المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين اللهمَّ صلِّ على سيدنا محمد وعلى - المستدرك على الصحيحين - ط الرسالة - جـ ٥

[أبو عبد الله الحاكم]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

اللهمَّ صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وسلِّم

(1)

حدَّثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربع مئة:

‌كتاب تواريخ المتقدّمين من الأنبياء والمرسلين وذكر مناقبهم وأخبارهم مع الأمم على لسان سيدنا المصطفى صلى الله عليه وعليهم أجمعين

فإنَّ الإمامَ أبا عبد الله محمدَ بنَ إسماعيلَ أخرجه في هذا المَوضع من "الجامع الصحيح" قبل بَدء الشريعة وذِكْر الصحابة، فاقتدَيتُ به.

ذِكرُ ما رُوِيَ بالأسانيد الصحيحة من ذكر آدمَ أبي البشر صلوات الله عليه وامرأته حوّاءَ حين أُهبِطا إلى الأرض، مما لم يُخرجاه الشيخان:

4036 -

حدَّثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي وموسى بن الحسن بن عَبّاد، قالا: حدَّثنا عفان بن مُسلِم، حدَّثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لما صَوَّرَ الله آدمَ تركَه، فجَعَل إبليسُ يُطِيفُ به، يَنظُر إليه، فلما رآه أجوفَ قال: ظَفِرتُ به، خَلْقٌ لا يَتمالَك"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

(1)

من البسملة إلى هنا من (ص) و (ع).

(2)

إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني.

وأخرجه أحمد 21/ (13516) و (13661) عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم برقم (105) من طريق بهز بن أسد عن حماد بن سلمة.

ص: 5

4037 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدَّثنا محمد بن أحمد بن النضر الأزدي، حدَّثنا معاوية بن عمرو، حدَّثنا زائدة، حدَّثنا عمار بن أبي معاوية البَجَلي، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس قال: ما أُسكِنَ آدمُ الجنةَ إِلَّا ما بين صلاةِ العصر إلى غُروب الشمسِ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4038 -

أخبرني أحمد بن يعقوب الثقفي، حدَّثنا موسى بن هارون، حدَّثنا عمرٌو بن علي، حدَّثنا عِمران بن عُيَينة، أخبرنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس، قال: إِنَّ أول ما أهبَطَ الله آدمَ إلى أرض الهند

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. وسماع عمار بن أبي معاوية - ويقال: ابن معاوية - من سعيد بن جُبَير صحيح ثابت، فقد صرَّح بسؤاله له في "مصنف عبد الرزاق"(14160)، وأثبته البخاري في "تاريخه الكبير".

وأخرجه أبو علي بن الصَّوّاف في الجزء الثاني من "فوائده"(14) من طريق حسين بن علي ومعاوية بن عمرو، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (5580)، وابن مَنْدَهُ في "التوحيد"(76) من طريق الحسن بن مسلم، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس.

وأخرجه جعفر بن محمد الفريابي في "القدر"(5) من طريق سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن نافع، عن قيس بن سعد، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس.

وخالف إبراهيم بنَ نافع هشامُ بنُ حسان - وكلاهما ثقة - فرواه عن قيس بن سعد، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، فجعله من رواية عطاء عن ابن عباس! أخرجه ابن مَنْدَهْ (75)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(817)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الحُجة في بيان المَحجة"(213)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ 375. والمحفوظ فيه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وقد يكون كلٌّ من عطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير قد روياه عن ابن عباس، والله أعلم.

وقد تقدّم بنحوه عند المصنف برقم (3622) من طريق أبي بشر، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس.

وأخرجه بنحوه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 43 عن معمر، قال: أخبرني شيخ أنَّ ابن عباس قال

(2)

خبر صحيح، وهو موقوف، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم لكن لم يتحرر لنا وقت سماع =

ص: 6

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4039 -

حدَّثنا محمد بن الحسن الكارِزِيّ، حدَّثنا علي بن عبد العزيز، حدَّثنا حجاج بن مِنْهال، حدَّثنا حماد بن سَلَمة، عن حُميد، عن يوسف بن مِهْران، عن ابن عباس، قال: قال علي بن أبي طالب: أطيبُ ريحٍ في الأرض الهندُ، أُهبط بها آدمُ صلى الله عليه وسلم، فعَلِقَ شجرَها مِن ريح الجنة

(1)

.

= عمران بن عيينة من عطاء بن السائب، هل كان قبل اختلاطه أو بعده؟ وقد تابعه جَرير بن عبد الحميد على إسناده، لكنه خالفه في متنه كما سيأتي، وجرير ممَّن سمع من عطاء في الاختلاط، وقد روي خبر ابن عبّاس هذا من وجه آخر يوافق رواية عمران بن عيينة، فالقول قوله، والله أعلم.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 9/ 111، وفي "تاريخه" 1/ 121 عن عمرو بن علي، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 88 من طريق محمد بن أبي بكر المقدَّمي، عن عمران بن عيينة، به.

وأخرج ابن أبي حاتم أيضًا 1/ 89 من طريق جَرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السائب، به.

بلفظ: أُهبط آدم إلى أرض يقال لها: دجنا بين مكة والطائف. كذا قال جرير: بين مكة والطائف، وهو خطأ.

فقد أخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 122 و 125 و 133، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ 422 من طريق أبي يحيى القتات، عن مجاهدٍ، عن ابن عباس: أنَّ آدم نزل حين نزل بالهند. وأبو يحيى القتات فيه ضعف لكنه يُعتَبر به في المتابعات والشواهد.

ويشهد له ما رواه أبو الزبير عن جابر، قال: إنَّ آدم عليه السلام لما أُهبط إلى الأرض أُهبط بالهند. أخرجه ابن منده في "التوحيد"(85)، وأبو يعلى الفرّاء في "إبطال التأويلات"(71)، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ 438. وصحَّح إسناده ابن منده.

وصحَّ عن علي بن أبي طالب أيضًا، كما سيأتي بعده.

وقال الطبري في "تاريخه" 1/ 122: هبوط آدم بأرض الهند ممّا لا يدفعُ صحتَه علماءُ الإسلام وأهلُ التوراة والإنجيل.

(1)

إسناده ضعيف، فذكر حميد - وهو الطويل - فيه وهمٌ من علي بن عبد العزيز أو ممَّن دونه، والمحفوظ أنَّ حمادًا يرويه عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف، وقد روي معنى هذا =

ص: 7

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4040 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل، حدثنا هَوْذة بن خليفة، حدثنا عوف، عن قَسَامة بن زهير، عن أبي موسى

(1)

الأشعري، قال: إنَّ الله لما أخرج آدمَ من الجنة زوّده من ثمار الجنة، وعلمه صنعة كل شيء، فثمارُكم هذه من ثمار الجنة، غير أنَّ هذه تَغَيَرُ، وتلك لا تَغَيّرُ

(2)

.

= الخبر عن علي بن أبي طالب من وجه آخر صحيح، كما سيأتي.

وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور"(179) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 121 عن محمد بن سنان القزاز، عن حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، به.

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(1111) من طريق عمرو بن عاصم، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، به.

وأخرجه عبد الرزاق (9118)، والأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 50، والفاكهي (1110) من طريق أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن علي قال: خير واد في الناس وادي مكة، وواد بالهند الذي أهبط فيه آدم عليه السلام، ومنه يؤتى بهذا الطيب الذي تطيبون به

وإسناده قوي.

(1)

وقع في النسخ الخطية و "تلخيص المستدرك" للذهبي: عن أبي بكر بن أبي موسى، بدل: عن أبي موسى، وهو خطأ صوّبناه من رواية البيهقي في "البعث والنشور"(170) عن أبي عبد الله الحاكم، وكذلك هو في سائر المصادر التي خرجت هذا الخبر. وقسامة لا تعرف له رواية عن أبي بكر بن أبي موسى، وهو أكبر من أبي بكر.

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل هَوذة بن خليفة، وقد توبع، وقد روي مرفوعًا، ولكن الصحيح وقفه. عوف هو ابن أبي جميلة الأعرابي.

وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور"(180)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ 438 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 44، ومن طريقه ابن أبي حاتم في "التفسير" 1/ 92 عن معمر بن راشد، والبزار (3030)، والطبري في "تاريخه" 1/ 127، وفي "تفسيره" 1/ 175 من طريق محمد بن أبي عدي، والطبري في "تاريخه" 1/ 127، وفي "تفسيره" 1/ 175 من طريق عبد الوهاب الثقفي ومحمد بن جعفر، وأبو بكر الدينوري في "المجالسة"(2808) من طريق محمد بن ثور =

ص: 8

صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4041 -

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمَسي بالكوفة، حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع، حدثنا هناد بن السَّرِي، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي سعد

(1)

، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنَّ اليهود أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فسألته عن خَلْقٍ السماوات والأرض، فقال:"خلَقَ اللهُ الأرضَ يوم الأحد والاثنين، وخلق الله الجبال يوم الثلاثاء وما فيهنَّ من منافع، وخلَقَ يومَ الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعُمران والخراب، فهذه أربعة، فقال عز وجل: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا} إلى آخر الآية قال الله عز وجل: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت:9 - 10] وخلق يوم الخميس السماء، وخلَقَ يومَ الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة، إلى ثلاث ساعات بقين منه، فخلَقَ في أول ساعة من هذه الثلاث ساعات الآجال حين يموتُ مَن مات، وفي الثانية ألقى الآفة على كل شيء مما ينتفع به الناسُ، وفي الثالثة آدم وأسكنه الجنة وأمر إبليس بالسجود له، وأخرجه منها في آخر ساعة" ثم قالت اليهود: ثم ماذا يا محمد؟ قال: "ثم استوى على العرش" قالوا: قد أصبت لو أتممت، قالوا: ثم استراح، قال: فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا، فنزلت:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [ق: 38 - 39]

(2)

.

= الصنعاني، وأبو علي الصوّاف في الجزء الثاني من أجزائه (22) من طريق محمد بن ميمون الزعفراني، سنتهم عن عوف الأعرابي، به موقوفًا.

وأخرجه البزار (3029)، وابن فيل في "جزئه"(79) من طريق ربعي بن عليّة، عن عوف الأعرابي، به مرفوعًا. وقال البزار: لا نعلم أحدًا رفعه إلا ربعي. وأقرَّه عليه الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار"(1837).

(1)

في (ص) و (ع) و (ب): أبي سعيد، والمثبت من (ز)، وهو سعيد بن المرزبان البقال.

(2)

إسناده ضعيف لضعف أبي سعد - وهو سعيد بن المرزُبان البقَّال - كما نبه عليه الذهبي في "تلخيصه"، وبه، وبه ضعفه أيضًا ابن حجر في "الفتح" 14/ 228. وقد روي عن عكرمة مرسلًا. =

ص: 9

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4042 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي، حدثنا عباد بن العوام، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن،

= وهو أشبه من الموصول، ونقل ابن رجب في "فتح الباري" 3/ 407 عن أبي مجلز لاحق بن حميد أنَّ الآية المذكورة نزلت بسبب قول اليهود، ثم قال: وقد ذكر غير واحد من التابعين أنَّ هذه الآية نزلت بسبب قول اليهود: إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ثم استراح في اليوم السابع، منهم عكرمة وقتادة، فهذا كلام أئمة السلف في إنكار ذلك ونسبته إلى اليهود، وهذا يدلُّ على أنَّ الحديث المرفوع المروي في ذلك لا أصل لرفعه، وإنما هو متلقى عن اليهود، ومن قال: إنه على شرط الشيخين، فقد أخطأ. قلنا: يُعرض في ذلك بالحاكم، غير أن الحاكم لم يذكر هنا بأنه على شرط الشيخين واكتفى بتصحيح الإسناد، وقد رُوي موقوفًا على ابن عباس، وهذا مما يؤيد كونه مأخوذًا عن اليهود كما قال ابن رجب.

وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"(765) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 24/ 94، وفي "تاريخه" 1/ 23، وأبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص 680، وأبو الفرج الثقفي في "فوائده"(21)، وأبو الشيخ في "العظمة"(878)، والواحدي في "أسباب النزول"(769) من طريق هناد بن السَّرِي، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 184 و 210 عن معمر، عن سفيان بن عيينة، عن أبي سعد البقال، عن عكرمة، مرسلًا.

وسلف بنحوه عند المصنف برقم (3724) من رواية الحسن بن إسماعيل بن صبيح، عن أبيه، عن ابن عيينة موصولًا. والحسن هذا لم نقف له على ترجمة.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 1/ 23 - 24، وأبو الشيخ في "العظمة"(887) من طريق حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن عكرمة مرسلًا أيضًا. وحماد ممّن سمع من عطاء قبل اختلاطه.

وأخرجه بنحوه الطبري في "تاريخه" 1/ 47 و 53 - 54، وفي "تفسيره" 1/ 194، وابن خزيمة في "التوحيد" 2/ 886، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(807) من طريق أبي صالح مولى أم هانئ، والطبري في "تفسيره" 24/ 94، وفي "تاريخه" 1/ 47، وأبو عَروبة الحَرَّاني في "الأوائل"(7)، وأبو الشيخ في "العظمة"(881)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 50 من طريق عطاء بن أبي رباح، كلاهما عن ابن عبّاس موقوفًا عليه.

ص: 10

عن عُتَيّ السَّعدي، عن أبي بن كعب، قال: كان آدم رجلًا طوالًا، كثير شعر الرأس، كأنه نخلةٌ جَوفاء

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4043 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان، حدثنا محمد بن بشر العَبْدي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير يوم طلعت الشمسُ فيه يوم الجمعة، فيه خُلِقَ آدم، وفيه أهبط إلى الأرض"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجاه

(3)

من حديث الزهري بغير هذا اللفظ.

(1)

رجاله لا بأس بهم، لكن اختلف في رفعه ووقفه، كما أشار إليه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 79. الحسن: هو ابن أبي الحسن البصري، وسعيد: هو ابن أبي عروبة.

وأخرجه ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 1/ 15 عن سعيد بن سليمان، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم برقم (3075) من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن سعيد بن أبي عروبة مرفوعًا.

وبرقم (1292) من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن الحسن، عن أبي بن كعب مرفوعًا، وبإسقاط ذكر عُتي بن ضمرة، والصحيح ذكره كما في رواية قتادة ويونس بن عبيد وثابت عن الحسن. وانظر ما تقدم برقم (1291).

ويشهد لذكر طول آدم حديث أبي هريرة مرفوعًا: "خلق الله آدم وطوله ستون ذراعًا" أخرجه البخاري (3326) وغيره، وبنحوه عن أبي هريرة أيضًا عند البخاري (3327)، ومسلم (2834) في ذكر أول زمرة تدخل الجنة:"على صورة أبيهم ستون ذراعًا في السماء".

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة - وقد توبع.

وأخرجه أحمد 16 / (10545) عن يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو، به وزاد:"فيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أهبط منها، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها مؤمن يصلي يسأل الله عز وجل خيرًا إلا أعطاه إياه".

وقد تقدم برقم (1043) من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة.

(3)

بل أخرجه مسلم وحده برقم (854).

ص: 11

4044 -

أخبرنا عبد الصمد بن علي بن مُكْرَم ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد الصائغ، حدثنا الحسين بن محمد المَرْوَرُّوذي، حدثنا جرير بن حازم، عن كُلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أخذ الله الميثاق من ظَهْر آدم عليه السلام بنَعْمان - يعني: بعَرَفة - فأَخرَجَ مِن صُلْبِهِ كلَّ ذُريَّةٍ ذَرَأها، فنثرهم بين يديه كالذَّرُ، ثم كلمهم قبلًا، وقال:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} إلى قوله: {بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 172 - 173]

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4045 -

أخبرنا أبو النضر الفقيه وأبو الحسن العَنَزي، قالا: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا القعنبي ويحيى بن بكير، عن مالك، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن مسلم بن يسار الجهني: أن عمر بن الخطاب سُئل عن هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ

(2)

} [الأعراف: 172]، فقال عمر بن الخطاب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّ الله خَلَقَ آدمَ، ثم مسح ظهره، بيمينه، فاستخرج منه ذُرِّيَّةً، فقال: خلقتُ هؤلاء

(1)

إسناده جيد وإن كان أكثر من رواه عن كلثوم بن جبر وقفوه على ابن عباس، وكذلك رواه غير واحد عن سعيد بن جُبَير فوقفوه، فإنَّ مثله لا يُقال بمحض الرأي، ويؤيد ذلك وروده مرفوعًا في أحاديث أخرى عن غير ابن عباس.

وأخرجه أحمد 4/ (2455)، وأخرجه النسائي (11127) عن محمد بن عبد الرحيم، كلاهما (أحمد وابن عبد الرحيم) عن الحسين بن محمد، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم برقم (75) من طريق وهب بن جرير عن أبيه.

والذَّر: النمل الأحمر الصغير.

وقوله: قبلًا، ضبط بوجوه، بفتح القاف والباء، وبضمهما، وبضم الأول وفتح الثاني، وبكسر الأول وفتح الثاني، كله بمعنى العيان والمقابلة.

(2)

هذه قراءة نافع وأبي عمرو وابن عامر ويعقوب، وقرأ الباقون بالإفراد. انظر "النشر" لابن الجزري 2/ 273.

ص: 12

للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره، فاستخرج منه ذُرِّيةً، فقال: خلقت هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون"، فقال رجلٌ: يا رسول الله، ففيم العمل؟ قال: "إنَّ الله إذا خلَقَ العبد للجنة، استعمله بعمل أهل الجنة [حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة]

(1)

فيدخل الجنةَ، وإذا خَلَقَ العبد للنارِ، استعمله بعمل أهل النار حتى يموتَ على عمل أهل النار، فيدخل النار"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4046 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا الحسن بن عطية، حدثنا الحسن بن صالح، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: 37]، قال: أي ربِّ، ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى، قال: أي ربِّ، ألم تَنفُخُ فِي مِن رُوحك؟ قال: بلى، قال: أي ربِّ، ألم تُسكِنَّي جَنتك؟ قال: بلى، قال: أي ربِّ، ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال: بلى، قال: أرأيتَ إن تبتُ وأصلحتُ، أَراجعي أنتَ إلى الجنة؟ قال: بلى، قال: فهو قوله: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ}

(3)

.

(1)

ما بين المعقوفين سقط من نسخنا الخطية، واستدركناه من كتاب "القضاء والقدر" للبيهقي (61) حيث رواه عن المصنف بإسناده ومتنه، وهو ثابت لجميع من روى هذا الحديث من طريق مالك.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة مسلم بن يسار الجهني، ولإرساله، لأنَّ مسلمًا هذا روايته عن عمر، مرسلة، كما جزم به أبو زرعة، وقد زاد فيه غير الإمام مالك بينه وبين عمر رجلًا هو نُعيم بن ربيعة، ونعيم هذا لا يُعرف أيضًا.

وقد تقدَّم برقم (74) من طريق روح بن عبادة ومن طريق القعنبي، وبرقم (3295) من طريق إسحاق بن سليمان ومن طريق القعنبي، ثلاثتهم عن مالك.

(3)

رجاله ثقات، لكن اختلف فيه على الحسن بن عطية - وهو ابن نجيح القرشي - فرواه الحسن بن علي بن عفان عنه كما وقع عند المصنف هنا، وخالفه أبو كُريب محمد العلاء فرواه عن الحسن بن عطية، عن قيس بن الربيع، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن =

ص: 13

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4047 -

حدثنا أحمد بن عثمان بن يحيى الأَدَمي المقرئ ببغداد، حدثنا أبو قلابة،

= المنهال، وهذا أشبه، لأنَّ يحيى بن آدم ومحمد بن يوسف الفريابي قد رويا هذا الخبر عن قيس بن الربيع عن ابن أبي ليلى عن المنهال، وابن أبي ليلى سيئ الحفظ، وقيس ضعيف، على أنه جاء عن ابن عباس من وجوه أخرى، فيها جميعًا مقال، وقد روي من وجه آخر عن سعيد بن جبير لم يجاوزه.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 1/ 243 عن أبي كُريب، عن الحسن بن عطية، عن قيس بن الربيع، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، به.

وأخرجه الآجري في "الشريعة"(755) و (910) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، وأبو القاسم بن بشران في الجزء الثاني من "أماليه"(1353) من طريق يحيى بن آدم، كلاهما عن قيس ابن الربيع، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، به.

وأخرجه الطبري 1/ 243 من طريق عطية العوفي ومن طريق سعيد بن معبد، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 90 - 91 من طريق السُّدِّي، عمن حدثه، ثلاثتهم عن ابن عباس. وهذه الطرق الثلاث كلها ضعاف.

وأخرج ابن أبي حاتم 1/ 91 من طريق زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق السبيعي، عن رجل من بني تميم قال: أتيت ابن عبّاس، فسألته: ما الكلمات التي تلقى آدم من ربه؟ قال: عُلّم شأن الحج. وهو ضعيف أيضًا لإبهام السائل.

وأخرج ابن وهب في التفسير من "الجامع" 1/ (255)، وابن أبي حاتم 1/ 91 و 5/ 1454 من طريق خصيف بن عبد الرحمن الجزري، عن مجاهد وسعيد بن جبير في قول الله:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} : {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23].

وأخرج نحوه أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(785)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ 434 من طريق أبي رجاء الخراساني، عن سعيد بن جُبَير، {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} ، قال: لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك، ربِّ عملتُ سُوءًا وظلمت نفسي فاغفر لي وأنت خير الغافرين، لا إله إلا أنت سبحانك، عملتُ سُوءًا وظلمت نفسي فارحمني وأنت خير الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك، ربّ عملتُ سُوءًا وظلمت نفسي فتُب عليَّ إنك أنت التواب الرحيم.

ص: 14

حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا عمر بن إبراهيم، عن قتادة، عن الحسن، عن سَمُرة بن جُندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"كانت حواء لا يَعيشُ لها ولدٌ، فَنَذَرَت: لئن عاشَ لها ولدٌ لتُسَمِّيهِ عبد الحارث، فعاش لها ولدٌ فسمته عبد الحارث، وإنما كان ذلك عن وحي الشيطان"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4048 -

حدثنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت البناني، عن الحسن، عن عُتَي بن ضَمْرة، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لما تُوفّي آدم غسلته الملائكة بالماء وترًا وألْحَدُوا له، وقالوا: هذه سنة آدم في ولده"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، عمر بن إبراهيم - وهو العبدي - في روايته عن قتادة خاصةً ضعف، ومع ذلك حسنه الترمذي وصححه المصنف! لكن قال الذهبي في "الميزان" عن هذا الحديث: هو حديث منكر.

وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" 1/ 225 - 226 بعد أن نقل قول الترمذي: ورواه بعضُهم عن عبد الصمد، ولم يرفعه، فقال ابن كثير: فهذه علّة قادحة في الحديث أنه روي موقوفًا على الصحابي، وهذا أشبه، والظاهر أنه تلقاه من الإسرائيليات، وهكذا روي موقوفًا على ابن عباس، والظاهر أنَّ هذا متلقى عن كعب الأحبار ومن دونه، والله أعلم. وقال ابن ناصر الدين الدمشقي في "جامع الآثار في السير ومولد المختار" 2/ 276: أنَّى له الصحة.

أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد الرقاشي.

وأخرجه أحمد 33/ (20117)، والترمذي (3077) من طريق عبد الصمد بهذا الإسناد.

(2)

رجاله لا بأس بهم، لكنه اختلف في رفعه ووقفه، كما نبه عليه البخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 79. الحسن: هو البصري.

وأخرجه الحسين المحاملي في "أماليه" برواية ابن يحيى البَيِّع (403)، والطبراني في "الأوسط"(8261)، وابن عدي 3/ 143، وابن عساكر 7/ 455، والضياء المقدسي في "المختارة" 4/ (1252) من طريق روح بن أسلم، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وقد تقدم برقم (1291) من طريق يونس بن عُبيد عن الحسن البصري. =

ص: 15

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

‌ذكر نوح النبي صلى الله عليه وسلم

واختلفوا في نوح وإدريس، فقيل: إن إدريس قبله، وأكثر الصحابة على أن نوحًا قبل إدريس، صلى الله عليهما.

4049 -

حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد الأحمسي، حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع، حدثنا موسى بن إسماعيل وهدبة بن خالد، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بَعَث الله نوحًا لأربعين سنة، ولَبِثَ في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعُوهم، وعاشَ بعد الطوفان ستين سنة، حتى كثر الناسُ وفَشَوْا"

(1)

.

قد اتفق الشيخان على حديث أبي هريرة

(2)

وأنس

(3)

عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث

= وبرقم (1292) من طريق ابن الهاد عن الحسن عن أبي بن كعب، بإسقاط عُتي، والصحيح ذكره كما في رواية قتادة ويونس بن عبيد وثابت البناني عن الحسن.

(1)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن جدعان - ولا يُعرف مرفوعًا إلّا في رواية المصنف هنا، وقد رواه عن هدبة وموسى بن إسماعيل غيرُ الحُسين بن حميد ممن هم أجلُّ وأوثق منه، فوقفوه على ابن عباس، وهو أشبه.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 9/ 3041 عن أبيه أبي حاتم الرازي، عن موسى بن إسماعيل وحده، بهذا الإسناد موقوفًا.

وأخرجه الواحدي في "التفسير الوسيط" 3/ 415 ومن طريقه ابن عساكر 62/ 279 من طريق محمد بن أيوب بن الضُّريس، عن هدبة بن خالد وحده، بهذا الإسناد موقوفًا كذلك.

وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 60، وأبو بكر الدِّينَوري في "المجالسة"(3389)، وابن عساكر 62/ 279 من طريق الحسن بن موسى الأشيب، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 8/ 2787 من طريق إسحاق بن عيسى بن الطباع، وابن عساكر 62/ 279 - 280 من طريق الأسود بن عامر شاذان، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، به موقوفًا أيضًا.

(2)

أخرجه البخاري (4476)، ومسلم (193).

(3)

أخرجه البخاري (3340)، ومسلم (194).

ص: 16

الشَّفاعة، فيأتون نوحًا فيقولون: أنت أول رسولٍ أُرسل إلى الأرض.

4050 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتّاب العبدي، حدثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي، حدثنا عيّاش بن الوليد الرَّقام، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين، وعن

(1)

سمرة بن جندب، أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ولَدُ نوحٍ ثلاثة: سام، وحام، ويافتُ أبو الرُّوم"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4051 -

أخبرني محمد بن يوسف الدقيقي، حدثنا محمد بن عمران النسوي، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا وكيع بن الجرّاح، عن حمزة الزيات، عن عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: سيد الأنبياء خمسةٌ، ومحمد صلى الله عليه وسلم سيدُ

(1)

وقع في (ز) و (ص) والمطبوع: عن سمرة، بإسقاط الواو، وهو خطأ صريح، لأن الحسن - وهو البصري - يرويه عن عمران بن حصين وعن سَمرة بن جندب كليهما، لا أنَّ عمران سمعه من سمرة، ومما يؤكد خطأ سقوط الواو هنا أنَّ أبا بكر بن أبي خيثمة قد روى هذا الخبر في "تاريخه" كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين 2/ 153 - 154 عن عيّاش بن الوليد الرقام، وكذلك رواه الطبراني في "الكبير" 18/ (309) من طريق إسماعيل بن نُميل الخلال، عن عيّاش بن الوليد الرقام، وكلاهما يقول فيه: عن عمران بن حصين وعن سمرة. وكذلك روى هذا الخبر غير واحد عن سعيد - وهو ابن أبي عروبة - من طريق الحسن، عن سمرة وحده، وكذلك رواه شيبان النحوي عن قتادة بذكر سمرة وحده، فدل على أنَّ إسقاط الواو هنا وهم لا محالة.

(2)

إسناده صحيح، وسماع الحسن - وهو البصري - من سَمُرة صحيح كما قدمنا بيانه برقم (151)، وأما من عمران فالجمهور على أنه لم يسمع، أما المصنف فقد جزم في غير موضع من كتابه هذا بسماعه منه. وقد حسّنه الترمذي والعراقي في "محجة القرب"(8).

وأخرجه أحمد 33/ (20099) عن عبد الوهاب بن عطاء، و (20114) عن روح بن عُبادة، والترمذي (3231) و (3931) من طريق يزيد بن زُريع، ثلاثتهم عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. بذكر سمرة وحده.

وأخرجه أحمد (20100) من طريق شيبان النحوي، عن قتادة، به. بذكر سمرة وحده كذلك.

ص: 17

الخمسة: نوحٌ، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمدٌ، صلوات الله عليهم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، وإن كان موقوفًا على أبي هريرة.

4052 -

حدثني علي بن عيسى الحيري، حدثنا مُسدَّد بن قَطَن، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن ابن أبي لبيبة - وهو محمد بن عبد الرحمن عن جده، عن ابن مسعود: أنه ذَكَرَ قول الله عز وجل: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [نوح: 1]، فذكر أنَّ نوحًا اغتسل، فرأى ابنه ينظر إليه، فقال: تنظر إليَّ وأنا أغتسل، حارَّ

(2)

الله لونك، فاسود، فهو أبو السُّودان

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

4053 -

أخبرني أبو نصر محمد بن أحمد بن عمر الخَفَّاف، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو داود، حدثنا همام، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال: كان بين نُوح وآدمَ عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحَقِّ، فاختلَفُوا، فبعث الله النبيين مُبشِّرين ومُنذِرين. قال: وكذلك في قراءة عبد الله: (كان الناسُ أُمّةً واحِدةً فاختَلَفُوا)

(4)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو حازم: هو سلمان الأشجعي مولاهم.

وأخرجه البزار (9737)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 485، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 271 من طريق أبي أحمد الزبيري، وأبو بكر الخلال في "السنة"(324) من طريق يحيى بن آدم، وأبو سعيد بن الأعرابي في "معجمه"(87)، وأبو عمرو الداني في "علوم الحديث"(11)، وابن عساكر 62/ 271 من طريق إسماعيل بن عمر الواسطي، ثلاثتهم عن حمزة الزيات، بهذا الإسناد.

(2)

لعلها بمعنى: سَوَّد لونك، ومنه يقال للأرض ذات الحجارة السود: حَرَّة.

(3)

إسناده ضعيف لضعف ابن أبي لبيبة، وبه أعله الذهبي في "تلخيصه"، وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء. قلنا: وهو معروف بالإرسال، ولا يُظَنُّ أنه أدرك جده.

(4)

إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العَوْذي، وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 2/ 334، وفي "تاريخه" 1/ 178 عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد. =

ص: 18

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه.

4054 -

أخبرنا على بن عبد الرحمن بن ماتى، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، حدثنا موسى بن يعقوب الزَّمعي، حدثنا فائدٌ مولى عبيد الله بن علي، أن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أخبره، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لو رَحِمَ اللهُ أحدًا من قوم نُوحٍ لَرَحِمَ أم الصبي"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كانَ نُوحٌ مَكَثَ في قومه ألفَ سنةٍ إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى الله، حتى كان آخر زمانه غرَسَ شجرةً فعظمت وذهبتْ كلَّ مَذهَبٍ، ثم قطعها، ثم جعل يعمل سفينةٌ، فيَسخَرُون منه ويقولون: يعمل سفينةً في البرّ، فكيف تجري؟! فيقول: سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفارَ التنور، وكَثُرَ الماءُ في السكك، خَشِيَت أم الصبي عليه، وكانت تُحبه حبًّا شديدًا، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى بلغت ثلثي الجبل، فلما بلغها خرجت حتى استوَتْ على الجبل، فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بيدها حتى ذَهَب به الماءُ، فلو رَحِمَ اللهُ منهم أحدًا، لرَحِمَ أم الصبي"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4055 -

أخبرني أبو سعيد الأحمسي بالكوفة، حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع، حدثنا الحسين بن علي السُّلَمي، حدثنا محمد بن حسان، حدثنا محمد بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي، قال: جَمَع ربُّنا عز وجل لِنوح علم الماضين كلِّهم، وأيّده

= وأخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" 8/ 2696 من طريق عبد الله بن عمران الأصبهاني، عن أبي داود الطيالسي، به.

وقد تقدَّم برقم (3695) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن همام.

وعبد الله المذكور: هو ابن مسعود، وقراءته هذه لم يقرأ بها أحد من أصحاب القراءات الصحيحة.

(1)

إسناده ضعيف لتفرّد موسى بن يعقوب الزَّمْعي به.

وقد سلف برقم (3349) من طريق سعيد بن الحكم بن أبي مريم عن موسى بن يعقوب.

ص: 19

بروح منه، فدعا قومه سرًا وعلانية تسع مئة

(1)

وخمسين سنة، كلَّما مضى قَرْنٌ أَتبَعَه قرنٌ، فزادهم كُفرًا وطغيانًا

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4056 -

أخبرنا الحَسَن بن محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن أحمد بن البراء، حدثنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وَهْب بن مُنَبِّه، قال: وذَكَرَ الحسن بن أبي الحسن عن سبعة رهطٍ شهدوا بدرًا، قال وهب: وقد حدثني عبد الله بن عبّاس، كلُّهم رفعوا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله يدعو نوحًا وقومه يوم القيامة أول الناسِ، فيقول: ماذا أجبتُم نوحًا؟ فيقولون: ما دعانا وما بَلغَنا ولا نَصَحَنا، ولا أمرنا ولا نَهانا، فيقول نوحٌ: دعوتُهم يا رب دعاءً فاشيًا في الأولين والآخرين، أمّةً بعد أمةٍ، حتى انتهى إلى خاتم النبيين أحمد، فانتسَخَه وقرأه وآمَنَ به وصدقه، فيقولُ الله للملائكة: ادعوا أحمدَ وأُمته، فيأتي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأمتُه يَسعى نُورُهم بين أيديهم، فيقول نوح لمحمدٍ وأمته: هل تعلمون أني بلغتُ قومي الرسالة، واجتهدتُ لهم بالنصيحة، وجَهَدتُ أن أستنقذهم من النار سِرًا وجهارًا، فلم يَزِدْهُم دُعائي إلا فرارًا؟ فيقول رسول الله وأمته: فإنا نشهد بما نَشَدْتَنا به أنك في جميع ما قلت من الصادقين، فيقول قوم نوح: وأنَّى علمت هذا يا أحمد أنتَ وأمتك، ونحنُ أول الأمم وأنتَ وأمتك آخرُ الأمم؟! فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم:

(1)

في (ز) و (ص) و (ع): مئة، بدل: تسع مئة. وهذا خطأ صريح، مخالف لنص الآية، والتصويب من (ب).

(2)

إسناده ضعيف بمرَّةٍ لجهالة الحسين بن علي السلمي ومحمد بن حسان: وهو السُّلمي، لأنَّ الحسين صرّح في بعض طرقه بأنه عمه، ومحمد بن جعفر - وهو ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - تُكلِّم فيه كما قال الذهبي في "الميزان"، ومحمد بن علي روايته عن جده علي بن أبي طالب مرسلة كما قال أبو زرعة الرازي وغيره، والحسين بن حميد ليس بالمتين.

ص: 20

{إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرَ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [نوح:1] قرأ السورة حتى ختمها، فإذا ختمها قالت أمتُه: نشهدُ {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 62]، فيقول الله عز وجل عند ذلك: امتازوا اليوم أيها المُجرمون، فهم أولُ مَن يَمتاز في النار"

(1)

.

‌ذكر إدريس النبي صلى الله عليه وسلم

4057 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا هشام بن علي السدوسي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا داود بن أبي الفُرات، حدثنا عِلْباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه تلا هذه الآية: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]، قال: كانت فيما بين نوح وإدريس ألف سنة، وإِنَّ بَطنَين من ولدِ آدم كان أحدهما يَسكُن السهل، والآخرُ يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صباحًا وفي النساء دَمامةٌ، وكانت نِساء السهل صباحًا وفي الرجال دمامةٌ، وإنَّ إبليس أتى رجلًا من أهل السهْل في صورة غُلام الرُّعاة، فجاء فيه بصوتٍ لم يسمع الناس مثله، فاتخذوا عيدًا يجتمعون إليه في السَّنَة، وإنَّ رجلًا من أهل الجبل هَجَمَ عليهم وهم في عيدهم ذلك، فرأى النساءَ وصَباحَتَهن، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحوّلوا إليهنّ ونَزَلُوا معهنّ، فظهرت الفاحشة فيهنّ، فذلك قول الله عز وجل:{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]

(2)

.

(1)

إسناده واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وذلك من أجل عبد المنعم بن إدريس، فهو متروك الحديث، بل صرّح الإمام أحمد بأنه كان يكذب على وهب بن منبه، وأنه لم يسمع من أبيه شيئًا، لأنَّ أباه مات وهو ابن خمس أو ست سنين.

ويُغني عنه حديث أبي سعيد الخُدْري الذي أخرجه أحمد 17/ (11283)، والبخاري (3339)، والترمذي (2961)، والنسائي (10940) مختصرًا.

(2)

إسناده قوي كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 14/ 151.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5068)، ومن طريقه ابن عساكر 62/ 279 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =

ص: 21

4058 -

أخبرنا الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا محمد بن أحمد بن البَرَاء، أخبرنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبِّه: أنه سُئل عن إدريس: مَن هو، وفي أيِّ زمان هو؟ قال: هو جد نُوح الذي يُقال له: خَنُوخُ، وهو في الجنة حيٌّ

(1)

.

وقال محمد بن إسحاق بن يَسار: كان إدريس أولَ بَني آدمَ أُعطي النُّبوة، وهو أُخنُوخُ بن يَريد بن أهلاليل بن قينان بن ناشر

(2)

بن شيث بن آدم

(3)

.

4059 -

أخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد الأحمسي بالكوفة، حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع، حدثنا مروان بن جعفر السمري، حدثنا حميد بن معاذ اليَشكُري، حدثنا مُدرِك بن عبد الرحمن العنبري [حدثنا الحسن بن ذكوان]

(4)

عن الحسن البصري، عن سمرة بن جندب، قال: ثم كان نبي الله إدريس رجلًا أبيض طويلًا،

= وأخرجه الطبري في "تفسيره" 22/ 4، وفي "تاريخه" 1/ 166 - 167 عن أحمد بن زهير، عن موسى بن إسماعيل، به.

والصباح: جمع صبيح أو صبيحة، وهو الجميل الوضيء الوجه.

(1)

إسناده واه، وعبد المنعم كذَّبه أحمد، كما قال الذهبي في "تلخيصه". ووهاه الصالحي في "سبل الهدي" 1/ 317.

وقد ثبت ذلك عن وهب بن منبه من وجه آخر، فقد أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في "العظمة"(1058) من طريق عبد الصمد بن معقل، عن عمه وهب بن منبه.

(2)

كذا وقع في نسخنا الخطية، والذي في "سبل الهدى والرشاد" للصالحي 1/ 319: أخنوخ بن يرد بن مهلاليل بن قينان - ويقال: قَينَن - بن يانش - ويقال أَنُوش - بن شيث.

(3)

هو في "سيرة ابن هشام" 1/ 3، ومن طريقه أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 14/ 385 عن زياد بن عبد الله البكائي، وأخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 169 - 170 من طريق سلمة بن الفضل، كلاهما عن ابن إسحاق. وفيه عندهما في نسبه: بن يَرْد، بدل بن يريد، ويانش، بدل ناشر.

(4)

سقط اسم الحسن بن ذكوان من (ز) و (ب)، وبيّض مكانه في (ص) و (ع)، وثبت في المطبوع، ولا بد من ذكره، فقد روى المصنف بهذا الإسناد عدة أخبار ثبت اسمه فيها جميعًا، وهو الحسن بن ذكوان أبو سلمة البصري.

ص: 22

ضخم البطن، عريض الصدر، قليل شعر الجسد، كثير شعر الرأس، وكانت إحدى عينيه أعظم من الأخرى، وكانت في صدره نكتة بياض من غير بَرص، فلما رأى اللهُ مِن أهل الأرض ما رأى من جورِهم واعتدائهم في أمر الله، رفعه الله إلى السماء السادسة، فهو حيثُ يقول:{وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم:57]

(1)

.

‌ذكر إبراهيم

(2)

النبي صلى الله عليه وسلم خليل الله عز وجل وبينه وبين نوحٍ هودٌ وصالحٌ صلوات الله عليهما

4060 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطّة الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم التّيْمي

(3)

، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر الواقدي،

(1)

إسناده ضعيف جدًّا لضعف الحسن بن ذكوان وجهالة حميد بن معاذ ومدرك بن عبد الرحمن، والحسين بن حميد ليس بالمتين. وقد نقل ابن قتيبة في "المعارف" نحو هذا الوصف عن وهب ابن منبه دون ذكر الرفع، والأشبه أن يكون من قول وهب. وقال الحافظ في "الفتح" 10/ 32: وكون إدريس رفع وهو حي لم يثبت من طريق مرفوعة قوية.

قلنا: وقد جاء عن كعب الأحبار من قوله خلاف ما جاء هنا من علة رفع إدريس، وهو ما أخرجه الطبري في "تفسيره" 16/ 96 بسند قوي عن هلال بن يساف: أن ابن عبّاس سأل كعبًا فقال له: ما قول الله لإدريس {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} ، فقال كعب: أما إدريس فإنَّ الله أوحى إليه: إني أرفع لك في كل يوم مثل جميع عمل بني آدم، فأحب أن يزداد عملًا، فأتاه خليل له الملائكة، فقال: إنَّ الله أوحى إليَّ كذا وكذا، فكلّم لي ملك الموت فليؤخّرني حتى أزداد عملًا، فحمله بين جناحيه، ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاهم ملك الموت منحدرًا، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ قال: هو ذا هو على ظهري، قال ملك الموت: فالعجب بُعثتُ، وقيل لي: اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟! فقبض روحه هناك، فذلك قول الله جل وعزّ {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} . انتهى، فهذا فيه أنَّ رَفْعَه إلى السماء لأجل قبض روحه هناك.

(2)

جاء هذا العنوان في النسخ الخطية مؤخرًا إلى ما بعد حديث عبد الله بن بسر، ومكانه هنا حسب ما في "تلخيص الذهبي" و المطبوع هو الأليق، لاشتمال كلام الواقدي بإثر حديث ابن بسر على ذكر إبراهيم خليل الرحمن.

(3)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: التميمي. وانظر ترجمته في "طبقات المحدثين بأصبهان" =

ص: 23

حدثني شُرَيح بن يزيد، عن إبراهيم بن محمد بن زياد، عن أبيه، عن عبد الله بن بُسْر، قال: وَضَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي، فقال:"هذا الغلامُ يعيشُ قَرْنًا". قال: فعاش مئة سنة

(1)

.

= 3/ 390، و "تاريخ الإسلام" 6/ 735.

(1)

حديث صحيح، ومحمد بن عمر الواقدي متابع.

ومحمد بن عمر الواقدي هو صاحب "المبتدأ والمغازي"، وقد تُكُلِّم فيه، وأعدل الأقوال فيه ما قاله الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 9/ 469 أنه يُحتاج إليه في الغزوات والتاريخ، قال: ووزنه عندي أنه مع ضعفه يُكتب حديثه ويُروى، لأني لا أتهمه بالوضع، وقول من أهدره فيه مجازفة من بعض الوجوه، وقال أيضًا 9/ 454 - 455: جَمَعَ فأوعى، وخلط الغَثَّ بالسمين، والخرز بالثمين، فاطَّرحوه لذلك، ومع هذا فلا يُستغنى عنه في المغازي وأيام الصحابة وأخبارهم.

وقد صرّح الحاكم في أول كتاب معرفة الصحابة بأن هذه خطته فيما يرويه عن الواقدي، فقال: أما الشيخان فلم يزيدا على المناقب، وقد بدأنا في أول ذكر الصحابي بمعرفة نسبه ووفاته، ثم بما يصح على شرطهما من مناقبه مما لم يُخرجاه، فلم أستغن عن ذكر محمد بن عمر الواقدي وأقرانه في المعرفة.

ولا يُنكر الحاكم أن يكون في كتب الواقدي بعض العجائب، ولذلك قال بإثر الخبر (4136): قد اختصرت من أخبار يوسف عليه الصلاة والسلام ما صح الطريق إليه، ولو أخذتُ في عجائب وهب بن منبِّه وأبي عبد الله الواقدي لطالت الترجمة بها.

قلنا: والحسين بن الفَرَج - وهو المعروف بابن الخياط - متكلّم فيه أيضًا، وأعدل الأقوال فيه أنه ليس بالقوي كما وصفه بذلك أبو الشيخ الأصبهاني، وقد حمل عن الواقدي "المبتدأ والمغازي"، وأخذ ذلك عنه الحسن بن الجهم التيمي، وعن الحسن التيمي أخذه أهل أصبهان، وقد ذكر الذهبي بأنه مشاه غيرُ ابن مَعِين. قلنا: ذلك باعتبار أنه راوية الواقدي الذي أخذ عنه بعض كتبه، وممن مشّاه ابن مَنْدَه حيث نقل عنه في "فتح الباب في الكُنى والألقاب"، وكذا مشاه أبو نعيم إذ أكثر النقل عنه في "دلائل النبوة" وغيره، ومشاه المصنف أيضًا إذ روى كثيرًا مما ينقله عن الواقدي من روايته عنه، بل لم يرو في الأخبار والصحابة شيئًا عن الواقدي إلّا من طريقه.

وأما الحسن بن الجهم التيمي فقد روى عنه جمع من الأصبهانيين، ولم يُطعن فيه بشيء، بل قال أبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 3/ 390: أدركته وعزمت غير مرة أن أذهب إليه فلم يَتَّفق. =

ص: 24

قال الواقدي: لقول الله عز وجل: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} [الفرقان:38]، فكان بين نُوحٍ وآدمَ عشرة قرون، وبينه وبين إبراهيم عشرة قُرون، فوُلِد إبراهيم خليل الرحمن على رأس ألفي سنة من خَلْق آدم

(1)

.

4061 -

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جرير، عن عُمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيقولون: يا إبراهيم، أنتَ خَليل الرحمن، قد سمع بخُلّتِكما أهل السماوات وأهل الأرض"

(2)

.

= وسينقل المصنّف بهذا الإسناد عن الواقدي ما يزيد على مئة وأربعين رواية، ونقتصر في كل ذلك إن شاء الله على الحكم على من فوق الواقدي لشهرة كتاب الواقدي بهذه الطريق إليه، مع التنبيه على انفراده إذا انفرد، والله تعالى نسأله التوفيق والسداد.

وباقي رجال الإسناد لا بأس بهم، لأنَّ إبراهيم بن محمد بن زياد وهو الألهاني - روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، ورُوي هذا الخبر من وجهين آخرين حسنين عن عبد الله بن بسر.

وسيأتي برقم (8735) من طريق داود بن رشيد عن شريح بن يزيد.

وأخرجه أحمد 29/ (17689) عن عصام بن خالد، عن الحسن بن أيوب الحضرمي، عن عبد الله بن بسر. وإسناده حسن.

وسيأتي برقم (8734) من طريق محمد بن القاسم الحمصي عن عبد الله بن بسر.

(1)

يشهد لقول الواقدي حديث أبي أمامة المتقدم برقم (3076)، وأثر ابن عباس المتقدم برقم (4053)، وإسناداهما صحيحان.

(2)

إسناده صحيح. محمد بن عبد السلام: هو النيسابوري، وإسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير البجلي.

وأخرجه مسلم (194)، وابن حبان (6465) من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، عن جرير بن عبد الحميد بهذا الإسناد ضمن حديث الشفاعة الطويل.

وأخرجه أحمد 15/ (9623)، والبخاري (4712)، ومسلم (194)، والترمذي (2434)، والنسائي (11222) من طريق أبي حيان يحيى بن سعيد بن حيان، عن أبي زرعة، به ضمن حديث الشفاعة لكن بلفظ:"يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض" ليس فيه "قد سمع بخُلّتكما أهل السماوات وأهل الأرض". =

ص: 25

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه

(1)

.

4062 -

حدثنا أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حدثنا هلال بن العلاء الرقي، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث، قال: حدثنا جُندب، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يُتوفّى: "إِنَّ الله قد اتَّخَذني خليلًا [كما اتَّخَذَ إبراهيم خليلًا]

(2)

"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

= والخُلَّة، بالضم وتشديد اللام: هي الصداقة والمحبة التي تخللت القلب فصارت خلاله، أي: في باطنه.

(1)

الظاهر أن المصنف أراد بذلك رواية جرير بن عبد الحميد التي فيها زيادة: "وقد سمع بخُلّتكما أهل السماوات والأرض" وذلك أنه كان يعلم بوجود حديث أبي هريرة في الشفاعة عندها، إذ نبه عليه بإثر الحديث (4049)، ولكن مع ذلك لا يُسَلّم له قوله هنا، لأنَّ مسلمًا قد أخرجه أيضًا من رواية جرير بن عبد الحميد، إلا أنه لم يسق لفظه بتمامه، لكن أفصح عنه جميع من أخرج الحديث من طريق جرير، كإسحاق بن راهويه في "مسنده"(184)، وابن أبي الدنيا في "الأهوال"(154)، وابن حبان (6465)، وغيرهم.

(2)

ما بين المعقوفين ليس في النسخ الخطية وثبت في "تلخيص الذهبي"، وهو ثابت في رواية هلال بن العلاء عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 252، كما أنه ثابت في رواية غيره عن عبد الله بن جعفر الرقي، وكذلك هو ثابت في رواية زكريا بن عدي عن عُبيد الله بن عمرو، وإيراده هنا في باب ذكر إبراهيم يقتضي ثبوته أيضًا.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل هلال بن العلاء، لكنه متابع. جندب: هو ابن عبد الله البجلي.

وأخرجه مسلم (532)، والنسائي (11058) من طريق زكريا بن عدي، عن عبيد الله بن عمرو، بهذا الإسناد. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه ابن حبان (6425) من طريق أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن عمرو بن مُرّة، عن عبد الله بن الحارث، عن جميل النجراني، عن جندب. فزاد في الإسناد جميلًا النجراني، مع أنَّ عبد الله بن الحارث قد صرّح بتحديث جندب له في رواية عبيد الله بن عمرو، فرواية أبي عبد الرحيم من المزيد في متصل الأسانيد.

ص: 26

4063 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، حدثنا أحمد بن بشر المَرثَدِي، يحيى بن معين، حدثنا هشام بن يوسف، عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الصور في البيت لم يدخُل حتى أُمر بها فنُحِّيَت، ورأى إبراهيم وإسماعيل بأيديهما الأزلام، فقال:"قاتلهم الله، واللهِ إِنِ اسْتَقسَما بالأزلام قط"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري.

4064 -

فحدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: وإبراهيم خليل الرحمن وصفيه ونبيه صلى الله عليه ابن آزَرَ بن ناحور بن شاروخ بن راغو بن فالخ بن عابر بن شالخ ابن أرفَخْشَذ بن سام بن نوح صلوات الله عليه

(2)

.

4065 -

أخبرنا الحسن بن محمد الإسفراييني، أخبرنا محمد بن أحمد بن البراء، حدثنا المعافى بن سليمان الحَرّاني، حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن أبي عبد الملك، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: طَلَعَتْ كفُّ من السماء بين إصبَعَين من أصابعها شعرة بيضاء، فجعلت تدنو من رأس إبراهيم ثم تدنُو، فألقتها في رأسه، وقالت: اشْعَل وقارًا، ثم أوحى الله إليه أن يتطهر، فتوضَّأ، ثم أوحى الله إليه أن تطهر، فاغتسل، ثم أوحى الله إليه أن تطهر، وكان أول من شاب واختَتَن، وأنزلَ اللهُ على

(1)

إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، وأيوب هو ابن أبي تميمة السختياني.

وأخرجه البخاري (3352) عن إبراهيم بن موسى، عن هشام بن يوسف، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 5/ (3455)، وابن حبان (5861) من طريق عبد الرزاق عن معمر، به.

وأخرجه أحمد (3093)، والبخاري (1601) و (4288)، وأبو داود (2027) من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن أيوب، به.

قوله: "إن استقسَما""إن" نافية بمعنى "ما".

(2)

وهو في "سيرة ابن هشام" 1/ 2.

ص: 27

إبراهيم ممّا أنزل على محمد في القرآن، فكان فيما أنزل الله عليه:{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 112]، {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} إلى قوله:{الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 1 - 11]، والتي في الأحزاب:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} إلى آخر الآية [الأحزاب: 35]، والتي في سأل سائل:{الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} إِلى قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ

(1)

قَائِمُونَ} [المعارج: 23 - 33]، فلم يف بهذه السهام إلّا إبراهيم خليل الله ومحمد صلى الله عليهما

(2)

.

4066 -

حدثنا عبد الله بن إسحاق البغوي ببغداد، حدثنا الحسن بن مُكْرَم البَزّاز، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سَلَمة، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة قال: اختَتَن إبراهيم بعد عشرين ومئة سنة بالقدوم، ومات صلى الله عليه وسلم وهو ابن مئتي سنة

(3)

.

(1)

هكذا في نسخنا الخطية، وهي قراءة الأكثرين، بالإفراد وقرأ حفص عن عاصم بالجمع، وهي قراءة يعقوب. انظر "النشر" لابن الجزري 2/ 391.

(2)

إسناده ضعيف لضعف أبي عبد الملك: وهو علي بن يزيد الألهاني. أبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد الحَرَّاني.

(3)

صحيح موقوفًا على أبي هريرة بهذا اللفظ، وقد خالف فيه يزيد بن هارون رجل آخر دونه في الثقة والجلالة بكثير، بل ترك حديثه قوم، وهو أبو قتادة عبد الله بن قتادة الحراني، فرواه عن حماد بن سلمة، فرفع الحديث، فلا يعتد بمخالفته.

ووافق حمّاد بن سلمة على وقفه جماعة ذكرهم الدارقطني في "العلل"(1352)، منهم أبو معاوية الضرير كما في الرواية التالية، ومالك وحماد بن زيد ومعاوية بن صالح وابن عيينة وعيسى بن يونس ويحيى القطان وعبدة بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وجعفر بن عون وعكرمة بن إبراهيم وعلي بن مُسهر في رواية عنه، فرووه عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، موقوفًا. =

ص: 28

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وخالفهم جماعة آخرون، فرووه عن يحيى بن سعيد الأنصاري مرفوعًا، ذكر الدارقطني منهم الأوزاعي ومحمد بن إسحاق وابن جريج في رواية أبي قرة موسى بن طارق عنه، ومالكًا والليث في روايةٍ عن ابن وهب عنهما جميعًا. ثم ذكرَ أنَّ غير موسى بن طارق رواه عن ابن جريج فذكر بينه وبين يحيى بن سعيد رجلًا هو إبراهيم بن محمد الأسلمي، قلنا: وهو متروك الحديث.

وفيه اختلافٌ آخر عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو أن بعضهم يرويه عنه عن سعيد بن المسيب مقطوعًا من قوله، رُوي ذلك عن مالك وعيسى بن يونس وابن عيينة ومعمر بن راشد.

وممَّن رواه مرفوعًا أيضًا الليث بن سعد، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة.

لكن خالف الليث في لفظه يحيى القطان، وهو وهم ممَّن دون الليث كما سيأتي بيانه، فالأشبه أنه باللفظ المذكور موقوف من رواية سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.

وقد خالف سعيد بن المسيب غيره من أصحاب أبي هريرة، كالأعرج وأبي سلمة، فروياه عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ:"اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين"، وكذلك رواه عجلان مولى فاطمة عن أبي هريرة في رواية يحيى القطان، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، فهذا هو المحفوظ في لفظ المرفوع، والمحفوظ في لفظ الموقوف على ما رواه سعيد بن المسيب عن أبي هريرة كما أشار إليه ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 140، قلنا: وإذا تعارضا قُدِّم ما في المرفوع، ولهذا اقتصر عليه صاحبا الصحيح، ولعلّ أبا هريرة إنما أتى بالموقوف عمن كان يجالسه من علماء أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار، والله أعلم.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 4/ 194، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان"(8272) من طريق أبي قتادة عبد الله بن واقد الحَرَّاني، عن حمّاد بن سلمة، بهذا الإسناد مرفوعًا. وابن واقد ليس بعمدة، ولا يوازي يزيد بن هارون، ولا يقاربه.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 30 عن معن بن عيس القزاز، عن مالك بن أنس، وابن أبي شَيْبة 9/ 58 و 13/ 61 عن عبدة بن سليمان، والبخاري في "الأدب المفرد"(1250) من طريق حماد بن زيد، والحسن بن علي بن عفّان في "الأمالي والقراءة" ص 24، وأبو عَرُوبة الحرّاني في "الأوائل"(24)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(8271)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 6/ 199 من طريق جعفر بن عون، ومحمد بن نصر المروزي كما في "التمهيد" لابن عبد البر 23/ 139 - ولعله في كتابه الكبير في اختلاف العلماء - من طريق يحيى بن سعيد القطان، وابن أبي الدنيا في "العيال"(580)، ومحمد بن نصر المروزي كما في "التمهيد" من طريق علي بن مسهر، كلهم عن =

ص: 29

4067 -

فحدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا تميم بن محمد.

وأخبرني أبو سعيد الأحمسي، حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع؛ قالا: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب،

= يحيى بن سعيد الأنصاري، به.

وسيأتي بعده كذلك عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير عن يحيى بن سعيد موقوفًا.

وأخرجه محمد بن نصر المَروزي كما في "التمهيد" 23/ 138، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 6/ 198، وفي "تبيين الامتنان بالأمر بالختان"(17)، وابن الجوزي في "المنتظم" 1/ 276 - 277، وأبو القاسم الرافعي في "تاريخ قزوين" 2/ 43 من طريق أبي عمرو الأوزاعي، وابن حبان (6204) من طريق أبي قُرَّة موسى بن طارق، عن ابن جريج، كلاهما عن يحيى بن سعيد الأنصاري، مرفوعًا.

وأخرجه معمر بن راشد في "الجامع"(20245)، ومالك في "الموطأ" برواية أبي مصعب الزهري (1929) عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب من قوله، دون ذكر أبي هريرة.

وأخرجه ابن حبان (6205) من طريق قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، مرفوعًا.

وقد خالف الليث بن سعد في لفظه يحيى القطان عند أحمد 15/ (9622) إذ رواه عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، مرفوعًا، بلفظ:"اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين". ورواية القطان أرجح لموافقتها لرواية غير سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، كما سيأتي ذكره.

وأخرجه أحمد 14 / (8281) و 15/ (9408)، والبخاري (3356) و (6298)، ومسلم (2370) من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، مرفوعًا، بلفظ:"اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة". فوافقت رواية يحيى القطان، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة.

وأخرجه البزار (7839)، وأبو يعلى (5981)، وابن عساكر 6/ 201 من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، مرفوعًا، كلفظ رواية الأعرج وعجلان عن أبي هريرة.

ص: 30

عن أبي هريرة، قال: اختَتَن إبراهيم بعد عشرين ومئة سنة بالقدوم، ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة

(1)

.

4068 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا حميد بن عيّاش الرَّمْلي، حدثنا مؤمَّل بن إسماعيل، حدثنا سفيان الثَّوْري، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضَرِّب، عن علي قال: لما أُمر إبراهيم ببناء البيتِ خرج معه إسماعيل وهاجَرُ، فلما قدم مكة رأى على رأسه في موضع البيتِ مثل الغَمامة فيه مثل الرأس، فكلَّمه، فقال: يا إبراهيم، ابنِ علي ظِلِّي - أو على قَدْري - ولا تَزِد ولا تنقص، فلما بنى خرج وخَلَّف إسماعيل وهاجَرَ، وذلك حين يقول الله عز وجل:{وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26]

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

(1)

صحيح موقوفًا على أبي هريرة بهذا اللفظ كسابقه. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.

(2)

إسناده ضعيف، مؤمل بن إسماعيل، سيئ الحفظ، وقد انفرد بإدراج قصة بناء البيت على هذا الترتيب الذي هنا، وخالفه غيره ممن روى قصة إبراهيم وهاجر عن حارثة بن مضرب عن علي بن أبي طالب، كإسرائيل في روايته عن جده أبي إسحاق عند ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 65، ويونس بن أبي إسحاق في روايته عن حارثة بن مضرب مباشرة عند الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(1375) وغيرهما، فلم يذكروا فيها قصة بناء البيت أول ذهاب إبراهيم بإسماعيل وهاجر إلى موضع البيت كما في رواية مؤمّل هنا، بل إنّ في سياق القصة برواية ابن عباس عند البخاري (3365) ما يدل على بناء البيت جاء متراخيًا عن قصة ترك إبراهيم ولده إسماعيل وأمه هاجر في موضع البيت، وأنَّ بناء البيت كان بعد أن كبر إسماعيل وتزوّج، وأنهما اشتركا معًا في بنائه، وهذا هو الموافق لنص القرآن.

على أنه قد روي عن علي بن أبي طالب فيما تقدم برقم (1702) و (3192) من رواية خالد بن عرعرة عنه ما يدلُّ على أن إبراهيم وإسماعيل اشتركا في بناء البيت، وهذا يوافق رواية ابن عبّاس ويُنافي رواية مؤمَّل هذه.

ص: 31

4069 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنان القَزّاز، حدثنا أبو علي عُبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، حدثنا إبراهيم بن نافع قال: سمعت كثير بن كَثير يُحدّث عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس قال: جاء إبراهيم عليه السلام فوجد إسماعيل يُصلح له بيتًا من وراء زمزم، فقال له إبراهيم: يا إسماعيل، إن ربك قد أمرني [ببناء البيت]

(1)

، فقال له إسماعيل: فأطِعْ ربَّك فيما أمرك، قال: فأعِنِّي عليه، قال: فقام معه، فجعل إبراهيم يبنيه وإسماعيل يُناوله الحجارة، ويقولان:{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127]

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4070 -

أخبرنا أبو زكريا العَنْبري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق، أخبرنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: لما بنى إبراهيم البيت أوحى الله إليه أن أذِّنْ في الناس بالحج. قال: فقال إبراهيم: ألا إنَّ ربَّكم قد اتَّخذ بيتًا، وأمركم أن تحُجُّوه، فاستجاب له ما سمعه من حَجَرٍ أو شَجَرِ أو أَكَمَةٍ أو تُراب: لبيك اللهم لبيك

(3)

.

(1)

قوله: ببناء البيت، لم يرد في النسخ الخطية، وأثبتناه من المطبوع، ولا بد من ذكره، فقد ثبت في رواية محمد بن سنان القزاز عند الطبري في "تفسيره" 1/ 550 - 551، بلفظ: أمرني أن أبني له بيتًا. وهو ثابت لجميع من روى هذا الحديث من رواية غير محمد بن سنان أيضًا.

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل محمد بن سنان القزاز، وهو متابع.

وأخرجه البخاري (3365)، والنسائي (8321) من طريق أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، والنسائي (8321) من طريق عثمان بن عمر العبدي، كلاهما عن إبراهيم بن نافع، بهذا الإسناد. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه البخاري (3364)، والنسائي (8320) من طريق معمر، عن أيوب السختياني وكثير بن كثير، به.

(3)

إسناده صحيح. إسحاق: هو ابن راهويه، وجَرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(3710) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =

ص: 32

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4071 -

أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: الإسلام ثلاثون سهمًا، وما ابتلي بهذا الدِّين أحدٌ فأقامه إلا إبراهيم عليه السلام، قال الله:{وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم: 37]، فكتب الله له براءةً من النار

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4072 -

حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجهم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، قال: فحدثني الثَّوْري، عن أبي إسحاق الهَمْداني، عن عبد الله بن الخَليل، قال: سمعت عَلِيًّا يقول: استغفر رجلٌ لأبويه وهما مُشركان، فقلتُ: أتستغفِرُ لهما وهما مُشركان؟ فقال: استغفرَ إبراهيم لأبيه، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله:{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: 114]

(2)

.

= وأخرجه يحيى بن سلّام في "تفسيره" 1/ 364 عن حمّاد بن سلمة، والطبري في "تفسيره" 17/ 144، وفي "تاريخه" 1/ 260 من طريق محمد بن فضيل، كلاهما عن عطاء بن السائب، به.

وأخرج أحمد 4 / (2707) من طريق أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن ابن عباس، ضمن حديث قال فيه ابن عباس: إنَّ إبراهيم لما أُمر أن يؤذن في الناس بالحج خَفَضَت له الجبال رؤوسها ورفعت له القرى، فأذن في الناس بالحج.

وانظر ما سلف برقم (3505).

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل يحيى بن أبي طالب وعبد الوهاب بن عطاء - وهو الخَفَّاف - فهما صدوقان لا بأس بهما، وقد توبعا، فقد تقدم الخبر برقم (3795) من طريق وهيب بن خالد عن داود بن أبي هند.

(2)

حديث حسن، وإسناده إلى الواقدي تقدم الكلام عليه برقم (4060)، ومحمد بن عمر الواقدي متابع، ومَن فوقه لا بأس بهم. الثوري: هو سفيان، وأبو إسحاق الهَمْداني: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

وقد تقدم برقم (3328) من طرق عن سفيان الثوري. =

ص: 33

‌ذكرُ إسماعيل بن إبراهيم صلوات الله عليهما

4073 -

أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرّة، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحِزَامي، حدثني عبد العزيز بن عمران، حدثني إسماعيل بن إبراهيم

(1)

بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أولُ مَن نَطق بالعربية، ووَضَعَ الكتاب على لفظه ومَنْطِقه، ثم جَعَله كتابًا واحدًا مثل: بسم الله الرحمن الرحيم الموصول، حتى فَرَّقَ بينه ولده: إسماعيل بن إبراهيم صلوات الله عليهما

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4074 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي،

= وقد ورد في سبب نزول الآية غير ذلك كما مضى برقم (3329 - 3331)، ولا يمتنع تعدد الأسباب للآية الواحدة كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 14/ 172.

(1)

كذا جاء اسمه في أصولنا، وهو خطأ بالتقديم والتأخير، وإنما هو إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وهو خطأ قديم، إذ وقع أيضًا في أصل "شعب الإيمان" للبيهقي (1503) في روايته لهذا الخبر عن أبي عبد الله الحاكم.

(2)

إسناده تالف، بمرة، عبد العزيز بن عمران واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وشيخه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة ضعيف، ويخالف هذا الخبر صريحًا أثر ابن عباس الآخر الذي أخرجه البخاري (3364) أنَّ إسماعيل تعلَّم العربية من جرهم، كما نبه عليه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 10/ 83.

والصحيح أنَّ إسماعيل عليه السلام أول مَن فُتِقَ لسانه بالعربية المبينة وهو ابن أربع عشرة سنة، كما رواه علي بن أبي طالب بسندٍ حسَّنَه الحافظ في "الفتح" 10/ 83. وقال: الأولية في ذلك بحسب الزيادة في البيان، لا الأولية المطلقة، فيكون بعد تعلمه أصل العربية من جُرهم ألهمه الله العربية الفصيحة المبينة، فنطق بها.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(1503) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي خيثمة في "تاريخه" كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين الدمشقي 2/ 28 عن الزبير بن بكار، عن إبراهيم بن المنذر، به.

ص: 34

حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن أبيه، عن أبي الضُّحى، أظنُّه عن مسروق، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إنَّ لكلِّ نبي ولاة من النبيين، وإن وليي وخليلي أبي إبراهيم"، ثم قرأ:{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} [آل عمران: 68]

(1)

.

4075 -

فحدَّثَناه أبو عبد الله بن بطة، حدثنا الحسن بن الجهم، حدثنا الحسين بن الفرج، حدثنا محمد بن عمر، حدثني الثَّوْري، عن أبيه، عن أبي الضُّحى، عن مسروق، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إن لكل نبي ولاة من النبيين، وإن وليي منهم أبي وخليلي"، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم:{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ} إلى آخر الآية

(2)

.

حديث أبي نُعيم إذا جُمع بينه وبين حديث الواقدي صح، فإنه لا بُدَّ من مسروق.

4076 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزُّهْرِي، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا افتتحتُم مِصرَ، فاستوصوا بالقِبْط خيرًا، فإنَّ لهم ذمّةً ورَحِمًا"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. كما قدمنا بيانه برقم (3189). أبو نعيم: هو الفضل بن دكين، وسفيان: هو ابن سعيد بن مسروق الثوري، وأبو الضُّحى: هو مسلم بن صُبيح، ومسروق: هو ابن عن الأجدع.

وأخرجه الترمذي بإثر (2995) عن محمود بن غيلان، عن أبي نعيم، عن سفيان، عن أبيه، أبي الضحى، عن ابن مسعود. فلم يذكر في إسناده مسروقًا، لكن قدمنا برقم (3189) أن ذكر مسروق ثابت في الإسناد برواية جماعة من الحفاظ عن سفيان، وبرواية أبي الأحوص عن سعيد بن مسروق والد سفيان، والله أعلم.

وسيأتي بعده من طريق محمد بن عمر الواقدي عن سفيان الثوري، بذكر مسروق في إسناده.

(2)

حديث صحيح، وإسناده إلى محمد بن عمر - وهو الواقدي - قدّمنا الكلام عليه برقم (4060)، ومحمد بن عمر الواقدي متابع، ومن فوقه ثقات. وانظر ما قبله.

(3)

حديث صحيح، وقد اختلف فيه على الزهري في وصله وإرساله. فأخرجه موصولًا الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2364) و (2365)، والطبراني في "الكبير" 19/ (113)، وابن شاهين في "حديثه" برواية المحلّي (15) من طريق الأوزاعي، والطحاوي =

ص: 35

قال الزُّهْري: فالرَّحِمُ أنَّ أم إسماعيل منهم.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4077 -

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد الأحمسي بالكوفة، حدثنا الحسين بن حميد، حدثنا مروان بن جعفر السَّمُري، حدثنا حميد بن معاذ، حدثني مُدرِك بن عبد الرحمن، حدثنا الحسن بن ذَكْوان، عن الحسن، عن سمرة، عن كعب، قال: كان إسماعيل بن إبراهيم نبي الله الذي سمّاه صادق الوعد، وكان رجلًا فيه حِدة، يُجاهد أعداء الله ويُعطيه الله النصر عليهم والظَّفَرَ، وكان شديد الحرب على الكفار، لا يخافُ في الله لومة لائم، صغير الرأس، غليظ العُنق، طويل اليدين والرجلين، يَضرب بيديه ركبتيه وهو قائمٌ، صغير العينين، طويل الأنف، عريض الكتف، طويل

= (2366)، والطبراني 19/ (111)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 322 من طريق إسحاق بن راشد، والطبراني 19/ (112) من طريق الوليد بن مسلم، عن مالك بن أنس، ثلاثتهم (الأوزاعي وإسحاق بن راشد ومالك في رواية الوليد بن مسلم عنه) عن الزُّهْري به.

وخالفهم آخرون فرووه مرسلًا:

فقد أخرجه ابن سعد في "طبقاته" 10/ 203 عن محمد بن عمر الواقدي عن معمر بن راشد ومحمد بن عبد الله، وابن عبد الحَكَم في "فتوح مصر" ص 49 - 50 عن أشهب بن عبد العزيز وعبد الملك بن مسلمة عن مالك بن أنس، والبلاذري في "فتوح البلدان" ص 216، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 322 من طريق عبد الله بن وهب عن بن وهب عن مالك بن أنس والليث بن سعد، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 50 عن عبد الله بن صالح ومحمد بن رمح عن الليث بن سعد، وص 50 من طريق سفيان بن عيينة، ومحمد بن إسحاق في "السيرة النبوية" كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 7، ومن طريق ابن إسحاق أخرجه ابن عبد الحَكَم ص 50، والطبري في "تاريخه" 1/ 247، وابن البخاري في "مشيخته"(836)، كلهم (معمر ومحمد بن عبد الله ومالك من رواية المذكورين عنه، والليث بن سعد وابن عيينة وابن إسحاق) عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك مرسلًا. إلا أنَّ محمد بن إسحاق سمّى في روايته ابن كعب: عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك.

ويشهد له حديث أبي ذر الغفاري عند مسلم (2543) رفعه: "إنكم ستفتحون أرضًا يُذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرًا، فإنَّ لهم ذمة ورحمًا".

ص: 36

الأصابع، بارِزَ الخَلْق، قوي شديدٌ عَنِيفٌ على الكفار، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة، وكان عند ربه مرضيًّا، وكانت زكاته القُرْبانَ إلى الله من أموالهم، وكان لا يَعِدُ أحدًا شيئًا إلّا أنجزه، فسمّاه الله صادق الوعد، وكان رسولًا نبيًا

(1)

.

4078 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا يحيى بن اليمان، حدثنا سفيان، عن بَيَان، عن الشَّعْبي، عن ابن عباس، قال: الذَّبِيحُ إسماعيل

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4079 -

حدثنا أبو محمد المُزَني، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا

(1)

إسناده ضعيف كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وهو كإسناد الرواية المتقدمة برقم (4059).

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن اليمان، لكنه متابع، وقد روي عن ابن عباس من طرق. سفيان: هو الثوري، وبيان: هو ابن بشر الأحمسي.

وأخرجه ابن أبي خيثمة في "تاريخه" كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين 2/ 21 عن يحيى بن معين، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 23/ 83، وفي "تاريخه" 1/ 267 من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان الثوري، به.

وأخرجه الطبري أيضًا في "التفسير" 23/ 83، وفي "التاريخ" 1/ 268 من طريق داود بن أبي هند، عن الشعبي، به.

وسيأتي برقم (4082) من طريق شعبة عن بيان، وبرقم (4081) من طريق عطاء عن ابن عباس، وتقدَّم برقم (3654) من طريق مجاهد عن ابن عباس.

وسيأتي خلافُ ذلك عن ابن عبّاس بأنَّ الذَّبيح هو إسحاق، كما في الروايات (4090) و (4090 م) و (4092)، لكن قال ابن كثير في "تفسيره" 7/ 24: الأظهر عن ابن عباس أنه إسماعيل، وكذلك قال ابن حجر في "الفتح" 22/ 420: أشهر الروايتين عن ابن عباس أنَّ الذَّبيح إسماعيل.

وانظر تمام الكلام على هذا الخلاف عن ابن عباس فيما سيأتي برقم (4090 م).

وانظر تحرير المسألة في أيهما الذبيح بإثر الرواية (4092 م).

ص: 37

الحسن بن حماد، حدثنا عبد الرحمن بن سليمان، عن إسرائيل، عن ثُوَير بن أبي فاختة، عن مجاهد، عن ابن عمر:{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] قال: إسماعيل، عنه ذَبَحَ إبراهيم الكبش

(1)

.

4080 -

حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا عبيد بن حاتم الحافظ العِجْلي، حدثنا إسماعيل بن عُبيد بن أبي كَريمة الحَرّاني، حدثنا عمر بن عبد الرحيم الخطابي، حدثنا عبيد الله بن محمد العتبي - من ولد عتبة بن أبي سفيان -[عن أبيه]

(2)

قال: حدثنا عبد الله بن سعْد [عن] الصُّنابحي

(3)

، قال: حَضَرْنا مجلس معاوية بن أبي سفيان، فتذاكر القومُ إسماعيل وإسحاق بن إبراهيم، فقال بعضهم: الذبيح إسماعيل، وقال بعضهم: بل إسحاق الذبيح، فقال معاوية: سقطتُم على الخبير، كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه أعرابي، فقال: يا رسول الله، خلفتُ البلاد يابسةً والماء يابسًا، هَلَكَ المال، وضاعَ العِيالُ، فعُدْ عليّ بما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين، قال: فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يُنكر عليه، فقلنا: يا أمير المؤمنين، وما الذبيحان؟

(1)

إسناده ضعيف، ثُوير بن أبي فاختة واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه". وقد روي من وجه آخر صحيح عن مجاهد من قوله لم يُجاوزه، وروي من وجه ثالث حسن عن مجاهد عن ابن عبّاس كما تقدم برقم (3654).

وأخرجه ابن قتيبة في "المعارف" ص 37، والطبري في "تفسيره" 23/ 83، وفي "تاريخه" 1/ 267 من طريق يحيى بن يمان، عن إسرائيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله بن وهب في التفسير من "جامعه"(306)، ويحيى بن سلام من "تفسيره" 2/ 839، وعبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 153، والطبري في "تفسيره" 23/ 84 و 85، وفي "تاريخه" 1/ 269، وابن المقرئ في "معجمه"(600) من طريقين عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله.

(2)

قوله: "عن أبيه" سقط من النسخ الخطية، وهو ثابت لجميع من خرَّج هذا الخبر، وأورد ابن عساكر في "تاريخ دمشق" الخبر في ترجمته، وسماه محمد بن الوليد بن عتبة بن أبي سفيان.

(3)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: عبد الله بن سعيد الضبابي، والتصويب من "إتحاف المهرة"(16852)، وعبد الله بن سعد: هو البجلي، والصنابحي: هو عبد الرحمن بن عُسيلة.

ص: 38

قال: إنَّ عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم، نَذَرَ الله إن سَهُل له أمرها أن يَنحَر بعض ولده، فأخرجهم فأسْهَم بينهم، فخرج السهم لعبد الله، فأراد ذَبحه، فَمَنَعَه أخواله من بني مخزوم، وقالوا: أرْضِ ربَّك وافْدِ ابنك، قال: ففَدَاه بمئة ناقة، قال: فهو الذَّبيح، وإسماعيل الثاني

(1)

.

4081 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عُمر بن قيس، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عبّاس أنه قال: المُفدَّى إسماعيل، وزَعَمتِ اليهود أنه إسحاق وكَذَبتِ اليهود

(2)

.

4082 -

حدثنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة.

وأخبرني محمد بن موسى الفقيه، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن بيان، عن الشعبي، عن ابن عباس: أنه قال في الذي فداه الله بذبحٍ عظيم، قال: هو إسماعيل

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وذلك لجهالة من بين ابن أبي كريمة والصنابحي.

وأخرجه أبو بكر بن أبي خيثمة في "تاريخه" كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين 2/ 19، وقاسم بن ثابت في "الدلائل" كما في "جامع الآثار" أيضًا، والطبري في "تفسيره" 23/ 85، وفي "تاريخه" 1/ 263 - 264، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6067)، وأبو الحسن الخِلَعي في "الخِلَعيات"(778)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 56/ 200 من طرق عن إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده واهٍ من أجل عمر بن قيس - وهو المكي، المعروف بسندل - فهو متروك الحديث وكذبه مالك. ويُغني عن روايته هذه رواية غيره ممن رواه عن ابن عبّاس، كما تقدم برقم (3654) و (4078)، وكما سيأتي بعده.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 23/ 84، وفي "تاريخه" 1/ 268 عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب بهذا الإسناد.

(3)

خبر صحيح، وعبد الرحمن بن الحسن القاضي ومحمد بن موسى الفقيه متابعان. =

ص: 39

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4083 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: سمعتُ محمد بن كعب القرظي يقول: إِنَّ الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من ابنيه: إسماعيل، وإنا لنجد ذلك في كتاب الله في قصة الخبر عن إبراهيم وما أمر به من ذبح ابنه أنه إسماعيل، وذلك أنَّ الله يقول حين فرغ من قصة المذبوح من ابنَي إبراهيم، قال:{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 112]، ثم يقول:{فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71]، يقول: بابن وبابن ابن، فلم يكن يأمرُ بذَبْح إسحاق، وله فيه من الله موعود بما وَعَدَه، وما الذي أُمِرَ بذَبْحه إلّا إسماعيل

(1)

.

4084 -

فحدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن أحمد الأصبهاني، حدثنا الحسن، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا أبو عبد الله الواقدي، قال: قد اختلف علينا في إسماعيل وإسحاق أيهما أراد إبراهيم أن يذبح، وأين أراد ذبحه بمنى أو ببيت المقدس، فكتبتُ كل ما سمعتُ من ذلك من أخبار الحديث: فحدثني ابن أبي سبرة، عن أبي مالك، من ولد مالك الدار وكان مولى لعثمان بن عفان، عن عطاء بن يسار، قال: سألت خَوّات بن جبير عن ذبيح الله، أيهما كان؟ فقال: إسماعيل، لما بلغ إسماعيل سبع سنين رأى إبراهيم في النوم في منزله بالشام أن يذبح إسماعيل، فركب إليه على البراق حتى جاءه فوجده عند أمه، فأخذ بيده ومضى به لما أمر به، وجاءه الشيطان في صورة رجل يعرفه،

= وأخرجه الطبري في "تفسيره" 23/ 83، وفي "تاريخه" 1/ 268 عن محمد بن المثنى، بهذا الإسناد.

وتقدَّم برقم (4078) من طريق سفيان الثوري عن بيان.

(1)

رجاله لا بأس بهم.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 23/ 84، وفي "تاريخه" 1/ 269 من طريق سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، به.

ص: 40

فقال: يا إبراهيم، أين تريد؟ قال إبراهيم: في حاجَتِي، قال: تريد أن تذبح إسماعيل؟ قال إبراهيم: أرأيتَ والدًا يذبَحُ ولده؟ قال: نعم أنت، قال إبراهيم: ولم؟ قال: تَزْعُم أَنَّ الله أمرك بذلك، قال إبراهيم: فإن كان الله أمرني بذلك، فقد أطعتُ الله واحتسبتُ، فانصرف عنه، وجاء إبليس إلى هاجَرَ، فقال: أين ذهب إبراهيم بابنك؟ قالت: ذهب في حاجته، قال: فإنه يريد أن يذبحه، قالت: وهل رأيت والدًا يذبح ولده؟ قال: هو يَزْعُم أَنَّ الله أمره بذلك، قالت: فقد أحسن حيث أطاع الله، ثم أدركَ إسماعيل، فقال: يا إسماعيل، أين يذهب بك أبوك؟ قال: لحاجته، قال: فإنه يذهب بك ليذبحك، قال: وهل رأيت والدًا قط يذبح ولده؟ قال: نعم هو، قال: ولم؟ قال: يزعم أن الله أمره بذلك، قال إسماعيل: فقد أحسن حيث أطاع ربه، قال: فخرج به حتى انتهى به إلى منًى حيث أُمر، ثم انتهى إلى منحر البُدْنِ اليوم، فقال: يا بُنيّ، إِنَّ الله قد أمرني أن أذبَحَك، قال إسماعيل: فأطِعْ ربك، فإنَّ في طاعة ربك كلَّ خير، ثم قال إسماعيل: هل أعلمتَ أمي بذلك؟ قال: لا، قال: أصبتَ، إِنِّي أخاف أن تَحْزَنَ، ولكن إذا قربت السكين من حلْقي فأعرِضْ عني، فإنه أجدَرُ أن تصبر ولا تراني، ففعل إبراهيم، فذهب يَحُزُّ في حلقه، فإذا يَحُزُّ في نحاس ما تحيك الشفرة

(1)

، فشحذها مرتين أو ثلاثة بالحجر، كلَّ ذلك لا يستطيع أن يَحُزَّ، قال إبراهيم: إِنَّ هذا الأمر من الله، فرفع رأسه فإذا بوَعِلٍ واقفٍ بين يديه، فقال إبراهيم: قُمْ يا بني، فقد نزل فداك، فَذَبَحَه هناك

(2)

.

(1)

أي: لا تؤثر فيه ولا تقطعه.

(2)

إسناده واهٍ بمرة، ابن أبي سَبْرة - وهو أبو بكر بن عبد الله بن محمد - متروك الحديث، واتهمه بعضهم بالوضع، وممن اتهمه المصنّف نفسه، فلا ندري ما باله أورد له مثل هذا الخبر، وأبو عبد الله الواقدي - وهو محمد بن عمر - لا يعتبر بما يتفرد به أيضًا، وانفردا في إسناد هذا الخبر بذكر خوات بن جُبَير، وخالفهما شريك بن عبد الله بن أبي نمر، فرواه عن عطاء بن يسار من قوله، وهو الصحيح. وقول ابن أبي سبرة أو الواقدي فيه بأن مالك الدار كان مولى لعثمان بن عفان =

ص: 41

4084 م - قال الواقدي: وحدثني ربيعة بن عثمان، عن هلال بن أسامة، عن عطاء بن يَسَار، عن عبد الله بن سَلَام، أنه قال: الذبيح هو إسماعيل

(1)

.

‌ذكرُ إسحاق بن إبراهيم خليل الله صلوات الله عليهما

4085 -

حدثنا الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا زيد بن الحُباب، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال نبي الله داود: يا رب، أسمعُ الناسَ يقولون: رَبُّ إسحاق، قال: إنَّ إسحاق جادَ لي بنفسه"

(2)

.

= خطأ أيضًا، لأنَّ المعروف من مصادر ترجمته "كالطبقات الكبرى" لابن سعد 7/ 12، و "طبقات خليفة بن خياط" ص 235 وغيرهما أنه كان مولى لعمر بن الخطاب. الحسن: هو ابن الجهم.

وأخرجه الواحدي في "التفسير الوسيط" 3/ 530 من طريق أبي عبد الله الحاكم، عن محمد بن عبد الله الصَّفّار، عن الحسن بن الجهم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي في "فضائل الأوقات"(204) من طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار من قوله. والإسناد إليه قويٌّ.

وجاء نحو هذه القصة أيضًا في "أخبار مكة" للفاكهي (6)، والطبري في "تاريخه" 1/ 274 من قول محمد بن إسحاق صاحب "السيرة النبوية".

وسيأتي نحو هذه القصة أيضًا من قول كعب الأحبار برقم (4089) لكن بذكر إسحاق وأمه سارة، بدل إسماعيل وأمه هاجر، وذكر إسماعيل أثبتُ، كما سيأتي بيانه بإثر الرواية (4092 م) إن شاء الله تعالى.

ورُوي عن ابن عبّاس من قوله: أنَّ الشيطان عرض لإبراهيم ثلاث مرات، لا أنه عرض لإبراهيم ولإسماعيل ولهاجر، وأنَّ إبراهيم رجمه في المرات الثلاثة بسبع حصيات عند الجمار، وأنه لما نُودي وبُشِّر بالفداء كان أثناء معالجته لخلع قميص ابنه إسماعيل، وليس فيه تعرُّض لإمرار الشفرة على حلقه. أخرجه أحمد 4 / (2707) وغيره، وإسناده صحيح إلى ابن عباس.

(1)

من فوق الواقدي لا بأس بهم.

(2)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن جُدعان. وقد خالفه المبارك بن فضالة البصري فرواه عن الحسن البصري موقوفًا على العباس، وصرَّح المبارك بسماعه من الحسن =

ص: 42

هذا حديث صحيح، رواه الناس عن علي بن زيد بن جدعان، تفرد به.

4086 -

أخبرني أبو أحمد محمد بن إسحاق العَدْل الصَّفّار، حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا عمرو بن حماد، حدثنا أسباط بن نصر، عن السُّدِّي، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال: كانت سارة بنت تسعين سنة وإبراهيم ابن عشرين ومئة سنة، فلما

=عند ابن قُتَيبة في "المعارف" ص 35، ونقله عنه ابن ناصر الدين في "جامع الآثار" 2/ 16، فإسناد المبارك حسنٌ، فالصحيح وقفه على العباس.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 7/ 28 عن أبيه، عن مسلم بن إبراهيم، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 2186 عن أبيه، عن أبي سلمة موسى بن إسماعيل، والثعلبي في "تفسيره" 8/ 151 من طريق الحسن بن موسى الأشيب، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، مرسلًا.

وأخرجه البزار (1307)، والطبري في "تاريخه" 1/ 263، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(307)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 6/ 222 من طريق أبي كريب محمد بن العلاء، والدولابي في "الكنى والأسماء"(1053) عن مؤمل بن إهاب، كلاهما عن زيد بن الحباب، عن أبي سعيد الحسن بن دينار، عن علي بن زيد، عن الحسن البصري، عن الأحنف، عن العباس مرفوعًا.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/ 299 عن عبد الله بن زيدان، عن الحسن بن دينار، به.

فالظاهر أنَّ المحفوظ في المرفوع الموصول ذكر الحسن بن دينار لا حمّاد بن سلمة، فيكون في إسناد المرفوع الموصول ضعيفان هما ابن جدعان والحسن بن دينار، وأما طريق حماد بن سلمة فالمحفوظ فيها الإرسال، وممّن نبه على أنَّ رواية حماد مرسلة جماعةٌ منهم ابن معين في "سؤالات ابن الجنيد"(785)، والبخاري في "تاريخه" 2/ 292، والبزار وغيرهم.

وأخرجه يحيى بن سلام في "تفسيره" 2/ 839، وابن قتيبة في "المعارف" ص 35، والطبري في "تفسيره" 23/ 81، وفي "تاريخه" 1/ 264، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(306)، والواحدي في "التفسير الوسيط" 3/ 529، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 2/ 98 من طرق عن مبارك بن فضالة، عن الحسن البصري، عن الأحنف بن قيس، عن العباس موقوفًا عليه من قوله. وإسناده حسن.

ص: 43

ذهب عن إبراهيم الرَّوعُ وجاءته البشرى بإسحاق وأمن ممن كان يخافه، قال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39)} [إبراهيم: 39]، فجاء جبريل عليه السلام إلى سارة بالبشرى، فقال أبشري بولد يقال له: إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، قال: فضربت جبهتها عجبًا، فذلك قوله:{فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذاريات: 29]، وقالت:{أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 72 - 73]

(1)

.

قد احتج البخاري بعِكرمة واحتج مسلم بالسُّدِّي، والحديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4087 -

أخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد الأحمسي، حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع، حدثنا مروان بن جعفر السَّمُري، حدثنا حميد بن معاذ، حدثنا مُدرِك بن عبد الرحمن، حدثنا الحسن بن ذكوان، عن الحسن، عن سَمُرة، عن كعب الأحبار،

(1)

رجاله لا بأس بهم، لكنه اختلف فيه عن عمرو بن حماد في ذكر التابعي، فذكر فيه أحمد بن نصر - وهو أحمد بن محمد نصر اللباد - عكرمة، وخالفه موسى بن هارون الطُّوسي، فذكر أبا صالح باذام مولى أم هانئ، وهذا أقوى وأثبت من رواية اللباد. وأبو صالح هذا ضعيف الحديث، لكنه لم ينفرد به كما سيأتي السُّدِّي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة.

فقد أخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 271 عن موسى بن هارون، عن عمرو بن حماد، عن أسباط، عن السُّدِّي، في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عبّاس، وعن مُرة الهَمْداني، عن عبد الله - يعني ابن مسعود - وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال جبريل لسارة

كذا قال في هذه الرواية، ولم يتعرض فيها لذكر سِنِّ إبراهيم وسارة لما بُشِّرا بإسحاق. وهذا القدر المذكور حسن الإسناد من رواية السُّدِّي عن مرة وعن ناس من الصحابة.

والظاهر أنَّ ما وقع هنا من ذكر سنِّ إبراهيم وسارة متلقّى عن أهل الكتاب كما تدل عليه رواية محمد بن إسحاق عند ابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 2056 قال: ذكر لي عن بعض من قرأ الكتاب أن سارة كانت بنت تسعين سنة. ثم قال عن إبراهيم: وهو ابن عشرين ومئة سنة.

ص: 44

قال: ثم كان إسحاق بن إبراهيم الذي جعله الله نورًا وضياءً وقرة عينٍ لوالديه، فكان من أحسن الناس وجهًا وأكثره جمالًا وأحسنِه مَنطِقًا، فكان أبيضَ جَعْدَ الرأس واللحية، مُشبَّهًا بإبراهيم خَلْقًا وخُلقًا، ووُلِد لإسحاق يعقوب وعيصا، فكان يعقوب أحسنَهما وأنطقَهما وأكثرهما جمالًا وظَرْفًا، وكان عيصا كثير شعر الجسد والوجه والرأس، وكان يسكُن الروم فيما حدَّثَ سَمُرة بن جُندب

(1)

.

4088 -

حدثنا أبو بكر محمد بن المؤمل، حدثنا الفضل بن محمد الشعراني، حدثنا سُنَيد بن داود، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس:{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ} [الصافات: 112]، قال: بشرى نبوّةٍ، بُشِّر به مرتين: حين ولد، وحين نُبِّئ

(2)

.

(1)

إسناده واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وقد تقدم الكلام على رجاله برقم (4059).

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سُنَيد بن داود - وهو صاحب التفسير المشهور - وقد توبع.

وأخرجه الثعلبي في "تفسيره" 8/ 158 من طريق أحمد بن زهير بن حرب، وهو ابن أبي خيثمة، عن سنيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 7/ 30 من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان الثوري، به.

وأخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" 11/ (396)، والذهبي في "ميزان الاعتدال" في ترجمة سويد بن سعيد، من طريق سويد بن سعيد، عن علي بن مسهر، عن داود بن أبي هند، به. واللفظ للضياء.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 23/ 89 من طريق إسماعيل ابن عُليَّة، ومن طريق عبد الله بن إدريس، كلاهما عن داود بن أبي هند، بلفظ: بشر بنبوته. دون ذكر وقتي البشارة.

وخالفهم المعتمر بن سليمان عند الطبري 23/ 89، فروى عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال: إنما بُشِّر به نبيًا حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوة عند مولده. كذا قال في هذه الرواية، وهو خلاف صريح لرواية الثوري، وخلاف لمطلق روايتي ابن علية وابن إدريس، وروايتهم أثبت.

ص: 45

صحيح الإسناد ولم يُخرجاه.

‌ذكر من قال: إِنَّ الذَّبيح إسحاق بن إبراهيم عليه السلام

4089 -

فحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أنَّ عمرو بن أبي سفيان بن أَسِيد بن جارية الثقفي أخبره: أنَّ كعبًا قال لأبي هريرة: ألا أخبِرُك عن إسحاق بن إبراهيم النبي؟ قال أبو هريرة: بلى، قال كعبٌ: لما رأى إبراهيمُ [أن]

(1)

يذبح إسحاق، قال الشيطانُ: والله لئن لم أفتِن عندها آل إبراهيم لا أُفتِنُ أحدًا منهم أبدًا، فتمثَّل الشيطانُ لهم رجلًا يعرفُونه، قال: فأقبل حتى إذا خرج إبراهيم بإسحاق ليذبحَه دخل على سارةَ امرأةِ إبراهيم، قال لها: أين أصبح إبراهيم غادِيًا بإسحاق؟ قالت سارةُ: غدا لبعض حاجته، قال الشيطان: لا والله، ما غدا لذلك، قالت سارة: فلِمَ غدا به؟ فقال: غدا به ليذبحه، قالت سارة: وليس في ذلك شيءٌ لم يكن ليذبح ابنه، قال الشيطان: بلى والله، قالت سارة: ولِمَ يذبحه؟ قال: زعم أنَّ ربّه أمره بذلك، فقالت سارة: فقد أحسن أن يُطيع ربَّه إن كان أمره بذلك، فخرج الشيطان من عند سارة، حتى إذا أدرك إسحاق وهو يمشي على إثر أبيه، قال: أين أصبح أبوك غادِيًا؟ قال: غدا بي لبعض حاجته، قال الشيطان: لا والله، ما غدا بك لبعض حاجته، ولكنه غدا بك ليذبحك، قال إسحاق: فما كان أبي ليذبحني، قال: بلى، قال: لِمَ؟ قال: زعم أنَّ الله أمره بذلك، قال إسحاق: فوالله إن أمره ليُطيعَنه، فتركه الشيطان، وأسرع إلى إبراهيم، فقال: أين أصبحت غاديًا بابنك، قال: غَدوتُ لبعض حاجتي، قال: لا والله، ما غَدوتَ به إلا لتذبحه، قال: ولم أذبحه؟ قال: زعمت أنَّ الله أمرك بذلك، قال: فوالله لئن كان أمرني لأفعلنَّ.

قال: فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه وسلَّم إسحاق عافاه اللهُ، وَفَدَاهُ بِذِبْحٍ عظيم،

(1)

زيادة من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وفيه: لما أُري إبراهيم أن يذبح ....

ص: 46

قال إبراهيم لإسحاق: قم أي بُني، فإنَّ الله قد أعفاك، وأوحى الله إلى إسحاق: أني أعطيتك دعوة أستجيب لك فيها، قال إسحاق: فإني أدعوك أن تستجيب لي: أيُّما عبدٍ لَقِيَك من الأولين والآخرين لا يُشرِكُ بك شيئًا فأدخله الجنة

(1)

.

(1)

رجاله ثقات، لكنه اختلف فيه عن الزهري في تعيين شيخه، فذكر فيه يونس - وهو ابن يزيد الأيلي - عمرو بن أبي سفيان، ووافقه شعيب بن أبي حمزة، وخالفهما معمر بن راشد فذكر فيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وكلاهما ثقة، لكن عمرو بن أبي سفيان أدرك كعبًا ووقع تصريحه بسماعه منه في رواية عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد، وأما القاسم بن محمد فلم يُدرك كعبًا، وروى ابن إسحاق هذا الخبر مختصرًا بذكر الذبح فقط دون القصة، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن الزهري، فذكر أبا سفيان بن العلاء بن جارية الثقفي، وفي رواية أخرى عن ابن إسحاق قال فيها: عن العلاء بن جارية، فالظاهر أنَّ ابن إسحاق أراد ذكر عمرو بن أبي سفيان الذي ذكره يونس، فكان لا يضبط اسمه. وإذا صح ذلك اتفق قوله مع قول يونس وشعيب، وعلي أي حال فقول شعيب ويونس أثبت من رواية معمر، والله أعلم. ابن وهب: هو عبد الله.

وأخرجه البيهقي في "فضائل الأوقات"(203) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 23/ 82، وفي "تاريخه" 1/ 265 عن يونس بن عبد الأعلى، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 6/ 203 - 204 من طريق حرملة بن يحيى التجيبي، كلاهما عن عبد الله بن وهب، به.

وأخرجه أبو عبيد القاسم في "الخُطب والمواعظ"(21) من طريق الليث بن سعد، وأبو علي بن شاذان في الثامن من "أجزائه"(133)، والبيهقي في "البعث والنشور"(41) من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن يونس بن يزيد، به.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(896) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، به.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 23/ 81، وفي "تاريخه" 1/ 265 من طريق إبراهيم بن المختار، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن الزهري، عن العلاء بن جارية الثقفي، عن أبي هريرة، عن كعب.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 265 من طريق سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن الزهري، عن أبي سفيان بن العلاء بن جارية، عن أبي هريرة، عن كعب. وسلمة بن الفضل أوثق وأتقن في ابن إسحاق من إبراهيم بن المختار.=

ص: 47

قال الحاكم: سياقةُ هذا الحديث من كلام كعب بن ماتع الأحبار، ولو ظهر فيه سند لحكمتُ بالصحة على شرط الشيخين، فإنَّ هذا إسناد صحيح لا غُبار عليه.

4090 -

حدثنا إسماعيل بن علي الخُطَبي ببغداد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا موسى بن إسماعيل وحجاج بن مِنْهال، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: هو إسحاق؛ يعني الذبيح

(1)

.

4090 م - وحدثنا

(2)

حماد بن سلمة، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: الذي أراد إبراهيمُ ذَبْحَه إسحاق

(3)

.

= وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 150، ومن طريقه البزار (8059)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(6946)، وأبو الحسن الخِلَعي في "الخِلَعيات"(777)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 6/ 202 - 203، والذهبي في "إثبات الشفاعة"(27) عن معمر بن راشد، عن الزهري، عن القاسم بن محمد، أنه اجتمع أبو هريرة وكعبٌ، فذكره.

(1)

رجاله ثقات، وقد روي خلاف ذلك عن ابن عبّاس من طرق عنه كما تقدَّم بيانه برقم (4078)

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 23/ 81، وفي "تاريخه" 1/ 264، والثعلبي في "تفسيره" 8/ 150 من طرق عن داود بن أبي هند، به. وانظر ما بعده.

(2)

هذا موصول بالإسناد الذي قبله.

(3)

إسناده قوي من أجل عبد الله بن عثمان بن خُثيم، وقد روي مرفوعًا من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جُبَير عن ابن عبّاس، وحماد بن سلمة ممن سمع من عطاء بن السائب قبل اختلاطه وبعده أيضًا. وروي خلافه عن ابن عبّاس من طرق عنه كما قدمناه برقم (4078).

وأخرجه الثعلبي في "تفسيره" 8/ 150 من طريق يوسف بن عبد الله بن ماهان، عن موسى بن إسماعيل وحده، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 196، وفي "تاريخه" 1/ 139 من طريق ابن جريج، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، به.

وسيأتي برقم (4092) من طريق داود العطار عن عبد الله بن عثمان بن خثيم.

وأخرجه أحمد 5 / (2794) عن يونس بن محمد المؤدب، عن حمّاد بن سلمة، عن عطاء بن =

ص: 48

4091 -

حدثنا إسماعيل بن الفضل بن محمد الشعراني، أخبرنا جدي، حدثنا سُنَيد بن داود، حدثنا حجاج بن محمد، عن شُعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: الذَّبِيحُ إسحاقُ

(1)

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4092 -

حدثناه أبو عبد الله بن بُطّة، حدثنا الحسن بن الجهم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، حدثنا أبو سليمان داود بن عبد الرحمن العطار، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إنَّ الصخرة التي في أصل ثَبِيرٍ التي ذبح عليها إبراهيم إسحاقَ، هَبَطَ عليه كبشٌ أغبَرُ له نُواحٌ من

= السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعًا، بذكر قصة رمي إبراهيم عليه السلام للشيطان لما كان يَعرِض له عند كل جمرة من الجمار الثلاث بسبع حصيات.

وخالف يونس بن محمد فيه سُريج بن النعمان، فرواه عن حماد بن سلمة، عن عطاء،، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس موقوفًا، عند الطبراني (12292)، والضياء المقدسي في "المختارة" 10/ (298)، وهذا أشبه من رواية يونس، ويؤيده رواية ابن خُثيم هذه، كما يؤيده رواية عكرمة عن ابن عباس التي قبل هذه الرواية.

وقد روى حماد بن سلمة قصة رمي إبراهيم للحَصَيات عند أحمد 4 / (2707) عن أبي عاصم الغنوي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن ابن عبّاس موقوفًا بذكر إسماعيل بدل إسحاق، وفي هذا ما يُوهِنُ رواية عطاء بن السائب هذه في الجملة، والظاهر أنه مما حمله عنه حمّاد بن سلمة في حال التغيُّر، والله تعالى أعلم.

(1)

صحيح عن ابن مسعود كما قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" 2/ 619، وابن كثير في "التفسير" 7/ 28، وهذا إسناد حسن من أجل سُنيد بن داود، وقد توبع. أبو الأحوص: هو عوف بن مالك الأشجعي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 23/ 81، وفي "تاريخه" 1/ 264، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 5/ 298، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 2145، والطبراني في "الكبير"(8916)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 9/ 51 - 52 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 272 من طريق السُّدِّي، عن مُرَّة الهمداني، عن عبد الله بن مسعود وإسناده حسن أيضًا.

ص: 49

ثَبِير قد نَوحه؛ فذكر حديثًا طويلًا

(1)

.

4092 م - قال الواقدي: وحدثنا محمد بن عمرو الأوسي، عن أبي الزبير، عن جابر قال: لما رأى إبراهيم في المنام أن يَذبَح إسحاق أخذ بيده؛ فذكره بطوله

(2)

.

قال الحاكم: وقد ذكر الواقديُّ بأسانيده هذا القول عن أبي هريرة، وعبد الله بن سَلَام، وعُمير بن قتادة الليثي، وعثمان بن عفان، وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عمر، والله أعلم.

وقد كنت أرى مشايخ الحديث قبلنا وفي سائر المدن التي طلبنا الحديث فيها، وهم لا يختلفون أن الذبيح إسماعيل، وقاعدَتُهم فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أنا ابن الذبيحين"

(3)

، إذ لا خلاف أنه من ولد إسماعيل، وأنَّ الذَّبيح الآخر أبوه الأدنى عبد الله بن عبد المطلب، والآن فإنِّي أجدُ مُصنِّفي هذه [الأزمنة]

(4)

يختارون قول من قال: إنه إسحاق

(5)

.

(1)

صحيح، وقد تقدَّم الكلام على حال محمد بن عمر وهو الواقدي - برقم (4060)، والواقدي متابع، ومن فوقه لا بأس بهم.

وأخرجه أبو الوليد الأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 175 عن جده أحمد بن محمد بن الوليد، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 7/ 26 من طريق يوسف بن يعقوب الصَّفّار، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 49/ 38 - 39 من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس، ثلاثتهم عن داود بن عبد الرحمن العطار، بهذا الإسناد.

وثَبِير، بفتح المثلثة وكسر الموحدة ثم بالتحتانية بعدها راء مهملة: جبل بين مكة ومني، وهو على يمين الداخل منها إلى مكة.

والأغبر: الذي لونه كلون الغُبار أو الرماد.

(2)

إسناده ضعيف، تفرد به الواقدي - وهو محمد بن عمر - وشيخه فيه لا يُعرف.

(3)

تقدَّم من حديث معاوية بن أبي سفيان برقم (4080): أنَّ أعرابيًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا ابن الذبيحين، وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تبسم من قوله ذلك. وبينا هناك أنَّ إسناده ضعيف، وأما بلفظ:"أنا ابن الذبيحين"، فلم نقف عليه مسندًا.

(4)

زيادة من "تلخيص الذهبي"، ولا بد منها.

(5)

قد اختلف السلف في هذه المسألة على قولين: =

ص: 50

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 1 - فمنهم من قال: إنَّ الذبيح هو إسحاق.

وقد ورد في ذلك حديث مرفوع عن العباس بن عبد المطلب، تقدم برقم (4085)، لكن لم يصح سنده.

وروي أيضًا عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس مرفوعًا، كما تقدم بيانه برقم (4090 م)، وأن رَفْعَه وهمٌ بلا شك.

كما روي فيه حديث عن أبي هريرة عند ابن أبي حاتم في "تفسيره"، كما في "تفسير ابن كثير" 7/ 25، وابن عدي في "الكامل" 4/ 272، والثعلبي في "تفسيره" 8/ 152، وفي إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف باتفاق، وانفرد به.

وحديث آخر عن أنس عند الثعلبي 8/ 151 - 152، وإسناده واه بمرة.

وممن قال بذلك من الصحابة عبد الله بن مسعود، كما تقدم برقم (4091)، والعباس بن عبد المطلب، كما قدمت برقم (4085)، وابنه عبد الله من رواية عكرمة وسعيد بن جبير عنه، كما تقدَّم بالأرقام (4090) و (4090 م) و (4093).

وقد روي ذلك عن جماعة غيرهم من الصحابة أشار إليهم المصنف، مبيِّنًا أنَّ رواياتهم عند الواقدي، ومن المعلوم أنَّ ما ينفرد به الواقديُّ من الروايات ليس بعمدة. ومن الصحابة القائلين بذلك جابر بن عبد الله، كما تقدم برقم (4092 م)، ولا يثبت عنه.

وأسنده الطبري في "تفسيره" 23/ 78 و 81 - 83 عن جماعة من التابعين أيضًا، منهم كعب الأحبار ومسروق وعُبيد بن عمير، والسُّدِّي وابن سابط، وأبو ميسرة وابن أبي الهذيل. واختار هو هذا القول وأيَّده.

وسيذكره المصنف عن وهب بن منبِّه بإسناد واهٍ، لكن روي من طريق أخرى حسنة عنه عند الطبري في "تفسيره" 12/ 73، ما يُشير إلى أنَّ الذبيح إسحاق.

وزاد الثعلبي في "تفسيره" 8/ 149 فيمن قال بذلك من الصحابة: عمر، وعلي، ومن التابعين: سعيد بن جُبَير، وقتادة، وعكرمة، وعطاء، ومقاتل، والزُّهْري، والقاسم بن أبي بَزَّة.

وزاد ابن كثير في "تفسيره" 7/ 28 ذكر جماعة من التابعين قالوا بذلك أيضًا، منهم: مجاهد والشَّعْبي، وزيد بن أسلم وعبد الله بن شقيق، ومكحول وعثمان بن حاضر والحسن.

والرواية في ذلك عن عمر بن الخطاب عند الثعلبي في "تفسيره" 8/ 150 بسند رجاله ثقات لكن الراوي فيه عن عمر لم يدركه.

وعن علي بن أبي طالب عند عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 152، والثعلبي في "تفسيره" 8/ 150، بسند ضعيف.=

ص: 51

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعن سعيد بن جُبَير عند ابن أبي شَيْبة 11/ 520، والفاكهي في "أخبار مكة"(2616)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على "الزهد" لأبيه ص 80، وغيرهم، بسند ضعيف أيضًا.

وعن قتادة عند الطبري في "تفسيره" 23/ 77 و 89، وعن عكرمة عنده أيضًا 23/ 77.

وعن زيد بن أسلم عند الثعلبي في "تفسيره" 8/ 151 بسند فيه رجل مبهم. وقرن بزيد بن أسلم صفوان بن سليم.

ونسب السيوطي في "الدر المنثور" الرواية في ذلك عن مجاهد وعثمان بن حاضر والحسن البصري لعبد بن حميد في "تفسيره".

والمشهور عن الشعبي ومجاهد والحسن البصري أنَّ الذبيح إسماعيل، كما سيأتي.

قال ابن كثير: وهذه الأقوال - والله أعلم - كلها مأخوذة عن كعب الأحبار، فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدّث عمر رضي الله عنه عن كتبه قديمًا، فربما استمع له عمر رضي الله عنه، فترخص الناس في استماع ما عنده، ونقلوا ما عنده عنه غثَّها وسمينها، وليس لهذه الأمة - والله أعلم - حاجةٌ إلى حرف واحد ممّا عنده.

وممن أيَّد هذا القول في أنَّ الذبيح إسحاق: ابن جرير الطبري كما تقدم، وأبو بكر غُلام الخلال والقاضي أبو يعلى الفَرّاء والسُّهيلي، كما قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 4/ 331. وهو قول أبي عبد الله القرطبي في "جامعه" 15/ 100. وقال ابن الجوزي في "تذكرة الأريب" ص 322: هو الأصح.

2 -

ومنهم من قال: إنَّ الذبيح هو إسماعيل.

وقد ورد فيه حديث مرفوع أيضًا عن معاوية بن أبي سفيان، تقدَّم برقم (4080)، لكن بإسناد ضعيف.

وممن قال بذلك من الصحابة ابن عبّاس في رواية مجاهد والشعبي المتقدمتين بالأرقام (3654) و (4078) و (4082). ورواه عنه أيضًا أبو الطفيل عامر بن واثلة عند أحمد 4/ (2707) وغيره، ورواياتهم عنه ثابتة.

ورواه عنه غيرهم من طرق لا تثبت، منهم عطاء بن أبي رباح، وتقدمت روايته برقم (4081)، ويوسف بن مهران وسعيد بن جبير، وروايتهما عند الطبري 23/ 83 و 84.

وروي ذلك عن ابن عمر وخَوّات بن جُبَير وعبد الله بن سَلَام، كما تقدم بالأرقام (4079) و (4080) و (4084) و (4084 م)، بأسانيد ضعيفة.

وممن قال بذلك من التابعين محمد بن كعب القرظي، كما تقدم برقم (4083)، ومجاهد كما تقدم برقم (4079)، وكذلك هو قول الشعبي والحسن البصري، وروايتهما عند الطبري 23/ 84.=

ص: 52

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وزاد أبو حاتم الرازي فيما رواه عنه ابنه في "التفسير" - كما في "تفسير ابن كثير" 7/ 29 - جماعةً ممن رُوي عنه ذلك من الصحابة والتابعين، منهم علي وأبو هريرة وأبو الطفيل، وسعيد ابن المسيب وسعيد بن جُبَير، وأبو جعفر محمد بن علي وأبو صالح.

وزاد البغوي في "تفسيره" 7/ 46 السُّدِّي والربيع بن أنس والكلبي.

وزاد ابن كثير في "البداية والنهاية" 1/ 369 عمر بن عبد العزيز ومحمد بن إسحاق بن يسار، قال: وكان الحسن البصري يقول: لا شك في هذا.

قلنا: الرواية في ذلك عن أبي هريرة عند ابن قتيبة في "المعارف" ص 37 - 38 بسند صحيح عن الفرزدق الشاعر أنه سمع أبا هريرة يقوله على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن سعيد بن المسيب عند عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 153 بسند رجاله ثقات.

ونسب السيوطي في "الدر المنثور" الرواية عن سعيد بن جبير لعبد بن حميد في "تفسيره".

وقد صحح هذا القول أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "التفسير"، كما في "تفسير ابن كثير" 7/ 29، ومال إليه الإمام أحمد، فيما نقله عنه ابنه عبد الله في "الزهد" ص 391. وقال عبد الله بن أحمد: أكثر الحديث إسماعيل عليه السلام. وصححه أيضًا أبو عمرو بن العلاء وأبو إسحاق الثعلبي وابن العربي وابن عطية وابن تيمية وابن القيم وابن كثير، كما سيأتي.

وصححه أيضًا الفاكهي في "أخبار مكة" كما في "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام" لتقي الدين الفاسي 2/ 13.

وعليه مشى أبو القاسم القُشيري في "تفسيره" 3/ 238، وأبو المظفر السمعاني في "تفسيره" 4/ 409.

واستظهره النسفي في "تفسيره" 3/ 132، وقال ابن عطية في "تفسيره" 2/ 136: إسماعيل هو الذبيح في قول المحققين.

من أقوى الأدلة على صحة هذا القول ورجحانه على القول الأول ما استدل به محمد بن كعب ومن القُرَظي فيما تقدم برقم (4083): أنَّ الله يقول حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم، قال:{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 112]، ثم يقول:{فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} ، يقول: بابن وبابن ابن فلم يكن يأمر بذبح إسحاق، وله فيه من الله موعود بما وعده.

ومن الأدلة الظاهرة على ذلك أيضًا العبارة التي جاءت في التوراة نفسها بهذا الصدد، فقد قال الإمام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 4/ 331: الذي يجب القطع به أنه إسماعيل، وهذا الذي عليه الكتاب والسنة والدلائل المشهورة، وهو الذي تدل عليه التوراة التي بأيدي أهل الكتاب أيضًا، فإن فيها أنه قال لإبراهيم:"اذبح ابنك وَحِيدَك"، وفي ترجمة أخرى:"بكرك". وإسماعيل هو=

ص: 53

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الذي كان وحيده وبِكْرَه باتفاق المسلمين وأهل الكتاب، لكن أهل الكتاب حرَّفوا، فزادوا: إسحاق، فتلقى ذلك عنهم من تلقاه، وشاع عند بعض المسلمين أنه إسحاق، وأصله من تحريف أهل الكتاب.

ومن الأدلة البينة أيضًا أنَّ قرني الكبش الذي ذبحه إبراهيم كانا في الكعبة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بن طلحة الحجبي بعد فتح مكة، فيما أخرجه أحمد 27/ (16637) وغيره:"إني كنتُ رأيتُ قرني الكبش حين دخلت البيت، فنسيتُ أن أمرك أن تُخمِّرهما، فخَمِّرهما، فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيءٌ يَشغَل المُصلي"، ومعلوم أنَّ إسماعيل وأمه هما اللذان كانا بمكة دون إسحاق وأمه، قال الأصمعي فيما نقله عنه البغوي في "تفسيره" 7/ 47 وغيره: سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذَّبيح: أكان إسحاق أم إسماعيل؟ فقال: أين ذهب عقلك؟! متى كان إسحاق بمكة؟! وإنما كان بها إسماعيل، وهو الذي بنى البيت مع أبيه، والنحر بمنى لا شك فيه. وقال أبو إسحاق الثعلبي في "تفسيره" 8/ 153: هذا أدل دليل على أن الذبيح إسماعيل.

ومما استدل به ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 4/ 332 على ذلك: أنَّ الله تعالى لما ذكر قصة إبراهيم وابنه الذبيح في سورة الصافات، قال:{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} . ثم قال: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} ، بشره بالذبيح، وذكر قصته أولًا، فلما استوفى ذلك قال:{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ} فبيّن أنهما بشارتان: بشارة بالذَّبيح، وبشارة ثانية بإسحاق، وهذا بين.

وقد استدل به أيضًا تلميذه ابن القيم في "زاد المعاد" 72/ 1، وابن كثير في "تفسيره" 7/ 23، وغيرهما.

قال ابن القيم: فهذه بشارة من الله له، شكرًا له على صبره على ما أُمر به، وهذا ظاهر جدًّا في أنَّ المبشَّر به غير الأول، بل هو كالنص فيه.

فإن قيل: فالبشارة الثانية وقعت على نبوته، أي: لما صبر الأب على ما أُمر به وأسلم الولد لأمر الله، جازاه على ذلك بأن أعطاه النبوة؟

قيل: البشارة وقعت على المجموع على ذاته ووجوده، وأنه يكون نبيًا، ولهذا نصب (نبيًا) على الحال المقدرة بعدها، أي: تقدير نبوته، فلا يمكن إخراج البشارة أن تقع على الأصل، ثم تخص بالحال التابعة الجارية مجرى الفضل، هذا مُحال من الكلام، بل إذا وقعت البشارة على نبوته فوقوعها على وجوده أولى وأحرى.

وقد ذكر ابن تيمية وابن القيم وجوهًا عديدة من الاستدلالات على كون الذبيح إسماعيل لا إسحاق، لا يتسع المقام لذكرها اكتفينا بذكر أظهرها وأقواها.=

ص: 54

فأما الرواية عن وهب بن مُنبِّه، وهو باب هذه العلوم:

4093 -

فأخبرنا الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا أبو الحسن بن البراء، حدثنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبِّه، قال: حديث إسحاق حين أمر الله إبراهيم أن يذبحه: وهبَ الله لإبراهيم إسحاق في الليلة التي فارقته الملائكة، فلما كان ابن سبع سنين أوحى الله إلى إبراهيم أن يذبحه ويجعله قُربانًا، وكان القُربان يومئذ يُتقبَّل ويُرفَع، فكتم إبراهيمُ ذلك إسحاق وجميع الناس وأسره إلى خليلٍ له يُقال له: العازَرُ الصِّدِّيق، وهو أول من آمَنَ بإبراهيم وقوله، فقال له الصديق: إنَّ الله لا يبتلي بمثل هذا مثلك، ولكنه يريد أن يُجرِّبَك ويَختبرك، فلا يَسُوءنَّ بالله ظَنُّك، فإنَّ الله يجعلك للناس إمامًا، ولا حول ولا قوة لإبراهيم وإسحاق إلّا بالله الرحمن الرحيم؛ فذكر وهب حديثًا طويلًا.

إلى أن قال وهبٌ: وبلغني أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لقد سَبَقَ إسحاق الناسَ إلى دعوةٍ ما سبقه إليها أحدٌ، وليقومن يوم القيامة فليشفَعَن لأهل هذه الدعوة، وأقبل الله على إبراهيم في ذلك المقام، فقال: اسمع مني يا إبراهيم، يا

(1)

أصدق الصادقين، وقال لإسحاق: اسمع مني يا أصبَرَ الصابرين، فإني قد ابتليتكما اليوم ببلاء عظيم لم أبتل به أحدًا من خلقي: ابتليتك يا إبراهيم بالحريق فصبرت صبرًا لم يصبر مثله أحدٌ من العالمين، وابتليتك بالجهاد في وأنت وحيدٌ وضعيفٌ فصدَقْتَ وصبرت صبرًا وصِدْقًا لم يصدق مثله أحدٌ من العالمين، وابتليتك يا إسحاق بالذَّبح، فلم تبخل بنفسك، ولم تُعظم ذلك في طاعةِ أبيك، ورأيتَ ذلك هيِّنًا صغيرًا في الله، بما ترجو

= وقد أفرد جماعةٌ من الأئمة في ذلك مصنفاتٍ في هذا الموضوع، منهم ابن العربي كما قال ابن ناصر الدين الدمشقي في "جامع الآثار في السير ومولد المختار" 2/ 24، وابن تيمية كما أشار إليه هو نفسه في "منهاج السنة النبوية" 5/ 355، وقال ابن ناصر الدين: وجنح ابن العربي بظاهر الدليل وصحيح التأويل من غير تمريض ولا تعليل أنَّ الذبيح - ولا بد - إسماعيل عليه السلام.

(1)

في (ز): أي، بدل: يا، وكلاهما صحيح في النداء.

ص: 55

من حُسن ثوابه، ويُسرِّيهِ

(1)

حسن لقائه، وإني أعاهدكما اليوم عهدًا لا أَخِيسُ به، أما أنت يا إبراهيم، فقد وَجَبَتْ لك الخُلّة على نفسي، فأنت خليلي من بين أهل الأرض دون رجال العالمين، وهي فَضيلةٌ لم ينلها أحدٌ قبلك ولا بُدَّ أحدٌ بعدك، فخَرَّ إبراهيم ساجدًا تعظيمًا لِما سَمِعَ من قول الله مُتشكِّرًا الله، وأما أنت يا إسحاق فتمنَّ علي بما شئت، وسَلْني واحتكم أُوتِكَ سؤالك، قال: أسألك يا إلهي أن تصطفيني لنفسك، وأن تُشفِّعَني في عبادك المُوحِّدين، فلا يلقاك عبدٌ لا يُشرك بك شيئًا إلا أجرته من النار، قال له ربه: قد أوجبتُ لك ما سألت وحتّمتُ لك وِلايتك، ما وعدتكما على نفسي وعدًا لا أُخْلِفُه، وعهدًا لا أَخِيسُ به، وعطاءً هنيئًا ليس بمردود

(2)

.

4094 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل، حدثنا أبو غسان النَّهْدي، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التّمِيمي، عن ابن عباس، قوله:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة:124]، قال: مناسك الحج

(3)

.

(1)

أي: يكشِفُ عنه الخوف ويزيله.

(2)

إسناده واهٍ من أجل عبد المنعم بن إدريس فهو لا شيء كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وقال: ووهب إن صح وهب، فمن أين له هذه الخرافات إلّا من كتب تداولها اليهود الذين بدلوا التوراة، فما ظنك بغيرها؟!

وقد صح عن وهب بن منبه ما يشير إلى أنَّ الذَّبيح إسحاق فيما رواه عنه الطبري في "تفسيره" 12/ 37 من طريق عبد الصمد بن معقل بن منبه، عن عمه وهب بن منبه، حيث ذكر خبر بشارة إبراهيم وسارة بغلام حليم هو إسحاق، وإسناده حسن، وهذا مصيرٌ منه إلى أن الغلام الحليم المذكور في الآية هو إسحاق الذي جاءت الآيات بعد ذلك بأنه صاحب قصة الذبح.

(3)

إسناده محتمل للتحسين من أجل التميمي: واسمه أربدَة، وقد سلف بيان حاله عند الحديث (925).

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 1/ 526، وفي "تاريخه" 1/ 284 من طريق أبي إسحاق السبيعي، به.

وأخرجه أحمد 4/ (2707) من طريق أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن ابن عباس، ضمن حديثه الطويل في قصة الذبح، وإسناده صحيح.=

ص: 56

هذا حديث صحيح الإسناد، وشواهدها كثيرة قد خرَّجتُها في كتاب "المناسك".

‌ذكر لوطٍ النبي صلى الله عليه وسلم

قد اتفقت الروايات في أنه من بيت إبراهيم صلى الله عليه وسلم، ثم اختلفوا أهو من ولده أو من ولد أخيه.

4095 -

فأخبرنا الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا أبو الحسن بن البراء، حدثنا عبد المنعم، عن أبيه، عن وهب بن منبه، قال: لما توفيت سارة تزوج إبراهيم امرأة يقال لها: حجورا، فولدت له سبعة نفرٍ: نافسُ ومدين وكيسان، ولوط وسرخ وأميم ونغشان، وذكر أيضًا في هذا الكتاب: وَهَب مدين درجات

(1)

لإبراهيم، وأن لوطًا كان منهم

(2)

.

4096 -

وأخبرنا محمد بن إسحاق الصَّفّار، حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا عمرو بن طلحة القناد، حدثنا أسباط بن نصر، عن السُّدِّي، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ولوطٌ النبي صلى الله عليه كان ابن أخي إبراهيم الخليل عليهما السلام

(3)

.

هذا إسناد صحيح.

وفي كتاب إسماعيل بن عبد الكريم عن عبد الصمد بن مَعقِل، قال: سمعت وهب بن مُنبِّه يقول: خرج إبراهيم بامرأته سارة ومعها أخوها لوط إلى أرض الشام

(4)

.

= وأخرجه الطبري في "تفسيره" 1/ 526، وفي "تاريخه" 1/ 283 - 284 من طريق قتادة، قال: كان ابن عباس يقوله. ورجاله ثقات لكن قتادة لم يدرك ابن عباس.

وانظر ما تقدم برقم (3092).

(1)

كذا جاء في نسخنا الخطية: مدين درجات، واستظهر في (ص) فوق كلمة "درجات" أنها "ذريات".

(2)

إسناده واهٍ كما تقدَّم بيانه برقم (4056).

(3)

إسناده حسن من أجل أسباط بن نصر والسُّدِّي: واسمه إسماعيل بن عبد الرحمن.

(4)

هذا أصبح كتاب تُروى فيه أقوال وهب بن مُنبِّه، وعليه فما قاله وهبٌ هنا هو الصحيح عنه. وقد أخرجه موصولًا من هذه الطريق ابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1837 عن أبي عبد الله =

ص: 57

وهو قول ثالث.

4097 -

حدثنا أبو الحسن بن شَبَّوَيه الرئيس، حدثنا [يحيى]

(1)

بن ساسَويه، حدثنا محمد بن حُميد، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، قال: ولوطٌ النبي عليه السلام هو لوط بن فاران

(2)

بن آزر بن ناحُور ابن أخي إبراهيم خليل الرحمن، والمؤتفكة هم قوم لوطٍ

(3)

.

4098 -

حدثنا أحمد بن يعقوب وعبد الله بن محمد بن موسى الصَّيدلاني، قالا: حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، في قوله عز وجل:{أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود:80]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ اللهُ لوطًا، كان يأوي إلى رُكْنٍ شديد، وما بعث الله بعده نبيًا إلّا في ثَروةٍ من قومه"

(4)

.

= الطَّهراني، عن إسماعيل بن عبد الكريم، به.

(1)

وقع في النسخ الخطية مكان اسم "يحيى" بياض، وقد خرَّج المصنف من روايته عدة أخبار، كل ذلك يسميه يحيى بن ساسويه، فلذلك أثبتنا اسم يحيى مكان البياض.

(2)

جاء فوقها في (ص) إشارة إلى نسخة بالميم، بدل الفاء.

(3)

محمد بن حميد - وهو الرازي - حافظ لكنه متروك الحديث، ولم ينفرد به عن سلمة بن الفضل، فقد تابعه محمد بن عيسى بن زياد الدامغاني كما سيأتي.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 243 - 244 عن محمد بن حميد، به. دون قوله: المؤتفكة هم قوم لوط.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 9/ 3050 عن علي بن الحسين بن الجنيد، عن محمد بن عيسى الدامغاني، عن سلمة بن الفضل، به. دون قوله: المؤتفكة هم قوم لوط.

وقوله: "المؤتفكة هم قوم لوط" أسنده ابن إسحاق عن محمد بن كعب القُرظي، كما في "تفسير ابن أبي حاتم" 6/ 2067، و "تاريخ الطبري" 1/ 306 من طريقين عن محمد بن إسحاق.

(4)

حديث صحيح دون قوله: "وما بعث الله نبيًا

" وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي.

وأخرجه أحمد 14 / (8987) و 16 / (10903) من طريق حمّاد بن سلمة، بهذا الإسناد.=

ص: 58

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذه الزيادة، إنما اتفقا على حديث الزهري عن سعيد وأبي عُبيد عن أبي هريرة مختصرًا

(1)

.

4099 -

أخبرنا محمد بن علي الصَّنْعاني، حدثنا علي بن المبارك الصَّنْعاني، حدثنا زيد بن المبارك، حدثنا محمد بن ثَور، عن ابن جريج:{أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80]، قال: بلغنا أنه لم يُبعث نبيٌّ قَطُّ بعد لوط إلا في ثروة من قومه

(2)

.

4100 -

أخبرنا محمد بن إسحاق الصَّفّار، حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا عمرو بن طلحة القنَّاد، حدثنا أسباطٌ، عن السُّدِّي، قال: انطلق لوطٌ ونَزَل على أهل سَدُوم، فوجدَهم يَنكِحُون الرجال، فنزل فيهم فبعثه الله إليهم، فدعاهم ووَعَظَهم، وكان من خبرهم ما قَصَّ الله في كتابه

(3)

.

4101 -

أخبرنا أحمد بن محمد الأحمسي، حدثنا الحسين بن حميد، حدثني مروان بن جعفر، حدثني حميد بن مُعاذ، حدثني مُدرِك بن عبد الرحمن، حدثنا الحسن بن ذكوان، عن الحسن، عن سُمرة، عن كَعْب الأحبار، قال: كان لوط نبي الله، وكان ابن أخي إبراهيم، وكان رجلًا أبيض حسن الوجه، دقيق الأنف، صغير الأذن، طويل الأصابع، جيّد الثَّنايا، أحسنَ الناسَ مَضْحَكًا إِذا ضحك، وأحسَنَه وأَرْزَنَه

= وأخرجه أحمد 14/ (8392) و 16 / (10903)، والترمذي (3116)، وابن حبان (6207) من طرق عن محمد بن عمرو، به.

(1)

أخرجه البخاري (3387)، ومسلم (151)، وهو أيضًا عند البخاري (3372) و (4694)، ومسلم (151) من طريق أبي سلمة وسعيد بن المسيب، وعند البخاري (3375)، ومسلم (2370) (153) من طريق الأعرج عن أبي هريرة. ليس في شيء من هذه الطرق قوله:"وما بعث الله نبيًا .... " إلى آخره.

(2)

رجاله لا بأس بهم. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 12/ 87 من طريق حجاج بن محمد، عن ابن جريج.

(3)

رجاله لا بأس بهم. أسباط: هو ابن نصر، والسُّدِّي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن.

وانظر ما سيأتي برقم (4103).

ص: 59

وأحكمه، وأقله أذًى لقومه، وهو حين بلغه عن قومه ما بلغه من الأذى العظيم الذي أرادوه عليه حين يقول:{لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80]

(1)

.

4102 -

أخبرنا أبو عبد الله بن بُطّة، حدثنا الحسن بن الجهم، حدثنا الحسين بن الفرج، حدثنا الواقدي، قال: وبلغنا أنَّ إبراهيم لما هاجر إلى أرض الشام وأخرجوه منها طَرِيدًا، فانطلق ومعه سارة، وقالت له: إني قد وهبتُ نفسي لك، فأوحى الله إليه أن يتزوَّجها، فكان أول وحيٍ أنزله عليه، وآمن به لوط في رهطٍ معه من قومه، وقال:{إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [العنكبوت:26]، فأخرجوه من أرض بابل آمِّين الأرضَ المقدسة، حتى ورد حَرّان، فأخرجُوه منها، حتى دَفَعُوا إلى الأردن، وفيها جَبّار من الجبارين حتى قَصَمَه الله، ثم إن إبراهيم رجع إلى الشام ومعه لوط، فنبَّأ الله لوطًا وبعثه إلى المؤتفكات رسولًا وداعيًا إلى الله، وهي خمسة مدائن، أعظمُها سَدُوما، ثم عَمُودا، ثم أرُوما، ثم صَعُورا، ثم صابورا، وكان أهل هذه المدائن أربعة آلاف ألفِ إنسان، فنزل لوطٌ سَدُوما، فلبث فيهم بضعًا وعشرين سنة يأمرهم وينهاهم ويدعوهم إلى الله وإلى عبادته، وتَرْكِ ما هم عليه من الفواحش والخبائث، وكانت الضِّيافةُ مُفتَرَضَةً على لوطٍ كما افتُرِضَت على إبراهيم وإسماعيل، فكان قومه لا يُضيفون أحدًا، وكانوا يأتون الذُّكْران من العالمين، ويدَعُون النساء، فعيَّرهم الله بذلك على لسان نبيهم في القرآن فقال:{أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} [الشعراء: 165 - 166]

(2)

.

4102 م - قال وهبٌ

(3)

: وذكر (1) عبد الله بن عباس أنَّ الذي حَمَلَهم على إتيان الرجال دون النساء أنهم كانت لهم بساتين وثِمارٌ في منازلهم، وبساتين وثمارٌ خارجةً على

(1)

إسناده ضعيف. وقد تقدم الكلام على رجاله برقم (4059).

(2)

إسناده ضعيف، وقد تفرد به الواقدي - وهو محمد بن عمرو - ولا يُعتبر بما ينفرد به.

(3)

هذا موصولٌ بالإسناد الذي قبله والظاهر أنَّ الذي يحكيه عن وهب - وهو ابن منبه - هو الواقديُّ نفسه، ولم يُدركه.

ص: 60

ظهر الطريق، وأنهم أصابهم قَحْط شديدٌ وجوعٌ، فقال بعضهم لبعض: إنكم إن مَنَعتُم ثماركم هذه الظاهرة من أبناء السبيل، كان لكم فيها معاشٌ، فقالوا: كيف نمنعها؟ فأقبل بعضهم على بعض، فقالوا: اجعَلُوا سُنَّتكم فيها من أخذتُم في بلادكم غريبًا لا تَعرِفُوه فاسلبوه وانكِحُوه وشُجُّوه، فإنَّ الناس لا يَطَؤُون بلادكم إذا فعلتُم ذلك، فجاءهم إبليس على تلك الحال في هيئة صَبِيٍّ وَضِيءٍ أحلى صبيٍّ رآه الناسُ وأَوسمه، فعَمَدُوه فنكحوه وسَلَبُوه وشَجُّوه، ثم ذَهَبَ فكان لا يأتيهم غريبٌ من الناس إلّا فعلوا به ذلك، فكان تلك سُنتهم، حتى بعث الله إليهم لوطًا، فنهاهم لوط عن ذلك، وحذَّرهم العذاب وأعذَرَ إليهم، فقال: يا قوم {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 28]، ثم ذكر باقي الحديث عن ابن عباس

(1)

.

4103 -

أخبرنا محمد بن إسحاق الصَّفّار، حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا عمرو بن طلحة، حدثنا أسباطٌ، عن السُّدِّي، عن أبي مالك، عن ابن عباس.

وعن مُرّة، عن ابن مسعود.

وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لما خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قريةِ لُوطٍ وأتوها نصف النهار، فلما بلغوا نهر سَدُوم لَقُوا ابنةَ لُوطٍ تستقي من الماء لأهلها - وكان له ابنتان - فقالوا لها: يا جارية، هل من منزل؟ قالت: نعم، مكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم، فأتت أباها، فقالت: يا أبتاه، أرادك فتيانٌ على باب المدينة، ما رأيتُ وجوه قومٍ هي أحسن منهم، لا يأخذهم قومك فيفضحوهم، وقد كان قومه

(1)

إسناده ضعيف، وقد تفرد به الواقدي عن وهب - وهو ابن مُنبِّه - ولم يُدركه أيضًا، وقد روي هذا الخبر من وجه آخر عن ابن عباس لا يُفرح به البتة.

فقد أخرجه إسحاق بن بشر البخاري في "المبتدأ" كما في "الدر المنثور" للسيوطي 3/ 496، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 50/ 312 - 313 عن مقاتل بن سليمان وجُويبر بن سعيد الأزدي، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عبّاس. وإسحاق بن بشر هذا، وكذا مُقاتِل وجُويبر متروكون.

ص: 61

نهوه أن يُضيف رجلًا حتى قالوا: خَلِّ عنا، فلنُضِفِ الرجال، فجاء بهم ولم يُعلِمُ أحدًا إِلَّا أهلَ بيتِ لوط، فخرجت امرأته فأخبرت قومه، قالت: إن في بيت لوط رجالًا ما رأيت مثل وجوههم قط، فجاءه قومه يُهرَعُون إليه، فلما أتوه قال لهم لوط: يا قوم، اتَّقُوا الله {وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود: 78]؟! {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} مما تريدون، قالوا له: أوَلَم نَنْهَكَ أن تُضيف الرجال، قد {عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} [هود: 79]، فلما لم يقبلُوا منه شيئًا عرضه عليهم، قال:{لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80]، يقول صلوات الله عليه: لو أنَّ لي أنصارًا ينصروني عليكم أو عشيرةً تمنعني منكم، لَحُلْتُ بينكم وبين ما جئتم تُريدونه من أضيافي، ولما قال لوط:{لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} ، بسط حينئذ جبريل جناحيه، ففقأ أعينهم، وخرجوا يدوس بعضُهم في آثار بعض عُميانًا يقولون: النَّجا النَّجا، فإنَّ في بيت لوط أسحر قومٍ في الأرض، فذلك قول الله عز وجل:{وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} [القمر: 37]، وقالوا: يا لوط إنا رسل ربك لن يصِلُّوا إليك {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ} [هود: 81] فاتَّبِع آثارَ أهْلِكَ، يقول: سِرْ بهم، {وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} [الحجر: 65]، فأخرجهم الله إلى الشام، وقال لوط: أهلِكُوهم الساعة، فقالوا: إنا لم نُؤْمَرُ إلَّا بالصبح، أليس الصبحُ بقريب؟ فلما أن كان السَّحَرُ خرج لوط وأهله معه امرأته، فذلك قول الله عز وجل:{إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر: 34]

(1)

.

(1)

إسناده حسن. مُرَّة: هو ابن شراحيل الهَمْداني، وأبو مالك: هو غزوان الغفاري، والسُّدِّي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن، وأسباط: هو ابن نصر، وعمرو بن طلحة: هو عمرو بن حماد بن طلحة القناد.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 299 - 300 و 303 عن موسى بن هارون، عن عمرو بن حماد بن طلحة، به.

وأخرجه مختصرًا ابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 2060 عن أبي زرعة الرازي، والطبري في =

ص: 62

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.

‌ذكر هودٍ النبي صلى الله عليه وسلم

4104 -

حدثنا محمد بن إبراهيم الهاشمي، حدثنا أحمد بن سلمة والحسين بن محمد بن زياد، قالا: حدثنا نصر بن علي الجَهْضَمي، أخبرني أبي، عن شُعْبة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله، قال: كان هودٌ النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا جَلْدًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4105 -

حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عَتَّاب العبدي، حدثنا أبو بكر بن أبي خَيْثمة، حدثنا مُؤمل بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، أخبرنا عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن بن سابط، قال: إنه لم تَهْلِكُ أمة إلّا لَحِقَ نبيُّها بمكة، فتعبَّد فيها حتى يموت، وإن قبرَ هُود بين الحَجَر وزمزم

(2)

.

= "تفسيره" 12/ 81 و 91 عن موسى بن هارون، عن عمرو بن حماد بن طلحة، عن أسباط، عن السدي من قوله. وقد تبيَّن من رواية المصنف هنا ومن رواية الطبري الأولى أنَّ السُّدِّي يروي ذلك عن جماعة من الصحابة.

وانظر ما تقدم برقم (4100).

(1)

إسناده صحيح. وقد رواه محمد بن جعفر عن شعبة لم يذكر فيه عبد الله - وهو ابن مسعود - وعلي بن نصر والد نصر بن علي ثقة قدَّمه أحمد على أبي معاوية، فوصله للخبر بذكر ابن مسعود زيادة مقبولة. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

وأخرجه ابن أبي شَيْبة 11/ 551، والطبري في "تفسيره" 26/ 26 من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عمرو بن ميمون مرسلًا.

(2)

إسناده ضعيف، مؤمل بن إسماعيل سيئ الحفظ، وقد أخطأ في إسناد هذا الخبر، إذ جعله عن عبد الرحمن بن سابط التابعي من قوله، وإنما هو لأخيه محمد بن سابط مرفوعًا مرسلًا كما في رواية أبي سعيد مولى بني هاشم ويزيد بن هارون عن حماد بن سلمة، وحمّاد بن سلمة ممّن سمع من عطاء بن السائب قبل اختلاطه، فهذا هو الصحيح في رواية عطاء بن السائب، وهو ضعيف أيضًا لجهالة محمد بن سابط والإرسال. =

ص: 63

4106 -

حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن شَبَّويه الرئيس بمرو، حدثنا جعفر بن محمد النيسابوري، حدثنا مهران الرازي، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عبد الله بن أبي سعيد الخُزاعي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: سمعتُ علي بن أبي طالب يقول لرجل من حضرموت: أرأيتَ كَثيبًا أحمر يُخالِطُه مَدَرةٌ حمراء وسِدْرٌ كثيرٌ بناحية كذا وكذا من أرض حضرموت، هل رأيته؟ قال: والله يا أمير المؤمنين إنك لتَنْعَتُه نعت رجل قد رآه، قال: لا، ولكن حُدِّثتُ عنه، قال الحضرمي: وما شأنه يا أمير المؤمنين؟ قال: فيه قبر هود صلى الله عليه وسلم

(1)

= وقد وافق مؤمَّلًا على روايته جرير بن عبد الحميد، فرواه عن عطاء بن السائب مرةً فقال: عن عبد الرحمن بن سابِط قوله، ورواه مرة أخرى فقال: عن ابن سابط مرفوعًا مرسلًا، وجرير ممن سمع من عطاء بعد اختلاطه، وقد ظهر أثر ذلك في هذا الاختلاف فلا اعتداد بمتابعته.

وقد روى الأزرقي في "أخبار مكة" 1/ 68 من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عبد الله بن ضَمْرة السَّلُولي، قال: ما بين الركن إلى المقام إلى زمزم قبر تسعة وتسعين نبيًّا، جاؤوا حُجّاجًا فقُبروا هنالك. فهذا هو المحفوظ عن عبد الرحمن بن سابِط، وهو من روايته عن عبد الله بن ضمرة السلولي مقطوعًا من قوله، فالظاهر أنَّ الوهم وقع هاهنا في ذكر عبد الرحمن بن سابط، والله أعلم.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 287 - 288 من طريق عبد الله بن أبي غسان الكوفي، عن جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السائب، به.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" 1/ 199 عن محمد بن حميد، عن جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السائب، عن ابن سابط: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال

فذكره.

وأخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" 1/ 68 من طريق أبي سعيد عبد الرحمن بن عبد الله مولى بني هاشم، عن حمّاد بن سلمة، عطاء بن السائب، عن محمد بن سابِط، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره.

وتابع أبا سعيد مولى بني هاشم يزيد بن هارون، كما في "التاريخ الكبير" للبخاري 1/ 104.

وأخرجه محمد بن الحسن الشيباني في "الآثار"(266) عن أبي حنيفة، عن عطاء بن السائب، قوله بنحوه.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة محمد بن عبد الله بن أبي سعيد الخُزاعي.=

ص: 64

4107 -

أخبرنا الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا محمد بن أحمد بن البراء، حدثنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، قال: وسُئل وهب بن مُنبِّه عن هود: أكان أبَ اليمن الذي وَلَدَ لهم؟ فقال وهبٌ: لا ولكنه أخو اليمن، وفي التوراة يُنسب إلى نوح، فلما كانت العصبية بين العرب وفَخَرَت مُضَرُ بأبيها إسماعيل، ادعت اليمن هودًا أبًا ليكون والدًا من الأنبياء وولاده فيهم، وليس بأبيهم ولكنه أخوهم، وإنما بُعِث إلى عادٍ، وكان وهبٌ لا يُسمي عادَ قَدْحًا لهم

(1)

، ولا ينسب قبائلهم، ولا يأثر أشعارهم، ولم يكن في الأرض أُمّةٌ كانوا أكثر منهم عددًا، ولا أعظم منهم أجسامًا، ولا أشد منهم بطشًا، فلما رأوا الريح قد أقبلت عليهم، قالوا لهُودٍ: تُخوِّفنا بالريح، فجمعُوا ذَراريهم وأموالهم ودوابهم في شِعْبٍ، ثم قاموا على باب ذلك الشِّعب يَردُّون الريح عن أموالهم وأهليهم، فدخلتِ الريحُ من تحت أرجُلِهم بينهم وبين الأرض حتى قلعتهم.

قال وهب: ولما بعث الله إليهم هودَ بن عبد الله بن رباح بن الحارث بن عاد بن عُوص بن إرَم بن سام بن نوح كان كلّ رمل وضعه الله بشيء من البلاد كان مساكن عادٍ في رمالها، وكانت بلاد عادٍ أخصب بلاد العرب، وأكثرها ريفًا وأنهارًا وجنانًا، فلما غَضِب الله عليهم وعَتَوا على الله، وكانوا أصحاب أوثان يعبدونها من دون الله، أرسل الله عليهم الريح العقيم

(2)

.

= وأخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 417 عن محمد بن حميد الرازي، عن سلمة بن الفضل، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 135 من طريق هارون بن أبي عيسى الشامي، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن أبي سعيد، به.

الكثيب: الرمل.

والمدرة: القرية المبنية بالطين واللبن.

والسِّدر: شجرٌ.

(1)

هكذا في (ز) و (ب) وفي (ص) و (ع): عاد ورجالهم.

(2)

إسناده واهٍ من أجل عبد المنعم بن إدريس، فهو متروك، وكذبه أحمد. =

ص: 65

4108 -

أخبرنا أبو سعيد الأحمسي بالكوفة، حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع، حدثني مروان بن جعفر، حدثني حميد بن معاذ، حدثني مُدرِك، حدثنا الحسن بن ذكوان، عن الحسن، عن سَمُرة، عن كعب، قال: كان نبي الله هودٌ أشبه الناس بآدم عليهما السلام

(1)

.

‌ذكر صالح النبي صلى الله عليه وسلم

4109 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن نَوف الشامي: أنَّ صالح النبي صلى الله عليه وسلم من العرب، لما أهلك الله عادًا، وانقضى أمرُها عُمِّرت ثَمُودُ بعدها فاستُخلفوا في الأرض، فانتشروا، ثم عَتَوا على الله، فلما ظهر فسادهم وعبَدُوا غير الله، بعث الله إليهم صالحًا - وكانوا قومًا عربًا وهو من أوسطهم نسبًا وأفضلهم موضعًا - رسولًا، وكانت منازلهم الحِجْرَ إلى قُرْحٍ

(2)

وهو وادي القُرى، ثمانية عشر ميلًا فيما بين الحِجر إلى الحِجاز، فبعثه الله إليهم غلامًا شابًا، فدعاهم إلى الله حتى شَمِط وكَبِر، ولا يتبعه منهم إلا قليلٌ مُستضعَفُون، فهلكت عاد وثمود ومن كان منهم من تلك الأمم، وكانوا من ولد لاوَذَ بن سام بن نوح، ولم يكن بين نوح وإبراهيم نبيٌّ قبله - يعني قبل إبراهيم - إلا هود وصالح وإبراهيم عليهم السلام

(3)

.

= وأخرجه مختصرًا ابن عساكر في "معجمه"(1100) من طريق أبي جعفر عبد الله بن إسماعيل المعروف بابن بُرَيه الهاشمي، عن محمد بن أحمد بن البراء، بهذا الإسناد.

وأخرج الطبري في "تاريخه" 1/ 226 من طريق عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن مُنبِّه، قال: إِنَّ عادًا لما عذبهم الله بالريح التي عُذِّبوا بها كانت تقلع الشجرة العظيمة بعروقها وتهدم عليهم بيوتهم، فمن لم يكن له بيت هبَّت به الريح حتى تقطعه بالجبال، فهلكوا بذلك كلهم. وسنده حسن إلى وهب.

(1)

إسناده واهٍ، كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وقد تقدم الكلام على رجاله برقم (4059).

(2)

تحرفت في النسخ الخطية إلى: قرع، بالعين المهملة في آخرها، وإنما هي بالحاء المهملة، وهي بضم القاف وسكون الراء.

(3)

رجاله ثقات. نوف الشامي: هو نَوف بن فَضَالة البِكَالي ابن امرأة كعب الأحبار. =

ص: 66

4110 -

أخبرني أحمد بن محمد الأحمسي، حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع، حدثنا مروان بن جعفر، حدثنا حميد بن معاذ، حدثني مُدرِك، حدثنا الحسن بن ذكوان، عن الحسن البصري، عن سَمُرة، عن كعب، قال: ثم كان صالحٌ نبي الله صلى الله عليه وسلم، وكان يُشبه عيسى ابن مريم، أحمرُ إلى البياض ما هو، سَبِطُ الرأس

(1)

.

4111 -

أخبرني الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا أبو الحسن بن البراء، حدثنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبِّه، قال: حديثُ صالح بن عبيد بن جابر بن ثمود بن جاثِر بن سام بن نوح، قال وهبٌ: إِنَّ الله بعث صالحًا إلى قومه حين راهَقَ الحُلُم، وكان رجلًا أحمر إلى البياض سبط الشعر، وكان يمشي حافيًا كما كان عيسى ابن مريم عليه السلام لا يتخذُ حِذاءً، ولا يَدَّهِنُ، ولا يتخذ بيتًا ولا مَسكَنًا، ولا يزال مع ناقةِ ربَّه حيثما توجّهت توجه معها، وحيثما نزلت نزل معها، وكان قد صام أربعين يومًا قبل أن تُعقر الناقة، وكانت على يده اليمنى شامةٌ علامةً، فلَبِثَ فيهم أربعين عامًا يدعوهم إلى الله مِن لَدُنْ كان غلامًا إلى أن شَمِط وهم لا يزدادون إلا طغيانًا

(2)

.

4112 -

حدثنا أبو زكريا العنبري، حدثنا أبو عبد الله البُوشَنْجِي، حدثنا يعقوب بن كعب الحلبي، حدثنا حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، قال: نزلنا الحجر في غزوة تبوك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن كان عَمِلَ من

= وقد روى مثل هذا محمد بن إسحاق فيما أخرجه عنه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1512 و 6/ 1837 و 8/ 2695، وابنُ جَرير الطبري في "تفسيره" 8/ 225 - 226، وهو عند ابن أبي الدنيا أيضًا في "العقوبات"(147) مختصرًا.

(1)

إسناده ضعيف، وقد تقدم الكلام على رجاله برقم (4059). سمرة: هو ابن جندب، وكعب: هو ابن ماتع الحميري المعروف بكعب الأحبار.

(2)

إسناده واهٍ، كما قال الذهبي في "تلخيصه" من أجل عبد المنعم بن إدريس، فهو متروك، وكذَّبه أحمد.

ص: 67

هذا الماء طعامًا فليُلْقِه"، قال: فمنهم من عَجَنَ العَجِين، ومنهم من حاسَ الحَيْسَ، فألقوه

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، إنما اتفقا على حديث جويرية بن أسماء، عن نافع

(2)

، عن ابن عمر: أنَّ الناس نزلُوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حِجْر ثَمُود، بغير هذه الألفاظ.

4113 -

حدثنا إسماعيل بن محمد بن الفضل، حدثنا جدي، حدثنا سُنَيد، حدثنا حجاج بن محمد، عن أبي بكر بن عبد الله، عن شهر بن حوشب، عن عمرو بن

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عبد العزيز بن الربيع، فهو صدوق حسن الحديث.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6551)، ومن طريقه ابن حجر في "تغليق التعليق" 4/ 19 من طريق سبرة بن عبد العزيز بن الربيع بن سَبْرة، والطبراني (6552)، وابن حجر 4/ 19 من طريق عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، كلاهما عن عبد العزيز بن الربيع، بهذا الإسناد. ووقع في مطبوع الطبراني في الطريق الأولى سقط يستدرك من "التغليق".

وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل "الآثار"(3752) من طريق إبراهيم بن سبرة بن عبد العزيز بن الربيع، والطبراني (6550) من طريق الحُميدي، كلاهما عن حرملة بن عبد العزيز، عن أبيه، عن جده. فأسقطا من إسناده رجلًا، والصحيح ذكره كما في رواية الآخرين.

وسيأتي برقم (7331) من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، عن حرملة، عن أبيه، عن جده، عن أبيه سبرة بن معبد.

ويشهد له حديث عبد الله بن عمر الذي سيُشير إليه المصنف.

والحَيْس: هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسَّمْن، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق أو الفتيت.

(2)

بل اتفقا عليه من حديث عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، وهو عند البخاري (3379)، ومسلم (2981). وهو عند البخاري أيضًا (3378) من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. وأما حديث جويرية بن أسماء عن نافع فلم نقف عليه، ويغلب على ظننا أنَّ المصنف قد وهم فيه، وإنما هو من رواية صخر بن جويرية عن نافع، وهو من هذا الوجه عند أحمد 10/ (5984) وابن حبان (6203).

ص: 68

خارجة، قال: قلنا له: حدثنا حديث ثَمود، فقال: أُحدِّثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمود: "وكانت ثَمُودُ قومُ صالح أعمرَهم الله في الدنيا، فأطال أعمارهم، حتى جعل أحدهم يبني المَسكَنَ من المَدَر فينهدم والرجل منهم حي، فلما رأوا ذلك اتخذوا من الجبال بيوتًا فَرِهين، فنحتُوها وجابوها وجَوَّفوها، وكانوا في سَعةٍ من معايشهم، فقالوا: يا صالح، ادعُ لنا ربَّك ليُخرج لنا آيةً نَعلَمُ أنك رسول الله، فدعا صالحٌ ربَّه، فأخرج لهم الناقة، وكان شربها يومًا، وشربهم يومًا معلومًا، فإذا كان يومُ شِرْبها خَلَّوا عنها وعن الماء وحلبوا الماء، فمَلَؤوا كلَّ إناء ووعاء وسقاء، فإذا كان يوم شربهم صَرَفُوها عن الماء فلم تشرب منه شيئًا، فملؤوا كلَّ إناء ووعاء وسقاء، فأوحى الله إلى صالح: أنَّ قومَك سيَعْقِرون ناقتك، فقال لهم، فقالوا: ما كنا لنفعل، قال: إن لم تَعقِروها أنتم يُوشِك أن يُولد فيكم مولود يعقرها، قالوا: ما علامة ذلك المولود، فوالله لا نجده إلا قتلناه، قال: فإنه غلامٌ أشقر، أزرق، أصْهَبُ.

قال: وكان في المدينة شيخان عزيزان منيعان لأحدهما ابنٌ يُرغَب له عن المناكح، وللآخر ابنةٌ لا تجد لها كُفُؤًا، فجمع بينهما مجلسٌ، فقال أحدهما لصاحبه: ما منعك أن تُزوِّج ابنك؟ قال: لا أجد له كُفُؤًا، قال: فإِنَّ ابنتي كُفُؤٌ له، وأنا أُزوجه، فزوجه، فوُلِد بينهما ذلك المولود، وكان في المدينة ثمانيةُ رَهْطٍ يُفسدون في الأرض ولا يُصلحون، قال لهم صالح: إنما يعقِرُها مولودٌ فيكم، فاختار ثمانيةً نِسْوةٍ قوابل من القرية، وجعلوا معهم شُرَطًا، فكانوا يطوفون في القرية، فإذا وجدوا امرأة تَمَخَّضُ نُظر ما ولدها، فإن كان غلامًا قَلَّبْنَه يَنظُرْن ما هو، وإن كانت جاريةٌ أعرضْنَ عنها، فلما وجدوا ذلك المولودَ صَرحْنَ النِّسْوةُ، قلن: هذا الذي يريد رسول الله صالحٌ، فأراد الشُّرَطُ أن يأخذُوه، فحالَ جَدّاه بينهم وبينه، وقالا: لو أنَّ صالحًا أراد هذا قتلناه، وكان شرَّ مولود، وكان يَشِبُّ في اليوم شباب غيره في الجمعة، ويَشِبُّ في الجمعة شباب غيره في الشهر، ويَشِبُّ في الشهر شبابَ غيره في السنة، فاجتمع الثمانية الذين يُفسدون في الأرض ولا يُصلحون والشيخان، فقالوا: نستعمل علينا هذا الغلام لمنزلته وشرف

ص: 69

جَدَّيه، فكانوا تسعةً، وكان صالحٌ لا ينام معهم في القرية، كان في البرية في مسجد يُقال له: مسجد صالح، فيه يبيتُ بالليل، فإذا أصبح أتاهم فوعظهم وذَكَّرهم، وإذا أمسى خرج إلى المسجد فبات فيه".

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولما أرادوا أن يمكروا بصالحٍ مَشَوا حتى أَتَوا على سَرَبٍ

(1)

على طريق صالح، فاختبأ فيه ثمانيةٌ، وقالوا: إذا خَرَج علينا قتلناه وأتينا أهله فبيَّتْناهم، فأمر الله الأرضَ فاستوتْ عليهم، فاجتمعوا ومشوا إلى الناقة، وهي على حوضِها قائمةً، فقال الشَّقيُّ لأحدهم: ائتها فاعقِرُها، فأتاها فتَعاظَمَه ذلك، فأَضْرَبَ عن ذلك، فبعثَ آخر فأعظم ذلك، فجعل لا يبعث رجلًا إِلَّا تَعاظَمَه ذلك مِن أمرها، حتى مشى إليها ويتطاول

(2)

، فضرَب عُرْقُوبَها فَوَقَعَتْ تَركُضُ، فأتى رجلٌ منهم صالحًا، فقال: أدرك الناقة، فقد عُقرتْ، فأقبل وخرجُوا يتلقونه ويعتذِرُون إليه: يا نبي الله، إنما عَقَرها فلانٌ، لا ذَنْبَ لنا، قال: انظروا هل تُدرِكُون فَصِيلَها، فإن أدركتُموه فعسى الله أن يرفع عنكم العذابَ، فخرجُوا يَطلبونه، ولما رأى الفَصيلُ أمه تضطرِبُ أتى جبلًا يقال له: القارة، قصيرًا، فصعِد، وذهبوا يأخذُوه، فأوحى الله إلى الجبل فطَالَ في السماء حتى ما تناله الطير.

قال: ودخل صالحٌ القرية، فلما رآه الفَصِيلُ بكى حتى صارت

(3)

دموعه، ثم استقبل صالحًا فرَغَا رَغْوةً، ثم رَغَا أَخرى، ثم رَغَا أُخرى، فقال صالحٌ: لكل رغوة أجل يوم {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} [هود: 65]، أَلا إِنَّ آية العذابِ أنَّ اليوم الأول تصبح وجوههم مُصفَرةً، واليوم الثاني مُحمرّةً، واليوم الثالث مُسْودَّةً.

فلما أصبحوا إذا وجوههم كأنما طُلِيَتْ بالخَلُوق، كبيرهم وصغيرهم، ذكَرُهم

(1)

بالمهملة المفتوحة بعدها راء مفتوحة أيضًا: بيت في الأرض لا مَنفَذَ له، وهو الوَكْر.

(2)

المعنى: مشى وهو يرفع نفسه متكبرًا في مشيته.

(3)

من قولهم صار الشيءُ يَصير: إذا مالَ وانكفأ، فهي بمعنى سالت.

ص: 70

وأُنثاهُم، فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم: ألا قد مضى يومٌ من الأجل وحَضَرَكم العذابُ، فلما أصبحوا اليوم الثاني إذا وجوههم مُحمَرَّةً كأنما خُضِبتْ بالدماء، فصاحوا وضَجُّوا وبكوا وعرفُوا أنه العذابُ، فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم: ألا قد مضى يومان من الأجل وحَضَرَكم العذابُ، فلما أصبحوا اليوم الثالث إذا وجوههم مُسودَّةٌ كأنما طُلِيتْ بالقَارِ، فصاحوا جميعًا ألا قد حَضَرَكم العذابُ، فتكفَّنُوا وتَحنَّطُوا، وكان حَنُوطهم الصَّبِرَ والمُرَّ، وكانت أكفانُهم الأنطاعَ، ثم ألقوا أنفُسَهم بالأرض، فجعلوا يُقلِّبون أبصارهم إلى السماء مرّةً، وإلى الأرض مرّةً، لا يَدرُون من حيثُ يأتيهم العذاب من فوقهم من السماء، أو من تحت أرجُلِهم من الأرض، جَشَعًا

(1)

وفَرَقًا، فلما أصبحوا اليوم الرابع أتتهم صيحةٌ من السماء فيها صوتُ كلِّ صاعقةٍ وصوتُ كلِّ شيءٍ له صَوتٌ في الأرض، فتقطَّعَت قلوبهم في صدورهم، فأصبحوا في دِيارِهم جاثِمِين"

(2)

.

(1)

أي: فزعًا وجشعًا، والفَرَق: الخوف.

(2)

إسناده واهٍ، أبو بكر بن عبد الله: هو أبو بكر الهُذَلي، وليس هو بأبي بكر بن أبي مريم، كما جزم به الذهبي في "تلخيصه"، وأبو بكر الهُذَلي هذا أخباري متروك الحديث، ولم يرو هذا الخبر عن شهرٍ غيره، وقد قيل في اسم أبيه: عبد الله.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 12/ 65 - 67، وفي "تاريخه" 1/ 227 - 230 عن القاسم بن الحسن، عن الحسين بن داود سُنيد، بهذا الإسناد.

تعاظَمَه: عظم عليه.

وتركُضُ: تضرب برجلها الأرض.

والفصيل: ولد الناقة إذا فُصل عن أمه.

ورغا: صوت وصاح.

والخَلُوق: ضرب من الطِّيْب يتخذ من الزعفران وغيره.

والمُرُّ: صمغُ شجرٍ له خصائص كثيرة ذكرها الأطباء في كتبهم.

والأنطاع: جمع نِطَع، وفيه لغات أخرى، وهو بساط من الأديم.

وجاثمين: أجسادًا ملقاةً في الأرض.

ص: 71

هذا حديثٌ جامِعٌ لذِكْر هَلاكِ آل ثَمُودَ تَفَرَّد به شهر بن حَوشَب، وليس له إسناد غيره، ولم نستغنِ عن إخراجه، وله شاهِدٌ على سبيل الاختصار بإسناد صحيح دلّ على صحة الحديث الطويل، على شرط مسلم.

4114 -

حدثناه أبو بكر إسماعيل بن محمد الزَّعْفَراني بالرّي، حدثنا أبو بكر محمد بن الفَرَج الأزرق، حدثنا حجاج بن محمد، قال: وقال ابن جريج: حدثنا أبو الزبير، قال: سمعتُ جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى على الحجر حَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال:"أما بعد: فلا تسألوا رسولكم الآياتِ، هذا قوم صالح سألوا رسولَهم الآيةَ، فبعث الله لهم الناقةَ، فكانت تَرِدُ من هذا الفَجِّ وتَصْدر من هذا الفَجِّ، فتَشْرَبُ ماءهم يومَ وِرْدِها"

(1)

.

‌ذكر شُعيب النبي صلى الله عليه وسلم

4115 -

أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن شَبَّوَيهِ المَروَزي، حدثنا جعفر بن محمد النيسابوري، حدثنا علي بن مهران، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، قال: وشعيب بن ميكائيل النبي صلى الله عليه وسلم بعثه الله نبيًا، فكان من خَبَره وخَبَر قومِه ما ذَكَر الله في القرآن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكره قال:"ذاك خطيب الأنبياءِ"، لِمُراجَعَته قومه

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن الفرج الأزرق، وقد توبع. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 12/ 67، وفي "تاريخه" 1/ 231 من طريق الحسين بن داود، وهو المعروف بسُنَيد، عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: قال جابر بن عبد الله، فلم يذكر سُنيد في روايته أبا الزبير!

وقد تقدّم عند المصنف برقم (3287) من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الزُّبَير.

والفج: الطريق الواسع.

والوِرْدُ: الماء الذي يُورَدُ.

(2)

المرفوع منه ضعيف لإرساله، وقد سمعه محمد بن إسحاق من يعقوب بن أبي سلمة =

ص: 72

4116 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، حدثنا محمد بن شاذان الجوهري، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي، حدثنا شريك بن عبد الله، عن سِماك بن حَرْب وسالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، في قوله عز وجل:{وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} [هود: 91]، قال: كان شعيبٌ أعمى

(1)

.

= الماجشون، كما سيأتي، وهو مرسَلٌ كذلك لأنَّ الماجشون تابعي، ومن دون محمد بن إسحاق هم بعضُ مَن روى كتاب "المبتدأ والمغازي" الذي برواية سلمة بن الفضل - وهو الأبرش - عن محمد بن إسحاق.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 9/ 4 عن محمد بن حميد الرازي، عن سلمة بن الفضل، به. ولما ذكر المرفوع قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر لي يعقوب بن أبي سلمة إذا ذكر شعيبًا

وأخرج المرفوع منه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1522 و 9/ 2814 من طريق عبد الرحمن بن سلمة الرازي كاتب سلمة بن الفضل، والطبري في "تاريخه" 1/ 327 عن محمد بن حميد الرازي، كلاهما عن سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن أبي سلمة، مرسلًا.

(1)

خبرٌ حسن لكن من قول سعيد بن جبير، وشريك بن عبد الله - وهو النخعي - في حفظه سوء لكنه قد توبع، وقد رواه جماعة عن شريك عن سالم وحده عن سعيد بن جُبَير قوله، وكذلك رواه سفيان الثوري عن سالم، وهذا أشبه. وانظر "التلخيص الحبير" لابن حجر 3/ 162.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 2076 من طريق عباد بن العوام، عن شريك النخعي، عن سالم الأفطس وحده، به.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 12/ 105، وفي "تاريخه" 1/ 326 عن أحمد بن الوليد الرملي، عن سعدَوَيه - وهو لقب سعيد بن اليمان الواسطي - عن عباد بن العوام، عن شريك النخعي، عن سالم الأفطس وحده، عن سعد بن جبير قوله. وسعدويه سمع من عباد بن العوام ومن شريك النخعي كليهما.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 12/ 105، وفي "تاريخه" 1/ 325 - 326، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات"(2217)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 2076، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 16/ 581، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 23/ 72 من طرق عن شريك النخعي، عن سالم الأفطس وحده، عن سعيد بن جبير قوله.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 12/ 105، وفي "تاريخه" 1/ 326، وخَيثمة بن سليمان الطرابلسي في "حديثه" ص 170، وابن عساكر 23/ 72 من طريق خلف بن خليفة، عن سفيان الثوري، عن =

ص: 73

هذا حديث صحيح على شرط مسلم.

4117 -

أخبرنا الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا محمد بن أحمد بن البَرَاء، حدثنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن مُنبِّه، قال: إِنَّ الله بعث شعيبًا إلى أهل مدين وهم أصحاب الأيكة - والأيكة: الشجرُ المُلْتَفُّ. وكانوا أهل كفر بالله، وبَخْس للناس في المكاييل والموازين، وإفسادٍ لأموالهم، وكان الله تعالى وسَّع عليهم في الرِّزق وبَسَطَ لهم في العيش، استدراجًا منه لهم مع كفرهم به، فقال لهم شعيب:{يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ} [هود: 84]، فكان من قول شعيب لقومه وجوابِ قَومِه له ما قد ذَكَرَ اللهُ في كتابه

(1)

.

4118 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحسن بن موسى الأشْيَب، حدثنا سعيد بن زيد أخو حمّاد بن زيد، حدثنا حاتم بن أبي صغيرة، حدثني بُرَير الباهلي، قال: سألتُ عبد الله بن عبّاس عن هلاك قوم شعيب، وقول الله:{فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء: 189]، قال عبد الله بن عباس: بعث الله عليهم وَمَدَةً

(2)

وحرًا شديدًا، فأخذ بأنفاسهم، فدخَلُوا أجوافَ البيوت، فدخل عليهم أجوافَ البيوت، فأخذ بأنفاسهم، فخرجوا من البيوت هِرابًا إلى البرية، فبعث الله سحابةً فأظلَّتْهم من الشمس، فوجدوا لها بَرْدًا ولَذَّةً، فنادى بعضُهم بعضًا حتى إذا اجتمعوا تحتها أرسَلَ الله عليهم نارًا، قال عبد الله بن عباس: فذاكَ {عَذَابُ

= سالم وحده، عن سعيد بن جبير قوله.

(1)

هذا الإسناد واهٍ، كما قال الذهبي في غير موضع من "تلخيصه" من أجل عبد المنعم، فهو متروك الحديث، وكذبه الإمام أحمد.

وأخرج مثله الطبري في "تاريخه" 1/ 326 من قول سفيان الثوري.

(2)

الوَمَدة: نَدًى يجيء في صميم الحَرّ من قبل البحر، يقع على الناس ليلًا، وهو ما يُعبر عنه اليوم بالرطوبة.

ص: 74

يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}

(1)

.

4119 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني جرير بن حازم، أنه سمع قتادة يقول: بعث الله شعيب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمتين: إلى قومه أهل مَدْيَنَ، وإلى أصحاب الأيكة، وكانت الأيكة من شجر مُلْتَفٍّ، فلما أراد الله أن يُعذِّبَهم بعث الله عليهم حرًّا شديدًا، ورفع لهم العذاب كأنه سحابةٌ، فلما دنَتْ منهم خرجوا إليها رَجاءَ بَرْدِها، فلما كانوا تحتها مَطَرَت عليهم نارًا، قال: فذلك قوله عز وجل: {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ}

(2)

.

4120 -

أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:{عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} ، قال: ظلال العذاب

(3)

.

(1)

إسناده محتمل للتحسين، سعيد بن زيد صدوق حسن الحديث، وبُرير - وقيل: يزيد كما في (ص)، وهو ابن ضَمْرة الباهلي - تابعي روى عنه اثنان، ولا يُؤثر فيه جرحٌ. وهذا عن ابن عباس أصح من الرواية الآتية عنه برقم (4122).

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 19/ 110، وفي "تاريخه" 1/ 327 عن الحارث بن أبي أسامة، عن الحسن بن موسى الأشيب، بهذا الإسناد. وسمى التابعيَّ يزيد.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 147 - 148 من طريق مروان بن معاوية، وأبو مسلم الكَجِّي في "حديث محمد بن عبد الله الأنصاري"(83) عنه، وابن أبي حاتم في "التفسير" 9/ 2815 من طريق يحيى بن سعيد القطان، ثلاثتهم عن أبي يونس حاتم بن أبي صَغِيرة، به. وسمَّى ابن أبي حاتم في روايته التابعي يزيد.

وأخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2814 من طريق داود بن أبي هند، عن يزيد بن ضمرة الباهلي، به.

(2)

رجاله ثقات. وهو عند ابن وهب في التفسير من "جامعه" 2/ (164).

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 19/ 110، وفي "تاريخه" 1/ 327 عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، به.

(3)

رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن الحسن القاضي، لكنه متابع، وهو في "تفسير آدم بن أبي إياس" 2/ 465. =

ص: 75

4121 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني داود بن قيس، عن زيد بن أسلم، في قول الله عز وجل:{أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء} [هود: 87]، قال: كان مما ينهاهم عنه حَذْفُ الدراهم - أو قال: قَطْعُ الدراهم - {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء: 189]، قال: بعث إليهم ظُلَّةٌ من سَحابٍ، وبعث الله إلى الشمس فأحرقَتْ على الأرض، فخرجوا كلُّهم إلى تلك الظُّلَّة، حتى إذا اجتمعوا كلُّهم كشف الله عنهم الظُّلَّة، وأحمى عليهم الشمس، فاحترقُوا كما يحترِقُ الجَرادُ في المِقْلَى

(1)

.

4122 -

أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله السُّنِّي بمَرْو، حدثنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا أبو حمزة، عن جابر، عن عامر، عن ابن عباس، قال: مَن حَدَّثك من العلماء ما عذاب يومِ الظُّلَّة، فكَذِّبْه

(2)

.

= وأخرجه الطبري في "تفسيره" 19/ 110، وفي "تاريخه" 1/ 328، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 9/ 2816 من طريقين عن ورقاء، به.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 19/ 110، وفي "تاريخه" 1/ 328 من طريق عيسى بن ميمون الجُرشي، عن ابن أبي نجيح، به.

وأخرجه الطبري أيضًا فيهما من طريق ابن جُريج، عن مجاهد.

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه دون تفسير عذاب يوم الظُّلة: الطبري في "تفسيره" 12/ 102 عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، به.

وأخرجه كذلك: الطبري في "تفسيره" 12/ 101 - 102، وفي "تاريخه" 1/ 329، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 2073، والحسين المحاملي في "أماليه" برواية ابن يحيى البيع (290) من طريق حماد بن خالد الخياط عن داود بن قيس، به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف جابر - وهو ابن يزيد الجُعفي - والصحيح عن ابن عباس تفسيره لعذاب يوم الظُّلَّة، كما تقدم برقم (4118)، وشيخ المصنف هنا أبو الحسن السني متكلم في عدالته، لكنه لم ينفرد به، قد روي من غير طريقه. =

ص: 76

‌ذكر يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل صلوات الله عليهم

4123 -

أخبرنا بكر بن محمد الصَّيْرفي بمَرُو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا خلف بن الوليد، حدثنا إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال: يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم هو إسرائيل

(1)

4124 -

أخبرني محمد بن إسحاق الصَّفّار، جدثنا أحمد بن نصر، حدثنا عمرو بن طلحة، حدثنا أسباط بن نضر، عن السُّدِّي، عن مُرَّة، عن عبد الله، قال: وأما الأسباطُ فهم بنو يعقوب: يوسف، وبن يامين، ورُوبيل، ويهوذا، وشَمعون، ولاوِي، ودان، وقَهَاث، كانوا اثني عشر رجلًا، نشَرَ الله منهم اثني عشر سِبْطًا لا يَعلَمُ أَنسابهم إلَّا اللهُ عز وجل، قال الله:{وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} [الأعراف: 160]

(2)

.

= عامر: هو الشعبي، وأبو حمزة: هو محمد بن ميمون المروزي، وعَبْدان: هو عبد الله بن عثمان بن جَبَلة، وأبو الموجّه: هو محمد بن عمرو الفزاري.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 19/ 110، وفي "تاريخه" 1/ 329 من طريق أبي تُميلة يحيى بن واضح، عن أبي حمزة، به.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 9/ 2815 من طريق شيبان بن عبد الرحمن، عن جابر الجعفي، به.

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سماك بن حرب، وقد روي من غير وجه عن ابن عباس. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.

وقد تقدم برقم (3455) من طريق عمرو بن العنقزي عن إسرائيل.

وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره"(698) من طريق سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس. وإسناده جيد.

(2)

إسناده حسن، وقد رواه جماعة عن عمرو بن طلحة - وهو عمرو بن حماد بن طلحة القناد - عن أسباط، عن السُّدِّي، فلم يجاوزوه، والسُّدِّي تلقى التفسير وأخبار الأنبياء عن جماعة، منهم مُرَّة - وهو ابن شراحيل الهَمْداني - ومُرَّة أخذ عن عبد الله: وهو ابن مسعود.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 1/ 568 عن موسى بن هارون، وابن المنذر في "تفسيره"(669) من طريق إسحاق بن راهويه، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 243 و 2/ 698 و 4/ 1118 عن =

ص: 77

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4125 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الغَسِيلي، حدثنا الحسين بن عمرو بن محمد العَنْقَزِي، حدثنا أبي، حدثنا أسباط، عن السُّدِّي قال: تزوج إسحاق بن إبراهيم الخليل امرأةً، فحملت بغلامين في بطن، فلما أرادت أن تَضَعَ اقتَتَل الغلامان في بطنها، فأراد يعقوب أن يَخرُج قبل عيصا، فقال عيصا: والله إن خرجت قبلي لأعترضَنَّ في بطن أمي فلأقتُلَنّها، فتأخر يعقوب وخرج عيصا قبله، وأخذ يعقوبُ بعَقِبِ عيصا فخرج، فسُمِّي عيصا لأنه عَصَى فخرج قبل يعقوب، وسُمّي يعقوبَ لأنه خرج آخِذًا بعقِبِ عيصا، وكان أكبرهما في البطن، ولكنه عصى وخرج قبله، وكَبِرَ الغلامان، وكان عيصا أحبّهما إلى أبيه، وكان يعقوب أحبَّهما إلى أُمِّه، وكان عيصا صاحبَ صَيدٍ، فلما كَبِرَ إسحاقُ عَمِي؛ وذكر حديثًا طويلًا

(1)

.

= أبي زرعة الرازي، ثلاثتهم عن عمرو بن حماد بن طلحة القَنَّاد، عن أسباط بن نصر، عن السَّدِّي لم يُجاوزوه. لكن الظاهر أن رواية موسى بن هارون مسندةٌ كرواية المُصنِّف هنا، وذلك أننا وجدنا باستقراء ما عند الطبري من رواية موسى بن هارون لنسخة تفسير السُّدِّي أن الطبري نَشِط في أول "التفسير" لذكر شيوخ السُّدِّي الذين تلقى عنهم حروف التفسير وأخبار الأنبياء، ومنهم: أبو مالك غزوان الغفاري وأبو صالح باذام مولى أم هانئ، وكلاهما أخذ عن ابن عباس، ومنهم مرة بن شراحيل الهَمْداني، وروايته عن ابن مسعود، وكذلك أخذ السُّدِّي عن جماعة من الصحابة أبهم ذكرهم، مباشرةً بلا واسطة، ثم صار الطبري يحذفهم بعد ذلك اختصارًا في رواية موسى بن هارون، ويقتصر على قوله: قال السُّدِّي. ومما يدل على ذلك ثبوت بعض الحروف عند الطبري في "تفسيره" لا يجاوز فيها السُّدِّيّ، مع أنه يأتي بها في "التاريخ" مسندةً بذكر شيوخ السدي.

(1)

إسناده واه كما قال الذهبي في "تلخيصه" وذلك من أجل إبراهيم بن إسحاق الغسيلي، فقد قال عنه ابن حبان: يقلب الأخبار ويسرق الحديث، وقال الخطيب البغدادي: غير ثقة، والحسين بن عمرو العَنْقَزي قال عنه أبو زرعة: كان لا يصدق، وقال أبو حاتم: لين يتكلمون فيه، وقال أبو كريب: حدّث عن إبراهيم بن يوسف السبيعي، وقد مات إبراهيم قبل أن يُولد، =

ص: 78

‌ذكر يوسف بن يعقوب صلوات الله عليهما

4126 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني.

وحدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن غالب بن حَرْب وإسحاق بن الحسن بن ميمون؛ قالوا: حدثنا عفّان بن مُسلِم، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"أُعطيَ يوسفُ وأمُّه شَطْرَ الحُسْنِ"

(1)

.

= وقال أبو داود: كتبتُ عنه ولا أُحدِّث عنه، وقال ابن الجوزي في "المنتظم" 1/ 307: مثل هذا قبيحٌ أن يُذكر، لأنَّ يعقوب اسم أعجمي ليس بمشتقّ من العقب، ولا عيصا من المعصية، وإثبات خُصومةٍ بين حملين من أبعد الأشياء.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 319 عن الحسين بن عمرو العنقزي، بهذا الإسناد.

(1)

إسناده صحيح، إلا أنه قد اختلف على عفان في ذكر أم يوسف، وأثبات أصحابه لا يذكرونها، وقد رواه جماعة غير عفان عن حماد فلم يذكروها، وهو المحفوظ.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 12/ 207، وفي "تاريخه" 1/ 330 عن أحمد بن ثابت وعبد الله بن محمد الرازيين، وابن عدي في "الكامل" 5/ 385 - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 69/ 185 - من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري، ثلاثتهم عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأحمد بن ثابت غير ثقة، وعبد الله بن محمد الرازي لم نتبينه، والراوي عن إبراهيم بن سعيد عند ابن عدي مجهول الحال.

وأخرجه أحمد 21 / (14050)، وابن أبي شَيْبة 4/ 396 و 11/ 565 كلاهما عن عفان بن مسلم، به - دون ذكر أم يوسف.

وأخرجه الواحدي في "التفسير الوسيط" 2/ 611، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 10/ 364 من طريق موسى بن إسماعيل، والذهبي أيضًا 10/ 364 من طريق أبي عمر حفص بن عمر المهرقاني، كلاهما عن حماد بن سلمة، به. دون ذكرها أيضًا.

وأخرجه ضمن حديث الإسراء والمعراج أحمد 19/ (12505) عن حسن بن موسى، ومسلم (162) عن شيبان بن فرُّوخ، كلاهما عن حماد بن سلمة، به، بلفظ:"فإذا أنا بيوسف، فإذا هو قد أُعطي شطر الحُسن".

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 2136 من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس موقوفًا عليه، بذكر يوسف وحده أيضًا.=

ص: 79

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4127 -

حدثنا مُكرَم بن أحمد القاضي ببغداد، حدثنا أحمد بن حيان بن مُلاعِب، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الكريم ابن الكريم ابن الكريم

(1)

يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خَليل الله"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4128 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، قال: جاء أسماء بن خارجة باب عبد الله بن مسعود، فقال: أنا ابن الأشياخ الكِرام، فقال عبد الله بن مسعود: ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم

(3)

.

= وفي الباب عن عبد الله بن مسعود موقوفًا عليه قال: أُعطي يوسف وأمه ثُلثَ الحُسن. أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 6/ 295، وابن أبي شَيْبة 4/ 396، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ ابن حجر (3451)، والطبري 12/ 27، والطبراني في "الكبير" (8555 - 8557). وصحح إسناده ابن حجر. لكن لفظ الطبراني في المواضع الثلاثة: ثلثي الحسن.

وانظر حديث ربيعة الجُرَشي الآتي برقم (4130) موقوفًا عليه.

(1)

زاد في المطبوع: ابن الكريم، مرة رابعة، وليست في النسخ الخطية.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، وقد تقدم برقم (3365) من طريق يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو.

(3)

إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك الأشجعي.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 55، والطبري في "تفسيره" 23/ 81، وفي "تاريخه" 1/ 264، وابن أبي حاتم في ""تفسيره" 7/ 2145، والطبراني في "الكبير" (8916)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 9/ 52 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

ص: 80

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4129 -

حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا هُدبة، حدثنا حماد بن سلمة، عن يونس بن عُبيد، عن الحسن: أنَّ يوسف عليه السلام أُلقي في الجُبِّ وهو ابن ثنتي عشرة سنةً، ولقي أباه بعد الثمانين

(1)

.

4130 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مِهران، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن ربيعة الجُرَشي، قال: قسم الحُسنُ، فجعل ليوسف وسارة النصفُ، ولسائر الناس النصف

(2)

.

4131 -

أخبرني محمد بن يوسف العدل، حدثنا محمد بن عمران النَّسَوي، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا الفضل بن غانم، حدثنا سلمة بن الفضل، حدثني محمد بن

(1)

رجاله ثقات، لكن رواه غير حمّاد بن سلمة عن يونس - وهو ابن عبيد - فقالوا: أُلقي في الجُبّ وهو ابن سبع عشرة سنة، وكذلك رواه المبارك بن فضالة عن الحسن البصري. أبو عبد الله الحافظ: هو محمد بن يعقوب الأخرم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 564 و 13/ 61، وأحمد في "الزهد"(421)، وفي "العلل"(3798)، والطبري في "تفسيره" 13/ 71، وابن أبي حاتم في "التفسير" 7/ 2202، وأبو بكر الدينوري في "المجالسة"(2802) من طريق إسماعيل ابن عُليّة، وابن عبد الحَكَم في فتوح مصر (ص) والطبري في تفسيره 13/ 71، وفي "تاريخه" 1/ 363 من طريق عبد الواحد بن زياد، والطبري في "تفسيره" 13/ 71 من طريق هُشيم بن بشير، ثلاثتهم عن يونس، عن الحسن: أنَّ يوسف أُلقي في الجُب وهو ابن سبع عشرة

وأخرجه كذلك آدم بن أبي إياس في "تفسيره" - المطبوع باسم "تفسير مجاهد"، وإنما هو له وليس لمجاهد - 1/ 321، والطبري في "تفسيره" 13/ 71، وفي "تاريخه" 1/ 363 من طريق المبارك بن فَضَالة، عن الحسن.

(2)

رجاله ثقات. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، وسفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المُعتمر، ومجاهد: هو ابن جَبر المكي.

وأخرجه ابن أبي شَيبة 11/ 564، والطبري في "تفسيره" 12/ 207، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 2136، والخرائطي في "اعتلال القلوب"(339)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 69/ 185 من طريقين عن منصور، به.

ص: 81

إسحاق، عن روح بن القاسم، عن أبي هارون، عن أبي سعيد الخُدْري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ، وهو يَصِفُ يوسف حين رآه في السماء الثالثة، قال:"رأيتُ رجلًا صورته كصورة القمر ليلة البدر، فقلت: يا جبريلُ، مَن هذا؟ قال: هذا أخوك يوسف"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل أبي هارون - وهو عُمارة بن جُوين العَبْدي - فهو متروك الحديث، والفضل بن غانم ضعيف أيضًا. وقد خولف سلمة بن الفضل في إسناده كما سيأتي.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 6/ 110 و 111 عن محمد بن جعفر بن حفص الرَّبَعي، عن الفضل بن غانم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 15/ 14، وفي "تهذيب الآثار" في مسند ابن عباس 1/ 132 عن محمد بن حميد الرازي، وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري في السابع من "فوائده"(169) من طريق عمار بن الحسن، كلاهما عن سلمة بن الفضل، به.

وخالف سلمة بن الفضل في إسناده غيره من أصحاب محمد بن إسحاق:

فأخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 1/ 403 - 408 من طريق زياد بن عبد الله البكائي، وابن عدي في "الكامل" 6/ 111 من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عمن لا يَتّهم، عن أبي سعيد الخُدْري. كذا قال إبراهيم بن سعد، وقال البكائي في روايته: حدثني من لا أَتَّهِم عن أبي سعيد. فصرَّح بسماعه من ذلك الرجل المبهم والظاهر أنه روح بن القاسم، ولم يذكر أبا هارون العبدي، مع أنه هو راوي حديث الإسراء والمعراج عن أبي سعيد الخُدْري بلا شك، كما في رواية سلمة بن الفضل، وكذلك رواه جماعة غير روح بن القاسم عن أبي هارون العبدي.

فقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 365 - 368، والطبري في "تفسيره" 15/ 11 - 14، وفي "تهذيب الآثار" في مسند ابن عبّاس 1/ 427، والآجري في "الشريعة"(1027) من طريق معمر بن راشد، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 396 من طريق نوح بن قيس الحُدّاني، والطبراني في "السنة" كما في "جامع الآثار" 3/ 1658 من طريق مبارك بن فضالة، ومن طريق سليمان بن كثير العبدي، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 5/ 23 من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد العمّي، والحسن بن عرفة كما في "جامع الآثار" 3/ 1657 من طريق عمار بن محمد الثوري، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 396 من طريق هُشيم بن بشير، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 390 - 396، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 509 من طريق أبي محمد راشد بن نجيح =

ص: 82

قال ابن إسحاق: وكان الله قد أعطى يوسفَ من الحُسن والهَيئة ما لم يُعطِه أحدًا من الناس قبلَه ولا بعدَه، حتى كان يقال - والله أعلم -: إنه أُعطي نِصفَ الحُسن، وقُسمَ النصفُ الآخرُ بين الناس.

4132 -

حدثنا أحمد بن سهل الفقيه ببُخاري، حدثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، حدثنا أحمد بن عِمران الأخنسي، حدثنا محمد بن فُضَيل، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بُردة، عن أبي موسى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَزَل بأعرابيٍّ فأكرمَه، فقال له:"يا أعرابيُّ، سَلْ حاجتَك"، قال: يا رسول الله، ناقةٌ برَحْلِها، وأعنُزٌ يَحلُبها أهلي، قالها مرتين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعجَزْتَ أن تكون مثلَ عجُوزِ بني إسرائيل؟ "، فقال له أصحابه: يا رسول الله، وما عَجوزُ بني إسرائيل؟ قال:"إنَّ موسى أراد أن يَسيرَ ببني إسرائيل، فأضَلَّ عن الطريق، فقال له عُلماءُ بني إسرائيل: نحن نُحدِّثك: إنَّ يوسف أخذ علينا مَواثيقَ اللهِ أن لا نَخرُج من مصرَ حتى نَنقُلَ عِظامَه معنا، قال: وأيكم يدري أين قبرُ يوسف؟ قالوا: ما ندري أين قبرُ يوسفَ إلّا عجوزُ بني إسرائيل، فأرسل إليها، فقال لها: دُلِّيني على قبر يوسف، قالت: لا والله لا أفعَلُ حتى أكونَ معك في الجنة، قال: وكَرِه رسولُ الله ما قالت، فقيل له: أعطِها حُكمَها، فأعطاها حُكمَها، فأتت بُحَيرةً، فقالت: أَنضِبُوا هذا الماءَ، فلما نَضَّبُوه، قالت: احفِرُوا هاهنا، فلما حَفَروا إذا عظامُ يُوسفَ، فلما أقلُّوها من الأرض فإذا الطريقُ مثلُ ضَوْء النهارِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4133 -

أخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد الأحمسي بالكوفة، حدثنا الحسين بن حُميد بن الربيع، حدثني الحسين بن علي السُّلَمي، حدثني محمد بن حسان، عن

=الحِمّاني، ثمانيتهم عن أبي هارون العَبْدي، به.

(1)

حديث حسن، وأحمد بن عمران الأخنسي متابع كما تقدم برقم (3565).

وأخرجه ابن حبان (723) عن أبي يعلى، عن أبي هشام محمد بن يزيد الرفاعي، عن محمد بن فُضيل، بهذا الإسناد.

ص: 83

محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: كان عِلمُ الله وحِكمتُه في وَرَثة إبراهيم، فعند ذلك أتى اللهُ يوسفَ بنَ يعقوب مُلكَ الأرض المقدّسة، فمَلَكَ اثنتين وسبعين سنة، وذلك قوله فيما أنزل من كتابه:{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} الآية [يوسف: 101]

(1)

.

4134 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامِري، حدثنا الحسين بن علي الجُعْفي، حدثنا الفُضَيل بن عِيَاض، قال: كان بين فِراقِ يوسف حِجْرَ يعقوبَ إلى أن التَقَيا ثمانون سنةً

(2)

.

4135 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار العدل، حدثنا أحمد بن نَضْر، حدثنا أبو نُعيم، حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن أبي عُبيدة، عن عبد الله، قال: إنما اشتُريَ يوسفُ بعشرين درهمًا، وكان أهلُه حين أَرسَلَ إليهم وهم بمصرَ ثلاثَ مئة وتسعين إنسانًا، رجالُهم أنبياءُ ونساؤهم صِدِّيقاتٌ، والله ما خرجُوا مع موسى حتى بلغوا ستَّ مئة ألف وسبعين ألفًا

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف بمرّةٍ، وقد تقدم الكلام على رجاله برقم (4055)، ولهذا قال الذهبي عن هذا الخبر في "تلخيصه": لم يصح.

وسيتكرر بأطول مما هنا برقم (4151).

(2)

رجاله ثقات. والصحيح أن المدة كانت أربعين سنة كما قاله سلمان الفارسي فيما سيأتي برقم (8398)، وقاله أيضًا عبد الله بن شداد بن الهاد فيما أخرجه عنه ابن أبي شَيْبة 11/ 82، وابن جَرير الطبري في "تفسيره" 13/ 69، لأنَّ هذا أوفق لما عند أهل الكتاب فيما نقله ابن إسحاق عند الطبري في "التفسير" 13/ 71، وفي "التاريخ" 1/ 364.

وأخرج روايةَ الفضيلِ بن عياض ابن جَرير الطبري في "تفسيره" 13/ 70 عن سفيان بن وكيع، عن حسين بن علي، به.

(3)

إسناده ضعيف، أبو عُبيدة - وهو ابن عبد الله بن مسعود - لم يسمع من أبيه، وزهير - وهو ابن معاوية - ممن سمع من أبي إسحاق. وهو السَّبيعي - بعد تغيُّره، لكن توبع زهير على ذكر ما بِيع به يوسفُ، وعلى عِدَّة الذين خرجوا مع موسى، دون ما سواه من الخبر.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 2196 من طريق عبد الله بن محمد النُّفَيلي، والطبراني =

ص: 84

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4136 -

أخبرني أبو سعيد الأحمَسي، حدثنا الحسين بن حُميد، حدثنا مروان بن جعفر السَّمُري، حدثني حُميد بن معاذ، حدثني مُدرِك بن عبد الرحمن، حدثنا الحسن بن ذَكْوان، عن الحسن، عن سَمُرة، عن كعب، قال: ثم وُلِد ليعقوبَ يوسفُ الصِّدِّيق الذي اصطفاهُ الله واختارَه وأكرمَه، وقَسَمَ له من الجَمَالِ الثُّلثَين، وقَسَمَ بين عباده الثُّلث، وكان يُشبِه آدمَ يومَ خَلَقَهُ اللهُ وصَوَّره ونفخَ فيه من رُوحه قبل أن يُصيب المعصيةَ، فلما عصى آدمُ نُزِع منه النورُ والبهاءُ والحُسنُ، وكان الله أعطى آدمَ

= في "المعجم الكبير"(9068) من طريق معاوية بن عمرو، كلاهما عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرج منه ذكر ما بيع به يوسفُ: الطبريُّ في "تفسيره" 12/ 172 من طريق حميد بن عبد الرحمن، عن زهير بن معاوية، به.

وأخرجه مقتصرًا عليه أيضًا الطبريُّ 12/ 172 من طريق شريك النخعي، عن أبي إسحاق السَّبيعي، به.

وأخرج منه عِدّة الذين خرجوا مع موسى: الطبريُّ في "تفسيره" 19/ 75 من طريق إسرائيل، عن جده أبي إسحاق، به.

وأخرجه أيضًا الطبري 19/ 75 من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي عُبيدة. لم يجاوزه.

وأما قوله في الخبر: رجالهم أنبياء ونساؤهم صِدِّيقات، فلا دليل عليه. قال ابن كثير في "تفسيره" 4/ 300: اعلم أنه لم يَقُم دليل على نبوة إخوة يوسف، وظاهر هذا السياق يدل على خلاف ذلك (قلنا: يعني سياق الآيات الواردة في سورة يوسف في تآمرهم على قتله أو طرحه أرضًا ثم اتفاقهم على إلقائه في الجب) ومن الناس من يزعُم أنهم أوحي إليهم بعد ذلك، وفي هذا نظر، ويحتاج مُدّعي ذلك إلى دليل، ولم يذكروا سوى قوله تعالى:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} ، وهذا فيه احتمال، لأنَّ بطون بني إسرائيل يقال لهم: الأسباط، كما يقال للعرب: قبائل، وللعجم: شعوب، يذكر تعالى أنه أوحى إلى الأنبياء من أسباط بني إسرائيل، فذكرهم إجمالًا لأنهم كثيرون، ولكن كل سبط من نسل رجل من إخوة يوسف، ولم يَقُم دليل على أعيان هؤلاء أنهم أُوحي إليهم، والله أعلم.

ص: 85

الحُسنَ والجَمالَ والنورَ والبهاءَ يوم خَلَقه، فلما فَعَل ما فعل وأصاب الذنبَ، نُزع ذلك منه، ثم وَهَبَ اللهُ لآدم الثُّلُث من الجمال مع التوبة الذي تاب عليه، ثم إنَّ الله أعطى يوسفَ الحُسنَ والجَمالَ والنورَ والبَهاءَ الذي كان نزعَه مِن آدم حين أصابَ الذّنْبَ، وذلك أنَّ الله أحبَّ أن يُريَ العبادَ أنه قادرٌ على ما يشاء، وأعطى يوسفَ من الحُسن والجَمال ما لم يُعطِه أحدًا من الناس، ثم أعطاهُ اللهُ العِلمَ بتأويل الرؤيا، وكان يُخبِرُ بالأمر الذي رآه في منامه أنه سيكون قبل أن يكون، عَلَّمه الله كما عَلَّم آدمَ الأسماءَ كلَّها، وكان إذا تبسَّم رأيتَ النورَ في ضَواحِكِه، وكان إذا تكلَّم رأيتَ شُعاعَ النورِ في كلامِه ويَلتهِبُ التهابًا بين ثَناياه

(1)

.

قد اختصرتُ من أخبار يوسفَ عليه السلام ما صَحَّ إليه الطريقُ، ولو أخذتُ في عجائبِ وهب بن مُنبِّه وأبي عبد الله الواقِدي لطالتِ الترجمةُ بها.

‌ذكر النبيِّ الكَلِيم موسى بن عِمران وأخيه هارون بن عِمران

4137 -

حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن شَبَّوَيهِ الرئيس بمَرْو، حدثنا جعفر بن محمد النَّيسابُوري، حدثنا علي بن مِهْران، حدثنا سلمة بن الفضل، حدثني محمد بن إسحاق، قال: وُلِد موسى بن مِيْشا بن يوسف بن يعقوب، فتنبّأ في بني إسرائيل قبل موسى بن عِمران فيما يَزعُمون، ويزعمُ أهل التيقُّن بها أنه هو الذي طلب العالِمَ ليتعلَّمَ منه حتى أدركَ العالِمَ الذي خَرَق السفينةَ، وقَتلَ الغُلامَ، وبنى الجِدار، وموسى بن مِيْشا معه، ثم انصرف عنه حتى بَلَغَ مَا بَلَغَ

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، وقد تقدم الكلام على رجاله برقم (4059). الحسن: هو البصري، وسمرة: هو ابن جندب، وكعب: هو ابن ماتِع الحِمْيَري المعروف بكعب الأحبار.

(2)

هذا الذي قاله ابن إسحاق هو قول أهل التوراة، كما قال ابن قُتَيبة في "المعارف" 1/ 41، وكما تدلُّ عليه الرواية التي سيشير إليها المصنّف عن نَوف البِكالي، وهو نَوف بن فَضالة ابن امرأة كعب الأحبار، والظنُّ أنَّ نَوفًا أخذه عن كعب الأحبار، وكذّب حبرُ الأمة ابن عبّاس خبرَ أهل التوراة هذا مستدلًا بما سمعه من أبيّ بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الطبري في "تاريخه" =

ص: 86

قال الحاكم: هكذا يَذكُر محمد بن إسحاق، ويُستَدَلُّ بالحديث الثابت الصحيح

(1)

عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جُبَير، قال: قلت لابن عبّاس: إنَّ نَوفًا

(2)

البِكَاليّ يزعُم أنَّ موسى صاحِبَ الخَضِر ليس موسى بنَ عِمران صاحبَ بني إسرائيل، إنما هو موسى آخر، فقال ابن عبّاس: كَذَبَ عدوُّ الله، حدثنا أُبيُّ بن كعبٍ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"قام موسى بنُ عِمران خَطيبًا في بني إسرائيل" الحديثَ بطولِه.

هذا حديث مُخرَّج في "الصحيحين"، وإنما حَمَلَني على ذِكْره

(3)

، لأني تركتُ ذِكْرَه من الوَسَطِ.

فأما موسى بن عِمران الكَلِيمُ:

4138 -

فحدَّثَنا أبو محمد عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب بِهَمَذَان، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحَنْظَلي، حدثنا عبد الله بن داهِر بن يحيى الرازي، حدثنا أبي، عن الأعمش، عن عَبَاية الأسدي، قال: سمعتُ عبد الله بن عبّاس يقول: إنَّ الله يقول في كتابه لموسى بن عِمران: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} ، قال:{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا} [الأعراف: 144 - 145]، فكان موسى يَرى أنَّ جميع الأشياء قد أُثبتت له، كما ترون أنتم أن علماءكم قد أثبتُوا لكم كلَّ شيءٍ، وكما يُثبِتُوه، فلما انتهى موسى

= 1/ 366: رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أعلم خَلْق الله بالكائن من الأمور الماضية، والكائن منها الذي لم يكن بعدُ.

(1)

أخرجه البخاري (122)، ومسلم (2380).

(2)

جاء اسم "نوف" في النسخ الخطية بحذف ألف النصب، مع أن حقه النصب لكونه اسم "إن"، وكذلك جاء هذا الاسم في رواية البخاري في فرع الغُزُولي من "الصحيح"، وهو من أجود فروع اليونينية، كما نبّه عليه القسطلّاني في "الإرشاد" 7/ 227، وذلك جائز على لغة رَبيعة، بأن يكون "نوف" منصوبًا في اللفظ إلا أنه يكتب بلا ألف، وما أثبتناه هو اللغة العالية الفصيحة.

(3)

يعني على ذكر موسى بن ميشا.

ص: 87

إلى ساحِلِ البحر لقي العالِمَ فاستَنْطَقه فأقرَّ له بفَضْل علمه ولم يَحسُده، فقال له موسى ورَغِبَ إليه:{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} فعَلِمَ العالِمُ أنَّ موسى لا يُطيق صحبتَه، ولا يصبر على عِلْمِه، فقال له العالِمُ: إنك لا تَستطيعُ معي صَبْرًا، {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف: 68]؟! فقال له موسى وهو يعتذر: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} ، فعَلِم أنَّ موسى لا يَصبِرُ على عِلْمِه، فقال له:{فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} فرَكِبا في السفينة فخَرَقَها العالِمُ، وكان خَرْقُها لله رِضًا ولموسى سُخْطًا، ولَقِيَ الغلامَ فقتَلَه، وكان قتلُه لله رِضًا؛ ثم ذَكَر بعضَ القصةِ والكلام، ولم يُجاوِزِ ابنَ عبّاس

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4139 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا العبّاس بن محمد الدُّوري، حدثنا يحيى بن مَعِين، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا حمزة الزَّيَّات، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس، عن أبيّ بن كَعْبٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحمةُ الله علينا وعلى موسى - فبدأ بنفسه - لو كان صَبَرَ لَقُصَّ علينا مِن خَبَرِه، ولكن قال:{إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا}

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده واهٍ من أجل عبد الله بن داهر وأبيه فهما ليسا بشيء، ولهما ترجمة في "الميزان" و"اللسان"، وتَعقَّب الذهبيُّ في "تلخيصه" المصنف في تصحيحه هذا الخبر.

(2)

إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبِيعي، وحمزة الزيّات: هو ابن حبيب أحد القراء السبعة المشهورين.

وأخرجه أحمد 35/ (21126) و (21127)، وأبو داود (3984)، والترمذي (3385)، والنسائي (11248)، وابن حبان (988) من طرق عن حمزة الزيات، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (2380)، والنسائي (11244) من طريق رقبة بن مصقلة، والنسائي (5813) من طريق إسرائيل، كلاهما عن أبي إسحاق، به.

وسلف نحوه برقم (3476) من طريق أبي بشر عن سعيد بن جُبَير.

ص: 88

4140 -

أخبرنا الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا محمد بن أحمد بن البَرَاء، حدثنا عبد المُنعِم بن إدريس بن سِنان اليَمَاني، عن أبيه، عن وَهْب بن مُنبِّه، قال: ذِكْرُ مولد موسى بن عِمران بن قاهَث بن لاوِي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وحديثُ عدوِّ الله فِرعونَ حين كان يَستعبِدُ بني إسرائيلَ في أعمالِه بمصر، وأمرِ موسى والخَضِر، قال وهبٌ: ولما حَمَلتْ أمُّ موسى بموسى كتَمَتْ أمرَها جميعَ الناسِ، فلم يَطَّلِع على حَمْلِها أحدٌ من خلق الله، وذلك شيءٌ سَتَرها

(1)

الله به لما أراد أن يَمُنَّ به على بني إسرائيل، فلما كانت السنةُ التي يُولَد فيها موسى بن عِمران بعثَ فرعونُ القَوابِلَ وتقدَّم إليهنّ، وفَتَّش النساء تَفتِيشًا لم يُفتِّشْهُنَّ قبلَ ذلك، وحَمَلت أمُّ موسى بموسى، فلم يَنِتَّ بطنُها

(2)

، ولم يَتغيَّر لونُها، ولم يفسُد لبنُها، وكُنَّ القوابلُ لا يَعرِضْنَ لها، فلما كانتِ الليلةُ التي وُلِد فيها موسى وَلَدَتْه أمُّه ولا رَقِيبَ عليها ولا قابِلَ، ولم يَطَّلع عليها أحدٌ إلّا أخته مريم، وأوحى الله إليها:{أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7]، قال: فكتَمَتْه أمُّه ثلاثةَ أشهر تُرضِعُه في حِجْرها لا يبكي ولا يتَحرّك، فلما خافتْ عليه وعليها عَمِلتْ له تابُوتًا مُطبَقًا ومَهَّدَتْ له فيه، ثم ألقتْه في البحر ليلًا كما أمرها اللهُ، وعُمِلَ التابوتُ على عَمَلِ سُفنِ البحرِ خمسةَ أشبارٍ في خمسةِ أشبارٍ، ولم يُقيَّر، فأقبل التابوتُ يَطفُو على الماء، فألقى البحرُ التابوتَ بالساحِل في جَوف الليل.

فلما أصبح فرعونُ جَلَس في مجلسِه على شاطئ النيل، فبَصُرَ بالتابُوت، فقال لمن حولَه من خَدَمِه: ائتُوني بهذا التابوت، فأَتَوه به، فلما وُضِعَ بين يديه فتحُوه، فوَجَدَ فيه موسى، قال: فلما نظر إليه فرعون قال: عِبْرانيٌّ من الأعداء، فأعْظَمَه ذلك وغاظَه، وقال: كيف أخْطى هذا الغلامُ الذَّبحَ وقد أمرتُ القَوابِلَ أن لا يَكتُمْنَ مولودًا يُولَد،

(1)

في (ز) و (ب): سرّها، وهو تحريف.

(2)

أي: لم ينتفخ.

ص: 89

قال: وكان فرعون قد استَنْكَح امرأةً من بني إسرائيل يُقال لها: آسيةُ بنتُ مُزاحِم، وكانت من خِيار النساء المعدُودات ومن بنات الأنبياء، وكانت أمًّا للمسلمين تَرحَمُهم وتتصدّق عليهم وتُعطِيهم ويدخُلُون عليها، فقالت لفرعون وهي قاعدة إلى جنبه: هذا الوليد أكبرُ من ابن سَنَةٍ، وإنما أَمرْتَ أن يُذبَحَ الوِلْدانُ لهذه السنةِ، فدَعْه يكن قُرّةَ عَين لي ولك، {لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} ، أَنَّ هلاكهم على يديه، وكان فِرعونُ لا يُولَد له إلَّا البنات، فاستحياهُ فرعون ورَمَقَه

(1)

، وألقى الله عليه محبتَه ورأفتَه ورحمتَه، وقال لامرأته: عسى أن ينفعَك أنتِ، فأما أنا فلا أُريد نَفْعَه.

قال وهب: قال ابن عبّاس: لو أنَّ عدوَّ الله قال في موسى كما قالتِ امرأتُه آسية: {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا} لَنفعَهُ اللهُ به، ولكنه أبى للشَّقاء الذي كتبَه اللهُ عليه.

وحَرَّم اللهُ على موسى المَراضِعَ ثمانيةَ أيامٍ ولياليَهنَّ، كلما أُتِي بِمُرضِعةٍ لم يَقبَلْ ثَدْيَها، فرَقَّ له فرعونُ ورحِمَه، وطُلِبتْ له المَراضِعُ.

وذَكَر وهبٌ حُزنَ أمِّ موسى وبُكاءَها عليه، حتى كادتْ أن تُبْدِيَ به، ثم تَدارَكَها الله برحمتِه، فرَبَطَ على قلبِها إلى أن بلغها خَبَرُه، فقالت لأُختِه: تَنكَّري واذهبي مع الناس وانظُري ماذا يفعلون به، فدخلت أختُه مع القوابل على آسية بنت مُزاحِم، فلما رأت وَجْدَهم بموسى وحبَّهم له ورِقَّتَهم عليه، قالت: هل أدلُّكم على أهل بيتٍ يَكفُلُونه لكم وهم له ناصحون؟ إلى أن رُدَّ إلى أمِّه، فمَكَث موسى عند أمِّه حتى فَطَمَتْه، ثم ردَّتْه إليه، فنشأ موسى في حِجْر فرعون وامرأتِه يَربِّيانه بأيديهما، واتخَذَاه ولدًا، فبَيْنا هو يلعب يومًا بين يدَي فرعون وبيده قَضِيبٌ له خفيفٌ صغيرٌ يلعب به، إذ رفع القَضِيبَ فضرب به رأسَ فرعون، فغَضِب فِرعون وتَطَيَّر مِن ضَرْبِه حتى همَّ بقتله، فقالت آسيةُ بنت مُزاحِم: أيها الملِك، لا تغضب ولا يَشُقَّنَّ عليك، فإنه صبيٌّ صغير لا يَعقِل جَرِّبه إن شئتَ اجعلْ في هذا الطَّسْتِ جَمْرةً وذَهبًا، فانظُرْ على أيِّهما يَقبِض،

(1)

أي: أتبعه بصرَه يتعهّده وينظر إليه ويرقُبه.

ص: 90

فأمَر فِرعون بذلك، فلما مَدّ موسى يدَه ليقبِضَ على الذَّهَب قبض المَلَكُ المُوكَّل به على يدِه فردَّها إلى الجَمْرة، فقبض عليها موسى فألقاها في فيه، ثم قَذَفَها حين وَجَدَ حرارتَها، فقالت آسيةُ لفرعون: ألم أقل لك: إنه لا يَعقِل شيئًا ولا يَعلَمُه، وكَفَّ عنه فرعونُ وصَدَّقها، وكان أَمر بقَتْله، ويقال: إنَّ العُقدة التي كانت في لسان تلك أثرُ تلك الجَمْرةِ التي الْتَقَمَها.

قال وهب بن مُنبِّه: ولما بلغ موسى أشُدَّه وبلغ أربعين سنةً آتاهُ الله عِلْمًا وحُكْمًا وفَهْمًا، فَلَبِثَ بذلك اثنتي عشرة سنة، فلما تمَّت له ثلاثون سنة، دعا إلى دِين إبراهيم وشرائعِه وإلى دِين إسحاقَ ويعقوبَ، فآمنت به طائفة من بني إسرائيل، ثم ذَكَرَ القصة بطولها

(1)

.

4141 -

حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا أحمد بن يحيى الحُلْواني،

(1)

إسناده واهٍ كما قال الذهبي في غير موضع من "تلخيصه"، وذلك من أجل عبد المنعم بن إدريس، فهو متروك الحديث، وكذَّبه الإمام أحمد.

وأخرجه الواحدي في "التفسير الوسيط" 3/ 390، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 61/ 18 عن أبي الحسن بن أبي نصر السوادي، عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

والصحيح في خبر موسى وفرعون إسنادًا ما أخرجه النسائي (11263) وغيره ضمن حديث طويل جدًّا يُدعى حديثَ الفُتون، وهو من رواية سعيد بن جُبَير عن ابن عبّاس موقوفًا عليه، وقد تخلَّله إشارة إلى رفع بعض ألفاظه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفي كثير من ألفاظه مغايرة للفظ رواية وهب بن منبّه التي هنا، إلّا أنه مع جَودة إسناده قال الحافظ المزي فيما نقله عنه ابن كثير في "البداية والنهاية" 2/ 196: الأشبه أنه موقوف وكونه مرفوعًا فيه نظر، وغالبه متلقًّى من الإسرائيليات، وفيه شيء يسير مصرَّح برفعه في أثناء الكلام، وفي بعض ما فيه نظر ونكارة، والأغلب أنه من كلام كعب الأحبار.

قلنا: وقد جاءت قصة موسى بطولها أيضًا من رواية السُّدِّي، عن أبي مالك الغفاري وأبي صالح بادام، عن ابن عبّاس. وعن مُرَّة الهَمْداني، عن ابن مسعود. وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجها الطبري في "تاريخه" 1/ 388 - 431 وخلَّله كثيرًا من الروايات الأخرى ثم يتمم بقوله: رجع الحديث إلى حديث السُّدِّي. وهو موقوف حسن الإسناد أيضًا، فارجع إليهما.

ص: 91

حدثنا محمد بن الصَّبّاح، حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن عاصم الأحول، عن عِكْرمة، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله اصطَفَى موسى بالكَلام، وإبراهيمَ بالخُلَّة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

4142 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدثنا أبو عبد الله البُوشَنْجِي، حدثنا مُسدَّد بن مُسرْهَد، حدثنا المُعتمِر بن سليمان، عن إسماعيل بن أبي خالد [قال: أخبرني عامر]

(2)

عن عبد الله بن الحارث، عن كعب الأحبار، قال: إنَّ الله عز وجل

(1)

صحيح موقوفًا، وهذا سند رجاله لا بأس بهم، لكن رواه فضلُ بن سهل الأعرج عند ابن أبي عاصم في "السنة"(436)، وأبو حاتم الرازي عند ابن مَنْدَهْ في "التوحيد"(581)، وأبي القاسم الأصبهاني في "الحجة" 1/ 547، ومحمد بن سليمان الباغَنْدي عند ابن خُزَيمة في "التوحيد" 2/ 485، والدارقطني في "رؤية الله"(268)، ثلاثتهم عن محمد بن الصَّبّاح - وهو الدولابي - موقوفًا على ابن عبّاس من قوله، وهو الصحيح. وقرن أبو حاتم في روايته بعكرمة عامرًا الشَّعْبي.

وقد رواه كذلك موقوفًا آخرون غير محمد بن الصَّباح، عن إسماعيل بن زكريا - وهو الخُلْقاني - منهم محمد بن جعفر الوَرْكاني ومحمد بن بكَّار بن الريّان عند عبد الله بن أحمد بن حنبل في "السنة"(577) و (1042)، والدارقطني في "رؤية الله"(283)، وابن منده في "التوحيد"(580)، وأبي القاسم الأصبهاني 1/ 546.

وكذلك رواه قيس بن الربيع عن عاصم الأحول، فوقفه على ابن عبّاس، وروايته عند ابن خُزَيمة في "التوحيد" 2/ 484، وابن المنذر في "تفسيره"(368)، والآجري في "الشريعة"(686) و (687) و (1031)، والطبراني في "الكبير"(11914)، والدارقطني في "رؤية الله"(262)، والواحدي في "التفسير الوسيط" 4/ 196، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 6/ 215 و 216، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 14/ 45.

ورواه قتادة عن عكرمة موقوفًا أيضًا كما تقدم بالأرقام (217) و (3151)، و (3789)، وكذلك رواه يزيد بن حازم أخو جَرير عن عكرمة عند عبد الله بن أحمد في "السنة"(578) و (1041)، ومن طريقه أخرجه جماعة.

(2)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، وأثبتناه من "التوحيد" لابن خُزَيمة 2/ 894 =

ص: 92

قسم رؤيتَه وكلامَه بين محمد صلى الله عليه وسلم وموسي، فرآه محمدٌ مرتَين، وكَلَّمَه موسى مرتَين

(1)

.

4143 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا علي بن الحسن، حدثنا أبو ظَفَر عبد السلام بن مُطهَّر، حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت البُناني، عن أنس بن مالك، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"موسى بن عِمران صَفِيُّ الله"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4144 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد الجَلّاب، حدثنا أحمد بن بِشْر المَرْثَدي،

= إذ رواه عن أبي الأشعث أحمد بن المقدام عن المعتمر بن سليمان، وعامر: هو الشَّعْبي، وذكره ثابت في إسناد هذا الخبر، فقد ذكره كلُّ من رواه عن إسماعيل بن أبي خالد، وكذلك رواه مجالد بن سعيد عن الشَّعْبي.

(1)

رجاله ثقات. أبو عبد الله البُوشَنْجِي: هو محمد بن إبراهيم بن سعيد.

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(1421)، وعبد الله بن أحمد في "السنة"(548)، والطبري في "تفسيره" 27/ 51، وابن خُزَيمة في "التوحيد" 2/ 491 و 2/ 894 - 895، وأبو العباس السرَّاج في "حديثه"(1405)، وأبو بكر النجّاد في "الرد على من يقول القرآن مخلوق"(17)، والدارقطني في "رؤية الله"(225)، وأبو طاهر المُخلِّص في "المخلصيات"(1759)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(867)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 61/ 105 من طُرق عن إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 252، ومن طريقه ابن خُزَيمة في "التوحيد" 2/ 560، والدارقطني في "رؤية الله"(226)، والثعلبي في "تفسيره" 9/ 141، وأخرجه الترمذي (3278) عن محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، كلاهما (عبد الرزاق وابن أبي عمر) عن سفيان بن عُيينة، عن مُجالد بن سعيد، عن الشَّعْبي؛ قال عبد الرزاق: عن عبد الله بن الحارث، ولم يذكر ابن أبي عمر في روايته عبد الله بن الحارث، والصحيح ذكره كما قال عبد الرزاق في روايته وِفاقًا لرواية إسماعيل بن أبي خالد.

(2)

إسناده جيد من أجل جعفر بن سليمان - وهو الضُّبَعي - فهو صدوق لا بأس به.

وأخرجه أبو نُعيم الأصبهاني كما في "الغرائب الملتقطة" لابن حجر (2555) من طريق سيار بن حاتم، عن جعفر بن سليمان، به.

ص: 93

حدثنا يحيى بن مَعِين، حدثنا حَجّاج، عن أبي مَعْشَر، عن أبي الحُويرِث عبد الرحمن بن معاوية، قال: مكث موسى بعد أن كَلّمه الله أربعين يومًا لا يراه أحدٌ إِلَّا مات

(1)

.

4145 -

أخبرني محمد بن إسحاق العدل، حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا عمرو بن طلحة القَنّاد، حدثنا أسباط بن نَصْر، عن السُّدِّي، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ موسى بن عمران، لما كلَّمه ربُّه أحبَّ أن ينظر إليه، فقال:{رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} [الأعراف:143]، فحَفَّ حولَ الجبل الملائكة، وحَفَّ حول الملائكة بنارٍ، وحَفَّ حول النار بملائكةٍ، وحَفَّ حول الملائكة بنارٍ، ثم تجلَّى ربُّك للجبل، ثم تجلَّى منه مثل الخِنْصِر، فجعل الجبل دَكًّا، وخَرَّ موسى صَعِقًا ما شاء الله، ثم إنه أفاق فقال:{سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} . يعني أولَ مَنْ آمَنَ مِن بني إسرائيل

(2)

.

(1)

ضعيف لضعف أبي معشر -وهو نَجيح بن عبد الرحمن السِّنْدي- وأبو الحُويرث فيه لين، ولهذا قال الذهبي في "تلخيصه": إسناده ليّن. حجاج: هو ابن محمد المِصِّيصي.

وأخرجه العباس بن محمد الدُّوري في "تاريخه"(824)، ومن طريقه الدُّولابي في "الكنى والأسماء"(905)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 309، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 61/ 54 عن يحيى بن مَعِين، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي خيثمة في "تاريخه الكبير" في السفر الثالث منه (2839)، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في "السنة"(543) و (1097)، والطبري في "المنتخب من ذيل المذيّل" المطبوع في آخر "تاريخه" 11/ 648، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1558 و 9/ 2973، وابن عساكر 61/ 55 من طريق محمد بن بكار بن الريّان، عن أبي معشر السِّنْدي، به.

(2)

إسناده حسن من أجل السُّدِّيِّ -واسمه إسماعيل بن عبد الرحمن- وأسباطِ بن نصر. عمرو بن طلحة القَنَّاد: هو عمرو بن حماد بن طلحة، كثيرًا ما يُنسب لجده.

وأخرجه مختصرًا بذكر التجلي والصَّعْق ثم الإفاقة: الطبريُّ في "تاريخه" 1/ 423 عن موسى بن هارون، عن عمرو بن حماد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصرًا بذلك أيضًا ابن أبي عاصم في "السُّنَّة"(484)، والطبري في "تفسيره" 9/ 53 من طريق عمرو بن محمد العنقزي، عن أسباط، به. =

ص: 94

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4146 -

حدثنا بَكْر بن محمد بن حَمْدانِ الصَّيْرفي بمَرُو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا خلف بن الوليد الجَوهَري، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن مسعود، قال: ذُكِرتْ لي الشجرةُ التي أَوى إليها موسى نبيُّ الله صلَّى الله عليه، فسِرْتُ إليها يومَين وليلتَين، ثم صبَّحتُها، فإذا هي خضراءُ تَرِفُّ

(1)

، فصلَّيتُ على النبي صلى الله عليه وسلم وسَلّمتُ، فأهوى إليها بَعِيري وهو جائع، فأخذ منها مِلءَ فِيهِ وهو جائع، فلاكَهُ، فلم يَستطِع أن يُسِيغَه فلَفَظَه، فصليتُ على النبي صلى الله عليه وسلم وانصرفْتُ

(2)

.

= وأخرج منه أوّله حين طلب موسى الرؤية إلى ذكر التجلّي: الطبريُّ في "تاريخه" 1/ 422 - 423 عن موسى بن هارون، وابن بطّة العُكْبري في "الإبانة" 7/ 323 - 325 من طريق محمد بن إسحاق الصاغاني، كلاهما عن عمرو بن حماد بن طلحة، عن أسباط بن نصر، عن السُّدِّي، عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عبّاس، وعن مرة الهَمْداني عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وسنده حسن أيضًا.

(1)

تحرَّفت العبارة في (ز) و (ص) و (ب) إلى: حصن أبرق، واستُظْهِر في هامش (ص) أنها خضراء تَرِفُّ، وهو الصحيح كما جاء في (ع) وسائر روايات هذا الخبر، ومعنى تَرِفُّ: تبرُق وتتلألأ.

(2)

رجاله ثقات. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وأبو إسحاق جدُّه: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وعمرو بن ميمون: هو الأوْدي.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 20/ 58 عن الحسين بن عمرو العنقزي، عن أبيه، عن إسرائيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في "السنّة"(558) و (1128)، ومن طريقه ابن مندَهْ في "التوحيد"(584) من طريق سليمان بن مهران الأعمش، عن أبي إسحاق السَّبيعي، به.

وأخرجه مختصرًا دون ذكر بعير ابن مسعود: عبد الله بن أحمد في "السنّة"(559)، والطبري في "تفسيره" 20/ 71 من طريق أبي عُبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه. وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.

الشجرة المذكورة المراد بها التي أوى إليها موسى عليه السلام في مَدْين كما في مصادر التخريج.

ص: 95

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4147 -

حدثنا إسماعيل بن علي الخُطَبي ببغداد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا محمد بن عبد الله الخُزاعي، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [الأعراف: 143]- أشار حمادٌ ووضع إبهامَه على مَفصِل الخِنْصِر. قال: "فَساخَ الجبَلُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4148 -

فحدَّثَناه الحسن بن يعقوب وإبراهيم بن عِصْمةَ، قالا: حدثنا السَّرِيُّ بن خُزَيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم إن شاء الله - شكَّ أبو سلمة موسى بن إسماعيل - {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143]، قال:"ساخَ الجبَلُ"

(2)

.

4149 -

فحدَّثَناه أبو علي الحافظ، أخبرنا الحسن بن سفيان وعِمران بن موسى الجُرْجاني وأحمد بن علي بن المُثنَّى، قالوا: حدثنا هُدْبة بن خالد، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، نحو حديث الخُزاعي، ولم يَشُكَّ فيه هُدبةُ

(3)

.

4150 -

أخبرنا الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا محمد بن أحمد بن البَرَاء، حدثنا عبد المنعم، عن أبيه، عن وهب بن مُنبِّه، قال: كان هارون بن عِمران فَصِيحَ اللسان بَيِّنَ المَنْطِق، يَتكلَّم في تُؤَدَةٍ، ويقولُ بعِلْمٍ وحِلْمٍ، وكان أطولَ من موسى طُولًا، وأكبرَهما في السِّنِّ، وكان أكثرَهما لَحْمًا وأبيضَهُما جِسْمًا وأغلظَهما ألواحًا، وكان موسى رَجُلًا جَعْدًا آدَمَ طُوالًا كأنه من رجال شَنُوءة، ولم يَبعَثِ اللهُ نبيًّا إلَّا وقد

(1)

إسناده صحيح. وقد تقدم بالأرقام (66) و (67) و (3288) من طرق عن حماد بن سلمة، وانظر تالييه.

(2)

إسناده صحيح كسابقه. وقد تقدم برقم (66) و (67) من طريقين عن أبي سلمة موسى بن إسماعيل من غير شك، فالظاهر أنَّ الشكَّ هنا ممّن دون موسى بن إسماعيل، والله أعلم.

(3)

إسناده صحيح كسابقه.

ص: 96

كانت عليه شامَةُ النبوة في يده اليُمْنَى إلَّا أن يكون نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم، فإنَّ شامةَ النبوة قد كانت بين كَتِفَيه، وقد سئل نبيُّنا صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال:"هذه الشامةُ التي بين كَتِفَيَّ شامةُ الأنبياءِ قَبْلي، لأنه لا نَبيَّ بعدي ولا رسولَ"

(1)

.

4151 -

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد الأحمسي، حدثنا الحسين بن حُميد، حدثنا الحسين بن علي السُّلمي، حدثني محمد بن حسان، عن محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: كان عِلمُ الله وحِكمتُه في ذُرِّية إبراهيمَ، فعند ذلك آتى اللهُ يوسفَ بن يعقوب مُلكَ الأرض المُقدَّسة، فمَلَك اثنتين وسبعين سنة، وذلك قولُه عز وجل فيما أَنزل من كتابه:{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [يوسف: 101]، فعند ذلك بعثَ اللهُ موسى وهارون فأورثَهما مَشارِقَ الأرضِ ومَغارِبَها ومَلَّكهما ملكًا ناعِمًا، فمَلَك موسى ومن معه من بني إسرائيل ثمان وثمانين سنة، ثم إنَّ الله أراد أن يَرُدّ ذلك عليهم، فمَلَّكَهم مَشارِقَ الأرضِ ومَغارِبَها وآتاهُم مُلكًا عظيمًا، حتى سألوا أن يَنظُروا إلى ربهم، فقالوا:{أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: 153]، وذلك حينَ رأوا موسى كلَّمَه ربُّه

(1)

إسناده واهٍ كما قال الذهبي في غير موضع من "تلخيصه"، من أجل عبد المنعم - وهو ابن إدريس - فهو متروك، وكذَّبه الإمامُ أحمد.

وقد صحَّ في وصف موسى أنه كان جَعْدًا آدم طُوالًا كأنه من رجال شنوءة من قوله صلى الله عليه وسلم واصفًا إياه وهو يتحدث عن الليلة التي أُسري فيها به صلى الله عليه وسلم كما أخرجه البخاري (3239) وغيره من حديث ابن عبّاس.

وصحَّ أيضًا في خاتم النبوة بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي رِمثة عند أحمد 11/ (7109)، ومن حديث السائب بن يزيد عند البخاري (190)، ومسلم (2345)، ومن حديث أبي زيد الأنصاري عند أحمد 34/ (20732)، ومن حديث عبد الله بن سرجس عند أحمد 34/ (20770)، ومسلم (2346).

وسيأتي ذكره أيضًا في حديث عائشة الآتي برقم (4222)، وفي حديث سلمان الفارسي في قصة إسلامه برقم (6688)، وفي حديث رُميثة برقم (7102).

ص: 97

وسمِعُوا، فطَلَبُوا الرؤيةَ، وكان موسى انتقَى خِيارَهم ليَشْهَدُوا له عند بني إسرائيل أنَّ ربَّه قد كَلَّمَه، فقالوا: لن نَشْهدَ لك حتى تُرِيَنا الله جَهْرةً، {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الذاريات: 44]

(1)

.

4152 -

حدثنا علي بن حمشاذ ومحمد بن صالح، قالا: حدثنا الحسين بن الفضل، حدثنا عفّان بن مُسلِم، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، أخبرنا عمار بن أبي عمار، قال: سمعتُ أبا هريرةَ يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مَلَكَ الموت كان يأتي الناسَ عِيانًا، فأتى موسى بنَ عِمران، فلَطَمَهُ موسى فَفَقأ عينَه، فعَرَجَ مَلَكُ الموتِ، فقال: يا رب، عبدُك موسى فَعَلَ بي كذا وكذا، ولولا كرامتُه عليك لَشَقَقْتُ عليه، فقال الله: ائتِ عبدي موسى فخَيِّرْه بين أن يَضَعَ يدَه على مَتْنِ ثَور، فله بكل شَعرةٍ وارَتْها كفُّه سنةً، وبين أن يموتَ الآن، فأتاه فخَيَّرَه، فقال موسى: فما بعدَ ذلك؟ قال: الموتُ، قال: فالآنَ إذًا، فشَمَّه شَمَّةً فقبض رُوحَه، وردَّ الله على ملك الموت

(2)

بَصَرَه، فكان بعد ذلك يأتي الناسَ في خُفْيةٍ"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف بمرّةٍ، وقد تقدَّم مختصرًا بذكر يوسف عليه السلام برقم (4133).

(2)

في (ز) و (ب): ورَدَّ الله عليه، والمثبت من (ص) و (ع) أوضح.

(3)

إسناده صحيح. وقد روى هذا الخبر بنحوه عن أبي هريرة أيضًا همّام بن مُنبِّه وطاووس اليماني، ولهذا صحَّحه الإمامُ أحمد فيما نقله عنه أبو يعلى الفراء في "إبطال التأويلات"(410) و (411)، وصحَّحه أيضًا محمد بن يحيى الذُّهلي فيما أسنده عنه أبو إسحاق الثعلبي في "تفسيره" 4/ 46، وكذلك صحَّحه غير واحدٍ ممن جاء بعدهما.

وأخرجه أحمد 16/ (10904) عن أمية بن خالد ويونس بن محمد المؤدِّب، و (10905) عن مؤمَّل بن إسماعيل، ثلاثتهم عن حمّاد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 13/ (8172)، والبخاري بإثر (3407)، ومسلم (2372) من طريق همّام بن مُنبِّه، عن أبي هريرة. إلّا أنه لم يذكر في روايته ما جاء في رواية عمار هذه من أن ملك الموت كان يأتي إلى الناس عِيانًا، ولا ما جاء في آخره من أنه صار يأتي بعد ذلك في خُفية.

وأخرجه كذلك دون هاتين الزيادتين: أحمدُ 13/ (7646)، والبخاري (3407)، ومسلم (2372) من طريق طاووس بن كيسان اليماني، عن أبي هريرة من قوله، لكن جاء في آخر روايته=

ص: 98

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

ذكر وفاة هارون بن عِمران، فإنه مات قبل موسى عليهما السلام

4153 -

أخبرنا الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا محمد بن أحمد بن البَرَاء، حدثنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وَهْب بن مُنبِّه، قال: ونَعَى الله هارون لموسى حين أراد الله أن يَقبِضَه، فلما نعاهُ له حَزِنَ، فلما قُبض جَزِعَ جزعًا شديدًا، وبكى بكاءً طويلًا، فلما تَمادى في ذلك، أقبلَ الله عليه يُعزِّيه ويَعِظُه فقال له: يا موسى، ما كان يَنبَغي لك أن تَحِنَّ إلى فَقْدِ شيءٍ معي، ولا أن تستأنِسَ بِغَيري، ولا أن تَشُدَّ رُكنَك إلَّا بي، ولا أن يكون جَزَعُك هذا وبكاؤك الآن على هارون إلّا لي، وكيف تَستَوحِش إلى شيءٍ من الأشياء وأنت تسمع كلامي؟ أم كيف تَحِنُّ إلى فَقْد شيءٍ من الدنيا بعدَ إذ اصطفيتُك برسالاتي وبكلامي؟ وذكر مُناجاةً طويلة.

قال: وقُبض هارون وموسى ابن سبعَ عشرةَ ومئة سنةٍ قبل أن ينقضيَ التِّيْهُ بثلاث سنين، وقُبض هارون وهو ابن عشرين ومئة سنة، فبقي موسى بعده ثلاث سنين حتى تمَّ له مئة وعشرون سنةً، وبنو إسرائيل مُتفرِّقون عليه، يَجتمِعُون له مرةً ويتفرقون أخرى

(1)

.

4154 -

حدثنا محمد بن إسحاق الصَّفّار العَدْل، حدثنا أحمد بن نَصْر، حدثنا عمرو بن طلحة القَنّاد، حدثنا أسباط بن نَصْر، عن السُّدِّي، في خبر ذَكَره عن أبي مالك، عن ابن عبّاس، وعن مُرَّة الهَمْداني، عن عبد الله بن مسعود، وعن ناسٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله أوحَى إلى موسى بن عِمران أني مُتَوفٍّ هارون فائتِ به جَبَلَ كذا

= ما يدلُّ على رفعه، ووقع التصريح برفعه في رواية ابن حبان (6223)، وأبي عبد الله بن مَنْدَهْ في "التوحيد"(613).

(1)

إسناده واهٍ كما جزم به الذهبي في غير موضع من "تلخيصه"، وذلك من أجل عبد المنعم بن إدريس، فهو متروك الحديث، وكذَّبه الإمام أحمد.

ص: 99

وكذا، فانطلَقَ موسى وهارون نحو ذلك الجبل، فإذا هم فيه بشجرةٍ لم يُرَ شجرةٌ مثلُها، وإذا هم ببيتٍ مَبنيٍّ، وإذا هم فيه بسَريرٍ عليه فَرْشٌ، وإذا فيه رِيحٌ طَيِّبٌ، فلما نظر هارون إلى ذلك الجبل والبيتِ وما فيه أعجَبَه، قال: يا موسى، إنِّي لأحِبُّ أن أنامَ على هذا السَّرير، قال له موسى: فنَمْ عليه، قال: إني أخافُ أن يأتيَ ربُّ هذا البيتِ فيغضبَ علَيَّ، قال له موسى: لا تَرْهَب، أنا أكفيكَ ربَّ هذا البيت فنَمْ، فقال: يا موسى، بل نَمْ معي، فإن جاء ربُّ هذا البيت غَضِبَ علَيَّ وعليك جميعًا، فلما ناما أَخَذَ هارونَ الموتُ، فلما وَجَدَ حِسَّه، قال: يا موسى، خَدَعْتَني، فلما قُبِضَ رُفِع ذلك البيتُ، وذهبتْ تلك الشَجرةُ، ورُفِعَ السريرُ إلى السماء، فلما رَجَعَ موسى إلى بني إسرائيل وليس معه هارون، قالوا: إنَّ موسى قتل هارون وحَسَده حُبَّ بني إسرائيل له، وكان هارون أكفَّ عنهم وألْينَ لهم من موسى، كان في موسى بعضُ الغِلَظِ عليهم، فلما بلغه ذلك قال لهم: وَيحَكُم إنه كان أخي، أفترَوني أقتُلُه؟ فلما أكثَروا عليه قام فصلَّى ركعتَين، ثم دعا الله فنزَل بالسريرِ، حتى نَظَروا إليه بين السماء والأرض، فصدَّقُوه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4155 -

حدثنا علي بن حَمْشاذ، حدثنا محمد بن شاذان الجَوْهَري، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عَبَّاد بن العَوّام، عن سفيان بن حُسين، عن الحَكَم، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس، عن عليٍّ في قوله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} [الأحزاب: 61]، قال: صَعِد موسى وهارون الجبلَ، فمات هارونُ، فقالت بنو إسرائيل لموسى: أنت قَتلْتَه، كان أشدَّ حُبًّا لنا منك

(1)

إسناده حسن من أجل أسباط بن نَصْر والسُّدِّي: واسمه إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة. أبو مالك: هو غَزوان الغفاري، ومُرَّة الهَمْداني: هو ابن شَراحيل.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 432 عن موسى بن هارون، عن عمرو بن حماد بن طلحة القَنّاد بهذا الإسناد.

ص: 100

وألْيَنَ لنا منك، فآذَوه في ذلك، فأمر الله الملائكةَ فحمَلَتْه فَمَرُّوا به على مَجالس بني إسرائيل، حتى عَلِمُوا بموته، فدفنُوه، ولم يَعرِفْ قَبرُه إلَّا الرَّخَمُ، وإنَّ الله جعلَه أصَمَّ أبْكَمَ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

‌ذكر وفاة موسى بن عِمران صلوات الله عليه

4156 -

حدثنا أبو الحسن بن شَبَّويهِ، حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن الحارث، حدثنا علي بن مِهْران، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، قال: كان صفيُّ الله موسى قد كَرِهَ الموتَ وأعظمَه، فلما كَرِهَه أحبَّ الله أن يُحبِّب إليه

(1)

رجاله ثقات، وصحَّحه البوصيري في "إتحاف المهرة"(5791)، وابن حجر في "المطالب العالية" (3455). الحكم: هو ابن عُتيبة.

وأخرجه أحمد بن مَنيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية" و"إتحاف الخيرة"، والطبري في "تفسيره" 22/ 52، والحسين المحاملي في "أماليه" برواية ابن يحيى البيّع (176)، والثعلبي في "تفسيره" 8/ 66، والواحدي في "التفسير الوسيط" 3/ 484، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 61/ 172، والضياء في "المختارة" 2/ (611) من طريقين عن عبّاد بن العوّام، بهذا الإسناد.

وقد رُوي من حديث علي بن أبي طالب بسياقة أخرى عند ابن أبي شَيْبة 11/ 529 - 530، والطبري في "تفسيره" 9/ 73، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1573، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(686) من طريق عمارة بن عبد السَّلُولي عن عليّ، إلّا أنه ذكر فيه أنَّ ابني هارون كانا مع أبيهما وعمهما موسى لما أراد الله قبض هارون، وأنَّ موسى قال لما بلغه اتهام بني إسرائيل له بقتل هارون: كيف أقتلُه ومعي ابناهُ؟! وأنه قال لهم: اختاروا من شئتم، فاختاروا سبعين رجلًا - وعند ابن أبي شَيْبة والضياء: فاختاروا من كل سبط عشرة - قال: فذلك قوله: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا} [الأعراف: 155] قال: فلما انتهوا إليه قالوا: يا هارون من قتلك؟ قال: ما قتلني أحد، ولكنني توفاني الله، قالوا: يا موسى، لن نعصي بعد اليوم

ورواية سعيد بن جُبَير أصحُّ، وهي أوفق لرواية السُّدِّي التي قبل هذه، وعلى كل حال فهذه أخبار موقوفة ليس فيها شيء من المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم والغالب أنها مأخوذة عن أهل الكتاب، والله تعالى أعلم.

ص: 101

الموتَ ويُكرِّه إليه الحياةَ، فحُوِّلت النبوةُ إلى يُوشَع بن نُون، فكان يَغدُو إليه ويَرُوح، فيقول له موسى: يا نبيَّ الله، ما أحدَثَ اللهُ إليك؟ فيقول له يُوشَع بن نُون: يا نبي الله، ألم أصحَبْك كذا وكذا سنةً، فهل كنتُ أسألُك عن شيءٍ مما أحدَثَ اللهُ إليك حتى تكون أنت الذي تَبتدئ به وتَذكُرُه، فلما رأى ذلك موسى كَرِهَ الحياةَ وأحبَّ الموت

(1)

.

4157 -

أخبرنا الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا محمد بن أحمد بن البَرَاء، حدثنا عبد المُنعِم، عن أبيه، عن وهب بن مُنبِّه، قال: ذُكِر لي أنه كان مِن أمر وفاة صَفِيِّ الله موسى صلى الله عليه وسلم أنه إنما كان يَستَظِلُّ في عَريشٍ ويأكُلُ ويَشربُ في نَقيرٍ من حَجَر، كما تَكْرَعُ الدابّةُ في ذلك النَّقير، تواضعًا لله، حتى أكرمَه اللهُ بما أكرمَه به من كلامِه، فكان مِن أمر وفاته أنه خرج يومًا من عَريشه ذلك لبعض حاجتِه، ولا يَعلَمُ أحدٌ مِن خَلْق الله، فمرَّ برَهْطٍ من الملائكة يَحفِرون قبرًا، فعرَفَهم فأقبل إليهم حتى وقف عليهم، فإذا هم يَحفِرون قبرًا، ولم يَرَ شيئًا قطُّ أحسنَ منه مِثلَ ما فيه من الخُضْرة والنَّضْرة والبَهْجة، فقال لهم: يا ملائكةَ الله، لمن تَحفِرون هذا القَبْرَ؟ قالوا: نَحفِرُه واللهِ لعبدٍ كريمٍ على ربّه، فقال: إنَّ هذا العبدَ مِن الله بمَنْزِلٍ، ما رأيتُ كاليوم مَضجَعًا ولا مَدْخلًا، وذلك حين حَضَرَ من الله ما حَضَرَ فِي قَبْضِه، فقالت له الملائكةُ: يا صفيَّ الله، أتُحبُّ أن تكون ذلك؟ قال: وَدِدتُ، قالوا: فانزِلْ فاضطجِعْ

(1)

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 433 عن محمد بن حميد الرازي، عن سلمة بن الفضل، به.

روي نحوه عن محمد بن كعب القُرظي عند أبي حذيفة إسحاق بن بشر البخاري كما في "تاريخ دمشق" لابن عساكر 74/ 267، لكن أبا حذيفة هذا متروك الحديث وكذَّبه ابن المديني، وشيخه موسى بن عُبيدة الربذي ضعيف الحديث.

والصحيح في ذلك أن موسى عليه الصلاة والسلام إنما كان يكره الموت لما فاجأه به ملك الموت، لكن بعد أن خيَّره اللهُ اختار الموت طواعية ورغبة في الآخرة، كما تقدم في حديث أبي هريرة برقم (4152).

ص: 102

فيه وتَوجَّهْ إلى ربِّك، ثم تَنفَّسْ أسهلَ تَنفُّسٍ تَنفّسْتَه قطُّ، فنزل فاضطجع فيه وتوجَّه إلى ربِّه، ثم تنفَّسَ فقَبضَ اللهُ روحَه، ثم صَلَّت عليه الملائكةُ، وكان صفيُّ الله موسى صلى الله عليه زاهدًا في الدنيا راغبًا في الآخرة

(1)

.

‌ذكر أيوب بن أموص نبيُّ الله المُبتلَى صلى الله عليه

حدثنا الحاكمُ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في رجب سنة إحدى وأربعِ مئةٍ:

4158 -

أخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمسي، حدثنا الحسين بن حُميد بن الربيع، حدثني مروان بن جعفر السَّمُري، حدثني حُميد بن مُعاذ، حدثنا مُدرِك بن عبد الرحمن، حدثنا الحسن بن ذَكْوان، عن الحسن بن أبي الحسن، عن سَمُرة بن جُندُب، عن كعب، قال: كان أيوب بن أموص نبيَّ الله الصابرَ الذي جَلَبَ عليه إبليسُ عدوُّ الله بجُنودِه وخَيلِه ورَجِلِه لِيَفتِنُوه ويُزيلُوه عن ذكر الله، فعصمَه اللهُ، ولم يجد إبليسُ إليه سبيلًا، فألقى اللهُ على أيوبَ السكينةَ والصبْرَ على بلائه الذي ابتلاهُ به، فسمّاه اللهُ:{صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44]، وكان أيوب رجُلًا طويلًا، جَعْدَ الشعر، واسعَ العَينَين، حسَنَ الخَلْقِ، وكان على جَبِينِه مكتوبٌ: المُبتلَى

(1)

إسناده واهٍ من أجل عبد المنعم - وهو ابن إدريس - فهو متروك، وكذَّبه الإمام أحمد، وقد روي من طريق أخرى عن وهب بن مُنبِّه فيها ضعف أيضًا.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 433 عن محمد بن حميد الرازي، عن سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق قال: ذُكِرَ لي عن (وسقط حرف "عن" من المطبوع خطأً) وهبُ بن مُنبِّه .. فذكره. ومحمد بن حميد الرازي مختلَف فيه، وهو إلى الضعف أقربُ، ولم يبين ابن إسحاق الواسطة بينه وبين وهب، والصحيح في ذلك كما قلنا ما رواه أبو هريرة في قصة وفاته كما تقدم برقم (4152).

والنَّقير: ما حُفِر وقُوِّر من الحجر والخشب ونحوه ليُجعل فيه الماء وغيره مما يُشرَب.

وقوله: "كما تَكْرَعُ الدابَّة"، من الكَرْع: وهو تناول الماء بالفم من غير أن يشرب بكفِّه ولا بإناء.

ص: 103

الصابر، وكان قصِيرَ العُنُق، عريضَ الصَّدر، غليظَ الساقَين والساعِدَين، وكان يُعطي الأرامِلَ ويَكسُوهُم، جاهدًا ناصحًا لله عز وجل

(1)

.

قال الحاكم: قد اختلفوا في أيوب أنه في أيِّ وقت أُرسل، فقال وهب بن مُنبِّه: إنه من ولد إبراهيم بعد يوسف، وقال محمد بن إسحاق بن يسار: حدثني مَن لا أتَّهِمُ عن وهب: أنه أيوب بن أمُوص بن رَزاح بن عِيصا بن إسحاق بن إبراهيم، وذُكر عن محمد بن جَرير أنه كان قبل شعيب، وقد احتجَّ أبو بكر بن [أبي] خَيْثَمة أنه كان بعد سليمان بن داود، والله أعلم.

4159 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِيّ بن خُزَيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، أخبرني علي بن زيد، عن يوسف بن مِهْران عن ابن عبّاس: أنَّ امرأة أيوبَ قالت له: قد والله نزلَ بى من الجَهْدِ والفاقَةِ ما أن بِعْتُ قَرْني

(2)

برغيف فأطعمْتُك، فادْعُ الله أن يَشفيَك، قال: ويحكِ، كنا في النَّعماء سبعين عامًا، فنحنُ في البلاء سبعَ سنين

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف، وقد تقدم الكلام على رجاله برقم (4059).

وقد أخرج الطبري في "تاريخه" 1/ 322 - 323 تفاصيل البلاء الذي ابتُلي به أيوب وتسلُّط إبليس عليه، من رواية وهب بن مُنبِّه بسند حسن إليه، دون ذكر وصفه الذي ورد في هذه الرواية.

(2)

تحرَّفت في (ز) و (ب) إلى: بعث قومي، وسقط لفظ "قومي" من (ص) و (ع)، والمثبت على الصواب من رواية البيهقي في "شعب الإيمان"(9337) عن أبي عبد الله الحاكم، بسنده هذا، والقَرْن: ضفيرة الشعر.

(3)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد: وهو ابن جُدعان.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(9337)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 10/ 64 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن الجوزي في "المنتظم" 1/ 322 من طريق كثير بن هشام، عن حمّاد بن سلمة، به.

وأخرجه دون ذكر بيع امرأة أيوب ضفيرة من شعرها: ابن عساكر 10/ 63 - 64 من طريق سليمان بن حرب، عن حمّاد بن سلمة، به.

ص: 104

4160 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد إملاءً، حدثنا أحمد بن مِهْران حدثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم، حدثنا نافع بن يزيد، أخبرني عُقَيل بن خالد، عن ابن شِهَاب، عن أنس بن مالك، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ أيوبَ نبيَّ الله لَبِثَ به بَلاؤُه خمسَ عشرة سنةً، فرفَضَه القريبُ والبعيدُ، إلّا رجلَين من إخوانه، كانا من أخَصِّ إخوانِه، قد كانا يَغدُوان إليه ويَرُوحان، فقال أحدُهما لصاحبِه ذاتَ يوم: تَعلَمُ، والله لقد أذنب أيوبُ ذنْبًا ما أذنَبَه أحدٌ من العالمين، فقال له صاحبُه: وما ذاك؟ قال: منذ ثمانيةَ عشرَ سنةً لم يرحمْه اللهُ فيكشفَ عنه ما به، فلما راحا إلى أيوبَ لم يَصبِرِ الرجلُ حتى ذَكَر له ذلك، فقال أيوبُ: لا أدري ما تقول، غيرَ أنَّ الله يعلمُ أني كنتُ أمُرُّ بالرجُلَين يَتنازَعان يَذكُران الله، فأرجعُ إلى بيتي فأُكفِّرُ عنهما كراهيةَ أن يُذكَر اللهُ إلَّا في حَقٍّ، وكان يَخرُج لحاجته، فإذا قضى حاجتَه أمسكتِ امرأتُه بيدِه حتى يَبلُغَ، فلما كان ذاتَ يوم أبطأَ عليها، فأوحَى اللهُ إلى أيوبَ في مكانِه أنِ {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42]، فاستبطأتْه، فتَلقَّتْه يَنْضُو

(1)

، وأقبلَ عليها قد أذهبَ اللهُ ما به من البَلاء، وهو أحسنُ ما كان، فلما رأتْه قالت: أيْ بارَكَ اللهُ فيكَ، هل رأيتَ نبيَّ الله هذا المبتلَى؟ واللهِ على ذاك ما رأيتُ رجلًا أشبَهَ به منكَ إذ كان صحيحًا، قال: فإني أنا هُو، قال، وكان له أنْدَرَانِ: أنْدَرٌ للقمح، وأنْدَرٌ للشعير، فبعث الله سحابتَين، فلما كانت إحداهُما على أندرِ القَمْح أفرغَتْ فيه الذَّهَبَ حتى فاضَ، وأفرغتِ الأُخرى في أنْدَرِ الشعير الوَرِقَ حتى فاضَ

(2)

.

(1)

الظاهر أنَّ معناها: يتقدَّم الناسَ في مشيه ويسبقهم، من قولهم: نضا الفرسُ الخيلَ: إذا تقدَّمها وسبَقها. وفي سائر مصادر تخريج الحديث: تنظر. حالٌ من المرأة، يعني حال كونها تنظر.

(2)

رجاله لا بأس بهم، لكنه اختُلف في وصل هذا الخبر وإرساله عن عُقيل بن خالد، فوصله نافع بن يزيد عنه، وخالف نافعًا فيه يونسُ بنُ يزيد - وهو الأَيلي - عند عبد الله بن المبارك في "الزهد" برواية نُعيم بن حماد (179)، فرواه عن عُقيل عن الزُّهْري مرسلًا، وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" 1/ 511: غريبٌ رَفْعُه جدًّا، والأشبه أن يكون موقوفًا. قلنا: لكن صحَّحه=

ص: 105

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4161 -

حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا محمد بن أيوب وأبو مسلم وأحمد بن عمرو بن حفص، قالوا: حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا همّام، عن قَتَادة، عن النضر بن أنس، عن بَشير بن نَهِيك، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لما عافَى اللهُ أيوبَ أمطرَ عليه جَرادًا من ذَهَبٍ - أو قال: أُمطِرَ عليه - قال: فجعل يأخذُه بيده، ويجعلُه في ثَوبِه، فقيل له: يا أيوبُ، أما تَشْبَعُ؟ قال: ومَن يَشبَعُ من رحمتِك؟ "

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

4162 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن أحمد

(2)

العُودِويّ، حدثنا

= الحافظُ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار"(1849).

وأخرجه ابن حبان (2898) من طريق عبد الله بن وهب، عن نافع بن يزيد، بهذا الإسناد. إلّا أنه قال في روايته: كان به البلاء ثماني عشرة سنة. وكذا جاء عند جميع من خرجه، وكذلك جاء في رواية يونس بن يزيد عن عُقيل، فالظاهر أنَّ هذا هو الصحيح، والله أعلم.

قوله: "اركض برجلك"، أي: اضرِبِ الأرض برجلك.

والمُغتَسَل: الماء.

والأندر: البَيْدر، وهو الموضع الذي يُداسُ فيها الحبُّ.

والوَرِق: الفضة.

(1)

إسناده صحيح. أبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله بن مسلم الكَجّي، وهمّام: هو ابن يحيى العَوْذي، وقتادة: هو ابن دِعامة السدوسي.

وأخرجه أحمد 13/ (8038) و 14 / (8569)، وابن حبان (6230) من طريقين عن همّام بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 13/ (8159)، والبخاري (279) و (3391) و (7493)، وابن حبان (6229) من طريق همّام بن مُنبِّه، والنسائي في "المجتبى"(409) من طريق عطاء بن يسار، كلاهما عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 12/ (7309) من طريق الأعرج، عن أبي هريرة، موقوفًا. لكن رفعه الحُميديُّ في "مسنده"(1091) من الطريق التي عند أحمد نفسِها!!

(2)

وقع اسمُ هذا الرجل في نسخنا الخطية: أحمد بن محمد، مقلوبًا، وأثبتناه على الصواب كما جاء في "شعب الإيمان" للبيهقي (9336)، حيث روى هذا الخبر عن أبي عبد الله الحاكم، =

ص: 106

موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو هِلال، عن قَتَادة، قال ابتُليَ أيوبُ سبعَ سنين مُلقًى على كُنَاسةِ بيتِ المقدِس

(1)

.

4163 -

أخبرنا الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا محمد بن أحمد بن البَرَاء، حدثنا عبد المُنعِم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن مُنبِّه، قال: كان عُمرُ أيوبَ ثلاثًا وتسعين سنةً، وأوصى عند موته إلى ابنِه حَومَل، وقد بعثَ اللهُ بعدَه ابنَه بِشرَ بن أيوب نبيًّا، وسمّاه ذا الكِفْل، وأمرَه بالدُّعاء إلى تَوحِيده، وإنه كان مُقيمًا بالشام عُمرَه حتى ماتَ، وكان عُمرُه خمسًا وسبعين سنةً، وإنَّ بِشْرًا أوصى إلى ابنِه عَبْدان، ثم بَعَثَ اللهُ بعدَهم شعيبًا

(2)

.

‌ذكر نبيِّ الله إلياس وصفتِه عليه السلام

4164 -

أخبرني أبو سعيد الأحمسي، حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع، حدثنا مروان بن جعفر، حدثني حُميد بن مُعاذ، حدثني مُدرِك بن عبد الرحمن، حدثنا الحسن بن ذَكْوان، عن الحسن، عن سَمُرة، عن كعب، قال: ثم كان إلياسُ نبيُّ الله صاحبَ جِبالٍ وبَرِّيّة، يَخلُو فيها يَعبُدُ ربَّه، وكان ضَخْمَ الرأس خَمِيصَ البطنِ، دَقِيقَ

= وهو محمد بن أحمد بن هارون العُودِيّ.

(1)

رجاله لا بأس بهم، وهذا من الإسرائيليات أبو هلال: هو محمد بن سُليم الراسبي.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(9336) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 167 عن معمر، والطبري في "تفسيره" 23/ 166 من طريق سعيد بن أبي عروبة، كلاهما عن قتادة. إلّا أنهما قالا: سبع سنين وأشهُرًا.

ورُوي مثله عن الحسن البصري عند الطبري في "التفسير" 17/ 99، وفي "التاريخ" 1/ 324، وعن وهب بن مُنبِّه عند أحمد في "الزهد"(229).

وانظر ما تقدم من قول ابن عبّاس برقم (4159) بسند ضعيف إليه.

وأصح منه إسنادًا حديثُ أنس بن مالك المرفوع الذي تقدَّم برقم (4160) أن أيوب لبث في بلائه ثماني عشرة سنة.

(2)

إسناده واهٍ، من أجل عبد المنعم، فقد كذَّبه الإمام أحمد.

ص: 107

الساقَين، وكان في صَدْره شامةٌ حمراءُ، وإنما رَفَعَه الله إلى أرض

(1)

الشام، ولم يَصْعَد به إلى السماء، فأَورَثَ اليَسَعَ مِن بعدِه النُّبوةَ

(2)

.

‌ذكر نبيِّ الله يونس بن مَتّى عليه السلام، وهو الذي سَمّاه اللهُ ذَا النُّون

4165 -

أخبرني أبو سعيد الأحمسي، حدثنا الحُسين بن حميد، حدثنا مروان بن جعفر، حدثني حُميد بن مُعاذ، حدثني مُدرِك بن عبد الرحمن، عن الحسن بن ذَكْوان، عن الحسن، عن سَمُرة، عن كعب، قال: وكان يُونسُ بن مَتّى الذي سمّاه الله ذا النُّون، فقال:{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]، فاستجابَ اللهُ له فَنَجّاهُ من الغَمّ من ظُلُماتٍ ثلاثٍ: ظُلْمةِ الليل، وظُلْمةِ البحر، وظُلْمةِ بطن الحُوت، وتاب على قومه، وأرسَلَه إلى مئة ألفٍ أو يزيدون، فآمَنُوا فمتَّعهم اللهُ إلى آجالِهمُ التي كَتَبَها لهم، ولم يُهلِكْهُم بالعذاب

(3)

.

4166 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن سليمان بن أبي داود البُرُلُّسي، حدثنا محمد بن عُبيد الطَّنَافِسي، حدثنا يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعي، حدثني إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقّاص، حدثني والدي محمد، عن أبيه سعد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوةُ ذي النُّون التي دعا بها في بطنِ الحُوت: {لَا إِلَهَ إِلَّا

(1)

المثبت من (ب) ونسخة على هامش (ز)، ومن المطبوع، ومن "الدر المنثور" للسيوطي 7/ 118، وفي (ز) و (ص) و (ع): رفعه الله بأرض الشام، والمثبت أوجَهُ وأوضح.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، وقد تقدم الكلام على رجاله برقم (4059).

(3)

إسناده ضعيف جدًّا كسابقه.

وقد تقدَّم من حديث ابن مسعود مختصرًا بذكر الظلماتِ الثلاث برقم (3486)، وإسناده صحيح. وهو عند ابن أبي شَيْبة 11/ 541 - 543 وغيره مطولًا بذكر قصة يونس مع قومه لما وعدهم العذاب وما حصل مع يونس لما خرجت القُرعة عليه في السفينة، ثم التقام الحوت إياه، ثم نبذه لهم بالعَراء، ورجوعه إلى قومه، ونجاتهم من العذاب لما آمنوا به.

ص: 108

أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] لم يَدْعُ مسلمٌ بها في كُرْبةٍ إلَّا استجاب اللهُ له"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4167 -

حدثني أبو بكر بن إسحاق من أصل كتابه، حدثنا علي بن الحسين بن الجُنَيد، حدثنا المُعافَى بن سليمان، حدثنا فُلَيح بن سليمان، عن هِلال بن علي، عن عطاء بن يَسار، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قال: إنِّي خَيرٌ من يونس بن مَتَّى، فقد كَذَبَ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ! إنما اتفقا على حديث أبي العَالِية عن ابن عبّاس:"لا يَنبغي لأحدٍ أن يقول: إني خَيرٌ من يُونسَ بن مَتّى"

(3)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق، وقد روي من وجه آخر حسن عن سعد بن أبي وقاص سيأتي برقم (4172).

وقد تقدم برقم (1883) من طريق محمد بن يوسف الفريابي عن يونس بن أبي إسحاق.

وبرقم (1885) من طريق محمد بن مهاجر القُرشي عن إبراهيم بن محمد.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل فُليح بن سليمان، وقد توبع.

وأخرجه البخاري (2604) عن محمد بن سنان، و (4805) من طريق محمد بن فُليح بن سليمان، كلاهما عن فُليح، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه بهذا اللفظ أيضًا أحمد 15/ (9821)، وابن ماجه (4274)، والترمذي (3245)، وابن حبان (7311) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

وإسناده حسن.

وأخرجه أحمد 15/ (9255) و 16 / (10043) و (10952)، والبخاري (3416) و (4631)، ومسلم (2376)، وابن حبان (6238) من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة، مرفوعًا بلفظ:"لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن مَتّى".

(3)

أخرجه البخاري (3395)، ومسلم (2377).

ص: 109

4168 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عفّان بن مُسلِم وأبو سَلَمة، قالا: حدثنا حمّاد بن سَلَمة، أخبرنا داود بن أبي هند، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ على ثَنِيَّةٍ، فقال:"ما هذه؟ " قالوا: هذه ثَنِيّةُ كذا وكذا، قال:"كأني أنظُرُ إلى يُونسَ بن متَّى على ناقةٍ خِطامُها لِيفٌ، وعليه جُبّةٌ من صُوف، وهو يقول: لَبَّيكَ اللهم لَبَّيك"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه

(2)

.

4169 -

أخبرني أبو أحمد محمد بن إسحاق العَدْل، حدثنا أحمد بن نَصْر، حدثنا عمرو بن طلحة، حدثنا أسباط بن نَصْر، عن السُّدِّي، عن أبي مالك، عن ابن عبّاس، قال: مَكَثَ يونسُ في بطن الحُوت أربعين يومًا

(3)

.

(1)

صحيح، لكن من رواية داود بن أبي هند عن أبي العالية - وهو رُفَيع بن مهران الرِّيَاحي - عن ابن عبّاس والظاهر أنَّ الوهم فيه من محمد بن غالب - وهو تمتام - فإنه كان له بعض الأوهام، فقد روى هذا الحديثَ عن عفّان زهير بنُ حرب عند أبي يعلى (2542) وعنه ابن حبان (6219)، وبشرُ بنُ موسى الأسدي عند أبي نعيم في "الحلية" 2/ 223 و 3/ 96، فقالا: عن أبي العالية، عن ابن عبّاس .. وقال أبو نُعيم: وكذلك رواه عن عفان أحمدُ بن حنبل وأبو بكر بن أبي شَيْبة والأئمة.

وكذلك رواه الحسن بن موسى الأشيب كما تقدم برقم (3352)، والحجاج بن منهال عند الطبراني (12756)، كلاهما عن حمّاد بن سلمة.

وكذلك رواه عن داود بن أبي هند جماعةٌ كما تقدم بيانه برقم (3352)، فهذا هو المحفوظ أنه عن أبي العالية عن ابن عبّاس.

(2)

بل قد أخرجه مسلم (166) من طريقين عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن ابن عبّاس.

(3)

رجاله لا بأس بهم، لكن خالف أسباطَ بنَ نصر فيه سفيانُ الثوري، فرواه عن السُّدِّي - وهو إسماعيل بن عبد الرحمن - عن أبي مالك - وهو غزوان الغِفاري - من قوله مقطوعًا لم يجاوزه، وسفيان أجل وأوثق من أسباط بلا شك.

فقد أخرجه أبو حذيفة النَّهْدي في "تفسير سفيان"(813)، وابن أبي شَيْبة 11/ 543، وأحمد =

ص: 110

4170 -

أخبرني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن شاذان، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا أبو حمزة العَطّار، قال: سمعتُ الحسنَ وسُئل عن قول الله عز وجل: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} [الصافات: 143]، قال: كان يُكثِر الصلاةَ في الرَّخاء

(1)

.

4171 -

أخبرني أبو سعيد الأحمسي، حدثنا الحسين بن حميد، حدثنا عثمان بن محمد، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا شَريك بن عبد الله، عن مُجالد، عن الشَّعْبي: أنَّ يونسَ بن مَتَّى الْتَقَمَه الحوتُ ضُحًى ولَفَظَه عَشِيّةً

(2)

.

4172 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مُغفّل المُزَني، حدثنا أحمد بن نَجْدة القرشي، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن كَثير بن زيد، عن المُطَّلب بن عبد الله بن حَنْطَب، عن مصعب بن سعد، عن سعد، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن دعا بدُعاءِ يُونسَ الذي دعا به في بَطْنِ الحُوت، استُجيبَ له"

(3)

.

= في "الزهد"(187)، وابن أبي الدنيا في "العقوبات"(180)، والطبري في "تفسيره" 23/ 101، وابنُ المقرئ في "معجمه"(970) من طريق سفيان الثوري، عن السُّدِّي، عن أبي مالك قولَه.

(1)

إسناده حسن من أجل أبي حمزة العطار وهو إسحاق بن الربيع، والحسن: وهو البصري. وأخرجه البيهقي في "شُعب الإيمان"(1104) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو القاسم البغوي في "نسخة طالوت بن عباد"(81) عن طالوت، عن أبي حمزة العطار، به.

وأخرج الطبري في "تفسيره" 23/ 100 من طريق عمران القطّان، قال: سمعت الحسن يقول في قوله: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} قال: فوالله ما كانت إلّا صلاةً أحدثَها في بطن الحوت. قال عمران: فذكرتُ ذلك لقتادة، فأنكر ذلك، وقال: كان والله يكثر الصلاة في الرَّخاء. ورجاله لا بأس بهم.

(2)

إسناده ضعيف لضعف مجالد: وهو ابن سعيد.

وأخرجه أحمد في "الزهد"(186)، وابن أبي الدنيا في "العقوبات"(181) من طريق جميع بن عمر العجلي، عن مجالد، به. وجُميع ضعيف أيضًا.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل يحيى بن عبد الحميد =

ص: 111

هذا شاهدٌ لما تَقدَّمَه.

4173 -

أخبرنا أبو محمد الإسفراييني، حدثنا محمد بن أحمد بن البَراء، حدثنا عبد المُنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب: أنَّ يونس بن مَتَّى كان عبدًا صالحًا، وكان في خُلُقه ضِيقٌ، فلما حُمّلَت عليه أثقالُ النبوة - ولها أثقالٌ لا يَحمِلُها إلَّا قليلٌ - تَفسَّخَ تحتها تَفسُّخَ الرُّبَعِ تحت الحِمْل، فقَذَفها من يَدَيه وخرج هارِبًا منها، يقول اللهُ عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35]، وَ {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} [القلم: 48]، أي: لا تُلْقِ أمري كما ألقاهُ

(1)

.

4174 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفَضْل الشَّعْراني، حدثنا جدي، حدثنا سُنَيد بن داود، حدثنا جعفر بن سليمان، عن عَوف الأعرابي، عن الحسن قال: لمّا

= - وهو الحِمّاني - وقد توبع. أبو خالد: هو سليمان بن حَيّان.

وأخرجه الدورقي في "مسند سعد"(63)، والبزار (1163)، وأبو يعلى (707)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "البداية والنهاية" لابن كثير 2/ 25، وابن عدي في "الكامل" 6/ 68، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 3/ (1063) من طرق عن أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد.

وقد تقدم بنحوه برقم (1883) و (4166) من طريق محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه.

(1)

إسناده واهٍ، كما قال الحافظ الذهبي في غير موضع من "تلخيصه" وذلك لأجل عبد المنعم بن إدريس، فهو متروك، وكذّبه الإمام أحمد. لكن روي عن وهب بن مُنبِّه - من طريق أخرى لا بأس بها.

وأخرجه محمد بن إسحاق في "المبتدأ والمبعث والمغازي" برواية رواية يونس بن بُكير عنه (154)، ومن طريق ابن إسحاق أخرجه الطبري في "تفسيره" 17/ 77، وأبو نُعيم في "الحلية" 4/ 50، قال: حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن، قال سمعتُ وهب بن مُنبِّه، فذكره. وإسناده حسن.

وقوله: تفسَّخَ، أي: انسلخ منها وتجرَّد عنها.

وتَفسُّخَ الرُّبَع، أي: كتفسُّخِ الفَصِيل - وهو ولد الناقة المولود في الربيع - تحت الحِمل الثَّقِيل.

ص: 112

وَقَعَ يُونس في بطن الحُوت ظَنَّ أنه الموتُ، فحرَّك رِجْلَيه، فإذا هي تتحركُ، فَسَجَدَ وقال: يا ربِّ، اتخذْتُ لك مَسجِدًا في موضعٍ لم يَسجُد فيه

(1)

أحد

(2)

.

‌ذكر نبيَّ الله داود صاحب الزَّبُور عليه السلام

4175 -

أخبرنا الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا محمد أحمد بن البَرَاء، حدثنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن مُنبِّه، قال: وكان نبيُّ الله داودُ ابنَ إيشا بن عُوبِد بن باعَز بن سَلْمون بن نَحْشون بن نادَب بن رام بن حَصْرون بن فارَص

(3)

بن يَهُوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، وكان رجلًا قصيرًا أزرق، قليلَ الشَّعر، طاهرَ القلب، فقيهًا

(4)

.

4176 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، قال: وأخبرني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، في قول الله:

(1)

في (ز) يسجده، بدل: يسجد فيه.

(2)

رجاله لا بأس بهم، لكن الصحيح عدم ذكر الحسن - وهو البصري - فيه، فقد رواه الطبري في "تفسيره" 17/ 81 عن القاسم بن الحسن، عن الحسين بن داود سُنَيد، عن جعفر بن سليمان، عن عوف من قوله. ويؤيده أنَّ الطبري أخرجه أيضًا 17/ 79 من طريق محمد بن جعفر، عن عوف، قال: بلغني أنه قال في دعائه: وبنيتُ لك مسجدًا في مكان لم يبنِه أحدٌ قبلي.

وقد أخرجه ابن أبي الدنيا في "العقوبات"(178)، وفي "الفرج بعد الشدة"(35) من طريق إسحاق بن إدريس، عن جعفر بن سليمان، عن عوف، عن سعيد بن أبي الحسن، وهو أخو الحسن البصري. لكن إسحاق بن إدريس هذا ليس بعُمدة.

(3)

وقع في رسم هذه الأسماء بعض الاختلافات في النسخ الخطية، وقد ضبطناها وفق ما جاء في الإصحاح الرابع من سفر يشوع من العهد القديم. وانظر "الإكمال" لابن ماكولا 1/ 172، و "فتح الباري" لابن حجر 10/ 181، و"عمدة القاري" للعيني 16/ 6.

(4)

إسناده واهٍ، كما قال الذهبي في غير موضع من "تلخيصه".

وأخرج منه صفة داود عليه السلام الطبريُّ في "تفسيره" 2/ 626، وفي "تاريخه" 1/ 476 من طريق محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن مُنبِّه. إلّا أنه قال في آخره: طاهرَ القلب نَقِيَّه.

ص: 113

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [البقرة: 243 - 246]، قال: أوحَى اللهُ إلى نبيِّهم: أنْ في ولدِ فُلانٍ رجلٌ يَقتُل اللهُ به الجالوتَ، ومن علامَتِه هذا القَرْنُ تضعُه على رأسِه فيَفيضُ ماءً، فأتاه، فقال: إنَّ الله أوحَى إليَّ أنَّ في ولدك رجلًا يقتُل اللهُ به جالوتَ، قال: نعم يا نبيَّ الله، قال: فأخرجَ له اثنَي عَشَر رجلًا أمثالَ السَّواري، وفيهم رجلٌ بارعٌ عليهم، فجعل يَعرِضُهم على القَرْن، فلا يَرى شيئًا، قال: فقال: إنَّ لك غيرَ هؤلاء لَولَدٌ، قال: نعم يا نبي الله، لي ولد قَصِيرٌ استحييتُ أن يَراه الناسُ، فجعلتُه في الغَنَم، قال: فأين هو؟ قال: هو في شِعْبِ كذا وكذا، قال: فخرج إليه، فقال: هذا هو لا شَكَّ فيه، قال: فَوَضَعَ القَرْنَ على رأسِه ففاضَ

(1)

(2)

.

4177 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد، حدثنا أحمد بن مِهْران، حدثنا أبو نُعيم، حدثنا هِشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما خَلَقَ اللهُ آدمَ مَسَحَ ظَهْره، فخَرَجَ من ظَهْره كلُّ نَسَمةٍ هو خالقُها مِن ذُرِّيتِه إلى يوم القيامة، وجعل بين عينَي كلِّ إنسانٍ منهم وَبِيصًا من

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: فقام، والمثبت على الصواب من رواية ابن وهب عند الطبري في "التفسير" 2/ 630، وهو الذي استظهره صاحب نسخة (ص) في هامشها.

(2)

رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، فضعيف، وهو صاحب قرآن وتفسير، كما قال الذهبي في "السير" 8/ 349، وقد جاء نحوه من رواية السُّدِّي - وهو إسماعيل بن عبد الرحمن - عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عبّاس، وعن مُرَّة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسنده حسن.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 2/ 630 - 631، وفي "تاريخه" 1/ 476 عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، لم يُجاوزه، فجعله من تفسيره لا من تفسير أبيه زيد بن أسلم.

وأخرج روايةَ السُّدِّيِّ الطبريُّ في "تفسيره" 2/ 629، وفي "تاريخه" 1/ 472 بالإسناد الذي أسلفنا ذكره، بيَّنه الطبري في "تاريخه" 2/ 467، واختصره في "التفسير" فقال: عن السَّدِّي، قال: فذكره.

ص: 114

نور، ثم عَرَضَهم على آدم، فقال: أيْ ربِّ، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذُرِّيتُك، قال: فرأى رجلًا منهم أعجَبَه وبيصُ ما بين عينَيه، قال: يا ربِّ، مَن هذا؟ قال: هذا رجلٌ من آخِر الأمم من ذُرِّيتك، يقال له: داود، قال يا ربِّ: كم جعلتَ عُمرَه؟ قال: ستون سنةً، قال: أيْ ربِّ، زِدْهُ من عُمري أربعين سنة، قال: فلما انقضى عُمرُ آدمَ جاء مَلَكُ الموت، فقال: أولم يَبْقَ من عُمري أربعون سنة؟ قال: أوَلم تُعطِها ابنَك داود؟ قال: فجَحَدَ فجَحَدَتْ ذُرِّيتُه، ونَسيَ فنَسِيَتْ ذُرِّيته، وخَطِئَ فخَطِئَت ذُرِّيتُه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4178 -

أخبرنا أبو سعيد الأحمسي، حدثنا الحُسين بن حميد، حدثنا ابن نُمَير، حدثنا يونس بن بُكير، حدثنا محمد بن إسحاق، قال: وبين موسى إلى داود خمسُ مئة سنة وتسعة وستون سنة

(2)

.

4179 -

أخبرني أبو أحمد محمد بن إسحاق الصَّفّار السُّلَمي، حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا عمرو بن طلحة القَنّاد، حدثنا أسباطٌ، عن السُّدِّي، في قوله عز وجل:{وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} [ص:20]، قال: كان يَحرُسُه كلَّ يومٍ وليلةٍ أربعةُ آلافٍ أربعةُ آلافٍ.

قال السُّدِّي: وكان داود قد قَسَمَ الدهرَ ثلاثةَ أيامٍ: يومًا يقضي فيه بين الناس،

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل هشام بن سعد، وقد توبع كما قدَّمنا بيانه برقم (3296).

وسلف عند المصنف برقم (215) و (216) من وجهين آخرين عن أبي هريرة.

(2)

رجاله لا بأس بهم غير أنَّ الحسين بن حميد - وهو ابن الربيع - فيه لين، لكن الخبر في "مغازي محمد بن إسحاق" برواية يونس بن بكير عن ابن إسحاق، كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين 4/ 65، ومعلوم أنَّ هذه المغازي برواية أحمد بن عبد الجبار العُطاردي عن يونس ابن بُكير، وقد أخرج هذا الخبر من طريق العُطاردي ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 31. والعُطاردي هذا صحيح السماع للسيرة، وقال عنه الذهبي في "السير" 13/ 57: صدوق في باب الرواية.

ص: 115

ويومًا يَخلُو فيه لعبادته، ويومًا يَخلُو فيه لنسائه، وكان له تسعٌ وتسعون امرأةً، وكان فيما يَقْرأ من الكُتُب: أنه كان يَجِدُ فيه فضلَ إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فلما وجَدَ ذلك فيما يَقْرأ من الكُتُب قال: يا ربِّ، أرى الخيرَ كلَّه قد ذهبَ به آبائي الذين كانوا قبلي، فأعطِني مثلَ ما أعطَيتَهم، وافعَلْ بي مثلَ ما فعلْتَ بهم، قال: فأوحى الله إليه: إنَّ آباءك ابتُلوا ببلايا لم تُبْتَلَ بها أنت: ابتُلي إبراهيمُ بذَبْح ابنِه، وابتُلي إسحاق بذَهاب بصرِه، وابتُلي يعقوبُ بحُزنه على يوسف، وإنك لم تُبْتَلَ من ذلك بشيءٍ، قال: يا رب، ابتَلِني بمثلِ ما ابتَلَيتَهم به، وأعطِني مثلَ ما أعطيتَهم، قال: فأوحى الله إليه: إنك مُبتلًى فاحتَرِسْ، قال: فمَكَثَ بعد ذلك ما شاء الله أن يَمكُثَ إذ جاءه الشيطانُ قد تمثّل في صورة حمامةٍ من ذَهَبٍ حتى وقع بين رجلَيه، وهو قائم يصلي، قال: فمَدَّ إليه ليأخذَه، فطار من الكُوّة، فنظر أين يقعُ، فبَعثَ في أثَره، قال: فأبصر امرأةً تَغتسِل على سَطحٍ لها، فرأى امرأةً من أجمل النساء خَلْقًا، فحانَتْ منها الْتِفاتَةٌ فأبصرتْه، فألقَتْ شعرَها فاستَتَرتُ، به فزادَه ذلك فيها رَغْبةً، قال: فسأل عنها، فأُخبر أنَّ لها زوجًا، وأنَّ زوجَها غائبٌ بمَسْلَحةِ كذا وكذا، قال: فبعث إلى صاحب المَسْلَحة يأمُرُه أن يبعثَه إلى عَدُوِّي كذا وكذا، قال: فبعثَه ففُتِح له، فلم يزل يبعثُه إلى أن قُتِل في المرة الثالثة، فتزوج امرأتَه، فلما دخل عليها لم يَلْبَثْ إلّا يسيرًا حتى بعثَ اللهُ مَلَكَين في صورة إنسِيَّين، فطلبا أن يَدخُلا عليه، فوجَداه في يوم عبادته

(1)

، فمَنعَهُما الحَرَسُ أن يدخُلا عليه، فتَسَوَّرا عليه المِحْرابَ، قال: فما شَعَرَ وهو يصلي إذا هو بهما بين يديه جالِسَين قال: ففزع منهما، فقالا: لا تَخَفْ إنما نحن {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ} [ص:22] يقول: لا تَحِفْ، وذكر الحديثَ بطوله في إقراره بخطيئته

(2)

.

(1)

في (ز) و (ب): يوم عبادةٍ.

(2)

رجاله لا بأس بهم إلى السَّدِّي: وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، وإسباط: هو ابن نَصْر. =

ص: 116

4180 -

أخبرني أحمد بن محمد الأحمَسي، حدثنا الحسين بن حميد، حدثنا الحسين بن علي، حدثني عمِّي محمد بن حسان، عن محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: اختارَ اللهُ لنُبوّتِه وانتخَب لرسالتِه داودَ بن إيشا، فجمع اللهُ له ذلك النورَ والحِكمةَ، وزادَه الزَّبُورَ من عنده، فمَلَكَ داودُ بن إيشا سبعين سنة، فأنصفَ الناسَ بعضَهم من بعضٍ، وقضى بالفَضْل بينهم بالذي عَلَّمه اللهُ وأعطاه من حُكْمِه، وأمر ربُّنا الجبالَ فأطاعتْه، وأَلانَ له الحديدَ بإذن الله، وأمَرَ ربُّنا الملائكةَ تَحمِلُ له التابوتَ، فلم يزَلْ داودُ يدبِّر عِلْمَ الله ونُورَه، قاضيًا بحَلالِه، ناهيًا عن حرامه، حتى إذا أرادَ اللهُ أن يَقبِضَه إليه أوحَى إليه: أن استَودِعْ نورَ اللهِ وحِكْمتَه ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ إلى ابنِك سُليمان بن داود، ففَعَلَ

(1)

.

4181 -

أخبرني أبو بكر الشافعي، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وُهَيب، عن داود بن أبي هند، عن الشَّعْبي في قوله عز وجل:

= وأخرجه بطوله الطبري في "تفسيره" 23/ 147، وفي "تاريخه" 1/ 479 - 481 من طريق أحمد بن المفضل، عن أسباط، به.

وقد روي نحو قصة هذه المرأة المذكورة في حديث مرفوع لا يصح سنده، كما قال ابن كثير في "تفسيره" 7/ 51، لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك. قلنا: أخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(832)، والطبري في "تفسيره" 23/ 150، وفي "تاريخه" 1/ 483 - 484، ومن طريقه الثعلبي في "تفسيره" 8/ 190 - 191 وذكر الحسنُ البصري نحو القصة أيضًا كما أخرجه الطبري في "تفسيره" 23/ 148، وفي "تاريخه" 1/ 482.

وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" 2/ 309 قد ذكر كثير من المفسرين من السلف هاهنا قصصًا وأخبارًا أكثرها إسرائيليات، ومنها ما هو مكذوب لا محالة، تركنا إيرادها في كتابنا قصدًا، اكتفاءً واقتصارًا على مجرد تلاوة القصة من القرآن العظيم. قلنا: يُعرِّض ابن كثير هنا بقصة المرأة، وأنها من الإسرائيليات، كما يوضحه كلامه في "التفسير" حيث أشار إلى حديث يزيد الرقاشي عن أنس.

والمَسْلَحة: القوم الذي يحفظون الثغور من العدوّ: سمُّوا مسلحةً لأنهم يكونون ذوي سلاح.

(1)

إسناده ضعيف بمرّةٍ، وقد تقدم الكلام على رجاله برقم (4055).

ص: 117

{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} قال: في زَبُور داود مِن بعد ذِكْرِ موسى {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105] قال: الجنةُ

(1)

.

‌ذكر نبيِّ الله سليمان بن داود وما آتاه الله من المُلك صلى الله عليه

4182 -

حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيَّب إملاءً بانتِقاء أبي بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيمة، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحِزامي، حدثنا حسين بن زيد بن علي، حدثني شِهاب بن عبدِ ربِّه، عن عمر بن علي بن حسين، قال: مَشَيتُ مع عمي محمد بن علي بن الحسين

(2)

فقلتُ: زَعَمَ الناسُ أنَّ سليمان بن داود سألَ ربَّه أن يَهَبَ له مُلكًا لا ينبغي لأحدٍ مِن بعده، وأَنْهى العِشْرين، فقال: ما أَدري ما أحاديثُ الناس، ولكن حدثني أبي عليُّ بن الحسين، عن أبيه، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لن

(3)

يُعمِّرَ اللهُ مَلِكًا في أُمّةِ نبيٍّ مضى قبلَه ما بَلَغَ ذلك النبيُّ من العُمُر في أمّتِه"

(4)

.

(1)

رجاله ثقات. وُهَيب: هو ابن خالد، والشَّعْبي: هو عامر بن شراحيل.

وأخرجه ابن أبي شَيْبة 10/ 555، والطبري في "تفسيره" 17/ 103 و 104، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 14/ 298 من طريقين عن داود بن أبي هند، به.

(2)

جاء بعده في المطبوع: إلى جعفر، وهو تحريف، صوابه: أبي جعفر، لأنَّ كنية محمد بن علي هي أبو جعفر، وليست في نسخنا الخطية. ثم إنَّ قوله في الإسناد هنا: عمي، خطأ نبَّه عليه الذهبي في "الميزان" في ترجمة الحسين بن زيد بن علي، وذلك أنه أخوه لا عمُّه.

(3)

في (ز) و (ب): لم، والمثبت من (ص) و (ع) هو الموافق لما في مصادر تخريج الخبر.

(4)

إسناده ضعيف لجهالة شهاب بن عبد ربّه، وحسين بن زيد بن علي قال ابن المديني: فيه ضعف.

وأخرجه ابن أبي خيثمة في "تاريخه" كما قال ابن كثير في "البداية والنهاية" 13/ 156 - 157، وعنه الطبري في "تاريخه" 7/ 208 عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، بهذا الإسناد. وروايته أبين من رواية المصنف، حيث قال فيها: مشيت مع محمد بن علي إلى داره عند الحمام، فقلت له: إنه قد طال مُلك هشام وسلطانه، وقد قرب من العشرين سنة، وقد زعم الناس: أنَّ سليمان سأل ربه ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده، فزعم الناس أنها العشرون.

ص: 118

4183 -

حدثنا علي بن عيسى، حدثنا أبو يحيى زكريا بن داود، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد المُحاربي، عن أشعثَ، عن أبي إسحاق، عن مُرّة، عن ابن مسعود، في قوله عز وجل: ? {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} [الأنبياء: 78]، قال: كَرْمٌ قد أَنبتَتْ عناقيدُه فأفسدَتْه، قال: فقضى داودُ بالغنم لصاحب الكَرْم، فقال سليمان: غيرُ هذا يا نبيَّ الله؟ قال: وما ذاك؟ قال: تدفعُ الكَرْمَ إلى صاحب الغَنَم، فيقومُ عليه حتى يعودَ كما كان، وتدفَعُ الغنمَ إلى صاحبِ الكَرْم فيُصيب منها، حتى إذا كان الكرمُ كما كان، دفعتَ الكَرْمَ إلى صاحبِه، ودفعتَ الغنمَ إلى صاحبِها، قال الله عز وجل:{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}

(1)

.

4184 -

أخبرنا أبو سعيد الأحمَسي، حدثنا الحسين بن حُميد، حدثنا الحسين بن علي السُّلَمي، حدثني محمد بن حسّان، عن محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: أُعطيَ سليمانُ بن داود مُلكَ مَشارِقِ الأرض ومغارِبِها، فمَلَكَ سليمانُ بن داود

(1)

إسناده ضعيف لضعف أشعث - وهو ابن سَوّار - وقد أخطأ فيه إذ جعله عن ابن مسعود، وإنما يرويه مُرَّة - وهو ابن شراحيل الهَمْداني - عن مسروق بن الأجدع التابعي، كذلك رواه سفيان الثوري وإسرائيل عن أبي إسحاق السَّبيعي.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 118، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 22/ 234 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 17/ 51، وفي "تاريخه" 1/ 486 من طريقين عن عبد الرحمن المحاربي، به.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(18433)، وفي "التفسير" 2/ 26، وأبو حذيفة النهدي في "تفسير سفيان الثوري"(645)، والطبري في "تفسيره" 17/ 51 من طريق سفيان الثوري، وآدم بن أبي إياس في "تفسيره" 1/ 413، وابن أبي شَيْبة في "مصنفه" 9/ 436 من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 5/ 350 من طريق حُديج بن معاوية، ثلاثتهم عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن مُرَّة، عن مسروق قولَه.

ص: 119

سبعَ مئة سنة وستةَ أشهر، مَلَكَ أهلَ الدنيا كلَّهم من الجنِّ والإنسِ والشياطينِ والدوابِّ والطيرِ والسِّباع، وأُعطيَ عِلْمَ كلِّ شيءٍ ومَنْطِقَ كلِّ شيء، وفي زمانه صُنِعَت الصنائعُ المُعجِبةُ التي سمعَ بها الناس، وسُخِّرتْ له، فلم يزل يُدبِّر أمرَ اللهِ ونُورَه وحِكمتَه، حتى إذا أراد اللهُ أن يَقبضَه أوحى إليه: أنِ استودِعْ علمَ اللهِ وحِكْمتَه أخاه وولدَ داود، وكانوا أربعَ مئة وثمانين رجلًا أنبياءَ بلا رسالةٍ

(1)

.

4185 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن محمد بن إسحاق، عن الزُّهْري، عن الشَّعْبي، قال: أرَّخَ بنو إسحاق من مَبعَثِ موسى إلى مُلك سليمان بن داود، قال: ووَرِثَ سليمانُ داودَ، قال: أحدَثَ إليه النبوةَ وسأله أن يَهَبَ له مُلكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعدِه، فسَخَّر له الجنَّ والإنسَ والطيرَ والريح

(2)

.

4186 -

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدثنا أبو عبد الله البُوشَنْجي، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثني حجّاج، عن أبي مَعْشَر، عن محمد بن كعب، قال: بَلَغَنا أنَّ سليمان بن داود كان عسكَرُه مئة فَرْسَخٍ: خمسة وعشرون منها للإنس،

(1)

إسناده ضعيف بمرّة، وقد تقدم الكلام على رجاله برقم (4055)، وقال الذهبي في "تلخيصه": هذا باطل.

(2)

رجاله لا بأس بهم. الشَّعْبي: هو عامر بن شَراحيل، والزُّهْري: هو محمد بن مسلم بن عُبيد الله.

وأخرج منه ذكر تأريخ بني إسحاق: ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 34 من طريق علي بن مجاهد الرازي، عن محمد بن إسحاق، عن الزُّهْري، وعن محمد بن صالح، عن الشَّعْبي، قالا؛ فذكره، فجعله من رواية ابن إسحاق عن الزُّهْري ومن رواية ابن إسحاق عن محمد بن صالح عن الشَّعْبي أنهما قالا!! وعلي بن مجاهد دون يونس بن بكير بكثير، وتركه بعضهم.

وأخرج منه بيان وراثة سليمان لداود وما ملَّكه الله إياه: ابن أبي حاتم في "تفسيره" 9/ 2856 من طريق سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن مُنبِّه قوله.

ص: 120

وخمسة وعشرون للجِنّ، وخمسة وعشرون للوَحْش، وخمسة وعشرون للطَّير، وكان له ألفُ بيتٍ من قَواريرَ على الخَشَبِ، فيها ثلاث مئةِ صَرِيحةٍ، وسبع مئةِ سُرِّيّة، فأَمر الريحَ العاصِفَ فرفَعَتْه، فأَمر الريحَ فسارتْ به، فأوحى اللهُ إليه وهو يسير بين السماء والأرض: إني قد زِدْتُ في مُلكِكَ أنه لا يَتكلَّمُ أحدٌ من الخلائق بشيءٍ إلّا جاءت الريحُ فأخبرتْكَ

(1)

.

4187 -

حدثنا محمد بن إبراهيم بن الفضل، حدثنا الحسين بن محمد القَبّاني، حدثنا سَلْم بن جُنَادة القرشي، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المِنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس قال: كان سليمانُ بن داود يُوضَع له ستُّ مئة كرسي، ثم يَجيءُ أشرافُ الإنس فيَجلِسُون مما يَلِيه، ثم يَجيءُ أشرافُ الجنِّ فيَجلِسُون مما يلي أشرافَ الإنس، ثم يدعو الطيرَ فتُظِلُّهم، ثم يدعو الرِّيحَ فتَحمِلُهم، قال: فيسيرُ في الغَدَاةِ الواحدةِ مسيرةَ شهرٍ

(2)

.

4188 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا الحسين بن الفضل البَجَلي، حدثنا

(1)

إسناده ضعيف لضعف أبي معشر: وهو نَجيح بن عبد الرحمن السِّنْدي. حجاج: هو ابن محمد المِصِّيصي.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 19/ 141، وفي "تاريخه" 1/ 487، وأبو إسحاق الثعلبي في "تفسيره" 7/ 196 من طريق الحسين بن داود سُنَيد، عن حجاج بن محمد، به.

والصريحة: الحُرّة، والسُّرِّية: الأمَة، كما توضحه رواية وهب بن مُنبِّه في "المبتدأ" كما في "فتح الباري" للحافظ ابن حجر 10/ 194، حيث قال: كان لسليمان ألفُ امرأة، ثلاث مئة مَهِيرة، وسبع مئة سُرِّيّة.

(2)

إسناده صحيح. وقد انفرد سَلْم بن جُنادة بقوله في هذه الرواية: ست مئة كرسي، وخالفه كل أصحاب أبي معاوية - وهو محمد بن خازم الضَّرير - فقالوا: ست مئة ألف كرسي.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 19/ 144، وفي "تاريخه" 1/ 488 عن أبي السائب سَلْم بن جُنادة، بهذا الإسناد.

وقد تقدم برقم (3568) من طريق إسحاق بن راهويه عن أبي معاوية.

ص: 121

إسماعيل بن أبانَ الأزدي، حدثني يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن عبد الله الوادِعي، قال: سمعت معاويةَ يقول: مَلَكَ الأرضَ أربعةٌ: سليمانُ بنُ داود، وذو القَرْنَين، ورجل من أهل حُلْوان، ورجلٌ آخرُ، فقيل له: الخَضِر؟ فقال: لا

(1)

.

‌ذكر زكريا بن أدن النبيّ عليه السلام

4189 -

حدثنا محمد بن إسحاق السُّلَمي، حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا عمرو بن حمّاد القَنّاد، حدثنا أسباط بن نَصْر، عن السُّدِّي، عن أبي مالك، عن ابن عبّاس. وعن السُّدِّي، عن مُرّة، عن عبد الله، قالوا: كان آخرَ أنبياء بني إسرائيل زكريا بنُ أدن بن مسلم، وكان من ذُرّية يعقوب، قال:{يَرِثُنِي} مُلْكي {وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} النبوةَ

(2)

.

4190 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا هارون بن سليمان الأصبهاني، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن ثابت البُناني، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كان زكريا نجارًا"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم.

(1)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل عمرو بن عبد الله الوادعي، فهو تابعي كبير روى عن علي وابن مسعود ومعاوية وغيرهم، وقيل: هو أبو حَيّة الوادعي، فإن يكن هو فهو ثقة.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 17/ 336 من طريق عثمان بن أبي شَيْبة، عن إسماعيل بن أبان، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده حسن من أجل السُّدِّي - وهو إسماعيل بن عبد الرحمن - وأسباط بن نَصْر. وروي عن السُّدِّي بإسناده المذكور في تفسير قول الله تعالى: {يَرِثُنِي} : يرث نبوتي، كما سيأتي برقم (4191).

(3)

إسناده صحيح. ثابت البُناني: هو ابن أسلم، وأبو رافع: هو نُفَيع الصائغ.

وأخرجه أحمد 13/ (7947) و 15/ (9257) و 16/ (10294)، ومسلم (2379)، وابن ماجه (2150)، وابن حبان (5142) من طرق عن حمّاد بن سلمة، بهذا الإسناد.

ص: 122

‌ذكر يحيى بن زكريا نبيِّ الله عليه السلام

4191 -

أخبرني محمد بن إسحاق الصَّفّار، حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا عمرو بن طلحة، حدثنا أسباط بن نَصْر، عن السُّدِّي، عن أبي مالك وأبي صالح، عن ابن عبّاس، وعن مُرَّةَ الهَمْداني، عن عبد الله، قال:{دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} [آل عِمران: 38] سرًّا، فقال:{رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} [مريم: 4 - 5] وهم العَصَبة، {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} يقول: يَرِثُ نبوَّتي ونبوَّة آلِ يعقوب {وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 6]، وقوله:{هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} يقول: مباركة: {إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران:38] وقال: {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء: 89]{فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ} وهو جبريلُ {وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ} [آل عِمران: 39]{بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم: 7] لم يُسمَّ قبله أحدٌ يحيى، وقالت الملائكةُ:{أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} يُصَدِّقُ بعيسى {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عِمران:39]، والحَصُور: الذي لا يُريد النساءَ، فلما سَمِعَ النداءَ جاءه الشيطانُ، فقال له: يا زكريا، إن الصوتَ الذي سمعتَ ليس من الله، إنما هو من الشيطان سَخِرَ بك، ولو كان من الله أوحاهُ إليك كما يُوحي إليك غيرَه من الأمر، فشكَّ مكانَه، وقال:{أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} يقول: من أين {وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [آل عِمران: 40]{وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} [مريم: 19]

(1)

.

(1)

إسناده حسن من أجل أسباط بن نصر والسُّدِّي. أبو مالك: هو غزوان الغفاري، وأبو صالح: هو باذام مولى أم هانئ، ومُرّة الهَمْداني: هو ابن شراحيل.

وأخرجه مُفرَّقًا الطبري في "تفسيره" 3/ 247 - 248 و 257 و 258 و 16/ 45 - 46 و 50 عن موسى بن هارون الهمداني، عن عمرو بن حماد بن طلحة، عن أسباط بن نصر، عن السُّدِّي، ولم يجاوزه. وقد قدَّمنا عند الخبر (4124) أنَّ موسى بن هارون كان عنده النسخة المسندة من تفسير السُّدِّي =

ص: 123

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4192 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى القاضي ببُخاري، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا موسى بن إسماعيل، حدثنا جعفر بن سليمان الضُّبَعيّ، عن أبي عِمران الجَوْني، عن نَوف البِكاليّ، قال: دعا زكريا ربَّه، فقال:{رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عِمران: 38]{إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} الآيات [مريم: 4]، ثم قال: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ

وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} أعلمُ أنك قد استجبْتَ {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} قال: فخُتِم على لسانِه ثلاثةَ أيامٍ ولياليَهن وهو صحيحٌ لا يَتكلَّمُ {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11) يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)} الآيات إلى {يُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 11 - 15]

(1)

.

4193 -

حدثني محمد بن حَمْدُون الوَرّاق، حدثنا علي بن سعيد العَسْكري، حدثنا الفضل بن غانم، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، قال كان زكريا وعِمران تزوَّجا أختَين، فكانت أم يحيى عند زكريا، وكانت أمُّ مريم عند عِمران، فهَلَك عِمران وأمُّ مريم حاملٌ بمريم، وهي جنينٌ في بطنها، وكانت فيما يَزعُمون قد أَمسكَ اللهُ عنها الولدَ حتى أيِسَتْ وكانوا أهلَ بيتٍ مِن الله بمكانٍ

(2)

.

= بذكر شيوخه، لكن الطبري كان يحذف شيوخه اختصارًا، والله أعلم.

(1)

رجاله ثقات. أبو عمران الجَوْني: هو عبد الملك بن حبيب، ونوف البكالي: هو ابن فضالة الحِمْيَري ابن امرأة كعب الأحبار.

(2)

رجاله لا بأس بهم غير الفضل بن غانم فهو ضعيف لكنه قد توبع.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 3/ 235 عن محمد بن حميد الرازي، عن سلمة بن الفضل به.

وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره"(374) و (375) من طريق صدقة بن سابق، عن محمد بن إسحاق.

ص: 124

4194 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا عفّان وأبو سلمة، قالا: حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن حبيبِ بن الشَّهيد ويونس بن عُبيد وحُميد، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وعليِّ بن زيد، عن يوسف بن مِهْران، عن ابن عبّاس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما مِن آدميٍّ إلّا وقد أخطأَ أو هَمَّ بخَطيئةٍ أو عَمِلَها، إلّا أن يكونَ يحيى بنُ زكريا، لم يَهُمَّ بخطيئةٍ ولم يَعْمَلْها"

(1)

.

4195 -

أخبرني أحمد بن محمد الأحمسي بالكوفة، حدثنا الحسين بن حميد، حدثني مروان بن جعفر، حدثني حميد بن معاذ، حدثني مُدرِك بن عبد الرحمن، حدثنا الحسن بن ذَكْوان، عن الحسن، عن سَمُرة، عن كعب، قال: كان يحيى بن زكريا سيِّدًا وحَصُورًا، وكان لا يَقرَبُ النساءَ ولا يَشتَهِيهنَّ، وكان شابًّا حسنَ الوجْهِ والصورة، لَيِّنَ الجَناح، قليلَ الشَّعرِ، قصيرَ الأصابع، طويلَ الأنفِ، أقْرَنَ الحاجَبَين، دقيقَ الصوتِ، كثيرَ العبادةِ، قويًّا في طاعةِ الله

(2)

.

(1)

حسن لغيره، وطريق الحسن - وهو البصري - رجاله ثقات، لكنه مرسل، وأما طريق علي ابن زيد - وهو ابن جُدعان - فضعيف لضعفه، لكن له ما يشهد له إن شاء الله. وقد جوّد إسنادَه الذهبي في "تلخيصه"، فلعله بمجموع إسنادَيه.

وأخرجه أحمد 4/ (2294) و (2689) و (2736) من طرق عن حمّاد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جُدعان، به.

وأما طريق الحسن البصري المرسلة فأخرجها عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 5، ولفظ روايته:"ما أذنَبَ يحيى بن زكريا ذنبًا ولا همَّ بامرأة".

ويشهد له حديث عمرو بن العاص السالف برقم (3451)، والآتي برقم (7810)، وقد اختُلف في وصله وإرساله ورفعه ووقفه كما تقدم بيانه عند (3451)، وانظر تمام شواهده هناك.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، وقد تقدم الكلام على رجاله برقم (4059).

وأخرجه الضياء المقدسي في "المنتقى من مسموعات مرو"(88) من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب، عن مروان بن جعفر، به.

وقوله: "أقرن الحاجبين" أي: مقرون الحاجبين، وهو أن يلتقي طرفاهما.=

ص: 125

4196 -

أخبرني محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا سَلْم

(1)

بن جُنادة، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المِنْهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس، قال: بَعَثَ عيسى ابن مريم يحيى بنَ زكريا في اثني عشر ألفًا من الحَوارِيِّين يُعلِّمون الناسَ، قال: وكان فيما يَنهَونهم عنه نكاحُ ابنةِ الأخ، قال: وكانت لملِكِهم ابنةُ أخٍ تُعجِبُه يريد أن يَتزوّجها، فكانت لها كلَّ يومٍ حاجةٌ يقضيها، فلما بلغَ ذلك أمَّها قالت لها: إذا دخلتِ على الملِكِ فسألَكِ حاجَتَك، فقولي: حاجتي أن تَذبَحَ لي يحيى بنَ زكريا، فلما دخلتْ عليه سألها حاجتَها، فقالت: حاجتي أن تَذبَحَ يحيى بنَ زكريا، فقال: سَلِيني غيرَ هذا، فقالت: ما أسألُك إلّا هذا، فقال: فلما أبَتْ عليه دعا يحيى بنَ زكريا ودعا بطَسْتٍ، فذبَحَه فنَدَرَت

(2)

قَطرةٌ من دَمِه على الأرض، فلم تَزَلْ تَغلي حتى بعثَ اللهُ بُخْتنَصَّر عليهم، فجاءتْه عجوزٌ من بني إسرائيل، فدلَّتْه على ذلك الدم، فألقى اللهُ في قلبِه أن يَقتُل على ذلك الدمِ منهم حتى يَسكُن، فقتل سبعين ألفا منهم من سِنٍّ واحدةٍ حتى سَكَنَ

(3)

.

هذا حديث صحيح إسناده على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4197 -

فحدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافِعي من أصل كتابه، حدثنا محمد بن شَدَّاد المِسْمَعيّ، حدثنا أبو نُعيم، حدثنا عبد الله بن حَبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس، قال: أوحَى اللهُ إلى محمد صلى الله عليه وسلم: إني قَتلْتُ بيحيى

= وليّن الجناح، أي: ليّن الجانب سهل الانقياد.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: مسلم

(2)

في (ز) و (ب): فدَرّت. ومعنى نَدَرَت سقطت.

(3)

رجاله لا بأس بهم، لكن متنه منكر كما قدمنا بيانه برقم (3183). أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 15/ 43 وفي "تاريخه" 1/ 586 عن أبي السائب سَلْم بن جُنادة، بهذا الإسناد.

ص: 126

ابن زكريا سبعين ألفًا، وإني قاتلٌ بابنِ ابنتِك سبعين ألفًا وسبعين ألفًا

(1)

.

وقد رواه حميد بن الربيع الخَزّاز عن أبي نُعيم.

‌ذكر نبي الله ورُوحه عيسى ابن مريم صلوات الله عليه

4198 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا سُريج بن النعمان الجَوْهَري، حدثنا فُليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي عَمْرة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أَولَى الناسِ بعيسى ابن مَريم في الدنيا والآخرة، الأنبياءُ إخوةٌ لِعَلّاتٍ أمهاتُهُم شَتَّى ودِينُهم واحِدٌ، وليس بَيني وبينَ عيسى ابن مريم نبيٌّ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

4199 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا أبو المُثنَّى، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا حمّاد بن زيد، عن المُغيرة بن حَبيب، عن شهر بن حَوْشَب، عن أبي هريرة، قال: حَنَّةُ وَلَدَتْ مَريمَ، ومَريمُ وَلَدَتْ عيسى

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف ومتنه منكر، وهو مكرر الحديث السالف برقم (3184).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل فُليح بن سليمان، وقد روي عن أبي هريرة من غير وجهٍ.

وأخرجه أحمد 16/ (10258) عن شريح بن النعمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (3443) عن محمد بن سنان، عن فُليح بن سليمان، به.

وأخرجه أحمد 12/ (7529) و 16/ (9974)(10981) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وأحمد 15/ (9270) و (9632)، وابن حبان (6814) و (6821) من طريق عبد الرحمن بن آدم، وأحمد 16/ (9975)، والبخاري (3442)، ومسلم (2365)، وأبو داود (4675)، وابن حبان (6195) و (6406) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، وأحمد 13/ (8248)، ومسلم (2365)، وابن حبان (6194) من طريق همّام بن مُنبِّه، كلهم عن أبي هريرة. وعلَّقه البخاري بإثر (3443) من طريق عطاء بن السائب، عن أبي هريرة.

(3)

إسناده ضعيف لتفرُّد شهر بن حوشب به، فهو إنما يعتبر به في المتابعات والشواهد.=

ص: 127

4200 -

حدثني علي بن محمد القاضي، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا الحسين بن عمرو العَنْقَزي، حدثني أبي، حدثنا إسرائيل، عن جابر، عن زيدٍ العَمِّي، قال: وُلِدَ عيسى ابن مريم يومَ عاشُوراء

(1)

.

4201 -

أخبرني محمد بن إسحاق الصَّفّار العدل، حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا عمرو بن حمّاد، حدثنا أسباطٌ، عن السُّدِّي، عن أبي مالك، عن ابن عبّاس. وعن مُرَّةَ، عن عبد الله، قالا: خرجتْ مريمُ إلى جانبِ المحرابِ بحَيضٍ أصابَها، فلما طَهُرَتْ إذا هي برجُل معها، وهو قوله:{فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم:17]، وهو جبريلُ عليه السلام، ففَزِعتْ منه، فقالت:{إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} الآية، فخرجتْ وعليها جِلْبابُها، فأخذ بكُمِّها فنَفَخَ فِي جَيبِ دِرْعِها - وكان مشقُوقًا من قُدّامها - فدخلت النَّفْخَة صَدْرَها فحَمَلَتْ، فأتتْها أختُها امرأةُ زكريا ليلةً تَزورُها، فلما فتَحتْ لها البابَ التزمَتْها، فقالت امرأةُ زكريا: يا مريم، أشَعَرْتِ أني حُبْلَى، فقالت مريم: أشعرتِ أيضًا أن حُبْلَى؟ قالت امرأةُ زكريا: فإني وجدتُ ما في بَطْنِي يَسجُد للذي في بطنِكِ، فذلك قوله عز وجل:{مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عِمران:39] فوَلَدَتْ امرأةُ زكريا يحيى، ولما بلغ أن تَضَعَ مريمُ خَرجَتْ إلى جانبِ المِحرابِ {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ} استحياء من الناس:{يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا} جبريلُ {مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} فهزته، فأُجريَ لها في المحراب نهرٌ، والسَّرِيّ: النهر،

= وأخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(1109) من طريق مسلم بن إبراهيم، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.

(1)

إسناده واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وذلك من أجل الحسين بن عمرو العَنْقَزي وجابر - وهو ابن يزيد الجُعفي - وزيد العَمِّي - وهو ابن الحواري -. إسرائيل: هو ابن يونس السَّبيعي.

ص: 128

فتساقطت النخلةُ رطبًا جنيًّا، فلما وَلَدَتْه ذهبَ الشيطانُ فأخبر بني إسرائيل أنَّ مريم وَلَدَتْ، فلما أرادُوها على الكلام أشارتْ إلى عيسى، فتكلَّم عيسى، فقال:{إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا} فلما وُلِد عيسى لم يَبْقَ في الأرض صنمٌ يُعبَدُ من دون الله إلّا وقع ساجدًا لوجهِة

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4202 -

حدثني علي بن عيسى، حدثنا أحمد بن محمد بن الأزهر، حدثنا علي بن حُجْر، حدثنا علي بن مُسْهِر، عن داود بن أبي هند، عن الشَّعْبي، عن جابر: أنَّ وَفْد نَجْرانَ أتَوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ما تقولُ في عيسى ابن مَريم؟ فقال: "هو رُوح اللهِ وَكَلِمَتُه وعبدُ الله ورسولُه" قالوا له: هل لك أن نُلاعِنَك أنه ليس كذلك؟ قال: "وذاك أحبُّ إليكم؟ " قالوا: نعم، قال:"فإذا شئتُم" فجاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم وجَمَعَ ولدَه والحسنَ والحُسينَ، فقال رئيسُهم: لا تُلاعِنُوا هذا الرجلَ، فواللهِ لئن لاعَنْتُمُوه لَيُخسَفَنَّ بأحدِ الفريقَين، فجاؤوا، فقالوا: يا أبا القاسم، إنما أرادَ أن يُلاعِنكَ سُفهاؤُنا، وإنَّا نُحِبُّ أن تُعْفِيَنا، قال:"قد أعفَيتُكُم". ثم قال: "إنَّ العذابَ قد أظَلَّ نَجْرانَ"

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل أسباط بن نصر والسُّدِّي. أبو مالك: هو غزوان الغفاري، ومُرَّة: هو ابن شراحيل الهَمْداني، وعبد الله: هو ابن مسعود.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 3/ 253 و 16/ 62 - 63، وفي "تاريخه" 1/ 599 عن موسى بن هارون، عن عمرو بن حماد، بهذا الإسناد. أسنده في "التاريخ" ولم يجاوز فيه السَّدِّي في "التفسير" اختصارًا كما تقدم تقريره برقم (4124).

(2)

إسناده ضعيف لضعف أحمد بن محمد بن الأزهر، والصحيح أنه عن الشَّعْبي - وهو عامر بن شَراحيل - مرسلًا كما سيأتي.

وأخرجه بنحوه أبو بكر الآجُرِّي في "الشريعة"(1690)، والواحدي في "أسباب النزول"(209)، وابن المغازلي في "مناقب علي"(310) من طريق بشر بن مهران الخصَّاف، عن محمد بن دينار الطاحي، عن داود بن أبي هند، به. وبشر هذا ترك أبو حاتم حديثَه، وشيخه محمد بن دينار مُختلَف فيه.=

ص: 129

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4203 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا جدي، حدثنا أبو ثابت محمد بن عُبيد الله المَدِيني، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن [عبد الله بن]

(1)

يزيد بن عبد الله بن قُسَيط، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل وَلَدِ آدمَ الشيطانُ نائلٌ منه تلك الطَّعْنةَ، ولهذا يَستَهِلُّ المولودُ صارخًا، إلّا ما كان من مريمَ بنت عِمران وابنها"، فإنَّ مريم حين وضعتْها - يعني - أمُّها، قالت:{وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عِمران: 36] فضُرب دونَها الحِجابُ، فطَعَنَ فيه، {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا} [مريم:36] وهَلَكَتْ أمُّها، فضَمّتْها إلى خالتِها أمِّ يحيى

(2)

.

=وأخرجه بنحوه مختصرًا سعيد بن منصور في التفسير من "سننه"(500)، وابن أبي شَيْبة 14/ 549، والطبري في "تفسيره" 3/ 299 - 300 من طريق مغيرة بن مِقْسم الضَّبِّي، عن عامر الشعبي، مرسلًا. ورجاله ثقات.

(1)

ما بين المعقوفين ليس في النسخ الخطية، ولا بُدَّ منه، لعدة أمور: أولها: أنَّ إسماعيل بن جعفر لم يُدرك يزيد بن عبد الله بن قُسيط، وإنما يروي عنه عادةً بواسطة يزيد بن خصيفة، وثانيها: أنه لا تعرف ليزيد بن عبد الله بن قُسيط رواية عن أبيه، وأما عبد الله بن يزيد بن عبد الله ابن قسيط فيروي عن أبيه يزيد، وثالثها: أنَّ محمد بن إسحاق روى هذا الحديث عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي هريرة، فالذي يروي هذا الحديث عن أبي هريرة إنما هو يزيد بن عبد الله بن قُسيط مباشرة، وله عنه رواية.

ولعله يكون انقلب الاسم على بعض الرواة من عبد الله بن يزيد بن قسيط إلى يزيد بن عبد الله بن قُسيط، ومعلوم أن يزيد كثيرًا ما يُنسب إلى جده قُسيط، فيقال: يزيد بن قُسيط، والله تعالى أعلم.

(2)

حديث صحيح، ومن قوله:"فإن مريم" إلى آخر الخبر مُدرَج من قول أبي هريرة موقوفًا عليه، كما سيأتي بيانه، وهذا إسناد حسنٌ من أجل عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن قُسَيط، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد تابعه عليه دون ذكر هلكة أم مريم وضمِّ خالتها لها محمدُ بن إسحاق بن يسار صاحب "المغازي"، ولهذا الحديث طرق أُخرى عن أبي هريرة. =

ص: 130

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4204 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبَهاني، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن مَيْسرة، عن عِكْرمة، عن ابن عبّاس، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"فيأتُون عيسى بالشفاعةِ، فيقول: هل تَعلَمُون أحدًا هو كَلِمةُ اللهِ ورُوحُه، ويُبرئُ الأَكْمَهَ والأبْرصَ ويُحيي الموتَى غَيري؟ فيقولون: لا"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= وأخرجه الطبري في "تفسيره" 3/ 238 - 239 من طرق عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قُسيط، عن أبي هريرة. وأخرجه أحمد 12/ (7182) و 13/ (7708)، والبخاري (3431) و (4548)، ومسلم (2366)، وابن حبان (6235) من طريق سعيد بن المسيب، وأحمد 13/ (7879) و (7915) و 14/ (8254) من طريق عجلان مولى المُشمعلّ، والبخاري (3286) من طريق الأعرج، ومسلم (2366) من طريق أبي يونس مولى أبي هريرة، ومن طريق أبي صالح السمان، خمستهم عن أبي هريرة. وقد جاء في رواية سعيد بن المسيب بعد قوله:"مريم وابنها": ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} ، فذكر الخطيبُ في "الفصل للوصل" 1/ 173، وابن حجر في "الفتح" 10/ 213 أنَّ تلاوة هذه الآية موقوفة على أبي هريرة. ولم يذكر سعيد في روايته ما بعد هذه الآية.

ولم يذكر عجلان ولا أبو يونس ما بعد قوله: "مريم وابنها".

ولفظ الأعرج: "غير عيسى ابن مريم" ذهب يطعن فطَعَنَ في الحجاب.

ولفظ أبي صالح: "صياح المولود حين يقع نزغة من الشيطان" فلم يستثنِ.

(1)

رجاله ثقات، لكنه خبر شاذٌّ لم نقف عليه مخرَّجًا عند غير المصنف، والمحفوظ في الشفاعة أنَّ الناس يأتون عيسى عليه السلام فيقول لهم: إني لست هناكم، ثم يدلُّهم على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فيذهبون إليه، وليس فيه ذكره لهذه المعجزات الدنيوية، هكذا هو في حديث علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن ابن عباس عند أحمد 4 / (2546)، وهكذا هو في حديث أبي هريرة عند البخاري (4712) ومسلم (194)، وحديث أنس عند البخاري أيضًا (7410) ومسلم (193).

حسين بن علي: هو الجُعفي مولاهم، وزائدة: هو ابن قدامة، وميسرة: هو ابن عمار - ويقال: ابن تمام - الأشجعي.

ص: 131

4205 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا هشام بن علي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا داود بن أبي الفُرات، حدثنا عِلْباء بن أحمرَ، عن عِكْرمة، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ نساءِ العالَمين خديجةُ بنتُ خَوَيلِد، وفاطمةُ بنتُ محمدٍ، ومريمُ بنت عِمران، وآسيةُ بنت مُزاحمٍ امرأةُ فِرعَون"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.

4206 -

حدثنا أبو الطَّيِّب محمد بن محمد الشَّعِيري، حدثنا السَّرِيّ بن خُزَيمة، حدثنا مُسلِم بن إبراهيم، حدثنا جَرير بن حازم، حدثنا محمد بن سِيرِين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم يتكلّم في المَهْد إلّا ثلاثةٌ

(2)

: عيسى ابن مريم، وشاهدُ يوسف، وصاحبُ جُرَيج، وابنُ ماشِطَةِ بنتِ فِرعَون"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وقد تقدَّم برقم (3878) من طريق أبي الوليد الطيالسي، وسيأتي برقم (4809) و (4912) من طريق يونس بن محمد المؤدِّب، كلاهما عن داود بن أبي الفرات.

(2)

كذا جاء في النسخ الخطية، ومقتضى ما فصّله من المذكورين أن يقول: أربعة!

(3)

رجاله ثقات، لكن ذكر شاهد يوسف وابن ماشطة بنت فرعون فيه شاذٌّ، والصحيح ذكر عيسى وصاحب جريج وصبي آخر من بني إسرائيل كان يلتقم ثدي أمه دعا بخلاف ما دَعَتْ به أمُّه، كذلك رواه البخاري (3436) عن مسلم بن إبراهيم، وكذلك رواه وهب بن جَرير بن حازم عند أحمد 13 / (8071)، ويزيد بن هارون عند مسلم (2550) وابن حبان (6489)، كلاهما (وهب ويزيد) عن جَرير بن حازم.

وقد جاء من وجه آخر عن أبي هريرة بذكر الأربعة المذكورين هنا عند أبي الطاهر السِّلَفي في الثاني والعشرين من "المشيخة البغدادية"(18)، لكن إسناده ضعيف.

وقد ورد ذكر الأربعة مجموعين في حديث ابن عبّاس من قوله موقوفًا عليه عند أحمد 5/ (2821) بإسناد صحيح عنه، ورفعه بعضهم كما تقدم برقم (3877)، ولا يصح، إلّا ذكر ابن ماشطة بنت فرعون لوحده، فقد جاءت قصته مرفوعة في الحديث يذكرُ النبي صلى الله عليه وسلم فيه أنه في الليلة التي أُسري فيها أتت عليه رائحة طيبة، قال: فقلت: يا جبريل، ما هذه الرائحة الطيبة؟ فقال: هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها، قال: قلت: وما شأنها؟ فذكر له جبريل قصتها مع ابنها. =

ص: 132

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4207 -

أخبرني أبو الطَّيِّب محمد بن أحمد الحِيْرِي، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، حدثنا يعلى بن عُبيد، حدثنا محمد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عطاء مولى أم صُبيّة، قال: سمعتُ أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيَهبِطَنّ عيسى ابن مريم حَكَمًا عَدْلًا، وإمامًا مُقسِطًا، ولَيَسلُكنَّ فَجًّا حاجًّا

(1)

أو مُعتَمِرًا، أو لَيُثنيِّهما، ولَيأتِيَنَّ قَبْري حتى يُسلِّم عَلَيَّ، ولأَرُدَّنَّ عليه".

يقول أبو هُريرة: أيْ بَنِي أخي، إن رأيتُمُوه فقولوا: أبو هريرة يُقرِئُك السلامَ

(2)

.

= وقد جاء عن ابن عبّاس بسند لا بأس به: أنَّ شاهد يوسف كان ذا لحية. يعني كبيرًا، كما أخرجه الطبري في "تفسيره" 12/ 195. وفي هذا ما يؤكد ضعف رفعه عن ابن عبّاس، إذ لو ثبت لديه مرفوعًا لما اختلفت أقواله فيه، والله أعلم.

(1)

وقع في النسخ الخطية: فَجًّا أو حاجًّا، بإقحام حرف "أو"، وهو خطأ ظاهر.

(2)

إسناده حسن لولا عنعنة محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار المطَّلبي - فيه، لكن تُغتفر عنعنته هنا، فقد تابعه على بعض حديث هذا الليث بن سعد عند أحمد 16/ (10404)، ومسلم (155)، وابن حبان (6816) إلّا أنَّ الليث سمى في روايته التابعيَّ: عطاء بن ميناء، وهذا يؤيد أنَّ عطاء مولى أم صُبَيّة هو عطاء بن ميناء نفسه كما جزم به أبو بكر بن أبي داود السجستاني فيما نقله عنه الخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 344. وتابع محمدَ بنَ إسحاق أيضًا أبو صخر حميد بن زياد المدني على أكثر الحديث، أخرجه من طريقه عبد الملك ابن حبيب السُّلمي في "أشراط الساعة" (39)، وأبو يعلى في "مسنده" (6584)، إلا أنه جعله عن سعيد بن أبي سعيد - وهو المقبري - عن أبي هريرة مباشرة، وصرَّح المقبريُّ في رواية أبي يعلى بسماعه له من أبي هريرة، فلا يبعد أن يكون المقبري رواه على الوجهين، مرة بواسطة عطاء، ومرة بلا واسطة سامعًا له من أبي هريرة.

وأخرج رواية ابن إسحاق: ابن أبي حاتم في "العلل"(2747) من طريق محمد بن سلمة الحَرِّاني، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وكذلك رواه يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق، كما قال ابن أبي حاتم.

وأخرج منه نزول عيسى ابن مريم حكمًا عدلًا وإمامًا مقسطًا: أحمد 12/ (7269) و 13/ (7679) و 16 / (10944)، والبخاري (2222) و (2476) و (3448)، ومسلم (155)، وابن ماجه=

ص: 133

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

4208 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دِينار العَدْل، حدثنا السَّرِي بن خُزَيمة والحسن بن الفضل، قالا: حدثنا عفّان بن مُسلِم، حدثنا همّام، حدثنا قَتَادة، عن عبد الرحمن بن آدم، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ رُوحَ اللهِ عيسى ابنَ مريم نازِلٌ فيكم، فإذا رأيتُمُوه فاعرفُوه: رجلٌ مربُوعٌ إلى الحُمْرة والبَياض، عليه ثَوبانِ مُمَصَّران، كأنَّ رأسَه يَقطُر وإن لم يُصِبْه بَلَلٌ، فيَدُقُّ الصَّليبَ، ويَقتُل الخِنزيرَ، ويَضعُ الجِزيةَ، ويَدعُو الناس إلى الإسلام، فيُهلِكُ اللهُ في زمانِه المسيحَ الدَّجّال، وتقعُ الأمَنَةُ على أهلِ الأرض، حتى تَرْتَعَنَّ

(1)

الأسُودُ مع الإبِل، والنمُورُ مع البقر، والذئابُ مع الغَنَم، ويَلعبَ الصبيانُ مع الحيَّات، لا تَضرُّهنّ فيَمكُث أربعين سنةً، ثم يُتَوَفَّى ويُصلِّي عليه المُسلِمون"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= (4078)، والترمذي، (2233)، وابن حبان (6818) من طريق سعيد بن المسيب، وأحمد 15/ (62) من طريق الوليد بن رباح، و 15 / (9323) من طريق محمد بن سِيرِين، و 16 / (10261) من طريق زياد بن سعد، أربعتهم عن أبي هريرة.

وأخرج منه سلوك عيسى ابن مريم فجًّا حاجًا أو معتمرًا: أحمد 12/ (7273) و 13/ (7903) و 16 / (10974)، ومسلم (1252)، وابن حبان (6820) من طريق حنظلة بن علي الأسلمي، عن أبي هريرة.

(1)

في (ص): ترتعي.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم لكن نَفَى ابن مَعِين سماع قتادة من عبد الرحمن بن آدم مع أنه محتمل، فإنهما كانا بالبصرة متعاصِرَين.

وقد صحَّح إسنادَه الحافظُ ابن حجر في "الفتح" 10/ 259. وله طرق عن أبي هريرة وشواهد غير ذكر الصلاة على عيسى عليه السلام.

وأخرجه أحمد 15/ (9270) و (9632)، وأبو داود (4324)، وابن حبان (6821) من طريقين عن قتادة، به.

وقد استوفينا طرقه عن أبي هريرة وشواهده في "سنن أبي داود".

ص: 134

4209 -

حدثنا الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا محمد أحمد بن البَرَاء، حدثنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن مُنبِّه، قال: تَوفّى اللهُ عيسى ابنَ مريم ثلاثَ ساعاتٍ من نهارٍ حين رفعَه إليه، والنصارى تزعُم أنه تَوفّاه سبعَ ساعاتٍ من النهار ثم أحياهُ، قال وهب: وزعمَتِ النصارى أنَّ مريم وَلَدَتْ عيسى لِمُضيِّ ثلاث مئة سنة وثلاثٍ وستين مِن وقتِ وِلادة الإسكندر، وزعَمُوا أنَّ مَولِدَ يحيى بن زكريا كان قبلَ مَولِد عيسى بستةِ أشهرٍ، وزعَمُوا أنَّ مريم حَمَلَتْ بعيسى ولها ثلاثَ عشرةَ سنةً، وأنَّ عيسى عاش إلى أن رُفع اثنتين وثلاثين سنةً، وأنَّ مريم بقيت بعد رفعِه ستَّ سنين، فكان جميعُ عُمرِها نَيِّفًا وخمسين سنةً، وكان زكريا بن بَرْخِيا أبُ يحيى بن زكريا وعمران

(1)

بن ماثان [أبو مريم متزوِّجين بأختين، إحداهما عند زكريا، وهي أم يحيى، والأخرى منهما عند عمران بن ماثان، وهي أم مريم، فمات عمران بن ماثان]

(2)

وأمُّ مريم حاملٌ بمريم، فلما وَلَدَت مريمَ كَفَلَها زكريا بعد موتِ أُمِّها، لأنَّ خالتَها أختَ أمِّها كانت عندَه، واسمُ أم مريم حَنَّة بنت فاقود بن قبيل

(3)

.

قال الحاكم: قد اختلفت الروايات في عدد المُرسَلين من الأنبياء وسائر الأنبياء، والذي أدّى إليه الاجتهادُ من لَدُنْ آدمَ إلى أن بَعَثَ اللهُ نبيَّنا المصطفى صلى الله عليه وسلم فقد ذَكَرتُهم.

وقد ذكر المُرسَلين منهم وهبُ بن مُنبِّه في الحديث الذي:

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: وزعموا.

(2)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية واستدركناه من "تاريخ الطبري" 1/ 585.

(3)

إسناده واهٍ كما قال الذهبي في عدة مواضع من "تلخيصه"، وذلك لأجل عبد المنعم بن إدريس، فهو ساقط كما قال الذهبي.

وأخرج منه ذكر تَوفِّي اللهِ لعيسى: الطبريُّ في "تفسيره" 3/ 291، وفي "تاريخه" 1/ 602، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 661 من طريق محمد بن إسحاق، عمن لا يَتَّهم، عن وهب بن مُنبِّه.

ص: 135

4210 -

حدَّثَناه الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا محمد بن أحمد بن البَرَاء، حدثنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن مُنبِّه، عن عبد الله بن عبّاس: أنه قال لرجلٍ جالسٍ عندَه وهو يُحدَّث أصحابه: ادْنُ منّي، فقال له الرجلُ: أبقاك اللهُ، والله ما أُحسِنُ أن أسألك كما سأل هؤلاء، فقال: ادْنُ منّي فأُحدّثَك عن الأنبياء المذكورين في كتاب الله، أُحدِّثُك عن آدمَ أنه كان عبدًا حَرّاثًا، وأحدِّثُك عن نوح أنه كان عبدًا نجّارًا، وأحدِّثُك عن إدريس أنه كان عبدًا خَيّاطًا، وأحدِّثُك عن داود أنه كان عبدًا زَرّادًا، وأحدّثُك عن موسى أنه كان عبدًا راعِيًا، وأحدِّثُك عن إبراهيم أنه كان عبدًا زَرّاعًا، عظيمَ الضِّيافة، يُؤثِرُ المساكين على نفسه، ويَجبُرهم في ماله، وأحدِّثُك عن شعيب أنه كان عبدًا راعِيًا، وأحدِّثُك عن لوط أنه كان عبدًا زَرّاعًا، وأحدِّثُك عن صالح أنه كان عبدًا، تاجِرًا، وأحدِّثُك عن سليمان أنه كان عبدًا آتاه الله المُلكَ وكان يَصومُ في أول الشهر ستةَ أيام، وفي وسطِه ثلاثةَ أيام، وفي آخره ثلاثةَ أيام، وكانت له تسعُ مئة سُرِّيّة، وثلاثُ مئة مَهْرِيّة

(1)

، وأحدِّثُك عن ابن العَذْراء البَتُول عيسى ابن مريم أنه كان لا يَخبَأُ شيئًا لِغَدٍ، ويقول: الذي غَدَّاني سوف يُعشِّيني، والذي عَشَّاني سوف يُغدِّيني، يَعبُدُ الله ليلتَه كلَّها، يُصلِّي حتى تَطلُعَ الشمسُ، وهو بالنهار سائِحٌ، ويصوم الدهرَ كلَّه، ويقوم الليلَ كلَّه.

وأحدِّثُك عن النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه كان يَرعى غنمَ أهل بيتِه بأجيادٍ، وكان يصومُ فنقول: لا يُفطِر، ويُفطِر، فنقول: لا يصومُ، قَلَّما

(2)

رأيناهُ صائمًا، ويصومُ من كل شهر ثلاثةَ أيام، وكان ألْينَ الناس جانبًا، وأطيَبَهم خَبَرًا، وأطولَهم علمًا، وأُخبِرُك عن حَوّاء أنها كانت تَغزِلُ الشعرَ فتحوّلُه بيدِها، فتَكسُو نفسَها وولدَها، وأنَّ مريم بنت عِمران كانت تَصنعُ ذلك

(3)

.

(1)

والمراد بالمهرية: ذات المَهر، أي التي دُفع لها مهر من الحرائر.

(2)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: وكلها ما، وفي (ص) و (ع) إلى: كلما.

(3)

إسناده واهٍ كسابقه.

ص: 136

قال الحاكم: فأما الحديثُ المُسنَد العالي الذي يَدلُّ على الجُملة مُفسّرًا فهو الذي:

4211 -

حدّثَناه أبو الحسن علي بن الفضل بن إدريس السامِرِيّ ببغداد، حدثنا الحسن بن عَرَفة بن يزيد العَبْدي، حدثني يحيى بن سعيد السَّعْدي البصري، حدثنا عبد الملك بن جُريج عن عطاءٍ، عن عُبيد بن عُمير اللَّيثي، عن أبي ذَرٍّ قال: دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فاغتنَمْتُ خَلْوتَه، فقال لي:"يا أبا ذَرٍّ، إنَّ للمسجدِ تحيةً" قلت: وما تحيتُه يا رسول الله؟ قال "ركعتان" فركَعْتُهما، ثم التفتُّ إليه فقلتُ: يا رسول الله، إنك أمرتَني بالصلاةِ، فما الصلاةُ؟ قال:"خَيرُ موضوعٍ، فمن شاء أقَلَّ، ومن شاء أكثَرَ" قلت: يا رسول الله، أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟ قال:"الإيمانُ بالله"، ثم ذكر الحديثَ، إلى أن قال: فقلتُ: يا رسول الله، كم النبيُّون؟ قال:"مئةُ ألفِ نبيٍّ وأربعةٌ وعشرون ألفَ نبيٍّ" قلت: كم المرسَلُون منهم؟ قال: "ثلاثُ مئة وثلاثَ عشرةَ"، وذكر باقيَ الحديث

(1)

.

= وقد صحَّ عن ابن عبّاس في ذكر صيام النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى نقول: لا يَفطر، ويُفطر حتى نقول: لا يصوم. أخرجه أحمد 3/ (1998)، والبخاري (1971)، ومسلم (1157)، وأبو داود (2430)، وابن ماجه (1711)، والنسائي (2667) من طريق سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس.

وصحَّ مثله عن عائشة عند أحمد 40/ (24116)، والبخاري (1969)، ومسلم (1156).

وصحَّ في صومه صلى الله عليه وسلم ثلاثةَ أيام من كل شهر حديثُ عبد الله بن مسعود عند أحمد 6/ (3860)، وأبي داود (2450)، والترمذي (742)، والنسائي (2689) و (2771)، وابن حبان (3641).

وحديثُ عائشة عند مسلم (1160)، وأبي داود (2453)، وابن ماجه (1709)، والترمذي (763)، وابن حبان (3654).

(1)

إسناده ضعيف لضعف يحيى بن سعيد السَّعْدي، فقد قال عنه الذهبي في "تلخيصه": ليس بثقة. وأنكر حديثَه هذا ابن عدي والذهبيُّ في "تاريخ الإسلام" 5/ 478، وقال العقيلي: لا يتابع عليه. وقال ابن حبان: لا يحلُّ الاحتجاج به إذا انفرد.

وقد رُوي نحوه عن أبي ذرٍّ من طرُق أخرى لا يُفرح بها البتَّة، ومن حديث أبي أُمامة، ولا يُفرح =

ص: 137

4212 -

حدثنا أبو عَوْن محمد بن أحمد بن ماهان الجزار بمكة على الصَّفا، حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن زيد، حدثنا إبراهيم بن المُنذِر الحِزامي، حدثنا إبراهيم بن المُهاجِر بن مِسمار، عن محمد بن المُنكَدِر وصفوان بن سُليم، عن يزيد الرَّقَاشي، عن أنس بن مالك، قال: بُعِثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعدَ ثمانية آلافٍ من الأنبياء، منهم أربعةُ آلافٍ من بني إسرائيل

(1)

.

= به أيضًا. على أنه صحَّ عن أبي أمامة في عدد الرسل أنهم كانوا ثلاث مئة وخمسة عشر رسولًا كما تقدم عند المصنف برقم (3076).

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(131) و (4592) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان في "المجروحين" 3/ 129، وابن عدي في "الكامل" 7/ 244، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(861)، وفي "السنن الكبرى" 9/ 4، والشجري في "الأمالي الخميسية" 1/ 204 - 205، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 23/ 277 من طرق عن يحيى بن سعيد السعدي، به.

وأخرجه بنحوه أحمد 35/ (21546) و (21552) من طريق عُبيد بن الخشخاش، وابن حبان (361) من طريق أبي إدريس الخولاني، والطبراني في "مسند الشاميين"(1979) من طريق عبد الرحمن بن عائذ الأزدي، وإسحاق بن راهويه كما في "المطالب العالية"(646/ 1)، والحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث"(53) و (1064)، وأبو يعلى في "الكبير" كما في "المطالب"(3/ 646) من طريق عوف بن مالك، أربعتهم عن أبي ذر الغفاري. غير أنَّ عوف بن مالك قال في روايته عن عدد المرسلين: ثلاث مئة وخمسة عشر. وأسانيدها ضعاف جميعًا لا يعتمد عليها، وأمثلها طريق عبد الرحمن بن عائذ، لكن الراوي عنه مجهول، وكذا طريق عوف بن مالك، لكن الراوي عنه مبهم.

(1)

إسناده ضعيف لضعف يزيد الرَّقاشي - وهو ابن أبان - وإبراهيم بن المهاجر، كما نبَّه عليه الذهبي في "تلخيصه". قلنا: وقد رواه غير إبراهيم بن المهاجر عن محمد بن المنكدر، فجعله مرفوعًا من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك رواه غير واحد عن يزيد الرقاشي.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(774) عن أحمد بن يحيى الحلواني، عن إبراهيم بن المنذر، بهذا الإسناد. بذكر صفوان وحده.=

ص: 138

4213 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أبو المُثنَّى العَنْبَرِي، حدثنا يحيى بن مَعِين، حدثنا مروان بن معاوية، عن مُجالِد، عن أبي الوَدّاك، عن أبي سعيد، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني خاتَمُ ألفِ نَبيٍّ أو أكثرَ"

(1)

.

= وأخرجه أبو موسى المديني في "اللطائف من دقائق المعارف"(343) من طريق سيار بن الحسن التُسْتَري، عن إبراهيم بن المنذر، عن إبراهيم بن المهاجر، عن صفوان بن سليم، عن محمد بن المنكدر، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، مرفوعًا.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 24/ 86 من طريق معن بن عيسى، عن إبراهيم بن المهاجر، عن محمد بن المنكدر وحده، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، موقوفًا.

وأخرجه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(756)، وقاضي المارستان في "مشيخته"(180) من طريق سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، عن محمد بن المنكدر وحده، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، مرفوعًا.

وأخرجه أبو يعلى (4132)، وأبو نُعيم في "الحلية" 3/ 53 من طريق موسى بن عُبيدة الربَذي، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، مرفوعًا.

وسيأتي بنحوه برقم (4215) من طريق معبد بن خالد الأنصاري، عن يزيد الرقاشي، مرفوعًا.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 1/ 163، ومن طريقه ابن الجوزي في "المنتظم" 2/ 144 عن أحمد بن محمد بن الوليد المكي، والبخاري في "الضعفاء" كما في "ميزان الاعتدال" في ترجمة مسلم بن خالد الزنجي، وأبو علي بن شاذان في الثامن من "أجزائه"(48)، وأبو بكر الدِّينَوري في في "المجالسة"(3205)، وابن الأعرابي في "معجمه"(298)، وأبو الحسين بن بشران في "فوائده"(580)، وأبو نُعيم في "الحلية" 3/ 162 من طريق زكريا بن عدي، وأبو بكر الإسماعيلي كما في "البداية والنهاية" لابن كثير 3/ 91، ومن طريقه الضياء المقدسي في "المنتقى في مسموعات مرو "(247) من طريق أحمد بن طارق، ثلاثتهم (أحمد بن محمد بن الوليد وزكريا وابن طارق) عن مسلم بن خالد الزنجي، عن زياد بن سعد، عن محمد بن المنكدر، عن صفوان بن سُليم، عن أنس مرفوعًا. ومسلم بن خالد ضعيف.

(1)

إسناده ضعيف لضعف مجالد - وهو ابن سعيد - وبه أعلَّه الذهبي في "تلخيصه". أبو الودّاك: هو جبر بن نوف البِكالي.

وأخرجه أحمد في أول خبرٍ عن الدجال 18/ (11752) من طريق يحيى بن سعيد الأموي، عن مجالد، به. =

ص: 139

4214 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن محمد بن إسحاق، عن الحسن بن مُسلم، عن مِقسَم، عن ابن عبّاس، أنه قال: لقد سَلَكَ فَجَّ الرَّوحاء سبعون نبيًّا حُجّاجًا عليهم ثيابُ الصُّوف، ولقد صلَّى في مسجد الخَيفِ سبعون نبيًّا

(1)

.

= ورواه مجالد بن سعيد أيضًا عن عامر الشَّعْبي عن جابر بن عبد الله عند ابن سعد 1/ 136، وابن أبي شَيْبة 15/ 128 وغيرهما.

(1)

إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار - مدلِّس، وقد عنعن وبم يبيِّن سماعًا.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 177 عن أبي عبد الله الحاكمن بهذا الإسناد.

وأخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" 1/ 72 - 73 من طريق عثمان بن ساج، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني من لا أتَّهِم، عن ابن عبّاس.

وأخرج الشطر الثاني وحده: الفاكهي في "أخبار مكة"(2593)، والطبراني في "الأوسط"(5407)، وفي "الكبير"(12283)، وأبو طاهر المخلِّص في "المخلِّصيات"(1286)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 61/ 167، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 10/ (309) من طريق محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس مرفوعًا. لكن محمد بن فضيل ممن سمع من عطاء بن السائب بعد تغيُّره.

وأخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" 1/ 69 و 2/ 174، والفاكهي في "أخبار مكة"(2603)، وابن الجوزي في "مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن"(189) من طريق أشعث بن سوّار، عن عكرمة عن ابن عبّاس موقوفًا. وأشعث ضعيف.

وفي الباب عن أبي موسى الأشعري عند يونس بن بكير في زياداته على "مغازي ابن إسحاق"(83)، وأبي يعلى (7231) و (7271)، والعُقيلي في "الضعفاء"(32)، وأبي نعيم في "الحلية" 1/ 259، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 32/ 230 و 61/ 166 وغيرهم بسند ضعيف جدًّا.

وعن أنس بن مالك عند أبي يعلى (4275) بإسناد ضعيف جدًّا كذلك.

وعن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده بنحوه عند عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 80، وكثيرٌ هذا الجمهور على تضعيفه.

وعن أبي هريرة موقوفًا عليه عند مسدّد في "مسنده" كما في إتحاف الخير" للبوصيري (965). وعند البزار (1177 - كشف الأستار)، والفاكهي في "أخبار مكة" (2594)، وأبي يعلى في "الكبير" كما في "المطالب العالية" (1332)، والطبراني في "الكبير" (13525) من حديث عبد الله بن عُمر=

ص: 140

4215 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد بن يحيى الشَّهيد، حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود الزَّهْراني، حدثنا محمد بن ثابت، حدثنا مَعبَد بن خالد الأنصاري، عن يزيد الرَّقَاشي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان فيما خلا من إخواني من الأنبياء ثمانيةُ آلاف نبيٍّ، ثم كان عيسى ابن مريم، ثم كنت أنا بعدَه"

(1)

.

4216 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عِكْرمة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس، قال: قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ واليهودُ تقول: إنما هذه الدنيا سبعةُ آلافِ سنةٍ

(2)

.

= مرفوعًا: "في مسجد الخيف قبر سبعين نبيًا". ورجاله ثقات.

(1)

إسناده ضعيف لضعف يزيد الرقاشي - وهو ابن أبان - وجهالة معبد بن خالد الأنصاري، ومحمد بن ثابت - وهو العبدي - ليس بالمتين.

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده"(4092)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 135 من طريق أبي الربيع الزهراني، بهذا الإسناد.

وقد تقدم برقم (4221) من طريق أخرى عن يزيد الرقاشي، دون ذكر عيسى.

(2)

إسناده ضعيف مضطرب. وقوله في إسناده هنا: محمد بن عكرمة، إن لم يكن تحريفًا في نسخ "المستدرك" فهو وهمٌ من أحمد بن محمد بن أيوب - وهو البغدادي - وكان ورّاقًا روى المغازي عن إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق، ولم يكن من أصحاب الحديث المعروفين بطلبه، وقد روى هذا الخبر يعقوب بن إبراهيم بن سعد وأخوه سعد بن إبراهيم عن أبيهما، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، عن ابن عبّاس. أخرجه من طريقهما الواحدي في "أسباب النزول" (35) ومحمدٌ المذكور: هو ابن أبي محمد مولًى لزيد بن ثابت، وهو مجهول.

والصواب أنه عن محمد بن إسحاق، عن محمد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، كذلك رواه أصحاب محمد بن إسحاق الذين حملوا عنه المغازي كزياد بن عبد الله البكّالي ويونس بن بكير وسلمة بن الفضل الأبرش.=

ص: 141

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فقد أخرجه عبد الملك بن هشام المَعافري في "السيرة النبوية" 1/ 538، والبخاري في "خَلق أفعال العباد"(415) من طريق زياد بن عبد الله البكائي، والطبري في "تفسيره" 1/ 382، وأبو زكريا يحيى بن مَنْدَه في "أماليه" برواية ابن حيويه (19) من طريق يونس بن بكير، والطبري 1/ 382، وابن أبي حاتم في "التفسير" 1/ 155 من طريق سلمة بن الفضل، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عبّاس.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 10، وفي "تهذيب الآثار" في مسند عمر بن الخطاب 2/ 832، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 9/ 309 و 3080 من طريقين عن يحيى بن يعقوب القاصّ، عن حماد بن أبي سليمان، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس قال: الدنيا جمعة من جُمع الآخرة، سبعة آلاف سنة.

وأخرجه أحمد في "الزهد"(2170)، وابن أبي الدنيا في "الزهد"(377)، وفي "ذم الدنيا"(251)، وأبو نُعيم في "الحلية" 4/ 279 من طريق ضمرة بن ربيعة، عن هشام بن حسان، عن سعيد بن جُبَير، قال: الدنيا جُمعة من جُمع الآخرة.

وأخرجه كرواية المصنِّف الطبرانيُّ في "الكبير"(11160) من طريق سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن سيف بن سليمان، عن مجاهد، عن ابن عبّاس. وفيه عنعنة ابن إسحاق.

وأخرجه آدم بن أبي إياس في "تفسيره" 1/ 83، والطبري في "تفسيره" 1/ 383 من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: قالت اليهود

فذكره. وإسناده صحيح إلى مجاهد.

وقد رُوي مرفوعًا من حديث ابن زمل الجهني عند الطبراني (8146) وغيره، وفي إسناده سليمان بن عطاء الحراني، منكر الحديث.

وروي مرفوعًا كذلك من حديث أبي هريرة عند الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(620)، وهو موضوع.

وقد روي عن كعب الأحبار ووهب بن منبِّه في عمر الدنيا خلافُ ما روي هنا، وهو أنَّ عمرها ستة آلاف، وذلك بأسانيد جياد عنهما، عند ابن أبي خيثمة في "تاريخه" كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين 4/ 68، والطبري في "تاريخه" 1/ 10 وغيرهما.

وقد أبطل أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" 4/ 212، وأبو محمد بن حزم في "الفِصَل في الملل والأهواء والنِّحل" 2/ 84 قولَ من ادعى معرفة عمر الدنيا بالآيات التي تبين أن علم الساعة عند الله، وأنه لا يجليها لوقتها إلّا هو، وأنها تأتي بغتة.

ص: 142

4217 -

فحدثنا أبو حفص محمد بن أحمد

(1)

الفقيه ببُخاري، حدثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، حدثنا إبراهيم بن الحجّاج السامِيّ، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مِهران، عن ابن عبّاس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"كان عمرُ آدمَ ألفَ سنةٍ".

قال ابن عبّاس: وبين آدم ونوح ألفُ سنة، وبين نوح وإبراهيم ألفُ سنة، وبين إبراهيم وموسى سبعُ مئة سنة، وبين موسى وعيسى خمسُ مئة سنة، وبين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ست مئة سنة

(2)

.

قال الحاكم: وقد قدّمتُ الروايةَ الصحيحةَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ليس بينه وبين عيسى نبيٌّ، وقد رُويَت أخبارٌ في خالد بن سِنانٍ وابنته التي دخلتْ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله:"ابنة أخي، نبيٌّ ضيَّعه قومُه":

4218 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وجعفر بن محمد الخُلْدي، قالا: حدثنا عليُّ بن عبد العزيز، حدثنا مُعلَّى بن مَهِدي، حدثنا أبو عَوانة، عن أبي يُونس، عن عِكْرمة، عن ابن عبّاس: أنَّ رجلًا من بني عَبْس، يقال: له خالد بن سنان، قال

(1)

كذا وقع في النسخ الخطية، ولم نقف للحاكم على شيخ بهذا الإسم، ويغلب على ظننا أنه محرَّف، عن أحمد بن أحيَد، أو عمر بن محمد، فكلاهما كناهما المصنف في كتابه هذا أبا حفص، ويرويان عن صالح بن محمد، والله تعالى أعلم.

(2)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن جُدعان - وقد صحَّ عن ابن عبّاس في مدة ما بين آدم ونوح كما تقدم برقم (3695) و (4053)، وصحَّ مرفوعًا عن أبي أمامة كما تقدم برقم (3076) في مدة ما بين آدم ونوح، وبين نوح وإبراهيم.

وصحَّ أيضًا في عمر آدم مرفوعًا حديثُ أبي هريرة، كما تقدم بالأرقام (215) و (216) و (3296)، إلا أنَّ فيه أنه سأل الله عز وجل أن يُعطي ولده داود بعض عمره، واستجاب اللهُ له فأعطاه، وكذلك جاء في رواية علي بن زيد عن غير المصنف.

وقد أخرج المرفوع في ذكر عمر آدم أحمدُ 4 / (2713) عن أسود بن عامر، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد، مطولًا بنحو رواية أبي هريرة، إلّا أنه جاء في في الرواية المطولة أنَّ آدم لما جحد إعطاءه لابنه داود من عمره أتم الله له الألف سنة، وأتم لداود المئة سنة.

ص: 143

لقومه: إني أُطفئ عنكم نار الحَدَثان، قال: فقال له عُمارة بن زياد - رجلٌ من قومه -: والله ما قلتَ لنا يا خالدُ قطُّ إلَّا حقًّا، فما شأنُك وشأنُ نارِ الحَدَثان تزعُم أنك تُطفئُها؟ قال: فانطَلَق وانطَلَق معه عُمارة بن زياد في ثلاثين من قومه حتى أتَوها وهي تخرُج من شَقِّ جَبَل من حَرَّة يُقال: لها حَرَّةُ أشجَعَ، فخطَّ لهم خالدٌ خِطَّةً فأجلَسَهم فيها، فقال: إن أبطأتُ عليكم فلا تَدْعُوني باسمي، فخرجَتْ كأنها خَيلٌ شُفْرٌ يَتبَعُ بعضُها بعضًا، قال: فاستقبلَها خالدٌ فضربَها بعصاهُ وهو يقولُ: بدا بدا، بدا كلُّ هُدى، زعم ابن راعِية المِعْزَى أني لا أَخرُجُ منها وثيابي تَنْدى، حتى دخل معها الشَّقّ، قال: فأبطأَ عليهم، قال: فقال عمارة بن زياد: والله لو كان صاحبُكم حَيًّا لقد خرج إليكم بعدُ، قال: فقالوا: إنه قد نهانا أن نَدَعُوَه باسمِه، قال: فدَعَوْه باسمه، قال: فخرج إليهم، وقد أَخذ برأسِه، فقال: ألم أنْهَكُم أن تَدْعُوني باسمي، قد والله قَتَلتُموني فادفِنوني، فإذا مَرَّتْ بكم الحُمُر فيها حِمارٌ أبتَرُ فانبِشُوني، فإنكم ستجدوني حَيًّا، قال: فدفنُوه، فمَرّت بهم الحُمُر فيها حمارٌ أبتَرُ، فقلنا: انبُشُوه، فإنه أمَرَنا أن نَنبُشَه، قال عُمارة بن زياد: لا تُحدِّثُ مُضَرُ أنا ننبُشُ، موتانا، والله لا نَنبُشُه أبدًا، قال: وقد كان أخبَرَهم أن في عُكَن امرأتِه لَوحَين، فإذا أشكَلَ عليكم أمرٌ فانظروا فيهما، فإنكم سَتَرون ما تسألون عنه، وقال: لا يَمسُّهما حائضٌ، قال: فلما رجعُوا إلى امرأتِه سألُوها عنهما، فأخرَجَتْهما وهي حائض، قال: فذُهِب بما كان فيهما من عِلْمٍ.

قال: وقال أبو يونس: قال سماك بن حَرْب: سُئل عنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"ذاك نبيٌّ أضاعَه قَومُه".

وقال أبو يونس: قال سِماك بن حَرْب: إنَّ ابن خالد بن سِنانٍ أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"مرحبًا بابنِ أخي"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف ومتنه منكر، أبو يونس قال عنه الإمام أحمد: لا أعرفه. قلنا: وعلى فرض صحة كونه حاتم بن أبي صَغِيرة، كما جزم به المصنِّف ومن قبله الطبراني، فإنه لم يسمع من عكرمة شيئًا كما جزم به ابن مَعِين. =

ص: 144

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=وقد أخرج الطبراني في "الكبير"(11793) هذا الخبر عن علي بن عبد العزيز وخلف بن عمرو العُكبَري، عن معلّى بن مهدي، فزاد في إسناده بين أبي يونس وبين عكرمة رجلًا هو سماك بن حرب.

وقد أخرجه أبو يعلى الموصلي كما في "البداية والنهاية" لابن كثير 3/ 249، وعلي بن الحسين بن الجُنيد عند أبي سعيد النقاش في "فنون العجائب"(27)، كلاهما يرويه عن معلَّى بن مهدي دون ذكر سماك فيه، وكذلك رواه سليمان بن أيوب بن سليمان صاحب البصري عن أبي عوانة عند عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 421، فلم يذكر في إسناده سماكًا.

وعلى فرض ثبوت ذكر سماك في الإسناد، فإنَّ في رواية سماك عن عكرمة اضطرابًا كما نبه عليه غير واحد من أهل العلم، على أن هذا الخبر موقوف على ابن عبّاس، وهو منكرٌ من جهة مخالفته لحديث أبي هريرة المتفق عليه عند البخاري (3443)، ومسلم (2365) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا أَولى الناس بابن مريم، والأنبياء أولاد عَلّات، وليس بيني وبينه نبيٌّ"، كما أفاده ابن كثير، والحافظ العراقي في "ذيل ميزان الاعتدال" في ترجمة أبي يونس المذكور، وغيرهما.

وقد ضعَّف هذا الخبر الحافظان الهيثمي في "المجمع" 8/ 214، وابن حجر في "الإصابة" 2/ 373 بمعلَّى بن مهدي، وأنَّ أبا حاتم ضعَّفه، ولا يُسلّم لهما تضعيفه بذلك، لمتابعة سليمان بن أيوب صاحب البصري له على روايته كما تقدم، وإنما ضعفُه من جهة نكارته وجهالة أبي يونس في إسناده، والله تعالى أعلم.

ولقوله: "ذاك نبيٌّ ضيَّعه قومُه"، وقوله:"مرحبًا بابن أخي" طرق أخرى:

فقد أخرجه البزار (5091)، والطبراني في "الكبير"(12250)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 46، وأبو نُعيم في "تاريخ أصبهان" 2/ 178 من طريق قيس بن الربيع، عن سالم بن عجلان الأفطس، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس. وهذا مع ما فيه من نكارته لمخالفته لحديث أبي هريرة الذي تقدم ذكره، فيه قيس بن الربيع وليس بذاك القوي، وخالفه الحافظُ الثقةُ سفيان الثوري عند ابن أبي شَيْبة 12/ 200، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 421، فرواه عن سالم الأفطس عن سعيد بن جُبَير مرسلًا، فهو المحفوظ.

وأخرجه عمر بن شبة 2/ 423 من طريق هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وأبو طاهر في "المخلصيات"(815) من طريق الفضل بن موسى السِّيناني، كلاهما عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح باذام، عن ابن عبّاس. زاد السيناني في روايته عن عائشة. وهشام الكلبي وأبوه متروكان، وأبو صالح باذام ضعيف. وفيمن دون الفضل السيناني مجهولٌ.=

ص: 145

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري، فإنَّ أبا يونس هذا الذي روى عن عِكْرمة هو حاتم بن أبي صَغِيرةَ، وقد احتجّا جميعًا به، واحتجَّ البخاري بجميع ما يَصِحُّ عن عِكْرمة.

فأما موتُ خالد بن سِنانٍ هكذا فمُختلَفٌ فيه، فإني سمعتُ أبا الأصبغ عبد الملك بن نصر وأبا عثمان سعيد بن نصر وأبا عبد الله بن صالح المَعافِري الأندَلُسِيِّين - وجماعتُهم عندي ثِقاتٌ - يذكُرون أن بينهم وبين القَيروان بحرٌ في وسطها جبلٌ عظيمٌ لا يَصعَدُه أحدٌ، وإن طريقَها في البحر على الجبل، وإنهم رأوا في أعلى الجبل في غار هناك رجلًا عليه صُوفٌ أبيض مُحتَبِيًا في صوفٍ أبيضَ، ورأسُه على يديه، كأنه نائمٌ لم يَتغيَّر منه شيءٌ، وإنَّ جماعة أهل الناحية يَشهدُون أنه خالد بن سِنانٍ، والله أعلم

(1)

.

= وأخرجه عمر بن شبة 2/ 420 عن يوسف بن عطية الصَّفّار، عن ثابت، عن أنس، مرفوعًا. ويوسف هذا متروك الحديث.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 256 عن محمد بن عمر الواقدي، عن علي بن مسلم الليثي، عن المقبري، عن أبي هريرة، مرفوعًا، وانفرد به الواقدي، وليس بحجة فيما ينفرد به.

وقد رُوي في نبوته أخبار أخرى مقطوعة ومرسلة بأسانيد لا تقوم بها الحجة، انظر غالبها في "تاريخ المدينة" لعمر بن شَبَّة 2/ 424 - 433.

(1)

قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 2/ 373: شهادة أهل تلك الناحية بذلك مردودة، فأين بلاد عبس من جبال المغرب؟!

ص: 146

بسم الله الرحمن الرحيم

‌ذكر أخبار سيّد المرسلين وخاتَم النبييّن

محمدِ بن عبدِ الله بن عبدِ المُطّلِب المُصطَفى، صلواتُ الله عليه وعلى آله الطاهرين، من وقت ولادتِه إلى وقت وفاتِه، ما يصحُّ منها على ما رَسَمْنا في الكتاب، لا على ما أجرَينا عليه أخبارَ الأنبياء قبلَه، إذ لم نجدِ السبيلَ إليها إلَّا على الشرط في أول الكتاب

4219 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني ثَوْر بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنهم قالوا: يا رسول الله، أخبِرْنا عن نفسك، فقال:"دعوةُ أبي إبراهيمَ، وبُشرى عيسى، ورأتْ أُمِّي حين حَمَلَت أنه خَرَج منها نُورٌ أضاءتْ له بُصْرى"

(1)

. وبُصرى من أرض الشام.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن الصحيح عن ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار - روايته عن ثور عن خالد بن معدان مرسلًا، كذلك رواه زياد بن عبد الله البكائي كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 166، وسلمة بن الفضل الأبرش عند الطبري في "تفسيره" 1/ 256، وفي "تاريخه" 2/ 165، وكذلك رواه عبد الوهاب بن عطاء، ومحمد بن عمر الواقدي عن ثور بن يزيد عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 1/ 125. ومع ذلك فقد جوَّد ابن كثير في "البداية والنهاية" 3/ 413 إسناد الرواية الموصولة، ولم ينبِّه رحمه الله لرواية من رواه مرسلًا!

وهو في "السيرة النبوية" لابن إسحاق برواية يونس بن بُكير (33). وزاد فيه قصة شقّ بطنه صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 83 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث العِرْباض بن سارية عند أحمد 28/ (17150)، وسيأتي بعده، وقد حسَّنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" في قسم السيرة النبوية.

وحديث أبي أمامة عند أحمد 36 / (22261) وغيره، وفيه رجل ضعيف، لكنه يعتبر به في المتابعات والشواهد.=

ص: 147

قال الحاكم: خالد بن مَعْدان من كِبار

(1)

التابعين، صَحِبَ معاذَ بنَ جَبَل

(2)

فمَن بَعدَه من الصحابة، فإذا أسندَ حديثًا عن الصحابة، فإنه صحيح الإسناد وإن ولم يُخرجاه.

4220 -

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزِي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، قال: قلت لأبي اليَمَان: حدَّثكَ أبو بكر بن أبي مريم الغَسّاني، عن سعيد بن سُوَيد، عن العِرْباض بن سارِيَة السُّلمي، قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إني عندَ الله في أوّل الكتاب لَخاتَمُ النبيين، وإنّ آدمَ لمُنْجَدِلٌ في طِينتِه، وسأنبِّئكم بتأويل ذلك: دعوةُ أبي إبراهيم، وبِشارةُ عيسى قومَه، ورُؤْيا أمي التي رأَتْ أنه خرج منها نُورٌ أضاءت له قصورُ الشام"

(3)

.

= ولرؤيا أمه صلى الله عليه وسلم شاهد من حديث عُتبة بن عَبْدٍ السُّلَمي سيأتي عند المصنف برقم (4276).

ومن حديث حليمة السَّعدية عند ابن حبان (6335)، وفي إسناده جهالة وانقطاع.

ومن مرسل أبي العجفاء ومرسل ابن القبطية ومرسل إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عند ابن سعد 1/ 82 و 83، ورجالها ثقات.

وله طرق أخرى عند الواقدي ذكرها عنه ابن سعد 1/ 81 لم يُتابع الواقديُّ عليها.

(1)

في (ز) و (ب): خيار.

(2)

كذا قال المصنف، وهو وهم منه رحمه الله، فإنَّ خالد بن مَعدان لم يُدرك معاذ بن جبل، ومعلوم أنَّ معاذًا مات في طاعون عمواس سنة (18 هـ)، ولهذا جزم أبو حاتم الرازي والبزار وغيرهما بأنَّ روايته عنه مرسلة، وقد أرسل عن جماعة من الصحابة ممن ماتوا في عصر الخلفاء الراشدين، ولهذا قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 4/ 537: حدَّث عن خلق من الصحابة، وأكثر ذلك مرسل.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم الغَسّاني، وقد قصَّر في إسناده كما قال البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 83، فلم يذكر فيه عبدَ الأعلى بنَ هلال بين سعيد بن سُويد وبين العرباض، وذكره معاوية بن صالح الثقة كما تقدم برقم (3608)، وعبد الأعلى بن هلال روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، فإسناد رواية معاوية بن صالح حسنٌ على أن له شواهد. أبو اليمان: هو الحكم بن نافع. =

ص: 148

هذا حديث صحيح الإسناد، شاهدٌ للحديث الأول.

4221 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا هاشم بن مَرْثَد الطَّبَراني، حدثنا يعقوب بن محمد الزُّهْري، حدثنا عبد العزيز بن عِمران، حدثنا عبد الله بن جعفر، عن أبي عَون، عن المِسْوَر بن مَخْرَمة، عن ابن عبّاس، عن أبيه، قال: قال عبدُ المُطَّلب: قَدِمْنا اليمنَ في رحلةِ الشتاء، فنزلتُ على حَبْرٍ من اليهود، فقال لي رجل من أهل الزَّبُور: يا عبدَ المُطَّلب، أتأذَنُ لي أن أنظُرَ إلى بدنِك ما لم يكن عَورةٌ، قال: ففتح إحدى مَنْخِرَيَّ فنظر فيه، ثم نظر في الأخرى، فقال: أشهدُ أنَّ في إحدى يَدَيك مُلْكًا، وفي الأخرى نبوةً، وأرى ذلك في بني زُهْرةَ، فكيف ذلك؟ فقلت: لا أدري، قال: هل لك من شاعَةٍ، قال: قلتُ: وما الشاعةُ؟ قال: زوجةٌ، قلت: أما اليومَ فلا، قال: إذا قَدِمْتَ فتَزَوَّجْ فيهن، فرجع عبدُ المُطَّلب إلى مكة، فتزوَّج هالة بنتَ وهبِ بن عبد مَنافٍ، فوَلَدَت له حمزةَ وصفيّةَ، وتزوج عبدُ الله بن عبد المطّلب آمنةَ بنت وهبٍ، فولَدَت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقالت قريشٌ حين تَزوَّج عبدُ الله آمنةَ: فَلَجَ

(1)

عبدُ الله على أبيه

(2)

.

= وأخرجه أحمد 28/ (17163) عن أبي اليمان الحكم بن نافع، بهذا الإسناد.

ويشهد لقوله: "دعوة أبي إبراهيم" إلى آخر الحديث ما قبله. ويشهد لقوله: "إني لخاتم النبيين وإنَّ آدم لمنجدلٌ في طينته" حديثا أبي هريرة وميسرة الفجر الآتيان برقم (4254) و (4255)، وهما صحيحان.

(1)

أي: ظفر وفاز.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل عبد العزيز بن عمران، فهو متروك الحديث، ويعقوب بن محمد الزُّهْري - وهو ابن عيسى - فيه لين، لكن هذا الأخير متابعٌ، فيبقى الشأن في الآخر. لكن زواج عبد المطلب بهالة وزواج ابنه عبد الله ووالد النبي صلى الله عليه وسلم، بآمنة، فمشهور عند أهل السير شهرةً يُستغنى بها عن الإسناد.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 106، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 420 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =

ص: 149

4222 -

حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر الفارسي، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو غسان محمد بن يحيى الكِنَاني، حدثني أبي، عن ابن إسحاق، قال: كان هشامُ بن عُرْوة يُحدِّث عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان يهوديٌّ قد سَكَنَ مكةَ يَتَّجِرُ بها، فلما كانتِ الليلةُ التي وُلد فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال في مجلس من قريش: يا معشرَ قريش، هل وُلِد فيكم الليلةَ مولودٌ؟ فقال القوم: والله ما نَعلمُه، قال: الله أكبر، أمّا إذا أخطأَكُم فلا بأس، انظروا واحفَظُوا ما أقولُ لكم، وُلِد هذه الليلةَ نبيُّ هذه الأمةِ الأخيرةِ، بين كتفَيه علامةٌ فيها شَعَرات مُتواتِرات، كأنهن عَرْفُ فَرَس، لا يَرضَعُ ليلتَين، وذلك أنَّ عِفْريتًا من الجنّ أدخَلَ إصبَعَيه في فَمِه فمنعَه الرَّضاع، فتَصدَّع القومُ من مَجلِسهم وهم مُتعجِّبون من قولِه وحديثِه، فلما صارُوا إلى منازلِهم أخبَرَ كلُّ إنسان

= وأخرجه إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 2/ 580، وابن الأعرابي في "معجمه"(1534)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(271)، والطبراني في "الكبير"(2917)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(71)، وفي "معرفة الصحابة"(1809)، والبيهقي في "الدلائل" 1/ 106، وابن عساكر 3/ 419 و 421، وابن الجوزي في "المنتظم" 2/ 402، وابن سيد الناس في "عيون الأثر" 1/ 74 من طرق عن يعقوب بن محمد، به. غير أنَّ ابن الأعرابي قال في روايته: عن عبد الواحد بن أبي عون، فذكر الابن بدل أبيه. ورواية بعضهم مختصرة. وقد جاء في رواية الأكثرين اسم أم حمزة وصفية هالة بنت وُهَيب، بدل: وَهْب، وهو المشهور كما قال ابن ناصر الدين الدمشقي في "جامع الآثار" 2/ 410، وقال: بنت وُهيب ويقال: بنت أُهَيب. قلنا: هذا الذي قاله ابن ناصر الدين صحيح، وهو مما اتفق عليه أهل السير كابن إسحاق وابن الكلبي والواقدي وابن سعد ومصعب بن عبد الله الزبيري والزبير بن بكّار والبلاذري.

وأخرجه ابن ناصر الدين في "جامع الآثار" 2/ 408 - 409 من طريق إبراهيم بن المنذر الحِزامي، عن عبد العزيز بن عمران، به. لكنه قال أيضًا في روايته: هالة بنت وهْب!

وأخرجه الآجُرّي في "الشريعة"(961) من طريق محمد بن سنان القزاز، عن يعقوب بن محمد، عن عبد العزيز بن عمران، عن أبيه، عن ابن المسور بن مخرمة، عن أبيه، عن العباس بن عبد المطلب. ومحمد بن سنان القزاز متكلَّم فيه أيضًا.

وسيأتي الخبر مختصرًا برقم (4958) بذكر زواج عبد المطلب من هالة بنت أُهيب وولادة حمزة وصفية منها، من طريق محمد بن إسحاق الصَّغاني عن يعقوب بن محمد.

ص: 150

منهم أهلَه، فقالوا: قد وُلِد لعبد الله بن عبد المطلب غلامٌ سَمَّوه محمدًا، فالتقى القومُ فقالوا: هل سمعتُم حديثَ اليهوديّ وهل بَلَغَكم مَولِدُ هذا الغُلامِ، فانطَلقُوا حتى جاؤوا اليهوديَّ فأخبرُوه الخَبَرَ، قال: فاذهبُوا معي حتى أَنظُرَ إليه، فخرجُوا حتى أدخَلُوه على آمنةَ، فقال: أَخرجي إلينا ابنَك، فأخرجَتْه، وكشَفُوا له عن ظَهْرِه، فرأى تلك الشامةَ، فوقع اليهودي مَغشيًّا عليه، فلما أفاقَ قالوا: وَيلَكَ، ما لكَ؟ قال: ذهبتْ واللهِ النبوةُ من بني إسرائيل، فَرِحتُم به يا معشرَ قُريش، أما واللهِ لَيَسْطُوَنَّ بكُم سَطُوةً يَخرُج خَبرُها من المَشرِق والمَغرب. وكان في النَّفَر يومئذ الذينَ قال لهم اليهوديُّ ما قال؛ هشام والوليد بن المغيرة ومُسافِر بن أبي عمرو وعُبيدة بن الحارث بن عبد المُطّلب، وعُتبةُ بن رَبيعة شابٌّ فوقَ المُحتَلِم، في نَفَرٍ من بني مَنَافٍ وغيرهم من قُريش

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد تَواتَرتِ الأخبارُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وُلد مَختُونًا مَسرُورًا

(2)

، ووُلِد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

(1)

إسناده ضعيف كما أفاده الذهبي في "تلخيصه" متعقِّبًا الحاكم في تصحيحه. قلنا: وذلك لجهالة يحيى الكناني - وهو ابن علي بن عبد الحميد - ومع ذلك حسَّن إسنادَه ابن حجر في "الفتح" 10/ 443، ولم يتابع أحدٌ من أصحاب محمد بن إسحاق الكنانيَّ هذا!

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 108 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 1/ 162، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 417 عن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف القرشي، عن أبي عُبيدة بن عبد الله بن أبي عُبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر وغيره، عن هشام بن عُرْوة به. وأبو عبيدة هذا مجهول كذلك، بل لم يَرد ذكرُه في شيء من كتب التراجم والتاريخ إلّا في هذا الخبر.

(2)

عقَّبَ الذهبيُّ على كلام المصنّف هذا في "ميزان الاعتدال" بقوله: ومن شقاشقه قوله: إنَّ المصطفى صلى الله عليه وسلم وُلد مسرورًا مختونًا قد تواتر هذا. وقال في "تلخيص المستدرك": ما أعلم صحة ذلك، فكيف متواترًا؟! وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" 3/ 388: زعم بعضهم أنه متواتر، وفي هذا كله نظر.

قلنا: وخبر أنه صلى الله عليه وسلم وُلد مختونًا رُوي من حديث أنس، والعباس بن عبد المطلب، وابن عباس وابن عمر، وأبي هريرة، وأبي بكرة: =

ص: 151

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أما حديث أنس بن مالك، فله طريقان لا يفرح بهما:

الأول: يرويه سفيان بن محمد الفزاري عند الطبراني في "الأوسط"(6148)، وفي "الصغير"(936)، والخطيب البغدادي في "تاريخه" 2/ 179، وفي "المفترق والمتفق"(688)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 412 و 412 - 413 عن هشيم بن بشير، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كرامتي على ربي أني ولدت مختونًا، ولم ير أحد سوأتي". وسفيان الفزاري متروك.

الثاني: يرويه نوح بن محمد الأيلي عند أبي نعيم في "الحلية" 3/ 24، وفي "دلائل النبوة"(91)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 413 - 414، والضياء المقدسي في "المختارة" 5/ (1864) عن الحسن بن عرفة، عن هشيم بن بشير، به؟ ونوح هذا، قال الذهبي في ترجمته من "الميزان" 4/ 279: روى عن الحسن بن عرفة حديثًا شبه موضوع. وقال ابن عساكر: وهذا إسناد فيه بعض من يجهل حاله، وقد سرقه ابن الجارود - وهو كذاب - فرواه عن الحسن بن عرفة، ثم أسنده 3/ 414 من طريق محمد بن عبد الرحمن بن الجارود الرقي الذي سرقه من نوح الأيلي فرواه عن الحسن بن عرفة، فالحديث معروف بنوح الأيلي.

وأما حديث العباس، فيرويه يونس بن عطاء المكي عند ابن سعد في "الطبقات" 1/ 83 - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 411 - وأبي نعيم في "الدلائل"(92)، والبيهقي في "الدلائل" 1/ 114 - ومن طريقه ابن عساكر 3/ 79 - 80 - عن الحكم بن أبان العدني، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن أبيه العباس بن عبد المطلب قال: ولد النبي صلى الله عليه وسلم مختونًا مسرورًا. وقع في رواية البيهقي زيادة عثمان بن ربيعة بن زياد الصيدلاني بين يونس والحكم. ويونس بن عطاء قال ابن حبان في "المجروحين" 3/ 141: يروي العجائب، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد. وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب": ليس إسناد حديث العباس بالقائم.

وأما حديث ابن عباس، فيرويه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي عند ابن عدي في "الكامل" 2/ 155 - ومن طريقه ابن عساكر 3/ 411 - وابن جميع الصيداوي في "معجم شيوخه" ص 336 عن صفوان بن هبيرة ومحمد بن بكر البرساني، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: ولد النبي صلى الله عليه وسلم مسرورًا مختونًا. وجعفر بن عبد الواحد متهم بالكذب.

وأما حديث ابن عمر، فيرويه عبد الرحمن بن أيوب الحمصي عند أبي نعيم في "تاريخ أصبهان" 1/ 156 - ومن طريقه ابن عساكر 2/ 414 - والضياء المقدسي في "المنتقى من مسموعاته"(216)، عن موسى بن أبي موسى المقدسي، عن خالد بن إلياس، عن نافع، عن ابن عمر، قال: وُلد النبي صلى الله عليه وسلم مسرورًا مختونًا. وعبد الرحمن بن أيوب - وهو السكوني الحمصي - ضعيف كما في "لسان الميزان"،=

ص: 152

في الدار التي في الزُّقَاق المعروف بزُقاق المدكَّك بمكة، وقد صليتُ فيها، وهي الدارُ التي كانت بعد مُهاجَرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في يد عَقِيل بن أبي طالب، ثم في أيدي ولدِه بعدَه.

4223 -

كما حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نَصْر الخَوْلاني، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شِهَاب، أخبرني علي بن الحسين، أنَّ عمرو بن عثمان أخبره عن أسامة بن زيد، أنه قال: يا رسول الله، أتنزِلُ في دارِك

= وموسى المقدسي لم نعرفه، وخالد بن إلياس - ويقال: إياس - متروك الحديث، فالإسناد تالف لا يفرح به.

وأما حديث أبي هريرة، فيرويه محمد بن كثير الكوفي عند أبي الحسن السكري الحربي الصيرفي في "الجزء الثاني من الحربيات"(19) - ومن طريقه ابن عساكر 3/ 411 - 412 - عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن أبي هريرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ولد مختونًا. ومحمد الكوفي ضعيف، وكذا إسماعيل بن مسلم، وهو الطائفي، بل تركه غيرُ واحد، والحسن - وهو البصري - لم يسمع من أبي هريرة.

وأما حديث أبي بكرة، فيرويه عبد الرحمن بن عيينة البصري عند الطبراني في "الأوسط"(5821)، وأبي نعيم في "الدلائل"(93)، وابن عساكر 3/ 410 عن علي بن محمد السلمي المدائني، عن مسلمة بن محارب بن سلم، عن أبيه، عن أبي بكرة: أن جبريل عليه السلام ختن النبي صلى الله عليه وسلم حين طهَّر قلبه. وقال الطبراني: تفرَّد به عبد الرحمن. قلنا: وإسناده مسلسل بالمجاهيل؛ عبد الرحمن بن عيينة لم نعرفه، وعلي السلمي ليّن، ومسلمة بن محارب وأبوه، ترجم لهما البخاري وابن أبي حاتم، وسكتا عنهما، وهما مجهولان، ومع ذلك أوردهما ابن حبان في "الثقات". وقال الذهبي عن هذا الخبر في "تاريخ الإسلام" 1/ 486: منكر.

وروى ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 37، وفي "التمهيد" 21/ 61 و 23/ 140 من طريق محمد بن أبي السري العسقلاني، عن الوليد بن مسلم، عن شعيب بن أبي حمزة، عن عطاء الخراساني، عن عكرمة عن ابن عباس: أنَّ عبد المطلب ختن النبيَّ صلى الله عليه وسلم يومَ سابعه، وجعل له مأدبة، وسماه محمدًا. وقال غريب. قلنا: وفي إسناده محمد بن عيسى بن رفاعة متَّهم.

وقد سئل الإمام أحمد كما في "السنة" للخلال (202): هل ولد النبي صلى الله عليه وسلم مختونًا؟ فقال: الله أعلم، ثم قال: لا أدري. فلو صحَّ عنده شيء لقالَ به، والله تعالى أعلم.

ص: 153

بمكةَ؟ قال: "وهل تَرَكَ لنا عَقِيلٌ من رِباعٍ أو دُورٍ؟ "، وكان عَقِيلٌ وَرِثَ أبا طالبٍ، ولم يَرثْه عليٌّ ولا جعفرٌ لأنهما كانا مسلمَين

(1)

.

قد احتجَّ الشيخان بهذا الحديث.

4224 -

أخبرنا أبو عمرو بن السَّمّاك ببغداد والحسن بن يعقوب العَدْل بنَيسابُور، قالا: حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد، عن قَتَادة، عن غَيلان بن جَرير، عن عبد الله بن مَعْبَد الزِّمّاني، عن أبي قَتَادة الأنصاري: أنَّ أعرابيًّا سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين، قال:"ذاك اليومُ الذي وُلِدتُ فيه، وأُنزل عليَّ فيه"

(2)

.

صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه! إنما احتجَّ مُسلمٌ بحديث شُعْبة عن قَتَادة، بهذا الإسناد:"صومُ يومِ عَرَفةَ يُكفِّر السنةَ وما قَبْلَها"

(3)

.

4225 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني،

(1)

إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله.

وأخرجه مسلم (1351)، وابن ماجه (2730) والنسائي (4241)، وابن حبان (5149) من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 36/ (21752) و (21766)، والبخاري (3058) و (4282)، ومسلم (1351)، وأبو داود (2010) و (2910)، وابن ماجه (2942)، والنسائي (4242) من طرق عن ابن شهاب الزُّهْري، به.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل يحيى بن أبي طالب وعبد الوهاب بن عطاء - وهو الخَفَّاف - فهما صدوقان لا بأس بهما، وقد توبعا. سعيد: هو ابن أبي عَروبة، وقَتَادة: هو ابن دِعامة.

وأخرجه أحمد 37/ (22541)، وابن حبان (3642) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 37/ (22537) و (22550)، ومسلم (1162)، والنسائي (2790) من طرق عن غيلان بن جَرير، به. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(3)

هو قطعة من الحديث السابق عنده.

ص: 154

حدثنا حجَّاج بن محمد، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس، قال: وُلد النبيُّ صلى الله عليه وسلم عامَ الفِيلِ

(1)

.

(1)

إسناده حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - ولم يروه عنه غير حجاج بن محمد - وهو المِصِّيصي الأعور - وقد اختُلف في لفظه عن حجاج، فبعضهم يقول فيه: عام الفيل، كما رواه الصغاني هنا وتابعه الحسن بن علي بن علويه وغيره، وبعضهم يقول فيه: يوم الفيل، بدل عام الفيل، كذلك رواه يحيى بن مَعِين ويوسف بن سعيد بن مُسلَّم وحميد بن الربيع وغيرهم عن حجاج بن محمد. وقال العباس بن محمد الدُّوري في "تاريخه" (2963): قد كان يحيى - يعني ابن مَعِين - قال: وُلد النبيُّ صلى الله عليه وسلم عام الفيل، ثم رجع فقال: يوم الفيل، هذا الآخِر من قول يحيى.

وقد خطّأ عبد الله بن أحمد بن حنبل في "العلل"(3808) رواية يحيى بن مَعِين، مع أنه لم ينفرد به كما تقدم، وعليه فإن يكن في هذه الرواية وهمٌ فيكون من يونس بن أبي إسحاق لأنَّ لديه أوهامًا، وربما كان الوهم من حجاج بن محمد، والله أعلم. لكن يعكر عليه وروده عن ابن عبّاس من وجه آخر كما سيأتي. على أنَّ عددًا من أهل العلم قد حكى الإجماع على أنَّ ولادته صلى الله عليه وسلم كانت عام الفيل لا يوم الفيل، كما بينه ابن ناصر الدين في "جامع الآثار" 2/ 55. قلنا: ويؤيده رواية قيس بن مخرمة الآتية برقم (4228): ولدتُ أنا ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل، وحسَّنه الترمذيُّ والذهبيُّ في قسم السيرة النبوية من "تاريخ الإسلام". ورواية قباث بن أشْيَم الآتية عند المصنف برقم (6769).

وقال ابن سعد بعد أن رواه عن يحيى بن مَعِين: يوم الفيل يعني عام الفيل. قال ذلك ابن سعد مُؤوِّلًا، وكأنه أراد دفع التعارض بين روايته ورواية من قال: عام الفيل.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 75 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار في "مسنده"(4762) و (5017) عن الحسن بن علي بن علّويه، عن حجاج بن محمد، به بلفظ: عام الفيل. وتحرَّف في المطبوع منه في الموضعين اسم الحسن إلى الحسين. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 1/ 81، والعباس بن محمد الدُّوري في "تاريخه"(2963)، وأبو العباس بن مُحرز في "معرفة الرجال عن يحيى بن مَعِين"(797)، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في "العلل"(3808) و (5221)، وأبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" 1/ 142، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5967)، وابن حبان في "الثقات" 1/ 14، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 70 - 71، وأبو طاهر السِّلَفي في "معجم السفر"(728)، والضياء المقدسي في "المختارة"=

ص: 155

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4226 -

حدَّثَناه أبو سعيد أحمد بن محمد الأحمسي بالكوفة، حدثنا الحسين بن حُميد بن الربيع، حدثنا أبي، حدثنا حجّاج بن محمد، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس، قال: وُلد النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ الفِيل

(1)

.

تفرد حميد بن الربيع بهذه اللفظة في هذا الحديث، ولم يُتابَع عليه.

4227 -

حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن شَبَّويهِ الرئيس بمَرْو، حدثنا جعفر بن محمد النَّيسابوري، حدثنا علي بن مِهْران، أخبرنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم لاثنتي عشرة ليلةً مَضَتْ من شهر ربيعٍ الأولِ

(2)

.

= 10/ (349 - 351)، وابن سيد الناس في "عيون الأثر" 1/ 33 - 34، والذهبي في قسم السيرة النبوية من "تاريخ الإسلام" 1/ 482 من طريق يحيى بن مَعِين، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 70 - 71 من طريق يوسف بن سعيد بن مسلم، ومن طريق أبي حميد عبد الله بن محمد بن تميم، ثلاثتهم عن حجاج بن محمد، به بلفظ: يوم الفيل، لكن جاء في بعض الروايات عن ابن مَعِين: عام الفيل، وهو محمول على ما كان يقوله ابن مَعِين قبلُ كما نصَّ عليه العباس الدُّوري.

وسيأتي بعده من طريق حميد بن الربيع عن حجاج، بلفظ: يوم الفيل.

وأخرجه الجوزْقاني في "الأباطيل والمناكير والصحاح"(122) من طريق سعيد بن ميناء، عن جابر بن عبد الله وابن عبّاس، قالا: وُلد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل.

(1)

حسن، والحسين بن حميد بن الربيع فيه لين، لكنه متابع كما في الطريق التي قبله ولم ينفرد به كما زعم المصنف.

(2)

أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(1324) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 2/ 156 عن محمد بن حميد الرازي، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 74 من طريق عمار بن الحسن النسائي، كلاهما عن سلمة بن الفضل، به.

وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 158 عن زياد بن عبد الله البكائي، عن محمد بن إسحاق. =

ص: 156

4228 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني المُطَّلب بن عبد الله بن قيس بن مَخْرَمة، عن أبيه، عن جده قيس بن مَخْرَمةَ، قال: وُلِدتُ أنا ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامَ الفيل، كنّا لِدَينِ

(1)

.

قال ابن إسحاق: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامَ عُكَاظٍ ابنَ عشرين سنةً

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4229 -

حدثنا أبو جعفر البغدادي لفظًا، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عمرو بن عَون الواسِطيّ، حدثنا خالد بن عبد الله، عن داود بن أبي هند، عن العباس بن عبد الرحمن، عن كِنْدِير بن سعيد، عن أبيه، قال: حَجَجْتُ في الجاهلية، فإذا أنا برجل يطوفُ بالبيت، وهو يَرتَجِزُ ويقول:

ربِّ رُدَّ إليَّ راكِبِي مُحمَّدا

يا ربِّ رُدَّه إليَّ واصطَنِعْ عندي يَدا

= ويشهد له ما أخرجه الجُورْقاني في "الأباطيل والمناكير والصحاح"(122) بسند صحيح عن جابر بن عبد الله وابن عبّاس، قالا: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل يوم الاثنين، الثاني عشر من شهر ربيع الأول، وفيه بُعث، وفيه عَرج إلى السماء، وفيه هاجر، وفيه مات صلى الله عليه وسلم.

(1)

إسناده حسن كما قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" 1/ 482. والمطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة - وإن لم يرو عنه غير محمد بن إسحاق - ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "مشاهير علماء الأمصار" (1099): من سادات أهل المدينة. قلنا: وقد تابعه ابن عمه حُكيم بن محمد بن قيس بن مخرمة عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 1/ 81، وحُكَيم هذا صدوق. وأخرجه أحمد 29/ (17891) من طريق إبراهيم بن سعد، والترمذي (3619) من طريق جَرير بن حازم، كلاهما عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وسيتكرر برقم (6032).

واللِّدَة: الذي يولد معك في وقت واحد.

(2)

وهو في "سيرة ابن إسحاق" برواية يونس بن بكير (30).

ص: 157

فقلتُ: مَن هذا؟ فقالوا: عبد المطَّلب بن هاشم، بَعَثَ بابن ابنه محمدٍ في طلب إبل له ولم يبعثه في حاجةٍ إلّا أنْجَحَ فيها، وقد أبطأَ عليه، فلم يَلبَثْ أن جاء محمدٌ والإبلُ، فاعتَنَقَه، وقال: يا بُنيّ، لقد جَزِعتُ عليك جَزَعًا لم أَجْزَعْه على شيءٍ قطُّ، والله لا أبعثُك في حاجةٍ أبدًا، ولا تُفارِقُني بعد هذا أبدًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وقد اتفق الشيخان من أسامي رسول الله صلى الله عليه وسلم على محمد وأحمد والحاشِر والعاقِب والماحِي:

(1)

إسناده حسن إن شاء الله، العباس بن عبد الرحمن - وهو ابن ربيعة بن الحارث مولى بني هاشم - روى عن جمع من الصحابة، وروى عنه داود بن أبي هند وعاصم بن سليمان الأحول، وكندير بن سعيد - وإن لم يرو عنه غير العباس هذا - تابعي كبير، وقيل: له رؤية، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وهو هنا يحكي قصة لأبيه، وقد حسَّن الهيثميُّ إسنادَ هذا الخبر في "مجمع الزوائد" 8/ 224.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 151 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد 1/ 92، وابن أبي خيثمة في السِّفر الثاني من "تاريخه"(869)، وأبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" 1/ 143، وأبو يعلى الموصلي (1478)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(978)، والطبراني في "الكبير"(5524)، وأبو إسحاق الثعلبي في "تفسيره" 10/ 226، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(3257)، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 20، وابن سيد الناس في "عيون الأثر" 1/ 47 من طرق عن خالد بن عبد الله الواسطي، به.

وأخرجه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 82 من طريق علي بن عاصم، عن داود بن أبي هند، به.

وأخرج ابن عدي في "الكامل" 2/ 67 من طريق مسلمة بن علقمة، عن داود بن أبي هند، عن بهز بن حكيم، عن جده، قال: رأيت عبد المطلب يطوف

فذكر مثله. وهذا منقطع لأنَّ بهزًا لم يدرك جده الصحابي معاوية بن حيدة، فضلًا عن أن يدرك أبا جده حيدة.

وقد وصله البيهقي في "الدلائل" 2/ 21 من طريق خارجة بن مصعب، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده معاوية بن حيدة، قال: خرج حيدة بن معاوية

فذكره، لكن خارجة بن مصعب هذا متروك الحديث.

ص: 158

4230 -

فحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حاتم المُزكِّي بمَرْو، حدثنا عبد العزيز

(1)

بن حاتم، حدثنا أبو نُعيم، حدثنا المسعودي، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي عُبيدة، عن أبي موسى، قال: سمَّى لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نفسَه أسماءً، فمنها ما حَفِظْنا ومنها ما نَسِينا، قال:"أنا محمدٌ وأحمدُ والمُقفِّي والحاشِر، ونبيُّ التوبة والمَلْحَمة"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!

4231 -

أخبرني أحمد بن محمد بن عمرو الأحمسي، حدثنا الحُسين بن حميد، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن جعفر بن أبي وَحشِيّة، عن نافع بن جُبَير بن مُطعِم، عن أبيه، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا محمدٌ وأحمدُ والمُقفِّي والحاشِرُ والخاتِمُ والعاقِب"

(3)

.

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: عبد الله، والتصويب من سائر روايات الحاكم من طريقه.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد العزيز بن حاتم، وقد توبع أبو نُعيم: هو الفضل بن دُكين، والمسعودي: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة، وأبو عُبيدة: هو ابن عبد الله بن مسعود.

وأخرجه أحمد 23/ (19525) و (19621) و (19651) من طرق عن المسعودي، بهذا الإسناد. وقال في روايةٍ عن المسعودي:"نبي الرحمة" بدل: "نبي الملحمة".

وأخرجه مسلم (2355)، وابن حبان (6314) من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة، به.

لكن جاء في رواية مسلم: "نبي التوبة ونبي الرحمة"، وفي رواية ابن حبان:"نبي الرحمة ونبي الملحمة". واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(3)

حديث صحيح، والحسين بن حميد - وهو ابن الربيع - فيه لين، لكنه متابع.

وأخرجه أحمد 27/ (16748) و (16770) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. لكن بذكر الماحي بدل المُقفِّي.

وقد ورد ذكر المقفِّي في رواية علي بن الجعد حماد بن سلمة، كما في "مسند ابن الجعد" لأبي القاسم البغوي (3322) وغيره، لكن الصحيح في رواية نافع بن جُبَير ذكر الماحي بدل المُقفِّي، فقد رواه عُتبة بن مسلم عن نافع بن جُبَير عن أبيه، عند ابن سعد 1/ 85 وغيره، بذكر الماحي بدل المُقفِّي. =

ص: 159

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4232 -

حدثنا الأستاذ أبو الوليد وأبو بكر بن عبد الله، قالا: حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا قُتَيبة بن سعيد، حدثنا الليث بن سعد، عن ابن عَجْلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أنا أبو القاسِم، اللهُ يُعطِي وأنا أَقسِمُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

= والظاهر أنَّ الوهم في ذكره هنا من حماد نفسه، فقد روى حماد بن سلمة أيضًا حديث حذيفة بن اليمان في ذكر أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أحمد 38/ (23443) وغيره، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ بن حُبيش، عن حذيفة؛ فذكر فيه المقفِّي، فالتبس ذكره على حماد ودخل له حديث في حديث، والله أعلم.

وأخرجه أحمد 27/ (16734) و (16771)، والبخاري (3532) و (4896)، ومسلم (2354)، والترمذي (2840)، والنسائي (11526)، وابن حبان (6313) من طريق ابن شهاب الزُّهْري، عن محمد بن جُبَير بن مُطعِم عن أبيه. بذكر محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب.

فحصل بذلك أنَّ المحفوظ في حديث جُبَير بن مطعم مما رواه عنه ابناه نافع ومحمد: محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب والخاتم. وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم اسم الماحي في بعض طرق الحديث بقوله: "الذي يُمحى بي الكفر"، وأما العاقب ففسَّره بعض الرواة بقوله: الذي ليس بعده نبي.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد جيد من أجل عجلان - والد محمد، وهو مولى فاطمة بنت عتبة - وقد رُوي عن أبي هريرة من وجوه أُخرى.

وأخرجه أحمد 15/ (9598) عن يحيى بن سعيد القطان وابن حبان (5817) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن محمد بن عجلان، به.

وأخرجه أحمد 16/ (10257)، والبخاري (3117) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة، والنسائي (5808) طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن كلاهما عن أبي هريرة دون قوله:"أنا أبو القاسم". ورواية ابن أبي عمرة: "ما أعطيكم ولا أمنعكم، إنما أنا قاسم أضعُ حيث أُمِرتُ".

وأخرجه أحمد 13/ (7728) من طريق موسى بن يسار، عن أبي هريرة. بلفظ:"تَسمُّوا بي ولا تكتنوا بي، أنا أبو القاسم"، وإسناده صحيح.

ص: 160

4233 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا عُبيد بن عبد الواحد بن شَرِيك وأحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، قالا: حدثنا عمرو بن خالد الحَرّاني، حدثنا ابن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حَبيب وعُقيل، عن ابن شِهَاب، عن أنس، قال: لما وُلِد إبراهيمُ ابن النبي صلى الله عليه وسلم، أتاهُ جبريلُ فقال: السلامُ عليك يا أبا إبراهيمَ

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة - واسمه عبد الله - وقد ظهر سوء حفظه في هذا الخبر، وذلك أنه اختُلف عليه في إسناده، فرواه عمرو بن خالد الحراني وعثمان بن صالح المصري عنه، كما وقع في رواية المصنف هنا بذكر يزيد بن أبي حبيب وعُقيل - وهو ابن خالد - مقرونَين، وخالفهما عبد الله بن وهب ويحيى بن بكير، فروياه عنه، عن يزيد بن أبي حبيب وحده، عن الزُّهْري، وخالفهم هانئ بن المتوكل وعبد الله بن صالح كاتب الليث، فروياه عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب وحده، عن عبد الرحمن بن شماسة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وأشبه هذه الروايات عنه رواية عبد الله بن وهب ويحيى بن بكير، لأنَّ الله بن وهب قديم السماع من ابن لهيعة قبل تغيُّر حفظه، ولكن يزيد بن أبي حبيب لم يسمع من الزُّهْري شيئًا فيما نصَّ عليه غير واحد من النقاد كعبد الله بن يزيد المقرئ وأحمد بن حنبل ويحيى بن مَعِين وأبي حاتم الرازي، وقالوا إنما كتب له الزُّهْري كتابةً. قلنا: وهو ينُصُّ على ذكر الكتابة عادةً، لكنه هنا لم ينُصّ عليها، فروايته عنه منقطعة، وخصوصًا إذا علمنا أنه يروي عنه بواسطة في غير ما حديث.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3129)، والدولابي في "الكنى والأسماء"(18)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(638)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(7491) والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 163، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 44 من طريق عمرو بن خالد الحراني، وابن أبي عاصم (3128)، والبزار (6331)، والدولابي (17)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 413، وفي "الدلائل" 1/ 163، وابن عساكر 3/ 44 من طريق عثمان بن صالح المصري، كلاهما عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عبد الحَكَم في "فتوح مصر" ص 121، وابن أبي عاصم (3127)، وابن السُّنِّي في "عمل اليوم والليلة"(410) من طريق عبد الله بن وهب والطبراني في "الأوسط"(3687)، وابن مَندَهْ في "معرفة الصحابة" 1/ 972 من طريق يحيى بن بُكير، كلاهما عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب وحده، عن ابن شهاب الزُّهْري، عن أنس.

وأخرجه ابن عبد الحَكَم ص 121، والطبراني في "الكبير"(14729) من طريق هانئ بن المتوكل، =

ص: 161

4234 -

حدثني بكر بن محمد الصَّيْرَفي بمَرْو، حدثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، حدثنا عُبيد بن إسحاق العَطّار، حدثنا القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، حدثني أبي، حدثني أبي، عن جابر بن عبد الله، قال: صَعِدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المِنبرَ فحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال:"مَن أنا؟ قلنا: رسولُ الله، قال: "نعم، ولكن مَن أنا؟ " قلنا: أنتَ محمدُ بن عبد الله بن عبد المُطَّلب بن هاشم بن عبد مَناف، قال:"أنا سَيِّدُ ولدِ آدمَ ولا فَخْرَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4235 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِيُّ بن خُزَيمة، حدثنا عفّان، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عاصم بن كُليب، عن أبيه، قال: حدثتْني ربيبةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم زينبُ، وقلت لها: أخبريني عن النبي صلى الله عليه وسلم، ممن كان؟ من مُضَرَ كان؟ قالت: فممَّن كان إِلَّا من مُضَرَ، من ولدِ النَّضر بن كِنانة

(2)

.

= والخرائطي في "اعتلال القلوب"(737)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 45 من طريق عبد الله بن صالح، كلاهما عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن شماسة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، القاسم بن محمد متروك تالف، وعُبيد بن إسحاق ضعفه غير واحدٍ، قال ذلك الذهبي في "تلخيصه". قلنا: وعبد الله بن محمد بن عقيل ضعيف فيما يتفرد به.

وأخرجه أبو بكر بن أبي خيثمة في "تاريخه" كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين الدمشقي 4/ 430، وأبو جعفر بن البَخْتَري في بعض مجالسِهِ إملاءً كما في "مجموع فيه مصنفاته"(141)، والطبراني في "الأوسط"(582) من طريق عُبيد بن إسحاق، عن القاسم بن محمد، عن جده عبد الله بن محمد بن عَقيل، عن جابر. لم يذكروا فيه أبا القاسم بن محمد.

(2)

إسناده صحيح لكن دون ذكر عاصم بن كليب في إسناده، وذكره خطأ من عَفَّان بن مسلم، كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 10/ 330.

وأخرجه البخاري (3491) عن قيس بن حفص البصري، و (3492) عن موسى بن إسماعيل، كلاهما عن عبد الواحد بن زياد، عن كليب بن وائل، عن ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت أبي سلمة. فلم يذكرا في روايتهما عن عبد الواحد عاصم بن كليب. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

ص: 162

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!

4236 -

أخبرني إبراهيم بن محمد المُزكِّي ومحمد بن يعقوب الحافظ، قالا: حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا أبو يحيى، حدثنا صَدَقة بن سابِق، قال: قرأتُ على محمد بن إسحاق، قال: حدثني مُطَّلِب بن عبد الله بن قيس بن مَخْرَمة، عن أبيه، عن جده: أنه ذَكَرَ ولادةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: تُوفّي أبُوه وأمُّه حُبْلَى به

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف صدقة بن سابق - وهو المعروف بالمُقعد أو الزَّمِن - فقد قال عنه ابن مَعِين فيما نقله عنه ابن شاهين في "تاريخ الضعفاء والكذابين": ليس بشيء.

قلنا: وقد خالف أصحاب محمد بن إسحاق في وصل هذا الخبر، وإنما رووه عن ابن إسحاق مقطوعًا أو مرسلًا، بل جاء في رواية ليونس بن بكير عن ابن إسحاق أنه قال: هلك أبوه عبد الله بن عبد المطلب وأمه حُبلى، ويقال: إنَّ عبد الله هلك والنبي صلى الله عليه وسلم ابن ثمانية وعشرين شهرًا، فالله أعلم أي ذلك كان. كذا قاله ابن إسحاق على الشك، ولو كان ثبت لديه موصولًا لما شك.

وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 157 عن زياد البكائي، وفي "المبتدأ والمغازي" برواية يونس بن بكير (28) و (53)، وأخرجه الطبري في "تاريخه" 2/ 165 من طريق سلمة بن الفضل، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 81 من طريق إبراهيم بن سعد، أربعتهم (البكائي ويونس وإبراهيم بن سعد وسلمة) عن ابن إسحاق مقطوعًا أو مرسلًا.

وهذا الذي قاله ابن إسحاق من وفاة أبي النبي صلى الله عليه وسلم والنبيُّ صلى الله عليه وسلم حَمْلٌ، هو ما رواه أيضًا محمد بن عمر الواقدي عن جماعة من شيوخه عند ابن سعد 1/ 79 و 128 - 129، ورجحه الواقديُّ وكاتبُه ابن سعد.

وهو قول الزُّهْري أيضًا كما أخرجه عنه عبد الرزاق (9718)، والبيهقي في "الدلائل" 1/ 88 و 187.

وكذلك هو قول داود بن أبي هند كما أخرجه أبو نُعيم في "الدلائل"(80).

ورجَّحه أيضًا ابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 20، وصحَّحه ابن ناصر الدين في "جامع الآثار" 2/ 429، فقال: هو الصحيح عند جمهور أهل السير.

وخالفهم آخرون، فروى ابن سعد 1/ 80 عن هشام بن السائب الكلبي عن أبيه، وعن عوانة بن الحكم أنهما قالا: توفي عبد الله بن عبد المطلب بعدما أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية وعشرون شهرًا، ويقال: سبعة أشهر. =

ص: 163

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.

4237 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا يوسف بن عبد الله الخُوارزمي ببيت المَقدِس، حدثنا أبو سعيد يحيى بن سليمان الجُعفي، حدثنا يحيى بن يَمَان، حدثنا سفيان، عن علقمة بن مَرْثَد، عن سليمان بن بُريدة، عن أبيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم زار قَبْرَ أُمِّه في ألف مُقنَّعٍ، فما رُئِيَ أكثرُ باكِيًا من ذلك اليوم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، إنما أخرج مسلم وحدَه حديث مُحارِب بن دِثار، عن ابن بُريدة، عن أبيه:"استأذنتُ ربِّي في الاستغفارِ لأُمِّي فلم يأْذَنْ لي"

(2)

.

4238 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عُبيد بن عبد الواحد، حدثنا يحيى بن بُكير، حدثنا الليث، عن عُقيل، عن ابن شِهَاب، عن عبد الرحمن بن [عبد الله بن] كعب بن مالك [أنَّ عبد الله بن كعب]

(3)

قال: سمعت كعب بن مالك يقول: لما سَلَّمتُ

= وروى الزبير بن بكار ومن طريقه ابن أبي خيثمة في "تاريخه" كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين 2/ 431، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 78 عن محمد بن الحسن بن زبالة، عن عبد السلام بن عبد الله، عن معروف بن خرَّبوذ، قال: توفي عبد الله بن المطلب ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابنُ شهرين.

وقال السُّهيلي في "الروض الأُنُف" 1/ 184: أكثر العلماء على أنه مات أبوه وهو في المهد صلى الله عليه وسلم، ذكره الدُّولابي وغيره. قلنا: بل أكثر العلماء على أنه صلى الله عليه وسلم كان حملًا كما حكيناه أولًا، ولعل من جزم بغير ذلك لم يطلع على أقوالهم، والله أعلم.

(1)

إسناده ضعيف بهذا اللفظ كما تقدَّم بيانه برقم (1405) فقد روي هناك من طريق أخرى عن يحيى بن يمان، وذكر هناك لفظه الصحيح عن بُريدة.

(2)

كذا المصنف هنا بأنَّ مسلمًا أخرجه من هذه الطريق، مع أنه جزم جزم عند الحديث المتقدم أنّ مسلمًا لم يخرجه من الطريق المذكورة، وهو الصحيح، وإنما أخرج مسلم في استئذانه صلى الله عليه وسلم في الاستغفار لأمِّه حديثَ أبي هريرة برقم (976).

(3)

ما بين المعقوفين في هذا الإسناد سقط من النسخ الخطية، وهو ثابت في رواية الحاكم، فقد أخرج البيهقي هذا الخبر في "سننه الكبرى" 9/ 33 و 150 عن أبي عبد الله الحاكم بإثبات ما =

ص: 164

على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يَبْرُقُ وجهُه، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ استنَار وجهُه كأنه قِطْعةُ قَمَر، وكان يُعرَف ذلك منه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجا الحديثَ بطوله، ولم يُخرجا هذه اللفظة

(2)

.

4239 -

أخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمسي بالكوفة، حدثنا الحسين بن حُمَيد، حدثنا أبو نُعيم الفضل بن دُكين، حدثنا المسعودي، عن عثمان بن مسلم بن هُرمز، عن نافع بن جُبَير بن مُطعِم عن علي قال: لم يكن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالطَّويل ولا بالقَصير، شَثْنُ الكفَّين والقدمَين، ضَخْمُ الرأس واللحية، مُشرَبٌ حُمْرةً، ضخمُ الكَرادِيس، طويلُ المَسْرُبَةِ، إذا مشى تكفَّأَ تكفُّؤًا كأنما يمشي يَنحطُّ من صَبَبٍ، لم أرَ قبلَه ولا بعدَه مثلَه صلى الله عليه وسلم

(3)

.

= سقط من الأصول التي عندنا، ويؤيده أنَّ البخاري أخرجه عن يحيى بن بكير بإثباته، على أنه قد صحَّت رواية الزُّهْري لهذا الخبر عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أيضًا عن أبيه، كما جاء في رواية معمر وغيره عن الزُّهْري، وقد وافق عُقيلًا على روايته يونس بن يزيد الأيلي وغيره.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبيد بن عبد الواحد البزار. يحيى بن بكير: هو يحيى بن عبد الله بن بكير، مشهور النسبة إلى جده، والليث: هو ابن سعد، وعُقيل: هو ابن خالد الأيلي، وابن شهاب: هو الزُّهْري.

وأخرجه ضمن حديث توبة كعب بن مالك من تخلّفه في تبوك: البخاري (3889) و (4418) و (7225) عن يحيى بن عبد الله بن بكير، بهذا الإسناد.

وأخرجه ضمن الحديث الطويل كذلك أحمد 25/ (15790)، والنسائي (11168) من طريق حجاج بن محمد، ومسلم (2769) من طريق حُجين بن المثنى، كلاهما عن الليث بن سعد، به.

وأخرجه أحمد 25/ (15789)، ومسلم (2769) من طريق ابن أخي ابن شهاب الزُّهْري، ومسلم (2769) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، كلاهما عن الزُّهْري، به.

(2)

بل قد أخرجاها ضمن الحديث الطويل.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عثمان بن مسلم بن هرمز - ويقال: عثمان بن عبد الله بن هرمز - فقد روى عنه المسعودي - وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عُتبة - ومسعر بن كِدام =

ص: 165

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وحجّاج بن أرطاة، كما أشار إليه الدارقطني في "العلل"(314)، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد تابعه على هذا الحديث عبدُ الملك بن عُمير، ورُوي عن علي من أوجه أُخرى، والحسين بن حميد - وهو ابن الربيع - فيه لين، لكنه قد توبع أيضًا.

وأخرجه الترمذي (3637) عن محمد بن إسماعيل البخاري عن أبي نُعيم، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث صحيح.

وأخرجه أحمد 2/ (744) و (746) و (1053)، والترمذي بإثر (3637) من طريق وكيع بن الجراح، عن المسعودي، عن عثمان بن عبد الله بن هرمز به. كذا سماه: ابن عبد الله.

وأخرجه أحمد (744) من طريق مسعر بن كدام، عن عثمان بن عبد الله بن هرمز، به. فسماه أيضًا: ابن عبد الله، وفي رواية أخرى عنه عند عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 602 سماه: عثمان بن سلمة بن هرمز ولعلها تحريف عن ابن مسلم.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند"(947) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عثمان، عن أبي عبد الله المكي عن نافع بن جُبَير، به، كذا قال عن عثمان عن أبي عبد الله المكي، وقد أشار الدارقطني في "العلل" (314) إلى أنَّ عثمان بن مسلم بن هرمز يكنى أبا عبد الله إشارة منه إلى أن الصواب في هذا الإسناد: عن عثمان أبي عبد الله المكي، بإسقاط "عن" بين "عثمان" وبين "أبي عبد الله"، ثم أكده الدارقطني بأن ذكر رواة هذا الخبر عن عثمان، فذكر منهم حجاج بن أرطاة. وهذا الذي نبَّه عليه الدارقطني قاله الحافظ نصًّا في "تعجيل المنفعة" في ترجمة أبي عبد الله المكي.

وأخرجه عبد الله بن أحمد (944)، وابن حبان (6311) من طرق عن شريك بن عبد الله النخعي، عن عبد الملك بن عُمير، وعبد الله بن أحمد (946) من طريق صالح بن سُعيد أو سَعيد، كلاهما عن نافع بن جُبَير، عن علي بن أبي طالب. وإسناده حسن من كلا الطريقين.

وأخرجه أحمد (1122) عن أسود بن عامر، عن شريك، عن عبد الملك، عن نافع بن جُبَير، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب - فزاد في الإسناد جُبَير بنَ مُطعم. قال الدارقطني في "العلل" (314): الصواب قول من قال: عن نافع بن جُبَير عن علي، ولم يذكر فيه جُبَيرًا، والله أعلم.

وأخرجه أحمد (684) و (796) من طريق محمد بن علي المعروف بابن الحنفية، عن أبيه علي بن أبي طالب وإسناده حسن أيضًا.

وأخرجه أحمد (1053) من طريق مجمِّع بن يحيى، عن عبد الله بن عمران، عن علي بن أبي طالب. وعبد الله بن عمران هذا مجهول، ورواه جمعٌ عن مجمع، عن عبد الله بن عمران، عن رجل، عن علي، كما جاء عند ابن سعد في "الطبقات" 1/ 353، فوقع في هذا الإسناد جهالةٌ وإبهامُ راوٍ. =

ص: 166

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه الألفاظ.

4240 -

أخبرنا أبو العباس قاسم بن القاسم السَّيَّاري بمَرْو، حدثنا أبو المُوجِّه، حدثنا عَبْدان، أخبرني أبي، عن شُعْبة، عن سِماك بن حَرْب، عن جابر بن سَمُرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أَشْكَلَ العَينَين، ضَلِيعَ الفَمِ. قلت: ما أَشْكَلُ العَينَينِ؟ قال: بادام جِشْمْ

(1)

.

= وأخرجه عبد الله بن أحمد (1300) من طريقين عن نوح بن قيس، عن خالد خالد، عن يوسف بن مازن، عن رجل، عن علي. وليس في إحدى الطريقين ذكر الرجل المبهم، والصحيح ذكره. وإسناده ضعيف لجهالة خالد بن خالد، وإبهام التابعي.

وأخرجه الترمذي (3638) من طريق إبراهيم بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن جده. ولم يدركه، ولهذا قال الترمذي: ليس إسناده بمتصل. قلنا: والراوي عن إبراهيم فيه ليس بالمتين.

وله طريق سادس عند ابن سعد 1/ 354، ويعقوب بن شَيْبة في "مسنده"، ويعقوب بن سفيان في "تاريخه"، وقاسم بن ثابت في "الدلائل" كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين 4/ 366 عن عمر ابن علي بن أبي طالب، عن أبيه، وسنده حسن كذلك.

وفي صفة مشيه صلى الله عليه وسلم انظر حديث أنس الآتي برقم (7943)، وانظر شرحه هناك.

ونقل الترمذي بإثر الحديث عن الأصمعي تفسيره لما ورد من صفات النبي صلى الله عليه وسلم المذكورة في حديث عليّ، ومن ذلك:

الشَّثْن: الغليظ الأصابع من الكفين والقدمين.

والمَسْرُبة الشعر الدقيق الذي هو كأنه قضيب من الصدر إلى السُّرَّة.

والصَّبَبَ: الحُدور.

قلنا: والكراديس: رؤوس العظام، وهي ملتقى كل عظمين ضخمين، أراد أنه ضخم الأعضاء.

والمراد بقوله: ضخم اللحية: أنها كثَّة، كما جاء في رواية ابن الحنفية عن علي.

(1)

إسناده حسن من أجل سِماك بن حَرْب.

وأخرجه أحمد 34/ (20812) و (20986)، ومسلم (2339)، والترمذي (3646) و (3647)، وابن حبان (6288) و (6289) من طرق عن شُعْبة به. لكن جاء عند ابن حبان في ثاني روايتيه: أشهل العينين، بدل أشكل، وزادوا جميعًا: منهوس العَقِب، وقال بعضهم: العَقِبَين، وعند ابن حبان =

ص: 167

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!

4241 -

أخبرني أبو سعيد الأحمَسي، حدثنا الحُسين بن حُميد، حدثنا أحمد بن مَنِيع، حدثنا عبّاد بن العَوّام، حدثنا حجّاج، عن سِماك بن حَرْب، عن جابر بن سَمُرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضحكُ إلَّا تَبسُّمًا، وكان في ساقِه حُمُوشةٌ، وكنتَ إِذا نَظَرْتَ إليه قُلتَ: أَكْحلُ العَينَين، وليس بأكْحَلَ

(1)

.

= في ثاني روايتيه: منهوس الكعبين أو القدمين، وفُسِّر في بعض روايات الحديث بأنه قليل لحم العَقِب، وأنَّ قوله:"ضليع الفم" بأنه واسع الفم.

وقوله: "أشكل العينين" فسّره في رواية المصنف بالفارسية، وبالعربية في بعض روايات الحديث بأنه طويل شَقّ العين.

وهذا التفسير كلُّه من سماك كما توضحه بعض روايات الحديث، وقد أصاب فيه إلّا في تفسيره "أشكل العينين"، فإنَّ المعروف في اللغة أنَّ الشُّكْلة هي حُمرة في بياض العين، وهي صفة محمودة، نبَّه عليه القاضي عياض في "المشارق" 2/ 253 وغيرُه. وما وقع في ثاني روايتي ابن حبان فخطأ أيضًا، لأنَّ الشُّهْلة حمرة في سواد العين.

وبادام جشم عبارة فارسية معناها: لَوزيّ العين، كما في "المعجم الذهبي" ص 89.

(1)

إسناده ضعيف، حجاج - وهو ابن أرطاة - فيه لين، وهو مدلِّس وقد عنعنه.

وأخرجه الترمذي (3645) عن أحمد بن منيع بهذا الإسناد. وقال: حسن غريب.

وأخرجه أحمد 34/ (21004) عن سريج بن النعمان، عن عباد بن العوّام، به.

والمعروف في حديث جابر بن سمرة ذكر قلة لحم العَقِبَ فقط دون ذكر الساق، كما في بعض روايات الحديث الذي قبل هذا، حيث قال جابر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم منهُوس العَقِب، وفَسَّره سِماكٌ راويه بأنه قليل لحم العَقِب.

ويشهد لقوله: لا يضحك إلّا تبسُّمًا، حديث عائشة عند البخاري (4824)، ومسلم (899) أنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعًا ضاحكًا حتى أرى منه لهواتهِ، إنما كان يتبسَّم.

وحديث عبد الله بن الحارث عند الترمذي (3642) وصحَّحه.

وقوله: "أكحل العينين وليس بأكحل" فهو إنما يكون بسبب كثرة الشعر النابت على حرفي الجَفْن، ويشهد له حديث أبي هريرة في وصفته صلى الله عليه وسلم عند أحمد 14 (8352) وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم كان أهدب أشفار العينين. وإسناده حسن.

ص: 168

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4242 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا حُميد بن إبراهيم الصائغ، حدثنا شُعْبة، عن سِماك بن حرب، عن جابر بن سَمُرة، قال: رأيتُ خاتَمَ النُّبوَّة على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلَ بَيضةِ الحَمامِ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

4243 -

أخبرني أبو جعفر محمد بن حاتم الكَشِّيّ، حدثنا عبد بن حُميد، أخبرنا أبو عاصم، عن عَزْرَةَ بن ثابت، حدثني عِلْباءُ بن أحمرَ اليَشكُري، عن أبي زيد قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا زيد ادْنُ فامْسَحُ ظَهْري" قال: فدنَوتُ منه ومسحتُ ظهرَه، ووضعتُ أصابعي على الخاتَم فغَمَزْتُها، فقيل له: ما الخاتَمُ؟ قال: شَعرٌ مُجتمِعٌ عند كتفِه

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل حميد بن إبراهيم الصائغ - وهو حميد بن أبي زياد الكوفي - فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، ومن أجل سماك بن حرب أيضًا، فكلاهما حسن الحديث.

وأخرجه أحمد 34/ (20835)، ومسلم (2344)، وابن حبان (6298) و (6301) من طرق عن شُعْبة، بهذا الإسناد. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد (20998)، و (20999)، ومسلم (2344)، والترمذي (3644)، وابن حبان (6297) من طرق عن سماك بن حرب، به.

(2)

حديث صحيح، وأبو جعفر محمد بن حاتم الكَشِّيّ تَكلَّم أبو عبد الله الحاكم نفسُه في سماعه من عبد بن حميد، لكن روي الحديث من وجوه أخرى عن أبي عاصم - وهو الضحّاك بن مخلد - ورواه غير أبي عاصم عن علباء بن أحمر، ورواه أبو نهيك عثمان بن نهيك الأزدي بنحوه عن أبي زيد: واسمه عمرو بن أخْطَب.

وأخرجه أحمد 37/ (22889) عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد، وابن حبان (6300) من طريق ابن أبي عاصم، عن أبيه، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 34/ (20732) عن حَرَمي بن عُمارة، عن عَزْرة بن ثابت، به.

وأخرجه بنحوه أحمد 37/ (22882) من طريق أبي نَهيك الأزدي، عن أبي زيد عمرو بن أخْطَب.

ص: 169

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4244 -

حدثنا أبو بكر الشافعي وأبو بكر القطيعي في آخَرِين، قالوا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا حماد بن خالد، حدثنا مالك بن أنس، عن زياد بن سعد، عن الزُّهْري، عن أنس بن مالك، قال: سَدَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نَاصِيتَه ما شاء الله، ثم فَرَقَ بعدُ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4245 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو زُرْعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، حدثنا علي بن عيّاش، حدثنا حَرِيز بن عُثمان: قلت لعبد الله بن بُسْر السُّلَمي: رأيتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، أكانَ شيخًا؟ قال: كان في عَنْفَقَتِهِ شَعَراتٌ بِيضٌ

(2)

.

(1)

صحيح لكن من حديث الزُّهْري عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة عن ابن عبّاسٍ، كما قال الإمام أحمد فيما نقله عنه ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 71، وقال محمد بن يحيى الذُّهْلي فيما نقله عنه ابن عبد البر 6/ 73 - 74: هو الصحيح المحفوظ.

فقد خالف حمادَ بن خالد - وهو الخيّاط - جميع أصحاب مالك الذين رووه عنه عن زياد بن سعد عن الزُّهْري مرسلًا، فالمحفوظ إذًا في حديث مالك الإرسالُ، كما قال ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 69، وفي غير حديث مالك المحفوظ هو الوصل كما قال أحمد والذُّهلي، لكن عن الزُّهْري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عبّاس.

وهو في "مسند أحمد" 20/ (13254).

وأخرجه النسائي (9283) من طريق عبد الرحمن بن القاسم، عن مالك، عن زياد بن سعد، عن الزُّهْري، مرسلًا. وكذلك هو في "الموطأ" برواية يحيى الليثي 2/ 948، وفي رواية أبي مصعب الزُّهْري (1992)، وفي رواية سويد بن سعيد بإثر (660).

وأخرجه أحمد 4/ (2605) و 5/ (2942)، والبخاري (3558) و (3944)، ومسلم (2336)، والنسائي (9282)، وابن حبان (5485) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، وأحمد 4/ (2209) و (2364)، والبخاري (5917)، ومسلم (2336)، وأبو داود (4188)، وابن ماجه (3632) من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن الزُّهْري، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابن عبّاس.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 29/ (17672) و (17681) و (17682) و (17699)، والبخاري (3546) =

ص: 170

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!

4246 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدثنا هلال بن العلاء الرَّقِّي، حدثنا حسين بن عيّاش الرَّقّي، حدثنا جعفر بن بُرْقان، حدثنا عبد الله محمد بن محمد بن عَقِيل، قال: قَدِمَ أنسُ بن مالك المدينةَ وعمرُ بن عبد العزيز والٍ، فبعث إليه، عمرُ، وقال للرسول: سَلْهُ هل خَضَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فإني رأيتُ شعرًا من شعره قد لُوِّن! فقال أنس: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد مُتِّع بالسواد، ولو عَدَدتُ ما أقبَلَ عَلَيَّ من شَيبِهِ في رأسِه ولحيتِه ما كنتُ أزِيدُهُنّ على إحدى عشرةَ شَيْبة، وإنما هذا الذي لُوِّن من الطِّيبِ الذي كان يُطيِّبُ شعرَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

= من طرق عن حريز بن عثمان، به. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(1)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل عبد الله بن محمد بن عَقيل، فحديثه حسن في الاعتبار، ويشهد له حديث جابر بن سمُرة الذي بعده، وروي عن أنس من غير وجهٍ نَفْيُه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يخضب، ورُوي عن عائشة ما يُفهَم منه عدمُ اختصابه صلى الله عليه وسلم، وعند البخاري (3547) عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمن قال: رأيتُ شعرًا من شعره صلى الله عليه وسلم، فإذا هو أحمر، فسألتُ، فقيل: احمرَّ من الطِّيب.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 239 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" في قسم مسند بقية العشرة (967) عن هلال بن العلاء به.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(6477) من طريق محمد بن حمزة الرقّي، عن جعفر بن بُرقان، به.

وأخرج البخاري (5895)، ومسلم (2341)، وأبو داود (4209) من طريق ثابت البناني، قال: سئل أنس بن مالك عن خضاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لو شئت أن أعُدَّ شَمَطَاتٍ كُنَّ في رأسه فعلْتُ، وقال: لم يختضب، وقد اختضب أبو بكر بالحناء والكَتَم. هذا لفظ مسلم وفي رواية عند أحمد 19/ (12474) زيادة ما كان في رأسه ولحيته يوم مات ثلاثون شعرة بيضاء، وفي رواية أخرى ستأتي برقم (4250): إلّا تسع عشرة أو ثمان عشرة. وفي رواية عند ابن حبان (6293): إلّا أربع عشرة شعرة بيضاء.

وأخرج أحمد 20/ (13263) و 21/ (13809)، والبخاري (3550)، ومسلم (2341)، والنسائي (9308)، وابن حبان (6296) من طريق قَتَادة عن أنس، قال: لم يختضب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان البياض في عَنْفَقَتِه وفي الصُّدغين وفي الرأس، نَبْذٌ، واللفظ لمسلم. =

ص: 171

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرج أحمد 20/ (12635)، والبخاري (5894)، ومسلم (2341) من طريق محمد بن سِيرِين، قال: سألت أنس بن مالك: أخضب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنه لم يَرَ من الشيب إلّا قليلًا. هذا لفظ مسلم زاد أحمد في روايته ومسلم في رواية عنده: وقد خضب أبو بكر وعمر بالحِنّاء والكَتَم.

وأخرج أحمد 19/ (11965) و (12054)، وابن ماجه (3629) من طريق حميد الطويل، عن أنس بنحو لفظ ابن سِيرين المذكور، لكنه قال: إلّا نحوًا من سبع عشرة أو عشرين شعرة في مقدّم لحيته.

وكذلك قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أنس عند أحمد 19/ (12326)، والبخاري (3547)، ومسلم (2347)، والترمذي (3623)، وابن حبان (6387) بأنه ليس في رأسه ولحيته صلى الله عليه وسلم عشرون شعرة بيضاء. لكن ليس في روايته ذكر خضابه صلى الله عليه وسلم.

وأخرج مسلم (2341) من طريق أبي إياس، عن أنس: أنه سئل عن شيب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما شانه الله ببيضاءَ.

وقد جاء عن غير أنس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخضب: فقد أخرج أحمد 9/ (5338)، والبخاري (1660)، ومسلم (1187)، عن عبد الله بن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصُّفْرة.

وأخرج أحمد 44/ (26535) و (26539)، والبخاري (5896) و (5897) عن عثمان بن عبد الله بن موهب: أنَّ أم سلمة أخرجت شعرًا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم مخضُوب أحمر بالحناء والكَتَم. هذا لفظ أحمد في الموضع الأول وفي رواية البخاري الأولى: قال عثمان: فاطّلعتُ في الجلجل، فرأيت شعرات حُمرًا. وأفاد الحافظ في "الفتح" 18/ 201 أنَّ هذا ظاهره يفيد أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يخضب.

وسيأتي عند المصنف من حديث أبي رِمثة برقم (4248) بلفظ: له شعر قد عَلاهُ الشيب وشيبُه أحمر مخضوبٌ بالحِنَّاء.

وجاء عن عائشة ما يؤيد قول أنس بن مالك من نفي كون النبي صلى الله عليه وسلم كان يخضب، وذلك فيما سيأتي برقم (4249) قالت: ما شَانَهُ الله ببيضاء. وفيما أخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 949 - 950 عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أنَّ عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث قال: وكان جليسًا لهم، وكان أبيض اللحية والرأس، قال: فغدا عليهم ذات يوم وقد حمَّرهما، قال: فقال له بعض القوم: هذا أحسن، فقال: إنَّ أمي عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إليَّ البارحة جاريتها نُخيلة، فأقسمت عليَّ لأصبغنَّ، وأخبرتني أنَّ أبا بكر الصديق كان يصبغ. قال مالك: في هذا الحديث بيان أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصبغ، ولو صبغ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأرسلت بذلك عائشة إلى عبد الرحمن بن الأسود. قلنا: =

ص: 172

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4247 -

أخبرني أبو سعيد الأحمَسي، حدثنا الحسين بن حُميد، حدثنا إبراهيم بن الحجّاج، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن سماك بن حَرْب، عن جابر بن سَمُرة قال: ما كان في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا شَعَرَاتٌ

(1)

في مَفْرِقِ رأسه، إذا ادَّهَن واراهُنَّ الدُّهْنُ

(2)

.

= كيف وقد صرَّحت رضي الله عنها في رواية المصنف بأنه لم يَشِنْهُ الله ببيضاء صلى الله عليه وسلم.

وقال الإسماعيلي فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 18/ 201 معلقًا على حديث ابن موهب عن أم سلمة: ليس فيه بيان أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي خضب، بل يحتمل أن يكون احمرّ بعده لما خالطه من طيب فيه صفرة، فغلبت به الصفرة. قال: فإن كان كذلك وإلّا فحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخضب أصحُّ.

ثم قال الحافظ: الذي أبداه احتمالًا تقدم معناه موصولًا إلى أنس وأنه جزم بأنه إنما احمرَّ من الطِّيب. قلنا: يريد الحافظ رواية ربيعة بن أبي عبد الرحمن التي تقدم ذكرها، فإنَّ فيها أنَّ ربيعة سأل عن ذلك، ومال الحافظ إلى أنه إنما سأل أنسًا مستندًا إلى رواية ابن عقيل هذه التي عند المصنف. قلنا: ويؤيده رواية جابر بن سمرة التي بعده.

وجمع الطبري بين الأخبار في النفي والإثبات بما حاصله: أنَّ من جزم أنه صلى الله عليه وسلم خضب أنه حكى ما شاهده، وكان ذلك في بعض الأحيان، ومن نفى ذلك كأنس فهو محمول على الأكثر الأغلب من حاله.

ورجَّح الطحاوي في "شرح المشكل" 9/ 35، وابن كثير في "البداية والنهاية" 8/ 417 خلاف ما قاله أنس، فقال ابن كثير: نفي أنس للخطاب معارض بما تقدم عن غيره من إثباته، والقاعدة المقررة أنَّ الإثبات مقدّم على النفي، لأنَّ المثبت معه زيادة علم ليست عند النافي، وهكذا إثبات غيره لأزيد مما ذَكَر من الشيب مقدَّم، لا سيما عن ابن عمر المظنون أنه تلقى ذلك عن أخته حفصة، فإنَّ اطّلاعها أتم من اطلاع أنس، لأنها ربما فَلَتْ رأسه الكريم صلى الله عليه وسلم. قلنا: وسبقهم أحمد بن حنبل فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 10/ 416، فأنكر إنكار أنس أنه خضب، وذكر حديث ابن عمر الذي ذكرناهُ.

لكن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم لو علمته صبغ، لنبَّهت عليه في خطابها لعبد الرحمن بن الأسود، كما بيَّنه مالك بن أنس كم تقدم، فقول مالك أوجَهُ وأقعدُ من قول غيره، والله تعالى أعلم.

(1)

زاد في المطبوع: بِيض.

(2)

إسناده حسن من أجل سماك بن حرب، فهو حسن الحديث، والحسين بن حميد - وهو ابن الربيع - متابع. =

ص: 173

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

4248 -

أخبرنا أبو العباس السَّيّاري، حدثنا محمد بن موسى بن حاتم، حدثنا علي بن الحسن بن شَقيق، أخبرنا أبو حمزة، عن عبد الملك بن عُمَير، عن إياد بن لَقِيطٍ، عن أبي رِمْثة، قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وعليه بُزْدان أخضَران، وله شَعرٌ قد عَلاهُ الشَّيبُ، وشَيبُه أحمرُ مَخضوبٌ بالحِنّاء

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4249 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل، حدثنا محمد

= وأخرجه أحمد 34/ (20840) و (2988) و (20992) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (20807)، ومسلم (2344)، والنسائي (9345) من طريق شُعْبة بن الحجاج، وأحمد 34/ (20998) و (20999)، ومسلم (2344)، وابن حبان (6297) من طريق إسرائيل بن يونس السَّبيعي، كلاهما عن سماك، به. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

والدُّهْن: هو الطِّيْب.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن موسى بن حاتم - وهو الباشاني أو الفاشاني المَروَزي - وقد توبع. أبو حمزة هو محمد بن ميمون السُّكّري.

وأخرجه أحمد 29/ (17491) عن هُشيم بن بشير، عن عبد الملك بن عمير، به. مقتصرًا على قوله: رأيت الشيب أحمر.

وأخرجه مقتصرًا على ذكر الثوبين الأخضرين النسائي (9578) من طريق جَرير بن حازم، عن عبد الملك، به.

وأخرجه أحمد 11/ (7104) و (7109) و (7115)، وأبو داود (4206) و (4208)، والنسائي (9303) و (9304)، وابن حبان (5995) من طرق عن إياد بن لَقيط، به. لكن بعضهم يقول: لطخ لحيته بالحناء، وبعضهم يقول: ذو وَفْرة بها رَدْعُ حِنّاء، وبعضهم يقول: برأسه رَدْع حِنّاء. ولم يذكر بعضهم الثوبين الأخضرين.

وأخرجه مقتصرًا على ذكر الثوبين الأخضرين الترمذيُّ (2812) من طريق عبيد الله بن إياد بن لقيط، عن أبيه، به.

وانظر الكلام على خضابه صلى الله عليه وسلم عند الحديث المتقدم برقم (4246).

ص: 174

ابن كُنَاسة، حدثنا هشام بن عُرْوة، عن أبيه قال: سألتُ عائشةَ: هل شابَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: ما شانَهُ اللهُ ببَيضاءَ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد محفوظٌ عن هشام، ولم يُخرجاه.

4250 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، أخبرنا أبو مُسلِم، أَنَّ حجَّاج بن مِنْهَالٍ، حدَّثَهم، قال: حدثنا حمّاد بن سَلَمة، حدثنا ثابت، قال: قيل لأنس: ما كان شيبُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما شانَهُ اللهُ بالشَّيبِ، ما كان في رأسِهِ إِلَّا تسعَ عشرةَ أو ثمانَ عشرةَ

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وهذه اللفظة إنما اشتَهَرتْ بعائشةَ رضي الله عنها، وهي من قولِ أنسٍ غريبةٌ جِدًّا

(3)

.

4251 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا مُسدَّد، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا أيوب، حدثنا حُميد بن هِلال،

(1)

إسناده صحيح، ومحمد بن كُناسة: هو محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى.

وقد ذكرنا عند الحديث (4246) رواية أخرى عن عائشة تؤيّد بمفهومها روايتها التي هنا، فأغنى ذلك عن إعادتها.

(2)

إسناده صحيح. أبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله بن مسلم الكَجِّي، وثابت: هو ابن أسلم البُناني.

وأخرجه أحمد 21/ (13662)، وابن حبان (6292) من طريقين عن حماد بن سلمة، به.

وأخرج أحمد 19/ (12474) من طريق أبي يعقوب إسحاق بن عثمان الكلابي، عن ثابت، قال: سألتُ أنسًا: هل شَمِطَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لقد قبض الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم وما فضحه بالشيبِ، ما كان في رأسه ولحيته يوم مات ثلاثون شعرة بيضاء. وهذه رواية شاذّة.

وانظر تمام تخريجه وطرقه التي اشتملت على معناه برقم (4260).

(3)

كذا جزم المصنِّفُ بغرابة هذه اللفظة من قول أنس، واشتهارها بعائشة، والأمر بخلاف ما ذَكَرَ، فقد ورد ذكرُ معناها من طريق حميد الطويل عن أنس عند أحمد 20/ (12054) بلفظ: لم يُشَنْ بالشيب. ومن طريق أبي إياس عن أنس عند مسلم (2341) بلفظ عائشة المتقدم قبله تمامًا، والله تعالى أعلم.

ص: 175

عن أبي بُردة، قال: أخرجتْ إلينا عائشةُ كِساءً مُلبَّدًا وإزارًا غَلِيظًا، فقالت: قُبِضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في هذَين

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4252 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا الحسين بن الحسن السُّكّري، حدثنا سليمان بن داود المِنْقَري، حدثنا عبد الله بن إدريس، قال: سمعت أبي يُحدِّث عن عَدِيِّ بن ثابت، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس، قال: كان للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَسٌ يُدعَى المُرتَجِزَ

(2)

.

(1)

إسناده صحيح مسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد، وإسماعيل بن إبراهيم: هو ابن مِقْسَم، المعروف بابن عُلَيَّة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وأبو بُرْدة: هو ابن أبي موسى الأشعري.

وأخرجه البخاري (5818) عن مسدّد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 40/ (24037)، ومسلم (2080)، والترمذي (1733)، وابن حبان (6624) من طرق عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، به.

وأخرجه البخاري (3108) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن أيوب، به.

وأخرجه أحمد 41/ (24997)، ومسلم (2080)، وأبو داود (4036)، وابن ماجه (3551)، وابن حبان (6623) من طريقين عن حميد بن هلال به. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

مُلبَّدًا، أي: مُرقَّعًا.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، سليمان بن داود المِنْقري - وهو الشاذكوني - متروك الحديث، وقال أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل" (919): روى هذا الحديث الهيثم بن عدي عن إدريس، فأخذه الشاذكوني، فأقلبه على ابن إدريس. ونحوه قال أبي زرعة كما في سؤالات البَرْذَعي له (481). قلنا: وقد توبع بمتابعة فيها جهالة، وروي عن ابن عبّاس من وجه آخر لا يُفرح به البتة. وسيأتي بعده من طريق أمثَلُ من هذه عن إدريس - وهو ابن يزيد الأودي - لكن عن الحكم بن عُتيبة، عن يحيى بن الجزّار، عن علي بن أبي طالب.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(7515)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم "(448)، وفي "طبقات المحدثين بأصبهان" 2/ 125 و 3/ 463، وأبو نُعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 334 من طريق محمد بن عبد الله بن رُسْتَه، عن أبي أيوب سليمان بن داود المِنْقري، بهذا الإسناد.

وأخرجه الهيثم بن عدي كما قال أبو زرعة الرازي فيما نقله عنه البَرْذَعِيُّ في "سؤالاته" له (481)، =

ص: 176

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4253 -

حدثَناه أحمد بن يحيى المُقرئ بالكوفة، حدثنا عبد الله بن غَنَّام، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الجُعفي، حدثنا حِبّان بن علي، عن إدريس الأوْدِي، عن الحَكَم، عن يحيى بن الجَزّار، عن علي، قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرسٌ يقال له: المُرتَجِزُ، وناقتُه الفَصْوى، وبَغلتُه دُلْدُل، وحمارُه عُفَير، ودِرْعُه الفُضُول، وسيفُه ذو الفَقَارِ

(1)

.

= وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 227 من طريق أبي عبيدة معمر بن المثنَّى، كلاهما (الهيثم وأبو عُبيدة) عن إدريس الأودي، به. لكن الهيثم متروك، وبعضهم اتهمه، وفيمن دون أبي عُبيدة معمر بن المثنّى رجلٌ مجهولٌ. والأقرب فيه عن إدريس الأودي روايته له عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي كما في الطريق التالية.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 1/ 422، ومن طريقه حماد بن إسحاق في "تركة النبي صلى الله عليه وسلم " ص 96 - 97، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 509، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 228 عن محمد بن عمر الواقدي، عن الحسن بن عمارة، وحرب بن إسماعيل الكرماني في "مسائله" 2/ 910 من طريق محمد بن عبيد الله العَرْزمي، كلاهما عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عبّاس. وهذا إسناد واهٍ بمرَّةٍ، فالحسن بن عمارة والعرزمي متروكان والواقدي منهم.

(1)

حسن بطريقيه إن شاء الله، وإبراهيم بن إسحاق الجُعفي - وهو المعروف بالصِّيني - مختلَفٌ فيه، لكنه قد توبع، وحِبّان بن علي - وهو العنَزي - مُختَلَفٌ فيه أيضًا، ويصلُح حديثه في الاعتبار، وقد روي هذا الخبر من وجه آخر عن علي بن أبي طالب.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 220 من طريقين عن إبراهيم بن إسحاق الجُعفي، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(1063)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم "(413)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 26، وفي "دلائل النبوة" 7/ 278، والبغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار"(885)، وابن عساكر 4/ 219 - 220 من طريق عبد الحميد بن صالح البُرجُمي، عن حبان بن علي، به. وعبد الحميد هذا ثقة.

وأخرجه أبو الشيخ (450)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 278، والبغوي في "الأنوار"(910)، وابن عساكر 4/ 220 - 221 من طريق محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن =

ص: 177

4254 -

حدثنا أبو النضر الفقيه وأحمد بن محمد بن سلَمة العَنَزي، قالا: حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي ومحمد بن سِنان العَوَقي، حدثنا إبراهيم بن طَهْمان، عن بُدَيل بن مَيسَرة، عن عبد الله بن شَقِيق، عن مَيسَرةِ الفَجْرِ، قال: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، متى كنتَ نبيًا؟ قال:"وآدمُ بين الرُّوحِ والجَسَدِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وشاهدهُ حديث الأوزاعيّ الذي:

4255 -

حدّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا سليمان بن محمد بن الفضل، حدثنا محمد بن هاشم البَعْلَبكِّي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلَمة، عن أبي هريرة، قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: متى وَجَبَتْ لك النبوّةُ؟ قال: "بين خَلْقِ آدمَ ونَفْخِ الرُّوح فيه"

(2)

.

4256 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن علي بن زياد العَدْل، حدثنا الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق، حدثنا أبو سعيد الأشَجُّ، حدثنا أبو معاوية، عن هشام بن عُرْوة،

= عبد الله اليزني، عن عبد الله بن زُرَير الغافقي، عن علي بن أبي طالب. وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، لعنعنة ابن إسحاق.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 34/ (20596) من طريق منصور بن سعد، عن بديل بن ميسرة، به.

وأخرجه أيضًا 27/ (16623) من طريق خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن رجل، قال: قلتُ: يا رسول الله، فذكره، فأبهم ذكر الصحابي، وبينه غيره.

وقد رواه بعضهم فذكر فيه عبد الله بن أبي الجدعاء، بدل: ميسرة الفجر، وقد قيل: هو نفسه، وميسرة الفجر لقب له، وجزم بذلك أبو الوليد ابن الفرضي في "الألقاب".

(2)

إسناده صحيح. وقد صرَّح الوليد بن مسلم بسماعه وسماع الأوزاعي عند جعفر الفريابي في "القدر"(14) وعند غيره، فانتفت شبهة تدليسه.

وأخرجه الترمذي (3609) عن الوليد بن شجاع، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. واختلفت نسخ الترمذي في ذكر حكمه، ففي بعضها: حسن صحيح غريب، وفي بعضها الآخر: حسن غريب.

ص: 178

عن أبيه، عن عائشة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَسُبُّوا وَرَقةَ، فإني رأيتُ له جَنّةً أو جَنّتَين"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

والغَرَض في إخراجه:

4257 -

ما حدَّثَنِيه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبدُ الملِك بن عبد الله بن أبي سُفيان بن العلاء بن جارِيةَ الثقفي - وكان واعيةً - قال: قال ورقةُ بن نَوفَلٍ بن أسد بن عبد العُزّى - فيما كانت خديجةُ ذَكَرَتْ له من أمور رسولِ الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

ضعيف لاضطراب إسناده، فقد اختُلف في وصله وإرساله، فرواه أبو سعيد الأشَجِّ - وهو عبد الله بن سعيد الكِنْدي - كما في رواية المصنف هنا عن أبي معاوية موصولًا، وانفرد الأشج بذلك، وغيره يرويه عن أبي معاوية مرسلًا، دون ذكر عائشة فيه. وكذلك رواه جماعة عن هشام بن عُرْوة عن أبيه مرسلًا، فهو المحفوظ كما قال الدارقطني في "العلل"(3495)، وذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" 4/ 23 أنه الأشبه.

ورواه عبد الرحمن بن أبي الزِّناد عن هشام بن عُرْوة مرسلًا، دون ذكر أبيه أيضًا. ومع ذلك فقد صحَّح البوصيريُّ إسنادَه في "إتحاف الخيرة"(68/ 2)!

وهو في "جزء أبي سعيد الأشج"(120)، ومن طريقه أخرجه البزار في "مسنده" كما في "كشفِ الأستار" للهيثمي (2750)، والدارقطنيُّ في "العلل"(3495)، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" 63/ 23 - 24.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 63 - 24 من طريق أحمد بن أبي الحواري، عن أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، مرسلًا.

وأخرجه يونس بن بكير في زياداته على "سيرة ابن إسحاق"(158)، وأخرجه البزار كما في "كشف الأستار"(2751) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، كلاهما (يونس وحماد) عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، مرسلًا.

وأخرجه الزبير بن بكّار في "جمهرة نسب قريش" ص 414 - 415 من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عُرْوة مرسلًا، دون ذكر عُرْوة ولا عائشة. وانظر ما سيأتي برقم (8387).

ص: 179

يا لَلرِّجالِ وصَرْفِ الدَّهرِ والقَدَرِ

وما لِشيءٍ قَضاهُ اللهُ من غِيَرِ

حتى خديجةُ تَدْعُوني لأُخبِرَها

وما لها بخَفيِّ الغَيبِ من خَبَرِ

جاءتْ لِتسألَني عنه لأُخبِرَها

أمرًا أَراهُ سيأتي الناسَ مِن أُخَرِ

فخَبَّرتني بأمرٍ قد سمعتُ به

فيما مضى من قَديم الدهرِ والعُصُرِ

بأن أحمدَ يأتيه فيُخبِرُه

جِبريلُ أنّكَ مَبْعُوثٌ إلى البَشَرِ

فقلتُ: عَلَّ الذي تَرْجِينَ يُنْجِزُه

لكِ الإلهُ فرَجِّي الخيرَ وانتظِرِي

وأرسلِيه إلينا كي نُسائِلَه

عن أمرِه ما يَرى في النومِ والسَّهَرِ

فقال حين أتانا مَنْطِقًا عجبًا

تَقِفُّ منه أعالي الجِلدِ والشَّعَرِ

إني رأيتُ أمينَ اللهِ واجَهَني

في صورةٍ أُكمِلَتْ من أَهْيَبِ الصُّوَرِ

ثم استمرَّ فكادَ الخوفُ يَذْعَرُني

مما يُسلِّمُ مِن حَولي مِن الشَّجَرِ

فقلتُ: ظنِّي وما يُدرَى أَيَصدُقُني

أن سوفَ تُبعَثُ تتلُو مُنزَلَ السُّوَر

وسوف أُبْلِيكَ إن أعلنْتُ دعوتَهم

من الجهادِ بلا مَنٍّ ولا كَدَرِ

(1)

4258 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفَضْل، حدثنا جَدِّي، حدثنا إبراهيم بن المُنذِر، حدثنا عبد العزيز بن أبي ثابت الزُّهْري، حدثنا الزّبير بن موسى، عن أبي الحُوَيرث، عن قَبَاثِ بن أُشْيَمَ الكِنَاني ثم اللَّيثيّ، قال: تَنبّأَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

(1)

ضعيف لإرساله، والصحيح أنه من مرسل ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار المطَّلبي - فقد رواه البيهقي في "الدلائل" 2/ 149 - 150 عن أبي عبد الله الحاكم، بسنده الذي هنا، فلم يذكر فيه عبد الملك الثقفي، وكذلك هو في "سيرة ابن إسحاق" برواية يونس بن بكير (142) دون ذكر عبد الملك فيه. والظاهر أنَّ المصنِّف صار يُلحقه مُؤخَّرًا لما صنَّف هذا الكتاب، اغتِرارًا بورود قصة تسليم الشجر هنا في شِعر ورقة، وهي قصة رواها ابن إسحاق في "سيرته" كما في رواية ابن هشام عن البكائي عنه 1/ 234 - 235، وكما في رواية يونس بن بكير (140) عن عبد الملك الثقفي المذكور، وهو تابعي يروي عن عثمان بن عفان، فالظاهر أنَّ المصنِّف ظن أنَّ ابن إسحاق إنما أخذه عن عبد الملك فذكره، والله أعلم.

ص: 180

على رأسِ أربعينَ من الفِيل

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، إنما أخرج البخاري حديث عِكْرمة عن ابن عبّاس: بُعِث وهو ابن أربعين

(2)

.

والدليل على صحة حديث قَباثٍ بن أشْيَمَ اختيارُ سيِّد التابعين هذا القول

(3)

:

4259 -

كما أخبرني محمد بن المؤمَّل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا يحيى بن سعيد القطّان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيّب، قال: أُنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاثٍ وأربعين

(4)

.

4260 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن خَديجة، أنها قالت: لما أبطأَ عن

(1)

إسناده واهٍ بمرّةٍ من أجل عبد العزيز بن أبي ثابت الزُّهْري، فهو واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وسيأتي برقم (6769) من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن الزبير بن موسى، فسقط منه عبد العزيز بن أبي ثابت، ويأتي الكلام عليه هناك. أبو الحويرث: هو عبد الرحمن بن معاوية المدني.

وأخرجه خليفة بن خياط المعروف بشباب العصفري - كما في "تاريخ الإسلام" للذهبي 1/ 483 - وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" بإثر (1986)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5970)، والطبراني في "الكبير" 19/ (75)، وأبو نُعيم في "دلائل النبوة"(84)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 78 و 2/ 131، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 49/ 231 - 232 من طرق عن إبراهيم بن المنذر الحِزامي، بهذا الإسناد.

(2)

أخرجه البخاري (3902).

(3)

إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولد عام الفيل كما أورد المصنِّف الدليل على ذلك فيما تقدم برقم (4225) و (4228)، فيكون مبعثه صلى الله عليه وسلم على رأس الأربعين كما قال ابن عبّاس وقباث بن أشيم، وعندئذ لا يتفق قولُهما مع قول سعيد بن المسيّب، لأنَّ الفرق يكون ثلاث سنوات.

(4)

رجاله ثقات لكن قال الحافظ في "الفتح" 10/ 411: هذا من الشاذّ.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 190، وابن أبي شَيْبة 13/ 45، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 114، والطبري في "تاريخه" 2/ 292 و 384 و 3/ 215، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 132، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 15 من طُرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.

ص: 181

رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الوحيُ، جَزِعَ من ذلك جَزَعًا شديدًا، فقلت ممّا رأيتُ من جَزَعِه: لقد فَلَاكَ ربُّك لما يرى من جَزَعِكَ، فأنزل الله:{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى:3]

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه لإرسالٍ فيه.

4261 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا

(1)

رجاله لا بأس بهم، لكن رواية عُرْوة - وهو ابن الزبير بن العوام - عن عمّة أبيه خديجة بنت خويلد رضي الله عنها مرسلة.

وهو في "السيرة النبوية" لابن إسحاق، برواية يونس بن بكير (167). وقد وصله أبو داود في "أعلام النبوة" كما في "الفتح" 4/ 311 بذكر عائشة، ولا يصح.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 60 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدولابي في "الذرية الطاهرة"(29) عن أحمد بن عبد الجبار، به.

وأخرجه سنيد بن داود في في "تفسيره" كما في "فتح الباري" 4/ 311، وابن أبي شَيْبة 11/ 497، والطبري في "تفسيره" 30/ 232 من طريق وكيع بن الجراح، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "فتح الباري" 4/ 311، والواحدي في "أسباب النزول"(859) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، كلاهما عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه قال: أبطأ جبريل، فذكره. وهذا أوضح في إرساله. لكن أخطأ سُنيد في روايته عائشة بدل خديجة.

وأخرجه إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن" كما في "الفتح" 4/ 311، والطبري 30/ 231، وأبو داود في "أعلام النبوة" كما في "الفتح" من طريق عبد الله بن شداد: أن خديجة، فذكره. وهذا مرسل أيضًا.

والصحيح في هذه القصة أنه من قول امرأةٍ من قريش من المشركين كما جاء في حديث جندب بن عبد الله البجلي عند البخاري (1125)، ومسلم (1797).

وسلف في رواية عند المصنف (3989) تعيين المرأة القائلة لذلك بأنها امرأة أبي لهب.

وهذا هو الصحيح اللائق، فليس مثلُ خديجة رضي الله عنها من يقول مثل هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كانت رضي الله عنها لتقوله، وهي الزوجة المؤمنة الكاملة المواسية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا أولى من توجيه البيهقي في "الدلائل" 7/ 60 بأنه إن صح تكون خديجة قالته على طريق السؤال أو الاهتمام به. وأولى مما وجهه ابن كثير أيضًا في "تفسيره" 8/ 446 بأنه إن صح تكون خديجة قالته على وجه التأسُّف والتحزُّن. وأنكر أن يكون هذا قول خديجة جماعة منهم ابن المنيِّر كما في "فتح الباري" 4/ 311.

ص: 182

يونس بن بُكير، عن عمر بن ذرٍّ [عن أبيه]

(1)

عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريلَ: "ما يَمنعُك أن تَزُورَنا أكثر مما تَزُورُنا" فأنزل الله عز وجل: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} إلى قوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64]

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

4262 -

أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا إسحاق بن الحسن بن ميمون، حدثنا أبو حُذيفة، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن حسان، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس قال: فُصِلَ القرآنُ من الذِّكر، فوُضِعَ في بيت العِزَّةِ في السماء الدُّنيا، فجعلَ جبريلُ عليه السلام يُنزِّلُه على النبي صلى الله عليه وسلم، يُرَتِّلُه ترتيلًا

(3)

.

قال سفيانُ: خمسَ آياتٍ ونحوَها.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4263 -

حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد النَّحْوي، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا وهب بن جَرير بن حازم، حدثنا أبي، قال: سمعت يحيى بن أيوب يُحدِّث عن يزيدَ بن أبي حَبيب، عن عبد الرحمن بن شُمَاسة، عن زيد بن ثابت، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تُؤلِّف القرآنَ من الرِّقَاع

(4)

.

(1)

سقط اسم أبي عمر - وهو ذرّ بن عبد الله المُرهِبي - من نسخنا الخطية، وأثبتناه من المطبوع، وهو ثابت في إسناد الرواية عند يونس بن بكير في زياداته على "السيرة النبوية" لابن إسحاق (168)، وكذلك عند غيره.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن عبد الجبار - وهو العُطاردي - وقد توبع.

وأخرجه أحمد بن حنبل 3/ (2013) و (2078) و 5/ (3365)، والبخاري (3218) و (7455)، والترمذي (3158)، والنسائي (11257) من طرق عن عمر بن ذر، بهذا الإسناد.

(3)

موقوف صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي حذيفة - وهو موسى بن مسعود النَّهْدي - وقد توبع كما تقدم بيانه برقم (2917).

وله طرق أخرى عند المصنف تقدمت الإشارة إليها برقم (2913).

(4)

إسناده حسن من أجل يحيى بن أيوب: وهو الغافقي. =

ص: 183

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه. وفيه الدليل الواضح أنَّ القرآن إنما جُمع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

4264 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم الغِفاري، حدثنا علي بن حَكيم، حدثنا مُعتمِر بن سليمان، عن مُثنَّى بن الصَّبَّاح، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل جبريلُ عليه السلام فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، عَلِمَ أنها سورةٌ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4265 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، حدثنا يزيد بن زياد بن أبي الجَعْد، عن جامِع بن شدّاد، عن طارق بن عبد الله المُحارِبي، قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بسُوق ذي المَجازِ وأنا في بيَاعةٍ لي، فمرَّ وعليه حُلّةٌ حمراءُ، فسمعتُه يقول:"يا أيها الناس، قولُوا: لا إله إلَّا الله، تُفْلِحُوا"، ورجلٌ يتبعُه يَرميه بالحجارةِ قد أدمى كَعْبَيه وهو يقول: يا أيها الناس، لا تُطيعُوا هذا، فإنه كَذَّاب، فقلتُ: مَن هذا؟ فقيل: هذا غلامٌ من بني عبد المطّلِب.

فلما أظهرَ اللهُ الإسلامَ خرجْنا من الرَّبَذَة ومعنا ظَعِينةٌ لنا، حتى نزلْنا قريبًا من المدينة، فبَيْنا نحن قُعودٌ إذ أتانا رجلٌ عليه ثَوبانِ، فسلَّم علينا، فقال:"مِن أين القومُ؟ " فقلنا: من الرَّبَذة، ومعنا جملٌ أحمرُ، فقال:"تَبِيعُونني الجَمَلَ؟ " فقلنا: نعم، فقال:"بكم؟ " فقلنا: بكذا وكذا صاعًا من تمر، قال:"أخذتُه"، وما استَقْصَى، فأخذَ بخُطام الجَمَل، فذهبَ به حتى تَوارَى في حِيطان المدينة، فقال بعضُنا لبعضٍ: تَعرفُون الرجلَ، فلم يكن منا أحدٌ يعرفُه، فلامَ القومُ بعضَهم بعضًا، فقالوا: تُعطُون جملَكُم

= وقد تقدَّم برقم (2937) من طريق إبراهيم بن عبد الله السعدي عن وهب بن جَرير.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف المثنَّى بن الصَّباح، لكنه متابع فيما تقدم برقم (763) و (764).

وهذا الطريق هو مكرر الطريق المتقدم برقم (762).

ص: 184

مَن لا تَعرِفون، فقالت الظَّعِينةُ: فلا تَلاوَمُوا، فلقد رأينا وجهَ رجلٍ لا يَغدِرُ بكم، ما رأيتُ شيئًا أشبَهَ بالقمر ليلةَ البدرِ من وجْهِه، فلما كان العشيُّ أتانا رجلٌ فقال: السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاتُه، أأنتُمُ الذين جئتُم من الرَّبَذة؟ قلنا: نعم، قال: أنا رسولُ رسولِ الله إليكم، وهو يأمرُكم أن تأكُلُوا من هذا التمر حتى تَشْبَعوا وتكتالُوا حتى تَستَوفُوا، فأكلْنا من التمر حتى شَبِعْنا، واكْتَلْنا حتى استَوفَينا، ثم قَدِمْنا المدينةَ من الغدِ، فإذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ يخطُب الناسَ على المِنبَر، فسمعتُه يقول:"يدُ المُعطي العُلْيا، وابدَأْ بمن تَعُولُ: أمَّك وأباك، وأختَك وأخاك، وأَدْناك أَدْناك" وثَمَّ رجلٌ من الأنصار، فقال: يا رسول الله، هؤلاء بنو ثعلبة بن يَرْبُوع الذين قَتَلُوا فلانًا في الجاهلية، فخُذْ لنا بثأرِنا، فرفع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَيه حتى رأيتُ بَياضَ إبطَيه، فقال:"لا تَجْني أمٌّ على وَلَدٍ، لا تَجْني أمٌّ على وَلَدٍ"

(1)

.

هذا حديث كبير صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4266 -

أخبرني محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حدثنا أبو كُريب، حدثنا مُصعَب بن المِقْدام، حدثنا إسرائيل، عن عُثمان بن المُغِيرة،

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن عبد الجبار - وهو العُطاردي راوية مغازي يونس بن بكير عن ابن إسحاق - وقد توبع.

وأخرجه بطوله ابن حبان (6562) من طريق الفضل بن موسى، عن يزيد بن زياد، به.

وأخرج منه مقالة النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر: النسائيُّ (2323)، وابن حبان (3341) من طريق الفضل بن موسى، عن يزيد بن زياد، به.

وأخرج منه آخره المرفوع ابن ماجه (2670) من طريق عبد الله بن نمير، والنسائي (7014): من طريق الفضل بن موسى، كلاهما عن يزيد بن زياد، به.

والبِياعة، بكسر الباء وتخفيف الياء آخر الحروف: هي السِّلْعة، والظاهر أن المعنى: كنت في صدد بيع سلعةٍ.

والظعينة: المرأة، وهو في الأصل اسم للراحلة يُظعَنُ عليها، أي: يُسار، ثم أطلق على المرأة التي تركبها.

وقوله: "بمن تَعُول" أي: بمن تَمُون وتلزمك نفقته.

ص: 185

عن سالم، عن جابر، قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعرِضُ نفسَه على الناسِ بالمَوقِف، فيقول:"هَل مِن رجلٍ يَحمِلُني إلى قومِه، فإنَّ قريشًا قد مَنعُونِي أَن أُبَلِّغَ كلامَ رَبِّي؟ " قال: فأتاهُ رجلٌ من بني هَمْدَان، فقال: أنا، فقال:"وهل عند قومِك مَنَعَةٌ؟ " وسأله: "مِن أينَ هُو؟ " فقال: من هَمْدَان، ثم إِنَّ الرجل الهَمْدَانيَّ خشيَ أن يُخفِرَه قومُه، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: آتِيْهم فأخبِرُهم، ثم ألْقاكَ من عامٍ قابِلٍ، قال:"نعم"، وانطلق، فجاء وَفْدُ الأنصارِ في رَجَب

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

آخر كتاب المبعث

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل مصعب بن المقدام، فهو لا بأس به، وقد توبع. أبو كُريب: هو محمد بن العلاء الهَمْداني، وإسرائيل: هو ابن يونس السَّبيعي، وسالم: هو ابن أبي الجَعْد.

وأخرجه أحمد 23/ (15192) عن أسود بن عامر، وأبو داود (4734)، والترمذي (2925) من طريق محمد بن كثير العبدي، وابن ماجه (201)، والنسائي (7680) من طريق عبد الله بن رجاء، ثلاثتهم عن إسرائيل، بهذا الإسناد. لكن لفظ روايتي محمد بن كثير وعبد الله بن رجاء مختصر إلى قوله:"كلام ربي".

وسيأتي نحوه برقم (4297) من طريق أبي الزُّبَير عن جابر.

ص: 186

[كتاب المَسرى]

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في شوال سنة إحدى وأربع مئة:

كتاب المَسْرى، وفيه أخبار بزيادات صحيحة الأسانيد، فلم أُخرجها؛ إذ الأصلُ في المِعراجِ قد خَرَّجاه بأسانيدَ كثيرة.

ص: 187

[كتاب دلائل النبوة]

‌ومن كتاب آياتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي دلائل النبوّة

4267 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا جَدِّي، حدثنا إبراهيم بن المُنذِر الحِزَاميّ، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن ابن عَجْلان، عن القَعْقاع بن حَكيم، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"بُعِثتُ لأتمَّمَ صالحَ الأخلاقِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4268 -

أخبرني أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قَتَادة، عن زُرَارة بن أوفَى، عن سعدِ بن هِشام: أنه دخل مع حكيم بن أفْلَحَ على عائشةَ، فسألَها فقال: يا أم المؤمنين، أنبِئيني عن خُلُقِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قالت: أليس تَقرأُ القرآنَ؟ قال: بلى،

(1)

إسناده قوي من أجل عبد العزيز بن محمد - وهو الدَّرَاوردي - وابنِ عَجْلان - وهو محمد - فهما صدوقان لا بأس بهما، وصحَّحه ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 334، لكن قد رواه عن ابن عجلان أيضًا يحيى بنُ أيوب الغافقي المصري، فجعله عن ابن عجلان مرسلًا، كما توضحه رواية عثمان بن سعيد الدارمي عند البيهقي في "شعب الإيمان"(7608)، ورواية إسحاق بن إبراهيم بن جابر القطان عند البيهقي في "الآداب"(153)، وكما تشير إليه رواية يعقوب بن سفيان عند الخطيب في "الفقيه والمتفقه"(884)، ثلاثتهم عن سعيد بن الحكم بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب الغافقي، وعلى أي حالٍ فله شواهد، ومعناه صحيح كما قال السخاوي في "المقاصد الحسنة".

وأخرج رواية عبد العزيز الدراورديِّ أحمدُ 14/ (8952) عن سعيد بن منصور، عن عبد العزيز، بهذا الإسناد. وانظر تمام تخريجه وشواهده فيه.

وممّا فاتنا هناك من الشواهد مرسلُ إبراهيم النخعي عند أحمد بن حنبل فيما نقله عنه ابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 254، ورجاله ثقات.

ص: 188

قالت: فإِنَّ خُلُقَ نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم القُرآن

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

4269 -

حدثنا أبو عَمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك ببغداد، حدثنا حامد بن سهل الثَّغْري، حدثنا عارِمُ بن الفضل، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب ومعمر والنُّعمان بن راشد، عن الزُّهْري، عن عُرْوة، عن عائشة قالت: ما لَعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مسلمًا من لعنةٍ بذكْرٍ

(2)

، ولا ضَرَبَ بيده شيئًا قَطُّ إلَّا أن يضربَ بها في سبيل الله، ولا سُئل عن شيء قَطُّ فمنعَه إلَّا أن يُسأل مَأثَمًا، فإن كان مأثمًا كان أبعدَ الناس منه، ولا انتَقَم لِنفسِه من شيء قَطُّ يُؤتى إليه، إلَّا أن تُنتَهَكَ حُرماتُ الله، فيكونُ لله يَنتَقِمُ، ولا خُيِّر بين أمرَين قطُّ إلا اختارَ أيسرَهُما، وكان إذا أحدَث العهد بجبريلَ يُدارِسُه كان أجودَ الناسِ بالخَير مِن الرِّيحِ المُرسَلةِ

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو القطان. وهو في "مسند أحمد" 40/ (24269).

وأخرجه أبو داود (1343) عن محمد بن بشّار، عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. لكنه لم يسُق لفظه بتمامه.

وأخرجه مسلم (746)، والنسائي (424) طرق عن سعيد بن أبي عَروبة به. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وقد تقدَّم برقم (3884) من طريق معمر عن قَتَادة.

(2)

كذا جاءت معجمة في (ص) بموحدة، وفسَّرها الحافظ ابن حجر في "الفتح" 10/ 428 بقوله: أي: بصريح اسمه.

(3)

حديث صحيح إلَّا أنَّ آخره في ذكر جوده وسخائه صلى الله عليه وسلم لدى مجيء جبريل، الصحيح أنه عن ابن عبّاس كما سيأتي وليس عن عائشة، وأيوب - وهو ابن أبي تميمة السَّختياني - لم يذكر في إسناده عروة - وهو ابن الزبير - كما توضحه رواية ابن عساكر في "تاريخه" 4/ 25، ونصَّ عليه الدارقطني في "العلل"(3487)، وذكر الدارقطني أن أيوب زاد في آخره زيادة في ذكر جودة صلى الله عليه وسلم وسخائه، وأنه وهم في زيادتها، لأنها من حديث الزُّهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عبّاس. قلنا: لكن الظن بأن يكون الذي زادها النعمان بن راشد هو الأقرب، وممّا يؤكد ذلك رواية عفان بن مسلم وحفص بن عمر الحوضي وغيرهما عن حماد بن زيد، حيث إنهما لم يذكرا أيوب، =

ص: 189

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وذكرا هذه الزيادة، وقد رواه عن معمر بن راشد رجلان آخران، فلم يذكراها، فبقي أنها من زيادة النعمان بن راشد، وعنده مناكير وأغلاط كثيرة، وقد وعنده مناكير وأغلاط كثيرة، وقد نبَّه على خطأ هذه الزيادة النسائي في "المجتبى"(2096).

وأخرجه أحمد 41/ (24985) عن عفان بن مسلم، عن حماد بن زيد عن معمر والنعمان - أو أحدهما - بهذا الإسناد. ولم يذكر أيوب.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(2417) من طريق حفص بن عمر الحوضي، عن حماد بن زيد، عن معمر والنعمان بن راشد، به - دون ذكر أيوب أيضًا، واقتصر في روايته على عدم لعنه صلى الله عليه وسلم أحدًا وعلى جوده وسخائه صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه أحمد 43/ (25956) عن عبد الرزاق، وأبو داود (4786)، وابن حبان (6444) من طريق يزيد بن زُريع، كلاهما عن معمر وحده به بلفظ: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده خادمًا له قطُّ ولا امرأةً، ولا ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئًا قطُّ إلا أن يجاهد في سبيل الله. ثم ذكر عبد الرزاق وحده عدم انتقامه صلى الله عليه وسلم لنفسه قطُّ، واختياره أيسرَ الأمرين عند التخيير.

وأخرجه النسائي (9118) من طريق محمد بن أبي عتيق وموسى بن عقبة، عن الزُّهري، به.

كلفظ رواية عبد الرزاق عن معمر.

وأخرجه أحمد 41/ (24549) و (24830) و (24846) و 42/ (25485) و (25557) و 43/ (25871) و (26262)، والبخاري (3560) و (6126) و (6786) و (6853)، ومسلم (2327)، وأبو داود (4785) من طرق عن الزُّهري، به مختصرًا بذكر اختياره صلى الله عليه وسلم أيسر الأمرين عند التخيير، وعدم انتقامه لنفسه صلى الله عليه وسلم. وبذلك يتبين أن لا وجود لتلك الزيادة المشار إليها قبل في رواية الزُّهري عن عروة.

وأما قوله: ما سئل عن شيء قطُّ فمنعه، فهو ثابت في حديث الزُّهري عن عروة عن عائشة، فقد أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم "(93) و (95) من طريق وهيب بن خالد، عن معمر، عن أخرجه الزهري، به.

وأخرجه أحمد 40/ (240342) و 42/ (25288) و (25579) و (25715) و (25756)(25288) و 43/ (259232) و (26404)، ومسلم (2327) و (2328)، وابن ماجه (1984)، والنسائي (9120)، وابن حبان (488) من طُرُق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. بذكر عدم ضربه صلى الله عليه وسلم أحدًا، وعدم انتقامه لنفسه واختياره أيسر من الأمرين، وبعضهم يختصره ببعض ذلك.

وأخرجه أحمد 42/ (25289) من طريق عثمان بن عروة، عن عروة، عن عائشة. بذكر اختياره صلى الله عليه وسلم أيسر الأمرين، وقال عثمان بن عروة هشام يخبر به عني. =

ص: 190

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

ومن حديث أيوب السَّختِياني غريبٌ جدًّا، فقد رواه سليمان بن حَرْب وغيرُه عن حماد، ولم يذكروا أيوب، وعارِمٌ ثقة مأمون.

4270 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن يونس بن عمرو، عن العَيزار بن حُرَيث، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مكتوبٌ في الإنجيل: لا فَظٌّ ولا غليظٌ، ولا سَخَّابٌ بالأسواق، ولا يَجزي بالسيئة مثلَها، بل يَعفُو ويَصفَحُ

(1)

.

= وأخرج أحمد 3/ (2042) و 4/ (2616) و 5/ (3425)، والبخاري (6) و (1902) و (3220)، ومسلم (2308)، والنسائي (2416) و (7939)، وابن حبان (3440) و (6370) من طرق عن الزُّهري، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن ابن عبّاس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان إنَّ جبريل كان يلقاه في كل سنةٍ مرة في رمضان حتى ينسلخ فيعرض عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم القرآنَ، فإذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسَلَة.

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يونس بن عمرو - وهو ابن عبد الله السَّبيعي - وأحمد بن عبد الجبار - وهو العُطاردي - وقد رُوي من وجه آخر عن عائشة دون ذكر الإنجيل.

وهو في زيادات يونس بن بكير على "السيرة النبوية" لابن إسحاق (184).

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 377 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 388 من طريق رضوان بن أحمد، عن أحمد بن عبد الجبار، به.

وأخرجه ابن سعد 1/ 312، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(387) من طريق أبي نُعيم الفضل بن دكين، عن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، به.

وأخرجه أحمد 42/ (25417) و 43/ (26091)، والترمذي (2016) من طريق أبي عبد الله الجَدَلي، عن عائشة، أنها قالت: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحشًا، ولا صخّابًا بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلها، ولكن يعفو ويصفح. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد 11/ (6622)، والبخاري (2125) و (4838)، كلفظ رواية العيزار عن عائشة، لكن بذكر التوراة بدل الإنجيل. =

ص: 191

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

4271 -

حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر الأدَمِي القارئ ببغداد، حدثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدَّوْرَقي، حدثنا أحمد بن نصر بن مالك الخُزاعي، حدثنا علي بن الحسين بن واقِد، عن أبيه، قال: سمعتُ يحيى بن عُقَيل يقول: سمعتُ عبد الله بن أبي أوفى يقول: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُكثِرُ الذِّكْرَ، ويُقلُّ اللغوَ، ويُطيلُ الصلاةَ، ويَقصُر الخُطبةَ، ولا يَستنكِفُ أن يمشيَ مع العبدِ والأرملةِ حتى يَفرُغَ لهم من حاجتِهم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4272 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا هارون بن سليمان الأصبهاني، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، حدثنا شُعْبة، عن قَتَادة، قال: سمعت عبد الله بن أبي عُتبة يقول: سمعت أبا سعيد الخُدْري يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر الذِّكر، ويُقِلُّ اللغوَ، ويُطيل، الصلاة، ويَقصُر الخُطبَة، ولا يستنكِفُ أن يمشيَ مع العبدِ والأرملةِ، حتى يَفرُغَ لهم من حاجتهم

(2)

.

= وعن عبد الله بن سلَام وكعب الأحبار عند الدارمي (6)، والطبراني في "الكبير"(14980)، والآجري في "الشريعة"(980)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 376، وغيرهم.

وقد استوفى طرقَه الحافظُ ابن ناصر الدين الدمشقي في "جامع الآثار" 1/ 101 - 122، وأتى بما لا مزيد عليه.

والسَّخَب والصخب: بمعنى الصِّياح.

(1)

حديث قوي، وهذا إسناد حسن من أجل علي بن الحسين بن واقد، وقد توبع، وحسَّنه البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير"(670)، وقال: وهو حديث الحسين بن واقد تفرّد به.

وأخرجه النسائي (1728)، وابن حبان (6423) و (6424) من طريق الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، به.

(2)

هذا إسناد صحيح، لكن أحدًا في الدنيا لم يُخرّج هذا المتن بهذا الإسناد، سوى ما وجدناه في أصول "المستدرك" هنا، ويغلب على ظننا أنَّ هذا خطأ قديم، حصل فيه انتقال بصرٍ إلى متن =

ص: 192

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

قال الحاكم: وقد قدَّمتُ هذه الأحاديثَ الصحيحةَ في دلائل النبوة من أخلاق سيدنا المصطفى لقول الله عز وجل: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [الدخان: 32] وقوله عز وجل: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ

(1)

} [الأنعام: 124] وقوله: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} .

فاسمع الآن الآياتِ الصحيحةَ بعدها:

4273 -

حدثنا عَلي بن حَمْشَاذَ العَدْل إملاءً، حدثنا هارون بن العباس الهاشمي، حدثنا جَنْدَلُ بن والقٍ، حدثنا عمرو بن أوس الأنصاري، حدثنا سعيد بن أبي عَروبة، عن قَتَادة، عن سعيد بن المسيّب، عن ابن عبّاس، قال: أوحَى اللهُ إلى عيسى عليه السلام: يا عيسى، آمن بمحمدٍ، وأُمُر من أدركَه من أمتك أن يُؤمنوا به، فلولا محمدٌ ما خلقتُ آدمَ، ولولا محمدٌ ما خلقتُ الجنةَ والنارَ، ولقد خلقتُ العرشَ على الماء، فاضطربَ فكتبتُ عليه: لا إله إلّا الله [محمد رسول الله]

(2)

فسَكَنَ

(3)

.

= الرواية التي قبل هذه، فذكر هذا الإسناد لذلك المتن، وإنما الذي أخرجه البيهقي في كتبه:"السنن الكبرى" 10/ 192، و "الدلائل" 1/ 316، و "الآداب"(149) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد نفسه حديث أبي سعيد الخُدري، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئًا عرفناه في وجهه. وهذا موضعه هنا في باب شمائله صلى الله عليه وسلم، وهو حديث أخرجه أحمد 18/ (11683) و (11833) و (11862) و (11874)، والبخاري (3562) و (6102) و (6119)، ومسلم (2320)، وابن ماجه (4180)، وابن حبان (6306 - 6308) من طرق عن شعبة بإسناده هذا.

(1)

هكذا في نسخنا الخطية، وهذه قراءة الجماعة غير ابن كثير وحفص عن عاصم، فقرآ بالإفراد. انظر "زاد المسير" لابن الجوزي 2/ 75.

(2)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، وهو ثابت لجميع من خرَّجه، وهو مرادٌ هنا بلا شك.

(3)

ضعيف منكر، عمرو بن أوس الأنصاري مجهول لا يُعرَف، ولم يَرِد ذكره إلّا في هذا الخبر، =

ص: 193

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4274 -

حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العَدْل، حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحَنْظَلي، حدثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفِهْري، حدثنا إسماعيل بن مَسلَمة، أخبرنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عن عُمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لمّا اقترفَ آدمُ الخطيئةَ قال: يا ربِّ، أسألُك بحقّ محمدٍ لَمَا غَفَرْتَ لي، فقال الله: يا آدمُ، وكيف عرفتَ محمدًا ولم أخلُقْه؟ قال: يا ربِّ، لأنك لما خلقَتني بيدِك ونفخْتَ فيَّ من

= وقد انفرد به بهذا الإسناد، فقال الذهبي في "تلخيصه": أظنه موضوعًا على سعيد. قلنا: يعني سعيد بن أبي عَروبة. وقال في "الميزان" في ترجمة عمرو بن أوس هذا يُجهَلُ حاله، وأتى بخبر منكر.

وقد روى هذا الخبر محمد بن حمدون بن خالد الحافظ عند الثعلبي في "تفسيره" 7/ 61 عن هارون بن العباس الهاشمي، قال: حدثنا محمد بن بشر بن شريك، قال: حدثنا جندل، وكذلك رواه أبو بكر الخلال في "السنة"(316) عن محمد بن بشر بن شريك، عن جندل، فإن كان الصحيح ذكر محمد بن بشر بن شريك في هذا الإسناد فهذه علة أخرى في الخبر، وهي ضعف محمد بن بشر هذا، فقد قال عنه الذهبي في "الميزان": ما هو بعُمدة. قلنا: لكن تابعه محمد بن عصمة الخراساني عند الخلال (316) إلّا أنَّ الراوي عنه مجهول لا يُعرف.

وقد روي نحو هذا الخبر عن ابن عبّاس من وجه آخر لا يُفرح به، فقد أخرجه ابن الديلمي في "مسند الفردوس" كما في "الغرائب الملتقطة" منه للحافظ ابن حجر (253)، وابن الفاخر في "موجبات الجنة"(423) من طريق الفضل بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عبّاس، عن عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عبّاس، عن أبيه، عن جده، قال الذهبي في "الميزان": ما عبد الصمد بحجة. قلنا: والفضل بن جعفر الراوي عنه مجهول لا يُدرَى حالُه.

وفي الباب عن عمر بن الخطاب بعده، لكنه لا يُعتدُّ به كذلك لما سيأتي بيانه.

وفي الكتابة على العرش: لا إله إلّا الله محمد رسول الله، أخبار ذكرها ابن الجوزي في "الموضوعات"(609) و (630)، واستوفاها السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" 1/ 274 و 282 و 292، وابن عراق في "تنزيه الشريعة" 1/ 350 - 351 و 401 - 402 و 405، وكلها لا تقوم بها الحجة، وغالبها يشتمل على وضّاعين.

ص: 194

رُوحِك، رفعتُ رأسي فرأيتُ على قوائم العرشِ مكتوبًا: لا إله إلَّا الله محمد رسول الله، فعلمتُ أنك لم تُضِفْ إلى اسمِك إلَّا أحبَّ الخلقِ إليك، فقال الله: صدقتَ يا آدم، إنه لأحبُّ الخلق إليَّ، وإذ سألْتَني

(1)

بحقه

(2)

فقد غَفَرتُ لك، ولولا محمدٌ ما خَلَقتُك"

(3)

.

(1)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: إذ ما إلي، وجاء محله في (ص) و (ع) بياض، وأثبتناه على الصواب من رواية البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 489 عن أبي عبد الله الحاكم، ونقله عنه الحافظ ابن كثير في "مسند الفاروق"(969)، وفي "البداية والنهاية" 1/ 190.

(2)

في النسخ الخطية: حقه، والمثبت على الصواب من رواية البيهقي.

(3)

إسناده ضعيف جدًّا لتفرد عبد الرحمن بن زيد بن أسلم به، وهو ضعيف باتفاق خاصة فيما ينفرد به عن أبيه، وما وقع في إسناد الحاكم من تسمية أبي الحارث الفِهْري بعبد الله بن مسلم وتسمية شيخه بإسماعيل بن مسلمة، فيغلب على الظن أنه حصل فيه تحريف في كلا الاسمين، وذلك أن جماعة غير محمد بن إسحاق الحنظلي قد رووا هذا الخبر، فقالوا: عن أبي الحارث أحمد بن سعيد - وهو ابن عمرو - عن عبد الله بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، فهذا هو الصحيح، وأحمد بن سعيد بن عمرو المذكور روى عنه جماعة ووثقه مسلمة بن قاسم، وأما شيخه عبد الله بن إسماعيل - وقُيّد في بعض الروايات بأبي عبد الرحمن بن أبي مريم - فلم نتبينه، والظاهر أنه مجهول لا يُعرف، فهذه علة أخرى في الخبر، والله تعالى أعلم.

وقد حكم بوضعه الحافظُ الذهبي كما في "تلخيص المستدرك" وشيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقله عنه ابن القيم في جزء له فيه فوائد حديثية ص 78، ووافقهما، وحملوا فيه جميعًا على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 1/ 254: ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أُنكر عليه، فإنه نفسه قد قال في كتاب "المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم": عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا تخفى على من تأَمَّلها من أهل الصنعة أن الحملَ فيها عليه.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 488 - 489 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الصغير"(992)، و "الأوسط"(6502) عن محمد بن داود بن أسلم الصدفي المصري، وأبو بكر الآجُرّي في "الشريعة"(956) عن أبي بكر بن أبي داود، وأبو الحسين بن المظفَّر كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين الدمشقي 1/ 471 عن محمد بن عبد الله بن زَحْر، ثلاثتهم عن أبي الحارث أحمد بن سعيد الفهري، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن إسماعيل =

ص: 195

هذا حديث صحيح الإسناد، وهو أولُ حديث ذكرتُه لعبد الرحمن بن زيد بن أسلَمَ في هذا الكتاب

(1)

.

4275 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا قُرادٌ أبو نُوح، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبي موسى، قال: خرج أبو طالبٍ إلى الشام، وخرج معه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في أشياخٍ من قريش، فلما أشرفُوا على الراهِبِ هبَطُوا، فحوَّلُوا رحالَهم، فخرج إليهم الراهبُ، وكانوا قبلَ ذلك يَمرُّون به فلا يخرج إليهم ولا يَلتفِتُ، قال: وهم يَحُلُّون رحالَهم، فجعل يتخلَّلُهم حتى جاء فأخذَ بيدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: هذا سيّدُ العالَمين، هذا رسولُ ربِّ العالَمين، هذا يبعثُه اللهُ رحمةً للعالَمين، فقال له أشياخٌ من قريش: وما عِلْمُك بذلك؟ قال: إنكم حين أشرفتُم من العَقبةِ لم يَبْقَ شجرٌ ولا حجرٌ إِلَّا خَرَّ ساجدًا، ولا تَسجدُ إِلَّا لِنبيٍّ، وإني أعرفُه خاتَمُ النبوة أسفل من غُضروف كتفِه مثلُ التفّاحة، ثم رجع فَصَنَع لهم طعامًا ثم أتاهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في رِعْية الإبل، قال: أرسِلُوا إليه، فأقبلَ وعليه غَمامةٌ تُظِلُّه، قال: انظُروا إليه، غَمامةٌ تُظلُّه، فلما دنا من القوم وَجَدَهُم قد سَبَقُوه إلى فَيْء الشجرة، فلما جلسَ مال فيءُ الشجرة عليه، قال: انظُروا إلى فيء الشجرة مالَ عليه، فبينما هو قائم عليه وهو يُناشِدُهم أَن لا تَذْهَبُوا به إلى الروم، فإنَّ الرومَ إن رأوه عرفُوه بالصِّفة فقتلوه.

فالتفتَ فإذا هو بسبعةٍ نفرٍ قد أقبَلُوا من الروم فاستقبَلَهم، فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: جئنا، فإنَّ هذا النبيَّ خارجٌ في هذا الشهر فلم يَبْقَ طريقٌ إِلَّا قد بُعث ناسٌ، وإنا

= ابن أبي مريم، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، به. إلّا أنَّ رواية الآجريّ موقوفة.

وأخرجه مختصرًا الآجري في "الشريعة"(950) من طريق أبي مروان العثماني محمد بن عثمان بن خالد، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، فذكره مقطوعًا، وجعله عن ابن أبي الزناد، وهو وهم من عثمان بن خالد العثماني والد بن أبي مروان فإنه متروك الحديث.

(1)

بل سبق له أن أخرج له خبرًا برقم (4176) لكن من روايته عن أبيه موقوفًا عليه من قوله.

ص: 196

بُعِثْنا إلى طريقِه هذا، فقال لهم الراهبُ: هل خَلَّفتُم خَلْفَكم أحدًا هو خيرٌ منكم؟ قالوا: لا، قالوا: إنما أُخبرنا خَبَرَه، بُعِثنا لطريقك هذا، قال: أفرأيتُم أمرًا أراده اللهُ أن يَقضِيَه، هل يستطيعُ أحدٌ من الناس ردَّه؟ قالوا: لا، قال: فبايِعُوه، فبايَعُوه وأقامُوا معه، قال: فأتاهم الراهبُ، فقال: أنشُدُكُمُ الله أَيكُم وَليُّه، قالوا: أبو طالب، فلم يَزَلْ يُناشِدُه حتى ردَّه وبعثَ معه أبو بكر بلالًا، وزَوّدَه الراهبُ من الكَعْك والزيتِ

(1)

.

(1)

خبر منكر جدًّا، قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" 1/ 503: حديث منكر جدًّا، وأين كان أبو بكر؟! كان ابنَ عشر سنين، فإنه أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين ونصف، وأين كان بلال في هذا الوقت؟! فإنَّ أبا بكر لم يشتره إلا بعد المبعث ولم يكُن وُلد بعدُ، وأيضًا فإذا كان عليه غمامة تُظِلُّه كيف يُتصوَّر أن يميل فيءُ الشجرة؟! لأنَّ ظل الغمامة يُعدِم فيء الشجرة التي نزل تحتها، ولم نر النبيّ صلى الله عليه وسلم ذكَّر أبا طالب قطُّ بقول الراهب، ولا تذاكرته قريش ولا حكَتْه أولئك الشيوخ، مع توفّر هممهم ودواعيهم على حكاية مثل ذلك، فلو وقع لاشتَهَرَ بينهم أيَّما اشتهارٍ، ولبقي عنده صلى الله عليه وسلم حِسٌّ من النبوة، ولما أَنكر مجيء الوحي إليه، أوّلًا بغار حراء وأتى خديجة خائفًا على عقله، ولما ذهب إلى شواهق الجبال ليرمي نفسه صلى الله عليه وسلم، وأيضًا فلو أثَّر هذا الخوف في أبي طالب وردَّه كيف كانت تطيب نفسه أن يُمكِّنه من السفر إلى الشام تاجرًا لخديجة؟

قال: وفي الحديث ألفاظ منكرة تشبه ألفاظ الطُّرقية، مع أنَّ ابن عائذ روى معناه في "مغازيه" دون قوله: وبعث معه أبو بكر بلالًا .. إلى آخره، فقال: حدثنا الوليد بن يسلم، قال: أخبرني أبو داود سليمان بن موسى، فذكره بمعناه.

ثم أورده الذهبي عن جماعة من أهل المغازي والسير بألفاظ مغايرة لهذا اللفظ الذي هنا.

وذكر أنَّ الذي تفرد به بهذا اللفظ هو قُرادٌ أبو نوح - واسمه عبد الرحمن بن غزوان - وذكر في ترجمته في "السير" 9/ 518 أنَّ له ما ينكر، ومن ذلك حديث لا يُحتمل في قصة النبي صلى الله عليه وسلم وبَحيرا بالشام. يعني هذا الحديث.

وممن أنكر هذا الحديثَ على فُرادٍ أيضًا ابن سيد الناس في "عيون الأثر" 1/ 55، وابنُ كثير في "البداية والنهاية" 3/ 440، وابن حجر في "الإصابة" 1/ 353، وأعلُّوه ببعض ما أعله به الذهبي من وجوه النكارة في بعض ألفاظه.

وورى ابن عساكر في "تاريخه" 3/ 5 عن العباس بن محمد الدُّوري أنه سمعه من قرادٍ أحمدُ بن حنبل ويحيى بن مَعِين، وأنهما قالا: سمعناه من قُرادٍ لأنه من الغرائب والأفراد. قلنا: يعني أنهما =

ص: 197

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4276 -

حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا حَيْوة بن شُرَيح الحَضْرمي، حدثنا بقيَّة بن الوليد، حدثني بَحِير بن سَعْد، عن خالد [بن مَعْدان، عن]

(1)

ابن عَمرو السُّلمي، عن عُتْبة بن عَبْدٍ: أَنَّ رجلًا سألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كيفَ - أو ما - كان أول شأنِك يا رسولَ الله؟ قال: "كانت حاضِنَتي من بني سَعْد بن بكر، فانطلقتُ أنا وابنٌ لها في بَهْمٍ لنا، ولم نأخُذْ معنا زادًا، فقلت: يا أخي، اذهَبْ فأتِنا بِزادٍ من عند أُمَّنا، فانطلَقَ أخي وكنتُ عند البَهْمِ، فأقبل طَيْرانِ أبيضانِ كأنهما نَسْران، فقال أحدُهما لصاحِبِه، أهُو هُو؟ قال: نعم، فأقبَلا يَبتَدِراني، فأخذاني فبَطَحَاني للقَفَا فشَقّا بَطْني، ثم استَخْرجا قلبي فشَقّاه، فأخرجا منه عَلَقَتين سَودَاوَين، فقال أحدهما لصاحبِه: حُصْهُ - يعني خِطْهُ - واختِمْ عليه بخاتَم النبوّة، فقال أحدُهما لصاحبِه: اجعلْه في كِفّةٍ واجعل ألفًا من أمتِه في كِفّة، فإذا أنا أنظُرُ إلى الألْف فَوقي أُشفِقُ أن يَخِرُّوا عليَّ، فقالا: لو أنَّ أمَّتَه وُزِنَتْ به لمالَ بهم، ثم انطَلَقا وتَرَكاني، وفَرِقْتُ فَرَقًا شديدًا، ثم انطلقتُ إلى أمي فأخبرتُها بالذي رأيتُ، فأشفَقَت أن يكون قد التُبِسَ بي، فقالت: أعِيدُك بالله، فرَحَلَتْ بعيرًا لها فجعلَتْني على الرَّحْل ورَكِبَتْ خَلْفي، حتى بَلَغْنا أمّي، فقالت: أدَّيتُ أمانَتي وذِمَّتي، وحَدَّثَتْها بالذي لَقِيتُ، فلم يَرُعْها ذلك، قالت إني رأيتُ خرج مني نُورٌ أضاءتْ منه قُصورُ الشام

(2)

.

= رَوياه مُستغربَين لا مُحتَجَّين به.

وأخرجه الترمذي (3620) عن الفضل بن سهل أبي العباس الأعرج، عن عبد الرحمن بن غزوان قراد، بهذا الإسناد. وقال: حسن غريب!

(1)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من رواية البيهقي في "دلائل النبوة" عن أبي عبد الله الحاكم.

(2)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل بقية بن الوليد ففيه لين، وقد صرَّح بالسماع هنا =

ص: 198

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4277 -

حدثنا أبو العباس أحمد بن سعيد المَعْدانِيّ ببُخارَى، حدثنا عبد الله بن محمود، حدثنا عَبْدان بن سَيّار، حدثنا أحمد بن عبد الله البَرْقِي، حدثنا يزيد بن يزيد

= من شيخه، وصرَّح عند الدارمي (13) بسماع خالد من ابن عمرو السُّلَمي - واسمه عبد الرحمن - وسماع ابن عمرو من عُتبة بن عبدٍ، فانتفت شبهة تدليسه للتسوية، ولعله لأجل ذلك صحّحه الذهبي من هذه الطريق في "تاريخ الإسلام" 1/ 498.

وقد رواه ثور بن يزيد عن خالد بن مَعْدان مرسلًا بنحوه كما تقدم بيانه برقم (4219)، لكنه قال فيه: أنَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا

فذكره.

وأخرجه أحمد 29/ (17648) عن حيوة بن شريح، ويزيد بن عبد ربّه، كلاهما عن بقيّة، بهذا الإسناد. وفيه تصريح ابن عمرو بسماعه من عُتبة.

ويشهد له دون ذكر رؤيا آمنة بنت وهب حديث أنس بن مالك عند مسلم (162)(261).

وحديث أبي ذر الغفاري عند الدارمي (14)، وابن أبي الدنيا في "الهواتف"(3)، والبزار (4048)، وغيرهم من طريق عروة بن الزبير عن أبي ذر. ورجاله ثقات، إلّا أنَّ عروة بنَ الزبير لا يُعلَم له سماعٌ من أبي ذر فيما قاله البزار.

ويشهد له بتمامه حديث حليمة السعدية عند ابن إسحاق في "السيرة" كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 162 لكن فيه جهالة وانقطاع.

ومرسل الزُّهري عند عبد الرزاق في "مصنفه"(9718)، ورجاله ثقات.

ومرسل يحيى بن جعدة عند يونس بن بكير في زياداته على "السيرة النبوية" لابن إسحاق (34)، ورجاله لا بأس بهم.

ويشهد لرؤيا أمه صلى الله عليه وسلم حديث العرباض بن سارية المتقدم برقم (3608)، وهو حديث حسن.

وقد ثبت أن جبريل شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى ليلة الإسراء والمعراج كما في حديث أنس عند البخاري (349)، ومسلم (162)(260)، ونبّه على ذلك السُّهيلي في "الروض الأُنف"، وذكر الحافظ في "فتح الباري" 2/ 207 و 278/ 24 أنه وقع شق الصدر ثلاث مرات، مرة عند الطفولة لما كان في بني سعد، ومرة عند البعثة، ومرة ليلة الإسراء، واستدل للمرة الثانية بما أخرجه الطيالسي (1643) وغيره من حديث عائشة: أنَّ جبريل شقَّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم لما كان بغار حراء، وغسله في طَسْت من ذهب. لكن إسناده ضعيف.

قوله: "التُبِسَ بي" أي: خُولطْتُ في عقلي.

ص: 199

البَلَويّ، حدثنا أبو إسحاق الفَزَاري، عن الأوزاعي، عن مَكحُول، عن أنس بن مالك، قال: كُنّا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا مَنزِلًا، فإذا رجلٌ في الوادي يقولُ: اللهمَّ اجعَلْني من أمةِ محمدٍ المَرحُومةِ المَغفُورةِ المُثابِ لها، قال: فأشرفْتُ على الوادِي، فإذا رجلٌ طولُه أكثرُ من ثلاثِ مئةِ ذِراعٍ، فقال لي: مَن أنتَ؟ قال: قلتُ: أنس بن مالك خادمُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: أين هُو؟ قلت: هو ذا يسمعُ كلامَكَ، قال: فائتِه وأقرئْه مني السلام، وقل له: أخوك إلياسُ يُقرئُك السلامَ، فأتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه، فجاء حتى لقيه فعانَقَه وسلَّم عليه، ثم قعدا يَتحدّثان، فقال له: يا رسول الله، إني إنما آكُلُ في كل سنةٍ يومًا، وهذا يومُ فِطْري، فآكُلُ أنا وأنتَ، فنزلتْ عليهما مائدةٌ من السماء عليها خُبزٌ وحُوتٌ وكَرَفْسٌ، فأكلا وأطعَمَاني، وصَلَّيا العصرَ، ثم وَدَّعَه، ثم رأيتُه مرَّ على السحابِ نحوَ السماءِ

(1)

.

(1)

خبر موضوع، وهذا إسناد ضعيفٌ بمرَّةٍ كما قال البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 422، وذلك أنَّ يزيد بن يزيد البلوي الموصلي وشيخَه أبا إسحاق - وهو الجُرَشي، لا الفَزَارِي الثقة - لا يُعرفان كما قال ابن الجوزي في "الموضوعات"(408)، وقد حصل هنا خطأ في نسبة أبي إسحاق بأنه الفَزَاري، والفزاري ثقة حافظ، وإنما الصحيح أنه الجُرَشي كما جاء منسوبًا في رواية ابن أبي الدنيا في "الهواتف"(102)، ومن طريقه أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات".

وقال الذهبي في "تلخيصه" متعقِّبًا على تصحيح الحاكم له: بل موضوعٌ قبَّح اللهُ مَن وضعه، قال: فإما يزيد البَلَوي افتراهُ وإما ابن سيار.

قلنا: لم ينفرد به ابن سيار - وقد ذكره الذهبي في "الميزان" وعنه ابن حجر في "اللسان" فسمّاه: عبدان بن يسار - فقد رواه إبراهيم بن سعيد الجوهري عن يزيد البلوي، فمداره على البَلَوي وشيخه أبي إسحاق، فيكون إما من وضع البَلَوي أو شيخه، والله تعالى أعلم.

وكذلك حكم بوضعه ابن كثير في "البداية والنهاية" 2/ 275، فقال: حديث موضوع، مخالف للأحاديث الصحاح من وجوه، ومعناه لا يصح أيضًا؛ ثم ذكر بعضَ وجوهِ مخالفتِه ونكارتِه.

وقد رواهُ ابن شاهين كما قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 2/ 307 من طريق خير بن عرفة، عن هانئ بن المتوكّل، عن بقية بن الوليد، عن الأوزاعي، عن مكحول، سمعتُ واثلة بن الأسقع، فذكره نحو حديث أنس الذي هنا بأطول منه وأبسط وأنَّ ذلك كان في غزوة تبوك. =

ص: 200

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4278 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن الأعمش، عن المِنْهال بن عمرو، عن يعلى بن مُرّة، عن أبيه، قال: سافرتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيتُ منه شيئًا عجبًا؛ نزلْنا منزلًا فقال: "انطلِقْ إلى هاتَين الشجرتَين، فقل: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ لكما أن تَجتَمِعا" فانطلقتُ فقلتُ لهما ذلك، فانتَزَعَتْ كلُّ واحدةٍ منهما من أصلِها، فمَرَّت كلُّ واحدةٍ إلى صاحبتِها فالْتقتا جميعًا، فقضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حاجتَه من ورائهما، ثم قال:"انطلِقْ، فقُل لهما لِتعُودَ كلُّ واحدةٍ إلى مكانها" فأتيتُهما فقلتُ ذلك لهما، فعادَتْ كلُّ واحدةٍ إلى مكانها.

وأتتْه امرأةٌ فقالت: إنَّ ابني هذا به لَمَمٌ منذ سبع سنين يأخذُه كلَّ يومٍ مرتَين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أذْنِيهِ" فأدنَتْه منه، فتَفَلَ في فِيْهِ، وقال:"اخرُجْ عدوَّ الله أنا رسولُ الله" ثم قال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رَجَعْنا فأعلِمِينا ما صنَعَ"، فلما رجعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم استقبَلَتْه ومعها كَبْشانِ وأَقِطٌ وسَمْنٌ، فقال لى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"خُذْ هذا الكبشَ فاتَّخِذْ منه ما أردتَ"، فقالت: والذي أكرمك ما رأينا به شيئًا منذُ فارقَتَنا.

ثم أتاهُ بَعيرٌ فقام بين يَدَيه فرأى عينَيه تدمعان، فبعثَ إلى أصحابه، فقال:"ما لِبَعيرِكُم هذا يَشكُوكم؟ " فقالوا: كنا نعملُ عليه، فلما كَبِرَ وذهَبَ عَمَلُه، تواعَدْنا عليه لِنَنحَرَه غدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تَنحَرُوه واجعَلُوه في الإبلِ يكونُ معها"

(1)

.

= ونقل الحافظ 2/ 309 عن ابن الجوزي قوله: لعلَّ بقية سمع هذا من كذّاب فدلَّسه عن الأوزاعي. قلنا: وهانئ بن المتوكل قال عنه ابن حبان في "المجروحين": كانت تُدخَل عليه المناكير، فكثرت، فلا يجوز الاحتجاج به بحالٍ.

(1)

ضعيف من حديث يعلى بن مرة لاضطرابه، وهذا إسناد منقطع، فقد جزم المزي في "تهذيب الكمال" 28/ 569 و 32/ 399، والذهبي في "تاريخ الإسلام" 2/ 552 بأنَّ المنهال بن عمرو =

ص: 201

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= روايته عن يعلى بن مُرة مرسَلَة، وأقرَّ الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" المزيِّ فيما قاله. والحجة في ذلك - والله أعلم - ما وقع في بعض طرق الحديث من بيان للواسطة بينهما، حيث جاء فيها: عن ابن يعلى بن مرة، عن أبيه، وهذا أصح ممّا جاء في بعض طرق الحديث كما وقع في رواية المصنِّف هنا: عن يعلى بن مرة عن أبيه، يعني بإسقاط لفظة "ابن" بما يُوهم أن الحديث لمُرَّة، والد يَعلى، وقال البخاري فيما نقله عنه الذهبي في "تاريخ الإسلام" 1/ 690: إنما هو عن يعلى نفسه. وبذلك جزم أبو نُعيم في "معرفة الصحابة" في ترجمة مرة الثقفي والد يعلى بأنَّ المحفوظ فيه عن ابن يعلى عن أبيه. والظاهر أنَّ الوهم فيه من الأعمش كما احتمله البيهقي في "الدلائل" 6/ 22، فعليه مدار ذلك الاختلاف كما سيأتي بيانه.

وهو في زيادات يونس بن بكير على "السيرة النبوية" لابن إسحاق (427).

وأخرجه مطولًا ومختصرًا ببعض القصص الثلاث المذكورة: أحمد 29/ (17549) و (7564)، وابن ماجه (339)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1613) و (1614)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(2170)، وأبو نُعيم في "دلائل النبوة"(292)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 21 - 22، وابن عبد البر في "التمهيد" 1/ 227، وابن عساكر 4/ 366 من طريق وكيع، وابن أبي عاصم (1611) عن محمد بن مصفّى، عن يحيى بن عيسى الرملي، والبغوي (2171) عن هارون بن عبد الله الحمّال، عن محاضِر بن المُورِّع، ثلاثتهم (وكيع ويحيى بن عيسى ومحاضر) عن الأعمش، به. وروي عن هؤلاء الثلاثة غير ذلك في إسناده.

فهو في "الزهد" لوكيع (508) ومن طريقه أخرجه أحمد (17549) و (17563)، وابنُ سعد في "الطبقات" 1/ 144، وهناد في "الزهد"(1338)، وابن أبي عاصم (1612) و (1614)، وأبو نُعيم في "الدلائل"(292)، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 22، وابن عساكر 4/ 366 - 367.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (680) من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، عن محاضر بن المؤرِّع، كلاهما (وكيع ومحاضر) عن الأعمش.

وأخرجه أيضًا أحمد (17567) من طريق أبي بكر بن عيّاش، عن حبيب بن أبي عمرة.

كلاهما (الأعمش وحبيب) عن المنهال، عن يعلى بن مرة. ولم يذكر أباه، وحبيب هذا ثقة لكن الراوي عنه أبو بكر بن عيّاش كان يهمُ في الحديث، وله سماع من الأعمش أيضًا، فلعله ذكر حبيبًا بدل الأعمش، فإن هذا الحديث لا يُعرف بذكر المنهال إلّا عن الأعمش، والله تعالى أعلم.

وأخرجه إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 1/ 315 عن محمد بن عبد الله بن نمير، وأبو القاسم الأصبهاني في "دلائل النبوة"(304) من طريق أبي سعيد الأشجّ، كلاهما عن وكيع، والطبراني في "الكبير" 22/ (679) من طريق أسد بن موسى، عن يحيى بن عيسى الرملي، كلاهما (وكيع =

ص: 202

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ويحيى بن عيسى) عن الأعمش، عن المنهال، عن ابن يعلى بن مرة، عن أبيه. ولم يسم ابن يعلى.

وأخرجه الطبراني في "الأحاديث الطوال"(54)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 22 من طريق عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة، والعُقيلي في "الضعفاء"(870) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي، وأبو القاسم الأصبهاني في "الدلائل"(240) من طريق يونس بن خباب، ثلاثتهم عن عبد الله بن يعلى بن مرة، عن أبيه. لكن قال يونس ذلك: عن ابن يعلى، لم يصرّح باسمه. وهؤلاء الثلاثة عمر بن عبد الله وعبد الرحمن بن إسحاق ويونس كلهم ضعفاء منكرو الحديث، وأشدهم ضعفًا عمر، وأبوه عبد الله قال الذهبي في "الميزان": ضعّفه غير واحد.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" معلقًا 6/ 357 من طريق خلف بن مهران العدوي، عن عمرو بن عثمان بن يعلى بن مرة، عن أبيه، عن جده. وعمرو وأبوه مجهولان.

وأخرجه بنحوه أحمد (17548) من طريق عثمان بن حكيم، عن عبد الرحمن بن عبد العزيز، و (17559) من طريق عاصم بن أبي النجود، عن حبيب بن أبي جُبَيرة، و (17565) من طريق عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حفص بن أبي عقيل، ثلاثتهم - وثلاثتهم مجهولون - عن يعلى ابن مرة. ولم يذكروا أباه، وسماه حبيب يعلى بن سِيابة، وهو نفسه يعلى بن مرة، واسم أبيه سيابة، كما جزم به ابن مَعِين وأبو زرعة فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل"(2695)، وبه جزم أيضًا أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(6639)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 282. وزادوا فيه في قصة البعير أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم استوهَبَه من صاحبه فلم يعطِه إياه، فأوصاه النبي صلى الله عليه وسلم به خيرًا، إلّا عند عبد الرحمن بن عبد العزيز ففي روايته أنَّه وهبه للنبي صلى الله عليه وسلم، فوسمه صلى الله عليه وسلم بِسمة الصدقة. وذكر حبيبٌ في روايته بدلَ قصة المرأة وابنها قصةَ رجل يُعذَّب في قبره.

وفي سياق رواية عبد الله بن حفص في قصة المرأة وقصة الشجرة مغايرة واضحة لسياق القصتين هنا، وعبد الله هذا اضطرب عطاء بن السائب في اسمه ولم يرو عنه غيره، فهو مجهول.

وأما عبد الرحمن بن عبد العزيز فقد قال ابن حجر في "التعجيل"(636): يغلب على ظنِّي أنه الأُمَامي. قلنا: إن كان هو الأُماميُّ فهو صدوق لكنه لم يدرك يعلى بن مرة، وإن كان غيره فليس بالمشهور كما قال الحُسيني، بل جزم ابن مَعِين بأنه مجهول. وكذا حبيب بن أبي جُبَيرة مجهول أيضًا. قلنا: وتعدد هذه الطرق في حديث يعلى يفيد غلبةَ الظن أو القطع عند المتبحّر أن يعلى بن مرة حدَّث بهذه القصة في الجملة كما قال ابن كثير في "البداية والنهاية" 9/ 14 - 15.

وقد رُوي نحو هذا الحديث بقصصه الثلاث من حديث جابر بن عبد الله من طريق إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفيراء، عن أبي الزُّبَير، عن جابر. أخرجه من طريقه يونس بن بكير في زياداته على "السيرة النبوية" لابن إسحاق (429)، وابن أبي شَيبْة 11/ 490 - 492، وعبد بن =

ص: 203

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقةِ.

4279 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو النعمان، حدثنا المُعتمِر بن سليمان، قال: سمعت أبي يُحدِّث عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير، عن سَمُرة بن جُندُب، أنه حدَّثَه: أنَّ قَصْعةً كانت عند رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فجعلَ الناسُ يأكُلُون منها، فكلما شبعَ قومٌ جلسَ مكانَهم أُناسٌ آخَرون، قال: كذلك إلى صلاة الأُولى، فقال رجلٌ: إنها تُمَدُّ بشيءٍ، فقال سمرةُ: ما كانت تُمَدُّ إِلَّا مِن السماءِ

(1)

.

= حميد (1053)، والدارمي (17)، وابن المنذر في "الأوسط"(253)، والبيهقي في "الاعتقاد" ص 289 - 291، وفي "السنن الكبرى" 1/ 93، وفي "دلائل النبوة" 6/ 18، وأبو القاسم الأصبهاني في "دلائل النبوة"(254)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 373. ونقل البوصيري في "إتحاف الخيرة" بإثر (6466) عن الدارقطني أنَّ إسماعيل بن عبد الملك قد تفرَّد به بطوله. قلنا: وإسماعيل فيه ضعف لسوء حفظه.

وقد رواه زمعة بن صالح، عن زياد بن سعد، عن أبي الزُّبَير، فقال: حدثني يونس بن خباب، قال: سمعتُ أبا عُبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه عبد الله بن مسعود. أخرجه من هذه الطريق الطبراني في "الأوسط"(9189)، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 20، وأبو القاسم الأصبهاني في "الدلائل"(135). وعند الطبراني والبيهقي قصة الشجرتين والبعير فقط، وعند الأصبهاني القصص الثلاث. وإسناده ضعيف، أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، وزمعة بن صالح ضعيف الحديث، ويظهر في إسناده مخالفة زمعةَ بن صالح لإسماعيلَ بن عبد الملك في رواية أبي الزُّبَير، قال البيهقي في "الدلائل": حديث جابر أصح، وهذه الرواية ينفرد بها زمعة بن صالح.

ورُويت قصةُ الجمل بسياق آخر عن جابر من طريق الذيَّال بن حرملة عنه عند أحمد 42/ (14333) وغيره بسند حسن

وقصة الشجرتين بنحوها من حديثه أيضًا عند مسلم (3012)، وابن حبان (6524).

ورويت قصة الغلام الذي به لممٌ من حديث ابن عباس أيضًا عند أحمد 4/ (2133)، وإسناده ضعيف.

(1)

إسناده صحيح أبو النعمان: هو محمد بن الفضل السَّدُوسي، وسليمان: هو ابن طَرْخان التيمي.

وأخرجه النسائي (6876) عن محمد بن عبد الأعلى، عن المعتمر بن سليمان بهذا الإسناد. =

ص: 204

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4280 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عيسى اللَّخْمي، حدثنا عمرو بن أبي سَلَمة، الأوزاعي، قال: حدثني المُطَّلب بن عبد الله بن حَنْطب المَخْزُومي، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي عَمْرة الأنصاري، حدثني أبي، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غَزوةٍ، فأصاب الناسَ مَخْمَصَةٌ، فاستأذنَ الناسُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في نَحْرِ بعض ظُهورِهم، وقالوا: يُبْلِغُنا اللهُ بهم، فلما رأى عمرُ بن الخطاب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد هَمَّ بأن يأذَنَ لهم في نَحْرِ بعض ظُهورِهم

(1)

، قال: يا رسول الله، كيف بنا إذا نحنُ لَقِينا العَدُوَّ غدًا جياعًا رجالًا، ولكن إن رأيتَ يا رسولَ الله أن تدعُوَ الناسَ ببقايا أزْوادِهم، فجعلَ الناسُ يَجِيئون بالحَفْنة من الطعام وفوقَ ذلك، فكان أعلاهُم مَن جاء بصاعِ تمر، فجمَعَها، ثم قام فدعا بما شاء اللهُ أن يَدعُوَ، ثم دعا الجيشَ بأوعيتِهِم، ثم أمَرَهُم أن يَحتَثُوا

(2)

ما بَقِي من الجيش، فما تركُوا وعاءً إلّا ملؤوهُ وبقي مثلُه، فَضَحِكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى بَدَتْ نَواحِدُه، فقال:"أشهدُ أن لا إله إلّا الله، وأشهدُ أني رسولُ اللهِ، لا يَلْقَى الله عبدٌ مؤمنٌ بها إِلَّا حُجِبَ عن النار"

(3)

.

= وأخرجه أحمد 33/ (20196)، والترمذي (3625)، والنسائي (6707)، وابن حبان (6529) من طريق يزيد بن هارون، وأحمد (20135) عن علي بن عاصم، كلاهما عن سليمان التيمي، به. وقال الترمذي حديث حسن صحيح.

(1)

في (ز): ظهرهم.

(2)

تحرف في النسخ الخطية إلى: يحتشوا، أو يحتسوا.

(3)

إسناده ضعيف جدًّا، أحمد بن عيسى اللَّخمي - وهو الخشاب التِّنِّيسي - ضعيف جدًّا وكذّبه بعضهم، لكن صحَّ الحديثُ من غير طريقه عن الأوزاعي.

فقد أخرجه أحمد 24/ (15449)، والنسائي (8742) و (10912) من طريق عبد الله بن المبارك، وابن حبان (221) من طريق الوليد بن مسلم ومحمد بن شعيب، ثلاثتهم عن الأوزاعي، بهذا الإسناد. =

ص: 205

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4281 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازِم الغِفاري، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا أسامة بن زيد، عن محمد بن المُنكَدِر، عن سَفِينة، قال: ركبتُ البَحْرَ في سفينةٍ، فانكسَرَتْ، فركبتُ لَوحًا منها فطَرَحَني في أجَمَةٍ فيها أسدٌ، فلم يَرُعْني إلّا به، فقلت: يا أبا الحارث، أنا مَولَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فطأَطأَ رأسَه وغَمَزَ بِمَنْكِبِه شِقِّي، فما زال يَعْمِرُني ويَهديني إلى الطّريقِ، حتى وَضَعَني على الطّريقِ، فلما وَضَعَني هَمْهَمَ، فظننتُ أنه يُودِّعُني

(1)

.

= ويشهد له حديث أبي سعيد الخُدْري أو أبي هريرة - على الشك - عند أحمد 17/ (11080) ومسلم (27)، وابن حبان (6530) بالقصة نفسها.

(1)

حديث صحيح إن صح سماع محمد بن المنكدر له من سفينة، وهو الراجح، وهذا إسناد لا بأس برجاله، واختُلف فيه على أسامة بن زيد - وهو الليثي - فرواه عُبيد الله بن موسى - كما في رواية المصنف هنا - وعثمان بن عمر بن فارس وخلف بن موسى البلخي عنه عن محمد بن المنكدر، ليس بينهما أحد، وخالفهم عبدُ الله بن وهب عند المصنف في الرواية الآتية (6695) وجعفرُ بن عون، فروياه عن أسامة بن زيد، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن محمد بن المنكدر، فزادا في الإسناد محمد بن عبد الله العثماني، وهو صدوق لا بأس به، وسماع أسامة بن زيد من ابن المنكدر صحيح أيضًا، وأسامة بن زيد متابع عن ابن المنكدر.

وأما سماع محمد بن المنكدر من سفينةَ فممكنٌ جدًّا، فقد كان سفينة حيًا زمن ولاية الحجاج الثقفي على الحجاز من قِبَل عبد الملك بن مروان، وذلك فيما قاله سعيد بن جُمهان: لقيتُه ببطن نخلة في زمن الحجاج، وبطنُ نخلة موضع بين مكة والطائف، وإنما ولي الحجاج الحجاز بعد قتله عبد الله بن الزبير سنة 73، فكان سفينة حيًّا إذ ذاك، وجزم الذهبي في "السير" بأن ابن المنكدر ولد سنة بضع وثلاثين، وعليه يكون سنُّ محمد بن المنكدر وقتها أربعة وثلاثين عامًا، وجزم الحافظ ابن حجر في "التهذيب" بغير ما جزم به الذهبي، اعتمادًا على ما قاله ابن عيينة بأنَّ ابن المنكدر بلغ نيفًا وسبعين سنة مع القول بأنه مات سنة ثلاثين أو إحدى وثلاثين ومئة، فجزم بأنَّ مولد ابن المنكدر يكون على ذلك قبل سنة ستين بيسير، وبنى على ذلك بأنَّ روايته عن سفينة مرسلة. لكن الحافظ رحمه الله ذهل عن أن سفينة كان حيًّا زمن ولاية الحجاج، أي: سنة ثلاث وسبعين على أقل تقدير، فيكون عمر محمد بن المنكدر إذ ذاك أربعة عشر عامًا =

ص: 206

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= على أقلّ تقدير أيضًا، ومثله لا يُنكر سماعُه البتة. وهو ما جاء نصًا في رواية خلف بن موسى البلخي عند البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 195 عن أسامة بن زيد عن ابن المنكدر قال: سمعتُ سفينةَ قال: ركبتُ البحرَ، فذكره.

وقد صحح البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير"(219) سماع ابن المنكدر من عائشة رضي الله عنها التي توفيت سنة سبع وخمسين على الصحيح، وصحَّ أيضًا سماعه من عبد الله بن الزبير كما قال البخاريُّ في "تاريخه الكبير" 1/ 219، وعبد الله بن الزبير إنما قتله الحجاجُ سنة ثلاث وسبعين، وقد حضر ابن المنكدر ضربَ الحجاج لابن الزبير بالمنجنيق وقتَ حصاره له، وذلك فيما رواه أبو داود في "الزهد" (389) عن هشام بن عروة عن محمد بن المنكدر قال: لو رأيتَ ابنَ الزبير يصلي تحت ظل شجرة كأنه غصن من أغصانها، ويجيئه المنجنيق من هاهنا فلا يلتفتُ إليه. وبذلك يترجَّح قول الذهبي في ذكر سنِّ ولادته، والله تعالى أعلم.

وعلى تسليم القول بإرساله، فمرسلُ ابن المنكدر من أجود المراسيل، فقد قال ابن عيينة: ما رأيت أحدًا أجدَرَ أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يُسأل عمن هو من ابن المنكدر؛ يعني لتحرِّيه كما قال الحافظ ابن حجر في "التهذيب".

وقد رويت هذه القصة أيضًا من طريق آخر ضعيف عن سفينة كما سيأتي.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 5/ 101، والروياني في "مسنده"(662) وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1196)، والطبراني في "الكبير"(6433)، وأبو نُعيم في "حلية الأولياء" 1/ 369، وفي "دلائل النبوة"(535)، وفي "معرفة الصحابة"(3510)، وأبو العباس المستَغْفرِي في "دلائل النبوة"(455)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 270، وابن الجوزي في "المنتظم" 5/ 140، والمزي في ترجمة سفينة من "تهذيب الكمال" 11/ 206 من طرق عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (3838)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية"(4060/ 1)، وأبو بكر النجاد في "ذكر من له الآيات ومن تكلم بعد الموت"(47)، والحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص 198، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 269 من طريق عثمان بن عمر بن فارس، والبخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 195 عن قُتَيبة بن سعيد قال: حدثنا خلف بن موسى وكان رجلًا صالحًا، كلاهما (عثمان بن عمر وخلف بن موسى) عن أسامة بن زيد الليثي به.

وسيأتي برقم (6695) من طريق عبد الله بن وهب، عن أسامة بن زيد، عن محمد بن عبد الله العثماني، عن محمد بن المنكدر، به. بزيادة محمد العثماني، وتابع عبدَ الله بنَ وهب على ذكرها جعفرُ بن عون كما سيأتي تخريجه ثمة. =

ص: 207

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4282 -

حدثني أبو محمد الحسن بن إبراهيم الأسْلَمي الفارِسي من أصل كتابه، حدثنا جعفر بن دَرستَوَيهِ، حدثنا اليَمَان بن سعيد المِصِّيصي، حدثنا يحيى بن عبد الله المصري، حدثنا عبد الرزاق، عن مَعمَر، عن الزُّهْري، عن سالم، عن عبد الله بن عمر قال: كنا جُلوسًا حول رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذ دخَلَ أعرابيٌّ جَهْوَرِيٌّ بَدَوِيٌّ يَمَانِيٌّ، على ناقةٍ حمراءَ، فأناخَ ببابِ المسجدِ، فدخل فسلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قَعَدَ، فلما قضى نَحْبَه

(1)

، قالوا: يا رسول الله، إنَّ الناقةَ التي تحت الأعرابيِّ سرقةٌ، قال:"أَتَمَّ بَيِّنَةٌ؟ " قالوا: نعم يا رسول الله، قال:"يا علي، خُذْ حقَّ الله من الأعرابيِّ إن قامتْ عليه البيِّنةُ، وإن لم تَقُمْ فرُدَّه إليَّ" قال: فأطرقَ الأعرابيُّ ساعةً، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"قُمْ يا أعرابيُّ لأمرِ الله، وإلّا فأَدْلِ بحُجَّتِكَ" فقالت الناقةُ من خلفِ الباب: والذي بعثَكَ بالكَرامة يا رسول الله، إنَّ هذا ما سَرَقَني ولا ملَكَني أحدٌ سواهُ، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"يا أعرابيُّ، بالذي أنطقَها بعُذْرِك، ما الذي قلتَ؟ " قال: قلتُ: اللهمَّ إنك لستَ برَبٍّ استَحْدثناكَ، ولا معكَ إِلهٌ أعانَكَ على خَلْقنا، ولا مَعَكَ ربٌّ فَنَشُكَّ في رُبُوبيَّتِك، أنت ربُّنا كما نقولُ وفوقَ ما

= وأخرجه معمر بن راشد في "جامعه"(20544)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 46، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة"(3732) من طريق سعيد بن عبد الرحمن الجَحْشي، والروياني في "مسنده"(663)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 52 من طريق بحر بن كنيز السقّاء، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1196)، وابن عساكر 4/ 270 من طريق عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، ثلاثتهم عن محمد بن المنكدر، عن سفينة إلّا أنَّ سعيدًا الجحشي جعله من رواية ابن المنكدر مرسلًا.

وأخرجه مختصرًا أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1195)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 269 من طريق علي بن عاصم الواسطي، عن أبي ريحانة عبد الله بن مطر، عن سفينة، قال: لقيتُ الأسد، قلت: أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فضرب بذنبه الأرض وقعَدَ. وعلي بن عاصم ضعيف الحديث.

(1)

أي: قضى حاجته.

ص: 208

يقولُ القائلونَ، أسألُك أن تُصلِّيَ على محمدٍ وأن تُبرِّئَني ببَراءتي، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"والذي بَعَثَني بالكَرامةِ يا أعرابيُّ، لقد رأيتُ الملائكةَ يَبتَدِرُون أفواهَ الأَزِقَّة يَكتُبون مَقالتَك، فأكثِرِ الصلاةَ عليَّ"

(1)

.

رواةُ هذا الحديث عن آخِرِهم ثقاتٌ، ويحيى بن عبد الله المِصري هذا لستُ أعرِفُه بعَدَالةٍ ولا جَرْحٍ.

4283 -

حدثنا أبو بكر إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، حدثنا شَريك، عن سِماك، عن أبي ظَبْيانَ، عن ابن عبّاس، قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: بِمَ أعْرِفُ أنك رسولُ الله؟ فقال: "أرأيتَ إن دعوتُ هذا العِذْقَ من هذه النخلةِ، أتشهدُ أني رسولُ الله؟ " قال: نعم، قال: فدعا العِذْقَ، فجعل العِذْقُ يَنزِلُ من النخلة حتى سَقَطَ في الأرض، فجعل يَنْقُرُ حتى أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: ثم قال له: "ارجِعْ" فرجَعَ حتى عادَ إِلى مَكانِه

(2)

.

(1)

إسناده واهٍ، تفرَّد به يحيى بن عبد الله المصري عن عبد الرزاق، وهو مجهول لا يُعرف، وقال الذهبي في "تلخيصه": هو الذي اختَلَقَه، وكذلك قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" 8/ 456: هو ظاهر النكارة، وهو موضوع على هذا الإسناد المذكور. ثم قال الحافظ: وقد أخرجه الطبراني في "الدعاء"(1055)، من طريق سعيد بن موسى الأزدي الحمصي، عن الثوري، عن عمرو بن دينار، عن نافع، عن ابن عمر، فذكر نحوه بطوله واليمان ضعيف كما سيأتي في ترجمته، وهو بسعيدٍ أشبه، ولعلَّ سنده انقلب على اليمان، وسعيد تقدم أنه متهم بالوضع، انتهى كلام الحافظ.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل شريكٍ - وهو ابن عبد الله النخعي - وسماكٍ - وهو ابن حرب - وقد توبعا. أبو ظَبْيان: هو حُصين بن جندب الكوفي.

وأخرجه الترمذي (3628) عن محمد بن إسماعيل البخاري، عن محمد بن سعيد بن الأصبهاني، بهذا الإسناد. وقال هذا حديث حسن صحيح.

والحديث عند البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 3 بهذا الإسناد بزيادة: فأسلم الأعرابي.

وأخرجه بنحوه أحمد 3/ (1954) عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، به. لكنه جاء فيه أنَّ هذا الأعرابي رجل من بني عامر، وأنه قال بعد معاينته تلك الآية: يا آل بني عامر، ما رأيتُ كاليوم رجلًا أسحرَ. =

ص: 209

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4284 -

حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا يوسف بن موسى المَرُّوذِي، حدثنا عبّاد بن يعقوب، حدثنا الوليد بن أبي ثَور، عن السُّدِّي، عن عَبّاد بن عبد الله، عن علي، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فخرج في بعض نَواحِيها، فما استقبلَه شَجَرٌ، ولا جَبَلٌ إلّا قال: السلامُ عليك يا رسُولَ الله

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4285 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي، حدثنا عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، حدثنا وهب بن جَرير، حدثنا شُعْبة، عن عمرو بن مُرّة، عن عبد الله بن سَلِمة، عن علي، قال: مَرِضتُ فأتى عليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأنا أقولُ: اللهم إن كان أجَلِي قد حَضَرَ فأرِحْني، وإن كان مُتأخِّرًا فارفَعْني، وإن كان البلاءُ فصَبِّرني، فقال:"ما قلتَ؟ " فأعَدْتُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم اشفِهِ اللهم عافِهِ" ثم قال: "قُمْ"،

= وفي رواية عند ابن منده في "الإيمان"(133)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 16 من طريق محمد بن أبي عبيدة المسعودي، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي ظبيان به بلفظ: فقال العامري: يا آل عامر بن صعصعة لا ألومك على شيء قلته أبدًا.

وخالف أصحابَ الأعمش فيه عبدُ الواحد بنُ زياد عند ابن حبان (6523) وغيره، فرواه عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن عبّاس بنحو رواية أبي عبيدة المسعودي، لكنه ذكر سالم بن أبي الجعد بدل أبي ظبيان قال ابن مَنْدَه: حديث أبي ظبيان أولى. وقال الأعرابي في آخره: يا آل عامر بن صعصعة، والله لا أكذبه بشيء.

قال البيهقي: يُحتمل أنه توهّمه سِحْرًا، ثم علم أنه ليس بساحرٍ فآمن وصدَّق.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا لضعف الوليد بن أبي ثور - وهو الوليد بن عبد الله بن أبي ثور - وجهالة عبّاد بن عبد الله، وسُمِّي في سائر روايات الحديث عند غير الحاكم: عباد بن أبي يزيد. السُّدِّي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن.

وأخرجه الترمذي (3626) عن عباد بن يعقوب الكوفي، بهذا الإسناد. وقال: حديث غريب.

وقد صحَّ من حديث جابر بن سَمُرة عند مسلم (2277) وغيره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعرف حجرًا بمكة كان يُسلّم عليَّ قبل أن أُبعَثَ، إني لأعرفُه الآن".

ص: 210

فقمتُ، فما عادَ لي ذلك الوجَعُ بعدُ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4286 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان أحمد بن عبد الله الدَّقَّاق ببغداد، حدثنا عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، حدثنا يعقوب بن إسحاق الحَضْرمي، أخبرنا عِكْرمة بن عمار، حدثنا أبو كثير الغُبَري، قال: قال أبو هُريرة: ما على وَجْه الأرض مؤمنٌ ولا مؤمنةٌ إلا وهو يُحبُّني، قال: قلتُ: وما عِلمُك بذلك يا أبا هريرة؟ قال: إني كنتُ أدعُو أمي إلى الإسلام، فتأبّى، وإني دعوتُها ذات يومٍ فأسمعَتْني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكْرَهُ، فجئتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسول الله، إني كنتُ أدعُو أمّي إلى الإسلام، فتأبَى عليَّ، وإني دعوتُها يومًا، فأسمَعَتْني فيكَ ما أَكرَهُ، فَادْعُ الله يا رسول الله أن يهديَ أمَّ أبي هريرة إلى الإسلام، فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجعتُ إلى أمّي أُبشِّرها بدعوةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كنتُ على الباب إذا البابُ مغلقٌ فدققتُ البابَ، فسمعتْ حِسِّي فَلَبِسَتْ ثيابَها وجَعَلتْ على رأسِها خِمارَها، وقالت: ارفُقْ يا أبا هريرة، ففتحتْ لي، فلما دخلتُ قالت: أشهدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ الله، فرجعتُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أبكي من الفَرَح كما كنتُ أبكي من الحُزن، وجعلتُ أقول: أبشِرْ يا رسولَ الله، قد استجابَ اللهُ دعوتَك وهَدَى الله أمَّ أبي هريرة إلى الإسلام، فقلت: ادعُ الله أن يُحبِّبَني وأمي إلى عباده المؤمنين ويُحبِّبَهم إلينا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم حَبَّب عُبيدَكَ هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحَبَّبهم إليهما"، فما على الأرضِ مؤمنٌ ولا مؤمنةٌ إلا وهو يُحبُّني وأُحِبُّه

(2)

.

(1)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل عبد الله بن سَلِمة - وهو المُرادي - وصحَّحه الترمذي وابن حبان وابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 191.

وأخرجه أحمد 2/ (637) و (638) و (841) و (1057)، والترمذي (3564)، والنسائي (10830)، وابن حبان (6940) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، وقد توبع. =

ص: 211

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4287 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن سليمان البُرُلُّسيّ، حدثنا ضِرار بن صُرَدٍ، حدثنا عائذُ بن حَبيب، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله المُزَني، عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، قال: كان فلانٌ يَجلِسُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا تَكلَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بشيءٍ اختَلَجَ بِوَجْهِه، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"كُنْ كَذلِكَ"، فلم يَزَلْ يَختَلِجُ حتى مات

(1)

.

= وأخرجه أحمد 14/ (8259)، ومسلم (2491)، وابن حبان (7154) من طرق عن عكرمة بن عمار، به. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(1)

إسناده ضعيف جدًا، ضرار بن صُرَد واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وعائذ بن حبيب لا بأس به، لكنه كان يتشيع، وجاء في بعض روايات الحديث أن هذا الرجل الذي أُبهم في الرواية هو الحكم بن أبي العاص والد مروان، وعبد الله المزني لم نَتبيَّن من هو، وقد روي نحو هذه القصة في الحكم بن أبي العاص من غير وجه أمثلها رواية هند بن هند بن أبي هالة لكنها مرسلة.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 239 عن جماعة من شيوخه منهم أبو عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3167) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 57/ 270 من طريق أبي حاتم الرازي، كلاهما عن ضرار بن صرد به. وصرّحا بذكر الحكم بن أبي العاص.

وأخرج الخطابي في "غريب الحديث" 1/ 542 - 543، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 196، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(6555)، وفي "الطب النبوي"(580)، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 240، وابن عبد البر في "الاستيعاب" في ترجمة هند بن أبي هالة (2661)، من طريق مالك بن دينار، عن هند ابن خديجة - وهو هند بن هند بن أبي هالة - قال: مَرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم بن أبي العاص، فجعل يغمز بالنبي صلى الله عليه وسلم ويُشير بإصبعه، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم اجعل به وَزَغًا، فرجفَ مكانَه. والوَزَع: الارتعاش. ورجاله لا بأس بهم لكنه مرسل، لأنَّ هذا المذكور تابعي، وإنما الصحبة لأبيه.

وأخرج نحو رواية هند هذه البيهقي في "الدلائل" 6/ 239 من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، وإسناده ضعيف جدًّا.

ص: 212

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4288 -

حدثني أبو بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد، حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن الأشْعَث الكوفي بمصر، حدثني أبو الحسن موسى بن إسماعيلَ بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي، حدثني أبي إسماعيلُ، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحُسين، عن أبيه الحسين ابن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب: أنَّ يَهوديًا كان يقال له: جُرَيجِرة، كان له على رسول الله صلى الله عليه وسلم دنانيرُ، فتَقاضى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال له:"يا يَهودِيُّ، ما عندي ما أُعطِيك" قال: فإني لا أُفارِقُك يا محمدُ حتى تُعطِيَني، فقال صلى الله عليه وسلم:"إذًا أَجلِسَ معكَ" فجلسَ معه، فصلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الموضِع الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ الآخِرةَ والغَداةَ، وكان أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَتَهدَّدونه ويتَوعَّدونه، ففَطِن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما الذي تَصنَعون به؟ " فقالوا يا رسول الله، يَهوديٌّ يَحبِسُك؟!، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"مَنَعَني ربِّي أن أَظْلِمَ معاهَدًا ولا غيره" فلما تَرجَّل النهارُ

(1)

قال اليهوديُّ: أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، وشَطْرُ مالي في سبيل الله، أما والله ما فعلتُ الذي فعلتُ بك إلّا لأنظُرَ إلى نَعتِكَ في التوراة: محمدُ بن عبد الله مَولدُه بمكة، ومُهاجَرُه بطَيْبة، ومُلكُه بالشام، ليس بفَظٍّ ولا غَليظٍ ولا سَخّابٍ في الأسواق، ولا مُتَزيِّنٍ بالفُحْشِ ولا قولِ الخَنَا، أشهدُ أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله، هذا مالي فاحكُم فيه بما أراكَ اللهُ؛ وكان اليهوديُّ كثيرَ المالِ

(2)

.

(1)

أي: ارتفع.

(2)

خبر موضوع، آفته أبو علي محمد بن محمد بن الأشعث، فقد اتهمه ابن عدي والدارقطني بوضع هذه النسخة العَلَوية، وليس آفته موسى بن إسماعيل كما قال الذهبي في "تلخيصه"، ولا يُفهم من قول ابن عدي: فذكرنا روايته هذه الأحاديث عن موسى هذا لأبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وكان شيخًا من أهل البيت بمصر، فقال لنا كان موسى هذا جاري بالمدينة أربعين سنةً ما ذكر قطُّ أن عنده شيئًا من =

ص: 213

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الرواية، لا عن أبيه، ولا عن غيره لا يفهم منه أنَّ موسى هذا هو الذي وضع هذه النسخة كما قال سبط ابن العجمي في "الكشف الحثيث"(791)، قاله ردًّا على الذهبي، وقال: فلا ينبغي أن يكتب مع هؤلاء. يعني: مع من اتُّهم بوضع الحديث.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 280، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 184 أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو سعْد النيسابوري في "شرف المصطفى" كما في "الإصابة" للحافظ 2/ 148 من طريق أبي علي محمد بن محمد بن الأشعث، به.

وقد روي نحو هذه القصة لليهودي الحبر زيد بن سَعْنة، كما سيأتي برقم (6692)، وتقدم بعض قصته برقم (2268)، وانظر كلامنا عليها هناك.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في المنع من ظلم المعاهد حديث صفوان بن سليم، عن عدة من أبناء في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن آبائهم دِنْيةً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ألا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلَّفَه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حَجِيجُه يوم القيامة". أخرجه أبو داود (3052)، وإسناده حسن.

وروي أيضًا وصفُ النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة كما جاء هنا في عدة أخبار كما تقدم بيانه برقم (4270)، لكن دون ذكر مولده ومهاجَره ومُلكه.

ص: 214

‌ومن كتاب الهجرة الأولى إلى الحبشة

تواترت الأخبارُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لما مات عمُّه أبو طالبٍ لقيَ هو والمُسلِمون أذًى من المشركين بعد موتِه، فقال لهمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حين ابتُلُوا وشَطَّتْ بهم عشائرهم:"تَفَرَّقُوا" وأشارَ قِبَل أرضِ الحبشة، وكانت أرضًا دَفِيئَة تَرحَلُ إليها قريش رحلةَ الشتاء، فكانت أولَ هجرةٍ في الإسلام، وإنما أمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أصحابَه بالخُروج إلى النجاشيِّ لِعَدْلِه.

4289 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوْرِيّ، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا عُقْبة المُجدَّر

(1)

، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما زالتْ قُريشٌ كاعّةً حتى تُوفِّي أبو طالِبٍ"

(2)

.

(1)

في النسخ الخطية: عقبة بن المجدَّر. بزيادة لفظة "بن"، والظاهر أنها خطأ، لأنَّ عقبة هذا هو ابن خالد السَّكوني، وذكر الحافظان ابن ناصر الدين وابن حجر بأنَّ المجدَّر لقب عُقبة.

(2)

رجاله ثقات، لكن المحفوظ فيه أنه مرسل ليس فيه ذكر، عائشة، كما قال ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 66/ 339. وذلك أنَّ الخبر في "تاريخ ابن مَعِين" برواية العباس الدُّوري (174) مرسلٌ، وقد رواه عن عبّاس الدُّوري جماعة مرسلًا، منهم ابن الأعرابي عند الخطّابي في "غريب الحديث" 1/ 129 - وهو راوية "تاريخه" المذكور عن ابن مَعِين - وأبو الحسين بن السقّاء وأبو محمد بن بالَوَيهِ عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 66/ 339.

وكذلك رواه يونسُ بنُ بكير في زوائده على "السيرة النبوية" لابن إسحاق (331)، ومحمدُ بنُ إسحاق في "السيرة النبوية" برواية زياد بن عبد الله البكائي كما في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 416، وفي رواية سلمة بن الفضل كما في "تاريخ الطبري" 2/ 344، وسليمان بن بلال عند ابن سعد في "الطبقات" 1/ 103، ثلاثتهم (يونس بن بكير ومحمد بن إسحاق وسليمان بن بلال) عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلًا.

وكذلك رواه الزُّهْري عند ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 32 عن عروة بن الزبير مرسلًا.

وقد رواه موصولًا بذكر عائشة قيسُ بنُ الربيع عند الطبراني في "الأوسط"(594)، وابن عساكر =

ص: 215

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4290 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: كان اسمُ النَّجَاشِيّ: مصحمة

(1)

، وهو بالعربية: عَطِيَّة، وإنما النجاشيُّ اسمُ الملِكِ، كقولك: كِسْرى وهِرَقْل.

قال ابن إسحاق: هذا كتابٌ من النبيِّ مُحمدٍ صلى الله عليه وسلم إلى النَّجَاشِيِّ: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتابُ محمدٍ رسولِ الله إلى النجاشيِّ الأصْحَمِ عظيمِ الحَبَشِ، سلامٌ على مَن اتَّبَعَ الهُدى، وآمَنَ باللهِ ورسولِه وشَهِدَ أن لا إله إلّا الله وحدَه لا شَرِيكَ له، لم يَتَّخِذ صاحِبَةً ولا ولدًا، وأنَّ محمدا عبده ورسولُه، أدعُوك بدُعاء الله، فإني أنا رسولُ الله، فأسْلِمْ تَسْلَمْ: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} الآية [آل عِمران: 64]، فإن أبَيتَ فعَلَيكَ إثمُ النَّصارى"

(2)

.

= في "تاريخ دمشق" 66/ 339 عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. لكن قيسًا والراوي عنه فيهما لين.

ووصله أيضًا محمد بن إسحاق في رواية عبد الله بن إدريس عنه عند البيهقي في "الدلائل" عمن حدَّثه عن عروة بن الزبير، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب .. فذكر عبد الله بن جعفر بدل عائشة، وهي رواية شاذَّة، وفيها راو مبهم.

وأخرج رواية المصنف البيهقيُّ في "الدلائل" 2/ 349 عنه، بهذا الإسناد.

وقوله: "كاعَّة" أي: جبناء، وهو جمع كائع.

(1)

في (ز) و (ص) و (ع): مسحمة، بالسين بدل الصاد، وكثيرًا ما يتعاقبان لقرب مخرجيهما كما قال الأزهري وغيره، وأثبتنا ما في (ب)، وهو الموافق لمصادر تخريج الخبر، وهو كذلك في "السيرة النبوية" لابن إسحاق برواية يونس بن بكير (293)، وهو الذي سيذكره المصنف بإثر الخبر، فإنه لا خلاف بين أصول "المستدرك" هناك بذكره بالصاد.

(2)

هو في "السيرة النبوية" لابن إسحاق برواية يونس بن بكير (293) و (306).

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 308 و 310 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

ولكتاب النبي صلى الله عليه وسلم للنجاشي لفظ آخر عند ابن إسحاق من رواية محمد بن حميد الرازي عن =

ص: 216

لم يتابَع محمد بن إسحاق القُرَشيّ على اسم النَّجَاشِي أَنه مَصْحَمة، فإِنَّ الأخبارَ الصحيحة المُخرَّجة في الكتابَين الصحيحَين بالألف، والكتاب إليه في كتابِ رسول الله.

4291 -

حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تَمِيم القَنْطري ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكِر، حدثنا خالد بن يزيد القَرْني، حدثنا حُدَيج بن مُعاوية، حدثنا أبو إسحاق، عن عبد الله بن عُتْبة، عن عبد الله بن مسعود، قال: بَعَثَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى النَّجَاشيّ ونحن نحوٌ من ثَمانين رجلًا، فذكر الحديثَ بطُوله

(1)

،

= سلمة بن الفضل عنه، عند البيهقي في "الدلائل" 2/ 309، وفي هذه الرواية ردُّ النجاشي بكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلن فيه إسلامه وتصديقه.

وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" 4/ 205 عن لفظ رواية يونس بن بكير هذه الظاهر أنَّ هذا الكتاب إنما هو إلى النجاشي الذي كان بعد المسلم صاحب جعفر وأصحابه، وذلك حين كتب إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الله عز وجل قبيل الفتح، وقوله في هذا الكتاب: إلى النجاشي الأصحم، لعلَّ الأصحم مقحم من الراوي بحسب ما فهم، والله أعلم.

قال: والأنسب من هذا هاهنا ما ذكره البيهقي أيضًا

فذكر الرواية الأخرى التي لمحمد بن حميد الرازي، عن سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف حُديج بن معاوية، لكن قد رُوي ما يشهد لروايته من حديث جعفر بن أبي طالب عند أحمد 3/ (1740) وغيره بسند حسن، مع مغايرة يسيرة في بعض حروفه، كما هو ظاهر في رواية حُديج التي ساقها بتمامها أحمد 7/ (4400) وغيره، وفي بعض حروف رواية حُديج نكارة واضحة كذكر أبي موسى الأشعري، ففيه مخالفة صريحة لحديثِ أبي موسى الذي عند البخاري (3876) ومسلم (2502) أنه قال: بلغنا مخرجُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه

فركبنا سفينةً، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، ووافقْنا جعفرَ بنَ أبي طالب وأصحابَه عنده، فقال جعفر: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا هاهنا، وأمرنا بالإقامة فأقيموا معنا، فأقمنا معه، حتى قدمنا جميعًا، فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر. على أنه قد رَوى إسرائيلُ بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي عن جده أبي إسحاق عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه، كما تقدم برقم (3247): أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن ينطلق إلى أرض الحبشة، وذكر القصة، وهذا يوهم صحة ما ورد في حديث حُديج هذا بحضور =

ص: 217

كما أخرجتُه في "التفسير"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وليعلم طالبُ العلم أنَّ النجاشي كان مشركًا قبل وُرُودِ أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بكِتابِه عليه الدليلُ على ذلك إخراجُهما في "الصحيحين" عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة: أنَّ أم سَلمَة وأم حَبيبةَ ذَكَرتا كَنِيسةً، وأنها بأرضِ الحَبَشِةِ، فيها تَصاويرُ، الحديث

(2)

.

4292 -

أخبرني إسماعيلُ بن محمد الشَّعْراني، حدثنا جَدِّي، حدثنا إبراهيم بن المُنذِر الحِزامي، حدثنا محمد بن فُلَيح، عن موسى بن عُقبة، عن ابن شِهَابٍ: أَنَّ عُثمانَ بن عفّان وامرأتَه رُقَيّة بنتَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم خَرَجا مُهاجِرَين من مكة إلى الحبشة الهجرةَ الأولى، ثم قَدِما على رسول الله صلى الله عليه وسلم مَكةَ، ثم هاجَرا إلى المدينة

(3)

.

قد اتفقَ الشيخانِ على إخراج حديث شعيب بن أبي حمزة

(4)

وغيره، عن الزُّهْري،

= أبي موسى الأشعري مع جعفر إلى أرض الحبشة، لكن قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" 1/ 582: يظهر لي إنَّ إسرائيل وهم فيه، ودخل عليه حديث في حديث، وإلَّا أين كان أبو موسى الأشعري ذلك الوقت.

قلنا: ويؤيد كلام الذهبي أن بُريد بن عبد الله بن أبي بردة قد روى قصة هجرة أبي موسى، عن أبي بردة عن أبي موسى، عن أبيه، وروايته في "الصحيحين"، فقال فيها: بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن، فذكر ما تقدم، وليس فيه خروج أبي موسى مع جعفر بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة.

وأخرج حديثَ حُديجٍ أحمد 7/ (4400) عن حسن بن موسى، عن حُديج بن معاوية، بهذا الإسناد.

(1)

انظر الكلام على كتابه "التفسير" في مبحث كتب الحاكم من مقدمتنا لهذا التحقيق.

(2)

أخرجه البخاري (427) و (3873)، ومسلم (528).

(3)

رجاله ثقات، وابن شهاب - وهو الزُّهْري - إنما أخذه عن جماعة وهم أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وسعيد بن المسيب وعروة كما في "التاريخ الأوسط" للبخاري (3)، و "أحكام القرآن" للطحاوي (410) وقال الطحاوي بإثره: منقطعُ ابن المسيّب يقوم مقام المتصل.

(4)

هذا وهمٌ منه، لأنَّ البخاري وحده أخرج هذا الحديث دون مسلم، وهو عند البخاري =

ص: 218

عن عُرْوة، عن عبيد الله بن عَدِيّ، عن المسور بن مَخْرَمة، في خروج عثمان بن عفّان إلى أرض الحبشة، وساقا الحديثَ بطُولِه، فلذلك اقتصرتُ على روايةِ موسى بن عُقبة عن ابن شِهَاب.

وذكر ابن إسحاق في المَغَازي: أنَّ رُقيّة بنت رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فيما ذَكَرُوا، لم يُرَ في العَرَبِ ولا في الحَبَشِ أحسنُ منها.

4293 -

فحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدثنا يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: قال أبو طالبٍ أبياتًا للنجاشيِّ يَحضُّهم على حُسْن جوارهم والدَّفْع عنهم:

تَعَلَّمُ خِيارَ الناسِ أن مُحمدًا

وزيرٌ لِمُوسى والمسيحِ ابن مَريمِ

أتى بهُدًى مثلَ الذي أتَيَا به

فكلٌّ بأمرِ اللهِ يَهدي ويَعصِمُ

وإنكمُ تتلونَه في كتابِكُمْ

بصِدقِ حديثٍ لا حديثِ المُتَرجِّمِ

وإنّك ما تَأتيكَ منها عصابةٌ

بفضلِكَ إِلّا أُرجِعُوا بالتَّكرُّمِ

(1)

4294 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، حدثنا إسحاق بن سعيد السَّعيدي، عن أبيه، عن أمِّ خالد بنت خالد، قالت: قَدِمتُ من أرض الحبشة وأنا جُويرِيَةٌ فكَسَان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خَمِيصةً لها أعْلامٌ، فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ الأعلامَ بيدِه، ويقولُ:"سَنَاهُ سَنَاهُ"؛ يعني: حَسَنٌ حَسَنٌ

(2)

.

= برقم (3927) معلقًا عن بشر بن شعيب بن أبي حمزة عن أبيه، وموصولًا برقم (3696) من طريق يونس بن يزيد، وبرقم (3872) و (3927) من طريق معمر، ثلاثتهم عن الزُّهْري.

(1)

هو في "السيرة النبوية" لابن إسحاق برواية يونس بن بُكير (298).

(2)

إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عُيينة.

وأخرجه البخاري (3847) عن الحُميدي، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه. =

ص: 219

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!

4295 -

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقبة الشَّيباني، حدثنا الهيثَم بن خالد، حدثنا أبو غسان النَّهْدي، حدثنا الأجلح بن عبد الله، عن الشَّعْبي، عن جابر بن عبد الله، قال: لما قَدِمَ جعفرُ بن أبي طالب مِن أرضِ الحَبَشة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أدري بأيِّهما أنا أفرَحُ: بفتحِ خَيْبر، أم بقُدُومِ جعفر"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4296 -

حدثني أبو الفضل محمد بن إبراهيم المُزكِّي، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأُمَوي، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا يزيد بن أبي حَبيب، عن مَرثَد بن عبد الله اليَزَني، عن عبد الرحمن بن عُسَيلة الصُّنابِحي، عن عُبادة بن الصامت، قال: كنا أحدَ عشرَ في العَقَبةِ الأُولى من العام المُقبِل، فبايَعْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَيْعةَ النساءِ قبل أن تُفرَض علينا الحربُ

(2)

.

= وقد تقدم برقم (2398) من طريق أبي الوليد الطيالسي عن إسحاق بن سعيد.

وسيأتي برقم (5167) من طريق عبد الله بن عمر بن أبان عن خالد بن سعيد السعيدي، عن أبيه، عن عمه خالد بن سعيد الأكبر.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن الصحيح أنه عن الشَّعْبي - وهو عامر بن شَراحِيل - مرسلٌ كما سيأتي برقم (5006)، لكن روي ما يشهد له. الهيثم بن خالد: هو ابن يزيد ورّاق أبي نعيم، وأبو غسان النَّهْدي: هو مالك بن إسماعيل.

وسيأتي موصولًا كذلك برقم (5005) من طريق الحسن بن الحسين العُرَني عن الأجلح.

ويشهد له حديث أبي جحيفة عند الطبراني في "الكبير"(1470) و 22/ (244) وفي "الأوسط"(2003) وفي "الصغير"(30)، وإسناده حسن.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من محمد بن إسحاق - وهو المطّلبي مولاهم، صاحب السيرة - وقد صرَّح بسماعه فانتفت شبهة تدليسه. لكن قوله في الخبر هنا: كنا أحد عشر، وهمٌ، صوابُه: اثني عشر، كما جاء في سائر روايات الحديث.

وأخرجه أحمد 37/ (22754) عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه، عن ابن إسحاق، =

ص: 220

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4297 -

حدثني محمد بن إسماعيل المُقرئ، حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عُمر العَدَني، حدثنا يحيى بن سُلَيم، عن ابن خُثَيم، عن أبي الزُّبَير، عن جابر بن عبد الله الأنصاري: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَبِثَ عشرَ سنين يَتْبع الناسَ في مَنازِلهم في المَوسِم ومَجَنَّةَ وعُكاظ، ومنازِلهم من منًى:"مَن يُؤويني؟ من يَنصُرُني حتى أبلِّغَ رسالاتِ ربي؟ فلَهُ الجنةُ" فلا يجِدُ أحدًا يَنصُرُه ولا يُؤويه، حتى إِنَّ الرجلَ لَيَرحَلُ من مصر أو من اليمن إلى ذي رَحِمِه، فيأتيه قومُه فيقولون له: احذَرْ غلامَ قُريشٍ، لا يَفتِنُك، ويمشي بين رحالِهم يدعُوهم إلى الله عز وجل يُشيرون إليه بالأصابع، حتى بَعَثَنا اللهُ من يَثربَ، فيأتيه الرجلُ منا فيؤمِنُ به ويُقرئُه القرآنَ، فَيَنقَلِبُ إلى أهلِه فيُسلِمُون بإسلامه، حتى لم تبقَ دارٌ من دُورِنا إلّا فيها رَهْطٌ من المسلمين يُظهِرون الإسلامَ، وبَعَثَنا اللهُ إليه فائتمَرْنا واجتمَعْنا، وقلنا: حتى متى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُطْرَدُ في جبال مَكةَ ويُخافُ؟! فرحَلْنا حتى قَدِمْنا عليه في المَوسِم، فواعَدَنا بيعةَ العقبةِ.

فقال له عمُّه العباسُ: يا ابن أخي، لا أدري ما هؤلاء القومُ الذين جاؤوك، إني ذو مَعرفةٍ بأهل يَثرِبَ، فاجتَمعْنا عندَه مِن رجُلٍ ورجُلَين، فلما نظر العباسُ في وجُوهِنا، قال: هؤلاء قومٌ لا نَعرِفُهم هؤلاء أحداثٌ، فقلنا: يا رسول الله، على ما نُبايُعك؟ قال: "تُبايِعُوني على السمْع والطاعة، في النشاطِ والكَسَلِ، وعلى النفقة في العُسر واليُسر،

= بهذا الإسناد. وزاد فيه نصَّ البيعة، فقال على أن لا نشرك بالله شيئًا، ولا نسرق، ولا نزنيَ، ولا نقتلَ أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجُلنا، ولا نعصيَه في معروف، فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم من ذلك شيئًا فأمركم إلى الله، إن شاء عذَّبكم وإن شاء غفر لكم.

وهو عند البخاري (3893) و (6873)، ومسلم (1709) من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، به لكن بذكر نصّ البيعة وحدَه، دون ذكر العدد وموضع البيعة ووقتها.

وقد تابع ابنَ إسحاق على ذكر ذلك كلِّه الواقديُّ عن يزيد بن أبي حبيب، كما في "طبقات ابن سعد" 1/ 187.

ص: 221

وعلى الأمرِ بالمعروف والنهْي عن المُنكَر، وعلى أن تقُولُوا في الله لا تأخذُكم لومةُ لائِمٍ، وعلى أن تنصُروني إذا قَدِمتُ عليكم، وتَمنَعُوني مما تَمنَعُون منه أنفُسَكم وأزواجَكم وأبناءَكم، ولكُمُ الجنة"، فقُمْنا نَبايِعُه، فأخذ بيده أسعدُ بن زُرارةَ وهو أصغر السبعين، إلّا أنه قال: رُوَيدًا يا أهلَ يَثرِبَ، إنا لم نَضْرِب إليه أكباد المَطيِّ إِلَّا ونحن نَعلَمُ أنه رسولُ الله، وإن إخراجَه اليومَ مُفارقَةُ العربِ كَافَّةً، وقتلُ خِيارِكُم، وأن يَعضَكُمُ السيفُ، فإما أنتم قومٌ تَصبِرون عليها إذا مَسَّتْكُم وعلى قتل خِيارِكُم ومُفارقَةِ العَرَبِ كافَّةَ، فَخُذُوه وأجرُكم على الله، وإما أنتم تَخافُون من أنفُسِكم خِيفَةً فذَرُوه، فهو أعذَرُ عند الله عز وجل، فقالوا: يا أسعدُ، أمِطْ عنا يَدَك، فوالله لا نَذَرُ هذه البيعةَ ولا نَستَقِيلُها، قال: فقُمنا إليه رجلًا رجلًا، فأَخَذَ علينا ليُعطينا بذلك الجنة

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، جامعٌ لِبَيعة العقبةِ، ولم يُخرجاه.

4298 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبيد بن شَريك، حدثنا يحيى بن بكير، حدثني الليثُ، عن عُقَيل، عن ابن شِهَاب، قال: كان بين ليلة العَقَبة وبين مُهاجَرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم [ثلاثة]

(2)

أشهرٍ، أو قريبًا

(3)

منها، وكانت بَيعةُ الأنصارِ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم

(1)

حديث قوي، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن سُلَيم - هو الطائفي - وقد تُوبع. ابن خُثيم: هو عبد الله بن عثمان، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي.

وأخرجه ابن حبان (7012) عن محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف، عن ابن أبي عمر العَدَني، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 23/ (14653) عن إسحاق بن عيسى بن الطباع، عن يحيى بن سُلَيم، به.

وأخرجه أحمد 22/ (14456)، وابن حبان (6274) من طريق معمر بن راشد عن ابن خُثيم به.

وانظر ما تقدَّم برقم (4266)، وما سيأتي برقم (4299) و (5492).

(2)

لفظة "ثلاثة" سقطت من (ز) و (ب)، ومحلُّها في (ص) و (ع) بياض، وهي ثابتة في النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان، وكذا هي ثابتة في خبر الزُّهْري عند سائر من خرَّجه عنه.

(3)

كذا جاء في النسخ الخطية بالنصب، ويجوز ذلك على أن يكون اسم "كان" محذوفًا، تقديره: =

ص: 222

ليلةَ العَقَبة في ذي الحِجّة، وقَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ في شهر ربيعٍ الأولِ

(1)

.

4299 -

حدثنا حمزة بن العباس العَقَبي، حدثنا العباس بن محمد الدُّوْري، حدثنا قَبيصة بن عُقبة، حدثنا سفيان، عن داود بن أبي هِنْد وغيره، عن الشَّعْبي، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنُّقباء من الأنصار: "تُؤْووني وتَمْنَعوني؟ " قالوا: نعم، فما لنا؟ قال:"الجنةُ"

(2)

.

= الزمنُ أو الوقتُ. وجاء في سائر مصادر تخريج الخبر مرفوعًا على أنه اسمٌ لـ "كان" مؤخَّرًا.

(1)

رجاله ثقات. الليث: هو ابن سعْد، وعُقيل: هو ابن خالد الأيلي، وابن شهاب: هو الزُّهْري.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 511، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 275 من طريق حجاج بن محمد، عن الليث بن سعد، به.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه اختُلف فيه عن الشَّعْبي - وهو عامر بن شَراحيل - في وصله وإرساله، فقد وصله عنه داود بن أبي هند كما وقع في رواية المصنف هنا، وتابعه على ذلك جابر الجُعفي الذي جاءت الإشارة إليه هنا بالإبهام، وقد صُرِّح باسمه في رواية البزار كما في "كشف الأستار"(1755)، وابن المقرئ في "معجمه"(134).

ووصله عنه أيضًا إبراهيم بن طهمان عند أبي القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(79) لكن بذكر النعمان بن بشير بدل جابر بن عبد الله.

ووصله عنه مجالد بن سعيد عند أحمد 28/ (17079) وغيره، لكن بذكر أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري. ومجالد ضعيف.

وأخرج رواية داود بن أبي هند الموصولة عند المصنف: البزار كما في "كشف الأستار"(1755)، وابن المقرئ في "معجمه"(134) من طريقين عن قَبيصة بن عُقبة، بهذا الإسناد.

وأخرجها أيضًا ابن أبي شَيْبة في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4241)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب" أيضًا، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 5/ 44 و 9/ 456 من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان الثوري، به.

ورواه عن الشَّعْبي إسماعيلُ بنُ أبي خالد عند ابن أبي شَيْبة 14/ 599، والفاكهي في "أخبار مكة"(2540)، والدولابي في "الكنى والأسماء"(90) بأطول ممّا هاهنا.

وتابع إسماعيلَ بن أبي خالد على إرساله زكريا بن أبي زائدة عند ابن سعد في "الطبقات" 4/ 8، =

ص: 223

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4300 -

حدثنا أبو الطيب محمد بن محمد الشَّعِيري، حدثنا مَحمِش

(1)

بن عِصام، حدثنا حفص بن عبد الله، حدثني إبراهيم بن طَهْمان، عن شُعْبة بن الحجّاج، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، أنه قال: أولُ مَن قَدِمَ علينا المدينةَ من المهاجرين مصعبُ بن عُمير وابنُ أمّ مَكتُوم، فكانوا يُقرؤوننا، فَقَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقد قرأتُ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وسُوَرًا من المُفصَّل، ثم قدم سعدُ بن مالك وعمارُ بن ياسر، ثم قدم عمرُ بن الخطاب في عشرين، ثم قدم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فما فَرِحْنا بشيءٍ فَرَحَنا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلَ النساءُ والصِّبيان يَسْعَون يقولون: هذا رسولُ الله؛ صلى الله عليه وسلم

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

4301 -

أخبرنا أبو الصّقر أحمد بن الفَضْل الكاتب بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحُسين بن دِيْزِيل، حدثنا إبراهيم بن المُنذِر الخزاميّ، حدثنا سفيان بن عُيَينة،

= وأحمد 28/ (17078)، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 451، والأشبه أنه عند الشَّعْبي مرسلًا.

وقد صحَّ عن جابر موصولًا من غير طريق الشَّعْبي كما تقدم برقم (4297).

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: محمد بالدال المهملة، وإنما هو بالشين المعجمة، وقد ذكره المصنف في "تاريخ نيسابور" على الصواب كما في "تلخيصه" المطبوع، وانظر ترجمته في "تاريخ الإسلام" للذهبي 6/ 628.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمش بن عصام، فقد روى عنه جمع ووصفه الحاكم بالمُعدَّل، وهو متابع.

وأخرجه أحمد 30/ (18512) و (18568)، والبخاري (3924) و (3925) و (4941)، والنسائي (11602) من طرق عن شُعْبة، به. وزادوا فيه ذكر بلال بن رباح مع عمار بن ياسر وسعد بن مالك.

وقصة مقدم مصعب بن عمير ستأتي من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق برقمي (6784) و (6814). وسيأتي منه ذكر استقبال أهل المدينة رسولَ الله صلى الله عليه وسلم برقم (4328) لكن من حديث البراء عن أبي بكر الصِّدّيق.

ص: 224

عن عمرو بن دينار، قال: قلتُ لِعُرُوة بن الزُّبير: كم لبثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بمكّة؟ قال: عشرَ سنين، قلت: فإنَّ ابن عبّاس يقول: لبثَ بِضْعَ عشرةَ حِجَّةً، قال: إنما أخذَه من قول الشاعر؛ قال سفيانُ: حدثنا يحيى بن سعيد قال: سمعت عجوزًا من الأنصار تقول: رأيتُ ابن عبّاس يَختلِف إلى صِرْمةَ بن قَيس يتعلَّم منه هذه الأبيات:

ثَوَى في قريش بِضْعَ عشرةَ حِجَّةً

يُذكَّر لو أَلْفَى

(1)

صديقًا مُواتِيا

ويَعرِضُ في أهلِ المَواسِمِ نفسَه

فلم يَرَ مَن يُؤوي ولم يَرَ داعِيا

فلما أتانا واستقرّت به النَّوى

وأصبحَ مسرورًا بطَيْبةَ راضِيا

وأصبحَ ما يَخشى ظُلَامةَ ظالمٍ

بعيدٍ وما يَخشى من الناس باغِيا

بَذلْنا له الأموالَ مِن جُلِّ مالِنا

وأنفسَنا عند الوَغَى والتأسِّيا

نُعادِي الذي عادَى مِن الناسِ كُلِّهم

بحقٍّ وإن كان الحبيبَ المُواتِيا

ونعلمُ أن الله لا شيءَ غيرُه

وأنَّ كتاب الله أصبحَ هادِيا

(2)

(1)

تصحف في (ز) إلى: ألقى. وألفى: وَجَدَ ولقي.

(2)

هذان الخبران رجالهما ثقات، إلّا أنَّ في خبر يحيى بن سعيد - وهو الأنصاري - إبهامَ العجوز الأنصارية، وأنه سمعه منها. ويغلب على ظننا أنَّ هذه العجوز الأنصارية لها صحبة، بدليل رؤيتها صرمة بن قيس الذي مات في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ ليس له ذكر في شيء من الروايات وأخبار الفُتوح بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا ثبت ذلك فإسناد خبر يحيى بن سعيد الأنصاري صحيح، والله تعالى أعلم.

وأخرج خبر عروة بن الزبير مسلمٌ (2350)، النسائي (4197) من طرق عن سفيان بن عيينة، به. وأخرج خبر يحيى بن سعيد الأنصاري أبو الوليد الأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 147، وأبو بكر الدِّيْنَوري في "المجالسة"(779)، والخطابي في "غريب الحديث" 2/ 33، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 513 - 514، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 29 - 30، وابن الشجري في "أماليه" 1/ 74 من طرق عن سفيان بن عيينة، به.

وسيأتي بعده عن ابن عبّاس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة خمس عشرة سنة، وهو شاذٌّ.

والصحيح عن ابن عبّاس: أنه مكث بمكة ثلاث عشرة سنة كما أخرجه أحمد 4/ (610)، والبخاري (3851) و (3902)، والترمذي (3621) من طريق عكرمة، وأحمد 5/ (3429)، =

ص: 225

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، وهو أَولى ما تقومُ به الحُجّة على مُقامِ سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم بمكةَ بضْعَ عشرةَ سنةً.

وله شاهدٌ صحيح على شرط مسلم:

4302 -

حدَّثَناه أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا حجّاج بن مِنْهال، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عبّاس قال: أقام النبيُّ صلى الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة سنة، سبعًا وثمانيًا يرى الضَّوءَ ويسمعُ الصوتَ، وأقام بالمدينة عشرًا

(1)

.

= ومسلم (2351) من طريق أبي جَمْرة، وأحمد 5/ (3516)، والبخاري (3903)، ومسلم (2351)، والترمذي (3652) من طريق عمرو بن دينار، وابن حبان (6390) من طريق محمد بن سِيرين، أربعتهم عن ابن عبّاس.

وروي عن ابن عبّاس فيه قولٌ ثالث: أنه صلى الله عليه وسلم مكث بمكة عشرًا، كما أخرجه أحمد 4/ (2696)، والبخاري (4464) و (4978)، والنسائي (7922) من طريق أبي سلمة، عن ابن عبّاس. وانظر ما تقدم برقم (2993).

والرواية عنه بذكر ثلاث عشرة سنة أصح، كما قال ابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 24، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 241، وابن كثير في "البداية والنهاية" 8/ 117، وابن حجر في "الفتح" 11/ 311 و 438، وغيرهم.

(1)

رجاله ثقات، لكنه شاذُّ كما تقدم، وقال البخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 339: لا يُتابع عليه عمارُ بن أبي عمار، وكان شُعْبة يتكلم في عمار.

وأخرجه أحمد 4/ (2399) و (2523) و 5/ (2846)، ومسلم (2353) من طرق عن حماد بن سلمة به.

وأخرجه أحمد 4/ (2640)، ومسلم (2353) من طريق يونس بن عبيد، عن عمار، به.

وأخرج أحمد 3/ (2035) من طريق العلاء بن صالح، عن المنهال، عن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس نحوه. وقال البخاري أيضًا في "تاريخه الأوسط" 1/ 340: لم يُوافَق عليه العلاء.

ص: 226

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلَّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا

‌كتاب الهجرة

وقد صحَّ أكثرُ أخبارها عند الشيخين، وأخرجا جميعًا اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في مُقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة.

4303 -

حدثنا إسماعيل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا جَدّي، حدثنا إبراهيم بن المُنذر الحزامي، حدثنا حُسين بن زيد، عن شِهاب بن عبد ربّه، عن عمر بن علي، قال: مَشَيتُ مع محمد بن علي، فقال: أشهدُ أنَّ أبي حدثني، عن أبيه، عن علي: أنَّ الله عز وجل عَمَّر نَبيَّه صلى الله عليه وسلم بمكةَ ثلاثَ عشرةَ سنة

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد اتفقت الروايات على هذه مع الروايات التي أخرجاها عن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما

(2)

، فأما خبرُ أنسٍ ومعاوية

(3)

، وإن صحَّت أسانيدُها في عشر سنين،

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة شهاب بن عبد ربه، وحسين بن زيد - وهو ابن علي - الحسين بن علي بن أبي طالب - فيه ضعف.

وأخرجه ابن أبي خيثمة في "تاريخه" كما في "البداية والنهاية" لابن كثير 13/ 156 - 157 عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، بهذا الإسناد.

(2)

انظر تخريجها برقم (4301).

(3)

أما حديث أنس فأخرجه أحمد 20/ (12529) و 21/ (13519)، والبخاري (3547) و (3548) و (5900)، ومسلم (2347)، وغيرهم.

وأما حديث معاوية بن أبي سفيان فليس فيه النصُّ على مكثه صلى الله عليه وسلم بمكة عشرًا، إنما فيه أنه صلى الله عليه وسلم مات وهو ابن ثلاث وستين كما أخرجه أحمد 28/ (16873) و (21882)، ومسلم (2352) وغيرهما، فلعلَّ المصنف استنبط منه أنَّ معاوية بناهُ على مجموع سِني عمره صلى الله عليه وسلم لما بعث وكانت ثلاثًا وأربعين مع مجموع سِني مكثه في مكة قبل الهجرة وكانت عشر سنين، ومجموع =

ص: 227

فليس عليها القولُ والعمل.

4304 -

أخبرنا القاسم بن القاسم السَّيّاري بمَرْو، حدثنا إبراهيم بن هلال، حدثنا علي بن الحسن بن شَقيق، حدثنا عيسى بن عُبيد الكِنْدي، عن غَيلان بن عبد الله العامِري، عن أبي زُرْعة بن عمرو، عن جَرير

(1)

، أنَّ النبي قال:"إِنَّ الله عز وجل أوحَى إليَّ: أيَّ هؤلاءِ البلادِ الثلاثِ نزلْتَ، فهي دار هِجْرتِك: المدينةِ، أو البحرَينِ، أو قِنَّسْرِينَ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4305 -

أخبرنا عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا إسماعيل بن قُتَيبة، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا جَرير، عن قابُوس بن أبي ظَبْيان، عن أبيه، عن ابن عبّاس، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بمكةَ، فأُمِر بالهجرة، وأُنزل عليه: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي

= سني مكثه في المدينة وكانت عشر سنين، فيصير المجموع الكلي لذلك ثلاثًا وستين، ولكن ذلك موقوف على ثبوت هذه التفاصيل عن معاوية، ولم يثبت عنه سوى بيان عمره صلى الله عليه وسلم لما قُبض، فاستنباط المصنف غير صائب، والله تعالى أعلم.

(1)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: عن أبي زرعة بن عمرو بن جَرير، وفي (ص) و (ع) إلى: عن أبي زرعة عن عمرو بن جَرير، وفي (م) إلى: عن أبي زرعة عن عمرو بن حريث، وجاء على الصواب في المطبوع موافقًا لرواية البيهقي في "الدلائل" 2/ 458 عن أبي عبد الله الحاكم. وجَرير: هو ابن عبد الله البجلي.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة غيلان بن عبد الله العامري ومتنه منكر، واستنكره ابن حبان في "الثقات"، والذهبيُّ في "ميزان الاعتدال" لما ترجما له.

وأخرجه الترمذي (3923) من طريق الفضل بن موسى، عن عيسى بن عُبيد، بهذا الإسناد.

وقال: حديث غريب.

والصحيح في هذا الباب حديثُ أبي موسى الأشعري عند البخاري (3622)، ومسلم (2272) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"رأيتُ في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وَهَلي إلى أنها اليمامة أو هَجَر، فإذا هي المدينة يثرب". قلنا: وهَجَرُ هي قاعدة البحرين.

وانظر ما سيأتي برقم (4321) و (5774).

ص: 228

مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} [الإسراء: 80]

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4306 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا إسحاق بن الحسن، حدثنا حسين بن محمد المَرْوَرُّوذي، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن، عن قَتَادة: قوله: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ} فأخرجه الله من مكة إلى الهجرة بالمدينة مُخرَجَ صِدْقٍ، وأدخله المدينة مُدخَلَ صِدْقٍ، قال: ونبيُّ الله صلى الله عليه وسلم قد عَلِم أنه لا طاقةَ له بهذا الأمر إلا بُسلطان، فسأل {سُلْطَانًا نَصِيرًا} لكتابِ الله وحُدودِ الله ولفرائض الله، ولإقامة كتاب الله، وإنَّ السُّلطان عِزةٌ من الله جعلها بين أظهُر عِبادِه، لولا ذلك لأغارَ بعضُهم على بعضٍ، وأكلَ شديدُهم ضعيفَهم

(2)

.

4307 -

أخبرنا الأستاذ أبو الوليد وأبو بكر بن عبد الله، قالا: أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو موسى الأنصاري، حدثنا سعد بن سعيد، حدثني أخي، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهمّ إنك أخرجْتَني من أحبِّ البلاد إليَّ، فأسكِنّي

(1)

إسناده فيه لين من أجل قابوس بن أبي ظَبْيان: جَرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه أحمد 3/ (1948)، والترمذي (3139) من طريق جَرير بن عبد الحميد بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وتقدَّم برقم (2993) من طريق سفيان الثوري عن قابوس بن أبي ظبيان.

وجاء في رواية أبي عمارة حمزة بن القاسم الكوفي عن جَرير عند أبي عمر حفص بن عمر الدُّوري في "جزء قراءات النبي صلى الله عليه وسلم "(74) أنَّ الميم في كلمتي "مدخل" و "مخرج" بالرفع، أي: بالضم، وهذا على وفق قراءة العشرة، خلافًا لرواية الثوري عن قابوس المتقدمة برقم (2993) حيث ضبطت فيهما الميم بالفتح. وهي قراءة شاذّة.

(2)

رجاله ثقات. قتادة: هو ابن دِعامةَ السَّدُوسي.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 517 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه يحيى بن سلام في "تفسيره" 1/ 158، والطبري في "تفسيره" 15/ 149 و 150 - 151 من طريق سعيد بن أبي عروبة، وعبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 389، والطبري 15/ 149 من طريق معمر بن راشد، كلاهما عن قتادة. غير أن سعيدًا قال في روايته:{مُدْخَلَ صِدْقٍ} الجنة.

ص: 229

أحبَّ البلادِ إليك"، فأسكنه اللهُ المدينةَ

(1)

.

هذا حديث رواته مَدنيُّون من بيت أبي سعيد المَقْبُري.

4308 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سُليمان، حدثنا أَسَد بن موسى، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس، عن الزُّهْري، عن عُرْوة، عن عائشة، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين: "قد أُرِيتُ دارَ هِجْرتكم، أُريتُ سَبْخَةً ذاتَ نَخْلٍ بين لابَتَينِ"، وهما الحَرّتان

(2)

.

(1)

إسناده واهٍ بمرةٍ من أجل عبد الله بن سعيد أخي سَعْد - وهو المقبُري - فهو متروك الحديث، وأخوه سعد ليِّن الحديث، ثم هو منقطع، لأنَّ عبد الله بن سعيد المقبري لم يدرك أبا هريرة. وقد حكم الذهبي في "تلخيصه" بوضعه، وكذلك قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 18/ 125: حديث باطل كذب، وسبقهما إلى الحكم بوضعه ابن عبد البر في "الاستذكار" (10272) فقال: حديث لا يصح عند أهل العلم بالحديث، ولا يختلفون في نكارته ووضعه.

قلنا: وحجتهم في الحكم بوضعه مع شدة وهاء سنده مخالفتُه للصحيح الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أن مكة هي أحب البلاد إلى الله، كما في حديث عبد الله بن عدي بن حمراء الآتي برقم (4316)، وإسناده صحيح.

وأما حديث أبي هريرة، فقد أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 519 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وقد روي عن الحارث بن هشام مثل هذا الحديث كما سيأتي عند المصنف برقم (5292/ 1)، إلّا أنه من رواية محمد بن عمر الواقدي، ولم يتابع عليه، بل ثبتت نكارة متنه ومخالفته للحديث الصحيح كما سبق.

(2)

إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه البخاري (2297) تعليقًا من طريق ابن المبارك، عن يونس بن يزيد بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 42/ (25626)، وابن حبان (6277) و (6868) من طريق معمر بن راشد، والبخاري (2297) و (3905) من طريق عُقيل بن خالد الأيلي، كلاهما عن الزُّهري، به. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وقوله: "وهما حَرّتان"، هو من قول الزُّهري، كما جزم به الحافظ ابن حجر في "الفتح" 11/ 446، وقال: الحَرّة: أرض حجارتها سُودٌ. =

ص: 230

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!

4309 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، حدثنا زياد بن الخليل التُّستَري، حدثنا كَثير بن يحيى، حدثنا أبو عَوانة، عن أبي بَلْجٍ، عن عمرو بن مَيمون، عن ابن عبّاس قال: شَرَى عليٌّ نفسَه ولبس ثوبَ النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نام مكانَه، وكان المشركون يَرمُون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ألبَسَه بُرْدَه، وكانت قريش تريدُ أن تقتلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فجعلوا يَرمُون عليًا، ويُرَونه النبيَّ صلى الله عليه وسلم وقد لبِسَ بُرْدَه، وجعلَ عليّ يَتَصَوَّرُ، فإذا هو عليٌّ، فقالوا: إنك لَلَئيمٌ، إنك لَتتضوَّر وكان صاحبُك لا يَتضوَّر، ولقد استَنْكرناه منكَ

(1)

.

= قال: وهذه الرؤيا غير الرؤيا السابقة (يعني التي تقدم ذكرها عند الحديث 4304) من حديث أبي موسى التي تردّد فيها النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق، قال ابن التين: كأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أُري دار الهجرة بصفة تجمع المدينة وغيرها، ثم أُري الصفة المختصة بالمدينة فتعيّنتْ.

(1)

إسناده فيه مقال من أجل أبي بَلْج - واسمه يحيى بن سُليم، ويقال: ابن أبي سُليم - كما سيأتي بيانه برقم (4702) حيث رواه من طريق يحيى بن حماد عن أبي عوانة - وهو الوضّاح بن عبد الله اليَشْكري - ضمن حديث طويل. عمرو بن ميمون: هو الأَوْدي.

وقد روي نحو هذه القصة من وجه آخر عن ابن عبّاس عند ابن إسحاق في "السيرة النبوية" كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 480 من طريق زياد بن عبد الله البكائي، وكما في "دلائل النبوة" لأبي نعيم (154) من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عمن لا يُتَّهم، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عبّاس. وإسناده ضعيف لجهالة شيخ ابن إسحاق، وابن أبي نجيح كان يدلس عن مجاهد.

ورواه بعضهم عن ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح مباشرة، منهم سلمة بن الفضل الأبرش عند الطبري في "تاريخه" 2/ 370، وأبي نعيم في "الدلائل"(154)، ويحيى بن سعيد الأُموي عند الطبري في "تفسيره" 9/ 227، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1686 - 1687، وذكر سلمة في روايته سماع ابن إسحاق من ابن أبي نجيح!

وروي نحو هذه القصة أيضًا من وجه ثالث عن ابن عبّاس عند عبد الرزاق في "مصنفه"(9743)، وعنه أحمد 5/ (3251) وغيره، عن معمر، عن عثمان الجَزَري، عن مِقْسَم عن ابن عبّاس. وإسناده ضعيف. =

ص: 231

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وقد رواه أبو داود الطَّيَالسيُّ وغيرُه عن أبي عَوانة، بزيادةِ ألفاظٍ.

4310 -

وقد حدّثَنا بَكْر بن محمد الصَّيرَفي بمَرُو، حدثنا عُبيد بن قُنفُذ البَزّار، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحِمّاني، حدثنا قيس بن الربيع، حدثنا حَكيم بن جُبَير، عن علي بن الحسين، قال: إِنَّ أَوّل من شَرَى نفسَه ابتغاءَ رضوان الله عليُّ بنُ أبي طالب، وقال عليٌّ عند مَبِيتِه على فِراش رسول الله صلى الله عليه وسلم:

وَقَيتُ بنفسي خيرَ مَن وَطِئ الحَصا

ومَن طافَ بالبيتِ العَتيقِ وبالحِجْرِ

رسولَ إلهٍ خافَ أن يمكُروا به

فنجَّاه ذو الطَّول الإلهُ من المكْرِ

وباتَ رسولُ اللهِ في الغارِ آمِنًا

مُوَقًّى وفي حفظِ الإلهِ وفي سَتْرِ

وبِتُّ أُراعِيهم وما يتمنَّونني

وقد وَطَّنْتُ نفسي على القَتْلِ والأَسْرِ

(1)

4311 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن موسى القُرشي، حدثنا عبد الله بن داود، حدثنا نُعيم بن حَكيم، حدثنا أبو مريم الأَسَدِي، عن عليٍّ، قال: لما كان الليلةُ التي أمرني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن أَبِيتَ على فراشِه، وخَرَج من مكة مهاجرًا، انطَلَقَ بي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الأصنام، فقال:"اجلِسْ" فجلسْتُ إلى جنبِ الكعبة، ثم صَعِدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على مَنكِبِي، ثم قال:"انهَضْ" فنَهَضْتُ به، فلما رأى ضعفي تحته،

= ويشهد لبعض هذه القصة أيضًا مرسل محمد بن كعب القُرَظي عند ابن إسحاق في "السيرة" كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 483، ومن طريقه الطبري في "التاريخ" 2/ 372. وفي إسناده يزيد بن زياد - وهو القرظي مولى بني هاشم - وهو مجهول الحال.

قوله: يرمُون، أي: بالحجارة، كما نُصَّ عليه في الرواية الآتية برقم (4702).

وقوله: يتضوَّر، أي: يتلوَّى ويتقلَّب ظهرًا لبطن.

(1)

إسناده ضعيف لضعف مَن بَين عُبيد بن قُنفذ وعلي بن الحسين، وجهالة عبيد، وهو مرسل أيضًا.

ص: 232

قال: "اجلس"، فجلستُ، فأنزلته عني، وجلس لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال لي:"يا علي، اصعد على منكبي" فصَعِدتُ على منكبه، ثم نهض بي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، خُيل إليَّ أني لو شئتُ نِلْتُ السماء، وصَعِدتُ إلى الكعبة وتَنحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فألقيتُ صنمهم الأكبر، وكان من نُحاس مُولَّدًا بأوتادٍ من حديد إلى الأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عالجه" فعالجت، فما زلت أعالجه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:"إيه إيه" فلم أَزَلْ أُعالجه حتى استَمْكَنْتُ منه، فقال:"دُقَّهُ" فدقَقْتُه فكسَرتُه، ونَزلتُ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4312 -

حدثنا علي بن محمد الحمادي بمَرُو، حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم السَّرْخَسي، حدثنا عبد الرحمن بن علقمة المروزي، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن شُعبة ومسعر، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي البختري، عن علي: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عليه السلام: "مَن يُهاجِرُ معي؟ " قال: أبو بكر الصديق

(2)

.

(1)

هذا الإسناد فيه محمد بن موسى القُرشي - وهو محمد بن يونس بن موسى الكديمي وهو ضعيف جدًّا، لكن تقدم الحديث برقم (3427) من غير طريقه عن نعيم بن حكيم، وأبو مريم الأسدي، كذا نُسب هنا أسديًا، والمعروف في نسبته أنه ثقفي أو حنفي، كما جاء منسوبًا في بعض الروايات، وبنو حنيفة يرجعون في نسبهم إلى أسد بن ربيعة، فالظاهر أن بعض الرواة نسب أبا مريم لجد بني حنيفة الأعلى، واسم أبي مريم هذا قيس، فيما قاله غير واحد من أهل العلم.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، علي بن محمد الحمادي - وهو علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن حبيب أبو أحمد الحبيبي - قال الدارقطني: يحدث بنسخ وأحاديث مناكير، ونعته الحاكم نفسُه مرةً بالكذب ومرةً قال فيه: هو أشهر في اللِّين من أن يُسأل عنه. انظر "تاريخ الإسلام" 7/ 909 و 8/ 35.

وقد روي من طريقين أخريين لا يُفرح بهما بتاتًا. وأبو البختري: هو سعيد بن فيروز.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 6/ 289، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 73، من طريق محمد بن عبد العزيز بن حبيب الدينوري، عن معاذ أسد بن عن ابن المبارك، بهذا الإسناد.

ومحمد بن عبد العزيز الدينوري منكر الحديث ضعيف بمرّة، وقد روى هذا الخبر بعينه مرة أخرى فأتى به على وجه آخر فرواه عن علي بن إبراهيم المروزي، عن ابن المبارك، عن مسعر =

ص: 233

هذا حديث صحيح غريب الإسناد والمتن، ولم يخرجاه.

4313 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن يحيى بن عبّاد بن عبد الله بن الزبير [عن أبيه]

(1)

عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر، حَمَل أبو بكر معه جميع ماله خمسة آلافٍ أو ستة آلاف درهم، فأتاني جَدّي أبو قحافة وقد ذهب بصره، فقال: إنَّ هذا والله قد فَجَعَكم بماله مع نفسه، فقلتُ: كلا يا أبتِ، قد تَرَكَ لنا خيرًا كثيرًا، فَعَمَدتُ إلى أحجارٍ فَجَعَلتُهن في كُوّة البيت، وكان أبو بكر يَجعَلُ أمواله فيها، وغَطّيت على الأحجار بثوب، ثم جئتُ فأخذت بيده فوضعتها على الثَّوب، فقال: أما إذا ترك هذا فنَعَمْ، قالت: ووالله ما ترك لنا قليلًا ولا كثيرًا

(2)

.

= وشعبة، عن قتادة، عن أنس أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 73، وهذا دليل على عدم ضبطه للرواية واضطرابه فيها.

وأخرجه ابن عساكر 38/ 168 من طريق عبيد بن أحمد الحمصي، عن سليمان بن عبد الحميد البهراني، عن محمد بن عبد الله، عن المقرئ، عن مسعر وحده، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري الطائي، قال: سمعت عليًا، فذكره. وقال ابن عساكر: غريب جدًّا لم أكتبه إلّا من هذا الوجه. قلنا: وعبيد بن أحمد مجهول الحال، وشيخه سليمان رُمي بالنصب، وهو مختلف فيه، وأفحش النسائي القول فيه ونسبه إلى الكذب، فهو آفته، وذكر فيه تصريح أبي البختري بسماعه من عليّ، وقد نفى غير واحدٍ من أهل العلم إدراكه لعلي، بَلْهَ سماعه منه.

(1)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من رواية أبي طاهر المخلّص عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 69/ 13 حيث رواه من طريق أحمد بن عبد الجبار، وهو ثابت أيضًا في سائر الروايات عن ابن إسحاق، على أنه لا يُعرف ليحيى رواية عن جدة أبيه أسماء.

(2)

إسناده حسن من أجل ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار صاحب "السيرة". وقد صرّح بسماعه عند أحمد.

وأخرجه أحمد 44 / (26957) عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه، عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد.

ص: 234

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4314 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا موسى بن الحسن بن عبّاد، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا السَّرِيُّ بن يحيى، حدثنا محمد بن سيرين، قال: ذُكِرَ رجالٌ على عهد عمر، فكأنهم فَضَّلُوا عمر على أبي بكر، قال: فبلغ ذلك عمر، فقال: والله ليلةٌ من أبي بكر خيرٌ من آلِ عُمر، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر، فجعل يمشي ساعة بين يديه، وساعة خلْفَه، حتى فَطِن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا أبا بكر، ما لك تمشي ساعة بين يدي، وساعةً خَلْفي؟ " فقال: يا رسول الله، أذكر الطلب فأمشي خلفك، ثم أذكر الرَّصد، فأمشي بين يديك، فقال:"يا أبا بكر، لو كان شيء، أحببت أن يكون بك دوني؟ " قال: نعم والذي بعثك بالحقِّ، ما كانت لتكونَ من مُلِمَّةٍ إِلّا أن تكون بي دونَك

(1)

، فلما انتهيا إلى الغارِ قال أبو بكر: مكانك يا رسول الله، حتى أستبرئ لك الغار، فدخل واستبرأه، حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرئ الجِحَرةَ، فقال: مكانك يا رسول الله، حتى أستبرئ الجِحَرةَ، فدخل واستبرأ، ثمّ قال: انزِلْ يا رسول الله، فنزل، فقال عمر: والذي نفسي بيده لتلك الليلةُ خيرٌ من آل عُمر

(2)

.

(1)

في النسخ الخطية: بك دوني، وهو خطأ، وجاء على الصواب في رواية البيهقي في "الدلائل" 2/ 476 عن أبي عبد الله الحاكم.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل، لأنَّ محمد بن سيرين لم يُدرك عمر بن الخطاب. وقد رُوي هذا الخبر من وجوه أخرى.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 476 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن بطة في "الإبانة" 9/ 531 و 834 من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس، عن السري بن يحيى، به.

ويشهد له مرسل عبد الله بن أبي مُلَيكة عند أحمد في "فضائل الصحابة"(22)، والأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 25، والفاكهي في "أخبار مكة"(2410)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(2425)، وابن عساكر في تاريخ دمشق 30/ 81. ورجاله ثقات. =

ص: 235

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين لولا إرسال فيه، ولم يخرجاه.

4315 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إسحاق الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجَهم بن جَبَلة التّيمي

(1)

، حدثنا موسى بن المساوِر، حدثنا عبد الله بن معاذ الصَّنْعاني، عن معمر بن راشد، عن الزهري، قال: أخبرني عبد الرحمن بن مالك المُدْلِجي - وهو ابن أخي سُراقة بن جُعْشُم - أنَّ أباه أخبره، أنه سمع سراقة بن جُعْشُم يقول: جاءتنا رسُلُ كفار قريش يَجعَلُون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ديةً لكلِّ واحدٍ منهما لمن قتلهما أو أسرَهُما، فبينا أنا جالس في مجلس من مجالس قومي من بني مدلج، أقبل منهم رجل حتى قام علينا، فقال: يا سراقة، إني رأيتُ آنفًا أسودةً بالساحل، أُراها محمدًا وأصحابه، قال سُراقة: فعرفتُ أنهم هم، فقلت لهم: إنهم ليسوا بهم، ولكني رأيتُ فلانًا وفلانًا انطلقُوا بُغاةً.

قال: ثم ما لبثت في المجلس إلا ساعة حتى قمتُ فدخلت بيتي، فأمرتُ جاريتي أن تُخرج إلي فرسي، وهي وراءَ، أكَمَةٍ، فَحَبَسَتْها علي، وأخذتُ رُمحِي، فخرجتُ

= ورُوي نحو هذه القصة أيضًا من حديث عمر بن الخطاب موصولًا عند أبي بكر الدينوري في "المجالسة"(2238)، وأبي الليث السمرقندي في "تفسيره" 2/ 58 - 59، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2426)، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 476 - 477، وابن عساكر 30/ 79 - 80. وأورده الذهبي في "تاريخ الإسلام" 1/ 672، وقال: هو منكر، وآفته من عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي، فإنه ليس بثقة مع كونه مجهولًا. قلنا: وفيه أيضًا فُرات بن السائب، وهو متروك الحديث.

ورويت قصة تفتيش أبي بكر الصديق الغاز قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه من وجوه متعددة فيها مقال كلها، انظرها في "الشريعة" للآجري (1275 - 1277)، وأقوى منها مرسلا ابن سيرين وابن أبي مليكة.

والمُلمّة: النازلة الشديدة من نوازل الدهر.

والجِحَرَة: جمع جُحر، وهو كل شيء يحتفره الهوام والسِّباع لأنفسها.

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: اليمني، وانظر ترجمته في "طبقات المحدثين بأصبهان" لأبي الشيخ 3/ 390 الترجمة (423).

ص: 236

من ظهر البيت فخَطَطتُ بزُجِّهِ إلى الأرضِ وخَفَضْتُ عاليةَ الرُّمح، حتى أتيتُ فرسي فركبتها فدفعتها

(1)

تُقرِّبُ بي، حتى رأيتُ أسودَتهما، فلما دنوت منهم حيث أُسمِعهم الصوتَ عَثَر فرسي، فخَرَرتُ عنها، فقمتُ فأهوَيتُ بيدي إلى كنانتي فاستخرجت الأزلام، فاستقسمتُ بها، فخرج الذي أكره أن لا أضُرَّهم، فعصيتُ الأزلام فركبتُ فرسي فدفعتها تُقرّب بي، حتى إذا دنوت منهم سمعت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لا يلتفتُ وأبو بكر يُكثر الالتفات، فساخَتْ يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الرُّكبتين، فخَرَرْتُ عنها، ثم زَجَرتُها فنهضَتْ، فلم تَكَدْ تَخرج يداها، فلما استوت قائمةً إذا ليديها عُثَانُ

(2)

ساطِعٌ في السماء - قال عبد الله: يعني الدخان الذي يكون من غير نار - ثم أخرجتُ الأزلام، فاستقسَمْتُ بها، فخرج الذي أكره أن لا أضُرَّهما، فناديتهما بالأمان فوقفا، فركبتُ فرسي حتى جئتُهما، فوقع في نفسي حين لقيتُ ما لقِيتُ من الحبس عليهم أن سيظهرُ أمرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إنَّ قومَك قد جعلوا فيك الدِّيَةَ، وأخبرتُهم من أخبار سَفَرِهم وما يريدُ الناس بهم، وعرضتُ عليهم الزاد والمتاع، فلم يَرْزَؤُوني شيئًا، ولم يسألوني إلا أن قالوا: اخْفِ عنا، فسألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب لي كتابَ مُوادَعَةِ آمَنُ به، فأمر عامر بن فهيرة مولى أبي بكر فكتب لي في رقعة من أدم، ثم مَضَيا

(3)

.

(1)

جاء في نسخة على هامش (ب) في الموضعين: فرفعتها، بالراء من الرفع، وهو كذلك في رواية البخاري، وفسّرها ابن الأثير بقوله: أي: كلّفتها المرفوع من السير، وهو فوق الموضوع، ودون العَدْو. قال العيني: ويُروى بالدال.

(2)

في النسخ الخطية: غبار، وفي (ب): عثان غبار، وكتبت "عثان" في (ز) فوق كلمة "غبار"، كأنها إشارة إلى تصحيح اللفظة إلى: عثان، وتفسير عبد الله بن معاذ الآتي بعد سطرٍ يدلُّ على صحة كونها "عثان" لأنَّ العثان هو الدخان، وزنًا ومعنًى.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل الحسن بن الجهم وموسى بن المُساوِر، وقد توبعا.

وأخرجه أحمد 29/ (17591)، وابن حبان (6280) من طريق عبد الرزاق عن معمر، بهذا (29)(17591)(6280) الإسناد. =

ص: 237

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

(1)

.

4316 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مِلحان، حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن الزُّهْري، عن أبي سَلَمة، عن عبد الله بن عَدِيّ بن الحَمْراء الزُّهْري، قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته بالحَزْوَرَةِ

(2)

يقولُ: "والله إنكِ لَخيرُ أَرضِ اللهِ وأحبُّ أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرجتُ منكِ ما خَرجت

(3)

.

= وسيأتي برقم (4474) من طريق عُقيل بن خالد عن الزُّهْري، مختصرًا بذكر جعالة المشركين لمن قتل النبي صلى الله عليه وسلم أو أبا بكر أو أسرهما.

أسْوِدَة: هو جمع سواد، وهو الشخص.

والأكمة: الرابية المرتفعة عن الأرض من جميع جوانبها.

وخططت بزُجّه، أي: أمكنتُ أسفله، والزُّجُ: الحديدة التي في أسفل الرمح.

وخفضتُ عاليه، أي: أعلى الرمح، لئلا يظهر بَرِيقُه لمن بَعُد منه، لأنه كره أن يتبعه أحد فيَشْرَكَه في الجعالة.

وقوله: "تُقرِّب بي": من التقريب، وهو السير دون العدو وفوق العادة.

وقوله: "فخررتُ عنها"، أي: سقطت.

والأزلام: السهام التي لا ريش لها ولا نَصل، وكان لهم في الجاهلية هذه الأزلام مكتوب عليها "لا" و "نعم" فإذا اتفق لهم أمر من غير قصد كانوا يخرجونها، فإذا خرج ما عليه "نعم" مضى على عزمه، وإن خرج "لا" انصرف عنه.

وقوله: "لم يرزؤوني": من رَزَأَهُ، أي: أصاب من ماله. يعني أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق لم يأخذا من ماله شيئًا ولم يَنقُصاهُ.

(1)

بل قد أخرجه البخاري كما سيأتي برقم (4474)، فلا يُستدرك عليه.

(2)

ضُبطت في بعض أصول الحاكم بتشديد الواو، وقال أبو أحمد العسكري في "تصحيفات المحدثين" 1/ 252: أكثرهم يغلطون فيه، فيقولون: بالحَزَورَة، فيفتحون الزاي ويشددون الواو، وهو خطأ. قلنا: وكذلك قال الدارقطني فيما نقله البكري في "معجم ما استعجم" 2/ 444. والحَزْوَرة: سوق مكة ودخلت في المسجد لما زيد فيه.

(3)

إسناده صحيح. يحيى بن بكير: هو ابن عبد الله بن بكير، ينسب لجده كثيرًا، والليث: =

ص: 238

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

4317 -

أخبرني أبو أحمد الحسين بن علي، حدثنا علي بن سعيد، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، قال أبو بكر: إنَّا لله وإنا إليه راجِعُون، أُخرجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيَهلِكُن. قال: فنزلت هذه الآية: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ} [الحج: 39 - 40]، عَرَفَ أبو بكر أنه سيكون قتال

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4318 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خَلَف القاضي، حدثنا موسى بن إسحاق

= هو ابن سعد، وعقيل: هو ابن خالد الأيلي.

وأخرجه ابن ماجه (3108)، وابن حبان (3708) من طريق عيسى بن حماد المصري، والترمذي (3925)، والنسائي (4238) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 31/ (18716)، والنسائي (4239) من طريق صالح بن كيسان، عن الزهري، به.

وسيأتي برقم (5939) من طريق شعيب بن أبي حمزة. عن الزهري.

وخالف ابن أخي ابن شهاب فيما سيأتي برقم (5303) فرواه عن عمه، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن عبد الله بن عدي فذكر محمد بن جبير بدل أبي سلمة، وهو خطأ.

وخالف معمرٌ أيضًا عند أحمد (18717) والنسائي (4240) فرواه عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. فجعله من حديث أبي هريرة، وهو وهم من معمر.

وانظر حديث ابن عبّاس السالف برقم (1807).

(1)

إسناده صحيح. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي، وشُعْبة: هو ابن الحجاج، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومسلم البطين: هو ابن عمران.

وقد سلف برقم (2407) من طريق سفيان الثوري عن الأعمش. وتقدم هناك الكلام على القراءة.

ص: 239

القاضي، حدثنا مسروق بن المرزبان، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، قال: قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حصين

(1)

، عن عُروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغار إلى الله تعالى مهاجرًا، ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة مُردِفه أبو بكر خَلْفَه، وعبد الله بن أُريقِط الليثي، فَسَلَك بهما أسفل من مكة، ثم مضى بهما حتى هَبَط بهما على الساحل أسفل من عُسفان، ثم استجاز بهما على أسفل أمج، ثم عارض الطريق بعد أن أجاز قديدًا، ثم سَلَكَ بهما الخرّار

(2)

، ثم أجازَهُما ثَنِيَّةَ المَرَة

(3)

، ثم سَلَكَ لَفْتا

(4)

، ثم أجاز بهما مَدْلَجةَ لِقْفٍ، ثم استبطَنَ بهما مَدْلَجة مَجَاحٍ

(5)

، ثم سَلك بهما مَرْجِح

(6)

، ثم ببطن مَرْجِح من ذي الغَضَوَين

(7)

، ثم ببطن ذي كِشد، ثم أخذ

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: حسين.

(2)

هكذا في "سيرة ابن هشام" 1/ 491 وغيره من كتب السيرة، وتحرف في نسخنا الخطية إلى: الحجاز. والخرّار: وادٍ، وهو وادي الجحفة، وهو من الحجاز.

(3)

تحرف في النسخ الخطية إلى: المرار. وثنية المُرار عند الحديبية، اما ثنية المرة فموضع ما زال معروفًا بين غدير خم والفُرع، وهو الذي على طريق الهجرة.

(4)

في النسخ الخطية: الحفياء، وهو تحريف، فإن الحفياء موضع قرب المدينة، ولم يكن على طريق الهجرة، والمثبت من "سيرة ابن هشام" وغيره.

(5)

تحرّف في أصول الحاكم: إلى ضحاج، ووقعت مضبوطة في "سيرة ابن إسحاق" كما في "سيرة ابن هشام" محاج، بالميم وبتقديم الحاء المهملة على الجيم، وقال ابن هشام: ويقال: مجاج - يعني بجيمين وكسر الميم - وقال ياقوت في "معجم البلدان" 5/ 55: الصحيح عندنا فيه غير ما روياه، جاء في شعر ذكره ابن الزبير بن بكار، وهو مجاح، بفتح الميم ثم جيم وآخره حاء مهملة.

(6)

رُسمت في (ز) في الموضعين: مدحج، وفي (ص) و (م) في الموضع الأول كذلك، وفي الموضع الثاني رسمت فيهما: يوحح، وكل ذلك تحريف، وقد ضبطه ياقوت في "معجم البلدان" 5/ 102.

(7)

تحرّف في النسخ إلى: الغصون، وفي المطبوع إلى: الغصن. وضبطه ياقوت بالغين والضاد المعجمتين المفتوحتين، وقال: بلفظ تثنية الغضا.

ص: 240

الجداجد

(1)

، ثم سلك ذي سَلَمٍ من بطن أعداء

(2)

مَدْلَجة، ثم أحدَرَ القاحَةَ، ثم هَبَط العَرْجَ، ثم سلك ثَنيّة الغائر عن يمين رَكُوبة، ثم هبط بطن رِئمٍ، فَقَدِمَ قُباءً على بني عمرو بن عوف

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4319 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق [أخبرنا محمد بن غالب]

(4)

حدثنا أبو الوليد، حدثنا عبيد الله بن إياد بن لَقِيط، حدثنا إياد بن لَقِيط، عن قيس بن النعمان قال: لما انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر مُستَخْفِيين، مرُّوا بعبد يرعى غنمًا، فاستسقياه من اللبن فقال: ما عندي شاةٌ تُحلَبُ غيرَ أنَّ هاهنا عَناقًا حَمَلتْ أول الشتاء، وقد أَخدَجَتْ، وما بقي لها لَبنٌ، فقال:"ادْعُ بها"، فدعا بها، فاعتقلها النبيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَسَحَ ضَرْعَها، ودعا حتى أنزلَتْ، قال: وجاء أبو بكر بمَجَنٍّ، فحلب فسقى أبا بكر، ثم حَلَبَ فسقى الراعي: ثم حَلَبَ فشرب، فقال الراعي: بالله مَن أنتَ، فوالله ما رأيتُ مِثلَك قَطُّ؟ قال:"أوَتَراك تكتُم عَليَّ حتى أُخبرك؟ " قال: نعم، قال:"فإني محمد رسول الله" فقال: أنت الذي تزعم قريش أنه صابئ؟، قال: إنهم ليقولون ذلك" قال: فأشهد أنك نبي، وأشهد أنَّ ما جئتَ به حقٌّ، وأنه لا يفعل ما فعلت إلا نبي، وأنا مُتبعك، قال: "إنك لن تستطيع ذلك يومك، فإذا بَلَغَك أني قد ظهرت فأتِنا"

(5)

.

(1)

تحرف في النسخ الخطية إلى: الحباحب.

(2)

تحرف في النسخ الخطية إلى: أعلا، وأعداء الوادي: جوانبه ونواحيه.

(3)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل مسروق بن المَرزُبان وابن إسحاق: وهو محمد بن إسحاق بن يسار صاحب "السيرة".

وأخرجه ابن بَطَّة العُكبَري في "الإبانة" 9/ 634 من طريق أبي جعفر محمد بن صالح بن ذَرِيح، عن مسروق بن المرزبان، بهذا الإسناد. ولم يسق بطوله.

(4)

سقط من أصولنا الخطية، واستدركناه من رواية البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 497 عن أبي عبد الله الحاكم.

(5)

إسناده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار"(1342). أبو الوليد: =

ص: 241

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4320 -

حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمسي بالكوفة، حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع الخزاز، حدثنا سليمان بن الحكم بن أيوب بن سليمان بن ثابت بن يسار الخُزاعي، حدثنا أخي أيوب بن الحكم وسالم بن محمد الخُزاعي، جميعًا عن حزام بن هشام، عن أبيه هشام بن حُبَيش بن خويلد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من مكة مُهاجرًا إلى المدينة وأبو بكر ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن أُريقط، مَرُّوا على خَيمتَي أمَّ مَعْبَدٍ الخُزاعية، وكانت امرأةٌ بَرْزَةٌ جَلْدَةٌ، تحتبي بفناء الخيمة، ثم تسقي وتطعم، فسألوها لحمًا وتمرًا ليشتروا منها، فلم يُصِيبوا عندها شيئًا من ذلك، وكان القوم مُرْمِلِين مُسنِتِين، فنَظَر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاةٍ في كِسْرِ الخَيمة، فقال:"ما هذه الشاةُ يا أم مَعْبدٍ؟ " قالت: شاةٌ خَلَّفها الجَهْدُ عن الغنم، قال:"هل بها مِن لَبَنٍ؟ " قالت: هي أجهَدُ من ذلك، قال:"أتأذنين لي أن أحلبها؟ " قالت: بأبي وأمي، إن رأيت بها حَلَبًا فاحلبها، فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَمَسَحَ بيدِه ضَرْعَها وسَمَّى الله تعالى، ودعا لها في شاتها، فتَفاجَتْ عليه ودَرَّتْ فاجترَّتْ، فدعا بإناءٍ يُرِيضُ الرَّهْطَ

(1)

، فَحَلَب فيه ثَجًّا حتى

= هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 497 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار كما في "كشف الأستار"(1743)، و "مختصر زوائد البزار"(1342) عن محمد بن معمر، والطبراني في "الكبير" 18/ (874) عن محمد بن محمد التمّار البصري، كلاهما عن أبي الوليد الطيالسي، به.

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية"(4243) عن جعفر بن حميد، والطبراني في "الكبير" 18 (874)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5691) من طريق عاصم بن علي، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 41 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن عبيد الله ابن إياد بن لقيط، به.

أخْدَجَتْ، أي: ألقت حملها قبل تمام نتاجه.

(1)

أي: يرويهم بعض الرّيّ، كما في "النهاية" لابن الأثير، قال: والرواية المشهورة فيه بالباء، =

ص: 242

علاه البهاء، ثم سقاها حتى رَوِيَتْ، وسقى أصحابه حتى رَوُوا حتى أراضوا وشرِبَ آخِرَهُم، ثم حَلَب فيه الثانية على بَدْءٍ، حتى ملأ الإناء، ثم غادَرَهُ عندها، ثم بايعها وارتَحَلُوا عنها.

فقلَّ ما لبثت حتى جاءها زوجها أبو معبد يسوق أعنُزًا عِجافًا تَسَاوَكُن

(1)

هُزلًا، مُحهن قليل، فلمّا رأى أبو معبدٍ اللبن أعجبَهُ، قال: من أين لك هذا يا أم معبد والشاءُ عازِبٌ حائل ولا حَلُوبَ في البيت؟ قالت: لا والله، إلَّا أنه مَرَّ بنا رجلٌ مبارك، من حاله كذا وكذا، قال: صفيه لي يا أم معبد، قالت: رأيتُ رجلًا ظاهِرَ الوَضاءة، أبْلَجَ الوجه، حسنَ الخُلُقِ، لم تَعِبْهُ ثُجْلَةٌ، ولم تُزْرِ به صَعْلةٌ، وسيمٌ قَسِيم، في عينيه دَعَجٌ، وفي أشفارِه وَطَفٌ، وفي صوته صَهَلٌ، وفي عنقه سَطَعٌ، وفي لحيته كَثَاثَةٌ، أَزْجُ أقْرَنُ، إن صَمَتَ فعليه الوَقارُ، وإن تكلَّم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنُه وأجملُه مِن قريب، حُلو المَنطِق فَصْلٌ لا نَزْرٌ ولا هَذَرٌ، كأن مَنطِقَه خَرزاتُ نَظم يتحدَّرن، رَبْعةٌ لا تَشْنَؤُهُ من طُولٍ، ولا تَقتَحِمُه عِينٌ مِن قِصَر، غُصنٌ بين غُصنَين، فهو أنضرُ الثلاثةِ مَنظَرًا وأحسنهم قدرًا، له رُفقاءُ يَحُفُّون به، إن قال استمعوا لقوله، وإن أمر تبادَرُوا إلى أمره، مَحفُود محشُود، لا عابس ولا مُفنَّد. قال أبو مَعبَد: هذا والله صاحب قريش الذي ذُكر لنا من أمرِه ما ذُكر، ولقد هممتُ أن أصحَبَه، ولأفعلَنَّ إن وَجدْتُ إلى ذلك سبيلًا.

وأصبحَ صوتٌ بمكة عاليًا يسمعون الصوت ولا يَدرُون مَن صاحبه، وهو يقول:

جزى الله ربُّ الناس خير جزائه

رفيقينِ حَلَا خَيمتي أَمِّ مَعبَدِ

= يعني: يربض كما أُعجم في (ز).

(1)

تحرّف في أصولنا الخطية إلى: تساوكهن. بزيادة الهاء، ولا معنى للكلمة بزيادتها، وإنما هي تَسَاوَكُنَ بمعنى: يمشين مشيًا ضعيفًا، والتساوُك: التمايُل من الضعف.

ص: 243

هما نزلا بالهَدْيِ وارتحلا به

فقد فاز مَن أمسى رفيق محمد

فيا لقُصَيٍّ ما زَوَى الله عنكم

به من فَعَال لا تُجارَى وسُؤدَدِ

ليَهْنِ أبا بكر سعادة جده

بصحبته، من يسعد الله يسعد

ويهن بني كعب

(1)

مقامُ فَتاتِهِمْ

ومَقعدها للمؤمنين بمرصد

سَلُوا أختَكُم عن شاتها وإنائها

فإنكم إن تسألُوا الشاةَ تَشْهَدِ

دعاها بشاةٍ حائل فتَحلَّبَتْ

عليه صريحًا ضَرّةُ الشاةِ مُزبِدِ

فغادَرَه رَهْنًا لَدَيها لِحَالِبِ

يُردِّدُها في مصدَرٍ بعد مورد

فلما سمع حسان بذلك، شَبَّب يُجاوِبُ الهاتف، فقال:

لقد خاب قومٌ زال عنهم نبيهم

وقُدِّس مَن يَسْرِي إليهم ويَغْتَدِي

ترحَّل عن قومٍ فزالت عقولهم

وحَلَّ على قوم بنور مُجدَّدِ

هداهُم به بعد الضلالة ربُّهم

فأرشدهم مَن يَتْبَع الحقَّ يَرشُدِ

وهل يستوي ضُلّال قومٍ تَسفّهوا

عمى وهداةٌ يَهتدون بمُهتدي

وقد نزلت منه على أهل يثربٍ

ركاب هُدًى حَلّت عليهم بأَسعُدِ

نبيٌّ يرى ما لا يرى الناس حوله

ويتلو كتاب الله في كلِّ مَشْهَدِ

وإن قال في يومٍ مقالة غائب

فتصديقها في اليوم في ضُحَى الغَدِ

(2)

(1)

في أصولنا الخطية: أبا بكر، بدل: بني كعب، وهو خطأ نشأ عن انتقال النظر إلى البيت الذي قبله، وبنو كعب هم أحد خُزاعة، وهو كعب بن عمرو بن ربيعة قبيل أم معبد.

(2)

أصل حديث أم معبد هذا حسن إن شاء الله بتعدد طرقه، وقد حسنه الحافظ العلائي في "إثارة الفوائد" 2/ 717، ومن قبله قال ابن عبد البر في "الدرر في اختصار المغازي والسير" ص 83: مشهور عن الثقات، وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" 4/ 472: قصة أم معبد مشهورة مروية من طرق يشُدُّ بعضها بعضًا.

قلنا: حزام بن هشام وأبوه لا بأس بهما، وقد اختلف في صحبة هشام، والصحيح أنه تابعي، =

ص: 244

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= واسم جده خالد وليس خويلدًا كما سُمِّي هنا في رواية المصنف، فقد سمَّى جده خالدًا كل من ترجم لحبيش في الصحابة، وكذلك وقع مسمى في رواية غير المصنف، والصحبة لحبيش بن خالد، وقد نَصَّ على ذكره في إسناد هذا الخبر غير واحد ممّن رواه عن حزام بن هشام، ولهذا ذكر البغوي والطبراني وابن منده وأبو نُعيم وغيرهم ممن ألف في الصحابة هذا الخبر في ترجمة حبيش.

وقد سمع هشام بن حبيش من عمته أم معبد أيضًا بعض قصتها مما لم يحدثه به أبوه حبيش كما نبه عليه أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" في ترجمة حبيش بن خالد 3/ 299 - 300، فقال: روى حبيش بن خالد الخزاعي عن النبي صلى الله عليه وسلم أول حديث الصفة حين أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، وباقي حديث الصفة عن أم معبد.

والحسين بن حميد بن الربيع فيه لين، لكنه لم ينفرد به، فقد توبع فيه.

وسليمان بن الحكم بن أيوب روى عنه غير واحدٍ منهم أبو حاتم الرازي، ولا يعرفُ بجرح، ثم هو متابع أيضًا، وأخوه أيوب بن الحكم روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم ينفرد به، بل توبع، وسالم بن محمد الخزاعي لم نتبينه.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 11/ 281 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(505) عن سليمان بن الحكم، به.

وأخرجه أبو القاسم اللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1435) من طريق محمد بن هارون الروياني، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 277 من طريق عبد الواحد بن يوسف بن أيوب بن الحكم الخزاعي، كلاهما عن سليمان بن الحكم، به. لكن عبد الواحد قال في روايته: عن حزام بن هشام، عن أبيه هشام، عن جده حبيش بن خالد فنصَّ على ذكر جده في الإسناد.

وأخرجه الطبري في "ذيل المذيل" كما في "منتخبه" لعُريب بن سعد القرطبي، 11/ 577، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(1140)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1436) و (1437)، والبيهقي في "الدلائل" 1/ 277، وابن عبد البر في "الاستيعاب"(3573)، وأبو القاسم الأصبهاني في "دلائل النبوة"(42)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 323، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 451 من طريق محمد بن سليمان بن الحكم بن أيوب الخزاعي، عن عمه أيوب بن الحكم، به. وذكر في روايته حبيشًا كذلك.

وأخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" مختصرًا (253)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2265) من طريق يحيى بن سليمان بن نضلة الخزاعي، عن حزام بن هشام، به. بذكر حبيش بن خالد، ويحيى بن سليمان هذا قال عنه ابن عدي: روى عن مالك وأهل المدينة أحاديث عامتها مستقيمة. =

ص: 245

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وسيأتي عند المصنف برقم (4322) من طريق مكرم بن محرز بن مهدي الخزاعي، عن أبيه، عن حزام بن هشام بذكر حبيش أيضًا.

وأخرج ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 10/ 273 عن محمد بن عمر الواقدي، والبخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 116، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(8041) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، والطبراني في "الكبير" 24 / (863)، وأبو نعيم في "المعرفة"(7771)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 12/ 358 من طريق عبد الله بن إدريس، ثلاثتهم عن حزام بن هشام، عن أبيه، عن أم معبد، قالت: طلع علينا أربعة على راحلتين، فنزلوا بي، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة أريد أن أذبحها، فإذا هي ذاتُ دَرٍّ، فأدنيتها منه، فلمس ضرعها، فقال:"لا تذبحيها" فأرسلتها، قالت: وجئتُ بأخرى فذبحتها، فطحنتُ لهم فأكل هو وأصحابه، قلت: ومن معه؟ قالت: ابن أبي قحافة ومولى ابن أبي قحافة وابن أُريقط وهو على شركه، قالت: فتغدى رسول الله منها وأصحابه وسُفرتهم منها ما وسعت سُفْرتهم، وبقي عندنا لحمها أو أكثره، فبقيت الشاة التي لمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ضَرعها عندنا حتى كان زمان الرمادة زمان عمر بن الخطاب - وهي سنة ثماني عشرة من الهجرة - قالت: وكنا نحلبها صبوحًا وغبوقًا وما في الأرض قليل ولا كثير. هذا لفظ الواقدي، وهو أتم من رواية الآخرين.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3485) و (3486)، ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(7769) من طريق عبد الرحمن بن محمد بن شُعبة، عن حزام بن هشام، عن أبيه، عن جده، عن أم معبد. وجمع بين روايتي حبيش بن خالد وأخته أم معبد في سياق واحد، وجعله من رواية حبيش عن أم معبد، وقد أورد ابن عبد البر في "الاستيعاب"(3405) هذا الخبر من هذا الطريق نقلًا عن أبي جعفر العقيلي، لكنه سمَّى الراوي عن حزام عبد الرحمن بن محمد بن سعيد اليمامي الحنفي، ولا يُعرف عبد الرحمن هذا، وقد وهم في جمعه بين سياق رواية حبيش مع سياق أخته أم معبد وجعله كله عن أم معبد، وانفرد بذلك.

وسيأتي بعده من طريق الحُر بن الصيَّاح النخعي عن أبي معبد، لكن الراوي عنه عبد الملك بن وهب المذحجي لا يُعرف إلا في هذا الخبر، على أنَّ أبا حاتم الرازي احتمل أن يكون هو سليمان بن عمرو بن عبد الله بن وهب النخعي المتهم بوضع الحديث، يعني أنَّ الراوي دلس في اسمه وهو ما يُعرف بتدليس الشيوخ. على أنَّ فيه إرسالًا كما سيأتي بيانه.

وأخرج البيهقي في د "لائل النبوة" 2/ 492، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 40/ 378 - 379 قصة بنحو قصة أم معبد، من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلي - وهو سيئ الحفظ - عن عبد الرحمن بن الأصبهاني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن =

ص: 246

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبي بكر الصديق، فذكر بعض ما ورد في حديث حبيش وحديث أم معبد، وقال البيهقي: هذه القصة وإن كانت تنقص عما رُوِّينا في قصة أم معبد ويزيد في بعضها، فهي قريبة منها، ويشبه أن يكونا واحدة، وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار من قصة أم معبد شيئًا يدل على أنها وهذه واحدة، والله أعلم.

قوله: بَرْزة، أي: عفيفة رزينة يتحدث إليها الرجال فتبرز لهم وهي كهلة قد خلا بها السنُّ، فخرجت عن حد المحجوبات.

وقوله: جَلْدة، أي: قوية صُلْبة.

والمُرمِلُ: الذي نَفِدَ زاده فرقت حاله.

والمُسنِتُ: الداخل في السنة، وهي الجَدْبُ.

والحَلَبُ: مصدر حلبته.

وتفاجَّت، أي: وسَّعت ما بين رجليها، وتفعله الشاة عند الحلب والبول.

واجترت، أي: أخرجت الجِرّة - وهو العلف - من جوفها إلى فيها لتمضغها.

والثجُّ: السيلان الكثير.

والبهاء: وبيصُ رغوة اللبن وبريقها.

والعازب: البعيد.

والحائل: التي لم تحمل.

والحلوب: التي تُحلب.

والأبلج الوجه: الحسن المشرق المضيء.

والثُجْلة: عظم البطن مع استرخاء أسفله.

والإزراء: التهاون بالشيء والاحتقار له.

والصَّعْلة: صغر الرأس.

والوسيم: المشهور بالحُسن.

والقسيم: الحسن الوجه.

والدَّعَج: شدة سواد العين مع سعتها.

والأشفار: حروف الأجفان التي ينبت عليها الشعر.

والوَطَف: كثرة شعر العين والاسترخاء، وإنما يكون ذلك مع الطول.

والصَّهَل: صوت فيه.

والسَّطَع: طول العنق. =

ص: 247

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

ويُستدَلُّ على صحته وصدق رواته بدلائل: فمنها: نزول المصطفى صلى الله عليه وسلم بالخيمتين متواتر في أخبار صحيحةٍ ذوات عدد، ومنها: أنَّ الذين ساقُوا الحديث على وجهه أهلُ الخَيمتين من الأعارب الذين لا يتهمون بوضع الحديث والزيادة والنقصان،

= والأزجُّ: المتقوّس الحاجبين.

والأقرن: المتصل رأسًا حاجَبيه.

والنزر: القليل.

والهذر: الكثير غير المفيد.

لا تشنؤه من طُول: لا يُبغَضُ لفرط طوله.

والرَّبْعة: ما بين الطويل والقصير.

ولا تقتحمه عينٌ من قصر، أي: لا تحتقره العيون لقصره فتتركه وتتجاوزه إلى غيره.

والمحفُود: المخدوم.

والمحشود: الذي يجتمع الناس حوله.

والعابس: الكالح الوجه المقطّب.

والمُفَنَّد: المنسوب إلى الجهل وقلة العقل.

والرفيقان: النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر.

وزَوَى: قبض ومنع.

والسُّؤدد: السيادة.

والمرصد: موضع الرَّصد، وهم القوم الذين يحفظون الطرق، وهو انتظار الشيء وارتقابه.

والصريح: اللبن الخالص.

والضَّرَّة: أصل الضَّرْع الذي لا يخلو من اللبن.

والمزيد: الذي عَلاهُ الزَّبَد.

وغادرها رهنًا لديها، أي: تركها محبوسة لديها لمن يحلبها، كالرهن عند المرتهن.

وشبَّبَ، أي: ابتدأ في جواب الهاتف. وهو من تشبيب الكتب، أي: ابتداؤها والأخذ في جوابها.

والسُّرى: سير الليل

والاغتداء: سير الغُدْوة.

ص: 248

وقد أخذوه لفظًا بعد لفظٍ عن أبي مَعبَدٍ وأم معبدٍ، ومنها: أنَّ له أسانيد كالأخذ باليد أخَذَهُ الولد عن أبيه، والأبُ عن جَدِّه، لا إرسال ولا وَهَن في الرواة، ومنها: أنَّ الحُر بن الصَّيَّاح النَّخَعي أخذه عن أبي مَعبَدٍ كما أخذه ولده عنه، فأما الإسنادُ الذي رُوِّيناه لسياقة الحديث عن الكعبيِّين فإنه إسنادٌ صحيح عال للعرب الأعاربة، وقد عَلَونا في حديث الحُرِّ بن الصَّيَّاح.

4321 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب عَودًا على بَدْءٍ، أخبرنا الحَسَن بن مُكرَم البزّاز، حدثني أبو أحمد بشر بن محمد السكري، حدثنا عبد الملك بن وهب المَذْحِجِي، حدثنا الحُرُّ بن الصياح النَّخَعي، عن أبي معبد الخُزاعي، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة هاجَرَ؛ فذكر الحديث بطوله، مثل حديثِ سُليمان بن الحكم

(1)

.

(1)

هذا إسناد رجاله لا بأس بهم غير عبد الملك بن وهب المذحجي، فلا يُعرف إلا في هذا الحديث، ولم يرو عنه غير بشر بن محمد السُّكّري والحر بن الصياح لم يدرك أبا معبد، كما قال البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 84، وقال: أبو معبد قتل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل"(2686): قيل لي: إنه يشبه أن يكون من حديث سليمان بن عمرو النخعي، لأنَّ سليمان بن عمرو: هو ابن عبد الله بن وهب النخعي، فترك "سليمان" وجعل "عبد الملك" لأنَّ الناس كلهم عبيد الله، ونُسب إلى جده وهب، والمَذْحِج قبيلة من نَخَع، قال أبو حاتم: يُحتمل أن يكون هكذا، لأنَّ الحر بن الصياح ثقة، روى عنه شُعبة والثوري والحسن بن عُبيد الله النخعي وشريك، فلو أنَّ هذا الحديث عن الحرّ، كان أول ما يُسأل عنه، فأين كان هؤلاء الحُفَّاظ عنه؟!

قلنا: فإن ثبت هذا فإن بشر بن محمد يكون قد دلس فيه تدليس الشيوخ، وسليمان بن وهب المذكور متهم بوضع الحديث، فيكون هذا الإسناد موضوعًا.

على أنَّ الحافظ ابن حجر نقل في "الإصابة" 7/ 276 تصحيح ابن خُزَيمة له، ولم نجد هذا النقل لغير الحافظ، فلعله وهم في ذلك، أراد ذكر الحاكم فذكر ابن خُزَيمة، والله أعلم.

والاعتماد في هذه القصة على رواية حزام بن هشام، وقد روى هذا الخبر عنه جماعةٌ كما تقدم عند الطريق التي قبله، وهي قصة مشهورة عند أهل العلم.

وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 1/ 196 - 197، والبخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 84، والطبري في =

ص: 249

وأما حديث الخَيمتين المعروف برواته:

4322 -

فقد حدَّثَناه أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبَري، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد وجعفر بن محمد بن سَوّار.

وأخبرني عبد الله بن محمد الدَّوْرَقي في آخرين، قالوا: حدثنا محمد بن إسحاق الإمام.

وأخبرني مخلد بن جعفر الباقرحي، حدثنا محمد بن جرير؛ قالوا: حدثنا مُكرَم بن مُحْرِز، ثم سمعت الشيخ الصالح أبا بكر أحمد

(1)

بن جعفر بن حَمْدان البَزار القطيعي يقول: حدثنا مُكرم بن محرز، عن آبائه

(2)

، فذكروا الحديث بطوله بنحو من حديث أم معبد

(3)

.

= "ذيل المذيّل" كما في "منتخبه" المطبوع بإثر "تاريخ الطبري" 11/ 580، وابن عدي في "الكامل" 2/ 18، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(7001) و (7770)، والخطيب البغدادي في "الأسماء المبهمة" ص 184، وفي "تاريخ بغداد" 8/ 264، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 316 و 319 ر 323، وابن الجوزي في "المنتظم" 3/ 57 من طرق عن أبي أحمد بشر بن محمد السكري، بهذا الإسناد، وبعضهم يختصره.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: محمد. وجاء على الصواب في رواية البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 281 عن أبي عبد الله الحاكم.

(2)

كذلك جاء في رواية البيهقي في "الدلائل" 1/ 281 عن أبي عبد الله الحاكم، وهو ما أثبته الذهبي في "تاريخ الإسلام" 1/ 749 نقلًا عن البيهقي، والمراد بذلك أنه يرويه مسندًا إياه عن رجال قومه، إذ إنه يرويه عن أبيه محرز بن مهدي الخزاعي، عن حزام بن هشام بن حبيش الخزاعي، عن أبيه، عن جده، كما توضحه رواية من أخرج الخبر من هذه الطريق، فقوله هنا: عن آبائه، مجاز، وهذا أولى مما جاء في أصولنا الخطية: عن أبيه، دون بيان عمن رواه أبوه.

(3)

هذا إسناد لا بأس برجاله غير مُحرز والد مُكرَم: وهو ابن مهدي الخُزاعي، الذي يروي هذا الخبر عن حزام بن هشام بن حبيش عن أبيه، عن جده، كما توضحه رواية من أخرج الخبر من هذا الطريق، ولا يُعرف روى عنه غير ولده مكرم.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 281 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =

ص: 250

فقلتُ لشيخنا أبي بكر القَطِيعي: سمعه الشيخ من مُكرَم؟ قال: إي والله، حج بي أبي وأنا ابن سبع سنين، فأدخلني على مُكرَم بن مُحْرزٍ.

4323 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطَّة الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجهم، حدثنا موسى بن المُساوِر، حدثنا عبد الله بن مُعاذ الصَّنْعاني، حدثنا معمر بن راشد، عن الزُّهْري، قال: أخبرني عُروة بن الزبير، أنه سمع الزبير يذكر: أنه لقي الركب من المسلمين كانوا تجارًا بالشام قافِلين من مكة، عارَضُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر بثياب بياضٍ حين سمعوا بخروجهم، فلما سمع المسلمون بالمدينة بمَخْرَج رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يَغْدُون كلَّ غَداةٍ إلى الحَرَّة، فينتظرونه حتى يُؤذيهم حَرَّ الظَّهيرة، فانقلَبُوا يومًا بعدما أطالوا انتظاره، فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجلٌ من يهود أُطْمًا من آطامهم لينظُرَ إليه، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مُبيِّضين يَزُول بهم السَّرابُ، فلم يملِكِ اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معشر العرب، هذا صاحبكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تلقوه بظهر الحرّة

(1)

.

= وأخرجه يعقوب بن شَيْبة في "مسنده"، ويعقوب بن سفيان في "تاريخه"، ومحمد بن هارون الروياني في "الغُرر في الطوالات"، وأبو سعيد المفضل بن محمد الجندي في "فضائل مكة" كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين الدمشقي 4/ 309 - 313، ومحمد بن هارون الأنصاري الدمشقي في "صفة النبي" ص 19، والآجُرّي في "الشريعة"(1020)، والطبراني في "الكبير"(3605)، وابن مَنْدَه في "معرفة الصحابة" 1/ 400 - 405، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1433)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(238)، وفي "معرفة الصحابة"(2266) و (7002)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 277، وابن عبد البر في "الاستيعاب"(3573)، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة"(3704)، وأبو القاسم الأصبهاني في "دلائل النبوة"(42)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 327 و 330 و 12/ 358، والعلائي في "إثارة الفوائد" 2/ 715 من طرق عن مكرم بن محرز، بإسناده.

(1)

صحيح لكن عن عروة بن الزبير مرسلًا دون ذكر أبيه، فقد رواه عبد الرزاق في "مصنفه"(9743) عن معمر بن راشد، عن الزُّهْري، عن عروة مرسلًا. وكذلك رواه عُقيل بن خالد عن الزُّهري عند البخاري (3906)، وموسى بن عقبة عن الزهري عند البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 498. =

ص: 251

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4324 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر، قال: دَخَل رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد بني عمرو بن عوف، وهو مسجد قُباءٍ، يصلّي فيه، فدخل عليه رجالٌ من الأنصار

= وخالفهم عُبيد الله بن أبي زياد الرصافي عند يعقوب بن سفيان كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين الدمشقي 5/ 266 - 267، فرواه عن الزُّهْري عن عروة، عن عائشة، فجعله من مسند عائشة.

ولم يُتابع عليه ذلك، ورواية عُقيل وموسى بن عُقبة مع رواية معمر التي عند عبد الرزاق أشبه وأولى بالصواب، والله أعلم، وروايتهم صريحة في كون الذي كسا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياب البياض هو الزبير بن العوام نفسه.

وخالف الزُّهري فيه هشام بن عروة عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 158، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 14/ 335، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 10/ 60 - 61 من طريقين عن هشام بن عروة، عن أبيه: أنَّ الذي كسا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر الثياب البيض طلحة بن عبيد الله، لا الزبير بن العوام، ورجاله ثقات.

وذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" 11/ 462 أنه رواه كذلك ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، وأنه رواه أيضًا ابن عائذ في "مغازيه" من حديث ابن عباس. قال: فتعيَّن تصحيح القولين.

قلنا: يعني أن كلًا من طلحة والزبير أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر من الثياب.

وممن روى أنَّ طلحة هو الذي أهداهما الثياب موسى بن عقبة عند البيهقي في "الدلائل" 2/ 498، لكنه صدّره بقوله: ويقال على التمريض، ثم قال موسى بن عقبة: وزعم ابن شهاب أنَّ عروة بن الزبير قال: إنَّ الزبير لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم

فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثيابًا بيضًا.

وعليه فلا ندري ما وجه قول ابن حجر بأنَّ أهل السير يرون أنه طلحة بن عبيد الله، وقد علمنا ما فيه من الاختلاف عن أهل السير أنفسهم، فالله تعالى أعلم.

والأُطم، بضمة فسكون أو بضمتين: القصر، أو البناء المرتفع.

وقوله: "مبيِّضين"، بتشديد الياء وكسرها، أي: لابسين ثيابًا بيضًا.

ويُزول بهم السراب، أي: يرفعهم ويظهرهم، يقال: زال منه السراب: إذا ظهر شخصه فيه خيالًا.

وظَهْر الحرة: ظاهرها، والحرة أرض بظاهر المدينة المنورة بها حجارة سود كثيرة.

ص: 252

يُسلِّمون عليه، قال ابن عمر: ودخل معهم صهيبٌ، فسألته: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَصنَع إذا سُلِّم عليه وهو في الصلاة، قال: كان يُشير بيده

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4325 -

أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد القَنْطَري ببغداد وعبد الله بن الحُسين القاضي بِمَرُو، قالا: حدثنا الحارث بن أبي أُسامة، حدثنا محمد بن عيسى بن الطَّبَّاع، حدثنا مُجمِّع بن يعقوب، حدثني محمد بن سليمان الحزامي، قال: سمعتُ أبا أُمامة بن سَهْل بن حُنَيْف يُحدِّث عن أبيه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن خَرَجَ حتى يأتي هذا المسجد - يعني مسجد قباءٍ - فيصلِّي فيه، كانت كعَدْلِ عُمْرةٍ"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. الحميدي: هو عبد الله بن الزبير بن عيسى الأسدي، وسفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه أحمد 8/ (4568)، وابن ماجه (1017)، والنسائي (1111)، وابن حبان (2258) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 31 / (18931)، وأبو داود (925)، والترمذي (367)، والنسائي (1110)، وابن حبان (2259) من طريق نابل صاحب العباء، عن ابن عمر، عن صهيب.

وأخرج أبو داود (927)، والترمذي (368) من طريق هشام بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر، عن بلال بن رباح. وقال الترمذي: كلا الحديثين عندي صحيح، لأن قصة حديث صهيب غير قصة حديث بلال، وإن كان ابن عمر روى عنهما فاحتمل أن يكون سمع منهما جميعًا.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل مجمِّع بن يعقوب، وكذلك من أجل محمد بن سليمان - وهو ابن سلمان القبائي، نزيل كرمان - فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، ونقل ابن عبد الهادي في "بحر الدم"(900) توثيق أحمد بن حنبل له، ونسبته هنا حزاميًا لم نقف عليه عند غير المصنف، ونسبه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" في ترجمة مجمع كنانيًا، فالله تعالى أعلم، وقد توبع مجمع بن يعقوب، فيبقى الشأن في محمد بن سليمان، لكن للحديث شواهد.

وأخرجه أحمد 25/ (15981) عن إسحاق بن عيسى، بهذا الإسناد. =

ص: 253

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4326 -

أخبرنا أحمد بن محمد العنزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا علي بن عبد الله المديني، حدثنا حماد بن أسامة، حدثنا هاشم بن هاشم، قال: سمعتُ عامر بن سعد وعائشة بنت سعد، يقولان: سمعنا سعدًا يقول: لأن أصلّي في مسجد قباءٍ أحبُّ إليَّ من أن أُصلِّيَ في مَسجدِ بيتِ المَقدِس

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4327 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العدل، حدثنا هشام بن علي السَّدُوسِي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قال: شهدت يومَ دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فلم أر يومًا أحسن ولا أضوأ منه

(2)

.

= وأخرجه أحمد (15982)، والنسائي (780) عن قتيبة بن سعيد، عن مجمع بن يعقوب، به.

وأخرجه أحمد (15983)، وابن ماجه (1412) من طريق حاتم بن إسماعيل، وابن ماجه (1412) من طريق عيسى بن يونس السبيعي، كلاهما عن محمد بن سليمان، به.

وفي الباب عن أُسيد بن ظُهير تقدم عند المصنف برقم (1812).

وعن ابن عمر عند ابن حبان (1627)، وإسناده حسن.

(1)

إسناده صحيح موقوف.

وأخرجه البيهقي 5/ 249 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شَيْبة 2/ 373 عن أبي خالد الأحمر، عن هاشم بن هاشم، عن عائشة بنت سعد وحدها، به.

وأخرجه عمر بن شبة في "أخبار المدينة" 1/ 42 من طريق صخر بن جويرية، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها، قال: لأن أُصلّي في مسجد قباء ركعتين أحبُّ إليَّ من أن آتي بيت المقدس مرتين، لو يعلمون ما في قباءٍ لضربوا إليه أكباد الإبل. وصحح إسناده الحافظ في "فتح الباري" 4/ 432.

(2)

إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البناني.

وأخرجه أحمد 19 / (12234) و 21 / (13522) و (14063) من طرق عن حماد بن سلمة، به. =

ص: 254

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4328 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء، عن أبي بكر الصِّدِّيق، قال: ومَضَى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم المدينة، وخرج الناس حتى دخلنا في الطريق، وصاح النساء والخُدّام والغلمان: جاء محمدٌ، جاء رسول الله، الله أكبر، جاء محمدٌ، جاء رسول الله، فلما أصبحَ انطلق فنزل حيثُ أُمر

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4329 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل، حدثنا هَوْذة بن خليفة، حدثنا عوف بن أبي جَمِيلة، عن زُرَارة بن أَوفَى، عن عبد الله بن سَلَام، قال: لما وَرَدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ انْجفَلَ الناسُ إليه، وقيل: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فجئتُ في الناس لأنظُر، فلما تبيَّنْتُ وجهَه عرفتُ أنَّ وجهَه ليس بوجْهِ كذَّاب، وكان أول شيءٍ سمعته يتكلّم أن قال:"يا أيُّها الناسُ، أفشوا السلام، وأطعِمُوا الطعام، وصِلوا الأرحام، وصَلُّوا والناسُ نِيامٌ، تدخُلُوا الجنة بسلامٍ"

(2)

.

= وأخرجه أحمد 21 / (13312) و (13830)، وابن ماجه (1631)، والترمذي (3618)، وابن حبان (6634) من طريق جعفر بن سليمان الضُّبَعي، عن ثابت، عن أنس، قال: لما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء.

(1)

إسناده صحيح. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وأبو إسحاق هو جدُّ إسرائيل، واسمه عمرو بن عبد الله السبيعي، والبراء: هو ابن عازب.

وأخرجه أحمد 1 / (3)، ومسلم (3014)(75)، وابن حبان (6281) و (6870) من طرق عن إسرائيل، به. ضمن حديث أبي بكر الصديق في قصة الهجرة وسأله عنها عازب والد البراء، فحدثهما بها أبو بكر، واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وقد تقدم نحوه برقم (4300) من طريق إبراهيم بن طهمان عن شُعْبة، من حديث البراء لم يذكر فيه أبا بكر، وقد كان البراء صبيًا لدى مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فالظاهر أن يكون البراء حضر ذلك في جملة الصبيان والنساء والخُدّام، وسمع الخبر أيضًا من أبي بكر الصديق!

(2)

حديث صحيح، وهنا إسنادٌ قوي من أجل هَوذة بن خليفة، وهو متابع. وقد سمع زرارة =

ص: 255

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4330 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا عُبيد بن شَريك، حدثنا نُعيم بن حماد، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا حَشْرَج بن نباتة، عن سعيد بن جُمْهان، عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد جاء أبو بكر بحَجَرٍ فَوَضَعَه، ثم جاء عمر بحَجَر فوضَعَه، ثم جاء عثمان بحَجَر فوضَعَه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هؤلاء ولاة الأمر مِن بَعْدِي"

(1)

.

= ابن أوفى من عبد الله بن سلام كما تدل عليه ترجمته في "التاريخ الكبير" للبخاري 3/ 438 - 439، وجزم به مسلم في "الكنى"(931).

وأخرجه أحمد 39 / (23784)، وابن ماجه (1334)، والترمذي (2485) من طريق محمد بن جعفر، وابن ماجه (1334)، والترمذي (2485) من طريق محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وابن ماجه (3251) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، أربعتهم عن عوف بن أبي جميلة، به. وصرّح زرارة في رواية أبي أسامة بسماعه من عبد الله بن سلام.

وسيأتي برقم (7464) من طريق يحيى بن سعيد القطان وعبد الوهاب بن عطاء عن عوف.

(1)

ضعيف منكر بهذا اللفظ من حديث سعيد بن جمهان، تفرد به نعيم بن حماد عن ابن المبارك، ونعيم هذا ليس بذاك القوي صاحب مناكير، وهذا من منكراته، وقد رواه عن حشرج بهذا اللفظ أيضًا يحيى بن عبد الحميد الحماني كما سيأتي، ويحيى هذا ضعيف لا يحتج به متهم بسرقة الحديث. وقد أنكر البخاري حديث سفينة هذا في "التاريخ الكبير" 3/ 117، وفي "التاريخ الأوسط" 2/ 1046، فقال: لم يُتابع حَشرَجٌ عليه، لأنَّ عمر بن الخطاب وعليًّا قالا: لم يستخلف النبي صلى الله عليه وسلم.

قلنا: وليست العلة فيه حشرج بن نباتة، إنما مَن دونه، فقد رواه جماعة ثقات عنه بغير هذا اللفظ، كأبي داود الطيالسي في "مسنده"(1203)، وأبي النضر هاشم بن القاسم عند أحمد 36 / (21928)، وسريج بن النعمان عند الترمذي (2226)، وعبيد الله بن موسى عند الطبري في "صريح السنة"(26) والبيهقي في "الاعتقاد" ص 333، وأبي نعيم الفضل بن دكين عند الطبراني في "الكبير"(6442)، جميعًا بلفظ:"الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم مُلكٌ بعد ذلك"، ولم يذكر أحد من هؤلاء فيه قصة الأحجار، وهذا هو المحفوظ، وتابع حشرجًا عليه بهذا اللفظ =

ص: 256

حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4331 -

حدثنا أبو الحُسين محمد بن أحمد الخياط ببغداد، حدثنا عبيد بن شريك البَزّار، حدثنا أبو معمَر، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه سهل بن سعد، قال: أخطأ الناسُ في العَدَد، ما عَدُّوا من مبعثِه

(1)

ولا من وفاته، إنما عَدُّوا من مقدمه المدينة

(2)

.

= العوام بنُ حوشب عند أبي داود (4647) والنسائي (8099)، وحماد بن سلمة فيما سيأتي عند المصنف برقم (4487)، وكذا عبد الوارث بن سعيد فيما سيأتي برقم (4748).

وأما حديث نعيم بن حماد، فهو في كتاب "الفتن" له برقم (258).

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 553، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 234 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" للهيثمي (593)، وابن أبي عاصم في "السنة"(1157)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (3817)، وابن حبان في "المجروحين" 1/ 277، وابن عدي في "الكامل" 2/ 440، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 553، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 171/ 39 و 44/ 233، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(331) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن حَشْرَج بن نبُاتة، به.

وأخرجه بنحوه ابن عدي 7/ 256، ومن طريقه ابن عساكر 39/ 116 عن يحيى بن محمد بن يحيى ابن أخي حرملة، عن حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعيد بن عمرو، عن سفينة. وقال ابن عدي: لم أكتبه إلّا عن يحيى بن محمد هذا؛ وضعفه.

قلنا: ومن ضعفه أنه غاير في لفظه وسمى الراوي عن سفينة سعيد بن عمرو، ولا يعرف هذا إلَّا من رواية سعيد بن جمهان عن سفينة.

وقد رُوي مثل خبر سفينة هذا عن عائشة كما سيأتي عند المصنف برقم (4583) بإسناد ضعيف.

وروي أيضًا عن قطبة بن مالك عند ابن عدي في "الكامل" 2/ 441، وفي إسناده محمد بن الفضل بن عطية، وهو كذاب.

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: بيعته، والتصويب من مصادر تخريج الخبر كافة.

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي الحسين محمد بن أحمد الخياط - وهو ابن تميم =

ص: 257

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه!

4332 -

حدثني محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا محمد بن سهل بن عَسكَر، حدثنا ابن أبي مريم [عن يعقوب بن إسحاق]

(1)

حدثنا محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال: كان التاريخ في السنة التي قدِمَ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وفيها وُلِد عبد الله بن الزبير

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

= القَنْطَري - وقد توبع. أبو معمر: هو إسماعيل بن إبراهيم القطيعي، وأبو حازم: هو سلمة بن دينار المدني.

وأخرجه البخاري (3934) عن عبد الله بن مسلمة، عن عبد العزيز بن أبي حازم، بهذا الإسناد.

لكنه لم يقل في روايته: أخطأ الناس في العدد.

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 11/ 511: المراد بقوله: أخطأ الناس العدد، أي: أغفَلُوه وتركوه، ثم استدركوه، ولم يُرد أنَّ الصواب خلاف ما عملوا، ويحتمل أن يُريده، وكان يرى أنَّ البِداءة من المبعث أو الوفاة أولى، وله اتجاه، لكن الراجح خلافه، والله أعلم.

(1)

سقط اسم يعقوب بن إسحاق من أصول الحاكم، وهو ثابت في رواية هذا الخبر لدى جميع من أخرجه، وهو عند ابن عساكر من طريق محمد بن سهل بن عسكر بإثباته كذلك، وهو ثابت عند المصنف في الرواية الآتية برقم (6464).

(2)

إسناده حسن من أجل يعقوب بن إسحاق - وهو ابن أبي عباد القلزمي المكي - ومحمد بن مسلم - وهو الطائفي - فهما صدوقان. ابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم بن محمد.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 9، وفي "الأوسط" 1/ 285، والطبري في "تاريخه" 2/ 389، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1449)، والطبراني في "الكبير"(11182)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 38 و 29/ 289 من طرق عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.

غير أن أبا القاسم البغوي قال في روايته: وفيها ولد ابن عبّاس، وأورد هذا الخبر في ترجمة عبد الله بن عبّاس، والصحيح أنه بذكر عبد الله بن الزبير كما رواه سائر أصحاب ابن أبي مريم، ومنهم البخاري. وكذلك رواه عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحَكَم عن يعقوب بن إسحاق عند الطبري في "تاريخه" 2/ 390.

وسيأتي عند المصنف برقم (6464) من طريق يحيى بن أيوب العلاف عن ابن أبي مريم.

ص: 258

4333 -

حدثنا أحمد بن محمد بن سَلَمة، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا نُعيم بن حماد، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع، قال: سمعتُ سعيد بن المسيب يقول: جمع عمرُ الناس، فسأَلَهُم من أي يومٍ يَكتُبُ التاريخ؟ فقال علي بن أبي طالب: من يوم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وَتَرَكَ أَرضَ الشِّرْك، ففعله عمر

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4334 -

أخبرنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم العدل ببغداد، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، حدثنا علي بن قادِم، حدثنا علي بن صالح بن حَيّ، عن حكيم بن جُبَير، عن جميع بن عُمير، عن ابن عمر، قال: لما وَرَدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة آخى بين أصحابه، فجاء عليّ تَدمَعُ عَيْناهُ، فقال: يا رسول الله، آخيت بين أصحابك، ولم تُؤاخِ بيني وبين أحدٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا عليُّ، أنت أخي في الدنيا والآخرة"

(2)

.

(1)

إسناده حسنٌ إلى سعيد بن المسيب، من أجل عثمان بن عُبيد الله، فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، ورواية سعيد بن المسيب هذه عن عمر وإن كانت مرسلة، تُعدّ عند الحُذَّاق من أهل العلم من أقوى المراسيل، لجلالة سعيد، حتى إنَّ أبا حاتم الرازي قال: يدخل في المُسند على المجاز، وقال أحمد بن حنبل: إذا لم يُقبل سعيد عن عمر فمن يُقبل؟!

وأخرجه خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 51، والبخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 9، وفي "التاريخ الأوسط" 1/ 283، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 758، والطبري في "تاريخه" 2/ 391 و 4/ 38 - 39، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 43 و 44 من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، به.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، حكيم بن جبير تالف، وشيخه جُميع بن عمير ضعيف، وقد توبع حكيم بن جبير بمتابعات لا يُحتفل بشيء منها البتة، منها متابعة سالم بن أبي حفصة الآتية عند المصنف بعده، وهو لا بأس به، لكن في الإسناد إليه رجل واهٍ متهم، وعلى أي حال يبقى الشأن في جُميع بن عمير، فهو ضعيف، وقد حسن الترمذي حديثه هذا، ومال إلى تقويته بشواهده ابن الجوزي في "مناقب الأسد الغالب" بإثر (16)، وابن حجر في "فتح الباري" 11/ 517. =

ص: 259

تابعه سالم بن أبي حفصة عن جميع بزيادة في السياقة:

4335 -

حدَّثَناهُ أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد النحوي ببغداد، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا إسحاق بن بشر الكاهلي، حدثنا محمد بن فُضيل، عن سالم بن أبي حفصة، عن جُميع بن عُمير التّيمي، عن ابن عمر، قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه، فآخى بين أبي بكر وعمر، وبين طلحة والزبير، وبين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، فقال عليّ: يا رسول الله، إنك قد آخيت بين أصحابك، فمن أخي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما ترضى يا عليُّ، أن أكون أخاك؟ "، قال ابن عمر: وكان عليّ جَلْدًا شُجاعًا، فقال عليّ: بلى يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنتَ أخي في الدُّنيا والآخرة"

(1)

.

4336 -

حدثنا الحسن بن يعقوب العَدْل وأحمد بن محمد بن عبد الله القطان،

= وأخرجه الترمذي في "الجامع"(3720) عن يوسف بن موسى القطان، عن علي بن قادم، بهذا الإسناد.

ورواه كثير النواء أبو إسماعيل عن جميع بن عمير، عند ابن عدي في "الكامل" 2/ 166، وغيره، وكثير هذا ضعيف غالٍ في التشيع.

ورواه كذلك أبو الجَحّاف داود بن أبي عوف عن جميع عند الطبراني في "الكبير"(13909) وأبو الجَحاف لا بأس به، لكن في الإسناد إليه رجلان ضعيفان.

وانظر ما سيأتي برقم (4635).

وقوله هنا: "أخي في الدنيا والآخرة" منكر، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي:"أنت وليي في الدنيا والآخرة" كما في حديث ابن عباس الآتي برقم (4702) بإسناد قوي.

(1)

إسناده تالف من أجل إسحاق بن بشر الجاهلي - وهو ابن مقاتل - فهو هالك كما قال الذهبي في "تلخيصه"، قد كذَّبه غير واحد من أهل المعرفة كما في "الميزان" للذهبي، وقد أعله أيضًا في "تلخيصه" بجميع بن عُمير، وقال عنه بأنه اتُّهم، والتحقيق من خلال أقوال أهل العلم فيه أنه ضعيف فيه نظر، ولا ينزل إلى درجة من يُتّهم، والله أعلم. ويبقى الشأن هنا في إسحاق بن بشر الكاهلي، وقد روي هذا الحديث باللفظ المذكور من طرق عن جميع بن عُمير كلها ضعاف.

ص: 260

قالا: حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا علي بن عاصم، عن داود بن أبي هند.

وحدثني علي بن عيسى، حدثنا محمد بن عمرو الحَرَشي، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا علي بن مسهر، عن داود بن أبي هِنْد، عن أبي حَرْب بن أبي الأسود، قال: حدثني طلحة النضري

(1)

، قال: كان الرجل منا إذا قدم المدينة، فكان له بها عريفٌ نَزلَ على عَرِيفه، فإن لم يكن له بها عَريفٌ نَزلَ الصُّفَّة، فقدمتُ المدينة ولم يَكُن لي بها عريفٌ [فنزلتُ الصُّفّةَ]

(2)

فكان يُجرَى علينا مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلَّ يومٍ مُدٌّ من تمر بين اثنين، ويكسونا الخُنُفَ، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض صلوات النهار، فلما سَلّم ناداه أهلُ الصُّفّة يمينًا وشمالًا: يا رسول الله، أحرق بطونَنا التمر، وتخرقت عنا الخُنُف، فمالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى مِنبَرِه فَصَعِدَه، فَحَمِد الله وأثنى عليه، ثم ذكر الشِّدةَ ما لقي من قومه، حتى قال:"فلقد أتى عليّ وعلى صاحبي بضع عشرة وما لي وله طعامٌ إلَّا البَرِير" - قال: قلت لأبي حرب: وأي شيء البَرِير؟ قال: طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثَمَرُ الأراك - "فقَدِمْنا على إخواننا هؤلاء من الأنصار، وعُظْمُ طعامهم التمر، فواسونا فيه، والله لو أجد لكم الخبز واللحم لأشبعتكُم منه، ولكن عسى أن تُدركوا زمانًا حتى يُغدَى على أحدِكُم بجَفْنةٍ، ويُراحَ عليه بأخرى".

(1)

بالنون ثم الصاد المهملة، هكذا نسبه غير واحد، منهم خليفة بن خياط في "طبقاته" ص 55 و 183، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 43، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" بين يدي الحديث (3929)، وابن ماكولا في "الإكمال" 1/ 390، والذهبي في "المشتبه" ص 83، ووافقه صاحبا "توضيح المشتبه" 1/ 548، و "تبصير المنتبه" 1/ 157، وقالوا: هو نسبة إلى نضر بن معاوية من هَوازِن. قلنا: وقد يقع في بعض النسخ بالباء، وهو صحيح أيضًا، فقد ذكر ابن حبان في "الثقات" 3/ 204 أنه سكن البصرة، إلا أن النسبة إالى القبيلة في المتقدمين عادةً أشهر من النسبة إلى البلدان.

(2)

ما بين المعقوفين ليس في نسخنا الخطية، وهو ثابت في النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان وفاقًا لما في "شعب الإيمان" للبيهقي (1155)، حيث روى هذا الحديث عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده هذا الذي هنا.

ص: 261

قال: فقالوا: يا رسول الله: أنحنُ اليوم خيرٌ أم ذاك اليوم؟ قال: "بل أنتم اليوم خيرٌ، أنتم اليوم مُتحابُّون، وأنتم يومئذٍ يضرب بعضُكم رقاب بعضٍ - أُراه قال: متباغضُون - "

(1)

.

(1)

إسناده صحيح من جهة علي بن مسهر، وعلي بن عاصم في الإسناد الآخر - وهو الواسطي - فيه ضعف، وهو متابع، لكن قوله في آخر الحديث: فقالوا: يا رسول الله: أنحنُ اليوم خيرٌ

إلى آخره، ليس من حديث طلحة النَّصْري، إنما رواه داود بن أبي هند عن الحسن البصري مرسلًا كما جاء مفصلًا مبينًا في الرواية الآتية عند المصنّف برقم (8862)، وهي من طريق أبي بكر محمد بن عبد الله بن عَتّاب عن يحيى بن جعفر بن أبي طالب عن علي بن عاصم، وقد أدرجه بعض الرواة في حديث طلحة.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(1155) و (9843) عن أبي عبد الله الحاكم، بإسناده الأول، مثله.

وأخرجه حماد بن إسحاق الأزدي في "تركة النبي صلى الله عليه وسلم " ص 58 من طريق عبد الله بن أيوب المُخرِّمي، عن علي بن عاصم، به. فاصلًا مرسل الحسن عن حديث طلحة.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الأحاد والمثاني"(1434)، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "الزهد" لأبيه (137) من طريق حفص بن غياث، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 277 - 278، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 445، وفي "دلائل النبوة" 6/ 524، والخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 464 من طريق سليمان بن حيان - وهو أبو خالد الأحمر - كلاهما عن داود بن أبي هند، به. ولم يفصلا مرسل الحسن عن حديث طلحة.

وأخرجه الطبري في مسند عمر من "تهذيب الآثار" 2/ 707 من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي، وأبو القاسم بن بشران في الجزء الأول من "أماليه"(425) من طريق هشيم بن بشير، والبيهقي في "شعب الإيمان"(9842) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، ثلاثتهم عن داود بن أبي هند، به. وفصلوا مرسل الحسن عن حديث طلحة، غير أنَّ خالدًا الواسطي لم يُسمِّ الحسن، إنما قال: زاد فيه غيره.

وأخرج حديث طلحة مفردًا عن مرسل الحسن: أحمد 25 / (15988) من طريق عبد الوارث بن سعيد العنبري، وابن حبان (6684) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، كلاهما عن داود بن أبي هند، به. =

ص: 262

هذا لفظ حديث أبي سهل القطان، وحديث يحيى بن يحيى على الاختصار.

= وأخرج مرسل الحسن مفردًا: هناد بن السري في "الزهد"(760) و (761)، وابن الأعرابي في "معجمه"(2148)، وأبو بكر الكلاباذي في "بحر الفوائد" ص 152، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 340، والبيهقي في "شعب الإيمان"(9850) من طرق عن الحسن البصري.

ولهذا المرسل شواهد يصح بها، فله شاهد من حديث الزبير بن العوام عند المصنف فيما سيأتي برقم (6785). وإسناده ضعيف.

وثانٍ من حديث عبد الله بن يزيد الخَطْمي عند ابن أبي شَيْبة في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (2224)، وأحمد في "الزهد"(1094)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 13، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 7/ 8، وأبي علي الصوّاف في الجزء الثالث من "فوائده"(60)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 272، "الآداب"(533). وإسناده صحيح.

وثالث من حديث علي بن أبي طالب عند إسحاق بن راهويه كما في "المطالب"(3157/ 1)، وهناد في "الزهد"(758)، والزبير بن بكار في "الموفقيات"(229)، والترمذي (2476)، وأبي يعلى في "مسنده"(502)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 407، وحسنه الترمذي.

ورابع من حديث عبد الله بن مسعود عند البزار (1941). وإسناده ضعيف.

وخامس من حديث أبي جحيفة عند ابن أبي عاصم في "الزهد"(278)، البزار (4227)، والطبراني في "الكبير" 22 / (270). وصححه ابن حجر في "مختصر زوائد البزار"(2334).

وسادس من حديث جابر عند أبي يعلى (2043)، والبيهقي في "الشعب"(9851)، وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.

وسابع من مرسل قتادة عند أحمد في "الزهد"(202).

وثامن من مرسل سعد بن هشام عند هناد في "الزهد"(768)، وابن الأعرابي في "المعجم"(668).

والعريف: هو من يعرف الرجل.

والصُّفّة: موضع مظلل في مسجد المدينة كان يسكنه فقراء المهاجرين وسائر الواردين إلى المدينة ممن ليس له منزل ولا رجل يعرفه.

وقوله: "يُجرى علينا" أي: نُرزق ونُزوّد.

والخُنُف: جمع خنيف، وهو نوع غليظ من أردأ الكتان.

والجَفْنة: من أوعية الطعام.

ص: 263

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4337 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن عمر بن ذر قال: حدثنا مُجاهد، عن أبي هريرة قال: كان أهل الصُّفَّة أضيافَ الإسلام، لا يأوون إلى أهل ولا مالٍ، ووالله الذي لا إله إلا هو إن كنتُ لأعتَمِدُ بكَبدي إلى الأرض من الجوع، وأشدُّ الحَجَر على بطني من الجوع، ولقد قعَدتُ يومًا على طريقهم الذي يَخرُجون فيه، فمَرَّ بي أبو بَكْر فسألته عن آيةٍ من كتاب الله ما أسأله إلا ليستتبعني، فمرَّ ولم يفعل، ثم مَرَّ عمر، فسألته عن آية من كتاب الله ما أسأله إلا ليستَتْبِعَني، فمَرَّ ولم يفعل، ثم مَرَّ أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فتبسم حين رآني، وقال:"أبا هر" قلت: لبيك يا رسول الله، فقال:"الْحَقْ" ومضى، فاتَّبَعْتُه، ودخل منزله، فاستأذنته فأذن لي، فوجد لبنًا في قدح، فقال:"من أين لكم هذا اللبن؟ " فقيل: أهداهُ لنا فلانٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أبا هِرّ" فقلت: لبيك، فقال:"الْحَق أهلَ الصُّفّة فادعُهُم"، فهم أضيافُ الإسلام، لا يَأوُون على أهل ولا على مال، إذا أتته صدقةٌ بعثَ بها إليهم ولم يتناول منها شيئًا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم، فأصابَ منها وأشرَكَهم فيها، فَسَاءني ذلك، وقلت: ما هذا القَدَحُ بين أهل الصُّفّة، وأنا رسوله إليهم، فيأمرني أن أُدَوِّره عليهم، فما عَسَى أَن يُصيبني منه، وقد كنتُ أرجو أن يصيبني منه ما يُغنيني؟ ولم يكن بُدٌّ من طاعةِ الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فأتيتهم فدعوتُهم.

فلما دخَلُوا عليه، وأخذُوا مَجالِسَهم قال:"أبا هِرِّ، خُذِ القَدَحَ فَأَعطِهِم" فأخذتُ القَدَحَ فجعلتُ أنا وله الرجل، فيشربُ حتى يَرْوَى، ثم يَرُدُّه، وأنا وله الآخَرَ فيشربُ، حتى انتهيتُ به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روي القومُ كلهم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم القَدَحَ فوضَعَه على يديه، ثم رفع رأسه إليَّ فتبسم، وقال:"أبا هر"، فقلت: لبيك يا رسول الله، فقال:"اقعُدْ فاشرب"، فشربتُ، ثم قال:"اشرب" فشربتُ، ثم قال:"اشرب" فشربتُ، فلم أزل أشربُ ويقول:"اشرب" حتى قلتُ: والذي بعثك بالحقِّ ما أجد له مسلكًا،

ص: 264

فأَخَذَ القَدَحَ، فَحَمِدَ الله وسمَّى ثم شَرِب

(1)

.

صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة

(2)

.

4338 -

حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العَبْدي ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك بن مِغْوَل، عن فُضَيل بن غَزْوان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: لقد كان أصحابُ الصُّفّة سبعين رجلًا، ما لهم أرديةٌ

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه!

قال الحاكم: تأمّلتُ هذه الأخبار الواردة في أهل الصفة، فوجدتُهم من أفاضل

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن عبد الجبار - وهو العطاردي - وقد توبع. مجاهد: هو ابن جَبر المكي.

وأخرجه الترمذي (2477) عن هَنّاد بن السَّرِي، عن يونس بن بكير، بهذا الإسناد. وقال: حديث صحيح.

وأخرجه أحمد 16/ (10679)، والبخاري (6246) و (6452)، والنسائي (11808)، وابن حبان (6535) من طرق عن عمر بن ذر، به.

وأخرجه بنحوه مختصرًا البخاري (5375)، وابن حبان (7151) من طريق أبي حازم سلمان الأشجعي، عن أبي هريرة. وفي آخره قال أبو هريرة: فلقيتُ عمر، وذكرت له الذي كان من أمري، وقلت له: فولّى الله من كان أحق به منك يا عمر، والله لقد استقرأتك الآية، ولأنا أقرأ لها منك، قال عمر: والله لأن أكون أدخلتك أحب إليَّ من أن يكون لي مثل حمر النعم.

وقوله: أعتمد بكبدي إلى الأرض، أي: ألصق بطني بالأرض، أو هو كناية عن سقوطه إلى الأرض مغشيًا عليه.

(2)

قد أخرجه البخاري بسياق قريب جدًّا منه.

(3)

خبر إسناده قوي من أجل محمد بن سابق، وقد توبع. أبو حازم: هو سلمان الأشجعي مولاهم.

وأخرجه البخاري (442) من طريق محمد بن فضيل بن غزوان، وابن حبان (682) من طريق الفضل بن موسى، كلاهما عن الفضيل بن غزوان، به. بلفظ: ما منهم رجل عليه رداء، إما إزار وإما كساء. هذا لفظ ابن فضيل، ولفظ الفضل بن موسى بنحوه.

ص: 265

الصحابة رضي الله عنهم، وَرَعًا وتوكُّلًا على الله عز وجل، ومُلازمةً لخدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، اختار الله تعالى لهم ما اختاره لنبيه صلى الله عليه وسلم من المسكنة والفقر، والتفرغ لعبادة الله عز وجل، وترك الدنيا لأهلها، وهم الطائفة المنتمية إليهم الصُّوفِيَّة قرنًا بعد قَرْنٍ، فمن جَرَى على سُنَّتِهم وصبرهم على تركِ الدنيا، والأُنس بالفقر، وتركِ التعرُّض للسؤال، فهم في كل عصرٍ بأهل الصُّفّة مُقْتَدُون، وعلى خالقهم مُتوكِّلُون.

4339 -

وقد حدثنا شيخ التصوُّف في عصره أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخُلْدي، حدثنا أبو محمد الجريري، قال: سمعت سهل بن عبد الله التستري يقول: لمّا بعثَ اللهُ عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم كان في الدنيا سبعة أصناف من الناس: الملوك والمُزارعون وأصحاب المواشي والتجارُ والصُّناع والأُجَراء والضُّعَفاء والفقراء، لم يؤمر أحدٌ منهم أن ينتقل ممّا هو فيه، ولكن أمرَهُم بالعِلْم واليقين والتَّقْوى والتوكل في جميع ما كانوا فيه، قال سهلٌ رحمة الله عليه وينبغي للعاقل أن يقول: ما ينبغي لي بعدَ عِلْمي بأني عبدُك أن أرجو أو أؤمِّل غيرك، ولا أتوهم عليك إذ خَلَقْتني وصيَّرتني عبدًا لك أن تَكِلَني إلى نفسي، أو تُولّي أُمُورِي غيرك.

قال الحاكم: وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الطائفة بما خَصَّهم الله تعالى به من بين الطوائف بصفاتٍ، فمن وجدت فيه تلك الصفات استحق بها اسم التصوُّف.

4340 -

أخبرنا أبو عثمان عمرو الله الزاهد حقًّا ابن السماك ببغداد، حدثنا يحيى بن جعفر بن الزِّبْرِقان، حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي، حدثنا الوليد بن مسلم وضَمْرة بن ربيعة، عن حماد بن أبي حميد، عن مكحول، عن عياض بن سليمان وكانت له صحبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيار أمتي فيما أنبأني الملأُ الأعلى قومٌ يضحكون جَهْرًا في سَعَة رحمة ربهم عز وجل، ويبكون سِرًا من خوف شدة عذابِ ربِّهم عز وجل، يَذكُرون ربَّهم بالغَدَاة والعَشي في البيوت الطيبة المساجد، ويَدعُونه بألسنتهم رَغَبًا ورَهَبًا، ويسألونه بأيديهم خَفْضًا ورَفْعًا، ويُقبلون بقلوبهم عودًا وبدءًا، فمُؤنَتُهم على الناس خفيفةٌ، وعلى أنفسهم ثَقِيلةٌ، يَدِبُّون في الأرض حُفاةً

ص: 266

على أقدامهم كدبيب النمل بلا مَرَحٍ ولا بَذَخٍ، يمشون بالسكينة، ويتقربون بالوسيلة، ويقرؤون القرآن، ويُقرِّبون القُرْبان، ويلبسون الخُلْقان، عليهم من الله تعالى شهودٌ حاضرةٌ وعين حافظةٌ، يتوسَّمون العِبادَ، ويتفكرون في البلاد، أرواحهم في الدنيا، وقلوبهم في الآخرة، ليس لهم همٌّ إلَّا أمامهم، أعدُّوا الجهاز لِقُبُورهم، والجواز لسبيلهم، والاستعداد لِمقامهم"، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم:14]

(1)

.

قال الحاكم: فمن وُفِّق لاستعمالِ هذا الوصفِ من مُتصوِّفَة زماننا فطُوبَاهُ، فهو المُقفِّي لَهَدْي مَن تَقدَّمَه، والصوفية: طائفة من طوائف المسلمين، فمنهم أخيارٌ، ومنهم أشرارٌ، لا كما يتوهمُه رعاعُ الناس وعوامُّهم، ولو علِموا محلَّ الطبقة الأولى منهم من الإسلام وقُرْبَهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأمْسَكُوا عن كثير من الوقيعة فيهم، فأما أهل الصُّفّة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أساميهم في الأخبار المنقولة إلينا متفرّقةٌ، ولو ذكرتُ كل حديث منها بإسناده وسياقَةِ مَتْنِه لَطَال به الكتابُ، ولم يَجئ بعض أسانيدها على شرطي في هذا الكتاب، فذكرتُ الأسامي من تلك الأخبار على سبيل الاختصار، وهم:

أبو عبد الله سلمان الفارسي، وأبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح، وأبو اليقظان

(1)

إسناده ضعيف لضعف حماد بن أبي حميد: وهو محمد بن أبي حميد، وحمادٌ لقبه كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وقال: هذا حديث عجيب منكر. قلنا: قد تابعه خالد بن المغيرة بن قيس، ولكنه مجهول لا يُعرف، وفي الإسناد إليه كذلك مجهولان، فلا يعتد بهذه المتابعة، وأعله ابن حجر أيضًا في "إتحاف المهرة"(16237) بالانقطاع. فالظاهر أنه قصد بين مكحول وعياض.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(749) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال: تفرد به حماد بن أبي حميد، وليس بالقوي عند أهل العلم، والله تعالى أعلم.

وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 16 من طريق خالد بن المغيرة بن قيس، عن مكحول، عن عياض بن غنم. كذا سمَّى صحابي الحديث عياض بنَ غَنْم، وعياض مات في خلافة عمر بن الخطاب، فأنّى لمثل مكحول أن يُدركه.

ص: 267

عمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود الهُذَلي، والمقداد بن عمرو بن ثعلبة - وقد كان الأسود بن عبد يَغُوثَ تبنّاه فقيل: المقداد بن الأسود الكندي - وخباب بن الأرت، وبلال بن رباح، وصهيب بن سنان، وعتبة بن غزوان، وزيد بن الخطاب أخو عمر، وأبو كبشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو مَرْثَد كَنّاز بن حُصَين الغنوي

(1)

، وسالمٌ مولى أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة، ومِسْطَح بن أُثاثة بن عباد بن عبد المطلب، وعُكاشة بن مِحْصَن الأسدي، ومسعود بن الربيع القاري، وعُمير بن عوف مولى سهيل بن عمرو، وصفوان بن بيضاء، وأبو عَبْس بن جبر، وعُوَيم بن ساعِدة، وأبو لبابة بن عبد المنذر، وسالم بن عُمير بن ثابت - وكان أحد البكائين من الصحابة، وفيه نزلت:{وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا} [التوبة: 92]- وأبو اليسر كعب بن عمرو، وخُبَيب بن يساف، وعبد الله بن أُنَيس، وأبو ذَرّ جُندب بن جنادة الغفاري، وعتبة بن مسعود الهُذَلي.

وكان عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ممن يأوي إليهم، ويَبيتُ معهم في المسجد، وكان حذيفة بن اليمان أيضًا ممن يأوي إليهم ويبيت معهم.

وأبو الدَّرْداء عُوَيْمِر بن عامر وعبد الله بن بدر الجُهَني، والحجاج بن عَمرو الأسلمي، وأبو هريرة الدَّوْسِي، وثَوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعاذ بن الحارث القاري، والسائب بن خلاد، وثابت بن وَديعة، رضي الله عنهم أجمعين.

قال الحاكم: عَلَّقتُ هذه الأسامي من أخبار كثيرة متفرقةٍ فيها ذكر أهل الصفة والنازلين معهم المسجد، فمنهم من تَقدَّمت هجرته مثل عمار بن ياسر، وسلمان، وبلال، وصهيب، والمقداد، وغيرهم، ومنهم من تأخّرت هجرته فسكن المسجد في جملة أهل الصُّفّة، ومنهم من أسلم عام الفتح، ثم وَرَدَ معه وقعد في أهل الصُّفّة إذ لم يأو بالمدينة إلى أهل ولا مال ولا يُعَدُّ في المهاجرين لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا هجرة بعد

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: العدوي.

ص: 268

الفتح، ولكن جهادٌ ونِيَّةٌ"

(1)

، وإنَّ مما أرجو من فضل الله عز وجل أَنَّ كُلَّ من جَرى على سُنّتِهم في التوكُّل والفَقْر إلى يوم القيامة أنه منهم، وممن يُحشر معهم، وأنَّ كل من أحبَّهم، وإن كان يرجعُ إلى دنيا وثروةٍ، فمرجوٌّ له ذلك أيضًا لقوله صلى الله عليه وسلم:"من أحب قومًا حُشِرَ معهم"

(2)

.

4341 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَويهِ، حدثنا أبو المُثَنَّى مُعاذ بن المُثنَّى، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا وكيع، عن أبيه، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عَلْقمة، عن عبد الله، قال: ما كان {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} نَزَل بالمدينة، وما كان {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} فبمكة

(3)

.

(1)

أخرجه أحمد 3 / (1991)، والبخاري (2783)، ومسلم (1863)(85)، والترمذي (1590)، وابن حبان (4592) من حديث عبد الله بن عبّاس، وأخرجه كذلك مسلم (1864) وابن حبان (4867) من حديث عائشة أم المؤمنين، وأخرجه أحمد 25/ (15847) من حديث مجاشع بن مسعود، وتقدم عند المصنف برقم (3054) من حديث أبي سعيد الخدري.

(2)

كذا ذكره المصنف بالمعنى، ولفظه:"المرء مع من أحب" أخرجه أحمد 6/ (3718) والبخاري (6168)، ومسلم (2640) من حديث عبد الله بن مسعود، وانظر تمام تخريجه وشواهده في "المسند".

(3)

رجاله لا بأس بهم، لكن الصحيح أنه عن علقمة - وهو ابن قيس النخعي - من قوله، كما قال الدارقطني في "العلل"(800)، فإن حفاظ أصحاب الأعمش رووه عنه لم يذكروا فيه عبد الله بن مسعود.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 4/ 144 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو بكر بن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه الكبير"(1353) عن يحيى بن معين، به.

وأخرجه البزار (1531) من طريق قيس بن الربيع، عن الأعمش، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 522 عن وكيع بن الجراح، وأبو نعيم الأصبهاني في "أخبار أصبهان" 1/ 204، والواحدي في "أسباب النزول"(27) من طريق شُعبة بن الحجاج، عن سفيان الثوري، كلاهما عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قوله. وسماع وكيع من الأعمش مشهور، وقد رواه شُعبة أيضًا عن الأعمش مباشرة كما نبه عليه الدارقطني في "العلل".

ص: 269

4342 -

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا وكيع، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود، قال: قرأنا المُفصَّل حِينًا وحِجَجًا بمكة، ليس فيه:(يا أيُّها الذين آمنوا)

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

= وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 367، وابن الضريس في "فضائل القرآن"(26) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، قال أبو عبيد في روايته: حدثنا من سمع الأعمش، وقال ابن الضريس: عن أصحابه عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قوله. كذا رواه أبو معاوية بواسطة آخرين عن الأعمش، مع أنَّ روايته عن الأعمش مباشرة مشهورة، وكذلك رواه يحيى بن عبد الحميد الحماني عن أبي معاوية عن الأعمش، بلا واسطة كما أخرجه من طريقه ابن المنذر في "تفسيره"(1301)، لكن الصحيح قول غير الحماني، إذ الحِماني ليس بذاك القوي.

(1)

إسناده صحيح. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه، وأبو إسحاق: هو السبيعي جدُّ إسرائيل، واسمه عمرو بن عبد الله.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 522 عن وكيع بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره"(1792) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن وكيع، به.

وقد تقدم برقم (2924) من طريق يحيى بن آدم عن إسرائيل.

ص: 270

[كتاب المغازي والسرايا]

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاء في ذي الحجة سنة إحدى وأربع مئة:

ومن كتاب المغازي والسَّرَايا، وسائر الوقائع من الهجرة، ووفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اتفق الشيخان على أكثر ما يَصِحُّ في هذا الكتاب، وفيه أخبارٌ كثيرةٌ مدارها على أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه، وقد تفرّد بإخراجها مسلمٌ رحمه الله، وقد بَقي عليهما أخبارٌ يسيرةٌ، رواتُها ثِقاتٌ ممن لم يُخرجوا عنهم، فمنها:

4343 -

ما حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني حسين بن عبد الله بن عُبيد الله بن العباس، عن عكرمة، عن ابن عبّاس. قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن رومان، عن عُروة بن الزبير؛ قالا: رأتْ عاتِكةُ بنت عبد المُطلب فيما يرى النائمُ قبل مَقدَم ضَمْضَم

(1)

بن عمرو الغفاري على قريش

(2)

بمكة بثلاث ليالٍ رؤيا، فأصبحت عاتكة فأعظَمَتْها، فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له: يا أخي، لقد رأيتُ رؤيا الليلة ليدخُلَنَّ على قومِك منها شرٌّ وبَلاءٌ، فقال: وما هي؟ فقالت: رأيتُ فيما يرى النائم أنَّ رجلًا أقبل على بعيرٍ له فوقف بالأبْطَحِ، فقال: انفِرُوا يا آلَ غُدَرَ لِمَصارِعِكم في ثلاث، فأرى الناس اجتمعوا إليه، ثم أرى بَعِيرَه دخل به المسجد واجتمعَ الناسُ إليه، ثم مَثَلَ به بَعِيرُه، فإذا هو على رأس الكعبة، فقال: انفروا يا آلَ غُدَرَ لِمَصارعكم في ثلاث، ثم أرى بعيرَه مثل به على رأس أبي قُبيس، فقال: انفروا يا آلَ غُدَرَ لِمَصارعِكم في ثلاثٍ، ثم أخذ صخرةً، فأرسلها من رأس الجبل

(1)

وقع في النسخ الخطية: أقبل ضمضم، وفيه سقط وتحريف.

(2)

تحرّف في النسخ الخطية: إلى فرس. والتصويب من رواية البيهقي في "الدلائل".

ص: 271

فأقبلتْ تَهوِي، حتى إذا كانت في أسفله ارفضت

(1)

، فما بقيت دارٌ من دُور قومِك ولا بيتٌ إلا دخل فيه بعضُها، فقال العباس: والله إنَّ هذه لرؤيا فاكتُمِيها، قالت: وأنت فاكتُمْها، لئن بلغت هذه قريشًا لَيُؤذُونا.

فخرج العباس من عندها ولقي الوليدَ بن عُتبة - وكان له صديقًا - فذكرها له، واستكتمه إياها، فذكرها الوليد لأبيه، فتحدَّث بها ففَشَا الحديث، قال العباس: والله إني لَغَادٍ إلى الكعبة لأطُوفَ بها إذ دخلتُ المسجد، فإذا أبو جهل في نفرٍ من قريش يتحدثون عن رؤيا عاتكة، فقال أبو جهل: يا أبا الفضل، متى حدثت هذه النبيَّة فيكم؟! قلت: وما ذاك، قال: رؤيا رأتها عاتكة بنت عبد المطلب، أما رضيتُم يا بني عبد المطلب أن تنبأ رجالكم حتى تنبأ نساؤكم! فسنتربَّص بكم هذه الثلاث التي ذكرت عاتكة، فإن كان حقًّا فسيكون، وإلا كتبنا عليكم كتابًا أنكم أكذَبُ أهل بيتٍ في العرب، فوالله ما كان إليه مني من كبيرٍ إلَّا أني أنكرتُ ما قالت، فقلت: ما رأت شيئًا ولا سمعتُ بهذا، فلما أمسيتُ لم تبق امرأةٌ من بني عبد المطّلب إلَّا أتتني، فقلن: صبرتُم لهذا الفاسق الخَبيث أن يقع في رجالكم، ثم تناول النساء وأنت تسمعُ، فلم يكن عندك في ذلك غَيْرٌ

(2)

؟! فقلت: قد والله صدقتن، وما كان عندي في ذلك من مِن غَيْرِ، إلَّا أني قد أنكرتُ ما قال، فإن عاد لأكْسَعَنَّه، فغَدَوتُ في اليوم الثالث أتعرَّضُه ليقول شيئًا فأُشاتِمَه، فوالله إني لَمُقبلٌ نحوه، وكان رجلًا حديد الوجهِ، حديد المنظَر، حديد اللسانِ، إذ ولى نحو باب المسجد يَشتَدُّ، فقلتُ في نفسي: اللهم العنه، أكل هذا فَرَقًا أن أُشاتِمَه، وإذا هو قد سمع ما لم أسمع، صوتَ ضَمْضَم بن عمرو وهو واقفٌ

(1)

تحرفت العبارة في النسخ الخطية إلى: كانت في أسفل ثم ارفاضت، والمثبت من رواية البيهقي في "الدلائل"، وارفضت بمعنى: تفتتت وتفرقت.

(2)

تحرّفت في أصولنا الخطية إلى: غيرا، بزيادة الألف آخره، وجاء على الصواب في "دلائل النبوة" للبيهقي، إذ رواه عن الحاكم، والغَيْر: التغيير والتبديل، فكأنَّ المعنى: أنه لم يكن عندك تغيير لما قيل، ولا إنكار لما تعرضنا إليه من الشتم والتوبيخ.

ص: 272

على بعيره بالأبْطَح قد حَوّل رَحْلَه، وشَقّ قَمِيصَه، وجَدَع بَعِيرَه يقول: يا معشر قريش، اللَّطِيمةَ اللَّطِيمةَ، أموالُكم مع أبي سفيان وتجارتُكم قد عَرَضَ لها محمدٌ وأصحابه، فالغوثَ، فَشَغَلَه ذلك عني، فلم يكن إلَّا الجَهازُ حتى خَرَجْنَا، فَأَصابَ قريشًا ما أصابها يوم بدر من قتل أشرافِهم، وأسرِ خِيارهم، فقالت عاتكةُ بنت عبد المطلب:

ألم تكن الرؤيا بحقٍّ وعابَكم ..... بتصديقها فَلٌّ من القوم هارِبُ

فقلتُم - ولم أكذب -: كذبتِ وإنما .... يُكذِّبنا بالصِّدقِ من هو كاذِبُ

وذكر قصة طويلة

(1)

.

(1)

إسناد هذا الخبر من رواية عروة بن الزبير حسن، إلا أنه مرسل، ولكنه وإن كان مرسلًا، قد روي نحوه من مرسل الزُّهْري ومن مرسل موسى بن عقبة أيضًا، فباجتماع هذه المراسيل يتقوى هذا الخبر، ولا يصح من رواية ابن عبّاس، لأنَّ حسين بن عبد الله ضعيف، ولم يسنده عن ابن عبّاس غيره، وقد روي من حديث عاتكة بنت عبد المطلب بإسنادٍ واهٍ إليها لا يُفرح بمثله، فالاعتماد في هذا الخبر على مراسيل عروة والزُّهري وموسى بن عقبة، والله أعلم.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 29 عن أبي عبد الله الحاكم وأبي سعيد محمد بن موسى بن الفضل، كلاهما عن أبي العباس محمد بن يعقوب، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 185 من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار، به.

وهو في "سيرة ابن هشام" 1/ 607 وهي روايته عن زياد بن عبد الله البكائي، عن محمد بن إسحاق، غير أنه قال: أخبرني من لا أتهم، عن عكرمة، عن ابن عباس، ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير، قالا. فلم يصرح باسم حسين.

وكذلك أخرجه البلادزي في "أنساب الأشراف" 4/ 26، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(7766) من طريق إبراهيم بن سعد، والطبري في "تاريخه" 2/ 428 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، كلاهما عن ابن إسحاق، به ولم يُصرحا باسم حُسين.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 24 / (860) من طريق أبي الأسود، عن عروة، به.=

ص: 273

4344 -

أخبرنا عبد الله بن إسحاق البَغَوي، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا أبو ثابت، حدثني ابن وهب، أخبرني أبو صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس: أنَّ علي بن أبي طالب قال له: ما كان مَعَنا إِلَّا فَرَسان: فَرسٌ للزبير، وفَرسٌ للمقداد بن الأسود؛ يعني: يوم بدر

(1)

= وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 101 من طريق موسى بن عقبة مرسلًا، ومن طريق موسى بن عقبة عن الزهري مرسلًا.

وأخرجه الطبراني في "المطولات"(32)، وفي "الكبير" 24/ 859)، وابن منده في "معرفة الصحابة" 1/ 936، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(7494) من طريق عبد العزيز بن عمران، عن محمد بن عبد العزيز، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعيط، عن عاتكة بنت عبد المطلب. وقال ابن منده: غريب بهذا الإسناد.

قلنا: بل الإسناد واهٍ بمرّة، لأنَّ عبد العزيز بن عمران - وهو المعروف بابن أبي ثابت - وشيخه محمد بن عبد العزيز - وهو ابن عمر بن عبد الرحمن بن عوف - واهيان.

(1)

إسناده ضعيف لانقطاعه بين عمار الدهني وسعيد بن جُبير، فإنه لم يسمع منه شيئًا، وقد سلف بأطول ممّا هنا برقم (2538). وأصح من ذلك عن عليّ ما جاء في "مسند أحمد" 2/ (1023) من طريق أخرى عنه، أنه قال: ما كان فينا فارسٌ يوم بدر غير المقداد. وإسناده صحيح.

لكن يشهد لرواية ابن عبّاس عن عليّ: مرسل عبد الله البهي عند سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي عن أبيه، كما في "البداية والنهاية" لابن كثير 5/ 66، والطبراني في "الكبير"(231)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 352 - 353 من طريق جامع أبي سلمة، كلاهما (يحيى بن سعيد الأموي وجامع) عن إسماعيل بن أبي خالد، عن البهي.

ومرسلُ يزيد بن رومان عند ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 2/ 21. غير أنه زاد ذكر فرسًا ثالثًا لمرثد بن أبي مَرثد.

وكذلك قال الواقدي في "مغازيه" 1/ 27 نقلًا عن شيوخه. وسيأتي عن الواقدي برقم (5048) تسمية فرس مرثد يوم بدر بالسَّبَل.

وسيأتي عن عروة بن الزبير عند المصنف برقم (5046) قوله: كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدرٍ فرسان، أحدهما لِمَرثدِ بن أبي مرثد، والآخرُ للزبير. فاقتصر على فرسي الزبير ومرثد، ولم يذكر فرس المقداد.

وأما ابن إسحاق فذكر أنَّ مرثد بن أبي مرثد كان يعتِقب هو وعليٌّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بعيرٍ، =

ص: 274

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإنَّ أبا ثابت هو: محمد بن عُبيد الله المَدِيني، وأبو صَخْر: حميد بن زياد، وأبو معاوية البجلي: عمارٌ الدُّهني، وكلُّهم متفقٌ عليهم

(1)

، ولم يخرجاه.

4345 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا أبو المُثنَّى معاذ بن المثنى، حدثنا أبو الوليد الطَّيالسي، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن عبد الله، قال: كنا يوم بدر كل ثلاثةٍ على بعيرٍ، قال: وكان عليٌّ وأبو لُبابة زَمِيلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وكان إذا كانت عُقْبتُه قلنا: اركَبْ حتى نمشي، فيقول:"ما أنتما بأقوى مِنِّي، وما أنا بأغنى عن الأجر مِنكُم"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4346 -

حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى وأبو الحسين بن يعقوب الحافظ، قالا: حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله، في ليلة القدر، قال: تَحرَّوها لإحدى عشرة يَبقَين، صبيحتُها يوم بدرٍ

(3)

.

=كذا قال كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 612.

وهو قول الزُّهْري وموسى بن عقبة كما في "دلائل النبوة" للبيهقي 3/ 101 - 106، فالله تعالى أعلم.

(1)

بل لم يخرج البخاري لعمار الدُّهني ولا لأبي صخر المدني في "الصحيح" شيئًا، وإنما أخرج لأبي صخر وحده في "الأدب المفرد"، على أنَّ ثابتًا المدني من رجال البخاري دون مسلم، فمن أين اتُّفق عليهم!

(2)

إسناده حسن من أجل عاصم: وهو ابن أبي النَّجود أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وزرٌّ: هو ابن حُبيش، وعبد الله: هو ابن مسعود.

وأخرجه ابن حبان (4733) من طريق إسحاق بن راهويه، عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد.

وقد تقدم برقم (2484) من طريق روح بن عُبادة عن حماد بن سلمة.

(3)

صحيح لكن بلفظ سفيان الثوري ومن وافقه كما سيأتي، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه=

ص: 275

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4347 -

حدثنا أبو إسحاق وأبو الحسين، قالا: حدثنا محمد، حدثنا قُتيبة، حدثنا أبو عَوَانة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله، قال: التَمِسُوها - ليلة القدر - لتسعَ عشرةَ؛ صَبيحة يوم بَدْرٍ؛ {يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [الأنفال: 41]

(1)

.

= اختلف فيه عن الأعمش - وهو سليمان بن مهران - في لفظه، فرواه جرير - وهو ابن عبد الحميد - وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير، كلاهما عنه باللفظ الذي ذكره المصنف، وخالفهما سفيان الثوري وداود بن نُصير الطائي، فروياه عن الأعمش بلفظ: تحروا ليلة القدر ليلة سبع عشرة صبيحة بدر. كذا ذكرا أنَّ ليلة القدر ليلة سبع عشرة، وأنه اليوم الذي كانت فيه وقعة بدر، وهذا هو الموافق لجمهور أهل المغازي، يعني أنَّ بدرًا كانت في السابع عشر من رمضان. فهذا هو الأشبه عن ابن مسعود، ويؤيده رواية شعبة وغيره لهذا الحديث عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن حُجير التغلبي، عن الأسود، عن ابن مسعود، حيث رووه بلفظ يوافق لفظ سفيان وداود الطائي، كما سيأتي بيانه عند الطريق التالية.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 127 عن أبي عبد الله الحاكم، عن أبي الحسين بن يعقوب وحده، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 513، وابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه الكبير"(1442)، والبزار (1622) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، عن الأعمش، به.

وأخرجه عبد الرزاق (7697)، والطبراني في "الكبير"(9579)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 310 من طريقين عن سفيان الثوري، وأبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين المعروف بالسِّرّاج في جزء من حديثه بانتخاب أبي طاهر السِّلَفي (5) من طريق داود بن نصير الطائي، كلاهما عن الأعمش، به. لكن باللفظ الذي تقدمت الإشارة إليه قريبًا.

(1)

رجاله ثقات، لكنه اختُلف فيه على أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - في إسناده ولفظه.

فقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره"(877) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس، عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.

وأخرجه سعيد بن منصور في التفسير من "سننه"(996)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(9074) عن أبي عوانة، به. بلفظ: سبع عشرة.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 2/ 419 من طريق شعبة، وابن أبي شيبة 2/ 514 من طريق يونس =

ص: 276

هذا حديث على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4348 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى، حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجُدِّي، حدثنا شُعبة، عن أبي إسحاق الهَمْداني، قال: سمعت البَراء بن عازب قال: كان المُهاجرون يومَ بدرٍ نَيّفًا وثمانين،

= ابن أبي إسحاق السبيعي، كلاهما عن أبي إسحاق، عن حُجير التغلبي، عن الأسود، عن ابن مسعود، بلفظ: سبع عشرة. وزادا في إسناده حُجيرًا التغلبي، وهو رجل انفرد بالرواية عنه أبو إسحاق السبيعي، ولم يوثقه غير العجلي، فهو في عداد المجاهيل.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 2/ 418 من طريق عُبيد الله بن موسى، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 92 من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، كلاهما عن إسرائيل، عن جده أبي إسحاق، عن حُجير التغلبي، عن الأسود، عن ابن مسعود، بلفظ: تسع عشرة.

وخالفهما وكيع عند ابن أبي شيبة 2/ 514 فرواه عن إسرائيل بلفظ: سبع عشرة.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 2/ 418 عن محمد بن حميد الرازي، عن هارون بن المغيرة، عن عنبسة بن سعيد الرازي، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن ابن مسعود، بلفظ: تسع عشرة. وابن حميد ضعيف جدًّا.

وأخرجه أبو داود (1384) وغيره عن حكيم بن سيف، عن عُبيد الله بن عمرو الرَّقِّي، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن ابن مسعود مرفوعًا بلفظ:"أطلبوها ليلة سبع عشرة من رمضان، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين" ثم سكت. وحكيم ليس بذاك المتين، وقد انفرد برفعه من طريق الأسود عن ابن مسعود، فروايته شاذّة.

قلنا: والأشبه فيه عن ابن مسعود موقوفًا قول من قال: سبع عشرة، لموافقة روايتهم رواية سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم النخعي عن الأسود التي ذكرناها في الطريق السابقة، ولموافقتها أيضًا قول جمهور أهل المغازي أنَّ بدرًا كانت في السابع عشر من رمضان، والله تعالى أعلم.

وقد روي عن ابن مسعود في تحري ليلة القدر حديثٌ مرفوع أخرجه البزار (1739)، وأبو بكر القطيعي في "جزء الألف دينار"(306) وغيرهما من طريق أبي وائل، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد كنت أعلمتها ثم انفلتت مني، فاطلبوها في تسع يبقين، أو سبع يبقين، أو ثلاث يبقين" زاد القطيعي: "أو خمس يبقين". وإسناده صحيح.

ص: 277

وكانت الأنصارُ نَيّفًا وأربعين ومئتين

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4349 -

أخبرني أبو الوليد الفقيه، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو نعيم، حدثنا ابن الغَسيل، عن حمزة بن أبي أُسيد، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدرٍ حين صَفَفْنا للقتال لقريشٍ وصَفُّوا لنا: "إذا أكثَبُوكُم فارمُوهُم بالنَّبل"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4350 -

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبَري، حدثنا محمد بن عبد السلام،

(1)

إسناده صحيح، لكن أخطأ فيه عبد الملك بن إبراهيم الجُدّي في قوله: نيفًا وثمانين، كما قال الحافظ في "الفتح" 12/ 30 قال: هو خطأ لإطباق أصحاب شعبة على ما وقع في البخاري. يعني بلفظ: كان المهاجرون يوم بدر نيفًا على ستين.

وأخرجه البخاري (3956) من طريق وهب بن جرير بن حازم، عن شعبة، به باللفظ المذكور.

وتابع وهبًا جماعة منهم عفان بن مسلم وأبو الوليد الطيالسي ومحمد بن جعفر، عند ابن سعد 2/ 18، ومحمد بن نصر المروزي في "السنة"(144) وغيرهم.

ورواه غير شعبة بلفظ آخر: فقد أخرجه أحمد 30 / (18555)، والبخاري (3958) من طريق إسرائيل، وأحمد (18555)، والبخاري (3959)، وابن ماجه (2828)، وابن حبان (4796) من طريق سفيان الثوري، وأحمد (18555) من طريق الجراح بن مَليح، والبخاري (3957) من طريق زهير بن معاوية، والترمذي (1598) من طريق أبي بكر بن عياش، خمستهم عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: كنا نتحدث أنَّ عدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يوم بدر على عدة أصحاب طالوت يوم جالوت ثلاث مئة وبضعة عشر الذين جاوزوا معه النهر. كذا قالوا جميعًا إلّا أبا بكر بن عيّاش، فإنه قال في روايته: ثلاث مئة وثلاثة عشر.

(2)

إسناده صحيح. أبو نُعيم: هو الفضل بن دكين، وابن الغسيل: هو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة.

وأخرجه البخاري (2900) عن أبي نعيم، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وقد تقدم برقم (2502).

ص: 278

حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جرير، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرة، عن أبي عُبيدة بن عبد الله، عن أبيه قال: لما كان يوم بدر قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تقولونَ في هؤلاء الأسارى؟ " فقال عبد الله بن رواحة: ايتِ في وادٍ كثير الحطب فأضرم نارًا، ثم ألْقِهِم فيها، فقال العباس: قَطَعَ الله رحمك، فقال عمرُ: قادتهم ورُؤَسَاؤُهم قاتَلُوك وكَذَّبوك، فاضرب أعناقَهُم نَعِزَّ

(1)

، فقال أبو بكر: عشيرتُك وقومك، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض حاجتِه، فقالت طائفةٌ: القول ما قال عمر، قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما تَقُولُون في هؤلاء؟ إِنَّ مَثَل هؤلاء كمَثَل إخوةٍ لهم كانوا من قبلهم، قال نوحٌ:{رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح:26]، وقال موسى:{رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} الآية [يونس:88]، وقال إبراهيم:{فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36]، وقال عيسى:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)} [المائدة: 118]، وأنتم قوم بكم عَيْلةٌ فلا ينفلتنَّ أحدٌ منهم

(2)

إِلَّا بِفِداءٍ أو بضربة عُنق"، قال عبد الله: فقلتُ: إلَّا سُهيل ابنَ بَيضاءَ، فإنه لا يُقتل، وقد سمعته يتكلّم بالإسلام، فسكت، فما كان يومٌ أخوفَ عندي أن تُلقى عليّ حجارةٌ من السماء من يومي ذلك، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلَّا سهيل بن بَيضاءَ"

(3)

.

(1)

كذا رُسمت في (ز) وضَبّب الناسخُ فوقها نظرًا لعدم تبيّنه لها، وبيض لها في (ص) و (م)، سقطت من (ع) وتحرّفت في (ب) إلى: بعد. وما أثبتناه موافق لرواية الواقدي حيث جاء في رواية له في "المغازي" 11/ 108 ما نصه: اضرب رقابهم يُوطئ الله بهم الإسلام ويُذِلّ أهل الشرك ..

(2)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: منكم، والتصويب من "دلائل النبوة" للبيهقي حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، وأبو عُبيدة بن عبد الله - وهو ابن مسعود - وإن لم يسمع من أبيه على الصحيح، يدخل حديثه عنه في المسند المتصل، كما جرى عليه الأئمة النقاد، لجلالة أبي عبيدة ومعرفته بحديث أبيه، واختلاطه بخاصة أبيه من بعده. قال يعقوب بن شيبة فيما نقله عنه ابن رجب في "شرح علل الترمذي" 1/ 298: إنما استجاز أصحابنا أن يُدخلوا =

ص: 279

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4351 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زُرارة، عن جده، قال: قُدِمَ بالأُسارى حين قُدِمَ بهم المدينةَ وسَوْدةُ بنت زَمْعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند آل عَفْراء في صِيَاحِهم

(1)

على عوف ومُعوِّذٍ ابنَي عَفْراء، وذلك قبل أن يُضرب عليهنّ الحجاب، قالت سودة: فوالله إني

= حديث أبي عُبيدة عن أبيه في المسند - يعني في الحديث المتصل - لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه وصحتها، وأنه لم يأت فيها بحديث منكر. وقال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 95 في حديث ذكره من روايته عن أبيه: احتججنا بكلام أبي عبيدة لأنَّ مثله على تقدمه في العلم وموضعه من عبد الله، وخلطته بخاصته من بعده، لا يخفى عليه مثل هذا من أموره.

ونقل ابن رجب عن علي بن المديني أنه قال في حديث من رواية أبي عبيدة عن أبيه: هو منقطع، وهو حديث ثبت.

قلنا: وهذه القصة مشتهرة عند أهل المغازي والسير، فقد أوردها الواقدي في "مغازيه" عن شيوخه، وروى ابن عبّاس عن عمر بن الخطاب بعضًا منها في شأن مشورة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في أمر الأسارى، وموافقة التنزيل لعمر بن الخطاب في رأيه فيهم. ولأجل ذلك حكم الترمذي على خبر ابن مسعود هذا بأنه حسن بعد أن أورد طرفًا منه.

وما استنكره الواقديُّ وغيره في هذا الخبر من كون سُهيل ابن بيضاء لم يشهد بدرًا وإنما شهدها أخوه سهل، فمدفوع بقول ابن الكلبي وابن إسحاق وموسى بن عقبة بأنَّ سُهيلًا شهد بدرًا، بل نص ابن الكلبي على أنه هو الذي أُسر يوم بدر، كما بين ذلك ابن حجر في "الإصابة" 3/ 209.

جرير: هو ابن عبد الحميد، والأعمش: هو سليمان بن مهران.

وأخرجه أحمد 6 / (3632)، والترمذي (3084) من طريق أبي معاوية، وأحمد (3633) من طريق زائدة بن قدامة، و (3634) من طريق جرير بن حازم، ثلاثتهم عن الأعمش، بهذا الإسناد. لكن قال جرير بن حازم في روايته: فقام عبد الله بن جحش فقال، فذكر عبد الله بن جحش بدل ابن رواحة، وقال في روايته أيضًا: سَهْل ابن بيضاء، بدل سُهيل. وهو. خطأ منه رحمه الله، والصواب رواية جماعة أصحاب الأعمش بذكر عبد الله بن رواحة وسهيل بن بيضاء.

(1)

عند البيهقي في "سننه الكبرى" 9/ 89 عن أبي عبد الله الحاكم: مَناحِهم.

ص: 280

لَعِندَهم إذ أُتينا فقيل: هؤلاء الأُسارى قد أُتي بهم، فرجعت إلى بيتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، فإذا أبو يزيد سُهيل بن عمرو في ناحيةِ الحُجْرة مجموعتان يَداهُ إلى عنقه بحَبْل، فوالله ما مَلَكتُ حين رأيتُ أبا يزيد كذلك أن قلتُ: أي أبا يزيد، أعطَيْتُم بأيدِيكُم! ألا مُتُّم كِرامًا، فما انتهيت إلا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت:"يا سودة، على الله وعلى رسوله؟! " فقلتُ: يا رسول الله، والذي بعثك بالحقِّ، ما مَلَكْتُ حين رأيتُ أبا يزيد مجموعةً يَداهُ إلى عنقه بالحبل أن قلتُ ما قلت

(1)

.

(1)

رجاله لا بأس بهم، لكن الصحيح أنه عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن مرسلًا دون ذكر جده عبد الرحمن، وقد انفرد المُصنّف هنا في "المستدرك" بذكره في رواية يونس بن بُكير، فإنَّ البيهقي قد رواه في "سننه الكبرى" 9/ 89 عن أبي عبد الله الحاكم بدونه.

وكذلك أخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 322 من طريق أبي الحسين رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي، عن يونس بن بكير، فلم يذكره.

وكذلك رواه سائر أصحاب محمد بن إسحاق عنه، عن عبد الله بن أبي بكر، عن يحيى بن عبيد الله، مرسلًا كما سيأتي تخريج طرقهم.

لكن ذكر أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4675)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 322 أنَّ هذا الخبر جاء عند بعض من تأخر من رواية يزيد بن هارون، ومن رواية وهب بن جرير عن أبيه جرير بن حازم (كلاهما جرير وزيد) بذكر عبد الرحمن، كذا قالا، وهو وهم ممن روى هذا الخبر من المتأخرين من طريقهما، وذلك لأنَّ ابن أبي شيبة قد رواه في "مصنفه" 14/ 369 عن يزيد بن هارون، وكذلك رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(2095) عن وهب بن جرير بن حازم عن أبيه، كلاهما عن ابن إسحاق، به، دون ذكر عبد الرحمن، فاتضح بذلك وهم من ذكر فيه عبد الرحمن، وبان اتفاقُ أصحاب محمد بن إسحاق على إرساله، ومما يزيد الأمر تأكيدًا أنّ الواقدي قد رواه عن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله بن عثمان بن حنيف، عن عبد الله بن أبي بكر، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن مرسلًا، كذلك رواه عن الواقدي كاتبه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 6/ 121، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 73/ 51، فهذه طريق أخرى عن عبد الله بن أبي بكر جاء فيها الخبر مرسلًا.

وقد وقع في اسم والد عبد الرحمن اختلافٌ بين أصحاب محمد بن إسحاق، فبعضهم يسميه أسعد بن زرارة - بالألف كما وقع هنا، وبعضهم يسميه سعد بن زرارة - بغير ألف وهما أخوان =

ص: 281

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

وقد اتَّفَقَ الشيخان على إخراج حديث محمد بن فُليح عن موسى بن عُقبة عن ابن شهاب قال: حدثنا أنس بن مالك: أنَّ رجالًا من الأنصار استأذَنُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، ائذن لنا فلْنَتْرُك لا بن أُختِنا العباس فداءه، فقال:"والله لا تَذَرُونَ درهما"

(1)

.

4352 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة قالت: لما بَعَثَ أهل مكة في فداء أُساراهم، بَعَثَت زينب بنتُ

= كما جزم به غير واحد من أئمة السيرة والتاريخ، لكن جزم ابن سعد في "طبقاته" 3/ 562 أنَّ أسعد بن زرارة - بالألف - لم يُعقِّب ذكرًا إنما أعقب إناثًا، وأنَّ أخاه سَعْدًا هو من أنجب ذكورًا، ومقتضى هذا أنَّ من قال هنا: ابن أسعد، فقد أخطأ.

وجزم البخاري في "تاريخه الكبير" 8/ 283 بخلاف هذا، إذ ذكر في ترجمة يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد - يعني بالألف - أنَّ من قال فيه: ابن سعد - يعني بغير ألف - فقد وهم.

وفي الرواة كذلك محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، وذكر شعبة بن الحجاج أنَّ أسعد بن زرارة جدُّ محمد بن عبد الرحمن لأمه، وعليه فيجوز أن يكون من قال فيه: ابن سَعْد بن زرارة، نَسَبه إلى جده لأبيه، ومن قال فيه: ابن أسعد بن زرارة، نَسَبَهُ إلى جده لأُمِّه، وذلك معروف عند المحدثين، له نظائر كثيرة، فيكون القولان صحيحين، والله تعالى أعلم.

وأخرجه أبو داود (2680)، والطبري في "تاريخه" 2/ 39 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، وابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 299 عن زياد بن عبد الله البكائي، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4675) من طريق إبراهيم بن سعد، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، مرسلًا. كذا سماه سلمة وإبراهيم بن سعد: ابن سعد بن زرارة، وأما البكائي فذكر محققو السيرة أنه جاء في بعض نسخ السيرة الخطية: ابن سعد بن زرارة، وفي بعضها الآخر: ابن أسعد بن زرارة.

وكذلك قال يزيد بن هارون وجرير بن حازم في روايتهما عن ابن إسحاق: ابن أسعد بن زرارة.

(1)

أخرجه البخاري (4018)، وليس هو عند مسلم، وسيخرجه المصنف برقم (5495).

ص: 282

رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بمالٍ، وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رَقَّ لها رِقّةً شديدة، وقال:"إن رأيتُم أن تُطلِقُوا لها أسيرها، وتَرُدُّوا عليها الذي لها". وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أَخَذَ عليه ووَعَدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن يُخْلِيَ زينبَ إليه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجه.

4353 -

أخبرني أحمد بن محمد بن سَلَمة العنزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، في قوله عز وجل:{إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ} [الأنفال: 41] يعني بالفُرقان: يومَ بدرٍ، يومَ فَرَقَ اللهُ بين الحقِّ والباطل

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار - وقد صرّح بسماعه.

وأخرجه أحمد 43/ (26362)، وأبو داود (2692) من طريقين عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وسيتكرر عند المصنف بالأرقام (5109) و (5496) و (7012).

(2)

خبر حسن، وعلي بن أبي طلحة وإن لم يسمع من ابن عبّاس كما نص عليه أهلُ العلم، وأنه إنما أخذ التفسير عن مجاهد وسعيد بن جبير، قد احتج بصحيفته المشهورة عن ابن عباس المحققون من أهل الحديث كالبخاري وأبي حاتم لمعرفة الواسطة بينه وبين ابن عباس، قال الحافظ ابن حجر في "الأمالي المطلقة" ص 62: بعد أن عُرفت الواسطة، وهي معروفة بالثقة، حصل الوثوق به، وقد اعتد البخاري في أكثر ما يجزم به معلقًا عن ابن عباس في التفسير على نسخة معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة هذا. قلنا: وعبد الله بن صالح - وهو كاتب الليث بن سعد - هو صاحب هذه النسخة، وعنه حملها غير واحد، فالظاهر أنه ضبط تلك النسخة، على أنه قد رُوي هذا من وجه آخر من طريق العوفيين عن ابن عباس.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 120 عن أبي زكريا بن أبي إسحاق المزكي، عن أبي الحسن العنزي الطرائفي، به.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 10/ 8 عن المثنى بن إبراهيم الآمُلي، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1706 عن أبيه أبي حاتم، كلاهما عن أبي صالح عبد الله بن صالح، به. =

ص: 283

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4354 -

أخبرني أبو الحسين بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق الثّقفي، حدثنا أبو هاشم زياد بن أيوب، حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، حدثنا عبد الواحد بن أيمن المكي، عن عُبيد بن رفاعة بن رافع الزُّرَقي، عن أبيه قال: لما كان يومُ أُحدٍ انكفأ المشركون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"استووا حتى أُثني على ربّي عز وجل"، فصاروا خلفه صفوفًا، قال: "اللهم لك الحمد كلَّه، اللهم لا قابضَ لما بَسطت، ولا باسِطَ لما قبضت ولا هادي لمن أضلَلْتَ، ولا مُضلَّ لمن هَدَيتَ، ولا معطي لما مَنعْتَ، ولا مانع لما أنطيت، ولا مقرب لما باعَدْتَ، ولا مُباعِدَ لما قربت، اللهم ابسُط علينا من بركاتِك ورحمتك وفضلك ورزقك، اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يَحُول ولا يَزُول، اللهم إني أسألك الأمن يوم الخوف، اللهمَّ عائِذٌ من شَرَّ ما أعطيتنا وشرّ ما مَنعْتَنا، اللهم حبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.

اللهم توفَّنا مسلمين، وأحينا مُسلِمين، وألْحِقْنا بالصالحين، غيرَ خَزَايا ولا مَفتُونِين، اللهمَّ قاتِل الكفرة الذين يُكذِّبون رُسُلَك، ويَصُدُّون عن سبيلك، واجعل عليهم رِجْزَك وعذابك، إله الحقِّ، آمين"

(1)

.

= وأخرجه الطبري 10/ 9 من طريق عطية العوفي، عن ابن عباس.

(1)

إسناده صحيح كما تقدم بيانه برقم (1889).

وأخرجه النسائي (10370) عن زياد بن أيوب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 24/ (15492) عن مروان بن معاوية، عن عبد الواحد، عن عبيد الله بن عبد الله الزُّرَقي، عن أبيه. وقال الفزاري مرة: عن ابن رفاعة الزُّرَقي، عن أبيه، وقال غير الفزاري: عُبيد بن رفاعة الزُّرَقي.

قلنا: كذلك سماه الفزاري أيضًا في رواية علي بن المديني وزياد بن أيوب وغيرهما عنه، وكذلك سماه خلاد بن يحيى في روايته عن عبد الواحد بن أيمن كما تقدم عند المصنف برقم (1889). =

ص: 284

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4355 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أبو الحسن علي بن محمد الثقفي بالكوفة، حدثنا مِنْجابُ بن الحارث التَّمِيمي، قال: وزَعَم سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال: جاء عليّ بسيفه يومَ أُحدٍ قد انحنى، فقال لفاطمة: هاكي السيفَ حَمِيدًا، فإنها قد شَفَتْني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن كنتَ أجَدْتَ الضَّرْبَ بسيفك، لقد أجادَه سهل بن حُنَيف، وأبو دُجانة، وعاصم بن ثابت [بن أبي]

(1)

الأقلح، والحارث بن الصِّمّة"

(2)

.

= وأخرجه النسائي (10371) من طريق أبي نعيم الفضل بن دُكين، عن عبد الواحد بن أيمن، عن عبيد بن رفاعة الزرقي، مرسلًا. فسماه أيضًا عبيد بن رفاعة لكنه أرسله عنه.

(1)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، ولا بد منه، لأنه بسقوطه يُتوهم أنَّ الأقلح لقب لعاصم، وإنما كنية جده أبو الأقلح، واسمه قيس.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن اختلف في وصله وإرساله عن سفيان بن سفيان بن عيينة، فوصله عنه مِنجاب بن الحارث، وتابعه عليه أحمد بن صالح المصري وإبراهيم بن محمد الشافعي، وخالفهم سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة، فروياه عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة مرسلًا، وقال أبو علي الحافظ كما سينقله عنه المصنف برقم (5844): المشهور من حديث ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة مرسلًا. قلنا: وقد روي الحديث بعده من وجه آخر لا يعتمد عليه عن عكرمة موصولًا، لكن للخبر شواهد، يحسن بها إن شاء الله.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 283 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6507) و (11644)، وأبو نعيم الأصبهاني في "الإمامة"(35)، وفي "معرفة الصحابة"(3641) من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن منجاب بن الحارث به.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد"(293) عن إبراهيم بن محمد الشافعي، ابن عم الإمام الشافعي عن سفيان بن عيينة به.

وسيأتي برقم (5843) من طريق أحمد بن صالح عن سفيان بن عيينة موصولًا.

وأخرجه سعيد بن منصور (2851)، وابن أبي شيبة في "المصنف" 12/ 205 و 14/ 401، كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة مرسلًا.=

ص: 285

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه.

وله شاهدٌ صحيح في المغازي:

4356 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى فاطمة ابنته سيفه، فقال:"يا بُنيّة، اغسلي عن هذا الدم"، فأعطاها على سيفه، فقال: وهذا فاغسلي عنه دمه، فوالله لقد صَدَقَني اليومَ القتال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لئن كنتَ صَدَقْتَ القتال اليوم، لقد صَدَقَ معك القتال اليوم سهلُ بن حُنيف وسِماكُ بن خَرَشة أبو دُجانة"

(1)

.

4356 م - قال ابن إسحاق: وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين ناوَلَ فاطمة عليها السلام السيف:

= ويشهد له حديثُ سهل بن حُنيف عند المصنف برقم (5845)، وإسناده ضعيف.

وحديث سعد بن أبي وقاص عند ابن إسحاق في "السيرة" كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 100، و "تاريخ الطبري" 2/ 532، ورجاله لا بأس بهم إلَّا أنه منقطع.

ومرسل ميمون بن مهران الجزري عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 516، ورجاله ثقات.

ومرسل ابن شهاب الزهري عند أبي نعيم في "الطب النبوي"(475)، والبيهقي في "الدلائل" 3/ 215، ورجاله لا بأس بهم.

ومرسل عروة بن الزبير عند البيهقي أيضًا 3/ 283، وفي إسناده ابن لهيعة، وهو سيئ الحفظ.

ومرسل محمد بن كعب القرظي عند ابن أبي شيبة 14/ 400، والراوي عنه موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف.

ومرسل سعيد بن عبد الرحمن بن أبْزَى عند ابن أبي شيبة أيضًا 14/ 407، لكن لم يسم أحدًا باسمه وإنما كنى عنهم بفلان وفلان، ورجاله لا بأس بهم.

(1)

حسن بسابقه، وهذا إسناد ضعيف لضعف حسين بن عبد الله بن عُبيد الله بن عبّاس.

وهو عند المصنف في "فضائل فاطمة الزهراء"(129).

وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 299 من طريق رضوان بن أحمد، عن أحمد بن عبد الجبار، بهذا الإسناد.

ص: 286

أفاطِمُ هاكي السيف غيرَ ذَمِيم

فلستُ برِعَدِيدٍ ولا بلئيمِ

لَعَمْري لقد أعذَرْتُ في نصر أحمد

ومرضاةِ ربٍّ بالعبادِ رَحِيم

(1)

4357 -

أخبرني أبو الحسين محمد بن أحمد بن تَمِيم القَنْطَري ببغداد، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا سليمان بن أيوب بن سليمان بن موسى بن طلحة الطلحي، حدثني أبي، عن جَدِّي، عن موسى بن طلحة، عن أبيه طلحة بن عُبيد الله، قال: لما كان يوم أحدٍ ارتجزتُ بهذا الشعر:

نحنُ حُماة غالبٍ ومالك .... نَذُبُّ عن رسولنا المُبارَكِ

نضربُ عنه اليوم في المعاركِ .... ضَرْبَ صِفاحِ الكُومِ في المَبارِكِ

فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُدٍ قال لحسان: "قُل في طلحة"، فأنشأ حسان وقال:

طلحة يومَ الشِّعْبِ آسى محمدًا

على سالكٍ ضاقَتْ عليه وشَقَّتِ

يقيه بكفيه الرِّماح وأسلمت .... أشاجِعُه تحت السُّيوف فشَلَّتِ

وكان إمام الناس إلا محمدًا .... أقامَ رَحَى الإسلام حتى استَقَلَّتِ

(2)

(1)

هذا معضل لم يبين ابن إسحاق فيه إسناده، وقد روي موصولًا من حديث جابر عند البزار كما في "كشف الأستار"(1798) لكنه لا يُفرح به البتة، لأنَّ في إسناده رجلًا متروكًا.

(2)

إسناده ضعيف، أحاديث سليمان بن أيوب الطلحي التي رواها عن أبيه عن جده عن موسى بن طلحة عن أبيه، هذه نسخة في بعض رواتها جهالة وفيها بعض المناكير، ومع ذلك قال يعقوب بن شيبة كما في "تحفة الأشراف" للمزي (5004): أحاديثها عندي صحاح!

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 106 من طريق أبي بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، عن أبي إسماعيل السلمي، بهذا الإسناد.

والصِّفاح: الجوانب، والكُوم: الإبل ضخمة السَّنام، واحدها: أكْوَم وكوماء، يقال: بعير أكوم، وناقة كوماء.

والمبارك: بفتح الميم، جمع مَبْرَك: وهو موضع بروك الإبل.

وآسى محمدًا، أي: شاركه وأعانه وقد أصابت رسول الله صلى الله عليه وسلم الجراحُ، فكان يدفع عِوضًا عنه =

ص: 287

4358 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: فحدثني يحيى بن

(1)

عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جده، عن

(2)

الزبير، قال: فرأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حينَ ذَهَبَ لينهَضَ إلى الصخرة، وكانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ظاهر بين دِرْعَين، فلم يَستطِعْ أَن يَنهضَ إليها، فجلس طلحةُ بن عُبيد الله تحته، فنَهَضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استوى عليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أوجَبَ طَلْحَةُ"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4359 -

أخبرني محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا الحسن بن عيسى، حدثنا ابن المبارك، أخبرنا إسحاق بن يحيى، أخبرني موسى بن طلحة: أنَّ

= ويدرأ عنه الطعنات والضربات، ويقاتل دونه.

والأشاجع: جمع الأشجع، وهو في اليد والرجل العصبُ الممدود فوق السُّلامي من بين الرسغ إلى أصول الأصابع فوق ظهر الكفّ، وقيل: هو العظم الذي يصل الإصبع بالرسغ.

ورحى الإسلام: كناية عن الحرب، شبهها بالرحى التي تطحن الحبَّ لما يكون فيها من تلف الأرواح.

(1)

سقط اسم يحيى من أصولنا الخطية في هذا الموضع، وهو ثابت في مكرّره الآتي عند المصنف برقم (5701)، وهو الصواب وفاقًا لرواية البيهقي لهذا الخبر في "سننه الكبرى" 6/ 370 و 9/ 46، وفي "الدلائل" 3/ 238 عن أبي عبد الله الحاكم.

(2)

سقط حرف "عن" من أصول "المستدرك" في هذا الموضع، وهو ثابت في رواية البيهقي في كتابيه المذكورين لهذا الخبر عن أبي عبد الله الحاكم.

(3)

إسناده حسن من أجل ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق المطلبي مولاهم.

وأخرجه الترمذي (1692) و (3738) عن أبي سعيد الأشج، عن يونس بن بُكير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/ (1417) من طريق إبراهيم بن سعد، وابن حبان (6979) من طريق جرير بن حازم، كلاهما عن محمد بن إسحاق، به.

وسيأتي برقم (5702) من طريق عبد الله بن المبارك عن محمد بن إسحاق.

قوله: "أوجَبَ طلحة" أي فعل فعلًا وجبت له به الجنةُ.

ص: 288

طلحةَ رجَعَ بسبع وثلاثين أو خمس وثلاثين بين ضَرْبةٍ وطَعْنةٍ ورَمْيةٍ، فرُصِعَ

(1)

جَبِينُه وقُطِعت سَبّابتُه، وشَلَّتْ الإصبَعُ التي تليها

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4360 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق

(3)

، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها سعد بن أبي وقاص، قال: لما جالَ الناسُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الجولة يوم أُحُدٍ، تَنحَّيتُ، فقلت: أذُودُ عن نفسي، فإما أن أستشهَد، وإما أن أنجو حتى ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا أنا كذلك إذا برجُلٍ مُخَمِّرٍ وجهَه ما أَدري مَن

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: ترصع، وقوله: رُصِعَ، أي: طُعِنَ طعنًا شديدًا، حتى نَبَعَ جبينه بالدم. وفي سائر روايات الخبر: رُبعَ جبينه، يعني: أصيبت أرباع رأسه، وهي نواحيه.

(2)

إسناده ضعيف لضعف إسحاق بن يحيى: وهو ابن طلحة بن عُبيد الله. ابن المبارك: هو عبد الله، والحسن بن عيسى: هو الماسَرجسي، ومحمد بن إسحاق: هو الثقفي السراج.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 4/ 372 عن أبي حامد بن جَبَلة، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. لكنه قال: وقع منها جبينه وقطع نَسَاهُ، وشَلَّتْ أصابعه.

وهو في "الجهاد" لابن المبارك - وهو برواية أبي عثمان سعيد بن رحمة المِصِّيصي عنه - (92)، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 79، وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 199 عن موسى بن إسماعيل، عن ابن المبارك، به. بلفظ: أن طلحة رجع بسبع وثلاثين أو خمس وسبعين بين ضربة وطعنة ورمية، ربع فيه جَبينه، وقطع نَسَاهُ، وشَلَّتْ إصبعه التي تلي الإبهام.

وقد ثبت في "صحيح البخاري"(4063) عن قيس بن أبي حازم، قال: رأيتُ يد طلحة شلّاء، وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد.

(3)

كذا وقع ذكر ابن إسحاق في إسناد الخبر في النسخ الخطية، ولا يصح ذكره في الإسناد، لأنَّ هذا الخبر من زيادات يونس بن بُكير، فقد رواه البزار عن أحمد بن عبد الجبار - وهو العُطاردي - فلم يذكره، على أنه لا تعرف لابن إسحاق رواية عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي أصلًا، وروى يونس بن بكير عن عثمان هذا عدة روايات، فهو من شيوخه لا من شيوخ ابن إسحاق، والله ولي التوفيق.

ص: 289

هو، فأقبل المُشركون حتى قلتُ: قد رَكِبُوه، ملأ يده من الحصى، ثم رمى به في وجوههم فتنكَّبوا على أعقابهمُ القَهْقَرى، حتى يأتُوا الجَبَلَ، ففعل ذلك مرارًا، ولا أدري من هو وبيني وبينه المقدادُ بن الأسود، فبينا أنا أُريدُ أن أسأل المقداد عنه إذ قال المِقدادُ: يا سعدُ، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يَدعوك، فقلت: وأين هو؟ فأشار لى المقداد إليه، فقمت وكأنه لم يُصِبْني شيءٌ من الأذى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أين كنتَ اليومَ يا سعدُ؟ " فقلتُ: حيث رأيت يا رسول الله، فأجلسني أمامه، فجعلْتُ أرمي وأقولُ: اللهم سهمُك فازم به عَدُوَّك، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"اللهم استجب لسعدٍ، اللهم سَدِّد لسعد رَمْيتَه، إيها سعدُ، فداك أبي وأمي"، فما من سهمٍ أرمي به إِلَّا قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"اللهمَّ سَدِّدْ رَمْيته، وأجِبْ دعوته، إيهًا سعدُ"، حتى إذا فرغتُ مِن كِنانتي نَثَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في كنانته فنَبَلَني سَهمًا نَضِيًّا، قال: وهو الذي قد رِيْشَ، وكان أشدَّ من غيره

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، عثمان بن عبد الرحمن - وهو الوقاصي - متروك الحديث، بل قد كذبه ابن معين.

وأخرجه البزار (1213) عن أحمد بن عبد الجبار، بهذا الإسناد.

وأخرج حمزة بن يوسف السهمي في "تاريخ جرجان" ص 322 من طريق عمران بن سوار، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها، قال: والله إني لرابع في الإسلام، ولقد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد، فقال لي:"ارمه يا سعد، فداك أبي وأمي، اللهم سدد سهمه وأجب دعوته".

وقد تقدم منه قوله صلى الله عليه وسلم لسعد: "ارم فداك أبي وأمي" برقم (2503) من طريق عامر بن سعد عن أبيه، وخرجناه هناك من طريق أخرى عن سعد أيضًا.

وسيأتي منه دعاؤه صلى الله عليه وسلم لسعد بسَداد الرمية وإجابة الدعوة برقم (6238) و (6242) من طريق قيس بن أبي حازم، عن سعد.

قوله: "إيهًا" كلمة تصديق وارتضاء.

وقوله: "نَبَلني" أي: أعطاني النَّبل.

وقوله: "سهمًا نضيًّا، وهو الذي قد رِيْشَ" غريبٌ، لأنَّ الذي في كتب اللغة أنَّ السهم النّضِيَّ هو =

ص: 290

قال الزُّهْري: إنَّ السِّهام التي رمَى بها سعدٌ يومئذٍ كانت ألف سهمٍ.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4361 -

حدثني أبو بكر بن أبي دارِم الحافظ بالكوفة، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا مِنْجاب بن الحارث، حدثني علي بن أبي بكر الرازي، حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن موسى بن طلحة، عن عائشة، قالت: قال أبو بكر الصديق: لما جالَ الناسُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُدٍ كنتُ في أول من فاءَ إليه، فبَصُرتُ به من بُعدٍ، فإذا أنا برجلٍ قد اعتَقَبني مِن خَلْفي مثلَ الطَّير، يريدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو أبو عُبيدة بن الجراح، وإذا أنا برجُل يرفَعُه مرةً ويَضَعُه أخرى، فقلتُ: أما إذْ أخطأني أن أكون أنا هو، ويجيءُ طلحة، فداك أبي وأمي

(1)

، فانتهينا إليه، فإذا طلحةُ يرفعُه مرّةً ويَضعُه أخرى، وإذا بطلحة ستٌّ وستون جراحةً، وقد قَطَعت إحداهن أَكْحَلَه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ضُرِب على وَجْنَتَيه، فلَزْقَت حَلْقَتان من حَلَقِ المِغْفَر في وجنتيه، فلما رأى أبو عُبيدة ما برسول الله صلى الله عليه وسلم، ناشَدَني الله لَمَا أَن خَلَّيتَ بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهز إحداهما بثنِيَّته، فمَدْها فنَدَرَتْ ونَدَرَتْ ثَنيَّتُه، ثم نَظَر إلى الأخرى، فناشَدَني الله لَمَا أَن خَليتَ بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهزها بالثنيَّة الأخرى، فمَدَّها، فنَدَرَتْ ونَدَرَتْ ثَنيَّته، فكان أبو عُبيدة أَثْرَمَ الثَّنايا

(2)

.

= الذي ليس له به رِيْشٌ ولا نَصْلٌ، فإذا رِيْشَ فهو مَرِيش، فإذا لم يُرَش فهو أقذُّ. والسهم النَّضي: الهزيل لكثرة البَرْي والنحت.

(1)

في نسخنا الخطية: فداك أنا وأمر، والمثبت من "صحيح ابن حبان"، وهو أصح، وفيه: كن طلحة فداك أبي وأمي.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، إسحاق بن يحيى بن طلحة متروك كما قال الذهبي في "تلخيصه"، والمعروف في هذا الخبر ذكر عيسى بن طلحة بن عبيد الله، بدل أخيه موسى، كذلك رواه ابن المبارك وسعيد بن سليمان الواسطي والواقدي وشبابة بن سَوَّار وغيرهم عن إسحاق بن يحيى.=

ص: 291

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4362 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: فحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزُّبير، عن أبيه، عن جده، أنَّ الزُّبير بن العوام قال: والله لقد رأيتُني انظر إلى [خَدَم]

(1)

هند بنتِ عُتبة وصواحِباتِها مُشمِّراتٍ هَواربَ، ما دونَ أَخْذِهِنّ قليلٌ ولا كثيرٌ، إِذْ مالَتِ الرُّماةُ إلى العسكر حين

(2)

كشفنا القومَ عنه يُريدُون النَّهْب، وخَلَّوا ظَهْرَنا للخَيلِ،

= وأخرجه ابن حبان (6980) من طريق شبابة بن سوّار، عن إسحاق بن يحيى، عن عيسى بن طلحة، عن عائشة، عن أبي بكر.

وسيأتي برقم (5240) من طريق عبد الله بن المبارك، و (5710) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي، كلاهما عن إسحاق بن يحيى، عن عيسى بن طلحة.

وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قد شُجّ يوم أحد وكُسرت رباعيته كما في حديث أنس بن مالك عند أحمد 19 / (11956)، ومسلم (1791)، وغيرهما.

وحديث سهل بن سعد عند أحمد 37/ (22799)، والبخاري (2903)، ومسلم (1790)، وغيرهم.

وحديث أبي هريرة عند أحمد 13/ (8213)، والبخاري (4073)، ومسلم (1793).

وحديث الزبير بن العوام عند ابن حبان (6979).

وحديث ابن عباس السالف عند المصنف برقم (3201).

الأكحل: عِرْقٌ في الذراع.

والمغفر: ما يلبسه الدارعُ على رأسه من الزَّرَد ونحوه.

والثنية: إحدى الأسنان الأربع التي في مقدم الفم، ثنتان من فوق وثنتان من تحت.

ونَدَرَتْ: سقطت.

وانتهز: من انتهز الشيء: إذا أسرع إلى تناوله، أو تناوله من قُربٍ.

(1)

لفظة "خدم" سقطت من أصول "المستدرك" وهي ثابتة في رواية البيهقي في "الدلائل" عن أبي عبد الله الحاكم، كما أنها ثابتة لجميع رواة هذا الخبر عن محمد بن إسحاق فلذلك أثبتناها.

والخَدَمُ: جمع خَدَمة، وهو الخَلْخَال.

(2)

في النسخ الخطية: حتى، والمثبت هو الموافق لسائر من روى هذا الخبر عن محمد بن =

ص: 292

فأُتِينا من أدبارنا، وصرح صارخٌ: ألا إنَّ محمدًا قد قُتِلَ، فانكفأنا وانكفأ القومُ بعد أن أصبنا اللواء حتى ما يَدنُو منه أحدٌ من القوم

(1)

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4363 -

أخبرني محمد بن محمد بن الحسن القارِزِيّ

(2)

، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج بن مِنْهال، حدثنا حماد بن سَلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أنَّ عمرو بن أُقيش كان له رِبًا في الجاهلية، وكان يمنعُه ذلك الرِّبا من الإسلام، حتى يأخُذَه ثم يُسلِم، فجاء ذات يوم ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأحدٍ، فقال: أين سعد بن معاذ، فقيل: بأحدٍ، فقال: أين بنُو أخيه؟ فقيل: بأحدٍ، فسأل عن قومه، فقالوا: بأحدٍ، فأخذ سيفه ورُمحَه، ولبس لأمته، ثم ذهب إلى أُحدٍ، فلما رأوه المسلمون، قالوا: إليك عنا يا عَمْرو، قال: إني قد آمنتُ، فَحَمَلَ فقاتل، فحُمِلَ إلى أهلِه جريحًا، فدخل عليه سعدُ بن مُعاذ، فقال له: جئت غضبًا الله ولرسوله، أم حَمِيّةً وغَضَبًا لقومك؟ فقال: بل جئتُ غَضَبًا الله ولرسوله. فقال أبو هريرة: فدخل الجنة وما صلَّى اللهِ صلاةً

(3)

.

= إسحاق، وهو أوجهُ وأحسن.

(1)

إسناده حسن من أجل ابن إسحاق: وهو محمد بن إسحاق بن يسار.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 29 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وهو في "السيرة النبوية" لابن إسحاق برواية زياد بن عبد الله البكائي عنه 2/ 77 - 78، ورواية محمد بن سلمة الحَرَّاني عنه - بإثر رواية يونس بن بُكير - (507).

وأخرجه خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 68 عن بكر بن سليمان، وخليفة أيضًا ص 68 عن وهب بن جَرير، والطبري في "تاريخه" 2/ 513، وفي "تفسيره" 4/ 126 من طريق سلمة بن فضل الأبرش، وابن المنذر في "تفسيره"(1041) من طريق إبراهيم بن سعد، كلهم عن ابن إسحاق، به.

(2)

تحرّف في نسخنا الخطية إلى: القاري. وانظر التعليق على ترجمة هذا الشيخ عند الحديث السالف برقم (2436).

(3)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - وقد تقدم برقم (2565) =

ص: 293

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4364 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عاصم بن عُمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذا ذَكَرَ أصحابَ أُحدٍ يقول: "أما واللهِ لَوَدِدتُ أني غُودِرتُ مع أصحابي نُحْصَ الجبل"، يقول: قُتِلتُ معهم

(1)

.

4365 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا القُرشي، حدثني علي بن شُعيب، حدثنا ابن أبي فديك، أخبرني سليمان بن داود، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أنَّ أباه علي بن الحسين حدثه عن أبيه: أنَّ فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم كانت تَزُورُ قبرَ عَمِّها حمزة بن عبد المطلب في الأيام، فتُصلِّي وتبكي عنده

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4366 -

حدثنا أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالرّي، حدثنا محمد بن المغيرة السُّكّري، حدثنا عبد الرحمن بن علقمة المَروَزي، حدثنا العَطَّاف بن خالد المخزومي، حدثني عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة، عن أبيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم زار قُبورَ الشهداء بأحدٍ، فقال:"اللهمَّ إِنَّ عَبْدَكَ ونَبيَّك يشهدُ أنَّ هؤلاءِ شُهداء، وأنه مَن زَارَهُم وسلَّم عليهم إلى يوم القيامة رَدُّوا عليه"

(3)

.

= من طريق موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة.

(1)

إسناده حسن من أجل ابن إسحاق. وهو مكرر الحديث المتقدم برقم (2438).

(2)

إسناده ضعيف كما تقدم بيانه برقم (1412).

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 309 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد، وقرن بأبي عبد الله أبا سعيد بن أبي عمرو.

(3)

ضعيف لاضطرابه كما تقدم بيانه برقم (3014). =

ص: 294

4366 م - قال العَطَّاف: وحدثتني خالتي أنها زارت قبور الشُّهداء، قالت: وليس معى إلَّا غُلامانِ يَحفَظان على الدابةَ، فسلَّمتُ عليهم، فسمعت ردَّ السلام، قالوا: والله إنا نَعرِفُكم كما يعرف بعضنا بعضًا، قالت: فاقشعررتُ، فقلتُ: يا غُلام، أَدْنِ بَغْلَتي، فركبتُ

(1)

.

هذا إسناد مديني صحيح، ولم يخرجاه.

4367 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا عباس بن محمد الدُّوري، حدثنا أبو النضر، حدثنا أبو سعيد المُؤدِّب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أنها قالت لعبد الله بن الزبير: يا ابنَ أُختِي، أما واللهِ إِنَّ أباكَ وجَدَّك - تعني أبا بكر والزبير - لَمِنَ الذين قال الله عز وجل:{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} [آل عمران: 172]

(2)

.

هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه.

= وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 307 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وقد تقدم بنحوه برقم (3014) من طريق سليمان بن بلال، عن عبد الأعلى، عن قطن بن وهب، عن عبيد بن عُمير، عن أبي هريرة. كذا ساق سليمان بن بلال إسناده، مخالفًا فيه العَطَّاف، ووافق سليمان بن بلال حاتم بن إسماعيل كما سيأتي برقم (4966) غير أنه ذكر أبا ذر بدل أبي هريرة!

(1)

إسناده إسناد سابقه إلى العطّاف، وهو إسناد ضعيف لجهالة خالة العطاف بن خالد، وقد وقع مصرحًا باسمها عند الطبري في "تهذيب الآثار" أنها تَهْلَل بنت العطّاف، ولا تُعرف في غير هذا الخبر.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 307 عن أبي عبد الله الحاكم، به.

وأخرجه بنحوه مع زيادة فيه: ابن أبي الدنيا في "من عاش بعد الموت"(41)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "الدلائل" 3/ 307 - 308 عن إبراهيم بن سعيد، عن الحكم بن نافع، والطبري في مسند عمر بن الخطاب من "تهذيب الآثار" 2/ 513 عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، كلاهما (الحكم بن نافع وعبد الله بن وهب) عن العطَّاف، عن خالته.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر ما تقدم برقم (3204). وأبو النضر: هو هاشم بن القاسم.

ص: 295

4368 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحْبُوبي، حدثنا محمد بن معاذ، حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل عارِمٌ، حدثنا أبو عَوَانة، عن أبي بشر، عن سليمان بن قيس، عن جابر بن عبد الله، قال: قاتل رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُحارِبَ خَصَفَةَ بنَخْل، فرأوا من المسلمين غِرَّةً، فجاء رجلٌ منهم يُقال له: غَوْرَث

(1)

بن الحارث، حتى قام على رأسِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف، فقال: مَن يَمنعُك مني؟ قال: "الله" قال: فسَقَطَ السيفُ من يده، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فقال:"مَن يَمنعُك؟ " قال: كُنْ خيرَ آخِذٍ، قال:"تَشْهَدُ أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ " قال الأعرابي: أَعاهِدُك أن لا أقاتلك، ولا أكون مع قومٍ يُقاتِلُونك، قال: فخَلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم سَبِيله، فجاء إلى قومه، فقال: جئتكم من عند خير الناسِ، فلما حضرتِ الصلاةُ صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، وكان الناسُ طائفتين، طائفةٌ بإزاء العدو، وطائفةٌ تُصلّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلّى بالطائفة الذين معه ركعتين، فانصرفُوا فكانوا مع أولئك الذين بإزاء عَدُوِّهم، وجاء أولئك فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، فكانت للناس ركعتين ركعتين وللنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات

(2)

.

(1)

جاء هذا الاسم في (ز) و (ب) و "تلخيص المستدرك": غورك، بالكاف، وضبب فوقه في (ز)، وذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" 12/ 312 أنه وقع كذلك بالكاف عند الخطيب، وبيَّض له في (ص) و (م) و (ع)، ولكنه جاء في المطبوع بالمثلثة وفاقًا لسائر مصادر تخريج هذا الخبر، وأشار البخاري بإثر الحديث (4136) إلى رواية أبي عوانة هذه، وسماه أيضًا غورث، بالمثلثة، فهو المعتمد، والله أعلم. وذكر الحافظ أنه مأخوذ من الغَرَث: وهو الجوع.

(2)

حديث صحيح، وسليمان بن قيس - وهو اليشكري - جزم أحمد وابن معين بأنه قتل أيام ابن الزبير، أي: قبل وفاة جابر بن عبد الله، لهذا جزم البخاري في "علل الترمذي الكبير"(550) بأنَّ أبا بشر - وهو جعفر بن أبي وَحْشِيَّة - لم يسمع من سليمان، بل قال ابن حبان في "الثقات": لم يَرَهُ. قلنا: لكن كان أبو بشر يروي عن صحيفة كانت لسليمان بن قيس كتبها عن جابر بن عبد الله، كما نبه عليه أحمد بن حنبل والبخاري في "تاريخه" 4/ 31، وغيرهما، وهذه الصحيفة كانت عند أهل البصرة كما صرح بذلك غير واحد من أهل العلم فيما ذكرناه عند =

ص: 296

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4369 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن النضر أبي عُمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: خرج

= الحديث المتقدم برقم (2368)، وبذلك تكون رواية أبي بشر عن سليمان وجادة صحيحة معتبرة، على أنَّ للحديث طرقًا أخرى عن جابر بن عبد الله، فهو صحيح بلا ريب.

أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، ومحمد بن معاذ: هو السُّلَمي المروزي.

وأخرجه أحمد 23/ (14929) عن عفان بن مسلم، و (15190) عن شريح بن النعمان، وابن حبان (2883) من طريق شيبان بن فروخ، ثلاثتهم عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (2882) من طريق قتادة، عن سليمان بن قيس، به.

وأخرجه أحمد 23/ (14928)، ومسلم (843) من طريق يحيى بن أبي كثير، وأحمد 22/ (14335)، والبخاري (2910) و (1913) و (4139)، ومسلم (2281)(13) و (14)، والنسائي (8719) من طريق ابن شهاب الزهري، كلاهما عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله، لكن لم يذكر الزهري في روايته صلاة الخوف. وعلّق البخاري في "صحيحه" رواية يحيى بن أبي كثير برقم (4139).

وأخرجه أحمد 22/ (14335)، والبخاري (2910) و (2913) و (4135)، ومسلم (2281)(13) و (14)، والنسائي (8719) و (8801)، وابن حبان (4537) من طريق سنان بن أبي سنان الدؤلي، عن جابر. فلم يذكر صلاة الخوف أيضًا.

وأخرج منه قصة صلاة الخوف فقط النسائي (522) و (1953) و (1955) من طريق الحسن البصري، عن جابر.

ورُوي عن جابر في صلاة الخوف هيئة أخرى عند مسلم (8400) وابن ماجه (1260) من طريق أبي الزبير، ومسلم (8400)، والنسائي (1948) من طريق عطاء بن أبي رباح، وأحمد 22 / (14180)، والنسائي (1946)، وابن حبان (2869) من طريق يزيد الفقير، كلهم عن جابر. قال الحافظ في "الفتح" 12/ 312: هذا مما يقوّي أنهما واقعتان.

وتقدم عند المصنف برقم (1264) من طريق شرحبيل بن سعد عن جابر ذكر صلاة الخوف بهيئة ثالثة، ولكن إسناده ضعيف.

والغِرَّة: الغَفْلة.

وخير آخذٍ: خير آسِرٍ.

ص: 297

رسول الله صلى الله عليه وسلم في غَزَاةٍ فلقي المشركين بعُسْفان، فلما صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فرأوه يركع ويسجد هو وأصحابه، قال بعضُهم لبعض: كان هذه فُرصةً لكم، لو أغَرْتُم عليهم ما علموا بكم حتى تُواقِعُوهم، فقال قائل منهم: فإن لهم صلاةً أُخرى هي أحبُّ إليهم من أهليهم وأموالهم، فاستَعِدُّوا حتى تُغِيرُوا عليهم فيها، فأنزل الله عز وجل على نَبيه صلى الله عليه وسلم:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} إلى آخر الآية [النساء:102] وأعلمه ما ائتمر به المشركون، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العَصْرَ، وكانوا قبالته في القِبْلة، جعلَ المسلمين خَلْفَه صَفّين، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبّروا معه، فذكر صلاةَ الخَوفِ، وقال في آخره: فلما نَظَرَ إليه المُشركون يسجد بعضُهم ويقوم بعضُهم ينظر إليهم، قالوا: لقد أُخبروا بما أرَدْناهم

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل النضر أبي عمر - وهو النضر بن عبد الرحمن الخزاز - فهو ضعيف جدًّا كما قال ابن رجب الحنبلي في "فتح الباري" 8/ 367 ردًّا على تصحيح المصنف.

وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(360) عن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عبدان أبي القاسم الكحال العطار، عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الضّبّي - وهو الحاكم نفسه - بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 5/ 256 - 257 عن أبي كريب، عن يونس بن بكير، به.

وأخرجه البزار كما في "كشف الأستار"(679) عن أحمد بن محمد بن عمار ابن أخي وكيع وأحمد بن عبد الجبار، عن النضر أبي عُمر، به. فلم يذكر في إسناده يونس بن بكير، والظاهر أنه سقط منه، والله أعلم.

وقد روي عن أبي عياش الزُّرقي نحو هذه القصة بسند صحيح عند المصنف فيما تقدم برقم (1267).

وصحت أيضًا من حديث جابر بن عبد الله عند أحمد 23/ (15019)، ومسلم (840)، وابن حبان (2877). وهي غير روايته في قتال محارب خصفة التي تقدمت قبل هذه الرواية كما أفاده ابن حجر في "الفتح" 12/ 304.

وصحت كذلك من حديث أبي هريرة عند أحمد 16/ (10765)، والترمذي (3035)، وابن حبان (2872).

ص: 298

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

4370 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا أبو عاصم.

وأخبرنا أبو عمرو بن أبي جعفر المُقرئ - واللفظ له - حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا أبو عاصم، حدثنا حنظلة بن أبي سفيان، حدثنا سعيد بن ميناء، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: لما حُفِرَ الخندقُ رأيتُ برسول الله صلى الله عليه وسلم خَمصًا شديدًا، قال فانكفأتُ إلى امرأتي، فقلتُ: إني رأيتُ برسول الله صلى الله عليه وسلم خمصًا شديدًا، فأخرجت إلى جرابًا فيه صاح من شَعِير، ولنا بُهيمةٌ داجِنٌ، قال: فذبَحْتُها وطَحَنت، فجئتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسارَرتُه، فقلت: يا رسول الله، قد ذبحنا بهيمةً لنا وطحنت صاعًا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفرٌ معك، قال: فصاح رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أهل الخندق، إنَّ جابرًا قد صَنَعَ سُوْرًا، فحيَّ هَلَا بكم" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُنزِلُن برمتكم ولا تَخبِرُنَّ عَجِينتكم حتى أجيء" قال: فجئتُ وجاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم الناسُ حتى جئتُ امرأتي، فأخرجَتْ له عجينًا، فبصَقَ فيه وبارَكَ، ثم قال:"ادعُو لي خابزةً فلتخبز معك، وأفرِغُوا من بُرمَتِكم ولا تُنزِلُوها"، وهم ألف، فأقسم جابرٌ بالله لا كَلُوا حتى تَرَكُوا وانصرَفُوا، وإِنَّ بُرْمتَنا لتغط كما هي، وإن عجيننا ليُخبَرُ كما هو

(1)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد.

وأخرجه البخاري (3070) و (4102) عن عمرو بن علي، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (2039) عن حجاج بن الشاعر، عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد، به. فاستدراك الحاكم له عليهما ذهول منه.

وأخرجه بنحوه أحمد 23/ (15028) من طريق محمد بن إسحاق، عن سعيد بن ميناء به.

وأخرجه بنحوه أيضًا البخاري (4101) من طريق أيمن الحبشي، عن جابر بن عبد الله.

والخمص: بفتح الخاء المعجمة وسكون الميم، وبفتحهما: الجوع.

والداجن: الشاة التي يعلفُها الناس في منازلهم. =

ص: 299

هذا لفظ حديث أبي عمرو، في حديث أبي العباس اختصار.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه!

4371 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي، حدثنا عيسى بن عبد الله الطَّيالسي، حدثنا أبو نُعيم الفضل بن دكين، حدثنا يوسف بن عبد الله بن أبي بردة، عن موسى بن [أبي]

(1)

المختار، عن بلالٍ العبسي، عن حذيفة بن اليمان: أنَّ الناس تَفَرَّقُوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب، فلم يبق معه إلَّا اثنا عشر رجلًا فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جاثي من البَرْدِ، وقال:"يا ابن اليمان، قم فانطَلِقْ إلى عَسْكَر الأحزاب، فانظُرْ إلى حالهم" قلتُ: يا رسول الله، والذي بعثك بالحقِّ، ما قُمْتُ إليك إلَّا حَياءً منكَ مِنَ البَرْدِ، قال: "فابرُزِ الحَرّةَ وبَرْدَ الصُّبْح

(2)

، انطلق يا ابنَ اليمان، فلا بأسَ عليكَ من حَرٍّ ولا بَرْدٍ حتى تَرجِعَ إِليَّ". قال: فانطلقتُ إلى عَسْكَرهم فوجدتُ أبا سفيان يُوقِد النارَ في عُصبةٍ حوله، قد تفرّق الأحزاب عنه، قال: حتى إذا جلستُ فيهم، قال: فحسَّ

(3)

أبو سفيان أنه دَخَل فيهم مِن غَيْرِهم، قال: يأخذُ كُلُّ رجل منكُم بيدِ جليسه، قال: فضربتُ بيدي على الذي عن يميني وأخذْتُ بيده، ثم ضربت بيدِي على الذي عن يساري فأخذتُ بيده، فلبثْتُ فيهم هنيَّةً ثم قمتُ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائمٌ يُصلّي، فأومأ إلي بيده: أن ادْنُ، فدنَوتُ، ثم أومأ إليّ

= والسُّور، بالواو الساكنة غير المهموزة: الطعام الذي يُدعى إليه الناسُ.

وحيَّ هلا بكم، أي: أقبلوا وأسرعوا.

وتَغِطُّ، أي: تغلي ويُسمع غليانُها.

(1)

سقطت لفظة "أبي" من النسخ الخطية، ولا بد منها كما جاء في مصادر تخريج الخبر، لأنَّ اسم أبي موسى باذام، وكنيته أبو المختار. وقد ثبت اسمه على الصواب في رواية البيهقي في "دلائل النبوة" عن أبي عبد الله الحاكم.

(2)

كذا جاء في النسخ الخطية، وكأن معناه: ابرُز إلى الحرة مع البرد والصبح، فأسقط الخافض وبذلك ينتصب ما بعده، ونصب ما بعد الواو على أنه مفعول معه.

(3)

أي: شَعَر.

ص: 300

أيضًا: أنِ ادْنُ، فدنَوتُ، حتى أسبَلَ عليَّ من الثوب الذي كان عليه وهو يُصلِّي، فلما فرغ من صلاته، قال:"ابن اليمان، اقعد ما الخبرُ؟ " قلت: يا رسول الله، تفرّق الناسُ عن أبي سفيان، فلم يَبْقَ إِلَّا عُصبةٌ تُوقِدُ النار، قد صبَّ الله عليه من البَرْدِ مثل الذي صب علينا، ولكنّا نَرجُو من الله ما لا يَرجُو

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد وهم فيه عيسى بن عبد الله الطيالسي أو من دونه في تسمية شيخ أبي نعيم، فسمّاه يوسف بن عبد الله بن أبي بردة، وإنما هو يوسف بن صهيب كما في رواية أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي نعيم، وكذلك رواه عُبيد الله بن موسى العبسي عن يوسف، فقال: ابن صهيب، على أنه ليس في الرواة من اسمه يوسف بن عبد الله بن أبي بردة، لكن يوسف بن أبي بردة، وهذا الأخير لا تُعرف رواية لأبي نعيم عنه.

وموسى بن أبي المختار - واسم أبي المختار باذام - روى عنه سفيان عنه سفيان الثوري ويوسف بن صهيب وذكره ابن حبان في "الثقات"، فهو حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وقد روي هذا الحديث من وجوه أُخَر، فتحسّن بها روايته هذه، كما حكم به الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية"(4273/ 1) حيث حسن الحديث من هذه الطريق.

وبلال العبسي - وهو ابن يحيى - مختلف في سماعه من حذيفة، فجزم ابن معين بأنَّ روايته عنه مرسلة، وفي كتاب ابن أبي حاتم: وجدته يقول: بلغني عن حذيفة، وقال ابن القطان الفاسي: صحح الترمذي حديثه، فمعتقده أنه سمع من حذيفة. قلنا: وكذا مشى على سماعه منه الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 3/ 75، وحسّن حديثه هذا في "المطالب"، على أنه لم ينفرد به عن حذيفة فقد رواه عنه غير واحد.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 450 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (4581/ 1) و "المطالب" للحافظ (4273/ 1) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن يوسف بن صهيب، عن موسى بن أبي المختار، به.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 4/ 251، والبزار (2943) من طريق عبيد الله بن موسى بن أبي المختار، عن يوسف بن صهيب، عن موسى بن أبي المختار، به.

وأخرجه بنحوه مسلم (1788)، وابن حبان (7125) من طريق يزيد بن شريك التيمي، عن حذيفة بن اليمان. دون قصة شعور أبي سفيان بوجود غريب في مجلسه، وذكرها بعض من خرّج الحديث من هذه الطريق كالبزار (2916)، وأبي عوانة (6840)، والله أعلم. =

ص: 301

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4372 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن عبد الرحمن، عن الحَكَم، عن مِقْسَم، عن ابن عبّاس قال: قُتِلَ رجلٌ من المشركين يوم الخندق، فطَلَبُوا أن يُوارُوه، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أعطوه الدية.

وقُتِل من بني عامر بن لؤيٍّ عمرُو بنُ عبدِ وَدٍّ، قتله علي بن أبي طالب مُبارَزَةً

(1)

.

= وأخرجه أحمد 38/ (23334) وغيره، من طريق محمد بن إسحاق، قال: حدثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، عن حذيفة. فذكر الحديث بطوله وزيادة، وإسناده حسن.

وأخرجه بنحوه أيضًا أبو عوانة في "صحيحه"(6842)، والبيهقي في "الدلائل" 3/ 451 من طريق عبد العزيز بن أخي حذيفة، وابن أبي عمر العدني في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"(5788)، و "المطالب العالية"(4273/ 1) من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، والبيهقي في "الدلائل" 3/ 454 من طريق زيد بن أسلم ثلاثتهم عن حذيفة. والقاسم وزيد بن أسلم لم يدركا حذيفة وإسناد عبد العزيز ابن أخي حذيفة ضعيف لجهالة الراوي عنه، وفي عبد العزيز نفسه جهالة أيضًا، لكن تصلح هذه الأسانيد في المتابعات، والله أعلم.

(1)

هذا الخبر شطره الأول صحيح مشهور عند أهل المغازي، وثبت أيضًا عن عكرمة مولى ابن عباس مرسلًا بسند صحيح إليه. لكن حصل في سياقه هنا تقديم وتأخير كما تدل عليه سائر رواياته، والمراد: فطلبوا أن يُوارُوه حتى أعطوا فيه الدية، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد ترجم البخاري في "صحيحه" بين يدي الحديث (3185) بقوله:"باب طرح جيف المشركين في البئر، ولا يؤخذ لهم ثمن" وهذا مصير منه رحمه الله إلى اعتماد هذا الخبر، كما نبه عليه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/ 521، لكن الحافظ رحمه الله لم يتنبه فيه لرواية عكرمة مولى ابن عباس المرسلة التي تعضد رواية ابن عبّاس، وهي أولى مما ذكره من الأدلة على تقوية حديث ابن عباس هذا. وأما شطره الثاني فصحيح مشهور عند أهل المغازي أيضًا، يرويه محمد بن كعب القرظي عن رجال من قومه، ويرويه عروة بن الزبير وابن شهاب الزهري وغيرهم.

ولم يرو هذين الشطرين مجموعين غير يونس بن بكير عن محمد بن عبد الرحمن - وهو ابن أبي ليلى - وسائر من رواه عن ابن أبي ليلى اقتصر على الشطر الأول، وكذلك رواه حجاج بن أرطاة =

ص: 302

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وله شاهد عجيبٌ:

4373 -

حدثنا لُؤلؤ بن عبد الله المُقتَدِري، في قصر الخليفة ببغداد، حدثنا أبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبد الوهاب المصري بدمشق، حدثنا أحمد بن عيسى الخَشّاب بتِنِّيس، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، حدثنا سفيان الثَّوْري، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَمُبارزةُ عليِّ بن أبي طالب لعمرو بن عبد

= عن الحكم - وهو ابن عتيبة - مقتصرًا على الشطر الأول منه، فالظاهر أنَّ هذا الشطر الثاني مدرج في الخبر هنا، وإن كان صحيحًا من غير هذا الوجه كما تقدَّم، وابن أبي ليلى فيه مقال معروف من جهة حفظه، وحجاج بن أرطاة فيه مقال مشهور في تدليسه عن الضعفاء، ولكنهما يعتبر بهما في المتابعات والشواهد.

وأخرج الشطر الأول منه أحمد 4 / (2319) و 5 / (3011)، والترمذي (1715) من طريقين عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، بهذا الإسناد. واختلفت نسخ الترمذي في نقل حكمه، فوقع في النسخ التي وقعت لعبد الحق وابن القطان والذهبي تحسينه لهذا الخبر، ولم يقع لنا ذلك في النسخ الخطية التي بأيدينا منه، ورجّح الذهبي في "الميزان" في ترجمة ابن أبي ليلى تحسين الترمذي له مخالفًا فيه عبد الحق وابن القطان الفاسي في تضعيفهما للخبر.

وأخرج الشطر الأول منه أيضًا أحمد 4 / (2230) و (2442) من طريق حجاج بن أرطاة، عن الحكم بن عتيبة به.

ويشهد له مرسل عكرمة مولى ابن عبّاس عند ابن أبي شيبة 14/ 423: أنَّ نوفلًا أو ابن نوفل تردي به فرسه يوم الخندق فقتل، فبعث أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بديته مئة من الإبل، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:"خذوه فإنه خبيث الدية، خبيث الجيفة"، ورجاله ثقات. وفيه زيادة فوائد في تسمية المقتول ومَن طلب شراء جُثّته.

ويشهد له أيضًا مرسل الزهري عند أبي إسحاق الفزاري في "السير"(32).

ومرسل موسى بن عقبة عند البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 404.

ومرسل عروة بن الزبير عند البيهقي في "الدلائل" 3/ 407.

وأما الشطر الثاني من الخبر في قتل عمرو بن عبد وَدِّ فيشهد له الروايات الآتية عند المصنف بالأرقام (4374 - 4378).

ص: 303

وَدٍّ يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة"

(1)

.

4374 -

فحدثنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْرانِي، حدثنا جَدِّي، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شِهَاب، قال: قُتِلَ من المشركين يوم الخندق عمرو بن عبد وَدٍّ، قتله عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه

(2)

.

إسناد هذا المغازي صحيح على شرط الشيخين.

4375 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: كان عمرو بن عبد وَد ثالث قريش

(3)

، وكان قد قاتَلَ يومَ بدرٍ حتى أثبتته الجراحةُ، ولم يشهد أحدًا، فلما كان يوم الخندق خرجَ مُعْلِمًا ليُرى مَشهَدُه، فلما وقَفَ هو وخيله قال له عليٌّ: يا عمرو، قد كنتَ تُعاهِدُ الله لقريشٍ أن لا يدعُو رجلٌ إلى خَلَّتين إلَّا قَبلْتَ منه أحداهما، فقال عمرو: أجل، فقال له عليٌّ: فإني أدعُوك إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم والإسلام، فقال: لا حاجة لي في ذلك، قال: فإني أدعُوك إلى البِرازِ، قال: يا ابن أخي، لِمَ؟ فوالله ما أُحِبُّ أن أقتُلَكَ، فقال عليٌّ: لكني واللهِ أُحبُّ أن أقتُلَكَ، فَحَمِيَ عَمرو فاقتحم عن فرسه فعَقَرَه، ثم أقبل فجاء إلى عليّ، وقال: من يُبارزُ، فقام عليٌّ وهو مُقنَّع في الحديد، فقال: أنا له يا نبي الله، فقال: إنه عَمرو بن عبد ودٍّ، اجلس، فنادى عمرو: ألَا رَجُلٌ، فأذِنَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمشى إليه علي وهو يقول:

(1)

إسناده تالفٌ، وذلك من أجل أحمد بن عيسى الخشاب - وهو ابن زيد - فهو متروك وكذبه مسلمة وابن طاهر، وقد حكم الذهبي في "تلخيصه" على هذا الخبر بأنه مُفترى، فقال: قبَّح الله رافضيًا افتراه، وقال الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 13/ 331: هذا خبر موضوع.

(2)

رجاله له بأس بهم، لكنه مرسل. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزُّهْري.

وأخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 253 عن الثقة، عن ابن شهاب، الزهري، مثله. وزاد أنَّ عليًّا قتل أيضًا حِسْل بن عمرو بن عبد وَدٍّ، يعني قتل عمرًا وابنه.

(3)

كذا في النسخ الخطية، وفي "دلائل النبوة" للبيهقي 3/ 437: فارس قريش، وهو أوجه.

ص: 304

لا تَعجَلَنَّ فقد أتا

كَ مُجيب صوتك غير عاجِزْ

ذو نِيّة وبَصيرة

والصدقُ مَنْجا كل فائزْ

إني لأرجو أن أُقِيـ

م عليك نائحة الجنائزْ

مِن ضَرْبةٍ نجلاء يب

قى ذِكْرُها عند الهَزاهِزْ

فقال له: عمرو: مَن أنت؟ قال: أنا عليٌّ، قال: ابن من؟ قال: ابن عبد مناف، أنا علي بن أبي طالب، فقال: عندك يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك، فانصرف فإني أكره أن أُهريق دمك، فقال علي: لكني والله ما أكره أن أُهريق دمك، فغضب، فنزل فسَلَّ سيفه كأنه شُعله نارٍ، ثم أقبل نحو عليٍّ مُغضَبًا واستقبله عليٌّ بدَرَقَتِه، فضربه عمرو في الدَّرَقة فقَدَّها وأثبت فيها السيف، وأصاب رأسَه فشَجَّه، وضربه علي على حبل العاتق، فسقط وثارَ العَجَاجُ، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم التكبير، فعرف أنَّ عليًّا قتله، فثَمّ يقول عليٌّ:

أعليَّ يَقتحم الفَوارِسُ هكذا

عني وعنهم أخَّرُوا أصحابي

اليومَ يَمنعُني الفِرارَ حَفِيظَتي

ومُصَمِّمٌ في الرأس ليس بِنَابِي

آلى ابن عَبدٍ حينَ شَدَّ أَلِيَّةً

وحلفتُ فاستمعوا من الكذاب

أنْ لا أُصدِّقَ مَن يُهلِّلُ فالْتَقَى

(1)

رجُلانِ يضطربان كل ضراب

فصدَرْتُ حين تركتُه مُتجدِّلًا

كالجذع بين دكادِكِ وروابي

وعَفَفْتُ عن أثوابه وَلَوَ انَّني

كنتُ المُقطَّرَ بَزَّني

(2)

أَثوابي

عَبَدَ الحجارة من سَفَاهِةِ عَقْلِهِ

وعَبَدْتُ ربَّ محمدٍ بصَوابِ

(1)

في النسخ الخطية: يُهلِّل بالتُّقى. ولعلّ معناه: من يرفع صوته ويصدع بالتقوى، ويكون ما بعده مستأنفًا، والمثبت من سائر مصادر تخريج الخبر، ومن "الروض الأنف" للسُّهيلي، وهو أحسن وأوجه.

(2)

أي: سلبني.

ص: 305

ثم أقبل على نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه يتهلل، فقال عمر بن الخطاب: هلا استَلَبْتَه دِرْعَه، فليس للعرب دِرْعٌ خيرٌ

(1)

منها، فقال: ضربته فاتقاني بسَواتِه، فَاسْتَحْييتُ ابنَ عَمِّي أَن أَستَلِبَه، وخَرجَتْ خَيلُه مُنهزمةً حتى أقحَمَتْ من الخَندق

(2)

.

(1)

وقع في النسخ الخطية: درعًا خيرًا، بالنصب، والمثبت من رواية البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 308 و الدلائل 3/ 439 عن أبي عبد الله الحاكم، وكذلك جاء في سائر المصادر التي خرجت هذا الخبر، وهو الوجه.

(2)

رجاله لا بأس بهم، وقد سمعه ابن إسحاق - وهو محمد - من يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير مرسلًا، وإسناده حسن إليه، وسمعه أيضًا من يزيد بن زياد المدني، عن محمد بن كعب القُرَظي وعثمان بن يهوذا، عن رجالٍ من قومه. ويغلب على الظن أنَّ هذا متصل، ويكون محمد بن كعب وعثمان، سمعاه ممن كان سُبِيَ يومَ قُريظة ممَّن لم يكن أنبَتَ فلم يُقتل، فإن ثبت ذلك فالإسناد حسن، والله تعالى أعلم.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 308، وفي "دلائل النبوة" 3/ 435 - 437 عن أبي عبد الله الحاكم، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير، قال - يعني ابن إسحاق -: وحدثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي وعثمان بن يهوذا، عن رجال من قومه، قالوا: فذكره. ولم يسق البيهقي لفظه بتمامه في "السنن".

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 77 - 78 من طريق رضوان بن أحمد، عن أحمد بن عبد الجبار، به كإسناده الذي ساقه البيهقي بتمامه.

الخَلَّة، بالفتح: الخَصْلة.

وأثبتته الجراحة، أي: أثخنته حتى لم يستطع أن يقوم معها.

ومُعلِمًا، أي: أعلم نفسه بعلامة في الحرب ليُعلم مكانه.

والبراز: مصدر كالمبارزة.

واقتحم عن فرسه، أي: نزل عن فرسه في الحرب مسرعًا.

والضربة النجلاء: الضربة الواسعة.

والهزاهز: الحروب والشدائد التي يهتز فيها الناس.

والدَّرَقة: الترس الذي يكون من جلود ليس فيها خشب ولا عَصَب.

وقدَّها، أي: قطعها. =

ص: 306

4376 -

حدثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ، حدثنا المنذر بن محمد اللخمي، حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ، عن محمد بن إسحاق بن يَسار قال: حدثني عاصم بن عُمر بن قتادة، قال: لما قتل علي بن أبي طالب عمرو بن عبد وَدٍّ أنشأت أختُه عَمْرةُ بنت عبد وَدٍّ ترثيه، فقالت:

لو كان قاتل عمرو غير قاتلِهِ

بَكَيْتُه ما أقام الروحُ فِي جَسَدي

لكنَّ قاتِلَه مَن لا يُعاب به

وكانَ يُدعَى قديمًا بَيضةَ البَلَدِ

(1)

4377 -

سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب، سمعت أحمد بن عبد الجبار العُطَارِدي، سمعت يحيى بن آدمَ يقول: ما شبهتُ قتل على عَمْرًا إلَّا بقول الله عز وجل:

= وحبل العاتق: عَصَبُه.

والعَجَاج: الغبار.

وقوله: أَخَّرُوا أصحابي، أي: تأخَّروا، وهو على لغة: أكلوني البراغيث.

والحفيظة: اسم للمحافظة على العهد والوفاء بالعقد والتمسك بالوُد. أو المحافظة على المحارم ومنعها عند الحروب.

والمُصمِّ: هو السيف الماضي في الضربة الذي يمر في العِظام.

والنابي: هو الذي ارتد ولم يمض أو لم يقطع.

والألية: اليمين.

والمتجدِّل: المرمي على الجَدَالة، أي: الأرض.

والدَّكَادِك: ما التبد من الرمل بعضه فوق بعض بالأرض ولم يرتفع كثيرًا.

والروابي: ما أشرف من الرمل.

والمُقطَّر: الذي أُلقي على أحد قُطريه، أي: جَنْبَيه.

وأقْحمتْ خيله، أي: سارت بغير سائق.

(1)

إسناده واهٍ بمرة، فمن دون محمد بن إسحاق ما بين متروك ومجهول. والمنذر بن محمد: هو ابن سعيد بن أبي الجهم القابوسي الكوفي. على أنَّ هذه الأبيات مشهورة عند علماء السير والمغازي.

وبيضة البلد، أي: أنه فردٌ ليس مثله في الشرف.

ص: 307

{وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ} [البقرة: 251] فَهَزَمُوهم بإذن الله.

4378 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدَّثنا أبو عُلَاثَة محمد بن خالد، حدَّثنا أبي، حدَّثنا ابن لَهِيعة، قال: قال [أبو الأسود: قال]

(1)

عُرْوة بن الزبير: وقُتِلَ من كفار قُريش يومَ الخندقِ من بني عامر بن لُؤي، ثُمَّ من بني مالك بن حِسْل: عَمرو بن عَبد وَدِّ بن نَصْر بن مالك بن حِسْلٍ، قتلَه عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه

(2)

.

قد ذكرتُ في مقتل عَمرو بن عَبد وَدِّ من الأحاديث المُسنَدَة ومَغازي

(3)

عُروة بن الزبير وموسى بن عُقبة ومحمد بن إسحاق بن يَسار ما بَلَغَني، ليتَقرّر عند المُنصِفِ من أهل العلم أنَّ عمرو بن عبد وَدٍّ لم يَقتلْه ولم يَشترك في قتله غيرُ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وإنما حَمَلَني على هذا الاستقصاءِ فيه قولُ مَن قال من الخَوارِج: إنَّ محمد بن مسلمة أيضًا ضربه ضربةً، وأخذ بعض السَّلَبِ

(4)

، ووالله ما

(1)

سقط ذكر أبي الأسود - وهو محمد بن عبد الرحمن المعروف بيتيم عروة - من أصول "المستدرك"، وذكره ابن حجر في "إتحاف المهرة"(24704)، ولا بد من ذكره، وهي صحيفة في المغازي وأخبار الصحابة ومناقبهم يرويها عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير، وسيُورد المصنف منها عشرات من الأخبار، وخصوصًا في المناقب، وقد أكثر منها أيضًا الطبراني والبيهقي وغيرهما، وشهرتها أعلى من أن يُدلَّل عليها.

(2)

رجاله لا بأس بهم غير ابن لهيعة - واسمه عبد الله - ففيه مقال معروف من جهة حفظه، وكان عنده المغازي عن عروة بن الزبير من رواية أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن المعروف بيتيم عروة عنه، فالظاهر أنها كانت صحيفةً عنده ضبطها عن أبي الأسود، على أنه قد رُوي مثلُ روايته بأبسط مما هنا عن عروة بن الزبير من طريق أخرى عند ابن إسحاق كما تقدم بيانه برقم (4375) بإسناد حسن إليه. لكن ليس فيها نسب عمرو بن عبد وَدٍّ. وأبو عُلاثة محمد بن خالد: هو محمد بن عمرو بن خالد الحَرَّاني ثم المصري، نُسب هنا لجده.

(3)

تحرّف هذا اللفظ في النُّسخ الخطية أو بُيِّض له، والصواب ما أثبتنا.

(4)

الظاهر أنَّ من قال ذلك التبس عليه ما حصل في غزوة الخندق من قتل علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد وَدّ، مع ما حصل في غزوة خيبر من قتل علي بن أبي طالب لمرحب اليهودي، =

ص: 308

بلَغَنا هذا عن أحدٍ من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، وكيف يجوزُ هذا وعليٌّ عليه السلام يقول ما بلغنا: إني ترفَّعتُ عن سَلَبِ ابن عمِّي فتركته، وهذا جوابُه لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحضرةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

4379 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي، حدَّثنا محمد بن موسى بن حمّاد البَرْبَري، حدَّثنا محمد بن إسحاق أبو عبد الله المُسيَّبي، حدَّثنا عبد الله بن نافع، حدَّثنا عبد الله بن عُمر، عن أخيه عُبيد الله بن عمر، عن القاسم بن محمد، عن عائشة زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندَها فسَلّم علينا رجُلٌ ونحن في البيت، فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَزعًا، فقمْتُ في أثَرِه، فإذا دِحْيةُ الكَلْبي، فقال:"هذا جبريلُ يأمُرني أن أذهبَ إلى بني قُرَيظةَ، فقال: قد وضعتُمُ السلاحَ، لكِنّا لم نَضَعْ، قد طَلَبْنا المشركين حتى بَلَغْنا حَمْراءَ الأَسَدِ" وذلك حين رجعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن الخندقِ، فقام النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَزِعًا، فقال لأصحابه:"عَزَمْتُ عليكم أن لا تُصلُّوا صلاةَ العصرِ حتى تأتُوا بني قُريظةَ"، فغربتِ الشمسُ قبلَ أن يأتُوهم، فقالت طائفةٌ من المسلمين: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يُرِدْ أن تَدَعُوا الصلاةَ، فصَلَّوا، وقالت طائفةٌ: إنا لَفِي عزيمةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وما علَينا من إثمٍ، فصلَّتْ طائفةٌ إيمانًا واحتِسابًا، وتركتْ طائفةٌ إيمانًا واحتِسابًا، ولم يَعِبِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم واحدًا من الفريقين، وخرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم فمرَّ بمجالسَ بينَه وبين قُريظةَ، فقال: هل مَرَّ بكم من أحدٍ؟ قالوا: مَرَّ علينا دِحيةُ الكَلْبي على بغلةٍ شَهْباءَ تحتَه قَطيفةُ دِيباج، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ليس ذلك بدِحْيةَ، ولكنه جبريل عليه السلام أُرسِلَ إلى بنى قُريظةَ ليُزلزلَهم ويَقذفَ في قُلوبِهمُ الرُّعبَ" فحاصرَهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأمرَ أصحابه أن يَستَتِروا بالحَجَفِ حتى يُسمِعَهم كلامَه، فناداهم:"يا إخوةَ القِرَدة والخَنازِيرِ" قالوا: يا أبا القاسِم، لم تَكُ فَحّاشًا، فحاصَرَهُم حتى نزلُوا على حُكم سعد

= فهذا الأخير هو الذي اختُلف فيه هل قتله عليّ أو محمد بن مسلمة على ما بَسَطَه الحافظُ ابن حجر في "فتح الباري" 12/ 407، فاشتبه الأمر على مَن عَناهُم المصنف، والله أعلم.

ص: 309

ابن مُعاذ، وكانوا حُلَفَاءَه، فحَكَم فيهم أن يُقتَلَ مُقاتِلتُهم، وتُسبَى ذَرَاريُّهم ونساؤهم

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن إن شاء الله من أجل عَبد الله بن عمر - وهو ابن حفص العُمري - فإنه وإن كان في حفظه مقال، يُحسَّنُ حديثُه في المتابعات والشواهد، وهذا منها، ولهذا قال ابن كثير في "البداية والنهاية" 6/ 75: لهذا الحديث طرق جيدة عن عائشة وغيرها.

وأخرجه البيهقيّ في "دلائل النبوة" 4/ 8 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصرًا بذكر مجيء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم عقب الخندق، وأمره له بالتوجُّه إلى قريظة: الطبرانيُّ في "الأوسط"(8818)، وأبو نُعيم في "دلائل النبوة"(435)، والبيهقي في "الدلائل" 4/ 10 من طريق عبد الرحمن بن أشرس، عن عبد الله بن عمر العمري، به.

وأخرجه مختصرًا بالقدر المذكور لكن دون الأمر بالتوجُّه إلى قريظة: أحمد 42 / (25154)،

وأبو بكر الشافعيّ في "الغيلانيات"(546)، وأبو طاهر المخلَّص في "المخلّصيات"(434)، وأبو نُعيم في "تاريخ أصبهان" 2/ 229، والبيهقي في "الدلائل" 7/ 66، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 17/ 212 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الله بن عُمر العمري، به.

وسيأتي هذا القدر عند المصنف برقم (7601) من طريق روح بن عبادة عن عبد الله بن عُمر. ولعبد الله بن عمر العُمري في القدر المشار إليه شيخان آخران، هما عبد الرحمن بن القاسم كما سيأتي برقم (7600)، ويحيى بن سعيد الأنصاري كما أخرجه ابن سعد في "طبقاته" 4/ 235، وأبو بكر الشافعيّ في "الغيلانيات"(547)، والطبراني في "الكبير" 23/ (85) كلاهما عن القاسم بن محمد، عن عائشة.

ورواه الشَّعبي عن مسروق عن عائشة كما سيأتي برقم (6871)، واختُلف فيه عن الشعبي كما سيأتي بيانه في موضعه.

وأخرجه أحمد 40/ (24295) و 41/ (24994) و 43 / (26399)، والبخاري (2813) و (4117) و (4122)، ومسلم (1769) من طريق عروة بن الزبير، عن عائشة. بذكر مجيء جبريل عقب الأحزاب وأمره بالتوجُّه إلى قُريظة، وذكر فيه كذلك أحمدُ في أولى رواياته والبخاريُّ في ثالث رواياته ومسلم قصة تحكيم سعد بن معاذ فيهم، وحكمه بقتل المقاتلة وسبي النساء والذريّة.

وأخرجه أحمد 42/ (25097)، وابن حبان (7028) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص، عن أبيه، عن جده، عن عائشة. بذكر قصة غزوة الخندق بزيادات أخرى ليست في رواية المصنف هنا دون قصة صلاة العصر وإسناده حسن. =

ص: 310

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه أبو جعفر بن البختري في الرابع من حديثه ضمن مجموع فيه مصنفاته (153)، وابن السمَّاك في الثاني من "فوائده"(27) من طريق سماك بن حرب، عن عكرمة، عن عائشة. بذكر قصة غزوة قريظة مختصرة بذكر مجيء جبريل عقب الخندق وأمره بالتوجه إلى قريظة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لما أتاهم:"يا إخوة القردة والخنازير" وتحكيم سعد بن معاذ فيهم بما حَكَمَ. وإسناده حسن.

ويشهد له بتمامه مرسل سعيد بن المسيّب عند عبد الرزاق (9737)، ومن طريقه أخرجه أبو نُعيم في "الدلائل"(436).

ومرسل موسى بن عقبة عند البيهقيّ في "الدلائل" 4/ 12 - 13، ورجاله لا بأس بهم.

ومرسل ابن شهاب الزُّهْري عند ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 233 - 235، والطبري في "تفسيره" 21/ 150 - 151، وغيرهما، ورجاله ثقات.

ومرسل معبد بن كعب بن مالك عند ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 235، ورجاله لا بأس بهم.

ومرسل حميد بن هلال عند ابن سعد 2/ 73، ورجاله ثقات أيضًا. لكنه لم يذكر فيه قصة صلاة العصر.

وقد رويت منه قصة انطلاق جبريل إلى بني قريظة موصولة من رواية حميد بن هلال عن أنس بن مالك عند أحمد 20/ (13229)، والبخاري (3214) و (3218).

ويشهد لقصة مجيء جبريل وأمره بالانطلاق إلى قُريظة وقصة صلاة العصر مرسلُ عُبيد الله ابن كعب بن مالك عند البيهقيّ في "دلائل النبوة" 4/ 7، والواحدي في "التفسير الوسيط" 3/ 466، ورجاله ثقات كذلك، وهو عند الطبراني 19/ (160) موصول بذكر كعب بن مالك، والمحفوظ فيه الإرسال.

وروى القصة بطولها الواقدي في "مغازيه" 2/ 496 - 512 عن شيوخه.

ويشهد لقصة مجيء جبريل وأمره للنبي صلى الله عليه وسلم بالتوجُّه إلى قريظة مرسلُ يزيد بن الأصم عند ابن سعد في "الطبقات" 2/ 72، وابن أبي شيبة 14/ 426. ورجاله ثقات.

ومرسل يعقوب بن أبي سلمة الماجِشون عند ابن سعد 2/ 72، ورجاله ثقات.

ولقصة صلاة العصر يوم قريظة شاهد من حديث عبد الله بن عمر عند البخاريّ (946)، ومسلم (1770).

ولقصة حكم سعد بن معاذ في بني قريظة شاهد من حديث أبي سعيد الخُدْري عند أحمد 17/ (11168)، والبخاري (3804)، ومسلم (1768). =

ص: 311

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإنهما قد احتجا بعبد الله بن عُمر العُمري في الشَّواهد، ولم يُخرجاه.

4380 -

حدَّثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو مسلم، حدَّثنا حجَّاج بن مِنْهال، حدَّثنا حمّاد بن سَلَمة، عن عبد الملك بن عُمير قال: حدّثني عَطيّة القُرَظي، قال: عُرِضْنا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم زَمَنَ قُريظةَ، فمن كان منا مُحتلِمًا أو نَبَتَت عانَتُه قُتِلَ، فنَظَروا إليَّ فلم تكُن نبتتْ عانتي، فتُرِكْتُ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وله طُرق عن عبد الملك بن عُمَير، منهم الثَّوْري وشُعْبة وزُهَير

(2)

.

4381 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني محمد بن جعفر بن الزُّبير، عن عُرْوة بن الزبير، عن عائشة أنها قالت: ما قَتَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأةً من بني قُريظةَ إلَّا امرأةً واحدةً، والله إنها لَعِنْدي تَضحَكُ ظَهْرًا لِبَطنٍ

(3)

، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم

= ومن حديث جابر بن عبد الله عند أحمد 23/ (14773)، والترمذي (1582)، والنسائي (8626)، وابن حبان (4784). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

ومن حديث عطية القُرظي عند النسائي (5594)، وابن حبان (4781 - 4783) و (4788). وإسناده صحيح، وسيأتي برقم (8372).

وحمراء الأسد: جبل أحمر جنوب المدينة المنورة، على مسافة عشرين كيلًا إذا خرجتَ من ذي الحليفة إلى مكة عن طريق بدر رأيت حمراء الأسد جنوبًا.

والقطيفة: كساء له خَمل.

والديباج: الثياب المتخذة من الإبريسم، وهو أحسن الحرير.

والحَجَف: جمع الحَجَفَة، وهي الترس من جلود بلا خشب ولا رِباط من عَصَبَ.

(1)

إسناده صحيح.

وقد تقدم برقم (2600) من طريق شعبة عن عبد الملك. وتقدمت هناك الإشارة إلى طرقه.

(2)

رواية زهير - وهو ابن معاوية - عند ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه الكبير"(1548).

(3)

أي: تتقلّب من شدة الضحك.

ص: 312

لَيقتُلُ رجالَهم بالسُّيوف، إذ يقول هاتفٌ باسمِها: أين فُلانةُ؟ فقالت: أنا واللهِ، قلت: وَيلَكِ ما لكِ؟ فقالت: أُقتَلُ والله، فقلتُ: ولِمَ؟ قالت: لحَدَثٍ أحدثْتُه، فانطُلِقَ بها فضُرِبَتْ عُنقُها، فما أَنسَى عَجَبًا منها طِيبةَ نفسِها وكثرةَ ضَحِكِها، وقد عَرَفَت أنها تُقتَلُ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4382 -

أخبرني أحمد بن محمد بن سلمة العَنَزي، حدَّثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدَّثنا أبو الوليد، حدَّثنا عِكْرمة بن عمّار.

وحدثنا محمد بن إبراهيم بن الفضل الهاشمي - واللفظ له - حدَّثنا أحمد بن سَلَمة، حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا أبو عامر، حدَّثنا عِكْرمة بن عمّار، عن إياس بن سَلَمة، عن أبيه، قال: أمَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فغَزَونا ناسًا من بني فَزَارة، فلما دَنَونا من الماء أمَرَنا أبو بكر فَعَرَّسْنا، فلما صلَّينا الصبحَ أمرنا أبو بكر فشَنَنّا الغارَةَ، قال: فورَدْنا الماءَ فقتَلْنا به مَن قَتلْنا، قال: فانصرف عُنُقٌ من الناس، وفيهم الذَّراريُّ والنساء قد كادُوا يَسبِقُون إلى الجبل، فطرَحْنا سهمًا بينهم وبين الجبل، فلما رأَوا السهمَ وقَفُوا، فجئتُ بهم أسُوقهم إلى أبي بكر، وفيهم امرأةٌ من بني فَزَارة عليها قَشْعٌ من أَدَمٍ معها ابنةٌ لها من أحسنِ العرَبِ، قال: فنفَّلَني أبو بكر ابنتَها، قال: فقدِمْتُ المدينةَ، فلقِيَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالسُّوق، فقال لي:"يا سلمةُ، لله أبوكَ هَبْ لي المرأةَ" فقلت:

(1)

إسناده حسن من أجل ابن إسحاق: وهو محمد بن إسحاق بن يسار.

وأخرجه أحمد 43 / (26364) من طريق إبراهيم بن سعد الزُّهْري، وأبو داود (2671) من طريق محمد بن سلمة الحَرَّاني، كلاهما عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وقد فسَّر ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 242 قول المرأة اليهودية لحدثٍ أحدثتُه، قال: هي التي طَرَحَت الرَّحى على خلّاد بن سويد، فقتلتْه.

وقال الخطابي في "معالم السنن" 2/ 281: يقال: إنها كانت شتمت النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك دلالة على وجوب قتل من فعل ذلك.

ص: 313

والله يا رسول الله ما كشفتُ لها ثَوبًا، وهى لكَ يا رسولَ الله، فبعثَ بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى مكةَ، ففادَى بها أُسارى من المسلمين كانوا في أيدي المُشركين

(1)

.

قد أخرجه مسلم بغير هذه السِّياقة.

4383 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك ببغداد، حدَّثنا عبد الرحمن بن محمد الحارثي، حدَّثنا يحيى بن سعيد القَطّان، حدَّثنا محمد بن أبي يحيى الأسلَمي، حدّثنى أبي، أنَّ أبا سعيد الخُدْري أخبره أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالحُدَيْبِيَّة، فقال:"لا تُوقِدُوا نارًا بلَيلٍ" فلما كان بعدَ ذلك قال: "أوقِدُوا واصطَنِعُوا، أما إنه لا يُدرِكُ قومٌ بعدَكم صاعَكُم ولا مدَّكُم"

(2)

.

(1)

إسناد صحيح. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العَقَدي.

وأخرجه ابن حبان (4860) عن الفضل بن الحباب، عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 27/ (16502) و (16505)، ومسلم (1755)، وأبو داود (2697)، وابن ماجه (2846)، والنسائي (8612) من طرق عن عكرمة بن عمار، به.

وانظر ما تقدم برقم (2548).

التعريس: نزول المسافر آخر الليل نزلة النوم والاستراحة.

وقوله: عُنق من الناس، أي: طائفة منهم.

والقَشْع: الفَرْو الخَلَقُ.

والأدم: بفتح الهمزة والدال أو بضمهما، جمع الأديم، وهو الجلد المدبوغ.

والتنقيل: هو الزيادة على سهام الغنيمة، ويكون من خُمس الخمس، يُعطيها الإمام أو من ينوبُ عنه لمن أبلى بلاءً حسنًا وسعى سعيًا حميدًا.

(2)

حديث قوي، أبو يحيى الأسلمي - واسمه سمعان - لا بأس به، وعبد الرحمن بن محمد الحارثي متابع.

وأخرجه أحمد 17 (11208)، والنسائي (8804) عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

اصطنِعُوا: معناه اتخِذوا صَنيعًا، يعني طعامًا تنفقونه في سبيل الله.

ص: 314

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4384 -

أخبرني محمد بن إبراهيم الهاشِمي، حدَّثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدَّثنا الحسين بن حُرَيث، حدَّثنا الفضل بن موسى، عن خُثَيم بن عِراك، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: لما خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى خَيبرَ استعملَ سِباعَ بن عُرْفُطَةَ الغِفاريّ بالمدينة

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4385 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا يونس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق، قال: حدّثني بُريدة بن سفيان بن فَرْوة

(2)

الأسلمي، عن أبيه

(3)

، عن سلمة بن عمرو بن الأكْوع، قال: بعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر إلى بعض حُصون خَيبرَ، فقاتل وجَهِدَ، ولم يكن فَتْحٌ

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وقد تقدَّم بأطول ممّا ها هنا برقم (2272) من طريق إبراهيم محمد بن يزيد المَروَزي عن الحسين بن حريث.

(2)

تحرَّف في أصول "المستدرك" إلى: بريدة.

(3)

قوله: "عن أبيه" سقط من (ز) و (ب).

(4)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل بُريدةَ بن سفيان فهو ضعيف جدًّا، وكذلك أبوه، فقد قال عنه البخاريّ: يتكلمون فيه. لكن صحَّ هذا الخبر من حديث بُريدة الأسلمي كما سيأتي برقم (4387).

وأخرجه البيهقيّ في "دلائل النبوة" 4/ 209 عن أبي عبد الله الحاكم ورجل آخر بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 334 عن زياد بن عبد الله البكائي، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث"(696)، وأبو نُعيم في "الحلية" 2/ 62، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 90 من طريق أبي راشد المثنى بن زُرعة، والرُّوياني في "مسنده"(1172) - ومن طريقه ابن عساكر 42/ 89 - من طريق هارون بن أبي عيسى الشامي، والطبراني في "الكبير"(6303) من طريق محمد بن سلمة الحرَّاني، أربعتهم عن محمد بن إسحاق، به.

وانظر تالييه.

ص: 315

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4386 -

أخبرنا أبو قُتَيبة سَلْم بن الفضل الأدَمِيّ بمكة، حدَّثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدَّثنا عمّي أبو بكر، حدَّثنا علي بن هاشم، عن ابن أبي لَيلى، عن الحَكَم وعيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، أنه قال: يا أبا ليلى، أما كنتَ معنا بخيبر؟ قلتُ: بلى واللهِ كنتُ، معكُم، قال: فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعثَ أبا بكرٍ إلى خَيبرَ، فسارَ بالناسِ، وانْهَزَمَ حتى رَجَعَ

(1)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد فيه لين من أجل ابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن - فهو سيئ الحفظ، وفي جَمْعِه هنا بين الشيوخ أمارة على سوء حفظه، وزاد ابن أبي شيبة في "مصنفه" 12/ 62 - 63 و 14/ 464 مع شيخيه المذكورين شيخًا ثالثًا، وهو المنهال بن عمرو، وربما أفرد ابن أبي ليلى بعضهم بالذكر في بعض الروايات وفرّقهم، وهذا يدل أيضًا على عدم ضبطه للشيخ الذي سمع منه هذا الخبر، على أنه انفرد أيضًا بذكر أبي بكر الصديق في رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى، ولم يذكره غيره، بل لا يُحفظ ذكر أبي بكر الصدِّيق في حديث عليّ بن أبي طالب البتة، وإن كان محفوظًا ذكره في حديث غيره كبُريدة الأسلمي، وسيأتي حديثه بعده.

وقول عليّ في هذا الخبر: يا أبا ليلى، يريد به أبا ليلى الأنصاري والد عبد الرحمن لا عبد الرحمن نفسه كما تُوهِمُه الرواية هنا، إذ اختصره المصنف اختصارًا أحدث فيه هذا الإيهام، فقد كان عبد الرحمن برفقة أبيه أبي ليلى لما دخلا على عليّ وخاطبه علي بذلك مذكّرًا إياه بشأن خيبر، كما توضحه رواية ابن أبي شيبة في "المصنف"، فكان على المصنف إذ اختصر الخبر أن يذكر أبا ليلى في إسناد روايته.

الحكم: هو ابن عُتيبة، وعيسى: هو ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

وأخرجه النسائي (8345) من طريق عُبيد الله بن موسى، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم والمنهال، به. دون ذكر عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

وأخرج أحمد 2 (778) و (1117) قصة علي بن أبي طالب ومخاطبته لأبي ليلى لما دخل عليه بشأن خيبر، عن وكيع بن الجرّاح، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو وحده به، دون ذكر أبي بكر الصِّدِّيق.

وأخرج ابن ماجه القصة أيضًا (117) عن عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم وحده، به، دون ذكر الصِّدِّيق أيضًا. =

ص: 316

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4387 -

حدَّثنا ميمون بن إسحاق بن الحسن الهاشِمي ببغداد، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار العُطاردي، حدَّثنا يونس بن بُكَير، حدَّثنا المسيِّب بن مُسلم الأزدي، حدَّثنا عبد الله بن بُريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وربما أخذتْه الشَّقِيقةُ، فَيَلبَثُ اليومَ واليومَين لا يَخرُج، فلما نزل بخيبرَ أخذتْه الشَّقِيقةُ فلم يَخْرُجُ إلى الناس، وإنَّ أبا بكر أخذ رايةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثم نَهَضَ فقاتَلَ قتالًا شديدًا، ثم رَجَعَ

(1)

.

= وأخرج النسائي القصة كذلك (8483) من طريق أبي إسحاق السَّبيعي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عليّ، وليس فيه ذكر أبي بكر الصَّدِّيق، وإسناده قوي.

وسيأتي من وجه آخر عن عليّ برقم (1388) لكن بذكر بعث النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب يوم خيبر لحربهم ورجوعه دون فتح، وليس فيه ذكر الصدِّيق أيضًا.

(1)

إسناده ضعيف بهذه السياقة، المسيب بن مُسلم الأزدي وبعضهم يُسمِّيه المسيب بن دارم، وليس هو به - مجهول كما قال الذهبي في "الميزان"، وقد روى غيره قصة خيبر عن عبد الله بن بريدة، فلم يذكروا فيها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كانت تصيبه الشقيقة، فهذا مما تفرَّد به المسيَّب، ولم يتابع عليه.

وأخرجه البيهقيّ في "دلائل النبوة" 4/ 210 من طريق أبي جعفر محمد بن عمرو الرزَّاز، عن أحمد بن عبد الجبار، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 3/ 12 عن أبي كُريب، عن يونس بن بكير، به.

وذكره أبو نعيم في "الطب النبوي"(240) فقال: روى محمد بن عبد الله بن نمير، عن يونس بن بكير، عن المسيّب بن دارم، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، فذكر إصابة النبي صلى الله عليه وسلم بالشقيقة. وسمى شيخ يونس المسيبَ بنَ دارم. والمسيب بن دارم أكبر من المسيب بن مسلم، فذاك أدرك عمر بن الخطاب، فليس هو به، والله أعلم.

وأخرج قصة خيبر وما جرى فيها من بَعْثِ أبي بكر، ثم بَعْثِ عمر، ثم بَعْثِ علي بن أبي طالب: أحمد 38/ (22993)، والنسائي (8346) و (8547) من طريق الحسين بن واقد، والنسائي (8347) طريق ميمون أبي عبد الله الأزدي، كلاهما عن عبد الله بن بريدة، به.

لكن لم يذكر ميمون في روايته أبا بكر، بل اقتصر على ذكر عمر وعلي. وإسناد رواية الحسين بن واقد قوي. =

ص: 317

هذا حديث صحيح الإسناد، لم يُخرجاه.

4388 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي بمَرُو، حدَّثنا سعيد بن مسعُود، حدَّثنا عُبيد الله بن موسى، حدَّثنا نُعيم بن حَكيم، عن أبي مريم

(1)

الحَنَفي، عن علي قال: سار النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فلما أتاها بعثَ عمرَ وبعثَ معه الناسَ إلى مَدينتِهم أو قَصْرِهم، فقاتَلُوهم فلم يَلبَثُوا أن هَزمُوا عمرَ وأصحابَه، فجاؤوا يُجبِّنُونه ويُجَبِّنُهم، فساءَ

(2)

النبيَّ صلى الله عليه وسلم

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4389 -

حدَّثنا أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفَقيه ببغداد، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن سُليمان، حدَّثنا القاسم بن أبي شَيْبة، حدَّثنا يحيى بن يَعْلى، حدَّثنا مَعقِل بن عُبيد الله، عن أبي الزُّبَير، عن جابر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دفعَ الراية يومَ خَيبرَ إلى عمر، فانطلقَ، فرجَعَ يُجبِّن أصحابَه ويُجبِّنُونه

(4)

.

= وقد صحَّ عن ابن عبّاس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم في رأسه من شقيقةٍ كانت به. أخرجه البخاريّ تعليقًا بصيغة الجزم (5701)، وفي رواية أخرى عند أبي داود (1836) بلفظ: احتجم في رأسه من داء كان به.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أبي موسى.

(2)

تحرَّف في النسخ إلى: فسار.

(3)

إسناده فيه لين من أجل نعيم بن حكيم وشيخه أبي مريم، وانظر الكلام عليهما عند الحديث (3427)، وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 469 عن عُبيد الله بن موسى، والبزار (770) عن يوسف بن موسى، عن عُبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد.

وقوله: يُجبِّنُونه ويُجبِّنُهم، أي: يرمونه بالجبن والتهيُّب ويرميهم بذلك.

(4)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل القاسم بن أبي شيبة - وهو أخو الحافظين أبي بكر وعثمان - فهو واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، ومن أجل يحيى بن يعلى - وهو الأسلمي - فهو ضعيف الحديث أيضًا.

وسيأتي بعده من طريق الخليل بن مرة، عن عمرو بن دينار، عن جابر، دون التصريح بذكر عمر. والخليل ضعّفه أكثر أهل العلم. =

ص: 318

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.

4390 -

حدَّثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار إملاءً، حدَّثنا زكريا بن يحيى بن مروان وإبراهيم بن إسماعيل السَّوْطي، قالا: حدَّثنا فُضَيل بن عبد الوهاب، حدَّثنا جعفر بن سليمان عن الخليل بن مُرة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله، قال: لما كان يوم خيبر بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا فجَبُن، فجاء محمدُ بن مَسلَمة، فقال: يا رسول الله، لم أرَ كاليومِ قَطُّ، قُتِلَ محمود بن مَسلَمة، فقال رسولُ الله:"لا تَمنَّوا لقاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا الله العافيةَ، فإنكم لا تَدْرون ما تُبتَلُون معهم، وإذا لَقِيتُمُوهم فقولوا: اللهم أنت ربُّنا وربُّهم، ونَواصِينا ونَواصِيهم بيدِك، وإنما تَقتلُهم أنتَ، ثم الْزَمُوا الأرضَ جُلُوسًا، فإذا غَشُوكُم فانهضُوا وكَبِّروا".

ثم قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لأبعثنَّ غدًا رجلًا يحبُّ الله ورسولَه ويُحِبّانِه، لا يُولّي الدُّبُرَ، يفتحُ الله على يَدَيهِ" فتشرَّف لها الناسُ، وعليٌّ يومئذ أَرمَدُ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سِرْ" فقال: يا رسول الله، ما أُبصِرُ مَوضعًا، فتَفَلَ في عَينَيه، وعَقَدَ له، ودفع إليه الراية، فقال عليٌّ: يا رسول الله، علامَ أقاتلُهم؟ فقال:"على أن يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلَّا اللهُ، وأني رسولُ الله، فإذا فعلُوا ذلك فقد حَقَنُوا دماءَهم وأموالَهم إلَّا بِحقِّهما، وحسابُهم على الله عز وجل"، قال: فلَقِيَهم ففتحَ الله عليه

(1)

.

= على أنه قد صحَّ ذكر بعث عمر بن الخطاب يوم خيبر في حديثِ بريدة الأسلمي السابق.

(1)

إسناده ضعيف بهذه السِّياقة لضعف الخليل بن مرّة، فهو على صلاحه ضعيف الحديث، ولكن لأجزاء هذا الحديث شواهد صحيحة.

وأخرجه أبو القاسم البغويّ في "معجم الصحابة" 5/ 424 عن زهير بن محمد المَروَزي، والطبراني في "المعجم الصغير"(790)، وفي "الدعاء"(1072) عن محمد بن الفضل بن جابر السَّقَطي كلاهما عن فُضيل بن عبد الوهاب، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(668) من طريق حفص بن راشد، عن جعفر بن سليمان الضُّبَعي، به. مختصرًا بقطعة عدم تمني لقاء العدو، والدعاء عند اللقاء. وقال: يوم حنين، بدل: يوم خيبر، وهو وهم. =

ص: 319

قد اتفق الشيخانِ على إخراج حديثِ الرايةِ - يعني - ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

4391 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حَنْبل، حدّثنى أبي حدَّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدَّثنا عكرمة بن عمار، حدَّثنا إياس بن سَلَمة، قال: حدّثنى أبي، قال: شَهِدنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم خَيبرَ حين بَصَقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في عينَي عليٍّ فبَرَأ، فأعطاهُ الرايةَ، فبرزَ مَرحبٌ وهو يقولُ:

قد عَلِمتُ خيبرُ أني مَرْحَبُ

شاكِي السلاحِ بَطَلٌ مَجرَّبُ

= ويشهد لذكر استشهاد محمود بن مسلمة في خيبر حديثُ بريدةَ الأسلمي عند البيهقيّ في "الدلائل" 4/ 210، وابن المغازلي في "مناقب علي"(224)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 41/ 463 - 464، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 342، بسند قوي.

ويشهد لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تَمنَّوا لقاء العدو وسلوا الله العافية" حديث عبد الله بن أبي أوفى عند أحمد 31 (19114)، والبخاري (2966)، ومسلم (1742)، وتقدَّم عند المصنف برقم (2444).

وحديث أبي هريرة عند أحمد 15/ (9196)، والبخاري تعليقًا (3026)، ومسلم (1741).

ويشهد للدعاء المذكور عند لقاء العدو، مرسلُ أبي عبد الرحمن الحُبُلي عند سعيد بن منصور (2521)، والبيهقي في "الدعوات الكبير"(478)، ورجاله ثقات.

ومرسَلُ سالم أبي النضر عند عبد الرزاق (9514)، والطبراني في "الدعاء"(1069) والبيهقي في "الدعوات"(474)، وفي "السنن الكبرى" 9/ 152، ورجاله ثقات أيضًا.

ومرسل يحيى بن أبي كثير عند عبد الرزاق (9513)، وسعيد بن منصور (2519)، ورجاله ثقات كذلك.

ويشهد لقصة إعطائه صلى الله عليه وسلم الراية لعليّ وتمام الفتح على يديه أحاديث عدّة ذكرناها عند الحديث الآتي برقم (4702).

ويشهد لقول عليّ بن أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم آخرَ الحديث وجواب النبي صلى الله عليه وسلم له حديثُ أبي هريرة عند أحمد 14 / (8990)، ومسلم (2405)، وإسناده صحيح.

وهذا الرجل الذي أُبهم ذكرُه أولَ الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثَه أولًا لفتح خيبر إما أن يكون أبا بكر أو عمر، فكلاهما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل عليٍّ لفتح خيبر كما يدلُّ عليه حديث بريدة الأسلمي المتقدّم برقم (4387).

ص: 320

إذا الحُروبُ أقبلتْ تَلَهَّبُ

قال: فبرزَ له عليٌّ وهو يقول:

أنا الذي سَمَّتني أُمِّي حَيدَرَهْ

كلَيثِ غاباتٍ كَرِيهِ المَنْظَرَهْ

أُوفِيكُمُ بالصاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ

قال: فضَرَبَ مَرْحَبًا، ففَلَقَ رأسَه فقَتَلَه، وكان الفتحُ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة!

4392 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني ابن أبي الزِّنَاد، عن أبيه، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مَسعُود، عن ابن عبّاس، قال: تنفَّل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سيفَه ذا الفَقَار يومَ بدرٍ

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وإنما أخرجتُه في هذا الموضع لأخبار واهِيةٍ أَنَّ ذَا الفَقَار مِن خيبر.

4393 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدّثنى أبي، حدَّثنا أبو أحمد، حدَّثنا سفيان، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كانت صفيةُ من الصَّفِيِّ

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. وسلمة: هو ابن الأكوع.

وهو في "مسند أحمد" 27/ (16538) لكن عن أبي النضر هاشم بن القاسم، عن عكرمة.

وهو عند البيهقيّ في "السنن الكبرى" 9/ 131، وفي "دلائل النبوة" 4/ 207 عن أبي عبد الله الحاكم، عن أبي الفضل بن إبراهيم، عن أحمد بن سلمة، عن محمد بن يحيى الذُّهلي، عن عبد الصمد.

وهو أيضًا في زيادات إبراهيم بن محمد بن سفيان على "صحيح مسلم" بإثر الحديث (1807) عن محمد بن يحيى الذّهلي، عن عبد الصمد.

وأخرجه مسلم (1807)، وابن حبان (6935) من أربعة طرق عن عكرمة بن عمار، به.

(2)

إسناده حسن، وقد تقدَّم برقم (2620) بزيادة عما هاهنا، بالإسناد نفسه.

(3)

إسناده صحيح. أبو أحمد: هو محمد بن عبد الله الزُّبيري، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري.

وأخرجه أبو داود (2994)، وابن حبان (4822) من طريق نصر بن علي الجهضمي، عن =

ص: 321

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

4394 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدَّثنا يحيى بن أبي بُكَير، حدَّثنا أبو جعفر الرازي، عن مُطرِّف، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: سمعت عليًّا يقول: ولَّاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خُمسَ الخُمُس، فوضعتُه مَواضِعَه حياةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعُمر

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4395 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني ثَور بن زَيْد، عن سالم مولى عبد الله بن مُطِيع، عن أبي هريرة، قال: انصَرفْنا معَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خَيبرَ إلى وادي القُرى، ومعه غُلامٌ له أهداهُ له رِفاعة بن زيد الجُذَامِي، فبينما هو يَضَعُ رَحْلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مُغَيرِب الشمسِ أتاهُ سهمُ غَرْبٍ فقتله - وهو السهم الذي لا يُدرَى من رَمى به - فقلنا له: هنيئًا له الجنةُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلّا والذي نفسُ محمدٍ بيدِه، إِنَّ شَمْلتَه الآنَ لَتَحترِقُ

(2)

عليه في النار، غَلَّها من فَيْء المسلمين يومَ خيبر"، فجاء رجلٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فَزِعًا حين سَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك، فقال: يا رسول الله، أصبتُ شِراكَينِ لِنعلَين لي، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يُقَدُّ لك مثلُهما في النار"

(3)

.

= أبي أحمد الزبيري، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم برقم (2619) من طريق أبي حذيفة وأبي نُعيم عن سفيان الثوري.

(1)

حديث حسن، كما تقدم بيانه برقم (2618).

وأخرجه أبو داود (2983) عن عبّاس بن عبد العظيم، عن يحيى بن أبي بكير، بهذا الإسناد.

(2)

في (ص) و (م) و (ع) و"تلخيص المستدرك" للذهبي: لتحرق، بتاء واحدة.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار - وقد صرَّح بسماعه، وهو متابع.

وأخرجه ابن مَندَهْ في "معرفة الصحابة" 1/ 634 - 635، والخطيب في "الأسماء المبهمة" =

ص: 322

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، إنما اتفقا على حديث مالك، عن ثور بن زيد بهذا الإسناد: خَرجْنا إلى خَيبرَ، فلم نَغنمْ ذهبًا ولا فضةً، الحديث.

4396 -

حدّثني زيد بن علي بن يونس الخُزاعي بالكوفة، حدَّثنا الحسين بن محمد بن مصعب البَجَلي، حدَّثنا أحمد بن داود، حدَّثنا عَمْرو بن عبد الغفّار، حدَّثنا الأعمش، عن عَدِي بن ثابت، عن البراء بن عازِب قال: لما أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قتلُ جعفرٍ داخَلَه مِن

= ص 289 من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن مَنْده 1/ 634 - 635 عن أحمد بن عبد الله بن زياد القطان، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 356 من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني، كلاهما عن أحمد بن عبد الجبار، به.

وأخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 338 - 339، ومن طريقه بدر الدين بن جماعة في "مشيخته" 1/ 498، وتاج الدين السُّبكي في "معجم شيوخه" ص 247 - 248 عن زياد بن عبد الله البكّائي، والطبري في "تاريخه" 3/ 16 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"(533) عن جَرير بن عبد الحميد، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(2733) من طريق إبراهيم بن سعْد، أربعتهم عن محمد بن إسحاق، به.

وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه 12/ 495، ومن طريقه ابن حبان (4852) عن محمد بن فضيل، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن خُصيفة، عن سالم مولى ابن مطيع، به.

كذا سمى محمدُ بنُ فضيل شيخَ ابن إسحاق يزيدَ بن خُصيفة، وخالف بذلك سائر أصحاب ابن إسحاق كما ترى. مع أنَّ ابن خُصيفة ثقة أيضًا.

وأخرجه بنحوه البخاريّ (4234) و (6707)، ومسلم (115)، وأبو داود (2711)، والنسائي (4750) و (8710)، وابن حبان (4851) من طريق مالك بن أنس، ومسلم (115) من طريق عبد العزيز الدراوردي، كلاهما عن ثور بن زيد الدِّيلي، به. وفيه زيادة فائدة، وهي تسمية ذلك الغلام مِدْعَمًا.

والشَّمْلة: كساء يُتغطَّى به ويُتَلَقَّف فيه.

والشِّراك: أحد سُيور النعل التي تكون على وجهها.

وانظر لزامًا "فتح الباري" للحافظ ابن حجر 12/ 427 في شأن حضور أبي هريرة قسمة غنائم خيبر.

ص: 323

ذلك، فأتاه جبريلُ، فقال: إنَّ الله تعالى جعل لجعفرٍ جَناحَينَ مُضرَّجَين بالدَّمِ يطير بهما مع الملائكة

(1)

.

هذا حديث له طُرق عن البراء

(2)

، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل عمرو بن عبد الغفار - وهو الفقيمي - فهو متروك الحديث، واتهمه بعضُهم بالكذب. وقد أخطأ في إسناد هذا الحديث، فقد خالفه قُطْبة بن عبد العزيز، وهو ثقة صاحب كتاب، فرواه عن الأعمش - وهو سليمان بن مهران - عن عدي بن ثابت، عن سالم بن أبي الجعد مرسلًا، فهذا هو الصحيح في حديث الأعمش عن عدي بن ثابت، وإن كان الخبر صحيحًا من غير هذه الطريق، كما سيأتي بيانه.

وأخرجه الآجرّي في "الشريعة"(1718)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 147، وأبو طاهر المُخلِّص في "مُخلِّصياته"(1645) من طريقين عن عمرو بن عبد الغفار، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 104 و 14/ 518 عن يحيى بن آدم، عن قطبة بن عبد العزيز، عن الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن سالم بن أبي الجعد مرسلًا. ورجاله ثقات عن آخرهم، ولهذا قال المنذري في "الترغيب" 2/ 206: مرسل جيد الإسناد.

وفي الباب عن أبي هريرة مرفوعًا سيأتي عند المصنف برقم (5008)، ورجاله ثقات، لكنه اختُلف في وصله وانقطاعه كما سيأتي بيانه ثمة.

وعن ابن عبّاس مرفوعًا سيأتي عند المصنف برقم (4951) و (4997) من طرق، وقوَّى المنذريُّ في "ترغيبه" 2/ 206 والحافظُ في "الفتح" 11/ 149 بعض تلك الطرق.

وعن إسماعيل بن أبي خالد عن رجلٍ مرفوعًا عند ابن سعد في "طبقاته" 4/ 35، ورجاله ثقات، فإن كان الرجل المذكور صحابيًا فالإسناد صحيح، فقد روى إسماعيلُ عن بعض الصحابة ممَّن تأخرت وفاته.

وعن موسى بن عُقبة مرسلًا عند البيهقيّ في "دلائل النبوة" 4/ 364 - 365، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 2/ 10، ورجاله لا بأس بهم.

وعن عبد الله بن عمر عند البخاريّ (3709) و (4264)، والنسائي (8102): أنه رضي الله عنه كان إذا سَلَّم على عبد الله بن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين. وسيأتي عند المصنف برقم (4400).

(2)

مدارها جميعًا على عمرو بن عبد الغفار، وهو متروك كما تقدم، ولهذا قال الذهبي في "تلخيصه": كلها ضعيفة عن البراء.

ص: 324

4397 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق قال: حدَّثنا عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لما أتاهُ وفاةُ جعفرٍ عَرفْنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الحُزن، فدخل عليه داخِلٌ فقال: يا رسول الله، إنَّ النساء قد فَتَنَّنا أو غَلَبْنَنا، قال:"فارجِعْ إليهنَّ فَأَسكِتْهُنَّ" فذهبَ ثم رجع إليه، فردَّه ثلاثَ مراتٍ، قال:"فارجِعْ إليهنَّ، فإِن أَبَينَ فَاحْثُ فِي وُجُوهِهِنَّ الترابَ" قالت عائشة: فقلتُ في نفسي للرجُلِ: أَبعَدَكَ اللهُ، إني لأعلمُ ما أنت بمطيعٍ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وما تركتَ نفسَك حين عرفتَ أنك لا تستطيع أن تَحثِيَ في أفواهِهِنَّ الترابَ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه

(2)

.

4398 -

حدّثني محمد بن صالح بن هانئ حدَّثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدَّثنا محمد بن بشّار، حدَّثنا عبد الوهاب، حدَّثنا خالد الحَذّاء، عن عِكْرمة، عن أبي هريرة قال: ما احتذى النِّعالَ ولا انتَعلَ، ولا رَكِبَ المَطايا بعدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم،

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل ابن إسحاق: وهو محمد بن إسحاق بن يسار وهو متابع.

وأخرجه أحمد 43/ (26363) من طريق إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 40 / (24313)، والبخاري (1305) و (4263)، ومسلم (935)، وأبو داود (3122)، والنسائي (1986)، وابن حبان (3147) و (3155) من طريق عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة.

وسيأتي عند المصنف ذكر حزنه صلى الله عليه وسلم على جعفر مفردًا برقم (5000) من طريق يحيى بن محمد بن عباد الشجري عن ابن إسحاق.

وسيأتي برقم (5017) من طريق عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة ذكرُ حزنه صلى الله عليه وسلم على القادة الثلاثة في غزوة مؤتة.

(2)

يعني من طريق القاسم، وإلّا فقد أخرجاه من طريق عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة كما تقدَّم.

ص: 325

أفضلُ من جعفرِ بن أبي طالبٍ، صلى الله عليه وسلم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاريّ، ولم يُخرجاه.

4399 -

حدَّثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن شاذان الجَوهَري، حدَّثنا زكريا بن عَديّ، حدَّثنا عيسى بن يونس، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير، عن أبيه، قال: لما اشتدَّ جَزَعُ أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم على مَن قُتل يومَ مؤتةَ، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ليُدرِكَنَّ الدجالُ قومًا مثلَكم أو خَيرًا منكم - ثلاث مرات - ولن يُخزيَ اللهُ أُمَّةً أنا أولُها وعيسى ابن مَريم آخرُها"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، وصحَّحه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 11/ 148. عبد الوهاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي، وخالد الحَذّاء: هو ابن مِهران، وعكرمة: هو مولى ابن عبّاس.

وأخرجه الترمذي (3764)، والنسائي (8101) عن محمد بن بشّار، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.

وأخرجه أحمد 15/ (9353) من طريق وُهَيب بن خالد، عن خالد الحَذّاء، به. وقال في آخره: يعني في الجود والكرم.

وسيأتي برقم (4998) من طريق ابن خُزَيمة عن محمد بن بشار.

وأخرج البخاريّ (5432) من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب، ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته، حتى إن كان ليُخرج إلينا العُكّة ليس فيها شيء، فنشتقُّها فنلعقُ ما فيها.

قال الحافظ في "الفتح" 11/ 148: هذا التقييد يُحمل عليه المطلق الذي جاء عن عكرمة عن أبي هريرة.

(2)

رجاله ثقات، لكنه اختُلف فيه على عيسى بن يونس - وهو ابن أبي إسحاق السَّبيعي - في ذكر جُبَير بن نفير في إسناده، فرواه عنه زكريا بن عدي كما في رواية المصنف هنا فذكره، وخالفه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/ 298 و 14/ 517، وعلي بن سعيد بن مسروق الكندي عند الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(706)، فروياه عن عيسى بن يونس، فلم يذكُرا جُبَير بن نُفير، وهو الأشبه بالصواب، على أنَّ جُبَير بن نفير وابنه عبد الرحمن تابعيان، فالخبر مرسل على أي حالٍ، ومع ذلك فقد حسَّن الحافظُ إسنادَه في "الفتح" 11/ 12 بعد أن ذكر رواية ابن أبي شيبة!! وقال الذهبي في "تلخيصه" ذا مرسلٌ، وهو خبر منكر.

ص: 326

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4400 -

حدَّثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدَّثنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدَّثنا محمد بن أبي بكر، حدَّثنا عمر بن علي، عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر، قال: كان ابن عمر إذا حَيّا عبدَ الله بن جعفر قال: السلامُ عليكَ يا ابنَ ذي الجَنَاحَين

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد أخّرتُ فضائلَ جعفر بن أبي طالب لأَذكُرها في فضائلِ الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

4401 -

حدَّثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدَّثنا محمد بن عبد الله الحَضْرمي، حدَّثنا سعيد بن عمرو الأَشعَثِي، حدَّثنا عَبْثَر، عن حُصَين، عن الشَّعْبي، عن النُّعمان بن بَشير قال: أُغمي على عبد الله بن رَوَاحة فجعلتْ أختُه عَمْرةُ تَبكي: وا أُخيّاهُ، وا كذا وا كذا، تَعُدُّ عليه، فقال حينَ أفاقَ: ما قُلتِ شيئًا إِلَّا قيل لي: آنتَ كذلكَ؟

(2)

(1)

إسناده صحيح. محمد بن أبي بكر وعمر بن علي: هما المُقدَّميان، وعامر: هو الشَّعبي.

وأخرجه البخاريّ (4264) عن محمد بن أبي بكر المُقدَّمي، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه البخاريّ (3709)، والنسائي (8102) من طريق يزيد بن هارون، عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

(2)

إسناده صحيح. عَبثَر: هو ابن القاسم، وحُصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، والشَّعبي: هو عامر بن شَراحيل.

وأخرجه البخاريّ (4268) عن قتيبة بن سعيد عن عَبثَر بن القاسم، بهذا الإسناد. وزاد: فلما مات لم تَبكِ عليه. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه البخاريّ أيضًا (4267) من طريق محمد بن فضيل، عن حُصين، به. دون ذكر الزيادة المشار إليها. =

ص: 327

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!

4402 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدَّثنا يونس بن بُكَير، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: سمعتُ خالد بن الوليد يقول: لقد اندقَّ في يَدِي يومَ مؤتة تسعةُ

(1)

أسيافٍ، ما بقيَ في يَدِي إلَّا صَفِيحةٌ يَمانِيَةٌ

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد اتّفق الشيخانِ

(3)

على حديث حُميد بن هِلال عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مُؤتَة: "أخَذَ الرايةَ زيدُ بن حارثة أخَذَها فأُصِيبَ، ثم أَخَذَها جعفرٌ فأُصِيبَ، ثم أخَذَها عبدُ الله بن رَواحة فأُصِيبَ"، ثم إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثَ خالد بن الوليد إلى مؤتة.

4403 -

فحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا

= وقد خالفَ عَبْثرًا وابنَ فُضيل في إسناده سفيانُ بنُ عيينة عند عبد الرزاق (6697) فرواه عن حُصين، عن الشَّعبي، مرسلًا!!

وأخرج ابن سعد نحوه في "طبقاته" 3/ 490 من مرسل أبي عمران الجَوْنِي، إلّا أنه ذكر فيه أنَّ النائحة كانت أمّه لا أخته. ورجاله ثقات، لكن خطَّأ الحافظُ في "الفتح" 12/ 485 ذِكرَ أمّه، وقال: فلو كانت أمُّه تُسمَّى عمرة لَجوّزتُ وقوعَ ذلك لهما.

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: سبعة، وجاء على الصواب في رواية البيهقيّ في "دلائل النبوة" 4/ 373 عن أبي عبد الله الحاكم، ورجل آخر مقرون معه، وهو الموافق لما جاء في سائر مصادر تخريج هذا الخبر.

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن عبد الجبار - وهو العُطاردي - وقد توبع.

وأخرجه البخاريّ (4265) من طريق سفيان الثوري، و (4266) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وابن حبان (7089) من طريق سفيان بن عيينة، ثلاثتهم عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

والصَّفيحة: السيف العَريض.

(3)

لم يتفق الشيخان على إخراج حديث أنس هذا، بل انفرد بإخراجه البخاريّ (1246).

ص: 328

يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق قال: حدّثني عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حَزْم، عن عامر بن عبد الله بن الزُّبير، عن أم سلمة: أنها قالت لامرأةِ سلمة بن هِشام بن المُغيرة: ما لي لا أرى سلمةَ يَحضُر الصلاةَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع المسلمين؟ قالت: والله ما يستطيعُ أن يَخرُجَ، كلّما خَرَجَ صاحَ به الناسُ يا فُرّارُ، أفَرَرتُم في سبيل الله؟! حتى قعدَ في بيتِه فما يَخرُج، وكان في غزوة مُؤتةَ مع خالدِ بن الوليد

(1)

.

(1)

رجاله لا بأس بهم، لكن عامر بن عبد الله بن الزبير لم يسمعه من أم سلمة كما تُوهمه رواية الحاكم هنا، وقد ساق الحاكم إسنادَ هذا الخبر في رواية البيهقيّ عنه في "الدلائل" 4/ 374 بسياقةٍ أضبط مما ساقه هنا، حيث قال: عن عامر بن عبد الله بن الزبير أنَّ أمَّ سلمة قالت لامرأة سلمة بن هشام. وكذلك جاء في رواية ابن الأعرابي وضوان بن أحمد عن أحمد بن عبد الجبار، وهذا أوفَقُ لرواية سائر من روى هذا الخبر عن ابن إسحاق، فقد ذكروا جميعًا في رواياتهم أنَّ عامرًا يرويه عن بعض آل الحارث بن هشام: أنَّ أمَّ سلمة قالت لامرأة سلمة بن هشام. وهذا أيضًا ليس فيه تصريح بسماع ذلك الرجل المبهم للخبر من أم سلمة، ففيه إبهام وإرسال، وقد روى الواقدي هذا الخبر في "مغازيه" 2/ 765 عن مصعب بن ثابت، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: كان في ذلك البعث سلمة بن هشام بن المغيرة، فدخلت امرأته على أم سلمة

فإن ثبت كون ذلك الرجل المبهم أبا بكر بن عبد الرحمن فهو ثقة مشهور، ثم هو معروف بالرواية عن أم سلمة، لكن لم يقع في شيء من طرق هذا الخبر تصريح بتحديث أم سلمة لأبي بكر أو غيره، بل جميع طرقه مُشعِرة بإرساله، فالله أعلم بالصواب.

وأخرجه البيهقيّ في "دلائل النبوة" 4/ 374 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن مَنْدَهْ في "معرفة الصحابة" 1/ 700 عن أبي العباس محمد بن يعقوب، به.

وأخرجه ابن مَنْدَهْ 1/ 700 أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي، وابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 427 من طريق أبي الحسين رضوان بن أحمد الصيدلاني، كلاهما عن أحمد بن عبد الجبار، به.

وأخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 382 عن زياد بن عبد الله البكّائي، والطبري في "تاريخه" 3/ 42 من طريق سلمة بن الفضل الأبرشي، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(3417) =

ص: 329

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4404 -

أخبرنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدَّثنا الحسن بن الجَهم، حدَّثنا الحسين بن الفَرَج، حدَّثنا الواقِديّ، حدَّثنا خالد بن إلياسَ عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: لقد كان بيني وبين ابن عَمٍّ لي كلامٌ فقال: ألا فِرارَك يومَ مُؤتةَ، فما دَريتُ أيَّ شيءٍ أقولُ له

(1)

.

4405 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، عن المُنذر بن ثَعلبة، عن عبد الله بن بُريدة، عن أبيه قال: بعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في غزوة ذات السَّلاسل، وفيهم أبو بكر وعمر، فلما انتهَوا إلى مكانِ الحربِ أمَرَهم عَمرو أن لا يُنوِّروا نارًا، فغضبَ عمرُ وهَمَّ أن ينالَ منه، فنهاهُ أبو بكر وأخبره أنه لم يستعملْه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليكَ إِلَّا لِعِلْمِه بالحَرْب، فهَدَأَ عنه عمرُ

(2)

.

= من طريق إبراهيم بن سعد الزُّهْري، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن بعض آل الحارث بن هشام - وهم أخواله - عن أم سلمة قال: قالت أم سلمة لامرأة سلمة بن هشام

وأخرجه الواقدي في "المغازي" 2/ 765 عن مصعب بن ثابت، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، قال: كان في ذلك البعث سلمة بن هشام بن المغيرة، فدخلت امرأته على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت أم سلمة ..

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل الواقدي - وهو محمد بن عمر وشيخه خالد بن إلياس.

وهو في مغازي "الواقدي" 2/ 765.

(2)

رجاله لا بأس بهم لكنه مرسلٌ، وقد وهم الحاكم رحمه الله هنا في كتابه هذا في إسناد الخبر في موضعين، فذكر فيه ابنَ إسحاق، ووصلَه بذكر بريدة الأسلمي، وإنما يرويه يونس بن بكير عن المنذر بن ثعلبة مباشرة عن عبد الله بن بريدة مرسلًا، وقد رواه البيهقيّ في "سننه الكبرى" 9/ 41، وفي "دلائل النبوة" 4/ 400 عن أبي عبد الله الحاكم، فأتى بالإسناد على الصواب، فلم يذكر ابنَ إسحاق فيه ولا بُريدة، فوافق في ذلك رواية رضوان بن أحمد الصيدلاني عن أحمد بن عبد الجبار. وكذلك رواه وكيع بن الجراح، عن المنذر بن ثعلبة، عن عبد الله بن بريدة مرسلًا. =

ص: 330

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4406 -

حدّثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدَّثنا محمد بن أحمد بن النَّضْر الأزدي، حدَّثنا معاوية بن عمرو، حدَّثنا أبو إسحاق الفَزَاري، عن محمد بن أبي حَفْصة، عن الزُّهْري، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابن عبّاس، قال: كان الفتحُ لثلاثَ عشرةَ خَلَتْ من شهرِ رمضانَ

(1)

.

= فأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 46/ 145 - 146 من طريق أبي بكر البيهقيّ، عن أبي عبد الله الحاكم، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، ومن طريق أبي طاهر المُخلِّص، عن رضوان بن أحمد الصيدلاني، كلاهما أحمد عن بن عبد الجبار، عن يونس بن بُكَير، عن المنذر بن ثعلبة، عن عبد الله بن بريدة مرسلًا.

وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 5/ 55، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 12/ 531، وإسحاق بن راهويه كما في "المطالب العالية" للحافظ ابن حجر (2148) عن وكيع بن الجراح، عن المنذر بن ثعلبة، عن عبد الله بن بريدة مرسلًا.

ويشهد له مرسل قيس بن أبي حازم عند ابن سعد في "الطبقات" 5/ 54، وابن أبي شيبة 12/ 531 و 14/ 343، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 46/ 144 و 145، ووصله ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(84)، وابن حبان (4540)، وابن عساكر 2/ 27 و 46/ 144 بذكر عمرو بن العاص في إسناده، والأشبه إرساله، وإن كان قيس له رواية معروفة عن عمرو بن العاص، فإن ثبت سماعه لهذا الخبر منه فالإسناد صحيح، والله تعالى أعلم، وليس في حديث قيس بن أبي حازم ذكر لعمر بن الخطاب رضي الله عنه.

(1)

رجاله لا بأس بهم، لكن وهم محمد بن أبي حفصة في جعله هذا من قول ابن عبّاس، إنما هو من قول الزُّهْري، فيما جزم به البيهقيُّ في "دلائله" 5/ 23، بدليل رواية معمر عن الزُّهْري عند عبد الرزاق (9738)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1113) حيث روى قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم لفتح مكة، ففصَل فيه رواية ابن عبّاس في خروج النبي صلى الله عليه وسلم لفتح مكة عن قول الزُّهْري في بيان وقت الفتح، فأدرج ابن أبي حفص قول الزُّهْري ضمن خبر ابن عبّاس، واقتصر المصنِّف هنا على القسم المُدرج، فلم يُحسِن.

على أنه اختُلف فيه على الزُّهْري أيضًا، فخالف معمرًا فيه يونسُ بن يزيد الأيلي عند البيهقيّ في "الدلائل" 5/ 23 - 24 فروى عن الزُّهْري: أنَّ الفتح كان لثلاث عشرة بقيت من رمضان. وهذا فرق بيِّن بين الروايتين. =

ص: 331

4407 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني الزُّهري، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن ابن عبّاس، قال: مضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عامَ الفتح حتى نَزَلَ مَرَّ الظَّهْران في عشرة آلاف من المسلمين، فَسَبَّعتْ سُليمٌ وألَّفتْ مُزَينةُ، وفي كلِّ القبائل عددٌ وإسلامٌ، وأوعَبَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجِرُون والأنصارُ، فلم يَتَخَلّف عنه منهم أحدٌ، وقد عُمِّيتَ الأخبارُ على قُريش، فلا يأتيهم خَبرُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ولا يَدْرُون ما هو صانعٌ.

وكان أبو سفيان بن الحارث وعبدُ الله بن أبى أُميّة بن المغُيرة قد لَقِيا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بثَنِيّةِ

(1)

العُقاب فيما بين مكة والمدينة، فالْتَمَسا الدخولَ عليه، فكلّمَتْه أمُّ سلمة، فقالت: يا رسول الله، ابن عَمِّك وابن عَمَّتِك وصِهْرُك، فقال:"لا حاجةُ لي فيهم، أما ابن عَمِّي فهَتَكَ عِرْضِي، وأما ابن عمّتي وصِهْري فهو الذي قال لي بمكة ما قالَ"؛

= وقد روى محمد بن إسحاق عن الزُّهْري عن عُبيد الله عن ابن عبّاس قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم لفتح مكة، وأرَّخ الخروج من المدينة للفتح بأنه كان لعشر خلون من رمضان، وهو مدرج أيضًا في الرواية عن ابن عبّاس؛ أعني تاريخ الخروج، كما جزم به البيهقيّ أيضًا في "الدلائل" 5/ 20، مستدلًّا برواية صدقة بن سابِق عن ابن إسحاق التي اقتصر فيها ابن إسحاق على ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلم للفتح من قوله هو دون ذكر القصة. وهو كما قال البيهقيّ، لأنَّ جماعة أصحاب الزُّهْري كمعمر وعُقيل بن خالد والليث وابن جريج وغيرهم ممَّن روى عنه قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم لفتح مكة لم يذكروا فيها تاريخ الخروج ولا تاريخ الفتح، فبانَ بذلك أنَّ ما ذكره ابن أبي حفصة وابن إسحاق ليس في خبر ابن عبّاس، إنما هو مدرج فيه، والله أعلم.

وأخرجه أحمد 4/ (2500) عن معاوية بن عمرو، بهذا الإسناد.

وانظر ما بعده.

وانظر لزامًا كلام الحافظ في "فتح الباري" 12/ 496 - 497.

(1)

كذا جاء في رواية يونس بن بُكير هنا وفي أسد الغابة" 3/ 73 كما نبَّه على ذلك مُحقِّقه، وفي رواية غيره عن ابن إسحاق: بنيق العقاب، وهو الصحيح كما بينه محقق "أسد الغابة".

ص: 332

فلما خرج الخبرُ إليهما بذلك، ومع أبي سفيان بن الحارث ابنٌ له فقال: والله لَيأْذَنَنَّ رسولُ صلى الله عليه وسلم أو لأخُذَنّ بيَدِ ابني هذا، ثم لَنَذْهَبنّ في الأرض حتى نموتَ عَطَشًا أو جُوعًا، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم رقَّ لهما، فدخَلا عليه.

فأنشدَه أبو سفيان قولَه في إسلامِه واعتذارِه ممّا كان مَضى منه، فقال:

لَعَمرُكَ إني يومَ أحملُ رايةً

لتَغلِبَ خَيلُ اللَّاتِ خَيلَ محمدِ

لَكالمُدْلِجِ الحَيرانِ أظْلَمَ لَيلُهُ

فهذا أَوانُ الحقِّ أُهدَى وأَهتَدِي

فقُل لثَقِيفٍ: لا أريدُ قِتالَكم

وقُل لثَقِيفٍ: تلك عندي فأوعِدِ

هدانيَ هادٍ غيرُ نفسِي ودَلَّني

إلى الله مَن طَرَّدتُ كلَّ مُطَرَّدِ

أَفِرُّ سريعًا جاهدًا عن محمدٍ

وأُدعى ولو لم أَنتَسِبْ لمحمّدِ

همُ عُصبةٌ مَن لم يَقُلْ بِهَواهُمُ

وإن كان ذا رأي يُلَمْ ويُفنَّدِ

أريدُ لِأُرضِيهِمْ ولستُ بِلائطٍ

(1)

معَ القومِ ما لم أُهدَ في كلِّ مَقعَدِ

فما كنتُ في الجيش الذي نالَ عامرًا

ولا كَلَّ عن خَيرٍ لِساني ولا يَدي

قَبائلُ جاءتْ من بلادٍ بعيدةٍ

تَوابِعُ جاءت من سِهامٍ وسُرْدَدِ

(2)

وإنَّ الذي أخرجتُمُ وشَتمتُمُ

سيَسْعى لكُم سَعْيَ امرئٍ غيرِ قُعْدُدِ

قال

(3)

: فلما أَنشَدَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: إلى الله مَن طَرّدتُ كلَّ مُطرَّدِ، ضربَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في صَدْرِه، فقال:"أنت طَرَّدتني كلَّ مُطرَّدٍ".

(1)

تحرَّف في (ص) و (ع) إلى: بلافظ. واللائط: المُلصَق.

(2)

تحرَّف في (ز) و (م) و (ب) إلى: سودد، بالواو، والمثبت على الصواب من (ص) و (ع)، وداله الأولى تُضم وتُفتح كما في "معجم البلدان"، وقال السُّهيلي في "الروض الأُنف" 4/ 98: سهام وسُرْدَد موضعان من أرض عَكّ. يعني في اليمن.

(3)

القائل هو ابن إسحاق كما تشير إليه رواية البيهقيّ في "دلائل النبوة" 5/ 28 عن أبي عبد الله الحاكم، وتوضحه الروايات الأخرى عن ابن إسحاق التي صدّرها ابن إسحاق بقوله: فزعموا أنه حين أنْشَدَ رسولَ الله

أو فذكروا أنه حين

ص: 333

قال ابن إسحاق: ماتت أم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبْواء، وهي تَزُور أخوالَها من بني النَّجّار

(1)

.

(1)

إسناده حسن من أجل ابن إسحاق: وهو محمد بن إسحاق بن يسار. وقد صحَّحه الحافظُ ابن حجر في "المطالب العالية"(4301).

وأخرجه البيهقيّ في دلائل النبوة 5/ 27 عن أبي عبد الله الحاكم وأبي بكر الحيري، كلاهما عن أبي العباس محمد بن يعقوب، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن الأثير في أسد الغابة 3/ 73 و 5/ 145 من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار، به.

وأخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 400 عن زياد بن عبد الله البَكّائي، والطبراني في "المعجم الكبير" 8/ (7264) من طريق محمد بن سلمة الحَرَّاني، كلاهما عن محمد بن إسحاق، به، مع زيادات ليست في رواية المصنف.

وأخرجه أحمد 4/ (2394)، وأبو نُعيم في معرفة الصحابة" (6231) من طريق إبراهيم بن سعد الزُّهْري، عن محمد بن إسحاق به. أما أحمد فاقتصر في روايته على ذكر نزوله صلى الله عليه وسلم بمرِّ الظهران ومعه عشرة آلاف من المسلمين، وأما أبو نعيم فاقتصر على ذكر قصة أبي سفيان بن الحارث وعبد الله بن أبي أمية، وذكر لأبي سفيان في اعتذاره أبياتًا غير الأبيات المذكورة هنا. وعندهما زيادات ليست في رواية المصنف هنا أيضًا.

وأخرجه الطبري 3/ 49 - 50 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، ومحمد بن يحيى الذُّهلي في "الزُّهْريات" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (4603)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 319، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 11/ (145) من طريق عبد الله بن إدريس، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"(4603) من طريق جَرير بن حازم، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، به دون قصة إسلام أبي سفيان بن الحارث وابن أبي أمية وشِعر أبي سفيان في اعتذاره. ولهم زيادات أيضًا في قصة الفتح ليست في رواية المصنف هنا.

وأخرجه مختصرًا أحمد 5/ (3089)، والبخاري (4276) من طريق معمر بن راشد، عن الزُّهْري، به. بذكر خروجه صلى الله عليه وسلم من المدينة في رمضان للفتح ومعه عشرة آلاف على رأس ثمان سنين ونصف من مَقدمِه المدينة.

وأخرج الطبري في "تاريخه" 3/ 50 قصة إسلام أبي سفيان وابن أبي أمية، من طريق سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن العباس بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب، عن =

ص: 334

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

وأبو سفيان بن الحارث أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرَّضاعة أرضَعَتْهما حليمةُ، وابنُ عمِّه، ثم عامَلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بمعامَلاتٍ قَبيحةٍ وهَجَاه غيرَ مرةٍ، حتى أجابه حسّان بن ثابت بقصيدته التي يقول فيها:

هَجَوتَ محمدًا وأجَبتُ عنهُ

وعندَ اللهِ في ذاكَ الجزاءُ

الحديث والقصيدة بطولهما مخرّج في الصحيح لمسلم رحمه الله تعالى

(1)

، وقد كان حسانُ بن ثابت يستأذنُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن يَهجُوَه، فلا يأذنُ له

(2)

.

4408 -

حدَّثنا أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدَّثنا أبو داود سليمان بن الأَشْعث، حدَّثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدّثني أحمد بن المفضّل، حدَّثنا أسباطُ

= ابن عباس. ويغلب على الظن أنه سقط من هذا الإسناد الواسطة بين ابن عباس والراوي عنه، فقد أخرج أبو داود (3022) بعض قصة الفتح عن محمد بن عمرو الرازي، عن سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن العباس بن عبد الله، عن بعض أهله، عن ابن عبّاس. وقد اجتمع عند ابن إسحاق لهذه القصة إسنادان كل منهما ينتهي إلى ابن عبّاس.

ومَرُّ الظَّهْران: وادٍ من أودية الحجاز، يأخذ مياه النخلتين فيمر شمال مكة على بعد 22 كم، ويصب في البحر جنوب جدة بقرابة 20 كم.

وسبَّعت سُليم وألَّفت مُزينة: كَمَلَت سُليم سبع مئة رجل وكَمَلَت مُزينة ألف رجل.

وعُمِّيت الأخبارُ: أُخفيت.

وهتك عرضي: يعني أنه هجا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.

والمُدلِجُ: الذي يسير بالليل.

ويُفنَّد: يُلام ويكذّب.

وأوعِد، أي: هَدِّد.

والقُعْدد، بضم الدال الأولى وفتحها: اللئيم في حَسَبه، القاعد عن الحرب والمكارم.

وطَرَّدتُ كلَّ مُطَرَّد: أي: أبْعَدتُه وبالغتُ في إبعاده وطرده.

(1)

هو عند مسلم برقم (2490) من حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.

(2)

أخرجه مسلم أيضًا (2489) من حديث عائشة كذلك.

ص: 335

ابن نَصْر، قال: زَعَمَ السُّدِّيُّ، عن مُصعب بن سَعْد، عن سعدٍ قال: لما كان يومُ فتح مَكةَ اختَبأ عبدُ الله بن سَعْد بن أبي سَرْحٍ عند عثمان بن عفان، فجاءَ به حتى أوقَفَه على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ الله، بايعْ عبدَ الله، فرفع رأسَه فنَظَر إليه ثلاثًا، ثم أقبَلَ على أصحابِه، فقال:"أما كان فيكُم رجلٌ رَشِيدٌ يقومُ إلى هذا حين رآني كَفَفْتُ يدي عن بَيعَتِه فيَقْتُلَه؟ " فقالوا: ما نَدري يا رسول الله ما في نفسك، ألَا أَومأْتَ إلينا بعَينِك؟ فقال:"إنه لا يَنبَغي لِنبي أن تكون له خائنةُ الأَعيُنِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4409 -

حدثناه بكر بن محمد الصيرفي بمَرْو، حدَّثنا إبراهيم بن هلال، حدَّثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، حدَّثنا الحُسين بن واقِد، عن يزيد النَّحوي، عن عِكْرمة، عن ابن عبّاس، قال: كان عبدُ الله بن أبي سَرْح يكتب لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأزلَّه الشيطان فلَحِقَ بالكُفّار، فأمر به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُقتل، فاستجارَ له عثمانُ فأجارَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

صحيح على شرط البخاريّ، ولم يُخرجاه.

4410 -

فحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدَّثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني شُرَحْبيل بن سَعْد، قال: نزلتْ في عبد الله بن أبي سَرْحٍ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [الأنعام: 93]، فلما دخَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مكةَ فَرَّ إلى عثمان بن عفان، وكان أخاه من الرَّضاعة، فَغَيَّبه عنده حتى اطمأن أهل مكة، ثم

(1)

إسناده حسن من أجل أسباط بن نَصْر والسُّدِّي: واسمه إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كَريمة. وهو في "سنن أبي داود"(2683) و (4359).

وأخرجه النسائي (3516) عن القاسم بن زكريا بن دينار، عن أحمد بن المفضَّل، بهذا الإسناد.

وخائنة الأعيُن: أن يُضمر في قلبه غير ما يُظهره للناس.

(2)

حديث قوي، وهذا إسناد حسن من أجل إبراهيم بن هلال - وهو ابن عمر البُوزَنْجِرْدي - وقد توبع فيما تقدم برقم (3401). والحسين بن واقد قوي الحديث.

ص: 336

أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأمَنَ

(1)

.

قال الحاكم: قد صحّتِ الرواية في الكتابَين

(2)

أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرَ قبلَ دخولِه مكةَ بقتلِ عبد الله بن سَعْد وعبد الله بن خَطَل، فمن نَظَر في مَقتَل أمير المؤمنين عثمان بن عفّان وجِنايات عبد الله بن سَعْد عليه بمصر إلى أن كان من أمرِه ما كان، عَلِمَ أَنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان أعرفَ به.

4411 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدَّثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: حدَّثنا يحيى بن عَبّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عَبّاد بن عبد الله، عن أسماء بنت أبي بكر الصِّدِّيق، قالت: لما كان عامُ الفَتحِ ونزلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذا طُوى، قال أبو قُحافةَ لابنةٍ له - وكانت أصغرَ ولدِه -: أي بُنيّةُ، أَشْرفي بي على أبي قُبَيس - وقد كُفَّ بصرُه - فأشرفَتْ به عليه، فقال: أي بُنيّةُ، ماذا تَرَين؟ قالت: أرى سَوادًا مجتمِعًا، وأَرى رجلًا يشتدُّ

(3)

بين ذلك السَّواد مُقبِلًا

(1)

إسناده ضعيف لضعف شُرَحْبيل بن سَعْد، وهو تابعي فخبره هذا مُرسَل، على أنَّ قصة ابن أبي سرح قد صحَّت من غير هذا الطريق كما في الحديثين المتقدمين قبله.

وأخرجه الواحدي في أسباب النزول (4421) عن أبي القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن عبدان الكحال، عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وقد رُوي نحو ما جاء هنا من أنَّ الآية نزلت في عبد الله بن أبي سَرْح عن السُّدِّي مرسلًا عند الطبري في "تفسيره" 7/ 273، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1346، ورجاله لا بأس بهم.

وروي عن عكرمة مرسلًا أيضًا بإسناد لا بأس به عند الطبري 7/ 273: أنَّ الذي نزل في عبد الله بن أبي سَرْح من الآية قوله سبحانه: {وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} ، وأنَّ بقيتها نزل في مُسيلمة اليَماميّ الكذاب.

(2)

يريد بالكتابين صحيحي البخاريّ ومسلم والخبر على هذا الوجه ليس عندهما، وهو مخرَّج في "السنن"، وقد سلف عند المصنف برقم (2360) من حديث سعد بن أبي وقاص، والذي عند البخاريّ (1846) ومسلم (1357) من حديث أنس بن مالك: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة عام الفتح جاءه رجل فقال: إنَّ ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال:"اقتلوه".

(3)

كذلك جاء في رواية البيهقيّ في "دلائل النبوة" 5/ 95 عن أبي عبد الله الحاكم ورجل آخر =

ص: 337

[ومُدبِرًا]

(1)

، فقال: تلك الخَيلُ يا بُنيّة، ثم قال: ماذا تَرَين؟ فقالت: أرى السَّواد قد انتشَرَ، فقال: إذًا واللهِ دُفِعَتِ الخَيلُ، فأسرِعى بي يا بُنيّةُ إلى بيتي، فَخَرجَتْ سريعًا حتى إذا هَبَطَتْ به إلى الأبْطَحِ؛ وكان في عنقها طَوقٌ لها من وَرِق، فاقتطعه إنسانٌ من عُنُقِها، فلما دخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسجدَ خرجَ أبو بكر حتى جاءَ بأبيهِ يَقُودُه، فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال:"هَلَا تَركْتَ الشيخَ في بَيتِه حتى أَجِيئَه" فقال: يَمْشي هو إليكَ يا رسول الله أحقُّ مِن أن تمشيَ إليه، فأجلَسَه بين يَدَيه، ثم مَسَحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صَدْرَه، وقال:"أسلِمْ تَسلَمْ" فأسلَمَ، ثم قامَ أبو بكر فأخذَ بيدِ أُختِه، فقال: أَنشُدُ باللهِ والإسلامِ طَوقَ أُختي، فواللهِ ما جاء به أحدٌ، ثم قال الثانيةَ: أنشُدُ باللهِ والإسلامِ طَوقَ أُختي، فما جاء به أحدٌ، فقال: يا أُخيّةُ، احتَسِبي طَوقَكِ، فواللهِ إِنَّ الأمانةَ في الناس لَقليلٌ

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4412 -

حدَّثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب الطُّوسي، حدَّثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، حدَّثنا سليمان بن حَرْب، حدَّثنا حماد بن زيد، حدَّثنا أيوب، حدَّثنا

= عن أبي العباس، وهو الموافق لرواية رضوان من أحمد الصيدلاني عن أحمد بن عبد الجبار عند ابن الأثير في أسد الغابة 3/ 478، وفي أصول "المستدرك": يَسْري، وما أثبتناه أوجَهُ.

(1)

قوله "ومدبرًا" أثبتناه من رواية البيهقيّ عن الحاكم، وهو ثابت في رواية رضوان بن أحمد عن أحمد بن عبد الجبار.

(2)

إسناده حسن من أجل ابن إسحاق.

وأخرجه أحمد 44/ (26956)، وابن حبان (7208) من طريق إبراهيم بن سعد الزُّهْري، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

ذو طُوى: موضع بمكة، وهو وادٍ من أوديتها، يسيل في سفوح جبل أذاخر والحَجْون من الغرب.

وأبو قُبيس: جبل من جبال مكة يُشرف على المسجد الحرام من مطلع الشمس.

والأبطح: مكان كان ينزل فيه الحاجُّ إذا رجع من منى، وهو جِزْعٌ من وادي مكة بين المُنحنى إلى الحَجُون، ثم تليه البطحاء إلى المسجد الحرام.

ص: 338

أبو قِلابة، عن عَمرو بن سَلِمةَ، ثم قال: هو حيٌّ، ألا تَلْقاهُ فتسمعَ منه، فلقيتُ عَمرًا، فحدّثني بالحديث، قال: كنا بممرِّ الناسِ فتُحدِّثُنا الرُّكبانُ، فنسألُهم ما هذا الأمرُ، وما لِلناس؟ فيقولون: نبيٌّ زَعَمَ أَنَّ الله تعالى أرسلَه، وأنَّ الله أوحَى إليه كذا وكذا، وكانت العربُ تَلَوَّمُ بإسلامها الفتحَ، ويقولون: انظُروه، فإن ظهرَ فهو نبيٌّ فصَدِّقُوه، فلما كانَ وقعةُ الفتحِ بادَرَ كلُّ قومٍ بإسلامهم، فانطَلقَ أبي بإسلامهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقَدِم فأقامَ عنده كذا وكذا، ثم جاء مِن عنده فتلقَّيناهُ، فقال: جئتُكم من عند رسول الله حَقًّا، وإنه يأمرُكم بكذا وكذا، فإذا حَضَرتِ الصلاةُ فليُؤذِّنْ أحدُكم وليَؤمَّكُم أكثرُكم قرآنًا، فنَظَروا فلم يَجِدُوا أكثرَ قُرآنًا مني، فقدَّموني، وأنا ابن سبعِ سنين أو ستِّ سنين، فكنتُ أصلِّي فإذا سجدتُ تَقلّصتْ بُردةٌ عليَّ، قال: تقولُ امرأَةٌ من الحيّ: غَطُّوا عنّا اسْتَ قارِئِكم، قال: فكُسِيتُ مُعَقَّدَةً من مُعَقَّد البَحرَينِ

(1)

بستةِ دراهمِ أو سبعةٍ، فما فَرِحتُ بشيءٍ كَفَرَحي بذلك

(2)

.

(1)

كذلك جاء في رواية البيهقيّ في "دلائل النبوة" 5/ 111، وفي "معرفة السنن والآثار" 4/ (5777) عن أبي عبد الله الحاكم، وهو الموافق لما في مصادر تخريج الحديث التي ذكرت هذا الحرف، وهو المعروف في كتب اللغة حيث جاء فيها أنَّ المُعقَّد بُرد من بُرود هَجَر. قلنا: وهجرُ اسم كان يطلق قديمًا على بلاد البحرين، وهي المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية. وجاء في أصول "المستدرك": اليمن بدل البحرين، ويغلب على ظننا أنها تحريف عن البحرين، والله أعلم.

(2)

إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وأبو قِلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي.

وأخرجه بطوله البخاريّ (4302)، والنسائي (1612) من طريق عن سليمان بن حرب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 33/ (20333) عن إسماعيل ابن عُليّة، و 34/ (20685) من طريق شعبة بن الحجاج، وأبو داود (585) من طريق حماد بن سلمة، والنسائي (866) من طريق سفيان الثوري، أربعتهم عن أيوب السَّختياني، عن عمرو بن سلمة، دون ذكر أبي قلابة.

وأخرجه مختصرًا جدًّا أحمد 25/ (15902) و 23/ (20334) و 34/ (20687) من طريق خالد الحذاء، عن أبي قلابة به. =

ص: 339

قد روى البخاريّ هذا الحديث عن سليمان بن حَرْبٍ مختصرًا فأخرجتُه بطوله!

4413 -

أخبرني دَعلَج بن أحمد السِّجْزي، حدَّثنا أحمد بن علي الأبّار، حدَّثنا عبد الله بن أبي بكر المُقدَّمي، حدَّثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس، قال: دخلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مكةَ يومَ الفتحِ وذَقَنُه على رَحْلِه مُتخشِّعًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4414 -

حدَّثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدَّثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن صاعِد، حدَّثنا إسماعيل بن أبي الحارث، حدَّثنا جعفر بن عَوْن، حدَّثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن أبي مسعودٍ: أَنَّ رجلًا كَلَّم النبيّ صلى الله عليه وسلم يومَ الفتح، فأخذَتْه الرِّعْدةُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هَوِّنْ عليكَ، فإنما أنا ابن امرأةٍ من قُريش كانت تأكُلُ القَدِيدَ"

(2)

.

= وأخرجه مختصرًا أيضًا النسائي (845) من طريق عاصم بن سليمان الأحول، عن عمرو بن سَلِمة.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن أبي بكر المُقدَّمي، وقد تفرد به عن جعفر بن سليمان ذلك صححه الذهبي في "تاريخ الإسلام" 1/ 370 مع أنه أورده في "الميزان" في منكرات عبد الله بن أبي بكر المقدّمي، وقد قال ابن عدي في "الكامل" بعد أن أورده في ترجمة المقدَّمي أيضًا: قد رأيتُ من رواه عن جعفر غير المُقدَّمي! قلنا: لم نقف عليه من غير رواية المُقدَّمي أيضًا، ووقفنا عليه من مرسل عدة من التابعين بسند لا بأس به، فيتحسّن الخبر إن شاء الله.

وأخرجه البيهقيّ في "دلائل النبوة" 5/ 68 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده"(3393)، وعنه ابن عدي في "الكامل" 4/ 259، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 80 عن عبد الله بن أبي بكر المقدَّمي، به. وسيتكرر برقم (8086).

ويشهد له مرسلُ عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم وابن أبي نجيح ويحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عند ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 405، وابن المبارك في "الزهد" برواية نعيم بن حماد (194)، ورجاله لا بأس بهم.

وهو عند الواقدي في "المغازي 2/ 24 من مسند أبي هريرة أيضًا، لكنه لم يتابَع عليه.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف في وصله وإرساله كما قدَّمنا بيانه برقم (3775)، =

ص: 340

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4415 -

حدَّثنا أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدَّثنا الحسن بن مُكْرَم، حدَّثنا عثمان بن عمر، حدَّثنا عبد الله بن عامر الأَسلَمي، عن محمد بن المُنكَدِر، عن جابر، قال: نَدَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوم حُنين الأنصارَ، فقال:"يا معشرَ الأنصار" فأجابُوه: لبَّيك بأبينا أنت وأُمّنا يا رسول الله، قال:"أقبِلُوا بوجُوهِكم إلى الله وإلى رسوله يُدخلْكم جناتٍ تجري من تحتِها الأنهارُ" فأقبَلُوا ولهم حَنِينٌ حتى أحدَقُوا به كَبْكبةً تَحَاكُّ مَناكِبُهم، يُقاتِلون حتى هزمَ اللهُ المشركين

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= وأحمد بن محمد بن صاعد متابَع.

وأخرجه ابن ماجه (3312) عن إسماعيل بن أبي الحارث بهذا الإسناد

وأخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 7/ 264 من طريق محمد بن إسماعيل ابن عُلَيّة، عن جعفر بن عون، به. ومحمد بن إسماعيل ابن عُلَيّة ثقة.

وأخرجه ابن عدي 6/ 286 من طريق محمد بن الوليد بن أبان القلانسي، عن جعفر بن عون، به. لكن محمد بن الوليد هذا متهم بوضع الحديث وسرقته كما قال ابن عدي، ولهذا يقول ابن عدي: هذا الحديث سرقه ابن أبان من إسماعيل بن أبي خالد، وسرقه منه أيضًا عُبيد بن الهيثم الحلبيّ.

(1)

حديث صحيح دون قوله: "أقبِلُوا بوجوهكم إلى الله وإلى رسوله يدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار"، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن عامر الأسلمي، وقد جاء عند جابر من وجه آخر بإسناد حسن دون الحرف المشار إليه، وله ما يشهد له.

وأخرجه بنحوه البيهقيّ في "دلائل النبوة" 5/ 129، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 266 من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: حدّثني عاصم بن عمر بن قَتَادة، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه جابر، زاد ابن إسحاق في روايته عند ابن الأثير: وعمرو بن شعيب والزُّهْري وعبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم وعبد الله بن المكرم بن عبد الرحمن الثقفي عن حديث حنين. وإسناد حديث جابر بن عبد الله حسن، وروايات ابن إسحاق الأخرى كلها مرسلة.

ويشهد له حديث أنس الذي بعده.

وحديث العباس بن عبد المطلب الآتي برقم (5505).

ص: 341

وشاهده حديث المباركَ بن فَضَالة الذي:

4416 -

حدثناه أبو بكر أحمد بن إسحاق، حدَّثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدَّثنا سليمان بن حَرْب، حدَّثنا مُبارك بن فَضَالة، حدَّثنا الحسن، عن أنس بن مالك، قال: الْتَقى يومَ حُنين أهلُ مكة وأهلُ المدينة، واشتدَّ القتالُ، فولَّوا مُدبِرين، فندَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصارَ، فقال:"يا معشرَ المسلمين، أنا رسولُ الله" فقالوا: إليك والله جئنا، فنكَّسُوا رُؤوسهم، ثم قاتَلوا حتى فتحَ الله عليهم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4417 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني عاصم بن عُمر بن قَتَادة، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه جابر بن عبد الله: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سارَ إلى حُنين لما فرَغ من فتح مكة، جمعَ مالك بن عوف النَّصْري من بني نَصْرٍ وجُشَم، ومن سعْد بن بكر وأوزاعًا من بني هِلال، وناسًا من بني عمرو بن عاصم بن عوف بن عامر، وأوعبَتْ

(2)

معَهم ثقيفٌ الأحلافُ، وبنو مالك، ثم سار بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار مع الأموال والنساءِ والأبناءِ، فلما سمع بهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الرحمن بن أبي حَدْرَد الأسلَمي، فقال:"اذهب فادخُل بالقومِ حتى تعلَمَ لنا من عِلْمِهِم"، فدخل، فمَكَثَ فيهم يومًا أو يومَين، [ثم أقبلَ فأخبرَه الخبرَ]

(3)

ثم قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطّاب:

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل مبارك بن فَضالة - وهو البصري وقد صرَّح بسماعه فانتفت شُبهة تدليسه، وتقدَّم هذا الخبر من وجه آخر صحيح عن أنس بأطول ممّا هاهنا برقم (2623).

(2)

كذلك جاء في (ع) وفي رواية البيهقيّ في "دلائل النبوة" 5/ 121 عن أبي عبد الله الحاكم ورجل آخر معه، وهو الموافق لرواية رضوان بن أحمد الصيدلاني عن أحمد بن عبد الجبار عند ابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 266، وتحرَّف في (ز) و (م) و (ب) إلى: وأودعت، وفي (ص) إلى: وادعت، وضُبِّب فوقها في (ز) إشارةً إلى استغرابها.

(3)

ما بين المعقوفين سقط من أصولنا الخطية، وأثبتناه من المطبوع، وهو ثابت في رواية =

ص: 342

"ألا تسمع ما يقول ابن أبي حَدْرَدٍ؟ فقال عمرُ: كذبَ ابن أَبي حَدْرَد، فقال ابن أبي حَدْرد: إن كذَّبتني فربما كذَّبْتَ من هو خيرٌ مني، فقال عمرُ: يا رسول الله، ألا تسمعُ ما يقولُ ابن أبي حَدْرد؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قد كنتَ يا عمرُ ضالًّا فهَداك اللهُ عز وجل"

(1)

، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صفوان ابن أُمية، فسأله أدراعًا مئةَ دِرْعٍ وما يُصلِحُها مِن عُدّتِها، فقال: أغصْبًا يا محمدُ؟ قال: بل عارِيَّةً مضمونةً، حتى نُؤدِّيَها لك"، ثم خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سائرًا

(2)

.

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4418 -

حدَّثنا دَعْلَج بن أحمد السِّجْزِي، حدَّثنا عبد العزيز بن معاوية، حدَّثنا محمد بن جَهْضَم، حدَّثنا إسماعيل بن جعفر، حدّثني عبد الرحمن بن الحارث، عن سُليمان بن موسى الأشْدَق، عن مكحُول، عن أبي سَلّام، عن أبي أمامة الباهلي

= البيهقيّ في "الدلائل" عن أبي عبد الله الحاكم، وبسقوطه ينقطع سياق الخبر كما هو ظاهر.

(1)

من قوله: "فقال عمر: كذب ابن حَدْرد" إلى هنا جاء مكانَه في أُصولنا الخطية ما نصّه: فقال عمر: ألا تسمعُ يا ابنَ أبي حَدْرد ما يقولُ رسولُ الله؟ فقال ابن أبي حَدْرد: قد كنتَ يا عمرُ ضالًّا فهداك الله. وفي هذا مخالفةٌ بيّنةٌ لما أثبتناه من المطبوع، وإنما أثبتناه لموافقته لرواية البيهقيّ عن الحاكم، وهو ما ساقه الذهبي في "تاريخ الإسلام " 1/ 385 في رواية يونس بن بكير، وهو الموافق أيضًا لما في "سيرة ابن هشام" 2/ 440، وكذلك جاء في "مغازي الواقدي" 3/ 893 عن شيوخه. وعليه فيكون قوله: "قد كنت يا عمر ضالًّا

" من قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر، وليس من قول ابن أبي حدرد.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.

وأخرجه البيهقيّ في "دلائل النبوة" 5/ 119 - 121، وفي "السنن الكبرى" 6/ 89 عن أبي عبد الله الحاكم وأبي بكر بن الحسن القاضي، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، بهذا الإسناد. ولم يسق البيهقيّ في "السنن الكبرى" لفظه بتمامه.

وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 266 من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار، به.

وقد تقدَّم من هذا الخبر قصةُ عاريّة صفوان بن أمية من حديث صفوان نفسه، ومن حديث ابن عبّاس برقم (2331) و (2332).

ص: 343

صاحبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عُبادة بن الصامِت قال: أخذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ حُنين وَبَرَة من جَنْبِ بَعير، ثم قال:"يا أيُّها الناسُ، إنه لا يَحِلُّ لي مما أفاءَ اللهُ عليكم قَدرُ هذه إِلَّا الخُمسَ، والخُمْسُ مَردُودٌ عليكم، فأدُّوا الخَيطُ والمِخْيَطَ، وإياكُم والغُلولَ، فإنه عارٌ على أهلِه يومَ القيامة، وعليكُم بالجهاد في سبيل الله فإنه بابٌ من أبواب الجنة، يُذهِبُ اللهُ به الهَمَّ والغَمَّ". قال: وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يكرهُ الأنفالَ، ويقول:"لِيرُدَّ قويُّ المؤمنين على ضَعِيفهم"

(1)

.

(1)

صحيح لغيره دون ذكر كراهة النبي صلى الله عليه وسلم الأنفال، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الرحمن بن الحارث. وهو ابن عبد الله بن عيّاش المخزومي - وقد اختُلف في إسناد هذا الخبر عن أبي سلام وهو ممطور الحبشي - فبعضهم يرويه عنه عن أبي أمامة عن عبادة كما في رواية المُصنِّف هنا، وبعضهم يرويه عنه عن المقدام الرَّهاوي وبعضهم يسميه خطأً المقدام بن معدي كرب - عن عبادة، وبعضهم يرويه عنه عن عمرو بن عَبَسة كما سيأتي عند المصنف برقم (6728)، وبعضهم يرويه عنه عن أبي إدريس الخولاني مرسلًا، ورجح البخاريّ هذه الرواية الأخيرة المرسلة في "تاريخه الكبير" بأنَّ راويها عن أبي سلّام أحفظ من عبد الرحمن بن الحارث. قلنا لكن أبا سلّام يروي عن أبي أمامة عن عبادة حديثًا طويلًا في قصة غنائم بدر وغنائم حنين كما تقدم بيانه برقم (2435)، وهذه القطعة هي جزء منه، واقتصر عليها أبو سلّام في روايته عن غير أبي أمامة، فدلَّ ذلك على أنَّ في حديثه عن أبي أمامة ما ليس في حديثه عن غيره، فلا يبعد صحة ذلك عن أبي سلّام، خصوصًا وأنَّ هذه الحادثة قد رآها كثير من الصحابة، فلا يُستنكر أن يكون أبو سلّام سمعها من جماعة منهم أو بواسطةٍ عن جماعة منهم لشهرتها، والله تعالى أعلم.

وأخرجه ضمن حديث مطول في ذكر غنائم يوم بدر ويوم حُنين ابن حبان (4855) من طريق محمد بن المثنَّى، عن محمد بن جهضم بهذا الإسناد.

وأخرجه سعيد بن منصور في قسم التفسير من "سننه"(983)، ومن طريقه البيهقيّ في "معرفة السنن"(13082) عن عبد الله بن جعفر، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني" (1865)، وفي "الجهاد" (7)، والضياء في "المختارة" 8/ (362) من طريق المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث، والهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده" (1176)، والطبراني في "مسند الشاميين" (3583)، والضياء المقدسي 8/ (361) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، وأبو طاهر المُخلِّص في =

ص: 344

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "المخلصيات"(1528) و (1529) من طريق محمد بن فُليح بن سليمان، أربعتهم عن عبد الرحمن بن الحارث به ضمن الحديث المطوّل كذلك.

وأخرجه أحمد 37 (22718) والنسائي (4424)، والبيهقي في "الكبرى" 6/ 303، وابن المنذر في "الأوسط"(6073)، وابن عبد البر في التمهيد 20/ 50 من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن سفيان الثوري، وابن زنجويه في "الأموال"(1187) من طريق عبد العزيز بن محمد، وابن المنذر (6138)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 241 من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، أربعتهم عن عبد الرحمن بن الحارث، به مختصرًا بذكر الخُمس، وذكر الطحاوي وحده كراهة النبي صلى الله عليه وسلم للأنفال وقوله:"ليردّ قوي المؤمنين على ضعيفهم".

وقد اختُلف في رواية أبي إسحاق الفزاري عن عبد الرحمن بن الحارث كما هو ظاهر، فبعض من روى هذا الخبر عنه ذكر بينه وبين عبد الرحمن رجلًا هو سفيان الثوري، وحصل نظير ذلك في قطعة أخرى من الحديث المطول تقدمت عند المصنف برقم (2435) فراجع الكلام عليها ثمة.

وأخرجه أحمد 37/ (22699) من طريق أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن أبي سلّام، عن المقدام بن معدي كرب: أنه جلس مع عبادة بن الصامت وأبي الدرداء والحارث بن معاوية فتذاكروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأبو بكر ضعيف، وتقييد المقدام بابن معدي كرب خطأ لما سيأتي بيانه، وانظر تمام تخريجه من طريق ابن أبي مريم في "المسند".

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" لأبيه 37/ (22777) من طريق سعيد بن يوسف، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلّام عن المقدام، عن عبادة وسعيد بن يوسف ضعيف، وقُيِّد المقدام هنا أيضًا بأنه ابن معدي كرب، وهو خطأ لما سيأتي بيانه.

وأخرجه كذلك يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 359، والدولابي في "الكنى"(2061)، والشاشي (1263)، والبيهقي في "الكبرى" 9/ 103، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 176 من طريق منصور الخولاني، عن أبي يزيد غيلان بن أنس، عن أبي سلّام، عن المقدام بن معدي كرب، عن الحارث بن معاوية الكندي، عن عبادة. ومنصور الخولاني لم نتبينه وتقييد المقدام هنا كذلك بابن معدي كرب، وكذا ذكر الحارث بن معاوية خطأ، كما سيأتي بيانه.

فقد أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (1128)، والبزار (2713) و (4149)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 385، والشاشي (1261) و (1262)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(4107)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 176 من طريق زياد المصفّر، عن الحسن البصري، عن مقدام الرُّهاوي، قال: جلس عبادة وأبو الدرداء والحارث =

ص: 345

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن معاوية، فقال أبو الدرداء: أيكم يذكر يوم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعير من المغنم؟ فقال عبادة: أنا، قال: فحدث، قال

فذكره. ورجاله إلى المقدام الرُّهاوي ثقات عن آخرهم، فهذا أوثق الطرق التي ذكر فيها المقدام، وبه وبطريق ابن أبي مريم الذي تقدم تخريجه يتبيَّن أنَّ الحارث بن معاوية كان أحد الحاضرين في المجلس مع أبي الدرداء وعُبادة لا أنه حدَّث المقدام عن عبادة كما في رواية أبي يزيد غيلان والظاهر أنَّ أبا سلام هو مَن كان يُخطئ في اسم المقدام لتعدد الطرق إليه بذلك، والله أعلم. والمقدام الرُّهاوي يكون بذلك روى عنه أبو سلَّام والحسن البصري، وحضر مجلس أولئك الصحابة الثلاثة المذكورين، فهو تابعي كبير، فيحسَّن حديثُه إن شاء الله.

وأخرجه مسدَّد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"(1127)، وعنه البخاريّ في "تاريخه" 8/ 57 عن هشيم، قال: حدَّثنا داود بن عمرو، قال: حدَّثنا أبو سلّام عن أبي إدريس الخُولاني مرسلًا مختصرًا بذكر الخُمس. ورجَّح البخاريّ هذه الرواية على رواية عبد الرحمن بن الحارث.

وسيأتي عند المصنف برقم (6728) من طريق عبد الله بن العلاء بن زَبْر، عن أبي سلّام، عن عمرو بن عَبَسَة.

وقد تقدَّم فضل الجهاد منه برقم (2435) من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن عبد الرحمن بن عيّاش - وهو عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عيّاش - عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن أبي أمامة، عن عبادة بإسقاط ذكر أبي سلّام، والصحيح ذكره.

وأخرجه ابن ماجه (2850) من طريق أبي سنان عيسى بن سنان، عن يعلى بن شداد، عن عبادة بن الصامت مختصرًا بذكر الخمس والغلول وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.

وفي باب ذكر الخمس والغلول عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عند أحمد 11/ (6729)، والنسائي (6482). وإسناده حسن. وهو عند أبي داود (2694) بذكر الخمس وحده.

وعن أم حبيبة بنت العرباض بن سارية عن أبيها عند أحمد 28/ (17154) وغيره.

وفي باب ذكر الخمس وحده عن جُبَير بن مطعم عند أبي عُبيد في "الأموال"(767)، وابن زنجويه في "الأموال"(1140)، والبزار (3418) و (3419)، وابن المنذر في "الأوسط"(6072)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1703، وإسناده صحيح.

وفي باب فضل الجهاد وأنه من أبواب الجنة عن أبي موسى الأشعري عند مسلم (1902) وغيره، بلفظ:"أبواب الجنة تحت ظلال السيوف". وقد سلف عند المصنف برقم (2419).

وعن عبد الله بن أبي أوفى عند البخاريّ (2818) ومسلم (1742) وغيرهما، بلفظ:"الجنة تحت ظلال السيوف". وقد سلف أيضًا برقم (2444). =

ص: 346

4419 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله الزاهد ببغداد، حدَّثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور، حدَّثنا معاذ بن هشام، حدّثني أبي، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي نجيح السُّلَمي، قال: حاصَرْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قَصْرَ الطائف، فسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من بَلَغَ بسهمٍ، فلَه درجةٌ في الجنّة"، فبلَّغتُ يومئذٍ ستةَ عشرَ سهمًا.

وسمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن رَمَى بسهمٍ في سبيل الله فهو عَدْلُ مُحرَّرٍ، ومن شابَ شَيْبةً في الإسلام كانت له نُورًا يومَ القيامة، وأيُّما رجلٍ أعتقَ رجلًا مُسلمًا، فإنَّ الله [جاعلٌ كلَّ عَظمٍ من عِظامِه]

(1)

وقاءً كلَّ عَظمٍ بعَظمٍ، وأيُّما امرأةٍ مسلمةٍ أعتقتْ امرأةً مسلمةً، فإنَّ الله جاعِلٌ كلَّ عظمٍ من عِظامِها وِقاءَ كلِّ عظمٍ من عظامِ مُحرَّرِها مِن النار"

(2)

.

صحيحُ عالٍ، ولم يُخرجاه.

4420 -

حدَّثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدَّثنا مُسلم

= وعن أبي هريرة عند أحمد 13/ (7633)، والبخاري (1897)، بلفظ:"من كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد".

(1)

سقطت من أصولنا الخطية، وثبتت في المطبوع، وفي رواية البيهقيّ في "دلائل النبوة" 5/ 159 عن أبي عبد الله الحاكم، وهي ثابتة لسائر من روى هذا الحديث.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الرحمن بن محمد بن منصور - وهو الحارثي - وقد توبع. هشام هو ابن أبي عبد الله سَنْبَر الدَّسْتُوائي.

وقد تقدَّم منه ذكر الرمي بالسهم والبلوغ به بالرقمين (2500) و (2592) من طريقين عن معاذ بن هشام.

وأما فضل العِتق فأخرجه أبو داود (3965) عن محمد بن المثنَّى، عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 32/ (19428) عن يحيى بن سعيد، والنسائي (4859) من طريق خالد بن الحارث، كلاهما عن هشام الدَّستُوائي، به.

وأخرجه أحمد (19429) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قَتَادة، به.

ص: 347

ابن إبراهيم، حدَّثنا داود بن عبد الرحمن قال: سمعت عَمرو بن دِينار يحدّث عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتَمَر أربعَ عُمَرٍ: عُمرَةَ الحُدَيبِيَّة، وعُمرةَ القَضاء من قابِلٍ، والثالثةَ من الجِعْرانة، والرابعةَ التي مع حَجّتِه

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه اختُلف في وصله وإرساله، فوصله داود بن عبد الرحمن - وهو العطار - وخالفه سفيان بن عُيينة فأرسله فلم يذكر فيه ابن عبّاس، وقد صحَّ من حديث أنس بن مالك، فهو صحيح بلا ريب.

وأخرجه أحمد 4/ (2211) و 5 / (2954)، وأبو داود (1993)، وابن ماجه (3003) والترمذي (816)، وابن حبان (3946) من طرق عن داود بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وأخرجه الترمذي بإثر (816) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، مرسلًا.

وأخرج البخاريّ ذكر عمرة القضاء وحدها (1809) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عبّاس.

وأخرجها أيضًا أبو داود (1997)، وابن حبان (4133) من طريق مجاهد، عن ابن عبّاس، بسند حسن.

وأخرجها كذلك أحمد 5/ (2868)، وأبو داود (1885)، وابن ماجه (2953)، وابن حبان (3814) من طريق أبي الطفيل، عن ابن عبّاس، بسند قوي.

وتقدمت عند المصنف برقم (1806) من طريق ميمون بن مهران عن ابن عبّاس.

وأخرج ذكر عمرة الجعرانة وحدها أحمد 4 / (2688)، وأبو داود (1890) من طريق أبي الطفيل، عن ابن عبّاس، بسند قوي.

وأخرجها كذلك أحمد 5/ (2792)، وأبو داود (1884) من طريق سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس، بسند قوي أيضًا.

وأخرج ذكر عمرته صلى الله عليه وسلم مع حجته أحمد 4 / (2141)، ومسلم (1239)، وأبو داود (1804) من طريق مسلم القُرّي، عن ابن عبّاس.

وأخرجه أيضًا أحمد 1 (161)، والبخاري (1534)، وأبو داود (1800)، وابن ماجه (2976)، وابن حبان (3790) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن عمر بن الخطاب. =

ص: 348

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4421 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني بريدة

(1)

بن سُفيان، عن محمد بن كعب القُرَظي، عن عبد الله بن مسعود قال: لما سارَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوكَ جعلَ لا يزالُ يَتخلّف الرجلُ، فيقولون: يا رسول الله، تَخلَّف فلانٌ، فيقول:"دَعُوه، إن يَكُ فيه خيرٌ فسيُلْحِقُه اللهُ بكم، وإن يكُ غيرَ ذلك فقد أراحَكُم اللهُ منه" حتى قيل: يا رسول الله، تَخلّف أبو ذَرّ، وأبطأ به بَعيرُه، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"دَعُوه، إن يَكُ فيه خيرٌ فسيُلْحِقُه اللهُ بكم، وإن يكُ غيرَ ذلك فقد أراحَكُم اللهُ منه"، فتَلَوَّم أبو ذرٍّ على بَعِيره فأبطأَ عليه، فلما أبطأ عليه أخذَ مَتاعَه فجعلَه على ظهرِه، فخرج يتبعُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ماشِيًا، ونزلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مَنازِله، ونظر ناظِرٌ من المسلمين فقال: يا رسول الله، إنَّ هذا الرجلَ يمشي على الطريق، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"كُن أبا ذَرٍّ، فلما تأمّلَه القومُ قالوا: يا رسول الله، هو واللهِ أبو ذَرٍّ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ الله أبا ذَرٍّ، يمشي وحدَه، ويموتُ وحدَه، ويُبعَثُ وحدَه".

فضرب الدهرُ من ضَرْبتِه، وسُيِّر أبو ذرٍّ إلى الرَّبَذة، فلما حضرَه الموتُ أوصى امرأتَه وغُلامَه: إذا مِتُّ اعْسِلاني وكَفِّناني، ثم احمِلاني فضَعَاني على قارِعةِ الطريق، فأولُ: رَكْبٍ يَمُرُّون بكم فقولوا: هذا أبو ذرٍّ، فلما ماتَ فعلوا به كذلك، فاطَّلع ركبٌ فما عَلِمُوا حتى كادت ركائبهم تَوَطَّأُ سَريرَه، فإذا ابن مسعودٍ في رهْطٍ من أهل الكُوفة،

= وفي باب ذكر عُمَرِه الأربع صلى الله عليه وسلم عن أنس بن مالك عند أحمد 19 (12372)، والبخاري (1778 - 1780)، ومسلم (1253) وغيرهم.

والحُديبية موضع على بعد 22 كم غربَ مكة على طريق جدّة القديم.

والجِعرانة: موضع شمال شرقيِّ مكة على نحو 29 كم منها.

(1)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: يزيد، وكذلك رُسم في (ص) و (م) و (ع): ـرد،، دون إعجام، وهو تحريف أيضًا.

ص: 349

فقالوا: ما هذا؟ فقيل: جنازة أبي ذرٍّ، فاستهلَّ ابن مسعودٍ يبكي، فقال: صدقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَرحَمُ اللهُ أبا ذرٍّ، يمشي وحدَه، ويموتُ وحدَه، ويُبعَثُ وحدَه". فنزل فوَلِيَه بنفسِه حتى أَجَنَّه، فلما قَدِمُوا المدينةَ ذُكِر لعثمانَ قولُ عبدِ الله وما وَلِيَ منه

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف بُريدة بن سفيان، ولإرساله كما سيأتي بيانه، ومع ذلك حسَّن هذا الإسناد ابن كثير في "البداية والنهاية" 7/ 159! وقد رُويَت قصة وفاة أبي ذرٍّ بسياق آخر بإسناد أحسن من هذا عن أُم ذرّ، فهو أَولى مما رواه بُريدةُ بن سفيان، ولهذا قال ابن القيم في "زاد المعاد" 3/ 534 بعد أن أورد رواية بريدةَ بن سفيان: في هذه القصة نظر. ثم ساق رواية أم ذرٍّ مرجّحًا إياها على رواية بريدة.

وأعلَّه الذهبي في "تلخيصه" بالإرسال، وبذلك أعلَّه ابن حجر أيضًا في "المطالب العالية"(4074/ 1) بأنَّ محمد بن كعب القرظي لم يسمع ابن مسعود، وهو كذلك فإنَّ محمد بن كعب ولد في حدود سنة أربعين أي بعد وفاة ابن مسعود بسنين، وقد دلَّ على إرساله رواية جَرير بن حازم وسلمة بن الفضل عن ابن إسحاق، وكذلك رواية ابن هشام عن زياد بن عبد الله البكّائي عن ابن إسحاق عند الطبراني في "معجمه الكبير"(1621).

وفي اقتصار الذهبي وابن حجر على إعلال الحديث بالإرسال نظر، لحال بريدة بن سفيان المذكور ولتفرُّدِه بسياق هذه القصة، ومخالفته لرواية من هو أقوى منه. ثم إنَّ يونس بن بكير خالف أصحاب ابن إسحاق جميعًا حيث أدرج قصة أبي ذرٍّ في تبوك مع قصة وفاة أبي ذرٍّ، فكلهم يروون قصة وفاته مفردةً بإسناد ابن إسحاق المذكور، ويفصلون قصته في تبوك فيجعلونها من قول ابن إسحاق مقطوعة، ولم نقف عليها مسندة إلّا في "تنبيه الغافلين" للسمرقندي (941)، حيث ذكره بإسناده عن محمد بن إسحاق، عن الزُّهْري، عن عُبَيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبيه، عن ابن مسعود وانفرد بذلك.

وأخرجه البيهقيّ في "دلائل النبوة" 5/ 221، عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 5/ 101 من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار به.

وأخرج قصة وفاة أبي ذرٍّ مفردةً دون قصته في تبوك: ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 524 عن زياد بن عبد الله البكائي، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(4/ 220) من طريق إبراهيم بن سعد، والطبري في "تاريخه" 3/ 107 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" =

ص: 350

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4422 -

حدَّثنا أحمد بن كامل القاضي، حدَّثنا أحمد بن محمد بن عيسى البِرْتي، حدَّثنا إسحاق بن بِشْر الكاهِلي، حدَّثنا محمد بن فُضيل، عن سالم بن أبي حَفْصة، عن جُميع بن عُمير اللَّيثي، قال: أتيتُ عبد الله بن عمر فسألتُه عن عليٍّ فانتَهرَني، ثم قال: ألا أُحدِّثك عن عليّ: هذا بيتُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في المسجدِ، وهذا بيت عليٍّ، إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أبا بكر وعُمر ببراءةَ إلى أهلِ مكة، فانطلقا، فإذا هما براكِبٍ، فقالا: مَن هذا؟ قال: أنا عليٌّ، فقال: يا أبا بكر، هاتِ الكتابَ الذي معك، قال أبو بكر: وما لي يا عليّ؟! قال: والله ما عَلِمتُ إِلَّا خيرًا، فأخذ عليٌّ الكتابَ فذهبَ به، ورجعَ أبو بكر وعُمر إلى المدينة، فقالا: ما لنا يا رسول الله؟! قال: "ما لكما إِلَّا خيرٌ، ولكن قيل لي: إنه لا يُبلِّغُ عنك إلَّا أنت أو رجلٌ منك"

(1)

.

= كما في "المطالب العالية"(4074/ 1) ومن طريقه أبو نُعيم في "الحلية" 1/ 169 من طريق جَرير بن حازم، أربعتهم عن محمد بن إسحاق، به. لكن قال سلمة بن الفضل في روايته عن محمد بن كعب القرظي، قال: لما نفى عثمان أبا ذر

فذكر الخبر، وقال جَرير في روايته عن القرظي قال: خرج أبو ذر إلى الرَّبَذة

وذكر الخبر، وروايتهما واضحة في الإرسال كما تقدم.

وكذلك روى الطبراني في "معجمه الكبير"(1621) عن أحمد بن عبد الله البرقيّ، عن ابن هشام، عن زياد البكائي، عن ابن إسحاق بسنده عن محمد بن كعب: أنَّ ابن مسعود أقبل

فذكر نبذة يسيرة مختصرة من القصة، وهي أوضح في الإرسال من رواية ابن هشام في "سيرته".

وستأتي قصة وفاة أبي ذرٍّ بسياقة أخرى عند المصنف برقم (5559) من رواية الأشتر النخعي عن أم ذرٍّ. وقوّاها ابن القيم في "زاد المعاد" كما تقدم.

قوله: تلوَّم، أي: انتظر.

وقارعة الطريق: وسطه، وقيل: أعلاه.

والركائب: الإبل المركوبة أو الحاملة شيئًا.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل إسحاق بن بشر الكاهلي، فهو هالك وكذَّبه غير واحدٍ، وجُميع بن عُمير ضعيف، ولا ينزل إلى درجة من يُتّهم كما أطلقه الذهبي في "تلخيصه" عليه غير مرة، ولم ينفردا بهذا الخبر، فقد تابع إسحاق بن بشر على الشطر الثاني منه في إرسال عليٍّ ببراءة محمدُ =

ص: 351

هذا حديث شاذٌّ والحَمْلُ فيه على جُميع بن عُمير، وبعده على إسحاق بن بِشْر.

4423 -

حدّثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدَّثنا الحسن بن علي بن شَبِيب المَعْمري، حدَّثنا إبراهيم بن زياد سَبَلان، حدَّثنا عَبّاد بن العوام، عن سفيان بن حُسين، عن الحَكَم، عن مِقسَم، عن ابن عبّاس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثَ أبا بكر، وأمرَه أن يُنادي بهؤلاءِ الكَلِمات، فأتبَعَه عليًّا، فبَيْنا أبو بكر ببعضِ الطريق إذ سمع رُغاءَ ناقةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فخرج أبو بكر فَزِعًا، فظنَّ أنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فإذا عليٌّ، فدفع إليه كتابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قد أمَّرَه على المَوسِم، وأمَر عليًّا أن يُناديَ بهؤلاء الكَلِمات، فقام عليٌّ في أيام التَّشريق فنادَى {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} ، لا يَحُجَّنَّ بعد العامِ مُشرِكٌ، ولا يَطُوفَنَّ بالبيت عُرْيانٌ، ولا يدخلُ الجنةَ إِلَّا مؤمنٌ، فكان عليٌّ يُنادي بها، فإذا بُحَّ قام أبو هُريرة فنادَى

(1)

.

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= ابن سعيد بن الأصبهاني وغيره عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3587)، فيبقى الشأن في جُميع بن عُمير، لكنه لم ينفرد به أيضًا، فقد رُوي الشطر الأول من الخبر في ذكر قرب بيت عليّ من بيت النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد من غير وجه، وكذلك الشطر الثاني منه مرويٌّ من وجوه كما سيأتي بيانه عند تخريج الحديث (4702)، وإنما شَذَّ جُميعٌ هنا بذكر عُمر بن الخطاب، إذ المحفوظ في القصة ذكر أبي بكر وحسب، فقد روى هذه القصة أيضًا عبد الله بن عمر العُمري، عن نافع، عن ابن عمر عند الطبري، كما قال الحافظ في "الفتح" 13/ 327، بذكر أبي بكر وحده، وإسناده حسن في الشواهد، وكذلك روى هذه القصة غير واحدٍ من الصحابة من سيأتي ذكرهم عند تخريج الحديث (4702) بذكر أبي بكر فقط، وعليه فحُكم الذهبي في "تلخيصه" على هذا الخبر بالوضع على إطلاقه غير مسلّم له البتّة، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده صحيح الحكم هو ابن عتيبة، ومِقْسَم: هو ابن بُجْرة، ويُقال: ابن نَجْدة.

وأخرجه الترمذي (3091) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي، عن عباد بن العوّام، بهذا الإسناد. وقال: حسن غريب.

وانظر ما سيأتي برقم (4702).

ص: 352

وقد صحَّتِ الروايةُ عن عَليٍّ بشَرْح هذا النِّداء:

4424 -

حدَّثَناه أبو بكر أحمد بن إسحاق وعلي بن حَمْشَاذ، قالا: أخبرنا بِشْر بن موسى، حدَّثنا الحُميدي، حدَّثنا سفيان، حدّثني أبو إسحاق الهَمْداني، عن زيد بن يُثَيع، قال: سألْنا عليًّا: بأي شيء بُعثتَ في الحَجَّةِ؟ قال: بُعثتُ بأربعٍ: لا يَدخُلُ الجنةَ إِلَّا نفسٌ مُؤمنةٌ، ولا يَطُوفُ بالبيت عُرْيانٌ، ولا يَجتمعُ مؤمنٌ وكافرٌ في المسجدِ الحَرام بعد عامِهم هذا، ومن كان بينَه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهدٌ فعهدُه إلى مُدّتِه، ومن لم يكن له عهدٌ فأجلُه أربعةُ أشهرٍ

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن إن شاء الله، زيد بن يُثيع - ويقال في اسمه: يزيد، وفي اسم أبيه: أُثيع - تفرد بالرواية عنه أبو إسحاق السَّبيعي، وحسّن حديثه الترمذيُّ وصحّحه ابن حبان، ووثقه ابن حبان والعجلي وابن خَلْفون وابن حجر، وهذا التوثيق فيه نوع من التساهل، وزيدٌ قد توبع على معنى حديثه هذا ولم ينفرد به. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو إسحاق الهَمْداني: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.

وأخرجه أحمد 2 / (594)، والترمذي (871) و (872) و (3092) من طريق سفيان بن عُيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وسيأتي بنحوه عند المصنف برقم (7541) من طريق سفيان الثوري عن أبي إسحاق.

وأخرجه النسائي (8407) من طريق يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعي، عن أبيه، به، لكن بلفظ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ببراءة إلى أهل مكة مع أبي بكر، ثم أتبعه بعلي فقال له:"خذ الكتاب فامض به إلى أهل مكة قال: فلحقته فأخذت الكتاب منه، فانصرف أبو بكر وهو كئيب، فقال: يا رسول الله، أُنزل فيّ شَيْءٌ؟ قال: "لا، إني أُمرتُ أن أبلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي".

وأخرجه بنحو هذا اللفظ أيضًا أحمد 1/ (4) من طريق إسرائيل، عن جده أبي إسحاق، عن زيد بن يُسيع، عن أبي بكر. فجعله من مسند أبي بكر، لكن قال الدارقطني في "العلل" (67): قول ابن عُيينة أشبه بالصواب.

قلنا: الظاهر أنَّ زيد بن يُثيع قد روى كلا اللفظين، لفظ ابن عيينة ولفظ إسرائيل وأبيه يونس، فكلاهما محفوظ من مسند علي بن أبي طالب، فروى ابن عيينة أحدَهما، وروى إسرائيل ويونس اللفظ الآخر، إلّا أنَّ إسرائيل جعله من مسند أبي بكر خطًا، ويكون عليٌّ بُعِث ببراءة وبعث بالنداء بتلك الكلمات المذكورة، وممّا يدل على أنَّ كليهما محفوظ ما رواه البخاريّ في "صحيحه" =

ص: 353

صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4425 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: فحدثني سعْد بن طارق، عن سلمة بن نُعيم بن مسعود، عن أبيه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين جاءه رسولُ مُسيلِمةَ الكذاب بكتابه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهما:"وأنتما تقولانِ بمِثْل ما يقول؟ قالا:: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لولا أنَّ الرُّسُلَ لا تُقتَلُ، لضربتُ أعناقكما"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4426 -

حدَّثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدَّثنا محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا جعفر بن عَوْن، حدَّثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعُودي، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، قال: جاء رجلٌ إلى عبد الله بن مسعود فقال: يا أبا عبد الرحمن، إنَّ هاهنا قومًا يقرؤون على قِراءة مُسيلِمة، فقال عبد الله: أكتابٌ غيرُ كتابِ الله، أو رسولٌ غيرُ رسولِ الله بعد فُشُوِّ الإسلام؟ فردّه فجاء

= (4655) من حديث حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذِّنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُريان، قال حميد: ثم أردف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب، فأمره أن يؤذّن ببراءة، قال أبو هريرة: فأذَّن معنا عليٌّ يوم النحر في أهل منى ببراءة، وأن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. وتقدم نحوه عند المصنِّف برقم (3314) من طريق محرَّر بن أبي هريرة عن أبيه، بسند حسن بذكر براءة، والكلمات الأربع المذكورة في رواية ابن عيينة هنا جميعًا، فجمع أبو هريرة بين ذكر براءة والأربع كلمات، وأنَّ عليًا نادى بكليهما.

وحديثُ ابن عبّاس الذي تقدم عند المصنف قبله يشير إلى ذلك أيضًا، إذ ذكر في صدر الكلمات التي نادى بها عليٌّ بعض آيات سورة براءة بالنصِّ، بل سيأتي عند المصنف من طريق أخرى عن ابن عبّاس (4702) بذكر بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا بسورة براءة، وقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه"، وسنده قوي، فتأكد بعثُ النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بسورة براءة وبالكلمات الأربع، والله أعلم.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، وقد تقدم برقم (2664) من طريق سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق، ويشهد له حديث ابن مسعود الذي بعده.

ص: 354

إليه بعدُ، فقال: يا عبدَ الله والذي لا إله غيرُه إنهم في الدار ليقرؤون على قراءة مُسيلِمة، وإنَّ معهم لمُصحفًا فيه قراءة مُسيلِمة، وذلك في زمان عثمان، فقال عبدُ الله لقَرَظةَ - وكان صاحبَ خَيلٍ -: انطلِقْ حتى تُحيطَ بالدارِ فتأخذَ مَن فيها، ففعل، فأتاه بثمانين رجلًا، فقال لهم عبدُ الله: ويَحَكم أكتابٌ غير كتابِ الله، أو رسولٌ غيرُ رسولِ الله؟ فقالوا: نتوبُ إلى الله، فإنا قد ظَلَمْنا، فتركَهُم عبدُ الله لم يُقاتِلْهم، وسَيَّرهم إلى الشام، غير رئيسِهم ابن النَّوّاحة أبَى أن يتُوب، فقال عبدُ الله لقَرَظة: اذهبْ فاضرِبْ عُنقه، واطرَحْ رأسَه في حِجْر أمّه، فإني أُراها قد عَلِمَتْ فعلَه، ففعل.

ثم أنشأ عبدُ الله يُحدّثُ، فقال: إنَّ هذا جاء هو وابنُ أُثال رسولَين من عند مُسيلِمة، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"تشهدُ أني رسولُ الله؟ " فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: تشهدُ أن مُسيلِمةَ رسولُ الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا أنك رسولٌ لَقتلتُك"، فجرَتِ السنّةَ يومئذٍ أن لا يُقتل رسولٌ

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، والمسعُودي - وإن كان اختلط - سماعُ جعفر بن عون منه قبل اختلاطه، واختُلِف في سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه، والراجح سماعُه منه.

لكن وقع في رواية هذا الحديث وهمٌ بإدخال حديث في حديث، ونظنه من قِبَل المصنِّف نفسه رحمه الله تعالى كما سيأتي بيانه، وذلك لأنَّ القصة الثانية التي حكاها ابن مسعود في شأن رسولي مسيلمة الكذاب وما قاله لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما رواها المسعودي عن عاصم بن أبي النَّجود عن أبي وائل شقيق بن سلمة. عن ابن مسعود، فقد روى يزيد بن هارون هذا الحديث عن المسعودي عند الهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده"(747) ففصل بين القصتين المذكورتين هنا، فجعل القصة الأولى بإسناد المصنف الذي هنا، ثم قال: قال المسعودي: فحدثني عاصم بن أبي النَّجُود، عن أبي وائل قال: لما أُتِيَ به عبد الله (يعني ابن مسعود) قال: إِنَّ هذا وابنَ أُثال قدما

فذكر القصة الثانية. ويزيد بن هارون وإن كان ممّن ذُكِر أنه روى عن المسعُودي بعد اختلاطه، يظهر لنا أنَّ هذا هذا الحديث مما ضبطه عنه، فإنَّ ليزيد بن هارون عدة أحاديث وافق فيها رجالًا نَصَّ أهل العلم على سماعهم من المسعودي قبل اختلاطه، وهذا الخبر منها. =

ص: 355

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وممّا يؤيده أنَّ أبا نعيم الفضل بن دكين قد روى القصة الأولى مُفردةً عن المسعودي عند الطبراني في "الكبير" 9/ (8960) بإسناد المصنف الذي هنا غير أنه لم يذكر فيه عبدَ الرحمن بنَ عبد الله بن مسعود، لكنه أشار إلى ذكره في آخر القصة بأنه لقي شيخًا من أولئك الذين سيّرهم أبوه إلى الشام، فقال له: ليرحم اللهُ أباك، والله لو قَتَلَنا يومئذٍ لدخلنا النار كلُّنا: فكأنَّ القاسم يشير إلى أنّ الذي حدثه بالقصة أبوه، وأبو نُعيم الفضل بن دُكين ممن نَصَّ الإمام أحمد على سماعه من المسعودي قبل اختلاطه.

وروى أبو النضر هاشم بن القاسم عند أحمد 6/ (3761)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(248) وغيرهما القصةَ الثانيةَ مُفردةً عن المسعودي عن عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود.

ومما يدلُّ على ضبط يزيد بن هارون لرواية المسعودي أيضًا في فصله بين القصتين بالإسنادين، وأنَّ المسعودي إنما حدَّث بالقصة الثانية عن عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود، وليس عن القاسم عن أبيه عن ابن مسعود اشتهارُ هذه القصة الثانية عن عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود، إذ رواها عن عاصم جماعة غير المسعودي، منهم سفيان الثوريُّ عند النسائي كما في "تحفة الأشراف" للمزي (9280)، وابن حبان (4878) وغيرهما.

وكذلك رواها عن عاصم أبو بكر بن عياش عند أحمد 6/ (3837)، وسلَّامٌ أبو المنذر عند أبي يعلى (5097)، إلّا أنَّ ابن عيّاش زاد بين أبي وائل وابن مسعود رجلًا هو ابن مُعيز السَّعْدي، لكن رجَّح أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل" (910) رواية سفيان الثوري بعدم ذكر ابن مُعين المذكور. قلنا: بل هو الصحيح جزمًا لموافقة سلّام والمسعودي لسفيان الثوري بعدم ذكره، وقد جمع أبو وائل بين القصتين في رواية سلّام أبي المنذر وابن عيّاش.

وروى البيهقيّ في الدلائل 5/ 332 - 333 القصة الأولى مفردةً عن أبي زكريا بن أبي إسحاق المُزكِّي، عن أبي عبد الله محمد بن يعقوب، عن محمد بن عبد الوهاب، عن جعفر بن عون، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود، فذكر القصة بسياقة أخرى.

وكذلك روى هذه القصة غير جعفر بن عون، وبسياقة الذي عند البيهقيّ، منهم سفيانُ بنُ عيينة عند عبد الرزاق (18708)، ووكيعُ بنُ الجراح عند ابن أبي شيبة 12/ 269، ويزيدُ بنُ هارون عند الشاشي (746)، وعيسى بنُ يونس عند إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في إتحاف الخيرة" للبوصيري (3473) وغيرهم، فالظاهر أنَّ هذا هو الصحيح في رواية جعفر بن عون، لا كما رواه عنه المصنّف هنا، فمن هاهنا غلّبنا الظن أن يكون الوهم في هذا الحديث من قِبل المصنِّف نفسه لمخالفة أبي زكريا المزكِّي له في إسناد الحديث وسياقه، ولموافقة =

ص: 356

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4427 -

حدَّثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدَّثنا محمد بن حَيّان الأنصاري، حدَّثنا شَيْبان بن فَرُّوخَ، حدَّثنا مُبارك بن فَضَالة، حدَّثنا الحسن، عن أنس، قال: لقي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُسيلِمةَ، فقال له مُسيلِمة: تشهدُ أني رسولُ الله؟ فقال

= المزكِّي في سياقِه لرواية من رواه عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم غير جعفر بن عون، والله تعالى أعلم. وقد جمع قيس بن أبي حازم بين القصتين في رواية ابن عُيينة.

على أنَّ هاتين القصتين قد رُويتا عن ابن مسعود من طريق ثالثة غير طريق أبي وائل وقيس بن أبي حازم، فقد رواها عن ابن مسعود أيضًا حارثةُ بنُ مُضرِّب عند أبي داود (2762)، وابن حبان (4879) من طريق سفيان الثوري، وعند النسائي (8622) من طريق الأعمش، كلاهما عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن حارثة بنحو ما جاء هنا مختصرًا.

وأخرج القصة الأولى وحدها بأطول ممّا هنا ابن المنذر في "الأوسط"(8376)، والطحاويُّ في "شرح مشكل الآثار" 11/ 312 من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، والبيهقيُّ في "السنن الكبرى" 8/ 206، والخطيبُ في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 107، من طريق أبي عوانة الوضاح اليَشكُري، كلاهما عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن حارثة بن مضرِّب، عن ابن مسعود. وعندهما زيادة فائدة أنَّ ابن مسعود استشار فيهم عديَّ بن حاتم والأشعثَ بنَ قيس وجرير بن عبد الله، فأشار عدي بقتلهم والآخران أشارا باستتابتهم.

وأخرج عبدُ الله بن وهب في "موطئه" كما في قسم مطبوع منه باسم كتاب المحاربة من موطأ ابن وهب (101) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أنَّ عبد الله بن مسعود أخذ بالكوفة رجالًا يُنعِشُون حديث مسيلمة الكذاب يدعُون إليه، فكتب فيهم إلى عثمان بن عفان، فكتب عثمان: أن اعرِض عليهم دين الحق وشهادة أن لا إله إلّا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، فمن قبِلها وتبرَّأ من مسيلمة فلا تقتله، ومن لزم دين مسيلمة فاقتله، فقبلها رجالٌ منهم فتُركوا، ولزم دينَ مسيلمة رجال فقُتلوا. ورجاله ثقات لكنه مرسل، لأنَّ عُبيد الله لم يدرك ابن مسعود. وفيه زيادة فائدة أيضًا أنَّ ابن مسعود لم يحكُم بهم من تلقاء نفسه، إنما كان بأمر من أمير المؤمنين عثمان رضي الله تعالى عنهما.

والظاهر أنَّ ابن مسعود لما أشار عليه عدي بن حاتم بقتلهم، والأشعثُ بن قيس وجَرير بن عبد الله، باستتابتهم، استشار أمير المؤمنين عثمان ليفصل بينهم فيما اختلفوا فيه فوافق رأيُه رأي الأشعث وجَرير فحكم به ابن مسعود، والله تعالى أعلم.

ص: 357

رسول الله صلى الله عليه وسلم: آمنت بالله وبِرسُلِه" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ هذا رجلٌ أُخِّرَ لِهَلَكَةِ قَومِه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4428 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني محمد بن الوليد، عن كُريب مولى ابن عبّاس، عن ابن عبّاس قال: بَعَثَت بنو سعد بن بكر ضِمَامَ بن ثَعْلبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقَدِمَ علينا، فأناخَ بعيرَه على باب المسجد فعقَلَه، ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد جالسٌ مع أصحابه، فقال: أيُّكم ابن عبد المطَّلِب؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أنا ابن عبد المطَّلب" فقال: محمدٌّ؟ قال: "نعم" قال: يا محمدُ، إني سائِلُك ومُغلِظٌ عليك في المَسألة، فلا تَجِدنَّ عليَّ في نفسِك، فإني لا أجِدُ في نفسي، قال:"سَلْ عمَّا بَدا لكَ" قال: أنشُدُك الله إلهَكَ وإلهَ مَن قبلَك وإلهَ مَن هو كائنٌ بعدَك، آللهُ بعثَك إلينا رسولًا؟ فقال:"اللهمَّ نعم" قال: أنشُدُك الله إلهَك وإلهَ مَن قبلَك وإلهَ مَن هو كائنٌ بعدَك، آللهُ أمرك أن نَعْبُدَه لا نشركَ به شيئًا، وأن نَخْلعَ هذه الأوثانَ والأنداد التي كان آباؤنا يَعبُدون؟ فقال صلى الله عليه وسلم:"اللهمَّ نَعَم"، ثم جعل يَذكُر فرائضَ الإسلامِ فَريضةً فَريضةً: الصلاةَ والزكاةَ والصيامَ والحجَّ وفرائضَ الإسلام كلَّها، يَنشُدُه

(1)

إسناده حسن من أجل مُبارك بن فَضَالة. وأخرجه دون ذكر مخاطبته للنبي صلى الله عليه وسلم عمرُ بن شَبّة في "تاريخ المدينة" 2/ 577 عن الحجاج بن نُصير، عن قرة بن خالد، عن الحسن، عن أنس. والحجّاج بن نُصير ضعيف الحديث وكان يُلقَّن.

وقد صحَّ عن ابن عبّاس عند البخاريّ (4373)، ومسلم (2273) قال: قدم مُسيلمة الكذَّاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: إن جعل لي محمدٌ الأمرَ من بعده تَبِعْتُه، وقدمها في بشر كثير من قومه، فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شمّاس، وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعة جريد، حتى وقف على مُسَيلمة وأصحابه، فقال: "لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتُكَها، ولن تَعدُوَ أمر الله فيك، ولئن أدبرْتَ ليعقرنّك اللهُ، وإني لأراك الذي أُريتُ فيك ما رأيتُ

".

ص: 358

عند كُلِّ فَريضةٍ كما أَنشَدَه

(1)

في التي كان قبلها، حتى إذا فَرَغَ قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله، وسأؤدي هذه الفرائضَ، واجتنب ما نهيتني عنه، لا أزيد ولا أَنقُصُ، ثم انصرف راجعًا إلى بعيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولى:"إن يَصدُقْ ذو العَقِيصتَين يَدخُلِ الجنة"، وكان ضمامٌ رِجلًا جَلْدًا أَشْعَرَ ذَا غَدِيرتَين.

ثم أتى بَعِيرَه، فأطلقَ عِقالَه حتى قدم على قومِه، فاجتمعوا إليه، فكان أولُ ما تَكلَّم به وهو يَسُبُّ اللاتَ والعُزّى، فقالوا: مَهْ يا ضِمامُ اتَّقِ البَرَصَ والجُذَامَ والجُنون، فقال: وَيْلَكُم، إنهما واللهِ ما يَضُرَّانِ ولا ينفعانِ، إن الله قد بعث رسولًا وأنزل عليه كتابًا استنقذكُم به مما كنتُم فيه، وإني أشهدُ أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، وإني قد جئتُكم من عنده بما أمَرَكُم به ونَهاكُم عنه، فواللهِ ما أمسَى ذلك اليومَ من حاضِرَتِه رجلٌ ولا امرأةٌ إلَّا مسلمًا

(2)

.

قال ابن عبّاس: فما سَمِعْنا بوافدِ قومٍ كان أفضلَ من ضِمَام بن ثَعْلبة

(3)

.

(1)

هذا الفعل في لغة العرب يُستعمل على صيغتين "فَعَلَ وأفعل"، والمعنى: استحَلَفَه.

(2)

في النسخ الخطية: رجلًا ولا امرأةً إلّا مسلمٌ. والمثبت من "تلخيص المستدرك"، وهو الجادّة.

(3)

إسناده حسن محمد بن الوليد - وهو ابن نُويفع - روى عنه ابن إسحاق - وهو محمد - وأبو مَعشَر نَجِيح بن عبد الله السندي المدني، غير أنَّ هذا الثاني سماه محمد بن نويفع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: يُعتبر به، وقد تابعه سلمةُ بن كهيل في بعض روايات ابن إسحاق، وصَرَّح ابن إسحاق بسماعه من سلمة ومحمد بن الوليد، فأُمِن تدليسُه.

وأخرجه ابن هشام في السيرة النبوية 2/ 573 - 574 عن زياد بن عبد الله البكّائي، وأحمد 4 / (2254) و (2380) و (2381) من طريق إبراهيم بن سعْد الزُّهْري، وأبو داود (487) من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وقرن سلمة بن الفضل في روايته بمحمدِ بن الوليد سلمةَ بنَ كُهيل.

ويشهد له دون قصته مع قومه حين رجع إليهم، حديثُ أنس بن مالك عند أحمد 20/ (12719)، والبخاري (63)، ومسلم (12). وغيرهم.

قوله: "لا تَجِدَنَّ عليَّ" أي: لا تغضب عليَّ. =

ص: 359

قد اتفق الشيخان على إخراج وُرُود ضِمامٍ المدينةَ

(1)

، ولم يسُق واحدٌ منهما الحديثَ بطُولِه، وهذا صحيح.

4429 -

حدّثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدَّثنا الحسن بن علي بن شَبيب المَعْمَري، حدَّثنا أبو موسى إسحاق بن موسى الأنصاري، حدَّثنا عبد الله بن نافع، حدَّثنا عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجَّ سنة عشرٍ من مَقدَمِه المدينةَ، فأفردَ الحَجَّ

(2)

.

4430 -

أخبرني أبو بكر بن أبي دارِمٍ، الحافظ، حدَّثنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن شُجاع البغدادي، حدَّثنا قاسم بن محمد بن عبّاد بن عبّاد المُهلَّبي، حدَّثنا عبد الله

= والعَقيصة: الضَّفِيرة، وهي الغَدِيرة أيضًا.

والحاضِرة: هي المدن والقُرى والريف، سُميَت بذلك لأنَّ أهلها حضروا الأمصارَ ومساكن الديار التي يكون لهم بها قَرار.

(1)

يعني من حديث أنس بن مالك كما تقدم.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن عمر - وهو العُمري - وقد توبع.

وأخرجه الترمذي بإثر الحديث (820) عن قتيبة بن سعيد، عن عبد الله بن نافع الصائغ، بهذا الإسناد. لكنه لم يذكر فيه تاريخ حجة الوداع، وزاد فيه وأفرد أبو بكر وعمر وعثمان.

وأخرجه أحمد 10/ (5719)، ومسلم (1231) من طريق عُبيد الله بن عمر العُمري أخي عبد الله، عن نافع، به. دون ذكر تاريخ الحجة أيضًا.

وأخرجه أحمد (5939)، والنسائي (3892) من طريق عبد الله بن بدر، عن ابن عمر، بمعناهُ بذكر أبي بكر وعمر وعثمان أيضًا أنهم فعلُوا ذلك كذلك. وإسناده صحيح، وليس فيه ذكر تاريخ الحجة كذلك.

وأخرج البخاريّ في "تاريخه الأوسط" 1/ 350، والبيهقي 4/ 341 من طريقين عن عبد الله بن نافع الصائغ، عن نافع بن أبي نُعيم، عن نافع مولى ابن عمر، دون ذكر ابن عمر، فذكر تاريخ كلٍّ من الحديبية وعمرة القضية والفتح وحنين والطائف، ثم تاريخ عمرة الجِعْرانة، وتاريخ حجِّ عَتّاب بن أَسِيد وحجَّ أبي بكر، ثم تاريخ حجة الوداع. وإسناده جيد. والظاهر أنَّ نافعًا إنما تلقَّى تلك التواريخ عن ابن عمر، والله أعلم.

ص: 360

ابن داود الخُرَيبي، عن سفيانَ، قال: حَجَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قبل أن يُهاجرَ حِجَجًا، وحجّ بعدما هاجَرَ الوداعَ، وكان جميعُ ما جاء به مئةَ بَدَنة، فيها جَمَلٌ كان في أنفه بُرَةٌ مِن فِضَّةٍ، نَحَرَ النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثلاثًا وستين، ونَحَرَ عليٌّ ما غَبَرَ.

فقيل للثَّوريّ: مَن ذكرَه؟ فقال: جعفرُ بن محمد عن أبيه عن جابر، وابنُ أبي لَيلَى [عن الحَكَم]

(1)

عن مِقسَمٍ عن ابن عبّاس

(2)

.

(1)

سقط اسمُ الحكم - وهو ابن عُتيبة - من النسخ الخطية، وهو ثابت في الرواية بلا شكّ، فقد ذكره ابن ماجه في روايته عن القاسم بن محمد بن عباد على أنه لا يُعرف لابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن - رواية أصلًا عن مقسم إلا بواسطة الحكم والله الموفق.

(2)

صحيح من طريق سفيان - وهو الثوري - عن جعفر - وهو ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وأبو بكر بن أبي دارِم - وإن كان فيه مقال قد تُوبع، لكن الصحيح في لفظه: حجَّ رسولُ الله ثلاثَ حجات: حجّتين قبل أن يُهاجر، وحَجَّة بعدما هاجر من المدينة.

وقد أُعِلَّ هذا الحديث بما لا يقدح مثله كما تقدم بيانه برقم (1744).

وأخرجه ابن ماجه (3076) عن القاسم بن محمد بن عباد، بهذا الإسناد. باللفظ المشار إليه.

وأخرجه الترمذي (815) من طريق زيد بن الحُباب، عن سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد، به، بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم حجَّ ثلاث حججٍ: حجتين قبل أن يهاجر، وحجة بعدما هاجر، ومعها عمرة، فساق ثلاثًا وستين بدنة، وجاء عليٌّ من اليمن ببقيتها، فيها جملُ لأبي جهلٍ في أنفه بُرةٌ، فنحرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من كل بدنةٍ ببَضْعةٍ، فطبخت، وشَرِبَ من مرقها.

وأخرجه مختصرًا بذكر الجمل الذي كان في أنفه بُرةٌ في الهدي: أحمدُ 3/ (2079)، وابن ماجه (3100) من طريق وكيع بن الجراح، وأحمد (4/ 2428) عن مؤمَّل بن إسماعيل، كلاهما عن سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى، به. وفيه أنَّ الجمل كان لأبي جهل.

وقد تقدَّم بهذا القدر برقم (1734) من طريق مجاهد عن ابن عبّاس، وزاد: ليغيظ المشركين بذلك.

وأخرجه أحمد 5 / (2880) من طريق زهير بن معاوية، عن ابن أبي ليلى، به، بلفظ: نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج مئة بدنة، نحر بيده منها ستين، وأمر ببقيتها فنُحِرت، وأخذ من كل بدنةٍ بَضعةً، فجمعت في قِدرٍ، فأكل منها وحسا من مرقها، ونحر يوم الحديبية سبعين، فيها جملُ =

ص: 361

قال الحاكم: أما الأحاديثُ المأثورة المفسرة في حَجّة الوداع فقد اتفق الشيخانِ على إخراجها بأسانيدَ صحيحةٍ على شرطهما، وأصحُّها وأتمُّها حديث جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جابر، الذي تفرّد بإخراجه مسلمُ بن الحجَّاج

(1)

.

وقد انتهينا بمشيئة الله تعالى وعَونِه إلى ابتداء مَرضِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم:

4431 -

حدَّثنا أبو أحمد بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيرفي بمَرْو من أصلِ كتابِه، حدَّثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل التَّرمِذي، حدَّثنا عمر بن عبد الوهاب الرِّياحي أبو حفص، حدَّثنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزُّهْري، عن محمد بن إسحاق، قال: حدّثني عُبيد الله بن عمر بن حفص عن عُبيد بن حُنين مولى الحَكَم بن أبي العاص، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن أبي مُوَيهِبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: طَرَقَني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ ليلةٍ، فقال:"يا أبا مُويهبة، انطلِقْ، فإني قد أُمِرْتُ أن أستغفرَ لأهل هذا البَقِيع" فانطلقتُ معه، فلما بلغَ البقيعَ قال: "السلامُ عليكم يا أهلَ البَقِيع، لِيَهْنِ لكم ما أصبحتُم فيه، لو تعلمون ما أنجاكُمُ اللهُ منه؛ أقبلَتِ الفتنُ كَقِطَعِ الليل المُظلِم يتبعُ

= أبي جهل، فلما صُدَّت عن البيت حنَّتْ كما تحِنُّ إلى أولادها. كذا جاء في هذه الرواية ما يُشعر بأنَّ جمل أبي جهل كان قد نُحِرَ يوم الحديبية، وهذا بخلاف المشهور الصحيح.

وأخرج منه ذكر البُدن التي نحرها النبي صلى الله عليه وسلم وعليٌّ: أحمد 22/ (14549) عن محمد بن ميمون الزعفراني، ومسلم (1218)، وأبو داود (1905)، وابن ماجه (3074)، وابنُ حبان (3944) و (4018) من طريق حاتم بن إسماعيل، ومسلم (1218) من طريق حفص بن غياث، والنسائي (4105) من طريق يحيى بن سعيد القطان، و (4125) من طريق إسماعيل بن جعفر، و (4126) و (6657) من طريق يزيد بن الهاد، وابن حبان (3943) من طريق وُهَيب بن خالد، سبعتُهم عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر. ورواية حاتم بن إسماعيل بذكر حجة النبي صلى الله عليه وسلم بطولها.

وقد تقدَّم مختصرًا بذكر حجّات النبي صلى الله عليه وسلم برقم (1744) من طريق زيد بن الحُباب، عن سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر. وزاد فيه: وحجّ بعدما هاجر حَجَةً قَرَنَ معها عُمرةً. وهي زيادة صحيحة جاءت في رواية حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد المطوَّلة، ويدلُّ على صحتها أيضًا حديثُ ابن عبّاس الذي تقدَّم برقم (4420).

(1)

في "صحيحه" برقم (1218).

ص: 362

أولَها آخرُها"، ثم قال: "يا أبا مُويهِبة، إنَّ الله خَيَّرني أن يؤتيَني خزائنَ الأرضِ والخُلْدَ فيها والجنةَ، وبين لقاءِ ربِّي عز وجل" فقلتُ: بأبي أنت وأمي فخُذْ مفاتيحَ خزائنِ الأرض والخُلْدَ فيها ثم الجنةَ، قال:"كلّا يا أبا مُويهِبة، لقد اخترتُ لقاءَ ربِّي عز وجل" ثم استغفَرَ لأهل البَقيعِ، ثم انصرَفَ، فلما أصبحَ بَدَأه شَكواهُ الذي قُبِض فيه صلى الله عليه وسلم

(1)

.

(1)

حديث حسن كما قال ابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 111، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 5/ 26. وشيخ محمد بن إسحاق وهم من سمّاه هنا عُبيد الله بن عمر بن حفص، فهذا ثقة مشهور، والصحيح أنه عبد الله - مكبَّرًا بن عمر بن علي العَبَلي، كما وقع مقيّدًا في بعض الروايات عن إبراهيم بن سعد، وكذلك قُيِّد في رواية بكر بن سليمان وسلمة بن الفضل وغيرهما عن ابن إسحاق، وكذلك سمَّاه زياد البكّائي - كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 642 - ويونس بن بُكير - كما في الطريق التالية عند المصنف -: عبد الله مكبّرًا، لكن زاد يونس اسم جدّه، فقال: عبد الله بن عمر بن ربيعة، وهو صحيح أيضًا لأنَّ ربيعة اسم أحد أجداده، الأَعَلين، وعليٌّ جد أبيه، وأما جده المباشر فهو عبد الله، كما بيَّن نسبَه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 31/ 207، فقال: عبد الله بن عمر بن عبد الله بن علي بن عدي بن ربيعة بن عبد العُزّى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي أبو علي القرشي العَبْشمي المعروف بالعَبَليّ، ثم قال: حجازيّ شاعر مشهور، وفد على هشام بن عبد الملك، ثم ذكر نُبذًا من أخباره، وأنه روى عنه محمد بن إسحاق وأبو عاصم سعد مولى سليمان بن علي الهاشمي. ثم إنه متابَع كما سيأتي.

والظاهر أنَّ الوهم في تسميته هنا عُبيد الله بن عمر بن حفص من قِبلَ بكر بن محمد الصِّيرفي شيخ المصنّف، لأنَّ جماعةً رووه عن محمد بن إسماعيل الترمذي فسمَّوه على الصواب عبدَ الله بنَ عمر العَبَليّ. وشيخه عُبيد بن حُنين، كذا وقعت تسمية أبيه في بعض روايات هذا الخبر حُنينًا بحاء مهملة ونونين، وخَطَّأَ ذلك عليُّ بنُ المديني وتابعه الدارقطنيُّ في "المؤتلف والمختلف" 1/ 365، ونبَّه عليه كذلك ابن فَتْحُون في تَعقُّباته على "الاستيعاب" لابن عبد البر كما نقله عنه ابن حجر في "الإصابة" 7/ 393، ردًّا على ابن عبد البر الذي جزم بأنه بمهملة ونونين، وصوّبوا أنَّ اسم أبيه جُبَير مصغّر جَبْر، فهو عُبيد بن جُبَير، وليس هو ابن جُبَر أيضًا كما حقَّقه ابن ماكولا في "تهذيب مستمر الأوهام" ص 153 - 154، وعبيد بن جُبَير هذا روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأما عُبيد بن حُنَين الذي بمهملة ونونين، فتابعيٌّ آخر ثقة معروف، وأما عُبيد بن جَبْر فتابعيٌّ ثالث، وهو مولى أبي بَصْرة الغِفاري. =

ص: 363

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، إلَّا أنه عَجَبٌ بهذا الإسناد.

4432 -

فقد حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب من أصل كتابه، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني عبد الله بن ربيعة

(1)

،

= وأخرجه أحمد 25/ (15997) عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزُّهْري، عن أبيه، عن عَبد الله بن عمر العَبَلي، عن عُبيد بن جُبَير مولى الحكم بن أبي العاص، به. فسمى شيخَ ابن إسحاق وشيخَ شيخه على الصواب.

وأخرجه أحمد 25/ (15996) من طريق الحكم بن فَصِيل، عن يعلى بن عطاء، عن عُبيد بن جُبَير، عن أبي مُويهبة. فلم يذكر في إسناده عبد الله بن عمرو بن العاص، والصحيح ذكره كما في رواية عبد الله بن عمر العَبَلي، وتؤيده رواية الواقديّ:

فقد روى هذا الخبر أيضًا محمد بن عمر الواقدي عند ابن سعد 2/ 182 عن إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن أبي مُويهبة، فهي متابعة تُقوِّي رواية عبد الله بن عمر العَبَلي عن عُبيد بن جُبَير، وتتقوى بها، على أنَّ له شاهدًا أيضًا عن زيد بن أسلم مرسلًا عند ابن سعد أيضًا 2/ 182 بسند رجاله لا بأس بهم.

ولتخييره واختياره لقاء الله عز وجل شاهد عن عائشة عند أحمد 40/ (24454)، والبخاري (4435)، ومسلم (2444).

وآخر من حديث أبي سعيد الخُدْري عند أحمد 17/ (111034)، والبخاري (466)، ومسلم (2382).

وثالث من حديث أبي المعلَّى عند أحمد 25/ (15922)، والترمذي (3659).

ورابع عن طاووس اليماني مرسلًا بسند رجاله ثقات عند معمر في "جامعه"(20034)، ومن طريقه أخرجه البيهقيّ في "السنن" 7/ 48، وفي "الدلائل" 7/ 163.

ولابتداء شكواه صلى الله عليه وسلم أثر رجوعه من البقيع شاهد من حديث عائشة عند أحمد 43/ (25908)، وابن ماجه (1465)، والنسائي (7042) و (7043)، وابن حبان (6586).

(1)

كذا وقع عند الحاكم منسوبًا إلى أحد أجداده، وعند البيهقيّ في "دلائل النبوة" 7/ 162 عن أبي عبد الله الحاكم وأبي سعيد بن أبي عمرو عن أبي العباس: عبد الله بن عمر بن ربيعة، وهو كذلك في رواية الدولابي في "الكنى"(333) عن أحمد بن عبد الجبار، وكذا في رواية أبي سعيد بن الأعرابي عن أحمد بن عبد الجبار عند ابن عساكر في تاريخه 4/ 298 و 31/ 207. وربيعة المذكور هو أحد أجداده الأعلَين كما يوضحه سرد ابن عساكر لنسبه 31/ 207.

ص: 364

عن عُبيدٍ مولى الحَكَم

(1)

، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن أبي مُويهبة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوَه.

4433 -

حدَّثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدَّثنا أبو بكر محمد بن النضر بن سَلَمة بن الجارود، حدّثني الزُّبير بن بَكَّار، حدّثني يحيى بن المقدام، عن عمّه موسى بن يعقوب، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزُّهْرِي، أَنَّ عُروة بن الزُّبير والقاسم بن محمد بن أبي بكر وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبيدَ الله بن عبد الله بن عتُبْة كلّهم يُخبره عن عائشة زوج النبي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَدَأَهُ مرضُه الذي مات فيه في بيت ميمونة فخرج عاصِبًا رأسه، فدخل عليّ بين رجُلَين تَخُطُّ رِجلاهُ الأرضَ، عن يمينِه العباسُ، وعن يسارِه رجلٌ. قال عُبيد الله: أخبرني ابن عبّاس أن الذي عن يسارِه عليٌّ

(2)

.

(1)

في النسخ الخطية: عُبيد بن أبي الحكم، فتحرفت كلمة "مولى" إلى: بن أبي، وسقط لفظ "أبي" من (م). وجاء على الصواب في "دلائل البيهقيّ" لكن زاد مُحققه من عنده ذكر أبيه، فقال: عن عبيد [بن حُنين] مولى الحكم، ولا يصح لأَنَّ جميع من رواه عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير لم يذكروا فيه أبا عُبيد، بل أطلقوه، فدلَّ على أن رواية يونس بن بكير دون تقييد.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة يحيى بن المقدام وهو الزَّمعي - ولم يرد تعداد شيوخ الزُّهْري في هذا الخبر إلا بهذا الإسناد، فإنَّ الحفاظ من أصحاب الزُّهْري رووه عنه عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة وحده عن عائشة، وموسى بن يعقوب فيه لِين.

وأخرجه بنحوه أحمد 40/ (24061) و 43 / (25914)، والبخاري (665) و (2588) و (5714)، ومسلم (418)، والنسائي (7046) من طريق معمر بن راشد، وأحمد 40/ (24013)، وابن ماجه (1618)، والنسائي (7051) و (8886)، وابن حبان (6588) من طريق سفيان بن عيينة، والبخاري (198) من طريق شعيب بن أبي حمزة، والبخاري (4442)، ومسلم (418) من طريق عُقيل بن خالد، والبخاري (5714)، والنسائي (7046) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، خمستهم عن الزُّهْري، عن عبيد الله بن عبد الله وحده، عن عائشة. لكن جاء في رواية عبد الرزاق عن معمر التي عند أحمد في إحدى روايتيه، وعند مسلم: أنَّ أحد الرجلين هو الفضل بن عبّاس لا أبوه، =

ص: 365

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وقد ذكرتُ فيما تقدّم اختلافَ الصحابةِ في مَبلَغِ سِنِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يومَ تُوفِّي فيه.

4434 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، حدَّثنا أبي وشعيب بن الليث بن سعد عن الليث، عن يزيد بن الهادِ، عن موسى بن سَرْجِسَ، عن القاسم، عن عائشة، قالت: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يموتُ وعندَه قَدَحٌ فيه ماءٌ، يُدخِلُ يدَه في القَدَح ثم يمسحُ وجهَه بالماءِ، ثم يقول:"اللهمَّ أعِنِّي على سَكْرة المَوتِ"

(1)

.

= وهو خطأ، لأنَّ سائر أصحاب معمر قد ذكروا العباس وفاقًا لسائر الروايات عن الزُّهْري.

وأخرجه بنحوه أحمد (9/ (5141) و 43 / (26137)، والبخاري (687)، ومسلم (418)، والنسائي (910)، وابن حبان (2116) و (6602) من طريق موسى بن أبي عائشة، عن عبيد الله بن عبّاس بن عتبة وحده، عن عائشة. وذكر في روايته العباس بن عبد المطلب أيضًا، وذكر أيضًا أنَّ هذه القصة كانت لدى خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة.

وأخرجه بنحو رواية موسى بن أبي عائشة: أحمد 42/ (25761) و 43 / (25876)، والبخاري (664) و (712)، ومسلم (418)، وابن ماجه (1232)، والنسائي (909)، وابن حبان (2120) و (6873) من طريق الأسود بن يزيد النخعي، عن عائشة. لكن لم يُسَمِّ الرجلين.

فاختلفت رواية الزُّهْري عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن رواية موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله، ورواية الأسود عن عائشة: أنَّ الزُّهْري ذكر في روايته أنَّ الرجلين المذكورين أسندا رسول الله صلى الله عليه وسلم لدى دخوله بيت عائشة، ورواية موسى والأسود أنَّ الرجلين أسندا النبي صلى الله عليه وسلم لدى خروجه من بيت عائشة إلى الصلاة ولا يمنع أن يكونا فعلا ذلك في المرتين لدى دخوله بيت عائشة، ثم لدى خروجه من بيتها إلى المسجد، فلا تَعارُض.

لكن جاء في رواية مسروق عن عائشة عند ابن حبان (2118) و (2124): أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة بين بَريرة ونُوبة، وكذلك جاء في حديث سلمة بن عبيد عند ابن ماجه (1234)، والنسائي (7081)، غير أنه لم يُسمِّ نُوبَة، وإنما قال: بين بَريرة ورجلٍ آخر، ونوبة هذا مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ابن حبان بإثر (2119): ليس شيء منها يُعارِضُ الآخرَ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى في علّته صلاتين في المسجد جماعة لا صلاة واحدة، في إحداهما كان مأمومًا وفي الأخرى كان إمامًا.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة موسى بن سَرْجِس وقد تقدَّم برقم (3773) من طريق قتيبة: =

ص: 366

صحيحُ الإسناد ولم يُخرجاه.

4435 -

أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، حدَّثنا الحُسين بن علي بن عبد الصمد البَزّاز الفارسي، حدَّثنا محمد بن عبد الأعلى الصَّنْعاني، حدَّثنا المُعتمِر بن سليمان، عن أبيه، عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آخرَ ما تَكَلَّم به: "جلالُ ربِّي الرفيعُ، فقد بَلَّغْتُ، ثم قَضَى صلى الله عليه وسلم

(1)

.

هذا حديث صحيحُ الإسناد، إلَّا أنَّ هذا الفارسيَّ واهِمٌ فيه على محمد بن عبد الأعلى:

4436 -

فقد حَدَّثَناه أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي

(2)

، حدَّثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدَّثنا النُّفيَلي، حدَّثنا زُهيرٌ

(3)

، عن سليمان التَّيمي، عن أنس بن مالك، قال: كان آخرَ وصيةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حين حَضَرَه الموتُ: "الصلاةَ الصلاةَ مرتين - وما مَلَكَت أَيمانُكُم"، وما زالَ يُغرغرُ بها في صَدْرِه وما يُفِيصُ

(4)

بها لِسانُه

(5)

.

= ابن سعيد عن الليث.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة الحسين - وسماه البيهقيّ في روايتين في "الدلائل": الحَسَن - بن علي بن عبد الصمد، فلم يرو عنه غير أحمد بن كامل القاضي وعبد الباقي بن قانع، ولم يؤثر فيه جرح ولا تعديل، والظاهر أنه وهمَ فيه، لأنَّ سليمان التيمي والد المعتمر قد روى عن أنس في الرواية التالية خلاف ما في هذه الرواية، كما نبَّه عليه المصنف، ولأنَّ محمد بن عبد الأعلى يروي كتاب "سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم " كما في "فهرسة ابن خير الإشبيلي"(419) عن المعتمر بن سليمان عن أبيه سليمان بن طَرْخان التيمي صاحب الكتاب المذكور، وهو كتاب مشهور عند أهل المغازي والسير، فلو صحَّ ذلك في كتاب سليمان التيمي لَنَقلَه غير واحد عن محمد بن عبد الأعلى، والله تعالى أعلم.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: العنبري.

(3)

جاء في "تلخيص الذهبي" والمطبوع: زهير وغيره، بزيادة لفظة "وغيره" وهي مقحمة.

(4)

تصحف في (ب) و (ع) إلى: يفيض بالضاد المعجمة وإنما هو بالمهملة وضم أوله، بمعنى: ما يقدر على الإفصاح بها.

(5)

حديث صحيح لكن من حديث أم سلمة كما يأتي بيانه، وهذا الإسناد رجاله ثقات، لكنه اختُلِف فيه على سليمان التيمي - وهو ابن طَرْخان -: =

ص: 367

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فرواه النُّفَيليُّ - وهو عبد الله بن محمد الحَرَّاني - عند المصنف هنا وعند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3200) عن زهير - وهو ابن معاوية الجُعْفي - عن سليمان التيمي، عن أنس.

وخالف النفيليَّ فيه أحمدُ بن عبد الله بن يونس عند الضياء المقدسي في "المختارة" 7/ (2421) فرواه عن زهير بن معاوية، عن سليمان التيمي، عن قتادة عن أنس. فزاد في إسناده قتادةَ.

وكذلك رواه عن سليمان التيمي أكثرُ أصحابه - كما نبَّه عليه الدارقطني في "العلل"(2252) - منهم أسباط بن محمد عند أحمد 19 (12169)، ومعتمر بن سليمان عند ابن ماجه (2697)، وجرير بن عبد الحميد عند النسائي (7058)، وابن حبان (6605)، فرووه عن سليمان التيمي، عن قتادة، عن أنس.

ورواه أبو داود الحَفَري عند النسائي (7057)، وقَبيصةُ بن عُقبة عند عبد بن حميد (1214)، والطحاوي في "شرح المشكل"(3199)، كلاهما عن سفيان الثوري، عن سليمان التيميّ، عن أنس. فلم يذكر فيه قتادةَ، فوافق روايةَ النُّفيلي.

وخالفهما وكيع عند ابن سعد في "الطبقات" 2/ 222، والطحاوي في "المشكل"(3201) فرواه عن سفيان الثوري، عن سليمان التيمي، عمَّن سمع أنس بن مالك عنه. فوافق رواية جماعة أصحاب سليمان التيمي في ذكر الواسطة بينه وبين أنس غير أنه لم يسمه.

فالأكثرون إذًا على ذكر قتادة في إسناده، فلهذا جزم النسائي بإثر (7057) بقوله: سليمان لم يسمع هذا الحديث من أنس.

هذا وقد اختُلِفَ فيه على قتادة أيضًا:

فخالف سليمانَ التيميَّ فيه سعيدُ بنُ أبي عَروبة عند أحمد 44/ (26483) و (26684)، والنسائي (7061)، وأبو عَوانة الوضَّاحُ بنُ عبد الله اليَشكُري عند أبي يعلى (6936)، والطحاوي (3203) وغيرهما، فروياه عن قتادة، عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أم سلمة. فجعلاه من حديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك رواه همّام بن يحيى العَوذيُّ عن قتادة عند أحمد (26657) و (26727)، وابن ماجه (1625)، والنسائي (7063)، غير أنه زاد بين قتادة وسفينة رجلًا، هو أبو الخليل صالح بن أبي مريم، فاتفق هؤلاء الثلاثة على أنه من مسند سفينة عن أم سلمة، خلافًا لما قال سليمان التيمي.

وعليه فقد خطّأ أبو حاتم وأبو زرعة الرَّازيان فيما نقله عنهما ابن أبي حاتم في "العلل"(300) رواية سليمان التَّيميّ، وصحَّحا أنه من حديث سفينة عن أم سلمة.

وكذلك فَعَلَ أبو بكر الأثرم فيما نقله عنه ابن رجب الحنبلي في "شرح علل الترمذي"، بل =

ص: 368

قد اتفَقا على إخراج هذا الحديثِ

(1)

، وعلى إخراجِ حديثِ عائشةَ: آخرُ كلمة تَكلَّم بها "الرَّفيقَ الأعلَى"

(2)

.

= قال: هذا خطأ فاحش. وصدَّره الأثرمُ بقوله: كان التيمي من الثقات، ولكن كان لا يقوم بحديث قتادة.

وكذا رجَّح أنه من حديث سفينة عن أم سلمة الدارقطنيُّ في "العلل"(2522)، والذهبيُّ في "تاريخ الإسلام" 1/ 816.

وقال البزار (7014): لا نعلم أحدًا تابع التيميَّ على روايته عن قتادة عن أنس، وإنما يرويه غيرُ التيمي عن قتادة عن صالح أبي الخليل، عن سفينة، عن أم سلمة.

فالصحيح إن شاء الله أنه من حديث سفينة عن أم سلمة، كما وقع في رواية همام عن قتادة، لكن بقي هل سمعه قتادة من سفينة مباشرة، أو أنه رواه عن أبي الخليل عنه، فجَزَمَ النسائيُّ بإثر (7061) بأنَّ قتادة لم يسمعه من سَفينة، ثم ساق برقم (7062) رواية شيبان النحوي عن قتادة حيث قال فيها: حُدِّثنا عن سَفينة، مولى أم سلمة أنه كان يقول

فأشار إلى وجود واسطة بين قتادة وسفينة، لكنه خالف أصحاب قتادة في جعله من مسند سفينة نفسه، وكذلك فعل بعض من رواه عن أبي عوانة عن قتادة كما وقع في رواية قتيبة بن سعيد عنه عند النسائي (7060)، وسفينة هذا صحابيٌّ، لكن المحفوظ أنه حَمَلَه عن مولاتِه أم سلمة.

وصحَّح البيهقيُّ في "الدلائل" 7/ 205 أيضًا رواية همّام بن يحيى بذكر الواسطة بين قتادة وسفينة، وهو أبو الخليل. وإلى ذلك أيضًا يشير صنيعُ البزار كما تقدم.

ورجَّحها أبو زرعة الرازي كما في "العلل" لابن أبي حاتم (300) إذ قال: حديث همّام أشبَهُ، زاد همّام رجلًا.

واختلف قولُ الدارقطني في "العلل" فرجّح برقم (2522) رواية همّام، ثم بعد ذلك قال (3952): لم يتابع همّام على قوله: عن أبي الخليل!

لكن المعتمد من ذلك تصحيح رواية همّام، والله أعلم، فهي أجود تلك الروايات وأحسنها، لأنه بيَّن فيها الواسطة بين قتادة وسفينة، وهو أبو الخليل، وهو رجل ثقة، فإسناد الحديث من جهته صحيح، والله وليُّ التوفيق والسداد.

قوله: "يُغرغِر بها" أي: يتكلم بهذه الجملة وقد بلغت حُلْقومه صلى الله عليه وسلم.

(1)

هذا ذهول من المصنف رحمه الله، فإنهما لم يخرجاه.

(2)

أخرجه البخاريّ (3669)، ومسلم (2191) و (2444).

ص: 369

4437 -

أخبرنا الحُسين بن الحَسن بن أيوب، حدَّثنا أبو حاتم الرازي، حدَّثنا أبو ظَفَر، حدَّثنا جعفر بن سُليمان، عن ثابت، عن أنس قال: لما كانَ اليومُ الذي ماتَ فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أظلَمَ من المدينة كلُّ شيءٍ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4438 -

حدَّثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدَّثنا هِشام بن علي، حدَّثنا محمد بن عبد الله الخُزاعي، حدَّثنا حمّاد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس، قال: شهدتُ اليومَ الذي تُوفّي فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلم أرَ يومًا كان أقبحَ منه

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4439 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدَّثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن المُرتعِد الصَّنْعاني، حدَّثنا أبو الوليد المَخْزُومي، حدَّثنا أنس بن عِياض عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: لمَّا توفي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عزَّتهم الملائكةُ، يسمعون الحِسَّ ولا يَرَون الشخْصَ، فقالت: السلامُ عليكم أهلَ البيتِ ورحمةُ الله وبركاتُه، إنَّ في الله عَزاءً من كل مُصيبةٍ، وخَلَفًا من كل فائتٍ، فبالله فثِقُوا، وإياه فارجُوا، فإنما المَحرُومُ من حُرِمَ الثوابَ، والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه

(3)

.

(1)

إسناده جيد من أجل جعفر بن سليمان: وهو الضَّبعي. أبو ظَفَر: هو عبد السلام بن مُطهِّر الأزدي، وثابت: هو ابن أسلم البُناني.

وأخرجه أحمد 41 / (13312) و (13830)، وابن ماجه (1631)، والترمذي (3618)، وابن حبان (6634) من طرق عن جعفر بن سليمان، به. وصحّحه الترمذي.

وانظر ما بعده.

(2)

إسناده صحيح. محمد بن عبد الله الخُزاعي: هو ابن عثمان البصري.

وأخرجه أحمد 19/ (12234) و 21 / (13522) و (14063) من طرق عن حماد بن سلمة به.

(3)

إسناده ضعيف بمرّة لجهالة عبد الله بن عبد الرحمن بن المُرتَعِد الصنعاني وجهالة شيخه أبي الوليد المخزومي: وسمّاه ابن حبان في "ثقاته" 9/ 243 هاشمَ بن إبراهيم، وذكر أنه يروي =

ص: 370

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن أنس بن عياض أبي ضمرة، وليس هو خالد بن إسماعيل بن الوليد المتروك الحديث كما جزم به ابنُ ناصر الدين في "جامع الآثار" 6/ 480 وابنُ حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 357 وغيرهما، على أنَّ خالد بن إسماعيل هذا في طبقة أنس بن عياض إذ شاركه في عدد من شيوخه، وأما المصنِّفُ فقد سمّاه بإثر الخبر هشامَ بنَ إسماعيل الصنعاني، ولم نقف على رجل مترجَم بهذا الاسم، وانفرد بتوثيقه!

وقد روى ابن سعد في "طبقاته" 2/ 226 و 239 هذا الخبر عن أنس بن عياض مباشرة قال: حدّثونا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، فذكره مرسلًا، وهذا هو المعتمد في رواية أنس بن عياض؛ أنه لم يسمعه من جعفر بن محمد، وأنه لا ذكر لجابر بن عبد الله فيه، إنما يرويه محمد - وهو ابن علي الباقر - مرسلًا، فالمحفوظ في رواية أنس بن عياض أنها منقطعة مرسلة.

على أنه اختُلِفَ فيه على جعفر بن محمد على وجوه:

فرواه محمد بن جعفر بن محمد بن علي الهاشمي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي طالب فجعله من حديث علي بن الحُسين - وهو المعروف بزين العابدين - عن جده علي بن أبي طالب، أخرجه من هذه الطريق ابن أبي عمر العدني في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4326/ 1)، وابن أبي الدنيا في "الهواتف"(8)، وحمزة بن يوسف السهمي في "تاريخ جرجان" ص 362، وأبو نُعيم في "دلائل النبوة"(508)، وابن حجر في "الإصابة" 2/ 314. لكن محمد بن جعفر هذا تُكلِّم فيه، وعلي بن الحسين لم يدرك جدّه علي بن أبي طالب، ووصله السَّهمي في طريق آخر عنده ص 363 بذكر الحسين بن علي بن أبي طالب، لكن الظاهر أنه غلط.

ورواه الشافعيّ في "الأم" 2/ 634 - 635 عن القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص، عن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، عن علي بن الحسين مرسلًا. فجعله من مرسل علي بن الحسين.

ومن طريق الشافعيّ أخرجه المزني في "السنن المأثورة عن الشافعيّ"(390)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 6، وفي "دلائل النبوة" 7/ 267 و 268، وفي "معرفة السنن والآثار"(7759)، وفي "الدعوات الكبير"(644)، وأبو محمد البغويّ في "الأنوار في شمائل النبي المختار"(1221)، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 356. لكن القاسم هذا متروك الحديث، بل اتهمه أحمد بالكذب.

ورواه عبد الله بن ميمون القدّاح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي. فوصله بذكر الحسين بن علي بن أبي طالب. أخرجه من طريقه الطبراني في "الكبير"(2890)، وفي "الدعاء"(1220). لكن عبد الله بن ميمون القدّاح ذاهبُ الحديث. =

ص: 371

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ورواه عليّ بن أبي عليّ اللهبي الهاشمي عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن عليًا قال

فوصله بذكر عليٍّ أيضًا. أخرجه من طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره" 3/ 832 و 9/ 3076. لكن علي بن أبي علي اللهبي هذا متروك الحديث أيضًا، ومحمد بن علي الباقر لم يُدرك جد أبيه علي بن أبي طالب.

وكذلك رواه الواقدي عند ابن سعد 2/ 227 عن رجل حدثه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليّ. والواقدي ضعيف، وشيخه مبهم.

فليس لهذا الخبر إذًا إسنادٌ يصحُّ عن جعفر بن محمد، ومع ذلك فقد قوَّاه البيهقيّ في "الدلائل" 7/ 268 بطريق المصنف هذا إذ أخرج الخبرَ عنه، مع طريق القاسم بن عبد الله بن عمر الذي تقدَّم ذكره، فقال: هذان الإسنادان وإن كانا ضعيفين فأحدهما يتأكد بالآخر، ويدلُّك على أنَّ له أصلًا من حديث جابر!! كذا قال رحمه الله، مع أن حقيقة تعدد هذه الطرق الاختلاف الناشئ بسبب ضعف أولئك الذين حملوا الخبر عن جعفر، فهو اضطرابٌ في إسناد الخبر لا تَعدُّدٌّ لطُرقه.

وقد روى هذا الخبرَ غيرُ جعفر بن محمد، فقد رواه الحافظ محمد بن مسلم بن وارة، كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين 6/ 440 عن المنهال بن بحر القشيري، عن عبد الواحد بن سُليمان، عن الحسن بن علي رجل من أهل المدينة، عن محمد بن علي، عن علي بن أبي طالب.

وكذلك رواه محمد بن يحيى الأزدي عند الآجري في "الشريعة"(1113) و (1841)، لكنه قال: عن المثنى بن بحر القُشيري، عن عبد الواحد بن سليمان، عن الحسن بن الحسن بن علي، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب كذا سمَّى في روايته ابنَ بحر المُثنَّى وإنما هو المنهال كما سماه ابن وارة، وسمَّى شيخَ عبد الواحد الحسنَ بن الحسن بن عليٍّ، وقال: عن أبيه، فأوهم أنه الحسن بن علي بن أبي طالب وما قاله ابن وارة هو الصحيح، ومحمد بن يحيى الأزدي لم يضبطه.

فقد رواه سَيّار بن حاتم عند البيهقيّ في "الدلائل" 7/ 210 عن عبد الواحد بن سليمان الحارثي، عن الحسن بن عليٍّ، عن محمد بن علي الباقر مرسلًا، فوافق ابنَ وارة غير أنه أرسل الخبر فلم يذكر عليًا.

وعلى أي حالٍ فإنَّ الحسن بن علي المدني المذكور مجهول، وقال أبو زرعة كما في "الجرح والتعديل" 3/ 20: لا أعرفُه، ثم إنه على فرض صحة ذكر عليٍّ فيه منقطع، لأنَّ محمد بن علي الباقر لم يدركه، والأشبه أنه من مرسل محمد بن علي الباقر كما تدل عليه رواية ابن سعد عن أنس بن عياض التي تقدَّم ذكرها، والله أعلم. =

ص: 372

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

والمخزوميُّ هذا ليس بخالد بن إسماعيل الكوفي، إنما هو هشام بن إسماعيل الصنعاني، وهو ثقة مأمون.

4440 -

حدَّثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالوَيهِ، حدَّثنا محمد بن بشر بن مَطَر، حدَّثنا كامل بن طلحة، حدَّثنا عباد بن عبد الصمد، عن أنس بن مالك، قال: لما قُبضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أحدَقَ به أصحابُه، فبَكَوا حولهَ واجتمعُوا، فدخل رجلٌ أصهبُ اللحيةِ جَسِيمٌ صَبِيحٌ فتَخَطَّا رِقابَهم، فبَكى ثم الْتفتَ إلى أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: إِنَّ في الله عَزاءً من كلِّ مُصيبةٍ، وعِوَضًا من كل فائتٍ وخَلَفًا من كل هالِكٍ، فإلى الله فأنِيبُوا، وإليه فارغَبُوا، ونظرةً إليكم في البَلاء فانظُروا، فإنما المُصابُ من لم يُجبَر، وانصرف، فقال بعضُهم لبعض: تَعرِفُون الرجل؟ قال أبو بكر وعليّ: نعم، هذا أخو رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، الخَضِرُ عليه السلام

(1)

.

= وقد روي هذا الخبر أيضًا عن علي بن أبي طالب من وجه آخر عند ابن أبي الدنيا في "الهواتف"(9)، بسند فيه متروك ومجاهيل.

وفي الباب عن أنس بن مالك سيأتي عند المصنِّف بعده.

وعن ابن عمر عند البلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 564، وفي سنده الواقدي، وهو ضعيف، والراوي عنه الوليد بن صالح لم نتبيّنْه.

وعن أبي حازم المدني مرسلًا عند ابن سعد 2/ 252، وابن أبي الدنيا في "الهواتف"(10)، والراوي عنه صالح بن بشير المُرِّي، وهو ضعيف.

تنبيه: جاء في أكثر الطرق التي تقدَّم ذكرها وفي الشواهد أنَّ المُعزِّيَ كان الخضرَ عليه السلام، وليس الملائكة، ولهذا أورد الحافظُ ابن حجر طرقه في "الإصابة" في ترجمة الخضر، وهذا اختلافٌ آخر في الخبر يُوجبُ ضعفه ونكارته.

(1)

إسناده واهٍ بمرة، من أجل عبّاد بن عبد الصمد فهو هالك كما قال الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه البيهقيّ في "دلائل النبوة" 7/ 269 - 270 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(8120)، وفي "الدعاء"(1217) عن موسى بن هارون، عن كامل بن طلحة، به.

ص: 373

هذا شاهِدٌ لما تقدّم، وإن كان عبّاد بن عبد الصمد ليس من شَرْط هذا الكتاب.

4441 -

أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن يحيى الأشْقَر، حدَّثنا يوسف بن موسى المَرُّوذِي

(1)

، حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عَنْبَسة، حدَّثنا يُونس، عن ابن شِهَاب، قال: قال عُرْوة: كانت عائشةُ تقول: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ في مرضِه الذي تُوفِّي فيه: "يا عائشةُ، إني أجدُ ألمَ الطعامِ الذي أكلتُه بخَيبرَ، فهذا أوانُ انقطاعِ أَبْهَري من ذلك السُّمِّ"

(2)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى المَروزَي، وإنما هو المرُّوذي نسبة لمرو الرُّوذ حيث يُنسَب إليها مَرْوَرُّذي، أو مَرُّودَيّ، تخفُّفًا.

(2)

رجاله لا بأس بهم، لكن اختُلِفَ فيه على الزُّهْري، فرواه يونس - وهو ابن يزيد الأيلي - عنه عن عروة عن عائشة، كما في رواية المصنف هنا وعلَّقه عنه البخاريّ في "صحيحه" (4428) بصيغة الجزم. عنبسة: هو ابن خالد، ويونس عمُّه.

ورواه معمر بن راشد عن الزُّهْري، فاختلف عليه أيضًا:

فرواه مرة عن الزُّهْري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن أم مُبشِّر، فوصله لكن جعله من حديث أم مبشِّر، وسيأتي من هذه الطريق عند المصنف برقم (5032).

ورواه مرة أخرى كما عند أبي داود في سننه" (4513) عن الزُّهْري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه. فإن كان ابن كعب هو عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، فالخبر مرسل، وإن كان هو عبد الله بن كعب بن مالك أو أخاه عبد الرحمن فهو موصول، ويكون من مسند كعب بن مالك؛ فإنَّ الزُّهْري يروي عن الثلاثة: عبد الرحمن وأبيه عبد الله وعمه عبد الرحمن.

ورواه معمر مرة كما في "جامعه"(19815) عن الزُّهْري، عن ابن كعب بن مالك، مرسلًا.

وذكر أبو داود أنَّ معمرًا كان يرويه أحيانًا عن الزُّهْري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، ولم نقف عليه من هذا الوجه.

ورواه موسى بن عقبة في "مغازيه" كما في "الدلائل" للبيهقي 4/ 264، لكنه قال: عن الزُّهْري قال: قال جابر بن عبد الله، فذكره فجعله من مسند جابر، لكن الزُّهْري لم يسمع من جابر بن عبد الله، إلّا أنّ عبد الله وعبد الرحمن ابني كعب بن مالك وكذا عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك قد رووا عن جابر بن عبد الله وسمعوا منه، فلا يبعد أن يكون الزُّهْري قد حمله عن أحدهم عن جابر، ثم حذف الزُّهْري اسم الذي حدَّثه به اختصارًا، ويؤيده رواية الواقدي عند =

ص: 374

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاريُّ، قال: وقال يُونس.

4442 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عبد الله بن مُرَّة، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: لأن أحلفَ تِسعًا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قُتِلَ قَتْلًا، أحبُّ إليَّ من أن أحلفَ واحدةً أنه لم يُقتل، وذلك أنَّ الله عز وجل اتخذه نبيًا واتخذه شهيدًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4443 -

فحدثنا أبو أحمد بكر بن محمد المَروَزي غيرَ مرة، حدَّثنا عبد الصمد بن الفَضْل البَلْخي، حدَّثنا مَكِّي بن إبراهيم، حدَّثنا داود بن يزيد الأَوْدِي، قال: سمعت الشَّعْبي يقول: والله لقد سُمَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وسُمَّ أبو بكر الصّدّيق، وقُتل

= ابن سعد 2/ 179 - 180، إذ ذكر قصة الشاة المسمومة بأسانيد منها عن الزُّهْري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن جابر.

والزُّهْري واسعُ الرواية، فلا يبعُد أن يسمعه من هؤلاء جميعًا، فلا يكون حينئذٍ اختلافٌ، وخصوصًا أنَّ الواقدي قد رواه عند ابن سعد في "طبقاته" 10/ 297 عن مالك ومعمر، عن الزُّهْري، عن عروة، عن عائشة.

وإذا علمنا كذلك أنَّ أم مُبشِّر المذكورة هي التي باشرت سؤال النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: ما تتهم بنفسك يا رسول الله؟ فأخبرها الخبر، فتكون عائشة حضرت القصة، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم إنما مُرض في بيتها كما هو ثابت مشهور، وجابر بن عبد الله ممن روى عن أم مُبشِّر، فليس ببعيد أن تكون حدثته بالقصة أيضًا، والله تعالى أعلم.

والأبهر: عرق مستبطن الصُّلْب، متصل بالقلب، إذا انقطع مات صاحبُه.

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن عبد الجبار، وقد توبع أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير والأعمش هو سليمان بن مهران وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك الجُشمي.

وأخرجه أحمد (6/ 3617) عن أبي معاوية بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا 6 / (3873) و 7/ (4139) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به.

ص: 375

عُمر بن الخطاب صَبْرًا، وقُتل عثمان بن عفّان صَبْرًا، وقُتل علي بن أبي طالب صَبْرًا، وسُمَّ الحسنُ بن علي، وقُتل الحسين بن علي صَبْرًا، فما نَرجُوا بعدَهم؟

(1)

.

4444 -

حدّثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبل، حدّثني أبي، حدَّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ثابت عن أنس: أنَّ فاطمةَ بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بَكَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا أَبَتاه مِن رَبِّه ما أدناه، يا أَبَتاه إلى جبريلَ أَنْعاه، يا أَبَتاه جنةُ الفردَوس مأواه

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4445 -

حدَّثنا عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب بهَمَذان، حدَّثنا إبراهيم بن نصر الرازي وإبراهيم بن دِيْزِيل، قالا حدَّثنا سليمان بن حَرْب، حدَّثنا حماد بن زيد، عن معمر، عن الزُّهري، عن سعيد بن المُسيّب، عن علي قال: غسَّلتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فجعلتُ أنظرُ ما يكون من الميتِ، فلم أرَ شيئًا، وكان طيبًا حيًّا وميتًا صلى الله عليه وسلم

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4446 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا

(1)

ضعيف لضعف داود بن يزيد الأودي، وسيتكرر برقم (4460) لكن بذكر السّري بن إسماعيل بدل الأودي، وهو متروك الحديث.

(2)

إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد الصَّنْعاني، وثابت: هو ابن أسلم البُناني.

وهو في "مسند أحمد" 20/ (13031).

وأخرجه النسائي (1983)، وابن حبان (6621) من طريقين عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم برقم (1424) من طريق حماد بن زيد عن ثابت.

(3)

رجاله ثقات، ولكنه اختلف في وصله وإرساله، والصحيح إرساله كما تقدم بيانه مُفصَّلًا برقم (1355)، إذ تقدم هناك من طريق عبد الواحد بن زياد، عن معمر، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيب، قال: قال علي بن أبي طالب

وهو على ثبوت إرساله يُعدُّ من أقوى المراسيل، لجلالة سعيد بن المسيّب.

ص: 376

يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني يحيى بن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة، قالت: أردْنا غَسْلَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فاختلفَ القومُ فيه، فقال بعضُهم: أنُجرِّدُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كما نُجرِّدُ موتانا أو نُغسِّله وعليه ثيابُه؟ فألقى اللهُ عليهم السَّنَةَ، حتى ما منهم رجلٌ إِلَّا نائم ذَقَنُهُ على صَدْره، فقال قائلٌ من ناحية البيت: أما تَدْرون أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُغَسَّل وعليه ثيابُه؟ فغسَّلوه وعليه قميصُه، يَصُبُّون الماء عليه ويَدلُكُونه من فَوقِه، قالت عائشة: وايمُ اللهِ لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ، ما غسَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نِساؤُه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4447 -

حدَّثنا حمزة بن محمد بن العباس العَقَبي ببغداد، حدَّثنا عبد الله بن رَوْح المَدائني، حدَّثنا سَلّام بن سليمان المَدائني، حدَّثنا سلّام بن سُليم الطويل، عن عبد الملك بن عبد الرحمن، عن الحسن العُرَني، عن الأشعث بن طَلِيق، عن مُرَّة بن شَراحِيل، عن عبد الله بن مسعود قال: لما ثَقُلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قلنا: مَن يصلِّي عليك يا رسولَ الله؟ فبَكى وبَكَينا، وقال: "مَهلًا غَفَرَ الله لكم، وجزاكُم عن نَبيِّكم خيرًا، إذا غسلتُموني وحَنَّطْتُموني وكَفَّنْتُموني فضَعُوني على شَفِير قَبْري، ثم اخرُجوا عني ساعةً، فإنَّ أولَ مَن يُصلِّي عليَّ خَليلي وجَليسي جَبْرَائِلُ ومِيكَائِل، ثم إسرافِيلُ، ثم مَلكُ الموت مع جُنودٍ من الملائكة، ثم ليبدأْ بالصلاةِ عَليَّ رجالُ أهلِ بَيتي، ثم نِساؤُهم، ثم ادخُلُوا أفواجًا أفواجًا وفُرادَى، ولا تُؤذوني بباكِيَةٍ ولا بَرَنَّةٍ ولا بصَيحةٍ،

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.

وأخرجه أحمد 43/ (26306)، وأبو داود (3141)، وابن حبان (6627) و (6628) من طرق عن محمد بن إسحاق بهذا الإسناد.

وأخرج قول عائشة في آخره مُقتصرًا عليه: ابن مَاجَهْ (1464) من طريق أحمد بن خالد الوهبي، عن محمد بن إسحاق، به.

والسِّنَة، بكسر السين: نوم من غير استغراق، وهو أولُ النوم.

ص: 377

ومن كان غائبًا من أصحابي فأبلغوه مني السَّلام، فإني أُشْهِدُكم على أني قد سَلّمتُ على مَن دَخَلَ في الإسلام ومَن تابَعَني على دِيني هذا منذ اليومِ إلى يومِ القيامة"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا ومتنُه منكر، سلّام بن سُليم الطويل وسلّام بن سليمان المدائني ضعيفان، لكنهما متابعان، وعبد الملك بن عبد الرحمن: هو الأصبهاني كما جاء منسوبًا في بعض روايات هذا الحديث، وبه جزم أبو نُعيم في "الحلية" 4/ 168، وليس هو الشامي الذي كذّبه الفلّاس كما ظنّه الذهبي في "تلخيصه" وبنى عليه الذهبيُّ حُكمَه على الحديث بالوضع، وعبد الملك الأصبهاني هذا روى عنه هذا الحديثَ جمعٌ سيأتي ذكرهم، وترجم له أبو نُعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان"، وذكر في الرواة عنه أبا نعيم الفضل بن دكين وعبد العزيز بن أبان، ولم يؤثر فيه جرحٌ ولا تعديلٌ، وقد انفرد بهذا الحديث من هذا الوجه، ولا يحتمل تفرُّده بمثله، على أنه اختُلف عليه في إسناده كما سيأتي بيانه.

والأشعث بن طليق الظاهر أنه الكوفي، وليس الحجازي الذي وثقه ابن مَعِين، وقد فرَّق بينهما ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" مُحيلًا ذلك على أبيه وأبي زُرعة، لكن قال الحافظ ابن حجر في "اللسان": عندي أنهما واحد ومما يُقوي التفريق بينهما أنَّ الإسناد هنا عراقيون، والإسناد الآخر الذي ورد فيه ذكر الأشعث حجازيون، ثم إنَّ الحجازي اختُلِفَ في اسم أبيه، فقيل: طَلْق، مكبّرًا، ولم يُختلَف في اسم أبي هذا الكوفي، وإذا ثبت ذلك فأشعث الكوفي مجهول.

والظاهر أنه لأجل ذلك، وللاختلاف الوارد في إسناده من جهة عبد الملك قال عنه أبو الفتح الأزدي: لا يصحُّ حديثه. ونقل أبو داود في "مسائله عن أحمد بن حنبل"(1894) أنه ذكر لأحمد هذا الحديث فأنكره.

وهذا أوانُ بيانِ الاختلاف فيه على عبد الملك:

فقد رواه عنه سَلام بن سليم على هذا الوجه الذي عند المصنف هنا. وكذلك أخرجه من طريقه ابن عبد الحَكَم في "فتوح مصر" ص 125، وأبو نُعيم في "الحلية" 4/ 168، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 231، والخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 145 - 146.

ورواه عمرو بن محمد العَنقزي - وهو ثقة - عن عبد الملك بن الأصبهاني، عن خلّاد الصَّفّار، عن الأشعث بن طَلِيق عن الحسن العُرَني عن مرة الهَمْداني، عن عبد الله بن مسعود فزاد في الإسناد خلّادًا الصَّفّار - وهو خلّاد بن عيسى أو ابن مسلم العَبْدي الكوفي - وعَكَسَ فقدّم الأشعث وأخَّر الحسن العُرَني - وهو ابن عبد الله - كذلك أخرجه من طريق عمرو بن محمد: الطبراني في "الأوسط"(3996)، وفي "الدعاء"(1219)، وقال في "الأوسط": لم يُجوِّد أحدٌ إسناد هذا =

ص: 378

عبد الملك بن عبد الرحمن الذي في هذا الإسناد مجهولٌ لا نَعْرِفُه بعَدالةٍ ولا جَرْحٍ، والباقُون كلُّهم ثِقاتٌ.

4448 -

حدَّثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشَاذَ العَدْل، قالا: حدَّثنا بشر بن موسى، حدَّثنا الحُميدي، حدَّثنا سفيان، قال: سمعتُ يحيى بن سعيد يُحدّث عن سعيد بن المسيّب، قال: قالت عائشة: رأيتُ كأنَّ ثلاثةَ أقمارٍ سقطتْ في حُجْرتي،

= الحديث إلّا عمرو بن محمد العَنْقزي.

ورواه سلمةُ بن صالح الأحمر - وهو ضعيف - عن عبد الملك بن عبد الرحمن، عن الأشعث بن طليق، عن الحسن العُرَني، عن مرة الهَمْداني، عن ابن مسعود. فلم يذكر خلّادًا الصَّفّار وعكس أيضًا فقدَّم الأشعثَ وأخَّر الحسن العُرَني. وقد أخرجه من هذه الطريق أحمد بن مَنيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4329/ 1).

ورواه عبد الرحمن بن محمد المُحاربي - وهو قويّ الحديث - عن ابن الأصبهاني، عن مُرَّة، عن ابن مسعود. كذا رواه المحاربيُّ عن عبد الملك، فلم يذكر في إسناده ثلاثة، وهم خلاد والأشعث والحسن العُرَني. أخرجه من هذه الطريق البزار في "مسنده"(2028)، وظن البزارُ أنَّ ابن الأصبهاني هذا هو عبد الرحمن بن عبد الله الثقة لكونه جاء كذلك في إسناده غير مقيّد، وإنما هو عبد الملك كما قُيِّد في الروايات الأخرى، ولهذا قال الطبراني في "الأوسط" بإثر (3996) بعد أن ذكر رواية عمرو بن محمد العنقزي المجوّدة: ورواه المحاربي، عن عبد الملك بن الأصبهاني، عن مرة، عن عبد الله. لم يُذكر خلادٌ ولا الأشعثُ ولا الحسنُ العُرَني. فقيده بعبد الملك، على الجادة.

ورواه مسلمة بن جعفر البَجَلي - وهو صدوق - عن عبد الملك بن الأصبهاني، عن خلّاد الأسدي قال: قال عبد الله بن مسعود. فلم يذكر في إسناده الحسنَ العُرَني ولا الأشعثَ ولا مُرَّة بن شَراحيل الهَمْداني. أخرجه من هذه الطريق ابن جَرير الطبري في "تاريخه" 3/ 191 - 192، وتحرَّف فيه اسمُ شيخ الطبري محمد بن عمر بن هيّاج إلى: محمد بن عمر بن الصباح، وكذا تحرَّف اسم مسلمة إلى: مسلم. ونَسَبَ خلّادًا أسديًّا.

وقد أخرج هذا الحديث أيضًا ابن سعد 2/ 224 عن محمد بن عمر الواقدي، عن عبد الله بن جعفر المَخْرمي، عن عبد الواحد بن أبي عون، عن ابن مسعود. لكن لم يتابع عليه الواقديُّ، وهو متكلَّم فيه متروك عند بعضهم، ثم هو معضل بين عبد الواحد وبين ابن مسعود.

ص: 379

فسألت أبا بكر، فقال: يا عائشةُ، إن تَصدُق رؤياكِ يُدفَنْ في بيتِك خيرُ أهلِ الأرض ثلاثةٌ، فلما قُبض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ودُفن، قال لي أبو بكر: يا عائشةُ، هذا خير أقمارِك، وهو أحدُها

(1)

.

(1)

صحيح، وهذ إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل، فقد رواه إسحاق بن موسى الخَطْمي عن سفيان - وهو ابن عُيينة - عند البيهقيّ في "الدلائل" 7/ 261 بلفظ ظاهر في الإرسال، حيث قال في روايته عن سعيد بن المسيب، قال: عرضتْ عائشة على أبيها رؤيا، وكان أعبَرَ الناسِ

وكذلك رواه بلفظٍ ظاهر في الإرسال أكثرُ أصحاب يحيى بن سعيد - وهو ابن قيس الأنصاري - منهم يحيى بن سعيد القطان عند مسدَّد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (2846)، ويزيدُ بنُ هارون عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 2/ 256، وأنس بن عياض عند أبي داود السجستاني كما في "التمهيد" لابن عبد البر 24/ 48 - وليس في "السنن" ولا في "المراسيل"، وإنما في بعض كتبه الأخرى - ويحيى بن أيوب الغافقي عند الطبراني في "الكبير" 23/ (126)، وعمرو بن الحارث عند الطبراني في "الأوسط"(1373)، وأبي الحسن الخِلَعي في "الخِلَعيات"(946).

وآخر الخبر وهو قوله: فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى آخره، لم يسمعه يحيى بن سعيد الأنصاري من سعيد بن المسيب، كما تدل عليه رواية يحيى القطان ويحيى بن أيوب ويزيد بن هارون حيث جاء في روايتهم: قال يحيى بن سعيد: فسمعتُ الناس يتحدثون

فذكره.

وقد روى مالك بن أنس هذا الخبر عن يحيى بن سعيد الأنصاري، فجعله بجملته من مرسل يحيى لم يذكر فيه سعيد بن المسيب. كذلك هو في "موطأ في موطأ يحيى" 1/ 232، و"موطأ أبي مصعب"(974)، و"موطأ سُويد "الحَدَثاني" (401)، وكذلك رواه أكثر رواة "الموطأ" كما قال ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 47، لكن رواه عن مالكٍ قتيبةُ بن سعيد عند أبي داود كما قال ابن عبد البر، ومعنُ بنُ عيسى القزاز كما في "غرائب مالك" لابن المظفَّر (3)، بذكر سعيد بن المسيب، والمحفوظ رواية أكثر رواة "الموطأ".

وقد جاءت رواية قتيبة ومعن بن عيسى عن مالك بلفظ يُوهم اتصالَه بجملته بنحو ما جاء في رواية المصنف هنا، وكذلك رواه الليثُ بن سعد عند البلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 572.

والصحيح من ذلك جميعًا روايةُ مَن رواه مرسلًا، وفصَّل بين مرسل سعيد بن المسيب وهو أول الخبر، وبين ما رواه يحيى بن سعيد الأنصاري عن غير سعيد بن المسيب مرسلًا أيضًا، وهو آخر الخبر، والله تعالى أعلم، على أنَّ مراسيل سعيد بن المسيّب تُعَدُّ من أقوى المراسيل، =

ص: 380

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه. وقد كتبناه من حديث أنس بن مالك مسندًا:

4449 -

حدَّثنا علي بن حَمْشاذَ، حدَّثنا جُنَيد بن حَكيم الدَّقاق، حدَّثنا موسى بن عبد الله السُّلَمي، حدَّثنا عمر بن سعيد الأبَحّ، عن ابن أبي عَرُوبة، عن قَتَادة، عن أنس، قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعجِبُه الرؤيا، قال:"هل رأى أحدٌ منكم رؤيا اليومَ؟ " قالت عائشة: رأيتُ كأنَّ ثلاثةَ أقمارٍ سَقَطْن في حُجْرتي، فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إن صَدَقتْ رُؤياكِ دُفِنَ في بيتِك ثلاثةٌ هم أفضلُ - أو خيرُ - أهلِ الأرض". فلما تُوفّي النبيُّ صلى الله عليه وسلم ودُفِنَ في بيتها، قال لها أبو بكر: هذا أحدُ أقمارِك وهو خَيرُها. ثم تُوفّي أبو بكر وعمر فدُفِنا في بيتها

(1)

.

= حتى أدخلها بعض الأئمة في متصلات الأخبار لجلالة سعيد.

وسيأتي عند المصنف برقم (8392) من طريق مَسْعدة بن اليسع، عن مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عن عائشة. فانفرد مسعدةُ بذكر عمرة بدل سعيد بن المسيّب، ولكن مسعدة هذا هالكٌ متَّهمٌ.

وقد روي أول هذا الخبر أيضًا بإسناد آخر عند البلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 572 من طريق إسماعيل ابن عُلَيَّة، والآجريّ في "الشريعة"(1846) من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجَرْمي مرسلًا، ورجاله ثقات أيضًا، وكذلك رواه عُبيد الله بن عمرو الرقّي عن أيوب كما في "علل الدارقطني"(3729)، وذكر حماد في روايته أنَّ أيوب سمع آخر الخبر في قول أبي بكر لعائشة من أبي يزيد المدني مرسلًا، وهو تابعي نزل البصرة، ولا بأس به.

وقد روى حماد بن سلمة عن أيوب هذا الخبر، فجعله عن أيوب، عن نافع أو ابن سِيرين مرسلًا بجُملته. كذلك أخرجه من طريقه أبو بكر الشافعيّ في "الغيلانيات"(33)، والطبراني في "الكبير" 23/ (127). ورواية الأكثرين عن أيوب ممَّن تقدَّم ذكرهم قبلُ أولى بالصواب. وباجتماع هذه المراسيل تتأكد صحة هذا الخبر، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عمر بن سعيد الأبحّ، وقال الذهبي في "تلخيصه": هو أحد الضعفاء، وتفرَّد به عنه موسى بن عبد الله السُّلمي، لا أدري من هو. قلنا: قد عرَفَه الذهبي في "تاريخ =

ص: 381

4450 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي، حدَّثنا حماد بن أسامة، أخبرنا هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كنت أدخُلُ بيتي الذي فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبي، وأضَعُ ثوبي، وأقولُ: إنما هو زوجي وأبي، فلما دُفن عمرُ معهم، فواللهِ ما دخلتُ إلَّا وأنا مَشدُودةٌ عليَّ ثيابي حَياءً من عمر

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

= الإسلام 5/ 945، فقد ذكره وذكر جماعةً رووا عنه، فيبقى الشأن في ضعف عمر الأبحّ، وقد قال ابن حبان في "المجروحين" 2/ 87: روى عن سعيد بن أبي عَروبة عن قَتَادة عن أنس نسخةً لم يُتابع عليها.

وجُنيد بن حكيم الدقَّاق ليس بالقويّ، وخالفه العباس بن الفضل الأسفاطي عند الطبراني في "الكبير" 23/ (128)، فرواه عن موسى بن عبد الله، عن عمر الأبحّ، عن سعيد بن أبي عَروبة، عن قَتَادة، عن الحسن، عن أبي بكر.

تنبيه: قد جاء في بعض كتب التراجم نسبةُ موسى بن عبد الله بالسِّلعي، بالعين المهملة بدل الميم، كما في "الإكمال" لابن نقطة البغدادي، وضبطه بكسر السين، فيجوز أن يكون السلمي تحريف عن السِّلعي، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوام.

وهو في "مسند أحمد" 42/ (25660).

وسيأتي برقم (6870) من طريق الحسن بن علي بن عفان عن أبي أسامة حماد بن أسامة.

ص: 382

بسم الله الرحمن الرحيم

‌كتاب معرفة الصحابة رضي الله عنهم

أمّا الشيخان فإنهما لم يزيدا على المناقِبِ، وقد بدأنا في أول ذكر الصحابي بمعرفة نسَبه ووفاته، ثم بما يَصِحُّ على شرطهما من مَناقِبه مما لم يُخرجاه، فلم أستغنِ عن ذكر محمد بن عُمر الواقدي وأقرانِه في المعرفة.

[أبو بكر بن أبي قُحافة رضي الله عنهما]

فمن فضائل خَليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو بكر بن أبي قُحَافة الصِّديق رضي الله عنه، ممّا لم يُخرجاه:

4451 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا عبد الله بن أسامة

(1)

الحَلَبي، حدثنا حجّاج بن أبي مَنيع، عن جدِّه، عن الزُّهْري، قال: أبو بكر الصِّدِّيق اسمه عبد الله بن عثمان بن عامر بن عَمرو بن كعب بن سعد بن تَيْم بن مُرّة بن كعب بن لُؤي بن غالب بن فِهْر

(2)

.

(1)

جاء في (ب): عبد الله بن أبي أسامة، بزيادة لفظة "أبي"، وكلاهما محكيٌّ في اسمه، فأبو العباس الأصم وابن الأعرابي كانا يسميانه عبد الله بن أسامة دون لفظة "أبي" كما وقع في أسانيدها، وبذلك ترجم له الخليلي في "الإرشاد" 2/ 480، وكان غيرهما يُسمِّيه عبد الله بن أبي أسامة، وهم الأكثرون، وهو عبد الله بن محمد بن بُهلول بن أبي أسامة - أو ابن أسامة الحَلَبي، وترجم له أيضًا ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 32/ 168.

(2)

إسناده جيد إلى الزهري. وحجاج بن أبي مَنيع: هو حجاج بن يوسف بن أبي منيع، فأبو منيع كنية جده واسمه عُبيد الله بن أبي زياد الرُّصافي، وكثيرًا ما يُنسب حجاج لجده.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 369 عن أبي عبد الله الحاكم، به.

وأخرجه الدولابي في "الكنى"(34) عن أبي أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي، به. غير أنه قال: اسم أبي بكر الصِّدِّيق عَتيق بن أبي قحافة بن عامر

كذا سمَّاه عَتِيقًا وإنما هو =

ص: 383

4452 -

حدثنا أحمد بن كامل القاضي، حدثنا عبد الله بن رَوْح المدائني، حدثنا شَبَابة، حدثنا صالح بن موسى الطَّلْحي، عن معاوية بن إسحاق، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَرَّه أَن يَنظُر إِلى عَتيقٍ من النار، فليَنظُرْ إلى أبي بكر". وإنَّ اسمَه الذي سمَّاه أهلُه: لَعبدُ الله بن عثمان بن عامر بن عمرو حيث وُلِد، فغَلَبَ عليه اسمُ عَتيق

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4453 -

أخبرني أحمد بن محمد بن واصل المُطَّوِّعي ببِيكَنْد، حدثني أبَي، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثني أحمد بن حنبل، حدثنا إسحاق بن منصور السَّلُولي، سمع محمدَ بن سليمان السَّعيدي

(2)

يحدِّث عن هارون بن سعْد، عن عِمران بن ظَبْيان،

= لقبُه، واسمُه عبد الله كما أخبر بذلك حفيدُه عبد الله بن الزُّبير فيما أخرجه ابن حبان (6864)، وانظر ما سيأتي برقم (6465).

وأخرجه ابن مَنْدَه في فتح الباب في الكنى والألقاب ص 107 عن أحمد بن سليمان بن حَذْلم، عن أبي أسامة عبد الله بن أبي أُسامة الحلبي به. وقال: أبو بكر بن أبي قحافة، هو ابن عامر. .. واسم أبي بكر عتيق واسم أبي قحافة عثمان. كذا جاء في هذه الرواية بأنَّ اسم أبي بكر عتيق، وإنما عتيق لقبه كما تقدَّم.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 11/ 238، ومن طريقه ابن عساكر 30/ 22 عن الحجاج بن أبي منيع به. وقال: اسم أبي بكر عَتيق بن أبي قُحافة، وأبو قحافة اسمه عثمان بن عامر

وقال يعقوب بن سفيان بإثر سرد نسبه: وعَتيق لقبُه واسمه عبد الله ثم ذكر كلام عبد الله بن الزُّبير الآتي برقم (6465).

(1)

إسناده مظلم كما قال الذهبي في "تلخيصه"، من أجل صالح بن موسى الطلحي، فهو متروك الحديث. وقد تقدَّم نحوه برقم (3599) من طريق شبابة - وهو ابن سوّار - أيضًا، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمه موسى بن طلحة، عن عائشة أم المؤمنين. وإسحاق بن يحيى ضعيف جدًّا.

لكن صحَّ الحديث عن عبد الله بن الزُّبير عند ابن حبان (6864) وغيره، قال: كان اسم أبي بكر عبد الله بن عثمان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أنت عَتيق الله من النار"، فسُمِّي عَتِيقًا.

(2)

هكذا في نسخ "المستدرك": السعيدي، وهكذا نقله عنه الذهبي في "ميزان الاعتدال" =

ص: 384

عن أبي تِحْيَى، سمع عليًّا يحلفُ: لأنزَلَ الله تعالى اسمَ أبي بكر من السماء صِدِّيقًا

(1)

.

لولا مكانُ محمد بن سليمان السَّعيدي من الجهالة، لحكمتُ لهذا الإسناد بالصحّة.

وله شاهدٌ من حديث النَّزّال بن سَبْرة عن عليٍّ عليه السلام:

4454 -

حدَّثَناه عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب، حدثنا هلال بن العلاء الرَّقّي، حدثني أَبي، حدثنا إسحاق بن يوسف، حدثنا أبو سِنان، عن الضَّحّاك، حدثنا النَّزّال بن سَبْرة، قال: وافَقْنا عليًا طيّبَ النفسِ وهو يمزَحُ، فقلنا: حدِّثنا عن أصحابِك، قال: كلُّ أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أصحابي، فقلنا: حدِّثنا عن أبي بكر، قال: ذاك امرُؤٌ

= وتابعه ابن حجر في "اللسان"، وصوابه: العَيْذيّ، كما في "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 3/ 1522 وغيره من كتب المشتبِه والرجال، وهذه النسبة إلى عَيْذ الله بن سعد العشيرة كما في "الأنساب" للسمعاني 9/ 104.

(1)

حسن إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لجهالة محمد بن سليمان العَيذي، وعمران بن ظَبْيان ضعيف يُعتبر به، وقد روي هذا الخبرُ من وجه آخر عن أبي يِحْيى: وهو حُكَيم بن سعْد، ومن وجه آخر عن علي كما في الرواية التالية.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير"1/ 99، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(6)، والطبراني في "الكبير"(14)، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 3/ 1522، وابن بطّة في "الإبانة" 9/ 603، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(66)، وأبو طالب العشاري في "فضائل أبي بكر الصديق"(6)، والخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه" 1/ 544، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 75 و 36/ 261 من طرق عن إسحاق بن منصور السلولي بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارقطني في "الأفراد" كما في "الإصابة" 4/ 172، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(65)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 75 و 76 من طريق عمر بن يزيد قاضي المدائن، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن أبي تحيى، عن علي وعمر بن يزيد هذا قال عنه ابن عدي: منكر الحديث، وذكر له عدة أحاديث لم يتابع عليها، وقال الدارقطني في "تعليقاته على ابن حبان" (206): ضعيف يروي عن الكوفيين أحاديثَ بواطيل لا يُتابع عليها. قلنا: لكنه توبع على حديثه هذا الذي هنا، فباجتماع روايته مع رواية عمران بن ظبيان مع رواية النزّال بن سبرة عن عليٍّ الآتية بعده يَحسُن الحديث إن شاء الله تعالى.

ص: 385

سمَّاهُ الله صِدِّيقًا على لسان جبريلَ ومحمدٍ صلى الله عليهما

(1)

.

4455 -

أخبرني مُكرَم بن أحمد القاضي، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البَلَدي، حدثنا محمد بن كثير الصَّنْعاني، حدثنا معمر بن راشد عن الزُّهْري، عن عُرْوة، عن عائشة، قالت: لما أُسريَ بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجدِ الأقصى أصبحَ يتحدَّثُ الناسُ بذلك، فارتدَّ ناسٌ ممَّن كانوا آمنوا به وصدَّقُوه، وسَعَوا بذلك إلى أبي بكر، فقالوا: هل لك إلى صاحبِك يَزعم أنه أُسرِيَ به الليلةَ إلى بيت المقدِس، قال: أوَقال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لَئن كان قال ذلك لقد صَدَق، قالوا: وتصدّقُه أنه ذهب الليلةَ إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يُصبحَ؟ قال: نعم، إني لأُصدِّقُه فيما هو أبعدُ من ذلك، أصدِّقُه بخبر السماء في غَدُوةٍ أو رَوْحةٍ. فلذلك سُمّي أبو بكر الصِّدِّيق

(2)

.

(1)

حسن إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لضعف العلاء والد هلال - وهو العلاء بن هلال الرَّقِّي - لكن للحديث طريق أخرى تقدمت قبله يتقوى بها. أبو سنان: هو سعيد بن سنان البُرجمي، والضَّحَاك: هو ابن مُزاحِم.

وأخرجه أبو بكر الآجُرّي في "الشريعة"(1192) و (1825)، وابن شاهين في الجزء الخامس من "الأفراد"(48)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2455)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 74 - 75، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 220 من طرق عن هلال بن العلاء بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو الحسين بن بشران في "مجلسين من أماليه"(4)، وأبو نُعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"(188)، وأبو طالب العشاري في "فضائل أبي بكر الصديق"(11)، وأبو الحسن الخِلَعي في "الخلعيَّات"(1065) من طريق إسماعيل بن يحيى بن عُبيد الله التيمي، عن أبي سنان.

(2)

إسناده ضعيف موصولًا من أجل محمد بن كثير الصَّنعاني، فهو ليِّن الحديث، وقد خالفه من هو أوثق منه فأرسل الحديث، وهو المحفوظ.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 360 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذ الإسناد.

وأخرجه أبو القاسم بن بشران في "أماليه"(560)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 55 عن أبي الحُسين عبد الباقي بن قانع، وضياء الدين المقدسي في "فضائل بيت المقدس"(53) من طريق عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم الخراساني، كلاهما عن إبراهيم بن الهيثم البَلَدي، به. =

ص: 386

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4456 -

حدثني أبو بكر محمد بن عبد الله الحفيد، حدثنا محمد بن زكريا، حدثنا ابن عائشة، حدثني أبي، عن عمِّه، عن رَبِيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، قال: كان أبو بكر الصِّدِّيق من النبي صلى الله عليه وسلم مكانَ الوزيرِ، فكان يُشاوِرُه في

= وأخرجه اللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1430) من طريق محمد بن يحيى الذُّهْلي، والبيهقي في "الدلائل 2/ 360، والضياء في "فضائل بيت المقدس" (53) من طريق أبي الأحوص محمد بن الهيثم، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة" (69)، والواحدي في "التفسير الوسيط" 3/ 96، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 206، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 55 من طريق المفضّل بن غسان الغلابي، ثلاثتهم عن محمد بن كثير الصنعاني، به.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(9719)، وفي "تفسيره" 1/ 380 عن مَعمَر، عن الزُّهْري مرسلًا.

فلم يذكر في إسناده عائشة ولا عروة.

لكن أخرجه الآجرِّي في "الشريعة"(1030) و (1259) من طريق محمد بن عبد الملك بن زنجويه، عن عبد الرزاق، عن مَعمَر، عن الزُّهْري في حديثه عن عروة، قال

فذكر عروة، وابن زنجويه ثقة حافظ ..

وأخرجه محمد بن يحيى الذهلي في "الزُّهْريات" كما في "تغليق التعليق" للحافظ ابن حجر 4/ 240 من طريق ابن أخي الزُّهْري، والطبري في "تفسيره" 15/ 6، وفي "تهذيب الآثار" في قسم مسند ابن عبّاس 1/ 412، وأبو الحسن الخِلَعي (304) من طريق يونس بن يزيد، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 359 من طريق صالح بن كيسان ثلاثتهم عن الزُّهْري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن مرسلًا.

وليس بعيدًا أن يكون الزُّهْري حمل هذا الخبر عن عروة بن الزبير وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن وغيرهما، فقد كان رحمه الله واسع الرواية وشيوخه في أخبار السيرة والمغازي من جِلّة تابعي أهل المدينة وعلمائهم كسعيد بن المسيب وعُبيد الله بن عَبد الله بن عتبة وعروة بن الزبير وأبي سلمة وغيرهم، ومراسيل هؤلاء قوية لجلالتهم، وقد أرسل الخبرَ هاهنا اثنان منهم فيعتضدان.

على أنه رُوي مرفوعًا من حديث أنس بن مالك عند ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 5/ 11 - 13. لكن إسناده ضعيف، فالاعتماد في هذه القصة على المُرسَلَين المتقدمَين. وسيتكرر هذا الحديث برقم (4507) عن أبي عمرو بن السمّاك عن إبراهيم بن الهيثم البلدي.

ص: 387

جميع أموره، وكان ثانيَه في الإسلام، وكان ثانيّه في الغار، وكان ثانيه في العرَيش يومَ بدر، وكان ثانيه في القبرِ، ولم يكن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُقدِّم عليه أحدًا

(1)

.

4457 -

حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا محمد بن عبد الله بن رُسْتَهْ، حدثنا أبو أيوب سليمان بن داود المِنقَري، حدثنا محمد بن عمر، حدثنا محمد بن عبد الله ابن أخي الزُّهْري، عن الزُّهْري عن عُرْوة، عن عائشة، قالت: تُوفِّي أبو بكر ليلةَ الثلاثاء لثمانٍ بَقِين من جُمادى الأولى سنة ثلاثَ عشرةَ، وهو يومئذٍ ابن ثلاثٍ وستين، وكان مرضُه خمسة عشر يومًا، وكان سببُ مرضِه أنه اغتسل في يوم باردٍ فحُمَّ خمسةَ عشرَ ليلةً، لم يخرج إلى الصلاة، فكان عمرُ يُصلّي بالناس، وهو في داره التي قَطَعَ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وِجاهَ دار عثمان اليومَ، وأَوصى أن تُغسِّله أسماءُ بنت عُمَيس امرأتُه، وإنها ضَعُفت فاستعانت بعبد الرحمن، وكُفِّن في ثوبين أحدُهما غَسِيلٌ، ويقال: في ثلاثة أثواب، وحُمِل على سَريرِ النبي صلى الله عليه وسلم، وهو سريرُ عائشةَ الذي كانت تنامُ عليه، فحُمل عليه أبو بكر، فصلى عليه عمرُ في المسجد بين القبر والمِنبَر، ودُفن في البيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلًا، وجعل رأسُه بين كَتِفَي النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن زكريا - وهو ابن داود الغلابي - وجهالة والد ابن عائشة وعمِّه، وابنُ عائشة: هو عُبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر بن موسى يعرف بابن عائشة، والعَيشي والعائشي، وعمُّ أبيه: هو عُبيد الله.

على أنَّ كل ما جاء في هذا الخبر صحيح من حيث المعنى والحال، كما دلَّت عليه نصوص كثيرة مشهورة.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، أبو أيوب سليمان بن داود المِنْقَري: هو الشَّاذَكُوني، وهو ضعيف الحديث جدًّا، لكن قال الذهبي: هو مع ضعَّفه لم يكد يوجد له حديث ساقط. قلنا: قد تابعه على جُمل من هذه الأخبار التي هنا في وفاة الصِّديق محمدُ بنُ سعد في "طبقاته" 3/ 201. ومحمد بن عمر - وهو الواقدي - ليس بذاك، وخالفه من هو أوثق منه في إسناد هذه الأخبار، فقد روي سفيان بن عيينة عند أبي بكر الدِّينوري في "المجالسة" (164) عن الزُّهْري من قوله جُملًا من هذه الأخبار دون ذكر سبب وفاته، وروى معمر عند ابن عساكر 30/ 445 عن الزُّهْري من قوله ذِكْر =

ص: 388

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= صلاة عمر بن الخطاب على الصِّدِّيق، فهذا أشبه أنه عن الزُّهْري مرسل، على أنه ليس بعيدًا أن يكون الزُّهْري أخذه عن عروة وعن غيره من شيوخه في الأخبار والسير لما سيأتي بيانه من رواية غير الزُّهْري عن عروة عن عائشة لبعض ما ورد هنا، وكذلك سيأتي عند المصنف برقم (4465) من مرسل عروة بن الزبير ذكرُ الصلاة على جده أبي بكر في المسجد ودفنه ليلًا إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلك يتأكد أنَّ أكثر ما ورد هنا من الأخبار في وفاة الصدِّيق ممّا حمله الزُّهْري عن عروة، والله تعالى أعلم.

وأخرجه مختصرًا بذكر وقت وفاة أبي بكر ووصيته بأن تغسله زوجه أسماء: البيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 397 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه دون ذكر تكفين الصِّدِّيق وجنازته والصلاة عليه ودفنه: ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 185، ومن طريقه الطبري في "تاريخه" 3/ 419، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 409 و 450، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 230 عن محمد بن عمر الواقدي به. لكنه قال في روايته في جمادى الآخرة. وذكر فيه الواقدي إسنادين آخرين للخبر.

وأخرجه مختصرًا بذكر سنّ الصِّديق يوم تُوفِّي: ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(41) من طريق معمر، عن الزُّهْري، به.

وأخرجه مختصرًا بذلك أيضًا عبد الرزاق (6791) عن ابن جريج، عن ابن شهاب قال: وقالت عائشة .. فأرسله فلم يذكر عروة.

لكن أخرج هذا الحرف نفسه الطبرانيُّ في "الكبير"(28)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(900)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 26 من طريق عبد الله بن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة. فدلَّ ذلك على ثبوت ذكر عروة بن الزُّبير في إسناد خبر سنِّ الصِّدِّيق يوم تُوفِّي.

وأخرجه مختصرًا بذكر وفاته ليلة الثلاثاء ودفنه في تلك الليلة وتكفينه في ثلاثة أثواب: أحمدُ 41 / (25005)، والبخاري (1387) من طريق هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة.

وأخرجه مختصرًا بذكر تغسيل أسماء بنت عميس له: ابنُ سعد 3/ 187 من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.

وقد رُويت وصية الصِّدِّيق بأن تغسله زوجه أسماء بنت عميس من مراسيل جماعة من التابعين منهم: أبو بكر بن حفص عند عبد الرزاق (6124)، وابن سعد 3/ 186، وابن المنذر في "الأوسط"(2921)، وغيرهم بسند رجاله ثقات.

وابنُ أبي مليكة عند ابن أبي شيبة 3/ 249، وابن سعد 3/ 186، ورجاله ثقات أيضًا. =

ص: 389

4458 -

حدثني أبو علي الحافظ، حدثنا أبو عُبيد القاسم بن إسماعيل، حدثنا عُبيد الله بن سعد، حدثنا عمِّي، حدثنا سيفُ بن عُمر

(1)

، عن مبشِّر بن الفُضيل

(2)

، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه قال: كان سببُ موت أبي بكر موتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما زال جسمُه يَحْري حتى مات

(3)

.

4459 -

حدثني الأستاذ أبو الوليد، حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث، حدثني أبي، عن جدِّي، عن عُقيل، عن ابن شِهَاب: أَنَّ

= والقاسمُ بن محمد والحسنُ البصري وقتادة وسعدُ بن إبراهيم عند ابن سعد 3/ 186 بأسانيد لا بأس برجالها كذلك.

ورُوي تغسيل أسماء له أيضًا من مرسل عبد الله بن أبي بكر عند مالك 1/ 223، ومن مرسل إبراهيم النخعي عند ابن سعد 3/ 203.

ورُويت الصلاةُ عليه قرب المنبر من مرسل المطّلب بن عبد الله بن حَنْطَب عند ابن أبي شيبة 3/ 364، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 94، وابن عساكر 30/ 446، بسند رجاله لا بأس بهم.

ورُويت صلاةُ عمر بن الخطاب عليه من مرسل سعيد بن المسيب عند الطبراني في "الكبير"(35) بسند رجاله ثقات.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: محمد.

(2)

تحرَّف في النسخ إلى: يونس بن الفضل. وإنما هو مبشِّر بن الفُضَيل، وهو شيخ أكثر عنه

سيفُ بن عمر في مصنفاته.

(3)

إسناده ضعيف لضعف سيف بن عمر وجهالة شيخه مُبشِّر بن الفضيل. عُبيد الله بن سعد: هو ابن إبراهيم بن سعد الزُّهْري، وعمه: هو يعقوب.

وأخرجه أبو بكر بن السُّنِّي في "الطب" كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين 7/ 10، وعنه أبو نُعيم الأصبهاني في "الطب النبوي"(229) عن أحمد بن يحيى بن زهير التُّستَري، عن عُبيد الله بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 408 من طريق شعيب بن إبراهيم، عن سيف بن عمر، به.

قوله: "يحري" بالحاء المهملة: ينقص، يقال: حَرَى الشيءُ يَحري: إِذا نَقَصَ.

ص: 390

رجلًا أهدى يومًا لأبي بكر صَحْفةً من خَزِيرة، وعنده رجلٌ يقال له: الحارث بن كَلَدة، وعنده عِلمٌ، فلما أكلا منها قال ابن كَلَدة فيها سُمُّ سنةٍ، فوالذي نفسي بيده لم يمرَّ الحولُ حتى ماتا في يوم واحدٍ رأسَ السنة

(1)

.

4460 -

فحدثني بكر بن محمد الصَّيْرفي بِمَرُو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا مكّي بن إبراهيم، حدثنا السَّرِيّ بن إسماعيل، عن الشَّعْبي، أنه قال: ماذا يُتوقَّعُ من هذه الدنيا الدَّنِيَّة وقد سُمَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وسُمَّ أبو بكر الصِّدِّيق، وقُتل عمرُ حَتْفَ أنفِه، وكذلك قُتل عثمانُ وعليٌّ، وسُمَّ الحسنُ، وقُتل الحُسين حَتْفَ أنفِه

(2)

.

4461 -

حدثني أبو جعفر أحمد بن عُبيد الحافظ بهَمَذان، حدثنا محمد بن إبراهيم، حدثنا عمرو بن زياد، حدثنا غالب بن عبد الله القَرْقَساني، عن أبيه، عن جده حَبيب بن حَبيبِ، قال: شهدت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان بن ثابت: "قلتَ في أبي بكر شيئًا؟ قُلْ حتى أسمعَ" قال: قلت:

وثانيَ اثنينِ في الغارِ المُنِيف وقد

طافَ العدوُّ به إذ صاعَدَ الجَبَلا

وكان حِبَّ رسولِ الله قد عَلِمُوا

مِن الخلائقِ لم يَعدِلْ به بَدَلا

(1)

رجاله ثقات، لكنه مرسل. عُقيل: هو ابن خالد الأيلي، والليث: هو ابن سعد، وعبد الله: هو ابن عمر بن الخطاب.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 182، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 409، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 230 عن عبد العزيز بن عبد الله الأُويسي، وأبو نُعيم الأصبهاني في "الطب النبوي"(570) من طريق حجاج بن محمد المِصِّيصي، كلاهما عن الليث بن سعد، به.

وهذا على إرساله هو أصحُّ ما روي في سبب وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، قال الذهبي في "تلخيصه": السَّرِيُّ متروك.

وهو مكرر الخبر المتقدم برقم (4443) غير أنه ذكر هناك داود بن يزيد الأَوْدي بدل السّرِيّ، وهو ضعيف أيضًا.

ص: 391

فتبسَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

(1)

4462 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن مَخلَد الجَوهَري ببغداد، حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا الخليل بن زكريا، حدثنا مُجالِد بن سعيد قال: سُئل الشَّعْبي: مَن أولُ من أسلَمَ؟ فقال: أما سمعتَ قول حسان:

إذا تَذكَّرتَ شَجُوًا من أخي ثقةٍ

فاذكُرْ أخاك أبا بكرٍ بما فَعَلا

خيرَ البريّةِ أتقاها وأعدَلَها

بعدَ النبيِّ وأَوفاها بما حَمَلا

الثانيَ التالَي المحمودَ مَشهَدُهُ

وأولَ الناسِ منهم صَدَّق الرُّسُلا

(2)

(1)

إسناده تالف، عمرو بن زياد - وهو الباهلي - يضع الحديث، كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وغالبٌ المذكور مجهول وكذا أبوه.

وأخرجه الواحدي في "التفسير الوسيط" 2/ 497 عن عبد الرحمن بن محمد الوراق، عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وسيتكرر برقم (4511).

وله شاهد من مرسل الزُّهْري عند ابن سعد 3/ 159، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 56، وابن عدي في "الكامل" 2/ 160، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2428)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 90 و 91. لكنه انفرد به عن الزُّهْري رجلٌ اسمُه أبو العَطُوف جرّاح بن مِنْهال الجزري، وهو متروك الحديث. وقد وصله بعضُ من أنُّهم بسرقة الحديث بذكر أنس بن مالك فيه عند ابن عدي 2/ 160 ومن طريقه ابن عساكر 30/ 91، وقال ابن عدي: هذا الحديث موصولُه ومرسلُه منكر، والبلاء فيه من أبي العَطُوف.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل الخليل بن زكريا فهو متروك، وقد خالفه غيرُ واحدٍ فرووا هذا الخبرَ عن مجالد بن سعيد عن الشَّعْبي عن ابن عبّاس، فجعلوه من رواية الشَّعْبي عن ابن عبّاس، وكذلك رواه مالك بن مِغْوَل عن رجل عن ابن عبّاس. وعلى أيّ حالٍ فكلا الطريقين ضعيف، أما الأول فلضعف مجالد بن سعيد، وأما الثاني فلجهالة شيخ مالك بن مِغْوَل. وقد ضعف هذا الخبر أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنُه في "العلل"(2657)، وضعَّفه أيضًا ابن مَعِين فيما أسنده عنه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 16/ 77.

وأخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "فضائل الصحابة" لأبيه (103)، والطبري في =

ص: 392

4463 -

حدثني علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، حدثني هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: سألني أبو بكر: في كم كفَّنتُم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: في ثلاثةِ أثوابٍ، قال: ففيها فكفِّنوني

(1)

.

= "تاريخه" 2/ 314، والآجُرّي في "الشريعة"(1245) و (1246)، وابن بطة العكبري في "الإبانة" 9/ 447، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(73)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 41، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 209 من طريق عبد الرحمن بن مغراء، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "الزهد" لأبيه، (579)، والطبري 2/ 315، وابن أبي حاتم في "علل الحديث"(2657)، والطبراني في "الكبير"(12562)، والخطيب في "تاريخه" 16/ 77، وابن عساكر 30/ 40 من طريق الهيثم بن عدي، وابن عساكر 30/ 39، وأبو العبّاس الحنفي في "مشيخة ابن البخاري"(857) من طريق عبد الله بن الأجلح، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 13/ 52 و 14/ 310، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(44)، والدِّينَوري في "المجالسة"(625)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(73)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 373 - 374، وابن عساكر 30/ 40 عن شيخٍ له، كلهم عن مجالد بن سعيد، عن الشَّعْبي، عن ابن عبّاس.

وأخرجه ابن بطة في "الإبانة" 9/ 447 من طريق أبي يعلى زكريا المنقري، عن أبي الربيع العتكي، عن جَرير بن عبد الحميد، عن مغيرة بن مقسم عن الشَّعْبي، عن ابن عبّاس. والظاهر أنَّ هذا خطأ، لأنَّ الصحيح في رواية أبي الربيع العتكي أنه يرويه عن الهيثم بن عدي عن مجالد عن الشَّعْبي، كما أخرجه الطبراني (12562) عن مُسبِّح بن حاتم العُكْلي، عن أبي الربيع.

وأخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 369 من طريق مالك بن مِغْوَل، عن رجلٍ قال: سئل ابن عبّاس

فذكره. ولمالك بن مِغْول رواية عن الشَّعْبي، ولكن ليس مثلُ مالك بن مِغول من يُبهِم ذكر مثل الشَّعْبي، فالظاهر أنه غيرُه، والله أعلم.

وروي عن ابن عبّاس: أنَّ أول من أسلم بعد خديجة عليّ بن أبي طالب كما سيأتي عند المصنّف برقم (4702)، وفي إسناده مقال كما سيأتي بيانه هناك.

وسيأتي عن عمرو بن عَبَسَة (4467) و (4468) أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عمَّن تَبِعه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"حرٌّ وعبدٌ: أبو بكر وبلال"، وإسناده صحيح.

(1)

إسناده صحيح. الحميدي: هو عبد الله بن الزبير المكِّي، وسفيان: هو ابن عيينة، وعروة: هو ابن الزُّبير بن العوّام.

وأخرجه أحمد 41 / (24869) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، والبخاري (1387) من =

ص: 393

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

4464 -

أخبرني أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدثنا الحسن بن علي بن شَبِيب المَعْمَري، حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة أخبرته: أنَّ أبا بكر حين حَضَرتْه الوفاةُ قال: في كم كفَّنتمُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: في ثلاثة أثواب بيضٍ يمانيةٍ جُدُدٍ ليس فيها قميصٌ ولا عِمامة، قال: اغسِلُوا ثوبي هذا - وفيه رَدْعُ زَعْفَرانٍ ومِشْقٍ - فاجعلُوه مع ثوبَين جديدَين، فقلت: إنه خَلَقٌ، فقال: الحيُّ أحقُّ بالجديد من الميت، إنه للمُهْل

(1)

.

4465 -

قال عبد الرحيم: وحدَّثني هشام بن عُرْوة، قال: أخبرني عُثمان بن الوليد، عن عُرُوة: أن أبا بكر صُلِّيَ عليه في المسجد، ودُفن ليلًا إلى جنبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حُجرة عائشة

(2)

.

= طريق وُهَيب بن خالد، كلاهما عن هشام بن عُرْوة به. لكن بينت عائشة وصف هذه الأثواب فقالت: في ثلاثة أثواب بيض سَحُولية ليس فيها قميص ولا عمامة زاد ابن أبي الزناد في روايته: جُدُد يمانية. وزاد كلاهما في خبر عائشة نحو الزيادة الواردة في رواية عبد الرحيم بن سليمان عن هشام بن عروة الآتية بعد هذه.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قويّ من أجل عبد الرحمن بن صالح الأزدي، وقد توبع في الطريق السابقة.

والمِشْق، بكسر الميم وسكون الشين، وزان حِمْل هو صبغ أحمر.

والمُهْل: الصديد والقيح.

والخَلَق، بفتحتين: هو البالي.

(2)

صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم لكنه مرسل، فإنَّ عروة - وهو ابن الزبير - لم يدرك أبا بكر، لكن دفنُ أبي بكر ليلًا مما أخبرته به عائشة أم المؤمنين كما في رواية البخاري (1387) وغيره. وقد تابع عبدَ الرحيم على ذكر عثمان بن الوليد بين هشام وأبيه عليُّ بنُ مُسهِر كما في "جامع بيان العلم" لابن عبد البر (2402)، وكذلك زائدةُ بنُ قدامة كما في "علل الدارقطني (3494).

وقد روى جماعةٌ عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلًا الصلاة على أبي بكر في المسجد، دون =

ص: 394

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ذكر عثمان بن الوليد بين هشام وأبيه، كذلك رواه سفيانُ الثوريُّ عند عبد الرزاق (6175) و (6552) و (6576) والبيهقي 4/ 52، ومعمرُ بنُ راشد عند عبد الرزاق (6552) و (6576)، وابن المنذر في "الأوسط"(3093)، ووكيعُ بن الجراح وعبدُ الله بن نُمير عند ابن سعد 3/ 189، وعبدُ العزيز بنُ محمد الدَّرَاوردي عند ابن سعد 3/ 190، وحفصُ بنُ غياث عند ابن أبي شيبة 3/ 364، ومحاضرُ بنُ المُورِّع عند ابن المنذر في "الأوسط"(3092)، وشريكٌ النَّخَعي عند أبي بكر الدِّيْنَوري في "المجالسة"(2179)، كلهم عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه مرسلًا.

وكذلك رواه سفيان بن عُيينة عن هشام بن عُرْوة، لكنه قال: عن أبيه عن مولًى لهم. أخرجه من طريقه أبو نُعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(120).

ورواه إسماعيل بن أبان الغَنَوي عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، فوصله بذكر عائشة. أخرجه من طريقه ابن الأعرابي في "معجمه"(674)، والبيهقي 4/ 51. قال البيهقي: إسماعيل الغنوي متروك.

وذكر الدارقطني في "علله"(3494) أنَّ الدراوردي رواه كذلك موصولًا بذكر عائشة. وفيه نظر، لأنَّ ابن سعد قد أخرجه كما تقدَّم من طريقه مرسلًا ليس فيه عائشة.

وقد تقدَّم موصولًا كذلك من طريق الزُّهْري عن عروة عن عائشة، إلّا أنَّ إسناده إلى الزُّهْري في غاية الضعف. فلا يصح إذًا ذكر عائشة فيه البتة.

فالصحيح من ذلك أنَّ هشام بن عُرْوة رواه عن عثمان بن الوليد عن عروة بن الزبير مرسلًا، وربما كان هشامٌ سمعه بعد ذلك من أبيه مباشرة، فلا يبعُد ذلك، خصوصًا أن البخاري وغيره قد أخرجوا روايته عن أبيه عن عائشة في دفن الصِّدِّيق ليلًا، وهي قطعة من هذا الخبر الذي هنا، فلم يذكروا فيه عثمان بن الوليد بل فيه عند بعضهم تصريح هشام بسماعه له من أبيه، فيكون الوجهان محفوظين.

والظاهر أنَّ عروة بن الزُّبير سمع قصة الصلاة على أبي بكر في المسجد من المولى المذكور، كما صرَّح بذكره في روايته ابن عُيينة، وطَوَى ذِكْره في رواية الآخرين في معرض الاحتجاج به لا في معرض الرواية كما تدل عليه رواية معمر والثوري.

فيتحصّل من ذلك كلّه أنَّ هشامًا سمع قصة دفن أبي بكر الصِّدِّيق ليلًا من أبيه عروة الذي سمعها من خالته عائشة.

وسمع هشام قصة الصلاة على أبي بكر في المسجد من عثمان بن الوليد، وعثمان سمعها من أبيه عروة، وعروة بن الزُّبير سمعها من مولاهم المذكور، ثم سمعها هشام من أبيه مباشرة دون واسطة، والله تعالى أعلم. =

ص: 395

4466 -

أخبرني أحمد بن يعقوب الثقفي المَعْمَري، حدثنا جعفر بن مُسافر، حدثنا عبد الله بن نافع عن نافع بن أبي نُعيم، عن نافع، عن ابن عمر قال: وليَ

(1)

أبو بكر في خلافته سنتين وسبعةَ أشهرٍ

(2)

.

حدثنا الحاكم الفاضل أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً:

4467 -

حدثنا عبد الله بن جعفر بن دَرستوَيهِ الفارسي، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو تَوْبة الربيع بن نافع الحَلَبي، حدثنا محمد بن مُهاجر، عن العبّاس بن سالم، عن أبي سلّام، عن أبي أُمامة عن عمرو بن عَبَسة قال: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في أولِ ما بُعِثَ وهو بمكة، وهو حينئذٍ مُستخْفٍ فقلت: ما أنت؟ قال: "أنا نبيٌّ" قلت: وما النبيُّ؟ قال: "رسولُ الله قلت: آلله أرسلَكَ؟ قال: "نعم" قلت: بما أرسلَكَ؟ قال: "أن تعبدَ الله، وتَكسِرَ الأوثانَ، وتَصِل الأرحامَ" قلت: نِعمَ ما أرسلَكَ به، فمن تَبِعَك على هذا؟ قال:"عبدٌ وحُرٌّ" يعني أبا بكر وبلالًا.

وكان عَمرو يقول: لقد رأيتُني وأنا رُبْعُ الإسلام، قال: فأسلمتُ، قلت: أَتْبعُك يا رسول الله، قال:"لا، ولكن الْحَقْ بقومِك، فإذا أُخبِرتَ أني قد خرجتُ فاتْبَعني"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= وقد ثبت ذكر الصلاة على أبي بكر في المسجد أيضًا من مرسل المُطلب بن عبد الله بن حَنْطب كما تقدَّم تخريجه برقم (4457).

(1)

المثبت من "تلخيص المستدرك " للذهبي ومن المطبوع، وجاء محلها بياض في نسخنا الخطية، وجاء في "إتحاف المهرة" (11429):"أقام"، بدل "ولي".

(2)

رجاله لا بأس بهم، لكن الصحيح أنه من قول نافع مولى ابن عمر ليس فيه ابن عمر، كذلك رواه عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة عند البخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 350، وإبراهيم بن المنذر الحِزَامي عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 28/ 247، كلاهما عن عبد الله بن نافع: وهو الصائغ.

(3)

إسناده صحيح، وهو قطعة من الحديث المتقدم برقم (593) بالإسناد نفسه. وانظر تالييه.

ص: 396

وقد تابع أبا سلّام على روايته ضَمْرةُ بن حبيب وأبو طلحة الراسِبيّ

(1)

وشَدّادُ بن عبد الله أبو عمّار.

أما حديث ضَمْرة وأبي طلحة:

4468 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا بحر بن نصر بن سابِق الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب قال وأخبرني معاوية بن صالح، حدثنا أبو يحيى وضَمْرة بن حبيب وأبو طلحة، عن أبي أمامة الباهلي، قال: أخبرني عمرو بن عَبَسة قال: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازِلٌ بعُكاظٍ، قلت: يا رسولَ الله، من اتَّبعك على هذا الأمر؟ قال:"اتَّبعني عليه رجلانِ، حُرٌّ وعبدٌ: أبو بكر وبلال"، قال: فأسلمتُ عند ذلك

(2)

.

وأما حديثُ أبي عمّار:

4469 -

فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا أبو الوليد الطَّيالِسي، حدثنا عِكْرمة بن عمار، حدثنا شَدَّاد بن عبد الله أبو عمّار - وكان قد أدرك نفرًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال أبو أُمامة: يا عمرَو بنَ عَبَسَة، بأيِّ شيءٍ تدّعي أنك رُبُع الإسلامِ؟ فذكر الحديثَ بطُوله

(3)

.

(1)

كذا جاء في بعض النسخ، وفي بعضها الرسبي، مع أنَّ أبا طلحة المذكور - وهو نُعيم بن زياد الشامي - يُنسب أنماريًا لا راسِبيًا، وفي الرواة رجل اسمه شداد بن سعيد أبو طلحة الراسبي، وهو بصري مشهور، فالظاهر أن ما وقع هنا سبق قلم بسبب اشتراكهما في الكنية، ولعله لأجل ذلك ضبَّب فوقها في (ز).

(2)

إسناده صحيح. أبو يحيى هو سُليم بن عامر الكَلاعي، وأبو طلحة: هو نُعيم بن زياد.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 2/ 315 عن بحر بن نصر الخَولاني، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد 4/ 201 و 9/ 406 عن معن بن عيسى، عن معاوية بن صالح، به.

وسيأتي برقم (5329) من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن أبي يحيى سُليم بن عامر، وحده.

(3)

إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. =

ص: 397

4470 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا العبّاس بن الفضل الأَسْفاطي، حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيس، عن سليمان بن بلال، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، عن عمر، قال: كان أبو بكر سيِّدَنا وخيرَنا، وأحبَّنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

صحيح على شرطهما، ولم يُخرجاه!

4471 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد البَيهقي، حدثنا إبراهيم بن المُنذر الحِزَامي، حدثنا محمد بن فُلَيح، عن موسى بن عُقبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن عَوْف: أنَّ عبد الرحمن بن عوف كان مع عُمر بن الخطاب، وأنَّ محمد بن مَسْلَمة كسر سيفَ الزُّبير، ثم قام أبو بكر فخطبَ الناسَ واعتذرَ إليهم، وقال: والله ما كنتُ حَريصًا على الإمارة يومًا ولا ليلةً قطُّ، ولا كنتُ فيها راغِبًا، ولا سألتُها الله عز وجل في سِرٍّ ولا عَلانية، ولكني أشفقتُ مِن الفتنة، وما لي في الإمارة من راحةٍ، ولكن قُلَدتُ أمرًا عظيمًا ما لي به من طاقةٍ ولا يَدانِ إلَّا بتقوية الله عز وجل، ولَودِدْتُ أنَّ أقوى الناسِ عليها مَكاني اليومَ، فقَبِل المهاجِرون منه ما قال وما اعتذَر به قال عليٌّ والزبيرُ: ما غَضِبنا إِلَّا أنّا قد أُخِّرنا عن المُشاورة، وإنا نَرى أبا بكرٍ أحقَّ الناس بها بعدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لَصاحِبُ الغارِ، وثاني اثنين، وإنا لَنعلَمُ بشرفه وكُبْرِه، ولقد أمَره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاةِ بالناسِ وهو حيٌّ

(2)

.

= وأخرجه أحمد 28/ (17019) عن عبد الله بن يزيد المقرئ، ومسلم (832) من طريق النضر بن محمد الجرشي، كلاهما عن عكرمة بن عمار، بهذا الإسناد.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل إسماعيل بن أبي أُويس - وهو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله الأصبحي - وقد تابعه أخوه أبو بكر عند ابن سعد 2/ 235، وهو ثقة.

وأخرجه البخاري (3667)، والترمذي (3656) من طريق إسماعيل بن أبي أويس بهذا الإسناد. ورواية البخاري ضمن الحديث الطويل في بيعة أبي بكر الصِّدِّيق بالسَّقيفة. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(2)

رجاله ثقات، لكنه مرسل إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف تابعي كبير، وذكره بعضهم =

ص: 398

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4472 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو البَخْتَري عبد الله بن محمد بن شاكر، حدثنا حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن عبد الله، قال: لما قُبِضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقالت الأنصارُ: مِنّا أميرٌ ومنكم أميرٌ، قال: فأتاهم عمرُ فقال: يا معشر الأنصار، ألستم تعلمون أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمَر أبا بكر يؤمُّ الناسّ، فأيُّكم تطيبُ نفسُه أن يتقدَّم أبا بكر؟ فقالت الأنصار: نعوذُ بالله أن نتقّدمَ أبا بكر

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4473 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا العبّاس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، حدثنا محمد بن أبي عُبيدة، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي سُفيان، عن أنس قال: لقد ضَربُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حتى غُشيَ عليه، فقام أبو بكر فجعل يُنادي ويقول: ويلكُم، أتقتُلُون رجلًا أن يقولَ: ربِّيَ الله؟! قالوا: من هذا؟

= في الصحابة لكن الأصح أنه تابعي، إلَّا أنه مع إرساله يعدُّ من أقوى المراسيل لجلالة إبراهيم.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 152، وفي الاعتقاد ص 350 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وهو في "مغازي موسى بن عقبة" برواية إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عنه كما في "منتخبه" لابن قاضي شُهْبة (19).

الكُبْر: القُعدُد في النسب.

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم - وهو ابن أبي النَّجُود، ويقال له أيضًا: ابن بَهْدلة - لكن تابعه إسماعيل بن أبي خالد عند أبي بكر الآجُرّي في "الشريعة"(1198)، وابنِ عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 272، وغيرهما زائدة: هو ابن قُدامة، وزِرٌّ: هو ابن حُبيش.

وأخرجه أحمد 1/ (133) و 6 / (3765) عن حُسين بن علي الجُعفي، والنسائي (855) عن إسحاق بن إبراهيم - وهو المعروف بابن راهويه - وهناد بن السَّرِيّ، عن حُسين بن علي الجُعفي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 1 / (133) و 6 / (3842) عن معاوية بن عمرو، عن زائدة بن قُدامة، به.

ص: 399

قالوا: هذا ابن أبي قُحافة المجنونُ

(1)

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4474 -

حدثنا عبد الله بن جعفر الفارسي، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا سعيد بن عُفير، حدثنا الليث بن سعد، عن عُقيل، عن ابن شِهَاب، عن عبد الرحمن بن مالك المُدلِجِيّ - وهو ابن أخي سُرَاقة بن جُعْشُم - أن أباه أخبره أنه سمع سُراقةَ أنَّ ابن جُعْثُم يقول: جاءتنا رسُلُ كُفَّارِ قُريشٍ يَجعلُون في رسول الله صلى الله عليه وسلم دِيَةً، ولمن قتلهما في كلِّ واحدٍ منهما ديةً، أو أسَرَهما

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

(1)

إسناده قويّ من أجل أبي سفيان - وهو طلحة بن نافع - والعباس بن الفضل، فهما صدوقان لا بأس بهما، وقد توبع العباس، فيبقى الشأن في أبي سفيان، وقد صحَّح إسناده الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 11/ 320، وقال: هذا من مراسيل الصحابة. يعني أن أنسًا لم يحضُر القصة، ومراسيل الصحابة حُجّة. أبو عُبيدة: هو عبد الملك بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود.

وأخرجه أبو يعلى (3691)، ومن طريقه ابن عدي في "الكامل" 4/ 113، والضياء المقدسي في "المختارة" 6 / (2234) عن محمد بن عبد الله بن نمير بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ ابن حجر (3879)، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في "زياداته على فضائل الصحابة" لأبيه (218)، والبزار (7506) و (7507)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 233، وابن عبد البر في "الدرر في اختصار المغازي والسير" ص 43 من طُرق عن محمد بن أبي عُبيدة، به.

وأخرجه ابن بَطَّة العُكبري في "الإبانة" 9/ 610 من طريق مُحاضِر بن المُورِّع، عن الأعمش، به.

(2)

إسناده صحيح سعيد بن عُفير هو سعيد بن كثير بن عُفير، وعُقيل: هو ابن خالد الأيلي.

وأخرجه مطولًا بقصة سراقة بتمامها البخاريُّ (3906) عن يحيى بن بُكير، عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وقد تقدَّم مطولًا بذكر قصة سراقة تامةً برقم (4315) من طريق معمر بن راشد عن الزُّهْري.

ص: 400

4475 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السّمّاك ببغداد، حدثنا يحيى بن جعفر بن الزِّبْرِقان، حدثنا أبو أحمد الزُّبيري، حدثنا سُفيان.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن القاسم بن كَثير، عن قيس الخارفي، قال: سمعتُ عليًّا يقول: سَبَقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصَلَّى أبو بَكْرٍ، وثَلَّثَ عُمر، ثم خَبَطَتْنا فتنةٌ، ويَعفُو اللهُ عمَّن يشاء

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4476 -

أخبرنا محمد بن المُؤمَّل بن الحسن بن عيسى، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا يوسف بن عَدي ونعيم بن حماد، قالا: حدثنا عبد الله بن المبارك، أخبرني عُمر بن سعيد بن أبي حُسين القرشي، عن ابن أبي مُلَيكة، قال: سمعت ابن عبّاس يقولُ: لما وُضِع عمرُ بن الخطاب على سَريره، فتَكنَّفه الناسُ يَدْعُون له وأنا فيهم، فجاء عليُّ بن أبي طالب فقال: إن كنتُ لأظنُّ أن يجعلَكَ الله تعالى مع صاحبَيك، وذاك أني كنتُ أُكثرُ أن أسمعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبتُ أنا وأبو بكر وعمر، ودخلتُ أنا وأبو بكر وعمر، وخرجتُ أنا وأبو بكر

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل قيس الخارفي - وهو ابن سعد - وقد توبع. أبو أحمد الزُّبيري: هو محمد بن عبد الله بن الزُّبير، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو ابن سعيد الثَّوري.

وأخرجه أحمد 2/ (1020) و (1107) و (1259) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (895) من طريق أبي إسحاق السَّبيعي، عن عبد خير، عن عليّ. وتابع أبا إسحاق عليه خالد بن علقمة عند الطبراني في "الأوسط"(1639)، وإسناده إليهما حسن.

وأخرجه أحمد (1256) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن الأسود بن قيس، عن عمرو بن سفيان الثقفي، عن عليٍّ. وإسناده حسن.

قوله: "وصلَّى أبو بكر" أي: جاء بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مأخوذ من المصلِّي من الخيل، وهو الذي يجيء بعد السابق، لأنَّ رأسَه يلي صَلَا المتقدم، والصلاة وسط الظهر أو ما انحدر من الوَرِكَين.

ص: 401

وعمر، وإني كنتُ أظنُّ أن يَجعلَكَ الله معهما

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

4477 -

حدثنا أحمد بن إسحاق العَدْل الصَّيدلاني، حدثنا الحُسين بن الفَضْل، حدثنا علي بن بَحْر بن بَرِّي، حدثنا سعيد بن مَسلَمة القرشي، عن إسماعيل بن أُمية، عن نافع، عن ابن عمر، قال: دخلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجدَ وإحدى يدَيه على أبي بكر والأُخرى على عمر، فقال: "هكذا نُبعَثُ يومَ القيامة

(2)

.

4478 -

أخبرنا عَبْدان بن يزيد الدَّقِيقي بهَمَذان، حدثنا عُمير بن مِرْداس، حدثنا عبد الله بن نافع الصائغ، حدثنا عاصم بن عُمر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول من تَنشَقُّ عنه الأرضُ أنا، ثم أبو بكر ثم عمرُ ثم آتي البقيعَ فتَنشقُّ عنهم، فأُبعَثُ بينهم"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح من جهة يوسف بن عدي. ابنُ أبي مُليكة: هو عبد الله بن عُبيد الله.

وأخرجه أحمد 2 / (898)، والبخاري (3685)، ومسلم (2389)، وابن ماجه (98)، والنسائي (8061) من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه البخاري (3677)، ومسلم (2389) من طريق عيسى بن يونس السَّبيعي، عن عمر بن سعيد، به.

(2)

إسناده ضعيف بمرّة من أجل سعيد بن مَسلَمة، فإنه ضعيف منكر الحديث، وبه أعلَّه الذهبي في "تلخيصه"، وقال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" (2653): هذا حديث منكر.

وأخرجه ابن ماجه (99) عن علي بن ميمون الرّقي، والترمذي (3669) عن عمر بن إسماعيل بن مجالد كلاهما عن سعيد بن مَسلَمة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث غريب.

وسيتكرر برقم (7939) عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد عن الحسن بن علي بن بحر عن أبيه.

وانظر ما بعده.

(3)

إسناده ضعيف كما تقدم بيانه برقم (3774) من طريق سريج بن النُّعمان عن عبد الله بن نافع، ومع ذلك حسّنه الترمذي، وصحَّحه ابن حبان! =

ص: 402

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4479 -

حدثني علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن سليمان الواسِطي، حدثنا أبو نُعيم وخَلّاد بن يحيى، قالا: حدثنا مِسْعَر، عن أبي عَون الثقَفي، عن أبي صالح الحَنَفي، عن علي قال: قال لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر: "مع أحدِكُما جبريلُ، ومع الآخرِ ميكائيلُ، وإسرافيلُ مَلَكٌ عظيمٌ يَشهَدُ القتالَ ويكون في الصَّفِّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4480 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعْدي، حدثنا محمد بن خالد بن عَثْمة، حدثنا موسى بن يعقوب الزَّمْعي، حدثني أبو الحُوَيرث، أنَّ محمد بن جُبَير بن مُطعِم أخبره: أنه سمع عليًّا خَطَبَ الناس، فقال: بينما أنا أمتْحُ من قَليبٍ ببدر، إذ جاءت ريحٌ شديدةٌ لم أرَ مثلَها قَطُّ، ثم ذهبتْ، ثم جاءتْ ريحٌ شديدةٌ لم أرَ مثلها قَطّ إلَّا التي كانت قبلَها

(2)

، فكانت الريحُ الأُولى جبريلَ

= وأخرجه الترمذي (3692) عن سلمة بن شبيب وابن حبان (6899) من طريق إبراهيم بن يعقوب الجُوزَجاني، كلاهما عن عبد الله بن نافع بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله.

(1)

إسناده صحيح أبو نُعيم: هو الفضل بن دُكَين، ومِسعر: هو ابن كِدام، وأبو عون الثقفي: هو محمد بن عُبيد الله بن سعيد، وأبو صالح الحنفي: هو عبد الرحمن بن قيس.

وأخرجه أحمد 2 / (1257) عن أبي نُعيم، بهذا الإسناد. لكنه قال: عن علي قال: قيل لعلي ولأبي بكر

وليس صريحًا في الرفع، لكن مثله له حكم الرفع، فالظاهر أن الحاكم هنا ساق لفظ رواية خلاد بن يحيى، وقد وافق خلّادًا على التصريح بالرفع أبو أحمد الزُّبيري عند البزار (729) وغيره، وكذلك جعفر بن عَون كما سيأتي عند المصنف برقم (4704)، وكذلك شريك النَّخَعي عند الضياء المقدسي في "المختارة" 2/ (634).

(2)

زاد بعده في المطبوع ما نصّه: ثم ذهبت ثم جاءت ريح شديدة لم أر مثلها قطّ إلَّا التي كانت قبلها. وليست في أصولنا الخطية ولا في تلخيص المستدرك فالظاهر أنها ليست في رواية الحاكم، بدليل أن البيهقي قد روى هذا الخبر في "دلائل النبوة" 3/ 54 - 55 عن أبي عبد الله الحاكم، فذكر هذا الحرف ظنًّا فقال: وأظنُّه ذكر ثم جاءت ريح شديدة، فكأنَّ البيهقيَّ لما رأى =

ص: 403

نَزَلَ في ألفٍ من الملائكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت الريحُ الثانية ميكائيلَ نَزَلَ في ألفٍ من الملائكة عن يمينِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر عن يمينه، وكانت الريحُ الثالثةُ إسرافيل نَزَلَ في ألفٍ من الملائكة عن مَيسرةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا في المَيسَرة، فلما هَزَمَ اللهُ تعالى أعداءه حَمَلني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على فرسِه فجَرَتْ بي فوقعتُ على عَقِبي، فدعوتُ الله عز وجل فأمسكَني، فلما استويتُ عليها طَعَنْتُ بيدي هذه في القومِ حتى اختَضَبَ هذا مني دمًا؛ وأشارَ إلى إبطِه

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4481 -

حدثني أبو جعفر أحمد بن عُبيد الحافظ بَهَمذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس العَسْقَلاني، حدثني محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك المدَني، عن الحسن بن عبد الله بن عطية السَّعْدي، عن عبد العزيز بن المطّلب بن عبد الله بن حَنْطَبٍ، عن أبيه، عن جدِّه عبد الله بن حَنْطَب، قال: كنتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

= تكملة الحديث وما فيه من تفصيلٍ بذكر ثلاثة أرواح، ذكر ما ذكر هنا ظنًّا ليُطابِق أولُ الخبر آخره، وما ظنّه البيهقي جاء ثابتًا في رواية غير المصنّف.

(1)

خبر منكر عجيب كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وقال: أبو الحويرث عبد الرحمن قال مالك: ليس بثقة، وموسى فيه شيء. قلنا: أبو الحويرث. وهو عبد الله بن معاوية الزُّرَقي - ذكر بعضهم أنَّ حديثه يُقبَلُ اعتبارًا، لكنه انفرد بهذا الخبر فلا يُقبل، وقد ذكر فيه أبو زرعة الرازي علةً أخرى، فنقل عنه ابن أبي حاتم في "العلل" (1002) ما نصّه: هكذا قال ابن عَثْمة، ووهم فيه، وإنما هو كما رواه ابن أبي فُديك وخالد بن مخلد وابن أبي مريم، عن موسى بن يعقوب، عن أبي الحويرث، عن محمد بن جُبَير بن مُطعم عن رجلٍ من أَوْدٍ، أخبره عن عليّ. قلنا: وكذلك رواه الواقدي في "مغازيه" 1/ 57 عن موسى بن يعقوب كما رواه جماعة أصحابه، فزادوا في الإسناد رجلًا مُبهمًا غير معروف بين محمد بن جُبَير وبين علي، وموسى بن عقبة فيه لِين أيضًا.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 5554 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو يعلى (489) عن محمد بن إسماعيل بن أبي سَمينة، وابن أبي حاتم في "العلل"(1002) من طريق محمد بن المثنَّى، كلاهما عن محمد بن خالد بن عثمة به.

ص: 404

فنَظَرَ إلى أبي بكر وعمر، فقال:"هذانِ السمعُ والبصرُ"

(1)

.

(1)

حديث حسن كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وهذ إسناد اختُلِف فيه عن ابن أبي فُدَيك كما سيأتي.

ورواه علي بن داود القنطري عند أبي بكر القطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (686)، فقال: حدثنا رجلٌ، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن الحسن بن عطية. فوافق رواية المصنف هنا بذكر ابن عطية، ويغلب على ظننا أنَّ الرجل المبهم هنا هو آدم بن أبي إياس نفسه، فإنَّ للقنطري روايةً عنه. وأما الحسن بن عبد الله بن عطية فلم نتبينه، لكنه لم ينفرد به.

فقد رواه جماعة عن ابن أبي فُديك وذكروا فيه عنه: أنه حدثه غيرُ واحدٍ عن عبد العزيز بن المطلب:

منهم علي بن مسلم الطوسي عند عند أبي القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1528)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 100، والآجُرِّي في "الشريعة"(1322)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(2295)، والخطيب في "المتفق والمفترق"(1079)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 115 و 44/ 67.

والفضل بن الصبَّاح عند البغوي في "معجم الصحابة"(1528)، والآجري في "الشريعة"(1322)، وابن عساكر 115/ 30 و 44/ 66.

وكذلك رواه يوسف بن يعقوب الصَّفّار عن ابن أبي فديك كما قال المزِّي في "تحفة الأشراف"(5246).

وكذلك دُحَيم وأحمد بن صالح المصري عن ابن أبي فُديك كما قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 4/ 64.

وقد سمَّى عليُّ بن مسلم الطوسي في روايته من هؤلاء الذين حدّث عنهم ابن أبي فديكٍ عليَّ بن عبد الرحمن بن عثمان وعُمرَ بن أبي عُمر، وهما رجلان مجهولان، وظنَّ بعضُ المعاصرين أنَّ المسمَّى هنا هو عَمرو بن أبي عَمرو مولى المطّلب - وهو قوي الحديث - وهو اغترار منه بما وقع في مطبوع "الإصابة"، حيث وقع الاسم فيه محرَّفًا، وقد أورده الخطيبُ في "المتفق والمفترق" في ترجمة عُمر بن أبي عُمر، وأنَّ خمسة يُسمَّون بذلك منهم صاحبنا هذا، ولم يذكر في الرواة عنه غير ابن أبي فُديك.

ولا مخالفة بين رواية هؤلاء وبين رواية آدم بن أبي إياس فيكون الحسن بن عبد الله بن عطية من جملة من روى عنه ابن أبي فديك هذا الخبر. =

ص: 405

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لكن خالف هؤلاءِ جماعةٌ آخرون، فرووا هذا الخبر عن ابن أبي فُديك، عن عبد العزيز بن المطلب، لم يذكروا بينهما واسطة:

منهم قتيبةُ بن سعيد عند الترمذي (3671)، ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 114.

وموسى بنُ أيوب النصيبي عند ابن أبي حاتم في "العلل"(2667).

وضرار بن صُرَد عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(7027).

ويعقوب بن محمد الزُّهْري عند أبي الحسين بن بشران في "الفوائد الحسان"(31).

وذكر المزي في "تحفة الأشراف"(5246) أنه كذلك رواه أبو الربيع الحارثي عن ابن أبي فُديك.

وانفرد قتيبة بن سعيد وموسى بن أيوب في روايتهما بقولهما عن جدِّه عن عبد الله بن حنطب، بزيادة لفظة "عن" بعد "جدّه"، قال المزي في "تهذيب الكمال" 14/ 435: ذلك وهمٌ.

واختلف في أي الروايتين أرجح، فرجَّح أبو حاتم الرازي رواية ابن أبي فُديك عن عبد العزيز دون واسطة، وأما ابن حجر في "الإصابة" فجزم بأنَّ ابن أبي فُديك لم يسمعه من عبد العزيز. والقول في ذلك قولُ الحافظ ابن حجر، لما هو معلوم من جلالة الذين زادوا ذكر الواسطة، ولأنَّ معهم زيادةَ علم، فوجب المّصير إلى قولهم، والواسطة جماعة غير أنهم لا يُعرفون، لكن تابعهم المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، فيما رواه جعفر بن مسافر وعبد السلام بن محمد الحمصي عن ابن أبي فُديك، إلَّا أنهما قالا في روايتهما: عن ابن أبي فُديك عن المغيرة بن عبد الرحمن عن المطّلب بن عبد الله بن حَنْطب عن أبيه عن جدِّه، فجعلاه من رواية المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أبيه عن جدِّه، وليس لعبد العزيز بن المطلب عن أبيه عن جدِّه. أخرجه من طريق جعفر بن مُسافرٍ ابْنُ مَنْده في "معرفة الصحابة" 1/ 390، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(2294)، وأخرجه من طريق عبد السلام بن محمد الحمصيِّ ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 188. والمغيرة بن عبد الرحمن الحِزامي ليس به بأس، قوي الحديث.

والمُطَّلِب المذكور: هو ابن عبد الله بن المطلب بن حَنْطَب، كذلك نسبه أهل الأنساب، كابن الكلبي ومصعب الزبيري والزبير بن بكار وابن سعد وغيرهم، وبعضهم ينسبه إلى جد أبيه، فيقولون: المطلب بن عبد الله بن حَنْطب، وبذلك اشتهر حتى غلب عليه ذلك. وعليه فالظاهر أنَّ صحابي الحديث هو عبد الله بن المطّلب بن حنطب، ومَن قيّده في هذا الحديث بقوله: عبد الله بن حنطب نسبه إلى جده، وقد جزم الترمذي في "جامعه" بأنَّ هذا الحديث مرسل، لأنَّ عبد الله بن حَنْطب لم يدرك النبيَّ صلى الله عليه وسلم مع أن عبد الله بن المطلب بن حنطب قد صرّح في غير ما رواية من روايات هذا الحديث بحضوره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا قال ذلك لأبي بكر وعمر، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 4/ 64: هذا يقتضي ثبوت صحبته. قلنا: وقد جزم بصحبته ابن أبي حاتم وابنُ حبان =

ص: 406

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4482 -

أخبرني بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا أبو قِلابةَ الرَّقاشي، حدثنا أبو عَتّاب سهل بن حماد، حدثنا موسى بن عُمير قال سمعت مكحولًا يقول، وسأله رجلٌ عن قول الله عز وجل:{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [التحريم: 4] قال: حدَّثني أبو أُمامة أنه كما قال الله مولاه وجبريلُ، وصالحُ المؤمنين أبو بكر وعمرُ

(1)

.

= وابنُ عبد البر، وذكره في الصحابة غير واحد كأبي القاسم البغوي وابن قانع وأبي نُعيم الأصبهاني وغيرهم، ففي هذا كله رَدُّ على الترمذيّ في دعواه بأنَّ عبد الله بن حنطب لم يدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإذا صحَّ ذلك، بقي الإشكال في رواية المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، لأنَّ روايته تقتضي أن يكون صحابيُّ الحديث المطّلبَ بنَ حَنْطب، والمطلب ذكره ابن إسحاق فيمن أُسِر يوم بدر، ثم أُطلق بغير فداء، ثم أسلم كما قال ابن حجر في ترجمة المطلب من "الإصابة". وسواء كان الحديثُ لعبد الله بن المطلب بن حَنْطب أو لأبيه المطّلب، فكلاهما له صحبة، وسواء كان راويه عبد العزيز بن المطلب أو أباه المطلب، فالمطَّلب ثقة، وعبد العزيز لا بأس به.

وقد أورد بعضهم هذا الخبر في ترجمة حنطب المخزومي، كالبخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 128، وتبعه ابن عدي في "الكامل" 2/ 438، وغيره، وقال البخاري فيه نظر وليس صنيعهم بسَديد، لكونهم اغترُّوا بشهرة نسبة عبد الله بن المطلب بن حَنْطب والد المطلب إلى جدِّه حَنْطب كما تقدَّم.

وإذا عرفنا ذلك، كان الحديث بمجموع طرقه المتقدمة لا ينزل عن رتبة الحسن، والله تعالى أعلم.

على أنَّ له ما يشهد له أيضًا من حديث جابر بن عبد الله عند الخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 457، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 116. وإسناده حسن في الشواهد.

ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند الطبراني في "الكبير"(14506)، والآجري في "الشريعة"(1323)، وابن عساكر 30/ 115 و 116 و 407/ 58، بإسنادين يحسُن بهما حديثه.

وسيأتي عند المصنف برقم (4497) من حديث حذيفة بن اليمان بسند واه.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، موسى بن عُمير - وهو القرشي مولاهم الكوفي المكفوف كذَّبه أبو حاتم وتركه غيره أبو قِلابةَ الرَّقاشي: هو عبد الملك بن محمد.

وفي الباب عن عبد الله بن مسعود عند الطبراني في "الكبير"(10477)، وابن شاهين في "شرح =

ص: 407

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4483 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان.

وأخبرني محمد بن عبد الله الجَوهَري، حدثنا محمد بن إسحاق بن خُزَيمة، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثنا فُضيل بن مرزوق الرُّؤاسي، حدثنا أبو إسحاق، عن زيد بن يُثَيع، عن عليّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنْ تُوَلُّوا أبا بكر تَجِدُوه زاهدًا في الدنيا راغبًا في الآخرة، وإن تُوَلُّوا عمرَ تَجِدُوه قويًّا أمينًا لا تأخذُه في الله لومةُ لائِمٍ، وإن تُوَلُّوا عليًّا تَجِدُوه هاديًا مهديًّا يَسلُكُ بكمُ الطريقَ"

(1)

.

= مذاهب أهل السنة" (155)، وأبي نعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين" (103)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 2/ 138، والواحدي في "التفسير الوسيط" 4/ 320، وإسناده ضعيف جدًّا كذلك، فيه رجل اتُّهم.

وقد ورد في تفسير هذا الحرف أقوال أخرى لخَّصها الحافظ في "فتح الباري" 18/ 328.

(1)

ضعيف لاضطرابه، فقد اختُلف فيه على أبي إسحاق ألوانًا، مما يدل على أنَّ الراوي لم يضبط روايته هذه، وأبو إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - ذكروا أنه تغيَّر بأَخَرة، وزيد بن يثيع ممّن تفرد أبو إسحاق بالرواية عنهم، وحديثه في الجملة يحتمل التحسين إذا جاء ما يشهد له، وقد تفرَّد بهذا. ومع ذلك فقد صحَّح إسنادَه ابن الجَزَري في مناقب الأسد الغالب علي ابن أبي طالب" (37)، وجوَّده الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 4/ 569.

وأخرجه أحمد 2/ (859) من طريق إسرائيل، عن جدِّه أبي إسحاق، بهذا الإسناد.

وكذلك رواه سفيان الثوري عن أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - كما سيأتي برقم (4737) لكنه قال: عن زيد بن يُثيع عن حذيفة. فذكر حذيفة بدل علي بن أبي طالب، لكن زاد بعضهم بين سفيان الثوري وأبي إسحاق شريكًا النخَعي، وشريكٌ في حفظه سوء لكنه يعتبر به.

وسيأتي الكلام على هذا الطريق هناك.

وذكر الدارقطني في "العلل"(368) أنه رواه عن أبي إسحاق أيضًا يونس بن أبي إسحاق وجميلٌ الخياط، وجعلاه من مسند عليٍّ، وفي رواية أخرى عن يونس بن أبي إسحاق بذكر سلمان الفارسي مكان علي وحذيفة.

ثم ذكر الدارقطني روايةً أخرى لإسرائيل عن جدِّه عن زيد بن يُثيع مرسلةً ليس فيها ذكر عليٍّ =

ص: 408

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه حديثُ حُذيفةَ بن اليَمَان:

4484 -

حدَّثَناه علي بن عبد الله الحَكيمي ببغداد، حدثنا العبّاس بن محمد الدُّورِي، حدثنا الأسود بن عامر شاذان، حدثنا شريك بن عبد الله، عن عثمان بن عُمير، عن شَقيق بن سَلَمة، عن حذيفة قال: قالوا يا رسولَ الله، لو استَخلفْتَ علينا، قال: "إن أستخلِفْ

(1)

عليكم خليفةً فتَعصُوه، يَنزِل العذاب".

قالوا: لو استخلفت علينا أبا بكر، قال:"إن أستخلِفْه عليكم تَجِدُوه قويًّا في أمر الله ضعيفًا في جَسدِه"

(2)

، قالوا: لو استخلفتَ علينا عليًّا، قال:"إنكم لا تَفعلُوا، وإنْ تَفعلُوا تَجِدُوه هاديًا مهديًّا يَسلُكُ بكم الطريقَ المستقيم"

(3)

.

= ولا حُذيفة، ثم قال: والمرسل أشبه بالصواب.

وقد رواه مرسلًا أيضًا شَريك النخعي عن أبي إسحاق كما سيأتي بيانه عند الحديث التالي.

(1)

في (ص) و (م) و (ع): إن استخلفتُ.

(2)

زاد بعد هذا في المطبوع طلبهم استخلاف عمر عليهم، وكذلك هو في رواية غير المصنف.

(3)

إسناده ضعيف جدًّا بهذه السياقة، عثمان بن عُمير أبو اليقظان متفق على ضعَّفه، وقد اضطرب في إسناد هذا الخبر، ووهم في متنه كذلك إذ أدخَلَ حديثًا في حديث، وذلك أن خبره هذا يشتمل على حديثَين: الحديث الأول في طلب الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستخلف وجواب النبي صلى الله عليه وسلم لهم في خُطورة عصيان الخليفة إن هو استخلف، والحديث الثاني في طلبهم من النبي صلى الله عليه وسلم استخلاف أبي بكر أو عمر أو عليّ.

فأما الحديث الأول فرواه أبو اليقظان مرةً عن زاذان أبي عمر عن حذيفة، ورواه مرةً أخرى عن أبي وائل شقيق بن سَلَمة عن حُذيفة.

وأما الحديث الثاني فرواه أبو اليقظان عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن حُذيفة، ووهم فيه، لأنَّ هذا الحديث الثاني إنما هو لأبي إسحاق السَّبيعي عن زيد بن يُثيع كما تقدَّم في الحديث السابق.

هذا وقد حمل شريكُ بن عبد الله - وهو النَّخَعي - عن أبي اليقظان جميعَ ذلك، وشريك في حفظه سوءٌ، لكن الوهم فيه والاضطراب من أبي اليقظان لا من شريك، بدليل أن شريكًا جمع في إحدى رواياته لهذا الخبر بين روايته عن أبي اليقظان وبين روايته عن أبي إسحاق السَّبيعي عن =

ص: 409

عثمان بن عُمير هذا هو أبو اليَقْظان.

4485 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا يحيى بن أيوب العَلَّاف بمصر، حدثنا سعيد بن أبي مَريم، أخبرنا سفيان بن عُيَينة، عن عمرو بن دينار،

= زيد بن يُثيع كما جاء عند ابن عدي في "الكامل" 4/ 16، ولأنَّ له روايةً أيضًا للحديث الثاني مفردًا عن أبي إسحاق السَّبيعي عن زيد بن يُثيع عن حُذيفة كما سيأتي بيانه برقم (4737).

وأخرجه بتمامه البزار (2895) من طريق يحيى بن اليمان وابن عدي في "الكامل" 4/ 16 من طريق النضر بن عربي وأبو بكر الكلاباذي في "معاني الأخبار" ص 279 من طريق يحيى بن عبد الحميد الحِمّاني ثلاثتهم عن شريك، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عدي أيضًا 4/ 16 من طريق آخر عن النَّضر بن عربي، عن شريك النخعي، عن أبي اليقظان عيسى بن كثير، عن حذيفة بن اليمان. كذا وقع في هذه الرواية بتسمية أبي اليقظان عيسى بن كثير، وإسقاط ذكر الواسطة بينه وبين حذيفة!! وكلاهما خطأ.

وأخرجه ابن عدي من هذا الطريق أيضًا عن شريك النخعي، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن زيد بن يُثيع مرسلًا.

وأخرج الحديث الأول منه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 12/ 271 من طريق محمد بن هارون الرُّوياني، عن العبّاس بن محمد، به. لكنه زاد فيه:"ولكن ما أقرأكم ابن مسعود فاقرؤوه، وما حدَّثكم حذيفة فاقبَلُوه".

وأخرجه كذلك ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه الكبير"(4443) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحِمّاني ويحيى بن اليمان، كلاهما عن شريك، به.

وأخرجه أيضًا أبو داود الطيالسي في "مسنده"(442)، ومن طريقه الخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق"(109)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 12/ 271 - 272، وأخرجه الترمذي (3812) من طريق إسحاق بن عيسى بن الطبّاع كلاهما (الطيالسي وابن الطبّاع) عن شريك النخعي، عن أبي اليقظان، عن زاذان، عن حذيفة. فذكرا زاذانَ بدل أبي وائل شقيق بن سلمة. وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وهو حديث شريك.

وأخرج الحديث الثاني منه أبو نُعيم في "حلية الأولياء" 1/ 64، وفي "فضائل الخلفاء الراشدين"(232)، وفي "معرفة الصحابة"(189) من طريق أبي حُصين محمد بن الحسين الوادعي، عن يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن شريك، عن أبي اليقظان، عن أبي وائل عن حذيفة. وانظر ما قبله.

ص: 410

عن ابن عبّاس في قوله عز وجل: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]، قال: أبو بكر وعُمر

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4486 -

أخبرني أبو عبد الرحمن بن أبي الوزير التاجر، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا أشعث بن عبد الملك الحُمْراني، عن الحسن، عن أبي بكرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن رأى مِنكُم رؤيا؟ " فقال رجلٌ: أنا رأيتُ كأنَّ مِيزانًا نَزَلَ من السماء، فوُزِنتَ أنتَ وأبو بكر فرجَحْتَ أنتَ بأبي بكر، ووُزِنَ عمر وأبو بكر فرجَحَ أبو بكر، ووُزِنَ عمرُ وعثمانُ فرجَحَ عُمر، ثم رُفع الميزانُ، فرأينا الكراهيةَ في وجْهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(1)

إسناده جيد من أجل يحيى بن أيوب العَلَّاف، فهو صدوق ولا بأس به.

وأخرجه البيهقي 10/ 108 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص 729 - 730، وابن عدي في "الكامل" 4/ 255 من طريق عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، عن جدِّه، به. وقال ابن عدي: هذا الحديث ليس بمحفوظ عن ابن عُيينة، وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم هذا إما أن يكون مغفّلًا لا يدري ما يخرج من رأسه أو يتعمّد، فإني رأيت له غير ما حديثٍ مما لم أذكره أيضًا هاهنا غير محفوظات.

كذا قال ابن عدي بأنه غير محفوظ! مع أن عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم لم ينفرد به، بل تابعه يحيى بن أيوب العَلَّاف عند المصنف كما ترى.

(2)

إسناده صحيح، والحسن - وهو ابن أبي الحسن البصري - سماعُه من أبي بكرة صحيح، احتجَّ البخاريُّ بأحاديث عنه.

وأخرجه أبو داود (4634)، والترمذي (2287)، والنسائي (8080) من طريقين عن محمد بن عبد الله الأنصاري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

وسيتكرر برقم (8389).

وأخرجه أحمد 34/ (20445)، وأبو داود (4635) من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جُدعان، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه. وزاد فيه فقال - أي النبي صلى الله عليه وسلم: "خلافة نبوة، =

ص: 411

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه حديث سعيد بن جُمْهان عن سَفينة الذي:

4487 -

حدَّثَناه أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا حُمَيد بن عيّاش الرَّمْلي، حدثنا المؤمَّل بن إسماعيل، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن سعيد بن جُمْهان، عن سَفِينة مولى أم سلمة، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى الصُّبحَ قال: "أيُّكم رأى الليلةَ رُؤيا؟ " قال: فصلَّى ذاتَ يوم الصُّبحَ، ثم أقبل على أصحابه فقال:"أيُّكم رأى رُؤيا؟ "، فقال رجلٌ: أنا رأيتُ يا رسولَ الله كأنَّ ميزانًا دُلِّي من السماء، فوُضِعْتَ في كِفّةٍ، ووُضِعَ أبو بكر في كِفّةٍ أُخرى، فرجَحْتَ بأبي بكرٍ، فرُفعْتَ وتُرك أبو بكر مكانَه، فجيءَ بعمرَ بن الخطاب فوُضِعَ في الكِفّة الأخرى، فرجَح أبو بكر بعُمر، فرُفع أبو بكْرٍ وتُرك عمرُ مكانه، وجيء بعثمان بن عفّان، فوُضِعَ في الكفّة الأخرى، فرجَح عمرُ بعُثمان، ثم رُفِعا ورُفع الميزان، قال: فتغيَّر وجهُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"خِلافةُ النُّبوةِ ثلاثون عامًا، ثم يكون مُلكٌ".

قال سعيد بن جُمْهان: فقال لي سَفينة: أمسِكُ: سَنَتَي أبي بكر، وعشرًا عمر، وثِنَتي عشرةَ عثمانُ، وسِتًّا عليٌّ، رضي الله عنهم أجمعين

(1)

.

= ثم يؤتي الله المُلكَ من يشاء". وعلي بن زيد ضعيف.

وانظر ما بعده.

(1)

المرفوع الذي في آخره وقول سفينة بإثره حَسنٌ، ومُؤمَّل بن إسماعيل سيئ الحفظ، وقد وهم في هذا الحديث إذ ذكر فيه قصة الرؤيا، ولم يذكرها أصحابُ حماد بن سلمة في حديث سفينة، وكذلك لم يذكرها غير حماد ممّن روى هذا الخبر عن سعيد بن جُمهان. ومنشأ الوهم عند مؤمل فيما نظن أنَّ أنَّ حماد سلمة روي قصة الرؤيا هذه عن علي بن زيد بن جُدعان عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه، كما تقدَّم تخريجه عند الحديث الذي قبله، ومؤمَّل هو أحد من روى عن حماد بن سلمة حديثَ أبي بكرة، كما في رواية البيهقي في "الدلائل 6/ 342، فالظاهر أنَّ مؤمَّلًا لما ساء حفظُه دخل له حديثُ أبي بكرة في حديث سفينة، فأدخل قصة الرؤيا في حديث سفينة، وإنما هي في حديث أبي بكرة، ومع ذلك فقد حسَّن الحافظُ في "مختصر زوائد" =

ص: 412

وقد أسندت هذه الرؤيا بإسناد صحيح مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم:

4488 -

أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مهديّ بن رُستُم، حدثنا موسى بن هارون البُرْدِي، حدثنا محمد بن حَرْب، حدثني الزُّبَيدي، عن الزُّهْري، عن عمرو بن أبان بن عثمان بن عفّان، عن جابر بن عبد الله، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أُريَ الليلة رجلٌ صالح أنَّ أبا بكر نِيطَ برسولِ الله، ونِيطَ عمرُ بأبي بكرٍ، ونِيطَ عثمانُ بعمرَ".

قال جابر: فلما قُمنا من عند النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: الرجلُ الصالحُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وأما ما ذَكَرَ من نَوْطِ بعضِهم بعضًا، فهُم وُلاةُ هذا الأمرِ الذي بَعَثَ الله به نبيِّه صلى الله عليه وسلم

(1)

.

= البزار" (1234) إسناد رواية مؤمَّل هذه، وصحَّحُه البُوصيريُّ في "إتحاف الخيرة" (4151/ 3)، فلم يُصيبا، والله تعالى أعلم. وسعيد بن جُمهان حسن الحديث.

وأخرجه البزار (3829)، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(486) عن رزق الله بن موسى الناجي، عن مؤمَّل بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرج المرفوع في آخره مع قول سفينة بإثره: أحمدُ 36/ (21919) عن بهز بن أسد، وعن عبد الصمد بن عبد الوارث، و (21923) عن زيد بن الحباب وابنُ حبان (6943) من طريق علي بن الجَعْد، كلهم عن حماد بن سلمة، به.

وأخرج منه هذا القدر أيضًا: أحمدُ (21928)، والترمذي (2226) من طريق حَشْرج بن نُباتة، وأبو داود (4647)، والنسائي (8099) من طريق العوّام بن حوشب، كلاهما عن سعيد بن جُمهان، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

وسيأتي عند المصنف أيضًا برقم (4748) من طريق عبد الوارث بن سعيد عن سعيد بن جُمهان.

وانظر الرواية السالفة برقم (4330) من حديث سفينة.

وانظر ما قبله.

(1)

إسناده محتمل للتحسين في المتابعات والشواهد، عمرو بن أبان بن عثمان روى عنه الزُّهْري وعُبيد الله بن علي بن أبي رافع الملقب بعبادل، وذكره ابن حبان في "الثقات" وصحَّح حديثَه هذا.

وقد اختُلف في إسناده على الزُّهْري، فرواه الزُّبَيدي - وهو محمد بن الوليد - عنه كما وقع في =

ص: 413

ولِعاقبة هذا الحديث إسنادٌ صحيحٌ عن أبي هريرة، ولم يُخرجاه:

4489 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ من أصل كتابه، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا يحيى بن مَعِين، حدثنا هُشيم، عن العوّام بن حَوشَب، عن سليمان بن أبي سليمان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الخِلافةُ بالمدينةِ، والمُلكُ بالشامِ"

(1)

.

= إسناد المصنف هنا، وكما سيأتي برقم (4601)، وفيما أخرجه أحمد 23/ (14821)، وأبو داود (4636)، وابن حبان (6913) من طرق عن محمد بن حرب، بهذا الإسناد. قال الدارقطني في "العلل" (3258): يشبه أن يكون الزُّبيديُّ حفظ إسناده.

وخالفه يونسُ بنُ يزيد الأيلي - فيما رواه عنه عبد الله بن وهب - عند البيهقي في "الدلائل" 6/ 348، فرواه عن الزُّهْري، عن جابر مرسلًا. وذكر أن شعيب بن أبي حمزة تابعه على ذلك.

ورواه عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد الأيلي، عن الزُّهْري قال: حدثني مَن سمع جابر بن عبد الله. أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(262) عن ابن المبارك.

ويشهد لمعناه حديث أبي بكرة السابق برقم (4486).

قوله: "نِيطَ"، معناه: عُلِّق أو قُرن، والنَّوْط: التعليق.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة سليمان وأبيه كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وفي "المنتخب من علل الخلَّال" لابن قدامة (137) عن مهنّا الشامي قال: سألت يحيى - يعني ابن معين - عن سليمان بن أبي سليمان؛ وذكر هذا الحديث، فقال يحيى: لا نعرف هذا؛ يعني سليمان بن أبي سليمان. قال مهنّا: وقال لي أحمد - يعني ابن حنبل: أصحاب أبي هريرة المعروفون ليس هذا عندهم. وذكر هذا الحديث أيضًا ابن الجوزي في العلل المتناهية" (1277) وقال: هذا لا يصح. وذكره أيضًا ابن كثير في "البداية والنهاية" 11/ 114 وقال: غريب جدًّا.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 447، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"(2324)، والخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق"(626)، والديلمي في "مسند الفردوس" كما في "الغرائب المُلتقطة" للحافظ ابن حجر (1578)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 183 و 183 - 184 من طرق عن هُشيم بن بشير بهذا الإسناد. وذكره البخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 16 عن عمرو بن عون، عن هشيم. =

ص: 414

4490 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنان القَزّاز، حدثنا أبو عَتّاب سهل بن حمّاد، حدثنا المُختار بن نافع، حدثنا أبو حَيّان التَّيمي، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ اللهُ أبا بكر، زوَّجني ابنتَه، وحَمَلني إلى دار الهِجْرة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

= وأخرجه ابن عساكر 1/ 183 من طريق محمد بن الحسن بن عمران الواسطي، عن العوّام بن

خوشب، به.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(248) عن محمد بن يزيد الواسطي، عن العوّام بن حوشب، عن رجلٍ، عن أبي هريرة موقوفًا عليه من قوله وهذا أشبه بالصواب، والله تعالى أعلم.

ويشهد له حديث عبد الملك بن عُمير عمن حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند ابن عساكر 1/ 185 بلفظ:"خِلافتي بالمدينة ومُلكي بالشام" من طريق هشام بن عمار عن شهاب بن خراش عن عبد الملك بن عمير، وهشام صدوق لكنه كبر فصار يتلقَّن وشهاب بن خراش قوَّى أمره جماعة لكن قال ابن عدي: في بعض رواياته ما ينكر عليه، وقال ابن حبان في "المجروحين": يخطئ كثيرًا. وعبد الملك بن عمير تغيّر حفظه وربما دلّس. فالإسناد بهذه السلسلة التي انفرد بها هشام بن عمار مع جهالة الذي حدَّث عبد الملك ضعيف.

(1)

إسناده ضعيف لضعف المختار بن نافع، ومحمد بن سِنَان القزاز - وإن كان فيه لِين - متابع. أبو حيان التيمي: هو يحيى بن سعيد بن حيّان.

وأخرجه الترمذي (3714) عن أبي الخطاب زياد بن يحيى، عن أبي عتّاب، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب.

ويغني عنه ما رُويَ عن أبي سعيد الخُدْري عند أحمد 17 / (11134)، والبخاري (466)، ومسلم (2382)، بلفظ:"إِنَّ أمَنّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر".

وعن ابن عبّاس عند الآجرّي في "الشريعة"(1265)، والطبراني في "الكبير"(11461)، وفي "الأوسط"(504) و (3835)، وابن عدي في "الكامل" 1/ 431، وابن عساكر 30/ 60، والضياء المقدسي في "المختارة" 11/ (238) و (239) بلفظ:"ما أحدٌ أعظم عندي يدًا من أبي بكر، واساني بنفسه وماله، وأنكحني ابنته". وإسناده حسن.

ص: 415

4491 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن الصَّقْر، حدثنا إبراهيم بن المُنذر الحِزَامي، حدثنا معن بن عيسى، حدثنا عَبد الله بن عمر بن حفص، عن نافع، عن ابن عمر قال: لما دخَل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامَ الفتحِ رأى النساءَ يَلْطُمْن وجوهَ الخِيلِ بالخُمُر، فتبسّم إلى أبي بكر وقال:"يا أبا بكر"، كيف قال حسانُ بن ثابتٍ؟ "، فأنشده أبو بكر:

عَدِمتُ بُنَيَّتي إن لم تَرَوها

تُثيرُ النَّقعَ مِن كَنَفَي كَدَاءِ

(1)

يُنازِعنَ الأسِنَّةَ مُسرِعاتٍ

يُلطّمُهنَّ بالخُمُرِ النساءُ

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادخُلُوا من حيثُ قال حسّانُ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4492 -

حدثنا أبو محمد المُزَني، وأبو سعيد الثقفي، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله

(1)

قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 296: أهل العربية يروون البيت على ذلك: تثير النقع موعدها كَداءُ، حتى تستوي قافية هذا البيت مع قافية البيت الذي بعده.

(2)

إسناده حسن في الشواهد من أجل عَبد الله بن عُمر بن حفص: وهو العُمري.

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(172)، والطبري في "تهذيب الآثار" في قسم مسند عمر 2/ 664، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 296، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 66، وشُهدة الكاتبة في "مشيختها"(66)، وعبد المؤمن بن خلف الدِّمْياطي في "جزء مصافحات مسلم" ص 263 - 264 من طرق عن إبراهيم بن المنذر الحِزَامي بهذا الإسناد.

ويشهد له مرسل عروة بن الزُّبير ومرسل الزُّهْري عند البيهقي في "الدلائل" 5/ 49 و 49 - 50.

والخُمُر جمع خِمار: وهو ما تغطي به المرأة رأسها.

والنقع: الغُبار.

وكَنَفا كداء: جانباها، وكَداء: تُعرف اليوم برِيع الحَجُون، يدخل طريقُه بين مقبرتي المَعْلاة، ويُفضي من الجهة الأخرى إلى حي العتيبيّة وجَزْول.

ويُنازِعْن الأسِنَّة، أي: يضاهين الأسنّة التي هي الرّماح في قَوامها واعتدالها.

وقد روت عائشة رضي الله عنها شعر حسان هذا ضمن قصيدته التي قالها في هجاء المشركين، أخرج مسلم روايتها برقم (2490).

ص: 416

الحَضْرمي، حدثنا ضِرار بن صُرَدٍ، حدثنا شَريك

(1)

، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرّة، عن عبد الله بن سَلِمة، عن عَبِيدة السَّلْماني، عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا عند النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: "يَطَّلع عليكم رجلٌ مِن أهل الجنّة"، فاطّلَع أبو بكرٍ فسَلَّم، ثم جَلَس

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4493 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو مسلم حدثنا عِمران بن مَيسَرة، حدثنا المُحارِبيّ، عن عبد السلام بن حَرْب، عن أبي خالد الدَّالاني، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أخذَ جبريلُ بيدِي فأراني بابَ الجنة

(1)

كذلك جاء في "أصول المستدرك" رواية ضِرار بن صُرَد لهذا الخبر عن شريك مباشرة، مع أنَّ الطبراني روى هذا الخبر عن محمد بن عبد الله الحضرمي عن ضرار عن يحيى بن يعلى الأسلمي القطواني عن شريك النخعي، وكذلك رواه أحمد بن محمد بن أنس القربيطي عن ضرار بن صُرَد، بزيادة راوٍ بين ضرار وشريك، وهو يحيى بن يعلى الأسلمي، على أنَّ الضرار رواية عن شريك النخعي مباشرة، لكن الظاهر أنَّ هذا الخبر مما سمعه ضرار بواسطة عن شريك، ثم ذهل المصنّف عن ذكره، أو سقط عليه أثناء نقله للسند أصلًا، والله تعالى أعلم.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف ضرار بن صُرَد، وإذا ثبت ذكر يحيى بن يعلى الأسلمي في إسناده فهو ضعيف أيضًا، وقد تابعهما عبد الله بن عبد القُدُّوس يرويه عن الأعمش وهو سليمان بن مهران - لكن عبد الله بن عبد القدوس هذا ضعيف أيضًا، والراوي عنه هو محمد بن حميد الرازي، وهو متروك.

فقد أخرجه الترمذي (3694) عن محمد بن حميد الرازي، عن عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، بهذا الإسناد وقال: هذا حديث غريب من حديث ابن مسعُود.

وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند أحمد 22 / (14550)، وسيأتي عند المصنف برقم (4712). وإسناده حسن في الشواهد وعنده زيادة قول ذلك لعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعًا.

وروى أبو موسى الأشعري عند أحمد 32/ (19643)، والبخاري (3693)، ومسلم (2403)، بلفظ: استفتح رجلٌ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"افتح له وبشره بالجنة" ففتحت له، فإذا أبو بكر، فبشّرتّه

وذكر مثل ذلك لعمر وعثمان.

ص: 417

الذي تَدخُل منه أُمَّتي"، فقال أبو بكر: يا رسولَ الله، وَدِدْتُ أني كنتُ معك حتى أَراهُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمَا إنك أولُ مَن يَدخُل الجنةَ من أُمَّتي"

(1)

.

(1)

حديث حسن، وأبو حازم كذا سُمِّي في رواية المصنِّف، وهو وهمٌ صوابه ما رواه أبو بكر القَطِيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (593)، والطبراني في "الأوسط"(2594)، كلاهما عن أبي مسلم شَيخ شيخ المصنِّف هنا - وهو إبراهيم بن عبد الله الكجّي - فقالا: أبو خالد الدالاني عن أبي يحيى مولى آل جَعْدة عن أبي هريرة.

وكذلك سُمّي على الصواب في رواية ابن أبي الدنيا في "وصف الجنة"(220) عن عبد الله بن عمر بن محمد القرشي وأبي كُريب، كلاهما عن المُحاربي: وهو عبد الرحمن بن محمد.

وأبو يحيى مولى آل جعدة حسن الحديث، روى عنه الأعمش وموسى بن أبي عثمان التبّان.

ورواه إسحاق بن منصور السَّلُولي وسعيد بن عمرو الأشعثي عن عبد السلام بن حرب فسمياه أبا خالد مولى آل جَعْدة. أخرجه من طريق السَّلُولي: ابن الأعرابي في "معجمه"(2435)، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 106. وأخرجه من طريق الأشعثي: أبو القاسم بن بشران في "أماليه"(93).

وكذلك سمّاه بعضُ من روى هذا الخبر عن المحاربيّ: أبا خالد مولى آل جَعْدة، منهم عبد الله بن عمر بن القُرشي عند عبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "فضائل الصحابة" لأبيه (258)، وأبي القاسم بن بشران في "أماليه"(94)، وأبي طالب العُشاري في "فضائل أبي بكر الصديق"(2)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 104 و 106.

ومنهم هنَّاد بن السَّريّ عند أبي داود (4652).

ومنهم أبو السُّكَين زكريا بن يحيى عند ابن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة"(96)، وابن عساكر 30/ 105.

ومنهم محمد بن عبد المجيد التميمي عند أبي نعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"(30)، وابن الفاخر في "موجبات الجنة"(346)، وابن عساكر 30/ 105.

وعليه فالظاهر أنَّ هذا الاختلاف في تسمية تابعي الحديث من جهة عبد السلام بن حرب أو من جهة شيخه أبي خالد الدالاني، فكلاهما كان له أوهام، ولا يُعرف في التابعين من اسمه أبو خالد مولى آل جعدة، وإنما يُعرف أبو يحيى مولى آل جعدة، وهو رجل حسن الحديث روى عنه اثنان غير الدالاني وعليه فالصحيح من ذلك رواية من رواه عن عبد السلام فسمَّاه أبا يحيى مولى آل جَعْدة، وممّا يؤكد صحته أنَّ أبا يحيى هذا يروي عن أبي هريرة غير ما حديث، والله تعالى أعلم. =

ص: 418

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4494 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطِب، قال: قالت عائشةُ: لما ماتت خَديجةُ جاءت خَولةُ بنت حَكيم إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ألا تَزَوَّجُ؟ قال: "مَن؟ " قالت: إن شئتَ بِكرًا، وإن شئتَ ثيّبًا، قال: ومَنِ البِكرُ ومَن الثيّبُ؟ قالت: أما البكرُ، فابنهُ أحبِّ خلقِ الله إليك، عائشةُ بنت أبي بكر، وأما الثيّبُ فسَوْدةُ بنت زَمْعة

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4495 -

حدثنا أبو عبد أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد حدثنا يحيى، حدثنا كَهْمَس، عن عبد الله بن شَقِيق قال: قلتُ لعائشة: أيُّ الناس كان أحبَّ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: أبو بكر، ثم عمر، ثم أبو عُبيدة بن الجرّاح

(2)

.

= وإذا صحَّ ذلك فإنَّ أبا خالد الدالاني - واسمه يزيد بن عبد الرحمن فيما يقال - حسن الحديث أيضًا فالحديث حسن.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - ومن أجل أحمد بن عبد الجبار - وهو العُطاردي - فهما صدوقان.

وقد تقدَّم هذا الحديث برقم (2738) من طريق يحيى بن سعيد الأموي عن محمد بن عمرو.

(2)

إسناده صحيح كهمس: هو ابن الحسن، ويحيى هو ابن سعيد القطان، ومسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد.

وأخرجه أحمد 43 / (26046) عن أبي عُبيدة عبد الواحد بن واصل الحدّاد، عن كهمس، عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لعائشة: أيّ الناس كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: عائشة، قلت: فمن الرجال؟ قالت: أبوها. كذا رواه أبو عُبيدة الحدّاد بهذا اللفظ مخالفًا فيه لفظ يحيى بن سعيد القطّان، والأشبه فيه لفظ يحيى القطان، لموافقة لفظه للفظ سعيد بن إياس الجَريري عن عبد الله بن شَقيق.

فقد أخرجه أحمد 43/ (25829)، والترمذي (3657) من طريق إسماعيل بن إبراهيم - وهو =

ص: 419

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4496 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو مسلم، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك، حدثنا عاصم بن عمر، عن سهيل بن أبي صالح، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن، عن أبي أَرْوى الدَّوْسي، قال: كنتُ جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فاطَّلَع أبو بكر وعمر، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"الحمدُ الله الذي أيَّدَني بهما"

(1)

.

= ابن عُليّة - وأحمد (25829) عن يزيد بن هارون، وابن ماجه (102) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، والنسائي (8144) من طريق عبد الوارث بن سعيد أربعتهم عن سعيد بن إياس الجَريري، عن عبد الله بن شقيق عن عائشة. كلفظ يحيى القطّان سواء. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرج ابن حبان (6998) من طريق حماد بن سَلَمة، عن سعيد الجريري، عن عبد الله بن شقيق، عن عمرو بن العاص قال: قيل: يا رسول الله أيُّ الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة"، قيل: مِن الرجال؟ قال: "أبو بكر"، قيل: ثم مَن؟ قال: "عمر"، قيل: ثم مَن؟ قال: "أبو عبيدة بن الجرّاح". كذا رواه حماد بن سلمة مخالفًا فيه سائر أصحاب الجَريري في إسناده ومتنه، وهو وهم، وحماد وإن كان سمع من الجَريري قبل اختلاطه فإنَّ ابن عُليَّة أيضًا وعبد الوارث بن سعيد ممَّن سمع من الجَريري قبل اختلاطه كذلك، فروايتهما مع مَن وافقهما أرجح من رواية حماد بن سَلَمة هذه التي خالف فيها.

وهو ثابت صحيح عن عمرو بن العاص لكن من غير هذا الوجه، فقد أخرجه أحمد 29 / (17811)، والبخاري (3662)، ومسلم (2384) وغيرهم من طريق أبي عثمان النَّهدي، عن عمرو بن العاص: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل قال: فأتيتُه فقلتُ: أيُّ الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة" قلت: مِن الرجال؟ قال: "أبوها" قلت: ثم من؟ قال: "عمر" فعدَّ رجالًا.

وكذلك أخرجه الترمذي (3886)، والنسائي (8052)، وابن حبان (4540) و (7106) من طريق قيس بن أبي حازم، عن عمرو بن العاص، لكن دون ذكر عمر.

وانظر في التعليق على الحديث الآتي برقم (4514).

(1)

إسناده ضعيف بمّرةٍ، وذلك من أجل سليمان بن داود - وهو الشاذَكُوني - ومن أجل عاصم =

ص: 420

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4497 -

أخبرنا بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيرفي بَمرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا حفص بن عمر حدثنا مِسعَر بن كِدام، عن عبد الملك بن عُمير، عن رِبْعِيّ بن حِراش، عن حُذيفة بن اليمان قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لقد هَمَمْتُ أن أبعثَ إلى الآفاقِ رِجالًا يُعلِّمون الناسَ السننَ والفرائضَ، كما بَعَثَ عيسى ابن مريم الحَواريِّين"، قيل له: فأين أنت عن أبي بكر وعمر؟ قال: "إنه لا غِنَى بي عنهما، إنهما من الدِّين كالسمْعِ والبَصَرِ"

(1)

.

= ابن عمر - وهو العُمري - وقد اقتصر الذهبي في "تلخيصه على قوله: عاصم واهٍ، ولم يُشر إلى ضعف الشاذَكوني الذي هو أشدُّ ضعفًا من العُمري. أبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله الكَجّي. وأخرجه أبو بكر القطيعي في زوائده على "فضائل الصحابة" لأحمد (578)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة" (6694)، وفي "فضل الخلفاء الراشدين" (96) من طريق أبي مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجّي بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة"(37)، والدولابي في "الكنى والأسماء"(110)، والطبراني في "الكبير" 22 / (926)، وفي "الأوسط"(6262)، وابن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة"(151)، وأبو عبد الله بن مَنْدَه في مجالس من أماليه (236)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(6694)، وفي "فضائل الخلفاء"(9)، وأبو القاسم بن بشران في "أماليه"(577) و (1018)، وأبو القاسم الأصبهاني في "سير السلف الصالحين" ص 108، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 117 و 44/ 65 و 66، وابن الأثير في "أسد الغابة" 5/ 10 من طرق عن عاصم بن عُمر، به.

وفي الباب بلفظه حديث البراء بن عازب عند الطبراني في "الأوسط"(7299)، ولا يُفرح به، ففي إسناده حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك، وهو كذّاب.

(1)

إسناده واهٍ بمرَّة من أجل حفص بن عمر - وهو ابن دينار الأُبلِّي - فهو واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، بل بعضهم كذَّبه كأبي حاتم والساجيّ.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/ 389، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 114 و 44/ 69 من طريق محمد بن سليمان بن الحارث الباغَنْدي، عن حفص بن عمر الأُبلِّي، بهذا الإسناد.

ويُغني عنه حديثُ عبد الله بن المطّلب بن حَنْطب المتقدم برقم (4481)، وشاهداه المذكوران عنده.

ص: 421

هذا حديث تفرَّد به حفص بن عمر العَدَني

(1)

عن مِسعَر.

4498 -

حدثني أبو بكر عبد الله بن يحيى

(2)

الطَّلحي بالكوفة، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا مِنْجاب بن الحارث، حدثنا حُصَين بن عُمر الأَحْمَسي، حدثنا مُخارِق عن طارق، عن أبي بكر، قال: لما نزلتْ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} [الحجرات:3]، قال أبو بكر: فآلَيتُ على نفسي أن لا أكُلِّمَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا كأخي السِّرَار

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4499 -

أخبرني أبو العبّاس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حدثنا أحمد بن سَيَّار، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي

(1)

كذا قيَّده المصنف بالعَدَني، وإنما هو الأُبلّيُّ كما قُيِّد في رواية الباغندي عنه، فهو الصحيح، على أنَّ العَدَني ضعيف الحديث أيضًا.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: محمد. وعبد الله بن يحيى الطلحي: هو عبد الله بن يحيى بن معاوية بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله، كذلك سمَّاه أبو نُعيم الأصبهاني في "المستخرج على "صحيح مسلم" (322). وهو شيخ لأبي نعيم والدارقطني والحاكم وآخرين، وله ترجمة في "تاريخ الإسلام" للذهبي 8/ 149، وقد روى له البيهقي روايةً في "شعب الإيمان" (486) عن أبي عبد الله الحاكم عنه، وليس في الرواة من اسمُه عبد الله بن محمد الطلحي، فلهذا جزمنا بأنه تحريف، والله سبحانه أعلم.

(3)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل حُصين بن عمر الأحمسي فهو واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه".

مخارق: هو الأحمسي، وطارق: هو ابن شهاب.

وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "التاريخ الكبير"(130)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث"(957)، والبزار (56)، ومحمد بن نصر المَرَوزي في "تعظيم قدر الصلاة"(729)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 396، والواحدي في "التفسير الوسيط" 4/ 151، وفي "أسباب النزول"(756)، وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام وأهله"(955) من طرق عن حُصين بن عمر، بهذا الإسناد.

وانظر حديث أبي هريرة السالف عند المصنف برقم (3762).

ص: 422

بكر بن أبي زهير، عن أبي بكر الصِّديق، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، كيف الصلاحُ بعدَ هذه الآية:{مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء:123]، فكلُّ سوء عملناهُ جُزينا به؟ قال:"غَفَرَ اللهُ لك يا أبا بكر - قاله ثلاثًا - يا أبا بكر الستَ تَمرضُ؟ ألستَ تَحزَنُ؟ الستَ تَنْصَبُ؟ الستَ تُصيبُك الَّلأواءُ؟ "، قلت: نعم، قال:"فهو ما تُجزَون به في الدنيا"

(1)

.

(1)

حديث صحيح بطرقه، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه منقطع، فإنَّ أبا بكر بن أبي زهير لم يُدرك أبا بكر الصدِّيق، وقد صرَّح في رواية له لهذا الحديث عند أحمد (68) بعدم سماعه من أبي بكر فقال: أُخبرت أن أبا بكر قال

لكنه روي عن أبي بكر من طرق أخرى فيها مقال كلها، لكنها بانضمامها لبعضها يصح الحديثُ، على أنَّ لها شواهد عن غير أبي بكر الصديق.

وأخرجه أحمد 1 / (68 - 71)، وابن حبان (2910) و (2926) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

وأخرجه بنحوه الترمذي (3039) من طريق روح بن عُبادة، عن موسى بن عُبيدة، عن مولى ابن سِباع، عن عبد الله بن عُمر، عن أبي بكر الصديق. وقال الترمذي: حديث غريب، وفي إسناده مقال موسى بن عُبيدة يضعّف في الحديث، ومولى ابن سِباع مجهول. قلنا: قد جزم روح في رواية له عند الخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 150، بأنَّ مولى ابن سباع هذا هو عطاء بن يعقوب، وبذلك جزم علي بن المديني، كما نقله عنه الخطيب. فإذا صحَّ ذلك بقي ضعف موسى بن عُبيدة، لأنَّ عطاء بن يعقوب ثقة، وقيل: له رؤية.

وله طريق ثالثة عند الطبري في "تفسيره" 5/ 294، والخطيب في "تالي تلخيص المتشابه" 2/ 574 - 575 من رواية زيد بن الحباب العُكلي، عن عبد الملك بن الحسن الحارثي، عن محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ عن عائشة، عن أبي بكر بنحوه. وهذه الطريق رجالها ثقات، فإن ثبت سماعُ محمد بن زيد بن المهاجر من عائشة، فالإسناد قويّ.

وطريق رابعة عند سعيد بن منصور في قسم التفسير من "سننه"(700)، والطبري 5/ 295 من رواية أبي معاوية الضرير عن الأعمش، عن مسلم بن صُبيح، قال: قال أبو بكر

بنحوه، ورجالها ثقات، لكنها مرسلة.

وطريق خامسة ضعيفة ستأتي عند المصنف برقم (6476).

وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد 13 / (8027)، والبخاري (5642)، ومسلم (2573)، =

ص: 423

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4500 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشَاذَ العَدْل وأبو محمد عبد الله بن محمد الصَّيدلاني وأبو محمد عبد الله بن إسحاق البغوي ببغداد وأبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، قالوا: حدثنا أبو بكر محمد بن سليمان بن الحارث الواسطي، حدثنا أبو إسماعيل حفص بن عمر الأُبلِّي، حدثنا مِسعَر بن كِدام، عن عبد الملك بن عُمير، عن رِبعيّ بن حِرَاش، عن حُذيفة بن اليَمَان، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اقتَدُوا باللَّذَين من بَعدي أبي بكر وعُمرَ، واهتَدُوا بهَدْي عمّارٍ، وتَمسَكُوا بِعَهْد ابن أمِّ عَبْدٍ"

(1)

.

= وتقدَّم عند المصنف برقم (1297) و (1298) من طرق عن أبي هريرة، بألفاظ متعددة كلها بمعنى حديث أبي بكر الصديق.

وعن عائشة عند أحمد 40 / (24114) و (24368)، والبخاري (5640)، ومسلم (2572)، وغيرهم من طرق عن عائشة، وبألفاظ متعددة كذلك بمعنى حديث أبي بكر.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد واهٍ بمرّة من أجل حفص بن عمر الأُبُلِّي، فهو متروك وكذَّبه بعضهم على أنَّ الحديث روي من غير طريقه، فقد رواه عن مسعرٍ أيضًا أبو يحيى عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمّاني كما سيأتي بعده، ووكيع بن الجراح وسفيانُ بن عُيينة كما سيأتي بالرقمين (4502) و (4504)، فالحديث صحيح.

وأخرجه أبو الحسين بن المهتدي في "مشيخته"(48) من طريق عثمان بن أحمد الدقاق، عن محمد بن سليمان بن الحارث، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 114 من طريق الهيثم بن خالد بن يزيد البغدادي، عن حفص بن عمر الأُبُلِّي، به.

وقد رواه عن عبد الملك بن عُمير جماعة آخرون غيرُ مسعرٍ كما في الأحاديث التالية عند المصنف.

ومنهم أيضًا عند غيره زائدةُ بنُ قُدَامة عن عبد الملك فيما أخرجه أحمد 38/ (23245)، والترمذي (3662)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(1226 - 1229)، وغيرهم. ولكن أكثرهم اقتصر على ذكر الأمر بالاقتداء بأبي بكر وعمر. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وكذا حسّنه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"(2306)، والذهبي في "تاريخ الإسلام " 2/ 138، =

ص: 424

4501 -

حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار وأبو محمد عبد الله بن محمد بن إسحاق العَدْل ببغداد، قالا: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل السَّوْطي، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا أبي، عن سفيان بن سعيد ومِسعَر بن كِدامٍ، عن عبد الملك بن عُمير، عن رِبْعيّ بن حِراش، عن حُذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتَدُوا بِاللَّذين من بَعدي، أبي بكرٍ وعُمرَ، واهتَدُوا بهَدْي عمّار، وتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابن أمِّ عَبْدٍ"

(1)

.

= وابنُ حجر في "موافقة الخُبر الخَبَر" 1/ 143، وصححه الجُوزقاني في "الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير"(141)، وقال العُقيلي في "الضعفاء" 3/ 504: إسناده جيد ثابت.

وسيأتي ذكر رواية زائدة بن قدامة أيضًا عند الرواية رقم (4503).

ولم ينفرد عبدُ الملك بن عُمير برواية هذا الحديث، فقد رواه بتمامه أيضًا سالمٌ أبو العلاء المُرادي، عن عمرو بن هَرِم، عن ربعي، عن حذيفة. أخرجه من طريقه أحمد (23386)، والترمذي (3663)، وابن حبان (6902). وسالمٌ المرادي مُختَلف فيه، وأعدل الأقوال فيه قول أبي حاتم الرازي أنه يُكتَب حديثُه؛ يعني للاعتبار، وقد توبع فحديثه حسن في المتابعات والشواهد.

ويشهد له حديث العرباض بن سارية الذي تقدَّم عند المصنف برقم (333) وما بعده بلفظ: "عليكم بسُنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي، عَضُّوا عليها بالنواجذ"، وهو حديث صحيح.

قوله: اهتدوا بهدي عمار: أي: سيروا بسيرته.

وقوله: "وتمسّكوا بعهد ابن أم عبد": هو عبد الله بن مسعود، أي ما يعهد إليكم ويوصيكم به.

(1)

حديث صحيح كسابقه، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل يحيى بن عبد الحميد - وهو الحِمّاني - فهو ضعيف يُعتبر به في المتابعات والشواهد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة"(293) قال: أُخبِرتُ عن أبي يحيى الحِمّاني، به. فأَبهم عبدُ الله بنُ أحمد الذي حدَّثه بهذا الحديث، ويغلب على الظن أنه يحيى بن عبد الحميد، فإنَّ لعبد الله روايةً عنه، واقتصر على الأمر بالاقتداء بأبي بكر وعمر.

أحمد 38/ (23276) و (23419)، وابن ماجه (97)، والترمذي (3799 م) من طريق وكيع، وابن ماجه (97) من طريق مؤمَّل بن إسماعيل، كلاهما عن سفيان الثوري، عن عبد الملك بن عُمير، عن مولًى لربعيّ عن ربعيّ عن حذيفة. ومولى ربعي هذا مجهول.

وعبد الملك بن عمير روايته عن ربعي بن حراش معروفة مشهورة ثابتة محتجٌّ بها في "الصحيحين" =

ص: 425

4502 -

وأخبرني أحمد بن الحسن بن عُبيد الله

(1)

، حدثنا محمد بن عَبْدوس بن كامل، حدثنا هَنّاد بن السَّرِيّ، حدثنا وكيع، حدثنا مِسعَر، عن عبد الملك بن عُمير، عن رِبعيّ بن حِراش، عن حُذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتَدُوا باللذَين من بعدي أبي بكر وعُمر، واهتَدُوا بهَدْي عمّار، وإذا حدَّثكم ابن أمِّ عَبْدٍ فَصَدِّقُوه"

(2)

.

4503 -

فحدَّثنا أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشاذَ، قالا: حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، عن عبد الملك بن عُمير، عن هلالٍ مولى رِبعيّ بن حِراش، عن رِبعيّ بن حِرَاش، عن حُذيفة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اقتَدُوا باللذّين مِن بَعدِي، أبي بكرٍ وعُمرَ"

(3)

.

= وغيرهما، فغير مستبعَدٍ أن يكون عبد الملك سمعه من ربعي ومن مولاه عنه، فتكون رواية سفيان هذه من المزيد في متصل الأسانيد، والله تعالى أعلم. وانظر الرواية الآتية برقم (4503).

(1)

تحرَّف في (ب) إلى: عبد الله مكبّرًا، وإنما هو بالتصغير، وفي شيوخ الحاكم من اسمه أحمد بن الحُسين - مصغرًا - بن عُبيد الله المرواني، كما أشار إليه أبو الفضل محمد بن طاهر في "المؤتلف والمختلف"، والسمعاني في "الأنساب"، كلاهما في نسبة (المرواني)، فالظاهر أنه هو، ويكون وقع تحريف في اسم أبيه في أصول "المستدرك"، والله أعلم.

(2)

إسناده صحيح إن شاء الله.

وأخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه" 13/ 467 من طريق علي بن عبد المؤمن الزعفراني، عن وكيع عن مِسعَر، عن عبد الملك بن عمير، عن مولًى لربعي، عن ربعيّ، عن حذيفة. كذا زاد في إسناده مولى ربعي، مع أنَّ الدارقطني ذكر في "الغرائب والأفراد" هذه الرواية عن علي بن عبد المؤمن كما في "أطرافه" لابن طاهر (1962) وأنها من رواية عبد الملك عن ربعيّ مباشرة، وهذا يوافق رواية المصنف التي هنا. وعلى أي حالٍ فالمحفوظ عن مسعر عدم ذكر مولى ربعي كما رواه أبو يحيى الحمّاني وسفيان بن عُيينة عن مسعر كما في الطريقين السابقة والآتية برقم (4504).

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه في ذكر مولى ربعي بن حِراش، والظاهر أن ذكره هنا في رواية الحُميدي - وهو عبد الله بن الزبير الأَسدي - وهمٌ، فإن هذا الحديث في "مسند الحُميدي"(449)، وهو برواية بشر بن موسى وعن بشر يرويه أبو علي محمد بن أحمد الصوّاف الذي وُصف بأنه كان من أهل التحرُّز، وليس في الإسناد هذا المولى، وكذلك رواه عن الحُميدي جماعةٌ =

ص: 426

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= دون ذكره، منهم أبو حاتم الرازي كما في "العلل" لابنه (2648)، ومحمد بن النعمان المقدسي عند الطحاوي في "مشكل الآثار"(1227)، وأبو يحيى عبد الله بن أبي مسرّة عند البغوي في "شرح السنة"(3895).

لكن رواه أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي عن الحُميدي عند ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2308) فذكر المولى، ولا شكَّ بتقديم رواية أبي حاتم الرازي ومن تابعه وكذا رواية الصوّاف عن بشر بن موسى، لجلالة أبي حاتم، وتعدُّد الذين تابعوه، ثم إنَّ جميع من روى هذا الحديث عن سفيان - وهو ابن عُيينة - غير الحُميدي لم يذكروا فيه مولي ربعيّ هذا، فدل ذلك على أنه غير محفوظ في رواية سفيان بن عيينة أصلًا، وأن ذكره في روايته شذوذٌ.

وقد وقع في إسناد الحديث هنا وهمٌ آخر في إسقاط راوٍ منه، وهو زائدة قدامة بن بين سفيان وعبد الملك بن عُمير، مع أنَّ سفيان بن عيينة كان يدلّس في هذا الحديث كما نبَّه عليه الترمذي (3662 م)، فربما ذكره عن زائدة عن عبد الملك بن عمير وربما لم يذكر زائدة، إلَّا أنَّ سفيان في رواية الحُميدي عنه لم يُدلّسه، وذلك لثبوت ذكر زائدة في رواية "المسند"، ولثبوته كذلك في رواية أبي حاتم وأبي إسماعيل الترمذي ومحمد بن النعمان وابن أبي مَسَرّة عن الحُميدي، بل إنَّ الحُميدي في رواية أبي حاتم عنه قد ذكر أن سفيان بن عُيينة قال له: لم آخذه من عبد الملك إنما حدَّثَناه زائدةُ عن عبد الملك. على أن سفيان قد سمع من عبد الملك جملة صالحة من حديثه، لكن المحفوظ عنه في هذا الحديث عدم سماعه له منه كما صرَّح هو بذلك.

ثم إنَّ لسفيان بن عُيينة في هذا الحديث شيخًا آخر هو مِسعَر بن كِدام كما سيأتي في الرواية التالية.

وقد رواه عن سفيان بن عيينة جماعةٌ لم يذكر لهم سفيان في روايته زائدةَ ولا غيرَه: منهم ابن سعد في "طبقاته" 2/ 289.

ومنهم أحمد بن منيع عند الترمذي في "جامعه"(3662 م)، وفي "علله الكبير"(689).

ومنهم الشافعي عند البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(10755)، وفي "السنن الكبرى" 5/ 212، وأبي إسماعيل الهروي في "ذم الكلام"(251)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 41/ 422 و 51/ 271 و 272.

ومنهم علي بن حرب الطائي عند الخطيب في "الفقه والمتفقه"(467)، وابن عساكر 30/ 226.

ومنهم محمد بن سعيد بن الأصبهاني عند ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(4315). ومنهم يعقوب بن إبراهيم الدَّورقي عند الآجري في "الشريعة"(1342)، وأبي بكر القَطِيعي في زياداته على "فضائل الصحابة"(670)، والجورقاني في "الأباطيل الصحاح"(141)، وابن عساكر 14/ 230. =

ص: 427

4504 -

وقد حدَّثَنيه أبو بكر محمد بن عَبد الله

(1)

الفقيه، حدثنا محمد بن حَمْدون بن خالد، حدثنا علي بن عثمان النُّفَيلي، حدثنا إسحاق بن عيسى بن الطبّاع، حدثنا سفيان بن عُيَينة، عن مِسعَر، عن عبد الملك بن عُمير عن رِبعيّ بن حِراش، عن حُذيفة بن اليمان، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اقتَدُوا باللذين من بَعدِي، أبي بكر وعُمرَ، واهتدُوا بهَدْي عمّار، وبعهدِ ابن أمِّ عَبْدٍ"

(2)

.

هذا حديث مِن أجلِّ ما رُوِيَ في فضائل الشيخين، وقد أقام هذا الإسنادَ عن الثَّوْري ومسعرٍ أبو يحيى الحِمَّاني، وأقامه أيضًا عن مِسعرٍ وكيعٌ وحفصٌ بنُ عمر الأُبُلِّي، ثم قَصَّر بروايته عن ابن عُيَينة الحميديُّ وغيرُه، وأقام الإسنادَ عن ابن عُيَينة إسحاقُ ابن عيسى بن الطبّاع، فثبت بما ذكرنا صحةُ هذا الحديث، وإن لم يُخرجاه.

وقد وجدنا له شاهدًا بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود:

4505 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سَلَمة بن كُهيل، حدثنا أبي، عن أبيه، عن سلمة، عن أبي الزَّعْراء، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدُوا باللذَين من

= ومنهم عمرو بن علي الفلاس عند الجورقاني (143)، وابن عساكر 14/ 230.

ومنهم سُريج بن يونس عند الآجري في "الشريعة"(1342)، وابن عساكر 44/ 230 - 231.

وثابت بن موسى العابد عند البغوي في "شرح السنة"(3894)، وابن عساكر 30/ 226.

وحامد بن يحيى البلخي عند الطحاوي في "شرح المشكل"(1229).

وآخرون مخرجون عند ابن عساكر؛ وقد اقتصروا جميعًا - دون ثابت بن موسى العابد - على ذكر الاقتداء بأبي بكر وعمر.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عُبيد الله بالتصغير، وإنما هو عَبد الله مكبرًا، وهو محمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين الصِّبْغي، له ترجمة في "أنساب السمعاني" مادة. (الصِّبْغي).

(2)

إسناده صحيح إن شاء الله.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(3816) من طريق أبي موسى الأنصاري إسحاق بن موسى الخطمي، عن سفيان بن عُيينة، بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله.

ص: 428

بَعدي أبي بكرٍ وعُمر، واهتَدُوا بهدي عمّار، وتَمسَّكوا بعَهْد ابن مسعود"

(1)

.

4506 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا عفَّان بن مُسلِم، حدثنا وُهَيب، حدثنا داود بن أبي هند، حدثنا أبو نَضْرة، عن أبي سعيد الخُدْري، قال: لما تُوفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خُطباءُ الأنصارِ، فجعلَ الرجلُ منهم يقول: يا مَعشرَ المهاجرين، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استعملَ رجلًا منكُم فَرَنَ معه رجلًا منّا، فنَرى أن يَلِيَ هذا الأمرَ رجلان، أحدُهما منكم والآخرُ منّا، قال: فتتابعتُ خطباءُ الأنصارِ على ذلك، فقام زيدُ بن ثابتٍ فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من المهاجرين، وإنَّ الإمامَ يكونُ من المهاجرين، ونحن أنصارُه كما كنا أنصارَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقام أبو بكر فقال: جزاكُم الله خيرًا يا معشرَ الأنصار، وثَبّت قائلَكم، ثم قال: أمَا لو فَعلتُم غيَر ذلك لما صالَحناكُم، ثم أخذَ زيدُ بن ثابتٍ بيدِ أبي بكر، فقال: هذا صاحبُكم فبايِعُوه. ثم انطلَقوا.

فلما قعدَ أبو بكر على المِنبَر نَظَر في وُجوهِ القوم، فلم يَرَ عليًّا، فسألَ عنه، فقام ناسٌ من الأنصار فأتَوْا به، فقال أبو بكر: ابن عمِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وخَتَنُه، أردتَ أن تَشُقّ عصا المسلمين؟! فقال: لا تَثريبَ يا خليفةَ رسولِ الله، فبايَعَه، ثم لم يَرَ الزُّبيرَ بنَ العوّام، فسأل عنه حتى جاؤوا به، فقال: ابن عَمّة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وحَوارِيُّه، أردتَ أن

(1)

إسناده واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وذلك من أجل إسماعيل بن يحيى وأبيه يحيى، فهما متروكان، وإبراهيم بن إسماعيل ضعيف. أبو الزَّعْراء: هو عبد الله بن هانئ الكندي.

وأخرجه الترمذي (3805) عن إبراهيم بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وقال غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود، لا نعرفه إلَّا من حديث يحيى بن سلمة بن كُهيل، ويحيى بن سَلَمة يُضعَّف في الحديث.

وله طريق أخرى عند الطبراني في "الأوسط"(7177) من طريق عمرو بن زياد الباهلي، عن ابن المبارك، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، به. لكن عمرو بن زياد متهم بوضع الحديث، فلا اعتداد بهذه الطريق.

ويغني عنه حديث حذيفة بن اليمان الذي قبله.

ص: 429

تَشُقَّ عصا المسلمين؟! فقال مثل قولِه: لا تَثريبَ يا خليفةَ رسولِ الله، فبايَعَاه

(1)

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4507 -

حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السّمّاك الزاهد ببغداد، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البَلَدي، حدثنا محمد بن كثير الصَّنْعاني، حدثنا مَعمَر، عن الزُّهْري، عن عُرْوة، عن عائشة قالت: لما أُسري بالنبيّ صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبحَ يتحدّثُ الناسُ بذلك، فارتدَّ ناسٌ ممّن كانوا آمَنُوا به وصدَّقوه، وسَعَى رجالٌ من المشركين إلى أبي بكر، فقالوا: هل لك إلى صاحبِك يَزعُم أنه أُسري به الليلةَ إلى بيتِ المَقدِس! قال: أوَقال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن قال ذلك لقد صَدَق، قالوا: وتُصدِّقه أنه ذهب

(1)

إسناده صحيح، وقال مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح" فيما أسنده عنه البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 143: هذا حديث يَسْوى بَدَنةً، فقال له ابن خُزَيمة: يَسْوى بدنة؟! بل هو يَسْوى بَدْرة. قلنا: البَدْرة: كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم، أو سبعة آلاف دينار، والبدنة: الناقة السمينة.

وُهَيب: هو ابن خالد، وأبو نَضْرة: هو المنذر بن مالك.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 143، وفي الاعتقاد" ص 349 عن أبي عبد الله الحاكم ورجلٍ آخر، بهذا الإسناد.

وأخرج الشطر الأول منه إلى قوله "صالحناكم": أحمد 35/ (21617) عن عفان بن مسلم، به.

وأخرجه بتمامه البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 143، وفي الاعتقاد ص 349، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 276 - 277 من طريق أبي هشام المغيرة بن سَلَمة المخزومي، عن وُهيب بن خالد، به. غير أنه قال في روايته: قال عمر بن الخطاب: صدق قائلكم، أما لو قلتم غير هذا لم نتابعكم. فجعله من قول عمر بن الخطاب لا من قول أبي بكر الصَدّيق.

وأخرج الشطر الثاني منه في قصة عليّ والزبير: ابن عساكر 30/ 278 من طريق علي بن عاصم، عن سعيد الجَريري، عن أبي نضرة، به.

وأخرجه أيضًا عبد الله بن أحمد بن حنبل في "السنة"(1292) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن داود بن أبي هند، عن أبي نَضْرة، مرسلًا.

والخَتَن: الصِّهر.

ص: 430

الليلةَ إلى بيت المَقدِس وجاء قبل أن يُصبح؟! فقال: نعم، إني لأصدِّقُه بما هو أبعدُ من ذلك؛ أُصدِّقه في خَبرِ السماء في غَدُوةٍ أو رَوْحة؛ فلذلك سُمِّي أبا بكر الصِّدِّيق

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، فإنَّ محمد بن كثير الصَّنْعاني صَدُوق.

4508 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا عُمر بن عليّ المُقدَّميّ، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: أذَّنَ بلالٌ لصلاة الظُّهر، فجاءَ الصِّيَاحُ قِبَلَ بني عمرو بن عوف: أنه قد وَقَعَ بينهم شَرٌّ حتى تَرامَوا بالحجارة، فأتاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا أبا بكر، إن أُقيمتِ الصلاةُ فتَقدَّمْ فصَلِّ بالناس"، فقال: نعم

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف موصولًا كما تقدم بيانه عند مُكرَّره المتقدم برقم (4455).

(2)

صحيح لكن بمخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم لبلال بن رباح بأن يُقدّم أبا بكر لإمامة الناس عند حضور الصلاة، وليس بمخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر بذلك، كما جاء في رواية حماد بن زيد عن أبي حازم سلمة بن دينار - والظاهر أنَّ الوهم فيه هنا من سعيد بن عامر - وهو الضُّبَعي - أو من إبراهيم بن مرزوق - وهو ابن دينار البصري - فقد كان لهما بعض الأوهام، وقد روى هذا الحديث الطبراني في "الكبير"(5958) من طريق محمد بن أبي بكر المُقدّمي وسهل بن عثمان الكِنْدي كلاهما عن عُمر بن علي المُقدّمي، قال: سمعت أبا حازم يحدث عن سهل، فلم يذكرا هذا الحرف برمّته في الخبر وفاقًا لرواية غير حماد بن زيد من أصحاب أبي حازم عنه.

وأخرجه أحمد 37/ (22816) و (22817)، وأبو داود (941)، والنسائي (870)، وابن حبان (2261) من طرق عن حماد بن زيد، وأحمد (22817)، ومسلم (421)، والنسائي (529) و (1107) من طريق عُبيد الله بن عمر بن عمر العمري، وأحمد (22848) من طريق حماد بن سلمة، وأحمد (22852)، والبخاري (684)، ومسلم (421)، وأبو داود (940)، وابن حبان (2260) من طريق مالك بن أنس، وأحمد (22863)، والبخاري (1201) و (1218)، ومسلم (421) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، والبخاري (1234)، ومسلم (421)، والنسائي (861) من طريق يعقوب بن عبد الرحمن القاري، والبخاري (2690) من طريق أبي غسان محمد بن مُطرّف =

ص: 431

هذا حديث صحيح على شرط الشَّيخين ولم يُخرجاه هكذا، إنما اتفقا على ذلك في مَرَضِ النبي صلى الله عليه وسلم الذي ماتَ فيه

(1)

.

4509 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن أبي عثمان الطَّيالسي، حدثنا نصر بن منصور المَروزَي، حدثنا بِشر بن الحارث، حدثنا علي بن مُسهِر، حدثنا المُختار بن فُلفُل، عن أنس بن مالك، قال: بَعَثَني بنو المُصطَلِق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سَلْ لنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: إِلى مَن نَدفَعُ صَدَقَاتِنا بعدَك؟ قال: فأتيتُه فسألتُه، فقال:"إلى أبي بكر"، فأتيتُهم فأخبرتُهم، قالوا: ارجِعْ إليه فسَلْهُ: فإِن حَدَثَ بأبي بكر حَدَثٌ، فإلى مَن؟ فأتيته فأخبرته، فقال:"إلى عمرَ"، فقالوا: ارجعْ إليه فسَلْهُ: فإِن حَدَثَ بعُمرَ حَدَثُ، فإلى مَن؟ فأتيتُه فسألتُه، فقال:"إلى عثمانَ"، فأتيتُهم فأخبرتُهم، فقالوا: ارجِعْ إليه فَسَلْه: فإِن حَدَثَ بعثمانَ حَدَثٌ، فإلى مَن؟ فأتيتُه فسألتُه، فقال: إن حَدَثَ بعثمانَ حَدَثٌ فتبًّا لكم آخرَ الدَّهرِ، فتَبًّا"

(2)

.

= سبعتهم عن أبي حازم، عن سَهْل بن سعد، لكن لم يذكر أحدٌ منهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يؤم القوم أبو بكر الصديق إلَّا في رواية حماد بن زيد، فوجَّه فيه النبي صلى الله عليه وسلم الخطابه لبلال بأن يقدم أبا بكر عند حضور الصلاة إذا لم يحضر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال البيهقي في "السنن" 3/ 123: قوله لبلال في هذا الحديث زيادةٌ حفِظَها حماد بن زيد والزيادة من مثله مقبولة. قلنا: ويؤيدها رواية المقدَّمي عن أبي حازم عند المصنف هنا، لأنَّ الوهم هنا محصور في كون خطاب النبي صلى الله عليه وسلم كان موجَّهًا لأبي بكر نفسه، وإنما هو مُوجَّه لبلال.

(1)

أخرجه البخاري (664)، ومسلم (418) من حديث عائشة، والبخاري (680) و (681)، ومسلم (419) من حديث أنس بن مالك، والبخاري (678)، ومسلم (420) من حديث أبي موسى الأشعري.

(2)

إسناده ضعيف، نصر بن منصور المَروزَي ترجم له الخطيب في "تاريخ بغداد" 15/ 388 وذكر جمعًا من الثقات رووا عنه، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، فهو مجهول الحال، وقد تفرَّد بهذا الخبر.

وأخرجه أبو نُعيم في "حلية الأولياء" 8/ 358، والخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه في =

ص: 432

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4510 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا إسحاق بن الحسن الطحّان، حدثنا موسى بن ناصح، حدثنا أبو معاوية، عن عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: "لا يتأمَّرُ عليكما أحدٌ بعدي"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4511 -

حدثني أبو جعفر أحمد بن عُبيدٍ بن إبراهيم الأَسدي الحافظ بهَمَذَان، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم، حدثنا عَمرو بن زياد، حدثنا غالب القَرْقَساني، عن أبيه، عن جدِّه حبيب بن حبيب، قال: شهدتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان بن ثابت: "هل قُلتَ في أبي بكر شيئًا؟ قُلْ حتى أسمعَ"، قال: قلتُ:

وثانيَ اثنين في الغار المُنِيفِ وقد

طافَ العَدوُّ به إِذْ صَاعَدَ الجَبَلا

وكان حِبَّ رسولِ الله قد عَلِمُوا

مِن الخلائقِ لم يَعدِلْ به أَحدا

(2)

= الرسم" 1/ 477، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 176/ 39 و 177 من طريقين عن نصر بن منصور، بهذا الإسناد.

(1)

ضعيف، موسى بن ناصح وإسحاق بن الحسن الطحّان لم يؤثر فيهما جرحٌ ولا تعديل، لكن روى عن كلٍّ منهما جمعٌ من الثقات، فهما مجهولا، الحال، وقد روى هذا الخبرَ منَ هو أجلُّ منهما عن أبي معاوية - وهو محمد بن خازم الضرير - عن السَّري بن يحيى الشيباني عن بِسطام بن مسلم مرسلًا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر

وهذا أشبه كما قال ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 224، وهو معضل، لأنَّ بسطامًا من أتباع التابعين.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" 5/ 46، وتَمَّام في فوائده" (1596)، وابن عساكر 30/ 223 - 224 من طريقين عن إسحاق بن الحسن الطحان، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" الكبرى 3/ 193، ومن طريقه ابن عساكر 30/ 224 عن أحمد بن عبد الله بن يُونس، وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 12، كلاهما (أحمد بن عبد الله بن يونس وابن أبي شيبة) عن أبي معاوية الضرير عن السّريّ بن يحيى، عن بسطام بن مسلم، مرسلًا.

(2)

إسناده تالف، وهو مكرر الخبر المتقدم برقم (4461). غير أنه قال في آخر البيت الثاني =

ص: 433

4512 -

أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك بن مِغَول، عن أبي الشَّعْثاء الكِنْدي، عن مُرّة الطَّيِّب، قال: جاء أبو سفيان بن حَرْب إلى عليّ بن أبي طالب فقال: ما بالُ هذا الأمرِ في أقلِّ قريشٍ قِلّةً، وأذلِّها ذُلًّا - يعني أبا بكر - والله لئن شئتُ لأملأنَّها عليه خَيلًا ورِجالًا، فقال علي: لَطالما عادَيتَ الإسلامَ وأهلَه يا أبا سفيان، فلم يَضُرَّه ذلك شيئًا، إنا وَجَدْنا أبا بكر لها أهلًا

(1)

.

4513 -

أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، حدثنا يوسف بن محمد دُبَيس الخيّاط، حدثنا محمد بن خالد الخُتَّلي، حدثنا كثير بن هشام الكِلابي، حدثنا جعفر بن بُرْقان، عن محمد بن سوقة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه وفدُ عبدِ القَيس فتكلَّم بعضُهم بكلام لَغَا في الكلام، فالْتَفَتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر، وقال:"يا أبا بكر، سمعتَ ما قالوا؟ قال: نعم يا رسولَ الله وفَهِمُته، قال: "فأجِبْهم"، قال: فأجابَهم أبو بكر بجوابٍ وأجادَ الجَوابَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا

= هناك: بدلًا، بدل أحدًا.

(1)

إسناده ضعيف لإرساله واضطرابه، مُرّة الطَّيِّب - وهو مرة بن شراحيل الهَمْداني - لم يحضر هذه القصة، فقد جعل أبو حاتم وأبو زرعة روايته عن عمر بن الخطاب مرسلة، فمن باب أَولى أن لا يُدرك أبا بكر الصِّدِّيق ولا هذه المحاورة التي دارت بين أبي سفيان وعلي بن أبي طالب، ومع ذلك صحح إسناده الذهبي في "تلخيصه"!

وقد روى هذا الخبر سهل بن يوسف الأنماطي - وهو ثقة - عند أبي نُعيم الأصبهاني في "فضائل الخلفاء الراشدين"(191) عن مالك بن مِغوَل، عن أبي الشعثاء الكِنْدي، عن مرَّة، عن أبي الأبجر الأكبر. فتأكّد بذلك إرسالُ الخبر في رواية المصنّف، وأبو الأبجر هذا مجهول لا يُعرف.

أما أبو الشعثاء الكِنْدي - واسمه يزيد بن مُهاصِر - فقد روى عنه غير واحد، وذكره البخاري في "تاريخه" وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" وسكتا عنه، وهو مجهول الحال.

وقد اختُلف فيه على مالك بن مغول، فقد رواه ابن المبارك عند عبد الرزاق (9767)، وأبو قُتيبة سَلْم بن قتيبة عند الطبري في "تاريخه" 3/ 209، كلاهما عن مالك بن مِغول، عن ابن أبجر. فأسقطا من إسناده اثنين، هما أبو الشعثاء ومرّة الطيّب، وهذا إعضال في الإسناد.

ص: 434

أبا بكر، أعطاكَ الله الرِّضوانَ الأكبرَ" فقال له بعضُ القوم: وما الرضوانُ الأكبرُ يا رسول الله؟ قال: "يَتجلّى الله لعباده في الآخرةِ عامةً، ويَتجلّى لأبي بكر خاصّةً"

(1)

.

(1)

إسناده واهٍ، محمد بن خالد الخُتَّلي قال فيه ابن منده صاحب مناكير وقال ابن الجوزي بعد أن أورد حديثه هذا في "الموضوعات" 2/ 45: كذَّبوه، وتابعه على ذلك واعتمد قوله فيه الذهبيُّ، حيث قال في "تلخيص المستدرك": أحسب محمدًا وضعه. وبالغ أبو نُعيم الأصبهاني حيث أورد حديثه هذا في "حلية الأولياء" 5/ 11 وقال: هذا حديث ثابت، رواتُه أعلام تفرَّد به الخُتَّلي عن كثير. كذا جزم بصحة هذه الطريق مع اعترافه بتفرد محمد بن خالد الخُتَّلي به.

وأخرجه أبو نُعيم في "الحلية" 5/ 11، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 16، وابن الجوزي في "الموضوعات"(567) و (568) من طرق عن يوسف بن محمد بن الحَكَم بهذا الإسناد.

وقد رُوي أيضًا عن ابن أبي ذئب، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، من طريقين لا يُفرح بهما: وأخرجه ابن حبان في "المجروحين" 2/ 115، وابن عدي في "الكامل" 5/ 216، والدارقطني في "رؤية الله"(48)، وأبو طاهر المُخلِّص في "المخلِّصيات"(2931)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(2434)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 466/ 13، وأبو القاسم الأصبهاني في "الحجة في بيان المحجة"(319)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 160، وابن الجوزي (569)، والذهبي في "الميزان" 3/ 120 من طرق عن علي بن عَبْدة التميمي المُكتبِ، عن يحيى بن سعيد القطان، والخطيب في "تاريخ بغداد" 13/ 466، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 160، وابن الجوزي في "الموضوعات"(570) من طريق أبي حامد أحمد بن علي بن حَسْنويه المقرئ عن الحسن بن علي بن عفّان، عن يحيى بن أبي بُكير، كلاهما (يحيى القطان ويحيى بن أبي بُكير) عن ابن أبي ذئب، عن محمد بن المنكدر، عن جابر. وعلي ابن عبدة قال عنه ابن حبان وابن عدي يسرق الحديث، وقال الدارقطني: يضع الحديث، وقال الحاكم في "المدخل إلى الصحيح" (123): حدَّث ببغداد عن يحيى بن سعيد الأموي بحديث موضوع.

وأبو حامد بن حسنويه قال عنه الخطيب لم يكن ثقة، ونرى أنَّ أبا حامد وقع إليه حديث علي بن عبدة، فركّبه على هذا الإسناد، مع أنا لا نعلم أنَّ الحسن بن علي بن عفّان سمع من يحيى بن أبي بكير شيئًا، والله أعلم.

وله طريق أخرى عن جابر من رواية أبي الزُّبَير عنه، فقد أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 13/ 117، ومن طريقه ابن عساكر 30/ 162، وابن الجوزي في "الموضوعات"(571).

من طريق أبي القاسم عمر بن محمد بن عبد الله الترمذي، عن العبّاس بن يوسف الشِّكْلي وأبي =

ص: 435

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= سعيد أحمد بن محمد بن عُبيد الله الخلال، كلاهما عن الحسن بن عرفة، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي الزُّبَير عن جابر وأبو القاسم الترمذي قال عنه ابن أبي الفوارس: كان فيه نظر. وقال الذهبي: فيه ضعف قلنا: وقد انفرد بهذه الطريق، فلا يعتد بتفرد مثله.

وفي الباب عن أنس بن مالك من طرق ثلاثة عنه:

فأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 162 من طريق عبد الله بن محمد بن حميد البالسي، عن علي بن الحسين التميمي، عن مسدّد بن مسرهد وهُدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة، عن عن ثابت البُناني، عن أنس. ورجاله ثقات غير عبد الله بن محمد بن حميد - وهو ابن سنان - البالسي وعلي بن الحسين، فقد روى عن كلٍّ منهما جمعٌ، ولا يؤثر فيهما جَرح ولا تعديل، فهما مجهولا الحال، وقد انفردا بهذه الطريق، ولا يُحتمل تفرَّد مثلهما.

وأخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات"(565)، وابن حجر في "لسان الميزان" 2/ 365 من طريق بنوس بن أحمد بن بنوس، عن أبي خليفة الفضل بن الحُباب، عن أحمد بن المقدام العجلي، عن يزيد بن هارون عن حميد الطويل، عن أنس وبنوس المذكور - وهو بباء موحدة ثم نون - قال عنه ابن الجوزي: مجهول لا يُعرف، وقال الذهبي في "الميزان": وضع على أبي خليفة الجُمحي حديثًا. يعني هذا الحديث، فقد أعاد ذكره مرة أخرى في "الميزان" في ترجمة يونس بن أحمد بن يونس - كذا قال - ثم قال: حدَّث عن أبي خليفة الجمحي بإسناد الصحاح: "إنَّ الله يتجلى لأبي بكر خاصة"، فهو المتَّهم بإلصاقه بأبي خليفة.

وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 3/ 675، ومن طريقه ابن عساكر 30/ 162 - 163، وابن الجوزي في "الموضوعات"(564) من طريق محمد بن عبد بن عامر التميمي، عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق، عن مَعمَر، عن قَتَادةَ عن أنس. وقال الخطيب هذا الحديث لا أصل له عند ذوي المعرفة بالنقل فيما نعلمه، وقد وضعه محمد بن عبد إسنادًا ومتنًا، ونقل الخطيب عن الدارقطني قوله: كان يكذب ويضع، وعن أبي سعيد بن يونس قوله: لم يكن بالمحمود في الحديث، وعن الجعابي قوله: كان يذمونه في سماعه.

وفي الباب أيضًا عن أبي هريرة عند ابن حبان في "المجروحين" 1/ 143، ومن طريقه أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات"(572) عن محمد بن أحمد بن الفرج المؤدّب، عن أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليمامي، عن أبيه، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة. وقال ابن حبان في أحمد بن محمد بن يونس المذكور: يروي أشياء مقلوبة لا يُعجبنا الاحتجاج بخبره إذا انفرد، وقال ابن الجوزي: نرى أنَّ أحمد بن محمد بن عمر اليمامي سَرَقه وغيَّر إسناده. قلنا: وكذّبه أبو حاتم وابنُ صاعد، وقال الدارقطني: متروك، وقال ابن عدي: حدّث بمناكير وعجائب. =

ص: 436

4514 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا وكيع عن أبي العُمَيس، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عائشة، قالت: لو كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُستخِلفًا لاستخلَفَ أبا بكرٍ وعمرَ

(1)

.

= وفي الباب كذلك عن الزبير بن العوام عند أبي الشيخ "الأصبهاني في طبقات المحدثين بأصبهان" 3/ 10 - 11 من طريق حامد بن المساور - وقيل: ابن المسور - عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن الزبير بن العوام. وحامد بن المساور المذكور ترجم له أبو نُعيم في "تاريخ أصبهان" وذكره أيضًا في "حلية الأولياء" 10/ 394، وقال: كان يُعرف بالدعاء المُجاب من الأُمناء والنُّصحاء. قلنا: وهذا الرجل مجهول الحال في الرواية، وقد تابعه أبو قتادة عبد الله بن واقد الحراني عند ابن بطة في "الإبانة" 9/ 722، ومن طريقه أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات"(573) فرواه عن ابن جريج عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة. كذا ذكر عائشة بدل الزبير، وأبو قتادة الحراني اضطُرب في حاله، والقول فيه كما قال البخاري في "تاريخه": تركوه منكر الحديث.

وفي الباب أيضًا عن علي بن أبي طالب عند أبي الحسين بن بشران في الجزء الأول من "فوائده"(39)، ومن طريقه أخرجه ابن بلبان الفارسي في "تحفة الصديق في فضائل أبي بكر الصديق" ص 123 - 124 من طريق أبي عُبيدة الناجي بكر بن الأسود، عن الحسن البصري، قال: قال علي بن أبي طالب. وأبو عبيدة والناجي هذا كذّبه يحيى بنُ كثير وابن مَعِين وضعَّفه أحمد والنسائي والدارقطني وغيرهم.

قلنا: أكثر الذين تقدمت رواياتهم اقتصروا على المرفوع آخر الحديث في ذكر تجلِّي الله سبحانه لأبي بكر خاصة وللناس عامة، إلّا أبا الزبير في حديثه، فذكر أنَّ هذا كان لدى خروجه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر في الغار، وكذلك جاء في حديث أبي هريرة، وكذا في حديث قتادة عن أنس، وهذا بخلاف ما جاء في رواية محمد بن خالد الخُتَّلي في حديث جابر الذي عند المصنّف.

(1)

إسناده صحيح. يحيى بن يحيى هو النيسابوري، وأبو العُميس: هو عُتبة بن عبد بن عُتبة المسعودي، وابن أبي مليكة: هو عَبد الله بن عُبيد الله.

وأخرجه أحمد (40/ 24346) عن وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد.

ورواه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(1253) ومن طريقه النسائي (8064)، فخالف أصحاب وكيع جميعًا في لفظه، حيث جعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا، بلفظة:"لو كنت مستخلفًا لاستخلفُ أبا بكر أو عمر". وهذه رواية شاذَّة. =

ص: 437

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

4515 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبل، حدثني أبي وأحمد بن مَنيعٍ، قالا: حدثنا أبو بكر بن عيّاش، حدثنا عاصم، عن زِرٍّ، عن عبد الله، قال: ما رأى المسلمون حَسنًا فهو عند الله حَسنٌ، وما رأوه سيئًا فهو عند الله سيِّئٌ، وقد رأى أصحابُه جميعًا أن نَستخلِفَ أبا بكرٍ

(1)

.

= وأخرجه مسلم (2385)، والنسائي (8145) من طريق جعفر بن عَوْن، عن أبي عُميس، عن ابن أبي مُليكة قال: سمعت عائشة وسُئلت: من كان رسولُ الله مستخلفًا لو استخلفه؟ قالت: أبو بكر، فقيل لها: ثم مَن بعد أبي بكر؟ قالت: عمر، ثم قيل لها: مَن بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح، ثم انتهت إلى هذا.

وانظر ما تقدَّم برقم (4495).

(1)

إسناده حسن من أجل عاصم - وهو ابن أبي النَّجود - وقد اختُلف فيه عن عاصم اختلافًا لا يضرُّ مثلُه، وهو أنَّ أبا بكر بن عيّاش قد رواه عن عاصم عن زِرٍّ - وهو ابن حبيش - عن عبد الله - وهو ابن مسعود - كما رواه المصنِّف وغيره، وتابع ابنَ عيَّاش عليه سفيانُ بنُ عُيينة كما نبَّه عليه الدارقطني في "العلل"(711)، ولم نقف على روايته فيما بأيدينا من مصادر، وخالفهما عبد الرحمن بن عبد الله بن عُتبة المسعودي وحمزة الزيات فيما قال الدارقطني فروياه عن عاصم عن أبي وائل شقيق بن سَلَمة عن ابن مسعود - ولم نقف عليه من رواية حمزة فيما بأيدينا من مصادر - فذكرا أبا وائل بدل زِرٍّ، وكلاهما ثقة من جلّة أصحاب ابن مسعود، ولا يمتنع سماعُ كليهما له من ابن مسعود، كما لا يمتنع سماعُ عاصم له من كليهما، والله تعالى أعلم.

وقد أشار الحافظ ابن حجر في "الأمالي المُطلقة" ص 65 - 66، وفي "موافقة الخُبر الخَبر" 2/ 435 - 436 إلى هذا الاختلاف، وحَسَّن الحديثَ كالمقرِّر أنه لا يضره ذلك الاختلاف، وقال في "الأمالي": لم أرَ في شيء من طرقه التصريحَ برفْعه، وإن كان لبعضه حكمُ الرفع.

وهو في "مسند أحمد" 6/ (3600)، لكن دون ذكر استخلاف أبي بكر الصديق.

وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(243)، ومن طريقه أبو نُعيم في "تثبيت الإمامة"(202)، وفي "معرفة الصحابة"(48)، والبيهقي في "الاعتقاد" ص 322، وفي "المدخل إلى السنن الكبرى"(49)، والحافظ في "موافقة الخُبر الخَبر" 2/ 435، وأخرجه الطبراني في "الكبير"(8583)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(445) من طريق عاصم بن علي، وابن الأعرابي في "معجمه" =

ص: 438

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ أصحُّ منه إلَّا أنَّ فيه إرسالًا:

4516 -

أخبرَناه أبو العبّاس المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا داود بن أبي هند، عن الشَّعْبي، عن ابن مسعود، قال: لما قُبضَ النبيُّ - لى الله عليه وسلم - اجتمعَ المهاجرون والأنصار إلى سَقِيفة بني ساعِدةَ في بَيعة أبي بكرٍ، فأتيتُ أمَّ سلمةَ فقلتُ لها: بايَعَ الناسُ أبا بكرٍ

(1)

.

4517 -

أخبرني أبو بكر محمد بن أحمد المُزكِّي بمَرْو، حدثنا عبد الله بن رَوح

= (862) من طريق يزيد بن هارون، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (6372/ 2)، وابن الأعرابي في "معجمه"(862)، وأبو العباس الأصم في "مسند ابن وهب"(125) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ والبغوي في "شرح السنة"(105) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم خمستهم (الطيالسي وعاصم بن علي ويزيد بن هارون والمقرئ وأبو النضر) عن المسعودي، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود وليس في رواية واحدٍ منهم ذكر استخلاف أبي بكر الصديق.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(3602)، وفي "الكبير"(8593) من طريق علي بن قادم، عن عبد السلام بن حرب، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود. وليس في روايته ذكر استخلاف أبي بكر الصديق.

وأخرجه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه" (446) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود. ولم يذكر في روايته استخلاف أبي بكر الصديق أيضًا.

وبذلك يظهر أنَّ هذا الحرف ليس من قول ابن مسعود، ومما يدلُّ عليه أنَّ أحمد بن عبد الجبار العُطاردي قد روى هذا الخبر عن أبي بكر بن عيّاش عند جماعة منهم ابن الأعرابي في "معجمه"(843)، وابن عساكر 30/ 294، فبيَّن أنَّ هذا الحرف من قول أبي بكر بن عيّاش، حيث صدَّره بقوله: قال ابن عيَّاش وأنا أقول: إنهم قد رأوا أن يُولُّوا أبا بكر رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

وسيأتي هذا الحرف عند المصنف مفردًا برقم (4526) لكن من رواية أبي بكر بن إسحاق عن عبد الله بن أحمد بن حنبل.

(1)

رجاله ثقات لكنه مرسل كما قال المصنِّف.

ص: 439

المدائني، حدثنا شَبَابة بن سَوّار، حدثنا شعيب بن ميمون، عن حُصين بن عبد الرحمن، عن الشَّعْبي، عن أبي وائل، قال: قيل لعلي بن أبي طالب: ألا تَستخلِفُ علينا؟ قال: ما استخلفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فأستخلِفَ، ولكن إن يُرِدِ اللهُ بالناس خيرًا، فسيَجمَعُهم بعدي على خَيرِهم، كما جَمعَهم بعد نبيِّهم صلى الله عليه وسلم على خَيرِهم

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف شعيب بن ميمون، وقد اضطرب في رواية هذا الخبر، فمرة يروى عنه عن حُصين بن عبد الرحمن، ومرة يُروى عنه عن أبي جَنَاب الكلبي يحيى بن أبي حية بدل حصين - وهو ضعيف - ويُروى عنه أحيانًا عن أبي جناب عن أبي وائل مباشرة دون ذكر الشَّعْبي، لكن لم ينفرد به شعيب بن ميمون بل تابعه الحسن بن عمارة، يرويه عن الحكم بن عُتيبة وواصل بن حيَّان عن أبي وائل، إلّا أنَّ الحسن بن عمارة هذا متروك، ورُوي من وجه آخر عن علي بن أبي طالب سيأتي برقم (4749) و (4750)، إلَّا أنه واهٍ لا يُفرح به البتة.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1158) و (1221)، والبزار (565)، والآجري في "الشريعة"(1188) و (1822)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 3، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 149، وفي الاعتقاد ص 357، وفي "دلائل النبوة" 7/ 223، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 561 من طرق عن شبابة بن سوّار بهذا الإسناد.

وأخرجه الآجُري (1188) و (1822)، وابن عدي، 4/ 3، وابن عساكر 30/ 290 من طريق شبابة، عن شعيب بن ميمون، عن أبي جَنَاب الكلبي، عن الشَّعْبي، به.

وأخرجه بحشل في "تاريخ واسط" ص 184، والعُقيلي في "الضعفاء" 2/ 224 من طريقين عن شعيب بن ميمون، عن أبي وائل، به. دون ذكر الشَّعْبي.

وأخرجه أبو بكر القَطِيعي في زياداته "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (622)، وأبو طالب العشاري في "فضائل أبي بكر الصديق"(19)، وابن عساكر 30/ 289 و 290 من طريق الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عُتيبة وواصل بن حيان عن أبي وائل شقيق بن سلمة به. والحسن بن عمارة متروك.

وأخرج أحمد 2 / (1078) و (1340) من طريق عبد الله بن سبع - ويقال: سبيع - قال: قالوا لعليٍّ: استخلِف علينا، قال: لا، ولكن أترككم إلى ما ترككم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: فما تقول لربك إذا أتيته؟ قال: أقول: اللهم تركتَني فيهم ما بدا لك، ثم قبضتَني إليك وأنت فيهم، فإن شئتَ أصلحتَهم وإن شئت أفسدتَهم. وإسناده محتمل للتحسين من أجل عبد الله بن سبع فهو تابعي كبير، ذكره ابن حبان في "الثقات". =

ص: 440

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

‌ذكر الروايات الصحيحة عن الصحابة رضي الله عنهم في خلافة أبي بكر الصِّدِّيق بإجماعهم في مخاطبتهم إياه: يا خليفةَ رسول الله

4518 -

حدثنا يحيى بن منصور القاضي، حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن رجاء، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحِزَامي، حدثنا يحيى بن سُليم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، قال: وَلِيَنا أبو بكر فكان خيرَ خَليفةِ الله، وأرحمَه بنا، وأحْنَاه علينا

(1)

.

= وسيأتي عن عليّ بن أبي طالب برقم (4608)، بلفظ: إنَّ هذه الإمارةَ لم يَعهدْ إلينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فيها عهدًا يتبع أثره، ولكنا رأيناها تلقاء أنفسنا، استُخلِف أبو بكر فأقام واستقام، ثم استُخلِف عمر فأقام واستقام، ثم ضرب الدهر بحرانه. وهو حسن بهذا اللفظ أيضًا.

ويشهد لآخره في خيرية أبي بكر حديثُ عمر بن الخطاب الذي تقدم برقم (4470) أنه قال: كان أبو بكر سيدَنا وخيرَنا وأحبَّنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله عُمر يومَ السَّقيفة.

وحديث عثمان بن عفان عند عبد الله بن أحمد في زياداته على "فضائل الصحابة" لأبيه (392)، والطبراني في "الكبير"(13232)، وأبي نعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين" (213) قال: إِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض، فنظر المسلمون خَيرَهم فاستخلفُوه وإسناده عند أبي نعيم صحيح.

(1)

إسناده حسن من أجل يحيى بن سُليم - وهو الطائفي - وقد جوَّد إسنادَه الحافظُ ابن حجر في "الإصابة" 4/ 174.

وأخرجه الشافعي في "الأم" 3/ 318، والبغوي في "معجم الصحابة"(1391)، والآجري في "الشريعة"(1187) و (1197) و (1709)، وأبو بكر القطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة " لأحمد بن حنبل (699)، والدارقطني في "فضائل الصحابة"(21) و (22) و (25) و (26)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(2459)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(357)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 386 و 387 من طرق عن يحيى بن سُليم، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "فضائل الصحابة" لأبيه (148)، والدارقطني في "فضائل الصحابة"(23) و (27) من طريق سفيان بن عُيينة، عن جعفر بن محمد، به بلفظ: وليَنا أبو بكر الصِّدِّيق، فما ولينا أحدٌ من الناس مثله. وإسناده صحيح.

ص: 441

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4519 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا عمر بن حفص السَّدُوسي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس، قال: طُفْنا بغُرفةٍ فيها أبو بكر حين أصابَه وَجَعُه الذي قُبض فيه، فاطّلع علينا اطِّلاعةً، فقال: أليس تَرضَون بما أصنَعُ؟ قلنا: بلى يا خليفةَ رسولِ الله

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4520 -

أخبرنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب: أنَّ أبا بكر الصِّدِّيق لما بَعَثَ الجُيوش نحو الشام: يزيد بن أبي سفيان، وعَمرَو بن العاص، وشُرَحْبيلَ بن حَسَنة، مشى معهم حتى بَلَغَ ثَنية الوداع، فقالوا: يا خليفةَ رسولِ الله، تَمشي ونحن رُكْبانٌ؟!

(2)

(1)

صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم بن علي - وهو الواسطي - وقد توبع. فقد أخرجه ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 176 عن عمرو بن عاصم الكلابي، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 77 عن سعدَويه الواسطي، كلاهما عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس قال: أطفنا بغرفة أبي بكر الصّدّيق في مرضته التي قُبض فيها، قال: فقلنا: كيف أصبح أو كيف أمسى خليفةُ رسول الله؟ قال: فاطلع علينا اطّلاعةً، فقال: ألستم تَرضون بما أصنع؟ قلنا: بلى قد رضينا. هذا لفظ عمرو بن عاصم، ولفظ سعدويه فيه اختصار.

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل كما قال الذهبي في "تلخيصه"، من مرسل سعيد بن المسيب، ومراسيله من أقوى المراسيل على أنه رواه جماعة من التابعين مرسلًا بأسانيد لا بأس بها إليهم. يونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 85، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 2/ 76 من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس بن يزيد به وزاد فيه فقال: إني أحتسِبُ خُطاي هذه في سبيل الله، وزاد أيضًا وصية أبي بكر للجيش بعدة وصايا.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/ 344 من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم أو غيره. فإن ثبت أنه عن قيس بن أبي حازم جَزمًا، فالإسناد صحيح، لأنَّ قيسًا أدرك =

ص: 442

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4521 -

حدثنا محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مسدَّد، حدثنا بشر بن المُفضَّل، عن عبد الله بن محمد بن عَقيل، عن جابر بن عبد الله، قال: دخلتُ على أبي بكر في خِلافته

(1)

.

4522 -

وبإسنادِه عن جابر، قال: جاءنا مالُ البحرَين في خِلافة أبي بكر

(2)

.

4523 -

حدثنا أبو الوليد حسّان بن محمد الفقيه حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المُحارِبي، عن الحجّاج بن دينار، عن ابن سِيرين، عن عَبيدة، قال: جاء عُيَينةُ بن حِصْن والأقرعُ بن حابِسٍ إلى أبي بكر، فقالوا: يا خليفةَ رسول الله

(3)

.

= أبا بكر وسمع منه، إذ هو تابعيٌّ مخضرمٌ.

وأخرجه البيهقي 9/ 90 من طريق محمد بن إسحاق قال: حدثني صالح بن كيسان، فذكره مرسلًا.

وإسناده حسن، ولفظه قريب من لفظ رواية ابن المبارك عن يونس.

وأخرج قصة مسير الصّدّيق ماشيًا والجيش ركبانٌ لكن دون مخاطبته بخليفة رسول الله: مالك في "الموطأ" 2/ 447، وعبدُ الرزاق في "المصنف"(9375)، والطبراني في "الكبير" 22/ (607)، والبيهقي 9/ 89 من طريقين عن يحيى بن سعيد الأنصاري، مرسلًا وسنده صحيح إلى يحيى، وفيه وصية أبي بكر واحتسابه بمشيه لدى توديع الجيش.

(1)

حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن محمد بن عَقِيل، وهو في "مسند مسدّد" كما في "إتحاف الخيرة" للبُوصيري (3030). وانظر ما بعده.

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن محمد بن عَقِيل، وقد تابعه محمد بن علي الباقر عند الحُميدي في "مسنده"(1268) بإسناد صحيح.

وهو أيضًا عند البخاري (2296)، ومسلم (2314) من طريق محمد بن علي الباقر، لكنهما لم يذكرا في روايتهما موضع الشاهد الذي يُريده المُصنّف هنا.

وخبر مجيء مال البحرين في عهد أبي بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت أيضًا من رواية محمد بن المنكدر عن جابر عند أحمد 22 / (14301)، والبخاري (2598)، ومسلم (2314).

(3)

رجاله لا بأس بهم، لكن عَبِيدة - وهو ابن عَمرو السَّلْماني - وإن أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم زمن =

ص: 443

4524 -

أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين،

= الفتح، لم يُهاجر إليه، وإنما هاجر إلى المدينة زمن عمر بن الخطاب كما قال محمد بن عمر الواقدي، فلم يتسَنَّ له حضورُ قصة الأقرع بن حابس وعُيينة بن حِصْن مع أبي بكر الصّدّيق، وهي في سؤالهما أبا بكر أن يُقطعهما أرضًا، ورفض عمر بن الخطاب لذلك في حضرة أبي بكر، لكن لعله سمعها من عمر بن الخطاب، فقد سمع منه عَبِيدةُ وحَفِظ عنه في الفقه أشياء، بل وسأله عُمر بن الخطاب عن مسألةٍ ذكرها ابن أبي شيبة في "المصنف" 3/ 309 بسند لا بأس به. وعليه فجزْمُ علي بن المديني فيما نقله عنه ابن كثير في "مسند الفاروق" 1/ 384 بانقطاع الإسناد، بحجة أنَّ عبيدة لم يدرك ولم يُرو عنه أنه سمع عمرَ ولا رآهُ، غير مسلّم له، فقد رأى عمر وسمع منه، ولما ترجم له الخطيب في "تاريخ بغداد" 12/ 422 جزم بسماعه من عمر بن الخطاب، وعلى أيِّ حال فلم يُصرِّح عَبيدة بسماعه لهذا الخبر من عُمر، بل رواه بصيغة ظاهرة في إرساله، لكن مراسيل مثل عَبيدة السَّلْماني تقبل لجلالته، بل إنَّ الحافظ ابن حجر لما أورد هذه القصة في "الإصابة" 1/ 102 جزم بصحة الإسناد مع نقله لكلام علي بن المديني.

وأخرجه علي بن المديني كما في "مسند الفاروق" لابن كثير (242) عن يحيى بن آدم، وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (4252)، وأخرجه كذلك ابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1822 عن أبي سعيد الأشج، ويعقوب بن سفيان كما في "الإصابة" للحافظ 1/ 102 و 4/ 769، ومن طريقه البيهقي في سننه الكبرى 7/ 20، والخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي "وآداب السامع"(1623)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 9/ 195 عن هارون بن إسحاق الهمذاني، أربعتهم (يحيى بن آدم وابن أبي شيبة وأبو سعيد الأشج وهارون بن إسحاق) عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي بهذا الإسناد. غير أنَّ أبا سعيد الأشج سمَّى ابن سيرين أنسًا، وإنما هو أخوه محمد، كما سماه يحيى بن آدم في روايته، وكذلك سماه محمد بن العلاء في روايته الآتي تخريجها، فإنَّ محمد بن سِيرِين هو المشهور بالرواية عن عَبيدة، ولا تعرف لأنس أخيه روايةٌ عن عَبيدة أصلًا.

وقد أخرج قصة الاستقطاع لكن دون مخاطبة الأقرع وعُيينة لأبي بكر بيا خليفة رسول الله: البخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 443 - ونسبه الحافظ في "الإصابة" التاريخ البخاري الصغير أيضًا - عن محمد بن العلاء، عن عبد الرحمن بن محمد المُحاربي، عن الحجاج بن أبي عثمان الصّوّاف عن محمد بن سِيرِين، عن عَبيدة. كذا سمَّى الحجاج بن أبي عثمان الصوّاف، مع أنَّ سائر من رواه عن المُحاربي سمَّوه حجاج بن دينار، فهو الصحيح.

ص: 444

حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شُعْبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شِهَاب، قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغَزوتُ في خِلافة أبي بكرٍ

(1)

.

4525 -

أخبرنا بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا أبو قِلابةَ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا عبد الواحد بن زيد

(2)

، حدثنا أسلمُ الكوفي، عن مُرّة الطَّيِّب، عن زيد بن أرقم، قال: كنا مع أبي بكر الصديق فبَكَى، فقلنا: يا خليفةَ رسولِ الله ما هذا البُكاءُ؟!

(3)

4526 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبي وأحمد بن مَنِيع، قالا: حدثنا أبو بكر بن عيّاش عن عاصم، عن زِرٍّ، عن عبد الله، قال: أجمعَ أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم واستخلَفُوا أبا بكر

(4)

.

‌ومن مناقب أمير المؤمنين عُمر بن الخطاب رضي الله عنه

-

4527 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو أسامة عبدُ الله بن أبي أسامة الحَلَبي، حدثنا حجّاج بن أبي مَنيع، عن جدِّه - وهو عُبيد الله بن أبي زياد الرُّصَافي - عن الزُّهْري.

(1)

خبر صحيح، وعبد الرحمن بن الحسن القاضي فيه ضعف لكنه متابع.

وأخرجه أحمد 31 / (18829) و (18835) عن محمد بن جعفر، و (18829) عن عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن شعبة به.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى زياد، بالألف، وإنما هو عبد الواحد بن زيد الزاهد البصري كما في رواية غير المصنف، وكما في مصادر ترجمته.

(3)

إسناده ضعيف جدًّا، عبد الواحد بن زيد - وهو البصري الزاهد - متروك الحديث، وأسلم الكوفي مجهول. أبو قِلابةَ: هو عبد الملك بن محمد الرَّقاشي.

وأخرجه البزار (44) من طريق إسماعيل بن سِنَان، عن عبد الواحد بن زيد، به.

وأخرجه أيضًا لكن دون مخاطبة الصديق بيا خليفة رسول الله: أبو نُعيم في "الحلية" 1/ 30 من طريق الحسن بن علي والفضل بن داود، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، به.

(4)

لا يصحُّ هذا الحرف من قول عبد الله - وهو ابن مسعود - إنما هو من قول أبي بكر بن عيّاش كما تقدم بيانه برقم (4515).

ص: 445

وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثني مصعب بن عبد الله الزُّبيري؛ قالا: عُمر بن الخطاب بن نُفَيل بن عبد العُزّى بن رِياح بن عبد الله بن قُرْط بن رزاح بن عَدِيّ بن كعب بن لُؤَي بن غالب بن فِهْر - لفظًا واحدًا - قالا: وأمُّه حَنْتَمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مَخزُوم، وأمُّها الشِّفاء بنت عبد قيس بن عَدي بن سعد بن سَهم يُكنى أبا حفصٍ، استُخِلف يوم تُوفِّي أبو بكر رضي الله عنهما، وهو يوم الثلاثاء لثمانٍ بقين من جُمادى الآخِرة

(1)

.

4528 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أحمد بن محمد بن أيوب، حدثنا إبراهيم بن سعدْ، عن محمد بن إسحاق، قال: توفي أبو بكر واستخلَف عمرَ رضي الله عنهما على رأس سنتَين وثلاثةِ أشهرٍ واثنين وعشرين يومًا من مُتوفَّى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

4529 -

أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا

(1)

إسناده جيد إلى الزهري.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(49)، وعنه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(128) عن أبي أسامة الحلبي، به.

وأخرج نسب عمر بن الخطاب وحده يعقوبُ بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 164، ومن طريقه ابن عساكر 44/ 53، وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(96) عن حسين بن الحسن المروزي، كلاهما (يعقوب بن سفيان وحسين المَروَزي) عن حجاج بن أبي منيع، به.

وكذلك سرد محمد بن إسحاق نسب عمر ونسب أمه وجدته لأمه، عند الطبري في "تاريخه" 4/ 195، والطبراني في "الكبير"(49)، وعنه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(130)، وعند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 11.

(2)

رجاله لا بأس بهم.

وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" بإثر (1394)، ومن طريقه ابن عساكر 30/ 450 من طريق زياد بن عبد الله البكائي، عن ابن إسحاق.

ص: 446

أبو النضر، حدثنا شَيبان بن عبد الرحمن النَّحْوي عن عاصم، عن زِرٍّ، قال: خرجتُ مع أهل المدينة في يوم عيد، فرأيتُ عمرَ بن الخطاب يمشي حافِيًا، شيخًا أصلعَ آدمَ أعْسَرَ يَسَرًا طوالًا مشرفًا على الناس كأنه على دابّةٍ، ببُرْدٍ قِطْرِيّ، يقول: عبادَ الله، هاجِروا ولا تَهجُروا، وليتَّقِ أحدُكُم الأرنبَ يَخِذفها بالحصَى أو يَرمِيها بالحجَر فيأكلَها، ولكن ليُذكِّ لكم الأسَلُ: الرِّماحُ والنَّبْلُ

(1)

.

قال الحاكم: وكان السببُ في تلقيبِه بأميرِ المؤمنين:

4530 -

ما حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، حدثنا يحيى بن بُكير، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الإسكنَدراني، عن موسى بن عُقبة، عن ابن شِهَاب: أنَّ عمر بن عبد العزيز سأل أبا بكر بن سليمان بن أبي حَثْمة: لأيّ شيءٍ كان يُكتَب: من خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عهد أبي بكر، ثم كان عُمر يكتبُ أولًا: من خليفة أبي بكر، فمن أولُ من كَتَبَ من أمير المؤمنين؟ قال: حدثتني الشِّفاءُ، وكانت من المهاجِرات الأُوَل: أنَّ عمر بن الخطاب كتب إلى عامِلِ العراق بأن يبعثَ إليه رجلَين جَلْدَين يسألُهما عن العراق وأهلِه، فبعثَ عاملُ العراقِ بلَبيدِ بن ربيعةَ وعَديّ بن حاتم، فلما قدما المدينةَ أناخا راحلتَيهما بفِناءِ المسجدِ، ثم دخلا المسجدَ،

(1)

إسناده حسن من أجل عاصم: وهو ابن أبي النُّجود، ويُعرف أيضًا بابن بهدلة. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، وزِرٌّ: هو ابن حُبيش.

وأخرجه عبد العزيز بن أحمد الكِتَّاني في "مسلسل العيدين"(18) من طريق الوليد بن مسلم، عن شيبان النحوي به.

وأخرجه ابن سعد 3/ 301، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 403 - 404، والطبري في "تاريخه" 4/ 196، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 19 و 20 من طرق عن عاصم بن بهدلة به.

والآدَمُ: ما كان لونه بين البياض والسواد، وهو الأسمر.

وأعسرُ يَسَرٌ: هو مَن يعمل بيديه جميعًا سواء.

والبُرْد القِطْري: نسبة إلى قَطَر، والأصل أنَّ النسبة إليها بفتح القاف والطاء، ولكن العرب يخففونها فيكسرون القاف ويسكنون الطاء. وهو ضرب من البُرود فيها حُمرة.

ص: 447

فإذا هما بعَمرو بن العاص، فقالا: استأذِن لنا يا عمرو على أمير المؤمنين، فقال عمرو: أنتما والله أصبتُما اسمَه، هو الأمير، ونحن المؤمنون، فوَثَب عمرٌو فدخل على عُمرَ، فقال: السلامُ عليك يا أميرَ المؤمنين، فقال عُمر ما بَدَا لك في هذا الاسم يا ابنَ العاص؟ ربّي يعلمُ لَتَخرُجَنّ مما قلتَ قال: إنَّ لبيدَ بن ربَيعةَ وعَديَّ بن حاتم قَدِمَا فأناخا راحلتَيهما بفِناء المسجد، ثم دخلا عليَّ فقالا لي: استأذِنْ لنا يا عَمرو على أمير المؤمنين، فهما واللهِ أصابا اسمَك، نحن المؤمنون وأنت أميرُنا. قال: فمضى به الكتابُ من يومئذٍ. قال: وكانت الشِّفاءُ جدّةَ أبي بكر بن سليمان

(1)

.

4531 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، حدثنا أيوب الطائي، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شِهَابٍ، قال: لما قَدِمَ عمرُ الشامَ عرضَتْ له مَخاضَةٌ، فنزل عمر عن بعيره ونزعَ خُفَّيه - أو قال: مُوقَيهِ - وأخذ بخُطامِ راحِلتِه ثم خاضَ المَخاضةَ، فقال له أبو عُبيدة بن الجرّاح: لقد فعلتَ يا أمير المؤمنين فعلًا عظيمًا عند أهل الأرض؛ نَزَعْتَ خُفَّيك وقُدْتَ راحِلتك وخُضْتَ المَخاضةَ، قال: فصَكَّ عمرُ بيده في صدرِ أبي عُبيدة، فقال: أَوْهِ لو غيرُك يقولُها يا أبا عُبيدة، أنتم كنتُم أقلَّ الناس وأذلَّ الناسِ، فأعزّكُم اللهُ بالإسلام، فمهما تَطلبُوا العزةَ بغيرِه يُذلَّكُم اللهُ تعالى

(2)

.

4532 -

وأخبرنا أبو بكر، أخبرنا أبو المثنّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا أبو الأحوَص،

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(1023)، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 678، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(68)، والطبراني في "الكبير"(48)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(210)، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 75 - 77، وفي "الاستيعاب"(1697) ص 476، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 260 و 261 و 262 و 263، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 667 من طرق عن يعقوب بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح، وقد تقدَّم برقم (208) من طريق علي بن المديني عن سفيان: وهو ابن عيينة، وبرقم (209) من طريق الأعمش عن قيس بن مسلم.

ص: 448

حدثنا مسلمٌ الأعور، عن أبي وائل، قال: غزوتُ مع عمرَ الشامَ، فنزلنا منزلًا، فجاء دِهقانُ يَستدِلُّ على أمير المؤمنين، حتى أتاهُ، فلما رأى الدِّهقانُ عمرَ سَجَدَ، فقال عمر: ما هذا السجود؟! فقال: هكذا نفعل بالمُلوك، فقال عمر: اسجُدْ لربك الذي خلقك، فقال: يا أمير المؤمنين، إني قد صنعتُ لك طعامًا فأْتِني، قال: فقال عمر: هل في بيتك من تَصاوير العَجَم؟ قال: نعم، قال: لا حاجةَ لي في بيتك، ولكن انطلِقْ فابعَثْ لنا بلَونٍ من الطعام ولا تَزِدْنا عليه، قال: فانطلق فبعثَ إليه بطعامٍ، فأكل منه، ثم قال عمر الغلامه: هل في إداوَتِك شيءٌ من ذلك النَّبيذ؟ قال: نعم، فَآتَاهُ فصبَّه في إناء، ثم شَمَّه فوجده مُنكرَ الريحِ، فصَبَّ عليه ماءً، ثم شَمَّه فوجده مُنكرَ الريح، فصَبَّ عليه الماءَ ثلاث مرات، ثم شَرِبه، ثم قال: إذا رابَكُم مِن شرابِكُم شيءٌ فافعَلُوا به هكذا، ثم قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تَلْبَسُوا الدِّيباجَ والحَريرَ، ولا تَشربُوا في آنيةِ الفضة والذهب، فإنها لهم في الدُّنيا، ولنا في الآخِرة"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، مسلم الأعور - وهو ابن كيسان - قال الذهبي في "تلخيصه": مسلم تركوه. قلنا: واختُلف عليه أيضًا، فرواه جَرير بن عبد الحميد عنه عن أبي وائل عن رجل من قومه عن عمر، فإذا صحَّ ذلك كان في الإسناد رجل مبهم أيضًا.

على أنَّ سليمان الأعمش الحافظ الثقة قد خالف فيه مسلمًا الأعور، فروى المرفوع الذي في آخره في الديباج والحرير وآنية الذهب والفضة، عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان، وهو الصحيح، فقد قال الدارقطني في "العلل" (189): هو أَولى بالصواب.

قلنا: ويؤيده وروده عن حذيفة من غير وجه كما سيأتي: أنه قاله وهو بالمدائن لما جاءه دهقانٌ بإناء من فضة.

أبو الأحوص: هو سلّام بن سُليم، وأبو وائل: هو شقيق بن سَلَمة.

وهو في "مسند مسدّد" كما في "المطالب العالية"(831).

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 68/ 107 من طريق جرير بن عبد الحميد، عن مسلم الملائي الأعور، عن أبي وائل عن رجل من قومه، قال: غزونا مع عمر

وأخرج منه آخره المرفوع في ذكر الحرير والديباج والفضة والذهب: ابن سعد في "طبقاته" 8/ 217 عن عفان بن مسلم، عن أبي الأحوص به. =

ص: 449

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وخالف مسلمًا في هذا القدر من الحديث سليمانُ الأعمش:

فأخرجه البزار (2876) و (2877) و (2902)، والحسين بن إسماعيل المحاملي في "أماليه" برواية ابن يحيى البيّع (387)، وابن حبان (5343)، وأبو نُعيم في "الحلية" 5/ 85، والخطيب في "تاريخ بغداد" 13/ 368 من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان. فجعله من مسند حذيفة بن اليمان.

وقد رُوي عن حذيفة من غير وجه، فهو الصحيح بلا ريب:

فقد أخرجه أحمد 38 (23269)، والبخاري (5426) و (5632) و (5633) و (5831) و (5837)، ومسلم (2607)، وأبو داود (3723)، وابن ماجه (3414) و (3590)، والترمذي (1878)، والنسائي (6597) و (6841) و (6842) و (9542)، وابن حبان (5343) من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، ومسلم (2067)، والنسائي (9542)، وابن حبان (5339) من طريق عبد الله بن عُكيم كلاهما عن حذيفة بن اليمان. وعند بعضهم: أن حذيفة إنما قال ذلك لما جاءه دهقانٌ بالمدائن بإناء من فضة ليشرب فيه.

على أنه قد صحَّ عن عمر بن الخطاب في النهي عن لبس الحرير والديباج وعن الشرب في آنية الذهب والفضة، فقد أخرج الهيثمُ بن كُليب كما في "مسند الفاروق" لابن كثير (151)، ومن طريقه أخرجه ضياء الدين المقدسي في "الأحاديث المختارة"(159) عن ابن المُنادي، عن وهب بن جَرِير، عن شعبة، عن أبي بكر بن حفص عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال شهدت عمر بن الخطاب دخل عليه عبد الرحمن بن عوف وعليه قميص من حرير، فقال له عمر: دَع هذا عنك، أو انزع هذا، فإنه ذكر يعني النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من لبس الحرير والديباج في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، ومن شرب في آنية الذهب والفضة في الدنيا لم يشرب منها في الآخرة"، وجَوَّد إسناده ابن كثير.

وصحَّ عن عمر بن الخطاب أيضًا في النهي عن لبس الحرير وحده من وجه آخر:

فقد أخرج أحمد 1 / (269)، ومسلم (2069)، والنسائي (9512) و (11280) من طريق عبد الله بن الزبير بن العوام، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا "تلبسوا الحرير، فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة".

وقد صحَّ عن عمر بن الخطاب أنه شرب النبيذ لدى دخوله الشام بعد أن طبخوه حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث، كما في حديث محمود بن لبيد عنه عند مالك 2/ 847 وعنه الشافعي في "الأم" 7/ 446.

وصحَّ عنه أيضًا أنه شرب النبيذ بعد أن كسره بالماء مرتين أو ثلاثًا، كما في مرسل سعيد بن المسيب عند ابن أبي شيبة 8/ 144، والنسائي (5196)، وقال ابن كثير في "مسند الفاروق" =

ص: 450

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4533 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا شَبَابة بن سَوّار، حدثنا المُبارك بن فَضَالة، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن ابن عبّاس

(1)

، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اللهم أيِّدِ الدِّين بعُمرَ بن الخطّاب"

(2)

.

= (713): إسناده جيد، وسعيد بن المسيب وإن كان لم يسمع كل ما رواه عن عمر، إلَّا أنه أعلم التابعين بأيام عمر وأحكامه.

وصحَّ عنه أنه أُتِيَ بنبيذ زبيب فشرب منه فقطّب فدعا بماء فصبَّه عليه، ثم شرب، كما رواه عنه همّام بن الحارث عند ابن أبي شيبة 8/ 226، وإسناده صحيح.

وصحَّ عنه أنه قال: اشربوا هذا النبيذ في هذه الأسقية، فإنه يقيم الصُّلْب ويهضم ما في البطن، وإنه لم يغلبكم ما وجدتم الماء. كما رواه عنه نافع بن عبد الحارث عند ابن أبي شيبة 8/ 228 بسند صحيح أيضًا.

وانظر لزامًا كلام الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 17/ 227 - 228.

وقد صحَّ كذلك تقديم الدهقان طعامًا لعمر بن الخطاب لمّا قدم الشام، كما رواه أسلم مولى عمر عنه، عند عبد الرزاق (1610) و (1611)، وابن أبي شيبة 8/ 291 و 13/ 41، والبخاري في "الأدب المفرد"(1248)، وابن المنذر في "الأوسط"(769)، والبيهقي 7/ 268. وفيه: أنَّ عمر قال له: إنا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها.

وصحَّ أيضًا من مرسل مجاهد إجابةُ عمر لما قدم الشام لدعوة الدِّهقان عند أحمد في "الزهد"(662)، وفيه أنه دعا عمر بن الخطاب وأصحابه، وأنَّ عمر قال للناس: من شاء منكم فليُجبه، وقال له: ابعث إليَّ برغيفين ولون واحدٍ من طعامك، ففعل.

(1)

سقط من (ب) ذكر ابن عباس، فأوهم أنه من مسند ابن عمر، وإنما رواه ابن عمر عن ابن عبّاس.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل المبارك بن فَضَالة - وهو ابن أمية البصري - وقد صرَّح بسماعه من عُبيد الله بن عمر عند الطبراني في "الأوسط"(579)، فانتفت شُبهة تدليسه.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 441 - 442 من طريق الحسن بن محمد الزعفراني، عن شبابة بن سوّار به. في قصة طعن المجوسي لعمر بن الخطاب ودخول ابن عبّاس على عمر وقوله له: جزاك الله خيرًا، قد دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يعزّ الله بك الدين، والمسلمون مختبؤون، فلما أسلمت أعزّ بك الدِّين. =

ص: 451

4534 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا المُبارك بن فَضَالة، عن عُبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، عن ابن عبّاس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:"اللهم أعِزَّ الإسلامَ بعُمرَ"

(1)

.

= وأخرجه بنحو هذا اللفظ ابن عساكر 28/ 44 من طريق نصر بن حماد، عن المبارك بن فضالة به.

وانظر ما بعده.

وأخرج الترمذي (3683) من طريق النضر أبي عمر، عن عكرمة عن ابن عبّاس، رفعه:"اللهم أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب"، وقال الترمذي: حديث غريب من هذا الوجه، وقد تكلم بعضهم في النضر أبي عمر قلنا: هو متروك ساقط.

ويشهد لحديث المبارك بن فضالة بنصّه حديثُ عائشة الآتي عند المصنف لاحقًا.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كسابقه.

وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(275) عن محمد بن غالب، بهذا الإسناد.

وأخرج ابن أبي عاصم في "السنة"(1263) عن الحسن بن علي الخلال، والطبراني في "الكبير"(10623)، وفي "الأوسط"(579)، ومن طريقه أبو موسى المديني في "اللطائف من دقائق المعارف"(15) عن أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري، والطبراني في "الكبير"(10623) عن محمد بن الفضل السَّقطي، ثلاثتهم عن سعيد بن سليمان الواسطي به بلفظ: دخل ابن عبّاس على عمر حين طُعن فقال: جزاك الله خيرًا، أليس قد دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن ينصر اللهُ بك الدينَ، والمسلمون مُختفُون بمكة. هذا لفظ الحسن بن علي الخلال ولفظ الباقين نحوه.

وأخرج أحمد 9 / (5696)، والترمذي (3681)، وابن حبان (6881) وغيرهم من طريق خارجة بن عبد الله الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اللهم أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجلين إليك: بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب"، فكان أحبهما إلى الله عمر بن الخطاب.

وصحَّحه الترمذي لأنه كان يذهب إلى توثيق خارجة المذكور، كما وقع في نسخة عندنا من "جامعه" بروايتي أبي حامد التاجر وأبي ذر الترمذي عن أبي عيسى الترمذي. وهو مختلف فيه فيُحسَّن حديثُه إذا لم يأتِ بما يُنكَر، وهو لم يأت هنا بمنكر، فلعلَّ هذا حديث آخر غير حديث ابن عمر عن ابن عبّاس لمغايرة ما بين ساقيهما.

ويشهد لسياق ابن عمر مرسلُ سعيد بن المسيب عند ابن سعد 3/ 247، وابن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 657، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 26، وسنده حسن، كما قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 4/ 590، ومراسيل سعيد بن المسيب حُجَّة لجلالته. =

ص: 452

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد صحَّ شاهده عن عائشة بنت الصِّدِّيق رضي الله عنهما:

4535 -

حدَّثَناه عبد الله بن جعفر الفارسي، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأُوَيسي، حدثنا الماجِشُون بن أبي سلمة، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم اقال:"اللهم أعِزَّ الإسلامَ بعُمرَ بن الخَطَّاب خاصّةً"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

ومَدارُ هذا الحديث على حديث الشَّعْبي عن مسروق عن عبد الله: "اللهم أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ الرجُلَين إليك"، وقد تفرَّد به مجالدُ بن سعيد عن الشَّعبْي، ولم أذكُرْ لمجالدٍ فيما قبلُ روايةً

(2)

:

4536 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عُبيد بن حاتم العجل الحافظ، حدثنا عمر بن محمد الأسَدي، حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن مُجالد، عن الشَّعْبي، عن مسروق، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم أعِزَّ الإسلام

= كما يشهد له حديث ابن مسعود الآتي عند المصنف لاحقًا، وإسناده ضعيف.

ومرسل عثمان بن الأرقم الآتي عند المصنف برقم (6250)، لكن الإسناد إليه ضعيف أيضًا.

وحديث خبّاب بن الأرتّ عند ابن سعد 3/ 248، والبزار (2119) وغيرهما، وإسناده ضعيف. ويشهد لسياق ابن عبّاس حديث عائشة الذي بعده.

(1)

إسناده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 11/ 90. الماجشون: هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، والماجشون لقب له.

وأخرجه ابن ماجه (105)، وابن حبان (6882) من طريق عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون، عن مسلم بن خالد الزنجي، عن هشام بن عُرْوة به ومسلم الزنجي ضعيف يُعتبر به في المتابعات والشواهد، فإسناده حسن لمتابعة عبد العزيز الماجشون له.

(2)

قد ذكر الحاكم لمجالدٍ روايةً عن الشَّعْبي فيما سلف برقم (4171) لكن من قوله، فلعله عنى هنا روايةً مسندةً.

ص: 453

بعُمرَ بن الخطّاب أو بأبي جَهْل بن هِشام"، فجعل الله دعوةَ رسوله صلى الله عليه وسلم لِعُمر، فبَنَى عليه مُلَك الإسلامِ، وهَدَمَ به الأوثانَ

(1)

.

4537 -

حدثني أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا عمر بن حفص السَّدُوسي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا المَسعُودي عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله، قال: والله ما استطعنا أن نصلِّيَ عند الكعبة ظاهِرينَ حتى أسلمَ عمرُ

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف مجالد - وهو ابن سعيد - لكن روي الحديث عن غير ابن مسعود كما تقدَّم بيانه عند الحديث رقم (4534). وقد رُوي عن ابن مسعود من وجه آخر عنه كلفظ حديث ابن عبّاس وعائشة.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(10314)، وأبو نُعيم في "تثبيت الإمامة"(78) من طريق محمد بن العباس الأصبهاني، عن عمر بن محمد الأسدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 7 / (4362) وغيره من طُرق عن المسعودي، عن أبي نهشل، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، كلفظ حديث ابن عبّاس وعائشة السابقين. وانفرد القاسم بن يزيد الجرمي في روايته عن المسعودي عند الطبراني في "الأوسط"(8253) وغيره، فذكر القاسم بن عبد الرحمن بدل أبي نهشل، وهو خطأ، وأبو نهشل المذكور مجهول.

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد لا بأس برجاله، لكن عاصم بن علي - وهو الواسطي - سماعهُ من المسعودي - وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عُتبة، بعد تَغيُّره، وقد روى هذا الخبرَ عنه أبو نُعيم الفضل بن دُكين ووكيع بن الجراح، وهما ممَّن سمع من المسعودي قبل تغيُّره، فلم يذكُرا عبد الرحمن والد القاسم وهو ابن عبد الله بن مسعود، وكذلك لم يذكره غيرهما ممن روى هذا الخبرَ عن المسعودي، وكذلك رواه مِسعَر بن كدام عن القاسم عن ابن مسعود، فهو المحفوظ، وإذ قد ثبت ذلك فإنَّ القاسم لم يُدرك جدَّه عبدَ الله بن مسعود، لكن روي ذلك عن ابن مسعود من وجه آخر صحيح، وسيأتي بمعناه أيضًا عند المصنف برقم (4540) بإسناد صحيح.

وأخرجه يونس بن بكير في زياداته على "السيرة النبوية" لابن إسحاق (229)، وأخرجه الآجري في "الشريعة"(1207) و (1352) من طريق يزيد بن هارون، والطبراني في "الكبير"(8806) من طريق أبي نعيم الفضل بن دُكَين، وأبو بكر الكلاباذي في "معاني الأخبار" ص 284، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 47 من طريق وكيع بن الجراح، وأبو بكر القَطِيعي في زياداته على "فضائل =

ص: 454

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4538 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو نُعيم وأبو حُذيفة قالا: حدثنا سُفيان، عن منصور، عن رِبعيّ بن حِراش، عن حذيفة قال: كان الإسلامُ في زمان عمر كالرجل المُقبِل لا يزدادُ إلَّا قُربًا، فلما قُتِلَ عمرُ كان كالرجل المُدبِر لا يزدادُ إِلَّا بُعدًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4539 -

أخبرنا عبد الله بن إسحاق بن الخُراساني العَدْل ببغداد، حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الحميد الجُعفي، حدثنا الفَضْل بن جُبَير الورَّاق، حدثنا إسماعيل بن زكريا الخُلْقاني، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب، عن أُبيّ بن كعب، قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أولُ مَن يُعانِقُه الحقُّ يومَ القيامة عمرُ، وأولُ من

= "الصحابة" لأحمد بن حنبل (482)، وابن عساكر 44/ 47 من طريق علي بن الجعد، خمستهم (يونس بن بكير ويزيد بن هارون وأبو نُعيم ووكيع وعلي بن الجعد) عن المسعودي، عن القاسم قال: قال عبد الله بن مسعود. لم يذكروا فيه عبد الرحمن والد القاسم.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 250، وابن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 661، والطبراني في "الكبير"(8820)، وابن الحطاب الرازي في "مشيخته"(81)، وابن عساكر 44/ 47، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 649 من طرق عن مسعر بن كِدام عن القاسم قال: قال عبد الله بن مسعود.

وأخرجه ابن سعد 3/ 250 عن محمد بن عُبيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن ابن مسعود، وإسناده صحيح.

(1)

إسناده صحيح. أبو نُعيم: هو الفضل بن دُكَين، وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النَّهدي، وسفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وحذيفة: هو ابن اليمان.

وأخرجه ابن سعد 3/ 346، وابن أبي شيبة 12/ 38، والبلاذري في "أنساب الأشراف 10/ 445، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "فضائل الصحابة" لأبيه (473)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 459 و 160، وأبو القاسم الرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" 3/ 285، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 649 من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

ص: 455

يُصافحه الحقُّ يومَ القيامة عمرُ، وأولُ من يُؤخَذُ بيده فيُنطَلَقُ به إلى الجنةِ عمرُ بن الخطاب"

(1)

.

4540 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا علي بن الحسن الهِلاليّ، حدثنا عبد الله بن الوليد العَدَني، حدثنا سُفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن ابن مسعود قال: ما زِلْنا أعِزّةً منذ أسلمَ عمر

(2)

.

(1)

موضوع، وقد حكم الذهبي في "تلخيص المستدرك" على هذا الخبر بالوضع، معللًا ذلك بوجود كذّاب في إسناده، ولم يُبيِّنه، وقد ظهر لنا من خلال حكمه في "التلخيص" على الحديث الآتي برقم (4605) أنه أراد به أحمد بن محمد بن عبد الحميد الجعفي، فالظاهر أنه تبع في ذلك محمدَ بنَ طاهر المقدسي، فقد نقل ابن الجوزي عنه في ترجمة أحمد هذا من "الضعفاء والمتروكين" (245) أنه قال فيه: حدَّث عن الثقات بالبواطيل. قلنا: لكن أحمد بن محمد المذكور وثقه الخطيب، وقال عنه الدارقطني: صالح الحديث، ولعلَّ العلة فيه هو الفضل بن جُبيَر الوراق، فقد قال العقيلي: لا يتابع على حديثه.

قلنا: قد تابعه داود بن عطاء المدني عند ابن ماجه (104) وغيره يرويه عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي بن كعب. ولكن داود بن عطاء هذا منكر الحديث كما قال البخاري وأبو زرعة وغيرهما، وقال أبو زرعة الرازي في "سؤالات البرذعي له" (918): خبر منكر، زاد الذهبي في ترجمة داود من "الميزان": جدًّا، وقال ابن كثير في "جامع المسانيد" (68): هذا الحديث منكر جدًّا وما أُبعِد أن يكون موضوعًا، والآفة فيه من داود بن عطاء هذا.

وله طريق أخرى عن ابن شهاب عند ابن عساكر 44/ 158 فيها رجل كذاب وآخر ضعيف كما نبَّه عليه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(309).

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد الله بن الوليد العَدَني، وقد توبع. سفيان: هو الثوري.

وأخرجه البخاري (3863) عن محمد بن كثير، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه البخاري أيضًا (3684) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وابن حبان (6880) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد به. =

ص: 456

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!

4541 -

حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان، حدثنا عبد الله بن خراش، أخبرنا العوّام بن حَوشَب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما أسلمَ عمرُ أتاني جبريلُ عليه السلام، فقال: قد استبشَرَ أهل السماء بإسلامِ عُمرَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4542 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري وأبو محمد بن سعد الحافظ، قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا النُّفَيلي، حدثنا خالد بن أبي بكر بن عُبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ صَدْرَ عُمر بن الخطاب بيده حين أسلمَ ثلاث مرات، وهو يقول: "اللهمَّ أخرِجْ ما في صدْرِه من غِلٍّ وأبدِلْه إيمانًا، يقول ذلك ثلاثًا

(2)

.

= وانظر ما تقدم برقم (4537).

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل عبد الله بن خراش، فهو متَّفقٌ على ضعفه، كما قال البُوصيري في "مصباح الزجاجة"(38)، خلافًا لما يُوهمه صنيع الذهبي في "تلخيصه" حيث اقتصر على ذكر تضعيف الدارقطني له بل قد اتهمه الساجيُّ بوضع الحديث وكذَّبه ابن عمار.

هذا ولا يحفظ ذكر سعيد بن جُبَير في هذا الخبر، فإنَّ جميع من رواه عن عبد الله عن عمر بن أبان، وكذا مَن رواه عن عبد الله بن خراش، إنما ذكروا مجاهد بن جَبْر مكانه، فهو المحفوظ.

وأخرجه ابن ماجه (103) عن إسماعيل بن محمد الطَّلْحي، وابن حبان (6883) من طريق محمد بن عُقبة السدوسي، كلاهما عن عبد الله بن خراش، عن عمه العوّام بن حوشب، عن مجاهد، عن ابن عبّاس.

(2)

إسناده ضعيف من أجل خالد بن أبي بكر بن عُبيد الله العمري، فإنَّ له مناكير كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وهي عبارة البخاري، وقال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال أبو حاتم: يُكتب حديثُه. قلنا: يعني اعتبارًا في المتابعات والشواهد، ولم يتابع على حديثه هذا، وقال ابن حبان وقد ذكره في "الثقات": يخطئ. وتعجَّب الإمام أحمد من رواية خالد له عن سالم - وهو ابن =

ص: 457

هذا حديث صحيح مُستقيم الإسناد، ولم يُخرجاه.

4543 -

حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفقيه وأبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد وعلي بن حَمْشاذَ العدل، قالوا: حَدَّثَنَا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حَدَّثَنَا سليمان بن حرب، حَدَّثَنَا حماد بن زيد، عن محمد بن إسحاق، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قاتَلَ عمرُ المشركين في مسجد مكة، فلم يَزَلْ يقاتِلُهم منذ غُدوةٍ حتَّى صارت الشمسُ حِيالَ رأسِه، قال: أَعيا وقَعَدَ، فدخل رجلٌ عليه بُردٌ أحمرُ وقَميصٌ قُومَسِيّ، حسنُ الوجهِ، فجاء حتَّى أفرجَهم، فقال: ما تُريدون مِن هذا الرجُل؟ قالوا: لا والله، إلَّا أنه صَبَأَ، قال: فنِعْمَ رجلٌ اختارَ لنفسه دِينًا، دَعُوه وما اختارَ لنفسِه، تَرَون بني عَدِيّ تَرضى أن يُقتل عمر، لا والله لا ترضى بنو عَديّ، قال: وقال عمر يومئذ: يا أعداء الله، والله لو قد بَلَغْنا ثلاثَ مئةٍ لقد أخرجناكم منها، قلت لأبي بعدُ: مَن ذاكَ الرجلُ الذي رَدَّهم عنك يومئذٍ؟ قال: ذاك العاصُ بن وائلٍ أَبُو

(1)

عمرِو بن العاص

(2)

.

= عبد الله بن عمر - مباشرة، كما في "منتخب علل الخلال" (104). النُّفيلي: هو أبو جعفر عبد الله بن محمد الحَرَّاني.

وأخرجه الخَلّال في "علله" كما في "منتخبه" لابن قدامة (104)، والطبراني في "الكبير"(13191)، وفي "الأوسط"(1096)، وابن المقرئ في "معجمه"(1244)، وأبو القاسم الأصبهاني في "دلائل النبوة"(58)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 38 من طرق عن أبي جعفر النُّفَيلي، بهذا الإسناد.

(1)

في (ز) و (م): أب عمرو. بحذف الواو، وذلك جائز بنُدرة في كلام العرب، ومنه قول الشاعر:

بأَبِهِ اقتدى عَديٌّ في الكرمْ

ومن يُشابِهْ أبَهُ فما ظَلَمْ

وانظر "شرح ابن عَقيل على ألفية ابن مالك" 1/ 50.

(2)

إسناده حسن، وهذا خبر رواه محمد بن إسحاق - وهو ابن يُسار المُطَّلبي - عن عُبيد الله بن عمر عن نافع، كما وقع في رواية سليمان بن حرب عنه عند المصنّف وغيره، ورواه غير سليمان بن حرب عن محمد بن إسحاق عن نافع مباشرة دون واسطة بينهما، وصرَّح ابن إسحاق بسماعه من نافع في رواية يونس بن بُكير وزياد بن عبد الله البَكّائي وجَرير بن حازم عنه، ومعنى =

ص: 458

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4544 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا العباس بن الفضل الأسفاطي، حَدَّثَنَا يحيى بن عبد الحميد، حَدَّثَنَا أبي، عن النضر أبي عمر الخَزّاز، عن عِكْرمة، عن ابن عبّاس، قال: لما أسلم عمرُ قال المشركون: اليومَ انتُصِفَ منا

(1)

.

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= ذلك أنَّ ابن إسحاق سمعه من عُبيد الله بن عمر، ثم سمعه بعد ذلك من نافع، فكلا روايتي ابن إسحاق محفوظتان، ويؤيده اختلافُ ما بين السياقين في بعض الحروف، والله أعلم.

وأخرجه الطبراني في "الكبرى"(83)، وفي "الأوسط"(2367) عن أبي مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجّي، عن سليمان بن حرب، بهذا الإسناد مختصرًا بسؤال ابن عمر لأبيه عمَّن خلَّصه من أيدي المشركين يوم ضربوه.

وأخرجه بنحوه ابن إسحاق في "السيرة النبوية" برواية يونس بن بكير (226) ورواية زياد البكائي كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 348 - 349 قال: حدثني نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر. فلم يذكرا في إسناده عُبيد الله بن عمر، وكذلك أخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة"(372 ب) من طريق إبراهيم بن سعد، والبزار (156) من طريق عبد الله بن إدريس، وابن حبان (6879) من طريق جَرير بن حازم، وضياء الدين المقدسي في "المختارة"(226) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، أربعتهم عن محمد بن إسحاق، عن نافع عن ابن عمر. وقال ابن كثير في "البداية والنهاية 4/ 21: إسناده جيّد قوي.

والقميص القُومسيّ: قميص منسوب لقومس، وهو إقليم صغير في محاذاة جبال البرز وجنوبي شرقي إقليم طبرستان جنوب بحر قزوين.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل النضر أبي عمر الخَزّاز - وهو ابن عبد الرحمن - فهو متروك الحديث، ويحيى بن عبد الحميد - وهو ابن عبد الرحمن الحمّاني - ضعيف لكنه متابع.

وأخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "فضائل الصحابة"(308) والبزار كما في "كشف الأستار"(2495)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1404)، والآجري في "الشريعة"(1348)، والطبراني في "الكبير"[1659]، وأبو نُعيم الأصبهاني في "تثبيت الإمامة"(93)، والخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه" 1/ 475، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 44 من طرق عن أبي يحيى الحماني، بهذا الإسناد.

ص: 459

4545 -

أخبرني عبد الله الله بن محمد بن إسحاق الخُزاعي بمكة، حَدَّثَنَا أبو يحيى بن أبي مَسَرّة، حَدَّثَنَا عبد الله بن يزيد المُقرئ، حَدَّثَنَا حَيْوة بن شُرَيح، عن بكر بن عمرو، عن مِشْرَح بن هاعَان، عن عُقبة بن عامر قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لو كان بَعدي، نبيٌّ لكان عمرَ بنَ الخطاب"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4546 -

حَدَّثَنَا أبو الحسن محمد بن الحسن العَدْل، حَدَّثَنَا علي بن عبد العزيز، حَدَّثَنَا عمرو بن عَون، حَدَّثَنَا مُعتمر بن سليمان، حَدَّثَنَا عُبيد الله بن عمر، أنه سمع أبا بكر بن سالم يحدِّث عن أبيه، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إني رأيتُ في النوم أني أُعطِيتُ عُسًّا مملُوءًا لبنًا، فشربتُ منه حتَّى تَملّأتُ، حتَّى رأيتُه في عِرْقٍ بين الجِلد واللحم، ففضَلَتْ فَضْلةٌ فأعطيتُها عمرَ بنَ الخطّاب" فقالوا: يا نبيَّ الله، هذا علمٌ أعطاكَه اللهُ فملأتَ منه، ففضَلَتْ فَضْلةٌ وأعطيتَها عمرَ بنَ الخطاب، فقال:"أصَبتُم"

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل بكر بن عمرو - وهو المعافري - ومِشْرح بن هاعان.

وأخرجه أحمد 28/ (17405) عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (3686) عن سلمة بن شبيب، عن عبد الله بن يزيد المقرئ، به وقال: هذا حديث حسن غريب.

(2)

إسناد جيد من أجل أبي بكر بن سالم - وهو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب - وفي رواية غيره أنَّ الذي أوّل المنام بالعلم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أصحابه، وهو المحفوظ.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(13155) عن علي بن عبد العزيز، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "فضائل الصحابة" لأبيه (319) عن محمد بن أبي بكر بن علي المقدَّمي، عن معتمر بن سليمان، به غير أنه شكَّ فقال: بكر أو أبي بكر بن سالم.

وأخرجه ابن حبان (6854) من طريق عبد الله بن الصباح العطّار، عن معتمر بن سليمان، عن عُبيد الله بن عمر، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه. فلم يذكر عبد الله بن الصبّاح في إسناده أبا بكر بن سالم، وذكر في الحديث أبا بكر الصديق بدلٌ عمر بن الخطاب، مع أنَّ عبد الله بن الصبَّاح =

ص: 460

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4547 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا السَّرِي بن يحيى، حَدَّثَنَا أحمد بن يونس، حَدَّثَنَا زائدة، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: لو وُضِعَ علمُ عمرَ في كِفَّةِ مِيزانٍ، ووُضِع علمُ الناس في الكِفَّة الأُخرى، لرَجَحَ عِلمُ عمر

(1)

.

= ثقة، لكن روايته شاذّة، فقد خالفه عمرو بن عون ومحمد بن أبي بكر المقدَّمي، وهما ثقتان حافظان، فالقول قولهما.

على أنَّ هذا الخبر ثابت محفوظ في فضائل عمر الفاروق، إذ رواه الزُّهْري أيضًا عن سالم، ورواه الزُّهْري كذلك عن حمزة بن عبد الله بن عمر، كلاهما يرويه عن أبيه، بذكر عمر بن الخطاب وليس بذكر أبي بكر الصديق.

فقد أخرجه بنحوه أحمد 10 / (6343)، والنسائي (5807) و (7591) و (8068) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه. لكن فيه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَوَّلَه بالعلم، وليس الصحابة.

وأخرجه كذلك أحمد 9 / (5554) و 10/ (5868) و (6162) و (4626)، والبخاري (82) و (3681) و (7006) و (7007) و (7027) و (7032)، ومسلم (2391)، والترمذي (2284) و (3687)، والنسائي (5806) و (7590) و (7595) و (8069)، وابن حبان (6878) من طرق عن الزُّهْري، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه. وفيه أيضًا أنَّ الذي أوّله بالعلم هو رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لا غيره.

(1)

إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قدامة والأعمش هو سليمان بن مهران، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة، وعبد الله: هو ابن مسعود.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(8808) من طريق معاوية بن عمرو، عن زائدة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو خيثمة زهير بن حرب في "العلم"(60)، وابن سعد 2/ 390، وابن أبي شيبة 12/ 32، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 46 والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 296، وأبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص 491، والطبراني (8809)، وأبو نُعيم في "تثبيت الإمامة (72)، والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى" (70)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 283 و 284، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 652 من طرق عن الأعمش، به. زاد الطبراني =

ص: 461

هذا حديثٌ صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4548 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا بِشر بن موسى، حَدَّثَنَا خلّاد بن يحيى، حَدَّثَنَا مِسعَر، عن عبد الملك بن عُمير، عن زيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود، قال: إنَّ عمر كان أتقانا للربِّ، وأقرأَنا لكتاب الله عز وجل

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4549 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا الرَبيع بن سليمان، حَدَّثَنَا شعيب بن الليث، حَدَّثَنَا أبي.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبيد بن عبد الواحد، حَدَّثَنَا ابن أبي مَريم، أخبرنا الليث بن سعد ويحيى بن أيوب، قالا: حَدَّثَنَا ابن عَجْلان، عن سعد ابن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

= في روايته وهي من طريق وكيع عن الأعمش: قال الأعمش فأنكرت ذلك فأتيت إبراهيم (يريد النخعي فذكرته له فقال: وما أنكرتَ من ذلك؟! فوالله لقد قال عبد الله أفضل من ذلك، قال: إني لأحسب تسعة أعشار العلم ذهب يوم ذهب عمر رضي الله عنه.

(1)

إسناده صحيح. مِسعر هو ابن كِدام:

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(8802) عن بشر بن موسى، بهذا الإسناد. لكن جاء في المطبوع: عبد الملك بن ميسرة، بدل عبد الملك بن عمير، وهو خطأ، فقد رواه غير واحدٍ عن عبد الملك بن عمير.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 26، والطبراني (8803)، وابن عساكر 44/ 374 من طريق زائدة بن قدامة، وأبو نُعيم في "تثبيت الإمامة"(77) من طريق جَرير بن عبد الحميد، وابن عساكر 44/ 373 - 374 من طريق عُبيد الله بن عمرو الرقي، ثلاثتهم عن عبد الملك بن عمير، به. غير أنه وقع في رواية جَرير بن عبد الحميد: عبد الله بن عمر، بدلٌ عبد الله بن مسعود، والظاهر أنَّ ذلك مِن بعض مَن روى الخبر ممّن دون جَرير بن عبد الحميد.

وزاد هؤلاء الثلاثة في روايتهم: "كان أعلمنا بالله"، وقال زائدةُ وعُبيد الله: و "أفقهنا في دين الله" بدل: "أتقانا للرب".

ص: 462

"كان في الأمم مُحدَّثون، فإنْ يكنْ في أمتي أحدٌ، فعمرُ بنُ الخَطَّاب"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مُسلم، ولم يُخرجاه.

4550 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا العباس بن محمد الدُّوري، حَدَّثَنَا أحمد بن يونس، حَدَّثَنَا أبو شِهاب، حَدَّثَنَا محمد بن واسِع، عن سعيد بن جُبَير، عن أبي الدرداء، قال: خطب رسول الله خُطبة خَفِيفةً، فلما فَرَغَ مِن خُطبتِه قال:"يا أبا بكر، قُمْ فاخطُبْ"، فقام أبو بكر فخطب، فقصَّر دُون النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ أبو بكر

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبيد بن عبد الواحد وابن عجلان - وهو محمد - وقد توبعا. ابن أبي مريم هو سعيد بن الحكم، ويحيى بن أيوب: هو المصري.

وأخرجه مسلم (2398)، والترمذي (3693)، والنسائي (8065) عن قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 40 / (24285) عن يحيى بن سعيد القطان، ومسلم (2398)، وابن حبان (6894) من طريق سفيان بن عُيينة، كلاهما عن ابن عجلان، به.

وأخرجه مسلم أيضًا من طريق عبد الله بن وهب، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه سعد بن إبراهيم، به. وقال ابن وهب في آخر الحديث: تفسير محدَّثون: مُلهَمُون.

وأخرجه البخاري (3469) عن عبد العزيز بن عبد الله، و (3689) عن يحيى بن قزعة، كلاهما عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وعَلَّقه البخاريُّ أيضًا عن زكريا بن أبي زائدة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. فجعلُوه من مسند أبي هريرة لا من مسند عائشة. قال أبو مسعود الدمشقي فيما نقله عنه الحافظ في "فتح الباري" 11/ 96: كأنَّ أبا سلمة سمعه من عائشة ومن أبي هريرة جميعًا.

وقال الحافظ: وله أصل من حديث عائشة أخرجه ابن سعد من طريق ابن أبي عتيق عنها. قلنا: هو عند ابن سعد 2/ 290، وابن أبي عاصم في "السنة"(1262)، والطبراني في "الأوسط"(9137)، وأبي بكر القطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (518)، وابن عساكر 44/ 95 من طريقين عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن عائشة.

وإسناده حسن، ولفظه:"ما من نبي قطُّ إلّا وفي أمته معلَّم أو معلَّمان، وإن يكن في أمتي منهم أحدٌ فهو عمر بن الخطاب، إنَّ الحق على لسان عمر وقلبه". والمُعلَّم: المُلهَم بالصواب والخير، فهو كالمُحدَّث سواء.

ص: 463

من خُطبته، قال:"يا عمرُ، قُمْ فاخطُبْ"، فقام عمر فقصَّر دون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ودون أبي بكر

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4551 -

حَدَّثَنَا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حَدَّثَنَا عَبْدانُ الأهوازِيّ، حَدَّثَنَا هارون بن إسحاق الهَمْداني، حَدَّثَنَا أبو خالد الأحمر، عن هشام بن الغازِ وابن عَجْلان ومحمد بن إسحاق، عن مكحول، عن غُضَيف بن الحارث، عن أبي ذر، قال: مَرَّ فتًى على عُمر، فقال عمر: نِعمَ الفتى، قال فتبعَه أبو ذَرٍّ، فقال: يا فتى، استغفِرْ لي، فقال: يا أبا ذر أستغفرُ لك وأنت صاحبُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: استغفِرْ لي، قال: لا أوْ تُخبرَني، فقال: إنكَ مَررتَ على عُمر، فقال: نِعمَ الفتى، وإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إنَّ الله جعل الحقَّ على لسانِ عمر وقَلْبِه"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن سعيد بن جُبَير لم يدرك أبا الدرداء كما قال ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 122 وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه".

وقد روى هذا الخبر عليُّ بن محمد بن سعيد الثقفي، عن أحمد بن يونس - وهو أحمد بن عبد الله بن يونس - عن أبي شهاب - وهو عبد ربه بن نافع الحَنّاط - عن محتسب بن عبد الرحمن البصري، عن محمد بن واسع، عن ابن جبير، عن أبي الدرداء. أخرجه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(4482)، ومن طريقه ابن عساكر 33/ 121. فزاد علي بن محمد الثقفي فيه بين أبي شهاب ومحمد بن واسعٍ محتسبًا البصري الأعمى. وعلي بن محمد الثقفي هذا ليس بذاك المشهور في الرواية، ذكره أبو الشيخ وأبو نعيم في محدِّثي أصبهان.

لكن رواه محمد بن جعفر الوَرْكاني - وهو ثقة - عند ابن عساكر 33/ 121 - 122 عن أبي شهاب، عن محتسب الأعمى أيضًا، عن محمد بن واسع، به.

فإن كان ذكرُ محتسب فيه محفوظًا، فإن محتسبًا هذا ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 8/ 439 ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في "الثقات"، إِلَّا أَنَّ الذهبي ليَّنه في "ميزان الاعتدال"، وذكر في "ديوان الضعفاء" أن له مناكير.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من جهة محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار المطَّلبي مولاهم - وحده، وقد صرَّح بسماعه من مكحول عند يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" =

ص: 464

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

4552 -

حَدَّثَنَا أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن مُكرَم البزَّاز، ببغداد، حَدَّثَنَا جعفر بن أبي عثمان الطَّيالسي، حَدَّثَنَا إسحاق بن محمد الفَرْوي، حَدَّثَنَا عبد الملك بن قُدامة الجُمَحي، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر: أنَّ عمر بن الخطّاب جاء والصلاةُ قائمةٌ، ونفرٌ ثلاثةٌ جلوسٌ، أحدُهم أبو جَحْش اللَّيثي، قال: قومُوا فصلُّوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام اثنان وأبى أبو جَحْش أن يقوم، فقال

= 1/ 461، فانتفت شبهة تدليسهِ. وقد أخطأ أبو خالد الأحمر - وهو سليمان بن حيّان - في وصل الحديث من رواية هشامِ بن الغاز وابنِ عجلان - وهو محمد - كما نبَّه عليه الدارقطني في "العلل" (1116) فقال: أحسب أبا خالد حمل حديث هشام بن الغاز وابن عجلان على حديث محمد بن إسحاق فجوَّدَ إسناده، لأنَّ غيره يرويه عن هشام بن الغاز وعن محمد بن عجلان عن مكحول مرسلًا عن أبي ذرّ

وقال وكيع: عن هشام بن الغاز عن مكحول عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، لم يذكر أبا ذرّ. ثم قال الدارقطني: محمد بن إسحاق أقام إسنادَه عن مكحول.

قلنا: وفي إسناد أبي خالد الأحمر إشكالٌ آخر، وهو قوله: عن غُضيف بن الحارث، عن أبي ذَرٍّ قال: مرَّ فتًى على عمر

مع أنَّ جميع من روى هذه القصة عن محمد بن إسحاق قالوا في روايتهم: عن غُضيف بن الحارث، قال مررتُ بعمر بن الخطّاب، فذكب قصته مع أبي ذرٍّ وما قاله له أبو ذرٍّ في شأن عمر. ولكن هذا خطبُه هيِّن، فيُحمل ما وقع في رواية أبي خالد هنا على أنَّ قول غُضيف: عن أبي ذرٍّ، معناه عن قصة أبي ذرٍّ معي وما قاله لي وأخبرني به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن عمر، ويكون غضيف قد أبهم نفسه في هذه الرواية تواضعًا منه، فتتفق بذلك رواية أبي خالد عن ابن إسحاق مع رواية غيره عنه، والله أعلم. وقد صحَّ هذا الخبر من وجه آخر عن غضيف بن الحارث أنه مرَّ بعمر بن الخطاب، فذكر القصة.

وأخرجه أحمد 35/ (21457) عن يزيد بن هارون، و (21542) عن يعلى بن عُبيد، وأبو داود (2962) من طريق زهير بن معاوية، وابن ماجه (108) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، أربعتهم عن محمد بن إسحاق، به. غير أنَّ زهيرًا وعبد الأعلى اقتصرا في روايتهما على المرفوع، ولم يذكرا القصة.

وأخرجه أحمد (21295) من طريق حماد بن سلمة، عن أبي العلاء بُرد بن أبي زياد، عن عبادة بن نُسيّ، عن غُضيف بن الحارث: أنه مرَّ بعمر

فذكره. وإسناده صحيح.

ص: 465

له عمر: صلِّ يا أبا جحش مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: لا أقومُ حتَّى يأتيَني رجلٌ هو أقوى مني ذراعَين

(1)

، وأشدُّ مني بَطْشًا فيصرعَني، ثم يَدُسَّ وجهيَ في التراب، قال عمر: فقمتُ إليه، فكنتُ أشدَّ منه ذراعًا، وأقوى بطشًا، فصرعتُه، ثم دَسَستُ وجهَه في التراب، فأتى عليَّ عثمانُ فحَجَزَني، فخرج عمر بن الخطاب مُغضَبًا حتَّى انتهى إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فلما رآه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ورأى الغضبَ في وجهه، قال:"ما رابَك يا أبا حفص؟ " فقال: يا رسول الله، أتيتُ على نفرٍ جلوسٍ على باب المسجد، وقد أُقيمتِ الصلاةُ وفيهم أبو جَحْش اللَّيثي، فقام الرجلان، فأعاد الحديثَ، ثم قال عمر: والله يا رسول الله، ما كانت معونةُ عثمانَ إياه إلَّا أنه ضافَه ليلةً، فأحبَّ أن يَشكُرَها له، فسمعه عثمان فقال: يا رسول الله، ألا تسمعُ ما يقول لنا عمرُ عندك؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن رِضًا عمرَ، رحمةٌ واللهِ لودِدْتُ أنك كنتَ جئتَني برأس الخبيثِ" فقام عمر، فلما بعُدَ ناداه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:"هلُمَّ يا عمر؛ أين أردتَ أن تذهبَ؟ " فقال: أردتُ أن آتيَك برأس الخَبيث، فقال: "اجلس حتَّى أُخبرَك بغِنَى الربِّ عن صلاة أبي جَحْش اللَّيثي:

إنَّ الله في سمائه الدُّنيا ملائكةً خشوعًا لا يرفعون رؤوسهم حتَّى تقوم الساعةُ، فإذا قامتِ الساعةُ رفعوا رؤوسهم قالوا: ربَّنا ما عَبدْناك حقَّ عبادتِك، وإنَّ لله في سمائه الثانية ملائكةً سجُودًا، لا يرفعون رؤوسهم حتَّى تقوم الساعةُ، فإذا قامت الساعةُ رفعوا رؤوسهم، ثم قالوا ربَّنا ما عَبدْناك حقَّ عبادتك" [وإنَّ الله في سمائه الثالثة ملائكة رُكُوعًا لا يرفعون رؤوسهم حتَّى تقوم الساعةُ، فإذا قامتِ الساعةُ رفعوا رؤوسهم وقالوا: ما عَبدْناك حقَّ عبادتك"]

(2)

، فقال له عمر بن الخطاب: وما يقولون يا رسول الله؟ قال: "أما أهلُ السماء الدُّنيا فيقولون: سبحانَ ذي المُلك والمَلَكُوتِ، وأما أهلُ السماء الثانية فيقولون: سبحانَ ذي العِزِّ والجَبَروت، وأما أهلُ السماء الثالثة

(1)

في (ص) و (م): ذراعًا.

(2)

ما بين المعقوفين زيادة أثبتناها من مصادر التخريج، ولا بدَّ منها.

ص: 466

فيقولون: سبحانَ الحيّ الذي لا يموت، فقُلها يا عمرُ في صلاتك" قال: يا رسول الله، فكيف بالذي علَّمتَني وأمرتَني أن أقولَه في صلاتي؛ قال:"قل هذه مرةً وهذه مرةً"؛ وكان الذي أمرَهُ به أن قال: "أعوذُ بعَفوِك من عِقابِكَ، وأعوذُ برِضاك من سَخَطِك، وأعوذُ بك منك، جَلَّ وجهُك"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

4553 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا الربيع بن سليمان، حَدَّثَنَا عبد الله بن وهب، أخبرني عمر بن محمد، أنَّ سالم بن عبد الله بن عمر حدَّثه عن عبد الله بن عمر قال: ما سمعتُ عمر بن الخطاب يقولُ لشيءٍ قطُّ: إني لأظنُّ كذا وكذا، إلَّا كان كما يَظُنُّ، بيْنا عمرُ بن الخطاب جالسٌ إذ مرَّ به رجلٌ جميلٌ، فقال له: أخطأ ظَنِّي أوْ إنك على دِينِك في الجاهلية، ولقد

(2)

كنت كاهنَهم، قال: ما رأيتُ كاليوم استُقبِلَ به رجلٌ مسلمٌ، قال عمر: فإني أعزِمُ عليكَ ألا أخبرتَني، قال: كنتُ كاهنَهم في الجاهلية، قال: فماذا أعجَبُ ما جاء بكَ؛ فذكر حديثًا طويلًا ليس له سنَد

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف ومتنه منكر، عبد الملك بن قدامة الجُمحي قال جماعة من أهل العلم: له عن ابن دينار مناكير، وقال الذهبي في "تلخيصه": منكر غريب، وما هو على شرط البخاري، عبد الملك ضعيف تفرَّد به. قلنا: والراوي عنه - وهو إسحاق بن محمد الفروي - فيه ضعفٌ أيضًا.

وأخرجه محمد بن نصر المَروَزي في "تعظيم قدر الصلاة"(256) عن محمد بن يحيى الذُّهْلي، وأبو الشيخ الأصبهاني في "العظمة"(534)، ومن طريقه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(6732) وابنُ الأثير في "أسد الغابة" 5/ 47 - 48 من طريق علي بن الحسن الهِسنجاني، كلاهما عن إسحاق بن محمد الفَرْوِي، بهذا الإسناد.

(2)

في (ص) و (م): وقد.

(3)

إسناده صحيح. عمر بن محمد: هو ابن زيد بن عبد الله بن عمر.

وأخرجه البخاري (3866) عن يحيى بن سليمان، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وذكر القصة التي أشار إليها المصنّف، إلّا أنه قال في روايته: أو لقد كان كاهنَهم. على التردُّد. =

ص: 467

4554 -

أخبرني محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني أبو عبد الله، حَدَّثَنَا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزُّبَيدي، حدثني عمرو بن الحارث الزُّبَيدي، حدثني عبد الله بن سالم الأشعَري، حدثني محمد بن الوليد بن عامر الزُّبَيدي، حَدَّثَنَا راشد بن سعد، أنَّ أبا راشِد حدثهم، يرُدُّه إلى مَعدِي كَرِبَ بن عبد كُلال، أنَّ عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سافَرْنا مع عمر بن الخطاب آخر سَفْرةٍ إلى الشام، فلما شارفَها أُخبِر أنَّ الطاعونَ فيها، فقيل له: يا أمير المؤمنين، لا ينبغي لك أن تَهجُمَ عليه، كما أنه لو وقَعَ وأنت بها ما كان لك أن تَخرُجَ منها، فرجَع مُتوجهًا إلى المدينة، قال: فبَينا نحن نسيرُ بالليل إذ قال لي: اعرِضْ عن الطَّريق، فعَرَض وعَرضْتُ، فنزلَ عن راحِلَته، ثم وَضَع رأسَه على ذِراع جمَلِه، فنام ولم أستطع أنامُ، ثم ذهب يقول لي: ما لي ولهم رَدُّوني عن الشام! ثم ركبَ فلم أسأله عن شيء، حتَّى إذا ظننتُ أنّا مُخالِطو الناسِ قلتُ له: لِمَ قلتَ ما قلتَ حين انتبهتَ من نَومِك؟ قال: إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليُبعَثَنَّ مِن بين حائطِ حمصَ والزيتونِ في البَرْث

(1)

الأحمر سبعون

(2)

ألفًا ليس عليهم حِسابٌ"، ولئِن رَجَعني اللهُ من سفري هذا لأحتمِلنّ عِيالي وأهلي ومالي حتَّى أنزلَ حمصَ، فرجع مِن سفره ذلك، وقُتل، رضوان الله عليه

(3)

.

= وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 11/ 338: حاصله أنَّ عمر ظنَّ شيئًا متردّدًا بين شيئين، أحدهما يتردد بين شيئين، كأنه قال: هذا الظن إما خطأ وإما صواب، فإن كان صوابًا فهذا الآن إما باق على كفره وإما كان كاهنًا، وقد أظهر الحالُ القسم الأخير، وكأنه ظهرت له من صفة مشيِه أو غير ذلك قرينةٌ أثرت له ذلك الظنّ، فالله أعلم.

(1)

البَرْث: الأرض اللينة المستوية.

(2)

وقع في نسخنا الخطية: "سبعين" بالياء بدل الواو، والمثبت من "تلخيص الذهبي" هو الجادة، لأنّها نائب فاعل لقوله:"ليُبعَثنَّ".

(3)

ضعيف لاضطرابه ونكارة متنه، إسحاق بن إبراهيم بن العلاء - وهو المعروف بابن زِبريق - مختلف فيه كما تقدم عند الحديث (907)، وقد تابعه أبو بكر بن أبي مريم - وهو الغسّاني - وهو =

ص: 468

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ضعيف، إلَّا أنه خالفه في إسناده، حيث رواه عن راشد بن سعد عن حُمْرة بن عبد كُلال عن عمر بن الخطاب، فأسقط من إسناده أبا راشد - وهو الحُبْراني - وذكر حُمْرة بدلٌ مَعْدي كرب، وأنَّ حُمْرة هو الذي كان مع عمر بن الخطاب في سفره، فلم يذكر عبدَ الله بن عمرو بن العاص، وحُمرة ومَعْدي كرب ابنا عبد كُلال ليسا بمشهورين، فهذه متابعة لا يُعتدّ بها، بل طريق إسحاق أحسن منها، وجاء لهذا الخبر إسناد آخر من رواية محمد بن إسماعيل بن عيّاش عن أبيه عن ضمضم بن زرعة عن شُريح بن عبيد عن أبي راشد الحُبْراني عن ابن عمر، لكن محمد بن إسماعيل بن عيّاش لم يسمع من أبيه فيما قاله أبو حاتم، وذكر أنهم حملوه على أن يُحدّث عنه فحدّث، وقال أبو داود: لم يكن بذاك، رأيتُه. قلنا: وكان عمرو بن عثمان الحمصي يدفعُه. فهذه الطريق ضعيفة أيضًا، ومن خلال ذكر أبي راشد الحُبْراني فيها يظهر أنَّ مرجعها إلى إسناد راشد بن سعد، فظهر بذلك علّة الخبر، وهي اضطراب إسناده.

وقد ذكر الذهبي في "تلخيصه" أنَّ هذا الخبر منكر. ونقل عنه ابن كثير في "مسند الفاروق"(1021) أنه قال فيه: موضوع، وبيَّن ابن كثير وجه نكارته، فقال مما يدلُّ على نكارة هذا الحديث وغرابته وأنه موضوع كما زعمه بعض الحفاظ الكبار: أنَّ أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه لما عاد إلى الشام عام فتحه بيت المقدس لم يُنقل أنه جاء أرض حمص، ولا دخلها، فلو كان هذا صحيحًا لجاء إليها كما قاله من نقل عنه، والله أعلم.

وأخرجه القاضي أحمد بن كامل في "فوائد حسان ومقتل عثمان"(12)، ومن طريقه الخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق"[1184] عن محمد بن إسماعيل السُّلَمي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(1860)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 15/ 182 عن عمرو بن إسحاق بن إبراهيم، عن أبيه، به.

وأخرجه أحمد 1/ (120)، والبزار (317)، والطبراني في "الشاميين"(1453)، والإسماعيلي كما في "مسند الفاروق" لابن كثير (1020)، وابنُ عساكر 15/ 180 و 181 من طرق عن أبي بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن حُمرة بن عبد كُلال، قال: سار عمر بن الخطاب إلى الشام

وقال حمرة في روايته: فسمعتُه يقول (يعني عمر بن الخطاب)، فجعله ابن أبي مريم من رواية حمرة بن عبد كُلال عن عمر بن الخطاب مباشرة، وليس من رواية أخيه معدي كرب بن عبد كُلال عن عبد الله بن عمرو بن العاص، ولم يذكر أبا راشد الحُبْراني!

وأخرجه الطبراني في "الشاميين"(1658) عن عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء، عن محمد بن إسماعيل بن عيّاش، عن أبيه، عن ضمضم بن زرعة، عن شُريح بن عُبيد، عن أبي راشد الحُبْراني، عن ابن عُمر، عن عمر. فجعله من رواية ابن عُمر عن عمر.

ص: 469

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4555 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي دارِم الحافظ بالكوفة، حَدَّثَنَا عُبيد بن حاتم الحافظ، حَدَّثَنَا داود بن رُشَيد، حَدَّثَنَا الهيثم بن عَدِي، حَدَّثَنَا يونس بن أبي إسحاق، عن الشَّعْبي: أنَّ عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقّاص: أن اتخِذْ للمسلمين دارَ هجرةٍ ومَنزلَ جِهادٍ، فبعث سعدٌ رجلًا من الأنصار يقال له: الحارث بن سَلمة، فارتادَ لهم موضعَ الكوفةِ اليومَ، فنزلها سعدٌ بالناس، فخطَّ مسجدَها

(1)

، وخطَّ فيها الخِطَط، قال الشَّعْبي: وكان ظهرُ الكوفة يُنبِت الخُزامَى والشِّيْح، والأُقحُوان، وشقائق النُّعمان، فكانت العربُ تُسمِّيه في الجاهلية خَدَّ العَذْراء، فارتادُوا فكتبوا إلى عُمر بن الخطّاب، فكتب: أنِ انزلوه، فتحوّل الناسُ إلى الكوفة

(2)

.

4556 -

أخبرنا أبو بكر الشافعي، حَدَّثَنَا محمد بن مَسلَمة، حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، أخبرنا شَريك، عن عمار الدُّهْني، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن حُذَيفة، قال: الكوفةُ قبَّة الإسلامِ، وأرضُ البَلاء

(3)

.

4557 -

حَدَّثَنَا عبد الباقي بن قانع الحافظ، حَدَّثَنَا محمد بن موسى بن حماد، حَدَّثَنَا الحسن بن يوسف المَرْوَرُّوذِيّ، حَدَّثَنَا بقيَّة، حَدَّثَنَا بَحِير بن سعد، عن خالد بن مَعْدان،

(1)

في (ز) و (ب): مسجدنا.

(2)

إسناده تالف بمرّة من أجل الهيثم بن عدي، فهو ساقط كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وكذَّبه البخاري وابن مَعِين وأبو داود وغيرهم.

وقد روى نحوه في قصة اتخاذ الكوفة قيس بن أبي خازم عند الطبري في "تاريخه" 3/ 579 بسند لا بأس به عنه.

(3)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن مسلمة - وهو الواسطي - وشريك - وهو ابن عبد الله النخعي - في حفظه سوء، وسالم بن أبي الجعد لا يدرك السماع من حذيفة بن اليمان، وقد روى عنه عدة أحاديث بواسطةٍ، وكان سالم معروفًا بالإرسال، وقد رواه أبو نُعيم الفضل بن دُكين الثقة الحافظ عن شريك عند ابن سعد 8/ 129، فذكر فيه سلمان الفارسي بدلٌ حذيفة، ولا يدرك سالم بن أبي الجعد السماع من سلمان الفارسي أيضًا.

ص: 470

حدثني عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفير، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب: أنه عَرَضَت مولاتُه تَصبغُ لحيتَه، فقال: ما رابَكِ إلى

(1)

أن تُطْفِئي نُوري كما يُطفئُ فُلانٌ نُورَه

(2)

.

(1)

بضم الباء؛ أي: ما حاجتُكِ، أو بفتحها بمعنى: ما أقلقكِ وألجأكِ. انظر "النهاية" لابن الأثير مادة (ريب).

(2)

إسناده ضعيف لضعف بقية - وهو ابن الوليد الحمصي - ثم هو يدلس تدليس التسوية، ولم يصرِّح بالسماع، واضطرب فيه أيضًا كما سيأتي بيانه والحسن بن يوسف - وهو المعروف بأخي الهرش - روى عنه جمع، ولم يؤثر فيه جرح ولا تعديل، ومحمد بن موسى بن حماد، قال الذهبي: غيره أتقن منه، ولكنه من أوعية العلم.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(76)، ومن طريقه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(182) عن محمد بن مصفَّى وعمرو بن عثمان الحمصيَّين، عن بقية بن الوليد، عن بَحير بن سعد، عن خالد بن معدان، قال: حدثني عبد الله بن عُمر، عن عمر

فذكر عبد الله بن عُمر، بدلٌ عبد الرحمن بن جُبَير بن نفير وأبيه.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(56) من طريق حيوة بن شريح الحمصي، عن بقية بن الوليد، عن بَحير، عن خالد بن معدان، عن عبد الرحمن بن عمرو السّلمي: أن عمر عرضت عليه مولاته

فذكر عبد الرحمن بن عمرو السّلمي، بدلٌ عبد الرحمن بن جُبَير بن نفير وأبيه وبدل عبد الله بن عمر.

وقد صحَّ عن عمر بن الخطاب أنه لم يغيِّر شيبه، وكان يقول: لا أحب أن أغيِّر نُوري. أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3692)، والطبراني في "مسند الشاميين"(2259)، والضياء المقدسي في "المختارة"(129) و (130) من طريق سُليم بن عامر وليس هو الكَلاعي، عن عمر، وإسناده حسن.

وصحَّ عنه أيضًا أنه غيَّره بالحنّاء والكتم كما نقله عنه أنس بن مالك فيما أخرجه أحمد 19 / (11965) و 20 / (12635)، ومسلم (2341)، وأبو داود (4209).

قلنا: والجمع بينهما هيِّن، وذلك أنَّ سليم بن عامر الذي نقل عن عمر بن الخطاب عدم تغييره تابعيّ كبير مخضرم أدرك الجاهلية وهاجر في عهد أبي بكر، فالظاهر أنه رأى من عمر ذلك في أول أمره، ثم لما كثر شيبُ عمر بعدُ بدا له تغيير شيبه، وهو الذي نقله عنه أنس بن مالك، ونحو هذا قول الطحاوي حيث قال بإثر تخريجه للخبر: ذلك عندنا - والله أعلم - هو الذي كان عليه في البدء، ثم وقف من بعدُ على أنَّ ذلك لا يمنع من الخضاب، فخضب، والله عز وجل نسأله التوفيق.

ص: 471

4558 -

أخبرني محمد بن عبد الله الجَوهري، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق، حَدَّثَنَا بِشر بن معاذ العَقَدي، حَدَّثَنَا عبد الله بن داود الواسطي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن ابن أخي محمد بن المُنكَدِر، عن عمِّه محمد بن المُنكَدِر، عن جابر بن عبد الله قال: قال عمر بن الخطاب ذاتَ يومٍ لأبي بكر الصِّدِّيق: يا خيرَ الناسِ بعدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أما إنَّكَ إنْ قلتَ ذاك، فلقد سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ما طلعتِ الشمسُ على رجلٍ خيرٍ مِن عُمرَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4559 -

أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حَدَّثَنَا الحارث بن أبي أسامة، حَدَّثَنَا أبو النضر هاشم بن القاسم، حَدَّثَنَا زهير، عن أبي إسحاق، عن أبي عُبيدة، قال: قال عبد الله: إِنَّ أفرسَ الناسِ ثلاثةٌ: العزيزُ حين تَفرَّس في يوسف، فقال لامرأته: أكرِمي مَثواهُ، والمرأةُ التي رأت موسى، فقالت لأبيها: يا أبتِ استأجِرْه، وأبو بكر حين استخلَف عُمرَ

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن داود الواسطي وجَهالة عبد الرحمن ابن أخي ابن المنكدر، وقال العقيلي: لا يتابع على حديث ولا يُعرف إلّا به، وقال الذهبي في "تلخيصه": عبد الله ضَعّفُوه وعبد الرحمن متكلَّم فيه، والحديث شبه موضوع.

وأخرجه الترمذي (3684) عن محمد بن المثنى، عن عبد الله بن داود الواسطي، بهذا الإسناد.

وقال: هذا حديث غريب وليس إسناده بذاك.

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن أبا عُبيدة هنا يرويه عن أبيه عبد الله - وهو ابن مسعود - ولم يسمع منه، غير أنه لم ينفرد به بل رواه عن ابن مسعود أيضًا أبو الأحوص عوفُ بنُ مالك فيما تقدم برقم (3360)، وإسناده صحيح. أبو إسحاق: هو السَّبيعي، وزهير: هو ابن معاوية.

وأخرجه أبو القاسم البغوي في "مسند ابن الجعد"(2555)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(964)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2524) و (2525)، والواحدي في "التفسير الوسيط" 2/ 605، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 255 من طرق عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 12/ 176 وابن عساكر 44/ 254 - 255 من طريق إسرائيل =

ص: 472

قال الحاكمُ: فرَضِيَ اللهُ عن ابن مسعود، لقد أحسنَ في الجمع بينهم بهذا الإسناد الصحيح.

‌مقتلُ عمرَ رضي الله عنه على الاختِصار

4560 -

حَدَّثَنَا الأستاذ أبو الوليد، حَدَّثَنَا الحسن بن سفيان، حَدَّثَنَا عبد الأعلى بن حمّاد النَّرْسي، حَدَّثَنَا يزيد بن زُريع، عن سعيد، عن قَتَادة، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن مَعْدان بن أبي طلحة اليَعْمَري، قال: أُصيب عُمر يوم الأربعاء لأربعِ ليالٍ بَقِين من ذي الحِجّة

(1)

.

4561 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشَاذَ العَدْل، قالا: حَدَّثَنَا بِشر بن موسى، حَدَّثَنَا الحُميدي، حَدَّثَنَا سفيان، حَدَّثَنَا يحيى بن صَبِيح الخُراساني، عن قَتَادة، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن مَعْدان بن أبي طلحة اليَعمَري، عن عمر بن الخطاب، أنه قال على المِنبَر: إني رأيتُ في المنام كأنَّ دِيكًا نَقَرَني ثلاثَ نَقَرات، فقلتُ: أعجميٌّ، وإني قد جعلتُ أمري إلى هؤلاء الستة الذين قُبِض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ: عثمان وعلي وطلحة والزُّبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص، فمن استُخلِف فهو الخَليفة

(2)

.

= ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن جده، به.

(1)

إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عَروبة، وقتادة: هو ابن دعامة.

وأخرجه أحمد 1/ (341) عن محمد بن جعفر عن سعيد بن أبي عَروبة، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح. الحُميدي: هو عبد الله بن الزبير الأسدي، وسفيان: هو ابن عُيينة. وقد صحَّح هذا الحديثَ عليُّ بنُ المديني فيما نقله عنه ابن كثير في "مسند الفاروق"(729).

وأخرجه أحمد 1/ (89) من طريق همّام بن يحيى العوذي، وأحمد (186)، ومسلم (567) من طريق هشام الدستُوائي، وأحمد (341)، ومسلم (567) من طريق سعيد بن أبي عَروبة، ومسلم (567)، وابن حبان (2091) من طريق شعبة بن الحجاج، أربعتهم عن قتادة، بهذا الإسناد. غير أنَّ هشامًا وابن أبي عروبة وشعبة قالوا في رواياتهم: لا أراه إلّا حضور أجلي، بدل قوله: فقلت: أعجمي. =

ص: 473

4562 -

حَدَّثَنَا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي وأبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، قالا: حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن شَبيب المَعْمَري، حَدَّثَنَا محمد بن عُبيد بن حِساب، حَدَّثَنَا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أبي رافع قال: كان أبو لُؤلؤة للمغيرة بن شُعْبة، وكان يصنعُ الرَّحى، وكان المغيرةُ يستعملُه كلَّ يوم بأربعةِ دراهم، فلقي أبو لؤلؤة عُمرَ، فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّ المغيرةَ قد أكثرَ عليَّ، فكلِّمَه أن يُخفَّفَ عني، فقال له عمر: اتقِ الله وأحسِنْ إلى مَوْلاك، قال: ومن نِيّةِ عمر أن يَلقَى المغيرةَ فيُكلِّمَه في التخفيف عنه، قال: فغضبَ أبو لؤلؤة، وكان اسمُه فَيرُوز، وكان نَصرانيًا، فقال: يَسَعُ الناسَ كلَّهم عدلُه غَيري، قال: فغضب وعَزَمَ على أن يقتلَه، قال: فصنع خِنجرًا له رأسان، قال: فشَحَذَه وسمَّه، قال: وكبّر عمرُ، وكان عمر لا يُكبّر إذا أُقيمتِ الصلاةُ حتَّى يتكلَّمَ ويقول: أقيموا صفُوفَكم، فجاء فقام في الصفّ بحِذاهُ مما يلي عمرَ في صلاة الغَدَاة، فلما أُقيمتِ الصلاةُ تكلَّم عمرُ، وقال: أقِيموا صفوفَكم، ثم كبّر، فلما كبّر وَجَأَهُ على كَتِفِه، ووَجَأَهُ على مكانٍ آخرَ، ووَجَأَه في خاصِرَتِه، فَسَقَطَ عمرُ، قال: ووَجَأَ ثلاثةَ عشرَ رجلًا معه، فأفرَقَ منهم سبعةٌ ومات منهم ستةٌ، واحتُمِل عمرُ فذُهِب به ومَاجَ الناسُ، حتَّى كادَتِ الشمسُ تَطلُع، قال: فنادى عبدُ الرحمن بن عَوْف: أيها الناس، الصلاةَ الصلاةَ، ففُزِع إلى الصلاة، قال: فتقدّم عبدُ الرحمن

= وزاد همّام في روايته: ديك أحمر، فقصصتها على أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر فقالت: يقتلك رجل من العجم.

ويؤيد روايةَ همّام روايةُ أسلم مولى عمر عند ابن أبي شيبة 11/ 74، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4956) بإسناد صحيح.

وقد وافق الآخرين على كون عمر هو من عَبَر الرؤيا محمدُ بنُ سِيرِين بإسناد صحيح إليه، عند عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 888 والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 412.

ولا يمنع أن يكون عمر بن الخطاب عبر الرؤيا في نفسه، ثم أحب أن يستوثق من ذلك فقصَّها على أسماء بنت عُميس، فوافقت عبارتُها عبارتَه.

وسيتكرر هذا الحديث برقم (4594 م).

ص: 474

فصلَّى بهم، فقرأَ بأقصَرِ سورتَين في القرآن، قال فلما انصرف توجّه الناسُ إلى عمر بن الخطاب، قال: فدعا بشراب ليَنظُرَ ما مَدَى جُرحِه، فأُتي بنَبيذٍ، فشَرِبَه، قال: فخُرج فلم يُدْرَ أدمٌ هو أم نَبيذٌ، قال: فدعا بلَبَن، فأُتي به فشَربه، فخرج من جُرْحه، فقالوا: لا بأس عليك يا أمير المؤمنين، قال: إنْ كان القتلُ بأسًا، فقد قُتِلتُ

(1)

.

4563 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشاذَ، قالا: حَدَّثَنَا بِشْر بن موسى، حَدَّثَنَا الحُميدي، حَدَّثَنَا سفيان، حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد، أنه سمع سعيد بن المسيّب يقول: لما صَدَرَ عمرُ بن الخطاب عن مِنًى في آخر حَجّة حجَّها أناخ بالبَطْحاء، ثم كوَّم كَوْمةً ببطحاءَ، ثم طرحَ عليها صَيْفَةَ ردائِه، ثم استَلْقى ومدَّ يدَيه إلى السماء، فقال: اللهم كَبِرَ سِنّي، وضَعُفتْ قُوَّتي، وانتشرتْ رَعِيّتي، فاقبِضْني إليك غير مُضيِّع ولا مُفرِّطٍ، ثم قَدِمَ في ذي الحِجّة فخطبَ الناسَ فقال: أيها الناسُ، إنه قد سُنّت لكم السُّنن، وفُرِضَتْ لكم الفرائضُ، وتَركتُكم على الواضحة - وضَرَبَ بإحدى يديه على الأُخرى - إلَّا أن

(1)

إسناده جيد من أجل جعفر بن سليمان، فهو صدوق لا بأس به، وقد خولف في بعض ألفاظه، فقد رُوي نحو هذه القصة من وجوه، وأبو لؤلؤة كان مجوسيًا لا نصرانيًا. ثابت: هو ابن أسلم البُناني، وأبو رافع: هو الصائغ مولى آل عمر بن الخطّاب.

وأخرجه ابن حبان (6905) من طريق قَطَن بن نُسَير، عن جعفر بن سليمان، به وزاد فيه: أنَّ أبا لؤلؤة لما صنع الخنجر أتى به الهُرمزان وقال له: كيف ترى هذا؟ فقال: إنك لا تضرب بهذا أحدًا إلا قتلتَه.

وفي باب شكوى أبي لؤلؤة المجوسيّ لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب عن جماعة:

منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب عند عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 893 بسند حسن كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 11/ 122.

ومنهم أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عند ابن أبي شيبة 14/ 585 بسند حسن إليهما.

وانظر قصة قتل أبي لؤلؤة لأمير المؤمنين عمر عند البخاري (3700) عن عمرو بن ميمون.

قوله: وَجَأه؛ أي: طعنه.

وقوله: أفْرَقَ أي: برأ وأفاق.

ص: 475

تَمِيلوا بالناس يمينًا وشمالًا. فما انسَلَختْ ذو الحِجّة حتَّى قُتل عمر

(1)

.

4563 م - قال: وسمعت سعيدَ بن المسيّب يقول: طعنَ أبو لُؤلُؤة الذي قتل عمر اثني عشر رجلًا بعمر، فمات منهم ستة، وأفرَقَ منهم ستة، وكان معه سِكّين له طَرَفان، فطعنَ به نفسَه فقَتَلَها

(2)

.

4564 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ الجَلّاب، حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن النضر، حَدَّثَنَا معاوية بن عمرو، حَدَّثَنَا زائدة، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر، قال: عاش عمر ثلاثًا بعد أن طُعِن، ثم مات فغُسِّل وكُفِّن

(3)

.

(1)

مرسل صحيح الإسناد، ومراسيلُ سعيد بن المسيّب من أصح المراسيل وأقواها، بل أدخل أبو حاتم الرازي مراسيله عن عمر في المسند على المجاز، وذلك لجلالة سعيد. الحُميدي: هو عبد الله بن الزبير الأسدي، وسفيان: هو ابن عُيينة، ويحيى بن سعيد: هو ابن قيس الأنصاري.

وأخرجه مالك 2/ 824 ومسدَّد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ (3897)، وابن سعد 3/ 310، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 872 والفاكهي في "أخبار مكة"(1831)، وابن أبي الدنيا في "مجابو الدعوة"(24)، وإسماعيل القاضي في "مسند حديث مالك"(73)، والخطابي في "العزلة" ص 77 - 78، وأبو الحسين بن بِشْران في "الفوائد الحسان"(41)، وأبو نُعيم في "الحلية" 1/ 54، والمستغفري في "فضائل القرآن"(364)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 6/ 126، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 396 وأبو الحسن بن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 670، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 225 من طُرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيّب.

والبطحاء: الحصى الصغار. وصَنِفة الرداء: طرفه.

(2)

مرسل صحيح كسابقه.

وأخرجه ابن سعد 3/ 324 وعمر بن شَبَّة، 3/ 900، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 426، وابن عبد البر في "الاستيعاب"(1697) ص 477 من طرق عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب.

(3)

خبر صحيح دون ذكر مكث عمر بن الخطاب بعد طعنه ثلاثًا، فهو ممّا تفرَّد به ليث - وهو ابن أبي سُليم - وهو ليِّن، وقد تابعه على ذكر تغسيل عمر وتكفينه مالك بن أنس في "الموطأ" =

ص: 476

4565 -

أخبرنا الحسن بن يعقوب العَدْل، حَدَّثَنَا يحيى بن أبي طالب، حَدَّثَنَا عبد الوهاب بن عطاء، حَدَّثَنَا داود بن أبي هند عن عامر، عن ابن عبّاس قال: دخلتُ على عمر حين طُعِن، فقلت: أبشِرْ بالجنة يا أمير المؤمنين، أسلمتَ حين كفر الناسُ، وجاهدتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خَذَلَه الناسُ، وقُبض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راضٍ، ولم يَختلِفْ في خلافتك اثنان، وقُتلتَ شهيدًا، فقال: أعِدْ عليَّ، فأعدتُ عليه، فقال: والله الذي لا إله غيرُه، لو أنَّ لي ما على الأرض من صفراءَ وبيضاءَ لا فتدَيتُ به من هَولِ المُطَّلَعِ

(1)

.

= 2/ 463، وعَبْد الله بن عمر العُمري عند عبد الرزاق (9592)، وموسى بن عقبة عند عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 924 وعُبيد الله بن عمر العمري عند ابن سعد 3/ 339، وابن أبي شيبة 3/ 254 وابن أبي ليلى عند ابن أبي شيبة 3/ 254 وعبد الله بن دينار عند ابن سعد 3/ 339، وزاد مالك وعَبد الله العُمري وعبد الله بن دينار وموسى بن عقبة أنه صُلِّي على عمر أيضًا، وزادوا جميعًا غير عُبيد الله أنه كان شهيدًا، وزاد عُبيد الله أنه حُنِّط كذلك.

وقد روى هذا الخبر أيضًا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن ابن عمر، فذكر تلك الزيادات جميعها. أخرجه من طريقه ابن سعد 3/ 339.

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل يحيى بن أبي طالب وعبد الوهاب بن عطاء - وهو الخَفَّاف - فهما صدوقان لا بأس بهما، وقد توبعا. عامر: هو ابن شَراحيل الشَّعبي.

وأخرجه البيهقي في "إثبات عذاب القبر"(221)، وفي "الاعتقاد" ص 363، ومن طريقه ابن عساكر 44/ 429 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو يوسف القاضي في "الخراج" ص 22 - 23، وأخرجه أبو بكر بن أبي شبة في "مصنفه" 13/ 280 عن أبي خالد الأحمر، وابن حبان (6891)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4530)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 8/ 297، وابن عساكر 44/ 429 من طريق ثابت بن يزيد البصري، ثلاثتهم (أبو يوسف وأبو خالد الأحمر وثابت بن يزيد) عن داود بن أبي هند، به.

وأخرجه عمر بن شبَّة في "تاريخ المدينة" 3/ 914 عن علي بن عاصم الواسطي، و 3/ 935 عن محمد بن أبي عدي، وابن عساكر 4/ 428 من طريق علي بن مُسهر، ثلاثتهم عن داود بن أبي هند، عن الشَّعْبي، مرسلًا.

وكذلك أخرجه بنحوه ابن المبارك في "الزهد"(434)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 329، =

ص: 477

4566 -

حَدَّثَنَا علي بن حَمْشاذَ، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حَدَّثَنَا سليمان بن حرب، حَدَّثَنَا وُهَيب، حَدَّثَنَا عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: مر: أَنَّ عمر صُلِّي صلي عليه في المسجد، صلَّى عليه صهيبٌ

(1)

.

= وعمر بن شبَّة 3/ 913 والبلاذري في "أنساب الأشراف" 10/ 432 وابن عساكر 44/ 228 و 443 من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن الشَّعْبي مرسلًا.

وقد ثبت عن ابن عبَّاس من غير وجه:

ومن ذلك ما رواه بنحوه عبد الله بن عمر بن الخطاب عن ابن عبّاس عند ابن أبي عاصم في "السنة"(1263)، والطبراني في "الأوسط"(579)، وفي "الكبير"(10623)، وابن عساكر 44/ 441 - 442، بإسناد حسن.

ورواه أيضًا عمرو بن ميمون الأودي بنحوه عن ابن عبّاس عند عمر بن شبة 3/ 934، وابن عساكر 44/ 428.

ونحوه عند البخاري (3692) من طريق المسور بن مخرمة، عن ابن عبّاس.

ونحوه كذلك عند أحمد 1/ (322) وغيره، من طريق حُميد بن عبد الرحمن الحِميَري، عن ابن عبّاس. وإسناده صحيح.

وقوله: "هَوْل المُطَّلَع" يريد به الموقف يوم القيامة، أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت، فشبهه بالمطَّلع الذي يُشرَف عليه من موضع عالٍ.

والصفراء: الذهب، والبيضاء: الفضة.

(1)

إسناده صحيح. وُهَيب: هو ابن خالد.

وأخرجه البيهقي 4/ 52 من طريق يعقوب بن سفيان عن سليمان بن حرب، بهذا الإسناد.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 230، ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق (6577)، وابن سعد 3/ 341، وابن أبي شيبة 3/ 364 والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 442 وأبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" 1/ 182 وابن المنذر في "الأوسط"(3091)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 492 وابن الأعرابي في "معجمه"(1245)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(7682)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 451 وأخرجه كذلك ابن سعد 3/ 341، وعنه البلاذُري 10/ 442 من طريق عَبد الله بن عمر العمري، كلاهما (مالك والعمري) عن نافع، عن ابن عمر؛ بذكر الصلاة على عمر في المسجد، دون ذكر صهيب.

وأخرج صلاة صهيب على عمر: أبو زرعة في "تاريخه" 1/ 181 - 182، ومن طريقه ابن عساكر =

ص: 478

4567 -

حدَّثَناهُ أبو علي الحافظ، أخبرنا الهيثم بن خلف الدُّوري، حَدَّثَنَا حُسين بن عمرو بن محمد العَنْقَزي، حَدَّثَنَا قاسمٌ أخي، حَدَّثَنَا عبيدة، عن سفيان الثَّوْري، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، قال: لما قُتل عمرُ ابْتَدَرَ عليٌّ وعثمانُ للصلاة عليه، فقال لهما صُهيب: إليكما عنِّي، فقد وَلِيتُ من أمرِكُما أكثرَ من الصلاة على عُمر، وأنا أصلِّي بكم المكتوبةَ، فصلَّى عليه صُهيبٌ

(1)

.

4568 -

أخبرني مَخلَد بن جعفر الباقَرْحي، حَدَّثَنَا محمد بن جَرير، حَدَّثَنَا الحارث بن محمد، حَدَّثَنَا محمد بن سعد، عن الواقدي: أنَّ عمر حجَّ بالناس عشرَ حِجَجٍ مُتوالِيات، منهن حَجّةً في خلافة أبي بكر، وتسعًا في خلافتِه، وأنه دُفن إلى جَنْب أبي بكر في بيت عائشة، وكانت خِلافة عمرَ عشرَ سنين وخمسةَ أشهرٍ وتسعةً وعشرين يومًا

(2)

.

= 44/ 449 عن العباس العَنْبري، عن سليمان بن

(1)

إسناده ضعيف لضعف حُسين بن عمرو العَنْقَزي، وعبيدة المذكور لم نتبيّنْه، إلّا أنَّ يكون عُبيدَ بنَ القاسم نسيبَ سفيان الثوري، وتحرَّف إلى عبيدة، فإن يكن هو فهو متروك، واتهمه بعضهم.

وقد صح أنَّ صُهيبًا هو الذي صلَّى على عمر في حديث ابن عمر الذي قبله، وأما ابتدار علي وعثمان للصلاة عليه فلم يرو إلَّا بإسناد لا يصحّ، وممن روى ذلك الواقديُّ فيما نقله عنه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 341 من طريقين مرسلين انفرد بهما الواقدي على إبهام راوٍ في أحدهما.

(2)

الصحيح أنَّ عمر حجَّ عشر حجات متواليات في خلافته دون الحجة التي أمّره عليها أبو بكر الصديق في خلافته. وقد بين ذلك عبد الله بن عمر عند ابن أبي شيبة (14519 - عوامة)، وخليفة ابن خياط في "تاريخه" ص 120، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 215 - 286 و 44/ 271 - 272 أنَّ عمر حجَّ في إمارته كلها إلَّا في أول سنة من خلافته فأرسل فيها عبد الرحمن بن عوف أميرًا على الحج، وبذلك يكون عمر حج عشر حجات، أولهن سنة أربع عشرة وآخر من سنة ثلاث وعشرين، وذكر ابن عمر أنَّ أبا بكر أمّره على الحجّ في أول سنة من خلافته فصارت إحدى عشرة حجة.

وبذلك جزم عبد الله بن عبّاس عند محمد بن الحسن الشيباني في "الحجة على أهل المدينة" 2/ 112، وابن سعد في "الطبقات" 6/ 336 حيث قال: حججتُ مع عمر بن الخطاب إحدى =

ص: 479

4569 -

حَدَّثَنَا أبو سعيد الثقفي وأبو بكر بن بالَوَيهِ، قالا: حَدَّثَنَا الحسن بن علي المَعْمَري، حَدَّثَنَا الوليد بن شُجاع، حَدَّثَنَا محمد بن بشر، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو، قال: حدَّثَ أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطِب وأشياخُنا: أنَّ عمر بن الخطاب لمَّا

= عشرة حجة. وإسناده صحيح.

ووافقهما الزُّهْري عند البخاري في "تاريخه الكبير" 6/ 138 وابن عساكر 35/ 287.

وأما مدة خلافته فوافق الواقديَّ عليها جماعةٌ، منهم معدانُ بن أبي طلحة فيما نقله عنه ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 477. ومعدان تابعيّ كبير مخضرم.

ومنهم أبو نُعيم الفضل بن دكين عند ابن عساكر 44/ 465 و 477.

ومنهم أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة عند أبي أبي نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(138)، وابن عساكر 44/ 476.

ومنهم محمد بن إسحاق عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(135).

و قريب منه قول قتادة عند خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 153، والبخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 617 غير أنه زاد بعد الستة أشهر أيامًا، ففي رواية خياط زاد خمسة أو تسعة أيام، وفي رواية البخاري زاد ثمانية عشر يومًا.

وكذلك قول أبي معشر السِّنْدي عند الطبري في "تاريخه" 4/ 194، والبيهقي في "الاعتقاد" ص 334 وفي "المدخل إلى السنن الكبرى"(53)، وابن عساكر 44/ 465: ستة أشهر وأربعة أيام.

وذكر نافع مولى ابن عمر عند البخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 350، وأبي القاسم البغوي في "معجم الصحابة" 4/ 313، وابن عساكر 44/ 477: أنَّ خلافة عمر كانت عشر سنين وخمسة أشهر.

وخالفهم جميعًا المسور بن مخرمة عند الطبراني في "الكبير"(63)، وأبي نعيم في "المعرفة"(132)، وابن عساكر 44/ 476 - 477، فذكر أنَّ مدة خلافته كانت عشر سنين، لكنه من رواية الزُّهْري عن المسور، ولم يسمع منه كما جزم به أبو حاتم.

ورَوَى نحو قوله سفينة في حديثه المشهور في الخلافة حيث قال: أمسِك خلافة أبي بكر سنتين وخلافة عمر عشر سنين. كما أخرجه عنه أحمد 36/ (21919)، وأبو داود (4646)، وغيرهما، وسيأتي برقم (4748).

وأقرب هذه الأقوال قول الواقدي ومن وافق قوله، وليس بين قولهم وقول من قال: وخمسة أشهر، كبيرُ فرقٍ.

ص: 480

طُعن قال لعبد الله: اذهبْ إلى عائشة فاقرَأ عليها مني السلامَ، وقل: إِنَّ عُمر يقول لكِ: إن كان لا يَضُرُّكِ ولا يُضيِّقُ عليكِ، فإني أحِبُّ أن أُدفَن مع صاحبيَّ، وإن كان ذلك يَضُرّكِ أو يُضيِّقُ عليك، فَلَعَمْري لقد دُفن في هذا البَقيع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين من هو خَيرٌ من عُمر، فجاءها الرسول، فقالت: إِنَّ ذلك لا يَضُرُّني ولا يُضيَّق عليّ، قال: فادفِنُوني معهما

(1)

.

4570 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حَدَّثَنَا أبو القاسم بن أبي الزنِّاد، أخبرني هشام بن سعد، عن عمرو بن عثمان بن هانئ، عن القاسم بن محمد، قال: اطَّلعتُ في القبور: قبرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، من حُجرةِ عائشةَ، فرأيتُ عليها حَصْباءَ حَمْراءَ

(2)

.

4571 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشر بن موسى، حَدَّثَنَا بِشر بن الوليد القاضي، حَدَّثَنَا أبو يوسف القاضي، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن أنس قال: قُبض عمر وهو ابن ثلاثٍ وستين سنة

(3)

.

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد لا بأس برجاله، لكنه مرسل، فإنَّ أبا سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب لم يُدركا هذه القصة.

وقد روي هذا الخبر من طريقين آخرين صحيحين:

فقد أخرجه بنحوه البخاري (1392) و (3700) من طريق عمرو بن ميمون الأوديّ قال: رأيت عمر بن الخطاب قال: يا عبد الله بن عمر، اذهب إلى أم المؤمنين عائشة فقل

فذكره بنحوه.

وأخرجه البخاري أيضًا (7328) من طريق عروة: أنَّ عمر أرسل إلى عائشة، فذكره بنحوه مختصرًا. قال الحافظ في "الفتح" 24/ 124: هذا صورته الإرسال، لأنَّ عروة لم يدرك زمن إرسال عمر إلى عائشة، لكنه محمول على أنه حمله عن عائشة فيكون موصولًا.

(2)

إسناده حسن من أجل عمرو بن عثمان بن هانئ، وهشام بن سعد قد توبع فيما تقدم برقم (1384).

(3)

خبر صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل بشر بن الوليد القاضي، فهو صدوق لا بأس به، وقد روي هذا الخبر عن أنس من غير هذا الوجه. =

ص: 481

4572 -

أخبرنا أحمد بن محمد بن بالَوَيهِ العَفْصِي، حَدَّثَنَا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الله بن يونس، حَدَّثَنَا زهير، عن يزيد بن أبي زياد، عن أبي جُحَيفة، عن عبد الله بن مسعود، قال: إن كان عمرُ حِصْنًا حَصِينًا يَدخُل الإسلامُ فيه ولا يَخرجُ منه، فلما أُصيبَ عُمر انثلَمَ الحِصنُ، فالإسلامُ يَخرُج منه ولا يَدخُل فيه، إذا ذكر الصالحون فحيَّهَلا بعُمرَ

(1)

.

= فقد أخرجه مسلم (2348)، وابن حبان (6389) من طريق الزبير بن عدي، عن أنس.

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم - لكن روي هذا عن ابن مسعود من وجوهٍ متعددة. زهير: هو ابن معاوية الجُعفي.

وأخرجه أبو نُعيم الأصبهاني في "تثبيت الإمامة"(75) من طريق أحمد بن يحيى الحلواني، عن أحمد بن عبد الله بن يونس، بهذا الإسناد.

وأخرجه معمر بن راشد في "جامعه"(2007) عن قتادة وحماد بن أبي سليمان، سمعهما يقولان: كان ابن مسعود يقول

فذكره، ورجاله ثقات لكنه منقطع لأنَّ قتادة وحماد لم يدركا ابن مسعود.

وأخرج أوَّلَه دون قوله: "إذا ذكر الصالحون": عبدُ الرزاق (13214)، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 344 و 345، وابن أبي شيبة 12/ 23 و 34، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 10/ 358، والطبراني في "الكبير"(8804) و (8805)، واللالكلائي في "أصول الاعتقاد"(2543)، وابن حزم في "المحلى" 9/ 218 وابن عساكر 44/ 373 - 374 و 374 - 375 من طُرق عن زيد بن وهب، عن ابن مسعود. وإسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني (8844) من طريق الوليد بن قيس السَّكُوني: أنَّ ابن مسعود صعد المنبر، فذكره. ورجاله ثقات لكن الوليد لم يُدرك ابن مسعود.

وأخرج منه قول ابن مسعود: "إذا ذكر الصالحون فحيَّهَلا بعمر": ابن أبي شيبة 12/ 23، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "فضائل الصحابة" لأبيه (353)، وابنُ عساكر بن 44/ 372 من طريق الأسود بن يزيد النَّخَعي، وابن أبي شيبة 12/ 23 وأحمد في "فضائل الصحابة"(340)، وأبو القاسم البغوي في "مسند ابن الجعد"(587)، والطبراني في "الكبير"(8812)، وابن عساكر 44/ 372 من طريق طارق بن شهاب، ومعمر بن راشد في "جامعه"(20406)، والطبراني في "الكبير"(8811)، وأبو نُعيم في "الحلية" 4/ 206، وابن عساكر 44/ 370 و 371 من =

ص: 482

4573 -

حَدَّثَنَا أبو محمد المُزَني، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله الحَضْرمي، حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر بن أبان، حَدَّثَنَا سفيان بن عُيَينة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله: أنَّ عليًا دخل على عُمر وهو مُسجًّى، فقال: صلى الله عليك، ثم قال: ما مِن الناسِ أحدٌ أحبَّ إليَّ أن ألقى الله بما في صَحيفتِه من هذا المُسجَّى

(1)

.

= طريق أبي عُبيدة بن عبد الله بن مسعود، وابن أبي شيبة 12/ 26، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 10/ 357، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(963)، وابن عساكر 44/ 372 من طريق زرّ بن حُبيش، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "فضائل الصحابة"(356) من طريق إبراهيم بن يزيد النخعي، والآجري في "الشريعة"(1207) و (1352)، والطبراني في "الكبير"(8819)، وابن عساكر 44/ 47 من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وأبو يعلى الموصلي في "جزء بندار محمد بن بشار"(10)، وابن عساكر 44/ 371 من طريق عبد من بن سلمة، كلهم عن عبد الله بن مسعود. على أنَّ القاسم وإبراهيم النخعي وأبا عبيدة لم يدركوا ابنَ مسعود.

وقوله: حيَّهلا، بمعنى: ابْدأْ به واعجَلْ بذكره.

(1)

إسناده صحيح، وقد اختُلف في وصله وإرساله عن جعفر بن محمد - وهو الصادق ابن علي الباقر - فوصله سفيان بن عُيينة، وخالفه غيره من أصحاب جعفر، فرووه عن جعفر عن أبيه مرسلًا، لم يذكروا فيه جابرًا، وكذلك رواه جماعة عن محمد بن علي الباقر مرسلًا، ولكن سفيان بن عيينة ثقة حافظ فيُعتدُّ بوصله، وقال الدارقطني بعد أن ساق الاختلاف في إسناده في "العلل" (297): المحفوظُ المرسلُ، فإن كان ابن عيينة حفِظَه متصلًا فلعلَّ جعفرًا وصلَه مرةً، والله أعلم.

وقال الدارقطني قبل ذلك بقليل: سماعُ ابن عُيينة من جعفر قديم.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 343، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 937، ويعقوبُ بن سفيان 2/ 745، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 443، وابن أبي الدنيا في "المتمنّين"(85)، والعُقيلي في "الضعفاء" 2/ 219، وأبو نُعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"(205)، وفي "مسند أبي حنيفة" ص 28، والخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي"(1314)، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 452 و 45 من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد 3/ 343، وابن عساكر 44/ 453 من طريق أنس بن عياض، وابن سعد 3/ 343، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 444 من طريق فُضيل بن مرزوق، وابن سعد 3/ 343، و أبو بكر القَطِيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد (652) من طريق سليمان بن بلال، وابن أبي شيبة 12/ 137 عن حاتم بن إسماعيل، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "فضائل الصحابة" =

ص: 483

قال الحاكم: أخبار الشُّورى ما يصحُّ منها مَخْرجُه بعد وفاةِ أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه موصولةٌ بأخبارِ سَقِيفة بني ساعِدةَ.

4574 -

حَدَّثَنَا أبو سهل بن زياد القطان إملاءً، حَدَّثَنَا أبو قِلابة، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا جعفر بن سليمان، عن مالك

(1)

بن دينار، قال: سُمِع صوتٌ بجبل تَبَالةَ حين قُتل عمر بن الخطاب:

لِيَبكِ على الإسلام مَن كان باكيًا

فقد أوشَكُوا هَلْكى وما قَدُمَ العَهدُ

وأدبَرتِ الدنيا وأدبَرَ خَيرُها

وقد مَلَّها مَن كان يُوقِنُ بالوَعِدِ

(2)

= (345) من طريق وُهَيب بن خالد، ومُسدَّد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (6576)، ومن طريقه ابن عساكر 44/ 453 - 454 عن يحيى بن سعيد القطّان، كلهم عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أنَّ عليًا دخل على عمر وهو مسجًّى ....

وأخرجه أبو يوسف القاضي في "الآثار"(952)، وأبو نعيم في "مسند أبي حنيفة" ص 27 من طريق أبي حنيفة النعمان بن ثابت، وابن سعد 3/ 343، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "فضائل الصحابة"(347) من طريق عمرو بن دينار، وعبد الله بن أحمد (346) من طريق أبي جهضم موسى بن سالم، وأبو القاسم بن بشران في الأول من "أماليه"(598) من طريق وبرة بن عبد الرحمن، كلهم عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر مرسلًا أيضًا، غير أنَّ أبا حنيفة وعمرو بن دينار قالا: عن أبي جعفر عن علي. ولم يدرك أبو جعفر جدّه عليًا.

وقد رُوي هذا الخبر عن عمرو بن دينار وعن أبي جهضم مرسلًا دون ذكر أبي جعفر الباقر ودون ذكر جابر، وأصل روايتهما كما تقدم عن أبي جعفر الباقر مرسلًا.

وقد روي هذا أيضًا عن عبد الله بن عبّاس عن علي عند أحمد 2/ (898)، والبخاري (3685)، ومسلم (2389)، وابن ماجه (98)، والنسائي (8061) بلفظ: ما خلَّفتَ أحدًا أحبَّ إليَّ أن ألقى الله تعالى بمثل عَمَله منك.

(1)

وقع في نسخنا الخطّية: جعفر بن سليمان ومالك بن دينار، بالعطف، وهو خطأ صوَّبناه من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وفي "إتحاف المهرة" للحافظ (5068).

(2)

كذا جاءت حركةُ الرَّويِّ في الرواية مختلفةً عن حركة الرَّويّ الذي في البيت السابق، ويُسمَّى مثل هذا إقواءً.

ص: 484

فنظروا فلم يروا شيئًا

(1)

.

4575 -

حَدَّثَنَا أبو سهل بن زياد، حَدَّثَنَا أبو قِلابة، حَدَّثَنَا أشهَلُ بن حاتم، حَدَّثَنَا ابن عَون، عن الشَّعْبي قال: ورَثَت عاتِكةُ بنت زيد بن عمرو بن نُفَيل عُمرَ فقالت:

عينُ

(2)

جُودِي بعَبرةٍ ونَحيبِ

لا تَمَلِّي على الإمام الصَّليبِ

فَجَّعَتْني المَنُونُ بالفارسِ المُعْ

لم يومَ الهِيَاجِ والتأْييبِ

عِصْمةُ الدِّين والمُعِينُ على الدَّه

رِ وغيثُ المَلهُوفِ والمَكرُوبِ

قل لأهل الضَّرَّاءِ والبُؤسِ: مُوتُوا

إِذ سَقَتْه المَنُونُ كأسَ شَعُوبِ

وقالت عاتكة أيضًا:

فَجَّعَني

(3)

فَيرُوزُ لا دَرَّ دَرُّهُ

بأبيضَ تالٍ للكتابٍ مُنيبِ

رؤوفٍ على الأدنى غَليظٍ على العِدَى

أخي ثقةٍ في النائبات نَجيبِ

متى ما يقُلْ لا يُكذِبِ القولَ فعلُهُ

سريعٍ إلى الخَيرات غيرِ قَطُوبِ

(4)

(1)

رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسلٌ وربما يكون مُعضَلًا، فإنَّ مالك بن دينار لم يدرك زمن عمر.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 480 من طريق حماد بن واقد، عن مالك بن دينار.

تَبالة: بلدة قريبة من بِيشة جنوب الجزيرة العربية.

(2)

في أصولنا الخطية: عَيْنيْ، بإضافة العين إلى ياء المتكلم، والمثبت من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وبه يستقيم الوزن.

(3)

حصل في الجزء الأول من أجزاء هذا البيت تغيير، وذلك أنه من البحر الطويل، وأول أجزائه يكون في الأصل على وزن "فعولن" فحذف منه الفاء والنون، فصار الوزن "عُول"، وحذف الفاء يُسمَّى في علم العروض الثَّلْمَ، وحذف النون يُسمَّى القبضَ، وقد اجتمعا في هذا البيت، وذلك شائع في الشعر العربي. انظر "العروض" لابن جِنِّي ص 62.

(4)

رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسل، فإنَّ الشَّعْبي - وهو عامر بن شَراحيل - لم يدرك زمن وفاة عمر بن الخطاب.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 4/ 218 - 219 من طريق صالح بن كيسان عن المغيرة بن شعبة. وهو منقطعٌ على ضعف في الإسناد إلى صالح بن كيسان. =

ص: 485

حديث الشُّورى مُخرَّج في "الصحيحين"، لكني قد أوردتُ هاهنا أحرفًا صحيحةً الإسنادِ مُفيدةً غريبةً.

4576 -

حَدَّثَنَا أحمد بن يعقوب الثقفي ومحمد بن أحمد الجَلّاب، قالا: حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن شَبيب المَعْمَري، حَدَّثَنَا محمد بن الصَّبَّاح، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن محمد، عن عُمر مولى غُفرة، عن محمد بن كعب، عن ابن عمر، قال: قال عمر لأصحاب الشُّورى: لله دَرُّهم لو وَلَّوها الأُصيلِعَ كيف يَحمِلُهم على الحقِّ وإِن حُمِل على عُنقه بالسَّيف، قال: فقلتُ: تعلمُ ذلك منه ولا تُولِّيه، قال: إن أستخلِفْ فقد استخلَفَ مَن هو خيرٌ مني، وإن أترُكْ [فقد ترك مَن هو خيرٌ مني

(1)

]

(2)

.

= وأخرج الأبيات الأُولى الخرائطي في "اعتلال القلوب"(439)، وأبو الفرج الأصفهاني في "الأغاني" 18/ 64 - 66 من طرق متعددة، ولكنها جميعها إما مرسلة وإما مُعضلة.

(1)

ما بين المعقوفين لم يرد في النسخ الخطية، وأثبتناه من "تلخيص المستدرك" للذهبي.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عمر مولى غُفْرة: وهو عمر بن عبد الله المدني. محمد بن الصبّاح: هو الجَرجرائي، ومحمد بن كعب: هو القُرظي.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 5/ 36، وابنُ عبد البر في "الاستيعاب" ص 541، وابن عساكر 42/ 428 من طُرق عن محمد بن الصبّاح، بهذا الإسناد.

وأخرجه منه قولَ عمر بن الخطاب: إن أستخلف فقد استخلف

إلى آخره: البخاري (7218) من طريق عروة بن الزبير، والترمذي (2225) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، كلاهما عن عبد الله بن عمر أنه قيل لعمر بن الخطاب: ألا تستخلف؟ فقال: إن أستخلِف

ويشهد لقوله: لو ولّوها الأُصيلع، دون قوله: إن أستخلف

إلى آخره: خبرُ عمرو بن ميمون الأودي عن عمر بن الخطاب عند عبد الرزاق (9761)، وابن سعد 3/ 316، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 2/ 353 و 6/ 120 و 10/ 417 - 419، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" للهيثمي (594)، وابن بَطّة في "الإبانة" 8/ 253، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2653)، وأبي نعيم في "الحلية" 4/ 151، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 477 - 478، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 427 - 428. وإسناده صحيح. لكنه ذكره بلفظ: =

ص: 486

‌ومن فضائل أميرِ المؤمنين ذي النُّورَين عثمانَ بن عفّان رضي الله عنه

-

4577 -

حَدَّثَنَا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن المنصور أميرِ المؤمنين، حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن يزيد الرِّيَاحي، حَدَّثَنَا هارون بن إسماعيل الخَزّاز، حَدَّثَنَا قُرَّة بن خالد، عن الحسن، عن قيس بن عُبَاد، قال: سمعتُ عليًا يومَ الجَمَل يقول: اللهم إني أبرأُ إليك من دمِ عُثمانَ، ولقد طاشَ عَقْلي يوم قُتل عثمانُ، وأنكرتُ نفسي وجاؤوني للبَيعة، فقلت: والله إني لأستحْيي من الله أن أُبايعَ قومًا قَتَلوا رجلًا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أستَحْيي ممن تَستَحْيِي منه الملائكةُ"، وإني لأستحْيي من الله أن أُبايع وعثمانُ قَتيلُ الأرض لم يُدفَن بعدُ، فانصرفُوا، فلما دُفن رجعَ الناسُ فسألوني البيعةَ، فقلت: اللهم إني مُشفِقٌ مما أُقدِمُ عليه، ثم جاءت عَزيمةٌ فبايعتُ، فلقد قالوا: يا أميرَ المؤمنين، فكأنما صُدِعَ قلبي، وقلتُ: اللهم خُذْ مني لعثمانَ حتَّى تَرضَي

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4578 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ حَدَّثَنَا الفضل بن محمد بن المسيّب، حَدَّثَنَا إسماعيل بن أبي أُويس، حدثني إسماعيل بن إبراهيم بن عُقبة، عن موسى بن عُقبة، عن ابن شِهَاب، قال: عثمان بن عفّان بن أبي العاص بن أُميّة بن عبد شمس بن عبد مَناف بن قُصيّ بن كِلَاب، وأم عثمان أَروى بنت كُرَيز، وأم أَروى أمُّ حَكيم،

= إن ولَّوها الأجلحَ سلك بهم الطريق، وفي بعض طرقه: يعني علي بن أبي طالب.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن أحمد بن يزيد الرياحيّ - وهو ابن أبي العوّام التميمي - فهو صدوق حسن الحديث.

وسيأتي برقم (4606) من طريق محمد بن يونس الكُديمي عن هارون بن إسماعيل الخزاز.

قال ابن كثير في "البداية والنهاية" 10/ 334: ثبت عن علي أنه تبرأ من دم عثمان وكان يُقسم على ذلك في خُطبه وغيرها أنه لم يقتله ولا أمر بقتله، ولا مالأ ولا رضي به، ولقد نهى عنه فلم يسمعوا منه، ثبت ذلك عنه من طُرُق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث، ولله الحمد والمنة.

ص: 487

وهي البَيضاءُ عمّةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، و قد اختلفوا في كُنْية عثمان، فقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو عَمرو.

4579 -

أخبرني محمد بن المُؤمَّل، حَدَّثَنَا الفضل بن محمد، حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا أبو داود، حَدَّثَنَا ابن أبي الزِّناد، عن أبيه، عن أبانَ بن عثمان، قال: سمعت أبا عبد الله عثمان بن عفّان

(1)

.

4579 م - سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن إسماعيل القارئ يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارميَّ يقول: سمعت أبا بكر بن أبي شَيْبة يقول: عثمان بن عفّان يُكنى أبا عمرو، وأبا عبد الله، قُتل في ذي الحجَّة سنة خمس وثلاثين.

4580 -

أخبرني محمد بن المؤمَّل، حَدَّثَنَا الفضل بن محمد، حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا حسن بن موسى الأشْيَب، حَدَّثَنَا أبو هِلال، عن قَتَادة: أنَّ عثمان بن عفّان قُتل وهو ابن تسعين أو ثمان وثَمانين

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل ابن أبي الزِّناد - واسمه عبد الرحمن - فهو صدوق حسن الحديث. وقد اقتصر المصنّف على هذا الإسناد لإثبات كنية عثمان بن عفان بأبي عبد الله، ولم يذكر حديثه، وهو قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال في أول يومه أو في أول ليله: باسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، لم يضرّه شيءٌ في ذلك اليوم أو تلك الليلة". أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي.

وأخرجه الدُّولابي في "الكنى"(55)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 6/ 149 من طريق داود ابن عمرو الضبّي، وابن مَنْده في "فتح الباب في الكنى والألقاب"(4137) من طريق مروان بن محمد الطاطري، وابن عساكر 39/ 13 من طريق سعد بن عبد الحميد المدني وسُريج بن النعمان، أربعتهم عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، بهذا الإسناد.

والحديث المذكور مخرّج في "مسند أحمد" والسنن الأربعة و "صحيح ابن حبان"، وتقدَّم عند المصنّف برقم (1916) لكن لم يذكر أحدٌ منهم في روايته كنية عثمان بن عفان، فاقتصرنا هنا على مَن ذكر الكنية، إذ هي مقصود المصنِّف هنا.

(2)

أبو هِلال: هو محمد بن سُليم الراسِبي. وهو في "مسند أحمد" 1/ (547).

وفي رواية أخرى عن قتادة: أنَّ عثمان قُتل وهو ابن ست وثمانين. أخرجه خليفة بن خياط في =

ص: 488

4581 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حَدَّثَنَا أحمد بن مِهْران، حَدَّثَنَا أبو نُعيم، قال: قُتل عثمان بن عفّان يومَ الجمعة لاثنتي عشرةَ بقيتْ من ذي الحِجّة سنة خمس وثلاثين، وكانت خلافته ثنتي عشرة سنة

(1)

.

4582 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا بَحْر بن نَصْر، حَدَّثَنَا ابن وهب، أخبرني ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن أبي عبد الله مولى شدّاد بن الهاد، قال: رأيتُ عثمان بن عفّان على المِنبَر يومَ الجمعة وعليه إزارٌ عَدَنيّ غَليظ، قيمتُه أربعةُ دراهمَ أو خمسةٌ، وريطَةٌ كوفيةٌ مُمشَّقةٌ، ضَرْبَ اللحمِ، طويل اللحيةِ، حَسَنَ الوجهِ

(2)

.

4583 -

حَدَّثَنَا أبو علي الحافظ، حَدَّثَنَا أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان،

= "تاريخه" ص 177، والطبري في "تاريخه" 4/ 418، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(243)، وابن عساكر 39/ 524 من طريق هشام الدَّستُوائي عن قتادة. وهذا أصح من رواية أبي هلال الراسبي عنه.

(1)

أبو نُعيم: هو الفضل بن دُكين، وأحمد بن مهران: هو ابن خالد الأصبهاني.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 519 من طريق أحمد بن الهيثم البلدي، ومن طريق العباس بن محمد الدُّوري، كلاهما عن أبي نعيم الفضل بن دكين. غير أنَّ البلدي قال: لست عشرة بقيت، وأما الدُّوري فقال: لثلاث عشرة بقيت.

(2)

إسناده حسن كما قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/ 82. ابن لُهيعة - واسمه عبد الله - سماع ابن وهب - وهو عبد الله - منه صحيح عند أهل العلم. أبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل المعروف بيتيم عروة.

وأخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد"(755)، والطبراني في "الكبير"(92)، وأبو نُعيم في "الحلية" 1/ 60، وفي "معرفة الصحابة"(223) و (224)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5778)، وابن عساكر 39/ 16 من طرق عن عبد الله بن لهيعة، به.

والرّبطَة: كل مُلاءة ليست قطعتين، وقد يُسمَّى كل ثوب رقيق رَبطة.

والمُمشّقة؛ أي: المصبوغة بالمِشْق، وهو الطين الأحمر.

وضَرْبُ اللحم؛ أي: خفيف اللحم.

ص: 489

حَدَّثَنَا أبو عُبيد الله أحمد بن عبد الرحمن بن وهب حدثني عَمِّي، حَدَّثَنَا يحيى بن أيوب، حَدَّثَنَا هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: أولُ حجرٍ حَمَلَه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لبناء المسجد، ثم حمَلَ أبو بكر، ثم حمل عمرُ حجرًا آخر، ثم حمَلَ عثمانُ حجرًا آخر، فقلتُ: يا رسول الله، ألا تَرى إلى هؤلاء كيف يُسعِدونك؟ فقال:"يا عائشةُ، هؤلاءِ الخُلَفاءُ من بَعْدي"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف منكر، تفرَّد به عن عبد الله بن وهبٍ ابن أخيه أحمدُ بن عبد الرحمن بن وهب، وهذا الرجل مختلف فيه، وهو صاحب مناكير، فإن سلمَ منه فيحيى بن أيوب - وهو الغافقي المصري - له غرائب ومناكير يتجنبها أرباب الصِّحاح، ويُنقُّون حديثه، وهو حسن الحديث، كما قال الذهبي في "السير" 8/ 6. وقد أنكر الذهبي هذا الخبر في "تلخيص المستدرك" فقال: فيه أحمد ابن أخي بن وهب، وهو منكر الحديث، وهو ممن نُقم على مسلم إخراجه في الصحيح، ويحيى بن أيوب، وإن كان ثقة فقد ضُعِّف، ثم لو صح هذا لكان نصًا في خلافة الثلاثة، ولا يصح بوجه؛ لأنَّ عائشة لم تكن يومئذ دَخَل بها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وهي محجوبة صغيرة، فقولها هذا يدلُّ على بطلان الحديث، انتهى.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4738) عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، بهذا الإسناد. وفيه أنَّ المسجد الذكور هو مسجد قباء.

وأخرجه نُعيم بن حماد في "الفتن"(259)، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في "السنة"(1406)، وأبو يعلى (4884)، وابن عساكر 30/ 219 من طريق هُشيم بن بَشير، عن العوّام بن حوشب، عمن حدَّثه عن عائشة. وفيه أن المسجد هو مسجد المدينة. وهذا إسناد ضعيف لإبهام الواسطة بين العوام وعائشة.

وأخرج أبو نعيم الأصبهاني في "فضائل الخلفاء الراشدين"(182) من طريق علي بن صالح الأنماطي، عن يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أئمة الخلافة من بعدي أبو بكر وعمر". وساقه الذهبي بإسناده في ترجمة علي بن صالح من "ميزان الاعتدال" ثم قال في الأنماطي هذا: لا يعرف وله خبر باطل، وساقه، ثم قال: المتهم بوضعه عليّ، فإن الرواة ثقات سواه. قلنا: لم يتنبه الذهبي رحمه الله إلى أن الأنماطي ذكره ابن حبان في "ثقاته" 8/ 470 وقال فيه: مستقيم الحديث! وقد تفرد ابن حبان بتوثيقه، وهو معروف بالتساهل في هذا الباب، وعلي بن صالح قد انفرد بهذا =

ص: 490

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، وإنما اشتَهَرَ بإسناد واهٍ روايةَ محمد بن الفضل بن عطيّة، فلذلك هُجِرَ.

4584 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حَدَّثَنَا مُصعب بن عبد الله، قال: وكانت بيعة عثمان رضي الله عنه يوم الاثنين غرّةُ المحرَّم سنة أربعٍ وعشرين.

4585 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشر بن موسى، حَدَّثَنَا أبو نُعيم الفضل بن دُكَين، حَدَّثَنَا الأعمش، عن عبد الله بن سِنان

(1)

قال: لمَّا جاءت بَيعةُ عثمان، قال عبدُ الله: ما أَلَونا عن أعلاها، ذا فُوقٍ

(2)

.

= الإسناد، وهو المتهم به كما قال الذهبي، وإلَّا فأين أصحاب يزيد بن هارون عنه!

وانظر حديث سفينة السالف برقم (4330).

يُسعِدونك: يُعِينونك.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: يسار، وإنما هو عبد الله بن سنان الأسدي الكوفي، وهو تابعيّ ثقة، انظر ترجمته في "تعجيل المنفعة" لابن حجر (551).

(2)

إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مهران.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 43، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 6/ 129، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في "فضائل عثمان بن عفان"(15)، وأبو بكر الخلال في "السنة"(543) و (544) و (558)، والطبراني في "الكبير"(140) و (8840) و (8841) من طرق عن الأعمش، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 43 و 14/ 588، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(147)، والطبري في "تهذيب الآثار" قسم مسند عمر 2/ 929، والطبراني في "الكبير"(141) من طريق حكيم بن جابر، وعمر بن شبّة في "تاريخ المدينة" 3/ 957، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 6/ 129، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في "فضائل عثمان"(49)، وأبو بكر الخلال في "السنة"(554)، والآجري في "الشريعة"(1214)، والطبراني في "الكبير"(8835 - 8837)، وابن بَطّة العُكبري في "الإبانة" 8/ 88 و 95، وأبو نُعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"(211)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 214 من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 59، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 6/ 129، والطبراني (8842) و (8843)، وابن المقرئ =

ص: 491

4586 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا شَيْبان بن فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا طلحة بن زيد، عن عَبِيدة

(1)

بن حسان، عن عطاء الكَيْخاراني، عن جابر بن عبد الله، قال: بينما نحن في بيت ابن حشفة في نفر من المهاجرين فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لِينهَضْ كلُّ رجلٍ منكم إلى كُفْوِهِ"، فنهض النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلى عثمانَ فاعتنقَه، وقال:"أنت وليِّي في الدنيا والآخرة"

(2)

.

= في "معجمه"(342)، وابن بَطّة 8/ 85، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2555)، وأبو نُعيم في "تثبيت الإمامة"(108)، وفي "الحلية" 7/ 244، وفي "فضائل الخلفاء الراشدين"(209) و (210)، والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(75)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 1/ 398 وابن عساكر 39/ 212 و 213 و 49/ 79 من طريق النزّال بن سَبْرة، والطبري في "تهذيب الآثار" 2/ 927، والخلال (557) من طريق حارثة بن مضرِّب كلهم عن عبد الله بن مسعود.

قوله: "ما أَلَونا" أي: ما قصَّرنا.

وقوله: "عن أعلاها" قال الطبري: يعني عن أعلى الأمّة، والهاء كناية عن الأمة، ويريد عن أرفعها وأفضلها.

وأما قوله: "ذا فُوق" فإنه يعني سهمًا قد أُصلح فُوقُه، وفُوق السهم: مجرى الوتر فيه.

ثم قال الطبري: أراد عبد الله فيما نرى بقوله هذا والله أعلم ما قصَّرنا ولا تركنا الجهد عن الاختيار للأمة أفضَلَها وأرفعها سهمًا ونصيبًا وحظًّا في الإسلام والخير والسابقة والفضل.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبيد.

(2)

إسناده تالف من أجل طلحة بن زيد - وهو الشامي الرَّقّي - فهو متّهمٌ بالوضع، وشيخه عَبيدة بن حسان متروك الحديث.

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده"(2051)، وابن حبان في "المجروحين" 1/ 383 - 384، وابن شاهين في الخامس في "أفراده"(70)، وفي "مذاهب أهل السنة"(82)، وأبو نُعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"(12)، والخطيب البغدادي في "تالي تلخيص المتشابه" 1/ 199، وابن عساكر 39/ 101، وابن الجوزي في "الموضوعات"(624) من طرق عن شيبان بن فرُّوخ، بهذا الإسناد. =

ص: 492

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4587 -

حَدَّثَنَا أبو النضر الفقيه بالطابَرَان، حَدَّثَنَا علي بن عبد العزيز، حَدَّثَنَا عُبيد الله بن عُمر بن مَيسرة، حَدَّثَنَا القاسم بن الحَكَم بن أوس الأنصاري، حدثني أبو عُبادة الزُّرَقي، حدثني زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: شهدتُ عثمان يوم حُصِرَ في موضع الجنائز، فقال: أنشُدُك الله يا طلحةُ، أتذكر يومَ كنتُ أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكانِ كذا وكذا، وليس معه من أصحابه غيري وغيرُك، فقال لك:"يا طلحةُ، إنه ليس من نبيٍّ إلَّا وله رَفيقٌ من أمّتِه معه في الجنة، وإنَّ عثمانَ رفيقي ومعي في الجنة"؟ فقال طلحة: اللهمَّ نعم، قال: ثم انصرف طلحةُ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4588 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يحيى، حَدَّثَنَا مُسدَّد، حَدَّثَنَا المُعتمِر بن سليمان، قال: سمعت كُليب بن وائل، قال: حدثني حَبيب بن أبي مُلَيكة قال: جاء رجلٌ إلى ابن عمر، فقال: أَشَهِدَ عثمانُ بيعة الرِّضْوان؟ قال: لا، قال: فشَهِدَ بدرًا، قال: لا، قال فكان ممَّن استزلَّه الشيطانُ؟ قال: نعم، فقام الرجل: فقال له بعضُ القوم: إِنَّ هذا يَزعُم الآن أنك وقعتَ في عثمان، قال: كذلك يقول؟ قال: رُدُّوا عليَّ الرجلَ، فقال: عَقَلتَ ما قلتُ لك؟ قال: نعم، سألتُك هل شهدَ عثمانُ بيعةَ الرِّضوان؟ فقلت: لا، وسألتُك هل شهِد بدرًا؟ فقلت: لا، وسألتك هل كان ممَّن استزلَّه الشيطانُ؟ فقلت: نعم، فقال: أما بيعةُ الرِّضْوان، فإِنَّ

= وأخرجه أبو بكر القَطِيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (821) و (868)، وابن عساكر 39/ 101 من طريق الوضاح بن حسان، عن طلحة بن زيد، به.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل أبي عُبادة الزُّرَقي - وهو عيسى بن عبد الرحمن - فهو متروك الحديث، والقاسم بن الحكم ليِّن الحديث.

وأخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "المسند" 1/ (552) عن عُبيد الله بن عمر القواريري، بهذا الإسناد.

ص: 493

رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قام فقال: "إنَّ عثمانَ انطلقَ في حاجةِ اللهِ وحاجةِ رسوله، وإني أُبايعُ له" فضرب إحدى يدَيه على الأخرى، وأما يوم بدرٍ، فإنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قام فقال:"إنَّ عثمان انطَلَق في حاجةِ اللهِ وحاجةِ رسولِه" فضربَ له بسهمٍ، ولم يضربْ لأحدٍ غابَ غيرَه، وأما الذين تَولَّوا يوم التقى الجَمْعَانِ {إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: 155]

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4589 -

حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن سلْمان الفقيه، حَدَّثَنَا أبو داود سليمان بن الأشعث، حَدَّثَنَا موسى بن إسماعيل، حَدَّثَنَا حمّاد بن سَلَمة، حَدَّثَنَا الجَريري، عن عبد الله بن شَقِيق، عن عبد الله بن حَوَالة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ: "تَهجُمون على رجلٍ مُعتَجِرٍ ببُردةٍ يُبايِعُ الناسَ مِن أهلِ الجنةِ"، فَهَجَمْتُ على عثمانَ وهو مُعتَجِرٌ ببردةِ حِبَرَة يُبايع الناسَ

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. مسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد.

وأخرجه ابن حبان (6909) من طريق زائدة بن قدامة، عن كليب بن وائل، به.

وأخرجه مختصرًا أبو داود (2726) من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن كليب بن وائل، عن هانئ بن قيس، عن حبيب بن أبي مليكة، به. بذكر تخلّف عثمان عن بدر، وبزيادة راوٍ بين كليب بن وائل وبين حبيب بن أبي مليكة، لكنه صرَّح بسماعه لهذا الخبر من حبيب عند المصنّف وغيره، فقال الضياء في "المختارة" بإثر 13 / (261): في هذه الرواية دليل أنَّ كليب بن وائل قد سمعه من حبيب بن أبي مليكة، وسمعه من هانئ بن قيس عنه، فكان يرويه بالطريقتين.

وأخرجه بنحوه أحمد 10/ (5772) و (6011)، والبخاري (3130) و (3698) و (4066)، والترمذي (3706) من طريق عثمان بن عبد الله بن موهب عن ابن عمر.

(2)

إسناده صحيح. الجُريري: هو سعيد بن إياس.

وأخرجه أبو داود الطيالسي (1346)، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 1104، وابن أبي خيثمة في السِّفْر الثاني من "تاريخه"(1230/ ج)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2296)، وفي "السنة"(1292)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1784)، والآجُرّي في "الشريعة"(1482)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 392، وأبو بكر القَطِيعي في زياداته على "فضائل =

ص: 494

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4590 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن هشام بن أبي الدُّمَيك، حَدَّثَنَا الحسين

(1)

بن عُبيد الله، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد قال: سألَ رجلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أفي الجنةِ بَرْقٌ؟ قال: "نعم، والذي نفسي بيدِه، إنَّ عثمانَ ليتحوّلُ من مَنزلٍ إلى منزلٍ، فتَبْرُق له الجنّةُ"

(2)

.

إن كان الحسين

(3)

بن عبيد الله هذا حَفِظه عن عبد العزيز بن أبي حازم، فإنه صحيحٌ على شرط الشيخين.

4591 -

حَدَّثَنَا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حَدَّثَنَا

= الصحابة" لأحمد بن حنبل (825) و (845)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 153 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (1346)، وأبو الحسن الخِلَعي في "الخِلَعيات"(975)، وابن عساكر 39/ 153 من طريق حماد بن زيد، عن سعيد الجَريري، به.

وجاء عند بعض مَن روى هذا الخبر بإثره بعد قوله: "يبايع الناس" يعني البيع والشراء.

والاعتجار: ليُّ العمامة أو الثوب على الرأس.

والحِبَرة: بُردٌ يَمَانٍ.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الحسن، وضُبِّب فوقه في "تلخيص الذهبي"، وجاء في المطبوع على الصواب وفاقًا لسائر مصادر تخريج الخبر، وقُيِّد في أكثرها بالعجلي، وسماه الذهبي في تعليقه على تصحيح الحاكم على الصواب.

(2)

إسناده تالفٌ من أجل الحُسين بن عُبيد الله - وهو العجلي - فقد اتُّهم بوضع الحديث، وقال الذهبي في "تلخيصه": ذا موضوع، وقال في "الميزان": هذا كذب، ومِن قَبْله قال ابن عدي بعد أن أورده في "الكامل" 2/ 364: هذا باطل.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/ 364، وأبو حفص بن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة"(110)، وأبو نُعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"(45)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 108، وابن الجوزي في "الموضوعات"(622) من طريقين عن الحسين بن عُبيد الله العجلي، بهذا الإسناد.

(3)

تحرّف هنا أيضًا إلى: الحسن.

ص: 495

مسلم بن إبراهيم، حَدَّثَنَا وُهَيب بن خالد، حَدَّثَنَا موسى ومحمد وإبراهيم بنو عُقْبة، قالوا: حَدَّثَنَا أبو أُمّنا أبو حَبيبة

(1)

قال: شهدتُ أبا هريرة وعثمانٌ محصورٌ في الدار، واستأذنَه

(2)

في الكلام، فقال أبو هريرة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنها ستكون فِتنةٌ واختلافٌ - أو اختلافٌ وفِتنةٌ - " قال: قلنا: يا رسول الله، فما تأمُرُنا؟ قال:"عليكم بالأمِيرِ وأصحابِه"، وأشارَ إلى عُثمان

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4592 -

حَدَّثَنَا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حَدَّثَنَا مسلم بن إبراهيم، حَدَّثَنَا وُهَيب بن خالد، عن موسى بن عُقْبة، قال: حدثني أبو علقمة مولى عبد الرحمن بن عوف، قال: حدثني كثير بن الصَّلْت، قال: أغفَى عثمانُ بن عفّان في اليوم الذي قُتِل فيه فاستيقظ، فقال: لولا أن يقولَ الناس: تمنّى عثمانُ الفتنة، لحدَّثتكم، قال: قلنا: أصلحكَ الله، فحدِّثْنا فلسنا نقول ما يقول الناسُ!

(1)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: أبو حسنة، والصواب ما أثبتناه موافقة لمصادر ترجمته ولسائر مصادر تخريج الخبر.

(2)

في النسخ الخطية: واستأذنته، والصواب أن الذي استأذنه في الكلام هو أبو هريرة.

(3)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل أبي حبيبة جدِّ بني عُقبة لأُمهم، وهو مولى الزبير بن العوام، وقد روى عنه غير هؤلاء الثلاثة المذكورين أبو الأسود يتيم عروة، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، فحديثه في درجة الحسن، وله ترجمة في "تعجيل المنفعة" لابن حجر (1248).

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(9457) من طريق عفان بن مسلم، عن وهُيب بن خالد، عن موسى بن عقبة وحده، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 50، وعنه ابن أبي عاصم في "السنة"(1278) من طريق إبراهيم بن طهمان وعباس التَّرقُفي في "جزئه"(8) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، كلاهما عن موسى بن عقبة وحده، به.

وسيأتي عند المصنّف برقم (8540) من طريق موسى بن إسماعيل، عن وهيب، عن موسى بن عقبة وحده.

ص: 496

فقال: إني رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي هذا، فقال:"إنك شاهِدٌ معنا الجُمعةَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4593 -

حَدَّثَنَا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السمّاك ببغداد، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارِثي، حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد القطَّان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي سَهْلة مولى عثمان، عن عائشة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ادعُوا لي - أو ليتَ عندي - رجلًا من أصحابي" قالت: قلت: أبو بكر؟ قال: "لا" قلت: عمرُ؟ قال: "لا" قلت: ابن عمِّك عليّ؟ قال: "لا" قلت: فعثمانُ؟ قال: "نعم" قال: فجاء عثمان، فقال:"قُومي"، قال: فجعل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ إلى عثمان ولَونُ عثمان يتغيّر.

قال: فلمَّا كان يومُ الدارِ قلنا: ألا تُقاتل؟ قال: لا، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إِليَّ أمرًا، فأنا صابرٌ نفسي عليه

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة أبي علقمة مولى عبد الرحمن بن عوف، والمشهور في رؤيا عثمان أنه رأى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول في الرؤيا:"أفطِر عندنا" كما سيأتي برقم (4604).

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 71، وعمر بن شبَّة في "تاريخ المدينة" 4/ 1226، والبلاذُري "أنساب الأشراف" 6/ 202، والبزار (412)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية" للحافظ ابن حجر (1/ 4384)، وأبو نُعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"(71)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 47، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 384 من طرق عن وُهيب بن خالد، بهذا الإسناد.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الرحمن بن محمد الحارثي، وقد توبع. وأبو سهلة مولى عثمان بن عفان تابعيّ كبير، وروى عنه تابعيّ كبير مخضرم، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحَّح خبرَه هذا الترمذيُّ وابنُ حبان والضياءُ المقدسي، وقد رُوي خبرُه هذا من غير وجه بنحوه كما في الطريق التي بعد هذه عند المصنّف، وآخر الخبر في قول عثمان يوم الدار إنما هو من رواية أبي سهلة عن عثمان بن عفان، ليس فيه ذكر عائشة كما توضحه رواية غير يحيى القطان، على أنَّ رواية يحيى القطان تشير إليه أيضًا. =

ص: 497

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4594 -

أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حَدَّثَنَا الحارث بن أبي أسامة، حَدَّثَنَا موسى بن داود الضّبِّي، حَدَّثَنَا الفَرَج بن فَضَالة، عن محمد بن الوليد الزُّبيدي، عن الزُّهْري، عن عُرْوة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان: "إِنَّ الله سيُقمِّصُك قميصًا، فإن أرادك المُنافِقُون على خَلْعِه، فلا تَخْلعْه"

(1)

.

= وأخرجه أحمد 40/ (24253) عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

وقد وافق يحيى القطان على روايته كذلك جماعة، منهم أبو معاوية الضرير عند إسحاق بن راهويه في "مسنده"(1776) وعند غيره، وكذلك سفيان بن عيينة عند الحميدي (268)، وأبو أسامة حماد بن أسامة عند ابن سعد 3/ 63، وابن أبي شيبة 12/ 45 وغيرهم.

وخالفهم وكيع، فرواه عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم، عن عائشة، فذكر قصة عثمان مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وجعل قول عثمان يوم الدار من رواية قيس عن أبي سَهْلة عن عثمان.

أخرجه من طريقه أحمد 1/ (407) و (501) و 42/ (25797)، وابن ماجه (113)، والترمذي (3711)، وابن حبان (6918). فلم يذكر وكيع في قصة عثمان مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أبا سهلة مولى عثمان، وجعله من رواية قيس عن عائشة مباشرة، وقول القطان ومن وافقه هو المعتمد.

وأما قول عثمان يوم الدار، فالصحيح أنه مما سمعه أبو سهلة من عثمان بن عفان كما تدلُّ عليه رواية وكيع وأبي أسامة وغيرهما.

على أنه قد صحَّ عن عائشة معنى قول عثمان بن عفان المذكور كما سيأتي في الرواية التالية، وأنها سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقوله لعثمان، وفيه تفسير لقول عثمان هنا.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف الفرج بن فضالة، وقد اختُلف عليه في إسناده كما بُيِّن في "مسند أحمد" 41/ (24466)، رواه أبو معاوية محمد بن خازم الضرير عنه، عن ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن النعمان بن بشير، عن عائشة، وهذا هو الأصحُّ، فإنَّ الوليد بن سليمان ومعاوية بن صالح في رواية الأكثرين عنه، قد رووا هذا الخبر عن ربيعة بن يزيد، عن عبد الله بن عامر اليحصبي، عن النعمان بن بشير، عن عائشة، فوافقهم الفرج في روايته غير أنه أسقط من إسناده عبد الله بن عامر، على أنه قد صحَّ عن عروة بن الزبير عن عائشة لكن من طريق هشام بن عروة عن أبيه.

وأخرجه أحمد (24466) عن موسى بن داود، بهذا الإسناد. =

ص: 498

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه

4594 م - حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشاذ، قالا: حَدَّثَنَا بِشر بن موسى، حَدَّثَنَا الحُميدي، حَدَّثَنَا سفيان، حَدَّثَنَا يحيى

(1)

بن صَبِيح، عن قَتَادة، عن سالم بن أبي الجَعد، عن مَعْدان بن أبي طلحة اليَعْمَري، عن عمر بن الخطاب: أنه قال على المنبر: إني رأيتُ في المنام كأنَّ ديكًا نَقَرني ثلاث نَقَرات - أو نَقَدَني ثلاث نَقَدات - فقلت:

= وأخرجه ابن ماجه (112) من طريق أبي معاوية الضرير، عن الفرج بن فَضالة، عن ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن النعمان بن بشير، عن عائشة.

وأخرجه أحمد (24566) من طريق الوليد بن سليمان القرشي مولاهم، والترمذي (3705) من طريق الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، كلاهما عن عبد الله بن عامر، عن النعمان بن بشير، عن عائشة. وإسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 42 / (25162) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن عبد الله بن أبي قيس، عن النعمان بن بشير، عن عائشة. فسمى عبد الرحمن بن مهدي في روايته عن معاوية شيخ ربيعة بن يزيد: عبد الله بن أبي قيس، وكذلك رواه زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح عند ابن أبي شيبة 12/ 48 - 49 و 15/ 201 غير أنه سماه ابن قيس بإسقاط لفظة "أبي".

لكن تابع الليثَ بنَ سعد في روايته عن معاوية بن صالح جماعةٌ، منهم أسدُ بنُ موسى عند الطحاوي في "شرح المشكل"(5311)، والطبراني في "الشاميين"(1934)، ومحمدُ بنُ جعفر عند أبي عاصم في "السنة"(1173)، وعبدُ اللهُ بنُ صالح كاتب الليث عند الطحاوي (5311)، والطبراني (1934)، وكذلك رواه الوليد بن سليمان عن ربيعة كما تقدم، فسمَّوا جميعًا شيخ ربيعة: عبد الله بن عامر، فهو الأصح كما قال الدارقطني في "العلل"(3442).

وأخرجه الطحاوي (5310)، والعُقيلي في "الضعفاء"(1784)، والطبراني في "الأوسط"(3751)، وابن بطة العُكبري في "الإبانة" 8/ 80، واللالكائي (2569)، وابن عساكر 39/ 284 و 291 من طريق المنهال بن بحر، عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وإسناده قوي إن شاء الله، المنهال وثقه أبو حاتم الرازي وأبو داود السجستاني، وليَّنه ابن عدي، وقال العقيلي: في حديثه نظر.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية هنا إلى: محمد.

ص: 499

أعجمي، وإني قد جعلتُ هذا الأمرُ بعدي إلى هؤلاء الستة الذين قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ: عثمان وعليّ وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

‌ذكر مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفّان رضي الله عنه

-

وأولُ ما لا يَسَعُ العالِمَ جهلُه من ذلك الوقوفُ على السبب الذي حَدَث ذلك منه: وهو شأنُ عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح، وهو ابن خالة عثمان بن عفّان، والوليدِ بن عُقبة بن أبي مُعَيط، وهو أخو عثمان لأمِّه، فأما عبدُ الله بن سعد بن أبي سَرْح فإِنَّ الأخبار الصحيحة ناطقةٌ بأنه كان كاتبًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فظَهَرتْ خِياناتُه في الكِتابة، فعزلَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فارتَدّ عن الإسلام، ولَحِقَ بأهل مكة، فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أباحَ دمَه يومَ الفتح، فلم يُقتَل حتَّى جاء به عثمانُ، وقد راجعَ الإسلامَ، فآمَنَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وحَقَنَ دَمَه

(2)

.

4595 -

فحدَّثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الأصبهاني، حَدَّثَنَا الحسن

(3)

بن الجَهْم، حَدَّثَنَا الحسين بن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عُمر، أنه قال: اسمُ أبي سَرْح الحُسام بن الحارث بن حُبَيب بن جَذيمة

(4)

.

قال الحاكم: ولمَّا استولى عبدُ الله بن سَعْد على مصر أعقَبَ، ومنهم عمرو بن سَوَّاد السَّرْحيُّ صاحبُ عبد الله بن وهب.

(1)

إسناده صحيح. وهو مكرر الحديث المتقدم برقم (4561)

(2)

انظر خبره مسندًا فيما تقدَّم بالأرقام (4408 - 4410).

(3)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: الحسين. وسقط الاسم برمته من (ص) و (م)، وهذا الإسناد معروف إلى الواقدي، وقد أكثر المصنّف من النقل عن الواقدي بواسطة، وسُمّي على الصواب في جميع ذلك.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: خُزَيمة، بالخاء المعجمة والزاي، وإنما هو بالجيم والذال المعجمة، كما في مصادر الأنساب، وضبطه النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" ص 194 (طبعة الرسالة العالمية) في ترجمة عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح.

ص: 500

وأما الوليد بن عُقبة بن أبي مُعَيط، فإنه وُلد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحُمِل إليه، فحُرم بركتَه صلى الله عليه وسلم:

4596 -

حَدَّثَنَا بصحَّة ما ذكرتُه عليُّ بن حَمْشَاذَ العَدْل، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حَدَّثَنَا فَيّاض بن زُهير الرَّقِّي، عن جعفر بن بُرْقان، عن ثابت بن الحجَّاج الكِلابي، عن عبد الله الهَمْداني، عن الوليد بن عُقبة، قال: لما فتحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مكةَ، جعلَ أهل مكة يأتون بصبيانهم فيمسحُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على رؤوسهم، ويدعو لهم، فخرج بي أبي إليه، وإني مُطيَّبٌ بالخَلُوق، فلم يَمسحْ على رأسِي ولم يَمسَّني، ولم يَمنعْه من ذلك إلَّا أنَّ أمي خَلَّقَتْني بالخَلُوق، فلم يَمسَّني من أجل الخَلُوق

(1)

.

قال أحمد بن حنبل: وقد روي أنه سَلَح

(2)

يومئذ، فتقذّره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلم يَمَسَّه ولم يَدْعُ له، والخَلُوقُ لا يمنعُ من الدعاء، لا جُرْمَ أيضًا لطفل في فِعْل غيره، لكنه مُنِع بركةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لسابقِ علمِ الله تعالى فيه، والله أعلم.

4597 -

حَدَّثَنَا أبو زكريا القاسم بن يحيى بن محمد، حَدَّثَنَا أبو بكر محمد بن محمد بن رجاء بن السِّنْدي، حَدَّثَنَا داود بن رُشَيد، حَدَّثَنَا الهيثم بن عَدِيّ، حدثني إسماعيل بن أبي خالد، حدثني طارق بن شِهَاب الأحْمَسي، قال: استعمل عثمانُ بن عفّان الوليدَ بنَ عُقبة بن أبي مُعَيط - وكان أخاه لأمِّه - على الكوفة وأرضها، وبها سعدُ بن أبي وقَّاص، فقَدِمَ على سعدٍ فأجلسه معه، ولا يعلمَ بعِلْمه، ثم قال: أبا وهب: ما

(1)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الله الهَمْداني، ولنكارته كما نبَّه عليه البخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 605 - 608، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 751.

وهو في "مسند أحمد" 26/ (16379).

وأخرجه أبو داود (4181) من طريق عمر بن أيوب الموصلي، عن جعفر بن بُرقان، به.

والخَلُوق: ضرب من الطيب أحمر أو أصفر.

(2)

أي: تغوَّط.

ص: 501

أقدَمَكَ؟ قال: قدمتُ عاملًا، قال: على أي شيءٍ؟ قال: على عَمَلك، فقال: والله ما أدري أكِسْتَ بعدي أم حَمُقتُ بعدَك؟ فقال: والله ما كِستُ بعدك، ولا حَمُقتَ بعدي، ولكن القومَ استأثروا عليك بسُلطانِهم، فقال: صدقتَ، ثم قال سعد:

خُذِيني فجُرِّيني ضِباعُ وأَبشِري

بلحمِ امرئٍ لم يَشهدِ اليومَ ناصِرُهْ

(1)

أيا عُمَراه! ضِباعُ الشرِّ

(2)

.

قال الهيثم: ولمَّا عَزل عثمانُ الوليد بنَ عُقبة عن الكوفة وولّاها سعيدَ بنَ العاص، قال الهيثمُ: فحدثني إسماعيل بن أبي خالد، عن الشَّعْبي، قال: لما قدم سعيدُ بن العاص قال: اغسِلوا المنبرَ لأصعَد عليه أو يُطهَّر، فغَسِل المنبر حتَّى صَعِدَ سعيد بن العاص

(3)

.

4598 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم المصري، حدثني أبي وشعيب بن الليث، قالا: حَدَّثَنَا الليث، عن يزيد بن أبي حَبيب، عن رَبيعة بن لَقِيط التُّجِيبي، عن عبد الله بن حَوَالة الأسَدي،

(1)

وقع في هذا البيت في نسخ "المستدرك" تحريفات تم تصويبها من "الأغاني" لأبي الفرج الأصبهاني 5/ 136، والبيت للنابغة الجعدي، تمثّل به سعد بن أبي وقاص.

(2)

إسناده تالف من أجل الهيثم بن عدي فهو متهم بالكذب، وقد رُوي الخبر من غير طريقه مختصرًا بذكر تولية عثمانَ الوليدَ بن عقبة مكان سعد، وقول سعد للوليد: أكِسْتَ بعدي أو استَحمقتُ بعدك، دون سائر الخبر، وروى ابن إسحاق عند ابن عساكر مرسلًا جوابَ الوليد لسَعْدٍ، دون ذكر البيت الذي تمثَّل به سعدٌ.

وأخرجه كذلك ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 63/ 236 - 237 من طريق أبي حمزة السّكري محمد بن ميمون، و 63/ 237 من طريق إبراهيم بن حميد الرؤاسي، كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد، عن طارق بن شهاب.

(3)

إسناده تالف كسابقه.

وقد ذكر ابن سعدٍ هذه القصة في "طبقاته الكبرى" 7/ 37 بغير إسناد، ومن طريقه ابن عساكر 21/ 114، وصدّرها ابن سعد بقوله: قالوا.

ص: 502

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"مَن نَجا من ثلاثٍ فقد نَجا" قالوا: ماذا يا رسول الله؟ قال: "مَوتي، وقتلِ خليفةٍ مُصطَبِرٍ بالحقِّ يُعطِيه، ومن الدّجّال"

(1)

.

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4599 -

أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن دُحَيم الشَّيباني بالكوفة، حَدَّثَنَا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، حَدَّثَنَا أبو نُعيم، حَدَّثَنَا شَريك، عن منصور، عن رِبْعيّ بن حِراش، عن البراء بن ناجِيةَ، قال: قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ رَحَى الإسلام ستدُور بعد خمسٍ وثلاثين أو ستٍّ وثلاثين أو سبعٍ وثلاثين سنةً، فإن يَهْلِكُوا فَسَبيلُ مَن هَلَك، وإن بقيَ لهم دينُهم يَقُمْ سبعين" قال عمر: يا نبي الله، بما مضى أو بما بقي؟ قال:"لا، بل بما بَقِي"

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل ربيعة بن لَقيط التُّجيبي، فقد روى عنه جمع ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: روى عنه أهل مصر.

وأخرجه أحمد 37/ (22488) عن حجاج بن محمد، عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 28/ (16973) و (17003) من طريق يحيى بن أيوب الغافقي، عن يزيد بن أبي حبيب، به.

وقد خالف الليثَ بنَ سعد ويحيى بنَ أيوب الغافقيَّ في إسناده إبراهيمُ بن يزيد المصريُّ وهو أبو خُزيمة الرُّعَيني القاضي - وقد وثقه ابن مَعِين، فرواه عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله اليزني، عن عقبة بن عامر، كما أخرجه من طريقه الرُّوياني في "مسنده"(170)، والطبراني في "الكبير"(17/ 794) من طريق جَرير بن حازم، عن إبراهيم بن يزيد المصري، به. لكن قول الليث بن سعد ويحيى الغافقي هو الصحيح كما نبَّه عليه الخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق" بإثر الخبر (63) بعد أن نقل ذلك عن القاضي أبي بكر الجِعَابي، ووافقه على قوله.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل البراء بن ناجية، فهو تابعيّ كبير، وروى عنه تابعيّ كبير، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه الحافظ ابن حجر في "التقريب"، وذكره البلاذُري في "أنساب الأشراف" 11/ 203، وأنه روى عن علي، وقد رُوي هذا الخبر من وجه آخر عن عبد الله: وهو ابن مسعود. =

ص: 503

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وفيه البيانُ الواضحُ لمقتل عثمانَ كما قدمتُ ذكرَه من تاريخ المقتل سنة خمسٍ وثلاثين.

4600 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حَدَّثَنَا مصعب بن عبد الله الزُّبيري قال: الوليد بن عُقبة بن أبي مُعَيط بن عمرو بن أُمية بن عبد شَمس، وكان أخا عثمانَ لأمِّه، وأمُّهما أَروى بنت كُريز بن ربيعة بن عبد شمس، وأمُّها أمُّ حَكيم

= شريك: هو ابن عبد الله النخعي، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو نُعيم: هو الفضل بن دُكين.

وسيأتي عند المصنّف برقم (4644) من طريق سفيان الثوري، وبرقم (8802) من طريق شيبان بن عبد الرحمن، كلاهما عن منصور بن المعتمر.

وأخرجه أحمد 6/ (3707)، وابن حبان (6664) من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن جده. وقد اختُلف في سماع عبد الرحمن من أبيه، والراجح سماعه منه، وقال في روايته:"على رأس خمس وثلاثين" دون شك أو تردد، ولم يذكر قول عمر في آخره.

وقد عدَّ الإمامُ أحمد هذا الحديث من أثبت ما رُوي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في خلافة عليّ، فيما نقله عنه أبو بكر الخلّال في "السنة"(649)، وأنَّ ابتداء الحساب يكون من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبذلك تدخل خلافة علي بن أبي طالب في المدة المذكورة.

وللخبر طريق ثالثة عند إسحاق بن راهويه كما في "المطالب العالية" للحافظ (4335)، والبزار (1942)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1612)، والطبراني (10311)، من طرق عن شريك بن عبد الله النخعي، عن مجالد بن سعيد، عن الشَّعبي، عن مسروق، عن ابن مسعود.

وإسناده ليس بالقوي من أجل مجالد، لكنه يصلح للمتابعة. ولفظه عند الطحاوي وهو أتمهم روايةً:"إنَّ رحى الإسلام ستزول بعد خمس وثلاثين، فإن يصطلحوا فيما بينهم على غير قتال يأكلوا الدنيا سبعين عامًا رغدًا، وإن يقتتلوا يركبوا سَنَنَ من كان قبلهم".

وله طريق رابعة عند الطبراني (9159) عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، موقوفًا عليه بسند صحيح، وهو وإن كان موقوفًا تدل الروايات الأخرى على رفعه، ولأنَّ مثله لا يجوز أن يقال من قِبل الرأي أصلًا، ولفظه: تدور رحى الإسلام على رأس خمس وثلاثين ثم يحدث حدثٌ عظيم، فإن كان فيه هَلَكتُهم فبالحرِيّ، وإلّا تراخى عليهم سبعين سنة، فمن أدرك ذلك رأى ما يُنكره.

ص: 504

البيضاءُ بنت عبد المطلب بن عبد مَناف عمةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَتَل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عُقبة بن أبي مُعَيط في رجوعه، وكان الوليد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا، وكان يُكنى أبا وَهْبٍ

(1)

.

4601 -

حَدَّثَنَا أبو النَّضر الفقيه وأبو الحسن العَنَزي، قالا: حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد الدارمي، حَدَّثَنَا يزيد بن عبد ربّه

(2)

الجِرْجِسيّ

(3)

، حَدَّثَنَا محمد بن حرب، عن الزُّبيدي، عن الزُّهْري، عن عمرو بن أبان بن عثمان، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُريَ الليلةَ رجلٌ صالحٌ أنَّ أبا بكر نِيطَ برسُول الله، ونِيطَ عمرٌ بأبي بكرٍ، ونِيطُ عثمانُ بعمرَ"، فلما قُمْنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: أما الرجلُ الصالحُ فرَسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأما ما ذَكر من نَوْط بعضِهم ببعض، فهُم وُلاةُ هذا الأمرِ الذي بعثَ اللهُ به نبيَّه صلى الله عليه وسلم

(4)

.

قال الدارمي: فسمعتُ يحيى بن مَعِين يقول: محمد بن حَرْب يُسنِد هذا الحديثَ، والناسُ يُحدّثون به عن الزُّهْري مرسلًا

(5)

، إنما هو عُمر بن أبانَ، ولم يكن لأبان بن عثمان ابنٌ يقال له: عَمرو

(6)

.

(1)

انظر "تاريخ دمشق" لابن عساكر 63/ 219 و 223.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبد الله، وضُبِّب فوقها في (ز)، وصوَّبناه من مصادر ترجمة المذكور، وقد تقدَّم اسمه على الصواب في إسناد حديث آخر عند المصنّف برقم (3423).

(3)

كذلك وقعت هذه النسبة بكسر الجيمين في أصل "سير أعلام النبلاء" في ترجمة يزيد بن عبد ربِّه 10/ 667 وفي "أنساب السمعاني" وما تفرع عنه، منصوصًا عليه بضم الجيمين، والذي في أصل "السير" هو الأصح فيما يغلب على الظن، لأنَّ النسبة إلى كنيسة كانت بحمص وكان يزيد بن عبد ربه يسكن بقربها فنسب إليها، والظاهر أنَّ هذه الكنيسة سميت على اسم النَّبِيّ الذي كان يُعرف بجِرجِيس، كما ضُبط في "القاموس" وشرحه، بكسر الجيمين.

(4)

إسناده محتمل للتحسين كما تقدم بيانه برقم (4488) إذ تقدَّم الحديث ثمة من طريق موسى بن هارون البُردي عن محمد بن حرب.

وأخرجه أحمد 23 / (14821) عن يزيد بن عبد ربّه، بهذا الإسناد.

(5)

تقدم الكلام على الاختلاف في إسناده برقم (4488)، وأنَّ الدارقطني رجَّح المتصل.

(6)

كذا جزم ابن مَعِين بأنه ليس لأبان ولد يقال له: عمرو، مع أنه مذكور في كتب الأنساب أنَّ =

ص: 505

4602 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حَدَّثَنَا الحسين بن الفضل البَجَلي، حَدَّثَنَا عفان، حَدَّثَنَا وُهَيب، حَدَّثَنَا أيوب، عن أبي قِلابَة، عن أبي الأَشْعَث، عن مُرّة بن كعب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فتنةً فقرَّبَها، فمرَّ به رجلٌ مُقنَّع فِي ثَوبٍ، فقال:"هذا يومئذٍ على الهُدى" فقمتُ إليه فإذا هو عثمانُ بن عفّان، فأقبلتُ إليه بوجهِه، فقلت: هو هذا؟ قال: "نعم"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

4603 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا الرَّبيع بن سليمان، حَدَّثَنَا أَسد بن موسى، حَدَّثَنَا ضَمْرة بن ربيعة، عن ابن شَوذَب، عن عبد الله بن القاسم، عن كَثيرٍ مولى عبد الرحمن بن سَمُرة، عن عبد الرحمن بن سَمُرة، قال: جاء عثمانُ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بألفِ دينارٍ حين جَهَّزَ جيشَ العُسْرة، ففرَّغها عثمانُ في حِجْر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: فجعلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُقلِّبها ويقول: "ما ضَرَّ عثمانَ ما عَمِلَ بعدَ هذا اليومِ" قالها مِرارًا

(2)

.

= لأبان من الولد عُمرَ وعَمرًا، وانظر "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم ص 85، وقد ذكره البخاريّ في "تاريخه الكبير" 6/ 315 فيمن اسمه عَمرو، وكذا ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/ 220.

(1)

إسناده صحيح. عفان: هو ابن مسلم الصَّفّار، ووُهَيب: هو ابن خالد، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي، وأبو الأشعث: هو شراحيل بن آده.

وأخرجه أحمد 29/ (18068) عن محمد بن بكر البُرساني، عن وُهَيب بن خالد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (3704) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد (18060) عن إسماعيل ابن عُليَّة، عن أيوب، عن أبي قلابة، مرسلًا.

وأخرجه أحمد (18067) من طريق جُبير بن نفير، عن كعب بن مرة البَهْزي. كذا سماه! وإسناده صحيح أيضًا.

وسيأتي عند المصنّف برقم (8539) من طريق عبد الله بن شقيق العُقيلي عن مرة البَهزي.

(2)

إسناده حسن من أجل كثير مولى عبد الرحمن بن سمُرة - وهو كثير بن أبي كثير - ومن =

ص: 506

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4604 -

أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدان الجلّاب بهَمَذان، حَدَّثَنَا إسحاق بن أحمد بن مِهْران الرازي، حَدَّثَنَا إسحاق بن سليمان، حَدَّثَنَا أبو جعفر الرازي، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ عثمان أصبحَ فحدَّثَ فقال: إني رأيتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في المنام الليلةَ، فقال:"يا عثمانُ، أفطِرْ عندنا". فأصبح عثمانُ صائمًا، فقُتل من يومِه رضي الله عنه

(1)

.

= أجل عبد الله بن القاسم الراوي عنه.

وأخرجه أحمد 34/ (20630) عن هارون بن معروف، والترمذي (3701) من طريق الحسن بن واقع الرَّمْلي، كلاهما عن ضمرة بن ربيعة بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن غريب.

وله شواهد أحسنها مرسل الحسن عند أحمد في "فضائل الصحابة"(787)، ورجاله ثقات.

وهذا أصح ممّا أخرجه الترمذي (3700) من طريق أبي داود الطيالسي، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" لأبيه 27/ (16696) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، كلاهما عن السكن بن المغيرة، عن الوليد بن أبي هشام، عن فرقد أبي طلحة، عن عبد الرحمن بن خبّاب، قال: شهدت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو يحث على جيش العُسرة، فقام عثمان بن عفان فقال: يا رسول الله، عليَّ مئة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، ثم حضَّ على الجيش، فقام عثمان بن عفان فقال: يا رسول الله، عليَّ مئتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، ثم حضَّ على الجيش، فقام عثمان بن عفان فقال: يا رسول الله، عليّ ثلاث مئة بعيرٍ بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، فأنا رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عن المنبر وهو يقول:"ما على عثمان ما عمل بعد هذه ما على عثمان ما عمل بعد هذه". قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه. قلنا: وفرقد أبو طلحة مجهول لم يرو عنه غير الوليد، وقال علي بن المديني: لا أعرفه.

(1)

حديث صحيح، هذا إسناد رجاله لا بأس بهم لكن انفرد بهذه الطريق الموصولة أبو جعفر الرازي - وهو عيسى بن ماهان - وهو وإن كان حديثه يحتمل التحسين فإنَّ له أفرادًا، وقد خالف يعلى بن حُكيم فرواه عن نافع مرسلًا لم يذكر فيه ابن عمر كما سيأتي، لكن رُوي هذا الخبر من وجوه متعددة يُقضى بمجموعها عليه بالصحة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 76 و 14/ 591، والبزار (347)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية" للحافظ ابن حجر (4385/ 1)، والآجُريّ في "الشريعة"(1431)، وأبو الشيخ الأصبهاني في "طبقات المحدثين بأصبهان" 2/ 298 - 299، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" =

ص: 507

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (2577)، وأبو نُعيم في "تاريخ أصبهان" 1/ 231، وأبو القاسم الأصبهاني في "سير السلف الصالحين" ص 171، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 384 و 385 من طرق عن إسحاق بن سليمان - وهو الرازي - بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 71، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 6/ 202، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 48، وابن عساكر 39/ 384 من طريق يعلى بن حكيم، عن نافع مرسلًا. فقد قال أبو زرعة الرازي: نافع مولى ابن عمر عن عثمان مرسل.

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4372)، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "فضائل الصحابة" لأبيه (765)، والطبري في "تاريخه" 4/ 383، وابن حبان (6919) من طريق أبي نضرة العَبْدي، عن أبي سعيد مولى أبي أُسَيد. وقال الحافظ في "المطالب": رجاله ثقات سمع بعضهم من بعض.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" لأبيه 1/ (526)، وفي زياداته على "فضائل الصحابة"(809)، ومن طريقه ابن عساكر 39/ 387، وابن الجوزي في "الثبات عند الممات" ص 101، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 490 من طريق يونس بن أبي يعفور العبدي، عن أبيه، عن مسلم أبي سعيد مولى عثمان بن عفان. وإسناده محتمل للتحسين في المتابعات والشواهد من أجل يونس بن أبي يعقوب، فهو مختلفٌ فيه.

وأخرجه ابن سعد 3/ 71، وابن أبي شيبة 11/ 76 و 1/ 49، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند"(536) وفي زياداته على "فضائل الصحابة" أيضًا (811)، وعمر بن شبَّة في "تاريخ المدينة" 4/ 1227، وابن عساكر 39/ 387 من طريق زياد بن عبد الله، عن أم هلال بنت وكيع، عن امرأة عثمان نائلة بنت الفُرافِصة. وإسناده ضعيف لجهالة زياد بن عبد الله وأم هلال.

وأخرجه أحمد بن منيع كما في "المطالب العالية"(1378) وابن أبي عاصم في "السنة"(1302)، والخطيب في "تلخيص المتشابه" 1/ 96، وابن عساكر 39/ 388 و 389 من طريق يحيى بن أبي راشد - ويقال يحيى بن راشد - مولي عمرو بن حريث، عن عُقبة بن أَسيد ومحمد بن عبد الرحمن الحَرَشي، كلاهما عن النعمان بن بشير، عن نائلة بنت الفرافصة. وإسناده ضعيف لجهالة يحيى بن أبي راشد وعقبة ومحمد بن عبد الرحمن.

وأخرجه سعيد بن منصور (2946)، وأحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(792)، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 6/ 201، وابن أبي الدنيا في "المنامات"(109)، وابن عساكر 39/ 386 و 389 من طريق فرج بن فضالة، عن مروان بن أبي أمية، عن عبد الله بن سلَام. وإسناده ضعيف لضعف فرج بن فضالة وجهالة مروان بن أبي أميّة. =

ص: 508

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4605 -

حَدَّثَنَا أحمد بن كامل القاضي، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن عبد الحميد الجُعْفي، حَدَّثَنَا الفضل بن جُبَير الورّاق، حَدَّثَنَا خالد بن عبد الله الطحّان المُزَني، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس، قال: كنت قاعدًا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذ أقبلَ عثمانُ بن عفّان، فلما دنا منه قال:"يا عثمانُ، تُقتَلُ وأنتَ تقرأ سورةَ البقرة، فتقَعُ قطرةٌ من دمِك على {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137]، يَغبِطُك أهلُ المَشرقِ وأهل المَغربِ، وتَشفَعُ في عَددِ ربيعةَ ومُضَر، وتُبعَثُ يوم القيامة أميرًا على كل مَخذُول"

(1)

.

= ولقتل عثمان وهو صائم شاهد عن أبي ليلى الكِنْدي بإسناد صحيح، عند عمر بن شبَّة في "تاريخ المدينة" 4/ 1189، والدولابي في "الكنى"(1647)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1416)، وابن عساكر 39/ 349.

وآخر عن عبد الله بن الزبير عند ابن سعد 3/ 67، وابن أبي شيبة 14/ 591 و 15/ 204، وأحمد في "الزهد"(687)، وفي "فضائل الصحابة"(772)، والبلاذُري 5/ 564، وابن عساكر 39/ 394 - 395، وإسناده صحيح أيضًا.

(1)

موضوع، والمتهم به الفضل بن جُبَير الورّاق، قال عنه العقيلي في "الضعفاء" 3/ 444: لا يُتابع على حديثه. قلنا: وقد حكم الذهبي في "تلخيص المستدرك" على هذا الخبر بالكذب، مُتَّهِمًا فيه أحمد بن محمد بن عبد الحميد الجُعفي. ولا يُسلّم له رحمه الله ذلك، لأنَّ أحمد بن محمد المذكور وثقه الخطيب ونقل عن الدارقطني قوله فيه: صالح الحديث. على أنه لم ينفرد به، بل تابعه على بعضه محمد بن غالب تمتام كما سيأتي، فالصحيح أنَّ العلَّة فيه من جهة الفضل بن جُبَير الورَّاق، على أنه روي من وجوه متعددة أنَّ عثمان رضي الله عنه لما قُتِلَ قطر من دمه على الآية المذكورة كما سيأتي، فلعلَّ هذا هو أصل الخبر، والله أعلم.

وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 490 من طريق محمد بن غالب تمتام، عن الفضل بن جُبَير الوراق، بهذا الإسناد، بلفظ: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لعثمان: "تُقتل وأنت مظلوم، وتقطر قطرة من دمك على {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ} " قال ابن عبّاس: فإنها إلى الساعة لفي المصحف.

وقد روى أبو سعيد مولى أبي أَسيد قصة قتل أمير المؤمنين عثمان ذي النورين بطولها وذكر فيها أنه ضُربت يده رضي الله عنه فانتضح الدم على هذه الآية {فَسَيَكْفِيكَهُمُ الله وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} . =

ص: 509

قال الحاكم: قد ذكرتُ الأخبارَ المَسانيد في هذا الباب في كتاب "مقتل عثمان" فلم أَستحسِن ذِكْرها عن آخرها في هذا الموضع فإنَّ في هذا القدر كفاية، فأمّا الذي ادّعتْه المُبتدِعةُ من مَعُونة أميرِ المؤمنين عليّ بن أبي طالب على قَتْله، فإنه كَذِبٌ وزُورٌ، فقد تواترت الأخبارُ بخِلافه:

4606 -

حَدَّثَنَا أبو القاسم علي بن المؤمَّل بن الحَسن بن عيسى، حَدَّثَنَا محمد بن يونس القُرشي، حَدَّثَنَا هارون بن إسماعيل الخَزّاز، حَدَّثَنَا قُرة بن خالد السَّدُوسي، سمع الحسنَ، عن قيس بن عُبَاد، قال: شهدتُ عليًا يوم الجمَل يقولُ: اللهم إني أبرأُ إليكَ من دمِ عثمانَ، ولقد طاشَ عَقْلي يوم قُتل عثمانُ وأنكرتُ نفسي، وأرادُوني على البَيعة، فقلت: والله إني لأستحْيي من الله أن أبايعَ قومًا قتلوا رجلًا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أستحْيي ممَّن تَستحْيي منه الملائكةُ"، وإني لأستحْيي من الله أن أبايع وعثمانُ قتيلُ الأرض لم يُدفَن بعدُ، فانصرفوا فلما دُفن رجعَ الناسُ إليَّ فسألوني البيعة، فكأنما صُدِع عن قلبي، فقلتُ: اللهم خُذْ مني لعثمانَ حتَّى تَرْضى

(1)

.

= أخرجه ابن أبي شيبة 15/ 215 - 220، وأحمد في "فضائل الصحابة"(766)، وابن حبان (6919)، وغيرهم بإسناد صحيح، قال الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" (4372): رجاله ثقات سمع بعضهم من بعضٍ.

وروي أيضًا أنَّ دمه قطر على الآية المذكورة في خبر لعمرة بنت قيس العدوية عند عبد الله بن أحمد في زياداته على "فضائل الصحابة"(817)، وزياداته على "الزهد" لأبيه (677)، بسند لا بأس به.

(1)

هذا الإسناد فيه محمد بن يونس القرشي - وهو الكُديمي - وهو ضعيف جدًّا، لكن تقدم الخبر برقم (4577) من رواية محمد بن أحمد بن يزيد الرِّيَاحي، وهو صدوق، عن هارون بن إسماعيل الخزاز، فالخبر حسن بذلك الإسناد.

وأخرجه أبو بكر الكلاباذي في "معاني الأخبار" ص 272، وأبو نُعيم في "تثبيت الإمامة"(137) وفي "معرفة الصحابة"(279)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 450 من طرق عن محمد بن يونس الكُديمي، بهذا الإسناد.

ص: 510

4607 -

حَدَّثَنَا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم العَدْل، حَدَّثَنَا يحيى بن أبي طالب، حَدَّثَنَا بشار بن موسى الخَفّاف، حَدَّثَنَا الحاطِبي عبد الرحمن بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: لما كان يومُ الجَمَل خرجتُ أنظُرُ في القَتْلى، قال: فقام عليٌّ والحسن بن علي وعمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر وزيد بن صُوحان يَدُورون في القَتْلى، قال: فأبصرَ الحسنُ بن عليٍّ قتيلًا مكبوبًا على وجهِه، فقلَبَه على قَفاهُ ثم صرخَ، ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون فَرْخُ قريش واللهِ، فقال له أبوه: مَن هو يا بُنيّ؟ قال: محمد بن طلحة بن عُبيد الله، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، أما والله لقد كان شابًا صالحًا، ثم قعد كئيبًا حزينًا، فقال له الحسن: يا أبتِ، قد كنتُ أنهاكَ عن هذا المَسيرِ، فغَلَبَك على رأيك فلانٌ وفلانٌ، قال: قد كان ذاك يا بُنيّ، ولوَدِدتُ لو أني متُّ قبل هذا بعشرين سنةً.

قال محمد بن حاطب: فقمتُ، فقلت: يا أميرَ المؤمنين، إنا قادِمُون المدينةَ والناسُ سائلونا عن عثمان، فماذا نقول فيه؟ قال: فتكلَّم

(1)

عمارُ بن ياسر ومحمد بن أبي بكر، فقالا وقالا، فقال لهما عليٌّ: يا عمار، ويا محمد، تقولان: إنَّ عثمانَ استأثر وأساءَ الإمرةَ، وعاقبتُم واللهِ فأسأتُم العُقوبةَ، وستَقدَمُون على حَكَمٍ عَدْلٍ يَحكُم بينكم، ثم قال: يا محمدَ بنَ حاطبٍ، إذا قدمتَ المدينة وسُئلتَ عن عثمان، فقل: كان واللهِ من الذين آمنوا، ثم اتقَوْا وآمَنُوا، ثم اتقَوْا وأحسَنُوا، والله يُحبُّ المحسنين، وعلى الله فليتوكَّل المؤمنون

(2)

.

(1)

قوله: "فتكلم" من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وتحرَّف في (ز) و (ب) إلى: فاغتم، وبيَّض مكانها في (ص) و (م).

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد ضعيف، بشار بن موسى الخَفَّاف اختُلف فيه وهو إلى الضعف أقرب، وعبد الرحمن بن محمد الحاطبي - وهو عبد الرحمن بن عثمان بن إبراهيم بن محمد بن حاطب، نسب هنا إلى جدِّ أبيه - ضعفه أبو حاتم الرازي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، فالأقرب ضعفه، لكن رويت قصة محمد بن حاطب في سؤاله لعليٍّ عن قوله في عثمان من وجوه أخرى عن =

ص: 511

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= محمد بن حاطب، ولباقيه شواهد صحيحة.

وأخرج قصة محمد بن حاطب في سؤاله لعليٍّ عن قوله في عثمان: ابن عساكر 39/ 464 من طريق أسود بن عامر، عن عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي، بهذا الإسناد.

وأخرجها أيضًا أحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(770)، والآجُرِّي في "الشريعة"(1448) و (1826)، وابن عساكر 39/ 465 و 465 - 466 من طريق أبي عون محمد بن عُبيد الله الثقفي، والحسين بن إسماعيل المَحاملي في "أماليه" برواية ابن يحيى البيّع (196)، وابن عساكر 39/ 467 من طريق عبد الملك بن سفيان الثقفي، كلاهما عن محمد بن حاطب. وإسناد رواية أبي عون صحيح.

ويشهد له خبر كُليب بن شهاب عند ابن أبي شيبة 15/ 248، وابن عساكر 39/ 466 من طريق عاصم بن كليب عن أبيه. وإسناده قوي.

وقد رُوي عن محمد بن حاطب أنَّ عليًا أجاب في عثمان بقول غير هذا، كما أخرجه ابن أبي الدنيا في "الإشراف في منازل الأشراف"(293)، وابن عساكر 39/ 467 و 468 من طريق يوسف بن سعد مولى عثمان بن مظعون، أنَّ محمد بن حاطب قال له: لو شهدتَ اليوم شهدتَ عجبًا، اجتمع عليّ وعمار ومالك الأشتر وصعصعة بن صُوحان في هذه الدار، يعني دار نافع، فتكلم عمار فذكر عثمان، فجعل عليٌّ يتغيّر وجهه، قال: ثم تكلم مالك حذاء عمار، قال: ثم إنَّ صعصعة تكلم، فقال: يا أبا اليقظان، ما كل ما يزعم الناسُ أن عثمان أتى أتى، أو قال قائل: أول من ولي فاستأثر، وأول من تفرقت عنه الأمة، ثم إنَّ عليًا تكلم، فقال: إنا والله على الأثر الذي أتى عثمانُ، لقد سبقت له سوابق لا يعذبه الله بعدها أبدًا. وإسناده صحيح، ولا يمتنع أن يكون عليٌّ قال في ذلك اليوم عند ذلك الاجتماع كلا القولين، أحدهما أجاب فيه محمدَ بنَ حاطب، والآخر أجاب فيه أولئك النفر المذكورين.

ويشهد لقصة الحسن بن علي بن أبي طالب فيما قاله لأبيه وجواب أبيه له: خبرُ قيس بن عُباد عند عبد الله بن أحمد في "السنة"(1326) و (1397)، وأبي بكر الخلال في "السنة"(748)، والطبراني في "الكبير"(203)، وابن عساكر 42/ 458. وإسناده صحيح.

ويشهد لها أيضًا خبر سليمان بن صُرَد عن الحسن بن علي بن أبي طالب عند ابن أبي شيبة 15/ 285 و 288، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 3/ 63، وابن أبي الدنيا في "المتمنين"(97) و (155)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" للهيثمي (757)، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 2/ 861، والخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 103 - 104 من طرق صحاح عن سليمان بن صُرَد. وانظر ما سيأتي برقم (5696) و (5697). =

ص: 512

4608 -

حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن الخليل الأصبهاني، حَدَّثَنَا موسى بن إسحاق الخَطْمي القاضي بالرّي، حَدَّثَنَا المُسيّب بن عبد الملك، حَدَّثَنَا مروان بن معاوية، عن سَوّار، عن عمرو بن سفيان قال: خطبنا عليٌّ يوم الجَمَل، فقال: أين مَرَّ وَحِيُّ القوم؟ قال: قلنا: هم صَرْعى حول الجَمَل، قال: فقال: أما بعدُ، فإنَّ هذه الإمارةَ لم يَعهَدْ إلينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فيها عهدًا يُتّبعُ أثرُه، ولكنا رأيناها تلقاءَ أنفُسِنا، استُخلِفَ أبو بكر فأقامَ واستقام، ثم استُخلِفَ عمرُ فأقام واستقام، ثم ضَرَبَ الدهرُ بجِرانِه

(1)

.

= وأما قصة قتل محمد بن طلحة بن عُبيد الله يوم الجمل فمشهورة، وممَّن ذكرها أبو جَمِيلة ميسرة بن يعقوب الطُّهَوي صاحب راية عليّ يوم الجمل، أخرج ذلك عنه البخاري في "تاريخه الأوسط"(295). وإسناده صحيح.

وستأتي هذه القصة مرة أخرى عند المصنّف برقم (5708) عن الحسن بن يعقوب العدل عن يحيى بن أبي طالب.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل سوّار - وهو ابن مصعب الهَمْداني - فهو متروك الحديث، لكن روى هذا الخبر سفيانُ الثوري عن الأسود بن قيس عن عمرو بن سفيان: أن عليًا خطب

وذكره الذهبي في "تاريخ الإسلام" 1/ 834 وحسّن إسناده. كذلك رواه عن الثوري جماعةٌ.

فقد أخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة"(1334)، والدراقطني في "العلل"(442)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 4/ 276 - 277 من طريق عصام بن النعمان بن أبي خالد، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 223، وفي "الاعتقاد" ص 357، وابن عساكر 30/ 292 من طريق أبي داود الحَفَري، وابن عساكر 30/ 291 من طريق الحسين بن الوليد النيسابوري، ثلاثتهم عن سفيان الثوري، عن الأسود بن قيس، عن عمرو بن سفيان، قال: لما ظهر عليٌّ على الناس يوم الجمل قال

فذكره على صورة الإرسال.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(197)، وأحمد في "المسند" 2/ (921)، وفي "فضائل الصحابة"(477)، وعبد الله بن أحمد في "السنة"(1327)، والدارقطني في "العلل"(442)، وابن عساكر 30/ 292 من طريق عبد الرزاق بن همّام، وعبد الله بن أحمد في "السنة"(1333) من طريق زيد بن الحُباب، والدارقطني في "العلل"(442) من طريق أبي يحيى عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمّاني، كلهم عن سفيان الثوري، عن الأسود بن قيس، عن رجل، عن علي. فأبهم هؤلاء في روايتهم عن سفيان اسم التابعي. وكذلك رواه عن سفيان أيضًا قبيصة بن عقبة فيما قاله ابن أبي حاتم في =

ص: 513

4609 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا الخَضِر بن أبان الهاشمي، حَدَّثَنَا علي بن قادِم، حَدَّثَنَا أبو إسرائيل، عن الحَكَم، قال: شَهِدَ مع عليٍّ صِفِّينَ ثمانون

= "العلل"(2638)، والخطيب، ومحمد بن يوسف الفريابي فيما قاله الخطيب في "موضح الأوهام" 1/ 209، لكن تبيَّن هذا المبهم في رواية غيرهم عن سفيان الثوري كما تقدم، فالمصير إليه.

وخالف هؤلاء جميعًا في إسناده أبو عاصم الضحاك بن مخلد، فرواه عن سفيان الثوري، عن الأسود بن قيس، عن سعيد بن عمرو بن سفيان، عن أبيه. أخرجه من طريقه ابن أبي عاصم في "السنة"(127)، وعبد الله بن أحمد في "السنة"(1336)، والعقيلي في "الضعفاء"(255)، والدارقطني في "العلل"(442)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(2527)، وابنُ عساكر 42/ 1438 و 48/ 52، وضياء الدين المقدسي في "الأحاديث المختارة" (471). وقال أبو زرعة الرازي فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل" (2638): ما أرى أبو عاصم صنع شيئًا فيما زاد في إسناده ابن عمرو بن سفيان.

وقد روى شريك النخعيّ عند أحمد 2/ (1256) نحو الشطر الثاني من هذا الخبر في ذكر استخلاف أبي بكر وعمر، فصرَّح باسم التابعي، وهو عمرو بن سفيان.

وأخرج في نفي عليٍّ عهدَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم باستخلاف أحدٍ: أحمد بن حنبل في "المسند" 2/ (993)، وأبو داود (4530) وغيرهما، من طرق عن الحسن البصري، عن قيس بن عُباد، قال: انطلقت أنا والأشتر إلى عليّ، فقلنا: هل عهد إليك نبيّ الله صلى الله عليه وسلم عهدًا لم يعهده إلى الناس عامّة؟ قال: لا، إلّا ما في كتابي هذا، قال: وكتاب في قراب سيفه، فإذا فيه المؤمنون تَكافَأُ دماؤهم

إلخ، وإسناده صحيح.

وأخرج قول عليٍّ في استخلاف أبي بكر وبعده عمر واستقامتهما في الحكم: ابن أبي شيبة 14/ 570، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" 2/ (1055) و (1059) وفي زياداته على "فضائل الصحابة" لأبيه (72) و (427)، والآجُرّي في "الشريعة"(1804)، وابن عساكر 30/ 292 و 44/ 259، والضياء في "المختارة"(670) و (671) من طريق عبد الملك بن سَلْع، عن عبد خير الهَمْداني، عن علي قال: قُبض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر، فعمل بعمله وسار بسيرته، حتَّى قبضه الله عز وجل على ذلك، ثم استُخلِف عمر، فعمل بعملهما وسار بسيرتهما، حتَّى قبضه الله عز وجل على ذلك. وإسناده جيد.

وقد تقدَّم نحوه برقم (4475)، بإسنادٍ حسن.

قوله: "ضرب الدهر بجِرانِه": أي قَرَّ قَرارُه واستقام، والجِران: باطن عنق البعير.

ص: 514

بدريًا، وخمسون ومئتان ممَّن بايَعَ تحت الشجرة

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف الخضر بن أبان الهاشمي، لكنه قد توبع، غير أنَّ هذه المتابعة لا تنفع لأنَّ أبا إسرائيل - وهو إسماعيل بن خليفة - فيه ضعفٌ أيضًا، ثم إنه اختُلف فيه على الحكم - وهو ابن عُتيبة - سندًا ومتنًا كما سيأتي بيانه.

وأخرجه الخطيب في "تالي تلخيص المتشابه" 2/ 503 من طريق محمد بن عميرة النخعي، وأبو القاسم الرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" 1/ 193 من طريق أسباط ومالك بن إسماعيل، ثلاثتهم عن أبي إسرائيل، عن الحكم.

وأخرج أحمد بن حنبل في "العلل" برواية ابنه عبد الله (462)، ومن طريقه أخرجه أبو بكر الخلّال في "السنة"(726)، والعقيلي في "الضعفاء" 1/ 201، وابن عدي في "الكامل" 1/ 239، والخطيب في "تاريخ بغداد" 7/ 24 عن أمية بن خالد قال: قلت لشعبة: إنَّ أبا شيبة حَدَّثَنَا عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال: شهد صفِّين من أهل بدر سبعون رجلًا، فقال: كذب والله، لقد ذاكرتُ الحكم ذاك وذكرناه في بيته، فما وجدنا شهد صفِّين أحدٌ من أهل بدر غير خُزَيمة بن ثابت. وقال الذهبي في "الميزان" بعد أن أورد هذه الرواية: سبحان الله!! أما شهدها عليّ، أما شهدها عمار؟

وقد ذكر غير واحد من أهل السير والتاريخ أنه روي عن حبَّة بن جوين العُربي - وهو ضعيف غالٍ في التشيُّع - أنه حدَّث أنه كان مع عليّ يوم صفين ثمانون بدريًا، وقال الذهبي في "الميزان" في ترجمة حبَّة: هذا مُحالٌ.

ونقل مُغلَطاي عن الساجي قوله: ويُبيِّن ضعفَ حبَّة العُرني أنه قال: كان مع علي ثمانون بدريًا، وهم معروفون محصور عددهم مذكور في كتب السير. قلنا: ولا نستبعد أن يكون الحكم أخذه عن حبّة العربي، فإنَّ له روايةً عنه، والله أعلم.

وقال شيخُ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" 6/ 236: قيل: إنه حضرها سهل بن حُنيف وأبو أيوب. يعني من البدريين.

وروي عن محمد بن سِيرِين بإسناد صحيح إليه قال: هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف، فما حضر فيها مئة، بل لم يبلغوا ثلاثين. أخرجه عنه أحمد في "العلل"(4787)، ومن طريقه أبو بكر الخلال في "السنة"(728) عن إسماعيل ابن عُليَّة، عن أيوب، عن ابن سِيرِين. وسيأتي برقم (8562) من طريق معمر بن راشد، عن أيوب، عن ابن سِيرِين بلفظ: لم يَخِفَّ فيها منهم أربعون رجلًا. =

ص: 515

4610 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حَدَّثَنَا حامد بن أبي حامد المقرئ، حَدَّثَنَا إسحاق بن سليمان الرازي، سمعت كثيرًا أبا النضر يقول: سمعتُ رِبعيَّ بنَ حِراشٍ يقول: انطلقتُ إلى حذيفةَ بالمدائن لياليَ سارَ الناسُ إلى عثمان، فقال: يا بُنيّ، ما فعل قومُك؟ قال: عن أي حالِهم تسألُ؟ قال: مَن خرج منهم إلى هذا الرجل؟ فسمَّيتُ له رجلًا ممن خرج فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من فارقَ الجماعةَ واستذلَّ الإمارةَ، لقيَ الله ولا حُجّة لَه عندَه"

(1)

.

4611 -

حَدَّثَنَا أبو علي الحافظ، أخبرنا عبد الله بن قَحْطبة الصِّلْحي، حَدَّثَنَا محمد بن الصَّباح، حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، سمعتُ ميمون بن مِهْران يَذكُر أنَّ علي بن أبي طالب قال: ما يَسُرُّني أن أخذتُ سيفي في قتلِ عثمانَ، وأنَّ ليَ الدنيا وما فيها

(2)

.

4612 -

حَدَّثَنَا أبو محمد المُزَني، حَدَّثَنَا أحمد بن نَجْدة القرشي، حَدَّثَنَا يحيى

(3)

بن عبد الحميد، حَدَّثَنَا يعقوب بن عبد الله القُمِّي، عن هارون بن عَنْترة، عن أبيه، قال:

= قال ابن تيمية في "منهاج السنة" 6/ 236: هذا الإسناد من أصحِّ إسنادٍ على وجه الأرض، ومحمد بن سِيرِين من أورع الناس في منطقه، ومراسيله من أصح المراسيل، وكلامه مقارب فما يكاد يُذكر مئة واحدٍ.

(1)

إسناده حسن، وهو مكرر ما تقدَّم برقم (414).

(2)

رجاله ثقات، لكن ميمون بن مهران ولد سنة توفي علي بن أبي طالب، فخبره مرسل.

وأخرجه أبو نُعيم بن حماد في "الفتن"(428)، وعمر بن شبَّة في "تاريخ المدينة" 4/ 1268 من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه عمر بن شبة 4/ 1268 من طريق عمرو بن أبي سلمة، عن الأوزاعي، به.

على أنه صحَّ عن عليٍّ أنه تبرأ من دم عثمان ولم يرضَ بقتله، كما تقدَّم برقم (4577) بسند حسن، وصحَّ ذلك عنه من وجوه عدَّة.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: علي، وقد جاء عند المصنّف عدة أحاديث من رواية أحمد بن نجدة القرشي - وهو ابن العُريان الهَرَوي - عن يحيى بن عبد الحميد - وهو الحِمَّاني - فمن ثَمّ صوبنا الاسم هنا.

ص: 516

رأيت عليًّا بالخَوَرْنَق وهو على سرير، وعنده أبانُ بن عثمان، فقال: إني لأرجو أن أكونَ أنا وأبوكَ من الذين قال الله عز وجل: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47]

(1)

.

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل يحيى بن عبد الحميد - وهو الحِمّاني - فهو ضعيف يُعتبر به، ورُوي ما يشهد لروايته هذه لكن دون ذكر أبان بن عثمان، بل ذكر في بعضها بنات عثمان، كما سيأتي بيانه.

ومن ذلك ما أخرجه أحمد في "فضائل الصحابة"(729)، وفي "العلل" برواية ابنه عبد الله (4725)، وأبو بكر الخلّال في "السنة"(556)، وأبو بكر القَطِيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد (698) و (851)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 16/ 618، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 458 من طريق أم عمر بنت حسان بن زيد، عن أبيها أبي الغُصن حسان بن زيد، عن علي. وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.

وأخرجه ابن عساكر 39/ 464 من طريق عبد الرحمن بن عثمان بن محمد بن حاطب، عن أبيه، عن جده، عن علي. وإسناده حسن في المتابعات والشواهد أيضًا.

وأخرجه أحمد في "فضائل الصحابة"(758)، وأبو بكر الخلّال في "السنة"(555)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1774)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2573)، وابن عساكر 39/ 459 من طريق عبد الرحمن بن الشَّرود - وقيل: الشَّريد - عن عليّ. وعبد الرحمن المذكور مجهول لم نتبينه.

وأخرجه أبو بكر القَطِيعي في زياداته على "فضائل الصحابة"(1057)، وابن عساكر 25/ 117 - 118 - من طريق الأشعث بن عبد الملك الحُمْراني، عن محمد بن سِيرِين، عن أبي صالح، عن عليّ. ورجاله ثقات لكن أبا صالح - وهو ذكوان السمان - روايته عن علي مرسلة.

وأخرجه نُعيم بن حماد في "الفتن"(194) و (374) من طريق أيوب السِّختياني، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 6/ 111، والطبري في "تفسيره" 14/ 37 من طريق عوف الأعرابي، ومن طريق هشام بن حسان، ثلاثتهم عن محمد بن سِيرِين أن عليًا قال

فلم يذكروا أبا صالح، ورجاله ثقات، وهذا أشبه مما قبله.

وأخرجه البيهقي في "الاعتقاد" ص 373 من طريق أبي جعفر محمد بن علي الباقر، قال: قال علي بن أبي طالب. ورجاله ثقات لكنه مرسل أيضًا لأنَّ محمد بن علي لم يدرك جدَّ أبيه عليًا.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 229، والطبري في "تفسيره" 8/ 183 من طريق قتادة، =

ص: 517

4613 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن أُمية بن مسلم القرشي بالسّاوَة، حدثني أبي، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن مَغْراء، سمعتُ محمد بن إسحاق بن يسار يَذكُر عن شيوخه: أنَّ أم حَبيبة بنت أبي سُفيان زوجةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَجَّهَتْ رسولًا إلى عبد الله بن أبي ربيعة - أخو عيّاش بن أبي ربيعة - رسولًا يخبره بقتل عثمان ووجّهَت إليه بقميصِه الذي قُتل فيه، وأثوابِه مُضرَّجاتٍ بدمِه، فلما وَرَدَ عليه الرسولُ، خرجَ إلى الناس وصَعِدَ المنبرَ وأخبرهم بقَتْله، ونَشَر قميصَه على المِنبَر، وبكى وبكي الناسُ معه، وأنشأ يقول:

أتانيَ أمرٌ فيه للناسِ غُمَّةٌ

وفيه بُكاءٌ للعُيونِ طويلٌ

وفيه مَتاعٌ للحياةِ بذِلَّةٍ

وفيه اجتِداعٌ للأنُوفِ أصيلُ

مُصابُ أميرِ المؤمنينَ وهَدّةٌ

تكادُ لها

(1)

شُمُّ الجِبال تَزُولُ

تَداعَتْ عليه بالمدينةِ عُصْبةٌ

فريقانِ: منهم قاتِلٌ وخَذُولُ

= قال: قال علي. ورجاله ثقات لكنه مرسل أيضًا، لأنَّ قتادة لم يدرك عليًا.

وأخرجه ابن عساكر 39/ 464 - 465 من طريق عاصم بن أبي النَّجود بلفظ: دخلت إحدى بنات عثمان على عليّ فقال

ورجاله لا بأس بهم لكنه مرسل كذلك.

وبمجموع ذلك يصح الخبر، والله تعالى أعلم.

وقد روي مثله من قول علي بن أبي طالب رضوان الله عنه في حق طلحة بن عُبيد الله كما تقدّم برقم (3388)، وكما سيأتي برقم (5713).

والخَوَرْنَق: قصر بالحيرة، وهي مدينة قرب الكوفة، كانت عاصمة لملوك اللَّخْميين قبل الفتح.

(1)

تحرّفت في (ز) إلى: بعادٌ لها، وفي (ص) والمطبوع إلى: يعادلها، غير أنها لم تُعجم في (ص)، وفي (م) تحرَّفت إلى: معارلها، بالراء بدلٌ الدَّال المهملة، وكل ذلك خطأ صوَّبناه من بعض كتب الأدب التي ذكرت هذه الأبيات مَعزوَّة إلى معاوية بن أبي سفيان، ومن ذلك "وقعة صفين" لنصر بن مزاحم ص 79، و"معجم الشعراء" للمرزباني ص 394، و "الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي "لأبي الفرج المعافى بن زكريا النَّهرواني ص 414.

ص: 518

سأَنْعَى أبا عمرٍو بكلِّ مُهنَّدٍ

وبِيضٍ لها في الدّارِعِينَ صَليلُ

(1)

ولا نَومَ حتَّى يُشجَرَ

(2)

القومُ بالقَنَا

ويُشفى من القومِ الغُواةِ غَليلُ

ولستُ مُقِيمًا ما حَيِيتُ ببلدةٍ

أجُرُّ بها ذَيلًا وأنت قَتيلُ

قال: فخرج لنُصرته بمن كان مَعَه، فلما قَرُبَ من مكةَ سَقَطَ عن راحلتِه فماتَ

(3)

.

4614 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي دارِم، حَدَّثَنَا الحسين بن أبي الأحوص الثَّقَفي، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق البَلْخي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن مَغْراء، عن مُجالِد، عن الشَّعْبِي، قال: ما سمعتُ من مَراثي عثمان شيئًا أحسنَ من قول كعب بن مالك:

فكَفَّ يدَيه ثم أغلَقَ بابَهُ

وأيقَنَ أنَّ الله ليس بغَافلِ

وقال لأهل الدار: لا تَقتُلوهُمُ

عفا اللهُ عن كلِّ امرئ لم يُقاتِلِ

فكيف رأيتَ الله صَبَّ عليهمُ ال

عَداوةَ والبغضاءَ بعد التَّواصُلِ

وكيفَ رأيتَ الخيرَ أدبرَ بعدَه

عن الناسِ إدْبارَ الرِّياحِ الحوافِلِ

(4)

(1)

تحرَّفت في أصولنا الخطية إلى: هليل، بالهاء، والتصويب من "وقعة صفين" لنصر بن مزاحم ص 79، وغيره، والبِيض: جمع الأبيض، وهو السَّيف. والمعنى: بسيوف لها في الدارِعين (أي: الذين يلبسون الدروع) صليل: وهو صوت وقع السيوف في الحديد.

(2)

أي: يُطعَن بالرُّمح.

(3)

إسناده معضَل لم يبين فيه ابن إسحاق رواته، ولم يرو عنه إلَّا بهذا الإسناد، وفي الرواة إليه من هو مجهول الحال.

(4)

إسناده ضعيف جدًّا، محمد بن إسحاق البَلْخي مُتهم بالكذب مع وصفه بالحفظ، وابنُ أبي دارم على وصفه بالحفظ أيضًا ليس بعمدة، فقد قال عنه المصنّف نفسه: غير ثقة، لكن ينفرد به ابن أبي دارم، بل توبع، فيبقى الشأنُ في محمد بن إسحاق البَلْخي، ومُجالدٌ - وهو ابن سعيد - ليس بالقوي. وقد نُسبت الأبيات المذكورة لحسان بن ثابت أيضًا، وبعضهم نسبها للمغيرة بن الأخنس، وقيل: للوليد بن عُقبة بن أبي مُعيط.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 537 من طريق القاسم بن محمد الدلال، عن محمد بن إسحاق البَلْخي، بهذا الإسناد.

ص: 519

4615 -

حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطّة، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن رُسْتَهْ الأصبهاني، حَدَّثَنَا سليمان بن داود الشاذَكُوني، حَدَّثَنَا عيسى بن يونس، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن ابن عبّاس: أنه سُئل عن عثمانَ: ما كان على فَصِّ خاتِمِه؟ قال: كان على فَصِّ خاتِمِه من صِدق نِيَّته: اللهم أحْيِني سعيدًا، وأمِتْني شهيدًا، فوالله لقد عاشَ سعيدًا، ومات شهيدًا

(1)

.

4616 -

حدثني أبو الحسن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثني أبي، حَدَّثَنَا هارون بن إسحاق الهَمْداني، حَدَّثَنَا عَبْدة بن سليمان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن حُصَين الحارثي، قال: جاء عليُّ بن أبي طالب إلى زيد بن أرقَمَ يعودُه وعندَه قومٌ، فقال عليٌّ: اسكُنوا واسكُتُوا فوالله لا تسألوني عن شيء إلَّا أخبرتُكم، فقال زيدٌ: أنشُدُكَ الله، أنت قتلتَ عثمانَ؟ فأطرَقَ عليٌّ ساعةً، ثم قال: والذي فَلَقَ الحبّةَ وبَرَأ النَّسمة، ما قَتلْتُه، ولا أمرتُ بقتلِه

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل سليمان بن داود الشاذَكُوني، فهو متروك الحديث، واتهمه بعضهم.

والصحيح أن عثمان رضي الله عنه كان معه كان معه خاتم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وكان منقوشًا عليه "محمد رسول الله" ولبسه قبله أبو بكر ثم عمر، ثم سقط منه في بئر، فاتخذ خاتمًا آخر ونقش فيه أيضًا "محمد رسول الله". أخرجه أبو داود (4220)، والنسائي (9478) من طريق المغيرة بن زياد الموصلي، عن نافع، عن ابن عمر وإسناده حسن، وأصله في "الصحيحين" لكن دون ذكر اتخاذ عثمان خاتمًا آخر، من غير طريق المغيرة بن زياد.

وأخرج ابن عساكر 39/ 209 بسند لا بأس به، عن عمرو بن عثمان بن عفان، قال: كان نقش خاتم عثمان: آمنت بالذي خلق فسوَّى. وقد جزم ابن رجب في "أحكام الخواتم" ص 100 بأنَّ هذا كان نقش خاتم عثمان الجديد الذي اتخذه بعد أن سقط منه الخاتم النبوي في البئر.

(2)

خبر حسن، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم لكن حُصَينًا الحارثي - وهو ابن عبد الرحمن - لم يسمعه من عليّ بن أبي طالب، إنما حدّثَتْه بالقصة سرية بنت زيد بن أرقم، كما رواه غير واحدٍ عن إسماعيل بن أبي خالد.

وأخرجه نُعيم بن حماد في "الفتن"(392)، وأحمد بن حنبل في "العلل" برواية ابنه عبد الله =

ص: 520

4616 م - قال هارون: وحدثنا أبو أسامة، عن زهير، عن كِنانة

(1)

، قال: رأيت الحسنَ بن علي أُخرج من دار عثمان جَرِيحًا

(2)

.

= (307)، والخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق"(410)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 454 - 455 من طريق يحيى بن عبد الملك بن أبي غَنيّة، عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 208 عن محمد بن بشر، وعمر بن شَبّة في "تاريخ المدينة" 4/ 1262 عن يزيد بن هارون، وابن عساكر 39/ 454 من طريق أبي حمزة السكّري، ثلاثتهم عن إسماعيل بن أبي خالد، عن حُصين بن عبد الرحمن الحارثي، عن سرية بنت زيد بن أرقم، قالت: جاء عليٌّ يعود زيد بن أرقم

ويشهد له خبر قيس بن عُباد عن علي الذي تقدَّم برقم (4577) بسند حسن.

وصحَّ عن عليٍّ من وجوه متعددة أنه تبرأ من دم عثمان كما نبَّه عليه ابن كثير وغيره.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: قتادة، وإنما هو كنانة مولى صفية بنت حُيَيّ، كما جاء في مصادر تخريج الخبر، ولأنَّ قتادة يصغُر عن إدراك عثمان ويوم الدار.

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل كنانة مولى صفية - يعني بنت حُييّ أم المؤمنين - فقد روى عنه جمعٌ ووثَّقه العجلي وذكره ابن حبان في "الثقات". أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وزهير: هو ابن معاوية.

وأخرجه عمر بن شَبَّة في "تاريخ المدينة" 4/ 1275، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات"(2665)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 392 والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 8/ 182 من طريق علي بن الجعد، وعمر بن شبة 4/ 1275 عن الأصمعي، والبخاري في "تاريخه الكبير" 7/ 237 تعليقًا عن أحمد بن عبد الله بن يونس، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(130) من طريق خلف ابن تميم، أربعتهم عن زهير بن معاوية، به.

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(2088)، وعمر بن شَبَّة 4/ 1298 من طريق محمد بن طلحة بن مُصرِّف، عن كنانة، بلفظ: أُخرج من الدار أربعةُ نفر من قريش مضروبين محمولين، كانوا يدرؤون عن عثمان، فذكر الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير ومحمد بن حاطب ومروان بن الحكم.

وأخرجه عمر بن شبة 3/ 1131 و 4/ 1275، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 6/ 217 من طريق سعدان بن بشر، عن أبي محمد الأنصاري. كلفظ زهير بن معاوية عن كنانة، والظاهر أنَّ أبا محمد الأنصاري هذا هو كنانة نفسُه، والله أعلم. =

ص: 521

4617 -

أخبرنا عبد الله بن إسحاق الخُراساني، حَدَّثَنَا عبد الله بن رَوْح المَدَائني، حَدَّثَنَا شَبَابة بن سَوّار، حَدَّثَنَا محمد بن طلحة، حَدَّثَنَا كِنانة العَدَوي

(1)

، قال: كنتُ فيمن حاصَرَ عثمانَ، قال: قلت: محمدُ بن أبي بكر قتلَه؟ قال: لا، قتلَه جَبَلة بن الأَيْهَم رجلٌ من أهل مِصر

(2)

.

قال: وقيل: قتله قُتَيرة

(3)

السَّكُوني، فقُتل في الوقت، وقيل: قتلَه كِنانةُ بن بِشْر التُّجِيبي، ولعلهم اشتركُوا في قتله لعنهم الله.

وقال الوليد بن عُقبة:

= وأخرجه ضمن قصة قتل عثمان المطوَّلة عمر بن شبة 4/ 1303 - 1304، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 6/ 183 - 187، وابن عساكر 39/ 415 - 419 من طريق سعيد بن المسيب. وإسناده حسن.

(1)

كذا نُسب كنانة في هذه الرواية عَدَويًّا، مع أنَّ جميع من روى هذا الخبر سمَّوه كنانة مولى صفية لم يزيدوا، ولم يذكروا نسبته.

(2)

إسناده حسن كسابقه. وكنانة: هو مولى صفية، ومحمد بن طلحة: هو ابن مُصرِّف.

وأخرجه ابن راهويه في "مسنده"(2088) عن أبي عامر العَقَدي، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 4/ 1298، وأبو نُعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(257)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 407 من طريق أسد بن موسى، وأبو نُعيم (254) من طريق محمد بن بكار بن الريّان، وأبو نُعيم (257)، وابن عساكر 39/ 407 من طريق محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي، أربعتهم عن محمد بن طلحة، عن كنانة.

وأخرجه ابن سعد 3/ 79، والبخاري في "تاريخه الكبير" تعليقًا 7/ 237 عن أحمد بن عبد الله بن يونس، عن زهير بن معاوية، عن كنانة، فقال في اسمه: جبلة، هكذا مطلقًا دون ذكر أبيه.

وأخرجه خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 175، ومن طريقه ابن عساكر 39/ 408 عن أبي داود الطيالسي، عن محمد بن طلحة بن مصرِّف، عن كنانة، فسماه حمارًا، وهذه رواية شاذّة، أو ربما لُقِّب جَبَلَةُ بذلك.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: كبيرة، وهو خطأ صوَّبناه من "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 4/ 1912.

ص: 522

ألا إنَّ خيرَ الناسِ بعدَ نبيِّهِ

قَتِيلُ التُّجِيبيّ الذي جاء مِن مصرِ

يعني بالتُّجيبي قاتلَ عثمان.

4618 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حَدَّثَنَا أحمد بن مِهْران الأصبهاني، حَدَّثَنَا عبيد الله بن موسى، حدثني أبو سِيْدان عُبيد

(1)

بن طُفيل: حدثني رِبْعيّ بن حِراش، عن عُثمان بن عفّان: أنه خَطَبَ إلى عمرَ ابنتَه، فردَّه، فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فلما أن راحَ إليه عمرُ قال: "يا عُمرُ، أدلُّك على خَتَنٍ خيرٍ لك من عُثمان، وأدلُّ عُثمانَ على خَتَنٍ

(2)

خيرٍ له مِنكَ" قال: نعم يا رسول الله، قال: "زَوِّجْني ابنتَك، وأُزوِّجُ عثمانَ ابنتي"

(3)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: لبيد، باللام.

(2)

لفظة "ختن" من (ص) وحدها، وهي ثابتة في رواية البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 159 عن أبي عبد الله الحاكم.

(3)

إسناده حسن من أجل أحمد بن مهران الأصبهاني وأبي سيدان عُبيد بن طُفيل، فهما صدوقان حسنا الحديث. وقد صحَّح هذا الخبر الطبريُّ فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 15/ 351، وقال الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 1/ (337): إسناده لا بأس به.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 159 ومن طريقه ابن عساكر 39/ 36 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه محمد بن عبد الباقي قاضي المارستان في "مشيخته"(181)، وابن عساكر 39/ 36، والضياء المقدسي في "المختارة"(337) من طرق عن عبيد الله بن موسى، به.

وقد جاء في "صحيح البخاري"(4005) عن عبد الله بن عمر: أنَّ عمر بن الخطاب هو الذي عرض حفصة على عثمان، لا كما وقع في رواية ربعي بن حراش أنَّ عثمان طلبها فردّه عمر بن الخطاب، لكن قال البيهقي في "الدلائل" 3/ 159: يحتمل أن يكون خطبها عثمانُ على ما في هذه الرواية فردّه عمرُ، ثم بدا له فعرضها عليه، فقال: سأنظر في أمري، ثم حين أحسّ بما يريد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل قال ما قال، والله أعلم.

ونحوه قول الحافظ في "فتح الباري" 15/ 351 - 352، وزاد: وسبب ردّه يحتمل أن يكون من جهتها وهي أنها لم ترغب في التزوج عن قرب من وفاة زوجها، ويحتمل غير ذلك من الأسباب =

ص: 523

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4619 -

حَدَّثَنَا علي بن حَمْشاذ، حَدَّثَنَا محمد بن مَنْدهْ الأصبهانيُّ، حَدَّثَنَا بكر بن بكّار، حَدَّثَنَا عيسى بن المسيّب البَجَلي، حَدَّثَنَا أبو زُرعة، عن أبي هريرة، قال: اشترى عثمانُ بن عفّان الجنةَ من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مرتَين بيع الخَلَقِ

(1)

: حيث حَفَر النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بئرَ مَعُونة

(2)

، وحيث جهَّز جيشَ العُسْرة

(3)

.

= التي لا غضاضة فيها على عثمان في ردّ عمر له، ثم لمَّا ارتفع السبب بادر عمر فعرضها على عثمان رعاية لخاطره لما في حديث الباب، ولعلَّ عثمان بلغه ما بلغ أبا بكر مِن ذكر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لها، فصنع كما صنع من ترك إفشاء ذلك وردّ على عمر بجميل.

(1)

في "لسان العرب" و "تاج العروس": حكى ابن الأعرابي: باعه بيعَ الخَلَقِ، ولم يفسِّره.

(2)

كذا جاء في أصول "المستدرك": بئر معونة، وهو وهمٌ الغالب أنه من جهة محمد بن مَنْدهْ الأصبهاني، فقد تُكلِّم فيه، ورواه الثقات عن بكر، فقالوا: بئر رومة، وهو الصحيح.

(3)

إسناده ضعيف، قال ابن أبي حاتم: محمد بن مَنْده الأصبهاني لم يكن عندي بصدوق

أخرج عن بكر بن بكار والحسين بن حفص، ولم يكن سنُّه سِنَّ من يلحقهما قلنا: غير أنه لم ينفرد به، فقد تابعه جمع من الثقات، لكن بكر بن بكار وعيسى بن المسيب البجلي مختلف فيهما، وهما إلى الضعف أقرب، ولا يحتمل تفرّد مثلهما، وقد انفردا بهذا الخبر كما قال ابن عدي.

أبو زرعة: هو ابن عمرو بن جَرير بن عبد الله البجلي.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/ 31، ومن طريقه ابن عساكر 39/ 72 من طريق الحسن بن علي الحُلواني، وأبو نُعيم الأصبهاني في "الحلية" 1/ 58 من طريق إبراهيم بن سعدان، وابن عساكر 39/ 73 من طريق محمد بن عبد الملك الدقيقي، ثلاثتهم عن بكر بن بكار، بهذا الإسناد.

والمشهور عن عثمان شراؤه بئر رومة لا حفرها كما في حديث عثمان بن عفان نفسه عند الترمذي (3703)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" لأبيه 1 / (555)، والنسائي (6402) و (6403)، وابن حبان (6919). وقال ابن بطال في "شرح البخاري" 8/ 204: هذا الذي نقله أهل الخبر والسير.

قال ذلك ابن بطال تعليقًا على رواية البخاري التي علَّقها عن شيخه عبدان عن أبيه، عن شعبة، =

ص: 524

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4620 -

حَدَّثَنَا أبو العباس، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار، حَدَّثَنَا عبد الله بن إدريس، عن الحسن بن فُرات القَزّاز، عن أبيه، عن عُمير بن سعيد، قال: أراد عليّ أن يَسيرَ إلى الشام إلى صِفِّين، اجتمعتِ النَّخَعُ حتَّى دخَلُوا على الأشتَر بيتَه، فقال: هل في البيت إلَّا نَخَعيٌّ؟ قالوا: لا، قال: إِنَّ هذه الأمةَ عَمَدَت إلى خيرِ أهلِها فقتَلُوه - يعني عثمانَ - وإنَّا قاتلْنا أهلَ البصرةِ ببيعةٍ تأوّلْنا عَينَه

(1)

، وإنكم تَسِيرون إلى قومٍ ليس لنا عليهم بيعةٌ، فلينظُر امرؤٌ أين يضعُ سيفَه

(2)

.

هذا حديثٌ وإن لم يكن له سندٌ فإنه مَعقِدٌ، صحيح الإسناد، في هذا المَوضِع.

‌ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ممّا لم يُخرجاه

4621 -

سمعت القاضيَ أبا الحسن علي بن الحسن الجَرَّاحي وأبا الحسين محمد بن المُظفَّر الحافظ، يقولان: سمعنا أبا حامد محمد بن هارون الحَضْرمي يقول: سمعت محمد بن منصور الطُّوسِي يقول: سمعت أحمدَ بن حنبل يقول: ما جاء لأحدٍ

= عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، عن عثمان أنه قال حيث حوصر: أنشدكم الله ولا أنشد إلّا أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ألستم تعلمون أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حفر رُومةَ فله الجنة" فحفرتها؟ ألستم تعلمون أنه قال: "من جهز جيش العسرة فله الجنة" فجهزته؟ قال: فصدَّقوه بما قال.

ففي هذه الطريق عن عثمان ما يوافق رواية المصنِّف هنا من ذكر الحفر دون الشراء، فردّ الحافظ على ابن بطال بروايةٍ عند أبي القاسم البغوي جاء فيها ذكر "عين" بدل "بئر" قال الحافظ ردًّا على ابن بطال: لا يتعيَّن الوهم، وإذا كانت أولًا عينًا فلا مانع أن يحفر فيها عثمان بئرًا، ولعلَّ العين كانت تجري إلى بئر فوسّعها وطَواها فنُسب حفرُها إليه.

(1)

الظاهر أنَّ معناه: تأولنا عين ذلك القتال، فلا تتجاوزوه إلى غيره.

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن عبد الجبار - وهو العُطاردي. وقد توبع.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 112 و 15/ 265، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 56/ 386 من طريق عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد.

ص: 525

من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضائل ما جاء لِعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه

(1)

.

4622 -

سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعتُ العباس بن محمد الدُّوري يقول: سمعت يحيى بن مَعِين يقول: اسمُ أبي طالب عبدُ مناف

(2)

.

قال الحاكم: وهكذا ذكره زيادٌ عن

(3)

محمد بن إسحاق، وقد تواترت الأخبار بأنَّ أبا طالب كنيته اسمه، والله أعلم

(4)

.

4623 -

سمعت أبا العباس يقول: سمعت العباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن مَعِين يقول: أمُّ علي بن أبي طالب فاطمةُ بنتُ أسَد بن هاشم

(5)

.

4624 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حَدَّثَنَا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، قال: كانت فاطمةُ بنت أسَد بن هاشم أولَ هاشمية وَلَدَت من هاشمي، وكانت بمحلٍّ عظيمٍ من الإيمان في عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم،

(1)

صحيح.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 418 وأبو إسحاق الثعلبي في "تفسيره" 4/ 81، وابن الجزري في "مناقب الأسد الغالب علي بن أبي طالب"(1) من طريق أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

قال البيهقي فيما نقله عنه ابن عساكر: هذا لأنَّ أمير المؤمنين عليًّا عاش بعد سائر الخلفاء حتَّى ظهر له مخالفون وخرج عليه خارجون، فاحتاج من بقي من الصحابة إلى رواية ما سمعوه في فضائله ومراتبه ومناقبه ومحاسنه، ليَردُّوا بذلك عنه ما لا يليق به من القول والفعل، وهو أهل كل فضيلة ومنقَبِة، ومستحقٌّ لكل سابقة ومرتبة، ولم يكن أحدٌ في وقته أحقَّ بالخلافة منه، وكان في قُعوده عن الطلب قبله مُحقًّا، وفي طلبه في وقته مستحقًّا.

(2)

وهو في "تاريخ ابن مَعِين" رواية العباس الدوري (83).

(3)

تحرَّفت في (ص) و (ب) إلى: بن وفي (ز) و (م): زياد محمد بن إسحاق، بحذف حرف "عن" بين زياد وبين محمد! وزياد: هو ابن عبد الله البكّائي، أحد رواة السيرة عن ابن إسحاق.

(4)

وعبارة الحاكم في "علوم الحديث" ص 184: وهكذا ذكره أحمد بن حنبل عن الشافعي، وأكثر المتقدمين على أن اسمه كنيته، فالله أعلم.

(5)

وهو في "تاريخ ابن مَعِين" برواية العباس الدُّوري (103).

ص: 526

وتُوفِّيت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلّى عليها، وكان اسمَ عليٍّ أسدٌ، ولذلك يقول:

أنا الذي سَمَّتْني أمي حَيدَرهْ

(1)

4625 -

حدثني بُكير بن محمد الحَدّاد الصُّوفي بمكة، حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن شَبيب المَعمَري، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلة الباهلي، حَدَّثَنَا أبي، عن الزُّبير بن سعيد القرشي، قال: كنا جلوسًا عند سعيد بن المسيّب، فمرَّ بنا علي بن الحُسين، ولم أرَ هاشِميًّا قط كان أعبدَ للهِ منه، فقام إليه سعيدُ بن المسيّب وقُمنا معه، فسلَّمْنا عليه، فردّ علينا، فقال له سعيد: يا أبا محمد، أخبرنا عن فاطمةَ بنت أسد بن هاشم أمِّ علي بن أبي طالب قال: نعم، حدثني أبي، قال: سمعتُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول: لما ماتت فاطمةُ بنت أسد بن هاشم كفّنها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في قميصِه، وصلَّى عليها، وكبَّر عليها سبعين تكبيرةً، ونزل في قبرها، فجعل يُومِي في نواحي القبر كأنه يُوسعُه ويُسوِّي عليها، وخرج من قبرها وعيناهُ تَذرِفان، وحَثَا في قبرها، فلما ذهب قال له عمرُ بن الخطّاب: يا رسول الله، رأيتُك فعلتَ على هذه المرأة شيئًا لم تفعلْه على أحدٍ، فقال:"يا عمرُ، إِنَّ هذه المرأةَ كانت أمّي بعد أُمّي التي وَلَدَتني، إنَّ أبا طالبٍ كان يصنع الصَّنيعَ، وتكون له المأدُبةُ، وكان يَجْمَعُنا على طعامِه، فكانت هذه المرأةُ تَفصِلُ منه كلَّه نَصِيبَنا فأعودُ فيه، وإنَّ جبريل عليه السلام أخبرني عن ربِّي عز وجل أنها من أهل الجنة، وأخبرني جبريلُ عليه السلام: أنَّ الله تبارك وتعالى أمَرَ سبعين ألفًا من الملائكة يُصلُّون عليها"

(2)

.

(1)

وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"(1276)، ومن طريقه أبو الحسن بن المغازلي في "مناقب علي"(2) عن مصعب الزبيري. دون ذكر وفاتها والصلاة عليها، ودون ذكر تسمية علي أسدًا.

(2)

إسناده تالف، عبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلة كذّبه أبو حاتم الرازي والدارقطني، وأبوه مجهول لا يُعرف. =

ص: 527

4626 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن سِنان القَزّاز، حَدَّثَنَا عُبيد الله بن عبد المجيد الحَنَفي.

وأخبرني أحمد بن جعفر القَطِيعي، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حَدَّثَنَا أبو بكر الحَنَفي، حَدَّثَنَا بُكير بن مِسمار قال: سمعت عامر بن سعد يقول: قال معاوية لسعد بن أبي وقّاص: ما يَمنعُك أن تَسُبَّ ابن أبي طالب؟ قال: فقال: لا أسبُّه ما ذكرتُ ثلاثًا قالهن له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، لأن تكونَ لى واحدةٌ منهن أحبُّ إليَّ من حُمْر النَّعَم، قال له معاوية: ما هُنّ يا أبا إسحاق، قال: لا أسبُّه ما ذكرتُ حين نزل عليه الوحيُ فأخذ عليًّا وابنَيه وفاطمةَ فأدخلَهم تحت ثوبِه، ثم قال:"ربِّ إِنَّ هؤلاء أهلُ بيتي"، ولا أسبُّه حين خَلَّفه في غزوة تَبوك، غزاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عليٌّ: خَلَّفْتَني مع الصبيان والنساء، قال:"ألا تَرضَى أن تكون مني بمَنزلةِ هارونَ من موسى، إلَّا أنه لا نُبوّةَ بعدي"، ولا أسبُّه ما ذكرتُ يومَ خيبر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لأُعطِيَنَّ هذه الرايةَ رجلًا يحبُّ الله ورسولَه، ويفتحُ الله على يديه"، فتطاوَلْنا لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم،

= وقد رُوي نحو قصة وفاة فاطمة بنت أسد والصلاة عليها وتكفينها ودفنها من حديث أنس بن مالك عند الطبراني في "الكبير" 24/ (871)، و "الأوسط"(189)، وأبي نعيم في "حلية الأولياء" 3/ 121، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(433)، وفي إسناده روح بن صلاح وثقه الحاكم وذكره ابن حبان في "الثقات"، وضعفه ابن عدي والدارقطني وغيرهما فالأقرب ضعفه، وقد تفرد بهذا الحديث عن أنس كما قال الطبراني وأبو نُعيم. وقد ذُكر فيه التكبير على فاطمة أربعًا لا سبعين تكبيرة.

ورويت قصة فاطمة أيضًا مختصرة من حديث عبد الله بن عبّاس عند أبي الفرج الأصبهاني في "مقاتل الطالبيين" ص 28، والطبراني في "الأوسط"(6935)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(289) و (7782)، وأبي القاسم الأصبهاني في "الحجة في بيان المحجة"(287). وفي إسناده سعدان بن الوليد بيّاع السابِرِيّ، وهو مجهول لا يُعرف، وانفرد به عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عبّاس.

ورويت قصة دفنها أيضًا من حديث جابر بن عبد الله عند عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 124 بسندٍ فيه متروكان.

ص: 528

فقال: "أين عليٌّ؟ " فقالوا: هو أرمَدُ، فقال:"ادعُوه" فدعَوه، فَبَصَقَ في عَينيه

(1)

، ثم أعطاه الرايةَ، ففتحَ الله عليه. قال: فلا واللهِ ما ذَكَره معاويةُ بحرفٍ حتَّى خرجَ من المدينة

(2)

.

(1)

المثبت من (ص) و (م)، وفي (ز) و (ب): في وجهه. وفي (ز) وحدها: فبسق، بالسين بدلٌ الصاد وكلاهما مستعمل في اللغة.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد جيد، من جهة أبي بكر الحنفي - واسمه عبد الكبير بن عبد المجيد، وهو أخو عبيد الله - وذلك من أجل بُكير بن مسمار فهو صدوق لا بأس به. ومحمد بن سنان القَزَّاز في الإسناد الآخَر - وإن تُكلِّم فيه - متابع. وقد رُوي نحوه من وجوه أخر عن سعد بن أبي وقاص، ولفضائل علي المذكورة فيه شواهد أيضًا.

وأخرجه النسائي (8385) عن محمد بن المثنى، عن أبي بكر الحنفي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/ (1608)، ومسلم (2404)(32)، والترمذي (3724)، والنسائي (8342) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار، به. وجاء في روايتهم غير النسائي أن قصة تجليل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لعليٍّ وفاطمة وابنيهما بالثوب بعد نزول آية المُباهَلة. وعند النسائي: أنها بعد نزول آية الأحزاب: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرَّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ؛ وهو الموافق لروايات الصحابة الذين رووا نحو هذه القصة، وسيأتي ذكرها عند حديث ابن عبّاس برقم (4702).

وأخرجه بنحوه النسائي (8458) من طريق أبي نَجيح المكيّ: أنَّ معاوية ذكر عليَّ بن أبي طالب، فقال سعد بن أبي وقاص

فذكر نحوه، غير أنه ذكر بدلٌ القصة الأُولى قول سعد: ولأن أكون كنت صهره على ابنته، لي منها من الولد ما له، أحب إليَّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس. ورجاله لا بأس بهم، لكنه مرسل كما هو ظاهر.

وأخرجه بنحوه أيضًا ابن ماجه (121)، والنسائي (8343) من طريق عبد الرحمن بن سابِطٍ، عن سعد بن أبي وقاص. ورجاله ثقات، لكن جزم ابن مَعِين بأنَّ ابن سابط لم يسمع من سعدٍ. وقد جاء في رواية ابن سابطٍ هذه بدلٌ القصة الأُولى قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لعليٍّ:"من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه". وجاء في أولها أنَّ معاوية نال من عليٍّ، فرد عليه سعد بذكر فضائل عليٍّ تلك.

وأخرج حديث المؤاخاة مفردًا أحمد 3/ (1463) و (1490) و (1505) و (1583) و (1600)، والبخاري (3706) و (4416)، ومسلم (2404)، وابن ماجه (115)، والترمذي (3731)، والنسائي (8082 - 8086) و (8375 - 8384) و (8386 - 8392) من طرق عن سعد بن أبي وقاص. =

ص: 529

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، وقد اتفقا جميعًا على إخراج حديثِ المؤاخاة

(1)

، وحديث الراية

(2)

.

4627 -

حَدَّثَنَا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحَنْظَلي ببغداد، حَدَّثَنَا أبو قِلابة عبد الملك بن محمد الرَّقاشي، حَدَّثَنَا يحيى بن حمّاد.

وحدثني أبو بكر محمد بن بالَوَيهِ وأبو بكر أحمد بن جعفر البزّار، قالا: حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حَدَّثَنَا يحيى بن حمّاد.

وحدثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببُخارى، حَدَّثَنَا صالح بن محمد الحافظ البغدادي، حَدَّثَنَا خَلَف بن سالم المُخرِّمي، حَدَّثَنَا يحيى بن حماد، حَدَّثَنَا أبو عَوَانة، عن سُليمان الأعمَش، قال: حَدَّثَنَا حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطُّفَيل، عن زيد بن أرقَمَ قال: لما رجعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من حجّة الوَداع، ونزل غَديرَ خُمٍّ، أَمَرَ بدَوحاتٍ فَقُمِمْنَ،

= وستأتي القصة الأُولى مفردةً عند المصنّف برقم (4759) من طريق علي بن ثابت الجزري، وبرقم (4770) من طريق حاتم بن إسماعيل، كلاهما عن بكير بن مسمار.

وسيأتي بسياق آخر برقم (4651) من طريق خيثمة بن عبد الرحمن عن سعد.

وأخرج النسائي (8423) من طريق أبي بكر بن خالد بن عُرفطة، قال: رأيت سعد بن مالك (وهو ابن أبي وقاص) بالمدينة، فقال: ذكر أنكم تسبُّون عليًا، قلتُ: قد فعلنا، قال: لعلك سببتَه؟ قلت: معاذ الله، قال: لا تسبَّه، فإن وُضع المنشار على مفرقي على أن أسبّ عليًا ما سببتُه بعدما سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعتُ. وقوّى إسنادَه الحافظ في "فتح الباري" 11/ 144.

ويشهد للقصص الثلاث المذكورة في رواية المصنّف حديثُ ابن عبّاس الآتي برقم (4702)، وانظر شواهدها هناك.

والمراد بالسبِّ في رواية بكير بن مسمار النَّيلُ من علي بن أبي طالب وتنقُّصُه، وليس الشتم، كما توضحه رواية ابن سابِطٍ المذكورة.

(1)

يعني قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لعليّ: "ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى".

(2)

حديث الراية اتفقا عليه من حديث سهل بن سعد وسلمة بن الأكوع، فقد أخرجه البخاري (2942) ومسلم (2406) من حديث سهل بن سعد، وأخرجه البخاري (2975) ومسلم (2407) من حديث سلمة بن الأكوع.

ص: 530

قال: "كأني قد دُعِيتُ فأجبتُ، إني قد تركتُ فيكم الثَّقَلين، أحدُهما أكبرُ من الآخَر: كتابَ الله تعالى، وعِتْرَتي، فانظُروا كيف تَخلُفوني فيهما، فإنهما لن يتفرّقا حتَّى يَرِدا عليَّ الحوضَ". ثم قال: "إنَّ الله عز وجل مولاي، وأنا وليُّ كلّ مُؤمِن"، ثم أخذ بيد عليٍّ فقال: "مَن كنتُ وليَّه فهذا وَليُّه، اللهمَّ والِ [من والاهُ، وعادِ مَن عادَاه]

(1)

" وذكر الحديث بطُوله

(2)

.

(1)

ما بين المعقوفين لم يرد في أصولنا الخطيّة، ومكانه في (ز) و (ص) بياض، وهو ثابت في رواية يحيى بن حماد عن أبي عوانة عند النسائي (8092) و (8410) وغيره، ورواه أيضًا شريك النخعي عن الأعمش عند عبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "المسند" 2/ (951)، والبزار (4300) وغيرهما. وبه يكون اللفظ أوضح، فلذلك أثبتناه.

(2)

إسناده صحيح، وصحَّحه الذهبي كما في "البداية والنهاية" لابن كثير 4/ 416. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو الطفيل: هو عامر بن واثلة.

وأخرجه النسائي (8092) و (8410) عن محمد بن المثنى، عن يحيى بن حماد، بهذا الإسناد.

وأخرج شطره الأول في ذكر الثَّقَلين الترمذيُّ (3788) من طريق محمد بن فضيل، عن الأعمش، به. وقال: حديث حسن غريب.

وأخرجه كذلك أحمد 32 / (19265)، ومسلم (2408)، والنسائي (8119) من طريق يزيد بن حيان التيمي، عن زيد بن أرقم.

وسيأتي هذا الشطر مفردًا برقم (4762) من طريق أبي الضُّحى مسلم بن صُبَيح عن زيد بن أرقم.

وأخرج مسلم (2408)، وابن حيان (123) من طريق يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم بلفظ:"إني تارك فيكم ثقلين، أحدهما كتاب الله عز وجل، هو حَبْل الله، من اتبعه كان على الهُدى، ومن تركه كان على ضلالة".

وأخرج أحمد (19313) من طريق علي بن ربيعة، قال: لقيتُ زيد بن أرقم وهو داخل على المختار أو خارج من عنده، قلتُ له: أسمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إني تارك فيكم الثقلين"؟ قال: نعم.

وأخرج شطره الثاني في ذكر فضل عليٍّ رضي الله عنه أحمدُ (19302)، والنسائي (8424)، وابن حبان (6931) من طريق فطر بن خليفة، عن أبي الطفيل، عن علي بن أبي طالب وزيد بن أرقم. =

ص: 531

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بطُوله.

شاهدُه حديث سلمة بن كُهيل عن أبي الطُّفيل أيضًا صحيح على شرطهما:

= وسيأتي الخبر بعده بشطريه من طريق محمد بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الطفيل.

وسيأتي أيضًا برقم (6403) من طريق كامل أبي العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن يحيى بن جعدة، عن زيد بن أرقم.

وأخرجه كذلك أحمد 32 / (19279) من طريق عطية العوفي، و (19325) و (19328) من طريق ميمون أبي عبد الله، و 38 / (23143) من طريق أبي سليمان يزيد بن عبد الله مؤذن الحجاج، ثلاثتهم عن زيد بن أرقم.

وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" في ترجمة محمد بن جَرير الطبري 14/ 277: جمعَ الطبريُّ طرقَ حديث غدير خُمٍّ في أربعة أجزاء، رأيت شطره، فبهرني سعةُ رواياته، وجزمتُ بوقوع ذلك.

وقد صنَّف الذهبي جزءًا في طرق هذا الحديث، حكم فيه على تلك الطرق واحدًا واحدًا.

ويشهد لقوله: "اللهم والِ من والاه وعادِ مَن عاداه" حديث علي بن أبي طالب عند عبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "المسند" 2/ (950)، والنسائي (8419)، وإسناده حسن. وله طريق أخرى لا بأس بها عند الطبري أشار إليها الذهبي في جزئه المذكور (38).

وحديث سعد بن أبي وقاص عند النسائي (8425) و (8427)، وإسناده حسن كذلك، وسيأتي عند المصنّف برقم (4651) من طريق أخرى.

وقال الذهبي فيما نقله عنه ابن كثير في "البداية والنهاية" 7/ 681: قوله: "اللهم والِ مَن والاه" فزيادة قويّة الإسناد.

وغدير خُمّ: موضع يقع شرق الجُحفة على ثمانية أكيال، يعرف اليوم باسم الغربة.

والدَّوْحات: جمع دَوْحة، وهي الشجرة العظيمة.

وقُممن؛ أي: كُنِس ما تحتهن من القمامة.

وقوله صلى الله عليه وسلم في حق كتاب الله وعترته أهل بيته: "أحدُهما أكبرُ من الآخَر"، قال الطِّيبيُّ في "شرح المشكاة" 12/ 3909: معنى كون أحدهما أعظمَ من الآخَر: أن القرآن هو أسوةٌ للعِترة، وعليهم الاقتداءُ به، وهم أَولى الناس بالعمل بما فيه.

وقوله: "لن يتفرّقا حتَّى يَرِدا عليَّ الحَوضَ"، أشار الطِّيبيُّ إلى أنه كمثل قوله صلى الله عليه وسلم في حق سورتي البقرة وآل عمران:"يُحاجّان عن صاحبهما"، يعني يتجسّمان.

ص: 532

4628 -

حدثَناه أبو بكر بن إسحاق ودَعْلَج بن أحمد السِّجْزِي، قالا: أخبرنا محمد بن أيوب، حدثنا الأزرق بن علي، حدثنا حسان بن إبراهيم الكِرْماني، حدثنا محمد بن سلمة بن كُهيل، عن أبيه، عن أبي الطُّفيل عامر بن واثلة

(1)

، أنه سمع زيد ابن أرقَمَ يقول: نزلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة عند سَمُراتٍ خمس دَوحاتٍ عِظامٍ، فكَنَسَ الناسُ ما تحت السَّمُرات، ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيّةً فصلّى، ثم قام خطيبًا، فحَمِدَ الله وأثنى عليه، وذكّر ووَعَظ فقال ما شاء الله أن يقول، ثم قال:"أيُّها الناسُ، إني تاركٌ فيكم أمريَن لن تَضِلُّوا إن اتبعتُمُوهما: كتابَ اللهِ وأهلَ بيتي عِتْرَتي" ثم قال: "أتعلمُون أني أَولى بالمؤمنين من أنفسِهم؟ " ثلاث مرات، قالوا: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَن كنتُ مَولاهُ فعليّ مَولاهُ"

(2)

.

وحديث بُريدة الأسلمي صحيح على شرط الشيخين:

4629 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن نصر.

وأخبرنا محمد بن علي الشيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم الغِفاري.

وأخبرنا محمد بن عبد الله العُمري، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف، قالوا: حدثنا أبو نُعيم، حدثنا ابن أبي غَنِيّة، عن الحَكَم، عن

(1)

في (ص) و (م): عن عامر، وفي (ز) و (ب): عن ابن واثلة، وكلاهما خطأ، فلفظة "عن" مقحمة، لأنَّ اسم أبي الطفيل عامر بن واثلة.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن سلمة بن كُهيل كما أشار إليه الذهبي في "تلخيصه"، لكنه لم ينفرد به فقد رواه حبيب بن أبي ثابت وفطر بن خليفة عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، كما عند الرواية السابقة.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 216 من طريق أبي يعلى الموصلي، عن الأزرق بن علي، بهذا الإسناد.

وأخرج آخره الترمذيُّ (3713) من طريق شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الطُّفيل، عن أبي سَريحة أو زيد بن أرقم - شك شعبة - وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وأبو سَريحة هو حذيفة بن أَسيد.

ص: 533

سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس، عن بُريدة الأسلمي، قال: غزوتُ مع عليٍّ إلى اليمن، فرأيتُ منه جَفْوةً، فقدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ عليًّا فتنقَّصْتُه، فرأيت وجهَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، يَتغيّر، فقال:"يا بُريدةُ، ألستُ أَولى بالمؤمنين من أنفُسهم؟ " قلت: بلى يا رسول الله، فقال:"من كنت مَولاهُ، فعليٌّ مَولاهُ" وذكر الحديثَ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4630 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثني أَبي ومحمد بن نُعيم، قالا: حدثنا قُتَيبة بن سعيد، حدثنا جعفر بن سليمان الضُّبَعي، عن يزيد الرِّشْك، عن مُطرِّف، عن عِمران بن حُصين قال: بعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سريةً واستعملَ عليهم عليَّ بن أبي طالب، فمضى عليٌّ في السَّرِيّة فأصابَ جاريةً، فأنكَروا ذلك عليه، فتعاقدَ أربعةٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لَقِينا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، أخبرناه بما صنعَ عليٌّ، قال: عِمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدؤوا برسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فنظروا إليه وسلَّموا عليه، ثم ينصرفون إلى رِحالِهم، فلمَّا قَدِمَتِ السريّةُ سلَّمُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أحدُ الأربعة، فقال: يا رسول الله، ألم ترَ عليًّا صنعَ كذا وكذا، فأعرض عنه، ثم قام الثاني، فقال مثلَ ذلك، فأعرض عنه، ثم قام الثالث فقال مثلَ ذلك، فأعرض عنه، ثم قام الرابع، فقال: يا رسول الله، ألم ترَ عليًّا صنعَ كذا وكذا، فأقبلَ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم و الغضبُ في وجهه، فقال:"ما تُريدون من عليٍّ، إنَّ عليًّا مني وأنا منه، ووليُّ كلِّ مُؤمنٍ"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو نُعيم: هو الفضل بن دُكين، وابن أبي غَنيّة: هو عبد الملك بن حميد الخُزاعي، والحكم: هو ابن عُتيبة.

وأخرجه أحمد 38/ (22945)، والنسائي (8089) و (8413) من طريق أبي نُعيم، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم بنحوه برقم (2621) و (2622) من طريق عبد الله بن بُريدة عن أبيه.

(2)

إسناده جيد من أجل جعفر بن سليمان، فهو صدوق لا بأس به، وقد صحَّح هذا الخبرَ =

ص: 534

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

‌ذكر إسلام أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه

-

4631 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن محمد بن إسحاق: أنَّ عليّ بن أبي طالب أسلمَ، وهو ابن عَشر سِنين

(1)

.

4632 -

أخبرني أبو إسحاق المزكِّي وأبو الحُسين الحافظ، قالا: حدثنا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حدثنا محمد بن منصور، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمر، عن قَتَادة، عن الحسن، قال: أسلمَ عليٌّ وهو ابن خمسَ عشرةَ أو ابن ستَّ عشرةَ سنة

(2)

.

هذا الإسناد أَولى من الأول، وإنما قدّمتُ ذلك لأني عَلَوتُ فيه.

4633 -

حدثنا أبو عُمر محمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب ثَعْلب إملاءً ببغداد،

= الذهبيُّ في جزء "من كنت مولاه فعليٌّ مولاه"(104) حيث وافق الحاكم على تصحيحه قائلًا: وصدق الحاكم. قلنا: وحسَّنه الترمذي وصحَّحه ابن حبان. يزيد الرِّشك: هو ابن أبي يزيد، ومُطرِّف: هو ابن عبد الله بن الشِّخِّير.

وأخرجه أحمد 33 / (19928)، والترمذي (3712)، والنسائي (8090) و (8399) و (8420)، وابن حبان (6929) من طرق عن جعفر بن سليمان الضُّبَعي بهذا الإسناد.

ويشهد للقصة حديث بريدة الأسلمي الذي قبله. وللمرفوع منه رواية الأجلح بن عبد الله الكِنْدي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، عند أحمد 38/ (23012) والنسائي (8421).

والجارية التي أصابها عليٌّ إنما جاز له أخذها لأنها من نصيبه في الخُمس، كما تدل عليه روايةٌ لحديث بُريدة عند أحمد 38/ (23036)، والبخاري (4350) بلفظ:"لا تُبغضه، فإنَّ له في الخُمس أكثر من ذلك".

(1)

وهو في "سيرة ابن هشام" 1/ 245، و "معرفة الصحابة" لأبي نعيم (310)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 206، وفي "دلائل النبوة" 2/ 165 من طريقين عن ابن إسحاق.

(2)

وهو في "جامع معمر"(20391)، و"معجم الصحابة" لأبي القاسم البغوي بإثر (1810)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 206، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 524.

ص: 535

حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا زكريا بن يحيى المصري، حدثني المُفضَّل بن فَضَالة، حدثني سِماك بن حَرْب، عن عِكْرمة، عن ابن عبّاس، قال: لِعليٍّ أربعُ خِصالٍ ليست الأربعَ

(1)

: هو أول عَربيٍّ وأعجميٍّ صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كان لِواؤه معه في كل زَحْفٍ، وهو الذي تصبَّر معه يوم المِهراسِ، وهو الذي غسّله وأدخلَه قبرَه

(2)

.

(1)

كذلك جاء في أصولنا الخطية، ومعناه نفي استغراق العدد المذكور لخصال عليٍّ، فإنَّ له خصالًا غيرها مائلةً في شخصه، وإنما ذكر هذه الخصال الأربع دون غيرها لكونها أعظم خصاله.

(2)

إسناده ضعيف، وما جاء في هذا الإسناد من نسبة زكريا بن يحيى مصريًا، وكذلك من تقييد شيخه بالمُفضّل بن فَضَالة، فهو مما لم يرد عند غير المصنف، ولا نظنه إلّا وهمًا، فإنَّ محمد بن عثمان بن أبي شيبة إنما يُعرف بالرواية عن زكريا بن يحيى الكسائي الكوفي، ولأنَّ هذا الخبر قد رواه أبو جعفر محمد بن إسماعيل بن سمرة الكوفي عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 72 و 73 عن المفضل بن صالح الكوفي، فالصحيح ذكر المفضل بن صالح بدل المفضل بن فَضَالة، ومما يؤيد ذلك أنَّ الذي يُعرف بروايته عن سماك بن حرب الكوفي، وإنما هو المفضّل بن صالح لا ابن فَضَالة، فهم ثلاثةٌ كوفيون في نَسَقٍ: زكريا بن يحيى الكسائي والمفضّل بن صالح وسماك بن حرب.

ومنشأ الوهم فيما نظنُّ أنَّ لزكريا بن يحيى المصري - وهو ابن صالح - روايةً عن المفضّل بن فَضَالة عند مسلم وغيره، فلما أن قُيِّد زكريا بن يحيى بالمصري خطأً استَدْعى ذلك أن يكون شيخُه المفضلَ بنَ فَضَالة، فأُصلح من ابن صالح إلى ابن فَضَالة، أو أنه سُلِك فيه الجادّةُ أصلًا، والله تعالى أعلم.

وإذا ثبت ذلك فزكريا بن يحيى الكسائي وشيخه المفضل بن صالح ضعيفان، وما جزم به الذهبي في "تلخيصه" من كون زكريا بن يحيى المذكور هو الوقّار المصري فلا ندري ما حُجّته، والله ولي التوفيق.

وإنما اقتضى التنبيه على ذلك، لأنَّ ظاهر ما وقع في إسناد المصنف يقتضي ثقة رجاله عن آخرهم، فاستدعى ذلك ضرورة البيان، والله المستعان.

وقد روي عن ابن عبّاس من وجه آخر: أنَّ عليًا أول من صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أخرجه =

ص: 536

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أحمد 5/ (3542)، والترمذي (3734) من طريق عمرو بن ميمون، عن ابن عبّاس. وسيأتي هذا الوجه عند المصنف برقم (4702) ضمن حديث مطوَّل، لكن بلفظ: أول من أسلم. وفي إسناده مقال كما سيأتي بيانه. وانظر شواهده هناك.

وأما لواء النبي صلى الله عليه وسلم فقد جاء عن ابن عبّاس من وجه آخر: أنَّ راية النبي صلى الله عليه وسلم كانت تكون مع عليٍّ، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة، كما أخرجه أحمد 5/ (3486) وغيره، كما سيأتي في تفصيله في الطريق التي بعده.

وفي حديث سعد بن أبي وقاص كما سيأتي عند المصنف برقم (6241): أنَّ عليًّا كان صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزواته.

وثبت ذلك أيضًا من مرسل معبدٍ الجهني عند ابن سعد 3/ 23، وانظر ما سيأتي برقم (4716).

وهذا مُطلق كرواية المصنِّف، لكن لا بد من تقييده كما في رواية مقسم عن ابن عبّاس بأنَّ عليًا كان صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني راية المهاجرين، وصاحب راية الأنصار هو سعد بن عبادة، ويؤيد ذلك ما ورد في حديث فتح مكة المطوّل الذي أخرجه ابن أبي شيبة 14/ 476 من مرسل أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطِب أنَّ اللواء كان مع سعد بن عبادة، ثم دفعه النبي صلى الله عليه وسلم لابنه قيس بن سعد لما قال سعد قولته المشهورة في توعُّده قريشًا، وإسناده حسن مرسلًا. ورُوي من طرق أخرى، وانظر كلام الحافظ في "فتح الباري" 12/ 505 - 506.

ويؤيده ما في "صحيح البخاري"(2974) عن ثعلبة بن أبي مالك القُرَظي: أنَّ قيس بن سعد كان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الحافظ في "فتح الباري" 9/ 233: أي: اللواء الذي يختص بالخزرج من الأنصار، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدفع إلى رأس كل قبيلة لواءً يقاتلون تحته.

وسيأتي بعده أنَّ عليًا كانت معه الراية يوم بدر، وقُيِّد في بعض طرقه بأنه كانت معه راية المهاجرين.

وأما تغسيل عليٍّ للنبي صلى الله عليه وسلم فثابت صحيح كما تقدم برقم (1355)، وقد أورده ابن سعد في "طبقاته الكبرى"2/ 241 - 245 من طرق.

وكذلك إدخال عليٍّ للنبي صلى الله عليه وسلم في القبر صحيح ثابت، كما تقدم برقم (1355) لكن لم يكن عليّ وحده مَن أدخل النبيَّ صلى الله عليه وسلم قبره، بل دلّت تلك الرواية المتقدمة أنه كان معه العباسُ وابنُه الفضل بن العباس.

وأما يوم المِهراس فالمراد به يومُ أُحَدٍ، كما دلَّ على ذلك حديثُ ابن عبّاس الذي تقدم برقم (3201) بسند حسن. وقد صحَّ أنَّ عليًّا كان أحد الذين ثبتوا ذلك اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ =

ص: 537

4634 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا محمد بن المغيرة السُّكَّري، حدثنا القاسم بن الحَكَم العُرَني، حدثنا مِسعَر، عن الحَكم بن عُتيبة، عن مِقسَم، عن ابن عبّاس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دفَعَ الرايةَ إلى عليٍّ يومَ بدرٍ، وهو ابن عشرينَ سنة

(1)

.

= جاء النبيَّ صلى الله عليه وسلم بماء من المِهراس في دَرَقته ليشرب النبي صلى الله عليه وسلم منه، كما دلّ عليه حديث الزبير بن العوام عند ابن حبان (6979)، بسند حسن.

والمِهراس: ماء بجبل أُحد في أقصى شِعب أحد، يجتمع من المطر في نُقَر كبار وصغار، والمهراس اسم لتلك النقر.

(1)

صحيح، لكن بتقييده براية المهاجرين كما سيأتي، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن المغيرة السكري - وهو ابن سنان - فقد قال صالح بن محمد: صدوق، وتكلم فيه السليماني، فقال: فيه نظر، قال الذهبي في "السير" 13/ 384: يُشير إلى أنه صاحب رأي، وقد جزم بذلك قبل الذهبيِّ الخليليُّ في "الإرشاد" 2/ 652، فقال: كان يرى رأي الكوفيين فانحرف عنه أهل هَمَذان. قلنا: ولا يُعدُّ هذا قادحًا. مقسم: هو ابن بُجرة مولى ابن عبّاس، ومسعر: هو ابن كِدام.

وأخرجه البيهقي في 6/ 207، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 71 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(167)، وأبو طاهر المخلِّص في "المخلِّصيات"(1579)، وابن المغازلي في "مناقب علي"(413)، وابن عساكر 42/ 71 - 72 من طريق قيس بن الربيع، عن الحجاج بن أرطاة، عن الحكم بن عُتيبة، به. وهو حسن أيضًا.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(12083) من طريق حفص بن غياث، والطبري في "تاريخه" 2/ 431، والطبراني (12084)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 142، وابن عساكر 20/ 249 من طريق أبي مالك الجنبي، والبزار (1783 - كشف الأستار)، وابن عساكر 20/ 249 من طريق إبراهيم بن الزبرقان، ثلاثتهم عن الحجاج بن أرطاة، عن الحكم بن عتيبة، به. بلفظ: كان صاحب راية المهاجرين علي بن أبي طالب، وصاحب راية الأنصار سعد بن عُبادة. يعني في بدر. وهذا مقيِّد لرواية المُصنَّف التي هنا، ولرواية قيس بن الربيع عن الحجاج المطلقتَين.

وأخرجه كذلك الطبراني في "الكبير"(5356) و (12101)، وفي "الأوسط"(5202)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم "(430)، وأبو نثعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(3119)، وابن عساكر 42/ 72 من طريق أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم، عن الحكم بن عتيبة، به. بلفظ: أنَّ عليًّا كان صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر وفي المواطن كلها كان صاحب راية المهاجرين عليًا، =

ص: 538

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4635 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري.

وحدثنا أبو بكر بن أبي دارِم، الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله العَبْسي؛ قالا: حدثنا عُبيد الله بن موسى، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن المِنْهال بن عمرو، عن عَبّاد بن عبد الله الأسدي، عن علي، قال: إني عبدُ الله وأخو رسولِه، وأنا الصِّدِّيق الأكبر لا يقولُها بعدي إلَّا كاذبٌ، صلَّيتُ قبلَ الناسِ بسبع سنين

(1)

.

= وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة. زاد بعضهم: في المواقف كلها يوم بدر ويوم أحد ويوم حنين ويوم الأحزاب ويوم فتح مكة. وأبو شيبة العبسي متروك الحديث.

وأخرج أحمد 5 / (3486)، والبخاري في تاريخه الكبير معلقًا 6/ 258 من طريق عثمان الجَزَري، عن مقسم، عن ابن عبّاس: أن راية النبي صلى الله عليه وسلم كانت تكون مع علي رضي الله عنه، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة رضي الله عنه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون تحت راية الأنصار. كذا عند البخاري، وعند أحمد: عن مقسم قال: لا أعلمه إلّا عن ابن عبّاس. وعثمان الجزري فيه ضعف.

(1)

إسناده ضعيف ومتنه منكر، عبَّاد بن عبد الله الأسدي، تفرَّد بالرواية عنه المنهال، وقال عنه عليُّ بن المديني: ضعيف الحديث، وقال البخاري: فيه نظر. قلنا: قد تابعه عليه من هو مثلُه في الضعف أو دونه، وقال الخلّال في "علله" كما في منتخبه لابن قدامة (114): سألت أبا عبد الله (يعني أحمد بن حنبل) عن حديث علي: أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر، فقال: اضرب عليه، فإنه حديث منكر.

وقال ابن الجوزي في "الموضوعات" 1/ 341: هذا موضوع، والمتهم به عبادُ بن عبد الله.

وقال الذهبي في "تلخيصه" ردًّا على تصحيح الحاكم: ما هو على شرط واحد من الشيخين، بل ولا هو بصحيح، بل حديث باطل، فتدبَّره. وجزم في "الميزان" في ترجمة عبّاد بأنَّ هذا كذبٌ على عليٍّ.

قال ابن كثير في "البداية والنهاية" 4/ 67: هذا الحديث منكر بكل حالٍ.

وقول عليٍّ فيه: أنا عبد الله وأخو رسوله، مرويٌّ عنه من غير وجهٍ كما قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 526، لكن لا يصح إسناد شيء منها، ويغني عن هذا كله ما صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي:"أنت مني بمنزلة هارون من موسى"، وسلف عند المصنف برقم (4626). وهذا القدر منه مخرَّج في "الصحيحين".=

ص: 539

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وأبو إسحاق جدُّه.

وأخرجه ابن ماجه (120) عن محمد بن إسماعيل الرازي، والنسائي (8338) عن أحمد بن سليمان، كلاهما عن عُبيد الله بن موسى، عن العلاء بن صالح، عن المنهال بن عمرو، به بتمامه.

وأخرج القسم الأول النسائي (8398) من طريق الحارث بن حَصيرة، عن أبي سليمان زيد بن وهب الجهني، عن علي بن أبي طالب قال: أنا عبد الله وأخو رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يقولها إلّا كذّاب مُفتَرٍ، فقال رجل: أنا عبد الله وأخو رسوله، فخُنق فحُمل والحارث بن حصيرة فيه ضعفٌ، ومع ضعفه فهو من المحترفين بالكوفة في التشيع.

والقسم الثاني وهو قوله: أنا الصديق الأكبر، قد روي من وجه آخر عن عليٍّ، فقد أخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 23، وابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه الكبير"(382)، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 2/ 379، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(186) و (187)، والدولابي في "الكنى"(1587)، والعُقيلي في "الضعفاء" 2/ 147، وابن عدي في "الكامل" 3/ 274، والجُورقاني في "الأباطيل"(34)، وابن عساكر 42/ 33، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1573) من طريق سليمان بن عبد الله أبي فاطمة، عن معاذة العدوية، عن عليٍّ. وسليمان هذا ليِّن الحديث كما قال الحافظ ابن حجر، وقال البخاري: لا يتابع سليمان عليه ولا يُعرف سماعه من معاذة.

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائده على "فضائل الصحابة" لأبيه (165) و (166)، والخطيب في "تلخيص المتشابه" 1/ 554، وابن عساكر 42/ 33 من طريق جابر بن زيد الجُعفي، عن عبد الله بن نُجيّ، عن علي، قال: صليتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين قبل أن يصلي معه أحد. وجابر الجعفي ضعيف وترك حديثه غير واحد من أصحاب الحديث، وابن نجي مختلف فيه، وجزم ابن مَعِين بأنه لم يسمع من عليّ.

وقال الذهبي في "تلخيصه": هذا باطل، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم من أول ما أُوحي إليه آمن به خديجة وأبو بكر وبلال وزيد بن علي قبله بساعات أو بعده بساعات، وعبدوا الله مع نبيّه، فأين السبع سنين؟ ولعلَّ السمع أخطأ، فيكون أمير المؤمنين قال: عبدتُ الله مع رسول الله ولي سبع سنين، ولم يضبط الراوي ما سمع.

ونحوه قول ابن القيم في "أحكام أهل الذمة" 5/ 13: لعلَّ لفظه: صليت قبل الناس لسبع سنين، فقصرت اللام، فأسقطها الكاتب، فصارت سبع سنين، فهذا محتمل، وهو أقرب ما يحمل عليه الحديث إن صح.

وللقسم الأخير منه انظر الحديث التالي.=

ص: 540

صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وشاهدُه:

4636 -

حدَّثَناه أبو عُمر الزاهد، حدثنا محمد بن هشام المَروَزي، حدثنا أبو إبراهيم التَّرجُماني، حدثنا شُعيب بن صفوان، عن الأجلَح، عن سَلَمة بن كُهيل، عن حَبّة بن جُوَين، عن عليٍّ، قال: عبدتُ الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعَ سنين قبل أن يَعبُدَه أحدٌ من هذه الأُمّة

(1)

.

= وأخرج الطبراني في (الكبير)(952)، وأبو الحسن الخِلَعي في "الخِلَعيّات"(675)، وابن عساكر 42/ 28 من طريق محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده أبي رافع، قال: صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم غداة الاثنين، وصلَّت خديجة يوم الاثنين من آخر النهار، وصلَّى عليٌّ يوم الثلاثاء، فمكث عليٌّ يصلي مستخفيًا قبل أن يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم أحدٌ سبع سنين وأشهرًا. ومحمد بن عُبيد الله بن أبي رافع متروك.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، ومتنُه منكر، حبَّة بن جُوَين - وهو العُرَني - ضعيف ليس بشيء، وهو شيعي جبل كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وذكر أيضًا أنَّ شعيب بن صفوان والأجلح - وهو ابن عبد الله بن حُجيّة الكِنْدي - متكلَّم فيهما، وقد روي هذا الخبر من وجهين آخرين عن سلمة بن كُهيل، غير أنهما أضعف من طريق الأجلح هذه، فلا يُعتدُّ بهما البتّة.

وأخرجه أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن ماسي في "فوائده"(33)، ومن طريقه ابن عساكر 30/ 42، وابن الجوزي في "الموضوعات"(638) عن أبي عبد الله أحمد بن عبد الرحمن بن مرزوق بن أبي عوف، عن أبي إبراهيم التَّرجُماني إسماعيل بن إبراهيم بن بسّام، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو يعلى (147)، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 30 عن أبي هشام الرفاعي محمد بن يزيد، عن محمد بن فضيل، عن الأجلح، به. وأبو هشام الرفاعي الجمهور على تضعيفه.

وخالف عليُّ بن المنذر عند النسائي (8339)، فرواه عن محمد بن فُضيل، عن الأجلح، عن عبد الله بن أبي الهُذيل، عن عليٍّ. فذكر عبدَ الله بنَ أبي الهُذيل، بدل حبَّةَ بن جُوين، ولم يذكر سلمة بن كُهيل أيضًا، وللأجلح روايةٌ معروفةٌ عن عبد الله بن أبي الهُذيل روى عنه غير ما خبر، وكثير منها يرويه عن الأجلح محمدُ بن فضيل، فلعلَّ محمد بن فُضيل هنا سلك فيه الجادة هو أو الراوي عنه علي بن المنذر الطريقي، فالمحفوظ فيه: سلمة بن كهيل عن حبة، فهكذا روى نحوه شعبة عن سلمة بن كهيل عن حبَّة عن علي قال: أنا أول من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه ابن أبي شيبة 13/ 50.=

ص: 541

4637 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن يوسف بن صهيب، عن عبد الله بن بُريدة، عن أبيه، قال: انطلق أبو ذرِّ ونُعيمٌ ابن عم أبي ذر وأنا معهم نطلُبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بالجبل مُكتَتِم، فقال أبو ذر: يا محمد، أتيناك نسمعُ ما تقول وإلى ما تدعو، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أقولُ: لا إله إلَّا الله، وإني رسولُ الله"، فآمنَ به أبو ذرٍّ وصاحبُه وآمنتُ به، وكان عليٌّ في حاجةٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلَه فيها، وأُوحيَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يومَ الاثنين وصلَّى عليٌّ يوم الثلاثاء

(1)

.

= وأخرجه أحمد 2 / (776) من طريق يحيى بن سلمة بن كُهيل، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "فضائل الصحابة"(164) من طريق محمد بن سلمة بن كهيل، كلاهما عن أبيهما، به. ويحيى بن سلمة وأخوه محمد متروكان.

(1)

خبر منكر، وهذا إسناد قد اختُلف في وصله وإرساله، فقد جاء هذا الخبر في الجزء المطبوع من "سيرة ابن إسحاق" برواية أحمد بن عبد الجبار - وهو العُطاردي - عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق برقم (180) مرسلًا، ليس فيه ذكر بريدة، وإنما يَحكي فيه عبد الله بن بريدة قصة أبيه مع أبي ذر وابن عمه بصيغة الغائب، وليس فيه كلام لبريدة بصيغة المتكلم كما وقع في رواية المصنف هنا، بما يدل على أنَّ الرواية التي في جزء "السيرة" ذاك مرسلة، ويؤيد ذلك أنه وقع الخبر مختصرًا مرة أخرى في ذلك الجزء بذكر الثلاثة الذين أسلموا بعد علي بن أبي طالب برقم (176) عن يوسف بن صهيب عن عبد الله بن بريدة، قال: أول الناس إسلامًا علي بن أبي طالب، ثم الرهط الثلاثة أبو ذر وبريدة وابن عم أبي ذر.

وفيه اختلاف آخر في متنه أيضًا، وهو أنَّ الزيادة التي هنا في آخر الخبر وهي قوله: وأُوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، وصلى عليٌّ يوم الثلاثاء، لم ترد في جزء "السيرة" الذي بأيدينا، مع أنه من رواية أحمد بن عبد الجبار العُطاردي عن يونس بن بكير، فهذه الزيادة مدرجة في هذا الخبر.

وفي رواية يونس بن بكير هذه أيضًا اختلاف ونكارة، فقد روى علي بن غُراب عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(177)، والطبراني في "الكبير" 22/ (1102) عن يوسف بن صهيب عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، أنه قال: خديجة أول من أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب. ففي هذه الرواية مخالفة لرواية يونس بن بكير، حيث ذكر فيها خديجة مقرونة بعليِّ بن أبي طالب =

ص: 542

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بأنهما أول الناس إسلامًا، وليس فيه تعرُّض لذكر أبي ذر ولا صاحبيه المذكورَين، فهذه علة أخرى.

على أنه قد رُوي في إسلام بريدة روايةٌ أخرى عند الواقدي في "مغازيه" 2/ 782 أنَّ بريدة أسلم هو وجماعة من قومه لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة، وهو بغدير الأشطاط، وزاد الواقدي في رواية أخرى ذكرها ابن سعد في "طبقاته" 4/ 228 عنه عن هاشم بن عاصم الأسلمي عن أبيه، قال: لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة فانتهى إلى الغميم، أتاه بريدة بن الحصيب، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فأسلم هو ومن معه وكانوا زهاء ثمانين بيتًا، فصلَّى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء فصلوا خلفه.

فكان إسلام بريدة إذًا على مقتضى رواية الواقدي لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق هجرته، ويؤيده رواية أخرى لبريدة نفسه من طريق أوس بن عبد الله بن بريدة عن الحسين بن واقد وعن أخيه سهل بن عبد الله بن بريدة، كلاهما عن عبد الله بن بريدة عن أبيه: أنه التقى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في سبعين راكبًا من أهل بيته من بني سهم لما توجَّه النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وكانت قريش جعلت مئةً من الإبل فيمن يأخذُ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم فيردُّه عليهم.

فباجتماع هذه الروايات يتضح أن بريدة كان إسلامه إذ كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم في طريق هجرته من مكة إلى المدينة، وهذا ينافي كونه كان أحدَ الأربعة السابقين إلى الإسلام كما تفيده رواية يونس بن بكير، فهذه علة ثالثة في روايته.

وأما إسلام أبي ذرٍّ فقصته المشهورة في إسلامه التي أخرجها مسلم (2473) وغيره، تُنافي قصته التي رواها يونس بن بكير أيضًا، ففي رواية مسلم وغيره ما يشعر بأنَّ إسلامَ أبي ذرِّ كان قبل الهجرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ولأبي ذر:"إنه قد وُجِّهتْ لي أرضٌ ذاتُ نخل، لا أُراها إلّا يثرب، فهل أنت مبلغٌ عني قومك عسى الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم"، وفيها أيضًا أنَّ أبا ذرٍّ أسلم هو وأخوه أُنيس وأمهما أيضًا، ففي ذلك دليل على أنَّ إسلام أبي ذرٍّ كان سابقًا لإسلام بريدة، وأنَّ أبا ذرٍّ إنما أسلم هو وأخوه وأمهما معًا، وليس هو وابن عمه وبريدة كما في رواية يونس بن بكير، وإذا كان إسلامهم قبيل الهجرة فلا يكون أبو ذرٍّ أحد الأربعة السابقين إلى الإسلام كما في حديث يونس بن بكير، لما هو معلومٌ من إسلام جماعةٍ من الصحابة قبل ذلك الحين.

فحصل من ذلك تعارضُ ظاهرٌ بين رواية مسلم وغيره في قصة إسلام أبي ذر وبين رواية يونس

بن بكير في قصة إسلامه، فهذه أوجهٌ متعددة تظهر نكارة رواية يونس بن بكير وأنها مخالفة للمشهور

في إسلام بريدة، ومخالفة للصحيح أيضًا في إسلام أبي ذر.

وقوله في آخر الخير بأنه أُوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، وأن عليًا صلَّى يوم الثلاثاء، قد =

ص: 543

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4638 -

حدثني أبو سعيد أحمد بن عمرو الأحمَسي، حدثنا الحسين بن حُميد بن الربيع، حدثني عبد الرحمن بن دُبَيس المُلائي، حدثني علي بن عابِس، عن مُسلم المُلائي، عن أنس، قال: نُبِّئ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ الاثنين، وأسلمَ عليٌّ يومَ الثلاثاء

(1)

.

4639 -

حدثني أبو بكر بن أبي دارِم الحافظ، حدثنا محمد بن موسى بن

(2)

حماد البَرْبري، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن صالح صاحبُ المُصلّى، حدثنا علي بن صالح، حدثنا القاسم بن مَعْن

(3)

، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرّة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قُتل عليٌّ يومَ الجُمعة لسبعَ عشرة ليلةً خَلَتْ من شهر رمضان سنة أربعين، وكانت خلافتُه خمسَ سنين إلَّا ثلاثةَ أشهرٍ، قتله عبدُ الرحمن بن مُلْجَم المُرادي، وهو

= روي من غير حديث بريدة، فقد رُوي عن أنس بن مالك كما في الرواية التالية عند المصنف، لكنه ضعيف جدًّا واهٍ.

وروي أيضًا من حديث جابر بن عبد الله عند الطبري في "تاريخه" 2/ 310، وهو واهٍ أيضًا، ففي إسناده عبد الحميد بن بحر، قال عنه ابن حبان وابن عدي: كان يسرق الحديث.

ورُوي كذلك من حديث أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي عند المصنف برقم (4901) وفي إسناده محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، وهو متروك.

وانظر ما سلف برقم (4633).

(1)

إسناده واهٍ بمَرَّة، مسلم المُلائي وعلي بن عابس متفق على ضعفهما، ومسلم أشدهما ضعفًا، بل متروك، والحسين بن حميد فيه لين.

وقد أخرجه الترمذي في "جامعه"(3728) عن إسماعيل بن موسى الفَزَاري، عن علي بن عابس، به.

وأخرجه أبو يعلى (446)، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 30 من طريق سليمان بن قَرْم، عن مُسلم المُلائي، عن حَبَّة بن جُوَين، عن عليّ بن أبي طالب. وسليمان بن قَرْم ضعيف أيضًا وكذلك حَبَّة بن جُوين.

(2)

تحرَّف في (ص) و (م) إلى: حدثنا.

(3)

تحرَّف في (ص) و (م) إلى: معين.

ص: 544

يومَ قُتل ابن ثلاثٍ وستين سنةً، أو أربعٍ وستين

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف، مَن دون القاسم بن معن ما بين ضعيف ومجهول.

وجاء ذكر سِنّه يوم قُتل بأنه كان ابن ثلاث وستين أو أربع وستين من قول محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عند البخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 563، وابن أبي الدنيا في "مقتل عليّ"(63)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(315)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 573.

وفي سنِّه يوم قتل أنه كان ابن ثلاث وستين مرويٌّ أيضًا عن محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية كما سيأتي برقم (4747)، وهو كذلك في إحدى الروايات عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر كما في "المعجم الكبير" للطبراني (165)، و "تاريخ دمشق" 42/ 19 و 572.

وهو قول أبي إسحاق السَّبيعيّ كما أخرجه عنه ابن سعد 3/ 36 وغيره.

وهو الذي رجّحه أبو زيد عمر بن شبّة فيما نقله عنه الطبري في "تاريخه" 5/ 151، واعتمده كذلك الواقدي فيما نقله عنه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 36، واعتمده ابن سعد أيضًا في "طبقاته" 8/ 134، ومحمد بن حبيب البغدادي صاحب "المُحبَّر" ص 17.

وقيل في سِنّه يومَ قُتل قولان آخران، انظر ما سيأتي برقم (4746)، وانظر "تاريخ دمشق".

وأما سنة وفاته يعني سنة أربعين فمتّفَقٌ عليه.

وأما اليوم الذي قُتل فيه عليٌّ فالظاهر أن معنى "قُتل" في هذه الرواية: ضُرِب، فإن صح ذلك اتفقت هذه الرواية مع رواية الواقديّ فيما نقله عنه الطبري 5/ 151 - 152، حيث قال: ضُرب عليٌّ ليلة الجمعة، فمكث يوم الجمعة وليلة السبت، وتوفي ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين، وهو ابن ثلاث وستين سنة. ووافقه عليه الطبري إذ جزم به في "ذيل المذيَّل" كما في "منتخبه" لعُرَيب القرطُبي المطبوع بذيل "تاريخه"11/ 512. وكذلك قال أبو نُعيم الفضل بن دُكين فيما رواه عنه ابن عساكر 42/ 585، وقال البلاذُري في "أنساب الأشراف" 253/ 3: هذا الثَّبَتُ.

ونحوه قول إسماعيل بن راشد السُّلميّ عند الطبري في "تاريخه" 5/ 143، والطبراني في "الكبير" (168) وغيرهما: أنَّ عليًا قتل لسبع عشرة ليلة تخلو من رمضان. ويُحمَل أيضًا على أن "قُتل" بمعنى: ضُرب.

وسيأتي ما يخالف ما هنا برقم (4739) عن حُريث بن مُخَشِّي: أنه قُتل ليلة إحدى وعشرين.

وحكى ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 538 عن أبي الطُّفيل وزيد بن وهب والشَّعبي: أنه قتل لثمان عشرة ليلة مضت من رمضان. والله أعلم.

ص: 545

4640 -

سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن إسماعيل القارئ يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: سمعت أبا بكر بن أبي شَيْبة يقول: وَلِيَ عليُّ بن أبي طالب خمسَ سنين، وقُتل سنةَ أربعين من مُهاجَر رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وهو ابن ثلاثٍ وستين سنة، قُتل يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان، ومات يومَ الأحد ودُفن بالكوفة

(1)

.

4641 -

أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل القارئ، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث بن سعد، أخبرني خالد، أخبرني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هِلال، عن زيد بن أسلم، أنَّ أبا سِنان الدُّؤَلي حدثه: أنه عاد عليًّا في شَكوى له اشتكاها، قال: فقلتُ له: لقد تَخوّفْنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذا، فقال: لكني والله ما تَخوّفتُ على نفسي منه، لأني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم الصادقَ المصدُوقَ يقول: "إنك ستُضرَبُ ضربةً هاهنا، وضربةً هاهنا - وأشار إلى صُدغَيه - فيَسيلُ دمُهما

(2)

حتى تختضِبَ لحيتُك، ويكون صاحبُها أشقاها، كما كان عاقرُ الناقةِ أشقى ثَمودَ"

(3)

.

(1)

انظر "تاريخ دمشق" 42/ 587. وانظر ماسيأتي برقم (4739).

(2)

في (ز) و (م) و (ب) دمها، بالإفراد والمثبت من (ص) بالثنية هو المناسب لذكر الصُّدغَين.

(3)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن صالح، وقد روي هذا الخبر من وجه آخر عن زيد بن أسلم. وقد صحَّح البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 439 رواية المصنف هذه.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 58، ومن طريقه ابن عساكر في 42/ 543 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(174)، والآجري في "الشريعة"(1595)، والطبراني في "الكبير"(173) من طرق عن أبي صالح عبد الله بن صالح، به.

وأخرجه عبد بن حميد (92)، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 544 من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، وأبو يعلى (569)، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 542 من طريق عبد الله بن جعفر المديني، =

ص: 546

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

4642 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح السَّهْمي، حدثنا سعيد بن عُفَير، حدثني حفص بن عِمران بن أبي الوسام، عن السَّرِيّ بن يحيى، عن ابن شِهَاب، قال: قدمتُ دمشقَ وأنا أُريد الغزوَ، فأتيتُ عبد الملك لأُسلِّمَ عليه، فوجدتُه في قُبّةٍ على فُرُشٍ بقرب القائم

(1)

وتحته سِماطانِ، فسلَّمتُ، ثم جلستُ، فقال لي: يا ابن شِهَاب، أتعلم ما كان في بيت المقدس صباحَ قُتل عليُّ بن أبي طالب؟ فقلتُ: نعم، فقال: هلُمَّ، فقمتُ من وراء الناس حتى أتيتُ خلفَ القُبّة، فحَوَّل إليَّ وجهَه فأحنَى عليَّ، فقال: ما كان؟ فقلت: لم يُرفَعْ حَجَرٌ من بيت المقدس إلَّا وُجد تحتَه دمٌ، فقال: لم يبقَ أحدٌ يعلمُ هذا غيري وغيرَك، لا يَسمعنَّ منك أحدٌ، فما حَدّثتُ به حتى تُوفّي

(2)

.

= كلاهما عن زيد بن أسلم، به. وإسناده حسنٌ من رواية ابن أبي الزناد، وعبد الله بن جعفر المديني ضعيف.

وروى نحوه فضالة بن أبي فضالة عن علي عند أحمد 2/ (802).

وانظر ما سيأتي عند المصنف مرفوعًا برقم (4736) من طريق أبي الهيّاج حيان بن منصور الأسدي، وبرقم (4738) من طريق زيد بن وهب، كلاهما عن علي بن أبي طالب.

وانظر حديث عمار بن ياسر الآتي برقم (4730).

(1)

كذلك جاء في النسخ الخطية، وفي بعض المصادر التي أوردت هذا الخبر تفوت القائم، والظاهر أنَّ تلك الفُرش لكونها كانت مشرفةً مرتفعةً تكاد من إشرافها وارتفاعها تكون أعلى من القائم على رجليه، فقد جاء في عدة أخبار عن بعض خلفاء بني أمية أنه كانت لهم فُرش مُشرِفة. وعليه يكون معنى قوله: بقرب القائم، أي: بقرب ارتفاع القائم على رجليه، وقوله: تفوت القائم، أي: أعلى منه، والله تعالى أعلم.

(2)

ضعيف منكر، حفص بن عمران مجهول لا يُعرف كما نبَّه عليه الذهبي في "تلخيصه"، وشيخه السَّريّ بن يحيى إن كان هو الشيباني فثقة، وإلّا فلا يُعرف أيضًا، فقد ذكره مُغَلْطاي في "الإكمال" 5/ 222 تمييزًا عن السَّريّ بن يحيى الشيباني، وعَزَاهُ للصريفيني.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"1/ 629 - 630، ومن طريقه ابن أبي عاصم =

ص: 547

4643 -

أخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد الأحمسي، حدثنا الحسين بن حُميد بن الربيع، حدثنا الحسين بن علي السُّلمي، حدثني عمي محمد بن حسان، حدثنا الحسن بن زياد، عن أبي مَعشَر، عن شُرحْبيل بن سعد القرشي، قال: استُخلِفَ عليُّ بن أبي طالب سنة خمسٍ وثلاثين، وهو ابن ثمان وخمسين سنة وأشهُر، فلما حضر المَوسِم سنة خمس وثلاثين بعث عبدَ الله بنَ عبّاس على الموسم سنة خمس وثلاثين، وسنةَ ستٍّ وثلاثين، وسنة سبع وثلاثين، وسنة ثمان وثلاثين، وسنة تسع وثلاثين، وحَضَرَ الموسمُ وتشاغلَ عليٌّ بالقتال، فاصطَلح الناسُ على شَيْبة بن عثمان الحَجَبي، فشهد بالناس، فلما كان سنةَ أربعين قُتل عليٌّ يومَ الجمعة لسبعَ عشرةَ مَضَتْ من شهر رمضان من سنة أربعين، وهو ابن ثلاثٍ وستين سنة

(1)

.

=في "الآحاد والمثاني"(189)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 440 - 441، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 55/ 305 عن سعيد بن عُفَير، بهذا الإسناد.

وسيأتي عند المصنف برقم (4745) من طريق نوح بن دراج، عن محمد بن إسحاق، عن الزُّهْري، عن أسماء الأنصارية قالت: ما رُفع حجر بإيلياء ليلة قتل عليّ إلّا ووُجد تحته دم عَبيط.

ونوح هذا متروك وكذّبه ابن مَعِين، وقال الحاكم نفسه: حدث عن الثقات بالموضوعات.

وأخرج ابن سعد في "طبقاته" 7/ 432، والبيهقي 6/ 471، وابن عساكر 14/ 229 من طريق معمر بن راشد، قال: أول ما عُرف الزُّهري أنه كان في مجلس عبد الملك بن مروان، فسألهم عبد الملك، فقال: من منكم يعلم ما صنعت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحُسين؟ قال: فلم يكن عند أحد منهم في ذلك علم، فقال الزُّهْري: بلغني أنه لم يُقلب منها يومئذٍ حجرٌ إِلّا وُجد تحته دمٌ عَبِيط. قال: فعُرف من يومئذ. ورجاله إلى الزُّهْري ثقات، إلَّا أنَّ بلاغات الزُّهْري ومراسيله ليست بشيء بمنزلة الريح كما قال ابن مَعِين ويحيى القطان.

وأخرج نحوه مختصرًا الطبراني في "الكبير"(2835)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(1789)، والمستغفري في دلائل النبوة" (663) من طريق ابن جريج عن الزُّهْري.

والسِّماط: الجماعة من الناس.

(1)

إسناده ضعيف بمرَّة لضعف أبي مَعشَر - وهو نَجيح بن عبد الرحمن السِّندي - والحسنِ بن زياد - وهو اللؤلؤي - ولجهالة الحسين بن علي السُّلمي وعمِّه محمد بن حسان، والحسينُ بن =

ص: 548

قال الحاكم: فنظرنا فوجدنا لهذه التواريخ برهانًا ظاهرًا بإسناد صحيح:

4644 -

حدّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا السَّري بن يحيى التَّميمي، حدثنا قَبيصة بن عُقبة، حدثنا سفيان، عن منصور، عن رِبْعيّ بن حِراش، عن البراء بن ناجِيَة، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَدُورُ رَحَى الإسلامِ على خمسٍ وثلاثين أو ستٍّ وثلاثين، فإن يَهْلِكُوا فَسَبيلُ من هَلَك، وإن تَبَقّى لهم دينُهم فسبعين عامًا"، قال عمر: يا رسول الله، ممّا بقيَ أو ممّا مضى؟ قال:"ممّا بقيَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= حميد بن الربيع فيه لِين.

والصحيح الذي عليه أهل السير أنَّ الذي بعث عبدَ الله بن عبّاس على الموسم. سنة خمس وثلاثين هو عثمانُ بن عفان لا عليُّ بن أبي طالب، وقد روي ذلك عن عبد الله بن عبّاس نفسه عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 60، وروي عن عبد الله بن عمر عند الدارقطني (2510)، وفي إسنادهما مقال، لكن ثبت عن عمرو بن دينار عند ابن سعد 6/ 337، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 4/ 1269، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 6/ 217، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 438 قال: كلّم الناسُ ابن عبّاس أن يحجَّ بهم وعثمان محصور، فدخل عليه، فاستأذن أن يحج بهم، فحجَّ بهم، فرجع وقد قتل عثمان رضي الله عنه. وإسناده صحيح.

وثبت مثله كذلك عن أبي وائل شقيق بن سلمة عند ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "الإصابة" للحافظ 4/ 149 أنَّ عثمان بن عفان أمَّر عبد الله بن عبّاس على الحج سنة قُتِل.

وهذا هو المناسب لتاريخ قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد قُتل في الثامن عشر من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين على قول الأكثرين، فكيف يؤمره عليّ بن أبي طالب ولم يكن ولي الخلافة بعدُ.

ثم إنه اختُلف فيمن حجَّ بالناس سنة ست وثلاثين وسبع وثلاثين وثمان وثلاثين، فجزم الواقدي فيما نقله عنه البلاذري في "أنساب الأشراف" 4/ 79، وابن عساكر 37/ 477 بأنَّ الذي حجَّ في هذه السنين هو عُبيد الله بن عبّاس أخو عَبد الله، وأنَّ عليًّا أرسله سنة تسع وثلاثين، ثم اصطلح الناس أن يكون الأمير شيبة بن عثمان الحجبي.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين كما تقدم بيانه برقم (4599). سفيان: هو ابن سعيد الثوري.

ص: 549

‌ذكر بيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه

حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في شعبان سنة اثنتين وأربع مئة، قال: اختلفتِ الرواياتُ في وقته، فقيل: أنه بُويع بعد أربعة أيام من قتل عثمان، وقيل: بعد خمس، وقيل: بعد ثلاث وقيل: بُويع يوم الجمعة لخمسٍ بَقِين من ذي الحِجّة، وقيل: بُويع عَقِيبَ قتل عثمان في دار عمرو بن مِحْصَن الأنصاري أحد بني عمرو بن مَبذُول، وأصحُّ الروايات أنه امتنع عن البيعة إلى أن دُفن عثمان، ثم بُويع على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ظاهرًا، وكان أولَ من بايعه طلحةُ، فقال: هذه بيعة تُنكَثُ

(1)

.

4645 -

فحدَّثنا أبو بكر بن أبي دارِم، الحافظ، حدثنا أحمد بن موسى بن إسحاق التَّميمي، حدثنا وضّاح بن يحيى النَّهْشَلي، حدثنا أبو بكر بن عيّاش، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد النَّخَعي، قال: لما بُويع عليُّ بن أبي طالب على مِنبَر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال خُزَيمة بن ثابت وهو واقفٌ بين يدي المنبر:

إذا نحنُ بايَعْنا عليًّا فحَسْبُنا

أبو حَسَنٍ مما نخافُ من الفِتَنْ

وجدناه أَولَى الناسِ بالناسِ إِنَّه

أطَبُّ قُريشٍ بالكتاب وبالسُّننْ

وإن قريشًا ما تَشُقُّ غُبارَه

إِذا ما جَرَى يومًا على الضُّمَّرِ البَدَنْ

وفيه الذي فيهم من الخَيرِ كلِّهِ

وما فيهمُ كلُّ الذي فيه من حَسَنِ

(2)

(1)

جاء عند ابن أبي شيبة في "المصنف" 14/ 136، وابن الجوزي في "المنتظم" 5/ 63 أنَّ قائل ذلك أعرابيٌّ، قاله تشاؤمًا، بسبب يد طلحة، لكونها كانت شَلَّاء. وجاء في بعض الروايات عند البلاذري في "أنساب الأشراف" 3/ 8 وغيره: أنَّ قائل ذلك قَبيصة بن ذؤيب، وعند الطبري في "تاريخه" 4/ 428: أنه حبيب بن ذؤيب.

(2)

إسناده ضعيف أبو بكر بن أبي دارم، قال عنه الحاكم نفسُه: رافضي غير ثقة، ووضّاح بن يحيى النَّهْشَلي مُختلف فيه، ويعتبر بحديثه عند المتابعة، ولم يتابع.

والضُّمَّر: جمع ضامر، وهو الفرس أو البعير الذي خفَّ لحمُه ودَقّ من السير لا من علّةٍ.=

ص: 550

4646 -

حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا أبو أحمد الزُّبيري، حدثنا العلاء بن صالح، عن عَدِي بن ثابت، عن أبي راشد، قال: لما جاءت بيعة عليٍّ إلى حذيفة قال: لا أبايع بعده إلَّا أصغَرَ أو أبتَرَ

(1)

.

قال الحاكم: هذه الأخبارُ الواردة في بيعة أمير المؤمنين كلُّها صحيحةٌ مُجمَع عليها، فأما قول من زعم أنَّ عبد الله بن عُمر وأبا مسعود الأنصاري وسعد بن أبي وقّاص وأبا موسى الأشعري ومحمدَ بن مَسلَمة الأنصاري وأسامةَ بن زيد قَعدُوا عن بيعته، فإنَّ هذا قولُ من يَجحَد حقيقةَ تلك الأحوالِ، فاسمع الآنَ حقيقتَها:

4647 -

حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد السَّكُوني بالكوفة، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا شَريك، عن أُمَيٍّ الصَّيرَفي، عن أبي قَبيصة عمر بن قَبيصة، عن طارق بن شِهَاب قال: رأيتُ عَليًّا عَلَى رَحْلٍ رَثٍّ

= وأطَبُّ قريش: يعني أعلمُها، وهي أفعل تفضيل من الطبيب، وهو الحاذق بالأمور العارف بها.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة أبي راشد، والصحيح أن حذيفة إنما قال ذلك لما بلغه قتلُ عثمان، فقصد بقوله ذلك عثمان كما سيأتي بيانه. أبو أحمد الزُّبيري: هو محمد بن عبد الله بن الزبير.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 132، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 3/ 17 من طريقين عن العلاء بن صالح، بهذا الإسناد.

وأخرج عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 4/ 1249، وأبو نُعيم الأصبهاني في "تثبيت الإمامة"(131) من طريق طارق بن شهاب، قال: لما قتل عثمان قال حذيفة: لن تستخلفوا بعده إلّا أصعر أو أبتر، الآخِر فالآخِر شرٌّ. وإسناده صحيح.

وأخرج نحوه معمر بن راشد في "جامعه"(20965)، وعمر بن شبة 4/ 1249 عن قتادة مرسلًا، قال: لما قُتل عثمان قال حذيفة: والله لا يأتيكم بعده إلّا أصغر أبتر، الآخِر شرٌّ. وهذه الرواية على إرسالها تؤيد رواية طارق بن شهاب، لكن قال أبو نعيم في "تثبيت الإمامة" بإثر (131): قول حذيفة لا يوجب حُجَّة إلّا أن يسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما إذا قال من ذاته فهو رأي يخطئ فيه ويُصيب.

الأصغر أو الأصعر: بالغين المعجمة: الأذلُّ، وبالمهملة: المُعرِض عن الحق.

والأبتر: هو الناقص القليل الخير.

ص: 551

بالرَّبَذة، وهو يقول للحسن والحسين: ما لكما تَخِنّان خَنِينَ

(1)

الجاريةِ، والله لقد ضربتُ هذا الأمرَ ظهرًا لِبَطنٍ، فما وجدتُ بُدًّا من قِتال القوم، أو الكُفرِ بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(1)

في المطبوع: تَحِنان حَنين، بالمهملة بدل الخاء المعجمة، وكأنها كذلك في (ص) و (م)، لكنها أُعجمت في (ز) و (ب) بالخاء المعجمة، وهو ضربٌ من البكاء دون الانتحاب، وأصله خروج الصوت من الأنف، وبعضهم يجعل الحنين والخنين واحدًا.

(2)

خبر حسن لكن بذكر الحَسن بن علي دون أخيه الحُسين، كما جاء في رواية غير المصنّف، وأبو قبيصة عمر بن قَبيصة هكذا وقع مسمَّى في هذه الرواية عمر، وإنما هو صفوان بن قَبيصة، كما في رواية جعفر بن زياد الأحمر عن أُمَيٍّ الصَّيرفي لهذا الخبر، وكذلك سمّاه كل من ترجم له كالبخاري وابن أبي حاتم وابن حبان في "الثقات"، وكذلك سمّاه أبو الخطاب الهجري وكثير أبو إسماعيل النواء إذ رويا عنه بعض الأخبار، وأغلب الظن أنَّ الوهم هنا في تسميته من جهة شريك - وهو عبد الله النخعي - فقد روى هذا الخبر عن شريك عبدُ الله بن صالح العِجْلي الكوفي عند البلاذُري في "أنساب الأشراف" 3/ 33، فسماه عَمرو بن قبيصة، بزيادة الواو، فدلَّ على أن شريكًا لم يضبط اسمه، وصفوان بن قبيصة هذا روى عنه أيضًا غير الذين تقدم ذكرهم ضِرارُ بن مرة، فبرواية هؤلاء مع ذكر ابن حبان له في "الثقات" يحتمل حديثه التحسين.

وقد روى هذا الخبر عن أُمَيٍّ الصيرفي أيضًا سفيان بن عيينة غير أنه لم يُسمِّ صفوان بن قبيصة، بل أبهمه، ووصفه بأنه رجل من بَجيلة وأنه كان رضيعًا للقَسْري، وهذا هو نفسه صفوان، لأنَّ كثيرًا النواء وأبا الخطاب الهجري نسباه أحمسيًا وأحمسُ من بَجِيلة.

وما علَّقه ابن حبان في "الثقات" من قوله: إن كان سمع من طارق فهو مدفوع برواية ابن عيينة المذكورة، فقد جاء فيها أنه سمع طارق بن شهاب.

هذا ولم ينفرد صفوان بن قبيصة بهذا الخبر، بل تابعه على روايته قيس بن مسلم الجَدَلي، وهو ثقة، ولكنه لم يذكر فيه قول علي بن أبي طالب: والله لقد ضربتُ هذا الأمر ظهرًا لبطن .... إلخ، وإنما جاء في روايته بدلًا من ذلك مقالة أخرى لعليٍّ.

لكن يشهد لرواية صفوان بن قبيصة في مقالة عليٍّ التي هنا شواهد كما سيأتي.

وأخرجه البلاذُري في أنساب الأشراف" 3/ 33 من طريق يحيى بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.

ويحيى - وهو الحِمّاني - وإن كان فيه ضعف، يُعتبر به في المتابعات والشواهد.

وأخرجه أبو الحسن الحمامي في "جزء الاعتكاف" ضمن مجموع فيه مصنفاته وأجزاء أخرى =

ص: 552

فأما عبد الله بن عمر:

4648 -

فحدَّثنا بصحَّة حاله فيه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مَهدي بن رُستُم، حدثنا بِشْر بن شعيب بن أبي حمزة القرشي، حدثني أبي، عن الزُّهْري، أخبرني حمزة بن عبد الله بن عمر: أنه بينما هو جالس مع عبد الله بن عمر،

= (36) من طريق إسماعيل بن موسى الفزاري، عن شريك النخعي، به. مختصرًا بمقالة عليٍّ آخر الخبر هنا.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 274، والبخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 309، وعمر بن شبّة في "تاريخ المدينة" 4/ 1257 من طريق جعفر بن زياد، عن أُمَيٍّ الصَّيرفي، به. وذكر قصةً مطولةً، وجعفر صدوق.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة 2/ 678 - 688، وابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه الكبير"(3777) من طريق سفيان بن عيينة، عن أُمَيٍّ الصيرفي، عن رجل من بجيلة كان رضيعًا للقسري، عن طارق بن شهاب، به. فأُبهم في هذه الرواية ذكر صفوان بن قَبيصة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 99، وابنُ شَبّة 4/ 1256، وابن أبي خَيثمة (3775) و (3776)، وابنُ عساكر 42/ 456 من طريق قيس بن مسلم الجَدَلي، عن طارق بن شهاب، به فذكر القصة بنحو رواية جعفر بن زياد عن أُمَيٍّ، لم يذكر مقالة عليٍّ التي في آخر الخبر هنا أنه لم يجد بدًّا من قتال القوم أو الكفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، لكن يشهد لمقالة عليٍّ هذه ما أخرجه أبو نُعيم في "تثبيت الإمامة"(189)، وابنُ عساكر 42/ 439 من طريق يحيى بن هانئ بن عروة المرادي، والبخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 36، وابن عساكر 42/ 473 من طريق مازن بن عبد الله العائدي، وفي إسنادهما مقالٌ لكنها يصلحان للمتابعة، فيعضدان رواية أبي قبيصة صفوان بن قبيصة، ويعتضدان بها، وجاء في رواية جعفر بن زياد المتقدمة وكذلك في رواية يحيى بن هانئ المرادي بيان لحجّة عليٍّ رضي الله عنه في قوله: أو الكفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، أنه بسبب نكث الناكثين لبيعته بعد أن بايعوه طائعين غير مُكرهين، قلنا: وكأنه يشير إلى قوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ الله} ، وهذا أولى في الحمل عليه من قول ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 535 حيث قال: يعني عليٌّ - والله أعلم - قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} وما كان مثله.

قوله: ضربتُ هذا الأمر ظهرًا لبطن، أي: اختبرتُه ونظرت في تدبيره.

ص: 553

إذ جاءه رجلٌ من أهل العراق، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إني والله لقد حَرَصتُ أن اتَّسَمتُ بسَمْتِك، وأقتدي بك في أمر فُرقةِ الناس، وأعتزلُ الشرَّ ما استطعتُ، وإني أقرأ آيةً من كتاب الله مُحكَمةً قد أخَذَت بقلبي، فأخبرني عنها، أرأيتَ قولَ الله عز وجل:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9]، أخبِرْني عن هذه الآية؟ فقال عبد الله: ما لكَ ولذلك؟ انصرِفْ عني، فانطَلَقَ حتى تَوارَى عنا سَوادُه، أقبلَ علينا عبدُ الله بن عمر، فقال: ما وجدتُ في نفسي في شيء من أمر هذه الآية، ما وجدتُ في نفسي أني لم أُقاتِل هذه الفئةَ الباغيةَ كما أمرني الله عز وجل

(1)

.

هذا باب كبيرٌ قد رواه عن عبد الله بن عمر جماعةٌ من كبار التابعين، وإنما قدّمتُ حديثَ شُعيب بن أبي حمزة عن الزُّهْري، واقتصرتُ عليه، لأنه صحيح على شرط الشيخين.

وأما ما ذُكر من إمساك أسامة بن زيد عن القتال:

4649 -

فحدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا حامد بن أبي حامد المقرئ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدَّشْتَكي، حدثنا عمرو بن أبي قيس الرازي، عن إبراهيم بن مُهاجِر، عن أبي الشَّعثاء، عن عمِّه، عن أسامة بن زيد، قال: بعثني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في سَرِيّة في أُناس من أصحابه، فاستَبَقْنا أنا ورجلٌ من الأنصار إلى العدوّ، فحملتُ عليه، فلما دنوتُ منه كَبّر، فطعنتُه فقتلتُه، ورأيتُ أنه إنما فَعَل ذلك ليُحرِزَ دمَه، فلما رجعْنا سبقَني إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، لا فارسَ خيرٌ من فارسِكم، إنّا استَلحَقْنا رجلًا فسبقَني إليه، فكبّر فلم يمنعه ذلك أن قَتَلَه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا أسامةُ، ما صنعتَ اليوم؟ " فقلت: حملتُ على رجلٍ فكبّر،

(1)

إسناده صحيح، وهو مكرر ما تقدم برقم (3764).

ص: 554

فرأيتُ أنه إنما فعل ليُحرِزَ دمَه فقتلتُه، فقال: "كيف بعدَ اللهُ أكبرُ، فهلّا شَقَقَتَ عن قلبِه فعَلِمت

(1)

ما قال؟! فلم يزَلْ يقول لي يومئذٍ، فلا أقاتلُ رجلًا يقول: اللهُ أكبرُ مما نهاني عنه، حتى ألقاُه

(2)

.

4650 -

حدَّثَناهُ أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ القاضي، حدثنا أحمد بن جعفر بن نصر، حدثنا محمد بن حُميد، حدثنا هارون بن المغيرة، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن إبراهيم بن مُهاجر، عن إبراهيم النَّخَعي، عن أبي الشَّعْثاء، عن عَمِّه، عن أسامة بن زيد. فذكر الحديثَ بنحوه

(3)

.

وأما ما ذُكِر من اعتزال سعد بن أبي وقّاص عن القتال:

4651 -

فحدَّثَناه أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا علي بن المُنذر، حدثنا ابن فُضيل، حدثنا مُسلم المُلائي، عن خَيثمة بن عبد الرحمن، قال: سمعت سعدَ بن مالك وقال له رجلٌ: إِنَّ عليًّا يقعُ فيك أنك تخلّفتَ عنه، فقال سعدٌ: واللهِ إنه لرأيٌ رأيتُه، وأخطأَ رأبي، إنَّ عليّ بن أبي طالب أُعطيَ

(1)

في النسخ الخطية: فقلت، وهو تحريف إذ لا يُفهَم الكلام بها، والصواب ما أثبتنا، وهو موافق لبعض روايات هذا الخبر.

(2)

حديث صحيح لكن بذكر "لا إله إلّا الله" بدل "الله أكبر"، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عم أبي الشعثاء - واسم أبي الشعثاء سُليم بن أسود المُحاربي - وإبراهيم بن مُهاجر ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد ولكنه اختلف عليه في إسناده فروي عنه مرة بزيادة ذكر إبراهيم النخعي بينه وبين أبي الشعثاء، كما في الطريق التالية.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الديات" ص 35 عن أبي عمرو عثمان بن سعيد بن عمرو، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي الرازي، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 36/ (21745) و (21802)، والبخاري (4269) و (6872)، ومسلم (96)، وأبو داود (2643)، والنسائي (8540) و (8541)، وابن حبان (4751) من طريق أبي ظَبيان حُصين بن جُندب، عن أسامة بن زيد. غير أنه جاء في هذه الرواية أنَّ الرجل الذي قتله أسامة قال: لا إله إلّا الله.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف كسابقه.

ص: 555

ثلاثًا، لأن أكونَ أُعطيتُ إحداهُنّ أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها، لقد قال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ غَدير خُمٍّ بعدَ حمدِ الله والثناءِ عليه:"هل تعلمون أني أَولى بالمؤمنين من أنفُسِهم؟ " قلنا: نعم، قال:"اللهم مَن كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاهُ، وعادِ من عاداهُ".

وجيءَ به يومَ خَيبَر وهو أرمَدُ ما يُبصِرُ، فقال: يا رسول الله، إني أرمَدُ، فَتَفَلَ في عينَيه ودعا له، فلم يَرمَدْ حتى قُتِل، وفُتِحَ عليه خيبرُ.

وأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عمَّه العباسَ وغيرَه من المسجد، فقال له العباسُ: تُخرِجُنا ونحن عُصْبتُك وعُمومتُك وتُسكِنُ عليًا؟ فقال: "ما أنا أخرَجَكُم وأسَكَنَه، ولكنّ الله أخرجَكُم وأسكَنَه"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل مسلم الملائي، فإنه متروك، لكنه متابع على القصتين الأولى والثانية في هذا الخبر.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 118 - 119 من طريق يحيى بن سلمة بن كُهيل، عن مسلم المُلائي، به. دون القصة الأخيرة.

وأخرج القصة الأُولى منه يوم غدير خُمٍّ: النسائي (8340) و (8425) و (8426) من طريق موسى بن يعقوب الزَّمْعي، و (8427) من طريق يعقوب بن جعفر بن أبي كثير، كلاهما عن مهاجر بن مسمار، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، عن أبيها. وقُرن بعائشة في رواية موسى ابن يعقوب الثانية أخوها عامر بن سعد. وإسناده حسن.

وأخرج المرفوع من القصة فقط النسائي (8414) من طريق أيمن الحبشي، أن سعدًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه فعليٌّ مولاه". وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، وأغلب الظن أنَّ أيمن لم يدرك سعدًا، وأنَّ روايته عنه مرسلة.

وأخرج المرفوعَ من قصة غدير خُمّ كذلك: ابن ماجه (121)، والنسائي (8343) من طريق عبد الرحمن بن سابِطٍ، عن سعد بن أبي وقاص ورجاله ثقات، لكن جزم ابن مَعِين بأنَّ ابن سابِطٍ لم يسمع من سعد بن أبي وقاص.

وقد تقدمت قصة خيبر عند المصنف برقم (4626) بإسناد جيد عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، وانظر تمام تخريجها هناك.=

ص: 556

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ويشهد لقصة غدير خُمٍّ حديثُ زيد بن أرقم المتقدم برقم (4627) و (4628)، وانظر تمام شواهده هناك.

وأخرج القصة الأخيرة في إخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس من المسجد غير عليٍّ: النسائي (8371) من طريق إسرائيل، عن عبد الله بن شريك، عن الحارث بن مالك، عن سعد بن أبي وقاص. وإسناده ضعيف لجهالة الحارث بن مالك، وللاختلاف فيه سندًا ومتنًا.

فقد أخرج النسائي (8372) من طريق فطر بن خليفة، عن عبد الله بن شريك، عن عبد الله بن الرقيم، عن سعد: أن العباس أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سددتَ أبوابنا إلّا باب عليٍّ؟ فقال: "ما أنا فتحتُها ولا سددتُها". فخالف فطرٌ إسرائيلَ في تسمية التابعي، وفي متن الخبر كما ترى، وعبد الله بن الرقيم لا يُعرف كذلك.

وله طريق أخرى عن سعد بن أبي وقاص عند الطبراني في "الأوسط"(3930) بسند فيه لِينٌ، بلفظ رواية فطر بن خليفة، أي: بذكر سدِّ الأبواب، فهو المحفوظ في حديث سعد بن أبي وقاص، وانظر حديثَ ابن عبّاس الآتي عند المصنف برقم (4702).

وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الخبر هنا في ذكر الإخراج والإسكان، فقد جاء عن سعد بن أبي وقاص أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قاله في قصة أخرى، وهي ما أخرجه النسائي (8096) و (8370) وغيره من طريق محمد بن سليمان المعروف بلُوَين، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار المكي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه - ولم يقل مرةً عن أبيه - قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده قوم جلوس، فدخل عليٌّ، فلما دخل خرجوا، فلما خرجوا تَلاوموا، فقالوا: والله ما أخرجَنا وأدخلَه، فرجعوا فدخلوا، فقال:"والله ما أنا أدخلتُه وأخرجتُكم، بل الله أدخله وأخرجكم".

وقد نقل الخطيب في "تاريخه" 3/ 218 أنَّ أحمد بن حنبل أنكر هذا الحديث، ورجَّح الخطيب أنه إنما أنكره متصلًا بذكر سعد بن أبي وقاص، لأنَّ المحفوظ روايته عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص مرسلًا، ثم أسنده الخطيبُ من طريق عبد الله بن وهب ومن طريق الحُميدي، كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن إبراهيم بن سعد مرسلًا.

وقد جاء عند أبي الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 2/ 144 من طريق محمد بن سليمان لُوَينٍ موصولًا، وقال بإثره: قال لُوينٌ: حدثنا به ابن عيينة مرةً أخرى عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص لم يجاوز به. فإذا صحَّ ما عند أبي الشيخ يكون هذا الاختلاف من جهة ابن عُيينة لا من جهة لُوين، وإليه تشير رواية النسائي التي تقدمت، وعلى أيِّ حالٍ فرجاله ثقات، وهو أصحُّ من طريق المصنف.

ص: 557

وأما ما ذُكر من اعتزال أبي مسعود الأنصاري وأبي موسى الأشعري، فإنَّ أمير المؤمنين رضي الله عنه وَجَّهَ إلى الكوفة لأَخْذ البيعةِ له محمدًا ابنَه ومحمدَ بن أبي بكر، وكان على الكوفة أبو موسى الأشعري وأبو مسعود، فامتنع أبو موسى أن يُبايع، فرجعا إلى أمير المؤمنين، فبعث الحسنَ ابنَه ومالكَ الأشْتَر.

4652 -

فحدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المُزكِّي، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا داود بن رُشَيد، حدثنا الهيثم بن عَديّ، عن مجالدٍ وابن

(1)

عيّاش وإسماعيل بن أبي خالد، عن الشَّعْبي قال: لما قُتل عثمان وبُويع عليٌّ خَطَبَ أبو موسى وهو على الكوفة، فنهى الناسَ عن القتالِ والدخولِ في الفتنة، فعزلَه عليٌّ عن الكوفة من ذي قار، وبَعَثَ إليه عمارَ بن ياسر والحسنَ بن عليٍّ فعزَلاه، واستعمل قَرَظة بنَ كعب، فلم يزل عاملًا حتى قدم عليٌّ من البصرة بعد أشهُر، فعزلَه حيثُ قدم، فلما سار إلى صِفِّين استخلف عُقبة بن عمرو أبا مسعود الأنصاري حين قدم من صِفِّين

(2)

.

4653 -

أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شُعْبة، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي وائل قال: دخل أبو موسى الأشعَري وأبو مسعود البَدْري على عمّار، وهو يَستنفِرُ الناسَ، فقالا له: ما رأَينا منك أمرًا منذ أسلمتَ أكرَهَ عندنا من إسراعِك في هذا الأمر، فقال

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أبي، والمثبت من "تلخيص الذهبي" وهو الصواب، وهو عبد الله بن عيّاش المعروف بالمنتُوف، ويُكنى بأبي الجرّاح.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل الهيثم بن عدي، فقد جزم غير واحدٍ من أهل المعرفة بأنه كان يكذب، لكن روي نحو هذا الخبر بأسانيد أصلح من هذا من أحسنها ما أخرجه عمر بن شبّة كما في "فتح الباري" 23/ 114، وعنه الطبريُّ في "تاريخه" 4/ 499 عن أبي الحسن علي بن محمد المدائني، عن بشير بن عاصم، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه. وذكر الطبري في "تاريخه" قصة أبي موسى مع أهل الكوفة ودعوتهم لاعتزال القتال من وجوهٍ 4/ 477 و 481 - 482 و 482 - 483 و 485 - 486.

ص: 558

عمارٌ: ما رأيتُ منكما منذ أسلمتُما أمرًا أكرَهَ عندي من إبطائكُما عن هذا الأمر، قال: فكَساهُما عمارٌ حُلَّة حلّةً، وخرج إلى الصلاة يومَ الجُمعة

(1)

.

وأما قصة اعتزال محمد بن مَسلَمة الأنصاري عن البَيعة:

4654 -

فحدَّثَناه عليُّ بن عيسى الحِيري، حدثنا أحمد بن نَجْدة القرشي، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن سالم بن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن محمود بن لَبيد، عن محمد بن مَسلَمة، قال: قلتُ: يا رسول الله، كيف أصنعُ إذا اختلفَ المُصلُّون؟ قال:"تَخْرُجُ بسيِفك إلى الحَرّة فتضربُها به، ثم تَدخُل بيتَك حتى تأتيَك مَنِيّةٌ - أو قال: مِيتةٌ - قاضِيةٌ، أو يدٌ خاطئةٌ"

(2)

.

(1)

صحيح لكن ما وقع هنا من التصريح بأنَّ عمارًا هو الذي كسا الحُلّتين فهو وهم، فقد روى هذا الخبر عن شعبة بدلُ بنُ المحبّر عند البخاري (7102)، وحجاج بن محمد الأعور عند ابن عساكر 43/ 457، فلم يُقيِّداه بذكر عمار، وإن كانت روايتهما تُوهم أنه هو، فقد قالا في روايتهما بعد ذكر مقالة عمار لأبي موسى وأبي مسعود: وكساهما حلةً، وكذلك رواه محمد بن جعفر عن شعبة في رواية ابن أبي شيبة عنه في "المصنف" 15/ 73 و 287، فروايتهم تقتضي عود الضمير إلى أقرب مذكور، وهو عمار.

لكن ذكر الحافظ في "فتح الباري" 23/ 118 أنَّ أحمد بن حنبل قد روى هذا الخبرَ عن محمد بن جعفر، عن شعبة، بلفظ: فقام أبو مسعود فبعث إلى كل واحدٍ منهما حُلةً، وتؤيده رواية الأعمش، عن شقيق بن سلمة - وهو أبو وائل نفسه - عند البخاري (7105) حيث قال: فقال أبو مسعود - وكان مُوسِرًا -: يا غلام، هاتِ حُلَّتين، فأعطى إحداهما أبا موسى والأخرى عمارًا، وقال: روحا فيها إلى الجمعة. فصرَّح بأمر الذي أهدى الحُلّيتين إنما هو أبو مسعود، فهذا هو الصحيح، والله أعلم.

وسيأتي من طريق بدل بن المحبّر عن شعبة برقم (6078).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سالم بن صالح، فهو لا يُعرف كما قال أبو حاتم الرازي، ويحيى بن عبد الحميد - وهو الحِمّاني - فيه ضعف، لكنه متابع، وقد رُوي هذا الخبرُ من طُرق أحدها صحيح.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19 / (513)، وابن بَطّة في "الإبانة" 2/ 579، وأبو القاسم بن بشران في الجزء الأول من "أماليه"(530)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 55/ 283 من طُرق عن يحيى=

ص: 559

4655 -

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحَجَبي، حدثني إبراهيم بن جعفر الأنصاري، حدثني سليمان بن محمود، من ولد محمد بن مَسلَمة الأنصاري، عن سعد بن زيد بن سعد الأشهلي: أنه أَهدَى إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سيفًا من نَجْران، فلما قَدِم عليه أعطاهُ محمدَ بنَ مسلمة، وقال:"جاهِدْ بهذا في سبيل الله، فإذا اختلَفتْ أعناقُ الناس فاضرِبْ به الحَجَرَ، ثم ادخُل بيتَك، وكن حِلْسًا مُلقًى، حتى تَقتُلَك يدٌ خاطئةٌ أو تأتيَك مَنيَّةٌ قاضيةٌ"

(1)

.

= ابن عبد الحميد بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي 8/ 191، ومن طريق ابن عساكر 55/ 283 من طريق يعقوب بن محمد الزُهْري، عن إبراهيم بن سعد، به.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(1289)، وفي "الصغير"(404) من طريق زيد بن أسلم، عن أبيه، عن محمد بن مسلمة، وإسناده في "الأوسط" صحيح.

وأخرجه أحمد 29 / (17979) من طريق الحسن البصري يقول: إنَّ عليًا بعث إلى محمد بن مسلمة، فجيء به، فقال: ما خلّفك عن هذا الأمر؟ قال: دفع إليَّ ابن عمك - يعني النبي صلى الله عليه وسلم سيفًا، فقال: "قاتِل به ما قُوتل العدوُّ

" ثم ذكر نحوه. ورجاله ثقات لكنه مرسل.

وأخرجه بنحوه أيضًا أحمد 25 / (16029) و (16030)، وابن ماجه (3962) من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جُدعان، عن أبي بُردة، قالك مررتُ بالربذة فإذا فسطاطٌ، فقلت: لمن هذا؟ فقيل: لمحمد بن مسلمة، فاستأذنت عليه

وإسناده ضعيف لضعف علي بن زيد.

وأخرج الطبراني في "الكبير" 12/ (12968) من طريق ثواب بن عتبة، عن أبي جَمْرة الضُّبَعي، عن ابن عبّاس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أعطى محمد بن مسلمة سيفًا، فقال: "قاتل المشركين ما قوتلوا

" ثم ذكر نحوه، وإسناده جيد.

وانظر "مسند أحمد" 29 / (17982)، و"البداية والنهاية" لابن كثير 9/ 183 - 184 في دلائل النبوة في باب إخباره صلى الله عليه وسلم عن الفتن.

وانظر ما بعده.

(1)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل سليمان بن محمود - وهو سليمان بن محمد بن محمود بن محمد بن مسلمة - فقد روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات"، وبهذا الإسناد أثبت غيرُ =

ص: 560

قال الحاكم: فبهذِه الأسبابِ وما جانسها كان اعتزالُ من اعتزل عن القتال مع عليّ رضي الله عنه، وبضدّها كان قتالُ مَن قاتَلَ

(1)

.

4656 -

فحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشاذَ، قالا: حدثنا بِشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سُفيان، حدثنا أبو موسى - يعني إسرائيل بن موسى - قال: سمعتُ الحسن يقول: جاء طلحةُ والزُّبير إلى البصرة، فقال لهم الناسُ: ما جاء بكم؟ قالوا: نَطلُب دمَ عثمان قال الحسنُ: أيا سُبحانَ الله! أفَما كان للقوم عُقولٌ فيقولون: والله ما قتلَ عثمانَ غيرُكم؟! قال: فلما جاء عليٌّ إلى الكوفة، وما كان للقوم عُقولٌ فيقولون: أيُّها الرجلُ، إنا واللهِ ما ضُمِّنّاك؟

(2)

.

4657 -

فحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا يحيى بن مَعِين، عن هشام بن يوسف، عن عبد الله بن مصعب، قال: أخبرني موسى بن عُقْبة، قال: قال علقمة بن وقّاص اللَّيثي: لما خرج طلحةُ والزبيرُ وعائشةُ لطلب دم عثمان رضي الله عنهم أجمعين - كانت عائشةُ خطيبةَ القوم بها، وهم لها تَبَعٌ، فعَرضُوا من معهم بذاتِ عِرقٍ، فاستصغَروا عُرْوة بنَ الزبير وأبا بكر

= واحدٍ من أهل النقد صحبةَ سعد بن زيد بن سعد الأشهلي، منهم أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنُه في "الجرح والتعديل" 4/ 83.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 48، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 282 وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(949)، والطبراني في "الكبير"(5424)، وفي "الأوسط"(2375)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(3161)، وابن عساكر 55/ 282 من طرق عن عبد الله بن عبد الوهاب الحَجَبي بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله.

قوله: "كن حِلْسًا مُلقًى" أي: الزَم بيتك لُزوم البِسَاط، لأنَّ الحلس هو بساط يُبسط في البيت.

(1)

في (ز) و (ب): قاتله.

(2)

إسناده جيد. الحُميدي: هو عبد الله بن الزبير الأسدي المكي، وسفيان: هو ابن عيينة، والحسن: هو البصري.

ص: 561

ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فردُّوهُما.

قال: ورأيتُ طلحةَ وأَحبُّ المجالسِ إليه أخلاها، وهو ضارِبٌ بلِحْيتِه على زَوْرِه، قال: فقلتُ له: يا أبا محمد إني أراك وأحبُّ المجالسِ إليك أخلاها، وأنت ضاربٌ بلحيتِك على زَوْرِك، إن كنتَ تكرهُ هذا الأمرَ فدَعْهُ، فليس يُكرِهُك عليه أحدٌ، قال: يا علقمةَ بنَ وقْاص، لا تَلُمني، كنا أمسِ يدًا واحدةً على مَن سِوانا، فأصبحنا اليومَ جَبَلَين من حديدٍ يَزْحَفُ أحدُنا إلى صاحبِه

(1)

.

4658 -

فحدَّثني أبو علي الحافظ، حدثنا الهيثم بن خلَف الدُّوْري، حدثنا محمد بن المثنَّى، حدثني خالد بن الحارث، حدثنا حُميد الطويل، عن الحسن، عن أبي بَكْرة قال:

(1)

إسناده حسن، وجوّده الذهبي في "تلخيصه" عند طريقه الآتية عند المصنف برقم (5694)، وذلك من أجل عبد الله بن مصعب - وهو ابن ثابت الزبيري - فقد كان أميرًا جميل السيرة جليل القدر عظيم الشرف محمودًا في ولايته، وإنما تكلّم فيه ابن مَعِين لأنه لم يكن صاحب كتاب، فقال عنه: ضعيف الحديث. قلنا: بناه على أنه لم يكن صاحب كتاب وأنه إنما كان يحفظ، وليس مجرد ذلك مما تُضعَّف به رواية الراوي إلّا إن ثبت أنه أخطأ في أحاديثه، أو خُولف فيها، فمثله حسن الحديث إلّا أن يُخطئ أو يُخالف، ويكون من بابة عبد الرحمن بن أبي الزناد كما قال أبو حاتم الرازي.

وأخرجه الطبري في "تاريخه" 4/ 453 و 476 عن أحمد بن منصور، عن يحيى بن مَعِين، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصرًا ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه الكبير"(2270)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 40/ 247 عن يحيى بن مَعِين، به - دون قصة علقمة بن وقاص وطلحة بن عُبيد الله.

وأما قصة استصغار أصحاب الجمل لعروة وأبي بكر بن عبد الرحمن فأخرجها ابن سعد في "الطبقات" 7/ 177، وابنُ أبي خيثمة (2271)، وابن عساكر 40/ 247 من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه.

وكذا رواه حفص بن غياث عن هشام بن عروة عند ابن أبي خيثمة (2103)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "العلل" لأبيه (3629) بذكر عروة وحده.

والزَّوْر: أعلى الصدر، أو وسط الصدر.

ص: 562

عَصَمَني الله بشيءٍ سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما هلَك كِسْرى، قال:"مَن استخلَفُوا؟ " قالوا: ابنتَه، قال: فقال: "لن يُفلَحَ قومٌ وَلَّوا أمرَهم امرأةٌ". قال: فلما قَدِمَت عائشةُ، ذكرتُ قولَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَعَصَمَني اللهُ به

(1)

.

4659 -

حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحَفِيد، حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا أبو نُعيم الفضل بن دُكَين، حدثنا عبد الجبار بن الوَرْد، عن عمّار الدُّهْني، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن أم سلمة، قالت: ذكرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم خُروجَ بعضِ أمهاتِ المؤمنين، فضحكتْ عائشةُ، فقال:"انظُري يا حُمَيراء، أن لا تكوني أنتِ"، ثم التفتَ إلى عليٍّ، فقال:"إن وَليتَ من أمرِها شيئًا فارفُقْ بها"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. حميد الطويل هو ابن أبي حميد، والحسن: هو البصري.

وأخرجه الترمذي (2262)، والنسائي (5904) عن محمد بن المثنى، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث صحيح.

وأخرجه أحمد 34 / (20438) من طريق حماد بن سلمة، عن حميد الطويل، به.

وأخرج المرفوعَ منه فقط أحمدُ (20178) و (20517)، وابن حبان (4516) من طريق مُبارك بن فَضالة، عن الحسن البصري، عن أبي بكرة.

وأخرج المرفوع منه أيضًا أحمد (20402) و (20474) و (20477) من طريق عبد الرحمن بن جوشن الغطفاني، عن أبي بكرة. وإسناده صحيح.

وأخرجه بنحوه أحمد (20508) من طريق علي بن زيد بن جُدعان، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه. وابن جُدعان ضعيف.

وسيأتي عند المصنف برقم (7984) من طريق مُسدَّد عن خالد بن الحارث.

وبرقم (8812) من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي عن الحسن البصري.

وبرقم (7983) بلفظ مختلف من طريق بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبيه، عن جده.

(2)

إسناده ليِّن عبد الجبار بن الورد ليس بذاك الثقة الضابط، وثقه غير واحد، لكن قال البخاري: يخالف في حديثه، وقال ابن حبان: يخطئ ويهم وليّنه الدارقطني، ثم إنَّ في الإسناد شبهة انقطاع، فقد قال الذهبي في "معجم شيوخه" 1/ 201 في حديث ذكره لسالم عن أم سلمة: إنَّ سالمًا لا يُحفظ له سماعٌ من أم سلمة، ونحوه قول الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" بين يدي الحديث (23404): ما أظن سالمًا سمع من أم سلمة، ونقل العلائي في "جامع التحصيل" =

ص: 563

4660 -

حدثني أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي من أصل كتابه، حدثنا الحسن بن علي بن شَبيب المَعْمَري، حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، حدثني محمد بن سليمان بن الأصبهاني، عن سعيد بن مسلم المكي

(1)

، عن عَمْرة بنت عبد الرحمن، قالت: لما سارَ عليٌّ إلى البصرة دخل على أم سلمةَ زوج النبي صلى الله عليه وسلم يُودِّعها، فقالت: سِرْ في حفظ الله وفي كَنَفِه، فوالله إنك لعلى الحقِّ والحقُّ معك، ولولا أني أكرهُ أن أعصيَ الله ورسولَه، فإنه أمَرَنا صلى الله عليه وسلم أن نَقِرَّ في بيوتنا، لسِرْتُ معك، ولكن واللهِ لأُرسلنّ معك مَن هو أفضلُ عندي وأعزُّ عليَّ من نفسي؛ ابني عمرُ

(2)

.

هذه الأحاديث الثلاثة كلُّها صحيحة على شرط الشيخين.

4661 -

حدثنا الحسن بن يعقوب العدل، حدثنا محمد بن عبد الوهاب [بالعبدي]

(3)

حدثنا جعفر بن عون، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عائشة قالت: وَدِدْتُ أني كنتُ ثَكِلْتُ عشرةً مثل الحارث بن هشام وأني لم أَسِرْ مَسِيري مع ابن الزُّبير

(4)

.

= أنَّ بعضهم جزم بعدم سماع سالم من أم سلمة.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 411 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

(1)

كذا جاءت نسبة سعيد بن مسلم في أصول "المستدرك" مكِّيًا، وقيَّده الحافظ في "إتحاف المهرة"(23583) بابن بانك، ولم يذكر نسبته، فإذا كان سعيد بن مسلم هذا هو ابن بانك - وهو الظاهر - فهو مدنيٌّ لا مكِّي.

(2)

إسناده قويٌّ من أجل عبد الرحمن بن صالح الأزدي، فهو صدوق لا بأس به.

(3)

نسبة "العَبْدي" جاء مكانَها في (ز) و (ب) بياضٌ، وأثبتناها من رواية البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 411 عن أبي عبد الله الحاكم، وسقطت من (ص) و (م).

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 411 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد. لكن بلفظ: وددتُ إني ثكِلتُ عشرة مثل ولد الحارث بن هشام وأني لم أسِرُ مَسيري الذي سِرْتُ.=

ص: 564

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه ابن أبي الدنيا في "المُتمنِّين"(64) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، عن إسماعيل بن أبي خالد، به. كلفظ رواية البيهقي عن الحاكم، لكنه قال: عشرة مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

وأخرجه أبو بكر الخلال في "السنة"(747) من طريق عُبيد الله بن عمرو الرقي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عائشة قالت: لأن أكون استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ منه فلم أكن خرجتُ على عليٍّ كان أحبّ إليَّ من أن يكون لي عشرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم مثل أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

وقد خطّأ ابن مَعِين في سؤالات ابن الجُنيد له (796) ذكر قيس بن أبي حازم، وأنَّ الخطأ في ذكره من جهة أبي معاوية، وأنَّ الخبر يرويه إسماعيل بن أبي خالد عن رجل آخر غير قيس. وحُجة ابن مَعِين ما أخرجه ابن أبي شيبة 15/ 277، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 3/ 60، وابن أبي الدنيا في "المتمنِّين"(65) من طريق يعلى بن عبيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن علي بن عمرو الثقفي، قال: قالت عائشة

فذكر مثله. فذكر علي بن عمرو الثقفي بدل قيس بن أبي حازم، وعلي بن عمرو هذا مجهول، لكن لا يُسلَّم ليحيى بن مَعِين تخطئته لأبي معاوية في ذكر قيس، لأنَّ أبا معاوية لم ينفرد به، بل تابعه على ذكر قيس ثقتان حافظان كما تقدم، ولا يبعد أن يكون إسماعيل بن أبي خالد سمعه من كلا الرجلين، وإلّا فرواية الثلاثة الثقات أولى من رواية يعلى بن عبيد على ثقته.

على أنه روي عن عائشة من وجوه أنها ندمت على خروجها ومسيرها ذاك:

فقد أخرج ابن أبي شيبة 15/ 281 من طريق عبد الله بن عُبيد بن عمير، قال: قالت عائشة: وددتُ أني كنتُ غصنًا رطبًا ولم أسر مسيري هذا. وإسناده صحيح.

وأخرج أيضًا 15/ 281 من طريق عُبيد بن سعد، عن عائشة أنها سئلت عن مسيرها فقالت: كان قدرًا. وإسناده حسن.

وأخرج ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 31/ 110 من طريق ابن أبي عتيق، قال: قالت عائشة لابن عمر: ما منعكَ أن تنهاني عن مَسيري؟ قال: رأيتُ رجلًا قد استولى على أمرِكِ وظنتتُ أنك لا تُخالفيه، يعني ابنَ الزبير، قالت: أما إنك لو نهيتَني ما خرجتُ. وإسناده حسنٌ.

وقال الحافظ في "فتح الباري" 11/ 205: العذر في ذلك عن عائشة أنها كانت متأوّلة هي وطلحة والزبير، وكان مرادهم إيقاع الإصلاح بين الناس وأخذ القصاص من قتلةِ عثمان رضي الله عنهم أجمعين، وكان رأي عليٍّ الاجتماع على الطاعة وطلب أولياء المقتول القصاص ممن يثبت عليه القتل بشروطه.

ص: 565

4662 -

وحدثنا أبو علي الحافظ، حدثنا الهيثم بن خلَف الدُّوري، حدثنا إسماعيل بن موسى السُّدِّي، حدثنا عبد السلام بن حرب، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: جاء الزُّبيرُ إلى عمر بن الخطاب يستأذنُه في الغزو، فقال عمرُ: اجلس في بيتِك، فقد غزوتَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: فردَّد ذلك عليه، فقال له عمر في الثالثة أو التي تليها: اقعُد في بيتك، فوالله إني لأجدُ بطَرَفِ المدينةِ منكَ ومن أصحابك أن تَخرُجُوا فتُفْسِدُوا عليَّ أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم

(1)

.

4663 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب العَبْدي، حدثنا يعلى بن عُبيد، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: لما بَلَغَت عائشة بعض ديار بني عامر نَبَحَت عليها الكلابث، فقالت: أيُّ ماء هذا؟ قالوا: الحوأب، قالت ما أظنُّنى إلا راجعةً، فقال الزبيرُ: لا بعدُ، تَقْدَمي ويراكِ الناسُ، ويُصلِحُ الله ذاتَ بينِهم قالت ما أظنُّني إلَّا راجعةً، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"كيف بإحداكُنَّ إذ نَبَحتْها كلابُ الحَوْأب"

(2)

.

4664 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هُبيرة بن بَرِيم وهانئ

(1)

إسناده حسن من أجل إسماعيل بن موسى السُّدِّي، وقد توبع على بعضه.

فقد أخرجه البزار (332) من طريق إسحاق بن منصور، عن عبد السلام بن حرب، به. لكن دون ترديد الزبير استئذانه، ودونَ جوابِ عُمر له في آخر الخبر، وإسناده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار"(1944).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 40/ (24254) عن يحيى بن سعيد القطان، و 41 / (24654) من طريق شعبة بن الحجاج، وابن حبان (6732) من طريق وكيع بن الجراح وعلي بن مُسهِر، أربعتهم عن إسماعيل بن أبي خالد، به. وأبهم يحيى القطان ووكيع وابن مُسهر اسمَ الرجل الذي حثّ عائشة على المُضيِّ، وسمّاهُ شعبة كما سمَّاهُ يعلى بنُ عُبيد، يعني الزبيرَ بن العوام.

والحوأب: ماء من البصرة على طريق مكة.

ص: 566

ابن هانئ، عن عليٍّ قال: لما خرجْنا من مكةَ اتَّبعتْنا ابنةُ حمزةَ، فنادت: يا عمِّ، يا عمِّ، فأخذتُ بيدِها فناولتُها فاطمةَ، قلت: دونَكِ ابنة عمّك، فلما قَدِمْنا المدينةَ اختصمْنا فيها أنا وزيدٌ وجعفرٌ، فقلتُ: أنا أخذتُها وهي ابنةُ عمِّي، وقال: زيدٌ: ابنةُ أخي، وقال جعفرٌ: ابنةُ عمِّي وخالتُها عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفر:"أشبهتَ خَلْقي وخُلُقي"، وقال لزيد:"أنت أخونا ومَوْلانا"، وقال لي:"أنت منِّي وأنا منك، ادفعُوها إلى خالتِها، فإنَّ الخالةَ أمٌّ"، فقلت: ألا تَزَوَّجُها يا رسول الله؟ قال: "إنها ابنةُ أخي من الرَّضَاعة"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل هانئ بن هانئ وهُبيرة بن يَرِيم، فهما حسنا الحديث، وبمتابعة أحدهما للآخر يصح الحديث إن شاء الله، على أنَّ أبا إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - رواه أيضًا عن البراء بن عازب، وأبو إسحاق واسع الرواية، فكلتا الروايتين عنه محفوظتان، ويؤيده أنَّ جماعةً رووه عن إسرائيل - وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وهو من أوثق الناس بجده أبي إسحاق للزومه إياه - عن جده أبي إسحاق عن البراء، وجماعةً آخرين رووه عن إسرائيل عن جده أبي إسحاق عن هُبيرة وهانئ عن علي بن أبي طالب، حتى عُبيدُ الله بن موسى قد رواه عن إسرائيل على الوجهين، كما يدل عليه رواية ابن سعد في "الطبقات" 4/ 33 حيث رواه عن عبيد الله بن موسى على الوجهين، على أنه روي عن عليٍّ من وجه آخر سيأتي عند المصنف، ومن وجه ثالث سيأتي تخريجه.

وأخرجه مختصرًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لجعفر: ابن حبان (7046) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن عُبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه بطوله أحمد 2 / (770)، والنسائي (8526) من طريق يحيى بن آدم، وأحمد (931) عن حجاج بن محمد وأبو داود (2280) من طريق إسماعيل بن جعفر، والنسائي (8402) من طريق القاسم بن يزيد الجرمي، أربعتهم عن إسرائيل، به. لكن لم يذكر إسماعيل بن جعفر ولا القاسم بن يزيد عرضَ عليٍّ ابنة حمزة على النبي صلى الله عليه وسلم ليتزوجها وجوابَه صلى الله عليه وسلم على ذلك.

وأخرجه مختصرًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم للثلاثة المذكورين: أحمد (857) عن أسود بن عامر، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ وحده، عن عليّ. وزاد أنَّ كل واحد من الثلاثة حَجَلَ لمَّا سمع مقالة النبي صلى الله عليه وسلم، يعني فرحًا بذلك. وهذه الزيادة غريبة منكرة تفرَّد بها هانئ.

وسيأتي عند المصنف برقم (8202) من طريق يحيى بن آدم عن إسرائيل، مختصرًا بقوله صلى الله عليه وسلم: =

ص: 567

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه الألفاظ، إنما اتفقا على حديث أبي إسحاق عن البراء مختصرًا.

4665 -

أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، حدثنا محمد بن سعد العَوفي، حدثنا يحيى

= "دعوا الجارية مع خالتها، فإنَّ الخالة أمٌّ".

وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (2699) و (4251)، والترمذي (1904) و (3765)، والنسائي (8401) و (8525)، وابن حبان (4873) من طرق عن عُبيد الله بن موسى، والترمذي (3716) من طريق وكيع بن الجراح، كلاهما عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب.

وأخرجه أبو داود (2279) بإسناد قويّ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلًا، ولم يُسق لفظَه، لكن ساقه أبو القاسم بن بشران في "أماليه"(1119)، فقال: أصاب عليٌّ بنتَ حمزة من المشركين، وهي جارية شابّة، قال: فذُكر عليٌّ وجعفر وزيد، أيهم أحق بها، ثم ذكر نحو حديث هانئ وهبيرة. وقد وصله الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3080) بذكر علي بن أبي طالب، لكن رواه مختصرًا.

وسيأتي بنحوه عند المصنف برقم (5003) من طريق نافع بن عُجَير عن عليّ بن أبي طالب.

وأخرجه مختصرًا بقصة عرض عليٍّ ابنةَ حمزة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوابه على ذلك: أحمدُ (620) و (914) و (1038) و (1358)، ومسلم (1446)، والنسائي (5423) من طريق أبي عبد الرحمن السُّلَمي، وأحمد (1169) من طريق أبي صالح السمان، كلاهما عن علي بن أبي طالب.

وأخرجه أيضًا مختصرًا بهذا القدر أحمدُ (1096)، والنسائي (5415) من طريق سفيان الثوري، عن علي بن زيد بن جُدعان، عن سعيد بن المسيب، عن عليٍّ. وعلي بن زيد ضعيف، وقد اختُلف عنه في إسناده، فرواه عن جماعة كرواية الثوري هذه، ورواه سعيد بن أبي عروبة عنه، عن ابن المسيِّب، عن ابن عبّاس: أن عليًا قال النبي صلى الله عليه وسلم، كما في مسند أحمد 4/ (2491)، والنسائي (5416)، فجعله من مسند ابن عبّاس، وصحح الدارقطني في "العلل"(372) قولَ الثوري ومن تبعه.

قلنا: على أنَّ له أصلًا عن ابن عبّاس، لكن بإبهام الذي عَرَض على النبي صلى الله عليه وسلم ابنةَ حمزة، كما أخرجه أحمد 3/ (1952) و 4 / (2490) و (2633 و 5/ 3043) و (3144) و (3144) و (3237)، والبخاري (2645) و (5100)، ومسلم (1447)، وابن ماجه (1938)، والنسائي (5422) و (5424) من طُرق عن قتادة، عن جابر بن زيد، عن ابن عبّاس.

ويشهد للخبر بتمامه دون قصة عرض ابنة حمزة على النبي صلى الله عليه وسلم حديثُ ابن عباس عند أحمد 3/ (2040).

ص: 568

ابن أبي بُكير، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الله الجَدَلي قال: دخلتُ على أم سلمة، فقالت لي: أيُسَبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكُم؟! فقلتُ: مَعاذَ اللهِ - أو سبحان الله، أو كلمة نحوها - فقالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سَبَّ عليًا فقد سَبّني"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وقد رواه بُكَير بن عثمان البَجَلي عن أبي إسحاق بزيادةِ ألفاظٍ:

4666 -

حدَّثناهُ أبو جعفر أحمد بن عُبيد الحافظ بهَمَذان، حدثنا أحمد بن موسى بن إسحاق التميمي، حدثنا جَندَل بن والِق، حدثنا بُكير بن عثمان، قال: سمعت أبا إسحاق يقول: سمعت أبا عبد الله الجَدَلي يقول: حَجَجتُ وأنا غلامٌ فمررتُ بالمدينة، وإذا

(1)

ضعيف بهذا السياق، فأبو إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - كان قد شاخ وتغير حفظه بأَخرة، فلذلك وقع في بعض حديثه خلاف بين أصحابه، والصحيح في روايته هذه أنَّ أم سلمة قالت: يُسَبُّ عليٌّ ومن يُحبُّه، وقد كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يحبُّه. كذلك رواه فِطْر بن خليفة عن أبي إسحاق، وتابعه عليه بهذا اللفظ إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدِّي عن أبي عبد الله الجَدَلي. فهو المحفوظ إن شاء الله.

وأخرجه أحمد 44/ (26748) عن يحيى بن أبي بُكير، والنسائي (8422) عن العباس بن محمد الدُّوري، عن يحيى بن أبي بُكير، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 76 والبلاذري في "أنساب الأشراف" 2/ 907 - 908، والطبراني في "الكبير" 23 / (737)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ (266) من طريق فطر بن خليفة، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن أبي عبد الله الجدلي قال: قالت لي أم سلمة: يا أبا عبد الله، أيُسَبُّ رسولُ الله فيكم ثم لا تغيِّرون؟! قال: قلت: ومن يسبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قالت: يُسَبُّ عليٌّ ومَن بحبُّه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّه.

وبهذا اللفظ أخرجه أبو يعلى (7013)، والطبراني في "الكبير" 23 / (738)، وفي "الأوسط"(5832)، وفي "الصغير"(832)، وابن المقرئ في "معجمه"(216)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 8/ 411 - 412، وابن عساكر 42/ 267 من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدِّي، أبي عبد الله الجَدَلي، به. باللفظ الذي أشرتُ إليه.

وانظر ما بعده.

ص: 569

الناس عُنُقٌ واحد، فاتّبعتُهم فدخَلُوا على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعتُها تقول: يا شَبَث بنَ رِبْعيّ، فأجابها رجلٌ جِلْفٌ جافٍ: لبَّيكِ يا أُمّتاه، قالت: يُسَبُّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في ناديكم؟! قال: وأنّى ذلك؟! قالت: فعليُّ بن أبي طالب؟ قال: إنا لنَقولُ أشياءَ نريدُ عَرَضَ الدنيا، قالت: فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سَبَّ عليًا فقد سَبَّني، ومن سَبَّني فقد سبَّ الله تعالى"

(1)

.

4667 -

أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الشَّيباني من أصل كتابه، حدثنا علي بن سعيد بن بَشير الرازي بمصر، حدثنا الحسن بن حماد الحَضْرمي، حدثنا يحيى بن يعلى، حدثنا بسّام الصَّيرفي، عن الحسن بن عمرو الفُقَيمي، عن معاوية بن ثعلبة، عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسول الله: "من أطاعَني فقد أطاعَ الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاعَ عليًّا فقد أطاعني، ومن عصى عليًّا فقد عصاني"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف بكير بن عثمان روى عنه واحد أو اثنان، وقال عنه محمد بن بشر العبدي في "سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة" (56): لم يكن بالمحمود في قومه. قلنا: ولم يؤثر توثيقه عن أحدٍ.

وقد رواه علي بن مُسهر عند علي بن محمد الحِمْيري في "جزئه"(26)، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 533 عن أبي إسحاق السبيعي، غير أنه لم يذكر في روايته أبا عبد الله الجَدَلي، وجعل القصة لأبي إسحاق نفسه أنه هو الذي حجَّ وهو غلام، وسمع أم سلمة تقول ما تقول لشَبَث بن ربعي، إلّا أنَّ علي بن مسهر لم يسمع من أبي إسحاق، فروايته عنه منقطعة فلا تصح، ولا يصح لأبي إسحاق لقاء بأم سلمة.

قوله: "إذا الناسُ عُنُقٌ واحد" أي: يسيرون جميعًا.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل يحيى بن يعلى - وهو الأسلمي - فهو ليس بشيء مضطرب الحديث، وقد خولف في لفظه، إذ رواه أبو الجحاف داود بن أبي عوف عن معاوية بن ثعلبة بلفظ آخر سيأتي عند المصنف برقم (4674).

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 7/ 233، وأبو بكر الإسماعيلي في "معجمه" 1/ 485، وابنُ عساكر 42/ 306 و 307 من طرق عن يحيى بن يعلى الأسلمي بهذا الإسناد.

وسيأتي عند المصنف برقم (4691) من طريق محمد بن إسماعيل عن يحيى بن يعلى.=

ص: 570

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4668 -

أخبرني محمد بن أحمد بن تَميم القَنْطري، حدثنا أبو قِلابة الرَّقَاشي، حدثنا أبو عاصم، عن عبد الله بن المؤمَّل، حدثني أبو بكر بن عُبيد الله بن أبي مُليكة، عن أبيه، قال: جاء رجلٌ من أهل الشام فسَبّ عليًّا عند ابن عبّاس فحَصَبَه ابن عبّاس فقال: يا عدوَّ الله، آذيتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} [الأحزاب: 57]، لو كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

(1)

لآذيتَه

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد. ولم يُخرجاه.

4669 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو زُرعة الدمشقي، حدثنا محمد بن خالد الوَهْبي

(3)

، حدثنا محمد بن إسحاق.

وأخبرنا أحمد بن جعفر البزّار، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن الفضل بن مَعقِل بن يَسَار

(4)

، عن عبد الله بن نِيَار الأسلمي، عن عمرو بن شاسٍ الأسلميّ - وكان من أصحاب الحديبية - قال: خرجْنا مع عليٍّ إلى اليمن، فجَفَاني في سفَره ذلك، حتى وجدتُ في نفسي، فلما قدمتُ أظهرتُ شِكايتَه في المسجد، حتى

= وسيأتي بلفظ آخر برقم (4674) من طريق أبي الجحاف داود بن أبي عوف، عن معاوية بن ثعلبة، عن أبي ذرٍّ.

(1)

زاد في المطبوع: حيًّا لآذيتَه.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن المؤمَّل: وهو ابن وهب المخزومي. أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد وأبو قِلابة الرَّقاشي: هو عبد الملك بن محمد.

(3)

كذا في النسخ الخطية، والمعروف بالرواية عن ابن إسحاق وعنه أبو زرعة هو أحمد أخوه، كما في عدة مواضع من هذا الكتاب، وكلاهما لا بأس به.

(4)

كذا جاء مسمًّى في رواية أحمد كما في النسخ الخطية من "مسنده"، والصواب: سنان، لا يسار كما في مصادر ترجمته.

ص: 571

بلغَ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال: فدخلتُ المسجدَ ذاتَ غَداةٍ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في ناسٍ من أصحابه، فلما رآني أبَدَّني عينَيه - قال: يقول: حَدَّد إليَّ النظرَ - حتى إذا جلستُ قال: "يا عمرُو، أمَا والله لقد آذَيتَني"، فقلت: أعوذُ بالله أن أُؤذيَك يا رسولَ الله، قال:"بلي، من آذى عليًّا فقد آذاني"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4670 -

حدثنا عَبْدان بن يزيد بن يعقوب الدَّقّاق من أصل كتابه، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن دِيْزِيل، حدثنا أبو نُعيم ضِرار بن صُرْد، حدثنا مُعتمِر بن سليمان، قال: سمعتُ أبي يَذكُر عن الحسن، عن أنس بن مالك: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لِعليٍّ: "أنتَ تُبيّن لأمتي ما اختلَفُوا فيه بَعدِي"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة الفضل بن معقل بن سنان، وسماه ابن حبان في "ثقاته" 7/ 317 الفضل بن عبد الله بن معقل بن سنان، قال: ومن قال: الفضل بن معقل فقد نسبه إلى جده. وقال ابن مَعِين في "تاريخه" برواية العباس الدوري (504): عبد الله بن نيار عن عمرو بن شاس ليس هو بمتصل لا يشبه أن يكون رأى عمرَو بنَ شاس.

وهو في "مسند أحمد" 25/ (15960).

وأخرج المرفوع منه ابن حبان (6923) من طريق مسعود بن سعد، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

ويشهد للمرفوع منه حديثُ سعد بن أبي وقاص عند ابن أبي عمر العَدَني في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(3938)، وأبي بكر محمد بن سليمان الباغَنْدي في "أماليه"(49)، والبزار (1166)، وأبي يعلى (770)، والشاشي في "مسنده"(72)، والآجُرّي في "الشريعة"(1543)، وأبي بكر القطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (1078)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 203 و 204، وضياء الدين المقدسي في "المختارة" 3 / (1070) و (1071)، وفي إسناده قنان النهمي، وليس بذاك القوي.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل ضرار بن صُرد، فهو متروك الحديث، واتهمه ابن مَعِين بالكذب، وقال الذهبي في "تلخيصه": هو فيما أعتقده من وضع ضرار، وجزم في "تاريخ الإسلام" 5/ 590 بأنه حديث موضوع، وقال أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" 4/ 465 - 466: =

ص: 572

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4671 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة من أصل كتابه، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزة، حدثنا أبو غسان، حدثنا عبد السلام بن حَرْب، حدثنا الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، عن أبي سعيد.

قال ابن أبي غَرَزة: وحدثنا عُبيد الله بن موسى، حدثنا فِطْر بن خَليفة، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، عن أبي سعيد، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانقطعتْ نعلُه، فتخلّف عليٌّ يُصلِحها، فمشى قليلًا ثم قال:"إنَّ منكم مَن يُقاتِل على تأويلِ القرآن كما قاتَلتُ على تَنزيلِه"، فاستشرفَ لها القومُ، وفيهم أبو بكر وعمر، قال أبو بكر: أنا هو؟ قال: "لا" قال عمر: أنا هو؟ قال: "لا، ولكن خاصِفُ النعْلِ - يعني عليًّا - " فأتيناهُ فبشّرناه، فلم يَرفَع به رأسَه، كأنه قد كان سمعَه من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4672 -

حدثني أبو قُتَيبة سَلْم بن الفضل الأدَمي بمكة، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا عمِّي أبو بكر، حدثنا علي بن ثابت الدَّهّان، حدثنا الحكم بن عبد الملك، عن الحارث بن حَصِيرة، عن أبي صادق، عن رَبيعة بن ناجِذٍ، عن علي

= روى حديثًا عن معتمر عن أبيه عن الحسن عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضيلة لبعض الصحابة ينكرها أهل المعرفة بالحديث.

وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(2389)، وابن حبان في "المجروحين" 1/ 380، وابن عساكر في 42/ 387 من طرق عن ضرار بن صرد بهذا الإسناد.

(1)

إسناده صحيح. أبو غسان: هو مالك بن إسماعيل، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ورجاء: هو ابن ربيعة الزُّبيري الكوفي.

وأخرجه النسائي (8488)، وابن حبان (6937) من طريق جَرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد / (11258) و (11289) و (11773) من طرق عن فطر بن خليفة به.

وانظر ما تقدم برقم (2647).

ص: 573

قال: دعاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا علي، إنَّ فيك من عيسى مثلًا، أبغَضَه اليهودُ حتى بهَنُوا أمَّه، وأحبّتْه النصارى حتى أنزَلُوه بالمنزلةِ التي ليس بها".

قال: وقال عليٌّ: ألا وإنه يَهلِك فيَّ مُحِبٌّ مُطْري يُقَرِّظُني بما ليس فيَّ، ومُبغِض مُفْتَرٍ يَحمِلُه شَنَآني على أن يَبْهتَني، ألا وإني لست بنبيٍّ، ولا يوحى إلي، ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بما استطعتُ، فما أمرتُكُم به من طاعةِ الله تعالى، فحقٌّ عليكم طاعتي فيما أحببتُم أو كرهتُم، وما أمرتُكُم بمعصيةٍ أنا وغيري، فلا طاعةَ لأحدٍ في معصيةِ الله عز وجل، إنما الطاعةُ في المعروفِ

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف الحكم بن عبد الملك - وهو القرشي البصري - وربيعة بن ناجذ تفرد بالرواية عنه أبو صادق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، لكن قال الذهبي في "الميزان": لا يكاد يُعرف، وقال في "المغني في الضعفاء": فيه جهالة.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على "المسند" لأبيه 2 / (1376)، والنسائي (8434) من طريق أبي حفص عمر بن عبد الرحمن الأبّار، وعبد الله بن أحمد (1377) من طريق أبي غيلان سعد بن طالب الشيباني، كلاهما عن الحكم بن عبد الملك بهذا الإسناد.

وقد صحَّ من هذا الخبر قولُ عليٍّ رضي الله عنه: يهلك فيَّ محبٌّ مُطرٍ، ومبغض مفترٍ، من طرق عديدة عنه، ومن ذلك:

ما أخرجه ابن أبي شيبة 12/ 84، وأحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(952)، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 2/ 362، وابن أبي عاصم في "السنة"(983)، وعبد الله بن أحمد في "السنة"(1338)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1541) و (1542)، والآجري في "الشريعة"(2033) و (2035)، وابنُ عساكر 42/ 297 من طريق أبي السَّوّار العدوي، عن علي بن أبي طالب، قال: لَيُحبّني قوم حتى يدخلوا بي النار في حبّي، وليبغضني قوم حتى يدخلوا النار في بُغضي. وإسناده صحيح.

وأخرج ابن أبي شيبة 12/ 85، وأحمد في "فضائل الصحابة"(964)، وعبد الله بن أحمد في "السنة"(1339)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(2680) من طريق أبي مريم الحنفي، عن عليٍّ قال: يَهِلك فيّ رجلان: مُفرط في حبِّي، ومُفرط في بُغضي، وإسناده حسن. واللفظ المذكور لابن أبي شيبة ومن طريقه اللالكائي، وعند أحمد وابنه عبد الله بلفظ: يهلك فيَّ رجلان: مفرط غالٍ، ومُبغِض قال.=

ص: 574

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4673 -

أخبرنا أحمد بن سهل الفقيه ببُخارى، حدثنا أبو عِصْمة سهل بن المتوكِّل البُخاري، حدثنا عفّان وسليمان بن حرب، قالا: حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التَّيمي، عن سلمة بن أبي الطُّفيل - أظنُّه عن أبيه - عن عليٍّ قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا عليُّ، إِنَّ لك كَنزًا في الجنة، وإنك ذو قَرنَيها، فلا تُتبعَنَّ نَظْرَةً نَظرةً، فإنَّ لك الأُولَى وليست لك الآخِرةُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4674 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامِري، حدثنا عبد الله بن نُمَير، حدثنا عامر بن السِّبْط، عن أبي الجَحّاف داود بن أبي

= وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 12/ 84، وعنه ابن أبي عاصم في "السنة"(984) من طريق أبي حِبَرَة الضُّبَعي، عن عليٍّ. وإسناده حسن أيضًا.

قوله: يُقرظُني، أي: يمدحُني.

وشَنَآني، أي: بُغضي. والبَهْتُ: الافتراء.

(1)

إسناده ضعيف من أجل عنعنة محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار المطّلبي - ولا يُحفظ في هذا الخبر ذكر أبي الطفيل - وهو عامر بن واثلة - فلم يذكره أحد ممَّن روى هذا الخبر عن حماد بن سلمة، وسلمة بن أبي الطفيل مجهول الحال، والشطر الثاني من الحديث في متابعة النظر حسن لغيره.

وقد خالف حماد بن سلمة في إسناده عبدُ الأعلى بن عبد الأعلى، فرواه عن ابن إسحاق، عمَّن سمع أبا الطفيل عامر بن واثلة، عن بلال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ لك كنزًا في الجنة" قال البخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 77: ولا يصحُّ.

وأخرجه أحمد 2 / (1373) عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. دون ذكر أبي الطفيل.

وأخرجه أحمد (1369) عن يحيى بن إسحاق، وابن حبان (5570) من طريق هُدبة بن خالد، كلاهما عن حماد بن سلمة، به. دون ذكر أبي الطفيل أيضًا. واقتصر يحيى بن إسحاق في روايته على الشطر الثاني في متابعة النظر.

ويشهد لهذا الشطر حديث بريدة الأسلمي السالف عند المصنف برقم (2824) بإسناد حسن في المتابعات والشواهد.

ص: 575

عَوف، عن معاوية بن ثعلبة، عن أبي ذَرٍّ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا علي، من فارقَني فقد فارقَ الله، ومن فارَقَك يا عليُّ فقد فارقَني

(1)

.

(1)

حديث منكر كما قال الذهبي في "تلخيص المستدرك"، وعلّته فيما نرى تفرد معاوية بن ثعلبة به، واضطرابه في لفظه، ومعاوية هذا لا يُعرف إلا بهذا الحديث، ولم يتبيّن سماعه من أبي ذر، وقد ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 333/ 7، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 8/ 378، فلم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في "ثقاته"، وتساهله في هذا الكتاب معروف، والراوي عن معاوية - وهو أبو الجَحّاف - فهو وإن رضيَه وقوّى أمرَه غيرُ واحد من أهل الحديث، قد تكلم فيه ابن عدي في "الكامل" 3/ 82 فقال: هو من غالية أهل التشيع وعامة حديثه في أهل البيت

وهو عندي ليس بالقوي ولا ممّن يحتجُّ به في الحديث؛ وساق له هذا الحديث من منكراته.

وأخرجه أحمد في "فضائل الصحابة"(962)، والبخاري في "التاريخ" 7/ 333، والبزار (4066)، وابن عدي 3/ 82، وابن المغازلي في "مناقب عليٍّ"(288) و (324)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 307 من طرق عن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.

كذا أدرجه الإمام أحمد رواية في كتاب "الفضائل"، إلَّا أنه عند التحقيق كره أن يحدّث به، فقد ذكر الخلّال في "علله" - كما في "منتخبه" لابن قدامة (115) - أنَّ الأثرم سأله الإمام أحمد عن رواية عامر بن السِّمط هذه، فقال له اضربْ عليه، وكره أن يحدّث به.

وستأتي رواية عامر بن السمط مرة أخرى عند المصنف برقم (4754).

وعامر بن السِّبط - ويقال: السِّمط، بالميم وهو أشهر - ثقة لكن خولف في لفظه، فقد رواه عليُّ بن هاشم بن البريد عند أبي بك الخلال في "السنة"(452)، وابن عدي 3/ 82، وابن عساكر 42/ 265 عن أبي الجَحّاف عن معاوية بن ثعلبة قال: جاء رجل أبا ذرٍّ وهو في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا ذرّ، ألا تخبرني بأحب الناس إليك؟ فإني أعرف أن أحبهم إليك أحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إي ورب الكعبة، إنَّ أحبهم إليَّ أحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ذاك الشيخ، وأشار بيده إلى عليٍّ، وهو يصلِّي أمامه.

ورواه الحسن بن عمرو الفُقيمي بلفظ آخر فيما تقدم برقم (4667) عن معاوية بن ثعلبة عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصي الله، ومن أطاع عليًا فقد أطاعني، ومن عصى عليًا فقد عصاني"، والحسن بن عمرو ثقة لكن في الإسناد إليه يحيى بن يعلى الأسلمي، وهو ضعيف ليس بشيء مضطرب الحديث.

ص: 576

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4675 -

حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا محمد بن معاذ، حدثنا أبو حفص عمر بن الحسن الراسِبي، حدثنا أبو عَوَانة، عن أبي بِشْر، عن سعيد بن جُبَير، عن عائشة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أنا سيّدُ ولدِ آدمَ، وعليٌّ سيدُ العَربِ"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإنَّ سعيد بن جُبير لم يسمع شيئًا من عائشة فيما قاله أحمد بن حنبل وأبو حاتم الرازي، وعمرُ بن الحسن الراسبي ذكره الذهبي في "الميزان" وقال: لا يكاد يُعرف وأتى بخبر باطل؛ وذكر هذا الحديث، وقال في "تلخيص المستدرك": أظن أنه هو الذي وضع هذا. ولا يُسلَّم للذهبي هذا الكلام، فإنَّ الراسبي قد توبع كما سيأتي، على أن الذهبي قد خفّف الحكم عليه في "تاريخ الإسلام" 2/ 350، فقال بعد أن أورده عن يحيى الحِمّاني عن أبي عوانة: وروي من وجهين مثلُه عن عائشة، وهو غريب؛ فاقتصر هناك على الحكم عليه بالغرابة. قلنا: وبقيت العلّة الرئيسة فيه الانقطاع أو الإرسال.

محمد بن معاذ: هو ابن يوسف أبو بكر السلمي المروزي، وأبو عوانة: هو وضّاح اليَشكري، وأبو بشر: هو جعفر بن أبي وحشية.

وأخرجه ابن الجزري في "مناقب الأسد الغالب"(17) من طريق أبي بكر بن خلف، عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 305 من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن عمر بن الحسن الراسبي، به.

وتابع عمرَ بن الحسن الراسبيَّ فيه أحمدُ بن عبد الملك الحرّاني عند الخلال في "علله" كما في "منتخبه" لابن قدامة (118)، ويحيى بنُ عبد الحميد الحِمّاني عند ابن عساكر 42/ 304، كلاهما رواه عن أبي عوانة بهذا الإسناد. والحمّاني ضعيف واتُّهم بسرقة الأحاديث، لكن الحرّاني لا بأس به.

وذكر الدارقطني في "العلل"(3671) أنَّ أبا كريب محمد بن العلاء قد روى هذا الخبر عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جُبَير مرسلًا. وجعفر هذا لا بأس به.

وقد ذكر الخلّال في "علله" - كما في "منتخبه" لابن قدامة (118) - عن الأثرم أنه سأل الإمام أحمد عن هذا الحديث فأنكره إنكارًا شديدًا، قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: رواه ابن الحمّاني فأنكره الناس عليه، فإذا غيرُه قد رواه، قال: مَن؟ قلت: ذاك الحرّاني أحمدُ بن عبد الملك، قال: هكذا! كأنه يتعجّب، ثم قال: أنت سمعتَه منه؟ قلت: سمعتُه وهو يقول في هذا، قلت له: إنَّ ابن الحمّاني قد رواه، قال (أي: أحمد بن عبد الملك): فما تنكرون عليَّ وقد رواه الحماني؟! ولم يحدّثْنا به.=

ص: 577

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرج أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(7) - ومن طريقه ابن عساكر 42/ 305 - من طريق إبراهيم بن زياد الخياط، والقَطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد (599) عن محمد بن سليمان المُخرِّمي، عن عبد الملك بن عبد ربّه الطائي، كلاهما (إبراهيم وعبد الملك) عن خلف بن خليفة، عن إسماعيل بن أبي خالد قال: بلغني أن عائشة نَظَرَت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا سيدَ العرب، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنا سيدُ ولد آدم ولا فخرَ، وأبوكِ سيد كهول العرب، وعلي سيد شباب العرب". وهذا منقطع.

وخالف إسماعيلُ بن موسى الحاسب البغدادي عند أبي بكر بن المقرئ في الثالث عشر من "فوائده"(89)، ومن طريقه ابن عساكر 182/ 30، فرواه عن عبد الملك بن عبد ربّه، عن خلف بن خليفة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم. وعبد الملك هذا منكر الحديث كما قال الذهبي في "الميزان"، والمحفوظ عدم ذكر قيس فيه، فقد روى ابن أبي شيبة هذا الخبر في "مصنفه" 12/ 14 عن خلف بن خليفة، فلم يذكره فيه، كما أنه لم يذكر فيه عليَّ بن أبي طالب. وخلف بن خليفة صدوق إلَّا أنه كان قد اختلط، وهو يخطئ في بعض الأحايين في بعض رواياته كما قال ابن عدي في "الكامل".

وبحديث عائشة - على فرض ثبوته - الذي بلفظ: "أنا سيّد ولد آدم، وأبوك سيد كهول العرب، وعليٌّ سيد شباب العرب"، دفع الملّا علي القاري في "الأسرار المرفوعة" (235) ما يتوهَّم من النكارة فقال: بهذا يزول الإشكال، حيث لم يُرد بالعرب جنسَه في جميع الأحوال. وكذلك قال العجلوني في "كشف الخفاء" (1513): وبهذا يُعلم أنَّ سيادته بالنسبة للشباب لا مطلقًا.

وأخرج الخطيب في "تاريخ بغداد" 12/ 377، والنسفي في "القند في ذكر أخبار سمرقند"(1073) من طريق محمد بن حميد الرازي، عن يعقوب بن عبد الله الأشعري القُمّي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سلمة بن كُهيل، قال: مَرَّ عليُّ بن أبي طالب على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة، فقال لها:"إذا سَرَّكِ أن تنظري إلى سيد العرب فانظري إلى عليّ بن أبي طالب" فقالت: يا نبي الله، ألست سيدَ العرب؟! فقال:"أنا إمام المسلمين وسيد المتقين". ومحمد بن حميد الرازي ضعيف منكر الحديث، صاحب عجائب، وقد خولف في سنده ولفظه.

فقد أخرجه ابن عساكر 42/ 305 بإسناد صحيح إلى جعفر بن أحمد العوسجي، عن أبي بلال الأشعري، عن يعقوب القُمّي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن ابن أبزي، عن عائشة قالت: أقبل عليُّ بن أبي طالب يومًا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذا سيد المسلمين" فقلت: ألستَ سيد المسلمين يا رسول الله؟! فقال: "أنا خاتم النبيين ورسولُ رب العالمين". وجعفر بن أحمد العوسجي - وهو ابن عوسجة - صدوق، وأبو بلال الأشعري ليّنه الدارقطنيُّ، لكنه أحسن حالًا من=

ص: 578

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وفي إسناده عمر بن الحسن، وأرجو أنه صدوق، ولولا ذلك لحكمتُ بصحتِه على شرط الشيخين.

وله شاهد من حديث عُرْوة عن عائشة:

4676 -

أخبرناه أبو بكر محمد بن جعفر القارئ ببغداد، حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصِح، حدثنا الحسين بن عُلْوان، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، قالت:

= محمد بن حميد الرازي.

على أنه قد خولف أيضًا بالإسناد الذي أشار إليه الدارقطني في "علله"(3671)، وهو ما رواه أبو كريب محمد بن العلاء الثقة الحافظ، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير مرسلًا، بلفظ رواية المصنف، فعاد الحديث إلى سعيد بن جبير.

وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في بغية الباحث (933) عن عبد العزيز بن أبان، عن عامر بن يساف وابنُ عساكر 64/ 192 من طريق عمرو بن محمد بن الحسن، كلاهما عن أيوب بن عُتبة، عن طيسلة بن علي، عن عائشة. ولم يذكر الحارثُ في روايته طيسلة، وإسناده تالف، عبد العزيز بن أبان متروك، وعمرو بن محمد بن الحسن منكر الحديث واتهمه بعضهم بوضع الحديث، وأيوب بن عتبة ضعيف، فلا عبرة بهذه الطريق البتة.

وله طريق خامسة عن عائشة ستأتي عند المصنف بعد هذه، ولكنها واهية.

وأخرج الطبراني في "الكبير"(2749)، وأبو نُعيم في "الحلية" 1/ 63 من طريق إبراهيم بن إسحاق الصيني، عن قيس بن الربيع، عن ليث بن أبي سُليم، عن ابن أبي ليلي، عن الحسن بن علي. فذكره بنحو الرواية الآتية بعده، وإبراهيم بن إسحاق متروك وليث سيئ الحفظ، لكن رواه حسين بن حسن الأشقر أيضًا عند أبي نعيم في "الحلية" 5/ 138 عن قيس بن الربيع، عن زُبيد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، فذكر زُبيدًا بدل ليث بن أبي سليم، وزبيد ثقة، لكن حسينًا الأشقر ليس بذاك، والراوي عنه مجهول لا يُعرف، وقيس بن الربيع ليس بذاك أيضًا، فالطريقان عن قيس لا يفرح بهما.

وأخرج ابن الجوزي نحوه أيضًا في "العلل المتناهية"(342) من حديث ابن عبّاس، بسند واهٍ.

وسيأتي نحوه عند المصنف برقم (4677) من حديث جابر بن عبد الله، لكن في إسناده واهٍ كذلك.

وانظر حديث ابن عبّاس الآتي عند المصنف برقم (4690).

ص: 579

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادْعُوا لي سيّدَ العرب"، فقلتُ: يا رسول الله، ألستَ سيد العربِ؟ قال:"أنا سيدُ ولدِ آدمَ، وعليٌّ سيدُ العرب"

(1)

.

وله شاهدٌ آخر من حديث جابر:

4677 -

حدَّثناه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى القاضي الخازنُ من أصل كتابه، حدثنا إبراهيم بن مالك الزَّعفَراني، حدثنا سهل بن عثمان العَسْكري، حدثنا المسيَّب بن شَريك، حدثنا عمر بن موسى الوَجيهي، عن أبي الزُّبَير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادعُوا لي سيّدَ العرب"، فقالت عائشة: ألستَ سيّدَ العربِ يا رسول الله؟ فقال: "أنا سيّدُ ولدِ آدمَ، وعليٌّ سيّدُ العربِ"

(2)

.

4678 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحَفيد، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر، حدثنا عمرو بن طلحة القَنّاد، الثقة المأمون، حدثنا علي بن هاشم بن البَريد، عن أبيه، قال: حدثني أبو سعيد التَّيمي، عن أبي ثابت مولى أبي ذرٍّ، قال: كنت مع عليٍّ يومَ الجمَل، فلما رأيتُ عائشةَ واقفةً دخلني بعضُ ما يَدخُل الناسَ، فكشفَ الله عني ذلك صلاةَ الظهر، فقاتلتُ مع أمير المؤمنين، فلما فرغ ذهبتُ إلى المدينة، فأتيتُ أمَّ سلمة، فقلت: إني والله ما جئتُ أسأل طعامًا ولا شرابًا، ولكني مولًى لأبي ذرٍّ، فقالت:

(1)

إسناده تالف، الحسين بن عُلوان كذّبه غير واحد من الأئمة النقاد، ومن لم يكذبه قال عنه: متروك الحديث، وقال عنه المصنِّفُ نفسه في "المدخل إلى الصحيح" (38): شيخ من أهل مكة روى عن هشام بن عروة أحاديث أكثرها موضوعة.

وأخرجه ابن الجزري في "مناقب الأسد الغالب"(18) من طريق أبي بكر أحمد بن علي بن خلف، عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

ويغني عنه ما تقدم برقم (4675).

(2)

إسناده تالف، عمر بن موسى الوجيهي اتهمه غير واحدٍ من الأئمة بوضع الحديث والكذب، ومن لم يكذبه قال عنه: متروك الحديث، أو ليس بشيء.

وأخرجه ابن الجزري في "مناقب الأسد الغالب"(19) من طريق أبي بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي، عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

ص: 580

مرحبًا، فقصصتُ عليها قِصّتي فقالت: أين كنتَ حين طارتِ القلوبُ مطايرَها؟ قلت: إلى حيثُ كشفَ اللهُ ذلك عني عند زوالِ الشمس، قالت: أحسنتَ، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:"عليٌّ مع القرآنِ، والقرآنُ مع عليٍّ، لن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عَلَيَّ الحوضَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، وأبو سعيد التَّيمي هو عَقِيصا ثقة مأمون، ولم يُخرجاه.

4679 -

أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، حدثنا أبو قِلابة، حدثنا أبو عَتّاب سهل بن حماد، حدثنا المُختار بن نافع التَّيمي

(2)

، حدثنا أبو حَيّان التيمي، عن أبيه، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحمَ الله عليًّا، اللهم أدِرِ الحقَّ معه حيثُ دارَ"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل أبي سعيد التيمي عقيصا، فقد انفرد المصنف وابن حبان بتوثيقه، مع اتفاق من تقدَّمهما من الأئمة النقاد على ترك حديثه، وأبو ثابت مولى أبي ذرٍّ لا يُعرف.

وأخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 16/ 470، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 449 من طريق عبد السلام بن صالح، عن علي بن هاشم بن البَريد، به عن أبي ثابت قال: دخلت على أم سلمة فرأيتها تبكي وتذكر عليًا، وقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عليٌّ مع الحق، والحقُّ مع عليٍّ، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض يوم القيامة". كذلك رواه بلفظ: "الحق" بدل "القرآن"، وعبد السلام بن صالح هو أبو الصلت ضعفه الأكثرون، وعمرو بن طلحة أحسنُ حالًا منه بكثير.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(4880)، وفي "الصغير"(720) من طريق صالح بن أبي الأسود، عن هاشم بن البريد به بلفظ "القرآن" كرواية عمرو بن طلحة القَنَّاد.

(2)

تحرَّفت في النسخ الخطية إلى: التميمي، والتصويب من مصادر ترجمته.

(3)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل المختار بن نافع، فهو ساقط كما قال الذهبي في "تلخيصه".

أبو قِلابة: هو عبد الملك بن محمد الرَّقاشي، وأبو حَيّان التيمي: هو يحيى بن سعيد بن حَيّان.

وأخرجه الترمذي (3714) عن أبي الخطاب زياد بن يحيى البصري، عن أبي عتاب سهل بن حماد، بهذا الإسناد. بزيادة ليست عندنا هنا. وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه.

ص: 581

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4680 -

أخبرني أبو الحسن محمد ابن ابنة

(1)

ابن هانئ العَدْلُ، حدثنا الحسين بن الفضل، حدثنا هَوْذَة بن خَلِيفة، حدثنا عَوْف عن عبد الله بن عمرو بن هند الجَمَلي، قال: سمعت عليًّا يقول: كنتُ إذا سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني، وإذا سَكتُّ ابتدأَني

(2)

.

(1)

تحرَّف لفظ "ابنة" في النسخ الخطية إلى: أحمد، والصحيح أنه محمد ابن ابنة ابن هانئ: وهو محمد بن الحسن بن علي بن بكر ابن ابنة إبراهيم بن هانئ كما وقع مسمَّى على الصواب عند الحديث المتقدم برقم (3503).

(2)

صحيح، وهذا إسناد حسن إن شاء الله، عبد الله بن عمرو بن هند الجملي - وإن لم يرو عنه غير عَوف، وهو ابن أبي جميلة الأعرابي - صحَّح خبرَه هذا ابن خُزَيمة فيما نقله مُغَلْطاي في "إكمال تهذيب الكمال" 8/ 98، وكذلك صحَّح خبره الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 2 / (614)، وحسَّنه الترمذي وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال عنه الحافظ ابن حجر في "التقريب": صدوق، وتصريحُ عبد الله بن عمرو بن هند بسماعه من عليٍّ هنا فيه ردٌّ على من نَفَى سماعه منه، وقد ورد تصريحه بسماعه منه أيضًا في خبرٍ آخر عند العباس بن محمد الدُّوري في زياداته على "التاريخ" لابن معين (3896).

وأخرجه الترمذي (3722) من طريق النضر بن شُميل، والنسائي (8450) من طريق أبي المساور الفضل بن مساور، كلاهما عن عوف الأعرابي، به وقال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه.

وأخرجه النسائي (8451) من طريق أبي البختري، عن عليٍّ. ورجاله ثقات، لكن أبا البَختري - واسمه سعيد بن فيروز - لم يُدرك عليًا.

وأخرجه النسائي أيضًا (8452) من طريق أبي الأسود الدُؤلي، ومن طريق زاذان الكِنْدي، كلاهما عن عليّ بن أبي طالب. وإسناد طريق أبي الأسود صحيح، وطريق زاذان فيها رجل مبهم، وهو الراوي عنه.

وله طرق أخرى عن عليٍّ، منها طريق هُبيرة بن يَرِيم عند الطيالسي (176) وغيره، وطريق محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب - ولم يدرك جده مع أنَّ الطريق إليه ثقات - عند ابن سعد 2/ 292، وغيره.

ص: 582

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4681 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر البزّار ببغداد، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عَوف، عن ميمون أبي عبد الله، عن زيد بن أرقم، قال: كانت لنفرٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبوابٌ شارعةٌ في المسجد، فقال يومًا:"سُدُّوا هذه الأبوابَ إلَّا بابَ عليٍّ"، قال: فتكلّم في ذلك ناسٌ، فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال:"أما بعدُ، فإني أُمِرْتُ بسَدِّ هذه الأبوابِ غيرَ بابِ عليٍّ، فقال فيه قائلُكم والله ما سَدَدتُ شيئًا ولا فتحتُه، ولكن أُمرتُ بشيءٍ فاتَّبعتُه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4682 -

أخبرني الحسن بن محمد بن إسحاق الإسفَراييني، حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن البَرَاء، حدثنا علي بن عبد الله بن جعفر المَدِيني، حدثنا أبي، أخبرني سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال عمر بن الخطاب: لقد أُعطيَ عليُّ بن أبي طالب ثلاثَ خِصالٍ، لأن تكون فيَّ خَصْلَةٌ منها أحبُّ إليَّ من أن أُعطَى حُمْرَ النَّعَم، قيل: وما هُنّ يا أميرَ المؤمنين؟ قال: تَزوُّجُه فاطمةَ بنتَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وسُكْناهُ المسجدَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يَحِلُّ له فيه ما يَحِلُّ له، والرايةُ يومَ خَيبرَ

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، ميمون أبو عبد الله - وهو البصري الكندي - متفق على ضعفه، صاحب مناكير.

وهو في "مسند أحمد" 32 / (19287). وعوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي.

وأخرجه النسائي (8369) عن محمد بن بشّار، عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وانظر قصة سدِّ الأبواب غير باب عليٍّ في حديث ابن عباس الطويل الآتي برقم (4702).

(2)

صحيح إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف موصولًا من أجل عبد الله بن جعفر المديني فهو ضعيف الحديث وممَّن ضعفه ابنُه عليٌّ الإمام المعروف الذي روى عنه هذا الخبر هنا، وخالفه في إسناده يعقوب بن عبد الرحمن الزُّهْري، وهو ثقة، فرواه عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه: =

ص: 583

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4683 -

حدثنا أبو النضر محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا النُّفَيلي، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق.

قال عثمان: وحدثنا علي بن حكيم الأودي وعمرو بن عَون الواسطي، قالا: حدثنا شَريك بن عبد الله، عن أبي إسحاق، قال: سألتُ قُثَمَ بن العباس: كيف وَرِثَ عليّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دونَكم؟ قال: لأنه كان أوّلَنا به لُحوقًا، وأشدَّنا به لُزُوقًا

(1)

.

= أنَّ عمر بن الخطاب قال

فذكره مرسلًا ليس فيه أبو هريرة، ورجاله ثقات، فالمحفوظ أنه مرسل.

وأخرجه ابن الجزري في "مناقب الأسد الغالب"(26) من طريق أبي بكر البيهقي، عن أبي عبد الله الحاكم، بإسناده.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3551) من طريق روح بن أسلم، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده الكبير" كما في "المقصد العليِّ" للهيثمي، (1329)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 120 من طريق عُبيد الله بن عمر القواريري، كلاهما عن عبد الله بن جعفر المديني، به.

وأخرجه الطحاوي (3552)، وأبو بكر القطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد (1123) من طريق يعقوب بن عبد الرحمن الزُّهْري الإسكندراني، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه: أنَّ عمر بن الخطاب قال

فذكره مرسلًا دون ذكر أبي هريرة في الإسناد، ورجاله ثقات.

وقد روي نحوه من قول عبد الله بن عمر بن الخطاب عند أحمد 8 / (4797) وغيره من طريق عمر بن أسيد عنه، وإسناده حسن في الشواهد والمتابعات.

(1)

إسناده صحيح من جهة زهير - وهو ابن معاوية الجُعفي - محتمل للتحسين من جهة شريك بن عبد الله: وهو النَّخَعي.

النُّفَيلي: هو عبد بن محمد بن علي بن نُفَيل الحَرّاني، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبِيعي، وتصريحه بسماعه هنا من قُثَم بن العباس من جهة شريك النخعي، وقد وافقه عليه قيس بن الربيع عند الحسين بن علي الكرابيسي في كتاب "المدلسين" - كما في "إكمال تهذيب الكمال" لمُغلْطاي 10/ 208 - وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(399)، وسئل ابن مَعِين =

ص: 584

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فيما نقله عنه ابن عساكر 42/ 393: أبو إسحاق السَّبيعي لقي قُثَم؟ قال: نعم، في طريق خراسان. وعليه فتكذيبُ الكرابيسي لهذا الخبر في كتاب "المدلسين" بحمل الميراث على ظاهره في ميراث المال، وأنَّ قُثم استشهد زمن عمر أو عثمان في بعض المغازي، فغير صحيح، لأنَّ الذي يلقاهُ أبو إسحاق السَّبيعي لا شكَّ أنه بقي إلى ما بعد خلافة عليٍّ، وقد أرّخَ غُنجارٌ صاحبُ "تاريخ بخاري" وفاته سنة سبع وخمسين، فهذا هو الصحيح في وفاته، والمراد بالميراث هنا العلم كما قاله إسماعيل القاضي، كما سيأتي عند المصنف بإثر الخبر.

وإنما جزمنا بأنَّ تصريح أبي إسحاق بسماعه من قثم إنما هو من جهة شريك دون زهير، لأنَّ الحسنَ بنَ علي بن مالك الأُشْناني رواه عند ابن عساكر 42/ 393 عن النُّفيلي، عن زهير، عن أبي إسحاق، قال: قيل لقُثم

فذكره، وكذلك رواه أحمد بن عبد الملك بن واقد عند ابن أبي شيبة 14/ 117، والمعافَى بن سليمان عند الطبراني في "الكبير" 19 / (86)، وعنه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(5787)، فجعل السائل غيرَ أبي إسحاق السَّبيعي، وبيَّنه حسينُ بنُ عيّاش الرقّي في روايته لهذا الخبر عند النسائي (8439)، وكذلك أبو غسان مالك بن إسماعيل عند ابن عساكر 42/ 393، فروياه عن زهير، وسمّيا السائل عبدَ الرحمن بن خالد. وهو ابن الوليد المخزومي - فهذا هو المحفوظ في رواية زهير أنَّ السائل هو عبد الرحمن بن خالد لا أبو إسحاق السَّبيعي، فتبين أنَّ المصنف حمل رواية زهير هنا على رواية شَريك النخعي، وإنما ذَكَر رواية شريك لا رواية زهير.

وخالف أصحابَ أبي إسحاق فيه زيدُ بنُ أبي أُنيسة عند النسائي (8440) فرواه عن أبي إسحاق، عن خالد بن قثم بن العباس أنه قيل له

فذكره، فأبهم السائلَ وجعل المسؤول خالد بن قثم لكن في الإسناد إليه رجل ضعيف، والمحفوظ رواية شريك قيس بن الربيع، فشريك قديم السماع من أبي إسحاق، أما زهير بن معاوية فقد سمع منه بأَخرة عندما شاخَ وكبر.

وجاء في حديث عن علي بن أبي طالب نفسه عند النسائي (8397) من طريق ربيعة بن ناجذٍ: أنَّ رجلًا قال لعليٍّ: يا أمير المؤمنين، لم ورثت ابن عمك دون عمك؟ قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب، فذكر قصة صُنْع طعام لهم، وقوله صلى الله عليه وسلم لهم:"أيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي؟ " فلم يقم إليه أحدٌ، فقمت إليه وكنت أصغر القوم، فقال:"اجلس" ثم قال ثلاث مرات، كلَّ ذلك أقوم إليه فيقول:"اجلس" حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي، ثم قال: فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي. وهو عند أحمد 2 / (1371) أيضًا لكن ليس فيه ذكر الوراثة، وإسناده فيه لِينٌ، فربيعة بن ناجذ فيه جهالة، وقد استنكر له الذهبي في "ميزان الاعتدال" هذا الخبر.

ص: 585

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4684 -

سمعتُ قاضيَ القضاة أبا الحسن محمد بن صالح الهاشمي يقول: سمعتُ أبا عُمر القاضي يقول: سمعتُ إسماعيل بن إسحاق القاضي يقولُ: وذُكر له قولُ قُثَمَ هذا، فقال: إنما يرثُ الوارثُ بالنسَبِ أو بالولاءِ، ولا خلافَ بين أهل العلم أنَّ ابنَ العمِّ لا يرثُ مع العَمِّ، فقد ظهر بهذا الإجماعِ أن عليًّا ورثَ العلمَ من النبي صلى الله عليه وسلم دُونَهم

(1)

.

وبصحةِ ما ذكره القاضي:

4685 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا عمرو بن طلحة القَنّاد، حدثنا أسباط بن نَصْر، عن سِمَاك بن حَرْب، عن عِكْرمة، عن ابن عبّاس، قال: كان عليٌّ يقول في حياةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله يقول: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عِمران:144]، واللهِ لا نَنقَلِبُ على أعقابِنا بعد إذ هدانا الله، والله لئن ماتَ أو قُتل لأقاتلنَّ على ما قاتل عليه حتى أموتَ والله إني لأخُوه، ووليُّه، وابنُ عمِّه، ووارثُ علمِه، فمَن أحقُّ به مني؟

(2)

(1)

وعلى ذلك حمل ابن مَعِين هذا الخبرَ أيضًا في سؤال ابن الأُشْناني له عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 393.

(2)

إسناده فيه لِينٌ، فقد تفرَّد به سماك بن حرب عن عكرمة، وقد تكلم بعض أهل العلم في روايته عن عكرمة عن ابن عباس من جهة الاضطراب، وقد ذكر الذهبي هذا الخبر في ترجمة عمرو بن حماد بن طلحة في "الميزان" واستنكره.

وأخرجه النسائي (8396) عن محمد بن يحيى بن عبد الله النيسابوري - وهو الذُّهلي - وأحمد بن عثمان بن حكيم - واللفظ لمحمد كما قال النسائي - عن عمرو بن طلحة بهذا الإسناد. بلفظ: ووارثه. دون تقييد بالعلم.

وقد وافق محمدَ بن يحيى الذُّهْلي على لفظه جماعةٌ عند ابن الأعرابي في "معجمه"(734)، والطبراني في "الكبير"(176)، وأبي بكر القَطيعي في زوائده على "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (1110).

ص: 586

4686 -

حدَّثَناه أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كُهَيل، حدثني أبي، عن أبيه، عن سَلَمة

(1)

، عن مجاهد، عن ابن عبّاس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خُطبةٍ خَطَبها في حَجّة الوداع: "لأقتُلَنَّ العَمالِقةَ في كَتِيبة" فقال له جبريلُ: أو عَليٌّ، قال:"أو عليُّ بن أبي طالبٍ"

(2)

.

4687 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الرحيم الهَرَوي بالرَّمْلة، حدثنا أبو الصَّلْت عبد السلام بن صالح، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مُجاهِد، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا مَدينةُ العلمِ، وعليٌّ بابُها، فمن أرادَ المدينةَ فليأْتِ البابَ"

(3)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أسامة، وجاء على الصواب في "تلخيصه"، و "إتحاف المهرة"(8850).

(2)

إسناده تالف، لأنَّ إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل وأباه متروكان كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وإبراهيم بن إسماعيل ضعيف أيضًا.

وأخرجه أبو بكر النَّصِيبي في "فوائده"(128)، والطبراني في "الكبير"(11088)، وابنُ الغطريف في "جزئه"(33)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 451 من طرق عن إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى، بهذا الإسناد.

(3)

حديث باطل، وهذا إسناد واهٍ بمرّة، أبو الصلت عبد السلام بن صالح الجمهور على تضعيفه بل إن بعضهم رماه بالكذب وقال العقيلي والنسائي والدارقطني: كان رافضيًا خبيثًا، وقال المصنف نفسه في "المدخل إلى الصحيح" (139): روى عن أبي معاوية وغيره أحاديث مناكير. قلنا: وما حسّن الرأيَ فيه سوى يحيى بن مَعين، وقد التمس الذهبيُّ ليحيى العذرَ في ذلك فقال في ترجمة أبي الصلت من "السير" 11/ 447: جُبِلت القلوب على حب من أحسن إليها، وكان هذا بارًا بيحيى، ونحن نسمع من يحيى دائمًا ونحتجّ بقوله في الرجال، ما لم يتبرهن لنا وَهْنُ رجل انفرد بتقويته، أو قوّة من وهَّاه. قلنا: وهذا الحديث لم يكن يُعرَف إلا بأبي الصلت هذا، وكل من رواه غيرُه فإنما سرقه منه، ذكر ذلك ابن عدي في غير موضع من كتابه "الكامل" 1/ 189 و 2/ 341 و 3/ 412 و 5/ 617 و 177، وقال ابن حبان في "المجروحين" 2/ 152: هذا شيء لا =

ص: 587

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أصل له ليس من حديث بن عباس ولا مجاهد ولا الأعمش ولا أبو معاوية حدّث به، وكلُّ من حدَّث بهذا المتن فإنما سرقه من أبي الصلت هذا، وقال الدارقطني في "تعليقاته على المجروحين" ص 179: قيل: إن أبا الصلت وضعه على أبي معاوية، وسرقه منه جماعة فحدَّثوا به عن أبي معاوية. وبنحو هذا قال ابن الجوزي في "الموضوعات" 2/ 118، وفي "المنتخب من علل الخلّال" لابن قدامة (120): أن الإمام أحمد سئل عن هذا الحديث فقال: قبّح الله أبا الصلت. وقال في رواية المرُّوذي عنه كما في "العلل ومعرفة الرجال"(308): ما سمعنا بهذا. قلنا: والإمام أحمد من أشهر من روى عن أبي معاوية، روى عنه مئات الأحاديث، وهو ينفي أن يكون هذا من حديثه. وقال أبو بكر بن العربي في "أحكام القرآن" 3/ 86: هو حديث باطل، النبي صلى الله عليه وسلم مدينة علم وأبوابها أصحابه؛ ومنهم الباب المنفسح، ومنهم المتوسط، على قدر منازلهم في العلوم. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" 7/ 515: يُعَدُّ في الموضوعات، وإن رواه الترمذي، وذكره ابن الجوزي وبيَّن أنَّ سائر طرقه موضوعة، والكذب يُعرَف من نفس متنه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان مدينةَ العلم، ولم يكن لها إلا باب واحد، ولم يبلِّغ عنه العلم إلا واحد، فَسَدَ أمرُ الإسلام، ولهذا اتفق المسلمون على أنه لا يجوز أن يكون المبلِّغُ عنه العلم واحدًا، بل يجب أن يكون المبلِّغون أهلَ التواتر الذين يحصل العلمُ بخبرهم للغائب.

وقد تعقب الذهبي في "تلخيص المستدرك" تصحيحَ الحاكم للحديث وتوثيقَه أبا الصلت فقال: بل موضوع، وأبو الصلت لا والله، لا ثقةٌ ولا مأمون.

قلنا: وفيه علّة أخرى، وهي عنعنة الأعمش عن مجاهد، وقد ذكر يعقوب بن شيبة في "مسنده" - كما في "إكمال تهذيب الإكمال" 6/ 92 - أنه قال لعلي بن المديني: كم سمع الأعمش من مجاهد؟ قال: لا يثبت منها إلا ما قال: سمعت هي نحوٌ من عشرة، وإنما أحاديثه عن مجاهد عن أبي يحيى القتّات وحَكيم بن جبير وهؤلاء. قلنا وهذان المذكوران ضعيفان منكرا الحديث، وحكيم أشدُّهما ضعفًا وهو أقرب إلى التَّرك، واتهمه الجوزجاني بالكذب. وقد جوّد القولَ في توهين هذا الحديث العلامة عبد الرحمن المعلّمي اليماني في تعليقه على كتاب "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" للشوكاني ص 349 - 353، فانظره.

ومع ذلك فقد حسّنه العلائيُّ في "النقد الصحيح لما اعتُرض عليه من أحاديث المصابيح"(18)، وابن حجر في فُتيا له نقلها عنه السيوطي من خطّه في "اللالئ المصنوعة" 1/ 306! وصحَّحه أيضًا الطبري في مسند عليّ من "تهذيب الآثار" ص 104 من حديث علي بن أبي طالب!!

وأخرجه ابن مَعِين في "معرفة الرجال" برواية ابن محرز عنه (1788)، والطبري في مسند علي بن أبي طالب من "تهذيب الآثار" ص 105، والطبراني في "الكبير"(11061)، وابن عدي في =

ص: 588

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "الكامل" 5/ 67، والخطيب في "تاريخ بغداد" 12/ 318، وابن المغازلي في "مناقب علي"(121) و (123) و (124)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 380، وابن الجوزي في "الموضوعات"(661)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 596 - 597 من طرق عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح، بهذا الإسناد.

وسيأتي عند المصنف من طريق الحسين بن فهم عن أبي الصلت برقم (4701 م).

وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" ص 105 عن إبراهيم بن موسى الرازي؛ قال: وليس بالفراء.

وأبو زرعة الرازي في "سؤالات البَرذَعي له"(414)، والعقيلي في "الضعفاء"(1100)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 13/ 39 - 40، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 380، وابن الجوزي (659) من طريق عمر بن إسماعيل بن مجالد، وابنُ حبان في "المجروحين" 1/ 130، ومن طريقه ابن الجوزي (665) من طريق إسماعيل بن محمد بن يوسف، عن أبي عبيد القاسم بن سلّام.

وابن عدي 1/ 189، ومن طريقه حمزة بن يوسف السهمي في "تاريخ جرجان" ص 65، وابن عساكر 12/ 379، وابن الجوزي (662) من طريق أحمد بن سلمة أبي عمرو الجرجاني.

وخيثمة بن سليمان كما في "ميزان الاعتدال" 3/ 444 من طريق محفوظ بن بحر الأنطاكي، عن موسى بن محمد الأنصاري الكوفي.

وابن عدي 2/ 341 و 5/ 67، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 379، وابن الجوزي (664) عن الحسن بن علي بن صالح العدوي، عن الحسن بن علي بن راشد.

والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 5715 - 572، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 379، وابن الجوزي (658) من طريق عبد الله بن محمد بن عبد الله الشاهد المعروف بابن الثلاج، عن أبي بكر أحمد بن فاذويه بن عزرة الطحان، عن أبي عبد الله أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم، عن رجاء بن سلمة.

والخطيب 8/ 55، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 381، وابن الجوزي (657) من طريق جعفر بن محمد أبي محمد البغدادي؛ ثمانيتهم عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، به.

وهذه الطرق كلها فيها مقال، قد تكلم ابن الجوزي على أفرادها كلها إلّا طريقي إبراهيم بن موسى الرازي وموسى بن محمد الأنصاري، أما إبراهيم بن موسى الرازي الذي جزم الطبري أنه ليس بالفراء، فهو مجهول لا يُعرف إلّا في هذا الخبر، وأما موسى بن محمد الأنصاري فهو ثقة لكن الراوي عنه محفوظ بن بحر كذّبه أبو عَروبة الحراني.

وقد ذكر ابن الجوزي في "الموضوعات" 2/ 115 متابعة أخرى عند أبي بكر بن مردويه من طريق الحسن بن عثمان، عن محمود بن خداش، عن أبي معاوية. ومحمود بن خداش ثقة لكن الراوي =

ص: 589

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه. وأبو الصَّلْت ثقة مأمون.

4687/ 1 - فإني سمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب في "التاريخ" يقول: سمعت العباس بن محمد الدُّوري يقول: سألت يحيى بنَ مَعِين عن أبي الصَّلْت الهروي، فقال: ثقة، فقلت: أليس قد حدَّث عن أبي معاوية عن الأعمش: "أنا مدينةُ العلم"؟ فقال: قد حدَّث به محمد بن جعفر الفَيْدي، وهو ثقة مأمون

(1)

.

= عنه الحسن بن عثمان. وهو التُّسْتري - كذبه ابن عدي.

وسيأتي في الحديث التالي من طريق محمد بن جعفر الفَيْدي عن أبي معاوية، وانظر الكلام عليها هناك.

وأخرجه ابن عدي 3/ 412، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 379، وابن الجوزي (663) من طريق أبي الفتح سعيد بن عقبة الكوفي، والآجُري في "الشريعة"(1551)، وابن عدي 5/ 177 من طريق عثمان بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، عن عيسى بن يونس السَّبيعي، كلاهما عن سليمان الأعمش، به. وسعيد بن عقبة قال عنه ابن عدي: مجهول غير ثقة. وعيسى بن يونس ثقة لكن الراوي عنه ضعيف صاحب، مناكير، بل قال الدارقطني: متروك الحديث.

وفي الباب عن جابر بن عبد الله سيأتي عند المصنف برقم (4689)، وإسناده تالف.

وعن علي بن أبي طالب نفسه عند الترمذي (3723)، وابن جَرير الطبري في مسند علي من "تهذيب الآثار" ص 104، وابن حبان في "المجروحين" 2/ 94، وابن الجوزي في "الموضوعات"(654 - 656)، وقد أنكره الترمذي فقال: حديث غريب منكر، وسأل عنه البخاريَّ في "علله الكبير"(699) فلم يعرفه. وأما الطبري فصحَّح إسناده! وذكر الدارقطني في "علله"(386) اختلافًا في سنده على شريك النخعي، ثم قال: الحديث مضطرب غير ثابت. قلنا: وقد بيّن ابن الجوزي عَوَار طرق حديث عليٍّ أيضًا.

(1)

كذا قال ابن معين، وقد كان عنده نوع من التساهل في توثيق الرجال، وكذا ذكره ابن حبان في "ثقاته"، ولم يؤثر توثيقه عن غيرهما، وذكره أبو الوليد الباجي في كتابه "التعديل والتجريح" في رجال البخاري 2/ 624 وقال: يشبه أن يكون مجهولًا، وقال ابن حجر في "تهذيب التهذيب": له أحاديث خولف فيها. وقال المعلِّمي اليماني في تعليقه على "الفوائد المجموعة" 350: عدَّ ابن معين محمد بن جعفر الفيدي متابعًا، وعدَّه غيره سارقًا، ولم يتبيَّن من حال الفيدي ما يشفي. وأما الكلام في أبي الصلت فانظره في الحديث السابق.

ص: 590

4687/ 2 - سمعت أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه القَبّاني إمامَ عصره ببُخارى يقول: سمعت صالح بن محمد بن حبيب الحافظ يقول، وسُئل عن أبي الصَّلْت الهَروي، فقال: دخل يحيى بنُ مَعِين ونحن معه على أبي الصَّلْت فسلّم عليه، فلما خرج تبعتُه، فقلت له: ما تقولُ رحمَك الله في أبي الصَّلْت؟ فقال: هو صدوق، فقلت له: إنه يروي حديث الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عبّاس، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنا مدينةُ العِلم، وعليٌّ بابُها، فمن أراد العلمَ فليأتِها من بابِها"، فقال: قد روى هذا ذاك الفَيْديُّ عن أبي معاوية عن الأعمش كما رواه أبو الصَّلْت.

4688 -

حدثنا بصحّة ما ذكره الإمام أبو زكريا يحيى بن مَعِين: أبو الحسين محمد بن أحمد بن تَميم القَنْطري، حدثنا الحُسين بن فَهم، حدثنا محمد بن يحيى بن الضُّرَيس، حدثنا محمد بن جعفر الفَيْدي، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا مدينةُ العِلم، وعليٌّ بابها، فمن أراد المدينةَ فليأتِ البابَ"

(1)

.

4688 م - قال الحُسين بن فَهْم: حدَّثَناه أبو الصَّلْت الهَرَوي عن أبي معاوية

(2)

.

قال الحاكم: ليعلمِ المستفيدُ لهذا العِلمِ أنَّ الحُسين بن فَهْم بن عبد الرحمن ثقة مأمونٌ حافظٌ.

ولهذا الحديث شاهدٌ من حديث سفيان الثَّوْري بإسناد صحيح:

(1)

حديث باطل كما سبق بيانه، ومحمد بن جعفر الفيدي تقدم الكلام عليه، وقد اختُلف في هذا الإسناد على محمد بن يحيى بن الضُّريس، فمرةً يُروى عنه عن محمد بن جعفر الفَيدي عن أبي معاوية، كما وقع في رواية المصنِّف هنا، ومرةً يُروى عنه عن محمد بن جعفر الفَيْدي عن محمد بن الطُّفيل الفَيْدي عن أبي معاوية، كما أخرجه ابن المغازلي في "مناقب عليّ"(128)، وكذلك رواه يحيى بن مَعِين في رواية ابن محرز عنه (1789) عن محمد بن جعفر الفَيْدي عن غير محمد بن الطُّفيل عن أبي معاوية. ومحمد بن الطفيل هذا روى عنه جمعٌ لكن لم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان.

(2)

حديث باطل كما تقدم بيانه برقم (4687).

ص: 591

4689 -

حدثني أبو بكر محمد بن علي الفقيه الإمام الشاشِي القَفّال ببُخارى وأنا سألته، حدثني النعمان بن هارون البَلَدي ببَلَدَ من أصلِ كتابه، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد الحَرّاني، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا سفيان الثَّوْري، عن عبد الله عثمان بن خُثَيم، عن عبد الرحمن بن عثمان التَّيمي، قال: سمعتُ جابرَ بن عبد الله يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا مدينةُ العِلمِ، وعليٌّ بابُها، فمن أرادَ العِلمَ فليأتِ البابَ"

(1)

.

4690 -

حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكِّي، حدثنا أحمد بن سَلَمة والحسين بن محمد القَبّاني.

وحدثني أبو الحسن أحمد بن الخَضِر الشافعي، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب ومحمد بن إسحاق.

وحدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أمية القرشي بالسّاوَة، حدثنا أحمد بن يحيى بن إسحاق الحُلْواني؛ قالوا: حدثنا أبو الأَزْهَر.

(1)

إسناده تالف من أجل أحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني - وهو أبو جعفر المُكتِب المعروف بالهُشَيمي - فقد كان صاحب مناكير وترك الدارقطني حديثَه، واتهمه ابن عدي بوضع الحديث، وقال ابن حبان: يروي عن عبد الرزاق والثقات الأوابد والطامّات. قلنا: وقد تابعه طاهر بن طاهر بن حرملة بن يحيى المصري، وهو مثله إن لم يكن أسوأ حالًا منه، فقد اتهمه جماعةٌ بالكذب منهم ابن عدي والدارقطني.

وتسمية التابعي في رواية المصنف بعبد الرحمن بن عثمان التّيمي خطأ، صوابه ما سُمِّي به في رواية غير المصنف، حيث سُمّي عبد الرحمن بن بهمان، وهو رجل قال عنه ابن المديني: لا نعرفه، وقد وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات".

وأخرجه ابن حبان في "المجروحين" 1/ 153، وابن عدي في "الكامل" 1/ 192، وابن المقرئ في "معجمه"(188)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/ 656، وابن المغازلي في "مناقب علي"(120)، وابن عساكر في 42/ 226 و 382 - 383، وابن الجوزي في "الموضوعات"(666) من طرق عن أحمد بن عبد الله بن يزيد، بهذا الإسناد.

ومتابعة أحمد بن طاهر نبّه عليها ابن الجوزي في "الموضوعات"، ولم نقف عليها.

ص: 592

وقد حدَّثَناه أبو عليٍّ المذكِّر

(1)

، عن أبي الأزهر، قال: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن الزُّهْري، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: نَظَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلي عليٍّ، فقال:"يا عليُّ، أنتَ سيدٌ في الدنيا سيدٌ في الآخرة، حبيبُك حبيبي وحبيبي حبيبُ الله، وعدوُّك عدوِّي وعدوِّي عدوُّ الله، والوَيلُ لمن أبغضَك بَعدِي"

(2)

.

(1)

هو المذكِّر الواعظ محمد بن علي بن عمر النيسابوري.

(2)

منكر على ثقة رجاله، فإن عبد الرزاق تُكلِّم في تحديثه من غير كتابه، وذلك أنه عَمِيَ في آخر عمره فكان يُلقَّن فيتلقَّن، وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في كتبه كان يلقَّنُها بعدما عمي، قاله الإمام أحمد في سؤالات الأثرم له كما في "تهذيب الكمال" 18/ 57، وهذا الحديث ليس في شيء من كتبه، قال البخاري في "التاريخ الكبير" 6/ 130: ما حدَّث من كتابه فهو أصح، وقال ابن حبان في "الثقات": كان ممن يخطئ إذا حدّث من حفظه على تشيُّع فيه، وقال الدارقطني كما في "تاريخ دمشق" 36/ 182: ثقة يخطئ على معمر في أحاديث لم تكن في الكتاب. وقد أنكر يحيى بن معين هذا الحديث، وهو ممن سمع من عبد الرزاق قديمًا قبل أن يعمى، فلما علم أن أبا الأزهر - واسمه أحمد بن الأزهر - حدَّث به، وهو ثقة صدوق، برّأه منه وجعل الذنب لغيره كما سيأتي لاحقًا، ويشير بذلك إلى عبد الرزاق، فإن أبا الأزهر في الغالب قد جاء عبد الرزاق في اليمن وقد عميَ.

وقد أنكر بعض أهل العلم هذا الحديث، فقال ابن عدي في "الكامل" في ترجمة أبي الأزهر 1/ 192: هذا الحديث عن عبد الرزاق وعبد الرزاق من أهل الصدق وهو يُنسب إلى التشيع، فلعله شُبّه عليه لأنه شيعي.

وقال أبو يعلى الخليلي في ترجمة أبي الأزهر في "الإرشاد" 2/ 813: روى عن عبد الرزاق حديثًا أنكروه عليه؛ وذكر قصة يحيى بن مَعِين مع أبي الأزهر الآتية عند المصنف.

وقال ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(348): هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعناه صحيح، والويل لمن تكلف وضعه، إذ لا فائدة في ذلك.

وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": هذا وإن كان رواته ثقات فهو منكر ليس ببعيد من الوضع، وإلّا لأي شيء حدَّث به عبد الرزاق سرًّا، ولم يجسُر أن يتفوه به لأحمد وابن مَعِين والخلق الذين رحلوا إليه. يعني رحلوا إليه قديمًا.

وقال في "الميزان" في ترجمة عبد الرزاق 2/ 613: مع كونه ليس بصحيح فمعناه صحيح، سوي آخره ففي النفس منه شيء.=

ص: 593

صحيح على شرط الشيخين وأبو الأزهر بإجماعهم ثقةٌ، وإذا تفرّد الثقةُ بحديث فهو على أصلهم صحيح.

4690 م - سمعت أبا عبد الله القرشي: يقول سمعت أحمد بن يحيى الحُلْواني يقول: لما وَرَدَ أبو الأزهَر من صنعاء، وذاكَرَ أهل بغداد بهذا الحديث، أنكره يحيى

= وقال في "السير" 9/ 574 في ترجمة عبد الرزاق أيضًا: أفظع حديث له ما تفرد به عنه الثقة أحمد بن الأزهر في مناقب الإمام علي، فإنه شبه موضوع، وتابعه عليه محمد بن علي بن سفيان الصنعاني النجار.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 1/ 192 و 5/ 312، والطبراني في "الأوسط"(4751)، وأبو بكر القطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد (1092)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2644)، وأبو يعلى الخليلي في "الإرشاد" 2/ 813 - 814، والخطيب في "تاريخ بغداد" 5/ 68، وابن المغازلي في "مناقب عليّ"(145) و (430)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 291 - 292، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أحمد بن الأزهر 1/ 259 من طرق عن أبي الأزهر أحمد بن الأزهر، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم في غير "المستدرك" كما نقله عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 9/ 575 من طريق محمد بن علي بن سفيان الصنعاني النجار، عن عبد الرزاق، به. ومحمد بن علي هذا مجهول الحال، وذكره الذهبي في "تاريخ الإسلام" 6/ 615، ولم يؤثر فيه جرح أو تعديل.

وفي معنى أول هذا الحديث، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"يا علي، أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة"، حديثُ عمران بن الحصين عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(149)، وابن الأعرابي في "معجمه"(2457)، وابن شاهين في "فضائل فاطمة"(13)، والحاكم في "فضائل فاطمة"(184)، وابن عساكر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة:"زوَّجتكِ سيدًا في الدنيا سيدًا في الآخرة". وإسناده ضعيف.

وفي معنى سائر الحديث، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوّي، وعدوّي عدو الله، والويل لمن أبغضك بعدي"، حديث علي بن أبي طالب نفسه الذي أخرجه مسلم (78) وغيره عنه قال: والذي فلق الحبّة وبرأ النَّسمة، إنه لعهدُ النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ: أن لا يحبني إلّا مؤمن ولا يُبغضني إلّا منافق.

قال الذهبي في "الميزان" في ترجمة عبد الرزاق بعد أن صحَّح معنى الحديث: الويل لمن أبغضه هذا لا ريب فيه، بل الويل لمن يَغُضُّ منه أو غَضَّ من رُتْبته ولم يُحبَّه كحبّ نُظَرائه أهلِ الشورى رضي الله عنهم أجمعين.

ص: 594

ابن مَعِين، فلما كان يومُ مجلِسه قال في آخر المجلس: أين هذا الكذّابُ النيسابوريُّ الذي يذكر عن عبد الرزاق هذا الحديثَ؟ فقام أبو الأزهر، فقال: هو ذا أنا، فضحِك يحيى بن مَعِين من قوله وقيامِه في المجلس، فقرّبه وأدناهُ، ثم قال له: كيف حدّثَك عبد الرزاق بهذا ولم يُحدّث به غيرَك؟ فقال: اعلم يا أبا زكريا أني قدمتُ صنعاءَ وعبدُ الرزاق غائبٌ في قريةٍ له بعيدةٍ، فخرجت إليه وأنا عَليلٌ، فلما وصلتُ إليه سألني عن أمر خُراسان فحدّثتُه بها، وكتبتُ عنه وانصرفتُ معه إلى صنعاء، فلما ودّعتُه قال لي: قد وجبَ عليَّ حقُّك، فأنا أحدّثُك بحديثٍ لم يسمعه مني غيرُك، فحدثني - واللهِ - بهذا الحديثِ لفظًا، فصدّقه يحيى بن مَعِين واعتذَر إليه

(1)

.

4691 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن سليمان البُرُلُّسي، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا يحيى بن يعلي، حدثنا بسّام الصَّيرفي، عن الحسن بن عمرو الفُقَيمي، عن معاوية بن ثَعلبة، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليّ بن أبي طالب: "مَن أطاعني فقد أطاعَ الله، ومن عَصاني فقد عصى الله، ومن أطاعَكَ فقد أطاعَني، ومن عَصاكَ فقد عَصاني"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4692 -

حدثنا بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي، حدثنا القاسم بن أبي شَيْبة، حدثنا يحيى بن يعلى الأسلمي، حدثنا عمّار بن رُزَيق، عن أبي إسحاق، عن زياد بن مُطرِّف، عن زيد بن أرقمَ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن يُريد أن يَحيا حياتي ويموتَ موني، ويَسكُنَ جنةَ الخُلْد التي وَعَدَنِي رَبّي، فليَتَوَلَّ عليَّ بن أبي طالب، فإنه لن يُخرجَكم من هُدًى، ولن يُدخلَكم في ضَلالةٍ"

(3)

.

(1)

زاد الحافظ أحمد بن يحيى التستري في روايته هذه الحكاية عن يحيى بن معين - كما في "تاريخ بغداد" 5/ 69 - أن يحيى قال لأبي الأزهر: الذنب لغيرك في هذا الحديث.

(2)

ضعيف جدًّا، وقد سلف برقم (4667).

(3)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل القاسم بن أبي شيبة - وهو أخو الحافظين أبي بكر وعثمان - =

ص: 595

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4693 -

حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيدٍ الحافظ بهَمَدَان، حدثنا الحسن بن علي الفَسَوي، حدثنا إسحاق بن بِشر الكاهلي، حدثنا شَريك، عن قيس بن مسلم، عن أبي عبد الله الجَدَلي، عن أبي ذَرّ، قال: ما كنا نعرفُ المنافقين إلَّا بتكذيبِهم الله ورسولَه،

= فهو متروك الحديث وكذّبه الدارقطني، ومن أجل يحيى بن يعلى الأسلمي أيضًا فهو ضعيف منكر الحديث، وزياد بن مطرف هذا لا يعرف إلا في هذا الحديث، فهو مجهول.

وأخرجه الخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه"2/ 417 - 418 من طريق إسحاق بن الحسن الحربي، عن القاسم بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(5067)، وأبو نعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"(88)، وابن الشجري في "أماليه" 1/ 144 من طريق إبراهيم بن عبد الله بن عيسى التنوخي، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 4/ 349 من طريق إبراهيم بن الحسن التغلبي الكوفي، والآجري في "الشريعة"(1590)، وابن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة"(142)، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 349، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 242 من طريق يحيى بن عبد الحميد الحمّاني، ثلاثتهم عن يحيى بن يعلى، به. وإبراهيم التنوخي وإبراهيم التغلبي في عداد المجاهيل، ويحيى الحماني ضعيف متَّهم بسرقة الحديث.

وخالف أحمد بن إشكاب عند الطبري في ذيل "المذيّل" كما في "منتخبه" لعريب القرطبي 11/ 589، فرواه عن يحيى بن يعلى المحاربي، عن عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن زياد بن مطرّف مرسلًا، لم يذكر زيد بن أرقم. كذلك قُيد يحيى بن يعلى هنا بالمحاربي، وهو رجل آخر في طبقة الأسلمي، وهو غلط، فإنَّ الحافظ المزي في ترجمة ابن إشكاب من "تهذيب الكمال" 1/ 268 لم يذكر له رواية إلَّا عن يحيى الأسلمي.

وقد ذكر بعضُ من ألّف في الصحابة هذا الحديث في ترجمة زياد بن مُطرِّف كما في "الإصابة" للحافظ ابن حجر 2/ 587، لرواية بعض من روى هذا الخبرَ عن زياد مرسلًا، ونقل عن ابن منده قوله: لا يصح. ثم قال الحافظ: في إسناده يحيى بن يعلى المحاربي، وهو واهٍ. كذا قال، وهو ذهولٌ منه رحمه الله، إذ الواهي هو الأسلميُّ لا المحاربيّ.

وانظر الحديث المتقدم عن عليٍّ برقم (4433) بلفظ: "وإن تُولُّوا عليًّا تجدوه هاديًا مهديًّا يسلك بكم الطريق"، وهو ضعيف.

ص: 596

والتخلُّفِ عن الصلَوات، والبُغضِ لعليّ بن أبي طالب

(1)

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4694 -

حدثني أبو بكر محمد بن علي الفقيه الإمام الشاشِي ببُخارى، حدثنا النعمان بن هارون البَلَدي، حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد الحَرّاني، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا سفيان الثَّوْري، عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن عبد الرحمن بن عثمان، قال سمعتُ جابرَ بن عبد الله يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ يومَ الحُديبيَة وهو آخذٌ بضَبْعِ عليّ بن أبي طالب وهو يقول: "هذا أميرُ البَرَرة، وقاتِلُ الفَجَرة، منصورٌ من نَصَرَه، ومخذولٌ من خَذَلَه"، ثم مدَّ بها صوتَه

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل إسحاق بن بشر الكاهلي فهو متروك، وكذَّبه بعضُهم، وقد وقع في إسناد الخطيب في "المتفق والمفترق"(220) تقييد إسحاق بن بشر في هذا الحديث بابن أخي قيس بن الربيع الكوفي كذا جاء فيه، وغاير بينه وبين الكاهلي، ولكن الراوي عنه هناك أبو فروة يزيد بن سنان الرُّهاوي، وهو متفق على ضعفه. وقول الحسن بن علي الفَسَوي - وهو لا بأس به - في تقييدِ إسحاق بن بشر بالكاهلي هو الصحيح، على أنه إن صحَّ قول الرُّهاوي فإنه لا يُعرف إسحاق بن بشر ابن أخي قيس بن الربيع، فهو في عداد المجاهيل.

شريك: هو ابن عبد الله النَّخَعي، وقيس بن مسلم: هو الجَدَلي، وأبو عبد الله الجَدَلي اسمه عبد بن عبد، ويقال: عبد الرحمن بن عبد.

وأخرجه أبو نُعيم في صفة النفاق ونعت المنافقين" (81) عن حبيب بن الحسن القزاز، عن الحسن بن علي بن الوليد الفَسَوي بهذا الإسناد.

وقد صحَّ عن علي بن أبي طالب نفسه عند مسلم (78) وغيره، قال: والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنه لعَهْدُ النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ: أن لا يحبني إلّا مؤمن، ولا يُبغضني إلّا منافق.

وصحَّ في التخلّف عن الصلوات أيضًا عن عبد الله بن مسعود من قوله عند أحمد 6/ (3623)، ومسلم (654) وغيرهما، قال: ولقد رأيتُنا وما يتخلّف عنها إلّا منافقٌ معلومُ النفاق.

(2)

إسناده تالف من أجل أحمد بن عبد الله بن يزيد الحرّاني - وهو المعروف بالهشيمي - كما تقدَّم بيانه برقم (4689)، وهذا الخبر هو تتمة الخبر الذي هناك، وقال الذهبي في "تلخيصه" متعقبًا الحاكم في تصحيحه: بل والله موضوع وأحمد كذّاب.

وأخرجه ابن حبان في "المجروحين" 1/ 153، وابن عدي في "الكامل" 1/ 192، وابن الأعرابي =

ص: 597

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4695 -

حدثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن سفيان التِّرمذي، حدثنا سُريج بن يونس، حدثنا أبو حفص الأَبّار، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قالت فاطمةُ: يا رسولَ الله، زَوَّجْتَني من علي بن أبي طالب، وهو فَقيرٌ لا مالَ له، فقال: يا فاطمةُ، أما ترضَينَ أَنَّ الله عز وجل اطلَّع إلى أهلِ الأرضِ، فاختارَ رجلَين: أحدُهما أبوكِ، والآخرُ بَعْلُكِ"

(1)

.

[هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

= في "معجمه"(188)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/ 656 و 5/ 359، وابن المغازلي في "مناقب عليّ"(120)، وابن عساكر في 42/ 226 و 382 - 383، وابن الجوزي في "الموضوعات"(666) من طرق عن أحمد بن عبد الله بن يزيد الحرّاني المُكتِب، بهذا الإسناد.

(1)

إسناده واهٍ بمرة، وذلك من أجل أبي بكر بن أبي دارم الذي قال عنه المصنف نفسُه بأنه رافضي غير ثقة، وقد انفرد به عند المصنف هنا، ولم يُحسن الذهبي في "الميزان" حين اتهم بهذا الحديث أبا بكر بن أحمد بن سفيان الترمذي، فإنه ثقةٌ، وثَّقه الخطيب، فالصحيح الحملُ في هذا الحديث على بن أبي دارم الرافضي لا عليه، والله تعالى أعلم.

وقد رُوي مثلُ هذا الخبر من حديث ابن عبّاس كما سيأتي بعده.

ومن حديث عليٍّ الهلالي، لكن الإسناد إليه واهٍ بمرة.

أبو حفص الأبّار: هو عمر بن عبد الرحمن بن قيس الكوفي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمّان.

وللأعمش في هذا الخبر إسناد آخر عند الطبراني في "الكبير"(4046) من طريق الحسين بن الحسن الأشقر، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عَبَاية بن رِبْعي، عن أبي أيوب الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة:"أما علمت أنَّ الله عز وجل اطلع إلى أهل الأرض، فاختار منهم أباك، فبعثه نبيًّا، ثم اطلع الثانية فاختار بعلك، فأوحى إليّ فأنكحته واتخذته وصيًّا". وحسين الأشقر ضعيف منكر الحديث واتهمه غير واحد بالكذب، وقيس ضعيف.

وفي الباب عن عليٍّ الهلالي عند الطبراني في "الأوسط"(6540)، وفي "الكبير"(2675)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4962). وفي الإسناد إليه الهيثم بن حبيب اتَّهمه الذهبيُّ في "الميزان" بخبر باطل، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": متروك.

ص: 598

4695 م - حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العدل ومحمد بن أحمد بن بالَوَيهِ وأحمد بن يعقوب الثقفي، قالوا: أخبرنا الحسن بن علي بن شَبيب المَعمَري، حدثنا

(1)

أبو الصَّلت عبد السلام بن صالح، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا مَعمَر، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، عن ابن عبّاس، فذكر نحوه

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه]

(3)

.

(1)

من مبتدأ هذا الإسناد إلى هنا، استدركناه من "فضائل فاطمة الزهراء" للمصنف.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل أبي الصَّلْت عبد السلام بن صالح، فهو ضعيف صاحب مناكير واتهمه بعضهم بالكذب، وقد تابعه ثلاثة آخرون لكن لا يعتدُّ بمتابعتهم البتة، أحدهم أحمد بن عبد الله بن يزيد الهُشيمي وهو متروك واتهمه ابن عدي بوضع الحديث، والثاني إبراهيم بن الحجاج وهو مجهول لا يُعرف كما قال الذهبي في "الميزان"، والثالث محمد بن سهل البخاري، وهذا ثقة لكن الراوي عنه - وهو الحسن بن عثمان بن زياد التستري - ممَّن يضع الحديث ويسرقه.

وهذا الحديث عند المصنف في "فضائل فاطمة الزهراء"(132).

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(11153) و (11154)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 313 و 331، والخطيب في "تاريخ بغداد" 5/ 320، وابن عساكر 42/ 135، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(352) من طُرق عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح، بهذا الإسناد. وقد سقط اسمُ أبي الصلت في المطبوع من إسناد الطبراني الأول فأوهم ذلك أنها طريق أخرى عن عبد الرزاق، وليس كذلك لأنَّ شيخي الطبراني في تلك الطريق وهما الحسن بن علي المعمري ومحمد بن سعيد بن جابان الجُندَيسابُوري لا يدركان عبد الرزاق، إنما يرويان عنه بواسطة.

وأخرجه الخطيب 5/ 319، ومن طريقه ابن الجوزي (351) من طريق إبراهيم بن الحجاج، وابن عدي 5/ 313 عن الحسن بن عثمان التُّسْتَري، عن محمد بن سهل البُخاري، والخطيب 5/ 319، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 136، وابن الجوزي (353) من طريق أحمد بن عبد الله بن يزيد الهُشيمي، ثلاثتهم عن عبد الرزاق، به.

وأخرجه ابن الجوزي (354) من طريق محمد بن علي بن عبد الله بن عبّاس، عن عكرمة، عن ابن عباس. وفي الإسناد إليه الحسين بن عُبيد الله بن الخصيب الأبزاري كذّبه أحمد بن كامل القاضي وابنُ الجوزي حيث قال بإثره: هذا حديث موضوع مما عمله الأبزاري.

(3)

ما بين المعقوفين من حكم الحاكم على الحديث الذي قبل هذا، إلى هنا، لم يَرِدْ في أصولنا =

ص: 599

4696 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارِثي، حدثنا حُسين بن حَسن الأشقر، حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن المِنهال بن عمرو، عن عبّاد بن عبد الله الأسَدي، عن علي:{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7]، قال علي: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المنذر، وأنا الهادي

(1)

.

= الخطية، واستدركناه من "تلخيص المستدرك" للذهبي، حيث أورده، وتعقّب الحاكمَ في تصحيحه لهذين الحديثين هذا والذي قبله.

(1)

إسناده واهٍ، وقال الذهبي في "تلخيصه": كذبٌ قبّح الله واضعَه. قلنا: أما عبد الرحمن بن محمد الحارثي فليس بذاك القوي، وأما حسين الأشقر فضعيف منكر الحديث واتهمه غير واحد بالكذب، وأما عباد الأسدي فقد تفرَّد بالرواية عنه المنهال، وضعَّفه ابن المديني، وقال البخاري: فيه نظر.

وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(4487) عن أبي سعيد عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "المسند" لأبيه 2/ (1041)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 2225، والطبراني في "الأوسط"(1361) و (4923) و (7780)، وفي "الصغير"(739)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 14/ 345، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 359، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 2 / (668) و (669) من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن المطلب بن زياد، عن السُّدِّي، عن عبد خير، عن عليٍّ، في قوله تعالى:{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم المُنذر، والهاد رجلٌ من بني هاشم. وفسَّره علي بن الحسين بن الجُنيد الحافظ أحد رواته عن عثمان بن أبي شيبة بأنه عليٌّ بن أبي طالب. قلنا: والمطلب بن زياد مختلف فيه، وكان عيسى بن شاذان الحافظ يضعّفه ويقول: عنده مناكير، وضعَّفه محمد بن سعد جدًّا، ومشَّاه غيرهما، وقد تفرَّد بهذا الخبر عن السدي.

وفي الباب عن عبد الله بن عبّاس عند الطبري في "تفسيره" 13/ 108، وابن الأعرابي في "معجمه"(2328)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(344)، وابن عساكر في 42/ 359 من طريق الحَسن بن الحُسين العُربي الأنصاري، عن معاذ بن مسلم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عبّاس قال: لما نزلت {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} وضع صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال: "أنا المنذر" =

ص: 600

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4697 -

حدثنا مُكرَم بن أحمد بن مُكرَم القاضي، حدثنا جعفر بن أبي عثمان الطَّيَالسي، حدثنا يحيى بن مَعِين، حدثنا حُسين الأشقَر، حدثنا جعفر بن زياد الأحمر، عن مُخَوَّل، عن مُنذِر الثَّوْري، عن أم سلمة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إِذا غَضِبَ لم يَجترئ أحدٌ منا يُكلِّمُه غيرُ عليّ بن أبي طالب

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= وأومأ بيده إلى منكب علي فقال: "أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون بعدي". والحَسنُ العُرَني ضعّفه أبو حاتم وابن حبان وابن عدي، ومعاذ بن مسلم مجهولٌ، وخالفهما سفيان الثوري عند الطبري 13/ 107، وابن أبي حاتم 7/ 2224، وأبي طاهر في "المُخلِّصيات"(1900)، فروى عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبَير، قال: محمدٌ المنذر، واللهُ الهادي. وإسناده صحيح من قول سعيد بن جُبَير ليس فيه ذكر ابن عبّاس، وبتفسير مغاير للهادي كما ترى، والثوري سماعُه من عطاء بن السائب قديم. وعليه فتحسين الحافظ ابن حجر في "الفتح" 13/ 447 لطريق معاذ بن مسلم عن عطاء، ليس بحَسَنٍ، مع أنَّ الحافظ استغربه.

بل قد رُوي عن ابن عبّاس خلافُ ما وقع في رواية معاذ بن مسلم عن عطاء بن السائب، وهو ما أخرجه ابن أبي حاتم 7/ 2224 و 2225 من طريق أبي داود الحَفَري، عن سفيان الثوري عن السُّدِّي، عن عكرمة، عن ابن عبّاس قال:{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} هو المنذر وهو الهاد، يعني النبي صلى الله عليه وسلم. وإسناده قويٌّ، لكن الأصحُّ أنه عن عكرمة من قوله لم يجاوزه، كما رواه وكيع وعبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عند الطبري 13/ 106 و 107، والله أعلم.

(1)

إسناده ضعيف بمرّة من أجل الحُسين الأشقر - وهو ابن الحَسَن - فهو ليس بالقوي كما سبق قريبًا، ومنذرٌ الثوري - وهو ابن يعلى - شكّك ابن حبان في "الثقات" 5/ 421 في سماعه من أم سلمة، وجزمَ الهيثميُّ في "مجمع الزوائد" 9/ 116 بأنه منقطع.

وأخرجه البلاذري في "أنساب الأشراف" 2/ 355 عن إسحاق بن أبي إسرائيل، عن يحيى بن مَعِين، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(4314)، وعنه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 9/ 227 من طريق أحمد بن حنبل، عن الحُسين بن الحَسن الأشقر، به.

ص: 601

4698 -

أخبرني أحمد بن عثمان بن يحيى المقرئ ببغداد، حدثنا أبو بكر بن أبي العوّام الرِّياحي، حدثنا أبو زيد سعيد بن أَوس الأنصاري، حدثنا عوف، عن أبي عثمان النَّهدي قال: قال رجل لسلمان: ما أشدَّ حبَّك لعليٍّ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أحبَّ عليًّا فقد أحبَّني، ومن أبغضَ عليًّا فقد أبغضَني"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4699 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشر بن موسى، حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، حدثنا شَريك.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا الأسود بن عامر وعبد الله بن نُمير، قالا: حدثنا شَريك، عن أبي رَبيعة الإيادي، عن ابن بُريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله أمرني بحُبِّ أربعةٍ من أصحابي،

(1)

إسناده محتمل للتحسين من أجل أبي بكر بن أبي العوام الرِّيَاحي - واسمه محمد بن أبي العوام - وشيخه أبي زيد.

وأخرجه ابن الشجري في "أماليه" 1/ 134 من طريق أبي بحر بن محمد بن الحسن بن علي البَرْبَهاري، عن محمد بن يونس الكُديمي، عن أبي زيد سعيد بن أوس، بهذا الإسناد. والكديميُّ ضعيف جدًّا متهم بسرقة الحديث، والراوي عنه مُخلِّطٌ غلبتْ عليه الغَفْلة.

وأخرج البزار (2521)، والطبراني في "الكبير"(6097)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2643)، وابن المغازلي في "مناقب علي"(233)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 269 و 291 من طريق عبد الملك بن موسى الطويل، عن أبي هاشم الرُّمَّاني، عن زاذان أبي عمر، عن سلمان الفارسي وإسناده ضعيف من أجل عبد الملك بن موسى فقد ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" وقال: لا يدرى من هو، وقال الأزدي: منكر الحديث.

ويشهد له حديث أم سلمة عند الطبراني في "الكبير"(23/ 901)، وأبي طاهر الذهبي في "المخلِّصيات"(2193)، ومن طريقه أبو القاسم الأصبهاني في "الحجة"(359)، وابن عساكر 42/ 271. وإسناده ضعيف، فيه أبو جابر محمد بن عبد الملك، وهو ليس بالقوي كما قال أبو حاتم الرازي، وشيخه فيه الحكم بن محمد مجهول، وانظر حديث أم سلمة عند المصنف برقم (4665).

ص: 602

وأخبرَني أنه يُحِبُّهم"، قال: قلنا: من هم يا رسول الله؟ وكلنا نُحبُّ أن نكون منهم، فقال: "ألا إنَّ عليًّا منهم" ثم سكتَ، ثم قال: "ما إنَّ عليًّا منهم"، ثم سكتَ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4700 -

حدثني أبو علي الحافظ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أيوب الصَّفّار وحُميد بن يونس بن يعقوب الزيّات، قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن عِيَاض بن أبي طَيْبة [حدثنا أبي]

(2)

حدثنا يحيى بن حسّان، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك، قال: كنت أَخدُم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقُدِّم لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَرْخٌ مَشْوِيّ، فقال:"اللهم ائتني بأحبِّ خَلْقِكَ إِليك يأكلْ معي من هذا الطَّير"، قال: فقلتُ: اللهمَّ اجعلْه رجلًا من الأنصار، فجاء عليٌّ، فقلت: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجةٍ، ثم جاء فقلتُ: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على حاجةٍ، ثم جاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"افتحْ"، فدخلَ، فقال:"ما حَبَسك علَيَّ؟ " فقال: إِنَّ هذه آخرُ ثلاثِ كَرّاتٍ يَردُّني أنسٌ، يَزْعُم أَنك على حاجةٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما حَمَلك على ما صنعتَ؟ " فقلت: يا رسول الله، سمعتُ

(1)

إسناده ضعيف، تفرَّد به أبو ربيعة الإيادي - واسمه عمر بن ربيعة - وهذا إنما يقبل حديثه في المتابعات والشواهد، وكذلك الراوي عنه شريك - وهو ابن عبد الله النخعي القاضي - ففي حفظه سوءٌ، ومع ذلك فقد حسّنه الترمذي وابن حجر في "الإصابة" 6/ 203. ابن بُريدة: هو عبد الله.

وهو في "مسند أحمد" 38/ (22968) عن عبد الله بن نُمير، و (23014) عن أسود بن عامر. ووقع فيه تسمية الثلاثة الآخرين، وهم أبو ذر وسلمان والمقداد الكندي.

وأخرجه كذلك ابن ماجه (149)، والترمذي (3718) من طريقين عن شريك النخعي بهذا الإسناد. وقال الترمذي حديث حسن غريب.

(2)

سقط ذكر والد محمد بن أحمد بن عياض من أصولنا الخطية، وسقط كذلك من "تلخيصه" ومن "إتحاف المهرة"، وأثبتناه من "موضوعات المستدرك" للذهبي (16)، ويؤيده أنه جاء ذكره في ميزان الاعتدال للذهبي أيضًا 3/ 465، وفي "النقد الصحيح لما اعتُرض عليه من أحاديث المصابيح" للعلائي ص 50، وفي "البداية والنهاية" لابن كثير 11/ 76، حيث أوردوا رواية الحاكم هذه، فذكروا والد محمد بن أحمد بن عياض.

ص: 603

دعاءَك، فأحببتُ أن يكون رجلًا من قومي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الرجل قد يُحبُّ قومَه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، محمد بن أحمد بن عياض تفرّد عن أبيه بمناكير كما قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" 6/ 1008، وهذا منها، ومحمد وأبوه - وإن روى عنهما جمع - لم يؤثر توثيقهما في باب الرواية عن أحد من أهل الجرح والتعديل، ولهما علم بالفرائض. وقد تفرد أحمد بن عياض عن يحيى بن حسان بهذا الحديث، فلم يروه عن يحيى أحدٌ من ثقات أصحابه المصريين كيونس بن عبد الأعلى الصدفي وأحمد بن صالح المصري!

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(6561) عن محمد بن أحمد بن عياض، عن أبيه، بهذا الإسناد. قلنا: وكل ما جاء في هذا الخبر من طرق - كما سيشير المصنف بإثره - فهي إما تالفة واهية أو ضعيفة بسبب جهالة راوٍ أو ضعفه مع تشيُّع أو رفض فيه، وقد أحسن الأستاذ الفاضل أحمد ميرين البلوشي في تحقيقه كتاب "خصائص علي رضي الله عنه" للنسائي ص 29 - 36، فأورد هذه الطرق ونبَّه على ضعفها طريقًا طريقًا، فأجاد وأفاد، ثم أشار إلى خلاف أهل العلم في توهين الخبر وتحسينه، فارجع إليه إن شئت.

ومن طرقه عن أنس ما أخرجه مختصرًا الترمذيُّ (3721)، والنسائي (8341)، وأبو يعلى (4052)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 457 وغيرهم من طريقين فيهما لِينٌ عن عيسى بن عمر القارئ، عن السُّدِّي، عن أنس. وهذا من أجود طرقه، وقد استغربه الترمذي من حديث السُّدِّي: وهو إسماعيل بن عبد الرحمن، وحكى في العلل "الكبير"(698) عن شيخه البخاري أنه لم يعرفه من حديث السُّدِّي عن أنس، وأنكره وجعل يتعجَّب منه. قلنا: والسدي مختلف فيه، وفيه لِينٌ مع تشيُّع.

قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 11/ 83: وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنَّفات مفردةً، منهم أبو بكر بن مردويه والحافظ أبو طاهر محمد بن أحمد بن حمدان فيما رواه شيخنا أبو عبد الله الذهبي، ورأيت فيه مجلدًا في جمع طرقه وألفاظه لأبي جعفر بن جرير الطبري المفسِّر صاحب "التاريخ"، ثم وقفتُ على مجلد كبير في ردِّه وتضعيفه سندًا ومتنًا للقاضي أبي بكر الباقلّاني المتكلِّم، وبالجملة ففي القلب من صحة هذا الحديث نظرٌ وإن كَثُرَت طرقُه، والله أعلم.

(2)

قال الذهبي في "تلخيصه": ابن عياض لا أعرفه، ولقد كنت زمانًا طويلًا أظن أن حديث الطير لم يجسر الحاكم أن يودعه في "مستدركه"، فلما علَّقت هذا الكتاب، رأيت الهولَ من الموضوعات =

ص: 604

وقد رواه عن أنسٍ جماعةً من أصحابه، زيادةٌ على ثلاثين نَفْسًا.

ثم صحّتِ الرواية عن عليٍّ وأبي سعيد الخُدْري وسَفِينةَ

(1)

.

وفي حديث ثابت البُناني عن أنس زيادةُ ألفاظٍ:

4701 -

كما حدثنا به الثقةُ المأمونُ أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحَسَن

(2)

ابن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن عُقبة

(3)

بن خالد السَّكُوني بالكوفة من أصل كتابه، حدثنا عُبيد بن كَثير العامري، حدثنا عبد الرحمن بن دُبَيس.

وحدثنا أبو القاسم، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح؛ قالا: حدثنا إبراهيم بن ثابت البصري القَصّار، حدثنا ثابت البُناني: أنَّ أنس بن مالك كان شاكيًا، فأتاهُ محمد بن الحجّاج يعودُه في أصحاب له، فجرى الحديثُ حتى ذكَروا عليًّا، فتنقَّصَه محمدُ بن الحجاج، فقال أنسٌ: مَن هذا؟ أقعِدُوني، فأقعدُوه، فقال: يا ابنَ الحجّاج، ألا أراكَ تَنَقَّصُ عليَّ بن أبي طالب، والذي بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحقِّ، لقد كنتُ خادمَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بين يدَيه، وكان كلَّ يومٍ يَخدُم بين يدَي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم غُلامٌ من أبناء الأنصار، فكان ذلك اليومُ يومي، فجاءت أمُّ أيمنَ

= التي فيه، فإذا حديث الطير بالنسبة إليها سماء.

(1)

حديث سفينة أخرجه البزار (3841)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب"(3936)، والطبراني في "الكبير"(6437)، وأبو بكر القطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد (945)، من طريقين ضعيفين بمرّة.

وأما حديث عليٍّ فأخرجه ابن عساكر 42/ 245 - 246، وذكره ابن كثير في "البداية والنهاية" 11/ 82، وذكر طرفًا من إسناده، وفيه رجل متروك الحديث.

وأما حديث أبي سعيد الخُدْري فأشار إليه ابن كثير أيضًا، وقال: صحَّحه الحاكم ولكن إسناده مظلم، وفيه ضعفاء. والظاهر أنَّ ابن كثير ينقل كل ذلك عن مصنَّف شيخه الذهبي، حيث أشار إليه في بداية كلامه عن حديث الطير وبيان طرقه 11/ 75 - 83.

(2)

تحرَّف في (ز) و (ص) و (ب) إلى: الحسين، وجاء على الصواب في (م).

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: علية.

ص: 605

مولاةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بطَيرٍ، فوضعتْه بين يَدَي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"يا أمَّ أيمنَ، ما هذا الطائرُ؟ " قالت هذا الطائرُ أصبتُه فصنعتُه لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهمَّ جِئْني بأحبِّ خَلقِكَ إليكَ وإليّ يأكلْ معي من هذا الطائر"، وضُربَ البابُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أنسُ، انظُرْ مَن على البابِ"، فقلتُ: اللهمَّ اجعلْه رجلًا من الأنصار، فذهبتُ فإذا عليٌّ بالباب قلت: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجةٍ، فجئتُ حتى قُمتُ مَقامي، فلم ألبَثْ أن ضُرِب البابُ، فقال:"يا أنسُ، انظُرْ مَن على البابِ"، فقلتُ: اللهمَّ اجعلْه رجلًا من الأنصار، فذهبتُ فإذا عليٌّ بالباب، قلت: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجةٍ، فجئتُ حتى قُمتُ مَقامي، فلم ألبَثْ أن ضُرِبَ البابُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أنسُ، اذهَبْ فأدخِلْه، فلستَ بأولِ رجلٍ أحبَّ قومَه، ليس هو من الأنصار" فذهبتُ فأدخلتُه، فقال:"يا أنسُ قَرِّبْ إليه الطيرَ" قال: فوَضَعتُه بين يدَي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأكلا جميعًا.

قال محمد بن الحجّاج: يا أنسُ، كان هذا بمَحضَرٍ منك؟ قال: نعم، قال: أُعطي باللهِ عهدًا ألّا أنتقِصَ عليًّا بعد مَقامي هذا، ولا أَسمع أحدًا يَنتقِصُه إلَّا أشَنْتُ له وَجْهَهُ

(1)

.

4702 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القَطِيعي ببغداد من أصل كتابه،

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، إبراهيم بن ثابت القصّار - وبعضهم سمّى أباه بابًا بدل ثابت - قال عنه الذهبي في "الميزان": ما ذا بعُمدةٍ ولا أعرف حاله جيدًا. وقال في "تلخيص المستدرك": ساقطٌ.

وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(41) عن موسى بن إسحاق الأنصاري، عن عبد الله بن عمر بن أبان، بهذا الإسناد.

ثم قال: ليس لهذا الحديث من حديث ثابتٍ أصلٌ، وقد تابع هذا الشيخَ مُعلَّى بنُ عبد الرحمن، فرواه عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس؛ حدَّثَناه الصائغ، عن الحسن بن علي الحُلواني، عنه. ومُعلَّى عندهم يكذب، ولم يأتِ به ثقة عن حماد بن سلمة، ولا عن ثقة عن ثابت.

ثم قال: وهذا الباب الروايةُ فيه فيها لِينٌ وضعفٌ، لا أعلم فيه شيء ثابت، وهكذا قال البخاري.

ص: 606

حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عَوَانة، حدثنا أبو بَلْج، حدثنا عمرو بن ميمون قال إني لَجالِسٌ إلى ابن عبّاس، إذ أتاه تسعةُ رَهْط، فقالوا: يا أبا عبّاس، إما أن تقومَ معنا، وإما أن تَخلُوَ بنا من بين هؤلاء، قال: فقال ابن عبّاس: بل أنا أقومُ معكم، قال: وهو يومئذٍ صحيحٌ قبل أن يَعْمَى، قال: فابتدَؤوا فتحدّثُوا، فلا ندري ما قالوا، قال: فجاء يَنفُضُ ثوبَه، ويقول: أُفٍّ وتُفٍّ، وَقَعُوا في رجل له بضعَ عشر فضائلَ ليست لأحدٍ غيرِه، وقَعُوا في رجل قال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لأبعثَنَّ رجلًا لا يُخزيه الله أبدًا، يُحبُّ الله ورسوله، ويحبُّه اللهُ ورسولُه" فاستشرف لها مُستشرِفٌ، فقال: "أين عليٌّ؟ فقالوا: إنه في الرَّحَى يَطحَنُ، قال: وما كان أحدُهم ليَطحَنَ، قال: فجاء وهو أرمَدُ لا يكادُ أن يُبصِر، قال: فنَفَثَ فِي عَينَيه، ثم هَزَّ الرايةَ ثلاثًا فأعطاها إياه، فجاء عليٌّ بصفيّةَ بنت حُيَيّ.

قال ابن عبّاس: ثم بعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فلانًا بسُورة التوبة، فبعث عليًّا خَلْفه، فأخذها منه، وقال:"لا يذهبُ بها إلَّا رجلٌ هو مني وأنا منه".

فقال ابن عبّاس: وقال النبي صلى الله عليه وسلم لبني عَمِّه: "أَيُّكُم يُوالِيني في الدنيا والآخرة؟ " قال: وعليٌّ جالسٌ معهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبلَ على رجلٍ رجلٍ منهم، فقال:"أيُّكم يُوالِيني في الدنيا والآخِرة؟ " فأبَوْا، فقال لعليٍّ:"أنت وَليّي في الدنيا والآخرة".

قال ابن عبّاس: وكان عليٌّ أولَ مَن آمن مِن الناس بعد خديجةَ.

قال: وأخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثوبَه فوضعَه على عليٍّ وفاطمةَ وحَسنٍ وحُسينٍ، وقال:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} .

قال ابن عبّاس: وشَرَى عليٌّ نفسه فلَبِسَ ثوبَ النبي صلى الله عليه وسلم ثم نامَ مكانَه، قال ابن عبّاس: وكان المشركون يَرْمُون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبو بكر وعليٌّ نائم، قال: وأبو بكر يَحسَبُ أنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقال: يا نبيَّ الله، فقال له عليٌّ: إِنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم قد انطلَقَ نحو بئر مَيمونٍ، فأدْرِكْه، قال: فانطلَقَ أبو بكر فدخَلَ معه الغارَ، قال: وجعلَ عليٌّ يُرمَى بالحجارةِ كما كان يُرمَى نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم وهو يَتَضوَّر وقد لفَّ رأسَه في الثوبِ لا

ص: 607

يُخرِجُه حتى أصبحَ، ثم كَشفَ عن رأسِه، فقالوا: إنك لَلَئيم، وكان صاحبُك لا يَتضوَّرُ ونحن نَرميه، وأنت تتضَوَّر، وقد استَنكَرْنا ذلك.

قال ابن عبّاس: وخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوكَ وخرج بالناس معه، قال: فقال له عليٌّ: أخرجُ معك؟ قال: فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم "لا" فبكى عليّ، فقال له:"أمَا تَرضَى أن تكون مني بمنزلةِ هارون من موسى، إلَّا أنه ليس بعدي نبيٌّ، إنه لا ينبغي أن أذهَبَ إِلَّا وأنت خَلِيفتي".

قال ابن عبّاس: وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنت وليُّ كلِّ مؤمنٍ بَعدي ومُؤمنةٍ".

قال ابن عبّاس: وسدَّ رسولُ صلى الله عليه وسلم أبوابَ المسجد غيرَ بابِ عليٍّ، فكان يَدخُل المسجدَ جُنُبًا وهو طريقُه، ليس له طريقٌ غيره.

قال ابن عبّاس: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن كنتُ مَولاهُ فَإِنَّ مَولاهُ عليٌّ".

قال ابن عبّاس: وقد أخبرَنا اللهُ عز وجل في القرآن أنه رَضِيَ عن أصحاب الشجرة، فعَلِمَ ما في قُلوبهم، فهل أخبرَنا أنه سَخِطَ عليهم بعدَ ذلك؟!

قال ابن عبّاس: وقال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم لِعُمر حين قال: ائذَنْ لي فاضربَ عُنقَه، قال:"وكنتَ فاعلًا؟ وما يُدريكَ لعلَّ الله قد اطَّلع على أهلِ بدرٍ فقال: اعمَلُوا ما شِئتُم"

(1)

.

(1)

ضعيف بهذه السياقة وفي بعض حروفه مناكير، تفرد به أبو بلج - واسمه يحيى بن سليم، أو ابن أبي سليم - وهو وإن قوّى أمرَه غيرُ واحد قد قال فيه البخاري: فيه نظر، وأعدل الأقوال فيه أنه يقبل حديثه فيما لا ينفرد به كما قال ابن حبان في "المجروحين"، واستنكر له الإمام أحمد هذا الحديث، فقد نقل عنه ابن الجوزي في "الموضوعات" 2/ 134 أنه قال: روى أبو بلج حديثًا منكرًا "سدوا الأبواب". وزعم الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي في "إيضاح الإشكال" - فيما نقله الحافظ ابن حجر في ترجمة ميمون أبي عبد الله من "التهذيب" - أنَّ أبا بلج روى هذا الحديث عن ميمون أبي عبد الله الكندي البصري فقال: عن عمرو بن ميمون، غلط فيه. وميمون هذا ضعيفٌ أحاديثه مناكير، لكن لم يتابع أحدٌ الحافظ عبد الغني في مقالته هذه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" 5/ 34 - 36 بعد أن ساق الحديث: وفيه ألفاظ هي كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كقوله: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنك=

ص: 608

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لست بنبي، لا ينبغي أن أذهب إلَّا وأنت خليفتي" فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذهب غير مرة وخليفته على المدينة غير علي، كما اعتمر عمرة الحديبية، وعلى معه وخليفته غيره، وغزا بعد ذلك خيبر ومعه علي وخليفته بالمدينة غيره، وغزا غزوة الفتح وعلي معه وخليفته في المدينة غيره، وغزا حنينًا والطائف وعلي معه وخليفته في المدينة غيره، وحجَّ حجة الوداع وعلي معه وخليفته بالمدينة غيره، وغزا غزوة بدر ومعه علي وخليفته بالمدينة غيره.

وكل هذا معلوم بالأسانيد الصحيحة وباتفاق أهل العلم بالحديث، وكان علي معه في غالب الغزوات وإن لم يكن فيها قتال.

فإن قيل: استخلافه يدل على أنه لا يستخلف إلَّا الأفضل لزم أن يكون عليٌّ مفضولًا في عامة الغزوات، وفي عمرته وحجته، لا سيما وكل مرة كان يكون الاستخلاف على رجال مؤمنين، وعام تبوك ما كان الاستخلاف إلَّا على النساء والصبيان ومَن عَذَرَ الله، وعلى الثلاثة الذين خلفوا، أو متهم بالنفاق، وكانت المدينة آمنة لا يُخاف على أهلها، ولا يحتاج المستخلف إلى جهاد كما يحتاج في أكثر الاستخلافات.

وكذلك قوله: "وسدوا الأبواب كلها إلا باب علي" فإن هذا مما وضعته الشيعة على طريق المقابلة، فإنَّ الذي في "الصحيح" عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرضه الذي مات فيه:"إن أمنَّ الناس عليّ في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن أخوّة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد خوخةٌ إِلَّا سُدَّت إلَّا خوخة أبي بكر"، ورواه ابن عباس أيضًا في "الصحيحين".

ومثل قوله: "أنت وليّي في كل مؤمن بعدي" فإنَّ هذا موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث، والذي فيه من الصحيح ليس هو من خصائص الأئمة، بل ولا من خصائص علي، بل قد شاركه فيه غيره، مثل كونه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ومثل استخلافه وكونه منه بمنزلة هارون من موسى، ومثل كون علي مولى مَن النبي صلى الله عليه وسلم، مولاه فإن كل مؤمن موالٍ الله ورسوله، ومثل كون (براءة) لا يبلِّغها إلَّا رجل من بني هاشم، فإنَّ هذا يشترك فيه جميع الهاشميين، لما روي أن العادة كانت جارية بأن لا ينقض العهود ويحلّها إلا رجل من قبيلة المطاع.

قلنا: ومع ذلك فقد صحَّحَ ابن عبد البر إسنادَ هذا الحديث في "الاستيعاب" ص 523، وأورد منه كون عليٍّ أولَ مَن أسلم بعد خديجة، وجوَّد إسنادَه الحافظُ ابن حجر في أجوبته عن أحاديث "المصابيح" المطبوعة بإثر "مشكاة المصابيح" ص 1790.

والحديث بطوله في "مسند أحمد" 5/ (3061).

وأخرجه كذلك النسائي (8355) عن محمد بن المثنى، عن يحيى بن حماد، بهذا الإسناد.=

ص: 609

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرج منه الفِقرة الرابعة في كون عليٍّ أول من آمن: أحمد 5/ (3542) عن سليمان بن داود الطيالسي، عن أبي عوانة، به. لكن بلفظ: أول من صلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد خديجة عليٌّ. وقال مرّةً: أسلم.

وأخرجها أيضًا الترمذي (3734) من طريق شعبة، عن أبي بلج، لكن بلفظ: أول من صلَّى عليٌّ.

والفقرة الثالثة منه، وهي قوله صلى الله عليه وسلم لبني عمّه:"أيكم يُواليني في الدنيا والآخرة" إلى آخره، وأنَّ عليًّا استجاب لذلك وحدَه، ستأتي مفردة برقم (4706) من طريق كثير بن يحيى عن أبي عوانة.

وتقدمت الفقرة السادسة منه في قصة نوم علي بن أبي طالب مكانَ النبي صلى الله عليه وسلم في فراشه لما أجمع المشركون على قتله، برقم (4309) من طريق كثير بن يحيى صاحب البصري عن أبي عوانة.

وأخرج منه الفقرة التاسعة في الأمر بسدِّ الأبواب إلّا باب عليٍّ: النسائي (8374) عن محمد بن المثنى، عن يحيى بن حماد، به.

وأخرجها كذلك الترمذي، (3732) والنسائي (8373) من طريقين عن شعبة بن الحجاج، عن أبي بلج، به.

ويشهد للفِقرة الأولى في قصة إعطائه صلى الله عليه وسلم الرايةَ يوم خيبر: حديثُ سلمة بن الأكوع عند أحمد 27/ (16538)، والبخاري (2975) و (3702)، ومسلم (1807) و (2407).

وحديث سهل بن سعد عند أحمد 37/ (22821)، والبخاري (2942)، ومسلم (2406).

وحديث أبي هريرة عند أحمد 14/ (8990)، ومسلم (2405).

وحديث علي بن أبي طالب نفسه عند أحمد (2 (778)، وابن ماجه (117)، والنسائي (8345).

وحديث عمران بن حصين عند النسائي (8094)

وحديث الحسن بن علي سبط النبي صلى الله عليه وسلم عند النسائي (8354).

وحديث سعد بن أبي وقاص، وقد سلف برقم (4626).

وحديث جابر بن عبد الله، وقد سلف برقم (4390)

وحديث بُريدة الأسلمي، وسيأتي برقم (5956).

وأما الفقرة الثانية في قصة إرساله صلى الله عليه وسلم عليًا بسورة التوبة، فقد سلفت برقم (4423) من طريق مقسم عن ابن عبّاس.

ويشهد لها حديثُ علي بن أبي طالب نفسه كما تقدم برقم (4424).

وحديثُ أبي هريرة الذي تقدم برقم (3314).

وحديث جابر بن عبد الله عند ابن حبان (6645)، وغيره. ورجاله ثقات.=

ص: 610

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وحديث أنس عند أحمد 20 / (13214)، والترمذي (3090) وحسّنه.

ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يذهب بها إلّا رجلٌ مني وأنا منه" شاهدٌ من حديث حُبْشي بن جُنادة عند أحمد 29/ (17505) و (17506) وغيره، ولفظه:"عليٌّ مني وأنا منه، ولا يؤدِّي عني إلّا أنا أو عليّ"، وفي سنده مقال كما هو مبيّن في "مسند أحمد".

قال الواحديُّ في "تفسيره الوسيط" 2/ 478: ذكر الزَّجّاجُ السببَ في تولية عليٍّ تلاوةَ براءة، قال: إِنَّ العرب جرت عادتُها في عقد عهودها ونقضها أن يتولى ذلك عن القبيلة رجلٌ منها، وكان جائزًا أن يقول العرب إذا تلا عليها نقضَ العهد من الرسول مَن هو من غير رَهْطه: هذا خلاف ما نعرف فينا في نقض العهود، فأزاحَ النبي صلى الله عليه وسلم العلة في ذلك.

ثم نَقَل عن الجاحظ الأديب قولَه: هذا ليس بتفضيل منه لعليٍّ على غيره، ولكن عامل العربَ على مثل ما كان بعضهم يتعارفه من بعضٍ كعادتهم في عقد الحِلْف وحلّ العَقْد كان لا يتولى ذاك إلّا السيد منهم أو رجل من رهطه، كأخٍ أو عمٍّ، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول.

قلنا: ويؤيده التعبيرُ بما يدل على خصوص سورة التوبة في هذا الحديث، حيث قال فيه:"لا يذهب بها" وكذلك جاء في حديث أنس الذي تقدم ذكره في الشواهد، حيث جاء فيه:"لا ينبغي لأحدٍ أن يبلغ هذا إلّا رجل من أهلي". قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 13/ 328: يُعرف منه أنَّ المراد خصوص القصة المذكورة لا مطلق التبليغ.

ويشهد للفقرة الرابعة منه في قصة كون عليّ بن أبي طالب أولَ من أسلم، حديث زيد بن أرقم الآتي برقم (4714)، وإسناده حسن إن شاء الله، وبعض رواياته بلفظ: أول من صلَّى.

وروي بلفظ: أول من صلّى من حديث علي بن أبي طالب نفسه عند أحمد 2/ (1191)، والنسائي (8332) وغيرهما. وفي إسناده ضعفٌ.

ومن حديث سعد بن أبي وقاص كما سيأتي عند المصنف برقم (6241) بلفظ: ألم يكن أولَ من أسلم، ألم يكن أولَ من صلّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجمعهما. وإسناده ليّن.

وانظر حديث ابن عبّاس المتقدم برقم (4633).

وسلف عن عمرو بن عَبَسَة (4467) و (4468) أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عمَّن تَبِعه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"حرٌّ وعبدٌ: أبو بكر وبلال"، وإسناده صحيح.

وروي عن أبي بكر - بسند رجاله ثقات إلا أنه اختلف في وصله وإرساله - أنه قال: ألست أحقَّ الناس بها؟ ألست أولَ من أسلم؟ أخرجه الترمذي (3667)، وابن حبان (6863).

ولذلك اختلف أهل العلم في هذا - كما قال الترمذي في "جامعه"(3734) - فقال بعضهم: أول من أسلم أبو بكر الصديق، وقال بعضهم: أول من أسلم عليّ، وقال بعض أهل العلم: أول من أسلم =

ص: 611

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= من الرجال أبو بكر، وأسلم عليٌّ وهو غلام ابن ثمان سنين، وأول من أسلم من النساء خديجة.

وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 524: والصحيح في أمر أبي بكر أنه أول من أظهر إسلامه، كذلك قال مجاهد وغيره، وقالوا: ومَنَعَه قومه، وقال ابن شهاب وعبد الله بن محمد بن عقيل وقتادة وأبو إسحاق: أول من أسلم من الرجال عليّ. ثم أسند ابن عبد البر عن محمد بن كعب القُرَظي مثلَ ذلك.

ويشهد للفِقرة الخامسة في قصة أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه ووضعه له عليّ علي وفاطمة وحسن وحسين

إلخ، حديثُ وائلة بن الأسقع عند أحمد 28 / (16988)، وابن حبان (6976)، وتقدم برقم (3601).

وحديثُ عائشة عند مسلم (2424)، وسيأتي برقم (4758).

وحديث أم سلمة عند أحمد 44/ (26508)، وتقدم برقم (3600).

وحديث سعد بن أبي وقاص عند أحمد 3 / (1608)، ومسلم (2404)، وغيرهما، وتقدم برقم (4626). غير أن في بعض طرقه: أن هذا الصنيع منه صلى الله عليه وسلم كان بعد نزول آية المباهلة.

ويشهد للفقرة السابعة في قصة تخلُّف عليٍّ عن غزوة تبوك، وما قاله له النبيُّ صلى الله عليه وسلم، دون قوله:"إنه لا ينبغي أن أذهبَ إِلَّا وأنت خَليفتي" حديثُ سعد بن أبي وقاص عند البخاري (4416)، ومسلم (2404)، وقد تقدّم برقم (4626).

ولقوله في هذه القصة: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي" فقط شاهدٌ من حديث أسماء بنت عُمَيس عند أحمد 45 / (27081)، والنسائي (8087)، وإسناده صحيح.

ومن حديث جابر بن عبد الله عن أحمد 23/ (14638)، والترمذي (3730)، وحسّنه الترمذي.

قال أبو نُعيم في "الإمامة والردِّ على الرافضة" ص 221: إنما خرج هذا القولُ من النبي صلى الله عليه وسلم عام تبوك إذ خلَّفه بالمدينة، فذكر المنافقون أنه مَلَّهُ وكره صحبتَه، فلحق بالرسول صلى الله عليه وسلم، فذكر له قولهم، فقال صلى الله عليه وسلم: بل خلّفتك كما خَلّف موسى هارونَ.

وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 526: رواه جماعة من الصحابة، وهو من أثبت الآثار وأصحها.

وقوله في الفقرة الثامنة: "أنت وليي في كل مؤمن بعدي"، روي نحوه في حديث عمران بن حصين عند أحمد 33 / (19928)، والترمذي، (3712)، والنسائي (8090)، وغيرهم، وفيه:"وهو ولي كل مؤمن بعدي"، وفي إسناده جعفر بن سليمان الضبعي وهذا مختلف فيه وفيه ضعف وتشيُّع، كما روي نحوه من حديث أجلح بن عبد الله الكِنْدي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، عند=

ص: 612

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أحمد 38 / (23012) والنسائي (8421)، وفيه:"وهو وليُّكم بعدي"، وأجلح أيضًا فيه ضعف وتشيُّع، والمحفوظ فيه حديث سعد بن عبيدة عن عبد الله بن بريدة المتقدم برقم (2621) بلفظ:"من كنتُ وليَّه فإنَّ عليًّا وليُّه"، وحديث ابن عباس عن بريدة المتقدم برقم (4629) بلفظ:"من كنت مولاه فعليٌّ مولاه".

ويشهد له بلفظ: "من كنت مَولاه فعليٌّ مَولاه" حديث زيد بن أرقم عند أحمد 32 / (19302) والنسائي (8092) و (8410) و (8424)، وابن حبان (6931)، وتقدَّم برقم (4627). وإسناده صحيح.

وانظر حديث سعد بن أبي وقاص المتقدم برقم (4651).

وحديث سعيد بن وهب عن جماعة من الصحابة عند أحمد 38 / (23107)، والنسائي (8417)، وإسناده صحيح.

وأما لفظ: "وليّ كل مؤمن بعدي" فقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" 7/ 391 - 392: هذا كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو في حياته وبعد مماته وليُّ كل مؤمن، وكل مؤمن وليُّه في المحيا والممات، فالولاية التي هي ضد العداوة لا تختص بزمان، وأما الولاية التي هي الإمارة، فيقال فيها: والي كلِّ مؤمن بعدي، كما يقال في صلاة الجنازة: إذا اجتمع الولي والوالي قُدّم الوالي في قول الأكثر. فقول القائل: "علي ولي كل مؤمن بعدي" كلام يمتنع نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه إن أراد الموالاة لم يحتج أن يقول:"بعدي"، وإن أراد الإمارة كان ينبغي أن يقول: والٍ على كل مؤمن.

وأما الفِقرة التاسعة في قصة سدّ أبواب المسجد إلّا باب عليٍّ، فقد روي ما يشهد لها من حديث ابن عمر عند أحمد 8/ ((4797)، وإسناده فيه ضعفٌ.

وحديث زيد بن أرقم عند أحمد 32 / (19287)، والنسائي (8369)، وتقدم عند المصنف برقم (4681)، وإسناده ضعيف جدًّا.

وحديث سعد بن أبي وقاص عند أحمد 3/ (1511)، والنسائي (8372)، وإسناده ضعيف كما تقدم بيانه برقم (4651).

وجاء في رواية من حديث ابن عمر عند الطحاوي في "شرح المشكل"(3558)، والطبراني في "الكبير"(13760)، وغيرهما، قال: سدّ أبوابنا في المسجد وأقرَّ بابه. وهو لفظ رواية زيد بن أبي أُنيسة عن أبي إسحاق، وانفرد بزيادتها زيد بن أبي أُنيسة، وهي رواية شاذّة، ورواية الباقين أبي إسحاق عن النسائي (8435 - 8437) وغيره بدونها أصحُّ.

وهذا معارَض بأحاديث صحيحة في الأمر بسدِّ الأبواب إلا باب أبي بكر، كما في حديث ابن عبّاس =

ص: 613

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عند البخاري (467)، وحديث أبي سعيد الخُدْري عند البخاري (466) ومسلم (2382)، وحديث عائشة عند الترمذي (3678) وابن حبان (6857).

وقد ذهب إلى الجمع بين القصتين الطحاوي في "شرح المشكل" بإثر الحديث (3561)، والكلاباذي في "معاني الأخبار" ص 106، وابن الجزري في "مناقب الأسد الغالب علي بن أبي طالب" بإثر الخبر (20)، وابن حجر في "القول المسدَّد" ص 22. فانظر كلامهم في ذلك.

وأما دخول عليٍّ المسجدَ وهو جنب، فقد روي فيه حديث أبي سعيد الخُدْري عند الترمذي (3727)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليّ: "يا عليُّ، لا يحل لأحدٍ يُجنب في هذا المسجد غيري وغيرك"، وإسناده ضعيف.

وفي مرسل المطّلب بن عبد الله بن حَنْطَب عند القاضي إسماعيل في "أحكام القرآن"(138): أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن أَذن لأحدٍ أن يمُرَّ في المسجد ولا يجلس فيه وهو جنب إلّا علي بن أبي طالب، فإنه كان يدخله جنبًا ويمُرُّ فيه، لأنَّ بيته كان في المسجد. قال ابن حجر في "القول المسدَّد" ص 21: هذا مرسل قويّ. قلنا: بل فيه كثير بن زيد الأسلمي وهو ليّن الحديث.

وأما الفقرة الحادية عشرة ففيها الإشارة إلي قول الله عز وجل في سورة الفتح الآية (18): {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا

}.

وأخرج أحمد 45 / (27362)، ومسلم (2496) وغيرهما من حديث جابر قال: حدثتني أم مبشّر أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند حفصة يقول: "لا يدخل النارَ - إن شاء الله - من أصحاب الشجرة أحدٌ؛ الذين بايعوا تحتها" فقالت: بلى يا رسول الله فانتهرها، فقالت حفصة:{وَإِن مِنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71]، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قد قال الله عز وجل: {ثُمَّ نُنَجَّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 72] ".

ويشهد لآخره في فضيلة أهل بدر، حديثُ علي بن أبي طالب عند البخاري (3007) ومسلم (2494).

وحديثُ عمر بن الخطاب الآتي عند المصنِّف برقم (7142)، وهو من رواية ابن عبّاس عنه.

وحديثُ أبي هريرة الآتي كذلك برقم (7144).

وقوله في الخبر: "أُفٍّ وتُفِّ"، الأُفُّ: وَسَخُ الأُذُن، والتُّفُّ: وَسَحُ الظُّفُر، فكان ذلك يُقال عند الشيء يُستقذَر، ثم كثُر حتى صاروا يستعملونه عند كل ما يَتأذَّون به.

وقوله: "شَرَى عليّ نفسَه": أي: باعها في سبيل الله.

وبئر ميمون: بأعلى مكة، وهي بئر حفرها ميمون أخو العلاء بن الحضرمي والي البحرين عندها =

ص: 614

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

4703 -

وقد حدثنا السيد الأوحد أبو يعلى حمزة بن محمد الزَّيدي، حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن مَهْرُوَيهِ القَزْويني القَطّان، قال: سمعت أبا حاتم الرازي يقول: كان يُعجِبُهم أن يَجِدُوا الفضائلَ من رواية أحمد بن حَنبَل.

4704 -

حدثنا الحسن بن يعقوب العدل، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، حدثنا جعفر بن عَون، عن مِسعَر، عن أبي عَون، عن أبي صالح، عن علي، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ بدرٍ لي ولأبي بكر: "عن يمينِ أحدِكُما جبريلُ، والآخَرِ ميكائيلُ، وإسرافيلُ مَلَكٌ عظيمٌ يشهدُ القتالَ ويكونُ في الصفِّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4705 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن مَعْمَر أبو طُوَالة الأنصاري، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عُجْرة، عن زينب بنت [كعب، وكانت عند]

(2)

أبي سعيد، عن أبي سعيد الخُدْري، قال: شَكى عليَّ بن أبي طالب الناسُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقام فينا خَطيبًا، فسمعتُه يقول:"أيها الناسُ، لا تَشكُوا عليًّا، فوالله إنه لأُخَيشِنُ في ذاتِ الله وفي سبيلِ الله"

(3)

.

= قبر أبي جعفر المنصور، فيما يُسمَّى اليوم بحَيّ الجعفرية بين أَذاخِر والحَجُون.

ويَتضوَّر، أي: يتقلّب ظَهْرًا لِبَطن.

(1)

إسناده صحيح، وأبو صالح: هو الحَنَفي كما تقدم مقيّدًا في الرواية السالفة برقم (4479).

(2)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية ولا بُدَّ منه، واستدركناه من "مسند أحمد"، وقد رواه البيهقي أيضًا بنحوه في "دلائل النبوة" 5/ 398 من طريق سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة، عن أبي سعيد الخُدْري ضمن قصة مطولة ممّا في إرسال عليٍّ إلى اليمن مع جمع من الصحابة.

(3)

إسناده حسن من أجل ابنِ إسحاق: وهو محمد بن إسحاق بن يسار، وزينب بنت كعب =

ص: 615

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يثخرجاه.

4706 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا زياد بن الخليل التُّستري، حدثنا كَثير بن يحيى، حدثنا أبو عَوَانة، عن أبي بَلْجٍ، عن عَمرو بن مَيمون، عن ابن عبّاس، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أيُّكم يَتولّاني في الدنيا والآخرة؟ " فقال لكلِّ رجلٍ منهم: "أتَتَولّاني في الدُّنيا والآخرة"؟ فقال: لا، حتى مَرَّ على أكثرهم، فقال عليٌّ: أنا أتَولّاك في الدُّنيا والآخرةِ، فقال:"أنت وَلِيّي في الدُّنيا والآخرة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4707 -

أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شُعْبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عَلقَمة، عن عبد الله، قال: كنا نَتحدَّث أنَّ أقضى أهلِ المدينة عليُّ بن أبي طالب

(2)

.

= - وهي بنت كعب بن عُجْرة - روى عنها ابنا أخَويها سليمان بن محمد وسعد بن إسحاق، وهما ثقتان، وذكرها ابن حبان في "الثقات" وصحَّح حديثها، واحتجَّ بها مالكٌ والشافعيُّ، كما صحَّح حديثَها الترمذيُّ والذهليُّ وابنُ القطان والذهبيُّ وغيرهم.

وهو في "مسند أحمد" 18/ (11817).

قوله: "لأُخيشن في ذات الله"، أي: فيه خشونة في الله، لا يُراعي فيه أحدًا، وهذا لا يوجب الشكِّاية منه.

(1)

إسناده فيه مقال كما تقدَّم. عند الحديث رقم (4702)، إذ تقدَّم هناك ضمن خبر مطوَّل في مناقب علي رضي الله عنه من طريق يحيى بن حماد عن أبي عوانة.

(2)

خبر صحيح، وعبد الرحمن بن الحسن القاضي - وإن كان ضعيفًا - متابع. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وعبد الرحمن بن يزيد: هو ابن قيس النخعي، وشيخه علقمة هو عمُّه، وعبد الله: هو ابن مسعود. وقد سمع أبو إسحاق السَّبيعي هذا الخبر من جماعة من أصحاب ابن مسعود عنه.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 2/ 292، وأحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (3924/ 1)، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 2/ 350، والبزار في "مسنده" =

ص: 616

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4708 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنْبل، حدثني أبي، حدثنا سعيد بن محمد الوَرّاق، عن علي بن حَزَوَّر قال: سمعت أبا مريم الثَّقَفي يقول: سمعتُ عمار بن ياسر يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ لعليٍّ: "يا عليُّ، طُوبَى لمن أَحبَّك وصَدَق فيكَ، ووَيلٌ لمن أبغضَك وكَذَب فيكَ"

(1)

.

= (1616)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" 4/ 361، وابن بَطَّة العُكبَري في "الإبانة" 8/ 287، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 529، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 22/ 404 و 405 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وقد تحرَّفت "أقضى" في مطبوع البزار إلى "أفضل".

وأخرجه الحسن بن علي الحلواني كما في "الاستيعاب" لابن عبد البر ص 530، ومحمد بن خلف المعروف بوكيع في "أخبار القضاة" 1/ 89، وابن عساكر 42/ 404 من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل الهَمْداني، عن عبد الله بن مسعود. وأبو ميسرة ثقة، والإسناد إليه صحيح.

وأخرج الحسن الحُلْواني كما في "الاستيعاب" ص 530، ومحمد بن 530، ومحمد بن خلف وكيع 1/ 89، وابن عساكر 42/ 405 من طريقين عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن سعيد بن وهب، عن ابن مسعود، قال: أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب. وسعيد بن وهب ثقة كذلك، والإسناد إليه صحيح.

وأخرج ابن عساكر 42/ 405 من طريق عبد الجبار بن العباس الهَمْداني، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن أبي الأحوص عوف بن مالك الأشجعي، عن ابن مسعود قال: أفْرَضُ أهل المدينة وأقضاها علي بن أبي طالب. وأبو الأحوص ثقة، والإسناد إليه حسنٌ.

(1)

إسناده واهٍ بمرة، فإنَّ سعيد بن محمد الورّاق وشيخه علي بن حَزوَّر متروكان كما قال الذهبي في "تلخيصه".

وهو في "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (1162)، ومن طريقه أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 102.

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده"(1602)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 186، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 273، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(2342)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 12/ 280 - 281، وابن الطيوري في "الطيوريات"(820)، وابن =

ص: 617

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4709 -

حدثني علي بن حَمْشاذ، حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عيّاش، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي البَخْتَري، قال: قال عليٌّ: بعثَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، قال: فقلتُ: يا رسول الله، إني رجلٌ شابٌّ، وإنه يَرِدُ عليَّ من القضاء ما لا عِلمَ لي به، قال: فوضع يدَه على صدري وقال: "اللهم ثبِّت لسانَه واهدِ قلبَه"، فما شَكَكتُ في القَضاء - أو في قَضاءٍ - بعدُ

(1)

.

= الجوزي في "العلل المتناهية"(391) من طريق الحسن بن عرفة، عن سعيد بن محمد الوراق، به.

وأخرجه ابن عساكر 42/ 281 - 282 من طريق يحيى بن هاشم الغسّاني، عن علي بن حزوَّر، به. بزيادة ألفاظ، ويحيى بن هاشم هذا متهم بالكذب.

وانظر حديث ابن عبّاس المتقدم برقم (4690).

وروي من حديث علي بن أبي طالب نفسه عند مسلم (78) وغيره، قال: والذي فلق الحبّة وبَرأ النَّسَمةَ إنه لَعَهْدُ النبي الأميّ صلى الله عليه وسلم إليَّ: أن لا يُحبني إلّا مؤمن، ولا يبغضني إلّا منافق.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه منقطع، لأنَّ أبا البَختري - واسمه سعيد بن فيروز - لم يسمع من علي شيئًا، وقد روى عنه هذا الخبر بواسطة رجل مبهم لم يُصرِّح باسمه كما رواه شعبة عن عمرو بن مُرَّة، فتأكد الانقطاع. لكن رُوي هذا الخبر من وجوه أخرى عن عليّ بعضُها صحيح متصل.

وأخرجه أحمد 2 / (636)، والنسائي (8363) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وابن ماجه (2310)، والنسائي (8365) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، وابن ماجه (2310) من طريق يعلى بن عبيد الطنافسي، والنسائي (8364) من طريق عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، أربعتهم عن الأعمش، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (1145) من طريق شعبة بن الحجاج، عن الأعمش، عن أبي البختري، قال: أخبرني من سمع عليًا يقول، فذكره.

وأخرجه أحمد (666) و (1342)، والنسائي (8367) من طريق حارثة بن مُضرِّب، وأحمد (882)، وأبو داود (3582)، والنسائي (8366) من طريق شريك النخعي، عن سماك بن حرب، =

ص: 618

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4710 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى العَدْل، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا إبراهيم بن موسى، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا الأجلحُ، عن الشَّعْبي، عن عبد الله بن الخليل، عن زيد بن أرقَم، قال: بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجلٌ من أهل اليمن، فجعل يُحدِّث النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ويُخبرُه، فقال: يا رسول الله، أتى عليًّا ثلاثةُ نَفَرٍ يَختَصِمُون في ولدٍ وَقَعُوا على امرأةٍ في طُهْرٍ واحدٍ، فقال لاثنين: طِيبَا نَفْسًا بهذا الولد، ثم قال: أنتم شُركاءُ مُتشاكِسُون، إني مُقرعٌ بينكم، فمن قَرَعَ له فله الولدُ وعليه ثُلثا الديةِ لصاحِبَيه، فأقرَعَ بينهم، فقَرَعَ أحدُهم، فدَفَع إليه الولدَ، فضحك النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى بَدَتْ نَواجِدُه، أو قال: أضراسُه

(1)

.

4711 -

حدَّثَناهُ علي بن حَمْشاذَ، حدثنا بِشر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، حدثنا الأجْلَح، بهذا وزاد فيه فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ما أعلمُ فيها إلَّا ما قال عليٌّ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه. وقد زاد الحديثُ تأكيدًا برواية ابن عُيَينة، وقد تابعَ أبو إسحاق السَّبِيعيُّ

(3)

الأجلحَ في روايتِه.

= عن حَنَش بن المعتمر، والنسائي (8368) من طريق عمرو بن حبشي، ثلاثتهم عن علي بن أبي طالب. وإسناد رواية حارثة بن مُضرِّب صحيح، وإسناد الروايتين الأخريين حسن في المتابعات، وقال الترمذي: حديث حسن.

وانظر حديث ابن عباس عن علي عند ابن حبان (5065).

(1)

إسناده ضعيف لاضطرابه كما هو مبيّن في "مسند أحمد" 32 / (19329) لكن صحَّحه بعض الأئمة بترجيح بعض طرقه كما مضى بيانه برقم (2865). وانظر ما بعده.

(2)

إسناده ضعيف إسناد سابقه، سفيان: هو ابن عُيينة.

(3)

كذا وقع في نسخ "المستدرك"، ولا نظنّه إلا وهمًا، فإنَّ الذي روى هذا الخبر عن الشَّعْبي إنما هو أبو إسحاق الشيباني - وهو سليمان بن أبي سليمان - وليس السَّبيعي، فقد أخرجه من طريقه النسائي (5655) و (5994)، والطبراني في "الكبير"(4989) من طريق خالد بن عبد الله =

ص: 619

4712 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه حدثنا محمد بن أحمد بن النضر الأزدي، قال: حدثني جدِّي معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، حدثنا عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن جابر بن عبد الله، قال: مَشَيتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى امرأةٍ، فَذَبَحَت لنا شاةً، فقال رسولٌ الله صلى الله عليه وسلم:"لَيدخُلَنَّ رجلٌ من أهل الجنة"، فدخل أبو بكر، ثم قال:"ليدخُلَنّ رجلٌ من أهل الجنة" فدخل عُمر، ثم قال:"ليدخُلَنّ رجلٌ من أهل الجنة، اللهم إن شئتَ فاجعله عليًّا" قال: فدخل عليُّ بن أبي طالب

(1)

.

= الواسطي، ومحمد بن خلف في "أخبار القضاة" 1/ 93 من طريق أبي إسحاق الفزاري، كلاهما عن أبي إسحاق الشيباني، به. غير أنَّ خالدًا الواسطي أبهم ذكر أبي الخليل عبد الله بن الخليل، فقال: عن رجل من حضرموت.

(1)

حديث حسن كما قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 10/ 445، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن عَقيل، وقد روي مثله من وجه آخر عن جابر حسن في المتابعات والشواهد كذلك.

وأخرجه أحمد 23 / (15162) عن أبي سعيد مولى بني هاشم، عن زائدة، به.

وأخرجه أحمد 22 / (14550) و 23/ (14838) و (15065) من طرق عن عبد الله بن محمد بن عَقيل، به.

وله طريق أخرى عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 244 - 245 من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن عبد الله بن لَهيعة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله. وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن صالح وشيخه ابن لهيعة، فهما ليسا بذاك، لكن تقوى روايتُهما برواية ابن عَقيل، وتتقوى رواية ابن عقيل بروايتهما.

ويشهد لبعضه في ذكر أبي بكر وحده ما سلف من حديث ابن مسعود برقم (4492)، وفي إسناده ضعفٌ.

وقد صحَّ في بِشارة أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم بدخول الجنة غيرُ ما حديث على الاجتماع والافتراق، ومن ذلك حديث سعيد بن زيد عند أحمد 3 / (1664)، والنسائي (8134)، وابن حبان (6996)، وذكر معهم عثمان بن عفان وطلحة بن عُبيد الله والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص.

ص: 620

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4713 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عُبيد بن حاتم الحافظ، حدثنا محمد بن حاتم المُؤدِّب، حدثنا سَيف بن محمد، حدثنا سفيان الثَّوْري، عن سلمة بن كُهَيل، عن أبي صادِق، عن الأغرّ، عن سلمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُكم وارِدًا عليَّ الحوضَ أوَّلُكم إسلامًا، عليُّ بن أبي طالب"

(1)

.

(1)

إسناده تالف من أجل سيف بن محمد - وهو الثوري - فهو متروك بل متّهم بالكذب ووضع الحديث، وقد خالفه عبد الرزاق الصنعاني عند ابن أبي عاصم في "الأوائل"(67)، والطبراني في "الكبير"(6174)، وفي "الأوائل"(51) فرواه عن سفيان الثوري، عن سلمة بن كُهيل، عن أبي صادق، عن عُلَيم الكِنْدي، عن سلمان موقوفًا، فذكر عُلَيمًا الكندي بدل الأغر، ووقفه على سلمان، لكن رفعه عن عبد الرزاق أبو الصلت عبدُ السلام بن صالح عند ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(379)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1298)، وابن المغازلي في "مناقب عليٍّ"(22)، ومن وَقَفَه على سلمان من أصحاب عبد الرزاق أوثق وأجلُّ من عبد السلام بن صالح، وقد وافقهم يحيى بن يمان عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 40 فرواه عن سفيان الثوري، بذكر عُليم وبالوقف، وكذلك رواه قيس بن الربيع عند ابن أبي شيبة 76/ 12 و 14/ 121، وشُعيب بن خالد الرازي عند عبد الغني بن سعيد المصري في "إيضاح الإشكال" كما في "اللآلئ المصنوعة" للسيوطي 1/ 300، فروياه عن سلمة بن كهيل، بذكر عُليم الكندي، وبالوقف.

وخالفهم جميعًا يحيى بن هاشم بن كثير الغسّاني عند الحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث" للهيثمي (980) وابن عبد البر في "الاستيعاب"، ص 523، وفي التمهيد 2/ 305، فرواه عن سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن حنش بن المعتمر، عن عُليم الكندي، عن سلمان، ورفعه. ولكن يحيى بن هاشم هذا متهم بالكذب. لكنه لم ينفرد به كذلك بل رواه أيضًا الفضل بن الفضل أبو عبيدة البصري عند أبي الفتح الأزدي في "من وافق اسمه اسم أبيه"(70)، ولكن الفضل بن الفضل هذا ليِّن الحديث.

فالأشبه إذًا من ذلك كله رواية من رواه عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عُليم الكندي، عن سلمان موقوفًا، وعُلَيم هذا فيه جهالة، وانفرد به فلا يصحُّ، ولا محلّ حينئذٍ لقول ابن عبد البر في "الاستيعاب" وقول السيوطي في "الآلئ" بأنه على وقفه له حكم الرفع، لانه لا يُدرك بالرأي، فهذا محلُّه عند صحة الإسناد، وليس هو هنا كذلك، والله تعالى أعلم.

ص: 621

4714 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعْبة، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي حَمْزة، عن زيد بن أرقمَ، قال: أولُ من أسلمَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عليُّ بن أبي طالب

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وإنما الخلافُ في هذا الحرف أن أبا بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه كان أولَ الرجالِ البالغين إسلامًا، وعليُّ بن أبي طالب تقدَّم إسلامُه قبلَ البُلوغ

(2)

.

4715 -

أخبرني أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالرَّيّ، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، حدثنا كثير بن يحيى، حدثنا أبو عَوَانة، حدثنا داود بن أبي عوف، عن عبد الرحمن بن أبي زياد، أنه سمع عبد الله بن الحارث بن نَوفَل يقول: حدثنا أبو سعيد الخُدْري: أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم دخل على فاطمةَ، فقال: "إني وإياكِ

(1)

إسناده حسن من أجل أبي حمزة: وهو طلحة بن يزيد الأنصاري، وقد سلف الكلام عليه عند الحديث رقم (259).

وهو في "مسند أحمد" 32/ (19306).

وأخرجه الترمذي (3735)، والنسائي (8334) من طريقين عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد (19281) عن وكيع بن الجراح، والنسائي (8335) من طريق عبد الله بن إدريس، كلاهما عن شعبة بن الحجاج، به.

وأخرجه أحمد (19284) عن يزيد بن هارون، و (19303)، والنسائي (8081) و (8336) من طريق خالد بن الحارث، و (8333) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن شعبة، به. بلفظ: أول من صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. غير أنَّ النسائي قال في رواية خالد بن الحارث: وقال في موضع آخر: أول من أسلم.

وكذلك وقع مثل هذا الاختلاف في غير حديث زيد بن أرقم كما تقدم بيانه برقم (4633).

(2)

قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 524: الصحيح في أمر أبي بكر أنه أولُ من أظهر إسلامه، ونقل عن محمد بن كعب القُرظي قوله: عليٌّ أولهما إسلامًا، وإنما شبّه على الناس لأنَّ عليًا أخفى إسلامه من أبي طالب، وأسلم أبو بكر فأَظهر إسلامه، ولا شكَّ أنَّ عليًا عندنا أولهما إسلامًا!

ص: 622

وهذا النائمَ - يعني عليًّا - وهُما يعني الحَسن والحسين - لفي مكانٍ واحدٍ يومَ القيامة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4716 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا سيّار بن حاتم، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا مالك بن دينار، قال: سألتُ سعيد بن جُبَير، فقلتُ: يا أبا عبد الله، مَن كان حاملَ رايةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فنظر إليَّ وقال: كأنك رَخِيُّ البالِ، فغضبتُ وشكَوتُه إلى إخوانِه من القُرّاء، فقلت: ألا تَعجَبون من سعيد، إني سألتُه مَن كان حاملَ رايةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فنظر إليَّ وقال: إنك لَرخِيُّ البالِ، قالوا: إنك سألتَه وهو خائفٌ من الحَجّاج، وقد لاذَ بالبيت، فسَلْه الآن، فسألته، فقال: كان حاملها عليّ، هكذا سمعته من عبد الله بن عبّاس

(2)

.

(1)

إسناده حسنٌ إن شاء الله من أجل كثير بن يحيى - وهو المعروف بصاحب البصري - ومن أجل عبد الرحمن بن أبي زياد - ويقال فيه أيضًا: بن زياد -: وهو مولى بني هاشم.

وهو عند المصنف في "فضائل فاطمة الزهراء"(202)، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 13/ 224 عن محمد بن صالح بن هانئٍ، عن الفضل بن محمد الشَّعراني، عن كثير بن يحيى، بهذا الإسناد. وقرن بأبي عوانة سعيدَ بنَ عبد الكريم بن سليط.

وأخرجه الطبراني في (الكبير) 22 / (1016) عن محمد بن حيان المازني، عن كثير بن يحيى، به. وقرن أيضًا في روايته بأبي عوانة سعيد بن عبد الكريم.

وأخرجه ابن عساكر 14/ 164 من طريق علي بن عابس، عن أبي الجَحَّاف داود بن أبي عوف، به. وعلي بن عابس هذا ضعفه الأئمةُ، لكن قال ابن عدي: مع ضعفهِ يُكتَبُ حديثُه، وقال الدارقطني: يُعتبر به.

وفي الباب عن علي بن أبي طالب بلفظه عند أحمد 2 / (792) وغيره، وإسناده ضعيف.

(2)

رجال هذا الإسناد لا بأس بهم، لكن وقع فيه هنا عند المصنف خطأ، إذ جعل الخبر من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس متصلًا، وإنما هو من رواية مالك بن دينار عن إخوان سعيد الذين لم يسمِّ، كذلك جاء في "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (1163)، وهو من رواية=

ص: 623

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

ولهذا الحديثِ شاهدٌ من حديث زَنْفَل العَرَفي، وفيه طُولٌ فلم أُخرّجه

(1)

.

4717 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن عيسى بن السَّكَن الواسِطي، حدثنا شِهاب بن عَبّاد، حدثنا محمد بن بِشْر، حدثنا الحسن بن حَيٍّ، عن أبي رَبيعة الإيادي عن الحسن، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اشتاقَتِ الجنةُ إلى ثلاثةٍ: عليٍّ وعمارٍ وسلمانَ"

(2)

.

= أحمد بن جعفر القَطِيعي أيضًا عن عبد الله أحمد بن بن حنبل عن أبيه، يعني بمثل إسناد المصنف هنا تمامًا، وكذلك جاء في رواية صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه، بإسناده المذكور هذا، كما في "مسائله" لأبيه (870)، وعن صالح بن أحمد رواه أيضًا الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(547). فظهر بذلك خطأ ما جاء عند المصنف هنا، وقد يكون الوهم فيه من جهة الحاكم نفسه رحمه الله لما أملاهُ من حفظه، والله أعلم.

وقد تبيَّن من رواية أخرى عن مالك بن دينار عند ابن سعد 3/ 23 أحسن من رواية أحمد بن حنبل وأقوى رجالًا: أنَّ الذي أخبر مالك بن دينار بذلك هو معبدٌ الجُهني، حيث جاء فيها ما نصُّه: فقال لي معبدٌ الجهني: أنا أُخبِرك، كان يحملها في المسير ابن ميسرة العَبْسي، فإذا كان القتالُ أخذها علي بن أبي طالب. ومعبدٌ الجُهني تابعيّ وهو أول من تكلَّم في القدر زمن الصحابة، وهو قويٌّ في الرواية، فخبره هذا مرسَلٌ لا بأس به.

ولكن لا بدّ من تقييد ذلك بأنَّ عليًّا إنما كان حامل راية المهاجرين دون غيرهم كما تقدم بيانه مفصلًا برقم (4633) و (4634).

(1)

لم نقف عليه فيما بأيدينا من مصادر الرواية، على أنَّ زَنْفَلًا هذا من تبع الأتباع، وهو ضعيف الحديث.

(2)

إسناده ضعيف من أجل أبي ربيعة الإيادي - وهو عمر بن ربيعة - فإنه إنما يقبل حديثه في الاعتبار، وقد روي حديثه هذا من طريق آخر عن أنس لكن لا يصح كما سيأتي.

وأخرجه الترمذي (3797) من طريق وكيع بن الجراح عن الحسن بن صالح بن حيٍّ، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن غريب.

وله طريق أخرى عن أنس عند بحشل في "تاريخ واسط" ص 69، والطبراني في "الكبير"(6045)، وأبي نعيم في "الحلية" 1/ 142 و 190، وفي "صفة الجنة"(84)، وفي "معرفة الصحابة"(3346)، =

ص: 624

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4718 -

حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزني بنَيسابور، حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا عُقبة بن قَبيصة، حدثني أبي، حدثنا عمار بن سَيف، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن ابن أبي أوفَى قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "سألتُ ربّي عز وجل أن لا أُزوِّجَ أحدًا من أمتي ولا أتزوّجَ، إلَّا كان معي في الجنة، فأعطاني"

(1)

.

=وابن عساكر 60/ 176 وغيرهم من طريقين عن عمران بن وهب الطائي، عن أنس. لكنه قال في هذه الرواية: إلى أربعة، فزاد معهم المقداد، وذكر بحشل بدلًا منه بلالًا. وعمران الطائي هذا ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/ 306 ونقل عن أبيه أنه قال فيه: ضعيف الحديث .... وحدَّث عن أنس أحاديث معضَلة تشبه أحاديث أبان بن أبي عياش، ولا أحسبه سمع من أنس شيئًا.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، عمار بن سيف منكر الحديث ليس بشيء. قبيصة: هو ابن عُقبة السُّوائي.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(5762)، ومن طريقه ابن الفاخر في "موجبات الجنة"(401) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو نُعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(4014) عن أبي بكر الطلحي، عن محمد بن عبد الله الحضرمي، به.

وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(842)، ومن طريقه ابن عساكر 67/ 20 عن أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن يوسف، عن عقبة بن قبيصة، به.

وخالف قبيصةَ بن عُقبة فيه جماعةٌ، فرووه عن عمار بن سيف بسند آخر:

فقد أخرجه الحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث" للهيثمي (1008) عن إسحاق بن بشر الكاهلي، والآجُرّي في "الشريعة"(1933)، وابن عساكر 67/ 21 من طريق أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الشامي، والطبراني في "الأوسط"(3844) من طريق زيد بن الكُميت، ثلاثتهم عن عمار بن سيف، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو. وهؤلاء الثلاثة الرواة عن عمار متروكون.

وفي الباب عن أبي عبد الله بن مرزوق - أو رزق - عند الحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث" =

ص: 625

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4719 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا عمرو بن الحُصَين العُقيلي، أخبرنا يحيى بن العلاء الرازي، حدثنا هلال بن أبي حُميد، عن عبد الله بن أسعد بن زُرَارة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُوحيَ إليَّ في عليٍّ ثلاثٌ: أنه سيّدُ المؤمنين، وإمام المتَّقين، وقائدُ الغُرِّ المُحجَّلين"

(1)

.

= للهيثمي (1009)، وإسناده ضعيف جدًّا فيه مجاهيل.

وانظر حديث عمر بن الخطاب الآتي برقم (4735)، بلفظ:"كل نَسَبٍ وسَببٍ ينقطع يوم القيامة إلّا ما كان من سَبَبي ونَسَبي".

(1)

إسناده تالف من أجل عمرو بن الحصين ويحيى بن العلاء، فهما متروكان كما قال الذهبي في "تلخيصه" وقال: أحسبه موضوعًا. وأنكر هذا الحديث أيضًا ابن كثير في "جامع المسانيد" فقال: هو حديث منكر جدًّا، ويشبه أن يكون موضوعًا من بعض الشيعة الغلاة، وإنما هذه صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صفاتُ عليّ. وقال ابن حجر في "الإصابة" 4/ 6: المتن منكر جدًّا. قلنا: وقد اضطُرب في إسناده كما سيأتي. هلال بن أبي حميد، ويقال له: ابن حميد: وهو هلال بن مِقلاص الصَّيرفي الوزَّان.

وأخرجه الخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 192 من طريق أحمد بن إسحاق الطِّيْبي، عن محمد بن أيوب - وهو ابن الضُّريس - بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 7/ 199، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 303 من طريق أبي يعلى الموصلي، عن عمرو بن الحُصين، به.

وأخرجه الخطيب في "الموضح" 1/ 192 من طريق أبي معشر الحسن بن سليمان الدارمي، عن عمرو بن الحصين، عن يحيى بن العلاء الرازي، عن حماد هلال، عن محمد أسعد بن زرارة، عن أبيه، عن جده. قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" 3/ 380 حماد بن هلال صوابه هلال بن حميد.

وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 69 - 70، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية"(4234)، والخطيب في "الموضح" 1/ 189، وابن عساكر 42/ 302 من طريق نصر بن مُزاحِم، عن جعفر بن زياد الأحمر، عن هلال بن مِقلاص به. ونصر بن مزاحم متروك متَّهم.=

ص: 626

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4720 -

أخبرني علي بن عبد الرحمن بن عيسى السَّبِيعي بالكوفة، حدثنا الحسين بن الحكم الحِبَري، حدثنا الحسين بن الحسن الأشقر، حدثنا سعيد بن خُثَيم الهِلالي،

= وخالفه سائر أصحاب جعفر في إسناده - وفيهم ثقات - فقد أخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1617) - مختصرًا بأوله - من طريق إسحاق بن منصور السَّلُولي، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(4002)، والخطيب في "الموضّح" 1/ 189 من طريق أحمد بن المفضَّل الأموي، وأبو نُعيم (931) من طريق رباح بن خالد الأسدي الكوفي، والحسين المحاملي في "أماليه" برواية ابن مهدي الفارسي (106)، وابن قانع 112/ 2، والخطيب 1/ 188 - 189، وابن المغازلي في "مناقب عليّ"(147)، وابن عساكر 42/ 302، وابن الطيوري في "الطيوريات"(930) من طريق يحيى بن أبي بُكير الكرماني، أربعتهم عن جعفر بن زياد الأحمر، عن هلال الصيرفي، عن أبي كثير الأنصاري، عن عبد الله بن أسعد بن زرارة رفعه. فزاد في إسناده رجلًا هو أبو كثير الأنصاري، وجعله من مسند عبد الله بن أسعد بن زُرارة، وجعفر الأحمر وسطٌ إلا أنه كان فيه شيعية غالية وله مناكير، وأبو كثير الأنصاري هذا مجهول لا يُعرَف، ولا يُعرف عبد الله بن أسعد بن زرارة إلّا من روايته.

وخالف محمد بن عُديس عند ابن المغازلي (146) فرواه عن جعفر الأحمر، عن هلال الصرّاف، عن عبد الله بن كثير - أو كثير بن عبد الله - عن ابن أخطب، عن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زُرارة، عن أبيه وابن عُديس والراوي عنه لا يُعرفان.

وأخرجه الخطيب في "الموضِّح" 1/ 191 من طريق المثنى بن القاسم الحضرمي، عن هلال أبي أيوب بن مقلاص الصيرفي، عن أبي كثير الأنصاري، عن عبد الله بن أسعد بن زرارة، عن أبيه. فوافق رواية عمرو بن الحصين عن يحيى بن العلاء، وكذا رواية نصر بن مزاحم عن جعفر بن زياد في جعله من مسند أسعد بن زرارة، لكنه خالفهم في زيادة ذكر أبي كثير الأنصاري في الإسناد وفاقًا لرواية سائر أصحاب جعفر بن زياد.

وأخرجه الخطيب مرة أخرى 1/ 191 من طريق المثنى بن القاسم، عن هلال الصيرفي، عن أبي كثير الأنصاري، عن عبد الله بن أسعد بن زرارة، عن أنس عن أبي أمامة. فخالف المثنى في روايته هذه جميع من تقدم إذ جعل الحديث من رواية عبد الله بن أسعد بن زرارة، عن أنس، عن أبي أمامة. وعلى أي حال فالمثنى بن القاسم هذا مجهول لا يُعرف، وفي الطريق إليه مجاهيل، فالإسناد مظلم.

ص: 627

عن الوليد بن يسار الهَمْداني، عن علي بن أبي طلحة، قال: حَجَجْنا فمَرَرْنا على الحسن بن عليّ بالمدينة ومعنا معاوية بن حُدَيج، فقيل للحسن: إنَّ هذا معاوية بن حُدَيج السَّبّابُ لعليٍّ، فقال: علَيَّ به، فأُتي به فقال: أنت السَّبّابُ لعليّ؟ فقال: ما فعلتُ، فقال: واللهِ إن لقيتَه وما أحسبُك تَلْقاهُ يومَ القيامة، لَتجِدُه قائمًا على حوض رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يَذُودُ عنه راياتِ المنافقين، بيدِه عصًا من عَوسَجٍ؛ حدَّثَنيه الصادقُ المصدوقُ صلى الله عليه وسلم، وقد خابَ من افْتَرى

(1)

.

(1)

منكرٌ وإسناده ضعيف لجهالة الوليد بن يسار الهَمْداني، وعلي بن أبي طلحة جاء في بعض الروايات أنه مولى بني أمية، فالظاهر أنه غير علي بن أبي طلحة سالم الذي يُعرف بأنه مولى بني العباس، وهذا يؤيد تفريق أحمد بن حنبل بين الذي روى عنه معاوية بن صالح وأبو فضالة وداود بن أبي هند، وأنه شامي، وبين الذي روى عنه الكوفيون الثوري والحسن بن صالح، وأنه كوفي، فالظاهر أنَّ الشامي هو مولى بني أمية، والكوفي هو مولى بني العباس، والله أعلم، وإذا ثبت ذلك فالشامي هو صاحب التفسير عن ابن عبّاس، ولكنه لم يسمع من ابن عبّاس ولم يَرَهُ، فأولى به أن لا يرى الحسن بن علي بن أبي طالب، لأنه توفي قبل ابن عبّاس بأكثر من خمس عشرة سنةً، وعليه فما وقع في هذه الرواية أنَّ ابن أبي طلحة حجَّ فمرّ بالحسن بن علي، فغير مُسلَّم بل هو وهم يغلب على الظن أنه من جهة الحسين بن الحسن الأشقر، فإنَّ فيه كلامًا، ومما يؤيده أنَّ هذا الحديث قد رواه أيضًا إسماعيلُ بنُ موسى ابن بنت السُّدِّي عن سعيد بن خثيم، عن الوليد بن يسار، عن علي بن أبي طلحة، قال: حج معاوية بن أبي سفيان وحج معه معاوية بن حُديج، فذكر القصة ليس فيها أن علي بن أبي طلحة كان معهم، فدلَّ ذلك على أنَّ الرواية منقطعة.

وقد روي نحو هذه القصة من وجه آخر عن الحسن بن عليٍّ لكن مداره على ضعيف ومجهول.

وفي المرفوع هنا أيضًا مخالفة لما جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم (248) وغيره، عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ حوضي لأبعد من أيلة إلى عدن، والذي نفسي بيده إني لأذود عنه الرجال كما يذود الرجل الإبل الغريبة عن حوضه"، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه هو مَن يذود عنه، ولم يذكر عليّ بن أبي طالب.

وأخرجه ابن عساكر 59/ 27 من طريق محمد بن يونس الكُديمي، عن الحُسين بن الحسن الأشقر، بهذا الإسناد.=

ص: 628

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه

(1)

.

4721 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي بمَرْوٍ، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل.

وحدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى والسَّرِيّ بن خُزَيمة ومحمد بن عمرو بن النضر، قالوا: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا عليُّ، ألا أُعلِّمك كلماتٍ إن قُلتَهن غُفِر لك، على أنه مَغفُورٌ لك: لا إله إلَّا الله العَليُّ العظيم، لا إله إلَّا الله الحَلِيمُ الكريم، سبحان الله ربِّ العرشِ العظيم، والحمدُ لله ربِّ العالمين"

(2)

.

= وأخرجه أبو يعلى (6771)، والطبراني في "الكبير"(2758)، وابن عساكر 59/ 26 - 27 من طريق إسماعيل بن موسى ابن بنت السُّدِّي، عن سعيد بن خثيم، به.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 6/ 385، ومن طريقه ابن عساكر 59/ 28 من طريق قيس بن الربيع، والطبراني في (2727)، ومن طريقه ابن عساكر 59/ 28 من طريق علي بن عابس، كلاهما عن بدر بن الخليل، عن مولى الحسن بن علي، وكناه ابن عابس أبا كثير. وقيس بن الربيع، وعلي بن عابس ضعيفان، وأبو كثير مولى الحسن بن علي جوّز أبو أحمد الحاكم كما نقله عنه الحافظ في "تعجيل المنفعة"(1381) أنه أبو كثير مولى الأنصار الذي روى عن علي بن أبي طالب وشهد معه وقعة النهروان، ويروي عنه إسماعيل بن مسلم العَبْدي، وعلى أي حال ففيه جهالة.

(1)

قال الذهبي في "تلخيصه": بل منكرٌ واهٍ فيه غير واحد من الضعفاء.

(2)

إسناده صحيح، لكن قوله في الخبر:"على أنه مغفورٌ لك" غير محفوظ في رواية أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبِيعي - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، انفرد بزيادة هذا الحرف إسرائيلُ - وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي - وخالفه سفيان الثوري، وهو أوثقُ وأحفظ، فرواه عن أبي إسحاق بدونه.

وإنما يُحفظ هذا الحرف في رواية أبي إسحاق السَّبيعي، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سَلِمة المرادي، عن علي بن أبي طالب. وإذا عرفنا ذلك فعبد الله بن سَلِمة إنما يُقبل من حديثه =

ص: 629

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ما توبع عليه أو رُوي ما يَشهد له، ولكنه لم يُتابع على هذا الحرف.

وكأنَّ إسرائيل سمع من جده هذا الحديث بإسناديه إلى عليٍّ، فظنَّ أنَّ هذا الحرف في رواية جده عن ابن أبي ليلى، وإنما هو في رواية جدّه عن عمرو بن مرّة عن عبد الله بن سَلِمة، والله أعلم.

وقد جاء لأبي إسحاق السَّبيعي في هذا الحديث إسنادان آخران غير هذين، وجزم الدارقطني في "العلل"(407) بأنهما وهمٌ، وأخرج الترمذي (3504) أحدَ هذين الإسنادين واستغربه. ورجَّح الدارقطني إسناد أبي إسحاق عن عمرو بن مرة، قال: ولا يُدفع قول إسرائيل عن أبي إسحاق عن ابن أبي ليلى عن عليٍّ.

وأخرجه أحمد 2 / (1363) عن أبي سعيد مولى بني هاشم، والنسائي (7630) و (8360) و (10398) من طريق خلف بن تميم، والنسائي (8359) من طريق أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي، ثلاثتهم عن إسرائيل، بهذا الإسناد.

وقد تابع إسرائيلَ بنَ يونس السَّبيعي على إسناده سفيانُ الثوريُّ عند الدارقطني في "العلل"(407) دون قوله في الحديث: "على أنه مغفورٌ لك".

وأخرجه النسائي (8358) و (10397) من طريق أحمد بن خالد الوهبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، بنحوه دون الحرف المذكور، لكن زاد في إسناده رجلًا بين أبي إسحاق وبين ابن أبي ليلى هو عمرو بن مرة، ونظن أنَّ زيادته وهمٌ دخل على بعض رواته إسنادٌ في إسنادٍ:

فقد أخرجه أحمد 2 / (712)، والنسائي (7631) و (8356) و (8357) و (10399)، وابن حبان (6928) من طريق علي بن صالح بن حيِّ الهَمْداني، والنسائي (10400) من طريق يوسف بن أبي إسحاق السَّبيعي، كلاهما عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن عمرو بن مُرّة، عن عبد الله بن سَلِمة المرادي، عن عليٍّ. وذكر فيه قوله:"على أنه مغفور لك". فهذا الإسناد الذي فيه ذكر عمرو بن مرة.

وقد تابع عليَّ بن صالح ويوسفَ السَّبِيعيَّ عليه نُصيرُ بنُ أبي الأشعث عند ابن أبي عاصم في "السنة"(1317)، وعبدُ الله بنُ علي أبو أيوب الإفريقي عند الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 10/ 488. وذكرا فيه أيضًا قوله:"على أنه مغفور لك".

وأخرجه الترمذي (3504)، والنسائي (10401) من طريق الحسين بن واقد، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن الحارث الأعور، عن عليٍّ. وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه من حديث أبي إسحاق عن الحارث، عن عليّ. قلنا: والحارث ضعيف ليس بشيء.

وانظر ما سلف برقم (1894).

ص: 630

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

4722 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شَيْبة؛ قال عبد الله بن أحمد: وقد سمعتُه أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شَيْبة، قال: حدثنا جَرير بن عبد الحميد، عن مُغيرة، عن أم

(1)

موسى، عن أم سلمة قالت: والذي أحلِفُ به إن كان عليٌّ لأقربَ الناسِ عهدًا برسولِ الله صلى الله عليه وسلم، عُدْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم غَداةً وهو يقول:"جاء عليٌّ؟ جاء عليٌّ؟ " مرارًا، فقالت فاطمةُ: كأنك بعثتَه في حاجةٍ، قالت: فجاء بعدُ، قالت أم سلمة: فظننتُ أنَّ له إليه حاجةً فخرجْنا من البيت، فقعدنا عند الباب وكنتُ مِن أدناهم إلى البابِ، فأكبَّ عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يُسارِرُه ويُناجِيه، ثم قُبض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من يومِه ذلك، فكان عليٌّ أقربَ الناسِ عهدًا

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4723 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا العباس بن الفضل الأَسْفاطي، حدثنا

(1)

تحرَّفت في النسخ الخطية إلى: أبي، والتصويب من "مسند أحمد" نفسه 44/ (26565)، و"فضائل" الصحابة" لأحمد (1171)، ومن سائر مصادر تخريج الخبر.

(2)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل أم موسى، وهي سُرِّيّة علي بن أبي طالب، وجاء في "تهذيب الآثار" في قسم مسند عليّ ص 168 أنها أم ولد الحسن بن عليّ، وأنها أم امرأة المغيرة بن مِقسَم، ووثقها العجلي، وقال الدارقطني: حديثها مستقيم يخرّج حديثها اعتبارًا. وقد روت عن عليٍّ وأم سلمة وعائشة والحسن بن علي، وصحَّح حديثَها الطبري في "تهذيب الآثار"، ووثقها الهيثمي.

وهو في "مسند أحمد" 44/ (26565).

وأخرجه النسائي (7071) و (8487) عن محمد بن قدامة، و (8486) عن علي بن حُجر، كلاهما عن جَرير بن عبد الحميد بهذا الإسناد. ولفظ علي بن حجر مختصرٌ: أن أحدث الناس عهدًا برسول الله صلى الله عليه وسلم عليٌّ.

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 12/ 759: الحديث عن عائشة أثبت من هذا (يعني أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قُبض وهي مُسنِدتُه إلى صدرها) ولعلَّها أرادت آخر الرجال به عهدًا.

ص: 631

علي بن عبد الله المَديني وإبراهيم بن محمد بن عَرْعَرة، قالا: حدثنا حَرَمي بن عُمَارة، حدثني الفضل بن عَمِيرة، أخبرني مَيمونٌ الكُردي، عن أبي عثمان النَّهدي، أنَّ عليًّا قال: بينما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم آخِذٌ بيدِي ونحن في سِكَك المدينة، إذ مَرَرْنا بحديقةٍ، فقلتُ: يا رسول الله، ما أحسنَها مِن حديقةٍ، قال:"لك في الجنة أحسنُ منها"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4724 -

حدثنا دَعلَج بن أحمد السِّجْزي ببغداد، حدثنا عبد العزيز بن معاوية البصري، حدثنا عبد العزيز بن الخطَّاب، حدثنا ناصح بن عبد الله المُحلِّمي، عن عطاء بن السائب، عن أنس بن مالك قال: دخلتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم على عليّ بن أبي طالب يعودُه وهو مريضٌ، وعنده أبو بكر وعمر، فتحوَّلا حتى جلس رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال

(1)

إسناده فيه لين من أجل الفضل بن عَميرة، ففيه لينٌ كما قال الحافظ في "التقريب".

وأخرجه البزار (716)، وأبو يعلى (565)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1824)، والآجري في "الشريعة"(1575)، وأبو بكر القَطِيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (1109)، وابنُ عساكر 42/ 322 و 323، والذهبي في "الميزان" 3/ 355 من طرق عن حَرَميّ بن عمارة، بهذا الإسناد. وزاد فيه بعضهم قول عليٍّ: فلما خلا له الطريقُ اعتنقني، ثم أجهش باكيًا، فقلت: يا رسول الله، ما يُبكيك؟ قال:"ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك إلّا من بعدي" قلتُ: في سلامة من دِيني؟ قال: "في سلامة من دينك". وهي زيادة منكرة.

وهذه الزيادة سيأتي نحوها عن ابن عبّاس برقم (4728)، وهي هناك أصح.

ويشهد له دون الزيادة حديث أنس بن مالك عند ابن أبي شيبة 12/ 75، وابن عدي 7/ 173، وابن عساكر 42/ 323 - 324 و 324 وفي إسناده يونس بن خبّاب، وهو ضعيف الحديث، ورواه عنه جماعة بين ضعيف ومجهول، وقد نبَّه الدارقطني في "العلل"(2662) على اختلافٍ في إسناده أيضًا، ونسبه ليونس بن حبّاب.

ويشهد له أيضًا مع الزيادة المُشار إليها حديثُ ابن عبّاس عند الطبراني في "الكبير"(11084)، وفي إسناده مندل بن علي العنزي وهو ضعيف الحديث، والراوي عنه مجهول.

ص: 632

أحدُهما لصاحبِه: ما أُراه إلَّا هالكًا، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إنه لن يموتَ إلَّا مقتولًا، ولن يموتَ حتى يُملأَ غَيظًا"

(1)

.

4725 -

حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا الحسن بن علي بن شَبيب المَعْمَري، حدثنا محمد بن حُميد، حدثنا سَلَمة بن الفضل، حدثني أبو زيد الأحول، عن عَتّاب بن ثعلبة، حدثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطّاب، قال: أمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب بقتالِ الناكِثينَ والقاسِطينَ والمارِقينَ

(2)

.

(1)

إسناده واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وذلك من أجل ناصح بن عبد الله، فإنه متفق على ضعفه منكر الحديث.

وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 147 من طريق محمد بن يونس الكُديمي السّامي، وابنُ عساكر 42/ 422 من طريق أبي يعلى محمد بن شداد المِسْمَعي، كلاهما عن عبد العزيز بن الخطاب، بهذا الإسناد. والكُديمي والمسْمعي ضعيفان.

وأخرجه ابن عساكر 42/ 536، وابن الجوزي في "الموضوعات"(749) من طريق إسماعيل بن أبان الوراق الكوفي، عن ناصح بن عبد الله، عن سماك بن حرب، عن أنس بن مالك. فسمَّى ناصحٌ في هذه الرواية شيخًا آخر هو سماك بن حرب.

وقد روي نحوه عن أنس من وجه آخر عند ابن عساكر 42/ 422 من طريق الحارث بن حَصيرة، عن القاسم بن جندب، عن أنس. وإسناده إلى الحارث واهٍ بمرة.

وروي كذلك من حديث عمران بن حصين عند ابن عساكر 42/ 422، وإسناده مظلم.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل محمد بن حميد - وهو الرازي - فهو متروك الحديث، واختُلف عنه كما سيأتي، وسلمة بن الفضل - وهو الأبرش - ليس بذاك في غير المغازي، وعتّاب بن ثعلبة مجهول.

وقد روي هذا الخبر من وجوه أخرى عن أبي أيوب الأنصاري لا يُعتدُّ بشيء منها البتة، ولهذا قال الذهبي في "تلخيصه": لم يصح، وساقه الحاكم بإسنادين مختلفين إلى أبي أيوب ضعيفين. وأورده في "الميزان" في ترجمة عتاب بن ثعلبة من هذا الوجه وقال: الإسناد مظلم والمتن منكر. قلنا: وروي مثل هذا الخبر عن جماعة من الصحابة لكن لا يثبت فيه شيء كما قال العقيلي في "الضعفاء" 3/ 383.=

ص: 633

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه المصنف في "الأربعين" كما في "اللآلئ المصنوعة" للسيوطي 1/ 374 - 375، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 472 عن أبي بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، عن الحسن بن علي بن شبيب المعمري، بهذا الإسناد.

وقد اختُلف فيه على محمد بن حميد، الرازي، فأخرجه الطبراني كما في "اللآلئ المصنوعة" 1/ 376 عن علي بن سعيد الرازي، عن محمد بن حميد، عن سلمة بن الفضل، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن أبي سعيد عقيصا التميمي، عن عمار بن ياسر، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. وأبو سعيد عَقِيصا متروك الحديث.

واختُلف فيه أيضًا على أبي سعيد عُقيصا، فأخرجه عبد الغني بن سعيد المصري في "إيضاح الإشكال" كما في "اللآلئ" 1/ 376 من طريق أبي مريم عبد الغفار بن القاسم الأنصاري، عن عدي بن ثابت، عن أبي سعيد، عن عليٍّ. وأبو مريم هذا رافضي متهم بوضع الحديث.

وقد رُوي هذا الخبر من وجه آخر عن أبي أيوب الأنصاري، فقد أخرجه الطبراني في "الكبير"(4049)، وابن عدي في "الكامل" 12/ 187، وابن عساكر 42/ 471 من طريق محمد بن كثير القرشي الكوفي، عن الحارث بن حَصيرة، عن أبي صادق، عن مِخنَف بن سُليم، عن أبي أيوب قال: أمرني بقتال

ولم يذكر عليًّا. ومحمد بن كثير القرشي ضعيف الحديث.

وقد اختُلف فيه أيضًا عن أبي صادق، فأخرجه ابن عساكر 16/ 53 - 54 من طريق إبراهيم بن مسلم الهَجَري، عن أبي صادق، عن أبي أيوب. وإبراهيم الهجري ليِّن الحديث، وقد جعله عن أبي صادق عن أبي أيوب، فأسقط منه ذكر مخنف بن سُليم، وقد أورده الذهبي في هذه الطريق في "سير أعلام النبلاء" 2/ 410، وقال: هذا خبر واهٍ.

وقد روي الخبر من وجه ثالث عن أبي أيوب، فقد أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 15/ 244، ومن طريقه الجُورْقاني في "الأباطيل"(174)، وابنُ عساكر 42/ 472، وابن الجوزي في "الموضوعات"(801) من طريق المعلى بن عبد الرحمن الواسطي، عن شريك النخعي، عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة والأسود، عن أبي أيوب. والمعلى بن عبد الرحمن هذا متهم بوضع الحديث، وقد أقرَّ على نفسه أنه وضع سبعين حديثًا في فضائل علي بن أبي طالب.

وقد اختُلف فيه عن شريك النخعي، فأخرجه الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 386 - 387 من طريق إبراهيم بن هراسة، عن شريك، عن الأعمش، عن أبي سعيد عَقِيصا التيمي، عن عليٍّ. وإبراهيم بن هراسة هذا متروك واتهمه بعضُهم.

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(1039)، وابن عساكر 42/ 470 من طريق زكريا بن يحيى =

ص: 634

4726 -

حدّثَناه أبو بكر بن بالَوَيهِ حدثنا محمد بن يونس القرشي، حدثنا عبد العزيز بن الخطّاب، حدثنا علي بن غُراب، عن علي بن أبي فاطمة، عن الأصبَغ بن نُبَاتة، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول لعَليّ بن أبي طالب: "تُقاتِلُ الناكِثين والقاسِطين والمارِقين بالطُّرُقات والنَّهْروانات وبالشَّعَفات

(1)

"، قال أبو أيوب قلتُ: يا رسول الله، مع من نقاتلُ هؤلاءِ الأقوام؟ قال: "مع عليّ بن أبي طالبٍ"

(2)

.

= ابن عبد الله الخزاز المقرئ، عن إسماعيل بن عبّاد السعدي المقرئ البصري، عن شريك النخعي، عن منصور، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة عن ابن مسعود. فذكر منصورًا - وهو ابن المعتمر - بدل الأعمش، وجعله من مسند ابن مسعود، وإسماعيل بن عباد هذا متروك الحديث.

وسيأتي عند المصنف بعده من وجه رابع عن أبي أيوب الأنصاري، لكنه واهٍ.

وقد روي مثل هذا الخبر عن عليّ بن أبي طالب نفسه من وجوهٍ عديدة، أوردها جماعة من أهل العلم وتكلَّموا عليها، مبيِّنين أنه لا يصح منها شيء منهم ابن كثير في "البداية والنهاية" 10/ 632 - 638، والجلال السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" 1/ 374 - 376. وأجملَ العقيليُّ القولَ في طرقه عن عليّ في "الضعفاء الكبير" 2/ 32 بقوله: الأسانيد في هذا الحديث عن عليّ ليّنة الطرق.

كما روي مثلُه أيضًا عن ابن مسعود، من طريق إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس النخعي، عن ابن مسعود، كذلك رواه عن إبراهيم النخعي جماعةٌ، منهم مسلم الملائي الأعور، عند الطبراني في "الكبير"(10054)، وفي "الأوسط"(9434) وغيرهما. لكن مسلمًا الأعور هذا متروك.

ورواه عن إبراهيم أيضًا يزيدُ بنُ قيس عند الشاشي في "مسنده"(322)، والطبراني في "الكبير"(10053)، والخطيب في تالي "تلخيص المتشابه" 2/ 392، وفيه الأمر بقتال هؤلاء مطلقًا دون ذكر عليّ فيه، ولكن يزيد بن قيس هذا مجهول.

(1)

في النسخ الخطية: السفعات، ونظنها محرفة عن الشَّعَفات: جمع شعفة، وهي رؤوس الجبال.

(2)

إسناده تالف من أجل الأصبغ بن نُباتة وعلي بن أبي فاطمة - وهو ابن الحَزوَّر - ومحمد بن يونس القرشي - وهو الكُديمي - فهم متروكون.=

ص: 635

4727 -

حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد الجُمَحي بمكة، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عمرو بن عَوْن، حدثنا هُشيم، عن إسماعيل بن سالم، عن أبي إدريس الأَوْدي، عن علي قال: إنَّ ممّا عَهِدَ إِليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الأُمَّةَ سَتَغدِرُ بي بعدَه

(1)

.

= وأخرجه ابن حبان في "المجروحين" 1/ 174، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات"(802)، وفي "العلل المتناهية"(395) من طريق صالح بن أبي الأسود، عن علي بن الحَزَوَّر، به.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة أبي إدريس راويه عن عليٍّ، وهو إبراهيم بن حديد أو ابن أبي حديد، كذلك سماه أحمد وابن مَعِين والبخاري ومسلم وأبو داود ويعقوب بن سفيان وابن حبان، ولم يذكروا إذ ترجموا له راويًا عنه غير إسماعيل بن سالم، بل جزم أحمد بن حنبل فيما نقله عنه حرب بن إسماعيل في "مسائله" أنه لا يعلم روى عنه غير إسماعيل بن سالم. وهو كما قال، وقد أخطأ أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" بعد أن ترجم لإبراهيم بن أبي حديد، ولم يكنِّه، وقال: جدّ [ابن] إدريس الأودي، روى عن علي مرسل، روى عنه ابناه إدريس وداود والحسن بن عبيد الله وإسماعيل بن سالم الأسدي فأدخل أبو حاتم ترجمةً في ترجمةٍ، وذلك أنَّ جدَّ ابن إدريس الأودي - واسمه عبد الله - إنما هو يزيد بن عبد الرحمن، وكنيته أبو داود لا أبو إدريس، غير أنَّ الحسين بن عبيد الله المذكور قال عن جد ابن إدريس - هكذا لم يُسمِّه - قال: صليتُ خلف عليّ الصبح

أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 354، ومنشأ هذا الوهم فيما يغلب على الظن أنَّ أبا إدريس هذا وقعت نسبته في بعض الروايات كرواية الحاكم هنا أوديًا، وهو تحريف قديم، فلما اجتمع اسم إدريس مع نسبة الأودي حصل الالتباس، وإنما هو أزدي لا أودي، كذلك نسبه المترجمون له.

وإذا عرفنا أنَّ الذي يروي عن علي هنا هو إبراهيم بن حديد أو ابن أبي حديد، انضم إلى جهالته الاختلافُ في سماعه من عليّ خلافًا لرواية الحسن بن عبيد الله الذي صرَّح بأنه صلى خلف عليّ، فجزم أبو حاتم الرازي بأنَّ روايته عن عليّ مرسلة، وأما البخاري فعندما ترجم له في "تاريخه" 1/ 282 قال: نسبه لي حامد بن عمر عن أبي عوانة عن إسماعيل بن سالم، يعدُّ في الكوفيين، بلغه عن عليّ. ثم قال البخاري: قال لي ابن زرارة: أخبرنا هُشيم قال: حدثنا إسماعيل بن سالم عن إدريس: نظرت إلى عليّ، فكأنَّ البخاري توقّف في سماعه من عليّ للاختلاف الذي بين أبي عوانة وهشيم، لكن الذي يرجِّح عدم سماعه أنَّ أبا عوانة روى هذا الخبر بعينه عند الدولابي في "الكنى" (563) عن إسماعيل بن سالم عن أبي إدريس: أن عليًّا قال، =

ص: 636

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4728 -

أخبرنا أحمد بن سهل الفقيه ببُخارَى، حدثنا سهل بن المتوكِّل، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا محمد بن فُضيل، عن أبي حيَّان التيمي، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لِعليٍّ: "أمَا إنك ستَلْقى بَعدي جَهْدًا"، قال: في سَلامةٍ من دِيني؟ قال: "في سَلامةٍ من دِينِك"

(1)

.

= هكذا ذكره بصورة الإرسال، ولم يقع تصريحه بالسماع في شيء من روايات هُشيم التي وقفنا عليها لهذا الخبر الذي بأيدينا، وكذلك لم يقع تصريح هشيم في شيء مما وقفنا عليه من رواياته لهذا الخبر بسماعه من إسماعيل، إذ إنَّ هشيمًا معروف بتدليسه، وإن كان سماعه من إسماعيل بن سالم ثابتًا في الجملة.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 440، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 447 من طريق شعيب بن أيوب الواسطي، عن عمرو بن عون، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث"(984) عن عبد الرحمن بن زياد مولى بني هاشم، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 13/ 59 من طريق القاسم بن عيسى الواسطي، كلاهما عن هُشيم بن بَشير، به.

وأخرجه الدُّولابي في "الكُنى"(563) من طريق أبي عوانة الوضّاح بن عبد الله اليشكري، عن إسماعيل بن سالم، عن أبي إدريس إبراهيم بن أبي حديد، أن علي بن أبي طالب قال.

وأخرجه البزار (869)، والعُقيلي في "الضعفاء"(254) و (1502)، وابن عدي 6/ 216، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 440، وعبد الخالق بن أسد في "معجمه"(409)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 447 من طريق حبيب بن أبي ثابت عن ثعلبة بن يزيد الحِمّاني، عن عليٍّ. قال البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 174: ثعلبة فيه نظر، ولا يتابع على حديثه هذا، قال البيهقي: كذا قال البخاري، وقد رُوِّيناه بإسناد آخر عن عليّ إن كان محفوظًا، وذكر رواية أبي إدريس الأزدي. قلنا: وثعلبة هذا ذكر ابن حبان في "المجروحين" أنه كان غاليًا في التشيع، ثم إنَّ الراوي عنه - وهو حبيب بن أبي ثابت - معروف بالإرسال والتدليس ولم يصرِّح بسماعه.

وسيأتي من وجه من وجه ثالث عن عليٍّ برقم (4736) وإسناده ضعيف مضطرب.

وانظر الحديث السالف برقم (4641).

(1)

إسناده جيد من أجل محمد بن فضيل، فهو لا بأس به إلّا أنه كان غاليًا في التشيُّع. أبو حَيَّان =

ص: 637

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4729 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو مسلم، حدثنا إبراهيم بن بشّار، حدثنا سفيان، عن عبد الملك بن أَعْيَن، عن أبي حرب بن أبي الأسود الدِّيْلي، عن أبيه، عن علي، قال: أتاني عبدُ الله بن سَلَام وقد وَضَعتُ رِجْلي في الغَرْزِ وأنا أُريد العراقَ، فقال: لا تأتي

(1)

العراقَ، فإنك إن أتيتَه أصابكَ به ذُبابُ السَّيف، قال عليُّ: وايْمُ اللهِ، لقد قالها لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قَبلَك. قال أبو الأسود: فقلتُ في نفسي: يا للهِ! ما رأيتُ كاليوم، رجلٌ محاربٌ يُحدِّث الناسَ بمثلِ هذا

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4730 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا الحسن بن علي بن بحر بن بَرِّي، حدثنا أبي.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا علي بن بحر بن بَرِّي، حدثنا عيسى بن يونس حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني يزيد بن محمد بن خُثَيم المُحارِبي، عن محمد بن كعب القُرَظي، عن محمد بن خُثيم أبِ

(3)

يزيد بن محمد، عن عمار بن ياسر قال: كنت أنا وعليٌّ رفيقَين في غزوة

= التيمي: هو يحيى بن سعيد بن حَيّان.

وانظر لزامًا تخريج الحديث المتقدم برقم (4723).

(1)

كذا في أصولنا الخطية بإثبات الياء مع أنه مجزوم بلا الناهية، فحق الياء أن تحذف، وإثباتها جائز على إشباع الكسرة، فليست هي الياء الأصلية.

(2)

إسناده حسن من أجل عبد الملك بن أعْيَن.

وأخرجه ابن حبان (6733) عن الفضل بن الحباب، عن إبراهيم بن بشّار، بهذا الإسناد.

وقد تابع إبراهيمَ بنَ بشار عليه جماعةٌ حفاظٌ، منهم الحُميدي في "مسنده"(53).

الغَرْز: رِكابُ الرَّحْل من جلد مخروز، فإذا كان من حديد أو خشب فهو رِكابٌ.

وذُباب السيف: طرفه الذي يُضرب به.

(3)

تحرَّف في (ص) و (م) إلى: بن، فأوهم ذلك أنَّ اسمه محمد بن خُثيم بن يزيد بن محمد=

ص: 638

ذات العُشَيرة، فلما نزلها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأقام بها، رأينا ناسًا من بني مُدلِجٍ يعملون في عَينٍ لهم في نَخلٍ، فقال لي عليٌّ: يا أبا اليَقْظان هل لك أن تأتيَ هؤلاءِ فننظرَ كيفَ يعملُون؟ فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعةً، ثم غَشِيَنَا النومُ، فانطلقتُ أنا وعليٌّ فاضطجعنا في صَوْرٍ من النخل في دَقْعاءَ من التراب فنِمْنا، فواللهِ ما أَيقَظَنَا إِلَّا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُحرّكُنا برِجْلِه، وقد تَترّبْنا من تلك الدَّقْعاء، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"يا أبا تُراب"، لمَا يَرى عليه من التُّراب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أُحدِّثُكما بأشقى الناسِ رجلَين؟ " قلنا: بلى يا رسول الله، قال: "أُحَيمِرُ ثَمُودَ الذي عَقَر الناقةَ، والذي يَضربُك يا عليُّ على هذه - يعني قَرْنَه - حتى تُبَلَّ [هذه]

(1)

من الدَّمِ" يعني لحيتَه

(2)

.

= وهو خطأ، فلم يسمِّ أحدٌ من ترجم لمحمد بن خُثيم جده ولا أبا جده، والمثبت على الصواب من (ز) و (ب)، وهو بحذف الياء، وهو جائز في لغة العرب على نُدرةٍ.

(1)

سقطت من نسخنا الخطية واستدركناها من "تلخيص الذهبي"، وهي ثابتة في رواية "مسند أحمد".

(2)

إسناده ليِّن، يزيد بن محمد بن خثيم تفرد ابن إسحاق بالرواية عنه، ومع ذلك قال ابن معين: ليس به بأس، وقال ابن حجر في "التقريب": مقبول؛ يعني حيث يتابع، وأبوه محمد بن خشيم تفرد محمد بن كعب بالرواية عنه، وقد ذكر غير واحد أنه ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي في "الميزان": لا يدرى من هو.

وهو في "مسند أحمد" 30 / (18321) عن علي بن بحر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد أيضًا (18326) عن أحمد بن عبد الملك الحَرّاني، والنسائي (8485) عن محمد بن وهب بن عمر الحَرّاني، كلاهما عن محمد بن سلمة الحَرّاني عن محمد بن إسحاق، به.

وانظر حديث علي بن أبي طالب المتقدم برقم (4641) في قصة شقاء من يقتله رضي الله عنه.

وأما قصة تكنيته بأبي تراب فالصحيح فيها كما وقع في حديث سهل بن سعد الساعدي - كما سيشير المصنف لاحقًا -: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما سمى علي بن أبي طالب أبا تُراب بعد غزوة العُشيرة بعد نكاحه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، في قصة حصل فيها بينه وبين فاطمة مغاضبة، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد راقد قد سقط رداؤه عن شِقِّه وأصابه ترابٌ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم =

ص: 639

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه الزيادة، إنما اتَّفقا على حديث أبي حازم عن سهل بن سعد:"قُمْ أبا تُرابٍ".

4731 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن عيسى بن السَّكن، حدثنا الحارث بن منصور، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن جُرَيّ بن كُلَيب العامِري قال: لما سارَ عليٌّ إلى صِفّين كرهتُ القتالَ، فأتيتُ المدينةَ، فدخلتُ على مَيمونةَ بنت الحارث، فقالت: ممن أنتَ؟ قلت: من أهل الكوفة، قالت: من أيِّهم؟ قلت: من بني عامر، قالت: رُحْبًا على رُحْبٍ، وقُربًا على قُرب، مَجيءٌ ما جاءَ بك؟ قال: قلتُ: سارَ عليٌّ إلى صِفِّينَ وكرهتُ القتالَ، فجئنا إلى هاهنا، قالت: أكنتَ بايعتَه؟ قال: قلت: نعم، قالت: فارجِعْ إليه، فكُن معه، فواللهِ ما ضَلَّ ولا ضُلَّ به

(1)

.

= يمسحه عنه ويقول: "قُم أبا تراب، قُم أبا تراب". وهذا أخرجه البخاري (441)، ومسلم (2409).

وانظر "فتح الباري" 11/ 139 و 18/ 639.

وغزوة العُسَيرة أو العُشيرة غزوة كانت في السنة الثانية للهجرة خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مئة وخمسين - وقيل: مئتين - من المهاجرين، خرجوا يعترضون عِيرًا لقريش ذاهبة إلى الشام وقد جاء الخبر بفُصولها من مكة فيها أموال لقريش، فبلغ ذا العُشيرة، وهو موضع بناحية ينبُع فوجد العيرَ قد فاتته بأيام، وهذه العير التي خرج في طلبها حين رجعت من الشام أيضًا، فكانت سببًا لغزوة بدر الكبرى.

والدَّقْعاء: التراب الليِّن.

والقَرْن: جانب الرأس.

(1)

إسناده فيه لِينٌ من أجل جُرَيٍّ العامِري، فقد تفرد بالرواية عنه أبو إسحاق السبيعي، وتسمية أبيه في رواية المصنِّف كليبًا وهمٌ، فقد سُمِّي في رواية الطبراني: جُريَّ بن سمُرة، وكذلك سماه ابن حبان في "ثقاته"، فهو الصحيح، وأغلب الظن أن الوهم في تسمية أبيه هنا من جهة الحارث بن منصور، وهو ليس بذاك القوي وكان له أوهامٌ، ومنشأ وهمه أن أبا إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - يروي أيضًا عن رجل آخر اسمُه جُرَيّ بن كُليب النَّهْدي الكُوفي، وجُرَيُّ بن كُليب النهدي هذا يروي كذلك عن علي بن أبي طالب، فدخل على الحارث بن منصور الترجمتان. وإنما هما رجلان أحدهما نهديٌّ والآخر عامريٌّ=

ص: 640

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

4732 -

حدثنا دَعْلَج بن أحمد السِّجْزي، حدثنا عبد العزيز

(1)

بن معاوية، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الجُعْفي، حدثنا عبد الله بن عبد ربِّه العِجْلي، حدثنا شُعْبة، عن قتادة، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخُدْري، عن عِمران بن حُصَين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النظَرُ إلى عليٍّ عِبادةٌ"

(2)

.

= وأخرجه الطبراني في "الكبير" 24 / (12) من طريق يوسف بن أبي إسحاق السَّبيعي، عن أبيه، عن جُرَيّ بن سمرة، به. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 135: رجاله رجال الصحيح غير جُري بن سَمُرة، وهو ثقة! والهيثمي معروف بتساهله في إطلاق التوثيق على المجاهيل.

وأخرج ابن أبي شيبة 12/ 81 عن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عمَّن حدّثه عن ميمونة، قال: لما كانت الفُرقة قيل لميمونة ابنة الحارث: يا أمَّ المؤمنين؟ فقالت: عليكم بابن أبي طالب، فوالله ما ضَلَّ ولا ضُلَّ به.

(1)

وقع في النسخ الخطية: علي بن عبد العزيز بن معاوية، بإقحام اسم عليّ، وإنما هو عبد العزيز بن معاوية بن عبد الله أبو خالد البصري، وقد جاء على الصواب في "إتحاف المهرة" لابن حجر (15028)، وكذلك نقله السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" 1/ 316 عن الحاكم، فسماه على الصواب. وقد ورد عند المصنف غيرُ ما حديث من رواية دَعْلَج بن أحمد السِّجْزي عن عبد العزيز بن معاوية البصري.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، إبراهيم بن إسحاق الجُعفْي، يغلب على ظنّنا أنه الصِّيني، فقد جاء مُقيّدًا بالصِّيني في حديث آخر عند الحسن بن محمد الخلّال في "المجالس العشرة الأمالي"(7) من روايته، عن شيخه الذي هنا عبد الله بن عبد ربّه العجلي فإن كان كذلك، فقد قال عنه الدارقطني: متروك، وقال عنه الخليلي في "الإرشاد" 1/ 235: سيئ الحفظ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ربما خالف، ومع ذلك تساهل الذهبي في "تاريخ الإسلام" 5/ 515 فقال: كان صدوقًا ضريرًا. وشيخه هنا عبد الله بن عبد ربّه العجلي، مجهول لا يُعرَف. وقد حكم الذهبيُّ في "تلخيصه" وفي "موضوعات المستدرك"(18) بوضع هذا الحديث، ومن قبله ابن الجوزي في "الموضوعات".

وأخرجه ابن مردويه كما في "الموضوعات" لابن الجوزي (682 م)، وأبو نُعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(5307)، وابن المغازلي في "مناقب عليّ"(247) و (254)، وابن عساكر في =

ص: 641

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "تاريخ دمشق" 42/ 354، وأبو القاسم الرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" 3/ 391 من طريق محمد بن يونس بن موسى الكُديمي، عن إبراهيم بن إسحاق الجُعفي، بهذا الإسناد. ومحمد بن يونس الكديمي ضعيف جدًّا، وبعضهم اتّهمه بالكذب.

وأخرجه محمدُ بنُ خلف في "أخبار القضاة" 2/ 123، والطبراني في "الكبير" 18/ (207)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(5306)، وابن المغازلي، (246)، وابن عساكر 42/ 353، والرافعي 2/ 127، وابن الأبار القضاعي في "معجمه" ص 316 من طريق عمران بن خالد بن طُليق بن محمد بن عمران بن حصين، عن أبيه، عن جده، عن عمران بن الحصين. وعمران بن خالد بن طُليق متروك منكر الحديث، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. وأبوه خالد ذكره الدارقطني في "الضعفاء والمتروكين"(202)، وذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمة عمران بن طليق من "الميزان" وقال: هذا باطلٌ.

وقال الخطيب فيما نقله عنه ابن عساكر 42/ 354: هذا حديث غريب من حديث طُليق بن عمران عن أبيه، وغريب من رواية خالد بن طُليق عن أبيه، تفرد به عنه ابنه عمران بن خالد، ولم نكتبه إلّا من هذا الوجه. قال ابن عساكر: وقد رواه عن خالد غيرُ ابنه. قلت: الظاهر أنه يعني ما أخرجه ابن حجر في "لسان الميزان" في ترجمة العباس بن بكار الضبّي 4/ 404 من طريق محمد بن مزيد بن أبي الأزهر، عن العباس بن بكار، عن خالد بن طُليق، عن أبيه، عن جده. والعباس بن بكار هذا منكر الحديث، وكذّبه الدارقطني، وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث.

وأخرجه أبو بكر الأبهري في "فوائده"(58)، ومن طريقه ابن الطُّيوري في "الطيوريات"(540) من طريق الحسن بن القاسم عن بكار بن العباس، عن خالد بن الطّفيل، عن ابن عمران بن حصين، عن أبيه. والحسن بن القاسم هذا هو ابن الحُسين البَجَلي التمار، لم يؤثر توثيقه عن أحد، وشيخه بكار بن العباس مقلوب، صوابه العباس بن بكار كما في إسناد ابن حجر المتقدم، كذّبه الدارقطني، وشيخه خالد بن الطفيل الظاهر أنه تحريف عن خالد بن طُليق.

وقد رُوي مثل هذا الحديث عن جماعة من الصحابة أورد طرقهم ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 350/ 42 - 355، وابن الجوزي في "الموضوعات" 2/ 12 - 130، والسيوطي في "اللآلئ المصنوعة" 11/ 313 - 317، وجميعها ضعيفة لا تصح، بل بعضها تالف بمرة، وقد استوعب الكلام عليها ابن الجوزي والسيوطي، وكذلك الألباني في "الضعيفة"(4702).

ولهذا الخبر طريق هي في الظاهر أحسن طرقه، أخرجها أبو سعد السَّمّان في "الموافقة" كما نبَّه عليه الذهبي في "تاريخ الإسلام" 872/ 7، وفي "سير أعلام النبلاء" 15/ 542 من رواية أبي الفوارس أحمد بن محمد بن الحسين بن السِّنْدي الصابوني، عن محمد بن حماد الطِّهراني، عن =

ص: 642

هذا حديث صحيح الإسناد، وشواهدُه عن عبد الله بن مسعود صحيحةٌ:

4733 -

حدَّثَناه عبد الباقي بن قانِع الحافظ، حدثنا صالح بن مُقاتل بن صالح، حدثنا محمد بن عُبيد بن عُتبة، حدثنا عبد الله بن محمد بن سالم، حدثنا يحيى بن عيسى الرَّمْلي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عَلْقمة، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النظَرُ إلى وجه عليٍّ عِبادةٌ"

(1)

.

= عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْري، عن عروة، عن عائشة، عن أبي بكر، فذكر الخبر. قال الذّهبي: هذا أُدخل على أبي الفَوارس، وقال: هو صدوق في نفسه، وليس بحُجة، وقد أدخل عليه هذا الحديث الباطل فرواه.

وذكر الخطابي هذا الخبر في "غريب الحديث" 2/ 181 - 182 ونسبه إلى بعض السلف ولم يرفعه، ثم أوله فقال: معناه - والله أعلم - أنَّ النظر إلى وجهه يدعو إلى ذكر الله لما يُتوسَّم فيه من نور الإسلام ويُرى عليه من بهجة الإيمان، ولما يتبين فيه أثر السجود وسيماء الخشوع، وبذلك نَعَتَه الله فيمن معه من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال:{سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مَّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} .

(1)

إسناده ضعيف بمرّة، صالح بن مقاتل قال الدارقطني في سؤالات الحاكم له (112): ليس بالقوي، وقال البيهقي في "سننه" 1/ 305: يروي المناكير، ويحيى بن عيس الرمْلي مختلف فيه والأكثرون على تضعيفه وكان متشيّعًا، وقال ابن حبان في "المجروحين" 3/ 126: كان ممّن ساء حفظه وكثر وهمُه. الأعمش: هو سليمان بن مهرا بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي، وعبد الله: هو ابن مسعود.

وأخرجه ابن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة"(103) عن محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع، عن محمد بن عُبيد بن عتبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(10006) من طريق أحمد بن بُديل اليامي، وابن عدي في "الكامل" 7/ 281، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 5/ 88، وابن المغازلي في "مناقب عليّ"(249)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 351، وابنُ الجوزي في "الموضوعات"(674) من طريق أبي بشر هارون بن حاتم الكوفي، والخطيب البغدادي في "تالي تلخيص المتشابه" 2/ 365 من طريق عاصم بن عامر البَجَلي، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 351 من طريق الحسن بن صابر، أربعتهم عن يحيى بن عيسى الرملي، به.

وأخرجه أبو نُعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"(38) من طريق عاصم بن عمر البَجلي، عن=

ص: 643

تابعه عمرُو بن مُرّة عن إبراهيم النَّخَعي:

4734 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يحيى

(1)

الغازي، حدثنا المسيَّب بن زُهير الضَّبِّي

(2)

، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا المسعُودي، عن عمرو بن مُرّة، عن

= الأعمش، به. وهذا الإسناد خطأ، وقع فيه سقط وتحريف، فإنَّ عاصم بن عامر وليس "عمر" كما جاء هنا، يرويه بواسطة يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش كما وقع عند الخطيب في "تالي التلخيص"، فسقط من إسناد أبي نُعيم ذكر يحيى بن عيسى الرملي، فرجع الخبر إليه.

وأخرجه أبو الحسن علي بن عمر الحربي العسكري في "حديثه" ضمن مجموع فيه مصنفات أبي الحسن الحمّامي وأجزاء حديثية أخرى بتحقيق نبيل جرار (35)، وأبو بكر الشيرازي في "الألقاب" كما في "اللآلئ المصنوعة" للسيوطي 1/ 314، وابن عساكر 42/ 352 من طريق أحمد بن الحجاج بن الصلت عن أبي عبد الله محمد بن المبارك أشتويه، عن منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، به. ومحمد بن المبارك هذا مجهول لا يُعرف، والراوي عنه ترجمة الذهبي في "الميزان" وذكر له خبرًا منكرًا غير هذا، وقال: أحمد آفتُه، وكأنَّ الخطيب سكت عنه لم يضعفه لانتهاك حاله. ومنصور ليس به بأس لكنه كان من الشيعة الكبار.

فليس لهذا الخبر إسناد يثبت إلى إبراهيم النخعي. وحكم عليه الذهبي بالوضع.

وذكر أبو نُعيم في "فضائل الخلفاء" بإثر (38)، أنه رواه أيضًا عبيد الله بن موسى عن الأعمش، ولم نقف على هذه الرواية فيما بين أيدينا من المصادر.

وأخرجه ابن عساكر 42/ 352 من طريق إسماعيل بن القاسم الحلبي، عن أبي أحمد العباس بن الفضل بن جعفر المكي، عن محمد بن هارون بن حسان المعروف بابن البَرقي، عن حماد بن المبارك، عن أبي نعيم عن الثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود. وهذا إسناد مظلم، فالعباس بن الفضل المكي لم نقف له على ترجمة وحماد بن المبارك لم نتبيّن من هو.

وانظر ما بعده.

(1)

كذا وقع في النسخ الخطية بن يحيى، والذي في "تاريخ نيسابور" للحاكم كما في "تلخيصه" للخليفة النيسابوري ص 98: محمد، بدل يحيى، وكذلك ذكره الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" 6/ 510، فلعلَّ يحيى هنا محرفة عن محمد، والله أعلم.

(2)

كذا وقع هنا منسوبًا، وقد ترجمه هو في "تاريخ نيسابور" - كما في "تلخيصه" للخليفة النيسابوري ص 36 - ولم ينسبه، وكذا الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 15/ 179 - 180، وهو المسيب=

ص: 644

إبراهيم، عن عَلْقمة، عن عبد الله بن مسعودٍ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"النظَرُ إلى وجهِ عليٍّ عِبادةٌ"

(1)

.

4735 -

حدثنا الحسن بن يعقوب وإبراهيم بن عِصْمة المُعدَّلانِ، قالا: حدثنا السَّرِي بن خُزَيمة، حدثنا مُعلَّى بن أَسد، حدثنا وُهَيب بن خالد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين: أنَّ عمر بن الخطّاب خَطَبَ إلى عليٍّ أُمَّ كُلثوم، فقال: أَنكِحْنيها، فقال عليٌّ: إني أُرصِدُها لابن أخي عبد الله بن جعفر، فقال عمر: أَنْكِحْنيها، فوالله ما من الناسِ أحدٌ يُرصِدُ من أمرِها ما أُرصِدُه، فأنكَحَه عليٌّ، فأتى عمرُ المهاجرين، فقال: ألا تُهَنُّوني؟ فقالوا: بمن يا أمير المؤمنين؟ فقال: بأمِّ كُلثومٍ بنت عليّ وابنة فاطمةَ بنتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، إني سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"كلُّ نَسَبٍ وسَبَبٍ يَنقطعُ يومَ القيامة، إلَّا ما كان مِن سَبَبي ونَسَبي"، فأحببتُ أن يكون بيني وبين رسولِ الله صلى الله عليه وسلم نَسَبٌ وسَبَبٌ

(2)

.

= ابن زهير بن مسلم أبو مسلم التاجر البغدادي نزل نيسابور وسكنها وتوفي بها سنة 285 هـ، وقد سلف بيان رتبته عند الحديث (1438)، ولعله - والله أعلم - اشتبه عند الحاكم بسميّه المسيب بن زهير بن عمرو أبي مسلم الضبّي، لكن هذا كان من رجالات الدولة العباسية، وقد كان ولي خُراسان أيام المهدي، وتوفي بمِنى سنة 175 هـ.

(1)

إسناده ضعيف بمرّة، شيخ المصنف أبو بكر الغازي تكلم فيه المصنف نفسه فيما نقله عنه ابن حجر في "اللسان" فقال: حدَّث بأحاديث لم يتابع عليها ولم يكن بالمحمود عند أصحابنا، وأما المسعودي - واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عُتبة - فكان قد اختلط، وسماع عاصم بن علي - وهو ابن عاصم الواسطي - منه بعد اختلاطه كما نصَّ عليه أحمد بن حنبل، على أنَّ عاصمًا نفسه مختلَفٌ فيه وله مناكير، وقد تفرّد برواية هذا الخبر عن المسعودي غيره. وانظر ما قبله.

(2)

رجاله ثقات لكنه مرسلٌ، فإنَّ علي بن الحسين - وهو ابن علي بن أبي طالب - زين العابدين لم يدرك هذه القصة، لكنها رُويت من طرق متعددة أورد أكثرها ابن كثير في "مسند الفاروق"(483 - 490)، ثم قال بإثرها: هذه طُرق جيدة مفيدة للقطع في هذه القضية بما تضمنته، والله الحمد.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 63 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.=

ص: 645

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه الآجُرّي في "الشريعة"(1713) و (1820) من طريق محمد طريق محمد بن الأشعث السجستاني أخي أبي داود وأبو بكر القَطِيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد (1069) عن محمد بن يونس الكُديمي، كلاهما عن معلّى بن أسد، عن وُهَيب، عن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه: أنَّ عمر بن الخطاب خطب إلى عليٍّ أم كلثوم

الخبر، كذلك خالف فيه هذان الرجلان السريَّ بن خزيمة، فجعلاه من مرسل محمد بن علي الباقر وليس من مرسل أبيه علي بن الحسين، ومحمد بن الأشعث مجهول تفرد بالرواية عنه ابن أخيه، والكديمي ضعيف جدًّا، لكن هذا هو المحفوظ أنه من مرسل محمد بن علي الباقر، فقد أخرجه كذلك البيهقي في "مناقب الشافعي" 1/ 64 من طريق موسى بن إسماعيل التبوذكي، عن وُهيب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه مرسلًا، لم يذكر أباه علي بن الحسين.

ويؤيده أن غير وُهيب بن خالد قد روى هذا الخبر عن جعفر بن محمد عن أبيه لم يذكر فيه علي بن الحسين زين العابدين: كذلك أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(520) عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" 10/ 430، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 486 عن أنس بن عياض الليثي وابن أبي عمر العدني في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4211) عن سفيان بن عيينة، ثلاثتهم عن جعفر بن محمد، عن أبيه، فذكر القصة ولم يذكر علي بن الحسين، لكن رواية ابن عيينة مختصرة بما رواه عمر مرفوعًا، وقد ذكر الدارقطني في "علله"(211) أنه تابعهم على ذلك سفيان الثوري عن جعفر بن محمد، وبأنَّ قولهم هو المحفوظ. قلنا: أخرجه من طريق الثوريّ بن المغازلي في "مناقب علي"(152) بإسناد تالف إليه، فلعله عند الدارقطني من وجه أحسن.

وأخرجه كذلك الآجرّي في "الشريعة"(1714) من طريق عثمان بن المغيرة الثقفي، عن محمد بن علي الباقر، فذكر منه قصة مجيء عمر لمجلس المهاجرين إلى آخر الحديث. فجعله من مرسل محمد بن علي الباقر دون ذكر أبيه علي بن الحسين، ولا بأس برجاله.

وكذا أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(3989/ 2)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 485 من طريق عروة بن عبد الله بن قشير الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، فذكر القصة، ولم يذكر أباه علي بن الحسين وكذا هو عند إسحاق من طريق جعفر بن محمد الصادق عن أبيه.

لكن روى محمدُ بن إسحاق هذا الخبر في "سيرته" برواية يونس بن بُكير (347) عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن أبيه، ومن طريقه أخرجه البيهقي 7/ 63 - وحسَّنه مرسلًا - فوافق بذلك روايةَ السَّريِّ بن خُزَيمة عن وُهَيب التي عند المصنف.=

ص: 646

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2635)، وفي "الأوسط"(5606)، ومن طريقه أبو نُعيم في "الحلية" 7/ 314، وضياء الدين المقدسي في "المختارة" 1 / (101) و (102) من طريق الحسن بن سهل الحَنَّاط، عن سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت عمر بن الخطاب. فوصله محمد بن علي بذكر جابر بن عبد الله. قال الطبراني: لم يُجوِّد هذا الحديث عن سفيان بن عيينة إلّا الحسن بن سهل، ورواه غيره عن سفيان عن جعفر عن أبيه، ولم يذكروا جابر بن عبد الله. قلنا: يُشير إلى رواية ابن أبي عمر العَدَني عن سفيان التي تقدم تخريجها، والعدني من أثبت الناس في سفيان، فروايته هي المحفوظة، ورواية الحسن بن سهل شاذّة.

وأخرج الطبراني في "الكبير"(2633)، وعنه أبو نُعيم في "حلية الأولياء" 2/ 34 عن جعفر بن سليمان النَّوفلي، عن إبراهيم بن حمزة الزبيري، عن عبد العزيز بن محمد الدَّراوردي، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، فذكر القصة بزيادات أخرى ليست في روايتنا. وجعفر بن سليمان النوفلي هذا روى عنه جمعٌ منهم الطحاويّ والطبراني، وقد ذكره ابن يونس في "تاريخ الغرباء" كما في "مغاني الأخيار" للعيني، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، فهو مستور الحال.

وقد روى عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن الخطاب المرفوعَ منه فقط، أخرجه من طريقه البزار (274). وعبد الله بن زيد بن أسلم فيه لِين.

وكذا روي عن عمر بن الخطاب من رواية ابنه عبد الله بن عمر عنه من طريقين، أُولاهما عند الطبراني في "الكبير"(2634)، وأبي نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان" 1/ 199 - 200، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 16/ 85 و 17/ 463، والأخرى عند البزار كما في "كشف الأستار"(2455)، وبحشل في "تاريخ واسط" ص 149، وابن المغازلي (153) وغيرهم، وفي الطريقين ضعفٌ.

ويشهد للمرفوع منه في ذكر اتصال نسب النبي صلى الله عليه وسلم وسببه يوم القيامة، ما أخرجه أحمد 31 / (18907) و (18930) وغيره من حديث المسور بن مخرمة، وإسناده محتمل للتحسين، وسيأتي عند المصنف برقم (4802).

ويشهد له أيضًا ما أخرجه الآجرّي في "الشريعة"(1710)، والطبراني في "الكبير"(11621)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 558، والضياء في "المختارة" 11/ (343) من طريق موسى بن عبد العزيز العَدَني عن الحكم بن أبان العَدَني، عن عكرمة، عن ابن عبّاس. وموسى بن عبد العزيز مختلف فيه سيئ الحفظ، وروايته هذه مُعلَّة برواية أيوب عن عكرمة مرسلًا عند عبد الرزاق في "مصنفه"(10354).

وهذه الأحاديثُ في قصة النَّسب مُعارضةٌ بما في الكتاب وصحيح السُّنة، أما من الكتاب فقوله =

ص: 647

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4736 -

حدثنا أبو علي الحافظ، أخبرنا الهيثم بن خلف الدُّوريّ، حدثني محمد بن عمر بن هَيّاج، حدثنا يحيى بن عبد الرحمن الأَرْحَبي، حدثنا يونس بن أبي يَعفُور، عن

=تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101]، وأما من السنة، فقوله صلى الله عليه وسلم:"يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئًا، ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئًا، ويا فاطمة بنت محمد سَلِيني ما شئتِ من مالي لا أغني عنك من الله شيئًا"، رواه البخاري (2753)، ومسلم (204) و (206) من حديث أبي هريرة، ونحوه من حديث عائشة عند مسلم (205)، وحديث أبي هريرة: "

ومن بطَّأ به عملُه، لم يسرع به نسبُه" عند مسلم (2699)، وتقدم عند المصنف برقم (302)، والله تعالى أعلم.

وأما خِطبة عمر لأم كلثوم وزواجه منها، فقد أخرجه سعيد بن منصور (521)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 962 وغيرهما من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: خطب عمر بن الخطاب ابنة عليّ، فذكر منها صِغرًا، فقالوا له: إنما أدركَتْ، فعاوده، فقال: نرسل بها إليك تنظر إليها، فرضيها، فكشف عن ساقها، فقالت: أرسِلْ لولا أنك أمير المؤمنين للطمتُ عينيك. وليس فيه المرفوع الذي رواه عمر بن الخطاب، وإسناده صحيح إلى أبي جعفر محمد بن علي، واعتلال عليّ في هذه الرواية يختلف عن اعتلاله في رواية جعفر بن محمد.

وأخرجه ابن السكن في "صحاحه" كما في "التلخيص الحبير" للحافظ ابن حجر 3/ 143، والطبراني في "الأوسط"(6609)، والبيهقي 7/ 64 و 114 من طريق ابن جريج، أخبرني ابن أبي مُليكة، أخبرني حسن بن حسن، عن أبيه: أنَّ عمر

فذكر القصة بنحو رواية عمرو بن دينار عن محمد بن علي الباقر من الاعتلال بصغر أم كلثوم، وعنده زيادة في القصة، وحسن بن حسن هذا: هو ابن علي بن أبي طالب، فهذه رواية موصولة، لكن في الإسناد إلى ابن جريج عند الطبراني والبيهقي سفيان بن وكيع بن الجراح، وهو ضعيف يُعتبر به في المتابعات والشواهد.

وروي بعضُ هذه القصة من مرسل الحسن البصري عند ابن أبي شيبة 4/ 345 من طريق إسماعيل ابن عُليّة، عن يونس بن عُبيد، عن الحسن البصري، فذكر خِطبة عمر إلى عليّ ابنتَه أم كلثوم، واعتلال عليّ بصغرها، ثم ذكر نحو ما زاده عمرو بن دينار في روايته عن محمد بن علي الباقر. ورجاله ثقات لولا إرساله.

ص: 648

أبيه، قال: حدثني حَيّان الأسدي قال: سمعتُ علي بن أبي طالب يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عهدٌ معهودٌ: إِنَّ الأمّة ستَغدِرُ بك بعدي، وأنتَ تعيشُ على مِلَّتي، وتُقتل على سُنَّتي، من أحبّك أحبَّني، ومن أبغضَك أبغضَني، وإِنَّ هذه ستُخضَبُ من هذا"؛ يعني لحيتَه من رأسِه

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4737 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن سلمة ومحمد بن شاذان، قالا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع، قالا حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا النعمان بن أبي شَيْبة، عن سفيان الثَّوْري، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يُثَيع، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن وَلَّيتُموها أبا بكر فزاهدٌ في الدنيا، راغِبٌ في الآخرة، وفي جِسمِه ضَعْف، وإن وَلَّيتُموها عُمَر فقويٌّ أمينٌ لا يَخافُ في الله لَومةَ لائمٍ، وإن وَلَّيتُموها عليًّا فهادٍ مُهتَدٍ يُقِيمُكم على صراطٍ مستقيمٍ"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف مضطرب، يونس بن أبي يعفور مختلف فيه، وهو إلى الضعف أقرب، وهو كما قال ابن حبان في "المجروحين" 3/ 139: منكر الحديث. وقد اختُلف عليه في إسناد حديثه هذا، فرواه محمد بن عمر بن هيّاج عند المصنف هنا عن يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي عن يونس بن أبي يعفور عن أبيه عن حيان الأسدي - وهو حيان بن حصين - عن عليٍّ.

ورواه أبو كُريب محمد بن العلاء - فيما أخرجه ابن عدي في "الكامل" 5/ 194 - عن يحيى الأرحبي، عن يونس بن أبي يعفور، عن علي بن نِزار، عن زياد بن أبي زياد الأسدي، عن حيان الأسدي، عن عليٍّ.

ورواه كذلك يحيى بن عبد الله الرَّقِّي عند ابن عدي أيضًا 5/ 194، وإسماعيل بن أبان الأزدي عند الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 1/ 413، كلاهما عن يونس بن أبي يعفور، عن علي بن نزار، عن يزيد بن زياد عن حيان الأسدي، عن عليّ. غير أن يحيى الرقي - ولم نعرفه - سمّى شيخَ علي بن نزارٍ زيادَ بنَ أبي زياد الأسدي، وعليُّ بن نزار ضعيف جدًّا، وشيخه لم نتبيّنه.

وانظر ما سلف بالأرقام (4641) و (4690) و (4727).

(2)

ضعيف لاضطرابه كما تقدم برقم (4483)، وإسناده الذي هنا أعله المصنّفُ في كتابه "معرفة علوم الحديث" ص 29، وتبعه أبو عمرو الداني في "كتاب في علم الحديث" ص 43 بأنَّ سفيان.=

ص: 649

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الثوري لم يسمعه من أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - إنما سمعه بواسطة شريك النخعي عن أبي إسحاق أبي إسحاق مع اعتراف الحاكم بأنَّ سماع الثوري من أبي إسحاق واشتهاره به معروفٌ، وقد اعتمد في ذلك على رواية أبي الصلت عبد السلام بن صالح عن عبد الله بن نمير الآتي تخريجها، ولكن أبا الصلت هذا ليس بذاك، ولا يُعلُّ بمثله إسناد.

هذا، ولعبد الرزاق في خبر حذيفة هذا ثلاثة شيوخ كلٌّ منهم رواه عن سفيان الثوري كما سيأتي، أحدهم النعمان بن أبي شيبة الذي روى المصنف الخبر من طريقه هنا، مع أنَّ لعبد الرزاق سماعًا مشهورًا معروفًا عن سفيان الثوري مباشرة، وأما هذا الخبر فلم يسمعه كما صرَّح هو بذلك فيما سيأتي.

وأخرجه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص 29، وأبو نُعيم الأصبهاني في "فضائل الخلفاء الراشدين"(231)، وفي "الحلية" 1/ 64، وفي "معرفة الصحابة"(190)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 4/ 484، وابن الشجري في "أماليه" 1/ 143، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(405)، وابن الجزري في "مناقب الأسد الغالب"(34) من طريق محمد بن أبي السّريّ، وابن عدي في "الكامل" 5/ 313، والخطيب 4/ 484 من طريق محمد بن مسعود العجمي، وابن عدي 5/ 313، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 20/ 42 و 44/ 235 من طريق أحمد بن يوسف السُّلَمي المعروف بحمدان السُّلمي، ثلاثتهم عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه العُقَيلي في "الضعفاء"(1050)، والحاكم في "المعرفة" ص 28 - 29 من طريق محمد بن سهل بن عسكر، عن عبد الرزاق قال: ذكر الثوريُّ عن أبي إسحاق، عن زيد بن يُثيع، عن حذيفة، فذكره. ثم قال العقيليُّ في روايته فقيل لعبد الرزاق سمعتَ هذا من الثوري؟ قال: لا، حدثني يحيى بن العلاء وغيره، ثم سألوه مرةً ثانية فقال: حدثنا النعمان بن أبي شيبة ويحيى بن العلاء عن سفيان الثوري.

وأخرجه ابن عدي 5/ 313، وابن عساكر 42/ 420 من طريق أبي الأزهر أحمد بن الأزهر، عن عبد الرزاق، عن يحيى بن العلاء، وابن عدي 5/ 313 من طريق محمد بن رافع، عن عبد الرزاق، عن سعيد بن مسلم بن قُماذِين، كلاهما عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يُثيع عن حذيفة. ويحيى بن العلاء ضعيف، وأما سعيد بن مسلم بن قمُاذين فمجهول الحال.

وأما طريق أبي الصلت عبد السلام بن صالح، فقد أخرجها الحاكم في "المعرفة" ص 29، والخطيب في "تاريخه" 12/ 316، وابن عساكر 42/ 419 و 420، من طريقه عن عبد الله بن نمير، عن سفيان الثوري، عن شريك النخعي، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يُثَيع عن حذيفة. فزاد في إسناده شريكًا بين سفيان وأبي إسحاق، لكن أبا الصلت هذا ليس بذاك، وعلى فرض ثبوت ذكر شريك =

ص: 650

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

‌ذكرُ مَقتَل أميرِ المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بأصحّ الأسانيد على سبيل الاختصار

4738 -

حدثني أبو الطَّيِّب محمد بن أحمد الذُّهْلي، حدثنا جعفر بن أحمد بن نَصْر الحافظ، حدثنا إسماعيل بن موسى السُّدِّي، حدثنا شَريك، عن عثمان بن أبي زُرْعة، عن زيد بن وهب، قال: قَدِمَ على عليٍّ وفدٌ من أهل البصرة، وفيهم رجلٌ من الخوارج يقال له: الجَعْد بن بَعْجة، فحَمِدَ الله وأَثنَى عليه، وصلّى على النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم قال: اتّقِ الله يا عليُّ، فإنك ميّتٌ، فقال له عليٌّ: لا، ولكن مقتولُ ضربةٍ على هذا تَحْضِبُ هذه - قال: وأشار عليٌّ إلى رأسِه ولحيتِه بيده - قضاءٌ مَقضيٌّ، وعهدٌ معهودٌ، وقد خابَ من افتَرى.

ثم عابَ عليًّا في لِباسِه، فقال: لو لبستَ لباسًا خيرًا من هذا! فقال: إنَّ لباسي هذا أبعَدَ لي من الكِبْر، وأجدَرُ أن يَقتديَ بيَ المسلمون

(1)

.

4739 -

حدثنا الأستاذ أبو الوليد، حدثنا

(2)

الهيثم بن خَلَف الدُّوري، حدثنا سَوَّار بن عبد الله العَنْبري، حدثنا المعتمِر، قال: قال أَبي: حدثنا الحُرَيث بن مُخَشِّي: أنَّ عليًّا قُتل صبيحةَ إحدى وعشرين من رمضان، قال: فسمعتُ الحسنَ بن عليٍّ يقول وهو يَخطُب، وذكرَ مناقبَ عليّ، فقال: قُتل ليلةَ أُنزل القرآنُ، وليلةَ أُسريَ بعيسى، وليلةَ قُبض موسى، قال: وصلّى عليه الحسنُ بن عليّ

(3)

.

= في إسناده، فإنَّ شريكًا في حفظه سوء مقارب الحديث.

(1)

إسناده حسنٌ إن شاء الله من أجل شريك - وهو ابن عبد الله النَّخعي - وإسماعيل بن موسى السُّدِّي، فهما صدوقان، والمرفوع في مقتل علي روي من وجوه عنه كما تقدَّم برقم (4641).

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على "المسند" لأبيه 2/ (703) عن علي بن حكيم الأَودي، عن شريك النخعي، بهذا الإسناد.

(2)

لفظة "حدثنا" سقطت من (ز) و (ب).

(3)

إسناده ضعيف لجهالة الحريث بن مُخَشِّي، ويقال: مُخَشّ، بحذف الياء، وأما صلاة الحسن بن عليّ على أبيه فصحيحة كما سيأتي في الرواية التالية.=

ص: 651

4740 -

وحدثنا أبو الوليد، حدثنا الهيثم بن خَلَف، حدثنا علي بن الربيع الأنصاري، حدثنا حفص بن غِيَاث، عن أبي رَوْق

(1)

، عن مولًى لِعليّ: أنَّ الحسن صلّى على عليٍّ، وكبَّر عليه أربعًا

(2)

.

= وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" بإثر (1825) ومن طريقه أبو بكر القَطِيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (939)، وابن عساكر 42/ 586 عن سوَّار بن عبد الله، بهذا الإسناد. مختصرًا بقول حريث بن مخشي في ذكره يوم وفاة عليٍّ.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 528، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 586 عن أبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي، عن المعتمر، به إلى قوله: يخطب بذكر مناقب عليٍّ. وسيأتي ذكر صلاة الحسن بن عليٍّ على أبيه في الطريق التي بعده.

هذا وقد اختُلف في يوم مقتل عليٍّ رضي الله عنه كما تقدم بيانه برقم (4639).

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: روح بالحاء المهملة، وإنما هو بالقاف، وهو عطية ابن الحارث الهَمْداني.

(2)

صحيح، ومولى عليٍّ وإن كان مبهمًا قد توبع، وعلي بن الربيع الأنصاري كذلك جاء اسمُه في أصولنا الخطية، وجاء اسمه في "إتحاف المهرة" للحافظ (4280): علي بن الهيثم، وفي هذه الطبقة على بن الهيثم البغدادي المعروف بصاحب الطعام أحد شيوخ البخاري، وقد وقع مثل هذا الاختلاف عند تمام بن محمد الرازي في "فوائده" في حديث أسنده من طريقين (1463) و (1464) من رواية يحيى بن دُرُست قال في الطريق الأولى: عن علي بن ربيع، ثم قال في الطريق الثانية: عن علي بن الهيثم، فالظاهر أنه نفسه، والله أعلم، كأنه مرةً يُنسب إلى أبيه ومرةً إلى جده، وإن ثبت ذلك فعلي بن الربيع هذا قال عنه ابن حبان: كثُرت المناكير في روايته، فبطل الاحتجاج به وذكره العقيلي في "الضعفاء" باسم علي بن نافع، وقال عنه: مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ. لكن روى له البخاري في "صحيحه" باسم علي بن الهيثم، فالله تعالى أعلم بحاله، وعلى أبي حال فهو متابع.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 301 عن حفص بن غياث، عن عطية بن الحارث أبي رَوْق، عن مولًى للحسن بن عليٍّ. فذكره.

وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1826)، ومن طريقه أبو بكر القطيعي في زوائده على "فضائل الصحابة"(941)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 564 عن سَلْم بن جُنادة، عن حفص، به. ووقع في مطبوعات هذه الكتب الثلاثة، تحريفات في إسناد هذا الخبر.=

ص: 652

4741 -

فحدثني أبو سعيد أحمد بن محمد بن النَّخَعي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، حدثني أبي حدثنا عمرو بن طلحة القَنّاد، حدثنا أسباط بن نصر، قال: سمعتُ إسماعيل بن عبد الرحمن يقول: كان عبد الرحمن بن مُلجَم المُرادِيّ عَشِقَ امرأةً من الخوارج من تَيْم الرِّبَاب يقال لها: قَطامِ، فنكَحَها وأصْدَقَها ثلاثةَ آلافِ درهمٍ، وقَتْلَ عليٍّ رضي الله عنه، وفي ذلك قال الفرزدق:

فلم أر مَهرًا ساقَهُ ذو سَماحَةٍ

كَمَهرِ قَطَامٍ بَيِّنٍ غَيرِ مُعجَمِ

ثلاثةُ آلافٍ وعبدٌ وقَنْيةٌ

وضَرْبُ عليٍّ بالحُسَامِ المُصمَّمِ

فلا مَهرَ أَغلى من عليّ وإن غَلَا

ولا فَتْكَ إلَّا دُون فَتْكِ ابن مُلجَمِ

(1)

= وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 36، والبلاذري في "أنساب الأشراف" 3/ 257، وابن أبي الدنيا في "مقتل عليّ"(79)، وابن عساكر 42/ 564 من طريق عامر الشَّعْبي، وابن سعد 3/ 36، والبلاذُري 3/ 257 من طريق كُليب بن شهاب، وابن المنذر في "الأوسط"(3120)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 500، وابن عساكر 42/ 564 من طريق أبي إسحاق السَّبيعي، كلهم قال: أنَّ الحسن بن عليّ كبّر على عليّ أربعًا. والأسانيد إليهم صحيحة.

وجاء في رواية مرسلة عند الطبراني في "الكبير"(168) أنَّ الحسن كبَّر عليه تسع تكبيرات. وما تقدَّم من أنه كبَّر عليه أربعًا أقوى وأثبت.

(1)

خبر مرسلٌ حسنٌ، وإسماعيل بن عبد الرحمن - وهو السُّدِّي - لم يلحق قصة مقتل عليّ فروايته مرسلة، لكن القصة مشهورة، غير أنَّ بعضهم ينسب هذه الأبيات لابن أبي مَيّاس الفزاري وليس للفرزدق، وبعضهم نسبها لعمران بن حِطّان.

وأخرج قصة ابن ملجم مع المرأة الخارجية بنحوه الطبري في "تاريخه" 5/ 143، وأبو الفرج الأصبهاني في "مقاتل الطالبيين" ص 28 - 29، والطبراني في "الكبير" (168) من طريق إسماعيل بن راشد السُّلَمي مرسلًا. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 14: مرسل إسناده حسن.

وأخرج ابن أبي الدنيا في "مقتل علي"(88) عن سعيد بن يحيى الأموي، عن أبيه، أنه أنشد ابنَه لابن حِطَّان في ابن ملجم

فذكر البيتين الأول والثاني من هذه الأبيات. وابن حِطّان: هو عمران بن حِطّان السَّدُوسي، وهو من رؤوس الخوارج.

ص: 653

4742 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن عَلُّون

(1)

المقرئ ببغداد، حدثنا محمد بن يونس، حدثنا عبد العزيز بن الخَطّاب، حدثنا علي بن غُراب، عن مُجالِد، عن الشَّعْبي، قال: لما ضَرب ابن مُلجَمٍ عليًّا تلك الضربة أوصى، فقال: قد ضربني فأحسِنُوا إليه، وأَلِينُوا له فِراشَه، فإن أعِشْ فَهَضْمٌ أو قِصاص، وإن أمُتْ فَعاجِلُوه، فإني مُخاصِمُه عند ربِّي عز وجل

(2)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عون، وإنما هو عَلُّون، وهو محمد بن علي بن الهيثم أبو بكر المقرئ المترجم في "تاريخ بغداد" 4/ 141.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، محمد بن يونس - وهو الكديمي - متروك، ومجالد بن سعيد ضعيف، وقد روي هذا الخبر من وجه أحسن من هذا عن الشَّعْبي - وهو عامر بن شراحيل - بلفظ مغاير، لكن روي عن غير الشَّعْبي بلفظ قريب من لفظه الذي هنا بأسانيد جياد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 596 عن علي بن مُسهر، عن الأجلح، عن الشَّعبي، فذكر قصة قتل ابن مُلجم لعليٍّ مختصرة، وقال فيها: فقال عليٌّ: إن أنا متُّ فاقتُلوه إن شئتم، أو دعُوه، وإن أنا نجوتُ كان القصاص. وإسناده حسن من أجل الأجلح بن عبد الله الكِنْدي.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 33، ومن طريقه البَلاذُري في "أنساب الأشراف" 3/ 261، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 558، وعزُّ الدين بن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 615 من طريق المنذر الثوري، عن محمد ابن الحنفيّة، قال: فقال عليٌّ: إنه أسير فأحسنوا نُزُله وأكرموا مَثواهُ - فإن بقيت قتلت أو عَفَوتُ، وإن متُّ فاقتلوه، ولا تعتدوا إنَّ الله لا يحبُّ المعتدين. وإسناده حسن.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "مقتل عليّ"(86)، والآجُرِّي في "الشريعة"(1600) من طريق أبي طَلْق عليّ بن حنظلة بن نُعيم، عن أبيه، قال: لما ضرب ابن ملجم عليًّا قال: احبِسوهُ، فإنما هو جرح، فإن بَرأْتُ امتثلتُ أو عفوتُ، وإن هلكتُ قتلتموه. وإسناده محتمل للتحسين.

وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" بإثر (1825)، ومن طريقه أبو بكر القطيعي في زوائده على "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (944)، وابنُ عساكر 42/ 555 من طريق الحسن بن كثير الأحمسي، عن أبيه، عن عليّ، قال: احبِسُوا الرجُلَ، فإِنَّ أنا متُّ فاقتلوه، وإن أعِش فالجروح قصاص، وإسناده حسن إن شاء الله.

وأخرجه الشافعي في "الأم" 5/ 521، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 56 و 183، و"معرفة السنن"(16504)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 557 من طريق جعفر بن محمد بن علي =

ص: 654

4743 -

حدثنا أبو الوليد، حدثنا الهيثم بن خلف، حدثنا محمود بن غَيلان، حدثنا أبو أحمد الزُّبَيري، حدثنا شَريك، عن عِمران بن ظَبْيان، عن أبي تِحيَى، قال: لما جاؤوا بابن مُلجَم إلى عليّ، قال: اصنَعوا به ما صَنعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم برجلٍ جُعِلَ له على أن يَقْتلَه، فأمر أن يُقتَلَ ويُحرَّق بالنار

(1)

.

4744 -

فأخبرني أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي، حدثنا أحمد بن سيّار الإمام، حدثنا رافع بن حرب اللّيثي، حدثنا حَكيم بن زيد، عن أبي إسحاق الهَمْداني، قال: رأيتُ قاتِلَ عليِّ بن أبي طالب يُحرَّق بالنار في أصحاب الرِّماح

(2)

.

= عن أبيه: أنَّ علي بن أبي طالب كان يخرج إلى الصبح وفي يده دِرتَه يوقظ بها الناس، فضربه ابن ملجم، فقال عليٌّ: أطعموه واسقُوه وأحسِنُوا إساره، فإن عشتُ فأنا ولي دمه، أعفو إن شئت وإن شئتُ استَقَدْتُ. وهو مرسل رجاله ثقات عند البيهقي في الموضع الأول من "سننه الكبرى".

وما ورد هنا في هذه الروايات أثبت مما سيأتي بعده أنَّ عليًّا أمر بتحريقه بالنار بعد قتله.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عمران بن ظبيان، ولسوء حفظ شريك، وقد خالفا في هذه الرواية المشهورَ عن عليٍّ كما تقدم قبل أنه قال: إن مت فاقتلوه، وإن بَقيتُ قَتلتُ أو عَفَوت، ولأنَّ الرجل الذي جُعِلَ له على أن يقتُل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لم يذكرْ أحد أنه أمر بحرقه، وإنما رُوي فيه روايتان مرسلتان ذكرهما الطبري في مسند عليّ بن أبي طالب من "تهذيب الآثار" 3/ 71 و 72: الأولى عن الحسن البصري، وفيها: أنه أمر به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فصُلِبَ، والثانية عن عروة بن الزبير: أنَّ ذلك الرجل أسلم وحَسُن إسلامه، ومرسل عروة أقوى وأرجح من مرسل الحسن البصري، وعلى مرسل عروة بن الزبير اقتصر أهل المغازي والسير.

شَريك: هو ابن عبد الله النَّخعي، وأبو أحمد الزّبيري: هو محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي.

وأخرج رواية أبي تِحْيى عن عليّ أحمد في "مسنده" 2 / (713) عن أبي أحمد الزبيري، بهذا الإسناد.

وقد جاء في بعض الروايات: أنَّ الحسن والحسين وابن الحنفية وعبد الله بن جعفر قد قطعوا يدي ابن ملجم ورجليه وحرقوه، ولا يثبت من تلك الروايات شيءٌ البتة.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة رافع بن حرب الليثي، فليس له ذكر في كتب الرجال، وحكيم بن زيد - وهو المروزي - روى عنه ثلاثة وقال أبو حاتم: صالح هو شيخ، وقال أبو الفتح الأزدي فيه نظر.

ص: 655

4745 -

أخبرني أحمد بن بالَوَيهِ العَفْصي، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا عبّاد بن يعقوب، حدثنا نوح بن دَرّاج، عن محمد بن إسحاق، عن الزُّهْري، أنَّ أسماء الأنصارية قالت: ما رُفع حَجَرٌ بإيلِيَاءَ ليلةَ قُتل عليٌّ إِلَّا وَوُجِد تحته دَمٌ عَبِيطٌ

(1)

.

قال الحاكم: قد اختلفتِ الرواياتُ في مَبلغِ سنِّ أمير المؤمنين حين قُتل:

4746 -

فحدَّثَنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشَاذَ العدل، قالا: أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمْيدي، حدثنا سفيان، حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: قُتل عليٌّ وهو ابن ثَمانٍ وخمسين

(2)

.

(1)

إسناده تالف من أجل نوح بن درّاج، فهو متروك الحديث، وكذّبه ابن مَعِين واتهمه أبو داود بوضع الحديث، وكذا الحاكم نفسه في "المدخل إلى الصحيح" فقال: حدَّث عن الثقات بالموضوعات، واعتمد الذهبي في "تلخيصه" قول ابن مَعِين فيه، فقال: نوح كذاب. قلت: وقد تقدَّم بإسناد آخر ضعيف برقم (4642) غير أنه جعله من قول الزُّهْري لم يسنده عن أسماء الأنصارية.

(2)

رجاله ثقات الحُميدي: هو عبد الله بن الزبير بن عيسى الأسدي، وسفيان: هو ابن عُيينة، وجعفر بن محمد: هو ابن علي بن الحُسين بن علي بن أبي طالب.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 529، وأبو زرعة الدمشقي في "تاريخه"(1660)، وابن أبي الدنيا في "مقتل علي"(58)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(161)، والطبراني في "الكبير"(166)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(317)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 569 و 570، وابنُ الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف"(1649) من طرق عن سفيان ابن عيينة، به.

وقد تقدَّم عن ابن عبّاس برقم (4634) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع الراية إلى عليٍّ يوم بدر وهو ابن عشرين سنة، وهو صحيح عن ابن عبّاس، ومعلوم أن بدرًا كانت في السنة الثانية للهجرة، ومقتضى ذلك مع ما اتُّفق عليه أنَّ عليًا قُتل سنة أربعين أن يكون عمر عليٍّ لما قُتل ثمانيًا وخمسين سنة، وهذا يوافق قول أبي جعفر محمد بن علي الباقر، وهو قول سليمان بن حرب كما في "تاريخ دمشق" 42/ 569. والظاهر أنَّ هذا هو أرجح الأقوال، والله أعلم.

وقد رُوي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر في ذلك قول آخر، وهو أنَّ عليًّا قُتل عن ثلاث وستين سنة كما أخرجه الطبراني في "الكبير"(165)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(314)، =

ص: 656

4747 -

وحدثنا محمد بن أحمد بن بُطّة الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، حدثني عليُّ بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، حدثنا عبد الله بن محمد بن عَقِيل، قال: سمعت ابنَ الحَنفيّة في السنة التي مات فيها حين دَخَلَت؛ إحدى وثمانين، قال: هذه لي خمسٌ وستّون، جاوزتُ سِنَّ أَبي، مات أَبي وهو ابن ثلاثٍ وستين. ومات ابن الحنفيّة في تلك السَّنة

(1)

.

قال الحاكم: فأما مدةُ خلافةِ أمير المؤمنين عليٍّ رضي الله عنه، فعَلَى ما حَكَم به المصطفى صلى الله عليه وسلم:

= وابن عساكر 42/ 19 و 572. وفي إسناده لينٌ. وانظر ما تقدَّم برقم (4639).

ورُوي عن أبي جعفر محمد بن علي فيه قول ثالث، وهو أنَّ عليًا قُتل وهو ابن سبع وخمسين كما أخرجه ابن عساكر 42/ 568 و 569، وإسناده تالفٌ، ولذلك قال ابن عساكر: المحفوظ عن جعفر ثمان وخمسون. يعني عن جعفر عن أبيه.

ورُوي عن ابنه جعفر بن محمد الصادق القولان بإسناد صحيح إليه، يعني أن عليًا قُتل سنة ثمان وخمسين والقول الآخر أنه قتل سنة سبع وخمسين، أخرج الأول عنه ابن عساكر 42/ 570 و 571، والقول الثاني أخرجه عنه ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه الكبير"(374) و (3583).

(1)

لم يرو هذا الخبر غير محمد بن عمر - وهو الواقديُّ - والعُهدة عليه، وروى الواقدي أيضًا ما يتعلق منه بوفاة محمد ابن الحنفية دون ذكر سن عليّ من وجه آخر، على أن ما جاء هنا من ذكر سنِّ عليّ لما مات هو أحد الأقوال المروية في ذلك كما تقدَّم بيانه برقم (4639).

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 7/ 116، ومن طريقه الطبري في "تاريخه" 5/ 152، وابنُ عساكر 5/ 358 عن محمد بن عمر الواقدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه دون ذكر سنِّ عليٍّ لما مات ابن سعد 7/ 116، ومن طريقه ابن عساكر 54/ 358 عن محمد بن عمر الواقديّ، عن زيد بن السائب، عن أبي هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية، وسأله زيد بن السائب: أين دُفن أبوك؟ فقال: بالبقيع، قلت: أي سنة؟ قال: سنة إحدى وثمانين في أولها، وهو يومئذٍ ابن خمس وستين سنة لم يستكملها.

ص: 657

4748 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مَرزُوق البصري بمِصر، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد، حدثني أبي، حدثنا سعيد بن جُمْهانَ، عن سَفِينة أبي عبد الرحمن مولى النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خلافةُ النبوة ثلاثون سنةً". قال سعيدٌ

(1)

: أمسِك: أبو بكر سنتين، وعمر بن الخطاب عشرَ سنين، وعثمانُ بن عفّان اثنتي عشرة سنةً، وعليٌّ ستَّ سنين

(2)

.

4749 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا عمرو بن عبد الله الأَوْدي، حدثنا محمد بن بِشر، عن موسى بن مُطَير، عن صَعْصعة بن صُوحان، قال: خَطَبَنا عليٌّ حين ضربَه ابن مُلجَم، فقلنا: يا أمير المؤمنين، استَخِلفْ علينا، فقال: أتركُكُم كما تركَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قلنا: يا رسول الله، استَخِلفْ علينا،

(1)

كذلك جاء في النسخ الخطية: قال سعيد، مع أنَّ الذي في سائر روايات الخبر أنَّ الذي قال ذلك إنما هو سفينة مخاطبًا به سعيدًا، فإما أن يكون "سعيد": هنا تحريفًا عن "سفينة"، أو يكون أصله: قال سعيد: قال لي سفينة

فسقط ذكر سفينة سهوًا، وربما يكون سعيد قاله مخاطبًا به عبد الوارث، فكلُّ ذلك محتمل.

(2)

إسناده قوي من أجل سعيد بن جمهان، فهو صدوق لا بأس به، وقد صحَّح الإمام أحمد هذا الحديث واحتجَّ به في خلافة الأربعة الراشدين، فيما نقله عنه ابنُه عبد الله في "السنة"(1400)، والخلّال في "السنة"(610)، وحسَّنه الترمذي.

وأخرجه أبو داود (4646) عن سَوّار بن عبد الله بن سَوّار، عن عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. وزاد في الحديث:"ثم يؤتي الله الملك - أو ملكه - من يشاء". وقال في آخره: قال سعيد: قال لي سفينة: أمسِك عليك ....

وأخرجه ابن حبان (6657) من طريق إبراهيم بن الحجاج الساميّ، عن عبد الوارث به، لكن بلفظ:"الخلافة ثلاثون سنة وسائرهم ملوك، والخلفاء والملوك اثنا عشر". ولم يذكر قول سفينة في آخره في ذكر سنيِّ خلافة الأربعة الراشدين. وانظر كلام ابن حبان بإثره.

وقد تقدَّم هذا الحديث ضمن حديث آخر عند المصنف برقم (4487).

وتقدم لسفينة حديث آخر في الخلافة الراشدة بعد النبي صلى الله عليه وسلم برقم (4330)، فانظر كلامنا عليه هناك.

ص: 658

فقال: "إنْ يَعلمِ اللهُ فيكم خيرًا يولِّ عليكم خِيارَكم". قال عليٌّ: فعَلِم اللهُ فينا خيرًا فولّى علينا أبا بكر

(1)

.

4750 -

حدَّثناه بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا محمد بن يونس بن موسى القُرشي، حدثنا نائل بن نَجيح، حدثنا فِطْر بن خليفة، عن حَبيب بن أبي ثابت، قال: دخل صَعْصعة بن صُوحان على عليٍّ، فقال: يا أمير المؤمنين، مَن تَستخلفُ؟ قال: إن يَعلمِ الله في قلوبكم خيرًا يَستخلِفْ عليكم خيرَكم. قال صَعْصَعة: فعلم اللهُ في قلوبنا شرًا فاستخلفَ علينا

(2)

.

4751 -

حدثنا أبو نصر أحمد بن سَهْل الفقيه ببُخارَي، حدثنا صالح بن محمد بن حَبيب الحافظ، حدثنا علي بن الجَعْد، حدثنا زُهير بن معاوية، قال: سمعت أبا إسحاق يُحدِّث عن عمرٍو الأصمِّ، قال: قلت للحسن بن علي: إِنَّ هذه الشيعة يَزْعُمون أنَّ عليًّا مبعوثٌ قبلَ يوم القيامة، قال: كَذَبوا، واللهِ ما هؤلاء بشيعةٍ، لو عَلِمْنا أنه مبعوثٌ ما زَوّجْنا نِساءَه، ولا اقتَسمْنا مالَه.

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل موسى بن مُطَير، فهو متروك الحديث، وكذّبه ابن مَعِين، ويغلب على الظن أنه سقط من إسناده هنا عند المصنف ذكر مُطَير والد موسى، فقد زاده في الإسناد أحمد بن حازم بن أبي غَرَزة في روايته عن محمد بن بشر - وهو الأسدي الحريري - عند خيثمة بن سليمان الأطرابُلُسي في "حديثه" ص 131، وتابعه يعقوب بن تواب عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 289. وإذا ثبت ذلك فمُطَير هذا هو ابن أبي خالد، وهو ضعيف أيضًا. وقد روي من طريق آخر عند المصنف بعده عن صعصعة بن صوحان إلّا أنَّ في الإسناد إليه رجلًا متروكًا وآخر ضعيفًا.

وقد تقدَّم من وجه آخر عن عليّ برقم (4517)، وهو ضعيف، وانظر ما سلف برقم (4608).

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل محمد بن يونس بن موسى القرشي - وهو الكُديمي - فهو متروك، ونائل بن نجيح ضعيف.

(3)

إسناده حسن من أجل عمرو الأصمّ - ويقال له: أيضًا عمرو بن الأصم، وعمرو بن عبد الله بن الأصم، وعمرو بن عبد الله الأصم - فهو تابعي كبير يروي عن عليّ وابن مسعود ومسروق والحسن بن علي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: روى عنه أهل الكوفة، وقال ابن الأثير=

ص: 659

4752 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد، حدثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا عبد الغفار بن داود الحَرّاني، حدثنا موسى بن أَعْيَن، عن عَديّ بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن محمد ابن الحنفية، قال: قالوا لأبي: يا مَهديُّ، السلامُ عليكَ، قال: سبحانَ الله! ألم أنْهَكُم عن هذا، إنما المَهديُّ مَن هدى اللهُ عز وجل

(1)

.

=في "أسد الغابة" 3/ 746: أدرك الجاهلية. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.

وأخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات"(2523)، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 588، وأخرجه أبو بكر القطيعي في زوائده على "فضائل الصحابة" لأحمد (1128) عن عبد الله بن الحسن الحرّاني، كلاهما (أبو القاسم البغوي وعبد الله بن الحسن) عن علي بن الجعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد 6/ 379، وحرب بن إسماعيل في "مسائله" 3/ 1181، والآجرّي في "الشريعة"(2016) من طرق عن زهير بن معاوية، به.

وأخرجه ابن سعد 3/ 37، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 3/ 261 من طريق حجاج بن أرطاة، وابن سعد 3/ 37، وابن عساكر من طريق مطرِّف بن طريف، كلاهما عن أبي إسحاق السَّبيعي، به.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على "المسند" 2 / (1266) عن عثمان بن أبي شيبة، عن شريك النخعي، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن عاصم بن ضمرة، عن الحسن بن علي؛ فسُمِّي شيخ أبي إسحاق في هذا الرواية عاصم بن ضمرة، وهو تابعي معروف من أصحاب عليٍّ، لكن الصحيح أنَّ شيخ أبي إسحاق هنا في هذا الخبر إنما هو عمرو بن الأصم، كما رواه زهير بن معاوية ومطرّف بن طريف وحجاج بن أرطاة عن أبي إسحاق. وقد تقدَّم مثله من قول ابن عبّاس في تكذيب من يقول برجعة عليّ برقم (3087) بسند صحيح عنه.

(1)

إسناده حسن من أجل عدي بن عبد الرحمن - وهو ابن زيد الطائي - فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي: ما علمتُ به بأسًا.

وأخرج ابن سعد 7/ 96، وابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(2055)، وابن عساكر 54/ 347 من طريق أبي حمزة - وهو عمران بن أبي عطاء القصاب - قال: كانوا يسلّمون على محمد بن علي: سلام عليك يا مهديّ، فقال: أجل أنا مهدي أهدي إلى الرشد والخير، اسمي اسم نبي الله، وكنيتي كنية نبي الله، فإذا سلّم أحدكم فليقل سلام عليك يا محمد، والسلام عليك يا أبا القاسم. وإسناده حسن.

ص: 660

‌ذكرُ البيان الواضح أنَّ أميرَ المؤمنين عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه

-

نَفَى من خواصِّ أوليائِه جماعةً وهَجَرَهم لذِكْرِهم أبا بكرٍ وعمرَ وعثمانَ رضي الله عنهم بما ليسوا بأهلٍ، وسَبِّهم غيرهم من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى فارَقُوه وتوجَّهوا إلى حَرُوراءَ، منهم عبد الله بن الكَوّاء اليَشكُرِي وشَبَثُ بن رِبْعِيّ التَّمِيمي.

4753 -

حدثني أبو سعيد أحمد بن محمد النَّخَعي، حدثنا عَبْدانُ الأهوازيُّ، حدثنا علي بن المُنذِر، حدثنا محمد بن فُضيل، عن الأعمش، عن أبي وائل: أنَّ عبد الله بن الكَوّاء وشَبَثَ بن رِبْعيّ وناسًا معهما اعتزلوا عليًّا بعد انصرافه من صِفّين إلى الكوفة، لِمَا أنكَرَ عليهم مِن سَبِّ أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فمَن بعدهُما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخالَفُوه وخرجوا عليه، فخرج إليهم عليٌّ وحاجَّهم، ورَجَع عن غَير قِتالٍ

(1)

.

وفي حديث أبي إسحاق الفَزَاري عن شُعبْة عن سلمة بن كُهيل عن أبي جُحَيفة زيادةُ ألفاظٍ، منها: أيمانُ عليٍّ: إني لا أُساكِنُكم في بلدةٍ حتى ألقى الله عز وجل

(2)

.

4754 -

وأخبرني أبو سعيد النَّخَعي، حدثنا عَبْدان الأهوازيُّ، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير [عن أبيه]

(3)

أخبرنا عامر بن السِّمْط

(4)

، عن أبي الجَحّاف، عن معاوية

(1)

رجاله ثقات، لكن ما جاء في هذا الخبر من تعليل اعتزال أولئك القوم عن عليّ بعد صفين بأنه لأجل ما أنكره عليٌّ عليهم من سبِّهم أبا بكر وعمر، فليس ذلك معروفًا في عقيدتهم، بل المعروف عن هؤلاء الخوارج تعظيمهم لأبي بكر وعمر، كما ثبت ذلك في قول الزبير بن العوام لابنه عبد الله بن الزبير فيما أسنده عنه ابن عساكر 39/ 497 بإسناد حسن. وأما الذين يطعنون في أبي بكر وعمر فهم الرافضة لا الخوارج.

ثم إنَّ عبدَ الله بن الكَوَّاء وشَبَثَ بنَ ربعيٍّ ممَّن ثبت رجوعُهم وتوبتُهم عن رأي الخوارج.

(2)

رجاله ثقات. ولعله فيما لم يُعثَر عليه من كتابه "السير".

(3)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، وأثبته الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة"(17618).

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية والمطبوع إلى: السري.

ص: 661

ابن ثَعلبة، عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: "مَن فَارَقَني فقد فارقَ الله، ومن فارقَك فقد فارقَني"

(1)

.

4755 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا شَريك، عن عِمران بن ظَبْيان، عن أبي تِحْيى قال: نادى رجلٌ من الغالِينَ عليًّا وهو في الصلاة - صلاة الفجر - فقال: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]، فأجابَه عليٌّ وهو في الصلاة:{فَأَصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقّ وَلَا يَسْتَخِفَنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: 60]

(2)

.

هذه أحاديثُ صحيحةُ الأسانيد وليست بمُسنَدَةٍ، فكنت أحكُم عليها على ما جَرَى به الرسمُ.

(1)

حديث منكر، وقد سلف الكلام عليه برقم (4674).

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عمران بن ظبيان، ويحيى بن عبد الحميد - وهو الحَمّاني - متابع. وعلي أي حالٍ فقد روي الخبرُ من وجوهٍ أخرى قوية. شريك: هو ابن عبد الله النخعي، وأبو تحيى هو حُكيم بن سعد الحنفي.

وأخرجه البيهقي في 2/ 245 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات"(2371) عن علي بن الجعد، عن شريك النخعي، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 307 من طريق عبد الرحمن بن حُميد الرؤاسي، عن عمران بن ظبيان، به.

وأخرجه ابن الضُّريس في "فضائل القرآن"(15) من طريق حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، فذكر القصة. ورجاله لا بأس بهم.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 21/ 59 من طريقين عن علي بن ربيعة الوالبي، فذكر القصة. وإسناده حسنٌ.

وأخرجه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 3/ 128 من طريق الصلت بن بهرام بنحوه، لكن جعله من قول الخوارج لما خطبهم عليٌّ بعد صفين ورِضاهُ بالتحكيم، وليس في الصلاة. وإسناده صحيح.

ص: 662

‌ومن مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

4756 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفقيه وأبو العباس محمد بن يعقوب، قالا: حدثنا الحسن بن مُكْرَم البزاز، حدثنا عثمان بن عُمر، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دِينار، عن شَريك بن أبي نَمِر، عن عطاء بن يسار، عن أم سَلَمة، قالت: في بيتي نزلَتْ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرَّجْسَ أَهْلَ البَيتِ} [الأحزاب: 33] قالت: فأرسلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى عليٍّ وفاطمةَ والحسنِ والحسينِ، فقال:"هؤلاء أهلُ بَيتي"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

4757 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان المُرادي وبحر بن نصر الخَوْلاني، قالا: حدثنا بِشر بن بكر، حدثنا الأوزاعي، حدثني أبو عمّار، حدثني واثلة بن الأسقع، قال: أتيتُ عليًّا فلم أجِدْه، فقالت لي فاطمة: انطلَقَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يَدعُوه، فجاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلا ودخلتُ معهما، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسنَ والحسينَ، فأقعد كلَّ واحدٍ منهما على فَخِذِه، وأدنى فاطمةَ من حَجْرِه وزَوجَها، ثم لَفَّ عليهم ثوبًا، وقال:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ، ثم قال:"هؤلاء أهلُ بيتي، اللهمَّ أهلي أحقُّ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4758 -

أخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا زكريا بن أبي زائدة، حدثنا مُصعب بن شَيْبة،

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن الصحيح أنه مرسل كما مضى بيانه برقم (3600)، غير أنَّ له طرقًا أخرى يصحُّ بها تقدَّم تخريجها هناك.

(2)

إسناده صحيح.

وقد تقدَّم برقم (3601) من طريق الوليد بن مَزْيَد عن الأوزاعي.

ص: 663

عن صفية بنت شَيْبة، قالت: حدثتني أم المؤمنين عائشةُ، قالت: خرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم غداةً وعليه مِرْطٌ مُرَحَّل

(1)

من شعرٍ أسودَ، فجاء الحسنُ فأدخله معه، ثم جاء الحُسين فأدخله معه، ثم جاءت فاطمةُ فأدخلها معه، ثم جاء عليٌّ فأدخلَه معهم، ثم قال:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!

4759 -

كتب إليَّ أبو علي إسماعيل عن محمد النَّحْوي، يذكر أنَّ الحسن بن عَرَفة حدثهم، قال: حدثني علي بن ثابت الجَزَري، حدثنا بُكير بن مِسمار مولى عامر بن سعد قال: سمعت عامر بن سعد يقول: قال سعدٌ: نزلَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحيُ،

(1)

أُعجمت هذه الكلمة في بعض النسخ الخطية بالجيم وأهملت في بعضها، وكلٌّ صوابٌ، كما قال القاضي عياض في "المشارق" 1/ 284، قال: هو الذي يُوشَّى بصور الرحال، فيقال بالحاء، أو بصور المراجل أو الرّجال، فيكون بالجيم.

(2)

حديث صحيح، ومصعب بن شيبة - وإن كان ليِّن الحديث - قد انتقى له مسلم هذا الحديث، وصحَّحه الترمذي والبغوي، ويشهد له أحاديثُ جماعة من الصحابة تقدمت رواياتهم بالأرقام (3600) و (3601) و (4626) و (4702).

وأخرجه مسلم (2424) من طريق محمد بن بشر، عن زكريا بن أبي زائدة، به. فاستدراك الحاكم ذهولٌ منه.

وسيأتي مختصرًا بذكر المرط المرحَّل برقم (7577) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن أبيه.

وأما المِرْط المرحَّل فقد ثبت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لبسه، كما في حديث عائشة بسند صحيح عند أحمد 41 / (24675) وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي وعليه مِرْط من هذه المُرحَّلات.

وقد جاء أيضًا ذكر صلاته صلى الله عليه وسلم في المِرْط المُرحَّل في حديث حذيفة عند أحمد (23334) وغيره بسند رجاله ليس بهم بأس في قصةٍ: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في مِرْطٍ لبعض نسائه مُرحَّل.

وجاء في رواية عائشة عند أحمد تفسير المرط بأنه أكسية سود.

وقال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 189: المِرْط: كساء يؤتزر به قال أبو عُبيدة: المِرْط قد يكون من صوف ومن خَزٍّ، والمرحّل هو الذي فيه خطوط، ويقال: إنما سُمِّي مرحَّلًا لأنَّ عليه تصاوير رَحْل وما يُشبهه.

ص: 664

فأدخل عليًّا وفاطمةَ وابنَيهما تحت ثَوبِه، ثم قال:"اللهم هؤلاءِ أهلي وأهلُ بَيتي"

(1)

.

4760 -

حدثني أبو الحسن إسماعيل بن محمد الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا جَدِّي، حدثنا أبو بكر بن شَيْبة الحِزاميّ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك، حدثني عبد الرحمن بن أبي بكر المُلَيكي، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عن أبيه، قال: لما نَظَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الرحمةِ هابطةً قال: "ادعُوا لي، ادعُوا لي"، فقالت صَفيّةُ: مَن يا رسول الله؟ قال: "أهلَ بيتي: عليٌّ، وفاطمةُ، والحسنُ والحسينُ"، فجاء بهم، فألقى عليهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم كِساءَه، ثم رَفَعَ يدَيه، ثم قال:"اللهم هؤلاءِ آلي، فصَلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ"، وأنزل الله عز وجل:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وقد صحَّت الرواية على شرط الشيخين أنه علّمهم الصلاة على أهل بيتِه كما علّمَهم الصلاة على آلِه.

4761 -

حدَّثَناهُ أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدثنا أحمد بن زُهير بن حرب، حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا أبو فَرْوة، حدثني عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أنه سمع عبد الرحمن

(1)

صحيح، وهذا إسناد جيد كما تقدَّم بيانه برقم (4626)، فقد تقدم هناك من طريقين عن بُكير بن مسمار ضمن حديث مطوّل.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل عبد الرحمن بن أبي بكر المُلَيكي - وهو ابن عُبيد الله بن أبي مُلَيكة - فإنه ضعيف منكر الحديث، وفي خبره هذا مخالفة في ترتيبه نزول الآية المذكورة بعد القصة، مع أنَّ الصواب أنَّ الآية نزلت قبل القصة كما تدل عليه الروايات السابقة.

وأخرجه البزار (2251) عن عبد الله بن شبيب، والثعلبي في "تفسيره" 8/ 43 من طريق أبي زرعة الرازي، كلاهما عن عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة المُلَيكي، بهذا الإسناد. ولم يذكرا في روايتهما صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآله. وجاء في رواية البزار أنَّ الذي دعاهم ابنته صلى الله عليه وسلم، وفي رواية الثعلبي أنَّ الذي دعاهم زينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا اضطراب في متن الخبر، وهو علة أخرى فيه.

ص: 665

ابن أبي ليلى يقول: لَقِيَني كعبُ بن عُجْرة، فقال: ألا أُهدي لك هديةً سمعتُها من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى - قال: - فاهدِها إليّ، قال: سألْنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله، كيف الصلاةُ عليكم أهلَ البيت؟ قال:"قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ، وعلى آل محمدٍ، كما صليتَ على إبراهيمَ، وعلى آلِ إبراهيمَ، إنك حميدٌ مجيدٌ، اللهم بارِك على محمدٍ، وعلى آل محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيمَ، وعلى آلِ إبراهيمَ، إنك حميدٌ مجيدٌ"

(1)

.

وقد روى هذا الحديثَ بإسناده وألفاظِه حرفًا بعد حرفٍ الإمامُ محمدُ بنُ إسماعيل البُخاري عن موسى بن إسماعيل في "الجامع الصحيح"، وإنما خَرّجته ليعلَمَ المُستفيدُ أنَّ أهلَ البيتِ والآلِ جميعًا هُم.

وأبو فَرْوة: هو عُرْوة بن الحارث الهَمْداني

(2)

من أوثَق التابعين بالكُوفة.

4762 -

حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن مُصلِح الفقيه بالرَّيّ، حدثنا محمد بن

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي فَرْوة - واسمه مسلم بن سالم النَّهدي - فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع.

وأخرجه البخاري (3370) عن قيس بن حفص وموسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 30/ (18104) و (18105) و (18127)، والبخاري (4797) و (6357)، ومسلم (406)، وأبو داود (976)، وابن ماجه (904)، والترمذي (483)، والنسائي (1212) و (1213) و (9799)، وابن حبان (912) و (1957) و (1964) من طريق الحكم بن عُتيبة، والنسائي (10119) من طريق مجاهد، كلاهما عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة. وبعضهم يقتصر على ذكر آل إبراهيم دون ذكر إبراهيم، وبعضهم يقتصر على ذكر إبراهيم دون آله.

ورواية الحكم عند النسائي في روايته الأولى وابن حبان في روايته الثانية وكذلك رواية مجاهد كرواية أبي فروة، يعني بذكر إبراهيم وآل إبراهيم جميعًا.

وأخرجه النسائي (1211) من طريق عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به.

(2)

كذا جزم المصنف بأنَّ أبا فروة في إسناد حديث كعب بن عجرة هو عروة بن الحارث، وإنما هو مسلم بن سالم النَّهدي كما قيَّده البخاري في "تاريخه" في ترجمة عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى 5/ 164، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 5/ 126.

ص: 666

أيوب، حدثنا يحيى بن المُغيرة السَّعْدي، حدثنا جَرير بن عبد الحميد، عن الحسن بن عُبيد الله النَّخَعي، عن مُسلم بن صُبَيح، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني تاركٌ فيكم الثَّقَلين: كتابَ الله، وأهلَ بيتي، وإنهما لن يتفرّقا حتى يَرِدا علَيَّ الحَوضَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

4763 -

حدثنا أبو جعفر أحمد بن عُبيد بن إبراهيم الحافظ الأسدي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن دِيزِيلَ، حدثنا إسماعيل بن أبي أُويس، حدثنا أبي، عن حُميد بن قيس المكّي، عن عطاء بن أبي رَباح وغيرِه من أصحاب ابن عبّاس، عن عبد الله بن عبّاس، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يا بَني عبد المُطَّلب، إني سألتُ الله لكم ثلاثًا: أن يُثبِّتَ قائمَكم، وأن يهديَ ضالَّكُم، وأن يُعلِّمَ جاهلَكم، وسألتُ الله أن يجعلَكم جُوَداءَ نُجَداءَ رُحَماءَ، فلو أنَّ رجلًا صَفَنَ بين الرُّكنِ والمقامِ فصلَّى وصامَ، ثم لقيَ الله وهو مُبغِضٌ لأهل بيتِ محمدٍ، دخَلَ النارَ"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 536، والبزار (4325)، والطبراني في "الكبير"(4981) و (4982)، وابن عساكر في "معجمه"(1026)، وأبو القاسم الرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" 3/ 465 من طرق عن جَرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم برقم (4627) من طريق أبي الطُّفيل عامر بن واثلة عن زيد بن أرقم.

(2)

إسناده ضعيف، أبو أويس - واسمه عبد الله بن عَبد الله بن أويس الأصبحي - وابنه كلاهما من بابةٍ واحدة، فكلٌّ منهما فيه ضعف إذا انفرد، ويعتبر به في المتابعات والشواهد ولم يتابعا.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1546)، والطبراني في "الكبير"(11412)، وأبو القاسم بن بشران في الجزء الأول من "أماليه"(465)، وابن الأبار في معجم أصحاب أبي علي الصّدفي" ص 127 من طرق عن إسماعيل بن أبي أويس، بهذا الإسناد.

وانظر ما سيأتي برقم (4768).

قوله: "صَفَنَ" أي: صَفَّ رجليه قائمًا.

ص: 667

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.

4764 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا تَليد بن سليمان، حدثنا أبو الجَحَّاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: نَظَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى عليّ وفاطمة والحسنِ والحسينِ فقال: "أنا حَرْبٌ لمن حارَبَكُم، وسِلْمٌ لمن سَالَمكُم"

(1)

.

هذا حديث حسنٌ من حديث أبي عبد الله أحمد بن حنبل عن تَلِيد بن سليمان، فإني لم أجد له روايةً غيرَها.

وله شاهدٌ عن زيد بن أرقَمَ:

4765 -

حدَّثناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوْري، حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا أسباط بن نصر الهَمْداني، عن إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدِّي، عن صُبَيح مولى أم سلمة، عن زيد بن أرقَمَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال لِعليٍّ وفاطمةَ والحَسنِ والحُسين: "أنا حَرْبٌ لمن حاربتُم، وسِلْمٌ لمن سالمتُم"

(2)

.

(1)

إسناده تالف من أجل تَلِيد بن سُليمان، فهو رافضي، وقد ضعّفه الأكثرون وكذّبه جماعةٌ من الأئمة. وقال المصنِّف نفسُه في "المدخل إلى الصحيح" (29): رديء المذهب منكر الحديث، روى عن أبي الجحّاف أحاديث موضوعة، كذّبه جماعة من أئمتنا.

وهو في "مسند أحمد" 15 / (9698).

وانظر ما بعده.

(2)

إسناده ضعيف، صُبيح مولى أم سلمة في حاله جهالة، روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "ثقاته"، وقال الترمذي في "سننه": ليس بمعروف، وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 317 وقال فيه: مولى زيد بن أرقم قلنا: وقد تفرد بهذا الخبر.

وأخرجه ابن ماجه (145)، وابن حبان (6977) من طرق عن أبي غسان مالك بن إسماعيل النَّهْدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (3870) من طريق علي بن قادِم عن أسباط بن نصر، به. وقال: هذا حديث =

ص: 668

4766 -

حدثنا مُكرَم بن أحمد القاضي، حدثنا أحمد بن علي الأبّار، حدثنا إسحاق بن سعيد بن الأُرْكُون الدمشقي، حدثنا خُليد بن دَعْلَج أبو عمرو السَّدوسِيّ - أظنه عن قَتَادة - عن عطاء، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النجومُ أمانٌ لأهل الأرض من الغَرَق، وأهلُ بيتي أمانٌ لأُمّتي من الاختلافِ، فإذا خالَفَها قبيلةٌ من العربِ اختَلفُوا فصاروا حِزبَ إبليسَ"

(1)

.

= غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه وصبيح مولى أم سلمة ليس بمعروف.

وقد تابع إسماعيلَ بن عبد الرحمن السُّدِّي عليه إبراهيمُ بن عبد الرحمن بن صُبَيح، يرويه عن جده صُبيح عن زيد بن أرقم. أخرجه أبو طاهر الذهلي في "جزئه" بانتقاء الدارقطني (154) من طريق أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، والطبرانيُّ في "الكبير"(2620) و (5031)، وفي "الأوسط"(7259)، وأبو طاهر المخلِّص في "المُخلِّصيات"(2715)، والمصنف في "فضائل فاطمة الزهراء"(62)، وابن عساكر 13/ 219 من طريق سليمان بن قَرْم، كلاهما عن أبي الجَحّاف، وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(2854) من طريق أبي مضاء، كلاهما (أبو الجَحّاف وأبو مضاء) عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن صُبَيح، عن جده صُبَيح، عن زيد بن أرقم.

وأخرجه المصنّف في "فضائل فاطمة (63)، وابن عساكر 13/ 218 من طريق المنذر بن محمد بن اللخمي، قال: حدثني أبي، حدثنا عمي، عن أبيه، عن أبان بن تغلب، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن زيد بن أرقم. قال الدارقطني عن المنذر بن محمد: متروك الحديث.

(1)

إسناده تالف من أجل ابن الأُرْكُون وخُلَيد بن دَعْلج، فإنهما ليسا بشيء منكرا الحديث، وتعقّب الذهبيُّ تصحيحَ الحاكم له فقال في "تلخيصه": بل موضوع، وابن أركون ضعّفوه وكذا خليد ضعّفه أحمد وغيره.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(11479)، وفي "الأوسط"(743) عن أحمد بن علي الأبار، بهذا الإسناد. ولم يذكر فيه قتادة. وسيُعيده المصنِّف برقم (7135) من طريق محمد بن أحمد بن الوليد الكرابيسي عن إسحاق بن سعيد، ليس فيه ذكر قتادة كذلك.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 538، وتمّام الرازي في "فوائده"(283) و (284)، وابن عساكر 8/ 217 من طرق عن إسحاق بن سعيد بن أُرْكُون، به.

وأخرجه بنحوه أبو الفتح الأزدي كما في "اللآلئ المصنوعة" للسيوطي 1/ 79، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات"(298) من طريق وهب بن حفص الحرّاني، عن محمد بن سليمان =

ص: 669

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4767 -

أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه وأبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي قالا: حدثنا عثمان بن سعيد الدّارمي، حدثنا علي بن بَحْر بن بَرِّي، حدثنا هشام بن يوسف الصَّنْعاني.

وحدثنا أحمد بن سَهْل الفقيه ومحمد بن علي الكاتب البُخارِيّان ببُخارَى، قالا:

حدثنا صالح بن محمد بن حَبيب الحافظ، حدثنا يحيى بن مَعِين، حدثنا هشام بن يوسف، حدثني عبد الله بن سليمان النَّوفَلي، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عبّاس، عن أبيه، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحِبُّوا اللهِ لِمَا يَعْذُوكُم به من نِعَمِه، وأحِبُّوني لحُبِّ الله، وأحِبُّوا أهلَ بيتي لحُبِّي"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4768 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسن الأصبَهاني، حدثنا محمد بن بُكير الحضرمي، حدثنا محمد بن فُضيل الضَّبِّي، حدثنا أبان بن تَغلِب، عن جعفر بن إياس، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد الخُدْري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيدِه، لا يُبغِضُنا أهلَ البيت أحدٌ إِلَّا أَدخلَه اللهُ النارَ"

(2)

.

= الحرَّاني، عن خُليد بن دعلج، به. ووهب الحرّاني كذاب يضع الحديث.

وانظر حديث جابر السالف برقم (3717).

(1)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن سليمان النَّوفلي، فلم يرو عنه غير هشام بن يوسف الصَّنْعاني، ولم يؤثر توثيقه عن أحدٍ، ومع ذلك حسَّن الترمذيُّ حديثَه هذا!

فقد أخرجه الترمذي (3789) عن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، عن يحيى بن مَعِين، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن بُكير الحضرمي. أبو نَضْرة: هو المنذر بن مالك بن قِطْعة العَبْدي.

وأخرجه ابن حبان (6978) من طريق هشام بن عمار، عن أسد بن موسى، عن سُليم بن حيّان، عن =

ص: 670

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4769 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مَهدي بن رُستُم، حدثنا الخليل بن عمر بن إبراهيم، حدثنا عمر بن سعيد الأبَحّ، عن سعيد بن أبي عَرُوبة عن قَتَادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَعَدَني ربّي في أهل بيتي من أقرَّ منهم بالتوحيدِ ولي بالبلاغِ، أن لا يُعذّبَهم"

(1)

.

قال عمر بن سعيد الأبَحّ: وماتَ سعيد بن أبي عَروبة يوم الخميس، وكان حدَّث بهذا الحديثِ يومَ الجمعة مات بعدَه بسبعةِ أيام في المسجد، فقال قومٌ: لا جزاك الله خيرًا، صاحبُ رفض وبَلاء

(2)

، وقال قوم: جزاك الله خيرًا، صاحبُ سنةٍ وجماعة، أدَّيتَ ما سمعتَ.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4770 -

أخبرني جعفر بن محمد بن نُصير الخُلْدي، ببغداد، حدثنا موسى بن

= أبي المتوكّل الناجي، عن أبي سعيد الخُدْري. وإسناده حسن.

وسيأتي برقم (8234) مجموعًا إليه حديث التغليظ في قتل المسلم، من طريق عطية العوفي عن أبي سعيد.

وانظر ما سيأتي برقم (5522) و (7137).

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل عمر بن سعيد الأبَحّ، فقد قال عنه البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، وقال ابن حبان في "المجروحين" 2/ 87: هو عندي ساقط الاحتجاج فيما انفرد به، وقد روى عن سعيد بن أبي عَروبة عن قتادة عن أنس نسخة لم يتابع عليها.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 5/ 48، وأبو طاهر الذهبي في "المُخلِّصيات"(1598) من طريق الخليل بن عمر العَبْدي، عن عمر بن سعيد الأبَحّ، به مختصرًا بلفظ:"وعدني ربّي في أهل بيتي من أقر منهم بالتوحيد". وقال ابن عدي وقوله: "في أهل بيتي": هذا المتن منكر بهذا الإسناد.

(2)

عبارة: "لا جزاك الله خيرًا، صاحب رفض وبلاء" لم ترد في (ص) و (م) و (ع)، وأثبتناها من (ز) و (ب)، غير أنَّ كلمة "رفض" وقعت فيهما:"رحض" بالحاء المهملة بدل الفاء، ولا معنى لها هنا، فلذلك أثبتنا ما في المطبوع والمعنى: صاحب ميل إلى مذهب الرافضة.

ص: 671

هارون، حدثنا قُتَيبة بن سعيد، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن بُكير بن مِسْمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: لما نزلت هذه الآية: {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ} الآية [آل عمران: 61]، دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليًّا وفاطمة وحَسنًا وحُسينًا، فقال:"اللهمَّ هؤلاءِ أهلي"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4771 -

أخبرني أحمد بن جعفر بن حَمْدان الزاهد ببغداد، حدثنا العباس بن إبراهيم القَراطيسي، حدثنا محمد بن إسماعيل الأحْمَسي، حدثنا مُفضَّل بن صالح، عن أبي إسحاق، عن حَنَشٍ الكِناني، قال: سمعتُ أبا ذر يقولُ وهو آخِذٌ بباب الكعبة: مَن عَرَفني فأنا مَن عَرفني، ومن أنكرني فأنا أبو ذرٍّ، سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:"ألا إِنَّ مَثَلَ أهلِ بيتي فيكم مَثَلُ سفينةِ نُوحٍ، مَن رَكِبها نجا، ومن تَخلَّفَ عنها هَلَكَ"

(2)

.

(1)

إسناده جيد من أجل بُكير بن مِسْمار، فهو صدوق لا بأس به، لكن المحفوظ أنَّ قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا لعلي وفاطمة وابنيهما كان بعد نزول آية الأحزاب، وهي قوله تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ، وقد سلف التنبيه على ذلك عند الرواية المطوَّلة المتقدمة برقم (4626)، أما الآية المذكورة هنا فتسمَّى آية المباهَلة.

وأخرجه الترمذي (2999) عن قتيبة بن سعيد بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح غريب.

وبمثل لفظه هنا لكن دون ذكر نص الآية تقدم برقم (4759) من طريق ثابت بن علي الجزري عن بُكير بن مسمار.

وسيتكرر برقم (4772).

وأما قصة المباهلة التي نزلت فيها الآية المذكورة هنا، فأخرج سعيد بن منصور في قسم التفسير من "سننه"(500)، وابن أبي شيبة 12/ 98 و 14/ 549 وغيرهما عن الشَّعْبي مرسلًا: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يلاعن أهل نجران أخذ بيد الحسن والحسين، وكانت فاطمة تمشي خلفه. ورجاله ثقات.

ونحوه عن الحسن البصري مرسلًا عند أحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(1374)، ورجاله ثقات أيضًا.

(2)

إسناده واهٍ من أجل مُفضَّل بن صالح، فهو منكر الحديث ووهَّاه الذهبي في "تلخيصه"، =

ص: 672

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4772 -

حدثنا حدثنا جعفر بن محمد الخُلْدي وأبو بكر بن بالَوَيهِ، قالا: حدثنا موسى بن هارون، حدثنا قُتَيبة

(1)

بن سعيد، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن بُكير بن مِسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: لما نزلت هذه الآية {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليًا وفاطمةَ وحُسنًا وحُسينًا، فقال:"اللهمَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي"

(2)

.

اتفق الشيخان على صحة هذا الإسناد، واحتجّا به ولم يُخرجاه، إنما خرَّجا بهذا الإسناد قصة أبي تُراب

(3)

.

4773 -

حدثنا عبد الباقي بن قانع الحافظ، حدثنا الحسين بن أحمد بن منصور سَجَادة، حدثنا عبد الله بن داهرٍ الرازي، حدثنا عبد الله بن عبد القُدّوس، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن حَنَش بن المُعتمِر، قال: رأيتُ أبا ذرٍّ وهو آخذٌ بعِضادَتَي الكعبةِ، وهو يقول: من عَرَفني فقد عَرَفني، ومن أنكرني فأنا أبو ذَرٍّ الغِفاريُّ، سمعت

= وحنشٌ ليس بقوي. وقد تقدم برقم (3351) من طريق يونس بن بُكير عن مفضَّل بن صالح.

وسيأتي برقم (4773) من طريق ضعيف جدًّا عن الأعمش عن أبي إسحاق: وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.

وهو عند أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القَطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد (1402)، ومن طريقه أخرجه قاضي المارستان في "مشيخته"(10).

وأخرجه أبو عبد الله الفاكهي في "أخبار مكة"(1904) عن إسماعيل بن محمد الأحمسي، بهذا الإسناد. كذا سمَّى شيخه إسماعيل بن محمد، وقد سماه بذلك غير مرة.

(1)

وقع في (ز) وحدها: بسر، بدل "قتيبة"، وهو خطأ.

(2)

إسناده جيد، وهو مكرر الحديث المتقدم برقم (4770).

(3)

أخرج مسلم بهذا الإسناد (2404)(32) هذا الحديث بعينه - أي: حديث المباهلة - عن قتيبة بن سعيد ضمن حديث مطوَّل، ولم يخرجه البخاري، بل لم يخرج البخاري لبكير بن مسمار شيئًا، فضلًا عن أن يكون احتجَّ به كما زعم المصنّف. والمراد بقوله: قصة أبي تراب، يعني قول معاوية بن أبي سفيان لسعد بن أبي وقاص في ذلك الحديث المطوّل: ما يمنعك أن تَسُبَّ أبا تراب.

ص: 673

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَثَلُ أهلِ بيتي فيكم مَثَلُ سفينةِ نوح في قومه، من ركبها نَجَا، ومن تَخلَّف عنها غَرِقَ، ومَثَلُ حِطّةٍ لبني إسرائيل"

(1)

.

‌ذكرُ مناقب فاطمةَ بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

4774 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري، حدثنا إسحاق بن منصور السَّلُولي، حدثنا إسرائيل، عن مَيسَرة بن حَبيب، عن المِنهال بن عمرو عن زِرِّ بن حُبَيش، عن حُذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نَزَلَ ملَكٌ من السماء، فاستأذنَ الله أن يُسلِّم عَليَّ، لم يَنزِلْ قبلَها، فبشَّرني أن فاطمةَ سيدةُ نساءِ أهلِ الجنة"

(2)

.

تابعه أبو مريم

(3)

الأنصاري عن المِنهال:

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل عبد الله بن داهِر الرازي، فهو متروك، ولم يُحسِّن القولَ فيه غيرُ صالح بن محمد المُلقّب بجزرة، ولم يُصِب، وعبد الله بن عبد القدوس مختلَف فيه وهو إلى الضعف أقرب، وحنشٌ ليس بقوي.

وقد تقدَّم الحديث برقم (3351) و (4771) من طريق مفَضَّل بن صالح، وهو واهٍ، فلا يُفرح بمتابعته تلك.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2637)، وفي "الأوسط"(3478)، وفي "الصغير"(391)، ومن طريقه ابن الشجري في "أماليه" 1/ 156، عن الحسين بن أحمد بن منصور سَجّادة، بهذا الإسناد.

وعِضادتا الباب: الخشبتان المنصوبتان عن يمينه وشماله.

(2)

إسناده صحيح. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي.

وأخرجه أحمد 38/ (23329)، والترمذي (3781) والنسائي (8240) و (8307) من طرق عن إسرائيل بن يونس، بهذا الإسناد. ضمن قصة، وزادوا جميعًا في المرفوع:"ويُبشِّرني أَنَّ الحَسن والحُسين سيدا شباب أهل الجنة". وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

(3)

وقع في (ز) و (ب) هنا وفي الحديث: أبو مري، وضبّب فوقها في (ز)، والمثبت من (ص) و (م) و (ع) هو الصحيح، لأنَّ أبا مريم هذا هو عبد الغفار بن القاسم. ولعلَّ ما وقع في (ز) و (ب) يكون ترخيم اسم "مريم"، والله أعلم.

ص: 674

4775 -

أخبرَناهُ علي بن عبد الرحمن بن عيسى، حدثنا الحسين بن الحَكَم الحِبَري، حدثنا الحسن بن الحسين العُرَني، حدثنا أبو مريم الأنصاري، عن المِنهال بن عمرو، عن زِرِّ بن حُبيش، عن حُذيفة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"نَزَلَ من السماءِ ملكٌ، فاستأذنَ الله يُسلِّمُ عَلَيَّ، لم يَنزِلْ قبلَها، فبَشَّرنِي أَنَّ فاطمةَ سيدةُ نساءِ أهلِ الجنة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4776 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطّة، حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا الأصبهاني، حدثنا إسماعيل بن عمرو البَجَلي، حدثنا الأجلَح بن عبد الله الكِنْدي، عن حَبيب بن ثابت، عن عاصم بن ضَمْرة، عن عليٍّ، قال: أخبرني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أنَّ أول من يدخلُ الجنة أنا وفاطمةُ والحسنُ والحُسينُ، قلت: يا رسول الله، فمُحِبُّونا، قال:"مِن ورائِكُم"

(2)

.

(1)

إسناده تالف من أجل أبي مريم الأنصاري - واسمه عبد الغفار بن القاسم - فهو متروك، واتهمه بعضهم بوضع الحديث، والراوي عنه الحَسن بن الحُسين العُرَني متفق على ضعفه.

وانظر ما قبله.

(2)

حديث منكر جدًّا، وإسناده ضعيف لضعف إسماعيل بن عمرو البَجَلي، فقد كان ضعيفًا ذا مناكير وغرائب، وروي هذا الخبر عنه بإسناد آخر أسوأ حالًا من هذا. وقال الذهبي في "تلخيصه": الحديث منكر من القول، يشهد القلبُ بوضعه.

وأخرجه المصنف في "فضائل فاطمة"(59)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ 169 من طريق عبيد الله بن محمد العائشي التيمي، عن إسماعيل بن عمرو البجلي، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه ابن الأعرابي في "معجمه"(575)، وأبو بكر القطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد (1068)، والثعلبي في "تفسيره" 8/ 311، وابن عساكر 14/ 169 من طريق عُبيد الله بن محمد العائشي، عن إسماعيل بن عمرو البجلي، عن عمر بن موسى الوجيهي، عن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده الحسين، عن عليٍّ. لكن دون ذكر فاطمة وذكر بدلًا منها عليًا. وعمر بن موسى الوجيهي متروك متهم بوضع الحديث، وحمله عن العائشي رجلان ضعيفان جدًّا، وهما محمد بن يونس الكديمي ومحمد بن زكريا الغَلَابي.

ص: 675

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4777 -

حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن يزيد العَدْل ببغداد، حدثنا أبو بكر محمد بن أبي العوّام الرَّياحي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العَوّام بن حَوشَب، عن عمرو بن مُرّة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي بن أبي طالب قال: أتانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَ رِجلَه بيني وبين فاطمةَ، فعلمنا ما نقول إذا أَخَذْنَا مَضاجِعَنا، فقال:"يا فاطمةُ، إذا كنتما بمنزلَتِكما هذه، فسبِّحا الله ثلاثًا وثلاثين، واحمَدا ثلاثًا وثلاثين، وكبِّرا أربعًا وثلاثين".

قال عليٌّ: واللهِ ما تركتُها

(1)

بعدُ، فقال له رجلٌ كان في نفسِه عليه شيءٌ: ولا ليلةَ صِفِّينَ؟ قال عليٌّ: ولا ليلةَ صِفّينَ

(2)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: تركتهما، بصيغة التثنية.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي بكر محمد بن أبي العَوّام الرِّيَاحي - وهو محمد بن أحمد بن يزيد - فهو صدوق، وقد توبع.

وأخرجه أحمد 2 / (1229)، وأخرجه أيضًا النسائي (10582) عن أحمد بن سليمان الرُّهاوي، كلاهما (أحمد بن حنبل وأحمد بن سليمان) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (740) و (1141)، والبخاري (3113) و (3705) و (5361) و (6318)، ومسلم (2727)، وأبو داود (5062)، وابن حبان (5524) و (6921) من طريق الحكم بن عُتيبة، وأحمد (604)، والبخاري (5362)، ومسلم (2727)، والنسائي (10581)، وابن حبان (5529) من طريق مجاهد بن جبر، كلاهما عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عليٍّ. وذكر مجاهد في روايته والحكم عند ابن حبان في الموضع الأول سبب تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لعليٍّ وفاطمة هذا الذكر، وهو أنَّ فاطمة سألته صلى الله عليه وسلم خادمًا، فعلّمهما هذا الذكر.

وأخرجه بنحوه أحمد (838) من طريق السائب الثقفي، وأحمد (996)، والترمذي (3408) و (3409)، والنسائي (9127)، وابن حبان (6922) من طريق عبيدة السِّلْماني، وأحمد (1313)، وأبو داود (2988) من طريق علي بن أعبد، وأحمد (1250) من طريق هُبيرة بن يَريم، والنسائي (10583) من طريق شَبَثِ بن رِبعيّ، كلهم عن عليّ بن أبي طالب.

وقد ورد في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة لما سألته خادمًا دعاءٌ آخر غير هذا سيأتي عند المصنف برقم =

ص: 676

صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه

(1)

.

4778 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بكّار بن قُتَيبة القاضي بمصر، حدثنا أبو داود الطَّيالسي، حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَّام، عن أبي أسماء الرَّحَبي، عن ثَوْبان قال: دخلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على فاطمةَ وأنا معه، وقد أخذَتْ من عُنقها سِلْسلةً من ذَهَبٍ، فقالت: هذه أهداها إليَّ أبو حَسن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا فاطمةُ، أيَسُرُّكِ أن يقول الناسُ: فاطمةُ بنتُ محمد، وفي يَدِك سِلْسَلَةٌ من نار؟! "، ثم خرج ولم يَقعُدْ، فعَمَدتْ فاطمةُ إلى السِّلِسلة فاشترت غُلامًا فأعتقَتْه، فبلغَ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال:"الحمدُ لله الذي نَجّى فاطمةَ من النار"

(2)

.

= (4796)، وجاء في رواية جمع الدعائين معًا كما سيأتي، فزال الإشكال، ويكون صلى الله عليه وسلم قد علَّم فاطمة كلا الدعائين.

(1)

بل قد أخرجاه كما تقدم من طريقين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، فلا يستدرك عليهما فيه.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن يحيى بن أبي كثير سمعه بواسطة زيد بن سلام عن جده أبي سلَّام - واسمه ممطور الحبشيَّ - كما سيأتي، على أن يحيى بن أبي كثير لم يسمع من أبي سلَّام مباشرة، وربما روى من كتاب أبي سلام وِجادةً إذ كان عند يحيى، وأما سماع يحيى بن أبي كثير من زيد بن سلّام فصحيح ثابت، فقد صرَّح بسماعه منه في غير حديث، وصرَّح يحيى بأنَّ زيدًا كان يأتيهم فيسمعون منه، ولذلك جزم أبو حاتم الرازي بسماعه منه ردًّا على ابن معين، وقال أحمد في "سؤالات الأثرم": ما أشبهه بسماعه منه. قلنا: فصح الإسناد بذكر زيد بن سلّام.

هشام: هو ابن سَنْبَر الدَّستوائي، وأبو داود الطيالسي هو سليمان بن داود، وأبو أسماء الرَّحَبي: هو عمرو بن مَرثد.

وأخرجه النسائي (9379) من طريق النضر بن شُميل، عن هشام الدستُوائي، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (9378) من طريق معاذ بن هشام الدَّستُوائي، عن أبيه، عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني زيد - وهو ابن سلّام - عن أبي سلام، به. فذكر زيدَ بنَ سلّام مصرِّحًا فيه يحيى بسماعه منه.

وكذلك أخرجه أحمد 37 / (22398) من طريق همّام بن يحيى العَوْذي، عن يحيى بن أبي كثير، =

ص: 677

صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4779 -

أخبرنا أبو الحُسين أحمد بن عثمان الأَدَمي ببغداد، حدثنا سعيد بن عثمان الأَهْوازي، حدثنا محمد بن عُقبة

(1)

السَّدوسي، حدثنا محمد بن حُمْران القَيسي

(2)

، حدثنا معاوية بن هشام.

وحدَّثَناهُ أبو محمد المُزَني، حدثنا محمد بن عبد الله الحَضْرمي وعبد الله بن غَنّام، قالا: حدثنا أبو كُرَيب، حدثنا معاوية بن هشام.

وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا علي بن محمد بن خالد المُطرِّز، حدثنا علي بن المثنّى الطَّهَوي، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا عَمرو بن غِياث، عن

= حدثني زيد بن سلّام، أن جدّه حدثه به. فزاد في الإسناد أيضًا زيد بن بن سلّام مصرِّحًا فيه يحيى بسماعه منه. وانظر تمام الكلام على معناه فيه.

وسيتكرر هذا الحديث بهذا الإسناد برقم (4782).

(1)

وقع في نسخنا الخطية و"إتحاف المهرة"(12582): محمد بن يعقوب، وهو خطأ صوَّبناه من "فضائل فاطمة" للمصنّف (51)، حيث أورد هذا الإسناد بعينه، فسمّاه محمد بن عقبة السَّدُوسي، وهو المعروف بالرواية عن محمد بن حُمران القيسي.

(2)

ثبت اسم محمد بن حُمران في أصول "المستدرك"، ولم يَرِد في "فضائل فاطمة" للمصنِّف مع أنه رواه بهذا الإسناد بعينِه، وكذلك رواه البزار (1829) عن محمد بن عقبة السَّدوسي عن معاوية بن هشام، فلم يذكر بينهما أحدًا، لكن رواه ابن عدي 5/ 58 عن أبي يعلى الموصلي، عن محمد بن عقبة، عن محمد بن عمرو الزُّهْري، عن معاوية بن هشام. فذكر بين محمد بن عقبة وبين معاوية رجلًا سماه محمد بن عمرو الزُّهْري، وقد خالف أبا يعلى - في رواية ابن عدي عنه - إبراهيمُ بنُ هاشم البغوي عند أبي نعيم الأصبهاني في "الحلية" 4/ 188، وفي "فضائل الخلفاء الراشدين"(139) فرواه عن محمد بن عقبة السَّدوسي ومحمد بن عمرو الزُّهْري، عن معاوية بن هشام. فقرن فيه بين محمد بن عقبة ومحمد بن عمرو الرازي، وكذلك رواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" الكبير" كما في "المطالب العالية" للحافظ (3959)، فاتفق بذلك مع رواية من لم يذكر في إسناده محمد بن حمران القيسي بين محمد بن عقبة ومعاوية بن هشام، فصحَّ بذلك أنَّ عدم ذكره في هذا الإسناد أولى، وإن كان محمد بن عقبة يروي عن محمد بن حُمران في الجُملة، فقد روى عنه غير ما رواية.

ص: 678

عاصم، عن زِرّ بن حُبيش، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ فاطمةَ أحصنَتْ فَرْجَها، فحرَّم اللهُ ذُرِّيَّتَها على النارِ"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف بمرَّة من أجل عَمرو بن غياث - ويقال فيه: عُمر - فقد قال البخاري: في حديثه نظر، وقال البخاري وأبو حاتم وابن عدي: منكر الحديث، وقال ابن حبان: يروي عن عاصم - وهو ابن أبي النَّجُود - ما ليس من حديثه. وقال البخاري أيضًا: لم يذكر سماعًا من عاصم. وقال الذهبي في "الميزان": آفته عمرو.

وقد اختُلف عنه في رفع الحديث ووقفه كما نبَّه عليه العُقيلي في "الضعفاء" 3/ 46، وقال: الموقوف أولى.

وذكر البزار في "مسنده"(1829)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 58، والدارقطني في "العلل"(710) أنه اختُلف عنه أيضًا في وصل الحديث وإرساله.

وقد تابعه على وصل الحديث ورفعه تَلِيد بن سليمان، وهو أسوأ حالًا منه، فلا اعتداد بمتابعته تلك. وله متابعة ثالثة ستأتي لكن فيها رجالٌ متروك متهم، فلا يُفرَح بها.

وأخرجه المصنف في "فضائل فاطمة الزهراء"(51) عن أبي الحُسين أحمد بن عثمان بن يحيى الأدَمي البزاز، عن سعيد بن عثمان الأهوازي، عن محمد بن عقبة، عن معاوية بن هشام، به. فلم يذكر واسطة بين محمد بن عقبة ومعاوية بن هشام، وهذا أولى. فقد أخرجه البزار (1829)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية"(3959) عن محمد بن عقبة السَّدوسي، قال: حدثنا معاوية بن هشام، به.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 5/ 58 عن أبي يعلى الموصلي، عن محمد بن عقبة السدوسي، عن محمد بن عمرو الزُّهْري، عن معاوية بن هشام، بهذا الإسناد. فذكر محمد بن عمرو الزُّهْري بدل محمد بن حُمران القيسي.

وأخرجه أبو نُعيم في "حلية الأولياء" 4/ 188، وفي "فضائل الخلفاء الراشدين"(139) من طريق إبراهيم بن هاشم البغوي، عن محمد بن عقبة السدوسي ومحمد بن عمرو الزُّهْري، كلاهما عن معاوية بن هشام، به. فقرن بين محمد بن عقبة ومحمد بن عمرو الزُّهْري خلافًا لصنيع أبي يعلى في رواية ابن عدي عنه، وهذه أولى لموافقتها لرواية أبي يعلى في "مسنده الكبير".

وأخرجه المصنّف في "فضائل فاطمة"(52) عن أبي محمد المُزني، به.

وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(1145)، والطبراني في "الكبير"(2625) و 22/ (1018) والمصنف في "فضائل فاطمة"(52)، وتمام الرازي في "فوائده"(357)، وأبو نُعيم الأصبهاني =

ص: 679

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4780 -

حدثني أحمد بن بالوَيهِ العَفْصي من أصلِ كتابه، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، حدثنا أبو مُسلِم قائدُ الأعمش، حدثنا الأعمش، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُبعَثُ الأنبياءُ يومَ القيامة على الدّوابِّ ليُوافُوا بالمؤمنين مِن قومِهم المَحشَرَ، ويُبعَثُ صالحٌ على ناقتِه، وأُبعَثُ على البُراق، خَطْوُها عند أقصى طَرْفها، وتُبعَثُ فاطمةُ أَمامي"

(1)

.

= في "الحلية" 4/ 188، وفي "فضائل الخلفاء الراشدين"(139)، وفي "معرفة الصحابة"(7329)، وابن عساكر 63/ 30، وابن الجوزي في "الموضوعات"(781) من طرق عن أبي كريب محمد بن العلاء، به.

وأخرجه ابنُ عدي 5/ 58، وأبو حفص بن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة"(181)، وفي "فضائل فاطمة"(10)، وأبو نُعيم في "الحلية" 4/ 188، وابنُ المغازلي في "مناقب علي"(403)، وابن عساكر 14/ 173 - 174، وابن الجوزي (782) من طرق عن علي بن المثنى الطَّهَوي، به.

وأخرجه العُقيلي في "ضعفائه" 3/ 46 من طريق أحمد بن موسى الأزدي، عن معاوية بن هشام، به موقوفًا على عبد الله بن مسعود. وقال العقيلي: هذا أَولى.

وأخرجه ابن عدي 5/ 58، وتمام في "الفوائد"(358)، وابن عساكر 63/ 60 من طريق أبي نُعيم الفضل بن دُكَين، عن عمرو بن غياث، عن عاصم، عن زرٍّ مرسلًا. وقال الخطيب البغدادي فيما نقله عنه أبو القاسم المهرواني في "المهروانيات" (69): قول أبي نعيم أشبه بالصواب.

وأخرجه ابن شاهين في "فضائل فاطمة"(12)، ومن طريقه ابن عساكر 14/ 174 من طريق تَلِيد بن سليمان عن عاصم، عن زِرٍّ، عن ابن مسعود مرفوعًا. وتَلِيد بن سليمان ضعيف جدًّا.

وأخرجه كذلك مرفوعًا متصلًا ابن شاهين (11)، وأبو القاسم المهرواني (69) من طريق يونس بن سابق، عن حفص بن عمر الأُبُليِّ، عن عبد الملك بن الوليد بن معدان وسلام بن سليمان القارئ، عن عاصم بن بَهْدلة - وهو ابن أبي النُّجود - عن زِرّ بن حبيش، عن حذيفة بن اليمان مرفوعًا. فذكر حذيفة بدل عبد الله بن مسعود، وفي هذا الإسناد حفص بن عمر الأُبُلي متروك الحديث واتهمه بعضهم، وفيه أيضًا الراوي عنه يونس بن سابق لا يُعرف من هو.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، من أجل أبي مسلم قائد الأعمش - واسمُه عُبيد الله بن سعيد بن مسلم - =

ص: 680

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4781 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عَتَّاب العبدي ببغداد وأبو بكر بن أبي دارِم الحافظ بالكوفة وأبو العباس محمد بن يعقوب وأبو الحسين بن ماتِي بالكوفة والحسن بن يعقوب العَدْل، قالوا: حدثنا إبراهيم بن عبد الله العَبْسي، حدثنا العباس بن الوليد بن بَكّار الضَّبِّي، حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي، عن بَيَان، عن الشَّعْبي، عن أبي جُحَيفة، عن عليّ، قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا كان يومُ القيامة نادى مُنادٍ من وراء الحِجَاب: يا أهلَ الجَمْعِ، غُضُّوا أبصارَكُم عن فاطمةَ بنتِ محمدٍ حتى تَمُرَّ"

(1)

.

= فقد قال فيه البخاري في حديثه نظر، وقال العقيلي في "الضعفاء" 3/ 618: في حديثه عن الأعمش وهم كثير، وقال ابن حبان في "المجروحين" 1/ 239: ينفرد عن الأعمش وغيره بما لا يُتابعَ عليه. وجزمَ أبو داود بأنه عنده أحاديث موضوعة.

وقد رُوي هذا الخبرُ عن أبي هريرة من وجه آخر لا يُعتدُّ به:

فقد أخرجه الطبراني في "الكبير"(2629)، وفي "الصغير"(1122)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 4/ 236، وفي "تلخيص المتشابه في الرسم" 1/ 381، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 10/ 458، وابن الجوزي في "الموضوعات"(1795) من طرق عن عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن يحيى بن أيوب الغافقي، عن ابن جريج، عن محمد بن كعب القُرظي، عن أبي هريرة. لكن لم يذكر فيه فاطمة الزهراء، إنما ذكر مكانَها ابنيها الحَسن والحُسين أنهما يُبعثان على ناقتين. وإسناده ضعيف جدًّا، تفرد به من هذا الوجه عبد الله بن صالح، وهو سيئ الحفظ، وابن جريج مدلِّس وقد عنعنه، ولا يُعرف له روايةٌ عن محمد بن كعب القُرظي مباشرة إلّا في هذا الخبر، وإلّا فهو يروي عنه بواسطة رجلٍ أو رجلين أحيانًا.

وقد رُوي نحوه عن غير أبي هريرة بأسانيد فيها مُتَّهمون ومجاهيل. انظر "الموضوعات" لابن الجوزي 3/ 564 - 565، و "اللآلئ المصنوعة" للسيوطي 1/ 342 - 344، و"سلسلة الأحاديث الضعيفة" للألباني (771 - 773) و (6130).

(1)

إسناده تالف، العباس بن الوليد بن بكار الضَّبي منكر الحديث وكذبّه الدارقطني، وقال عنه المصنف نفسه في "المدخل إلى الصحيح" (151): روى عن خالد بن عبد الله الواسطي حديثًا منكرًا لم يتابع عليه، وحدَّث عن غيره بالمعضِلات. وقد حكم عليه الذهبي في "تلخيص=

ص: 681

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4782 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَكّار بن قُتَيبة القاضي، حدثنا أبو داود الطَّيَالسي، حدثنا هشام

(1)

، عن يحيى بن أبي كَثير، عن أبي سلّام، عن أبي أسماء الرَّحَبي، عن ثَوبان مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جاءتِ ابنةُ هُبَيرة إلى

=المستدرك" بالوضع، وأورده من قبله ابن الجوزي في "الموضوعات" 2/ 229 بإثر (783).

وتابع العباسَ بن الوليد عليه عبدُ الحميد بن بحر الزَّهراني الكوفي كما سيأتي عند المصنف برقم (4812)، ولا يُفرَح بهذه المتابعة، فإنَّ عبد الحميد بن بحر هذا قال عنه ابن حبان وابن عدي: يسرق الحديث، وضعَّفه الدارقطني.

وتابعه أيضًا الفضيل بن عبد الوهاب الغطفاني كما سيأتي، لكن الراوي عنه متهم بالكذب.

بيان: هو ابن بشر الأحمسي، والشَّعْبي: هو عامر بن شراحيل، وأبو جُحيفة: هو وهب بن عبد الله السُّوائي.

وهو عند المصنف في "فضائل فاطمة" برقم (4).

وأخرجه أبو بكر الدِّيْنَوري في "المجالسة"(3487)، وابن الأعرابي في "معجمه"(570) و (1007)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 5، وتمام الرازي في "فوائده"(414)، وأبو نُعيم الأصبهاني في "فضائل الخلفاء الراشدين"(138)، وابن المغازلي في "مناقب عليّ"(404)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(420) و (421)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 225 من طرق عن العباس بن الوليد بن بكار، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو العباس أحمد بن علي بن مسلم الأبّار في "جمعه لحديث الزُّهري" كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين الدمشقي 3/ 508 عن عبد الله بن أبي بكر المقدّمي، عن الفضيل بن عبد الوهاب (وتحرّف في المطبوع إلى: الفضل) عن خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، به. وعبد الله بن أبي بكر المقدمي متروك الحديث واتهمه ابن مَعِين بالكذب كما في "سؤالات حمزة السهمي للدارقطني" (327)؛ وقال أبو حاتم: فيه نظر، وقال أبو زرعة: ليس بشيء.

وقد روي نحوُ هذا الحديث عن أبي أيوب الأنصاري وأبي سعيد الخُدْري وأبي هريرة وعائشة بأسانيد واهية فيها كذّابون ومتروكون، وقد أوردها جميعًا ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(424 - 428).

(1)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: همام، والتصويب من مكرره السابق برقم (4778)، ومن "مسند الطيالسي"(1083).

ص: 682

رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يدها فَتَخٌ من ذهب - أو خواتيمُ من ذهب - فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب بيدها، فأتت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشَكَتْ إليها ما صَنَع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ثوبان: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة وأنا معه، وقد أخذتْ من عُنقها سِلسِلةً من ذَهَبٍ، فقالت: هذه أهداها [إلي] أبو حَسَن، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والسِّلسِلةُ في يدها، فقال:"يا فاطمة، أيسُرُّكِ أن يقولَ الناسُ: فاطمة بنت محمدٍ، وفي يدكِ سلسلةٌ من نارٍ؟! " ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم [ولم يقعد]، فَعَمَدَت فاطمة إلى السلسلة فاشترت بها غُلامًا فأعتقته، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"الحمد لله الذي نَجّى فاطمة من النار"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4783 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري.

وأخبرنا محمد بن علي بن دُحَيم بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزة؛ قالا: حدثنا عبد الله بن محمد بن سالم، حدثنا حسين بن زيد بن علي [عن عمر بن علي]

(2)

عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمةَ: "إِنَّ الله يَغضَبُ لِغَضَبِك، ويَرضى لرضاكِ"

(3)

.

(1)

حديث صحيح، وهو مكرر (4778).

(2)

لم يرد ذكر عُمر بن علي في نسخنا الخطية وثبت للمصنف في "فضائل فاطمة"(20) بإسناده هذا، ويؤيد ثبوته أنَّ جميع من خرّج هذا الخبر قد ذكروا بين حسين بن زيد وبين جعفر بن محمد واسطةً، ثم اختلفوا في تعيينها، فبعضهم ذكر عمر بن علي هذا وهو ابن الحسين بن علي بن أبي طالب - وبعضهم ذكر عليَّ بن عمر - وهو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - وهذا أرجح، على أنَّ الحسين بن زيد له رواية معروفة عن جعفر بن محمد مباشرة، وأما هذا الخبر، فلم يسمعه منه، والله تعالى أعلم.

(3)

حديث منكر، وهذا إسناد ضعيف، حسين بن زيد بن علي ضعيف يقع في أحاديثه مناكير، ووقع في إسناد حديثه هذا اضطراب. =

ص: 683

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4784 -

حدثنا أبو بكر محمد بن علي الفقيه الشاشي، حدثنا أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ، حدثنا علي بن سعيد بن بشير، عن عباد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسماعيل بن رَجَاء الزُّبيدي، عن أبي إسحاق الشَّيباني، عن جُميع بن عُمير، قال: دخلتُ مع أمي على عائشة فسمعتها من وراء الحِجابِ وهي تسألها عن عليّ، فقالت: تسألني عن رجلٍ، والله ما أعلمُ رجلًا كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عليٍّ،

= وذكر الدارقطني في "العلل"(305) أنَّ غير حسين بن زيد يرويه عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلًا، ورجَّح المرسَلَ. ولم نقف على هذه الرواية المرسلة التي أشار إليها الدارقطني.

والحديث عند المصنف في "فضائل فاطمة"(20) عن أبي جعفر محمد بن علي بن دحيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2959) عن عبد الله بن محمد بن سالم، به.

وأخرجه أبو يعلى في "معجمه"(220)، ومن طريقه ابن عدي في "الكامل" 2/ 351، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 156، وأخرجه الطبراني في "الكبير"(182)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(355) و (7330)، وفي "فضائل الخلفاء الراشدين"(140)، وأبو طاهر السلفي في "المشيخة البغدادية"(44) من طريق محمد بن عبد الله الحضرمي، كلاهما (أبو يعلى والحضرمي) عن عبد الله بن محمد بن سالم، عن حسين بن زيد بن علي، عن علي بن عمر بن علي، عن جعفر بن محمد، به. فذكر عليّ بن عمر بدل ذكر أبيه عمر بن علي. وكذلك رواه أبو زرعة الرازي فيما نقله عنه أبو القاسم الرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" 3/ 11 عن عبد الله ابن محمد بن سالم؛ يعني بذكر علي بن عمر بدل أبيه.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (1001) عن بشر بن موسى ومحمد بن عبد الله الحضرمي، عن عبد الله بن محمد بن سالم، عن حسين بن زيد بن علي وعلي بن عمر بن علي، عن جعفر بن محمد، به. كذا وقع في المطبوع مقرونًا بين حسين بن زيد بن علي وعلي بن عمر بن علي، وقد تقدم تخريجه عن محمد بن عبد الله الحضرمي من الطبراني نفسه أنه من رواية حسين بن زيد عن علي بن عمر، فهو شيخه في الرواية لا قرينه، ولعلَّ ما وقع في مطبوع الطبراني في الموضع الثاني تحريف، فإذا ثبت ذلك كانت رواية بشر بن موسى كرواية أبي يعلى والحضرمي؛ يعني بذكر علي بن عمر بدل عمر بن علي بن عمر.

ص: 684

ولا في الأرض امرأة كانت أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأته

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

(1)

إسناده ضعيف، جميع بن عمير ضعيف منكر الحديث، وبه أعله الذهبي في "تلخيصه" حيث قال: جُميع متّهم، ولم تقل عائشةُ هذا أصلًا. قلنا: وقد حسّنه الترمذي كما سيأتي.

أبو إسحاق الشَّيباني: هو سليمان بن أبي سليمان.

وأخرجه النسائي (8443) من طريق عبد العزيز بن الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن رجاء، به.

وأخرجه النسائي (8442) من طريق عبد الملك بن أبي غَنيّة، عن أبي إسحاق الشيباني، به.

وسيأتي عند المصنف برقم (4799) من طريق أبي الجَحاف داود بن أبي عوف عن جُميع. ومن هذا الطريق خرّجه الترمذي (3874) وزاد عن بعض رواته قال: يعني من أهل بيته. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وفي هذا الباب أيضًا حديث بُريدة الأسلمي الآتي عند المصنف برقم (4788). وإسناده حسن.

ويشهد لذكر علي دون فاطمة حديثُ النعمان بن بشير عند أحمد 30/ (18421)، والنسائي (9110) وغيرهما، قال: استأذن أبو بكر علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع صوت عائشة عاليًا، وهي تقول: والله لقد علمتُ أنَّ عليًّا أحبُّ إليك من أبي

فذكر قصة. وإسناده حسن.

ويشهد لذكر فاطمة دون عليٍّ حديث عمر بن الخطاب الآتي برقم (4789): أنَّ عمر قال: يا فاطمة ما رأيتُ أحدًا أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك

لكن في لفظه خلاف كما سيأتي هناك.

وهذه الأحاديث معارَضة بحديث عمرو بن العاص الآتي عند المصنف برقم (6889) و (6890)، وهو في "الصحيحين": أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحبُّ إليك؟ قال: "عائشة" فقلت: من الرجال؟ فقال: "أبوها".

وبما رواه عبد الله بن شقيق - كما سلف عند المصنف برقم (4495) - قال: سألت عائشة: أي أصحاب رسول الله كان أحبّ إليه؟ قالت: أبو بكر ثم عمر، ثم أبو عبيدة بن الجراح.

لكن ذكر الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 13/ 328 - 329 بعد إيراده هذه الأخبار المتعارض ظاهرها أنه لا تعارض، لأنَّ عمرو بن العاص قد أراد بسؤاله الناس الذين هم سوى أهل بيته، وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم علم مراده فأجاب بجوابه الذي أجاب به، وأن عائشة أجابت بما يقع في قلبها مما كان عليه صلى الله عليه وسلم، وقد يكون على خلاف ذلك، أو أنها أرادت أيضًا أحبَّ الناس إليه سوى أهل بيته بنحو قصد عمرو بن العاص من سؤاله. وانظر "فتح الباري" 11/ 44.

ص: 685

4785 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب [حدثنا محمد]

(1)

بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا عثمان بن عُمَر، حدثنا إسرائيلُ، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن أم المؤمنين عائشة، أنها قالت: ما رأيتُ أحدًا كان أشبة كلامًا وحديثًا من فاطمة برسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكانت إذا دخلَتْ عليه رَحبَ بها، وقام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلَسَها في مجلسه

(2)

.

حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4786 -

حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن دُحَيم الصائغ بالكوفة، حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الحنين

(3)

، حدثنا علي بن ثابت الدَّهَّان، حدثنا منصور بن أبي الأسود [عن يزيد بن أبي زياد]

(4)

عن عبد الرحمن بن أبي نُعم

(5)

، عن أبي سعيد

(1)

قوله: "حدثنا محمد" سقط من نسخنا الخطية، فأوهم أنَّ ما بعده تتمة اسم محمد بن يعقوب، وإنما يرويه محمد بن يعقوب عن محمد بن إسحاق الصَّغَاني، وقد جاء على الصواب في "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (23110)، وكذلك جاء على الصواب في رواية البيهقي في "سننه الكبرى" 7/ 101 عن أبي عبد الله الحاكم.

(2)

إسناده صحيح. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.

وأخرجه أبو داود (5217)، والترمذي (3872) والنسائي (8311) و (9193)، وابن حبان (6953) من طرق عن عثمان بن عمر العبدي، بهذا الإسناد - وهو عندهم مطوّل بنحو الرواية الآتية برقم (7908). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، وفي نسخة: حسن غريب.

وأخرجه مطوّلًا كذلك النسائي (9192) من طريق النضر بن شُميل، عن إسرائيل، به.

وسيأتي عند المصنف برقم (4808) و (7908) من طريق العباس الدُّوري عن عثمان بن عمر.

(3)

تحرّف في (ص) و (م) إلى: الحسين.

(4)

سقط اسم يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي الكوفي - من نسخنا الخطية - واستدركناه من "فضائل الزهراء" للمصنف، حيث خرَّج هذا الحديث بإسناده الذي هنا، فذكر يزيد بن أبي زياد، وخرجه كذلك ابن أبي خيثمة في السِّفْر الثاني من "تاريخه الكبير"(3324) مالك عن بن إسماعيل، عن منصور بن أبي الأسود، عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي نُعم، فثبت ذكره في هذا الإسناد.

(5)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: نُعيم، مصغرًا، وجاء على الصواب في "التلخيص" للذهبي.

ص: 686

الخُدْري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فاطمة سيِّدةُ نِساءِ أهل الجنّة، إلَّا ما كان من مريم بنتِ عِمرانَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

إنما تفرَّد مسلمٌ بإخراج حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "خير نساء العالمين أربعٌ"

(2)

.

4787 -

حدثنا أبو سَهْل أحمد بن محمد بن زياد القطان ببغداد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا إسحاق بن محمد الفَرْوي، حدثنا عبد الله بن جعفر الزُّهْري، عن جعفر بن محمد، عن عُبيد الله بن أبي رافع، عن المِسوَر بن مَخرَمة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما فاطمةٌ شُجْنةٌ مني، يَبسُطُني ما يَبسُطُها، ويَقبِضُني ما يقبضُها"

(3)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي الكوفي - فقد كان كبر فصار يتلقن، ولم يرو حديث أبي سعيد هذا في فاطمة عن ابن أبي نُعم غيره.

وأخرجه أحمد 18 / (11756)، والنسائي (8461) من طريق جرير بن عبد الحميد، وأحمد (11618) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، كلاهما عن يزيد بن أبي زياد، به.

وفي الباب عن أم المؤمنين عائشة عند النسائي (8308) و (8459)، وابن حبان (6952)، وإسناده حسن.

وعن أم المؤمنين أم سلمة عند الترمذي (3873) و (3893)، والنسائي (8460)، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

(2)

لم يخرّج مسلم هذا الحديث، إنما أخرج هو في "صحيحه" (2430) والبخاري في "صحيحه" (3432) حديث علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم:"وخير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد"، وقد تقدم عند المصنف برقم (3879)، وسيأتي برقم (4907) و (6561).

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل إسحاق بن محمد الفَرْوي، فهو ضعيف يعتبر به، وقد توبع.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على "المسند" لأبيه 31 / (18930) عن محمد بن عباد =

ص: 687

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4788 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا شاذَانُ الأسود بن عامر، حدثنا جعفر بن زياد الأحمر، عن عبد الله بن عطاء، عن

= المكي، عن أبي سعيد مولى بني هاشم، عن عبد الله بن جعفر الزُّهْري، بهذا الإسناد. وقرن بجعفر بن محمد أمَّ بكر بنت المسور، وستأتي روايتها منفصلة عند المصنف برقم (4802)، وإسناد رواية جعفر بن محمد، صحيح، خلافًا لرواية أم بكر ففيها علة سنذكرها في موضعها إن شاء الله.

وما أعلَّت به رواية عبد الله بن أحمد هذه في "المسند" بالاختلاف فيها على محمد بن عباد المكي بحجة ما وقع في رواية الطبراني، فغير سديد، فقد وقع في إسناده في المطبوع خَلَلٌ يصوّب من كتاب "اللطائف من دقائق المعارف" لأبي موسى المديني (927) حيث رواه من طريق الطبراني ووضح إسناده بما يتفق مع رواية عبد الله بن أحمد.

وأخرجه أحمد (18926)، والبخاري (3714) و (3767) و (5230)، ومسلم (2449)، وأبو داود (2071)، وابن ماجه (1998)، والترمذي (3867)، والنسائي (8312) و (8313) و (8465) و (8466)، وابن حبان (6955) من طريقين عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُليكة، عن المسور بن مخرمة، في قصة استئذان بني هشام بن المغيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينكحوا ابنتهم عليًّا، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما ابنتي بضعة مني، يُريبُني ما أَرابها، ويؤذيني ما آذاها".

كذلك رواية الليث بن سعد عن ابن أبي مليكة، ورواية عمرو بن دينار عنه مختصرة بلفظ:"فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبي".

وأخرجه أحمد (18911) و (18912) و (18913)، والبخاري (3110)، ومسلم (2449)، وأبو داود (2069)، وابن ماجه (1999)، والنسائي (8314) و (8468) و (8469)، وابن حبان (6957) من طريق علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن المسور، في قصة خطبة علي بن أبي طالب لابنة أبي جهل، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنَّ فاطمة مني، وإني أتخوّف أن تُفتن في دينها" .... ثم قال: "والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدوّ الله مكانًا واحدًا أبدًا"، فنزل عليّ عن الخطبة.

والشُّجْنة، بضم الشين وكسرها، أي: قرابة مشتبكة كاشتباك العروق، شبهها بذلك مجازًا واتساعًا.

ص: 688

عبد الله بن بُريدة، عن أبيه، قال: كان أحبَّ النساء

(1)

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة، ومن الرجال عليٌّ

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4789 -

حدثنا مُكرَم بن أحمد أحمد القاضي، حدثنا أحمد بن يوسف الهمذاني، حدثنا عبد المؤمن بن علي الزّعفراني، حدثنا عبد السلام بن حَرْب، عن عُبيد الله بن عمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر: أنه دخل على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا فاطمةُ، والله ما رأيتُ أحدًا أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، والله ما كان أحدٌ من الناس بعد أبيك صلى الله عليه وسلم أحب إلي منكِ

(3)

.

(1)

وقع في أصولنا الخطيّة هنا: الناس، وهو تحريف صوّبناه من مكرره الآتي برقم (4795).

(2)

إسناده حسن من أجل جعفر بن زياد الأحمر وعبد الله بن عطاء - وهو الطائفي - فكلاهما صدوق حسن الحديث. وسيأتي مكررًا برقم (4795).

وأخرجه الترمذي (3868)، والنسائي (8444) من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن شاذان الأسود بن عامر، بهذا الإسناد. وقال الجوهري في رواية الترمذي: يعني من أهل بيته. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وانظر حديث عائشة المتقدم برقم (4784).

(3)

رجاله لا بأس بهم معروفون غير أحمد بن يوسف الهمذاني وأغلب الظن أنه التغلبي الدمشقي البغدادي، المترجم في "تاريخ بغداد" 6/ 465، وفي "تاريخ دمشق" 6/ 110، ولا يُستبعد إذ كان ببغداد أن يكون دخل هَمَذان فينسب إليها أيضًا، والله أعلم. وقد عقب الذهبي في "تلخيصه" على هذا الخبر بقوله: غريب عجيب.

وهو عند المصنف في "فضائل فاطمة"(42) مختصرًا بلفظ: يا فاطمة، والله ما كان أحدٌ من الناس بعد أبيك أعزّ عَليَّ منك. لم يذكر شطره الأول في كونها أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 567، وأبو بكر القطيعي في زوائده على "فضائل الصحابة" لأحمد (532)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 378 من طريق محمد بن بشر، عن عبيد الله بن عمر بنحوه في قصة، ولفظه: يا بنت رسول الله، والله ما من الخلق أحدٌ أحب إلينا من أبيكِ، وما من أحدٍ أحبَّ إلينا بعد أبيكِ منكِ. وهذا اللفظ أصح، ومحمد بن بشر - وهو العبدي - ثقة حافظ.

ص: 689

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4790 -

أخبرني أبو الحسين بن أبي عمرو السَّماك وأبو أحمد الحسين بن علي التميمي، قالا: حدثنا عبد الله بن محمد البَغَوي، حدثني سعيد بن يحيى الأُموي، حدثني أبي، حدثني يزيد بن سنان، حدثنا عقبة بن رُوَيم، قال: سمعت أبا ثعلبة الخُشَني، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجَعَ من غَزَاةٍ أو سفرٍ أتى المسجد فصلى فيه ركعتين، ثم ثَنَّى بفاطمة، ثم يأتي أزواجه، فلما رجَعَ خرج من المسجد، تلقته فاطمةُ عند باب البيت تَلْثَم فاهُ وعينيه تبكي، فقال لها:"يا بنيةُ، ما يُبكيك؟ " قالت: يا رسول الله، ألا أراكَ شَعِثًا نَصِبًا، قد اخلَولَقَتْ ثِيابُك، قال: فقال: "فلا تبكي، فإنَّ الله عز وجل بَعَثَ أباكِ لأمرٍ لا يبقى على ظهرِ الأرض بيتُ مَدَرٍ ولا شَعرٍ إِلَّا أَدخلَ الله به عِزًّا أو ذُلًّا، حتى يبلغ حيث بلغ الليلُ"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف كما تقدم بيانه برقم (1817).

وأخرج أوّله العقيلي في "الضعفاء"(1331)، ومن طريقه ابن عساكر 40/ 536 - 537 عن يحيى بن أحمد المخرمي، عن سعيد بن يحيى، عن أبيه، عن يزيد بن سنان، عن عقبة بن يريم، عن أبي ثعلبة. فسمى شيخه هنا عقبة بن يريم.

وأخرجه ابن الأعرابي في "القُبل والمعانقة والمصافحة"(19)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 926 من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري، والطبراني في "المعجم الكبير" 22/ (595)، وفي "مسند الشاميين"(523) عن طالب بن قرة الأذني، عن محمد بن عيسى بن الطباع، كلاهما (الجوهري وابن الطبّاع) عن يحيى بن سعيد الأموي، به. أما الجوهري فقال في روايته: عن يزيد بن سنان، عن عقبة بن يريم، عن أبي ثعلبة، وأما ابن الطباع فقال: عن يزيد بن سنان، عن عروة بن رُويم، عن أبي ثعلبة.

وأخرجه ابن عساكر 40/ 537 من طريق أبي حاتم الرازي، عن ابن الطبّاع، عن يحيى بن سعيد الأموي، عن أبي فروة يزيد بن سنان، عن عروة بن رويم، عن عقبة بن يريم، عن أبي ثعلبة وهذا أولى من الذي قبله، لأنَّ أبا حاتم الرازي حافظ، وأما طالب بن قرة فمجهول.

وقد تقدَّم هذا الخبر برقم (1817) من طريق يونس بن بكير، عن أبي فروة يزيد بن سنان، عن عروة بن رُويم، قال: سمعت أبا ثعلبة. فذكر عروة بن رويم واقتصر عليه.

ص: 690

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

حدثنا الحاكم الفاضل أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظُ إملاء غُرةَ ذي القعدة سنة اثنتين وأربع مئة:

4791 -

حدثنا أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن مُكرم ابن أخي الحسن بن مُكرَم البَزّاز ببغداد، حدثنا مُسلم بن عيسى الصَّفّار العسكري، حدثنا عبد الله بن داود الخُرَيبي، حدثنا شهاب بن حَرْب عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة أُسريَ بي أتاني جبريل عليه السلام بسَفَرجَلةٍ من الجنة، فأكلتُها، فعَلِقَتْ خديجة بفاطمة، فكنتُ إذا اشتقتُ إلى رائحة الجنةِ شَمَمْت رقبة فاطمة"

(1)

.

هذا حديث غريب الإسناد والمتن، وشهابُ بن حَرْب مجهولٌ، والباقون من رواته ثِقات.

(1)

خبر موضوع، فإن مسلم بن عيسى الصَّفّار متروك الحديث كما قال الدارقطني، وجزم الذهبي في "تلخيصه" بأنه هو من وضع هذا الحديث على الخُريبيِّ. قلنا: وشهاب بن حرب لا يُعرف إلا في هذا الحديث، فهو مجهول كما قال المصنف، ولم يُصِب إذ زعم أن باقي رواة هذا الحديث ثقات، لقول الدارقطني في مسلم بن عيسى الصَّفّار بأنه متروك.

وقد أورد ابن الجوزي في "الموضوعات"(764 - 770) طرق هذا الحديث عن جماعة من الصحابة، وأعلها جميعًا مبينًا أنه لا طريق منها إلا وفيها كذاب أو رجلٌ معروف بسرقة الحديث أو رجلٌ متروكٌ يُدخل عليه ما ليس من حديثه فلا يتنبه. وخلص إلى القول بأنَّ هذا حديث موضوع لا يشكُ المبتدئ في العلم في وضعه، قال: ولقد كان الذي وضعه أجهل الجُهّال بالنقل والتاريخ، فإنَّ فاطمة ولدت قبل النبوة بخمس سنين، وقد تلقفته منه جماعة أجهل منه فتعددت طرقه، وذِكْرُه الإسراء كان أشدَّ لفضيحته، فإنَّ الإسراء كان قبل الهجرة بسنة بعد موت خديجة ....

ونحوه قول الذهبي في "تلخيصه"، وقول الحافظ في "إتحاف المهرة"(5066)، وكذلك قال نحوه السيوطيُّ في "اللآلئ المصنوعة" إذ أورد طرقه أيضًا 1/ 359 - 361.

وأخرجه ابن المغازلي في "مناقب عليّ"(407) من طريق أبي علي الفارسي، عن عبد الصمد بن علي، بهذا الإسناد.

ص: 691

4792 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، يحيى بن إسماعيل الواسطي، حدثنا محمد بن فُضيل، عن العلاء بن المسيب، عن إبراهيم قُعَيس، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافَرَ كان آخر الناس عهدًا به فاطمة، وإذا قَدِمَ من سفر كان أول الناس به عهدًا فاطمة

(1)

.

4793 -

أخبرنيه الحسين بن علي التميمي، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن أحمد بن المعلّى الأدمي بالبصرة، حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة، عن العلاء بن المسيَّب، عن إبراهيم قُعَيس، فذكر بإسناده نحوه، وزاد فيه: فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فداك أبي وأمي"

(2)

.

رواة هذا الحديث عن آخرهم في "الصحيح" غير إبراهيم قُعيس.

4794 -

حدثني إسحاق بن محمد بن علي الهاشمي بالكوفة، حدثنا الحسين بن الحكم الحِبَري، حدثنا أبو نُعيم، حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن فراس، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو في مَرَضِه الذي تُوفِّيَ فيه: "يا فاطمه، ألا تَرضَينَ أنكِ سيدة نساء العالمين، وسيدة نساء هذه الأمة، وسيدة نساء المؤمنين؟! "

(3)

.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد فيه لينٌ كما تقدّم بيانه برقم (1818). وانظر ما بعده.

(2)

حسن لغيره دون ذكر التفدية، فقد تفرَّد بها إبراهيم قعيس، وهو ضعيف. وانظر ما قبله.

(3)

إسناده صحيح. أبو نُعيم: هو الفضل بن دُكين، وفراس: هو ابن يحيى الخارفي، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.

وأخرجه أحمد 44 / (26413)، والبخاري (3623) و (3624)، والنسائي (8463) من طريق عن أبي نُعيم الفضل بن دكين بهذا الإسناد. ولفظ أحمد والنسائي:"سيدة نساء هذه الأمة أو نساء المؤمنين"، ولفظ البخاري:"سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين".

وأخرجه مسلم (2450)، وابن ماجه (1621) من طريق عبد الله بن نمير، والنسائي (8310) من طريق سَعْدان بن يحيى، كلاهما عن زكريا بن أبي زائدة، به. ولفظهما: "سيدة =

ص: 692

هذا إسناد صحيح، ولم يخرجاه هكذا.

4795 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا شاذَانُ الأسود بن عامر، حدثنا جعفر بن زياد الأحمر، عن عبد الله بن عطاء، عن ابن بُريدة، عن أبيه، قال: كان أحبَّ النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة، ومن الرجال عليٌّ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4796 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حدثنا هلال بن العلاء الرَّقِّي، حدثنا حسين بن عيّاش، حدثنا زُهير، عن سليمان، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: أتت فاطمة رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله خادمًا فقال لها: "الذي جئتِ تطلبين أحبُّ إليك أم خَيرٌ منه؟ " قال: فحسبتُ أنها سألت عليًّا، قال: قولي: ما هو خيرٌ منه، قال: "قولي: اللهم رب السماوات [السبع و]

(2)

ربَّ العرش العظيم، ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ، مُنزِل التوراة والإنجيل والقرآن، فالقَ الحَبِّ والنوى، أعوذ بك من شَرِّ كلِّ شيءٍ أنتَ آخِذٌ بناصيته، أنتَ الأوّل فليس قبلك شيءٌ، وأنتَ الآخِرُ فليس بعدك شيءٌ، وأنت الظاهرُ فليس فوقك شيءٌ، وأنت الباطِنُ فليس دُونَك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفَقْر"

(3)

.

=نساء المؤمنين أو نساء هذه الأمة".

وأخرجه بهذا اللفظ البخاري (6285)، ومسلم (2450)، والنسائي (7041) و (8464) من طريق أبي عوانة الوضاح اليشكُري، عن فراس بن يحيى، به. وهو في هذه المصادر كلها ضمن قصة أطول ممّا هنا.

(1)

إسناده حسن. وهو مكرر (4788).

(2)

ما بين المعقوفين سقط من أصولنا الخطية، وهو ثابت في "فضائل فاطمة" للمصنف (144)، وثبت كذلك للنسائي (7622) عن هلال بن العلاء الرّقي، وثبت لجميع من خرّج هذا الحديث قاطبةً.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل هلال بن العلاء الرَّقِّي، فهو صدوق لا بأس =

ص: 693

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه!

4797 -

أخبرني أبو النَّضْر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا وَضاح بن يحيى النَّهْشَلي، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الله بن عثمان بن خُثَيم، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس، عن فاطمة، قالت: اجتمعَ مُشرِكُو قُريشٍ في الحِجْر، فقالوا: إذا مَرَّ محمد ضَرَبَه كلُّ رجل منا ضربةً. فسمعته، فدخلت على أبيها، فقالت: يا أبت اجتمع مُشرِكو قريش، فقال:"يا بُنيَّة، اسكني"، ثم خرج فدخل عليهم المسجد، فرفعوا رؤوسهم ثم نكسُوا، فأخذ قَبْضةً من

= به، وقد توبع. زهير: هو ابن معاوية الجُعفي، وسليمان: هو ابن مهران الأعمش، وأبو صالح: هو ذكوان السمّان.

وأخرجه النسائي (7622) عن هلال بن العلاء الرقي، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (2713)، وابن ماجه (3831)، والترمذي (3481)، والنسائي (7622)، وابن حبان (966) من طرق عن سليمان الأعمش، به. وقال الترمذي: حسن غريب. قلنا: واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 14 / (8960) و 15/ (9247) و 16 / (10924)، ومسلم (2713)، وأبو داود (5051)، وابن ماجه (3873)، والترمذي (3400)، والنسائي (7621) و (7667) و (10558)، وابن حبان (5537) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو عند النوم؛ فذكر الدعاء ليس فيه فاطمة. وسلف عند المصنف مختصرًا برقم (2025).

وقد ورد في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة لما سألته خادمًا دعاءً آخر غير الذي هنا، وهو ما تقدم برقم (4777)، وجاء في رواية أبي هشام الرفاعي، عن أبي أسامة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، ذكر الدعائين جميعًا، أخرجه ابن أبي الدنيا في "الدعاء" كما في "إتحاف السادة المتقين" للزبيدي (1050)، والطبري في "تهذيب الآثار" كما في "فتح الباري" للحافظ 19/ 265، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1280)، وأبو هشام الرفاعي ليس بالقوي، ولكن روايته هنا تزيل الإشكال بأن يكون صلى الله عليه وسلم قد علَّم فاطمة كلا الدعائين، وقد رُوي هذان الدعاءان متفرقين عن أبي صالح عن أبي هريرة في قصة فاطمة، فلا يبعد أن يكون أبو هشام الرفاعي جوده هنا، والله تعالى أعلم.

ص: 694

تُرابٍ، فرَمَى به نحوهم، ثم قال:"شَاهَتِ الوُجُوهُ"، فما أصابَ رجلًا منهم إِلَّا قُتِل يوم بدر

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4798 -

أخبرني أبو بكر محمد بن القاسم الذُّهْلي ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد الفِرْيابي، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا عمر بن صالح الدمشقي، حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أم أيمن الأنصارية

(2)

، قالت: زَوَّجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة علي بن أبي طالب، وأمَرَه أن لا يدخُلَ على فاطمة حتى يجيئه، وذكر الحديثَ

(3)

.

(1)

حديث قوي، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل وضاح بن يحيى النهشَلي، وقد توبع فيما تقدم برقم (592).

(2)

نسبة أم أيمن هذه إلى الأنصار نسبة مجازية، وليست حقيقية، لما هو معلوم أنها كانت حبشية، ولكنها لما أقامت بين ظهراني الأنصار صح نسبتها إليهم مجازًا، وكان ذلك شائعًا عند العرب.

(3)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل عمر بن صالح الدمشقي - وهو ابن أبي الزاهرية - فهو متروك منكر الحديث، وقال أبو حاتم الرازي كما في "العلل" لابنه (1241): حديث منكر، وعمر ضعيف الحديث. قلنا: ومحمد بن القاسم الذُّهْلي شيخ المصنف - وإن ضعفه الدارقطني - قد توبع، فبقيت علّة الإسناد منحصرة في عمر بن صالح.

وأخرجه ابن سعد 10/ 25 عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، بهذا الإسناد. وذكر لفظه بتمامه، وفيه نحو ما سيأتي برقم (4807).

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 25 / (232) من طريق محمد بن مصفى، عن عمر بن صالح، به.

وقد اضطرب في هذا الحديث، فرواه عبد الوهاب بن عطاء عند ابن سعد 10/ 24، وتابعه على بعضه زكريا بن أبي زائدة عند أحمد بن حنبل في "الزهد"(150)، فروياه عن سعيد بن أبي عروبة، عن أبي يزيد المديني، عن عكرمة مولى ابن عباس مرسلًا. غير أن عبد الوهاب قال في روايته: أظنه عن عكرمة. ورجاله ثقات معروفون غير أبي يزيد المديني فليس بذاك المعروف وإن وثّقه يحيى بن معين كما في ترجمته من "التهذيب"، فقد سُئل مالك عنه - وهو إمام أهل المدينة - فلم =

ص: 695

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4799 -

حدثني أبو بكر بن أبي دارم، حدثنا إبراهيم بن عبد الله العَبسي، حدثنا مالك بن إسماعيل النهدي، حدثنا عبد السلام بن حَرْب، عن أبي الجَحاف، عن جميع بن عُمير، قال: دخلتُ مع عمتي على عائشة، فسُئلت: أيُّ الناسِ كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فاطمه، قيل: فمن الرجال؟ قالت: زوجُها، إن كان ما عَلِمتُه صَوّامًا قوامًا

(1)

.

= يعرفه! وقد ذكر أبو يزيد هذا في خبره أنَّ أسماء بنت عُميس حضرت زفاف فاطمة، وهذا غلط منكر، فإنَّ أسماء كانت في هذا الوقت مع زوجها جعفر بن أبي طالب بالحبشة.

ورواه سهيل بن خلاد العبدي عند النسائي في "الكبرى"(8456) عن محمد بن سواء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس. فوصله بذكر ابن عبّاس، وذكر أيوب بدل أبي يزيد المدني، ولم يذكر فيه أسماء بنت عميس، وجعل القصة التي لها في حديث أبي يزيد لأم أيمن، وهو أصوب، لكن سهيل بن خلاد هذا مجهول، وذكره الذهبي في "الميزان" 2/ 242 واستنكر خبره عن محمد بن سواء.

والصواب أن هذا الحديث لأيوب عن أبي يزيد المديني، فقد رواه حاتم بن وردان فيما سيأتي برقم (4807) عن أيوب عن أبي يزيد عن أسماء بنت عميس قالت: كنت في زفاف فاطمة

وهذا غلطٌ أيضًا، لما تقدم من أنَّ أسماء كانت في الحبشة.

وأخرج الخبر ضمن قصة مطوّلة البزار (6652)، وابن حبان (6944)، والطبراني في "الكبير" 22/ (1021) من طريق يحيى بن يعلى الأسلمي، والمصنف في "فضائل فاطمة"(69) من طريق محمد بن زكريا الغلابي، عن قحطبة بن غدانة الجُشَمي، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن البصري (ولم يرد ذكر الحسن البصري عند ابن حبان) عن أنس بن مالك. ويحيى الأسلمي ومحمد بن زكريا الغلابي ضعيفان جدًّا واتهمها الدارقطنيُّ بالوضع.

(1)

إسناده ضعيف لضعف جُميع بن عمير، وانظر تمام الكلام عليه برقم (4784) إذ تقدم الحديث هناك من طريق أبي إسحاق الشيباني عن جميع بن عُمير.

إبراهيم بن عبد الله العبسي: هو ابن أبي الخيبري القصار، وأبو الجحاف: هو داود بن أبي عوف.

وأخرجه الترمذي (3874) عن حسين بن يزيد الكوفي، عن عبد السلام بن حرب، بهذا الإسناد.

وقال: حديث حسن غريب.

ص: 696

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4800 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنْعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد، أخبرنا عبد الرزاق.

وأخبرني أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن سَلَمة وعبد الله بن محمد، قالا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أنا مَعمَر، عن قَتَادة عن أنس، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"حَسْبُكَ من نِساء العالمين أربعٌ: مريمُ بنتُ عمران، وآسيةُ امرأةُ فِرعَونَ، وخَديجة بنتُ خُوَيلد، وفاطمة بنتُ محمّد"

(1)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن معمرًا - وهو ابن راشد - كان قد حَمَل عن قتادة وهو صغير فلم يضبط عنه الأسانيد، ومع ذلك صحح حديثه هذا الترمذي وكذا الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 10/ 216، لكن قال أبو نُعيم في "الحلية" 2/ 344: حديث غريب من حديث قتادة، تفرد به عنه معمر، حدَّث به الأئمة عن عبد الرزاق: أحمد وإسحاق وأبو مسعود. قلنا: وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عند الطبري في "تفسيره" 3/ 263 عن قتادة أنه قال: ذُكر لنا أنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول .. فذكره. هكذا رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مرسلًا، والظاهر أنَّ هذا أشبه لأنَّ ابن أبي عَروبة أثبت الناس في قتادة، والله تعالى أعلم، لكن للحديث شواهد يصح بها.

وهو في "مسند أحمد" 19/ (12391).

وأخرجه الترمذي (3878) عن أبي بكر بن زنجويه، وابن حبان (7003) من طريق أحمد بن سفيان أبي سفيان، وعبيد الله بن فضالة أبي قديد، ثلاثتهم عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث صحيح.

وأخرجه ابن حبان (6951) من طريق ابن أبي السَّري، عن عبد الرزاق، به. بلفظ:"خير نساء العالمين".

وأخرجه بهذا اللفظ أيضًا ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2961)، والطبري في "التفسير" 3/ 263، والطبراني في "الكبير" 42 / (1004)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 216، وابن عساكر 70/ 111، وابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 83 من طريق أبي جعفر الرازي، عن ثابت البناني، =

ص: 697

هذا الحديث في "المسند" لأبي عبد الله أحمد بن حنبل هكذا.

4801 -

وأخبرناه أبو بكر القَطِيعي في "فضائل أهل البيت" تصنيف أبي عبد الله أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن الزُّهْري، عن أنس بن مالك، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حَسْبُكَ من نساء العالمين: مريم بنت عمران

(1)

، وخَديجة بنتُ خُوَيلد، وفاطمة بنت محمد"

(2)

.

=عن أنس بن مالك، وهذا إسناد ظاهره أنه حسنٌ في المتابعات والشواهد من أجل أبي جعفر الرازي، لكن أبا جعفر الرازي لم يسمعه من ثابت، إنما سمعه من محمد بن سعيد الأزدي أبي عبد الرحمن، وهو رجل متروك الحديث، أخرجه بذكر محمد بن سعيد هذا: المصنف في "فضائل فاطمة"(31)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 11/ 53، وابن عساكر 70/ 111.

وأخرجه بهذا اللفظ كذلك الخطيب في "تاريخه" 8/ 76، ومن طريقه ابن عساكر 70/ 112 من طريق محمد بن حميد الرازي، عن علي بن مجاهد الرازي، عن حميد الطويل، عن أنس. ومحمد بن حميد وشيخه متروكان.

وسيأتي بعده بمثل لفظه هنا من طريق القطيعي أيضًا عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، به. غير أنه ذكر فيه الزُّهري بدل قتادة!

وفي الباب بمثل لفظه عن الحسن البصري مرسلًا عند ابن أبي شيبة /12/ 134، وأحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(1575)، ورجاله ثقات.

وعن جابر بن عبد الله مرفوعًا عند الآجري في "الشريعة"(1606) و (1685)، وابن مَنده في "مجالس من أماليه"(116)، والمصنف في "فضائل فاطمة"(30)، وأبي نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/ 117، وقاضي المارستان في "مشيخته"(411)، وابن عساكر 70/ 112، وإسناده ضعيف.

وقد صح بلفظ: "أفضل نساء أهل الجنة" من حديث عكرمة عن ابن عباس، كما تقدم عند المصنف برقم (3878)، وفي رواية له تقدمت برقم (4205) بلفظ:"أفضل نساء العالمين".

وصح أيضًا عن كريب عن ابن عبّاس عند الطبراني في "الكبير"(12179)، وفي "الأوسط"(1107)، بلفظ:"سيدات نساء أهل الجنة". وفي رواية له عند ابن عساكر 52/ 6 و 70/ 107، بلفظ:"خير نساء العالمين".

(1)

زاد الذهبي بعدها في "تلخيصه": "وآسية امرأة فرعون"، وليست في أصولنا الخطية.

(2)

صحيح لغيره كسابقه، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن ذكر الزُّهْري فيه غريب، والغالب أنَّ ذكره وهمٌ، فقد رواه جمع من الأئمة ومنهم أحمد بن حنبل كما في الطريق التي قبل هذه، عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس، فالمحفوظ فيه ذكر قتادة وليس الزُّهْري، على أنَّ معمرًا لم يضبط إسناده إذ وصله بذكر أنسٍ، وخالفه من هو أوثق منه في قتادة فأرسله عنه كما تقدم بيانه.

وهو عند أحمد في "فضائل الصحابة"(1332) و (1338).

وهو عنده أيضًا في "مسنده" كما في "أطرافه" للحافظ ابن حجر (981)، و "إتحاف المهرة" له أيضًا (1800). وذكر الحافظ أنه جاء في النسخة في مسند ابن مسعود، وليس هو محله! وهذا ليس في شيء من نسخنا الخطية من "المسند".

ص: 698

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، فإن قوله صلى الله عليه وسلم:"حسبُكَ من نساء العالمين" يُسوِّي بين نساء الدنيا.

4802 -

أخبرني أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثتنا أم بكر بنت المسور بن مخرمة، عن عُبيد الله بن أبي رافع، عن المسور: أنه بعثَ إِليه حَسَنُ بن حَسنٍ يَخطب ابنته، فقال له: قل له فيلقاني

(2)

في العتمة، قال: فلقيه فحَمِدَ الله المسورُ وأثنى عليه، ثم قال: أما بعدُ، أم والله ما من نَسَبٍ ولا سَبَبٍ ولا صِهْر أحبُّ إلي من نَسَبكم وصِهْركم، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"فاطمةُ بَضْعَةٌ مني، يَقبِضُني ما يقبضُها، ويَبسُطني ما يَبسُطُها، وإنَّ الأنساب يوم القيامة تنقطِعُ غيرَ نَسَبي وسَبَبي وصِهْري"، وعندك ابنتها، ولو زوّجتك لقبضَها ذلك؛ فانطلق عاذِرًا له

(3)

.

(2)

المثبت من (ز) و (ب)، وفي (ص) و (م): فليلقاني، وفي "التلخيص": يلقاني، وفي "المسند": فليلقني.

(3)

إسناده محتمل للتحسين من أجل أم بكر بنت المسور بن مخرمة، فهي تابعية، روى عنها ابن ابن أخيها عبد الله بن جعفر - وهو ابن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة - ومخرمة بن بكير بن الأشج، وروت عن أبيها كثيرًا، وروى لها البخاري في "الأدب المفرد". لكن ذكر عبيد الله بن أبي رافع في إسناده وهمٌ من أبي سعيد مولى بني هاشم، وقال البيهقي في "سننه الكبرى" 7/ 64: رواه جماعة عن عبد الله بن جعفر دون ابن أبي رافع في إسناده. قلنا: وقد أوضح ذلك أبو موسى =

ص: 699

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4803 -

حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحفيد، حدثنا الحسين بن الفضل البَجَلي، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سَلَمة، أخبرني حُميد وعلي بن زيد، عن أنس بن مالك: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَمُرُّ بباب فاطمة ستة أشهرٍ إذا خرج الصلاة الفجر، يقولُ: "الصلاة يا أهل البيت {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}

(1)

.

= المديني في "اللطائف من دقائق المعارف"(927)، حيث روى هذا الخبر من طريق أبي سعيد مولى بني هاشم ومن طريق عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، فمايز بين رواية أبي سعيد مولى بني هاشم وبين رواية الأُويسي، وأنَّ أبا سعيد مولى بني هاشم قال في روايته: عن عبد الله بن جعفر، عن أم بكر بنت المسور وجعفر بن محمد، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور، وأنَّ عبد العزيز الأويسي قال في روايته: عن عبد الله بن جعفر، عن أم بكر، عن أبيها، وعن جعفر بن محمد، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور.

والحديث في "مسند أحمد" 31 / (18907).

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند"(18930) عن محمد بن عباد المكي، عن أبي سعيد مولى بني هاشم، عن عبد الله بن جعفر، عن أم بكر وجعفر، عن عُبيد الله بن أبي رافع، عن المسور.

وممَّن رواه عن عبد الله بن جعفر فلم يذكر في روايته عن أم بكر أحدًا بينها وبين أبيها المسور غير عبد العزيز الأويسي الذي تقدم ذكره، إسحاق بنُ محمد الفروي عند أبي بكر الخلال في "السنة"(655)، والبيهقي 7/ 64، ومحمد بن عمر بن أبي الوزير عند أبي يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (3951)، ومروان بن محمد الطاطري عند الآجُرّي في "الشريعة"(1711)، وإبراهيم بن زكريا العبدي عند الطبراني في "الكبير" 20/ (33).

وقد صح الشطر الأول من المرفوع عن المسور بن مخرمة من غير هذه الطريق كما تقدم بيانه عند الطريق السالفة برقم (4787).

وأما الشطر الثاني من المرفوع فقد روي أيضًا عن غير المسور كما تقدم بيانه عند حديث عمر بن الخطاب السالف برقم (4735).

(1)

إسناده ضعيف من أجل علي بن زيد - وهو ابن جُدعان - وعليه مدار هذا الحديث، وذكر =

ص: 700

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4804 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، أخبرني أبي، عن الشعبي، عن سُوَيد بن غَفَلة، قال: خطب عليٌّ ابنة أبي جهل إلى عمها الحارث بن هشام، فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أعَن حَسَبِها تسألني؟ " قال عليٌّ: قد أعلمُ ما حَسَبُها، ولكن أتأمرني بها؟ فقال:"لا، فاطمةٌ مُضْغةٌ مني ولا أحسَبُ إلَّا وأنها تحزَنْ، أو تَجزَعُ"، فقال عليٌّ: لا آتي شيئًا تَكرَهُه

(1)

.

= حميدٍ - وهو ابن أبي حميد الطويل - في إسناده هنا مقرونًا بابن جدعان غير محفوظٍ البتة:

فقد أخرج هذا الحديث أحمد بن حنبل 21/ (14040) عن عفان بن مسلم، وكذلك أخرجه الترمذي (3206) عن عبد بن حميد عن عفان بن مسلم، بإسناده، فلم يذكرا فيه حُميدًا. ومع ذلك قال الترمذي: حديث حسن غريب!

وأخرجه أيضًا أحمد (13728) عن أسود بن عامر، عن حماد بن سلمة، به. فلم يذكر حميدًا.

وكذلك رواه جماعةٌ آخرون عن حماد بن سلمة فلم يذكروا فيه حميدًا الطويل، منهم: أبو داود الطيالسي كما في "مسنده"(2171)، وحجاج بن المنهال عند الطبراني في "الكبير"(2671)، وهُدبة بن خالد عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2953)، وروح بن عبادة عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(774)، وعبيد الله بن أبي عائشة عند ابن شاهين في "فضائل فاطمة"(15)، وإبراهيم بن الحجاج السامي عند أبي يعلى (3978) فظهر بذلك وهم من زاد حميدًا في إسناد المصنف، والله تعالى أعلم.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن ذكر سويد غَفَلة فيه غير محفوظ، إنما هو من مرسل الشَّعبي - واسمه عامر بن شراحيل - لم يذكر فيه سويد بن غَفَلة، وكذلك هو في "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (1323)، فالظاهر أنَّ ذكر سويد بن غَفَلة فيه وهمٌ من جهة المصنف، والله تعالى أعلم.

وكذلك أخرجه عبد الرزاق (13268) عن سفيان بن عُيينة، وابن أبي شيبة 12/ 128 عن محمد بن بشر، ويونس بن بكير في زياداته على "السيرة النبوية" لابن إسحاق (358) ومن طريقه الدولابي في "الذرية الطاهرة"(56)، ثلاثتهم عن زكريا بن أبي زائدة، عن الشَّعْبي مرسلًا لم يجاوزوه. =

ص: 701

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السِّياقة.

4805 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون.

وأخبرنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي حنظلة رجلٍ من أهل مكة: أنَّ عليًّا خَطَبَ ابنة أبي جهل، فقال له أهلُها: لا نُزوِّجُك على ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"إنما فاطمةُ مُضغةٌ منّي، فمن آذاها فقد آذاني"

(1)

.

4806 -

حدثنا بكر بن محمد الصيرفي، حدثنا موسى بن سَهْل بن كثير، حدثنا إسماعيل ابن عُليّة، حدثنا أيوب السختياني، عن ابن أبي مُليكة، عن عبد الله بن الزُّبير: أنَّ عليًّا ذَكَر ابنة أبي جهل، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"إنما فاطمة بضعةٌ مني، يُؤذيني ما آذاها، ويُنصِبُني ما أَنصَبَها"

(2)

.

= وانظر حديث المسور بن مخرمة فيما تقدَّم برقم (4787)، وحديث عبد الله بن الزبير الآتي برقم (40806).

(1)

إسناده ضعيف لجهالة أبي حنظلة، فإنه لا يكاد يعرف، وانظر ترجمته في "تعجيل المنفعة" لابن حجر (1260).

وهو في "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (1324).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل موسى بن سهل بن كثير، فقد قال عنه الذهبي في "السير" 13/ 149: أحد الضعفاء الذين يُحتمل حالهم. قلنا: يعني في المتابعات والشواهد، وقد توبع.

وأخرجه أحمد بن حنبل 26 / (16123)، وأخرجه الترمذي (3869) عن أحمد بن منيع، كلاهما (ابن حنبل وابن منيع) عن إسماعيل ابن عُليّة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. هكذا قال أيوب: عن ابن أبي مليكة عن ابن الزبير، وقال غير واحد: عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة (يشير الترمذي إلى حديث المسور الذي تقدم تخريجه برقم (4787) ويحتمل أن يكون ابن أبي مليكة روى عنهما جميعًا.

ص: 702

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4807 -

أخبرني أحمد بن جعفر بن حمدان البزار، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن مسلم، حدثنا صالح بن حاتم بن وَرْدان، حدثني أبي حدثني أيوب، عن أبي يزيد المديني، عن أسماء بنت عُميس، قالت: كنتُ في زفاف فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحنا جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الباب، فقال:"يا أم أيمن، ادعي لي أخي"، فقالت: هو أخوك وتُنكِحُه؟! قال: "نعم يا أم أيمن "فجاء عليٌّ، فنَضَحَ النبي صلى الله عليه وسلم عليه من الماء ودعا له، ثم قال:"ادعي لي فاطمة" قالت: فجاءت تَعَثَّرُ من الحياء، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اسكُني، فقد أنكحتكِ أحب أهل بيتي إلي" قالت: ونضح النبي صلى الله عليه وسلم عليها من الماء، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى سوادًا بين يديه، فقال:"من هذا؟ " فقلت: أنا أسماء، قال:"أسماء بنتُ عُميس؟ " قلت: نعم، قال:"جئتِ في زفاف ابنة رسول الله" قلت: نعم، فدعا لي

(1)

.

(1)

ضعيف لاضطرابه كما سبق بيانه عند الحديث (4798)، ولنكارة متنه، فإنَّ أسماء بنت عميس كانت وقت زفاف فاطمة مع زوجها جعفر بن أبي طالب بالحبشة، وقد أشار إلى هذا الغلط الذهبي في "تلخيصه"، وكذا ابن حجر في "المطالب العالية" (1629) فقال: أسماء بنت عميس كانت في هذا الوقت بأرض الحبشة مع زوجها جعفر لا خلاف في ذلك، فلعل ذلك كان لأختها سلمى بنت عُميس وهي امرأة حمزة بن عبد المطلب.

قلنا: هذا الخبر مداره على أبي يزيد المديني، وأبو يزيد هذا لا يعرف له اسمٌ ولا نسب، وقد روى عنه غير واحد من أهل البصرة، ووثقه ابن معين ومشاه أحمد بن حنبل، وروى له البخاري حديثًا واحدًا موقوفًا، لكن لما سئل عنه مالك. وهو إمام أهل المدينة. قال: لا أعرفه!

وأخرجه النسائي (8455) عن إسماعيل بن مسعود، عن حاتم بن وردان، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أخي ميمي في "فوائده"(429) من طريق أبي الربيع الزهراني، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي يزيد المدني، قال: قالت أسماء بنت عُميس.

وأخرجه ابن أخي ميمي أيضًا (429) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن كامجرا، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 133 من طريق يحيى بن بحر الكرماني، كلاهما عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي يزيد: أن أسماء حدثت قالت

=

ص: 703

4808 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوْرِي، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن أم المؤمنين عائشة أم المؤمنين أنها قالت: ما رأيتُ أحدًا كان أشبة كلامًا وحديثًا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبَّلها ورحّب بها، وأخذ بيدها فأجلسها في مَجلسِه، وكانت هي إذا دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قامتْ إليه مستقبلةً وقبلت يده

(1)

.

= وخالف أحمد بن إبراهيم الموصلي فرواه عند ابن أخي ميمي أيضًا (429) عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي يزيد: أنَّ عائشة قالت

فجعله من حديث عائشة بدل أسماء بنت عُميس!

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(9781) برواية إسحاق الدَّبَري، وعنه الطبراني في "الكبير" 24/ (365) عن معمر بن راشد، عن أيوب، عن عكرمة وأبي يزيد المديني أو أحدهما - شكّ عبد الرزاق - أنَّ أسماء بنت عميس قالت

وتابع الدَّبَريَّ على ذلك ابنُ أبي عمر العدني في روايته عن عبد الرزاق عند الآجري في "الشريعة"(1618).

ورواه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(2142)، وأحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(958) كلاهما عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة وعن أبي يزيد المدني، قالا

كذا رواه ابن راهويه وأحمد عن عبد الرزاق باقتران عكرمة بأبي يزيد دون شك.

وأخرج معمر في "جامعه"(20369) عن أيوب السختياني، عن عكرمة، قال: لما زوّج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة قال: "ما ألوتُ أن أُنكحكِ أحبّ أهلي إليَّ".

ويشهد لقصة نَضْحِ النبي صلى الله عليه وسلم الماء على فاطمة وعليٍّ في ليلة الزفاف حديثُ بريدة الأسلمي عند النسائي (10016) والبزار (4471) وغيرهما، لكن فيه: أنه نضح الماء على عليّ وحده، وزاد فيه دعاءه صلى الله عليه وسلم لهما بقوله:"اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في شبلهما". وحسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار"(1993).

(1)

إسناده صحيح. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.

وقد تقدَّم برقم (4785) من طريق محمد بن إسحاق الصغاني عن عثمان بن عمر.

وفي هذه الرواية ورواية الطبراني في "الأوسط"(4089) بيان لمحل تقبيل فاطمة لأبيها صلى الله عليه وسلم حيث جاء ذلك مطلقًا في الروايات الأخرى، فتبين هنا وعند الطبراني أن المراد تقبيل يده صلى الله عليه وسلم، =

ص: 704

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4809 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا داود بن أبي الفُرات، عن عِلْباء بن أَحمر، عن عِكرمة، عن ابن عبّاس، قال: خَطَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعة خُطوطٍ، ثم قال:"أتدرُونَ ما هذا؟ " فقالوا: الله ورسوله أعلمُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أفضلُ نِساءِ أهل الجنة: خَديجة بنتُ خُوَيلد، وفاطمة بنتُ محمّدٍ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4810 -

حدثنا أبو بكر محمد بن حَيَّوِيهِ بن المؤمل الهمذاني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد، أخبرنا عبد الرزاق بن همام، حدثني أبي، حدثني أبي، عن ميناء بن أبي ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف، قال: خُذُوا عني قبل أن تُشَابَ الأحاديثُ بالأباطيل، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"أنا الشجرة وفاطمةُ فَرعُها، وعليٌّ لقاحها، والحسنُ والحسينُ ثَمَرتُها، وشيعَتُنا ورقُها، وأصلُ الشجرة في جنة عَدْنٍ، وسائرُ ذلك في سائر الجنة"

(2)

.

= والله تعالى أعلم. وفي رواية أبي داود (5217) ما يشير إليه، حيث جاء في روايته: فأخذت بيده فقبلته.

(1)

إسناده صحيح يونس بن محمد هو ابن مسلم البغدادي المؤدِّب.

وهو في "مسند أحمد" 4/ (2668). وزاد فيه ذكر آسية بنت مزاحم ومريم ابنة عمران.

وسيأتي برقم (4912) من طريق العباس بن محمد الدُّوري عن يونس بن محمد.

وقد تقدم برقم (3878) من طريق أبي الوليد الطيالسي، وبرقم (4205) من طريق موسى بن إسماعيل، كلاهما عن داود بن أبي الفرات.

(2)

إسناده تالف من أجل ميناء بن أبي ميناء، فهو متروك الحديث، وكذبه أبو حاتم، وليس هو بصحابيٍّ كما وقع للمصنِّف هنا، فإنه سقط من رواية المصنِّف ذِكرُ عبد الرحمن بن عوف، إذ إنَّ ميناء يرويه عنه كما وقع عند ابن عدي في "الكامل" 2/ 336 و 6/ 459، وقد بين ذلك الحافظُ ابن حجر في "الإصابة" 6/ 390، ونَبَّه الحافظ كذلك إلى عدة أوهام وقعت للحاكم هنا في روايته =

ص: 705

هذا مَتْنٌ شاذٌ، وإن كان كذلك فإنَّ إسحاق الدَّبَري صدوقٌ، وعبد الرزاق أبوه وجدُّه ثِقات، وميناء مولى عبد الرحمن بن عوف قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه، والله أعلم.

4811 -

حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن شَبَّوَيه الرئيسُ الفقيه بمرو، حدثنا جعفر بن محمد بن الحارث النيسابوري بمَرُو، حدثنا علي بن مهران الرازي، حدثنا سلمة بن الفضل الأبْرَش، حدثنا محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة: أنها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ما رأيتُ أحدًا كان أصدق لهجةً منها، إلا أن يكون الذي وَلَدَها

(1)

.

= وفي حكمه على الحديث بإثره، ومن ذلك أنَّ ذكر جد عبد الرزاق مما يُستغرب إذ لا ذكر له ولا رواية، وأنَّ ابن عدي لم يذكره في إسناده، وردّ على المصنِّف في دعواه بإدراك ميناء للنبي صلى الله عليه وسلم بما قاله ميناء نفسُه أنه احتلم حين بُويع لعثمان، فيكون مولده في آخر العصر النبوي. وقد جزم ابن الجوزي في "الموضوعات" بوضعه.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/ 336 و 6/ 459، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ 168، وابن الجوزي في "الموضوعات"(790) عن أبي عبد الغني الحسن بن علي بن عيسى الأزدي، عن عبد الرزاق، عن أبيه، عن ميناء بن أبي ميناء، عن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرج مثله ابن عساكر 14/ 168، وابن الجوزي (789) من طريق تالفةٍ بمرةٍ عن ليث بن سعد، عن ابن جريج، عن مجاهد، عن ابن عباس.

(1)

صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاقَ - وهو ابن يسار صاحب السير والمغازي - فهو صدوق حسن الحديث، ومن دونه من الرواة متابعون، وقد عنعنه ابن إسحاق في سائر الروايات التي وقفنا عليها، ولكن عنعنته تُغتفر هنا لتعدد روايات ابن إسحاق، فقد رواه أيضًا عن محمد بن جعفر بن الزبير، وعن محمد بن عباد بن عبد الله بن الزبير أخي يحيى بن عباد، كلاهما يرويه عن عبد الله بن الزبير عن عائشة، وله طريق أخرى عن عائشة غير ابن إسحاق رجالها ثقات، ويؤيده حديث عائشة الآخر الذي تقدم برقم (4785) و (4808) أنَّ فاطمة كانت أشبة الناس كلامًا وحديثًا برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه المصنف في "فضائل فاطمة الزهراء"(48) من طريق محمد بن حميد الرازي، عن سلمة بن الفضل بهذا الإسناد.=

ص: 706

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4812 -

حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل، وأبو بكر محمد بن عبد الله

= وأخرجه أيضًا (46) من طريق عباد بن عباد المهلبي، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير ويحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، كلاهما عن أبيهما عبد الله بن الزبير قال: كانت عائشة تقول

وفي هذه الطريق تقييد الأب بأنه عبد الله بن الزبير، وإنما هو الجد، وهي نسبة صحيحة عند العرب، يُسمَّى الجدُّ أبًا. وفيها أيضًا تسمية العم أبًا، وهي تسمية صحيحة كذلك عند العرب، كما في قوله تعالى على لسان بني يعقوب:{نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} ، وإسماعيل عمّ يعقوب وإبراهيم جدّه. فالظاهر أنَّ قوله في رواية سلمة بن الفضل الأبرش: عن أبيه، يعني عن جده عبد الله بن الزبير، على أنَّ يحيى بن عباد يروي عن أبيه وعن جده، وجده وأبوه كلاهما عائشة.

وأخرجه المصنف في "فضائل فاطمة" كذلك (47) من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن محمد بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة. فذكر محمد بن عباد، بدل أخيه يحيى، وكلٌّ ثقةٌ.

وأخرجه أيضًا (151) من طريق عباد بن العوام، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة. فذكر محمد بن جعفر بن الزبير.

والظاهر من هذه الطرق أنَّ محمد بن إسحاق سمع هذا الخبر من ثلاثة: وهم محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد ويحيى ابنا عباد بن عبد الله بن الزبير، والثلاثة سمعوه من عبد الله بن الزبير، والله تعالى أعلم.

وأخرجه أبو يعلى (4700)، وأخرجه المصنف (49) من طريق محمد بن إبراهيم العبدي، والطبراني في "الأوسط"(2721)، وأبو نُعيم في "الحلية" 3/ 137 من طريق إبراهيم بن هاشم البغوي، ثلاثتهم (أبو يعلى ومحمد بن إبراهيم العبدي وإبراهيم بن هاشم) عن أمية بن بسطام، عن يزيد بن زُريع، عن روح بن القاسم، عن عمرو بن دينار، قال: قالت عائشة، فذكره. ورجاله ثقات، لكن عمرو بن دينار لا يدرك السماع من عائشة.

وقد أخرجه المصنِّف مرة أخرى (152) من طريق محمد بن إبراهيم العبدي، عن أمية بن بسطام، عن يزيد بن زُريع، عن روح بن القاسم، عن عمرو بن دينار، عن عُبيد بن عمير، أنَّ عائشة قالت

فذكر بين عمرو بن دينار وبين عائشة واسطةً هو عُبيد بن عُمير، وهو تابعي كبير سمع عائشة، فإن صح هذا اتصل هذا الإسناد وكان صحيحًا، والله أعلم.

ص: 707

ابن عَتّاب وأبو بكر بن أبي دارِم، الحافظ، قالوا: حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي، حدثنا العباس بن الوليد بن بكار الضَّبِّي، حدثنا خالد الواسطي.

وأخبرني أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن مسلم البصري، حدثنا عبد الحميد بن بحر، حدثنا خالد بن عبد الله، عن بَيَان، عن الشَّعْبي، عن أبي جُحَيفة، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا كان يوم القيامةِ قيل: يا أهل الجَمْع، غُضُّوا أبصارَكم حتى تمرَّ فاطمةُ بنتُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فتَمُرُّ وعليها رَيْطَتانِ خضراوان". قال أبو مُسلمٍ: قال لي أبو قِلابة - وكان معنا عند عبد الحميد -: إنه قال: "حَمْراوان"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

‌ذكر ما ثَبَتَ عندنا من أعقاب فاطمة ووفاتها رضي الله عنها

4813 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن إبراهيم بن عثمان، عن الحَكَم، عن مِقسَم، عن ابن عباس، قال: وَلَدت خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم غُلامين وأربعَ نِسوةٍ: القاسم وعبد الله، وفاطمة وأم كُلثوم ورُقيّة وزينب

(2)

.

(1)

إسناده واهٍ بمرّة من أجل عبد الحميد بن بحر، فقد قال ابن حبان وابن عدي: يسرق الحديث، وضعفه الدارقطني كما في "لسان الميزان".

وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(422) من طريق أبي بكر أحمد بن سلمان، عن إبراهيم بن عبد الله البصري، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (423) من طريق أبي قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، عن عبد الحميد بن بحر، به. لكنه قال في روايته:"ريطتان بيضاوان". والرَّيطة: كل مُلاءة من نسجٍ واحدٍ وقطعة واحدةٍ.

وانظر ما سلف برقم (4781).

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل إبراهيم بن عثمان - وهو العبسي مولاهم أبو شيبة الكوفي - فهو متروك الحديث، ولكنه لم ينفرد به، فسيأتي هذا الخبر عند المصنف برقم (4899) من =

ص: 708

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= طريق محمد بن يونس الكُديمي، عن أبي زيد سعيد بن أوس، عن شعبة، عن الحكم. لكن الكُديمي ضعيف جدًّا أيضًا، فلا يعتد بهذه المتابعة، وقد رُوي عن ابن عباس من وجه آخر لكنه ضعيف جدًّا، فلا يُفرح به.

غير أنَّ هذا الخبر - وإن كان هذا حالَ أسانيده عن ابن عبّاس - مشهورٌ معروف، طلب الإسناد لمثله تكلُّف، فأما ذكر بناته صلى الله عليه وسلم فمتفق عليه لا يختلف فيه اثنان، وأما الذكور من أولاده صلى الله عليه وسلم من خديجة فقد روي مثلُه عن مصعب بن عبد الله الزبيري وابن أخيه الزبير بن بكار، وروي أيضًا عن الزُّهري، قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 889: هو قول أكثر أهل النسب، ونقل ابن عبد البر عن علي بن عبد العزيز الجُرجاني النسّابة قوله: هذا هو الصحيح، وغيره تخليط.

ونقله ابن ناصر الدين الدمشقي في "جامع الآثار" 3/ 468 و 469 عن أبي الحسن علي بن الجنيد الرازي وأبي بكر البرقي وأبي الفرج بن الجوزي.

وهو في "فضائل فاطمة الزهراء" للمصنف (76).

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 70، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 140 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وهو في زيادات يونس بن بكير على "السيرة النبوية" لابن إسحاق (337)، ومن طريقه أخرجه الدُّولابي في "الذرية الطاهرة"(47)، وابن عساكر 3/ 124 و 12/ 124.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(12115)، وفي "الأوسط"(1463) من طريق عبد السلام بن راشد أبي الحسن الرفاء، عن إبراهيم بن عثمان، به.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 110 و 3/ 6، ومن طريقه ابن عساكر 3/ 125، وابن الجوزي في "المنتظم" 2/ 316 عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وقال فيه: ولد له في الإسلام عبد الله، فسُمِّي الطيب والطاهر. ولكن هشامًا وأباه متروكان وأبا صالح وهو باذام مولى أم هانئ ضعيف.

وروي عن ابن عبّاس من وجه ضعيف جدًّا غير ذلك كما أخرجه ابن عساكر 3/ 128 و 12/ 128 من طريق محمد بن زكريا الغلابي، عن العباس بن بكار الضَّبِّي، عن محمد بن زياد والفرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس: أن خديجة ولدت عبد الله وزينب ورقية والقاسم والطاهر والمطهر والطيب والمطيب وأم كلثوم وفاطمة. ومحمد بن زكريا متروك والعباس ضعيف جدًّا.

وأما رواية مصعب بن عبد الله الزبيري فأخرجها البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 70، وابن عساكر 3/ 130.

وأما رواية الزبير بن بكار فأخرجها ابن عساكر 3/ 131.

ص: 709

4814 -

أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق المهرجاني، حدثنا محمد بن زكريا بن دينار البصري [حدثنا العباس بن بَكّار]

(1)

حدثنا عبد الله بن المثنى، عن ثُمَامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس بن مالك، قال: سألتُ أمي عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: كانت كالقمرِ ليلةَ البدرِ، أو كشمسٍ كَفَرَ غَمامًا إذا خرج من السَّحاب، بيضاءَ مُشرَبةً حُمرةً، لها شعرٌ أسود، من أشد الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم شَبَهًا والله، كما قال الشاعر:

بيضاءَ تَسحَبُ من قيامٍ شعرَها

وتغيبُ فيه وهو جَثْلٌ

(2)

أسحَمُ

فكأنها فيهِ نَهارٌ مُشرِقٌ

وكأنه ليلٌ عليها مُظلم

(3)

4815 -

أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المُزكّي وأبو الحسين بن يعقوب الحافظ، قال: احدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، قال: سمعت عبد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمي يذكُر، عن أبيه، عن جده، قال: وُلِدَت فاطمة سنةَ

(1)

سقط اسم العباس بن بكار من أصولنا الخطية، ومن "تلخيص الذهبي"، وأثبتناه من "فضائل فاطمة الزهراء" للمصنف (77) حيث رواه بإسناده الذي هنا نفسه، ويؤيده أنَّ حمزة بن يوسف السَّهمي قد أخرجه في "تاريخ جرجان" ص 170 - 171 من طريق محمد بن زكريا الغلابي عن العباس بن بكار عن عبد الله بن المثنى، هذا وقد روى محمد بن زكريا عدة روايات لعبد الله بن المثنى كلها بواسطة العباس بن بكار، فتأكد ثبوته في هذا الإسناد.

(2)

تصحف في (ز) و (ب) إلى: حبل، بالحاء المهملة والباء الموحدة، وأُهملت الكلمة في (ص) و (م)، وجاءت على الصواب معجمة في (ع) و "تلخيص الذهبي".

والأسحم: الأسود.

والجَثْل من الشَّعر: أشدُّه سوادًا وغلظًا.

(3)

إسناده تالف بالمرة من أجل محمد بن زكريا بن دينار البصري - وهو الغلابي - والعباس بن بكار - وهو العباس بن الوليد بن بكار الضبي - فهما متروكان، واتهمهما الدارقطني.

وهو في "فضائل فاطمة الزهراء" للمصنف (77).

وأخرجه حمزة بن يوسف السَّهْمي في "تاريخ جرجان" 1/ 170 - 171 من طريق بندار بن إبراهيم بن عيسى الإستراباذي، عن محمد بن زكريا بهذا الإسناد.

ص: 710

إحدى وأربعين من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

‌ذكر وفاة فاطمة رضي الله عنها والاختلاف في وقته

4816 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطة، حدثنا الحسن بن الجهم الأصبهاني، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، قال: تُوفّيت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم لثلاث ليال خَلَون من شهر رمضان، وهي ابنةُ تسع وعشرين سنة أو نحوها.

وقد اختُلِف في وقت وفاتِها، فرُوي عن أبي جعفر محمد بن علي، أنه قال: توفيت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر.

وأما عائشة فإنها قالت فيما روي عنها: إنها تُوفّيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر. وأما عبد الله بن الحارث فإنه قال فيما روى يزيد بن أبي زياد عنه قال: تُوفّيتْ فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بثمانية أشهر.

4817 -

قال محمد بن عمر: وقد حدثنا معمرٌ، عن الزُّهْري، عن عُرُوة، عن عائشة.

وحدثنا ابن جُريج، عن الزُّهري، عن عُروة

(2)

: أنَّ فاطمة توفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر. قال محمد بن عمر: وهذا الثبَتُ عندنا

(3)

.

(1)

وهو عند المصنف في "فضائل فاطمة"(78)، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 157، وسيأتي مثله عن جعفر بن محمد الصادق برقم (4821). وانظر ما بعده.

(2)

زاد في المطبوع: عن عائشة. ولم يرد ذكر عائشة في الأصول الخطية في رواية ابن جريج عن الزُّهْري، وهو الصحيح، فقد نقله الطبري في "تاريخه" 3/ 240 عن الواقدي، فلم يذكر عائشة في روايته عن ابن جريج، وكذلك نقله ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 928.

(3)

قول عائشة في وقت وفاة فاطمة صحيح عنها، فقد توبع عليه محمد بن عمر الواقدي.

وأما قول الواقدي في سنّ فاطمة لما توفيت فوافقه عليه أبو الحسن المدائني كما في "تاريخ دمشق" 3/ 159 - 160، ووافقه كذلك ابن أبي شيبة كما في "دلائل النبوة" لابن شاهين فيما نقله عنه ابن ناصر الدين الدمشقي في "جامع الآثار" 3/ 504. =

ص: 711

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقريبٌ منه قول محمد بن إسحاق عند الطبراني في "الكبير" 22 / (998)، وعنه أخرجه أبو نُعيم في "المعرفة" (7339) حيث قال: توفيت وهي بنت ثمان وعشرين.

وقاله كذلك ابن شهاب الزُّهري كما رواه عنه المصنف في "فضائل فاطمة"(79)، ومن طريقه ابن عساكر 3/ 161.

وخالفهم عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب عند الطحاوي في "شرح المشكل" بإثر الحديث (142)، فقال: كان سنُّها الذي ماتت عليه خمسًا وعشرين سنة. وهذا أقوى مما نقله عنه الزبير بن بكار بسند آخر فيما رواه عنه ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(1608) أنها بلغت ثلاثين.

وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" 2/ 32: الصحيح أن عمرها أربع وعشرون سنة. وهذا قريب من قول عبد الله بن حسن المتقدم.

وسيأتي عن جعفر بن محمد الصادق برقم (4821) أنَّ فاطمة ماتت وهي ابنة إحدى وعشرين.

وأخرج قول عائشة في وقت وفاة فاطمة ضمن قصة مجيئها إلى أبي بكر تسأله ميراثها: أحمد 1 / (25)، والبخاري (3039)، ومسلم (1759) من طريق صالح بن كيسان، والبخاري (4240) ومسلم (1759)، وابن حبان (6607) من طريق عُقيل بن خالد الأيلي، وابن حبان (4823) من طريق شعيب بن أبي حمزة، ثلاثتهم عن الزهري به. وفصل صالح بن كيسان في رواية أحمد ومسلم هذا القول من حديث عائشة بلفظة:"قال" كأنه يشير إلى أنه ليس من قول عائشة. وقد جاء في رواية للبيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 300 من رواية أحمد بن منصور، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، به. فذكر حديث عائشة وقال في أثنائه: قال معمر: قلت للزهري: كم مكثت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ستة أشهر. وجاء مفردًا من قول الزهري في روايتين عند ابن عساكر 3/ 161، إحداهما من رواية أبي زرعة الرازي عن أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب بن أبي حمزة، وهي في "تاريخ أبي زرعة" 1/ 290.

وعند البخاري في "تاريخه الأوسط"(93) عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة، وذكر الحديث قال: وعاشت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر. ففصل البخاري القول المذكور بلفظة "قال" موافقًا رواية أبي زرعة الدمشقي عن أبي اليمان، وموافقًا كذلك الرواية صالح بن كيسان عند أحمد ومسلم كما سبق، فالله تعالى أعلم.

وسيأتي بعده من رواية عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة من قولها مفردًا، =

ص: 712

4818 -

أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، حدثنا محمد بن إسحاق الثّقفي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحَنْظَلي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمر، عن الزُّهْري، عن عُروة، عن عائشة قالت: مَكثَت فاطمة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر

(1)

.

تابعه صالح بن كَيْسان وعُقَيلُ وابنُ عُيَينة والمُوَقَّرِيُّ

(2)

ومحمد بن عبد الله ابن أخي الزُّهْري

(3)

وابنُ جُريج، كلُّهم نحوه.

4819 -

أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى ابن أخي طاهر العقيقي العلوي ببغداد، حدثنا جدّي يحيى بن الحسن، حدثنا بكر بن عبد الوهاب، حدثنا محمد

= فالظاهر أنه من قول عائشة ووافقها عليه الزهري.

(1)

إسناده صحيح. غير أنه اختلف فيه هل هو من قول عائشة أو الزهري كما سبق في الطريق التي قبله. وقد أخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" 22 / (993) عن إسحاق الدَّبَري عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْري من قوله. كذا ذكره عن الدَّبَري وهو راوية "مصنف عبد الرزاق"، مع أنَّ الذي جاء في "المصنف"(9774) يُشعر أنه من قول عائشة إذ دُمج في روايتها للحديث الطويل في مجيء فاطمة والعباس إلى أبي بكر يسألانه ميراثهما. وكذلك جاء في "مستخرج أبي عوانة"(6679) عن الدبري وعن محمد بن يحيى الذهلي وعن محمد بن علي الصنعاني، ثلاثتهم عن عبد الرزاق، به. بما يُشعر أنه من قول عائشة.

وهذا يخالف رواية أحمد بن منصور الرمادي عن عبد الرزاق التي عند البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 300 التي فُصل فيها هذا القولُ من حديث عائشة وجعل من قول الزُّهْري صراحةً، فالله تعالى أعلم. ولا يبعد أن يكون هو قول عائشة ووافقها عليه الزهري.

وقد روي عن عائشة بإسناد آخر من قولها كما رواه عنها الطبراني في "الكبير" 22/ (994) و (1036)، ولكن في الإسناد إليها رجل متروك.

وفيه رواية أخرى عن عائشة: أنَّ فاطمة بقيت بعد صلى الله عليه وسلم، شهرين، وستأتي عند المصنف برقم (4822) وإسناده ضعيف.

(2)

تحرّف في المطبوع إلى: الواقدي، وقد أخرجه من طريق الموقري - واسمه الوليد بن محمد - عمرُ بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 196.

(3)

أخرجه من طريقه المصنف في "فضائل فاطمة"(171) و (172).

ص: 713

ابن عمر الواقدي، حدثنا عمر

(1)

بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن ابن عباس قال: كانت فاطمة قد مَرِضت مرضًا شديدًا، فقالت لأسماء بنت عُميس: ألا ترين إلى ما بلغت، أُحمَلُ على السرير ظاهرًا؟! فقالت أسماء: ألا لَعَمْري، ولكن أصنعُ لكِ نَعْشًا كما رأيتُه يُصنَع بأرض الحبشة، قالت: فأرينيه، قال: فأرسلت أسماء إلى جَرائدَ رَطْبةٍ فقُطعت من الأسواف، وجعلت على السرير نعشًا، وهو أول ما كان النعشُ، فتبسمت فاطمةُ، وما رأيتُها مُتبسمةً بعد أبيها إلا يومئذ، ثم حَمَلْناها فدفناها ليلًا

(2)

.

(1)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: محمد وسقط من (ص) و (م)، فصار: محمد بن عمر بن علي، والتصويب من "طبقات ابن سعد" 10/ 29، و "الذرية الطاهرة" للدولابي (212).

وقد تكرر اسم عُمر بن محمد بن عُمر بن علي في عدة روايات للواقدي عند ابن سعد 1/ 75 و 10/ 30 وغيره. وقد ذكر مصعب الزبيري في "نسب قريش" ص 80 أبناء محمد بن عمر بن علي، فلم يذكر فيهم من اسمه محمد.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل الحسن بن محمد بن يحيى العلوي العقيقي فقد اتهمه الذهبي في "الميزان" 1/ 521، بالكذب، لكن رُوي خبر صنع أسماء النعش لفاطمة من غير طريقه، فقد رواه ابن سعد في "طبقاته" 10/ 29 عن محمد بن عمر الواقدي، والواقدي متكلم فيه، وقد روي هذا الخبر أيضًا من وجه آخر محتمل للتحسين عن أسماء بنت عُميس نفسها.

فقد أخرجه بنحوه الدُّولابي في "الذرية الطاهرة"(214)، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(647)، والمصنف في "فضائل فاطمة"(85)، والخطيب البغدادي في "موضح الجمع والتفريق" 2/ 403، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 927 - 928، والجُورقاني في "الأباطيل"(449) من طرق عن محمد بن موسى بن أبي عبد الله الفطري، عن عون بن محمد ابن الحنفية، عن أمه أم جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب، عن أسماء بنت عُميس. لكن وقع عند ابن شاهين ومن طريقه الخطيب البغدادي بدل محمد بن موسى: موسى بن أبي عبد الله، فجزم الخطيب بناء على ذلك أن موسى هذا هو ابن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي أبي طالب، وهو بن خطأ صوابه ما جاء في رواية غير ابن شاهين. وقال الجُورقاني: حديث مشهور حسن.

والأسواف: موضع بالمدينة بناحية البقيع، وهو من حرم المدينة.

ص: 714

4820 -

أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى وأبو الحسين بن يعقوب الحافظ قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، عن عُقَيل، عن الزُّهْري، عن عُروة قال

(1)

: دُفنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلًا، دَفَنَها عليٌّ ولم يَشعُر بها أبو بكر حتى دُفنت، وصلى عليها علي بن أبي طالب

(2)

.

4821 -

أخبرنا أبو الحسين بن يعقوب الحافظ، أخبرنا أبو العباس الثقفي، حدثني علي بن عَقيل بن عبد الله بن محمد بن عقيل، حدثني عيسى بن عبد الله العَلَوي، عن أبيه، عن أم الحسن بنت أبي جعفر محمد بن علي، عن أخيها جعفر بن محمد، قال: ماتت فاطمة وهي ابنة إحدى وعشرين، ووُلِدت على رأس سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

.

4822 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عليّ حمدانُ الوَرّاق، حدثنا موسى بن داود الضَّبي، حدثنا عبد الله بن المؤمل، عن ابن أبي مُليكة،

(1)

كذلك جاء هذا الخبر في أصولنا الخطية من قول عروة مرسلًا، وزاد في المطبوع اسم عائشة، وكذلك جاء في "صحيح البخاري"(4240) ومسلم (1759) ضمن حديث عائشة الطويل في سؤال فاطمة ميراثها من أبي بكر، موصولًا بذكر عائشة!

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد صح موصولًا بذكر عائشة من طرق عن الليث بن سعد. عقيل: هو ابن خالد الأيلي.

وأخرجه البخاري (4240) عن يحيى بن عبد الله بن بُكير، ومسلم (1759) من طريق حُجين بن المثنى، وابن حبان (6607) من طريق يزيد بن خالد، ثلاثتهم عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد موصولًا بذكر عائشة.

وأخرجه ابن حبان (4823) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، به. بذكر عائشة كذلك.

(3)

عيسى بن عبد الله العلوي: هو ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال الدارقطني: متروك الحديث، وكذَّبه مرةً، وقال ابن حبان: يروي عن آبائه أشياء موضوعة.

وانظر ما تقدَّم برقم (4815).

ص: 715

عائشة قالت: كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين فاطمة شهران

(1)

.

4823 -

حدثناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن سليمان الواسطي، حدثنا أبو نُعيم وأبو غسان، قالا: حدثنا عبد الله بن المؤمل المَخْزُومي المكي.

وأخبرني محمد بن المؤمَّل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعراني، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا موسى بن داود، حدثنا عبد الله بن المؤمَّل، عن أبي الزُّبير، عن جابر: أنَّ فاطمة لم تمكُث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا شهرين

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن المؤمل، وللاختلاف عليه كذلك، فقد رُوي عنه على وجوه فمرةً يرويه عن ابن أبي مليكة عن عائشة كما في إسناد المصنّف هنا، ومرة يرويه عن أبي الزُّبَير عن جابر كما في الرواية التالية عند المصنَّف، ومرةً يزيد فيه بينه وبين ابن أبي مليكة رجلًا سماه أبا أيوب، ومرة يرويه عن أبي الزبير مرسلًا لا يذكر فيه جابرًا. ابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عُبيد الله.

وهو عند المصنف في "فضائل فاطمة"(8) و (88).

وأخرجه أيضًا (89) من طريق الفضل بن الشَّعراني، عن أحمد بن حنبل، عن موسى بن داود، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عساكر 3/ 158 من طريق حنبل بن إسحاق، عن أحمد بن حنبل، عن موسى بن داود، عن عبد الله بن المؤمل، عن أبي أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة.

وفي الرواة عن ابن أبي مليكة رجل اسمه سليمان بن داود القرشي ويكنى بأبي أيوب وكان ثقة جليلًا، فلعله يكون هو.

وسيأتي بعده من طرق عن عبد الله بن المؤمل عن أبي الزبير عن جابر.

وما روي عن عائشة برقم (4817) و (4818) من أن مدة ما بين وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ووفاة ابنته فاطمة كانت ستة أشهر هو الصحيح عن عائشة.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن المؤمل المخزومي، وللاختلاف عنه كذلك كما سبق.

أبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي.

وهو عند المصنف في "فضائل فاطمة"(9) و (90).

وأخرجه أيضًا (90) من طريق محمد بن علي حمدان الوراق، و (180) من طريق إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، كلاهما عن موسى بن داود الضبي، بهذا الإسناد.=

ص: 716

4824 -

حدثني أبو جعفر أحمد بن عُبيد الأسدي الحافظ بهمذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا إسماعيل بن أبي أُويس، حدثنا موسى بن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ: أنَّ فاطمة لما توفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تقول: وابَتَاه

(1)

، مِن رَبِّهِ ما أَدْناه، وابتاه، جنانُ الخُلْدِ مَأواه، وابتاه، ربُّه يُكرمه إذا أتاه، وابتاه، الربُّ ورسله يُسلِّم عليه حين يلقاه. فلما ماتت فاطمة قال علي بن أبي طالب:

لكل اجتماع من خَليلَينِ فُرقةٌ ..... وكلُّ الذي دون الفراق قليل

وإنَّ افتقادي واحدًا بعد واحدٍ ..... دليل على أن لا يَدُومَ خليل

(2)

4825 -

أخبرني محمد بن المؤمل، حدثنا الفضل بن محمد الشعراني، حدثنا النُّفَيلي، حدثنا عبد العزيز بن محمد، حدثني محمد بن موسى، عن عون بن محمد

= وأخرجه ابن عساكر 3/ 158 من طريق حنبل بن إسحاق، عن أحمد بن حنبل، عن موسى بن داود، عن عبد الله بن المؤمل، عن أبي الزُّبَير مرسلًا.

(1)

كذلك جاء هذا الحرف في أصولنا الخطية في المواضع الأربعة بحذف همزة "أبتاه"، وهو لغة معروفة، حيث تحذف الهمزة تخفيفًا في مثل هذا الكلام الذي كثر استعماله وجرى مجرى المثل، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:"ويلمه مِسعَرَ حَربٍ" فأصلها: ويلٌ لأمِّه، فحذفت اللام والهمزة من "لأمه" تخفيفًا. انظر "شواهد التوضيح والتصحيح" لابن مالك ص 157. وقد عدَّه السيوطي والخَفَاجي وغيرهما شذوذًا، ولكن عدُّه لغةً أحسن.

(2)

رجاله لا بأس بهم إلا أنه مرسل، فإنّ علي بن الحسين - وهو ابن علي بن أبي طالب - لم يدرك جده عليًّا، وقد اختلف فيه على إسماعيل بن أبي أُويس.

وهو عند المصنف في "فضائل فاطمة"(74)، غير أنه ذكر أبا أويس بدل موسى بن جعفر!! وأبو أويس والد إسماعيل ضعيف.

وأخرجه أيضًا (119) من طريق الفضل بن محمد الشَّعراني عن إسماعيل بن أبي أويس، عن محمد بن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي. فذكر قول فاطمة دون شعر عليٍّ. وذكر محمد بن جعفر بن محمد بن علي بدل أخيه موسى ولم يذكر علي بن الحسين!!

ص: 717

ابن علي، عن

(1)

عُمارة بن المُهاجر، عن أم جعفر بن محمد

(2)

بن علي، قالت: حدثتني أسماء بنت عُميس، قالت: غسلتُ أنا وعليٌّ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

(3)

.

(1)

كذلك وقع في أصولنا الخطية: عن، من غير واو العطف، وهذا يفيد أنَّ عون بن محمد بن علي إنما سمعه بواسطة عُمارة بن مهاجر، وهو ما جاء في "السنن الكبرى" للبيهقي 3/ 397، وفي "معرفة السنن والآثار" له أيضًا (7359) عن أبي عبد الله الحاكم، فكذلك هي إذًا رواية الحاكم، لكن هذا غير صحيح في الرواية، والصحيح أن يقال في هذا الإسناد: وعن بواو العطف، لأنَّ كلا من عون بن محمد بن علي وعمارة بن مهاجر قد سمع أم جعفر هذه التي هي أم عون بن محمد بن علي، والدليل على صدق ذلك رواية عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 109 حيث روى هذا الخبر عن هارون بن معروف، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن محمد بن موسى، عن عون بن محمد وعن عمارة بن مهاجر، به. فعطف بالواو، وقد روى هذا الخبر جماعةٌ من الثقات عن محمد بن موسى عن عون بن محمد عن أمه أم جعفر، فتأكد صحة ما ذلك، والله الموفق. وجاء في المطبوع: وعمارة بن المهاجر، بواو العطف دون لفظة "عن" وهذا أوضح.

(2)

وقع في (ز) و (م) و (ب): أم جعفر أمّ محمد بن علي، وفي المطبوع: زوجة محمد بن علي، والمثبت من (ص) هو الذي يغلب على الظن صحتُه، ولا يُدفع ما جاء في المطبوع، فإنَّ أم جعفر هذه زوجة محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية، وفي ولد محمد بن علي بن أبي طالب من اسمه جعفر كما جاء في نسب بعض الرواة، ولا يمتنع أن يكون جعفر الذي تكنى أم جعفر به هو جعفر بن محمد بن علي المذكور، وقد اشتهرت أم جعفر بكنيتها هذه وكانت تكني أيضًا بولدها عون بن محمد بن علي.

(3)

إسناده حسن كما قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 2/ 143، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 1/ 381: خبر مشهور عند أهل السير. محمد بن موسى: هو ابن أبي عبد الله الفطري.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 397، وفي "معرفة السنن والآثار"(7359) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 109 عن هارون بن معروف، عن عبد العزيز بن محمد بن الدراوردي به.

وأخرجه الدُّولابي في "الذرية الطاهرة"(214)، وابن زبر الرَّبَعي في "وصايا العلماء عند حضور الميت" ص 43، وابن شاهين في "ناسخ الحديث و منسوخه"(647)، والدارقطني (1851)، =

ص: 718

‌ومن مناقب الحسن والحسين ابني رسول الله صلى الله عليه وسلم

4826 -

حدثنا أبو بكر بن أبي دارِم الحافظ بالكوفة، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثني عمي القاسم بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن العلاء، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكلِّ بَنِي أُمٍّ عَصَبَةٌ يَنتَمُون إليهم، إلَّا ابني فاطمة، فأنا وَلِيُّهُما وعَصَبَتُهما"

(1)

.

= والمصنف في "فضائل فاطمة"(85)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 396، والخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 403، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 927 - 928، والجُورقاني في "الأباطيل والصحاح"(449)، وابن الجوزي في "التحقيق"(860) من طرق عن محمد بن موسى الفطري، عن عون بن محمد وحده، به. وقد وقع في إسناد ابن شاهين ومن طريقه الخطيب وهمٌ كما تقدم بيانه برقم (4819). ورواية بعضهم مرسلة.

وأخرجه الشافعي في "الأم" 2/ 622 - 623 ومن طريقه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(7357)، والبغوي في "شرح السنة"(1475) عن إبراهيم بن محمد الأسلمي، وعبد الرزاق (6122)، كلاهما (إبراهيم بن محمد وعبد الرزاق) عن عُمارة بن المهاجر وحده، به.

ونقل الدولابي في "الذرية الطاهرة"(211) عن محمد بن عمر الواقدي أنه يرويه عن محمد بن موسى الفِطري، عن عُمارة بن المهاجر، عن أم جعفر مرسلًا.

(1)

إسناده تالفٌ من أجل يحيى بن العلاء، فهو متروك الحديث واتهمه أحمد بالكذب ووضع الحديث، وكذلك القاسم بن أبي شيبة متروك وكذبه الدارقطني، وقد رواه عن يحيى بن العلاء رجلٌ غير القاسم هو عبادة بن زياد الأسدي - ويقال له: عباد - وهو لا بأس به، لكنه خالفه في لفظه، فيبقى الشأن في يحيى بن العلاء. وله طريق أخرى عن جابر كلفظ القاسم، لكن فيها أيضًا رجلًا متروكًا متهمًا.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2630)، وابن الشجري في "أماليه" 1/ 152 من طريق عبادة بن زياد الأسدي، عن يحيى بن العلاء به، بلفظ:"إنَّ الله جعل ذرية كل بني في صلبه، وإنَّ الله جعل ذرّيتي في صُلب علي بن أبي طالب".

وأخرجه المصنف في "فضائل فاطمة"(56)، ومن طريقه ابن عساكر 36/ 313 من طريق سليمان بن أحمد بن يحيى، عن محمود بن الربيع العامري، عن حماد بن عيسى غريق الجحفة، عن طاهرة بنت عمرو بن دينار، عن أبيها، عن جابر بن عبد الله. وحماد بن عيسى هذا قال عنه =

ص: 719

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4827 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن علي بن بطحاء، حدثنا عفان.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا وُهَيب، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن سعيد بن أبي راشد، عن يعلى بن مُنْية

(1)

الثَّقَفي، قال: جاء الحسن والحسين يستبقانِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،

= المصنف نفسُه: دجّال يروي أحاديث موضوعة. قلنا وسليمان بن أحمد بن يحيى متهم أيضًا، وشيخه محمود بن الربيع مجهول.

وقد روي هذا الخبر عن غير واحدٍ من الصحابة بأسانيد لا يُفرح بشيء منها البتة.

ففي الباب عن عمر بن الخطاب عند أبي بكر القطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (1070)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(215) عن محمد بن يونس الكُديمي، والطبراني في "الكبير"(2631) عن محمد بن زكريا الغلابي، كلاهما عن بشر - ويقال: بشير - بن مهران، عن شريك النخعي، عن شبيب بن غرقدة، عن المستظل بن حصين، عن عمر بن الخطاب. وبشر بن مهران هذا هو الخصاف، وهو ضعيف، والراويان عنه متروكان.

وفي الباب كذلك عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي يعلى (6741)، والعُقيلي في "الضعفاء"(1185)، والطبراني في "الكبير"(2632) و 22 / (1042)، والمصنف في "فضائل فاطمة"(218)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 13/ 163 و 164، وابن عساكر 70/ 14، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(418) من طريق شيبة نعامة، عن فاطمة بنت الحسين بن علي، عن جدتها فاطمة الزهراء. وشيبة بن نعامة هذا ضعيف، وقال ابن حبان في "المجروحين" 1/ 362: لا يجوز الاحتجاج به. وفاطمة بنت الحسين لم تدرك جدتها فاطمة الزهراء.

(1)

كذا في رواية الحاكم، وهو خطأ، لأنَّ صحابي الحديث هنا هو يعلى بن مرة كما قيَّده بعضُ من روى هذا الحديث عن عبد الله عثمان بن خُثيم، وهذا هو الذي يُنسب ثقفيًا، وفي الصحابة بن من اسمه يعلى بن مُنْية - ويقال: أمية، ومنية ألله - لكنه تميمي لا ثقفي، وليس هو بصاحب هذا الحديث، والحاكم ساق الحديث هنا بلفظ محمد بن علي بن بطحاء، كما تدل عليه رواية البيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 202، إذ اقتصر فيها على رواية الحاكم عن علي بن حمشاذ عن =

ص: 720

فضمَّهُما إليه، ثم قال:"إنَّ الولد مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَحْزَنَةٌ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

4828 -

حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد النَّحْوي ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا بشر بن مهران، حدثنا شريك، عن عبد الملك بن عُمير، قال: دخل يحيى بن يَعْمَر على الحَجَّاج.

= محمد بن علي بن بطحاء، ولأنَّ أحمد بن حنبل روى هذا الحديث في "المسند" 29/ (17562)، فسمَّى الصحابي يعلى العامري.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل سعيد بن أبي راشد - ويقال: بن راشد - فهو وإن لم يرو عنه غير عبد الله بن عثمان بن خُثيم، قد روى عن يعلى بن مرة وعن رسول قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو تابعي كبير، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال عنه الذهبي في "الكاشف": صدوق. قلنا: وحسَّن له الترمذي حديثًا في فضل الحسين بن علي.

عفان: هو ابن مسلم الصَّفّار، ووُهَيب: هو ابن خالد بن عجلان. وهو في "مسند أحمد" 29 / (17562). لكنه سمَّى الصحابي يعلى العامري، فلعلَّ يعلى بن مرة الثقفي كان مولى لبني عامر. وليس فيه لفظ "محزنة".

وأخرجه ابن ماجه (3666) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وسمى الصحابي أيضًا يعلى العامري.

وفي الباب عن الأسود بن خَلَف سيأتي عند المصنف برقم (5368)، وإسناده محتمل للتحسين.

وعن الأشعث بن قيس سيأتي أيضًا برقم (7788)، ورجاله ثقات لكنه معلٌ بالإرسال.

وعن أبي سعيد الخُدْري عند البزار (1892 - كشف الأستار)، وأبي يعلى (1032)، وإسناده ضعيف.

وعن عائشة عند البغوي في "شرح السنة"(3448)، وإسناده ضعيف.

وعن خولة بنت حكيم عند أحمد 45 / (27314)، وإسناده ضعيف.

قوله: "مَبْخَلَة": مَفْعَلة من البخل ومَظنَّةٌ له، أي: يحمل أبويه على البخل ويدعوهما إليه، فيبخلان بالمال لأجله.

و "مَجبنة" كذلك، لأنه يجعل أباه يجبن عن العدو مخافة القتل.

وكذلك "مَحزنة" لأنه يحمل أبويه على الحزن لأجله إذا اعتلّ وساءت حاله، أو إذا ثَكِلاه.

ص: 721

وحدثنا إسحاق بن محمد بن علي بن خالد الهاشمي بالكوفة، حدثنا أحمد بن موسى بن إسحاق التميمي، حدثنا محمد بن عُبيد النحاس، حدثنا صالح بن موسى الطَّلحي، حدثنا عاصم بن بَهْدَلة، قال: اجْتَمَعُوا عند الحجاج، فذكر الحسين بن عليّ، فقال الحجاج: لم يكن من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده يحيى بن يَعْمَر، فقال له: كذبت أيها الأميرُ، فقال: لتأتيَنِّي على ما قلت ببيِّنةٍ ومصداقٍ من كتاب الله عز وجل، أو لأقتُلنَّكَ، قال:{وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى} إلى قوله عز وجل: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى} [الأنعام: 84 - 85]، فأخبر الله عز وجل أنَّ عيسى من ذُرِّية آدمَ بأُمّه، والحسين بن علي من ذرية محمد صلى الله عليه وسلم بأُمه، قال: صدقت، فما حَمَلَك على تكذيبي في مجلسي؟ قال: ما أَخَذَ الله على الأنبياء لَيُبيّننَّه للناس ولا يَكتُمونه، قال الله عز وجل:{فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 187]، قال: فنَفاه إلى خُراسان

(1)

.

4829 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي بن أبي طالب، قال: لما ولدت فاطمة الحسن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أرُوني ابني، ما سميتموه؟ " قال: قلتُ: سميتُه حَرْبًا، قال:"بل هو حَسَنٌ"،

(1)

خبر محتمل للتحسين، وهذان الإسنادان ضعيفان من أجل بشر، ويقال: بشير بن مهران - وهو الخصاف - وصالح بن موسى الطلحي، فهما ضعيفان، وقد رُوي نحو هذه القصة عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي أيضًا، لكن في الإسناد إليه رجلٌ ضعيف كذلك، غير أنَّ هذه الطرق باجتماعها يمكن تحسين الخبر بها، والله أعلم. شريك: هو ابن عبد الله النخعي.

وأخرجه البيهقي 6/ 166، ومن طريقه ابن عساكر 12/ 151 - 152 عن أبي عبد الله الحاكم بإسناديه هذين.

وأخرجه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 13/ 265، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1335 من طريق علي بن عابس، عن عبد الله بن عطاء المكي، عن أبي حرب بن أبي الأسود، فذكر القصة. وعلي بن عابس ضعيف يُعتبر به ويكتب حديثه.

ص: 722

فلما وَلَدَت الحسين جاء رسول الله، فقال:"أَرُوني ما سميتموه؟ " قال: قلت: سميتُه حَرْبًا، فقال:"بل هو حُسين"، ثم لما وَلَدَت الثالث جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"أَرُوني ابني، ما سميتموه؟ " قلت: سمّيته حَرْبًا، قال:"بل هو محسِّن"، ثم قال:"إنما سميتهم باسم ولد هارون: شَبَّرٍ وشَبِيرٍ ومُشَبِّرٍ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4830 -

حدثني عبد الأعلى بن عبد الله بن سليمان بن الأشعث السِّجستاني ببغداد، حدثني أبي، حدثنا أحمد بن الوليد بن بُرد الأنطاكي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك، حدثنا محمد بن موسى المخزومي، حدثنا عَوْن بن محمد، عن أبيه، عن أم جعفر أمِّه، عن جدَّتها أسماء، عن فاطمة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاها يومًا فقال: "أين ابناي؟ " فقالت: ذهب بهما عليٌّ، فتوجّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدهما يلعبان في شَرَبةٍ وبين أيديهما فَضْلٌ من تمرٍ، فقال:"يا علي، ألا تَقلِبُ ابنَيَّ قبلَ الحَرِّ"، وذكر باقي الحديث

(2)

.

(1)

حديث منكر، هانئ بن هانئ تفرَّد بالرواية عنه أبو إسحاق السبيعي، وقال الشافعي وابن المديني: مجهول، وقال ابن سعد: منكر الحديث، ومع ذلك قال النسائي: ليس به بأس، قلنا: وهذا عند عدم المخالفة، وأما في هذا الحديث فقد خالف حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبيه عن عليّ الآتي عند المصنف برقم (7927): أنه سمّى الحسن بحمزة، والحسين بجعفر، فغيرهما النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أقرب إلى القبول لأنه من رواية أهل بيته، وهم أعلم بحديثهم، والله تعالى أعلم.

وأخرجه ابن حبان (6958) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 2/ (769) و (953) من طريقين عن إسرائيل، به.

وسيأتي برقم (4890) من طريق عبد العزيز بن أبان عن إسرائيل، وبرقم (4839) من طريق يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن أبيه.

(2)

إسناده حسن كما قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/ 105، لكن وقع في إسناد المصنف هنا زيادة مقحمة، وهي ذكر والد عون بن محمد، وهو محمد بن علي بن أبي طالب: =

ص: 723

محمد بن موسى: هذا هو ابن مَشمُول مَديني ثقة وعون هذا: هو ابن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، هو وأبوه ثقتان، وأم جعفر: هي ابنة القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وجدَّتُها أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم

(1)

، وكلُّهم أشراف ثقات.

4831 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو جعفر محمد بن عبيد الله بن المُنادِي، حدثنا وهب بن جرير بن حازم، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن عبد الله بن شداد بن الهادِ، عن أبيه، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حاملٌ أحد ابنيه، الحَسَنَ أو الحُسينَ، فتقدَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَه عند قدمه اليُمنى، فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدةً أطالها، قال أبي: فرفعتُ رأسي من بين الناس، فإذا

= المعروف بابن الحنفية، فقد روى هذا الحديث جماعة من أصحاب محمد بن إسماعيل بن أبي فُديك فلم يذكروه، وروي بهذا الإسناد أيضًا غير ما حديث ليس فيها ذكر محمد بن علي بن أبي طالب، إنما يروي ذلك كله عونٌ عن أمه أم جعفر مباشرة، فثبت بذلك أنَّ ذكر محمد ابن الحنفية فيه مُقحم.

وقد أخطأ المصنف رحمه الله في بيان رجال هذا الإسناد خطأً بيِّنًا من لدن محمد بن موسى إلى أسماء، فأما محمد بن موسى فهو ابن أبي عبد الله الفطري، وأما أمه أم جعفر فهي ابنة محمد بن جعفر بن أبي طالب، ويقال لها أيضًا: أم عون، وأما جدّتها أسماء فهي بنت عُميس زوج جعفر بن أبي طالب. ولم يتنبه لذلك الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه الدُّولابي في "الذّرّية الطاهرة"(193) من طريق ضرار بن صُرَد، والطبراني في "الكبير" 22 / (1040) من طريق أحمد بن صالح المصري، والمصنف في "فضائل فاطمة"(220) من طريق جعفر بن مُسافر، ثلاثتهم عن محمد بن إسماعيل بن أبي فُديك، بهذا الإسناد.

وقد وقع في رواية الطبراني تسمية شيخ ابن أبي فُديك: موسى بن يعقوب، وهو خطأ ممن دون أحمد بن صالح المصري الحافظ، فقد روى أحمد بن صالح بهذا الإسناد غير حديث سمى فيه هذا الرجل على الصواب.

والشَّرَبة: الحوض الذي يكون في أصل النخلة.

(1)

لم يُصِب المصنِّفُ رحمه الله في بيان أحد من هؤلاء الذين ذكرهم كما سبق بيانه.

ص: 724

رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدٌ، وإذا الغُلامُ راكبٌ على ظهره، فعُدْتُ فسجدتُ، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الناسُ: يا رسول الله، لقد سجدت في صلاتك هذه سجدةً ما كنتَ تَسجُدُها، أفَشَيءٌ أُمرتَ به، أو كان يُوحَى إليك؟ قال:"كلُّ ذلك لم يكن، إن ابني ارتَحَلَني، فكرهتُ أن أُعجِلَه حتى يَقضي حاجته"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4832 -

أخبرني حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الشيباني بالكوفة، حدثني أبو الحسن محمد بن الحسن السَّبيعي، حدثنا أبو نُعيم الفضل بن دُكَين، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي ظَبْيان، عن سلمان، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحَسنُ والحُسينُ ابناي من أحبهما أحبني، ومن أحبني أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله الجنة، ومن أبغضَهُما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخلَه النار"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وسيأتي عند المصنف برقم (6776) من طريق يزيد بن هارون عن جرير بن حازم.

(2)

إسناده ليس بالقوي من أجل أبي الحسن محمد بن الحسن السبيعي، فيغلب على الظن أنه ابن سماعة الحضرمي الكوفي المترجم في "تاريخ بغداد" 2/ 584، وهذا قد روى عنه غير واحد من الحفاظ، لكن قال الدارقطني فيه: ليس بالقوي. قلنا: وقد تفرد بهذا الحديث بهذا الإسناد.

ورواه يحيى بن عبد الحميد الحِمّاني، عن قيس بن الربيع، عن محمد بن رستم، عن زاذان، عن سلمان الفارسي. وهذا كأنه أشبه، والله أعلم، فإن صح ذلك فإنَّ يحيى الحماني وقيس بن الربيع ليسا بالقويين، ومحمد بن رُستم - وهو أبو الصامت الضبي - غير معروف بعدالة أو جرح، وقد تفرد به أيضًا.

أخرج حديث سلمان هذا أبو بكر النصيبي في "فوائده"(116)، والطبراني في "الكبير"(2655)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1797)، وفي "أخبار أصبهان" 1/ 56، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ 155 - 156 من طرق عن يحيى بن عبد الحميد الحماني.

وانظر حديث أبي هريرة التالي عند المصنف والآتي برقم (4855). =

ص: 725

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

4833 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا ابن نُمير، حدثنا الحجاج بن دينار الواسطي، عن جعفر بن إياس، عن عبد الرحمن بن مسعود، عن أبي هريرة، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحسنُ والحسينُ، هذا على عاتقِه، وهذا على عاتقه، وهو يَلثَمُ هذا مرةً وهذا مرةً، حتى انتهى إلينا، فقال له رجلٌ: يا رسول الله، إنك تُحبهما؟! فقال:"مَن أحبّهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4834 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان، حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمّاني، حدثنا الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نُعْم، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الحَسنُ والحُسينُ سيِّدا

= وصح عن أبي هريرة قوله صلى الله عليه وسلم في الحسن بن عليّ: "اللهم إني أُحبُّه فأحِبَّه، وأحِبَّ من يُحِبُّه"، وسيأتي عند المصنف كذلك برقم (4847).

(1)

إسناده محتمل للتحسين من أجل عبد الرحمن بن مسعود: وهو اليَشكُري كما نسبه أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" 5/ 285، وكما قال ابن حبان أيضًا في "الثقات" 5/ 106، وذكرا أنه روى عنه أبو بشر جعفر بن إياس، واقتصرا عليه، وأنه يروى عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، فهو تابعيٌّ لم يُؤثر فيه جرحٌ، وقد جاء ما يشهد لروايته، فهو محتمل للتحسين.

وحديثه هذا في "مسند أحمد" 15/ (9673):

وأخرج المرفوع منه أحمد (13 (7876) و (15 (9759)، والنسائي (8112) من طريق أبي الجحاف داود بن أبي عوف، عن أبي حازم سلمان الأشجعي، عن أبي هريرة. وإسناده قوي من أجل أبي الجحاف، وقد تابعه سالم بن أبي حفصة كما سيأتي عند المصنف برقم (4855)، وسالم لا بأس به كما قال أحمد وابن عدي وسيأتي عند المصنف برقم (4881) من طريق أبي الجحاف عن أبي حازم عن أبي هريرة، في الحسين بن علي وحده.

قوله: يَلْثَم، أي: يُقبّل.

ص: 726

شبابِ أهل الجنة إِلَّا ابنَي الخالة"

(1)

هذا حديث قد صح من أوجهٍ كثيرةٍ، وأنا أتعجّب أنهما لم يخرجاه.

4835 -

حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل، حدثنا السَّرِي بن خُزَيمة، حدثنا عثمان بن سعيد المُرّي، حدثنا علي بن صالح، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحَسنُ والحُسينُ سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خيرٌ منهما"

(2)

.

(1)

صحيح دون ذكر ابني الخالة يعني عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا كما سُمِّيا عند بعض من خرجه، وهذا إسناد حسنٌ من أجل الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم، فهو مختلف فيه حسن الحديث. وقد تُوبع عليه دون الاستثناء المذكور.

وأخرجه النسائي (8113) و (8475) من طريق مروان بن معاوية الفزاري، وابن حبان (6959) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، كلاهما عن الحكم بن عبد الرحمن، به.

وأخرجه أحمد 17 / (10999)، والنسائي (8472) من طريق يزيد بن مَرْدانبة، وأحمد 18 / (11594) و (11618) و (11777)، والترمذي (3768)، والنسائي (8461) و (8473) و (8474) من طريق يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم، كلاهما عن عبد الرحمن بن أبي نُعْم، عن أبي سعيد الخدري. وإسناد رواية ابن مَرْدانبة صحيح.

(2)

صحيح لغيره دون قوله: "وأبوهما خير منهما"، وهذا إسنادٌ حسن من أجل عاصم: وهو ابن أبي النَّجُود، وقد اختلف عليه في تسمية صحابي الحديث، فسماه هنا عبد الله: وهو ابن مسعود، ورواه عنه أبو الأسود عبد الرحمن بن عامر عند الطبراني في "الكبير"(2608)، وابن شاهين في الخامس من "الأفراد"(89)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 498، وفي "المتشابه في الرسم" 2/ 752، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 34/ 447، فقال: عن عاصم، عن زِرِّ بن حبيش، عن حذيفة، فذكر حذيفة بن اليمان بدل عبد الله بن مسعود، وكذلك رواه المنهال بن عمرو فيما سيأتي عند المصنف برقم (5730) عن زرِّ بن حُبيش عن حذيفة، غير أنه لم يذكر في آخره عبارة:"وأبوهما خير منهما"، ومثل الاختلاف لا يضر، لأنَّ الحديث حيثما دار كان عن صحابي، وكلهم عدولٌ، وإن كان ذكرُ حذيفة فيه أشبه، فقد روى الشَّعْبي هذا الحديث عن حذيفة عند أحمد 38/ (23330) وغيره، دون الزيادة المشار إليها.

وقد رُوي الحديث بهذه الزيادة من حديث قرة بن إياس المزني عند الطبراني في "الكبير"(2617) =

ص: 727

هذا حديث صحيح بهذه الزيادة، ولم يخرجاه.

وشاهدُه:

4836 -

ما حدَّثَناه أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد بن صُبيح العُمري، حدثنا محمد بن إسحاق بن خُزَيمة الإمام، حدثنا محمد بن موسى القطّان، حدثنا مُعلَّى بن عبد الرحمن، حدثنا ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحَسنُ والحُسينُ سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خيرٌ منهما"

(1)

.

4837 -

حدثنا أحمد بن قانع بن مرزوق القاضي ببغداد، حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحَرّاني، حدثني أبي، حدثنا موسى بن أعين، حدثنا سفيان الثوري، عن منصور، عن المِنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعوِّذ الحَسنَ والحُسينَ: "أُعِيذُكُما بكلماتِ الله التامه من كل شيطانٍ وهامة، وكلِّ عَين لامَّة" ثم يقول: "هكذا كان يُعوِّذ إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق"

(2)

.

= لكن في إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعُم، وهو ضعيف، واختلف عنه في إسناده، فمرةً رُوي عنه عن مسلم بن يسار مرسلًا، كما أخرجه ابن سعد 6/ 363.

ورُوي كذلك من حديث ابن عمر كما سيأتي بعده، ولكن إسناده تالفٌ.

ورُوي كذلك من حديث مالك بن الحويرث عند الطبراني في "الكبير" 19/ (650) وابن عدي 6/ 381، وفي إسناده حفيده مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث ذكره ابن حبان في "الثقات" واحتج به في "صحيحه"، لكنه غير مشهور كما قال البغوي في "معجم الصحابة" في ترجمة عتبة الفزاري، وقال العقيلي: فيه نظر، وقال ابن عدي: أظن البلاء فيه من مالك بن الحسن، فإنَّ هذا الإسناد بهذا الحديث لا يتابعه عليه أحد.

وانظر ما قبله.

(1)

إسناده تالف بمرة من أجل معلى بن عبد الرحمن، فهو متروك كما قال الذهبي في "تلخيصه"، بل قد اتهمه بعضهم بوضع الحديث، ولا يعرف هذا من حديث ابن عمر إلا بروايته هذه ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن.

وأخرجه ابن ماجه (118) عن محمد بن موسى القطان الواسطي، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح. منصور: هو ابن المعتمر. =

ص: 728

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4838 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حدثنا أحمد بن مهران، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا كامل بن العلاء، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، فكان يُصلِّي فإذا سجد وَثَبَ الحَسَنُ والحسينُ على ظهره، وإذا رفع رأسه أخذهما فوضعهما وَضعًا رفيقًا، فإذا عاد عادَ عادا، فلما صلّى جعل واحدًا هاهنا وواحدًا هاهنا، فجئته، فقلتُ: يا رسول الله، ألا أذهبُ بهما إلى أُمّهما؟ قال:"لا" فَبَرَقَتْ بَرْقةٌ، فقال:"الْحَقا بأُمِّكُما"، فما زالا يَمْشِيان في ضَوْئها حتى دَخَلا

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4839 -

حدثنا أبو الحسن علي بن محمد الشَّيباني بالكوفة، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزُّهري، حدثنا جعفر بن عَوْن، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن هانئ بن هانئ، عن عليّ، قال: لما أن وُلِدَ الحسنُ سمّيتُه حَرْبًا، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:"ما سمَّيتَ ابني؟ " قلت: حَرْبًا، قال:"هو الحَسن"، فلما وُلِد الحُسين سمّيتُه حَرْبًا،

= وأخرجه أحمد 4 / (2112) و (2434)، وابن ماجه (3525)، والترمذي (2060)، والنسائي (7679) و (10778) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه البخاري (3371)، وأبو داود (4737)، والنسائي (10779)، وابن حبان (1013) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر، به.

وأخرجه ابن حبان (1012) من طريق زيد بن أبي أُيسة، عن المنهال بن عمرو، به.

الهامة: كل ذات سُمٍّ يَقتُل، وقد يقع على ما يَدِبُّ من الحيوان وإن لم يَقتُل.

واللامة: العين التي تُصيب بسُوءٍ.

(1)

إسناده حسن من أجل كامل بن العلاء وأحمد بن مهران: وهو ابن خالد الأصبهاني. أبو صالح: هو ذكوان السمّان.

وأخرجه أحمد 16 / (106589) عن أسود بن عامر وأبي المنذر إسماعيل بن عمر، و (10660) عن أبي أحمد محمد بن عبد الله الزُّبَيري، ثلاثتهم عن كامل بن العلاء، به.

ص: 729

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما سميت ابني؟ " قلت: حَرْبًا، قال:"هو الحُسين"، فلما أن وُلِد مُحسِّن قال:"ما سمَّيتَ ابني؟ " قلت: حَرْبًا، قال:"هو مُحسن"، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إني سميتُ بَني هؤلاء بتسمية هارون بنيهِ شَبَّرًا وشَبِيرًا ومُشَبِّرًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

‌ومن فضائل الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وذكر مولده ومقتله

4840 -

أخبرنا أبو الحُسين محمد بن أحمد القَنْطَري ببغداد، حدثنا أبو قلابة، حدثنا أبو عاصم، حدثني عُمر بن سعيد بن أبي حسين، عن ابن أبي مُليكة، عن عُقبة بن الحارث: أنَّ أبا بكر الصِّدِّيق لَقِيَ الحسن بن علي فضمه إليه، وقال:

بأبي شبيهٌ بالنبي ...... ليسَ شَبيهٌ

(2)

بعَلِي

وعليٌّ يضحك

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين

(4)

.

4841 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الخضر بن أبان الهاشمي، حدثنا أزهرُ بن سعد السَّمّان، حدثنا ابن عَون، عن محمد، عن أبي هريرة، قال

(5)

: لقي

(1)

حديث منكر كما تقدم بيانه برقم (4829).

(2)

كذا وقع برفع "شبيه" على أنَّ "ليس" حرف عطف، وهو مذهبٌ كوفي. وفي بعض الروايات: ليس شبيهًا، على أنها خبر ليس.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي قلابة - وهو عبد الملك بن محمد الرقاشي - فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع. أبو عاصم: هو الضحّاك بن مَخْلَد.

وأخرجه البخاري (3542) عن أبي عاصم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (40) عن محمد بن عبد الله بن الزبير، والبخاري (3750) من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن عمر بن سعيد بن أبي حسين، به

(4)

زاد في (ص) و (ع): ولم يُخرجاه، وأُلحِق في (م) بخطٍّ مغاير مصححًا عليه.

(5)

الضمير في "قال" يعود إلى محمد، وهو ابن سيرين والضمير في "لقي" يعود إلى أبي هريرة.

ص: 730

الحسن بن عليّ، فقال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَبل بطنك، فاكشِف الموضعَ الذي قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أُقبله، قال: فكشف له الحَسنُ فقبَّلَه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4842 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، قال: سمعت وَهْبًا أبا جُحيفة

(1)

خبر محتمل للتحسين إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لضعف الخضر بن أبان الهاشمي، لكن تابعه سعيد بن محمد بن ثواب البصري، وهذا روى عنه جمع ولم يؤثر فيه جرح أو تعديل، وقد خالفهما من هو أوثقُ منهما وأجلُّ وهو الإمام الحافظ يحيى بن يحيى النيسابوري، فرواه عن أزهر بن سعد السمّان عن ابن عون - وهو عبد الله بن عون بن أرطبان - عن عُمير بن إسحاق عن أبي هريرة، فذكر عُمير بن إسحاق بدل محمدٍ - وظاهره أنه ابن سيرين - وكذلك رواه عن ابن عون جماعةٌ من الحفّاظ كلهم يذكر فيه عمير بن إسحاق بدل محمد، ولهذا قال الدارقطني في "العلل" (1852): هو أشبه بالصواب.

قلنا: وقد رواه عن ابن عون أيضًا حماد بن سلمة، واختُلف عليه، فرواه عنه أبو سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي ورَوح بن أسلم وإبراهيم بن الحجاج فذكروا فيه محمدًا، ورواه عنه آدم بن أبي إياس وحجاج بن منهال، فذكرا فيه أبا محمد، وهي كنية عُمير بن إسحاق كما قال البيهقي 2/ 232، فهذا هو الصواب قطعًا لموافقته رواية الحُفّاظ عن ابن عون. وإذا ثبت ذلك فعُمير بن إسحاق حديثه من باب الحسن إن شاء الله.

وأخرجه ابن شاهين في الخامس من "الأفراد"(38)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 135 من طريق سعيد بن محمد بن ثواب، عن أزهر بن سعد، به.

وأخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" 2/ 232 من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري، عن أزهر السمّان، عن ابن عون عن عمير بن إسحاق، عن أبي هريرة.

وأخرجه أحمد 12 / (7462) و 16 / (10398) عن محمد بن أبي عدي، و 15/ (9510) و 16 / (10326) عن إسماعيل ابن عُليّة، وابن حبان (5593) و (6965) من طريق شريك بن عبد الله النَّخَعي، ثلاثتهم عن عبد الله بن عون، عن عُمير بن إسحاق، عن أبي هريرة.

وكذلك رواه عن ابن عون جماعةٌ آخرون من الحفاظ ذكرهم الدارقطني في "العلل"، منهم ابن المبارك وأبو عاصم النبيل.

ص: 731

يقول: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الحَسنُ بن عليٍّ يُشبهه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه!

وله شاهدٌ صحيحٌ:

4843 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا يزيد بن عبد الصمد الدمشقي، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا معمر، عن الزُّهْري، عن أنس بن مالك، قال: لم يكن في ولدِ عليٍّ أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من الحَسن

(2)

.

4844 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا يعلى بن عُبيد، حدثنا عبيد الله بن الوليد، عن عبد الله بن عُبيد بن عمير قال: لقد حَجَّ الحسن بن علي خمسًا وعشرين حَجّةً ماشيًا، وإنَّ النَّجائب لَتُقادُ معه

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجرّاح الرؤاسي.

وأخرجه أحمد 31/ (18745) و (18748)، والبخاري (3543) و (3544)، ومسلم (2343)، والترمذي (2826) و (2827) و (3777)، والنسائي (8106) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي جحيفة. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل نُعيم بن حماد، وقد توبع. معمر: هو ابن راشد، والزُّهري: هو محمد بن مسلم بن عبيد الله.

وأخرجه أحمد 20 / (12674)، والترمذي (3776)، وابن حبان (6973) من طريق عبد الرزاق، وأحمد (13054) عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، والبخاري (3752) من طريق هشام بن يوسف الصنعاني ثلاثتهم عن معمر بن راشد، به.

(3)

صحيح لكن من رواية عبد الله بن أبي نجيح، وأما رواية عبيد الله بن الوليد - وهو الوصافي - عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير فاختلف فيها في تسمية الذي حج ماشيًا خمسًا وعشرين حجة، فبعض من خرَّج هذا الخبر ذكر الحسين بن علي، بدل أخيه الحسن، وبعضهم رواه عن الوصافي، عن ابن عُمير عن ابن عبّاس، فجعله من قول ابن عبّاس. ومردُّ هذا الاختلاف كلّه إلى عبيد الله الوصافي فهو ضعيف باتفاق، والظاهر أنَّ ذكر الحسين هو الأشبه، مع الاختلاف في =

ص: 732

4845 -

أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المُزكِّي، أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا زهير بن العلاء، حدثنا سعيد بن أبي عَروبة، عن قتادة، قال: وَلَدَتْ فاطمة حسنًا بعد أُحُدٍ بسنتين، وكان بين وَقْعة أُحد وبين قُدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة سنتان وستة أشهرٍ ونصفٌ، فولدت الحَسنَ لأربع سنين وستة أشهرٍ ونصفٍ من التاريخ

(1)

.

= عدد الحجات التي حجّها كما سيأتي بيانه، والله أعلم.

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(839) عن محمد بن إسحاق الصيني، عن يعلى بن عُبيد، به.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 410، وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(407) عن أحمد بن محمد القطان، كلاهما (ابن سعد والقطان) عن يعلى بن عبيد، به بذكر الحسين بن علي، بدل أخيه الحسن. وقد أورداه في ترجمة الحسين.

وأخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" 4/ 331، وابن عساكر 13/ 242 من طريق زهير بن معاوية، عن عُبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن عباس، وذكر الحسن بن عليّ، وجعله من قول ابن عباس.

وأخرج ابن عساكر 14/ 180 عن مصعب بن عبد الله الزبيري، قال: حجّ الحُسين خمسًا وعشرين حجّة ماشيًا. فذكر الحسين بدل أخيه الحسن.

وأخرج ابن سعد 6/ 410، وابن حبان في "روضة العقلاء" ص 62، وابن عساكر 14/ 180 من طريق محمد بن علي الباقر، قال: حجّ الحُسين بن علي عشر حجج ماشيًا ونُجُبُه تقاد إلى جنبه. ولم يذكر ابن سعد ومن طريقه ابن عساكر في روايته عدد الحجج. ومحمد بن علي الباقر أعلم الناس بشأن أهل بيته إذا الحُسين جدُّه، فقوله في هذا هو العمدة.

(1)

هذه الرواية فيها لين من أجل زهير بن العلاء، وأخرجها أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1755)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 13/ 168 و 14/ 116 عن أبي حامد أحمد بن محمد بن جبلة النيسابوري، عن محمد بن إسحاق الثقفي - وهو السراج - به.

وهذا خلاف قول أكثر أهل السير الذين جزموا بولادة الحسن في السنة الثالثة من الهجرة، ومنهم محمد بن عمر الواقدي وخليفة بن خيّاط وأحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي، انظر أقوالهم في "تاريخ دمشق" لابن عساكر 13/ 167 و 168.

ص: 733

4846 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعراني، حدثنا جدِّي، حدثنا إبراهيم بن المُنذر، حدثني ابن واقد، قال: توفي أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب في ربيع الأول سنة تسع وأربعين، وصلى عليه سعيد بن العاص

(1)

.

4847 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا أبو يحيى الحِمّاني، حدثنا سفيان، عن نُعيم بن أبي هند، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: لا أزال أحِبُّ هذا الرجل بعدما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ما يصنعُ، رأيتُ الحَسنَ في حَجْر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُدخل أصابعه في لحية النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يُدخِل لسانَه في فمِه، ثم قال:"اللهم إني أُحِبُّه فأَحِبَّه"

(2)

.

(1)

هذا أسنده ابن واقد - وهو محمد بن عمر الواقدي - عن عبد الرحمن بن أبي الزِّناد عن أبيه، كما أخرجه عنه ابن سعد في "طبقاته" 6/ 398، ووافقه على ذلك يحيى بن بُكير عند الطبراني في "الكبير"(2556) ومحمد بن عبد الله بن نمير عند الطبراني أيضًا (2695)، وعمرو بن علي الفلّاس عند أبي نعيم في "المعرفة"(1758) وابن عساكر 13/ 300، وخليفة بن خياط في "طبقاته" ص 230، والزبير بن بكار عند ابن عساكر 13/ 31، وغيرهم. كلهم قالوا: توفي سنة تسع وأربعين.

وخالفهم غيرهم، فقال بعضهم: سنة خمسين، كما سيأتي برقم (4864)، وبعضهم قال: سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة أربع وأربعين، وقيل: سنة ثمان وخمسين. انظر أقاويلهم في ذلك في "تاريخ بغداد" للخطيب 1/ 470، و "تاريخ دمشق" لابن عساكر 13/ 173 و 300 - 302.

(2)

إسناده قوي من أجل أبي يحيى الحماني: وهو عبد الحميد بن عبد الرحمن. سفيان: هو الثوري.

وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(1365)، والإسماعيلي في "معجمه"(82)، وابن المقرئ في "معجمه"(658)، وابن عساكر 13/ 194 من طرق عن الحسن بن علي بن عفان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 16 / (10891) وغيره من طريق هشام بن سعد، عن نُعيم بن عبد الله المُجمر، عن أبي هريرة. وهشام حسن الحديث في المتابعات والشواهد.

وأخرجه بنحوه أحمد 12 / (7398) و 14 / (8380)، والبخاري (5884)، ومسلم (2421)، وابن ماجه (142)، والنسائي (8108)، وابن حبان (6963) من طريق نافع بن جُبير بن مُطعم، عن أبي هريرة. وبعضهم اقتصر على آخره المرفوع. =

ص: 734

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4848 -

أخبرنا الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا محمد بن صالح المديني، حدثنا مُسلم بن أبي مريم، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، قال: كنا مع أبي هريرة فجاء الحسنُ بن علي بن أبي طالب فسلَّم، فرَدَدْنا عليه السلام، ولم يَعلَّم به أبو هريرة، فقلنا له: يا أبا هريرة، هذا الحسن بن عليٍّ قد سلَّم علينا، فلَحِقه، وقال: وعليك السلامُ يا سيدي، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنه سيدٌ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4849 -

أخبرنا بكر بن محمد الصيرفي بمَرُو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حَيوة بن شُرَيح، أخبرني أبو صخر، أنَّ يزيد بن عبد الله بن قُسَيط أخبره، أنَّ عُروة بن الزبير أخبره عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَبَّل حَسنًا وضمَّه إليه، وجعل يَشَمُّه، وعنده رجلٌ من الأنصار، فقال الأنصاريُّ: إِنَّ لي ابنًا قد بَلَغَ، ما قبلته قطُّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أرأيت إن كان الله نَزَعَ الرحمةَ مِن قلبك فما ذنبي"

(2)

.

= وانظر ما تقدم برقم (4832) و (4833)، وما سيأتي برقم (4883).

(1)

إسناده ضعيف من أجل محمد بن صالح المديني - وهو ابن قيس الأزرق، وليس بابن دينار التمار، وإن كان كلاهما وصف بالتمار فقد قال عنه أبو حاتم الرازي: شيخ، وقال الدارقطني: متروك، واختلف فيه قول ابن حبان، فأورده في "الثقات"، وكذلك أورده في "المجروحين" وقال فيه: شيخ يروي المناكير عن المشاهير لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد.

وأخرجه النسائي (10008) عن أحمد بن حرب الموصلي، عن زيد بن الحباب، عن محمد بن صالح الأزرق، بهذا الإسناد.

وقد قد صحَّ قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن عليّ بأنه سيّد في حديث أبي بكرة الثقفي الذي سيأتي عند المصنف برقم (4869)، وهو عند البخاري في "صحيحه"(2704).

(2)

إسناده حسن من أجل أبي صخر: وهو حُميد بن زياد. =

ص: 735

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4850 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامِري، حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد العَنْقَزي، حدثنا زَمْعة بن صالح، عن سَلَمة بن وَهْرام، عن طاووس، عن ابن عباس، قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحمل الحسن بن عليٍّ على رقبته، قال: فلقيَه رجلٌ فقال: نِعمَ المَركَبُ رَكِبتَ يا غلام، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ونعم الراكب هو"

(1)

.

= وأخرجه أحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(1356) عن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.

وفي الباب حديث عائشة الذي أخرجه أحمد 40 / (24291)، والبخاري (5998)، ومسلم (2317) وغيرهم، إلّا أنه جاء في حديثها: أنَّ الرجل كان أعرابيًا، وهذا أليقُ من أن يكون من الأنصار كما وقع في حديث الزبير بن العوام هنا.

ويشهد له حديث أبي هريرة الذي أخرجه أحمد 12 / (7121)، والبخاري (5997)، ومسلم (2318)، وسمّى الأعرابي الأقرع بن قيس التميمي.

(1)

حسنٌ لغيره، وهذا إسنادٌ لين من أجل زَمْعة بن صالح، فإنه ضعيف، وقد انفرد به من هذا الوجه كما أشار إليه الترمذي واختُلف عنه في تسمية التابعي، فسماه هنا في رواية أبي سعيد عمرو بن محمد العَنْقَزي عنه طاووسًا. - وهو ابن كيسان اليماني - ورواه عنه أبو عامر العقدي فسماه عكرمة. وهذا يدلُّ على عدم ضبط زمعة لإسناده.

وأخرجه الترمذي (3784) من طريق أبي عامر العقدي، عن زَمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عبّاس. وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وزمعة بن صالح قد ضعفه بعضُ أهل الحديث من قبل حفظه.

ويشهد له حديث البراء بن عازب عند الطبراني في "الأوسط"(3987) بإسناد حَسَنٍ كما قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 182.

ويشهد له أيضًا حديث عمر بن الخطاب عند البزار (293)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 362، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ 162. وإسناده ضعيف لضعف أحد رواته، وهو محمد بن عبيد الله بن أبي رافع.

وله شاهد كذلك مرسلٌ عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عند ابن أبي شيبة 12/ 102. غير =

ص: 736

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4851 -

أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الله العُمري، حدثنا محمد بن إسحاق الإمام، حدثنا أبو موسى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت يزيد بن خُمَير يحدِّث أنه سمع عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير يحدّث عن أبيه، قال: قلتُ للحسن بن عليّ: إنَّ الناس يقولون: إنك تريد الخلافة، فقال: قد كان جَماجِمُ العرب في يدي يُحاربون من حاربتُ، ويُسالمون من سالمتُ، تركتها ابتغاء وجه الله تعالى وحَقْنِ دماء أمةٍ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ثم أبتَزُّها بأتياس أهل الحجاز؟!

(1)

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

4852 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عَمْرَويهِ الصَّفّار ببغداد، حدثنا أحمد بن زُهير بن حَرْب، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا القاسم بن الفضل الحُداني.

وأخبرني أبو الحسن العُمري

(2)

، حدثنا محمد بن إسحاق الإمام، حدثنا أبو طالب

= أن راويه عنه جابر بن يزيد الجُعفي وهو ضعيف أيضًا.

(1)

إسناده قوي. أبو موسى هو محمد بن المثنى العنزي.

وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 2/ 36 من طريق أحمد بن حنبل، عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 380، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 3/ 291 - 292، وبحشل في "تاريخ واسط" ص 112، وابن أبي حاتم في "العلل"(2575)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2797)، وابن عساكر 13/ 280 و 281 من طرق عن أبي داود الطيالسي، والدولابي في "الذرية الطاهرة"(110) من طريق عثمان بن جَبَلة، كلاهما عن شعبة، به.

(2)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: أبو الحسين اليعمري، وإنما هو أبو الحسن العمري الذي تقدم في الحديث السابق على الصواب، وهو محمد بن عبد الله بن محمد بن صُبيح العُمري، نُسب بذلك لأنه من ولد عمر بن الخطاب، كما بيَّنه الحاكم في "تاريخ نيسابور" - كما في "تلخيصه" للخليفة النيسابوري ص 66 - في ترجمة عبد الله بن محمد والد المذكور. وجاء على الصواب في رواية البيهقي في "شعب الإيمان"(3396) وفي "دلائل النبوة" 6/ 509 - 510 عن أبي عبد الله الحاكم.

ص: 737

زيد بن أخْزم الطائي، حدثنا أبو داود، حدثنا القاسم بن الفضل، حدثنا يوسف بن مازن الراسبي، قال: قام رجلٌ إلى الحسن بن علي فقال: يا مُسوِّدَ وجوه المؤمنين، فقال الحسنُ: لا تُؤنِّبْني رحمك الله، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى بني أُميّة يَخطبون على مِنبَرِه رجلًا رجلًا، فساءه ذلك، فنزلت:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} [الكوثر: 1]، نهرٌ في الجنة، ونزلت:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} ، يَملِكُه

(1)

بنو أُميّة، فحَسَبْنا ذلك، فإذا هو لا يزيد ولا يَنقُصُ

(2)

.

(1)

تحرَّف في المطبوع إلى: تملكها. والضمير مذكر يعود على المنبر.

(2)

خبر منكر، وقد اختلف في هذا الإسناد على القاسم بن الفضل في تعيين شيخه، فوقع هنا عند المصنف وعند أكثر من خرَّج هذا الخبر أنه يوسف بن مازن الراسبي، وعند الترمذي (3350) أنه يوسف بن سعد الجُمحي مولاهم، وهذا ثقة، لكن الظاهر أن شيخ القاسم في خبر رؤيا بني أمية إنما هو يوسف بن مازن، وبعضهم عدَّ يوسف بن سعد هو نفسه يوسف بن مازن كما يدل عليه صنيع المزيّ، وفرّق بينهما البخاري في "تاريخه الكبير" 8/ 373 و 374 إذ ترجم للرجلين، وتبعه ابن أبي حاتم، وقال ابن حجر في "التهذيب": لا يلزم من اشتراكهما في رواية القاسم بن الفضل عن كل منهما وفي كونهما بصريين أن يكونا واحدًا.

ويوسف بن مازن هذا في إدراكه قصة الحسن بن علي ومعاوية نظر، وإن وقع في رواية الطبري في "تفسيره" 30/ 210 أنه هو الذي اعترض على الحسن بن علي، وهذا يخالف سائر الروايات، وقد جزم ابن أبي حاتم نقلًا عن أبيه بأن روايته عن علي بن أبي طالب مرسلة، وهذا يعني عدم إدراكه للقصة التي جرت بين الحسن بن علي وبين معاوية من الصلح، لأنَّ ذلك وقع إبان وفاة عليٍّ، ولهذا جزم الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 3/ 272 بأنَّ فيه انقطاعًا، وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" 9/ 272: في شهود يوسف بن مازن قضية الحسن ومعاوية نظر، وقد يكون أرسلها عمّن لا يُعتمد عليه، والله أعلم، وقد سألت شيخنا أبا الحجاج المزي رحمه الله عن هذا الحديث، فقال: هو حديث منكر.

وذكر ابن كثير في "تفسيره" 8/ 463 ما يدل على نكارة ترتيب نزول سورة القدر على قصة الرؤيا التي أُريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاية بني أمية من حيث مخالفة ما جاء هنا في الرواية من ذكر الألف شهر مع الواقع التاريخي للمدّة التي مكثها بنو أمية في الحكم بأنَّ بني أمية مكثوا في الحكم زيادة على الألف شهر. =

ص: 738

هذا إسناد صحيح، وهذا القائل للحسن بن علي هذا القول هو سفيان بن الليل صاحبُ أبيه.

4853 -

حدَّثَناه أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي بمَرُو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا مَكِّي بن إبراهيم، حدثنا السَّرِيّ بن إسماعيل البجلي، عن الشَّعْبي، عن سفيان بن الليل الهَمْداني، قال: أتيتُ الحسن بن علي حين بايع معاوية، فقلت: يا مُسوِّدَ وجوه المؤمنين، ثم ذكره بنحوه

(1)

.

4854 -

وحدثني نصر بن محمد العَدْل، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ، حدثنا أحمد بن يحيى البَجَلي، حدثنا محمد بن إسحاق البَلْخي، حدثنا نُوح بن دَرّاج،

= وأخرجه الترمذي (3350) عن محمود بن غيلان، عن أبي داود الطيالسي، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه.

وسيأتي برقم (4871) من طريق قراد أبو نوح عن القاسم بن الفضل عن يوسف بن مازن.

(1)

إسناده تالفٌ بمرَّةٍ من أجل السَّري بن إسماعيل، فهو واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه". وسيأتي بعده من وجه آخر تالفٍ أيضًا، لكنه سيأتي برقم (4872) من وجه ثالث خير من هذين الوجهين.

وتمام رواية السري: قال الحسن: لا تقُل ذلك، فإني سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تذهب الليالي والأيام حتى يجتمع أمر هذه الأمة على رجل واسع السُّرم، ضخم البُلعُم، يأكل ولا يشبع" وهو معاوية، فعلمتُ أنَّ أمر الله واقع، وخِفْتُ أن تجري بيني وبينه الدماء، والله ما يسرُّني بعد إذ سمعت هذا الحديث أنَّ لي الدنيا وما طلعت عليه الشمس والقمر، وأني لقيتُ الله تعالى بمحجمة دم امرئ مسلم ظلمًا. هكذا ذكره بطوله نعيم بن حماد.

وأخرجه أبو الفرج الأصبهاني في "مقاتل الطالبيين" ص 67 من طريق محمد بن عمرويه، عن مكي بن إبراهيم، به.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(422)، ومن طريقه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" بإثر (2197)، والعُقيلي في "الضعفاء"(645)، وأبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" كما في "الغرائب الملتقطة" للحافظ ابن حجر (2925)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 59/ 151 عن محمد بن فضيل، عن السري بن إسماعيل، به.

ص: 739

عن الأَجلَح، عن البهيّ، عن سفيان بن الليل، قال: لما كان من أمرِ الحسن بن عليٍّ ومعاوية ما كان، قدمت عليه المدينة وهو جالسٌ في أصحابه، فذكر الحديث بطوله.

قال: فتذاكرْنا عنده الأذانَ، فقال بعضُنا: إنما كان بَدءُ الأذان رؤيا عبد الله بن زيد بن عاصم، فقال له الحسن بن علي: إنَّ شأن الأذان أعظم من ذاك، أَذَّن جبريل عليه السلام في السماء مثنى مثنى، وعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام مرةً مرةً، فعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن الحسن حين وَلِيَ

(1)

.

4855 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد الله بن موسى، أنا سفيان، عن سالم بن أبي حفصة، قال: سمعت أبا حازم يقول: إني لشاهدٌ يوم مات الحسن بن علي، فرأيت الحُسين بن علي يقول لسعيد بن العاص، ويطعنُ في عُنقه ويقول: تَقدَّم، فلولا أنها سُنّةٌ ما قُدِّمت، وكان بينهم شيءٌ، فقال أبو هريرة: أتنفسُون على ابن نبيكم صلى الله عليه وسلم بتربة تَدفِنُونه فيها، وقد سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن أحبَّهُما فقد أحبَّني، ومَن أبغضَهُما فقد أبغضني"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

4856 -

حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ وأبو سعيد عمرو بن محمد

(1)

إسناده تالف من أجل نوح بن دراج، وقد سبق القول فيه عند الحديث (4745).

وقد جاء في شأن بدء الأذان عدة أخبار نحو قول الحسن بن علي أوردها الحافظ ابن حجر في "الفتح" 3/ 8، وضعفها جميعًا، وقال: الحقُّ أنه لا يصح شيء من هذه الأحاديث.

ثم صحح الحافظ أن بدء الأذان هو رؤيا عبد الله بن زيد الذي أخرجه أحمد 26/ (16477) و (16478)، وأبو داود (499)، وابن ماجه (706)، والترمذي (189)، وابن حبان (1679)، وغيرهم من حديث عبد الله بن زيد نفسه وإسناده حسن.

(2)

إسناده حسن من أجل سالم بن أبي حفصة، فهو صدوق حسن الحديث، وقد تابعه على المرفوع أبو الجَحاف داود بن أبي عوف كما تقدم تخريجه عند الحديث (4833). سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي.

وأخرجه أحمد 16 / (10872) عن عبد الله بن الوليد العَدَني، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

ص: 740

ابن منصور قالا: حدثنا الفضل بن محمد بن المُسيَّب الشعراني، حدثنا أبو بكر عبد الرحمن بن عبد الملك بن شَيْبة الحزامي، حدثنا ابن أبي فديك، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عُقبة، عن عمه موسى بن عُقبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن الحسن بن علي، قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم في وتري إذا رفعتُ رأسي ولم يَبْقَ إِلَّا السجود: "اللهم اهدني فيمن هَدَيتَ، وعافني فيمن عافيت، وتَوَلَّني فيمن تولَّيتَ، وبارك لي فيما آتيتَ، وقِني شرَّ ما قضيت، إنك تقضي ولا يُقضى عليك، إنه لا يَذِلُّ مَن واليت، تباركت وتعاليت"

(1)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه اختُلف فيه على موسى بن عقبة على ثلاثة وجوه، فرواه ابن أخيه إسماعيل هنا عنه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن الحسن بن عليّ. وخالفه يحيى بن عبد الله بن سالم، فرواه عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن علي، عن الحسن بن علي، وخالفهما محمد بن جعفر بن أبي كثير كما سيأتي عند المصنف بعده، فرواه عن موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء، عن الحسن بن علي، وهذا أصح الوجوه عن موسى بن عُقبة، فقد رواه كذلك جماعة أصحاب أبي إسحاق عنه، وكذلك رواه جماعةٌ عن بريد بن أبي مريم. قال الحافظ ابن حجر في "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" (245): وهو الصواب.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 38 عن أبي عبد الله الحاكم، عن أبي جعفر محمد بن صالح بن هانئ وأبي منصور محمد بن القاسم العتكي، عن الفضل بن محمد الشعراني، بهذا الإسناد. فذكر أبا منصور محمد بن القاسم العتكي بدل أبي سعيد عمرو بن محمد بن منصور. فالظاهر أنَّ الحاكم سمعه من شيوخه الثلاثة.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ قوله في الحديث هنا: إذا رفعت رأسي ولم يَبْقَ إِلَّا السجود، شاذٌّ في رواية ابن أبي فديك - وهو محمد بن إسماعيل - فقد أخرجه ابن مَنْدَه في "التوحيد"(338) عن أبي عثمان عمرو بن عبد الله البصري، وأبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني في "فوائده" بتخريج الحاكم له كما في "التلخيص الحبير" للحافظ ابن حجر 1/ 248 عن محمد بن يونس المقرئ، كلاهما عن الفضل بن محمد بن المسيب الشَّعراني، به. أنَّ هذا الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع.

وكذلك أخرجه ابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد" 4/ 162 من طريق محمد بن يزيد الأسفاطي =

ص: 741

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، إلَّا أنَّ محمد بن جعفر بن أبي كثير قد خالف إسماعيل بن إبراهيم بن عُقبة في إسنادِه:

4857 -

حدَّثَناهُ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الصَّفّار، حدثنا محمد بن إسماعيل السلمي.

وحدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا عُبيد بن عبد الواحد البزار والفضل بن محمد البيهقي؛ قالوا: حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير، حدثني موسى بن عُقبة، حدثنا أبو إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي الحَوْراء، عن الحَسَن بن علي قال: عَلَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات في الوِتر: "اللهمَّ اهدِني فيمن هَديتَ، وبارك لي فيما آتَيْتَ، وقِنِي شَرَّ ما قضيتَ، فإِنَّكَ تَقضي ولا يُقضى عليك، وإنه

= عن أبي بكر بن شيبة الحزامي، عن ابن أبي فُديك، عن موسى بن يعقوب الزَّمعي، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عُقبة، به. أنَّ هذا الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع. غير أنه زاد هنا بين ابن أبي فُديك وبين إسماعيل بن إبراهيم بن عُقبة رجلًا هو موسى بن يعقوب الزَّمْعي، ولا يُعرف ذكره إلا في هذه الطريق!

وقد أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(415)، وفي "السنة"(375) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن ابن أبي فديك، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، به. أنَّ الدعاء المذكور بعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع. ولم يذكر أحدًا بين ابن أبي فديك وبين إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة.

وأخرجه النسائي (1447) وغيره من طريق محمد بن عبد الله بن سالم، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن علي، عن الحسن بن علي. ولم يذكر وقت الدعاء، وزاد في الدعاء في آخره:"وصلَّى الله على محمد النبي"، وقال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 2/ 154: هذه الزيادة في هذا السند غريبة لا تثبت، لأنَّ عبد الله بن علي لا يُعرف، وقد جوَّز الحافظ عبد الغني أن يكون هو عبد الله بن علي بن الحسين بن علي، وجزم المزي بذلك، فإن يكن كما قال فالسند منقطع، فقد ذكر ابن سعد والزبير بن بكار وابن حبان أنَّ أمّه أم عبد الله بنت الحسن بن علي، ولم يسمع من جده الحسن بن علي، بل الظاهر أنَّ جده مات قبل أن يولد لأنَّ أباه زين العابدين أدرك من حياة عمه الحسن نحو عشر سنين فقط، فتبيَّن أنَّ هذا السند ليس من شرط الحسن لانقطاعه أو جهالة راويه، ولم ينجبر بمجيئه من وجه آخر.

ص: 742

لا يَذِلُّ من واليت تباركتَ ربَّنا وتعاليت"

(1)

.

4858 -

حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى ابنُ أخي طاهر العَقِيقي الحَسَني، حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحُسين، حدثني عمي علي بن جعفر بن محمد، حدثني الحسين بن زيد، عن عُمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، قال: خطب الحَسنُ بن علي الناس حين قُتل عليٌّ فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: لقد قبض في هذه الليلة رجلٌ لا يَسبِقُه الأولون بعملٍ ولا يُدركه الآخرون، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيه رايته فيقاتِلُ وجبريل عن يَمينِه وميكائيلُ عن يساره، فما يَرجِعُ حتى يفتحَ اللهُ عليه، وما ترك على ظهر الأرض صفراء ولا بَيضاءَ إِلَّا سبع مئة درهمٍ فَضَلَتْ من عطاياه أراد أن يبتاع بها خادِمًا لأهله.

ثم قال: أيها الناسُ، مَن عَرَفني فقد عرفني، ومن لم يَعرِفْني فأنا الحسن بن علي، أنا ابن النبي، وأنا ابن الوصي، وأنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنِه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الذي كان جبريل يَنزِل إلينا ويصعد

(1)

إسناده صحيح. أبو الحوراء: هو ربيعة بن شيبان السَّعدي، وابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

وأخرجه أحمد 3 / (1721)، وأبو داود (1425) و (1426) وابن ماجه (1178)، والترمذي (464)، والنسائي (1446) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن لا نعرفه إلّا من هذا الوجه

ولا نعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر شيئًا أحسن من هذا.

وأخرجه أحمد (1718) من طريق يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وأحمد (1723) و (1727)، وابن حبان (722) و (945) من طريق شعبة بن الحجاج كلاهما عن بريد بن أبي مريم، به. ولم يذكر شعبة في روايته القنوت ولا الوتر، وإنما ذكره بلفظ: قال الحسن: وكان يعلِّمنا هذا الدعاء؛ يعني النبيَّ صلى الله عليه وسلم. وقد جاء ذكر الوتر في بعض الروايات عن شعبة عند الطبراني في "الكبير"(2707) و "الدعاء"(744).

ص: 743

من عندنا، وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرِّجسَ وطهرهم تطهيرًا، وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودَّتَهم على كل مسلم، فقال تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا} [الشورى: 23]، فاقترافُ الحسنة مَودْتُنا أهل البيت

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل شيخ المصنف أبي محمد الحسن بن محمد العقيقي، فقد اتهمه الذهبي في "الميزان" بالكذب، وقد خالفه غيره من الثقات، فرووا هذا الخبر عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق عن عمه علي بن جعفر بن محمد عن الحُسين بن زيد - وهو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه؛ والحُسين بن زيد هذا ضعيف يقع في أحاديث مناكير، وهو من رجال "التهذيب"، وكذا الحسن بن زيد بن الحسن وهو مختلف فيه، وقال ابن عدي: أحاديثه عن أبيه أنكر مما روى عن عكرمة، والشطر الثاني من خطبة الحسن بن علي، وهو قوله: أيها الناس من عرفني فقد عرفني

إلى آخره، مما تفرد به أحد هذين الرجُلين بهذا الإسناد. وروي مثله من وجه آخر لا يُفرح به البتة، وهو منكر من القول خاصة في حمل الآية المذكورة على ذلك المعنى، مع أنَّ السورة مكيّة باتفاق، ولم يكن ثُمَّ لأهل البيت وجودٌ إذ لم يتزوج علي بن أبي طالب من فاطمة إلا بعد الهجرة إلى المدينة بسنتين، والصحيح حمل الآية على ما فسره به ابن عباس عند البخاري (3497) و (4818) وغيره، حيث قال: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطنٌ من قريش إلا كان له فيهم قرابة، فقال: إلّا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة؛ قال ذلك ابن عباس ردًا على سعيد بن جبير حين قال: هم قُربى محمد صلى الله عليه وسلم.

وأما الشطر الأول من خطبة الحسن بن علي بن أبي طالب، فقد روي من غير هذه الطريق عند أحمد وغيره، فهو ثابت، إلّا قوله هنا: لا يسبقه الأولون بعمل، وإنما هو: لا يسبقه الأولون بعلم، كما وقع عند أحمد.

وأخرجه بشطريه الدولابي في "الذرية الطاهرة"(121) عن أبي القاسم كهمس بن معمر، وأبو الفرج الأصبهاني في "مقاتل الطالبيين" ص 51 عن محمد بن محمد الباغندي ومحمد بن حمدان الصيدلاني، ثلاثتهم عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق، عن عمه علي بن جعفر بن محمد، عن الحسين بن زيد عن الحسن بن زيد بن الحسن، عن أبيه، به.

وأخرجه الدولابي أيضًا (122) عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن حسين بن زيد، عن الحسن بن زيد بن الحسن به. ليس فيه عن أبيه.=

ص: 744

4859 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جُريج، أخبرني جعفر بن محمد، عن أبيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سمَّى الحَسن بن علي يوم سابعِه، وأنه اشتَقَّ من اسمِ حَسَنٍ اسم حسين، وذكر أنه لم يكن بينهما إلَّا الحَبَلُ

(1)

.

= وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(2155) من طريق سلام بن أبي عمرة، عن معروف بن خَرَّبوذ، عن أبي الطُّفيل، عن الحسن بن علي. ولكن سلام بن أبي عمرة هذا واهي الحديث.

وأخرج الشطر الأول من خطبة الحسن بن علي: أحمد 3 / (1719) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، والنسائي (8354) من طريق يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وابن حبان (6936) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، ثلاثتهم عن أبي إسحاق السبيعي، عن هُبيرة بن يَريم، عن الحسن ابن عليّ. ورواه عن أبي إسحاق كذلك جماعة ذكرهم الدارقطني في "العلل"(3157) منهم سفيان الثوري.

وأخرج هذا الشطر أيضًا أحمد 3 / (1720) من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن جده أبي إسحاق، عن عمرو بن حُبشي، عن الحسن بن عليّ. فذكر هنا أبو إسحاق رجلًا آخر هو عمرو بن حبشي، وقال الدارقطني في "العلل": المحفوظ حديث أبي إسحاق عن هبيرة، ويشبه أن يكون قول إسرائيل محفوظًا أيضًا، لأنه من الحفاظ عن أبي إسحاق، ويكون أبو إسحاق أخذه عن هُبيرة وعن عمرو بن حبشي جميعًا. قلنا: فهذا الشطر بمجموع الطريقين حسن ثابتٌ إن شاء الله.

وتقدم من حديث علي بن أبي طالب برقم (4479) و (4704) قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر يوم بدر: "مع أحدكما جبريل، ومع الآخر ميكائيل، وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال، ويكون في الصف". وإسناده صحيح.

والصفراء: الذهب، والبيضاء: الفضة.

(1)

مرسلٌ رجاله ثقات. جعفر بن محمد: هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وابن جُريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي.

وهو في "مصنف عبد الرزاق"(7979)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 304، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ 119 - 120.

وهذا في مدة ما بين ولادة الحسن والحسين أصح مما قاله قتادة بن دعامة فيما سيأتي برقم (4879) أنَّ بين الحسن والحسين سنة وعشرة أشهر، لأنَّ محمد بن علي الباقر أدرى بأهل بيته من غيره، فقوله مقدَّمٌ.=

ص: 745

4860 -

حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجهم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، حدثني عبد الله بن جعفر، عن أم بكر بنت المِسور، قالت: كان الحَسنُ بن علي سُمَّ مِرارًا، كلَّ ذلك يُفلِتُ حتى كانت المرة الأخيرةُ التي مات فيها، فإنه كان يُجتَلَفُ

(1)

كَبِدُه، فلما مات أقام نساء بني هاشمٍ النَّوحَ عليه شهرًا

(2)

.

= وأخرجه ابن سعد 6/ 356، والدولابي في "الذرية الطاهرة"(146)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" بين يدي (395) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض، وابن سعد 6/ 356 من طريق سليمان بن بلال ومن طريق مالك بن أبي الرجال، ثلاثتهم عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سمَّى حَسنًا وحُسينًا يوم سابعهما، واشتقَّ اسم حسين من حسن. ولم يذكروا ما بين ولادتهما.

وانظر ما تقدم برقم (4829).

(1)

في (ز) و (ب): يختلف، بالخاء بدل الجيم، وأُهملت في بقية النسخ، والاجتلاف، بالجيم: الاستئصال، والمراد أنه استُؤصِلَت كبدُه، ويؤيده ما جاءَ في روايةٍ أخرى للخبر: لفظتُ طائفةٌ من كبدي.

(2)

خبر صحيح، دون قصة النَّوح على الحسن بن علي، وهذا إسناد فيه محمد بن عمر - وهو الواقدي - وهو ضعيف لكن يُعتبر به فيكتب حديثه في المغازي وأيام الناس وأخبارهم، كما انتهى إليه الإمام الذهبي في ترجمته في "سير أعلام النبلاء" كما تقدم بيانه برقم (4060)، ومن دونه هم بعض رواة كتب الواقدي كما تقدم هناك.

ولم ينفرد الواقدي بقصة موت الحسن بن عليّ بالسم، إنما انفرد بقصة نوح نساء بني هاشم عليه. وأخرجه ابن سعد 6/ 387 عن محمد بن عمر الواقدي، به.

وأخرج قصة موته بالسمّ ابن سعد 6/ 386، وابن أبي شيبة 15/ 94، وغيرهما من طريق عبد الله بن عون، عن عُمير بن إسحاق، قال: دخلتُ أنا وصاحبٌ لي على الحسن بن علي نعودُه، فذكر نحوه، وإسناده قويٌّ، وسيأتي برقم (4876) مختصرًا.

وأخرج ابن سعد 6/ 387 عن أبي حرب بن أبي الأسود الدِّيلي وأبي الطفيل، قالا: قال الحسن بن علي: سُقِيتُ السُّمَّ مرتين.

وانظر خبر قتادة الآتي برقم (4875).

ص: 746

4861 -

قال ابن عُمر: وحدثنا حفص بن عمر، عن أبي جعفر قال: مَكَثَ الناسُ يبكون على الحسن بن علي، وما تقوم الأسواق

(1)

.

4862 -

قال ابن عمر: وحدثتنا عُبيدة بنت نابل

(2)

، عن عائشة بنت سعد، قالت: حد نساء الحسن بن علي سنة

(3)

.

4863 -

قال ابن عُمر: وحدثنا داود بن سنان، سمعت ثعلبة بن أبي مالك، قال: شَهِدْنا الحسن بن علي يومَ مات ودفناه بالبقيع، ولو طُرِحتْ إبرةٌ ما وقعتْ إِلَّا على رأس إنسانٍ

(4)

.

(1)

إسناده ضعيف. وحفص بن عمر - وهو ابن رزين الرقاشي - غير معروف، وقد تفرد به محمد بن عمر الواقدي.

وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 6/ 392 عن محمد بن عمر الواقدي، به. وزاد: يبكون سبعًا.

(2)

تصحف في بعض النسخ الخطية إلى: نائل. وقد ضبطه الدارقطني وعبد الغني بن سعيد بالموحدة، فهو المعتمد، وإن تكرر الاسم في كثير من المصادر الحديثية مصحفًا بالياء التحتانية أو الهمزة.

(3)

إسناده ضعيف تفرد به ابن عمر - وهو محمد بن عمر الواقدي - ولا يُعتدُّ بما يتفرد به.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 393، ومن طريقه ابن عساكر 13/ 295 عن محمد بن عمر الواقدي، به. غير أنه قال: حَدَّ نساء بني هاشم على حسن بن علي سنة. وكذلك نقله عنه الطبري في "ذيل المذيّل" كما في "منتخبه" لعُريب القرطبي المطبوع بإثر "تاريخ الطبري" 11/ 514.

(4)

خبر حسن، ومن فوق محمد بن عمر الواقدي لا بأس بهم، وقد جاء دفنُ الحسن بن عليٍّ بالبقيع من وجوهٍ، وأنَّ أهل المدينة والعوالي قد حضروا جنازته.

وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 6/ 392، ومن طريقه ابن عساكر 13/ 297 عن محمد بن عمر الواقدي، به.

وأخرج قصة دفنه في البقيع ابنُ سعد 6/ 387 من طريق أبي حازم سلمان الأشجعي، وكان قد حَضَر دَفْنِ الحَسَن كما تقدم برقم (4855)، وإسناده صحيح.

وأخرج ابن سعد 6/ 392، ومن طريقه ابن عساكر 13/ 297 عن محمد بن عمر الواقدي، عن هاشم بن عاصم الأسلمي، عن جهم بن أبي جهم، قال: لما مات الحسن بن علي بعثت بنو هاشم =

ص: 747

4864 -

قال ابن عُمر: وحدثني علي بن محمد

(1)

، حدثني مسلمةُ بن مُحارِب، قال: مات الحسن بن علي سنة خمسين لخمسٍ خَلَونَ من ربيع الأول، وهو ابن ستٍّ وأربعين سنة، وصلى عليه سعيدُ بن العاص وكان يبكي، وكان مرضُه أربعين يومًا

(2)

.

4865 -

أخبرنا حمزة بن العباس بن الفضل العقَبي ببغداد، حدثنا الحسن بن سلّام السَّوّاق، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا شَيْبان، عن أبي إسحاق قال: بُويعَ لأبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب بالكوفة عَقِيبَ قتل أمير المؤمنين، وأَخَذَ البيعةَ على أصحابه. فحدَّثني حارثة بن مُضرِّب، قال: سمعتُ الحسن بن عليٍّ يقول: والله لا أُبايعُكم إلا على ما أقول لكم، قالوا: ما هي؟ قال: تُسالمون من سالَمْتُ، وتُحاربون من حارَبْتُ. ولما تمَّتِ البيعةُ خَطَبَهم

(3)

= إلى العوالي صائحًا يصيح في كل قرية من قُرى الأنصار بموت الحسن، فنزل أهل العوالي ولم يتخلّف أحدٌ عنه.

(1)

سقط اسم "علي بن محمد" من المطبوع، وهو المعروف بأبي الحسن المدائني.

(2)

ورواه أيضًا ابن سعد في "طبقاته" 6/ 393، ومن طريقه ابن عساكر 13/ 302 عن علي بن محمد المدائني، عن مسلمة بن محارب، عن حرب بن خالد - وهو ابن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان - قال: مات الحسن بن علي لخمس خلون من شهر ربيع الأول، سنة خمسين.

ويخالفه ما تقدَّم برقم (4846) أنه مات سنة تسع وأربعين. وفيه أقوال أخرى ذكرناها هناك.

وصلاة سعيد بن العاص على الحسن بن علي تقدَّم ذكرها قريبًا برقم (4855) بإسناد حسن عن أبي حازم سلمان الأشجعي، وكان حَضَر وفاته. ولا خلاف في ذلك. وانظر "تاريخ دمشق" 13/ 300 - 303 و 303.

(3)

إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي.

وأخرج منه قول الحسن بن عليّ: ابن سعد 6/ 370 عن عُبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن أبي إسحاق، عن خالد بن مضرب قال: سمعت الحسن بن علي، فذكره. فذكر خالد بن مُضرِّب بدل حارثة بن مضرِّب، وهما أخوان، وهما تابعيان كبيران=

ص: 748

4866 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل البجلي، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مُرّة، سمعت عبد الله بن الحارث يُحدِّث عن زهير بن الأَقْمَر، رجل من بني بكر بن وائل، قال: لما قتل عليٌّ قامَ الحسنُ يَخطب الناسَ، فقام رجلٌ من أَزْدِ شَنُوءةً فقال: أشهَدُ لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعه في جبوته وهو يقول: "من أحبني فليُحِبَّه"، وليبلِّغ الشاهد الغائب، ولولا كرامة سول الله صلى الله عليه وسلم ما حدثت به أبدًا

(1)

.

4867 -

حدثني علي بن الحسن القاضي، حدثنا محمد بن موسى، عن محمد بن أبي السَّرِي، عن هشام بن محمد بن الكلبي، عن أبي مِخْنَفٍ، قال: لما وقعتِ البيعةُ للحسن بن علي جَدَّ في مُكاشفِة معاوية والتوجُّه نحوه، فجعل على مُقدِّمتِه عبد الله بنَ جعفر الطيار في عشرة آلاف، ثم أتبعه بقَيس بن سعد في جيش عظيم، فراسل معاويةُ عبد الله بن جعفر، وضَمِنَ له ألف ألفِ دِرهم على أن يَدفَعَ إليه خمس مئة ألف درهم عند مصيره إليه، وخمس مئة ألف درهم إذا صار إلى الحجاز، فأجابه إلى ذلك وخَلَّى مَسِيرَه، وتوجّه إلى معاوية فوفّى له، وتفرَّق العَسكَرُ، وأقام قيسُ بن سعد على جِدِّه، وانضم إليه كثيرٌ ممَّن كان مع عبد الله بن جعفر، وراسله معاوية وأرغَبَه، فلم يَفْتَّه

(2)

= وأخرج ابن سعد أيضًا 6/ 379 من طريق ميمون بن مهران الجزري، قال: إنَّ الحسن بن علي بن أبي طالب بايع أهل العراق بعد عليٍّ على بيعتين: بايعهم على الإمرة، وبايعهم على أن يدخلوا فيما دخل فيه، ويرضوا بما رضي به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 38/ (23106) عن محمد بن جعفر عن شعبة، بهذا الإسناد.

والحِبْوة، بكسر الحاء المهملة وضمها: اسمٌ من الاحتباء، وهو أن يَضمُّ الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب ويجمعهما به مع ظهره، ويشدُّ عليها، وقد يكون باليدين بدل الثوب.

وانظر حديث أبي هريرة المتقدم برقم (4847).

(2)

في (ص) و (م) و (ع): يفه، والمثبت من (ز) و (ب) هو الجادَّة، والمعنى: لم يكسِرْه ولم يُضعفه معاوية بتلك العِدَة والأمنيّة. وهو من قولهم: فَتَّ في ساعده أو في عَضُده، إذا أضعفه وأوهَنَه.

ص: 749

ذلك إلى أن صالح الحسنُ معاوية وسلَّم إليه الأمر، وتوجه الحسنُ وأصحابه للقاء معاوية، وقد جُرح الحسنُ غِيلةً في مُظلِم

(1)

ساباطَ، جَرَحَه سَنانُ بن الجَرَّاحِ الأَسَدي أحدُ بني نصر بن قُعَين، طعنه في فَخِذه بمِعْول طعنةٌ مُنكَرةٌ، وكان يرى رأي الخوارج، فاعتنقه الحسنُ في يده وصار معه في الأرض، ووَثَبَ إليه عبد الله بن الأخطل القاري، فنزع المِعوَلَ من يد الجرّاح فطعَنَه به، ووَثَبَ عبد الله بن ظبيان بن عُمارة التميمي، فعضَّ وجهه حتى قطع أنفَه، وشَدَخَ رأسه بحَجَر، فمات من وقته، فسُحقًا لأصحاب الشَّقاء، وحُمِلَ الحَسنُ على سريرٍ إلى المدائن، فنزل على سعد بن مسعود الثقفي عمِّ المختار، وكان عامل عليٍّ على المدائن، فجاءه بطبيبٍ فعالَجَه حتى صَلَحَ

(2)

.

4868 -

حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق وعلي بن حَمْشاد، قالا: حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، حدثنا أبو موسى، سمعتُ الحسن يقول: استقبلَ الحَسنُ بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص: والله إني لأرى كتائب لا تُولِّي أو تقتل أقرانها، فقال معاوية - وكان خير الرجُلين -: أرأيت إن قَتلَ هؤلاء هؤلاء، مَن لي بدمائهم؟ من لي بأمورهم؟ من لي بنسائهم؟ قال: فبعث معاوية عبد الرحمن بن سَمُرة بن حبيب بن عبد شمس - قال سفيان: وكانت له صحبةٌ -

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: مطلع. والصواب ما أثبتنا كما في المصادر التي ذكرت الخبر، ومنها "أنساب الأشراف" للبلاذُري 3/ 282، و "مقاتل الطالبيين" لأبي الفرج الأصبهاني ص 64. وقال ياقوت: مظلم ساباط: مضاف إلى ساباط: مضاف إلى ساباط التي قرب المدائن، موضع هناك.

(2)

إسناده تالف وهو معضل أيضًا، وقد روى هذا الخبر أيضًا البلاذري في "أنساب الأشراف" 3/ 280 - 283، وأبو الفرج الأصبهاني في "مقاتل الطالبيين" 62 - 65، غير أنهما خالفا رواية المصنف هنا في أمور، فسمّيا الذي كان على مقدّمة جيش الحسن بن علي عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، وسمَّيا الذي طعن الحسن بن علي الجراح بن سِنان، وسمَّيا الذي قَطَع أنفَ الجرّاح ظبيان بن عُمارة.

والمكاشفة: إظهار العداوة.

ص: 750

فصالح الحسنُ معاوية وسلَّم الأمر له، وبايعه بالخلافة على شروطٍ ووثائق، وحَمَلَ معاوية إلى الحسن مالًا عظيمًا يقال: خمس مئة ألف ألف درهم، وذلك في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين، وإنما كان وَلِيَ إلى أن سَلَّمَ الأمرَ

(1)

لمعاوية سبعة أشهرٍ وأحد عشر يومًا

(2)

.

4869 -

فأخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدان والحُسين بن الحسن، قالا: حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا أشعث بن عبد الملك، عن الحسن عن أبي بَكْرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي: "إِنَّ ابني هذا سيِّدٌ، لعل الله أن يُصلِحَ به بين فئتين من المسلمين عظيمتين"

(3)

.

(1)

المثبت من (م) و (ع)، وجاءت العبارة في بقية النسخ مُشوّشة.

(2)

إسناده صحيح. الحميدي: هو عبد الله بن الزبير بن عيسى الأسدي، وسفيان: هو ابن عُيينة وأبو موسى: هو إسرائيل بن موسى، والحسن: هو ابن أبي الحسن البصري.

وأخرجه البخاري (2704) عن عبد الله بن محمد المُسنَدي، و (7109) عن علي بن عبد الله المديني، كلاهما عن سفيان بن عيينة، به. وزادا: أن معاوية أرسل مع عبد الرحمن بن سمُرة رجلًا آخر هو عبد الله بن عامر بن كُريز، ولم يذكرا فيه ما أعطاه معاوية للحسن من مالٍ عظيم، ولا مدة خلافة الحسن بن علي.

وقوله: يقال: خمس مئة ألف ألف درهم، كذلك جاء في نسخ "المستدرك"، وضُبِّب في (ز) على الألف الثانية، والظاهر أنَّ ذكر الألف الثانية وهمٌ، فقد روى عبد الله بن بُريدة بسند قوي عند ابن أبي شيبة 11/ 94، وأبي عروبة الحراني في "الأوائل" (168) وغيرهما: أن معاوية قال للحسن بن علي: لأُجيزنّك بجائزة لم أُجِزْ بها أحدًا قبلك، ولا أُجيزُ بها أحدًا بعدك من العرب، فأجازه بأربع مئة ألف درهم، فقبلها. وهذا يؤيد الوهم في زيادة الألف الثانية.

(3)

إسناده صحيح. وقد اختلف فيه على الحسن - وهو البصري - في وصله وإرساله، وفي تسمية صحابيِّه اختلافًا لا يضر مثله كما سيأتي بيانه.

وأخرجه أبو داود (4662) عن محمد بن المثنى، والترمذي (3773) عن محمد بن بشار، كلاهما عن محمد بن عبد الله الأنصاري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه النسائي (10011) من طريق خالد بن الحارث، عن أشعث بن عبد الملك، عن الحسن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ يعني أنسًا، فذكر مثله. وهذا خطأ من خالد بن الحارث فيما نظنُّ،=

ص: 751

4870 -

وحدثنا محمد بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل، حدثنا عفان وسليمان بن حرب، قالا حدثنا حماد بن زيد، حدثنا علي بن زيد، عن الحسن، عن أبي بكرة قال: بَيْنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطُب الناس إذ جاء الحَسنُ بن علي فصَعِد إليه فضمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"ألا إن ابني هذا سيّدٌ، وإنَّ الله عز وجل عَلَّه أن يُصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين"

(1)

.

4871 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوْرِي، حدثنا قُرَادٌ أبو نُوح، أخبرنا القاسم بن الفضل، عن يوسف بن مازن، قال: عَرَض رجلٌ للحسن بن علي حين بايع معاوية، فأنبَّه وقال: سَوَّدت وجوه المؤمنين، وفعلتَ

= فقد رواه عن خالد بن الحارث غيرُ واحد هكذا بذكر أنس بدل أبي بكرة، والحديث محفوظٌ لأبي بكرة، كما رواه محمد بن عبد الله الأنصاري عن الأشعث بن عبد الملك، وكما رواه غير الأشعث عن الحسن أيضًا، على أنَّ مثل هذا الاختلاف لا يضر، لأنَّ الحديث حيث دار كان عن صحابي، وكلهم عدول.

وأخرجه أحمد 34 / (20392)، والبخاري (2704) و (3629) و (3746) و (7109)، والنسائي (1730) و (8110) و (10010) من طريق أبي موسى إسرائيل بن موسى، وأحمد (20448) و (20516)، وابن حبان (6964) من طريق المبارك بن فضالة، كلاهما عن الحسن البصري، عن أبي بكرة.

وقد تابعهم على رواية هذا الخبر عن الحسن البصري موصولًا بذكر أبي بكرة جماعةٌ ذكر رواياتهم ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 13/ 2310 - 238، منهم منصور بن زاذان ويونس بن عُبيد.

وأخرجه النسائي (10012) من طريق عوف الأعرابي، و (13) من طريق داود بن أبي هند، و (10014) من طريق هشام بن حسان، ثلاثتهم عن الحسن البصري مرسلًا. ومثل هذا لا يضرُّ ما دام ثبت الوصل من طرق عن الحسن البصري.

وسيأتي موصولًا بذكر أبي بكرة كذلك من طريق علي بن زيد بن جُدعان عن الحسن البصري.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن جدعان - غير أنه روى هذا الحديث عن الحسن - وهو البصري - جماعةٌ كما تقدَّم تخريجه عند الطريق التي قبل هذه.

وأخرجه أحمد 34 / (20499)، وأبو داود (4662) من طرق عن حماد بن زيد بهذا الإسناد.

ص: 752

وفعلت، فقال: لا تُؤنِّبني، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بني أميَّة يتواثَبُون على مِنبَره رجلًا رجلًا، فشق ذلك عليه واهتمَّ، فأنزل الله عز وجل:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} [الكوثر: 1] نهرٌ في الجنة، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} ، يقولُ

(1)

: بَعدَك

(2)

.

4872 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا الأسود بن عامر شاذانُ، حدثنا زهير بن معاوية، حدثنا أبو رَوْق الهَمْداني، حدثنا أبو الغريف، قال: كنا في مُقدّمة الحسن بن علي اثني عشر ألفًا تقطُر أسيافُنا من الحدّة على قتال أهل الشام، وعلينا أبو العمرطة، فلما أتانا صُلحُ الحسن بن علي ومعاوية كأنما كُسِرت ظُهورنا من الحَرَد والغيظ، فلما قدم الحسن بن علي الكوفة قام إليه رجلٌ منا يُكنى أبا عامر سفيان بن لَيْل فقال: السلام عليك يا مُذلَّ المؤمنين، فقال الحسن: لا تقل ذاك يا أبا عامر، لم أُذِلَّ المؤمنين، ولكن كرهت أن أقتُلَهم في طَلَبِ المُلك

(3)

.

(1)

المثبت من (ص) و (م)، وهو أسلوب شائع في الروايات يُستعمل فصلًا بين الكلام يُراد به التفسير، والتقدير: خير من ألف شهر يريدُ ألف شهر بعدك يملكون فيها، كما دلت عليه روايات أخرى للخبر، كالرواية المتقدمة برقم (4852). وفي (ز) و (ب) كأنها: يقفون.

(2)

خبر منكر كما تقدم بيانه برقم (4852) حيث تقدم هناك من طريقين عن القاسم بن الفضل.

قُراد أبو نوح: هو عبد الرحمن بن غزوان، وقُراد لقبٌ، له.

(3)

إسناده قوي من أجل أبي رَوْق الهَمْداني: واسمه عطية بن الحارث. أبو الغَرِيف: هو عُبيد الله بن خليفة الهَمْداني، وهذا وثّقه العجلي ويعقوب بن سفيان والدارقطني وذكره ابن حبان في "الثقات".

وأخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 12/ 6، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 13/ 279، وابن الجوزي في "المنتظم" 5/ 184، والمزِّي في "تهذيب الكمال" في ترجمة الحسن بن علي 6/ 250 من طريق محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي، عن العباس بن محمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 93، وأخرجه الخطيب 12/ 6، وابن عساكر 13/ 279 من طريق =

ص: 753

4873 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشاذ، قالا: حدثنا بِشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، حدثنا مُجالِد بن سعيد، عن الشَّعْبي، قال: خطبنا الحَسنُ بن عليٍّ بالنُّخَيلة

(1)

حين صالَحَ معاوية، فقام فحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: إِنَّ أكْيَسَ الكَيْس التُّقَى، وإن أعْجَزَ العَجْزِ الفُجور، وإنَّ هذا الأمر الذي اختلفتُ فيه أنا ومعاوية حقٌّ لامرئٍ كان أحق بحقِّه مني، أو حقٌّ لي تركتُه لمعاوية إرادة استصلاح المسلمين وحقن دمائهم، {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} ، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم

(2)

.

= العباس بن عبد العظيم، كلاهما (ابن أبي شيبة والعباس) عن أسود بن عامر، به.

وانظر ما تقدم برقم (4853).

والحِدّة: الغضب. والحَرَد: الغضب أيضًا.

(1)

تحرّف في (ب) إلى: النخلة، وفي (ص) و (م) و (ع) إلى: المخيلة، بالميم بدل النون. والنُّخيلة تصغير نخلة، وهو موضعٌ قرب الكوفة.

(2)

خبر قوي، وهذا إسناد ضعيف لضعف مجالد بن سعيد، لكن مع ضعفه يُعتبر به، وقد رويت خطبة الحسن بن علي لدى مصالحته مع معاوية من وجوهٍ. سفيان: هو ابن عُيينة، والشَّعْبي: هو عامر بن شراحيل.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 142 و 15/ 100، والطبراني في "الكبير"(2559)، وأبو نعيم الأصبهاني في "الحلية" 2/ 37، وفي "معرفة الصحابة"(1759)، والبيهقي في "الكبرى" 8/ 173، وفي "دلائل النبوة" 6/ 444، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 13/ 274 من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد 6/ 384، والبيهقي في "الكبرى" 8/ 173، وفي "الدلائل" 6/ 444، وابن عساكر 13/ 273 و 274 من طريق هُشيم بن بشير، عن مجالد بن سعيد، به.

وأخرج نحوه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(2799)، وابن عساكر 13/ 275 من طريق عمرو بن دينار المكي، فذكر القصة بزيادة ليست في رواية الشَّعْبي في مشورة الحسن بن علي في المصالحة ابن عمه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وموافقته على المصالحة هو وأخوه الحسين بن علي بعد منازعة جرت بينهما أولًا ثم نزول الحُسين عند رأي أخيه الحسن. ورجاله ثقات عن آخرهم.=

ص: 754

4874 -

حدثنا إسحاق بن محمد بن خالد الهاشمي بالكوفة، حدثنا عيسى بن مِهران القَيسي، حدثنا عبيد الله بن موسى العَبسي، حدثنا حماد بن واصل، حدثتني فاطمة بنت الحارث، عن أبيها: أنَّ عليًا كان يقول للحسن: خالِعُ سِرْبالِه

(1)

.

4875 -

أخبرني محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أحمد بن المِقدام، حدثنا زهير بن العلاء، حدثنا سعيد بن أبي عَروبة، عن قتادة بن دِعامة السَّدُوسي، قال: سَمَّتِ ابنةُ الأشعث بن قيس الحسن بن علي وكانت تحته، ورُشِيَت على ذلك مالًا

(2)

.

= وأخرج نحوه أيضًا ابن سعد 6/ 383، ومن طريقه ابن عساكر 13/ 275 من طريق عوف الأعرابي، ومعمر في "جامعه"(20980)، ومن طريقه الآجري في "الشريعة"(1661)، والطبراني في "الكبير"(2748)، والبيهقي في "الكبرى" 8/ 173، وفي "الدلائل" 6/ 444 عن أيوب السَّختياني، كلاهما (عوف وأيوب) عن محمد بن سيرين، فذكر الخطبة مختصرة.

وأخرج نحوه كذلك أحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(1355)، ومن طريقه ابن عساكر 13/ 272 من طريق عبد الله بن عون عن أنس بن سِيرِين - وهو أخو محمد - فذكر الخطبة مختصرة أيضًا.

والكيس: العقل. والعَجز: عكسُه.

(1)

موضوعٌ، فإنَّ عيسى بن مِهْران هذا هو المستعطف، وقد كذبه أبو حاتم الرازي، وقال ابن عدي: حدّث بأحاديث موضوعة مناكير، وهو مُحترق في الرفض، وقال الدارقطني: هو رجل سوء وله مذهب سوء، وقال الخطيب: وقع إليَّ كتاب من تصنيفه في الطعن علي الصحابة وتضليلهم وإكفارهم وتفسيقهم. قلنا: وحماد بن واصل لم نَرَ له ذكرًا في غير هذا الخبر، وقد ذكره الطوسي في رجال الشيعة في أصحاب جعفر بن محمد الصادق.

والسِّربال: القميص.

(2)

إسناده ضعيف لضعف زهير بن العلاء، ولإرساله فإنَّ قتادة لم يُدرك زمن الحسن بن عليّ، لكن رُوي الخبرُ من وجه آخر كما سيأتي.

وقد جاء في بعض الروايات غير المسندة أنَّ الذي دفَعَ ابنة الأشعث - واسمها جَعْدة - لأن تَسُمَّ الحسن بن علي هو معاوية بن أبي سفيان، وفي رواية غير مسندة أنه يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، قال ابن كثير في "البداية والنهاية" 11/ 209: عندي أنَّ هذا ليس بصحيح، وعدم صحته عن =

ص: 755

4876 -

حدثنا علي بن عيسى، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا الفضل بن غسان الأنصاري، حدثنا معاذ بن معاذ وأشهَل بن حاتم، عن ابن عَوْن، عن عُمير بن إسحاق: أنَّ الحسن بن عليٍّ قال: لقد بُلْتُ

(1)

طائفةً من كبدي قبيلُ بعُودٍ

(2)

كان معي، ولقد سُقِيتُ السمَّ مرارًا، فما سُقِيتُ مثل هذا

(3)

.

4877 -

حدثنا أبو علي الحافظ، حدثنا عبد الله بن قَحْطَبة، حدثنا الحسين بن أبي كبشة، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا سلام بن مسكين، عن عِمران بن عبد الله، قال: رأى الحسنُ بن علي فيما يرى النائمُ بين عينيه مكتوبًا {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، فقصَّها على سعيد بن المسيب فقال: إن صَدَقَت رُؤياكَ فقد حَضَرَ أجلُك،

= أبيه معاوية بطريق الأولى والأحرى.

وخبر قتادة أخرجه أبو العرب القيرواني في "المِحَن" ص 141 عن عبد العزيز بن شيبة الأزدي، عن أحمد بن المقدام، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد 6/ 387، ومن طريقه ابن عساكر 13/ 284 من طريق المغيرة بن مِقسم، عن أم وأم موسى هذه تابعية تقدم الكلام عليها برقم (4722)، وحديثُها محتمل للتحسين. وزادت في روايتها: فاشتكى منه - أي: السَّم - شكاةٌ، فكان يوضع تحته طَسْتٌ وتُرفع أخرى نحوًا من أربعين يومًا. ولم تذكر أم موسى الرشوة بالمال.

(1)

كذلك أُعجمت وضُبطت هذه اللفظة في (ز) و (ب)، و "تلخيص المستدرك" للذهبي، وأُهمل في (ص) و (م) الحرفُ الأول منها، وكتب بهامشهما ما نصه: صوابه: قلبت طائفةً من كبدي بعود كان معي. قلنا: لعلّ ما وقع في (ز) وغيرها فعلٌ مشتقٌّ من البالَة، وهي عصا فيها زُجٌّ، ويكون المعنى: غرزتُ البالة في قطعة الكبد هذه ورفعتها لأتفحصها.

(2)

تحرَّف في أصل النسخ إلى: بعد.

(3)

رجاله لا بأس بهم غير الفضل بن غسان الأنصاري، فلم نقف له على ذكر في غير هذا الإسناد، ولكنه متابع. ابن عون: هو عبد الله.

وأخرجه ابن سعد 6/ 386، وابن أبي شيبة 15/ 94، وابن أبي الدنيا في "المحتضرين"(132)، وأبو نُعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء" 2/ 38، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 182 - 183، وابن عساكر 13/ 282 من طرق عن عبد الله بن عون، به.

وانظر ما تقدَّم برقم (4860).

ص: 756

قال: فسُمَّ في تلك السنة ومات، رحمة الله عليه

(1)

‌أول فضائل أبي عبد الله الحسين بن علي الشهيد ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله

4878 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الجوهَري ببغداد، حدثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، حدثنا محمد بن مصعب، حدثنا الأوزاعي، عن أبي عمار شداد بن عبد الله، عن أم الفضل بنت الحارث: أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني رأيت حُلْمًا منكرًا الليلةَ، قال:"وما هو؟ " قالت: إنه شديد، قال:"وما هو؟ " قالت: رأيتُ كأنَّ قِطعةً من جسدك قطعتْ ووُضِعتْ في حَجْري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"رأيت خيرًا، تلد فاطمة إن شاء الله غلامًا، فيكون في حَجْرِك"، فولدت فاطمةُ الحُسين فكان في حَجْري، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فدخلتُ يومًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته في حَجْره، ثم حانت مني التفاتةٌ فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تُهريقانِ الدُّموع، قالت: فقلت: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، ما لك؟ قال:"أتاني جبريل عليه السلام، فأخبرني أنَّ أمتي ستقتُل ابني هذا" فقلتُ: هذا؟ قال: "نعم، وأتاني بتُربةٍ من تُربتِه حمراء"

(2)

.

(1)

إسنادُه حسن من أجل عمران بن عبد الله: وهو ابن طلحة الخُزاعي، وله رواية عن ابن المسيب، إلّا أنه لم يدرك الحسن بن علي، فروايته هذه مرسلة.

وأخرجه ابن سعد 6/ 386، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(399)، وابن عساكر 13/ 281 من طرق عن سلام بن مسكين، به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف في محمد بن مصعب - وهو القَرقساني - ولانقطاعه، فإنَّ أبا عمار شداد بن عبد الله لم يدرك أم الفضل بنت الحارث كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وأم الفضل هي لُبابة زوج العباس بن عبد المطلب وأم أولاده، وقد ماتت أم الفضل في خلافة عثمان وصلَّى هو عليها، وشداد إنما سمع ممَّن تأخر موته من الصحابة، لكن رويت قصة رؤيا أم الفضل في الشطر الأول من هذا الحديث من وجوه أخرى عنها بعضها صحيح الإسناد. فهذا الشطر صحيح من حديث أم الفضل =

ص: 757

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أما الشطر الثاني، فقد انفرد محمد بن مصعب بذكر أم الفضل في قصة مقتل الحسين هذه، وخالفه غيره كما سيأتي فلم يذكروا هذه القصة أصلًا في حديث أم الفضل، ورويت هذه القصة من غير هذا الوجه بذكر أم سلمة، وهو الأشبه بالصواب، كما سيأتي لاحقًا، والله تعالى أعلم.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 468 - 469، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ 196 - 197 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الشجري في "أماليه" 1/ 188 من طريق أخي كروجة، وابن عساكر 14/ 196 من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة كلاهما عن محمد بن مصعب به وسيأتي عند المصنف برقم (4884) من طريق ابن أبي سمينة، لكن مختصر بالشطر الأول فقط.

وأخرج القصة الأولى منه في رؤيا أم الفضل: الطبراني في "الكبير" 25 / (42) عن أبي زيد أحمد بن يزيد الحوطي، وفي "الدعاء"(1975) عن محمد بن سهل بن المهاجر الرقي، كلاهما عن محمد بن مصعب به.

وأخرج هذه القصة أيضًا أحمد 44/ (26878)، ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق في مسائل الخلاف"(88) من طريق عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن أم الفضل بنت الحارث. وإسناده صحيح. وفيه أنَّ أم الفضل أرضعت الحُسين بلبن ولدها قُثَم بن العباس. وقد وقع في أكثر نُسخ "مسند أحمد" ذكر الحَسن بدل الحُسين، وإنما هو الحُسين جزمًا كما وقع في نسخة خطية من نسخه المتقنة، وكذلك جاء في التنقيح لابن الجوزي من طريق "المسند" نفسه، وهو ما جاء في أكثر طرق هذا الحديث، وأورد أكثر أهل التراجم والتاريخ هذه القصة في ترجمة الحُسين، كابن سعد في "طبقاته" 6/ 400، ومصعب الزبيري في "نسب قريش" ص 24، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ 114، وابن العديم في "تاريخ حلب" 6/ 2566، والمزي في "تهذيب الكمال" 6/ 398، وأشار الذهبي في سير أعلام النبلاء" في ترجمة قُثَم بن العباس 3/ 440 إلى أنَّ قُثم كان أخا الحُسين بن علي في الرّضاعة، وأورد ابن كثير القصة في "البداية والنهاية" 9/ 238 في باب إخباره عليه الصلاة والسلام بمقتل الحُسين بن علي.

على أنَّ بعض من ترجم للحَسن بن علي أورد هذه القصة في ترجمته، استنادًا إلى ما وقع لهم في بعض الروايات خطأً، وممن أورد القصة في ترجمة الحَسَن: الطبراني 3/ (2541)، وأبو نُعيم في "تاريخ أصبهان"، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 488، والنووي في "تهذيب الأسماء واللغات"، ومُغَلْطاي في "إكمال تهذيب الكمال"، والصالحي في سبل الهدى والرشاد المعروف بالسيرة الشامية 11/ 64.

وأخرج القصة الأولى كذلك أحمد 44 / (26875) من طريق إسرائيل بن يونس السبيعي، =

ص: 758

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4879 -

أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكِّي، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا زهير بن العلاء، حدثنا سعيد بن أبي عَروبة، عن قَتَادةَ قال: وَلَدَت فاطمةُ حُسينًا بعد الحسن لسنة وعشرة أشهر، فولدته لستِّ سنين وخمسة أشهر ونصف من التاريخ، وقُتل الحسين يومَ الجمعة يومَ عاشوراءَ لعشرٍ مَضَين من المُحرَّم سنة إحدى وستين، وهو ابن أربع وخمسين سنة

(1)

.

= وابن ماجه (3923) من طريق علي بن صالح بن صالح بن حي، كلاهما عن سماك بن حرب، عن قابوس بن أبي المخارق قال إسرائيل: عن أم الفضل، وقال علي بن صالح عن قابوس قال: قالت أم الفضل" يا رسول الله، فذكره مرسلًا. وبعضهم يرويه عن قابوس عن أبيه عن أم الفضل، وبعضهم يرويه عن سماك: أنَّ أم الفضل مرسلًا، وصوّب الدارقطني في "العلل" (4100) رواية من رواه عن قابوس عن أم الفضل. فإذا صحَّ ذلك فالإسناد حسنٌ. وقد جاء في أكثر نسخ "المسند" أيضًا: الحَسن بدل الحُسين، وهو خطأ، فقد جاء في بعض نسخه على الصواب، وهو الذي تؤيده سائر روايات الحديث.

وأما القصة الثانية في إخبار الملَك للنبي صلى الله عليه وسلم بمقتل الحُسين وإراءته تربة حمراء من تربته، فقد رويت لأم سلمة وليس لأم الفضل كما سيأتي عند المصنف برقم (8402) بإسناد ضعيف، لكن للخبر طرق بمجموعها يمكن أن يحسن بها.

ويشهد لها بذكر أم سلمة حديثُ أنس بن مالك عند أحمد 21/ (13539) و (13794)، وابن حبان (6742). وفي إسناده لِينٌ.

وحديثُ أبي أمامة عند الطبراني في "الكبير"(8096)، ومن طريقه ابن عساكر 14/ 190 - 191، وفي إسناده من هو مضعَّف ومن لم نقف له على ترجمة، ومع ذلك فقد حسَّنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 3/ 289.

وحديثُ أبي الطفيل بن وائلة عند الطبراني كما في "مجمع الزوائد" للهيثمي 9/ 190، وحسَّن إسنادَه. ولم نقف على إسناده، فالعُهدة فيه عليه.

(1)

هذه الرواية فيها لِين من أجل زهير بن العلاء ففيه لين، ويخالف روايته هذه ما تقدَّم عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر برقم (4859) أنه لم يكن بين ولادة الحسن وولادة الحسين إلّا مدّة الحَبَل، وأبو جعفر يحكي شيئًا مما يتعلق بأهل بيته، وهو أدرى بذلك من غيره، فقوله هو المقدَّم. =

ص: 759

وقد ذكرتُ هذه الأخبارَ بشرحها في كتاب "مَقتَل الحسين"، وفيه كفاية لمن سمعه ووَعَاه.

4880 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل البَجَلي، حدثنا عفّان بن مُسلِم.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عفّان، حدثنا وُهَيب، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن سعيد بن أبي راشد عن يعلى العامري: أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام دُعُوا له، قال: فاستَنْتَل

(1)

رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أمامَ القوم، وحسين مع غِلمان يلعب، فأراد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذه، فطَفِقَ الصبيُّ يَفِرُّ هاهنا، مرةٌ، وهاهنا مرةً، فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُضاحِكُه حتى أخذَه، قال: فوضع إحدى يديه تحت قَفاهُ، والأخرى تحت ذَقَنِه، فوضع فاهُ على فِيهِ يُقبِّله، فقال:"حسينٌ مني وأنا من حُسين، أحبَّ اللهُ من أحبَّ حُسينًا، حسينٌ سِبطٌ من الأسباطِ"

(2)

.

= وقد أخطأ زهير بن العلاء أيضًا في تاريخ ولادة الحسن بن علي كما تقدم بيانه برقم (4845)، فلا اعتداد بروايته هذه البتة.

وأخرج هذه الرواية أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(1779)، ومن طريقه ابن عساكر 14/ 116 عن أبي حامد وأحمد بن محمد بن جبلة النيسابوري، عن محمد بن إسحاق الثقفي - وهو السرّاج - به.

(1)

المثبت من هامش (ص) مصححًا عليه، وهي بمعنى: تقدَّم، كما في "نهاية ابن الأثير" مادة (نتل)، وفي (ز) و (ب): فاسمل، وضبَّب فوقها في (ز)، وبيَّض مكانها في (م) و (ع)، وفي المطبوع: فاستقبل، وهي قريبة من معنى ما أثبتناه من هامش (ص)، ولعلَّ ما في (ز) منقول عن أصل قديم فيه فاستمثل، كما وقع في رواية "المسند" 29/ (17561)، فكأن الناسخ لم يستطع أن يتبينها لعدم وضوحها في ذلك الأصل الذي نقل منه، فرسمها كما ظهر له، إذًا فاللفظة التي عميت على ناسخ (ز) هي: فاستمثل، وكذلك جاء في "مصنف ابن أبي شيبة 12/ 102 - 103: فاستمثل، ويمكن أن تُحمَل على معنى ما ورد في هامش (ص)، لأنَّ استمثل من: مَثَل مُثُولًا: إذا انتصب قائمًا أمام غيره.

(2)

إسناده محتمل للتحسين كما تقدم بيانه برقم (4827). =

ص: 760

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4881 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا علي بن الحسن الهلالي، حدثنا عبد الله بن الوليد، حدثنا سفيان.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا وَكيع عن سفيان، عن أبي الجَحّاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: رأيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو حاملٌ الحسينَ بنَ علي، وهو يقول:"اللهم إني أُحِبُّه فأحِبَّه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وقد روي بإسناد في الحَسَن مِثلُه

(2)

، وكلاهما محفوظان.

4882 -

حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافِعي من أصل كتابه، حدثنا محمد بن شدّاد المِسْمَعي، حدثنا أبو نُعيم.

وحدثني أبو محمد الحسن بن محمد

(3)

السَّبيعي الحافظ، حدثنا عبد الله بن محمد

= وهو في "مسند أحمد" 29 / (17561).

وأخرجه ابن حبان (6971) من طريق أبي بكر بن أبي شَيْبة، عن عفان، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (144) من طريق يحيى بن سليم الطائفي، والترمذي (3775) من طريق إسماعيل بن عيّاش كلاهما عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم به. وسمَّيا الصحابي يعلى بن مرة. واقتصر الترمذي على المرفوع آخره، وقال: حديث حسن.

والقفا: مؤخَّر العُنُق.

(1)

إسناده قوي من أجل أبي الجحاف وهو داود بن أبي عوف. عبد الله بن الوليد: هو العَدَني، وسفيان هو الثوري، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي.

وهو في "مسند أحمد" 15 / (9759) لكن بذكر الحَسن والحُسين كليهما، بلفظ:"اللهم إني أحِبُّهما فأحِبَّهما". فالظاهر أنَّ الحاكم أورده بلفظ العَدَني.

وقد تقدَّم من حديث أبي هريرة أيضًا (4833) بلفظ: "من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني".

(2)

تقدَّم عند المصنف برقم (4847).

(3)

كذلك كان المصنّف يسمِّي أبا شيخه محمدًا، فقد سمّاه بذلك أيضًا في معرفة علوم =

ص: 761

ابن ناجيَة، حدثنا حميد بن الربيع، حدثنا أبو نُعيم.

وأخبرنا أبو محمد الحسن

(1)

بن محمد بن يحيى ابن أخي طاهر العَقِيقيّ العَلَويّ في كتاب "النَّسب"، حدثنا جدّي، حدثنا محمد بن يزيد الأَدَمي، حدثنا أبو نُعيم.

وأخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمَسي من كتاب "التاريخ"، حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع، حدثنا الحسين بن عمرو العَنْقَزي والقاسم بن دينار، قالا: حدثنا أبو نُعيم.

وأخبرنا أحمد بن كامل القاضي، حدثني يوسف بن سهل التمار، حدثنا القاسم بن إسماعيل العَرْزمي، حدثنا أبو نُعيم.

وأخبرنا أحمد بن كامل، حدثنا عبد الله بن إبراهيم البزاز، حدثنا كَثير بن محمد أبو أنس الكوفي، حدثنا أبو نُعيم، حدثنا عبد الله بن حَبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: أَوحَى الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم: إني قتلتُ بيحيى بن زكريا سبعين ألفًا، وإني قاتلٌ بابن ابنتِك سبعين ألفًا وسبعين ألفًا

(2)

.

هذا لفظ حديث الشافعي، وفي حديث القاضي أبي بكر بن كامل: إني قتلتُ على دم يحيى بن زكريا، وإني قاتلٌ على دم ابن ابنتِك.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= الحديث" ص 143 في سؤال سأله له، وقد روى ذلك السؤال أيضًا ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 13/ 13. فتأكد أنَّ المصنف هو الذي كان يسمِّي أبا شيخه محمدًا، وقد انفرد بذلك، فإنَّ الدارقطني روى عن الحسن السَّبيعي هذا في "علله" (17) وفي "سننه" (1887)، فسمَّى أباه أحمدَ، والدارقطني أحسن ضبطًا للأسماء من الحاكم، وكذلك روى عنه أبو نُعيم في كتبه فسمّى أباه أحمد، وهو المعروف في كتب التراجم التي ذكرته، وليس في أجداد المذكور من اسمه محمد، حتى نقول: نُسب إليه، والله تعالى أعلم.

(1)

تحرَّف في (ز) و (ص) إلى: الحُسين، وكانت كذلك في (ص) ثم كتب فوقها: الحَسن، وصحَّح عليها.

(2)

خبر مُنكَر كما سلف بيانه برقم (3184).

ص: 762

4883 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا الحسن بن علي بن شَبيب المَعمَري، حدثنا أبو عُبيدة بن فُضيل بن عِياض، حدثنا مالك بن سُعَير بن الخِمْس، حدثنا هشام بن سعد، حدثنا نُعيم بن عبد الله المُجمِر، عن أبي هريرة، قال: ما رأيتُ الحُسين بن علي إلَّا فاضت عيني دموعًا، وذاك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يومًا، فوَجَدني في المسجد فأخذ بيدي واتكأ عليَّ، فانطلقتُ معه حتى جاء سوق بني قَيْنقاع، قال: وما كلَّمَني، فطافَ ونَظَر، ثم رجع ورجعتُ معه، فجلس في المسجد واحتَبى، وقال لي:"ادعُ لي لَكَاعِ"، فأُتي بحُسين يشتدُّ حتى وقع في حَجْره، ثم أدخل يدَه في لحيةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتحُ فمَ الحُسين فيُدخِل فيه من فيهِ

(1)

، ويقول:"اللهم إني أُحبُّه فأَحِبَّه"

(2)

.

(1)

كذلك جاء في (ز) و (ب)، ومعناه يُدخل صلى الله عليه وسلم شيئًا من فمه الشريف في فم الحُسين، وفي (ص) و (م) و (ع) وقع بياض مكان كلمة "فيه" الأولى التي هي جار ومجرور.

(2)

حديث قوي، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل هشام بن سعد، وأبو عُبيدة بن الفضيل بن عياض مختلَف فيه: وثقه الدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وضعفه الجورقاني وابن الجوزي، وما وقع في هذا الخبر من ذكرُ الحسين بن علي، مما دعا المصنِّف إلى إيراده في مناقب الحُسين فوهمٌ يغلب على الظن أنه من جهة أبي عُبيدة بن الفضيل، لأنَّ جماعة رووا هذا الخبر عن هشام بن سعد فذكروا الحَسن بن علي أخا الحُسين، وكذلك رواه نافع بن جُبَير بن مطعم عن أبي هريرة في "الصحيحين" وغيرهما، بذكر الحَسَن بن علي، كما تقدَّم تخريجه برقم (4847)، فتأكد بذلك أنَّ ذكرُ الحُسين وهمٌ.

وأخرجه أحمد 16/ (10891) عن حماد بن خالد الخياط، عن هشام بن سعد، به. بذكر الحَسَن بن عليٍّ.

وقد تابع حمادًا الخياط على ذكرُ الحَسَن جماعةٌ، وهم الليث بن سعد عند البزار (8155)، والآجريّ في "الشريعة"(1656)، وكذلك رواه محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عند ابن سعد 6/ 360، والبخاري في "الأدب المفرد"(1183)، وكذلك خلّاد بن يحيى عند أبي محمد الفاكهي في "فوائده"(135)، وأبي نعيم في "الحلية" 2/ 35، وابن عساكر 13/ 193، وكذلك الحسن بن علي الرزاز القرشي عند ابن عساكر 13/ 192، وكذلك القاسم بن الحَكَم عند ابن عساكر أيضًا =

ص: 763

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4884 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي سَمِينة، حدثنا محمد بن مُصعب، حدثنا الأوزاعي، عن أبي عمّار، عن أم الفضل قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم والحُسينُ في حَجْره: "إِنَّ جبريلَ عليه السلام أخبرني أن أمتي تَقتُل الحُسينَ"

(1)

.

قد اختصر ابن أبي سَمِينة هذا الحديثَ، ورواه غيره عن محمد بن مصعب بالتّمَامِ

(2)

.

4885 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دُحيم الشيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزة، حدثنا علي بن قادم، حدثنا عبد السلام بن حرب، عن يحيى بن سعيد، قال: كنا عند علي بن الحسين، فجاء قوم من الكوفيين، فقال عليٌّ: يا أهلَ، العراق، أحِبُّونا حُبَّ الإسلام، سمعت أبي يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس، لا تَرفَعُوني فوقَ قَدْري، فإنَّ الله اتَّخَذني عبدًا قبل أن يَتَّخذني نبيًّا". فذكرتُه لسعيد بن المسيّب فقال: وبعدما اتَّخَذه نبيًا

(3)

.

= 13/ 193، خمستهم عن هشام بن سعد يذكرون الحَسَن بن علي وليس أخاه الحُسين.

وانظر تمام تخريجه فيما تقدَّم برقم (4847).

(1)

إسناده ضعيف كما تقدَّم بيانه برقم (4878).

وأخرجه ابن عساكر 14/ 196 من طريق العبّاس بن الفرج الرياشي، عن ابن أبي سمينة، بهذا الإسناد.

(2)

الذي اختصر الحديث هو الصَّغاني أو من دونه، لأنَّ العبّاس بن الفرج الرياشي رواه بطوله عن ابن أبي سَمِينة عند ابن عساكر.

(3)

إسناده حسن من أجل علي بن قادم، فهو صدوق حسن الحديث، وقد توبع على قول علي بن الحسين، لكنه خولف في وصل الحديث المرفوع، لأنَّ جماعةً رووه عن يحيى بن سعيد وهو الأنصاري - عن علي بن الحسين مرسلًا، وكذلك رواه محمد بن علي الباقر عن علي بن الحسين مرسلًا، غير أنه وإن كان كذلك له شواهد صحيحة. =

ص: 764

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4886 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أبو مُسلِم إبراهيم بن

= وأخرجه الدولابي في "الذرية الطاهرة"(159)، والطبراني في "الكبير"(2889) من طريق أحمد بن يحيى الصوفي، عن علي بن قادم، بهذا الإسناد.

وأخرج قول علي بن الحسين من دون المرفوع: ابن سعد في "طبقاته" 7/ 212، وأبو سعيد الأشج في "حديثه"(173)، وابن أبي عاصم في "السنة"(996)، وأبو بكر الخلال في "السنة"(798)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(2682) و (2683)، وأبو نُعيم في "الحلية" 3/ 136، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 41/ 374 و 391 و 392 من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن علي بن الحسين. وزاد بعضهم فيه: فما برح بنا حبُّكم حتى صار علينا عارًا. وبعضهم قال: حتى صار علينا شَيئًا. وبعضهم زاد بدلًا من ذلك: فوالله ما زال بنا ما تقولون حتى بَغَّضتمونا إلى الناس.

وأخرج المرفوع منه وحسب المعافى بن عمران الموصلي في "الزهد"(100) عن أبي شهاب عبد ربّه بن نافع الحنّاط، وهناد بن السّري في "الزهد"(797) عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في بغية الباحث" (952) من طريق سفيان الثوري، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" (51)، ومن طريقه ابن عساكر 4/ 76 من طريق حفص بن غياث، وابن عساكر 4/ 76 من طريق مروان بن معاوية الفزاري، خمستهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن علي بن الحسين مرسلًا. قال ابن عساكر: هذا مراسيل حسنة الإسناد.

وأخرجه الحسين بن الحسن المروزي في زياداته على الزهد لابن المبارك (984)، ومن طريقه ابن عساكر 4/ 76 من طريق جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، عن علي بن الحسين مرسلًا، قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو اتخذنا لك شيئًا ترتفع عليه، تُكلّم الناس، فقال:"لا أزال بينكم تطؤون عَقِبي، حتى يكون اللهُ يرفعني" ثم قال: "لا ترفعوني فوق حقّي، فإنَّ الله تعالى اتخذني عبدًا قبل أن يتخذني رسولًا". وحسن إسناده مرسلًا ابن عساكر!

ويشهد له حديث أنس عند أحمد 20 / (12551)، والنسائي (10006) و (10007)، وغيرهما بإسناد صحيح أنَّ رجلًا قال: يا محمد يا سيدنا وابن سيدنا، وخيرنا وابن خيرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أيها الناس عليكم بتقواكم لا يستهوينَّكم الشيطانُ، أنا محمد بن عبد الله عبدُ الله ورسوله، والله ما أُحِبُّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله".

وحديث عمر بن الخطاب عند أحمد 1/ (154)، والبخاري (3445)، وابن حبان (413) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُطْروني كما أطْرَتِ النصارى عيسى ابنَ مريم، فإنما أنا عبد الله ورسوله".

ص: 765

عبد الله، حدثنا حجَّاج بن نُصير، حدثنا قُرّة بن خالد، حدثنا عامر بن عبد الواحد، عن أبي الضُّحى، عن ابن عبّاس قال: ما كنا نشُكُّ وأهلُ البيت مُتوافِرون أنَّ الحُسين بن علي يُقتل بالطَّفّ

(1)

.

4887 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا سفيان، عن عاصم بن عُبيد الله، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَذَّن في أُذُن الحُسين حين وَلَدَتْه فاطمةُ

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4888 -

حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، حدثنا حسين بن زيد العَلَوي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرَ فاطمةَ فقال: "زِني شعرَ الحُسين وتَصدّقي بوزِنه فضةً، وأَعطي القابلةَ رِجْلَ العَقيقةِ"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل حجاج بن نُصير، فقد تُرك كما قال الذهبي في "تلخيصه". والطَّفّ: أرض من ضاحية الكوفة، عُرف فيما بعد بكربلاء.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عاصم بن عُبيد الله - وهم ابن عاصم بن عمر بن الخطاب - ومع ذلك صحَّحه الترمذي، وسكت عنه عبد الحق الإشبيلي مصححًا له، فتعقبه ابن القطان في "بيان الوهم " 4/ 594، وهذا الخبر على ضعَّفه المحفوظ فيه ذكر الحَسَن بن علي، وليس الحُسين كما وقع في رواية المصنف هنا، حتى أورده في مناقب الحُسين بن علي. سفيان: هو ابن سعيد الثوري.

وأخرجه أحمد 45/ (27186) عن وكيع، وأحمد 39/ (23869) و 45/ (27194)، وأبو داود (5105)، والترمذي (1514) من طريق يحيى القطان، وأحمد 39/ (23869)، والترمذي (1514) من طريق عبد الرحمن بن مهدي ثلاثتهم عن سفيان الثوري بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. قلت: وكلُّهم ذكرُ في روايته الحَسَن بن علي بدل أخيه الحُسين.

وله شاهدان لا يُفرح بهما انظرهما في "مسند أحمد"(23869).

(3)

إسناده ضعيف، حسين بن زيد وهو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - في حديثه لين ونكارة، كما تقدَّم بيانه برقم (4783)، وقد خالفه في هذا الخبر الثقاتُ من أصحاب جعفر بن محمد - وهو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - فرووا هذا الخبر عن جعفر عن أبيه =

ص: 766

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مرسلًا، ليس فيه ذكر جده ولا ذكر علي بن أبي طالب.

كما خالفوا حسين بن زيد أيضًا في رفع الخبر، إذ جعلوه من فعل فاطمة، ليس فيه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بذلك.

وكذلك رواه عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين مرسلًا من فعل فاطمة: ابن جريج وعمرو بن دينار وربيعةُ بن أبي عبد الرحمن وعبد الملك بن أعين وخالفهم عبدُ الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فرواه عن أبي جعفر محمد بن علي عن علي بن أبي طالب مرفوعًا، لكن راويه عن عبد الله بن أبي بكر هو محمد بن إسحاق بن يَسَار صاحب السيرة، وهو مدلس وقد عنعن، ولو فُرض صحةُ سماعه، يبقى فيه علة انقطاعه بل إعضاله بين أبي جعفر محمد بن علي وبين جد أبيه علي بن أبي طالب. ويبقى فيه كذلك علة رفعه.

هذا، ولم يذكُر إعطاء القابلة رِجْلَ العقيقة أحدٌ من أصحاب جعفر بن محمد الثقات الذين رووا الخبر مرسلًا غير حفص بن غياث، ورواه أيضًا خارجة بن مصعب عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلًا: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم هو من فعل ذلك، ولكن خارجةَ هذا متروك. وكذلك لم يذكر هذا الحرفَ أحدٌ ممن رواه عن أبي جعفر محمد بن عليّ.

وهذا أوان تخريج طرق الحديث:

فأخرجه البيهقي 9/ 304 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدُّولابي في "الذرية الطاهرة"(149) من طريق علي بن الحسن بن علي بن عمر العلوي، عن حسين بن زيد بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه مرسلًا. فوافق الثقات من أصحاب جعفر بن محمد وأصحاب أبيه أبي جعفر محمد بن علي في إرساله.

وأخرجه البيهقي 9/ 304 من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: أنَّ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَبحت عن حسن وحسين حين ولدتهما شاة، وحلقت شعورهما، ثم تصدقت بوزنه فضة. فوافق حسين بن زيد في ذكر جد جعفر بن محمد فقط، ولكن الظاهر أن ذكره وهمٌ:

فقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 354 عن خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه مرسلًا، كلفظ القعنبي، فلم يذكر فيه جدَّ جعفر بن محمد ولا عليَّ بن أبي طالب.

وأخرجه مالك 2/ 501، ومن طريقه ابن سعد 6/ 354 و 355، وأبو داود في "المراسيل"(380)، والبيهقي في "الكبرى" 9/ 403، وفي "شعب الإيمان"(8262)، وفي "معرفة السنن والآثار"(19142)، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة"(2819)، وأخرجه ابن سعد 6/ 354، والدولابي =

ص: 767

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في "الذُّرّية الطاهرة"(146) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض، وابن أبي الدنيا في "العيال"(49) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وأبو طاهر السِّلَفي في "معجم السَّفَر"(1134) من طريق سفيان الثوري، كلهم (مالك وأنس بن عياض ويحيى القطان والثوري) عن جعفر بن محمد، عن أبيه، مرسلًا، من فعل فاطمة. أما مالك فلفظه: وزنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين وزينب وأم كلثوم، فتصدقت بزنة ذلك فضة. ولفظ أنس بن عياض: أنَّ فاطمة حلقت حسنًا وحسينًا يوم سابعهما، فوزنت، شعرهما، فتصدقت بوزنه فضة. ونحوه لفظ الثوري غير أنه لم يذكر يوم السابع، ولفظ يحيى القطان: أنَّ فاطمة كانت تعقُّ عن كل ولد لها شاة، وتحلق رأسه يوم السابع، وتتصدق بوزنه ذهبًا. كذا وقع في رواية يحيى القطان بذكر الذهب بدل الفضة، وهو مخالفٌ لسائر روايات الخبر فلا اعتداد به.

وأخرج ابن أبي الدنيا (51) من طريق خارجة بن مصعب عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحُسين بكبش كبش وحلق رؤوسهما يوم السابع، وتصدق بوزن شعرهما وَرِقًا، فأعطى الرّجُلَ القابلة. فوافق حسين بن زيد في رفع الخبر، بل جعله من فعل النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، مع موافقته السائر أصحاب جعفر في إرساله، ولكن خارجة هذا متروك واهٍ.

وأخرجه مالك 2/ 501، ومن طريقه ابن سعد 6/ 354، والبيهقي في "الكبرى" 9/ 299 عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن وعبد الرزاق (7974)، وابن سعد 6/ 355، وابن أبي الدنيا في "العيال"(80) من طريق عمرو بن دينار، وعبد الرزاق (7973) عن ابن جريج، وابن أبي شيبة 8/ 241 من طريق عبد الملك بن أعين أربعتهم عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، مرسلًا. أما لفظ عمرو بن دينار فهو: كانت فاطمة إذا وَلَدَت حلقت شعره، ثم تصدقت بوزنه وَرقًا. ونحوه لفظ ابن جريج، وأما ربيعة فقال: وزَنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين، فتصدقت بوزنه فضة. وأما ابن أعين فلفظه: كانت فاطمة تعقُّ عن ولدها يوم السابع، وتسميه، وتختنه، وتحلق رأسه، وتتصدق بوزنه وَرِقًا. وزاد ابن جريج في روايته: قالت يعني فاطمة: وكان أبي يفعل ذلك. تعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك في ولده.

وخالفهم عبدُ الله بن أبي بكر عند الترمذي (1519) وغيره من طريق محمد بن إسحاق، عنه، عن محمد بن علي بن الحسين، عن عليّ بن أبي طالب قال: عَقَّ رسولُ الله عن الحَسَن بشاةٍ، وقال: يا فاطمة احلِقي رأسَه، وتصدقي بزِنَةِ شعره فضة" قال: فوزنته، فكان وزنه درهمًا أو بعض درهم. كذا رفعه وجعله من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحَسَن بن علي فقط، وذكر في إسناده عليّ بن أبي طالب، ورجاله لا بأس بهم، لكن قال الترمذي بعد أن حَسَّنه: إسناده ليس بمتصل، وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسين لم يدرك علي بن أبي طالب. قلنا: وفيه أيضًا عنعنةُ محمد =

ص: 768

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4889 -

أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد العَنزَي، حدثنا عثمان بن سعيد الدِارمي، حدثنا أبو اليَمَان، حدثنا إسماعيل بن عيّاش، حدثنا عطاء بن عَجْلان، عن عِكْرمة، عن ابن عبّاس، عن أم الفضل، قالت: دَخَل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أُرضِعُ الحُسين بن علي بلبن ابنٍ كان يقال له: قُثَم، قالت فتناولَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فناولتُه إياه، فبالَ عليه، قالت: فأهوَيْتُ بيدي إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تُزْرِمي ابني"، قالت: فرشَّه بالماء.

قال ابن عباس: بَولُ الغلام الذي لم يأكل يُرَشُّ، وبول الجارية يُغسلُ

(1)

.

= ابن إسحاق - وهو ابن يَسَار المطلبي - فقد كان مدلسًا، ولم يقع لنا في شيء من طرقه تصريحه بالسماع.

وأخرج منه إعطاء القابلة رجلَ العقيقة: ابن أبي شيبة 8/ 242، وأبو داود في "المراسيل"(379)، والبيهقي 9/ 302 من طريق حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه مرسلًا: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالعقيقة التي عقَّتها فاطمة عن الحسن والحسين يبعثوا إلى القابلة منها برِجْلٍ، قال:"ولا يُكسر فيها عظم".

ويشهد لرواية حسين بن زيد المرفوعة في أمر فاطمة بالتصدق بوزن شعر ولدها فضةً: حديثُ أبي رافع عند أحمد 39 / (23877)، و 45 / (27183) و (27196): أنَّ الحسن بن عليٍّ لما ولد أرادت أمُّه فاطمة أن تعُقَّ عنه بكبشين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تعُقِّي عنه، ولكن احلِقي شعر رأسه، ثم تَصدَّقي بوزنه من الوَرِق في سبيل الله"، ثم وُلد حسين بعد ذلك، فصنعت مثل ذلك. وإسناده ضعيف.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل عطاء بن عَجْلان فهو متروك الحديث وكذّبه بعضهم. وقد روى حُسين بن عبد الله الهاشمي عن عكرمة عن ابن عبّاس عن أم الفضل: أنها جاءت بابنتها أم حبيب بنت عبّاس - وقيل: أم حبيبة - فوضعتها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبالت

فذكر نحو هذه القصة لكن بسياق مغاير بعض الشيء، وحسين الهاشمي ليس بالقوي، ولكنه أحسن حالًا من عطاء بن عَجْلان، فالظاهر أنَّ عكرمة إنما روى قصة أم حبيب بنت العباس. أبو اليمان: هو الحكم بن نافع البَهْراني.

أما حديث حسين الهاشمي، فقد أخرجه أحمد 4/ (2750)، والطبراني في "الكبير" 25/ (16) =

ص: 769

هذا حديث قد رُوي بأسانيد، ولم يُخرجاه، فأما إسماعيل بن عيّاش وعطاء بن عجلان، فإنهما لم يُخرجاهما.

4890 -

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن الخُراساني ببغداد، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يزيد الرِّياحي، حدثنا عبد العزيز بن أبان، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي بن أبي طالب، قال: لما وَلَدَت فاطمةُ الحَسنَ، جاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:"أَرُون، ابنى ما سَمَّيتموه؟ "، وذكر الحديث

(1)

.

هذا آخر ما أدَّى إليه الاجتهادُ من ذكرُ مَناقِب أهلِ بيتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالأسانيد الصحيحة، مما لم يُخرجه الشيخان الإمامان، وقد أمليتُ ما أدَّى إليه اجتهادي من فضائل الخلفاء الأربعة وأهلِ بيت رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ما يصحُّ منها بالأسانيد.

ثم رأيتُ الأَولَى لنَظْمِ هذا الكتابِ الترتيبَ بعدَهم على التواريخ للصحابة رضي الله

= من طريق حسين بن عبد الله الهاشمي، عن عكرمة عن ابن عبّاس عن أم الفضل، قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بأم حبيب بنت العباس، وهي صبيّة، فوضعتها في حَجْر النبي صلى الله عليه وسلم، فبالت، فلكمتُ في ظهرها، ثم احتملتُها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مَهْ" ثم دعا بقدح من ماء فصبّه على مَبالِها، ثم قال:"اسلُكوا بالماء في سبيل البول"، هذا لفظ الطبراني.

وأما قصة الحُسين بن علي، فقد أخرجها أحمد 44 / (26875)، وابن ماجه (3923) من طريق قابوس بن أبي المخارق، وأحمد (26877) من طريق أبي عياض، و (26878) من طريق عبد الله بن الحارث، ثلاثتهم عن أم الفضل وإسناد عبد الله بن الحارث صحيح. وقد وقع في بعض نسخ "المسند" في الموضعين الأول والثالث ذكرُ الحَسَن بدل أخيه الحُسين، وهو خطأ كما تقدم التنبيه عليه برقم (4878). وقول ابن عباس في آخره هنا عند المصنف وقع في الروايات الثلاثة عن أم الفضل مرفوعًا من قوله صلى الله عليه وسلم.

وتقدَّم مختصرًا عند المصنف برقم (597) من طريق قابوس بن أبي المخارق عن أم الفضل لبابة بنت الحارث.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل عبد العزيز بن أبان - وهو ابن محمد الأموي - فهو متروك واتهمه بعضهم، لكن تقدَّم الحديث برقم (4829) من طريق عُبيد الله بن موسى العبسي عن إسرائيل - وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السَبيعي - وهو حديث منكر كما تقدَّم بيانه.

ص: 770

عنهم أجمعين من أولِ الإسلام إلى آخر من مات منهم، والله المُعِينُ على ذلك برحمتِه.

‌فمنهم: إياس بن معاذ الأشهلي رضي الله عنه تُوفي بمكة قبل الهجرة

4891 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني الحُصين بن عبد الرحمن بن سعد بن معاذٍ أخو بني عبد الأشهَل

(1)

، عن محمود بن لَبيدٍ أخي بني عبد الأشهَل

(1)

، قال: لما قَدِمَ أبو الحَيْسَر أنس بن رافع مكةَ، ومعه فِتيةٌ من بني عبد الأشهل فيهم إياس بن معاذ، يَلتمِسُون الحِلْفَ من قريش على قومهم من الخزرج، فسمع بهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم فجلس إليهم، فقال:"هل لكم إلى خيرٍ ممّا جئتُم له؟ " قالوا: وما ذاك؟ قال: "أنا رسولُ الله، بَعَثني الله إلى العباد أدعُوهم إلى أن يعبدوا الله ولا يُشرِكوا به شيئًا، وأنزلَ عليَّ الكتاب"، ثم ذكرُ لهم الإسلامَ، وتلا عليهم القرآنَ، فقال إياس بن معاذ وكان غلامًا حَدَثًا: أيْ، قومِ هذا واللهِ خيرٌ ممّا جئتُم له، قال: فيأخُذُ أبو الحَيْسَر حفنةً من البَطْحاء، فضرب بها وجهَ إياس بن معاذ وقال: دَعْنا منك، فلَعَمْرِي لقد جئنا لِغيرِ هذا، فصَمَت إياسٌ، فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فانصرفوا إلى المدينة، فكانت وقعةُ بُعاثٍ بين الأوس والخَزرج، قال: ثم لم يَلبَث إياسُ بن مُعاذ أن هَلَكَ. قال محمود بن لَبيد: فأخبرني من حَضَره مِن قومي عند موته: أنهم لم يزالوا يسمعونه يُهلِّل الله ويُكبِّرُه ويَحمده ويُسبِّحُه حتى مات قال: فما كانوا يشُكُّون أن قد مات مسلمًا، لقد كان استشعرَ الإسلامَ في ذلك المجلسِ حين سمعَ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ما سمعَ

(2)

.

(1)

وقع في النسخ الخطية في الموضعين أبي عبد الله الأشهلي، بدل: بني عبد الأشهل، وهو تحريف لا محالة.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يَسَار المطلبي - والحصين بن عبد الرحمن فهما صدوقان حسنا الحديث، ومحمود بن لبيد صحابيٌّ صغير. =

ص: 771

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

‌ومنهم: البراء بن مَعْرُور بن صخر بن خَنْساء أولُ نَقيبٍ كان في الإسلام رضي الله عنه

-

4892 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بَطّة الأصبهاني، حدثنا الحسن بن جَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، عن محمد بن عمر، عن يحيى بن عبد الله بن أبي قَتَادة، عن أبيه، عن جده، قال: كان موتُ البَراء بن مَغرور في صَفَر قبل قُدوم النبي صلى الله عليه وسلم بشهر. وكان أول من تكلم من النُّقَباء

(1)

.

4893 -

أخبرني الحسين بن علي التميمي، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين، حدثنا عمرو بن زُرَارة، حدثنا زياد بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق، عن عِكْرمة، عن ابن عبّاس، قال: كان البَراء بن مَعْرُورٍ أولَ من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في البَيعة له ليلةَ العَقَبة في السبعين من الأنصار، فقام البَراء بن مَعْرُورٍ فَحَمِدَ الله وأثنى

= وأخرجه أحمد 39 / (23619) من طريق إبراهيم بن سعد الزُّهْري، عن محمد بن إسحاق، به.

(1)

محمد بن عمر - وهو الواقدي - متابع والإسناد إليه، معروف، وقد تقدم الكلام عليه عند الحديث (4060). وقوله: وكان أول من تكلم من النقباء من قول الواقدي.

وأخرجه ابن سعد 3/ 572 عن محمد بن عمر الواقدي، بهذا الإسناد. وذكر قول الواقدي بعده بقليل.

فأما وفاة البراء بن معرور قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم فتقدم عند المصنف برقم (1321) من طريق عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوردي، عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة، به. وفيه زيادة أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب فصلَّى عليه ودعا له، يعني: صلَّى على قبره، لكن ليس فيه أنَّ موت البراء كان قبل شهر من قدومه صلى الله عليه وسلم.

وأما كون البراء بن معرور أولَ من تكلَّم من النقباء، يعني ليلة العقبة، فيشهد له حديث كعب بن مالك عند أحمد 25/ (15798) وغيره بإسناد حسنٍ، وفيه أيضًا أنَّ البراء بن معرور أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبايعًا. فهو أول من تكلم وأول من بايع، كما يشهد له ما بعده أيضًا.

ص: 772

عليه، ثم قال: الحمدُ لله الذي أكرمَنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وجاءنا به، وكنا

(1)

أول من أجاب، وآخرَ من دعا، فأجبنا الله عز وجل وسمعنا وأطعْنا، يا معشر الأوس والخزرج قد أكرمكم الله تعالى بديِنه، فإن أخذتُم السمْعَ والطاعةَ والمؤازرةَ بالشكر، فأطيعوا الله ورسوله، ثم جَلَسَ

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

‌ومنهم: خَديجة بنت خُوَيِلد بن أسَد بن عبد العُزّى رضي الله عنها

4894 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا علي بن الحسن الهِلالي، حدثنا مُعلَّى بن أسد العَمِّي، حدثنا حمادٌ والربيع بن بدر، عن أبي الزُّبَير، عن جابر، قال: استأجَرَتْ خَدِيجَةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم سَفْرتين إلى جَرَش، كلَّ سفرةٍ بقَلُوصٍ

(3)

.

(1)

في (ز) و (ب): وكان.

(2)

إسناده حسن لولا عنعنة محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار المطلبي - ويشهد لكون البراء بن معرور أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبايعًا له حديث كعب بن مالك عند أحمد 25 / (15798) وغيره بإسناد حسن.

وأما مقالة البراء بن معرور المذكورة، فجاءت في رواية كعب بن مالك بلفظ مغاير، فإن صحَّ حديث ابن عبّاس حُمل على أنَّ البراء قال كلتا المقالتين، والله تعالى أعلم.

وقد أورد ابن سعد في "طبقاته" 3/ 571 مثل هذه الرواية التي هنا في مقالة البراء بن معرور، لكن بغير إسناد.

(3)

إسناده ضعيف من أجل عنعنة أبي الزُّبَير - وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي وتفرُّده به، فإنه لم يرد ذكرُ هاتين السفرتين له صلى الله عليه وسلم إلَّا من حديثه، والربيع بن بدر - وإن كان ضعيفًا متروكًا - قد تابعه كما وقع للمصنف حمادٌ - وهو ابن زيد - فإنَّ معلَّى بن أسد له رواية عن حماد بن زيد، وحماد بن زيد له رواية عن أبي الزُّبير، وليس هو حمادَ بن مسعدة كما ظنه الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الضعيفة"(1483)، لأنَّ حماد بن مسعدة يَصغُر عن إدراك أبي الزُّبَير المكي، وحماد بن زيد أكبر منه، وعلى أي حال فيبقى الشأنُ في عنعنة أبي الزُّبَير وتفرّده به.

وأخرجه البيهقي 6/ 118 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد. =

ص: 773

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4895 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن خالد بن خَلِيّ الحمصي، حدثنا الحجّاج بن أبي مَنيع، حدثني جدي عبيد الله بن أبي زياد، عن الزُّهْري، قال: إنَّ أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجةُ بنتُ خويِلدِ بن أَسَدِ بن عبد العُزّى، تزوَّجها في الجاهلية، وأنكحَها أبوها خُوَيلدُ بن أسَد

(1)

.

4896 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي، حدثني داود بن محمد بن أبي مَعْشَر، عن أبيه، عن جدِّه، قال: تُوفّيت خديجةُ قبلَ الهجرة بسنةٍ

(2)

.

4897 -

أخبرني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أحمد بن محمد بن أيوب، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن

= وأخرجه البيهقي 6/ 118 من طريق محمد بن فُضيل، وابن ناصر الدين في "جامع الآثار" 3/ 552 - 553 من طريق عاصم بن علي، كلاهما عن الربيع بن بدر وحده به ولفظ حديث ابن فضيل مرفوعًا من النبي صلى الله عليه وسلم:"آجرتُ نفسى من خديجة سفرتين بقَلُوص".

قال ابن القيم في "الزاد" 1/ 161: إن صحَّ الحديث فإنما جَرَش بفتح الجيم والراء، وهو بلد بالشام.

(1)

إسناده جيد إلى الزهري.

وأخرجه البيهقي،707، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 177 من طريقين عن الحجاج بن أبي منيع، به.

(2)

قد خولف أبو معشر - وهو نَجيح بن عبد الرحمن السِّنْدي - في هذا التاريخ، خالفه عروة بن الزبير - وخديجة عمّة أبيه - عند البخاري (3896) وغيره، فذكر أن وفاةَ خديجة كانت قبل مخرجه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين.

وكذلك قال حكيم بن حزام، وهو ابن أخي خديجة أنها توفيت قبل الهجرة بسنوات ثلاث كما رواه ابن سعد في "الطبقات" 10/ 19 عن شيخه الواقدي بإسناده إلى حكيم بن حزام.

وكذلك قال ابن إسحاق كما سيأتي عند المصنف بعده. فهذا هو الصحيح في تاريخ وفاة خديجة، كما جزم به ابن حبان في "صحيحه" بإثر (7010)، ومجدُ الدين بن الأثير في قسم التراجم من "جامع الأصول" 12/ 96، وكذلك أخوه عز الدين في "أسد الغابة" 6/ 85، والنووي في "تهذيب الأسماء واللغات"، وابن حجر في "الفتح" 11/ 251.

ص: 774

إسحاق: أنَّ أبا طالب وخَديجة بنت خُويلد هَلَكا في عام واحدٍ، وذلك قبلَ مُهاجَر النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاثِ سِنين، ودُفنت خَديجةُ بالحَجُون، ونزل في قبرها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وكان لها يومَ تزوَّجَها ثمان وعشرون سنةً. قال محمدٌ: وكُنية خديجة رضي الله عنها أمُّ هند، وكان لها ابنٌ وابنةٌ حيث تزوجها رسول الله، وأمُّ خديجة فاطمةُ بنت زائدة بن الأصَمّ، وأمُّها هالة بنت عبد مَناف

(1)

.

4898 -

حدثني أبو الوليد الإمام، حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، حدثنا محمد بن إسحاق المُسيَّبي، حدثني عبد الله بن محمد بن يحيى بن عُروة بن الزُّبير، عن هشام بن عُرْوة، قال: توفيت خديجةُ بنت خويلد رضي الله عنها وهي ابنةُ خمس وستين سنة

(2)

.

(1)

وروي عن حكيم بن حزام عند ابن سعد 10/ 19 نحو هذا الذي قاله محمد بن إسحاق هنا، إلَّا في سنّ خديجة لما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يذكره حكيم بن حزام، وقد روي مثل قول ابن إسحاق في سنها يوم تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن عبّاس عند ابن سعد 10/ 18، لكن بسند واهٍ إليه.

والمشهور في سنها يوم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كانت ابنة أربعين سنة، كذلك رواه الواقدي من طرق عند ابن سعد 10/ 18 و 206، وقال: ونحن نقول ومن عندنا من أهل العلم: إنَّ خديجة كانت يوم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت أربعين سنة.

وأما ولد خديجة من غير النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ابن سعد 10/ 16 أنَّ خديجة ولدت لأبي هالة ولدين هما هند وهالة، ولعَتيق بنتًا هند، فلها ولدان وابنة، وانظر تراجمهم في "الإصابة" لابن حجر 6/ 517 و 557 و 8/ 157. وذكر الزبير بن بكار فيما أسنده عنه أبو نُعيم في "المعرفة" (7360) أنَّ الثلاثة ذكورٌ.

(2)

عبد الله بن محمد بن يحيى بن عُرْوة بن الزُّبير متروك الحديث، لكن روي مثل هذا القول عن حكيم بن حزام عند ابن سعد 10/ 19 وأسنده أيضًا عن غيره، كل ذلك عن شيخه محمد بن عمر الواقدي، وبه جزم الواقديُّ. ونحوه قال الزبير بن بكار، فقد نقل عنه ابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 80، والذهبي في "تاريخ الإسلام" 1/ 615: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة وعمرها حينئذٍ أربعين سنة، وأقامت معه أربعًا وعشرين سنة.

وصحَّح مصعب بن عبد الله الزبيري فيما أسنده عنه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 70 - 71: =

ص: 775

هذا قولٌ شاذٌّ، فإنَّ الذي عندي أنها لم تبلغ ستين سنةً.

4899 -

حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن يونس القُرشي، حدثنا أبو زيد سعيد بن أَوس، حدثنا شُعْبة، عن الحَكَم عن مِقْسَم، عن ابن عبّاس، قال: وَلَدت خَديجةُ لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم غُلامَين وأربعَ نِسوةٍ: القاسمَ وعبدَ الله، وفاطمةَ وزينبَ ورقيّةَ وأمَّ كُلْثوم

(1)

.

4900 -

حدثني بُكير بن أحمد الحدّاد الصُّوفي بمكة، حدثنا سَهْل بن سليمان النِّيلِي بواسط، حدثنا منصور بن المُهاجِر، حدثنا محمد بن الحجّاج، حدثنا سفيان بن حُسين، عن الزُّهْري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحمدُ لله الذي أطعَمني الخَمِيرَ، وألبَسَني الحَريَر، وزوَّجني خديجةَ، وكنتُ لها عاشِقًا"

(2)

.

4901 -

أخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمَسي، حدثنا الحسين بن حُميد بن الربيع، حدثنا مُخوَّل بن إبراهيم النَّهْدي، حدثنا عبد الرحمن بن الأسود، عن محمد بن عُبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده أبي رافع: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى يومَ الاثنين، وصلَّت معه خَديجةُ، وإنه عَرَض على عليٍّ يومَ الثلاثاء الصلاةَ فأسلمَ، وقال: دَعْني أُؤامِرْ أبا طالب في الصلاة، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هو: "إنما هو أمانةٌ" قال: فقال عليٌّ: فأُصلِّي إذًا، فصلَّى مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يومَ الثُّلاثاء

(3)

.

= أنها بلغت خمسين سنة، وهذا غريب.

وحُكم المصنف على رواية الخمس والستين بالشذوذ لا محلَّ له.

(1)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن يونس القرشي - وهو الكديمي - وقد تابعه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان الكوفي فيما تقدَّم عند المصنف برقم (4813)، لكن أبا شيبة هذا متروك الحديث، فلا اعتداد بمتابعته. غير أنَّ هذا الخبر. وإن كان هذا حال أسانيده عن ابن عبّاس - مشهور معروف، كما تقدَّم بيانه عند الطريق المشار إليها.

(2)

موضوع، محمد بن الحجاج - وهو اللخْمي الواسطي - كذّاب وضّاع، وانظر "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي (2928).

(3)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل محمد بن عُبيد الله بن أبي رافع فإنه متروك، وبه أعلَّه الذهبي =

ص: 776

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ مفسَّر عن أولاد عَفيف بن عمرو:

4902 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن حنبل وزهير بن حرب، قالا حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن أبي الأشعث، عن إسماعيل بن إياس بن عفيف، عن أبيه، عن جده

(1)

عَفيف بن عمرو، قال: كنتُ امرَأً تاجرًا

= في "تلخيصه"، وعبد الرحمن بن الأسود - وهو اليَشكُري - مجهول لكنه متابع، فيبقى الشأنُ في ابن أبي رافع.

وأخرجه أبو بكر الباغندي في "أماليه"(80) عن مُخوَّل بن إبراهيم، بهذا الإسناد. مختصرًا دون ذكرُ مقالة عليٍّ وجواب النبي صلى الله عليه وسلم له.

وأخرجه كذلك مختصرًا البزار (3871)، والطبراني في "الكبير"(952)، وأبو الحسن الخِلَعي في "الخِلَعيات"(675)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 889، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 22/ 27 و 28، وابن سيد الناس في "عيون الأثر" 1/ 110 - 111 من طريق علي بن هاشم بن البَريد، عن محمد بن عُبيد الله بن أبي رافع، به.

وانظر ما سلف برقم (4637) و (4702).

قوله: أُؤامِر، أي: أُشاوِر.

(1)

وقع في نسخ "المستدرك" وفي "تلخيصه" للذهبي: محمد بن إسحاق عن إسماعيل بن عمرو بن عفيف عن جدِّه عفيف بن عمرو، فأُبدل اسم إياس والد إسماعيل إلى عمرو، وسقط اسم والد إسماعيل من الإسناد، فصارت رواية إسماعيل عن جدِّه مباشرة، وسقط أيضًا اسم يحيى بن أبي الأشعث، وكذلك جاء في "إتحاف المهرة" لابن حجر (13849)، ومن قبله جاء في نسخة "المستدرك" التي اعتمدها الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 459، ممّا يعني أن هذا خطأ قديم، وربما يكون كذلك وقع للحاكم، أصلًا، وعلى أي حالٍ فلا بد من تصحيح هذا الخطأ، وقد تمَّ تصحيحه من "المسند" لأحمد بن حنبل 3 / (1787)، ومن المصادر التي خرَّجت هذا الخبر من طريق زهير بن حرب مثل "التاريخ الكبير" لأحمد بن زهير بن حرب في السفر الثالث منه (388)، و "المعجم الكبير" للطبراني (18/ 1811)، و"الضعفاء الكبير" للعقيلي (95)، وكذلك رواه عن يعقوب بن إبراهيم بن سعدٍ جماعةٌ من الثقات الحفاظ غير أحمد وزهير بن حرب، وكذلك رواه عن محمد =

ص: 777

وكنت صديقًا للعباس بن عبد المطَّلب في الجاهلية، فقدمتُ لِتجارةٍ فنزلتُ على العباس بن عبد المطلب بمِنًى، فجاء رجلٌ فنَظَر إلى الشمس حين مالَتْ، فقام يُصلِّي، ثم جاءت امرأةٌ فقامت تُصلّي، ثم جاء غُلامٌ حينَ راهَقَ الحُلُمَ فقام يُصلِّي، فقلت للعباس: من هذا؟ فقال: هذا محمدُ بن عبد الله بن عبد المُطّلب ابن أَخِي يَزْعُم أنه نبيٌّ، ولم يتابعْه على أمره غيرُ هذه المرأةِ وهذا الغلامِ، وهذه المرأةُ خديجةُ بنتُ خُويلِد امرأتُه، وهذا الغلام ابن عمِّه عليُّ بن أبي طالب. قال عَفِيف بن عَمرو - وأسلمَ وحَسُنَ إسلامه -: لوَدِدتُ أني كنتُ أسلمتُ يومئذٍ، فيكونَ لي رُبعُ الإسلامِ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4903 -

حدثني علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا يزيد بن الهيثم الدَّقّاق، حدثني محمد بن إسحاق المُسيَّبي، حدثنا عبد الله بن معاذ الصَّنْعاني، حدثني مَعمَر بن راشد، عن الزُّهْري، قال: أخبرني عُرْوة بن الزبير، عن عائشةَ زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: أولُ ما بُدئ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم منِ الوحي الرؤيا الصادقةُ في النوم، كان لا يرى رؤيا إلَّا جاءتْه مثلَ فَلَقِ الصُّبحِ، ثم حُبِّبَ إليه الخَلَاءُ، فكان يأتي جبلَ جِراءٍ فيتحنَّث - وهو التعبُّد -

= ابن إسحاق يونسُ بنُ بكير، فهذا المثبت هو الصواب لا محالة.

(1)

إسناده ضعيف، يحيى بن أبي الأشعث ومَن فوقه مجاهيل. ومع ذلك حسَّنه ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 588.

والخبر في "مسند أحمد بن حنبل" 3/ (1787) عن يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (8337) من طريق أسد بن عبد الله البجلي عن يحيى بن عفيف، عن عفيف. وهذا إسناد ضعيف، فأَسدٌ هذا لا يُعرَف في باب الرواية، وليَّنه الحافظ ابن حجر في "التقريب".

وروي عن ابن مسعود نحو من هذه القصة عند يعقوب بن شيبة السدوسي كما في "سير أعلام النبلاء" 1/ 463، والطبراني في "الكبير"(10397)، وابن عساكر 33/ 66 - 67، لكن في إسناده بشر بن مِهْران الخصّاف، وهو ضعيف منكر الحديث، وذكر ابن أبي حاتم أنَّ أباه كتب عنه ثم تركه.

ص: 778

حتى فاجأَه الحقُّ وهو في غار حِراءٍ فجاءه الملَكُ فيه، فقال: اقرأْ، قال:"فقلت: ما أنا بقاريٍ، قال: فأخذني فغَطَّني حتى بلَغَ مني الجَهْدَ، ثم أرسلَني، فقال لي: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}، قال: فرجَعَ بها تَرجُفُ بَوادِرُه، حتى دخل على خديجةَ، فقال: "زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي" فَزَمَّلوه حتى ذهب عنه الرَّوعُ، فقال: "يا خديجةُ، ما لي؟ " فأخبرَها الخبرَ، وقال: "قد خَشِيتُ عَلَيَّ" فقالت له: كلَّا أَبشِرْ، فواللهِ لا يُخزِيكَ اللهُ أبدًا، إنك لتَصِلُ الرحِمَ، وتَصدُقُ في الحديث، وتَحمِلُ الكَلَّ، وتَقرِي الضَّيف، وتُعينُ على نَوائبِ الحقِّ، ثم انطلَقتْ به خديجةُ حتى أتت به وَرَقةَ بنَ نَوفلِ بن أسد بن عبد العُزّى بن قُصي، وهو عمُّ خديجةَ أخو أبيها، وكان امرَأً تَنصَّر في الجاهلية، وكان يكتُب العربيةَ ويكتبُ بالعربيةَ من الإنجيل ما شاء الله أن يَكتبَ، وكان شيخًا كبيرًا قد عَمِي، قالت خديجةُ: أيْ عمِّ، اسمَعْ من ابن أخيك، قال ورقةُ بن نَوفَل: يا ابن أخي، ماذا تَرى؟ فأخبَرَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خبرَ ما رأى فقال ورقةُ: هذا الناموسُ الذي أُنزل على موسى صلى الله عليه وسلم،

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 43 / (25959)، والبخاري (4956) و (6982)، ومسلم (160)، وابن حبان (33) من طريق عبد الرزاق عن مَعمَر، بهذا الإسناد. وقد جاء عندهم جميعًا غير ابن حبان وصفُ ورقة بن نوفل بن أسد بأنه ابن عمّ خديجة، وأما ابن حبان فروايته تُوافق رواية المصنّف هنا بأنه عمُّها، وهو خطأٌ، لأنَّ سِياق نَسَب ورقة يقتضي أنه ابن عمها لا عمُّها، فإنَّ نوفلًا وخويلدًا أخوان، وما ورد في بعض الروايات عند من خرَّج الحديث من قول خديجة بعد ذلك: يا عمّ، فهو صحيح على إرادة التوقير كما قال الحافظ في "الفتح" 1/ 54، لكون ورقة كان أكبر سنًّا منها.

وأخرجه أحمد 42 / (25202) من طريق عبد الله بن المبارك، عن مَعمَر، به مختصرًا بذكر الرؤيا الصادقة.

وأخرجه أحمد 42/ (25202)، والبخاري (4953)، ومسلم (160) من طريق يونس بن يزيد =

ص: 779

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة!

4904 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا عبد الله بن أسامة الحَلَبي، حدثنا حجّاج بن أبي مَنيع، حدثني عُبيد الله بن أبي زياد، عن الزُّهْري، قال: كانت خديجةُ أولَ مَنْ آمَنَ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم من النساء

(1)

.

4905 -

أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، حدثنا جدِّي، حدثنا إبراهيم بن المُنذر، حدثني محمد بن فُلَيح، عن موسى بن عُقبة، عن ابن شِهَاب، قال: كانت خديجةُ أولَ منَ آمنَ بالله وصدَّق رسولَه صلى الله عليه وسلم قبلَ أن تُفرَضَ الصلاةُ

(2)

.

= الأيلي، وأحمد 43 / (25865)، والبخاري (3) و (3392) و (4953) و (4955) و (6982)، ومسلم (160) من طريق عُقيل بن خالد الأَيلي، والترمذي (3632) من طريق محمد بن إسحاق المطّلبي مولاهم كلهم عن الزُّهْري، به. ورواية محمد بن إسحاق مختصر بذكر الرؤيا الصادقة ومحبته صلى الله عليه وسلم للخلوة، ورواية يونس عند أحمد مختصرة بذكر الرؤيا الصادقة. وجاء في رواية يُونس وعُقيل وصف ورقة بأنه ابن عمِّ خديجة أخي أبيها، على الصواب.

وانظر ما تقدم برقم (2909).

قوله: "فَلَق الصبح" أي: ضوؤه وإنارته.

وقوله: "زمِّلوني" أي: غَطُّوني.

والكلّ، بفتح الكاف وتشديد اللام الأثقال والحوائج المهمة والعيال.

و "تَقري الضيف" بفتح التاء المثناة الفوقانية بلا همز ثلاثيًا، وسُمِع بضمها رباعيًا، أي: تُهيّئ له طعامه.

و"نوائب الحق" أي: حوادث الدهر.

(1)

إسناده جيد إلى الزهري.

وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 6/ 367 و 7/ 70 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدولابي في "الذرية الطاهرة"(16) عن أبي أسامة الحلبي، به.

وأخرجه البيهقي 7/ 70 من طريق يعقوب بن سفيان، عن الحجاج بن أبي منيع، به.

(2)

رجاله ثقات. وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه الكبير"(346)، وأخرجه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(7361) من طريق زيد بن الخليل، كلاهما (ابن أبي خيثمة وزيد بن الخليل) عن إبراهيم بن المنذر به. =

ص: 780

4906 -

حدثني أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدثنا سعيد بن عَجَب الأَنباري، حدثني محمد بن يحيى بن الضُّرَيس، حدثنا محمد بن جعفر، عن عبد الرحمن بن أبي الرِّجَال، عن أبي اليَقْظان عِمران بن عبد الله، عن رَبيعة السَّعْدي قال: أتيتُ حذيفة بنَ اليَمَان وهو في مسجدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعتُه يقولُ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خديجةُ بنتُ خُويلِدٍ سابقةُ نساءِ العالَمين إلى الإيمانِ بالله وبمحمَّد"

(1)

.

= وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 143 من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة موسى بن عقبة به.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة أبي اليَقْظان عمران بن عبد الله، وقد رُوي هذا الخبر من طريقين آخرين عن ربيعة السَّعْدي - وهو ابن شيبان أبو الحَوْراء - لكنهما واهيان جدًّا، وطريق المصنف أمثل منهما بكثير، وقد أورد الذهبي رواية المصنف هذه في "سير أعلام النبلاء" في ترجمة خديجة 2/ 116، وقال: في إسناده لين.

محمد بن جعفر: هو الفَيْدي، وسعيد بن عَجَب هو سعيد بن عبد الله بن محمد بن عَجَب، نُسب هنا لجدِّ أبيه.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ 172 - 173 ضمن حديث مطوّل من طريق شعيب بن ماهان، عن عمرو بن جُميع العبدي، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، عن ربيعة السعدي، عن حذيفة. وإسناده تالف، لأنَّ عمرو بن جُميع هذا متروك متَّهم.

وأخرج أبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في جامع المسانيد لابن كثير (2122)، و "المطالب العالية" للحافظ (4095) عن سليمان بن داود الشاذكوني، عن إسماعيل بن أبان، عن عطية بن يعلى، عن عبد الرحمن بن يزيد من ولد أبي هريرة، عن الضَّحّاك البناني، عن ربيعة السعدي، عن حذيفة بن اليمان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "

وخديجة بنت خويلد أول نساء المسلمين إسلامًا". وإسناده تالف بمرة، فالشاذكوني وإسماعيل بن أبان - وهو الغَنَوي الكوفي - متروكان متَّهَمان، وعطية بن يعلى ضعَّفه أبو الفتح الأزدي، والضحاك البُناني وعبد الرحمن بن يزيد مجهولان.

وأصحُّ من هذا الخبر حديث عائشة الذي أخرجه أحمد 21/ (24864)، والطبراني في "الكبير" 23 / (21)، وغيرهما من طريقين عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن خديجة:"آمنتْ إذ كفر بي الناس، وصدَّقَتْني إذ كذَّبني الناسُ"، وإسناد الطبراني حسنٌ.

ص: 781

4907 -

حدثنا

(1)

أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري، حدثنا عبد الله بن نُمير.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا وكيع وعبد الله بن نُمير، قالا حدثنا هشام بن عُرْوة [عن أبيه]

(2)

عن عبد الله بن جعفر، عن علي بن أبي طالب، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خيرُ نسائِها مريمُ بنتُ عِمران، وخيرُ نسائها خَديجة

(3)

.

قد اتفق البخاري ومسلم على إخراجه، وإنما أردتُ ما:

4908 -

أخبرَناه أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبو عمرو نصر بن علي، حدثنا وَهب بن جَرِير، حدثني أبي، عن محمد بن إسحاق، حدثني هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أُمِرتْ أن أُبشِّر خَديجةَ ببيتٍ في الجنة من قَصَب، لا صَخَبَ فيه ولا نَصَبَ"

(4)

.

(1)

من هذا الحديث وحتى الحديث (4916) جاءت في أصولنا الخطية مؤخرة إلى ما بعد الحديث (4927) بعد مناقب سعد بن خيثمة، وأبقيناها هاهنا كما وردت في المطبوعة الهندية، لأنها من تمام الأحاديث الواردة في مناقب السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها.

(2)

سقط ذكر عروة بن الزبير من أصولنا الخطية، فهو ثابت لجميع من خرَّج الخبر، وهو ثابت في رواية "مسند أحمد"، فلذلك أثبتناه.

(3)

إسناده صحيح عبد الله بن جعفر: هو ابن أبي طالب.

وهو في "مسند أحمد" 2/ (640) عن عبد الله بن نمير، و (1109) عن وكيع.

وقد تقدَّم برقم (3879) من طرق عن هشام بن عُرْوة.

(4)

حديث صحيح، وهذ إسناد حسنٌ من أجل محمد بن إسحاق - وهو المطّلبي صاحب السيرة - فهو صدوق، وقد صرَّح بسماعه، وهو متابع تابعه عُبيد الله ومحمد ابنا المنذر بن الزبير بن العوّام، وقد أشار إلى روايتهما الدارقطني في "علله"(312) و (3512)، غير أنهما جعلاه من رواية عبد الله بن جعفر - وهو ابن أبي طالب - عن علي بن أبي طالب، وهذا أشبه بالصواب، لأنَّ عبد الله بن جعفر من صغار الصحابة، وعلى أي حالٍ فلا يضر مثل هذا الاختلاف، لأنَّ قصارى ما فيه أن تكون رواية عبد الله بن جعفر مرسل صحابي، ومحمد بن المنذر قويّ الحديث، قال عنه =

ص: 782

4909 -

أخبرنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدَّثني هِشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُمِرتُ أن أُبَشِّرَ خَديجة ببيتٍ من قَصَب، لا صَخَبَ فيه ولا نَصَب"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

4910 -

أخبرني أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي،

= الدارقطني وأبو أحمد الحاكم: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات" وذكر أخاه عُبيدَ الله.

وقد جزم الدارقطني بأنَّ محمدًا وأخاه عُبيد الله قد أغربا بهذا الحديث، ولو استحضرَ الدارقطني رواية محمد بن إسحاق متابِعًا لهما لما جزم بذلك، والله أعلم.

وبناءً على ما كان يراهُ الدارقطنيّ رجَّحَ روايةَ جماعةٍ من الثقات لهذا الخبر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وهو الحديث الآتي عند المصنّف برقم (4914)، ولكن لما علمنا عدم انفراد ابني المنذر بن الزبير به عن هشام ومتابعة محمد بن إسحاق لهما اقتضى ذلك أن تكون كلتا الروايتين محفوظتين، خصوصًا وأنَّ عروة بن الزبير واسع الرواية، فلا يبعد سماعه لهذا الخبر من غير واحدٍ.

ومما يؤيد صحة ذلك أنَّ الزُّهْري روى هذا الخبر عن عروة بن الزبير مرسلًا، كما أخرجه معمر بن راشد في "جامعه"(20920)، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1574)، والدولابي في "الذرية الطاهرة"(34) و (35)، وأبو عوانة في "صحيحه"(229)، وابن منده في "الإيمان"(682) وغيرهم، فكأنَّ عروة لما رواه عن غير واحدٍ أراد الاختصار هنا فأرسله والله أعلم.

وأخرجه ابن حبان (7005) من طريق العبّاس بن عبد العظيم، عن وهب بن جَرِير بهذا الإسناد. وسيأتي بعده من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق.

وفي الباب عن أبي هريرة سيأتي برقم (4911).

وعن عبد الله بن أبي أَوفى عند أحمد 31 / (19128)، والبخاري (1792)، ومسلم (2433).

والقَصَب: لؤلؤ مجوَّف واسع، كالقصر المُنيف.

والصَّخَب: اختلاط الأصوات.

والنَّصَب: التعب.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن كسابقه. وهو في "مسند أحمد" 3/ (1758).

ص: 783

حدثنا عامر بن صالح بن عبد الله بن عُرْوة بن الزُّبير أبو الحارث، حدثني هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أُمرت أن أُبَشِّرَ خديجةَ ببيتٍ في الجنة من قَصَبٍ"

(1)

.

قال أبو عبد الرحمن

(2)

: فقلت لأبي: إنَّ يحيى بن مَعِين يَطُعن علي عامر بن صالح هذا، قال: يقول ماذا؟ قلت: رآه سمعَ من الحجّاج، قال: قد رأيتُ أنا حجاجًا يسمع من هُشيم، وهذا عيبٌ أن يسمعَ الرجلُ ممَّن هو أصغرُ منه أو أكبر؟!

4911 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن فُضيل عن عُمارة بن القَعْقاع، عن أبي زُرْعة، قال: سمعت أبا هريرةَ يقولَ: أتى جبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله، هذه خديجة قد أتتكَ ومعها إناءٌ فيه إدامٌ - أو طعامٌ أو شرابٌ - فإذا هي أتتكَ فاقرأ عليها السلامَ من ربِّها، وبَشِّرها ببيتٍ في الجنة من قَصَبٍ، لا صَخَبَ فيه ولا نَصَب

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة!

فأما قولُه صلى الله عليه وسلم: "بَشِّر خديجة" فقد اتفقا على حديث إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أَوفَى مختصرًا

(4)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل عامر بن صالح الزبيري، لكنه متابع كما سيأتي عند المصنف برقم (4914).

وهو في "مسند أحمد" 43 / (26381).

(2)

أبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن أحمد بن حنبل. وخبره هذا في "فضائل الصحابة" لأبيه (1587)، و "الكفاية" للخطيب البغدادي ص 110، و "تاريخ بغداد" له 14/ 152.

(3)

إسناده صحيح. أبو زُرعة: هو ابن عمرو بن جَرِير بن عبد الله البجلي.

وهو في "مسند أحمد" 12 / (7156). وزاد: السلام من ربّها ومنّي.

وأخرجه البخاري (3820) و (7497)، ومسلم (2432)، والنسائي (8300)، وابن حبان (700) من طُرق عن محمد بن فضيل، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(4)

أخرجه البخاري (1792)، ومسلم (2433).

ص: 784

4912 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا العبّاس بن محمد الدُّوري، حدثنا يونس بن محمد المؤدِّب، حدثنا داود بن أبي الفُرات، عن عِلْباء بن أحمرَ، عن عِكْرمة عن ابن عبّاس قال: خَطَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعةَ خُطوطٍ، وقال:"أَتَدْرُون ما هذا؟ فقالوا: الله ورسوله أعلمُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ نِساءِ أهل الجنة خديجةُ بنت خُويلِدٍ، وفاطمةُ بنت محمدٍ، ومَريمُ بنتُ عِمران، وآسِيةُ امرأةُ

(1)

فرعونَ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

4913 -

أخبرنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: وجدتُ في كتاب أبي بخَطّ يده: حدثنا سعد بن إبراهيم بن سعد ويعقوب بن إبراهيم، قالا: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شِهَاب، عن عُرْوة، قال: قالت عائشةُ لفاطمةَ بنتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: ألا أُبَشِّرُكِ؟ إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "سيداتُ نِساءِ أهل الجنة أربعٌ: مريمُ بنتُ عِمران، وفاطمةُ بنتُ رسولِ الله، وخديجةُ بنتُ خُويلِد، وآسيَةُ"

(3)

(1)

في: (ز) وأحسبه وامرأة فرعون، وكذلك كانت في (ص) و (م)، ثم عُدِّلت إلى: وآسية امرأةٍ فرعون، وأغلب الظن أنَّ هذا هو أصل العبارة ثم حُرِّفت، فلذلك أثبتناه على وَفْق ما عُدِّل، ويؤيده أنَّ غير واحدٍ ممن خرَّج الحديث ممن رواه من طريق يونس بن محمد المؤدِّب ذكروها جزمًا من غير شك، فقالوا: وآسية امرأة فرعون، فهو الصواب بلا ريب، وما عداه فتحريف.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي (8297) عن العبّاس بن محمد، بهذا الإسناد.

وقد تقدَّم برقم (4809) من طريق أحمد بن حنبل عن يونس بن محمد.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الصحيح أنه منقطع لا يصح فيه هنا ذكر ابن شهاب - وهو محمد بن مسلم الزُّهْري - ولا عروة - وهو ابن الزبير - فقد جاء هذا الخبر في "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل في موضعين (1336) و (1576) بهذا الإسناد بعينه وجِادةً عن صالح - وهو ابن كيسان - قال: يقال: قالت عائشة، فذكره

و "فضائل الصحابة" لأحمد يرويه أحمد بن جعفر القطيعي شيخ المصنف هنا، فظهر بذلك وهم رواية الحاكم، وأغلب الظن =

ص: 785

4914 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن زياد حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أبو عَمّار، حدثنا الفضل بن موسى حدثنا هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ما حَسَدتُ امرأةً ما حَسدتُ، خديجة، وما تَزوَّجني إلَّا بعدما ماتت، وذلك أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَشّرها ببيتٍ في الجنة من قَصَب، لا صَخَبَ فيه ولا نَصَب

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4915 -

أخبرنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي،

= أنه هو الواهم في ذلك رحمه الله.

ويشهد له حديث ابن عباس الذي قبله.

وحديث أنس بن مالك المتقدم برقم (4800).

(1)

إسناده صحيح محمد بن إسحاق: هو ابن خُزَيمة، وأبو عمار: هو الحُسين بن حُريث.

وأخرجه الترمذي (3876)، والنسائي (8304) عن أبي عمار الحُسين بن حُريث، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال من قَصَب، إنما يعني به قَصَب اللؤلؤ.

وأخرجه أحمد 40/ (24310) و (42/ 25658)، والبخاري (6004) و (7484)، ومسلم (2435) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، والبخاري (3816) من طريق الليث بن سعد، و (3817) من طريق حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، والبخاري أيضًا (5229)، والنسائي (8303) من طريق النضر بن شميل وابن ماجه (1997) من طريق عَبْدة بن سُليمان، كلهم عن هشام بن عروة به. بلفظ: ما غزت على امرأةٍ قط ما غِرْتُ على خديجة

ولم يذكر أحدٌ منهم عبارة: لا صَخَب فيه ولا نَصَب. وقد تابع الفضلَ بنَ موسى على هذه العبارة في حديث عائشة يونسُ بنُ بكير كما في "السنن الكبرى" للبيهقي 7/ 307، ودلائل النبوة" له أيضًا 2/ 351.

وأخرجه مختصرًا بذكر غَيرة عائشة من خديجة: أحمد 43 / (26387) عن عامر بن صالح الزبيري، والبخاري (3818)، ومسلم (2435)، والترمذي (2017) و (3875) من طريق حفص بن غياث، ومسلم (2435) من طريق أبي معاوية الضرير، والنسائي (8305) و (8864) من طريق حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، كلهم عن هشام بن عُرْوة به.

وسيأتي بعده من طريق معمر بن راشد عن هشام بذكر الغيرة دون البشارة.

وقد تقدَّم ذكرُ بشارة خديجة ببيت في الجنة برقم (4910) من طريق عامر بن صالح عن هشام بن عروة.

ص: 786

حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن الزُّهْري، عن عُرْوة، عن عائشة قالت: لم يتزوّج النبيُّ صلى الله عليه وسلم على خِديجةَ حتى ماتت قالت عائشة: ما رأيتُ خديجةَ قطُّ، ولا غِرتُ على امرأةٍ من نسائه أشدَّ من غَيْرتي على خديجةَ، وذلك مِن كَثْرة ما كان يَذُكرها

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

4916 -

أخبرني أحمد بن سهل الفقيه ببُخارى، حدثنا قيس بن أُنَيف، حدثنا قُتَيبة بن سعيد، حدثنا جعفر بن سُليمان، عن ثابت، عن أنس قال: جاءَ جبريلُ عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده خديجةُ، فقال: إنَّ الله يُقرئ خديجةَ السلامَ، فقالت: إنَّ الله هو السلامُ وعليك السلام ورحمة الله

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

‌ذكر مناقب أسعد بن زُرارة بن عُدَسَ بن عُبَيد بن ثَعلَبة بن غَنْم بن مالك بن النَّجّار رضي الله عنه

-

4917 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطّة، حدثنا الحسن بن جَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، حدثني عبد الرحمن بن أبي الرِّجال، قال:

(1)

إسناد صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همّام، ومعمر: هو ابن راشد، والزُّهْري: هو محمد بن مسلم بن عُبيد الله، وعروة: هو ابن الزبير بن العوام.

وأخرجه مسلم (2435) و (2436) عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وانظر ما قبله.

(2)

إسناده حسن، قيس بن أُنَيف روى عنه جمع من أهل بُخارى، ولم يؤثر فيه جرح ولا تعديل، وهو متابع، وجعفر بن سليمان - وهو الضُّبَعي - صدوق لا بأس به.

وأخرجه النسائي (8301) و (10134) من طريق عبد الرزاق، عن جعفر بن سليمان، به.

بلفظ: فقالت: إنَّ الله هو السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.

ولإقراء الله تعالى خديجة السلام دون جوابها شاهدٌ من حديث أبي هريرة تقدَّم برقم (4911).

ص: 787

مات أسعدُ بن زُرَارةً في شوّال على رأس تسعة أشهر

(1)

من الهجرة، ومسجدُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يُبنى يومئذ، وذلك قبل بدر، فجاءت بنو النجار إلى رسول الله - صلى الله صليه وسلم -، فقالوا: قد ماتَ نَقِيبُنا فنَقِّب علينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنا نقيبكم"

(2)

.

4918 -

قال ابن عُمر: وحدثنا عبد الجبار بن عُمارة، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حَزْم، قال: أولُ من دُفن بالبقيع أسعدُ بن زُرارةَ

(3)

.

4919 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا

(1)

وقع في أصولنا الخطية: على رأس تسعة عشر شهرًا، وهو خطأ صريح، وفي (ب) وحدها: تسعة أشهر، شهرًا، والصواب ما أثبتناه كما في "طبقات ابن سعد" 3/ 565 عن محمد بن عمر الواقدي، ولأنَّ مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بُني في هذا الوقت في السنة الأولى من الهجرة، وليس في السنة الثانية كما يقتضيه ما وقع في أصولنا الخطية، ثم لو صحَّ ما في أصولنا الخطية لكانت وفاة أسعد بن زرارة بعد غزوة بدر لا قبلها، لأنَّ قوله قبل ذلك في شوّال، مع قوله: تسعة عشر شهرًا، يلزم منه أن تكون وفاة أسعد بعد بدرٍ، لما هو معلوم أن غزوة بدر كانت في رمضان في السنة الثانية، ويؤيده أنَّ سعيد بن المسيب ومالك بن أنس وقتادة والزُّهْري ذكروا أنَّ بدرًا كانت لثمانية عشر شهرًا من الهجرة كما في "دلائل النبوة" للبيهقي 3/ 106 و 126، وقول سعيد بن المسيب أسنده مالك في موطئه" 1/ 196، وهو قول ابن إسحاق أيضًا كما في السفر الثالث من "لتاريخ الكبير" لابن أبي خيثمة (1436). وهو الذي جزم به محمد بن حبيب في "المحبَّر" ص 10، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" بإثر (748)، والبغوي في "شرح السنة 13/ 376 - 377، وقيل في تاريخ بدر غير ذلك، والمذكور هو الثَّبَت.

(2)

وهو في "طبقات ابن سعد" 3/ 611 عن محمد بن عمر - وهو الواقدي. ولم ينفرد به الواقدي، فقد روى ابن إسحاق في "السيرة" كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 507 - 508 نحوه عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري مرسلًا، لكن دون ذكرُ تاريخ وفاة أسعد بن زرارة.

(3)

وهو في "طبقات ابن سعد" 3/ 565 عن محمد بن عمر الواقدي، وقال الواقدي بإثره: هذا قول الأنصار، والمهاجرون يقولون: أول من دُفن بالبقيع عثمان بن مظعون. قلنا: كون عثمان بن مظعون أولَ من دفن بالبقيع أشهر وأثبت، رواه المُطَّلب بن عبد الله بن حَنْطَب عند ابن أبي شيبة 14/ 112، ورُوي عن علي بن أبي طالب عند البخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 177 وغيره.

ص: 788

يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي أُمامة بن سهل بن حُنَيف، عن أبيه أبي أُمامة، أنَّ عبد الرحمن بن كعب بن مالك أخبره قال: كنتُ قائدَ أَبي بعدما ذهبَ بصرُه، فكان لا يسمعُ الأذانَ بالجُمعة إلَّا قال: رحمةُ الله على أسعدَ بن زُرارةَ، فقلتُ بعد حينٍ: لو سألتُ أبي: ما شأنُه إذا سمع الأذانَ قال: رحمةُ الله على أسعدَ بن زُرارةَ؟ فقلت: يا أبتِ إنه لتُعجِبُني صلاتُك على أبي أُمامة كلما سمعتَ الأذانَ بالجمعة، قال: أيْ بُنيّ، كان أولَ من جَمَّع لنا الجمعةَ بالمدينةِ في هَزْمٍ من حَرّة بني بَيَاضةَ في نَقيعٍ

(1)

يقالُ له: الخَضِمات، قلت: وكم أنتم يومئذٍ؟ قال: أربعون رجلًا

(2)

.

4920 -

حدثني علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا أبو المثنَّى ومحمد بن أيوب، قالا: حدثنا مُسدَّد، حدثنا يزيد بن زُرَيع، عن مَعمَر، عن الزُّهْري، عن أنس: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَوَى أسعد بن زُرَارة من الشَّوكة

(3)

.

(1)

قال ابن الأثير في "جامع الأصول" 5/ (696): وقد يصحفه بعض الرواة فيرويه "البقيع" بالباء، وإنما البقيع مقبرة بالمدينة، وحرَّة بني بياضة على ميل من المدينة.

(2)

إسناده حسن من أجل ابن إسحاق: وهو محمد بن إسحاق صاحب السيرة.

وقد تقدَّم عنا عند المصنف برقم (1051) من طريق جَرير بن حازم عن محمد بن إسحاق.

(3)

صحيح لكن من رواية الزُّهْري عن أبي أمامة بن سهل بن حُنَيف مرسلًا، كذلك رواه جماعة أصحاب الزهري عنه منهم يونس بن يزيد الأيلي كما سيأتي برقم (7685)، وانفرد معمر وهو ابن راشد. يذكر أنس بدل أبي أمامة، وهو وهمٌ منه كما جزم به غير واحدٍ من أهل العلم، كأبي حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل"(2277)، والعبّاس بن يزيد البَحْراني فيما نقله عنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 59/ 392، والبزار في "مسنده"(6306)، والدارقطني في "العلل"(2619) وغيرهم.

ومع ذلك فقد حسَّن روايةَ رواية معمر بن راشد هذه الترمذيُّ (2050)، وصحَّحها ابن حبان (6080).

وسيتكرر عند المصنف برقم (8491) من طريق يحيى بن محمد بن يحيى عن مُسدَّد، ومن طريق أبي المثنّى عن محمد بن المنهال، كلاهما عن يزيد بن زُريع. وأبو المثنى هنا وفيما سيأتي: هو معاذ بن المثنى العنبري. =

ص: 789

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

4921 -

أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المزكّي وأبو الحُسين بن يعقوب الحافظ، قالا: حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا قُتَيبة بن سعيد، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن عُمارة، عن زينب بنت نُبَيط: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَلَّى أُمَّهَا وخالتَها، وكان أبوهما أبو أمامة أسعدُ بن زُرَارة، أوصى بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحَلّاهما رِعاثًا من تِبْرِ ذهبٍ فيه لُؤلؤ، قالت زينبُ: وقد أدركتُ الحُلِيَّ أو بعضَه

(1)

.

= وقد انفرد محمدُ بن عبد الرحمن بن أبي ذئب أيضًا من بين أصحاب الزُّهْري، فرواه عن الزُّهْري عن عروة عن عائشة. وصحَّحه كذلك ابن حبان (4825)، لكن قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 1/ 55: هو شاذٌّ.

ويشهد له حديثُ يحيى بن أسعد بن زُرارة الآتي عند المصنف برقم (7686). ورجاله ثقات. والشَّوكة: هي الذِّبحة، كما جاء في حديث يحيى بن أسعد بن زرارة المشار إليه، وهي قرحة تخرج في الحلق فينسدُّ معها، وينقطع النفَس فتقتِّل.

(1)

إسناده جيد من أجل محمد بن عُمارة - وهو ابن عمرو بن حزم فهو صدوق لا بأس به، ومن أجل زينب بنت نُبيط وهي امرأة أنس بن مالك، ولا تصح لها صحبة ولا رؤية كما قال الحافظ في "الإصابة 7/ 687، وهذا يقتضي أن تكون روايتها هذه مرسلة، لكن روى هذا الخبر عن حمد بن عُمارة جماعةٌ، فجعلوه من رواية زينب عن أمها، وبذلك يتصل الإسناد، كما أشار إليه الحافظ.

وأخرجه البيهقي 4/ 141 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 564 و 10/ 443، وابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ (2254)، وأسلم بن سهل بحشل في تاريخ واسط" ص 208، وأبو علي بن السكن في "الصحابة" كما في "الإصابة" لابن حجر 7/ 572 و 687، والطبراني في "الكبير" 24/ (735)، وابن مَنْدَه في "معرفة الصحابة" كما في الإصابة 7/ 572، وأبو نُعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (7655) و (7935)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 885 من طريق عبد الله بن إدريس، عن محمد بن عُمارة به.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3397)، والقاضي الحسين المحاملي في "أماليه" برواية ابن يحيى البيِّع (94)، والطبراني في "الكبير" 25/ (454)، وأبو نُعيم في "المعرفة"(7575) و (8089) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة الليثي، وابن مَنْدَه كما في "الإصابة" =

ص: 790

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

‌ومن مناقب عُبيدة بن الحارث بن عبد المُطّلب

4922 -

حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن سعد، عن محمد بن عُمر، قال: أولُ لِواءٍ عَقَدَه رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمزةَ بن عبد المطّلب، ثم لواء عُبيدة بن الحارث بن عبد المُطّلب إلى رابغٍ بين الجُحْفةِ وقُدَيدٍ

(1)

.

= 7/ 686 - 687، والبيهقي 4/ 141 من طريق عبد الله بن جعفر، والبيهقي 4/ 141 من طريق صفوان بن عيسى القرشي، وابن مَنْدَه كما في "الإصابة" 8/ 48 من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، أربعتهم عن محمد بن عُمارة، عن زينب بنت نُبيط، عن أمها، وقرن ابن أبي يحيى ومحمد بن عمرو في بعض رواياته بأمِّها أختها، أنهما حدّثتا زينب.

والرِّعاث: جمعُ رَعْثَة ورَعَثَة، وهو ما يُعلَّق بالأذن من قُرْطٍ ونحوه.

والتِّبْر: كل جوهر أرضي أو مُستخرج قبل أن يُصاغ، فأُضيف هنا إلى الذهب لتقييده به.

(1)

وهو (1) وهو في "مغازي محمد بن عمر الواقدي" 1/ 2 عن شيوخه، وهو أيضًا في "طبقات محمد بن سعد" 3/ 15 عن محمد بن عمر الواقدي عن معاذ بن محمد الأنصاري عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، مرسلًا. وهو قول البلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 371.

وهذا بخلاف قول ابن إسحاق عند الطبري في "تاريخه" 2/ 403 - 404، والبيهقي في "الدلائل" 3/ 10 - 11 حيث ذكرُ أنَّ لواء عُبيدة بن الحارث كان أولًا ثم لواء حمزة بن عبد المُطّلب!! وتَبعه ابن حزم في "جوامع السيرة" ص 17.

وسيأتي عند المصنف برقم (4964) عن ابن مسعود (والصحيح أنه عن زرّ بن حُبيش كما سيأتي بيانه هناك): أن أول راية عُقِدت في الإسلام لعبد الله بن جحش.

وهو قولٌ مرويٌّ عن عامر الشَّعْبي عند معمر بن راشد في "جامعه"(19880)، وخليفة بن خيّاط في "تاريخه" ص 62، وغيرهما.

وخالفهم جميعًا موسى بن عقبة والزُّهْري كما رواه عنهما البيهقي في "الدلائل" 5/ 462 - 463، حيث ذكرا أنَّ بعث عبيدة كان أولًا، ثم تلاه بعث عبد الله بن جحش، ثم بعث حمزة بن عبد المطلب!! فالله تعالى أعلم.

ولمعرفة رابغ والجُحفة انظر التعليق على الحديث (1296). =

ص: 791

4923 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني يزيد بن رُومان، عن عُرْوة وغيره من عُلمائنا، عن عبد الله بن عبّاس؛ ذَكَر حديث المُبارزة، وأنَّ عُتبة بن ربيعة قَتَل عُبيدةَ بن الحارث بمُبارَزة، ضربه عُتبةُ على ساقِه فقطَعها، فحمله رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فماتَ بالصفراءِ مُنصَرَفَه من بدرٍ، فدفنَه هنالِك

(1)

.

= وقُدَيد - على لفظ التصغير -: وادٍ من أودية الحجاز التِّهاميّة، يقطعه الطريقُ من مكة إلى المدينة، على نحو 120 كيلًا.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.

وأخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" 9/ 131، وفي "الدلائل" 3/ 72، وفي "معرفة السنن والآثار" (18357) عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده إلى ابن إسحاق قال: حدثني يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير (ح) وحدثني الزهري ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر وغيرهم من علمائنا، فذكروا قصة بدر

كذلك جاء الخبر في رواية البيهقي عن الحاكم مرسلًا ليس فيه ذكر ابن عبّاس.

وكذلك لم يُذكَر ابن عبّاس عند أبي الحسن بن الأثير الجزري في "أُسد الغابة" وقد ذكر إسناده في خبر وقعة بدر في عدة تراجم من كتابه 1/ 436 و 4/ 288 من رواية رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار -وهو العُطاردي- به.

فالظاهر أنَّ ذكر ابن عباس في رواية العُطاردي عن يونس بن بُكير وهمٌ، وإن كان صحَّ ذكره في غير رواية يونس بن بكير لهذه القصة كرواية سلمة بن الفضل الأبرش عند الطبري 2/ 427 - 445، وكرواية زياد بن عبد الله البكائي عند ابن هشام في "سيرته" 1/ 606 - 625، كلاهما عن ابن إسحاق، والله تعالى أعلم.

وقد وافقه على روايته هذه محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب مرسلًا عند ابن أبي حاتم في "آداب الشافعي ومناقبه" ص 39 - 40، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر 38/ 259، ورجاله ثقات.

ووافقهما عبد الله البهي مرسلًا أيضًا عند ابن سعد 2/ 21، ولا بأس برجاله.

وهذا بخلاف رواية موسى بن عُقبة عن ابن شهاب الزُّهْري عند البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 101 - 114 حيث جاء فيها: برز حمزة لعتبة وعُبيدة لِشيبة وعلي للوليد، فقَتَل حمزةُ عُتبةَ، =

ص: 792

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4924 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، حدثنا جدِّي، حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا محمد بن فُليح، عن موسى بن عُقبة، عن ابن شِهَاب، قال:

= وقَتَلَ علي الوليد، وقَتَلَ عُبيدةُ شيبة، وضرب شيبةُ رجلَ عبيدة فقطعها، فاستنقذه حمزةُ وعليٌّ حتى تُوفي بالصفراء. فجعل خصم عُبيدة هو شيبة لا عُتبة، لكن هذه الرواية تخالف رواية المصنف لخبر موسى بن عقبة وستأتي بعد هذه الرواية، فإنَّ رواية المصنِّف توافق رواية ابن عبّاس!!

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 12/ 44: وعند الحاكم من طريق عبد خير عن عليٍّ مثل قول موسى بن عقبة (يعني كما جاء عند البيهقي وليس كما جاء عند المصنِّف)، وعند أبي الأسود عن عروة مثله.

قلنا: الذي عند الحاكم برقم (4943) إنما هو طريق حارثة بن مُضرِّب عن عليٍّ، وليس عن عبد خير عن عليٍّ، لكن جاء عند الطبراني في "الكبير"(2955) من طريق حسين الأشقر، عن قيس بن الربيع عن السُّدِّي إسماعيل بن عبد الرحمن، عن عبد خير، عن علي، قال: أَعنتُ أنا وحمزةُ عُبيدةَ بن الحارث يوم بدر على الوليد بن عتبة، فجعل خصمَ عُبيدة الوليد، وهو الموافق لرواية أبي داود (2665) عن حارثة بن مضرِّب عن عليٍّ، ولكنها تخالف رواية المصنف الآتية عن حارثة بن مضرِّب أيضًا عن عليٍّ، بذكر شيبة في مُقابل عُبيدة بن الحارث، كرواية موسى بن عقبة عن الزُّهْري ورواية أبي الأسود عن عروة، وهو الذي اعتمده الواقدي في "مغازيه" 1/ 69 و 148، وابن سعد 2/ 16، فقد قال ابن سعد 2/ 21: الثَّبَت أنَّ حمزةَ قَتَلَ عُتبة، وأنَّ عليًا قَتَلَ الوليد، وأنَّ عُبيدة بارز شيبة.

وقد عدَّ الحافظُ في "الفتح" 12/ 45 رواية حارثة بن مضرِّب عن عليٍّ التي عند أبي داود، أصحَّ الروايات، ذاهِلًا رحمه الله عما بين لفظ المصنف (4943) وبين لفظ أبي داود لرواية حارثة بن مُضرِّب من الخلاف السابق.

والصفراء: وادٍ وقرية بين المدينة، وبدر، أما القرية فتُسمَّى اليوم الواسطة، وهي على مسافة واحد وخمسين كيلًا من المدينة في طريق بدر.

وأما وادي الصفراء: فهو من أودية الحجاز كثير القرى، فإذا خرجت من المدينة إلى بدر فتجاوزتَ الفريش، فأنت في أول وادي الصفراء. انظر "معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية " لعاتق البلادي ص 177.

ص: 793

اختلفَ عُتبةُ وعُبيدةُ بينهما ضربتَين، كلاهما أثبتَ صاحبَه، وكَرَّ حمزةُ وعليٌّ على عُتبة فقتلاهُ واحتَمَلا صاحبَهما عُبيدة، فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قُطِعت رجلُه ومُخُّها يسيلُ، فلما أتوا بعُبيدة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألستُ شهيدًا يا رسولَ الله؟ قال: "بلي"، فقال عُبيدة: لو كان أبو طالب حيًّا لعَلِمَ أنَّا أحقُّ بما قال منه حيثُ يقول:

ونُسلِمُه حتى نُصرَّعَ حَولَهُ

ونُذهَلَ عن أبنائِنا والحَلائلِ

(1)

‌ذكر مناقب عمير بن أبي وقاص، أخو سعدٍ

قُتِل يومَ بدرٍ رضي الله عنه.

4925 -

أخبرني مَخلَد بن جعفر الباقَرْحِيّ، حدثنا محمد بن جَرِير الفقيه، حدثني محمد بن عبد الله بن سعيد الواسطي، حدثنا يعقوب بن محمد الزُّهْري، أخبرنا إسحاق بن جعفر بن محمد، عن عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: عَرَضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جيشَ بدرٍ، فردَّ عُميرَ بن أبي

(1)

رجاله ثقات، لكن ما وقع هنا من ذكر عُتبة أنه كان خصمًا لعُبيدة وهمٌ الظاهر أنه من قِبلَ المصنف نفسِه، وذلك أن البيهقي روى هذا الخبر في "دلائل النبوة" 3/ 101 - 114 عن المصنِّف بإسناده الذي هنا نفسِه وبإسناد آخر عن موسى بن عقبة من رواية ابن أخيه إسماعيل بن إبراهيم بن عُقبة عنه، فذكر أنَّ خصم عُبيدة بن الحارث كان شيبة بن ربيعة لا عُتبة، مع أنَّ البيهقي ساق الخبر بلفظ إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، غير أنه كان إذا وجد فرقًا بين الروايتين خلال سياقه الخبر نبه عليه بقوله: قال ابن فُليح في روايته كذا، فلما لم ينبه هنا دلَّ على اتحاد الروايتين في ذكر الخصمين المذكورين، أبي عُبيدة وشيبة، والله تعالى أعلم.

وكَرَّ، أي: عَطَفَ ورجع.

وقوله: "ونُسلِمُه" بالرفع معطوف على ما في بيتٍ سابق، أي: لا نُسلِمُه، من: أَسلَمه، بمعنى: سلَّمه لفلان، أو من أَسْلَمَه، بمعنى خَذَلَه. ونُصرَّع ونُذهَل بالبناء للمفعول، قاله عبد القادر البغدادي في "خزانة الأدب" 2/ 64.

والحلائل: جمع حَلِيلة وهي الزوجة.

ص: 794

وقّاص، فبكى عُميرٌ، فأجازَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وعَقَدَ عليه حَمائلَ

(1)

سيفِه

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

‌ومن مناقب سعد بن خَيثَمة بن الحارث بن مالك بن كعْب

وهو عَقَبِيٌّ وأحدُ النُّقبَاء الاثني عشر، قتله عمرو بن عبد وَدٍّ يومَ بدر.

4926 -

حدثنا بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيرفي بمَرُو، حدثنا أحمد بن عُبيد الله النَّرْسي، حدثنا منصور بن سَلَمة الخُزاعي، حدثنا عثمان

(3)

بن عبيد الله بن زيد بن

(1)

المثبت من "تلخيص الذهبي" على الجادّة، وفي أصولنا الخطية جمال، وليس في معاجم اللغة جمع لِحِمالة السيف وحَميلته إلَّا حمائل.

(2)

إسناده حسنٌ إن شاء الله من أجل إسحاق بن جعفر بن محمد - وهو ابن علي الهاشمي - فهو صدوق، ويعقوب بن محمد الزُّهْري - وهو ابن عيسى - صدوق عيب عليه روايته عن الضعفاء، فإذا روى عن ثقة أو صدوق فلا بأس بحديثه، ثم هو متابعٌ. عبد الله بن جعفر: هو ابن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة.

وأخرجه محمد بن نصر المَروَزي في "السنة"(146)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(914)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 20/ 297 عن أبي بكر أحمد بن منصور الرمادي، عن يعقوب بن محمد، عن إسحاق بن جعفر بن محمد وعبد العزيز بن عمران عن عبد الله بن جعفر، بهذا الإسناد. وعبد العزيز بن عمران متروك الحديث.

وأخرجه البزار (1106) من طريق إسحاق بن محمد الفَرْويّ، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(5244) من طريق يحيى الحماني، كلاهما عن عبد الله بن جعفر المَخْرمي، به. وهذه متابعة قوية لرواية يعقوب بن محمد الزُّهْري، وإسناد البزار حسنٌ.

وأخرجه الواقدي في "مغازيه" 1/ 21، وعنه محمد بن سعد في "طبقاته" 3/ 149 وابن الجوزي في "المنتظم" 3/ 141، وأحمد بن عبد الواحد المقدسي في "فضل الجهاد"(32) عن أبي بكر بن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه، به وهذه متابعة أخرى، لكن أبا بكر هذا لا يُعرف.

(3)

تحرَّف في نسخ "المستدرك هنا إلى: عمر، ومنشؤه أنَّ اسم عثمان كان يُكتب قديمًا بإسقاط الألف على هذا النحو: عثمن فربَّما تحرَّف على بعض النُّسَّاخ، وقد جاء على الصواب عند كلِّ من خرّجه.

ص: 795

جارية

(1)

الأنصاري المديني قال: حدثني عَمّي عُمر بن زيد بن جارية، حدثني أبي زيد بن جارية، قال: استصغَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وسعدُ بن خَيثمة

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4927 -

أخبرني الحسن بن محمد الحَليمي

(3)

بمَرْو، أخبرنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا رجلٌ، عن عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هِلال، أنَّ سليمان بن أبان حدثه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى بدرٍ أراد سعدُ بن خَيثمة وأبوه جميعًا الخروجَ معه، فذُكِر ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأمر أن يَخْرُجَ أحدُهما، فاستَهَما، فقال خيثمةُ بن الحارث لابنه سعدٍ: إنه لا بدَّ لأحدِنا من أن يُقيم، فأقِمْ مع نسائك، فقال سعدٌ: لو كان غيرُ الجنة آثرتُك به إني أرجُو الشهادةَ في وجهي هذا. فاستَهَما، فخرج سهمُ سعدٍ، فخرجَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدرٍ، فقتله عمرو بن عبد وَدٍّ

(4)

.

(1)

تصحف اسم جارية في المواضع الثلاثة في هذا الإسناد إلى: حارثة.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة عثمان بن عبيد الله بن زيد بن جارية وعمه عمر بن زيد. وسعدٌ الذي استصغره رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو سعد بن حَبتة، بحاء مهملة بعدها باء موحدة يليها مثناة فوقانية، كما تقدم بيانه عند الرواية السالفة برقم (2380). وليس هو ابن خيثمة كما وقع للمصنّف هنا محرَّفًا، ممّا جعله يذكر الخبر في مناقب سعد بن خَيثمة، وبذلك يزول الإشكال الذي حَدَا بالذهبي إلى إنكار نصِّ الخبر بحجة أنَّ سعد بن خَيثمة كان أحدَ النُّقباء فكيف يستصغره رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

وقد كان ذلك يومَ أُحدٍ كما قيد عند الرواية المتقدمة برقم (2380) من طريق أبي بكر بن عَتّاب الأعين عن منصور بن سَلَمة. وانظر تمام تخريجه هناك.

(3)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى الحكيمي، بالكاف بدل، اللام وفي (ص) و (م) و (ع) إلى: الحكمي، بالكاف أيضًا وبإسقاط الياء، والمثبت على الصواب من سائر مواضع رواياته عند المصنِّف، ومن مصادر ترجمته.

(4)

حديث قويٌّ إن شاء الله، وهو خبر مرسلٌ كما قال البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 3، سليمان بن أبان - وهو ابن أبي حُدير - وإن تفرَّد بالرواية عنه سعيد بن أبي هلال فهو تابعيّ وذكره ابن حبان في "الثقات"، وسعيد الراوي عنه أحد الحفاظ الثقات. والرجلُ المبهم في =

ص: 796

‌ذِكرُ

(1)

مناقب عُثمانَ بن مَظْعُون بن حَبيب بن وهب بن حُذافة

وكنيته أبو السائب هاجر الهِجرتَين، وشهد بدرًا، ومات بعد بدر بأشهُرٍ.

4928 -

حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن سعد، عن محمد بن عمر قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة، عن عاصم بن عُبيد الله

(2)

، عن عُبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَرتادُ لأصحابِه مَقبَرَةً يُدفَنون فيها، فكان قد طلبَ نواحيَ المدينة وأطرافَها، ثم قال:"أُمرتُ بهذا المَوِضع". يعني البَقيع، وكان يُقال: بَقيعُ الخَبْخَبة، وكان أكثرَ نباته الغَرقدُ، وكان أولَ من قُبر هناك عثمانُ بن مظعون، فَوَضَعَ رسولُ الله

= إسناده لا يضرُّ إبهامه، فقد تابعه عبدُ الله بن وهب، فيبقى الشأن في إرساله، لكن رُوي مثلُ هذا الخبر من مُرسَل الزُّهْري، فباجتماع هذين المرسّلين يتقوى الخبر إن شاء الله، وقد ذكره الواقدي أيضًا في "مغازيه" 1/ 20 عن شيوخه.

أبو الموجّه: هو محمد بن عمرو الفَزاري وعَبْدان هو عبد الله بن عثمان بن جَبَلة، وعبدان لقبُه، وعبد الله: هو ابن المبارك، وعمرو بن الحارث هو المصري.

وهو في "الجهاد" لعبد الله بن المبارك (79). وسيأتي مكرَّرًا برقم (4983).

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2558) عن عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، به.

ويشهد له مرسلُ الزُّهْري عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(3141) بسند رجاله ثقات.

(1)

وقع في أصولنا الخطية قبل ذكر مناقب عثمان بن مظعون عبارةٌ للمصنِّف، وهي قوله: رجعنا إلى الموضع الذي بلغْنا في المجلس الماضي. وإنما قال المصنِّف ذلك لأنه فصل في إملائه بين الأخبار الواردة في مناقب السيدة خديجة، فأورد قسمًا منها قبل مناقب أسعد بن زرارة، ثم قطع ليذكر مناقب أسعد بن زرارة وعبيدة بن الحارث وعمير بن أبي وقاص وسعد بن خيثمة، ثم قطع ليذكر تتمة مناقب خديجة، ثم عاد بعد إتمامها ليذكر مناقب عثمان بن مظعون، فلأجل هذا القطع ذكر العبارة المذكورة، وقد تركنا ترتيب مناقب السيدة خديجة على التتابع كما وردت في المطبوعة الهندية من "المستدرك"، لأنه أنسبُ وأليق.

(2)

تحرَّف في أصولنا الخطية إلى: عبد الله، مكبَّرًا، ضبَّب فوقها في (ز)، والمثبت من نسخة بهامش (ص).

ص: 797

حَجَرًا عند رأسِه وقال: "هذا قبرُ فَرَطِنا"، وكان إذا مات المُهاجِرُ بعده قيلَ: يا رسول الله، أين نَدفِنُه؟ فيقول:"عند فَرَطنا عثمان بن مظعونٍ"

(1)

.

4929 -

حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا سفيان، عن عاصم بن عُبيد الله، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: قَبّلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عثمانَ بن مَطْعُون بعدما ماتَ

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

4930 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، حدثنا حَبّان بن هِلال، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مِهْران، عن ابن عبّاس، قال: لما مات عُثمان بن مَطْعُون قالت امرأتُه: هنيئًا لكَ الجنةُ يا عثمانُ بنَ مَظعُون، فنظرَ إليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"وما يُدريكِ؟ " قالت: يا رسولَ الله، فارسُكَ وصاحِبُك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني رسولُ الله، وما أدري ما يُفعَلُ بي"، فأشفقَ الناسُ على عثمانَ، فلما ماتت زينبُ بنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسولِ الله: صلى الله عليه وسلم "الْحَقِي بِسَلفنا الخَيِّرِ عثمانَ بن مَظعُون"، فبكتِ النساءُ، فجعل عمرُ يَضْرِبُهنَّ بسَوطِه، فأخذَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال:"مهلًا يا عمرُ"

(3)

.

(1)

إسناده واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وذلك من أجل أبي بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة، فهو متروك واتهمه أحمد بن حنبل بوضع الحديث، وشيخُه عاصمٌ ضعيف، ومحمد بن عمر وهو الواقدي - فيه كلام معروف.

والخبر عند محمد بن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 397 عن محمد بن عمر الواقدي، مرسلٌ، ليس فيه ذكر أبي رافع في إسناده.

وقد اختلف في أول من دُفن بالبقيع من أصحابه صلى الله عليه وسلم، فانظر ما سلف برقم (4918).

والفَرَطُ: المتقدِّم.

(2)

حديث قابل للتحسين، وهذا إسناد ضعيف لضعف عاصم بن عُبيد الله، لكن روي ما يشهد له كما تقدَّم بيانه برقم (1350) حيث تقدَّم الخبر هناك من طريقين عن سفيان: وهو الثوري.

(3)

إسناده ضعيف علي بن زيد - وهو ابن جُدعان - ضعيف، وقد وقع له في هذا الخبر عدّة =

ص: 798

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أوهام، منها نسبته القول المذكور أولَ الحديث لامرأة عثمان بن مظعون، وهو خطأ، إنما قالته امرأةٌ من الأنصار ممَّن نزل عثمان بن مظعون عندهم بعد هجرته، تُدعى هذه المرأة أمَّ العلاء، وجاء في بعض الروايات أنها أم خارجة بن زيد بن ثابت.

وكما وهمَ علي بن زيد أيضًا في تفرُّده بذكر قوله صلى الله عليه وسلم الذي قاله في الثناء على عثمان بن مظعون أنه كان منه صلى الله عليه وسلم عند وفاة ابنته التي اضطرب علي بن زيد في تعيينها، فمرة يذكر زينب، ومرة يذكر رُقية، وهو الأكثر، مع أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال القول المذكور في الثناء على عثمان بن مظعون عند وفاة ابنه إبراهيم كما ورد من عدة طرق، ثم إنَّ ذكره لرقيَّة وهمٌ لا محالة من جهة أنَّ رقيَّة إنما ماتت وهو صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر، ومعلومٌ أنَّ عثمان بن مَظعون شهد بدرًا، فكيف يكون عثمان فَرَطًا لرقيّة وهو إنما مات بعدها.

ومن هنا يُعلَم أنَّ قول الذهبي في "تلخيصه" بأنَّ سند هذا الخبر صالح، غير مسلَّم له، والصحيح قوله بعد ذلك في "ميزان الاعتدال" في ترجمة علي بن زيد، وفي سير أعلام النبلاء" في ترجمة رقيَّة: هذا منكرٌ.

وأخرجه أحمد 4/ (2127) عن يزيد بن هارون، و 5/ (3103) عن عبد الصمد بن عبد الوارث وحسن بن موسى وعفان بن مسلم أربعتهم عن حمّاد بن سَلَمة، بهذا الإسناد. وكلهم غير يزيد ذكروا في الخبر رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بدل زينب. وزادوا جميعًا بعد قصة عمر قوله صلى الله عليه وسلم:"ابكين - أودعهنَّ يبكين - وإياكنّ ونعيقَ الشيطان"، وزادوا غير يزيد بن هارون بعد ذلك: أنَّ فاطمة قعدت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم على شفير قبر رقيَّة وجعلت تبكي، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمسحُ عين فاطمة بثوبه رحمةً لها.

وحديث أم العلاء الأنصارية الذي أشرنا إليه سابقًا أخرجه أحمد 45 / (27457)، والبخاري (1243) و (2687) و (3929)، و (7003) و (7018)، والنسائي (7587)، وابن حبان (643) من طرق عن الزُّهْري، عن خارجة بن زيد بن ثابت عنها، أنها أخبرته: أنَّ عثمان بن مظعون طار لهم في السُّكنى، حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين، قالت أم العلاء: فسكن عندنا عثمان بن مظعون فاشتكى فمرّضناه حتى إذا توفي وجعلناه في ثيابه دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك اللهُ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:"وما يُدريكِ أَنَّ الله أكرمه؟! فقلت: لا أدري بأبي أنت وأمي يا رسولَ الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما عثمان فقد جاءه والله اليقينُ، وإني لأرجو له الخيرَ، والله ما أدري وأنا رسولُ الله ما يُفعَل بي"، قالت: فوالله لا أُزَكِّي أحدًا بعده أبدًا، وأحزنني ذلك، قالت: فنمتُ، فأُريت لعثمان عينًا تجري، فجئت إلى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه، فقال: "ذاك عملُه". =

ص: 799

‌ذكر مناقب جَعْدة بن هبيرة المخزومي رضي الله عنه

-

4931 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، قال جَعْدة بن هُبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ

(1)

بن عِمران بن مَخْزوم، وكانت أمُّه أمَّ هانئ بنت أبي طالب، نَكَحها

= وجاء في بعض طرق حديث أم العلاء، وهي طريق معمر بن راشد عند عبد بن حميد (1593) وغيره: قال معمر وسمعتُ غير الزُّهْري يقول: كره المسلمون ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان، حتى تُوفيَت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"الْحَقي بفَرَطِنا عثمان بن مظعون". كذلك جاء مُعضلًا في هذه الرواية.

لكن جاء هذا القدرُ من الخبر في رواية سفيان بن عُيينة عن الزُّهْري عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3322) وابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 226 وغيرهما متصلًا بالخبر، إلَّا أنه جاء بلفظ: فشق ذلك على المسلمين مشقّة شديدة، وقالوا: عثمان في فضله وصلاحه يُقال له هذا؟! فلما دَفَنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أهله قال: "رُدَّ على سلفنا عثمان بن مظعون"، فقالوا: سلفُ رسول الله صلى الله عليه وسلم السلف الصالح. وكذلك جاء في رواية النعمان بن راشد عن الزُّهْري فيما أسنده عنه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3324) إذ أحال على حديث ابن عُيينة.

فكذلك إذًا هي رواية ابن عيينة والنعمان بن راشد عن الزُّهْري بإبهام الذي دُفِنَ من أهله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في عدة طرق أنه إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، فيُحمل عليه:

كما أخرجه الطبراني في "الكبير"(837)، وضياء الدين المقدسي في "مختارته" 4/ (1457)، وعلَّقه البخاري في "تاريخه الكبير" 7/ 378 من طريق عبد الرحمن بن واقد العطار، عن معمر بن يزيد السّلمي عن الحسن البصري عن الأسود بن سريع قال: لما مات عثمان بن مظعون أشفق المسلمون عليه، فلما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الحق بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون". ورجاله لا بأس بهم.

لكن يؤيده ما أخرجه أبو الفضل الزهري في "حديثه"(636) عن محمد بن هارون بن المجدّر عن أبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزُّهْري، عن إبراهيم بن قدامة بن إبراهيم، عن أبيه مرسلًا مثلُه.

ويؤيدهما كذلك ما أخرجه ابن سعد في "طبقاته" 1/ 119 عن محمد بن عمر الواقدي، عن يعقوب بن محمد بن أبي صعصعة، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة مرسلًا أيضًا.

(1)

تحرَّف في أصولنا الخطية إلى عليه، هكذا غير مُعجَم إلَّا في (ز) و (ب) فجاء بياء تحتانية، =

ص: 800

هُبيرة، ولها يقول هُبيرةُ حين أسلمتْ:

أشاقَتْكَ هندٌ أن نآكَ

(1)

سؤالُها

كذاك النَّوى أسبابها وانفِتالُها

وقد أَرقَتْ في رأس حصنٍ مُمرَّدٍ

بنَجرانَ يَسْري بعد نومٍ خيالُها

فإن كنتِ قد تابعتِ دِينَ مُحمدٍ

وقُطِّعَتِ الأرحام منكِ حِبالُها

فكُوني على أعلى سَحِيقٍ بهَضْبةٍ

مُمنَّعَةٍ لا تُستطاعُ قِلالُها

(2)

قال مصعبٌ: وجَعْدةُ الذي يقول:

ومَن ذا الذي يَبأَى

(3)

عليَّ بخالِهِ

وخالي عليٌّ ذو النَّدى وعَقيلُ

قال مصعبٌ: وماتَ هُبيرةُ بنَجْرانَ مُشركًا، وأما جَعْدَةُ فإنه تزوَّج ابنةَ خالِه أمَّ الحسن بنتَ عليٍّ، ووَلَدت له عبدَ الله بن جَعْدة بن هُبَيرة الذي قيل فيه بخُراسان:

لولا ابن جَعدة لم يُفتَحْ قُهُنْدُزُكُم

(4)

ولا خُراسانُ حتى يُنفَخُ الصُّورُ

قال مصعبٌ: واستعمل عليٌّ على خُراسان جَعْدةَ بنَ هُبيرة المَخْزومي، وانصرفَ إلى العراق، ثم حجَّ وتُوفِّي بالمدينة، وقد رَوَى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

4932 -

حدَّثَنا بصحة ما ذَكَرَ مصعبٌ: أبو بكر محمد بن عبد الله بن عمرو البزَّاز ببغداد، حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الحميد الجُعْفي، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة،

= يعني عليه. والمثبت هو ما أطبقت عليه كتب التراجم والأنساب.

(1)

نآك، أي: بَعُدَ عنك.

(2)

في (ز) و (ب): تلالها، بالتاء بدل القاف والقِلال: جمع قُلَّة، وهو رأس كل شيء وأعلاه.

والتلال: جمع تَلّة، وهي كومة الرمل.

(3)

في (ز): ينأى، بالنون بدل الباء، وأُهملت في (ص) و (م)، والمثبت من (ع) و (ب)، وهو الأوجه لأنه من بأى عليه: إذا فَخَرَ.

(4)

تحرَّف في أصولنا الخطية إلى: مهندركم. والقُهُنْدُزُ: بضم القاف والهاء وسكون النون والدال تُضَم وتفتح، وهو اسمٌ معرَّب، وهو مدينة من مدن العَجم، وقيل: هو اسمُ جنسٍ لكل حصنٍ في وسط المدينة العُظمى.

ص: 801

حدثنا عبد الله بن إدريسَ، عن أبيه، عن جدِّه عن جَعْدة بن هُبيرة، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خَيرُ الناسِ قَرْني، ثم الذين يَلُونهم، ثم الذين يَلُونَهم، ثم الذين يَلُونَهم، ثم الآخِرُونَ أَرْدَى"

(1)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن جَعْدة بن هُبيرة مختلف في صحبته، غير أنَّ له رُؤية، لأنه وَلَدُ هُبيرة بن أبي وهب الذي هرب عام فتح مكة إلى نجران ومات مشركًا، وفَرَّق الإسلام بينه وبين أم هانئ بنت أبي طالب أم جعدة، فلا شكَّ أنَّ جعدة ولد قبل أو قبيل فتح مكة، ولهذا قال الحافظ في "الإصابة" 1/ 527: أما كونه له رؤية فحقٌّ، لأنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن بنت عمه وخصوصية أم هانئ بالنبي صلى الله عليه وسلم شهيرة.

قلنا: وما وقع من تصريحه هنا بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم فوهمٌ بيقين، لأنَّ أحدًا من أصحاب أبي بكر بن أبي شَيْبة لم يذكر سماعه لهذا الخبر من النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم حفّاظ كبار أكبر من راويه عنه هنا وأجلُّ، وكذلك رواه أبو نُعيم الفضل بن دُكَين عن داود بن يزيد الأودي - أخي إدريس بن يزيد ولد عبد الله بن إدريس - عن أبيه عن جَعْدة، فلم يذكر سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد اختلف في جَعْدة هذا اختلاف آخر، فذهب ابن عبد البر في "الاستيعاب"، وتبعه المزي في "تهذيب الكمال" 4/ 566، والعلائي في "جامع التحصيل" إلى أنَّ جعدة هذا هو ابن هُبيرة الأشجعي، وليس هو المخزومي ابن أم هانئ قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 1/ 483: لكن لم أرَ عند من أخرجه أنه قال: الأشجعي، نعم أخرجه ابن أبي شَيْبة وأحمد بن منيع وابن أبي عاصم والبغوي والباوردي وابن قانع والطبراني في ترجمة جعدة بن هُبيرة المخزومي، ووقع في "مصنف ابن أبي شيبة": جعدة بن هبيرة بن أبي وهب، وهذا هو المخزومي، فكأنَّ ابن عبد البر وهم في جَعْلِه غيره. قلنا: كذلك نسب الحافظ إلى ابن أبي شَيْبة أنه سماه في "مصنفه": جَعْدة بن هبيرة بن أبي وهب وسبق الحافظَ إلى ذلك مُغَلطاي في "إكمال تهذيب الكمال"، مع أنه، ليس في شيء من نسخ "المصنف" الحاضرة حسب ما في طبعة عوامة وطبعة اللحيدان والجمعة بن أبي وهب، فلعلَّ ذلك من زيادة بعض النُسَّاخ في بعض النسخ والله أعلم، فيبقى إيراد أولئك الذين صنَّفوا في الصحابة لهذا الحديث في ترجمة جَعْدة المخزومي، ويُضاف إليهم قول أبي حاتم الرازي في "المراسيل" لابنه بعد أن ذكر أبو حاتم هذا الحديث: جعدة بن هُبيرة تابعي وهو ابن أخت علي بن أبي طالب.

هذا وقد نفى الحاكم في "تاريخ نيسابور" رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم كما في "إكمال تهذيب الكمال" لمُغلطاي 3/ 197، وهذا عجيبٌ مع إثباته صحبته هنا في "المستدرك"! =

ص: 802

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وهو في "مسند أبي بكر بن أبي شَيْبة" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (1/ 4161)، وفي "مصنفه" 12/ 176، لكنه جاء في "المصنّف" بذكر ثلاثة قرون خيّرة لا أربعة كذلك في جميع نسخه الحاضرة حسب ما في طبعة عوامة وطبعة اللحيدان والجمعة.

وأخرجه عبد بن حُميد (383)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(726)، وفي "السنة"(1476)، وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2187) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(1673) من طريق محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة أربعتهم (عبد بن حميد وابن أبي عاصم، ومحمد بن عبد الله الحضرمي ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبة) عن أبي بكر بن أبي شَيْبة؛ كروايته التي في "مسنده" بذكر أربعة قرون خيّرة.

وأخرجه ابن أبي خيثمة في السّفر الثاني من "تاريخه الكبير"(3650)، وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 154 عن محمد بن العباس المؤدّب، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 340 من طريق بن أبي عاصم ثلاثتهم (ابن أبي خيثمة ومحمد بن العباس وابن أبي عاصم) عن أبي بكر بن أبي شَيْبة؛ كروايته التي في "المصنِّف" أي: بذكر ثلاثة قرون خيّرة وحسب.

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية"(4161/ 3) عن زكريا بن يحيى زحمويه الواسطي، عن عبد الله بن إدريس بهذا الإسناد كرواية ابن أبي شَيْبة في "مسنده"، أي: بذكر أربعة قرون خيّرة كما يقتضيه صنيع الحافظ في المطالب" إذ أحال على ما قبله، أي: على ابن أبي شيبة وعبد بن حميد، والله أعلم.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2188) من طريق أبي كريب محمد بن العلاء، عن عبد الله بن إدريس، به بلفظ: خير الناس قرني ثم الذي يليه، ثم الآخِرون أرذل". فذكر هنا قرنين خيّرين فقط، وهذا غريب.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 8/ 347، وأبو حاتم الرازي في "مسند الوحدان" كما في "المراسيل" لابنه (70)، وابن أبي حاتم في "العلل"(2643) عن أبي زرعة الرازي، وأخرجه أبو القاسم البغوي في "الصحابة" كما في "الإكمال" لمغلطاي 3/ 198 عن إبراهيم بن هانئ، والمصنِّف في تاريخ نيسابور كما في "الإكمال" أيضًا 3/ 197 من طريق أحمد بن محمد بن نصر اللبّاد، خمستهم (البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة وإبراهيم بن هانئ واللبّاد) عن أبي نعيم الفضل بن دُكَين، عن داود بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي، عن أبيه، عن جعدة. وساق أبو حاتم الرازي لفظه، فقال في روايته:"خير الناس قرني الذين أنا منهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الرابع أرذل إلى أنَّ تقوم الساعة"، كذلك جاء في رواية أبي نعيم الفضل بن دُكين بذكر ثلاثة قرون خيِّرة فقط كرواية ابن أبي شَيْبة في "مصنفه"، ولم يقع في رواية أبي زرعة =

ص: 803

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الرازي ذكر القرن الرابع الأرذل وداود بن يزيد هذا هو أخو إدريس بن يزيد والد عبد الله، فهما أخوان رويا الحديث عن أبيهما عن جعدة، لكن خالف أبا نعيم الفضل بن دكين في روايته هذه عن داودَ بن يزيد يونسُ بنُ بكير عند البزار (9661)، وابن أبي حاتم في "العلل"(2643)، والطبراني في "الأوسط"(5475)، فرواه يونس بن بُكير عن داود بن يزيد عن أبيه عن أبي هريرة، فذكر أبا هريرة بدل جَعْدة بن هبيرة. قال أبو زرعة فيما نقله عنه ابن أبي حاتم أبو نُعيم أحفظ من يونس، وليس لجعدة صحبة. يعني أنه رجَّح فيه ذكر جعدة، ويؤيده رواية إدريس بن يزيد الأودي عن أبيه عن جعدة بن هبيرة، فتأكد وهمُ يونس بن بكير، والله تعالى أعلم.

وقوله: "أرْدَى" بمعنى أردأ، على تسهيل الهمز.

ويشهد له بذكر خيريّة أربعة قرون حديث عبد الله بن مسعود في روايةٍ له عند أحمد 6/ (3594)، لكن جاء في رواية له أخرى عند مسلم (2533) بعد أن ذكر ثلاثة قرون: فلا أدري في الثالثة أو الرابعة.

وحديث النعمان بن بشير عند أحمد 30 / (18349) و (18447).

وحديث عمران بن حصين عند أحمد 33/ (19835)، ومسلم (2535)، والنسائي (4732) وابن حبان (7229)، غير أنه وقع في رواياتهم جميعًا غير ابن حبان: قال عمران: فلا أدري أقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعد قرنه مرتين أو ثلاثة.

وكذلك جاء في رواية لبريدة الأسلمي عند أحمد 38 / (23024).

وفي روايات أخرى لابن مسعود بذكر ثلاثة قرون خيِّرة، وهي عند أحمد 7/ (3963) و (4130) و (4173) و (4217)، والبخاري (2652) و (3651) و (6429) و (6658)، ومسلم (2533)، وابن ماجه (2362)، والترمذي، (3859)، والنسائي (5987) و (5988) و (11750)، وابن حبان (4328) و (7222). غير أنه جاء في بعض رواياته عبارة ثلاثًا أو أربعًا، أو: ولا أدري أقال في الثلاثة أو الرابعة.

وجاء أيضًا في رواياتٍ أخرى للنعمان بن بشير بذكر ثلاثة قرون خيِّرة، وهي عند أحمد 30/ (18348) و (18428)، وابن حبان (6727).

وكذلك جاء في روايات أخرى لعمران بن حصين بذكر ثلاثة قرون خيِّرة، وهي عند أحمد 33 / (19820) و (19906) و (19953)، والبخاري (2651) و (3650) و (6428) و (6695)، وأبي داود (4657)، والترمذي (2221) و (2302)، وجاء في روايات أكثرهم: قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثًا. وعند بعضهم: أذكر الثالث أم لا.

والملاحظ من ذكر هذه الروايات أنَّ ذكر الثلاثة قرون في الخَيرية أكثر من ذكر الأربعة، وقد =

ص: 804

4933 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن يونس، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا أبو بكر بن عيّاش، عن أبي إسحاق، عن جَعْدة بن هبيرة، قال: قلتُ لعليٍّ: يا خالُ، قتلتَ عثمانَ؟ قال: لا واللهِ، ما قَتَلتُه ولا أمرتُ به، ولكني غُلِبتُ

(1)

.

جَعْدة بن هُبيرة تُوفي بعد وفاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما اشتَبَه علَيَّ بوفاةِ أبيه هُبيرة بن أبي وهب.

‌ذكر مناقبِ سَعْد بن مالك بن خالد بن ثَعْلَبة بن حارثة بن عمرو بن الخَزْرج، كنيتُه أبو سهلٍ رضي الله عنه

-

4934 -

حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا محمد بن عمر قال: حدثني أُبيّ بن عبّاس بن سَهْل بن سعد الساعِديّ، عن أبيه، عن جدِّه قال تَجهَّز سعدُ بن مالك لِيخرجَ إلى بدرٍ، فمرضَ فماتَ، فموضعُ قبره عند دارِ ابن قارِظٍ فَضَرَب له رسول الله صلى الله عليه وسلم سَهْمِه وأجْرَه

(2)

.

= جاء في روايات أخرى عن صحابة آخرين بذكر الثلاثة دون شكٍّ كحديث عائشة عند مسلم (2536)، وحديث عمر بن الخطاب عند الطيالسي (32)، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل محمد بن يونس - وهو الكُديمي - فهو ضعيف جدًّا، لكن صحَّ ذلك عن عليٍّ من وجوه أخرى كما تقدَّم برقم (4577) و (4616).

(2)

وهو عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 576 عن محمد بن عمر -وهو الواقدي- به، فلم ينفرد به سليمان بن داود وهو الشاذكوني.

وأخرجه الحارثُ بن أبي أسامة في "مسنده" كما في بغية الباحث" للهيثمي (683)، ومن طريقه أخرجه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة" (3162) عن يعقوب بن محمد الزُّهْري، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 576 عن محمد بن عمر الواقدي، كلاهما عن عبد المهيمن بن عبّاس، عن أبيه، عن جده، فذكر نحوه وعبد المهيمن ضعيف الحديث.

ص: 805