأخذنا زرعَنا ورددنا إليه النفقة. وإسناده صحيح، وظهير المذكور في الحديث: هو ابن رافع، عم رافع بن خديج.

ص: 218

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، إنما اتفقا على مناظرةِ عبد الله بن عُمر ورافع بن خَديج فيه

(1)

.

2308 -

أخبرنا عبد الله بن محمد بن موسى

(2)

العَدْل، حدثنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا وكيع وحُميد بن عبد الرحمن الرُّؤاسي، عن مغيرة بن زيادة، عن عُبادة بن نُسَيّ، عن الأسود بن ثعلبة، عن عبادة بن الصامت، قال: عَلَّمْتُ ناسًا من أهل الصُّفَّة الكتابةَ والقرآنَ، وأهدى إلي رجلٌ منهم قوسًا، فقلتُ: ليست بمالٍ، وأَرمي عليها في سبيل الله، لآتِيَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فلأَسألنّه، فأتيتُه، فقلتُ: يا رسول الله، رجلٌ أهدى إليَّ قوسًا ممَّن كنتُ أُعلِّمُه الكتابةَ والقرآنَ، وليست بمالٍ، وأَرمي عليها في سبيل الله، قال: إن كنتَ تحبُّ أن تُطَوَّقَ طَوقًا من نار فاقبَلْها"

(3)

.

(1)

أخرجه البخاري (2343) و (2344) و (2345)، ومسلم (1547).

واتفق الشيخان أيضًا على رواية أخرى فيه عن رافع بن خديج، قال: كان الناس يؤاجرون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم على الماذيانات وأقبال الجداول وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، فلم يكن للناس كِراء إلّا هذا، فلذلك زجر عنه النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به. أخرجه البخاري (2327)، ومسلم (1548)(116)، واللفظ له.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عيسى، وجاء على الصواب في "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (6811). وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 15/ 530.

(3)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الأسود بن ثعلبة، ومغيرة بن زياد فيه كلام، وخالفه بشر بن عبد الله بن يسار السُّلَمي فيما سيأتي عند الحاكم (5625)، وهو حسن الحديث، فرواه عن عبادة بن نُسَيّ، عن جُنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت. وجنادة هذا تابعي كبير مخضرم، وقد أثبت صحبته ابن معين، لكن الصحيح أنَّه تابعي مخضرم.

وأخرجه أبو داود (3416) عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 37/ (22689) عن وكيع، وابن ماجه (2157) عن علي بن محمد ومحمد بن إسماعيل، كلاهما عن وكيع، به.

ولمرفوعه شاهد صحيح من حديث أبي الدرداء أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 126 =

ص: 219

هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد، ولم يُخرجاه.

2309 -

حدثنا الحسن بن يعقوب وإبراهيم بن عِصْمة، قالا: حدثنا السَّرِي بن خُزيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبان بن يزيد، عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارِظ، عن السائب بن يزيد، عن رافع بن خَديج، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كسبُ الحجّام خَبيثٌ، وثَمنُ الكلب خَبيثٌ، ومَهْر البغيّ خَبيثٌ"

(1)

.

= أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أخذ قوسًا على تعليم القرآن قلَّده الله قوسًا من نارٍ"، وشواهد أخرى ذكرناها في تحقيقنا على "فتح الباري" 7/ 330.

وصحَّ أيضًا ما يدل ظاهره على خلاف هذا الحديث كحديث أبي سعيد الخُدْري الذي أخرجه البخاري (5007) ومسلم (2201) في قصة أخذه ثلاثين شاة حين رقى رجلًا بفاتحة الكتاب، وقول النبي صلى الله عليه وسلم له:"اقسموا واضربوا لي بسهم". وقول النبي صلى الله عليه وسلم في قصة نحو هذه من حديث ابن عباس عند البخاري (5737): "إنَّ أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتابُ الله".

قال الخطابي في "معالم السنن" 3/ 100: قال بعض العلماء: أخذ الأجرة على تعليم القرآن له حالات: فإن كان في المسلمين غيره ممّن يقوم به، حلّ له أخذ الأجرة عليه، لأنَّ فرض ذلك لا يتعين عليه، وإذا كان في حال أو في موضع لا يقوم به غيره لم تحل له الأجرة، وعلى هذا يؤوّل اختلاف الأخبار فيه.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد جيد من أجل إبراهيم بن قارظ.

وأخرجه أبو داود (3421) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 25/ (15812)، وابن حبان (5153) من طريقين عن أبان بن يزيد، به.

وأخرجه أحمد (15827)، والترمذي (1275) من طريق معمر بن راشد، ومسلم (1568)، والنسائي (4668)، وابن حبان (5153) من طريق الأوزاعي، والنسائي (4669) من طريق هشام الدَّستُوائي، ثلاثتهم عن يحيى بن أبي كثير، به. إلّا أنَّ هشامًا قال في روايته: حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن قارظ، وانفرد بذلك من بين أصحاب يحيى بن أبي كثير.

وأخرجه مسلم (1568)، والنسائي (4663) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن محمد بن يوسف ابن أخت نمر، والنسائي (4665) من طريق يزيد بن عبد الله بن خُصيفة، كلاهما عن السائب بن يزيد، به. =

ص: 220

صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2310 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، حدثنا عِكْرمة بن عمار، حدثنا طارق بن عبد الرحمن القرشي، قال:

جاء رفاعةُ بن رافع إلى مجلس الأنصار، فقال: لقد نهانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم اليومَ؛ فذكر أشياء، فقال: نهانا عن كَسْبِ الأَمَة إلَّا ما عَمِلَتْ بيدها

(1)

؛ وقال هكذا بإصبعه،

= وأخرجه النسائي (4664) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن يوسف ابن أخت نمر، عن السائب بن يزيد، رفعه. فجعله من مسند السائب بن يزيد، وهو صحابي صغير، فلا يؤثر ذلك بصحة الحديث، لأنَّ مراسيل الصحابة حجة.

وقد صحَّت أحاديث أخرى يدل ظاهرها على حِلّ كسب الحجّام من ذلك حديث ابن عباس الذي أخرجه البخاري (2103) و (2278)، ومسلم (1577) (65) و (66): أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره، ولو كان سُحتًا لم يُعطه النبي صلى الله عليه وسلم. ونحوه عن أنس عند البخاري (2280)، ومسلم (1577).

لكن قال الشافعي: ليس في شيء من هذه الأحاديث شيء مختلف، ولا ناسخ ولا منسوخ، فإنا أُخبرنا أنه رخَّص لمحيّصة أن يعلفَه ناضحه، ويُطعمه رقيقَه (أخرجه أحمد 39/ 23690، وأبو داود 3422، والترمذي 1277 وحسَّنه) ولو كان حرامًا لم يُجز رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لمحيصة أن يملك حرامًا، ولا يعلفه ناضحه ويطعمه رقيقه، ورقيقه ممَّن عليه فرض الحلال والحرام، ولم يُعطِ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجّامًا على الحجامة، لأنه لا يُعطي إلّا ما يحل له أن يُعطيه، وما يحلّ لمالكه ملكُه، والمعنى في نهيه عنه وإرخاصه في أن يُطعمه الناضح والرقيق أنَّ من المكاسب دَنِيًّا وحَسَنًا، فكان كسب الحجام دَنيًّا، فأحبَّ له تنزيه نفسِه عن الدناءة. نقله عنه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(19329).

(1)

حديث حسن، وهذا إسناد محتمل للتحسين إلّا أنه مرسلٌ، لأنَّ رفاعة بن رافع هذا تابعي، وهو ابن خَديج، وليس هو رافع بن رفاعة كما وقع مسمَّى في رواية أحمد وأبي داود، وقد جاء على الصواب في رواية المصنف هنا، وكذلك في رواية ابن منده في "معرفة الصحابة" 1/ 586 من طريق عبد الرحمن بن غزوان عن عكرمة بن عمار، وكذلك جاء في رواية الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4657) من طريق عمر بن يونس اليمامي عن عكرمة، إلّا أنه قال في روايته: =

ص: 221

نحو الغَزْل والخَبْزِ والنَّقْش

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ عن رافع بن خَديج:

= عن رفاعة بن رافع أو رافع بن رفاعة، بالشك، والظاهر أنَّ هذا الشك والاختلاف من طارق بن عبد الرحمن المذكور - وهو ابن القاسم القرشي - وقد وثقه العجلي وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "مشاهير علماء الأمصار": من سادات أهل المدينة، ولم يرو عنه غير عكرمة بن عمار.

وممّا يُقوّي كونه رفاعة بن رافع بن خديج أنَّ الحديث روي من وجه آخر من طُرق عن أبي بَلْج يحيى بن سليم عن عَبَاية بن رفاعة بن رافع بن خديج مرسلًا كذلك، ورواه حُصين بن نمير عن أبي بَلْج فزاد فيه ذكر رفاعة بن رافع، وروايته عند الطبراني في "الكبير"(4407)، وانفرد بذلك من بين سائر أصحاب أبي بَلْج، فالصحيح أنه في رواية أبي بلج هذه عن عَبَاية بن رفاعة بن رافع مرسلًا.

وسيأتي الحديث عند المصنف بعده لرافع بن خديج، وإسناده حسن، وهو يُقوِّي أنَّ المرسل الذي هنا لولده رفاعة، إذ لعله يكون سمعه منه. وإذا علمنا ذلك فباجتماع مرسلَي رفاعة وولده عباية مع الموصول الذي بعده عن رافع بن خديج، يحسُنُ الحديث إن شاء الله، ولا يبعد أن يكونا إنما سمعاه من رافع بن خديج، فلكليهما سماعٌ منه، والله أعلم بالصواب.

وأخرجه أحمد 31/ (18998) عن هاشم بن القاسم، وأبو داود (3426) عن هارون بن عبد الله، عن هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد. غير أنهما قالا: رافع بن رفاعة.

وأخرجه أحمد 28/ (17268) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، عن شعبة، عن أبي بَلْج، عن عباية بن رفاعة مرسلًا. وانظر تمام تخريجه في "المسند".

وانظر ما بعده.

وقد صحَّ النهيُ عن كسبِ الأَمَة مطلقًا دون تقييد ذلك من حديث أبي جحيفة وحديث أبي هريرة، وكلاهما عند البخاري (2238) و (2283).

وأخرج مالك في "موطئه" 2/ 981 عن عثمان بن عفان قال: لا تُكلِّفوا الأَمة غير ذاتِ الصَّنْعةِ الكسبَ، فإنكم متى كلَّفتموها ذلك كَسَبَت بفرجها. وإسناده صحيح.

(1)

كذلك أُعجمت في (ز)، بالقاف، وكذلك في مطبوع "السنن الكبرى" للبيهقي 6/ 126 عن أبي عبد الله الحاكم، بإسناده، ووقع في رواية أحمد وأبي داود: النفش، بالفاء بدل القاف، والنفش - بالفاء -: ندف القطن والصوف، والنقش - بالقاف -: التطريز والتزيين.

ص: 222

2311 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى العدل، حدثنا علي بن الحُسين بن الجُنيد، حدثنا أحمد بن صالح، حدثني ابن أبي فُديك، عن عُبيد الله بن هُرَير، عن أبيه

(1)

، عن جده رافع بن خَديج، قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن كَسبِ الأَمَة حتى يُعلَمَ مِن أين هو

(2)

.

2312 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن علي بن الحَكَم، عن نافع، عن ابن عمر، قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن عَسْبِ

(3)

الفَحْلِ

(4)

.

(1)

وقع في (ز) وحدها: عن أبيه، مكررة مرتين، والثانية مقحمة، لم يقع عند أحدٍ ممن خرَّج الحديث.

(2)

إسناده حسن، عُبيد الله بن هُرير - وهو ابن عبد الرحمن بن رافع بن خديج - روى عنه جمع كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم، و"تهذيب الكمال" للمزي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وترجم له ابنُ سعد في "طبقاته" 7/ 588 وبَيَّن ما وُلِد له من الأبناء، فهو معروف، وسكت عبد الحق الإشبيلي عن حديثه هذا مُصححًا له، ولم يُصِب ابنُ القطان في تجهيله، وكنا قد مشينا على تجهيله أيضًا في "سنن أبي داود"(3427) بتحقيقنا، فيُستدرك من هنا، وأضفنا إليه هناك علة الانقطاع أيضًا، بحجة أنَّ جميع من ترجم لهُرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج لم يذكروا روايته عن جده، بل ذكروا روايته عن أبيه عن جده، لكننا قد وقفنا على حديث له غير هذا من روايته عن جده من وجه صحيح عنه، وقد صرَّح فيه بسماعه منه، وهو حديث الإسفار بالفجر، وهو عند محمد بن الحسن الشَّيباني في "الحجة على أهل المدينة" 1/ 5 وعند غيره، فيُستدرك من هنا أيضًا، والله تعالى أعلم.

على أنه يشهد لحديثه هذا مرسل رفاعة بن رافع بن خَديج الذي قبله، ومرسل ولده عَبَاية بن رفاعة بن رافع بن خديج الذين خرجناه عنده.

وأخرجه أبو داود (3427) عن أحمد بن صالح، بهذا الإسناد.

(3)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: كسب بالكاف، وإنما هو عسب، بالعين المهملة، وعَسْبُ الفحل: هو ماؤه فرسًا كان أو بعيرًا أو غيرهما، وعسْبه أيضًا: ضِرابُه.

(4)

إسناده صحيح. إسماعيل بن إبراهيم: هو المعروف بابن عُلَيَّة.

وأخرجه البخاري (2284)، وأبو داود (3429)، وابن حبان (5156) من طريق مُسدَّد، بهذا =

ص: 223

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري، ولم يُخرجاه، وعلي بن الحكم البُنَاني ثقة مأمون من أعزِّ البصريين.

2313 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفقيه، حدثنا الحسن بن مُكْرم، حدثنا رَوْح بن عُبادة، حدثنا حَيّان بن عُبيد الله العَدَوي، قال: سألت أبا مِجلَزٍ عن الصَّرْف، فقال: كان ابنُ عباس لا يرى به بأسًا زمانًا من عمره ما كان منه عَينًا - يعني يدًا بيد - وكان يقول: إنما الربا في النَّسيئة، فلَقِيَه - أبو سعيد الخُدْري، فقال له: يا ابن عباس، ألا تتَّقي اللهَ، إلى متى تُوكِل الناسَ الربا؟! أمَا بَلَغَك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم وهو عند زوجته أم سَلَمة:"إني لأشتَهي تمرَ عَجْوةٍ"، فبعثَتْ صاعَين من تمرٍ إلى رجلٍ من الأنصار، فجاءت بدلَ صاعَينِ صاعًا من تمرِ عَجْوةٍ، فقامت فقدَّمتْه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآهُ أعجبَه، فتناولَ تمرةً ثم أمسَكَ، فقال:"من أين لكم هذا؟ " فقالت أم سَلَمة: بعثتُ صاعَين من تمرٍ إلى رجل من الأنصار، فأتانا بدلَ صاعَين هذا الصاعُ الواحدُ، وها هو، كُلْ، فألقى التمر من بين يديه، قال:"رُدُّوه، لا حاجةَ لي فيه: التمرُ بالتمرِ، والحنطةُ بالحنطةِ، والشعيرُ بالشعيرِ، والذهبُ بالذهبِ، والفضةُ بالفضةِ، يدًا بيد، عينًا بعين، مِثلًا بمِثل، فمن زاد فهو رِبًا". ثم قال: "كذلك ما يُكال أو يُوزن أيضًا". فقال ابن عباس: جزاك الله يا أبا سعيدٍ الجنةَ، فإنك ذكَّرتني أمرًا كنت نُسِّيتُه، أستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليه. فكان ينهى عنه بعد ذلك أشدَّ النَّهْي

(1)

.

= الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 8/ (4630)، والترمذي (1273)، والنسائي (4683) و (6222) من طرق عن إسماعيل بن إبراهيم، به.

وأخرجه البخاري (2284) عن مُسدَّد، عن عبد الوارث بن سعيد، عن علي بن الحكم، به.

قال ابن الأثير: لم يَنْه عن ماء الفحل ولا عن ضرابه، وإنما أراد النهي عن الكِراء الذي يؤخذ عليه، فإنَّ إعارة الفحل مندوب إليها، وقد جاء الحديث:"ومن حقها إطراق فحلها". قلنا: أخرجه مسلم (988) من حديث جابر بن عبد الله.

(1)

إسناده حسن من أجل حيّان بن عُبيد الله العَدَوي. أبو مجلَز: هو لاحق بن حُميد. =

ص: 224

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه محمد بن نصر المروَزي في "السنة"(177)، وأبو القاسم بن بشران في "أماليه"(1442)، وابن حزم في "المحلى" 8/ 479 من طريق إسحاق بن راهويه، عن روح بن عُبادة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/ 425، ومن طريقه البيهقي 5/ 286 من طريق إبراهيم بن الحجاج، والبيهقي 5/ 286، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(372) من طريق يونس بن محمد المؤدِّب، كلاهما عن حيّان بن عبيد الله، به.

وأخرج منه فتوى ابنِ عباس بنحو ما وقع هنا مسلمٌ (1595)(99) و (100) من طريق أبي نضرة - واسمه المنذر بن مالك بن قِطْعة - عن ابن عباس.

وأخرج البخاري (2178)، ومسلم (1596) من طرق عن ابن عباس أنَّ الذي أخبره عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّ الربا إنما يكون في النسيئة؛ وهو أسامة بن زيد.

وأخرج مراجعة أبي سعيد الخُدْري لابن عباس في ذلك البخاريُّ (2178)، ومسلمٌ (1596)(101) من طريق أبي صالح السمان، ومسلم (1596)(104) من طريق عطاء بن أبي رباح، كلاهما عن أبي سعيد الخُدْري.

وأخرج البخاري (2312)، ومسلم (1594) نحو القصة التي بيَّن فيها أبو سعيد حجته في تحريم الفضل من طريق عقبة بن عبد الغافر، عن أبي سعيد الخُدْري. لكن ذكر فيها بلالًا ولم يذكر أم سلمة، ولم يذكر فيها الأصناف الربوية المذكورة هنا، بل اقتصر على ذكر التمر، وقال:"إذا أردتَ أن تشتري فبع التمر ببيع آخر، ثم اشتره".

ونحوه عند مسلم (1595)(100) من طريق أبي نَضْرة، عن أبي سعيد.

وأخرج البخاري (2201) و (2302) و (7350)، ومسلم (1593) من طريق سعيد بن المسيب عن أبي سعيد وأبي هريرة، قصةً حصلت لعامل النبي صلى الله عليه وسلم على خيبر باع منها تمرًا بتمر صاعًا بصاعين، وقال فيها النبي صلى الله عليه وسلم نحو ما قال في رواية عقبة بن عبد الغافر المذكورة، وزاد فيها: وكذلك الميزان، وفي رواية: وقال في المِيْزان مثل ذلك.

وهذه الزيادة هي بمعنى قوله في رواية الحاكم هنا: كذلك ما يُكال أو يُوزَن أيضًا.

وقد ذكر البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 286 أنَّ هذه الجملة من جهة أبي سعيد الخُدْري، أي: من قوله استعمل فيها القياس، وليست مرفوعةً، واستدل لذلك برواية داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد في احتجاجه على ابن عباس بقصة التمر، وقوله له: فالتمر بالتمر أحق أن يكون ربا أم الفضة بالفضة، قال: فكان هذا قياسًا من أبي سعيد للفضة على التمر الذي روى فيه قصة، إلّا أنَّ بعض الرواة رواه مفسَّرًا مفصولًا، وبعضهم رواه مجملًا موصولًا. =

ص: 225

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

2314 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني مخْرَمة بن بُكير، عن أبيه، عن عمران بن أبي أنس، قال: سمعتُ أبا عياشٍ يقول: سألتُ سعدَ بن أبي وقّاص عن اشتراء السُّلْت بالتمر، فقال سعد: أبينهما فَضْلٌ؟ قالوا: نعم، قال: لا يصلحُ، وقال سعد: سُئل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن اشتراء الرُّطب بالتمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أبينَهما فَضْلٌ؟ " قالوا: نَعَم، الرُّطب ينقُصُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فلا يَصلُح"

(1)

.

= قلنا: يعني أنه أدرجه بعضُ الرواة في الخبر.

لكن قال ابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 57: هو أمر مُجتَمَعٌ عليه لا خلاف بين أهل العلم فيه كلٌّ يقول على أصله: إن ما داخَلَه الربا في الجنس الواحد من جهة التفاضل والزيادة لم تجز فيه الزيادة والتفاضل لا في كيل ولا في وزن، والكيل والوزن عندهم في ذلك سواء.

وأخرج المرفوع منه في ذكر الأصناف التي يجري فيها الربا: أحمد 18/ (11466)، ومسلم (1587)(81)، والنسائي (6113) من طريق أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخُدْري، بزيادة ذكرُ "الملح بالملح"، وزاد أيضًا:"فمن زاد أو استزاد فقد أربي، الآخِذُ والمعطي فيه سواءٌ".

وأخرج منه تراجُع ابن عباس عن قوله أحمد 18/ (11479) من طريق أبي الجوزاء، ومسلم (1595)(100) من طريق أبي الصهباء، كلاهما عن ابن عباس. وفي رواية أبي الجوزاء قال له ابنُ عباس: إنَّ ذلك كان عن رأيي، وهذا أبو سعيد الخُدْري يُحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتركت رأيي إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتمر العجوة: هو أجود التمر في المدينة، ومن خِياره الصَّيحاني.

(1)

إسناده قوي من أجل مخرمة بن بكير: وهو ابن عبد الله بن الأشج. إلّا أنَّ قوله فيه: "اشتراء السلت بالتمر" خطأ من بعض رواته، إذ لا تفاضل بينهما فهما جنسان مختلفان، ولذلك زاد البيهقي في روايته لهذا الحديث عن الحاكم في كتابه "معرفة السنن والآثار" لما رواه:"أو قال: بالبُرِّ"، وهذا هو الصواب إن شاء الله، إذ السلت والبر يمكن أن يعتبرا جنسًا واحدًا يقع التفاضل بينهما.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 295، وفي "معرفة السنن والآثار"(11133) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف بالأرقام (2295 - 2298).

ص: 226

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2315 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزة، حدثنا عُبيد الله بن موسى، حدثنا إسرائيل، عن سِماك بن حَرْب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عمر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن

(1)

.

صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

(1)

كذا وقع هذا الحديث في النسخ الخطية بالاقتصار على هذا القدر منه، وبُيِّض لسائره، وأورده الحافظ في "إتحاف المهرة" 8/ (9745) طريقًا ثانيًا للحديث التالي عند الحاكم، إلّا أنه قال: ببعضه. وهذا البعض الذي يعنيه الحافظ الظاهر أنه هو ما وقع في رواية الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1246) عن أبي أمية، عن عُبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد، عن ابن عمر، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حجرة حفصة، فقلت: يا رسول الله، رُويدك أسألك، إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا كان ذلك من صرف يومكما وافترقتُما وليس بينكما شيء، فلا بأس".

وأخرج البيهقي طريق عبيد الله بن موسى هذه في "معرفة السنن والآثار"(11319) عن أبي عبد الله الحاكم، لكن من طريق أخرى إلى عبيد الله بن موسى، ليست في "المستدرك"، قال فيها الحاكم: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن مسعود، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى

بنحو رواية الطحاوي، فلا ندري ما وجه قوله في القدر الذي ذكره الحاكم: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن، وقد ظهر لنا من خلال رواية الطحاوي والبيهقي أنَّ السائل هو ابن عمر نفسُه!

وقد أخرج أبو داود هذا الحديث (3355) ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 13 عن حسين بن الأسود العجلي، عن عبيد الله بن موسى. لكنه لم يسق لفظه، بل قال: بإسناده ومعناه، والأول أتم؛ يعني بذلك رواية حماد بن سلمة عن سماك، وستأتي بعد هذا عند الحاكم.

وإذا صحَّ ذلك فإسناد هذا الحديث حسن من أجل سماك بن حرب، فهو صدوق حسن الحديث، وانظر تمام الكلام على روايته لهذا الحديث عند الطريق التالية.

وأخرجه أحمد 8/ (4883) عن عبد الرزاق، و 9/ (5237) عن وكيع، و 9/ (5555) عن يحيى بن آدم، و 10/ (5773) عن حسين بن محمد، أربعتهم عن إسرائيل، به مختصرًا، دون يحيى بن آدم فإنه رواه بطوله.

ص: 227

2316 -

أخبرنا حمزة بن العباس العَقَبي، حدثنا العباس بن محمد الدُّوْري، حدثنا يعقوب بن إسحاق الحَضْرمي، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن سِماك بن حَرْب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عمر، قال: كنت أبيعُ الإبل بالبقيع، فأبيعُ بالدنانير وآخذُ الدراهمَ، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانيرَ، فوقع في نفسي مِن ذلك، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت حفصة - أو قال: حين خرج من بيت حفصة - فقلتُ: يا رسول الله، رُوَيدَك أسألْك، إني أبيعُ الإبلَ بالبَقيع، فأبيعُ بالدنانير وآخذ الدراهمَ، وأبيعُ بالدراهم وآخذ الدنانير، فقال:"لا بأسَ أن تأخذَهُما بسعر يومِهما ما لم تتفرّقا وبينكما شيءٌ"

(1)

.

(1)

إسناده حسن من أجل سماك بن حرب، وقد صحَّح روايتَه هذه جماعة غير المصنف، منهم ابن الجارود (655)، وابن حبان (4920)، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 292، وابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 29/ 510، وابن قيم الجوزية في "حاشيته على سنن أبي داود" 5/ 153، واحتجَّ به ابن المنذر في "الأوسط"(8051)، والخطابي في "معالم السنن" 3/ 74.

وما أُعِلّ به هذا الحديثُ من تفرد سماك بن حرب برفعه، فلا يُعد عِلَّةً، لأنَّ الذين رووه ممن ذكرهم شعبة فيما نقله عنه البيهقي في "المعرفة"(11322) إنما رَوَوا فعلَه بمقتضى ما ورد في رواية سماكٍ هذه، وفي رواية سماكٍ قصةٌ في مجيء ابن عمر إلى بيت أخته حفصة وسؤاله النبيَّ صلى الله عليه وسلم لدى خروجه من بيتها، فيبعد أن يكون سماك وهم برفعه الحديث وبذكر القصة فيه، وهذا مما يُستبعد مثلُه، فالأَولى أن يُقال: إنَّ ابن عمر عمل بمقتضى ما رواه هو نفسه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرشدًا إياه إلى ما التزم ابنُ عمر القيام به امتثالًا لأمره صلى الله عليه وسلم، والله أعلم بالصواب.

وكنا قد ضعفنا إسناد الحديث في "مسند أحمد"، و"سنن أبي داود" فيستدرك من هنا.

وأخرجه أحمد 9/ (5559) و 10/ (6239)، وأبو داود (3354)، وابن ماجه (2262 م)، والترمذي (1242)، والنسائي (6136)، وابن حبان (4920) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (2262) من طريق عمر بن عُبيد الطنافسي، والنسائي (6131) من طريق أبي الأحوص، كلاهما عن سماك، به. إلّا أنَّ عمر الطنافسي قال: حدثنا عطاء بن السائب أو سماك، ولا أعلمه إلّا سماك.

وممَّن كان يفتي بمقتضى هذا الحديث عمر بن الخطاب، فيما رواه عنه ابن المنذر في "الأوسط" =

ص: 228

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2317 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشاذَ العَدْل، قالا: حدثنا بِشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان [حدثنا عمرو بن دينار]

(1)

قال: سمعت أبا المِنْهال يقول: سمعتُ إياسَ بن عبدٍ المُزَني، ورأى رجلًا يبيع الماء، فقال: لا تَبيعوا الماءَ، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَنهى عن بَيع الماءِ

(2)

.

= (8048) بسند حسن. ثم ذكره ابن المنذر عن جماهير أهل العلم من التابعين فمن بعدهم غير ابن عباس وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وابن شُبرمة.

وقال ابن القيم في "حاشية السنن" 5/ 153: فجوَّز النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بشرطين:

أحدهما: أن يأخذ بسعر يوم الصرف، لئلا يربح فيها، وليستقر ضمانه.

والثاني: أن لا يتفرقا إلّا عن تقابض، لأنه شرطٌ في صحة الصرف، لئلا يدخله النسيئة.

(1)

سقط اسمُ عمرو بن دينار من النسخ الخطية، وسقط هذا الطريق برمّته على ابن حجر فلم يذكره في "إتحاف المهرة"(2047)، فاستدركنا ذكر عمرو بن دينار من "سنن البيهقي الكبرى" 6/ 15، حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم، وهو كذلك في "مسند الحميدي"(912). على أنَّ سفيان - وهو ابن عيينة - لم يُدرك أبا المنهال، لأنَّ مولده بعد وفاة أبي المنهال بسنة تقريبًا.

(2)

إسناده صحيح. الحُميدي: هو عبد الله بن الزُّبَير الأسدي المكي، وأبو المنهال: هو عبد الرحمن بن مُطعم البُناني.

وأخرجه أحمد 28/ (17236)، وابن ماجه (2476)، والنسائي (6212)، وابن حبان (4952) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. زاد أحمد وابن حبّان في روايتهما: لا يدري عمرو أيُّ ماء هو.

وسيأتي بعده من طريق ابن جُرَيج عن عمرو بن دينار، وبرقم (2391) من طريق داود بن عبد الرحمن المكي عن عمرو بن دينار.

قال الخطابي: الماء إذا جمعه صاحبُه في صهريج أو بركة، أو خزنه في جُبٍّ، أو قَراهُ في حوض ونحوه، فإنَّ له أن يمنعه وهو شيء قد حازه على سبيل الاختصاص لا يَشْرَكُه فيه غيره، وهو مخالف لماء البئر، لأنه لا يُستخلَف استخلاف ماء الآبار، ولا يكون له فضل في الغالب كفضل مياه الآبار، والحديث إنما جاء في منع الفضل دون الأصل، ومعناه ما فضل عن حاجته وعن حاجة عياله وماشيته وزرعه، والله أعلم.

ص: 229

2318 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني ابن جُرَيج، عن عمرو بن دينار، أنَّ أبا المِنْهال أخبره: أنَّ إياس بن عبدٍ قال للناس: لا تَبِيعوا فَضْلَ الماء، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بَيع الماءِ

(1)

.

ولابن جُرَيج فيه إسنادٌ آخرُ:

2319 -

أخبرَناه أبو الحسين محمد بن أحمد بن تَميم الحَنْظلي، حدثنا أبو قِلَابة عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا ابنُ جُرَيج، عن أبي الزُّبَير، عن جابر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بَيع الماء، وعن ضِراب الجَمَل، وأن يبيعَ الرجلُ أرضَه وماءَه

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، وقد صرَّح ابنُ جُرَيج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - بسماعه لهذا الحديث من عمرو بن دينار عند أحمد والنسائي.

وأخرجه أحمد 24/ (15444) عن روح بن عُبادة، والنسائي (6214) من طريق حجاج بن محمد المصيصي، كلاهما عن ابن جُرَيج، بهذا الإسناد. زاد روح في روايته: قال: والناس يبيعون ماء الفُرات فنهاهم.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن أحمد بن تَميم، وقد توبع، وابن جُرَيج قد صرَّح بسماعه عند مسلم وغيره، وكذا أبو الزُّبَير: وهو محمد بن مسلم بن تدرس. أبو عاصم: هو الضحّاك بن مَخْلَد.

وأخرجه ابن حبان (5155) من طريق محمد بن معمر، عن أبي عاصم، بهذا الإسناد. لكنه اقتصر على قصة ضِراب الجمل.

وأخرجه مسلم (1565)، وابن ماجه (2477)، وابن حبان (4953) من طريق وكيع بن الجرّاح، ومسلم (1565) من طريق يحيى بن سعيد القطان، ومسلم (1565) من طريق روح بن عُبادة، والنسائي (4682) و (6221) من طريق حجّاج بن محمد أربعتهم عن ابن جُرَيج، به. واقتصر وكيع والقطان على ذكر النهي عن بيع فضل الماء. هكذا بذكر الفضل دون الأصل، لكن زاد ابن حبان في روايته: نهى عن بيع فضل الماء ليُمنَع به الكلأُ.

ولفظ رواية روح: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ضراب الجمل، وعن بيع الماء والأرض لتُحرث. =

ص: 230

وهذه أسانيد كلُّها صحيحةٌ على شرط مسلم، ولم يُخرجاه

(1)

.

وأحسنُ ما في هذا الباب حديث الحسين بن واقِد الذي:

2320 -

أخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المَحْبُوبي، حدثنا الفضل بن عبد الجبار، حدثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، أخبرنا الحسين بن واقِد، عن أيوب السَّختِياني، عن عطاء، عن جابر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بَيع الماءِ

(2)

.

تفرَّد به الحُسين بن واقِد عن أيوب، وهو غريبٌ صحيح.

= ولفظ حجاج: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ضراب الجمل، وعن بيع الماء، وبيع الأرض لتحترث، يبيع الرجل أرضه وماءه.

وسيأتي برقم (2390) من طريق حماد بن سلمة عن أبي الزُّبَير. مقتصِرًا على ذكر النهي عن بيع فضل الماء.

وسيأتي بعده مقتصرًا على هذا الحرف كذلك من طريق عطاء بن أبي رباح عن جابر.

وقد ظهر من رواية روح وحجاج أنَّ المنهي عنه بيعُ ضراب الجمل، لا ضراب الجمل نفسُه، فهو مندوب إليه كما في حديث آخر لجابر عند مسلم (988) قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:"ومن حقها إطراق فحلها". وانظر ما تقدم برقم (2312).

ولمنع بيع فضل الماء انظر ما تقدم برقم (2317).

وظهر أيضًا من رواية روح وحجاج أنَّ معنى بيع الرجل أرضه وماءه، هو لأجل الحرث، أي: إجارتها للزرع، وهذا مقيَّد بما يكون فيه جهالة وغرر كما تقدم في حديث رافع بن خديج الذي أخرجه البخاري (2343 - 2345)، ومسلم (1547).

(1)

قد أخرجه مسلم، لكن مقتصرًا على ذكر النهي عن بيع فضل الماء!

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل حسين بن واقد عطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه النسائي (6211) من طريق الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد.

والمقصود بهذا الحديث بيع فضل الماء كما وقع تقييده في بعض طرق حديث جابر في الطريق التي قبل هذه.

وهو مقيد أيضًا بأن يكون في بئر، دون ما استخرجه صاحبه وحمله في قربةٍ ونحوها، كما فهمه عطاء راوي الحديث، فقد أخرج ابن أبي شيبة 6/ 253 عنه بسند صحيح أنَّ ابن جُرَيج قال له: بيع الماء في القِرب، قال: لا بأس به، هو يستقيه هو يحمله، ليس كفضل الماء الذي يذهب في الأرض.

ص: 231

2321 -

أخبرنا بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل البَلْخي، حدثنا مَكّي بن إبراهيم، عن عبد الملك بن أبي غَنِيّة، حدثني أبو إسحاق، عن عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي، قال: غَزَونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الشامَ، فكان يأتينا أنباطٌ من أنباطِ الشام، فنُسلِفُهم في البُرِّ والزَّيتِ سعرًا معلومًا، وأَجَلًا معلومًا، فقيل له: ممَّن لهم ذلك؟ قال: ما كنا نسأَلهم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده صحيح، وسماع أبي إسحاق - وهو سليمان بن أبي سليمان الشَّيباني - من عبد الله بن أبي أوفي معروف مشهور، وإن كان قد روى هذا الحديثَ بعينه عند البخاري بواسطة محمد بن أبي المُجالد عن ابن أبي أوفى، إذ لا يُعرف أبو إسحاق بإرسال، فتحمل عنعنته هنا على الاتصال، فلا يبعد أن يكون سمعه من ابن أبي مجالد عن ابن أبي أوفى، ثم لقي ابن أبي أوفى فسمعه منه مباشرة، والله تعالى أعلم.

وأخرجه أبو داود (3466) من طريق أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، عن عبد الملك بن أبي غنية، به.

وأخرجه أحمد 32/ (19396)، والبخاري (2244) و (2245) و (2254) و (2255)، وابن حبان (4926) من طرق عن أبي إسحاق الشَّيباني، عن محمد بن أبي المجالد، عن عبد الله بن أبي أوفى، بنحوه. وزادوا فيه ذكر الشعير أيضًا، وذكر بعضهم الزبيب بدل: الزيت.

وأخرجه بنحوه كذلك أحمد 31/ (19122)، والبخاري (2242)، وأبو داود (3464) و (3465)، وابن ماجه (2282)، والنسائي (6164) و (6165) من طريق شعبة بن الحجاج، عن ابن أبي المجالد، عن عبد الله بن أبي أوفى، بذكر الحنطة والشعير والزبيب والتمر، ولم يذكر الزيت.

وقوله: نُسلِفهم، من الإسلاف والسَّلَف، وهو عقد على موصوف في الذِّمة ببدَلٍ يُعطَى عاجلًا.

والأنباط: قوم من العرب، دخلوا في العجم والروم، واختلطت أنسابهم وفسدت ألسنتهم، وكان الذين اختلطوا بالعجم منهم ينزلون البطائح بين الكوفة والبصرة، والذين اختلطوا بالروم ينزلون في بوادي الشام، وسموا بذلك لمعرفتهم بإنباط الماء، أي: استخراجه، لكثرة معالجتهم الفِلاحة.

والبُرُّ: الحنطة.

ص: 232

2322 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري.

وحدثنا أحمد بن سَلْمان بن الحسن الفقيه، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن بالَوَيهِ، قالا: حدثنا أبو المثنّى العَنْبري؛ قالوا: حدثنا يحيى بن مَعين، حدثنا حفص بن غِياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أقالَ مسلمًا، أقالَهُ اللهُ عَثْرتَه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2323 -

أخبرنا عبد الله بن محمد الصَّيدلاني، حدثنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن محمد بن عمرو، عن

(1)

إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمّان.

وأخرجه أبو داود (3460)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" 12/ (7431) كلاهما عن يحيى بن معين، وأخرجه ابن حبان (5030) عن أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، عن يحيى بن معين، بهذا الإسناد. وزاد عبد الله وابن حبان:"أقاله الله عثرته من القيامة".

وأخرجه كذلك ابن ماجه (2199) من طريق مالك بن سُعير، عن الأعمش، به.

وأخرجه ابن حبان (5029) من طريق إسحاق بن محمد الفَرْوي، عن مالك بن أنس، عن سُمَيّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. ولم يروه عن مالك بن أنس غير الفروي، ولا يُعرف ذكر سُمَيّ فيه إلّا من هذه الطريق، كما نبه عليه البزار وغيره. وقال أبو العباس عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي - وهو أحد رواته عن إسحاق الفروي -: كان إسحاق يحدِّث بهذا الحديث عن مالك عن سُمَيّ، فحدثنا به من أصل كتابه عن سهيل. قال السخاوي في "المقاصد الحسنة" (1065): هذه أصح من طريق مالك عن سُمَيّ.

قلنا: أخرجه من طريق مالك عن سهيل - وهو ابن أبي صالح - عن أبيه: الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(372)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 345، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 27، وفي "شعب الإيمان"(7720) من طريق أبي العباس عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن إسحاق الفروي، عن مالك.

قوله: "من أقال مسلمًا" أي: وافقه على نقض البيع وأجابه إليه، إذ كان قد ندم أحدهما أو كلاهما، وتكون الإقالة في البَيعة والعهد.

ص: 233

أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من باع بَيْعَتَين في بيعةٍ، فله أَوكَسُهما أو الرِّبا"

(1)

.

(1)

شاذٌّ بهذا اللفظ، وقد انفرد به يحيى بن زكريا من بين سائر أصحاب محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - الذين رووه بلفظ: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بَيعة، كما بسطناه في "سنن أبي داود".

وأخرجه أبو داود (3461)، وابن حبان (4974) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 15/ (9584)، والنسائي (6183) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وأحمد 16/ (10535) عن يزيد بن هارون، والترمذي (1231)، وابن حبان (4973) من طريق عبدة بن سليمان، ثلاثتهم عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، بلفظ: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة - وإسناده حسن.

وكذلك رواه بهذا اللفظ عن محمد بن عمرو جماعةٌ آخرون، منهم عبدُ الوهاب بن عطاء عند أبي يعلى (6124)، والبيهقي 5/ 343، ومحمدُ بنُ عبد الله الأنصاري عند ابن المنذر في "الأوسط"(7928)، والخطابي في "معالم السنن" 3/ 122، وعبدُ العزيز بنُ محمد الدراوردي عند الخطابي في "المعالم" 3/ 122، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(11473)، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 389، وحكاه البيهقي أيضًا عن إسماعيل بن جعفر ومعاذ بن معاذ.

وقد رواه بهذا اللفظ كذلك جمع من الصحابة كما بيناه في "سنن أبي داود"، بالنهي عن البيعتين في بيعة، دون ذكر الأوكس من البيعتين أو الربا.

وقال الخطابي: لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بظاهر هذا الحديث أو صحَّح البيع بأوكس الثمنين إلّا شيء يُحكى عن الأوزاعي، وهو مذهب فاسد، وذلك لما تتضمنه هذه العقدة من الغرر والجهل، وإنما المشهور من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن بيعتين في بيعة.

قلنا: وممَّن كان يقضي بأوكس البيعتين القاضي شُريح، كما في "مصنف عبد الرزاق"(14629) بسند صحيح عنه.

وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 29/ 499 - 500 الإجماع على جواز بيع الأجل، وهو التقسيط.

وشرطُه أنه لا بد أن يتم الافتراق بين المتبايعَين على وجهٍ واحدٍ بعد المساومة على الدفع نقدًا أو إلى أجل مع زيادة في الثمن، فإنَّ للأجل قسطًا من الثمن. وانظر "الاستذكار" لابن عبد البر (29709).

ص: 234

صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2324 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ والحسن بن يعقوب وإبراهيم بن عِصْمة، قالوا: حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا عمر بن حفص بن غِياث، حدثنا أبي، عن أبي العُمَيس، قال: أخبرني عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث بن قيس، عن أبيه، عن جده، قال: اشترى الأشعثُ رقيقًا من رقيق الخُمس من عبد الله بعشرين ألفًا، فأرسل عبدُ الله إليه في ثمنهم، فقال: إنما أخذتهم بعشرةِ آلاف، فقال عبد الله: فاختر رجلًا يكون بيني وبينك، فقال الأشعث: أنت بيني وبين نفسِك، فقال عبد الله: فإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا اختلفَ البَيِّعانِ وليس بينهما بيِّنةٌ، فهو ما يقول ربُّ السِّلعةِ، أو يَتَتاركا"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وعبد الرحمن بن قيس وإن كان لا يُعرف بالرواية ولم يرو عنه إلَّا أبو العُميس - وهو عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود - قد روى قصةً جرت لجده الأشعث مع ابن مسعود، ورواهما أبو العُميس أيضًا كما سيأتي عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن جده عبد الله بن مسعود، وهو يحكي فيها القصة نفسها لجده عبد الله بن مسعود مع الأشعث، فإذا انضم إلى ذلك عدّة روايات مرسلة عن عبد الله بن مسعود للقصة نفسها حصل من ذلك قوة للحديث فيصح إن شاء الله، قال البيهقي 5/ 332 بعد أن روى حديث الباب: إسناد حسن موصول، وقد رُوي من أوجه بأسانيد مراسيل إذا جُمع بينها صار الحديث بذلك قويًا. ونحو ذلك قول ابن عبد الهادي في "التنقيح" 4/ 75 بإثر الحديث (2389).

وأخرجه أبو داود (3511)، والنسائي (6199) من طريقين عن عمر بن حفص بن غياث، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (3512)، وابن ماجه (2186) وغيرهما من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود.

وتابع محمد بن أبي ليلى عليه عمر بن قيس الماصر عند البزار (1995)، وابن الجارود (624)، والدارقطني (2860)، وأبو حنيفة النعمان عند أبي المظفر في "مسند أبي حنيفة" كما في "جامع المسانيد" لأبي المؤيد الخوارزمي 2/ 31، ومن طريقه أخرجه ابن خسرو في "مسند أبي حنيفة"(920). =

ص: 235

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2325 -

أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة.

وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي وعبيد الله بن عمر بن ميسرة وعثمان بن أبي شَيْبة، قالوا: حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن الحَكَم، عن عُمارة بن عُمير، عن أُمّه

(1)

، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"ولدُ الرجلِ من كَسْبِه، مِن أطيبِ كَسْبِه، فكلُوا من أموالهم"

(2)

.

= وخالفهم جماعة فرووه عن القاسم عن ابن مسعود منقطعًا دون ذكر أبيه، وهم: معنُ بنُ عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عند أحمد 7/ (4446) و (4447) وغيره، والمسعودي عند أحمد 7/ (4445) وغيره، وأبان بن تغلب عند أبي يعلى (5405)، والطحاوي في "شرح المشكل"(4482)، وغيرهما، وأبو العُميس عند الدارقطني (2859)، والبيهقي 5/ 333.

وأخرجه بنحوه مرسلًا أيضًا أحمد 7/ (4444)، والترمذي (1270) من طريق عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وأحمد (4442)، والنسائي (6200) من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، قال عون: عن ابن مسعود، وقال أبو عبيدة: أتي ابنُ مسعود في مثل هذا، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، والراوي عنه مجهول، وعون لم يدرك ابن مسعود، وقد زاد أبو عبيدة في روايته استحلاف البائع، ولم يرد ذلك في شيء من طرق الحديث.

وطريق أبي عبيدة هذه ستأتي عند المصنف برقم (2335).

وقد أرسله عن ابن مسعود أيضًا إبراهيمُ النخعي عند أبي يوسف في "الآثار"(830) عن أبي حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود. ومراسيل النخعي عن ابن مسعود من أقوى المراسيل كما هو مقرَّر في كتب مصطلح الحديث.

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: أبيه، وجاء على الصواب في "إتحاف المهرة" لابن حجر (23283)، وهو الموافق لرواية أبي داود (3529) عن عُبيد الله بن عمر بن ميسرة وعثمان بن أبي شيبة.

(2)

حديث صحيح، وقد أخطأ الحكم - وهو ابن عُتيبة - في تسمية الراوي عن عائشة، فقال: عن عُمارة بن عمير عن أمّه، وإنما هو عن عمته لا عن أمه، كما صحَّحه الدارقطني في "العلل" 14/ (3600)، وسواء كانت عمته أو أمه، فكلتاهما لا تعرفان فيما قاله ابن القطان في "بيان =

ص: 236

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وعند سفيان الثَّوْري فيه إسناد آخر بلفظ آخر، وليس يُعلِّل أحدُ الإسنادين الآخرَ:

= الوهم والإيهام" 4/ 546، وقد روي من وجهين آخرين صحيحين عن عائشة كما سيأتي.

وهو في "مسند أحمد" 41/ (24951) و 42/ (25668).

وأخرجه أبو داود (3529) عن عُبيد الله بن عمر بن ميسرة وعثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 42/ (25668) عن يحيى بن سعيد القطان، عن شعبة، به.

وأخرجه أحمد 40/ (24032) و 41/ (24957) و 42/ (25611)، وأبو داود (3528)، والنسائي (6000) من طريق منصور بن المعتمر، وأحمد 40/ (24135) و 42/ (25654) و 43/ (25846)، والنسائي (6001) من طريق الأعمش، كلاهما عن إبراهيم النخعي، عن عمارة بن عمير، عن عمته، عن عائشة.

وأخرجه أحمد 42/ (25296) و (25400)، وابن ماجه (2290)، والترمذي (1358)، والنسائي (6004) من طريق الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عمته، عن عائشة. فلم يذكر في إسناده إبراهيم النخعي، والأعمش معروف السماع من عمارة، وصرَّح بسماعه منه لهذا الحديث عند النسائي، فلا يبعد أن يكون رواه على الوجهين، والله أعلم.

وأخرجه أحمد 40/ (24148)، وابن ماجه (2137)، وابن حبان (4261) من طريق أبي معاوية، وأحمد 40/ (24148) عن يعلى بن عبيد، وأحمد 43/ (25845)، وابن حبان (4260) من طريق شريك النخعي، والنسائي (6002) من طريق الفضل بن موسى، و (6003) من طريق عمر بن سعيد بن مسروق الثَّوري، خمستهم عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود النخعي، عن عائشة. وهذا إسناد صحيح. وانظر ما سيأتي برقم (3160).

وله طريق أخرى عند ابن المنذري في "الأوسط"(8275)، والدارقطني في "العلل" 14/ (3600)، وابن حزم في "المحلى" 8/ 102 من طريق يحيى بن سعيد القطان، والدارقطني أيضًا من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن سفيان الثَّوري، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سُويد بن غَفَلة، عن عائشة. وإسناده صحيح أيضًا، لكنه اختُلف في هذه الطريق بين رفعه ووقفه، ورفعه صحيح، قال أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل" (418): صحَّ رفعه من رواية يحيى القطان، ولم يرفعه غيره. وقال الدارقطني في "العلل" نحوه.

وانظر ما بعده.

ص: 237

2326 -

أخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا أحمد بن سَيَّار، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان.

وحدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا يزيد بن الهيثم، حدثنا إبراهيم بن أبي الليث، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن عُمارة بن عُمير، عن عمَّته: أنها سألت عائشةَ: في حَجْري يتيمٌ، فآكلُ من ماله؟ فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من أطيَبِ ما أكَل الرجلُ من كَسْبِه، وولدُه من كَسْبِه"

(1)

.

2327 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا طَلْق بن غَنّام، حدثنا شَريك وقيس، عن أبي حَصِين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أدِّ الأمانةَ إلى من ائتَمَنَك، ولا تخُنْ من خانَكَ"

(2)

.

قال العباس: قلت لطَلْق: أكتُبُ شَريك وأَدَعُ قيس؟ قال: أنت أبصَرُ.

حديثُ شريك عن أبي حَصِين صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ عن أنس:

2328 -

حدَّثَناه أبو علي الحافظ، أخبرنا محمد بن الحسن بن قُتيبة، حدثنا أحمد بن الفضل العَسْقَلاني، حدثنا أيوب بن سُويد، حدثنا ابن شَوذَب، عن أبي التَّيّاح، عن

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عمة عمارة بن عمير، لكن روي الحديث من وجهين آخرين صحيحين عن عائشة كما تقدم. وانظر تمام تخريجه من هذه الطريق هناك.

الأشجعي: هو عُبيد الله بن عُبيد الرحمن، ويقال: ابن عبد الرحمن، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي.

(2)

إسناده حسن، وقد اتفق على روايته شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - وقيس - وهو ابن الربيع الأسدي - عن أبي حَصِين - وهو عثمان بن عاصم الأسدي - وفي ذلك ما يُشعر بأنهما ضبطاه، على أنَّ له شواهدَ أيضًا ذكرناها في تخريجنا لأبي داود.

وأخرجه أبو داود (3535)، والترمذي (1264) عن أبي كريب محمد بن العلاء، عن طَلْق بن غنام، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (3535) عن أحمد بن إبراهيم الدَّورقي، عن طَلْقٍ، عن شريك وحده، به.

ص: 238

أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أدِّ الأمانةَ إلى من ائتَمَنَك، ولا تخُن مَن خانَك"

(1)

.

2329 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنى؛ قالا: حدثنا مُسدَّد، حدثنا يزيد بن زُريع، حدثنا حُسين المُعلِّم، عن عمرو بن شُعيب، عن طاووس، عن ابن عمر وابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَحِلُّ للرجل يُعطي عَطِيَّةً أو يَهَبُ هِبةً، فيرجعُ فيها، إلّا الوالدَ فيما يُعطي ولدَه، ومَثَلُ الذي يُعطي العَطِيَّة ثم يَرجع فيها، كمَثَلِ الكلب يأكلُ، فإذا شَبِعَ قاءَ، ثم عاد في قَيئِه"

(2)

.

(1)

حسن بما قبله، وهذا إسناد ضعيف لضعف أيوب بن سويد وسوء حفظه. ابن شَوذَبٍ: هو عبد الله، وأبو التَّيّاح: هو يزيد بن حميد الضّبعي.

وأخرجه الطبراني في "الصغير"(475)، وفي "الكبير"(760)، وفي "مسند الشاميين"(1284)، وابن عدي في "الكامل" 1/ 362، وابن شاهين في "فوائده"(11)، والدارقطني (2937)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 6/ 132، والقضاعي في "مسند الشهاب"(743)، والبيهقي 10/ 271، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 29/ 165، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(974)، والضياء المقدسي في "المختارة" 7/ (2738) من طرق عن أيوب بن سويد، بهذا الإسناد.

لكن وقع في إسناد الطبراني في "الكبير" ومن طريقه أخرجه الضياء خطأ بذكر ضمرة بن ربيعة الفلسطيني بدل أيوب بن سويد، وضمرة صدوق، لكن ذكره في إسناد الحديث وهمٌ، يغلب على الظن أنه من شيخ الطبراني يحيى بن عثمان بن صالح السَّهمي، حيث روى هذا الحديث عن أحمد بن زيد الخزاز (وتحرَّف في كتابي الطبراني والضياء إلى: القزاز) وهو الرَّمْلي، عن ضمرة، عن ابن شوذب، وخالف يحيى بنَ عثمانَ فيه محمدُ بنُ الحسن بن قتيبة عند الطبراني في "مسند الشاميين" وعند ابن عدي وأبي نعيم، وهو أوثق منه وأحفظ، فرواه عن أحمد بن زيد الرملي، عن أيوب بن سويد، عن ابن شوذَب. وأحمد بن زيد المذكور وثقه ابنُ سُميع فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، فيبقى الشأن في يحيى بن عثمان بن صالح.

(2)

إسناده صحيح. أبو المثنّى: هو معاذ بن المثنى العنبري، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد، وحسين المُعلِّم: هو ابن ذكوان، وطاووس: هو ابن كيسان اليماني.

وأخرجه أبو داود (3539) عن مُسدَّد، بهذا الإسناد. =

ص: 239

هذا حديث صحيح الإسناد، فإني لا أعلم خلافًا في عدالة عمرو بن شعيب، إنما اختلفوا في سماع أبيه من جده.

2330 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا هشام بن علي ومحمد بن غالب، قالا: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن داود بن أبي هند وحَبيب المُعلِّم، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جده، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يجُوزُ لامرأةٍ أمرٌ في مالها إذا مَلَكَ زوجُها عِصْمَتَها"

(1)

.

= وأخرجه ابن حبان (5123) من طريق محمد بن المنهال الضرير، عن يزيد بن زُريع، به.

وأخرجه أحمد 4/ (2119) و (2120)، وابن ماجه (2377)، والترمذي (1299) و (2132)، والنسائي (6484) و (6485) من طرق عن حُسين المعلِّم، به.

وأخرج الشطر الثاني منه في ضرب المثل بالكلب: أحمدُ 4/ (2529)، والبخاري (2621)، ومسلم (1622)(5 - 7)، وأبو داود (3538)، وابن ماجه (2385)، والنسائي (6488 - 6492)، وابن حبان (5121) من طريق سعيد بن المسيب، وأحمد 5/ (3013)، والبخاري (2589)، ومسلم (1622)(8)، والنسائي (6486) من طريق طاووس، وأحمد 5/ (3177) من طريق سعيد بن جبير، والبخاري (2622)، والترمذي (1298)، والنسائي (6493 - 6495) من طريق عكرمة، أربعتهم عن ابن عباس وحده.

(1)

إسناده حسن. حماد: هو ابن سلمة.

وأخرجه أبو داود (3546) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 11/ (7058)، والنسائي (6555) من طرق عن حماد بن سلمة، به.

وأخرجه ابن ماجه (2388) من طريق المثنّى بن الصبّاح، عن عمرو بن شعيب، به.

وأخرجه أبو داود (3547)، والنسائي (6556) من طريق حسين المعلِّم، عن عمرو بن شعيب، به، بلفظ:"لا يجوز لامرأة عطيّةٌ إلّا بإذن زوجها".

ويشهد له مرسل طاووس اليماني عند عبد الرزاق (16607) عن معمر، عن ابن طاووس، عنه.

وهو عند ابن أبي شيبة 6/ 411 عن سفيان بن عيينة، عن ابن طاووس، عن أبيه، من قوله.

وكذا يشهد له مرسل مجاهدٍ عند أحمد 11/ (7058) عن عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، عنه.

وهو قول الليث بن سعد فيما حكاه عنه ابن حزم في "المحلى" 8/ 311، إلّا في الشيء اليسير =

ص: 240

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2330 م - سمعت عليَّ بن عمر الحافظ يقول: سمعت أبا بكر بن زياد الفقيه النَّيسابوري يقول: سمعت محمد بن علي حَمْدانَ الوَرَّاق يقول: قلت لأحمد بن حنبل: عمرو بن شعيب سمع من أبيه شيئًا؟ فقال: هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، وقد صحَّ سماعُ عمرو بن شعيب من أبيه شعيب، وصحَّ سماعُ شعيب من جده عبد الله بن عمرو.

2331 -

أخبرنا الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا شريك، عن عبد العزيز بن رُفَيع، عن أُميّة بن صفوان بن أميّة، عن أبيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه أَدرُعًا يوم حُنين، فقال:

= في صلة الرحم. وبذلك أفتى عمر بن الخطاب فيما عَهِدَ به للقاضي شريح أن يقضي به، إلّا أنه قيَّده بقوله: حتى يحول عليها حولٌ عند زوجها، أو تلد ولدًا. أخرجه ابن أبي شيبة 6/ 413، ومحمد بن خلف في "أخبار القضاة" 2/ 191، وابن المنذر في "الأوسط"(8831).

وقيَّده عمر بن عبد العزيز والزُّهْري فيما إذا كانت المرأة سفيهةً أو مُضارَّةً. أخرجه عن عمر بن عبد العزيز عبد الرزاق (16611)، وابن حزم في "المحلى" 8/ 312. وأخرجه عن الزُّهْري عبد الرزاق (16610). وهو قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه فيما حكاه عنهما إسحاق بن منصور في "مسائله"(3084) و (3085) وقيَّداه بما بعد الحول كما روي عن عمر بن الخطاب.

قلنا: وإذا حُمل حديث الباب على هذه القيود درأنا عنه التعارض بينه وبين الأحاديث الدالة على إطلاق يد المرأة في التصرف بمالها، وهي كثيرة وبعضها في "الصحيحين"، مثل حديث:"يا معشر النساء تصدَّقن" فتصدقت زينب امرأة عبد الله بن مسعود على زوجها وولدها بحليٍّ كان لها. أخرجه البخاري (1462)، ومسلم (80) من حديث أبي سعيد الخُدْري، والبخاري (1466)، ومسلم (1000) من حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود. وكحديث بريدة أنَّ امرأةً قالت: إني تصدقت على أمي بجارية، وإنها ماتت، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"وجب أجرك، وردَّها عليك الميراث"، أخرجه مسلم (1149)، وكحديث اشتراء عائشة بمالها بَريرة عند البخاري (2168)، ومسلم (1504)، وباعت أسماء بنت أبي بكر جارية لرجل فقير دون علم الزُّبَير، أخرجه مسلم (2182).

ص: 241

أَغَصْبٌ يا محمد؟ قال: "لا، بل عاريَّةٌ مَضْمونةٌ"

(1)

.

(1)

حسن لغيره، وهذ إسناد ضعيف لاضطرابه كما قال الطحاوي في "شرح المشكل" بإثر (4459)، وابن عبد البر في "التمهيد" 12/ 41. ذلك لأنه اختُلف فيه على عبد العزيز بن رفيع، فمرة يروى عنه عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه، كما حصل هنا في رواية شريك - وهو النخعي -، ومَن يروى عنه عن أناس من آل عبد الله بن صفوان مرسلًا، كما في رواية جرير بن عبد الحميد عنه، ومرة يُروى عنه عن عطاء بن أبي رباح عن ناس من آل صفوان مرسلًا، كما في رواية أبي الأحوص سلّام بن سليم عنه، ومرة يروى عنه عن ابن أبي مُلَيكة عن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية مرسلًا، كما في رواية إسرائيل عنه.

وقد صحَّ من طريق أخرى عن عطاء بن أبي رباح أنَّ المُعير كان يعلى بنَ أُمية، لا صفوان بن أمية، وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال له:"عاريّة مؤدّاة"، ولم يقل له:"عاريّة مضمونة". ولهذا قال ابن حزم في "المحلى" 9/ 173: ليس في شيء مما رُوي في العارية خبر يصح غيره. يعني خبر يعلى بن أمية، وقال عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 3/ 319: حديث يعلى أصح.

قلنا: لكن ثبت من طريق أخرى ستأتي عند الحاكم (4417) من حديث جابر: أنَّ المُعير كان صفوانَ بنَ أمية، وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال له:"عاريّة مضمونة"، وهذا هو المعروف المشهور عند أهل المغازي، فقد أسنده البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 19، وفي "دلائل النبوة" 5/ 119 - 121 من عدة روايات مرسلة عن موسى بن عقبة والزُّهْري وعروة بن الزُّبَير وغيرهم، وأسنده البيهقي أيضًا 6/ 89 عن محمد بن علي الباقر مرسلًا. وقال بإثره: بعض هذه الأخبار وإن كان مرسلًا فإنه يقوى بشواهده مع ما تقدم من الموصول؛ يعني حديث جابر الآتي برقم (4417).

قلنا: فلا يبعد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد استعار من كلا الرجلين في حنين، ولكنه قال لأحدهما:"عاريّة مؤداة"، وهو يعلى بن أمية، وقال لصفوان:"عاريّة مضمونة". وقد احتمل الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 117 أن تكونا واقعتين، إلّا أنه جعلهما لرجل واحد منهما، والأقرب أن تكونا واقعتين لكلا الرجلين، والله أعلم بالصواب.

وأخرجه أبو داود (3562)، والنسائي (5747) من طرق عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (3563) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أناس من آل عبد الله بن صفوان، مرسلًا.

وأخرجه كذلك (3564) من طريق أبي الأحوص، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء بن أبي =

ص: 242

وله شاهدٌ عن ابن عباس:

2332 -

أخبرَناه أحمد بن سهل الفقيه ببُخَارى، حدثنا صالح بن محمد الحافظ، حدثنا إسحاق بن عبد الواحد القُرَشي، حدثنا خالد بن عبد الله، عن خالد الحَذّاء، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم استعارَ من صفوان بن أُميّة أدرُعًا وسِلاحًا

= رباح، عن ناس من آل صفوان، مرسلًا أيضًا.

وأخرجه النسائي أيضًا (5748) من طريق إسرائيل، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية، مرسلًا كذلك.

وأخرجه النسائي (5746) من طريق هُشَيم، عن حجاج بن أرطاة، عن عطاء بن أبي رباح، مرسلًا. وفيه مع الإرسال عنعنة هُشَيم وحجاج.

وأصح من هذه الطريق طريق قتادة، عن عطاء بن أبي رباح، عن صفوان بن يعلى بن أمية، غير أبيه، وهي عند أحمد 29/ (17950)، وأبي داود (3566)، والنسائي (5744) و (5745) من طريق همام بن يحيى، عن قتادة، به. بلفظ:"عاريّة مؤدّاة"، بدلٌ "عاريّة مضمونة".

وقال محمد بن إسماعيل الصنعاني في "سبل السلام" 2/ 99: المضمونة التي تُضمن إن تلفت بالقيمة، والمؤداة التي تجب تأديتها مع بقاء عينها، فإن تلفت لم تُضمن بالقيمة.

قلنا: فبين لفظ "مضمونة" ولفظ "مؤداة" اختلاف، إلّا إن حُمل لفظ "مضمونة" على معنى ضمانة الردِّ، كما قال أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" 3/ 174، وابن القيم في "الزاد" 3/ 422، فلا يكون بمعنى ضمان القيمة عند التلف، وذلك أنَّ لفظة "مضمونة"، تحتمل معنيين: إما ضمانة الرد، أو ضمانة التلف، ويُجعل لفظ "مؤداة" مُرجِّحًا للمعنى الأول للفظ "مضمونة"، فلا يتعارض اللفظان، بل يُحملان على مَحملٍ واحدٍ.

وإذا صرنا إلى الترجيح بين اللفظين على أساس افتراقهما في المعنى فلفظ "مُؤداة" أرجح، لحديث أبي أمامة الذي أخرجه أبو داود (3565)، وابن ماجه (2398)، والترمذي (2120)، والنسائي (5749) و (5750)، وصحَّحه الترمذي:"العاريّة مؤداة، والمِنحة مردودة، والدَّين مقضيٌّ، والزعيم غارم"، وإذا صحَّ ذلك كان قوله:"العارية مؤداة" غير مدفوع باتفاق بين أهل العلم، لأنّها مؤداة عند الجميع ما كانت باقية، فإذا تلفت فلا سبيل إلى أدائها، وإذا لم يكن إلى أدائها سبيل فغير جائز تضمينها بغير حجة، كما نبَّه عليه ابن المنذر في "الأوسط" بإثر (8630) و (8631)، وأبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" 3/ 174.

ص: 243

في غزوة حُنين، فقال: يا رسول الله، أعاريّةٌ مُؤدّاةٌ؟ قال:"عاريّةٌ مُؤدّاةٌ"

(1)

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2333 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا سعيد بن عامر وعبد الوهاب بن عطاء، قالا: حدثنا سعيد بن أبي عَروبة، عن قَتَادة، عن الحسن، عن سَمُرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"على اليدِ ما أَخَذَت حتى تُؤدِّيَه"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، إسحاق بن عبد الواحد قال عنه أبو علي الحافظ: متروك الحديث، وقال الذهبي: واهٍ.

وأخرجه البيهقي 6/ 88 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (2951) من طريق صالح بن العلاء العبدي، عن إسحاق بن عبد الواحد، به.

وقد صحَّ عن ابن عباس أنه كان يُضمِّن العاريّة:

فقد أخرج عبد الرزاق (14791)، وابن أبي شيبة 6/ 141 و 142 من طريق ابن أبي مُلَيكة قال: سألت ابن عباس: أُضمِّن العارية، فقال: نعم إن شاء أهلها، وفي لفظ: إن تبعها صاحبها.

وأخرج عبد الرزاق (14792) من طريق ابن أبي مُلَيكة أيضًا عن ابن عباس، قال: العارية تُغرم.

(2)

إسناده صحيح، وسماع الحسن - وهو البصري - من سَمُرة - وهو ابن جُندب - صحيح، كما بيناه عند الحديث المتقدم برقم (151).

وأخرجه أحمد 33/ (20131) عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف وحده، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (20086) و (20156)، وأبو داود (3561)، وابن ماجه (2400)، والترمذي (1266)، والنسائي (5751) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، به. وقال الترمذي: حديث حسن.

وقال ابن المنذر في "الأوسط" بإثر: (8632): ظاهره يُوجب أن تُؤدي إليه ما أخذت، وإذا تلفت بغير جناية من المستعير لم يَجُز إلزام المستعير قيمتَها بغير حُجَّة.

قلنا: صحَّ عن الحسن البصري أنه يُضمِّن العاريّة إذا خالف المستعيرُ صاحبَ العاريّة، كما أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا 6/ 142، ومثَّل الحسنُ البصري لذلك بأن يستعير دابَّة فيُكريها، كما أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا 6/ 143، وذلك لأنه استعارها لينتفع بها هو، فإن أجّرها المستعير لغيره فعطبت ضمنها.

وإذا قلنا بالتفريق بين الأداء والضمان كما بيناه عند الحديث المتقدم برقم (2331) يكون الحسن البصري قد أفتى بمقتضى الرواية وليس بخلافها، لأنَّ معنى حديثه هنا أن يد المستعير يد أمانة =

ص: 244

ثم إنَّ الحسن نسيَ حديثَه، فقال: هو أمينُك لا ضمان عليه.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2334 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الجَوهَري ببغداد، حدثنا أبو الوليد محمد بن أحمد بن بُرْد، حدثنا محمد بن كثير المِصِّيصي، حدثنا الأوزاعي.

وحدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا جُماهر بن محمد الغَسّاني بدمشق، حدثنا محمود بن خالد الدمشقي، حدثنا الفِرْيابي، عن الأوزاعي، عن الزُّهْري، عن حَرام بن محَيِّصةَ الأنصاري، عن البراء بن عازب، قال: كانت له ناقةٌ ضاريةٌ، فدخلت حائطًا، فأفسدَتْ فيه، فكُلِّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقضى أنَّ حِفْظَ الحوائط بالنهار على أهلها، وأنَّ حِفْظَ الماشية بالليل على أهلها، وأنَّ على أهل الماشية ما أصابت ماشِيتُهم

(1)

.

= لا يد ضمان، فلا يضمن ما تلف ما دام لم يخالف صاحبَ العارية فيها.

(1)

صحيح بطرقه، وهذا إسنادٌ الصحيح أنه مرسلٌ، لأنَّ حرام بن مُحيّصة - وهو حرام بن سعد، ويقال: ساعدة بن مُحيّصة - لم يسمع من البراء، والكبار من أصحاب الزُّهْري يقولون فيه: عن حرام: أنَّ ناقة للبراء، وهذا هو الصحيح. على أنه قد رواه بعضهم عن الأوزاعي بموافقة كبار أصحاب الزُّهْري على الإرسال، كما جاء عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(6157) و (6158) والبيهقي 8/ 341.

وأخرجه أبو داود (3570) عن محمود بن خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 30/ (18606) عن محمد بن مصعب، والنسائي (5753) من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما عن الأوزاعي، به.

وأخرجه ابن ماجه (2332 م)، والنسائي (5752) من طريق معاوية بن هشام القصار، عن سفيان الثَّوري، عن عبد الله بن عيسى - وقرن به النسائي إسماعيل بن أمية - عن الزُّهْري، به. ومعاوية بن هشام حسن الحديث لكنه يُغرب عن الثَّوري بأشياء كما قال ابن عدي.

وأخرجه النسائي (5754) عن العباس بن عبد الله بن العباس الأنطاكي، عن محمد بن كثير المِصِّيصي، عن الأوزاعي، عن الزُّهْري، عن حرام بن محيصة، عن أبيه: أنَّ ناقة للبراء. فوصله بذكر محيصة بدل البراء. ومحمد بن كثير المصيصي كثير الخطأ. =

ص: 245

هذا حديث صحيح الإسناد، على خلاف فيه بين معمر والأوزاعي، فإنَّ معمرًا قال: عن الزُّهْري، عن حرام بن مُحَيِّصة، عن أبيه.

2335 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سعيد بن سالم القدّاح، أخبرنا ابن جُرَيج، أنَّ إسماعيل بن أُميّة أخبره عن عبد الملك بن عُمير، قال: حضرتُ أبا عُبيدة بن عبد الله بن مسعود وأتاه رجلان تَبايَعا سِلعةً، فقال أحدهما: أخذتُ بكذا وكذا، وقال الآخرُ: بعتُ بكذا وكذا، فقال أبو عُبيدة: حدثني عبد الله بن مسعود في مثل هذا قال: حضرتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذا، فأمر البائعَ أن يُستحلَف، ثم يخيَّر المبتاعُ، إن شاء أَخَذ، وإن شاء تَرَك

(1)

.

= وكذلك أخرجه أحمد 39/ (23697)، وأبو داود (3569)، وابن حبان (6008) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْري، عن حرام، عن أبيه: أنَّ ناقة للبراء، لكن ذكر الدارقطني في "سننه" بإثر (3313)، وكذا البيهقي 8/ 342 أنَّ وهيب بن خالد وأبا مسعود الزجاج قد خالفا عبد الرزاق، فروياه عن معمر فلم يقولا: عن أبيه، يعني أنهما أرسلاه.

وأخرجه أحمد (23691) من طريق مالك بن أنس، و (23694) عن سفيان بن عيينة، وابن ماجه (2332) من طريق الليث بن سعد، ثلاثتهم عن الزُّهْري عن حرام بن محيصة: أنَّ ناقة للبراء. هكذا رووه مرسلًا، ووافقهم على إرساله يونس بن يزيد الأيلى عند الدارقطني (3319).

وأخرجه أحمد (23694) عن سفيان بن عيينة، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيب: أنَّ ناقة للبراء. ومراسيل سعيد بن المسيب تُعدّ من أقوى المراسيل عند أهل العلم.

وله طريق ثالثة مرسلة عند الرزاق (18438) عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن شهاب: أخبرني أبو أمامة بن سهل: أنَّ ناقةً دخلت في حائط، فذكره.

ولا يضر أن يكون مدارُ هذه المراسيل على الزُّهْري، فقد كان واسع الرواية، وباجتماع هذه المراسيل الثلاثة يصح الحديث إن شاء الله تعالى. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 11/ 82: هذا الحديث وإن كان مرسلًا، فهو حديث مشهور أرسله الأئمة، وحدّث به الثقات، واستعمله فقهاء الحجاز وتلقَّوه بالقبول، وجرى في المدينة به العملُ.

(1)

حديث صحيح، دون ذكر استحلاف البائع، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الملك بن عمير، =

ص: 246

هذا حديث صحيح إن كان سعيد بن سالم حفظ في إسناده عبدَ الملك بن عُمير.

2335 م - فقد حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن إدريس الشافعي، فذكر الحديث، وفي آخره قال أحمد بن حنبل: أُخبرتُ عن هشام بن يوسف، عن ابن جُرَيج، عن إسماعيل بن أمية، عن عبد الملك بن عُبيد. قال أحمد بن حنبل: وقال حجّاج الأعور: عبد الملك بن عُبيدة

(1)

(2)

.

2336 -

أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب بهَمَذان، حدثنا هلال بن العلاء الرَّقِّي، حدثنا المُعافى بن سليمان، حدثنا موسى بن أعْيَن، عن يحيى بن أيوب، عن ابن

= والصواب ابن عُبيد، كما قال هشام بن يوسف في روايته عن ابن جُرَيج، أو عبد الملك بن عُبيدة، بزيادة هاء في آخره، كما قال حجاج بن محمد في روايته عن ابن جُرَيج، فلا يصح ذكر عبد الملك بن عمير في هذا الإسناد. وفي الإسناد أيضًا انقطاع، لأنَّ أبا عبيدة لم يسمع من أبيه.

لكن للحديث طرق أخرى تقدم بيانها عند الطريق السالف برقم (2324)، ويصح بها الحديث إن شاء الله تعالى، إلَّا أنه ليس في شيء منها استِحلاف البائع.

وانظر ما بعده.

(1)

وقع في النسخ الخطية: عُبيد، بحذف الهاء من آخره، وإنما رواية حجاج الأعور - وهو ابن محمد المِصِّيصي - بزيادتها، كما جزم بذلك ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" بإثر الحديث (2387). وقد جاء على الصواب عند البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(11414)، حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم، فقال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في كتاب "المستدرك"، وكان هذا الاسم قد أُثبِت في "مسند أحمد" بإسقاط الهاء من آخره، اعتمادًا على أحد الأصول الخطية، مع أنَّ سائر الأصول ذكرته على الصواب، وقد تكرر هذا الخطأ أيضًا في مطبوعي النسائي "الكبرى"، و"المجتبى"، مع أنَّ ابن حزم قد رواه في "المحلى" 8/ 369 من طريق النسائي فذكره على الصواب، فهذا هو الصحيح في رواية حجاج بن محمد، والله أعلم.

(2)

حديث صحيح دون ذكر الاستحلاف كما بيناه عند الطريق السابقة. وهو في "مسند أحمد" 7/ (4442).

وأخرجه النسائي (6200) من طُرق عن حجاج بن محمد المصِّيصي، عن ابن جُرَيج، بهذا الإسناد.

ص: 247

جُرَيج، أنَّ أبا الزُّبَير حدثه عن جابر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من أعرابي - حسبت أنه قال: من بني عامر بن صَعْصَعَة - حِمْلَ خَبَطٍ، فلما وجبَ له، قال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اختَرْ"، فقال الأعرابي: إن رأيتُ كاليوم مثلَك بَيِّعًا، عَمْرَكَ اللهَ ممَّن أَنتَ؟ قال:"من قُريش"

(1)

.

تابعه ابن وهب عن ابن جُرَيج:

2337 -

حدَّثَناه أبو الوليد الفقيه، حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، حدثنا مَوهَب بن يزيد بن مَوهَب، حدثنا ابن وهب، أخبرنا ابن جُرَيج، أنَّ أبا الزُّبَير المكي حدثه عن جابر: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اشترى من أعرابي حِمْل خَبَطٍ، فلما وجبَ البيعُ، قال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اختَرْ" فقال الأعرابي: عَمْرَكَ اللهَ بَيِّعًا

(2)

.

(1)

حديث صحيح إن شاء الله، وهذا إسناد قد صرَّح فيه ابنُ جُرَيج بسماعه من أبي الزُّبَير - وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي - هنا في هذه الطريق وفي الطريق التالية.

ويحيى بن أيوب - وهو الغافقي - حسن الحديث لكن تابعه عبد الله بن وهب كما في الطريق التالية، فيصحُّ الحديثُ إن شاء الله تعالى، وانظر تمام الكلام عليه وتخريجه فيما سيأتي.

الخَبَط: ما سقط من ورق الشجر بالخَبْط والنَّفْض.

وقوله: "عَمْرَك اللهَ" أي: أسأل الله تعميرك وأن يُطيل عمرك، والعَمْر، بالفتح: العُمر، ولا يقال في القَسَم إلّا بالفتح.

والبَيّع: اسم يطلق على البائع والمشتري، يُقال لكل منهما: بائع وبيّع. ونصبه على التمييز.

(2)

حديث صحيح إن شاء الله كما بيناه في الحديث السابق. ابن وهب: هو عبد الله.

وأخرجه الترمذي (1249)، وابن ماجه (2184) من طرق عن عبد الله بن وهب، به. لكن رواية الترمذي مختصرة، وقال: حديث صحيح غريب.

وقد رواه سفيانُ بن عيينة عن ابن جُرَيج، فقال: عن أبي الزُّبَير عن طاووس، فذكره مرسلًا. أخرجه من طريقه الدارقطني (2869).

ورواه عن طاووس كذلك ابنُه عبدُ الله، فقد أخرجه عبد الرزاق (14261)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5292)، والبيهقي 5/ 271 من طريق معمر بن راشد، وعبد الرزاق (14261)، والبيهقي 5/ 270 من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه مرسلًا. =

ص: 248

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2338 -

أخبرني أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا علي بن العباس الكوفي، حدثنا محمد بن بشار وعلي بن مسلم، قالا: حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن عبد الله الزَّعْفَراني، قال: سمعتُ أبا المُتوكِّل الناجيَّ يحدِّث عن أبي سعيد الخُدْري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الآخِذُ والمُعطي سواءٌ في الربا"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!

2339 -

أخبرني أبو محمد عبد العزيز بن عبد الرحمن الدبّاس بمكة، حدثنا محمد بن علي بن زيد

(2)

الصائغ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن العباس الشافعي، قال: سمعت أبي يحدث عن عُمر بن محمد بن زيد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الدِّينارُ بالدِّينارِ، والدِّرهمُ بالدِّرهم، لا فَضْلَ بينهما، فمن كانت له حاجةٌ بوَرِقٍ فليَصرِفها بذَهَبٍ، ومن كانت له حاجةٌ بذَهَبٍ فليَصرفِها بِوَرِقٍ، والصَّرْفُ هاءَ وهاءَ"

(3)

.

= فالظاهر أنَّ لأبي الزُّبَير فيه شيخين: أحدهما جابر بن عبد الله، والآخر طاووس.

وقد يكون أبو الزُّبَير سمعه من طاووس، وطاووس سمعه من جابر، فدلّس أبو الزُّبَير ذكر طاووس، وسواء كان هذا الاحتمال أو ذاك يصح الحديث إن شاء الله، لأنه على الاحتمال الثاني تكون الواسطة قد عُرفت، وهو طاووس، وهو ثقة، فيتصلُ الإسناد، والله تعالى أعلم.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الله الزعفراني - ويقال: أبو عبد الله - لكنه متابع.

وأخرجه أحمد 18/ (11466) و (11635)، ومسلم (1587)(82)، والنسائي (6113) من طريق سليمان بن علي الربعي، وأحمد (11928)، ومسلم (1587)(82) من طريق إسماعيل بن مسلم العبدي، كلاهما عن أبي المتوكل، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(2)

تحرَّف في (ز) و (ص) و (ع) إلى: يزيد، والتصويب من (ب). وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 13/ 428.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة محمد بن العباس الشافعي، وقد اضطرب في إسناد هذا الحديث، فمرة يرويه عن عمر بن محمد بن زيد، كما وقع هنا، ومرة يرويه عن عمر بن محمد لم يقيده =

ص: 249

هذا حديث غريب صحيح، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.

2340 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني سليمان بن بلال، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رَبَاح، عن

= بابن زيد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب، ومرة يرويه عن عمر بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده علي، ومرة يرويه عن أبيه العباس بن عثمان بن شافع، عن عمر بن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده علي، ويغلب على ظننا أنَّ الصحيح فيه ذكر عمر بن محمد بن علي بن أبي طالب كما جاء في غير رواية المصنف، وليس هو بابن زيد كما قُيد هنا عند المصنف، لأنه يترتب عليه أنه ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو رجل ثقة، وإذا ثبت ذلك فعمر بن محمد بن علي بن أبي طالب مجهول أيضًا، وإذا صحَّ الإسناد ذكر العباس بن محمد بن شافع فهو مجهول كذلك، فيصير في الإسناد ثلاثة مجاهيل، والله تعالى أعلم.

وأخرجه الدارقطني (2880) من طريق علي بن حرب الطائي، عن إبراهيم بن محمد بن العباس، بهذا الإسناد. لكن لم يقيد عمر بن محمد بابن زيد، بل أطلقه.

وأخرجه الطبري في مسند عمر من "تهذيب الآثار" 2/ 736 و 743 عن أحمد بن الوليد الأُمّي الرملي، عن إبراهيم بن محمد بن العباس، عن أبيه، عن عمر بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده علي.

وأخرجه ابن ماجه (2261) عن إبراهيم بن محمد بن العباس، عن أبيه، عن جده العباس بن عثمان بن شافع، عن عمر بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده.

ويغني عنه حديث عمر بن الخطاب عند أحمد 1/ (162)، والبخاري (2174)، ومسلم (1586) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالوَرِق ربًا، إلّا هاء وهاء".

وحديث عبادة بن الصامت عند أحمد 37/ (22727)، ومسلم (1587) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُرُّ بالبُرّ، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مِثلًا بمِثل، سواء بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد".

وحديث البراء بن عازب وزيد بن أرقم عند أحمد 30/ (18541)، والبخاري (2180)، ومسلم (1889): نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الوَرقِ بالذهب دَينًا.

قوله: "هاء وهاء" قال الخطابي في "معالم السنن" 3/ 67 - 68: معناه التقابض، وهو قول الرجل لصاحبه إذا ناوله الشيء: هاك، أي: خذ، فأسقطوا الكاف منه وعوَّضوه المد بدلًا من الكاف، يقال للواحد: هاء، والاثنين: هاؤما، وللجماعة: هاؤم.

ص: 250

أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"المسلمون على شُروطِهم، والصلحُ جائزٌ بين المسلمين"

(1)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل كثير بن زيد - وهو الأسلمي - والوليد بن رباح.

وأخرجه أبو داود (3594) عن سليمان بن داود المَهْري، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 14/ (8784) عن منصور بن سلمة الخُزاعي، وأبو داود (3594)، وابن حبان (5091) من طريق مروان بن محمد الطاطري، كلاهما عن سليمان بن بلال، به. لكن وقع في رواية أبي داود شك، قال: حدثنا سليمان بن بلال أو عبد العزيز بن محمد.

واقتصر أحمد وابن حبان في روايتهما على قوله: "الصلح جائز بين المسلمين" زاد أبو داود وابن حبان: "إلّا صلحًا أحلَّ حرامًا أو حَرَّم حلالًا".

وسيأتي الشطر الثاني منه من طريق آخر عن أبي هريرة برقم (2344).

ويشهد له بشطريه حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده، فيما سيأتي عند المصنف برقم (7236)، وهو عند ابن ماجه (2353)، والترمذي (1352)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. قلنا: ذلك لأنه حسّن الرأي في كثير المزني تبعًا لشيخه البخاري، والجمهور على تضعيفه، وأعدل الأقوال فيه أنه يصلح للاعتبار في المتابعات والشواهد.

ويشهد لشطره الأول قول عمر بن الخطاب موقوفًا عليه: المسلمون على شروطهم عند مقاطع حقوقهم، أخرجه ابن أبي شيبة 6/ 570، وسعيد بن منصور (662)، وابن المنذر في "الأوسط"(7286)، وابن حزم في "المحلى" 9/ 517، والبيهقي 7/ 249، وإسناده صحيح، واللفظ لابن المنذر وابن حزم.

ولشطره الثاني قول عمر بن الخطاب أيضًا في رسالته إلى أبي موسى الأشعري في صفة القضاء، عند وكيع محمد بن خلف في "أخبار القضاة" 1/ 70 - 73 و 284، والدارقطني (4472)، والبيهقي 6/ 65، ورجاله ثقات.

قال الخطّابي في "المعالم" 4/ 166: الصلح يجري مجرى المعاوضات، ولذلك لا يجوز إلّا فيما أوجب المال، ولا يجوز في دعوى القذف، ولا دعوى الزوجية، ولا على مجهول، ولا أن يصالحه على دَين له على مال نسيه لأنه من باب الكالئ بالكالئ، ولا يجوز الصلح في قول مالك على الإقرار، ولا يجوز في قول الشافعي على الإنكار، وجوّزه أصحاب الرأي على الإقرار والإنكار جميعًا. =

ص: 251

رواة هذا الحديث مدنيُّون، ولم يُخرجاه، وهذا أصلٌ في الكتاب.

وله شاهدٌ من حديث عائشة وأنس بن مالك:

2341 -

أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفّار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدُّنيا، حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن زُرارة حدثنا عبد العزيز بن عبد الرحمن الجَزَري، عن خُصَيف، عن عُرْوة، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"المسلمون عند شُروطهم ما وافَقَ الحَقَّ"

(1)

.

2341 م - قال خُصَيف: وحدثني عطاء بن أبي رباح، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شُروطهم ما وافَقَ الحقَّ من ذلك"

(2)

.

2342 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبَري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العبدي، حدثنا عيسى بن إبراهيم البِرَكيّ، حدثنا عبد الحميد بن الحسن الهِلالي، حدثنا محمد بن المُنكَدِر، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ مَعروفٍ

= ونوع آخر من الصلح، وهو أن يصالحه في مالٍ على بعضه نقدًا، وهذا من باب الحط والإبراء وإن كان يُدعى صلحًا.

وقوله: "المسلمون على شروطهم" فهذا في الشروط الجائزة في حق الدِّين، دون الشروط الفاسدة، وهذا من باب ما أمر الله تعالى من الوفاء بالعقود.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، عبد العزيز بن عبد الرحمن الجَزَري - وهو البالِسِي - متروك الحديث، واتهمه الإمام أحمد، وقال ابن عدي: يروي عن خُصيف - وهو ابن عبد الرحمن الجَزَري - أحاديث بواطيل، قال: وسائر ذلك ليس لها أصول ولا يتابعه الثقات عليها. قلنا: وخُصيف سيئ الحفظ، فلا يصلحُ حديث بمثل هذا الإسناد شاهدًا.

وأخرجه البيهقي 7/ 249 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (2893) عن رضوان بن أحمد بن إسحاق الصيدلاني، عن ابن أبي الدنيا، به.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا إسناد سابقه.

وأخرجه البيهقي 7/ 249 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (2894) عن رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن ابن أبي الدنيا، به.

ص: 252

صدقةٌ، وما أنفقَ الرجلُ على نفسِه وأهلِه كُتِبَ له صدقة، وما وَقَى به المرءُ عِرْضَه كُتِبَ له به صدقة، وما أنفقَ المؤمنُ من نفقةٍ، فإِنَّ خَلَفَها على الله، واللهُ ضامنٌ، إلّا ما كان في بُنْيان ومعصية".

فقلت لمحمد بن المنكدر: وما "وقَى به الرجلُ عِرْضَه"؟ قال: ما يُعطي الشاعرَ وذا اللسانِ المُتّقَى

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الحميد بن الحسن الهلالي، وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 11/ 419 بعد أن أورد حديثه هذا: غريب جدًّا. قلنا: يعني بهذه السياقة، وإلّا فقد صحَّت بعض مفرداته مفرَّقة كما سيأتي بيانه.

وأخرجه الطيالسي (1819)، وابن أبي شيبة 8/ 550، وعبد بن حميد (1083)، وابن أبي الدنيا في "اصطناع المعروف"(9)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(75)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 322، والدارقطني (2895)، والقضاعي (88) و (94)، والبيهقي في "الآداب"(147)، وفي "السنن الكبرى" 10/ 242، وفي "شعب الإيمان"(3221)، والبَغَوي في "شرح السنة"(1646) من طرق عن عبد الحميد بن الحسن الهلالي، به. وبعضهم يرويه مختصرًا.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "اصطناع المعروف"(8)، وأبو يعلى (2040)، والطبري في "تهذيب الآثار" - في القسم الذي حققه علي رضا - (788)، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(1253)، وابن حبان في "المجروحين" 3/ 32، والطبراني في "المعجم الأوسط"(6896)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 431، وتمّام الرازي في "فوائده"(1724)، والقضاعي (95)، والبيهقي في "الآداب"(148)، وفي "السنن الكبرى" 10/ 242، وفي "الشُّعب"(3220) و (10229) من طريق المسور بن الصلت، عن محمد بن المنكدر، به. والمسور بن الصلت ضعيف جدًّا، وتحرّف اسمه عند بعضهم إلى: سَعْد بدل المسور، وبعضهم يروي الحديث مختصرًا.

وأخرج منه قوله: "كل معروف صدقة" البخاري (6021)، وابن حبان (3379) من طريق أبي غسان محمد بن مطرّف، وأحمد 23/ (14709)، والترمذي (1970) من طريق المنكدر بن محمد بن المنكدر، كلاهما عن محمد بن المنكدر، به. لكن زاد المنكدر في روايته:"وإنَّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طَلْق، وأن تُفرغ من دلوك في إناء أخيك". وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وقد صحَّ قوله: "وما أنفق الرجل على نفسه وأهله كتب له صدقة" من وجه آخر عن جابر بن عبد الله عند مسلم (997) بلفظ: "ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن =

ص: 253

هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه ليس من شَرْط هذا الكتاب:

= أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا".

وله شاهد من حديث أبي مسعود عند أحمد 28/ (17082)، والبخاري (55)، ومسلم (1002).

وآخر من حديث المقدام بن معدي كرب عند ابن ماجه (2138)، وإسناده حسن.

وثالث من حديث سعد بن أبي وقاص عند البخاري (56)، ومسلم (1628).

ولقوله: "وما وَقَى به الرجلُ عِرضَه كتب له به صدقة" شاهد من حديث أبي هريرة، عند حمزة بن يوسف السهمي في "تاريخ جرجان"(356)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 155، بلفظ:"ذُبُّوا عن أعراضكم بأموالكم" قالوا: وكيف نَذُبُّ عن أعراضنا بأموالنا؟ قال: "تُعطون الشاعرَ ومَن تخافون لسانَه".

وآخر من مرسل عبد الله بن أبي بكر بن حزم ومرسل موسى بن عقبة عند البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 179 - 183 في توزيع غنائم حنين، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال عن عباس بن مرداس السلمي، وقال شعرًا يُعاتب فيه النبي صلى الله عليه وسلم:"اقطعوا عني لسانه"، فزادوه حتى رضي، فكان ذلك قطع لسانه.

ومعنى قوله: "وما أنفق المؤمن من نفقة فإنَّ خَلَفَها على الله"، في قول الله عزَّ شأنه:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} .

وقوله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: يا ابن آدم أَنفِقْ أُنفِقْ عليك". أخرجه البخاري (4684)، ومسلم (993)، واللفظ له من حديث أبي هريرة.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم يُصبح العباد فيه إلّا ملكان ينزلون، فيقول أحدهما: اللهم أعط مُنفِقًا خَلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تَلَفًا" أخرجه البخاري (1442)، ومسلم (1010) من حديث أبي هريرة أيضًا.

وقوله: "إلّا ما كان في بنيان" له شاهد من حديث خباب بن الأرت عند ابن ماجه (4163)، والترمذي (2483)، وابن حبّان (3243) بلفظ:"إنَّ العبد ليؤجر في نفقته كلها إلّا في التراب" أو قال: "في البناء". هذا لفظ ابن ماجه وقال الترمذي: حسن صحيح. قلنا: لكن بعضهم يوقفه على خبّاب بن الأرت، وهو إن كان كذلك فمثله لا يقال بالرأي قطعًا.

وشاهد آخر من حديث أنس بن مالك عند أبي داود (5237)، وابن ماجه (4161)، بلفظ:"كل بناء وَبَالٌ على صاحبه، إلّا ما لا إلّا ما لا" يعني ما لا بدَّ منه. هذا لفظ أبي داود، وإسناده حسن، ونحوه عند أحمد 21/ (13301).

ص: 254

2343 -

حدَّثَناه أبو علي الحُسين بن محمد الصَّغَاني بمَرْو، حدثنا يحيى بن ساسَوَيهِ بن

(1)

عبد الكريم، حدثنا حامد بن آدم، حدثنا أبو عِصْمة، عن عبد الرحمن بن بُدَيل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنِ استطاع منكم أن يَقِيَ دِينَه وعِرضَه بمالِه فليَفعَلْ"

(2)

.

2344 -

أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدان بن المَرْزُبان

(3)

الجَلّاب بهَمَذان، حدثنا عبد الله بن الحسين المِصِّيصي، حدثنا عفّان، حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصُّلحُ بين المسلمين جائز"

(4)

.

(1)

تحرَّف في (ب) إلى: عن. وقد تقدم اسم يحيى بن ساسويه عند المصنف كذلك مقيدًا بابن عبد الكريم برقم (286) من روايته عن سويد بن نصر، وليحيى بن ساسويه رواية عن حامد بن آدم مباشرة، كما في "أنساب السمعاني" نسبة (التلياني)، وكذلك له رواية معروفة عن سويد بن نصر، كما وقع في عدة أحاديث. وإنما ذكرنا ذلك لئلا يُتوهَّم أن الصواب فيه في الموضعين: عن عبد الكريم، بذريعة أنَّ ليحيى بن ساسويه رواية معروفة عن عبد الكريم السُّكَّري، كما جاء في عدة أحاديث عند المصنف وعند البيهقي، وإنما استبعدنا ذلك بقرينة أخرى، وهي أنه ليس في شيء من تلك الأحاديث رواية لعبد الكريم السكري عن حامد بن آدم ولا عن سويد بن نصر، والله ولي التوفيق.

(2)

إسناده واهٍ بمرة، بل موضوع، فإنَّ حامد بن آدم وأبا عصمة - وهو نوح بن أبي مريم، كلاهما متهم بالكذب في الحديث، وقال الحافظ: أخطأ الحاكم بتخريجه حديثَه في "مستدركه".

(3)

وقع في (ز) و (ص) و (ع): حمدان المَرْزبان، بإسقاط لفظة "بن"، وإنما المعروف في كتب التراجم: حمدان بن المَرْزُبان، كما وقع في (ب)، وقد جاء منسوبًا كذلك في غير موضع من كتب البيهقي في رواياته عن أبي عبد الله الحاكم.

(4)

إسناده صحيح كما قال الدارقطني فيما نقله عنه ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود" 5/ 214، وعبد الله بن الحسين المِصيصي هذا أحد شيوخ أبي عوانة في "صحيحه"، وأكثرَ عنه الطبراني، ووثقه الحاكم هنا، وقال الذهبي في "السير" 13/ 307: كان صاحبَ رحلةٍ وفَضْلٍ. قلنا: وأساء ابن حبان القول فيه جدًّا حيث قال: يقلب الأخبار ويسرقها، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.

وأخرجه الدارقطني (2891) عن أبي عبد الله الفارسي، عن عبد الله بن الحسين المِصِّيصي، بهذا الإسناد. =

ص: 255

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وهو معروف بعبد الله بن الحسين المصيصي، وهو ثقة.

2345 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن أبي فُدَيك [عن ابن أبي ذئبٍ]

(1)

حدثني أبو المُعتمِر، عن عُمر

(2)

بن خَلَدة الزُّرَقي - وكان قاضيَ المدينة - قال: جئنا أبا هُريرةَ في صاحبٍ لنا قد أَفلَسَ، فقال: هذا الذي قضى فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أيُّما رجلٍ ماتَ أو أَفلَسَ، فصاحبُ المَتاعِ أحقُّ بمَتاعِه، إذا وجدَه بعَينِه"

(3)

.

= وقد تقدَّم بإسناد آخر عن أبي هريرة برقم (2340).

(1)

سقط ابن أبي ذئب من النسخ الخطية، واستدركناه من رواية البيهقي عن الحاكم في "السنن الصغرى"(2047)، وجميع من روى هذا الحديث عن ابن عبد الحَكَم أثبته، وكذلك أثبته كل من روى هذا الحديث عن ابن أبي فُدَيك كالشافعي ودُحيم، بل إنَّ مدار هذا الإسناد عند من روى الحديث على ابن أبي ذئب.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عمرو، وإنما هو عُمر، وليس هو عمرو بن سُليم بن خَلَدة الزُّرَقي، فذاك أكبر من عُمر بن خَلَدة، ولم يكن ذاك قاضيًا أيضًا، إنما القاضي عُمر بن خلدة، وجاء على الصواب في "السنن الصغرى" للبيهقي، ولم يُصب في "معرفة السنن والآثار" (11825) بعد تخريجه الحديث عن غير الحاكم حيث قال: ابن خَلَدة: هو عُمر بن خلدة، ويقال: عَمرو، وعُمر أصحُّ. قلنا: لعله ظنهما واحدًا.

(3)

صحيح دون قوله: "مات" وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي المعتمر - وهو ابن عمرو بن رافع. قال الطحاوي في "شرح المشكل" بإثر (4610): لا يُعرف ولا يُدرى من هو. ابن أبي فُديك: هو محمد بن إسماعيل، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة.

وأخرجه ابن ماجه (2360) عن إبراهيم بن المنذر الحزامي وعبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، كلاهما عن ابن أبي فديك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (3523) من طريق أبي داود الطيالسي، عن ابن أبي ذئب، به.

وأخرجه دون ذكر الموت: أحمد 12/ (7124)، والبخاري (2402)، ومسلم (1559)، وأبو داود (3519)، وابن ماجه (2358)، والترمذي (1262)، والنسائي (6228) و (6229)، وابن حبان (5036) و (5037) من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، =

ص: 256

هذا حديث عالٍ صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.

2346 -

حدثنا أبو الوليد الفقيه، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب ويحيى بن محمد بن صاعِد، قالا: حدثنا عبد الله بن عمران العابِدي، حدثنا سفيان بن عُيينة، عن زياد بن سعد، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ، له غُنْمُه وعليه غُرْمُه"

(1)

.

= وأحمد 14/ (8566)، ومسلم (1559) من طريق بشير بن نَهيك، ومسلم (1559) من طريق عراك بن مالك، ثلاثتهم عن أبي هريرة.

وقال الخطابي في "معالم السنن" 3/ 157: هذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال بها كثير من أهل العلم، وقد قضى بها عثمان رضي الله عنه، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولا يُعلم لهما مخالف في الصحابة.

(1)

رجاله لا بأس بهم، إلّا أنه اختُلف فيه على الزُّهْري في وصله وإرساله، واختُلف فيه على سفيان بن عيينة أيضًا، فلم يرفعه عنه إلّا عبد الله بن عمران العابدي وإسحاق بن الطبّاع، وأرسله غيرهما، كما سيأتي بيانه، ومع ذلك حسَّن الدارقطني في "سننه"(2920) إسناد رواية العابدي هذه! لكنه صوَّب في "العلل"(1694) إرسال الحديث، وممَّن صحَّح وصله ابن حبان، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 430، وابن العربي في "العارضة" 6/ 11، وعبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 3/ 279، لكن الصحيح أنه مرسل كما جزم به الدارقطني في "العلل"، وسبقه إلى تصحيح الإرسال أبو داود والبزار، وإذا صحَّ ذلك فهو من مراسيل سعيد بن المسيّب، وهو من أقوى المراسيل عند أهل العلم.

وأخرجه ابن حبان (5934) من طريق إسحاق بن عيسى بن الطبّاع، عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وخالف ابنَ الطبّاع وعبدَ الله بن عمران العابدي، كلٌّ من الحُميدي وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم عند أبي بكر النيسابوري في "زياداته على مختصر المزني"(281) و (282)، فروياه عن سفيان بن عيينة، عن الزُّهْري عن سعيد بن المسيب مرسلًا. قال البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 40: وهو المحفوظ عن سفيان بن عيينة عن زياد.

وأخرجه ابن ماجه (2441) عن محمد بن حميد الرازي، عن إبراهيم بن المختار، عن إسحاق بن راشد، عن الزُّهْري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، فوصله أيضًا، لكن محمد بن حميد وشيخه إبراهيم بن المختار ضعيفان، وإسحاق بن راشد في حديثه عن الزُّهْري أوهام. =

ص: 257

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه لخلافٍ فيه على أصحاب الزُّهْري، وقد تابع مالكٌ وابنُ أبي ذئب وسليمانُ بن أبي داود الحَرَّاني ومحمدُ بن الوليد الزُّبيدي ومعمرُ بن راشد على هذه الروايةِ.

أما حديثُ مالكٍ:

2347 -

فحدَّثَناه أبو علي وأبو محمد المَرَاغِي، قالا: حدثنا علي بن عبد الحميد الغَضائري بحلب، حدثنا مُجاهِد بن موسى، حدثنا [مَعْن بن عيسى]

(1)

عن مالك بن أنس، عن الزُّهْري، فذكره بإسناده نحوه

(2)

.

= وقد وصله عن الزُّهْري جماعة سيذكرهم المصنف، لكن في الأسانيد إليهم اختلاف كما سيأتي بيانه في مواضعه، وأنَّ الصحيح عنهم في تلك الروايات الإرسال.

وانظر ما سيأتي برقم (2378).

قوله: "لا يَغْلَق الرّهنُ" أي: لا يَستحقه المُرتَهِن - يعني الدائن - إذا لم يَرُدّ الراهِنُ - أي: المَدِين - ما رَهَنه فيه، يعني في الوقت المشروط. قال أبو عبيد: وكان هذا من فعل الجاهلية، فأبطله النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"لا يَغْلَق الرهنُ".

وقوله: "له غُنْمه وعليه غُرمه" معناه: أنَّ زيادة الرهن ونماءه وفضل قيمته للراهن، أي: للمدين المالك لهذا الرهن، وعلى المرتهن - أي: الدائن - ضمانه إن هلك، فالغُنم: الفائدة، والغُرم: إقامة العوض.

(1)

ما بين معقوفين وقع محلَّه بياض في النسخ الخطية، وأثبتناه من "إتحاف المهرة"(18651)، ومن مصادر تخريج الحديث التي خرَّجته من هذه الطريق.

(2)

رجاله ثقات، لكن اختُلف فيه على الزُّهْري في وصله وإرساله، واختُلف فيه أيضًا على مالك، قال ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 425: رواه مرسلًا كل من روى "الموطأ" عن مالك فيما علمتُ إلّا معن بن عيسى، فإنه وصله، فجعله عن سعيد عن أبي هريرة، ومعنٌ ثقة، وقال الدارقطني في "العلل" 9/ (1694): المرسل هو الصواب عن مالك.

ثم ذكر ابن عبد البر 6/ 427 عن شيخه خلف بن قاسم أنه رواه عن شيوخه عن زيد بن الحباب وعن محمد بن كثير المصيصي، كلاهما عن مالك، موصولًا كذلك.

ثم أسنده ابن عبد البر 6/ 428 عن أحمد بن إبراهيم (ويقال في اسمه: محمد بن إبراهيم) بن أبي سكينة الحلبي، عن مالك، موصولًا أيضًا. =

ص: 258

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلنا: فهؤلاء من غير رواة "الموطأ" قد رووه عن مالك، فوصلوه، لكن لا يسلم شيء منها من مقال كما سيأتي بيانه.

وأخرجه أبو أحمد الحاكم في "عوالي مالك"(58)، وأبو بكر بن المقرئ في "غرائب مالك"(12)، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 425 و 426 من طرق عن علي بن عبد الحميد الغضائري، بهذا الإسناد.

وابن عبد البر 6/ 426 من طريق أبي بكر بن جعفر، عن مجاهد بن موسى، به.

وأخرجه أبو الحسين بن المظفر في "غرائب مالك"(92)، وابن جُميع الصيداوي في "معجمه" ص 210 - 211، وأبو القاسم الحنائي في "الحنائيات"(62)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 7/ 101، والذهبي في "معجم الشيوخ" 1/ 423 من طريق أحمد بن بكر البالسي، عن محمد بن كثير المِصِّيصي، عن مالك به، موصولًا. وأحمد بن بكر وشيخه محمد بن كثير ضعيفان.

والظاهر أنَّ رواية زيد بن الحباب التي طوى ابنُ عبد البر الإسنادَ إليها من طريق أحمد بن بكر البالسي أيضًا، فإنَّ له روايةً عن زيد بن الحباب، كما في كتب التراجم، ولم نقف عليها مُخرَّجةً عند أحمد ممن تقدم ابنَ عبد البر، والله تعالى أعلم.

وأخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 4/ 488، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 428 من طريق محمد بن المبارك الأنباري، عن أحمد بن إبراهيم بن أبي سكينة الحلبي، عن مالك، به موصولًا. ومحمد بن المبارك الأنماري ترجم له الخطيب في "تاريخه" عند هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وقد روى عنه هذا الحديث رجلان، وجاء في "اللسان" في ترجمة ابن أبي سكينة أنَّ الدارقطني والخطيب ذكرا أنَّ محمد بن المبارك الصُّوري روى عن ابن أبي سكينة، فإذا صحَّ ذلك فيجوز أن يكون الصُّوري قد دخل الأنبار، والصوري ثقة معروف.

لكن خالف محمدَ بنَ المبارك هذا سعيدُ بنُ عبد العزيز الحلبي، ثم الدمشقي، عند أبي الحسين عبد الوهاب بن الحسن الكلابي في "جزء من حديثه"(15)، فرواه عن ابن أبي سُكينة، عن مالك، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيب، مرسلًا، وهذا هو الموافق لجماعة رواة "الموطأ"، فهو الصواب في رواية ابن أبي سُكينة، والله أعلم.

وهو في "موطأ مالك" برواية يحيى الليثي 2/ 728، وبرواية أبي مصعب الزُّهْري (2957)، وبرواية محمد بن الحسين (848)، وبرواية سويد بن سعيد الحدثاني (297) عن سعيد بن المسيب مرسلًا، مختصرًا بلفظ:"لا يَغْلَق الرَّهنُ".

وكذلك أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 100، وأبو بكر النيسابوري في "زياداته على مختصر المزني"(280) من طريق عبد الله بن وهب، وأبو داود في "المراسيل" كما في أصل خطيّ =

ص: 259

وأما حديث ابن أبي ذِئب:

2348 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عوف بن سفيان الطائي، حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، حدثنا إسماعيل بن عيّاش، عن ابن أبي ذِئب، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَغْلَقُ الرهنُ، لِصاحِبِه غُنْمُه، وعليه غُرْمُه"

(1)

.

= عندنا منه برواية الحسين بن بكر الوراق عن أبي علي اللؤلؤي ورقة (7) من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، وأبو أحمد الحاكم في "عوالي مالك"(57)، وأبو الحسين الكلابي في "جزئه"(12)، وعنه أبو القاسم الحِنّائي في "الحنائيات"(59) من طريق أبي نُعيم عبيد بن هشام الحلبي، وابن المظفر في "غرائب مالك"(93) من طريق عبد الرحمن بن القاسم، أربعتهم عن مالك، به مرسلًا أيضًا. ولفظ ابن وهب وابن القاسم والقعنبي مختصر بلفظ:"لا يَغْلَق الرهنُ"، ولفظ أبي نعيم بطوله.

(1)

رجاله لا بأس بهم، إلّا أنَّ إسماعيل بن عياش مُخلِّط في روايته عن الحجازيين، وابن أبي ذئب - وهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة - مدنيٌّ، على أنَّ بقية بن الوليد والمعافى بن عمرانَ الحمصي قد روياه عن إسماعيل بن عياش فأدخلا بينه وبين ابن أبي ذئب رجلًا، وهو عباد بن كثير الرملي، وعباد هذا ضعيف الحديث، فيصير إسناد المصنف هنا منقطعًا، وقد جزم بانقطاعه ابنُ عبد البر في "التمهيد" 6/ 429، والمعافى بن عمران صدوق حسن الحديث ووافقه بقية بن الوليد.

وقد رواه غير إسماعيل بن عياش عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد مرسلًا، وهو المحفوظ، وفاقًا لأكثر الرواة عند الزُّهْري، كما تقدم بيانه برقم (2346).

وأخرجه البيهقي 6/ 39 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (2921) عن أبي محمد يحيى بن محمد بن صاعد، عن محمد بن عوف، به.

وأخرجه الدارقطني في "السنن"(2924)، وفي "العلل"(1694) وتمام الرازي في "فوائده" 72 - وفي طبعة الدوسري (697) من طريقين عن عبد الله بن عبد الجبار الخبائري، عن إسماعيل بن عياش، به.

وأخرجه الدارقطني في "العلل"(1694) من طريق المعافى بن عمران، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 428 من طريق بقية بن الوليد، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن عباد بن كثير، عن =

ص: 260

وقد قيل: عن ابن أبي ذِئب، عن الزُّهْري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة:

2349 -

أخبرَناه أبو علي الحافظ، حدثنا محمد بن إبراهيم الرازي، حدثنا عبد الله بن نصر الأصم، حدثنا شَبَابة، حدثنا ابن أبي ذِئب، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيّب وأبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَغْلَقُ الرهنُ، الرهنُ لمن رَهَنه، له غُنْمُه، وعليه غُرْمُه"

(1)

.

= ابن أبي ذئب، به. فزادا في الإسناد عباد بن كثير - وهو الرملي - وهو ضعيف. وسيأتي هذا الحديث بعده موصولًا أيضًا من رواية شبابة بن سوّار عن ابن أبي ذئب، لكن في الطريق إليه ضعف شديد، وخالف في ذلك جماعةُ أصحاب ابن أبي ذئب الثقاتُ، فرووه عنه مرسلًا:

فأخرجه الشافعي في "الأم" 4/ 383، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 39، وفي "الصغرى"(2034)، وفي "معرفة السنن والآثار"(11743) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فُديك، وعبد الرزاق في "مصنفه"(15034) عن سفيان الثَّوري، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 7/ 187 عن وكيع بن الجرّاح، وأبو داود في "المراسيل"(187) عن أحمد بن عبد الله بن يونس، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 100 من طريق عبد الله بن وهب، خمستهم عن ابن أبي ذئب، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيب، مرسلًا. زاد الدارقطني في "العلل"(1694) وهيب بن خالد وعبد الله بن نمير ممن رواه عن ابن ذئب مرسلًا.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، محمد بن إبراهيم الرازي يغلب على ظنّنا أنه ابن زياد الطيالسي، فقد روى عنه غير واحد من شيوخ الحاكم، وهو متروك الحديث واتهمه الدارقطني والخطيب بوضع الحديث وسرقته، وقال أبو أحمد الحاكم: حدَّث عن ناس لم يدركهم. قلنا: وهذا هو الظاهر هنا، فقد روى هذا الحديث قاسم بن أصبغ عند ابن حزم في "المحلى" 8/ 99 وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 430 عنه، فأدخل بينه وبين عبد الله بن نصر الأصم واسطةً فقال: حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثني يحيى بن أبي طالب الأنطاكي (والصواب يحيى بن طالب) وجماعة من أهل الثقة، قالوا: حدثنا عبد الله بن نصر الأصم الأنطاكي. ويحيى بن طالب المذكور له ترجمة في "تاريخ دمشق"، روى عنه جمع، ولم يؤثر فيه جرح ولا تعديل.

وقد تابعه في روايته عن عبد الله بن نصر الأنطاكي: عبد العزيز بن سليمان والفضلُ بن سليمان الأنطاكيان عند ابن عدي في "الكامل" 4/ 230، وهما في عداد المجاهيل، على أنَّ ابن عدي قد ترجم لرجل سماه الفضل بن محمد بن عبد الله بن الحارث بن سليمان الباهلي الأنطاكي، وقال: أحد =

ص: 261

وأما حديث سليمان بن أبي داود:

2350 -

فحدَّثَناه الحُسين بن علي، حدثنا أبو الطَّيِّب محمد بن جعفر الدِّيباجي ببغداد، حدثنا محمد بن خالد بن يزيد الراسبي، حدثنا أبو مَيسرة أحمد بن عبد الله بن ميسرة الحَرّاني، حدثنا سليمان بن أبي داود، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَغْلَقُ الرَّهنُ حتى يكون لك غُنْمه، وعليك غُرْمُه"

(1)

.

وأما حديث محمد بن الوليد الزُّبيدي:

2351 -

فحدَّثَناه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا عبد الله بن محمد الإسفراييني، حدثنا عِمران بن بَكّار، حدثنا عبد الله بن عبد الجبّار، حدثنا إسماعيل

= من كتبنا عنه بأنطاكية واتهمه بسرقة الحديث، فلعله يكون هو الثاني.

وعبد الله بن نصر الأنطاكي المذكور أنكر له ابن عدي عدة أحاديث، منها هذا الحديث، وقال عنه أبو عبد الهادي في "التنقيح" 4/ 19: ليس بذلك المعتمد، ونحوه قول الذهبي في "التنقيح" 2/ 107، وقال عنه في "المغني": منكر الحديث. قلنا: ومن وجوه نكارة حديثه أنه قرن في روايته هذه بسعيد بن المسيب أبا سلمة بن عبد الرحمن، وهذا لا يُعرف إلّا من روايته كما نبَّه عليه ابن عدي في "الكامل"، على أنه لم يرو هذا الحديثَ عن شبابة - وهو ابن سوّار - غيره، ثم إنَّ المحفوظ في رواية ابن أبي ذئب إرسال الحديثَ كما بيناه سابقًا.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، أبو ميسرة: أحمد بن عبد الله بن ميسرة ضعيف جدًّا واتهمه ابن حبان وابن عدي بسرقة الحديث، وسليمان بن أبي داود - ويقال: ابن داود هو الحَرّاني، كما قيده الحاكم لدى إجماله ذكر متابعات هذا الحديث بإثر الرواية (2346)، وجاء عند من خرَّج الحديث غير الحاكم تقييده بالرَّقّي، والخطب فيه هين، فحران قريبة من الرقة، وهما من أهم مدن الجزيرة، ويجوز أن يكون هو سليمان بن داود الجزري، كما قال الحافظ، لأنها طبقته، وإذا صحَّ ذلك فهو ضعيف الحديث أيضًا، والله تعالى أعلم. وقد روى هذا الحديث عن الزُّهْري غيرُه، لكن اختلف عليه في وصله وإرساله، كما تقدَّم.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 1/ 176، والدارقطني في "سننه"(2922) من طريق محمد بن خالد بن يزيد الراسبي، بهذا الإسناد.

ص: 262

ابن عيّاش، حدثنا الزُّبيدي، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَغْلَقُ الرهنُ، له غُنمُه، وعليه غُرمُه"

(1)

.

وأما حديث معمر بن راشد:

2352 -

فحدَّثَناه أبو بكر محمد بن عبد الله الحَفِيد، حدثنا موسى بن زكريا التُّستَري، حدثنا محمد بن يزيد الرَّوّاس، حدثنا كُدَير

(2)

أبو يحيى، حدثنا معمر، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَغلَقُ الرهنُ، لك غُنمُه وعليك غُرمُه"

(3)

.

(1)

رجاله لا بأس بهم، وإسماعيل بن عياش وإن كان قويًا في روايته عن أهل بلده، والزُّبيدي من أهل بلده، قد اختُلف عليه في رواية هذا الحديث، فأكثر من رواه عنه ذكروا فيه ابن أبي ذئب، بدل محمد بن الوليد الزُّبيدي، كما تقدم برقم (2348)، وكذلك قال عبد الله بن عبد الجبار - وهو الخبائري - من طريقين عنه، كما قدمنا هناك، فالظاهر أنَّ الخبائري أخطأ في روايته هنا بذكر الزُّبيدي. وهذا معنى ما ذكره الدارقطني في "الغرائب" كما في "أطرافه" لابن طاهر المقدسي (5033)، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 430، وإذا ثبت ذلك رجع حديث إسماعيل بن عياش إلى روايته عن ابن أبي ذئب، وهي منقطعة كما تقدَّم، لأنه إنما سمعه من عباد بن كثير الرملي عن ابن أبي ذئب، وعباد ضعيف الحديث، والله تعالى أعلم.

وأخرجه الدارقطني (2923)، وتمام الرازي في "فوائده"(71) من طريقين عن عمران بن الكَلاعي، بهذا الإسناد.

(2)

في النسخ الخطية: أبو كريد، بإقحام لفظة "أبو"، وبالراء ثم الدال، وما أثبتناه هو الصواب الموافق لما ضُبط في "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 4/ 1960، و"الإكمال" لابن ماكولا 7/ 129، وكذلك وقع مسمًّى في المصادر التي خرجت الحديث من هذه الطريق.

(3)

إسناده ضعيف جدًّا، موسى بن زكريا التُّستَري متروك الحديث، وكُدير أبو يحيى مجهول، وقد روى البزار هذا الحديث عن محمد بن يزيد الروّاس، فتبقى جهالة كُدير أبي يحيى، إلّا أنه لم ينفرد به، فقد تابعه أبو جزيّ نصر بن طريف، لكن لا يُفرح بمتابعته فإنه متروك، بل اتهمه بعضهم بوضع الحديث.

وقد أشار ابن عديّ في "الكامل" 7/ 34 إلى أنَّ أحمد بن عبدة الضبي قد رواه أيضًا عن يزيد بن زُريع عن معمر، وهؤلاء ثقات، لكن طوى ابن عدي إسناده إلى أحمد بن عَبْدة، ولم نقف عليه مخرَّجًا، =

ص: 263

2353 -

أخبرني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا الحَسَن بن علي بن شَبيب المَعْمَري، حدثنا محمد بن سُليمان المِصِّيصي، حدثنا أبو هَمَّام محمد بن الزِّبْرِقان، حدثنا أبو حيّان التَّيمي، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقولُ الله: أنا ثالثُ الشَّرِيكَينِ ما لم يخُنْ أحدُهما صاحِبَه، فإذا خانَ خرجتُ من بينِهما"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2354 -

حدثنا أبو أحمد إسحاق بن محمد بن خالد الهاشمي بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزة، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا حنظلة بن أبي سفيان،

= فلم نتبين درجة هذه المتابعة.

وعلي أي حالٍ فقد روى هذا الحديث عن معمر غيرُ هؤلاء فأرسلوه، وهو المحفوظ، وفاقًا لأكثر رواته عن الزُّهْري، كما مضى بيانه برقم (2346)، ولهذا قال ابن عدي: الأصل فيه مرسل، ليس في إسناده أبي هريرة.

وأخرجه الدارقطني (2925) عن محمد بن أحمد بن زيد الحِنّائي، عن موسى بن زكريا، به.

وأخرجه البزار في "مسنده"(7741) عن محمد بن يزيد بن الروّاس، به.

وأخرجه عبد الرزاق (15033)، ومن طريقه أبو بكر النَّيسابُوري في "الزيادات على مختصر المزني"(283)، والدارقطني (2926)، وأخرجه أبو داود في "المراسيل"(186)، ومن طريقه البيهقي 6/ 40 من طريق محمد بن ثور، كلاهما (عبد الرزاق ومحمد بن ثور) عن معمر، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيب مرسلًا.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة والد أبي حيان التيمي - واسم أبي حيان: يحيى بن سعيد بن حيان - وبذلك أعله ابن القطان في "بيان الوهم" 4/ 490، وأعله الدارقطني في "العلل"(2084) بعلة أخرى، وهي أنَّ جرير بن عبد الحميد وغيره قد خالفوا فيه محمد بن الزبرقان، فأرسلوه، قال: وهو الصواب.

وأخرجه أبو داود (3383) عن محمد بن سليمان المِصِّيصي، بهذا الإسناد.

ورواية جرير بن عبد الحميد التي أشار إليها الدارقطني أخرجها في "سننه"(1934)، لكن الراوي عنه فيها أبو ميسرة أحمد بن عبد الله بن ميسرة النهاوندي، وهو متروك الحديث.

ص: 264

قال: سمعت سالم بن عبد الله يحدِّث عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن وَهَبَ هِبةً، فهو أحقُّ بها، ما لم يُثَبْ مِنها"

(1)

.

(1)

رجاله لا بأس بهم، إلّا أنَّ عُبيد الله بن موسى قد غلط في إسناده كما قال البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(12380)، وذلك لأنَّه جعله عن عبد الله بن عمر بن الخطاب مرفوعًا، وإنما هو عن عبد الله بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب من قوله غير مرفوع، وهذا الذي جزم به الدارقطني والبيهقي وابن عبد الهادي، وقال البخاري في "تاريخه" 1/ 271: هذا أصحُّ.

وخالفهم جماعة فصححوه مرفوعًا، منهم غيرُ المصنف: ابنُ حزم وابنُ القطّان الفاسي وابنُ التركماني.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(180) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني في "السنن"(2969)، وفي "العلل"(108)، ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق"(1628) عن أبي علي إسماعيل بن محمد الصفار، عن علي بن سهل بن المغيرة، عن عبيد الله بن موسى، به.

وأخرجه سحنون في "المدونة" 4/ 414، والبيهقي 6/ 181 من طريق عبد الله بن وهب، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 81 من طريق مكي بن إبراهيم، كلاهما عن حنظلة بن أبي سفيان، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن جده موقوفًا عليه.

وأخرجه ابنُ حزم 9/ 128، والبيهقي 6/ 181، من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سالم، عن أبيه، عن جده عمر بن الخطاب قال: من وَهَبَ هبةً فلم يُثَب فهو أحقُّ بهبته إلّا لذي رحمٍ.

وأخرج ابن أبي شيبة 6/ 474، وابن ماجه (2387)، والدارقطني (2970) من طريق وكيع بن الجراح، والدارقطني (2972)، والبيهقي 6/ 181 من طريق عُبيد الله بن موسى، والدارقطني (2971) من طريق جعفر بن عون، ثلاثتهم عن إبراهيم بن إسماعيل بن مُجمِّع، عن عمرو بن دينار، عن أبي هريرة رفعه. كذا خالف فيه إبراهيمُ بنُ إسماعيل الثقةَ الحافظَ سفيانَ بنَ عيينة! فالقول ما قال سفيان.

وقد روي عن عمر بن الخطاب من عدة وجوه صحاح تخصيص عُموم ما ورد في رواية حنظلة بن أبي سفيان، ومن ذلك رواية عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله بن عمر التي قدمناها، ففيها قال عمر بن الخطاب: إلّا لذي رحمٍ.

ويُوضِّحه ما رواه الأسود بن يزيد النخعي عن عمر بن الخطاب، قال: من وهب هبةً لذي رحمٍ، =

ص: 265

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، إلّا أن يكون الحَمْلُ فيه على شَيخِنا.

2355 -

حدثنا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن المنصورِ أميرِ المؤمنين ببغداد في دار الخِلافة، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الهاشمي، حدثنا عبد الله بن جعفر الرَّقِّي، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن حماد، عن قَتَادة، عن الحسن، عن سَمُرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا كانت الهِبةُ لِذي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، لم يُرجَعْ فيها"

(1)

.

= فهي جائزة، ومن وهب هبةً لغير ذي رحم فهو أحق بها، ما لم يُثَب منها. أخرجه ابن أبي شيبة 6/ 472، وابن المنذر في "الأوسط"(8839)، والطحاوي 4/ 81.

ونحوه عن أبي غطفان بن طريف، عن مروان بن الحكم، عن عمر، قال: من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه الصدقة، فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يُرى أنه إنما أراد بها الثواب، فهو على هبته يرجع فيها إن لم يُرْضَ منها. أخرجه مالك في "الموطأ" برواية أبي مصعب (2947)، ورواية محمد بن الحسن (805)، ورواية سويد بن سعيد (294)، وكذلك رواه الشافعي في "الأم" 8/ 644 عن مالك، وكذلك رواه ابن وهب عن مالك عند الطحاوي 4/ 81، والبيهقي 6/ 182، وكذلك يحيى القطان رواه عن مالك عند مُسدَّد في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(1492). وإنما عدّدنا طرقه عن مالك لأنَّ يحيى الليثي أسقط من روايته 2/ 754 ذكر مروان بن الحكم، فانقطع الإسناد.

وروى نحو ذلك أيضًا سعيد بن المسيب عن عمر - ومرسَلُه عن عمر بن الخطاب حجة كما ذهب إليه الجهابذة من المحدثين وعدُّوه كالموصول - قال: من وهب هبةً يرجو ثوابها فهي ردٌّ على صاحبها أو يُثاب عليها، ومن أعطى في حقٍّ أو قرابةٍ أجزنا عطيّته. أخرجه عبد الرزاق (16519) وابن المنذر في "الأوسط"(8838).

فيُحمل ما ورد في عموم رواية حنظلة في قول عمر على ما خُصِّص به في الروايات الأخرى الصحيحة عنه، ولا يُعارَض بذلك عندئذٍ مذهبُه مع ما ثبت من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجوع في الهبة وتمثيله ذلك بالكلب يقيء ثم يعود في قيئه، مما رواه غير واحدٍ من الصحابة، كحديث ابن عباس عند البخاري (2589) ومسلم (1622)، والله أعلم بالصواب.

(1)

رجاله ثقات عن آخرهم، وسماع الحسن - وهو البصري - من سمرة بن جندب في الجملة صحيح عندنا كما بيناه عند الحديث السالف برقم (151)، إلا أن ابن عبد الهادي والذهبي =

ص: 266

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2356 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي الجَوهَري ببغداد، حدثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدَّوْرَقي، حدثنا عبد العزيز بن يحيى المَديني، حدثنا مسلم بن خالد الزَّنْجي، عن محمد بن علي بن يزيد بن رُكَانة، عن داود بن الحُصَين، عن عِكرمة، عن ابن عباس قال: لما أرادَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُخرِج بني النَّضِير، قالوا: يا رسول الله، إنك أمرتَ بإخراجِنا ولنا على الناس ديونٌ لم تَحِلَّ، قال:"ضَعُوا وتَعَجّلُوا"

(1)

.

= أنكرا هذا الحديث في كتابيهما "تنقيح التحقيق" مع اعترافهما بثقة رجاله، قال ابن عبد الهادي: وهو أنكر ما روي عن الحسن عن سَمُرة، والله أعلم. وقال البيهقي في "السنن" 6/ 181: لم نكتبه إلَّا بهذا الإسناد وليس بالقوي؛ كذا قال، ولعلّه ظن ما ظنه ابنُ الجوزي في "التحقيق"، من أنَّ عبد الله بن جعفر الذي جاء مطلقًا في روايتهما هو المديني والد علي، وهو ضعيف، لكن الصحيح أنه الرّقي، كما جاء مقيّدًا عند الحاكم، وهو ثقة.

وأخرجه الدارقطني (2973)، والبيهقي 6/ 181 من طريق أبي علي إسماعيل بن محمد الصفار، عن عبد العزيز بن عبد الله الهاشمي، بهذا الإسناد. وقال الدارقطني: انفرد به عبد الله بن جعفر.

وقد صحَّ معنى هذا الحديث من مذهب عمر بن الخطاب الذي قدمنا ذكره بطرقه عند الحديث السابق، والذي نصَّ فيه على أنَّ الهبة لذي الرحم جائزة لا يُرجع فيها.

وظاهر هذا الحديث يعارض حديث ابن عباس وابن عمر السالف برقم (2329) مرفوعًا بلفظ: "لا يحل للرجل أن يُعطي العطية فيرجعَ فيها، إلّا الوالد فيما يُعطي ولده، ومثل الذي يعطي العطية فيرجع فيها كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء، ثم رجع في قيئه"، فهذا الحديث يدلُّ على النهي عن الرجوع في الهبة عمومًا سواء كانت لذي رحم أو غيره إلَّا الوالد لولده، وهو ما ذهب إليه الجمهور. وانظر "فتح الباري" 8/ 272، و"نيل الأوطار" 6/ 15.

والرحم المحرم، بفتح الميم والراء مخففة، أو بضم الميم وتشديد الراء: من يحرم نكاحه رجلًا كان أو امرأة.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، عبد العزيز بن يحيى المديني متروك الحديث، واتهمه البخاري بوضع الحديث، وابن عَدي بسرقته، ولكنه لم ينفرد به فقد روي من غير طريقه عن مسلم بن خالد =

ص: 267

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الزّنْجي، ومسلم الزّنْجي ضعيف الحديث، وقد اضطرب في إسناد الحديث كما قال الدارقطني في "سننه" بإثر (2983).

وقد خالفه ابنُ جُرَيج فرواه عن محمد بن علي بن يزيد بن ركانة عن محمد بن عمر بن علي مرسلًا، ورواه ابن جُرَيج أيضًا عن محمد بن علي بن يزيد بن ركانة عن داود بن الحصين عن ابن الأشهل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر أبو حاتم كما في "العلل" لابنه (1134) أنَّ ابن جُرَيج رواه أيضًا عن ابن رُكانة عن عكرمة مرسلًا، لكننا لم نقف عليه من هذه الطريق عند غيره، وعليه يكون محمد بن علي بن يزيد بن ركانة قد اضطرب فيه أيضًا، وابن ركانة هذا لم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وتساهل ابنُ القيم في تحسينه إسناد هذا الحديث في "أحكام أهل الذمة" 3/ 187.

وأخرجه البيهقي 6/ 28 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (2983) عن محمد بن عبيد الله بن محمد بن العلاء، عن عبد الله بن أحمد الدَّورقي، به.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4277)، والطبراني في "الأوسط"(6755) من طريقين عن هشام بن عمار، والبيهقي 6/ 28 من طريق الحكم بن موسى، كلاهما عن مسلم بن خالد الزنجي، به. غير أنه في رواية الطبراني سمَّى ابنَ رُكانة عليَّ بن يزيد بن ركانة.

وأخرجه العُقيلي في "الضعفاء"(1212)، والطبراني في "الأوسط"(817)، والدارقطني (2980) و (2981) من طريق عُبيد الله بن عمر القواريري، عن مسلم بن خالد الزنجي، عن علي بن محمد - وعند العُقيلي: علي بن أبي محمد - عن عكرمة، عن ابن عباس، فأسقط من إسناده داودَ بنَ الحُصين، وقلب اسمَ ابنِ رُكانة إلى علي بن محمد.

وأخرجه الدارقطني (2982) من طريق عفيف بن سالم، عن مسلم بن خالد، عن داود بن الحصين به. فأسقط من إسناده ابن ركانة.

وأخرجه ابن أبي عمر العدني في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (1441)، و"إتحاف الخيرة المهرة" للبوصيري (2940) عن هشام بن سليمان، عن ابن جُرَيج، عن محمد بن علي بن يزيد بن ركانة، عن محمد بن عمر بن علي، مرسلًا

قال ابن جُرَيج: وأخبرني بمثل ذلك عن داود بن الحصين عن ابن عبد الأشهل؛ كذا عند البُوصيري، وعند ابن حجر: وأُخبرت بمثل ذلك عن داود بن الحصين عن أبي عبد الله الأشهلي. وأبو عبد الله الأشهلي: هو واقد بن عمرو بن سعد، وهو تابعي، فالحديث من طريقه مرسلٌ أيضًا. وإذا صحَّ ما وقع عند ابن حجر يكون في الإسناد أيضًا بين ابن جُرَيج وداود بن الحصين رجلٌ مبهم. =

ص: 268

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2357 -

حدثنا أبو الوليد الفقيه، حدثنا جعفر بن أحمد الشاماتي، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد، حدثنا عبد الله بن نُمَير، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مُهاجر، عن أبيه، عن عبد الله بن باباهُ، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مكّةُ مُناخٌ، لا تُباعُ رِباعُها، ولا تُؤَاجَرُ بيوتُها"

(1)

.

= وقد صحَّ عن ابن عباس من فتواه أنه كان لا يرى بأسًا أن يقول: عجِّل لي وأضعُ عنك. أخرجه عنه عبد الرزاق (14360)، وابن المنذر في "الأوسط"(8413)، والطحاوي في "مشكل الآثار" 11/ 61، والبيهقي 6/ 28.

وصحَّ عن ابن عمر وزيد بن ثابت القول بخلاف ذلك، كما أخرجه عنهما عبد الرزاق (14355) و (14359)، وابن المنذر في "الأوسط"(8409 - 8412)، والطحاوي 11/ 61 - 63، والبيهقي 6/ 28.

(1)

إسناده ضعيف لضعف إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر وأبوه ضعيف أيضًا لكنه أحسن حالًا من ابنه. وقد خالف إسماعيلَ في إسناده شريكُ بنُ عبد الله النخعي، وهو حسن الحديث إن شاء الله، فرواه عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد مرسلًا، وهذا أصح، فقد رواه كذلك الأعمش عن مجاهد كما سيأتي.

وأخرجه الدارقطني (3018)، والبيهقي 6/ 35 من طريقين عن أحمد بن محمد بن يحيى القطان، بهذا الإسناد.

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(2046)، وابن المنذر في "الأوسط"(6326)، والعقيلي في "الضعفاء"(86)، وابن عدي في "الكامل" 1/ 287 من طريقين عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، به.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 48، والطبراني في "الكبير"(14316)، وابن عدي في "الكامل" 1/ 287 من طريق عبد الرحيم بن سليمان، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن أبيه، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، فذكر مجاهدًا بدل عبد الله بن باباه.

وأخرجه أبو عُبيد القاسم بن سُليم في "الأموال"(162)، وأبو بكر بن أبي شيبة في "المصنف"(14899 و 14910 - عوامة)، وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 49 من طريق ابن الأصبهاني، ثلاثتهم (أبو عبيد وابن أبي شيبة وابن الأصبهاني) عن شريك النخعي، عن إبراهيم =

ص: 269

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وشاهِدُه حديثُ أبي حنيفة الذي:

2358 -

حدَّثناه علي بن حَمْشاذَ العَدْلُ وأبو جعفر بن عُبيد الحافظ، قالا: حدثنا محمد بن المغيرة السُّكّري، حدثنا القاسم بن الحكَم العُرَني، حدثنا أبو حَنيفة، عن عُبيد الله بن أبي زياد، عن أبي

(1)

نَجِيح، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مكةُ حَرامٌ، وحَرامٌ بَيعُ رِباعِها، وحَرامٌ أجرُ بيوتها"

(2)

.

= ابن مهاجر، عن مجاهد. قال أبو عبيد في روايته: أراه رفعه، وجعله الآخران من قول مجاهد، لكنهما ذكراه بلفظ: لا يحل بيعُ رباعها ولا إجارة بيوتها.

وممّا يؤيد رفعه أنَّ الأعمش رواه عن مجاهد، مرفوعًا مرسلًا. أخرجه أبو عبيد (161)، وابن أبي شيبة (14898) و (14911)، وابن زنجويه في "الأموال"(243)، والفاكهي في "أخبار مكة"(2053)، والبلاذري في "فتوح البلدان" ص 51، وابن الجوزي في "التحقيق في مسائل الخلاف"(1465) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، عن الأعمش. ورواية الأعمش عن مجاهد فيها مقال عند أهل العلم.

وله طريق آخر مرفوع عن عبد الله بن عمرو سيأتي بعده. إلَّا أنَّ فيه مقالًا.

والمُناخ، بضم الميم: موضع الإناخة، يعني نزول الإبل.

والرِّباع: جمع رَبْع، وهو المنزل والمَحَلّة.

(1)

وقع في (ع) ونسخة في (ص): ابن أبي نجيح، بإقحام لفظة "ابن"، وإنما هو هنا أبو نجيح يسار المكي، وليس ابنه عبد الله.

(2)

إسناده ضعيف، عُبيد الله بن أبي زياد - وهو المكي القداح - مختلف فيه، وهو إلى الضعف أقرب، وقد اختُلف عليه في رفعه ووقفه، وفي لفظه أيضًا، فرواه عنه الإمام أبو حنيفة مرفوعًا بهذا اللفظ المذكور عند المصنف، موافقًا في ذلك مرسل مجاهد بن جبر المكي الذي قدمنا ذِكرَه عند الطريق التي قبله.

ورواه عنه أبو حنيفة أيضًا مرفوعًا بلفظ: "من أكل أجور بيوت مكة، فإنما يأكلها نارًا"، وتابع أبا حنيفة عليه كذلك أيمنُ بنُ نابل في رواية عنه.

وخالفهما وكيع بن الجراح ومسلم بن خالد الزنجي وعبيد الله بن موسى العبسي وعيسى بن يونس السبيعي ومحمد بن ربيعة الكلابي، فرووه عن عبيد الله بن أبي زياد، باللفظ الثاني، لكن =

ص: 270

قد صحّتِ الرواياتُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة صلحًا.

فمنها:

2359 -

ما حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا محمد بن الفضل عارِمٌ وهُدْبة بن خالد، قالا: حدثنا سلّام بن مِسكين، عن ثابت، عن عبد الله بن رَبَاح، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سارَ إلى مكةَ لِيفتَحَها قال لأبي هُريرة:"اهتِفْ بالأنصار"، فقال: يا معشرَ الأنصار، أجِيبُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فجاؤوا

= موقوفًا على عبد الله بن عمرو بن العاص، ووافقهم أيمن بن نابل في رواية أخرى عنه.

وأخرجه البيهقي 6/ 35 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (3014)، وأبو نعيم في "مسند أبي حنيفة" 1/ 181 من طرق عن القاسم بن الحكم، به.

وأخرجه أبو يوسف في "الآثار"(544) عن أبي حنيفة، وأخرجه الدارقطني (3015) من طريق محمد بن الحسن الشَّيباني، عن أبي حنيفة، به. لكن وقع عند الدارقطني في روايته: عن عبيد الله بن أبي يزيد، بدل ابن أبي زياد، ونسب الوهم فيه لأبي حنيفة، ولا يُسلّم ذلك للدارقطني، لما تقدم من رواية أبي يوسف والقاسم بن الحكم عنه على الصواب.

وأخرجه باللفظ الثاني محمد بن الحسن في "الآثار" كما في "نصب الراية" للزيلعي 4/ 296، ومن طريقه أخرجه الدارقطني (3015)، وأخرجه السهمي في "تاريخ جرجان"(412) من طريق عُبيد الله بن موسى العبسي، كلاهما (محمد بن الحسن وعبيد الله) عن أبي حنيفة، به مرفوعًا.

وأخرجه باللفظ الثاني أيضًا الدارقطني (2787) من طريق أيمن بن نابل، عن عبيد الله بن أبي زياد، به مرفوعًا.

وأخرجه أيضًا أبو عبيد في "الأموال"(163) عن وكيع بن الجراح، وابن أبي شيبة (14903 - عوامة)، وابن زنجويه في "الأموال"(245)، والدارقطني (3016)، والبيهقي 6/ 35 من طريق عيسى بن يونس، وابن المنذر في "الأوسط"(6323) من طريق عُبيد الله بن موسى العبسي، والأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 163 من طريق مسلم بن خالد الزنجي، والدارقطني (3017) من طريق محمد بن ربيعة الكلابي، خمستهم عن عبيد الله بن أبي زياد، به موقوفًا على عبد الله بن عمرو بن العاص.

ووافقهم أيمن بن نابل في رواية أخرى عنه عند الفاكهي في "أخبار مكة"(2051)، فهذا هو المحفوظ عن عبيد الله بن أبي زياد؛ أنه بهذا اللفظ عن عبد الله بن عمرو موقوفًا، والله أعلم.

ص: 271

كأنما كانوا على مِيعادٍ، ثم قال:"اسلُكوا هذا الطريقَ، ولا يُشْرِفَنَّ لكم أحدٌ إِلَّا أَنَمْتُمُوه"، فسارَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ففتَحَها اللهُ عليه، فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيتِ، فصلى ركعتين، ثم خرج من الباب الذي يلي الصفا، فصَعِد الصفا، فخَطَب الناسَ، والأنصارُ أسفلَ منه، فقالتِ الأنصارُ بعضُهم لبعضٍ: أمّا الرجلُ فأخذَتْه الرأفةُ بقومه، والرغبةُ في قريته، وأنزل الله الوحيَ بما قالتِ الأنصارُ، فقال:"يا معشرَ الأنصار، تقولون: أمّا الرجل أخذته رأفةٌ بقومِه، ورغبةٌ في قريتِه"، قال:"فمَن أنا إذًا، كلَّا والله، إني عبدُ الله ورسولُه حقًّا، فالمَحْيا محياكُم، والمَماتُ مماتُكُم"، قالوا: والله يا رسول الله ما قلنا ذلك إلّا مخافةَ أن يُعادُّونا، قال:"أنتم صادِقون عند اللهِ وعند رسولِه"، قال: فوالله ما منهم إلَّا مَن بلَّ نحرَه بالدُّموع

(1)

.

ومنها:

2360 -

ما حدثنا أبو أحمد محمد بن محمد بن إسحاق العَدْل الصفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن نَصْر، حدثنا عمرو بن طلحة القَنّاد، حدثنا أسباطُ بن نَصْر، عن السُّدِّي، عن مُصعب بن سَعْد، عن أبيه، قال: لما كان يومُ فتحِ مكةَ أَمَّنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الناسَ إِلَّا

(1)

إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البناني.

وأخرجه أبو داود (1871) و (3024)، والنسائي (11234) من طريقين عن سلّام بن مسكين، بهذا الإسناد. وروايتا أبي داود مختصرتان.

وأخرجه مسلم (1780)، وأبو داود (1872)، والنسائي (11234)، وابن حبان (4760) من طريق سليمان بن المغيرة، ومسلم (1780) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن ثابت البناني، به.

ورواية أبي داود مختصرة.

قوله: "لا يُشرِفَنّ" أي: لا يَطْلُعَنَّ.

وقوله: "أنمتموه" أي: قَتَلْتُموه.

وقوله: "يُعادُّونا" بتشديد الدال المضمومة، من التعادّ، وهو المساهمة والتزايد والتكاثر فيما يُعادُّ من المكارم وغير ذلك، والمعنى: مخافة أن يُساهمونا فيك فيزدادوا علينا بزيادة صلة القرابة بينك وبينهم، فيكون لهم الفضل الزائد علينا بالقرابة، فتمكث عندهم.

ص: 272

أربعةَ نَفَرٍ وامرأتين، وقال:"اقتُلُوهم وإن وجدتموهم مُتعلِّقين بأستارِ الكعبة"؛ عِكْرمةُ بن أبي جهل، وعبدُ الله بن خَطَلٍ، ومِقْيَسُ بن صُبَابة، وعبد الله بن سَعْد بن أبي سَرْحٍ

(1)

.

2361 -

حدثنا علي بن عيسى الحِيرِي، حدثنا محمد بن إسحاق بن خُزيمة، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دِينار، حدثنا زيد بن أسلم، قال: رأيتُ شيخًا بالإسكندرية يقال له: سُرَّقٌ، فقلتُ له: ما هذا الاسمُ؟ قال: اسمٌ سمّانِيهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ولن أدَعَه، قلتُ: ولمَ سَمّاك؟ قال: قدمتُ المدينةَ فأخبرتهم أنَّ أموالي [تَقدَمُ] فبايَعُوني

(2)

، واستَهلَكْتُ أموالهم، فأتَوْا بي النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"أنت سُرَّقٌ"، وباعَني بأربعةِ أبعِرَةٍ، فقال الغُرَماءُ للذين

(3)

اشتَرَوني: ما تَصنَعُون به؟ قالوا: نُعتِقُه، قالوا: فلسنا بأزهدَ في الآخرة منكم

(4)

، فأعتَقُوني بينَهم، وبقي اسمي

(5)

.

(1)

إسناده حسن، السُّدِّي - وهو إسماعيل بن عبد الرحمن - وأسباط بن نصر صدوقان.

وأخرجه أبو داود (2683)، والنسائي (3516) من طريق أحمد بن المفضّل، عن أسباط بن نصر، بهذا الإسناد.

(2)

في النسخ الخطية: أنَّ موالي باعوني، وهو خطأ، وما أثبتناه هو الموافق لما في رواية البيهقي عن الحاكم وغيره ممَّن رواه.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: فقال للغرماء الذين. فأوهم ذلك أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم هو من خاطب الغُرماء بذلك، ولا يستقيم ذلك مع لحاق الكلام، الذي يفيد أنَّ الغرماء هم الذين خاطبوا من أراد أن يشتري سُرَّقًا، وعلى ذلك جاءت الرواية عند سائر من خرَّج الحديث.

(4)

وقع في النسخ الخطية: منك. بصيغة المفرد، وهو خطأ، لأنَّ سياق الكلام يأباه، فالمخاطَبون الذين أرادوا شراء سُرَّقٍ جماعةٌ، كذا عند المصنف، وهو بخلاف ما وقع في "سنن البيهقي الكبرى" 6/ 50 عن أبي عبد الله الحاكم، عن أبي الوليد الفقيه وعن علي بن عيسى الحيري، كلاهما عن ابن خزيمة، حيث جاء فيه: قال الغرماء للذي اشتراني: ما تصنع به؟ قال: أُعتقه، قالوا: فلسنا بأزهد في الأجر منك. فيستقيم حينئذٍ ضمير الإفراد.

(5)

ضعيف لاضطراب إسناده، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ليس بذاك القوي وعنده =

ص: 273

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ما يُنكر وقد خولف في إسناده كما سيأتي.

وأخرجه البيهقي 6/ 50 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (3027)، والبيهقي 6/ 50 من طريقين عن ابن خزيمة، به.

وأخرجه أبو بكر الرُّوياني في "مسنده"(1487) عن محمد بن بشار، به.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1875)، وفي "شرح معاني الآثار" 4/ 157، وابن عدي في "الكامل" 4/ 299 من طريق إبراهيم بن مرزوق، وابن عبد الحَكَم في "فتوح مصر والمغرب" ص 544 عن محمد بن عبد الجبار - وهو المخزومي - والذهبي في "تذكرة الحفاظ" 3/ 77 من طريق محمد بن المثنى، ثلاثتهم عن عبد الصمد بن عبد الوارث، به.

وقد خالف هؤلاء الأربعةَ أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي كما سيأتي عند المصنف برقم (7239)، فقال: عن عبد الصمد، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن البيلماني، عن سُرَّق. فزاد فيه ابن البيلماني، وهو ضعيف.

ورواه كذلك مسلم بن خالد الزنجي عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 9/ 509 (وتحرَّف اسم مسلم في المطبوع منه إلى: هشام)، وابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه الكبير"(1056)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2648)، وأبي القاسم البَغَوي في "معجم الصحابة"(1207)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1876)، وفي "شرح معاني الآثار" 4/ 157، وأبي جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص 261، والطبراني في "المعجم الكبير"(6716)، والدارقطني (3025)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(3667)، حيث رواه عن زيد بن أسلم، عن ابن البيلماني، عن سُرَّق. ومسلم بن خالد فيه ضعف.

ورواه عن زيد بن أسلم ابناهُ عبدُ الرحمن وعبدُ الله، عند الدارقطني (3026)، فلم يذكرا فيه ابن البيلماني. وفيهما ضعف أيضًا.

وأخرج نحوه مختصرًا الطبراني في "الكبير" 22/ (745) من طريق ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن أبي عبد الرحمن القيني: أنّ سرق اشترى

وإسناده ضعيف.

وعلى فرض ثبوت هذا الخبر، فقد قال الطحاوي: الحكم الذي في هذا الحديث قد كان في أول الإسلام على ما في هذا الحديث وعمل به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، إذ كان في شريعة مَن كان قبله من الأنبياء صلوات الله عليهم. ثم قال: فاستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان من شريعته اتباع شرائع النبيين الذين كانوا قبله حتى يُحدث الله في شريعته ما نسخ ذلك، فلم يزل كذلك حتى أنزل الله عز وجل عليه ما نسخ به ذلك الحكم، وهو قوله عز وجل في آية الربا:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} . =

ص: 274

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2362 -

حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل، من أصل كتابه غيرَ مرة، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا شعبة، عن الحَكَم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عليّ، قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سَبْيٌ، فأمرني ببيع أخوَين، فبعتُهما وفَرّقتُ بينهما، ثم أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه، فقال:"أدرِكْهُما فارتجِعهما، وبِعْهُما جميعًا ولا تُفرّقْ بينَهما"

(1)

.

= وقال البيهقي: وفي إجماع العلماء على خلافه - وهم لا يُجمعون على ترك رواية ثابتة - دليل على ضعفه، أو نسخه إن كان ثابتًا، وبالله التوفيق.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه اختُلف فيه على عبد الوهاب بن عطاء، فرواه يحيى بن أبي طالب وإسماعيل بن أبي الحارث البغدادي ومحمد بن الوليد الفحام وعلي بن سهل البغدادي ومحمد بن الجهم السِّمَّري، كلهم عن عبد الوهاب، عن شعبة، عن الحكم: وهو ابن عُتيبة.

وخالفهم أحمد بن حنبل والحسن بن محمد الزعفراني، فروياه عن عبد الوهاب عن سعيد بن أبي عَروبة، فذكرا سعيد بن أبي عروبة بدل شعبة، لكن زاد أحمد في روايته بين سعيد والحكم رجلًا مبهمًا.

وقد رواه محمد بن جعفر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن الحكم، فوافق رواية الزعفراني عن عبد الوهاب.

ورواه محمد بن سواء، عن ابن أبي عروبة، عن رجل، عن الحكم، فوافق رواية أحمد عن عبد الوهاب، فالظاهر أنَّ الحديث محفوظ عن شعبة وسعيد بن أبي عروبة، لكن الصحيح في رواية ابن أبي عَروبة زيادة رجل بينه وبين الحكم، كما وقع في رواية أحمد بن حنبل ومحمد بن سواء، ويؤيده أنَّ سعيدًا لم يسمع من الحكم فيما قاله أبو حاتم والنسائي وغيرهما، فالاعتماد في هذا الحديث على رواية شعبة دون رواية ابن أبي عَروبة، كما قال ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 396، ووافقه ابن الملقِّن في "البدر المنير" 6/ 523.

وقد وافق شعبةَ على روايته زيدُ بنُ أبي أُنيسة، فرواه عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي بن أبي طالب. وقوّى إسناده ابنُ عبد الهادي في "التنقيح" 4/ 97، وجوَّده ابن الملقن في "البدر المنير". =

ص: 275

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وخالف شعبةَ وابنَ أبي عَروبة وزيدَ بنَ أبي أُنيسة فيه الحجاجُ بنُ أرطاة، فرواه عن الحكم، عن ميمون بن أبي شبيب، عن علي بن أبي طالب. والحجاج فيه ضعف، وهو مدلس وعنعنه.

وخالف الحجاجَ في متنه يزيدُ بنُ عبد الرحمن الدالاني كما سيأتي بعده، فرواه عن الحكم، عن ميمون بن أبي شَبيب، عن علي بن أبي طالب: أنه فرّق بين جارية وولدها، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. ويزيد الدالاني أقوى من الحجاج بن أرطاة وأوثق، فهذا هو المحفوظ في رواية ميمون بن أبي شبيب، كما أشار إليه البيهقيُّ 9/ 127، وابنُ عبد الهادي في "التنقيح" 4/ 99. فتحصل من ذلك أنهما حديثان عن علي بن أبي طالب: أحدهما من رواية الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه في قصة التفريق بين الأخوين، والآخر من رواية الحكم عن ميمون بن أبي شَبيب عن علي بن أبي طالب في قصة التفريق بين جارية وولدها.

وهذا ما يفيده كلام المصنف حيث جعلهما متنَين مختلفين، وكذلك هو معنى كلام البيهقي حين فاضل بين رواية الحجاج بن أرطاة ورواية أبي خالد الدالاني، وهو ظاهر صنيع المزي في "الأطراف"، ووافقه ابن التركماني في "الجوهر النقي" 9/ 127.

وقال الدارقطني في "العلل"(401): لا يمتنع أن يكون الحكم سمعه منهما جميعًا، فرواه مرة عن هذا، ومرة عن هذا، والله أعلم.

قلنا: لكن ميمونًا لم يسمع عليًا، كما قال أبو حاتم وأبو داود وابن خِراش.

وأخرجه الضياء في "المختارة" 2/ (652) من طريق خيثمة بن سليمان، عن يحيى بن أبي طالب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني في "السنن"(3040)، وفي "العلل"(401) من طريق إسماعيل بن أبي الحارث، والدارقطني في "العلل"(401) من طريق محمد بن الوليد الفحام، والبيهقي 9/ 127 من طريق محمد بن الجهم السِّمَّري، ثلاثتهم عن عبد الوهاب، به. وذكر الدارقطني أنَّ علي بن سهل البغدادي قد رواه عن عبد الوهاب كذلك.

وأخرجه أبو علي الحسن بن علي الطوسي في "مختصر الأحكام"(1191)، والبيهقي 9/ 127 من طريق الحسن بن محمد الزعفراني، عن عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن الحكم، به. فذكر سعيدًا بدل شعبة.

وكذلك أخرجه أحمد 2/ (1045) عن عبد الوهاب، عن سعيد بن أبي عروبة، لكنه زاد: عن رجل عن الحكم.

وقد رواه محمد بن جعفر عند أحمد 2/ (760) عن سعيد بن أبي عروبة، عن الحكم، فلم يذكر الواسطة، فوافق رواية الزعفراني عند عبد الوهاب بن عطاء. =

ص: 276

هذا حديث غريب

(1)

صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد قيل: عن الحَكَم عن ميمون بن أبي شَبِيب عن علي، وهو صحيح أيضًا:

2363 -

أخبرَناه عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا عبد المؤمن بن علي الرازي، حدثنا عبد السلام بن حَرْب، عن يزيد بن عبد الرحمن أبي خالد الدَّالاني، عن الحَكَم، عن ميمون بن أبي شَبِيب، عن علي بن أبي طالب: أنه باعَ جاريةً وولدَها، ففرَّق بينَهما، فنهاهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك

(2)

.

= ورواه محمد بن سواء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن رجل، عن الحكم، فذكر الواسطة، فوافق رواية أحمد بن عبد الوهاب بن عطاء. ورواية محمد بن سواء هذه عند إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "نصب الراية" للزيلعي 4/ 26، وعند البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 127. والصحيح روايةُ من زاد الواسطة.

وأخرجه ابن الجارود (575)، والضياء (653) من طريق زيد بن أبي أُنيسة، عن الحكم، به.

وخالفهم الحجاج بن أرطاة في إسناده ومتنه، فرواه عن الحكم عن ميمون بن أبي شبيب، عن علي، فذكر ميمونًا بدل عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو خطأ في هذا الحديث. وقد أخرجه من طريقه أحمد 2/ (800)، وابن ماجه (2249)، والترمذي (1284).

والصحيح في رواية ميمون بن أبي شبيب عن علي ما رواه يزيد بن عبد الرحمن الدالاني عن الحكم، بلفظ مغاير، كما سيأتي في الرواية التالية.

وسيتكرر هذا الحديث برقم (2606).

(1)

لفظة "غريب" ليست في (ز).

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه، لأنَّ ميمون بن أبي شبيب لم يسمع عليًا كما قال أبو حاتم وأبو داود وابن خِراش والخطابي، وقد خالف يزيدَ بنَ عبد الرحمن الدالاني في متنه حجاجُ بن أرطاة، فرواه بلفظ رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي السابقة، وهو خطأ من الحجاج، والدالاني أقوى منه، قال البيهقي 9/ 127: كذا رواه الحجاج، والحجاج لا يحتج به، وحديث أبي خالد الدالاني عن الحكم أولى أن يكون محفوظًا لكثرة شواهده، والله أعلم. وقال ابن عبد الهادي في "التنقيح" 4/ 99: يزيد بن عبد الرحمن صدوق، وهو أقوى من الحجاج.

وأخرجه أبو داود (2696) من طريق إسحاق بن منصور، عن عبد السلام بن حرب، بهذا الإسناد. =

ص: 277

هذا متن آخر بإسناد صحيح.

2364 -

حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن ناجِية، حدثنا عبد الرحمن بن يونس السَّرّاج، حدثنا أبو بكر بن عيّاش، عن سليمان التيمي، عن طُلَيق بن محمد، عن عِمران بن حُصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَلعُونٌ مَن فَرّقَ"

(1)

.

هذا إسناد صحيح، ولم يُخرجاه.

وتفسيرُه في حديث أبي أيوب الأنصاري الذي:

2365 -

أخبرَناه أبو النضر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني حُيَيّ بن عبد الله، عن عبد الله بن يزيد الحُبُلي، عن أبي أيوب الأنصاري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن فَرّق بين

= وسيأتي من طريق إسحاق بن منصور عن عبد السلام بن حرب برقم (2607).

(1)

إسناده ضعيف لضعف طُليق بن محمد - وهو ابن عمران بن حصين - فقد قال عنه الدارقطني: لا يحتج به، وقال ابن القطان: لا تُعرف حاله. قلنا: وقد اختُلف عليه أيضًا في إسناده كما بينه البخاري في "تاريخه" 4/ 359، والدارقطني في "العلل"(1301).

وأخرجه البيهقي 9/ 128 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني في "السنن"(3044) عن الحسين بن إسماعيل المحاملي، عن عبد الرحمن بن يونس السراج، به.

وأخرجه الطبراني في "الدعاء"(2114) من طريق عباد بن العوّام، وتمّام الرازي في "فوائده"(1087) من طريق زهير بن معاوية، كلاهما عن سليمان التيمي، به. إلّا أنَّ زهيرًا سمى شيخ سليمان التيمي عمران بن طُليق بن محمد.

وأخرجه سعيد بن منصور (2658) عن هُشَيم بن بَشير، قال: أخبرنا سليمان التيمي، عن طُليق بن محمد بن عمران، مرسلًا.

وخالف سليمانَ التيميَّ فيه إبراهيمُ بنُ إسماعيل بن مُجمِّع - وهو ضعيف - فرواه عن طليق بن عمران، عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، بلفظ: لعن رسول الله من فَرَّق بين الوالد وولده، وبين الأخ وأخيه. أخرجه ابن ماجه (2250).

ص: 278

والدةٍ وولدِها، فَرّق اللهُ بينه وبين أحبّتِه يومَ القيامة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2366 -

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن الخُراساني العدل ببغداد، حدثنا أحمد بن الهيثم العسكري، حدثنا عبد الله بن عمرو بن حسان، حدثنا سعيد بن عبد العزيز التَّنُوخِي، قال: سمعتُ مكحولًا يقول: حدثنا نافع بن محمود بن الربيع، عن أبيه، أنه سمع عُبادةَ بن الصامت يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُفرَّق بين الأم وولدِها، فقيل: يا رسول الله، إلى متى؟ قال:"حتى يَبْلُغَ الغُلامُ، وتَحِيضَ الجاريةُ"

(2)

.

(1)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف حُيَيّ بن عبد الله - وهو المَعَافري - لكنه متابع.

وأخرجه الترمذي (1283) و (1566) عن عمر بن حفص الشَّيباني، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن غريب. والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.

وأخرجه أحمد 38/ (23499) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن حيي بن عبد الله المعافري، به.

وقد تابع حُيَيَّ بنَ عبد الله عليه عبدُ الله بن جُنادة المعافري عن الدارمي (2522)، وعبد الله بن جنادة روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، فمثله حسن الحديث إن شاء الله.

(2)

إسناده واهٍ بمرة بل موضوع، من أجل عبد الله بن عمرو بن حسان - وهو الواقعي - فقد قال عنه ابن المديني: يضع الحديث، وكذّبه الدارقطني، وقال أبو زرعة: ليس بشيء ضعيف، كان لا يُصدَّق، وقال ابن عدي: هو إلى الضعف أقرب أحاديثه مقلوبة.

وقال الذهبي عن هذا الحديث في "مختصر المستدرك": موضوع. وقال ابن عبد الهادي في "التنقيح" 4/ 102: الأشبه أن يكون هذا الحديث موضوعًا.

وأخرجه البيهقي 9/ 128 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني (3049) من طريق أحمد بن الهيثم بن خالد، عن عبد الله بن عمرو بن حسان، به.

ويُغني عنه حديثُ سلمة بن الأكوع الآتي برقم (4382) في الحديث الطويل الذي أوله: أمّر علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فغزونا ناسًا من بني فزارة

وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشع من أدم =

ص: 279

هذا حديث صحيح الإسناد! ولم يُخرجاه.

2367 -

أخبرنا بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيرفي، حدثنا أَحْيَد بن الحسين البامِيَاني ببَلْخ، حدثنا أزهر بن سليمان

(1)

الكاتب، حدثنا إبراهيم بن طَهْمان.

وأخبرني عبد الله بن محمد بن حَمَّوَيهِ، حدثني أبي، حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله، حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن طَهْمان، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن أبي نَجِيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، أنه قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ خيبر عن بيع الغنائم حتى تُقسَم، وعن الحَبَالى أن يُوطَأنَ حتى يَضَعْنَ ما في بُطونهنَّ، وقال:"لا تَسْقِ زَرْعَ غيرِك"، وعن لحوم الحُمُر الأهليّة، وعن لحم كل ذي نابٍ من السِّباع

(2)

.

= معها ابنة لها من أحسن العرب، قال: فنفلني أبو بكر ابنتها. قال الحافظ في "التلخيص" 3/ 16: فيُستدل به على جواز التفريق، وبوّب عليه أبو داود: باب التفريق بين المدرِكات.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: سلمان.

(2)

إسناده صحيح من جهة عبد الله بن محمد بن حمّوية - وهو عبد الله بن محمد بن حمويه بن عباد أبو القاسم بن أبي بكر الطَّهماني - وأما أزهر بن سليمان في الإسناد الأول فقد ضعَّفه أبو الفتح الأزدي. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه النسائي (6196) عن أحمد بن حفص بن عبد الله بهذا الإسناد. دون ذكر لحوم الحمر الأهلية، ودون قوله:"لا تَسْقِ زرع غيرك".

لكن قد ثبت هذا الحرفان عند غير المصنف أيضًا كالطبراني في "الأوسط"(6981) والدارقطني (3051) من طريقين آخرين عن أحمد بن حفص بن عبد الله.

وأخرج مسلمٌ ذكر النهي عن لحوم الحمر الأهلية برقم (1939) من طريق عامر الشعبي، عن ابن عباس، قال: لا أدري إنما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أنه كان حَمُولةَ الناسِ، فكره أن تذهب حمولتهم، أو حرَّمه يوم خيبر: لحوم الحمر الأهلية.

وسيأتي عن ابن عباسٍ ما يخالف ذلك، وأنه أبَى أن يكون نُهِيَ عن لحوم الحمر الأهلية، برقم (3275) من طريق أبي الشعثاء جابر بن زيد عنه.

قال ابن القيم في "حاشيته على سنن أبي داود" 5/ 322: التحقيق أنَّ ابن عباس أباحها أولًا حيث =

ص: 280

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2368 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا محمد بن شاذان الجَوهَري، حدثنا مُعلَّى بن منصور، حدثنا عيسى بن يونس، عن سعيد، عن قَتَادة، عن سليمان اليَشكُري، عن جابر بن عبد الله، أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن كان له شَرِيكٌ في حائطٍ، فلا يَبِعْ نصِيبَه مِن ذلك حتى يَعرِضَه على شريكِه"

(1)

.

= لم يبلغه النهيُ، فسمع ذلك منه جماعةٌ، منهم أبو الشعثاء وغيره، فرووا ما سمعوه، ثم بلغه النهي عنها، فتوقف هل هو للتحريم أو لأجل كونها حَمُولة، فروى عنه ذلك الشعبي وغيره، ثم لما ناظَرَهُ عليُّ بن أبي طالب جزم بالتحريم، كما رواه عنه مجاهد.

وسيتكرر هذا الحديث من هذه الطريق الثانية وحدها برقم (2644).

وانظر ما تقدَّم برقم (2303) و (2304).

(1)

حديث صحيح، رجاله ثقات، وقتادة وإن لم يسمع من سليمان اليَشكُري - وهو ابن قيس - تلقَّى عنه صحيفةً كان سليمان كتبها عن جابر بن عبد الله، وكانت هذه الصحيفة مشهورة معروفة، وممن ذكرها أبو سفيان طلحة بن نافع وسليمان التيمي وهمام بن يحيى وشعبة وغيرهم كما في "جامع الترمذي"(1312)، و"مراسيل ابن أبي حاتم"(358) و (359)، و"الجرح والتعديل" له 4/ 136، و"الكفاية" للخطيب ص 354، و"شرح العلل" لابن رجب 2/ 853، وإذا عُلم ذلك فهي وِجَادة صحيحة، وهي لا تقتضي الانقطاع، وخصوصًا أنها كانت منتشرة بين عدد من جِلّة أهل البصرة كالحسن البصري وثابت البناني والجعد بن دينار وغيرهم، فلو كان مشكوكًا في صحتها لما رووها، والله تعالى أعلم. على أنَّ الحديث روي عن جابر من وجهين آخرين كما سيأتي. سعيد: هو ابن أبي عَروبة.

وأخرجه الترمذي (1312) عن علي بن خشرم، عن عيسى بن يونس، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 23/ (14854) عن عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، به.

وأخرجه بنحوه أحمد 22/ (14292)، ومسلم (1608)، وأبو داود (3513)، وابن ماجه (2492)، والنسائي (6197) و (6253)، وابن حبان (5178) من طريق أبي الزُّبَير، عن جابر بن عبد الله.

وأخرجه أحمد 22/ (14253) وأبو داود (3518)، وابن ماجه (2494)، والترمذي (1369)، والنسائي (6264) و (11714) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح، =

ص: 281

2369 -

أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب، حدثنا إسحاق بن أحمد الخَرَّاز بالرَّي، حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي، حدثنا المغيرة بن مُسلِم، عن يونس بن عُبيد، عن سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ اللهَ يحبُّ سَمْحَ البيعِ، سَمْحَ الشّراءِ، سَمْحَ القَضاءِ"

(1)

.

= عن جابر، بلفظ:"الجار أحق بشُفعة جارة، يُنتظَر بها، وإن كان غائبًا، إذا كان طريقُهما واحدًا".

وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وانظر كلامنا على هذه الرواية في تحقيقنا على "سنن أبي داود".

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه اختُلف فيه على يونس بن عبيد، كما بينه البخاري فيما سأله عنه الترمذي في "علله"(349)، وكذا فصّله الدارقطني في "العلل"(2048)، فمرة يُروى عنه، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، ومرة يُروى عنه عمَّن حدثه عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، والظاهر أنَّ هذا هو المحفوظ، فلا تُعرف ليونس رواية عن سعيد المقبري، وقد روى عدة أحاديث بواسطة رجلٍ من أهل المدينة، كان يسميه أحيانًا محمدًا، عن سعيد المقبري، كما في "علل الدارقطني"(4042) و (4119)، ومحمد هذا مختلف فيه، رجح ابن عدي أنه محمد بن يعقوب المديني، وقال عنه: بعض حديثه فيه إنكار. ويونس بن عبيد ذكره النسائي بالتدليس، فالظاهر أنه كان يدلس ذكر هذا الرجل المدني أحيانًا.

وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "حديث يونس بن عبيد"(85) من طريق إبراهيم بن طهمان، عن يونس بن عبيد، به.

وذكر البخاريُّ أنَّ إسماعيل ابن عُلَيَّة قد رواه كذلك عن يونس بن عبيد.

وذكر الدارقطني أنَّ هُشَيمًا رواه عن يونس، واختُلف عليه، فمرة يُروى عنه، عن يونس، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، ومرة يُروى عنه، عن يونس، عن رجل، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.

ثم ذكر أنَّ عبَّاد بن العوّام رواه عن يونس بن عبيد، عن رجل، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.

وروى أبو كريب محمد بن العلاء هذا الحديث عند الترمذي (1319) عن إسحاق بن سليمان الرازي، به. غير أنه ذكر الحسن البصري بدل سعيد المقبري. وقال الترمذي: غريب.

وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند البخاري (2076)، وابن ماجه (2203)، بلفظ:"رحم اللهُ رجلًا سَمْحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى"، زاد ابن حبان في روايته (4903):"سمحًا إذا قضى". =

ص: 282

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2370 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عارِمُ بن الفضل، حدثنا عبد العزيز بن محمد، أخبرني يزيد بن خُصَيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثَوبان، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا رأيتُم مَن يَبيعُ أو يَبتاعُ في المسجد، فقولُوا: لا أَرْبَحَ اللهُ تجارتَك، وإذا رأيتُم من يَنشُدُ ضالَّةً فيه، فقولوا: لا رَدَّ اللهُ عليك"

(1)

.

= وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد 11/ (6963)، بلفظ:"دخل رجل الجنة بسماحته، قاضيًا ومتقاضيًا"، وإسناده حسن.

وعن عثمان بن عفان نحوه من طرق أكثرها مرسل، عند أحمد 1/ (410) و (414) وغيره.

وانظر حديث أبي هريرة السالف برقم (440).

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه اختلف في وصله وإرساله عن يزيد بن خُصيفة - وهو يزيد بن عبد الله بن خُصيفة - فرواه عنه عبد العزيز بن محمد الدراوردي موصولًا كما وقع هنا عند المصنف، وخالفه عبّاد بن كثير الثقفي، فرواه عن يزيد بن خُصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن جدّه، ومرة رواه فلم يذكر جده، وعبادٌ ضعيف جدًّا.

وخالفهما سفيان الثَّوري ومحمد بن جعفر بن أبي كثير المدني، فروياه عن يزيد بن خُصيفة، عن ابن ثوبان، مرسلًا، وهو الصواب كما قال الدارقطني في "العلل"(1870).

وأخرجه الترمذي (1321) عن الحسن بن علي الخلّال، عن عارم - وهو لقب محمد بن الفضل السدوسي - بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن غريب.

وأخرجه النسائي (9933) من طريق علي بن المديني وابن حبان (1650) من طريق عبد الله بن محمد النُّفيلي، كلاهما عن عبد العزيز بن محمد، به.

وأخرجه البزار (8260) عن أحمد بن أبان القرشي، عن عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن خُصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، ولا أدري ذكره عن أبي هريرة أم لا، وقد رأيت من يذكره عن أبي هريرة، ولا أحفظه عن أبي هريرة قلنا: فهذا يؤيد الإرسال، كما سيأتي تخريجه.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1454)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(153)، وابن منده في "معرفة الصحابة" 1/ 362، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1418) من طريق محمد بن حِمْيَر =

ص: 283

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2371 -

أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل القارئ، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا أبو عمر الحَوضي، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مسلم بن جُبير، عن أبي سفيان، عن عبد الله بن عمرو: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرَه أن يجهِّزَ جيشًا، فنَفِدَتِ الإبل، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آخُذَ

= الحمصي، عن عبّاد بن كثير الثقفي، عن يزيد بن خُصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبيه، عن جده. وقال ابن منده: غريب لا يُعرف عنه إلّا من هذا الوجه.

وقال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 297 وأخرجه من طريق الطبراني: وقد رواه أبو خيثمة الجعفي - قلنا: هو زهير بن معاوية - عن عباد بن كثير، لكن لم يقل: عن جده. قال: والآفة فيه من عباد، وهو ضعيف جدًّا.

وأخرجه عبد الرزاق (1725)، والطبراني في "الدعاء"(1332) من طريق سفيان الثَّوري، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 31 عن محمد بن يحيى الكناني، عن محمد بن جعفر بن أبي كثير المدني، كلاهما عن يزيد بن خصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، مرسلًا. إلّا أنَّ سفيان الثَّوري قال في روايته: كان يقال: إذا نشد الناشدُ الضالة .. فذكره.

وأخرجه ابن شبة 1/ 31 عن محمد بن مخلد، عن محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن يزيد بن خصيفة ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، مرسلًا. ومحمد بن جعفر وإن كان لا يبعد سماعه من ابن ثوبان إلّا أنَّ رواية من رواه عن يزيد بن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان هي الصحيحة.

وقد روي النهي عن نِشدان الضالة عن أبي هريرة من وجه آخر صحيح، أخرجه أحمد 14/ (8588)، ومسلم (568)، وأبو داود (473)، وابن ماجه (767)، وابن حبان (1651) من طريق أبي عبد الله مولى شداد بن الهاد، عن أبي هريرة.

ويشهد لحديث أبي هريرة برمته حديثُ عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد 11/ (6676)، وأبي داود (1079)، وابن ماجه (766). وإسناده حسن، لكن اقتصر على ابن ماجه على ذكر نِشدان الضالة.

قوله: يَنْشُد، أي: يطلب.

والضالّة: الضائع من الحيوان، ويقال لغير الحيوان: ضائع ولُقَطَة.

ص: 284

من قَلائِص الصدقة، فكنت آخذ البعيرَ بالبعيرَين

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2372 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا عبد الله بن إسماعيل المُقرئ بصنعاء، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن جُوتِيّ، حدثنا عبد الملك بن عبد الرحمن الذِّمَاري، حدثنا سفيان الثَّوْري، حدثني معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عِكرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السَّلَف في الحيوان

(2)

.

(1)

حديث حسن، وهذا إسناد فيه ضعف واضطراب كما بيناه في "مسند أحمد" 11/ (6593).

وقد وقع في رواية أبي عمر الحوضي عند غير الحاكم بين أبي سفيان وبين عبد الله بن عمرو بن العاص رجل هو عمرو بن الحريش، وهو الصحيح، وابن الحريش هذا مجهول، لكن روي الحديث عن عبد الله بن عمرو من وجه آخر حسن. أبو عمر الحوضي: هو حفص بن عمر، وأبو سفيان: هو الجُرشي أو الحَرَشي، ولا يعرف اسمه.

وأخرجه أبو داود (3357) عن أبي عمر الحوضي حفص بن عمر، بهذا الإسناد. لكنه زاد بين أبي سفيان وبين عبد الله بن عمرو رجلًا هو عمرو بن الحريش.

وأخرجه أحمد 11/ (6593) من طريق جرير بن حازم، و (7025) من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عن أبي سفيان، عن مسلم بن جبير، عن عمرو بن الحريش، عن عبد الله بن عمرو. فأسقط من الإسناد يزيد بن أبي حبيب، وقدم أبا سفيان على مسلم بن جبير، وزاد ذكر عمرو بن الحريش.

وله طريق أخرى أخرجها الدارقطني (3052)، والبيهقي 5/ 287 - 288 عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو، وقواها الحافظُ في "الفتح" 7/ 263.

القلائص: الفَتيّة من الإبل.

وانظر لزامًا ما تقدم برقم (2282).

(2)

إسناده ضعيف لضعف ابن جُوتي، وجهالة عبد الله بن إسماعيل، وعبد الملك مختلَف فيه، وكان يخطئ في حديث سفيان الثَّوري كما قال أحمد بن حنبل، وقد رواه غيره عن سفيان بلفظ آخر كما سيأتي، وهو الصحيح.

وأخرجه الدارقطني (3059) عن محمد بن علي بن إسماعيل الأُبُليّ، عن عبد الله بن إسماعيل بن أحمد الصنعاني، بهذا الإسناد. =

ص: 285

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2373 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا الخَصِيب بن ناصِح، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَردي، عن موسى بن عُقبة، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بيع الكالئِ بالكالئِ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم

(2)

، ولم يُخرجاه.

= وأخرج ابن حبان (5028) من طريق أبي داود الحفري، عن سفيان الثَّوري، به. بلفظ: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة. وإسناده صحيح.

وكذلك رواه عن سفيان بهذا اللفظ أبو أحمد الزُّبَيري عند ابن المنذر في "الأوسط"(7938)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 60، والدارقطني (3058)، وغيرهم، وداود بن عبد الرحمن العطار عند ابن المنذر (7937) والطحاوي، وإبراهيم بن طهمان عند البيهقي 5/ 288.

(1)

إسناده ضعيف. وذكر موسى بن عقبة ونافع فيه وهمٌ، كما قال الدارقطني في "العلل"(3085)، وذكر أنَّ الصحيح عن موسى بن عبيدة: عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. قلنا: وموسى بن عبيدة: هو الرَّبَذي، وهو ضعيف. وقد تابعه إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي عند عبد الرزاق (14440)، وهو أشدّ ضعفًا، فلا يُعتدُّ بمتابعته. لكن مع ذلك فلا خلاف في النهي عن بيع الكالئ بالكالئ الذي هو بيع الدَّين بالدَّين، قال الإمام أحمد فيما حكاه عنه ابن حجر في "التلخيص" 3/ 26: إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دَين بدَين.

وأخرجه البيهقي 5/ 29 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني في "السنن"(3060)، والبيهقي 5/ 290 من طريق سليمان بن شعيب الكيساني، عن الخصيب بن ناصح، به. لكن وقع اسم موسى في رواية البيهقي مهملًا، وأنكر على الدارقطني تقييده في هذه الرواية بابن عقبة، محتجًّا عليه بأنَّ الذي في كتاب شيخه الذي روى هذا الحديث عنه عن سليمان بن شعيب بإهمال اسم موسى.

وأخرجه البيهقي 5/ 290 من طريق عبد الأعلى بن حماد، ومن طريق أبي مصعب الزُهْري، كلاهما عن عبد العزيز بن محمد، عن أبي عبد العزيز موسى بن عبيدة الربذي، عن نافع، عن ابن عمر.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 597 عن وكيع، عن موسى بن عُبيدة، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كره كالئًا بكالئٍ؛ يعني دَينًا بدين. هكذا رواه موقوفًا!

(2)

قال البيهقي: شيخنا أبو عبد الله - يعني الحاكم - قال في روايته: عن موسى بن عقبة، وهو =

ص: 286

وقيل: عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن دينار:

2374 -

حدَّثَناه أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا أبي، حدثنا المِقدام بن داود الرُّعَيني، حدثنا ذؤيب بن عِمامة، حدثنا حمزة بن عبد الواحد، عن موسى بن عُقبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن بيع الكالئِ بالكالئِ

(1)

.

سمعت الأستاذ أبا الوليد يقول: النهي عن بيع الكالئِ بالكالئ: هو النَّسيئة بالنَّسيئة.

2375 -

حدثنا أبو الوليد الفقيه، حدثنا أبو نُعيم الجُرجاني، حدثنا حماد بن الحسن بن عَنبَسة، حدثنا عُمر بن يونس بن القاسم، حدثنا أبي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المُحاقَلَة والمُخاضَرة والمُنابَذة

(2)

.

= خطأ. قلنا: وإذا ثبت أنه موسى بن عُبيدة الربذي وليس موسى بن عقبة، تعذر الحكم عليه بأنه على شرط مسلم.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه، لأنَّ الصحيح فيه ذكر موسى بن عبيدة الربذي لا موسى بن عقبة، كما قال الدارقطني في "العلل"(3085)، وموسى بن عبيدة ضعيف، وكذا المقدام بن داود الرُّعيني.

وأخرجه الدارقطني في "السنن"(3061)، والبيهقي 5/ 290 من طريق علي بن محمد المصري، عن مقدام بن داود، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 598 عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وأحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(1403) عن أبي سعد محمد بن ميسر الصغاني، وابن المنذر في "الأوسط"(7934)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(795)، و"معاني الآثار" 4/ 21 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، والبيهقي 5/ 290 من طريق عُبيد الله بن موسى، وأبو الفضل الزُّهْري في "حديثه"(577) من طريق أبي تُميلة يحيى بن واضح، والبيهقي 5/ 290 من طريق محمد بن عمر الواقدي، ومن طريق زيد بن الحُباب، كلهم عن موسى بن عُبيدة، به.

(2)

إسناده صحيح. أبو نعيم الجُرجاني: هو عبد الملك بن محمد بن عدي الحافظ. =

ص: 287

قال الأستاذ أبو الوليد: المخاضَرة أن لا يباعَ شيء منها حتى يحمرَّ أو يَصفرَّ.

هذا حديث صحيح الإسناد، وقد تفرَّد بإخراجه البخاري.

2376 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَردي، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضَرَرَ ولا إضْرارَ

(1)

، من ضارَّ ضارَّه اللهُ، ومن شاقَّ شاقَّ اللهُ عليه"

(2)

.

= وأخرجه البخاري (2207) عن إسحاق بن وهب، عن عمر بن يونس، بهذا الإسناد.

والمحاقلة: اشتراء الزرع بالحنطة، واستكراء الأرض بالحنطة، وكذا تطلق على بيع الزرع القائم بالحَبّ كيلًا.

والمنابذة: أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر ثوبه، ويكون ذلك بيعهما عن غير نظر ولا تراض. أو هي أن يقول: أنبذ ما معي وتنبذ ما معك، يشتري كلُّ واحدٍ منهما من الآخر، ولا يدري كل واحد منهما كم مع الآخر.

(1)

في (ع): ولا ضرار. وكلاهما صحيح.

(2)

صحيح بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عثمان بن محمد بن عثمان، وقد تابعه عبد الملك بن معاذ النَّصِيبي، وهو مجهول أيضًا، وخرَّجه مالك في "موطئه" 2/ 745 عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، مرسلًا، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 157: لم يُختَلَف عن مالك في إرسال هذا الحديث. قال النووي في "أربعينه" الحديث (32): له طرق يقوّي بعضها بعضًا، ووافقه ابن رجب في "جامع العلوم والحكم"، وكذلك قال ابن الصلاح فيما نقله عنه ابن دقيق العيد في "شرح الأربعين النووية".

وأخرجه البيهقي 6/ 69 عن أبي عبد الله الحاكم وآخرين، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو بكر الدِّينَوَري في "المجالسة"(3160) عن عباس بن محمد، والدارقطني (3079) و (4541) عن إسماعيل بن محمد الصفار، عن عباس بن محمد، به.

وأخرجه ابنُ عبد البر في "التمهيد" 20/ 159 من طريق عبد الملك بن معاذ النصيبي، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، به.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 745، وعنه الشافعي في "الأم" 8/ 639، والقعنبي عند ابن المنذر =

ص: 288

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2377 -

حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، حدثنا بِشر بن موسى، حدثنا زكريا بن عدي، حدثنا عبيد الله بن عمرو الرَّقِّي، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن جابر، قال: مات رجلٌ فغسّلناه وكفَّنّاه وحنّطناه، ووضعناه لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث تُوضَع الجنائز عند مَقام جبريل، ثم آذَنّا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه، فجاء معنا خُطًا، ثم قال:"لعلَّ على صاحبِكم دَينًا؟ " قالوا: نعم، دينارانِ، فتخلّف، فقال له رجلٌ منا يقال له أبو قَتَادة: يا رسول الله، هما عليَّ، فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"هما عليكَ وفي مالِكَ، الميتُ منهما بَريءٌ؟ " فقال: نعم، فصلَّى عليه، فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا لقيَ أبا قَتَادة يقول:"ما صنَعَتِ الديناران؟ "، حتى كان آخِرَ ذلك، قال: قد قَضَيتُهما يا رسول الله، قال:"الآن حين بَرَّدْتَ عليه جِلْدَه"

(1)

.

= في "الأوسط"(6653)، وابن بكير عند البيهقي 6/ 70 و 10/ 133 عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، مرسلًا.

ويشهد له حديث أبي صِرْمة عند أحمد 25/ (15755)، وأبي داود (3635)، وابن ماجه (2342)، والترمذي (1940)، وحسَّنه الترمذي، وجوّد إسناده ابن مفلح في "الآداب الشرعية" 1/ 43.

وحديث جابر بن عبد الله عند الطبراني في "الأوسط"(5193)، ورجاله لا بأس بهم، غير أنه روي مرسلًا عند أبي داود في "المراسيل"(407)، لكن رجال الموصول أوثق وأحسن حالًا، إلّا أنَّ في إسناده عنعنة محمد بن إسحاق، لكنه في الجملة يصلح للاستشهاد.

وحديث ابن عباس وعبادة بن الصامت عند ابن ماجه (2340) و (2341).

وانظر تمام شواهده في تحقيقنا على "سنن ابن ماجه" عند حديث عبادة.

(1)

صحيح دون قوله في آخر الحديث: "الآن حين برَّدتَ عليه جلدَه"، فقد انفرد به عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو ضعيف يعتبر به، ولا يحتمل تفرد مثله بذلك، وقد روي الحديث عن جابر من وجه آخر بدونها، كما سيأتي. وقد حسَّن إسنادَ رواية ابن عقيل هذه غيرُ واحدٍ، كالمنذري والنووي وابن مفلح، وهو كما قالوا باستثناء آخر الحديث.

وأخرجه أحمد 22/ (14536) من طريق زائدة بن قدامة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به. =

ص: 289

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2378 -

حدثنا أبو العباس أحمد بن زياد الفقيه بالدامَغَان، حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا سليمان بن حرب.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنى، حدثنا شَيبان بن فَرُّوخ؛ قالا: حدثنا أبو عَوَانة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الرَّهنُ مَركُوبٌ ومَحلُوبٌ"

(1)

.

= وأخرجه أحمد (14159)، وأبو داود (3343)، والنسائي (2100)، وابن حبان (3064) من طريق معمر، عن الزُّهْري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر، بنحوه دون المرفوع آخر الحديث، وزاد: فلما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، قال:"أنا أَولى بكل مؤمن من نفسه، فمن ترك دينًا فعليَّ، ومن ترك مالًا فلورثته".

وهو عند أحمد 13/ (7899)، والبخاري (5371)، ومسلم (1619)، وابن ماجه (2415)، والترمذي (1070)، والنسائي (2101)، وابن حبان (3063) من طرق عن الزُّهْري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. والظاهر أنهما محفوظان جميعًا عن الزُّهْري، وإن اتحد مخرجهما، لأنَّ في حديث جابر عنده ذكر أبي قتادة، ثم إنَّ روايته في قصة معيّنة، خلافًا لحديث أبي هريرة، فحديثه عامّ بلفظ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُؤتى بالرجل المتوفَّى عليه الدَّين. والله تعالى أعلم.

وانظر لزامًا ما تقدم بالأرقام (2243 - 2246).

(1)

إسناده صحيح، وقد اختُلِف في رفعه ووقفه على الأعمش - وهو سليمان بن مهران - فرفعه أبو عوانة - وهو الوضاح بن عبد الله اليشكُري - كما وقع عند المصنف هنا، وكذلك رفعه علي بن محمد الطنافسي عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير عن الأعمش، لكن قال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه (1113): رفعه مرةً ثم ترك بعدُ الرفعَ، فكان يقفه.

وجاء مرفوعًا أيضًا في رواية سعيد بن منصور، عن هُشَيم بن بشير، عن الأعمش، كما قال ابنُ حزم في "المحلى" 8/ 92، إلّا أنه قال: عن أبي هريرة يرفع الحديث فيما زعم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وذكر الدارقطني في "العلل"(1903) أنَّ لُوينًا رواه عن عيسى بن يونس عن الأعمش، فرفعه.

وأنَّ وهب بن جرير رواه عن شعبة بن الحجاج عن الأعمش، مرفوعًا كذلك.

وأنَّ خلّاد بن أسلم الصفار رواه عن منصور بن المعتمر عن أبي صالح، مرفوعًا. ثم رجَّح =

ص: 290

قال الأعمش: فذكرتُ ذلك لإبراهيم، فكَرِهَ أن يُنتَفَع بشيءٍ منه.

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، لإجماع الثَّوْري وشُعبة على توقيفه عن الأعمش، وأنا على أصْلي الذي أصّلتُه في قَبُول الزيادة من الثقة.

2379 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن محمد بن حيّان الأنصاري، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن معاوية الكَرَابيسي، حدثنا هشام بن يوسف الصنعاني، حدثنا مَعمَر، عن الزُّهْري، عن ابنِ كعب بن مالك، عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حَجَرَ على معاذ مالَه وباعه في دَينٍ عليه

(1)

.

= الدارقطني الموقوف بأنَّ أكثر أصحاب الأعمش وقفوه، وأنَّ غير خلّادٍ رواه عن منصور عن إبراهيم النخعي عن أبي هريرة موقوفًا.

قلنا: وروي من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعًا أيضًا، كما سيأتي، فلا بُعدَ أن يكون أصل حديث الأعمش مرفوعًا، ثم كان يشك في رفعه فيقفه أحيانًا تورُّعًا، كما كانت عادة كثير من المحدثين، ومثل هذا لا يمنع الحكم بصحة المرفوع، خصوصًا وقد جاء من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعًا كما سبق، والله تعالى أعلم.

وقد احتجَّ به أحمد وابن راهويه كما في "مسائل إسحاق بن منصور"(1959).

وأخرجه أحمد 12/ (7125)، والبخاري (2511) و (2512)، وأبو داود (3526)، وابن ماجه (2440)، والترمذي (1254)، وابن حبان (5935) من طريق عامر الشعبي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرهن يُركَب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبن الدَّرِّ يُشرَب بنفقته إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يركب ويَشرب النفقةُ".

وذكر الحافظ في "فتح الباري" 8/ 92 أنَّ هذا مساوٍ لحديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة في المعنى، وأنَّ فيه زيادةً أيضًا عليه.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف إبراهيم بن معاوية الكرابيسي، وقد تابعه إبراهيم بن موسى الرازي كما سيأتي عند المصنف برقم (5273)، ورجال الإسناد هناك ثقات، لكنه اختلف في وصل هذا الحديث وإرساله، فأكثر أصحاب الزُّهْري رووه عنه مرسلًا، ورواه عبد الرزاق في غير "المصنف" عن معمر مرسلًا، وكذلك رواه محمد بن ثور الصنعاني وابن المبارك عن معمر مرسلًا، فهو الراجح كما أفاده كلام العقيلي في "الضعفاء" 1/ 217، وعبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 3/ 286 - 287، وكذا قال ابن عبد الهادي في "التنقيح" 4/ 132 =

ص: 291

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بأنَّ المشهور في حديث الزُّهْري الإرسال.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(5939) عن محمد بن محمد بن حيان الأنصاري التمار، بهذا الإسناد. وقال: لم يرو هذا الحديث موصولًا عن معمر إلّا هشام بن يوسف.

وأخرجه العقيلي (77) عن إبراهيم بن محمد، والدارقطني (4551) من طريق عبد الله بن أبي جبير المروَزي، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 48 من طريق سليمان بن داود الشاذكوني، وفي "السنن الكبرى" 6/ 48، وفي "الصغرى"(2051)، وفي "معرفة السنن والآثار"(11852) من طريق إبراهيم بن فهد البصري، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 58/ 429 من طريق الحسن بن سفيان، خمستهم عن إبراهيم بن معاوية، به.

ورواه عبد الرزاق عن معمر، فاختلف عليه:

فأخرجه في "مصنفه"(15177) - وهذا الحديث من كتاب البيوع فيه الذي هو من رواية محمد بن علي النجار عن عبد الرزاق - عن معمر، عن الزُّهْري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه.

ورواه يحيى بن معين كما في "الجزء الثاني من حديثه" برواية أبي بكر المروَزي (75) - ومن طريق ابن معين أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 129، في الاستيعاب ص 651 - عن عبد الرزاق، غير أنه قال: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه مرسلًا، والزُّهْري يروي عن كلا الرجلين عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، وعن عمه عبد الرحمن.

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(1461) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْري، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، مرسلًا.

وأخرجه أبو داود في "المراسيل"(172) عن محمد بن داود بن سفيان، وأبو القاسم البَغَوي في "معجم الصحابة" مختصرًا 5/ 268، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(719) عن أحمد بن منصور الرمادي، كلاهما عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، مرسلًا. غير أن البَغَوي قال في روايته: عن ابن كعب بن مالك، غير مقيد.

وأخرجه أبو داود في "المراسيل"(172) عن محمد بن المتوكل العسقلاني، والطبراني في "الكبير" 20/ (44) - وعنه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 231 - من طريق أحمد بن حنبل، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 48، وفي "دلائل النبوة" 5/ 405 - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه" 58/ 428 - من طريق أحمد بن منصور الرمادي، وابن عساكر 58/ 430 من طريق محمد بن يحيى الذُّهلي، أربعتهم عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْري، عن ابن كعب بن مالك، مرسلًا. =

ص: 292

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" للهيثمي (447)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5952)، وابن عساكر 58/ 428 - 429 من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن الزُّهْري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، مرسلًا. إلّا الحارث فقال في روايته: عن ابن كعب بن مالك، لم يقيده.

وذكر البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 312 أنَّ ابن المبارك قال في روايته عن معمر: عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، فلعلَّ ما وقع في رواية أبي نعيم وابن عساكر بنسبة عبد الرحمن لجده كعب، وهو شائع، وتكون رواية ابن المبارك كما ذكر البخاري، والله أعلم.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 405 من طريق محمد بن ثور الصنعاني، عن معمر، عن الزُّهْري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، مرسلًا.

فاتفقت رواية ابن المبارك ومحمد بن ثور في روايتهما عن معمر، وعليه تحمل رواية من أطلق فقال: عن ابن كعب بن مالك، وكذا رواية من قال: عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ناسبًا إياه لجده، ويكون معمر إنما رواه عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، مرسلًا، والله أعلم بالصواب.

وأخرجه سحنون في "المدونة" 4/ 81، وأبو داود في "المراسيل"(171)، والبيهقي في "السنن" 6/ 50 من طريق عبد الله بن وهب، وابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 128، وابن عساكر 58/ 428 من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن يونس بن يزيد الأيلي، عن الزُّهْري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك مرسلًا. وكذلك رواه الليث بن سعد عن يونس، كما ذكر البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 312. كذا وقع في روايته مُقيدًا بعبد الرحمن بن كعب بن مالك، فإن كان هو عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، ونسبه لجده، أو يكون الزُّهْري رواه عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، وعن عمه عبد الرحمن بن كعب، فإنَّ له رواية عن كليهما، والله أعلم.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(3550) من طريق عبد الله بن يوسف، عن عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب وعمارة بن غزيّة، عن الزُّهْري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه، وكان أحد النفر الثلاثة الذين تاب الله عليهم

كذا وصله، ولكن ابن لهيعة ساء حفظه بعد احتراق كتبه، وليس عبد الله بن يوسف ممّن أدرك السماع منه قبل سوء حفظه.

وقد وقع في مطبوع الطبراني في إسناد الحديث تحريف صوبناه من كلام الطبراني آخر الحديث.

وأخرجه سحنون في "المدونة" 4/ 81 عن عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، عن عمارة بن غزيّة ويزيد بن أبي حبيب، عن الزُّهْري، قال: مضت سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاذ بن جبل بأن خلعه من ماله ولم يأمر ببيعه. وعبد الله بن وهب ممَّن سمع من ابن لهيعة قبل سوء حفظه، فهذا =

ص: 293

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2380 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد القَبَّاني، حدثنا أبو بكر بن أبي عَتّاب الأعْيَن، حدثنا منصور بن سَلَمة أبو سَلَمة الخُزاعي، حدثنا عثمان بن عبد الله بن زيد بن جارية

(1)

الأنصاري، حدثنا عمِّي عَمرو بن زيد بن جارية، حدثني أبي زيدُ بن جارية: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم استَصغَرَ ناسًا يوم أُحدٍ، منهم: زيد بن جارية - يعني نفسَه - والبراء بن عازب، وزيد بن أرقَم، وسعدٌ، وأبو سعيد الخُدْري، وعبد الله بن عمر، وذَكَرَ جابرَ بن عبد الله

(2)

.

= هو الصحيح في رواية ابن لهيعة عن عمارة بن غزية ويزيد بن أبي حبيب، أنها عن الزُّهْري من قوله مرسلًا، والله أعلم.

وسيتكرر هذا الحديث سندًا ومتنًا عند المصنف برقم (7237).

وسيأتي من طريق إبراهيم بن موسى الرازي عن هشام بن يوسف برقم (5273).

وانظر ما سيأتي برقم (5260).

ويشهد له حديث جابر بن عبد الله الآتي عند المصنف برقم (5276)، وفي سنده الواقدي، وحديثه يصلح للاعتبار إن شاء الله.

(1)

وقع في جميع المواضع في النسخ الخطية: حارثة، بالحاء المهملة والمثلثة، وضبطه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 1/ 440 بالجيم والمثناة التحتانية، وكذا الخطيب في "تلخيص المتشابه" ص 295، وابن ماكولا في "الإكمال" 2/ 5. وقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/ 560 بالحاء المهملة وأورده بعد زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن العديم في "بغية الطلب في تاريخ حلب" 9/ 4000: وهذا وهمٌ وتصحيفٌ وقع من أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة كلٍّ من عثمان وعمه. وبعضهم يُسمى والدَ عثمان عُبيدَ الله مصغرًا، وبعضهم يُسمي عمَّه عُمرَ، بدل عَمرو.

وأخرجه البيهقي 9/ 22 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(5150)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2993) من طريقين عن محمد بن أبي عَتَّاب الأَعْيَن، به.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الأوسط" 2/ 896، ومحمد بن نصر المروَزي في "السنة" =

ص: 294

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2381 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق وأبو محمد بن موسى، قالا: أخبرنا محمد بن أيوب، حدثنا أبو الوليد الطَّيالسي وموسى بن إسماعيل، قالا: حدثنا حماد بن سَلَمة، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"رُفع القلمُ عن ثلاثٍ: عن الصبيِّ حتى يَحتَلِم، وعن المَعتُوه حتى يُفِيق، وعن النائم حتى يَستيقِظ"

(1)

.

= (145)، وأبو القاسم البَغَوي في "معجم الصحابة"(954)، والطبراني في "المعجم الكبير"(4962)، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 1/ 440، والخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم" ص 295، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 263، وابن العديم في "بغية الطلب في تاريخ حلب" 9/ 3999 من طرق عن منصور بن سلمة، به. وجاء عند البخاري ومن طريقه ابن عساكر وابن العديم أنَّ منصورًا قال: أخاف ألا يكون حَفِظَ فيه جابرًا.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 5/ 305، ومن طريقه ابن عساكر 19/ 263، وابن العديم 9/ 3974 عن محمد بن سماعة، عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي، عن عثمان بن عبيد الله، به. لكنه قال في روايته: وجابر بن عبد الله، وليس بالذي يُروى عنه الحديثُ. قلنا: فيزول بذلك الالتباس الذي حصل لمنصور بن سلمة، وسعد الذي أطلق اسمه في الرواية هو ابن حَبْتة، كما ضبطه الدارقطني في "المؤتلف" 2/ 875، والحافظ في "الإصابة" 3/ 48 وغيرها.

وسيأتي هذا الخبر مختصرًا برقم (4926) من طريق أحمد بن عبيد الله النرسي عن منصور بن سلمة. لكنه سيُورده في مناقب سعد بن خيثمة، إذ تحرَّف الاسم في تلك الرواية من حبتة إلى خيثمة، وأنكره الذهبي لكون سعد بن خيثمة كان أحد النقباء فكيف يُستصغَر في أُحد. لكن قدّمنا أنَّ جماعة أصحاب منصور ذكروه على الصواب، وكذلك ذكره أبو يوسف في روايته على الصواب، فبقي أنَّ ما حصل في رواية أحمد بن عبيد الله تلك تحريف، فلا إنكار في نصّ الخبر، وإنما العلة في ضعفه للجهالة التي في إسناده كما بيَّنّا.

(1)

إسناده صحيح. محمد بن أيوب: هو ابن الضُّريس، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وحماد: هو ابن أبي سليمان، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي.

وأخرجه أحمد 41/ (24694) و (24703) و 42/ (25114)، وأبو داود (4398)، وابن ماجه =

ص: 295

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2382 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى القاضي، حدثنا إبراهيم بن يوسف بن خالد الرازي، حدثنا الحارث بن مِسكين وأحمد بن عمرو، قالا: حدثنا ابن وهب، حدثنا جَرير بن حازم، عن سليمان بن مِهْران، عن أبي ظَبْيان، عن ابن عباس، قال: مُرَّ على عليٍّ بمجنونة بني فلان قد زَنَتْ، وأَمَر عمرُ بن الخطّاب برَجْمِها، فردَّها عليُّ بن أبي طالب وقال لعمر: يا أميرَ المؤمنين، أمرتَ برَجْمِ هذه؟ قال: نعم، قال: أما تذكُرُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن المجنونِ المغلوبِ على عَقْله، وعن النائم حتى يَستيقِظ، وعن الصبيِّ حتى يَحتَلِم"؟ قال: صدقتَ، فخلَّى عنها

(1)

.

قال عبد الله

(2)

: فالحَجْر على المجنون والمجنونة ممّا لا أعلمُ فيه خلافًا بين العلماء.

2383 -

حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق الصِّبْغي، حدثنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا عبد الأعلى بن حماد، حدثنا عمر بن علي، حدثنا هشام بن عُرْوة،

= (2041)، والنسائي (5596)، وابن حبان (142) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وبعضهم يذكر المجنون بدل: المعتوه، وبعضهم يقول:"وعن المبتلى حتى يبرأ" بدل ذكر المعتوه والمجنون.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه قد اختُلف فيه على الأعمش في رفعه ووقفه، كما سلف بيانه برقم (962). أحمد بن عمرو: هو ابن عبد الله بن السَّرْح، وأبو ظَبْيان: هو حُصين بن جُندب الجَنْبي.

وأخرجه أبو داود (4401)، والنسائي (7303) عن أحمد بن عمرو بن السَّرْح، بهذا الإسناد.

(2)

جاء في (ز) و (ص): قال عبد الله، بدل: أبو عبد الله، وجاء بعد هذا فيهما بياض بينه وبين المقول. ويغلب على ظننا صحة ما وقع في المطبوع، ويكون المقصود بأبي عبد الله هو الحاكم نفسه أو شيخه الذي هو أحد كبار فقهاء الحنفية، وإن صحَّ ما في (ز) و (ص) فعسى أن يكون المراد به عبد الله بن وهب، فليس في الإسناد من اسمه عبد الله غيره، والله تعالى أعلم.

ص: 296

عن أبيه، عن عائشة، قالت: نزلت هذه الآية {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] في رجلٍ كانت تحتَه امرأةٌ قد طالتْ صحبتُها ووَلَدت منه أولادًا، فأراد أن يَستبدِلَ بها، فراضَتْه على أن تَقِرَّ عنده ولا يَقسِمَ لها

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

2384 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا العباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة: أنَّ سَوْدة جعلت يومَها لعائشة، وأحسَبُ في ذلك نزلت {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128]

(2)

.

(1)

إسناده صحيح وأبو العباس محمد بن إسحاق - وهو أخو الحافظ أبي بكر أحمد بن إسحاق الصِّبغي - كان سماعه صحيحًا كما يفيده كلام الحاكم فيما نقله عنه السمعاني في "الأنساب" في رسم الصِّبغي. عمر بن علي: هو المقدَّمي.

وأخرجه ابن ماجه (1974) عن حفص بن عمرو الرَّبَالي، عن عُمر بن علي، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه البخاري (2450) و (2694) و (4601) و (5206)، ومسلم (3021)، والنسائي (11060) من طرق عن هشام بن عروة، به. وعندهم: أنها نزلت في الرجل تكون عنده المرأة

إلخ، فهذا على العموم، وليس واقعة عين كما هو ظاهر رواية المصنف.

وانظر ما بعده.

(2)

صحيح دون ذكر نزول الآية، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، فهو حسن الحديث. وقد توبع على ذكر جعل سودة يومها لعائشة.

وأخرجه بأطول ممّا هنا أبو داود (2135) عن أحمد بن يونس، بهذا الإسناد. وهو بنحو الرواية الآتية عند المصنف برقم (2795) من طريق الحسن بن علي بن زياد عن أحمد بن يونس.

وأخرجه دون ذكر الآية أحمد 40/ (24395)، ومسلم (1463) من طريق شريك النخعي، وأحمد 41/ (24477) من طريق عبد الله بن المبارك، والبخاري (5212)، ومسلم (1463) من طريق زهير بن معاوية، ومسلم (1463)، والنسائي (8885)، وابن حبان (4211) من طريق جرير بن عبد الحميد، ومسلم، وابن ماجه (1972) من طريق عقبة بن خالد، وابن ماجه (1972) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، كلهم عن هشام بن عروة، به. =

ص: 297

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2385 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبَري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا يحيى بن المغيرة، حدثنا عبد الله بن نافع، عن عاصم بن عمر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: كانت الهُدْنةُ بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهلِ مكة بالحُدَيبِيَة أربعَ سنين

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2386 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نَصْر بن سابِق الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني أبو هانئ الخَولاني، عن عمرو بن مالك،

= وأخرجه دون ذكر الآية أيضًا البخاري (2593)، وأبو داود (2138)، والنسائي (8874) من طريق الزُّهْري، عن عروة، به.

وأخرج الترمذي (3040) من حديث ابن عباس، قال: خشيَت سودة أن يُطلِّقها النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: لا تطلقني وأمسكني، واجعل يومي لعائشة، ففعل، فنزلت:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} . وحسَّنه الترمذي والحافظ في "الإصابة" 7/ 720.

والأصح في سبب نزول الآية العموم لا خصوص قصة سودة كما في الحديث السابق.

(1)

إسناده ضعيف كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وذلك لضعف عاصم بن عمر - وهو ابن حفص العمري - وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 8/ 472: وهو مع ضعف إسناده منكرٌ مخالفٌ للصحيح.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(7935) عن محمود بن علي بن مالك الشَّيباني، عن يحيى بن المغيرة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 5/ 230، ومن طريقه البيهقي 9/ 222 من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب، عن عبد الله بن نافع، به.

وقد روي كذلك عن عروة بن الزُّبَير: أنَّ الهدنة كانت أربع سنين، عند أبي عبيد في "الأموال"(440)، لكن في الإسناد إليه ابن لهيعة، وهو سيئ الحفظ.

وخالفه محمد بن إسحاق، فروى عن الزُّهْري، عن عروة بن الزُّبَير، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم: أنَّ مدة الهدنة كانت عشر سنين. أخرجه من طريقه أحمد 31/ (18910)، وأبو داود (2766)، وإسناده حسن. وصرَّح ابن إسحاق بسماعه عند البيهقي 9/ 221 وغيره.

ص: 298

أنه سمع فَضَالة بن عُبيد يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا زعيمٌ - والزعيم: الحَمِيل - لمن آمَن بي وأسلمَ وهاجرَ، ببيتٍ في رَبَضِ الجنة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2387 -

حدثنا أبو الحَسَن محمد بن محمد بن الحسن، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهَرَوي، حدثنا هُشَيم، حدثنا عبد الحميد بن جعفر الأنصاري، عن أبيه، عن سمرة بن جُندُب، قال: أيَّمَتْ أمّي وقَدمتِ المدينةَ، فخَطَبها الناسُ، فقالت: لا أتزوجُ إلّا برجلٍ يَكفُل لي هذا اليتيمَ، فتزوجها رجلٌ من الأنصار. قال: فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعرِضُ غلمانَ الأنصار في كل عامٍ فيُلحِقُ من أدركَ منهم، قال: فعُرِضتُ عامًا، فألحق غُلامًا وردَّني، فقلتُ: يا رسول الله، لقد ألحقتَه ورَدَدْتَني، ولو صارعتُه لصَرَعتُه، قال:"فصارِعْه"، فصارعتُه فصَرَعتُه، فألحَقَني

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو هانئ الخولاني: هو حميد بن هانئ، وعمرو بن مالك: هو الجَنْبي.

وأخرجه بأطول ممّا هنا النسائي (4326)، وابن حبان (4619) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (2422) بأطول ممّا هنا، لكن شيخ أبي العباس فيه هو محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم.

قوله: "ربض الجنة" بفتح الباء: ما حولها خارجًا عنها، تشبيهًا بالأبنية التي تكون حول المدن وتحت القلاع.

(2)

رجاله ثقات، لكن أكثر من رواه عن هُشَيم جعلوه من حديث جعفر مرسلًا يحكي فيه قصة أم سمرة وابنها، وقد جزم ابن معين في "سؤالات ابن الجنيد" بأنَّ جعفرًا والد عبد الحميد - وهو جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان - لم يلق سمرة.

وأخرجه البيهقي 9/ 22 و 10/ 18 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في "العلل"(5708) عن إبراهيم بن عبد الله الهروي، به. =

ص: 299

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2388 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي، حدثنا أحمد بن حَيَّان بن مُلاعِب ومحمد بن غالب بن حرب، قالا: حدثنا عفّان بن مسلم، حدثنا وُهَيب، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن مجاهد، عن السائب بن أبي السائب: أنه كان شريكَ النبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام في التجارة، فلما كان يومُ الفتح قال:"مرحبًا بأخي وشَريكي، لا تُداري ولا تُمَاري"، وذكر باقي الحديث

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6749) عن محمد بن عبدوس بن كامل، عن إبراهيم بن عبد الله الهروي، به. لكنه قال: عن جعفر: أنَّ أم سمرة، فذكره مرسلًا.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 219 من طريق محمد بن عيسى بن الطباع، عن هُشَيم به. فقال: عن سمرة بن جندب.

وأخرجه أحمد بن حنبل في "العلل"(5708) عن هُشَيم بن بشير، والروياني في "مسنده"(856) من طريق أبي الأحوص محمد بن حيان، وأبو القاسم البَغَوي في "معجم الصحابة"(1135) عن زياد بن أيوب، وأبو نعيم في "رياضة الأبدان"(1)، وفي "معرفة الصحابة"(3578) و (7957) من طريق يعقوب بن إبراهيم، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 301 من طريق سعيد بن عبد الحميد بن جعفر، كلهم عن هُشَيم بن بشير، عن عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه: أنَّ أم سمرة، فذكروه مرسلًا، وذكر أحمد بن حنبل أنه سمعه من هُشَيم مرتين كذلك.

(1)

إسناده ضعيف، مجاهد - وهو ابن جبر المكي - لم يروه عن السائب، بينهما قائد السائب، وهو مجهول، وفيه اضطراب أيضًا كما بينه الحافظ ابن حجر في ترجمة السائب من "تهذيب التهذيب". وُهَيب: هو ابن خالد.

وأخرجه أحمد 24/ (15505) عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (10071) من طريق أبي هشام المغيرة بن سلمة المخزومي، عن وُهَيب، به.

وأخرجه أحمد (15502)، وأبو داود (4836)، وابن ماجه (2287) من طريق إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد، عن قائد السائب، عن السائب.

وأخرجه أحمد (15503) من طريق سيف بن أبي سليمان المخزومي، عن مجاهد، قال: كان السائب بن أبي السائب، فذكره مرسلًا.

ص: 300

2389 -

أخبرنا أبو عون محمد بن أحمد بن ماهان الجزّار بمكة على الصّفا، أخبرنا محمد بن علي بن زيد، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد العزيز بن محمد، حدثنا عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عيّاش بن أبي ربيعة، عن الزُّهْري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن الصَّعْب بن جَثّامة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حَمَى النَّقيعَ، وقال:"لا حِمَى إِلَّا للهِ ولرَسولِه"

(1)

.

قد اتفقا على حديث يونس عن الزُّهْري بإسناده: "لا حِمَى إِلَّا للهِ ولرسولِه"، ولم يُخرجاه هكذا، وهو صحيح الإسناد.

(1)

حديث صحيح دون ذكر حماية النَّقيع، فقد تفرَّد بوصله عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش، وليس هو بالقوي، وخالفه الثقة الحافظ يونس بن يزيد الأيلي، فروى الحديث عن الزُّهْري، فوصل قوله:"لا حمى إلّا لله ولرسوله"، وقال: بلغنا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع، لكنه مع كونه من بلاغات الزُّهْري له ما يشهد له كما سيأتي.

وأخرجه أبو داود (3084) عن سعيد بن منصور، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" 27/ (16659) عن مصعب الزُّبَيري، عن عبد العزيز بن محمد - وهو الدراوردي - به.

وأخرجه البخاري (2370)، وأبو داود (3083) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، عن الزُّهْري، به بلفظ: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا حمى إلّا لله ولرسوله". وقال - يعني الزُّهْري، كما جاء موضحًا في رواية أبي داود -: بلغنا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع.

وأخرجه دون ذكر حمى النقيع أحمد (16422) و (16425) و (16666)، وابنه عبد الله (16657) و (16679)، والبخاري (3012)، والنسائي (5743) و (8570)، وابن حبان (136) و (137) و (4684) و (4787) من طرق عن الزهري، به.

ويشهد له حديث أبي هريرة عند ابن حبان (4685).

ويشهد لبلاغ الزُّهْري حديث عبد الله بن عمر عند أحمد 9/ (5655)، وابن حبان (4683) من طريقين عن ابن عمر، لكن في كل منهما رجل ضعيف، فيجبُرُ كلٌّ منهما صاحبَه.

ويشهد له أيضًا مرسل نوفل بن مساحق من رواية ابنه عبد الملك عنه، عند الخطيب في "تاريخه" 4/ 34، ورجاله ثقات، وهو أيضًا عند عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 156 لكنه جعله من مرسل ابنه عبد الملك (وتحرّف في المطبوع اسم عبد الملك إلى: عبد الله).

ص: 301

2390 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن أبي الزُّبَير، عن جابر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيع الماء

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه

(2)

.

وله شاهد بزيادةٍ في المتن:

2391 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا داود بن عبد الرحمن المكي، عن عمرو بن دينار، عن أبي المِنْهال، عن إياس بن عبدٍ: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بيع فَضْل الماء

(3)

.

2392 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحَجَبي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرِّجَال، قال: سمعتُ أبي يحدّث عن أمّه عَمْرة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يُمْنَعُ نَقْعُ

(4)

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 23/ (14639) و (14842) من طرق عن حماد بن سلمة، به.

وقد تقدم من طريق ابن جُرَيج عن أبي الزُّبَير برقم (2319).

ومن طريق عطاء بن أبي رباح عن جابر برقم (2320).

(2)

قد أخرجه مسلم كما ذكرنا فيما تقدم، فلا يُستدرك عليه.

(3)

إسناده صحيح. أبو المنهال: هو عبد الرحمن بن مُطعم المكي.

وأخرجه أبو داود (3478) عن عبد الله بن محمد النُّفيلي، والترمذي (1271) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن داود بن عبد الرحمن بهذا الإسناد. لكن لم يقع في رواية الترمذي ذكر الفضل، وإنما قال: عن بيع الماء.

وقد تقدم من طريق سفيان بن عيينة ومن طريق ابن جُرَيج، كلاهما عن عمرو بن دينار برقم (2317) و (2318).

(4)

وقع في (ز): نفع، بالفاء، وقد ضبطه القاضي عياض في "التنبيهات المستنبطة" ورقة 460، فقال: هو بالقاف الساكنة بعد النون المفتوحة، وهو المعروف في أكثر الروايات حيث وقع في المصنفات، وروِّيناه عن بعض شيوخنا في "الموطأ" بالفاء والقاف معًا، وإن كان للفاء معنًى =

ص: 302

البئر"؛ وهو الرَّهْو

(1)

.

قال عبد الرحمن: سمعتُ أبي يقول: إنَّ الرَّهْو أن تكون البئر بين شركاءَ فيها الماءُ، فيكون للرجل فيها فضلٌ، فلا يَمنعُ صاحبَه.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

إنما اتفقا من هذا الباب على حديث الزُّهْري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة:"لا يُمنَعُ فضلُ الماء ليُمنَعَ به الكلأُ"

(2)

.

2393 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه وأبو بكر بن عَبْدك القَزّاز الرازي ببغداد: قالا: حدثنا علي بن الحسين بن الجُنيد [حدثنا أحمد بن صالح

= يصحُّ فهو تصحيف لا شكَّ.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد الرحمن بن أبي الرِّجَال - وأبو الرجال اسمه محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الأنصاري - فهو قوي الحديث لا بأس به، وقد تابعه غير واحد كما سيأتي بيانه. ورواه سفيان الثَّوري ومالك عن أبي الرِّجال، واختُلف عليهما في وصله وإرساله، كما بينه الدارقطني في "العلل"(3771)، وقال: هو صحيح عن عائشة. وكذلك مال إلى تصحيح وصله ابنُ عبد البر في "التمهيد" 13/ 123 - 124.

وأخرجه أحمد 41/ (24741) عن أبي سعيد عبد الرحمن بن عبد الله مولى بني هاشم، عن عبد الرحمن بن أبي الرجال، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 41/ (24811) من طريق أبي أويس، وأحمد 42/ (25087) و 43/ (26311)، وابن حبان (4955) من طريق محمد بن إسحاق، وأحمد 43/ (26147) من طريق خارجة بن عبد الله من ولد زيد بن ثابت، ثلاثتهم عن أبي الرجال، به.

وأخرجه ابن ماجه (2479) من طريق حارثة بن أبي الرِّجال، عن عمرة، به. وحارثة ضعيف، فالاعتماد على رواية من رواه عن أبي الرجال عن عمرة.

وانظر تمام تخريجه وبيان الاختلاف فيه على مالك وسفيان الثَّوري في "مسند أحمد"(24811).

(2)

أخرجه من هذا الطريق البخاري (2354)، ومسلم (1566)(37).

وأخرجه أيضًا البخاري (2353)، ومسلم (1566)(36) من طريق الأعرج، عن أبي هريرة.

والكلأ: العُشْب رطبًا كان أو يابسًا.

ص: 303

المصري]

(1)

حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا مالك بن أنس، عن أبي الرِّجَال، عن عَمْرة، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في سَيْلِ مَهْزُورٍ ومِذنَب أَنَّ الأعلى يُرْسِلُ إلى الأسفل ويَحبِسُ قدرَ كَعبَينِ

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2394 -

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسحاق الخُزاعي بمكة، حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرّة، حدثنا عبد الله بن يزيد المُقرئ، حدثني سعيد بن أبي أيوب، حدثني أبو الأسود، عن بُكير بن عبد الله بن الأشجّ، عن بُسر بن سعيد، عن خالد بن عَدِي الجُهني، قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن بَلَغَه معروفٌ عن أخيه مِن غير مَسألةٍ ولا إشرافِ نَفْسٍ، فليَقْبَلْه ولا يَرُدَّه، فإنما هو رِزْقٌ ساقَهُ اللهُ إِليهِ"

(3)

.

(1)

سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من "إتحاف المهرة" للحافظ (2319).

(2)

إسناده صحيح، وحسَّنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 7/ 486.

وأخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" كما في "فتح الباري" 7/ 486، ومن طريقه ابنُ عبد البر في "التمهيد" 17/ 409 عن أبي محمد بن صاعد وعلي بن محمد الإسكافي، كلاهما عن أبي الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، عن أحمد بن صالح المصري، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود (3639) وابن ماجه (2482)، وإسناده حسن.

وحديث ثعلبة بن أبي مالك عندهما أيضًا، وفي إسناده ضعف.

ومرسل عبد الله بن أبي بكر عند مالك في "الموطأ" 2/ 744.

وانظر حديث الزبير بن العوام الآتي برقم (5664).

ومَهزور، بتقديم الزاي على الراء: وادي بني قريظة بالحجاز.

ومِذْنَب: اسم موضع بالمدينة.

(3)

إسناده صحيح، وصحَّحه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 2/ 244. أبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل. وقال الحافظ في "إتحاف المهرة"(4439): صحَّحه ابن حزم وعبد الحق وابن القطان.

وأخرجه أحمد 29/ (17936)، وابن حبان (3404) و (5108) من طرق عن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. =

ص: 304

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2395 -

حدثني علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا بِشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، قال: سمعت وهب بن مُنبِّه في داره بصنعاء وأطعَمَني خَزِيرةً

(1)

في داره، يحدِّث عن أخيه، عن معاوية بن أبي سفيان، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تُلْحِفُوا في المسألةِ، واللهِ

(2)

لا يسألُني أحد منكم شيئًا، فتُخرِجَه له مني المسألةُ، فأُعطيَه إياه وأنا كارِهٌ، فيُبارَكَ له في الذي أعطَيتُه"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة!

2396 -

أخبرني أبو الحُسين محمد بن أحمد القَنْطَري ببغداد وأبو أحمد بكر بن محمد الصَّيْرفي بمَرْو، قالا: حدثنا أبو قِلابة

وأخبرني أبو عمرو بن نُجَيد، حدثنا أبو مُسلم؛ قالا: حدثنا أبو عاصم، عن ابن عَجْلان، عن المقبُري، عن أبي هريرة: أنَّ رجلًا أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لِقْحة، فأثابَه منها بستِّ بَكَرات، فتسخَّطها الرجلُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن يَعذِرُني مِن فلانٍ،

= وأخرجه أحمد 39/ (24009/ 11) عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حيوة بن شُريح، عن أبي الأسود، به. فذكر حيوة بن شريح، بدل: سعيد بن أبي أيوب، وقال أبو القاسم البَغَوي في "معجم الصحابة" (592): رواه المقرئ عن حيوة وسعيد بن أبي أيوب جميعًا.

(1)

كذا وقع في النسخ الخطية، والذي في مطبوع "مسند الحميدي" وسائر مصادر تخريج الحديث: أطعمني من جوزة في داره.

(2)

في (ب): فوالله. وهو كذلك في مطبوعي "مسند الحميدي" وسائر مصادر تخريج الحديث.

(3)

إسناده صحيح. الحميدي: هو عبد الله بن الزُّبَير المكي، وسفيان: هو ابن عُيينة.

وأخرجه أحمد 28/ (16893)، ومسلم (1038)، والنسائي (2385)، وابن حبان (3389) من طرق عن سفيان بن عيينة بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

والخَزِيرة: لحم يُقطَّع صغارًا ويُصبُّ عليه ماء كثير، فإذا نضج ذُرَّ عليه الدقيق، فإن لم يكن فيها لحم فهي عَصيدة.

ص: 305

أَهدى إلي لِقْحةً، فكأني أنظُر إليها في وَجْه بعضِ أهلِه، فأثَبْتُه منها بسِتِّ بَكَرَاتٍ فتَسخَّطَها، لقد هممتُ أن لا أقبل هَديّةً إلّا أن تكونَ من قُرشيٍّ أو أنصارِيٍّ أو ثَقَفيٍّ أو دَوْسِيّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2397 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا عبد الله بن داود، عن الأعمش، عن يعقوب بن بَحِير، عن ضِرار بن الأزوَر قال: بعثَني أهلي بلَقُوحٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدَوْها له، فقال لي:"احلُبْها ودَعْ داعيَ اللَّبَنِ"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان - وهو محمد - وقد توبع.

وأخرجه مختصرًا أحمد 12/ (7363) عن سفيان بن عيينة، والنسائي (6558) من طريق معمر بن راشد، كلاهما عن ابن عجلان، به.

وأخرجه أحمد 13/ (7918) من طريق أبي معشر نجيح السِّنْدي، والترمذي (3945) من طريق أيوب بن أبي مسكين كلاهما عن سعيد المقبري، به. وتابعهما مسعر بن كدام عند ابن أبي شيبة 12/ 201.

وأخرجه أبو داود (3537)، والترمذي (3946) من طريق محمد بن إسحاق، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، وصرَّح ابن إسحاق بسماعه عند إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 3/ 917.

وقد سمع سعيد المقبري وأبوه من أبي هريرة، وسمع سعيد من أبيه عن أبي هريرة كذلك، فلا يبعد أن يكون سعيد سمعه مرة بواسطة أبيه ومرة سمعه من أبي هريرة مباشرة، فيكون الإسنادان صحيحين، والله أعلم.

وأخرجه ابن حبان (6383) من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة مختصرًا.

والبَكَرات: جمع بَكْرة، وهي الأنثى من الإبل.

واللِّقْحة، بالكسر والفتح: الناقة القريبة العهد بالنِّتاج.

وقوله: "من يَعذِرُني من فلان"، أي: من يقوم بعُذْري إذا جازَيتُه بصُنْعه فلا يلُومُني على ما أفعلُه به.

(2)

مرفوعه حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير يعقوب بن بَحير، فلا يُعرف، وقد اختلف فيه على الأعمش، فرواه كذلك جماعة من الحفَّاظ عنه كما قال أبو زرعة وأبو حاتم =

ص: 306

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في شهر رمضان سنة سبع وتسعين وثلاث مئة:

2398 -

حدثنا الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا أبو مُسلم، حدثنا أبو الوليد، حدثنا إسحاق بن سعيد، حدثنا أبي، حدثتني أم خالد بنت خالد، قالت: أُتي النبيُّ صلى الله عليه وسلم بثيابٍ فيها خَمِيصةٌ سوداء صغيرة، فقال:"مَن تَرَون أكسُو هذه؟ " فسكتَ القومُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ائتُوني بأمِّ خالدٍ" قالت: فأُتِي بي فألبَسَنِيها بيده، وقال: "أَبْلِي وأخْلِفي

(1)

" يقولها مرتين، وجعل ينظُر إلى عَلَمٍ في الخَمِيصة أصفرَ وأحمرَ،

= الرازيان في "العلل"(2225)، وخالفهم سفيان الثَّوري، فقال: عن عبد الله بن سنان بدل: يعقوب بن بَحير، وعبد الله بن سنان ثقة. وصحَّح علي بن المديني وأبو حاتم وأبو زرعة رواية الجماعة، وأما يحيى بن معين، فقال في رواية العباس الدُّوري عنه: القول قول سفيان. ومالَ ابنُ القطّان في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 505 إلى تصحيح رواية سفيان!

وأخرجه أحمد 31/ (18905) و (18980)، وابن حبان (5283) من طريق وكيع، وأحمد (18905) عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، وأحمد (18981) من طريق زهير بن معاوية، ثلاثتهم عن الأعمش، به.

وسيأتي الحديث من طريق عبد الله بن المبارك عن الأعمش برقم (5115).

وستأتي رواية سفيان الثَّوري عن الأعمش برقم (6748).

ويشهد للمرفوع منه حديث نُقَادة الأسدي عند الطبري كما في "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 3/ 1661 و 1731، والطحاوي في "مشكل الآثار"(5701)، والطبراني في "الأوسط"(3743) من طريقين عن نُقَادة بلفظه، وحديثه حسن بمجموع الطريقين.

وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند الطبراني في "الكبير"(14702)، و"الأوسط"(885)، وأبي نعيم في "حلية الأولياء" 8/ 176، بلفظ: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم برجلٍ يَحلُبُ شاةً، فقال:"أَيْ فلانُ، إِذا حَلَبتَ فأبْقِ لولدِها، فإنها من أَبرِّ الدّوابِّ". وإسناده حسن.

وقوله: "دع داعي اللبن" أي: أبقِ في الضَّرع قليلًا من اللبن ولا تستوعبه كُلَّه، فإنَّ الذي تُبقيه فيه يدعو ما وراءه من اللبن فينزِلُه، وإذا استُقْصِيَ كلُّ ما في الضَّرع أبطأ دَرُّه على حالبه.

(1)

كذا أعجمت في (ز) بالفاء، وفي بقية النسخ الخطية:"وأخلقي" بالقاف، قال ابن حجر في "فتح الباري" 18/ 57 - 58: بالفاء أوجه من التي بالقاف، لأنَّ التي بالقاف تستلزم التأكيد، =

ص: 307

ويقول: "يا أمَّ خالدٍ، هذا سَنَا"

(1)

. والسَّنا بلِسان الحَبَشة: الحَسَن.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

2399 -

حدثني علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا هشام بن علي ومحمد بن أيوب، قالا: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس: أنَّ المهاجرين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ذهبَ الأنصارُ بالأجرِ كُلِّه، قال:"لا، ما دعَوتُمُ اللهَ لهم وأَثنَيتُم"

(2)

.

= إذ الإبلاء والإخلاق بمعنًى، لكن جاز العطف لتغاير اللفظين، والثانية - يعني التي بالفاء - تفيد معنًى زائدًا، وهو أنها إذا أبلتْه أخلفت غيره، ويؤيده ما أخرجه أبو داود (4020) بسند صحيح عن أبي نَضْرة قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لبس أحدهم ثوبًا جديدًا قيل له: تُبلِي ويُخلِفُ الله.

(1)

إسناده صحيح. أبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله الكجّي، وأبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وإسحاق بن سعيد: هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص.

وأخرجه البخاري (5845) عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 44/ (27057)، وأبو داود (4024) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، عن إسحاق بن سعيد، به.

وأخرجه البخاري (3071) و (5993) من طريق عبد الله بن المبارك، عن خالد بن سعيد - وهو أخو إسحاق بن سعيد - عن أبيه، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وسيأتي من طريق سفيان بن عيينة عن إسحاق بن سعيد برقم (4294).

ومن طريق الحسن بن بشر عن إسحاق برقم (7579).

وسيأتي كذلك من طريق عبد الله بن عمر بن أبان عن خالد بن سعيد أخي إسحاق برقم (5168) لكنه قال فيه: عن أبيه، عن عمه خالد بن سعيد الأكبر أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره، وجعله من مسند خالد بن سعيد. ولم يدرك سعيدُ بن عمرو عمَّه خالد بن سعيد، ففيه انقطاع كما قال الذهبي في "التلخيص" وابن حجر في "إتحاف المهرة"(4438).

والخَميصة: ثوب من خزٍّ أو صوف مُعْلَم، وقيل: لا تُسمَّى خميصةً إلّا أن تكون سوداء معلمة وكانت من لباس الناس قديمًا.

والعَلَم: العلامة من طراز وغيره.

(2)

إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني. =

ص: 308

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2400 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا محمد بن عبد الوهاب العَبْدي.

وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إسحاق بن الحسن بن ميمون الحَرْبي؛ قالا: حدثنا سُريج بن النعمان الجَوهري، حدثنا أبو عَوَانة، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من سألكُم بالله فأَعْطُوه، ومَن استعاذكُم باللهِ فأعيذُوه، ومَن آتى إليكُم معروفًا فكافِئوه، فإن لم تَجِدُوا فادعُوا له حتى تعلَمُوا أنكم كافأْتُموهُ، ومن استجارَكُم باللهِ فأجِيرُوه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، للخلاف الذي بين أصحاب الأعمش فيه

(2)

.

2401 -

أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا إبراهيم بن هِلال، حدثنا علي بن الحَسن بن شقيق، حدثنا الحُسين بن واقِد، حدثني عبد الله بن بُريدة، عن أبيه: أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم بحِمار وهو يمشي، فقال: اركَبْ يا رسول الله، فقال:

= وأخرجه أبو داود (4812) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (9938) من طريق يحيى بن حماد، عن حماد بن سلمة، به.

وأخرجه أحمد 20/ (13075) و (13122)، والترمذي (2487) من طريق حميد بن أبي حميد الطويل، عن أنس. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

(1)

إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكُري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومجاهد: هو ابن جبر المكي.

وأخرجه أحمد 10/ (5743) عن سريج بن النعمان، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم من طريق مسلم بن إبراهيم عن أبي عوانة برقم (1519/ 1)، ومن ثلاثة طرق أخرى عن الأعمش بالأرقام (1519) و (1519/ 2) و (1519/ 3).

(2)

قدّم المصنف بيان ذلك بالأرقام (1519 - 1519/ 3).

ص: 309

"إنَّ صاحبَ الدابَّةِ أحقُّ بصَدْرِ دابَّتِه إلّا أن تجعلَه لي" قال: قد فَعَلْتُ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2402 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشاذَ العَدْل، قالا: حدثنا عُبيد بن عبد الواحد، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكر بن سَوَادة أخبره عن أبي سالم الجَيْشاني، عن زيد بن خالد الجُهَني، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن آوى ضالَّةً فهو ضالٌّ ما لم يُعرِّفْها"

(2)

.

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل الحسين بن واقد، فهو صدوق لا بأس به، وإبراهيم بن هلال حسن الحديث وهو متابَع.

وأخرجه أحمد 38/ (22992)، وابن حبان (4735) من طريق زيد بن الحباب، وأبو داود (2572)، والترمذي (2773) من طريق علي بن الحُسين بن واقد، كلاهما عن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد.

وقد رواه حبيب بن الشهيد عن عبد الله بن بريدة، فأرسله، أخرجه من طريقه ابن أبي شيبة 8/ 561، والبيهقي 5/ 258.

وله شواهد استوفينا ذكرها في "مسند أحمد" عند حديث بريدة هذا.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن أيوب - وهو الغافقي - وقد توبع.

أبو سالم الجيشاني: هو سفيان بن هانئ.

وأخرجه أحمد 28/ (17055)، ومسلم (1725)، والنسائي (5774)، وابن حبان (4897) من طريق عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد (17055) من طريق عبد الله بن لَهيعة، عن بكر بن سوادة، به.

قال النووي في "شرح مسلم" 12/ 28: هذا دليل للمذهب المختار أنه يلزمه تعريف اللقطة مطلقًا سواءًا أراد تملّكها أو حفظها على صاحبها، وهذا هو الصحيح. ويجوز أن يكون المراد بالضالة هنا ضالة الإبل ونحوها مما لا يجوز التقاطه للتملك، بل إنها تُلتقط للحفظ على صاحبها، فيكون معناه: من آوى ضالة فهو ضالٌّ ما لم يعرّفها أبدًا. والمراد بالضالّ المفارق للصواب.

ص: 310

2403 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي.

وأخبرني عبد الله بن محمد

(1)

بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب؛ قالا: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن سعيد الجُرَيري، عن أبي العلاء، عن مُطرِّف، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن اللُّقَطة، فقال:"تُعرَّفُ ولا تُغيَّبُ ولا تُكتَم، فإن جاء صاحِبُها، وإلّا فهو مالُ الله يُؤتِيهِ مَن يشاءُ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2404 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا ابن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن بُكير بن عبد الله بن الأشَجّ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عبد الرحمن بن عثمان التَّيمي:

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: يحيى. وإنما هو عبد الله بن محمد بن موسى الكعبي، وقد جاء على الصواب في عشرات المواضع من هذا الكتاب. وانظر ترجمته في "السير" 15/ 530.

(2)

إسناده صحيح، وصحَّحه الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار" (950). حماد: هو ابن سلمة، وهو ممَّن سمع من سعيد الجريري - وهو ابن إياس - قبل تغيُّره واختلاطه، وأبو العلاء: هو يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير، ومطرِّفٌ أخوه.

وأخرجه النسائي (5777) من طريق أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

ولحماد بن سلمة فيه إسناد آخر عند النسائي أيضًا (5777) يرويه عن خالد الحذاء عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن مطرِّف، عن عياض بن حمار فذكر فيه عياض بن حمار بدل أبي هريرة، فصار الاختلاف خالد الحذاء وبين سعيد الجُريري في تعيين الصحابي، ومثل هذا الاختلاف لا يضر بصحة الحديث، على أنَّ في حديث عياض ذكر الإشهاد على اللُّقطة بدل ذكر تعريفها، فكأنهما حديثان، والله تعالى أعلم.

وقد أخرجه بذكر عياض بن حمار: أحمد 29/ (17481) و 30/ (18336) و (18343)، وأبو داود (1709)، وابن ماجه (2505)، والنسائي (5776) و (5777)، و (5968)، وابن حبان (4894) من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي العلاء، عن أخيه مُطرِّف، عن عياض بن حمار.

ص: 311

أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لُقَطةِ الحاجِّ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد.

2405 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشاذَ؛ قال عليّ: حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، قال: سَمِعْناه من داود بن شابُور ويعقوب بن عطاء، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في كَنْز وجده رجلٌ، فقال:"إن كنتَ وجدْتَه في قريةٍ مسكونةٍ، أو في سبيلٍ مِيتاءٍ، فعَرِّفْه، وإن كنتَ وجدْتَه في خَرِبةٍ جاهليةٍ، أو في قريةٍ غير مسكونةٍ، أو غير سبيلٍ مِيتاءٍ، ففيه وفي الرِّكازِ الخُمسُ"

(2)

.

قد أكثرتُ في هذا الكتاب الحُجَجَ في تصحيح روايات عمرو بن شعيب إذا كان الراوي عنه ثقة، ولا يُذكَر عنه أحسنُ من هذه الروايات، وكنتُ أطلب الحجةَ الظاهرةَ في سماع شعيب بن محمد من عبد الله بن عمرو فلم أصِلْ إليها إلى هذا الوقت.

(1)

إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله.

وأخرجه أحمد 25/ (16070)، ومسلم (1724)، وأبو داود (1719)، والنسائي (5773)، وابن حبّان (4896) من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. زاد ابن حبان في روايته: قال ابن وهب: ولقطة الحاج بتركها حتى يجدها صاحبها.

(2)

إسناده حسن. الحميدي: هو عبد الله بن الزُّبَير الأسدي المكي، وسفيان: هو ابن عُيينة.

وأخرجه أحمد 11/ (6891)، وأبو داود (1710)، والنسائي (2285) و (5795 - 5797) من طرق عن عمرو بن شعيب، به. ورواية بعضهم مختصرة.

والطريق المِيتاء، أي: المسلوك، وهو مِفعال من الإتيان، والميم زائدة، وبابه الهمزة.

قال ابن الأثير في "النهاية": الركاز عند أهل الحجاز: كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض، وعند أهل العراق: المعادن. والقولان تحتملهما اللغة لأنَّ كلًّا منهما مركوز في الأرض، أي: ثابت. والحديث إنما جاء في التفسير الأول، وهو الكنز الجاهلي.

وقال أبو الطيب العظيم آبادي في "عون المعبود" 5/ 92 - 93: حديث عمرو بن شعيب فيه حكم للشيئين، الأول: ما وُجد مدفونًا في الأرض، وهو الركاز، والثاني: ما وُجد على وجه الأرض في خربة جاهلية أو قرية غير مسكونة أو غير سبيل مِيتاء، ففيهما الخمس.

ص: 312

2406 -

حدثني أبو الحسن علي بن عمر الحافظ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد الفقيه النَّيسابوري، حدثنا محمد بن يحيى الذُّهْلي وأحمد بن منصور الرَّمادي وعلي بن حرب الموصلي، قالوا: حدثنا محمد بن عُبيد، حدثنا عُبيد الله بن عُمر، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه: أنَّ رجلًا أتى عبد الله بن عمرو يسأله عن مُحْرمٍ وقعَ بامرأةٍ، فأشار إلى عبد الله بن عمر، فقال: اذهب إلى ذاك، فاسأله، قال شُعيبٌ: فلم يَعرفْه الرجلُ، فذهبتُ معه، فسألَ ابنَ عمر فقال: بَطَلَ حَجُّك، فقال الرجلُ: ما أصنعُ؟ قال: أَحرِمْ مع الناس واصنَعْ ما يصنعون، فإذا أدركتَ قابلًا، فحُجَّ وأَهْدِ، فرجَع إلى عبد الله بن عَمرو وأنا معه، فقال: اذهبْ إلى ابن عباس فسَلْه، قال شُعيبٌ: فذهبتُ معه إلى ابن عباس فسأله، فقال له كما قال ابنُ عمر، فرجع إلى عبد الله بن عمرو وأنا معه، فأخبره بما قال ابنُ عباس، ثم قال: ما تقولُ أنت؟ فقال: قَولي مثلُ ما قالا

(1)

.

هذا حديث ثقاتٌ رواتُه حفاظٌ، وهو كالآخِذِ باليد في صحة سماع شعيب بن محمد من جده عبد الله بن عمرو.

هذا آخر ما أدّى إليه اجتهادي من الزيادة في كتاب البيوع على ما خرَّجه الإمامان

(1)

إسناده حسن. وصحَّح إسناده البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 167، والمزي في "التهذيب" في ترجمة شُعيب بن محمد والد عمرو.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 167، وفي "معرفة السنن والآثار"(10342) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وهو في "سنن الدارقطني"(3000)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "السنن" 5/ 367.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 23/ 116 من طريق أبي طاهر المخلِّص، عن عبد الله بن محمد بن زياد، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13248 - عوامة) عن عبد الله بن نمير، وابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه الكبير"(2684) من طريق عتاب بن سعيد، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 23/ 117 من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، ثلاثتهم عن عُبيد الله بن عمر، به.

ص: 313

أبو عبد الله البخاري وأبو الحسين القُشَيري رضي الله عنهما. وقد ذكرتُ في ضمن هذا الكتاب كتبًا قد ترجمها البخاريُّ في آخرِ كتابِ البيوعِ؛ فمنها كتابُ السَّلَم، وكتاب الشُّفعة، وكتاب الإجارة، وكتاب الحَوَالة، وكتاب الحَرْث، وكتاب المُزارَعة، وكتاب المُساقاة، وكتاب العطايا، وكتاب الهِبات، وكتاب القِراض، وكتاب اللُّقَطة، وكتاب المَظالم، وكتاب التعفُّف عن المسألة، وكتاب الرهن، وكتاب الشَّرِكة، وكتاب العِتْق، وكتاب المُكاتَب، وكتاب الشهادات، وكتاب الصُّلح، وكتاب الشروط، وكتاب الوصايا، وكتاب الوقف، وإنما شرحتُها في آخر هذا الكتاب لئلّا يَتوهَّم مُتَوهِّمٌ أني أخلَيتُ كتابَ البُيوع عن هذه الكتب، والله المُعين على ما أُؤمِّله مِن تتبع آثار الإمامَين رضي الله عنهما، وهو حسبي ونِعْم الوكيلُ.

ص: 314

‌كتاب الجهاد

2407 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو الحسن محمد بن سِنان القَزّاز، حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، حدثنا سفيان الثَّوْري، عن الأعمش، عن مسلم البَطِين، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: لما أخرج أهلُ مكةَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال أبو بكر الصِّدّيق: إنا لله وإنا إليه راجعون، أخرَجُوا نبيهم صلى الله عليه وسلم، لَيَهلِكُنّ. قال: فنَزَلَت (أَذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتِلُونَ

(1)

بأَنَّهُم ظُلِمُوا وإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِم لَقَدِيرٌ) [الحج: 39]. وكان ابن عبّاس يقرؤُها (أَذِنَ). قال أبو بكر الصِّدِّيق: فعلمتُ أنها قِتالٌ. قال ابن عباس: وهي أول آية نَزَلَت في القتال

(2)

.

(1)

كذلك هي قراءة ابن عباس بالبناء للفاعل في كلا الفعلين "أذن" و"يقاتلون" يعني: أذن اللهُ للذين يقاتلون المشركين في سبيله بالقتال لظلم المشركين لهم، وكذلك هي قراءة ابن كثير وحمزة والكسائي، وقرأ نافع وحفص عن عاصم ببناء الفعلين للمفعول، وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم ببناء الأول للمفعول والثاني للفاعل، وعكسه ابن عامر. انظر "الهداية إلى بلوغ النهاية" لمكي بن أبي طالب 7/ 4896، و"الدر المصون" للسَّمين الحلبي 8/ 281 - 282.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل محمد بن سنان القزاز، وقد توبع. وقد اختُلف في وصل هذا الحديث وإرساله عن سفيان الثَّوري، كما نبَّه عليه الترمذيُّ بإثر الحديث (3171)، والدارقطني في "العلل"(22)، فوصله عن الثَّوري: إسحاق بن يوسف الأزرق وأبو حذيفة النَّهدي كما سيأتي برقم (3005)، وعُبيد الله الأشجعي فيما قاله الدارقطني، وخالفهم أبو أحمد الزُّبَيري وعبد الرحمن بن مهدي فيما حكاه الترمذي، فروياه عن سفيان الثَّوري مرسلًا، ليس فيه ذكر ابن عباس، لكن الذين وصلوه ثقاتٌ حفاظٌ، وكذلك رواه موصولًا شعبةُ عن الأعمش كما سيأتي برقم (4317)، وقيسُ بن الربيع عن الأعمش، فلا يضر إرسال من أرسله حينئذٍ، والله أعلم.

وأخرجه أحمد 3/ (1865) عن إسحاق بن يوسف، وأخرجه الترمذي (3171) عن سفيان بن وكيع، والنسائي (4278) و (11282) عن عبد الرحمن بن محمد بن سلام، وابن حبان (4710) من طريق أحمد بن إبراهيم الدَّورَقي، أربعتهم (أحمد وسفيان بن وكيع وعبد الرحمن بن محمد =

ص: 315

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2408 -

أخبرنا أبو العباس قاسم بن القاسم السَّيّاري بمَرْو، حدثنا محمد بن موسى بن حاتم الباشَاني، حدثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، حدثنا الحُسين بن واقِد، عن عمرو بن دينار، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ عبد الرحمن بن عوف وأصحابًا له أتَوُا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا نبيَّ الله، كنا في عزٍّ

(1)

ونحن مشركون، فلما آمنّا صِرْنا أذلةً! فقال:"إني أُمرتُ بالعفو، فلا تُقاتِلوا القومَ"، فلما حَوَّله إلى المدينة أمرَهُ بالقتال، فكَفُّوا، فأنزل الله تبارك وتعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ} [النساء: 77]

(2)

.

= والدَّورقي) عن إسحاق بن يوسف، بهذا الإسناد - لكن لم يذكر أحد منهم قراءة ابن عباس.

وقال الترمذي: حديث حسن.

وكذلك رواه قيس بن الربيع عن الأعمش عند الطبري في "تفسيره" 17/ 172، والبزار (5148)، والطبراني في "الكبير"(12336)، وغيرهم.

وخالفهم أبو أحمد محمد بن عبد الله الزُّبَيري عند الترمذي (3172) - في رواية أبي حامد التاجر وأبي ذر الترمذي عن أبي عيسى الترمذي - فرواه عن الثَّوري، عن الأعمش، عن مسلم البَطين، عن سعيد بن جبير، مرسلًا. ولم نقف عليه من رواية عبد الرحمن بن مهدي عن الثَّوري - التي أشار إليها الترمذي آنفًا - فيما بأيدينا من مصادر الحديث.

وستأتي قراءة ابن عباس لهذه الآية مفردةً برقم (3511) من طريق أبي نُعيم عن سفيان الثَّوري. وتابع أبا نعيم عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 39.

(1)

في (ز): عزوة، بالعين المهملة ثم الزاي ثم واو بعدها تاء مربوطة، ويمكن حملها على معنى: كنا في نَسَب من قومنا يجعلنا أعزةً.

(2)

حديث قوي، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن موسى بن حاتم، وقد توبع. والحسين بن واقد قوي الحديث.

وأخرجه النسائي (4279) و (11047) عن محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، عن أبيه، بهذا الإسناد.

وسيتكرر برقم (3239)، لكن شيخ السيّاري هناك إبراهيم بن هلال، بدل محمد بن موسى.

ص: 316

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2409 -

أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا رَوْح بن عُبادة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا رَوْح، حدثنا حبيب بن شهاب العَنْبَري قال: سمعت أبي يقول: أتيتُ ابنَ عباس أنا وصاحبٌ لنا، قال: فلقِيْنا أبو هريرة عند باب ابن عباس، فقال: مَن أنتُما؟ فأخبرْناه، فقال: انطلقا إلى ناسٍ على تمر وماءٍ، إنما يسيلُ وادٍ بقَدَرِه، قلنا: كثُر خَيْرُك، استأذِن لنا على ابنِ عباس، فاستأذَنَ لنا، فسمعْنا ابنَ عباس يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: خَطَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ تَبوك، فقال:"ما في الناس مِثلُ رجلٍ آخذٍ بعِنانِ فرسِهِ، فيُجاهد في سبيل الله، ويَجتَنِبُ شُرورَ الناسِ، ومِثلُ رجلٍ بادٍ في غَنَمِه، يَقْرِي ضَيفَه، ويُؤدّي حقَّه"، قال: فقلتُ: أقالَها؟ قال: قالها، قال: فقلت: أقالها؟ قال: قالها - ثلاثًا - فكبَّرتُ وحَمِدتُ وشَكَرتُ

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في "مسند أحمد" 5/ (2837).

وأخرجه أحمد أيضًا 3/ (1987) عن يحيى بن سعيد القطان، عن حبيب بن شهاب، به - دون قصة الدخول على ابن عباس.

وأخرج المرفوع منه بنحوه دون القصة أيضًا أحمد 4/ (2116) و 5/ (2958)، والترمذي (1652)، والنسائي (2361)، وابن حبان (604) و (605) من طريق عطاء بن يسار، عن ابن عباس. وزاد:"أفأخبركم بشرّ الناس منزلةً؟ " قالوا: نعم، قال:"الذي يُسأل بالله ولا يُعطي به".

وسيأتي عند المصنف كذلك برقم (8585) و (8639) من طريق طاووس عن ابن عباس، بلفظ: "خير الناس في الفتن

" الحديث بنحوه. وهذا هو الصحيح في فقه الحديث، كما قال ابن رجب في "شرح البخاري" 1/ 107: بأنَّ الروايات المقيَّدة بالفتن تقضي على الروايات المطلقة.

ص: 317

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2410 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وأبو محمد بن موسى العَدْل، قالا: حدثنا علي بن الحسين بن الجُنيد، حدثنا المعافَى بن سليمان، حدثنا فُليح بن سليمان، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن مَعْمَر، عن سعيد بن يَسار، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ألا أُخبِرُكم بخَيرِ الناس منزلةً؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال:"رجلٌ آخِذٌ بعِنانِ فَرسِه في سبيل الله حتى يُقتَلَ أو يموتَ، ألا أُخبِرُكم بالذي يَليهِ: رجلٌ مُعتزِلٌ في شِعْبٍ، يُقيم الصلاةَ، ويُؤتي الزكاة، ويَشهَد أن لا إلهَ إلّا الله"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2411 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حَبيب، عن أبي الخَير، عن أبي الخطّاب، عن أبي سعيد الخُدْري: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عامَ تبوكَ خَطَبَ الناسَ وهو مُضِيفٌ ظَهْرَه إلى نخلة، فقال: "ألا أُخبِرُكُم بخيرِ الناس وشرِّ الناسِ،

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل فليح بن سليمان، فحديثه حسن في المتابعات والشواهد، وقد روي هذا الحديث عن أبي هريرة من وجوه أُخر كما سيأتي.

وأخرجه أحمد 16/ (10779) عن عبد الملك بن عمرو العقدي وسريج بن النعمان، كلاهما عن فُليح، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 15/ (9723)، ومسلم (1889)، وابن ماجه (3977)، والنسائي (8779) و (11213)، وابن حبان (4600) من طريق بعجة بن عبد الله بن بدر الجهني، وأحمد 15/ (9142) من طريق أبي وهب مولى أبي هريرة، و 16/ (10766) من طريق شهاب بن مُدلج، ثلاثتهم عن أبي هريرة. لكن في إسناد رواية أبي وهب أبو معشر نجيح السِّنْدي، وهو ضعيف، وفي رواية شهاب بن مُدلِج امرأة مجهولة هي القلوص بنت عُليبة.

وسيأتي عند المصنف بنحوه أيضًا بالأرقام (2491) و (8536) و (8643) و (8782) من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن نافع بن سرجس، عن أبي هريرة، مرفوعًا وموقوفًا. لكن قُيِّد هناك بأنَّ ذلك في أيام الفتن، قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "شرح البخاري" 1/ 107: الروايات المقيَّدة بالفتن تقضي على الروايات المطلَقة.

ص: 318

إنَّ مِن خيرِ الناسِ رجل

(1)

عَمِلَ في سبيل الله على ظَهْر فَرسِه، أو على ظهر بَعيرِه، أو على قَدَمَيه، حتى يأتيَه الموتُ، وإنَّ من شرّ الناسِ رجل فاجر جَريء، يقرأَ كتابَ الله، لا يَرْعَوِي إلى شيءٍ منه"

(2)

.

(1)

كذا ورد هذا الاسم هنا وفي الجملة التالية على صورة المرفوع، مع أن حقّه النصب، وتخريج ذلك كما يقول السِّندي في "حاشيته على النسائي" 6/ 12 بأنه إما منصوب وترك الألف كتابة في المنصوب عندهم كثير، أو مرفوع والتقدير: إنَّ الشأن من خير الناس رجلٌ.

(2)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي الخطاب - وهو المصري - وله طريق أخرى فيها انقطاع لكنها بانضمامها لهذه الطريق يتحسن الحديثُ إن شاء الله، مع ما له من شواهد. ابن وهب: هو عبد الله، وأبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليزني.

وأخرجه أحمد 17/ (11319) و (11374) و 18/ (11569)، والنسائي (4299) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن المبارك في "الجهاد"(168) عن هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال قال: قال أبو سعيد الخُدْري، فذكر نحوه. وإسناده منقطع لأنَّ سعيد بن أبي هلال ممَّن عاصر صغار التابعين.

ويشهد لشطره الأول عموم حديث أبي عَبْس عند البخاري (907) و (2811) بلفظ: "من اغبرَّت قدماه في سبيل الله حرَّمه الله على النار".

ولشطره الثاني شاهد من حديث أبي سعيد عند البخاري (3610)، ومسلم (1064) في ذكر ذي الخويصرة التميمي واعتراضه على رسول الله صلى الله عليه وسلم في القَسْم، ولفظه "إنَّ له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمِيّة" الحديث.

ونحوه عن سهل بن حنيف عند البخاري (6934)، ومسلم (1068)، وعن علي بن أبي طالب عند مسلم (1066).

وعن ابن مسعود عند مسلم (822) بلفظ: "إنَّ أقوامًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم".

كما يشهد له حديث سمرة بن جندب عند البخاري (1386) في رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: "الذي رأيته يُشدخ رأسُه فرجل علمه الله القرآن، فنام عنه بالليل، ولم يعمل فيه بالنهار، يفعل به إلى يوم القيامة".

وانظر حديث أبي سعيد الآتي برقم (2421). =

ص: 319

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2412 -

أخبرني الحسن بن حليم المروَزي، أخبرنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد بن مَعْن الغِفاري أبو مَعْن، حدثنا زُهْرة بن مَعْبد القرشي، عن أبي صالح مولى عثمان، قال: سمعت عثمان بن عفّان في مسجد الخَيْف بمنًى، وحدثنا أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يومٌ في سبيلِ الله خيرٌ من ألفِ يومٍ فيما سواهُ"، فليَنْظُر كلُّ امرئٍ لنفسِه

(1)

.

= قوله: "مُضيف ظهره" أي: مُسنِدُه.

وقوله: "لا يَرعَوِي" أي: لا يَنْكَفُّ ولا يَنْزجِرُ.

(1)

إسناده حسن، أبو صالح مولى عثمان وثقه العجلي وابن حبّان، وقال العجلي: روى عنه زهرة بن معبد وأهل مصر، وحسّن حديثه هذا الترمذي وصحَّحه ابن حبان، واختُلف في اسمه فقيل: بركان، وقيل: الحارث.

وأخرجه النسائي (4364) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وابن حبان (4609) من طريق حِبّان بن موسى، كلاهم عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. ولم يذكر ابن مهدي في روايته قوله: فلينظر كل امرئٍ لنفسه.

وأخرجه أحمد 1/ (442) من طريق عبد الله بن لهيعة، وأحمد (470) و (558)، والترمذي (1667)، والنسائي (4363) من طريق الليث بن سعد، كلاهما عن زُهْرة بن معبد، به. لكن بلفظ: "رباط يوم في سبيل الله

" ولم يذكر الليث في روايته قوله في آخر الحديث: فلينظر كل امرئ لنفسه.

وسيأتي عند المصنف من طريق الليث برقم (2667) و (2668).

وجزم المنذري في "الترغيب" 2/ 156، وابن كثير في "تفسيره" عند تفسير آخر آية من آل عمران بأنَّ هذا الحرف الأخير مُدرَج من قول عثمان بن عفان غير مرفوع، ويؤيده عدم وُرُوده في رواية ابن مهدي عن ابن المبارك، ولا في رواية الليث بن سعد عن زُهْرة بن معبد، بل جاء في رواية أبي الوليد الطيالسي عن الليث عند الترمذي مُفصِّلًا المرفوع عن الموقوف، حيث قال عثمان في روايته: إني كَتمْتُكُم حديثًا سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كراهيةَ تفرُّقِكم عنّي، ثم بدا لي أن أحدِّثَكموه، ليختار امرؤ لنفسه ما بدا له، ثم ذكر الحديث.

وانظر ما سيأتي برقم (2457).

ص: 320

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2413 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ابن أبي ذُباب، عن أبي هريرة: أنَّ رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِشِعْب فيه عُيَينةٌ من ماءٍ عَذْب، فأعجبه طِيبُه وحُسنُه، فقال: لو اعتزلتُ الناسَ وأقمتُ في هذا الشِّعْبِ، ثم قال: لا أفعلُ حتى أستأمِرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذَكَر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"لا تَفعلْ، فإنَّ مَقامَ أحدِكُم في سبيل الله أفضلُ من صلاته في أهله ستين عامًا، ألا تحبُّون أن يغفرَ اللهُ لكم، ويُدخلَكُم الجنةَ اغزُوا في سبيلِ الله، مَن قاتَلَ في سبيل الله فُواقَ ناقةٍ، وَجَبَت له الجنةُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2414 -

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا عبد الله بن صالح المصري، حدثنا يحيى بن أيوب، عن هشام بن حسّان، عن الحسن، عن عمران بن حُصَين، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَقامُ الرجلِ في

(1)

المرفوع منه صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل هشام بن سعد.

ابن وهب: هو عبد الله، وابن أبي ذُباب: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن سعد.

وأخرجه أحمد 15/ (9762) و 16/ (10786) والترمذي (1650) من طرق عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد. وحسَّنه الترمذي.

ويشهد للمرفوع في فضل المقام في سبيل الله، حديثُ عمران بن حُصين الذي بعده، ورجاله لا بأس بهم.

ويشهد للمرفوع في القتال في سبيل الله فُواق ناقة، حديثُ معاذ بن جبل الآتي عند المصنف برقم (2441)، وهو حديث صحيح.

ويشهد للقصة مع ذكر فضل المقام في سبيل الله، حديثُ أبي أُمامة عند أحمد 36/ (22291)، وإسناده ضعيف.

قوله: "فُواق الناقة" بضم الفاء وتفتح: هو قدر ما بين الحَلبَتَين من الراحة.

ص: 321

الصَّفِّ في سبيلِ الله، أفضلُ عندَ الله من عبادة رجلٍ ستين سنةً"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2415 -

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عُقبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أبو الوليد محمد بن أحمد بن بُرْد الأنطاكي، حدثنا محمد بن كثير المِصِّيصي، حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن سَلَام قال: قَعَدْنا نفرٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: لو نعلَمُ أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله، عمِلناهُ. فأنزل الله عز وجل:{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} إلى آخر السورة، فقرأها علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هكذا

(2)

.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، وعبد الله بن صالح - وهو كاتب الليث بن سعد- متابع، والحسن - وهو البصري - مختلَف في سماعه من عمران، وقد جزم الحاكم في غير موضع من هذا الكتاب بسماعه منه، والجمهورُ على أنه لم يسمع.

وأخرجه الدارمي (2441)، وابن أبي عاصم في "الجهاد"(139)، والبزار (3509)، وابن الأعرابي في "معجمه"(2241)، والطبراني في "الأوسط"(8708)، وفي "الكبير" 18/ (377)، والبيهقي في "السنن" 9/ 161، وفي "شعب الإيمان"(3926)، وابن عساكر في "الأربعون في الحث على الجهاد" الحديث الثالث عشر، وأبو الفرج بن أبي العز الواسطي المقرئ في "الأربعين في الجهاد"(25) من طرق عن عبد الله بن صالح، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (3526)، والعقيلي في "الضعفاء"(109)، والطبراني في "الكبير" 18/ (417) من طريق يحيى بن سليم الطائفي، عن إسماعيل بن عُبيد الله بن سلمان، عن الحسن، عن عمران. وإسماعيل هذا روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات"، ويقال في اسم جده: سُليم، أو سليمان، وفي اسم أبيه: عبد الله.

ويشهد له حديث أبي هريرة السابق.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل محمد بن كثير المصيصي، وهو متابع في الطريق التالي، والطريقين الآتيين برقم (2418) و (3848). الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو.

وأخرجه الترمذي (3309) عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد. =

ص: 322

قال الأوزاعيُّ: وقرأها علينا يحيى بنُ أبي كثير بمكة، قال محمدُ بن كثير: وقرأها علينا الأوزاعيُّ هكذا، قال أبو الوليد: وقرأها علينا ابنُ كثير هكذا، قال أبو الحسن بن عُقبة: وقرأها علينا أبو الوليد هكذا، قال الحاكم: وقرأها علينا الشيخُ أبو الحسن الشَّيباني هكذا، وقرأها علينا الحاكمُ أبو عبد الله؛ السورةَ من أولها إلى آخرها.

رواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، وبيّن السماعَ من أول الإسناد إلى آخره.

2416 -

أخبرَناه أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة، حدثني عبد الله بن سَلَام، قال: كنا قعودًا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقلنا: لو نعلم أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله، فذكر الحديثَ بنحوه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وأكبرُ ظني أنَّ الذي حملهما على تركه روايةُ الهِقْل بن زياد بخلاف رواية الوليد بن مسلم وغيره:

2417 -

أخبرَناه أبو الحسن إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، حدثنا جَدِّي، حدثنا أبو صالح المِصري، حدثنا الهِقْل بن زياد، حدثني الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، حدثه أنَّ عبد الله بن سَلَام حدثه.

= وسيأتي برقم (2935) من طريق إبراهيم بن هيثم البلدي عن محمد بن كثير.

وسيأتي برقم (2417) من طريق الهقل بن زياد عن الأوزاعي، لكن قال فيه الأوزاعي: عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن سلام، أو قال الأوزاعي: عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سلام. هكذا رواه بالشك، وتابع الهقل على روايته كذلك بالشك عبدُ الله بن المبارك.

(1)

إسناده صحيح، وقد رواه عن الوليد بن مسلم اثنان آخران هما هشام بن عمار ودُحيم عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي.

وأخرجه ابن حبان (4594) من طريق هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.

ورواية دُحيم عند ابن أبي عاصم في "الجهاد"(141)، والطبراني في "الكبير"(14989).

ص: 323

أو قال الأوزاعي: حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سَلَمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سَلَام، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: لو عَلِمْنا أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله، فذكر الحديثَ

(1)

.

وهذا لا يُعلِّل حديث الوليد بن مسلم، فإن الهِقْل بن زياد وإن كان محلُّه الإتقانُ والثَّبَتُ فإنه شكَّ في إسناده، ومن الدليل على صحة إسناد أبي سلمة أنَّ أبا إسحاق إبراهيم بن محمد الفَزَاري أحفظَ أصحابِ الأوزاعي، رواه بزيادة ألفاظٍ فيه بالإسناد الأول:

2418 -

أخبرَناه أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا محبوب بن موسى الأَنطاكي، حدثنا أبو إسحاق الفَزَاري، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سَلَام قال: اجتمَعْنا فتذاكَرْنا أيُّكم يأتي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فيسألَه: أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟ ثم تفرّقْنا وهِبْنا أن يأتيَه أحدٌ، فأرسل إلينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَجَمَعَنا، فجعل يُومِئُ بعضُنا إلى بعض، فقرأ علينا:{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} إلى آخر السورة

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل أبي صالح المصري - وهو عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد - وقد توبع.

وأخرجه أحمد (23789) عن يعمر بن بشر، عن عبد الله بن المبارك، عن الأوزاعي، بهذين الإسنادين. وجعل الشك فيه من الأوزاعي.

وأخرجه أحمد أيضًا (23788) عن يحيى بن آدم، عن ابن المبارك، عن الأوزاعي، به، لكنه أسقط من إسناده الأول ذكر هلال بن أبي ميمونة، والصحيح ذكره كما في رواية يعمر بن بشر، وكما رواه حِبّان بن موسى عن ابن المبارك فيما قاله الدارقطني، كما في "اللطائف من دقائق المعارف" لأبي موسى المديني بإثر (138).

وكرواية يعمر بن بشر رواه سعيدُ بن رحمة عن ابنُ المبارك في كتابه "الجهاد"(1).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل محبوب بن موسى، وتابعه معاوية بن عمرو =

ص: 324

قال أبو سلمة: فقرأها علينا عبد الله بن سلَام إلى آخرها، قال يحيى بن أبي كثير: وقرأها علينا أبو سلمة من أولها إلى آخرها، قال الأوزاعي: وقرأها علينا يحيى من أولها إلى آخرها، وقال أبو إسحاق: وقرأها علينا الأوزاعي من أولها إلى آخرها. قال محبوبٌ: وقرأها علينا أبو إسحاق من أولها إلى آخرها؛ يعني سورةَ الصَّفِّ.

2419 -

حدثني علي بن حَمْشاذَ العَدْل، أخبرنا هشام بن علي السَّدُوسي، أنَّ موسى بن إسماعيل حدَّثهم، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عِمران الجَوْني، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه، أنه قال وهو مُصافُّ العَدوِّ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ الجنةَ تحت ظِلال السُّيوفِ". قال شابٌّ رَثُّ الهيئة: أنت سمعتَ هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، فكَسَر جَفْنَ سيفه معه، ثم قال لأصحابه: السلامُ عليكم، ثم دخل في القتال

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2420 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن عيّاش بن عبّاس، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال [لي] رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أتعلَمُ أولَ زُمرةٍ تَدخُلُ الجنةَ من أمتي؟ " قال: الله ورسوله أعلمُ، قال: "فقراءُ المهاجرين، يأتون يومَ القيامة إلى باب الجنة ويَستَفْتِحون، فيقول لهم الخَزَنة: أوَقَد حُوسِبتُم؟

= الأزدي فيما يأتي برقم (3848). أبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث.

وانظر ما قبله.

(1)

إسناده جيد من أجل جعفر بن سليمان: وهو الضُّبَعي. أبو عمران الجَوني: هو عبد الملك بن حبيب.

وأخرجه أحمد 32/ (19538) و (19680)، ومسلم (1902)، والترمذي (1659)، وابن حبان (4617) من طرق عن جعفر بن سليمان، بهذا الإسناد.

والمرفوع منه صحيح لغيره، فله شاهد من حديث عبد الله بن أبي أوفى سيأتي برقم (2444)، وهو في "الصحيحين".

ص: 325

قالوا: بأي شيء نُحاسَبُ، وإنما كانت أسيافُنا على عَواتِقِنا في سبيل الله، حتى مِتْنا على ذلك"، قال: "فيُفتَحُ لهم، فيَقِيلُون فيه أربعين عامًا قبل أن يَدخُل الناسُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2421 -

أخبرنا أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان

(2)

بن سعيد الدارمي، حدثنا هشام بن عبد الملك الطَّيالسي، حدثنا سليمان بن كثير، حدثنا الزُّهْري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد الخُدْري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سُئِلَ: أَيُّ المؤمنين أكمَلُ إيمانًا؟ قال: "الذي يجاهِدُ في سبيلِ الله بنَفْسِه ومالِه، ورجلٌ يعبُد الله في شِعْبٍ من الشُّعَبِ، وقد كفى الناسَ شَرَّهُ"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وأبو عبد الرحمن الحُبُلي: هو عبد الله بن يزيد المَعَافري.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(3955) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو عوانة (7471) عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، به.

وأخرجه مختصرًا بذكر دخول فقراء المهاجرين قبل الأغنياء بأربعين عامًا: أحمد 11/ (6578) وابن حبان (678) من طريق أبي هانئ حميد بن هانئ الخولاني، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، به.

وبنحوه أخرجه النسائي (5845) و (11792)، وابن حبان (677) من طريق جبير بن نُفير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص.

وانظر ما سيأتي برقم (2424).

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: محمد.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سليمان بن كثير - وهو العبدي - وقد توبع.

وأخرجه أبو داود (2485) عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 18/ (11535) عن عفان بن مسلم، عن سليمان بن كثير، به

وأخرجه أحمد 17/ (11125) من طريق النعمان بن راشد، وأحمد 17/ (11322)، ومسلم (1888) من طريق معمر بن راشد، وأحمد 18/ (11838)، والبخاري (2786) و (6494) من طريق شعيب بن أبي حمزة، ومسلم (1888)، وابن ماجه (3978)، والنسائي (4298)، وابن حبان (606) و (4599) من طريق محمد بن الوليد الزُّبيدي، ومسلم (1888)، والترمذي (1660) من طريق الأوزاعي، كلهم عن الزُّهْري، به. =

ص: 326

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2422 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني أبو هانئ، عن عمرو بن مالك الجَنْبي، أنه سمع فَضَالة بن عُبيد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا زَعيمٌ - والزعيمُ الحَمِيل - لمن آمنَ وأسلَم وجَاهَد في سبيل الله ببَيتٍ في رَبَضِ الجنةِ، وببيت في وسط الجنة، وأنا زعيمٌ لمن آمنَ وأسلَم وهاجَر ببيتٍ في رَبَضِ الجنة، وببيتٍ في وَسَط الجنة، وببيتٍ في أعلى الجنة، مَن فعلَ ذلك فلم يَدَع للخيرِ مَطلَبًا، ولا من الشرِّ مَهرَبًا، يموت حيثُ شاءَ أن يموتَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2423 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حَجّاج بن مِنْهال حدثنا حماد بن سَلَمة، عن قَتَادة، عن مُطرِّف، عن عمران بن حُصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفةٌ من أُمَّتي يُقاتِلُون على الحقِّ ظاهِرين على مَن ناوَأَهم، حتى يُقاتِلَ آخرُهم المسيحَ الدجال"

(2)

.

= وانظر ما تقدم برقم (2411)

(1)

إسناده صحيح. أبو هانئ: هو حميد بن هانئ الخولاني، وابن وهب: هو عبد الله.

وقد تقدم مختصرًا برقم (2386) عن أبي العباس، عن بحر بن نصر الخولاني، عن ابن وهب.

(2)

إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دِعامة السدوسي، ومُطرِّف: هو ابن عبد الله بن الشِّخِّير. وأخرجه أحمد (19920) عن أبي كامل وعفان بن مسلم، وأبو داود (2484) عن موسى بن إسماعيل، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، به.

وسيأتي برقم (8596) من طريق موسى بن إسماعيل وحجاج بن منهال عن حماد بن سلمة.

وأخرجه أحمد (19851) عن بهز بن أسد، عن حماد بن سلمة، بلفظ:"حتى يأتي أمر الله، وينزل عيسى ابن مريم".

وأخرجه أحمد (19895) عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، عن سعيد الجُريري، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشِّخير، عن أخيه مطرف، عن عمران، موقوفًا. =

ص: 327

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2424 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، أنَّ أبا عُشّانة المَعَافِري حدثه، أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ أول ثُلَّةٍ تدخل

(1)

الجنةَ لَفُقَراءُ المهاجرين الذين تُتَّقى بهم المَكارِهُ، إذا أُمِروا سَمِعُوا وأطاعُوا، وإن كانت لرجل منهم حاجةٌ إلى السلطانِ لم تُقضَ له حتى يموتَ وهي في صَدْره، وإنَّ الله تعالى يدعُو يومَ القيامة الجنةَ، فتأتي بزُخْرُفِها وزينتِها، فيقول: أين عبادي الذين قاتَلُوا في سَبِيلي، وقُتِلوا، وأُوذُوا في سبيلي، وجاهَدوا في سبيلي، ادخُلُوا الجنةَ، فيدخُلُونها بغير حِسابٍ ولا عَذابٍ، وتأتي الملائكةُ فيقولون: ربَّنا نحن نُسبِّحُ لك الليلَ والنهارَ، ونُقدِّسُ لك، مَن هؤلاء الذين آثرتَهم علينا؟ فيقول الربُّ تبارك وتعالى: هؤلاءِ الذين قاتَلُوا في سبيلي، وأُوذُوا في سبيلي، فتدخُلُ عليهمُ الملائكةُ من كلِّ بابٍ: سلامٌ عليكُم بما صَبَرتُم فنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= وقوله: "ناوأهم" أي: ناهضهم للقتال، وأصله من ناء ينوء: إذا نهض.

(1)

في (ز): يدخلون.

(2)

إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وأبو عُشّانة: هو حيّ بن يُومِن.

وأخرجه بنحوه أحمد 11/ (6570)، وابن حبان (7421) من طريق معروف بن سُويد الجُذامي، وأحمد (6571) من طريق عبد الله بن لهيعة، كلاهما عن أبي عُشّانة المعافري، به.

وأخرجه مختصرًا أحمد (6650) من طريق سفيان بن عوف، عن عبد الله بن عمرو، بلفظ:"سيأتي أناس من أمتي يوم القيامة، نورهم كضوء الشمس" قلنا: من أولئك يا رسول الله؟ فقال: "فقراء المهاجرين الذي تُتَّقى بهم المكاره، يموت أحدهم وحاجته في صدره، يُحشرون من أقطار الأرض". وإسناده حسن وإن كان في إسناده ابنُ لهيعة، فقد رواه عنه ابن المبارك وأبو عبد الرحمن المقرئ، وكلاهما ممَّن سمع منه قديمًا قبل احتراق كتبه.

وانظر ما تقدم برقم (2420).

ص: 328

2425 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا عُبيد بن عبد الواحد، حدثنا يحيى بن بُكير، حدثنا الليث بن سعد، عن محمد بن عَجْلان، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"لا يجتمعان في النارِ اجتماعًا يَضُرُّ أحدَهما: مسلمٌ قَتَلَ كافرًا، ثم سَدَّد المسلمُ وقارَبَ، ولا يجتمعانِ في جوفِ عبدٍ: غُبارٌ في سبيل الله ودُخانُ جَهنَّم، ولا يجتمعانِ في قَلبِ عبدٍ: الإيمانُ والشُّحُّ"

(1)

.

(1)

حديث صحيح غير قصة اجتماع الإيمان والشح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه اختُلِف فيه على سهيل بن أبي صالح، فرواه عنه ابن عجلان كما وقع عند المصنف هنا، وخالفه أبو إسحاق الفزاري وحماد بن سلمة وغيرهما، فرووه عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، مقتصرين على القسم الأول منه.

وخالفه أيضًا جرير بن عبد الحميد وحماد بن سلمة ويزيد بن الهاد وخالد بن عبد الله الواسطي ووُهَيب بن خالد وأبو عوانة وإسماعيل بن عياش وسليمان بن بلال وغيرهم، فرووا القسمين الثاني والثالث من الحديث - وبعضهم يقتصر على أحدهما - عن سهيل بن أبي صالح عن صفوان بن أبي يزيد - وبعضهم يُسمي أبا يزيد سُليمًا - عن القعقاع بن اللجلاج - وبعضهم يقول: خالد بن اللجلاج، وبعضهم يقول: أبو اللجلاج - عن أبي هريرة، وهذا الوجه أصح من الوجه الذي رواه ابن عجلان. وقد تابع سهيلًا عليه محمد بن عمرو بن علقمة، إلّا أنه كان يسمي ابنَ اللجلاج في غالب رواياته حُصينًا. وكذا تابع سهيلًا عليه عبيد الله بن أبي جعفر، لكنه كان يقول: عن أبي العلاء بن اللجلاج. وأيًّا كان اسم هذا الرجل فهو مجهول.

فتحصَّل من هذا الاختلاف عن سهيل بن أبي صالح أنَّ القسم الأول صحيح محفوظ عن أبي هريرة، وأما القسمان الثاني والثالث فالمحفوظ فيهما رواية الجماعة عن سهيل، على الاختلاف في اسم ابن اللجلاج وهو مجهول، والله أعلم. على أنَّ القسمين الأول والثاني قد رُوي كلٌّ منهما من وجه آخر صحيح عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 14/ (8479) عن يونس بن محمد، والنسائي (4302) و (4360)، وابن حبان (4606) من طريق عيسى بن حماد، كلاهما عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. لكن قال عيسى بن حماد في روايته في القسم الثالث:"الإيمان والحسد" فذكر الحسد بدل الشح.

وأخرجه أحمد 13/ (7575) و 14/ (8637) من طريق حماد بن سلمة، وأحمد 15/ (9176)، =

ص: 329

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه

(1)

.

وقد رُوي عن سهيل بن أبي صالح بإسنادَين آخرين: أحدُهما عن صفوان بن أبي يزيد، عن أبي اللجلاج، عن أبي هريرة:

2426 -

أخبرَناه عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا يوسف بن موسى، حدثنا جَرير، عن سهيل، عن صفوان بن أبي يزيد، عن أبي اللَّجْلاج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجتمِعُ غُبارٌ في سبيلِ الله ودُخانُ جَهَنَّمَ في جَوفِ عبدٍ أبدًا، ولا يجتمِعُ شُحٌّ وإيمانٌ في قلبِ عبدٍ أبدًا"

(2)

.

= ومسلم (1891) من طريق أبي إسحاق الفزاري، كلاهما عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة بالقسم الأول وحده.

وأخرج القسم الأول أيضًا مسلم (1891) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، بلفظ:"لا يجتمع كافرٌ وقاتلُه في النار أبدًا".

وسيأتي القسم الثاني من وجه آخر صحيح عند المصنف برقم (7860)، وله شواهد ذكرناها في "مسند أحمد"(7480).

وانظر تالييه.

(1)

قد أخرج مسلم منه القسم الأول من طريقين عن أبي هريرة كما بيناه.

(2)

شطره الأول صحيح، والثاني لا يُعرف إلّا من هذا الوجه، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي اللجلاج، وقد اختُلِف في اسمه كما بيناه سابقًا على اختلاف في إسناده على سهيل كما بيّناه هناك. جرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه النسائي (4303) عن إسحاق بن راهويه، عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. غير أنه سمَّى أبا اللجلاج القعقاع بن اللجلاج.

وأخرجه النسائي (4305) من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد، وابن حبان (3251) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، به. وسمَّيا أبا اللجلاج أيضًا القعقاع بن اللجلاج.

وسيأتي بعده من طريق حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح.

وأخرجه أحمد 12/ (7480) و 15/ (9693)، والنسائي (4306) و (4307) من طريق محمد بن علقمة، عن صفوان بن أبي يزيد، به. لكنه سمى أبا اللجلاج حُصين بن اللجلاج. =

ص: 330

وقيل: عن سهيل، عن صفوان بن سُلَيم:

2427 -

حدَّثَناه أبو علي الحافظ، أخبرنا محمد بن الحسين بن مُكْرَم بالبصرة، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن سهيل بن أبي صالح، عن صفوان بن سُليم، عن أبي اللَّجْلاج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لا يَجتمِعُ غُبارٌ في سبيلِ الله ودُخانُ جَهنَّمَ في وجهِ رجلٍ مسلمٍ أبدًا"

(1)

.

2428 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن خَير بن نُعَيم، عن سهل بن مُعاذ، عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعثَ سَريّةً، فأتته امرأةٌ، فقالت: يا رسول الله، إنك بعثتَ هذه السريةَ، وإنَّ زوجي خَرَجَ فيها، وقد كنتُ أصومُ بصِيامِه، وأُصلي بصلاتِه، وأتعبَّدُ بعِبادتِه، فدُلَّني على عمل أبلُغُ به عملَه، قال:"تُصلِّين فلا تَقعُدِين، وتَصومِينَ فلا تُفطِرين، وتَذْكُرينَ فلا تَفْتُرِينَ"، قالت: وأُطيقُ ذلك يا رسول الله؟ قال:

= وأخرجه النسائي (4308) من طريق عُبيد الله بن أبي جعفر، عن صفوان بن أبي يزيد، عن أبي العلاء بن اللجلاج، عن أبي هريرة، موقوفًا.

وسيأتي شطره الأول من وجه آخر صحيح عن أبي هريرة برقم (7860).

(1)

صحيح، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. وقد اختُلِف فيه على حماد في تسمية أبي اللجلاج.

وأخرجه النسائي (4304) عن عمرو بن علي الفلاس، بهذا الإسناد. وسمى أبا اللجلاج خالد بن اللجلاج.

وأخرجه أحمد 14/ (8512) عن عثمان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، به. وسمى أبا اللجلاج القعقاع بن اللجلاج.

وأخرجه أحمد أيضًا 14/ (8512) عن عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن صفوان بن سُليم، به. وسمى أبا اللجلاج أيضًا القعقاع بن اللجلاج. لكن قال حماد بن سلمة في آخره: وقال أحدهما: القعقاع بن اللجلاج، وقال الآخر: اللجلاج بن القعقاع. يعني سهيلًا ومحمد بن عمرو.

وسيأتي من وجه آخر صحيح عن أبي هريرة برقم (7860).

ص: 331

"ولو طُوِّقْتِ ذلك، والذي نفسي بيَدِه ما بلغْتِ العُشَيرَ من عَمَلِهِ"

(1)

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2429 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا عُبيد بن شَريك، حدثنا أبو الجُماهِر محمد بن عثمان التَّنُوخي، حدثنا الهيثم بن حُميد، أخبرني العلاء بن الحارث، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، ائذنْ لي في السِّياحة، فقال:"إنَّ سِياحةَ أمتي الجهادُ في سبيلِ الله"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2430 -

حدثني أبو الحسن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مِهران، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن المُصفَّى، حدثنا علي بن عيّاش، حدثنا الليث بن سعد، حدثنا حَيْوةُ بن شُريح، عن ابن شُفَيٍّ، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "قَفْلةٌ كعُمْرةٍ

(3)

"

(4)

.

(1)

إسناده حسن. وقد صححه ابن خزيمة كما في "إتحاف المهرة"(16615).

وأخرجه أحمد 24/ (15633) من طريق زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، به.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبيد بن شريك: وهو عبيد بن عبد الواحد بن شريك.

وأخرجه أبو داود (2486) عن أبي الجُماهِر، بهذا الإسناد.

والسياحة: مفارقة الأمصار والذَّهاب في الأرض، كما كان فعل عُبَّاد بني إسرائيل.

(3)

هكذا في نسخنا الخطية وكذا في "تلخيص الذهبي"، وفي "إتحاف المهرة" (12165): كغزوة، وهو الموافق لسائر مصادر تخريج الحديث.

(4)

حديث صحيح بلفظ: "كغزوة"، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن المُصفَّى، وقد توبع. وابنُ شُفَيّ - وهو حُسين بن شُفَيّ بن ماتِع - قد جاء في أكثر مصادر تخريج الحديث أنه يروي هذا الحديث عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، وهو الراجح، وإن كان حسين بن شُفَي سمع من عبد الله بن عمرو بن العاص أيضًا في قول البخاري في "تاريخه الكبير" حيث جزم بذلك، وأورد قصة تدل على ذلك، وقد رواه ابن الجارود في "المنتقى"(1039) كالحاكم بإسقاط شفي من إسناده، فالله تعالى أعلم. =

ص: 332

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2431 -

أخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم البَزّاز ببغداد، حدثنا سِمَاك بن عبد الصمد، حدثنا أبو مُسهِر عبد الأعلى بن مُسهِر الغَسّاني، حدثنا إسماعيل بن عبد الله، حدثني الأوزاعي، حدثني سليمان بن حبيب، عن أبي أُمامة الباهلي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثةٌ كلُّهم ضامِنٌ على الله: رجلٌ خَرَج غازيًا في سبيل الله، فهو ضامِنٌ على الله حتى يَتَوفَّاهُ، فيُدخِلَه الجنةَ، أو يَرُدَّه بما نال من أجرٍ أو غنيمةٍ، ورجلٌ راحَ إلى المسجدِ، فهو ضامنٌ على الله حتى يَتَوفَّاهُ، فيُدخِلَه الجنةَ، أو يَرُدَّه بما نالَ من أجرٍ أو غنيمةٍ، ورجلٌ دَخَلَ بيتَه بالسَّلامِ، فهو ضامنٌ على الله"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2432 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عُمر

(2)

بن مالك الشَّرْعَبِي، عن عُبيد الله بن أبي جعفر، عن صفوان بن سُلَيم، عن سلمان الأغَرّ، عن أبي هريرة، قال: أمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بسَريّةٍ تخرُجُ، فقالوا: يا رسول الله، أنخرُجُ الليلةَ أم حتى نُصبِحَ؟ قال: "أوَلا تحبُّون

= وأخرجه أبو داود (2487) عن محمد بن المصفَّى، بهذا الإسناد. وزاد ذكر شفيٍّ في إسناده.

وأخرجه أحمد 11/ (6625) عن إسحاق بن عيسى بن الطبّاع، عن الليث بن سعد، به. وزاد ذكر شُفيٍّ في إسناده كذلك.

(1)

إسناده صحيح. وأبو بكر محمد بن إبراهيم البزاز: هو الحافظ أبو بكر الشافعي صاحب "الغَيلانيات"، ونسبه هنا لجده، واسم أبيه عبد الله.

وأخرجه أبو داود (2494) عن عبد السلام بن عَتيق، عن أبي مسهر، بهذا الإسناد.

وقوله: ضامنٌ، أي: مضمون، فاعل بمعنى مفعول، كقوله تعالى:{فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي: مَرضيَة، وقوله تعالى:{مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} أي: مدفوق. قاله الخطّابي.

(2)

وقع في (ز) وحدها: عَمرو، ثم كأنَّ الواو مُحيت فيها، وهذا هو الصحيح في اسمه، وقد ذكره الحافظ مرة أخرى فيمن اسمه عمرو في "تهذيب التهذيب"، وقال: صوابه: عُمر، بالضم. قلنا: وقد رواه البيهقي في "السنن" 9/ 158 عن الحاكم، فقال في روايته: عُمر، على الصواب.

ص: 333

أن تَبيتُوا في خِرَافٍ من خِرَافِ الجنة؟ "

(1)

.

والخَرِيفُ: الحديقةُ.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2433 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو سعيد محمد بن شاذان، حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز بن محمد [عن سُهيل بن أبي صالح]

(2)

عن محمد بن مسلم بن عائذ، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه: أنَّ رجلًا جاء إلى الصلاةِ والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصلي بنا، فقال حينَ انتهى إلى الصفِّ: اللهم آتِني أفضلَ ما تُؤتي عِبادَك الصالحين، فلما قَضَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الصلاةَ، قال:"مَنِ المُتكلِّمُ آنفًا؟ " فقال الرجلُ: أنا يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذًا يُعقرَ جَوادُك، وتُستَشهَدَ في سبيلِ الله"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2434 -

أخبرني عبد الله بن الحُسين القاضي، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا

(1)

حديث صحيح، وهذا إسنادٌ قوي من أجل عُمر بن مالك الشَّرْعبي، فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع.

وأخرجه النسائي (8783) عن الحارث بن مسكين، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وقد رواهُ ابنُ وهب أيضًا عن عبد الله بن لهيعة، كما وقع في رواية ابن المقرئ في "معجمه"(33). وروايته عنه جيدة قديمة قبل احتراق كتبه.

(2)

سقط من النسخ الخطية هنا، وثَبَتَ للمصنف في الرواية المتقدمة برقم (759) من طريق إبراهيم بن حمزة الزُّبَيري عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهو الصحيح، كما جاء في سائر مصادر تخريج الحديث.

(3)

حسن لغيره، محمد بن مسلم بن عائذ - وإن لم يرو عنه غير سهيل بن أبي صالح، وجهله أبو حاتم - وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات" وصحح حديثه، وصحَّحه كذلك ابن خزيمة، ولحديثه هذا ما يشهد له، كما تقدم برقم (759) من طريق إبراهيم بن حمزة الزُّبَيري عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي.

ص: 334

يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق، حدثني الحارث بن فُضَيل الأنصاري، عن محمود بن لَبِيد الأنصاري، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشهداءُ على بارِقٍ - نهرٍ بباب الجنة - في قُبَّةٍ خَضراءَ، يَخرُج عليهم رِزقُهم بُكرةً وعَشيًّا"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2435 -

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن سلمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا محبُوب بن موسى، حدثنا أبو إسحاق الفَزَاري

(2)

، عن عبد الرحمن بن عيّاش، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن أبي أُمامة، عن عُبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالجهادِ في سبيل الله، فإنه بابٌ من أبوابِ الجنّةِ، يُذهِبُ اللهُ به الهَمَّ والغَمَّ"

(3)

.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق: وهو ابن يسار المطَّلبي.

وأخرجه أحمد 4/ (2390)، وابن حبان (4658) من طريق إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

(2)

تحرَّف في (ز) إلى: الفروي.

(3)

حديث حسن كما قال ابن كثير في "تفسيره" 4/ 4، وهذا إسناد اختُلف فيه على أبي إسحاق الفزاري - وهو إبراهيم بن محمد بن الحارث - فمرة يروى عنه كما جاء في رواية المصنف هنا، ومرة يروى عنه بزيادة ذكر أبي سلّام ممطور الحبشي بين مكحول وأبي أمامة، وهو الصحيح كما رواه إسماعيل بن جعفر والمغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث وعبد الرحمن بن أبي الزِّناد ومحمد بن فليح بن سليمان وغيرهم، كلهم عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش - ونسب هنا لجد أبيه - ضمن حديث طويل يرويه أبو أمامة صدي بن عجلان عن عبادة بن الصامت في ذكر الغنائم يوم بدر ويوم حنين.

وروى غيرهم قطعًا من ذلك الحديث الطويل عن عبد الرحمن بن الحارث، فذكروا أبا سلّام أيضًا كما سيأتي بيانه بالرقمين (2640) و (4418).

وقد روى محمد بن إسحاق الحديث المطول عن عبد الرحمن بن الحارث كما سيأتي برقم (2641)، فلم يذكر في إسناده أبا سلّام أيضًا، فوافق الفزاريّ في روايته التي لم يذكر فيها أبا سلّام، والصحيح رواية جماعة أصحاب عبد الرحمن بن الحارث كما سبق. =

ص: 335

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقد روى هذه القطعة التي هنا أيضًا عن عبادة بن الصامت رجلان آخران هما ربيعة بن ناجذ ومقدام الرُّهاوي، الذي سمِّي خطأً في رواية هذا الحديث مقدام بن معدي كرب، وصوّبناه من رواية الحسن البصري حيث روى عن مقدام الرُّهاوي عن عبادة بن الصامت قطعة من الحديث الطويل المشار إليه فيما يتعلق بالخُمس، وهي القطعة الآتية عند المصنف برقم (4418) من طريق إسماعيل بن جعفر عن عبد الرحمن بن الحارث. وعبد الرحمن بن الحارث حديثه حسن في المتابعات والشواهد.

وأخرجه أحمد 37/ (22719) عن معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، بهذا الإسناد.

ولم يذكر في إسناده أبا سلّام أيضًا، ولا الزيادة التي أشار إليها المصنف.

وأخرجه ابن حبان (4855) من طريق إسماعيل بن جعفر، وسعيد بن منصور في قسم التفسير من "سننه"(983) عن عبد الله بن جعفر، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1865)، وفي "الجهاد"(7)، والضياء في "المختارة" 8/ (362) من طريق المغيرة بن عبد الرحمن، والهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده"(1176)، والطبراني في "مسند الشاميين"(3583) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، وأبو طاهر المخلِّص في "المخلصيات"(1528) من طريق محمد بن فليح بن سليمان، خمستهم عن عبد الرحمن بن الحارث، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن أبي سلّام، عن أبي أمامة، عن عبادة. فذكروا فيه إسناده أبا سلّام، لكنهم لم يذكروا الزيادة التي أشار إليها المصنِّف.

وأخرجه أحمد (22680) و (22699) وغيره، من طريق إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن أبي سلّام، عن المقدام بن معدي كرب: أنه جلس مع عبادة بن الصامت وأبي الدرداء والحارث بن معاوية الكِنْدي، فتذاكروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وزاد فيه الزيادة التي أشار إليها المصنف، لكن ما وقع هنا من تقييد المقدام بأنه ابن معدي كرب فخطأٌ، فإنَّ المقدام ابن معدي كرب صحابيٌّ، والصحيح أنَّ الراوي عن عبادة هنا مقدام الرُّهاوي كما سماه الحسن البصري في روايته لقطعة من الحديث الطويل المشار إليه، وهي القطعة الآتي تخريجها برقم (4418). وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند"(22777) من طريق إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن يوسف، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلّام، عن المقدام بن معدي كرب، عن عبادة. وعنده الزيادة المذكورة. وتقييد المقدام بأنه ابن معدي كرب خطأٌ كما سبق. وسعيد ضعيف.

وأخرجه عبد الله بن أحمد أيضًا (22795) من طريق ربيعة بن ناجذ، عن عبادة بن الصامت. وعنده الزيادة المذكورة، لكن ربيعة بن ناجذ هذا فيه جهالة إلّا أنه حسن الحديث في المتابعات والشواهد. =

ص: 336

وزاد فيه غيرُه: "وجاهِدُوا في سبيل الله القريبَ والبعيدَ، وأقِيموا حدودَ الله في القريب والبعيد، ولا تأخُذْكم في الله لومةُ لائم"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2436 -

أخبرنا محمد بن الحسن القارِزِيّ

(2)

، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج بن مِنْهال، حدثنا حماد سَلَمة، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُؤتَى بالرجل من أهلِ الجنةِ، فيقول اللهُ له: يا ابنَ آدمَ، كيفَ وجدتَ مَنزلَكَ؟ فيقول: أيْ رَبِّ، خيرَ مَنزلٍ، فيقول: سَلْ وتَمنَّهْ، فيقول: ما أسألُك وأتمنّى؟ أسألُك أن تَرُدَّني إلى الدنيا، فأُقتلَ في سبيلِك عشرَ مَرّاتٍ، لما رَأى مِن فَضْلِ الشهادةِ". قال: ويُؤتى بالرجلِ مِن أهل النار، فيقولُ اللهُ: يا ابن آدم، كيفَ وجدتَ مَنزِلَكَ؟ فيقولُ: أَيْ رَبِّ، شَرَّ مَنزلٍ، فيقول اللهُ عز وجل: فتَفْتَدي منه بطِلَاعِ الأرض ذهبًا؟ فيقول: نعم، فيقول: كذبتَ، قد سألتُكَ دونَ ذلك فلم تَفعَلْ

(3)

.

= وأخرجه كذلك يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 359، والدولابي في "الكنى"(2061)، والشاشي (1263)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 103 من طريق منصور الخولاني، عن أبي يزيد غيلان بن أنس، عن أبي سلّام، عن المقدام بن معدي كرب، عن الحارث بن معاوية الكندي، عن عبادة. وعنده الزيادة المشار إليها، إلّا أنَّ منصورًا الخولاني مجهول، وتقييد المقدام بأنه ابن معدي كرب خطأٌ كما تقدم، وزيادة ذكر الحارث خطأٌ أيضًا كما تدل عليه رواية ابن أبي مريم المتقدم تخريجها قريبًا، وكذلك رواية مقدام الرُّهاوي الآتي تخريجها برقم (4418).

(1)

أخرجه مفردًا ابن ماجه (2540) من طريق أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، عن عبادة.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: القاري، وإنما هو القارزي، بزيادة الزاي بعد الراء، وهي نسبة إلى قرية من قرى نيسابور يقال لها: قارز، وتقال بالكاف أيضًا، فيقال: الكارزي، وانظر "الأنساب" للسمعاني في نسبة (القارزي) و"الكارزي" و (المكاتب)، وانظر "معجم البلدان" لياقوت رسم (قارز).

(3)

إسناده صحيح، ومحمد بن الحسن القارِزي: هو محمد بن محمد بن الحسن، كان المصنّف ينسبه أحيانًا لجده، كما فعل هنا. ثابت: هو ابن أسلم البُناني. =

ص: 337

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

2437 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نِسْطاس، عن داود بن المغيرة، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عُجْرة، عن أبيه، عن جده، قال: بينما النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالرَّوحاء إذ هَبَط عليهم أعرابيٌّ من شَرَفٍ

(1)

، فقال: مَنِ القومُ، أين تُرِيدُونَ؟ قيل: بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما لي أراكم بَذَّةً هيئتُكم، قليلًا سِلاحُكم؟ قالوا: ننتظرُ إحدى الحُسنَيَين: إما أن نُقتَلَ فالجنة، وإما أن نَغْلِبَ فيَجمَعَهما اللهُ لنا؛ الظفَرَ والجنةَ، قال: أين نبيُّكم؟ قالوا: ها هو ذا، فقال له: يا نبيَّ الله، ليست لي مَصلَحةٌ، آخُذُ مَصلَحَتي، ثم ألحَقُ، قال:"اذهبْ إلى أهلك، فخُذْ مَصلَحَتك"، فخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَؤُمُّ بدرًا، وخرج الرجلُ إلى أهله حتى فَرَغَ من

= وأخرجه أحمد 19/ (12342)، و 20/ (13162) و 21/ (13511)، والنسائي (4353)، وابن حبان (7350) من طرق عن حماد بن سلمة، به. وبعضهم يقتصر على أحد الشطرين.

وأخرج الشطر الأول منه لكن بذكر الشهيد بدل الرجل من أهل الجنّة: أحمد 19/ (12771)، و (13926) و (14083)، والبخاري (2817)، ومسلم (1877)، والترمذي (1661)، وابن حبان (4662) من طريق قتادة عن أنس.

وقد رَوى هذا الشطرَ بذكر الشهيد أيضًا حمادُ بن سلمة عن ثابت عن أنس، لكن قال فيه:"فيُقتَلَ"، ولم يقل:"عشر مرات": أخرجه أحمد 19/ (12273) و 20/ (12557)، و 21/ (14033).

وأخرج الشطر الثاني منه أحمد 21/ (13288) و (14107)، والبخاري (6538)، ومسلم (2805)، وابن حبان (7351) من طريق قتادة، وأحمد 19/ (12289) و (12312)، والبخاري (3334) و (6557)، ومسلم (2805) من طريق أبي عمران الجَوني، كلاهما عن أنس بن مالك. لكن قال الجوني في روايته:"يقول الله لأهون أهل النار عذابًا"، وقال قتادة:"يُقال للكافر".

طِلاع الأرض: ما يَملؤها حتى يطلع عنها ويسيل.

(1)

هو المكان العالي الذي يُشرف على ما حوله، والظاهر أنه المكان الذي كان يُسمَّى بشَرَف الرَّوحاء، وهو قرية جامعةٌ على ليلتين من المدينة وهي آخر السَّيَّالة للمتوجِّه إلى مكة، على مسافة أربعة وسبعين كيلًا من المدينة.

ص: 338

حاجتِه، ثم لَحِقَ برسول الله صلى الله عليه وسلم ببدرٍ، وهو يَصُفُّ الناسَ للقتال في تَعبئتِهم، فدخل في الصفِّ معهم، فاقتَتلَ الناسُ، فكان فيمن استَشْهَدَه اللهُ، فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعد أن هزمَ اللهُ المشركين وأَظْفرَ المؤمنين، فمرَّ بين ظَهْرانَيِ الشُّهداء وعمرُ بن الخطاب معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ها يا عُمَرُ، إنك تحبُّ الحديثَ، وإنَّ للشهداءِ سادَةً وأشرافًا وملوكًا، وإنَّ هذا يا عمرُ منهم"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2438 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني عاصم بن عمر بن قَتَادة، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه، قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول إذا ذكر أصحابَ أُحُدٍ: "واللهِ لَوَدِدْتُ أني غُودِرْتُ مع أصحابي بحِضْنِ الجَبَل"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2439 -

أخبرني أحمد بن محمد بن سَلَمة، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا

(1)

إسناده ضعيف لضعف إسحاق بن إبراهيم بن نِسطاس، وقال الذهبي: هو واهٍ.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 124 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه سمويه في "فوائده"(116)، ومن طريقه أبو نعيم في "أخبار أصفهان" 2/ 180 - 181 عن محمد بن يحيى، عن إبراهيم بن حمزة، به.

قوله: "بَذَّة هيئتكم" أي: رَثَّة لِبْستُكم.

وقوله: "مَصْلَحة" كأنه أراد ما يصلُح به أمري للقتال من عُدَّة الحرب.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق: وهو ابن يسار المطَّلبي مولاهم.

وأخرجه أحمد 23/ (15025) عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزُّهْري، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. إلّا أنه قال فيه:"غودرت مع أصحابِ نُحْص الجبلِ"، يعني: سفح الجبل. كذا جاءت الرواية في أكثر نسخه، وفي نسخة منه كرواية الحاكم هنا.

وحضن الجبل: ما أطاف به أو أصلُه، وهو بكسر الحاء وتُضَم. وسيأتي مكرّرًا برقم (4364)، لكنه هناك بلفظ:"نُحص الجبل"، وزاد فيه مُفسِّرًا قوله "غُودرت": يقول: قُتِلتُ معهم.

ص: 339

محبوب بن موسى الأنطاكي، حدثنا أبو إسحاق الفَزَاري، عن الأعمش، عن حَبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شَبيب، عن معاذ بن جبل قال: كُنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تَبُوكَ، فقال لي:"إن شئتَ أنبأتُك برأسِ الأمرِ وعَمُودِه وذِرْوةِ سَنَامِه"، قال: قلتُ: أَجَلْ يا رسول الله، قال:"أما رأسُ الأمرِ فالإسلامُ، وأما عَمُودُه فالصلاةُ، وأما ذِرْوةُ سَنَامِه فالجهادُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2440 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، إلّا أن رواية ميمون بن أبي شبيب عن معاذ مرسلة كما قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، لكن تابعه غير واحدٍ كما سيأتي.

وأخرجه أحمد 36/ (22068) من طريق الحكم بن عُتيبة، عن ميمون بن أبي شبيب، به.

وسيأتي مطوَّلًا من طريق الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت والحكم بن عُتيبة، كلاهما عن معاذ بن جبل برقم (3590). وقال الدارقطني في "العلل" (988): هو صحيح من حديث الحكم وحبيب عن ميمون

وأخرجه مطوَّلًا أيضًا أحمد (22016)، وابن ماجه (3973)، والترمذي (2616)، والنسائي (11330) من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، عن معاذ بن جبل. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. لكن قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/ 339: أبو وائل أدرك معاذًا بالسنّ، وفي سماعه عندي نظر، وكان أبو وائل بالكوفة ومعاذ بالشام، والله أعلم.

وأخرجه بطوله أحمد (22068) من طريق الحكم بن عتيبة، عن عروة بن النزّال، عن معاذ بن جبل. وعروة هذا مجهول.

وأخرجه كذلك أحمد (22122) من طريق شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غَنْم، عن معاذ بن جبل. وأخرج منه قطعة من هذا الطريق ابنُ حبان برقم (214). وشهر حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وهو لم ينفرد به عن ابن غَنْم، فقد تابعه عليه أيوب بن كريز عند الطبراني في "الكبير" 20/ (137)، وأبي القاسم بن بشران في "أماليه"(818) وغيرهما، لكن أيوب هذا مجهول.

وفي الجملة فالحديث صحيح بهذه الطرق، وإن كان لا يخلو واحد منها من مقال، والله تعالى أعلم.

ص: 340

الحَكَم، أخبرنا ابن وهب

(1)

، أخبرني أبو صَخْر، عن يزيد بن قُسَيط اللَّيثي، عن إسحاق بن سعد بن أبي وقّاص، حدثني أبي: أنَّ عبد الله بن جَحْشٍ قال يوم أُحُدٍ: ألا تأتي ندعُو اللهَ، فخَلَوا في ناحيةٍ، فدعا سعدٌ، قال: يا ربِّ، إذا لَقِينا القومَ غدًا، فلَقِّني رجلًا شديدًا بأسُه، شديدًا حَرْدُه، فأقاتِلُه فيك ويُقاتِلُني، ثم ارزقْني عليه الظَّفَر حتى أقتُلَه وآخُذَ سَلَبَه، فقام عبدُ الله بن جَحْش، ثم قال: اللهم ارزقني غدًا رجلًا شديدًا حَردُه، شديدًا بأسُه، أقاتِلُه فيك ويُقاتِلُني، ثم يأخُذُني فيَجدَعُ أنفي، فإذا لقيتُك غدًا، قلتَ: يا عبدَ الله، فيمَ جُدِعَ أنفُك وأُذنُك؟ فأقول: فِيكَ وفي رسولك، فتقولُ: صدقتَ. قال سعدُ بن أبي وقاص: يا بُنيَّ، كانت دعوةُ عبد الله بن جَحْشٍ خيرًا مِن دعوتي، لقد رأيتُه آخرَ النهارِ، وإنَّ أُذُنَه وأنفَه لَمُعلَّقَانِ في خَيطٍ

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

(1)

سقط ابن وهب من (ز) و (ص) و (ع)، وأثبتناه من (ب) ومن "إتحاف المهرة"(6965)، وهو ثابت أيضًا في رواية البيهقي 6/ 307 إذ رواه عن الحاكم بسنده. ولا يُدرِك ابنُ عبد الحَكَم المصري السماعَ من أبي صخر حميد بن زياد المدني، فعمره يوم توفي أبو صخر سبع سنين تقريبًا.

(2)

إسناده صحيح إن شاء الله، لأنَّ إسحاق بن سعد، وإن كان لم يرو عنه غير يزيد بن قُسيط، وهو يزيد بن عبد الله بن قُسَيط، ولم يُوثِّقه غير العِجلي وابن حبان، قد ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وبه كان سعدٌ يُكنى، فهو كبير أولاد سعد بن أبي وقاص، وقد روى سعيد بن المسيّب مرسلًا بعضَ حديثه هذا كما سيأتي برقم (4963).

وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 6/ 307 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 387، وأبو القاسم البَغَوي في "معجم الصحابة"(1518)، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 4/ 1950، وأبو طاهر المخلِّص في "المخلصيات"(2049)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 108، وفي "معرفة الصحابة"(4047)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 20/ 340، وابن الجوزي في "الثبات عند الممات" ص 105 - 106 من طرق عن ابن وهب، به.

والحرد، بفتح الراء وسكونها: الغضب والغيظ.

والسَّلَب: ما يأخذه أحد القَرْنين من قَرْنه ممّا يكون عليه من سلاح وثياب ودابَّة وغيرها.

ص: 341

2441 -

أخبرني بَكْر بن محمد بن حَمْدان الصَّيْرَفي بمَرْو، حدثنا أبو قِلابة الرَّقَاشي، حدثنا رَوح بن عُبادة، حدثنا ابن جُرَيج، قال: قال سليمان بن موسى، حدثنا مالك بن يُخامِر، أنَّ معاذ بن جبل حدثهم، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن قاتَلَ في سبيل الله مِن رجلٍ مُسلمٍ فُواقَ ناقةٍ، فقد وجَبَتْ له الجنةُ، ومن سأل اللهَ القتلَ مِن عند نفسِه صادقًا، ثم ماتَ أو قُتِلَ، فله أجرُ شَهيدٍ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله إسناد صحيح على شرط الشيخين مختصرًا، ولم يُخرجاه:

2442 -

حدَّثَناه علي بن عيسى الحِيْري، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي قِلابة الرقاشي - وهو عبد الملك بن محمد - وسليمان بن موسى - وهو الأشدق - وقد توبعا. وقد صرَّح ابنُ جُرَيج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - بسماعه من سليمان بن موسى عند ابن ماجه والنسائي وغيرهما، فلا معنى لقول الذهبي بأنه منقطع. وكذا صرَّح سليمان بن موسى بسماعه من مالك بن يُخامر هنا عند المصنف وعند غيره، فلا معنى لقول ابن معين بأنَّ روايته عنه مرسلة.

وأخرجه أحمد 36/ (22116)، والترمذي (1657) من طريق روح بن عُبادة، بهذا الإسناد.

واقتصر الترمذي على شطره الأول، وعنده زيادة ليست في حديثنا هنا.

وأخرجه أحمد (22014) عن عبد الرزاق، و (22116) عن محمد بن بكر، وابن ماجه (2792) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، والنسائي (4334) من طريق حجاج بن محمد المِصِّيصي، أربعتهم عن ابن جُريج، به. واقتصر ابن ماجه على شطره الأول كذلك.

وأخرجه أحمد (22050) من طريق خالد بن مَعْدان عن مالك بن يُخامر، به. وإسناده حسن.

وأخرجه أحمد (22110)، وابن حبان (3191) و (4618) من طريق زيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي، وأبو داود (2541) من طريق بقية بن الوليد، كلاهما عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، كثير بن مرّة الحضرمي، عن مالك بن يخامر، به. لكن أسقط بقيةُ من إسناده كثيرَ بنَ مُرّة، وبقية معروف بتدليس التسوية، فالقول قول زيد بن يحيى، لأنَّ مكحولًا لم يَلْقَ مالك بن يُخامِر. قال الذهبي: روى مكحول عن طائفةٍ من قدماء التابعين، ما أحسبه لقيهم، وذكر منهم مالك بن يُخامر. وإسناد رواية زيد بن يحيى حسن.

ص: 342

وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن بَزِيْع، حدثنا: مُعتمِر بن سليمان، قال: سمعت أبي يحدِّث، عن أنس بن مالك، أنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن سألَ اللهَ القتلَ في سبيلِ الله صادقًا، ثم مات، أعطاهُ اللهُ أجرَ شهيدٍ"

(1)

.

2443 -

وحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، حدثني عبد الرحمن بن شُريح، أنَّ سَهْل بن أبي أُمامة بن سَهْل بن حُنَيف حدثه عن أبيه، عن جده، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن سألَ اللهَ الشهادةَ بصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللهُ منازِلَ الشُّهداءِ وإن ماتَ على فِراشِه"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2444 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا محبوب بن موسى، حدثنا أبو إسحاق الفَزَاري، عن موسى بن عُقْبة، عن سالم أبي النَّضْر مولى عمر بن عُبَيد الله - وكان كاتبًا له - قال: كَتَب إليه عبدُ الله بن أبي أَوفى حينَ خَرَج إلى الحَرُورية كتابًا، فإذا فيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيها الناسُ، لا تَتَمَنَّوا لقاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا اللهَ العافيةَ، فإذا لَقيتُموهم فاصبِرُوا، واعلَمُوا أنَّ الجنةَ تحتَ ظِلال السُّيوفِ"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن: هو ابن شيرويه النيسابوري، وسليمان: هو ابن طَرْخان.

وأخرجه مسلم (1908) من طريق ثابت بن أسلم، عن أنس، بلفظ:"من طلب الشهادة صادقًا أُعطيَها ولم لم تُصِبْه".

(2)

إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله.

وأخرجه مسلم (1909)، وأبو داود (1520) وابن ماجه (2797)، والنسائي (4355)، وابن حبان (3192) من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه الترمذي (1653) من طريق القاسم بن كثير، عن عبد الرحمن بن شريح، به. وقال: حسن غريب.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل محبوب بن موسى، وقد توبع. أبو إسحاق =

ص: 343

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2445 -

أخبرنا أبو عبد الله الحُسين بن الحَسن الأديب، حدثنا عبد الله بن أحمد بن زكريا بن أبي مَسَرّة، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حَيْوة بن شُريح، حدثنا أبو هانئٍ الخَوْلاني، أنه سمع أبا عبد الرحمن الحُبَليّ يقول: سمعتُ عبدَ الله بن عمرو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من غازِيَةٍ تَغزُو في سَبيلِ الله فيُصيبُون غنيمةً، إلّا تَعجَّلُوا ثُلثَي أجرِهم مِن الآخرة، ويَبقَى لهمُ الثُّلثُ، فإن لم يُصِيبُوا غَنيمةً، تَمَّ لهم أجرُهم"

(1)

.

= الفَزَاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث، وسالم أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية.

وأخرجه أبو داود (2631) عن أبي صالح محبوب بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (2818) و (2833) و (2966) و (3024) من طريقين عن أبي إسحاق الفزاري، به.

وأخرجه مسلم (1742) من طريق ابن جُرَيج، عن موسى بن عُقبة، به. فاستدراك الحاكم له على الشيخين ذهول منه.

وأخرجه أحمد 31/ (19114) من طريق أبي حيّان يحيى بن سعيد بن حيّان التيمي، عن شيخ بالمدينة: أنَّ عبد الله بن أبي أوفى كتب إلى عُبيد الله

الحديث.

وقال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل"(985): نرى أنَّ هذا الشيخ من أهل المدينة هو أبو النضر.

وقد سبقه إلى ذلك سفيان الثَّوري عند ابن صاعد في "مسند ابن أبي أوفى"(27) حيث قال: أظنه سالمًا أبا النضر. قلنا: لكن أخطأ فيه أبو حيان في تسمية الذي كتب له ابنُ أبي أوفى الكتابَ، فسماه عبيدَ الله بنَ معمر، كما قُيِّد في أكثر الروايات عن أبي حيان، وإنما هو عُمر بنُ عُبيد الله بن معمر التَّيمي.

ولقوله: "الجنة تحت ظلال السيوف" شاهد بإسناد جيد عن أبي موسى الأشعري سلف برقم (2419).

والحَرُورية: هم طائفة من الخوارج ممَّن قاتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، نُسبوا إلى حروراء، بالمد والقصر، وهو موضع قريب من الكوفة، وكان أول اجتماعهم فيه.

(1)

إسناده صحيح. أبو هانئ الخَولاني: هو حميد بن هانئ، وأبو عبد الرحمن الحُبلي: هو =

ص: 344

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2446 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب وسعيد بن أبي أيوب، عن زَبّان بن فائدٍ، عن سَهْل بن مُعاذ بن أنس الجُهَني، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الصلاةَ والصيامَ والذِّكْر، يُضاعَفُ على النفقةِ في سبيل الله بسَبْعِ مئةِ ضِعْفٍ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= عبد الله بن يزيد المَعَافِري.

وأخرجه أحمد 11/ (6577)، ومسلم (1906)، وأبو داود (2497)، وابن ماجه (2785)، والنسائي (4318) من طرق عن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. وقَرَنَ عبدُ الله بن يزيد في بعض الروايات بحيوة عبدَ الله بنَ لهيعة. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه مسلم (1906) من طريق نافع بن يزيد، عن أبي هانئ الخولاني، به.

غازية: تأنيث غازٍ، وهو صفة لجماعة غازيةٍ.

(1)

إسناده ضعيف لضعف زبان بن فائد، وقد تابعه خير بن نُعيم، لكن الراوي عنه عبد الله بن لهيعة، وقد اضطرب في متنه كما سيأتي.

وأخرجه أبو داود (2498) عن أحمد بن عمرو بن السَّرْح، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 24/ (15613) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن زبان بن فائد، به، لكن بلفظ:"إنَّ الذكر في سبيل الله يُضَعَّفُ فوق النفقة بسبع مئة ضعف". فاقتصر على الذكر وقيده بأنه في سبيل الله، يعني حال الجهاد في سبيل الله.

وأخرجه أحمد (15613) من طريق رشدين بن سعد، عن زبان، به. كلفظ ابن لهيعة إلّا أنه قال في آخره:"بسبع مئة ألف ضعف". ورشدين ضعيف أيضًا.

وأخرجه أحمد كذلك (15647) عن إسحاق بن عيسى بن الطبّاع، عن ابن لهيعة، عن خير بن نُعيم الحضرمي، عن سهل بن معاذ، به. بلفظ:"يفضل الذكر على النفقة في سبيل الله بسبع مئة ألف ضعف".

ورواه يحيى بن بُكير عن ابن لهيعة، لكن بلفظ:"الذكر يفضل على النفقة في سبيل الله مئة ضعف".

أخرجه من طريقه الطبراني 20/ (404).

ص: 345

2447 -

حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا محمد بن محمد بن سُليمان، حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدة الحَوْطي، حدثنا بَقيّة بن الوليد، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثَوبان، يرُدُّه إلى مكحول إلى عبد الرحمن بن غَنْم الأشعَري، أنَّ أبا مالك الأشعَري قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن فَصَلَ في سبيلِ الله، فماتَ أو قُتِلَ فهو شهيدٌ، أو وَقَصَهُ فَرسُه أو بَعِيرُه، أو لَدَغَتْه هامَّةٌ، أو ماتَ على فراشِه بأي حَتْفٍ شاء اللهُ، فإنه شهيدٌ، وإنَّ له الجنّةَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2448 -

حدثنا علي بن عيسى الحِيْري، حدثنا أحمد بن نَجْدة القرشي، حدثنا

(1)

إسناده ضعيف لضعف بقية بن الوليد، وهو على ضعفه يدلس تدليس التسوية، وفي سماع مكحولٍ من عبد الرحمن بن غَنْم نظر، بل شكك الذهبي في "تلخيصه" في إدراكه، ويؤيد عدم سماعه منه روايته عنه بواسطةٍ في غير حديث، وليس في شيء ممّا رواه عنه مباشرة تصريح بالسماع، وقد نفى أبو حاتم سماعه من واثلة وأبي أمامة ممَّن مات بالشام بعد ابن غنم، والله تعالى أعلم.

وأخرجه أبو داود (2499) عن عبد الوهاب بن نجدة، بهذا الإسناد.

ويغني عنه حديث أبي هريرة عند مسلم (1915) وغيره، بلفظ:"من قُتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد".

وحديث أبي أمامة المتقدم برقم (2431). وإسناده صحيح.

وحديث عقبة بن عامر عند ابن أبي عاصم في "الجهاد"(237)، وأبي يعلى (1752)، والطبراني في "الكبير" 17/ (892) بلفظ:"من صُرع عن دابته في سبيل الله فهو شهيد". وإسناده صحيح.

قوله: "من فَصَلَ في سبيل الله" أي: من خرج من منزله، ومنه قوله تعالى:{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ} .

وقوله: "وَقَصَه فرسه" أي: كَسَرَ عُنقَه، من الوقْص.

وقوله: "هامّة" واحدة الهوامّ، وهي الحيات وكل ذي سمٍّ يقتل سمّه، فأما ما يسمُّ ولا يقتل فهو السامّة، كالزُّنبور.

وقوله: "حتفٍ" أي: هلاك.

ص: 346

سعيد بن منصور، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني أبو هانئ، عن عمرو بن مالك، عن فَضَالةَ بن عُبيد، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كُلُّ الميتِ يُختَمُ على عَمَلِه إِلَّا المُرابِطَ، فإنه يَنمُو له عَمَلُه إلى يومِ القيامة، ويُؤمَّن من فَتَّان القبرِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2449 -

أخبرنا الحسن بن حَليم المروَزي وإبراهيم بن محمد الفَقِيه البُخاري، قالا: حدثنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرنا عبد الله، عن وُهَيب بن الوَرْد، عن عُمر بن محمد بن المُنكَدِر، عن سُمَيٍّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من ماتَ ولم يَغْزُ ولم يحدِّث نفسَه بالغَزْوِ، ماتَ على شُعبةٍ من نِفاقٍ"

(2)

.

وقد احتجَّ مسلمٌ بوُهَيب بن الوَرْد، وهذا حديثٌ كبيرٌ لعبد الله بن المبارك، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده صحيح. أبو هانئ: هو حُميد بن هانئ، وعمرو بن مالك: هو الجَنْبي.

وأخرجه أبو داود (2500) عن سعيد بن منصور، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 39/ (23954) من طريق رشدين بن سعد، عن أبي هانئ، به.

وسيأتي برقم (2669 م) من طريق حَيْوة بن شُريح المصري عن أبي هانئ.

والفَتَّان: بفتح الفاء وتشديد التاء للمبالغة من الفتنة، ولفظ حَيْوة:"فتنة القبر". والمراد به ما يحصلُ للمرء لدى دخوله القبر من الضغطة والسؤال والتعذيب.

(2)

إسناده صحيح. أبو المُوجِّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري، وعَبْدان: هو عبد الله بن عثمان بن جَبَلة، وعَبْدان لقبه، وعبد الله: هو ابن المبارك، وسُميّ: هو مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبو صالح: هو ذكوان السَّمَّان.

وأخرجه أحمد 14/ (8865)، ومسلم (1910)، وأبو داود (2502)، والنسائي (4290) من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وجاء عند مسلم عقب روايته: قال ابن المبارك: فنُرى أنَّ ذلك كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال النووي: هذا محتمل، وقال غيره: إنه عامٌّ، والمراد أنَّ من فعل هذا فقد أشبه المنافقين المتخلِّفين عن الجهاد، في هذا الوصوف، فإن ترك الجهاد أحدُ شُعَبِ النفاق.

ص: 347

وقد تابع عبدُ الله بنُ رجاءٍ المكيُّ وُهَيبَ بنَ الوَرْد على روايته عن عمر بن محمد بن المنكدِر:

2450 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سُليمان، حدثنا أسَد بن موسى، حدثنا عبد الله بن رجاء، عن عمر بن محمد بن المُنكَدِر، عن سُمَيٍّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن ماتَ ولم يَغْزُ، وليس في نفسِه الغَزْوُ، مات على شُعبةٍ من النفاق"

(1)

.

2451 -

حدثنا أبو الوليد الفقيه وأبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل القارئ وأبو بكر بن عَبد الله

(2)

، قالوا: حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن مُصفَّى الحِمْصي وعلي بن حُجْر السَّعْدي وعلي بن سَهْل الرَّمْلي، قالوا: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا إسماعيل بن رافع، عن سُمَيٍّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن لَقِيَ اللهَ بغيرِ أثرٍ من جهادٍ، لَقِيَه وفيه ثُلْمةٌ"

(3)

.

هذا حديثٌ كبيرٌ في الباب، غير أنَّ الشيخَين لم يحتجّا بإسماعيل بن رافع.

2452 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن سَلْمان بن الحَسَن الفقيه إملاءً، حدثنا هِلال بن العلاء الرَّقِّي، حدثنا عبد الله بن جعفر الرَّقِّي، حدثنا عُبيد الله بن عَمرو الرَّقِّي، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن جَبَلة بن سُحَيم، حدثنا أبو المثنَّى العَبْدي، قال: سمعت ابن الخَصَاصِيَةِ يقول: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لأُبايِعَه على الإسلام، فاشْتَرط عليَّ: "تشهدُ

(1)

إسناده صحيح. وانظر ما قبله.

(2)

تحرَّف في المطبوع إلى: عبيد الله، بالتصغير، وإنما هو بالتكبير، وهو محمد بن عبد الله بن قُريش النيسابوري، له ترجمة في "الأنساب" في نسبة (الريونجي).

(3)

إسناده ضعيف لضعف إسماعيل بن رافع كما قال الذهبي، والصحيح في هذا الحديث لفظ عمر بن محمد بن المنكدر المتقدم في الطريقين السابقين.

وأخرجه الترمذي (1666) عن علي بن حُجْر، بهذا الإسناد. وقال: حديث غريب.

وأخرجه ابن ماجه (2763) عن هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم، به.

ص: 348

أن لا إلهَ إِلَّا اللهُ، وأنَّ محمدًا عبدُه ورسُولُه، وتُصلي الخَمْسَ، وتصومُ رمضانَ، وتُؤدِّي الزكاةَ، وتحُجَّ البيتَ، وتجاهِدُ في سبيل الله"، قال: قلتُ: يا رسول الله، أمَّا اثنتان فلا أُطِيقُهما، أما الزكاةُ فما لي إلّا عَشرُ ذَوْدٍ، هُنَّ رَسَلُ أهلي وحَمُولَتُهم، وأما الجهادُ فيزعُمُون أنه مَن وَلَّى فقد باءَ بغضَبٍ من الله، فأخافُ إِذا حَضَرني قتالٌ كرهتُ الموتَ وجَشِعَتْ

(1)

نَفْسي، قال: فَقَبَضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدَه، ثم حَرَّكها، ثم قال:"لا صَدقةَ ولا جهادَ! فبِمَ تَدخُلُ الجنةَ؟ " قال: ثم قلتُ: يا رسولَ الله، أُبايِعُك؛ فبايَعَني عليهنَّ كُلِّهنّ

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وبَشِير ابن الخَصَاصِيَة من المذكورين في الصحابة من الأنصار.

2453 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد

(1)

في (ب): وخَشَعت، بالخاء المعجمة، من الخشوع، ولم تُعجَم في (ز) و (ص)، والمثبت من (ع) من الجَشَع بالجيم، حيث أورد ابن الأثير هذا الحديث في "النهاية" في مادة (جشع)، وفسَّره بالفزع لفراق الإلْف، وفسَّره أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" بإثر (1472) بالحرص على الحياة.

(2)

رجاله ثقات غير أبي المثنّى العَبْدي - واسمه مُؤثِر بن عَفَازَة - فلم يرو عنه غير جَبَلَة بن سُحَيم، ووثقه العجلي وذكره ابن حبان في "الثقات"، وهو من أصحاب عبد الله بن مسعود، فهو تابعي كبير، فيمكن تحسين حديثه، لكن يخالف حديثَه هذا حديثُ جابر بن عبد الله الصحيح في الشرط الذي اشترطه وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أخرجه أحمد 23/ (14673)، وأبو داود (3025) وغيرهما: أن ثقيفًا اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة ولا جهاد، وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقول:"سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا".

وحديثُ بَشير بن الخَصَاصية هذا أخرجه أحمد 36/ (21952) عن زكريا بن عدي، عن عُبيد الله بن عمرو الرقي، بهذا الإسناد.

قوله: "رَسَل أهلي" بفتح الراء والسين، أي: ذوات اللبن لمنفعة أهلي.

والحَمُولة، بالفتح: البعير يُحمَلُ عليه، وقد يستعمل في الفرس والبغل والحمار، وقد تطلق الحَمُولة على جماعة الإبل، كما وقع هنا.

ص: 349

الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني الليث بن سعد، عن أيوب بن موسى القُرشي، عن مكحول، عن شُرَحْبيل، عن سلمان الفارسي، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن رابَطَ يومًا وليلةً في سبيلِ الله كان له أجرُ صيام شهرٍ وقيامِه، ومَن مات مُرابِطًا جَرى له بمثل ذلك الأجرِ، وأُجري عليه الرزقُ، وأُومِنَ من الفَتّان"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

ولمكحولٍ الفقيهِ فيه مُتابعٌ من الشاميين:

2454 -

حدَّثَناه أبو العباس، أخبرنا محمد، أخبرنا ابن وهب، حدثني عبد الرحمن

(1)

إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وشُرَحْبيل: هو ابن السِّمْط.

وأخرجه مسلم (1913)، والنسائي (4362)، وابن حبان (4623) و (4626) من طرق عن الليث بن سعد بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه ابن حبان (4625) من طريق النعمان بن المنذر الغسّاني، عن مكحول، به بلفظ:"من مات مرابطًا في سبيل الله أُومِنَ عذابَ القبر، ونما له أجره إلى يوم القيامة". وإسناده قوي.

وأخرجه أحمد 39/ (23736) من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، قال: حدثني من سمع خالد بن معدان يحدّث عن شرحبيل بن السِّمْط، عن سلمان. قلنا: يرويه الثَّوري عن يزيد بن يزيد بن جابر عن خالد بن معدان عند عبد الرزاق (9619)، ولكنه وقفه، وهذا لا يضر لوروده مرفوعًا من أوجه أخرى.

وأخرجه الترمذي (1665) من طريق محمد بن المنكدر، قال: مر سلمان الفارسي بشرحبيل بن السِّمْط، وهو في مُرابَطٍ له، وقد شقَّ عليه وعلى أصحابه، قال: ألا أحدِّثك يا ابن السِّمْط بحديث سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره. وقال الترمذي بإثر (1666): إسناده ليس بمتّصل، محمد بن المنكدر لم يدرك سلمان الفارسي.

وأخرجه أحمد (23727)(23728) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي، عن سلمان.

وأخرجه أحمد كذلك (23735) من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن عبد الله بن أبي زكريا، عن رجل، عن سلمان.

وانظر ما بعده.

والفَتّان: عذاب القبر، كما وقع في رواية ابن حبان من طريق النعمان الغسّاني.

ص: 350

ابن شُريح، عن عبد الكريم بن الحارث، عن أبي عُبيدة بن عُقبة، عن شُرَحْبيلَ بن السِّمْط، عن سلمانَ الخيرِ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحوه

(1)

.

2455 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا ثَوْر بن يزيد، عن عبد الرحمن بن عائذ، عن مجاهد، عن ابن عمر، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أَلا أنبِّئكُم بليلةٍ أفضلَ من ليلةِ القَدْرِ: حارِسٌ حَرَسَ في أرضِ خوفٍ، لعلّه أن لا يَرجِعَ إلى أهلِه"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

وقد أَوقفَه وكيعُ بن الجرّاح عن ثور، وفي يحيى بن سعيد قُدوة

(3)

.

2456 -

أخبرني محمد بن أحمد العاصِمي، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن عبد الله المُخرِّمي ومحمد بن إسماعيل الأحْمَسي، قالا: حدثنا وكيع، حدثنا ثَوْر بن يزيد، فساقَه بإسنادِه موقوفًا

(4)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي عبيدة بن عقبة - وهو ابن نافع الفِهري - فقد روى عنه جمع ووثقه ابن حبان، وأخرج مسلم حديثه هذا متابعةً، وقد توبع في الطريق السابقة.

أخرجه مسلم (1913) عن أبي الطاهر ابن السَّرْح، والنسائي (4361) عن الحارث بن مسكين، كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة مجاهد - وهو ابن رباح - كما قُيِّد في بعض الروايات فليس هو مجاهد بن جبر المكي، ثم إنه وقع فيه اختلاف في رفعِه ووقفِه، فرفعه يحيى القطان، ووقفه وكيع كما في الطريق التالية، وكان يحيى القطان يقفه أحيانًا. وانظر "علل الدارقطني"(2846).

وأخرجه النسائي (8817) عن محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وقيَّد فيه مجاهدًا بابن رباح، وقال محمد بن بشار في آخره: كان يحيى إذا حدَّث به على رؤوس الملأ لا يرفعه، وإذا حدث به في خلوته وخاصته رفعه.

(3)

لكن لم يكن يرفعه على الاطّراد كما أسلفنا فكأن الأصح روايته موقوفًا، على أنَّ ذلك إن ثبت من جهة الإسناد لا يَضُرّ، إذ إنَّ مثله لا يقال من جهة الرأي، ولكن لم يثبت لما عرفناه من جهالة التابعي، والله أعلم.

(4)

إسناده ضعيف كسابقه. =

ص: 351

2457 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن إسحاق الخُزاعي بمكة، حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرّة، حدثنا عبد الله بن يزيد المُقرئ، حدثنا كَهْمَس بن الحسن، حدثنا مُصعب بن ثابت، عن عبد الله بن الزُّبَير، قال: قال عثمان بن عفّان وهو يخطُب على المِنبَر: إني أحدِّثُكم حديثًا لم يَمنعْني أن أحدِّثَكم به إلّا الضَّنُّ بكم، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "حَرْسُ ليلةٍ في سبيلِ الله، أفضلُ من ألف ليلةٍ يُقامُ ليلُها ويُصامُ

(1)

نهارُها"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 296 عن وكيع بن الجرّاح، لكنه سمَّى شيخ ثور عبدَ الرحمن بن أبي عوف، وهو رجل آخر غير عبد الرحمن بن عائذ، وكلاهما حمصي، وكلاهما من شيوخ ثور بن يزيد، اللهم إلّا أن يكون كنية عائذٍ أبا عوف أيضًا، والله أعلم.

(1)

وقع في النسخ الخطية: أو يُصام، بالتخيير، والمثبت من "تلخيص المستدرك" للذهبي، ومن "شعب الإيمان" للبيهقي (3929) حيث روى هذا الحديث عن أبي عبد الله الحاكم، وهو الموافق لرواية سائر من روى هذا الحديث غير الحاكم.

(2)

إسناده ضعيف لضعف مصعب بن ثابت - وهو ابن عبد الله بن الزُّبَير - ثم إنَّ روايته عن جده مرسلة، على أنه رُوي عنه في أحيان عن عثمان مباشرة، بإسقاط ذكر عبد الله بن الزُّبَير، كما نبَّه عليه الدارقطني في "العلل"(270)، وقال: وهو المحفوظ.

وأخرجه أحمد 1/ (433) عن روح بن عُبادة، عن كهمس، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (463) عن محمد بن جعفر، عن كهمس، عن مصعب بن ثابت، قال: قال عثمان.

وأخرجه ابن ماجه (2766) من طريق زيد بن أسلم، عن مصعب بن ثابت، عن جده عبد الله بن الزُّبَير، قال: خطب عثمان، فذكره.

والصحيح عن عثمان ما رواه أبو صالح مولى عثمان بن عفان عنه، بلفظ:"رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل"، وسيأتي عند المصنف برقم (2667) و (2668) دون ذكر الصيام والقيام.

وفي رواية أخرى عنه بلفظ: "يومٌ في سبيل الله"، وقد تقدمت عند المصنف أيضًا برقم (2412).

وأصح منه في ذكر الصيام والقيام حديث سلمان الذي تقدم قريبًا برقم (2453) و (2454)، بلفظ:"كان له أجر صيام شهر وقيامه".

ص: 352

2458 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ومحمد بن القاسم العَتَكي، قالا: حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن حُميد، عن أنس، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"جاهِدُوا المشرِكينَ بأموالِكُم وأنفُسِكم وألسِنَتِكُم"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2459 -

حدثنا علي بن عيسى الحِيري، حدثنا أحمد بن نَجْدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن زيد بن ثابت، قال: كنتُ إلى جنبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَغَشِيَتْه السكينةُ، فَوَقَعَت فَخِذُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فَخِذِي، فما وجدتُ ثِقَلَ شيءٍ أَثْقَلَ مِن فَخَذِ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فَخَذِي، ثم سُرِّيَ عنه، فقال:"اكتُبْ" فكتبتُ في كَتِفٍ: (لَا يَستوي القاعدونَ مِن المؤمنين والمُجاهِدُون في سبيلِ اللهِ) إلى آخر الآية، فقام ابنُ أم مَكتومٍ، وكان رجلًا أعمى، لما سَمِعَ فضيلةَ المجاهدين، فقال: يا رسولَ الله، فكيف بمن لا يستطيعُ الجهادَ من المؤمنين؟ فلما قضى كلامه غَشِيَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم السكينةُ، فوقعتْ فَخِذُه على فَخِذِي، فوجدتُ من ثِقَلِها في المرّةِ الثانية كما وجَدتُ في المرّةِ الأولى، ثم سُرِّيَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال:"اقرأ يا زيدُ" فقرأتُ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} الآية كلَّها [النساء: 95]، قال زيد: أنزلها اللهُ وحدَها، فألحقتُها، والذي نفسِي بيدِه، لكأني أنظُر إلى مُلحَقِها عند صَدْعٍ في كَتِفٍ

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل.

وأخرجه أبو داود (2504) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 19/ (12246) و 20/ (12555) و 21/ (13638)، والنسائي في "الكبرى"(4289)، وفي "المجتبى"(3192) من طرق عن حماد بن سلمة، به.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، وقد روي من وجهين آخرين كما سيأتي. =

ص: 353

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2460 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حَبيب، عن يزيد بن أبي سعيد مولى المَهْري، عن أبيه، عن أبي سعيد الخُدْري: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إلى بني لِحْيانَ، وقال:"لِيَخْرُجْ مِن كلِّ رجُلَين رجلٌ" ثم قال للقاعد: "أيُّكم خَلَفَ الخارجَ في أهلِه ومالِه بخَيرٍ، كان له مثلُ نصفِ أجرِ الخارجِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما أخرجَ مسلمٌ وحده

(2)

حديثَ يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن بُسر ابن سعيد، عن زيد بن خالد: "من

= وأخرجه أبو داود (2507) عن سعيد بن منصور، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (21664) عن سليمان بن داود، عن عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، به.

وأخرجه بنحوه أحمد (21601)، وابن حبان (4713) من طريق قبيصة بن ذؤيب، وأحمد (21602)، والبخاري (2832) و (4592)، والترمذي (3033)، والنسائي (4292) و (4293) من طريق مروان بن الحكم، كلاهما عن زيد بن ثابت.

(1)

إسناده حسن من أجل يزيد بن أبي سعيد مولى المهري وأبيه.

وأخرجه أحمد 17/ (11110)، ومسلم (1896)، وأبو داود (2510)، وابن حبان (4629) من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 18/ (11527) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به.

وأخرجه أحمد 17/ (11301) و 18/ (11461)، ومسلم (1896)، وابن حبان (4729) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سعيد المهري، به. بلفظ:"لينبعثْ من كل رجُلين أحدهما، والأجر بينهما".

ولا تعارض بين هذا الحديث وحديث زيد بن خالد الذي أشار إليه المصنف بإثره، لأنَّ لفظة النصف أُطلقت فيه بالنسبة إلى مجموع الثواب الحاصل للغازي والخالف له بخير، فإنَّ الثواب إذا انقسم بينهما كان لكل منها مثل ما للآخر. أفاده الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 9/ 95.

(2)

لفظة "وحده" سقطت من (ز).

ص: 354

جَهّز غازيًا في سبيلِ الله فقد غَزَا"

(1)

.

2461 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ إملاءً، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن سُليمان السَّعْدي، حدثنا محمد بن القاسم الأسَدي، حدثنا عمر بن راشد اليَمَامي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةُ أعيُنٍ لا تمَسُّها النارُ: عينٌ فُقِئتُ في سبيلِ الله، وعينٌ حَرَسَتْ في سبيلِ الله، وعينٌ بَكَتْ من خَشيةِ الله"

(2)

.

(1)

هذا الحديث أخرجه مسلم برقم (1895)، وهو كذلك عند البخاري (2843)، فدعوى المصنِّف بانفراد مسلم بإخراجه غير صحيحة.

وهو أيضًا عند مسلم (1895) من طريق بُكير بن الأشج عن بُسر بن سعيد.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا لضعف عمر بن راشد اليمامي ومحمد بن القاسم الأسدي، بل كذَّب بعضُهم هذا الثاني، وقد توبعا بمتابعةٍ لا يُفرح بها كما سيأتي.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(774) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد"(148)، والبزار (8570)، وأبو طاهر المخلِّص في "المخلصيات"(2819)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 163، وقوام السنة في "الترغيب والترهيب"(497)، وابن عساكر في "الأربعين في الحث على الجهاد"(36) من طريق عمر بن محمد بن صُبْهان، عن صفوان بن سُليم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، إلّا أنه قال:"عين غضّت عن محارم الله" بدل: "عين فُقئت في سبيل الله". ولا يُفرح بهذه المتابعة لأنَّ عمر بن محمد بن صُهبان ضعيف جدًّا.

وما بعده يغني عنه.

وقد صحَّ عن أبي هريرة من وجه آخر في ذكر العين التي تبكي من خشية الله، كما سيأتي عند المصنف برقم (7860).

كما صحَّ عنه في حديث السبعة الذين يُظلهم اللهُ في ظله يوم لا ظل إلّا ظله، وذكر منهم "رجلٌ ذكر اللهَ خاليًا ففاضت عيناه"، وهو عند البخاري (660)، ومسلم (1031).

وقد صحَّ أيضًا في ذكر العين التي تبكي من خشية الله والعين التي تحرس في سبيل الله حديثُ ابن عباس عند الترمذي (1639) وحَسَّنه، بلفظ:"عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله". =

ص: 355

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد روي بإسنادٍ آخرَ عن أبي هريرة:

2462 -

أخبرَناه حمزة بن العباس العَقَبي ببغداد، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن صالح بن كَيْسان، قال: قال أبو عبد الرحمن: سمعت أبا هريرة يقول: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حُرِّم على عينَين أن تَنالَهُما النارُ: عينٌ بَكَتْ من خَشْية الله، وعينٌ باتَتْ تحرُسُ الإسلامَ وأهلَه من أهلِ الكُفْرِ"

(1)

.

2463 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد

= ونحوه لأنس بن مالك عند ابن أبي عاصم في "الجهاد"(147) وغيره، وإسناده حسن في المتابعات والشواهد، وانظر ما سيأتي عند المصنف برقم (7861).

وذكرنا له شواهد أخرى انظرها في "مسند أحمد" عند حديث أبي ريحانة (17213)، وحديثه سيأتي بإثر التالي.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، فإنه منقطع كما قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/ 160، والذهبي في "تلخيص المستدرك"؛ يعني بين صالح بن كيسان وأبي عبد الرحمن، على أنَّ أبا عبد الرحمن هذا لا يُعرف من هو، ذكره البخاري في "تاريخه" 9/ 50، ولم يذكر له راويًا غير صالح بن كيسان، وذكر له هذا الحديث.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(3930) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد بن حميد (1447) عن يعقوب بن إبراهيم، به.

وأخرجه أبو محمد البَغَوي في "شرح السنة"(2620) من طريق زهير بن عباد، عن داود بن هلال، عن المسعودي، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة. كذا رواه داود بن هلال عن المسعودي، وداود بن هلال هذا هو أبو سليمان النصيبي ترجم له ابن أبي حاتم، ولم يذكر له راويًا غير زهير بن عبّاد، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، ولا يُعرف هل روى عن المسعودي قبل تغيره أم بعد ذلك، على أنَّ المحفوظ عن المسعودي بهذا الإسناد رواية الحديث بغير هذا اللفظ، كما سيأتي عند المصنف برقم (7860)، والله تعالى أعلم.

وانظر شواهده عند الطريق الذي قبله.

ص: 356

الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، حدثني عبد الرحمن بن شُرَيح، عن محمد بن سُمَير

(1)

، عن أبي علي الجَنْبي، عن أبي رَيحانة، قال: خَرجْنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ، فأَوفَينا على شَرَفٍ، فأصابنا بَرْدٌ شديدٌ، حتى إن كان أحدُنا يَحفِرُ الحَفِير، ثم يدخُل فيه ويُغطِّي عليه بحَجَفَتِه، فلما رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذلك من الناسِ، قال:"ألا رجلٌ يحرُسُنا الليلةَ أدعُو اللهَ له بدُعاءٍ يُصيبُ به فَضْلًا"، فقام رجلٌ من الأنصار، فقال: أنا يا رسول الله، فدعا له، قال أبو رَيحانة: فقلت: أنا، فدَعا لي بدُعاءٍ هو دُون ما دَعا به للأنصاريّ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"حُرِّمَت النارُ على عَينٍ دَمَعَتْ مِن خَشيةِ الله، حُرِّمت النارُ على عين سَهِرتْ في سبيلِ الله"، قال: ونَسيتُ الثالثةَ. قال أبو شُريح - وهو عبد الرحمن بن شُريح -: وسمعت بعدُ أنه قال: "حُرِّمَتِ النارُ على عَينٍ غَضَّتْ عن محارِمِ الله" أو "عينٍ فُقِئت في سبيلِ الله"

(2)

.

(1)

وقع في المطبوع: شمير، بالشين المعجمة، وقد روي ذلك في اسمه أيضًا، لكن الذي في رواية ابن وهب بالسين المهملة، وكما نصَّ عليه البيهقي في "الأربعون الصُّغرى"(13)، ورَوى هذا الحديث بعينه عن أبي عبد الله الحاكم، وإلى ذلك أشار البخاري في "تاريخه" 1/ 113. وكذلك وقع في رواية النسائي من طريق ابن وهب، كما نصَّ عليه ابن القطان في "بيان الوهم" 4/ 347.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة محمد بن سُمير - ويقال: شمير، ويقال: شمر - فلم يرو عنه غير عبد الرحمن بن شريح، وقد قال ابن حبان: روى عنه المصريون. كذا قال! مع أننا لم نقف على رواية غير عبد الرحمن بن شُريح عنه، ولم يذكر أحدٌ ممن ترجم له راويًا غير ابن شريح، على أنَّ ابن سمير هذا لم يضبط رواية الحديث كما ينبغي، كما هو ظاهر في رواية المصنف. أبو علي الجَنْبي: هو عمرو بن مالك الهَمْداني.

وأخرجه النسائي (8818) عن الحارث بن مسكين، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. مختصرًا بذكر آخره المرفوع دون القصة.

وأخرجه أحمد 28/ (17213)، والنسائي (4310) من طريق زيد بن الحباب، عن عبد الرحمن بن شُريح، به، لكن سمَّى زيد بن الحُباب في روايته عند أحمد شيخَ ابن سمير: أبا عامر التُّجيبي، وعند النسائي: أبا علي التُّجيبي، وهو خطأ.

الشَّرَف: المكان المرتفع. =

ص: 357

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2464 -

أخبرني أحمد بن محمد بن سلمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أبو تَوبة الربيعُ بن نافع الحَلَبي، حدثنا معاوية بن سلّام، أخبرني زيد بن سلّام، حدثني أبو كَبْشة السَّلُولي، أنه سمع سَهلَ ابن الحَنْظَلية يَذكُر: أنهم سارُوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ حُنينٍ، فأطنَبُوا السَّيرَ حتى كان عشيّةً، فحضرتُ الصلاةَ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رجلٌ فارسٌ، فقال: يا رسول الله، إني انطلقتُ بين أيديكم حتى طَلَعتُ جَبَل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازِنَ على بَكْرةِ أبيهم بظُعُنِهم ونَعَمِهم وشائِهم، فاجتمعوا إلى حُنينٍ، فتبسَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:"تلكَ غَنيمةُ المسلمين غدًا إن شاء الله"، ثم قال:"من يَحرُسُنا الليلةَ؟ " فقال أنس بن أبي مَرثَد الغَنَوي: أنا يا رسول الله، فقال:"اركَبْ"، فركِبَ فرسًا له، فجاء إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"استقبِلْ هذا الشعْبَ حتى تكونَ في أعلاهُ، ولا نُغرَّنَّ من قِبَلِك الليلةَ".

فلما أصبحنا خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى مُصلّاهُ، فركع ركعتَين، ثم قال:"هل حَسَسْتُم فارِسَكم؟ " فقال رجلٌ: ما حَسَسْنا، فثُوِّبَ بالصلاةِ، فجعلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَلتَفِتُ إلى الشِّعبِ حتى قَضَى صلاتَه، فقال:"أبشِروا، فقد جاءَ فارِسُكُم"، قال: فجعلنا ننظُر إلى ظِلِّ الشجرِ في الشِّعْبِ، فإذا هو قد جاءَ حتى وَقَفَ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فسَلَّم، فقال: إني انطلقتُ حتى كنتُ في أعلى هذا الشِّعْبِ، حيث أمرني رسولُ الله، فلما أصبحتُ اطَّلَعتُ على الشِّعْبَين، فنَظَرتُ فلم أرَ أحدًا، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"نزلتَ الليلةَ؟ " فقال: لا، إلّا مُصلِّيًا أو قاضيَ حاجةٍ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد أَوجَبْتَ، فلا عليكَ أن لا تَعمَلَ بعدَها"

(1)

.

= والحَفِير: الموضع المحفور، فهو فعيل بمعنى مفعول.

والحَجَفة: التُّرس.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسنادٌ رجاله ثقات، لكنه سقط منه في رواية الحاكم ذكر أبي سلَّام - واسمه ممطُور الحَبشي - بين زيد بن سلّام وأبي كبشة السَّلُولي، وإنما جزمْنا بسقوطه في رواية =

ص: 358

هذا الإسنادُ من أوّلِه إلى آخرِه صحيحٌ على شرط الشيخَين، غير أنهما لم يُخرجا مَسانيدَ سهل ابن الحَنْظَليّة، لقِلّة رواية التابعين عنه

(1)

، وهو من كِبار الصحابة على ما قَدّمتُ القول في أوانه.

2465 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني حَيْوة بن شُريح، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلمَ

= الحاكم لأنَّ البيهقي رواه عنه في "سننه الكبرى" 9/ 149، فلم يذكره أيضًا، والصحيح إثباته في الرواية، لأنَّ سائر من رواه عن أبي توبة ذكره، وقد تقدم عند المصنف برقم (784) من طريق إبراهيم بن الحسين - وهو المعروف بابن دِيزِيل - عن أبي توبة، بإثباته، فلا ندري الوهم هنا من عثمان بن سعيد أم ممّن دونه، على أنَّ زيد بن سلّام لم يدرك الرواية عن مثل أبي كبشة السَّلُولي، والله تعالى أعلم.

وأخرجه أبو داود (2506) عن أبي توبة، وأخرجه النسائي (8819) عن محمد بن يحيى بن محمد بن كثير الحراني، عن أبي توبة، بهذا الإسناد.

قوله: "فأطنبوا السير"، أي: بالغوا فيه.

وقوله: "بَكْرة أبيهم" أي: جاؤوا بأسرِهم ولم يتخلَّف منهم أحدٌ.

وقوله: "فثوِّب بالصلاة"، أي: نُودي إليها وأُقيمت

وقوله: "بظُعُنهم" أي: بنسائهم، واحدته: ظَعِينة.

وقوله: "ونَعَمهم" أي: إبلهم وشائهم وبقرهم، وسائر المال الراعي، وأكثر ما يقع على الإبل.

وقوله: "أوجبْتَ" أي: فعلتَ فعلًا وجبتْ لك به الجنة.

وقوله: "لا عليك أن لا تعمل بعدها" قال الطِّيبي في "شرح المشكاة" 12/ 3800: أي: لا بأس عليك أن لا تعمل بعد هذه الليلة من المَبَرّات والخيرات، فإنَّ عملك الليلة كافٍ لك عند الله مثوبةً وفضيلةً، أراد النوافلَ والتبرعاتِ من الأعمال، لا الفرائض، فإنَّ ذلك لا يسقط، ويمكن أن يُنزِّل على ما عليه من عمل الجهاد في ذلك اليوم جبرانًا لقلبه وتسلية له.

(1)

بنى المصنِّف قولَه هذا على ما ادَّعاه في كتابه "المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل" بأنَّ شرط الحديث عند البخاري ومسلم أن يكون كل راوٍ في الحديث له راويان ثقتان فأكثر من لدن الصحابي إليهما، وهذه الدعوى باطلة، كما بينه جملةٌ من العلماء ممَّن رد عليه فيها، كالحازمي ومحمد بن طاهر المقدسي وغيرهما، وقد نبهنا عليه غير مرة. وانظر الحديث السالف برقم (97).

ص: 359

أبي عِمْران، قال: غَزَونا من المدينة نريد القُسطَنْطِينيّة، وعلى الجماعة عبدُ الرحمن بن خالد بن الوليد، والرومُ مُلْصِقُو ظُهورِهم بحائطِ المدينة، فحَمَل رجلٌ على العدوِّ، فقال الناسُ: مَهْ مَهْ، لا إله إلّا الله، يُلقي بيدَيهِ إلى التَّهْلُكَة، فقال أبو أيوب: إنما أُنزلت هذه الآيةُ فينا معشرَ الأنصارِ، لمّا نَصَرَ اللهُ نبيَّه وأظهرَ الإسلامَ، قلنا: هَلُمَّ نُقيمُ في أموالنا ونُصلِحُها، فأنزل الله عز وجل:{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، فالإلقاء بأَيدِينا إلى التَّهْلُكَةِ أن نُقيمَ في أموالِنا ونُصلِحَها، ونَدَعَ الجهاد. قال أبو عِمْران: فلم يَزَلْ أبو أيوبَ يجاهدُ في سبيلِ الله حتى دُفِنَ بالقُسطَنْطِينيّة

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2466 -

أخبرنا أبو أحمد بَكْر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، حدثنا حَيْوة بن شُريح الحَضْرمي، حدثنا بَقيّة بن الوليد، حدثني بَحِير بن سعْد، عن خالد بن مَعْدانَ، عن أبي بَحْريّةَ، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الغَزْوُ غَزْوان: فأما مَن ابتغَى وجهَ الله، وأطاعَ الإمامَ، وأنفقَ الكَريمةَ، وياسَرَ الشَّريكَ، واجتَنَبَ الفَسادَ، فإنَّ نَومَه ونُبْهَه أجرٌ كُلُّه،

(1)

إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وأسلم أبو عمران: هو ابن يزيد التجيبي.

وأخرجه أبو داود (2512) عن أحمد بن عمرو بن السّرْح، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد، وقرن بحيوة عبدَ الله بن لهيعة.

وأخرجه الترمذي (2972)، والنسائي (10961)، وابن حبان (4711) من طريق الضحاك بن مخلد أبي عاصم، والنسائي (10962) من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن حيوة بن شُريح، به. لكن جاء في رواية أبي عاصم: وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى الجماعة فَضَالة بن عبيد، وفي رواية ابن المبارك: وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى أهل الشام فَضَالة بن عُبيد، وكذلك جاء في رواية عبد الله بن يزيد المقرئ عن حيوة، كما سيأتي عند المصنف برقم (3125).

وانظر ما سيأتي برقم (6041).

ص: 360

وأما مَن غزا فَخْرًا ورِياءً وسُمْعةً، وعَصَى الإمام، وأفْسَدَ في الأرض، فإنه لن يَرجِعَ بكَفَافٍ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2467 -

أخبرنا أبو العباس قاسم بن القاسم السَّياري، حدثنا عبد الله بن علي الغزّال، حدثنا علي بن الحَسَن بن شَقيق، حدثنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا ابن أبي ذئب، عن بُكير بن عبد الله بن الأشَجّ، عن أيوب بن مِكْرَز، عن أبي هريرة: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، رجلٌ يُريدُ الجِهادَ في سبيل الله، وهو يبتغي عَرَضًا من عَرَض الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا أَجْرَ له"، فسأله الثانيةَ والثالثةَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا أَجْرَ له"

(2)

.

(1)

حسن موقوفًا، وهذا إسناد ضعيف لضعف بقيّة بن الوليد، ثم إنه يدلس تدليس التسوية، ولم يصرح بسماعه في سائر طبقات الإسناد. أبو بحرية: هو عبد الله بن قيس. وحيوة بن شريح الحضرمي غير حيوة بن شريح في إسناد حديث أبي أيوب الذي قبله، لأنَّ هذا الحضرمي حمصيٌّ، وذاك التجيبي هو مصري.

وأخرجه أحمد 36/ (22042)، وأبو داود (2515) عن حيوة بن شريح، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (22042) عن يزيد بن عبد ربّه، والنسائي (4382) و (7770) و (8677) عن عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير، كلاهما عن بقيّة، به.

وأخرجه سعيد بن منصور (2323) من طريق جنادة بن أبي أمية، عن معاذ، موقوفًا، وإسناده حسن.

وأخرجه مالك في "موطئه" 2/ 466 - 467 عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن معاذ بن جبل موقوفًا كذلك، وهو منقطع، فإنَّ يحيى بن سعيد لم يدرك معاذًا.

قوله: "أنفق الكريمة"، هي واحدة الكرائم، وهي النفائس التي تتعلق بها نفس مالكها.

وقوله: "ياسَرَ الشريك" معناه الأخذ باليسير في الأمر، والسهولة فيه مع الشريك والصاحب، والمعاونة لهما.

(2)

حديث حسن، وأيوب بن مِكْرز: هو أيوب بن عبد الله بن مِكْرَز العامري، وهو حسن الحديث، كما حققناه في "سنن أبي داود"(2516). وعبد الله بن علي الغزال - وإن كان مجهولًا - قد توبع. =

ص: 361

هذا حديث صحيحُ الإسناد، ولم يُخرجاه.

2468 -

أخبرنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المُزكِّي، حدثنا أحمد بن سَلَمة، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدثني محمد بن أبي الوضّاح، عن العلاء بن عبد الله بن رافع، عن حَنَان بن خارِجة، عن عبد الله بن عمرو،

= والصحيح في إسناد هذا الحديث زيادة ذكر القاسم بن عباس الهاشمي بين ابن أبي ذئب - وهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة - وبين بُكير بن عبد الله بن الأشج، لأنَّ أكثر أصحاب ابن المبارك قد ذكروه كحبّان بن موسى وأبي توبة الربيع بن نافع، وهو ثابت في "الجهاد" لابن المبارك أيضًا (227)، وكذلك هو ثابت في رواية غير ابن المبارك، كآدم بن أبي إياس ويزيد بن هارون وحُسين بن محمد المرُّوذي وغيرهم، ولعلَّ الوهم فيه هنا من عبد الله الغَزّال، والقاسم بن عباس هذا ثقة.

وسيأتي الحديث عند المصنف من وجه آخر برقم (3444) من طريق سعيد بن مسعود المروَزي، عن يزيد بن هارون، عن ابن أبي ذئب، عن بكير بن الأشج، لكن قال فيه: عن الوليد بن سَرْح عن أبي هريرة، كذا جاء هذا الإسناد أيضًا بإسقاط ذكر القاسم بن عباس من إسناده، وبذكر الوليد بن سرح بدل أيوب بن مكرز، ورواية الجمهور عن ابن أبي ذئب أولى بالقبول، ثم إنَّ أحمد بن حنبل قد رواه عن يزيد بن هارون بموافقة الجماعة، فروايته أَولى من رواية سعيد بن مسعود المروَزي، والله الموفق.

وأخرجه أبو داود (2516) عن أبي توبة الربيع بن نافع، وابن حبان (4637) من طريق حبّان بن موسى، كلاهما عن عبد الله بن المبارك، عن ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن بكير بن الأشج، به.

وأخرجه أحمد 13/ (7900) عن يزيد بن هارون، و 14/ (8793) عن حسين بن محمد المَرُّوذي، كلاهما عن ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن بكير بن الأشج، به.

وفي الباب عن أبي أمامة عند النسائي (4333)، وجوّد إسناده الحافظ في "الفتح" 9/ 55.

وقال البيهقي في "السنن" 9/ 167 ما معناه: هذا يُحتمل أن يكون فيمن لا ينوي بغزوه إلّا الدنيا وما يرجع إلى أسبابها، دون من يبتغي الأجر ويرجو أن يصيب غنيمةً، وذكر حديث عبد الله بن حَوَالة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا على أقدامنا حول المدينة لنَغنَم. وهو الحديث الآتي عند المصنف برقم (8514). وانظر "فتح الباري" 9/ 54 - 55 عند شرح (2810).

ص: 362

أنه قال: يا رسول الله، أخبرني عن الجهاد والغزو، فقال:"يا عبدَ الله بن عمرو، إن قاتلتَ صابرًا محتسِبًا، بَعثَكَ اللهُ صابرًا محتسِبًا، وإن قاتلتَ مُرائيًا مُكاثرًا، بَعَثَك الله مُرائيًا مُكاثرًا، يا عبدَ الله بن عمرو، على أيِّ حالٍ قاتلتَ أو قُتِلتَ، بَعَثَكَ اللهُ على تلك الحالِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، ومحمد بن أبي الوضّاح هذا: هو أبو سعيد محمد بن مسلم بن أبي الوضاح المُؤدِّب، ثقةٌ مأمونٌ.

2469 -

أخبرني أبو الحُسين محمد بن أحمد بن تَميم القَنْطَرِي، حدثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأُوَيسي، حدثني محمد بن صالح بن قيس الأزرق، عن صالح بن محمد بن زائدة، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبيه، عن عُقْبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ اللهُ حارِسَ الحَرَسِ"

(2)

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2470 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن عَتَّاب العَبْدي ببغداد، حدثنا

(1)

إسناده ضعيف لجهالة حنان بن خارجة على اختلاف في رفع الحديث ووقفه كما أوضحناه في "سنن أبي داود"(2519)، حيث أخرجه أبو داود عن مسلم بن حاتم الأنصاري، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (2561) من طريق أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن مهدي.

(2)

إسناده ضعيف لضعف صالح بن محمد بن زائدة، ومحمد بن صالح الأزرق قال عنه أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وذكره كذلك في "الضعفاء" وقال: يروي المناكير لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد. قلنا: لكنه قد توبع فيبقى الشأن في صالح بن محمد بن زائدة، وقد اضطرب صالح هذا في إسناده، كما هو مُبيَّن في تحقيقنا على "سنن ابن ماجه"(2769)، والمحفوظ فيه أنه من رواية عمر بن عبد العزيز عن عقبة مرسلًا، كما قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 5/ 460 في ترجمة قيس بن الحارث التميمي.

وأخرجه ابن ماجه (2769) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن صالح بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن عقبة بن عامر الجهني.

وانظر ما تقدم برقم (2455).

ص: 363

أبو بكر محمد بن أبي العَوّام الرِّيَاحي، حدثنا قُريش بن أنس، حدثنا أشعث بن عبد الملك، عن الحسن.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه - واللفظ له - حدثنا أبو المثنَّى معاذ بن المثنى العَنْبَري، حدثنا مُسدَّد، حدثنا بشر بن المفضَّل، حدثنا يونس، عن الحسن، عن صَعْصَعة بن معاوية، قال: قلتُ لأبي ذَرٍّ: ما مالُكَ؟ قال: لي عَمَلي، لي عَمَلي، قال: قلتُ: حَدِّثني، قال: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما من عبدٍ يُنفِقُ من كلِّ مالٍ له زَوجَين في سبيلِ الله، إلا استَقبَلَتْه حَجَبةُ الجنةِ، كلُّهم يَدعُوه إلى ما عندَه". قال: قلتُ: وكيف ذاك؟ قال: إن كان رِجالًا فرجُلَين، وإن كان إبلًا فبَعِيرَين، وإن كان بقرًا فبقرتَين

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، وصَعْصَعة بن معاوية من مَفَاخِر العرب، وقد رواه أصحابُ الحسن عنه.

2470/ 1 - سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعتُ العباس بن محمد الدُّورِي يقول: سمعتُ يحيى بن مَعين يقول: صعصعةُ بن معاوية هو صاحب أبي ذَرٍّ، وهو أخو جَزِي

(2)

بن معاوية.

2470/ 2 - سمعتُ أبا حفص عمر بن جعفر البصري الحافظ غيرَ مرّةٍ يقول: ليس للبصريين بابٌ أحسنَ من طُرقِ حديثِ الحسن عن صَعْصَعة.

(1)

إسناده صحيح. يونس: هو ابن عُبيد، والحسن: هو البصري.

وأخرجه النسائي (4379) عن إسماعيل بن مسعود، عن بشر بن المفضَّل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 35/ (21341) عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، عن يونس بن عبيد، به.

وأخرجه أحمد (21358) و (21413)، وابن حبان (4645) من طريق قرة بن خالد، وابن حبان (4643) و (4644) من طريق جرير بن حازم، وأحمد (21453) من طريق هشام بن حسان، ثلاثتهم عن الحسن البصري، به.

(2)

اختلف في ضبط هذا الاسم اختلافًا كثيرًا، كما بيّنه مجدُ الدين بن الأثير في "جامع الأصول" في قسم التراجم ص 266، وصحح أنه جَزْء.

ص: 364

قال الحاكم: فطلبتُ طُرقَ هذا الحديث وجمعتُه، فلما اجتمعنا في الكَرَّة الثانية ببغداد ذاكرتُه به، وأفادَني فيه ما لم يكن عندي، فحدَّثْتُ الحاكمَ أبا أحمد الحافظ رحمه الله يومًا بهذه القصة، وذاكَرْتُه به، فقال لي: من حدَّث بهذا الحديث عن أبي ذرٍّ غيرُ صعصعةَ؟ فلم أحفظ.

2471 -

فحدَّثني قال: أخبرنا محمد بن محمد بن سليمان الواسطي، حدثنا أبو التَّقِي هشام بن عبد الملك اليَزَني، حدثنا محمد بن حَرْب، عن الزُّبَيدي، حدثني سُلَيم بن عامر، أنه بلَغَه: أنَّ رجلًا سألَ أبا ذَرٍّ: ما مالُكَ؟ قال: مالي عَمَلي، ثم ساق الحديثَ بطوله

(1)

.

وقد اتَّفقَ الشيخانِ على إخراج حديث الزُّهْري، عن حُميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن أنفقَ زَوجَينِ من مالِه في سبيلِ الله"

(2)

، وسِياقتُه مخالفةٌ لسِياقةِ حديث صَعْصَعةَ.

2472 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن النَّضْر الأزدي، ابنُ ابنة معاوية بن عمرو، حدثنا جَدِّي معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، حدثنا الرُّكَين بن الربيع بن عُمَيلةَ الفَزَاري، عن أبيه، عن يُسَير بن عُمَيلةَ، عن خُرَيم بن فاتِكٍ الأسَدي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"مَن أنفَقَ نفقةً في سبيلِ الله، كُتِبَ بسبع مئة ضِعْفٍ"

(3)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه منقطع. الزُّبَيدي: هو محمد بن الوليد.

(2)

أخرجه البخاري (1897)، ومسلم (1027).

وأخرجه كذلك البخاري (2841)، ومسلم (1027) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.

(3)

إسناده قوي، ويُسير بن عُميلة روى عنه اثنان، ووثقه الدارقطني في "الإلزامات"، وذكره ابن حبان في "الثقات". زائدة: هو ابن قدامة.

وأخرجه أحمد 31/ (19036) عن معاوية بن عمرو، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (19038)، والترمذي (1625) من طريق حسين بن علي الجعفي، والنسائي =

ص: 365

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وقد احتجَّ مسلمٌ بالرُّكَين بن الرَّبيع، وهو كوفيٌّ عَزيزُ الحديث، ويُسَير بن عُمَيلة عمُّه

2473 -

حدثني بصحَّة ما ذكرتُه أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن أحمد بن النضر، حدثني معاوية بن عمرو، حدثنا مَسلَمة بن جعفر، من بَجِيلة، عن الرُّكين بن الربيع، قال: حدثني عمِّي، عن أبي يحيى خُرَيم بن فاتِك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "الناسُ أربعةٌ، والأعمالُ سِتةٌ: فمُوجِبانِ، ومِثلٌ بمِثلٍ، وعشرةُ أضعافٍ، وسبعُ مئة ضِعْفٍ، فمن ماتَ كافرًا وَجَبَتْ له النارُ، ومن مات مؤمنًا وَجَبَتْ له الجنةُ، والعبدُ يعملُ بالسيئةِ فلا يُجزَى إلّا بمثلِها، والعبدُ يهُمُّ بالحسنة فتُكتَبُ له عَشْرًا، والعبدُ يُنفِقُ النفقةَ في سبيلِ الله فتُضاعَفُ له سبعَ مئةِ ضعفٍ.

والناسُ أربعةٌ: فمُوسَّعٌ عليه في الدنيا، ومُوسَّعٌ عليه في الآخِرة، ومُوسَّع عليه في الدنيا مُقَتَّرٌ عليه في الآخِرة، ومُقَتَّرٌ عليه في الدنيا مُوسَّعٌ عليه في الآخِرة، وشَقِيٌّ في الدنيا والآخِرة"

(1)

.

= (10960)، وابن حبان (4647) من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن زائدة بن قدامة، به.

وأخرجه النسائي (4380) من طريق سفيان بن الثَّوري، عن الرُّكين، به.

وانظر ما بعده.

(1)

حديث قوي، وهذا إسناد ضعيف، مسلمة بن جعفر البَجَلي ضعَّفه الأزدي، وأسقَطَ من إسناد الحديثِ ذكرَ الربيع بن عُميلة بين الرُّكَين وعمه يُسَير بن عُميلة، والصحيح ذكره كما نبَّه عليه البخاري في "تاريخه الكبير" 8/ 423، يعني كما وقع في رواية زائدة بن قدامة وشيبان النحوي وسفيان الثَّوري، كلهم عن الرُّكين.

وأخرجه أحمد 31/ (19035)، وابن حبان (6171) من طريق شيبان بن عبد الرحمن النحوي، عن الرُّكين بن الربيع بن عُميلة، عن أبيه، عن يُسَير بن عُميلة، عن خُريم. فزاد في إسناده الربيع بن عُميلة.

وأخرجه أحمد (18900) عن يزيد بن هارون، و (19039) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، كلاهما عن المسعودي - وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة - عن الرُّكين، عن أبيه - وقال أبو النضر: عن رجل، بدل: عن أبيه - عن خُريم. فأسقط المسعودي من إسناده هذا رجلًا، ويزيد بن =

ص: 366

2474 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن زَبَّان بن فائدٍ، عن سَهْل بن مُعاذ الجُهَني، عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن قرأ ألفَ آيةٍ في سبيلِ الله، كَتَبَه اللهُ مع النبيِّين والصِّدِّيقين والشُّهداءِ والصالحين"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2475 -

حدثني علي بن عيسى الحِيْري، حدثنا مُسدَّد بن قَطَن، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن أُمية، عن أبي الزُّبَير، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لمّا أُصيبَ إخوانُكُم بأحدٍ جعلَ اللهُ أرواحَهم في جَوف طَيرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أنهارَ الجنة، تأكُلُ من ثِمارِها، وتَأوي إلى قَنادِيلَ مِن ذهبٍ مُعَلَّقةٍ في ظِلِّ العَرْشِ، فلما وَجَدُوا طِيبَ مَأكَلِهم ومَشرَبهم ومَقِيلِهم، قالوا: مَن يُبلِّغُ إخوانَنا أنَّا أحياءٌ في الجنةِ نُرزَقُ، لئلّا يَزهَدُوا في الجهاد، ولا يَنْكُلُوا عن الحرب؟ فقال الله تبارك وتعالى: أنا أُبلِّغهم عنكُم" قال: وأنزلَ اللهُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169]

(2)

.

= هارون وأبو النضر سمعا من المسعودي بعد اختلاطه، فالصحيح رواية شيبان بن عبد الرحمن النحوي ومن تابعه.

وقد تقدَّم قبله مختصرًا بذكر النفقة في سبيل الله، من طريق زائدة بن قدامة عن الرُّكين.

(1)

إسناده ضعيف لضعف زبَّان بن فائد، وقد توبع بمتابعة لا يُعتدُّ بها كما سيأتي.

وأخرجه أحمد 24/ (15611) من طريق عبد الله بن لهيعة، ومن طريق رشدين بن سعد، كلاهما عن زبَّان بن فائد، به.

وتابع زبَّانَ يحيى بنُ أبي أسيد المصري عند الطبراني في "الكبير" 20/ (401) لكن في الإسناد إليه شيخ الطبراني يحيى بن عثمان بن صالح السهمي، وهو مُتكلَّم فيه، ويُحدِّث من غير كتبه، فطُعِنَ فيه لأجل ذلك.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرَّح بالتحديث عند أحمد وغيره، فانتفت شبهة تدليسه. وحسَّنه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 338. وسيأتي مكررًا برقم (3203). =

ص: 367

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2476 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التَّيمي، عن محمد بن عبد الله بن عَتِيك، أخي بني سَلِمة، عن أبيه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن خَرَجَ من بَيتِه مجاهدًا في سبيلِ الله - قال: ثم ضَمَّ أصابِعَه الثلاثَ: وأينَ المُجاهِدُون في سبيلِ الله؟ - مَن خرجَ في سبيلِ الله، فَخَرَّ عن دابّتِه، فماتَ فقد وَقَعَ أَجْرُه على الله، وإن لَدَغَتْه دابَّةٌ فماتَ، فقد وَقَعَ أجْرُه على الله، ومَن ماتَ حَتْفَ أنفِه - قال: وإنها لكلمةٌ ما سمِعْتُها من أحدٍ من العربِ أوّلَ مِن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، يعني بحتفِ أنفِه: على فِراشِه -

= وأخرجه أبو داود (2520) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 4/ (2388) من طريق إبراهيم بن سعد الزُّهْري، عن محمد بن إسحاق، به - لكن لم يذكر سعيد بن جبير في إسناده.

وكذلك رواه أكثر أصحاب محمد بن إسحاق، لم يذكروا سعيد بن جبير، وهو كذلك في "سيرة ابن هشام" 2/ 119، لكن جزم ابنُ كثير في "تفسيره" 2/ 141 بأن ذكر سعيد بن جبير في إسناده أثبت. وقال: وكذا رواه سفيان الثَّوري، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. قلنا: أخرجه من هذه الطريق البيهقي في "إثبات عذاب القبر"(214) من طريق أبي عامر القاسم بن محمد الأسدي عن سفيان الثَّوري، وأبو عامر هذا روى عنه أبو كُريب وأبو تُميلة ومِنجاب بن الحارث وغيرهم، ولم يُؤثر فيه جرح ولا تعديل، فمثله يعتبر به في المتابعات والشواهد.

وأخرجه كذلك البيهقي في "إثبات عذاب القبر"(214) من طريق أسامة بن زيد الليثي، عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. ورجاله لا بأس بهم، لكن الصحيح أنَّ إسماعيل بن أمية يرويه عن أبي الزُّبَير عن ابن جبير. عن ابن عباس. وهذه متابعة قوية تؤيد صحة ذكر سعيد بن جبير في إسناده، كما رجَّحه البيهقي، والله تعالى أعلم.

وانظر ما سيأتي مختصرًا موقوفًا على ابن عباس برقم (3498).

وفي الباب عن عبد الله بن مسعود عند مسلم (1887).

قوله: "ينكلوا عن الحرب" مثلثة الكاف، أي: يجبنوا ويتأخَّروا عن الجهاد.

ص: 368

قد وَقَعَ أجْرُه على الله، ومَن قُتِلَ قَعْصًا فقد استَوجَبَ الجنةَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2477 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الأسود بن شَيبان السَّدُوسِي، عن يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير أبي العلاء، عن مُطرِّف بن عبد الله، قال: كان يَبلُغُني عن أبي ذرٍّ حديثٌ، فكنتُ أشتهي لقاءه فلقِيتُه، فقلتُ: يا أبا ذَرّ، كان يبلُغُني عنك حديثٌ، فكنتُ أشتهي لقاءك، قال: لِلَّهِ أبوك، فقد لقِيتَني، قال: قلتُ: حديثٌ بَلَغني أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حدَّثك، قال:"إِنَّ الله يحبُّ ثلاثةً، ويُبغِضُ ثلاثةً" قال: فلا إخالُني أكذِبُ على خَلِيلي، فلا إخالُني أكذب على

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم غير محمد بن عبد الله بن عَتيك، فلا يُعرف روى عنه غير محمد بن إبراهيم التيمي، وقد صرَّح محمد بن إسحاق بسماعه عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(4374)، فيبقى الشأن في جهالة ابن عَتِيك.

وأخرجه أحمد 26/ (16414) عن يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث أبي أمامة الباهلي الذي تقدم عند المصنف برقم (2431) بلفظ: "ثلاثة كلهم ضامنٌ على الله: "رجل خرج غازيًا في سبيل الله، فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة" الحديث، وإسناده صحيح.

ونحوه من حديث أبي هريرة عند مسلم (1876).

وحديث عقبة بن عامر عند ابن أبي عاصم في "الجهاد"(237)، وأبي يعلى (1752) وغيرهما، بلفظ:"من صُرع عن دابته في سبيل الله فهو شهيد". وإسناده صحيح أيضًا.

وعموم حديث أبي هريرة عند مسلم (1915) بلفظ: "من قُتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد".

وعن يحيى بن أبي كثير مرسلًا عند ابن المبارك في "الجهاد"(67) بلفظ: "من وضع رجله في ركابه فاصِلًا في سبيل الله، فلدغته هامّة، أو وَقَصتْه دابّة، أو بأي حَتْفٍ مات فهو شهيد"، ورجاله ثقات.

وانظر أحاديث معاذ بن جبل وأنس وسهل بن حُنيف المتقدمة بالأرقام (2441) و (2442) و (2443).

والقَعْص: أن يُضرَب الإنسان فيموت مكانه، يعني إذا قُتل قتلًا سريعًا.

ص: 369

خليلي، فلا إخالُني أكذب على خليلي، قال: قلتُ: مَنْ هؤلاء الذين يحبُّهم الله؟ قال: "رجلٌ غزا في سبيلِ الله صابرًا محتسبًا مجاهدًا، فلقي العدوَّ، فقاتَلَ حتى قُتِلَ، وأنتم تجِدونَه عندكم في كتاب الله المُنزَل" ثم قرأ هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4]، قلت: ومَن؟ قال: "رجلٌ له جارُ سَوءٍ يُؤذيه، فيَصبِرُ على أذاهُ حتى يَكفيَه الله إياه، إما بحياةٍ أو موتٍ" قلت، ومَن؟ قال:"رجلٌ مسافرٌ مع قومٍ، فأدْلَجوا، حتى إذا كانوا مِن آخرِ الليل وقع عليهم الكَرَى والنُّعاس، فضربوا رؤوسهم، ثم قامَ فتطهَّر رَهْبةً لله ورَغْبةً لما عندَه".

قلت: فمن الثلاثة الذين يُبغِضُهم الله؟ قال: "المختالُ الفَخُور، وأنتم تَجِدونَه في كتاب الله المُنزَل {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18] " قلت: ومَن؟ قال: "البَخيلُ المَنَّانُ" قال: ومن؟ قال: "التاجِرُ الحَلّاف" أو "البائعُ الحَلّاف"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2478 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان،

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 35/ (21530) عن يزيد بن هارون عن الأسود بن شيبان، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد أيضًا (21340) عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، عن سعيد بن إياس الجُريري، أبي العلاء بن الشِّخِّير، عن ابن الأحمس، عن أبي ذرّ. وابن الأحمس هذا مجهول، وابن علية ممَّن سمع من الجريري قبل اختلاطه، لكن خالفه معمر بن راشد في "جامعه"(20282) و (20285) - وهو ممَّن سمع من الجريري قبل الاختلاط أيضًا، ورواه ابن المبارك في "الزهد" برواية الحسين المروَزي (1212) عنه - عن الجُريري بإسقاط ذكر ابن الأحمس من إسناده.

وقد تقدم بنحوه برقم (1534)، وسيأتي برقم (2564) من طريق زيد بن ظبيان عن أبي ذر.

والكَرَى: النُّعاس.

وقوله: "أدلجوا"، أي: ساروا من أول الليل.

وقوله: "فضربوا رؤوسهم"، يعني: وضعوها للنوم.

ص: 370

حدثنا يحيى بن بُكير، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، حدثنا أبو عثمان الوليد بن أبي الوليد، عن عثمان بن عبد الله بن سُرَاقة العَدَوي، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أظلَّ رأس غازٍ أظلَّه اللهُ يومَ القيامة، ومن جَهَّز غازيًا حتى يَستقِلَّ بجَهَازه فله مثلُ أجرِه"

(1)

.

(1)

صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن رواية عثمان بن عبد الله بن سُراقة عن جده لأمه عمر بن الخطاب مرسلة، كما جزم به علي بن المديني فيما نقله عنه ابن كثير في "مسند الفاروق"(623)، وبذلك جزم أيضًا الحافظان المزي في "تهذيب الكمال" 19/ 413، والذهبي في "تاريخ الإسلام" 3/ 276، وما ردَّ به الحافظُ ابنُ حجر على المزي في "تهذيب التهذيب" غير مُسلَّم، لأمرين، أولها: أنَّ المزي لم ينفرد بالحكم بإرساله، بل وافقه على ذلك الذهبي، وسبقهما إمام المحدثين علي بن المديني، وثانيهما: أنَّ الواقدي لم ينفرد بما قال من وفاة عثمان بن عبد الله بن سراقة وعمره الذي عاشه، بل تابعه على ذلك الكلبي كما في "أنساب الأشراف" للبلاذري 10/ 475 حيث جزما بأنه مات سنة ثماني عشرة ومئة عن عُمر ثلاثة وثمانين عامًا، وهذا يعني أنه ولد في حدود سنة خمس وثلاثين، أي: بعد وفاة عمر بن الخطاب باثني عشر عامًا تقريبًا، ولم يأت ابن حجر بحجة على تضعيفه لقول الواقدي، بل إنَّ الواقدي والكلبي وتبعهما ابن سعد في "طبقاته" 7/ 240 جزموا بأنَّ أم عثمان وهي زينب بنت عمر بن الخطاب هي أصغر ولد عمر بن الخطاب، وهذا ممّا يقوي عدم سماعه من جده. وما احتجَّ به ابن حجر من حجر من أنه وقع تصريحه بسماعه منه في "تهذيب الآثار" لابن جرير الطبري غير مسلَّم، لأنَّ الفاكهي قد روى الحديث في "أخبار مكة"(1943) بإسناد الطبري نفسه، غير أنه قال فيه: عن عثمان بن عبد الله بن سراقة، عن أبيه، عن ابن عمر بن الخطاب، فيصح الحديثُ بهذا الإسناد إن شاء الله، وبذلك يتضح أنَّ في الإسناد الذي وقع للحافظ في "تهذيب الآثار" سقطًا، والله ولي التوفيق، وكنا قد تبعنا الحافظ رحمه الله في "المسند" وفي "سنن ابن ماجه" وغيرهما فصححنا سماع عثمان بن عبد الله بن سراقة من عمر، فيُستدرك من هنا.

وأخرجه أحمد 1/ (126)، وابن ماجه (2758)، وابن حبان (4628) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (376) عن حسن بن موسى الأشيب، عن عبد الله بن لهيعة، عن الوليد بن أبي الوليد، به.

وفي باب الإظلال في سبيل الله مطلقًا انظر حديث عدي بن حاتم الآتي برقم (2483).

وفي باب تجهيز الغازي انظر حديث زيد بن خالد عند البخاري (2843)، ومسلم (1895).

ص: 371

هذا حديث صحيح الإسناد

وقد احتجَّ البخاري بعثمان بن عبد الله بن سُراقة، وهو ابنُ ابنة أمير المؤمنين عثمان بن عفّان

(1)

.

ولهذا الحديث شاهدٌ من حديث سهل بن حُنيف:

2479 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا يحيى بن أبي بُكير، حدثنا زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عَقيل، عن عبد الله بن سهل بن حُنَيف، أنَّ سهلًا حدثه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن أَعانَ مجاهدًا في سبيل الله، أو غارمًا في عُسْرتِه، أو مُكاتَبًا في رقَبتِهِ، أظلَّه اللهُ في ظِلِّه يوم لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّه"

(2)

.

2480 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى العَدْل، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا يحيى بن المغيرة السَّعْدي، حدثنا جَرير، عن الأعمش، عن أبي عمرو الشَّيباني،

(1)

هذا وهم من المصنف رحمه الله، والظاهر أنه سبق قلم، لأنَّ عثمان هو ابن زينب بنت عمر بن الخطاب، وليس هو ابن ابنة عثمان بن عفان.

(2)

في إسناده ضعف عبد الله بن سهل بن حنيف ذكر ابن منده أنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يرو عنه غير عبد الله بن محمد بن عَقيل، وابن عقيل هذا ضعيف يُعتبر به في المتابعات والشواهد، لكن لم يتابع عليه بهذا اللفظ، ومع ذلك حسَّن هذا الحديث ابن عساكر في "معجمه"(606)، وابن حجر في "الأمالي المُطلقة"(101)، وصحَّحه ابنُ الملقِّن في "البدر المنير" 9/ 741، فبالغ بذلك.

وأخرجه أحمد 25/ (15987) عن يحيى بن أبي بُكير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (15986) من طريق عُبيد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به.

وسيأتي برقم (2896) من طريق عمرو بن ثابت عن ابن عقيل.

وفي باب معونة المجاهد حديث زيد بن خالد عند البخاري (2843)، ومسلم (1895) بلفظ:"من جهّز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خَلَفَه في أهله بخير فقد غزا".

وفي باب إعانة الغارم والمكاتَب حديث أبي اليَسَر عند مسلم (3006) بلفظ: "من أنظر معسرًا أو وضع عنه، أظله الله في ظله". والغارم والمكاتب كلٌّ منهما مُعسِرٌ، وأحق من يُعينُهما هما الدائن والمولى، والله أعلم.

ص: 372

عن أبي مسعود، قال: جاء رجلٌ بناقةٍ مَخْطُومة، فقال: هذا في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لك بها يومَ القيامةِ سبعُ مئة ناقةٍ، كلُّها مَخْطُومة"

(1)

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجه البخاري.

2481 -

أخبرنا أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث بن سعد، عن الحارث بن يعقوب، عن قيس بن رافع، عن عبد الرحمن بن جُبير، عن عبد الله بن عمرو: أنه مَرَّ بمعاذ بن جبل وهو قائمٌ على بابه، فقال معاذ: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن جاهَدَ في سبيلِ الله، كان ضامِنًا على الله، ومن دخل على إمام يُعزِّرُه، كان ضامِنًا على الله، ومَن جلس في بيتِه لم يَغتَبْ أحدًا بسوءٍ، كان ضامِنًا على الله"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2482 -

أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله الورّاق، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أَبي شَيْبة، حدثنا عَبِيدة بن حُميد، حدثنا الأسود بن قيس، عن نُبَيح العَنَزي، عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه أراد أن يغزوَ، فقال: "يا معشرَ المهاجرين والأنصار، إنَّ من إخوانِكم قومًا ليس لهم مالٌ ولا عَشِيرةٌ، فليَضُمَّ

(1)

إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو عمرو الشَّيباني: هو سعد بن إياس.

وأخرجه مسلم (1892)، وابن حبان (4649) من طريقين عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 28/ (17094) و 37/ (22357) و (22358)، ومسلم (1892)، والنسائي (4381)، وابن حبان (4650) من طريقين عن الأعمش، به.

قوله: "مخطومة" أي: لها خَطْم تُقاد به، كالرسَن للدابة، فيتمكن صاحبها منها ولا تفرُّ منه.

(2)

إسناده حسن.

وقد تقدم برقم (861) من طريق يحيى بن بكير عن الليث بن سعد.

يُعزِّره، أي: يُوقِّره ويَنصُره ويُعِينُه.

ص: 373

أحدُكم إليه الرجلَين أو الثلاثةَ، وما لأحدنا مِن ظهرِ جملِه إِلَّا عُقْبةٌ كَعُقْبةِ أحدِهم"، قال: فضمَمْتُ إليَّ اثنين أو ثلاثة، ما لي إلّا عُقبةٌ كعُقْبة أحدِهم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2483 -

أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا زيد بن الحُباب، حدثنا معاوية بن صالح، حدثني كثير بن الحارث، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن عَدي بن حاتم الطائي: أنه سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الصدقةِ أفضلُ؟ قال: "خِدمةُ عبدٍ في سبيل الله، أو ظلُّ فُسْطاطٍ، أو طَرُوقةُ فَحْلٍ في سبيل الله"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. نُبيح العَنَزي: هو ابن عبد الله الكوفي.

وأخرجه أحمد 23/ (14863) عن عَبيدة بن حميد، وأخرجه أبو داود (2534) عن محمد بن سليمان الأنباري، عن عَبيدة بن حميد، بهذا الإسناد.

والعُقبة، بالضم: ركوب مركبٍ واحدٍ بالنَّوبة على التعاقب.

(2)

حسن، وهذا إسناد اختُلف فيه على القاسم بن عبد الرحمن، فرواه عنه كثير بن الحارث كما وقع عند المصنف هنا، وكثير هذا صالح الحديث، وخالفه الوليد بن جميل، وهو صالح الحديث أيضًا، فرواه عن القاسم، غير أنه قال: عن أبي أمامة، بدل: عدي بن حاتم، ومثل هذا الاختلاف لا يضر لأنَّ مداره على صحابي، وإن كانت رواية الوليد بن جميل أشبه، لأنه اختُلف على معاوية بن صالح في وصل الحديث وإرساله عن عدي بن حاتم، فرواه عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن كثير بن الحارث، عن القاسم: أنَّ عدي بن حاتم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرسلًا، كما أشار إليه البخاري فيما سأله عنه الترمذي في "العلل الكبير"(492)، ولهذا قال الترمذي عن حديث أبي أمامة بأنه أصح.

وأخرجه الترمذي في "جامعه"(3626) عن محمد بن رافع، عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (1627) من طريق الوليد بن جميل، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة. وقال: حديث حسن صحيح غريب، وهو أصحُّ عندي من حديث معاوية بن صالح.

وأخرجه أحمد 36/ (22321) من طريق مُطَّرِح بن يزيد الكناني، عن عُبيد الله بن زَحْر، عن علي بن يزيد الألهاني، عن القاسم، عن أبي أمامة. وهذا إسناد ضعيف جدًّا لضعف مطَّرِح وعلي =

ص: 374

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2484 -

أخبرني عبد الله بن إسحاق بن الخُراساني العَدْل ببغداد، حدثنا الحسن بن مُكرَم البَزّاز، حدثنا رَوْح بن عُبادة، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن عاصم بن بَهْدَلة، عن زِرٍّ، عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا يومَ بدر نَتَعاقَبُ ثلاثةً على بَعيرٍ، فكان عليٌّ وأبو لُبَابة زَمِيلَي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فكانت إذا كانت عُقبةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يقولان له: اركَبْ حتى نمشيَ، فيقول:"إني لستُ بأَغنى عن الأجر منكما، ولا أنتما بأقوى على المشيِ مِنّي"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2485 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت معاوية بن صالح يقول: حدثني نُعيم بن زياد، أنه سمع أبا كَبْشة صاحبَ النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الخيلُ معقودٌ في

= ابن يزيد، وكذا ابن زَحْر فيه ضعف وبخاصّة في روايته عن علي بن يزيد، ويغني عن هذا رواية الوليد بن جميل عن القاسم.

وفي باب طروقة الفحل حديث أبي كبشة الأنماري عند أحمد 29/ (18032)، وابن حبان (4679)، وغيرهما بلفظ:"من أطرق مسلمًا فعقبَ له الفرسُ، كان له كأجر سبعين فرسًا حُمل عليها في سبيل الله" زاد ابن حبان: "وإن لم تُعقب كان له كأجر فرسٍ حُمل عليها في سبيل الله". وإسناده صحيح.

وحديث جابر بن عبد الله عند مسلم (988) بلفظ: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما حقُّها؟ - يعني الإبل والبقر والغنم - قال:"إطراق فحلها، وإعارة دلوها، ومَنيحتُها، وحلبها على الماء، وحملٌ عليها في سبيل الله".

(1)

إسناده حسن من أجل عاصم بن بَهْدلة: وهو ابن أبي النَّجُود. زِرّ: هو ابن حُبيش.

وأخرجه أحمد 7/ (3901) و (3965) و (4009) و (4029)، والنسائي (8756) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وسيأتي من طريق أبي الوليد الطيالسي عن حماد برقم (4345).

والعُقْبة، بالضم: ركوب مركب واحد بالنَّوبة على التعاقب.

ص: 375

نَواصِيها الخيرُ، وأهلُها مُعانُون عليها، والمُنفِقُ عليها كالباسِطِ يدَه بالصدقةِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه الزيادة

(2)

.

وفيها له شاهد:

2486 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الوهاب بن حبيب العَبْدي، حدثنا جعفر بن عَون، حدثنا هشام بن سعد، حدثني قيس بن بِشْر التَّغلِبي قال: كان أَبي جليسًا لأبي الدرداء بدمشق، وكان بدمشقَ رجلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: ابن الحنظَلِية الأنصاري، فمرَّ بنا يومًا فسَلّم، فقال له أبو الدرداء: كلمةً تَنفعُنا ولا تَضرُّك، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ المُنفِق على الخيلِ في سبيل الله كباسِطِ يدَيهِ بالصدقةِ لا يَقبِضُها"

(3)

.

2487 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد

(1)

إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله.

وأخرجه ابن حبان (4674) من طريق حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

(2)

يعني قوله: "وأهلها مُعانُون" إلى آخر الحديث. وهو كذلك، فقد أخرجه البخاري (2850)، ومسلم (1873) من حديث عروة البارقي، والبخاري (3645) من حديث أنس بن مالك، ومسلم (987) من حديث أبي هريرة، و (1871) من حديث ابن عُمر، و (1872) من حديث جرير بن عبد الله، كلهم بلفظ:"الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة"، زاد جرير في روايته وعروة في بعض رواياته:"الأجر والمغنم".

(3)

صحيح بما قبله، وهذا إسناد محتمل للتحسين، فإنَّ بشرًا - وهو ابن قيس - تابعي كبير يروي عن عمر بن الخطاب، وكان جَليسًا لأبي الدرداء، وروى عنه ابنه وزياد بن عِلاقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وهشام بن سعد حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وقيس بن بشر - وهو يروي هذا الخبر عن أبيه - تفرَّد بالرواية عنه هشام وقال عنه: كان رجل صدق، وقال أبو حاتم: ما أرى به بأس. وقد حسَّن الحافظُ ابن حجر هذا الحديث في "الأمالي المطلقة" ص 35 في المجلس الثمانين.

وأخرجه أحمد 29/ (17622)، وأبو داود (4089) ضمن حديث من طريق أبي عامر عبد الملك بن عمرو العَقَدي، عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد.

ص: 376

الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، حدثنا طلحة بن أبي سعيد، أنَّ سعيد المَقبُري حدثه عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن احتَبَسَ فرسًا في سبيل الله إيمانًا بالله وتَصديقَ مَوعُودِ الله، كان شِبَعُه ورِيُّه ورَوثُه وبَولُه حسناتٍ في مِيزانِه يومَ القيامة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2488 -

أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا رَوح بن عُبادة، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثني يزيد بن أبي حَبيب، حدثني سُويد بن قيس، حدثني معاوية بن حُدَيج، عن أبي ذرٍّ الغِفاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما مِن فَرسٍ عَربيٍّ إلّا يُؤذَنُ له كلَّ يومٍ بدَعْوتَين، يقول: اللهمَّ كما خَوَّلْتَني مَن خَوَّلْتَني، فاجعلْني مِن أحبِّ مالِه وأهلِه إليه"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله.

وأخرجه النسائي (4407) عن الحارث بن مسكين، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 14/ (8866)، والبخاري (2853)، وابن حبان (4673) من طريق عبد الله بن المبارك، عن طلحة بن أبي سعيد، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه بنحوه أحمد (8977)، والبخاري (2371)، ومسلم (987)، وابن ماجه (2788)، والترمذي (1636)، والنسائي (4387) و (4388)، وابن حبان (4672) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة.

(2)

صحيح موقوفًا، فقد انفرد برفعه عبد الحميد بن جعفر، وخالفه الليث بن سعد وعمرو بن الحارث، وهما أجلُّ من عبد الحميد بن جعفر وأوثق، فوقفاه على أبي ذرّ، وهو المحفوظ، كما قال الدارقطني في "العلل"(1123)، وخالفاه أيضًا في تعيين شيخ يزيد بن أبي حبيب، فذكرا أنه عبد الرحمن بن شُماسَة. وانفرد ابنُ جعفر أيضًا بتقييد الفرس بكونه عربيًا، وأطلقاه.

وسيأتي برقم (2670) من طريق يحيى بن سعيد القطان عن عبد الحميد بن جعفر.

وأخرجه أحمد 35/ (21442) من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن شُماسة: أنَّ معاوية بن حُديج مرَّ على أبي ذر، فذكره موقوفًا. وهذا يُوهم أنَّ ابن شُماسَة حضر القصة، وابن شماسة له سماع من أبي ذر، لكن هذا الحديث إنما سمعه ابن شماسة =

ص: 377

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2489 -

أخبرنا مُكرَم بن أحمد القاضي ببغداد، حدثنا أبو قِلابة بن الرَّقَاشي، حدثنا وهب بن جَرير، حدثنا أبي، قال: سمعتُ يحيى بن أيوب يحدِّث عن يزيد بن أبي حَبيب، عن عُليّ بن رَبَاح، عن أبي قَتَادة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"خَيرُ الخيل الأدْهَمُ الأقْرَحُ المحجَّلُ الأرثَم، طَلْقُ اليدِ اليُمنى، فإن لم يكن أدْهَمَ فكُمَيتٌ على هذه الشِّيَةِ"

(1)

.

= من معاوية بن حُديج، كما توضحه رواية ابن عبد الحَكَم في "فتوح مصر والمغرب" ص 254 - 255.

وقد تابع الليثَ بنَ سعد على روايته هذه عمرو بنُ الحارث، كما نبَّه عليه أحمد بن حنبل بإثر الحديث، وروايته هذه عند سعيد بن منصور في "سننه"(2444)، وابن عبد الحَكَم ص 254، وغيرهما موقوفًا كذلك.

قوله: "خَوَّلْتني" أي: مَلَّكْتَني ومَنحْتَني.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن أيوب - وهو الغافقي المصري - وقد توبع. جرير: هو ابن حازم، وأبو قلابة الرقاشي: هو عبد الملك بن محمد.

وأخرجه ابن ماجه (2789)، والترمذي (1697) عن محمد بن بشار، وابن حبان (4676) من طريق إبراهيم بن محمد بن عَرْعرة، كلاهما عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد. ولكنه شكَّ في رواية ابن عرعرة، فقال: عن عقبة بن عامر أو أبي قتادة، لكن الصحيح أبو قتادة، كما جزم به غيره

وأخرجه أحمد 37/ (22561) عن حسن بن موسى الأشيب ويحيى بن إسحاق، والترمذي (1696) من طريق عبد الله بن المبارك، ثلاثتهم عن عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به. وهذا إسناد حسن أيضًا، لأنَّ رواية ابن المبارك عن ابن لهيعة جيدة قبل أن تحترق كتب ابن لهيعة.

وانظر ما بعده.

الأدهم: الأسود.

والأقرح: ما كان في جبهته قُرحة، بالضم، وهو بياض يسير دون الغُرّة.

والأرثم: هو الذي أنفه أبيض وشفته العليا. =

ص: 378

هذا حديث غريب صحيحٌ، وقد احتجَّ الشيخان بجميع رُواتِه

(1)

، ولم يُخرجاه.

2490 -

أخبرني أبو عمرو محمد بن أحمد السُّكري، حدثنا محمد بن إسحاق بن خُزيمة، حدثنا موسى بن عبد الرحمن المَسْروقي، حدثنا عُبيد بن الصَّبّاح، أخبرنا موسى بن عُليّ بن رَبَاح، عن أبيه، عن عُقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أردت أن تغزوَ فاشتَرِ فرسًا أدْهمَ أغرَّ محجَّلًا مطلَقَ اليُمنى، فإنك تَغْنَمُ وتَسلَمُ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2491 -

أخبرنا أحمد بن محمد العَنَزِي، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن نافع بن سَرْجِس

(3)

،

= والمُحجَّل: هو الذي في قوائمه بياض.

وطلق اليد اليمنى: أي ليس فيها تحجيل.

والكُميت: هو الذي لونه بين السواد والحمرة، يستوي فيه المذكر والمؤنث.

والشِّيَة: هو اللون المخالف لغالب اللون.

(1)

لم يخرِّج البخاري لعُليّ بن رباح في "صحيحه" شيئًا، إنما أخرج له في "الأدب المفرد".

(2)

إسناده ضعيف لضعف عُبيد بن الصبّاح - وهو الكوفي الخَزّاز - وخالفه الفضل بن دكين، وهو ثقة حافظ - فرواه عن موسى بن عُلَيّ عن أبيه مرسلًا، فهذا هو المحفوظ في رواية موسى بن علي، كما أفاد ذلك أبو حاتم الرازي في سؤالات ابنه له في "العلل"(911).

قلنا: على أنه قد صحَّ موصولًا بسياقة قريبة عن عُلي بن رباح، كما في الطريق التي قبل هذه، لكن عن أبي قتادة الأنصاري، وليس عن عقبة بن عامر.

وأخرجه البيهقي 6/ 330 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني 17/ (809) من طريقين عن موسى بن عبد الرحمن، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 224 عن الفضل بن دكين، عن موسى بن عُليّ، عن أبيه - مرسلًا -: أنَّ رجلًا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أريد أن أقيد فرسًا أو أبتاع فرسًا، قال:"فعليك به أقرحَ أرثَمَ كُميتًا، أو أدهمَ مُحجّلًا طَلْقَ اليُمنى"، وهذا اللفظ أوفق للفظ أبي قتادة.

(3)

أُقحم في الإسناد بين ابن خثيم ونافع بن سرجس في النسخ الخطية نافع بن جبير، فصار =

ص: 379

أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أَظلَّتْكم فِتنٌ كقِطَع الليل المُظلِم، أنجَى الناسِ منها صاحبُ شاهقةٍ يأكلُ من رِسْلِ غَنَمِه، أو رجلٌ مِن وراء الدُّروب آخذٌ بعِنانِ فَرسِه يأكلُ من فَيْءِ سيفِه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2492 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، حدثنا جَدّي، حدثنا عبد الله بن صالح، أنَّ أبا شُريح المَعَافِري حدثه عن أبي هانئٍ، عن أبي علي الجَنْبي، عن أبي سعيد الخُدْري، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن رَضِيَ بالله رَبًّا، وبالإسلام دِينًا، وبمحمدٍ رسولًا، وَجَبتْ له الجنةُ"، قال أبو سعيد: فحَمِدتُ الله وكبّرتُ وسُرِرتُ

= من رواية ابن خثيم عن نافع بن جبير عن نافع بن سرجس، وهذا خطأ يقينًا، فإن نافع بن سرجس قد تفرّد ابن خثيم بالرواية عنه، ولا يعرف هذا الحديث إلَّا من روايته عنه.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، نافع بن سرجس - وإن لم يرو عنه غير عبد الله بن عثمان بن خثيم - وثَّقه ابن سعد في "الطبقات" 5/ 477، وذكره ابنُ حبان في "الثقات" 5/ 468، وقال الإمام أحمد في "العلل ومعرفة الرجال" (1620): ما أعلم إلَّا خيرًا. وأما ابن خثيم فصدوق لا بأس به، وقد اختُلف عليه في رفع هذا الحديث ووقفه، فرواه عنه مرفوعًا زهير بنُ معاوية وزائدةُ بن قُدامة فيما سيأتي عند المصنف برقم (8782)، ووقفه عنه معمر بن راشد فيما سيأتي عنده أيضًا برقم (8536) و (8643)، واللذان رفعاه حافظان، فرفعه صحيح، والله أعلم.

وتقدم برقم (2410) من طريق سعيد بن يسار عن أبي هريرة مرفوعًا، بلفظ قريب من لفظه الذي هنا، لكن ليس فيه أنَّ ذلك زمن الفتن، ويُحمَل مُطلَق ما جاء هناك على ما قُيّد به هنا من أنَّ المقصود كون ذلك أيام الفتن، كما أفاده الحافظ ابن رجب الحنبلي في "شرح البخاري" 1/ 107.

قوله: "كقطع الليل المظلم" أي: كل فتنة كقطعة من الليل المظلم في شدتها وظلمتها وعدم تبيُّن أمرها.

والشاهقة: الجبل العالي.

ورِسْل الغنم، بكسر الراء: لبنها.

والعِنان، بكسر العين: سَيْر لجام الفرس.

وفَيء السيف: هو ما يغنمه المجاهد، وهو من أحلِّ الكسب.

ص: 380

به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وأُخرى يرفعُ اللهُ بها أهلَها في الجنة مئةَ درجةٍ، ما بين كلِّ درجتَين كما بين السماء والأرض - أو أبعدَ ما بين السماء والأرض -" قال: قلتُ: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: "الجهادُ في سبيل الله، الجهادُ في سبيل الله"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2493 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عاصمٌ الأَحْول، عن كُريب بن الحارث، عن أبي بُردة بن قيس أخي أبي موسى، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اللهمّ اجعَلْ فَنَاءَ أمتي قتلًا في سبيلِك بالطَّعْن والطاعون"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه على أبي هانئٍ - وهو حميد بن هانئ - في تعيين شيخه، كما مضى بيانه برقم (1925)، وبينّا هناك أنه اختلاف لا يضرُّ لثقة الرجلَين.

أبو شُريح: هو عبد الرحمن بن شُريح، وأبو علي الجَنْبي: هو عمرو بن مالك الهَمْداني، وعبد الله بن صالح - وهو كاتب الليث بن سعد - يعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد تابعه زيد بن الحُباب فيما تقدم برقم (1925) على الشطر الأول من الحديث، وتابعه أيضًا على الشطر الثاني كما سيأتي.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(3953) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(8742) عن مُطَّلِب بن شعيب، عن عبد الله بن صالح، به.

وأخرج الشطر الثاني منه في ذكر درجات الجنة: عبدُ بن حميد (922)، وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(192)، وأبو نُعيم في "صفة الجنة"(230) من طريق زيد بن الحُباب، عن أبي شُريح عبد الرحمن بن شريح، به.

وأخرجه بشطريه مسلم (1884)، والنسائي (4324) و (9749)، وابن حبان (4612) من طريق ابن وهب، عن أبي هانئ، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن أبي سعيد.

وأخرجه بنحوه أحمد 17/ (11102) من طريق ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن أبي سعيد.

(2)

إسناده حسن من أجل كريب بن الحارث - وهو ابن أبي موسى الأشعري - فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات". أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري، وعاصم الأحول: هو ابن سليمان. =

ص: 381

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2494 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أخبرنا ثابت، عن أنس: أنَّ رجلًا أسودَ أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني رجل أسودُ مُنتِنُ الرِّيحِ، قبيحُ الوجه، لا مالَ لي، فإن أنا قاتلتُ هؤلاء حتى أُقتَل، فأين أنا؟ قال:"في الجنة"، فقاتل حتى قُتِل، فأتاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:"قد بَيَّض الله وجهَك، وطَيَّبَ رِيحَك، وأكثرَ مالَكَ"، وقال لهذا أو لغيره:"لقد رأيتُ زوجتَه مِن الحُور العِين نازعَتْه جُبّةً له من صُوفٍ، تَدخُل بينَه وبين جُبَّتِه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2495 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنْعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد الصَّنْعاني، أخبرنا عبد الرزاق.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي،

= وأخرجه أحمد 24/ (15608) و 29/ (18080) عن عفان بن مسلم، عن عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد.

وانظر حديث أبي موسى الأشعري في "مسند أحمد" 32/ (19528) و (19743) و (19744) بلفظ: "فَنَاءُ أمتي بالطَّعْن والطاعون"، فقيل: يا رسول الله، هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟ قال:"وخْز أعدائكم من الجنّ، وفي كلٍّ شُهداء". وتقدَّم بعضه عند المصنف برقم (159).

والطَّعْن: القتل في سبيل الله.

وانظر ما قاله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" في بيان معنى الطاعون 17/ 508 - 510.

(1)

إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البُناني.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 4/ 221 من طريق أبي الأزهر، عن مؤمَّل بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، به. غير أنه قال في روايته:"رأيت زوجتيه من الحور العين تنازعانه جبته عنه تدخلان فيما بين جلده وجبته".

وانظر حديث جابر بن عبد الله الآتي برقم (2642).

ص: 382

حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان بن سعيد الثَّوري، عن الأعمش، عن زياد بن الحُصَين، عن أبي العاليَة، عن ابن عباس، قال: مَرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقومٍ يَرمُون فقال: "رَمْيًا بني إسماعيلَ، فإنَّ أباكُم كان راميًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهد صحيح على شرط مسلم أيضًا:

2496 -

أخبرَناه أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حدثنا الحسن بن مُكْرَم، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عمرو بن علقمة.

وأخبرني الحسن بن حَليم المَروَزي - واللفظ له - حدثنا أبو المُوجِّه، حدثنا الحُسين بن حُرَيث، حدثنا الفضل بن موسى، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقومٌ من أسلمَ يَرمُون، فقال:"ارمُوا بني إسماعيلَ، فإنَّ أباكُم كان راميًا، ارمُوا وأنا مع ابن الأدْرَع"، فأمسك القومُ قِسِيَّهم، فقالوا: يا رسولَ الله، مَن كنتَ معه غَلَبَ! قال: "ارمُوا وأنا معكم

(2)

كُلِّكم"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وأبو العالية: هو رُفَيع بن مِهْران. وهو في "مسند أحمد" 5/ (3444).

وأخرجه ابن ماجه (2815) عن محمد بن يحيى الذُّهْلي، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وقوله: رَمْيًا، منصوب بفعل مُضمر، تقديره: ارموا رَمْيًا، أو الزمُوا رَمْيًا.

قال المناوي في "فيض القدير" 4/ 40: فيه فضل الرمي والمناضلة، والاعتناء بذلك بنيّة التمرن على الجهاد والتدرُّب ورياضة الأعضاء لذلك، وأنَّ الجد الأعلى يُسمّى أبًا، والتنويه بذكر الماهر في صناعته ببيان فضله، وحسن خُلق المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومعرفته بأمور الحرب، وفيه الندب إلى اتباع خصال الآباء المحمودة والعمل بمثلها.

(2)

في (ز) وهامش (ص): مع.

(3)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري.

وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(4695) من طريق محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، عن محمد بن عمرو، به.

وانظر ما بعده. =

ص: 383

2497 -

أخبرني أبو عمرو بن إسماعيل، حدثنا محمد بن إسحاق بن خُزيمة، حدثنا محمد بن مِسكين اليَمَامي وإسماعيل بن إسرائيل اللُّؤلؤي، قالا: حدثنا يحيى بن حسّان، حدثنا سليمان بن بلال، عن عبد الرحمن بن حَرْملة، عن محمد بن إياس بن سَلَمة، عن أبيه، عن جده: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ على ناسٍ يَنْتَضِلون فقال: "حَسَنٌ هذا اللهوُ

(1)

- مرتين أو ثلاثًا - ارمُوا وأنا مع ابن الأدْرَع

(2)

" فأمسكَ القومُ بأيديهم، فقالوا: لا والله لا نَرمي معه وأنت معه يا رسول الله، إذًا يَنْضُلَنا، فقال: "ارمُوا

(3)

وأنا معكم جميعًا"، وقالا: فقال: لقد رَمَوا عامّةَ يومِهم ذلك، ثم تفرَّقوا على السَّواء، ما نَضَل بعضُهم بعضًا

(4)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2498 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد البَيْروتي، حدثنا محمد بن شعيب، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثنا

= وابن الأدْرَع المذكور قيل: اسمه مِحْجَن، وقيل: سلمة.

والقِسِيّ: جمعٌ للقَوس.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: اللهم، وجاء على الصواب في "دلائل النبوة" للبيهقي 6/ 255 حديث رواه عن الحاكم بسنده، وكذا هو لفظه عند سائر من خرَّج هذا الحديث.

(2)

تحرَّف في (ز) و (ص) و (ع) إلى: ابن الأكوع، وجاء على الصواب في (ب) وفي "دلائل النبوة" للبيهقي، وكذا جاء على الصواب في "إتحاف المهرة" للحافظ، (5997)، وفاقًا لحديث أبي هريرة الذي قبله.

(3)

جاء في (ز) و (ص): "إذًا" بدل: "ارموا"، والمثبت هو الموافق لرواية البيهقي في "الدلائل" وغيره من مصادر التخريج.

(4)

حديث صحيح، ومحمد بن إياس بن سلمة - وإن لم يرو عنه غير عبد الرحمن بن حرملة، ولم يذكره غير ابن حبان في "الثقات" - متابع.

وأخرجه أحمد 27/ (16528)، والبخاري (2899) و (3373)، و (3507)، وابن حبان (4693) و (4694) من طريق يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع. بنحو لفظ أبي هريرة الذي قبله.

ص: 384

أبو سَلَّام الأسود، عن خالد بن زيد، قال: كنت رامِيًا أُرامي عقبةَ بن عامر، فمرَّ بي ذاتَ يوم، فقال: يا خالد، اخرُج بنا نَرمي، فأبطأتُ عليه، فقال: يا خالد، تعالَ أُحدِّثْك ما حدثني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أو أقول لك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله يُدخِلُ بالسهم الواحد ثلاثة نَفَرٍ الجنةَ: صانِعَه الذي احتَسَبَ في صَنْعتِه الخيرَ، ومُنبِلَه

(1)

، والراميَ، ارمُوا واركَبوا، وأن تَرمُوا أحبُّ إلي من أن تَركَبوا.

وليس من اللهو إلّا ثلاثةٌ: تأديبُ الرجل فرسَه، ومُلاعبتُه زوجتَه، ورميُه بنَبْلِه عن قومِه، ومَن عَلِمَ الرميَ ثم تَركَه فهي نِعمةٌ كَفَرَها"

(2)

.

(1)

بتخفيف الموحدة وتشديدها، وهو الذي يناول الرامي النَّبْل، أي: السهام، أو يَردُّه عليه بعد رميه.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن إن شاء الله، خالد بن زيد ذكره يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 501 في ثقات التابعين من أهل مصر، وروى عنه أبو سلّام وإسماعيل بن رافع، وهو نفسه عبد الله بن زيد الأزرق، كما أشار إليه البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 150 و 5/ 93 وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 5/ 58 وغيرهما، وذلك أنَّ عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ومعاوية بن سلّام قد رويا هذا الحديث عن أبي سلّام، فسمياه خالد بن يزيد، ورواه يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلّام عن جده أبي سلّام، فسماه عبد الله بن زيد الأزرق، فهما رجل واحدٌ، ومما يؤيد ذلك أنه وقع في كلا الروايتين أنَّ عقبة بن عامر كان يَستتبِعُه للرمي، فدلَّ أنهما واحد اختُلف في اسمه، بل ذهب ابن حبان في "ثقاته" 5/ 15 وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 28/ 312، وتبعهما الذهبي في "تاريخ الإسلام" 3/ 78 إلى أنه القاصّ الراوي عن عوف بن مالك، وبذلك يكون روى عنه جمع غير من ذكرنا، لكن فرق البخاري وتبعه ابن أبي حاتم والمزي بين الأزرق والقاصّ، والله أعلم.

على أنَّه قد صحَّح حديثه هذا ابنُ الجارود وابنُ خزيمة وأبو عوانة، وحسَّنه الترمذي، وكنا قد ضعَّفنا إسناد الحديث في "المسند" و"سنن أبي داود"، فليستدرك من هنا.

وأخرجه أحمد 28/ (17321) و (17335)، وأبو داود (2513)، والنسائي (4339) و (4404) من طرق عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد.

وتابعه معاوية بن سلّام عند الرُّوياني في "مسنده"(248)، وقد أشار إلى روايته هذه البخاري في "تاريخه الكبير" كما سبق. =

ص: 385

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهد على الاختصار صحيحٌ على شرط مسلم:

2499 -

حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حدثنا الحسن بن

= وأخرجه أحمد (7300)، وابن ماجه (2811)، والترمذي (1732) من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلّام، عن عبد الله بن زيد الأزرق، عن عقبة بن عامر. ورواية يحيى عن أبي سلّام إنما هي كتاب وليس سماعًا، كما ثبت عنه أنه صرَّح بذلك فيما أسنده عنه يعقوب في "المعرفة" 3/ 10، وإنما سمع كتاب أبي سلّام من حفيده زيد بن سلّام الذي سمع منه يحيى بن أبي كثير.

ويؤيده ما أخرجه أحمد (17337) من طريق معمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلّام، عن عبد الله بن زيد الأزرق، عن عقبة. فصرَّح هنا يحيى بذكر زيد بن سلّام لكنه أسقط ذكر أبي سلّام، وإنما أخذه زيد بن سلّام من جده أبي سلّام، كما أشار إليه البخاري في "تاريخه" 3/ 150 و 5/ 93، وما دامت الواسطة قد عُرفت بين يحيى بن أبي كثير وبين أبي سلّام، فلا يكون ذلك اختلافًا على يحيى، لأنه مرةً كان يرويه من كتاب أبي سلّام على طريق الوجادة، ومرة بواسطة حفيده زيد عنه سماعًا، فصار الرواة لهذا الحديث عن أبي سلّام ثلاثة، وهم عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ومعاوية بن سلّام وأخوه زيد، والله أعلم.

وأخرج القطعة الأخيرة منه مسلم (1919) من طريق عبد الرحمن بن شماسة، عن عقبة بن عامر، لكن بلفظ:"من علم الرمي ثم تركه فليس منا - أو قد عصى -".

ويشهد له دون هذه القطعة حديث أبي هريرة الذي بعده، وإن كان ضعيفًا.

كما يشهد له مرسل يحيى بن أبي كثير عند سعيد بن منصور (2451) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عنه. ورجاله ثقات.

ويشهد لقوله: "وليس من اللهو إلّا ثلاثة

" إلى آخره، حديث جابر بن عبد الله أو جابر بن عمير عند النسائي (8938 - 8940)، والبزار كما في "كشف الأستار" (1704)، والطبراني في "الكبير" (1785)، وفي "الأوسط" (8147)، وغيرهم، وجوَّد إسناده المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/ 180، وصحَّحه ابن حجر في "الإصابة" 1/ 439 في ترجمة جابر بن عمير.

قال البيهقي في "السنن الصغير"(3975): قوله: "ليس من اللهو إلّا ثلاثة" يعني: ليس من اللهو المباح المندوب إليه إلّا ثلاثة، والله أعلم.

ص: 386

علي بن بحرٍ البَرِّيّ، حدثنا أبي، حدثنا سُويد بن عبد العزيز، حدثنا محمد بن عجلان، عن سعيد المقبُري، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كلُّ شيءٍ من لهو الدنيا باطلٌ إلّا ثلاثةً: انتضالُك بقوسِك، وتأديبُك فرسَك، ومُلاعَبَتُك أهلَكَ، فإنها من الحق".

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انتَضِلُوا واركَبُوا، وأن تَنتَضِلُوا أحبُّ إليَّ، إنَّ الله ليُدخِلُ بالسَّهمِ الواحدِ ثلاثةً الجنةَ: صانعَه يحتَسِبُ فيه الخيرَ، والمُتنبِّلَ به، والراميَ

(1)

"

(2)

.

(1)

في (ز): والممسك به والرامي، وفي المطبوع: والمتنبّل والرامي به، بتأخير لفظة "به".

والمتنبّل: الذي يحمل النَّبْل، وهي السِّهام.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف سويد بن عبد العزيز، وقد أخطأ سويد فيه كما نبَّه عليه أبو حاتم وأبو زرعة الرّازيّان، فيما نقله عنهما ابن أبي حاتم في "العلل"(905)، فقالا: إنما هو عن ابن عجلان عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حُسين، قال: بلغني أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

كذا رواه الليث وحاتم بن إسماعيل وجماعة، وهو الصحيح مرسَلٌ.

قلنا: وإذا صحَّ أنه مرسلٌ وأنَّ رجاله ثقات فإنه ينجبِر بحديثِ عقبة بن عامر الذي قبله، وبما ذكرناه من شواهد، فيصحّ، والله تعالى أعلم.

وله طرق أخرى عن أبي هريرة كما سيأتي، لكن لا يُفرح بشيء منها.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(5309) من طريق الحكم بن موسى، عن سويد، بهذا الإسناد.

وأخرج منه القطعة الأولى ابنُ أبي الدنيا في "النفقة على العيال"(554)، وفي "مداراة الناس"(161) عن سويد بن سعيد، عن سويد بن عبد العزيز، به.

وأخرجه دون القطعة الثانية منه في الانتضال والركوب: إسحاق القرّاب في "فضل الرمي"(12) من طريق عمر بن صبح، عن مقاتل بن حيان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة. لكن عمر بن صبح هذا متروك واتهمه بعضهم.

وأخرج منه القطعة الأخيرة أبو نعيم الأصبهاني في "رياضة الأبدان"(17)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 4/ 215 من طريق إبراهيم بن طهمان، عن أبي زهدم، عن مظاهر بن محمد، عن سعيد، عن أبي هريرة. وتحرَّف في مطبوع أبي نعيم إلى: مظاهر عن محمد بن سعيد، ومظاهر هذا هو ابن أسلم، وهو ضعيف، والراوي عنه لا يُعرف.

وأخرجها أيضًا الطبراني في "الأوسط"(4994)، والخطيب 7/ 392 من طريق يحيى بن المتوكل، =

ص: 387

2500 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك ببغداد، حدثنا عبد الرحمن بن منصور الحارِثي، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قَتَادة، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن مَعْدان بن أبي طلحة اليَعْمَري، عن أبي نَجيح السُّلَمي - وهو عمرو بن عَبَسَة - قال: حاصَرْنا قصرَ الطائف، فسمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن رَمَى بسهمٍ في سبيلِ الله، فله عَدْلُ محرَّرٍ"، قال: فبَلَّغتُ يومئذ ستةَ عشرَ سهمًا

(1)

.

= عن عنبسة بن مهران الحداد، عن الزُّهْري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. ويحيى وشيخه ضعيفان.

وأخرجها كذلك القرَّاب في "فضل الرمي"(1)، ومن طريقه الذهبي في "معجم شيوخه الكبير" 1/ 410 من طريق مالك بن سليمان الهروي، عن إبراهيم بن طهمان، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة. ومالك هذا ضعيف الحديث، وفي الإسناد إليه رجلٌ مجهول، وفيه اختلاف على إبراهيم بن طهمان فقد تقدم عنه من طريق أخرى وذاك أصح، والله أعلم.

والانتضال: هو الرميُ للسَّبْق.

(1)

إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي.

وأخرجه الترمذي (1638) عن محمد بن بشار، عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد. وقال: حسن صحيح.

وأخرجه ضمن حديث مطوَّل أحمد 28/ (17022) و 32/ (19428)، والنسائي (1336) من طرق عن هشام، به.

وأخرجه أحمد 28/ (17020)، والنسائي (4335) و (4338) من طريق شُرَحبيل بن السِّمْط، وأحمد 28/ (17023) و 32/ (19438) من طريق شهر بن حوشب، عن أبي ظَبْية الكَلاعي، وأحمد 28/ (17024) من طريق رجل، عن عبد الرحمن بن عُسَيلة الصُّنابحي، و 32/ (19437) من طريق الفرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي أُمامة، أربعتهم عن عمرو بن عَبَسةَ. وهذه الأسانيد الأربعة فيها مقال كلها، وزاد بعضهم في روايته:"بسهم فأصاب أو أخطأ"، وزاد بعضهم:"رقبة من ولد إسماعيل"، ولا تصح هذه الزيادة الأخيرة.

وسيتكرر ضمن حديث مطول برقم (4419).

وسيأتي بعده من طريق القاسم أبي عبد الرحمن عن عمرو بن عَبَسة.

وبرقم (2592) من طريق أبي قدامة ومحمد بن المثنى عن معاذ بن هشام.

ص: 388

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وله شاهد عن عمرو بن عَبَسة:

2501 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني رجالٌ من أهل العلم منهم عمرو بن الحارث، عن سُليمان بن عبد الرحمن، عن القاسم مولى

(1)

عبد الرحمن، عن عمرو بن عَبَسة، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن رمَى العدوَّ بسهمٍ فبَلَغَ سهمُه، أخطأَ أو أصابَ، فعَدْلُ رَقَبةٍ"

(2)

.

2502 -

أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن سَلَمة، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدثنا عبد الرحمن بن الغَسيل، عن العباس بن سهل بن سعد، عن أبيه.

وعن حمزة بن أبي أُسَيد الساعِدي، عن أبيه؛ قالا: لما التقَينا نحنُ والقومُ يومَ بدرٍ، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أكثَبُوكم فارمُوهم بالنَّبْل، واستَبْقُوا نَبْلَكم"

(3)

.

(1)

في المطبوع: "أبي"، بدل "مولى"، وكلاهما صحيح، فكنيته أبو عبد الرحمن، وهو أيضًا مولى عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية، كما قُيد في بعض الأحاديث، كحديث أبي أيوب عند النسائي (9768) في ثواب من قال عشر مرات: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، الحديث، وقيل في ولائه غير ذلك.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، والقاسم مولى عبد الرحمن - وهو ابن عبد الرحمن الدمشقي - وإن اختلف في سماعه من عمرو بن عَبَسة، قد توبع كما في الطريق السابقة.

وأخرجه ابن ماجه (2812) عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

(3)

إسناده صحيح. عبد الرحمن بن الغَسِيل: هو ابن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الغَسيل.

وأخرجه أحمد 25/ (16060) عن أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزُّبَير، عن عبد الرحمن بن الغسيل، عن عباس بن سهل أو حمزة بن أبي أُسَيد، عن أبيه؛ فشك عبد الرحمن في ذكر عباس أو حمزة بن أبي أُسيد، ولم يذكر اسمَ سهل بن سعد، وإنما جعلنا الشك من عبد الرحمن لأنَّ أبا أحمد الزُّبَيري قد روى غير هذا الحديث عند أحمد (16061) وغيره عن عبد الرحمن بن الغَسيل، فأتى بإسناده كما أتى به أحمد بن يونس هنا على السَّواء، لِما سيأتي، والله أعلم. =

ص: 389

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري.

2503 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل، حدثنا جدّي، حدثنا إبراهيم

(1)

ابن المنذر الحِزامي، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن عامر بن سعد، عن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ أُحد للمسلمين: "انْبُلُوا سعدًا، ارْمِ يا سعدُ، رَمى الله لك، ارمِ فِداكَ أبي وأمي"

(2)

.

= وأخرجه البخاري (3984) عن عبد الله بن محمد الجعفي، و (3985) عن محمد بن عبد الرحيم، وأبو داود (2663) أحمد عن سنان، ثلاثتهم عن أبي أحمد الزُّبَيري، عن عبد الرحمن ابن الغَسيل، عن حمزة بن أبي أُسَيد، عن أبيه. وقَرَنَ الجُعفي في روايته بحمزة الزُّبَير بن المنذر ابن أبي أُسَيد، وقرن محمد بن عبد الرحيم بحمزة المنذر بن أبي أُسَيد.

وهذا الاختلاف كله على عبد الرحمن محتملٌ ولا يؤثر في صحة الحديث، لأنه لا يُستبعد أن يكون له في هذا الحديث أكثر من شيخ كلهم يرويه عن أبي أُسَيد، ويكون رواه أيضًا عن العباس ابن سهل بن سعد عن أبيه، ورواه كذلك عن العباس عن أبي أسيد، فيكون فيه لشيخه العباس ابن سهل شيخان أيضًا هما أبوه وأبو أُسَيد.

وأخرجه أبو داود (2664) من طريق إسحاق بن نجيح، عن مالك بن حمزة بن أبي أُسَيد، عن أبيه، عن جده، بلفظه، وزاد:"ولا تسُلُّوا السيوف حتى يَعْشَوكم". وإسحاق هذا مجهول.

وسيأتي برقم (4349) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الرحمن ابن الغَسيل، عن حمزة بن أبي أُسَيد، عن أبيه.

قوله: "أكثبوكم" أي: قربوا منكم، والكتب: القُرْب.

والنَّبْل: السِّهام، ولا واحد لها من لفظها.

(1)

تحرّف في (ز) و (ص) و (ع) إلى: إسماعيل، والتصويب من (ب).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات غير أنه اختُلف فيه على إبراهيم بن سعد، فروي عنه عن إسماعيل بن محمد بن سعد، كما وقع عند المصنف هنا، وروي عنه عن عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة عن إسماعيل بن محمد بن سعد، يعني بواسطة، وعبد الله بن جعفر هذا قوي الحديث، كذلك رواه عن إبراهيم بن سعد جماعة، فهو أشبه بالصواب، والله أعلم.

وأخرجه النسائي (9960) من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، و (9961) من طريق زكريا ابن عدي، كلاهما عن إبراهيم بن سعد، عن عبد الله بن جعفر، عن إسماعيل بن محمد، به. غير =

ص: 390

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

2504 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل، حدثنا جدّي، حدثنا إبراهيم ابن المُنذر الحِزامي، حدثنا معن بن عيسى، حدثنا محمد بن عبَّاد بن سعد بن أبي وقّاص، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها سعد بن أبي وقّاص، أنه قال:

ألَا هلّ أتَى رسولَ الله أنّي

حَميتُ صَحَابَتِي بِصُدورِ نَبْلي

(1)

= أنَّ زكريا سمَّى في روايته عبد الله بن جعفر: عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن مخرمة، خطأً، كما بيَّنه المزي في "تهذيب الكمال" 15/ 208، وتبعه الذهبي في "التذهيب"، وجزم به ابن حجر في "التقريب".

وقد تابعهما على ذكر الواسطة يحيى الحِمَّاني عند الطبري في مسند علي من "تهذيب الآثار" ص 18، ومَيسرَة بن صفوان اللَّخْمي عند الضياء في "المختارة" 3/ (999).

وأخرجه النسائي (9960) من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن عبد الله بن جعفر، به.

فقد سمعه يعقوب من أبيه عن عبد الله بن جعفر، ومن عبد الله بن جعفر مباشرة.

وأخرجه مسلم (2412)، والنسائي (9955) من طريق بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه. ولفظه عند مسلم: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"ارْمِ، فِداكَ أبي وأمي"، قال: فنزعتُ له بسهمٍ ليس فيه نَصْل، فأصبتُ جنبَه فسقط، فانكشفت عورتُه، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نظرتُ إلى نواجذه.

وأخرجه البخاري (4055)، وابن ماجه (130)، والنسائي (8159) و (9953) و (9954) من طريق سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص، قال البخاري في روايته: نَثَلَ لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم كِنانَتَه يوم أُحد، فقال:"ارْمِ، فِداك أبي وأمي"، وفي رواية الباقين: جمع لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ أُحد أبويَه، فقال:"ارْمِ سعدُ، فِداك أبي وأمي".

وأخرج أحمد 3 / (1495) و (1562)، والبخاري (3725) و (4057)، ومسلم (2412)، والترمذي (2830) و (3754)، والنسائي (8158) من طريق سعيد بن المسيب، عن سعد، قال:(8158) جمع لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أبوَيه يوم أُحُد.

قوله: "انبُلُوا" يقال بالوصل والقطع من: نَبَلَه وأَنبلَه إذا ناوله النَّبل، وبالقطع تُكسَر الباء.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة حال محمد بن عبَّاد بن سعد؛ كذا وقع مسمّى هنا، وكذلك سماه عثمان بن سعيد الدارمي في سؤالاته لابن معين، كما في"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 8/ 15، =

ص: 391

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2505 -

أخبرنا الحسن بن حَليم المروَزي، حدثنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا المسعودي.

وحدثني علي بن حَمْشاذَ العَدْل، أخبرنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا المسعودي.

وحدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العَدْل، حدثنا عمر بن حفص السَّدُوسي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن أبي بكر بن حفص، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه -وكان بدريًّا- قال: لقد كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَبعثُنا في السَّرِيَّة، ما لنا زاد إلّا السَّلْفَ من التمر نَقسِمُه قَبْضةً قَبْضةً، حتى نَصيرَ إلى تمرةٍ تمرةٍ، قلتُ: يا أبتِ ما عسى أن تُغنيَ عنكم التمرةُ؟ قال: لا تَقُلْ

= والكامل لابن عدي 6/ 239، وكذلك سماه الذهبي في" الميزان" و "المغني في الضعفاء"، والحافظ في "لسان الميزان"، والصحيح في اسمه محمد بن بجاد بن سعد -أو ابن موسى بن سعد- بالموحدة والجيم، كما أورده البخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 44، والدارقطني في "المؤتلف" 1/ 195، وقيل فيه أيضًا: نجاد، بالنون بدل الموحدة، ونقل الخطيب في "تاريخه" 13/ 146 عن أبي طالب عمر بن إبراهيم بن سعيد بن إبراهيم بن محمد بن بجاد بن موسى، قوله: أهل المعرفة بالنسب يقولون في نسبي: نجاد بن موسى، بالنون، وأصحاب الحديث يقولون: بجاد، بالباء. وسيأتي اسمه على الصواب في الرواية الآتية برقم (6232) من طريق محمد بن عمر الواقدي عنه.

وعلى أي حال فهو مجهول الحال لم يرو عنه غير معن بن عيسى ومحمد بن عمر الواقدي، وذكره ابن حبان في "الثقات".

وأخرجه ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 132 - وعنه البلاذري في "أنساب الأشراف" 10/ 13 - عن معن بن عيسى، وأخرجه الهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده"(138) -ومن طريقه الضياء في "المختارة"(3/ 1015) - من طريق طاهر بن أبي أحمد الزُّبَيري، والحسين المحاملي في "أماليه" برواية ابن البيّع (13) -ومن طريقه الدارقطني في "المؤتلف" 1/ 196، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 20/ 318 - من طريق أحمد بن إسماعيل السهمي المدني، كلهم عن معن بن عيسى، بهذا الإسناد. وقالوا جميعًا في روايتهم: محمد بن بجاد، على الصواب.

ص: 392

ذلك يا بني، فلم نَعْدُ أن فَقَدْناها فاحتَجْنا إليها

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2506 -

أخبرني أبو عمرو بن إسماعيل، حدثنا محمد بن إسحاق الإمام، حدثنا علي بن سهل الرَّمْلي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا حنظلة بن أبي سفيان، أنه سمع القاسم بن محمد يقول: كنتُ عند ابنِ عمر، فجاءه رجلٌ، فقال: أردتُ سفرًا، فقال عبد الله: انتظرْ حتى أُودِّعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُودِّعُنا: "أستودِعُ اللهَ دِينَكَ وأمانَتَك وخَواتِيمَ عَمَلِك"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، والمسعودي - وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة - كان قد اختلط، وسماع يزيد بن هارون وعاصم بن علي منه بعد اختلاطه، كما نص عليه غير واحدٍ من أهل العلم، وأما عبد الله- وهو ابن المبارك -فالظاهر أنه منه قبل اختلاطه، لأنَّ ابن المبارك دخل الكوفة في حياة أبي حنيفة وله عنه رواية، وأبو حنيفة توفي سنة خمسين ومئة، والمسعودي إنما اختلط لما خرج من الكوفة إلى بغداد سنة أربع وخمسين ومئة، وقد ذكر أحمد بن حنبل أنَّ من سمع منه بالكوفة والبصرة فسماعه جيد، وقد اعتبرنا روايات ابن المبارك عن المسعودي في "الزهد" وفي "الجهاد"، فلم نرَ فيها شيئًا منكرًا، على أن بعضها قد تابعه عليها من نُصَّ على سماعه قديمًا.

وهذا الحديث كان قد ضُعِّف في "مسند أحمد" لعدم الوقوف على رواية ابن المبارك هذه عند المصنف، فيستدرك من هنا.

وأخرجه أحمد 24/ (15692) عن يزيد بن هارون، عن المسعودي، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث جابر بن عبد الله في سرية خرجوا فيها قبل الساحل، كان أميرهم فيها أبو عبيدة ابن الجراح: أنه قلَّ زادُهم فجمعوا ما كان معهم من التمر، فكان أبو عبيدة يُعطي كل رجل قبضة قبضة، ثم أعطاهم تمرة تمرة، قال جابر: فلما فَني وجدنا فَقْده. أخرجه البخاري (2483) و (2983)، ومسلم (1935).

السَّلْف: الجِراب الضخم، قال ابن الأثير: ويروى: إلا السَّفُّ من التمر، وهو الزَّبيل من الخُوص.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي (8754) و (10279) من طريقين عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم برقم (1634) من طريق إسحاق بن سليمان الرازي عن حنظلة. وانظر ما بعده.

ص: 393

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2507 -

وقد حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المُثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا عبد الله بن داود، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن جَرِير، عن قَزَعَةَ، قال: قال لي ابن عمر: أُودِّعُك كما ودَّعَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَستَودِعُ اللَّهَ دِينَك وأمانتك وخَواتِيمَ عَمَلِك"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه في تعيين شيخ عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، والصحيح أنه يحيى بن إسماعيل بن جرير، وليس أباه، فيما صحَّحه أبو حاتم وأبو زرعة كما في "العلل" لابن أبي حاتم (790)، وكذلك رجَّحه الدارقطني في "العلل"(3095)، وقال المزي في "تهذيب الكمال" 3/ 56: هو المحفوظ، وتابعه ابن حجر في "تهذيب التهذيب". ويحيى بن إسماعيل بن جَرِير، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: لا يُحتَجُّ به.

ورواه بعضهم عن عبد العزيز بن عمر عن قزعة بإسقاط الواسطة، والصحيح رواية من ذكرها.

وقد انفرد يحيى برفع الحديث عن قزعة، والصحيح أنه من طريقه موقوف، مع أنه صحَّ مرفوعًا من غير طريقه.

وأخرجه أبو داود (2600) عن مُسدَّد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 9/ (4957) عن مروان بن معاوية الفزاري، عن عبد العزيز بن عمر، به.

وأخرجه أحمد 10/ (6199)، والنسائي (10269/ 4) من طريق أبي نُعيم الفضل بن دُكين، والنسائي (3/ 10269) من طريق عَبْدة بن سليمان، و (10270) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض، ثلاثتهم عن عبد العزيز بن عمر، عن يحيى بن إسماعيل بن جَرِير، به. فذكروا يحيى ابن إسماعيل، بدل أبيه.

وأخرجه النسائي (10271) من طريق عيسى بن يونس، عن عبد العزيز بن عمر، عن إسماعيل ابن محمد بن سَعْد، عن قزعة، به. فسمى شيخ عبد العزيز إسماعيل بن محمد بن سَعْد، وانفرد بذلك.

وأخرجه أحمد 8/ (4781) عن وكيع بن الجراح، والنسائي (10272) من طريق يحيى بن حمزة الحضرمي، كلاهما عن عبد العزيز بن عمر، عن قزعة، به، هكذا بإسقاط الواسطة، والصحيح ذكرها كما مضى في رواية من تقدم.

وأخرجه النسائي (10273) من طريق نهشل بن مجمَّع الضبي، عن قزعة، قال: كنت عند =

ص: 394

وله شاهدٌ عن أنس بن مالك وعبد الله بن يزيد الأنصاري، أما حديث أنس:

2508 -

فحدَّثَناه أبو العبَّاس محمد بن يعقوب، حدثنا الخَضِر بن أبان الهاشمي، حدثنا سيار بن حاتم، حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس، قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ الله، إني أريد سفرًا فزَوِّدني، قال:"زَوَّدَكَ اللهُ التقوى" قال: زدني، قال:"وغَفَر ذَنْبَك" قال: زدني بأبي أنت وأمي، قال:"ويَسَّر لك الخيرَ حيثُما كنتَ"

(1)

.

وأما حديث عبد الله بن يزيد الأنصاري:

2509 -

فحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إسحاق بن الحسن الحَرْبي، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سَلَمة، أخبرنا أبو جعفر الخَطْمي، عن محمد بن كعب القُرَظي، قال: دُعيَ عبدُ الله بن يزيد إلى طعامٍ، فلما جاء قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

= ابن عمر، فلما خرجت شيعني، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال لقمان الحكيم: إنَّ الله إذا استودع شيئًا حفظه"، وإني أستودع الله دينك وأمانتك وخواتم عملك، وأقرأ عليك السلام. هكذا رواه موقوفًا، وإسناده صحيح، مع أنه صح مرفوعًا من غير طريق قزعة، كما في الطريق السابقة.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل الخضر وشيخه سيار، فإنه يعتبر بهما في المتابعات والشواهد، وقد توبعا، والحديث حسَّنه الترمذي، وتبعه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 616، والحافظُ ابن حجر في "تخريج أحاديث الأذكار" كما في "الفتوحات الربانية" لابن علان 5/ 120، وصحَّحه ابن خزيمة.

وأخرجه الترمذي (3444) عن عبد الله بن الحَكَم بن أبي زياد القطواني، عن سيار بن حاتم، بهذا الإسناد. وقال: حسن غريب.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 61/ 341 من طريق عبد الملك بن قُريب الأصمعي، والضياء المقدسي في "المختارة" 4 / (1598) من طريق يزيد بن عمر بن جنزة المدائني، كلاهما عن جعفر بن سليمان، به. وإسناد الضياء جيد.

وأخرجه الدارمي (2713)، والخرائطي في"مكارم الأخلاق"(868) وغيرهما من طريق سعيد ابن أبي كعب العَبْدي، عن موسى بن ميسرة العَبْدي، عن أنس وإسناده حسن في المتابعات.

ص: 395

إذا وَدَّع جيشًا قال: أَستَودِعُ الله دينَكُم وأمانتكم وخَواتِيمَ أعمالِكُم"

(1)

.

2510 -

حدثنا أبو العبَّاس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن زَبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَأَنْ أُشيِّعَ مجاهدًا في سبيلِ الله، فأَكُفَّه على رَحْلِهِ غَدْوةً أو رَوْحةً، أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2511 -

أخبرني أبو أحمد الحسين بن علي التَّميمي، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين، حدثنا عمرو بن زرارة، حدثنا زياد بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق، عن ثَور ابن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس، قال: مَشى معهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى بَقيع الغَرْقَد حين وجَّهَهم، ثم قال:"انطَلِقوا على اسمِ الله، اللهمَّ أَعِنْهُم"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. عفان: هو ابن أسلم، وأبو جعفر الخَطْمي: هو عُمير بن يزيد.

وأخرجه النسائي (10268) عن هلال بن العلاء بن هلال، عن عفان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (2601) من طريق يحيى بن إسحاق السَّيْلَحيني، عن حماد بن سلمة، به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف زبّان بن فائد. ابن وهب: هو عبد الله.

وأخرجه أحمد 24/ (15643)، وابن ماجه (2824) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن زبّان، به.

وقوله: فألُفَّه، ويروى: فأَكفُفَه، وأكفَّه، وهي جميعًا بمعنى: أدفعه وأصرفه إلى رحله.

(3)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرَّح بسماعه عند أحمد وغيره، فانتفت شبهة تدليسه. وثور المذكور في الإسناد كذلك جاء في أصول "المستدرك" مقيّدًا بابن يزيد، وكذلك قُيّد في أصول "مسند أحمد" التي بأيدينا، إلَّا أنَّ الحافظ ابن حجر أورد هذا الحديث في "أطراف المسند" في ترجمة ثور بن زيد الدِّيْلي عن عكرمة، وهو الصحيح كما جاء في السيرة النبوية لابن هشام 2/ 55 بروايته عن زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق، إذ قُيِّد فيها بابن زيد، ومما يؤكّده أنه قُيِّد في رواية الطبري في "تاريخه" 2/ 490 والبيهقي في "الدلائل" 3/ 199 - 200 بالدِّيلي، وهذه نسبةُ ثور بن زيد، لا ثور بن يزيد، لأنَّ هذا الثاني كَلاعي، وقُيِّد في رواية ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 5/ 272 بالمدني، وهي نسبةُ ابن زيد أيضًا، وابن يزيد حمصي، وإن كان ابن إسحاق يروي عن كلا الرجلين، إلّا أن روايته لهذا الحديث عن ثور بن زيد الدِّيلي المدني، والله ولي التوفيق. =

ص: 396

قد احتجَّ البخاري بثور بن يزيد وعِكْرمة، واحتجَّ مسلم بمحمد بن إسحاق، وهذا حديث غريب صحيح، ولم يُخرجاه.

2512 -

أخبرنا أبو العبَّاس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا أسامة بن زيد، عن سعيد المقبُري، عن أبي هريرة، قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد سفرًا، فقال: يا رسول الله، أوصِني، قال:"أُوصيكَ بتقْوى الله، والتكبيرِ على كل شَرَفٍ" فلما مضى قال: "اللهم ازْوِ له الأرضَ، وهَوّن عليه السفَرَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.

2513 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ حدثنا السَّريّ بن خُزيمة، حدثنا سعيد بن سليمان الواسِطي، حدثنا فُضيل بن مَرزُوق، عن مَيسَرة بن حبيب النَّهْدي، عن المِنْهال بن عمرو، عن علي بن ربيعة: أنه كان رِدْفًا لعليٍّ، فلما وَضَعَ رِجْلَه في الركاب قال: باسم الله، فلما استوى على ظهر الدابّة، قال: الحمدُ الله - ثلاثًا - والله أكبر - ثلاثًا - {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} الآية [الزخرف: 13]، ثم قال: لا إلهَ إلّا أنتَ سبحانَك، قد ظلمتُ نفسي، فاغفِرْ لي ذُنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلَّا أنتَ، ثم مال إلى أحدِ شِقِّيه فَضَحِكَ، فقلتُ: يا أمير المؤمنين، ما يُضحِكُك.

قال: إني كنتُ رِدْفَ النبي صلى الله عليه وسلم، فصنع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كما صنعتُ، فسألتُه كما سألتَني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله لَيَعْجَبُ إلى العبد إذا قال: لا إله إلَّا أنتَ إني قد ظلمتُ نفسي، فاغفِرْ لي ذُنوبي، إنه لا يَغْفِرُ الذنوبَ إلَّا أنت، قال: عبدي عَرَفَ

= وأخرجه أحمد 4 / (2391) عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

(1)

إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد: وهو الليثي.

وقد تقدَّم عند المصنف برقم (1650) من طريق وكيع بن الجرّاح عن أسامة.

ص: 397

أن له ربًّا يَغْفِرُ ويُعاقِبُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وقد رواه على هذه السِّياقة منصور بن المُعتمِر عن أبي إسحاق عن علي بن رَبيعة:

2514 -

حدَّثَناه علي بن عيسى

(2)

الحيري، حدثنا مُسدَّد بن قَطَن، حدثنا عثمان ابن أبي شَيْبة، حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي إسحاق، عن علي بن رَبيعة، قال: رأيت عليًّا أتي بدايّةٍ، فذكر الحديث مثلَه سواءً

(3)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد جيد من أجل فضيل بن مرزوق، فهو صدوق، لا بأس به.

وللحديث طريق أخرى عن علي بن ربيعة الوالبي عن علي بن أبي طالب ستأتي بعد هذه، ويرويه عن علي بن ربيعة جماعةٌ كما بينه الدارقطني في "العلل"(430)، وابن حجر في "نتائج الأفكار" فيما نقله عنه ابن عَلَّان في "الفتوحات الربانية" 5/ 125 - 126، وأحسنُها إسنادًا حديثُ المنهال، كما قال الدارقطني. قلنا: لكن باجتماع هذه الطرق يصح الحديثُ إن شاء الله.

(2)

تحرَّف عيسى في النسخ الخطية إلى: محمد، وإنما هو علي بن عيسى بن إبراهيم بن عبدويه الحيري النيسابوري.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن له علة خفية كما قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" فيما نقله عنه ابن علّان في "الفتوحات الربانية" 5/ 125، قال: وقفت له على علة خفية ذكرها الحاكم في "تاريخ نيسابور"، وذهل عنها في "المستدرك"، ما أسنده إلى عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، قال: ذكر عبد الرحمن بن مهدي -وأنا أسمع- الحديثَ الذي حدَّثَناه يحيى بن سعيد القطان، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن علي بن ربيعة قال: كنت رِدْفَ علىٍّ رضي الله عنه حين يركب فقال: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} ، قال شعبة: قلت لأبي إسحاق: ممّن سمعته؟ قال: من يونس بن خبّاب، فلقيت يونس، فقلت: ممّن سمعته فقال: من رجل سمعه من علي بن ربيعة. قال الحافظ: فدلت هذه القصة على أنَّ أبا إسحاق دلَّس بحذفه رجلين أو أكثر.

وأسنده عن شعبة أيضًا ابن أبي حاتم في "مقدمة الجرح" والتعديل ص 168، وفي "العلل"(800)، وأسنده في "العلل" أيضًا (799) عن سفيان الثَّوري أنه سأل أبا إسحاق عنه كذلك، إلَّا أنه قال: سألت أبا إسحاق عنه، فقال: حدثني رجل عن علي بن ربيعة، فذكر أنَّ الواسطة رجل.

وقد وقع في بعض الروايات عن عبد الرزاق عن مَعمَر بن راشد عن أبي إسحاق تصريحه =

ص: 398

وشاهدُه حديث أبي هريرة:

2515 -

أخبرَناه أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا محمد بن عبد الله الحَضْرمي، حدثنا أحمد بن عثمان الأوْدي، حدثنا شُريح بن مَسلَمة، حدثنا إبراهيم بن يوسف ابن إسحاق بن أبي إسحاق، حدثنا عبد الجبّار بن العباس، عن عُمَير بن عبد الله، عن أبي زُرْعة، عن أبي هريرة، قال: إني لآخِذٌ بخُطام الناقة لأزُمَّها، حتى استوى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليها، فقال: "اللهم أنتَ الصاحبُ في السفَر، والخَلِيفةُ في الأهلِ، اللهم اصْحَبْنا بصُحْبةٍ واقلبنا بذِمَّةٍ، اللهم ارزقني قَفْل الأرض، وهَوِّن علينا السفَر، اللهم إني أعوذُ بك مِن عَوْثاء

(1)

السفر وكآبةِ المُنقَلَب - قال أبو زُرعة: وكان أبو هريرة رجلًا عربيًّا، لو أراد أن يقول: وَعْثاء السفر، لقال - اللهم اقْلِبْنا بذِمَّةٍ، اللهم ازْوِ لنا الأرضَ وسَيِّرنا فيها"

(2)

.

= بسماعه هذا الحديثَ من علي بن ربيعة، كذلك رواه عن عبد الرزاق أحمدُ بن حَنبل وعبدُ بن حميد وأحمد بن منصور الرماوي، ولم يقع تصريحه في رواية عبد الرزاق في "المصنف"، ولا في "التفسير"، وهي الراجحة كما يدل على ذلك روايتا شعبة والثَّوري المتقدمتان، والله تعالى أعلم.

جرير: هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو إسحاق: هو السَّبيعي.

وأخرجه النسائي (8749) عن محمد بن قدامة، عن جرير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2 / (753) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، و (930) من طريق معمر بن راشد، و (1056) من طريق إسرائيل بن يونس السَّبيعي، وأبو داود (2602)، والترمذي (3446)، والنسائي (8748)، وابن حبان (2698) من طريق أبي الأحوص سلَّام بن سُليم، وابن حبان (2697) من طريق أبي نوفل علي بن سليمان، خمستهم عن أبي إسحاق، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

(1)

تحرَّف في (ب) إلى: وعثاء، وإنما هو عند الحاكم: عوثاء، هكذا على القلب، كما يدل عليه قول أبي زرعة بن عمرو بن جَرِير. وانظر الكفاية للخطيب البغدادي ص 179 - 180.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، لكنه اختُلف في تعيين الراوي عن أبي زرعة بن عمرو ابن جرير، فسمّاه عبد الجبار بن العباس عمير بن عبد الله - وهو ابن بشر الخَثْعَمي - كما وقع هنا، =

ص: 399

2516 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفّار، حدثنا أحمد بن مِهْران الأصبهاني، حدثنا عُبيد الله بن موسى، حدثنا مَهْدي بن ميمون، حدثنا محمد بن عبد الله ابن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد مولى الحسين

(1)

بن علي، عن عبد الله بن جعفر،

= وسمّاه شعبة في رواية ابن أبي عدي عنه عبدَ الله بن بشر الخثعمي -يعني والدَ عمير- ولم يُسمِّه شعبة في رواية عبد الله بن المبارك عنه، بل أبهمه فقال: عن فلان الخثعمي، وعميرٌ ثقة، وأبوه صدوق.

وعلى أي حالٍ، فإن للحديث طريقًا أخرى صحيحة، لكن ليس فيها قوله:"اللهم اصحبنا بصحبةٍ، واقلبنا بذمةٍ"، وقال فيها:"اللهم اطو لنا الأرض" بدل قوله هنا: "اللهم ارزقني قفل الأرض".

على أنَّ الحسين بن إسماعيل المحاملي قد روى هذا الحديث في "الدعاء" له (27) عن أحمد ابن عثمان بن حكيم الأودي فقال فيه: "اللهم ازْوِ لنا الأرض، وسَيِّرنا فيها" بدل: "اللهم ارزقني قفل الأرض"، وكذا قال الخطيب في روايته في "الكفاية" ص 179 - 180 من طريق عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني عن أحمد بن عثمان بن حكيم.

وأخرجه أحمد 15 / (9205)، والترمذي بإثر (3438) من طريق عبد الله بن المبارك، عن شعبة، عن فلانٍ الخثعمي، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة. دون قوله:"اللهم ارزقني قفل الأرض"، وقال:"اللهم اصحبنا بنُصح"، بدل:"بصحبة".

وأخرجه الترمذي (3438)، والنسائي (5885) و (8751) و (10264) من طريق ابن أبي عَدي، عن شعبة، عن عبد الله بن بِشْر الخثعمي، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة. بلفظ:"اللهم ازوِ لنا الأرض" بدل: "ارزقني قفل الأرض"، وقال الترمذي في روايته:"اصحبنا بنُصحِك" بدل: بصحبةٍ، ولم يذكر النسائي هذا الحرف برُمَّته. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وأخرجه أحمد (9599)، وأبو داود (2598)، والنسائي (10261) من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وزاد:"وسوء المنظر في الأهل والمال"، وقال في روايته:"اللهم اطو لنا الأرض"، بدل:"اللهم ارزقني قفل الأرض".

وانظر ما تقدم برقم (2512).

قوله: "اللهم اصحَبْنا بصحبةٍ واقلبنا بذمة معناه": احفظنا بحفظك في سفرنا، وارجِعْنا بأمانك وعهدك إلى بلدنا.

(1)

كذا وقع في النسخ الخطية، وكذلك هو في "السنن الصغرى"(2918) للبيهقي عن المصنف =

ص: 400

قال: أردَفَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه، فأسرَّ إليَّ حديثًا لا أحدِّث به أحدًا من الناس.

قال: وكان أحبُّ ما استَتَر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجتِه هدفًا أو حائشَ نخلٍ، فدخل حائطًا لرجل من الأنصار، فإذا جَمَلٌ فلمّا رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم حنَّ إليه، وذَرَفَتْ عيناهُ، فأتاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ ذِفْراته

(1)

فَسَكَن، فقال: مَن ربُّ هذا الجَمَل؟ لمن هذا الجَمَل؟ قال: فجاء فتًى من الأنصار فقال هو لي يا رسول الله، فقال:"ألا تتَّقي الله في هذه البَهيمةِ التي مَلّكَكَ الله إياها، فإنّه شَكَا إِليَّ أنك تُجِيعُه وتُدْئبُه"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه

(3)

.

2517 -

حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا سعيد بن سليمان الواسِطي.

وأخبرني عمرو بن محمد بن منصور العَدْل، حدثنا عُمر بن حفص السَّدُوسي،

= والذي في مصادر ترجمته أنه مولى الحَسَن بن علي، وكذا وقع في مصادر التخريج، وقيل: هو مولى علي بن أبي طالب. وعلى كل حال فهو مولى للبيت العلوي.

(1)

الذِّفْراة، واحدة، الذِّفْرى، كما قال ابن سيْده في "المخصص" 4/ 482، وهي العظم الناتئ خلف الأذن.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن مهران، وقد توبع. عبد الله بن جعفر: هو ابن أبي طالب.

وأخرجه أحمد 3/ (1745)، ومسلم (342) و (2429)، وأبو داود (2549)، وابن ماجه (340)، وابن حبان (1411) من طرق عن مهدي بن ميمون، بهذا الإسناد. واقتصر مسلم في الموضع الأول وابن ماجه وابن حبان على قطعة الاستتار لقضاء الحاجة، واقتصر مسلم في الموضع الثاني على الشطر الأول.

وأخرجه أحمد (1754)، وابن حبان (1412) من طريق جرير بن حازم، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، به. ولم يذكر ابن حبان في روايته قصة الجمل.

(3)

قد أخرجه مسلم كما سبق، لكنه اختصر المتن!

ص: 401

حدثنا عاصم بن علي، قالا حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سَهْل بن معاذ بن أنس الجهني، عن أنس -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اركَبُوا هذه الدوابَّ سالمةً، وابْتَدِعُوها سالمةً، ولا تتخِذُوها كَرَاسيَّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2518 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عوف بن سفيان الطائي بحِمْص، حدثنا أبو المغيرة عبد القُدّوس بن الحجّاج، حدثنا صفوان بن عمرو، عن شُريح بن عُبيد الحَضْرمي، أنه سمع الزُّبَير بن الوليد يحدّث عن عبد الله ابن عمر بن الخطاب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا أو سافَر فأدركَه الليلُ، قال:"يا أرضُ، ربِّي وربُّكِ الله، أعوذُ بالله من شَرِّك، وشرِّ ما فيك، وشرِّ ما خُلِقَ فيك، وشرِّ ما دَبَّ عليك، أعوذُ بالله من شرِّ كل أسدٍ وأسوَدَ وحيّةٍ وعقرب، ومن شرِّ ساكنِ البلد، ومن شرِّ والدٍ وما وَلَدَه"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2519 -

حدثنا أبو العبَّاس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني حفص بن مَيسَرة، عن موسى بن عُقْبة، عن عطاء ابن أبي مروان، عن أبيه، أنَّ كعبًا حدثه، أنَّ صهيبًا صاحبَ النبي صلى الله عليه وسلم حدّثه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يَرَ قريةً يريد دخولها إلَّا قال حين يراها: "اللهم ربَّ السماوات السبعِ وما أظلَلْنَ، وربَّ الأَرْضِينَ السبعِ وما أقلَلْنَ، وربَّ الشياطين وما أضلَلْنَ، وربَّ الرياح وما ذَرَيْنَ، فإنا نسألك خيرَ هذه القريةِ وخيرَ أهلِها، ونعوذُ بك من

(1)

إسناده حسن.

وقد تقدَّم برقم (1642) من طريق شَبَابة بن سوَّار عن الليث بن سعد.

(2)

إسناده محتمل للتحسين من أجل الزُّبَير بن الوليد، وحسَّن الحافظُ ابن حجر إسنادَه في "نتائج الأفكار" كما في الفتوحات الربانية لابن علّان 5/ 164.

وقد تقدَّم برقم (1654) من طريق بكر بن سهل الدِّمياطي عن أبي المغيرة.

ص: 402

شرِّها وشرِّ أهلها، وشرِّ ما فيها"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2520 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خَلَف القاضي، حدثنا أبو قِلابةَ، حدثنا وهب بن جَرِير، حدثنا أبي، قال: سمعت يونس يحدِّث عن الزُّهْري، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ الصحابةِ أربعةٌ، وخير السَّرايا أربعُ مئة، وخيرُ الجيوش أربعةُ آلافٍ، ولن يُغلَبَ اثنا عشرَ ألفًا من قِلّةٍ"

(2)

.

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه لخلافٍ بين الناقِلين فيه عن الزُّهْري.

2521 -

أخبرنا الحسن بن حَليم المروَزي، حدثنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا حَيوة بن شُريح، حدثني شُرَحْبيل بن شَريك، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"خيرُ الأصحابِ عند الله خيرُهم لصاحبه، وخيرُ الجِيران عند الله خيرُهم لجارِه"

(3)

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي مروان والد عطاء، وقد توبع كما تقدم بيانه عند الرواية السالفة برقم (1651) من طريق بحر بن نصر الخولاني عن عبد الله بن وهب.

(2)

رجاله ثقات، وقد اختلف في وصله وإرساله، وقد سلف برقم (1638) من طريق إبراهيم ابن مرزوق الأموي البصري عن وهب بن جرير.

(3)

إسناده قوي من أجل شرحبيل بن شريك، فهو صدوق لا بأس به. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعَبْدان: هو عبد الله بن عثمان بن جَبَلة، وعبدان لقبه، وعبد الله: هو ابن المبارك، وأبو عبد الرحمن الحُبُلي: هو عبد الله بن يزيد المَعافِري.

وأخرجه الترمذي (1944)، وابن حبان (518) و (519) من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وحسَّنه الترمذي.

وسيتكرر برقم (7482)، وتقدَّم برقم (1637) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ عن حيوة.

ص: 403

2522 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعْدي، أخبرنا رَوح بن عُبادة، أخبرنا ابن جُرَيج، أخبرني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: شكا ناسٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم المَشْيَ فدعا بهم، وقال:"عليكم بالنَّسَلانِ"، فنَسَلْنا فوجَدْناه أخَفَّ علينا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2523 -

أخبرنا أبو عمرو بن إسماعيل، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا محمد ابن أبي صفوان الثقفي، حدثنا عبد السلام بن هاشم، حدثنا عثمان بن سعد الكاتب، عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينزل منزلًا إلّا وَدَّعَه بركعتين

(2)

.

هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه، وعثمان بن سعد ممّن يُجمع حديثُه.

2524 -

حدثنا الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا بشر بن المفضَّل، حدثنا عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قال: سمعت أبي يقول: قال ابن عمر قال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: "لو يَعلمُ الناسُ ما في الوَحْدةِ ما أعلَمُ، إنْ

(3)

يسيرُ الراكبُ

(1)

إسناده صحيح. ابن جُرَيج هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي، وجعفر بن محمد: هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

وأخرجه البيهقي 5/ 256 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم برقم (1636) من طريق الحارث بن أبي أسامة عن روح بن عُبادة.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عثمان بن سعد وعبد السلام بن هاشم، بل أتَّهم أبو حفص عمرو بن علي الفلّاس هذا الثاني بالكذب، غير أنه قد توبع، فيبقى الشأن في شيخه عثمان بن سعد.

وقد تقدَّم برقم (1203) عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى عن محمد بن إسحاق بن خزيمة، وبرقم (1652) من طريق أبي عاصم الضحاك عن عثمان بن سعد.

وقوله: ودعه، إما أن يكون بفتح الدال مخففة من وَدَعَ، أي: ترك، وإما أن يكون بفتح الدال مشددة من التوديع، كما قيل للطواف الذي يطوفه من كان آخر عهده بالبيت الحرام: طواف الوداع.

(3)

"إن" نافية، كما في قوله تعالى:{إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ} [الجن: 25].

ص: 404

بليلٍ وحدَه أبدًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!

2525 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري وأبو بكر محمد بن جعفر المزكِّي، قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العبدي، حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيلي، حدثنا عُبيد الله بن عمرو الرَّقِّي، عن عبد الكريم، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، قال: خرج رجلٌ من خيبَرَ فتبعه رجلان ورجلٌ يَتلُوهما، يقول: ارجِعا، حتى أَدْرَكَهُما فرَدَّهما، ثم قال: إنَّ هذّين شيطانان، فاقرأْ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم السلامَ، وأعلِمْه أنّا في جَمْع صدقاتنا لو كانت تصلُح له لبَعثْنا بها إليه، قال: فلما قَدِمَ على النبي صلى الله عليه وسلم حدَّثه، فنهى عند ذلك عن الخَلْوة

(2)

.

(1)

إسناده صحيح أبو المثنَّى: هو معاذ بن المثنى بن معاذ العَنْبري.

وأخرجه أحمد 8/ (4748) و (4770) و 9 / (5252) و (5581) و 10 / (6014)، والبخاري (2998)، وابن ماجه (3768)، والترمذي (1673)، والنسائي (8800)، وابن حبان (2704) من طرق عن عاصم بن محمد، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 10 / (5908) عن مؤمَّل بن إسماعيل، والنسائي (8799) من طريق محمد بن ربيعة الكلابي، كلاهما عن عمر بن محمد بن زيد العمري - وهو أخو عاصم المذكور هنا - عن أبيه، به.

وقد بيَّن ابن المنيِّر وجه هذا الحديث فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 9/ 253 معلقًا على حديث جابر بن عبد الله في انتداب الزبير يوم الخندق، حديث أورده البخاري قبل حديث ابن عمر هذا، فقال: يؤخذ من حديث جابر جواز السفر منفردًا للضرورة والمصلحة التي لا تنتظم إلَّا بالانفراد، كإرسال الجاسوس والطليعة، والكراهة لما عدا ذلك، ويحتمل أن تكون حالة الجواز مقيدة بالحاجة عند الأمن، وحالة المنع مقيدة بالخوف حيث لا ضرورة، وقد وقع في كتب المغازي بعْثُ كل من حذيفة ونُعيم بن مسعود وعبد الله بن أُنيس، وخوَّات بن جبير وعمرو بن أمية، وسالم بن عمير وبُسَيسة في عدة مواطن، وبعضها في الصحيح. قلنا: قصّة حذيفة عند مسلم (1788)، وكذا قصة بُسَيسة عنده كذلك (1901).

(2)

إسناده صحيح عبد الكريم: هو ابن مالك الجَزَري، وعكرمة: هو مولى ابن عباس.

وأخرجه أحمد 4 / (2510) عن عبد الجبار بن محمد الخطابي، و 4 / (2719) عن زكريا بن عدي، كلاهما عن عبيد الله بن عمرو الرقي، بهذا الإسناد. =

ص: 405

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2526 -

حدثنا أبو العبَّاس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك، حدثني عبد الرحمن بن حَرْملة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنَّ رجلًا قَدِمَ من سفر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَن صَحِبت؟ " فقال: ما صحبتُ أحدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الراكبُ شيطانٌ، والراكبان شيطانان، والثلاثةُ رَكْبٌ"

(1)

.

وشاهدُه حديث أبي هريرة صحيح على شرط مسلم:

2527 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل، حدثنا جدي، حدثنا إبراهيم ابن حمزة، حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي، حدثنا ابن عَجْلان، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الواحِدُ شيطانٌ، والاثنانِ شيطانان، والثلاثة رَكْبٌ"

(2)

.

= والخَلْوة: السفر منفردًا.

(1)

إسناده حسن، شُعيب -وهو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص- وعبد الرحمن بن - حرملة صدوقان حسنا الحديث.

وأخرجه أحمد 11/ (6748) من طريق مسلم بن خالد، و (7007) من طريق إسماعيل بن عياش وأبو داود (2607)، والترمذي (1674)، والنسائي (8798) من طريق مالك بن أنس، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن حرملة، بهذا الإسناد. وحسَّنه الترمذي.

قال الخطابي في "المعالم" 2/ 260: معناه - والله أعلم - أنَّ التفرد والذهاب وحده في الأرض من فعل الشيطان أو هو شيء يحمله عليه الشيطان ويدعوه إليه، فقيل على هذا: إنَّ فاعله شيطان، ويقال: إنَّ اسم الشيطان مشتق من الشطون، وهو البعد والنزوح، فيحتمل على هذا أن يكون المراد أن الممعن في الأرض وحده مضاهٍ للشيطان في فعله، وكذلك الاثنان ليس معهما ثالث. قال: فإذا صاروا ثلاثة فهم رَكْبٌ، أي: جماعة وصَحْب.

(2)

رجاله لا بأس بهم، لكنه معلول، فقد خالف فيه المغيرة بن عبد الرحمن المخزوميَّ يحيى بنُ سعيد القطانُ، فرواه عن محمد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، يعني أنه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي تقدمت روايته عند المصنف قبل هذا، وقد =

ص: 406

2528 -

حدثنا جعفر بن محمد بن نصير الخُلْدي، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن قَتَادة، عن عِكرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشُّرب من فِيْ السقاء، وعن رُكوب الجَلَّالة والمُجثَّمة

(1)

.

= تابع فيه المغيرةَ بنَ عبد الرحمن القاسمُ بنُ عبد الله بن عمر العمري، لكنه رجل متروك الحديث واتهمه بعضهم فلا يُعتدُّ بمتابعته، فتُقدَّم رواية يحيى بن سعيد القطان الحافظ على روايتهما، لأنَّ المغيرة بن عبد الرحمن هذا قال عنه ابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار" (1053): كان يهم في الشيء بعد الشيء، ولعلَّ القاسمَ العمريَّ سَرَقَ هذا الحديث منه، والله أعلم.

وأخرجه تمام في "فوائده"(953) من طريق القاسم بن عبد الله العمري، عن محمد بن عجلان، بهذا الإسناد.

وأخرج البزار (7834)، وابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 8 من طريق عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشيطان يهمُّ بالواحد والاثنين، فإذا كانوا ثلاثة لم يهتم بهم"، وهذا أيضًا معلول كما بينه الدارقطني في "العلل"(1714)، وذلك لأنَّ مالكًا خالف فيه ابن أبي الزناد، ولا شكَّ بتقدُّم مالكٍ في الجلالة والثقة، فرواه في "موطئه" 2/ 978 عن عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب، مرسلًا، دون خلاف عن مالك فيه كما قال ابن عبد البر.

وعبد العزيز الراوي عن ابن أبي الزِّناد: هو ابن محمد، كذلك سماه قاسمُ بن أصبغ عند ابن عبد البر، وأبو الفضل سفيان بن محمد الجوهري كما في "المنتقى من مسموعات مرو" للضياء (833). وعبد العزيز بن محمد هذا هو ابن زكريا بن ميمون الأزدي الكوفي، قال عنه الدارقطني في "العلل" (2713): لا بأس به، وليس هو عبد العزيز بن عبد الله بن الأصم، كما وقع مقيدًا عند البزار في "مسنده". وإنما ذكرنا ذلك ليُعرف أنَّ الوهم فيه من ابن أبي الزِّناد لا ممّن دونه، فإنَّ ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم" 4/ 405 و 408 قال عن عبد العزيز المذكور: لا تُعرف حاله، ولم أجد له ذكرًا في غير هذا الإسناد، وجزم بأنَّ العلة فيه جهالة عبد العزيز، وليس الأمر كما قال، لأنَّ الدارقطني عَرَفه وقوّى أمره كما قدَّمنا، وجزم بأنه عبد العزيز بن محمد الأزدي الكوفي.

(1)

إسناده صحيح.

وقد تقدَّم برقم (1645) من طريق موسى بن إسماعيل والحجاج بن منهال عن حماد بن سلمة.

وبرقم (2278) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة. وانظر تمام فوائده ومعانيه فيما تقدم هناك.

ص: 407

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه

(1)

.

وشاهدُه حديث عبد الله بن عمرو بزيادة ألفاظ فيه:

2529 -

حدَّثَناه بكر بن محمد الصَّيرفي، حدثنا أحمد بن عبيد الله بن إدريس، حدثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي، حدثنا، وَهْيب، حدثنا عبد الله بن طاووس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه عبد الله بن عمرو: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى يوم خيبرَ عن لحوم الحُمُر الأهليّة، وعن الجَلَّالة وعن ركُوبِها وأكلِ لحومِها"

(2)

.

2530 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا إبراهيم بن موسى ويحيى بن المغيرة، قالا حدثنا جَرير عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: لمّا أنزل الله عز وجل {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152]، {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} إلى قوله:{سَعِيرًا} [النساء: 9]، قال: انطَلَق مَن كان عندَه يتيمٌ فعَزَلَ طعامَه من طعامِه، وشَرابَه من شرابِه، يَفصِلُ الشيءَ من طعامه فيُحبَس له حتى يأكُلَه، أو يَفْسُدَ فيُرمَى به، فاشتدَّ ذلك عليهم، فذَكَروا ذلك لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} إلى {عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة:220]،

(1)

قد أخرج البخاري منه ذكر النهي عن الشرب من في السِّقاء برقم (5629) من طريق خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. وُهَيب: هو ابن خالد.

وأخرجه أحمد 11 / (7039)، وأبو داود (3811)، والنسائي (4521)، من طريقين عن وُهَيب ابن خالد، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم من طريق عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو برقم (2300) ذكر النهي عن الجلالة أن يؤكل لحمها ويُشرَب لبنُها، وأن يُحمل عليها وأن تركب، لكن في الإسناد إليه راو ضعيف.

على أنَّ هذه المعاني جميعًا قد صحَّت من غير حديث عبد الله بن عمرو كما بيناه عند حديث ابن عباس المتقدم برقم (2278).

ص: 408

فخَلَطُوا طعامَهم بطعامِهم، وشرابَهم بشرابِهم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وإنما خرَّجه أئمتنا في الرُّخصة في المُناهَدة

(2)

في الغزو.

(1)

حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن عطاء بن السائب اختلط، وجرير -وهو ابن عبد الحميد- ممّن سمع منه بعد اختلاطه، وقد تابعه جماعة لم يتميز سماع أحدهم من عطاء بن السائب، أكان قبل الاختلاط أم بعده وخالفهم حماد بن سلمة، وهو ممّن جزم غيرُ واحدٍ من الأئمة بسماعه من عطاء قبل اختلاطه، فرواه عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير من قوله لم يذكر فيه ابن عباس، وتابعه على ذلك عمرو بن أبي قيس الرازي عن عطاء، وكذلك رواه سالم الأفطس عن سعيد بن جبير من قوله، فهذا أشبه والله أعلم، على أنه روي عن ابن عباس من وجه آخر حسن في المتابعات، كما سيأتي بيانه.

وأخرجه أبو داود (2871) عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (6463) من طريق أبي كُدينة يحيى بن المهلّب، و (6464) من طريق عمران ابن عُيينة، كلاهما عن عطاء بن السائب به.

وسيأتي من طريق جرير برقم (3223) و (3278)، ومن طريق إسرائيل عن عطاء برقم (3140). وخالفهم حماد بن سلمة عند ابن المنذر في "تفسيره"(1431) فرواه عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير مقطوعًا من قوله.

ووافقه سالم الأفطس عند أبي حذيفة النهدي في "تفسير سفيان الثَّوري"(203)، فرواه عن سعيد بن جبير من قوله كذلك.

وقد روي عن ابن عباس من وجه آخر عند أبي عبيد القاسم في "الناسخ والمنسوخ"(437)، والطبري 2/ 371، والطبراني في "الكبير"(13020) من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس. قال ابن حجر في "الأمالي المطلقة" ص 62: قالوا: لم يسمع علي بن أبي طلحة من ابن عباس، وإنما أخذ التفسير عن مجاهد وسعيد بن جبير عنه.

قلت (القائل ابن حجر) بعد أن عُرفت الواسطة، وهي معروفة بالثقة، حصل الوثوق به، وقد اعتدَّ البخاري في أكثر ما يجزم به معلَّقًا عن ابن عباس في التفسير على نسخة معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة. هذا قلنا: وعبد الله بن صالح حسن الحديث في المتابعات والشواهد.

وانظر ما كتبناه على هذا الخبر في تحقيقنا على "سنن أبي داود".

(2)

المُناهَدة: المُناهضة، بأن يُنهَض لقتال العدوّ، والصمود له.

ص: 409

وشاهدُه المفسَّر حديثُ وحشيّ بن حَرْب:

2531 -

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن وَحْشيّ بن حرب بن وحشي، عن أبيه، عن جدِّه وَحْشي بن حرب: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، إنا نأكُلُ وما نَشبَعُ! قال:"فلعلَّكم تَفترِقُون عن طعامكم، اجتَمِعُوا عليه، واذكروا اسمَ الله، يُبارك لكم"

(1)

.

2532 -

حدثنا أبو العبَّاس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دَرّاج أبي السَّمْح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخُدْري: أنَّ رجلًا هاجَرَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن، فقال: يا رسول الله، إني هاجَرْتُ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد هَجَرْتَ من الشِّرك، ولكنه الجهادُ، هل لك أحدٌ باليمن؟ " قال: أبَوان، قال:"أَذِنا لك؟ " قال: لا، قال:"فارجِعْ فاستأذِنُهُما، فإن أَذِنا لك فجِاهْد، وإلّا فبِرَّهما"

(2)

.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد فيه لين من أجل وحشي بن حرب بن وحشي، وقد حسنه الحافظ العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" 2/ 5.

وأخرجه أحمد 25 / (16078)، وأبو داود (3764)، وابن ماجه (3286)، وابن حبان (5224) من طرق عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث جابر بن عبد الله عند أبي يعلى (2045)، والطبراني في "الأوسط"(7317)، وفي "مكارم الأخلاق"(161)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(9174) و (9175)، بلفظ:"أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي"، ورجاله ثقات.

وحديث عمر بن الخطاب عند ابن ماجه (3287) بلفظ: "كلوا جميعًا ولا تتفرقوا، فإنَّ البركة مع الجماعة". وإسناده ضعيف.

وانظر تمام شواهده في "مسند أحمد".

(2)

إسناده ضعيف لضعف درّاج أبي السَّمْح - وهو ابن سمعان - في روايته عن أبي الهيثم - وهو سليمان بن عمرو العُتَواري .. ابن وهب: هو عبد الله.

وأخرجه أبو داود (2530)، وابن حبان (422) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. =

ص: 410

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، إنما اتفقا على حديث عبد الله بن عمرو:"ففيهما فجاهِدْ"

(1)

.

2533 -

أخبرنا إسماعيل بن محمد الفقيه بالرَّيّ، حدثنا محمد بن الفَرَج الأزرق، حدثنا حجّاج بن محمد قال: قال ابن جُرَيج: أخبَرني محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن معاوية بن جاهِمَة: أَنَّ جَاهِمَةَ أَتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إني أردتُ أن أغزوَ، فجئتُ أستشِيرُك، فقال:"ألك والدهٌ؟ " قال: نعم، قال:"اذهَبْ فالزَمْها، فإنَّ الجنة عند رِجْلَيها"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2534 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا مُؤمَّل ابن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت عن أنس: أنَّ أبا طلحة قرأ القرآن {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41]، فقال: أرى أن نَسْتَنْفِرَ شيوخًا وشبابًا، فقالوا: يا

= وأخرجه أحمد 18/ 11721) من طريق عبد الله بن لَهِيعة، عن دَرَّاج، به.

وقوله: "قد هجرت من الشرك يُفسِّره قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمرو عند البخاري (10):

المهاجر من هَجَرَ ما نهى اللهُ عنه".

(1)

أخرجه البخاري برقم (3004)، ومسلم (2549).

وانظر ما سيأتي برقم (7437) و (7442).

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن طلحة وأبيه، فهما صدوقان، وكذا محمد بن الفرج صدوق، لكنه متابع. ابن جُرَيج: هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي.

وأخرجه ابن ماجه (2781 م) عن هارون بن عبد الله الحَمَّال، والنسائي (4297) عن عبد الوهاب ابن الحكم الوراق، كلاهما عن حجاج بن محمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 24 / (15538) عن روح بن عُبادة، عن ابن جُرَيج، به.

وأخرجه ابن ماجه (2781) من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة، عن معاوية بن جاهمة، قال: أتيت رسولَ الله

فوهم في موضعين: وهم في إسقاط ذكر طلحة من إسناده، وجعله من مسند معاوية بن جاهمة، وأثبت القصة له، وإنما القصة لأبيه، كما حققه الحافظ في "الإصابة" 1/ 446 - 447 في ترجمة جاهمة.

ص: 411

أبانا لقد غزوتَ مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات، ومع أبي بكر وعمر، فنحن نَعْزُو عنك، قال: فأبَى، فركِبَ البحرَ حتى ماتَ، فلم يَجِدوا جزيرةً يدفنُوه إلَّا بعد سبعة أيام، قال: فما تَغيَّر

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2535 -

أخبرنا أبو العبَّاس السَّيّاري، حدثنا عبد العزيز بن حاتم، حدثنا علي ابن الحسن بن شَقيق، حدثنا عبد المؤمن بن خالد الحنفي، حدثني نَجْدة بن نُفيع، قال: سألتُ ابن عباس عن قول الله عز وجل: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] قال: استنفَرَ رسولُ الله حيًّا من أحياء العرب، فتثاقَلُوا، فأُمسك عنهم المطر، وكان عذابَهم

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2536 -

حدثنا أبو العبَّاس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان، حدثنا يحيى بن آدم، أخبرنا شَريك، عن عمار الدُّهْني، عن أبي الزُّبَير، عن جابر، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان لواؤُه يوم دخلَ مكةَ أبيضَ

(3)

.

(1)

خبر صحيح، وقد توبع مُؤمَّل بن إسماعيل. ثابت: هو ابن أسلم البُناني.

وأخرجه ابن حبان (7184) من طريق عبد الرحمن بن سلام الجُمحي، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (5605) من طريق عبد الله بن المبارك عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد وثابت، عن أنس.

قوله: "فما تغيّر" أي ما أَنتن ولا خبُثت رائحته، كحال الأموات.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة نجدة بن نُفيع.

وسيأتي برقم (2584) من طريق زيد بن الحُباب عن عبد المؤمن بن خالد.

(3)

حسن لغيره، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- يعتبر به في المتابعات والشواهد، وباقي رجال الإسناد لا بأس بهم.

وأخرجه أبو داود (2592)، وابن ماجه (2817)، والترمذي (1679)، والنسائي (3835)، =

ص: 412

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه حديث ابن عباس:

2537 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا يحيى بن إسحاق السَّيْلَحِيني، حدثنا يزيد بن حيان، أخبرني أبو مِجْلَز لاحِق بن حُميد، عن ابن عباس، قال: كان لواءُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، أبيضَ، ورايتُه سوداءَ

(1)

.

2538 -

حدثنا أبو العبَّاس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني أبو صخر، عن أبي معاوية البَجَلي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس أنه حدثه، قال: بينما أنا في الحِجْر جالسٌ أتاني رجلٌ، فسألني عن (العادِياتِ ضَبْحًا)، فقلتُ له: الخيلُ حين تُغِيرُ في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل، فيصنعون طعامَهم، ويُوقِدون نارهم، فانفَتَلَ عني فذهب إلى علي ابن أبي طالب وهو تحت سِقَاية زمزم، فسأله عن العاديات، فقال: سألتَ عنها أحدًا قبلي؟ قال: نعم، سألت عنها ابنَ عباس فقال: هي الخيل حين تُغير في سبيل الله، قال: فاذهب فادعُهُ لي، قال: فلما وَقَفَ على رأسه قال: تُفتي الناسَ بلا علمٍ لك، واللهِ إنْ كانت أولَ غزوة

= وابن حبان (4743) من طرق عن يحيى بن آدم، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث ابن عباس الذي بعده.

(1)

حديث حسن، يزيد بن حيان - وهو النّبَطي، وإن كان فيه مقال - قد توبع.

وأخرجه ابن ماجه (2818) عن عبد الله بن إسحاق الواسطي، والترمذي (1681) عن محمد ابن رافع، كلاهما عن يحيى بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وتابع يزيدَ بنَ حيانَ حيّانُ بن عُبيد الله أبو زهير البصري عند أبي يعلى (2370)، والطبراني في "الكبير"(1161)، و "الأوسط"(219)، وأبي الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (418)، وابن عدي 2/ 425. وحيان هذا قال عنه أبو حاتم صدوق، وقال ابن راهويه: حدثنا روح بن عُبادة حدثنا حيان بن عُبيد الله، وكان رجلَ صدق، وقال عنه ابن عدي عامة أحاديثه أفراد، يتفرد بها، وقال الدارقطني: ليس بقوي.

فالحديث بمجموع الطريقين حسن إن شاء الله.

ص: 413

في الإسلام لَبدرٌ، وما كان معنا إلّا فَرَسان، فرس للزبير، وفرس للمِقْداد بن الأسود، فكيف تكون العادِيَاتُ ضَبْحًا؟ إنما العادِيَاتُ ضَبْحًا مِن عرفةَ إلى المزدلفةِ، ومن المزدلفةِ إلى مِنّى، {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا}: الأرضَ حين تطؤُها بأخفافِها وحوافِرِها، قال ابن عباس: فنَزَعتُ عن قولي، ورجعتُ إلى الذي قال عليٌّ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، فقد احتجَّا

(2)

بأبي صخر، وهو حُميد بن زياد الخرَّاط المصري، وبأبي معاوية البَجَلي، وهو عمار بن أبي معاوية الدُّهْني الكوفي.

2539 -

حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا عبد الله بن زَيْدان، حدثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الكِندي، حدثني عُقْبة بن المغيرة أبو العلاء الشَّيباني، حدثني إسحاق بن أبي إسحاق الشَّيباني، عن أبيه، عن المُخارق بن سُلَيم، قال: كنت أُسايِر عمارًا يوم الجَمَل، ومعه قَرَنٌ مُسَمَّطَة

(3)

بسَرْجه، يبُول فيه إذا بال، فلما حضر القتالُ قال: يا مُخارِقُ، ائتِ رايةَ قومِك، فقلتُ: ما أنا بمُفارِقِك

(4)

، وأنا اليومَ على هذه

(1)

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإنَّ أبا معاوية البَجَلي - وهو عمار الدُّهني - لم يسمع من سعيد ابن جبير شيئًا. وأبو صخر - وهو حميد بن زياد الخراط - ليس بذاك الثقة لكنه متابَع. واستنكر الذهبي هذا الخبر في "تلخيصه".

وهو عند عبد الله بن وهب في قسم التفسير من "جامعه" 2 / (136). وقرن بأبي صخر عبدَ الله ابن عياش، وهو ليس بذاك القوي، لكن يعتبر به في المتابعات والشواهد.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 30/ 272 - 273، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 8/ 486 عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وسيأتي مختصرًا بذكر فرسي الزُّبَير والمقداد يوم بدر برقمي (4344) و (5651).

(2)

لم يخرج البخاري لعمار الدُّهني ولا لأبي صخر في "الصحيح" شيئًا، وإنما خرَّج لأبي صخر وحده في كتابه "الأدب المفرد".

(3)

أي: مُعلَّقة بالسُّمُوط وهي السُّيُور، أي: الجلود، والمقصود أنها معلَّقة بجلد السَّرْج.

(4)

لفظ "بمفارقك" تحرَّف في نسخنا الخطية إلى بغار، وأنا والصواب ما أثبتنا من الجزء الأول من "أمالي أبي إسحاق البغدادي"(97) حيث رواه بتمامه عن أبي سعيد الأشج.

ص: 414

الحال، قال: بل يا مُخارق ائتِ رايةَ قومك، فإني رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَستَحِبُّ أن يقاتِلَ الرجلُ تحت رايةِ قومِه

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2540 -

حدثنا أبو العبَّاس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا بِشْر بن بكر، حدثني ابن جابر، عن زيد بن أرْطَاةَ، عن جُبَير بن نُفَير، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ابغُوني الضعفاءَ، فإنما تُرزَقُون وتُنصَرُون بضعفائِكم"

(2)

.

(1)

إسناده حسن، المخارق بن سُلَيم -وهو الشَّيباني- روى عنه ثلاثة أولاد له وأبو إسحاق روى الشَّيباني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقيل: إنَّ له صحبة، وكذلك عقبة بن المغيرة، روى وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأما إسحاق بن أبي إسحاق فوثقه الدارقطني في رواية البرقاني، وروى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات". وكنا قد ضعَّفنا إسناده في "المسند" باضطرابه، ولا اضطراب فيه كما سنبيّنه.

وأخرجه مختصرًا أحمد 30/ (18316) عن يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، قال: حدثنا عقبة بن المغيرة، عن جد أبيه المخارق، قال: لقيت عمارًا

فذكره. وهذا قُصارى ما فيه أنه أسقط الواسطة بينه وبين المخارق، وعُرفت من طريق غير ابن أبي غنية، كما وقع هنا.

ورواه عبد الله بن عمر بن أبان عن ابن أبي غنية عند أبي يعلى (1641)، فقال: عن عقبة بن المغيرة، عمن حدثه عن جد أبيه المخارق. وهذا فيه بيان أن بينهما واسطة لكنها مبهمة، وقد جاء بيانها في غير رواية ابن أبي غنية، كما وقع عند المصنف هنا.

فمثلُ هذا لا يُعدُّ اضطرابًا، ولكنه إبهام جاء بيانه في طريق أخرى للحديث صحيحة.

وقد تابع عبدَ الله بنَ سعيد الكندي على ذكر الواسطة صدقةُ بن الفضل المروَزي عند البخاري في "تاريخه الكبير" 7/ 431

والقَرَن، بالتحريك: هي الجَعْبة الصغيرة تكون من جلود وغيرها.

(2)

إسناده صحيح. ابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر.

وأخرجه أبو داود (2594) من طريق الوليد بن مسلم، والنسائي (4373) من طريق عمر بن عبد الواحد، كلاهما عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (2673) من طريق عبد الله بن المبارك عن ابن جابر. =

ص: 415

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، إنما أخرجا

(1)

حديث سعد بن أبي وقَّاص: أنه ظنَّ أنَّ له فَضْلًا على مَن دُونَه.

2541 -

حدثنا أبو علي الحافظ، حدثنا القاسم بن زكريا المُطرِّز، حدثنا عمرو بن محمد الناقد، حدثنا يعقوب بن محمد الزُّهْري، حدثنا عبد العزيز بن عمران، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حَبِيبة، عن يزيد بن رُومان، عن عُروة بن الزُّبَير، عن عائشة قالت: جعلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شِعارَ المهاجرين يوم بَدرٍ: عبدَ الرحمن، والأوسِ: بني عَبد الله، والخزرجِ بني عُبيد الله

(2)

.

هذا حديث غريب صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، إنما أخرجا

(3)

في الشِّعار حديث

= وقوله: "ابغوني" بوصل الهمزة من الثلاثي، أي: اطلبوا لي، أو بقطعها من الرباعي، أي: أعينوني على الطلب.

(1)

أخرجه البخاري (2896) وحده دون مسلم.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، يعقوب بن محمد فيه لين، وعبد العزيز بن عمران متروك وقريب منه إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حبيبة، وخالفهما عمر بن عبد الله بن عُرْوة بن الزُّبَير فرواه عن جده عروة مرسلًا كما سيأتي، وهو المحفوظ، وعكس بين شعار الأوس وشعار الخزرج.

وأخرجه البيهقي 6/ 361 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. ولفظه فيه: يا بني عبد الرحمن. وخالف عبدَ العزيز بن عمران فيه محمدُ بن عمر الواقدي في مغازيه 1/ 71، فرواه عن ابن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عروة، عن عائشة، فذكر داود بن الحصين بدل يزيد بن رومان، وعكس بين شعار الأوس وشعار الخزرج.

وخالفهما عمرُ بن عبد الله بن عروة عند البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 361، وفي "الدلائل" 3/ 70 من طريق محمد بن إسحاق، قال: حدثني عمر بن عبد الله بن عُرْوة، عن عروة بن الزُّبَير، فذكره مرسلًا، وعكس بين شعار الأوس وشعار الخزرج، وإسناده حسن مرسلًا.

ورُوي عن سمرة بن جندب عند أبي داود (2595): أنَّ شعار المهاجرين كان عبد الله، وشعار الأنصار عبد الرحمن. وإسناده فيه ضعفٌ.

(3)

بل أخرج مسلم وحده (1775) حديث كثير بن العباس هذا، وفيه قولُ العباس: والدعوة في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار، قال: ثم قصرت الدعوة على بني الحارث ابن الخزرج فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج، يا بني الحارث بن الخزرج.

ص: 416

الزُّهْري، عن كثير بن العباس، عن أبيه: لما كان يومَ حُنينٍ انهزمَ الناس، الحديثَ بطوله، ويذكر فيه شِعار القبائل.

2542 -

أخبرني الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن زُرارة الرَّقّي، حدثنا عمر

(1)

بن صالح بن أبي الزاهِريّة الرَّقّي، قال سمعت أبا جَمْرة يقول: سمعت ابن عباس يقول: وَفَدَ على النبي صلى الله عليه وسلم أربعُ مئة أهل بيتٍ -أو أربعُ مئة رجلٍ- من أزدِ شَنُوءة، فقال:"مرحبًا بالأزْدِ، أحسن الناس وجوهًا، وأطيبه أفواهًا، وأشجعِه لقاء، وآمنه أمانةً، شعارُكم: يا مَبرُورُ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2543 -

أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله التاجر، حدثنا أبو حاتم محمد ابن إدريس، حدثنا أبو نُعيم.

وأخبرنا أبو العباس المَحبُوبي، حدثنا أحمد بن سيّار، حدثنا محمد بن كثير.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن أبي نصر المروَزي، قالا: أخبرنا محمد ابن غالب، حدثنا أبو حذيفة، قالوا: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن المهلَّب بن

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عمرو، والتصويب من (ب)، وهو الموافق لمصادر ترجمته، ومصادر تخريج الحديث.

(2)

إسناد ضعيف جدًّا من أجل عمر بن صالح بن أبي الزاهرية، فهو متروك الحديث. أبو جمرة: هو نصر بن عمران الضُّبَعي.

وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(1135)، وابن أخي ميمي في "فوائده"(360) من طريق داود ابن رشيد وابن عدي في "الكامل" 5/ 29، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 45/ 80 من طريق عمرو بن عثمان الحمصي، كلاهما عن عمر بن صالح بن أبي الزاهرية، به.

وسيأتي ذكر شعار الأزد برقم (5213) بإسناد آخر عن الطفيل بن عمرو الدوسي، ورجاله لا بأس بهم غير أنَّ فيه انقطاعًا بين الطفيل بن عمرو والراوي عنه.

ص: 417

أبي صُفْرة، قال: أخبرني مَن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن بُيِّتُّم فليكن شِعارُكم: حم لا يُنصَرون"

(1)

.

وهكذا رواه زهير بن معاوية عن أبي إسحاق:

2544 -

حدَّثَناه محمد بن صالح، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى وحدثنا علي بن عيسى، حدثنا محمد بن عمرو الحَرَشي؛ قالا: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق، عن المهلَّب بن أبي صُفْرة، قال: سمعتُ مَن يحدِّث عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قال وهو يخاف أن يُبيَّته أبو سفيان، فقال:"إن بُيَّتُّم فإِنَّ دَعوتكم حمَ لا يُنصرون"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، إلَّا أنَّ فيه إرسالًا

(3)

، فإذا الرجلُ الذي لم يُسمِّه المُهلّبُ بن أبي صُفْرة البراءٌ بنُ عازب:

(1)

إسناده صحيح. أبو نُعيم: هو الفضل بن دُكَين، وأبو حذيفة هو موسى بن مسعود النَّهْدي، وسفيان: هو الثَّوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وهذا الصحابي المبهم بيَّنه شريك النخعي في روايته الآتية برقم (2545)، وهو البراء بن عازب، على أنَّ إبهام الصحابي لا يضر أصلًا.

وأخرجه أبو داود (2597) عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (1682) من طريق وكيع بن الجراح، عن سفيان الثَّوري، به.

قوله: بُيِّتُّم، أي: قصدكم العدو ليلًا من غير علم لكم، فأُخذتم بغتةً.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن زهيرًا - وهو ابن معاوية - ممّن سمع من أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبِيعي - بعد تَغيُّره، ولذلك اختُلف عليه في وصل هذا الحديث وإرساله على أنَّ وصله ثابت من رواية سفيان الثَّوري وشريك النخعي، وهما من أثبت الناس في أبي إسحاق السَّبيعي.

وأخرجه النسائي (10379) من طريق الحسين بن عيّاش الجزري، عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن المهلب بن أبي صفرة، مرسلًا.

وتابع حُسينًا على الإرسال يحيى بن آدم عند ابن أبي شيبة 14/ 414.

(3)

كذا أطلق الحاكم على إبهام الصحابي اسمَ الإرسال، مع أنَّ الإرسال في عُرف جمهور المحدثين يُطلق على ما لم يُذكر فيه الصحابيُّ أو غيره، لا على ما ذكر مُبهمًا!!

ص: 418

2545 -

أخبرَناه أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا محمد بن عبد الله ابن سليمان، حدثنا علي بن حَكيم، حدثنا شَريك، عن أبي إسحاق قال: سمعت المُهلَّب بن أبي صُفْرة يَذكُر عن البراء بن عازب، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنكم تَلْقَون عدوّكم غدًا فليكن شِعارُكم: حمَ لا يُنصرون"

(1)

.

وقد قيل: عن أبي إسحاق عن البراء:

2546 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا أبو بكر ابن أبي شَيْبة، حدثنا ابن نُمير، عن الأجلح، عن أبي إسحاق، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنكم تَلْقَون عدوِّكم غدًا" مثلَه

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل شريك -وهو ابن عبد الله النَّخَعي- وهو من أثبت الناس في أبي إسحاق السَّبيعي.

وقد تابع شريكًا النخعيَّ على هذا اللفظ شيبانُ بن عبد الرحمن النحوي والأجلحُ بن عبد الله الكندي، والظاهر أنه حديث واحد لكن ذكر بعضهم ما لم يذكر الآخر، ويكون معناه: أنه إن بيَّتكم العدوُّ فالتقيتم وإياهم غدًا فليكن شعاركم حم لا يُنصرون. أو يكون هذا الشعار يقال عند البيات وعند اللقاء أيضًا، فلا تعارُضَ.

وأخرجه أحمد 27/ (16615 و 38/ (23204) عن أسود بن عامر، والنسائي (8810) و (10378) من طريق أبي نعيم الفضل بن دُكين، كلاهما عن شريك النخعي، بهذا الإسناد. لكنهما لم يسميا في روايتهما عنه الصحابيَّ بل أبهماه، ولفظ أسود:"ما أراهم الليلة إلَّا سيبيتونكم، فإن فعلوا فشعاركم: "حم لا ينصرون"، ولفظ أبي نعيم: "إني لا أرى القوم إلّا مُبِّيتيكم الليلة".

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات غير الأجلح -وهو ابن عبد الله بن حُجَيَّة الكِنْدي- فهو حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وقد توبع على رواية الحديث بإسقاط الواسطة بين أبي إسحاق السَّبيعي وبين البراء، فلعلَّ هذا يكون من صنيع أبي إسحاق نفسه، فقد وصفَه شعبة وغيره بالتدليس، ولكن ذلك لا يضرُّ لتصريحه بالواسطة في رواية سفيان الثَّوري وشريك النخعي عن أبي إسحاق، وهما من أوثق الناس فيه، كما تقدَّم في الروايتين (2543) و (2545)، والواسطة هي المهلَّب بن أبي صفرة، على أنَّ لأبي إسحاق روايةً عن البراء مباشرة في "الصحيحين"، فلا يبعد أن يكون سمعه من المهلَّب أولًا، ثم سمعه من البراء، فتكون كلتا الروايتان محفوظتين، والله تعالى أعلم.

ص: 419

2547 -

أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا أحمد بن محمد العنزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا إبراهيم، عن الأجلح، عن أبي إسحاق، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنكم تَلْقَون غدًا، فليكن شعارُكم: حم لا يُنصرون"

(1)

.

2548 -

أخبرني أبو محمد الحسن بن حَليم المروَزي، أخبرنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا عِكْرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، قال: غزوتُ مع أبي بكر زمنَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فكان شعارُ -يعني-

= وتوبع الأجلح على لفظه كذلك، كما قدَّمنا بيانه عند الرواية السابقة.

وأخرجه أحمد 30 / (18549) عن عبد الله بن نمير بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (10377) من طريق يعلى بن عبيد، عن الأجلح، به.

وأخرجه النسائي أيضًا (10376) من طريق الوليد بن مسلم، عن شيبان، عن أبي إسحاق، به. قال المزي في "تحفة الأشراف" (1857): عن سفيان، وفي نسخة: عن شيبان، بدل: سفيان. كذا أورده في ترجمة سفيان الثَّوري عن أبي إسحاق، وأنه في نسخة للنسائي: شيبان، بدل: سفيان، فهذا يدلُّ على أنَّ أكثر نسخ النسائي لديه بذكر سفيان، وشيبان المذكور: هو ابن عبد الرحمن النحوي، وهو ثقة أيضًا، وإذا صحَّ ذكر سفيان الثَّوري فهذا مما يُؤيد أنَّ أبا إسحاق سمعه من المهلب عن البراء، ثم لقي البراء فسمعه منه، لأنَّ سفيان روى عنه كلتا الروايتين، وهو من أثبت الناس فيه.

لكن الظاهر أنَّ ذكر شيبان أصح، لأنَّ الطبراني أخرجه في "الدعاء"(1074) من الطريق التي عند النسائي نفسها، فذكر شيبان، فالظاهر أنَّ ما وقع في نُسخ النسائي التي طالعها المزي، هو تحريفٌ، والله تعالى أعلم.

(1)

كذا جاء هذا الحديث في نسخنا الخطية، ويغلب على ظننا أنه مكرر لما سبقه وأن لا فائدة من تكراره، فقد جاء في هامش (ز) مقابل قوله مثله في الحديث السابق، ما نصه: آخر الثامن عشر؛ فكأنَّ ناسخ النسخة القديمة للكتاب لما انتهى من الجزء الثامن عشر، كرَّر هذه الطريق في الجزء الذي يليه مرة أخرى ليربط بين الجزئين، فظُنَّ بعد ذلك أنها طريق أخرى، اغترارًا بما وقع فيها من ذكر إبراهيم بدل ابن نمير، ويغلب على ظننا أنها الطريق نفسها، وأنَّ إبراهيم فيها تحريف عن ابن نمير، فلا يُعرف في تلامذة الأجلح مَن اسمُه إبراهيم، والله تعالى أعلم.

ص: 420

أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم: أَمِتْ أَمِتْ

(1)

.

صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وله شاهد صحيح على شرط مسلم:

2549 -

حدَّثَناه أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخاري، حدثنا سهل بن المتوكل البُخاري، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، حدثنا شَريك، عن عُتبة ابن عبد الله أبي العُمَيس، عن إياس بن سلمة، عن أبيه، قال: كان شعارُ النبي صلى الله عليه وسلم: أمتُ أُمِتْ

(2)

.

2550 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان الثَّوْري، عن أبي إسحاق، عن رجل من مُزَينة، قال: سمع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رجلًا ينادي في شِعاره: يا حرامُ، يا حرامُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يا حلالُ، يا حلالُ"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو عمرو الفَزَاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان ابن جَبَلة، وعبدان، لقبه، وعبد الله: هو ابن المبارك.

وأخرجه أبو داود (2596) عن هنّاد بن السَّرِيّ، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 27/ (16498)، وأبو داود (2638)، والنسائي (8816)، وابن حبان (4744) و (4747) و (4748) من طرق عن عكرمة بن عمار، به.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - وقد توبع كما في الطريق السابق.

(3)

إسناده صحيح إن ثبت سماع أبي إسحاق -وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي- من الرجل المزني، وهذا الرجل المزني هو صحابي الحديث، كما وقع مصرَّحًا به في بعض روايات الحديث أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول ذلك، وقد لقي أبو إسحاق جماعة من الصحابة وسمع منهم، ورأى جماعة ولم يسمع منهم. وجاء في الطريق التالية تصريحه باسم الصحابي أنه عبد الله بن مُغفَّل، وقد ورد في عدة روايات أنَّ أبا إسحاق رآه يُصلِّي، فلعله يكون سمع منه، هذا إن سلَّمنا بصحة الطريق إليه في حديث الشعار كما في الرواية التالية، فإنَّ فيها مقالًا كما سيأتي.

وأخرجه أحمد 25 / (15865) عن يحيى بن آدم، عن سفيان الثَّوري، به.

ص: 421

صحيح على شرط الشيخين على الإرسال

(1)

، وإذا الرجل الذي لم يُسمِّه محمد ابن كثير عن الثَّوْري عبد الله بن مُغفَّل المزني:

2551 -

أخبرني أبو بكر بن أبي دارِم، الحافظ، حدثنا الحُسين بن محمد بن جعفر القرشي، حدثنا مِنْجاب بن الحارث، حدثنا أبو عامر الأسدي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن مغفَّل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومثلَه

(2)

.

2552 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا هاشم

(3)

ابن يونس العَصَّار

(4)

بمصر، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مُسافِر، عن ابن شهاب، أنَّ مالك بن أوس بن الحَدَثان كان يحدّث: أنَّ عمر بن الخطاب خرج في مجلس وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يَذكُرون سَرِيّةً من السرايا هلكت في سبيل الله، فيقول قائل منهم: هم عُمّالُ الله، هَلَكوا في سبيلِه، وقد وَجَبَ لهم أجرُهم عليه، ويقول قائل: الله أعلمُ بهم، لهم ما احتَسَبُوا، فلما رأوا عمرَ مُقبِلًا متوكئًا على عصاهُ سكتُوا، فأقبل عمرُ حتى سلَّم، فقال:

(1)

كذا سمى المصنف إبهام الصحابي إرسالًا، وليس هذا من عُرْفِ جمهور المحدِّثين.

(2)

أبو بكر بن أبي دارم - وهو أحمد بن محمد بن السَّرِي التميمي - قد تُكُلِّم فيه، قال عنه الحاكم نفسه: رافضي غير ثقة، قلنا: وقد انفرد بهذا الإسناد إلى سفيان الثَّوري، وأبو عامر الأسدي - واسمه قاسم بن محمد روى عنه جمع، ولكنه لم يُؤثَر توثيقه عن أحد.

(3)

وقع في النسخ الخطية هنا: هشام، وكذا فيما سيأتي برقم (8814)، وقد ترجم الذهبي لهذا الراوي في موضعين من "تاريخ الإسلام" 6/ 636 و 844، سمّاه في الثاني منهما هشامًا، أما في الأول فسماه هاشمًا كما أثبتنا، وكما هو في المواضع الأخرى عند المصنف، وهو الصواب إن شاء الله، فقد نص عليه الخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه في الرسم" 2/ 652 أنه بتقديم الألف على الشين، وكذا سمّاه ابن ماكولا في "الإكمال" 6/ 388، والسمعاني في "الأنساب"، كلاهما في رسم (العصّار) بالعين والصاد المهملتين.

(4)

في النسخ الخطية: هنا القَصَّار، بالقاف، وكذلك هو عند الذهبي في "تاريخه"، وإنما هو العَصَّار بالعين المهملة، كما ضبطه ابن ماكولا والسمعاني. والعَصَّار: نسبة إلى عصر الدُّهن من الرُّزِّ والسِّمسِم.

ص: 422

ما كنتُم تتحدّثون؟ قالوا: كنا نذكُر هذه السريّةَ التي هلكتْ في سبيل الله، يقول قائلٌ منا: هم عُمّالُ الله هَلَكوا في سبيله، وقد وَجَبَ لهم أجرُهم عليه، ويقول قائل: الله أعلمُ بهم، لهم ما احتَسَبُوا، فقال عمر: الله أعلمُ، إنَّ من الناس ناسًا يقاتِلون رياءً وسُمعةً، وإنَّ من الناس ناسًا يُقاتلون، وإن دَهَمَهم القتالُ فلا يستطيعون إلَّا إياهُ، وإنَّ من الناس ناسًا يُقاتِلون ابتغاءَ وجهِ الله، فأولئك الشهداءُ، وكلُّ امرئ منهم يُبعَثُ على الذي يموتُ عليه، والله ما تدري نفسٌ ماذا مفعولٌ بها، ليس هذا الرجلَ الذي قد بُيِّن لنا أنه قد غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه وما تأخّرَ، صلى الله عليه وسلم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يُخرجاه.

إنما اتفقا

(2)

من هذا الباب على حديث أبي موسى: "مَن قاتَلَ لتكونَ كلمةُ الله هي العُلْيا، فهو في سبيلِ الله"

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم إلَّا عبد الله بن صالح - وهو كاتب الليث - فهو حسن الحديث في المتابعات والشواهد، لكنه لم يُتابَع على وصل هذا الأثر، بل خالفه معمر بن راشد، فرواه عن ابن شهاب الزُّهْري: أنَّ عمر بن الخطاب خرج

فذكره مرسلًا، فهذا هو المحفوظ، لكن جاء نحوه من وجه آخر مرسل عن أبي البَخْتَري الطائي، بسند رجاله ثقات، فيعتضدان، على أنَّ ما بعده يشهد له كذلك، والله تعالى أعلم.

وأخرجه تمّام الرازي في "فوائده"(450) من طريق ابن مالك بن أوس بن الحدثان، عن ابن شهاب الزُّهْري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، به. وابن مالك بن أوس هذا لم نتبينه، وفي الإسناد إليه يزيد بن عبد الله بن رُزيق، روى عنه جمع، لكن لم يؤثر توثيقه عن أحدٍ. فهذه متابعة ليْنة.

وأخرجه ابن المبارك في "الجهاد"(10)، وعبد الرزاق (9563) عن مَعمَر بن راشد، عن الزُّهْري: أنَّ عمر بن الخطاب خرج على مجلس، فذكره مرسلًا.

وأخرجه بنحوه الحارث بن أبي أسامة كما في بغية الباحث للهيثمي (396)، و"المطالب العالية" للحافظ ابن حجر (1927) من طريق أبي البَخْتَري الطائي، مرسلًا كذلك. وقال الحافظ في "المطالب": رجاله ثقات، لكنه منقطع.

(2)

أخرجه البخاري (123)، ومسلم (1904).

ص: 423

2553 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، أخبرنا مُسدَّد.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي؛ قالا: حدثنا إسماعيل -وهو ابن عُلَيَّة- عن أيوب وهشام وابن عَوْن، عن محمد، عن

(1)

أبي العَجْفاء السُّلَمي، قال: سمعتُ عمر بن الخطّاب يقول: وأخرى تقُولُونها لمن قُتِل في مَغازِيكُم أو مات: قُتِل فلانٌ وهو شهيد، أو مات فلان شهيدًا، ولعله أن يكونَ أَوْقَرَ عَجُزَ دابتِه -أو قال: راحلته- ذهبًا أو وَرِقًا يلتمس التجارة، فلا تقولوا ذاكُم، ولكن قولوا كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَن قُتِل في سبيلِ الله أو ماتَ، فهو في الجنّة"

(2)

.

هذا حديث كبيرٌ صحيح، ولم يُخرجاه ولا واحدٌ منهما، لقول سلمة بن علقمة عن ابن سِيرين أنه قال: نُبِّئْتُ عن أبي العَجْفاء، وأنا ذاكرٌ بمشيئة الله في كتاب النكاح ما يُستدل به على صحته

(3)

.

2554 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعدي، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سَلَمة، عن جَبَلة بن عطية، عن يحيى بن الوليد بن عُبادة، عن جده عبادة بن الصامِت، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن غَزَا وهو

(1)

تحرَّف في (ز) و (ص) و (ع) إلى: بن، والتصويب من (ب).

(2)

إسناده صحيح. أبو المثنَّى: هو معاذ بن المثنَّى العَنبَري، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد، وأيوب: هو ابن أبي تَميمة السَّخْتياني، وهشام: هو ابن حسان، وابن عَوْن: هو عبد الله، ومحمد: هو ابن سيرين، وأبو العجفاء: هو هَرِم بن نُسيب، وقيل في اسم أبيه غير ذلك.

وهو في "مسند أحمد" 1 / (287).

وأخرجه النسائي في "المجتبى"(3349) عن علي بن حُجر، عن إسماعيل ابن عُليَّة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن حبان (4620) من طريق يزيد بن هارون، عن ابن عَوْن وهشام بن حسان، به.

وسيأتي برقم (2759) من طريق يزيد بن هارون عن عبد الله بن عَوْن وحده.

قوله: "أَوْقَر عَجُزَ دابّته" أي: حَمَّلها وِقرًا، والوِقْر: حِمْل البغل والحمار ونحوهما. والوَرِق: الفضة.

(3)

بإثر الرواية (2759).

ص: 424

لا يَنْوي في غَزَاتِه إِلا عِقالًا، فله ما نَوَى"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه حديث يعلى ابن مُنْية الذي:

2555 -

أخبرَنَاه أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أبو توْبة الربيع بن نافع، حدثنا بَشير بن طلحة، عن خالد بن دُرَيك، عن يعلى ابن مُنْية، قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يبعثُني في سَراياهُ، فبعثني ذاتَ يوم، وكان رجلٌ يَركَبُ بَغْلي، فقلتُ له: ارحَلْ فقال: ما أنا بخَارجٍ معك، قلت: لِمَ؟ قال: حتى تجعلَ لي ثلاثةَ دنانيرَ، قلتُ: الآن حينَ ودَّعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ما أنا براجعٍ إليه، ارحَلْ ولك ثلاثةُ دنانيرَ، فلما رجعتُ من غَزاتي ذكرتُ ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أعطِها إياهُ، فإنها حَظُّهُ مِن غَزَاتِه"

(2)

.

2556 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه ببغداد، حدثنا الحسن ابن مُكْرم، حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا ابن جُرَيج، حدثنا يوسف بن يونس

(3)

، عن

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير يحيى بن الوليد بن عبادة بن الصامت، فلم يرو عنه غير جَبَلة بن عطية، ولم يذكره غير ابن حبان في "الثقات"، وصحَّح حديثه هذا ابن حبان والضياء المقدسي.

وأخرجه أحمد 37 / (22692)، والنسائي (4332) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (22728)، والنسائي (4331) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وأحمد (22728) عن بهز بن أسد، وابن حبان (4638) من طريق عبد الواحد بن غياث ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، به.

ويشهد له ما بعده.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن لا يثبت أنَّ خالد بن دُريك لقي يعلى بن مُنية، لكنه لم ينفرد به فقد تابعه عبد الله بن فيروز الديلمي، كما سيأتي برقم (2562).

وأخرجه أحمد 29/ (17957) عن الهيثم بن خارجة، عن بشير بن طلحة، به.

وقوله: ارْحَل، أي: اركب، يقال: رَحَلْتُ البعير أَرحَلُه رَحْلًا: إِذا عَلَوتَه.

(3)

في المطبوع: يونس بن يوسف، وقد قيل ذلك في اسمه أيضًا ووقع هكذا في الرواية السالفة برقم (369). وانظر "توضيح أوهام الجمع والتفريق" للخطيب 1/ 300 - 301.

ص: 425

سليمان بن يَسَار، قال: تَفرَّق الناسُ عن أبي هريرة، فقال له أخو أهل الشام: أيها الشيخُ حدَّثْنا حديثًا سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أول الناس يُقضَى فيه يوم القيامة رجلٌ استُشْهِد فأتي به، فعَرَّفه نِعَمَهُ، فَعَرَفَها، قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: قاتَلْتُ فيك حتى قُتِلْتُ قال: كَذَبْتَ، ولكن قاتَلْتَ ليُقال: هو جَريءٌ، فقد قيل، قال: ثم أَمَر به فسُحِبَ

(1)

على وجهه، حتى أُلقي في النار، ورجل تَعلّم العلمَ وعَلَّمَه، وقرأ القرآنَ، فأُتي به، فعَرَّفه نِعَمَه عليه، فعَرَفها، قال: ما عمِلتَ فيها؟ قال: تعلَّمتُ فيك العلمَ وعلمتُه وقرأتُ فيك القرآنَ، فيقول: كذبتَ، ولكنك تعلّمتَ العلمَ ليُقال: هو عالمٌ، وقرأتَ القرآنَ ليُقال: هو قارئٌ فقد قيل، ثم أَمَر به، فسُحِبَ على وجهه، حتى أُلقي في النار، ورجُلٌ وسَّع الله عليه، فأعطاهُ من أنواعِ المالِ، فأُتي به، فعَرَّفه نِعَمَه، فعَرَفها، فقال: ما عمِلتَ فيها؟ فقال: ما علِمتُ مِن شيءٍ تحبُّ أن يُنفَقَ فيه إلّا أنفقتُ فيه، قال: كذبتَ، ولكنك فعلتَ ليُقال: هو جَوَادٌ، فقد قيل، ثم أَمَر به، فسُحِبَ على وجهه، حتى أُلقيَ في النار"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجه البخاري

(3)

.

2557 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا محبُوب بن موسى، حدثنا أبو إسحاق الفَزَاري، عن عطاء بن السائب، قال: سمعت أبا عُبيدة بن عبد الله يقول: قال عبد الله بن مسعود: إياكُم وهذه الشهاداتِ: أن تقولَ: قُتِل فلانٌ شهيدًا، فإنَّ الرجل يُقاتِل حَمِيَّةٌ، ويُقاتِل في طلب الدنيا، ويُقاتِل وهو

(1)

وقع هذا الحرف في (ز) في جميع المواضع في هذا الحديث بصيغة المضارع: فيُسحب.

وقد جاء كذلك في بعض مصادر التخريج.

(2)

إسناده صحيح. ابن جُرَيج: هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي.

وقد تقدَّم برقم (369) من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن ابن جُرَيج. وانظر تمام تخريجه هناك.

(3)

وأخرجه مسلم (1905) من طريقي خالد بن الحارث وحجاج بن محمد عن ابن جريج.

ص: 426

جُريءُ الصَّدْر، ولكن سأحدِّثكم على ما تَشهَدون؛ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سريَّةً ذاتَ يومٍ، فلم يلبث إلَّا قليلًا حتى قام فحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال:"إنَّ إخوانكم قد لَقُوا المشركين، فاقتَطَعُوهم فلم يبقَ منهم أحدٌ، وإنهم قالوا: ربَّنا بَلَّغْ قومَنا أنّا قد رَضِينا ورضي عنا ربُّنا، فأنا رسولُهم إليكم: أنهم قد رَضُوا ورُضِيَ عنهم"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد إن سَلِمَ من الإرسال، فقد اختلف مشايخُنا في سماع أبي عُبيدة من أبيه.

وله شاهدٌ موقوفٌ على شرط الشيخين:

2558 -

أخبرَنيه عبد الرحمن بن الحسن القاضي بَهَمذان، حدثنا إبراهيم بن الحُسين، حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شعبة، عن أبي قيس، عن هُزَيل

(2)

بن شُرَحبيل قال: خرج ناسٌ فقُتِلوا، فقالوا: فلانٌ استُشهِد، فقال عبد الله: إِنَّ الرجلَ لَيقاتلُ للدُّنيا، ويقاتلُ ليُعرَف، وإنَّ الرجلَ لَيموتُ على فراشِه وهو شهيد، ثم تلا {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ

(3)

أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الحديد: 19]

(4)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن أبا عُبيدة بن عبد الله - وهو ابن مسعود - لم يسمع من أبيه، فهو منقطع. أبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث.

وأخرجه أحمد 7 / (3952) من طريق حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، به.

ويشهد له ما بعده، وحديث أنس عند البخاري (2801)، ومسلم (1902)(147) في قراء بئر معونة.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: هذيل بالذال بدل الزاي، وضبطه ابن ماكولا في باب هزيل وهذيل، وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات في اسم هُزيل: اعلم أنه قد يقع في بعض نسخ "المهذَّب" وكتبٍ مُصحَّفًا، فكتبوه بالذال، وهو غلط صريح وجهل فاحش، وإنما هو بالزاي باتفاق العلماء من كل الطوائف.

(3)

في نسخنا الخطية غير (ب): ورسوله على الإفراد، ولم يذكرها أحد ممَّن اعتنى بالقراءات منسوبة إلى ابن مسعود أو غيره، والمثبت من نسخة (ب)، وهو الموافق للتلاوة.

(4)

خبر صحيح، عبدُ الرحمن بن الحسن القاضي فيه ضعفٌ، وقد توبع عليه. إبراهيم بن =

ص: 427

2559 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا جدّي، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا ابن المبارك، أخبرنا معمر، عن عبد الكريم الجَزَري، عن طاووس، عن ابن عباس، قال: قال رجلٌ: يا رسول الله، إني أقِفُ الموقِفَ أُريد وجهَ الله، وأُريد أن يُرى مَوطِني، فلم يَرُدَّ عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، حتى نَزَلَتْ {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]

(1)

.

= الحسين: هو المعروف بابن ديزيل، وأبو قيس: هو عبد الرحمن بن ثروان، وعبد الله: هو ابن مسعود.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" بأطول ممّا هنا 27/ 231 عن محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، عن شعبة بهذا الإسناد

ولقوله: "وإنَّ الرجل ليموت على فراشه و هو شهيد" شاهدٌ مرفوع صحيح من حديث سهل بن حُنيف تقدم برقم (2443).

(1)

إسناده ضعيف، فقد تفرَّد نُعيم بن حماد أو من دونه بوصله، ونعيم حسن الحديث إلَّا عند المخالفة، وقد خالفه عَبْدان المروَزي فيما سيأتي عند المصنف برقم (8138)، وهو من ثقات أصحاب ابن المبارك، فجعله عن طاووس مرسلًا، وكذلك رواه مرسلًا عبد الرزاق عن معمر، وكذلك رواه غير معمر، فهذا هو المحفوظ.

وهو عند ابن المبارك في "الجهاد"(12) -برواية سعيد بن رحمة عنه- مرسلًا أيضًا.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(6438) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 414، ومن طريقه الطبري في "تفسيره" 16/ 40 عن معمر بن راشد، به مرسلًا.

وأخرجه يحيى بن سلام في "تفسيره"(1/ 211) عن فُرات بن سَلْمان، عن عبد الكريم الجزري، به مرسلًا. وتحرَّف فرات بن سلمان في المطبوع إلى: فرات عن سلمان.

والمعروف عن ابن عباس ما أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(6437) من طريق عبد الله ابن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أنَّ هذه الآية {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} أنزلت في المشركين الذين عبدوا مع الله

غيره، وليست هذه في المؤمنين.

وانظر الكلام على رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس فيما تقدَّم برقم (2530).

ص: 428

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2560 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عبد الله بن الحارث الجُمحي المكي، حدثنا سهيل ابن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أولُ الناسِ يدخُلُ النارَ يوم القيامة ثلاثةُ نَفَرٍ، يُؤتَى بالرجل -أو قال: بأحدهم- فيقولُ: ربِّ عَلَّمْتَني الكتابَ، فقرأتُه آناءَ الليلِ والنهارِ، رجاءَ ثوابِك، فيقال: كذبتَ، إنما كنتَ تُصلي ليُقال: إنك قارئٌ مُصَلٍّ، وقد قيل، اذهبُوا به إلى النار، ثم يُؤتَى بآخرَ، فيقول: ربِّ رَزَقْتَني مالًا فوَصَلتُ به، الرَّحِمَ وتَصدَّقتُ به على المساكين، وحَمَلتُ ابنَ السَّبيلِ، رجاءَ ثوابِك وجنّتِك، فيُقال: كذبتَ، إنما كنتَ تَتَصدّق وتَصِلُ ليقال: إنه سَمْحٌ جَوادٌ، وقد قيل، اذهبُوا به إلى النار، ثم يجاء بالثالث، فيقول: ربِّ خرجتُ في سَبيلِكَ، فقاتَلْتُ فيك حتى قُتِلتُ مُقبِلًا غيرَ مُدبر، رجاءَ ثوابك وجنّتِك، فيُقال: كذبت، إنما كنتَ تقاتلُ ليقال: إنك جريءٌ شجاعٌ، وقد قيل، اذهبُوا به إلى النار"

(1)

.

حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

2561 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدثنا محمد بن أبي الوضّاح، عن العلاء بن عبد الله بن رافع

(2)

، عن حَنان بن خارجة، عن عبد الله بن عمرو، أنه قال: يا رسول الله، أخبرني عن الجهاد والغزو، فقال: "يا عبدَ الله بنَ عمرو، إن قاتلت صابرًا محتسِبًا، بعثك الله صابرًا محتسبًا، وإن قاتلتَ مُرائيًا مُكاثرًا، بعثك الله مُرائيًا مُكاثرًا، يا عبدَ الله

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل هشام بن عمار وعبد الله بن الحارث، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة بألفاظ متقاربة، كما تقدَّم التنبيه عليه برقم (2556).

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: نافع، والتصويب من "إتحاف المهرة"" (11649)، وفاقًا لرواية البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 186 عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده الذي هنا.

ص: 429

ابن عمرو، على أيِّ حالٍ قاتلتَ أو قُتلتَ، بعثكَ اللهُ على تلك الحالِ"

(1)

.

حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2562 -

أخبرني أبو سعيد أحمد بن يعقوب بن أحمد بن مِهْران الثقفي الزاهد، حدثنا علي بن الحسين بن الجُنيد المالكي بالرَّي، حدثنا أحمد بن صالح بمصر، حدثني عبد الله بن وهب القرشي، أخبرني عاصم بن حَكيم، عن يحيى بن أبي عمرو السَّيْباني، عن عبد الله بن الدَّيْلمي، أنَّ يعلى بن أُمية

(2)

قال: أَذِنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغزو وأنا شيخ كبير ليس لي خادم، فألتمستُ أجيرًا يكفيني وأُجري له سهمَه، فوجدتُ رجلًا، فلما دنا الرحيلُ أتاني فقال: ما أدري ما السُّهْمانُ وما يَبلُغ سهمي، فسمِّ لي شيئًا كان السهمُ أو لم يكن، فسمَّيتُ له ثلاثةَ دنانير، فلما حضرتْ غنيمةٌ أردتُ أن أُجريَ له سهمه فذكرتُ الدنانيرَ، فجئتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ له أمَره، فقال:"ما أجِدُ له في غزوتِه هذه في الدنيا إلّا دنانيرَه التي سمَّى"

(3)

.

صحيح على شرطهما، ولم يُخرجاه.

2563 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، أخبرنا عطاء بن السائب، عن مُرّة الهَمْداني، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عَجِبَ ربُّنا عز وجل من رجلٍ غزا في سبيل الله، فانهزم أصحابُه، فعَلِمَ ما عليه ورجع حتى أُهْريقَ دمُه، فيقول الله تبارك

(1)

إسناده ضعيف لجهالة حنان بن خارجة على اختلافٍ في رفع الحديث ووقفه كما بيناه في تحقيقنا على سنن أبي داود (2556).

وقد تقدَّم برقم (2468) من طريق إسحاق بن منصور عن عبد الرحمن بن مهدي.

(2)

في (ز): مُنْية، بدل أمية، وكلاهما صحيح كما قدمنا بين يدي الحديث (2555).

(3)

إسناده صحيح عبد الله بن الديلمي: هو ابن فيروز.

وأخرجه أبو داود (2527) عن أحمد بن صالح، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم نحوه من طريق خالد بن دريك عن يعلى بن أمية برقم (2555).

والسهمان، بضم السين: جمع سهم.

ص: 430

وتعالى لملائكته: انظُروا إلى عبدي، رجع رغبةً فيما عندي، وشفقةً مما عندي حتى أُهْريقَ دمُه"

(1)

.

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهد بإسناد صحيح عن أبي ذر:

2564 -

أخبرَناه عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن دِيزِيل، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، عن منصور، عن ربعي بن حِرَاش، عن زيد ابن ظَبْيان رفعه إلى أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثةٌ يحبّهم الله، وثلاثةٌ يُبغضهم الله، أما الذين يحبّهم الله فرجل أتى قومًا فسألهم بالله، ولم يسألهم بقَرابةٍ بينهم وبينه، فتخلّف رجلٌ بأعقابهم فأعطاه سِرًّا لا يعلمُ بعَطِيَّته إلّا الله والذي أعطاه، وقومٌ سارُوا ليلَهم حتى إذا كان النومُ أحبَّ إليهم ممّا يَعدِل، نزلُوا فوضعوا رؤوسَهم، فقام يَتَملَّقُني ويَتلُو آياتي، ورجلٌ كان في سريةٍ فلقي العدوَّ، فهُزموا، فأقبل بصَدْره حتى يُقتَل أو يُفتَح له، والثلاثةُ الذين يُبغِضُهم الله: الشيخ الزاني، والفقير المُختال، والغَنيُّ الظَّلُوم"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. مُرَّة الهَمْداني: هو ابن شَرَاحيل.

وأخرجه أبو داود (2536) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (7/ 3949)، وابن حبان (2557) و (2558) من طرق عن حماد بن سلمة، به. وقد تابع حمادَ بنَ سلمة عليه زائدة بن قدامة عند الخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 413.

وأخرجه النسائي (10637) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن أبي عُبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، موقوفًا عليه. وأبو عُبيدة لم يسمع من أبيه.

وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في تحقيقنا على "سنن أبي داود".

(2)

حديث صحيح، وزيد بن ظبيان - وإن كان لا يُعرف روى عنه غير ربعي بن حِراش - صحَّح حديثه هذا غير المصنف أيضًا جماعةٌ، منهم الترمذي وابنُ خزيمة وابن حبان، وقد توبع.

وقد تقدَّم من طرق عن شعبة برقم (1534). =

ص: 431

2565 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أنَّ عمرو بن أُقيش كان له رِبًا في الجاهلية، فكَرِهَ أن يُسلِمَ حتى يأخُذه، فجاء يوم أُحدٍ، فقال: أين بنو عمِّي، فقالوا: بأُحُد، فقال: أين فلانٌ؟ قالوا: بأُحُد، قال: أين فلانٌ؟ قالوا: بأُحُد، فلَبِسَ لَأمَتَه، ورَكِبَ فرسَه ثم توجّه قِبَلَهم، فلما رآه المسلمون قالوا: إليك عنّا يا عمرو، قال: إني آمنتُ، فقاتلَ حتى جُرِح، فحُمِل إلى أهله جريحًا، فجاءه سعد بن معاذ، فقال لأختِه سَلِيهِ: حَميَّةً لقومِك أو غضبًا لهم، أم غضبًا الله ورسولِه؟ فقال: بل غضبًا الله ورسوله، فماتَ فدخل الجنةَ، وما صلَّى الله صلاةً

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2566 -

حدثني علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا عُبيد بن شَريك البَزار، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا موسى بن يعقوب الزَّمْعي، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثِنْتَانِ لا تُرَدّان -: أو قال ما تُرَدّان-: الدعاءُ عند النَّداء، أو عند البَأْسِ حين

(2)

يُلحِمُ بعضُهم بعضًا"

(3)

.

= وبنحوه من طريق مُطرِّف بن عبد الله بن الشِّخير عن أبي ذر برقم (2477).

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن ابن عوف. وقد حسَّنه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 4/ 609.

وأخرجه أبو داود (2537) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (4363) من طريق حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة.

واللأمة: آلة الحرب من درع وسلاح.

(2)

في (ز) و (ص) و (ع): حتى والمثبت من (ب)، "وتلخيص الذهبي"، وهو الموافق لرواية البيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 360 عن أبي عبد الله الحاكم.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل موسى بن يعقوب الزمعي، وقد توبع. وسلف الحديث برقم (730) من طريق أحمد بن مِهْران عن سعيد بن أبي مريم.

ص: 432

قال موسى بن يعقوب: وحدثني رِزْق بن سعيد بن عبد الرحمن المدني

(1)

، عن أبي حازم، عن سَهْل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"وتحتَ المطَر"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2567 -

أخبرنا بكر بن محمد الصِّيرفي بمَرُو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل البَلْخي، حدثنا خالد بن يزيد العُمَري، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالدُّلْجة، فإنَّ الأرض تُطْوَى بالليل"

(3)

.

قد كنتُ أملَيتُ في كتاب المناسِك من هذا الكتاب حديثَ رُوَيم بن يزيد المُقرئ

(4)

،

(1)

تحرَّف في (ز) و (ص) و (ع) إلى المزني بالزاي والتصويب من (ب) و "التلخيص".

(2)

إسناده ضعيف لجهالة رِزْق بن سعيد، كما قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 369 في المجلس السابع والسبعين.

وأخرجه أبو داود (2540) عن الحسن بن علي، عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.

وذكر الحافظ في "نتائج الأفكار" 1/ 383 أنَّ سعيد بن منصور أخرج عن حماد بن زيد، عن الصَّقْعَب بن زهير، عن عطاء بن أبي رباح، قال: تُفتح أبواب السماء عند ثلاث خلال، فتحرَّوا فيهن الدعاء، وذكر منها: عند نزول الغيث قال الحافظ: وهو مقطوع جيّد، له حكم المرسل، لأنَّ مثله لا يُقال من قبل الرأي. قال: والصَّقعب، بوزن جعفر، ليس به بأس.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل أبي جعفر الرازي - واسمه عيسى بن أبي عيسى - وقد توبع. وما وقع للحاكم - وعنه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 256 - من تقييد خالد بن يزيد بالعُمري فخطأ، والصحيح أنه خالد بن يزيد العَتَكي صاحبُ اللؤلؤ، وهو صدوق حسن الحديث، أما العمري فمتَّهم بالكذب، وقد قُيِّد على الصواب في رواية الضياء المقدسي في "المختارة" 6 / (2118) حيث قيَّده بصاحب اللؤلؤ.

وأخرجه أبو داود (2571) عن عمرو بن علي الفلّاس، عن خالد بن يزيد، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم برقم (1647) من وجه آخر عن الزُّهْري عن أنس بن مالك، وهو وإن كان الأصح إرساله، يَعضُد هذا الحديث. وله شواهدُ انظرها هناك.

(4)

وأخرجه المصنف هناك من طريق أخرى عن قبيصة بن عقبة عن الليث أيضًا، فلا ندري لم اقتصر هنا على ذكر طريق رُويم!

ص: 433

عن الليث، عن عُقيل عن الزُّهْري، عن أنس، وجَهِدتُ إذ ذاك أن أجِدَ له شاهدًا فلم أحد، وهذا شاهدُه إن سَلِمَ من خالد بن يزيد العُمري.

2568 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا يحيى بن محمد ابن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا حُصين بن نُمير، حدثنا سفيان بن حسين، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيّبِ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أَدخل فرسًا بين فرسَين، ولا يأْمَنُ أن يَسبِقَ فليس بقِمارٍ، ومن أدخلَ فرسًا بين فرسَين، وقد أَمِنَ أن يَسبِقَ فهو قِمارٌ"

(1)

.

تابعه سعيد بن بَشير الدمشقي عن الزُّهْري، وأقامَ إسناده:

2569 -

أخبرَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا إبراهيم بن يوسف الرازي، حدثنا محمود بن خالد الدمشقي، الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا سعيد بن بَشير، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه

(2)

(1)

إسناده ضعيف، سفيان بن حسين - وإن كان ثقة - ضعيف في الزُّهْري، وقد تابعه سعيد بن بشير الدمشقي كما سيأتي عند المصنف بعده، لكنه ضعيف الحديث، وخالفهما الثقات من أصحاب الزُّهْري كمعمر بن راشد وشعيب بن أبي حمزة وعُقيل بن خالد فيما ذكره أبو داود بإثر (2580)، فرووه عن الزُّهْري عن رجال من أهل العلم.

وأخرجه أبو داود (2579) عن مُسدَّد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 16 / (10557)، وابن ماجه (2876) من طريق يزيد بن هارون، وأبو داود (2579) من طريق عباد بن العوّام، كلاهما عن سفيان بن حسين، به.

وأحسن أحواله أن يكون من قول سعيد بن المسيب كما بيّنا في تعليقنا على "مسند أحمد" و "سنن أبي داود".

قوله: "أن يَسبِق" الضمير فيه عائد إلى الفرس المُحلِّل الذي هو ثالث الفرسين، والمعنى أنه لا يحوز أن يُدخل بين الفرسين فرسٌ بطيء يؤمن منه أن يسبق، بل لا بد أن يكون كفئًا للفرسين، بحيث يُخاف أن يسبق هو ذينك الفرسين، أفاد ذلك الخطابي في "المعالم 2/ 255.

(2)

إسناده ضعيف لضعف سعيد بن بشير، وقد تابعه سفيان بن حسين في الطريق التي قبله، لكنه يضعَّف في الزُّهْري، وخالفهما كبار أصحاب الزُّهْري كما قدَّمنا. =

ص: 434

صحيح الإسناد، فإنَّ الشيخين وإن لم يخرجا حديث سعيد بن بَشير وسفيان ابن حسين، فهما إمامان بالشام والعراق، وممّن يُجمَع حديثُهما، والذي عندي أنهما اعتمدا حديث معمر على الإرسال، فإنه أرسله عن الزُّهْري

(1)

.

2570 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالرَّيّ، حدثنا محمد بن الفَرَج الأزرق، حدثنا حجّاج بن محمد، قال: قال ابن جُرَيج: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59]، عبد الله بن قيس بن عَدِيّ بعثه النبيُّ صلى الله عليه وسلم في سريّة. أخبرَنيهِ يَعلَى بن مسلم، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2571 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالوَيهِ، حدثنا معاذ بن المثنَّى العَنبَري، حدثنا يحيى بن معين حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا سليمان ابن المغيرة، حدثنا حميد بن هلال، حدثنا بشر بن عاصم، عن عُقبة بن مالك، قال: بعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم سريةً فسَلّحتُ رجلًا منهم سيفًا، فلما رجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لامَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"أعجَزْتُم إذا بعثتُ رجلًا فلم يَمْضِ لأمري، أن تَجعَلوا مكانَه مَن يَمْضِي لأمري"

(3)

= وأخرجه أبو داود (2580) عن محمود بن خالد بهذا الإسناد.

(1)

وكذلك رواه عن الزُّهْري آخرون، كما نبَّه عليه أبو داود بإثر الحديث (2580).

(2)

إسناده صحيح ابن جُرَيج هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي.

وأخرجه أحمد 5 / (3124)، والبخاري (4584)، ومسلم (1834)، وأبو داود (2624)، والترمذي (1672)، والنسائي (8673) و (11044) من طرق عن حجاج بن محمد بهذا الإسناد. وكلهم سمَّى الصحابيَّ عبدَ الله بن حُذافة بن قيس بن عدي إلّا أبا داود فسماه عبد الله بن قيس، كما سماه المصنف هنا منسوبًا لجده. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(3)

إسناده صحيح إن كان بشر بن عاصم - وهو الليثي - هو من أراده النسائي بالتوثيق فإنه لم ينسبه في كتابه "التمييز" كما أشار إليه ابنُ القطان في "بيان الوهم" 4/ 357، ورجح أنَّ موثَّق =

ص: 435

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2572 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ حدثنا محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن العلاء بن زَيْر، أنه سمع مسلم بن مِشْكَم أبا عُبيد الله يقول: حدثنا أبو ثَعلَبة الخُشَني، قال: كان الناسُ إذا نزلوا منزلًا تفرَّقوا في الشِّعاب والأودية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ تفرُّقَكم في هذه الشِّعاب والأودية إنما ذلكمُ من الشيطان"، فلم يَنزِلُوا بعد ذلك منزلًا إلَّا انضمَّ بعضهم إلى بعض، حتى يقال: لو بُسِط عليهم ثوبٌ لَعَمَّهم

(1)

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2573 -

أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا إسماعيل - هو ابن عُلَيّة - حدثنا الحجَّاج بن أبي عثمان، عن أبي الزُّبَير، أنَّ جابر بن عبد الله حدَّثهم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلّف عن المَسِير، فيُزجِي الضعيفَ ويُردِفُ ويَدعُو لهم

(2)

.

= النسائي هو بشر بن عاصم الثقفي. قلنا: فإن كان كذلك فإنَّ بشرًا الليثي حسن الحديث.

وأخرجه أبو داود (2627) عن يحيى بن معين بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 28 / (17007) عن عبد الصمد، وابن حبان (4740) من طريق إسحاق بن راهويه، عن عبد الصمد، به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (2628)، والنسائي (8805) عن عمرو بن عثمان الحمصي، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 29/ (17736)، وأبو داود (2628)، وابن حبان (2690) من طرق عن الوليد ابن مسلم، به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (2639) عن الحسن بن شوكر، عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، بهذا الإسناد.

قوله: "فيُزجي الضعيفَ" أي: يسوقه ليُلحِقه بالرّفاق.

وقوله: "ويُردِف" أي: يُركِب خلْفه الضعيف من المُشاة.

ص: 436

صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2574 -

أخبرني أبو بكر محمد بن حاتم العَدْل بَمْرو، حدثنا محمد بن غالب بن حَرْب، حدثنا أبو همَّام محمد بن مُحبَّب

(1)

، حدثنا سفيان بن سعيد، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضرِّب، عن فُرات بن حيّان:[أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلِه، وكان عَينًا لأبي سفيان، وحَليفًا لرجلٍ من الأنصار، فقال: إني مُسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم]

(2)

: "إن منكم رجالًا نَكِلهم إلى إيمانهم، منهم فُرات بن حيّان"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2575 -

حدثنا أبو الحسن علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا علي بن عبد العزيز المكي وموسى بن الحسن بن عبّاد الغَسّاني قالا: حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام الدَّستُوائي، حدثنا قَتَادة عن الحسن، عن قيس بن عُبَادٍ، قال: كان أصحابُ النبي صلى الله عليه وسلم يكرهون الصوتَ عند القتال

(4)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حبيب، وجاء على الصواب في رواية البيهقي 8/ 197 عن أبي عبد الله الحاكم.

(2)

ما بين المعقوفين وقع مكانه بياض في النسخ الخطية، وأثبتناه من رواية البيهقي 8/ 197 أبي عبد الله الحاكم، حيث نصَّ على أنَّ هذا لفظه. وهو بنحوه فيما سيأتي برقم (8292) عن أبي بكر بن إسحاق وابن حَمْشَاذَ عن محمد بن غالب.

(3)

إسناده قوي من أجل حارثة بن مضرب سفيان بن سعيد هو الثَّوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

وأخرجه أبو داود (2652) عن محمد بن بشار، عن محمد بن محبَّب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 31/ (18965) من طريق بشر بن السري، عن سفيان الثَّوري، به.

وأخرجه بنحوه أحمد أيضًا 27/ (16593) و 38 (23182) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "إنَّ منكم رجالًا لا أعطيهم شيئًا أكلهم منهم فرات بن حيان، قال: من بني عجل.

(4)

إسناده صحيح. الحسن: هو ابن ابي الحسن البصري، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وهشام الدستُوائي: هو ابن أبي عبد الله. =

ص: 437

2576 -

أخبرَناه أبو الوليد الفقيه، حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، حدثنا عبيد الله بن عمر القَواريري، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، عن همّام حدثني مَطَر، عن قَتَادة، عن أبي بُرْدة، عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَكْرَه الصوتَ عند القِتال

(1)

.

إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، وحديث هشام الدَّستُوائي شاهدُه، وهو أَولى بالمحفوظ.

2577 -

حدثني علي بن عيسى، حدثنا مُسدَّد بن قَطَن، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا وكيع عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: لما لقي النبيُّ صلى الله عليه وسلم المشركين يوم حُنين نزلَ عن بغلتِه فتَرجَّل

(2)

.

= وأخرجه أبو داود (2656) عن مسلم بن إبراهيم بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (2656) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن هشام الدستُوائي به.

وخالف هشامًا معمرُ بنُ راشد، فرواه عن قتادة عن الحسن قال: أدركتُ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحِبُّون خفض الصوت عند الجنائز، وعند قراءة القرآن وعند القتال. أخرجه عنه عبد الرزاق (6281).

وخالفه كذلك مطرٌ الورّاق كما في الطريق التالية، فرواه عن قتادة عن أبي بردة، عن أبيه وهشام الدستوائي أوثق الناس في قتادة، حتى قال شعبة: هشام الدستوائي أعلم بحديث قتادة مني وأكثر مجالسة له مني.

(1)

صحيح لكن عن قتادة عن الحسن البصري عن قيس بن عُبَاد، كما رواه هشام الدستُوائي في الطريق السابقة، ومطر - وهو ابن طهمان الوراق - ضعيف، وأخطأ في إسناد هذا الحديث.

وأخرجه أبو داود (2657) عن عبيد الله بن عمر القواريري، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (2658)، وابن حبان (4775) من طريق عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3042) عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل به. بلفظ: كان أبو سفيان ابن الحارث آخذًا بعِنان بغلتِه صلى الله عليه وسلم، فلما غشيه المشركون نزل.

وأخرجه البخاري (2930)، ومسلم (1776)، والنسائي (8575) و (10366) من طريق =

ص: 438

صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه

(1)

، ولم يصحَّ أنه صلى الله عليه وسلم ترجَّل وحارَبَ راجلًا إلَّا من هذا الوجه.

2578 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، حدثنا أبو عِمران الجَوْني، عن علْقمة بن عبد الله المُزَني [عن مَعقِل بن يَسار]

(2)

أنَّ النعمان بن مُقرِّن قال: شهدتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتِل من أول النهار، أخَّرَ القتالَ حتى تزولَ الشمسُ وتهُبَّ الرياحُ

(3)

.

صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2579 -

أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشَاذَ العَدْل، قالا: أخبرنا علي بن عبد العزيز البَغَوي، حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا حماد بن

= أبي خيثمة زهير بن معاوية، ومسلم (1776) من طريق زكريا بن أبي زائدة، كلاهما عن أبي إسحاق، به. بنحو لفظ عبيد الله عن إسرائيل.

وفي الباب عن سلمة بن الأكوعَ عند مسلم (1777)، وابن حبان (6520).

(1)

بل قد أخرجاه كما قدَّمنا، وإن كان لم يرد في روايتهما لفظ الترجُّل، فإنَّ لفظ النزول كافٍ في معنى الترجُّل، فلا يُستدرك ذلك عليهما.

(2)

سقط اسم معقل بن يَسَار من النسخ الخطية والمطبوع، وهو ثابت في الرواية عند جميع من خرَّج الحديث من طريق موسى بن إسماعيل، ومن طريق غيره عن حماد بن سلمة، وهو ثابت في رواية حجاج بن منهال عن حماد الآتية عند المصنف برقم (5362)، فالظاهر أنه سقط سهوًا من هنا، فلذلك أثبتناه.

(3)

إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وأبو عمران الجوني: هو عبد الملك بن حبيب.

وأخرجه أبو داود (2655) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 39 / (23744)، والترمذي (1613)، والنسائي (8583)، وابن حبان (4757) من طرق عن حماد بن سلمة به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

وسيأتي برقم (5362) من طريق حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة، ضمن قصة فتح نهاوند. وأخرجه البخاري (3159)، وابن حبان (4756) من طريق جبير بن حيّة، عن النعمان بن مُقرِّن، بنحوه.

ص: 439

سَلَمة، حدثنا ثابت، عن أنس: أنَّ أبا طلحة كان يرمي يوم أُحُد بين يدَي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم خَلْفَه، وكان أبو طلحة راميًا، وكان إذا رمى يرفعُ النبي صلى الله عليه وسلم شَخْصَه ليَنظُرَ أين يقعُ سهمُه، وكان أبو طلحة يرفع صدره ويقول: هكذا بأبي أنتَ يا رسول الله، لا يُصيبُك سهمٌ، نَحْري دون نَحْرك، وكان أبو طلحة يُودُّ

(1)

نفسه بين يدي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فيقول: يا رسول الله، أنا جَلْدٌ قويٌّ، فمُرْني بما شئتَ

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه

(3)

.

2580 -

أخبرني أبو بكر محمد بن المؤمَّل بن الحسن بن عيسى، حدثنا الفضل ابن محمد الشَّعراني، حدثنا عبد الله بن محمد بن نُفَيل الحَرّاني، حدثنا محمد بن سلمة الحرّاني، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني عبد الواحد بن أبي عَون، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال لي أُميّة بن خَلَف وأنا بينه وبين ابنه عليّ آخِذٌ بأيديهما: يا عبدَ الإله من الرجلُ منكم المُعْلَم بريشةِ نَعامةٍ في

(1)

كذا النسخ الخطية، والظاهر أنه فعل مشتق من الوَتِد على لغة تَميم، لأنَّ الوَيِد عندهم يسمى الوَدّ. فكأنَّ أبا طلحة يوطّد نفسه في وقفته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كالوَتِد، خشية أن يتزحزحَ فيصيبَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سهامُ المشركين، وربما كان هذا اللفظ محرفًا عن يَشُور، كما جاء عند غير المصنف ممن خرَّج هذا الحديث، ويكون المعنى أنَّ أبا طلحة يسعى ويُخِفٌ نفسَه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُظهر بذلك قوته مِن شُرْتُ الدَّابة إذا أجريتها لتعرف قوّتها، أو يعرِّض نفسه للقتل، وقتلها في سبيل الله بيع لها، مِن شُرتُ الفرس: إذا عرضتَها للبيع.

(2)

إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني.

وأخرجه أحمد 21 / (14058) عن عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، به.

وأخرجه بنحوه أحمد 19 / (12024) و 20 (13139)، وابن حبان (4582) و (7181) من طريق حميد بن أبي حميد الطويل، وأحمد 21/ (13800)، والبخاري (2902) من طريق إسحاق ابن عبد الله بن أبي طلحة، والبخاري (3811) و (4064)، ومسلم (1811) من طريق عبد العزيز ابن صهيب ثلاثتهم عن أنس بن مالك.

وسيأتي برقم (5607) من طريق حميد الطويل عن أنس.

(3)

بل قد أخرجاه بنحوه كما قدمنا، فلا استدراك عليهما!

ص: 440

صَدْره؟ قال: قلتُ: ذاك حمزةُ بن عبد المطّلب، قال: ذاك الذي فَعَلَ بنا الأفاعِيلَ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

أخرجه الإمام أبو بكر بن خُزيمة في باب الرخصة في علامة المُبارز بنفسه ليُعلَم موضعُه، فرواه عن محمد بن يحيى عن النُّفَيلي.

2581 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إسحاق بن الحسن الحَرْبي، حدثنا عفّان بن مسلم، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا الحارث بن حَصِيرة، حدثنا القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: قال ابن مسعودٍ: كنتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرَّح بالسماع، ثم هو متابع. وهو في السيرة النبوية لابن هشام 1/ 632.

وأخرجه القاضي أبو العباس البرتي في "مسند عبد الرحمن بن عوف"(25)، والبزار (1016)، والطبراني في "تاريخه" 2/ 452، وفي "تهذيب الآثار" في القسم المفرد بتحقيق علي رضا (1021) من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (1015) من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، به. وإسناده حسن.

وظاهر ما في هذه الرواية من تسمية أُميّة بن خلف لعبد الرحمن بن عوف بعبد الإله، يخالف ما سيأتي برقم (5419) عن عبد الرحمن بن عوف قوله: كان اسمي في الجاهلية عبد عمرو، فسماني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عبدَ الرحمن، وما سيأتي برقم (5425) من قول عبد الرحمن بن عوف أيضًا: قال أُميّة بن خلَف: كاتِبني باسمك الذي كنتَ تُكاتِبُنيه عبدِ عمرٍو. والجمع بينهما أن عبد الرحمن ابن عوف كان يُسمَّى في الجاهلية عبدَ عمرو، وإنما سماه أمية بن خلف عبدَ الإله لما رأى عبد الرحمن بن عوف يكره اسم عبد عمرو، كما توضحه رواية أخرى لابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 631، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزُّبَير، عن أبيه، قال ابن إسحاق: وحدثنيه أيضًا عبد الله بن أبي بكر وغيرهما، عن عبد الرحمن بن عوف، قال كان أمية ابن خلف لي صديقًا بمكة، وكان اسمي عبدَ عمرو، فتسمَّيت حين أسلمتُ عبد الرحمن ونحن بمكة، فكان يلقاني إذ نحن بمكة فيقول: يا عبد عمرو، أرغبت عن اسمٍ سمّاكَةُ أبواك؟ فأقول: نعم، فيقول: فإني لا أعرف الرحمن، فاجعل بيني وبينك شيئًا أدعوك به

فكان إذا دعاني: يا عبد عمرو، لم أُجِبه، فقلت له: يا أبا علي اجعل ما شئت، قال: فأنت عبد الإله، قال: فقلت: نعم، قال: فكنت إذا مررتُ به قال: يا عبد الإله فأجيبه فأتحدث معه

ص: 441

يومَ حُنين، فولَّى عنه الناس وبقيتُ معه في ثمانين رجلًا من المهاجرين والأنصار، فكُنا على أقدامِنا نحوًا من ثمانين قدمًا ولم نُولِّهم الدُّبُرَ، وهم الذين أنزل الله عليهم السكينةَ، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته يمضي قُدُمًا، فحادَت بغلته، فمال عن السّرِج، فشَدَّ نحوه، فقلتُ: ارتفع رفعَكَ الله، قال:"ناوِلْني كفًّا من ترابٍ" فناولتُه، فضرب به وجوهَهم، فامتلأ أعينُهم ترابًا، قال:"أين المهاجرون والأنصار؟ " قلت: هم هنا، قال:"اهتِفْ بهم" فَهَتَفتُ بهم، فجاؤوا وسيوفُهم في أيمانهم كأنها الشُّهُب، وولَّى المشركون أدبارَهم

(1)

.

(1)

رجاله ثقات، لكنه اختُلف في سماع عبد الرحمن - وهو ابن عبد الله بن مسعود - من أبيه، واختُلِف أيضًا على القاسم بن عبد الرحمن، فخالف فيه الحارثَ بنَ حصيرة عبدُ الرحمن بنُ عبد الله المسعودي، فرواه عن القاسم عن عبد الله بن مسعود، دون ذكر عبد الرحمن في إسناده، والمسعودي أوثق من الحارث وأعلم بحديث ابن مسعود من غيره، وخالفه أيضًا في متنه، فذكر في روايته أنه نُودي في الناس يوم حنين يا أصحاب سورة البقرة. هكذا بصيغة المجهول، وقد تبين من حديث العباس بن عبد المطلب عند مسلم (1775) والحميدي (459) وغيرهما أنَّ العباس هو الذي نادى: يا أصحاب البقرة ويا أصحاب السَّمرة. فليس هو ابن مسعود، كما وقع في رواية الحارث ابن حَصِيرة هذه، ولعلَّ هذا هو ما دعا الذهبي للحكم على هذا الحديث بالنكارة.

وأما ذكر عدد من ثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلا نكارة فيه، ويؤيده حديث ابن عمر عند الترمذي (1689)، قال: لقد رأيتنا يوم حنين وإن الفئتين لمولّيتان، وما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منة رجل. وصحَّحه الترمذي وحسَّنه الحافظُ في "الفتح" 12/ 548، وجمع الحافظ بين ما وقع في رواية ابن مسعود ورواية ابن عمر، وبين ما قاله أهل السير الذين ذكروا أنَّ الذين ثبتوا تسعة أو عشرة رجال فقط، فقال: من زاد على العشرة يكون عجّل في الرجوع فعُدَّ فيمن لم ينهزم.

وأخرجه أحمد 7/ (4336) عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد، وقال فيه: فنكصنا على أقدامنا نحوًا من ثمانين قدمًا. وهو يدل على أنَّ الثمانين الذين ثبتوا يشمل من رجع بعد أن فرَّ غير بعيدٍ.

وهذا يؤكد صحة ما قاله الحافظ من الجمع المذكور، والله أعلم.

وأخرجه مختصرًا ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 2/ 144 من طريق عبد الله بن المبارك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسعود، قال: نُودي في الناس يوم حُنين: يا أصحاب سورة البقرة، فأقبلوا بسيوفهم كأنها الشُّهُب، فهزم الله المشركين.

ص: 442

حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2582 -

حدثنا أبو العبَّاس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن علي بن ميمون الرَّقّي، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، حدثنا إسرائيل، عن أبي سنان، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن قال: أستغفرُ الله الذي لا إله إلَّا هو الحىُّ القيُّومُ وأتوبُ إليه، ثلاثًا، غُفِرتْ ذنوبُه وإن كان فارًّا من الزَّحْفِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2583 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، قال: قرأتُ على أبي اليَمَان، أنَّ حَرِيز بن عثمان حدَّثه عن عبد الرحمن بن مَيسَرة، قال: حدثني أبو راشد الحُبْراني، قال: وافَيتُ المِقدادَ بنَ الأسود فارسَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم جالسًا على تابوتٍ من توابيت الصَّيارِفة

(2)

وفَضَلَ عنها عِظَمًا، وهو يريد الغزو، فقلت: لقد أعذَرَ اللهُ إليك، فقال: أبَتْ عليَّ سورة البَحُوث، قال الله عز وجل:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41]؛ يعني: سورة التوبة"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح: أبو سنان: هو ضرار بن مرة، وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك الجُشْمي. وأخرجه ابن خزيمة في التوكل كما في "إتحاف المهرة" 10/ 438 عن سعيد بن أبي زيد، عن الفريابي، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم برقم (1905) من طريق محمد بن سابق عن إسرائيل.

(2)

تابوت الصيرفي: هو الصندوق الذي يُحرز فيه مالَه.

(3)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن ميسرة: وهو الحضرمي الشامي. وأخرجه أبو عُبيد القاسم بن سلّام في "الناسخ والمنسوخ"(368)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1802، وأبو بكر الجصّاص في "أحكام القرآن" 4/ 309 - 310 من طريق أبي اليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو عُبيد في "الناسخ والمنسوخ"(368)، وفي "فضائل القرآن" ص 242 - ومن طريقه أبو بكر الجصّاص 4/ 309 - 310 - وابن أبي شيبة، 5/ 315، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 150، وأبو جعفر المستغفري في "فضائل القرآن"(804) من طرق عن حَريز بن عثمان، به.

وسيأتي برقم (5578) من طريق بقية بن الوليد عن حَريز بن عثمان، وبرقم (3321) من =

ص: 443

حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2584 -

حدثنا أبو العبَّاس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري، حدثنا زيد بن الحُباب، حدثنا عبد المؤمن بن خالد الحنفي، حدثنا نَجْدة ابن نُفيع، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم استنفر حيًّا من العرب، فتثاقَلُوا، فنزلت {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة:39]، قال: كان عذابَهم حبسَ المطرِ عنهم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وعبد المؤمن بن خالد الحنفي من ثِقات المَراوزة.

2585 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا محبُوب بن موسى بن موسى الأَنطاكي، أخبرنا أبو إسحاق الفَزَاري، عن ابن جُرَيج، أخبرني عبد الله بن أبي أُميَّة، عن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض مغازيه مَرَّ بأناس من مُزَينة، فاتّبَعه عبدٌ لامرأة منهم، فلما كان في بعض الطريق سلّم عليه، فقال:"فلانٌ؟ " قال: نعم، قال:"ما شأنُك؟ " قال: أُجاهِد معك، قال:"أذِنَتْ لك سيدتُك؟ " قال: لا، قال:"ارجع إليها، فإن مَثَلَك مَثَلُ عبدٍ لا يُصلي إن متَّ قبل أن تَرجِعَ إليها، واقرأْ عليها السلامَ" فرجع إليها، فأخبرها الخبرَ، فقالت: اللهِ هو أمَرَ أن تقرأ عليَّ السلام؟ قال: نعم، قالت: ارجِعْ فجاهِدْ معه

(2)

.

= طريق جُبير بن نُفير عن المقداد، وإسناده صحيح.

والبَحُوث: بفتح الباء، على صيغة فَعُول، من أبنية المبالغة، ويقع على الذكر والأنثى كامرأة صَبُور، ويكون من باب إضافة الموصوف إلى الصفة، من البحث والتفتيش عن أسرار المنافقين، وضبطها ابن الأثير في"النهاية" بضم الباء ولذلك قال: جمع بحث.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة نجدة بن نُفيع.

وأخرجه أبو داود (2506) عن عثمان بن أبي شيبة، عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.

وقد تقدم برقم (2535) من طريق علي بن الحسن بن شَقيق عن عبد المؤمن.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن أبي أُمية، ولإرساله أيضًا، وقد نبَّه الحافظ ابن حجر =

ص: 444

حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2586 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا يزيد بن مَوهَب الرَّمْلي، حدثنا المفضَّل بن فَضَالة، عن عيّاش بن عبَّاس القِتْباني، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يُعْفَرُ للشهيدِ كلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّينَ"

(1)

.

حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه حديث سهل بن حُنيف:

2587 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عبد الرحمن بن سعد المُزني، عن سَهْل بن أبي أُمامة ابن سهل بن حُنيف، عن أبيه، عن جده، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ أول ما يُهْرَاقُ من دمِ الشهيد تُغفَر له ذنوبه"

(2)

.

= على إرساله في "الإصابة" 2/ 195، لكن غَفَلَ عن إعلاله أيضًا بجهالة عبد الله بن أبي أمية، فإنه لم يرو عنه غير ابن جُرَيج، ولم يذكره غير ابن حبان في "الثقات"، وقيل: اسمه عبد ربّه، كما وقع مسمًّى في "المراسيل" لأبي داود و"المصنف" لعبد الرزاق في حديث آخر في قطع السارق.

وأخرجه البيهقي 9/ 22 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" للهيثمي (662)، ومن طريقه الخطيب في "المتفق والمفترق"(789) عن معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، به.

(1)

إسناده صحيح يزيد بن مَوهَب: هو ابن خالد بن مَوهب، نسبه لجده، وعبد الله بن يزيد: هو أبو عبد الرحمن الحُبُلي، مشهور بكنيته.

وأخرجه أحمد 11 / (7051) عن يحيى بن غيلان، ومسلم (1886) عن زكريا بن يحيى بن صالح المصري، كلاهما عن المفضَّل بن فَضالة، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه مسلم (1886) من طريق سعيد بن أبي أيوب، عن عياش بن عباس، به.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن سعد المزني.

وأخرجه البيهقي 9/ 163 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =

ص: 445

2588 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الزُّبيدي، أنَّ عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار حدثهم قال: حدثنا أبو مُطِيع معاوية بن يحيى، عن نصر بن علقمة عن أخيه محفوظ بن علقمة، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لَقيَ فصبَرَ حتى يُقتَلَ أَو يَغلِبَ، لم يُفتَنْ في قبره"

(1)

.

= وأخرجه أبو يعلى الموصلي في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية" للحافظ (1926) عن هارون بن معروف، والطبراني في "الكبير"(5552) من طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، و (5553) من طريق أحمد بن صالح، والخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق"(899) من طريق يحيى بن سليمان الجُعفي، أربعتهم عن عبد الله بن وهب، به. غير أنَّ سليمان الدمشقي قال في روايته عن عبد الرحمن بن شريح، بدل: ابن سعد، وقول الجماعة أثبت.

ويشهد له ما قبله.

وحديث المقدام بن معدي كرب عند أحمد 28/ (17182)، وابن ماجه (2799)، والترمذي (1663)، وصحَّحه الترمذي. ولفظه:" للشهيد عند الله ست خِصال: يغفر له في أول دفعة من دمه" الحديث.

(1)

حديث حسن، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن محفوظ بن علقمة لم يسمع هذا الحديث من أبي أيوب، بينهما فيه واسطة وكأنه لم يُدرك أبا أيوب أصلًا، فلا تعرف له رواية عن أحد من الصحابة إلّا عن سلمان الفارسي وقيل فيها بأنها مرسلة، وجُلُّ رواية محفوظ هذا عن عبد الرحمن ابن عائذ الثُّمالي، وهو تابعي مشهور، قد سمع هذا الحديث منه، كما سيأتي بيانه.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد"(126) عن عمرو بن عثمان بن سعيد، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الصبر والثواب"(145) من طريق علي بن عيّاش، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية"(1932) من طريق بقية بن الوليد، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(285) من طريق أبي عتبة الحسن بن علي بن مسلم السَّكُوني، والطبراني في "الكبير"(4094)، وفي "الأوسط"(8243)، وفي "مسند الشاميين"(2495) من طريق مصفَّى ابن البُهلول الحمصي، أربعتهم عن أبي مُطيع معاوية بن يحيى، به.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(4118) من طريق صدقة بن عبد الله السَّمين، عن نصر بن علقمة، عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ الثمالي، عن أبي هريرة عن أبي أيوب؛ =

ص: 446

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2589 -

أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا محبوب بن موسى، حدثنا أبو إسحاق الفَزاري، عن أبي حماد الحَنَفي، عن ابن عَقيل، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: فَقَدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حمزةَ حين فاءَ الناسُ من القتال، فقال رجل: رأيتُه عند تلك الشجّرات، وهو يقول: أنا أسدُ الله وأسدُ رسوله، اللهم أبرأُ إليك ممّا جاء به هؤلاء؛ أبو سفيان وأصحابه، وأعتذرُ إليك ممّا صنع هؤلاء بانهزامِهم، فحَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نحوَه، فلما رأى جنْبَه بكى، ولما رأى ما مُثِّل به شَهَقَ، ثم قال:"ألا كُفِّنَ"، فقام رجل من الأنصار فرمى بثوب عليه، ثم قام آخرُ من الأنصار فرمى بثوبٍ عليه، فقال:"يا جابر"، هذا الثوبُ لأبيك، وهذا لعمِّي حمزة"، ثم جيء بحمزة فصَلَّى عليه، ثم يُجاء بالشهداء فتُوضع إلى جانب حمزة، فيصلِّي عليهم، ثم تُرفَع ويُترك حمزة، حتى صلِّى على الشهداء كلهم.

قال: فرجعتُ وأنا مُثقَلٌ قد تَرَك أبي عليَّ دَينًا وعيالًا، فلما كان عندَ الليل أرسل إلىَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا جابر، إنَّ الله تبارك وتعالى أحيا أباك وكلَّمه" قلت: وكلّمه كلامًا! قال: "قال له: تَمَنَّ، فقال: أتمنَّى أن تَرُدَّ روحي وتُنشئ خَلْقى كما كان، وتَرْجِعَني إلى نبيّك، فأقاتلَ في سبيلك فأُقتلَ مرةً أخرى، قال: إني قضيتُ أنهم لا يَرجِعون".

= فظهرت بذلك الواسطة بين محفوظ وأبي أيوب، وصدقة بن عبد الله هذا أعدل الأقوال فيه قول أبي حاتم الرازي بأن محله الصدق وأنه أُنكر عليه رأي القدر فقط.

ويشهد له حديث المقام بن معدي كرب الذي ذكرناه عند الحديث الذي قبله، ففيه:"ويُجار من عذاب القبر".

وحديث راشد بن سعد، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عند النسائي (2191) أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، ما بالُ المؤمنين يُفتنون في قبورهم إلَّا الشهيد؟ قال:"كفى ببارِقة السيوف على رأسه فتنةً". وإسناده حسن، كما أشار إليه ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 743.

ص: 447

قال: وقال صلى الله عليه وسلم: "سيدُ الشهداءِ عند الله يومَ القيامة حمزةُ"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف أبي حماد الحنفي - واسمه المفضَّل بن صدقة - وقد توبع على بعض ألفاظ الحديث، وابن عقيل - وهو عبد الله بن محمد بن عَقيل - يُحسَّن حديثه في المتابعات والشواهد، وقد توبع على بعض ألفاظ الحديث أيضًا، ولكن انفرد هو أو أبو حماد الحنفي بقصة الصلاة على شهداء أحد، والصحيح عن جابر أنه لم يُصَلِّ عليهم، كما سيأتي بيانه.

وأخرج قصة تكفين حمزة أحمد 22 / (14521)، والترمذي (997) من طريق زائدة بن قدامة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفَّن حمزة بن عبد المطلب في نَمِرةٍ في ثوب واحد.

والصحيح في تكفين حمزة أن أخته صفية هي من جلبت له ثوبين لكفنه، فكُفِّن بأحدهما كما رواه الزُّبَير بن العوام عند أحمد 3 / (1418) وغيره، وكما رواه ابن عباس عند عبد الرزاق (6194)، وإسناداهما حسنان.

وستأتي قصة استشهاد حمزة وحدها برقم (4961) من طريق عُبيد بن شريك عن أبي صالح محبوب بن موسى.

وقصة تكليم الله لوالد جابر أخرجها أيضًا أحمد 23/ (14881) من طريق محمد بن علي السلمي، عن ابن عقيل، عن جابر. وستأتي بنحوها برقم (4976) من طريق طلحة بن خراش عن جابر.

وسيأتي ذكر استشهاد عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر بأُحد برقم (4972) من طريق وهب ابن كيسان عن جابر، وبرقم (4974) و (4975) من طريق أبي نضرة عن جابر.

وأخرج قصة استشهاده أيضًا البخاري (2781)، والنسائي (6430) من طريق الشعبي، وأحمد 23/ (15206)، والنسائي (6433) من طريق عمار بن أبي عمار، والبخاري (1293)، ومسلم (2471)، والنسائي (1984)، وابن حبان (7021) من طريق محمد بن المنكدر، ثلاثتهم عن جابر.

وسيأتي ذكر بكائه صلى الله عليه وسلم على حمزة وشهيقه برقم (4954) من طريق عبد الله بن نمير عن أبي حماد.

وستأتي قصة ترك عبد الله بن عمرو بن حرام دَينًا برقم (7273) من طريق نُبيح العَنَزي عن جابر. وأخرجها كذلك أحمد 23 / (15005) من طريق أبي المتوكل الناجي، والبخاري (2709) والنسائي (6434)، وابن حبان (6536) من طريق وهب بن كيسان وأحمد 23/ (14935)، والبخاري (2127) و (2781) و (3580) و (4053)، والنسائي (6430 - 6432) من طريق عامر الشعبي، والبخاري (6250)، وأبو داود (5187)، والترمذي (2711) من طريق محمد بن المنكدر، وابن ماجه (190)، والترمذي (3010) من طريق طلحة بن خراش، كلهم عن جابر بن عبد الله. =

ص: 448

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2590 -

حدثنا أبو العبَّاس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني أسامة بن زيد، حدثني الزُّهْري، عن أنس بن مالك قال: كُفِّن حمزة في نَمِرةٍ كانوا إذا مَدُّوها على رأسِه، خرجتْ رجلاهُ، وإذا مَدُّوها على رجلَيه خرج رأسُه، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يَمُدُّوها على رأسِه، ويجعَلُوا على رجلَيه من الإذخِر، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لولا أن تَجزَعَ صفيةُ، لتركنا حمزةَ فلم ندفنْه، حتى يُحشَرَ حمزةُ من بُطون الطير والسِّباع"

(1)

.

= وأخرج قصة إحياء الله تعالى لعبد الله بن عمرو بن حرام وتكليمه له: أحمد 23/ (14881) من طريق محمد بن علي بن ربيعة السلمي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به.

وستأتي عند المصنف برقم (4976) من طريق طلحة بن خراش عن جابر بن عبد الله، بإسناد حسن.

وقوله في آخر الحديث: "سيد الشهداء حمزة" سيأتي برقم (4945) من طريق عطاء عن جابر.

وله طرق يمكن تحسينهُ باجتماعها كلها كما أوضحناه في تحقيقنا على "فتح الباري" 12/ 186 عند شرح الحديث (4072).

وأما الصلاة على شهداء أحد، فثبت عن جابر بن عبد الله خلافُ ما جاء في رواية ابن عقيل هذه، وذلك فيما أخرجه البخاري (1343) و (1347) و (4079)، وابن ماجه (1514)، والترمذي (1036)، والنسائي (2093)، وابن حبان (3197) من طريق عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفنهم في دمائهم، ولم يغسلوا، ولم يصل عليهم.

وقد روي عن غير جابر بن عبد الله: أنه صلى عليهم، كحديث عبد الله بن الزُّبَير عند الطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 503 وسنده حسن، وكمرسل أبي مالك الغفاري عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 503، والبيهقي 4/ 12، ومرسل عامر الشعبي عند أبي داود في "المراسيل"(428)، ورجالهما ثقات. وحديث ابن عباس الآتي برقم (4956).

قال ابن القيم في "حاشيته على سنن أبي داود" 4/ 296: الذي يظهر من أمر شهداء أُحد أنه لم يُصلِّ عليهم عند الدفن، وقد قُتِل معه بأحدٍ سبعون نفسًا، فلا يجوز أن تخفي الصلاةُ عليهم، وحديث جابر بن عبد الله في ترك الصلاة عليهم صحيح صريح وأبوه عبد الله أحد القتلى يومئذ، فله من الخبرة ما ليس لغيره. وانظر تعليقنا على "سنن أبي داود"(3135) و (3223).

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن غلط فيه أسامة بن زيد -وهو الليثي- =

ص: 449

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2591 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حدثنا أحمد بن مهران بن خالد الأصبهاني، حدثنا عُبيد الله بن موسى، حدثنا طلحة بن جَبر الأنصاري، عن المُطَّلب بن عبد الله، عن مصعب بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن ابن عوف، قال: افتَتَح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكةَ، ثم انصرف إلى الطائف فحاصَرَهم ثمانيةً أو سبعةً، ثم أوْغَلَ غَدوةً أو رَوحةً، ثم نزل ثم هَجَّر، ثم قال:"أيها الناس، إني لكم فَرَطٌ، وإني أُوصيكم بعِتْرتي خيرًا، موعدكم الحوضُ، والذي نفسي بيده، لَتقيمُنَّ الصلاةَ، ولَتُؤْتون الزكاةَ، أو لأبعثنَّ عليكم رجلًا مني -أو كنفسي- فليَضْرِبَنَّ أعناقَ مُقاتِليهم، ولَيسبِيَنَّ ذَرارِيَّهم"، قال: فرأى الناسُ أنه يعني أبا بكر أو عمر، فأخذ بيدِ عليٍّ، فقال:"هذا"

(1)

.

= فقد خالفه الليث بن سعد، فرواه عن الزُّهْري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله، ولا شكَّ بتقدُّم الليث على أسامة في الحفظ والإتقان، فقول الليث هو الصحيح، كما جزم به البخاري فيما سأله عنه الترمذي في "علله الكبير"(252). وانظر تمام الكلام عليه عند الرواية المتقدمة برقم (1367) من طريقين عن أسامة بن زيد.

وسيأتي مختصرًا برقم (4948) من طريق عثمان بن عمر عن أسامة بن زيد.

(1)

في إسناده ضعف، طلحة بن جبر مختلف فيه، وثقه ابن معين في رواية، وضعَّفه في رواية أخرى، ووهّاه أبو إسحاق الجُوزجاني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم يرو هذا الحديث غيره، ومع ذلك فقد صحَّح حديثه هذا المصنّف ومن قبله الطبري في "تهذيب الآثار" في الجزء المفرد بتحقيق علي رضا ص 159.

وسيأتي عند المصنف بالأرقام (2608) و (2647) من طريق منصور بن المعتمر، عن ربعي ابن حراش، عن علي بن أبي طالب: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مخاطب ببعض ما ورد هنا قريشًا.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 12/ 65 و 14/ 508، والفاكهي في "أخبار مكة"(1962)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 282 - 283، والبزار (1050)، ومحمد بن نصر المروَزي في "تعظيم قدر الصلاة"(968)، وأبو يعلى في "مسنده"(859)، والطبري في "تهذيب الآثار" في القسم المفرد بتحقيق علي رضا ص 159، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 342 من طرق عن عُبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد، وجاء عندهم جميعًا فحاصرهم تسع عشرة أو ثمان =

ص: 450

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2592 -

أخبرني أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو قُدامة ومحمد بن المثنَّى، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قَتَادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن مَعْدان بن أبي طلحة اليَعْمَري، عن أبي نجيح السُّلَمي، قال: حاصَرْنا قَصْر الطائف، فسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن رمى بسَهُمٍ في سبيل الله فله عَدْلُ محرّر، ومن بَلَغَ بسهمٍ في سبيل الله فله درجةٌ في الجنة"، فبلَّغتُ ستةَ عشَرَ سهمًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإنَّ أبا نَجِيح هذا هو عَمرو بن عَبَسة السُّلَمي.

= عشرة، إلّا الطبري فقال في روايته: سبع عشرة أو ثماني عشرة.

قوله: "لكم فَرَط" أي: متقدَّم وسابق.

(1)

إسناده صحيح. أبو قُدامة: هو عبيد الله بن سعيد السرخسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله سنْبَر الدستُوائي، وقتادة: هو ابن دعامة، وأبو نجيح السُّلَمي: هو عمرو بن عَبَسَة.

وأخرجه أبو داود (3965) عن محمد بن المثنَّى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 28 / (17022) و 32/ (19428)، والنسائي (4336)، وابن حبان (4615) من طرق عن هشام الدستوائي، به.

وأخرجه أحمد 32 / (19429) من طريق سعيد بن أبي عَروبة، عن قتادة، به.

وسيأتي ضمن حديث مطول برقم (4419) من طريق عبد الرحمن بن محمد بن منصور عن معاذ ابن هشام.

وتقدَّم شطره الأول مفردًا برقم (2500) من طريق عبد الرحمن بن محمد بن منصور عن معاذ ابن هشام، وبنحوه برقم (2501) من طريق القاسم مولى عبد الرحمن بن يزيد الدمشقي عن عمرو بن عنبسة.

قوله: "بلغ بسهم" بالتخفيف، يعني: بَلَغَ العدوَّ بسهم، فالباء في قوله "بسهم" للتعدية، وقيل: بلّغ، بالتشديد، يعني مَنْ بلغ مكان الغزو ملتبسًا بسهم وإن لم يَرْمِ، فالباء في قوله:"بسهم" للمُلابسة. أفاده القاري في "المرقاة" 6/ 2503.

ص: 451

2593 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا الحسن بن علي القَبّاني

(1)

، حدثنا المنذر بن الوليد الجارودي، حدثنا عبد الأعلى

(2)

، حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، حدثني أبو الزُّبَير، عن جابر بن عبد الله، قال: كنا مع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بالطائف في غزوة حُنين، فلما بلغ الجغرانةَ قَسَم فِضَةً بين الناس

(3)

.

(1)

كذا جاء في (ص) و (ب) و (ع)، وفي (ز): أبو الحسن بن علي القباني، بزيادة لفظ "أبو".

ولم نتبينه بعد البحث الشديد إلّا أن يكون هو حسين بن محمد بن زياد القباني، كما جاء في "إتحاف المهرة" لابن حجر (3678)، ويكون اسم "الحسين" تحرَّف في أصول الحاكم إلى: الحسن، واسم "محمد" تحرَّف إلى: علي، وكنية حسين بن محمد القباني أبو علي، فقد يكون جاء في رواية الحاكم: حسين بن محمد أبو علي القباني، فسقط اسم "محمد" ولفظ "أبو" فصار الاسم حسين بن علي، ثم تحرَّف "حسين" إلى: حسن، والله أعلم.

(2)

وقع في (ب): عبد الأعلى بن عبد الأعلى. بزيادة "بن عبد الأعلى"، وهي زيادة مقحمة، فلا تُعرف لعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي رواية عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وفي طبقة عبد الأعلى السامي رجل آخر اسمه عبد الأعلى بن محمد، ضعَّفه الأزدي، فهذا هو الصواب، والله أعلم.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الأعلى - وهو ابن محمد - كما بيناه قريبًا، وشيخه يحيى بن سعيد قُيِّد هنا بالأنصاري، وقد روى هذا الحديثَ يحيى بنُ سعيد بن قيس الأنصاري الثقة الكبير، لكن الظاهر أنه هنا الفارسي التميمي المازني، وربما نُسب أنصاريًا أيضًا، وربما قيل فيه: رجل من أهل الحجاز، كما أفاده الذهبي في "الميزان"، وابن حجر في "لسان الميزان"، وهو يروي عن أبي الزُّبَير أيضًا، وهو رجل ضعيف، لكن تابعه يحيى بن سعيد الأنصاري الثقةُ الإمام. وأخرجه مسلم (1063)، والنسائي (8033) من طريق الليث بن سعد، ومسلم (1063) من طريق عبد الوهاب الثقفي، وابن حبان (4819) من طريق مالك بن أنس، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، به. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه مسلم (1063) من طريق قرة بن خالد، عن أبي الزُّبَير، به.

وحُنين: وادٍ من أودية مكة، يقع شرقَها بقرابة 30 كم، يسمَّى اليوم وادي الشرائع، وأعلاه الصَّدر؛ صدر حنين.

والجِعرانة: موضع شمال شرقيِّ مكة على نحو 29 كم منها.

ص: 452

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

2594 -

أخبرني أبو الحُسين محمد بن أحمد بن تَميم القَنْطري، حدثنا أبو قِلابة، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري، أخبرني عبد الله بن عِياض ابن الحارث الأنصاري، عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى هَوازِنَ فِي اثني عشر ألفًا، فقُتِل مِن أهل الطائف يومَ حُنين مثلُ مَن قُتِل يومَ بدر، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كَفًّا من حَصْباء فرَمَى بها وجوهَنا فانهَزَمنا

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2595 -

حدثنا مُكرَم بن أحمد القاضي، حدثنا عبد الله بن روح المدائني، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا المُستَلِم بن سعيد الثقفي، عن خُبيب بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده، قال: خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في بعض غَزَواته، فأتيتُه أنا ورجلٌ قبل أن نُسلِمَ، فقلنا: إنا نستحيي أن يشهد قومُنا مشهدًا ولا نشهدُ، فقال:"أسْلِما" قلنا: لا، قال:"فإنا لا نستعينُ بالمشركين على المشركين"، فأسلمْنا، وشهِدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتلتُ رجلًا وضربَني الرجلُ ضربةً، فتزوجتُ ابنتَه، فكانت تقول: لا عَدِمْتُ رجلًا

(1)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن عياض. أبو قِلابةَ: هو عبد الملك بن محمد الرَّقاشي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد، وعبد الله بن عبد الرحمن: هو ابن يعلى بن كعب الطائفي، وانفرد أبو قِلابةَ في روايته هنا بنسبة عبد الله بن عبد الرحمن وشيخه عبد الله بن عياض بأنهما أنصاريان، وخالفه سائر الرواة عن أبي عاصم، وخالفهم كذلك بتسمية جد عبد الله بن عياض بالحارث، ولم يسمِّه غيره.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 142 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد 2/ 143، والبخاري في "تاريخه الكبير" تعليقًا 7/ 19، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1588)، والطبراني في "الكبير" 17/ (1010)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5435) من طرق عن أبي عاصم، به.

وقد صحَّ منه ذكر رمي النبي صلى الله عليه وسلم المشركين بالحصباء حتى انهزموا في حديث العباس بن عبد المطلب، عند مسلم (1775). وفي حديث سلمة بن الأكوعَ عنده أيضًا (1777).

ص: 453

وَشَّحَك هذا الوِشاحَ، فقلت: لا عَدِمْتِ رجلًا عجَّل أباكِ إلى النار

(1)

.

هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه.

وخُبيب بن عبد الرحمن بن الأسود بن حارثة

(2)

جدُّه صحابي معروف.

وله شاهد عن أبي حُميد الساعدي:

2596 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا يوسف بن عيسى المروزي، حدثنا الفضل بن موسى السِّيْناني، عن محمد بن عمرو عن سعد

(3)

بن المنذر عن أبي حُميد الساعِدي، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا خَلَّف ثَنيّةَ الوَداع إذا كتيبةٌ، قال:"مَن هؤلاء؟ " قالوا: بني

(4)

قَينُقاع، وهو رَهْط عبد الله بن سَلَام، قال:"وأسلَمُوا؟ " قالوا: لا، بل هم على دينهم، قال:"قُل لهم فليَرجِعُوا، فإِنَّا لا نَستعينُ بالمشركين"

(5)

.

(1)

إسناده حسن إن شاء الله. وعبد الرحمن والد خُبَيب: هو ابن خُبَيب بن إساف، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وذُكر فيمن قتل يوم الحَرَّة.

وأخرجه أحمد 25 (15763) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

ويشهد لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نستعين بالمشركين" حديث عائشة عند مسلم (1817).

(2)

لم نجد للحاكم سلفًا في نسبة خبيب كما ساقه، والذي عليه أهل التراجم والرجال أنه خُبيب ابن عبد الرحمن بن خُبيب بن إساف - أو يساف - وقد جاء مقيَّدًا في بعض روايات الحديث كذلك، وقد نبه على ذلك الحافظُ ابن حجر في "الإصابة" 1/ 234.

(3)

في (ص): سعيد، وقد ذكر ذلك في اسمه أيضًا في بعض الروايات.

(4)

كذا جاء في (ز) و (ص) و (ع)، وكذلك هي رواية البيهقي في "سننه الكبرى" 9/ 37 عن أبي عبد الله الحاكم، والظاهر أنه منصوب بفعل مقدّر، وفي (ب) بنو، مرفوعًا على أنه خبر مبتدأ مقدّر، وكلاهما سائغ.

(5)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - ومن أجل سعد بن المنذر - وهو سعد بن المنذر بن أبي حميد الساعدي - وحسّنه الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية"(4263).

وأخرجه البيهقي 9/ 37 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =

ص: 454

2597 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيس، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن أبيه، عن المُرقَّع ابن صَيفيَّ بن ربَاح أخي حنظلة الكاتب، أنَّ جده رباحًا أخبره: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوةً كان على مُقدِّمتِه فيها خالد بن الوليد فمرَّ ربَاحٌ وأصحابُه على امرأة مقتولةٍ ممّا أصاب المقدِّمةُ، فوقَفوا عليها يتعجّبون من خَلْقِها، حتى لَحِقهم رسولُ الله صلى الله عليه سلم ففرّجوا له، حتى نظر إليها، فقال:"ها، ما كانت هذه تُقاتِلُ"، ثم نظر في وجوه القوم، فقال لأحدهم:"الحَقْ بخالدِ بن الوليد، فلا يَقتُلَنَّ ذُرِّيةً ولا عَسِيفًا"

(1)

.

= وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 2/ 45، وإسحاق بن راهويه، كما في "المطالب العالية"(4263)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2068)، وابن المنذر في "الأوسط"(6165)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2580)، والطبراني في "الأوسط"(5142)، وأبو بكر الحازمي في "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" ص 218 - 219 من طرق عن الفضل بن موسي، به.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل إسماعيل بن أبي أُوَيس - وهو إسماعيل بن عبد الله - ومن أجل عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، وقد توبعا. والمرقَّع هذا قال عنه يحيى بن سعيد الأنصاري: كان رجلًا مَرضيًّا، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه الذهبي.

وأخرجه أحمد 25/ 15993 و 29 / (17612) عن إبراهيم بن أبي العباس، و 25/ (15994) و 29/ (17611) عن حسين بن محمد، كلاهما عن عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 25 (15992) و 31 / (19043) و (19044)، وابن ماجه (2842 م)، والنسائي (8572)، وابن حبان (4789) من طريق المغيرة بن عبد الرحمن الحِزامي، عن أبي الزِّناد، به. وإسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 25/ (15995) و 31/ (19042) عن عبد الرزاق، عن ابن جُرَيج: أُخبِرت عن أبي الزِّناد، به. وهو منقطع.

وأخرجه أحمد 29/ (17610)، وابن ماجه (2842)، والنسائي (8573)، وابن حبان (4791) من طريق سفيان الثَّوري، عن أبي الزِّناد، عن المرقع بن صيفي، عن حنظلة الكاتب أخي رباح ابن الربيع التميمي. وجزم ابن أبي شيبة فيما نقله عنه ابن ماجه والبخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 314 وغيرهما بأنَّ سفيان وهم فيه. وصحَّح ابن حبان الروايتين. =

ص: 455

وهكذا رواه المغيرة بن عبد الرحمن وابن جُرَيج عن أبي الزِّناد، فصار الحديث صحيحًا على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2598 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبيد الله بن المُنادي، حدثنا يونس بن محمد ابنُ المؤدِّب، حدثنا أبان بن يزيد عن قَتَادة، عن الحسن، عن الأسود بن سَريع: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثَ سريةً يومَ حُنين

(1)

فقاتَلُوا المشركين، فأفضى بهم القتلُ إلى الذُّرِّية، فلما جاؤوا قال النبي صلى الله عليه وسلم "ما حَمَلَكم على قتل الذُّرِّية؟ " قالوا: يا رسول الله، إنما كانوا أولادَ المشركين، قال:"وهل خيارُكم إلَّا أولادُ المشركين؟ والذي نفسُ محمدٍ بيَدِه ما من نَسَمَةٍ تُولد إلَّا على الفِطْرة، حتى يُعرِبَ عنها لِسانُها"

(2)

.

= وأخرجه أبو داود (2669)، والنسائي (8571) من طريق عمر بن مُرقَّع، عن أبيه، عن جده. وإسناده صحيح.

والذُّرِّية: اسم يجمع نَسْلَ الإنسان من ذكر أو أنثى.

والعسيف: الأجير أو المملوك المُستهان به.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: خيبر، وضبب عليها في (ز)، والمثبت كما جاء في رواية البيهقي في "الكبرى" 9/ 130 عن أبي عبد الله الحاكم، وهو الصواب، كما يدلُّ عليه رواية أحمد عن يونس ابن محمد المؤدِّب. وكما يدلُّ عليه قول الصَّعْب بن جثَّامة عند ابن حبان (4787) في حديثه الذي قال فيه: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين، أن نقتلهم معهم، قال: نعم، فإنهم منهم، ثم نهى عنهم يوم حُنين. وقال الحافظ في "الفتح" 9/ 270: ويؤيد كون النهي في غزوة حنين حديث رياح بن الربيع -كذلك ضبطه الحافظ بالتحتانية، بدل الباء، وحديثه تقدَّم عند المصنف هنا قبل هذا- فقال فيه لأحدهم:"الحق خالدًا فقل له: لا تقتل ذُّرّية ولا عسيفًا" وخالد أول مشاهده مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة الفتح، وفي ذلك العام كانت غزوة حنين.

(2)

رجاله ثقات، وقد اختُلف في سماع الحسن -وهو البصري- من الأسود بن سَريع، فقد نفى سماعَه منه عليُّ بن المديني في "علله"(63)، ويحيى بن معين في رواية العباس الدُّوري عنه (4094)، وأبو داود في "سؤالات الآجري" له (727)، وابن مَنْدَه في "معرفة الصحابة" 1/ 186، =

ص: 456

2599 -

حدَّثَناه أبو بكر محمد بن المؤمَّل بن الحَسَن

(1)

، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا عمرو بن عَون، حدثنا هُشَيم، أخبرنا يونس بن عُبَيد، عن الحسن، قال: حدثنا الأسودُ بن سَريع، قال: كنا في غزوة لنا، فذكر الحديثَ بنحوه

(2)

.

حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2600 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا الفضل بن

= والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 4/ 566، ونفاه أحمد بن حنبل في "مسائل أبي داود" له (2042) ظنًّا، فقال: ما أُرى سمع منه الحسن.

قلنا: وخالفهم آخرون، فصحح سماعَه منه جماعة منهم الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1396)، وابن حبان في "صحيحه"(132)، وابن عبد البر في "التمهيد" 18/ 68، وضياء الدين المقدسي في "المختارة"(1444)، وهو ما مال إليه البخاري فيما يظهر، حيث أورد في تاريخَيه "الكبير" و "الأوسط" في ترجمة الأسود بن سَريع عدةَ طرق لهذا الخبر صرَّح فيها الحسن بسماعه من الأسود، ووقع تصريحه بسماعه منه في الرواية التالية عند المصنِّف، وهي من طريق يونس ابن عبيد عن الحسن البصري، وقد روى قِطعًا من هذا الخبر عن الحسن جماعةٌ، وقع في رواية بعضهم كذلك تصريحُ الحسن بسماعه من الأسود، وهم السَّريّ بن يحيى وعوفٌ الأعرابي ومُبارك ابن فَضَالة والأشعث الحُمْراني، فالله تعالى أعلم.

وأخرجه أحمد 24/ (15588) عن يونس بن محمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (26/ 16303)، وابن حبان (132) من طريق السَّرِي بن يحيى، عن الحسن البصري، به.

وتابعه يونس بن عبيد في رواية هُشَيم عنه، كما جاء في الطريق التالية عند المصنف، وأشعث ابن عبد الملك الحُمْراني عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1396).

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الحسين، وجاء على الصواب في سائر مواضع رواياته في "المستدرك".

(2)

رجاله ثقات كسابقه.

وأخرجه النسائي (8562) عن زياد بن أيوب، عن هُشَيم بن بشير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (24/ 15589) عن إسماعيل ابن عُليَّة، عن يونس بن عبيد، به. لكن لم يُصرِّح فيه الحسنُ بسماعه من الأسود.

ص: 457

عبد الجبار، حدثنا النَّضر بن شُميل، أخبرنا شعبة.

وأخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، عن عبد الملك بن عُمير، عن عطية القُرظي، قال: عُرضتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قريظة، فشَكُّوا فيَّ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُنظر إليَّ هل أَنبَتُّ؟ فنظروا إلىَّ، فلم يجدوني أنبتُّ، فخلَّى عني والحقَني بالسَّبْي

(1)

.

حديث رواه جماعة من أئمة المسلمين عن عبد الملك بن عُمير، ولم يُخرجاه، وكأنهما لم يتأمّلا متابعة مجاهد بن جَبْر عبدَ الملك على روايته عن عطية القُرَظي.

2601 -

كما حدَّثَناه أبو العبَّاس محمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب وأخبرني ابن جُرَيج وابن عُيينة، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، عن عطيةَ رجلٍ من بني قُريظة أخبره: أنَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جَرَّدُوه يوم قُريظة فلم يَرُوا المَوَاسي جَرَتْ على شعره - يعني عانَتَه - تركوه مِن القتل

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 31/ (18776)، وأبو داود (4404)، وابن ماجه (2541)، والترمذي (1584)، والنسائي (8567) من طريق سفيان الثَّوري، وأحمد 32/ (19421) و 37/ (22659)، وابن حبان (4780) من طريق هُشَيم بن بشير، وأبو داود (4405)، والنسائي (8566)، وابن حبان (4783) من طريق أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري وابن حبان (4781) و (4788) من طريق جرير بن عبد الحميد، كلهم عن عبد الملك بن عمير، به.

وسيأتي عند المصنف برقم (4380) من طريق حماد بن سلمة، وبرقم (8372) من طريق سفيان ابن عُيينة، كلاهما عن عبد الملك.

وسيأتي قبله برقم (8371) من طريق مجاهد، عن عطية القرظي.

(2)

إسناده صحيح، وقد سمع مجاهد من عطية هذا الخبر، كما صرَّح بذلك عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(5534). ابن وهب هو عبد الله، وابن جُرَيج هو عبد الملك بن عبد العزيز، وابن عُيينة: هو سفيان، وابن أبي نجيح: هو عبد الله.

وأخرجه النسائي (8565) عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن ابن جُرَيج وحده، بهذا الإسناد.

ص: 458

فصار الحديث بمتابعة مجاهد صحيحًا على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2602 -

أخبرَناه أبو جعفر أحمد بن عُبيد الأسدي الحافظ بَهَمذان، حدثنا إبراهيم ابن الحسين بن دِيْزِيل، حدثنا إسحاق بن محمد الفَرْوي وإسماعيل بن أبي أُوَيس، قالا: حدثنا محمد بن صالح التمار، عن سعد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن أبيه: أنَّ سعد بن معاذ حَكَم على بني قُريظة أن يُقتل منهم كلُّ مَن جَرَت عليه المُوسَى، وأن تُقْسَم أموالُهم وذَراريُّهم، فذُكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"لقد حَكَمَ اليومَ فيهم بحُكم الله الذي حَكَمَ به من فوقِ سبع سماوات"

(1)

.

2603 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا علي بن الحسن الهِلالي، حدثنا أبو مَعمَر عبد الله بن عمرو، حدثنا عبد الوارث، حدثنا محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عُتبة، عن مسلم بن عبد الله بن خُبيب، عن جُندب بن مَكِيث، قال: بعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عبدَ الله بن غالب الليثيَّ في سريّة، وكنتُ فيهم، وأمَرهم أن

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه على سعد بن إبراهيم -وهو ابن عبد الرحمن بن عوف- فرواه محمد بن صالح التمار عنه، كما وقع عند المصنف، ورواه شعبة بن الحجاج عنه عن أبي أمامة بن سهل بن حُنيف عن أبي سعيد الخُذري، وخطّأ أبو حاتم فيما نقله عنه ابنُه في "العلل"(971) روايةَ محمد بن صالح التمار، وصوّب هو والدارقطني في "العلل"(605) رواية شعبة، وذكر البخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 291 بأنَّ رواية شعبة أصح، لكن صحَّح الذهبي في "العلو"(62) حديثَ محمد بن صالح التمار، وقال ابن كثير في "تحفة الطالب بمعرفة أحاديث ابن الحاجب" (352): إسناده جيد، وقال ابن حجر في "الفتح" 12/ 279: رواية شعبة أصح، ويحتمل أن يكون لسعد بن إبراهيم فيه إسنادان.

وأخرجه النسائي (5906) من طريق أبي عامر عبد الملك بن عمرو العَقَدي، عن محمد بن صالح التمار، بهذا الإسناد. وأورد قبله رواية شعبة، ولم يرجّح بينهما.

وأخرجه أحمد 17 / (11168) و (11170) و (11171) و 18/ (11680)، والبخاري (3043) و (3804) و (4121) و (6262)، ومسلم (1768)، وأبو داود (5215)، والنسائي (5905) و (8165) و (8625)، وابن حبان (7026) من طرق عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي أمامة بن سهل، عن أبي سعيد الخُدْري.

ص: 459

يشُنُّوا الغارةَ على بني المُلوِّح بالكَدِيد، فخرجنا حتى إذا كنا بالكَدِيد لَقِيْنا الحارثَ ابن البَرْصاء الليثيَّ، فأخذناه، فقال: إنما جئتُ أريدُ الإسلامَ، وإنما خرجتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: إن تكن مُسلمًا لم يضُرَّك رباطنا يومًا وليلةً، وإن تكن غيرَ ذلك نَستَوثِق منك، فَشَدَدْناه وَثَاقًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2604 -

أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان الجَلّاب بهمذان، حدثنا هلال بن العلاء الرَّقي، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن عمرو بن مُرَّة، عن إبراهيم قال: أراد الضحاك بن قيس أن يستعمل مسروقًا، فقال له عُمارة بن عُقبة: أتستعمل رجلًا من بقايا قَتَلةِ عثمان؟ فقال له مسروق: حدثنا عبد الله ابن مسعود - وكان في أنفُسنا موثوقَ الحديث - أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد قتلَ أبيك قال: مَن للصِّبْية؟ قال: "النارُ"، قد رضيتُ لك ما رضِيَ لك رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(1)

إسناده حسن إن شاء الله، وقد حسَّنه الحافظ في "الإصابة" 5/ 316 في ترجمة غالب بن عبد الله الليثي، ومسلم بن عبد الله بن خُبيب -وإن لم يرو عنه غير يعقوب بن عتبة- هو أحد ولد عبد الله بن خُبيب الصحابي، ولا يُعرف فيه جَرحة.

ولا تُعرف صحبة جُندب بن مكيث إلَّا بهذا الإسناد، وأسانيد أخرى واهية عند الواقدي، ومع ذلك جزم بصحبته كلُّ من ألف في الصحابة، وكذا جزم بصحبته أبو حاتم كما في"الجرح والتعديل" لابنه، والذهبي في "التجريد" و "الكاشف"، وغيرهما.

وقد صرَّح محمد بن إسحاق بسماعه عند ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 609، وعند غيره.

وأخرجه أبو داود (2678) عن أبي معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 25/ (15844) عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق، به.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل هلال بن العلاء الرَّقِّي، وهو متابع، وإبراهيم -وهو ابن يزيد النخعي - روايته عن مسروق - وهو ابن الأجدع - معروفة، فالظاهر أنه سمع هذا الخبر منه، وإن كان صورته الإرسال والله تعالى أعلم. عبد الله بن جعفر: هو الرَّقِّي.

وأخرجه أبو داود (2686) عن علي بن الحسين الرَّقِّي، عن عبد الله بن جعفر، بهذا الإسناد.

ص: 460

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2605 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا أبو المثنَّى ومحمد بن غالب، قالا: حدثنا عبد الرحمن بن المبارك العَيْشي، حدثنا سفيان بن حبيب، حدثنا شعبة، عن أبي العَنْبَس، عن أبي الشَّعْثاء، عن ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جعل فِداءَ أهلِ الجاهلية يومَ بدرٍ أربعَ مئةٍ

(1)

.

(1)

إسناده حسن وأبو العَنْبَس سواء كان الكوفي الأكبر الذي قيل في اسمه: عبد الله بن مروان، وقيل: لا يُعرف اسمه، أو كان الحارث بن عُبيد جد يونس بن بكير، فكلاهما يروي عنه شعبة ومسعر، وكلاهما قال عنه الذهبي في "تاريخ الإسلام": صدوق، والله تعالى أعلم.

وأخرجه أبو داود (2691)، والنسائي (8607) من طريق عبد الرحمن بن المبارك العَيْشي، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (2653) من طريق أبي بحر البكراوي عن شعبة.

وجاء عن ابن عباس من وجه آخر عند عبد الرزاق في "مصنفه"(9394)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(12154) عن معمر، عن قتادة، قال معمر: وأخبرني عثمان الجزري، عن مقسم، عن ابن عباس قال: فادى النبي صلى الله عليه وسلم بأُسارى بدر، فكان فداء كل واحد منهم أربعة آلاف. وإسناده محتمل للتحسين.

ومثله عن عكرمة مولى ابن عباس مرسلًا، عند ابن سعد في "الطبقات" الكبرى" 2/ 23، ورجاله ثقات.

ومثله عن عباد بن عبد الله بن الزُّبَير مرسلًا أيضًا في ذكر فداء المطلب بن أبي وداعة لأبيه، عند ابن إسحاق في "السيرة" كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 648 - 649، ورواه الطبراني في "الكبير"(14828) موصولًا بذكر عبد الله بن الزُّبَير، لكن الأصح إرساله كما جاء في "سيرة ابن هشام"، ورجاله لا بأس بهم. لكن جاءت الأربعة الآلاف في هذه الرواية مقيَّدة بالدرهم.

وبه يتضح الجمع بين رواية الأربع مئة وبين رواية الأربعة آلاف، بأنَّ الأربع مئة بالدينار وهي تساوي أربعة آلاف درهم، والله أعلم.

على أنَّ غير واحد من أهل السير قد ذكر أنَّ فداء أُسارى بدر كان متفاضلًا، منهم موسى ابن عقبة عند البيهقي في "الدلائل" 3/ 142، وكذلك قال عكرمة في مرسله الذي قدَّمناه، فقد قال فيه: بلغ فداء أهل بدر يومئذ أربعة آلاف فما دون ذلك حتى إن كان الرجل يحسن =

ص: 461

صحيح على شرطهما، ولم يُخرجاه.

2606 -

حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل من أصل كتابه، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا شُعبة، عن الحَكَم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي، قال: أمرَني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع أخوَين من السَّبْي فبعْتُهما

(1)

، ثم أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه بِبَيعهما، فقال:"فَرَّقْتَ بينهما؟ " قلت: نعم، قال:"فارتجِعْهما، ثم بِعْهما ولا تُفرّق بينهما"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وله إسناد آخر عن الحكم بن عتيبة صحيح أيضًا على شرطهما.

2607 -

حدثنا علي بن عيسى، حدثنا مُسدَّد بن قطن، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا عبد السلام بن حَرْب، عن يزيد بن عبد الرحمن، عن الحَكَم، عن ميمون بن أبي شَبيب، عن عليٍّ: أنه فَرَّق بين جاريةٍ وولدِها، فنهاهُ النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ورَدَّ البيعَ

(3)

.

2608 -

أخبرني أبو عبد الله أحمد بن قانِع قاضي الحرمَين ببغداد، حدثنا

= الخطّ فُودِي على أن يُعلّم الخط. وأخرجه عنه أيضًا أبو عبيد في "الأموال"(309)، بلفظ: كان فداء أُسارى بدر مختلفًا، وكان منهم من فداؤه أن يُعلِّم غلمان الكُتّاب، أو قال: يعلِّم الغلمانَ الكِتاب.

ومثله عن الشعبي عند أبي عبيد في "الأموال"(308)، وابن سعد في "الطبقات" 2/ 20.

وممّا يؤيده أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من العبّاس بن عبد المطلب يومئذ عشرين أوقيَّة كما سيأتي عند المصنف برقم (5496)، وإسناده حسن. والأوقية: أربعون درهمًا.

(1)

لفظ "فبعتهما" من (ب) وحدها.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، وهو مكرر الحديث المتقدم برقم (2362). وانظر ما بعده.

(3)

إسناده ضعيف لانقطاعه. وقد سلف برقم (2363).

وانظر ما تقدم برقم (2386).

ص: 462

أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحَرَّاني، حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحَرّاني

(1)

، حدثنا محمد بن سلمة الحَرّاني، عن محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن منصور بن المعتمِر، عن رِبْعي بن حِراش، عن علي بن أبي طالب، قال: خرج عبْدانٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحُديبيَةِ قبل الصُّلْح، فكتب إليه مَوالِيهم، قالوا: يا محمد، والله ما خَرَجوا إليك رَغْبةً في دينك، وإنما خرجوا هِرابًا من الرِّقِّ، فقال ناسٌ: صدقوا يا رسول الله، رُدَّهم إليهم، فغَضِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما أُراكم تَنْتَهون يا معشرَ قريش، حتى يبعثَ الله عليكُم مَن يضربُ رقابَكم على هذا" وأبَى أن يرُدَّهم، فقال:"هُم عُتقاءُ الله"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2609 -

أخبرَنا أبو جعفر محمد بن علي الشيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، حدثنا عُبيد الله بن موسى بن موسى، أخبرنا بَشير بن مُهاجِر، عن عبد الله بن بُريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما نَقَضَ قومٌ العهدَ قَطُّ إِلَّا كان القتلُ بينَهم، ولا ظهرتِ الفاحشةُ في قوم قَطُّ، إلَّا سلَّط الله عليهم الموتَ، ولا منعَ قومٌ الزكاةَ، إلَّا حَبَس الله عنهم القَطْرَ"

(3)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الخولاني، ولا يُعرف ذلك في نسبته، وإنما المعروف أنه البكائي مولاهم، وبنو البكاء هم بنو ربيعة بن عامر بن صعصعة، وهو من بلد حَرّان.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن لولا عنعنة محمد بن إسحاق، لكن تابعه شريك النخعي، فتُغتفر عنعنتُه هنا.

وأخرجه أبو داود (2700) عن عبد العزيز بن يحيى الحراني، بهذا الإسناد.

وسيأتي بنحوه من طريق شريك النخعي عن منصور بن المعتمر برقم (2647) و (8013).

وانظر ما تقدَّم برقم (2591).

(3)

حسن لغيره، وهذا إسناد وهم فيه بشير بن مُهاجر، وهو ليس بالقوي يخالف في بعض حديثه ويأتي بما يُنكر عليه، وقد خالفه في هذا الحديث الحسين بن واقد المروزي، وهو من أخص أصحاب عبد الله بن بُريدة، فرواه عن ابن بريدة عن عبد الله بن عباس، من قوله موقوفًا عليه. =

ص: 463

صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2610 -

حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجيَة، حدثنا أبو كُريب، حدثنا أبو معاوية، حدثنا أبو إسحاق الشَّيباني، عن محمد ابن أبي المُجالِد، عن عبد الله بن أبي أَوفى قال: قلتُ: هل كنتم تخمِّسون الطعامَ في

= قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل"(630) و (2773): وهو أشبه، وذكر بأنَّ رواية بشير ابن مهاجر وهمٌ. قلنا: ذلك فقد حسَّن إسناد رواية بشير هذه الحافظُ ابن حجر في "المطالب العالية"(2033)، وجوَّده في "فتح الباري" 17/ 536 - 537.

وقد روي من طريق الفُضيل بن غزوان، عن عبد الله بن بُريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"ما منع قوم الزكاة إلّا ابتلاهم الله بالسِّنين"، والسِّنون: القحط والجُدوبة عامًا بعد عام. فهذا ما صحَّ عن بُريدة من الحديث، فدلَّ على أنَّ عبد الله بن بريدة روى عن أبيه هذا القدر من الحديث فقط باللفظ المذكور، وروى عن ابن عباس موقوفًا عليه الرواية بطولها، فوهم بشير بن مهاجر حيث جعل ما رواه عبد الله بن بريدة عن ابن عباس موقوفًا، من رواية ابن بريدة عن أبيه مرفوعًا، وعلى أي حال فللحديث شواهد يحسن بها.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 9/ 231 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ (950) و (2033)، والبزار (4463)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير"، وأبو بكر الروياني في "مسنده" كما في "المطالب" أيضًا، وابن المنذر في "الأوسط"(6289)، وابن أبي حاتم الرازي في "العلل"(2773)، والبيهقي في "السنن" 3/ 346 و 9/ 231، وفي "شعب الإيمان"(3040) من طرق عن عبيد الله بن موسي، به.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 3/ 346، وفي "الشُّعب"(3039) من طريق الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، عن ابن عباس قوله موقوفًا عليه.

وأخرج الطبراني في "الأوسط"(4577) و (6788)، وأبو عبد الله ابن مَنْدَهْ في "مجالس من أماليه"(145)، وتمام الرازي في "فوائده" (940) من طريق الفضيل بن غزوان. ووقع عند الطبراني في الموضع الأول: الفضيل بن مرزوق، وابن غزوان أصح -عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منع قوم الزكاة إلّا ابتلاهم الله بالسنين". وإسناده حسن.

ويشهد للحديث بطوله حديث ابن عمر الآتي عند المصنف برقم (8837)، وإسناده جيد.

ص: 464

عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أصبْنا طعامًا يوم خيبر، وكان الرجل يجيءُ فيأخذُ منه بمِقدار ما يكفيه، ثم ينصرفُ

(1)

.

صحيح على شرط البخاري، فقد احتجَّ بمحمد بن أبي المجالد وعبد الله بن أبي المجالد جميعًا، ولم يُخرجاه.

2611 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الصَّنْعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عَبّاد الصَّنْعاني، أخبرنا عبد الرزاق.

وأخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ بنَيسابُور وأبو بكر أحمد بن جعفر القَطِيعي ببغداد، قالا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن قَتَادة، عن الحسن عن أبي بَكْرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"رِيحُ الجنة لَتُوجدُ من مَسِيرة مئة عامٍ، وما مِن عبد يَقتُل نفسًا مُعاهَدَةً إِلَّا حَرَّم الله عليه الجنةَ ورائحتَها أن يَجِدَها". قال أبو بكرة: أصمَّ اللهُ أُذني إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

وله شاهد عن عبد الله بن عَمرو بإسناد صحيح:

2612 -

أخبرَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا الحسين بن إدريس

(1)

إسناده صحيح. أبو كريب: هو محمد بن العلاء، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، وأبو إسحاق الشَّيباني: هو سليمان بن أبي سليمان.

وأخرجه أبو داود (2704) عن أبي كريب محمد بن العلاء، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (2633) من هُشَيم بن بَشير عن أبي إسحاق الشَّيباني وأشعث بن سَوَّار.

(2)

إسناده صحيح. الحسن: هو البصري.

وهو في "مسند أحمد"(34/ 20469)، لكنه قال فيه: عن قتادة وغير واحد.

وقد تقدم برقم (134)(135) من طريق يونس بن عبيد عن الحسن البصري.

وبرقم (136) من طريق الأشعث بن ثُرْمُلة عن أبي بَكرة.

وسيأتي برقم (2663) من طريق عبد الرحمن بن جَوشَن عن أبي بَكرة.

ص: 465

الأنصاري، حدثنا علي بن مسلم الطُّوسي، حدثنا مروان بن معاوية الفَزَاري، أخبرنا الحسن بن عمرو الفُقَيمي، حدّثنا مجاهد، عن جُنادة بن أبي أُميّة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قَتَل قَتِيلًا من أهل الذِّمَّة، لم يَرَحْ رِيحَ الجنة، وإنَّ ريحَها لَتُوجدُ مِن كذا وكذا"

(1)

.

صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

وله شاهد من حديث أبي هريرة صحيح على شرط مسلم:

2613 -

حدَّثَناه أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدّثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدّثنا نصر بن علي الجَهْضَمِي، حدثنا مَعْدِي بن سليمان، حدثنا ابن عَجْلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا مَن قتل معاهَدًا له ذِمّةُ الله وذِمّةُ رسولِه، فقد خَفَرَ

(1)

إسناده صحيح. وقد اختُلف فيه على الحسن بن عمرو الفُقيمي، فرواه عنه مروان بن معاوية الفزاري كما وقع عند المصنف هنا، وخالفه عبد الواحد بن زياد وعبد الرحمن بن مَغْراء وأبو معاوية الضرير، فرووه عن الحسن بن عمرو، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، دون ذكر جنادة بن أبي أمية في إسناده. وقد صوَّب الدارقطني في "التتبع" رواية مروان بن معاوية، لكن قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 9/ 499 ردًّا على الدارقطني: لكن سماع مجاهد من عبد الله بن عمرو ثابت، وليس هو بمدلّس، فيحتمل أن يكون مجاهد سمعه أولًا من جنادة، ثم لقي عبد الله بن عمرو، أو سمعاه معًا وثبَّته فيه جنادة، فحدّث به عن عبد الله بن عمرو تارة، وحدَّث به عن جنادة أُخرى.

وأخرجه أحمد (11/ 6745) عن إسماعيل بن محمد المعَقِّب، والنسائي (6926) و (8689) عن عبد الرحمن بن إبراهيم دُحيم، كلاهما عن مروان بن معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (3166) و (6914) من طريق عبد الواحد بن زياد، وابن ماجه (2686) من طريق أبي معاوية الضرير، كلاهما عن الحسن بن عمرو، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو. دون ذكر جنادة بن أبي أمية.

وتابعهما عبد الرحمن بن مَغْراء عند البزار (2373).

وقوله: "لم يَرَحْ ريح الجنة" أي: لم يَشَمَّ ريحها، يقال: راح يَرَاح، وراح يَريح، وأراح يُراح.

وذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/ 499 عن ابن التين قوله: الأول أجود، وعليه الأكثر.

ص: 466

ذِمّةَ الله، ولا يَرَحْ

(1)

ريحَ الجنةِ، وإنَّ ريحها لتُوجدُ من مسيرةِ سبعين خَرِيفًا"

(2)

.

2614 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد وبِشر بن المفضَّل، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبّان، عن أبي عَمْرة، عن زيد بن خالد الجُهَني: أنَّ رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تُوفي يومَ خيبر

(3)

فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"صلُّوا على صاحبِكم"، فتغيَّر وجوهُ الناسِ لتلك، فقال:"إنَّ صاحبَكم غَلَّ في سبيل الله"، ففتَّشْنا متاعَه فوجدنا خَرَزًا من خَرَز اليهود لا يُساوي درهمين

(4)

.

(1)

كذلك جاءت الرواية بسكون آخر الفعل، مع أنَّ حرف "لا" هنا حرف نفي لا حرف نهي لزامًا، وذلك مستعمل في فصيح الكلام تخفيفًا، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا"، ومنه قراءة أبي عمرو بن العلاء لقوله تعالى:(وما يُشعِرْكُم)[الأنعام: 109] بسكون الراء، مع أنه لا جازم قبل الفعل، وذلك على إسكان المرفوع تخفيفًا. انظر "المحتسب" لابن جني 1/ 227، و"الدر المصون" للسمين الحلبي 5/ 17.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف معدي بن سليمان، لكن روي الحديث من وجه آخر صحيح عن أبي هريرة. ابن عجلان: هو محمد.

وأخرجه ابن ماجه (2687)، والترمذي (1403) عن محمد بن بشار، عن معدي بن سليمان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(8011)، وأبو بكر الإسماعيلي في "معجم شيوخه" 3/ 725، وحمزة بن يوسف السهمي في "تاريخ جرجان" ص 323 من طريق محمد بن مهران الجمّال، عن عيسى بن يونس السَّبيعي، عن عوف الأعرابي، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة. لكن لفظه عندهم:"مسيرة مئة عام".

(3)

تحرَّف في (ز) و (ب) و (ع) إلى: حنين، والصواب من (ص) ومصادر التخريج.

(4)

إسناده حسن كما بيناه عند الرواية المتقدمة برقم (1362). يحيى بن سعيد شيخ مُسدَّد: هو القطان، وشيخ القطان: هو ابن قيس الأنصاري.

وأخرجه أبو داود (2710) عن مُسدَّد، وابن حبان (4853) عن الفضل بن الحُبَاب، عن مُسدَّد، بهذا الإسناد. لكن لم يذكر الفضل في روايته بشر بن المفضل.

وأخرجه أحمد (36/ 21675) عن يحيى بن سعيد القطان، والنسائي (2097) عن عُبيد الله =

ص: 467

حديث صحيح على شرط الشيخين، وأظنهما لم يخرجاه.

2615 -

أخبرنا أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا محبُوب بن موسى، أخبرنا أبو إسحاق الفَزَاري، عن عبد الله بن شَوْذَب، حدثني عامر بن عبد الواحد، عن عبد الله بن بُريدة، عن عبد الله بن عَمرو، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غَنيمةً أمر بلالًا فنادى في الناس، فيَجيئون بغنائمِهم، فيُخمِّسُه ويَقسِمُه، فجاء رجلٌ بعد ذلك بزِمَام من شَعر، فقال: يا رسول الله، هذا فيما كنّا أصَبْناه من الغنيمة، قال:"أسمعتَ بلالًا نادى ثلاثًا؟ " قال: نعم، قال:"فما مَنَعَك أن تجيءَ به؟ " قال: يا رسول الله، فاعتَذَرَ، قال:"كُنْ أَنتَ تَجيءُ به يومَ القيامة، فلن أقبَلَه عنكَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2616 -

حدثنا علي بن عيسى، حدثنا أحمد بن نَجْدة القرشي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد العزيز بن محمد، حدثني صالح بن محمد بن زائدة، قال: دخل مَسلَمةُ أرضَ الروم، فأُتي برجل قد غَلّ، فسأل سالمًا عنه، فقال: سمعتُ أبي يحدّث

= ابن سعيد السَّرْخَسي، عن يحيى بن سعيد القطان، به.

(1)

إسناده حسن من أجل عامر بن عبد الواحد: وهو البصري الأحول. أبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث، صاحب "السير".

وأخرجه أبو داود (2712) عن أبي صالح محبوب بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (4809) و (4858) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن سهم، عن أبي إسحاق الفزاري، به.

وأخرجه أحمد (11/ 6996) من طريق عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن شوذب، به.

وسيأتي برقم (2650) من طريق أيوب بن سويد عن عبد الله بن شوذب.

والزِّمَام: خِطام الدابّة.

وقال الطيبي في "شرح المشكاة" 9/ 2771: هذا واردٌ على سبيل التغليظ، لا أنَّ توبته غير مقبولة، ولا أنَّ المظالم على أصحابها أو الاستحلال منهم غير ممكن.

ص: 468

عن عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا وجدتُم الرجلَ قد غَلَّ فأحرِقُوا مَتاعَه واضرِبُوه"، قال: فوجدنا في مَتاعِه مُصحفًا، فسُئل سالمٌ عنه، فقال: بِعْهُ وتَصدَّقُ بثمنِه

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده ضعيف لضعف صالح بن محمد بن زائدة، فقد قال عنه البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "جامعه" بإثر الحديث (1461): هو منكر الحديث، وقال الترمذي عن حديثه هذا: حديث غريب. قلنا: ورواه صالح بن محمد هذا بسياقة أخرى عند أبي داود (2714) من طريق أبي إسحاق الفزاري، عنه: أنهم غزوا مع الوليد بن هشام، ومعهم سالم بن عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز، فغلَّ رجلٌ متاعًا، فأمر الوليد بمتاعه فأُحرق، وطيفَ به، ولم يُعطه سهمَه. وقال أبو داود بإثره: هذا أصح الحديثين.

وتابعه الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف"(6763)، لكنه جعل الوهم فيه من عبد العزيز بن محمد - وهو الدَّراوَردي - والأليق أن يكون الوهم فيه من صالح بن محمد نفسه كما أشار إليه الدارقطني والمنذري كما في "مختصر سنن أبي داود" 4/ 40، وبيان ذلك أن يكون اضطرب في ذكر القصة. ولم يضبط الرواية، فجعل ذكر الإحراق لمتاع الغالّ مرة مرفوعًا، ومرة مقطوعًا من فعل الوليد بن هشام. ومسلمة المذكور: هو ابن عبد الملك بن مروان.

وأخرجه أبو داود (2713) عن سعيد بن منصور، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود أيضًا (2713) عن عبد الله بن محمد النُّفيلي، والترمذي (1461) عن محمد بن عمرو السَّواق، كلاهما عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، به.

وقال البخاري فيما نقله عنه الترمذي: وقد روي في غير حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الغالّ، فلم يأمر فيه بحرق متاعه.

وانظر لزامًا كلام محمد بن الحسن الشَّيباني في "السير الكبير" 4/ 1206 - 1211.

وفي الباب عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر حرقوا متاعَ الغالِّ وضربوه. وسيأتي عند المصنف برقم (2624)، وإسناده ضعيف.

ص: 469

‌كتاب قَسم الفَيْء

والأصلُ فيه من كتاب الله عز وجل.

2617 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا هارون بن سليمان الأصبهاني، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدثنا سفيان الثَّوْري، عن قيس بن مُسلم

(1)

، قال: سألت الحسن بن محمد عن قول الله تبارك وتعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41]، قال: هذا مِفتاحُ كلامٍ، للهِ

(2)

تعالى ما في الدنيا والآخرة، قال: اختلف الناسُ في هذين السهمَين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال قائلون: سَهْمُ القُربَى لقَرابة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال قائلون: لقَرابة الخليفة، وقال قائلون: سهمُ النبي صلى الله عليه وسلم للخليفة مِن بعده، فاجتمع رأيُهم على أن يجعلوا هذين السهمَين في الخيل والعُدَّة في سبيل الله، فكانا على ذلك في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

(3)

.

2618 -

حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا يعقوب بن يوسف القَزْويني، حدثنا محمد بن سعيد بن سابِق، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن مُطرِّف، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: سمعت عليًّا يقول: ولَّاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خَمْسَ الخُمس، فوضعتُه

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: محمد، والمثبت على الصواب من رواية البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 338 عن أبي عبد الله الحاكم، وفاقًا لسائر مصادر التخريج التي خرَّجت هذا الخبر.

(2)

وقع في (ص) و (ع): مفتاح كلام الله، بإضافة لفظ الجلالة إلى لفظة "كلام"، والمثبت من (ز) و (ب) وهو الصحيح، كما جاء في رواية البيهقي عن أبي عبد الله الحاكم، على الاستئناف.

(3)

إسناده صحيح إلى الحسن بن محمد: وهو ابن علي بن أبي طالب، المعروف أبوه بابن الحنفية، لأنَّ أمَّه من بني حنيفة.

وأخرجه النسائي (4429) من طريق أبي إسحاق الفَزَاري، عن سفيان الثَّوري، به.

وقد جاء في رواية النسائي بيان المراد بالسهمين المذكورين بأنهما سهم الرسول صلى الله عليه وسلم وسهم ذوي القُربى.

ص: 470

مَواضِعَه حياةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2619 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو حذيفة وأبو نُعيم، قالا: حدثنا سفيان، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كانت صفيَّةُ من الصَّفِيّ

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

(1)

حديث حسن، أبو جعفر الرازي - وهو عيسى بن أبي عيسى - صدوق يعتبر به، لكن خالفه أبو عوانة الوضّاح بن عبد الله اليشكُري كما قال الدارقطني في "العلل"(405)، وهو ثقة حجة، فرواه عن مطرِّف - وهو ابن طَرِيف - عن رجل يقال له: كثير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى. وقال علي بن المديني والدارقطني: كثير هذا مجهول، وقال الدارقطني: ومطرِّف لم يسمع من ابن أبي ليلى.

قلنا: وقد احتمل الحافظان أبو زرعة ابنُ العراقي وابنُ حجر أن يكون كثيرٌ المذكور ابنَ عُبيد رضيعَ عائشة، فإن صحَّ قولهما فإسناد رواية أبي عوانة حسنٌ، والله أعلم. على أنه قد روي هذا الخبر من وجه آخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى كما سيأتي.

وأخرجه أبو داود (2983) من طريق يحيى بن أبي بكير، عن أبي جعفر الرازي، بهذا الإسناد. وسيأتي من هذا الطريق عند المصنف برقم (4394).

وأخرجه أبو داود (2984) من طريق الحسين بن ميمون الخِنْدِفي، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي بن أبي طالب، قال: قلت: يا رسول الله إن رأيتَ أن تُولّيَني حقَّنا من هذا الخمس في كتاب الله، فأقسمه حياتك كي لا ينازعني أحدٌ بعدك، فافعل، قال: ففعل ذلك، قال: فقسمتُه حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ولّانيه أبو بكر، حتى كانت آخر سنةٍ من سِني عمر

والحسين بن ميمون هذا يُعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد توبع كما ترى.

قوله: "خَمْسَ الخُمس، أي: قَبْض خُمس الغنيمة، من: خَمَسَهم خَمْسًا: أَخَذَ خُمس أموالهم.

(2)

إسناده صحيح. أبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النَّهدي، وأبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، وسفيان: هو الثَّوري.

وسيأتي عند المصنف برقم (4393) من طريق أبي أحمد الزُّبَيري عن سفيان الثَّوري. وانظر تخريجه هناك.

والصفيُّ: ما يأخذُه رئيس الجيش ويختارُه لنفسه من الغنيمة قبل القسمة.

ص: 471

2620 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني ابن أبي الزِّناد، عن أبيه، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن ابن عباس، قال: تَنفَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفَه ذا الفَقَار يومَ بدرٍ، قال ابن عباس: وهو الذي رأى فيه الرؤيا يومَ أُحدٍ، وذلك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاءه المشركون يوم أُحد، كان رأيُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُقيم بالمدينة يقاتِلُهم فيها، فقال له ناس لم يكونوا شَهِدوا بدرًا: يخرجُ بنا رسولُ الله إليهم نقاتِلُهم بأحدٍ، وَتَرَجَّوا

(1)

أن يُصِيبوا من الفَضِيلة ما أصابَ أهلُ بدرٍ.

فما زالوا برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لَبِسَ أداتَه، نَدِموا، وقالوا: يا رسول الله، أقِمْ، فالرأيُ رأيُك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما ينبغي لنبيٍّ أن يضعَ أدَاتَه بعد أن لَبِسَها، حتى يَحكُم اللهُ بينَه وبين عَدُوِّه"، قال: وكان لما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ قبل أن يَلْبَس الأداةَ: "إني رأيتُ أني في دِرْعٍ حَصينةٍ، فأوّلتُها المدينةَ، وأني مُردِفٌ كَبْشًا، فَأَوَّلْتُه كَبْشَ الكَتيبةِ، ورأيتُ أن سيفي ذا الفَقَارِ فُلَّ، فأوّلْتُه فَلًّا فيكم، ورأيت بَقَرًا تُذبَح، فبَقْرٌ والله خيرٌ، فبَقْرٌ والله خيرٌ"

(2)

.

(1)

في (ب): ورَجَوا، وهما بمعنًى.

(2)

إسناده حسن كما قال البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 41، وقد رواه عن أبي عبد الله الحاكم، وذلك من أجل ابن أبي الزِّناد - واسمه عبد الرحمن - فهو حسن الحديث، وقصة الرؤيا وتأويلها صحيحة رُويَت من وجهين آخرين عن النبي صلى الله عليه وسلم. ابن وهب: هو عبد الله بن وهب المصري.

وأخرجه مختصرًا بذكر سيف النبي صلى الله عليه وسلم ذي الفَقَار والرؤيا التي أُريها فيه: أحمد (4/ 2445) عن سُريج بن النعمان، عن ابن أبي الزِّناد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصرًا بذكر سيفه صلى الله عليه وسلم: ابنُ ماجه (2808) من طريق محمد بن الصَّلْت الأسدي، والترمذي (1561/ 2) عن هناد بن السري، كلاهما عن ابن أبي الزِّناد، به. وقال الترمذي: حسن غريب.

وقد رُويَت هذه الرؤيا بعينها من حديث أبي موسى الأشعري عند البخاري (3622) ومسلم (2272). =

ص: 472

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2621 -

حدَّثَناه أبو أحمد بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيْرفي بمَرُو من أصل كتابه، حدثنا أبو قِلابة عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عَوَانة، عن الأعمش، عن سعد بن عُبيدة، حدثني عبد الله بن بُريدة الأسلمي، قال: إني لأمشي مع أبي إذ مرَّ بقومٍ يَتَنقَّصون عليًّا، ويقولُون فيه، فقام فقال: إني كنت أَنالُ من عليٍّ، وفي نفسي عليه شيءٌ، وكنت مع خالد بن الوليد في جيش فأصابوا غنائمَ، فعَمَدَ عليٌّ إلى جاريةٍ من الخُمس، فأخذها لنفسه، وكان بين علي وبين خالد شيءٌ، فقال خالد: هذه فُرصتك - وقد عرف خالدٌ الذي في نفسي على عليّ - فانطلِقْ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاذكُر ذلك له، فأتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم، فحدَّثتُه وكنتُ رجلًا مِكْبابًا، وكنتُ إذا حدَّثْتُ الحديثَ أكبَبْتُ، ثم رفعتُ رأسي، فذكرتُ للنبي صلى الله عليه وسلم أمْرَ الجيشِ، ثم ذكرتُ له أمرَ عليٍّ، فرفعتُ رأسي، وأوداجُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قد احمرَّت، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن كنتُ وَلِيَّه فإنَّ عليًّا وليُّه"، وذهَبَ الذي في نفسي عليه

(1)

.

= ومن حديث جابر بن عبد الله عند أحمد (23/ 14787)، والنسائي (7600).

قوله: "فُلَّ" أي: ثُلِمَ، والثُّلْمة: كَسْرٌ في حَدِّ السيف.

وقوله: "فبَقْرٌ" بسكون القاف: هو شقُّ البطن، وهذا أحد وجوه التعبير أن يُشتق من الاسم معنًى مناسب. قاله الحافظ في "الفتح" 12/ 206 - 207.

وقوله: "والله خير" إما أن يكون برفع لفظ الجلالة وخبره "خيرٌ" على تقدير محذوف، أي: وصُنع الله بالمقتولين خير لهم من مقامهم في الدنيا، وإما أن يكون بجرّ لفظ الجلالة على القسم، لتحقيق الرؤيا، ومعنى خير بعد ذلك على التفاؤل في تأويل الرؤيا. نقله القسطلّاني في "إرشاد الساري" 6/ 67 عن "المصابيح".

والكتيبة: القطعة من الجيش.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي قلابة، فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكُري، والأعمش: هو سليمان بن مهران. =

ص: 473

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، إنما أخرجه البخاري من حديث علي بن سُويد بن مَنْجُوف، عن عبد الله بن بُريدة، عن أبيه، مختصرًا

(1)

، وليس في هذا الباب أصح من حديث أبي عَوَانة هذا عن الأعمش عن سعد بن عُبيدة.

وهكذا رواه وكيع بن الجرّاح عن الأعمش:

2622 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا موسى بن إسحاق القاضي، حدثنا عبد الله

(2)

بن أبي شَيْبة، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن سعد بن عُبيدة، عن ابن بُريدة، عن أبيه: أنه مَرَّ على مجلسٍ، ثم ذكر الحديث بنحوه بطوله

(3)

.

= وأخرجه مختصرًا أحمد (38/ 22961)، والنسائي (8411)، وابن حبان (6930) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، بهذا الإسناد.

وسيأتي بعده من طريق وكيع بن الجراح عن الأعمش. وسيأتي بنحوه برقم (4629) من طريق ابن عباس عن بريدة.

وأخرجه بنحوه أحمد (38/ 23012)، والنسائي (8421) من طريق الأجلح بن عبد الله الكِنْدي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه. ولفظ المرفوع آخره:"لا تَقَعَنَّ يا بُريدةُ في عليٍّ، فإنَّ عليًّا مني، وأنا منه، وهو وليُّكم بَعدي". هذا لفظ النسائي. والأجلح فيه لِينٌ.

وانظر حديث عمران بن حُصين الآتي برقم (4630)، وحديث ابن عباس الآتي برقم (4702).

والمِكباب: الكثير النظر إلى الأرض.

وقد استُشكِل قسمة عليٍّ لنفسه، وهو جائز في مثل ذلك ممن هو شَريك فيما يقسمه، كالإمام إذا قسم بين الرعيّة وهو منهم، فكذلك من نصّبه الإمام قام مقامه. انظر "فتح الباري" 12/ 622.

(1)

أخرجه برقم (4350)، لكن بلفظ:"يا بُريدة، أتُبغضُ عليًّا؟ " فقلت: نعم، قال:"لا تُبغضْه، فإنَّ له في الخُمس أكثر من ذلك".

(2)

تحرَّف في (ز) إلى: عبيد الله، بالتصغير، وإنما هو بالتكبير، وهو الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة، مشهور بكنيته لا باسمه.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (38/ 23028) و (23057) عن وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد.

ص: 474

2623 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل وعبد الله بن الحُسين القاضي، قالا: حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا رَوح بن عُبادة، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك: أنَّ هوازنَ جاءت يوم حُنين بالنساء والصِّبيان، والإبل والغنم، فصَفُّوهم صفوفًا ليَكْثُروا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فالتقى المسلمون والمشركون، فولَّى المسلمون مُدبِرين، كما قال الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنا عبدُ الله ورسولُه" وقال: "يا معشرَ الأنصار، أنا عبدُ الله ورسولُه" فهزمَ الله المشركين، ولم يُطْعَن بُرمْحٍ ولم يُضْرَب بسَيفٍ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يومئذٍ:"من قتل كافرًا فله سَلَبُه"، فقتل أبو قَتَادة يومئذٍ عشرين رجلًا، وأخذ أسلابهم، فقال أبو قَتَادة: يا رسول الله، ضربتُ رجلًا على حَبْل العاتِقِ وعليه دِرْعٌ له، فأعجَلْتُ عنه أن آخذ سَلَبَه، فانظر مع من هو يا رسول الله، فقال رجل: يا رسول الله، أنا أخذتها، فأرْضِهِ منها وأعطِنِيها، فسكتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وكان لا يُسأل شيئًا إلّا أعطاهُ أو سكتَ، فقال عمر: لا واللهِ لا يُفيءُ اللهُ على أَسَدٍ من أُسْده ويُعطيكَها، فضحكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

(1)

إسناده صحيح. إلّا أنَّ قوله هنا عند المصنف: فقتل أبو قتادة يومئذٍ عشرين رجلًا، وهمٌ لا ندري هو من روح أو ممَّن دونه، لأن المحفوظ فيه أنَّ الذي قتل العشرين رجلًا هو أبو طلحة الأنصاري، وأنَّ أبا قتادة إنما قتل رجلًا واحدًا فقط، كما في تتمة الحديث هنا، كذلك رواه سائر أصحاب حماد بن سلمة عنه، فحماد بن سلمة ذكر قصة أبي طلحة وقصة أبي قتادة كلتيهما.

وأخرجه أحمد (19/ 12131) عن يحيى بن سعيد القطان، و (12236) عن يزيد بن هارون، و (20/ 12977) عن بهز بن أسد العَمِّي، و (21/ 13975) عن عفان بن مسلم، وأبو داود (2718) عن موسى بن إسماعيل، وابن حبان (4836) من طريق عبد الله بن المبارك، و (4838) من طريق عبد الواحد بن غياث، كلهم عن حماد بن سلمة، به. ورواية بعضهم مختصرة بذكر سَلَب أبي طلحة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:"من قتل كافرًا فله سَلَبُه"، مثل الرواية الآتية برقم (5602) من طريق عفان عن حماد.

وأخرجه مقتصرًا على هذا الحرف أحمد (20/ 13041)، وابن حبان (4841) من طريق أبي =

ص: 475

حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2624 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصفهاني الزاهد، حدثنا الحسن بن علي بن بحر البَرِّي، حدثني أبي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا زهير بن محمد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر أحرَقوا مَتاعَ الغالِّ، ومَنَعوه سَهْمَه وضربوه

(1)

.

حديث غريب صحيح، ولم يُخرجاه.

= أيوب الإفريقي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس، بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين: "من تفرَّد بدم رجلٍ، فقتله، فله سلبه" فجاء أبو طلحة بسَلَب أحدٍ وعشرين رجلًا.

وسيأتي مختصرًا بذكر فرار المسلمين يوم حنين في أول الغزوة ثم عودتهم ونزول النصر برقم (4416) من طريق الحسن البصري عن أنس.

وقد روى أبو قتادة قصة قتله الرجلَ وفوات سَلَبه عليه، ثم أخذه بعد ذلك بالبينة مطولًا عند أحمد (37/ 22607)، والبخاري (3142)، ومسلم (1751)، وأبي داود (2717)، والترمذي (1562)، وابن حبان (4805)، لكن وقع فيه أنَّ الذي اعترض على الرجل في قوله: يا رسول الله، أنا أخذتها فأرضِه منها، إنما هو أبو بكر الصدِّيق لا عمر بن الخطاب. قال الحافظ في "الفتح" 12/ 570: هو الراجح، لأنَّ أبا قتادة هو صاحب القصة، فهو أتقنُ لما وقع له فيها من غيره. ويحتمل الجمعُ بأن يكون عمر أيضًا قال ذلك تقوية لقول أبي بكر، والله أعلم.

والسَّلَب: ما يأخذه أحدُ القَرْنَين - يعني النظيرَين - من قَرْنه ممّا يكون معه من سلاح وثياب ودابة وغيرها.

(1)

إسناده ضعيف، زهير بن محمد - وهو التميمي - رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، لأنَّه كان يحدث هناك من حفظه فيكثر غلطه، والوليد بن مسلم دمشقي، ولم يرو هذا الحديث عنه غيره، وقد اختُلِف عليه في هذا الحديث فروي عنه مرفوعًا موصولًا، كما في رواية المصنف، وروي عنه من قول عمرو بن شعيب مقطوعًا، وهذا يدلُّ على اضطراب زهير فيه.

وأخرجه أبو داود (2715) من طريق موسى بن أيوب، عن الوليد بن مسلم بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود بإثر (2715) عن الوليد بن عُتبة وعبد الوهاب بن نجْدة، عن الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد، عن عمرو بن شعيب، لم يتجاوزه.

وانظر ما تقدم برقم (2616).

ص: 476

2625 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، عن بشر بن المُفضَّل، حدثنا محمد بن زيد - هو ابن مُهاجِر الأنصاري - حدثني عُمير مولى آبي اللَّحْم، قال: شهدتُ خيبرَ

(1)

مع سادتي، فكلَّموا فيَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأَمَرني فقُلِّدتُ سيفًا، فأخبر أني مملوكٌ، فأمَرَ لي بشيءٍ من خُرْثيِّ المَتاعِ

(2)

.

حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2626 -

حدثنا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن المنصورِ أميرِ المؤمنين إملاءً في دار المنصور، حدثنا أبو جعفر محمد بن يوسف بن الطبّاع، حدثنا عمِّي محمد بن عيسى بن الطبّاع، حدثنا مجمِّع بن يعقوب بن مجمِّع بن يزيد الأنصاري قال: سمعت أبي يعقوبُ بن مُجمِّع يذكُر عن عمّه عبد الرحمن بن يزيد بن مُجمِّع الأنصاري، عن عمّه مجمِّع بن جارية الأنصاري - وكان أحدَ القُرّاء الذين قرؤوا القرآن - قال: شَهِدْنا الحُدَيبيَةَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرفْنا عنها إذا الناسُ يَهُزُّون بالأباعِر، فقال بعض الناس لبعض: ما لِلناسِ؟ قالوا: أُوحيَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجنا مع الناس نُوجِفُ فوجَدْنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم واقفًا على راحلته عند كُرَاع الغَمِيم، فلما اجتمعَ عَليه الناسُ قرأ عليهم:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ، فقال رجل: يا رسول الله، أفتْحٌ هو؟ قال:"نعم والذي نفسُ محمد بيدِه، إنه لَفَتحٌ".

(1)

تحرَّفت في النسخ الخطية إلى: حنين، من غير نصب بالألف، لكن وضع فوقها في (ز) تنوين فتح، فكأنها كانت في الأصل خيبر، ثم أثبتها بعض النُّسَّاخ: حُنين، ظنًّا منه أنَّ الراء التي في آخرها نون، وأنها تكتب على صورة المرفوع على لغة ربيعة، والصحيح أنها خيبر، كما في "تلخيص المستدرك" للذهبي، ويؤيده أنَّ الحديث في "مسند أحمد"(36/ 21940) وعنه أبو داود (2730) بذكر خيبر.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في "مسند أحمد"(36/ 21940)، وأخرجه عنه أبو داود (2730).

وقد تقدم برقم (1239) من طريق قتيبة بن سعيد عن بشر بن المُفضَّل.

ص: 477

فقُسِمَت خيبرُ على أهل الحُدَيبيَة، فقَسَمها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على ستةَ عشرَ

(1)

سهمًا، وكان الجيشُ ألفًا وخمس مئة، منهم ثلاث مئة فارِسٍ، فأعطى الفارسَ سهمَين، وأعطى الراجِلَ سهمًا

(2)

.

(1)

في (ب): ثلاثة عشر. وكلاهما خطأ، صوابه: ثمانية عشر، كما في سائر مصادر تخريج الحديث.

(2)

إسناده فيه لِينٌ، يعقوب بن مجمِّع بن جارية إنما يُعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد وهم في هذا الحديث بذكر عدد الفُرسان وفي تقسيم السِّهام عليهم، كما نَبَّه عليه أبو داود بإثر الحديث (3736)، وكذلك البيهقي في "الدلائل" 4/ 240، ونقل في "معرفة السنن والآثار" (13029) و (13030) عن الإمام الشافعي قوله: مجمِّع بن يعقوب راوي هذا الحديث شيخ لا يُعرف، فأخذنا بحديث عُبيد الله بن عمر، ولم نرَ خبرًا مثله يعارضُه. قلنا: بل مجمِّع معروف ثقة، وإنما الشأن في أبيه يعقوب، وحديث عبيد الله بن عمر الذي عناه الشافعي وأبو داود هو حديثه عن نافع عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم: سهمًا له وسهمين لفرسه. وهو عند البخاري (2863) ومسلم (1762) وغيرهما، وقال البيهقي في "الدلائل": وهذا هو الصحيح، وهو المعروف بين أهل المغازي.

وقال في "المعرفة"(13031): في رواية ابن عباس وصالح بن كيسان وبشير بن يسار وأهل المغازي: أنَّ الخيل كانت مئتي فرس. قلنا: حديث ابن عباس سيأتي برقم (2648).

وأخرج حديث مجمّعٍ أبو داود (2736) و (3015) عن محمد بن عيسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (24/ 15470) عن إسحاق بن عيسى بن الطبّاع أخي محمد بن عيسى، عن مجمع بن يعقوب، به.

وسيأتي الشطر الأول منه في قصة نزول سورة الفتح برقم (3753) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن مجمع بن يعقوب، عن أبيه، عن مجمع بن جارية، دون ذكر عبد الرحمن بن يزيد بن مجمِّع.

ويشهد لكون هذه السورة نزلت بعد الحديبية بين مكة والمدينة حديث المِسوَر بن مَخرمَة الآتي برقم (3752)، وإسناده حسن.

وحديث ابن مسعود عند أحمد (6/ 3710)، والنسائي (8802)، وإسناده حسن أيضًا.

وحديث أنس عند مسلم (1786) وغيره. وانظر حديث أنس الآتي برقم (3754).

قوله: "يهزُّون الأباعر" أي: يَحُثُّون الأباعر ويدفعونها، والأباعر جمع بعير. =

ص: 478

حديث كبير صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2627 -

حدثني علي بن عيسى بن إبراهيم الحِيري، حدثنا أحمد بن النضر بن عبد الوهاب، حدثنا وَهْب بن بقيّة الواسطي، حدثنا خالد بن عبد الله، عن داود بن أبي هند، عن عِكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: "من فعل كذا وكذا، فله من النَّفَل كذا وكذا" قال: فقَدِمَ الفِتيانُ ولَزِمَ المَشْيَخةُ الراياتِ فلم يَبْرَحُوها، فلما فتح الله عليهم قالت المَشْيَخةُ: كنا رِدْءًا لكم، لو انهزمتُم فِئْتُم إلينا، فلا تذهَبُوا بالمَغْنم ونَبقى، فأبى الفتيانُ، وقالوا: جعلَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لنا، فأنزل الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ

كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 1 - 5] يقول: فكان ذلك خيرًا لهم، فكذلك أيضًا فأَطيعوني فإني أعلَمُ بعاقبةِ هذا منكم

(1)

.

حديث صحيح فقد احتج البخاريُّ بعِكْرمة، واحتج مسلم بداود بن أبي هند، ولم يُخرجاه.

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة:

2628 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شَيْبة، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن مصعب بن

= وكُراع الغَميم: موضع بين مكة والمدينة يقع جنوب عُسفان بستة عشر كيلًا على الطريق إلى مكة، وهي على مسافة (64) كيلًا من مكة على طريق المدينة، وتعرف اليوم ببرقاء الغميم.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (2737) عن وهب بن بقية، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (2912) و (3299).

والنَّفَل: ما زاد من العطاء على القدر المستحق منه بالقسمة يخص به الإمام من أبلى بلاءً حسنًا، وسعى سعيًا حميدًا.

والمشيخة: جمع شيخ.

وفئتم، أي: رجعتم.

ص: 479

سعد، عن أبيه، قال: جئتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر بسَيفٍ، فقلت: يا رسول الله، قد شُفِيَ صدري اليومَ من العدوّ، فَهَبْ لي هذا السيفَ، فقال:"إنَّ هذا السيفَ ليس لي ولا لكَ" فذهبتُ وأنا أقولُ: يُعطاهُ اليومَ مَن لم يُبْلِ بَلائي، فبَيْنا [أنا]

(1)

إذ جاءني الرسولُ، فقال: أجِبْ، فظننتُ أنه قد نَزَل فيَّ شيءٌ من كلامي، فجئتُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنك سألتَني هذا السيفَ، وليس هو لي ولا لك، وإنَّ الله قد جعلَه لي، فهو لك" ثم قرأ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} إلى آخر الآية

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2629 -

أخبرني الأستاذ أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، حدثنا أبو بكر بن أبي داود، حدثنا أحمد بن صالح المصري، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني حُيَيّ، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يومَ بدرٍ في ثلاث مئة وخمسةَ عشرَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم إنهم حُفاةٌ، فاحْمِلْهم، اللهم إنهم عُراةٌ، فاكْسُهم، اللهم إنهم جِياعٌ، فأشبِعْهم"، ففتح الله له يومَ بدر، فانقَلَبوا حين انقَلَبوا وما فيهم رجلٌ إلّا وقد رجعَ بجمَلٍ أو جمَلَين، فاكتَسَوا وشَبِعُوا

(3)

.

(1)

من "السنن الكبرى" للبيهقي 6/ 291 حيث رواه عن المصنف.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم - وهو ابن أبي النَّجُود. وقد توبع.

وأخرجه أحمد (3/ 1538) عن أسود بن عامر، وأبو داود (2740)، والنسائي (11132) عن هنّاد بن السَّرِي، والترمذي (3079) عن أبي كريب محمد بن العلاء، ثلاثتهم عن أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح.

وأخرجه بنحوه أحمد (1567)، ومسلم (1748) و (2412)(43)، وابن حبان (5349) و (6992) من طريق سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد، عن أبيه. لكن ليس فيه أنه صلى الله عليه وسلم أعطاه السيف بعد ذلك.

(3)

إسناده حسن كما قال الحافظ في "فتح الباري" 12/ 32، وحُيَي - وهو ابن عبد الله المَعافِري - مختلف فيه، ضعَّفه البخاري، وليَّنه أحمد والنسائي، وقال ابن معين وابن عدي: لا بأس به، =

ص: 480

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد اتفق الشيخان على الاحتجاج بأبي عبد الرحمن المَذْحِجي

(1)

مولى سليمان بن عبد الملك.

2630 -

أخبرني الأستاذ أبو الوليد، حدثنا أبو بكر بن أبي داود، حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث، حدثني أبي، عن جدي، عن عُقيل، عن ابن شِهاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يُنَفِّل بعضَ مَن يبعثُ مِن السرايا لأنفُسهم خاصّةً سوى قَسْمِ عامّة الجيش، والخُمس في ذلك واجبٌ كلُّه

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2631 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا الحسن بن شَبيب المَعْمَري، حدثنا عبد الله بن أحمد بن ذَكْوان ومحمود بن خالد الدمشقيان، قالا:

= وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" 3/ 853: صالح الحديث. وحسَّن الترمذي له حديثًا، وصحَّح له ابن حبان وأبو عوانة.

وأخرجه أبو داود (2747) عن أحمد بن صالح، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (2674) من طريق يحيى بن سليمان الجُعفي، عن عبد الله بن وهب.

وانظر كلام الحافظ في الجمع بين الروايات الواردة في عدة أهل بدر في "فتح الباري" 12/ 31 - 32.

(1)

كذا قال الحاكم رحمه الله، وهو يقصد بذلك حُيَيًّا، وهو وهمٌ منه كما قدَّمنا بيانه بإثر الحديث (273)، لأنَّ حُيَيًّا هذا هو ابن عبد الله المَعافِري.

(2)

إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وعُقَيل: هو ابن خالد الأيلي.

وأخرجه مسلم (1750)، وأبو داود (2746) عن عبد الملك بن شعيب، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد (10/ 6250) عن حجاج المِصِّيصي، والبخاري (3135) عن يحيى بن بكير، كلاهما عن الليث بن سعد، به. ولم يذكر البخاري في روايته الخمس.

وأخرجه بنحوه مسلم (1750) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، عن ابن شهاب، به.

ص: 481

حدثنا مروان بن محمد الدمشقي، حدثنا يحيى بن حمزة، قال: سمعت أبا وهبْ يقول: سمعت مكحولًا يقول: كنتُ عبدًا بمصر لامرأة من هُذَيل، فأعتقتْني، فما خرجتُ من مصر وبها عِلمٌ إِلَّا حَوَيتُ عليه فيما أُرى، ثم أتيتُ الشامَ فغربَلْتُها، كلَّ ذلك أسألُ عن النَّفَل فلم أجد أحدًا يخبرُني فيه بشيءٍ، حتى لقيتُ شيخًا يقال له: زياد بن جارية التَّمِيمي، فقلت له: هل سمعتَ في النَّفَل شيئًا؟ فقال: نعم، سمعت حبيبَ بن مَسْلَمة الفِهْري يقول: شهدتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نَفَّل الربعَ في البَدْأة، والثلُثَ في الرَّجْعة

(1)

.

2632 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو البَخْتَري عبد الله بن محمد بن شاكر، حدثنا مصعب بن المِقدام، عن سفيان.

وأخبرنا أبو العباس المحبُوبي، حدثنا أحمد بن سَيَّار، حدثنا محمد بن كَثير، حدثنا سفيان، عن يزيد بن يزيد بن جابر الشامي، عن مكحول، عن زياد بن جاريَةَ التميمي، عن حبيب بن مَسْلَمة الفِهْري، أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُنفِّل الثلُثَ بعد الخُمُس

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو وهب: هو عُبيد الله بن عُبيد الكَلاعي.

وأخرجه أبو داود (2750) عن عبد الله بن أحمد بن بَشير بن ذكوان ومحمود بن خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (29/ 17465)، وأبو داود (2749) من طريق العلاء بن الحارث، وابن ماجه (2853)، وابن حبان (4835) من طريق سليمان بن موسى الأشدق، كلاهما عن مكحول، به. بذكر المرفوع آخره، دون ذكر القصة، وسقط من إسناد ابن ماجه ذكر زياد بن جارية.

وسيأتي بعده من طريق يزيد بن جابر، وبرقم (5563) من طريق ثابت بن ثوبان، وبرقم (5941) من طريق سعيد بن عبد العزيز، ثلاثتهم عن مكحول بذكر تنفيل الثلث فقط.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (2748) عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (29/ 17462)، وابن ماجه (2851) من طريق وكيع بن الجراح، وأحمد =

ص: 482

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2633 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا هُشَيم، حدثنا الشَّيباني وأشعث بن سَوّار، عن محمد بن أبي المُجالِد، قال: بعثني أهلُ المسجد إلى ابن أبي أَوفى أسألُه ما صنعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في طعام خيبرَ، فأتيتُه فسألتُه عن ذلك، فقلت: هل خَمَّسه؟ قال: لا، كان أقلَّ من ذلك، وكان أحدُنا إذا أراد شيئًا أخذَ منه حاجتَه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2634 -

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا أحمد بن حنبل ومُؤمَّل بن هشام، قالا: حدثنا إسماعيل، عن يونس، عن الحسن، عن أبي بَرْزَة الأسلمي، قال: كانت العربُ تقول: مَن أكل الخُبز سَمِنَ، فلما فتحنا خيبر أجهَضْناهم عن خُبزةٍ لهم، فقعدتُ عليها، فأكلتُ منها حتى شبعتُ، فجعلتُ أنظرُ في عِطْفَيَّ هل سَمِنتُ

(2)

.

= (17462) عن عبد الرزاق، و (17468) عن يحيى بن سعيد القطان، ثلاثتهم عن سفيان الثَّوري، به.

وأخرجه أحمد (17464) من طريق زياد بن سعد، عن يزيد بن يزيد بن جابر، به.

وانظر ما قبله.

(1)

إسناده صحيح. مُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد، وهُشيم: هو ابن بَشير الواسطي، والشَّيبانيّ: هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان.

وأخرجه أحمد (31/ 19124) عن هُشَيم بن بَشير، عن أبي إسحاق الشَّيباني وحده، به.

وقد تقدم برقم (2610) من طريق أبي معاوية عن أبي إسحاق الشَّيباني.

(2)

إسناده صحيح، وقد اختُلف فيه على إسماعيل - وهو ابن عُلَيَّة - في تعيين شيخه، فوقع في رواية المصنف هنا أنه يونس - يعني ابن عُبيد - ووقع في رواية غيره أنه أيوب السختياني، كما نبَّه عليه البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 60، قلنا: على أنَّ يونس بن عبيد قد روى هذا الخبر أيضًا، لكن من رواية هُشَيم بن بشير عنه، فلا يبعد أن يكون لإسماعيل ابن عُلَيَّة فيه شيخان، فإنَّ له روايةً عنهما، وعلى أيِّ حالٍ فحيث دار هذا الإسناد دار على ثقةٍ، فالإسناد صحيح. =

ص: 483

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2635 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن غالب ومحمد بن شاذان الجوهري، قالا: حدثنا زكريا بن عَدِي، حدثنا عُبيد الله بن عمرو الرَّقِّي، عن زيد بن أبي أُنيسة، حدثنا قيس بن مسلم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، قال: شهدتُ فتحَ خيبرَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انهزم القومُ وَقَعْنا في رِحالِهم، فأخذ الناسُ ما وجَدُوا من جُزُرٍ - قال زيد: وهي المواشي - فلم يكن بأسرعَ مِن أن فارَتِ القُدُور، فلما رأى ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أمر بالقُدُور فأُكفئت، ثم قَسَم بيننا، فجعل لكلِّ عشرةٍ شاةً

(1)

.

= وسماع الحسن - وهو ابن أبي الحسن البصري - من أبي بَرْزة يصحُّ، كما قال أبو حاتم، خلافًا لقول ابن المديني حيث نفى سماعه منه، وقول أبي حاتم أولى بالصواب، فقد أدرك الحسنُ البصري أبا برزة الأسلمي بالبصرة لمدة طويلة، وتأخرت وفاة أبي برزة، فلا معنى لنفي سماع الحسن البصري منه، والله أعلم.

وأخرجه البيهقي 9/ 60 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد بن مَنيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ (3162).

وأخرجه الطبراني في "الكبير" في ملحق تابع للجزء (21) بتحقيق مخلف العرف، برقم (226) من طريق محمد بن سلّام الجُمحي، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 96 من طريق أبي عمار الحُسين بن حريث، كلهم (ابن منيع وابن سلّام وابن حُريث) عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، عن أيوب السختياني، عن الحسن البصري، به. فذكروا أيوب بدل يونس بن عبيد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 277 و 12/ 249، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 1/ 329، والطبراني (21/ 225) من طريق هُشَيم بن بَشير، عن يونس بن عبيد، عن الحسن البصري، به.

وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 159، وابن عساكر 62/ 95 - 96 من طريق الحارث بن عمير، عن أيوب السختياني، عن الحسن البصري، به.

قوله: "أجْهضْناهم" أي: أزَلْناهم عنها وأعجَلْناهم.

وعِطْفا الإنسان: جانباه من لدن رأسه إلى وركه، سميا بذلك لأنَّ الإنسان يميل عليهما.

(1)

إسناده صحيح، وقد اختُلف فيه على عُبيد الله بن عمرو الرَّقِّي في تعيين شيخ زيد بن أبي أنيسة، فوقع في روايته زكريا بن عدي أنه قيس بن مسلم - وهو الجَدَلي - وخالفه عبد الله بن جعفر الرقي، فذكر أنه الحكم بن عُتيبة، والقول فيه قول زكريا، فقد تابعه يزيد بن عبد الرحمن =

ص: 484

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2636 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا أبو عاصم الضحّاك بن مَخلَد، حدثنا شعبة، عن سِمَاك بن حَرب، عن ثعلبة بن الحَكَم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "النُّهبة لا تَحِلُّ، فأَكْفِئوا القُدُورَ"

(1)

.

= الدالاني عن زيد بن أبي أُنيسة، فقال: عن قيس بن مسلم، وكذلك رواه غيلان بن جامع عن قيس بن مسلم، فالحديث حديث قيس، كما جزم به الدارمي في "مسنده" بإثر (2513)، وابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه الكبير" بإثر (4587).

وأخرجه أحمد (31/ 19058) عن زكريا بن عدي، بهذا الإسناد.

وخالفه عبد الله بن جعفر الرَّقِّي عند الدارمي (2512)، وابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(4586)، فرواه عن عبيد الله بن عمرو الرقي، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى. فذكر الحكم بدل قيس بن مسلم الجدلي.

لكن تابع زكريا بنَ عدي أبو خالد يزيد الدالاني فرواه عن زيد بن أبي أُنيسة عن قيس بن مسلم، أخرجه من هذه الطريق ابنُ أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(4587)، والطبراني في "الأوسط"(505).

وكذلك رواه غيلان بن جامع عن قيس بن مسلم أبي يعلى في "مسنده الكبير" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (4502/ 2)، والطبراني في "الكبير"(6426)، والبيهقي في "السنن" 9/ 197.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سماك بن حرب، وقد اختُلف عليه في إسناده، كما أشار إليه المصنف بإثره، فقد رواه جماعة من الثقات الحفاظ كما رواه شعبة، منهم سفيان الثَّوري وأبو الأحوص سلّام بن سُليم وإسرائيل بن يونس السَّبيعي وأبو عوانة الوضاح اليشكري وزكريا بن أبي زائدة وزهير بن معاوية والحسن بن صالح وغيرهم.

وخالفهم أسباط بن نصر، وهو دونهم في الثقة والضبط، فرواه عن سماك، عن ثعلبة بن الحكم، عن ابن عباس، فجعله من مسند ابن عباس، وخطأه في ذلك البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 173 وكذا أبو حاتم وأبو زرعة فيما نقله عنهما ابن أبي حاتم في "العلل"(2222)، وقال أبو حاتم: ثعلبة بن الحكم قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم. =

ص: 485

وهكذا رواه عُندَرٌ وابنُ أبي عَدِي عن شعبة، فذكروا سماعَ ثعلبة من النبي صلى الله عليه وسلم. وهو حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، لحديث سماك بن حرب، فإنه رواه مرةً عن ثعلبة بن الحكم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم:

2637 -

حدَّثَناه أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق العَدْل الصفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر، حدثنا عمرو بن طلحة القَنَّاد، حدثنا أسباطُ بن نَصْر، عن سِماك بن حرب، عن ثَعلَبة بن الحَكَم عن ابن عباس، قال: انتَهَبَ الناسُ غنَمًا يومَ خيبر

(1)

فذَبَحُوها فجعلوا يَطبُخون منها، فجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بالقُدُور

= وأخرجه أحمد (38/ 23116) عن محمد بن جعفر غُنْدَر، عن شعبة، عن سماك، قال: سمعت رجلًا من بني ليث قال: أسرني ناسٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فكنت معهم، فأصابوا غنمًا، فذكر نحوه. فلم يسمِّ صحابيه، وسماه سائر الرواة لهذا الخبر عن شعبة، وكذا سماه سائر الرواة عن سماك.

وأخرجه ابن ماجه (3938) من طريق أبي الأحوص سلّام بن سُليم، عن سماك، به.

وتابع شعبةَ وأبا الأحوص فيه سفيانُ الثَّوري، عند الطبراني في "الكبير"(1380)، وإسرائيلُ بن يونس عند عبد الرزاق (18841)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 49، وأبو عوانة عند البخاري في "تاريخه" 2/ 173، والبَغَوي في "معجم الصحابة"(264)، وزكريا بنُ أبي زائدة عند البخاري في "تاريخه" 2/ 173، وابن المنذر في "الأوسط"(6066)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(302)، وفي "شرح المعاني" 3/ 49، والحسنُ بن صالح عند الطبراني في "الكبير"(1376)، وزهيرُ بن معاوية عند ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه الكبير"(315)، والطحاوي في "شرح المشكل"(1318)، وفي "شرح المعاني" 3/ 49، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 120، والطبراني في "الكبير"(1372)، وغيرهم.

وأخرجه ابن حبان (5169) من طريق شريك النخعي، عن سماك، لكنه قال في روايته: عن ثعلبة بن الحكم وكان شهد حُنينًا، قال: سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حُنين ينهى عن النُّهبة. كذا ذكر في روايته أنَّ النهي كان يوم حنين، وهو خطأ، لأنَّ ذلك كان يوم خيبر لا يوم حُنين، كما نصَّ عليه جماعة ممَّن تقدَّم ذكرهم.

(1)

كذا جاء في النسخ الخطية، وصحَّح عليها في (ز)، وكتب في الهامش مقابلها كلمة "حنين"، وضبَّب فوقها، وكأنه أشار إلى أنه وقع في بعض الروايات عن أسباط ذكرُ حنين، وأنه غير مستقيم. =

ص: 486

فأُكفِئت، وقال:"إنه لا تَصلُحُ النُّهْبةُ"

(1)

.

2638 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار، حدثنا الحسين بن الفضل البَجَلي، حدثنا عفّان بن مسلم، حدثنا أبو كُدَينة، عن قابُوس بن أبي ظَبْيان، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس مِنّا من انتَهَب أو سَلَبَ، أو أشار بالسَّلْب"

(2)

.

قد احتجَّ البخاري بأبي كُدَينة يحيى بن المهلَّب، وهذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه.

= قلنا: كذلك وقعت رواية أسباط للبخاري كما في "تاريخه الكبير" 2/ 173، وكذلك وقعت لابن أبي خيثمة في "تاريخه الكبير"(318)، وجزم البخاري بأنَّ من قال: يوم خيبر، فقوله أصح. لكن وقع في "العلل" لابن أبي حاتم (2222) في رواية أسباط ذكر خيبر لا حنين، وهذا يوافق ما وقع في النسخ الخطية عندنا، فالظاهر أنَّ ذكر حنين وقع في بعض الروايات عن أسباط دون بعضٍ، والله أعلم.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كسابقه، لكن ذكر ابن عباس غير محفوظ فيه كما تقدم.

وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "التاريخ الكبير"(318)، والطبراني في "الكبير"(10639) من طرق عن عمرو بن حماد بن طلحة القَنَّاد، بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله.

(2)

إسناده ضعيف لضعف قابوس بن أبي ظبيان، وقد اختُلف عليه في وصله وإرساله، فوصله عنه أبو كُدينة - واسمه يحيى بن المهلَّب - ورواه عنه جرير بن عبد الحميد فأرسله، فلم يذكر في إسناده ابن عباس، وكأنَّ هذا أشبه، لأنَّ جريرًا أقوى حالًا من أبي كُدينة، على أنه قد يكون الاضطراب فيه من جهة قابوسٍ نفسه، وهو الأقرب.

وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(2428)، والطبراني في "الكبير"(12612)، وأبو الفضل الزُّهْري في "حديثه"(494)، والضياء المقدسي في "مختارته"(9/ 546) من طريق أبي كُدَينة، بهذا الإسناد. لكن قال ابن الأعرابي في روايته:"أو أشار بسيف".

وأخرجه أبو بكر الخلال في "السنة"(1570) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن قابوس، عن أبيه، مرسلًا. وقال في روايته:"أو أشار بالسلاح".

ص: 487

2639 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا محمد بن معاذ، حدثنا أبو عاصم الضحّاك بن مَخلَد، حدثني وهب بن خالد الحِمصي، حدثتني أم حَبيبة بنت العِرْباض بن ساريَة، قالت: حدثني أبي: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخَلِيسة

(1)

والمُجثَّمة، وأن تُوطأَ السَّبايا حتى يَضعْنَ ما في بُطونِهن

(2)

.

(1)

في (ز) و (ب) و (ع): الخُلْسة، والمثبت من (ص) مضبوطًا فيها، وهو الأشهر في ضبطها، وهو ما فسَّره به أبو عاصم الضحاك عند الترمذي كما سيأتي، وهو ما يُستخلَص من السَّبُع فيموت قبل أن يُذكَّى، من: خَلَستُ الشيءَ واختلستُه: إذا سلبْتَه، وهي فَعِيلة بمعنى مفعولة. قاله ابن الأثير.

(2)

صحيح لغيره دون ذكر الخَلِيسة، وهذا إسناد حسن إن شاء الله، أم حبيبة بنت العرباض، وإن لم يرو عنها غير وهب بن خالد الحمصي، اعتبرنا حديثها على قِلَّته، فوجدناه غير منكر، بل توبعت عليه، وقال الذهبي: ما علمت في النساء من اتُّهِمت ولا من تركوها.

وأخرجه أحمد (28/ 17153)، والترمذي (1474) و (1564) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، بهذا الإسناد. وجاء عندهما أنَّ ذلك النهي كان يوم خيبر.

وقال الترمذي في روايته: سئل أبو عاصم عن المُجثَّمة، قال: أن يُنصَب الطيرُ أو الشيء فيُرمى، وسئل عن الخَلِيسة، فقال: الذئب أو السبُع يدركه الرجلُ فيأخذه منه، فيموت في يده قبل أن يُذكّيها.

ويشهد له دون ذكر السبايا الحَبَالي حديث جابر بن عبد الله عند أحمد (22/ 14463)، وإسناده قوي.

ويشهد لقصة الحَبَالى من السبايا حديثُ ابن عباس المتقدم عند المصنف برقم (2367)، وإسناده صحيح. وذكر أيضًا أنَّ هذا النهي كان يوم خيبر.

ويشهد للنهي عن المجثَّمة حديث ابن عباس المتقدم برقم (1645) و (2278)، وإسناده صحيح.

وحديث أبي هريرة عند أحمد (14/ 8789)، والترمذي (1795).

وحديث أبي الدرداء عند الترمذي (1473) ويشهد لذكر الخَلِيسة وحدها حديث زيد بن خالد

الجهني عند أحمد (28/ 1752)، وإسناده ضعيف.

وجاء في حديثي جابر وزيد بن خالد: الخُلْسة، بدل الخَلِيسة، لكن قدمنا أنَّ الخَليسة هو الأشهر على ما فسره به أبو عاصم أحد رواة حديثنا عند الترمذي، فهو الأولى، والله أعلم. وأما الخُلْسة فهو ما يؤخذ سَلْبًا ومكابَرة في نُهْزةٍ ومُخاتَلَة.

ص: 488

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2640 -

أخبرني دَعْلَج بن أحمد السِّجِسْتاني، حدثنا عبد العزيز بن معاوية البصري، حدثنا محمد بن جَهضَم الخُراساني، حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثني عبد الرحمن بن الحارث، عن سليمان بن موسى

(1)

الأشْدق، عن مكحول، عن أبي سلَّام، عن أبي أُمامة الباهِلي صاحبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عُبادة بن الصامت، أنه قال: خَرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فلقي العدوّ، فلما هزمَهم اتَّبعهم طائفةٌ من المسلمين يقتلونهم، وأحْدَقَت طائفةٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم، واستولت طائفةٌ بالعسكر، فلما كفى اللهُ العدوَّ، ورجع الذين قتلوهم قالوا: لنا النَّفَل، نحن قتلْنا العدوَّ، وبنا نفاهُم الله وهزمَهم، وقال الذين كانوا أحدَقُوا برسول الله صلى الله عليه وسلم: واللهِ ما أنتم بأحقَّ به منا، هو لنا، نحن أحدَقْنا برسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينالُ العدوُّ منه غِرَّةً، وقال الذين استولَوا على العسكر: والله ما أنتم بأحقَّ به منا، نحن استولَينا على العسكر، فأنزل الله عز وجل:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} إلى قوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ، فقسَمه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينهم عن فُوَاقٍ

(2)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: محمد.

(2)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الرحمن بن الحارث - وهو ابن عبد الله بن عياش - ولحديثه هذا ما يشهد له. أبو سلّام: هو ممطور الحبشي، وأبو أمامة: هو صُدي بن عجلان.

وأخرجه ابن حبان (4855) من طريق محمد بن المثنَّى، عن محمد بن جهضم، بهذا الإسناد.

وزاد فيه تنفيلهم الربع والثلث وزيادات أخرى ليست في حديثنا أيضًا.

وأخرجه أحمد (37/ 22762) من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن عبد الرحمن بن الحارث، به. لكن لم يذكر الفزاريُّ في روايته مكحولًا، والصحيح ذكره كما رواه إسماعيل بن جعفر عند المصنف هنا، فقد تابع إسماعيلَ بنَ جعفر على ذكره المغيرةُ بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي وعبد الرحمن بن أبي الزِّناد ومحمد بن فُليح بن سليمان، كما تقدم بيانه برقم (2435)، وكذلك سفيان الثَّوري في روايته لقطعة من الحديث المطوَّل برواية محمد بن المثنى عن محمد بن جهضم =

ص: 489

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ من حديث محمد بن إسحاق القرشي صحيح أيضًا على شرط مسلم:

2641 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن سليمان بن الأشْدق، عن مكحول، عن أبي أُمامة الباهِلي، قال: سألتُ عُبادة بن الصامت عن الأنفال، فقال: فينا معشرَ أصحابِ بدرٍ نزلت، ثم ذكر الحديث بطُوله

(1)

.

= عند ابن حبان كما قدَّمنا، حيث روى منها سفيان الثَّوري قطعة تنفيل الربع والثلث عند أحمد (37/ 22726)، وابن ماجه (2852)، والترمذي (1561)، على أنَّ أبا إسحاق الفزاري كان يذكر مكحولًا في أكثر الروايات عنه موافقًا جماعة أصحاب عبد الرحمن بن الحارث.

وسيأتي بعده من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الحارث، لكن أسقط من إسناده أبا سلّام، وهو ثابت في رواية مَن تقدم ذكرُهم من أصحاب عبد الرحمن بن الحارث، فالصحيح ذكره.

ويشهد له حديث ابن عباس المتقدم برقم (2627)، وإسناده صحيح.

الغِرَّة، بكسر الغين: الغفلة.

وقوله: "عن فُواق" أي: قَسَمَ الغنائم في قدر فُواق الناقة، وهو ما بين الحلبتين من الراحة، وتضم فاؤه وتُفتح. وقيل: أراد التفضيل في القسمة، كأنه جعل بعضهم أفوق من بعض على قدر غنائمهم وبَلائهم. قلنا: القول الأول هو الأصح كما تدلُّ عليه رواية محمد بن إسحاق التي قدمنا ذكرها، ففيها: فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا على بَوَاء، يقول: على السواء.

وأحدقُوا: أطافوا وأحاطوا.

(1)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد كسابقه، لكن لم يذكر فيه ابنُ إسحاق في روايته أبا سلَّام ممطورًا الحبشيَّ بين مكحول وأبي أمامة، والصحيح ذكره كما في رواية إسماعيل بن جعفر السالفة قبله، ورواية غيره ممَّن تابعه ممَّن روى الحديثَ بطوله، كما تقدم بيانه برقم (2435).

وأخرجه مختصرًا أحمد (37/ 22747) عن محمد بن سلمة، و (22753) من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد عن أبي أمامة قال: سألت عبادة بن الصامت =

ص: 490

2642 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني حَيْوة بن شُرَيح، عن ابن الهادِ، عن شُرَحْبيل بن سعد، عن جابر بن عبد الله، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر، خَرَجت سريّةٌ فأخذوا إنسانًا معه غنمٌ يرعاها، فجاؤوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلَّمه النبيُّ صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يُكَلِّمه، فقال له الرجلُ: إني قد آمنتُ بك وبما جئتَ به، فكيف بالغَنَم يا رسول الله، فإنها أمانةٌ، وهي للناس، الشاةُ والشاتان وأكثرُ من ذلك؟ قال:"احصِبْ وجوهَها تَرجِعْ إلى أهلِها" فأخذَ قَبْضةً من حَصْباء - أو تراب - فرمى به وجُوهَها، فخرجت تَشْتَدُّ حتى دخلتْ كلُّ شاةٍ إلى أهلها، ثم تقدّم إلى الصفّ، فأصابه سهمٌ فقتَلَه ولم يصلِّ لله سجدةً قطُّ، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أدخِلُوه الخِباءَ" فأُدخل خِباءَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا فرغَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عليه ثم خرج، فقال:"لقد حَسُنَ إسلامُ صاحبِكم، لقد دخلتُ عليه وإن عندَه لَزوجتَين له من الحُورِ العِينِ"

(1)

.

= عن الأنفال، فقال: فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النَّفَل وساءت فيه أخلاقُنا، فانتزعه الله من أيدينا، وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن بَوَاء؛ يقول: على السَّواء.

وسيأتي بقطعة أخرى من الحديث المطوَّل برقم (3298) من طريق جرير بن حازم عن ابن إسحاق.

وبقطع أخرى من الحديث المطوَّل أيضًا برقم (4418) من طريق إسماعيل بن جعفر عن عبد الرحمن بن الحارث.

وتقدمت منه قطعة برقم (2435) من طريق أبي إسحاق الفزاري عن عبد الرحمن بن عياش، وهو عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش نفسُه، نسبه لجد أبيه.

(1)

صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل شرحبيل بن سعد، وقد روي ما يشهد لخبره هذا، وقال الذهبي عن حديثه هذا في "تاريخ الإسلام" 1/ 281: حديث حسن أو صحيح. قلنا: وهذا أحسن من قوله في "تلخيص المستدرك" بأنَّ شرحبيل كان متهمًا، استنادًا إلى قول ابن أبي ذئب فيه. =

ص: 491

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2643 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا ابن أبي ذِئب، عن القاسم بن عباس، عن عبد الله بن نِيَار، عن عُرْوة، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتيَ بظَبْيةٍ فيها خَرَزٌ من الغنيمة، فقسمها بين الحُرّةِ والأمَة سواءً

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2644 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن حَمُّويه، حدثني أبي، حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله، حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن طَهْمان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن أبي نَجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ خيبر عن بيع المَغانم حتَّى تُقسَم، وعن الحَبَالى أن يُوطأنَ حتى

= وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 143، وفي "دلائل النبوة" 4/ 220 - 221 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو القاسم الأصبهاني في "دلائل النبوة"(241) من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، به.

ويشهد له مرسل موسى بن عقبة ومرسل عروة بن الزُّبَير عند البيهقي في "الدلائل" 4/ 219 - 220، ورجال مرسل موسى بن عقبة لا بأس بهم.

ومرسل إسحاق بن يسار المطلبي مولاهم عند ابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 92.

ويشهد له أيضًا لكن دون قصة الغنم حديث أنس بن مالك المتقدم عند المصنف برقم (2494)، وإسناده صحيح.

(1)

إسناده صحيح. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة.

وأخرجه أحمد (42/ 25261) عن عثمان بن عمر، بهذا الإسناد. دون قوله: سواءً.

وأخرجه أحمد (42/ 25229) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، و (43/ 26010) عن يزيد بن هارون، وأبو داود (2952) من طريق عيسى بن يونس السَّبيعي، ثلاثتهم عن ابن أبي ذئب، به.

ولم يذكر أبو النضر ولا عيسى في روايتهما قوله: سواءً.

والظِّبْية: هي جِراب صغير عليه شعر، وقيل: هو شبهُ الخريطة والكيس.

ص: 492

يَضعْن ما في بُطونهن، وقال:"أتسقي زَرْعَ غيرِك؟ "، وعن أكلِ لحوم الحُمُر الإنسيّة، وعن لحم كل ذي نابٍ من السِّباع

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

2645 -

أخبرَناه أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا عُبيد بن شَريك، أخبرنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، حدثني عبد الرحمن بن الحارث، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ خيبر عن بيع المَغانم حتى تُقسَم

(2)

.

وقد روي بعض هذا المتن بإسناد صحيح على شرط الشيخين:

2646 -

أخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا شَيبان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ خيبر عن لحوم الحُمُر الأهليّة، وعن النساء الحَبَالى أن يُوطأنَ حتى يَضعْن ما في بُطونهن، وعن كُلّ ذي نابٍ من السِّباع، وعن بيع الخُمُس حتى يُقسَم

(3)

.

2647 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشَّيباني، حدثنا ابن أبي غَرَزة، حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، حدثنا شَريك، عن منصور، عن رِبعي بن حِراش، عن علي، قال: لمَّا افتَتَح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مكة، أتاهُ ناسٌ من قريش فقالوا: يا محمد،

(1)

إسناد صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (2367).

وانظر تالييه.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات، وهو مكرر الحديث السالف برقم (2304) غير أنَّ شيخ المصنف هناك علي بن حَمْشاذَ العدل.

وانظر ما قبله وما بعده.

(3)

إسناده صحيح.

وقد تقدَّم من هذا الطريق نفسه برقم (2303)، لكن بلفظ: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي نابٍ من السِّباع، وعن قتل الوِلْدان، وعن شراء المغنم حتى يُقسَم.

ص: 493

إنا حُلفاؤُك وقومُك، وإنه لَحِقَ بك أرِقّاؤُنا ليس لهم رغبةٌ في الإسلام، وإنهم فَرُّوا من العَمَل فاردُدْهم علينا، فشاوَرَ أبا بكر في أمرهم، فقال: صدَقوا يا رسول الله، وقال لعُمر:"ما تَرى؟ " فقال مثلَ قول أبي بكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا معشرَ قُريش، لَيَبعثَنَّ الله عليكم رجلًا منكم امتَحَنَ اللهُ قلبَه للإيمان، يضربُ رقابَكم على الدِّين"، فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: "لا" قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: "لا، ولكن خاصِفُ النَّعْل في المسجد"، وقد كان ألقَى نعلَه إلى عليٍّ يَخصِفُها.

ثم قال: أما إني سمعتُه يقول: "لا تَكذِبُوا عليَّ، فإنه مَن يَكذِبْ عليَّ يَلِجِ النارَ"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف بهذا السياق، تفرّد به شريك النخعي وهو سيّئ الحفظ، وقد اضطرب في متنه فأدخل حديثًا في حديث، فقد روى الحديثَ عن منصور بن المعتمر أبانُ بنُ صالح - وهو أحد الثقات - فيما سلف برقم (2608) وفيه أنَّ القصة حدثت في صلح الحديبية وليس فيه ذكر عليٍّ في وعيده صلى الله عليه وسلم لقريش.

وأما الحديث الآخر، فقد رواه أبو سعيد الخُدْري مرفوعًا بلفظ:"إنَّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلتُ على تنزيله"، وفيه قصة استشراف أبي بكر وعمر لذلك، وسيأتي عند المصنف برقم (4671)، وإسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2/ 1336)، والنسائي (8362) من طريق أسود بن عامر، والترمذي (3715) من طريق وكيع بن الجراح، كلاهما عن شريك النخعي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.

وسيأتي من طريق أبي نعيم وأبي غسان عن شريك النخعي برقم (8013).

وانظر ما تقدم برقم (2591).

وروى زيد بن يُثيع عن أبي ذر الغفاري عند النسائي (8403) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لينتهين بنو وَلِيعة أو لأبعثن إليهم رجلًا كنفسي ينفذ فيهم أمري، فيقتل المقاتلة ويسبي الذريّة" قال أبو ذرّ: فما راعني إلّا وكفُّ عمر في حُجزتي من خلفي: مَن يعني؟ فقلت: ما إيّاك يعني، ولا صاحبك، قال: فمن يعني؟ قال: خاصف النعل، قال: وعليٌّ يَخصِف نعلًا. وإسناده فيه لِين، زيد بن يثيع تفرد بالرواية عنه أبو إسحاق السبيعي ولا يعرف له سماع من أبي ذر. وبنو وليعة قوم من كِندة. =

ص: 494

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2648 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، قال: قال لي يحيى بن أيوب: حدثني إبراهيم بن سعد، عن كثير مولى بني مَخزُوم، عن عطاء، عن ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَسَمَ لمئتَي فرسٍ يومَ خيبر سهمَين سهمَين

(1)

.

= وأخرج القطعة الأخيرة من حديث الباب - وهو قوله: "لا تكذبوا عليَّ

" - أحمد 2/ (629) و (630) و (1000) و (1001) و (1292)، والبخاري (106)، ومسلم (1) من طريق شعبة، عن منصور، به.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد لا بأس برجاله غير كثير مولى بني مخزوم، فلم يرو عنه غير إبراهيم بن سعد - وهو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف - ولم يؤثر توثيقه عن أحد، وليس هو كثير بن كثير المخزومي، كما جزم به المصنف بإثر الحديث، لأنَّ كثير بن كثير سهمي من أنفسهم، لا مخزوميٌّ، ولا مولى لبني مخزوم، وفرَّق بينهما البخاري وغيره، ومع ذلك صحَّح إسناده الطبريُّ في "تهذيب الآثار" في القسم المفرد الذي حققه علي رضا (996) و (997)! وقد روي ما يشهد لروايته.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 326 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(6147) عن محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، به.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" تعليقًا 7/ 215، والطبري في "تهذيب الآثار"(996) و (997)، والطبراني في "الكبير"(11464)، وابن عدي في "الكامل" 1/ 249، والدارقطني (4174) و (4175)، والبيهقي في "الدلائل" 4/ 237 - 238 من طرق عن عبد الله بن وهب، به.

وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" 12/ 397 و 14/ 151، وأبو يعلى (2528)، والطبري في "تهذيب الآثار"(998)، وابن المنذر في "الأوسط"(6146) من طريق حجاج بن أرطاة، ويحيى بن آدم في "الخراج"(100)، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 186، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 43 و 50، وعبد الله بن أحمد في "العلل"(2191) من طريق محمد بن السائب الكلبي، كلاهما عن أبي صالح باذام مولى أم هانئ، عن ابن عباس.

ويشهد له حديث عبد الله بن عمر. عند أحمد (8/ 4448)، والبخاري (2863)، ومسلم (1762).

ومرسل صالح بن كيسان عند ابن أبي شيبة 12/ 397 و 14/ 151، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/ 238، ورجاله ثقات. =

ص: 495

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، وقد احتجَّ البخاري بيحيى بن أيوب وكثير بن كثير المخزومي.

2649 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مَهدي بن رُستُم، حدثنا وهب بن جَرير، حدثنا أبي، قال: سمعت عبد الله بن مَلَاذٍ يحدّث عن نُمير بن أوس، عن مالك بن مَسرُوح، عن عامر بن أبي عامر الأشعري، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نِعمَ الحيُّ الأَسْدُ والأشعرِيّون، لا يَفِرُّون في القتال، ولا يُخِلّون، هم مني وأنا منهم".

قال: فحدّثتُ به معاوية، فقال: ليس هكذا، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هم مني وإليّ"، فقلتُ: ليس هكذا حدثني أبي، ولكن حدثني أنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هم مني وأنا منهم"، قال: فأنت إذًا أعلمُ بحديثِ أبيك

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= وانظر ما تقدم برقم (2626).

(1)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن مَلاذٍ ومالك بن مسروح. جرير: هو ابن حازم.

وأخرجه أحمد (28/ 17166) و (29/ 17501) عن وهب بن جرير، والترمذي (3947) عن إبراهيم بن يعقوب وغير واحد، عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد.

والأسْد، بسكون السين هم الأزْد، يقال بالزاي وبالسين.

وقوله: "لا يُخلّون" كذلك جاء في نسخنا الخطية من "المستدرك"، وهو إما أن يكون من: أخلّ بالمكان: إذا غاب عنه وتركه، يعني أنهم لا يغيبون في المَشاهِد، أو من: أخلَّ؛ أي: افتَقَر، يعني أنهم لا يَفتَقِرون، لأنهم يُواسُون بعضهم بعضًا عند فناء أزوادهم أو قلّتها، ويقتسمون أرزاقهم، ويؤيد هذا المعنى الثاني حديث أبي موسى الأشعري عند البخاري (2486)، ومسلم (2500) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الأشعريين إذا أَرْمَلُوا في الغزو أو قلّ طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوبٍ واحدٍ، ثم اقتسموا بينهم في إناءٍ واحدٍ بالسَّوِيَّة، فهم مني وأنا منهم".

ووقع عند سائر من خرَّج الحديث غير المصنف: يَغُلُّون، بدل: يُخلّون؛ من الغُلول من الغنيمة، والله تعالى أعلم.

ص: 496

2650 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر بن سابق الخَوْلاني، حدثنا أيوب بن سُوَيد، حدثنا عبد الله بن شَوذَب، عن عامر بن عبد الواحد، عن عبد الله بن بُريدة الأسلمي، عن عبد الله بن عَمرو، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابَ غنيمةً أمر بلالًا فنادى ثلاثًا، فيرفعُ الناسُ ما أصابُوا، ثم يأمُر به فيُخمَّس، فأتاهُ رجلٌ بزِمَامٍ من شَعر، وقد قُسمتِ الغَنيمةُ، فقال له:"هل سمعتَ بلالًا ينادي ثلاثًا؟ " قال: نعم، قال:"فما مَنَعَك أن تأتيَ به؟ " فاعتَذَر إليه، فقال له:"كن أنت الذي تُوافي به يومَ القيامة، فإني لن أقبلَه منك"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2651 -

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق الخراساني ببغداد، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البَلَدي، حدثنا الهيثم بن جَميل، حدثنا مُبارك بن فَضَالة، عن عُبيد الله

(2)

بن عمر، عن سعيد المقبُري، قال: سمعت أبا هريرة، وكنت جالسًا عنده، فقال أبو هريرة: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ نبيًّا من الأنبياء قاتَلَ أهلَ مدينةٍ، حتى إذا كاد أن يَفتَتحَها خشيَ أن تَغرُبَ الشمسُ، فقال لها: أيّتها الشمسُ، إنك مأمُورةٌ وأنا مأمُورٌ، بحُرْمتي عليكِ إلّا رَكَدْتِ ساعةً من النهار. قال: فحَبَسها الله حتى افتتح المدينة.

وكانوا إذا أصابُوا الغنائمَ قَرَّبوها في القُربان، فجاءتِ النارُ فأكلتْها، فلما أصابوا وَضَعُوا القُربان، فلم تجيءِ النارُ تأكلُه، فقالوا: يا نبيَّ الله، ما لنا لا يُقبلُ قُربانُنا؟ قال: فيكم غُلول، قالوا: وكيف لنا أن نعلمَ مَن عنده الغُلُول؟ قال: وهم اثنا عشر سِبْطًا، قال: يُبايِعُني رأسُ كل سِبْطٍ منكم، فبايَعَه رأسُ كلِّ سِبْطٍ" قال: "فَلَزِقَت كفُّ

(1)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف أيوب بن سُويد، لكنه لم ينفرد به، فقد توبع فيما تقدَّم برقم (2615)، وعامر بن عبد الواحد صدوق حسن الحديث.

(2)

في (ز): عبد الله، بالتكبير، وهو خطأ، والمثبت من (ص) و (ب) و (ع)، هو الموافق لسائر من خرَّج الحديث من طريق مبارك بن فَضالة.

ص: 497

النبي بكفِّ رجل منهم، فقال له: عندك الغُلول، فقال: كيف لي أن أعلمَ عند أي سِبْطٍ هو؟ قال: تدعو سِبْطك فتبايعُهم رجلًا رجلًا، قال: ففعل، فلزِقَتْ كفُّه بكفِّ رجلٍ منهم، قال: عندك الغُلول؟ قال: نعم، عندي الغُلول، قال: وما هو؟ قال: رأسُ ثورٍ من ذهب أعجبَني، فغلَلْتُه، فجاء به فوضعه في الغنائم، فجاءتِ النارُ فأكلتْه".

فقال كعب: صدق اللهُ ورسولُه، هكذا واللهِ في كتاب الله - يعني في التوراة - قال: يا أبا هريرة، أحدَّثكُم النبي صلى الله عليه وسلم أيَّ نبي كان؟ قال: لا، قال كعب: هو يُوشَع بن نُون، قال: فحدَّثكُم أيُّ قرية هي؟ [قال: لا]

(1)

قال: هي مدينة أَريحا

(2)

.

(1)

عبارة: "قال: لا" ليست في النسخ الخطية، وثبتت لجميع من خرَّج الحديث غير المصنف، ولا بد منها لدفع توهم الرفع في قوله بعدها: هي مدينة أريحا.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن لولا عنعنة مبارك بن فَضَالة - وهو البصري - وقد تابعه محمد بن عجلان، فتُغتفَر بذلك عنعنته إن شاء الله، وروي الحديث من وجه آخر عن أبي هريرة كما سيأتي.

وأخرجه البزار (8458) من طريق أبي همام محمد بن الزِّبْرقان والطبراني في "الأوسط"(6600) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي، كلاهما عن مبارك بن فضالة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو سعيد النقَّاش في "فنون العجائب"(66)، والخطيب البغدادي في "الأسماء المبهمة" ص 332 من طريق محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، به وإسناده قوي.

وأخرجه بنحوه دون قصة كعب - وهو كعب بن ماتِع الحِمْيَري، المعروف بكعب الأحبار - أحمد (13/ 8238)، والبخاري (3124)، ومسلم (1747)، وابن حبان (4808) من طريق همام بن مُنبِّه، والنسائي (8827)، وابن حبان (4807) من طريق سعيد بن المسيب، كلاهما عن أبي هريرة. وزاد ابن المسيب في روايته وكذا همام بنحوه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "إنَّ الله أطعمنا الغنائم رحمةً رحمنا بها وتخفيفًا خففه عنا، لما عَلِمَ من ضعفنا".

قوله: "رَكَدْتِ" أي: سكنْتِ ولم تجري.

والسِّبْط: واحد الأسباط، وهم في أولاد إسحاق بن إبراهيم الخليل، بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل.

ص: 498

هذا حديث غريب صحيح، ولم يُخرجاه.

2652 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد بن يحيى الشهيد، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عَرْعَرة السامي، حدثنا أزهر

(1)

بن سعْد السَّمّان، حدثنا ابن عَون، عن محمد، عن

(2)

عُبيدة، عن علي، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأُسارى يوم بدرٍ: "إن شئتم قَتلْتُموهم، وإن شئتم فاديتُم، واستمتعتُم بالفِداء، واستُشهِد منكم بعِدَّتهم"، فكان آخرَ السبعين ثابتُ بنُ قيس، استُشهِد باليَمامة

(3)

.

(1)

تحرَّف في (ز) و (ص) و (ع) إلى إبراهيم، والمثبت على الصواب من (ب) و"سنن البيهقي الكبرى" 6/ 321 حيث روى هذا الحديث عن أبي عبد الله الحاكم، ورواه أيضًا في "السنن الكبرى" 9/ 68، وفي "الدلائل" 3/ 139 عن أبي عبد الله الحاكم عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم، عن ابن عرعرة، عن أزهر. فذكره على الصواب كذلك، ورواية الأصم هذه ليست في "المستدرك".

(2)

تحرَّف في (ز) و (ص) و (ع) إلى: بن، فأوهم أنه محمد بن عَبيدة، وإنما محمد هو ابن سيرين، وشيخه عَبِيدة هو السَّلْماني وجاء على الصواب في (ب) وِفاقًا لما في روايتي البيهقي الآنِفِ ذكرهما.

(3)

إسناده صحيح. وقد اختُلف في وصل هذا الحديث وإرساله، فوصله ابن عون - وهو عبد الله - في رواية أزهر بن سعْد عنه كما في رواية المصنف هنا، ووافقه على وصله هشام بن حسان في رواية سفيان الثَّوري وأبي أسامة حماد بن أسامة، كما أشار إليه الدارقطني في "العلل"(418)، ووافقه على وصله أيضًا جرير بن حازم عند الطبري في "تفسيره" 4/ 166.

لكن رواه إسماعيل ابن عُلَيَّة، عن ابن عون، عند الطبري 4/ 166 و 10/ 46، فأرسله.

وذكر الدارقطني في "العلل"(418): أنَّ خالد بن الحارث وعثمان بن عمر ومعاذ بن معاذ قد رووه عن ابن عون كذلك مرسلًا.

قلنا: وكذلك رواه محمد بن عبد الله الأنصاري عن هشام بن حسان عند ابن سعد 2/ 20 مرسلًا.

وأرسله كذلك أيوب السختياني عند عبد الرزاق في "مصنفه"(9402)، وأشعث بن سَوَّار عند =

ص: 499

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2653 -

أخبرني عبد الله بن سعد الحافظ، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا عمرو بن علي وأحمد بن المِقْدام، قالا: حدثنا أبو بحر البَكْراوي، حدثنا شعبة، حدثنا أبو العَنْبس، عن أبي الشَّعْثاء، عن ابن عباس، قال: جعلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في فِداء الأُسارى أهلِ الجاهلية أربعَ مئة

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2654 -

أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله بن عَتّاب العَبْدي، حدثنا يحيى بن جعفر بن الزِّبْرِقان، حدثنا علي بن عاصم، حدثنا داود بن أبي هند.

وحدثنا علي بن عيسى، حدثنا محمد بن المسيّب، حدثنا إسحاق بن شاهين، حدثنا خالد بن عبد الله، عن داود بن أبي هند، عن عِكرمة، عن ابن عباس، قال: كان ناسٌ من الأُسارى يوم بدر ليس لهم فِداءٌ، فجعلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فِداءَهم أن

= الطبري 4/ 166 و 10/ 46 في روايتهما عن ابن سيرين.

وقال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل"(470): روى أكثر الناس هذا الحديث عن ابن سيرين عن عُبيدة، مرسلًا. وقال الدارقطني في "العلل" (418): المرسل أشبه بالصواب.

وأخرجه الترمذي (1567)، والنسائي (8608)، وابن حبان (4795) من طريق سفيان الثَّوري، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، به. وقال الترمذي: حسن غريب. قلنا: وجاء في رواية سفيان الثَّوري أنَّ جبريل هو من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتخيير أصحابه، لا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قاله من عند نفسه برأي رآه.

ورواية جرير بن حازم عند الطبري تبين أنَّ مجيء جبريل إنما كان بعد أن تم اختيار الفداء، إذ يقول في روايته: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا محمد، إِنَّ الله كره ما صنع قومُك في أخذهم الأُسارى، وقد أمرك أن تُخيِّرهم بين أمرين

فظهر بذلك أنَّ نزول جبريل كان بعد أن أُخذ الفداء من الأَسرى، وبعد مُعاتبة الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في اختيارهم الفداءَ على قتل الأسرى، وبذلك يزول الإشكال الذي أشار إليه بعض شُرَّاح "المصابيح" كما في "المرقاة" للقاري، والله أعلم.

(1)

حديث حسن، وقد تقدَّم برقم (2605) من طريق سفيان بن حبيب عن شعبة.

ص: 500

يُعلِّموا أولادَ الأنصار الكتابةَ، قال: فجاء غلامٌ من أولاد الأنصار إلى أبيه، فقال: ما شأنُك؟ قال: ضربني مُعلِّمي، قال: الخبيثُ يَطلبُ بِذَحْلِ بدرٍ، والله لا تأتيه أبدًا

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2655 -

حدثنا أبو جعفر أحمد بن عُبيد بن إبراهيم الأسدي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن دِيزِيل، حدثنا أبو اليَمَان الحَكَم بن نافع، حدثنا صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه فَيءٌ قَسَمه من يومِه، فأعطى الآهِلَ حَظَّين والعَزَبَ حظًّا

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد أخرج بهذا الإسناد بعَينِه أربعةَ أحاديث، ولم يُخرجاه.

2656 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا رَوْح بن عُبادة وعبد الوهاب الخَفَّاف، قالا: حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يحيى عن سعيد، عن قَتَادة، عن الحسن، عن قيس بن عُبَاد، قال: دخلتُ أنا

(1)

إسناده صحيح من جهة خالد بن عبد الله: وهو الواسطي الطحّان.

وأخرجه أحمد (4/ 2216) عن علي بن عاصم، بهذا الإسناد.

وأخرج منه ذكر تعليم الكتابة دون قصة الغلام الأنصاري: أبو عبيد في "الأموال"(309)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" 2/ 23 من طريقين عن أيوب السختياني، عن عكرمة، مرسلًا.

والذَّحْل: الثأر.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 39/ (23986) و (24004)، وأبو داود (2953) من طريقين عن صفوان بن عمرو، بهذا الإسناد.

والآهل: الذي له زوجة وعيال، والعزب: الذي لا زوجة له.

ص: 501

والأشْتَرُ على عليّ بن أبي طالب يومَ الجَمَل، فقلت: هل عَهِد إليك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عهدًا دون العامّة؟ فقال: لا، إلّا هذا، وأخرج من قِرابِ سيفه، فإذا فيها:"المؤمنون تَكَافأُ دماؤُهم، يَسعى بذِمَّتِهم أدناهُم، وهم يدٌ على مَن سِواهم، لا يُقتَلُ مؤمنٌ بكافر، ولا ذو عَهْدٍ في عَهْدِه"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وسعيد: هو ابن أبي عَروبة، والحسن: هو البصري، والأشتر المذكور: هو مالك بن الحارث النخعي.

وهو في "مسند أحمد"(2/ 993)، وعنه أخرجه أبو داود (4530).

وأخرجه أبو داود (4530) عن مُسدَّد بن مُسَرْهَد، والنسائي (6910) و (8629) عن محمد بن المثنَّى، كلاهما عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (6922) و (8628) من طريق أبي حسان الأعرج، عن الأشتر النخعي، عن علي بن أبي طالب.

وأخرجه أحمد (959) و (991)، والنسائي (6911) و (6921) من طريق أبي حسان الأعرج، عن علي. دون ذكر الأشتر، والصحيح ذكره.

وأخرج أحمد (599)، والبخاري (111)، وابن ماجه (2658)، والترمذي (1412)، والنسائي (6920) من طريق أبي جُحيفة، عن علي، وذَكَر الصحيفة، قال: فيها العَقْل، وفكاك الأسير، ولا يُقتل مسلم بكافر. قلنا: العَقْل: يعني الدية.

وأخرج أحمد (615)، والبخاري (1870) و (3179)، ومسلم (1370) و (1508)(20)، وأبو داود (2034)، والترمذي (2127)، وابن حبان (3716) من طريق يزيد بن شريك التيمي، عن علي، وذكر الصحيفة وذكر فيها أشياء ليست في حديثنا، وقال فيها:"وذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا فعليهِ لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقبل منه صرف ولا عَدْل"، ولم يذكر تكافؤ الدماء ولا قتل المؤمن وذي العهد.

وقِراب السيف: جَفْنُه، وهو وعاء يكون فيه السيف بغِمْده وحمالَته.

وقوله: "تَكَافأُ دماؤهم"، أي: تتساوى في القصاص والديات.

وقوله: "يسعى بذِمّتهم أدناهم"، أي: إذا أعطى أحد الجيش العدوّ أمانًا جاز ذلك على المسلمين، وليس لهم أن يُخفِروه، ولا أن ينقضوا عهدَه.

وقوله: "وهم يدٌ على من سِواهم" أي: إذا استُنفِروا رجب عليهم النَّفير، وإن استُنجِدوا أنجَدُوا، ولم يتخلَّفوا ولم يتخاذلوا. =

ص: 502

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه

(1)

.

وله شاهد عن أبي هريرة وعمرو بن العاص، أما حديث أبي هريرة:

2657 -

فأخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل، حدثنا جدي، حدثنا إبراهيم بن حمزة الزُّبَيري، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رَبَاح، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يُجِيرُ على أُمتي أدناهُم"

(2)

.

وأما حديثُ عمرو بن العاص فمعروف في قتلِه محمدَ بن أبي بكر لما دَخَلَ عليه، قال له: محمدُ بن أبي بكر؟ قال: نعم، قال: بأمانٍ جئتَ؟ قال: لا، قال: فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المسلمون تَتكافأُ دماؤُهم" الحديث

(3)

.

2658 -

أخبرنا أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا

= وقوله: "لا يُقتل مؤمن بكافر" يدخل فيه كل كافر له عهد وذمة، أو لا عهد له ولا ذمّة.

وقوله: "ولا ذو عهد في عهده" أي: لا يقتل معاهَدٌ ما دام في عهده.

(1)

قد أخرجا منه بعض حروفه كما قدمنا من طريقين آخرين عن علي بن أبي طالب.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل كثير بن زيد - وهو الأسلَمي - والوليد بن رباح.

وأخرجه أحمد (14/ 8780) من طريق سليمان بن بلال، عن كثير بن زيد، به.

وأخرجه أيضًا (15/ 9173) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، بلفظ:"ذِمّة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل اللهُ منه يوم القيامة صَرْفًا ولا عدلًا". وإسناده صحيح.

وسيأتي عند المصنف بلفظ رواية الوليد بن رباح من حديث عائشة برقم (5110) بسند حسن، ومن حديث أم سلمة برقم (7015) بسند حسن أيضًا.

(3)

كذا قال المصنف، والمعروف في رواية هذا الحديث أنَّ عمرو بن العاص قال له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُجير على المسلمين أدناهم" ولم يقل له سوى ذلك، فهذا نص رواية عمرو بن العاص كما أخرجه أحمد (29/ 17765) وغيره من طريق شعبة، عن عمرو بن دينار، عن رجل من أهل مصر يُحدّث عن عمرو بن العاص، أنه قال: أُسِر محمد بن أبي بكر، قال: فجعل عمرو يسأله يُعجِبُه أن يدّعيَ أمانًا، قال: فقال عمرو

فذكره. وهذا إسناد ضعيف لإبهام الرجل المصري، لكن مرفوعه صحيح بحديثي علي وأبي هريرة السابقين.

ص: 503

محبُوب بن موسى، حدثنا أبو إسحاق الفَزَاري، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي البَخْتَري، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذِمّةُ المسلمين واحدةٌ، فإن جارَتْ عليهم جائرة، فلا تخفِروها، فإنَّ لكل غادر لواءً يُعرَفُ به يومَ القيامة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، إنما اتفقا على ذكر الغادر فقط

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، وقد سقط من إسناد هذه الرواية رجلٌ بين أبي إسحاق الفزاري - واسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث - وبين عمرو بن مُرة - وهو بن عبد الله الجَمَلي - وهذا الرجل هو أبو سَعْد البقّال - واسمه سعيد بن المَرْزُبان - وهو رجل ضعيف الحديث، وقد أثبته في إسناد هذا الحديث كل من رواه عن أبي إسحاق الفزاري من ثقات أصحابه غير محبوب، وكذلك أثبته عُبيد بن عبد الواحد بن شريك البزار في روايته عن محبوب بن موسى، فالظاهر أنَّ الوهم هنا ممَّن دون محبوب، والله تعالى أعلم، وجزم أبو حاتم الرازي بأنَّ رواية أبي البَختَري - وهو سعيد بن فيروز - عن عائشة مرسلة.

وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 188 من طريق عُبيد بن عبد الواحد البزار، عن محبوب بن موسى، عن أبي إسحاق الفزاري، عن أبي سعد، قال: أخبرنا عمرو بن مرة، به.

وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث"(671)، وأبو عوانة (6526) من طريق معاوية بن عمرو، وأبو عوانة (6526)، والخرائطي في "اعتلال القلوب"(430)، وفي "مساوئ الأخلاق"(399) من طريق عاصم بن يوسف الكوفي، وأبو يعلى (4392) عن محمد بن عبد الرحمن بن سهم، ثلاثتهم عن أبي إسحاق الفزاري، عن أبي سعد البقال الأعور، عن عمرو بن مرة، به.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(5628) من طريق علي بن هاشم بن البَريد، عن أبي سعْد البقّال، به.

وقد صحَّ عن عائشة كما سيأتي عند المصنف برقم (5110): أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أجاز جِوارَ ابنته زينب لزوجها أبي العاص، وقال: "إنه يجير على المسلمين أدناهم، وإسناده حسن.

وصحَّ عن عائشة أيضًا عند أبي داود (2764)، والنسائي (8630) أنها قالت: إن كانتِ المرأةُ لتُجِير على المؤمنين فيجوزُ. هذا لفظ أبي داود، وإسناده صحيح.

(2)

إنما اتفقا عليه من غير حديث عائشة، كابن مسعود وأنس وابن عمر، وانفرد مسلم أيضًا =

ص: 504

2659 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا إسحاق بن إدريس، حدثنا همّام، عن قَتَادة عن الحسن، عن سَمُرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُساكِنُوا المشركين ولا تُجامِعُوهم، فمن ساكَنَهم أو جامَعَهم فليس مِنّا"

(1)

.

= بحديث أبي سعيد الخُدْري. انظر "صحيح البخاري"(3186) و (3188) و"صحيح مسلم"(1735) و (1736) و (1737) و (1738).

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل إسحاق بن إدريس - وهو الأُسواري - فهو متروك الحديث، واتهمه بعضهم بوضع الحديث، وبعضهم بسرقته. وقد رواه عن همام - وهو ابن يحيى - أيضًا بهذا الإسناد محمد بن عبد الملك أبو جابر الأزدي، وهو ليس بالقوي، وفي الإسناد إليه من ليس بمشهور.

وخالفهما نصر بن عطاء الواسطي، فرواه عن همام، عن قتادة عن أنس بن مالك. فذكر أنسًا، بدل سمرة، ولم يذكر الحسن - وهو البصري - لكن نصرًا هذا لم نعرف راويًا عنه غير الفضل بن سهل الأعرج، ولم يؤثر توثيقه عنه أحدٍ، فهو مجهول العين.

وخالفهم جميعًا حجاج بن منهال، فرواه عن همام، عن قتادة، عن الحسن البصري مرسلًا، وهو الصواب، لأنَّ حجاجًا ثقة حافظ.

وقد روي ما يشهد لمُرسل الحسن البصري هذا كما سيأتي.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 142 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (4569)، والطبراني في "المعجم الكبير"(6905) من طرق عن إسحاق بن إدريس، به.

وأخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 1/ 123 من طريق محمد بن عبد الملك الأزدي، عن همام، به.

وأخرجه أسلم بن سهل في "تاريخ واسط" ص 171 من طريق نصر بن عطاء الواسطي، عن همام، عن قتادة، عن أنس.

وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(6339) من طريق حجاج بن منهال، عن همام، عن قتادة، عن الحسن، مرسلًا، لكنه قال في آخره:"فمن ساكنهم وجامعهم فهو مثلهم". ورجاله ثقات إلّا أنَّ مراسيل الحسن واهنة.

وفي الباب عن جرير بن عبد الله عند أبي داود (2645)، والترمذي (1604)، ولفظه:"أنا بريء من كل مسلم يُقيم بين أظهُر المشركين" قالوا: يا رسول الله، لمَ؟ قال:"لا تَراءَى ناراهما".

ص: 505

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2660 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ وإبراهيم بن عِصمة بن إبراهيم، قالا: حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا عمر بن حفص بن غِياث، حدثنا أبي، عن داود بن أبي هند، عن عِكرمة، عن ابن عباس، قال: كان رجلٌ من الأنصار أسلم ثم ارتدّ، فلحِق بالمشركين، ثم ندم فأرسل إلى قومه: أن سَلُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم هل لي مِن توبةٍ؟ قال: فنزلت: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} إلى قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 86 - 89]، قال: فأرسل إليه قومُه فأسلَمَ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2661 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قَتَادة، عن أبي بُردة بن عبد الله بن قيس، أنَّ أباه حدَّث: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خافَ قومًا قال: "اللهم إنا نَجعَلُك في نُحورِهم، ونَعوذُ بك من شُرورِهم"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (4/ 2218) عن علي بن عاصم، والنسائي (3517) و (10999)، وابن حبان (4477) من طريق يزيد بن زُريع، كلاهما عن داود بن أبي هند، به.

(2)

رجاله ثقات إلَّا أنَّ في سماع قتادة من أبي بُردة نظر، فقد قال يحيى بن معين: لا أعلمه سمع من أبي بردة، حكاه عنه إسحاق بن منصور كما في "جامع التحصيل" للعلائي، وقد وقع عند الرُّوياني في "مسنده"(461) تصريح قتادة بسماعه لهذا الحديث من أبي بُردة، لكن يعكّر عليه أنَّ الحديث جاء عند البزار في "مسنده"(3136) بالعنعنة، وشيخه وشيخ الرُّوياني فيه واحد، وهو نصر بن علي الجهضمي، يرويه عن معاذ بن هشام الدَّستُوائي، وقد حسّنه الحافظ في "نتائج الأفكار" 4/ 104، فقال: حديث حسن غريب، ورجاله رجال الصحيح لكن قتادة مدلّس، ولم أره عنه إلّا بالعنعنة، ولا رواه عن أبي موسى إلّا ابنه، ولا عن أبي بُردة إلّا قتادة. =

ص: 506

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وأكبر ظنِّي أنهما لم يُخرجاه.

2662 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل البَجَلي، حدثنا عفّان بن مسلم، حدثنا حماد بن سَلَمة، حدثني محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول: "اللهم أمتِعْني بسمْعي وبصري، واجعلْهما الوارثَ منّي، اللهم انصُرْني على عدوِّي، وأرِني فيه ثأْري"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.

2663 -

حدثنا علي بن عيسى الحِيري، حدثنا مُسدَّد بن قَطَن، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا وكيع، عن عُيَينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بَكْرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قتل مُعاهَدًا في غير كُنهِه، حَرَّمَ الله عليه الجنةَ"

(2)

.

= وأخرجه أحمد (32/ 19720) عن علي بن المديني، وأبو داود (1537)، والنسائي (10362) عن محمد بن المثنّى، والنسائي (8577) عن عُبيد الله بن سعيد، وابن حبان (4765) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن كامَجْرا، كلهم عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (19719) من طريق عمران بن داور القطان، عن قتادة، به.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي.

وقد تقدم برقم (1939) من طريق عبد الرحمن المحاربي عن محمد بن عمرو.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (2760) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (34/ 20377) عن وكيع - وهو ابن الجراح - به.

وأخرجه أحمد (20377) عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد، و (20403) عن يحيى بن سعيد القطان، والنسائي (6923) من طريق خالد بن الحارث، كلهم عن عُيينة بن عبد الرحمن، به. زاد يحيى القطان:"حرَّم اللهُ عليه الجنةَ أن يجد ريحَها".

وانظر ما سلف برقم (2611).

قوله: "في غير كنهه" قال ابن الأثير في "النهاية": كنه الأمر: حقيقته، وقيل: وقته وقدره، وقيل: غايته، يعني: من قتله في غير وقته أو غاية أمره الذي يجوز فيه قتلُه.

ص: 507

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2664 -

أخبرنا أبو نصر أحمد بن سهل بن حَمْدَويه الفقيه ببُخارى، حدثنا إبراهيم بن مَعْقِل النَّسَفي، حدثنا محمد بن عمرو الرازي ويُلقَّب بزُنَيج، حدثنا سَلَمة بن الفضل، حدثني محمد بن إسحاق قال: كان مُسيلِمةُ كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد حدَّثني محمد بن إسحاق، عن سعد بن طارق الأشجعي، عن سلمة بن نُعيم بن مسعود الأشجعي، عن أبيه نُعيم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لرسولَيْ مُسيلِمةَ حين قرأ كتاب مسيلمة: "ما تقولانِ أنتما؟ " قالا: نقول كما قال، قال:"أما والله لولا أنَّ الرسلَ لا تُقتَل، لضربتُ أعناقَكُما"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2665 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن المؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيلي، حدثنا زهير بن معاوية، حدثنا أبو إسحاق، عن حارثةَ بن مُضَرِّب، عن علي، قال: كنا إذا حَمِيَ البأسُ ولقيَ القومُ القومَ، اتَّقينا

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار المطَّلِبي مولاهم - وقد صرَّح بسماعه في الطريق الآتية برقم (4425).

وأخرجه أبو داود (2761) عن محمد بن عمرو الرازي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (25/ 15989) عن إسحاق بن إبراهيم الرازي، عن سلمة بن الفضل، به. وصرَّح بسماع ابن إسحاق من سعد بن طارق.

وقد أشار البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "علله الكبير"(715) إلى أن ابن أبي زائدة قد تابع فيه ابنَ إسحاق، لكن لم نقف على هذه الرواية، كما لم يقف عليها الدارقطني من قبل، فقد ذكر في كتابه "الغرائب والأفراد" - كما في "أطرافه" للمقدسي (4401) - أنَّ ابن إسحاق تفرَّد به عن أبي مالك سعد بن طارق.

ويشهد له حديث ابن مسعود الآتي عند المصنف برقم (4426)، وسمى فيه اسم الرسولين، وهما ابن النوَّاحة وابن أُثال.

ص: 508

برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يكون أحدٌ منا أدنَى إلى القومِ منه

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2666 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا يحيى بن أيوب، عن يحيى بن سعيد، عن عطاء بن يَسَار، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غزوةٌ في البحر خيرٌ من عشر غَزَوات في البَرِّ، ومن أجازَ البحرَ، فكأنما أجازَ الأوديةَ كلَّها، والمائدُ فيه كالمُتشَحِّط في دَمِه"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2/ 1347) والنسائي (8585) من طرق عن زهير بن معاوية أبي خيثمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (654) و (1042) من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، عن جده، به. وذكر أنَّ ذلك كان يوم بدرٍ.

(2)

صحيح موقوفًا على عبد الله بن عمرو بن العاص، دون قوله:"ومن أجاز البحر فكأنما أجاز الأودية كلها"، وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن صالح - وهو كاتب الليث - في حفظه سوءٌ، وقد أخطأ في إسناد هذا الحديث في موضعين منه، فأسقط ذكر الواسطة فيه بين يحيى بن سعيد - وهو الأنصاري - وبين عطاء بن يسار، ورفَعَ الحديث، وخالفه سفيان الثَّوري، فرواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري عمَّن سمع عطاء بن يسار، ووقَفَه على عبد الله بن عمرو، وهذا الرجل الذي سمع عطاءً مبْهمٌ. لكن روي هذا الخبرُ من طريق أخرى صحيحة عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو موقوفًا عليه، فالموقوف هو الصحيح. وبذلك يتبين بأنَّ ما قاله المنذري في "الترغيب" 2/ 199 من موافقته للحاكم في تصحيحه، وقوله: لا يضرُّ ما قيل في عبد الله بن صالح، فإنَّ البخاري احتجَّ به. قولٌ غير مُسلَّم له، والله ولي التوفيق.

وأخرجه ابن حبان في "المجروحين" 2/ 42، والطبراني في "المعجم الأوسط"(3144)، وفي "المعجم الكبير"(14581)، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(436)، وأبو الحسين بن بشران في "فوائده" ضمن مجموع فيه عدة أجزاء حديثية (89)، وأبو القاسم بن بشران في الجزء الثاني من "أماليه"(1530)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 334، وفي "شعب الإيمان"(3917) من طرق عن عبد الله بن صالح، بهذا الإسناد. =

ص: 509

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2667 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العدل وبكر بن محمد الصَّيرفي، قالا: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا أبو الوليد الطَّيالسي، حدثنا ليث بن سعد، عن أبي عَقِيل زُهْرة بن مَعْبَد، عن أبي صالح مولى عثمان بن عفّان، قال: سمعت عثمان بن عفّان، يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "رِبَاطُ يومٍ في سبيل الله خيرٌ من ألف يومٍ فيما سِواه"

(1)

.

2668 -

وأخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، عن زُهرة بن مَعْبَد، أنه سمع أبا صالح يقول: سمعت عثمان بن عفان، وهو بمنًى يقول: إني أحدِّثُكم حديثًا لم أكن حدَّثْتُكُموه قطُّ، إني

= وأخرجه عبد الرزاق (9630)، وابن أبي شيبة 5/ 315 من طريق سفيان الثَّوري، عن يحيى بن سعيد، أخبرني مخبِرٌ، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو، موقوفًا.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2395) عن يعقوب بن عبد الرحمن وعبد العزيز بن أبي حازم، عن أبي حازم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو، موقوفًا أيضًا، دون قوله: ومن أجاز البحر فكأنما أجاز الأودية كلها، وإسناده صحيح.

وقد صحَّ ذكر المائد في البحر مرفوعًا من حديث أم حرام بنت مِلْحان عند أبي داود (2493) بلفظ: "المائد في البحر الذي يصيبه القيء، له أجر شهيد". وإسناده حسن.

والمائد: هو اسم فاعل من ماد يَميد: إذا داخَ رأسُه من غثيان معدته من ريح البحر.

وقوله: أجاز، أي: قطع.

والمُتشحِّط: المُتلطِّخُ بالدم.

(1)

إسناده حسن كما تقدم بيانه برقم (2412)، وحسَّنه الترمذي.

وأخرجه الترمذي (1667) عن الحسن بن علي الخلّال، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1/ (470) و (558) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، والنسائي (4363) من طريق عبد الله بن يوسف، كلاهما عن الليث بن سعد، به.

وانظر ما بعده.

ص: 510

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "رِباطُ يومٍ في سبيلِ الله خيرٌ من ألفِ يومٍ فيما سواه"، هل بلّغتُكم؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشْهَدْ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2669 -

أخبرنا أبو العباس قاسم بن القاسم السَّيّاري، حدثنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرني حَيْوة بن شُريح، أخبرني أبو هانئ حُميد بن هانئ الخَوْلاني، أنَّ عمرو بن مالك الجَنْبي أخبره، أنه سمع فَضَالة بن عُبيد يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"مَن ماتَ على مَرْتَبةٍ من هذه المَراتِب، بُعِث عليها يومَ القيامة: رِباطٌ، أو حجٌّ، أو غيرُ ذلك"

(2)

.

2669 م - قال فَضَالةُ: وسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلُّ مَيتٍ يُختَم على عَمَله إِلَّا الذي مات مُرابطًا في سبيل الله، يَنمُو له عملُه إلى يوم القيامة، ويُؤْمَّنُ فتنةَ القبر"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2670 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن

(1)

إسناده حسن كسابقه.

(2)

إسناده صحيح. أبو المُوَجِّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري، وعَبْدان: هو عبد الله بن عثمان بن جَبَلة، وعَبْدان لقبُه، وعبد الله: هو ابن المبارك.

وأخرجه أحمد (39/ 23941) عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (23945) عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حيوة بن شُريح، به وقَرَنَ به عبدَ الله بنَ لَهيعة.

وقد تقدم برقم (1276) من طريق عبد الله بن وهب عن أبي هانئ الخولاني.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (39/ 23951)، والترمذي (1621)، وابن حبان (4624) من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وقد تقدم برقم (2448) من طريق عبد الله بن وهب عن أبي هانئ.

ص: 511

سُوَيد بن قيس، عن معاوية بن حُدَيج، عن أبي ذرّ، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس من فرسٍ عَرَبي إلّا يُؤذَنُ له مع كلّ فَجْرٍ بدعوتَين، يقول: اللهم إنك خَوّلْتَني مَن خَوّلْتَني مِن بني آدم، فاجعلْني أحبَّ أهلِه ومالِه إليه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2671 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا موسى بن سهل

(2)

، حدثنا مروان بن معاوية الفَزَاري، عن أبي حيّان التَّيْمي، عن أبي زُرعة، عن أبي هريرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُسمّي الأُنثى من الخيل فَرَسًا

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2672 -

أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعراني، حدثنا جدي، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن أبي حُميد، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن أبيه، عن جده سعد بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَعادةٌ لابن آدم ثلاثةٌ، وشَقاوةٌ لابن آدم ثلاثةٌ، فمِن سعادة ابن آدم: المرأةُ الصالحة، والمَسكَنُ

(1)

صحيح موقوفًا على أبي ذرّ الغفاري كما بيناه برقم (2488)، فقد تقدم هناك من طريق رَوح بن عُبادة عن عبد الحميد بن جعفر.

وأخرجه أحمد (35/ 21497) عن يحيى بن سعيد القطان، والنسائي (4390) عن عمرو بن علي الفلّاس، عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

(2)

كذا وقع اسم شيخ عثمان بن سعيد في النسخ الخطية: موسى بن سهل، ووقع في "إتحاف المهرة" للحافظ (20366): موسى بن إسماعيل. ونظن أنَّ إسماعيل تحريف عن سهل، وفي هذه الطبقة موسى بن سهل الرمْلي، وهو ثقة، لكن الذي يغلب على ظننا أنَّ ذكرَه في هذا الإسناد خطأٌ، والصحيح موسى بن مروان الرقِّي، كما وقع مقيَّدًا في رواية البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 330 عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده الذي هنا، والله تعالى أعلم.

(3)

إسناده صحيح. أبو حَيَّان التَّيْمي: هو يحيى بن سعيد بن حيّان، وأبو زُرعة: هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البَجَلي.

وأخرجه أبو داود (2546) عن موسى بن مروان الرَّقِّي، وابن حبان (4680) من طريق عمرو بن عثمان الحمصي، كلاهما عن مروان بن معاوية، بهذا الإسناد.

ص: 512

الصالح، والمَركَبُ الصالح، ومِن شقاوة ابن آدم المسكنُ الضّيِّق، والمرأةُ السُّوء، والمَركبُ السُّوء"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2673 -

أخبرنا أبو العباس السَّيّاري، أخبرنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثني زيد بن أَرْطاة، عن جُبير بن نُفَير، عن أبي الدرداء، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ابغُوني ضُعفاءَكم، فإنكم إنما تُرزَقون وتُنصَرون بضعفائِكم"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2674 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثني يحيى بن سليمان الجُعْفي، حدثني ابن وهب، حدثني حُيَيّ، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يومَ بدرٍ بثلاث مئةٍ وخمسةَ عشرَ من المُقاتِلة، كما خرج طالُوتُ، فدعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج، فقال: "اللهم إنهم

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن أبي حميد - وهو الأنصاري الزُّرَقي - لكنه قد توبع. عبد العزيز بن محمد: هو الدَّرَاوردي.

وأخرجه أحمد (1445) عن روح بن عُبادة، عن محمد بن أبي حميد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (4032) من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، به. بلفظ:"أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهَنيء، وأربع من الشقاوة: الجار السُّوء، والمرأة السُّوء، والمسكن الضيّق، والمركب السُّوء"، وإسناده صحيح.

وسيأتي برقم (2717) من طريق أبي بكر بن حفص عن محمد بن سعد. وإسناده قوي.

وفي الباب عن نافع بن عبد الحارث سيأتي عند المصنف برقم (7493).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (36/ 21731)، والترمذي (1702)، وابن حبان (4767) من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وقد تقدم برقم (2540) من طريق بشر بن بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر.

ص: 513

حُفاةٌ، فاحمِلْهم، اللهم إنهم عُراةٌ، فاكسُهُم اللهم إنهم جِياعٌ، فأشبِعْهم"، ففتح الله لهم يوم بدر، فانقَلَبوا وما منهم رجلٌ إلّا قد رجع بجَمَل أو جَمَلَين، واكتسَوْا وشَبِعُوا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2675 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أبو الجُماهِر محمد بن عثمان التَّنُوخي وأبو تَوْبة الربيع بن نافع الحلبي، قالا: حدثنا الهيثم بن حُميد، أخبرني راشد بن داود الصنعاني، حدثنا أبو أسماء الرَّحَبي، عن ثَوْبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في مَسيرٍ له:"إنا مُدلِجُون الليلةَ إن شاء الله، فلا يَرحلَنَّ معنا مُضعِفٌ ولا مُصعِب"، فارتحَلَ رجلٌ على ناقةٍ له صعبةٍ، فسقط فاندقّت عنقُه فمات، فأَمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُدفَن، ثم أمر بلالًا فنادى:"إنَّ الجنَّةَ لا تَحِلُّ لعاصٍ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده حسن كما عند الرواية السالفة برقم (2629).

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد فيه لِين من أجل راشد بن داود الصنْعاني، فهو مختَلف فيه، وثَّقه ابن معين ودُحيم، وقال عنه البزار في "مسنده" (4174): ليس بن بأس، وضعفه البخاري والدارقطني، لكن رُويت هذه القصة التي ذكرها من طريقٍ مرسلةٍ رجالها ثقات، على أنَّ المرفوع آخره قد رُوي من وجه آخر مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم رجاله ثقات أيضًا.

وأخرجه أحمد (37/ 22364) من طريق إسماعيل بن عياش، عن راشد بن داود، به. وحسَّنه الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 41.

ويشهد للحديث مرسل القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي عند سعيد بن منصور في "سننه"(2493)، ورجاله ثقات، وفيه أنَّ هذه الحادثة كانت في خيبر. وقد رُوي هذا المرسل من وجه آخر موصولًا بذكر أبي أمامة عند الرُّوياني في "مسنده"(1234)، والطبراني في "الكبير"(7792) و (7793)، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو سيئ الحفظ فلا يُعتد بوصله للخبر.

وقد روي آخر الحديث المرفوع منه في قصة أيضًا من مرسل عروة بن الزُّبَير عند أبي داود في "المراسيل"(319)، ورجاله ثقات أيضًا.

ص: 514

‌كتاب قتال أهل البَغي وهو آخر الجهاد

2676 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأُموي، حدثنا محمد بن سنان القَزّاز، حدثنا عبد الله بن خُمْران، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، أخبرني أبي، عن عمر بن الحَكَم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ وهو يَقسِمُ تمرًا يوم حُنين، فقال: يا محمد، اعدِلْ، قال:"وَيحَك ومَن يعدلُ عليك إذا لم أعدِلْ؟ " أو "عند مَن تلتمِسُ العدْلَ بعدي؟ " ثم قال: "يُوشِكُ أن يأتيَ قومٌ مثلُ هذا، يَسألُون كتابَ الله وهم أعداؤه، يقرؤون كتابَ الله، محلَّقةً رؤوسُهم، فإذا خَرجُوا فاضرِبُوا رقابَهم"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

2677 -

أخبرني أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرَّقَاشي، حدثنا أبو عاصم الضحّاك بن مَخْلَد، حدثنا عثمان الشَّحّام، حدثنا مُسلم بن أبي بَكْرة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أقوامًا من أمتي أشدّةً ذَلِقةً ألسنتُهم بالقرآن، لا يجاوزُ تَراقِيَهم، يَمْرُقُون مِن الدِّين كما يَمرُق السهمُ من الرَّمِيَّة، فإذا لقيتُمُوهم فاقتُلُوهم، فإنَّ المأجورَ مَن قَتلَهم"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل محمد بن سنان القزاز، وقد توبع.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(944) عن أبي موسى محمد بن المثنى، والطبراني في "الكبير"(14249) من طريق رجاء بن محمد العُذري، كلاهما عن عبد الله بن حُمران، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد (11/ 7038) من طريق مِقْسَم أبي القاسم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وإسناده حسن.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عثمان الشحَّام، وقد روي الحديث عن أبي بكرة =

ص: 515

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وقد رواه حماد بن زيد عن عثمان الشّحّام:

2678 -

أخبرَناه أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببُخارى، أخبرنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود العَتَكي وأحمد بن عَبْدة الضَّبّي قالا: حدثنا حماد بن زيد، عن عثمان الشحّام، قال: أتيت مُسلمَ بن أبي بَكْرة وفَرْقَدَ السَّبَخي، فدخلْنا عليه، فقلنا: أسمعتَ أباك يذكُر في حديث الفتن؟ فقال: نعم، سمعتُ أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يكون في أمتي قومٌ أعداءٌ ذَلِقَةٌ ألسنتُهم بالقرآن، فإذا رأيتُمُوهم فأَنِيمُوهم، فإذا رأيتموهم فأَنِيمُوهم"

(1)

.

2679 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إسحاق بن الحسن بن ميمون، حدثنا عفّان بن مسلم، حدثنا حماد بن سَلَمة، حدثنا الأزرق بن قيس، عن شَريك بن شِهاب، قال: كنت أتمنّى أن أرى رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدّثُني عن الخوارج، قال: فلقيتُ أبا بَرْزة في يوم عرفةَ في نفر من أصحابه، فقلت: يا أبا بَرْزة،

= من وجهين آخرين أحدهما حسن كما سيأتي.

وأخرجه أحمد (34/ 20382) عن وكيع بن الجراح، و (20446) عن روح بن عُبادة، كلاهما عن عثمان الشحّام، به.

وسيأتي بعده من طريق حماد بن زيد عن عثمان الشحّام.

وأخرجه بنحوه أحمد (20434) من طريق بلال بن بُقْطُر، عن أبي بكرة. وبلال مجهول.

وله طريق أخرى عند ابن أبي عاصم في "السنة"(936) عن نصر بن عاصم، عن أبي بكرة. وإسناده حسن.

ذَلِقَة، أي: فصيحة بليغة.

والتراقي: جمع تَرْقُوة، وهي العظم الذي بين ثُغْرة النَّحر والعاتق، وهما تَرقُوَتان.

والرَّمِيَّة: الصيد الذي ترميه فتقصده وينفُذ فيه سهمك. وقيل: هي كل دابّة مَرْميّة.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي كسابقه.

وقوله: "فأنيموهم"، أي: اقتلوهم.

ص: 516

حدِّثنا بشيءٍ سمعتَه من النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول في الخوارج، قال: أحدّثُك ما سمعتْ أُذناي ورأتْ عَيناي: أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنانيرَ من أرضٍ، فكان يَقسِمُها وعنده رجلٌ أسودُ مَطمُومُ الشعر، عليه ثوبان أبيضان، بين عينيه أثرُ السُّجود، فتعرَّض لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه من قِبَل وجهه، فلم يُعطِه شيئًا، فأتاه مِن قِبَل شماله، فلم يُعطِه شيئًا، فأتاه من خلفه، فقال: والله يا محمد، ما عَدلْتَ منذ اليومِ في القِسْمة، فغضب النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:"لا تَجِدُون بعدي أحدًا أعدَلَ عليكم مني" قالها ثلاثًا، ثم قال:"يخرج من قِبَل المشرق قومٌ كأنّ هديَهم هكذا، يقرؤون القرآنَ لا يجاوزُ تَراقِيَهم، يَمْرُقُون من الدِّين كما يَمرُق السهمُ من الرَّمِيَّة، ثم لا يَرجعون إليه - ووضع يده على صدره - سِيماهم التَّحليق، لا يزالون يخرُجُون حتى يخرجَ آخرُهم، فإذا رأيتُمُوهم فاقتُلُوهم - قالها حماد ثلاثًا - هم شرُّ الخَلْق والخَلِيقة - قالها حماد ثلاثًا" وقال: قال أيضًا: "لا يَرجِعون فيه"

(1)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل شريك بن شهاب، فلا يُعرف له غير هذا الحديث، ولا يُعرف روى عنه غير الأزرق بن قيس، وقال النسائي: ليس بذاك المشهور، وذكره ابن حبان في "الثقات".

وأخرجه أحمد (33/ 19783) عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (19808) عن عبد الصمد بن عبد الوارث ويونس بن محمد المؤدّب، والنسائي (3552) من طريق أبي داود الطيالسي، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، به. وقالوا فيه:"حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال".

ويشهد له دون قوله: "حتى يخرج آخرهم" حديثا عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي بكرة اللذان قبل هذا الحديث.

وحديثا أنس بن مالك وأبي سعيد الخُدْري الآتيان بعده.

وكذلك حديث علي بن أبي طالب عند البخاري (3611)، ومسلم (1066).

وحديث عبد الله بن عُمر عند البخاري (6932).

وحديث سهل بن حُنيف عند البخاري (6934)، ومسلم (1068). =

ص: 517

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2680 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد، حدثنا الحسن بن علي بن بحر البَرِّي، حدثنا أبي، حدثنا هشام بن يوسف الصنعاني، عن مَعمَر، عن قَتَادة، عن أنس، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"سيكون في أمتي اختِلافٌ وفُرقةٌ، وسيجيء قومٌ يُعجِبُونكم وتُعجبُهم أنفسُهم، الذين يقتلونهم أَولى بالله منهم، يُحسِنون القيلَ ويُسيئُون الفِعلَ، يَدعُون إلى الله، وليسوا مِن الله في شيء، فإذا لَقيتمُوهم فأَنِيمُوهم" قالوا: يا رسول الله، انعَتْهم لنا، قال:"آيتُهم الحَلْقُ والتَّسْبيتُ" يعني: استئصال القَصير

(1)

، قال: والتَّسبِيتُ: استئصال الشَّعر

(2)

.

= وحديث جابر بن عبد الله عند البخاري (3138)، ومسلم (1063)، لكن رواية البخاري مختصرة.

وحديث أبي ذر الغفاري ورافع بن عمرو الغفاري عند مسلم (1067).

وعند أبي ذر ورافع وأنس وحدهم من هؤلاء الذين تقدَّم ذكرهم من الزياة: "هم شر الخلق والخَليقة"، وهي في رواية عن أبي سعيد عند مسلم.

وفي رواية عن عليٍّ عند مسلم: "مِن أبغضِ خلق الله إليه". وزادها بعضُ من ذُكر في روايته خارج الصحيح، وغيرهم، كما بينه الحافظ في "فتح الباري" 22/ 216 - 217.

ويشهد له مع قوله: "حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال" حديث عبد الله بن عمرو بن العاص فيما سيأتي عند المصنف برقم (8707)، وإسناده حسن إن شاء الله

وقوله: "مطمُوم الشعر" أي: مجزوز الشعر محلوقه.

والسِّيْما: العَلامة.

(1)

في (ص) و (ب): التقصير، والمثبت من (ز) هو الوجه، والمعنى: استئصال الشعر القصير، كما صرَّح به في رواية أحمد (20/ 13036).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (20/ 13036) من طريق رباح بن زيد الصنعاني، وأبو داود (4766)، وابن ماجه (175) من طريق عبد الرزاق، كلاهما عن معمر، به.

وسيأتي بعده من طريق الأوزاعي عن قتادة.

وأخرجه بنحوه أحمد (12886) و (12972) من طريق سليمان التيمي، عن أنس بن مالك، قال: ذُكر لي أنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم قال - ولم أسمعه منه - فذكره. ومرسل الصحابي حجّة باتفاق أهل العلم. =

ص: 518

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد روى هذا الحديث الأوزاعيُّ عن قَتَادة عن أنس، وهو صحيح على شرط الشيخين:

2681 -

حدَّثَناه أحمد بن عثمان البَزّاز ببغداد، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن الهيثم البَلَدي، حدثنا محمد بن كثير المِصِّيصي، حدثنا الأوزاعي، عن قَتَادة، عن أنس بن مالكٍ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"سيكون في أمتي اختِلافٌ وفُرقةٌ، قومٌ يُحسِنون القِيلَ ويُسيئون الفِعلَ، يقرؤون القرآنَ لا يُجاوزُ تَراقِيهَم، يَحقِرُ أحدُكم صلاتَه مع صَلاته، وصيامَه مع صيامه، يَمرُقون من الدِّين مُروقَ السهْم من الرَّمِيَّة، لا يرجعُ حتى يُرَدَّ السهمُ على فُوقِه، وهم شِرارُ الخلق والخليقة، طُوبَى لمن قتَلَهم وقتَلُوه، يَدعُون إلى كتاب الله، وليسُوا منه في شيءٍ، مَن قاتلهم كان أَولى بالله منهم" قالوا: يا رسول الله، ما سِيماهُم؟ قال:"التَّحْلِيق"

(1)

.

2682 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا بِشْر بن بكر، حدثنا الأوزاعي، حدثني قَتَادة بن دِعامة، عن أنس بن مالك وأبي سعيد الخُدْري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سيكونُ في أمتي اختِلافٌ وفُرقةٌ، قومٌ يُحسِنون

= وأخرجه بنحوه أيضًا أحمد (12615) من طريق خلف بن خليفة، عن حفص ابن أخي أنس بن مالك، عن عمِّه، وقال في هذه الرواية: أشهدُ لَسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونظن ذلك وهمًا من خلف بن خليفة، فإنه كان قد تَغيَّر واختلط، وخالفه التيمي، وهو أوثق منه فبيَّن أنس في روايته أنه لم يسمع هذا الخبرَ من النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل محمد بن كثير المِصِّيصي.

وأخرجه أحمد (21/ 13338) عن أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخَولاني، وأبو داود (4765) من طريق الوليد بن مسلم ومُبشِّر بن إسماعيل الحلبي، ثلاثتهم عن أبي عمرو الأوزاعي، به. وقرنوا في رواياتهم بأنس أبا سعيد الخُدْري، كما في رواية بشر بن بكر الآتية بعده.

وفُوْق السهم: موضع الوَتَر منه.

ص: 519

القِيل ويُسيئون الفِعل، يقرؤون القرآنَ لا يجاوِزُ تَراقيَهم، يَمرُقون من الدِّين مُروقَ السهم من الرَّمِيَّة، لا يَرجِعون حتى يَرْتدَّ على فُوقِه، شرُّ الخلق والخَلِيقة، طُوبَى لمن قتَلَهم وقتَلُوه، يَدعُون إلى كتاب الله، وليسوا منه في شيءٍ، من قاتلَهم كان أَولى بالله منهم" قالوا: يا رسول الله، فما سِيْماهم؟ قال:"التَّحْليق"

(1)

.

لم يسمع هذا الحديث قَتَادة من أبي سعيد الخُدْري، إنما سمعه من أبي المتوكِّل الناجِيّ عن أبي سعيد:

(1)

إسناده عن أنس صحيح، وأما عن أبي سعيد، فإنَّ قتادة لم يسمع منه كما جزم به المزي، وقد نفى أحمد وأبو حاتم سماعه من أحدٍ من الصحابة غير أنس، وزاد أبو حاتم وأبو زرعة عبدَ الله بن سَرْجِس، وزاد ابنُ المديني أبا الطُّفيل عامر بن واثلة. وعبارة المصنف بإثره تُوهم عدم سماعه لهذا الخبر فقط، والصحيح عدم سماعه من أبي سعيد مطلقًا، والله تعالى أعلم، وبينهما فيه واسطة كما سنبينه في الطريق التالية، وقد روي هذا الخبر عن أبي سعيد الخُدْري من وجوه أخرى صحيحة.

وأخرجه أحمد (21/ 13338) عن أبي المغيرة الخَولاني، وأبو داود (4765) من طريق الوليد بن مسلم ومُبشِّر بن إسماعيل، ثلاثتهم عن أبي عمرو الأوزاعي، به.

وأخرجه بنحوه أحمد (17/ 11291)، والبخاري (5058) و (6931)، ومسلم (1064)، وابن ماجه (169)، والنسائي (8035)، وابن حبان (6737) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، وأحمد (18/ 11614)، والبخاري (7562) من طريق معبد بن سيرين، وأحمد 17/ (11196) و (11275) و 18/ (11448) و (11750)، ومسلم (1064) من طريق أبي نَضْرة المنذر بن مالك بن قِطْعة، وأحمد (18/ 11488) من طريق يزيد بن صهيب الفقير، والبخاري (6931)، ومسلم (1064) من طريق عطاء بن يسار، كلهم عن أبي سعيد الخُدْري. وقال معبد في روايته:"يخرج أناس من قبل المشرق"، ورواية أبي نضرة مختصرة، بلفظ:"تمرُق مارِقةٌ عند فُرقة من المسلمين، يقتلها أَولى الطائفتين بالحق"، وله لفظ آخر بنحو لفظ الرواية الآتية عند المصنف بعده.

وسيأتي بعده من طريق قتادة، عن المتوكِّل الناجي، عن أبي سعيد.

وبرقم (2691) من طريق عبد الملك بن أبي نضرة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخُدْري، ضمن قصة ذي الخويصرة التميمي، وسيأتي هناك تمامُ تخريجه.

ص: 520

2683 -

أخبرَنيهِ أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه بالطابَرَان، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي بهَراةَ وعُبيد بن عبد الواحد بن شَريك ببغداد، قالا: حدثنا أبو الجُماهر محمد بن عثمان التَّنُوخي، حدثنا سعيد بن بَشير، عن قَتَادة، عن عليّ الناجِيّ، عن أبي سعيد الخُدْري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَثَلُهم مَثَل رجل يَرمي رَميّةً، فيَتَوخّى السهمَ حيث وقعَ، فأخذه فنَظَر إلى فُوقِه فلم يَرَ به دسَمًا ولا دمًا، ثم نظر إلى رِيشه فلم يَرَ به دسَمًا ولا دمًا، ثم نظر إلى نَصْلِه فلم يَرَ به دسمًا ولا دمًا، كما لم يتعلَّقْ به شيءٌ من الدسَمِ والدمِ، كذلك لم يتعلَّقْ هؤلاء بشيءٍ من الإسلام"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف سعيد بن بَشير ضعيف يُعتبر به في المتابعات لكنه لم يتابع على ذكر أبي المتوكل علي بن داود الناجيّ في إسناده بين قتادة وأبي سعيد، فقد رواه الأوزاعي في الرواية السابقة وغيره عن قتادة عن أبي سعيد الخُدْري مباشرة دون واسطة، لكن روى أبو عَوانة بعضَ الرواية التي قبل هذه عن قتادة عن أبي نَضْرة المنذر بن مالك بن قِطْعة عن أبي سعيد الخُدْري، فالذي يغلب على ظننا أنَّ هذا هو الصواب في الواسطة، لأنَّ أبا عوانة ثقة حافظ، فروايته مقدَّمة على رواية سعيد بن بشير، والله أعلم، ويؤيده أنَّ سليمان التيمي روى نحو هذه الرواية التي هنا عن أبي نضرة عن أبي سعيد كما سيأتي.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(4369)، وفي "مسند الشاميين"(2711) من طريق محمد بن بكار، عن سعيد بن بشير، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 18/ (11416) و (11611)، ومسلم (1064) واللفظ له، والنسائي (8502) من طريق أبي عوانة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخُدْري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تكون في أمتي فرقتان، فتخرج من بينهما مارِقة، يلي قَتْلَهم أَولاهم بالحق"، وهذه قطعة من حديث الأوزاعي عن قتادة المتقدم قبله.

وأخرجه بنحو الرواية التي هنا: أحمد (17/ 11018)، ومسلم (1064) واللفظ له، من طريق سليمان التيمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذكر قومًا يكونون في أمته، يخرجون في فرقة من الناس، سيماهم التحالُق، قال:"هم شر الخلق - أو من شر الخلق - يقتلهم أدنى الطائفتين من الحق" قال: فضرب النبي صلى الله عليه وسلم لهم مثلًا، أو قال قولًا:"الرجل يرمي الرميّة - أو قال: الغَرضَ - فينظر في النصل فلا يرى بَصيرة، وينظر في النَّضِيّ فلا يرى بَصيرة، وينظر في الفُوق فلا يرى بَصيرة". =

ص: 521

2684 -

أخبرنا إسحاق بن محمد بن خالد الهاشمي بالكوفة، حدثنا محمد بن علي بن عفّان العامِري، حدثنا مالك بن إسماعيل النَّهْدي، أخبرنا إسرائيل بن يونس، عن مسلم الأَعْور، عن حَبَّة

(1)

العُرَني، قال: دخلتُ أنا وأبو سعيد الخُدْري على حُذيفة، فقلنا: يا أبا عبد الله، حدِّثنا ما سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة، قال حذيفةُ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دُورُوا مع كتابِ الله حيثُما دارَ"، فقلنا: فإذا اختلف الناسُ فمع من نكون؟ فقال: انظُروا الفئةَ التي فيها ابنُ سُمَيّة، فالْزَمُوها، فإنه يَدُور مع كتابِ الله، قال: فقلت: ومَن ابنُ سُمَيّة؟ قال: أوَما تعرفُه؟ قلت: بَيِّنه لي، قال: عمّار بن ياسر، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار:"يا أبا اليَقْظانِ، لن تموتَ حتى تَقتُلَك الفئةُ الباغِيةُ عن الطريق"

(2)

.

= وأخرجه بنحو هذه الرواية أيضًا أحمد 17/ (11291) و 18/ (11537) و (11579)، والبخاري (3610) و (6163) و (6933)، ومسلم (1064)، وابن ماجه (169)، والنسائي (8507) و (8508) و (11156)، وابن حبان (6741) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، وبعضهم قرن فيه بأبي سلمة الضحاك المِشْرَقيَّ.

والنَّضِيُّ: السهم قبل أن يُنحت إذا كان قِدْحًا. والبَصيرة: شيء من الدم يُستَدَلُّ به على الرَّمِيَّة.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: خالد، وجاء على الصواب في "إتحاف المهرة" للحافظ (4233).

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل مسلم الأعور - وهو ابن كيسان المُلائي - وقد تركه بعضهم كما نَبَّه عليه الذهبي في "تلخيصه". وقد اختلف عليه في ذكر من كان بصحبة حَبّة العُرَني لما دخل على حذيفة، فذكر هنا في رواية إسرائيل عنه أبا سعيد الخُدْري، وذكر في رواية أبي أسامة الآتية برقم (5780)، وكذا في رواية محمد بن فضيل عند غير المصنف أبا مسعود، وذكر في رواية علي بن مسهر ابنَ مسعود! حبّة العُرَني: هو ابن جُوَين، وهو ضعيف.

وأخرجه البزار (2948)، والطبري في "تاريخه" 5/ 38 - 39، والطبراني في "الكبير"(14430)، وأبو الحسن علي بن عمر السُّكَّري في "مشيخته"(96)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 197 من طريق محمد بن فضيل، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية" للحافظ (4413)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 428 من طريق علي بن مسهر، كلاهما عن مسلم الأعور، به. دون قوله:"دُوروا مع كتاب الله حيثما دار". =

ص: 522

هذا حديث له طرق بأسانيد صحيحة، أخرجا بعضها، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.

2685 -

حدثنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البَغَوي، حدثنا أبو كامل الجَحْدَري، حدثنا عبد العزيز بن المختار، حدثنا خالد الحَذّاء، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، أنه قال له ولابنِه عليّ: انطلِقا إلى أبي سعيد فاسمَعا منه حديثَه في شأن الخوارج، فانطلقا فإذا هو في حائطٍ له يُصلِح، فلما رآنا أخذ رداءه ثم احتَبَى، ثم أنشأ يحدِّثنا حتى علا ذِكرُه في المسجد

(1)

، فقال: كنا نَحمِل لَبِنةً لَبِنةً، وعمارٌ يحمِل لَبِنتَين لَبِنتَين، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يَنفُضُ الترابَ عن رأسِه ويقول:"يا عمارُ، ألا تحملُ لَبِنةً لَبِنةً كما يحملُ أصحابُك؟ " قال: إني أريد الأجرَ عند الله، قال: فجعل يَنفُض عنه الترابَ، ويقول:"وَيْحَ عمارٍ، تقتُلُه الفئةُ الباغِيةُ" قال: ويقولُ عمار: أعوذُ بالله من الفِتَن

(2)

.

= وقد روي قوله: "دوروا مع كتاب الله حيثما دار" من حديث معاذ بن جبل عند الطبراني في "الكبير" 20/ (172)، وفي "الصغير"(749)، وفي "مسند الشاميين"(658)، وعنه أبو نعيم في "الحلية" 5/ 165، ورجاله لا بأس بهم، لكن تابعيّه لم يدرك معاذًا.

وقوله صلى الله عليه وسلم لعمار: "تقتلك الفئة الباغية" مروي عن جملة من الصحابة، كحديث أبي سعيد الخُدْري الآتي بعده، وحديث عمرو بن حزم وعمرو بن العاص الآتي برقم (2695)، وحديث أم سلمة عند مسلم (2916).

وانظر تمام شواهده في "مسند أحمد" عند حديث عبد الله بن عمرو بن العاص 11/ (6499).

(1)

كذا جاء هذا الحرف في النسخ الخطية: حتى علا ذكره في المسجد، وعند سائر من خرَّج الحديث غير المصنف: حتى أتى على ذكر بناء المسجد، وهو كذلك في رواية البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 546 عن أبي عبد الله الحاكم، عن أبي عمرو بن أبي جعفر، عن أبي القاسم البَغَوي. فهذه رواية أخرى عن الحاكم اختلف فيها شيخه فقط، ولم تقع في "مستدركه" هذا، وقد يجوز أن يكون معناها هنا: حتى علا أبو سعيد في حديثه في السَّرْد التاريخي لما حدَّث به النبي صلى الله عليه وسلم عن الخوارج من لدن حديثه عنهم يوم حنين وما قاله له ذو الخويصرة حتى رجع في التاريخ إلى حديثه في شأن المسجد، أي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. وقد يجوز أن يكون وقع في العبارة سقط وتحريف.

(2)

إسناده صحيح. أبو كامل الجحدري: هو فضيل بن حسين، وخالد الحذّاء: هو ابن مهران، =

ص: 523

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعكرمة: هو أبو عبد الله البربري مولى ابن عباس. وقوله في الحديث: "تقتلك الفئة الباغية" لم يسمعه أبو سعيد من النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي بيانه، لكن ذلك لا يضر بصحة الحديث، لأنه يكون عندئذٍ مرسل صحابي.

وأخرجه البخاري (447) عن مُسدَّد، عن عبد العزيز بن المختار، بهذا الإسناد. لكن لفظ المرفوع آخره عنده:"ويح عمار، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار" دون عبارة: "تقتلك الفئة الباغية" لأكثر رواة البخاري، وقد ثبتت لبعضهم كما بيَّنه الحافظ في "الفتح" 2/ 367 - 368.

وبيَّن أيضًا أنَّ البخاري حذفها عمدًا - كأنه قصد بعد أن أثبتها أولًا - لنُكتة خفية، وهي أنَّ أبا سعيد لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم كما صرَّح به هو نفسه في بعض روايات أبي نضرة عنه عند أحمد، وأنه إنما سمعها من أبي قتادة الأنصاري كما صرَّح به في بعض طرق أحمد ومسلم كما سيأتي واقتصر البخاري على هذا القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي صلى الله عليه وسلم وحَذَفَ المدرج. قلنا: لكن إدراجها في حديث أبي سعيد لا يضر بصحة الحديث، لأنَّ غاية ما فيه عندئذٍ أن يكون مرسلًا لصحابي، وهو حُجّة، فكيف إذا عرفنا أنَّ شعبة اقتصر عليها في روايته عن خالد الحذاء كما سيأتي، ولم يذكر واسطةً بين أبي سعيد الخُدْري وبين النبي صلى الله عليه وسلم؟!

وأخرجه أحمد 17/ (11166)، والنسائي (8494) من طريق شعبة بن الحجاج، وأحمد 18/ (11861) عن محبوب بن الحسن، والبخاري (2812) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وابن حبان (7078) من طريق يزيد بن زُريع، و (7079) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، كلهم عن خالد الحذّاء، به. ولم يذكر شعبة ولا يزيد بن زريع في روايتهما قصة إرسال ابن عباس لعكرمة ولابنه علي بن عبد الله بن عباس. وزاد محبوب بن الحسن وكذا يزيد بن زريع وخالد الواسطي في رواياتهم:"يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار". وعبارة "تقتلك الفئة الباغية" حُذفت من رواية أبي ذر الهروي لصحيح البخاري، فوافق صنيعُ البخاري في رواية عبد الوهاب صنيعَهُ في رواية عبد العزيز بن المختار، وثبتت لغير أبي ذرّ، واقتصر شعبة في روايته عليها.

وأخرجه أحمد 17/ (11221) من طريق أبي هشام، عن أبي سعيد الخُدْري، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأبو هشام هذا مجهول.

وأخرجه أحمد (11011) من طريق داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخُدْري قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد، فجعلنا ننقل لبنة لبنة، وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين، فتتَرَّب رأسه، قال: فحدثني أصحابي، ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه جعل ينفض رأسه ويقول:"ويحك يا ابن سُميّة، تقتلك الفئة الباغية". =

ص: 524

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه بهذه السّياقة.

2686 -

أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى المقرئ ببغداد، حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن موسى الحُنيني، حدثنا أبو حذيفة النَّهْدي، حدثنا عِكْرمة بن عمار، عن شدّاد بن عبد الله أبي عمار، قال: شهدتُ أبا أمامة الباهِلي وهو واقف على رأس الحَرُورية عند باب دمشق، وهو يقول:"كلابُ أهل النار - قالها ثلاثًا - خيرُ قَتْلى من قَتَلوا" قال: ودَمَعَت عيناه، فقال له رجل: يا أبا أُمامة، أرأيت قولَك: هؤلاء كلابُ النار، أشيء سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو رأي رأيتَه في نفسك؟ قال: إني إذًا لجريءٌ، لو لم أسمعْه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا مرّة أو مرّتين أو ثلاثًا - وعدّ سبع مرات - ما حدّثْتُكموه، قال له رجل: إني رأيتك قد دَمَعت عيناك، قال: إنهم لما كانوا مؤمنين وكفروا بعد إيمانهم، ثم قرأ:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} الآية [آل عمران: 105]، فهي لهم مرتين

(1)

.

= وأخرجه أحمد 37/ (22609)، ومسلم (2915) من طريق أبي مسلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخُدْري، قال: أخبرني من هو خير مني؛ أبو قتادة، فذكره.

تنبيه: قد روى هذا الحديث شعبة أيضًا عن خالد الحذّاء، عن الحسن البصري وأخيه سعيد، عن أمهما، عن أم سلمة. أخرجه من هذه الطريق أحمد 44/ (26563) و (26650)، ومسلم (2916)، والنسائي (8490)، وتابع خالدًا الحذاء على هذا عبدُ الله بن عون عند أحمد 44/ (26563)، ومسلم (2916)، والنسائي (8217) و (8492)، وأيوب السختياني عند أحمد (26563)، والنسائي (8491)، فدلَّ ذلك على أنه محفوظ عن خالد الحذاء على الوجهين، وتكفي رواية شعبة عنه لكليهما، والله أعلم.

(1)

إسناده حسن من أجل أبي حُذيفة النَّهْدي - واسمه موسى بن مسعود - لكنه قد تُوبع في الطريق التالية، وقد روي الحديث عن أبي أمامة أيضًا من وجهين آخرين.

وأخرجه أحمد 36/ (22151) من طريق سيّار الشامي مولى معاوية بن أبي سفيان، وأحمد (22183) و (22208)، وابن ماجه (176)، والترمذي (3000) من طريق أبي غالب كلاهما عن أبي أمامة.

وأخرجه أحمد (22314) من طريق صفوان بن سُليم، يقول: دخل أبو أمامة الباهلي دمشق =

ص: 525

2687 -

أخبرنا أبو محمد بن زياد، حدثنا محمد بن إسحاق بن خُزيمة، حدثنا أحمد بن يوسف السُّلمي، حدثنا النضر بن محمد، حدثنا عِكْرمة بن عمار، حدثنا شدّاد بن عبد الله أبو عمّار، قال: سمعت أبا أمامة، وهو واقف على رؤوس الحَرُورية على باب حمص أو باب دمشق، وهو يقول: كلابُ النار، كلابُ النار، شرُّ قَتلى تحت ظِلّ السماء، خيرُ قتلى مَن قتلوهُم؛ ثم ساق الحديث نحو حديث أبي حذيفة

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وحدَّثَ مسلم في "المسند الصحيح" عن نصر بن علي، بن عمر بن يونس بن القاسم، عن عِكْرمة بن عمار، عن شدّاد أبي عمار، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يقول الله: يا ابنَ آدم، إنك إن تَبذُلِ الفضلَ" الحديث

(2)

.

وإنما شرحنا القولَ فيه، لأنَّ الغالب على هذا المتن طرق حديث أبي غالب عن أبي أمامة، ولم يُخرجاه.

2688 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب من أصل كتابه، حدثنا أبو أُميّة محمد بن إبراهيم الطَّرَسُوسي، حدثنا عمر بن يونس بن القاسم بن معاوية اليَمامي، حدثنا عِكرمة بن عمار العِجْلي، حدثنا أبو زُمَيل سِماك الحَنَفي، حدثنا عبد الله بن عباس،

= فرأى رؤوس حروراء، فذكره. ورجاله ثقات، لكن صفوان لم يُدرك هذه القصة كما تُوهم روايته هذه وسيأتي بعده من طريق النضر بن محمد بن موسى الجُرَشي عن عكرمة بن عمار.

ويشهد للمرفوع منه حديث عبد الله بن أبي أوفى الآتي برقم (6577)، وإسناده لا بأس به.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

أخرجه مسلم (1036) عن نصر بن علي وزهير بن حرب وعبد بن حميد، ثلاثتهم عن عمر بن يونس.

والحديث أخرجه أيضًا الترمذي (2343) عن محمد بن بشار، عن عمر بن يونس، به. وليس في رواية مسلم ولا الترمذي ما ذكره الحاكم في اللفظ الذي ساقه:"يقول الله" وإن كان ذلك معلومًا من دلالة نصِّ الحديث، على أنه قد جاء التصريحُ به في رواية للبيهقي في "شعب الإيمان"(3143).

ص: 526

قال: لما خرجتِ الحَرُورية اجتمعوا في دارٍ وهم ستة آلاف، أتيتُ عليًّا، فقلت: يا أمير المؤمنين، أبرِدْ بالظُّهر لَعلِّي آتي هؤلاء القوم فَأُكلّمَهم، قال: إني أخافُ عليك، قلت: كلا.

قال: فخرجتُ إليهم، ولبستُ أحسنَ ما يكون من حُلل اليمن، قال أبو زُميل: كان ابن عباس جميلًا جَهِيرًا، قال ابن عباس: فأتيتُهم وهم مجتمِعُون في دارهم قائلون، فسلَّمتُ عليهم، فقالوا: مرحبًا بك يا ابن عباس، فما هذه الحُلّة؟ قال: قلت: ما تَعيبون عليَّ، لقد رأيتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنَ ما يكون من الحُلَل، ونَزَلَ:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32]، قالوا: فما جاء بك؟ قلت: أتيتُكم مِن عند صحابة النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، لأُبلِّغكم ما يقولون، وتُخبروني

(1)

بما تقولون، فعليهم نزل القرآن، وهم أعلمُ بالوحي منكم وفيهم أُنزل، وليس فيكم منهم أحدٌ. فقال بعضهم: لا تُخاصِموا قريشًا، فإنَّ الله يقول:{بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58].

قال ابن عباس: وأتيتُ قومًا لم أرَ قومًا قطُّ أشدَّ اجتهادًا منهم، مُسهَمَةً وجوهُهم من السَّهر، كأنَّ أيديهم ورُكبَهم ثَفِنٌ

(2)

، عليهم قُمُصٌ مُرَحَّضة

(3)

، فقال بعضُهم: لنُكلِّمنَّه ولنَنظُرنَّ ما يقول، قلت: أخبِروني ماذا نَقَمتُم على ابن عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهرِه والمهاجرين والأنصار؟ قالوا: ثلاثًا، قلت: ما هنّ؟ قالوا: أما إحداهنّ: فإنه

(1)

وقع في النسخ الخطية: المخبرون، والمثبت من رواية البيهقي في "سننه الكبرى" 8/ 179 عن أبي عبد الله الحاكم، وهو الموافق لرواية عبد الرحمن بن مهدي عن عكرمة بن عمار، حيث جاء فيها: وأبلّغهم ما تقولون.

(2)

تحرَّف في النسخ إلى: تثنى، وجاء على الصواب في رواية البيهقي. والثَّفِن: ما ولي الأرض من كل ذات أربع إذا بَرَكت، ويحصل فيه غِلَظٌ.

(3)

تحرَّفت العبارة في النسخ، وجاءت على الصواب في رواية البيهقي. والقُمُص المُرحَّضة: المغسُولة.

ص: 527

حَكَّم الرجالَ في أمر الله، وقال الله:{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [يوسف: 40]، وما للرِّجال وما للحكم؟ فقلت: هذه واحدة، قالوا: وأما الأُخرى: فإنه قاتَلَ ولم يَسْبِ ولم يَغْنَم، فلئن كان الذي قاتَلَ كفارًا، لقد حَلَّ سَبْيُهم

(1)

وغنيمتُهم، ولئن كانوا مؤمنين ما حَلّ قتالُهم. قلت: هذه ثِنتان، فما الثالثة؟ قالوا: إنه مَحَا نفسَه مِن أمير المؤمنين، فهو أمير الكافرين، قلت: أعندكم سوى هذا؟ قالوا: حسبُنا هذا.

فقلت لهم: أرأيتُم إن قرأتُ عليكم من كتاب الله ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما يردُّ به قولَكم، أتَرْضَون؟ قالوا: نعم، فقلت لهم: أمّا قولكم: حَكَّم الرجالَ في أمر الله، فأنا أقرأ عليكم ما قد رُدَّ حكمُه إلى الرجال في ثمن رُبع درهم في أرنبٍ ونحوِها من الصيد، فقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} إلى قوله: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95]، فنشَدتُكم بالله، أحُكمُ الرجالِ في أرنبٍ ونحوها من الصيد أفضلُ، أم حُكمُهم في دمائهم وصلاحِ ذاتِ بينِهم، وأن تَعلَمُوا أنَّ الله لو شاء لحكَم ولم يُصيِّر ذلك إلى الرجال؟

وفي المرأة وزوجها قال الله عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]، فجعل الله حُكمَ الرجالِ سنةً ماضية. أخَرَجتُ عن هذه؟ قالوا: نعم.

قال: وأما قولكم: قاتَلَ ولم يَسْبِ، ولم يَغْنَم، أتسْبُون أمَّكم عائشة، ثم تَستحلُّون منها ما يُستحلُّ من غيرها؟ فلئن فعلتُم لقد كفرتُم وهي أمُّكم، ولئن قلتم: ليست بأمِّنَا، لقد كفرتم، فإنَّ الله يقول:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6]، فأنتم تدُورون بين ضلالَتَين، أيُّهما صِرتُم إليها صِرتُم إلى ضلالةٍ، فنظر بعضُهم إلى بعض. قلت: أخَرَجتُ من هذه؟ قالوا: نعم.

قال: وأما قولكم: مَحَا اسمَه من أمير المؤمنين، فأنا آتيكُم بمن تَرضَون، وأُراكم قد

(1)

تحرَّف في (ز) إلى: سلبهم.

ص: 528

سمعتُم: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يومَ الحُدَيبيَة كاتَبَ سُهيلَ بن عمرو وأبا سفيان بن حَرْب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين:"اكتُبْ يا عليُّ: هذا ما اصطَلَح عليه محمدٌ رسول الله" فقال المشركون: لا والله ما نعلم أنك رسولُ الله، لو نعلم أنك رسولُ الله ما قاتَلْناك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم إنك تَعلمُ أني رسولُ الله، اكتُبْ يا عليُّ: هذا ما اصطَلَح عليه محمدُ بنُ عبد الله"، فوالله لَرسولُ الله خيرٌ من عليٍّ، وما أخرَجَه من النبوّة حين مَحَا نفسه.

قال عبد الله بن عباس: فرجع من القوم أَلفان، وقُتل سائرُهم على ضلالةٍ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2689 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا هشام بن علي السَّدُوسي، حدثنا محمد بن كَثير العَبْدي، حدثنا يحيى بن سُليم وعبد الله

(2)

بن واقِد، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن عبد الله بن شَدّاد بن الهادِ، قال: قَدِمتُ على عائشة، فبينما نحنُ عندها

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (4037) عن إبراهيم بن خالد أبي ثور الكلبي، عن عمر بن يونس، بهذا الإسناد. مختصرًا بذكر خروج ابن عباس للحرورية لابسًا أحسن الحلل.

وأخرجه أحمد 5/ (3187)، والنسائي (8522) و (11747) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن عكرمة بن عمار به ورواية أحمد والنسائي في الموضع الثاني مختصرة بذكر صلح الحديبية.

وسيأتي برقم (7555) من طريق محمد بن عيسى بن حيان المدائني، عن عمر بن يونس، لكن بزيادة رجل بين أبي زُميل وابن عباس. وانفرد بذلك المدائني وهو إلى الضعف أقرب.

وقوله: "أبرِد بالظهر" أي: أخّر الصلاة حتى يخفّ الحَرّ.

والحَرُورية: نسبة إلى حَرُوراء، وهي موضع قريب من الكوفة كان أول ما اجتمعت فيه الخوارج، فنسبوا إليه، وخروجهم هو انتقاضهم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

والجَهِير: ذو المنظر الجليل الحسن.

ومُسهَمَة، أي: متغيّرة.

(2)

تحرَّف في (ز) إلى: ويحيى، وهو خطأ.

ص: 529

جلوسٌ مَرجِعَها من العراق لياليَ قُوتل عليٌّ، إذ قالت: يا عبدَ الله بن شدّاد، هل أنت صادقِي عمَّا أسألك عنه؟ حَدِّثني عن هؤلاء القومِ الذين قتَلَهم عليٌّ، قلت: وما لي لا أَصدُقُكِ؟ قالت: فحدِّثني عن قصتهم، قلت: إنَّ عليًّا لما كاتَبَ معاويةَ وحَكَّم الحكَمَين، خرج عليه ثمانية آلاف من قُرّاء الناس، فنزلوا أرضًا من جانب الكوفة يقال لها: حَرُوراء، وإنهم أنكَروا عليه، فقالوا: انسلخْتَ من قميصٍ ألبَسَكَهُ اللهُ وأسماكَ به، ثم انطلقتَ فحكَّمْتَ في دِين الله، ولا حُكمَ إِلَّا لله، فلما بلغ عليًّا ما عَتَبوا عليه وفارَقُوه، أمَرَ فأذَّن مُؤذِّن: لا يَدخُلَنَّ على أمير المؤمنين إلّا رجلٌ قد حَمَلَ القرآن، فلما أن امتلأ من قرّاء الناس الدارُ، دعا بمصحف عظيم، فوضعَه عليٌّ بين يديه، فطَفِقَ يَصُكُّه بيده، ويقول: أيها المصحفُ حَدَّثَ الناسَ، فناداه الناسُ، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما تسألُه عنه؟ إنما هو وَرَقٌ ومِدادٌ، ونحن نتكلّم بما رأينا منه، فماذا تريد؟ قال: أصحابكم الذين خرجوا بيني وبينهم كتابَ الله، يقول اللهُ عز وجل في امرأة ورجل:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} [النساء: 35]، فأُمَّةُ محمد صلى الله عليه وسلم أعظمُ حُرمةً من امرأة ورجل.

ونَقَمُوا عليَّ أني كاتبتُ معاويةَ وكتبتُ

(1)

عليَّ بن أبي طالب، وقد جاء سُهيل بن عمرو ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحُدَيبيَة حين صالَحَ قومَه قريشًا، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سُهيلٌ: لا تَكتُبْ: بسم الله الرحمن الرحيم، قال:"فكيف أكتُبُ؟ " قال: اكتُبْ: باسمِك اللهمَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اكتُبْ" ثم قال: "اكتُبْ: من محمدٍ رسول الله" قال: لو نعلمُ أنك رسولُ الله لم نُخالِفْك، فكتب: هذا ما صالَحَ عليه محمدُ بن عبد الله قريشًا. يقول الله في كتابه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: 21].

(1)

وقع في النسخ الخطية: وكتب، بصيغة الغائب، والمثبت بصيغة المتكلم من رواية البيهقي في "الكبرى" 8/ 179 - 180 عن أبي عبد الله الحاكم، وكذلك جاء في "تاريخ دمشق" لابن عساكر 27/ 102 - 103 حيث رواه من طريق البيهقي عن الحاكم.

ص: 530

فبعثَ

(1)

إليهم عليُّ بن أبي طالب [عبدَ الله بنَ عباس]

(2)

، فخرجتُ معهم، حتى إذا تَوسَّطْنا عسكَرَهم قام ابن الكَوّاء فخطب الناسَ، فقال: يا حَمَلةَ القرآن، هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يكن يَعرِفُه فأنا أَعرِفُه مِن كتاب الله، هذا مَن نزل في قومه:{بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58]، فرُدُّوه إلى صاحبِه، ولا تُواضِعُوه كتابَ الله، قال: فقام خطباؤهم، فقالوا: لا والله، لنُواضِعنَّه كتابَ الله، فإذا جاء بالحقّ نَعرفُه استطَعْناه، ولئن جاء بالباطل لنُبَكِّتَنَّه بباطِلِه، ولنَرُدَّنّه إلى صاحبِه، فواضَعُوه على كتابِ الله ثلاثةَ أيامٍ، فرجع منهم أربعةُ آلافٍ كلُّهم تائبٌ، منهم ابن الكوّاء، حتى أدخلَهم على عليٍّ، فبعث عليٌّ إلى بقيّتهم فقال: قد كان مِن أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتُم، فقِفُوا حيثُ شئتم، حتى تجتمعَ أمّةُ محمد صلى الله عليه وسلم، وتنزلوا فيها حيث شئتم، بيننا وبينكم أن نَقِيَكم رماحَنا ما لم تقطعُوا سبيلًا أو تطلبوا دمًا، فإنكم إن فعلتُم ذلك فقد نَبَذْنا إليكم الحربَ على سَواءٍ، إن الله لا يحبُّ الخائنين.

فقالت له عائشة: يا ابنَ شدّاد، فقد قتلهم، فقال: واللهِ ما بعثَ إليهم حتى قَطَعوا السبيلَ، وسَفَكوا الدماءَ بغير حقِّ الله، وقتلوا ابنَ خَبّاب، واستَحَلُّوا أهلَ الذِّمّة، فقالت: آللهِ؟ فقلت: آللهِ الذي لا إله إلّا هو.

قالت: فما شيءٌ بلغني عن أهل العراق يتحدّثون به يقولون: ذو الثُّدَيّ، ذو الثُّدَيّ، قلتُ: قد رأيتُه ووقفتُ عليه مع عليٍّ في القَتْلى، فدعا الناسَ، فقال: هل تعرفون هذا؟ فكان أكثرُ من جاء يقول: قد رأيتُه في مسجد بني فلان يصلي، ورأيتُه في مسجد بني فلان يصلي، فلم يأتِ بثَبَتٍ يُعرَف إلّا ذلك، قالت: فما قول عليٍّ حين قام عليه كما يَزعُم أهلُ العراق؟ قلت: سمعتُه يقول: صَدَق اللهُ ورسولُه، قالت: وهل سمعتَ أنت منه قال غيرَ

(1)

وقع في النسخ الخطية: فبعثه، بزيادة ضمير الغائب، ولا مذكورَ سابِقٌ فيعودَ عليه الضمير، والمثبت على الصواب من رواية البيهقي عن أبي عبد الله الحاكم، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر، بحذف الضمير، وسيُذكر مفعولُه عندهما، وهو عبد الله بن عباس.

(2)

سقط من النسخ وأثبتناه من رواية البيهقي عن الحاكم، ومن طريقه ابن عساكر.

ص: 531

ذلك؟ قلت: اللهم لا، قالت: أجَلْ، صدقَ اللهُ ورسولُه، يَرحَمُ اللهُ عليًا، إنه من كلامه، كان لا يرى شيئًا يُعجِبُه إلّا قال: صدق الله ورسوله

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه إِلَّا ذكرَ ذي الثُّدَيّة، فقد أخرجه مسلم بأسانيد كثيرة.

2690 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دُحَيم الشَّيباني، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة الغِفاري، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن محمد بن قيس، قال: سمعت مالك بن الحارث يقول: شهدتُ عليًّا يوم النَّهْروان طلبَ المُخْدَجَ فلم يَقدِرْ عليه، فجَعَلَت جبينُه تَعرَقُ وأخذه الكَرْب، ثم إنه قَدَرَ عليه، فخَرّ ساجدًا، فقال: والله ما كَذَبتُ ولا كُذِبتُ

(2)

.

(1)

حديث حسن، وهذا إسناد لا بأس برجاله، لكن عبد الله بن عثمان بن خثيم لم يسمع هذا الخبر من عبد الله بن شداد، بينهما فيه عبيدُ الله بن عياض القاريّ، كما في رواية غير الحاكم، وإن كان سماع ابن خُثيم من ابن شداد محتمل، لكن لم نقف له على رواية عنه مباشرة، وعُبيد الله بن عياض المذكور ثقة.

وما وقع في إسناد الحاكم هنا من نسبة محمد بن كثير عَبْديًّا فيه نظر، لأنَّ عبد الله بن واقد المذكور في الإسناد - وهو أبو رجاء الهروي - المشهور بالرواية عنه محمد بن كثير المِصِّيصي، وليس العَبْدي، وإذا ثبت ذلك فإنَّ محمد بن كثير المِصِّيصي ضعيف يعتبر به، فالظاهر أنَّ إسقاط ذكر عُبيد الله بن عياض جاء من قِبَله، والله تعالى أعلم.

وأخرجه أحمد 2/ (656) عن إسحاق بن عيسى الطبّاع، عن يحيى بن سُليم، عن ابن خُثيم، عن عبيد الله بن عياض، عن عبد الله بن شداد. وإسناده حسن.

(2)

صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل مالك بن الحارث - وقيل: اسمه الحارث بن قيس، وهو أبو موسى الهَمْداني - لم يرو عنه غير محمد بن قيس - وهو المُرهِبي - كان ممن شهد مع عليٍّ قتال الخوارج، وقد رُوي خبرُه هذا من وجوه عن عليّ بن أبي طالب. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي.

وأخرجه مسلم (1066)، والنسائي (8509)، وابن حبان (6939) من طريق عُبيد الله بن أبي رافع، ومسلم (1066)، وأبو داود (4768)، والنسائي (8516 - 8518) من طريق زيد بن وهب، =

ص: 532

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بذكر سجدة الشُّكر، وهو غريب صحيح في سجود الشكر.

2691 -

أخبرنا مُكرَم بن أحمد بن مكرم القاضي، حدثنا أبو قِلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرَّقَاشي، حدثنا أبو عَتَّاب سهل بن حمّاد، حدثنا عبد الملك بن أبي نَضْرة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخُدْري: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه مال، فجعل يَضرِب بيده فيه فيُعطي يمينًا وشمالًا، وفيهم رجل مُقَلَّص الثياب، ذو سِيْماءَ، بين عَينَيه أثرُ السجود، فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يضرب يدَه يمينًا وشمالًا حتى نَفِد المالُ، فلما نَفِدَ المالُ ولَّى مُدبرًا، وقال: والله ما عدلتَ منذ اليومِ. قال: فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُقلِّب كفّه، ويقول: "إذا لم أعدِلْ فمن ذا يَعدلُ بعدي؟ أَمَا إِنه سَتَمْرُق مارِقةٌ، يَمرُقون من الدِّين مُروق السهم من الرَّمِيّة، ثم لا يعُودون إليه حتى يَرجِعَ السهمُ على فُوقِه، يقرؤون القرآن لا يجاوز تَراقِيهَم، يُحسِنون القولَ ويُسيئون الفعلَ، فمن لقيَهم فليقاتلْهم، فمن قتلهم فله أفضلُ الأجر، ومن قتَلُوه فله أفضل الشهادة، هم شرُّ البَرّيّة،

= وأحمد 2/ (672) من طريق أبي كثير مولى الأنصار، وأبو داود (4769) من طريق أبي الوضيء عبّاد بن نُسيب - وسيأتي من هذا الطريق عند المصنف مطوَّلًا برقم (8831) - والنسائي (8514) من طريق سُليم بن بَلْج، و (8515) من طريق كليب بن شهاب، والنسائي (8520) من طريق عَبيدة السَّلْماني، كلهم عن علي بن أبي طالب في قصة الْتماسه المُخدَج في القتلى يوم النهروان، وأكثرهم يقول في روايته: قال علي: صدق الله، بدل: ما كَذَبتُ ولا كُذِبت، وقال عبيدة في روايته: الله أكبر، ثلاث مرات، ولم يذكر أحد من هؤلاء سجود عليٍّ لما رأى المخدج.

وقد رواه عن علي بن أبي طالب جماعة فذكروا سجوده لما رأى المخدج:

فقد أخرجه أحمد (848) و (1255)، والنسائي (8513) من طريق طارق بن زياد الكوفي، وعبد الله بن أحمد في "السنة"(1515)، والبزار (900) من طريق أبي المؤمن الواثلي، والبزار (564) من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، والخطيب في "تاريخ بغداد" 14/ 464 من طريق قيس بن أبي حازم، كلهم عن علي بن أبي طالب. بأسانيد حِسان.

والمُخدَج: ناقص الخَلْق. وقد كان ذلك المخدج مُخدج اليد كما صُرِّح به في بعض الروايات.

ص: 533

بَرِئ اللهُ منهم، تقتلهم أَولى الطائفتَين بالحقّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة

(2)

، وعبد الملك بن أبي نَضْرة من أعزّ البصريين حديثًا، ولا أعلم أني عَلَوت له في حديث غير هذا.

2692 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، أخبرنا الحارث بن أبي أسامة، أنَّ كثير بن هشام حدثهم، حدثنا جعفر بن بُرْقان، حدثنا ميمون بن مِهْران، عن أبي أُمامة، قال: شهدتُ صِفِّين، فكانوا لا يُجِيزون

(3)

على جَريح، ولا يقتلون

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الملك بن أبي نضرة وسهل بن عتَّاب. وأخرجه بنحوه أحمد 18/ (11537) و (11621)، والبخاري (6163) و (6933)، ومسلم (1064)، والنسائي (8507) و (8508) و (11156) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، وأحمد 18/ (11621)، والبخاري (6163)، ومسلم (1064)، والنسائي (8508) من طريق الضحاك المِشْرقي، وأحمد 17/ (111008) و 18/ (11648) و (11695)، والبخاري (4351) و (4667) و (7432)، ومسلم (1064)، وأبو داود (4764)، والنسائي (2370) و (3550) و (11157)، وابن حبان (25) من طريق عبد الرحمن بن أبي نُعْم، كلهم عن أبي سعيد الخُدْري، وسموا في روايتهم هذا الرجل المذكور بذي الخويصرة التميمي، وذكر ابن أبي نعم في روايته أنَّ هذا كان في قسم ذهيبة أرسل بها علي بن أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم من اليمن، وأنه صلى الله عليه وسلم قسمها بين أربعة من المؤلفة قلوبهم، ووقع وصف هذا الرجل المذكور عنده بأنه كان غائر العينين، مشرِفَ الوجنتين، ناشز الجبهة، كثّ اللحية، مشمّر الإزار، محلوق الرأس.

وزاد أبو سلمة والضحاك: أنَّ عمر بن الخطاب سأل النبي صلى الله عليه وسلم قتلَه، وفي رواية ابن أبي نُعْم أنَّ خالد بن الوليد هو مَن سأل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك. قال الحافظ في "الفتح" 12/ 626: لا تنافي بينهما، لاحتمال أن يكون كلٌّ منهما سأل في ذلك.

وزاد أبو سلمة والضحاك في روايتهما أيضًا تمثيل النبي صلى الله عليه وسلم لمروق هؤلاء بنحو ما تقدم برقم (2682) من طريق قتادة، عن أبي المتوكل الناجيّ، عن أبي سعيد الخُدْري.

وقد تقدَّم منه ذكر مروق هذه المارقة إلى آخر الحديث بنحوه برقم (2681) من طريق قتادة عن أنس بن مالك وأبي سعيد الخُدْري. وانظر تمام تخريجه هناك.

(2)

قد أخرج الشيخان نحوه بزيادات ليست في حديثنا هنا كما تقدَّم التنبيه عليه.

(3)

في المطبوع: يُجهزون، وهما بمعنًى.

ص: 534

مُولِّيًا، ولا يَسلُبون قَتيلًا

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد في هذا الباب.

وله شاهد صحيح:

2693 -

حدَّثَناه محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو سعيد محمد بن شاذان، حدثنا علي بن حُجْر، حدثنا شَريك، عن السُّدِّي، عن يزيد بن ضُبَيعة العَبْسي، قال: نادى مُنادي عمارٍ يوم الجمَل، وقد ولَّى الناسُ: ألا لا يُذْأفُ على جَريح، ولا يُقتَل مُوَلِّي

(2)

، ومن ألقى السلاحَ فهو آمِن، فشقَّ ذلك علينا

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 182، وفي "معرفة السنن والآثار"(16492)، وفي "الاعتقاد" ص 375 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 9/ 415، وابن أبي شيبة 12/ 424، وأبو القاسم اللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2014)، وابن العَديم في "بغية الطلب في تاريخ حلب" 1/ 301 - 302 من طرق عن كثير بن هشام، به.

(2)

كذا في نسخنا الخطية بإثبات الياء، والجادّة حذفها، وقد سلف التنبيه على مثلها عند الحديث رقم (2009).

(3)

خبر صحيح، وقد روي عن شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - على غير وجه، كما سيأتي بيانه، وروي عن علي بن أبي طالب من وجوه أخرى، ويؤيده خبر أبي أمامة الذي قبله. السُّدِّي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن.

وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 8/ 181 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 263 عن يحيى بن آدم، عن شريك، عن السُّدِّي، عن عَبْد خير، عن عليٍّ أنه قال يوم الجمل، فذكره.

وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا 15/ 282 عن يحيى بن آدم، عن شريك، عن سليمان بن المغيرة، عن يزيد بن ضُبيعة، عن علي، أنه قال يوم الجمل، فذكره.

وأخرجه بنحوه سعيد بن منصور في "سننه"(2947)، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 3/ 57 من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن مروان بن الحكم، قال: صرخ صارخ لعلي، فذكره. وإسناده صحيح. وروي عن جعفر عن أبيه مرسلًا عند أبي يوسف في =

ص: 535

وقد رُوي في هذا الباب حديث مسنَد:

2694 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا يوسف بن عبد الله الخُوارزمي ببيت المقدس، حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز التمَّار.

وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أحمد بن علي الخزّاز

(1)

، حدثنا أبو نصر التمّار، حدثنا كَوثَر بن حَكيم، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود: "يا ابنَ مسعود، أتدري ما حُكم اللهِ فيمن بَغَى مِن هذه الأُمة؟ " من قال ابن مسعود: الله ورسوله أعلم، قال:"فإنَّ حُكم الله فيهم أن لا يُتبَعَ مُدبِرُهم، ولا يُقتَلَ أسِيرُهم، ولا يُذفَّفَ على جَريحِهم"

(2)

.

= "الخراج" ص 234، وابن أبي شيبة 12/ 424، والبيهقي 8/ 181، ووصله عنه ثقتان فلا يُعلّه المرسل.

وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة 15/ 286 من طريق زيد بن وهب، قال: قال عليٌّ، فذكره، وإسناده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 23/ 113.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 4/ 490 - 493 من طريق كليب بن شهاب، قال: نادى عليّ، فذكره. وإسناده حسن.

يُذْأف: يقال بالهمز وتخفيف الفاء، ويقال بألف غير مهموزة وتشديد الفاء، من: ذأَف وذَافَّ. والمعنى: أجهز عليه.

(1)

تصحف في (ز) إلى: الجزار، ولم تعجم في بقية النسخ، وهو بخاء وزايين، وهو أحمد بن علي بن الفُضيل الخزاز المقرئ، وهو مترجم في "تاريخ بغداد" 5/ 496، وفي "تلخيص المتشابه" 1/ 582.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل كوثر بن حكيم، فهو متروك كما قال الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه البيهقي 8/ 182 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ ابن حجر (4395)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" للهيثمي (705)، والرُّوياني في "مسنده"(1437)، والبيهقي 8/ 182 من طرق عن كوثر بن حكيم، به.

يُذفَّف، أي: يُجهَز.

ص: 536

2695 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنْعاني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن عبد الله بن طاووس، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، عن أبيه، قال: لما قُتل عمار بن ياسر دخل عمرو بن حَزْم على عمرو بن العاص، فقال: قُتل عمار، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تقتلُه الفئةُ الباغِية"، فقام عمرو بن العاص فَزِعًا حتى دخل على معاوية، فقال له معاوية: ما شأنُك؟ فقال: قُتل عمار، فقال معاوية: قُتل عمار، فماذا؟! فقال عمرو: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقتله الفئةُ الباغِيةُ"، فقال له معاوية: دَحَضْتَ في بَولِك، أوَنحن قتلناه؟! إنما قتلَه عليٌّ، وأصحابُه، جاؤوا به حتى ألقَوه بين رماحِنا؛ أو قال: بين سيوفنا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السّياقة.

2696 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن المؤمَّل بن الحسن بن عيسى، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا إسماعيل بن أبي أُويس، حدثنا أبي، عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، عن أبيه، عن عَمْرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة، أنها قالت: ما رأيتُ مثلَ ما رَغِبَتْ عنه هذه الأُمة مِن هذه الآية: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9]

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. وسيأتي مكررًا برقم (5763).

وأخرجه أحمد 29/ (17778) عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

دَحَضْتَ، أي: زَلِقْتَ، كأنه يدعو عليه، ويروى بالصاد المهملة أيضًا بدل المعجمة، بمعنى: بَحَثْتَ في بولك برجلك.

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل إسماعيل بن أبي أويس وأبيه، وقد توبعا.

وأخرجه البيهقي 8/ 172 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه محمد بن الحسن الشَّيباني في "موطئه"(1003) عن مالك، عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، به.

ص: 537

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2697 -

أخبرنا أبو العباس السَّيّاري وأبو محمد الحَليميّ جميعًا بمَرْو، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الفقيه البُخاري بنَيسابور، قالوا: حدثنا أبو المُوجِّه محمد بن عمرو الفَزَاري، حدثنا عَبْدان بن عثمان، حدثنا أبو حمزة محمد بن ميمون، عن زياد بن عِلَاقة، عن عَرْفجة بن شُريح الأسلميّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها ستكون بعدي هَنَاتٌ وهَنَاتٌ - ورفع يديه - فمن رأيتُموه يريدُ أن يُفرِّقَ أَمرَ أمةِ محمدٍ وهم جَميعٌ، فاقتُلُوه، كائنًا مَن كان من الناس"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه! وإنما حكمتُ به على الشيخين، لأنَّ شعبة بن الحجّاج وسفيان بن سعيد وشَيبان بن عبد الرحمن ومَعمَر بن راشد قد رَوَوه عن زياد بن عِلاقة، ثم وجدتُ أبا حازم الأشجعي

(2)

وعامرًا الشعبي وأبا

(1)

إسناده صحيح. وقد رواه صدقة بن الفضل المروَزي عن أبي حمزة محمد بن ميمون السّكري عند أبي عوانة (7142) فزاد فيه بين أبي حمزة وبين زياد ليث بن أبي سُليم، وليث بن أبي سليم حسن الحديث في المتابعات والشواهد، لكن أبا حمزة السُّكري لا يُعرف بتدليس، فالظاهر أنه سمعه على الوجهين، وعلى أي حالٍ فقد رواه جماعة عن زياد بن علاقة كما سيأتي.

وأخرجه النسائي (3470) عن أبي علي محمد بن يحيى، عن عبد الله بن عثمان يعني عَبْدان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 30/ (18295) و (18296) و 31/ (19000) و 33/ (20277)، ومسلم (1852)، وأبو داود (4762)، والنسائي (3471)، وابن حبان (4406) من طريق شعبة بن الحجاج، وأحمد 31/ (18999)، ومسلم (1852) من طريق شيبان بن عبد الرحمن، ومسلم (1852) من طريق أبي عوانة، ومن طريق إسرائيل بن يونس السَّبيعي، ومن طريق عبد الله بن المختار، والنسائي (3469) من طريق يزيد بن مَرْدانْبة، وابن حبان (4577) من طريق يحيى بن أيوب البجلي، كلهم عن زياد بن علاقة، به. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه مسلم (1852) من طريق أبي يعفُور، عن عرفجة، بنحوه.

(2)

أخرجه من طريقه عبد الباقي بن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 281، والطبراني في "الأوسط"(2137).

ص: 538

يَعفُور العَبْدي وغيرَهم تابعوا زياد بن عِلاقة على روايتِه عن عَرْفجة، والباب عندي مجموع في جزء، فأغنى ذلك عن ذكر هذه الروايات.

وقد أخرج مسلم حديث أبي نَضْرة، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا بُويع للخليفتَين، فاقتُلُوا الآخِرَ منهما"

(1)

. وشرَحَه حديث عبد الرحمن بن عبد ربّ الكعبة عن عبد الله بن عمرو، وقد أخرجه مسلم

(2)

.

2698 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصنعاني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبَري، أخبرنا عبد الرزاق.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن أبي عِمران الجَوْني، عن عبد الله بن الصامِت، عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذر، كيف أنتَ وموتٌ يصيبُ الناسَ حتَّى يكون البيتُ بالوَكِيف

(3)

؟ " - يعني: القَبْرَ - قلتُ: ما خارَ اللهُ لي ورسولُه، ثم قال: "كيف أنتَ وجوعٌ يصيبُ الناسَ حتى تأتيَ مسجدَك، فلا تستطيعَ أن ترجعَ إلى فِراشِك، ولا تستطيعَ أن تقومَ من فِراشِك إلى مسجدك؟ " قلت: ما خارَ لي اللهُ ورسولُه، قال:"عليك بالعِفّة"، ثم قال:"كيف أنتَ وقتلٌ يصيب الناسَ حتى تَغرقَ حجارةُ الزيتِ بالدم؟ " قال: قلت: ما خارَ اللهُ لي ورسولُه - أو الله ورسوله أعلم - قال: "الْزَمْ منزلَك" قال: فقلت: يا رسول الله، أفلا آخُذُ سيفي فأضربَ به مَن فعل ذاك؟ قال: "فقد

(1)

أخرجه مسلم (1853).

(2)

برقم (1844).

(3)

كذا جاء في نسخنا الخطية، والوكيف في معاجم اللغة: مصدر وَكَفَ الشيءُ، أي: سالَ وقَطَر، ويقال للقطر نفسه أيضًا: وَكِيف، لكن هناك الوَكوف: وهي الناقة الغزيرة اللبن، فقد يكون جائزًا أن تُوصف أيضًا بالوَكيف، لكننا لم نقف عليه منصوصًا في معاجم اللغة، والقياس يجوِّزه، ففي صيغ المبالغة لفاعل: فَعُول وفَعِيل، والله أعلم. والذي في سائر مصادر تخريج الحديث: بالوصيف، بالصاد، وكذلك جاء في النسخة المحمودية من "المستدرك" كما في طبعة الميمان، والوصيف: الغُلام الخادم.

ص: 539

شاركتَ القومَ إذًا" قلت: يا رسول الله، فإن دُخِل بيتي؟ قال: "إن خشيتَ أَن يَبْهَرَك شُعاعُ السَّيف، فقُلْ هكذا، فألْقِ طَرَفَ ثوبِك على وجهِك، فيَبُوءُ بإثمِه وإثمِك، ويكونُ من أصحاب النار"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح. وقد رواه حماد بن زيد - كما سيأتي بعده - فزاد فيه بين أبي عمران الجوني - واسمه عبد الملك بن حبيب - وبين عبد الله بن الصامت رجلًا هو المشعَّث بن طريف - ويقال في اسمه: المنبعث - وهو رجل معروف جليل القدر كما وصفه الحافظ صالح جزرة، وكان المنبعث هذا قاضي هَراة، ولم يذكره أحد غيره من أصحاب أبي عمران، فلعلَّ أبا عمران سمعه مرة بواسطة ومرة بغير واسطة، لأنَّ سماعه من عبد الله بن الصامت ثابت مشهور، وقد أخرج مسلم قطعة من هذا الحديث الذي ذكره بطوله بعض أصحاب أبي عمران عند أحمد 35/ (21445) في حثِّ النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذر على الصلاة لوقتها عند تأخير بعض الأمراء لها، وليست في حديثنا هنا، وقد رواها مسلم (648) من طريق حماد بن زيد، عن أبي عمران، عن عبد الله بن الصامت مباشرة، دون ذكر المُشعَّث. وقد أشار الدارقطني في "العلل"(1140) إلى أنَّ هذه القطعة في الصلاة لوقتها هي جزء من الحديث المطوّل أيضًا.

وأخرجه أحمد 35/ (21325)، وابن حبان (6685) من طريق مرحوم بن عبد العزيز العطار، وأحمد (21445) عن عبد العزيز بن عبد الصمد العَمّي، كلاهما عن أبي عمران الجوني، به. وزاد عبد العزيز بن العَمّي في روايته عند أحمد ذكر الصلاة لوقتها.

وسيأتي برقم (8509) من طريق حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني.

وسيأتي بعده وبرقم (8510) من طريق حماد بن زيد، عن أبي عمران الجوني، عن المُشعَّث بن طريف، عن عبد الله بن الصامت.

وتفسير البيت بالقبر في هذا الحديث من تفسير أبي عمران الجوني، كما تدل عليه رواية حماد بن زيد عند البزار (2928)، وكذا رواية مرحوم بن عبد العزيز عنده أيضًا (3959).

وحجارة الزيت: موضع بالمدينة، قريب من الزَّوراء موضع صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، وهي في الحَرّة، سميت بذلك لسواد أحجارها، كأنها طُليت بالزيت.

وشُعاع السيف: بَريقه وضَوْؤه.

وقوله: "حتى يكون البيت بالوصيف" معناه: أنَّ الناس يُشغَلون عن دفن موتاهم، حتى لا يوجد فيهم من يحفر قبرًا لميت ويدفنه إلّا أن يُعطى وصيفًا أو قيمته، أو أنَّ مواضع القبور تضيق فيبتاعون كل قبر بوصيف.

ص: 540

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، لأنَّ حماد بن زيد رواه عن أبي عمران الجَوْني، عن المُشعَّث بن طَريف، عن عبد الله بن الصامت:

2699 -

أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، أخبرنا سليمان بن حَرْب، حدثنا حماد بن زيد قال: حدثني المُشعَّث بن طَرِيف، وكان قاضيًا بهَراة، عن عبد الله بن الصامِت، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه

(1)

.

2700 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أحمد بن يونس بن المسيَّب الضَّبِّي، حدثنا جعفر بن عَوْن، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم وعامر الشَّعْبي، قالا: قال مروان بن الحكم لأيمن بن خُريم: ألا تخرجُ فتُقاتلَ معنا، فقال: إِنَّ أبي وعمِّي شهدا بدرًا، وإنهما عَهِدا إليّ أن لا أُقاتل أحدًا يقول: لا إله إلّا الله، فإن أنت جئتني ببراءةٍ من النار قاتلتُ معك، قال: فاخرُجْ عنا، قال: فخرج وهو يقول:

ولست بقاتلٍ رجلًا يصلّي

على سلطانِ آخرَ من قريشِ

له سُلْطانُه وعليَّ إثمي

معاذَ اللهِ مِن جَهلٍ وطَيشِ

أأقتُلُ مسلمًا في غير جُرْمٍ

فليسَ بنافعي ما عشتُ عَيشي

(2)

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد تفرَّد حماد بن زيد فيه بزيادة المشعَّث بن طريف في إسناده كما أوضحناه عند الطريق السابق. والمشعَّث هذا رجل جليل القدر كما وصفه الحافظ صالح بن محمد جزرة، فلو فرضنا ثبوته في هذا الإسناد فإنه يكون صحيحًا أيضًا، ويكون من المزيد في متصل الأسانيد، لكن يعكّر عليه أنَّ مسلمًا أخرج قطعة من الحديث الطويل الذي رواه بطوله أحمد، فلم يذكر في إسناده المشعَّث، وقد رواها مسلم من طريق حماد بن زيد نفسه، فالله تعالى أعلم.

وأخرجه أبو داود (4261) و (4409) عن مُسدَّد بن مُسَرهد، وابن ماجه (3958) عن أحمد بن عَبْدة، كلاهما عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (8510) من طريق سعيد بن هبيرة عن حماد بن زيد.

(2)

رجاله ثقات، لكن تفرَّد جعفر بن عون من بين سائر أصحاب إسماعيل بن أبي خالد =

ص: 541

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بذكر قيس بن أبي حازم، ومن بين هؤلاء الذين لم يذكروه شعبة ويحيى القطان، وكلهم أجلّ من جعفر بن عون.

وقد جزم إسماعيلُ بن أبي خالد فيما أسنده عنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 10/ 44 بأنَّ عامرًا الشعبي لم يسمع هذا الخبر، يعني لم يسمعه من أيمن بن خُريم ولا من مروان بن الحكم، وجزم إسماعيل أيضًا فيما أسنده عنه ابن عساكر 10/ 45 بأنه لم يسمع هذا الشعر المذكور من عامر الشعبي. واختُلف فيه عن الشعبي في تعيين الواقعة التي شهدها خريم بن فاتك وأخوه، فوقع في بعض الروايات عنه أنها بدر، وفي بعضها الآخر أنها الحديبية، وخطّأ الواقدي فيه ذكر بدر، لكن اعتمده البخاري وأبو حاتم وابن منده وابن السكن في إثبات شهودهما بدرًا، فيما نقله عنهم ابن عساكر 16/ 347، وابن العديم في "بغية الطلب" 7/ 3235، وقال ابن عساكر 16/ 351: ذكر الحديبية هو الصواب.

وأخرجه البيهقي 8/ 193 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ (2864)، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 6/ 267 - 268 و 11/ 196، والطبراني في "الكبير"(851) و (852)، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 2/ 852 - 853، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2515)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(104)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 61، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(2337)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 10/ 43 و 44، وابن العديم في "بغية الطلب" 7/ 3234. والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أيمن بن خريم 3/ 445 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر الشعبي وحده، به. وبعضهم يقول في روايته: عن أيمن بن خُريم قال: دعاني مروان، وبعضهم يذكر عبد الملك بن مروان بدل أبيه مروان بن الحكم، وذلك وهم، كما جزم به ابنُ عساكر، وبيان ذلك أنَّ هذه الواقعة إنما كانت بمَرْج راهِط كما وقع مصرَّحًا به في بعض طرقه، وذلك سنة (65) هجرية، حيث استقام الأمر لمروان بن الحكم بالشام بعد هزيمته للضحّاك بن قيس، فالأليق أن يكون الذي دعا أيمن هو مروان. وقد يكون عبد الملك قال ذلك له أيضًا، إذ كان بصحبة أبيه. وذكر أبو القاسم الأصبهاني في روايته الحديبية بدل بدر.

وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(1773)، وأبو يعلى (947)، وأبو عمرو الداني (105)، وابن عساكر 10/ 43 و 44 و 46، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 188 - 189 من طريق مطرِّف بن طريف، عن الشعبي: أنَّ عبد الملك بن مروان قال لخريم بن فاتك أو ابنه. إلّا أبو يعلى فقال في روايته: لما قاتل مروان الضحاك بن قيس أرسل إلى أيمن بن خُريم. وهذا هو الصحيح الموافق =

ص: 542

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

والصحابيان اللذان ذُكِرا وشَهِدا بدرًا يصير الحديثُ به في حدود المسانيد.

2701 -

أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي البَخْتَري، عن أبي ثَوْر الحُدّاني، قال: بعث عثمانُ بن عفان يومَ الجَرَعة سعيدَ بن العاص إلى الكوفة، قال: فخرجوا إليه فردُّوه، قال: وكنت قاعدًا مع أبي مسعود

(1)

وحذيفة، فقال أبو مسعود: ما كنتُ أرى أن يرجعَ هؤلاء ولم يُهرَقْ فيها مِحجَمةٌ من دمٍ، وما علمتُ من ذلك شيئًا إلّا شيئًا علمتُه ومحمدٌ صلى الله عليه وسلم حيٌّ: أنَّ الرجل يُصبح مؤمنًا ويُمسي وما معه شيءٌ، ويُمسي مؤمنًا ويصبحُ وما معه شيءٌ، يُقاتِل في الفتنة اليومَ ويقتلُه اللهُ غدًا، يُنكِّسُ

(2)

قلبَه وتَعلُوه اسْتُه، قلت: أسفلُه؟ قال: بلِ استُه

(3)

.

= لرواية إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي. وكلهم ذكر في روايته الحديبية بدل بدر، إلّا أبا يعلى ومن طريقه ابن الأثير، فذكر بدرًا.

(1)

تحرَّف اسم أبي مسعود في النسخ الخطية في الموضعين إلى: ابن مسعود، وجاء على الصواب في بعض النسخ الخطية في الروايتين الآتيتين برقم (8555) و (8855)، وكذلك جاء في سائر مصادر تخريج هذا الخبر، وقد وقع مُقيَّدًا في بعض الروايات بالبدري، وهي نسبة أبي مسعود، بل وقع في بعض الروايات أيضًا مذكورًا باسمه عقبة بن عمرو، وهذا ممّا يدفع الإشكال بِرُمَّته، ويؤكد على أنَّ ما وقع ها هنا تحريف: أنَّ أيام الجرعة هذه كانت في سنة 34 هـ، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان قد توفي قبلها بسنة أو سنتين، والله الموفق. والجَرَعة: موضع بالكوفة.

(2)

وقع في (ز) و (ص): ينكسر، ويغلب على ظننا أنه تحريف، والمثبت على الصواب من نسخة بهامش (ز) ومن "تلخيص المستدرك" للذهبي، وِفاقًا لجميع مصادر تخريج الخبر التي ذكرت هذا الحرف فيه، وجاء على الصواب أيضًا في الروايتين الآتيتين.

(3)

خبر حسنٌ، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن بن الحسن القاضي، لكنه قد توبع في الروايتين الآتيتين برقم (8555) و (8855)، وكما سيأتي.

وأبو ثور الحُدّاني إن كان هو حبيب بن أبي مُلَيكة، كما جزم به أحمد والترمذي وابن حبان والخطيب البغدادي، واستظهره ابن ناصر الدين الدمشقي في "توضيح المشتبه"، غير أنَّ الإمام أحمد نسبه =

ص: 543

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2702 -

أخبرنا بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا سليمان بن بلال، عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمّه: أنَّ غلامًا كان لبابَى

(1)

، وكان بابَى يضربه في أشياء ويُعاقِبه، وكان الغلامُ يُعادي سيِّدَه فباعه

(2)

، فلقيه الغلامُ يومًا ومع الغلام سيفٌ، وذلك في إمْرة سعيد بن العاص، فشَهَرَ العبدُ على بابَى السيفَ وتَفلَّت به عليه، فأمسكَه الناسُ عنه،

= إلى حدأ، فقال: الحدإي، وصحَّح الخطيب هذه النسبة، وخطّأ نسبته إلى حُدَّان، وحُدَّان حي من الأزد، وحدأ حي من مراد، لكن ذكر غير واحدٍ من أهل النسب أنه دخل في مراد من الأزدِ ومن غيرهم، فلعلَّ هذا وجه قول من قال: حدّان حي من مراد، كما وقع في "موضح أوهام الجمع والتفريق" للخطيب 2/ 6، وحبيب هذا وثقه أبو زرعة. لكن بقي أنَّ حبيبًا هذا نُسب في كتب التراجم بالنهدي، والنهد لا يجامع الأزد ولا مراد في النسب، ولم نقف على هذه النسبة في شيء من رواياته إلّا في رواية واحدة هي رواية أبي إسحاق الفزاري، عن كليب بن وائل، عن هانئ بن قيس، عن حبيب، عن ابن عمر في غياب عثمان بن عفان عن بيعة الرضوان، ولم ينسبه بذلك غيره ممَّن روى خبر عثمان كزائدة بن قدامة وخالد بن عبد الله الواسطي وعبد الواحد بن زياد ومعتمر بن سليمان، فرجع الأمر إلى الأزد ومراد.

وإن لم يكن أبو ثور هذا هو حبيب بن أبي مُلَيكة، وكان رجلًا آخر، كما يظهر من صنيع مسلم وابن أبي حاتم وأبي أحمد الحاكم وغيرهما، فهو رجل صدوق، فقد وصفه أبو داود بأنه تابعي جليل، وروى عنه الشعبي وأبو البختري سعيد بن فيروز، والله تعالى أعلم.

وأخرجه أحمد 38/ (23348) عن محمد بن جعفر، عن شعبة، بهذا الإسناد. وفيه أنَّ القائل: "ما علمت من ذلك شيئًا إلَّا شيئًا

" هو حذيفة لا أبو مسعود. وكذلك هو في بقية المصادر.

(1)

وقع هذا الاسم معجمًا في (ز) وفي سائر المواضع في الخبر بموحدة ثم تاء مثناة ثم ياء تحتانية، والمثبت بموحدتين ثانيتهما مفتوحة من بقية النسخ، وفي "الثقات" لابن حبان 4/ 83: بابى أبو عبد الله مولى عائشة؛ فلعله هذا، والله تعالى أعلم.

(2)

تحرَّف في (ز) و (ص) و (ع) إلى: فيدعّه، وجاء على الصواب في (ب) و"تلخيص الذهبي"، وفاقًا لما في "المحلى" لابن حزم، وهو الذي يدل عليه قوله آخر الحديث: فذهب إلى سيد العبد الذي ابتاعه منه.

ص: 544

فدخل بابَى على عائشة، فأخبرها بما فعل العبدُ، فقالت عائشة: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن أشار بحديدةٍ إلى أحدٍ من المسلمين يريد قتلَه، فقد وَجَبَ دمُه".

قالت: فخرج بابَى من عندها، فذهب إلى سيد العبدِ الذي ابتاعه منه فاستقالَه فأقالَه، وردَّ إليه، فأخذَه بابَى فقتلَه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2703 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّريّ بن خُزيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وُهَيب، عن معمر بن راشد، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن الزُّبَير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن شَهَرَ سيفَه ثم وَضَعَه، فدَمُه هَدْرٌ"

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وأم علقمة روى عنها اثنان، وذكرها العجلي وابن حبان في الثقات، وقال ابن سعد: روى عنها ابنُها أحاديث صالحة. قلنا: وقد تفردت بهذا الحديث، وقد احتجَّ الإمام أحمد بخبرها في الحامل ترى الدم أنها لا تصلي، ووافقه على ذلك إسحاق بن راهويه، حكاه عنهما ابن القيم في "زاد المعاد" 5/ 649.

وأخرجه ابن حزم في "المحلى" 11/ 302 من طريق يحيى بن أيوب، عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 43/ (26294) عن عبيد بن أبي قرة، عن سليمان بن بلال، به. دون ذكر القصة، مع أنه أشار إليها بقوله: في قصة ذكرها.

قوله: "فقد وجب دمه" أي: حلَّ للمقصود أن يدفعه عن نفسه ولو قتله، فوجب ها هنا بمعنى: حلَّ.

(2)

صحيح موقوفًا على عبد الله بن الزُّبَير، قد اختُلف في رفعه ووقفه عن معمر، فرواه عنه وهيب - وهو ابن خالد - والفضل بن موسى السِّيناني مرفوعًا، ورواه عنه عبد الرزاق موقوفًا، وكذلك رواه ابن جُرَيج عن عبد الله بن طاووس موقوفًا، ولهذا أنكر رفعه عليُّ بن المديني كما في "التعديل والتجريح" للباجي 3/ 1048، والبخاريُّ في "علل الترمذي الكبير"(429)، ومالَ إلى تصحيح وصله ابن حزم في "المحلى" 11/ 307، وعبد الحق في "أحكامه الوسطى" 4/ 73، وكذلك الحافظُ في "الدراية" 2/ 267.

وأخرجه النسائي (3546) من طريق الفضل بن موسى، عن معمر، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (3547) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، به موقوفًا. =

ص: 545

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2704 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر بن سابق الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني يعقوب بن عبد الرحمن، عن عُمارة بن حَزْم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كيف بكم وبزمانٍ - أو

(1)

يُوشِك أن يأتيَ زمانٌ - يُغربَلُ الناسُ غَربلةً، ويَبقى حُثالةٌ من الناس قد مَرِجَتْ عهودُهم وأماناتُهم، واختَلَفوا فكانوا هكذا" وشَبَّك بين أصابعه، قالوا: فكيف بنا يا رسول الله؟ قال: "تأخذون ما تَعرِفون، وتَدَعُون ما تُنكِرون، وتُقبِلون على أمر خاصّتِكم، وتَدَعُون أمرَ عامّتِكم"

(2)

.

= وأخرجه أيضًا (3548) من طريق ابن جُرَيج، عن عبد الله بن طاووس، به موقوفًا كذلك.

قوله: "فدمُه هدر" أي: لم يُطلب بثأره.

(1)

قوله: "كيف بكم وزمان أو" والمثبت على الصواب من رواية أبي طاهر المخلِّص في "المخلِّصيات"(1467) حيث روى هذا الخبر عن يحيى بن محمد بن صاعد عن بحر بن نصر الخولاني، ونحوه في المصادر الأخرى.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن المحفوظ فيه ذكر أبي حازم سلمة بن دينار بين يعقوب بن عبد الرحمن - وهو الإسكندراني - وبين عُمارة بن حزم - وهو عمارة بن عمرو بن حزم - كما في رواية سعيد بن منصور الآتية عند المصنف برقم (8544)، وكما في رواية سعيد ابن كثير بن عُفير عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1177)، ورواية عبد الله ابن صالح كاتب الليث عند الطبراني في "الكبير"(13654/ 5) و (14589)، ورواية قتيبة بن سعيد عند أبي العباس المستغفري في "دلائل النبوة"(279). وثبت أيضًا في رواية يحيى بن محمد بن صاعد عن بحر بن نصر عند أبي طاهر المخلِّص في "المخلِّصيات"(1467). ولا يمكن ليعقوب إدراك عمارة بن حزم أصلًا، إذ بين وفاتيهما ما يزيد على مئة سنة على أعلى تقدير في وفاة عمارة.

وأخرجه أبو داود (4342)، وابن ماجه (3957) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن عمارة بن حزم، به.

وخالف محمدُ بنُ مطرِّف المدني فيه يعقوبَ بنَ عبد الرحمن وعبدَ العزيز بنَ أبي حازم، فرواه عن أبي حازم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. أخرجه من طريقه أحمد 11/ (7049). =

ص: 546

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

هذا آخر كتاب الجهاد

= وقولهما أشبه بالصواب، وقد يكون الحديث محفوظًا على الوجهين، والله تعالى أعلم.

وأخرجه أحمد 11/ (6508) من طريق الحسن البصري، عن عبد الله بن عمرو.

وأخرج بعضه البخاري برقم (478) من طريق واقد بن محمد العُمري، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو.

وسيأتي الحديث برقم (8544) من طريق سعيد بن منصور، عن يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن عمارة بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن عمرو.

وسيأتي أيضًا برقم (7951) و (8813) من طريق عكرمة عن عبد الله بن عمرو.

وانظر حديث أبي ذر الآتي برقم (5553).

قوله: "يُغربَل الناس غربلة" أي: يذهب خيارهم ويبقى أرذالهم، والمغربَل: المُنتقى، كأنه نُقّي بالغِربال.

والحُثالة: الرديء من كل شيء.

وقوله: "مَرِجت" أي: اختلطت وفسدت.

وقوله: "تُقبلون على أمر خاصتكم وتدَعُون أمر عامتكم" أي: الزموا أمر أنفسكم واحفظوا دينكم، واتركوا الناس ولا تتبعوهم، وهذا رخصة في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كثر الأشرار وضَعُف الأخيار.

ص: 547

‌كتاب النكاح

2705 -

أخبرنا أبو عمرو عثمانُ بنُ أحمد البزاز

(1)

ببغداد، حدثنا الحسين بن أبي مَعْشَر، حدثنا وكيع بن الجرَّاح، حدثني خارجةُ بن مُصعب، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسار، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ صباحٍ إلّا ومُنادِيان ينادِيان: ويلٌ للرِّجالِ من النساء، وويلٌ للنساءِ من الرِّجال"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2706 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو الحَسَن محمد بن سِنان القزّاز، حدثنا محمد بن بكر البُرْساني، حدثنا ابن جُرَيج، أخبرني عمر بن عطاء، عن عِكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صَرُورةَ في الإسلامِ"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2707 -

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقْبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا محمد بن علي بن عفّان العامري، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا سفيان، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جُبير، قال: قال لي عبد الله بن عباس: تزوجتَ؟

(1)

كذا وقعت نسبة أبي عمرو عثمان بن أحمد هنا بزازًا، ولا يُعرف ذلك في نسبته، ولم يَرد في غير هذا الموضع، وإنما المعروف في نسبته ابن السّمّاك، والدّقّاق، وكان يقال له: الباز الأشهب، فلعلَّ البزاز هنا تحريف عن الباز، والله أعلم.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، خارجة بن مصعب واهٍ كما قال الذهبي، وحسين بن أبي معشر - وهو حسين بن محمد بن أبي معشر - ضعيف، لكنه متابَع.

فقد أخرجه ابن ماجه (3999) عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، كلاهما عن وكيع، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (8893) من طريق يحيى بن يحيى عن خارجة.

(3)

إسناده ضعيف كما تقدم بيانه برقم (1661).

وأخرجه أحمد 5/ (2844) عن محمد بن بكر، بهذا الإسناد.

ص: 548

قلتُ: لا، قال: تَزَوَّجْ؛ فإنَّ خيرَ هذه الأُمّة صلى الله عليه وسلم أكثرُها نساءً، ومهما في صُلبِك مُستودَعٌ، فإنه سيَخرُج قبلَ يوم القيامة

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد تابع عطاءُ بن السائب المغيرةَ بن النعمان في روايته:

2708 -

أخبرَناه الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، قال: قال لي ابنُ عباس: يا سعيد، تزوَّجْ، فإنَّ خيرَ هذه الأمة كان أكثرَهم نساءً

(2)

.

2709 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الخَضِرُ بن أبان الهاشمي، حدثنا سيَّار بنُ حاتِم، حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حُبِّب إليَّ النساءُ والطِّيبُ، وجُعِلَ قُرَّةُ عَيني في الصلاة"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. سفيان: هو الثَّوري.

وأخرجه البخاري (5069) من طريق طلحة بن مُصرِّف الياميّ، عن سعيد بن جبير، به. دون قوله: ومهما في صُلبك مستودع.

وقول ابن عباس في آخره: ومهما في صلبك مستودع، إلى آخره: أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(495)، وفي قسم التفسير أيضًا من "سننه"(893)، والطبري في "تفسيره" 7/ 288 و 289 من طريق أبي بشر جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، به. وانظر ما بعده.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 3/ (2048) عن أسباط بن محمد، عن عطاء بن السائب، به.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف الخضر بن أبان، لكنه متابع، وسيار بن حاتم يُعتبر به، وقد روي الحديث من وجهين آخرين.

وأخرجه النسائي (8837) عن علي بن مسلم الطُّوسي، عن سيار بن حاتم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 19/ (12293) من طريق أبي المنذر سلّام بن سليمان، عن ثابت، به. وسلّام صدوق، وقوَّى الذهبي إسناده في ترجمته في "الميزان".

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(5772) من طريق يحيى بن عثمان الحربي، عن الهقل بن زياد، =

ص: 549

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2710 -

أخبرني إبراهيم بن فِراس الفقيه بمكة، حدثنا بكر بن سهْل الدِّمياطي، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا محمد بن مسلم الطائفيُّ، عن إبراهيم بن مَيْسَرة، عن طاووس، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم يُرَ للمتحابَّين مِثلُ التزوُّج"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، لأنَّ سفيان بن عُيينة ومعمر بن راشد أوقفاهُ عن إبراهيم بن ميسرة عن ابن عباس

(2)

.

2711 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا ابن عَجْلان، عن سعيد بن أبي

= عن الأوزاعي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك. وقد تكلم بعضهم في رواية يحيى المذكور عن هقل، لكنه لم ينفرد بالحديث، بل تابعه عمرو بن هاشم البيروتي على هذا الإسناد بذكر الصلاة عند الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 4/ (1532).

(1)

حديث صحيح إن شاء الله، بكر بن سهل - وإن كان ضعيفًا - قد توبع، ومحمد بن مسلم حسن الحديث، وقد توبع أيضًا. طاووس: هو ابن كَيسان اليماني.

وأخرجه ابن ماجه (1847) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي، عن محمد بن مسلم الطائفي، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن جُميع الصيداوي في "معجم الشيوخ" ص 243 - 244 الترجمة (200)، وأبو يعلى الخليلي في "الإرشاد" 2/ 653 و 3/ 947 من طريق عبد الصمد بن حسان المَرْوَرُّوذي، والبزار (4857)، والخليلي 3/ 947 من طريق مؤمَّل بن إسماعيل، كلاهما عن سفيان الثَّوري، عن إبراهيم بن ميسرة، به. وجاء اسم سفيان في إسناد البزار مقيدًا بابن عيينة، وهو خطأ تصويبه من كلام البزار بإثر الحديث. وإسناد عبد الصمد قوي.

(2)

هذا وهمٌ من المصنف، بل إنهما روياه عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكرا فيه ابنَ عباس. أما رواية سفيان بن عيينة فأخرجها سعيد بن منصور (492)، وأبو يعلى في "مسنده"(2747)، والعقيلي في "الضعفاء"(1645). ورجّح العقيلي هذه الرواية المرسلة.

وأما رواية معمر فأخرجها عبد الرزاق (10319) و (10377)، وقرن به في الموضع الثاني ابنَ جُرَيج.

ص: 550

سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثةٌ حقٌّ على الله أن يُعِينَهم: المجاهدُ في سبيل الله، والناكحُ يريد أن يَستعِفَّ، والمكاتَبُ يريدُ الأداءَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2712 -

حدثنا عليّ بن عيسى بن إبراهيم، حدثنا الحُسين بن محمد بن زياد، حدثنا أبو السائب سَلْم بن جُنَادة، حدثنا أبو أسامة، حدثنا هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَزوَّجُوا النساء، فإنهن يأتينَكُم بالمالِ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه لتفرُّد سَلْم بن جُنادة بسنده، وسَلْم ثقةٌ مأمونٌ.

2713 -

أخبرنا محمّد بن علي بن دُحَيم الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، حدثنا خالد بن مَخْلد، حدثني محمد بن موسى، عن سعد بن إسحاق

(1)

إسناده قوي، ابن عجلان - وهو محمد - صدوق لا بأس به. سعيد بن أبي سعيد: هو المقبُري، ويحيى بن سعيد: هو القطّان، ويحيى بن محمد بن يحيى: هو الذُّهْلي.

وأخرجه أحمد 12/ (7416) عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (2518) من طرق، والترمذي (1655)، والنسائي (4313) و (4995) من طرق عن محمد بن عجلان، به. وقال الترمذي: حديث حسن.

وسيأتي برقم (2895) من طريق معاذ بن المثنى عن مُسدَّد.

(2)

رجاله ثقات عن آخرهم، لكن انفرد بوصله أبو السائب سَلْم بنُ جُنادة، كما قال الحاكم، وخالفه غيره فجعلوه عن عروة مرسلًا، ورجَّحه البزار والدارقطني. على أنَّ أبا السائب نفسه قد رواه مرة أخرى مرسلًا.

وأخرجه البزار (1402 - كشف الأستار)، وابن المقرئ في "معجمه"(260)، والدارقطني في "العلل"(3834)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 212 من طريق أبي السائب سلم بن جُنادة، بهذا الإسناد. وجاء عند الدارقطني والخطيب بإثر الرواية ما نصُّه: قال أبو السائب سَلْم بن جُنادة في موضع آخر: عن هشام عن أبيه، وليس فيه عن عائشة.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 74/ 127 عن أبي أسامة حماد بن أسامة، وأبو داود في "المراسيل"(203) عن أبي توبة الربيع بن نافع، عن أبي أسامة، به مرسلًا.

ص: 551

ابن كعب بن عُجْرة، عن عمّته، قالت: حدثني أبو سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُنكَحُ المرأةُ على إحدى خِصالٍ ثلاثٍ: تُنكَح المرأةُ على جَمالِها، وتُنكَح المرأة على دِينها وخُلُقها، فعليكَ بذات الدِّين تَرِبَتْ يَمينُك"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه الزيادة

(2)

.

2714 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد اللَّخْمي بتِنِّيس، حدثنا عمرو بن أبي سلمة التِّنِّيسي، حدثنا زهير بن محمد، أخبرني عبد الرحمن بن زيد، عن أنس بن مالك، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من رزقَه اللهُ امرأةً صالحةً، فقد أعانَه على شَطْرِ دينِه، فليتَّقِ اللهَ في الشَّطْر الباقي"

(3)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، خالد بن مخلد - وهو القَطَواني - صدوق، وقد توبع، وعمّة سعد: هي زينب بنت كعب بن عجرة، زوجة أبي سعيد الخدري، روى عنها ابنا أخويها، وذكرها ابن حبان في "الثقات". محمد بن موسى: هو الفِطْري.

وأخرجه أحمد 18/ (11765) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن محمد بن موسى، بهذا الإسناد. وزاد فيه ذكر المال.

(2)

يعني زيادة ذكر الخُلُق، وذلك أنَّ هذا الحديث رواه أيضًا أبو هريرة عند البخاري (5090)، ومسلم (1466) وغيرهما، وكذلك رواه جابر بن عبد الله عند مسلم (1466)(54) وغيره، بذكر الدّين دون الخُلُق. وزادا فيه خصلة رابعة: وهي الحَسَب؛ يعني شرف نسبها.

(3)

إسناده ضعيف لضعف أحمد بن عيسى بن زيد، ولأنَّ زهير بن محمد - وهو التميمي - رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، والراوي عنه هنا شامي.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5101) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(972) من طريق عمرو بن أبي سلمة، به.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(7647)، والخطيب في "تلخيص المتشابه" 1/ 63 - 64، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(2457) من طريق خالد العبدي، والطبراني في "الأوسط"(8794)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5100) من طريق الخليل بن مرة، وكلاهما عن يزيد بن أبان الرقاشي، عن أنس بن مالك وخالد متروك والخليل ويزيد الرقاشي ضعيفان، وقد تحرَّف اسم خالد عند الطبراني إلى: جابر، والظاهر أنه تحريف قديم، لأنَّ الهيثمي قيَّده في "المجمع" 4/ 252 بقوله: جابر الجعفي، وعلى فرض كونه جابرًا الجعفي فهو ضعيف أيضًا.

ص: 552

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وعبد الرحمن هذا: هو ابن زيد بن عُقبة الأزرق، مدني ثقة مأمون.

2715 -

أخبرني أبو الحُسين محمدُ بن أحمد بن تَميم الحنْظَلِي ببغداد، حدثنا عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، حدثنا أبو عاصم، حدثنا ابن عَجْلان، عن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة قال: سئل النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ النساء خيرٌ؟ فقال: "خيرُ النساء مَن تَسُرُّ إذا نَظَر، وتُطيعُ إِذا أمَر، ولا تُخالِفُه في نفسِها ومالِها"

(1)

.

2716 -

حدَّثَناه أبو بكر بنُ إسحاق الفقيه، أخبرنا عُبيد بن شَريك، حدثنا الليث بن سعد.

وحدثنا أبو بكر، أخبرنا أبو المثنّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد؛ كلاهما عن محمد بن عَجْلان، عن سعيد المقبُري، قال: سمعت أبا هريرة يُحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثلَه

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2717 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطّة الأصبَهاني، حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا الأصبَهاني، حدثنا محمد بن بُكير الحَضْرمي، حدثنا خالد بن عبد الله، حدثنا أبو إسحاق الشَّيباني، عن أبي بكر بن حَفْص، عن محمد بن سعد، عن

(1)

حديث قوي، وهذا إسناد حسن من أجل أبي الحسين محمد بن أحمد بن تَميم، وقد توبع في الإسناد التالي. أبو عاصم: هو الضحاك بن مَخلَد.

(2)

إسناده قوي من أجل محمد بن عجلان. أبو المثنّى: هو معاذ بن المثنّى العَنْبَري، ويحيى بن سعيد: هو القطّان.

وأخرجه النسائي (5324) عن قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 12/ (7421) عن يحيى القطان، والنسائي (8912) عن عمرو بن علي الفلّاس عن يحيى القطان، به. إلّا أنه قال في روايته:"وماله" بدل: "ومالها". وانظر "المحلى" لابن حزم 8/ 315 - 316.

ص: 553

أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاث من السَّعادة، وثلاث من الشَّقاوة، فمن السَّعادة: المرأةُ تراها تُعجِبُك، وتَغيبُ فتَأمنُها على نفسِها ومالِك، والدابةُ تكون وَطِيَّةً فتُلحِقُك بأصحابِك، والدارُ تكونُ واسعةً كثيرةَ المَرافقِ، ومن الشَّقاوة: المرأة تَراها فتَسوءُك، وتَحمِلُ لسانَها عليك، وإن غِبتَ عنها لم تأمنْها على نفسِها ومالِك، والدابةُ تكون قَطُوفا فإن ضربتَها أتعبَتكَ، وإن تركتَها لم تُلحِقْكَ بأصحابِك، والدارُ تكون ضيقةً قليلةَ المَرافق"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد مِن خالد بن عبد الله الواسطي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، تفرَّد به محمد بن بُكير عن خالد، إن كان حَفِظَه فإنه صحيح على شرط الشيخين.

2718 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحْبُوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا المُستلِم بن سعيد، حدثنا منصور بن زاذان، عن معاويةَ بن قُرّة، عن مَعقِل بن يَسَار، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أَصبتُ امرأةً ذاتَ حَسَبٍ ومَنصِبٍ ومالٍ، إلّا أنها لا تَلِدُ، أفأتزوّجُها؟ فنهاهُ، ثم أتاه الثانيةَ، فقال له مثلَ ذلك، فنهاهُ، ثم أتاه الثالثةَ، فقال له مثلَ ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

إسناده قوي من أجل محمد بن بُكير الحضرمي، فهو صدوق لا بأس به. خالد بن عبد الله: هو الواسطي، وأبو إسحاق الشَّيباني: هو سليمان بن أبي سليمان فيروز، وأبو بكر بن حفص: كذا وقع مسمًّى هنا، وهو وهمٌ، صوابه: أبو بكر بن أبي موسى، وهو الأشعري، كما وقع مسمًّى عند ابن المنذر والبزار، وسعد: هو ابن أبي وقاص.

وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(7123) عن محمد بن إسماعيل الصائغ، عن محمد بن بُكير، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (1187) من طريق عمرو بن عون، عن خالد بن عبد الله، به. مختصرًا بلفظ:"مِن السعادة المرأة الصالحة والمنزل الواسع والمركب الهنيء".

وقد تقدم برقم (2672) من طريق إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه، بنحوه مختصرًا.

والقَطوف: البطيء.

ص: 554

"تزوّجُوا الوَدُودَ الولُودَ، فإني مُكاثِرٌ بكم الأُممَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح

(2)

الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السياقة.

2719 -

أخبرني الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني هارون بن معروف، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني سعيدُ بنُ عبد الرحمن الجُمَحي، أنَّ محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب حدثه عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثٌ يا عليُّ لا تُؤخِّرُهُنَّ: الصلاةَ إذا أَتَتْ، والجِنازةَ إذا حَضَرتْ، والأيِّمَ إذا وَجَدَت كُفْؤًا"

(3)

.

هذا حديث غريب صحيح، ولم يُخرجاه.

2720 -

حدثنا عليُّ بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا عبد الله بن سعيد الكِنْدي، حدثنا الحارث بن عمران الجَعفَري، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تخيَّروا لنُطَفِكُم، فَأَنكِحُوا الأَكْفاءَ، وانكِحُوا إليهم"

(4)

.

(1)

إسناده قوي من أجل المُستلِم بن سعيد، فهو صدوق لا بأس به.

وأخرجه أبو داود (2050)، والنسائي (5323) من طريقين عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

(2)

وقع في (ز) و (ص) و (ع) مكان كلمة "صحيح" بياضٌ، ثم أُلحق في (ص) في موضع البياض بخطٍّ مغاير متأخر لفظة "صحيح"، وثبتت في (ب)، وقد نقل المنذري في "الترغيب والترهيب" أنَّ الحاكم قال: صحيح الإسناد، وكذلك نقل نصَّه ابنُ المُلقِّن في "البدر المنير" 7/ 496، ولذلك أثبتناه.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة سعيد: وهو ابن عبد الله الجهني، وليس ابن عبد الرحمن الجمحي كما وقع في إسناد الحاكم، قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 1/ 186: هو من أغلاط الحاكم الفاحشة. قلنا: لأنَّ الجمحي معروف وهو قاضي بغداد في عسكر المهدي زمن الرشيد، وقوّاهُ أحمد وابن معين وغيرهما، والجهني لا يُعرف.

وهو على الصواب في زوائد عبد الله بن أحمد بن حنبل على "المسند" لأبيه 2/ (828).

وأخرجه الترمذي (171) و (1075) عن قتيبة بن سعيد، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

والأيّم: من لا زوج له رجلًا كان أو امرأةً، ثيِّبًا كان أو بِكْرًا.

(4)

حديث حسن إن شاء الله كما قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 3/ 146، وهذا إسناد =

ص: 555

تابعه عِكْرمة بن إبراهيم عن هشام بن عُرْوة:

2721 -

حدَّثَناه علي بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا زياد بن أيوب، حدثنا عِكْرمة بن إبراهيم، عن هشام بن عُرْوة، فذكره بإسناده مثله

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2722 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه الزاهد ببغداد، حدثنا يحيى بن جعفر بن الزِّبْرِقان، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثنا الحسين بن واقِد.

وأخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيَّاري بمَرْو، حدثنا إبراهيم بن هلال، حدثنا علي بن الحسن بن شَقيق، أخبرنا الحسين بن واقِد، عن عبد الله بن بُريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أحسابَ أهلِ الدنيا الذي يَذهبُون إليه لَهذا المالُ"

(2)

.

= ضعيف لضعف الحارث بن عمران، وقد تابعه غير واحدٍ، كما بيَّنّاه مفصَّلًا في "سنن ابن ماجه".

فقد أخرجه ابن ماجه (1968) عن عبد الله بن سعيد الكندي، بهذا الإسناد.

وأمثَلُ متابعاته ما أخرجه ابن أبي الدنيا في "النفقة على العيال"(130)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 15/ 84 من طريقين عن أبي النضر إسحاق بن إبراهيم الدمشقي، عن الحكم بن هشام، عن هشام بن عروة.

وانظر ما بعده.

(1)

حديث حسن كسابقه، وهذا إسناد ضعيف لضعف عكرمة بن إبراهيم، لكن تابعه غيره كما سبق.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "النفقة على العيال"(131)، وأبو محمد المخلدي في "فوائده"(783)، والبيهقي 7/ 133 من طريق عكرمة بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده قوي من أجل الحسين بن واقد، فهو صدوق لا بأس به.

وأخرجه أحمد 38/ (22990) عن زيد بن الحُباب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (23059) عن علي بن الحسن بن شقيق، به.

وأخرجه النسائي (5316) من طريق أبي تُميلة يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، به.

ص: 556

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2723 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبيد الله بن أبي داود المُنادي، حدثنا يونس بن محمد المؤدِّب، حدثنا سلَّام بن أبي مُطيع، عن قَتَادة، عن الحسن، عن سَمُرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحَسَبُ المالُ، والكَرَمُ التقوى"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2724 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحَسن بن علي بن زياد، حدثنا إبراهيم بن موسى الفرّاء، حدثنا مسلم بن خالد، حدثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَرَمُ المؤمن دينُه، ومُروءتُه عقلُه، وحَسَبُه خُلُقُه"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2725 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا هاشم بن يونس العَصّار بمصر، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، حدثني عبد الرحمن

(1)

إسناده صحيح، والحسن - وهو البصري - سماعه من سمرة صحيح كما بيّنّاه في تعليقنا على الحديث (151).

وأخرجه أحمد 33/ (20102) عن يونس بن محمد بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (4219)، والترمذي (3271) من طريقين عن يونس بن محمد، به. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.

ويشهد له ما قبله.

وسيتكرر الحديث بإسناده ومتنه برقم (8120).

(2)

إسناده ضعيف، وقد سلف برقم (430) من طريقين عن مسلم بن خالد الزنجي.

وأخرجه البيهقي في "الشعب"(4335) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو بكر بن زياد النيسابوري في "زياداته على مختصر المزني"(391) من طريق محمد بن يحيى الذهلي، عن إبراهيم بن موسى، به.

ص: 557

ابن خالد - هو ابن مُسافِر - عن ابن شِهاب، عن عُرْوة بن الزُّبَير وعَمْرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة: أنَّ أبا حذيفة بن عُتْبة بن ربيعة بن عبد شمس - وكان ممَّن شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبنَّى سالمًا وأنكَحَه ابنةَ أخيه هندَ بنت الوليد بن عُتبة بن ربيعة بن عبد شمس - وكان ممَّن شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

وهو مولًى لامرأة من الأنصار، فتبنّاهُ كما تبنَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زيدًا، فكان من تبنّى رجلًا في الجاهلية، دعاه الناس إليه، ووَرِثَ من ميراثه، حتى أنزل الله في ذلك:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5]، فرُدُّوا إلى آبائهم، فمن لم يُعلَم له أبٌ، كان مولاهُ أو أخاهُ في الدِّين.

قالت عائشة: وإِنَّ سَهْلة بنت سُهيل بن عمرو القرشي ثم العامري - وكانت تحت أبي حذيفة بن عُتبة بن ربيعة - جاءت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله ذلك، فقالت: يا رسول الله، إنا كنا نَرى سالمًا ولدًا - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد آواه، فكان يأوي معه ومع أبي حذيفة في بيت واحد - ويَراني وأنا فُضُلٌ، وقد أُنزِلَ فيهم ما قد علمتَ، فما ترى في شأنه يا رسولَ الله؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أرضِعيهِ"، فأرضعته خمسَ رَضَعات، فحَرُم بهنّ، وكان بمنزلة ولدِها من الرَّضاعة

(2)

.

(1)

قوله: "وكان ممّن شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم" في المرة الثانية في حق سالم، لأنه قد شهد بدرًا مع أبي حذيفة.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن صالح، وقد ذكر الذهلي في "الزُّهْريات" - فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 15/ 264 - أن ذكر عمرة غير محفوظ في إسناده.

وأخرجه الطبراني 24/ (741) عن مطلب بن شعيب، عن عبد الله بن صالح، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (4000) من طريق الليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن الزُّهْري، عن عروة وحده، عن عائشة. ولم يسُق لفظَه بتمامه.

وكذلك أخرجه أحمد 42/ (25650) من طريق ابن جُرَيج، و 43/ (26179) من طريق مالك، و 43/ (26330) من طريق ابن أخي الزُّهْري، والبخاري (5088)، والنسائي (5312) و (5314) =

ص: 558

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه، وفيه أنَّ الشَّريفة تَزوَّجُ من كل مسلم.

2726 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا أَسَد بن موسى، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا بني بَيَاضةَ، أَنكِحُوا أبا هندٍ وانكِحُوا إليه". قال: وكان حجّامًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2727 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ وإبراهيم بن عِصْمة بن إبراهيم، قالا:

= من طريق شعيب بن أبي حمزة، وأبو داود (2061) من طريق يونس بن يزيد، والنسائي (5426) من طريق جعفر بن ربيعة، و (5315) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، سبعتهم عن الزُّهْري، عن عروة، عن عائشة. وقرن يحيى بعروة رجلًا آخر هو ابن عبد الله بن أبي ربيعة، وقرن أيضًا بعائشة أم سلمة. وبعضهم يزيد فيه على بعض.

وقد اختُلف فيه على يحيى بن سعيد الأنصاري على غير ما وجه، هذا أحدها.

وسيأتي الحديث مختصرًا برقم (7076) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عن سهلة امرأة أبي حذيفة.

وبرقم (7077) من طريق يحيى الأنصاري وربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن القاسم، عن عائشة.

وبرقم (5072) من طريق يحيى الأنصاري، عن عمرة: أنَّ امرأة أبي حذيفة ذكرت، هكذا رواه مرسلًا.

وبرقم (5072) من طريق يحيى الأنصاري، عن عمرة، عن عائشة، لكن في الإسناد إليه سويد بن سعيد، وقد كبر فعَمِي فصار يتلقّن ما ليس من حديثه.

وأخرجه مسلم (1453)، والنسائي (5455) من طريق زينب بنت أم سلمة، عن عائشة، بنحوه. قولها: وأنا فُضُل، بضم الفاء والضاد، أي: مُتبذِّلة في ثياب المَهنة.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي.

وأخرجه ابن حبان (4067) عن ابن خزيمة، عن الربيع بن سليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (2102) عن عبد الواحد بن غياث، وابن حبان (6078) من طريق عبد الأعلى بن حماد، كلاهما عن حماد بن سلمة، به.

ص: 559

حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، عن أبي مَرحُوم، عن سهل بن معاذ - وهو ابن أنس الجُهَني - عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن أعطى لله، ومَنَع لله، وأحبَّ لله، وأبغَضَ لله، وأنكَحَ لله، فقد استَكمَل إيمانَهُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2728 -

أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عبد الحميد بن سليمان، حدثنا محمد بن عَجْلان، عن وَثِيمة النَّصْري

(2)

، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكُم مَن تَرْضَوْنَ خُلُقَه ودِينَه، فأنكِحُوه، إلّا تفعَلُوا تَكُن فتنةٌ في الأرض وفَسادٌ عَريضٌ"

(3)

.

(1)

صحيح لغيره دون قوله: "وأنكح لله"، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل أبي مرحوم: وهو عبد الرحيم بن ميمون.

وأخرجه الترمذي (2521) عن عباس بن محمد الدُّوري، عن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.

وقد اختلفت نسخ الترمذي في حكمه فيه، ففي بعضها قال: حديث حسن، وفي بعضها الآخر: حديث منكر، والأصح ما قال فيه: حسن فإنَّ الترمذي قد مشى على تحسين حديثه في عدة مواضع من "جامعه" بالإسناد نفسه الذي روى به هذا الحديث.

ويشهد له دون ذكر الإنكاح حديث أبي أمامة عند أبي داود (4681)، وإسناده حسن.

(2)

النصري، بالنون، نسبة إلى بني نصر بن معاوية بن هوازن.

(3)

إسناده ضعيف لضعف عبد الحميد بن سليمان، فإنه - وإن حسَّن الرأيَ فيه أحمدُ والبخاريُّ - قد ضعَّفه غيرهما من أهل النقد، وقال البخاري: ربما يهم في الشيء. قلنا: وقد وهم في وصل هذا الحديث، فقد خالفه الليث بن سعد الحافظ الحجة وعبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، وهو قوي الحديث، فروياه عن محمد بن عجلان عن عبد الله بن هرمز مرسلًا، وذكر البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "جامعه" أنَّ المرسل هو الأشبه، بل خطّأ أبو داود في "المراسيل" بإثر (225) وصلَه جَزْمًا. وقد وقع في "جامع الترمذي" في رواية الليث: عن أبي هريرة، بدل: عبد الله بن هرمز، وهو تحريف قديم، لم يتفطّن له أبو علي الطُّوسي في "مستخرجه على الترمذي"(986)، =

ص: 560

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2729 -

أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله بن قريش، حدثنا الحسن بنُ سفيان، حدثنا محمد بن أبي بكر المُقدَّمي، أخبرني عُمَرُ بنُ علي بن مُقدَّم، حدثنا محمد بن إسحاق، عن داود بن الحُصين، عن واقِد بن عمرو بن معاذ، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذا خَطَبَ أحدُكم امرأةً، فإنِ استطاعَ أن يَنظُرَ إِلى بعضِ ما يَدعُو إلى نِكاحِها فليَفعَلْ"، فخطبتُ امرأةً من بني سُلَيم، فكنت أتخبّأُ لها في أُصولِ النخل، حتى

= ولا ابنُ القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 206، ولا المزي في "تحفة الأشراف"(15485)، وكان قد فاتنا نحن أيضًا في تحقيقنا للترمذي (1109) في طبعة دار الرسالة العالمية، وتصويب هذا التحريف من "علل الترمذي الكبير"(263)، ومن مصادر تخريج الحديث كما سيأتي.

وقد خالف محمدَ بنَ عجلان فيه حاتمُ بن إسماعيل عند الترمذي كما سيأتي، فرواه عن عبد الله بن هرمز، عن سعيد ومحمد ابني عبيد، عن أبي حاتم المزني. وسعيد ومحمد ابنا عبيد مجهولان، وعبد الله بن هرمز هذا نُسب في روايةٍ: الفَدَكي، وفي أخرى: اليماني، وقيل: إنه عبد الله بن مسلم بن هرمز المكي، فإن يكن هو فهو ضعيف الحديث، وإلّا فهو مجهول.

وقوله في إسناد الحاكم: وثيمة، خطأ، صوابه: ابن وثيمة، وهو زُفَر بن وثيمة.

وكنا قد حسَّنا هذا الحديث في عملنا على الترمذي وابن ماجه، اغترارًا بطريق أبي حاتم المزني، وقد ظهر لنا أنها وجه من وجوه الاختلاف في إسناد حديثنا هذا، فيُستدرك من هنا.

وأخرجه ابن ماجه (1967) عن محمد بن عبد الله بن سابُور الرَّقِّي، والترمذي (1084) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن عبد الحميد بن سليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه سعيد بن منصور (590) عن عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، وأبو داود في "المراسيل"(225) عن قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، كلاهما (الدراوردي والليث) عن محمد بن عجلان، عن عبد الله بن هرمز اليماني مرسلًا.

وأخرجه الترمذي (1085) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن عبد الله بن هرمز، عن محمد وسعيد ابني عبيد، عن أبي حاتم المزني. ووقع في أصولنا في "جامع الترمذي" (1110): عبد الله بن مسلم بن هرمز، بدل: عبد الله بن هرمز، وخطّأ ذلك المزيُّ في "التحفة"، لكن عدَّه ابن حجر في "التقريب" رجلًا واحدًا، وأنه نُسب في هذه الرواية لجده، وجزم بذلك قبله عبدُ الحق الإشبيلي فيما نقله عنه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 204 - 205 ووافقه.

ص: 561

رأيتُ منها ما دعاني إلى نِكاحها فتزوجتُها

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وإنما أخرج مسلم في هذا الباب حديث يزيد بن كَيْسان عن أبي حازم

(2)

مختصرًا.

2730 -

حدثني علي بن حَمْشاذَ العَدْل وأحمد بن جعفر القَطِيعي، قالا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن ثابت، عن أنس: أنَّ المغيرة بن شعبة خطب امرأةً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذهب فانظُرْ إليها، فإنه أحْرَى أن يُؤدَمَ

(3)

بينكما"، قال: فذهب فنَظَر إليها، فذكر من مُوافَقَتِها

(4)

.

(1)

المرفوع منه صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، وقد صرَّح محمد بن إسحاق بسماعه من داود بن الحصين عند أحمد (14869).

وأخرجه أحمد 22/ (14586)، وأبو داود (2082) من طريق عبد الواحد بن زياد، وأحمد 23/ (14869) من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وقوله في رواية الحاكم: امرأة من بني سُليم، وهمٌ، صوابه: امرأة من بني سَلِمة، كذلك جاء في رواية غير الحاكم، وكذلك جاء في رواية البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 84 من طريق أحمد بن خالد الوهبي عن محمد بن إسحاق.

ويشهد له حديث أنس بن مالك الذي بعده.

وحديث أبي هريرة عند مسلم (1424) وغيره.

وانظر تمام شواهده في "سنن أبي داود" بتحقيقنا.

(2)

يعني عن أبي هريرة، برقم (1424).

(3)

وقع في (ز): يدوم، وصُحِّح عليها، والمثبت من (ص) و (ب) و (ع)، وهو الموافق لرواية جميع من خرَّجه من طريق عبد الرزاق.

(4)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنَّ بعض أهل العلم قد ضعف رواية معمر - وهو ابن راشد - عن ثابت - وهو ابن أسلم - وقال الدارقطني: الصواب عن ثابت عن بكر. قلنا: يعني بكر بن عبد الله المزني، عن المغيرة بن شعبة من حديثه.

وأخرجه ابن ماجه (1865) عن الحسن بن علي الخلّال وزهير بن محمد ومحمد بن عبد الملك، ثلاثتهم عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. =

ص: 562

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2731 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني ابنُ شُريح، أنَّ الوليد بن أبي الوليد أخبره، أنَّ أيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري حدثه عن أبيه، عن جده، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اكتُم الْخِطبةَ ثم توضأْ فأحسِنْ وُضوءَك، ثم صلِّ ما كَتَبَ الله تعالى لكَ، ثم احمَدْ ربك ومَجِّدْه، ثم قل: اللهمَّ إنك تَقدِرُ ولا أَقدِرُ، وتَعلمُ ولا أَعلمُ، وأنت عَلّامُ الغُيوب، فإن رأيتَ لي في فلانة - يُسمِّيها باسمِها - خيرًا لي في دِيني ودُنياي وآخرتي، فاقدُرْها لي، فإن كان غيرُها خيرًا لي في دِيني ودُنياي وآخرتي، فاقدُرْها لي"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2732 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا هشام بن علي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوج امرأةً، فبعث امرأةً لِتنظُرَ إليها، فقال:"شُمِّي عَوارِضَها، وانظُري إلى عُرقُوبَيها"، قال: فجاءت إليهم فقالوا: ألا نُغدِّيكِ يا أمَّ فلانٍ؟ فقالت: لا آكلُ إلّا من طعامٍ جاءت به فُلانةُ، قال: فصَعِدَتْ في رفٍّ لهم، فنظرَتْ إلى عُرقُوبَيها، ثم قالت: افْلِيني يا بُنيّةُ، قال: فجعلَتْ تَفْلِيها وهي تَشَمُّ عَوارِضَها، قال: فجاءتْ فَأَخبَرَتْ

(2)

.

= وأخرجه ابن ماجه (1866) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت، وأحمد 30/ (18137)، والترمذي (1087)، والنسائي (5328) من طريق عاصم الأحول، كلاهما (ثابت وعاصم) عن بكر بن عبد الله المزني، عن المغيرة بن شعبة، قال: خطبتُ

فذكر الحديث. وهذا إسناد صحيح إن صحَّ سماع بكر من المغيرة، فقد نفاه ابن معين، وأثبته الدارقطني في "العلل" (1260). وقال الترمذي: حديث حسن.

ويشهد له ما قبله.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد فيه لِين كما سلف بيانه برقم (1195). ابن وهب هو عبد الله، وابن شُريح: هو حيوة.

(2)

إسناده صحيح. هشام بن علي - وهو أبو علي السِّيرافي - وثقه الدارقطني، وقال ابن حبان: =

ص: 563

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2733 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا علي بنُ الحسن الهِلالي، حدثنا أبو مَعمَر، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، عن حَبيب المعلِّم، عن عمرو بن شعيب. قال أبو مَعمَر: وقد حدَّثَناه حَبيبٌ المعلّم، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد المقبُري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَنكِحُ الزاني المجلودُ إلّا مثلَه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= مستقيم الحديث، وقد خالفه أبو داود في "المراسيل"(216) فرواه عن موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن ثابت مرسلًا، واقتصر على أول الحديث إلى قوله:"عرقوبيها".

لكن تابع هشامًا السِّيرافي على وصله محمدُ بن كثير المِصِّيصي عند ابن المنذر في "الأوسط"(7144) فرواه عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس. وذكره بطوله، ومحمد بن كثير حسن الحديث في المتابعات والشواهد.

وكذلك رواه موصولًا عُمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس، عند أحمد 21/ (13424)، وعمارة وإن كان له عن ثابت عن أنس مناكير، ليس هذا منها، لأنه توبع عليه.

وفي الجملة فيشبه أن يكون ذكر أنس في إسناده هو المحفوظ، والله أعلم.

والعوارض: الأسنان التي في عُرض الفم، وهي ما بين الثنايا والأضراس، واحدها: عارض.

والعُرقوبان: مثنّى عُرقوب، وهو الوتر الذي خلف الكعبين فُويق العقب، قيل: أمرها بالنظر إليها لأنه إذا اسودَّ عرقوباها اسودَّ سائر جسدها. قاله ابن الأثير.

وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 59: أراد بالنظر إلى عرقوبيها حتى تكون ممتلئة الساقين.

وقوله: افليني: من فَلْي الشعر وأخذ القمل منه.

(1)

إسناده صحيح. أبو معمر: هو عبد الله بن عمرو المِنْقَري المُقعَد.

وأخرجه أبو داود (2052) عن أبي معمر، بإسناديه.

وأخرجه أحمد 14/ (8300) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، وأبو داود (2052) عن مُسدَّد، كلاهما عن عبد الوارث بن سعيد، به.

وسيأتي برقم (2820) من طريق يزيد بن زريع عن حبيب المعلم.

ص: 564

2734 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثني عبيد الله بن الأخْنَس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنَّ مَرثَد بن أبي مَرثَد الغَنَوي كان يَحمِل الأُسارى بمكة، وكان بمكة بَغِيٌّ يقال لها: عَنَاقٌ، وكانت صديقتَه، قال: فجئتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسولَ الله، أنكِحُ عَنَاقًا؟ قال: فسكت عنّي، فنزلت:{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3]، فقرأه عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"لا تَنكِحْها"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2735 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد، حدثنا أحمد بن مِهْران، حدثنا عُبيد الله بن موسى، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بُردة، عن أبي موسى سَمِعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:"تُستأمَرُ اليتيمةُ في نفسها، فإن سَكَتَت فهو رضاها، وإن كَرِهَتْ، فلا كُرْهَ عليها"

(2)

.

(1)

إسناده حسن. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري، ومُسدَّد: هو ابن مُسرهد، ويحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه أبو داود (2051)، والنسائي (5319) عن إبراهيم بن محمد التيمي، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (3177) من طريق روح بن عبادة، عن عبيد الله بن الأخنس، به. وقال الترمذي: حسن غريب.

وقد وقع في رواية الحاكم هذه صرف كلمة "عناق" وإعرابها، وكذلك وقع في رواية الترمذي، وكذا في رواية أبي داود التي وقعت لابن الجوزي في "التحقيق"(1745)، مع أنَّ المعروف في المؤنث الذي على وزن "فَعَال" أحدُ وجهين: إما المنع من الصرف على لغة بني تَميم، وأما البناء على الكسر على لغة أهل الحجاز.

وسيأتي بنحوه برقم (2821) و (3537) من طريق القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمرو.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن.

وأخرجه أحمد 32/ (19516) عن وكيع بن الجراح وإسحاق بن يوسف، و (19688) عن =

ص: 565

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وله شاهد بإسناد صحيح عن أبي هريرة:

2736 -

أخبرَناه الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا محمد بن عمرو.

وحدثنا أبو الوليد الفقيه، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا المعتمِر، قال: سمعت محمد بن عمرو يُحدّث عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تُستأمَرُ اليتيمةُ في نفسها، فإن سَكَتَت فهو رضاها، وإن أبَتْ فلا جَوازَ عليها"

(1)

.

= أبي قَطَن عمرو بن الهيثم، ثلاثتهم عن يونس بن أبي إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (19657) عن أسود بن عامر، عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، عن جده أبي إسحاق، عن أبي بردة، به. وهذا إسناد صحيح.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي.

وأخرجه أحمد 12/ (7527) عن عبد الواحد بن واصل الحداد، وأبو داود (2093) من طريق يزيد بن زُريع، ومن طريق حماد بن سلمة، والترمذي (1109) من طريق عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، والنسائي (5360) من طريق يحيى القطان، خمستهم عن محمد بن عمرو، به.

وأخرجه البخاري (5136)، ومسلم (1419)، وأبو داود (2092)، وابن ماجه (1871)، والترمذي (1107)، والنسائي (5357) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، بلفظ:"لا تُنكح الأيِّم حتَّى تُستأمَر، ولا تُنكح البكرُ حتى تُستأذَن" قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنُها؟ قال:"أن تسكت".

ويشهد للفظ محمد بن عمرو حديث أبي موسى الأشعري الذي قبله، ويشهد لمعناه حديث ابن عمر الذي بعده.

وكذا يشهد لمعناه حديث ابن عباس عند أحمد 4/ (2469)، وأبي داود (2096)، وابن ماجه (1875)، والنسائي (5366)، وإسناده صحيح.

وقوله: "لا جَوازَ عليها" أي: لا ولاية عليها مع الامتناع.

ص: 566

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2737 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، حدثنا ابن أبي فُدَيك، عن ابنِ أبي ذئب، عن عمر بن حسين، عن نافع، عن ابن عمر: أنه تزوج ابنةَ خاله عثمان بن مَظْعُون، قال: فذهبتْ أمُّها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنَّ ابنتي تَكْرَه والله، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُفارقها، ففارَقَها، وقال:"لا تُنكِحُوا النساءَ حتى تَستأمروهُنّ، فإذا سَكتْنَ فهو إذنُهُنَّ". فتزوّجها بعدَ عبدِ الله المغيرةُ بن شُعبة

(1)

.

هذا حديث كبيرٌ صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2738 -

أخبرنا مَخْلَد

(2)

بن جعفر الباقَرْحِيّ، حدثنا محمد بن جَرير

(3)

، حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأُموي، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة، حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عائشة قالت: لما تُوفِّيَت خديجةُ قالت خولة بنت حكيم بنِ أُميّة بن الأَوْقَص امرأة عثمان بن مَظْعُون، وذلك بمكة: أيْ رسولَ الله، ألا تَزَوَّجُ؟ قال:"ومَن؟ " قالت: إن شئت بِكرًا، وإن شئت ثيِّبًا، قال:"ومَن البِكرُ؟ " قالت: ابنةُ أحبِّ خلق الله إليك، عائشةُ بنت أبي بكر، قال:"ومَن الثيِّبُ؟ " قالت: سَوْدَةُ بنت زَمْعة بن قيس، قد آمنتْ بك واتبعتْك على ما أنتَ

(1)

إسناده صحيح. ابن أبي فُديك: هو محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فُديك، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة، وعمر بن حسين: هو ابن عبد الله الجُمحي.

وأخرجه أحمد 10/ (6136) من طريق محمد بن إسحاق، حدثني عمر بن حسين به. ولفظ المرفوع عنده:"هي يتيمة، ولا تُنكَح إلّا بإذنها".

وأخرجه ابن ماجه (1878) من طريق عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، بنحوه.

(2)

تحرَّف في (ز) إلى: محمد، وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 16/ 254.

(3)

تحرَّف "جرير" في النسخ الخطية إلى: حرب. ومخلد معروف بالرواية عن محمد بن جرير الطبري كما في ترجمته من "تاريخ بغداد" 15/ 230 وسعيد بن يحيى الأُموي قد روى عنه ابن جرير الطبري في عشرات المواضع من كتبه.

ص: 567

عليه، قال:"فاذهبي فاذكُرِيهما"، فجاءت فدخلتْ بيت أبي بكر، فقالت: يا أبا بكر، ماذا أدخلَ اللهُ عليك من الخير والبَرَكة، أرسلَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أخطُبُ عليه عائشةَ، قال: ادعِي لي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فدعَتْه، فجاء فأنكحه، وهي يومئذٍ ابنةُ سبع سنين

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2739 -

أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيَّاري بمَرْو، حدثنا محمد بن موسى بن حاتم الباشاني، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، حدثنا الحسين بن واقِد، عن عبد الله بن بُريدة، عن أبيه قال: خطب أبو بكر وعمرُ فاطمةَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنَّها صغيرة"، فخطبها عليٌّ فزَوَّجَها

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة.

وأخرجه أحمد 42/ (25769) عن محمد بن بشر العبدي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قالا: لما هلكت خديجة، فذكراه هكذا على صورة المرسل. قال ابن كثير في "البداية والنهاية" 4/ 331: هذا السياق كأنه مرسلٌ، وهو متصلٌ لما رواه البيهقي من طريق أحمد بن عبد الجبار، حدثنا عبد الله بن إدريس الأَوْدِي، عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: قالت عائشة.

قلنا: فات ابنَ كثير أنه من الطريق المذكورة عند الحاكم أيضًا فيما سيأتي برقم (4494)، وفاته أيضًا طريق يحيى بن سعيد الأموي التي عند الحاكم هنا أيضًا، فتأكد وصل الحديث، وقد حسَّن إسناده الذهبي في قسم السيرة من "سير أعلام النبلاء" ص 230، وابن حجر في "فتح الباري" 11/ 429.

وقد وقع في رواية أحمد أنَّ عائشة كانت حينئذٍ بنت ست سنين، وهنا عند الحاكم: ابنة سبع سنين، وما عند أحمد يوافقه رواية عروة عن عائشة عند البخاري (3894) ومسلم (1422)، وما عند الحاكم يوافقه رواية أخرى عن عروة عند مسلم (1422)، وأخرى عنه أيضًا عند أحمد 43/ (26397). ويمكن أن يُحمل على أنها كانت في آخر السادسة وأول السابعة من عمرها، والله أعلم.

(2)

حديث قوي، وهذا إسناد حسن، محمد بن موسى بن حاتم حسن الحديث كما بيناه عند الحديث (127)، وقد توبع. =

ص: 568

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2740 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي بمَرْو، حدثنا محمد بن معاذ. وأخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب بهَمَذان، حدثنا محمد بن الجَهْم السِّمَّري؛ قالا: حدثنا أبو عاصم الضحّاك بن مَخْلد، حدثنا ابن جُرَيج، قال: سمعت سليمان بن موسى يقول: حدثنا الزُّهْري، قال: سمعتُ عُروة يقول: سمعت عائشةَ تقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أيُّما امرأةٍ نَكَحَتْ بغير إذن وليِّها، فنِكاحُها باطِلٌ، فنِكاحُها باطِلٌ، فنِكاحُها باطِلٌ، فإن أصابها فلها مهرُها بما أصابها، وإن تَشاجَرُوا، فالسلطانُ وَليُّ مَن لا وَليَّ له"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد تابع أبا عاصم على ذكر سماع ابنِ جُرَيج من سليمان بن موسى وسماع سليمان بن موسى من الزُّهْري: عبد الرزاق بن همّام ويحيى بن أيوب وعبد الله بن لَهِيعة وحَجّاج بن محمد المِصِّيصي.

أما حديث عبد الرزاق:

= وأخرجه النسائي (5310)، وابن حبان (6948) من طريق الحسين بن حُريث، عن الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمد بن معاذ - وهو ابن يوسف السُّلَمي المروَزي - روى عنه جمع من الحفاظ، ولا يُعرف بجرح، وسليمان بن موسى قوي الحديث.

وأخرجه أحمد 40/ (24205)، وأبو داود (2083)، وابن ماجه (1879)، والترمذي (1102)، والنسائي (5373)، وابن حبان (4074) و (4075) من طرق عن ابن جُرَيج، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وانظر تمام الكلام عليه في "مسند أحمد".

وأخرجه أحمد 40/ (24372)، وأبو داود (2084) من طريق ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن الزُّهْري، به.

وانظر الأحاديث الثلاثة التالية.

ص: 569

2741 -

فحدَّثَنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن سلمة ومحمد بن شاذان.

وحدثنا أبو علي الحافظ، حدثنا عبد الله بن محمد؛ قالوا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جُرَيج، أخبرني سليمان بن موسى، أنَّ الزُّهْري أخبره، أنَّ عُرْوة بن الزُّبَير أخبره، أنَّ عائشة أخبرته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحوَه

(1)

.

وأما حديث يحيى بن أيوب:

2742 -

فحدَّثَناه أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، قال: قُرئ على محمد بن إسماعيل السُّلَمي وأنا أسمع، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، حدثني ابن جُرَيج، أنَّ سُليمان بن موسى الدمشقي حدثه، أخبرني ابن شهاب، عن عُرْوة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُنكَحُ المرأةُ بغير إذن وليِّها، فإن نَكَحَت فنِكاحُها باطِلٌ - ثلاثَ مرّات - فإن أصابها، فلها مهرُها بما أصاب منها، فإن اشْتَجَروا، فالسلطان وليُّ من لا وليَّ له"

(2)

.

وأما حديث حجَّاج بن محمد:

2743 -

فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيلُ بنُ قُتيبة.

وأخبرني أبو يحيى أحمد بن محمد السَّمرْقَنْدي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن نصر.

وأخبرني أبو عمرو بن جعفر العَدْلُ، حدثنا إبراهيم بن علي الذُّهلي، قالوا: حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا حجّاج بن محمد، عن ابن جُرَيج، أخبرني سليمان بن موسى، أنَّ ابن شِهاب أخبره، أنَّ عُرْوة أخبره، أنَّ عائشة أخبرته، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيُّما امرأةٍ

(1)

إسناده قوي من أجل سليمان بن موسى: وهو الأشدق الدمشقي. أحمد بن سلمة: هو ابن عبد الله النيسابُوري، ومحمد بن شاذان: هو أبو سعيد النيسابوري، وأبو علي الحافظ: هو الحسين بن علي بن يزيد النيسابوري، وعبد الله بن محمد: هو ابن شِيرويه راوية "مسند ابن راهويه" عنه.

وأخرجه أحمد 42/ (25326) عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن أيوب - وهو الغافقي المصري - وقد توبع.

ص: 570

نَكَحتْ بغير إذن وليّها، فنكاحُها باطلٌ، نكاحُها باطلٌ، ولها مَهرُها بما أصاب منها، فإن اشتَجَروا فالسلطان وَليُّ من لا وَليَّ له"

(1)

.

فقد صحَّ وثبت بروايات الأئمة الأثبات سماعُ الرواة بعضِهم من بعض، فلا تُعلَّل هذه الروايات بحديثِ ابن عُليّة وسؤالِه ابنَ جُرَيج عنه، وقولِه: إني سألتُ الزُّهْري عنه فلم يعرفه، فقد ينسى الثقةُ الحافظُ الحديثَ بعد أن حدّث به، وقد فَعلَه غيرُ واحد من حفّاظ الحديث.

2743/ 1 - أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، قال: سمعتُ أحمد بن حنبل يقول، وذُكر عنده أن ابن عُليَّة يذكُر حديثَ ابن جُرَيج في:"لا نِكاح إلّا بوليّ"، قال ابن جُرَيج: فلقيتُ الزُّهْري، فسألتُه عنه فلم يعرفه، وأثنى على سليمان بنِ موسى، قال أحمد بن حنبل: إنَّ ابنَ جُرَيج له كتبٌ مُدوَّنة، وليس هذا في كُتبه. يعني حكاية ابن عُليَّة عن ابن جُرَيج.

2743/ 2 - سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدُّوْري يقول: سمعت يحيى بن مَعِين يقول في حديث: "لا نكاح إلّا بوليٍّ" الذي يرويه ابن جُرَيج، فقلت له: إنَّ ابن عُليّة يقول: قال ابن جُرَيج: فسألتُ عنه الزُّهْريَّ فقال: لست أحفظُه، قال يحيى بن مَعِين: ليس يقول هذا إِلَّا ابن عُليَّة، وإنما عَرَضَ ابن عُليَّة كتب ابن جُرَيج على عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رَوَّاد، فأصلحها له، ولكن لم يَبذُل نفسَه للحديث.

2743/ 3 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله، حدثنا أبو بكر بن رجاء، حدثنا محمد بن المصفّى، حدثنا بقيَّة، حدثنا شعيب بن أبي حمزة قال: قال لي الزُّهْري: إنَّ مكحولًا يأتينا وسليمانُ بن موسى، ولَعَمْرُ اللهِ إنَّ سليمان بن موسى لأَحْفَظُ الرجُلَين.

(1)

إسناده قوي من أجل سليمان بن موسى الأشدق الدمشقي.

ص: 571

قال الحاكم: رَجَعْنا إلى الأصل الذي لم يَسَعِ الشيخين إخلاءُ "الصحيحين" منه، وهو حديث أبي إسحاق عن أبي بُرْدة عن أبي موسى:

2744 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي وأبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي، قالا: حدثنا أبو قِلابة بن عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي.

وأخبرني مَخْلَد بن جعفر الباقَرْحِي، حدثنا إبراهيم بن هاشم البَغَوي؛ قالا: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا النعمان بن عبد السلام، عن شعبة وسفيان الثَّوْري، عن أبي إسحاق، عن أبي بُرْدة، عن أبي موسى، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا نِكاحَ إلّا بَوليٍّ"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل سليمان بن داود - وهو الشاذَكُوني - فهو متروك الحديث، وقد اتهمه بعضهم. لكنه لم ينفرد به، فقد روي من غير وجه عن شعبة وعن سفيان، كما نبَّه عليه الحاكم بإثره، ومن قبله نبَّه عليه البزار، وصحَّحا وصله من طريق شعبة وسفيان.

لكن ذكر الترمذي بإثر (1102) أنَّ رواية من رواه عن شعبة وسفيان مرسلًا دون ذكر أبي موسى أصح، وأنَّ وصله من طريقهما لا يصح، ونحوه قال الدارقطني في "العلل"(1295)، والبيهقي 7/ 19.

وعلى أي حال فإنَّ الحديث صحَّ موصولًا من غير طريقهما، كما سيأتي عند الحاكم، وكما بيَّناه مفصّلًا في تعليقنا على "المسند" 32/ (19518).

وأخرجه البيهقي 7/ 109 عن أبي زكريا بن أبي إسحاق المزكّي، عن أبي بكر أحمد بن كامل وحده، به.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 298، وابن المقرئ في "معجمه"(304)، وتمّام في "فوائده"(1432) من طرق عن أبي قلابة عبد الملك بن محمد، به.

وأخرجه البزار (3111)، وأبو علي الصوّاف في "فوائده"(12)، والدارقطني (3518) من طريق محمد بن موسى الحرشي، والبزار (3111) عن محمد بن الحصين الجزري، كلاهما عن يزيد بن زريع، وأخرجه ابن المقرئ (584) من طريق أبي العباس الفضل بن عبد الله اليشكري، عن مالك بن سليمان، كلاهما (يزيد بن زريع ومالك بن سليمان) عن شعبة وحده، به موصولًا.

ومالك بن سليمان والراوي عنه ضعيفان.

وأخرجه البزار (3110) عن عمرو بن علي الفلّاس، عن يزيد بن زريع، عن شعبة، فأرسله.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 9 من طريق وهب بن جرير، والخطيب في =

ص: 572

وقد جمع النعمانُ بن عبد السلام بين الثَّوْري وشعبة في إسناد هذا الحديث، ووَصَلَه عنهما، والنعمان بن عبد السلام ثقة مأمون

(1)

. وقد رواه جماعة من الثقات عن الثَّوْري على حِدَة، وعن شعبة على حِدَة، فوصلوه، وكل ذلك مَخرَجُه في الباب الذي سمعه مني أصحابي، فأغنى ذلك عن إعادتها.

= "الكفاية" ص 413 من طريق محمد بن جعفر، كلاهما عن شعبة، مرسلًا.

وكذلك أخرجه الترمذي في "جامعه" بإثر الحديث (1102) من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، قال: سمعت الثَّوري يسأل أبا إسحاق: أسمعتَ أبا بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلّا بولي"، قال: نعم.

وأخرجه البزار (3108)، وابن الجارود (704)، والطحاوي 3/ 9 وتمام (1433) من طريق بشر بن منصور، والبزار (3106)، وأبو علي الطُّوسي في "مختصر الأحكام"(1000)، والإسماعيلي في "معجمه" 2/ 609 من طريق جعفر بن عون، والرُّوياني في "مسنده"(448) من طريق مؤمّل بن إسماعيل، وتمّام (1431) من طريق عبد الله بن وهب، أربعتهم عن سفيان الثَّوري وحده، به موصولًا.

وأخرجه عبد الرزاق (10475)، والطحاوي 3/ 9 من طريق أبي عامر العقدي، والخطيب في "الكفاية" ص 410 من طريق الحسين بن حفص الأصبهاني، والترمذي في "العلل"(265) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، أربعتهم (عبد الرزاق والعقدي والحسين الأصبهاني وابن مهدي) عن سفيان الثَّوري، به مرسلًا.

وممَّن رواه موصولًا كذلك: شريك بن عبد الله النخعي عند الدارمي (2229)، والترمذي في "جامعه"(1101)، وابن حبان (4078) و (4090)، والطبراني في "الأوسط"(681).

ورَقَبة بن مَصْقَلة عند الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 389.

وعبد الحميد بن الحسن الهلالي عند البزار (3115).

ثلاثتهم عن أبي إسحاق، به.

وممَّن رواه مرسلًا عن أبي إسحاق: أبو الأحوص عند ابن أبي شيبة 4/ 131 و 14/ 168.

وانظر الروايات التالية عن أبي إسحاق، وكلها موصولة، فالحديث صحيح موصولًا بذكر أبي موسى الأشعري فيه.

(1)

هو ثقة كما قال الحاكم، لكن الراوي عنه سليمان بن داود الشاذَكُوني، وهو متروك، وقد اتهمه بعضهم، ولم يروه عنه غيره، فلا اعتبار بثقة من فوقه حينئذٍ.

ص: 573

فأما إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق الثقة الحُجَّة في حديث جده أبي إسحاق، فلم يُختلَف عنه في وصل هذا الحديث:

2745 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي، حدثنا الفضل بن عبد الجبار، حدثنا النضر بن شُميل، أخبرنا إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق.

وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصّغَاني، حدثنا هاشم بن القاسم وعبيد الله بن موسى، قالا: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق.

وأخبرنا أحمد بن سَلْمان الفقيه، حدثنا محمد بن سليمان الواسطي، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق.

وأخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن خالد بن خَلِيّ الحمصي، حدثنا أحمد بن خالد الوَهْبي، حدثنا إسرائيل.

وأخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه وأبو بكر بن إسحاق الإمام، قالا: حدثنا محمد بن عيسى بن السَّكَن، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق.

وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي، حدثنا طَلْق بن غَنّام، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بُرْدة، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نِكَاحَ إلّا بوَليٍّ"

(1)

.

هذه الأسانيد كلها صحيحة، وقد عَلَونا فيها عن إسرائيل، وقد وَصَلَه الأئمة المتقدمون الذين نَنزلُ في رواياتهم عن إسرائيل مثل عبد الرحمن بن مَهْدي ووكيع ويحيى بن آدم ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة وغيرهم، وقد حَكَموا لهذا الحديث بالصحة.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 32/ (19518)، والترمذي (1101) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وأحمد (19518) عن وكيع بن الجراح، وأحمد (19710) عن يزيد بن هارون، كلهم عن إسرائيل، بهذا الإسناد.

ص: 574

2745/ 1 - سمعتُ أبا نصر أحمدَ بنَ سهل الفقيه ببُخارى يقول: سمعتُ صالح بن محمد بن حبيب الحافظ يقول: سمعتُ عليَّ بن عبد الله المَدِيني يقول: سمعت عبدَ الرحمن بن مَهدي يقول: كان إسرائيل يَحفَظُ حديث أبي إسحاق كما يَحفَظ {الْحَمْدُ} .

2745/ 2 - سمعتُ أبا الحسن بنَ منصور يقول: سمعتُ أبا بكر محمد بن إسحاق يقول: سمعتُ أبا موسى يقول: كان عبد الرحمن بنُ مهدي يُثبِت حديثَ إسرائيل عن أبي إسحاق - يعني - في النكاح بغير وليّ.

2745/ 3 - حدثني محمد بن عبد الله الشَّيباني، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن، حدثنا حاتم بن يونس الجُرْجاني، قال: قلت لأبي الوليد الطَّيالسي: ما تقول في النكاح بغير وليّ؟ فقال: لا يجوز، قلت: ما الحُجَّةُ في ذلك؟ فقال: حدثنا قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه

(1)

. قلت: فإنَّ الثَّوْري وشعبة يُرسِلانه، قال: فإنَّ إسرائيلَ قد تابع قيسًا.

2745/ 4 - حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمدُ بنُ المنذر بن سعيد، حدثنا إسحاقُ بن إبراهيم بن جَبَلة، سمعتُ علي بن المَديني يقول: حديثُ إسرائيل صحيح في "لا نكاحَ إلّا بوليّ".

2745/ 5 - سمعتُ أبا الحسن بن منصور يقول: سمعتُ أبا بكر محمد بن إسحاق

(1)

حديث صحيح، وقيس بن الربيع يُعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد تابعه إسرائيل وغيره كما تقدم.

وأخرجه البزار (3113)، والطحاوي 3/ 9 من طريق محمد بن الصلت الكوفي، والطحاوي 3/ 9، والبيهقي 7/ 108 من طريق أبي الوليد الطيالسي، والطبراني في "الأوسط"(5565) من طريق أبي بلال الأشعري، والبيهقي 7/ 108، والخطيب في "الفصل للوصل" 2/ 756 من طريق شَبَابة بن سَوَّار، والخطيب أيضًا 2/ 756 من طريق طَلْق بن غنّام، كلهم عن قيس بن الربيع، بهذا الإسناد.

ص: 575

الإمام يقول: سألتُ محمد بن يحيى عن هذا الباب، فقال: حديث إسرائيل صحيح عندي، فقلت له: رواه شَريك أيضًا؟ فقال: من رواه؟ فقلت: حدَّثَنا به علي بن حُجْر، وذكرتُ له حديث يونس بن أبي إسحاقَ وبعضَ من روى هذا الخبر عن أبي إسحاق، فقلت له: رواه شعبة والثَّوْري، عن أبي إسحاق، عن أبي بُرْدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: نعم، هكذا رَوَياه، ولكنهم كانوا يُحدّثون بالحديث فيُرسِلونه، حتى يقال لهم: عمَّن؟ فيُسنِدونه.

2745/ 6 - سمعتُ أبا الحسن أحمد بن محمد العَنَزي يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى بن مَعِين: يونس بن أبي إسحاق أحبُّ إليك أو ابنُه إسرائيل بن يونس؟ فقال: كلٌّ ثقة.

2746 -

حدثنا بحديث يونس بن أبي إسحاق: مُكرَمُ بن أحمد القاضي، حدثنا أبو الوليد محمد بن أحمد بن بُرْد الأنطاكي، حدثنا الهيثم بن جَميل، حدثنا عيسى بن يونس، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن أبي بُرْدة، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نِكاحَ إلّا بوليّ"

(1)

.

وقد وَصَلَ هذا الحديثَ عن أبي إسحاق بعد هؤلاء: زهيرُ بن معاوية الجُعْفي وأبو عَوَانة الوضّاح، وقد أجمع أهل النَّقل على تقدُّمهما وحفظهما.

أما حديث زهير:

2747 -

فحدَّثَناه أبو علي الحافظ وأبو الحسن بنُ منصور، قالا: حدثنا محمدُ بن

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يونس - وهو ابن أبي إسحاق السّبيعي - وقد توبع. وقد رواه يونس أيضًا عن أبي بردة مباشرة دون ذكر أبيه أبي إسحاق، كما سيأتي برقم (2749) و (2750)، وليس بعيدًا أن يكون رواه على الوجهين، فقد شارك أباه في كثير من شيوخه، قال ابن سعد في "الطبقات" 8/ 483: روى عن عامة رجال أبيه، قلنا: وكلام علي بن المديني الذي ذكره الحاكم بإثر الرواية (2750) يدل على إقراره بسماع يونس من أبي بردة مباشرة، والله أعلم.

وأخرجه الترمذي (1101) من طريق زيد بن الحباب، عن يونس، بهذا الإسناد.

ص: 576

إسحاق الإمامُ، حدثنا أبو الأزهر، حدثنا عمرو بن عثمان الرَّقِّي، حدثنا زهيرٌ، حدثنا أبو إسحاق، عن أبي بُرْدة، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نِكَاح إلّا بوليّ"

(1)

.

2747 م - حدثني أبو سعيد أحمد بن محمد بن رُمَيح النَّخَعي، حدثنا إبراهيم بن نصر الكِنْدي، قال: سمعتُ سعيد بن هاشم الكاغَذِي يقول: سمعتُ أحمد بن حنبل يقول: إذا وجدتَ الحديثَ من وجهِ زهير بن معاوية، فلا تَعْدُ إلى غيره، فإنه من أثبت الناس حديثًا.

وأما حديث أبي عَوَانة:

2748 -

فحدَّثَناه أبو بكر بن سلمان الفقيه وأبو بكر بن إسحاق وأبو الحسين بن مُكْرَم وأبو بكر بن بالَوَيهِ، قالوا: حدثنا محمد بن شاذان الجَوهَري، حدثنا مُعلَّى بن منصور، حدثنا أبو عَوَانة، عن أبي إسحاق، عن أبي بُرْدة، عن أبيه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا نِكَاح إلّا بوليّ"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عمرو بن عثمان الرَّقِّي، وقال ابن عدي في "الكامل" 5/ 140: لم يوصله عن زهير - وهو ابن معاوية - غير عمرو بن عثمان. قلنا: لكن صحَّ من وجوه أخرى عن أبي إسحاق موصولًا كما تقدم. أبو الأزهر: هو أحمد بن الأزهر.

وأخرجه أبو بكر بن زياد النيسابوري في "الزيادات على مختصر المزني"(413)، والبيهقي 7/ 107 من طريق أبي الأزهر، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن الجارود (703)، وابن حبان (4077)، وابن المقرئ في "معجمه"(123)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 140 من طرق عن عمرو بن عثمان، به.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن أبا عوانة - وهو الوضّاح بن عبد الله اليشكري - لم يسمعه من أبي إسحاق، كما صرَّح هو نفسه بذلك في رواية معلى بن منصور عند بعض من خرَّجه من طريقه كما سيأتي، وكذلك رواه عنه يحيى بن حماد البصري كما في "العلل" لابن أبي حاتم (1216).

وقد سمعه أبو عوانة من إسرائيل عن أبي إسحاق، كما صرَّح هو بذلك، وقاله أيضًا محمد بن الفضل السدوسي عند ابن عدي في "الكامل" 1/ 425. =

ص: 577

هكذا رواه عبدُ الرحمنِ بن مَهدي ووكيع وغيرُهما عن أبي عَوَانة.

= وسمعه أيضًا من رجل آخر عن أبي إسحاق، وهو رقبة بن مَصْقَلة، كما سيأتي، ورقبة ثقة.

وعليه فما وقع عند ابن ماجه من تصريح أبي عوانة بسماعه لهذا الحديث من أبي إسحاق وهمٌ من الراوي عن أبي عوانة.

وأخرجه ابن ماجه (1881) عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، والترمذي (1101) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن أبي عوانة، عن أبي إسحاق، به.

وكذلك رواه عن أبي عوانة غير واحدٍ منهم أبو داود الطيالسي وسعيد بن منصور وأبو الوليد الطيالسي وعبد الرحمن بن مهدي، لكن لم يقع في رواية أيٍّ منهم تصريحُ أبي عوانة بسماعه هذا الحديثَ من أبي إسحاق.

وأخرجه أبو بكر بن زياد النيسابوري في "زياداته على مختصر المزني"(414)، وابن الأعرابي في "معجمه"(296)، والبيهقي 7/ 107 من طريق مُعلَّى بن منصور الرازي، عن أبي عوانة، عن أبي إسحاق، به. قال معلَّى: ثم قال لي أبو عوانة بعد ذلك بحين: لم أسمعه من أبي إسحاق، بيني وبينه إسرائيل.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "العلل"(1216) من طريق يحيى بن حماد البصري، عن أبي عوانة، عن أبي إسحاق، به. وفيه نحو ما قاله المعلّى بن منصور، لكن وقع في "العلل" تحريف في العبارة.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 1/ 425 من طريق سليمان بن أيوب وعباس بن الوليد النَّرْسي ويحيي بن درست، قالوا: حدثنا أبو عوانة، عن أبي إسحاق، به. قال عباس: كان محمد بن الفضل - وهو السدوسي المعروف بعارم - جارًا لنا يحدِّث بهذا الحديث، ويقول: إنَّ هذا الحديث وحديث عاصم بن ضمرة عن علي إنما حدث به أبو عوانة عن إسرائيل، عن أبي إسحاق. قلنا: ومحمد بن الفضل من الرواة عن أبي عوانة في "الصحيحين" وغيرهما، فلعله سمع ذلك من أبي عوانة نفسه، والله أعلم.

وأخرجه الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 389 من طريق يونس بن محمد المؤدِّب، عن أبي عوانة، عن رقبة بن مَصْقَلة، عن أبي إسحاق، به. فذَكَر رقبة بن مصقلة، بدل إسرائيل، والإسناد إلى يونس المؤدِّب صحيح متصل، فلا يبعد أن يكون سمعه من كلا الرجلين، والله تعالى أعلم. وعلى كل حالٍ فهو يؤيد عدم سماع أبي عوانة هذا الحديثَ من أبي إسحاق.

وقد تقدم من غير طريق أبي عوانة عن إسرائيل برقم (2745).

ص: 578

وقد وَصَلَ هذا الحديث عن أبي إسحاق جماعةٌ من أئمة المسلمين غيرُ من ذكرناهم، منهم: أبو حنيفة النعمان بن ثابت ورَقَبة بن مَصْقَلة العبدي ومُطرِّف بن طريف الحارثي وعبد الحميد بن الحسن الهِلالي وزكريا بن أبي زائدة، وغيرهم، قد ذكرناهم في الباب.

وقد وَصَله عن أبي بُرْدة جماعةٌ غيرُ أبي إسحاق:

2749 -

أخبَرَناه أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا الحارث بن محمد، حدثنا الحسن بن قُتيبة

(1)

، حدثنا يونس بن أبي إسحاق.

وأخبرني أبو قُتيبة سَلْم بن الفضل الأَدَمي بمكة، حدثنا القاسم بن زكريا المقرئ، حدثنا الحسن بن محمد بن الصبّاح، حدثنا أسباط بن محمد

(2)

، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بُردة، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

سقط من (ز) و (ص) و (ع) بعد الحسن بن قتيبة ذكرُ يونس بن أبي إسحاق، فصار الإسناد فيهما: حدثنا الحسن بن قتيبة، حدثنا مسلم بن الفضل

فأوهم ذلك اتصال هذا الإسناد بالذي يليه، فصار كأنه إسناد واحد، وقد استدركنا هذا السقط من (ب) و"السنن الكبرى" للبيهقي، حيث رواه عن الحاكم بإسناديه، ومن "إتحاف المهرة" للحافظ (12295).

(2)

وقع في النسخ الخطية و"إتحاف المهرة": أسباط بن نصر، وهو خطأ صوَّبناه من رواية البيهقي في "سننه الكبرى" 7/ 107، حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم بإسناديه المذكورين، ونَصَّ على أنه في كتابه "المستدرك"، وكذلك وقع على الصواب في نسخة ابن القيم من "مستدرك الحاكم"، حيث أشار في "حاشيته على سنن أبي داود" 3/ 31 إلى رواية الحاكم هذه من طريق الحسن بن محمد بن الصبّاح، فقال: عن أسباط بن محمد.

وأسباط بن محمد هذا: هو ابن عبد الرحمن القرشي مولاهم، وهو ثقة إلّا في الثَّوري، وأما أسباط بن نصر: فهو الهَمْداني، وهو صدوق حسن الحديث، والحسن بن محمد بن الصبّاح معروف بالرواية عن أسباط بن محمد، وهذا يؤكد على أنَّ ما وقع في الأصلين و"الإتحاف" خطأ، وممّا يزيد الأمر تأكيدًا أنَّ أحمد روى هذا الحديث بعينه عن أسباط بن محمد، فاتضح الأمر وبان، والله الموفق.

ص: 579

"لا نِكَاحَ إلّا بوليّ"

(1)

.

2750 -

حدَّثَناه أبو علي الحافظ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد

(2)

الضُّبَعي ببغداد، حدثنا محمد بن سهل بن عَسكَر، حدثنا قَبيصة بن عُقْبة، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بُرْدة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا نَكَاحَ إلّا بوليّ"

(3)

.

قال ابنُ عَسكَر: فقال لي قَبيصة بن عُقبة: جاءني علي بن المَديني، فسألني عن هذا الحديث، فحدثتُه به، فقال علي بن المديني: قد استرحْنا مِن خلاف أبي إسحاق.

قال الحاكم: ليس أعلمُ بين أئمة هذا العلم خلافًا على عدالة يونس بن أبي إسحاق، وأنَّ سماعه من أبي بردة مع أبيه صحيح، ثم لم يُختلَف على يونس في وَصْل هذا الحديث، ففيه الدليل الواضحُ أنَّ الخلاف الذي وقع على أبيه فيه من جهة أصحابه، لا من جهة أبي إسحاق، والله أعلم.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق، وقد تابعه أبوه أبو إسحاق كما تقدم، وغيره كما سيأتي. وقد تقدم من رواية يونس عن أبيه عن أبي بردة برقم (2746) وذكرنا هناك أنه لا يبعد أن يكون يونس قد رواه على الوجهين.

وأخرجه أحمد 32/ (19710) عن أسباط بن محمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (19746)، وأبو داود (2085) من طريق أبي عبيدة عبد الواحد بن واصل الحداد، عن يونس بن أبي إسحاق، به.

(2)

وقع اسم هذا الرجل في النسخ الخطية: أبو جعفر بن محمد بن أحمد الضبعي، بزيادة لفظة "ابن" بين أبي جعفر ومحمد وهي مُقحمة، لم ترد في رواية البيهقي في "سننه الكبرى" 7/ 109 فقد رواه عن الحاكم من كتاب "المستدرك"، ونقله كذلك عن البيهقي ابنُ عبد الهادي في "تنقيح التحقيق"(2673). وهذا الرجل لم نتبين من هو على اليقين.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن كسابقه.

وأخرجه البيهقي 7/ 109 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

ص: 580

وممَّن وَصَلَ هذا الحديث عن أبي بُرْدة نفسِه أبو حَصِين عثمان بن عاصم الثقفي:

2751 -

حدَّثَناه أبو علي الحافظ، أخبرنا أبو يوسف يعقوب بن خَليفة بن حسان الأُبُلِّي بالأُبُلَّة وصالح بن أحمد بن يونس وأبو العباس الأزهري، قالوا: حدثنا أبو شَيْبة بن أبي بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا خالد بن يزيد الطبيب، حدثنا أبو بكر بن عيّاش، عن أبي حَصين، عن أبي بُردة، عن أبي موسى، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا نِكاحَ إلّا بوليٍّ"

(1)

.

فقد استدلَلْنا بالروايات الصحيحة، وبأقاويل أئمة هذا العلم على صحة حديث أبي موسى بما فيه غُنية لمن تأمّله.

وفي الباب عن علي بن أبي طالب

(2)

وعبد الله بن عباس

(3)

ومعاذ بن جبل

(4)

(1)

غريب من حديث أبي حَصين عن أبي بُردة، فقد انفرد بروايته عن أبي حَصين أبو بكر بن عياش، وانفرد عنه خالد بن يزيد، وعن خالد انفرد أبو شيبة، وهؤلاء الثلاثة الذين رووه عن أبي شيبة كلهم مُتكلَّم فيه بكلام لا يصحُّ معه الاعتماد على روايتهم، أما صالح بن أحمد فيَسرق الحديث، وأما أبو العباس الأزهري - وهو أحمد بن محمد بن الأزهر - فقد اتهمه ابن حبان وضعَّفه الدارقطني وقال عنه: منكر الحديث، وأما يعقوب بن خليفة بن حسان الأُبُلّي فقد روى عنه الطبراني وابن عدي وأبو علي الحافظ، ولم يُؤثَر فيه توثيق.

(2)

أخرجه عبد الرزاق (10476)، وابن المنذر في "الأوسط"(7182)، وهو عن عليٍّ من قوله، موقوفًا عليه.

(3)

أخرجه أحمد 4/ (2260)، وابن ماجه (1880) وغيرهما من حديث ابن عباس مرفوعًا. وهو صحيح.

(4)

أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 3/ 541، ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق"(1700)، وفي "العلل المتناهية"(1024) من حديث معاذ بن جبل، رفعه:"أيما امرأة زوَّجَتْ نفسها من غير إذن وليٍّ فهي زانية". وفيه أبو عصمة نوح بن أبي مريم، وهو متهم بالكذب.

ص: 581

وعبد الله بن عمر

(1)

وأبي ذر الغِفاري

(2)

والمِقداد بن الأسود

(3)

وعبد الله بن مسعود

(4)

وجابر بن عبد الله

(5)

وأبي هريرة

(6)

وعِمران بن حُصَين

(7)

وعبد الله بن عمرو

(8)

(1)

تحرَّف في (ز) إلى: عمرو. ويؤيد كونه تحريفًا أنه سيأتي ذكر عبد الله بن عمرو بعد قليل.

وأخرج حديثه العقيلي في "الضعفاء"(1255)، وابن عدي في "الكامل" 1/ 365، وتمّام في "فوائده"(1437)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1171)، والدارقطني (3532)، وابن عدي 2/ 94، وابن الجوزي في "التحقيق"(1696) من طريقين عن نافع عن ابن عمر، مرفوعًا. والإسنادان فيهما ضعف.

(2)

نسبه السيوطي في "الجامع الكبير" 2/ 646 لابن عساكر ضمن حديث مطوّل لأبي ذر في عدة وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم، وذكر منها:"يا أبا ذر إنه لا يحل فرج إلّا من وجهين: نكاح المسلمين بولي وشاهدي عدل، أو فرجٌ تملك رقبته". ولم نقف عليه عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" مسندًا.

(3)

أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"، كما في "مختصره" لابن منظور 27/ 5 في ترجمة هارون الرشيد، من طريقه عن جده المنصور، عن أبيه محمد بن علي، عن أبي هاشم عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن المقداد.

(4)

أخرجه ابن عدي 4/ 134، والدارقطني (3531)، وإسناده ضعيف جدًّا.

(5)

أخرجه أبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "إتحاف الخيرة المهرة" للبوصيري (3306/ 7) و (3354/ 3)، وعنه ابن عدي في "الكامل" 6/ 18 عن محمد بن المنهال الضرير، عن أبي بكر الحنفي، عن ابن أبي ذئب، عن عطاء، عن جابر، وإسناده صحيح، لكن قال أبو يعلى فيما نقله عنه ابن عدي: هذا الحديث في كتابي في موضعين، في موضع ليس فيه:"ولا نكاح إلّا بولي".

(6)

أخرجه ابن حبان (4076) من طريق أبي عامر الخزاز، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، رفعه بلفظ:"لا نكاح إلّا بولي"، وأخرجه ابن ماجه (1882) من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، رفعه، بلفظ: "لا تُزوِّج المرأةُ المرأةَ، ولا تُزوّج المرأةُ نفسها

"، وهو صحيح بهذا اللفظ الثاني.

(7)

أخرجه عبد الرزاق (10473)، والرُّوياني في "مسنده"(83)، والعقيلي في "الضعفاء"(863)، والطبراني في "الكبير" 18/ (299)، وتمام في "فوائده"(1476)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(13633)، وفي "السنن الكبرى" 7/ 125، وإسناده ضعيف جدًّا.

(8)

أخرجه الطبراني في "الكبير"(14334)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 321. ولفظه كلفظ حديث عائشة المتقدم برقم (2742)، وإسناده ضعيف جدًّا.

ص: 582

والمِسْوَر بن مَخْرمة

(1)

وأنس بن مالك

(2)

، وأكثرها صحيحة، وقد صحَّت الروايات فيه عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: عائشة

(3)

وأم سَلَمة

(4)

وزينب بنت جحش

(5)

، رضي الله عنهم أجمعين.

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في رجب سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة:

2752 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العدل، حدثنا هشام بن علي السَّدُوسي ومحمد بن غالب قالا: حدثنا عفّانُ بن مسلم، حدثنا المبارَكُ بن فَضَالة، عن أبي عِمران الجَوْني، عن رَبِيعة بن كعب الأسلميّ، قال: كنت أخدُمُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"يا ربيعةُ، ألا تتزوّجُ؟ " قال: فقلت: لا والله يا رسول الله، ما أُريد أن أتزوّج، ما عندي ما يُقيم المرأةَ، وما أُحب أن يَشغَلَني عنك شيء، قال: فأعرَضَ عنّي، ثم قال لي بعد ذلك:"يا ربيعةُ، ألا تتزوّجُ؟ " قال: فقلتُ: لا واللهِ يا رسول الله، ما أُريد أن أتزوج، وما عندي ما يُقيم المرأة، وما أُحبُّ أن يَشْغَلَني عنك شيءٌ، فأعرضَ عنّي، قال: ثم راجعتُ نفسي، فقلتُ: والله يا رسول الله، أنت أعلمُ بما يُصلِحُني في الدنيا

(1)

ذكره الدارقطني في "علله" 13/ 250، وأشار إلى أن المحفوظ في إسناده حديث عائشة؛ يشير إلى حديثها الذي تقدم برقم (2742).

(2)

أخرجه ابن عدي في "الكامل" 1/ 527 و 4/ 9 و 8/ 408 بإسنادين ضعيفين جدًّا.

(3)

تقدم حديثها قريبًا برقم (2742).

(4)

لم نقف عليه، ولعله يريد قصة تزويج عمر بن أبي سلمة أمَّه برسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيأتي برقم (2769)، وعمر كان رجلًا كما بيَّنه ابن عبد الهادي في "التنقيح" 4/ 320 بإثر (2708)، وكذلك قال الذهبي في "تنقيحه" 2/ 177.

(5)

يشير إلى حديث أنس بن مالك الذي أخرجه البخاري برقم (7421) وفيه: فكانت تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت تقول: إنَّ الله أنكحني في السماء. قال البيهقي في "المعرفة"(13558): في قصة تزويج زينب بنت جحش ونزول الآية فيها دلالة على صحة ذلك، والله أعلم. قلنا: يعني صحة القول باشتراط الولي.

ص: 583

والآخرة، قال: وأنا أقولُ في نفسي: لئن قال لي الثالثةَ، لأقولَنّ: نعم، قال: فقال لي الثالثةَ: "يا ربيعةُ، ألا تتزوّجُ؟ " قال: فقلت: بلى يا رسولَ الله، مُرْني بما شئتَ - أو بما أحببتَ - قال:"انطلِقْ إلى آل فلان - إلى حيٍّ من الأنصار، فيهم تَرَاخي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل لهم: إنَّ رسول الله يُقرئُكم السلامَ، ويأمرُكم أن تُزوِّجُوا ربيعةَ فلانةَ"؛ امرأةً منهم، قال: فأتيتُهم، فقلت لهم ذلك، فقالوا: مرحبًا برسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وبرسولِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، والله لا يَرجِعُ رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلَّا بحاجتِه، قال: فأكرَمُوني وزوَّجوني وألْطَفُوني، ولم يسألوني البيّنةَ، فرجعتُ حزينًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما بالُك؟ " فقلت: يا رسول الله، أتيتُ قومًا كِرامًا، فزوَّجُوني وأكرَمُونِي وألْطَفُوني، ولم يسألوني البيّنةَ، فمن أين لي الصَّدَاقُ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبُريدة الأسلمي:"يا بُرَيدةُ، اجمَعُوا له وزنَ نَواةٍ من ذهبٍ" قال: فجَمَعُوا له وزنَ نَوَاةٍ من ذهب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اذهبْ بهذا إليهم، وقُل: هذا صَدَاقُها" فذهبت به إليهم، فقلتُ: هذا صَداقُها، قال: فقالوا: كثيرٌ طيّب، فقَبِلوا ورَضُوا به، قال: فقلتُ: مِن أين أُولِمُ؟ قال: فقال: "يا بُريدةُ، اجمَعُوا له في شاةٍ" قال: فجمَعُوا لي في كبشٍ فَطِيم سَمِين، قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اذهبْ إلى عائشة، فقل: انظُري إلى المِكتَل الذي فيه الطعامُ فابعَثي به" قال: فأتيتُ عائشة فقلت لها ذاك، فقالت: ها هو ذاك المِكتَلُ فيه سبعةُ آصُعٍ من شَعير، والله إنْ أصبحَ لنا طعامٌ غيرُه، قال: فأخذتُه، فجئتُ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"اذهب بها إليهم، فقل: ليُصلَحْ هذا عندكم خُبزًا" قال: فذهبتُ به وبالكبش، فقال: فقَبِلوا الطعامَ، وقالوا: اكفُونا أنتُم الكبشَ، قال: وجاء ناسٌ من أسلمَ، فذَبَحُوا وسَلَخوا وطبَخوا، قال: فأصبح عندنا خبز ولحم، فأولَمتُ ودعوتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.

قال: وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضًا وأعطى أبا بكر أرضًا، فاختلفنا في عَذْقِ نَخْلةٍ، قال: وجاءت الدُّنيا، فقال أبو بكر: هذه في حَدِّي، وقلت: لا، بل هي في حَدِّي، قال: فقال لي أبو بكر كلمةً كرهتُها ونَدِمَ عليها، قال: فقال لي: يا ربيعةُ، قُل لي مثلَ ما قلتُ لك، حتى يكونَ قِصاصًا، قال فقلت: لا والله، ما أنا بقائل لك إلّا خيرًا،

ص: 584

قال: والله لتَقولَنَّ لي كما قلتُ لك، حتى يكون قِصاصًا، وإلّا استعدَيتُ برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقلتُ: لا والله، ما أنا بقائل لك إلّا خيرًا، قال: فرَفَضَ أبو بكر الأرضَ، وأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فجعلتُ أتلُوه، فقال أناس من أسلمَ: يرحمُ الله أبا بكر، هو الذي قال ما قال، ويَستعْدِي عليك! قال: فقلت: أتدرُون مَن هذا؟! هذا أبو بكر، هذا ثاني اثنين، هذا ذو شَيْبةِ المسلمين، إياكم، لا يلتفتُ فيراكُم تنصُرونني عليه فيغضبَ، فيأتيَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فيغضبَ لغضبه، فيغضبَ الله لغضبهما، فيَهلِكَ ربيعةُ، قال: فرجَعُوا عني، وانطلقتُ أتلُوه حتَّى أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقصَّ عليه الذي كان، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا ربيعةُ، ما لكَ والصِّدِّيقِ؟ " قال: فقلتُ مثلَ ما قال: كان كذا وكذا، فقال لي: قُلْ مثلَ ما قلتُ لك، فأبيتُ أن أقولَ له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أجلْ، فلا تَقُلْ له مثلَ ما قال، ولكن قل: يَغفرُ اللهُ لك يا أبا بكر"، قال: فولّى أبو بكر الصديق وهو يبكي

(1)

.

(1)

إسناده حسن، وقد صرَّح المبارك بن فضالة بسماعه في الطريق الآتية برقم (6343) حيث سيذكر المصنف فاتحة هذه القصة، فانتفت شبهة تدليسه، وما وقع من تضعيف هذا الحديث في "مسند أحمد" فهو مُجازَفة، ولا نَكارة في متنه كما ادُّعي هناك.

وقد ذكر هذا الحديثَ غيرُ واحدٍ من الأئمة في فضائل أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وانظر "فتح الباري" 11/ 42 عند شرح الحديث (3661).

وأخرجه أحمد 27/ (16577) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، عن المبارك بن فضالة، به.

قوله: "يُقيم المرأة" أي: ما يقوم بشأنها من المعاش.

وقوله: "فيهم تراخٍ" أي: بُعْد في المكان، أو تأخّر عن الحضور.

وقوله: "ألْطَفُوني" أي: بَرُّوني.

والنواة: اسم لخمسة دراهم أو قيمتها.

والصاع: 4 أمداد، ويسع 2035 غرامًا تقريبًا.

والمِكتل: وعاء يُعمل من الخُوص.

وقوله: "إن أصبح""إن" هنا حرف نفي بمعنى "ما".

وقوله: "استعدَيتُ" أي: رفعتُ أمرك للنبي صلى الله عليه وسلم لينصرني. =

ص: 585

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2753 -

أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرني سعيد، عن قَتَادة، عن الحسن.

وأخبرني أبو أحمد الحسين بن علي التميمي - واللفظُ له - حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق، حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله، حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن طَهْمان، عن يونس بن عُبيد، عن الحسن في قول الله عز وجل:{فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232]، قال: حدثني مَعقِل بن يَسارٍ المُزني: أَنها نَزَلت فيه، قال: كنتُ زوَّجتُ أختًا لي من رجلٍ، فطلَّقها، حتَّى إذا انقَضَت عِدّتُها جاءَ يَخطُبها، فقلت له: زوَّجتُك وفَرَشْتُك وأكرمتُك، فطلَّقتَها، ثم جئتَ تخطُبها؟! لا والله لا تعودُ إليها أبدًا، قال: وكان رجلًا لا بأس به، وكانت المرأةُ تريد أن تَرجِع إليه، قال: فأنزل اللهُ هذه الآية، فقلتُ: الآنَ أفعَلُ يا رسول الله، فزوَّجْتُها إياه

(1)

.

قال أبو بكر محمد بن إسحاق: في هذا الحديث دلالة واضحة على أنَّ الله عز وجل جعلَ عقدَ النكاح إلى الأولياء دونَهن، وأنه ليس إلى النساء وإن كُنَّ ثَيِّباتٍ مِن العقدِ شيءٌ.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجه مسلم.

= والعَذْق، بالفتح: النخلة، فذكر النخلة بعدها هنا للبيان.

وقوله: "في حدَّي" أي: في جانبي من أرضي.

(1)

إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عَروبة، وقتادة: هو ابن دِعامة، والحسن: هو البصري.

وأخرجه البخاري (5331)، وابن حبان (4071) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (5130) عن أحمد بن حفص بن عبد الله، به.

وأخرجه البخاري (4529)، وأبو داود (2087)، والترمذي (2981)، والنسائي (10974) و (10975) من طُرق عن الحسن البصري، به.

وسيأتي برقم (3144) من طريق الفضل بن دَلْهم عن الحسن البصري.

ص: 586

2754 -

حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدَّقَّاق ببغداد، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، حدثنا معاذ بن هشام.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني محمد بن أبي بكر، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قَتَادة، عن الحسن، عن سَمُرة بن جُندُب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيُّما امرأةٍ زَوَّجها وَلِيّان، فهي للأول منهما، وأيُّما رجلَين ابتاعا بَيعًا، فهو للأول منهما"

(1)

.

تابعَه سعيد بن أبي عَرُوبة وسعيد بن بَشير الدمشقي عن قَتَادة.

أما حديث سعيد بن أبي عَرُوبة:

2755 -

فأخبرَناه أبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا سعيد، عن قَتَادة، عن الحسن، عن سَمُرة بن جُندُب، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أيُّما رجل باع مِن رجلَين بيعًا، فهو للأوّل منهما، وأيُّما امرأةٍ زَوَّجها وَليّان، فهي للأوّل"

(2)

.

وأما حديث سعيد بن بَشير:

2756 -

فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا عُبيد بن شَريك، حدثنا

(1)

إسناده صحيح، وسماع الحسن - وهو البصري - من سمرة بن جندب صحيح، كما بيناه عند الحديث المتقدم برقم (151). محمد بن أبي بكر: هو ابن علي المقدَّمي.

وقد تقدم برقم (2285) من طرق عن هشام الدستوائي.

وانظر الطرق الآتية بعده.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد الوهاب بن عطاء، فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع.

وأخرجه أحمد 33/ (20085)، والترمذي (1110)، والنسائي (6234) و (11663) من طريق محمد بن جعفر غُندر، وابن ماجه (2190) من طريق خالد بن الحارث، والنسائي (6235) من طريق إبراهيم بن طهمان، ثلاثتهم عن سعيد بن أبي عَروبة، بهذا الإسناد. وشك خالد في روايته فقال: عن عقبة بن عامر أو سمرة بن جندب، وجمع بينهما ابنُ طهمان.

ص: 587

أبو الجُمَاهِر، حدثنا سعيد بن بَشير، عن قَتَادة، عن الحسن، عن سَمُرة بن جندب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أنكَحَ الوَليّان، فهو للأول، وإذا باع المُجِيزان، فهو للأول"

(1)

.

وقد تابعَ

(2)

قَتَادة على روايته عن الحسن أشعثُ بن عبد الملك الحُمْراني:

2757 -

أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن أبي الوَزير، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثني أشعثُ بن عبد الملك، عن الحسن، عن سَمُرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أنكَحَ المُجِيزان، فالأولُ أحقُّ"

(3)

.

هذه الطرقُ النّواصعُ التي ذكرتُها لهذا المتن، كلُّها صحيحة على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2758 -

أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرّة، حدثنا يحيى بن محمد الجاريّ

(4)

، حدثنا داود بن قيس الفرّاء، أخبرني موسى بن يسار، عن أبي هريرة، قال: كان صَداقُنا إذْ كان فينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عشر

(5)

أَوَاقٍ

(6)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل سعيد بن بشير. أبو الجُماهِر: هو محمد بن عثمان التَّنُوخي.

وأخرجه ابن ماجه (2191) من طريق وكيع بن الجراح، عن سعيد بن بشير، بهذا الإسناد. مُقتصِرًا على ذكر المُجيزَين.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: تابعه.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي 7/ 141 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: المحاربي، وإنما هو الجاريّ نسبة إلى الجار، وهي مدينة على ساحل البحر الأحمر، وهو ميناء قديم، وتقع الآن في المكان المعروف اليوم باسم (الرايس) غرب بلدة بدر بمَيل قليل نحو الشمال.

(5)

وقع في النسخ الخطية: عشرة. مؤنثة، والجادة ما أثبتنا من "تلخيص الذهبي"، وكذلك جاء على الجادة في "سنن البيهقي الكبرى" 7/ 235 إذ روى هذا الخبر عن أبي عبد الله الحاكم.

(6)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن محمد الجاريّ، لكنه متابع.

وأخرجه أحمد 14/ (8807) عن إسماعيل بن عمر الواسطي، والنسائي (5484)، وابن حبان =

ص: 588

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2759 -

حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن يزيد الأَدَمي القارئ ببغداد، حدثنا عبد الله بن الحسن الهاشمي، حدثنا يزيد بن هارون.

وأخبرني أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببُخارى، حدثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، حدثنا عبد الله بن أبي شَيْبة وزهير بن حَرْب، قالا: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عبد الله بن عَوْن، عن ابن سِيرين، عن أبي العَجْفاء السُّلَمي، قال: خَطَبَنا عمرُ بن الخطّاب فقال: ألا لا تُغالُوا صُدُقَ النساء، فإنها لو كانت مَكرُمةً في الدنيا أو تقوى عند الله كان أَوْلاكم بها وأحقَّكم بها محمدٌ صلى الله عليه وسلم، ما أصْدَقَ امرأةً من نسائه أكثرَ من ثِنتَي عشرةَ أُوقيّةً، وإن أحدَكم ليُغْلي بصَدُقةِ امرأتِه، حتى يكون لها عداوةٌ في نفسِه، ويقول: قد كَلِفْتُ إليك عَلَقَ

(1)

القِرْبة.

وأخرى تقولونها لمن قُتل في مغازيكم هذه لو ماتَ: قُتِلَ فلان شهيدًا، ومات فلان شهيدًا، وعسى أن يكون قد أَثقَلَ عَجُزَ دابّته أو دفَّ راحلتِه

(2)

ذهبًا ووَرِقًا يبتغي الدنيا، فلا تقولوا ذلك، ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَن قُتِل أو مات في سبيل الله، فهو في الجنّة"

(3)

.

= (4097) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن داود بن قيس، به.

(1)

في المطبوع: عرق، بالراء، وكلاهما مَرويٌّ. وعَلَق القِربة: حَبْلها الذي تُعلّق به، وعَرَق القِربة، ماؤها. والمراد أني تكلّفت إليك وتعبتُ حتى عرِقتُ كعرق القِربة.

(2)

دَفُّ الراحلةِ: جانب كُورها، وهو سرجُها.

(3)

إسناده صحيح. ابن سيرين: هو محمد، وأبو العجفاء السُّلَمي: هو هَرِم بن نُسيب، وقيل في اسم أبيه غير ذلك. عبد الله بن أبي شيبة: هو الحافظ أبو بكر.

وأخرجه ابن ماجه (1887) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وابن حبان (4620) من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، بهذا الإسناد. واقتصر ابن ماجه على شطره الأول.

وأخرجه أحمد 1/ (287)، والنسائي في "الكبرى"(5485)، وفي "المجتبى"(3349) من طريق إسماعيل ابن عُليَّة، وابن ماجه (1887) من طريق يزيد بن زُريع، كلاهما عن عبد الله بن عون، =

ص: 589

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد رواه أيوب السَّخْتياني وحبيب بن الشَّهيد

(1)

وهشام بن حسّان وسلَمة بن علقمة

(2)

ومنصور بن زاذان وعوف بن أبي جَميلة

(3)

ويحيى بن عَتيق، كلُّ هذه التراجم

= به. لكن لم يسق أحمد لفظه، واقتصر ابن ماجه والنسائي في "الكبرى" على شطره الأول.

وأخرجه أحمد (287)، والنسائي في "الكبرى"(5485)، وفي "المجتبى"(3349)، وابن حبان (4620) من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، به.

وأخرج شطره الأول مفردًا أحمد (340)، والترمذي (1114) من طريق سفيان بن عيينة، وأبو داود (2106) من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب السَّختياني، عن محمد بن سيرين، به.

وأخرجه أيضًا أحمد (285) و (287)، والنسائي (5485) من طريق إسماعيل ابن عُليَّة، عن سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، قال: نُبئتُ عن أبي العَجْفاء. قلنا: لكن وقع في رواية سفيان بن عيينة عن أيوب عند أحمد تصريحُ ابن سيرين بسماعه لهذا الخبر من أبي العَجْفاء، وكذلك صرَّح بسماعه منه في رواية منصور بن زاذان عنه عند سعيد بن منصور (596) و (2547) وغيره، ومن أجل ذلك رَجّح الدارقطني في "العلل"(241) سماعَه منه.

وقد تقدم الشطر الثاني من هذا الخبر مفردًا برقم (2553) من طريق إسماعيل ابن عُليَّة عن أيوب وهشام بن حسان وابن عون.

وقد رُوي عن عمر بن الخطاب أنه رجع عن نهيه عن المغالاة في مُهور النساء، فقد روى عبد الرزاق (10420) عن قيس بن الربيع، عن أبي حَصِين، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، قال: قال عمر بن الخطاب: لا تُغالوا في مهور النساء، فقالت امرأة: ليس ذلك لك يا عمر، إنَّ الله يقول:"وآتيتم إحداهن قنطارًا من ذهب" قال: وكذلك هي في قراءة عبد الله (قلنا: يعني ابن مسعود)"فلا يحل لكم أن تأخذوا منه شيئًا"، فقال عمر: إنَّ امرأة خاصمت عمر فخصمته. وإسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل قيس، فقد رَوى نحو روايته هذه مجالد بن سعيد عن الشعبي عن عمر بن الخطاب مرسلًا عند سعيد بن منصور (598) وغيره، ووصله بعضهم بذكر مسروق بن الأجدع بين الشعبي وعمر، ولا يصح، ومجالد بن سعيد ليس بالقوي، لكن تصلح روايته للاعتبار، والله تعالى أعلم.

(1)

أخرجه من طريقه البيهقي في "الكبرى" 7/ 234.

(2)

كذا أجمل الحاكم سلمة بن علقمة فيمن رواه عن محمد بن سيرين متصلًا، وهو وهمٌ منه رحمه الله، فإنَّ سلمة بن علقمة رواه عن ابن سيرين غير متصل كما بيناه في تخريج الحديث.

(3)

روايته عند ابن سعد في "الطبقات" 10/ 156.

ص: 590

من رواياتٍ صحيحةٍ عن محمد بن سِيرين.

وأبو العَجْفاء السُّلَمي اسمه هَرِم بن حيّان، وهو من الثِّقات.

2759 م - سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعتُ العباس بن محمد الدُّوري يقول: سمعت يحيى بن مَعين يقول: حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، قال: اسمُ أبي العَجْفاء هَرِم.

وقد روي هذا الحديث من رواية مستقيمة عن سالم بن عبد الله ونافع عن ابن عمر.

أما حديث سالم:

2760 -

فحدَّثَناه أبو الوليد الفقيه وأبو بكر بن عبد الله بن قُريش، قالا: حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا شَيْبان بن فَرُّوخَ، حدثنا عيسى بن ميمون، حدثنا سالم ونافع، عن ابن عمر: أنَّ عمر بن الخطاب خطب الناسَ فقال: يا أيها الناسُ، لا تُغالُوا مَهْر النساء، فإنها لو كانت مَكرُمةً لم يكن منكم أحدٌ أحقَّ بها ولا أَولَى مِن النبي صلى الله عليه وسلم، ما أمْهَرَ أحدًا من نسائه ولا أصْدَقَ أحدًا من بناته أكثرَ من اثنتي عشرة أُوقيّةً. والأوقيّة أربعُون درهمًا - إلّا شيءٌ أصدَقَ عنه النجاشيُّ؛ أربعَ مئة دينار بأرض الحبشة

(2)

.

وأما حديث نافع:

(2)

إسناده ضعيف لضعف عيسى بن ميمون - وهو المدني المعروف بالواسطي - كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وقد تركه بعضهم.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 5/ 240 عن عبدان بن أحمد الأهوازي ومحمد بن عبدة بن حرب، عن شيبان بن فَرُّوخ، بهذا الإسناد.

ويُغني عنه ما قبله من رواية أبي العجفاء عن عمر.

ويشهد لقصة النجاشي حديث أم حبيبة الآتي برقم (2776) بإسناد صحيح، وهي صاحبة القصة التي أمهرها النجاشي ذلك. غير أنه ذكر هناك أربعة آلاف - والمراد الدرهم - وهي تساوي أربع مئة دينار تقريبًا.

ص: 591

2761 -

فأخبرَناه أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا الحسين بن عبد الله بن شاكر، حدثنا أبو حُمَة، حدثنا أبو قُرَّة، عن عبد العزيز بن أبي رَوَّاد وعبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ عمر بن الخطاب خطب الناس، ثم قال: أيها الناس، أقِلُّوا مُهور النساء، فإنَّ كثرة مُهورهن لو كان تقوى عند الله ومَكَرُمَةً في الدنيا؛ كان أَولاكُم بذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ما علِمنا أعطى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم امرأةً من نسائه أكثرَ من اثنتي عشرة أُوقيّةً - والوُقيّة أربعون درهمًا، فذلك ثمانون وأربعُ مئة درهم - وذلك أعلى ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمْهَرَ، فلا أعْلمَنَّ أحدًا زاد على أربع مئة درهم

(1)

.

وقد رُويَ من وجه صحيح عن عبد الله بن عباس عن عمر:

2762 -

حدَّثَناه محمد بن مُظفَّر الحافظ، حدثنا أبو محمد بن صاعِد، حدثني محمد بن علي بن ميمون الرَّقِّي، حدثني سعيد بن عبد الملك بن واقِد الحَرّاني، حدثنا محمد بن فُضيلٍ الضَّبِّي، عن أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال: قال

(1)

صحيح، وهذا إسناد ضعيف من جهة عبد الله بن عمر - وهو العمري - لكنه من جهة ابن أبي رَوّاد لا بأس به، إلّا أنه اختُلف فيه عنه في وصله وإرساله، فقد رواه عنه أبو قُرَّة - وهو موسى بن طارق - موصولًا كما في هذا الإسناد، وخالف أبا قرة عبدُ الرزاق ووكيعٌ، فروياه عن ابن أبي روّاد، عن نافع، عن عمر بن الخطاب مرسلًا، دون ذكر ابن عمر، وهو الأشبه، فإنَّ في الطريق إلى أبي قُرّة بعضَ اللِّين، لكن قد رُوي ذلك عن عمر من وجه آخر صحيح كما في الحديث السابق. وقال الدارقطني في "العلل" (241): لا يصح هذا الحديث إلا عن أبي العجفاء.

أبو حُمة: هو محمد بن يوسف الزُّبيدي.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(10401)، وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 175 عن وكيع بن الجراح، كلاهما (عبد الرزاق ووكيع)، عن عبد العزيز بن أبي رَوّاد، عن نافع، قال: قال عمر بن الخطاب، فذكره مرسلًا. ورواية وكيع مختصرة. وكلاهما قال في روايته: أربع مئة درهم، بدل: ثمانون وأربع مئة درهم.

وأخرج منه قيمة ما كان يعطيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مهرًا: البزار (158)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5042) و (5044) وغيرهما من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الله بن عمر، به.

ص: 592

عمر: لا تُغالُوا بمُهور النساء، قال: وذكر الحديث

(1)

.

وكذلك رُوي عن سعيد بن المسيّب عن عمر:

2763 -

حدَّثَناه أبو الحسن بن منصور، حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجيَة، حدثنا كُردُوس بن محمد أبو الحسن القافِلَاني، حدثنا مُعلَّى بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيّب: أنَّ عمر بن الخطاب قام على مِنبره، فحمِد اللهَ وأثنى عليه، فقال: ألا لا تُغالُوا في صَدُقات النساء، فإنها لو كانت مَكرُمةً في الدنيا أو تقوى عند الله، كان أَولاكُم بها نبيُّكم صلى الله عليه وسلم، والله ما زِيدَتِ امرأةٌ من نسائه ولا بناتِه على اثنتي عشرةُ أُوقيّة؛ وذلك أربع مئة درهم وثمانون درهمًا، الأُوقية أربعون درهمًا

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل سعيد بن عبد الملك الحَرَّاني، فقد قال أبو حاتم: يتكلمون فيه، ورأيتُ فيما حدَّث أحاديث كذب. قلنا: ومجيئه بهذه الطريق يدل على صحة ذلك، فلا يُعرف إلّا من طريقه، كما أشار إليه الدارقطني في "الأفراد" كما في "أطرافه" لابن طاهر (118)، وقد اضطرب فيه أيضًا، فروي عنه بذكر محمد بن فضيل الضبي، كما في رواية المصنف هنا، وروي عنه مرة أخرى بذكر محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك الحديث وكذّبه كثيرون. وقد رَوى هذا الخبر هشام بن سعد المدني عن عطاء الخراساني قال: قال عمر بن الخطاب. وعطاء الخراساني لم يدرك عمر، ويغلب على ظننا أنَّ هذا هو أصل الطريق، ثم رُكّب فيها ما رُكّب، وغُيِّر ما غُيِّر. لكن الخبر صحيح من طريق أبي العَجفاء عن عمر، وقد تقدمت برقم (2759).

وأخرجه أبو عثمان البحيري في الثاني من "فوائده"(81) من طريق أحمد بن عبد الله بن زياد الحداد، عن سعيد بن عبد الملك، عن محمد بن الفضل بن عطية، عن أبيه، عن عطاء بن أبي رباح.

وأخرجه يونس بن بكر في زياداته على "سيرة ابن إسحاق"(348)، وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 10/ 155، عن أبي نعيم الفضل بن دُكين، كلاهما (يونس وأبو نعيم) عن هشام بن سعد، عن عطاء الخراساني، قال: قال عمر بن الخطاب. وعطاء لم يدرك عمر بن الخطاب.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل مُعلَّى بن عبد الرحمن، فهو متروك الحديث، واتهمه بعضهم بوضع الحديث، وقد انفرد بهذه الطريق، والصحيح عن سعيد بن المسيب من قوله كما سيأتي. على أنه صحَّ عن عمر بن الخطاب من رواية أبي العَجفاء والسُّلَمي، كما سبق. =

ص: 593

فقد تواترت الأسانيدُ الصحيحة بصحَّة خطبة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذا البابُ لي مجموعٌ في جزء كبير، ولم يُخرجاه.

2764 -

أخبرني الشيخ أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن الحسين بن الجُنيد، حدثنا المُعَافى بن سليمان الحرّاني، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسماعيل الأسْلمي، أنَّ أبا حازم حدّثه عن أبي هريرة: أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: إني تزوّجتُ امرأةً من الأنصار على ثماني أَواقٍ، فتَفزَّع لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"كأنما تَنحِتُون الفضةَ من عُرْضِ هذا الجبل، هل رأيتَها، فإنَّ في عُيون الأنصار شيئًا؟ " قال: قد رأيتُها، قال:"ما عندنا شيءٌ، ولكنا سنبعثُك في بَعْثٍ، وأنا أرجو أن تُصيبَ خيرًا"، فبعثه في ناسٍ إلى ناسٍ من بني عَبْس، وأمر لهم النبي صلى الله عليه وسلم بناقةٍ فحَمَلُوا عليها متاعَهم، فلم تَرِمْ إلّا قليلًا حتى بَرَكَتْ فأعْيَتْهم أن تَنبَعِثَ، فلم يكن في القوم أصغرَ من الذي تزوّج، فجاء إلى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وهو مُستلْقٍ في المسجد، فقام عند رأسه كراهيةَ أن يُوقظه، فانتبه نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبيّ الله، إنَّ الذي أعطيتَنا أحببنا أن تَبتَعِثَه، فناولَه نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم يمينَه، وأخذَ رداءه بشمالِه فوضعه على عاتِقِه، وانطلق يمشي حتى أتاها، فضربها بباطن قدمِه، والذي نفسُ أبي هريرة بيده لقد كانت بعدَ ذلك تَسبِقُ القائد، وإنهم نزلوا بحَضْرة العدوّ، وقد أوقَدُوا النيران، فأحاط بهم فتفرَّقوا عليهم، وكبَّروا تكبيرةَ رجلٍ واحدٍ، وإِنَّ الله هَزمَهم وأَسَرَ منهم

(1)

.

= وأخرج ابن أبي شيبة 4/ 188 عن جرير بن عبد الحميد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: السُّنَّة في النكاح اثنا عشر أوقيّة ونصف، فذلك خمس مئة درهم. ورجاله ثقات.

(1)

إسناده صحيح. وأبو إسماعيل الأسلمي هو بَشير بن سلمان، كما جَزَمَ المصنِّف، ويؤيده أنه وقع مقيدًا بذلك في إسناد حديث آخر من طريق زهير - وهو ابن معاوية - عنه عن أبي حازم - وهو سلمان الأشجعي - عن أبي هريرة، عند أبي عوانة (8305)، حيث قال فيه زهير: حدثنا بشير أبو إسماعيل، ولم ينسبه، لكن نسبته هنا بالأسلمي فيها نظر، لأنَّ بشيرًا المذكور نَهْدي لا أسلمي، إلّا إن كان الأسلمي بضم اللام فهو يجتمع مع النَّهدي، فإنَّ في أجداد نَهْد أَسْلُم بن الحاف بن قضاعة. وليس أبو إسماعيل هو يزيد بن كيسان، وإن كان يُكنى أيضًا بأبي إسماعيل، =

ص: 594

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، إنما أخرج مسلم من حديث شعبة

(1)

، عن أبي إسماعيل، عن أبي حازم، عن أبي هريرة: أنَّ رجلًا تزوج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هلّا نظرتَ إليها" فقط، وأبو إسماعيل هذا هو بَشير بن سلْمان، وقد احتجا جميعًا به.

2765 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعْدي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا يحيى بن سعيد.

وأخبرني الحسن بن حَلِيم المروَزي، أخبرنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا

= وشاركه في هذا الحديث بعينه كذلك وفي غيره، كما أفاده ابن الجارود في "الكنى" فيما نقله عنه أبو علي الجياني في "تقييد المهمل" 3/ 931 ووافقه عليه. قلنا: ولأنه لا تعرف لزهير رواية عن يزيد بن كيسان، ولأنَّ يزيد بن كيسان مشهور باسمه لا بكنيته، كما أفاده المزّي في "التحفة"(13395)، ولأنَّ يزيد بن كيسان يشكريٌّ وأبا إسماعيل أسلميٌّ نَهْدي، ولا يجتمعون، كما أفاده المزّي أيضًا.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5058) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي إسماعيل، به. دون ذكر قصة الناقة.

وأخرجه مسلم (1424)، والنسائي (5329)، وابن حبان (4041) من طريق سفيان بن عيينة، ومسلم (1424)، وابن حبان (4094) من طريق مروان بن معاوية الفزاري، والنسائي (5330) من طريق علي بن هاشم بن البريد، ثلاثتهم عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، به. لكن اقتصر سفيان وعلي بن هاشم في روايتهما على أمر النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الرجل بالنظر للمرأة الأنصارية لأنَّ في أعين الأنصار شيئًا. ولم يذكر مروان في روايته قصة الناقة. وسمَّى المهرَ في روايته أربع أواق، بدل ثماني أواق.

وقوله: "فلم تُرِم" أي: لم تَبرَح.

(1)

لم يخرج مسلم هذا الحديث من طريق شعبة، وإنما أخرجه من طريق سفيان، كما قدَّمنا، وهو ابن عيينة، فلعلَّ ما وقع هنا تحريف، تحرَّف فيه سفيان إلى شعبة، إذ كان يُكتَب سفيان في كثير من الأصول القديمة بغير ألف، وأخطأ المصنف رحمه الله في تسمية شيخ سفيان عند مسلم بأبي إسماعيل، وإنما هو يزيد بن كيسان، فإنَّ مسلمًا لم يخرج هذا الحديث من طريق أبي إسماعيل، وإن كان سفيانُ بن عيينة قد روى هذا الحديث عنهما جميعًا كما بيناه في تخريجه.

ص: 595

عبد الله، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التَّيمي، عن أبي حَدْرد الأسلَمي: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يَستعينُه في مهر امرأةٍ، فقال:"كم أمهَرْتَها؟ "، فقال: مئتي درهم، فقال صلى الله عليه وسلم:"لو كنتم تَعْرِفُون من بُطحانَ ما زِدْتُم"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح إن شاء الله لكن بذكر ابن أبي حدرد بدل أبي حدرد، وهو عبد الله بن أبي حدرد، فقد رُوي هذا الحديث من غير وجه عنه كما سيأتي. وقال الواقدي فيما نقله عنه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 5/ 215: إنما الحديث أنَّ ابن أبي حدرد الأسلمي استعان رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في مهر امرأته.

قلنا: وقد وقع تصريح محمد بن إبراهيم التيمي بسماعه من ابن أبي حدرد في رواية عبد الرزاق، عن سفيان الثَّوري، عن يحيى بن سعيد - وهو الأنصاري - غير أنه وقع في روايته تسميته بأبي حدرد، كسائر من رواه عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم، وذكرنا أنه وهم وأنَّ الصواب رواية من قال: ابن أبي حدرد. وقد عاش ابن أبي حدرد إلى سنة إحدى وسبعين، كما قال الواقدي وغيره، فلا يُستبعد سماعُ محمد بن إبراهيم التيمي منه.

وأخرجه أحمد 24/ (15706) عن وكيع بن الجراح، و (15707) عن عبد الرزاق، كلاهما عن سفيان الثَّوري، عن يحيى بن سعيد، به.

وأخرجه أحمد 39/ (23882) من طريق عبد الواحد بن أبي عون، عن جدته، عن ابن أبي حدرد، ضمن حديث طويل، وجدة عبد الواحد وإن كانت مبهمة تُقبل روايتها في المتابعات والشواهد.

وأخرجه ابنُ إسحاق في "السيرة" كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 629 - 630، قال: عمن لا أتَّهم، عن ابن أبي حدرد. وبعضهم يرويه عن ابن إسحاق عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الله بن أبي حدرد، كما في "تاريخ الطبري" 3/ 34.

وأخرجه الواقدي في "مغازيه" 2/ 777 عن محمد بن سهل بن أبي حثمة، عن أبيه، قال: قال عبد الله بن أبي حدرد. وهذا سند يصلح للاعتبار، فأعدل الأقوال في الواقدي أنَّ حديثه يُكتب اعتبارًا، وفق ما قرره الذهبي في ترجمته من "سير أعلام النبلاء".

وأخرجه محمد بن الحسن بن قتيبة في "فوائده" كما في "الإصابة" للحافظ 4/ 55، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 132، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 27/ 340 - 340، والضياء المقدسي في "المختارة" 9/ (221) من طريق إسماعيل بن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد، أنه قال: تزوج جدي عبد الله بن أبي حدرد، فذكر نحوه. قال الضياء: لا أتحقق سماع إسماعيل من جده. قلنا: روايته صريحة في الإرسال، ولكنها مع ذلك تصلح للاعتبار، والله أعلم. =

ص: 596

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2766 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد اللَّخْمي بتِنِّيس، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، حدثنا زهير بن محمد، حدثنا حميد الطويل ورجل آخر، عن أنس بن مالك، قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل: {وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} [آل عمران: 14]، قال:"القِنطار ألفا أُوقيّة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2767 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إسحاق بن الحسن الحَرْبي، حدثنا عفّان، حدثنا حماد بن سَلَمة، أخبرني عمر بن طُفيل بن سَخْبرة المدني، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أعظمُ النساء بَرَكةً أيسَرُهنَّ صَدَاقًا"

(2)

.

= ويشهد له حديث أبي هريرة الذي قبله.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل أحمد بن عيسى بن زيد اللخمي، فهو متروك الحديث وكذَّبه بعضهم. وقد رواه أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي - وهو صدوق - عن عمرو بن أبي سلمة، فخالفه في نصّه كما سيأتي، وزهير بن محمد - وهو التميمي - رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، وهذا منها لأنَّ عمرو بن أبي سلمة دمشقي.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 608 عن أحمد بن عبد الرحيم البرقي، عن عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمد، به بلفظ:"قنطار يعني ألف دينار".

وأخرجه ابن أبي حاتم 2/ 608، وابن أبي الدنيا في "التهجد"(346) من طريق يزيد الرقاشي، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "القنطار ألف دينار". ويزيد الرقاشي - وهو ابن أبان - ضعيف.

(2)

إسناده صحيح إن شاء الله. ابن طُفيل بن سَخْبرة، قال عنه ابن معين في رواية عبد الله بن أحمد بن حنبل وابن الجُنيد والعباس الدوري: هو عيسى بن ميمون الجُرَشي المكي، وهو الذي يسميه حمادُ بنُ سلمة ابنَ سَخْبرة، وهو الذي يقال له: ابن تَليدان، وهو من ولد أبي قحافة، وهو الذي روى حديث:"أعظم النكاح بركة"، وذكر عبد الله بن أحمد عنه: أنَّ ابن تليدان أو تليدان لقبه، ونقل الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 305 قول ابن معين، ووافقه عليه. =

ص: 597

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2768 -

أخبرني محمد بن عبد الله بن قُريش، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو ثَوْر، حدثنا إبراهيم بن خالد الصنعاني، حدثنا عبد الله بن مصعب بن ثابت، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: زَوَّج رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا امرأةً بخاتم من حديد فَصُّهُ فِضّةٌ

(1)

.

= وقد فَرَّق ابنُ معين وأبو حاتم وأبو زرعة والترمذي بين هذا الرجل، وبين سَميِّه عيسى بن ميمون المدني الذي روى عن القاسم بن محمد عن عائشة حديث:"أعلنوا هذا النكاح"، وروى أيضًا عن محمد بن كعب، وأنَّ هذا الثاني هو الضعيف الذي ضعفه الأئمة، وأخطأ ابن أبي حاتم فذكر أنَّ عيسى بن ميمون المدني الضعيف هو الذي يقال له: ابن تليدان وهو من ولد أبي قحافة، وحكاه المزي بصيغة التمريض في ترجمة الضعيف.

وإذا ثبت ذلك فراوي هذا الحديث سماه حمادُ بنُ سلمة ابنَ سَخْبرة على اختلاف عنه في تسميته، وسماه يزيد بن هارون ومحمد بن مصعب القرقساني: عيسى بن ميمون، وسماه أبو داود الطيالسي: موسى بن تليدان، وكذا سماه أبو نعيم الفضلُ بن دكين موسى لكن نسبه إلى كنية أبيه، فقال: موسى بن أبي بكر، فالمقصود بهذا كله رجل واحد، وهو ثقة، وثقه أبو حاتم وابن معين وأبو داود والترمذي وغيرهم، والله تعالى أعلم.

وإنما بسطنا القول فيه هنا ليُعلم أنَّ ما حكم به على إسناد هذا الحديث في "المسند" 41/ (24529) بالضعف فيه مجازفة نشأت عن عدم التروِّي في معرفة الرجل المذكور، والله ولي التوفيق والسداد. على أنَّ هذا الحديث روي نحوه عن عائشة من وجه آخر حسن.

وأخرجه أحمد 41/ (24529) عن عفان بن مسلم، وأحمد 42/ (25119)، والنسائي (9229) من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن حماد بن سلمة، قال عفان عن حماد: أخبرني ابن طفيل بن سخبرة، وقال يزيد بن هارون عن حماد: عن ابن سخبرة، به.

وسيأتي نحو هذا الحديث عند المصنف برقم (2774) من طريق عُروة عن عائشة، وإسناده حسن.

(1)

إسناده ضعيف بهذه السياقة، عبد الله بن مصعب بن ثابت، قال عنه ابن معين: ضعيف الحديث، لم يكن عنده كتاب إنما كان يحفظ. قلنا: وانظر كلامنا عليه عند حديثه الآتي برقم (4657)، أما هنا فقد أخطأ في رواية هذا الحديث، وخالفه الثقات من أصحاب أبي حازم - وهو سلمة بن دينار - كما سيأتي بيانه. أبو ثور: هو إبراهيم بن خالد الكلبي الفقيه المشهور. =

ص: 598

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2769 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت البُناني، حدثني عمر بن أبي سلمة، عن أمه أم سَلَمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أصابَه مُصيبةٌ فليقُل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم عندك أحتسِبُ مُصيبتي، فأْجُرْنِي فيها وأَبدِلْني خيرًا منها"، فلما مات أبو سلمة قُلتُها، فجعلتُ كلّما بلغتُ أبدِلْني بها خيرًا منها، قلت في نفسي: ومَن خيرٌ من أبي سلمة؟! ثم قلتُها. فلما انقَضَت عِدّتُها بعثَ إليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عمرَ بنَ الخطاب يَخطُبها عليه، فقالت لابنها: يا عمرُ، قم فزَوِّجْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فزوَّجَه، فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يأتيها ليدخُلَ بها، فإذا رأتْه أخذت ابنتَها زينبَ فجعلتْها في حَجْرها، فيَنقلِبُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فعَلِمَ بذلك عمارُ بن ياسر، وكان أخاها من الرَّضاعة، فجاء إليها، فقال: أين هذه المَقبُوحة المَنبُوحة التي قد آذتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأخذها فذهب بها، فجاءَها

(1)

رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها، فجعلَ يَضرِبُ ببصره في جوانب البيت، فقال:"ما فعلتْ زُنابُ؟ " قالت: جاء عمارٌ فأخذها فذهب بها. فبَنَى بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وقال: "إني لا أنقُصُكِ شيئًا مما أعطيتُ فلانةَ: رَحَاءَينِ وجَرَّتين

= وأخرجه أبو بكر النيسابوري في "زياداته على مختصر المزني"(553)، والطبراني في "الكبير"(5837) من طريق أحمد بن منصور الرمادي، عن إبراهيم بن خالد الصنعاني، بهذا الإسناد. والصحيح في هذا الحديث ما أخرجه أحمد 37/ (22798) و (22850)، والبخاري (5029) و (5030) و (5087) و (5121) و (5132) و (5135) و (5149) و (5150)، ومسلم (1425)، وأبو داود (2111)، وابن ماجه (1889)، والترمذي (1114)، والنسائي (5289) و (5479) و (5499) من طرق ثمانية عن أبي حازم عن سهل بن سعد، في قصة الرجل الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوّجه المرأة الواهبة نفسها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"التمس ولو خاتمًا من حديد"، فالتمس فلم يجد خاتمًا ولا غيره، فزوَّجه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بما معه من القرآن. فظهر بذلك نكارةُ رواية عبد الله بن مصعب الزُّبَيري.

(1)

في نسخنا الخطية: فجاء بها، والمثبت من النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان.

ص: 599

ومِرفَقةً حَشْوُها لِيفٌ"، وقال: "إن سَبَّعتُ لكِ، سَبَّعتُ لنسائي"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الصحيح في رواية يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة ذكرُ ابن عمر بن أبي سلمة بين ثابت وعمر بن أبي سلمة، فقد رواه كذلك عنه أحمد 44/ (26697)، ومحمد بن إسماعيل ابن عُليَّة عند النسائي (10843)، ويعقوب بن إبراهيم الدَّورقي عند ابن حبان (2949)، ثلاثتهم عن يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، قال: حدثني ابن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أم سلمة.

وتابع يزيدَ عليه بذكر ابن عمر بن أبي سلمة روحُ بن عُبادة عند أحمد 26/ (16343)، وعفانُ بن مسلم عنده أيضًا 44/ (26669)، ومحمدُ بن كثير عند النسائي (10844)، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن ابن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أم سلمة، عن أبي سلمة. فجعلوه من حديث أم سلمة عن أبي سلمة في قصة الدعاء، ورواية عفان مطولة.

ورواه كذلك عمرو بن عاصم عند الترمذي (3511)، وآدم بن أبي إياس عند النسائي (10842)، وأبو داود الطيالسي عند ابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 316، ثلاثتهم عن حماد ابن سلمة، به - دون ذكر الواسطة بين ثابت وعمر بن أبي سلمة، وصرَّح ثابت بسماعه منه في رواية آدم. وقال الترمذي: حسن غريب.

ورواه عن حماد بن سلمة بذكر الواسطة موسى بنُ إسماعيل التبوذكي عند أبي داود السجستاني (3119) والحاكم فيما سيأتي برقم (6912)، ولم يذكر فيه أبا سلمة.

ورواه الحاكم أيضًا برقم (6787) من طريق التبوذكي نفسه عن حماد، فلم يذكر فيه الواسطة وذكر فيه أبا سلمة!

وقد أشار الحافظ ابن حجر إلى هذين الاختلافين في إسناد الحديث في "نتائج الأفكار" 4/ 316، فقال: يمكن الجمع بأن يكون ثابت سمعه من ابن عمر عن أبيه، ثم لقي عمرَ فحدَّثه، وأن تكون أم سلمة سمعته عن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لما مات أبو سلمة وأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تقوله لما سألته، فتذكرت ما كان أبو سلمة حدَّثها، فكانت تحدّث به على الوجهين. قال: ويؤيد هذا الحمل اختلافُ السياقين لفظًا وزيادة ونقصًا.

ورواه عن ثابت جماعة غير حماد بن سلمة فلم يذكروا ابنَ عمر بن أبي سلمة في إسناده، فقد أخرجه عبد الرزاق (6701)، وأحمد 44/ (26670)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5754)، والطبراني في "الدعاء"(1230) من طريق جعفر بن سليمان الضُّبَعي.

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(1827) عن النضر بن شُميل، وأحمد 44/ (26670) =

ص: 600

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن عفان بن مسلم، وأحمد بن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (3267) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، وأبو يعلى في "مسنده"(6908)، وأبو القاسم البَغَوي في "معجم الصحابة"(1398) عن هُدبة بن خالد، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 316 من طريق أبي داود الطيالسي، خمستهم عن سليمان بن المغيرة.

وأخرجه الطحاوي في "شرح المشكل"(5755) من طريق زهير بن العلاء.

ثلاثتهم (زهير بن العلاء وجعفر بن سليمان وسليمان بن المغيرة) عن ثابت البُناني؛ قال جعفر في روايته: حدثني عمر بن أبي سلمة، وقال زهير: عن عمر بن أبي سلمة، وقال سليمان بن المغيرة: حدثني ابن أبي سلمة، وقيده أبو النضر هاشم بن القاسم وأبو داود الطيالسي في روايتهما عن سليمان بن المغيرة، فقالا: عمر بن أبي سلمة، فوافقت روايته رواية جعفر بن سليمان وزهير. وقد أرسله سليمان بن المغيرة فقال في روايته: عن عمر بن أبي سلمة قال: جاء أبو سلمة إلى أم سلمة، فذكره، وهذا لا يضر، لأنَّ عمر بن أبي سلمة صحابي، ومرسله حجة.

وأخرجه ابن ماجه (1598) من طريق عبد الملك بن قدامة بن إبراهيم الجمحي، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة، عن أم سلمة، عن أبي سلمة. وعبد الملك ضعيف لكن يعتبر به.

وأخرجه أحمد 26/ (16344) من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أم سلمة، عن أبي سلمة.

وأخرجه أحمد 44/ (26635)، ومسلم (918) من طريق ابن سفينة مولى أم سلمة، عن مولاته أم سلمة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

وأكثر من تقدَّم يرويه مختصرًا، لكن زاد عفان ويزيد بن هارون في روايتهما عن حماد بن سلمة: أنَّ أبا بكر وعمر خطبا أم سلمة فأبت، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته أنها تغار، وأنها ذات صِبية، وأنه ليس لها وليّ شاهد، وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أجابها عن كل ذلك. وذكر المطلب في روايته ذلك أيضًا غير أنه ذكر أنها ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أنها دخلت في السنّ، بدل ذكر الوليّ. واقتصر ابن سفينة في روايته على ذكر الغَيرة وأنَّ لها بنتًا، ووقع في روايته: أنَّ الذي خطبها للرسول صلى الله عليه وسلم هو حاطب بن أبي بلتعة، بدل عمر بن الخطاب.

وسيأتي عند المصنف برقم (6911) من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، عن أم سلمة قالت: لما توفي أبو سلمة أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: كيف أقول؟ قال: "قولي: اللهم اغفر لنا وله، وأعقبني منه عقبى صالحة"، فقلتها، فأعقبني الله محمدًا صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه دون قصة الدعاء أحمد 44/ (26619)، والنسائي (8877)، وابن حبان (4065) من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أم سلمة. وفيه: أنها أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بأنها =

ص: 601

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2770 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا مسلم بن إبراهيم وحجاج بن مِنهال، قالا: حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت وإسماعيل بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس: أنَّ أبا طلحة خَطَب أمَّ سُلَيم، فقالت: يا أبا طلحة، ألستَ تعلمُ أنَّ إلهكَ الذي تعبُدُ خشبةٌ نَبَتَت من الأرض نَجَرَها حَبَشيُّ بني فلان؟! إن أنت أسلمتَ لم أُرِدْ منك من الصَّداق غيرَه، قال: حتى أنظُرَ في أمري، قال: فذهب ثم جاء فقال: أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنَّ محمدًا رسولُ الله، قالت: يا أنس، زَوِّج أبا طلحة

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ صحيح على شرط الشيخين:

2771 -

أخبرني أبو عمرو بن إسماعيل، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق، حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العَنْبري، حدثني أبي، حدثنا حَرْب بن ميمون، عن النضر بن أنس، عن أنس: أنَّ أمّ سليم تَزوّجت أبا طلحة على إسلامِه

(2)

.

= ذات عيال وأنها غيور وأنها كبرت ولا ولد فيها.

وأخرج منه آخره المرفوع في تخييرها في التسبيع من هذا الطريق: أحمد 44/ (26504)، ومسلم (1460)، وأبو داود (2122)، وابن ماجه (1917)، والنسائي (8876)، وابن حبان (4210).

والرَّحاءان: مثنّى رَحَاء، وهو الطاحون، ويُقصَر فيقال: رَحَى، وهو أشهر، ومثنّاه: رَحَيان ورَحَوان. والمِرفقة: المخدّة والمُتّكأ.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي (5374) من طريق يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، به.

وأخرجه بنحوه النسائي (5478) من طريق جعفر بن سليمان، عن ثابت وحده، به.

وأخرجه أيضًا بنحوه (5478/ 2) من طريق عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس.

(2)

إسناده صحيح. =

ص: 602

2772 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزة، حدثنا إسماعيل بن الخَليل، حدثنا علي بن مُسهِر، حدثنا داود بن أبي هند، عن الشَّعْبي، عن علقمة بن قيس: أنَّ قومًا أتوا عبد الله بن مسعود، فقالوا له: إنَّ رجلًا منا تزوّج امرأةً ولم يَفْرِضْ لها صداقًا، ولم يَجمَعْها إليه حتى مات، فقال لهم عبد الله: ما سُئلتُ عن شيءٍ منذ فارقتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ عليَّ من هذه، فأْتُوا غيري، قالوا: فاختلفوا إليه فيها شهرًا، ثم قالوا له في آخر ذاك: مَن نسألُ إذا لم نسألك وأنت آخِيّةُ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في هذا البلد، ولا نَجِدُ غيرك، فقال: سأقول فيها بجُهد رأيي، فإن كان صوابًا فمِن الله وحدَه لا شريك له، وإن كان خطأً فمنّي، واللهُ ورسولُه منه بَريء، أَرى أن أجعلَ لها صَداقًا كصَداق نسائها، لا وَكْسَ ولا شَطَطَ، ولها الميراث، وعليها العِدّة أربعةَ أشهر وعشرًا، قال: وذلك يَسمعُ ناسٌ من أشجَعَ، فقاموا، فقالوا: نشهدُ أنك قضيتَ بمثل الذي قضى به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في امرأةٍ منا يقال لها: بَرْوَعُ بنتُ واشِقٍ، قال: فما رُئِيَ عبدُ الله فَرِحَ بشيءٍ ما فرحَ يومئذٍ إلّا بإسلامه، ثم قال: اللهم إن كان صوابًا فمنك وحدَك لا شريك لك، وإن كان خطأً فمنّي ومن الشيطان، واللهُ ورسولُه منه بَريءٌ

(1)

.

= وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4678) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، عن عبد الوارث، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (7310)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 403 من طريق يونس بن محمد، عن حرب بن ميمون، به.

(1)

إسناده صحيح. الشعبي: هو عامر بن شراحيل

وأخرجه النسائي (5494)، وابن حبان (4101) من طريق علي بن حجر، عن علي بن مُسهِر، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصرًا أحمد 30/ (18462) من طريق حماد بن سلمة، و (18463) من طريق يحيى ابن زكريا بن أبي زائدة، كلاهما عن داود بن أبي هند، به.

وأخرجه مختصرًا أيضًا أحمد 25/ (15943) و 30/ (18461) و (18465) و (18466)، =

ص: 603

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2772 م - سمعتُ أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ وقيل له: سمعتَ الحسن بن سفيان يقول: سمعتُ حرملة بن يحيى يقول: سمعتُ الشافعي يقول: إن صحَّ حديث بَرْوَعَ بنتِ واشِقٍ قلتُ به. فقال أبو عبد الله: لو حضرتُ الشافعيَّ رضي الله عنه لقمتُ على رؤوس أصحابه، وقلتُ: فقد صحَّ الحديثُ، فقُلْ به.

قال الحاكم: فالشافعي إنما قال: لو صحَّ الحديثُ، لأنَّ هذه الرواية وإن كانت صحيحةً فإنَّ الفتوى فيه لعبد الله بن مسعود، وسنَدُ الحديث لِنَفَر من أشجَعَ، وشيخُنا أبو عبد الله رحمه الله إنما حَكَمَ بصحّة الحديث لأنَّ الثقة قد سمَّى فيه رجلًا من الصحابة، وهو مَعقِلُ بن سِنان الأشجعي.

وبصحة ما ذكرتُه:

2773 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، عن سفيان، عن فِراس، عن الشَّعبي، عن مسروق، عن عبد الله: في رجلٍ تزوّج امرأةً، فمات ولم يَدخُل بها، ولم يَفْرِض لها، فقال: لها الصَّداقُ كاملًا وعليها العِدّة، ولها الميراث، فقام مَعقِل بن سِنان فقال: شهدتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَضَى به في بَرْوَعَ بنتِ واشِقٍ

(1)

.

= وابن ماجه (1891 م)، والترمذي (1145)، والنسائي (5489) و (5490) و (5493) و (5688)، وابن حبان (4100) من طريق إبراهيم النخعي، عن علقمة، به. وقُرن به في بعض طرقه الأسود بن يزيد النخعي.

وسيأتي بعده من طريق مسروق بن الأجدع عن عبد الله بن مسعود.

آخيَّة: أي: بقيّة.

والوَكْس: النقص، والشَّطَط: الجَوْر.

(1)

إسناده صحيح. سفيان: هو الثَّوري، وفراس: هو ابن يحيى، والشعبي: هو عامر بن شراحيل، ومسروق: هو ابن الأجدع، وعبد الله: هو ابن مسعود.

وهو في "مسند أحمد" 30/ (18464). =

ص: 604

فصار الحديث صحيحًا على شرط الشيخين.

2774 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الربيع بن سليمان المُرادي، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني أسامة بن زيد، أنَّ صفوان بن سُليم حدّثه عن عُرْوة بن الزُّبَير، عن عائشة، أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِن يُمنِ المرأةِ أن يُتَيسَّرَ في خِطبتِها، وأن يَتَيَسَّر صَدَاقُها، وأن يَتَيسَّر رَحِمُها"

(1)

.

قال عُرْوة: يعني يَتَيسَّر رحمُها للولادة. قال عُرْوة: وأنا أقول من عندي: من أول شُؤْمها أن يَكثُر صَداقُها.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.

2775 -

أخبرني محمد بن المؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيلي، حدثنا عبد العزيز بن محمد، حدثنا يزيد بن الهَادِ، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، قال: سألتُ عائشةَ عن صَدَاقِ النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: ثنتا عشرة أُوقِيّةً ونَشٌّ، فقلت: ما نَشٌّ؟ قالت: نصفُ أُوقِيّة

(2)

.

= وأخرجه أبو داود (2114)، وابن ماجه (1891)، والنسائي (5492)، وابن حبان (4098) من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

(1)

إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد: وهو الليثي.

وأخرجه ابن حبان (4095) عن محمد بن جبريل الشهروزوري، عن الربيع بن سليمان، بهذا الإسناد. لكن بلفظ:"من يمن المرأة تسهيل أمرها وقلة صداقها".

وأخرجه أحمد 41/ (24478)، و (24607) من طريقين عن أسامة بن زيد الليثي، به.

وقد تقدم برقم (2767) من طريق القاسم بن محمد عن عائشة، بلفظ:"أعظم النساء بركةً أيسَرُهن صَداقًا"، وإسناده صحيح.

(2)

إسناده قوي من أجل عبد العزيز بن محمد: وهو الدَّراوردي. محمد بن إبراهيم: هو التيمي.

وأخرجه أبو داود (2105) عن عبد الله بن محمد النُّفَيلي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 41/ (24626)، ومسلم (1426)، وابن ماجه (1886)، والنسائي (5487) من طرق عن عبد العزيز بن محمد، به. وزادوا فيه: وذلك خمس مئة درهم. =

ص: 605

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2776 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أبو بكر محمد بن شاذان الجَوهَري، حدثنا مُعلَّى بن منصور، حدثنا ابن المُبارك، أخبرنا مَعمَر، عن الزُّهْري، عن عُرْوة، عن أم حَبيبة: أنها كانت تحت عُبيد الله بن جَحْش، فمات بأرضِ الحبشة، فزَوَّجَها النجاشيُّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وأَمهَرَها عنه أربعةَ آلافٍ، وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شُرَحْبيل بن حَسَنةَ

(1)

.

= وسيأتي عند المصنف برقم (6928) من طريق مصعب بن عبد الله الزُّبَيري عن عبد العزيز بن محمد.

(1)

إسناده صحيح. وقد اختلف فيه على الزُّهْري في وصله وإرساله، كما بيناه في "مسند أحمد" 45/ (27408)، وقد تابع معمرًا - وهو ابن راشد - على وصله عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، كما سيأتي. ابن المبارك: هو عبد الله.

وأخرجه أبو داود (2107) عن حجاج بن أبي يعقوب الثقفي، عن معلّى بن منصور، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (27408)، والنسائي (5486) من طرق عن عبد الله بن المبارك، به. وسيأتي من طريقه مختصرًا (5286).

وأخرجه مختصرًا أبو داود (2086) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، به.

وأخرجه ابن حبان (6027) من طريق عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب الزُّهْري، به. لكن دون ذكر صداق أم حبيبة.

وأخرجه أبو داود (2108) من طريق يونس بن يزيد، عن الزُّهْري مرسلًا. وقُيِّدت به الأربعة آلاف بالدرهم.

وسيأتي كذلك عند المصنف برقم (6929) من طريق عبد الرحمن بن عبد العزيز، وبرقم (6923) من طريق عُبيد الله بن أبي زياد الرُّصافي، كلاهما عن الزُّهْري، مرسلًا. لكن ذكر هذا الأخير في مرسله أنَّ صداق أم حبيبة كان أربعين أوقية. وهو غريب، ولم يذكر الآخر الصداق.

ويشهد لذكر صداق أم حبيبة مرسل أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين الباقر عند ابن إسحاق في "السيرة" كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 224 لكنه قال: أربع مئة دينار، قلنا: والأربع مئة دينار تساوي أربعة آلاف درهم تقريبًا، فاتفقا. =

ص: 606

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2777 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثني أبو الأَصبَغ عبد العزيز بن يحيى الحرّاني، أخبرنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد، عن زيد بن أبي أُنَيسة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مَرثَد بن عبد الله، عن عُقْبة بن عامر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "أترضى أن أُزوِّجَك فلانةَ؟ " قال: نعم، وقال للمرأة:"أترضَينَ أن أُزوِّجَك فلانًا؟ " قالت: نعم، فزوَّج أحدَهما صاحبَه، ولم يُفرِضْ لها صَداقًا، ولم يُعطِها شيئًا، وكان ممَّن شهد الحُديبيَة، وكان مَن شهد الحُديبيَةَ له سهمٌ بخيبر، فلما حَضَرتْه الوفاةُ قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم زَوَّجني فلانةَ ولم أفرضْ لها صَداقًا، ولم أُعطِها شيئًا، وإني أُشْهِدُكم أني أعطيتُها صَداقَها سَهمِي بخيبر، فأخذتْ سهمَه فباعتْه بمئة ألفٍ. قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ الصَّداقِ أيسَرُه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2778 -

أخبرني أبو عمرو بن إسماعيل، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الإمام، حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث العَنْبري، حدثني أبي، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن محمد بن سِيرِين، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله

= وسيأتي هذا المرسل برقم (6927) من طريق أخرى غير طريق ابن إسحاق، وطريق ابن إسحاق أمثل. وانظر ما تقدم برقم (2760).

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (2117) عن محمد بن يحيى الذُّهْلي ومحمد بن المثنّى وعمر بن الخطاب السِّجِسْتاني، ثلاثتهم عن أبي الأصبغ الحَرّاني، بهذا الإسناد. والمرفوع الذي في آخر الحديث هنا في تيسير الصداق لم يذكره غير عمر بن الخطاب السِّجستاني لكن بلفظ:"خير النكاح أيسره"، وذكر أبو داود أنه زاده في أول الحديث.

وأخرجه ابن حبان (4072) من طريق هاشم بن القاسم الحرّاني، عن محمد بن سلمة، به.

وذكر فيه المرفوع الذي في آخر الحديث في أوله أيضًا.

ص: 607

صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ أعظمَ الذُّنوب عند الله رجلٌ تَزوّج امرأةً، فلما قضى حاجتَه منها طَلَّقها وذَهَب بمَهرِها

(1)

، ورجلٌ استعملَ رجلًا فذهب بأُجرتِه، وآخَرُ يَقتُل دَابَّةً

(2)

عَبَثًا"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2779 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حدثنا الفضل بن عبد الجبار، حدثنا النضر بن شُميل، حدثنا شعبة.

وأخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، قال: سمعت أبا إسحاق يحدِّث عن أبي عُبيدة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه عَلَّمنا خُطبةَ الحاجَةِ: "الحمدُ لله نَحَمَدُه ونَستعينُه ونَستَغفِرُه، ونَعوذُ بالله من شُرور أنفُسِنا، من يَهْدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله"، ثم يقرأُ ثلاث آيات:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71]، ثم يذكر حاجتَه

(4)

.

(1)

وقع في (ز) و (ص) و (ع): مهرها. بإسقاط الباء، والمثبت من (ب) وهو الموافق لرواية البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 241 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الجادة.

(2)

في (ز) و (ص): دابته، والمثبت من (ب) و (ع)، وهو الموافق لرواية البيهقي عن الحاكم، وهو أنسب وأليق.

(3)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، فهو صدوق.

وأخرجه البيهقي 7/ 241 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

(4)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنَّ عُبيدة - وهو ابن عبد الله بن مسعود - لم يسمع من أبيه، لكنه قد توبع، وعبد الرحمن بن الحسن القاضي متابع أيضًا.

وأخرجه أحمد 6/ (3720)، والنسائي (1721) و (5503) و (10252) من طريق محمد =

ص: 608

2780 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا جعفر بن محمد بن سَوّار ومحمد بن نُعَيم، قالا: حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن سُهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رَفّأ الإنسانَ إذا تَزوّج قال: "بارَكَ اللهُ لك وبارَكَ عليكَ، وجَمَعَ بينكما في خَيرٍ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

= ابن جعفر، وأحمد (3721) عن عثمان بن مسلم، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 7/ (4115)، وأبو داود (2118) من طريق سفيان الثَّوري، وأحمد (4116)، وأبو داود (2118)، والنسائي (10254) من طريق إسرائيل بن يونس السَّبيعي، والنسائي (10253) من طريق إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان، ثلاثتهم عن أبي إسحاق السَّبيعي، به.

وأخرجه أحمد 6/ (3721) من طريق شعبة، وأحمد 7/ (4116)، وأبو داود (2118)، والنسائي (10254) من طريق إسرائيل بن يونس السبيعي، وابن ماجه (1892) من طريق يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، والترمذي (1105)، والنسائي (10249) من طريق الأعمش، والنسائي (10250) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، خمستهم عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن أبي الأحوص عوف بن مالك الجُشمي، عن عبد الله بن مسعود.

وأخرجه النسائي (10251) من طريق زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، موقوفًا. وهذا لا يضر لثبوت رفعه من غير طريقه.

وأخرجه أبو داود (2119) من طريق أبي عياض، عن ابن مسعود. وأبو عياض هذا مجهول.

تنبيه: زاد بعضهم في روايته بعدَ قوله: "شرور أنفسنا": "ومن سيئات أعمالنا".

(1)

إسناده قوي من أجل عبد العزيز بن محمد: وهو الدراوردي. سهيل: هو ابن أبي صالح السمّان.

وأخرجه أحمد 14/ (8957)، وأبو داود (2130)، والترمذي (1091) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد (8956)، وابن ماجه (1905)، والنسائي (10017)، وابن حبان (4052) من طرق عن عبد العزيز بن محمد، به.

رفّأ، يُهمَز ولا يُهمز؛ أي: دعا له بالرِّفاء، وهو الالتئام والاتفاق والبركة والنَّماء.

ص: 609

2781 -

حدثنا يحيى بن منصور القاضي، حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن رجاء، حدثنا محمد بن أبي السَّرِي العَسْقلاني، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جُرَيج، عن صفوان بن سُليم، عن سعيد بن المسيّب، عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار، يقال له: نَضْرة، قال: تزوّجتُ امرأة بِكْرًا في سِتْرها، فدخلتُ عليها فإذا هي حُبلَى، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:"لها الصَّداقُ بما استَحلَلْتَ من فَرجِها، والولدُ عَبدٌ لك، فإذا وَلَدَت فاجلِدُوها"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لعلتين، الأُولى: أنَّ ابن جُرَيج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي - لم يسمعه من صفوان بن سُليم، كما توضحه رواية عبد الرزاق التي في "المصنف" (10705) حيث جاء فيها: عن ابن جُرَيج قال: حُدِّثتُ عن صفوان بن سُليم؛ وقد عُرفت الواسطة بينهما في رواية إسحاق بن إبراهيم بن كامَجرا عن عبد الرزاق عند الدارقطني (3616)، حيث قال فيها عبد الرزاق: حديث ابن جُرَيج عن صفوان: هو ابن جُرَيج عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم. قلنا: وإبراهيم هذا متروك. والعلة الثانية: أنه رواه عن سعيد بن المسيب جماعةٌ غيرُ صفوان كما أشار إليه أبو داود بإثر (2131) فأرسلوه، وهو الصواب، وقد نبَّه على هاتين العلتين جماعةٌ، منهم أبو حاتم الرازي في "العلل" لابنه (1259)، وعبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 3/ 156، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 157، وابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود" 3/ 60 - 61.

وضعَّف الإمامُ أحمد الحديث في الجملة كما نقله عنه إسحاق بن منصور الكوسج في "مسائله"(2708).

وأخرجه أبو داود (2131) عن محمد بن أبي السَّرِيّ ومخلد بن خالد والحسن بن علي، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وانظر تمام تخريجه موصولًا ومرسلًا في "سنن أبي داود" بتحقيقنا.

وسيأتي برقم (6659) من طريق محمود بن غيلان عن عبد الرزاق.

وبعده من طريق يزيد بن نُعيم عن سعيد بن المسيب، موصولًا كذلك، لكنه مُعَلٌّ.

تنبيه: قد اختُلف في ضبط اسم صحابي الحديث كما بيّنه ابن القيم في "تهذيب السنن"، وابن حجر في "الإصابة" 1/ 319، فقيل أيضًا: إنه بالباء الموحدة والصاد المُهملة، وقيل: نضلة، بالنون والضاد المعجمة واللام.

ص: 610

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ من حديث يحيى بن أبي كثير:

2782 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا محمد بن المثنّى، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن يزيد بن نُعيم، عن سعيد بن المسيّب، عن نَضْرة بن أكْثم: أنه نكَحَ امرأةً بِكرًا، ودخل بها، فوجَدَها حُبلَى، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ولدها عبدًا له، وفَرّق بينهما

(1)

.

2783 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرنا عبد الله بن الأسود القُرشي، عن عامر بن عبد الله بن الزُّبَير، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"أعلِنُوا النكاحَ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2784 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مِهْران،

(1)

رجاله ثقات، لكن وصله وهمٌ من الحسين بن محمد بن زياد أو ممَّن دونه، فقد رواه أبو داود السِّجستاني عن محمد بن المثنى مرسلًا، ويؤيده أنه رواه عبد الله بن المبارك عن علي بن المبارك مرسلًا، وقال أبو حاتم الرازي كما في "العلل" لابنه (1259): رواه يحيى بن أبي كثير عن يزيد بن نعيم عن سعيد بن المسيب لا يجاوزه، مرفوعًا.

وأخرجه أبو داود (2132) عن محمد بن المثنى، بهذا الإسناد عن سعيد بن المسيب: أنَّ رجلًا يقال له: بَصْرة بن أكثم، فذكره.

وأخرجه سعيد بن منصور (693)، ومن طريقه حرب بن إسماعيل في "مسائله" 1/ 307، والبيهقي 7/ 155 عن عبد الله بن المبارك، عن علي بن المبارك، به مرسلًا أيضًا.

(2)

إسناده حسن من أجل عبد الله بن الأسود القرشي، فقد قال عنه الدارقطني: مصري لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحَّح حديثه هذا، وروى عنه عبد الله بن وهب وعبد الله بن عياش القِتْباني.

وأخرجه أحمد 26/ (16130) عن هارون بن معروف، وابن حبان (4066) من طريق حرملة بن يحيى، كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

ص: 611

حدثنا محمد بن سابِق، حدثنا إسرائيل، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: نَقَلْنا امرأةً من الأنصار إلى زوجها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل كان معكم لهوٌ، فإنَّ الأنصارَ يُحِبُّون اللهوَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2785 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا عمرو بن عَوْن، أخبرنا وكيع، عن شعبة، عن أبي بَلْج يحيى بن سُلَيم، قال: قلت لمحمد بن حاطِب: تَزَوّجتُ، امرأتين ما كان في واحدةٍ منهما صوتٌ - يعني دُفًّا - فقال محمد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَصْلُ ما بين الحَلالِ والحرامِ الصوتُ بالدُّفِّ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2786 -

أخبرني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب.

وحدثنا أبو علي الحافظ، أخبرنا علي بن العباس البَجَلي؛ قالا: حدثنا محمد بن

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن مهران - وهو ابن خالد الأصبهاني - وقد توبع.

وأخرجه البخاري (5162) عن الفضل بن يعقوب، عن محمد بن سابق، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه بنحوه أحمد 43/ (26313)، وابن حبان (5875) من طريق سهل بن أبي حَثْمة، عن عائشة. لكن بلفظ:"يُحبُّون الغناء". وإسناده حسن.

(2)

إسناده حسن من أجل أبي بَلْج يحيى بن سليم، ويقال في اسم أبيه غير ذلك.

وأخرجه أحمد 30/ (18280) عن محمد بن جعفر، والنسائي في "المجتبى"(3370) من طريق خالد بن الحارث، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 24/ (15451)، وابن ماجه (1896)، والترمذي (1088)، والنسائي في "الكبرى"(5537)، وفي "المجتبى"(3369) من طريق هُشَيم بن قشير، وأحمد 30/ (18279) من طريق أبي عوانة، كلاهما عن أبي بَلْج، به. وقال الترمذي: حديث حسن. وقال عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 3/ 160: وغير الترمذي يقول: صحيح.

قال ابن الأثير: المراد به إعلان النكاح.

ص: 612

بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، سمعتُ أبا إسحاقَ يحدّث عن عامر بن سَعْد، أنه قال: كنت مع ثابت بن وَدِيعةَ وقَرَظة بن كعب في عُرس، فسمعتُ صوتًا، فقلت: ألا تَسمعان؟! فقالا: إنه رُخِّص في الغناء في العُرس، والبكاءِ على الميت مِن غير نِياحَةٍ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد رواه شَريك بن عبد الله عن أبي إسحاق مُفسَّرًا مُلخَّصًا:

2787 -

حدَّثَناه أبو بكر بن أبي دارِم، الحافظ، حدثنا عمر بن جعفر المُزَني، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، حدثنا شَريك، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، قال: دخلتُ على قَرَظةَ بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عُرس، وإذا جَوارٍ يُغنِّين، فقلت: أنتم أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهلُ بدر يُفعَل هذا عندكم؟! فقالا: إن شئتَ فأقِمْ معنا، وإن شئتَ فاذهب، فإنه قد رُخِّص لنا في اللَّهو عند العُرس، وفي البُكاء عند المُصيبة؛ قال شريك: أُراه قال: في غير نَوْحٍ

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل عامر بن سعد: وهو البَجَلي.

وانظر ما بعده.

(2)

حديث حسن بما قبله، وابن أبي دارم مُتكلَّم فيه، وعمر بن جعفر المزني - وهو ابن إبراهيم أبو بكر، وإن روى عنه اثنان غير ابن أبي دارم، وكان صاحب كتاب - لم يؤثر توثيقه عن أحد، لكنهما قد توبعا.

فقد أخرجه النسائي (5539) عن علي بن حُجْر، عن شريك النخعي، بهذا الإسناد.

وقد خالف عليَّ بنَ حُجر يحيى بنُ عبد الحميد الحِمّانيُّ، فرواه فيما تقدم برقم (353) عن شريك النخعي، عن عثمان بن أبي زُرعة، عن عامر بن سعد. فذكر عثمانَ بن أبي زُرعة بدل أبي إسحاق السَّبيعي، لكن يحيى الحِمّاني فيه ضعف، وأما علي بن حجر فثقة، فروايته مُقدَّمة، ويؤيده أنه قد رواه شعبة أيضًا عن أبي إسحاق في الطريق السابقة، وكذا رواه غير واحدٍ عن أبي إسحاق، وذلك يدلُّ قطعًا على وهم يحيى الحِمّاني فيه، وإن كان عثمانُ المذكورُ ثقةً.

لكن بقي فيه مخالفة شريك لشعبة في ذكر أبي مسعود الأنصاري بدل ثابت بن وَديعة، وقد ثبت أنَّ الثلاثة المذكورين كانوا حاضرين وقتئذٍ، كما تدل عليه رواية يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي عن أبيه =

ص: 613

2788 -

حدثني علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أبي، عن يحيى بن سعيد، عن عَمْرة، عن عائشة، قالت: سمع النبي صلى الله عليه وسلم ناسًا يتغنَّون في عُرس لهم:

وأهدى لها أكبُشًا

تَبَحبَحْنَ فِي مِربَدِ

وحِبُّكِ في النادي

ويَعلَمُ ما في غدِ

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَعلمُ ما في غَدٍ إلَّا اللهُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2789 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا سعيد بن مسعود،

= عند أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (1680)، فلا مُخالفة عندئذٍ.

(1)

إسناده ضعيف لضعف أبي أويس - وهو عبد الله بن عبد الله الأصبحي - وقد خالفه في إسناد هذا الحديث سفيانُ بن عيينة وحماد بن زيد، كما نبّه عليه أبو حاتم الرازي في "العلل" لابنه (2300)، والدارقطني في "العلل"(3917)، حيث رويا الحديث عن يحيى بن سعيد - وهو الأنصاري - عن عجوز، عن عجوز أُخرى، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد رواه سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عَمرة بنت عبد الرحمن، مرسلًا دون ذكر عائشة. وما قاله ابن عيينة وحماد بن زيد هو المحفوظ، وهاتان العجوزان مبهمتان، وبذلك يتبين لنا أنَّ تحسين الحافظ ابن حجر لإسناده في "الفتح" 15/ 402 فيه ترخُّص وتساهل.

وأخرجه البيهقي 7/ 289 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (2108 - كشف الأستار)، وابن المنذر في "الأوسط"(7164)، والطبراني في "الأوسط"(3401)، و"الصغير"(343)، والبيهقي 7/ 289 من طرق عن ابن أبي أويس، به.

وأخرجه البيهقي 7/ 289 من طريق سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، قالت: كان النساء

فذكره مرسلًا.

وأخرجه ابن أبي حاتم الرازي في "العلل"(2300) عن أبيه، عن أبي غسان يوسف بن موسى التُّسْتَري، عن سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، قال: حدثتني عجوز لنا، عن عجوز لهم، قالت

تَبحبحنَ: أي تمكَّنَّ وتوسَّطنَ.

ص: 614

حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن السُّدِّي، عن أبي صالح، عن أم هانئ بنت أبي طالب، قالت: خَطَبني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فاعتَذَرْتُ إليه، فعَذَرني، ثم أُنزل عليه {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} الآية [الأحزاب: 50]، فقالت: لم أكُن أَحِلُّ له، لم أُهاجِرْ معه، وكنتُ مع الطُّلَقاء

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2790 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، الفقيه وأبو بكر بن بالَوَيهِ؛ قال الشيخ أبو بكر: أخبرنا، وقال ابن بالَوَيهِ: حدثنا محمد بن أحمد بن النضر، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن علي، قال: جَهَّز رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاطمةَ في خَمِيل وقِرْبةٍ ووِسادة من أَدَمٍ حَشْوُها لِيفٌ

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف أبي صالح - وهو باذام أو باذان مولى أم هانئ - ومع ذلك حسَّن الترمذي حديثه هذا إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، والسُّدِّي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن.

وأخرجه الترمذي (3214) عن عبد بن حُميد، عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 10/ 147 عن أبي نعيم الفضل بن دُكين، عن عبد السلام بن حرب المُلائي، عن إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدِّي، عن أبي صالح مولى أم هانئ مرسلًا، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أم هانئ بنت أبي طالب، فقالت: يا رسول الله، إني مُؤْيِمة وبَنِيَّ صِغار، قال: فلما أدرَكَ بنوها عرضت نفسها عليه، فقال:"أما الآن فلا"؛ لأنَّ الله أنزل عليه

فذكر الآية، ولم تكن من المهاجرات.

وسيتكرر برقم (3616) و (7046).

(2)

إسناده صحيح. زائدة - وهو ابن قدامة - سماعه من عطاء بن السائب قبل اختلاطه.

وأخرجه أحمد 2/ (853) عن معاوية بن عمرو، بهذا الإسناد. وقرن أحمد بمعاوية أبا سعيد مولى بني هاشم.

وأخرجه أحمد (819) و (838) عن عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، به، ضمن قطعة مطولة في شكوى علي وفاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما يجدانه من التعب وسؤالهما منه خادمًا. وحماد بن سلمة ممن سمع عطاء قبل اختلاطه أيضًا، وجاء في روايته زيادةٌ على ما في رواية زائدة، =

ص: 615

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2791 -

أخبرنا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالرَّي، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا نوح بن يزيد المؤدِّب، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: أرادتْ أمي أن تُسَمِّنِّي لِدُخولي على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلم أُقبِلْ عليها بشيءٍ مما تُريدُ، حتى أَطعَمتْني القِثّاء والرُّطَب، فَسَمِنْتُ عليه كأحسنِ السِّمَن

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2792 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى الشهيد، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا ابن عَجْلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أفادَ أحدُكم الجاريةَ أو المرأةَ أو الدابَّة، فليأخُذ بناصيَتِها وليَدْعُ بالبَرَكة، وليقل: اللهم إني أسألك خيرَها وخير ما جُبِلَتْ عليه، وأعوذ بك من شَرِّها وشَرِّ ما جُبِلَتْ عليه، وإن كان بعيرًا فليأخُذ بذِرْوةِ سَنامِه"

(2)

.

= بلفظ: بعث معها بخَميلة ووسادة من أدَم حَشْوُها ليف ورَحَيين وسقاء وجرّتين.

وأخرجه ابن ماجه (4152) من طريق محمد بن فضيل، عن عطاء، به. وفسَّرَ الخميل في روايته بالقطيفة البيضاء من الصوف. وروايته بنحو رواية زائدة.

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار - وهو وإن لم يصرح بسماعه، متابَع.

وأخرجه أبو داود (3903) عن محمد بن يحيى الدُّهْلي، عن نوح بن يزيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (6691) من طريق إسحاق بن منصور، عن إبراهيم بن سعد، به. لكنه قال في روايته: القثاء بالتمر.

وأخرجه ابن ماجه (3324) من طريق يُونُس بن بكير، قال: حدثنا هشام بن عروة، به.

وقول عائشة: فلم أُقبِل عليها بشيء مما تريد، معناه: لم أَستجب لذلك.

(2)

إسناده حسن. ابن عجلان: هو محمد، ويحيى بن سعيد: هو القطان. =

ص: 616

هذا حديث صحيح على ما ذَكَرناه من روايات الأئمة الثقات عن عمرو بن شُعيب، ولم يُخرجاه عن عمرو في الكتابَين.

2793 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا أسَد بن موسى، حدثنا حمّاد

(1)

بن سَلَمة، عن سعيد بن جُمْهان، عن سَفِينة: أنَّ عليًّا أضافَ رجلًا وصنع له طعامًا، فقال: لو دَعَونا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأكَلَ معنا، فدعَوَا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فرأى فِراشًا

(2)

قد ضُرِب في ناحيةِ البَيت فرجَعَ، فقالت فاطمةُ: ارجِعْ فقل له: ما رَجَعَكَ يا رسول الله؟ فذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليس لنبيٍّ أن يدخُلَ بيتًا مُزوَّقًا"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2794 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفقيه، حدثنا جعفر بن أبي عثمان

= وأخرجه النسائي (9998) عن عمرو بن علي الفلّاس، عن يحيى القطان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (2160)، وابن ماجه (1918)، و (2252) من طريقين عن ابن عجلان، به.

قوله: "جُبِلت عليه" أي: خُلِقت وطُبعت عليه من الأخلاق.

(1)

وقع في (ز): أحمد، وهو خطأ.

(2)

كذا جاء في النسخ الخطية: فراشًا، وفي سائر مصادر تخريج هذا الحديث: قِرامًا، بالقاف بدل الفاء، وبالميم بدل الشين المعجمة، وقد فُسِّر القِرام بأنه ثوب فيه رُقوم ونقوش، وفُسِّر أيضًا بأنه ثوب من صوف غليظ جدًّا يُفرَش في الهودج، فلعله كان مما يُفرش في البيت أيضًا، فيكون معنى الفراش القِرام، أو هو تحريف عن القِرام، والله تعالى أعلم.

(3)

إسناده قوي من أجل سعيد بن جمهان.

وأخرجه ابن حبان (6354) عن ابن خزيمة، عن الربيع بن سليمان، به. لكن مختصرًا بلفظ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يدخل بيتًا مرقومًا.

وأخرجه أحمد 36/ (21922) و (21934) عن أبي كامل مظفّر بن مدرك، وأحمد (21926) وابن ماجه (3360) من طريق عفّان بن مسلم، وأحمد (21933) عن بهز بن أسد، وأبو داود (3755) عن موسى بن إسماعيل، أربعتهم عن حماد بن سلمة، به.

والمزوّق: المُزيَّن.

ص: 617

الطيالسي، حدثنا عفان ومحمد بن سِنان، قالا: حدثنا همّام، عن قَتَادة، عن النضْر بن أنس، عن بَشير بن نَهِيك، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا كانت عند الرجُل امرأتانِ فلم يَعدِلْ بينَهما، جاء يومَ القيامة وشِقُّه ساقِطٌ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2795 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، أنها قالت له: يا ابن أُختي، كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لا يُفضِّل بعضَنا على بعض في مُكثِه عندنا، وكان قَلَّ يومٌ إلّا وهو يَطُوف علينا، فيَدنُو من كل امرأةٍ مِن غير مَسِيسٍ، حتى يَبلُغَ إلى من هو يومُها فيَبيتُ عندها، ولقد قالت سَودة بنت زَمْعة حين أسنَّت وفَرِقَت أن يُفارِقَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، يومي هو لعائشة، فقَبِل ذاك منها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. قالت عائشة: في ذلك أَنزل اللهُ عز وجل فيها وفي

(1)

إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العَوْذي.

وأخرجه أحمد 14/ (8568) عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 13/ (7936) و 14/ (8568) و 16/ (10090)، وأبو داود (3133)، وابن ماجه (1969)، والترمذي (1141)، والنسائي (8839)، وابن حبان (4207) من طرق عن همام بن يحيى، به.

وذكر الترمذي بإثره أنَّ هشامًا الدستوائي رواه عن قتادة فقال: كان يقال. ولم يسنده، ولم نقف علي طريق هشام هذه مسندة عند غيره.

وأخرجه الترمذي أيضًا في "العلل الكبير"(287) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: كان يقال، فذكره. وصوّب في "الجامع" وفي "العلل الكبير" رواية همام بأنَّه حافظ ثقة. ومقصوده بذلك أنَّ القول قوله، لأنه حفظ ما لم يحفظه الآخران على ثقتهما وجلالتهما.

قال ابن حجر الهيتمي في "الزواجر" 2/ 60: المراد المَيل بظاهره بأن يُرجّح إحداهما في الأمور الظاهرة التي حرَّم الشارع الترجيح فيها، لا المَيلَ القلبي لخبر أصحاب "السنن"؛ وذكر الحديث الآتي عند المصنف برقم (2796).

ص: 618

أشباهِها: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: 128]

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2796 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن أيوب، عن أبي قِلَابة، عن عبد الله بن يزيد الخَطْمي، عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقسِم فيَعدِل، فيقول:"اللهم هذا قَسْمِي فيما أَملِكُ، فلا تَلُمْني فيما تَملِكُ ولا أَملِكُ"

(2)

.

قال إسماعيلُ القاضي: يعني القلبَ. وهذا في العَدْل بين نسائه.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، وكذا الحسن بن علي بن زياد وقد توبع.

وأخرجه أبو داود (2135) عن أحمد بن يونس، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصرًا أحمد 41/ (24765) عن سريج بن النعمان، عن ابن أبي الزِّناد، به.

وقد تقدم منه قصة وهب سودة يومَها لعائشة برقم (2384) من طريق العباس بن الفضل الأسفاطي، عن ابن أبي الزِّناد.

قولها: من غير مسيس، أي: من غير وِقاع.

(2)

إسناده صحيح كما قال ابن كثير في "تفسيره" 2/ 382، إلّا أنه اختُلف في وصله وإرساله، ورجَّحَ الإرسالَ غير واحدٍ من الأئمة، والقولُ فيه كالقول في الحديث المتقدم برقم (2794)، وفي معناه حديث عائشة الذي قبله، ويشهد لمعناه أيضًا قوله تعالى:{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} .

أيوب: هو ابن أبي تَميمة السَّختِياني، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي.

وأخرجه أبو داود (2134) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 42/ (25111)، وابن ماجه (1971)، والنسائي (8840) من طريق يزيد بن هارون، وأحمد (25111) عن عفان بن مسلم، والترمذي (1140) من طريق بشر بن السَّرِيّ، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، به.

وقد روى هذا الحديثَ غيرُ واحدٍ عن أيوب عن أبي قلابة مرسلًا، منهم: معمر عند عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 120، وإسماعيل ابن عُلَيَّة عند ابن أبي شيبة 4/ 386 وغيره، وحماد بن زيد عند الطبري في "تفسيره" 5/ 315.

ص: 619

2797 -

أخبرني أحمد بن سَهْل الفقيه ببُخارى، حدثنا صالح بن محمد بن حَبيب القاضي، حدثنا يحيى بن مَعين، حدثنا عبّاد بن عبّاد، عن عاصم، عن مُعاذة، عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَستأذِننا إذا كان في يوم المرأةِ مِنّا بعدَما نَزَلَ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51]، قالت مُعاذة: فقلت لعائشة: ما كنتِ تَقولين لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كنت أقولُ: إن كان ذاك إليَّ، لم أُوثر أحدًا على نفسي

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

2798 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيّب، حدثنا عمرو بن عَوْن، حدثنا شَريك، عن حُصين، عن الشعبي، عن قيس بن سعد، قال: أتيتُ الحِيْرةَ فرأيتُهم يسجدون لِمَرزُبانٍ لهم، فقلتُ: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أحقُّ أن يُسجَدَ له، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: إني أتيتُ الحِيْرةَ فرأيتُهم يسجدون لِمَرزُبان لهم، فأنت يا رسولَ الله أحقُّ أن يُسجَد لك، فقال:"أرأيتَ لو مَرَرْتَ بقبري، أكنت تَسجُد له؟ " قال: قلت: لا، قال:"فلا تفعلوا، لو كنتُ آمِرًا أحدًا أن يَسجُد لأحدٍ، لأمرتُ النساءَ أن يَسجُدنَ لأزواجِهِنّ، لِما جَعَلَ اللهُ لهم عليهن من حقٍّ"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. عاصم: هو ابن سليمان الأحول، وعبّاد بن عبّاد: هو المهلَّبي.

وأخرجه أبو داود (2136) عن يحيى بن معين بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (1476)، وأبو داود (2136)، والنسائي (8887)، وابن حبان (4206) من طرق عن عباد بن عباد، به.

وأخرجه أحمد 41/ (24476)، والبخاري (4789)، ومسلم (1476) من طريق عبد الله بن المبارك، عن عاصم الأحول، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(2)

إسناده حسن من أجل شريك - وهو ابن عبد الله النخعي القاضي - وقد روى هذا الحديث جماعةٌ عن عمرو بن عون غير الفضل بن محمد، فزادوا فيه بين ابن عون وبين شريك رجلًا، هو إسحاق بن يوسف الأزرق، وهو ثقة، كذلك وقع لهم مع أنَّ لعمرو بن عون رواية عن شريك مباشرة يُصرِّح فيها بسماعه منه، فإن كان ما عند المصنف محفوظًا، فيحتمل أن يكون عمرو بن عون =

ص: 620

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2799 -

أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، حدثنا أبو قَزَعة سُوَيد بن حُجَير الباهِلي، عن حَكيم بن معاوية القُشَيري، عن أبيه، قال: قلتُ: يا رسول الله، ما حَقُّ زوجةِ أحدِنا عليه؟ قال: "أن يُطعِمَها إذا طَعِمَ، وَيَكْسوها إذا اكتَسَى، ولا يضربَ الوجهَ، ولا يُقبِّحَ، ولا يَهجُرَ إلّا في البيت

(1)

"

(2)

.

= سمعه أولًا بواسطة إسحاق الأزرق، ثم لقي شريكًا فسمعه منه، أو يكون سمعه من شريك النخعي، وثبّته فيه إسحاق الأزرق، فرواه على الوجهين، ولذلك نظائر عديدة، والله أعلم. حُصَين: هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.

وأخرجه أبو داود (2140) عن عمرو بن عون، عن إسحاق بن يوسف، عن شريك النخعي، به.

وقد وافق أبا داود على ذكر إسحاق الأزرق، الدارميُّ في "مسنده"(1504)، ومحمد بن سليمان الباغَنْدي عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1487)، وعلي بن عبد العزيز البَغَوي عند الطبراني في "الكبير" 18/ (895)، وغيرهم.

ويشهد لقوله: "لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت النساء

" حديث أبي هريرة عند الترمذي (1193)، وابن حبان (4162)، وحسّنه الترمذي، وهو كما قال.

وحديث ابن عباس عند ابن أبي الدنيا في "النفقة على العيال"(539)، والطبراني في "الكبير"(12003)، وإسناده قويّ.

وانظر تمام شواهده في "سنن أبي داود" بتحقيقنا.

والحيرة: مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة، فُتحت سنة 12 هـ.

والمَرزُبان: الفارس الشجاع المقدَّم على القوم دُون الملك، وهو معرَّب.

(1)

جاء في (ز) و (ص) و (ع): الثلاث، بدل: البيت، والمثبت من (ب) و"تلخيص الذهبي" ومن نسخة أشار إليها في (ص)، وكذلك رواه البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 305 عن أبي عبد الله الحاكم، وهو المعروف في رواية الحديث عند غير المصنف. وقد يكون المقصود بالثلاث إن صحَّ الأيامَ، يعني عدم الهجر أكثر من ثلاثة أيام، ويكون بمعنى الحديث الآخر:"لا يحل لمسلم أن يهجر فوق ثلاث"، والله تعالى أعلم.

(2)

إسناده حسن من أجل حكيم بن معاوية. =

ص: 621

صحيحُ الإسناد، ولم يُخرجاه.

2800 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا بِشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، عن الزُّهْري، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن إياس بن عبد الله بن أبي ذُبَاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَضرِبُوا إماءَ اللهِ".

فجاء عمرُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ذَئِرنَ النساءُ على أزواجهنّ. فرَخَّص في ضَرْبهن، فأطافَ بآلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءٌ كثيرٌ يَشكين أزواجَهُنَّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لقد طافَ بآلِ محمدٍ نساءٌ كثيرٌ يَشكين أزواجَهُنَّ، ليس أُولائك بخِيارِكم"

(1)

.

= وأخرجه أبو داود (2142) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 33/ (20022) عن عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، به.

وأخرجه أحمد (20011) و (20013)، وابن ماجه (1850)، والنسائي (9126) و (9136)، و (11038)، وابن حبان (4175) من طرق عن أبي قزعة سويد بن حُجير، به.

وأخرجه أبو داود (2144)، والنسائي (9106) من طريق داود الورّاق، عن سعيد بن حكيم بن معاوية، عن أبيه، به. وداود روى عنه جمع، لكن لم يؤثر توثيقه عن أحد، ولم يروه عن سعيد بن حكيم غيره، والمعروف أنه من رواية أبي قزعة، والله أعلم.

قوله: "ولا يُقبِّح" معناه: لا يقول: قبَّح الله وجهك، كما جاء مفسَّرًا في حديث أبي هريرة الذي أخرجه أحمد 12/ (7420)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ضرب أحدُكم فليجتنب الوجه، ولا يقل: قبّح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فإنَّ الله خلق آدم على صورته". وإسناده قوي.

(1)

إسناده صحيح. إياس بن عبد الله بن أبي ذباب، أثبت صحبته أبو حاتم وأبو زرعة، وجزم به أبو عمر بن عبد البر، ورجّح الحافظ صحبته في "التهذيب"، وصحَّح إسناد حديثه هذا في "الإصابة" 2/ 280، ونفى صحبته أحمد بن حنبل والبخاري، واختلف فيه قول ابن حبان، فأثبته مرة ونفاه أخرى.

عبيد الله بن عبد الله: هو ابن عمر بن الخطاب.

وأخرجه أبو داود (2146) عن أحمد بن أبي خلف وأحمد بن عمرو بن السَّرْح، وابن ماجه (1985) عن محمد بن الصبّاح، والنسائي (9122) عن قتيبة بن سعيد، أربعتهم عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. لكن قال ابن أبي خلف وقتيبة وابن الصبّاح في رواياتهم: عبد الله بن عبد الله =

ص: 622

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2801 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، حدثني مُسلم بن خالد، عن موسى بن عُقبة، عن أمِّه، عن أم كُلْثوم بنت أبي سَلَمة، قالت: لما تزوج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أمَّ سلَمة، قال لها: "إني أَهدَيتُ إلى النَّجَاشيِّ أَواقيَّ

(1)

من مِسكٍ وحُلَّةً، وإني لا أُراه إلا قد ماتَ، ولا أُرى الهديةَ التي أَهدَيتُ إليه إلّا سَتُردُّ، فإذا رُدَّت إليَّ فهو لكِ - أو لكم

(2)

-"، فكان كما قال، هَلَكَ النجَاشيُّ، فلما رُدّت إليه الهديةُ، أعطى كلَّ امرأةٍ من نسائه أوقيّةً من ذلك المِسك، وأعطى سائرَه أمَّ سلَمةَ وأعطاها الحُلَّة

(3)

.

= مكبرًا، وهو ثقة أيضًا كأخيه عبيد الله.

وأخرجه ابن حبان (4189) من طريق معمر، عن الزُّهْري، عن عبد الله بن عبد الله، به. وذكره بالتكبير أيضًا.

وسيأتي برقم (2809) عن أبي بكر بن إسحاق عن بشر بن موسى.

ذئرن: معناه: سوء الخُلُق والجرأة على الأزواج، والذائر: المغتاظ على خصمه. وقد عبّر هنا بقوله: ذئرن، على لغة من يقول: أكلوني البراغيث.

(1)

جاء في نسخنا الخطية: أواقًا؛ وهو جائزٌ عند بعض العرب كما مضى بيانه برقم (2240).

(2)

هكذا في "تلخيص المستدرك" للذهبي، وفي النسخ الخطية:"أم لكم"، وجاء عند البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 26 في روايته عن الحاكم:"أو لكُنَّ" وهو شك من الراوي، كما توضحه رواية البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(11641) عن الحاكم بإسناد آخر غير هذا عن مسلم بن خالد، قال فيها:"فهي لك" أو قال: "لكنَّ".

(3)

إسناده ضعيف لضعف مسلم بن خالد - وهو الزَّنجي - وقد تفرَّد به عن موسى بن عقبة، واضطرب فيه في ذكر أم موسى بن عقبة، فمرة يقول فيه: عن أمه عن أم كلثوم، كما وقع عند المصنف هنا، ومرة يقول: عن أمه أم كلثوم، فيجعل أمَّ كلثوم هي أمَّه. ابن وهب: هو عبد الله.

وأخرجه أحمد 45/ (27276) عن يزيد بن هارون، وابن حبان (5114) من طريق هشام بن عمار، كلاهما عن مسلم بن خالد بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (27276) عن حسين بن محمد، عن مسلم بن خالد، عن موسى بن عقبة، عن أمِّه أمِّ كلثوم، به.

ص: 623

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2802 -

أخبرنا الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفرّاء، أخبرنا جعفر بن عَوْن، حدثنا ربيعة بن عثمان، عن محمد بن يحيى بن حَبّان، عن نَهار العَبْدي - وكان من أصحاب أبي سعيد الخُدْري - عن أبي سعيد الخُدْري، قال: جاء رجلٌ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم بابنةٍ له، فقال: يا رسول الله، هذه ابنتي قد أبَتْ أن تَزَوَّجَ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"أَطِيعي أباكِ" فقالت: والذي بعثك بالحقّ لا أتزوَّجُ حتى تُخبرني ما حقُّ الزوج على زوجتِه، قال:"حقُّ الزوج على زوجته أن لو كانت به قُرْحةٌ فَلَحِسَتْها ما أدَّتْ حقَّه"

(1)

.

(1)

إسناده جيد كما قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/ 35، وصحَّحه ابنُ حبان، وإنكار الذهبي له في "تلخيصه" بحجة قول أبي حاتم الرازي بأنَّ ربيعة بن عثمان منكر الحديث، غير مُسلَّم له، لأنَّ ربيعة هذا وثقه ابن معين وابن نمير والواقدي والحاكم في "سؤالات مسعود السِّجْزي"، وقال فيه أبو زرعة: إلى الصدق ما هو، وليس بذاك القوي. ثم إنَّ ما رواه ليس بمنكر لثبوته عن أنس بن مالك كما سيأتي، والله تعالى أعلم. وقد روى له مسلم حديثًا من روايته عن محمد بن يحيى بن حَبّان احتجاجًا.

وأخرجه النسائي (5365)، وابن حبان (4164) من طريق أحمد بن عثمان بن حكيم، عن جعفر بن عون، بهذا الإسناد. وقال النسائي في شأن نهار العبدي: وهو مدنيٌّ لا بأس به. فكأنه يشير إلى تقوية الحديث، والله أعلم.

ويشهد له حديث أنس بن مالك عند أحمد 20/ (12614) عن حسين بن محمد المرُّوذي، وابن أبي الدنيا في "النفقة على العيال"(527) عن سعيد بن سليمان الواسطي، كلاهما عن خلف بن خليفة، عن حفص ابن أخي أنس بن مالك، عن أنس وكنا قد تكلمنا على إسناده في "المسند" بتفرد حسين المرُّوذي به عن خلف بن خليفة، وأنَّ خلفًا هذا قد اختلط، لعدم اطلاعنا وقتئذٍ على متابعة سعيد ابن سليمان الحافظ له، والذي يغلب على ظننا أنَّ رواية سعيد بن سليمان عن خلف بن خليفة قديمة، إذ كان بواسط، فالظاهر من كلام الإمام أحمد أنَّ خلفًا إنما تغير لدى مقدمه بغداد، والله تعالى أعلم. وقد جوَّد المنذري إسناد حديث أنس هذا في "الترغيب والترهيب" 3/ 35، وهو كما قال إن شاء الله.

ص: 624

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2803 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن المُغيرة السُّكّري بهَمَذان، حدثنا القاسم بن الحَكَم العُرَني، حدثنا سليمان بن داود اليَمَامي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، قال: جاءت امرأةٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، أنا فلانةُ بنت فلانٍ، قال:"قد عرفتُكِ، فما حاجتُك؟ " قالت: حاجتي إلى ابن عمِّي فلانٍ العابِد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد عرفتُه" قالت: يَخطُبني، فأخبِرْني ما حقُّ الزوج على الزوجةِ، فإن كان شيئًا أُطيقُه تزوّجتُه، وإن لم أُطِقْ لا أتزوّج، قال:"مِن حقِّ الزوج على الزوجةِ أن لو سالَ مَنْخِراهُ دمًا وقَيْحًا وصَديدًا فلَحِسَتْه بلسانها، ما أدَّت حقَّه، لو كانَ ينبغي لبشرٍ أن يَسجُدَ لبشرٍ، لأمرتُ المرأةَ أن تَسجُدَ لزوجِها إذا دخل عليها، لِمَا فضَّله اللهُ عليها"، قالت: والذي بعثك بالحقّ لا أتزوّجُ ما بقِيتُ في الدنيا

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2804 -

أخبرني أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بِشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن بُشَير بن يَسار، عن حُصين بن مِحْصَن قال: حدثتني عمّتي، قالت: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة، فقال: "أيْ

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل سليمان بن داود اليمامي، فهو واهٍ كما قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/ 35، والذهبي في "تلخيص المستدرك"، وقد خالفَه محمد بن عمرو بن علقمة، فرواه عن أبي سلمة عن أبي هريرة مقتصِرًا على ذكر السجود، فهذا هو المحفوظ في حديث أبي هريرة.

وأخرجه الترمذي (1159) من طريق النضر بن شُميل، وابن حبان (4162) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، كلاهما عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، بقصة السجود. وقال الترمذي: حسن غريب.

وسيتكرر حديث سليمان بن داود برقم (7512).

ويغني عنه ما قبله مع ما تقدم برقم (2798).

ص: 625

هذه، أذاتُ بَعْلٍ أنتِ؟ " قلت: نعم، قال:"كيف أنتِ له؟ " قالت: ما آلُوه إلّا ما عَجَزْتُ عنه، قال:"فأين أنتِ منه، فإنما هو جَنّتُكِ ونارُكِ"

(1)

.

هكذا رواه مالك بن أنس، وحماد بن زيد، والدَّرَاوردي

(2)

، عن يحيى بن سعيد، وهو صحيح، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل حُصَين بن مِحْصَن، وقد ذكره بعضُهم في الصحابة، وبعضهم ذكره في التابعين كما نبَّه عليه الحافظُ في "الإصابة" 2/ 89، وكونه تابعيًا هو الأظهر، لأنه ليست له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ابن السكن وما وقع في بعض طرق هذا الحديث عن يحيى بن سعيد - وهو الأنصاري - عن بُشَير عن حُصين بن مِحْصَن: أنَّ عمته أتت، فهو إرسال، كما نبَّه عليه الدارقطني في "العلل"(4111)، والصحيح أنه سمعه من عمته، كما وقع هنا، فهو إذًا تابعيٌّ، وروى عنه ثقتان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحَّح له حديثًا، وقال الحافظ في "لسان الميزان": ثقة. وجوَّد إسناده المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/ 34. سفيان: هو ابن عيينة، والحُميدي: هو عبد الله بن الزُّبَير المكي، صاحب "المسند".

وأخرجه النسائي (8915) عن محمد بن منصور المكي، عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (8913) من طريق الأوزاعي، و (8914) من طريق الليث بن سعد، و (8920) من طريق سعيد بن أبي هلال، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به. غير أنَّ الأوزاعي سمى حُصينًا عبدَ الله، وسمّاه على الصواب كالجماعة عند الطبراني في "الأوسط"(528).

وأخرجه أحمد 31/ (19003)، والنسائي (8918) من طريق يزيد بن هارون، وأحمد 45/ (27352)، والنسائي (8917) من طريق يحيى بن سعيد القطان، والنسائي (8916) من طريق يعلى بن عبيد الطنافسي، و (8919) من طريق مالك بن أنس، كلهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن بُشير، عن حُصين بن مِحْصَن: أنَّ عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكره مرسلًا.

وقد رُوي عن بعضهم موصولًا أيضًا كيعلى بن عبيد عند ابن سعد 10/ 425، ويحيى بن سعيد القطان عند مُسدَّد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (3199/ 1).

وكذلك رواه موصولًا حماد بن زيد عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3357)، والطبراني في "المعجم الكبير" 25/ (450)، وحماد بن سلمة عند الطبراني 25/ (449)، وعبد الرحيم بن سليمان عند البيهقي في "الآداب"(58)، وفي "شعب الإيمان"(8357)، وأبي القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1519).

(2)

لم نقف عليه من طريقه فيما بأيدينا من مصادر التخريج.

ص: 626

2805 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب وأبو عبد الله علي بن عبد الله الحَكِيمي، قالا: حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا بِشر بن عمر الزَّهْراني، حدثنا شعيب بن رُزَيق الطائفي، حدثنا عطاء الخُراساني، عن مالك بن يُخَامر السَّكْسَكي، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "لا يَحِلُّ لامرأةٍ تُؤمن بالله واليوم الآخر أن تأذَنَ في بيت زوجها وهو كارِهٌ، ولا تَخرُجَ وهو كارِهٌ، ولا تُطيعَ فيه أحدًا، ولا تُخَشِّنَ بصَدْرِه، ولا تعتزلَ فِراشَه، ولا تُصَرِّبَهُ

(1)

، فإن كان هو أظلمَ، فلتأتِه حتى تُرضيَه، فإن كان هو قَبِلَ منها، فبِها ونِعْمَتْ، وقَبِلَ اللهُ عُذْرَها وأفْلَجَ حُجَّتَها، ولا إثمَ عليها، وإن هو أَبَى يَرضى عنها، فقد أبلغَتْ عند الله عُذْرَها"

(2)

.

(1)

جاء في (ز) و (ع): ولا تُضِرَّ بِه، من الإضرار، وفي (ب): ولا تضربه، من الضرب، والمثبت من (ص)، وهو الوجه، وهو من الصَّرْب: وهو حَقْن اللبن حتى يحمض، فكأنَّ المرأة حين تعتزل فراش زوجها كأنها تسبّبت في احتقان مَنِيِّه حتى يفسد مِزاجَه ويفقد شهوته، وهو على المثل باللبن المجتمع الذي حُقِن أيامًا حتى اشتدَّ حمضه. وجاء في رواية البيهقي في "الكبرى" عن أبي عبد الله الحاكم:"ولا تَصرِمه" من الصَّرْم، وهو القطع، وهو معنًى وجيه أيضًا.

(2)

إسناده حسن من أجل عطاء بن أبي مسلم الخراساني وشعيب بن رُزيق: وهو أبو شيبة الشامي، لا الطائفي كما وقع في رواية المصنف، فإنه وهمٌ، فالشامي هو المعروف بالرواية عن عطاء الخراساني. وقول الذهبي في "تلخيصه" بأنه منقطع، لا ندري ما وجهه، فإن كان أراد نفي سماع مالك من معاذ فغَير مُسَلَّم له، وهو صحيح ثابت، وقوله أيضًا بأنَّ هذا الحديث منكر، لم نتبيّن وجهَه، والله تعالى أعلم.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 293 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (211) من طريق محمد بن يحيى القطعي، عن بشر بن عمر الزهراني، به. ولم ينسب شعيبًا.

وأخرجه أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(2110) من طريق آدم بن أبي إياس، عن أبي شيبة شعيب بن رُزيق، به.

وأخرجه الطبراني 20/ (210) من طريق عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه، به. وعثمان متفق على ضعفه.

وأخرجه الطبراني 20/ (114) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن تَميم الدمشقي، عن الزُّهْري، =

ص: 627

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2806 -

حدثنا بكر بن محمد بن حَمْدان المروَزي، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا شاذُّ بن فَيّاض، حدثنا عمر بن إبراهيم، عن قَتَادة، عن سعيد بن المسيّب، عن عبد الله بن عمرو، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَنظُرُ اللهُ إلى امرأةٍ لا تَشكُرُ لِزوجها وهي لا تَستغني عنه"

(1)

.

= عن مالك بن يخامر، عن معاذ. وقد تفرد به عن الزُّهْري عبد الرحمن بن يزيد هذا، وهو ضعيف، وقد نبَّه على تفرده به الدارقطني في "الغرائب والأفراد" كما في "أطرافه" لابن طاهر (4302).

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية"(1672) عن سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلّام، عن جده أبي سلّام، عن مالك بن يُخامر، عن معاذ؛ بزيادات منكرة ليست في حديثنا. وقال الحافظ ابن حجر مشيرًا إلى علة هذه الطريق: رجاله ثقات أثبات إلّا شيخ أبي يعلى، فهو من منكراته، وكان صدوقًا في نفسه إلّا أنَّ ورّاقه أدخل عليه ما ليس من حديثه، وكانوا يُحذّرونه من ذلك فلا يرضى.

قوله في الحديث: "ولا تُخشِّن بصدره" أي: تُوغِره بالغَيظ.

ولقوله: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره" شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد 13/ (8188)، والبخاري (5195)، ومسلم (1026).

وللنهي عن اعتزال المرأة فراش زوجها شاهد من حديث أبي هريرة أيضًا عند أحمد 15/ (9671)، والبخاري (3237)، ومسلم (1436) بلفظ:"وإذا دعا الرجل امرأتُه إلى فراشه فلم تأته، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح".

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، إلّا أنه قد اختلف فيه على قتادة، فرواه مرة مرفوعًا ومرة موقوفًا، وعمر بن إبراهيم - وهو العَبْدي - في روايته عن قتادة خاصةً كلامٌ، وقد اختلف عليه، فروي عنه مرة بذكر الحسن البصري بدل سعيد بن المسيب، والصحيح أنه بذكر سعيد بن المسيب كما رواه عنه شاذُّ بن فيّاض وعبد الصمد بن عبد الوارث، فقد توبع عليه بذكر ابن المسيب، كما سيأتي.

وقد صحَّح رفعَه جماعةٌ من الأئمة، منهم ابن حزم في "المحلى" 10/ 334، وابنُ التركماني في "الجوهر النقي" 7/ 294، وابن حجر في "مختصر البزار"(1053)، ومال إلى تقويته النسائي =

ص: 628

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2807 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن منصور والأَعمش، عن ذَرٍّ.

وأخبرنا عبد الله بن محمد بن موسى العَدْل - واللفظُ له - حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا يحيى بن المغيرة السَّعْدي، حدثنا جَرير، عن منصور، عن ذَرٍّ، عن وائل بن

= كما يُفهم من كلامه بإثر الحديث (9086). على أنه لو ثبت وقفُه فإنَّ له حكم الرفع، لأنَّ مثله لا يقال بمحض الرأي، والله أعلم.

وأخرجه البيهقي 7/ 294 عن المصنف، وقال عقبه: هكذا أتى به مرفوعًا، والصحيح أنَّه من قول عبد الله غيرُ مرفوعٍ.

وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 112 من طريق عبد الله بن حاضر البغدادي، عن شاذّ بن فيّاض، به.

وسيأتي برقم (7522) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن عمر بن إبراهيم، عن سعيد بن المسيب.

وأخرجه النسائي (9087)، والعقيلي في "الضعفاء"(431) من طريق الخليل بن عمر بن إبراهيم، عن أبيه، عن قتادة عن الحسن البصري، عن عبد الله بن عمرو.

وأخرجه النسائي (9086)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1530) من طريق سرّار بن مجشّر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، به. وعلّقه العقيلي، لكنه قرن في روايته المعلَّقة بسعيد بن المسيب الحسنَ البصريَّ، ولا نظنه إلا وهمًا أو خطأً من بعض النساخ، لأن النسائي وأبا القاسم الأصبهاني لم يذكرا إلَّا سعيدًا، ولم نقف عليه من رواية سرَّار بذكر الحسن البصري، والله أعلم. وسرَّار ثقة.

ووافق سعيد بنَ أبي عروبة على رفعه همامُ بنُ يحيى عند البزار (2349)، وعمرانُ القطان عند أبي العباس السرّاج في "حديثه"(593)، والطبراني (14184)، وابن عدي 6/ 133، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 327.

واختُلف فيه على شعبة، فرفعه عنه معاذ بن هشام كما سيأتي عند المصنف برقم (7523)، ووقفه عنه محمد بن جعفر كما سيأتي برقم (7524)، ويحيى القطان كما عند النسائي (9088).

وكذا رواه موقوفًا هشام الدستوائي عن قتادة فيما ذكره العقيلي، وقال: هذا أَولى.

ص: 629

مَهَانة السَّعدي، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشرَ النساء، تَصدَّقْنَ ولو من حُلِيِّكُنَّ، فإنكنَّ أكثرُ أهلِ جهنَّم"، فقالت امرأةٌ ليست من عِلْية النساء: وبِمَ يا رسول الله نحن أكثرُ أهل جهنّم؟ قال: "إنكن تُكثِرنَ اللَّعْن، وتَكفُرنَ العَشِيرَ.

وما وُجِدَ من ناقصِ الدِّين والرأي أغْلبَ للرجال ذوي الأمر على أُمورهم، مِن النساء" قالوا: وما نَقْصُ دينِهنّ ورأيِهنّ؟ قال: "أمَّا نَقْصُ رأيهِن، فجُعلَت شهادةُ امرأتَين بشهادة رجلٍ، وأما نَقْصُ دينِهِنّ، فإنَّ إحداهن تقعُد ما شاء اللهُ من يومٍ وليلةٍ لا تَسجُدُ لله سجدةً"

(1)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن إن شاء الله، وائل بن مهانة تابعي كبير، ذكره ابن سعد ومسلم في الطبقة الأولى من أهل الكوفة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحَّح حديثه هذا، لكن قوله في الحديث: وما وُجد من ناقص

إلى آخره، إنما هو من قول ابن مسعود، كما جاء مبيّنًا مفصَّلًا عند غير المصنف، فأُدرج هنا في الحديث، فأوهم ذلك أنه مرفوع كسائر الحديث، على أنه قد صحَّ مرفوعًا من حديث غير ابن مسعود كما سيأتي. بقي أنَّ المعروف في نسبة وائل بن مهانة أنه تيمي، نسبة إلى تيم الرِّباب، بكسر الراء، وليس السَّعْدي كما نُسب هنا، فالله أعلم. سفيان: هو الثَّوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وذَرّ: هو ابن عبد الله المُرهِبي.

والشطر الأول من الحديث في "مسند أحمد" 7/ (4019) عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه كذلك أحمد 6/ (3569)، والنسائي (9213) من طريق سفيان بن عيينة، وابن أبي شيبة 3/ 110 عن أبي الأحوص، كلاهما عن منصور بن المعتمر، به.

وأخرجه أحمد أيضًا 7/ (4037) عن أبي معاوية، عن الأعمش، به.

وأخرجه أبو يعلى (5144) عن أبي خيثمة زهير بن حرب، عن جرير، به.

وخالفهم منصور بن أبي الأسود عند النسائي (9214) فرواه عن الأعمش موقوفًا على عبد الله بن مسعود قال: تصدقن يا معشر النساء

ووافقهم على رفعه الحكم بن عُتيبة: فقد أخرجه أحمد 7/ (4122) من طريق المسعودي، وأحمد (4151) و (4152)، والنسائي (9212)، وابن حبان (3323) من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن الحكم بن عتيبة، عن ذرٍّ المُرهِبي، به مرفوعًا إلى قوله:"العشير"، زاد =

ص: 630

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2808 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصنعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلّام، عن جدِّه، قال: كتب معاويةُ إلى عبد الرحمن بن شِبْل: أَنْ عَلِّمِ الناسَ ما سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ الفُسّاق هم أهلُ النار" قالوا: يا رسول الله، ومَن الفُسّاق؟ قال:"النساءُ" قالوا: يا رسول الله، ألسنَ أمهاتِنا وبناتِنا وأخواتِنا؟ قال:"بلى، ولكنهنَّ إذا أُعطِينَ لم يَشكُرنَ، وإذا ابتُلِينَ لم يَصبِرنَ"

(1)

.

= ابن حبان في روايته بعدها: قال عبد الله: ما من ناقصات العقل والدين .... فذكر نحو ما ها هنا.

وممّن أخرج الحديث بتمامه مع قول ابن مسعود مفصَّلًا عن المرفوع: الحميدي (92)، وابن أبي عمر العَدَني في "الإيمان"(35)، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 325 من طريق سفيان بن عيينة، وأبو يعلى (5112) من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد، كلاهما عن منصور بن المعتمر، به.

وكذلك أخرجه الدارمي (1047)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث"(297)، والهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده"(871) من طريق الحكم بن عتيبة، عن ذرٍّ، به. وأخرج الشطر الثاني منه مفردًا من قول ابن مسعود: ابنُ أبي شيبة في "المصنف" 11/ 38، وفي "الإيمان"(59) عن أبي معاوية، وابن بطة في "الإبانة" 2/ 849 - 850 من طريق محاضر بن المورع، كلاهما عن الأعمش، به.

وسيأتي عند المصنف برقم (8997) من طريق قبيصة بن عقبة عن سفيان الثَّوري، مُدرَجًا فيه الموقوف مع المرفوع. والشطر الأول بإثره من طريق يحيى بن يحيى عن جرير.

وقد صحَّ هذا الحديث برُمّته من رواية عبد الله بن عمر بن الخطاب عند أحمد 9/ (5343)، ومسلم (79)، وأبي داود (4679)، وابن ماجه (4003). وصحَّ أيضًا من حديث أبي هريرة عند أحمد 14/ (8862)، والترمذي (2613)، وقال: حديث حسن.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن وهم فيه معمر - وهو ابن راشد - بإسقاط أبي راشد الحُبراني بين جدِّ زيد بن سلّام؛ وهو أبو سلّام ممطور الحبشي، وبين عبد الرحمن بن شِبْل، وقد روي هذا الحديث بهذا الإسناد مجموعًا إلى حديثين آخرين تقدم أحدهما برقم (2174) =

ص: 631

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2809 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، عن الزُّهْري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن إياس بن عبد الله ابن أبي ذُباب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تضرِبُوا إماءَ الله" فجاء عمرُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، قد ذَئِرنَ النساءُ على أزواجهنّ، فأَذِنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يَضربوهنّ، قال: فأطافَ بآل محمد صلى الله عليه وسلم سبعون امرأةً، كلُّهن يشتَكين أزواجَهنَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس

(1)

أولئك خِيارَكم"

(2)

.

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهد بإسناد صحيح عن أم كُلثوم بنت أبي بكر:

2810 -

أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلمي، حدثنا سعيد بن كَثير بن عُفَير وسعيد بن أبي مريم، قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن حُميد بن نافع، عن أم كُلثوم بنت أبي بكر، قالت: كان الرجالُ نُهوا عن ضَرْب النساءِ، ثم شَكَوهُنَّ إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخلَّى بينهم وبين ضربِهنَّ

(3)

، ثم قال: "لقد أطافَ الليلةَ بآل محمد صلى الله عليه وسلم سبعونَ امرأةً كلُّهن

= و (2175)، وقدَّمنا الكلامَ هناك على وهم معمر في إسناده، فأغنى عن إعادته هنا، وقد روي الحديث عن يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد الحُبراني مباشرة أيضًا كما سيأتي برقم (9002).

وهو في "جامع معمر" برواية عبد الرزاق عنه برقم (19444)، وعن عبد الرزاق أخرجه أحمد 24/ (15666/ 3).

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(9346) من طريق علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلّام، عن جده أبي سلام، عن أبي راشد، عن عبد الرحمن بن شبل.

(1)

لفظة "ليس" سقطت من (ز) و (ص) و (ب) ثم ألحقت بهامش (ص) بخط مغاير، وهي ثابتة في (ع)، والصواب إثباتها لفساد المعنى بدونها.

(2)

إسناده صحيح، وقد تقدم برقم (2800).

(3)

في (ز) و (ص) و (ع): ضربهم، والمثبت من (ب) و"تلخيص الذهبي"، وهو الجادّة.

ص: 632

قد ضُربتْ". قال يحيى: وحسبتُ أنَّ القاسم قال: ثم قيل لهم بعدُ: "ولن يَضربَ خِيارُكم"

(1)

.

2811 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري، حدثنا يحيى بن فَصِيل، حدثنا الحسن بن صالح، عن السُّدِّي، عن عَدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: لَقِيتُ خالي ومعه الرايةُ، قلت: أين تريدُ؟ قال: بَعَثَني النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى رجلٍ تَزوّج امرأةَ أبيه من بعدِه، فأمرني أن أضربَ عُنقَه

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وهو مرسل، لأنَّ أم كلثوم بنت أبي بكر - وهو الصدِّيق - ولدت بعد وفاة أبيها الصدّيق رضي الله عنه. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه البيهقي 7/ 304 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي 7/ 304 من طريق يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، به.

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(2217) عن جرير بن عبد الحميد، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به. وزاد في حديثه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أُحبُّ أن أَرى الرجلَ ثائرًا غضبُه فريصًا رقبتُه على مُرَيَّتِه يقتلُها".

وأخرجه مقتصرًا على هذه الزيادة الحسن بن سفيان في "مسنده"، كما في "الإصابة" لابن حجر 8/ 296، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(8021) من طريق قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، به.

وأخرجه مقتصِرًا عليها أيضًا ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 10/ 194 من طريق سليمان بن بلال، وابن أبي الدنيا في "النفقة على العيال"(489) من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.

(2)

حديث صحيح إن شاء الله، وهذا إسناد لا بأس برجاله غير يحيى بن فَصيل - وهو الغَنوي الكوفي - فحسن في المتابعات والشواهد، وقد توبع. وقد اختُلف على عدي بن ثابت فيه اختلافًا لا يضرُّ كما أشار ابن القيم في "حاشيته على سنن أبي داود" 6/ 266، وسنذكر هذه الخلافات، ليتضح حال الحديث. ومع ذلك فقد ثبت الحديثُ من غير طريق عدي بن ثابت كما سيأتي. وكان قد تقدَّم منا تضعيف هذا الحديث في "مسند أحمد" وغيره بالاضطراب، فيُستدرك من هنا، والله تعالى أعلم. =

ص: 633

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلنا: قد اختلف الرواة على عدي بن ثابت في هذا الحديث؛ فرواه زيد بن أبي أنيسة عند أبي داود (4457)، والنسائي (5465)، والحاكم في الرواية الآتية برقم (8255)، ومحمد بن إسحاق فيما ذكر الترمذي بإثر الحديث (1362)، وعبد الغفار بن القاسم عند أحمد 30/ (18610)، ثلاثتهم عن عدي بن ثابت، عن يزيد بن البراء، عن أبيه البراء. لكن عبد الغفار متروك.

ورواه الربيع بن الركين عند أحمد (18578)، والنسائي (7183)، والحاكم (2812)، والسديُّ عند أحمد (18557)، والنسائي (5464) و (7184)، وابن حبان (4112)، والحاكم كما في هذه الرواية والرواية الآتية برقم (6799)، وسفيان الثَّوري عند البزار في "مسنده"(3795)، وحجاج بن أرطاة عند الروياني في "مسنده"(381)، أربعتهم عن عدي، عن البراء. لم يذكروا فيه يزيد بن البراء. ووقع في رواية حجاج التصريح بسماعه من عدي، وبسماع عدي من البراء، لكن حجاج بن أرطاة ليس بذاك القوي.

ورواه أشعث بن سوار عن عدي بن ثابت، واختلف عليه فيه:

فرواه معمر عند أحمد (18626)، والنسائي (7185)، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان عند الترمذي في "العلل الكبير"(372)، والبيهقي 8/ 237، والفضل بن العلاء عند الطبري في مسند ابن عباس من "تهذيب الآثار"(893)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(2047)، ثلاثتهم عن أشعث، عن عدي، عن يزيد، عن أبيه البراء.

ورواه هُشَيم عند أحمد (18579)، وابن ماجه (2607)، وحفص بن غياث عند ابن ماجه (2607)، والترمذي (1362)، كلاهما عن أشعث، عن عدي، عن البراء. ليس فيه يزيد، قال الترمذي: حسن غريب.

ورواه خالد الواسطي فيما ذكر الدارقطني في "العلل" 6/ 21 عن أشعث، عن عدي بن ثابت، عن يزيد بن البراء، عن خاله. ليس فيه البراء، وهذا من سوء حفظ أشعث بن سوار.

وقد رجح أبو حاتم الرازي كما في "العلل" لابنه (1207) الرواية التي فيها يزيد بن البراء، ولم يرجح البخاري أيًّا من الروايتين، فيما نقل عنه الترمذي في "العلل الكبير" ص 209 قال: سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: إن معمرًا روى هذا الحديث فقال: عن عدي بن ثابت عن يزيد بن البراء عن أبيه، ولم يذكر فيه أيَّ الروايات أصح. وكذا لم يرجح شيئًا أبو زرعة كما في "العلل" لابن أبي حاتم (1277)، والدارقطني في "العلل"(951).

وذهب ابنُ حزم في "المحلى" 11/ 253 إلى أن كلا الطريقين صحيح، فقال: هذه آثار صحاح تجب بها الحجة، ولا يضرُّها أن يكون عدي بن ثابت حدث به مرة عن البراء، ومرة عن يزيد بن البراء عن أبيه، فقد يسمعه من البراء ويسمعه من يزيد بن البراء، فيحدث به مرةً عن هذا، ومرةً =

ص: 634

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شواهد عن عَدِيّ بن ثابت، وعن البراء مِن غير حديث عَدِيِّ بن ثابت:

2812 -

أخبرَناه أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن الرَّبيع بن الرُّكَين بن الرَّبيع بن عُمَيلة، قال: سمعتُ عديّ بن ثابت يحدِّث عن البراء بن عازب، قال: مَرَّ بنا ناسٌ يَنطلِقون، فقلنا لهم: أين تَذهبُون؟ قالوا: بعثَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى رجلٍ يأتي امرأةَ أبيه أن نَقتُلَه

(1)

.

= عن هذا. انتهى، وهذا صحيح لو ثبت في رواية صحيحة تصريح عدي بن ثابت بسماعه من البراء، مع أن سماعه من البراء وروايته عنه في "الصحيحين" في غير هذا الحديث، والله تعالى أعلم.

واختُلف فيه أيضًا اختلاف آخر لا يقدح في صحة الحديث، وهو أنَّ بعضهم يقول فيه: عمي، بدل خالي، ورجّح أبو زرعة الرازي أنَّ الصحيح فيه ذكر خاله، وهو أبو بُردة بن نِيار، كما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل"(1277)، وقال العُقيلي في "الضعفاء" 2/ 257: روي عن البراء بن عازب عن عمِّه أبي بُردة بن نِيار: قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل أَعْرَسَ بامرأة أبيه أن أضرب عنقه، بإسناد صالح.

وسيأتي عند المصنف برقم (2813) و (8254) من طريق أبي الجهم سليمان بن الجهم عن البراء. وإسناده حسن.

وفي الباب عن معاوية بن قرة بن إياس المزني عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أباه إلى رجل عرّس بامرأة أبيه فضرب عنقه وخمّس مالَه. أخرجه ابن ماجه (2608)، والنسائي (7186)، واللفظُ له. والظاهر أنَّ قرة إنما كان في هذه الواقعة بصحبة خال البراء، والله تعالى أعلم.

وقال ابن معين فيما نقله عنه ابن حزم في "المحلى" 11/ 253: هذا الحديث صحيح، ومن رواه فأوقفه على معاوية فليس بشيء، قد كان ابن إدريس - يعني أحد رواته - أرسله لِقوم وأسنده لآخرين.

وانظر أقوال الفقهاء في هذه المسألة في "شرح معاني الآثار" للطحاوي 3/ 148 - 151، و"المغني" لابن قدامة 12/ 341 - 343، و"شرح السنة" للبغوي 7/ 304 - 306.

(1)

حديث صحيح إن شاء الله، وهذا إسناد رجاله ثقات غير الرَّبيع بن الرُّكين، فقد روى عنه =

ص: 635

وأما حديث أبي الجَهْم عن البراء:

2813 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان، حدثنا أسباط بن محمد، عن مُطَرِّف، عن أبي الجَهْم، عن البراء بن عازب، قال: إني لأطوفُ على إبلٍ لي ضَلّت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبَيْنا أنا أجُول في أبيات، فإذا أنا برَكْبٍ وفوارسَ جاؤوا فأطافُوا فاستخرجُوا رجلًا، فما سألوه ولا كَلَّموه حتى ضربوا عنقَه، فلما ذهبُوا سألتُ عنه، قالوا: عَرَّس بامرأةِ أبيه

(1)

.

2814 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعدي، أخبرنا يزيد بن هارون.

وأخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا سعيد بن أبي عَرُوبة.

= شعبة ومروان بن معاوية الفَزاري، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد توبع في الطريق التي قبل هذه، وانظر تمام الكلام عليه هناك.

وهو في "مسند أحمد" 30/ (18578).

وأخرجه النسائي (7183) عن يحيى بن حكيم البصري، عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. لكن أَثبتَ مُحقِّقُه في إسناده الرُّكَين بن الربيع، بدل الربيع بن الرُّكَين، مع أنه جاء على الصواب في أصله الخطّي، اغترارًا بقول المزي في "التحفة"، وهو خطأ من المزي رحمه الله مشى عليه في "تهذيب الكمال" وفي "التحفة"، وقد أشار غير واحدٍ من أهل العلم إلى هذه الرواية كأبي زرعة والدارقطني فسمَّوه على الصواب الربيع بن الركين، وينبني على خطأ المزي توهُّم صحة الإسناد، لأنَّ الرُّكين ثقة، وأما ابنه فدون الثقة.

(1)

حديث صحيح إن شاء الله، وهذا إسناد حسن من أجل أبي الجهم: وهو سليمان بن الجَهْم بن أبي الجَهْم، وقال الذهبي في إسناده في "التلخيص": مليح. مُطرِّف: هو ابن طريف الحارثي.

وأخرجه أحمد 30/ (18608) عن أسباط بن محمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (18620)، والنسائي (5466) من طريق جرير بن عبد الحميد، وأبو داود (4456) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، والنسائي (7182) من طريق أبي زبيد عَبْثَر بن القاسم، ثلاثتهم عن مُطرّف بن طريف، به.

ص: 636

وأخبرنا الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد، عن معمر، عن الزُّهْري، عن سالم، عن أبيه، قال: أسلم غَيلانُ بن سَلَمة الثَّقَفي وعنده عشرُ نِسوةٍ، فأمره النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يأخذَ منهن أربعًا

(1)

.

(1)

حديث صحيح بطرقه وشواهده وبعمل الأئمة به كما قال الترمذي، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه قد أُعِلَّ بالوصل والإرسال كما نبه عليه المصنف بإثره، لأنه تفرَّد بوصله معمر بن راشد، وخالفه أصحاب الزُّهْري، رووه عنه فأرسلوه، فلم يذكروا فيه سالمًا - وهو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب - ولا أباه، وبعضهم يقول فيه عن الزُّهْري: أنه بلغه عن عثمان بن محمد بن أبي سُويد مرسلًا أيضًا، وقد صحَّح الإرسال جماعةٌ منهم البخاريُّ وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم، وصحَّح الوصل جماعةٌ غير المصنف، منهم ابن حبان وابن حزم والبيهقي وابنُ القطان الفاسي، ومال إليه الحافظ ابن حجر في "التلخيص"، وذكر الدارقطني والبيهقي وابن القطان له متابعةً من طريق سيف بن عُبيد الله الجرمي عن سرَّار بن مجشِّر عن أيوب عن نافع وسالم عن ابن عمر، وسيف وسرار ثقتان، كما قال الذهبي في "الرد على ابن القطان" 1/ 40، وقال: هو غريب جدًّا. قلنا: ونقل البيهقي عن أبي علي النيسابوري أنه رواه أيضًا السُّمَيدع بن واهب عن سرَّار، والسُّميدع هذا ثقة. وقال ابن القيم في "أحكام أهل الذمة" 3/ 376: وبالجملة فشهرة القصة تغني عن إسنادها. وانظر تمام الكلام عليه في "مسند أحمد" 8/ (4609).

وأخرجه أحمد 9/ (5558) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (1128) من طريق عَبْدة بن سليمان، عن سعيد بن أبي عروبة، به.

وأخرجه أحمد 8/ (4609) و (2631)، وابن حبان (4156) من طريق إسماعيل ابن عُلَيَّة، وأحمد 8/ (4631) و 9/ (5027)، وابن ماجه (1953) من طريق محمد بن جعفر، وأحمد 9/ (5027) عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، ثلاثتهم عن معمر بن راشد، به.

وانظر الطرق التالية بعده.

وانظر تخريج طرقه المرسلة عن الزُّهْري في "مسند أحمد"(4609).

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(1680)، والدارقطني (3694)، وأبو نُعيم في "تاريخ أصبهان" 1/ 245، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 183، وفي "معرفة السنن والآثار"(13963)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 48/ 138 من طريق سيف بن عُبيد الله الجرمي، عن سَرَّار بن مُجشِّر، عن أيوب السِّختياني، عن نافع وسالم، عن ابن عمر.

ص: 637

هكذا رواه المتقدّمون من أصحاب سعيد: يزيد بن زُريع وإسماعيلُ ابن عُلَيَّة وغُنْدَر والأئمة الحفاظ من أهل البصرة، وقد حكم الإمام مسلم بن الحجّاج أنَّ هذا الحديث ممّا وَهِمَ فيه معمرٌ بالبصرة، فإن رواه عنه ثقةٌ خارجَ البصريين حكمْنا له بالصحة، فوجدتُ سفيان الثَّوْري وعبدَ الرحمن بن محمد المُحارِبي وعيسى بن يونس، وثلاثتُهم كوفيون، حدَّثوا به عن معمر.

أما حديث الثَّوْري:

2815 -

فحدَّثَناه علي بن حَمْشَاذَ العَدْل ويحيى بن منصور القاضي، قالا: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو عُبيد، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن معمر، عن الزُّهْري، عن سالم، عن أبيه: أنَّ غَيلان بن سَلَمة أسلم وعنده عشرُ نِسوةٍ، فأمره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يَختارَ منهن أربعًا

(1)

.

وأما حديث المُحارِبي:

2816 -

فحدَّثَناه إسماعيل بن أحمد التاجر، أخبرنا علي بن أحمد بن الحسين العِجْلي، حدثنا محمد بن طَريف، حدثنا المُحارِبي، عن معمر، عن الزُّهْري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه: أنَّ غَيلان بن سَلَمة أسلَم وعنده عشرُ نِسوةٍ في الجاهلية، وأسلَمْن معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اختَرْ منهن أربعًا"

(2)

.

وأما حديث عيسى:

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات كسابقه. أبو عُبيد: هو القاسم بن سلّام، ويحيى بن سعيد. هو القطّان.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 182 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقرن به أبا عبد الرحمن السُّلمي.

وأخرجه الدارقطني في "العلل"(2997) من طريق أحمد بن يوسف التغلبي، عن أبي عبيد، به.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات.

ص: 638

2817 -

فحدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا عيسى بن يونس، عن معمر، عن الزُّهْري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، قال: أسلَم غَيلانَ بن سَلَمة الثَّقَفي وله عشرُ نِسوةٍ، فأمرَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يَتَخيّر منهن أربعًا، ويَتركَ سائرَهن

(1)

.

وهكذا وجدتُ الحديثَ عند أهل اليَمَامة عن معمر:

2818 -

حدثني [أبو]

(2)

الحسين بن يعقوب الحافظ، أخبرنا محمد بن محمد بن سليمان، أنَّ أحمد بن محمد بن عمر بن يونس حدثهم، حدثني أَبي، حدثنا عمر بن يونس، حدثنا يحيى بن أبي كثير، أخبرنا معمر، عن الزُّهْري، عن سالم، عن أبيه، قال: أسلم غَيلانُ بن سَلَمة الثَّقَفي وله ثمانِ نسوةٍ، فأمره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يَتخيّر منهن أربعًا

(3)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات. عيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السَّبيعي.

وأخرجه ابن حبان (4158) من طريق إسحاق بن راهويه، عن عيسى بن يونس، بهذا الإسناد.

(2)

لفظة "أبو" سقطت من النسخ الخطية، والصواب إثباتها، فقد روى المصنف عن شيخه هذا عدة روايات، وكان يسميه فيها بأبي الحسين بن يعقوب الحافظ، وهو محمد بن محمد بن يعقوب الحجّاجي النيسابوري، له ترجمة في "سير أعلام النبلاء" 16/ 240. ومما يؤيد أنه هو أن له رواية عن محمد بن محمد بن سليمان - وهو الباغندي - عند غير المصنف، فقد روى الواحدي في "تفسيره الوسيط" 4/ 219 من طريقه عن الباغندي.

(3)

إسناده واهٍ بمرّة من أجل أحمد بن محمد بن عمر بن يونس، فقد كذّبه ابن صاعد كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وزاد في "الميزان" أنَّ أبا حاتم كذّبه أيضًا، وقال عنه الدارقطني: متروك، ومرة قال: ضعيف، وقال ابن عدي: حدث عن الثقات بمناكير. قلنا: وهذا الإسناد من مناكيره، فلم يروه من طريق يحيى بن أبي كثير غيره، ثم إنه اضطرب فيه، فروي عنه كما وقع عند المصنف هنا، ورواه جماعةٌ عنه عن جده، عن يحيى بن عبد العزيز الأردنيّ، عن يحيى بن أبي كثير، فأسقط ذكر أبيه، وزاد فيه بين هذه أبي كثير رجلًا هو يحيى بن عبد العزيز الأردني، ويُغني عنه الطرق المتقدمة قبله عن معمر.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 1/ 178، وأبو الشيخ الأصبهاني في "ذكر الأقران"(221)، =

ص: 639

وهكذا وجدتُ الحديث عن الأئمة الخُراسانيين عن معمر:

2819 -

حدثني أبو العباس أحمد بن سعيد المروَزي ببُخاري، حدثنا عبد الله بن محمود السَّعْدي، حدثنا محمد بن موسى الخلّال، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا معمر، عن الزُّهْري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه: أنَّ غَيلان بن سَلَمة الثَّقَفي أَسلَم وعنده عشرُ نِسوةٍ، فأمره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُمسِكَ أربعًا، ويُفارقَ سائرَهنّ

(1)

.

والذي يؤدِّي إليه اجتهادي أنَّ معمر بن راشد حدَّث به على الوجهَين، أرسله مرةً ووصلَه مرةً، والدليل عليه أنَّ الذين وصلُوه عنه من أهل البصرة فقد أرسلوه أيضًا، والوصلُ أولَى من الإرسال، فإنَّ الزيادة من الثقة مقبولة، والله أعلم.

2820 -

حدثنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي، حدثنا الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق، حدثنا بشر بن معاذ العَقَدي، حدثنا يزيد بن زُريع، حدثنا حَبيبٌ المعلِّم، قال: جاء رجلٌ من أهل الكوفة إلى عمرو بن شعيب، فقال: ألا تَعجَبُ، إنَّ الحسن يقول: إنَّ الزانيَ المجلُودَ لا يَنكِحُ إِلّا مَجلُودةً مثلَه؟ فقال عمرو: وما يُعجِبُك، حدَّثَناه سعيدٌ المقبُري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عبدُ الله بن عمرو ينادي بها نداءً

(2)

.

= وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(5629)، وأبو موسى المديني في "اللطائف من دقائق المعارف"(170) من طرق عن أحمد بن محمد بن عمر بن يونس، عن جده، عن يحيى بن عبد العزيز، عن يحيى بن أبي كثير، به. فلم يذكروا في رواياتهم محمد بن عمر بن يونس، وزادوا في الإسناد الرجل المذكور.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات. أبو العباس أحمد بن سعيد: هو ابن معدان صاحب "تاريخ المراوزة"، ومحمد بن موسى الخلال يُعرف بالدولابي.

وأخرجه ابن حبان (4157) من طريق أبي عمار الحسين بن حريث، عن الفضل بن موسى السِّيناني، بهذا الإسناد.

وانظر ما تقدم برقم (2814).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل بشر بن معاذ، وقد توبع في الطريق المتقدمة =

ص: 640

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2821 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المُثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا المُعتمِر، عن أبيه، قال: حدثنا الحَضرميُّ بن لاحِق، عن القاسم بن محمد، عن عبد الله بن عمرو: أنَّ رجلًا من المسلمين استأذن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم في امرأةٍ يُقال لها: أم مَهزُول، كانت تُسافِح وتشترط أن تُنفِقَ

(1)

عليه، وأنه استأذنَ فيها نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم، وذكَرَ له أمرَها، فقرأ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم:{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} ، ونزلت {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3]

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= برقم (2733)، لكن دون ذكر القصة.

وقد تابعه على ذكر القصة أبو الأشعث أحمد بن المقدام عند ابن المنذر في "الأوسط"(7386)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4550)، وعفان عند أبي جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص 584، وزاد أبو الأشعث في روايته:"الزاني لا ينكح إلّا زانية مثله، والمجلود لا ينكح إلّا مجلودة مثله".

(1)

بالمثناة على البناء للمعلوم، يعني أنها تكفيه النفقة، كما جاء مفسَّرًا في بعض روايات الحديث، يعني أن تنفق عليه هي من كسبها.

(2)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل الحضرمي، وهو ليس بابن لاحق، كما جاء مقيَّدًا في رواية مُسدَّد خطأً، وإنما هو رجلٌ آخر جهَّله ابنُ المَديني، وقال عنه ابن مَعين وابن عَدي: ليس به بأس. المعتمر: هو ابن سليمان بن طَرْخان التيمي، وأبو المثنَّى: هو معاذ بن المثنَّى العنبري.

وأخرجه أحمد 11/ (6480) و (7099) عن محمد بن الفضل عارم، والنسائي (11295) عن عمرو بن علي الفلّاس، كلاهما عن المعتمر بن سليمان بهذا الإسناد. والحضرمي عندهما مهمل غير مقيَّد.

وسيأتي بنحوه برقم (3537) من طريق هُشَيم بن بَشير عن سليمان التيمي عن القاسم بن محمد. فلم يذكر هُشَيم في إسناده الحضرميَّ!

وتقدَّم بنحوه أيضًا برقم (2734) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

ص: 641

2822 -

أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرّة، حدثنا خَلّاد بن يحيى وعبد الصمد بن حسان، قالا: حدثنا سفيان بن سعيد، عن حبيب بن أبي عَمْرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} قال: أمَا إنه ليس بالنكاح، ولكنه الجِماعُ؛ لا يزني بها إلّا زانٍ أو مشركٌ

(1)

.

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2823 -

أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه، قال: قُرئ على عبد الملك بن محمد وأنا أسمع، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثني أبي، حدثنا القاسم بن عبد الواحد، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تَزوّج العبدُ بغير إذنِ سيّده، كان عاهرًا"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. سفيان بن سعيد: هو الثَّوري.

وأخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" 7/ 154 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 51، وابن أبي شيبة 4/ 272، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 8/ 2521 و 2522، والبيهقي 7/ 154، والذهبي في "مشيخته" المسمى بـ "المعجم اللطيف"(32) من طرق عن سفيان الثَّوري، به.

وأخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" 10/ (148) من طريق سفيان بن عيينة، عن حبيب بن أبي عمرة، به.

وأخرجه أبو حذيفة النَّهدي في "تفسير سفيان الثَّوري"(711) عن سفيان عن حماد بن أبي سليمان، وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(192) من طريق حُصين بن عبد الرحمن السُّلمي، وابن أبي حاتم 8/ 2522 من طريق أبي حَصِين عثمان بن عاصم، ثلاثتهم عن سعيد بن جبير، به.

وأخرجه بنحوه يحيى بن سلام الإفريقي في "تفسيره" 1/ 427، وسحنون في "المدونة" 2/ 173، وابن أبي حاتم 8/ 2521 من طريق شعبة بن دينار مولى ابن عباس، والطبري في "تفسيره" 18/ 74 من طريق عكرمة، كلاهما عن ابن عباس.

(2)

إسناده حسن إن شاء الله، وقد روي عن ابن عمر موقوفًا عليه ما يشدُّه، وعليه العمل، كما قال الترمذي وابن المنذر في "الأوسط" بين يدي الحديث (7472)، وقد صحَّحه الترمذي، =

ص: 642

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2824 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر، حدثنا أبو نُعيم وأبو غسان، قالا: حدثنا شَريك، عن أبي رَبيعة الإيادِي، عن ابن بُريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعَليّ: "يا عليُّ، لا تُتْبعِ النَّظْرةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لك الأُولى وليست لك الآخرةُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

= وقوّاه ابنُ القطان في "بيان الوهم" 5/ 293.

وأخرجه أحمد 23/ (15092) من طريق همام بن يحيى، عن القاسم، به.

وأخرجه أحمد 22/ (14212)، وأبو داود (2078) من طريق الحسن بن صالح، وأحمد 23/ (15031)، والترمذي (1112) من طريق ابن جُرَيج، والترمذي (1111) من طريق زهير بن محمد، ثلاثتهم عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به.

وأخرجه ابن ماجه (1959) عن أزهر بن مروان، عن عبد الوارث بن سعيد، عن القاسم بن عبد الواحد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن عمر، فذكر ابن عمر بدل جابر، وقال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" (270): عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر أصح.

وفي الباب عن ابن عمر مرفوعًا، لكن بلفظ:"فهو باطل" أخرجه أبو داود (2079)، وإسناده ضعيف، والصحيح أنه موقوف على ابن عمر كما قال أبو داود والدارقطني. وقد أخرجه موقوفًا عليه عبد الرزاق (12981) و (12982)، وابن أبي شيبة 4/ 261 وغيرهما بأسانيد صحيحة عن نافع عنه.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - وأبي ربيعة الإيادي - واسمه عمر بن ربيعة - على أنَّ شريكًا رواه أيضًا عن أبي إسحاق السبيعي مقرونًا بأبي ربيعة. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، وأبو غسان: هو مالك بن إسماعيل.

وأخرجه أحمد 38/ (22974) عن وكيع، و (22991) عن هاشم بن القاسم، و (23021) عن أحمد بن عبد الملك الحَرَّاني، وأبو داود (2149) عن إسماعيل بن موسى الفزاري، والترمذي (2777) عن علي بن حُجر، خمستهم عن شريك النخعي، بهذا الإسناد. وقرن شريكٌ في رواية أحمد بن عبد الملك الحَرَّاني بأبي ربيعة أبا إسحاق السَّبيعي.

وفي الباب عن علي بن أبي طالب نفسه سيأتي عند المصنف برقم (4673)، وفيه ضعفٌ.

ص: 643

2825 -

أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيلي، حدثنا مِسكين بن بُكير، حدثنا شعبة، عن يزيد بن خُمَير، عن عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير، عن أبيه، عن أبي الدرداء: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في غزوة، فرأى امرأةً مُجِحَّة

(1)

، فقال:"لعلَّ صاحبَها ألَمَّ بها؟ " قالوا: نعم، قال:"لقد هَمَمتُ أن أَلْعنَه لعنةً تدخلُ معه في قبرِه، كيف يُورِّثه وهو لا يَحِلُّ له، وكيف يَستخدِمُه وهو لا يَحِلُّ له"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2826 -

أخبرَناهُ إسماعيلُ بن محمد بن الفضل، حدثنا جدي، حدثنا عمرو بن عَون، حدثنا شَريك، عن قيس بن وهب، عن أبي الوَدّاك، عن أبي سعيد الخُدْري، رفعه، أنه قال في سبايا أَوطاسٍ:"لا تُوطأُ حاملٌ حتى تَضَعَ، ولا غيرُ ذاتِ حَمْل حتى تَحيضَ حَيضة"

(3)

.

(1)

تصحف في بعض النسخ الخطية إلى: مجخة، بالخاء المعجمة بعد الجيم، بدل الحاء المهملة. وهو من: أجَحَّت الحامل، إذا ظهر حملها.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل مسكين بن بُكير، وقد توبع.

وأخرجه أبو داود (2156) عن عبد الله بن محمد النُّفَيلي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 36/ (21703) عن يحيى بن سعيد القطان، وأحمد 45/ (27519)، ومسلم (1441) من طريق محمد بن جعفر، ومسلم (1441) من طريق يزيد بن هارون ومن طريق أبي داود الطيالسي، أربعتهم عن شعبة، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

قوله: "ألمَّ بها" أي: وَطِئها.

وقوله: "كيف يُورِّثه وهو لا يحل له، وكيف يستخدمه وهو لا يحل له": يريد أنَّ ذلك الحَمل قد يكون من زوجها المشرك، فلا يحلّ له استلحاقه ولا توريثه، وقد يكون منه إذا وطئها أن ينفشَّ ما كان في الظاهر حملًا وتَعلَق من وطئه، فلا يجوز نفيُه ولا استخدامه. قاله الخطابي في "معالم السنن" 3/ 224.

(3)

إسناده حسن من أجل شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - وحسّنه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 1/ 172. أبو الودّاك: هو جَبْر بن نَوف. =

ص: 644

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2827 -

أخبرنا أبو النضر الفقيه وأبو الحسن العَنَزي، قالا: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أبو الأصبَغ عبد العزيز بن يحيى الحرّاني، حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: إنَّ ابن عمر - واللهُ يغفرُ له - وَهِمَ، إنما كان هذا الحيُّ من الأنصار وهُم أهلُ وَثَن مع هذا الحي من اليهود وهم أهل كتاب، كانوا يَرَون لهم فضلًا عليهم، فكانُوا يَقتدُون بكثيرٍ من فِعْلهم، وكان مِن أمر أهل الكتاب أن لا يأتُوا النساءَ إلّا على حَرْفٍ واحدٍ، وذلك أستَرُ ما تكون المرأة، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فِعْلهم، وكان هذا الحي من قريش يَشْرَحُون النساء شَرْحًا منكرًا، ويتلذَّذون منهن مُقبِلاتٍ ومُدبِراتٍ ومُستلْقِياتٍ، فلما قَدِمَ المهاجرون المدينة، تزوج رجل منهم امرأةً من الأنصار، فذهب يصنعُ بها ذلك، فأنكرتْه عليه، وقالت: إنما كنا نُؤتى على حَرْفٍ، فاصنَعْ ذلك وإلّا فاجتَنِبْني، حتى شَرِيَ

(1)

أمرُهما، فبلغ ذاك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله

= وأخرجه أبو داود (2157) عن عمرو بن عون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 17/ (11228) و 18/ (11596) عن يحيى بن إسحاق، و (11596) عن أسود بن عامر، كلاهما عن شريك النخعي، به.

وأخرج مسلم (1456) من طريق أبي علقمة الهاشمي، عن أبي سعيد الخُدْري: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بعث جيشًا إلى أوطاس، فلقوا عدوًّا، فقاتلوهم فظهروا عليهم، وأصابوا لهم سبايا، فكأنَّ ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرّجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل الله عز وجل:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي: فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن.

ويشهد لرواية شريك مُرسَلا طاووسٍ والشعبيِّ عند عبد الرزاق (12903) و (12904)، وابن أبي شيبة 4/ 369، ورجالهما لا بأس بهم.

ويشهد للنهي عن وطء الحامل حتى تضع حديث ابن عباس المتقدم برقم (2367).

وانظر لاستبراء الأَمة بحيضة "مصنف ابن أبي شيبة" 4/ 224.

(1)

في (ص) و (ع) و (ب): سرى، بالسين المهملة وآخره ألف مقصورة، والمثبت من (ز) =

ص: 645

تبارك وتعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]، أي: مُقبِلات ومُدبِرات ومُستلْقِيات، يعني بذلك موضعَ الولد

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، إنما اتفقا

(2)

على حديث محمد بن المُنكَدِر عن جابر في هذا الباب.

هذا آخر كتاب النكاح، وأول كتاب الطلاق

= و"تلخيص الذهبي" بالشين المعجمة وآخره ياء تحتانية، وكذلك جاء في رواية البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 195 عن الحاكم، ومعنى شَرِيَ: ارتفع وعظم.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرَّح بسماعه في الطريق الآتية برقم (3142).

وأخرجه أبو داود (2164) عن أبي الأصبغ الحراني، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 4/ (2703)، والترمذي (2980)، والنسائي (8928) و (10973)، وابن حبان (4202) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، هلكتُ، قال:"وما الذي أهلكك؟ " قال: حوّلتُ رحلي البارحة، قال: فلم يردّ عليه شيئًا، قال: فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} "أَقبِل وأَدبِر، واتق الدُّبُر والحيضة". وإسناده حسن.

وأخرج أحمد 44/ (26601)، والترمذي (2979) عن أم سلمة، قالت: إنَّ الأنصار كانوا لا يَجبُّون النساء (يعني وطأَهُن وهنّ مُنكبّات على وجوههن) وكانت اليهود تقول: إنَّ من جَبّى امرأته كان ولده أحول، فلما قدم المهاجرون المدينة نكحوا نساء الأنصار، فجبُّوهن، فأبت امرأة أن تطيع زوجها فقالت لزوجها: لن تفعل ذلك حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت على أم سلمة، فذكرت ذلك لها، فقالت: اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم استحيتْ الأنصارية أن تسأله فخرجت، فحدثت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"ادعي الأنصارية، فدُعيَت" فتلا عليها {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} صِمامًا واحدًا. وإسناده قوي.

قوله: "يشرحون النساء" أي: يأتونهنَّ وهنّ مستلقيات على أقفائهنّ أو على وجوههنّ.

وقوله: "على حَرْفٍ واحدٍ" أي: إتيانهنَّ على جَنْب.

(2)

البخاري (4528) ومسلم (1435)، بلفظ: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها، جاء الوليد أحوَل، فنزلت

وذكر الآية.

ص: 646

‌كتاب الطلاق

بسم الله الرحمن الرحيم

2828 -

أخبرني أبو الحسين محمد بن أحمد بن تَميم القَنْطري ببغداد، حدثنا أبو قِلابة، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الله بن المؤمَّل، عن ابن أبي مُلَيكة: أنَّ أبا الجَوزاء أتى ابنَ عباس، فقال: أتعلَمُ أنَّ ثلاثًا كُنّ يُردَدْن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى واحدةٍ؟ قال: نعم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2829 -

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، أخبرني ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: كان الطلاقُ على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عُمر طلاقُ الثلاثِ واحدةً، فقال عُمر: إن الناس قد استعجَلُوا في أمرٍ كانت لهم فيه أَناة، فلو أمضَيناهُ عليهم؛ فأمضَاهُ عليهم

(2)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن المؤمَّل، فهو ضعيف يعتبر به، وقد روي هذا الحديث من وجه آخر صحيح عن ابن عباس سيأتي بعده.

(2)

إسناده صحيح. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه، ومحمد بن عبد السلام: هو النيسابوري الورّاق، ومعمر: هو ابن راشد، وابن طاووس: هو عبد الله بن طاووس بن كيسان اليماني.

وأخرجه مسلم (1472)(15) عن إسحاق بن راهويه بهذا الإسناد. وقرن بإسحاق محمدَ بنَ رافع. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 5/ (2875) عن عبد الرزاق، به.

وأخرجه مسلم (1472)(16) من طريق ابن جُرَيج، عن عبد الله بن طاووس، به. إلّا أنه قال: وثلاثًا من إمارة عمر.

وأخرجه أيضًا (1472)(17) من طريق إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، به. إلّا أنه قال: فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق، فأجازه عليهم.

ص: 647

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

2830 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا مُعرِّف بن واصِل، عن مُحارِب بن دِثار، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أحلَّ اللهُ شيئًا أبغضَ إليه مِن الطلاق"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، ومن حُكْم هذا الحديث أن يُبدَا به في كتاب الطلاق.

2831 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصغَاني، حدثنا الأحوص بن جَوّاب، حدثنا عمار بن رُزَيق، عن عبد الله بن عيسى، عن عِكْرمة، عن يحيى بن يَعمَر، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا

(1)

رجاله ثقات إلّا أنه قد اختُلف في وصله وإرساله على مُعرِّف بن واصل، وقد صحَّح إرسالَه أبو حاتم الرازي كما في "العلل" لابنه (1297)، ورجَّحه الدارقطني في "العلل"(3123)، والبيهقي في "سننه الكبرى" 7/ 322، وقال: المرسل هو المشهور. وخالفهم آخرون فصحَّحوه موصولًا، منهم ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم" 5/ 422 في باب أحاديث ضعفها عبد الحق الإشبيلي وهي صحيحة أو حسنة وما أعلَّها به ليس بعلة، وكذلك مال إلى ترجيح الوصل ابنُ التركماني في "الجوهر النقي" 7/ 323.

وأخرجه أبو داود (2177) عن أحمد بن يونس عن معرِّف، عن محارب، مرسلًا.

وأخرجه أبو داود أيضًا (2178) من طريق محمد بن خالد الوهبي، عن معرف، عن محارب، عن ابن عمر، موصولًا.

وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 253 عن وكيع بن الجراح، وأخرجه ابن المبارك في "البر والصلة" كما في "التذكرة" للزركشي (1)، وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 322، وفي "السنن الصغرى"(2653) من طريق يحيى بن أبي بكير الكرماني، ثلاثتهم (وكيع وابن المبارك وابن أبي بكير) عن مُعرِّف، عن محارب، مرسلًا.

وأخرجه ابن ماجه (2018) من طريق عبيد الله بن الوليد الوَصّافي، عن محارب، عن ابن عمر موصولًا. لكن الوصّافي ضعيف.

ص: 648

من خَبَّب امرأةً على زوجِها، أو عبدًا على سيِّدِه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2832 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشاذَ العَدْل، قالا: أخبرنا محمد بن عيسى بن السَّكَن الواسطي، حدثنا عمرو بن عون، حدثنا هُشَيم، أخبرنا حميد، عن أنس، قال: لما طَلَّق النبيُّ صلى الله عليه وسلم حفصةَ، أُمِرَ أَن يُراجِعَها فراجَعَها

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2833 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الخَضِر بن أبانَ الهاشمي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن صالح بن صالح، عن سَلَمة بن كُهيل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل عمار بن رزيق.

وأخرجه أحمد 15/ (9157) عن أبي الجوّاب الأحوص بن جوّاب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (2175) و (5170)، والنسائي (9170)، وابن حبان (5560) من طريقين عن عمار بنُ رزيق، به.

ويشهد له حديث بريدة الأسلمي عند أحمد 38/ (22980) وغيره.

قوله: "خبّب" أي: أفسَدَ وخدع، والمراد بالنسبة للمرأة أن تُذكر مساوئ الزوج عندها، أو محاسن أجنبيّ.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 367 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه سعيد بن منصور (2158)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" 10/ 83، والدارمي (2311)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" للهيثمي (1002)، وأبو يعلى (3815)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(7400)، والبيهقي 7/ 367، والخطيب في "تاريخ بغداد" 5/ 441، والضياء المقدسي في "المختارة" 6/ (1982) و (1983) من طرق عن هُشَيم بن بشير، به.

وسيأتي برقم (6907) من طريق ثابت عن أنس.

ص: 649

طلَّق حفصةَ، ثم راجَعَها

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2834 -

أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عُبيد الأسَدي الحافظ بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا ابن أبي ذِئْب، حدثني خالي الحارث بن عبد الرحمن، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: كانت تحتي امرأةٌ أُحبُّها، وكان عمر يكرهُها، فقال عمر: طلِّقْها، فأبَيتُ، فذَكَر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"أطِعْ أباكَ وطلِّقْها"، فطلَّقتُها

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف الخضر بن أبان الهاشمي، وقد توبع.

وأخرجه النسائي (5723) عن عَبْدة بن عبد الله البصري، عن يحيى بن آدم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (2283)، والنسائي (5723) عن سهل بن محمد بن الزُّبَير العسكري، وابن ماجه (2016) عن سويد بن سعيد وعبد الله بن عامر بن زرارة، وابن ماجه (2016)، وابن حبان (4275) من طريق مسروق بن المَرْزُبان، كلهم عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، به. لكن قال سهل بن محمد في رواية النسائي: نُبئت عن يحيى بن زكريا، مع أنه صرَّح في رواية أبي داود بسماعه منه، فالظاهر أنه لم يكن سمعه منه ثم سمعه بعد ذلك، والله أعلم.

(2)

إسناده جيد من أجل الحارث بن عبد الرحمن - وهو القرشي العامري - فهو صدوق لا بأس به، وليس هو بابن أبي ذُباب، كما جزم به المصنف بإثر الحديث، وبنَى عليه أن الشيخين قد احتجا به، على أنَّ ابن أبي ذُباب من رجال مسلم وحده، وإنما أخرج له البخاري في "الأدب المفرد". ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة.

وأخرجه أحمد 8/ (4711)، وأبو داود (5138)، وابن ماجه (2088)، وابن حبان (426) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وأحمد 9/ (5011) عن يزيد بن هارون، و 9/ (5144) عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العَقَدي، و 10/ (6470)، عن حماد بن خالد الخياط، وابن ماجه (2088) من طريق عثمان بن عمر، والنسائي (5631) من طريق خالد بن الحارث، وابن حبان (426) من طريق عمر بن علي المُقدَّمي، و (427) من طريق علي بن الجعد، ثمانيتهم عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (7440) من طريق عبد الله بن المبارك عن ابن أبي ذئب.

ص: 650

والحارث بن عبد الرحمن هو: ابن أبي ذُباب المدني خالُ ابن أبي ذئب، قد احتجّا جميعًا به!

2835 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا إسماعيل، أخبرنا عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي: أنَّ رجلًا أتى أبا الدَّرْداء، فقال: إنَّ أمي لم تَزَلْ بي حتى تزوجتُ، وإنها تأمُرُني بطلاقِها، وقد أبَتْ عَلَيَّ إلّا ذاك، فقال: ما أنا بالذي آمُرُك أن تَعُقَّ والدتَك، ولا أنا بالذي آمُرُك أن تُطلِّق امرأتَك غير أنك إن شئتَ حدثتُك بما سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"الوالدُ أوسَطُ أبواب الجنة"، فحافِظْ على ذلك الباب إن شئتَ أو أَضِعْه

(1)

.

(1)

رجاله ثقات، لكن أبا عبد الرحمن السُّلَمي - واسمه عبد الله بن حبيب - لم يسمع هذا الحديث من أبي الدرداء، كما توضحه رواية سفيان الثَّوري وحماد بن زيد، وهما ممن سمع من عطاء بن السائب قبل تغيُّره، حيث قالا في روايتهما: إنَّ هذا الرجل رحل إلى أبي الدرداء بالشام، ومعلوم أنَّ أبا عبد الرحمن السُّلمي لم يُذكَر أنه رحل إلى الشام، وإنما مُكْثه كان في الكوفة وبها توفي، فالرجل المذكور هو الذي أخبره بما أفتاه به أبو الدرداء، وهو رجلٌ مُبهَم لم يُبيَّن. ولم نجد أحدًا من أهل العلم نبَّه على هذا، بل صحَّح الحديثَ بعضُهم، لعلَّ ذلك لأجل أنَّ أبا عبد الرحمن السُّلَمي من كبار التابعين، فيُقبَل مرسَلُه كحال سعيد بن المسيّب عن عمر بن الخطاب مثلًا، والله أعلم بالصواب. إسماعيل: هو ابن عُليَّة.

وأخرجه ابن حبان (425) من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 36/ (21726) من طريق شريك النخعي، و 45/ (27511) و (27528) من طريق سفيان الثَّوري، كلاهما عن عطاء بن السائب، به.

وسيأتي برقم (7438) من طريق سفيان بن عيينة، وبرقم (7439) من طريق شعبة، كلاهما عن عطاء بن السائب.

وقد رواه كرواية سفيان الثَّوري مفصَّلًا مبيَّنًا حماد بن زيد عند أبي محمد البَغَوي في "شرح السنة"(3421)، وهو ممن سمع من عطاء قبل اختلاطه.

ص: 651

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2836 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني سليمان بن بلال، عن عبد الرحمن بن حَبيب، أنه سمع عطاء بن أبي رباح يقول: أخبرني يوسف بن ماهَك، أنه سمع أبا هريرة يحدِّث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعه يقول:"ثلاثٌ جِدُّهُنّ جِدٌّ، وهَزْلُهن جِدٌّ: النكاحُ، والطلاقُ، والرَّجْعة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، وعبد الرحمن بن حبيب هذا هو: ابن أرْدَك من ثِقات المدنيِّين، ولم يُخرجاه.

2837 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر بن سابِق الخَولاني، حدثنا بِشر بن بَكر.

وحدثنا أبو العباس غير مرة، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا أيوب بن سويد؛

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن حبيب - وهو ابن أرْدك - فقد قال عنه النسائي: منكر الحديث. قلنا: وهذا الحديث مسندًا من منكراته، وذلك أنَّ ابن جُرَيج قد روى عن عطاء بن أبي رباح، قال: يُقال: من نكح لاعِبًا أو طلق لاعِبًا فقد جاز. قال ابن عبد البر: لو كان - والله أعلم - صحيحًا عن عطاء (قلنا: يعني حديثه الذي هنا عن أبي هريرة) لما خفي (يعني على ابن جُرَيج) فإنه أقعد الناس بعطاء وأثبتهم فيه. قلنا: لكن في الباب ما يشهد له، وعليه العمل باتفاق كما قال الترمذي بإثر الحديث (1184)، وابن المنذر في "الأوسط" 9/ 259، وأبو بكر الجصّاص في "أحكام القرآن" 2/ 99، وابن عبد البر في "الاستذكار"(24963)، وذكروا شواهده.

وأخرجه أبو داود (2194) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وابن ماجه (2039)، والترمذي (1184) من طريق حاتم بن إسماعيل، كلاهما عن عبد الرحمن بن حبيب، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حسن غريب.

وله شواهد موقوفة ومقطوعة انظرها في "مصنف عبد الرزاق"(10244 - 10253) و"مصنف ابن أبي شيبة" 5/ 105 - 106، لكن كلها بذكر العَتَاق بدل الرجْعة.

والرّجْعة، بكسر الراء وفتحها، أي: عَوْد المُطلِّق إلى طليقته.

ص: 652

قالا: حدثنا الأوزاعي، عن عطاء بن أبي رباح، عن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تجاوزَ اللهُ عن أمتي الخطأَ، والنسيانَ، وما استُكرِهُوا عليه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2838 -

حدثنا الأستاذ الإمام أبو الوليد حسان بن محمد القرشي، أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن إسحاق، عن ثَور بن يَزيد، عن محمد بن عُبيد بن أبي صالح، قال: بعثني عَدِيّ بن عَدِيّ إلى صفيّة بنت شَيْبة أسألُها عن أشياءَ كانت ترويها عن عائشة، فقالت: حدثتني عائشةُ، أنها سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا طلاقَ ولا عَتاقَ في إغلاقٍ"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح من جهة بشر بن بكر، ضعيف من جهة أيوب بن سويد. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وقال الحافظ في "الفتح" 8/ 125: هو حديث جليل، وقد أُعلَّ بعلة غير قادحة.

وأخرجه ابن حبان (7219) عن وصيف بن عبد الله الحافظ، عن الربيع بن سليمان المرادي، عن بشر بن بكر، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (2045) من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس. فأسقط من إسناده عبيد بن عُمير، والوليد معروف بتدليس التسوية كما قال البُوصيري في "مصباح الزجاجة"(728)، قال: فليس ببعيد أن يكون السقط من صنعة الوليد، وجزم بذلك الحافظ ابن حجر في "تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب" 1/ 510.

وقال أبو العباس القرطبي في "المفهم" 7/ 322 في شرح الحديث: أي رفع إثم ذلك، وهذا لم يُختلَف فيه أنَّ الإثم مرفوع، وإنما اختُلف فيما يتعلق على ذلك من الأحكام، هل ذلك مرفوع لا يلزم منه شيءٌ، أو يلزم أحكام ذلك كله؟ اختُلِف فيه، والصحيح أنَّ ذلك يختلف بحسب الوقائع، فقسم لا يسقط بالخطأ والنسيان باتفاق، كالغرامات والديات والصلوات، وقسم يسقط باتفاق كالقِصاص والنطق بكلمة الكفر ونحو ذلك، وقسم ثالث يُختلَف فيه، وصُوره لا تنحصر، ويُعرف تفصيل ذلك في الفروع.

(2)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن عُبيد بن أبي صالح كما قال الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه ابن ماجه (2046) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد الله بن نُمير، بهذا الإسناد. لكنه سمى في روايته محمد بن عُبيد: عبيد بن أبي صالح. قال المزي وابن عبد الهادي: هو وهم. =

ص: 653

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وقد تابع أبو صفوان الأُموي محمدَ بن إسحاق على روايته عن ثَوْر بن يزيد، فأسقط من الإسناد محمد بن عُبيد.

2839 -

أخبرني أحمد بن محمد بن سلمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا نُعيم بن حماد، حدثنا أبو صفوان عبد الله بن سعيد الأُموي، عن ثَوْر بن يزيد، عن صفيّة بنت شَيْبة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا طَلاقَ ولا عَتاقَ في إغلاقٍ"

(1)

.

2840 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا أبو زكريا يحيى بن عثمان بن صالح بن صفوان السَّهْمي بمصر، حدثنا أبي، قال: سمعتُ الليث بن سعد، في المسجد الجامع يقول: قال أبو مصعب مِشرَحُ بن هاعانَ: قال عُقْبة بن عامر الجُهَني: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أُخبركم بالتَّيس المُستعارِ؟ "، قالوا: بلى يا رسول الله، قال:"هو المُحِلُّ، فلعنَ اللهُ المُحِلَّ والمُحَلَّلَ له"

(2)

.

= وأخرجه أحمد 43/ (26360)، وأبو داود (2193) من طريق إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، به.

وسيأتي بعده من طريق ثور بن يزيد، عن صفية بنت شيبة، دون واسطة بينهما.

الإغلاق: هو الإكراه.

وانظر فقه الحديث في "سنن أبي داود" بتحقيقنا.

(1)

إسناده ضعيف، نُعيم بن حماد صاحب مناكير كما قال الذهبي في "تلخيصه"، قلنا: والظاهر أنه وهم هنا في إسناد الحديث بإسقاط ذكر محمد بن عبيد بن أبي صالح بين ثور وصفية، فلا بد من ذكره في الإسناد، إذ هو صاحب القصة الذي سمع الخبر من صفية كما توضحه رواية محمد بن إسحاق السابقة.

(2)

صحيح لغيره دون ذكر التشبيه بالتيس المستعار، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن جزمِ يحيى بن عبد الله بن بكير فيما نقله عنه أبو زرعة الرازي كما في "العلل" لابن أبي حاتم (1233) بأنَّ الليث لم يسمع هذا الحديث من مشرح، وأنه لم يرو عنه شيئًا، وأنَّ الليث حدثه بهذا الحديث عن سليمان بن عبد الرحمن: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني مرسلًا. وقال البخاري نحو ذلك أيضًا =

ص: 654

وقد ذكر أبو صالح كاتب الليث عن الليث سماعَه من مِشرَحِ بن هاعان:

2841 -

أخبرَنيهِ أبو بكر محمد بن المؤمَّل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا أبو صالح، حدثنا الليث بن سعد، قال: سمعت مِشرَحَ بن هاعان يحدِّث عن عُقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أُخبركم بالتَّيس المُستعار؟ هو المُحِلُّ"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَعَنَ الله المُحِلَّ والمُحلَّلَ له

(1)

"

(2)

.

= فيما نقله عنه الترمذي في "العلل"(274)، حيث قال: ما أرى الليث سمعه من مشرح بن هاعان. واستدلَّ البخاري على ذلك برواية حيوة بن شريح المصري، عن بكر بن عمرو، عن مشرح، وبيان ذلك أنَّ حيوة هذا في طبقة الليث، ومع ذلك لا يروي عن مشرح إلّا بواسطة.

قلنا: ومع ذلك فقد حسَّن إسنادَه عبدُ الحق في "أحكامه الوسطى" 3/ 157، وأقرَّه ابن القطان في "بيان الوهم" 3/ 504، وصحَّحه الذهبي في "الكبائر"! فلم يُصيبوا، والله تعالى أعلم.

وأخرجه ابن ماجه (1936) عن يحيى بن عثمان بن صالح، بهذا الإسناد.

وسيأتي بعده من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد، عنه.

وقد صحَّ لعن المحلِّل والمحلَّل له من حديث عبد الله بن مسعود عند أحمد 7/ (4283)، والترمذي (1120)، والنسائي (5511) و (5579). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

ومن حديث أبي هريرة عند أحمد 14/ (8287)، وحسَّن البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير"(273).

ومن حديث ابن عمر كما سيأتي عند المصنف برقم (2842).

(1)

لفظة "له" سقطت من (ز) و (ص) و (ع)، وأثبتناها من (ب)، وهي ثابتة في رواية عثمان بن صالح عن الليث في الطريق التي قبل هذه، وإن كان اللعن يطال أيضًا المرأةَ إذا شرطت ذلك.

(2)

صحيح لغيره كسابقه. وما وقع من تصريح الليث هنا بسماعه من مِشْرح فيه نظر، لما قدّمنا بيانه في الطريق السابقة من نفي يحيى بن عبد الله بن بكير أن يكون الليث سمع من مشرح شيئًا وأنَّ الليث إنما حدثه بهذا الحديث عن سليمان بن عبد الرحمن مرسلًا، ويحيى هذا أوثق الناس في الليث، كما قال ابن عدي، إذ كان جارًا له، وممّا يؤيد الوهم في ذكر السماع هنا في رواية أبي صالح - وهو عبد الله بن صالح - مخالفة عثمان بن صالح المصري له في الطريق السابقة في روايته عن الليث إذ لم يصرح فيها بالسماع، بل أورد الرواية على صورة تقوي عدم سماعه منه، وقال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل" (274): لم يكن أخرجه عبد الله بن صالح في أيامنا.

ص: 655

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2842 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا أبو غسان محمد بن مُطرِّف المدني، عن عمر بن نافع، عن أبيه، أنه قال: جاء رجل إلى ابن عمر، فسأله عن رجل طلَّق امرأتَه ثلاثًا، فتزوجها أخٌ له عن غير مُؤامَرة منه، لِيُحلَّها لأخيه: هل تَحِلُّ للأول؟ قال: لا، إلّا نِكاحَ رَغبةٍ، كنا نَعُدُّ هذا سِفاحًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2843 -

أخبرني أبو جعفر محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، حدثنا عُبيد الله بن موسى، حدثنا جرير بن حازم، عن الزُّبَير بن سعيد، عن عبد الله بن علي بن يزيد بن رُكَانة، عن جده

(2)

رُكانة بن عبد يَزيد: أنه طلَّق امرأتَه البَتّةَ على عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: فسألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال:"ما أردتَ بذلك؟ " قال: أردتُ به واحدةً، قال:"آللهِ"، قال: آللهِ، قال:"فهو ما أردتَ"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. وجوَّد إسناده الإمام ابن تيمية كما في "الفتاوى الكبرى" 6/ 242.

وأخرجه البيهقي 7/ 208 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(6246) من طريق محمد بن فليح، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 96 من طريق سفيان الثَّوري، كلاهما عن أبي غسان محمد بن مُطرِّف، به.

(2)

كذا وقع عند المصنف رواية عبد الله بن علي عن جده مباشرة، وعند غيره أنَّ عبد الله يرويه عن أبيه عن جده، هذا في رواية جرير بن حازم خاصة.

(3)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف الزُّبَير بن سعيد وجهالة عبد الله بن علي بن يزيد بن رُكانة، وقد اضطرب فيه الزُّبَير أيضًا كما قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي، وبيَّنه الدارقطني في "سننه"(3981 - 3983)، لكن روي الحديث من وجه آخر عن ركانة بإسناد حسن في الطريق التالية.

وأخرجه أحمد 39/ (24009/ 91) عن يزيد بن هارون، و (24009/ 92) عن إسحاق بن عيسى الطباع، وأبو داود (2208)، وابن حبان (4274) من طريق أبي الربيع سليمان بن داود الزهراني العَتَكي، وابن ماجه (2051) من طريق وكيع بن الجراح، والترمذي (1177) من =

ص: 656

قد انحرف الشيخان عن الزُّبَير بن سعيد الهاشمي في "الصحيحين"، غير أنَّ لهذا الحديث متابعًا من بيت رُكانة بن عبد يَزيد المُطَّلبي، فيَصحُّ به الحديثُ:

2844 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرني عَمِّي محمد بن علي بن شافِع [عن عبد الله بن علي بن السائب]

(1)

عن نافع بن عُجَير بن عبدِ يزيد: أنَّ رُكانةَ بن عبدِ يزيد طلَّق امرأتَه سُهَيمةَ البتّةَ، ثم أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني طلقتُ امرأتي سُهَيمة البتّةَ، ووالله ما أردتُ إلّا واحدةً، فردَّها إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فطلَّقها الثانيةَ في زمن عُمر، والثالثة في زمن عثمان

(2)

.

= طريق قبيصة بن عقبة، خمستهم عن جرير بن حازم، عن الزُّبَير بن سعيد، عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة، عن أبيه، عن جده. فزادوا جميعًا في إسناده علي بن يزيد بن رُكانة.

(1)

سقط اسم عبد الله بن السائب من النسخ الخطية، وهو ثابت في إسناد هذه الرواية بلا شَكٍّ، وهو ثابت أيضًا للحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص 175 حيث أورده بهذا الإسناد بعينه، وقد ذكر الشافعي هذا الحديث في "الأم" في عدة مواضع منه - وهذا الكتاب من رواية الربيع بن سليمان كما هو معلوم - كل ذلك يذكر فيه عبد الله بن علي بن السائب، فالصواب إثباته.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن علي بن شافع وعبد الله بن علي بن السائب، فقد وثقهما الشافعي في "الأم" 6/ 444، وروى عن كلٍّ منهما جمعٌ، ونافع بن عُمير روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقيل: له صحبة. وقد صحَّحه من هذه الطريق أبو داود كما نقله عنه الدارقطني بإثر (3979) من "سننه" وابنُ عبد البر في "الاستذكار"(25104) و (25105)، وقال ابن عبد البر: والشافعي وعمه وجده أهل بيت رُكانة من بني عبد المطلب بن مناف، وهم أعلم بالقصة التي عرض لها.

وأخرجه أبو داود (2206) عن ابن السَّرْح وأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي في آخرين، قالوا: حدثنا محمد بن إدريس الشافعي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود أيضًا (2207) من طريق عبد الله بن الزُّبَير الحميدي، عن الشافعي، به. غير أنه قال في روايته: عن نافع بن عُجير، عن ركانة بن عبد يزيد. وإنما أراد أبو داود بفصل طريق الحميدي هذه لما فيها من فائدة بيان أنَّ نافعًا أخذه عن عمه ركانة صاحب القصة، فهو موصول، خلافًا لما توهمه رواية الآخرين من أنَّ نافعًا أرسله ولم يأخذه عن عمِّه. =

ص: 657

قد صحَّ الحديثُ بهذه الرواية، فإنَّ الإمام الشافعي قد أتقنَه، وحفِظه عن أهل بيتِه، والسائبُ بن عبد يزيد أبو الشافِع بن السائب، وهو أخو رُكانة بن عبد يزيد، ومحمدُ بن علي بن شافع عمُّ الشافعي شيخُ قريش في عصره.

2845 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قِلابة، عن أبي أسماء الرَّحَبي، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيُّما امرأةٍ سألتْ زوجَها الطلاقَ من غير بأسٍ، حَرّم اللهُ عليها أن تَرِيحَ رائحةَ الجنة"

(1)

.

= وممَّن رواه كرواية الحميدي عن الشافعي أبو داود الطيالسي في "مسنده"(1284) عن شيخ بمكة، عن عبد الله بن علي بن السائب عن نافع بن عجير، عن ركانة.

ولا يُعارض هذا الحديثُ حديثَ ابن عباس الذي أخرجه أحمد 4/ (2387)، قال: طلَّق ركانة بن عبد يزيد أخو بني المطلب امرأته ثلاثًا في مجلس واحد، ثم ذكر نحوه. لأنَّ البتّةَ والثلاثَ شيء واحد لا فرق بينهما، وهو ظاهر صنيع مالك في "موطئه" كما قال ابن عبد البر في "الاستذكار"(25005)، وكذلك هو ظاهر صنيع البخاري في "صحيحه"، كما قال الحافظ في "الفتح" 16/ 47 وقال: وهذا الحَمْل قويٌّ. وانظر "معالم السنن" للخطابي 3/ 248، "المسالك في شرح موطأ مالك" لابن العربي 5/ 546.

(1)

إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تَميمة السَّختِياني، وأبو قِلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي، وأبو أسماء الرَّحَبي: هو عمرو بن مَرْثَد.

وأخرجه أبو داود (2226) عن سليمان بن حرب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 37/ (22440) عن عبد الرحمن بن مهدي، وابن ماجه (2055) من طريق محمد بن الفضل السدوسي، كلاهما عن حماد بن زيد، به.

وأخرجه ابن حبان (4184) من طريق وُهَيب بن خالد، عن أيوب، به.

وأخرجه أحمد (22379) عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، والترمذي (1187) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، كلاهما عن أيوب، عن أبي قلابة، عمّن حدثه عن ثوبان. وقد عُلمت الواسطةُ من طريق غيرهما.

قوله: "أن تَريحَ"، بفتح المثناة، من راح يَريح، وبضمها من أراح يُريح: إذا وجد رائحة الشيء.

وقوله: "من غير بأس" أي: من غير شدة تلجئها إلى سؤال المفارقة.

ص: 658

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2846 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن سِمَاك، عن عِكرمة، عن ابن عباس، قال: أسلمتِ امرأة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فتزوجتْ، فجاء زوجُها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني قد أسلمتُ معها وعَلِمَت بإسلامي معها، فنزعَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن زوجها الآخِرِ ورَدَّها إلى زوجِها الأول

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وهو من النوع الذي أقولُ: إنَّ البخاري احتَّجَ بعِكْرمة، ومسلم بسِمَاك.

2847 -

أخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق، عن داود بن الحُصَين، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، قال: رَدَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ابنتَه زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول، ولم يُحدِثْ شيئًا

(2)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كما قال ابنُ عبد البر في "التمهيد" 12/ 19، وسماك - وهو ابن حرب - وإن كان في روايته عن عكرمة اضطراب في الجملة، لم يُختلَف عليه في هذا الحديث، وقد مشى الترمذي وابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان والمصنِّفُ وغيرهم على تصحيح حديثه عن عكرمة ما لم يُخالَف أو يضطرب، أو ينفرد بما يُنكر، وخصوصًا إذا روى عنه شعبة والثَّوري، هذا هو الحق إن شاء الله، على أنه قد روي من حديث ابن عباس أيضًا ما يشهد لروايته هذه، كما سيأتي إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي.

وأخرجه أحمد 3/ (2059) و 5/ (2972)، وأبو داود (2238)، والترمذي (1144)، وابن حبان (4159) من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وصحَّحه الترمذيُّ.

وأخرجه ابن ماجه (2008) من طريق حفص بن جُميع، عن سماك، به.

ويشهد له حديثُ ابن عباس الآتي بعده.

ومراسيلُ صحيحة عن عامر الشعبي وقتادة وعكرمة بن خالد عند ابن سعد 10/ 33، وعبد الرزاق (12647)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 149.

(2)

إسناده حسن، وقد صرَّح محمد بن إسحاق بسماعه فيما سيأتي برقم (5109) و (7018) =

ص: 659

2848 -

أخبرني أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، حدثني ابن الهادِ، حدثني عُمر بن عبد الله بن عُرْوة بن الزُّبَير، عن عُرْوة بن الزُّبَير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينةَ خرجت ابنتُه زينبُ من مكة مع كِنانةَ - أو ابن كنانة - فخرجوا في أَثَرها، فأدركها هَبّار بن الأسود، فلم يَزَلْ يَطعُن بعيرَها برُمْحِه حتى صَرَعَها، والقَتْ ما في بطنها، وأُهريقتْ دمًا، فاشتَجَر فيها بنو هاشم وبنو أُميّة، فقالت بنو أُمية: نحن أحقُّ بها، وكانت تحت ابن عمّهم أبي العاص، فكانت عند هند بنت عُتْبة بن رَبيعة، فكانت تقول لها هند: هذا

= فانتفت شبهة تدليسه. وقد صحَّح الإمامُ أحمد هذا الحديث في "المسند" بإثر الحديث (6938)، وقال الترمذي (1143): ليس بإسناده بأس.

وأخرجه أحمد 5/ (3290)، وأخرجه أبو داود (2240) عن الحسن بن علي الخلال، كلاهما (أحمد والخلال) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وزادا: بعد سنتين.

وأخرجه أحمد 3/ (1876)، وأبو داود (2240) من طريق محمد بن سلمة، وأحمد 4/ (2366) من طريق إبراهيم بن سعد، وأبو داود (2240) من طريق سلمة بن الفضل، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، به. زاد إبراهيم بن سعد وسلمة بن الفضل: بعد ست سنين.

وسيأتي برقم (7018) من طريق إبراهيم بن عبد الله السعدي عن يزيد بن هارون، وزاد: بعد سنتين. وبرقم (5109) من طريق يونس بن بُكير، وبرقم (6839) من طريق أحمد بن خالد الوهبي، كلاهما عن محمد بن إسحاق. زاد يونس وحده بعد ست سنين.

ويشهد له عدة مراسيل صحيحة عن قتادة والشعبي وعمرو بن دينار، انظرها في "سنن أبي داود" بتحقيقنا.

ويُخالف هذا الحديث حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد 11/ (6938)، وابن ماجه (2010)، والترمذي (1142) - وسيأتي عند المصنف برقم (6840) -: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ردَّ زينب بمهر جديد ونكاح جديد. وفي إسناده الحجاج بن أرطاة، وهو مدلِّس، وقد دلَّس فيه ذكرَ محمد بن عبيد الله العرزمي، وهذا متروك، ولهذا ضعّف الإمام أحمد هذا الحديث بإثره، ورجَّح يزيدُ بن هارون والبخاريُّ حديثَ ابن عباس عليه.

ص: 660

بسبب أبيك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة:"ألا تنطلقُ تَجيئُني بزينبَ؟ " قال: بلى يا رسول الله، قال:"فخُذْ خاتمي" فأعطاهُ إياهُ، فانطلق زيد وترك بعيرَه، فلم يزَلْ يَتلطّف حتى لقيَ راعيًا، فقال: لمن تَرعَى؟ فقال: لأبي العاص، قال: فلِمن هذه الأغنامُ؟ قال: لزينب بنت محمد، فسارَ معه شيئًا، ثم قال له: هل لك أن أُعطيَك شيئًا تُعطِيه إياها ولا تَذكرُه لأحدٍ؟ قال: نعم، فأعطاهُ الخاتم، فانطلق الراعي فأدخل غنمَه، وأعطاها الخاتمَ، فعرفَتْه، فقالت: من أعطاك هذا الخاتم؟ قال: رجلٌ، قالت: فأين تركتَه؟ قال: بمكانِ كذا وكذا، قال: فسكَتَت، حتى إذا كان الليلُ خرجت إليه، فلما جاءته، قال لها: اركَبي، بين يديه على بعيره، قالت: لا، ولكن اركَبْ أنت بين يديّ، فركب وركبَتْ وراءَه، حتى أتَت. فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"هي أفضلُ بناتي؛ أُصيبَت فيَّ".

فبلغ ذلك عليَّ بن الحسين، فانطلق إلى عُرْوة، فقال: ما حديثٌ بَلَغَني عنك تُحدّثُه تَنتقِصُ فيه حقَّ فاطمة؟ فقال عُرْوة: والله ما أُحب أنَّ لي ما بين المشرق والمغرب وإني أَنتقِصُ فاطمةَ حقًّا هو لها، وأما بعدُ فلَكَ أن لا أُحدِّثَ به أبدًا. قال عُرْوة: وإنما كان هذا قبل نزول الآية: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5]

(1)

.

(1)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل يحيى بن أيوب - وهو الغافقي المصري - ففيه كلام كما قال الذهبي، واستنكره عند الموضع الآتي برقم (7007)، وقد انفرد به، وصحَّحه الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار" (2009). ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله ابن أسامة بن الهاد، مشهور بالنسبة لجد أبيه.

وأخرجه المصنّف في مقدمة "فضائل فاطمة الزهراء" ص 32، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 147 عن أبي الحسين عُبيد الله بن محمد البلخي التاجر، عن محمد بن إسماعيل السُّلَمي، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 251، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2975)، والبزار (93)، والدُّولابي في "الذرية الطاهرة"(53)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(142)، والطبراني في "الكبير" 22/ (1051)، وابن مَنْده في "معرفة الصحابة" 1/ 927، وأبو نُعيم في =

ص: 661

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2849 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خَلَف القاضي، حدثنا أحمد بن الوليد الفحّام، حدثنا الحسين بن محمد المَرْوَرُّوذِي، حدثنا جرير بن حازم، عن أيوب، عن عِكرمة، عن ابن عباس، قال: لما قَذَفَ هلالُ بن أُميّة امرأتَه قيل له: والله ليجلدنَّكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانين جلدةً، قال: الله أعدَلُ من ذلك أن يضربَني ثمانين ضربةً، وقد عَلِم أني رأيتُ حتى استيقَنْتُ، وسمعتُ حتى استثْبَتُّ، لا والله لا يضربُني أبدًا. فنزلت آية المُلاعَنة، فدعا بهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين نزلتِ الآيةُ، فقال:"الله يعلمُ أنَّ أحدَكما كاذِبٌ، فهل منكما تائبٌ"، فقال هلالٌ: والله إني لَصادِقٌ، فقال:"احلِفْ بالله الذي لا إله إلَّا هو إني لَصادقٌ، تقول ذلك أربعَ مرات، فإن كنتُ كاذبًا فعليَّ لعنةُ الله"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قِفُوه عند الخامسة، فإنها مُوجِبةٌ"، فحلفتُ، ثم قالت أربعًا: والله الذي لا إله إلا هو إنه لمن الكاذِبِين، فإن كان صادقًا فعليها غضبُ الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قِفُوها عند الخامسة، فإنها مُوجِبةٌ"، فردَّدَتْ وهَمَّتْ بالاعترافِ، ثم قالت: لا أفضحُ قومي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن جاءت به أكحَلَ أَدعَجَ سابِغَ الأَلْيَتَين، ألَفَّ الفخذين، خَدَلَّجَ الساقَين، فهو للذي رُميَتْ به، وإن جاءت به أصفَرَ قَضِيفًا سَبِطًا، فهو لهلالِ بن أُمية" فجاءت به على الصِّفة البَغيّ.

قال أيوب: وقال محمد بن سيرين: كان الرجلُ الذي قذَفَها به هلالُ بن أمية شَريكَ بن سَحْماء، وكان أخا البراء بن مالك أخي أنس بن مالك لأُمّه، وكانت أمُّه سوداءَ، وكان شَريك يأوي إلى منزل هلالٍ ويكون عنده

(1)

.

= "معرفة الصحابة"(7348)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 156، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 146 من طرق عن سعيد بن أبي مريم، به.

وسيأتي برقم (7007) من طريق أبي الأحوص محمد بن الهيثم عن سعيد بن أبي مريم.

(1)

إسناده صحيح. وقد اختلف فيه على أيوب - وهو السختياني - في وصله وإرساله:

فأخرجه عنه موصولًا بذكر ابن عباس جريرُ بن حازم كما عند المصنف هنا - وعنه البيهقي =

ص: 662

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجه بهذه السِّياقة، إنما أخرج حديث هشام بن حسّان، عن عِكْرمة مختصرًا

(1)

.

= 7/ 395 - وأحمد 4/ (2468)، والطبري في "تفسيره" 18/ 82 - 83، وحمادُ بن زيد عند النسائي (8169). وروايتا أحمد والنسائي مختصرتان.

وأخرجه عنه عن عكرمة مرسلًا معمرٌ عند عبد الرزاق (12444)، وإسماعيلُ ابن علية عند الطبري 18/ 81.

وأخرجه بنحوه أحمد 4/ (2131)، وأبو داود (2256) من طريق عباد بن منصور، عن عكرمة، به. وفي أوله قصة سعد بن عبادة في شدة غيرته، وفي آخره قول النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءت به على صفة شريك بن سحماء:"لولا الأيمان لكان لي ولها شأن".

وقد روى القاسم بن محمد بن أبي بكر الصّدّيق عن ابن عباس أنَّ الذي لاعن امرأته هو رجل من بني العجلان، أخرجه أحمد 5/ (3106) و (3360) و (3449)، والبخاري (5310) و (5316)، ومسلم (1497)، وابن ماجه (2560)، والنسائي (5635) و (7295) و (7296). وهلال بن أمية من بني واقف، فهما قصتان لرجلين، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 14/ 12: لا مانع أن تتعدد القصص ويتحد النزول.

وسيأتي مختصرًا برقم (8310) من طريق هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لهلال أول ما قذف امرأته: "البيّنة أو حدٌّ في ظهرك". هكذا ذكره مختصرًا، وأصله مطوّل بنحو رواية المصنف هنا، وجزم في روايته المطولة بأنَّ الذي رُمِيَت المرأةُ به شريك بن سحماء.

وفي الباب عن أنس عند مسلم (1496).

الأكحل: هو أسود أجفان العين.

والأدعج: هو شديد سواد سواد العين.

وسابغ الأليتين: عظيمُهما تامُّهما، من سبوغ الثوب والنعمة.

وألفُّ الفخذين: هو تدانيهما من السِّمَن وهو عيب في الرجل مدح في المرأة.

وخَدلَّج الساقين: عظيمهما ممتلئهما.

والقَضيف: الدقيق العظم القليل اللحم.

والسَّبِط، بسكون الباء الموحدة وكسرها: هو الممتدُّ الأعضاء تام الخَلْق.

(1)

سيأتي تخريج طريق هشام بن حسان عند الرواية الآتية برقم (8310).

ص: 663

2850 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الرَّبيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن الهَادِ، عن عبد الله بن يونس، أنه سمع المقبُري يحدِّث قال: حدثني أبو هريرة، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لما نزلت آية المُلَاعنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أيُّما امرأةٍ أدخَلَت على قومٍ مَن ليس منهم، فليست مِن الله في شيءٍ، ولن يُدخلَها اللهُ جنتَه، وأيُّما رجلٍ جَحَد ولدَه وهو ينظُر إليه، احتجَبَ اللهُ منه وفَضَحَه على رؤوس الخلائق مِن الأولين والآخِرين"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2851 -

أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سليمان بن يَسَار، عن سلمة بن صَخْر الأنصاري، قال: كنتُ امرَأً قد أُوتِيتُ من جِماع النساء ما لم يُؤتَ غَيري، فلما دخلَ رمضانُ ظاهرتُ من امرأتي مخافةَ أن أُصيبَ منها شيئًا في بعض الليل، وأتتَابَعَ

(2)

من ذلك، ولا أستطيع أن أَنزِعَ حتى يُدركَني

(1)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن يونس، فلا يُعرف إلّا في هذا الحديث كما قال ابن أبي حاتم والدارقطني وابن القطان. يزيد بن الهاد: هو ابن عبد الله بن أسامة بن الهاد، والمقبري: هو سعيد بن أبي سعيد كيسان.

وأخرجه أبو داود (2264)، وابن حبان (4108) من طريق عمرو بن الحارث والنسائي (5645) من طريق الليث بن سعد، كلاهما عن ابن الهاد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (2743) من طريق موسى بن عبيدة، عن يحيى بن حرب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وموسى بن عُبيدة ضعيف، ويحيى بن حرب مجهول.

ويشهد لشطره الأول مرسل القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عند ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 406، بلفظ:"اشتد غضبُ الله على امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فأكل حرائبهم واطّلع على عوراتهم"، ورجاله لا بأس بهم. والحرائب: جمع حَرِيبة، وهو مالُ الرجل الذي يعيشُ به.

(2)

هو بالياء التحتانية، كما أُعجمت في (ز)، والتتابع: الوقوع في الشر من غير فكر ولا رَويّة، والمتابعة عليه، ولا يكون في الخير.

ص: 664

الصبحُ، فبينا هي ذاتَ ليلة تَخدُمني إذ انكشفَ لي منها شيءٌ، فوَثَبتُ عليها، فلما أصبحتُ، غدَوتُ على قومي فأخبرتهم خَبَري، فقلتُ: انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لا والله لا نذهبُ معك، نَخافُ أن يَنزِلَ فينا قرآنٌ ويقولَ فينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَقالةً يبقى علينا عارُها، فاذهب أنت فاصنَعْ ما بَدَا لك، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه خَبَري، فقال:"أنت ذاكَ؟ " فقلتُ: أنا ذاك، فاقضِ فِيَّ حكمَ الله، فإني صابِرٌ مُحتَسِبٌ، قال:"اعتِقْ رقَبةً"، فضربتُ صفحةَ عُنقِ رقَبتي بيدي، فقلت: والذي بعثكَ بالحقّ، ما أصبحتُ أملِكُ غيرَها، قال:"صُمْ شَهرَين متتابِعَين" فقلتُ: يا رسول الله، وهل أصابني ما أصابني إلّا في الصيام؟ قال:"فأطعِمْ ستين مِسكينًا" قلتُ: يا رسول الله، والذي بعثكَ بالحقّ، لقد بِتْنا ليلتَنا هذه وَحْشًا ما نجدُ عشاءً، قال:"انطلِقْ إلى صاحب الصدقة صدقةِ بني زُرَيق، فليدفَعْها لك، فأطعِمْ منها وَسْقًا ستين مسكينًا، واستعِنْ بسائرها على عيالِك"، فأتيتُ قومي، فقلت: وجدتُ عندكم الضّيقَ

(1)

.

(1)

صحيح بطرقه وشاهده، وهذا إسناد ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق، وجزم البخاري - فيما نقله عنه الترمذي - بأنَّ سليمان بن يسار لم يدرك سلمة بن صخر، ومع ذلك فقد حسّن الحديثَ من هذه الطريق الترمذيُّ وصحّحه ابن خُزيمة (2378)، وحسَّن إسنادَه الحافظُ ابن حجر في "الفتح" 16/ 198.

وأخرجه أحمد 26/ (16421)، والترمذي (3299) من طريق يزيد بن هارون بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حديث حسن.

وأخرجه أحمد 39/ (23700)، وأبو داود (2213) من طريق عبد الله بن إدريس، وابن ماجه (2062) من طريق عبد الله بن نمير، كلاهما عن محمد بن إسحاق، به.

ورواه بُكير بن الأشج عن سليمان بن يسار: أنَّ رجلًا من بني زُريق يقال له: سلمة بن صخر، كان أُوتي حَظًّا من الجماع، فذكره. أخرجه من طريقه القاضي إسماعيل الجهضمي في "أحكام القرآن"(277)، والطحاوي في "أحكام القرآن"(1963)، فهذا مرسل، وإسناده أقوى من إسناد ابن إسحاق، ورجاله أثبت، لكن يشهد له حديث ابن عباس الآتي بعده، ويشدُّه المراسيلُ الأخرى الآتي ذكرها للقصة نفسها، والله أعلم.

وقد روى حديثَ سلمة بن صخر هذا أيضًا سعيدُ بنُ المسيّب مرسلًا، أخرجه من طريقه القاضي =

ص: 665

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهد من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، غير أنه قال: سلمان بن صخر:

2852 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا هشام بن علي، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا حرب بن شَدّاد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان: أنَّ سلمان بن صَخْر الأنصاري جعل امرأتَه عليه كظَهْر أمّه، ثم ذكر الحديث بنحوه منه

(1)

.

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2853 -

أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل البَلْخي، حدثنا حفص بن عمر العَدَني، حدثنا الحَكَم بن أبان، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وقد ظاهَرَ من امرأته فوقَعَ عليها، فقال: يا رسول الله، إني ظاهَرتُ من امرأتي فوقعتُ عليها مِن قبلِ أن أُكفِّر، قال:"وما حَمَلَك على ذلك يَرحمُك اللهُ؟ "، قال: رأيتُ خَلْخالَها في ضَوْء القمر، قال:

= إسماعيل الجهضمي في "أحكام القرآن"(278)، والطحاوي في "أحكام القرآن"(1960)، وعبد الغني بن سعيد في "الغوامض والمبهمات"(38). ورجاله ثقات.

وسيأتي بعده من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، مرسلًا أيضًا.

وأخرج ابن ماجه (2064)، والترمذي (1198) من طريق عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم في المظاهر يُواقِع قبل أن يكفّر، قال:"كفارة واحدة". وحَسَّنه الترمذي.

قوله: "وَحْشًا" أي: جائعِين لا طعام لنا.

(1)

صحيح بطرقه وشاهده الآتي بعده.

وأخرجه الترمذي (1200) من طريق علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، به. وقال: حديث حسن.

ص: 666

"فلا تَقْربُها حتى تفعلَ ما أَمر الله"

(1)

.

شاهدُه حديث إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار، ولم يحتجَّ الشيخان بإسماعيل ولا بالحَكَم بن أبان إلّا أنَّ الحكم بن أبان صَدُوق.

2854 -

حدثنا أبو الوليد الفقيه، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا عمار بن خالد ومحمد بن معاوية، قالا: حدثنا علي بن هاشم حدثنا إسماعيل بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس: أنَّ رجلًا ظاهَرَ من امرأته، فرأى خَلْخالَها

(1)

صحيح بطرقه وشاهده، وهذا إسناد ضعيف لضعف حفص بن عمر العَدَني كما قال الذهبي في "تلخيصه"، لكنه قد توبع، وقد اختُلف في وصل هذا الحديث وإرساله، وقد صحَّح وصله الترمذي وابن الجارود وابن حزم والضياء وغيرهم، وحسَّنه الحافظ في "الفتح" 16/ 198، ورجح أبو حاتم والنسائي إرسالَه، لكن يشهد له حديث سلمة بن صخر الذي قبله، والله أعلم.

وأخرجه أبو داود (2225 م)، والترمذي (1199)، والنسائي (5622) من طريق معمر بن راشد، عن الحكم بن أبان، به.

وذكر البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 386 أنَّ سعيد بن كليب قاضي عدن رواه بنحوه عن الحكم بن أبان.

وكذلك رواه موصولًا مسلم بن خالد الزنجي عند الطحاوي في "أحكام القرآن"(1959)، وحميد بن حماد بن خوار عن ابن جُرَيج عند الطبراني في "الكبير"(11599)، والوليد بن مسلم عن ابن جُرَيج كما في "علل ابن أبي حاتم"(1307)، كلاهما (مسلم بن خالد وابن جُرَيج) عن الحكم بن أبان، به. وهذه الطرق جميعًا فيها مقال، لكنها تصلح للاعتبار.

وخالفهم إسماعيلُ ابن عُلَيَّة عند أبي داود (2223)، وسفيان بن عيينة عند أبي داود أيضًا (2221) و (2222)، ومعتمر بن سليمان عند أبي داود (2225)، والنسائي (5624)، ثلاثتهم عن الحكم بن أبان، عن عكرمة مرسلًا.

وأخرجه أبو داود (2224) من طريق خالد الحذاء، عن مُحدِّثٍ، عن عكرمة مرسَلًا.

لكن رواه موصولًا كذلك إسماعيل بن مسلم المكي، عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس، في الطريق التالية، وإسماعيل وإن كان ضعيفًا يكتب حديثه للاعتبار.

ويشهد له حديث سلمة بن صخر الذي قبله.

ص: 667

في ضَوْء القمر، فأعجبَه فوَقَع عليها، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال:"قال الله عز وجل: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] "، فقال: قد كان ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أمسِكْ حتى تُكفِّرَ"

(1)

.

2855 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنان القزّاز، حدثنا أبو بكر الحنفي، حدثنا ابن أبي ذئب، حدثنا عطاء، حدثني جابر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا طلاقَ لمن لم يَملِكْ، ولا عَتاقَ لمن لم يَملِكْ"

(2)

.

(1)

صحيح بطرقه وشاهده كسابقه، وهذا إسناد ضعيف لضعف إسماعيل بن مسلم - وهو المكي - فهو ضعيف كما أشار إليه الذهبي في "تلخيصه"، وقد تقدم قبله من طريق أخرى عن ابن عباس، لكنه اختُلف فيها في الوصل والإرسال كما بيَّنّاه هناك، والحكم بوصله بجملة طرقه غير مستبعد.

وأخرجه البيهقي 7/ 386 من طريق إبراهيم بن إسحاق الصيني، عن علي بن هاشم، بهذا الإسناد.

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" قسم مسند ابن عباس (773) عن عبد الله بن نمير، والدارقطني (3855) من طريق عبد الرحمن المحاربي، كلاهما عن إسماعيل بن مسلم، به.

(2)

إسناده ضعيف لاضطرابه وانقطاعه، وذكرُ صيغة التحديث فيه بين ابن أبي ذئب - وهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة - وبين عطاء - وهو ابن أبي رباح - وهمٌ نظنُّه من أبي بكر الحنفي - وهو عبد الكبير بن عبد المجيد - فإن محمد بن سنان القزّاز - وإن كان فيه مقال - قد تابعه على ذكر التحديث فيه محمدُ بنُ منهال الضرير عن أبي بكر الحنفي عند حرب بن إسماعيل الكرماني في "مسائله" 1/ 377 وغيره، والصحيح أنَّ ابن أبي ذئب لم يسمعه من عطاء كما جزم به أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان كما في "العلل" لابن أبي حاتم (1220)، والدليل على صحة قولهما أنَّ أبا داود الطيالسي وحسين بن محمد المرُّوذي - وهما ثقتان حافظان - قد روياه عن ابن أبي ذئب عن رجل عن عطاء.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 319، وفي "الصغرى"(2646) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه حرب الكرماني في "مسائله" 1/ 377، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" وفي "مسنده الصغير" كما في "تغليق التعليق" للحافظ ابن حجر 4/ 448 ـ وعنه ابن عدي في "الكامل" 6/ 18 - والطبراني =

ص: 668

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه الحديث المشهور في الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه:

2856 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ العدل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا حسين المعلّم، عن عمرو بن شعيب.

= في "الأوسط"(8224) من طريق محمد بن المنهال، عن أبي بكر الحنفي، به. ووقع عند حرب وعند أبي يعلى في رواية "المسند الصغير" تصريح ابن أبي ذئب بتحديث عطاء له.

وسيأتي برقم (3615) من طريق وكيع عن ابن أبي ذئب، عن عطاء. ولم يُصرِّح فيه ابن أبي ذئب بتحديث عطاء له، وقرن فيه بعطاءٍ محمدَ بنَ المنكدر، وحديث ابن المنكدر فيه اضطراب سيأتي بيانه في موضعه، وهو عند المصنف أيضًا برقم (3614) من رواية صدقة بن عبد الله -أحد الضعفاء - عن ابن المنكدر عن جابر.

وأخرجه البزار في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(1714)، وابن المنذر في "الأوسط"(7708)، وأبو علي الحسن بن حبيب الحَصَائري في "جزئه" كما في "تغليق التعليق" لابن حجر 4/ 449 من طريق أيوب بن سويد، عن ابن أبي ذئب، به. ووقع عند الحصائري تصريح ابن أبي ذئب بتحديث عطاء له، لكن أيوب هذا ضعيف، كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 16/ 92، وقال: وفي كلٍّ من ذلك (يعني مما وقع فيه التصريح بالتحديث) نظر، والمحفوظ فيه العنعنة، ثم ذكر رواية الطيالسي والمرُّوذي.

وأخرجه الطيالسي (1787)، وأخرجه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(627) من طريق حسين بن محمد المرُّوذي، كلاهما (الطيالسي وحسين) عن ابن أبي ذئب، عن رجل، عن عطاء، به.

ورواه ابن جُرَيج، عن عطاء، عن ابن عباس من قوله موقوفًا عليه، أخرجه من طريقه عبد الرزاق في "المصنف"(11448)، وابن أبي شيبة 5/ 16، وأحمد بن حنبل في "مسائل ابنه له"(1320)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 320، وفي "معرفة السنن والآثار" (14611). وقال الحافظ ابن حجر في "التغليق": هذا الإسناد أصح ما ورد فيه.

وسيأتي من طريق عطاء عن ابن عباس مرفوعًا برقم (3612)، لكن ما هنا هو الصحيح، لأنَّ عكرمة رواه عن ابن عباس أيضًا في الطريق الآتية برقم (2857) موقوفًا عليه كذلك.

وأحسن شيء في المرفوع حديثُ عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، الآتي بعده.

وحديثُ عائشة الآتي عند المصنف برقم (3611)، ورجاله ثقات إلا أن فيه اضطرابًا.

ص: 669

وحدثنا عليٌّ، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عمرو بن عَون، حدثنا هُشَيم، حدثنا عامر الأحول، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا طلاقَ قبل نِكاح"، وفي حديث هُشَيم:"لا نَذْرَ لابن آدمَ فيما لا يَملِكُ، ولا طلاقَ فيما لا يَملِكُ، ولا عَتاقَ فيما لا يَملِك"

(1)

.

2857 -

أخبرني أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حدثنا الفضل بن عبد الجبار، حدثنا علي بن الحَسَن

(2)

بن شَقيق، أخبرنا الحسين بن واقِد وأبو حمزة جميعًا، عن يزيد النَّحْويّ، عن عِكرمة، عن ابن عباس قال: ما قالها ابنُ مسعود، وإن يكن قالها فزَلَّةٌ من عالِم؛ في الرجل يقول: إن تزوّجتُ فلانةَ فهي طالِق، قال الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49]، ولم يقُل: إذا طَلّقتم المؤمناتِ ثم نَكحتُموهن

(3)

.

(1)

إسناده حسن. حسين المعلم: هو ابن ذكوان، وعامر الأحول: هو ابن عبد الواحد، وهُشيم: هو ابن بَشير.

وأخرجه أحمد 11/ (6780)، وابن ماجه (2047)، والترمذي (1181) من طريق هُشَيم بن بَشير، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب.

وأخرجه أحمد (6932) من طريق محمد بن إسحاق، وأبو داود (2190) من طريق مطر الورّاق، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به.

وسيأتي برقم (8016) من طريق عبد الرحمن بن الحارث المخزومي عن عمرو بن شعيب.

وأخرج منه قوله: "لا نذر فيما لا يملك" أحمدُ (6990)، وأبو داود (3274)، والنسائي (4715) من طريق عُبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، به.

ويشهد له حديث عائشة الآتي برقم (3611)، ورجاله ثقات.

(2)

تحرَّف في (ز) والمطبوع إلى: الحسين.

(3)

إسناده صحيح. أبو حمزة: هو محمد بن ميمون السُّكّري، ويزيد النَّحْوي: هو ابن أبي سعيد.

وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 320، وفي "المعرفة"(14612) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =

ص: 670

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2858 -

حدثنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا أبو بكر محمد بن سليمان الواسطي، حدثنا أبو عاصم، حدثنا ابن جُرَيج، عن مُظاهِر بن أسلم، عن القاسم، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"طَلاقُ الأَمَة تطليقتان وقُرْؤُها حَيضتانِ".

قال أبو عاصم: فذكرتُه لِمُظاهر بن أسلم، فقلت: حدِّثْني كما حدثتَ ابنَ جُرَيج، فحدَّثَني مُظاهِر، عن القاسم، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"طَلاقُ الأَمَة تطليقتان، وقُرؤُها حَيضتان"، مثلَ ما حدّثَه

(1)

.

= وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/ 139 عن أحمد بن عبد المؤمن المروَزي، عن علي بن الحسن بن شقيق، عن أبي حمزة السكري وحده، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (11553)، وسعيد بن منصور (1022)، وابن المنذر في "الأوسط"(7739)، والبيهقي 7/ 383 من طريق محمد بن عجلان، والبيهقي 7/ 320 من طريق قتادة، وحرب بن إسماعيل في "مسائله" 1/ 379 من طريق عاصم الأحول، ثلاثتهم عن عكرمة، عن ابن عباس. ولفظ ابن عجلان: أنَّ ابن عباس كان لا يرى الظِّهار قبل النكاح شيئًا، ولا الطلاقَ قبل النكاح شيئًا. ولفظ قتادة: عن ابن عباس أنه قال: إنما الطلاق من بعد النكاح، ولفظ عاصم: لا طلاق إلّا بعد نكاح، ولا عتق إلّا بعد ملك.

وأخرجه عبد الرزاق (11449)، وابن أبي شيبة 5/ 16 من طريق عبد الأعلى بن عامر، وابن أبي شيبة 5/ 18، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 10/ 3142 من طريق آدم بن سليمان مولى خالد بن خالد بن عقبة، كلاهما عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. ولفظ عبد الأعلى بنحو لفظ عاصم الأحول عن عكرمة، ولفظ آدم بنحو لفظ يزيد النحوي عن عكرمة دون ذكر ابن مسعود.

وسيأتي برقم (3609) من طريق طاووس عن ابن عباس، بنحو لفظ يزيد النحوي عن عكرمة دون ذكر ابن مسعود أيضًا.

وقد تقدم عند الطريق التي قبله تخريجه من طريق عطاء عن ابن عباس، ولفظه بنحو لفظ عاصم الأحول عن عكرمة.

وسيأتي عن ابن عباس مرفوعًا برقم (3612) من طريق عطاء بن أبي رباح عنه، وهو وهمٌ، والصواب وقفه كما ورد في الطرق التي هنا.

(1)

إسناده ضعيف لضعف مُظاهِر بن أسلم، وقد وهم في هذا الحديث بذكر عائشة ورفعِه، =

ص: 671

مُظاهِر بن أسلم شيخٌ من أهل البصرة، لم يذكره أحدٌ من مُقَدَّمي مشايخنا بجَرْح، فإذًا الحديثُ صحيح، ولم يُخرجاه.

وقد روي عن ابن عباس حديث يُعارضه:

2859 -

أخبرَناه الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد،

= والصحيح أنه من قول القاسم - وهو ابن محمد بن أبي بكر الصدّيق - كما جزم به البخاري في "التاريخ الأوسط" 3/ 559، والدارقطني في "العلل"(3885)، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 426، بل قال القاسم في رواية عنه - عند الدارقطني والبيهقي - وسئل: أبلغك عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا؟ فقال: لا.

أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد، وابن جُرَيج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.

وأخرجه أبو داود (2189)، وابن ماجه (2080)، والترمذي (1182) من طرق عن أبي عاصم، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث غريب، لا نعرفه مرفوعًا إلّا من حديث مُظاهر بن أسلم، ومُظاهر لا نعرف له في العلم غير هذا الحديث، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهو قول سفيان الثَّوري والشافعي وأحمد وإسحاق.

وقد خالف مظاهرًا في إسناده زيدُ بن أسلم، فرواه عن القاسم بن محمد من قوله، غير أنه اختُلف عليه في لفظه، فرواه هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عنه، فقال: طلاق الأمة اثنتان وعدّتها حيضتان.

أخرجه الدارقطني (4005)، ومن طريقه البيهقي 7/ 370.

وقيل عنه: عدة الأَمة حيضتان، لا يذكر طلاقها، أخرجه أبو بكر النيسابوري في "زياداته على مختصر المزني"(463)، وعنه الدارقطني (4006)، ومن طريقه البيهقي 7/ 370.

ورواه أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه عنه، فقال: عدة الأمة حيضتان، وطلاق الحرِّ الأمةَ ثلاث، وطلاق العبدِ الحرةَ تطليقتان، وعدتها ثلاث حيض. أخرجه البخاري في "التاريخ الأوسط" 3/ 559، وأورده ابن عبد البر بتمامه في "التمهيد" 3/ 241 عن ابن وهب عن أسامة بن زيد.

وقد صحَّ عن عمر بن الخطاب: أنَّ العبد يُطلّق تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين. أخرجه عبد الرزاق (12872)، وسعيد بن منصور (1277) و (2186) وغيرهما.

وصحَّ عن ابن عمر أنه كان يقول: إذا طلق العبد امرأته تطليقتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره حرةً كانت أو أمةً، وعدة الحرة ثلاث حيض، وعدة الأَمة حيضتان. أخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 574 وغيره.

ص: 672

حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا علي بن المبارك، حدثني يحيى بن أبي كثير، أنَّ عُمر

(1)

بن مُعتِّب، أخبره، أنَّ أبا حسن مولى بني نَوفَل أخبره: أنه استفتَى ابنَ عباس في مملوك كانت تحتَه مملوكةٌ فطلّقَها تطليقتين، ثم أُعتقا بعد ذلك، هل يَصلُحُ له أن يَخطُبَها، قال: نعم، قَضَى بذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

2860 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهاني، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، قال: قلت لأيوب: هل تعلمُ أحدًا قال بقول الحسن في "أمرُكِ بيدِكِ" أنه ثلاث؟ فقال: لا، إلّا شيء حدّثَنا به قَتَادة، عن كثيرٍ مولى عبد الرحمن بن سَمُرة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه

(3)

.

(1)

في (ز) و (ع) و (ب): عَمرو، والمثبت من (ص) و"تلخيص الذهبي"، وهو المشهور في اسمه، وجاء في بعض المصادر تسميته بعمرو.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عمر بن معتِّب.

وأخرجه أحمد 3/ (2031)، وأبو داود (2187)، والنسائي (5591) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/ (3088)، وابن ماجه (2082)، والنسائي (5592) من طريق معمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، به.

(3)

رجاله ثقات غير كثير مولى عبد الرحمن: وهو ابن أبي كثير البصري، روى عنه جمع، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد انفردَ بهذا الحديث، وقد أعلّه البخاري بالوقف فيما نقله عنه الترمذي في "الجامع"، وفي "العلل الكبير"(300)، إذ رواه البخاري عن سليمان بن حرب موقوفًا، وأعلَّه النسائي في "المجتبى"(3410) بالنكارة.

وأخرجه أبو داود (2204) عن الحسن بن علي الخلّال، والترمذي (1178)، والنسائي (5573) عن علي بن نصر بن علي الجهضمي، كلاهما عن سليمان بن حرب، بهذا الإسناد، مرفوعًا.

وأخرجه الترمذي بإثر (1178) عن محمد بن إسماعيل البخاري، عن سليمان بن حرب، به موقوفًا كما توضحه رواية "العلل الكبير"(300).

ص: 673

قال أيوب: فقدم علينا كثيرٌ فسألتُه، فقال: ما حدَّثْتُ بهذا قَطُّ، فذكرتُه لقَتَادة، فقال: بلى، ولكن قد نَسِيَ.

هذا حديث غريب صحيح من حديث أيوب السَّختِياني، وقد ذكرتُ في باب النكاح بغير وليٍّ أساميَ جماعةٍ من ثقات المحدّثين من الصحابة والتابعين وأتباعِهم حدَّثوا بالحديث ثم نَسُوه

(1)

.

2861 -

أخبرني عبد الصمد بن علي البزَّاز ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن أبي عثمان الطَّيَالِسي، حدثنا علي بن بحر بن بَرِّي، حدثنا هشام بن يوسف، عن مَعمَر، عن عمرو بن مسلم، عن عِكرمة، عن ابن عباس: أنَّ امرأة ثابت بن قيس اختَلَعتْ منه، فجعلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عِدّتَها حَيضةً

(2)

.

(1)

كذا ذكر الحاكم! مع أنه لم يتعرض في الموضع الذي أشار إليه إلّا ذكر نسيان الزُّهْري أنه حدّث بحديث "لا نكاح إلّا بولي" بإثر الرواية (2743)، فلعله كان بسط القول فيه هناك، ثم رأى حذفه، وهذا أحد علوم الحديث التي صُنِّف فيها مصنفاتٌ مفردةٌ، وممّن صنف فيه الدارقطني والخطيب البغدادي، وسميا كتابيهما:"من حَدَّث ونسي".

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، عمرو بن مسلم - وهو الجَنَدي - ضعيف يعتبر به، وقد اختُلف في هذا الحديث في الوصل والإرسال كما نبَّه عليه المصنف بإثره.

وأخرجه أبو داود (2229)، والترمذي (1185) عن محمد بن عبد الرحيم البغدادي البزاز، عن علي بن بحر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وسيأتي بعده من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة مرسلًا.

وأصل حديث ابن عباس عند البخاري (5273) من طريق خالد الحذاء، و (5276) من طريق أيوب، كلاهما عن عكرمة، عنه: أنَّ امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس، ما أعتب عليه في خُلُق ولا دين، ولكني أكره الكُفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أترُدِّين عليه حديقتَه؟ " قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اقبلِ الحديقة وطَلِّقها تطليقة". كذلك رواه خالد الحذاء وأيوب وغيرهما ليس فيه ذكر العدة.

لكن يشهد لرواية عمرو بن مسلم حديث الرُّبَيّع بنت مُعوِّذ عند ابن ماجه (2058)، والترمذي (1185)، والنسائي (5662). وهو صحيح.

ص: 674

هذا حديث صحيح الإسناد، غير أنَّ عبد الرزاق أرسلَه عن معمر:

2862 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن سَلَمة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عِكْرمة: أنَّ امرأة ثابت بن قيس اختَلَعتْ منه، فجعلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عِدَّتَها حَيضةً

(1)

.

2863 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد بن حاتم، حدثنا عُبيد الله بن عبد المجيد الحَنَفي، حدثنا عُبيد الله بن عبد الرحمن بن مَوهَب، عن القاسم، عن عائشة: أنها أرادت أن تُعتِقَ مملُوكَين؛ زَوجٌ، فسألتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأمرَها أن تبدأَ بالرجلِ قبلَ المرأة

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2864 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثني أبي، حدثني رافع بن سِنان: أنه أسلمَ وأبَتِ امرأتُه أن تُسلِم، فأتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: ابنتي فَطِيمٌ، وقال رافع: ابنتي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لِرافع:"اقعُدْ ناحِيةً" وقال لامرأته: "اقعُدي ناحيةً"، قال: وأقعَدَ الصَّبِيّةَ

(3)

بينهما، ثم قال:"ادعُواها" فمالَتْ الصَّبِيّة

(1)

صحيح لغيره كسابقه، وهذا إسناد مرسل، وتقدم في الطريق التي قبله موصولًا.

(2)

إسناده محتمل للتحسين، رجاله ثقات غير عُبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، فهو مُختلَف في توثيقه كما قال الذهبي في "تلخيصه"، على أنه جزم في كتابه "مَن تُكلِّم فيه وهو مُوثَّق" بأنه صالح الحديث.

وأخرجه أبو داود (2237)، وابن ماجه (2532) من طرق عن عُبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (1915) عن محمد بن بشار، وابن حبان (4311) من طريق محمد بن يحيى الذهلي، كلاهما عن حماد بن مَسعَدة، عن عبيد الله بن مَوهَب، به.

وأخرجه النسائي (4915) و (5610) عن إسحاق بن راهويه، عن حماد بن مسعدة، به مرسلًا.

(3)

تحرَّف في (ز) و (ص) و (ع) إلى: الصبي، وجاء على الصواب في (ب)، وفي رواية البيهقي =

ص: 675

إلى أمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اللهم اهْدِها"، فمالَتْ إلى أبيها، فأخذها

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2865 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى، عن الأجلَح، عن الشعبي، عن عبد الله بن الخَليل، عن زيد بن أرقَمَ، قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجلٌ من أهل اليمن، فقال: إنَّ ثلاثةً

= في "سننه الكبرى" 8/ 3 عن أبي عبد الله الحاكم.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، لكن قيل: إنَّ جعفرًا - وهو ابن عبد الله بن الحكم بن رافع - لم يسمع من جد أبيه رافع بن سنان، مع أنه صرَّح بسماعه منه هنا عند المصنف، لكن يُعكّر على ذلك أنَّ أبا داود روى هذا الحديث عن إبراهيم بن موسى، فلم يذكر التصريح بالسماع بل عنعنه، وعلى أي حال فجعفر هذا ثقة، وما رواه قصةٌ حصلت في أهل بيته، فهو أدرى بها، والله أعلم.

وأخرجه أبو داود (2244) عن إبراهيم بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 39/ (23757) عن علي بن بحر، عن عيسى بن يونس، به.

وأخرجه النسائي (6352) من طريق المعافَى بن عمران، عن عبد الحميد بن جعفر، به.

ورواه عثمان البَتّي عن عبد الحميد، لكنه اختُلف عليه:

فأخرجه أحمد (23755)، وابن ماجه (2352)، والنسائي (6354) من طريق إسماعيل ابن عُلَيَّة، وأحمد (23759)، والنسائي (5659) و (6353) من طريق سفيان الثَّوري، كلاهما عن عثمان البَتّي، قال ابن عُلَيَّة: عن عبد الحميد بن سلمة، وقال الثَّوري: عن عبد الحميد الأنصاري، به. كذا سماه ابنُ عُلَيَّة في روايته.

وأخرجه أحمد (23756) عن هُشَيم بن بَشير، عن عثمان البَتّي، عن عبد الحميد بن سلمة: أنَّ جده أسلمَ، فذكره مرسلًا.

وأخرجه النسائي (6355) من طريق حماد بن سلمة، عن عثمان البَتّي، عن عبد الحميد بن سلمة، عن أبيه: أنَّ رجلًا أسلم، فذكره مرسلًا أيضًا.

كذا سمى عثمانُ البتي شيخه عبد الحميد بن سلمة، وهو خطأ، والصحيح أنه عبد الحميد بن جعفر، فقد روى الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" بإثر الحديث (3093) وابن منده في "معجم الصحابة" 1/ 701 عن عبد الحميد بن جعفر، قال: أنا حدثتُ البَتِّي بحديث التخيير بالأهواز.

ص: 676

من أهل اليمن أتَوْا عليًّا يَختصِمُون إليه في ولد، وَقعُوا على امرأةٍ في طُهْر واحد، فقال للاثنين منهما: طِيبا بالولد لهذا، فغُلِبا

(1)

، ثم قال للاثنين: طِيبا بالولد لهذا، فغُلِبا، ثم قال للاثنين: طِيبا بالولد لهذا، فغُلِبا. ثم قال: أنتم شركاءُ متشاكِسُون، إني مُقرِعٌ بينكم، فمن قَرَعَ فلهُ الولدُ وعليه لصاحبَيه ثُلُثا الدِّيَة، فأقرَعَ بينهم، فجعلَه لمن قَرَعَ. فضحك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى بَدَتْ أضراسُه، أو قال: نواجذُه

(2)

.

(1)

معنى قوله: فغُلِبا: ضعُفا عن أن يطيبا بالولد. وفي بعض الروايات: فغَلبا، أي: صاحا وتخاصما.

(2)

إسناده ضعيف لاضطرابه كما هو مبيّن في "مسند أحمد" 32/ (19329)، وقد نبَّه على اضطرابه أبو حاتم في "العلل" لابنه (1204)، والنسائي (5652 - 5656)، وصَوَّبا أنه عن ابن الخليل مرسلًا موقوفًا، ومع ذلك صحَّح ابن حزم في "المحلى" 10/ 150 إسناد الثَّوري الذي قال فيه: عن صالح الهَمْداني - وهو ابن صالح بن حَيٍّ - عن الشعبي عن عبد خير الحضرميّ، عن زيد بن أرقم. فذكر عبد خير، بدل عبد الله بن الخليل، وذكر صالحًا الهمداني بدل الأجلح. وتابع ابنَ حزم على ذلك عبدُ الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 3/ 220، وابنُ القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 433 و 436، وصحَّح الحديثَ قبل هؤلاء إسحاق بن راهويه كما في "مسائل إسحاق بن منصور الكوسج"(1047).

أبو المثنَّى: هو معاذ بن المثنَّى، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، والأجلح عرَّفه المصنف.

وأخرجه أبو داود (2269) عن مُسدَّد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (5654) عن عمرو بن علي الفلّاس، عن يحيى القطان، به.

وأخرجه أحمد 32/ (19342) عن سفيان بن عيينة، و (19344) من طريق هُشَيم، والنسائي (5653) و (5995) من طريق علي بن مُسهر، ثلاثتهم عن الأجلح، به. لكن قال ابن عيينة: عن عبد الله بن أبي الخليل، وقال هشيم: عن أبي الخليل.

وسيأتي برقم (4710) من طريق عيسى بن يونس، وبرقم (4711) من طريق سفيان بن عيينة، وبرقم (7213) من طريق أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي، ثلاثتهم عن الأجلح.

ورواه عبد الرزاق عن سفيان الثَّوري، واختُلف عليه: =

ص: 677

قد اتفق الشيخان على ترك الاحتجاج بالأجلح بن عبد الله الكِنْدي، وإنما نَقَما عليه حديثًا واحدًا لعبد الله بن بُريدة، وقد تابعه على ذلك الحديث ثلاثةٌ من الثِّقات، فهذا الحديث إذًا صحيح، ولم يُخرجاه.

2866 -

أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا محمود بن خالد الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني أبو عَمرو الأوزاعي، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو: أنَّ امرأة قالت: يا رسول الله، ابني هذا كان بطني له وِعاءً، وثَدْيِي له سِقاءً، وحَجْري له حِواءً، وإِنَّ أباه طلَّقني وأراد أن يَنزِعَه مني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنتِ أحقُّ به ما لم تَنْكِحي"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2867 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل،

= فأخرجه أحمد (19329) عن عبد الرزاق، عن سفيان الثَّوري، عن أجلح، عن الشَّعبي، عن عبد خير، عن زيد بن أرقم. فذكر عبدَ خير بدل عبد الله بن الخليل.

وأخرجه أبو داود (2270)، والنسائي (5652) و (5993) عن أبي عاصم خُشَيش بن أصرم، وابن ماجه (2348) عن إسحاق بن منصور، كلاهما عن عبد الرزاق عن سفيان الثَّوري، عن صالح بن صالح بن حَيٍّ الهَمْداني، عن الشعبي، عن عبد خير، عن زيد بن أرقم. فذكر صالحًا الهمداني بدل الأجلح، وذكر عبدَ خير بدل عبد الله بن الخليل.

وأخرجه النسائي (5655) و (5994) من طريق أبي إسحاق الشَّيباني، عن الشعبي، عن رجل من حضرموت، عن زيد بن أرقم. فأبهم ذكر الحضرمي.

وأخرجه أبو داود (2271)، والنسائي (5656) من طريق شعبة، عن سلمة بن كُهيل، عن الشعبي، عن أبي الخليل أو ابن الخليل، قال: أتي عليٌّ، فذكره مرسلًا موقوفًا ليس فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

إسناده حسن.

وأخرجه أبو داود (2276) عن محمود بن خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 11/ (6707) من طريق ابن جُرَيج، عن عمرو بن شعيب، به.

ص: 678

حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جُرَيج، أخبرني أبو الزُّبَير، عن جابر، قال: طُلِّقتْ خالتي ثلاثًا، فخرجَتْ تَجُدُّ نخلًا لها، فلقيَها رجلٌ فنهاها، فأتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اخرُجي فجُدِّي، لعلّكِ أن تَصَدَّقي منه أو تفعلي خيرًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

2868 -

أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل وسليمان بن حَرْب، قالا: حدثنا حماد بن زيد، حدثنا إسحاق بن سعد بن كعب بن عُجْرة، حدثَتْني زينبُ بنت كعب، عن فُرَيعة بنت مالك: أنَّ زوجها خَرَجَ في طلب أعلاج له، فقُتل بطَرَف القَدُّوم - قال حماد: وهو موضعُ ماء - قالت: فأتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فذكرتُ ذلك له من حالي، وذكرت النُّقلةَ إلى إخوتي، قالت: فرخَّص لي، فلما تجاوزتُ ناداني، فقال:"امكُثي في بيتِك حتى يبلُغَ الكتابُ أجلَه"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (2297) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (1483) عن محمد بن حاتم بن ميمون، عن يحيى بن سعيد، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 22/ (14444)، ومسلم (1483)، وابن ماجه (2034) من طريق حجاج بن محمد، وابن ماجه (2034)، والنسائي (5713) من طرق عن ابن جُرَيج، به.

(2)

إسناده صحيح. زينب بنت كعب - وهو ابن عُجْرة - روى عنها ابنا أخويها سعد بن إسحاق - وليس إسحاق بن سعد كما سُمِّي في رواية حماد بن زيد عند المصنف هنا، على أنَّ الذُّهلي جعلهما اثنين، كما سينقله المصنف - وسليمان بن محمد، وهما ثقتان، وذكرها ابن حبان في "الثقات"، وصحَّح حديثها، واحتجَّ بها مالك والشافعي، كما صحَّح حديثها الذُّهلي والترمذي وابن عبد البر والذهبي وابن القطان وغيرهم.

وأخرجه النسائي (5694) عن قتيبة بن سعيد، عن حماد بن زيد، عن سعد بن إسحاق، به. فسماه على الصواب موافقًا للجماعة. وكذلك رواه سعيد بن منصور في "سننه"(1365) عن =

ص: 679

2869 -

حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعْدي، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا يحيى بن سعيد، أنَّ سعد بن إسحاق بن كعب بن عُجْرة أخبره، أنَّ عمته زينب بنت كعب بن عُجْرة أخبرته، أنها سمعت فُريعة بنت مالك أختَ أبي سعيد الخُدْري قالت: خرج زَوجي في طلب أعبُدٍ له فأدركهم بطَرَف القَدوم فقتلوه، فأتاني نَعْيُه وأنا في دارٍ شاسعةٍ من دُور أهلي، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إنه أتاني نَعْيُ زوجي، وأنا في دارٍ شاسعةٍ من دُور أهلي، ولم يَدَعْ لي نفقةً ولا مالًا، وليس المسكنُ لي، ولو تحوّلْتُ إلى إخوتي وأهلي كان أرفَقَ بي في بعض شأني، فقال:"تَحوّلي"، فلما خرجتُ إلى المسجد - أو

(1)

الحُجرة - دعاني - أو أُمِر بي فدُعِيتُ له - فقال: "امكُثي في البيت الذي أتاكِ فيه نَعْيُ زوجِك، حتى يَبلُغَ الكتابُ أجلَه"، فاعتددتُ فيه أربعةَ أشهرٍ وعشرًا. قالت: فأرسل عثمانُ بن عفّان، فأتيتُه فحدَّثتُه فأخذَ به

(2)

.

= حماد بن زيد، فسماه على الصواب.

وأخرجه أحمد 45/ (27363) عن بشر بن المفضّل، وأبو داود (2300)، والترمذي (1204)، والنسائي (10977)، وابن حبان (4292) من طريق مالك بن أنس، وأحمد (27087)، والترمذي بإثر (1204)، والنسائي (5692) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وابن ماجه (2031) من طريق أبي خالد بن سليمان بن حيان، والنسائي (5696) من طريق سفيان الثَّوري، والنسائي (5692)، وابن حبان (4293) من طريق شعبة بن الحجاج، والنسائي (5692) من طريق ابن جُرَيج ومحمد بن إسحاق، و (5693) من طريق يزيد بن محمد المطلّبي، كلهم عن سعد بن إسحاق، به.

وسيأتي بعده من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعد بن إسحاق.

والأعلاج: الأعبُد، وهو جمع العِلج، وأصل العِلْج الرجل من كفار العجم وغيرهم.

والقَدوم، بفتح القاف ودال مهملة مضمومة تشدّد وتخفف: موضع على ستة أميال من المدينة.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: والحجرة، بواو العطف، وإنما هو شك من الراوي كما في "السنن الصغرى" للبيهقي (2807) حيث رواه عن المصنف، وكذلك هو في مصادر التخريج.

(2)

إسناده صحيح كسابقه. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري. =

ص: 680

هذا حديث صحيح الإسناد من الوجهين جميعًا، ولم يُخرجاه.

رواه مالك بن أنس في "الموطَّأ"

(1)

عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عُجْرة.

قال محمد بن يحيى الذُّهْلي: هذا حديث صحيح محفُوظ، وهما اثنان سعد بن إسحاق، وهو أشهرُهما، وإسحاق بن سعد بن كعب

(2)

، وقد روى عنهما جميعًا يحيى بن سعيد الأنصاري، فقد ارتفعت عنهما جميعًا الجهالةُ.

2870 -

أخبرني أبو حفص أحمد بن أَحْيَد الفقيه ببُخارَى من أصل كتابه، حدثنا أبو علي صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، حدثنا علي بن حكيم الأَوْدي، حدثنا شَريك، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مصعب بن عامر، عن عائشة، أنها قالت: طُلِّقَتِ امرأةٌ فَمَكَثَت ثلاثًا وعشرين ليلةً، فوَضَعتْ حَمْلَها، ثم أتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَت ذلك له، فقال لها:"تَزوّجي"

(3)

.

= وأخرجه أحمد 45/ (27087)، والترمذي بإثر (1204)، والنسائي (5692) من طريق عبد الله بن إدريس، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد.

(1)

"الموطأ" 2/ 591.

(2)

كذا جزم بأنهما اثنان، مع أنَّ غيره قد جزم بأنه انقلب اسم سعد بن إسحاق على بعض من روى هذا الحديث وغيره، فسماه إسحاق بن سعد، فانقلب هنا على حماد بن زيد، مع أنه كان يروي عنه أحيانًا على الصواب كما قدَّمنا، وروى عبد الرحمن بن النعمان المدني عن سعد بن إسحاق حديثًا آخر فسماه إسحاق بن سعد خطأً كذلك، كما بينه الذهبي في "الميزان"، وابن حجر في "لسان الميزان"، والسخاوي في "التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة"(396)، والله تعالى أعلم.

(3)

إسناده ضعيف، تفرَّد به إبراهيم بن مهاجر، وهو ليس بالقوي وروى ما لا يُتابع عليه، ومصعب بن عامر كذا وقع اسمه في هذه الرواية، وبعض من يرويه عن شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - يسميه عامر بن مصعب، وهو الصحيح في اسمه كما كان يسميه ابنُ جُرَيج في عدة أحاديث رواها عنه، ومنها حديث أخرجه له البخاري (2060) قرنه فيه بعمرو بن دينار. وخالف أبو جعفر الرازي في هذا الحديث فسمى الرجل عامر بن سعد، وهو خطأ منه كما جزم بذلك أبو حاتم في سؤالات ابنه له في "العلل"(1301)، وأخطأ الدارقطني رحمه الله فصحَّح قوله في "العلل"(3869)، والقول في ذلك قول أبي حاتم. وعامر بن مصعب هذا وإن روى له البخاري في =

ص: 681

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في ذي القَعْدة سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثِ مئة:

2871 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، قال: حدثنا هاشم بن يونس العَصّار بمصر، حدثنا علي بن مَعبَد، حدثنا أبو المَلِيح الرَّقِّي، حدثني عبد الملك بن أبي القاسم، عن أم كُلْثوم بنت عُقبة: أنها كانت تحت الزُّبَير بن العوام فكرهتْه، وكان شديدًا على النساء، فقالت للزُّبير: يا أبا عبد الله، رَوِّحْني بتطليقةٍ، قالت: وذلك حين وجدْتُ الطَّلْق، قال: وما يَنفعُكِ أن أُطلِّقَكِ تطليقةً واحدةً ثم أُراجعَك؟ قالت: إني أجدُني أستَرْوِحُ إلى ذلك، قال: فطلَّقها تطليقةً واحدةً، ثم خرج، فقالت لجاريتها: غَلِّقي الأبواب، قال: فوَضَعَتْ جاريةً، قال: فأُتي الزُّبَير فبُشِّر

= "صحيحه" قرنه بعمرو بن دينار المكي الثقة، وقال عنه ابن حبان: لا يعجبني الاعتبار بحديثه من رواية إبراهيم بن مهاجر عنه، وقال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال العقيلي في "الضعفاء" بإثر (1379): الأسانيد في هذا ثابتة في قصة سُبيعة الأسلمية عن أم سلمة وغيرها. قلنا: إن كان هذا الحديث الذي هنا هو نفسه حديث سُبيعة فقد وقعت المخالفة فيه في مواضع، منها أنه عن أم سلمة وليس عن عائشة، ومنها أنَّ زوج المرأة المذكورة مات أو قتل لا أنه طلَّقَها. والله تعالى أعلم.

وأخرجه البخاري معلَّقًا في "تاريخه الكبير" 6/ 455 عن يعقوب بن إبراهيم، عن شريك، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري كذلك 6/ 455، والطبراني في "الأوسط"(1861) من طريق إسحاق بن يوسف، عن شريك، عن إبراهيم بن مهاجر، عن عامر بن مصعب، به.

وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(1379) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن أبي جعفر الرازي عيسى بن ماهان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن عامر بن سعد، عن عائشة.

وحديث أم سلمة في قصة سُبيعة الأسلمية المذكورة أخرجه أحمد 42/ (26471) و (26658)، والبخاري (4909) و (5318)، ومسلم (1485)، والترمذي (1194)، والنسائي (5672 - 5680)، وابن حبان (4296) و (4297). وفي قصة سبيعة أنها وَلَدَت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة فخُطِبت فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 682

بها، فقال: مَكَرَت بي ابنةُ أبي مُعَيط، ثم خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأبانَها منه

(1)

.

هذا حديث غريب صحيح الإسناد.

وأبو المَلِيح وإن لم يخرجاه، فغير متَّهم بالوَضْع

(2)

، فإنه إمام أهل الجزيرة في عصره، وأم كُلثوم هي ابنة عُقبة بن أبي مُعَيط، وهي التي يروي عنها ابنُها حميد بن عبد الرحمن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليس بالكذاب الذي يُصلِح بين الناس"

(3)

.

2872 -

حدثني علي بن عيسى بن إبراهيم الحِيْري، حدثنا محمد بن عمرو بن النضر الحَرَشي، حدثنا عبد الله بن مَسلَمة، حدثني عبد الأعلى، حدثنا سعيد، عن مَطَر، عن رجاء بن حَيْوة، عن قَبِيصة بن ذُؤيب، عن عمرو بن العاص، قال: لا تَلبِسُوا

(1)

حسن بطريقيه، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسل، لأن عبد الملك بن أبي القاسم - وهو الرَّقِّي، روى عنه ثقتان، وذكره ابن حبان في "الثقات" - كان يرسل الأخبار، وهو لم يدرك أم كلثوم بنت عقبة، لأنها ماتت في خلافة علي بن أبي طالب كما نص عليه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 2/ 277، وعبد الملك يروي عن نافع مولى ابن عمر وربيعة الرأي، فمثله لا يدرك الرواية عن الصحابة، لكن رُوي هذا الخبرُ من وجه آخر مرسلٍ رجاله ثقات، والله أعلم. أبو المَليح الرقي: هو الحسن بن عمر - ويقال: ابن عمرو - الفَزَاري.

وأخرجه ابن ماجه (2026) من طريق عمرو بن ميمون بن مهران الجزري، عن أبيه، عن الزُّبَير بن العوام. فجعله من مسند الزُّبَير، واختُلِف فيه على عمرو بن ميمون، فالأكثرون يروونه عنه عن أبيه قال: كانت أم كلثوم تحت الزُّبَير، هكذا يروونه مرسلًا، وفي رواية عنه: عن أبيه عن أم كلثوم، فجعله من مسندها، وعلى أي حال فهو مرسل، لأنَّ ميمون بن مهران الجزري لم يُدرك الزُّبيرَ ولا أمَّ كلثوم، لكن رجاله ثقات فيعضدُ روايةَ المصنّف ويعتضد بها.

وقولها: أستروِح، تعني أجد الراحة.

(2)

ليس من شرط الصحيح الإخراج عمن لم يُتهم بالوضع، فمن كان هذا حاله فهو ساقط الرواية، ولا يحسن إيراد هذا الوصف أصلًا بإزاء من خرِّج له في الصحيح، ولو أنَّ المصنف قال: فغير موصوف بقصور الضبط أو سوء الحفظ لكان أليق.

(3)

أخرجه البخاري (2692)، ومسلم (2605).

ص: 683

علينا سنّةَ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أمِّ الولد، إذا توفي عنها سيِّدُها عدّتُها {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2873 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا بشر بن بكر التِّنِّيسي، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن سُلَيم بن عامر الكَلَاعي، حدثني أبو أُمامة الباهِلي، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بَيْنا أنا نائمٌ، إذ أتاني رجلان فأخَذا بضَبْعَيَّ، فأتَيا بي جبَلًا وَعْرًا، فقالا لي: اصعَدْ، فقلت: إني لا أُطيق، فقالا: إنا سنُسهِّله لك، فصَعَّدْتُ حتى كنتُ في سَواءِ الجَبَل إذا أنا بأصواتٍ

(1)

حديث صحيح، وهذا حسن، مَطَرٌ - وهو ابن طهمان الورّاق - حديثه حسن في المتابعات والشواهد، وهذا منها، فقد تابعه قتادة كما سيأتي، وقول الدارقطني في "سننه" (3836): قبيصة لم يسمع من عمرو، فيه نظر كما قال ابن عبد الهادي في "المحرر"(1082)، وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي" 7/ 448: قبيصة سمع عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وأبا الدرداء، فلا شك في إمكان سماعه من عمرو. قلنا: ومما يؤكد أنَّ سماعه منه محتمل، أنَّ قبيصة ولد عام الفتح، وتوفي عمرو بن العاص سنة اثنتين وستين، وكان سنّ قبيصة سنة وفاة عمرو إحدى وخمسين، ثم إنَّ قبيصة سكن الشام، وكذلك عمرو بن العاص أقام بالشام بعد الفتوحات كثيرًا، وعليه فسماعه منه محتمل إقامة ومعاصرة. عبد الله بن مسلمة: هو القعنبي، وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي، وسعيد: هو ابن أبي عروبة.

وأخرجه أبو داود (2308) عن محمد بن المثنى، وابن حبان (4300) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن عبد الأعلى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (2308) من طريق محمد بن جعفر، وابن ماجه (2083) من طريق وكيع بن الجراح، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، به.

وأخرجه أحمد 29/ (17803) عن يزيد بن هارون، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن رجاء بن حيوة، به. فذكر قتادة بدل مطر الوراق. وهذا إسناد صحيح، قال ابن حبان: سمع هذا الخبر ابن أبي عروبة عن قتادة ومطر الوراق، فمرة يُحدّث عن هذا، وأخرى عن ذلك. وقال الدارقطني في "سننه" بإثر (3839): رفعه قتادة ومطر الوراق، ثم ساقه (3837) من طريق يزيد بن زُريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة ومطر.

ص: 684

شديدةٍ، فقلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عُواءُ أهل النار، ثم انطُلِق بي، فإذا بقوم مُعلَّقين بعَراقيبهم، مُشقَّقةٍ أَشْداقُهم تَسيلُ أشداقُهم دمًا، قلت: ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يُفطِرون قبل تَحِلّةِ صومِهم، ثم انطُلِق بي، فإذا بقومٍ أشدَّ شيءٍ انتفاخًا وأنتَنَه ريحًا، وأسوأَه منظرًا، فقلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الزانُون والزَّواني، ثم انطُلِق بي، فإذا أنا بنساءٍ يَنهَشنَ ثُدِيَّهن الحيّاتُ، فقال: ما بالُ هؤلاء؟ فقال: هؤلاء اللواتي يَمنَعنَ أولادهن ألبانَهُنَّ، ثم انطُلِق بي، فإذا أنا بغلمانٍ يَلعبُون بين نهرَين، فقلت: من هؤلاء؟ قالوا: هؤلاء ذَرَاريُّ المؤمنين، ثم شَرَفَ لي شَرَفٌ، فإذا أنا بثلاثة نَفَرٍ يَشربُون من خمْرٍ لهم، قلت: من هؤلاء؟ قالوا: هؤلاء جعفرُ بن أبي طالب وزيدٌ وابنُ رَوَاحةَ، ثم شَرَفَ لي شَرَفٌ آخرُ، فإذا أنا بثلاثةِ نفرٍ، قلت: من هؤلاء؟ قال: هذا إبراهيمُ وموسى وعيسى، وهم ينتظرونَك"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وقد احتجَّ البخاري بجميع رُواته غير سُلَيم بن عامر، وقد احتجَّ به مسلم.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (7491) عن محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن الربيع بن سليمان، بهذا الإسناد.

وتقدم برقم (1584) مختصرًا من طريق بحر بن نصر الخولاني عن مشرف بن بكر.

الضَّبْعان: مثنّى ضَبْع، وهو العَضُد.

والوعْر: الصعب، وزنًا ومعنًى.

وسواء الجبل: وسطه.

وعُواء أهل النار: صياحهم.

والعراقيب: جمع عُرقوب، وهو عَصَب غليظ فوق عَقِب الإنسان.

والأشداق: جمع شِدْق، هو جانب الفم.

وتحلّة صومهم، أي: وقت كونهم في حِلٍّ من صومهم.

وقوله: "شَرَف لي شَرَفٌ" أي: ارتفع وعلا لي مرتَفَعٌ، أي ظهر لي مكانٌ مُرتَفِع، والأشهر فيه: أشرف، من الرباعي.

ص: 685

2874 -

أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا زيد بن الحُباب، حدثني أبو ثابت زيد

(1)

بن إسحاق بن إسماعيل بن محمد بن ثابت بن قيس بن شَمّاس، حدثني جَدّي إسماعيل بن محمد بن ثابت بن قيس بن شَمّاس، عن أبيه محمد: أنَّ أباه ثابتَ بنَ قيس فارَقَ جَميلةَ بنتَ عبد الله بن أُبيّ، وهي حاملةٌ بمحمد

(2)

، فلما ولَدَتْه حَلَفتْ أن لا تَلْبِنَه مِن لَبَنِها، فدعا به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فبَزَق في فِيه، وحَنَّكه بتمرة عَجْوة، وسمّاه محمدًا، وقال: اختَلِفْ به، فإن الله رازِقُه، فأتيتُه اليومَ الأولَ والثاني والثالث، فإذا امرأةٌ من العرب تسأل عن ثابت بن قيس، فقلت: ما تُريدين منه؟ أنا ثابت، قالت: رَأيتُ في مَنامي هذه

(3)

، كأني أُرضع ابنًا له يقال له: محمد، فقال: فأنا ثابت، وهذا ابني محمد، قال: وإذا دِرْعُها يَنعصِر من لبنها

(4)

.

(1)

في (ز) و (ص) و (ع): يزيد، والمثبت من (ب)، وهو الموافق لما في رواية البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 227 عن الحاكم، وكذلك لما في رواية ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 52/ 172 من طريق البيهقي عن الحاكم.

(2)

في (ز): وهي حاملةُ محمدٍ، على الإضافة.

(3)

قولها: هذه، تعني نفسها.

(4)

خبر محتمل للتحسين، وهذا إسناد فيه أبو ثابت زيد بن إسحاق وجده إسماعيل، فيهما جهالة، ولكن روي نحو هذا الخبر باختصار من وجه آخر عن يحيى بن إبراهيم بن محمد بن ثابت بن قيس مرسلًا، فباجتماع هذين الطريقين يتقوَّى الخبر إن شاء الله، على أنَّ هذه القصة حصلت في شأن ثابت بن قيس، وأهل بيته أدرى بها، والله تعالى أعلم.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 227 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 51، وأبو القاسم البَغَوي في "معجم الصحابة"(1962)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(671)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 52/ 171 و 172 و 172 - 173 من طرق عن زيد بن الحُباب، به.

وأخرجه مختصرًا ابن سعد في "الطبقات" 4/ 343، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 52/ 173 عن عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، عن يحيى بن إبراهيم بن محمد بن ثابت بن =

ص: 686

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2875 -

أخبرني أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا الحسن بن المثنَّى العَنْبري، حدثنا موسى بن مسعود، حدثنا شِبْل بن عَبّاد، عن ابن أبي نَجِيح، قال: قال عطاء: قال ابن عباس: نَسَخَت هذه الآيةُ عِدّتَها عند أهلها، فتَعتدُّ حيث شاءت، وهو قول الله تعالى:{غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240].

قال عطاء: إن شاءت اعتدّت عند أهلها وسكَنتْ في وصيّتها، وإن شاءت خرجت لقول الله تعالى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ} [البقرة: 240]، قال عطاء: ثم جاء الميراثُ فنَسَخ السُّكْنى، تعتدُّ حيث شاءت

(1)

.

= قيس: أنَّ جميلة بنت أُبيّ اختَلَعَت من ثابت بن قيس، فانتقلت، فولَدت محمدًا، فجعلته في ليف وأرسلته إلى ثابت، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فحنّكه وسماه محمدًا، فاستَرضع له في قوم آخرين.

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل موسى بن مسعود - وهو أبو حذيفة النَّهدي - وقد توبع. ابن أبي نَجيح: هو عبد الله، وعطاء: هو ابن أبي رباح.

وأخرجه أبو داود (2301) عن أحمد بن محمد المروَزي، عن موسى بن مسعود، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (4531) و (5345) من طريق رَوح بن عُبادة، عن شبل بن عبّاد، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وسيأتي برقم (3146) من طريق ورقاء بن عمر عن ابن أبي نجيح. وانظر رواية ابن جريج عن عطاء الآتية برقم (3148).

وقوله: "نَسَخَت هذه الآيةُ" يعني بها آية البقرة الأولى برقم (234) وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ، نسخت الآية الثانية منها برقم (240) وهي قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} ، وهذا باتفاق جماعة المفسرين وكافّة الفقهاء.

وروى عكرمة عن ابن عباس قال: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} ، فنُسخ ذلك بآية الميراث بما فُرض لهن من الربع والثمن، ونُسخَ أجل الحول بأن جُعِل أجلُها أربعة أشهر وعشرًا. أخرجه أبو داود (2298) والنسائي (5706).

وروى ابن سيرين عنه أيضًا: أنه قرأ حتى أتى على هذه الآية {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} إلى قوله: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} فقال: وهذه نُسِخَت. وسيأتي عند المصنف برقم (3147). =

ص: 687

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه!

2876 -

أخبرنا أبو بكر إسماعيل بن محمد الفقيه بالرَّيّ، حدثنا محمد بن الفَرَج الأزرق، حدثنا حجّاج بن محمد، قال: وأخبرني [ابن جُرَيج]

(1)

حدثنا أبو الزُّبَير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: جاء مِسكينٌ لبعض الأنصار، فقال

(2)

: إِنَّ سيِّدي يُكرِهُني على البِغاء، فنَزَل في ذلك:{وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: 33]

(3)

.

= وروى علي بن أبي طلحة عنه أيضًا قال: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} ، كان الرجل إذا مات وترك امرأته اعتدّت سنة في بيته يُنفَق عليها من ماله، ثم أنزل الله عز وجل:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} قال: فهذه عدة المتوفى عنها زوجها إلّا أن تكون حاملًا فعدّتها أن تضع. أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(232)، والطبري في "تفسيره" 2/ 580، وكذا ابن أبي حاتم 2/ 452، وأبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص 24، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 427، والخطيب في "الفقه والمتفقه"(241).

وقوله: "عند أهلها" أي: عند أهل الرجل، باعتبارهم صاروا أهلًا لها، وقد جاء في رواية أبي بكر الجصاص في "أحكام القرآن" 2/ 124 لهذا الخبر عن ابن داسَهْ عن أبي داود السّجستاني: عند أهله، على الجادة، وكذا وقع لأبي ذر الهروي عن الكشميهني في رواية البخاري.

(1)

سقط من أصولنا الخطية اسم ابن جُرَيج من الإسناد، والصحيح إثباته، وقد ثبت على الصواب في الرواية الآتية برقم (3544)، وثبت أيضًا في "إتحاف المهرة"(3517)، وهو ثابت لجميع من خرَّج هذا الحديث من طريق حجاج بن محمد، هو المعروف لأنَّ حجاجًا مشهور بإسناد روايات أبي الزُّبَير بواسطة ابن جُرَيج.

(2)

كذا جاء في رواية الحاكم وحده هنا بأنَّ السائل عن ذلك رجل، وهو مخالف لسائر من روى الحديث أنَّ السائل عن ذلك امرأة، وهو المناسب لنص الآية، وسيأتي على الصواب في الرواية الآتية.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن الفرج، وقد توبع. ابن جُرَيج: هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي، وأبو الزُّبَير: هو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي. =

ص: 688

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه

(1)

.

= وأخرجه أبو داود (2311) عن أحمد بن إبراهيم الدورقي، والنسائي (11301) عن الحسن بن محمد بن الصبّاح، كلاهما عن حجاج بن محمد، بهذا الإسناد. بلفظ: جاءت مُسَيكة لبعض الأنصار، فقالت ....

وأخرجه مسلم (3029) من طريق أبي سفيان طلحة بن نافع، عن جابر، وسمَّى الأنصاري عبد الله بن أبيّ بن سَلُول.

وسيأتي برقم (3544) من طريق محمد بن إسحاق الصغاني عن حجاج.

والبِغاء: هو الزِّنى.

(1)

بل قد أخرجه مسلم كما قدَّمنا، لكن من طريق أخرى عن جابر بسياقة أتمّ.

ص: 689

بسم الله الرحمن الرحيم

‌أول كتاب العِتق

2877 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو بَكْرة بَكّار بن قُتيبة القاضي بمصر، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا هشام بن أبي عبد الله، عن قَتَادة، عن الحسن، عن قيس الجُذَامي، عن عُقْبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعتق رقبةً، فَكَّ اللهُ بكلّ عُضوٍ من أعضائه عُضوًا من أعضائه من النار"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهد عن أبي موسى الأشعري وواثلة بن الأسقَع.

أما حديث أبي موسى:

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الحسن: وهو ابن عبد الرحمن الشامي. أبو داود الطيالسي: هو سليمان بن داود، وهشام بن أبي عبد الله: هو الدَّستُوائي.

وهو في "مسند الطيالسي" برواية يونس بن حبيب عنه (596) لكن دون ذكر الحسن بن عبد الرحمن الشامي في إسناده.

لكن تابع بكار بن قتيبة على ذكر الحسن في إسناده محمدُ بن بشار عند الروياني في "مسنده"(241) حيث رواه الرُّوياني عن محمد بن بشار، عن أبي داود الطيالسي، به. بذكر الحسن.

وأخرجه أحمد 28/ (17357) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن قيس الجذامي، به. لم يذكر في إسناده الحسن أيضًا.

وأخرجه أحمد كذلك (17326) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: ذُكر أنَّ قيسًا الجذامي، فذكره

وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد 16/ (10801)، والبخاري (2517)، ومسلم (1509).

وعن أبي موسى الأشعري وواثلة بن الأسقع، وسيأتيان بعده.

وعن عمرو بن عَنبَسة عند أحمد 28/ (17022)، وأبي داود (3965)، والنسائي (4859) و (4868)، وإسناده صحيح.

ص: 690

2878 -

فحدَّثَناه علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن دِيْزِيل، حدثنا آدم بن أبي إياس العَسْقلاني وعبد الله بن الزُّبَير الحُميدي وإبراهيم بن بشار الرَّمادي، قالوا: حدثنا سفيان بن عُيينة، حدثني شيخ من أهل الكوفة يقال له: شعبة، قال: كنا عند أبي بُردة بن أبي موسى ومعه بنُوه، فقال: ألا أُحدِّثُكم بحديثٍ حدثني به أبي؟ قالوا: بلى يا أبتِ، فحَدِّثنا، قال: حدثني أبي، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن أعتقَ رقبةً - أو عبدًا - كانت فَكَاكَهُ من النار عُضوًا بعُضو"

(1)

.

وأما حديث واثلةَ:

2879 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو عُتبة أحمد بن الفَرَج، حدثنا ضَمْرة بن ربيعة، حدثنا إبراهيم بن أبي عَبْلة، عن الغَريف بن الدَّيلمي، قال: أتينا واثِلةَ بن الأسقع، فقلنا: حدِّثنا حديثًا سمعتَه مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس فيه زيادةٌ ولا نُقصان، فغضب، وقال: إنَّ مُصحفَ أحدِكم مُعلَّق في بيته وهو يزيدُ وينقصُ، قال: فقلنا: ليس هذا أردْنا، إنما أردْنا أن تحدّثَنا حديثًا سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بينك وبينه أحدٌ، قال: أتينا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا، قد أوجَبَ - يعني النارَ - فقال:"أعتِقُوا عنه يُعتِقِ اللهُ بكلّ عُضوٍ منه عُضوًا منه من النارِ"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح: شعبة: هو ابن دينار.

وأخرجه أحمد 32/ (19623)، وأخرجه النسائي (4858) عن محمد بن منصور، كلاهما (أحمد ومحمد بن منصور) عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

(2)

حديث صحيح، أحمد بن الفرج حديثه حسن في المتابعات والشواهد، وقد توبع، ومن فوقه لا بأس بهم إلَّا الغَريف - وهو ابن عياش بن فيروز - الدَّيلمي، لم يرو عنه غير إبراهيم بن أبي عَبْلَة، وانفرد ابن حبان بذكره في "الثقات"، لكن تابعه عمه عبد الله بن فيروز الدَّيلَمي في الطريق التالية.

وأخرجه أحمد 25/ (16012) عن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، وأبو داود (3964) عن عيسى بن محمد الرمْلي، كلاهما عن ضَمْرة بن ربيعة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 28/ (16985)، والنسائي (4871) من طريق عبد الله بن المبارك، عن إبراهيم بن أبي عبلة، به. =

ص: 691

غَريف هذا لقبٌ لعبد الله بن الدَّيلمي

(1)

.

2880 -

حدثنا بصحَّة ما ذكرتُه أبو إسحاق إبراهيم بن فِراس الفقيه، حدثنا بكر بن سَهْل الدِّمْياطي، حدثنا عبد الله بن يوسف التِّنِّيسي، حدثنا عبد الله بن سالم، حدثني إبراهيم بن أبي عَبْلة، قال: كنت جالسًا بأَرِيحا، فمَرَّ بي واثلةُ بن الأسقع متوكِّئًا على عبد الله بن الدَّيلَمي، فأجلَسه ثم جاء إليّ، فقال: عَجَبٌ ما حدثني هذا الشيخ - يعني واثلةَ - قلت: وما حدّثَك؟ قال: فحدَّثني قال: كنت جالسًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تَبُوك، فأتاه نفرٌ من بني سُلَيم، فقالوا: يا رسول الله، إنَّ صاحبنا قد أوجَبَ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعتِقُوا عنه يُعتِق اللهُ بكلِّ عُضوٍ منها عضوًا منه من النار"

(2)

.

= وأخرجه أحمد 25/ (16010) من طريق زياد بن عبد الله عُلاثة، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن واثلة بن الأسقع. وهذا منقطع، لأنَّ ابن أبي عبلة نصَّ على أنه لم يسمع من واثلة عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(734).

(1)

كذا جزم المصنف رحمه الله بأنَّ الغَريف هو لقب لعبد الله بن الديلمي، ولم يسبقه أحد إلى هذا، والمعروف أنَّ الغريف هو ابن أخي عبد الله بن الديلمي، فقد نسبه عبد الله بن المبارك ويحيى بن حمزة الحضرمي عند الطحاوي في روايتهما لهذا الحديث، فقالا: الغريف بن عياش بن فيروز الديلمي، ومعلوم أنَّ لفيروز ثلاثة من الولد: وهم عبد الله وعياش والضحاك، وإبراهيم بن أبي عبلة قد روى هذا الحديث عن الغريف بن عياش بن فيروز، وعن عمه عبد الله بن فيروز كما في الطريق التالية، وكلاهما يرويه عن واثلة بن الأسقع.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد فيه بكر بن سهل، وهو وإن كان ضعيفًا قد توبع.

وأخرجه النسائي (4872) عن الربيع بن سليمان صاحب الشافعي، وابن حبان (4307) من طريق إبراهيم بن يعقوب الجُوزَجاني، كلاهما عن عبد الله بن يوسف، بهذا الإسناد.

وقد تابع عبدَ الله بن سالم عليه مالكُ بن أنس عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(737).

وسيأتي بعده من طريق أيوب بن سويد، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن عبد الأعلى بن الديلمي، عن واثلة. وأيوب ضعيف، ويغلب على الظن أنه أخطأ في تسمية ابن الديلمي، وإنما هو عبد الله. =

ص: 692

فصار حديثُ واثلةَ بهذه الروايات صحيحًا، على شرط الشيخين، وقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة لفظَه في عِتْق امرئٍ مسلمٍ امرأً مسلمًا

(1)

.

2881 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نَصْر بن سابِق الخَوْلاني، حدثنا أيوب بن سُويد، حدثنا إبراهيم بن أبي عَبْلة، عن عبد الأعلى بن الدَّيلمي، عن واثلةَ بن الأسقع، سمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن أعتق مسلمًا كانَ فَكَاكَهُ مِن النار، بكلِّ عُضوٍ من هذا عضوًا من هذا"

(2)

.

عبد الأعلى هذا أيضًا هو عبد الله بن الدَّيلمي بلا شكِّ فيه، كما قُلناه في غَريف.

2882 -

أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، قال: سمعت أبا إسحاق، أنه سمع أبا حَبيبة.

وأخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو نُعيم وأبو حُذيفة، قالا: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي حَبيبة الطائي،

= وتقدم قبله من طريق إبراهيم بن أبي عبلة، عن الغريف بن عياش بن فيروز الديلمي ابن أخي عبد الله، عن واثلة.

(1)

أخرجه مسلم برقم (1509)، وهو أيضًا عند البخاري (2517).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف أيوب بن سويد، ويغلب على ظننا أنه أخطأ في تسمية ابن الدَّيلمي بعبد الأعلى، وإنما هو عبد الله، ولهذا ضبّب فوقها في (ز)، وممّا يؤيده أنه سماه على الصواب في رواية عنه عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 46/ 241، وعلى أي حال فقد توبع في الطريق السابقة.

وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(41) من طريق هشام بن عمار، وأبو حفص بن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(575) من طريق إبراهيم بن منقذ، كلاهما عن أيوب بن سويد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عساكر 46/ 241 من طريق عمرو بن عبد الله بن صفوان النصْري والد الحافظ أبي زرعة الدمشقي، عن أيوب بن سويد، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن عبد الله بن الدَّيلمي، عن واثلة.

ص: 693

قال: أَوصى إليَّ أخي بطائفة من ماله، فلقيتُ أبا الدرداء، فقلت: إنَّ أخي قد أوصى إليَّ بطائفة من ماله، فأين أضعُه، في الفقراء أو المجاهدين أو المساكين؟ فقال: أمّا أنا فلو كنتُ، لم أَعدلْ بالمجاهدين، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَثَلُ الذي يُعتِقُ عند الموت، كمَثَل الذي يُهدي إذا شَبِعَ"

(1)

. هذا لفظ حديث الثَّوْري.

(1)

إسناده حسن كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 8/ 532، وذلك من أجل أبي حبيبة الطائي، فهو - وإن لم يرو عنه غير أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السَّبيعي - من كبار التابعين كما يظهر من قصة دخوله على أبي الدرداء وروايته عنه، وأبو الدرداء متقدم الوفاة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد صحَّح حديثَه هذا جماعةٌ غير المصنف، منهم الترمذي وابن حبان.

أبو نُعيم: هو الفضل بن دُكين، وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي، وسفيان: هو الثَّوري.

وأخرجه أحمد 36/ (21719) و 45/ (27533) والترمذي (2123) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، و 45/ (27533) عن وكيع، وأبو داود (3968) عن محمد بن كثير العَبْدي، ثلاثتهم عن سفيان الثَّوري، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (4873) من طريق أبي الأحوص سلّام بن سليم، وابن حبان (3336) من طريق إدريس بن يزيد الأودي، كلاهما عن أبي إسحاق، به. لكن قال إدريس في روايته:"مثل الذي يتصدق" بدل "يُعتق".

وأخرجه النسائي (6408) عن محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، قال: سمعت أبا إسحاق، به.

لكن خالف محمدَ بنَ بشار أحمدُ بن حنبل في "مسنده" 36/ (21718) فرواه عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عطاء بن السائب، قال: سمعت أبا إسحاق، به. فزاد فيه بين شعبة وبين أبي إسحاق عطاء بن السائب، وقد انفرد الإمام أحمد بذلك، فقد رواه جماعة عن شعبة، لم يذكر أحد منهم في إسناده عطاء بن السائب، وهذا يوافق رواية محمد بن بشار عن محمد بن جعفر، وشعبة معروف بروايته عن أبي إسحاق السَّبيعي بدون واسطة، فإن ثبت ما في رواية الإمام أحمد فلعل شعبة يكون سمعه على الوجهين، ويكون ذكر عطاء بن السائب من المزيد في متصل الأسانيد، والله تعالى أعلم.

ويشهد لمعناه حديث أبي هريرة عند البخاري (1419)، ومسلم (1032)، وغيرهما، عن =

ص: 694

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2883 -

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا إبراهيم بن إسحاق القاضي وأحمد بن حازم الغِفاري، قالا: حدثنا يعلى بن عُبيد الطَّنافسي، حدثنا محمد بن إسحاق، عن بُكير بن عبد الله بن الأشَجّ، عن سُليمان بن يَسَار، عن مَيمُونة، قالت: أعتقتُ جاريةً لي، فدخلَ عليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وأخبرتُه بعِتقها، قال:"أمَا إنكِ لو كنتِ أعطَيتِيها أَخوالَك، كان أعظمَ لأجرِكِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه

(2)

.

2884 -

أخبرنا أبو بكر بن سلْمان الفقيه، حدثنا الحسن بن مُكْرَم البَزَّاز، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا أبو عامر صالح بن رُستُم، عن الحسن، عن سعد مولى أبي بكر الصِّدِّيق: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر الصِّدِّيق - وكان سعد مملوكًا له وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعجِبُه خدمتُه - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر، أعتِقْ سعدًا" فقال: يا رسول الله، ما لَنا ماهِنٌ غيرُه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أتتكَ الرجالُ، أتتكَ الرجالُ"

(3)

.

= النبي صلى الله عليه وسلم قال - وسئل: أي الصدقة أعظم؟ -: "أن تَصدَّقَ وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تُمهل حتى إذا بلغتِ الحُلقومَ قلتَ: لفلانٍ كذا ولفُلانٍ كذا، ألا وقد كان لفلانٍ".

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لأنَّ محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار - مدلِّس، ولم يصرح فيه بسماعه، بل عنعنه، وخولف فيه أيضًا، فرواه جماعة منهم عمرو بن الحارث المصري ويزيد بن أبي حبيب، فرووه عن بكير عن كُريب مولى ابن عباس عن ميمونة، فذكروا كريبًا بدل سليمان بن يسار، وكلاهما ثقة.

وأخرجه أحمد 44/ (26817) عن يعلى بن عبيد بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم برقم (1527) من طريق أبي معاوية الضرير ومن طريق عبدة بن سليمان، كلاهما عن محمد بن إسحاق.

(2)

بل قد أخرجاه كما قدمنا بيانه برقم (1527).

(3)

حديث حسن، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن لم نتبين هل سمع الحسن - وهو =

ص: 695

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2885 -

أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا أبو مَعمَر، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثنا سعيد بن جُمْهان، حدثني سَفينة قال: قالت لي أم سَلَمة: أُعتقُكَ وأَشترِطُ عليك أن تخدُم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما عشتَ؟ قال: قلت: لو أنك لم تشترطي عليَّ، ما فارقتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما عشتُ؟ قال: فأعتقتْني واشترطَتْ عليَّ أن أخدُم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما عشتُ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2886 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا علي بن الحسن الهِلالي، حدثنا عبد الله بن الوليد العَدَني، حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن عائشة، قالت: قال رجل: أُعتقُ عن أبي

(2)

يا رسول الله؟ قال: "نعم"

(3)

.

= البصري - من سعد مولى أبي بكر، ولا سيما وقد انفرد الحسن بالرواية عنه، لكن جاء الخبر من وجه آخر مرسل، فيعتضدان.

وأخرجه أحمد 3/ (1717) عن أبي داود الطيالسي سليمان بن داود، عن أبي عامر صالح بن رستم، به.

وأخرجه أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجُوزَجاني في "أمارات النبوة" كما في "جامع الآثار في السير ومولد المختار" لابن ناصر الدين الدمشقي 7/ 332 عن أبي توبة الربيع بن نافع، عن معاوية بن سلّام، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، مرسلًا. ورجاله ثقات.

الماهن: الخادم.

(1)

إسناده قوي من أجل سعيد بن جمهان. أبو معمر: هو عبد الله بن عمرو المُقعَد.

وأخرجه أبو داود (3932)، والنسائي (4976) من طريقين عن عبد الوارث بن سعيد، به.

وسيأتي مختصرًا برقم (6694) من طريق حماد بن سلمة عن سعيد بن جُهمان.

(2)

تحرَّف في أُصولنا إلى: ابني، والمثبت على الصواب من رواية البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 79، عن أبي عبد الله الحاكم في كتاب "المستدرك"، وهو الموافق لعامة مصادر تخريج الحديث.

(3)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه اختُلف فيه على سفيان - وهو الثَّوري - في =

ص: 696

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

= وصله وإرساله، فروي عنه كما وقع في رواية المصنف هنا موصولًا، مع أنه جاء في "جامع الثَّوري" كما قال البيهقي 6/ 279 - وهو أيضًا من رواية علي بن الحسن الهلالي عن عبد الله بن الوليد العَدَني - عن عطاء بن أبي رباح مرسلًا، وكذلك رواه وكيع وعبد الرزاق عن سفيان الثَّوري عن حبيب، عن عطاء مرسلًا.

ورواه عُبيد بن سعيد الأُموي وفردوس الأشعري كما في "أطراف الغرائب والأفراد" لابن طاهر المقدسي (2329) عن سفيان الثَّوري، عن حبيب، عن ابن عباس، فذكر ابن عباس بدل عائشة، ولم يذكرا عطاء بن أبي رباح، وحبيب قد سمع ابن عباس فيما نص عليه ابن معين والعجلي.

وأخرجه البيهقي 6/ 279 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال: كذا أخبرنا به، وهو خطأ، إنما رواه علي بن الحسن الهلالي في "جامع الثَّوري" عن عبد الله بن الوليد، عن الثَّوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن أبي رباح: أنَّ رجلًا قال، فذكره.

وأخرجه البيهقي أيضًا من طريق سفيان بن محمد الجوهري، عن علي بن الحسن، عن عبد الله بن الوليد، عن سفيان الثَّوري، عن حبيب، عن عطاء مرسلًا.

وأخرجه عبد الرزاق (16340)، وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 387 عن وكيع بن الجراح، كلاهما (عبد الرزاق ووكيع) عن سفيان الثَّوري، عن حبيب، عن عطاء، مرسلًا أيضًا.

وأخرجه أبو إسحاق الهاشمي في الجزء الأول من "أماليه"(105)، والطبراني في "الكبير"(12683) من طريق عُبيد بن سعيد، عن سفيان الثَّوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس. وقد وافقه فردوس الأشعري كما قدَّمنا.

ويشهد له حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنَّ العاص بن وائل أوصى أن يُعتَقَ عنه مئة رقبة، فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة، فأراد ابنه عمرو أن يُعتق عنه الخمسين الباقية، فقال: حتى أسأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنَّ أبي أوصى بعتق مئة رقبة، وإنَّ هشامًا أعتق عنه خمسين، وبقيت عليه خمسون رقبة، أفأعتق عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنه لو كان مسلمًا فأعتقتم عنه، أو تصدقتم عنه، أو حججتم عنه، بلغه ذلك". أخرجه أحمد 11/ (6704)، وأبو داود (2883)، واللفظ له، وإسناده حسن.

ويشهد له أيضًا ما أخرجه عبد الرزاق (16345)، وأبو عبيد في "الغريب" 4/ 309، والبيهقي 6/ 279 عن عائشة: أنَّ أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر مات في منامه، فأعتقت عنه عائشة، تِلادًا من تلاده. والتِّلاد: كل مالٍ قَدُم. وإسناده صحيح موقوفًا.

ص: 697

2887 -

حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا محمد بن الحسن بن قُتيبة وعبد الله بن محمد بن سَلْم، قالا: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفِرْيابي، حدثنا ضَمْرة بن ربيعة، عن سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن مَلَك ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، فهو حُرٌّ"

(1)

.

2887 م - وحدثنا أبو علي، بإسناده سواءً: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الوَلاءِ وعن هِبَتِه

(2)

.

سمعتُ أبا علي الحافظ، يقول: إنما ذكرتُ المتن الثاني ليزولَ به الوَهْم

(3)

عن ضَمْرة.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه الحديث الصحيح المحفوظ عن سَمُرة بن جُندُب:

2888 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن بكر.

وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن سَلَمة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن بعض أهل العلم أنكره على ضمرة، وأنه انفرد به بهذا الإسناد، منهم أحمد بن حنبل والترمذي والنسائي والبيهقي، ولم يعبأ بهذا الإعلال آخرون من أهل العلم فصحَّحوه، منهم ابن الجارود وأبو علي الحافظ وابن حزم وعبد الحق الإشبيلي وابن القطان الفاسي وابن التركماني، وقد روي من حديث سمرة بن جندب كما نبّه عليه المصنف وسيخرجه بعده.

وأخرجه ابن ماجه (2525) عن راشد بن سعيد الرملي وعُبيد الله بن الجهم الأنماطي، والنسائي (4877) عن عيسى بن محمد الرملي وعيسى بن يونس الفاخوري، كلهم عن ضمرة بن ربيعة، بهذا الإسناد.

وذو الرحم المحرَم: هم الأقارب، ويقع على كل من يجمع بينك وبينه نَسبٌ.

(2)

سيأتي تخريج حديث الولاء هذا عند الحديث رقم (8189).

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الزُّهْري، ثم عُدّلت في (ز).

ص: 698

الحَنْظَلي وإسحاق بن منصور المروَزي، قالا: حدثنا محمد بن بكر البُرساني، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن عاصم الأحول وقَتَادة، عن الحسن، عن سمُرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن مَلَك ذا رَحِم، فهو حُرٌّ"

(1)

.

2889 -

حدثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببُخارى، حدثنا صالح بن محمد الحافظ، حدثنا أبو الربيع الزَّهْراني وعثمان بن أبي شَيْبة وزهير بن حَرْب، قالوا: حدثنا جَرير، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولدُ الزنى شَرُّ الثلاثة".

قال أبو هريرة: لأن أُمتِّعَ بسوطٍ في سبيل الله، أحبُّ إليَّ من أن أُعتق ولدَ زِنْيةٍ

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، وقد ثبت سماع الحسن - وهو البصري - من سمرة كما بيناه برقم (151).

وأخرجه ابن ماجه (2524) عن إسحاق بن منصور، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (2524)، والترمذي (1365) عن عقبة بن مُكرم، والنسائي (4882) عن عبيد الله بن سعيد، كلاهما عن محمد بن بكر، به.

وأخرجه أبو داود (3949) عن مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن قتادة وحده، به.

(2)

إسناده صحيح. أبو الربيع الزهراني: هو سليمان بن داود، وجرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه أبو داود (3963) عن إبراهيم بن موسى، والنسائي (4909) عن إسحاق بن راهويه، كلاهما عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. ولم يذكر النسائي قول أبي هريرة.

وأخرجه كذلك أحمد 13/ (8098) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عن سهيل، به.

وسيأتي برقم (7231) من طريق سفيان الثَّوري عن سهيل بن أبي صالح. وسيأتي بعده وبرقم (7232) من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه، عن أبي هريرة دون قوله: لأن أُمتِّع بسوط

وستذكر عائشة هذا الحرف مرفوعًا برقم (2891).

وقال سفيان الثَّوري - وقد روى هذا الحديثَ عن جرير عند البيهقي 10/ 58 - : يعني إذا عمل بعمل والديه. وقد رُوي قول سفيان هذا مرفوعًا من حديث عائشة عند أحمد 41/ (24784)، لكن في إسناده إبراهيم بن إسحاق، وهو إبراهيم بن الفضل أبو إسحاق، وهو متروك. =

ص: 699

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شاهد من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة:

2890 -

أخبرَناه أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عَوَانة عن عُمر بن أبي سلَمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولدُ الزنى شرُّ الثلاثةِ"

(1)

.

2891 -

فحدَّثَنا الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا الحسن بن عُمر بن شَقيق، حدثنا سلمة بن الفَضْل، عن محمد بن إسحاق، عن الزُّهْري، عن عُرْوة بن الزُّبَير، قال: بلغ عائشةَ أنَّ أبا هُريرة يقول: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

= وقد ردّت أم المؤمنين عائشةُ على أبي هريرة كما سيأتي برقم (2891).

وأخرج النسائي (4904) و (4905) من طريقين عن مجاهد، عن ابن أبي ذُباب، عن أبي هريرة، رفعه:"لا يدخل الجنة ولد زنية"، وقد اختُلف فيه عن مجاهد في تعيين شيخه، وبعضهم يسقط الواسطة بين مجاهد وأبي هريرة، لكن قال الدارقطني في "العلل" (1664): الأشبه من ذلك قول من ذكر ابن أبي ذُباب. قلنا: وابن أبي ذباب هذا ثقة، لكن اختُلف على مجاهد في رفعه ووقفه أيضًا، فقد وقفه عنه الحكم بن عُتيبة عند النسائي (4906)، والأعمش كما في "التاريخ الكبير" للبخاري 5/ 132، فالأظهر وقفه، والله أعلم، وعلى تقدير صحته فهو محمول كما قال الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/ 271 على من تحقق بالزنى حتى غلب عليه، فاستحق بذلك أن يُنسب إليه، كما يقال: بنو الدنيا لمن تحقق وعلم بها وترك ما سواها، وكما يقال لمن تحقق بالحذر: ابن أحذار، وكما قيل للمسافر: ابن السبيل. وليس المقصود ولده من الزنى.

وقوله: "أمتِّع" على صيغة المتكلم المعلوم، بمعنى: أتصدّق بشيءٍ ولو حقيرًا كسوط يُستمتَع به ويُنتَفعُ.

(1)

حديث صحيح، لكن سيأتي توجيه عائشة أم المؤمنين له على وفق القصة التي ورد الحديثُ لأجلها بعده، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عمر بن أبي سلمة - وهو ابن عبد الرحمن بن عوف - وقد روى المصنف الحديث قبلَه من وجه آخر صحيح عن أبي هريرة. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليَشكُري.

وأخرجه البيهقي 10/ 58 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (7232) من طريق عمرو بن عون عن أبي عوانة.

ص: 700

قال: "لَأن أُمتِّعَ بسَوطي في سبيل الله، أحبُّ إليَّ مِن أن أُعتق ولدَ الزنى"، وإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"ولدُ الزنى شرُّ الثلاثة، وإنَّ الميتَ يُعذَّب ببُكاء الحيّ".

فقالت عائشة: رَحِمَ الله أبا هريرة أساءَ سمعًا وأساء إجابةً: أما قوله: "لأن أُمتِّعَ بسَوطٍ في سبيل الله أحبُّ إليَّ من أن أُعتقَ ولدَ الزنى"، إنها لما نزلت {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} [البلد: 11، 12]، قيل: يا رسول الله، ما عندنا ما نُعتِق إلّا أنَّ أحدَنا له الجاريةُ السوداء تخدُمه وتسعى عليه، فلو أمرناهُنّ فزنَين فجئن بأولادٍ فأعتقناهُم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَأن أُمتِّعَ بسَوطٍ في سبيل الله، أحبُّ إليَّ من أن آمُرَ بالزنى، ثم أُعتِقَ الولدَ".

وأما قوله: "ولدُ الزّنى شرُّ الثلاثة" فلم يكنِ الحديثُ على هذا، إنما كان رجلٌ من المنافقين يؤذي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"من يَعذِرُني من فلان؟ " قيل: يا رسول الله، إنه مع ما به ولدُ الزنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هو شرُّ الثلاثةِ"، والله عز وجل يقول:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15].

وأما قوله: "إن الميتَ ليُعذَّبُ ببُكاء الحيّ" فلم يكنِ الحديثُ على هذا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بدارِ رجلٍ من اليهود قد مات وأهلُه يبكون عليه، فقال:"إنهم يَبكُون عليه، وإنه ليُعذَّبُ"، والله عز وجل يقول:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]

(1)

.

(1)

إسناده حسن لولا أنَّ فيه عنعنة محمد بن إسحاق، فهو مدلِّس، وسلمة بن الفضل - وهو الأبرش - من أوثق الناس في ابن إسحاق، وروايته للمغازي عنه أتم الروايات كما قال ابن معين. قلنا: فلا عجب إذًا أن لا يذكر هذا الخبرَ غيرُه عن ابن إسحاق، وقال البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (20238): قد رُوي عن بُرد بن سنان أبي سليمان الشامي عن الزُّهْري عن عائشة مرسلًا في إعتاق ولد الزنى، فدلَّ على أنَّ الحديث له أصل من حديث الزُّهْري، والله أعلم.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 58، وفي "معرفة السنن"(20235 - 20237) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(910) عن صالح بن شعيب بن أبان البصري، =

ص: 701

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

2892 -

حدثنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي والفضل بن محمد بن المسيَّب الشَّعْراني، قالا: حدثنا أبو صالح المصري عبد الله بن صالح كاتب الليث، حدثني الليث بن سعد، عن عمر بن عيسى القُرشي ثم الأسَدي، عن ابن جُرَيج، عن عطاء بن أبي رَبَاح، عن ابن عباس قال: جاءت جاريةٌ إلى عمر بن الخطاب، فقالت: إنَّ سيّدي اتهَمَني، فأقعدَني على النار حتى احترق فَرْجي، فقال لها عمر: هل رأى ذلك عليك؟ قالت: لا، قال: فهل اعترفتِ له بشيءٍ؟ قالت: لا، قال عمر: عليَّ به، فلما رأى عمرُ الرجلَ، قال: أتعذِّب بعذاب الله؟! قال: يا أمير المؤمنين، اتهمتُها في نفسي، قال: رأيتَ ذلك عليها؟ قال

= عن الحسن بن عمر بن شقيق، به. لكن لم يسقه بتمامه.

ويشهد للقسم الثاني من الحديث في ردّ عائشة على أبي هريرة في روايته بأنَّ ولد الزنى شر الثلاثة، ما رواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، كانت إذا قيل لها: هو شرُّ الثلاثة، عابت ذلك، وقالت: ما عليه من وزر أبويه؟ قال الله: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} . أخرجه عبد الرزاق (13860) و (13861)، وابن أبي شيبة 2/ 216، وابن أبي داود في "مسند عائشة"(53)، وابن المنذر في "الأوسط"(1938)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1435، وغيرهم من طرق عن هشام، وإسناده صحيح.

وروي عنها مرفوعًا كما سيأتي برقم (7230)، لكن الصحيح وقفه كما رواه جماعة أصحاب هشامٍ عنه.

ويشهد للقسم الثالث ما روي عن عائشة أم المؤمنين أنها ردّت في ذلك على عبد الله بن عُمر، كما أخرجه أحمد 9/ (4959) و 40/ (24302)، والبخاري (3978)، ومسلم (929) و (931) و (932)، وغيرهم.

وفي رواية عنها أنها ردّت في ذلك على عمر بن الخطاب أيضًا، كما أخرجه أحمد 1/ (288) و 40/ (26409)، والبخاري (1288)، ومسلم (929)، (23)، وغيرهم، وفي بعض هذه الروايات أنَّ عمر هو الذي حدّث ابنَه عبدَ الله بذلك.

قوله: "من يَعذِرني" معناه: من ينصرني عليه، أو من يقوم بعذري إن كافأته على سوء فعله ولا يلومني.

ص: 702

الرجلُ: لا، قال: فاعترفَتْ لك به؟ قال: لا، قال: والذي نفسي بيده، لو لم أسمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يُقادُ مملوكٌ مِن مالكِه، ولا والدٌ من وَلَدِه"، لأقدْتُها منكَ، فبَرَّزَه وضربَه مئة سوطٍ، وقال للجارية: اذهبي، فأنتِ حُرّةٌ لوجهِ الله، وأنتِ مولاةُ الله ورسولِه

(1)

.

(1)

حسن بطرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف بمرّة من أجل عمر بن عيسى القرشي، فهو منكر الحديث كما قال البخاري والنسائي والذهبي في "تلخيصه"، واتهمه ابن حبان في "المجروحين" بالوضع، ولا يُعرف هذا الخبر إلّا به، ومع ذلك حسّن إسنادَه ابنُ كثير في "مسند الفاروق"(447) مع اطّلاعه على قول البخاري فيه!

وأخرجه البيهقي 8/ 36 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. بلفظ:"ولا ولدٌ من والده"، وهو اللفظ الآتي في مكرره عند المصنف برقم (8300).

وأخرجه ابن أبي عاصم في كتاب "الديات" ص 66، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5329)، والعقيلي في "الضعفاء"(1143)، والطبراني في "الأوسط"(8657)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 58، والإسماعيلي في "مسند عمر" كما في "مسند الفاروق" لابن كثير 1/ 372، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(563)، والبيهقي 8/ 36، وأبو موسى المديني في "اللطائف من دقائق المعارف"(416) من طرق عن عبد الله بن صالح كاتب الليث، به. وعندهم جميعًا بلفظ:"ولا ولد من والده"، إلَّا ابن أبي عاصم فبلفظ:"ولا والد من ولده".

وأخرج عبد الرزاق (17930) عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: وقع سفيان بن الأسود بن عبد الأسود على أَمَة له فأقعدها على مقلى، فاحترق عَجُزها، فأعتقها عمر بن الخطاب وأوجعه ضربًا.

وأخرج أيضًا (17931) عن الثَّوري، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن رجل منهم، عن عمر: أنَّ رجلًا أقعد جارية له على النار، فأعتقها عمر.

وفي "موطأ مالك" 2/ 776: أنه بلغه أنَّ عمر بن الخطاب أتته وليدة قد ضربها سيدها بنار أو أصابها بها فأعتقها.

وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن الخطاب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يُقتل الوالد بالولد". أخرجه أحمد 1/ (147) و (346)، وابن ماجه (2662)، والترمذي (1400)، لكن اختلف فيه على عمرو بن شعيب كما ذكر الدارقطني في "العلل"(146)، ورجَّح =

ص: 703

قال أبو صالح: قال الليث: وهذا القول معمولٌ به.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2893 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا مسعر، عن عُبيد بن الحسن، عن ابن مَعقِل: أنَّ سَبْيًا من خَوْلانَ قَدِم، وكان على عائشة رقبةٌ من ولد إسماعيلَ، فقَدِمَ سبْيٌ من اليمن، فأرادت أن تُعتِق منهن، فنهاها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقَدِمَ سَبْيٌ من مُضَر - أحسبه قال -: من بني العَنْبر، فأمرها أن تُعتِق

(1)

.

= أنه من رواية عمرو بن شعيب عن عمر مرسلًا.

وأخرج أحمد 1/ (98) عن أسود بن عامر، عن جعفر بن زياد الأحمر، عن مطرف بن طريف، عن الحكم بن عتيبة، عن مجاهد، قال: حذف رجلٌ ابنًا له بسيف فقتله، فرُفع إلى عمر، فقال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يُقاد الوالد من ولده"، لقتلتُك قبل أن تبرح. ورجاله ثقات لكن مجاهدًا لم يدرك عمر، إلَّا أنَّ مثله يصلح في المتابعات والشواهد.

ويشهد لقضية إسقاط القود عن الوالد بولده حديث ابن عباس الآتي برقم (8303)، وهو وإن كان في إسناده ضعف، يصلح في الشواهد.

وفي الباب أيضًا عن علي بن أبي طالب عند ابن ماجه (2664)، ولا يصحّ.

وقصة تحرير المملوك يشهد لها ما صحَّ عن عبد الله بن عمر: أنه دعا بغُلام له، فرأى بظهره أثرًا، فقال له: أوجعتُك؟ قال: لا، قال: فأنت عَتيق، قال: ثم أخذ شيئًا من الأرض، فقال: ما لي فيه من الأجر ما يَزِنُ هذا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من ضرب غلامًا له حدًّا لم يأتِهِ، أو لطمه، فإنَّ كفارته أن يعتقه". أخرجه أحمد 9/ (5051)، ومسلم (1657)، وغيرهما.

وعن سويد بن مُقرِّن: أنَّ بعض بني مقرّن لطم جاريةً لهم، قال: فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُعتقها. أخرجه أحمد 24/ (15703)، ومسلم (1658)، وغيرهما. وسيأتي عند المصنف برقم (8302).

قوله: "فبَرَّزه" بمعنى جرّده، كما جاء بيانه في رواية الطحاوي في "شرح المشكل".

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير أنه اختُلف في وصله وإرساله، وهو في كلا الطريقين اللتين عند المصنف هنا مرسلٌ، والأشبه أنه مرسلٌ، وابن مَعقِل المذكور في إسناده =

ص: 704

تابعه شعبة عن عُبيد بن الحسن:

2894 -

أخبرَناه أحمد بن كامل بن خَلَف القاضي، حدثنا أبو قِلابة.

وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق؛ قالا: حدثنا وهب بن جرير، أخبرنا شعبة، عن عُبيد أبي الحسن، قال: سمعتُ عبد الله بن مَعقِل، قال: كان على عائشة مُحرَّر من ولد إسماعيل، فأُتي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بسَبْي من

= هو عبد الله بن معقل، كما سيأتي مقيدًا في الطريق التالية، وهو المزني، فقد روى عُبيد بن الحسن عدة روايات عنه، ونسبَه في بعضها مُزَنيًّا، فليس هو بالمحاربي كما جزم به الحافظُ ابن حجر في "أطراف المسند" 9/ 85، وفي "إتحاف المهرة"(21898) إذ أورد هذا الحديث في ترجمة عبد الله بن معقل المحاربي، وذلك أنَّ عبيد بن الحسن نص في بعض رواياته أنَّ ابن معقل هذا هو المزني كما قدَّمنا، ولم نقف على رواية لعبيد بن الحسن عن ابن معقل المحاربي، فليس هو به في هذا الحديث، والله أعلم.

وأخرجه أحمد 43/ (26268) عن أبي أحمد الزُّبَيري، عن مسعر، عن عبيد بن حسن، عن ابن معقل، عن عائشة. فوصله. وتابعه علي وصله أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (4968/ 1)، فرواه عن مسعر كذلك.

ورواه شعبةُ كما في الطريق التالية، وأبو نعيم الفضل عند إسحاق بن راهويه في "مسنده"(1768)، ومحمد بن بِشْر العَبْدي عند ابن أبي شيبة في "مصنفه"(12604 - عوامة) كلهم عن عبيد بن الحسن، عن ابن معقل مرسلًا.

ويشهد له حديث أبي هريرة عند البخاري (2543)، ومسلم (2525) بلفظ: كانت سبيّة منهم - يعني من بني تَميم - عند عائشة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"أعتقيها فإنها من ولد إسماعيل".

وفي رواية عنه عند مسلم، ولم يسق لفظها، وساقها غيره، كالطحاوي في "شرح المشكل"(3914)، قال: كان على عائشة محرَّر من ولد إسماعيل، فقدم سبيُ بلعنبر، فقال:"إن سرَّكِ أن تعتقي من ولدِ إسماعيل، فأعتقي من هؤلاء".

وفي رواية ثالثة عند أبي يعلى (6108)، كلفظ رواية المصنف هنا، وإسنادها صحيح.

ويشهد له أيضًا حديث ابن عمر عند البزار كما في "كشف الأستار" للهيثمي (2826)، و"مختصر زوائد البزار" للحافظ (2055)، وصحَّحه الحافظ.

ص: 705

بني العَنْبر، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعتِقِي من بني العنبر - أو من بني لِحْيان - ولا تُعتِقي من بني خَوْلان"

(1)

.

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

صحيح لغيره كسابقه. أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3913) عن إبراهيم بن مرزوق، بهذا الإسناد. لكنه قرن بوهب أبا داود الطيالسي.

ص: 706

‌كتاب المكاتَب

2895 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى العَنْبري، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا ابن عَجْلان، عن سعيد المقبُري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثٌ حقٌّ على الله أن يُعينَهم: المكاتَبُ الذي يريدُ الأداء، والمجاهدُ في سبيل الله، والناكِحُ يريدُ أن يَستعِفَّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.

2896 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك، حدثنا عَمرو بن ثابت، حدثنا عبد الله بن محمد بن عَقيل، عن عبد الله بن سهل بن حُنَيف، أنَّ سهلًا حدَّثه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن أعانَ مُجاهدًا في سبيل الله - أو غازِيًا - أو غارِمًا في عُسرتِه، أو مكاتبًا في رقبتِه، أظلَّه الله في ظِلّه يومَ لا ظِلَّ إلّا ظِلُّه"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2897 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ ومحمد بن عبد الله بن دِينار العَدْل، قالا: حدثنا أحمد بن محمد بن نصر، حدثنا أبو نُعيم الفضل بن دُكين، حدثنا عيسى بن عبد الرحمن السُّلَمي، حدثنا طلحة اليامِيّ، عن عبد الرحمن بن عَوسَجة، عن البراء بن عازب، قال: جاء أعرابيٌّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله،

(1)

إسناده قوي من أجل ابن عجلان: وهو محمد. وقد تقدم برقم (2711) من طريق يحيى بن محمد بن يحيى، عن مُسدَّد.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عمرو بن ثابت: وهو عمرو بن أبي المقدام البكري، ولأنَّ عبد الله بن سهل لا يُعرف روى عنه غير عبد الله بن محمد بن عَقِيل، ولم يرو هذا الحديث غيره، وقد توبع عمرو بن ثابت عليه فيما تقدم برقم (2479)، فيبقى الشأن في تفرد ابن عَقيل به. وله شواهد أوردناها هناك.

ص: 707

علِّمني شيئًا يُدخِلُني الجنة، فقال:"لَئِن أقصرْتَ الخُطبةَ لقد أعرضْتَ المسألةَ: أعتقِ النَّسَمةَ وفُكَّ الرقَبَة" قال: أوَليسا واحدًا؟ قال: "فإنَّ عِتْقَ النسَمةِ أن تَفَرَّدَ بعِتْقها، وفَكَّ الرقَبةِ أن تُعينَ في ثمنِها، والمِنْحةُ المَوكُوفة، والفَيءُ على ذي الرَّحِمِ الظالِم، فإن لم تُطِقْ ذلك، فأطعِمِ الجائعَ، واسقِ الظَّمآن، وأْمُر بالمعروف وانْهَ عن المُنكر، فإن لم تُطِقْ ذلك، فكُفَّ لِسانَك إلّا مِن خَيرٍ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2898 -

أخبرني أبو القاسم عبد الرحمن بن الحَسَن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا عفّان بن مسلم، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن عاصم بن سليمان وعلي بن زيد

(2)

، عن أبي عثمان النَّهْدي، عن سلمان، قال: كاتبتُ أهلي على أن أغرِسَ لهم خمسَ مئة فَسِيلةٍ، فإذا عَلِقَتْ فأنا حُرٌّ، فأتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فذكرتُ ذلك له، فقال:"اغرِسْ، واشترِط لهم، فإذا أردتَ أن تَغرِسَ فآذِنِّي"، فجاء فجعل يَغرِس، إلّا واحدةً

(1)

إسناده صحيح. طلحة الياميّ: هو ابن مُصرِّف.

وأخرجه أحمد 30/ (18647)، وابن حبان (374) من طرق عن عيسى بن عبد الرحمن البجلي، بهذا الإسناد.

قوله: "أقصرْتَ الخُطبة"، أي: جئت بالخطبة قصيرة.

وقوله: "أعرضْتَ المسألة"، أي: جئت بالمسألة واسعة كثيرة.

والنَّسَمة: النفس والرُّوح، وكل دابّة فيها روح فهي نَسَمة، وإنما يريد الناس.

والمِنْحة: الناقة أو الشاة تعطى ليُنتفَعَ بلبنها ثم تعاد إلى مالكها.

وقوله: الموكوفة، كذا جاء في أصولنا بصيغة مفعولة، وفي سائر مصادر تخريج: الوَكُوف، بصيغة فَعُول، وهو المعروف في كتب اللغة، ومعناه: الناقة أو الشاة الغزيرة اللبن. ولعلَّ الصواب في رواية الحاكم: الوكوفة، بحذف الميم، بإلحاق تاء التأنيث، لأنَّ المنحة مؤنثة، وذلك جائز في نظائره على قِلّة، كعَجُوزة للمرأة المُسِنة، والله أعلم.

والفَيء على ذلك الرحم الظالم: العَطفُ عليه والرجوع إلى بِرّه.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: يزيد.

ص: 708

غَرَستُها بيدي، فعَلِقَت جميعًا إلّا الواحدةَ

(1)

.

هذا حديث صحيح من حديث عاصم بن سليمان الأحول على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

2899 -

أخبرنا ميمون بن إسحاق الهاشمي ببغداد، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا عمرو بن عاصم الكِلابي، حدثنا همَّام، عن عباس الجُريري، حدثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيُّما مُكاتَبٍ كُوتِبَ على ألف أُوقيّة فأدّاها إلّا عشرَ أَواقٍ، فهو عبدٌ، وأيُّما مُكاتَبٍ كُوتِب على مئة دينارٍ فأدّاها إلّا عشرةَ دنانير، فهو عبدٌ"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن الحسن القاضي، وقد انفرد في هذا الإسناد بذكر عاصم بن سليمان - وهو الأحول - وإنما هذا الخبر بهذه السياقة لعلي بن زيد - وهو ابن جُدعان - كذلك رواه جماعة من الحُفاظ عن عفان بن مسلم، وعلي بن زيد هذا ضعيف باتفاق، وعليه فما وقع في "مسند أحمد" من تصحيح الحديث اغترارًا بذكر عاصم بن سليمان هنا غير صحيح البتة، والله ولي التوفيق في "مسنده"(469).

وأخرجه أحمد 39/ (23730) عن عفان بن مسلم، عن حماد سلمة، عن علي بن زيد وحده به. وكذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده"(469) وابن سعد في "الطبقات" 4/ 75 عن عفان دون ذكر عاصم بن سليمان.

وقد قدّمنا برقم (2213) بيان اختلاف الرواة لخبر إسلام سلمان فيما أدّاه مقابل مكاتبته.

(2)

إسناده حسن، وعباس الجُريري: هو ابن فرُّوخ، وليس هو عباسًا الجزري، كما أصلحه الإمام أحمد في "المسند" بعد أن كان في أصل نسخته: عباس الجريري، اعتمادًا على ما قاله شيخه عبد الصمد - وهو ابن عبد الوارث - الذي يرويه عن همام - وهو ابن يحيى العَوْذي - فقد رواه عن عبد الصمد غير الإمام أحمد، فقالوا فيه: عباس الجريري، وهو الذي قاله غير واحد ممَّن رواه عن همام غير عبد الصمد، كعمرو بن عاصم الكلابي هنا، وعبد الله بن يزيد المقرئ فيما نقله الدارقطني في "السنن" بإثر الحديث (4213)، وكذلك نسبه أبو الوليد الطيالسي في روايته عن همام، غير أنه انفرد بتسميته العلاء بدل عباس، فالأصح أنه عباس الجُريري كما قال الذهبي في "الكاشف". وقد تابعه على معنى حديثه سليمانُ بن سُليم الحمصي، يرويه عن عمرو بن شعيب. =

ص: 709

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2900 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن سلْمان بن الحسن الفقيه إملاءً ببغداد، حدثنا الحسن بن مُكرَم البَزّاز، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا علي بن المُبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن عِكرمة، عن ابن عباس، قال: قضَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في المكاتَب أن يُقتَلَ بدِيَةِ الحُرّ على قَدْر ما أَدَّى منه

(1)

.

= وأخرجه النسائي في العِتق كما في "تحفة الأشراف"(8725) عن عبد القدوس بن محمد، عن عمرو بن عاصم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 11/ (6726)، وأخرجه أبو داود (3927) عن محمد بن المثنى، كلاهما (أحمد وابن المثنى) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن همام، به. غير أنَّ عبد الله بن أحمد قال بعد أن روى هذا الحديث عن أبيه، وقال في إسناده: عباس الجزري، قال: كذا قال عبد الصمد: عباس الجزري، كان في النسخة: عباس الجريري، فأصلحه أبي كما قال عبد الصمد: الجزري. قلنا: وأما ابن المثنى فسماه في روايته عباسًا الجريري، وتابعه أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي عند الدارقطني (4213)، فالصحيح ما كان في أصل نسخة الإمام أحمد. وقال عبد الصمد في روايته:"على مئة أوقية"، بدل:"على ألف أوقية".

وأخرجه النسائي (5008) من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن همام، عن العلاء الجُريري، عن عمرو بن شعيب؛ فسماه العلاء الجريري، فوافق غيره في النسبة، وانفرد بالاسم، والقول قول من سماه عباسًا، كما صحَّحه الذهبي. وقال أبو الوليد في روايته:"على مئة وُقيّة"، كعبد الصمد.

وأخرج أبو داود (3926) من طريق إسماعيل بن عياش، عن سليمان بن سُليم الحمصي، عن عمرو بن شعيب، به. بلفظ:"المكاتَب عبدٌ ما بقي عليه من مكاتبته درهمٌ". وإسناده حسن أيضًا.

(1)

رجاله ثقات، لكنه اختُلِف في وصله وإرساله، وفي رفعه ووقفه، كما بسطناه في "سنن أبي داود" بتحقيقنا (4581)، وقد نبَّه على ذلك أبو داود باختصار بإثر الحديث (4582).

وأخرجه النسائي (6983) من طريق وكيع، عن علي بن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/ (1944) و (1984) و 4/ (2356)، وأبو داود (4581)، والنسائي (5000) من طريق هشام بن أبي عبد الله الدَّستُوائي، وأحمد 5/ (3423)، وأبو داود (4581)، والنسائي =

ص: 710

قال يحيى: قال عِكْرمة عن ابن عباس: يُقام عليه حدُّ المَملُوك

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2901 -

أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي وعلي بن عبد العزيز، قالا: حدثنا مُسلِم بن إبراهيم، حدثنا أبان بن يزيد،

= (6985) من طريق حجاج بن أبي عثمان الصوّاف، والنسائي (5001) و (6984) من طريق معاوية بن سلّام، ثلاثتهم عن يحيى بن أبي كثير، به. ولفظ هشام وحجاج بنحو لفظ أبان بن عبد العزيز بن يزيد الآتي عند المصنف بعده.

وسيأتي برقم (2902) بلفظ وسياق فيه مغايرة من طريق أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، ويخالف فتوى ابن عباس التي أسندها المصنف بإثر الرواية هنا، كما نبَّه عليه البيهقي 10/ 326.

وإذا ضُبط قوله في الحديث هنا: "أن يَقتُل" على البناء للفاعل، يعني أن يكون المكاتب هو الذي باشر القتل، لا أنه قتله غيره، فيوافق حينئذٍ روايةَ أيوب عن عكرمة، وتكون رواية أيوب فيها زيادة معنًى ليس في هذه الرواية، وهو ذكر الميراث، لكن رواية هشام وأبان وحجاج عن يحيي تدل على أنَّ الضبط هنا بالبناء للمفعول، وعلى أية حالٍ فليس في كلتا الروايتين تعارض، بل إذا انضمتا لبعضهما أفادت كلُّ واحدة معنًى زائدًا على الأخرى، وقد جمعهما الترمذي (1259) في روايته عن أيوب عن عكرمة، لكن تبقى مخالفة المرفوع لفتوى ابن عباس التي هنا، ويبقى الخلاف في الوصل والإرسال والرفع والوقف، والله أعلم.

(1)

هذا موصول بالإسناد الذي قبله، ولكنه موقوف على ابن عباس، ويخالف ظاهره رواية أيوب عن عكرمة عن ابن عباس المرفوعة الآتية برقم (2902).

وأخرجه البيهقي 10/ 326 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن الجارود (982) عن محمد بن يحيى الذهلي، عن عثمان بن عمر، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 148 و 9/ 518، وابن أبي عاصم في "الديات" ص 99، والطحاوي في "أحكام القرآن"(2043)، وفي "شرح معاني الآثار" 2/ 461 من طريق وكيع بن الجراح، عن علي بن المبارك، به.

وقال البيهقي 10/ 326: هذا عن ابن عباس من قوله يخالف الحديث المرفوع في القياس، ويخالف ما رواه حماد بن سلمة في النص. قلنا: يعني ما رواه حماد عن أيوب عن عكرمة في الرواية الآتية برقم (2902).

ص: 711

حدثنا يحيى بن أبي كَثير، عن عِكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُودَى المكاتَبُ بقَدْر ما عَتَقَ منه بحِسابِ الحُرِّ، وما رَقَّ فبِحسابِ العَبدِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

2902 -

أخبرنا إبراهيم بن عِصْمة، حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة.

وأخبرني عبد الله بن محمد الصَّيدلاني، حدثنا محمد بن أيوب؛ قالا: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن أيوب، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أصاب المُكاتَبُ حَدًّا، أو وَرِثَ ميراثًا، فإنه يَرِثُ بقَدْر ما عَتَقَ، ويُقامُ عليه بقَدْر ما عَتَقَ منه"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2903 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي الصنعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن الزُّهْري، قال: حدثني نَبْهان مُكَاتَبُ أم سَلَمة، قال: إني لأقودُ بها بالبَيداء - أو بالأبْواء - قالت: مَن هذا؟ فقلت: أنا نَبْهان، فقالت: إني قد تركتُ بقيّة مُكاتَبتِك لابن أخي محمد بن عبد الله بن أبي أُميّة، أُعِينُه به في نكاحه، قال: فقلت: لا والله، لا أؤدّيه أبدًا، قالت: إن كان إنما بك أن تَدخُل عليَّ أو

(1)

رجاله ثقات كسابقه.

وأخرجه أحمد 4/ (2660) عن عفان بن مسلم، عن أبان بن يزيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 5/ (3489)، والترمذي (1259) من طريق يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس.

(2)

رجاله ثقات، لكنه اختُلف في وصله وإرساله ورفعه ووقفه، كما بيناه مبسوطًا في "سنن أبي داود" بتحقيقنا (4582)، وأشار إلى ذلك أبو داود بإثره.

وأخرجه أبو داود (4582) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/ (3489)، والترمذي (1259)، والنسائي (5002) و (6357) و (6986) و (7226) من طريق يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، به. زاد الترمذي: وقال النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر نحو رواية أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة التي تقدمت.

ص: 712

تَراني، فوالله لا تَراني أبدًا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا كان عند المُكاتَب ما يُؤدِّي، فاحتجِبي منه"

(1)

.

(1)

إسناده محتمل للتحسين من أجل نبهان مكاتب أم سلمة، فقد روى عنه الزُّهْري ومحمد بن عبد الرحمن مولى أبا طلحة وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه الذهبي في "الكاشف"، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 15/ 668 - 669 وهو يتحدث عن حديث نبهان الآخر عن أم سلمة في حديث:"أفعمياوان أنتما": إسناده قوي، وأكثر ما عُلِّل به انفرادُ الزُّهْري بالرواية عن نبهان، وليست بعلة قادحة، فإنَّ من يعرفُه الزُّهْري، ويصفُه بأنه مُكاتَب أم سلمة، ولم يجرحه أحدٌ، لا تُرَدُّ روايته.

وأخرجه أحمد 44/ (26629) عن عبد الرزاق، به. دون ذكر القصة.

وأخرجه أحمد (26656) عن محمد بن جعفر، والنسائي (5012) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، كلاهما عن معمر، به. دون ذكر القصة أيضًا.

وأخرجه أحمد (26473)، وأبو داود (3928)، وابن ماجه (2520)، والترمذي (1261)، والنسائي (9184) من طريق سفيان بن عيينة، والنسائي (5013) من طريق محمد بن أبي عتيق وموسى بن عقبة، و (5014) من طريق محمد بن إسحاق، و (5015) و (5016) و (9183) من طريق صالح بن كيسان، وابن حبان (4322) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، كلهم عن الزُّهْري، به. لم يذكر أحد منهم القصة سوى يونس بن يزيد، فذكرها بأتم وأوضح ممّا هنا. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

قلنا: ولا يعارض هذا حديث عبد الله بن عمرو بن العاص المتقدم برقم (2899) الذي فيه أنَّ المكاتب عبد ما بقي عليه شيء من مال مكاتبته، ولا مع عمل أم المؤمنين عائشة الذي أخرجه البيهقي 10/ 324، لما استأذن عليها سليمان بن يسار، فقالت له: من هذا؟ فقال: سليمان، قالت: كم بقي عليك من مكاتبتك؟ قال: عشر أواقٍ، قالت: ادخُل، فإنك عبد ما بقي عليك درهم. وذلك أنَّ معنى حديث أم سلمة هنا ما إذا كان عنده ما يقضي مكاتبته ويمنعه وهو واجب عليه لأجل أن يتسع له النظر ولا يمنع من الدخول على مُكاتِبتِه، كما تفيده رواية يونس بن يزيد الأيلي عن الزُّهْري عن نبهان: أنَّ أم سلمة كاتبته، فبقي من كتابته ألفا درهم، قال نبهان: فكنت أمسكها لكي لا تحتجب عني أم سلمة، فذكر نحو القصة. وكما تفيده رواية محمد بن إسحاق عن الزُّهْري، أنَّ أم سلمة قالت: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا إذا كان عند مكاتب إحداكن وفاءً بما بقي من مكاتَبته فاحتجبن منه. =

ص: 713

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2904 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا أبو بكر الحَنَفي، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن عبد الله بن وهب، عن تَميم الداري، أنه قال: يا رسول الله، الرجلُ من المشركين يُسلِم على يَدَي الرجلِ المُسلمِ، قال:"هو أَولى به في حياتِه ومَماتِه"

(1)

.

= وحمل الترمذيُّ الحديثَ على معنى التورُّع، والأقرب حملُه على ما ذكرنا لمساعدة الروايات المذكورة له.

وحمله الإمام الشافعي فيما نقله عنه البيهقي في "المعرفة"(20719) على محمل آخر، فقال: هذا في شأن أمهات المؤمنين بالنظر إلى ما عظَّمهن الله به، وخصّهن به، وأنَّ احتجاب المرأة ممَّن له أن يراها واسعٌ لها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم سَوْدةَ أن تحتجب من رجل قضى أنه أخوها، وذلك يشبه أن يكون للاحتياط وأنَّ احتجاب المرأة ممَّن له أن يراها مباحٌ.

قلنا: ويجوز أن يكون لما أحالت أمُّ سلمة نبهانَ على ابن أخيها ليدفع له ما بقي من كتابته صارت في حكم من استوفى كامل مال المكاتبة، وصار مكاتَبُها في حقها حرًّا تترتب عليه أحكام الأحرار من الاحتجاب وغيره، والله تعالى أعلم.

(1)

رجاله لا بأس بهم، لكن اختُلف فيه على يونس بن أبي إسحاق، وهو السَّبيعي - فرواه أبو بكر الحنفي - واسمه عبد الكبير بن عبد المجيد - كما هنا، عن يونس، عن أبيه، عن عبد الله بن وهب - وغيره يقول: ابن موهب - عن تَميم الداري، وخالف أبا بكر الحنفي عبيدُ بنُ عُقيل البصري، فرواه عن يونس بن أبي إسحاق، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن موهب، وهذا أولى بالصواب كما قال النسائي بإثر (6379)، وذكر الدارقطني في "الغرائب والأفراد" كما في "أطرافه" للمقدسي (1525) أنَّ هذا غريب من حديث أبي إسحاق السَّبيعي. فالمحفوظ أنَّ الحديث لعبد العزيز بن عمر كما قال المزي في "التهذيب" 16/ 288.

ثم إنه اختُلف في هذا الحديث أيضًا عن ابن موهب فرواه سائر أصحاب عبد العزيز بن عمر عنه عن تَميم كما وقع هنا، وجماعة منهم يذكرون تصريح ابن موهب بسماعه من تَميم الداري، منهم وكيع وأبو نعيم الفضل بن دكين.

وخالفهم يحيى بن حمزة الحضرمي كما في الطريق التالية عند المصنف، فذكر بين ابن موهب وبين تَميم رجلًا هو قبيصة بن ذؤيب. =

ص: 714

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= واختلف أهل العلم في تصحيح الحديث: فصحَّحه أبو حاتم الرازي كما في "العلل" لابنه (1642) نظرًا لتصحيح سماع ابن موهب من تَميم كما في رواية أبي نعيم، حيث صرّح بسماعه منه.

وصحَّحه آخرون بذكر قبيصة بن ذؤيب لكون الواسطة قد عُلمت، وأنه ثقة وأدرك تَميمًا، ومنهم أبو زرعة الدمشقي ويعقوب بن سفيان وابن التركماني وابن القيم.

وضعَّف هذا الحديثَ آخرون بانقطاعه بين ابن موهب وبين تَميم وأنه لا يصح ذكر قبيصة فيه لتفرده بذلك، منهم الشافعي والترمذي وابن المنذر والبيهقي وعبد الحق الإشبيلي، وضعفه البخاري لمعارضته حديث "الولاء لمن أعتق"(المخرّج في "الصحيحين" من حديث عائشة).

واختلف فيه قول أحمد، فمرة يقول فيه: لا أعلم إلّا أنَّ ابن موهب لقي تَميمًا، كما في "العلل" برواية ابنه عبد الله (2901). وسأله ابنه صالح أيضًا عن هذا الحديث وأن فيه مخالفة لحديث "الولاء لمن أعتق"، فقال له أحمد: لهذا وجه ولهذا وجه. قلنا: ونحو هذا قول الشافعي في "الأم" 5/ 163 - 164.

وضعَّف أحمد الحديث في أحيان أخرى لمعارضته لحديث "الولاء لمن أعتق"، وقد بَسَطَ ذلك في روايات عنه أبو بكر الخلّال في "أحكام أهل الملل والردة"(954 - 965).

وأعلَّه الشافعي أيضًا وابن القطان بجهالة ابن موهب.

وأخرجه النسائي (6378) عن محمد بن المثنى، عن أبي بكر الحنفي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (6379) من طريق عبيد بن عقيل، عن يونس بن أبي إسحاق، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن موهب، به. وقال بإثره: هذا حديث أولى بالصواب من الذي قبله.

وكذلك أخرجه أحمد 28/ (16944) عن إسحاق بن يوسف الأزرق، وأحمد (16948)، وابن ماجه (2752)، والترمذي (2112) من طريق وكيع بن الجراح، والترمذي (2112) من طريق أبي أسامة وابن نمير، والنسائي (6380) من طريق عبد الله بن داود الخُريبي، خمستهم عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن موهب، عن تَميم. وصرَّح وكيع في روايته بسماع ابن موهب من تَميم، وتابعه أبو نُعيم الفضل بن دكين عند الدارمي (3076) وغيره، وكان أبو نعيم يقول: أنا سمعت عبد العزيز بن عمر يذكر عن عبد الله بن موهب، قال: سمعت تَميمًا الداري، نقله عنه أبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" 1/ 569.

وقد بيَّن الشافعيُّ في "الأم" 5/ 164 وجه هذا الحديث، فقال: أقول: إنَّ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الولاء لمن أعتق"، ونهيه عن بيع الولاء وعن هبته، وقوله: "الولاء لُحمة كلُحمة النسب =

ص: 715

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه، وعبد الله بن وهب بن زَمْعة

(1)

مشهور.

وشاهدُه عن تَميم الداري حديث قَبيصة بن ذُؤيب:

2905 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا أبو مُسهِر عبد الأعلى بن مُسهِر الغسّاني، حدثني يحيى بن حمزة الحَضْرمي، حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، حدثنا عبد الله بن وهب القُرشي، عن قَبيصة بن ذُؤيب، عن تَميم الداري، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجلِ يُسلِمُ على يَدَي الرجل، فقال:"هو أَولى الناس بمَحْياهُ ومَماتِه"

(2)

.

2906 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا يحيى بن محمد

= لا يُباع ولا يُوهب" فيمن أعتق، لأنَّ العتق نسب والنسب لا يُحوّل، والذي يُسلم على يدي الرجل ليس هو المنهي أن يُحوّل ولاؤه.

(1)

كذا جزم المصنف بأنَّ هذا عبد الله بن وهب بن زمعة! وهو قول لم يتقدمْه أحدٌ إليه، ولم يتابعه عليه أحدٌ، وإنما هو عبد الله بن موهب الفِلَسطيني، وقد اغتر المصنف بما ورد في إسناديه للحديث هنا، وفي نسبته في ثاني الإسنادين قرشيًا، فجزم بذلك، وهو خطأ لما سيأتي بيانه.

(2)

رجاله ثقات، لكن بينا عند الطريق التي قبله أنه اختُلف فيه عن عبد العزيز بن عمر في ذكر قبيصة وإسقاطه، وأنَّ يحيى بن حمزة وحده هو من انفرد بذكره. وقوله في هذا الإسناد: عبد الله بن وهب القرشي، وهمٌ ظاهرٌ من محمد بن إسحاق الصغاني أو ممن دونه، لأنَّ أبا زرعة الدمشقي في "تاريخه" 1/ 569، وعمرو بن منصور النسائي عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 232، قد رويا هذا الحديث عن أبي مسهر فقالا فيه: عبد الله بن موهب، لم ينسباه، وقالا: ابن موهب، فاتفق قولهما مع قول سائر أصحاب عبد العزيز بن عمر، وكذلك رواه هشام بن عمار ويزيد بن خالد بن موهب عن يحيى بن حمزة، ثم إنَّ أحدًا ممن ترجم لابن موهب لم ينسبه قرشيًا لا نسبًا ولا ولاءً، بل نسبوه همْدانيًا، وبعضهم قال: رجل من خولان، كما في رواية أبي القاسم البَغَوي في "معجم الصحابة"(234).

وأخرجه أبو داود (2918) عن هشام بن عمار ويزيد بن خالد بن موهب الرملي، عن يحيى بن حمزة الحضرمي، عن عبد العزيز بن عمر، عن عبد الله بن مَوهَب، به.

ص: 716

ابن يحيى الشهيد، حدثنا مُسدَّد، حدثنا إسماعيل ابن عُلَيَّة، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزُّهْري، عن محمد بن جُبير، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عَوْف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شَهِدتُ غلامًا مع عُمومتي حِلفَ المُطيَّبين، فما يَسُرُّني أنَّ لي حُمْرَ النَّعَمِ وإني أَنكُثُه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

2907 -

أخبرنا علي بن عبد الرحمن السَّبِيعي بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزة، حدثنا عُبيد الله بن موسى، حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جُبير بن مُطعِم، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حِلفَ في الإسلام، وأيُّما حِلْفٍ كان في الجاهلية لم يَزِدْه الإسلامُ إلّا شِدّةً"

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن إسحاق: وهو المدني.

وأخرجه أحمد 3/ (1676)، وأخرجه ابن حبان (4373) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما (أحمد وابن أبي شيبة) عن إسماعيل ابن عُليَّة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/ (1655) عن بشر بن المفضّل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، به.

والمطيَّبون: جمع مُطيَّب، بصيغة المفعول، وهم خمس قبائل: بنو عبد مَناف، وبنو أسد بن عبد العُزَّى، وبنو تَيْم، وبنو زُهرة، وبنو الحارث بن فِهْر، وذلك لما أرادت بنو عبد مَناف وهم بنو هاشم أخذ ما في أيدي بني عبد الدار من الحجابة والرِّفادة واللواء والسّقاية، وأبت بنو عبد الدار تسليمها إياهم، اجتمع المذكورون في دار ابن جُدعان في الجاهلية، وعقد كل قوم على أمرهم حِلفًا مؤكَّدًا على التناصر وأن لا يتخاذلوا، ثم أخرج لهم بنو عبد مَناف جَفْنةً، ثم خلطوا فيها أطيابًا وغمسوا أيديهم فيها وتعاقدوا، ثم مسحوا الكعبة بأيديهم توكيدًا، فسُمُّوا المُطيَّبين.

وحُمْر النَّعَم: هي الإبل، وحُمْرها أفضلها وأنفَسُها.

(2)

إسناده صحيح. ويرويه سعد بن إبراهيم - وهو ابن عبد الرحمن بن عوف - عن أبيه أيضًا عن جبير بن مُطعِم.

وأخرجه النسائي (6385)، وابن حبان (4372) من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق، عن زكريا بن أبي زائدة، به. =

ص: 717

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

= وأخرجه أحمد 27/ (16761)، ومسلم (2530)، وأبو داود (2925) من طريق عبد الله بن نُمير وأبي أسامة حماد بن أسامة، وأبو داود (2925) من طريق محمد بن بشر، وابن حبان (4371) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، أربعتهم عن زكريا بن أبي زائدة، عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جبير بن مُطعم.

قال النووي: المراد بقوله: "لا حِلف في الإسلام": حلف التوارُث والحلف على ما منع الشرعُ منه.

ص: 718