الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكرُ عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخيه من الرِّضَاعة
وأسد الله وأسدِ رسوله صلى الله عليه وسلم، حمزةَ بن عبد المطّلِب، كانت له كنيتان أبو يعلى وأبو عُمارة لابنيه يعلى وعُمارة، أسلم حمزةُ في السنة السادسة من النبوة، وكان أسنَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعِ سنين، وقُتل يومَ السبت في المَغْرَى بأُحدٍ لسبعٍ خلَون من شوّال سنة ثلاثٍ من الهجرة.
4935 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا أبو الأسود، عن عُرْوة، قال: شهد بدرًا من بني هاشم بن عبد مَناف: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وحمزةُ بن عبد المطّلب وعليُّ بن أبي طالب وزيدُ بن حارثة وأَنَسَةُ مولى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وأبو كَبْشة وأبو مَرثَد وابنه مَرثَ
(1)
.
4936 -
حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو جعفر محمد بن عُبيد الله
(1)
رجاله لا بأس بهم كما تقدّم بيانه برقم (4378). أبو عُلَاثة هو محمد بن عمرو بن خالد الحَرَّاني ثم المصري، وأبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن المعروف بيتيم عروة بن الزُّبير.
وأخرجه مفرَّقًا الطبراني في "الكبير"(780) بذكر أنسة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، و (2915) بذكر حمزة بن عبد المطلب، و (4649) بذكر زيد بن حارثة، و 19 / (432) بذكر أبي مَرثَد - وهو كَنَّاز بن حُصين الغَنَوي - و 20 / (773) بذكر مرثد بن أبي مرثد الغَنَوي.
وأخرج ذكر شهود علي بن أبي طالب بدرًا: أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" بإثر (1806)، ومن طريقه ابن عساكر 42/ 70.
وسيأتي برقم (7024) من طريق هشام بن عُرْوة عن أبيه، ذكر رجوع زيد بن حارثة بالبشارة يوم بدر بغلَبة المسلمين، وروي مثلُه عن غير واحد من أهل السِّير كما سيأتي بيانه برقم (5015).
وممَّن وافق عروةَ بنَ الزبير على شهود المذكورين بدرًا: الزهريُّ عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(345)، وابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 677 - 678، والواقدي في "مغازيه" 1/ 24 و 153.
وشهود حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب بدرًا متواتر لا يخفى على أحد.
ابن أبي داود المُنادي، حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، عن ابن عَون، عن عُمير بن إسحاق، قال: كان حمزةُ يقاتِل بين يدَي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بسيفَين، ويقول: أنا أسدُ الله
(1)
.
4937 -
وحدثنا أبو العبّاس، حدثنا أبو أسامة عبد الله بن أسامة الحَلبَي، حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى، حدثنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني، عن أبي إسحاق الشَّيباني، عن علي بن حَزَوَّر، عن الأصبَغ بن نُباتة، عن علي، قال: إِنَّ أفضلَ الخَلْق يومَ يجمَعُهم الله الرسُلُ، وأفضلَ الناسِ بعد الرسل الشهداءُ، وإنَّ أفضلَ الشهداء حمزةُ بنُ عبد المطلّب، وقد تكلَّم به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:"سيِّدُ الشهداءِ حمزةُ بنُ عبد المطّلب"
(2)
.
(1)
رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسل، وقد وصله بعضُهم عن ابن عون - وهو عبد الله بن عون بن أرْطَبان - بذكر سعد بن أبي وقاص كما سيأتي برقم (4941)، لكن المرسل أشبه كما رواه الأكثرون عن عبد الله بن عون والله أعلم.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 11 عن إسحاق بن يوسف الأزرق، به. وزاد يوم أُحدٍ.
وأخرجه ابن سعد 3/ 12، وابن أبي شيبة 12/ 107 و 14/ 390، والطبراني في "الكبير"(2953)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1815) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، وصالح بن أحمد بن حنبل في "مسائله" لأبيه (866) عن معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 243 من طريق يونس بن بُكَير، ثلاثتهم عن عبد الله بن عون، به.
وسيأتي برقم (4941) من طريق محمد بن شاذان الجوهري، عن معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، عن ابن عَوْن، عن عمير بن إسحاق، عن سعد بن أبي وقاص موصولًا!
وقد روي عن جابر بن عبد الله فيما تقدَّم برقم (2589) قول حمزة بن عبد المطلب لما أصيب بأحدٍ وهو يقول: أنا أسد الله وأسد رسوله. لكن إسناده ضعيف.
(2)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل علي بن حَزَوَّر والأصبغ بن نُباتة، فهما متروكا الحديث، ومحمد بن سليمان بن الأصبهاني فيه ضعفٌ، لكن قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث:"سيّد الشهداء حمزة بن عبد المطّلب" مروي أيضًا عن جابر بن عبد الله كما تقدَّم برقم (2589)، وكما سيأتي =
4938 -
أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، حدثني عبد الله بن جعفر المَخْرمي
(1)
، عن أم بكر بنت المِسْور بن مَخْرمة، عن أبيها: أن آمنةَ بنت وَهْبٍ أُمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في حَجْر عمِّها أُهَيب بن عبد مَناف بن زُهْرة، وإنَّ عبد المطّلب بن هاشم جاء بابنه عبد الله بن عبد المطّلب أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتزوجَ عبدُ الله آمنةَ بنتَ وهْبٍ، وتزوّج عبد المطَّلب هالةَ بنتَ أُهَيب بن عبد مَناف بن زُهْرة، وهي أم حمزة بن عبد المطّلب في مجلس واحدٍ، وكان قريبَ السنِّ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأخوه
(2)
من الرِّضاعة
(3)
.
= برقم (4945)، وعن ابن عبّاس كما سيأتي بيانه هناك.
أبو إسحاق الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان فيروز.
وأخرج حديث عليٌّ هذا الطبراني في "الكبير"(2958) عن علي بن سعيد الرازي، عن أبي أسامة عبد الله بن أسامة بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(256)، ومن طريقه كمال الدين بن القديم في "بغية الطلب في تاريخ حلب" 4/ 1927 من طريق عمرو - ويقال: عمر - بن بَزيع، عن علي بن حَزَوَّر، به.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى المخزومي، وإنما هو المَخْرمي نسبة لمخرمة أحد أجداده، وهو والد المسور.
(2)
كذلك جاء في أصول "المستدرك" بالرفع على الاستئناف، فيكون خبرًا لمبتدأ محذوف.
(3)
هذا الخبر مشهور عند أهل السير يُستغنى بشُهرته عن طلب الإسناد إليه، فلم ينفرد به محمد بن عمر وهو الواقدي - والذين فوقه ليس بهم بأس كما مضى بيانه برقم (4802).
وهو عند ابن سعد في "طبقاته" 1/ 75 عن محمد بن عمر الواقدي، بهذا الإسناد.
وقد تقدَّم نحوه برقم (4221) من طريق عبد العزيز بن عمران، عن عبد الله بن جعفر، عن أبي عون عن المسور بن مَخرمَة، عن ابن عباس، عن أبيه.
وأخرجه ابن سعد أيضًا 1/ 75 عن محمد بن عمر الواقدي، عن عمر بن محمد بن عمر بن أبي طالب، عن يحيى بن شبل، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، مرسلًا. =
ذكرُ إسلامِ حمزةَ بن عبد المطّلب
4939 -
حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: فحدثني رجلٌ من أسلَمَ - وكان واعيةً -: أنَّ أبا جهل اعترضَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا، فآذاهُ وشَتَمه، وقال فيه ما يَكرهُ من العَيب لِدينِه، والتضعيفِ له، فلم يُكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومولاةٌ لعبد الله بن جُدْعان التَّيمي في مَسكنٍ لها فوق الصفا تسمع ذلك، ثم انصرفَ عنه، فعَمَد إلى نادي قُريشٍ عند الكعبة، فجلس معهم، ولم يلبث حمزةُ بن عبد المطلب أن أقبل مُتوشّحًا قوسَه راجعًا من قَنْصٍ له، وكان إذا فعل
(1)
ذلك لم يَمرَّ على نادي قريش إلَّا وقف وسلّم، وتحدّث معهم، وكان أعزَّ قريش، وأشدَّها شَكِيمةً، وكان يومئذٍ مشركًا على دين قومه، فجاءته المولاةُ وقد قامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ليرجعَ إلى بيته، فقالت له: يا أبا عُمارة، لو رأيتَ ما لقي ابن أخيك محمدٌ من أبي الحكم آنفًا، وجدَه هاهُنا فآذاهُ وشَتَمه وبلَغ ما يَكرَهُ، ثم انصرف عنه، ولم يُكلّمْه محمدٌ، فاحتملَ حمزةَ الغضبُ لما أراد الله من كرامتِه، فخرج سريعًا لا يقف على أحدٍ كما كان يصنعُ يريد الطواف بالبيتِ متعمِّدًا لأبي جهل أن يقع به، فلما دخل المسجدَ نَظَر إليه جالسًا في القوم فأقبل نحوه، حتى إذا قامَ على رأسِه رفعَ القوسَ فضرَبه على رأسِه ضربةً مملوءةً، وقامت رجالٌ من قريش من بني مَخْزوم إلى حمزة لِينصُروا أبا جهل، فقالوا: ما نراك يا حمزةُ إِلَّا
= وكون حمزة أخا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فثابت من حديث علي بن أبي طالب الذي تقدَّم برقم (4664).
وحديث ابن عباس عند أحمد 3/ (1952)، والبخاري (2645)، ومسلم (1447).
وحديث أم سلمة عند مسلم (1448).
(1)
في نسخنا الخطية: جعل، بالجيم بدل الفاء، والمثبت من المطبوع وهو الموافق لما في المطبوع من "السيرة النبوية" برواية يونس بن بُكَير عن ابن إسحاق (212)، وهو الموافق كذلك لسائر الروايات عن ابن إسحاق.
صَبَأتَ؟ فقال: حمزةُ وما يَمنعُني وقد استبانَ لي ذلك منه، أنا أشهدُ أنه رسولُ الله وأنَّ الذي يقول حقٌّ، فوالله لا أنزِعُ فامنَعُوني إن كنتُم صادِقين، فقال أبو جهل: دَعُوا أبا عُمارة، لقد سبَبتُ ابنَ أخيه سبًّا قبيحًا، ومَرَّ حمزةُ على إسلامِه وتابع
(1)
رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فلما أسلم حمزةُ علمت قريشٌ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قد عَزَّ وَامتَنَعَ، وأَنَّ حمزةَ سيَمنعُه، فكَفُّوا عن بعض ما كانوا يتناولونه ويَنالُون منه، فقال في ذلك شِعرًا
(2)
حين ضَرَب أبا جهل، فذكر رَجَزًا غيرَ مُستقِرٍّ، أولُه:
ذُق [يا] أبا جَهلٍ بما غَشِيتْ
(3)
قال: ثم رجع حمزةُ إلى بيتِه فأتاهُ الشيطانُ، فقال: أنت سيدُ قريشٍ اتبعتَ هذا الصابئ وتركتَ دِينَ آبائك، لَلْموتُ خيرٌ لك مما صنعتَ، فأقبلَ على حمزةَ بَثُّه
(4)
، فقال: ما صنعتُ؟! اللهم إن كان رَشَدًا فاجعل تصديقَه في قلبي، وإلَّا فاجعل لي ممّا وقعتُ فيه مخرجًا، فبات بليلةٍ [لم يَبِتْ]
(5)
بمثلها من وسوسة الشيطان، حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ابنَ أخي، إني وقعتُ في أمرٍ لا أعرفُ المَخرجَ منه، وإقامةُ مثلي على ما لا أدري ما هو أرَشَدٌ هو أم غَيٌّ، شديدٌ، فحدِّثْني حديثًا فقد اشتَهيتُ يا ابن أخي أن تحدِّثَني، فأقبلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فذكَّره ووعَظَه،
(1)
زاد في (ز) و (ب) لفظة: يخفف، ولم نتبين معناها، ولم ترد في (ص) و (م)، ولم ترد في شيء من الروايات عن ابن إسحاق، فرأينا أنَّ الأولى حذفُها.
(2)
تحرَّف في النسخ إلى: سعد، ولا ذكر لسعد في هذا الخبر، إنما الذي قال ذلك حمزة نفسه، كما في "السيرة النبوية" برواية يونس بن بُكَير، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 213 عن أبي عبد الله الحاكم.
(3)
في (ص) و (م) والمطبوع من "السيرة النبوية" برواية يونس بن بُكَير: عسيت، بإهمال العين والسين.
(4)
البَثُّ: أشدُّ الحزن، وسمي بذلك لأنَّ صاحبه لا يصبر حتى يُظِهره.
(5)
سقط من نسخنا الخطية، وأثبتناها من "السيرة النبوية" ومن رواية البيهقي في "دلائل النبوة" 12/ 213 - 21 عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده هذا.
وخَوَّفه وبَشَّره، فألقى اللهُ في نفسه الإيمانَ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أشهدُ إنك لَصادِقٌ شهادَة الصِّدق
(1)
والعارف، فأظهِرْ يا ابن أخي دِينَك، فوالله ما أُحبُّ أنَّ لي ما أظلَّتِ السماء
(2)
وإنِّي على دينيَ الأوّلِ. قال: فكان حمزةُ ممَّن أعزّ الله به الدِّينَ
(3)
.
4940 -
حدثنا أبو العبّاس، حدثنا سعيد بن محمد أبو عمر الحَجْواني، حدثنا وكيع بن الجرَّاح، حدثنا قُدامة بن موسى الجُمَحي، عن عبد الله بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جدِّه، قال: جاء عليٌّ وحمزةُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد اغتَسلا، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"كيف صَنَعتُما؟ " قال أحدُهما: يا رسولَ الله، سترتُه بالثَّوب، وقال الآخرُ: فَعَلتُ مثلَ ذلك، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لو فَعلتُما غيرَ ذلك لسَتَرتُكُما"
(4)
.
(1)
تحرَّفت العبارة في نسخنا الخطية إلى: وشهادة المصدق.
(2)
في (ز): ألمعت الشمس، والمثبت على الصواب من رواية البيهقي في "الدلائل 2/ 214.
وفي "السيرة " برواية يونس بن بُكَير عن إسحاق (213): أظلته السماء.
(3)
إسناده ضعيف لإبهام الرجل الأسلمي، وهو مع ذلك مُعضَل.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 213 - 214 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وهو في "السيرة النبوية برواية يونس بن بكير (212) و (213).
وهو أيضًا في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 291 - 292 عن زياد بن عبد الله البكائي، عن محمد بن إسحاق، به.
وأخرجه الطبري في "تاريخه" 2/ 333 - 334 من طريق سلمة بن الفضل، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1808) من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن محمد بن إسحاق، به. ولم يذكرا قصة مجيء الشيطان لحمزة ومحاولته ثَنْيه عن الإسلام إلى آخر القصة.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2926) من طريق جرير بن حازم، عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس بن شَرِيق الثقفي، معضلًا، دون قصة مجيء الشيطان لحمزة.
وأخرجه مختصرًا كذلك ابن سعد في "طبقاته" 3/ 8 من طريق عُبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مَوهَب والطبراني في "الكبير"(2925) من طريق أسامة بن زيد الليثي، كلاهما عن محمد بن كعب القُرظي، مرسلًا أيضًا، دون قصة مجيء الشيطان إلى حمزة.
(4)
إسناده ضعيف لضعف سعيد بن محمد الحَجْواني، فقد ضعَّفه الدارقطني فيما نقله عنه =
صحيح الإسناد ولم يُخرجاه.
4941 -
حدثني أبو بكر محمد أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن شاذان الجَوهَري، حدثنا معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفَزَاري، عن ابن عَوْن، عن عُمير بن إسحاق، عن سعد بن أبي وَقّاص، قال: كان حمزةُ بن عبد المطّلب يُقاتِل يومَ أُحُدٍ بين يَدَي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ويقول: أنا أسدُ الله
(1)
.
صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.
4942 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، عن شُيوخه، قالوا: لما أُصيبَ حمزةُ جَعَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "لن أُصابَ بمثلِك أبدًا"، ثم قال لفاطمة ولِعمَّتِه صفيّة:"أبشرا، أتاني جِبريلُ عليه السلام، فأخبَرَني أنَّ حمزةَ مَكتوبٌ في أهلِ السماوات: حمزةُ بنُ عبد المُطَّلب أَسَدُ اللهِ وأَسَدُ رسولِه"
(2)
.
= المصنف نفسه في "سؤالاته" للدارقطني.
ولم نقف عليه عند غير المصنف.
(1)
رجاله لا بأس بهم، لكن اختُلف في وصله وإرساله، وقد انفرد بإرساله محمد بن شاذان الجوهري أو مَن دونه، وقد رواه أحمد بن حنبل كما في مسائل ابنه صالح (866) عن معاوية بن عمرو - وهو ابن المهلّب الأزدي عن أبي إسحاق الفَزَاري - وهو إبراهيم بن محمد بن الحارث - عن ابن عَون - وهو عبد الله بن عون بن أَرْطَبان - عن عمير بن إسحاق، مرسلًا.
وكذلك رواه جماعةٌ عن عبد الله بن عون مرسلًا كما تقدَّم بيانه برقم (4936)، فالأشبه إذًا إرسالُه، والله تعالى أعلم.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 2430 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده وما سيأتي برقم (4959).
(2)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل محمد بن عمر - وهو ابن واقد الواقدي - ففيه مقالٌ معروف، ولا يُعرف عن أيّ شيوخه حمل هذا الخبر، على أنه وإن عُرف عمن حمله يبقى فيه علَّة الإرسال أو الإعضال، ولم يُرو هذا الخبر من وجه آخر يُعتدُّ به.
وهو في "مغازي الواقدي" 1/ 290. =
4943 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفّار، حدثنا أحمد بن مِهْران حدثنا عُبيد الله بن موسى، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضَرِّبٍ، عن عليٍّ، قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نادِ حمزةَ فكان أقربَهم إلى المشركين -: مَن صاحبُ الجملِ الأحمَر، وماذا يقول لهم" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن يكن في القوم أحدٌ يأمرُ بخيرٍ، فعسى يكونُ صاحبَ الجملِ الأحمرِ"، فقال لي حمزةُ: هو عُتبة بن ربيعة، وهو يَنْهى عن القتالِ، وهو يقولُ: يا قومِ، إني أرى قَومًا لا تَصِلُون إليهم وفيكم خيرٌ، يا قومِ اعِصبُوها اليومَ بي، وقولوا: جَبُنَ عُتبةٌ بن رَبيعة، ولقد علمتُم أني لستُ بأجبَنِكم، فسمعَ بذلك أبو جَهْل، فقال: أنت تقولُ هذا؟! لو غيرُك قال قد مُلِئتَ رُعبًا، فقال: إيايَ تعني يا مُصفِّرَ استِه؟! قال: فَبَرَزَ عُتبةُ وأخوه شَيْبَةُ وابنه الوليدُ، فقالوا: من يُبارِزُ؟ فخرج فِتيةٌ من الأنصار شَبَةٌ، فقال عتبةُ: لا نريدُ هؤلاءِ، ولكن يُبارِزُنا من أعمام بني عبد المطّلب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قُمْ يا حمزةُ، قُمْ يا عُبيدةُ، قم يا عليٌّ"، فبَرَزَ حمزةُ لِعُتبة، وعُبيدةُ لشَيْبة، وعليٌّ للوليد، فقَتَل حمزةُ عُتبةَ، وقَتَل عليٌّ الوليد، وقَتَل عُبيدةُ شَيْبَةَ، وَضَرَبَ شَيْبَةٌ رِجلَ عُبيدةَ فقطَعها، فاستنقذَه حمزةُ وعليٌّ، حتى تُوفِّي بالصَّفْراء
(1)
.
= وذكره ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 96 بغير إسنادٍ.
وسيأتي عند المصنف برقم (4959) من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن جده.
وإسناده ضعيف جدًّا.
(1)
إسناده صحيح، لكن اختُلف في ذكر الخصوم كما تقدَّم بيانه برقم (4923)، فبعضهم يذكر عُتبة بن ربيعة في مقابل عُبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة في مقابل حمزة بن عبد المطّلب. ولكن ما جاء في هذه الرواية هو الأكثر والأشهر إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وأبو إسحاق في الإسناد هو جدُّه.
وأخرجه مختصرًا أبو داود (2665) من طريق عثمان بن عمر العَبْدي، عن إسرائيل، بهذا الإسناد. غير أنه ذكر عليًّا في مقابل شيبة، وعُبَيدة في مقابل الوليد بن عُتبة. وما عند المُصنِّف أولى وأثبتُ كما نبهنا عليه برقم (4923). =
صحيح علي شرط الشيخين ولم يُخرجاه.
4944 -
أخبرنا أبو العباس المحبُوبي بمَرُو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عُبيد الله بن موسى أخبرنا أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر، قال: رجعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحُد، فسمع نساءَ بني عبد الأشْهَل يَبكِين على هَلْكاهُنَّ، فقال:"لكنَّ حمزةَ لا بَواكيَ له"، فجئن نِساءُ الأنصار فبَكَين على حمزة عنده، ورَقَد فاستيقَظ وهنَّ يَبكِين، فقال: "يا وَيلَهنَّ، إنهن لَهاهُنا حتى الآن؟! مُروهُنَّ فليرجِعْن، ولا يَبكِين على هالكٍ بعدَ اليوم
(1)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
4945 -
حدثني أبو علي الحافظ، أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر بن بسطامَ المَروَزي، حدثنا أحمد بن سَيَّار ومحمد بن الليث قالا: حدثنا رافع بن أشْرَسَ المروَزي، حدثنا حُفَيد الصفَّار، عن إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سيِّدُ الشهداءِ حمزةُ بن عبد المطّلب، ورجلٌ قام إلى إمامٍ جائرٍ،
= وأخرجه أحمد 2 / (948) عن حجاج بن محمد المصّيصي الأعور، عن إسرائيل، به. لكنه قال في روايته: فقتل الله تعالى عُتبة وشيبة ابني ربيعة، والوليد بن عُتبة، وجُرح عُبيدة. كذا لم يذكر مَن قتل كُلًا من المذكورين.
وقوله: مُصفِّر استه، كلمة تقال للمتنعِّم الذي لم تُحنِّكه التجارب والشدائد، وهي من الصفير، وهو الصوت بالفم والشفتين وكأنه قال: يا ضرّاط نسبة إلى الجُبن والخور، أو أنه رماه بالأُبنة، وأنه كان يُزعفِر استَه.
(1)
إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد: وهو اللَّيثي.
وأخرجه أحمد 9 / (4984) و (5563) و (5666)، وابن ماجه (1591) من طرق عن أسامة بن زيد الليثي، به.
وسيأتي برقم (4952) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة عن أسامة بن زيد الليثي.
ولأسامة بن زيد الليثي فيه إسنادٌ آخر تقدَّم عند المصنف برقم (1423)، يروي الحديثَ ثمة عن الزهري عن أنس بن مالك. وجمع البزار (6345) و (6346) وأبو يعلى (3576) وغيرهما بين إسناديه هذين، فالظاهر أنَّ أسامة حفظهما، والله أعلم.
فأمره ونهاه فقَتَلَه"
(1)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
4946 -
أخبرنا أحمد بن عثمان بن يحيى المُقرئ ببغداد، حدثنا إبراهيم بن عبد الرحيم بن دَنُوقا، حدثنا مُعلَّى بن عبد الرحمن الواسطي، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثنا محمد بن كعب القُرَظي، عن ابن عبّاس، قال: قُتل حمزةُ بن عبد المطلب عَمُّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم جُنُبًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"غَسَّلَتْه المَلائكةُ"
(2)
.
(1)
حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حُفيد الصفَّار، فإنه لا يُدرى من هو، كما قال الذهبي في "تلخيصه"، لكن تابَعَه حكيم بن زيد المروزي، وهو حسن الحديث إن شاء الله، فقد روي عنه جمع من الثقات، وقال عنه أبو حاتم صالح شيخ، وكان قاضي مرو، ولا يُعرف وجهُ قول الأزدي فيه: فيه نَظَر، وقوله مرةً: متروك الحديث!! على أنَّ لحديث جابر هذا طريقًا أخرى تقدَّمت برقم (2589) بذكر حمزة دون الذي يقتلُه الإمامُ الجائر، لكن تلك الطريق ضعيفة، وأمثل طرقه عن جابر طريق حكيم بن زيد.
إبراهيم الصائغ: هو ابن ميمون، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه محمد بن مخلد العطار في "منتقى حديثه"(37)، والطبراني في "الأوسط"(918)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 6/ 557 و 7/ 406 من طريقين عن حكيم بن زيد المروزي، عن إبراهيم بن ميمون الصائغ، به. إلّا أنَّ الطبراني ذكر في روايته عكرمة بدل عطاء وهو خطأ.
ويشهد له حديثُ ابن عباس عند الطبراني في "الأوسط"(4079)، وأبي نعيم في "مسند أبي حنيفة" ص 187، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 416 من طريق الحسن بن رُشيد، عن أبي حنيفة، عن عكرمة عن ابن عبّاس.
وهو كذلك عند ابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 54 - 55، وعبد الخالق بن أسد في "معجمه"(2)، وأبي طاهر السِّلفي في "معجم السفر"(573)، والرافعي في "أخبار قزوين" 4/ 11، لكنهم زادوا الحسن بن رُشيد وبين أبي حنيفة رجلًا هو أبو مقاتل حفص بن سَلْم السمرقندي، وهو ضعيف، إلّا أنَّ الحسن بن رُشيد صرَّح عند ابن عساكر بسماعه من أبي حنيفة وهو معدود في أصحابه، والإسناد إليه قويٌّ، ولكن الحسن بن رشيد هذا ليَّنه الذهبي في "الميزان".
(2)
إسناده تالف من أجل مُعلّى بن عبد الرحمن الواسطي، فهو هالكٌ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، بل قد اتهمه بعضهم بوضع الحديث. =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
4947 -
أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد السَّمّاك، حدثنا بن حدثنا عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، حدثنا أحمد بن عبد الله اللَّهَبي
(1)
، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن حَرَام بن عثمان، عن عبد الرحمن الأغرّ، عن أبي سلمةَ، عن أسامة بن زيد قال خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يريد بيتَ حمزةَ، فتبعتُه حتى وقف على الباب، فقال:"السلامُ عليكُم، أتَمَّ أبو عُمارة؟، قال: فقالت: لا والله، بأبي أنت وأمي، خرج عامدًا نحوك، فأظنُّه أخطأك في بعض أزِقّة بني النجّار، أفلا تدخلُ بأبي أنت وأمي يا رسولَ الله؟ قال: "فهل عندكِ شيءٌ؟ " قالت: نعم، فدخل فقرَّبتْ إليه
= وأخرج الطبراني في "الكبير"(12094)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(7460) من طريق شريك النخعي، عن الحجاج بن أرطاة، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 15 من طريق أبي شيبة إبراهيم بن عثمان الواسطي، كلاهما عن الحكم بن عُتيبة، عن مِقسم، عن ابن عباس: أن حمزة بن عبد المطلب وحنظلة بن الراهب أصيبا يوم أحد وهما جنب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"رأيت الملائكة تغسّلهما". وكلا الإسنادين ضعيف، شريك سيئ الحفظ والحجاج مدلّس وقد عنعن، وأبو شيبة في الإسناد الثاني متروك لا يُفرح به. وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 4/ 714: غريب في ذكر حمزة.
وفي الباب عن الحسن البصري مرسلًا عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 14 قال: قال رسول الله: صلى الله عليه وسلم: "لقد رأيت الملائكة تُغسّل حمزة". ورجاله ثقات إلى الحسن البصري، لكن مراسيل الحسن لم يعتدَّ بها أهل الصنعة.
والمحفوظ أنَّ غسيل الملائكة هو حنظلة بن أبي عامر الراهب كما سيأتي برقم (4979).
(1)
تحرَّف في (ص) و (م) و (ع) إلى: الليثي، والتصويب من (ز) و (ب) و "تلخيص الذهبي"، وكذلك هو في "مسند الحسن بن سفيان" كما في "إتحاف السادة المتقين" للزَّبيدي 10/ 505 إلَّا أنه سمّى أباه حُسينًا، فقال: حدثنا أحمد بن حُسين اللّهبي المديني، وساق الحديث. فلعلَّ عبد الله اسم أحد أجداده، أو هو خطأٌ من عبد الملك الرَّقاشي، فقد وقعت له لما سكن بغداد أوهامٌ، وابن السمّاك راويه عنه هنا بغداديٌّ، والله أعلم. فإن كان ما وقع عند الحسن بن سفيان محفوظًا، فاللهبي نسبة إلى أبي لَهَب بن عبد المطلب، كما في "مغاني الأخيار" للعيني 1/ 28، ونقل عن الحافظ أبي بكر الجارودي النيسابوري أنه وثقه.
قَعْبًا
(1)
فيه حَيْسٌ
(2)
، فقالت: كُلْ بأبي أنتَ وأمي يا رسول الله، هنيئًا لك ومَريئًا، فقد جئتَ وأنا أريدُ أن آتيَكَ وأُهنِّئَك وأُمْرِئَك: أخبرَني أبو عمارة أنك أُعطِيتَ نهرًا في الجنة يُدعَى الكَوثرَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وآنيتُه أكثر من عددِ نُجوم السماءِ، وأحبُّ وارِدِه عليَّ قَومُك"
(3)
.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: صعبا، وكتب فوقها في (ص): قعبًا، كالمصحّح لها، ولم ترد اللفظة في المطبوع، فجاء بدلًا منها فقربت إليه حيسًا. والقَعْبُ: قدحٌ من خشب مقعّر مُدوّر يُشرب فيه.
(2)
تحرَّفت في (ز) إلى: د س، وسقطت الكلمة من (ص) و (م) مع وجود إحالة فيهما للهوامش، دون إثبات أي شيء فيه، فكأنَّ ناسخ الأصل المنقول عنه أراد أن يكتبها ملحقة بالهامش فذهل، أو كانت غير واضحة في ذلك الأصل، فاكتفى في (ص) و (م) بالإحالة إشارة إلى وجود كلمة زائدة في ذلك الأصل.
(3)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل حرام بن عثمان، فهو متروك الحديث، ولهذا عقَّب الذهبي في "تلخيصه" على تصحيح المصنف للحديث، فقال: أين الصحة وحرام فيه؟!
قلنا: وقد وقع في هذا الإسناد من الأخطاء وصف عبد الرحمن بالأغر، وإنما هو الأعرج، وتسمية شيخه أبا سلمة، وإنما هو المسور بن مَخرمَة، ولعلّ هذه الأخطاء من أوهام عبد الملك الرَّقاشي كما سبق.
فقد أخرج هذا الحديث الحافظ المتقن الحسن بن سفيان في "مسنده" كما في "إتحاف السادة المتقين" 10/ 505 عن أحمد بن الحسين اللَّهَبي المديني، عن عبد العزيز بن محمد، عن حرام بن عثمان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن المسور بن مَخرمَة، عن أسامة بن زيد. وزاد فيه قوله صلى الله عليه وسلم في صفة الكوثر:"وعَرْصتُه ياقوتُ ومَرجانٌ وزَبَرْجَدٌ ولؤلؤٌ".
وكذلك أخرجه بقيٌّ بن مخلد في "الحوض والكوثر"(42) عن يحيى بن عبد الحميد الحِمّاني، والبزار في "مسنده"(1289) عن شيخ من شيوخ البصرة، كلاهما عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن حرام بن عثمان عن عبد الرحمن الأعرج، عن المسور بن مَخرمَة، عن أسامة بن زيد. وزاد بقيٌّ في روايته في وصف الكوثر مثل ما وقع في رواية الحسن بن سفيان، وزاد أيضًا:"وهو ما بين أيلة وصنعاء".
وأخرجه الطبري في "تفسيره" 3/ 325، والطبراني في "المعجم الكبير"(2960)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(1831) من طريق محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن حرام بن عثمان، =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
4948 -
حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا أسامة بن زيد عن الزُّهْري، عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرّ بحمزةَ يوم أُحُدٍ وقد جُدِعَ ومُثِّل به، وقال:"لولا أن صفية تَجِدُ لَتَركْتُه حتى يَحشُرَه اللهُ من بُطون الطَّير والسِّباع"، فكفَّنه في نَمِرةٍ
(1)
.
= عن عبد الرحمن الأعرج، عن أسامة بن زيد فأسقط من إسناده الواسطة بين الأعرج وأسامة. وأخرجه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(258) عن ابن ناجية، عن كعب أبي عبد الله الذَّرّاع، عن يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن عبد العزيز بن محمد، عن حرام بن عثمان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن المسور بن مَخرمَة عن أسامة بن زيد عن امرأة حمزة بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم. فجعله من مسند امرأة حمزة بن عبد المطّلب.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(24/ 588) من طريق زيد بن الحُباب، عن عيسى بن النعمان من ولد رافع بن خَديج عن معاذ بن رفاعة بن رافع بن خديج عن خولة بنت قيس، وكانت تحت حمزة بن عبد المطلب، قالت: دخل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فجعلتُ له خزيرة، فقدمتها إليه، فوضع يده فيها، فوجد حَرّها، فقبضها، فقال:"يا خولة، لا نصبر على حرٍّ ولا بَرْدٍ، يا خولة، إِنَّ الله أعطاني الكوثر، وهو نهر في الجنة، وما خلقٌ أحبَّ إليَّ ممّن يَرِدُه من قومك"، وإسناده محتمل للتحسين.
ويشهد له بنحو لفظه في صفة الحوض بتمامه كما عند بقي بن مخلد والطبراني حديثُ عبد الله بن عمرو بن العاص عند الطبراني في "مسند الشاميين"(95)، غير أنه قال فيه:"عرضه بين أيلة وعدن"، وإسناده حسن وانظر حديث ابن عمر الآتي عند المصنف برقم (6441).
قال ابن كثير في "تفسيره" بعد أن ساق الحديث بإسناد الطبري: حرام بن عثمان ضعيف، ولكن هذا سياق حسنٌ، قد صحَّ أصل هذا بل قد تواتر من طرق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن غلط فيه أسامة بن زيد - وهو الليثي - إذ جعله عن الزُّهْري عن أنس، وإنما هو عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله، كما تقدّم بيانه برقم (1367) و (2590)، حيث تقدَّم هناك من طرق عن أسامة بن زيد الليثي.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
4949 -
حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا عبد الله بن صالح البخاري، حدثنا يعقوب بن حُميد بن كاسب، حدثنا سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله قال: وُلِدَ لرجلٍ منا غُلامٌ، فقالوا: ما نُسمّيه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بأحب الأسماءِ إليَّ: حمزةَ بن عبد المُطّلب"
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف موصولًا، قد تفرَّد يعقوب بن حُميد بن كاسب بوصله بذكر جابر بن عبد الله، فيما نبَّه عليه الدارقطني في "الغرائب والأفراد" كما في "أطرافه" لأبي الفضل بن طاهر المقدسي (1592)، ونبَّه عليه الدارقطني في "العلل"(3250). ويعقوب بن حميد بن كاسب يحسَّن حديثه إلّا عند التفرد أو المخالفة، وقد تفرَّد هنا بوصل الحديث، وخالفه من هو أوثق منه وأجلُّ، فرووا هذا الحديث عن سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن رجل من الأنصار قال: جاء جدّي بأبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره مرسلًا، وهو الأشبه بالصواب، ووصله بعضُ مَن لا يُعتمد عليه، فجعله من رواية هذا الرجل الأنصاري عن أبيه، قال: ولد لي غلام.
وأخرجه الآجريّ في "الشريعة"(1723) عن أبي محمد عبد الله بن صالح البخاري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1827) من طريق عبد الله بن إسحاق المدائني، عن يعقوب بن حميد بن كاسب به.
وأخرجه عبد الله بن وهب في "جامعه"(81 - أبو الخير) عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار (وتحرَّف في المطبوع اسم دينار إلى كثير)، قال: سمعت رجلًا بالمدينة يقول: جاء جدي بأبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكره مرسلًا.
وكذلك رواه مرسلًا يوسف بن سلْمان المازني عن سفيان بن عُيينة كما سيأتي عند المصنف في الرواية التالية.
وأخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في "طبقات المحدثين بأصبهان"(291)، وأبو نُعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(1826)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 2/ 514، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 52/ 4 - 5 من طريق قيس بن الربيع عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن رجل من الأنصار، عن أبيه، قال: ولد لي، غلام فذكره موصولًا، ولكن قيس بن الربيع ليس بالقوي وانفرد به عن شعبة. قال الخطيب غريب من حديث شعبة، تفرَّد بروايته عبد العزيز =
صحيح الإسناد ولم يُخرجاه.
4950 -
حدّثَناه عبد الله بن إسحاق ابن الخُراساني العَدْل ببغداد، حدثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا يوسف بن سَلْمان المازني، حدثنا سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، سمع رجلًا بالمدينة يقول: جاء جَدّي بأبي إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هذا ولدي، فما أُسمِّيه؟ قال:"سَمِّه بأحبِّ الناسِ إليَّ حمزةَ بن عبد المُطَّلب"
(1)
.
قد قَصّر هذا الراوي المَجهُول برواية الحديث عن ابن عُيينة، والقولُ فيه قول يعقوبَ بن حُميد، وقد كان أبو أحمد الحافظ يُناظِرُني أنَّ البخاريَّ قد روى عنه في "الجامع الصحيح"، وكنت آبَى عليه
(2)
.
4951 -
أخبرني أحمد بن كامل القاضي، حدثنا الهيثم بن خَلَفَ الدُّورِي، حدثنا محمد بن المثنَّى، حدثني عُبيد الله بن عبد المجيد الحَنَفي، حدثنا ربيعة بن
= ابن الخطّاب عن قيس بن الربيع عنه.
وقد رُوي خبرٌ آخر عن جابر بن عبد الله في تسمية النبي صلى الله عليه وسلم لابن رجلٍ من الأنصار بعبد الرحمن، أخرجه أحمد 22/ (14296، والبخاري (6186) و (6189)، ومسلم (2133) من طريق سفيان بن عُيينة، ومسلم (2133) من طريق روح بن القاسم، كلاهما عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: ولد لرجل منا، غلام فسماهُ القاسم، فقلنا: لا نكنِّيك بأبي القاسم ولا نُنعِمُك عَينًا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكَر له ذلك له، فقال:"أَسْمِ ابنَك عبدَ الرحمن". قلنا: هذا هو الصحيح عن جابر بن عبد الله.
(1)
رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسلٌ، وأخطأ المصنِّف إذ جهَّل يوسفَ بن سلْمان المازني، فهو
جيّد الحديث، روى عنه جمع من كبار الحفاظ، وقال عنه النسائي: لا بأس به، ووثّقه مسلمة بن قاسم، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد وصله بعضهم، ولكن ذلك لا يصح كما سبق بيانه في
الذي قبله.
(2)
كان المصنِّف يرى أنَّ يعقوب الذي روى عنه البخاري وأهمله في موضعين فلم يقيّده هو يعقوب بن محمد الزهري كما تقدَّم بإثر الحديث (3143). وأبو أحمد الحافظ: هو المعروف بالحاكم الكبير، صاحب كتاب "الكنى والأسماء"، وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 16/ 370.
كُلْثوم، عن سَلَمة بن وَهْرام، عن عِكْرمة عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دخلتُ الجنةَ البارحةَ، فنظرتُ فيها، فإذا جعفرٌ يَطيرُ مع الملائكةِ، وإذا حمزةُ مُتّكئ على سَريرٍ"
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف، وقد وقع في إسناد المصنف هنا خطأ في تسمية الراوي عن سلمة بن وهرام بأنه ربيعة بن كلثوم، فلم تقع تسميته بذلك في غير هذه الطريق، وجميع من خرَّج هذا الخبر رواه من طريق عُبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، عن زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام، وكذلك رواه المصنف نفسُه فيما سيأتي برقم (4997) عن أبي محمد المُزني عن الهيثم بن خلف الدُّوري. فالصحيح إذًا أنه زمعة بن صالح لا ربيعة بن كلثوم.
وزمعة بن صالح هذا ليِّن الحديث.
وسلمة بن وهرام لا بأس به يُعتدُّ بحديثه من غير رواية زمعة بن صالح عنه كما جزم به ابن حبان وابن عدي، وإنما وقعت المناكير في أحاديثه من جهة زمعة.
وقد روي مثلُ هذا الخبر في حقِّ جعفر بن أبي طالب دون حمزة بن عبد المطلب من وجوهٍ أخرى عن ابن عباس، قوَّى بعضها المنذريُّ في "ترغيبه"، وابن حجر في "الفتح" 11/ 149.
وصح مثلُ ذلك في حقِّ جعفر عن غير ابن عباس.
وأخرجه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(255)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 230، وابن عبد البر في "الاستيعاب"(ص 110)، والمزي في "تهذيب الكمال": 5/ 61 - 62 في ترجمة جعفر من طرق عن أبي موسى محمد بن المثنَّى، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1466)، وابن عدي 3/ 339، وضياء الدين المقدسي في "المختارة" 11 / (4316)، وفي "مناقب جعفر بن أبي طالب"(3) من طريقين عن عُبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، به.
وسيأتي عند المصنف برقم (4997) عن أبي محمد المُزني عن الهيثم بن خلف الدُّوري.
وأخرجه بذكر جعفر وحده الطبراني (12020)، والآجري في "الشريعة"(1717)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(652) و (1434)، والضياء في "مناقب جعفر"(14) من طريق أبي حفص عمر بن هارون البلخي، عن عبد الملك بن عيسى الثقفي، عن عكرمة، عن ابن عباس. وعمر بن هارون متروك متهم.
وكذلك أخرجه الطبراني (1467) و (12112)، وابن عدي في "الكامل" 1/ 240، والضياء في "مناقب جعفر"(4) من طريق أبي شيبة إبراهيم بن عثمان عن الحكم، عن مقسم عن: =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
وحسبُنا الله ونعم الوكيل، وصلَّى الله على محمد وآله وسلَّم.
هذه أحاديثُ تركتُها
(1)
في الإملاء
4952 -
حدثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان، حدثنا أبو أسامة، حدثنا أسامة بن زيد، عن نافع عن ابن عمر، قال: رجعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحدٍ، فسمع نساءَ بني عبد الأشْهَلِ يَبكينَ على هَلْكاهُنَّ، فقال:"لكنَّ حمزةَ لا بواكيَ له"
(2)
.
4953 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثني أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُزوة، في تسمية من شهد بدرًا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، حمزةُ بن عبد المطلب، وقُتِلَ يومَ أُحُدٍ وهو ابن أربعٍ وخَمسين
(3)
.
4954 -
حدثنا أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا محمد بن عبد الوهاب الحضرمي، حدثنا هارون بن إسحاق الهَمْداني، حدثنا عبد الله بن نُمير، عن أبي حمّاد الحَنَفي، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل عن جابر، قال: لما جَرَّدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزةَ
= ابن عباس وأبو شيبة متروك.
وسيأتي بنحوه عند المصنف برقم (5001) و (50011) من طريق سعدان بن الوليد عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عبّاس. وسعدان هذا مجهول.
وقد تقدَّم في شأن جعفر حديثُ البراء بن عازب برقم (4369) وإسناده ضعيف جدًّا.
وسيأتي عن أبي هريرة برقم (4999)، ونحوه برقم (5008) وهو حسنٌ.
وتقدَّم برقم (4400) عن عامر الشعبي: أنَّ ابن عمر كان إذا حيّا عبد الله بن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين وإسناده صحيح.
(1)
في (ز) و (م) و (ب): تركها، والمثبت من (ص).
(2)
إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد: وهو الليثي. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وقد تقدَّم برقم (4944) من طريق عثمان بن عمر عن أسامة بن زيد.
(3)
رجاله لا بأس بهم، وقد تقدَّم برقم (4935)، دون ذكر سنِّ حمزة لما استشهد.
بكي، فلما رأى مِثالَه شَهَقَ
(1)
.
4955 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا محمد بن أحمد بن النضر، حدثنا خالد بن خِدَاش، حدثنا صالح المُرِّي، عن سليمان التَّيمي، عن أبي عثمان النَّهدي عن أبي هريرة: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يومَ أحد نظر إلى حمزةَ وقد قُتل ومُثَّل به، فرأى منظرًا لم يَرَ منظرًا قطُّ أوجعَ لقِلبْه منه ولا أوجَلَ، فقال:"رحمةُ الله عليك، قد كنتَ وَصُولًا للرَّحِم، فَعولًا للخيرات، ولولا حُزنُ مَن بَعدَك عليك لَسَرَّني أن أدَعَك حتى تُحْيا من أفواجٍ شتّى"، ثم حَلَف وهو واقفٌ مكانَه:"والله لأُمثِّلنَّ بسبعينَ منهم مكانك" فنزلَ القرآنُ وهو واقفٌ في مكانِه لم يَبْرَح: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126]، حتى ختمَ السورةَ، وكَفَّر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأمسكَ عما أرادَ
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف أبي حماد والحَنَفي - واسمه المغفَّل بن صدقة - وعبد الله بن محمد بن عقيل، وتسمية شيخ أحمد بن يعقوب الثقفي هنا بمحمد بن عبد الوهاب الحضرمي وهمٌ، والصحيح أنه محمد بن عبد الله الحضرمي، وهو المعروف بمطيَّن، وقد روى الطبراني هذا الخبر في "معجمه الكبير"(2932) عنه بهذا الإسناد. وقد تقدَّم ضمن حديث مطول برقم (2589) وسيأتي برقم (4961) من طريق أبي إسحاق الفزاري عن أبي حماد.
وسيأتي ذكر التمثيل بحمزة بعده من حديث أبي هريرة.
وتقدَّم بالأرقام (1367) و (2595) و (4948) من حديث أنس بن مالك، وبرقم (3408) من حديث أبي بن كعب.
وسيأتي برقم (4956) من حديث ابن عباس.
مثاله، أي: صفة التمثيل به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف صالح المُرِّي - وهو ابن بشير - ولبعض حروفه شواهد صحيحة. وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2937) عن محمد بن أحمد بن النضر الأزدي، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن سعد 3/ 12، والبزار (9530)، وابن المنذر في "تفسيره"(1065)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 183، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات" (169 - 171) و (254)، وأبو بكر الآجري في "الشريعة" (1725)، والطبراني في "الكبير" (2937)، وابن عدي في "الكامل" =
4956 -
حدثني محمد بن صالح بن هانئ حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى الشهيد، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا بكر بن عيّاش، حدثنا يزيد بن أبي زياد عن مِقسَم، عن ابن عباس قال: لما قُتل حمزةُ أقبلتْ صفيةُ تَطلُبُه لا تدري ما صَنَعَ، فلقيَتْ عليًّا والزبيرَ، فقال عليٌّ للزبير: اذكُر لأُمّكَ، وقال الزُّبَير لعليٍّ: لا، اذكُر أنتَ لعمّتِك، قالت ما فعلَ حمزةُ؟ فأرَيَاها أنهما لا يَدرِيان، فجاءتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"إني أخافُ على عقلِها" فوضعَ يدَه على صدرِها ودعا، فاسترجَعتْ وبَكَت، ثم جاء فقام عليه وقد مُثِّلَ به، فقال:"لولا جَزَعُ النساءِ لتَركتُه حتى يُحشَر مِن حَواصِل الطَّير وبُطُونِ السِّباع". ثم أمر بالقَتْلى فجعل يُصلِّي عليهم، فيَضعُ تسعةً وحمزةَ، فيكبِّر عليهم سبعَ تكبيراتٍ، ثم يُرفَعُون ويُترَك حمزةُ، ثم يُؤتَى
(1)
بتسعةٍ، فيُكبِّر عليهم سبعَ تكبيراتٍ، حتى فرَغَ منهم
(2)
.
= 4/ 63، وأبو طاهر الذهبي في "المخلِّصيات"(1967)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1830)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(9253)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" 3/ 288 و 289، وأبو الحسن الواحدي في "أسباب النزول"(571)، وأبو القاسم الأصبهاني في "سير السلف الصالحين" ص 354 - 355، وابن الجوزي في "المنتظم" 3/ 182، وابن سيد الناس في "عيون الأثر" 2/ 29 من طرق عن صالح بن بشير المري، به.
ولذكر تمثيل المشركين بحمزة شواهد تقدَّم ذكرها عند الحديث السابق.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لولا حزنُ مَن بعدك .... " شاهدٌ من حديث أنس بن مالك الذي تقدَّم عند المصنف بالأرقام (1367) و (2595) و (4948)، وإسناده حسن.
وآخر من حديث ابن عباس الآتي بعده.
ولقَسَمه صلى الله عليه وسلم أن يمثّل في عدد من المشركين كما مثَّلوا بحمزة ونزول الآية، شاهد من حديث ابن عباس عند أبي جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص 541، والطبراني في "الكبير"(11051) بإسنادين حسنين، لكن لفظه:"لأمثّلن بثلاثين".
وانظر حديث أبيّ بن كعب المتقدم برقم (3408) و (3708)
(1)
في النسخ الخطية: يؤتوا، والمثبت موافق لما في مصادر التخريج.
(2)
إسناده ضعيف بمرّة، أبو بكر بن عيّاش - وإن كان صدوقًا - في حفظه سوءٌ، وشيخه يزيد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم - الجمهور على تضعيفه، وقد كان ساء حفظه لما كبر فصار يُلقَّن فيَتَلقَّن، وقد انفرد فيه بألفاظ وخُولف في أخرى.
وأخرجه ابن سعد 3/ 12، وابن أبي شيبة 14/ 404، والبزار في "مسنده"(1796 - كشف الأستار)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4910)، و "شرح معاني الآثار" 1/ 503، والطبراني في "الكبير"(2935)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 12، وفي "دلائل النبوة" 3/ 287، وابن الجوزي في "المنتظم" 3/ 181 - 182 من طرق عن أحمد بن عبد الله بن يونس - ونُسب عند المصنف لجده - بهذا الإسناد. واقتصر الطحاوي على ذكر الصلاة على شهداء أُحد.
وأخرجه مختصرًا بقصة الصلاة على الشهداء ابن ماجه (1513)، والطحاوي في "شرح المشكل"(4909)، و "شرح المعاني" 1/ 503 من طريق محمد بن عبد الله بن نُمير، والطبراني في "الكبير"(2936) من طريق يزيد بن مِهْران كلاهما عن أبي بكر بن عياش، به. وليس فيه عدد التكبيرات.
وأخرجه مختصرًا بهذا القدر أيضًا ابن سعد 3/ 14، وابن أبي شيبة 3/ 403 و 12/ 291، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 13 من طريق محمد بن فُضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث الهاشمي مرسلًا، بلفظ: صلَّى رسول الله على حمزة فكبَّر عليه تسعًا، ثم جيء بأُخرى فكبَّر عليها سبعًا، ثم جيء بأخرى فكبَّر عليها خمسًا، حتى فرغ من جميعهم، غير أنه وترٌ. وهذه الرواية تدل على اضطراب يزيد في إسناده ومتنه.
وأخرجه دون ذكر قصة صفية بنت عبد المطلب: الطبراني في "الكبير"(11051) من طريق أحمد بن أيوب بن راشد البصري، عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن كعب القُرظي والحكم بن عتيبة، عن مَقسَم ومجاهد، عن ابن عبّاس. وذكر في هذه الرواية الصلاة على الشهداء واحدًا واحدًا ومع كل واحدٍ منهم حمزة، حتى صُلِّي عليه وعلى الشهداء اثنتين وسبعين صلاة، ووقع في هذه الرواية التكبير في الصلاة تسعًا، ومهما يكن من أمرٍ فإن أحمد بن أيوب هذا ذكره ابن حبان في "ثقاته" وقال: ربما أغرب، وضعَّفه الهيثمي في "مجمع الزوائد " 6/ 120.
وقد روى قصة الصلاة منه فقط عن ابن إسحاق زيادُ بن عبد الله البكائي كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 97، ويونسُ بن بُكَير عند البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 13، كلاهما عن محمد بن إسحاق؛ قال البكائي في روايته: حدثني من لا أتَّهم، وقال يونس في روايته: حدثني رجلٌ من أصحابي، عن مِقسم، عن ابن عبّاس. فذكر الصلاة على الشهداء واحدًا واحدًا ومع كل واحدٍ حمزة، وأنَّ التكبير عليهم في الصلاة كان سبعًا. قال البيهقي: وهذا ضعيف، ومحمد بن إسحاق بن يسار إذا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لم يذكر اسم من حدَّث عنه لم يُفرَح به.
وأخرجه كذلك دون قصة صفية: عبد الله بن أحمد بن حنبل في "العلل"(5773)، والعقيلي في "الضعفاء"(322)، والدارقطني في "سننه"(4209)، وأبو طاهر الذهبي في "المخلِّصيات"(1965)، والواحدي في "أسباب النزول"(570) من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية، والآجرّي في "الشريعة"(1724) من طريق الحسن بن عمارة، كلاهما عن الحكم بن عتيبة، عن مجاهد، عن ابن عبّاس. غير أنهما ذكرا أنَّ التكبير كان عشرًا، لكن إسماعيل بن عيّاش مضطرب الحديث عن غير الشاميين كما قال الدارقطني، وابن أبي غنية كوفي، ووقع في روايته عند بعضهم تردُّدٌ فقال: عن ابن أبي غنية أو غيره، فسأل عبد الله أباه الإمام أحمد، فقال له: هذا من حديث الحسن بن عمارة، ليس هذا من حديث ابن أبي غنية. قلنا: فعاد الحديث إلى الحسن بن عُمارة، وهو متروك الحديث.
وأخرج منه ذكر التمثيل بحمزةَ أبو جعفر النحاسُ في "الناسخ والمنسوخ" ص 541 من طريق أبي عمرو بن العلاء، عن مجاهد، عن ابن عبّاس. وزاد فيه قَسَمَ النبي صلى الله عليه وسلم والأنصار بالتمثيل بالمشركين كما مثَّلوا بحمزة وغيره من الشهداء يوم أُحُد. وإسناده حسن.
ويشهد لقوله صلى الله عليه وسلم: "لولا جزع النساء .... " حديث أنس بن مالك السالف برقم (1367).
وحديث أبي هريرة السابق.
ويشهد لذكر الصلاة على حمزة وعلى شهداء أُحدٍ حديث عبد الله بن الزُّبير عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 503، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(292)، لكن جعله ابن شاهين من حديث عبد الله بن الزبير عن أبيه. وإسناده حسن.
ومرسل أبي مالك الغفاري عند أبي داود في "المراسيل"(427) و (435)، والطحاوي 1/ 503 وغيرهم، ورجاله ثقات.
ومرسل عامر الشعبي عند أبي داود في "المراسيل"(428)، لكن أحمد أسنده في "المسند" 7/ (4414) فجعله عن الشعبي عن ابن مسعود، والشعبي لم يسمع من ابن مسعود، فيبقى الخبر على إرساله، ورجاله لا بأس بهم.
وروي عن جابر بن عبد الله مثلُ ذلك كما تقدَّم عند المصنف برقم (2589)، ولكن إسناده ضعيف، وهو خلاف ما صح عنه في "الصحيحين" وغيرهما: أنه صلى الله عليه وسلم لم يُصلِّ على شهداء أحد، كما مضى بيانه وتخريجه وانظر التعليق عليه هناك.
وأما قصة صفية بنت عبد المطلب، فقد روى نحوها ابن إسحاق في رواية يونس بن بُكَير عنه عند ابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 173 عن الزهري عن جماعة من التابعين مرسلًا، لكن ليس =
4957 -
حدثنا علي بن حَمَشاذَ، حدثنا أبو المثنَّى، حدثنا عبد الواحد بن غِياث، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن علي بن زيد، عن أنس بن مالك: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى فيما يرى النائمُ، قال:"رأيتُ كأني مُردِفٌ كبشًا، وكأنَّ ظُبَةَ سيفي انكسرتْ فأوَّلتُ أن أَقتُل كبشَ القَومِ، وأوَّلتُ أنَّ ظُبَة سيفي رجلٌ من عِتْرَتي". فقُتل حمزةُ، وقَتل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم طلحةَ، وكان صاحبَ اللِّواء
(1)
(2)
.
4958 -
حدثنا أبو العبّاس، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا يعقوب بن محمد الزُّهْري، حدثنا عبد العزيز بن عمران، عن عبد الله بن جعفر المَخْرَمي
(3)
، عن أبي عَون مولى المِسوَر، عن المِسور بن مَخرمَة، عن عبد الله بن عبّاس، عن أبيه،
= فيه ذكر علي، إنما فيه ذكر الزبير بن العوام وحده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "القَها فارجِعها، لا ترى ما بأخيها" فلقيها الزبير وقال: أيْ أمَّهْ، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعي، قالت: ولمَ، فقد بلغني أنه مُثِّل بأخي، وذاك في الله، فما أرضانا بما كان من ذلك، لأصبرن ولأحتسبن إن شاء الله، فلما جاء الزبير إليه فأخبره قول صفية قال:"خلِّ سبيلها" فأتته فنظرت إليه واسترجعت واستغفرت له. وروي كذلك عن عروة عن أبيه الزبير موصولًا عند أحمد 3 / (1418) وغيره بإسناد حسن، لكن جاء فيه: أنَّ الزبير لما أخبرها بعَزم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقفتْ؛ فلعله أذن لها بعد ذلك، والله أعلم.
(1)
المثبت من "تلخيص المستدرك" للذهبي ومصادر التخريج وفي نسخنا الخطية: صاحب القول.
(2)
إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن جُدعان - لكن روي مثلُ هذه الرؤيا عن ابن عبّاس كما تقدَّم عند المصنّف برقم (2620) بإسناد حسن غير أنه لم يُسمِّ فيها حمزة ولا طلحة، وإنما قال:"ورأيت أن سيفي ذا الفقار فُلَّ فأوَّلتُه فَلًّا فيكم" فجعلها عامّةً وليس بخصوص حمزة.
وأخرجه أحمد 21 / (13825) عن عفان، عن حماد بن حماد بن سلمة به.
وطلحة صاحب اللواء: هو طلحة بن أبي طلحة العَبْدري.
والظُّبة: حدُّ السيف.
(3)
تحرَّف في (ص) و (م) إلى المخزومي، وإنما هو المَخْرَمي نسبة لمخرمة والد المسور جدِّ جدِّه.
قال: تزوّجَ عبد المطّلب هالةَ بنتَ أُهَيب بن عبد مَناف بن زُهْرة، فولَدت حمزةَ وصفيّةَ
(1)
.
4959 -
أخبرني إسماعيل بن الفضل، حدثنا جدي، حدثنا إبراهيم بن المُنذر الحِزَامي، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لَبيبة
(2)
، عن جده، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"والذي نفسي بيدِه، إنه لَمَكتوب عندَه في السماءِ السابعة: حمزةُ بن عبد المطلب أسدُ الله وأسدُ رسوله"
(3)
.
4960 -
حدثنا جعفر بن الحارث حدثنا جعفر بن محمد الفِرْيابي، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني أسامة بن زيد اللَّيثي، سمعت محمد بن كعب القُرَظي، قال: كان حمزةُ بن عبد المطلب يُكنى أبا عُمارة
(4)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل عبد العزيز بن عمران، فهو متروك الحديث، وقد تقدَّم خبره هذا بأطول مما هاهنا برقم (4221) من طريق هاشم بن مَرثَد الطبراني عن يعقوب بن محمد.
لكن هذا الخبر مشهور عند أهل السير كما تقدم بيانه ثمة.
(2)
وقع في نسخنا الخطية بن لبيب، وضبب فوقها في (ز)، والمثبت من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وقد يكون ما في نسخنا الخطية تحريف عن لبيبة، فقد قيل للدارقطني: في بعض الحديث: ابن لبيبة، وفي بعضها: ابن أبي لبيبة، فأي ذلك أصح؟ قال: هذا وهذا.
(3)
إسناده ضعيف جدًّا، يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة - وهو يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة ويقال: ابن لبيبة - فقد قال عنه ابن معين: ليس حديثُه بشيءٍ، وقال الذهبي في "تلخيصه": يحيى واهٍ. قلنا: وجدُّه لا يُعرف.
وأخرجه الزبير بن بكار في "النسب" كما في "معجم الصحابة" للبغوي قبل الخبر (390) و"الإصابة" للحافظ، 7/ 351، وأبو بكر الدِّينَوَري في "المجالسة"(1246)، والطبراني في "الكبير"(2952)، وأبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" كما في "الغرائب الملتقطة" للحافظ ابن حجر (2753) من طرق عن حاتم بن إسماعيل، به.
وانظر ما تقدَّم برقم (4936).
(4)
رجاله لا بأس بهم.
وأخرجه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(1807) من طريق إسماعيل بن الحسن الخفاف =
حدثنا الحاكمُ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظُ إملاءً في المُحرّم سنة ثلاث وأربع مئةٍ:
4961 -
أخبرني أبو الحسين محمد بن أحمد بن تَميم القَنْطَري ببغداد، حدثنا عُبيد بن شَريك، حدثنا أبو صالح الفرّاء، حدثنا أبو إسحاق الفَزَاري، عن أبي حماد الحَنَفي، عن عبد الله بن محمد بن عَقيل قال: سمعت جابرَ بن عبد الله يقول: فَقَدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ أُحد حمزةَ حين فاءَ الناسُ من القتال، قال: فقال رجلٌ: رأيتُه عند تلكَ الشجرة وهو يقول: أنا أسدُ اللهِ وأسدُ رسولِه، اللهم إني أبرأُ إليك مما جاءَ به هؤلاءِ - لأبي سفيانَ وأصحابِه - وأعتذِرُ إليك مما صنعَ هؤلاءِ ومِن انهزامِهم، فسارَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نحوَه، فلما رأى جبْهتَه بكي، ولما رأى ما مُثِّل به شَهَقَ، ثم قال:"ألا كُفِّنَ؟ " فقام رجلٌ من الأنصار فرمَى بثوبٍ، قال جابرٌ: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيدُ الشهداء عندَ الله تعالى يومَ القيامةِ حمزةُ"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
4962 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله البصري
(2)
، حدثنا إبراهيم بن بشار الرَّمادي، حدثنا سفيان بن عُيينة، حدثنا كثيرٌ النَّوَاء، عن المُسيَّب بن نَجَبة، عن علي بن أبي طالب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كلُّ نبيٍّ أُعطيَ سبعةَ
= المصري، عن أحمد بن صالح، به.
وأخرج الطبراني في "الكبير"(2925) قصة إسلام حمزة عن إسماعيل بن الحسن الخفاف المصري، عن أحمد بن صالح به، فذكر كنية حمزة في سياق القصة غير مرةٍ.
(1)
إسناده ضعيف لضعف أبي حماد الحنفي - واسمه المغفّل بن صدقة - وعبد الله بن محمد بن عقيل على أنهما قد توبعا على بعض ألفاظ الحديث كما مضى بيانه برقم (2589)، إذ تقدَّم الحديث هناك من طريق عثمان بن سعيد الدارمي عن محبوب بن موسى وهو أبو صالح الفرّاء نفسُه.
وانظر ما تقدَّم برقم (4936).
(2)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: المصري، وإنما هو البصري، وهو أبو مسلم الكجِّي.
رُفَقاءَ، وأُعطيتُ بضعةً عَشَرَ". فقيل لعليٍّ: مَن هم؟ قال: أنا وحمزةُ وابناي، ثم ذكرهم
(1)
.
(1)
إسناده واهٍ من أجل كثير النوَّاء، فهو واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه". وقد اختُلف عنه في إسناد هذا الخبر كما بيّنه الدارقطني في "العلل"(395)، وسيأتي بيان ذلك.
وأخرجه الترمذي (3785) عن محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، عن سفيان بن عيينة، عن كثير النَّوّاء، عن أبي إدريس، عن المسيّب بن نَجَبة، عن علي. فزاد في إسناده بين كثير وبين المسيّب رجلًا هو أبو إدريس: وهو الهَمْداني المُرهِبي.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي هذا الحديث عن عليٍّ موقوفًا.
قلنا: رواه الطبراني في "الكبير" 6/ (6047) من طريق ابن أبي عمر العدني ومن طريق كثير بن يحيى صاحب البصري، كلاهما عن سفيان بن عُيينة، به موقوفًا.
وأخرجه أحمد 2/ (665) من طريق إسماعيل بن زكريا الخُلْقاني، و (1263) من طريق فطر بن خليفة، كلاهما عن كثير النَّواء، عن عبد الله بن مُليل، عن عليٍّ مرفوعًا. فذكر عبد الله بن مُليل بدل المسيّب بن نجبة.
ورواه بعضهم عن كثير النوّاء، عن عبد الله بن مُليل عن عليٍّ موقوفًا عليه، كما أخرجه عبد الله أحمد بن بن حنبل في "فضائل الصحابة"(274)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4492)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(455) من طريق علي بن هاشم بن البريد، والخطيب في "تاريخ بغداد" 14/ 511، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 10/ 452 و 43/ 384 - 385 من طريق جعفر بن زياد الأحمر، كلاهما عن كثير النوّاء، عن عبد الله بن مُليل، عن علي موقوفًا عليه.
وأخرجه أحمد 2 / (1206) عن عبد الرزاق، و (1274) عن معاوية بن هشام، كلاهما عن سفيان الثوري، عن سالم بن أبي حفصة، قال عبد الرزاق في روايته: عن عبد الله بن مُليل، وقال معاوية بن هشام في روايته: بلغني عن عبد الله بن مُليل، فهذه متابعة لكثير النوّاء، لكن اختُلف فيها على سالم بن أبي حفصة كما ترى، والأصح رواية معاوية بن هشام، وقد وافق معاوية بن هشام عليها محمد بن يوسف الفريابي عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 7/ 198، فبان بذلك أنَّ سالمًا لم يسمعه من عبد الله بن مُليل، إنما سمعه من رجلٍ أبهمه عنه، واحتمل الطحاوي أن يكون هذا المبهم هو كثيرًا النَّوّاء، فإذا صحَّ ذلك رجع الحديث إلى كثير، وإلّا بقي هذا الرجل على إبهامه، على أنَّ سالمًا فيه لين، فلا اعتداد بهذه المتابعة.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب عبد الله بن جَحْش بن رِئَاب بن يَعْمَر حليفِ حَرْبٍ بن أُميّة
قتله أبو الحكم بن الأخْنَس بن شَرِيق الثَّقفي، وهو ابن نيّفٍ وأربعين سنةً يومَ أُحُدٍ.
4963 -
حدثني أبو بكر محمد بن داود الزاهد، حدثنا علي بن الحُسين بن الجُنيد حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا سفيان بن عُيينة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب، قال: قال عبد الله بن جَحْش: اللهم إنِّي أُقسِمُ عليكَ أن ألقى العدوَّ غدًا، فيقتُلوني، ثم يَبْقُروا بطني ويَجدَعُوا أنفي وأُذُن، ثم تسألني: بِمَ ذاك؟ فأقول: فيك، قال سعيد بن المسيّب: إني لأرجو أن يُبِرَّ اللهُ آخِرَ قَسَمِه كما أبَرَّ أولَه
(1)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد لا يُحفظ فيه ذكر يحيى بن سعيد - وهو ابن قيس الأنصاري - إنما المحفوظ فيه أنه من رواية علي بن زيد بن جُدعان عن سعيد بن المسيب، كما سيأتي بيانه، وعلي بن زيد هذا ضعيف الحديث، ثم هو مُرسلٌ، وقد جاء في بعض طرقه عن علي بن زيد عن ابن المسيّب: أنَّ رجلًا سمع عبد الله بن جحش وجعل المقالة التي في آخره هنا من قول ذلك الرجل لا من قول سعيد بن المسيب. فالظاهر أنَّ هذا الرجل هو من حدَّث ابن المسيّب، فقد اضطرب فيه علي بن زيد.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 249 - 250 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الله بن المبارك في "الجهاد"(85)، وأخرجه من طريق ابن المبارك أبو موسى المديني في "اللطائف من دقائق المعارف"(272)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 91، وأخرجه أيضًا عبد الرزاق في "مصنفه"(85)، وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 109 من طريق الحسن بن الصبّاح البزار، ثلاثتهم (ابن المبارك وعبد الرزاق والحسن بن الصبّاح) عن سفيان بن عُيينة، عن علي بن زيد بن جُدعان، عن سعد بن المسيب، به.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 85، ومن طريقه البلاذري في "أنساب الأشراف" 11/ 191، وابن الجوزي في "الثبات عند الممات" ص 104 - 105 من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جُدعان، عن سعيد بن المسيّب: أنَّ رجلًا سمع عبد الله بن جحش يقول
…
وجعل القول الذي في آخره من قول ذلك الرجل بنحو لفظه الذي هنا. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين لولا إرسالٌ فيه.
4964 -
حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدثنا محمد بن عبد الله الحَضْرَمي، حدثنا هَنَّاد بن السَّرِيّ، حدثنا أبو بكر بن عيّاش عن عاصمٍ، عن زِرٍّ، عن عبد الله، قال: أولُ رايةٍ عُقِدَت (1) في الإسلامِ لعبدِ الله بن جَحْشٍ
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
ذكر مناقب مصعب الخير، وهو ابن عُمير بن هاشم قُتل يومَ أُحُد
4965 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحسن بن جَهْم، حدثنا الحسين
= ويشهد له حديث سعد بن أبي وقاص السالف عند المصنف برقم (2440)، وإسناده صحيح. (1) في النسخ الخطية: عقد، ومثله في "السنن" للبيهقي 6/ 363 عن المصنف، والمثبت من النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان.
(2)
رجاله لا بأس بهم، لكن لا يُحفظ فيه ذكر عبد الله - وهو ابن مسعود - إنما المحفوظ أنه من قول زِرٍّ بن حبيش كما سيأتي بيانه. وقد اختُلف في أول راية عُقدت كما تقدَّم بيانه برقم (4922).
عاصم: هو ابن أبي النَّجُود.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4048) عن هناد بن السَّرِي، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجَّود، عن زِرّ بن حُبيش، قال. فذكره ليس فيه ابن مسعود.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 60/ 167 من طريق أحمد بن أسد بن عاصم البجلي، عن أبي بكر بن عيّاش عن عاصم، عن زِرّ بن حبيش، قال فذكره، وقد سقط اسم زِرّ من مطبوع ابن عساكر، وهو ثابت فيه كما في "مختصر تاريخ دمشق" لابن منظور 25/ 213.
ونسبه الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/ 67 للطبراني، وجعله من قول زِرّ بن حُبيش، وحسَّن. إسناده.
وقد روي ما يؤيده من قول عامر الشعبي عند معمر بن راشد في "جامعه"(19880)، وخليفة بن خياط في "تاريخه" ص 62، وأحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(1506)، وأبي نعيم في "الحلية" 1/ 108 و 4/ 315، وابن عساكر 10/ 42، ورجاله عند بعضهم ثقات.
ورُوي مثله كذلك عن سعد بن أبي وقاص عند أحمد 3 / (1539) وغيره بلفظ: كان عبد الله بن جحش أول أمير أُمِّر في الإسلام. لكن إسناده ضعيف.
ابن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عمر، حدثني إبراهيم بن محمد العَبْدَري
(1)
، عن أبيه، قال: كان مصعُب بن عُمير فتى مكةَ شبابًا وجمالًا، وكان أبَواه يُحِبّانِه، وكانت أمُّه تكسُوه أحسنَ ما يكون من الثياب وأرَقَّه، وكان أعطرَ أهلِ مكة، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يذكُره يقول:"ما رأيتُ بمكة أحسنَ لِمَّةٌ، ولا أرقَّ حُلَّةً، ولا أنعمَ نِعمةً، من مصعب بن عُمير"
(2)
.
4966 -
حدثني محمد بن صالح بن هانئ حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يحيى الشهيد، حَدَّثَنَا بن عبد الوهاب الحَجَبي، حَدَّثَنَا حاتم بن إسماعيل، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فَرْوة، عن قَطَن بن وَهْب، عن عُبيد بن عُمير، عن أبي ذَرّ، قال: لما فرغَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ أُحدٍ مَرّ على مُصعب بن عُمير
(3)
مقتولًا على طريقه، فقرأ:{مَنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} الآية [الأحزاب: 23]
(4)
.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: العبدي، وأثبتناه على الصواب من "تلخيص المستدرك" للذهبي ومن "طبقات ابن سعد" 3/ 108 حيث رواه عن الواقدي. والعَبْدري نسبة لعبد الدار بن قُصي.
(2)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف بمرّة من أجل محمد بن عمر الواقدي ولإرساله. والخبر عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 108 عن محمد بن عمر الواقدي، ومحمد والد إبراهيم - وهو محمد بن ثابت بن شُرْحبيل العَبْدري الحَجَبي - تابعيّ، فالخبر مرسل، لكن رُويَ بنحوه من وجه آخر ضعيف سيأتي عند المصنّف برقم (6785).
واللِّمّة من شعر الرأس دون الجُمّة، سميت بذلك لأنّها ألمّت بالمنكبين، فإذا زادت فهي الجُمّة.
(3)
وقع في (ز) والمطبوع: مصعب الأنصاري، وهو خطأ، إنما هو مهاجريّ لا أنصاريّ، والتصويب من (ص) و (م)، وهو الموافق لما في رواية البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 284 - 285.
(4)
رجاله لا بأس بهم، لكن الصحيح أنه من رواية عُبيد بن عُمير مرسلًا كما تقدَّم بيانه برقم (3014).
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 284 - 285 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب سعد بن الرَّبيع بن عمرو الخَزْرجي العَقَبيّ
أحدُ النقباء الاثني عشر، وكان كاتبًا شهد بدرًا، وقُتل يومَ أُحُد.
4967 -
حَدَّثَنَا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا محمد بن موسى البصري، حَدَّثَنَا أبو صالح عبد الرحمن بن عبد الله الطَّويل، حَدَّثَنَا مَعْن بن عيسى، عن مَخْرمة بن بُكَير، عن أبيه، عن أبي حازم
(1)
، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، قال: بَعثَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد لِطَلب سعدِ بن الرَّبيع، وقال لي:"إن رأيتَه فأقْرِهِ مني السلامَ، وقُل له: يقولُ لكَ رسولُ الله: كيف تَجِدُك؟ " قال: فجعلتُ أطُوف بين القَتْلى، فأصبتُه وهو في آخر رَمَقٍ، وبه سبعون ضربةً ما بين طعْنةٍ برُمح، وضَربةٍ بسَيفٍ، ورميةٍ بسَهمٍ، فقلت له: يا سعدُ، إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلامَ، ويقول لك: خَبِّرني كيف تَجِدُك؟ قال: على رسولِ الله السلامُ وعليك السلامُ، قل له: يا رسولَ الله، أجِدُني أجدُ ريحَ الجنة، وقُل لِقومي الأنصار: لا عُذرَ لكُم عندَ الله إن يُخلَصْ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وفيكم شُفْرٌ يَطْرِفُ، قال: وفاضتْ نفسُه
(2)
، رحمه الله
(3)
.
= وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 107، من طريق قتيبة بن سعيد، عن حاتم بن إسماعيل، عن عبد الأعلى، عن قَطَن بن وهب، عن عُبيد بن عُمير، مرسلًا.
(1)
تحرَّف في (ز) إلى أبي حاتم، وأبو حازم هو سلمة بن دينار.
(2)
تحرَّفت في نسخنا الخطية و"تلخيص المستدرك" إلى: عينه، والمثبت من "دلائل النبوة" للبيهقي 3/ 248 إذ روى هذا الخبر عن أبي عبد الله الحاكم.
(3)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل محمد بن موسى البصري - وهو محمد بن يونس بن موسى الكُديمي، وقد نُسب في غير موضع عند المصنّف لجده موسى - فهو ضعيف جدًّا، وشيخه أبو صالح عبد الرحمن بن عبد الله الطويل لم نقف له على ترجمة، وقد خالفه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 485، فروى هذا الخبر بعينه عن معن بن عيسى عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد الأنصاري مرسلًا، وهو في "موطأ مالك" برواية يحيى الليثي 2/ 465، ورواية أبي مصعب =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
4968 -
أخبرَناه الحسن بن حَليم
(1)
المروَزي، أنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد بن إسحاق، أنَّ عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة حدَّثه عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من يَنظُرُ لي ما فَعَل سعدُ بن الرَّبيع؟ " فذكَر الحديثَ بنحوٍ منه، وقال: فقال سعدٌ: أخبِر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أني في الأمواتِ وأقرِهِ السلامَ، وقُل له: يقولُ سعدٌ: جزاكَ الله عنا وعن جميع الأمةِ خيرًا
(2)
.
= (962) وغيرهما، ورجاله ثقات، فهذا هو المحفوظ في رواية الخبر، ووهم فيه الكُديمي أو شيخه، والله أعلم. وله شواهد يتحسَّن بها إن شاء الله، ولهذا قال ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 94: هذا الحديث عند أهل السير مشهور معروف.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 248 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو بكر الأنباري في "الزاهر في معاني كلمات الناس" 2/ 359 - 360 عن محمد بن يونس الكديمي، عن عبد الرحمن بن عبد الله أبي صالح التمار الطويل البصري جليس سليمان بن حرب، عن إسماعيل بن قيس، عن مخرمة بن بُكَير، عن أبي حازم، به.
وذكر له ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 280 شاهدًا من رواية رُبيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده، لكنه ذكر فيه أنَّ الرجلَ الذي ذهب يطلب سعد بن الربيع هو أبيّ بن كعب. غير أنَّ ابن عبد البر قد طوى إسناده إلى رُبيح، فإن صحَّ إسناده إلى رُبيح فإسناد هذه الرواية حسنٌ، ويكون أصحَّ أسانيد هذا الخبر، والله تعالى أعلم.
ويشهد له كذلك رواية ابن أبي صعصعة الآتية بعده، ورجالها لا بأس بهم، لكنها منقطعة.
ورواه الواقديُّ في "مغازيه" 1/ 293 عن شيوخه. ولكنه ذكر في روايته أنَّ الرجل الذي طلب سعدًا هو محمد بن مسلمة، قال: ويقال: أبيُّ بن كعب.
والشُّفْر: حرفُ جَفْن العَين.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: حكيم، بالكاف، وإنما هو باللام، كما في نسبة الحليمي في "أنساب السمعاني".
(2)
خبر حَسَن إن شاء الله كما تقدم بيانه، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم لكنه اختُلف فيه على عبد الله - وهو ابن المبارك - فرواه عنه عَبْدان - واسمه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة، وعَبْدان لقبه =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كما وقع في رواية المصنّف هنا، وخالفه غيره من أصحاب ابن المبارك، فرووه عن ابن المبارك، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن سعد، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ليس فيه ذكر عبد الرحمن بن أبي صعصعة، إلّا أنهم زادوا في روايتهم عن ابن المبارك بين محمد بن إسحاق وبين عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة رجلًا هو محمد بن سعد، وقد أفرده بالترجمة البخاريُّ في "تاريخه الكبير" 1/ 88، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 7/ 261 وجَهّله أبو حاتم الرازي، واكتفى البخاري بقوله: مرسلٌ.
وخالف ابنَ المبارك فيه سائر أصحاب محمد بن إسحاق من رواة السيرة عنه، فرووه عن ابن إسحاق، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، منقطعًا، والله تعالى أعلم بالصواب.
وأخرجه ابن المبارك في "الجهاد"(94) - وهو من رواية سعيد بن رحمة أبي عثمان المِصِّيصي عنه - عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن سعْد، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، قال
…
فذكره.
وكذلك أخرجه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(3133) من طريق الحسن بن عيسى بن ماسَرْجِس مولى عبد الله بن المبارك، عن ابن المبارك، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن سعْد، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، فذكره.
وأخرجه ابن إسحاق في "السيرة النبوية" برواية محمد بن سَلَمة الحَرّاني بإثر القطعة المطبوعة من "سيرة ابن إسحاق برواية يونس بن بُكَير"(517)، وبرواية ابن هشام، عن زياد بن عبد الله البكائي 2/ 94 - 95، وأخرجه الطبري في "تاريخه" 2/ 528 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، وابن المنذر في "تفسيره" بإثر (1187) من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 285 من طريق يونس بن بُكَير، كلهم (محمد بن سَلَمة والبكائي وسلمة بن الفضل وإبراهيم بن سعد ويونس) عن محمد بن إسحاق، قال: أخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني، فذكره منقطعًا.
وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2842) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن رجل من بني مازن أنه بلغه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام يوم أُحُدٍ، فذكره بنحوه.
وأخرج نحوه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ (4261) عن حمزة بن الحارث بن عمير البصري، عن أبيه، عن عمرو بن يحيى بن عُمارة المازني، معضلًا أيضًا، لأنَّ عمرو بن يحيى من أتباع التابعين.
ذكر مناقب اليمان بن حِسْل أبِ
(1)
حُذيفة بن اليمان وهو ممَّن شهد أحدًا
4969 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد الصفّار، حَدَّثَنَا أحمد بن مِهْران الأصبهاني، حَدَّثَنَا عُبيد الله بن موسى، حَدَّثَنَا الوليد بن عبد الله بن جُمَيع، عن عامر بن واثلة، عن حُذيفة قال: ما مَنَعَنا أن نشهدَ بدرًا إلَّا أتي وأبي أقبلْنا نُرِيدُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأخذتْنا كفارُ قُريش، فقالوا: إنكم تُريدون محمدًا، فقلنا: ما نُريدُ، إنما نُريدُ المدينة، فأخذوا علينا عهدَ اللهِ ومِيثَاقَهُ لَتَصيرونَ إِلى المدينة، ولا تُقاتِلوا مع محمدٍ، فلما جاوَزْناهم أتَينا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْنا له ما قالوا وما قُلنا لهم، فما تَرَى؟ قال:"نَستعينُ الله عليهم، ونَفِي بعَهْدِهم"، فانطلقنا إلى المدينة، فذاك الذي مَنَعَنا أن نشهدَ بدرًا
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!
4970 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار، حَدَّثَنَا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عاصم بن عمر بن قَتَادة، عن محمود بن لَبيد، قال: لما خَرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى أُحُدٍ وقع اليمانُ بن حِسْل بن جابر أبُ حُذيفة وثابتُ بن وَقْشِ بن زَعُوراء
(3)
في الآطَامِ مع النساء والصِّبيان، فقال
(1)
كذلك جاء في نسخنا الخطية بحذف الياء، والاكتفاء بالكسرة، وهو جائز في لغة العرب بنُدرة.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن مِهْران الأصبهاني، وقد توبع.
وأخرجه أحمد 38/ (23354)، ومسلم (1787) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن الوليد بن عبد الله بن جُميع به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وسيأتي عند المصنّف برقم (5721) من طريق أبي إسحاق السَّبيعي، عن مصعب بن سعد، قال: أخذ حذيفة وأباه المشركون قبل بدر
…
ثم ذكره بنحوه. ورجاله ثقات.
(3)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: عوراء، وجاء على الصواب النسخة المحمودية.
أحدُهما لِصاحبِه وهما شَيخانِ كبيرانِ: لا أبا لكَ، ما نَنتظِرُ؟! فوالله ما بقي لواحدٍ منا مِن عُمُره إِلَّا ظِمْءُ [حِمارٍ]
(1)
، إنما نحن هامَةُ اليومِ
(2)
، ألَا نأخذُ أسيافَنا ثم نلحقُ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
فدخلا في المسلمين ولا يعلمون بهما، فأما ثابتُ بن وَقْش، فقتله المشركون، وأما أبو حذيفةَ، فاختلَفَتْ عليه أسيافُ المسلمين فقتلوه ولا يَعرِفونه، فقال حذيفةُ: أَبي أَبي، فقالوا: واللهِ إِنْ عَرَفْناه، وصَدَقوا، فقال حذيفةُ: يغفرُ الله لكم وهو أرحمُ الراحمين، فأراد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يَدِيَه، فتصدَّق به حذيفةُ على المسلمين، فزادَه ذلك عندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
(1)
زيادة من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وقد ثبتت هذه اللفظة في رواية يونس بن بكير عن ابن إسحاق عند ابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 493، وكذا هي في رواية زياد البكّائي عنه كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 87، ورواية سلمة بن الفضل عنه عند الطبري في "تاريخه" 2/ 530، ورواية محمد بن سلمة عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(2298).
والظَّمْءُ: ما بين الشَّرْبتَين والوِرْدَين، وهو كناية عن الشيء اليسير، وإنما خصَّ الحمار لأنَّهُ أقلُّ الدوابّ صبرًا عن الماء.
(2)
في نسخنا الخطية: هامة القوم، والمثبت من "تلخيص المستدرك" هو الموافق لسائر الروايات عن ابن إسحاق، وهو المناسب في المعنى في هذا السياق، ومعنى هامة اليوم: أنه مُشْفٍ على الموت، وأصله من قول الجاهلية: إنَّ الميت إذا مات خرج من رأسه طائرٌ يسمّى الهامة. ولا معنى لقوله هنا: هامة القوم، لأنَّ هامة القوم رئيسهم.
(3)
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.
وأخرجه أحمد 39/ (23639) عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، به.
مختصرًا بقصة قتل المسلمين لليمان إلى آخرها.
وسيأتي عند المصنّف برقم (5722) عن عروة مرسلًا: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمر باليمان فُودِيَ. ولم يذكر تصدُّقَ حذيفة بدِيَته. وانظر بيان هذا الإشكال هناك.
ذكرُ مناقب عبد الله بن عمرو بن حَرَام بن ثَعْلبة بن حَرَام بن كعب بن غَنْم بن كعب بن سَلِمة
يُكنى أبا جابرٍ، وهو أبُ
(1)
جابر بن عبد الله السَّلَمي الأنصاري، وأحدُ النُّقباء ممّن بايعَ ليلةَ العَقَبة، وأول قَتيل قُتل من المسلمين يومَ أُحُد، قتله سفيان بن عبد شمس أبو الأعوَر السُّلَمي، وصلَّى عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قبلَ الهزيمة.
4971 -
حدثني بجميع ما ذكرتُه أبو عبد الله الأصبَهاني، حَدَّثَنَا الحسن بن الجَهْم، حَدَّثَنَا الحسين بن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عمر، عن شُيوخه
(2)
.
4972 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار، حَدَّثَنَا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، حدثني وَهْب بن كَيسان، عن جابر بن عبد الله، قال: اصطَبَحَ - واللهِ - أبي يومَ أُحُدٍ الخمرَ، ثم غَدا فقاتل حتَّى قُتِل مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بأُحدٍ شهيدًا
(3)
.
(1)
هذا جائز في لغة العرب بنُدرةٍ كما تقدم قريبًا.
(2)
وهو في "المغازي" لمحمد بن عمر - وهو الواقدي - 1/ 266، وصدَّره بقوله: قال جابرٌ: كان أبي أول قتيل، فذكره. وقد انفرد الواقدي بهذا القدر، وانظر ما سيأتي برقم (4975).
وروى كعب بن مالك قصة إسلام عبد الله بن عمرو بن حرام وشهوده العقبة وكونه أحد النقباء، كما أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 440 - 441، ومن طريقه أخرجه أحمد 25/ (15798) وغيره بإسناد حسن.
وروى جابرٌ أيضًا شهودَه وشهود أبيه وخالَيه العقبة، كما عند البخاري (3890) و (3891).
وروى جابر أيضًا استشهاد أبيه يوم أُحُدٍ كما سيأتي بعده وبرقم (4974) و (4975)، ورُوي ذلك عن غيره أيضًا.
واختُلف فيمن قَتَلَ والدَ جابرٍ يومَ أُحدٍ، فقيل: قتله أبو الأعور سفيان بن عبد شمس، وقيل: بل قتله أسامة الأعور بن عبيد.
(3)
خبر صحيح، وهذا إسناد حسنٌ من أجل ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار صاحب السيرة - وقد روي هذا من وجه آخر عن جابر عند البخاري (2815) و (4044) من رواية عمرو بن دينار عنه، قال: اصطبح ناسٌ الخمرَ يوم أحدٍ، ثم قُتِلوا شهداء.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
4973 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا أحمد بن علي الخَزّاز، حَدَّثَنَا فَيض بن وَثِيق، حَدَّثَنَا أبو عُبادة
(1)
الأنصاري، أخبرني ابن شهاب، عن عُروة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابرٍ: "يا جابرُ، ألا أُبشّرُك؟ " قال: بلى، بَشِّرني، بشّرك اللهُ بالخير، قال:"شعرْتَ أنَّ الله عز وجل أحيا أباك، فأقعدَه بين يديه؟ فقال: تمنَّ عليَّ عَبْدي ما شئتَ أُعطِيكَه، فقال: يا ربِّ، ما عبدتُك حَقَّ عبادتِك، أتمنّى أن تَرُدَّني إلى الدنيا، فأُقتَلَ مع النَّبِيّ مرةً أخرى، فقال: سَبَقَ مني أنك إليها لا تَرجِع"
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
4974 -
أخبرني أبو عبد الله محمد بن عَمْرَويه الصفّار، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حَدَّثَنَا حسن بن موسى الأشْيَب، حَدَّثَنَا أبو هِلال، حَدَّثَنَا سعيدٌ يُكنى أبا مَسلَمة
(3)
، عن أبي نَضْرة، عن جابر، قال: قال لي أبي: يا بُنيَّ، لا أدري لَعلِّي أن أكونَ
(1)
تحرّف في النسخ الخطية إلى: أبو عمارة، والتصويب من مصادر تخريج الخبر.
(2)
إسناده واهٍ بمرة من أجل أبي عبادة الأنصاري - واسمه عيسى بن عبد الرحمن بن فروة الزُّرقي - فهو متروك الحديث. وإعلال الذهبي له في "تلخيصه" بفيض أنه كذاب فغير مسلّم له ذلك، لأنَّ فيضًا هذا انفرد بتكذيبه ابن معين، وروى عنه أبو حاتم وأبو زرعة الرَّازيان، وأبو زرعة لا يروي إلّا عن ثقة عنده، فقول الذهبي في "الميزان" بأنه مقارب الحال، وقوله في "تاريخ الإسلام" 5/ 654 بأنه صالح في الحديث، أولى من قوله هذا الذي قاله في "تلخيص المستدرك"، فكان الأُولى إعلاله بأبي عُبادة الزُّرقي الأنصاري، لكنه لما تحرَّف اسمه إلى أبي عُمارة الأنصاري لم يظهر للذهبي، وعلى أيِّ حالٍ فقد روي نحو هذا الخبر من غير هذا الوجه، كما سيأتي عند المصنّف برقم (4976).
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "المتمنِّين"(4)، والبزار كما في "كشف الأستار" للهيثمي (2706)، وابن بطّة العُكبَري في "الإبانة" 7/ 38، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(4344)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 298 من طرق عن الفيض بن وثيق، بهذا الإسناد.
(3)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: أبا سلمة، وجاء على الصواب في "تلخيص المستدرك" وفي =
في أول من يُصابُ غدًا - وذاك يوم أُحدٍ - فأُوصيكَ ببُنيّاتِ عبد الله خيرًا، فالتقَوا فأُصِيبَ ذلك اليومَ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
4975 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، حَدَّثَنَا أبو المُثنَّى، حَدَّثَنَا مُسدَّد، حَدَّثَنَا بشر بن المُفضَّل، حَدَّثَنَا أبو مَسْلمة، حَدَّثَنَا أبو نَضْرة، عن جابر بن عبد الله، قال: لما حَضَرَ قتالُ أُحُدٍ دعاني أبي من اللَّيل، فقال: إني لا أُراني إِلَّا مقتولًا في أول مَن يُقتَل من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني والله ما أدَعُ أحدًا - يعني - أعزَّ عليَّ منكَ بعد نَفْسٍ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وإنَّ عليَّ دَينًا فاقضِ عني دَيني، واستَوصِ بأخَواتك خيرًا، قال: فأصبحنا، فكان أولَ قَتيلٍ، فدفنتُه مع آخَرَ في قبرٍ، ثم لم تَطِبْ نفسي أن أترُكَه مع آخرَ في قبرٍ، فاستخرجتُه بعد ستةِ أشهرٍ، فإذا هو كيومَ وَضَعتُه غيرَ أُذُنِه
(2)
.
= "إتحاف المهرة"(25323)، وهو أبو مَسْلمة سعيد بن يزيد بن مسلمة البصري القصير.
(1)
خبر صحيح، وهذ إسناد حسن من أجل أبي هلال - وهو محمد بن سُليم الراسبي - فهو صالح الحديث، وقد تُوبع كما في الطريق الثالثة. أبو نَضْرة: هو المنذر بن مالك بن قِطْعة العَبْدي.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 522 عن موسى بن إسماعيل، عن أبي هلال الراسبي، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده صحيح. أبو المثنّى: هو معاذ بن المُثنَّى العَنْبَري، ومسدّد: هو ابن مُسَرْهَد.
وقد تابع مسدَّدًا على روايته التي عند المصنِّف أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(4340)، وفي "مستخرجه على البخاري" كما في "فتح الباري" 4/ 719، فرواه عن بشر بن المفضّل، عن أبي مسلمة، عن أبي نضرة، عن جابر.
وكذلك رواه شعبةُ بنُ الحجاج عند أبي علي بن السكن كما في "فتح الباري" 4/ 723، وأبي بكر الإسماعيلي في "معجم شيوخه"(399)، وابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 142، وغسانُ بن مضر عند أبي خيثمة في السِّفْر الثاني من "تاريخه الكبير"(2668)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(4346)، والبيهقي في "الكبرى" 6/ 286، وابن عبد البر 13/ 141، كلاهما عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن جابر. وتابعهم أبو هلال الراسبي كما تقدَّم عند المصنّف قبله. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
وبيانُه:
4976 -
ما أخبرَنيهِ عبد الله بن محمد بن زياد، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الإمام، أخبرنا يحيى بن حبيب الحارِثي وعَبْدة بن عبد الله الخُزاعي، قالا: حَدَّثَنَا موسى بن إبراهيم بن كثير، قال: سمعت طلحة بن خِراشٍ يحدِّث عن جابر بن عبد الله،
= وأخرجه البخاري (1351) عن مسدَّد، عن بشر بن المفضّل، عن حسين المعلم، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله. مثل لفظ رواية أبي نضرة عن جابر.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 4/ 720 بعد أن ذكر رواية أبي الأشعث العجلي مع رواية المصنّف التي هنا: فغلب على الظن حينئذٍ أنَّ في هذه الطريق (يعني طريق البخاري) وهمًا، لكن لم يتبين لي ممن هو، ولم أرَ من نبَّه على ذلك، وكأنَّ البخاري استشعر بشيء من ذلك فعقَّب هذه الطريق بما أخرجه (1352) من طريق ابن أبي نَجِيح عن عطاء عن جابر مختصرًا (يعني مُختصرًا باستخراج جابر لأبيه بعد ستة أشهر وأنه لم يتغيّر) ليوضح أنَّ له أصلًا من طريق عطاء عن جابر.
كذلك قال الحافظُ مع عدم إشارته إلى رواية شعبة وغسّان بن مضر وأبي هلال الراسبي، مع أنه وقف على هذه الروايات، إذ نبَّه عليها أثناء شرحه للحديث بعد ذلك 4/ 722 و 723، فمقتضى هذه الروايات جميعًا ترجيحُ رواية بشر بن المفضل عن أبي مسلمة جزمًا، والله تعالى أعلم.
وأخرج أبو داود (3232) منه قصة دفن جابر الأبيه مع رجل ثم استخراجه له بعد ستة أشهر، من طريق حماد بن زيد، عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن جابر. غير أنه قال في آخره: فما أنكرت منه شيئًا إلا شُعيرات كنّ في لحيته ممّا يلي الأرض.
وأخرجه مختصرًا بهذا القدر أيضًا البخاري (1352)، والنسائي (2159) من طريق سعيد بن عامر، عن شعبة، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن جابر. غير أنه لم يذكر في روايته ما تغيَّر منه.
فهذا من رواية شعبة بن الحجاج أيضًا كرواية البخاري المطولة من طريق بشر بن المفضّل عن حُسين المعلّم عن عطاء عن جابر. فإذا كان شعبة روى الخبر بكلا الطريقين احتمل أن يكون لبشر بن المفضل في الخبر إسنادان إلى جابر، ويكون كلاهما محفوظًا كما احتمله الحافظُ ابتداءً في شرحه قبل مصيره بعد ذلك إلى تغليب الظن بوهم رواية البخاري، فهذا أولى من توهيم رواية البخاري، والله تعالى أعلم.
قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله تعالى لا يُكلِّم أحدًا إلَّا من وراء حِجَابٍ، وإنه كلَّم أباكَ كِفاحًا، فقال: تَمنَّ علَيَّ" وذكر الحديثَ
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
4977 -
حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن أحمد الأصبَهاني، حَدَّثَنَا الحسن بن الجَهْم، حَدَّثَنَا الحسين بن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عمر، عن شُيوخه، قالوا: وقال عبد الله بن عمرو بن حَرَام: رأيتُ في النوم قبلَ أُحُدٍ كأني رأيتُ مُبشِّر بن عبد المُنذر يقول لي: أنت قادمٌ علينا في الأيام، فقلتُ: وأين أنتَ؟ قال: في الجنة نَسرحُ فيها كيف نَشاءُ، قلت له: ألم تُقتَل يومَ بدرٍ؟ قال: بلى، ثم أُحييتُ. فذَكَر ذلك لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذه الشهادةُ يا أبا جابرٍ"
(2)
.
ذكرُ مناقب حَنْظلة بن عبد الله
وكنيةُ عبد الله أبو عامر بن عبد عمرو الأنصاري الذي غسَّلتْه الملائكةُ.
4978 -
حَدَّثَنَا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حَدَّثَنَا أبو إسحاق إبراهيم
(1)
إسناده حسن من أجل طلحة بن خراش وموسى بن إبراهيم بن كثير، وقد انفردا بذكر تكليم الله لوالد جابر كفاحًا.
وأخرجه ابن ماجه (190)، والترمذي (3010) عن يحيى بن حبيب، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن غريب.
وأخرجه ابن ماجه (190) و (2800) عن إبراهيم بن المنذر الحِزامي، عن موسى بن إبراهيم بن كثير، به. وذكر الترمذي أنَّ علي بن المديني رواه كذلك عن موسى بن إبراهيم.
وأخرجه بنحوه أحمد 23/ (14881) من طريق عبد الله بن محمد بن عَقيل، عن جابر بن عبد الله. وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.
وقد سلف ضمن حديث مطول برقم (2589)، وليس فيه ذكر الكِفاح.
قوله: "كفاحًا" أي: مواجهة ليس بينهما حجاب ولا رسول.
(2)
إسناده ضعيف جدًّا مع إعضاله.
وهو في "مغازي الواقدي" 1/ 266.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 249 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
ابن إسحاق بن إبراهيم بن عيسى بن مَسْلمة بن سُليمان بن عبد الله بن أبي عامر بن عبد عَمرو، حدثني أبي، عن أبيه، عن جدِّه: أَنَّ حَنْظلة بن أبي عامر تَزوَّج فدَخَل بأهله الليلةَ التي كانت صبيحتُها يومَ أُحُدٍ، فلما صلَّى الصبحَ لَزِمَته جميلةُ، فعادَ فكان معها، فأجنَبَ منها، ثم أنه لَحِقَ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
4979 -
فأخبرني أبو الحسين بن يعقوب الحافظ، أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، حَدَّثَنَا سعيد بن يحيى الأُموي، حدثني أبي، قال: قال ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عَبّاد بن عبد الله، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول عند قتلِ حنظلةَ بن أبي عامر بعد أن الْتقى هو وأبو سفيان بن الحارث ثم عَلاهُ شدادُ بن الأسود بالسيف فقتلَه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ صاحبَكم تُغسِّلُه الملائكةُ، فسَلُوا
(2)
صاحِبتَه" فقالت: إنه خرجَ لما سمِع الهائعةَ وهو جُنُب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لذلك غَسَّلتُه الملائكةُ"
(3)
.
(1)
إسناده مظلم كما قال الذهبي في "تلخيصه"، فإنَّ أبا إسحاق إبراهيم بن إسحاق قال عنه ابن حبان: كان يقلب الأخبار ويسرق الحديث، وقال عنه الخطيب: كان غير ثقة. قلنا: ومن فوقه من آبائه لا يُعرفون إلَّا بهذا الإسناد، فهم مجاهيل.
وقد روى الواقديُّ في "مغازيه" 1/ 273 - ومن طريقه ابن سعد 4/ 291، وابن عساكر 27/ 421 - عن شيوخه، مثل هذا الخبر تمامًا.
(2)
في (ص) و (م) و (ع): فسألوا، فصارت وما بعدها ليست من كلام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق، وصحابيُّ الحديث هنا هو الزبير بن العوام كما قال الحافظ في "التلخيص الحبير" 2/ 118 قال: لأنَّهُ هو الذي يمكنه أن يسمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في تلك الحال. قلنا: لأنَّ عبد الله بن الزبير كان يوم أُحُدٍ ابن ثلاث سنين، فلزم أن يكون الحديث لأبيه الذي شهد أُحُدًا. وهذا هو الصحيح، خلافًا لما جزم به البيهقي في "سننه الكبرى" 4/ 105 بعد أن ساق الخبر من روايته عن المصنِّف بسنده الذي هنا، واختصر أوّله فلم يذكر قوله: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول، فحمله على أنه من مسند عبد الله بن الزبير، ثم قال البيهقي: هو مرسلٌ، يعني مرسل صحابيٍّ. ولا بن إسحاق فيه إسناد آخر كما سيأتي، وفيه إسناد ثالث لغيره رجاله ثقات، فالخبر صحيح لا محالة. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
4980 -
أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيَّارِي بمَرْو، حَدَّثَنَا عبد الله بن علي الغَزّال حَدَّثَنَا علي بن الحسن بن شَقِيق، حَدَّثَنَا ابن المُبارَك، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه: أنَّ عمر بن الخطاب لما فَرَض للناسِ فَرَض لعبد الله بن حنظلة ألفي درهمٍ، فأتاهُ حنظلةُ بابنِ أخٍ له، ففَرَض له دون ذلك، فقال له: يا أميرَ المؤمنين، فَضّلتَ هذا الأنصاريَّ على ابن أخي؟ فقال: نعم، لأني رأيتُ أباهُ يومَ أُحُدٍ يَستَنُّ بسيفِه كما يَستَنُّ الجَمَلُ
(1)
.
= وأخرجه ابن حبان (7025) عن محمد بن إسحاق بن إبراهيم - وهو السَّرَّاج - بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة"(418)، وفي "معرفة الصحابة"(2225) عن أبي حامد أحمد بن محمد بن جبلة، عن محمد بن إسحاق السرّاج، به.
وأخرجه ابن إسحاق في "السيرة النبوية" برواية محمد بن سَلَمة الحرّاني كما في قطعة منه مطبوعة بإثر رواية يونس بن بُكَير (515)، ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 357، وأبو القاسم الأصبهاني في "دلائل النبوة" (109) قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لَبيد. ومحمود بن لبيد هذا له رؤية، فهذا مرسلُ صحابي حسن.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 15، وفي "دلائل النبوة" 3/ 246، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 543 من طريق يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، مرسلًا ليس فيه محمود بن لبيد، ودلَّت رواية محمد بن سَلَمة الحراني أنَّ عاصم بن عمر حمله عن محمود بن لبيد.
وأخرجه ابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" ص 591 من طريق هشام بن عروة، عن أبيه مرسلًا. ورجاله ثقات.
وسيأتي برقم (7153) من حديث أنس بن مالك، قال: افتخر الحيان من الأنصار الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منا من اهتز لموته عرش الرحمن سعد بن معاذ، ومنا من حمته الدَّبْر عاصم بن ثابت بن الأقلح، ومنا من غسّلتْه الملائكة حنظلة ابن الراهب
…
وإسناده قوي.
(1)
إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فيه لينٌ، وقد انفرد بهذا الخبر عن عمر بن =
ذكرُ مناقب عَمرو بن الجَمُوح بن زيد بن حَرام بن كعب الخَزْرجي
وكان سيّدَ قبيلتِه، وكان أعرجَ، فقُتل هو وابنُه خَلّاد بن عمرو يومَ أَحُدٍ، حَمَلا جميعًا على المشركين، وانكشف المسلمون
(1)
فقُتِلا جميعًا، ومعهما أبو أيمن
(2)
مولى عَمرو.
4981 -
حَدَّثَنَا بذلك أبو عبد الله الأصبهاني، حَدَّثَنَا الحسن بن الجَهْم، حَدَّثَنَا الحسين بن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عمر، عن شُيوخه
(3)
.
= الخطاب، ثم هو مرسل لأنَّ زيد بن أسلم لم يدركه. وعلى فرض صحة هذا الخبر فإنَّ ذكر حنظلة فيه خطأ، لأنَّ ابن المبارك قد أخرجه في "الجهاد"(87)، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" 27/ 426 فذكر أنَّ الذي جاء بابن أخيه هو طلحة - يعني ابن عُبيد الله - وطلحة قرشي، فيسوغ حينئذٍ تعبيره في الاحتجاج أمام عُمر: فَضّلتَ هذا الأنصاريَّ على ابن أخي.
وقد صحَّ عن عمر بن الخطاب أنه كان يفاضل بين من يقسم فيهم الأُعطيات بأسباب ذكرها عمر في الخبر الذي أخرجه أبو داود (2950) وغيره، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: ذكر عمر بن الخطاب يومًا الفيء، فقال: ما أنا بأحقَّ بهذا الفيء منكم، وما أحدٌ منا أحقَّ به من أحدٍ، إلَّا أنَّا على منازلنا من كتاب الله عز وجل وقَسْم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالرجلُ وقِدمُه، والرجلُ وبَلاؤه، والرجلُ وعيالُه، والرجل وحاجتُه.
(1)
وقع في نسخنا الخطية: انكشف المشركون، وهو خطأ، صوَّبناه من "مغازي الواقدي" 1/ 264 وغيره.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: أبو نمر، والتصويب من كتب الصحابة والسيرة، انظر "سيرة ابن هشام" 2/ 126.
(3)
لم ينفرد محمد بن عُمر - وهو الواقدي - بذلك، فقد تابعه عليه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 126.
وهو في "مغازي الواقدي" 1/ 264 - 265.
وروي من حديث أبي قتادة الأنصاري عند أحمد 37 / (22553) وغيره ذكر استشهاد عمرو بن الجموح ومولاه يوم أُحُدٍ، بإسناد حسن كما قال الحافظ في "فتح الباري" 8/ 158.
ذكرُ مناقب سعد بن خَيْثمة
(1)
وكان من النُّقَباء.
4982 -
حدثني محمد بن يعقوب الحافظ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حَدَّثَنَا محمد بن الصَّبّاح، حَدَّثَنَا سفيان، قال: النُّقباء اثنا عشر رجلًا منهم سعد بن عُبادة وسعد بن الربيع وسعد بن خَيثمة، فذكرهم
(2)
.
4983 -
أخبرنا الحسن بن حَلِيم المروزَي، حَدَّثَنَا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا رجل، عن عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، أنَّ سليمان بن أبان حدثه عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى بدرٍ أراد سعد بن خَيثمة وأبوه جميعًا الخروجَ معه، فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأمر أن يخرُج أحدهما، فاستَهَمَا، فخرج سعدٌ مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى بدرٍ، فقُتل ببدرٍ، ثم قُتل
(1)
ترجمة سعد بن خيثمة تقدَّمت بعد مناقب عُمير بن أبي وقّاص بعد الخبر (4925)، وأورد المصنّف هناك ثاني الخبرين اللذَين هنا، غير أنه زاد في كل موضع زيادة ليست في الموضع الآخَر.
(2)
رجاله ثقات. سفيان: هو ابن عُيينة.
وروى أحمد في "المسند" 37/ (22773) قال: سمعت سفيان بن عُيينة يُسمي النُّقباء، فسمّى عبادة بن الصامت فيهم. هكذا رواه مختصرًا، ونقل ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 274 - 275 عن أحمد بن حنبل عن ابن عيينة أنه سماهم جميعًا، فقال: سعد بن عبادة وأسعد بن زرارة وسعد بن الربيع وسعد بن خيثمة وعبد الله بن رواحة. والمنذر بن عمرو وأبو الهيثم بن التَّيِّهان والبراء بن معرور وأُسيد بن حُضير وعبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر.
وأخرج أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3132) منه قول ابن عُيينة: النقباء اثنا عشر، منهم سعد بن الربيع.
وأخرج هذا الخبر أيضًا أبو بكر الدِّينوري في "المجالسة"(3516) عن الهيثم بن خالد المِصِّيصي، عن محمد بن عيسى الطبّاع، عن سفيان بن عيينة، عن معمر، فسمّاهم جميعًا غير أنه سمى رافع بن مالك الزُّرَقي بدلٌ أُسيد بن حُضير، وجعله من رواية سفيان بن عيينة عن معمر بن راشد قوله. لكن الهيثم بن خالد هذا ضعيف. فالقول قول أحمد ومن تابعه.
خيثمة من العام المُقبل يوم أُحُدٍ
(1)
.
ذكر مناقب سعد بن مُعاذ بن النُّعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشْهَل الخَزْرجي
(2)
الأنصاري
وكان سعدٌ يُكنى أبا عمرو، وكان لواءُ الأَوس معه يوم الخندق، فرُمي في أَكْحَلِه بسهمٍ فقُطِع ونَزَف، وذلك في سنة خمس من الهجرة:
4984 -
حَدَّثَنَا بذلك أبو عبد الله الأصبهاني، حَدَّثَنَا الحسن بن الجَهْم، حَدَّثَنَا الحسين بن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عُمر، عن شُيوخه
(3)
.
4985 -
حَدَّثَنَا أبو الحسن بن أحمد بن شَبَّوَيهِ الرئيس بمَرْو، حَدَّثَنَا جعفر بن محمد النَّيْسابُوري، حَدَّثَنَا علي بن مِهْران، حَدَّثَنَا سلمة بن الفضل، حدثني محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قَتَادة، عن عبد الله بن كعب بن مالك، أنه قال: إنَّ الذي رمى سعدَ بنَ معاذ يوم الخَنْدق حِبّانُ بن قيس ابن العَرِقةِ أحدُ بني عامر بن لؤي، فلما أصابه قال: خُذْها وأنا ابن العَرِقة. فقال سعدٌ: عَرّق اللهُ وجهَك في النارِ، ثم عاشَ سعدٌ بعدما أصابه سهمٌ نحوًا من شهرٍ، حتَّى حَكَمَ في بني قُريظَة بأمرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ورجع إلى مدينةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انفَجَر كَلْمُه فماتَ ليلًا، فأتى
(1)
حديث قوي إن شاء الله كما تقدَّم بيانه برقم (4927)، غير أنَّ ذكر والد سليمان بن أبان في هذا السند غريب، والغالب أنه وهمٌ، فلم يرد ذكره عند مكرره المتقدِّم، ولا في غيره من المصادر التي خرَّجت هذا الخبر، ولم يذكره أحدٌ لا في الصحابة ولا في التابعين، إنما المعروف رواية هذا الخبر عن سليمان بن أبان بن أبي حُدير مرسلًا.
(2)
هذا نسبة إلى الخزرج بن عمرو، بطن من الأوس، وليس إلى الخزرج بن حارثة أخي أوسٍ.
(3)
صحيح مشهور، ولم ينفرد به محمد بن عمر - وهو الواقدي - فقد روى قصة إصابة سعد بن معاذ في أكحله غيرُ واحدٍ من الصحابة وغيرهم.
منهم جابر بن عبد الله كما سيأتي عند المصنّف برقم (8492).
ومنهم عائشة، أخرج خبرها أحمد 40 / (24294) و 42 / (25097)، والبخاري (4122)، ومسلم (1769).
جبريلُ عليه السلام رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: مَن هذا الذي فُتحت له أبوابُ السماءِ، واهتزَّ له عرشُ الرحمن؟ فخرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى سعدٍ، فوجدَه قد مات
(1)
.
4986 -
حَدَّثَنَا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك ببغداد، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن محمد بن منصور، حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد القطَّان، عن عَوف، قال: حَدَّثَنَا أبو نَضْرة، عن أبي سعيد، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال:"اهتزَّ العَرشُ لموتِ سَعْد بن مُعاذٍ"
(2)
.
(1)
رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسلٌ، ومن دون محمد بن إسحاق هم بعضُ من روى كتاب "المبتدأ والمغازي" برواية سلمة بن الفَضْل - وهو الأبرش - عن ابن إسحاق، لكن وقع في هذا الإسناد الذي عند المصنّف وهمٌ في ذكر عبد الله بن كعب بن مالك، فلم يذكره أحدٌ من أصحاب محمد بن إسحاق، حتَّى إنَّ الطبري قد أخرج هذا الخبر في "تاريخه" 2/ 575 عن محمد بن حميد الرازي، عن سلمة بن الفضل الأبرش، عن ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلًا لم يذكر فيه عبد الله كعب بن مالك، وكلاهما تابعيٌّ، ومما يؤيد أنَّ ذكر عبد الله بن كعب بن مالك في الإسناد هنا خطأٌ أنَّ ابن إسحاق نفسه قد روى كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 227 عمَّن لا يَتَّهم، عن عبد الله بن كعب بن مالك أنه كان يقول: ما أصاب سعدًا يومئذٍ إلّا أبو أسامة الجُشمي حليف بني مخزوم
…
وذكر شعرًا له في ذلك.
وأخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 227 عن زياد بن عبد الله البكائي، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 1/ 416 من طريق إبراهيم بن سعد، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 441، وابن الأثير الجزري في "أسد الغابة" 2/ 222 من طريق يونس بن بُكَير، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلًا لم يذكروا فيه عبد الله بن كعب.
والظاهر أنَّ عاصم بن عمر بن قتادة سمع هذه القصة من جدته رُميثة بنت عمرو بن هاشم بن المطلب، فقد روى عنها طرفًا من قصة سعد بن معاذ حين مات، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"اهتز عرشُ الرحمن تبارك وتعالى". أخرجه أحمد 44 / (26793) وغيره، وسيأتي عند المصنِّف برقم (7102). وإسناده حسن.
وانظر الأحاديث الآتية بعده.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الرحمن بن محمد بن منصور - وهو الحارثي - وقد توبع. عوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي، وأبو نَضْرة: هو المنذر بن مالك بن قِطْعة العَبْدي، وأبو سعيد: هو سعد بن مالك الخُدري. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وقد صحَّ سندُه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
4987 -
حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن عبد الله السَّعْدي، حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عمرو، عن يحيى بن سعيد، عن مُعاذ بن رِفاعة.
وأخبرنا عبد الله بن محمد بن علي بن زياد العَدْل، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق، حَدَّثَنَا أبو عمار، حَدَّثَنَا الفضل بن موسى، عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن سعيد ويزيد بن عبد الله بن أسامة اللَّيثي، عن مُعاذ بن رِفاعة، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِسعدٍ وهو يُدفَنُ: "إنَّ هذا العبدَ الصالحَ تَحرَّك له العرشُ، وفُتِحت له أبوابُ السماء"
(1)
.
= وأخرجه أحمد 17 / (11184)، وأخرجه النسائي (8168) عن يعقوب بن إبراهيم الدَّورقي، كلاهما (أحمد ويعقوب الدورقي) عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه اختلف فيه على معاذ بن رفاعة - وهو ابن رافع الزُّرقي - فرواه عنه يزيد على عبد الله بن أسامة الليثي ويحيى بن سعيد - وهو ابن قيس الأنصاري - واختُلف عليهما أيضًا:
فأما ابن الهاد فاختُلف عليه في متن الحديث، إذ جعله الأكثرون من أصحابه من قول جبريل وليس من قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وخالفهم جميعًا محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - فحمل رواية يحيى بن سعيد الأنصاري، على رواية ابن الهاد، وإنما رواه يحيى بن سعيد عن معاذ بن رفاعة مرسلًا كما سيأتي، وخالف أيضًا في متن الحديث إذ جعله من قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وليس من قول جبريل كما وقع في رواية المصنِّف هذه.
ولم يُختلف على يزيد بن الهاد أنَّ الحديث من رواية معاذ بن رفاعة عن جابر بن عبد الله.
وأما يحيى بن سعيد الأنصاري فانفرد محمد بن عمرو بن علقمة برواية الحديث عنه موصولًا بذكر جابر، وخالفه الحمادان: حماد بن زيد و حماد بن سلمة كما قال الخطيب في "الفصل للوصل" 1/ 419، فروياه عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن معاذ بن رفاعة مرسلًا ليس فيه جابر. وقال الدارقطني في "العلل" (3280): هو المحفوظ عن يحيى بن سعيد. يعني الإرسال. =
4988 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حَدَّثَنَا إسماعيل بن قُتيبة، حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حَدَّثَنَا ابن فُضيل، عن عطاء بن السائب، عن مُجاهد، عن ابن عمر، قال: اهتزَّ لحُبِّ لقاءِ الله العرشُ - يعني السريرَ؛ قال: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} - تفسَّخَت أعوادُه.
قال: ودخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قبرَه فاحتَبَس، فلما خرج قيل: يا رسولَ الله، ما حَبَسك؟ قال:"ضُمَّ سعدٌ في القبرِ ضَمّةً، فدعوتُ الله أن يَكشِفَ عنه"
(1)
.
= وقد روى هذا الحديثَ معاذ عن بن رفاعة أيضًا محمدُ بنُ إسحاق، وجعله من قول جبريل وليس من قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: ولكنه خالف يزيدَ بن الهاد ويحيى بن سعيد، إذ رواه عن معاذ بن رفاعة عن رجال من قومه.
وأخرجه أحمد 22/ (14505) عن محمد بن بشر، والنسائي (8167) من طريق الفضل بن موسى، كلاهما عن محمد بن عمرو بن علقمة، بهذا الإسناد.
وهو عند ابن إسحاق في "السيرة" كما في سيرة ابن هشام 2/ 250 - 251 قال: حدثني معاذ بن رفاعة الزُّرَقي، قال: حدثني من شئتُ من رجال قومي: أنَّ جبريلَ أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكره.
وقد روي هذا الخبر من قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فيما رواه عبد الله بن عمر بن الخطاب عند النسائي (2193) وغيره، ورجاله ثقات على خلاف في وصله وإرساله.
وصحَّ ذكر اهتزاز العرش وحده من قوله صلى الله عليه وسلم من وجوه أخرى عن جابر بن عبد الله، فقد أخرجه أحمد 22/ (14153) و 23 / (14768)، ومسلم (2466)، والترمذي (3848)، وابن حبان (7029) من طريق أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرُس المكي، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجنازة سعد بن معاذ بين أيديهم: "اهتزَّ لها عرشُ الرحمن".
ورواه عن جابر أيضًا أبو صالح السمان وأبو سفيان كما سيأتي برقم (4992).
(1)
رجاله ثقات لكن ابن فُضيل - وهو محمد بن فُضيل بن غَزْوان - سمع من عطاء بن السائب بعدما تغيّر عطاء، وقد تابعه جرير بن عبد الحميد وهو أيضًا ممن سمع منه بعد تغيُّره، وتابعهما كذلك عبد السلام بن حرب وهو يصغُر عن طبقة الذين سمعُوا من عطاء قبل تغيُّره.
وقد رويت ضمة القبر عن ابن عمر من وجه آخر اختُلف في وصله وإرساله، والصحيح إرساله، على أنَّ ذكر ضمة القبر ثابتة عن غير ابن عمر. =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
4989 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حَدَّثَنَا سعيد بن مسعود، حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن إسحاق بن راشد، عن أسماء بنت يزيد بن السَّكَن الأنصارية، قالت: لما ماتَ سعدُ بن مُعاذٍ صاحَتْ أمُّه، فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ألا يَرقأُ دمعُكِ ويذهبُ حُزنُك، فإنَّ ابنَكِ أولُ مَن ضَحِك اللهُ إليه، واهتزَّ له العَرشُ"
(1)
.
صحيح الإسناد.
= وأخرج المرفوع منه ابن حبان (7034) من طريق محمد بن عبد الله بن نُمير، عن محمد بن فُضيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (2193) من طريق عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: هذا الذي تحرك له العرشُ، وفُتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفًا من الملائكة، لقد ضُمَّ ضمةً ثم فُرِّج عنه". يعني سعد بن معاذ. ورجاله ثقات أيضًا، لكنه اختُلف في وصله وإرساله عن عُبيد الله بن عمر كما بيّنه ابن أبي حاتم في "العلل" (2599)، والإرسال أصحّ، وفيه اختلاف آخر عن نافع كما هو مبيَّن في "مسند أحمد" عند الحديث 40/ (24283).
والسرير المراد به الذي سُجِّي عليه سعدُ بن معاذ، وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 1/ 297: تفسيره بالسرير ما أدري أهو من قول ابن عمر أو من قول مجاهد؟ وهذا تأويل لا يفيد، فقد جاء ثابتًا:"عرش الرحمن" و "عرش الله"، والعرش خلق الله مسخّر، إذا شاء أن يهتزَّ اهتزَّ بمشيئة الله، وجعل فيه شعورًا لحب سعدٍ، كما جعل تعالى شعورًا في جبل أُحُد بحبه النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وقال تعالى:{يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} ، وقال:{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ} ، ثم عمم فقال:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} وهذا حقٌّ، وفي "صحيح البخاري" قال ابن مسعود: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل. وهذا باب واسعٌ سبيله الإيمان.
(1)
إسناده محتمل للتحسين من أجل إسحاق بن راشد. وهو الكوفي - فقد ترجم له الخطيب في "المتفق والمفترق" 1/ 418 - 419 وذكر أنه روى عنه أيضًا مسعر بن كدام. وذكره ابن حبان في "الثقات".
وأخرجه أحمد 45/ (27581) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
قوله: "يَرقأُ دَمعُك"؛ أي: يسكن وينقطع.
4990 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن علي بن زياد، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الإمام، حَدَّثَنَا محمد بن يحيى - وقد كان أبو موسى حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا به عنه في الرَّحْلة الأَوَّلة، فلما قدمتُ سألتُ محمد بن يحيى، فحدثني به - قال: حَدَّثَنَا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن قَتَادة، عن أنس قال: لما حُمِلَت جَنازةُ سعد بن مُعاذ قال المنافقون: ما أخفَّ جنازتَه، وما ذاك إِلَّا لِحُكمِه في بني قُرَيظة، فبلغ ذلك النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"لا، ولكنَّ الملائكةَ كانت تَحمِلُه"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
4991 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حَدَّثَنَا إبراهيم بن عبد الله السَّعدي، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عمرو بن عَلْقمة اللَّيثي، عن أبيه، عن جدِّه، عن عائشة قالت: قَدِمْنا من سفرٍ، فتَلقَّونا بذي الحُلَيفة، وكان غِلْمانُ الأنصارِ يُتلَقَّون بهم إذا قَدِمُوا، فَلَقُوا أُسَيدَ بن حُضَير، فنَعَوا إليه امرأتَه، فتَقنَّعَ يبكي، قالت: فقلتُ له: سبحانَ الله! أنتَ من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولك من السابقةِ ما لكَ، تبكي على امرأة؟! فكَشَفَ عن رأسِه، فقال: صدقتِ لعَمْرُو اللهِ، واللهِ لَيَحِقُّ لي أن لا أبكيَ على أحدٍ بعد سعد بن معاذ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالَ قالت له: وما قال له؟ قال: "لقد اهتزّ العرشُ لِوفاةِ سَعْدِ بن مُعاذٍ". قالت: وهو يَسيرُ بيني وبين رسولِ الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو موسى: هو محمد بن المثنَّى الزَّمِن، ومحمد بن يحيى: هو الذُّهْلي.
وأخرجه الترمذي (3849) عن عَبد بن حميد، عن عبد الرزاق بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح غريب.
وأخرجه بنحوه ابن حبان (7032) من طريق محمد بن سواء، عن شعبة، عن قتادة به. لكن جاء عند ضياء الدين المقدسي في "المختارة" 7/ (2414) من طريق أخرى عن محمد بن سواء، عن سعيد، عن قتادة. فذكر سعيدًا بدل شعبة. قال الضياء بعد أن أشار إلى رواية ابن حبان: الله أعلم بالصواب هل هو سعيد أو شعبة.
(2)
إسناده فيه لِينٌ من أجل عمرو بن علقمة الليثي والد محمد، فقد تفرَّد بالرواية عنه ابنه، =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
4992 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن زياد، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق، حَدَّثَنَا أبو موسى، حدثني أبو المُساوِر الفضل بن مُساوِرٍ، حَدَّثَنَا أبو عَوانةَ، عن الأعمش، حَدَّثَنَا أبو صالح، عن جابر بن عبد الله قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اهتزَّ عرشُ الرحمن لمَوتِ سَعْدِ بن مُعاذٍ" قال: فقال رجلٌ لجابر: فإنَّ البراءَ يقولُ: اهتَزَّ السَّريرُ، فقال: إنه كان بين هذَينِ الحيَّينِ الأوسِ والخزرجِ ضَغَائنُ، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"اهتَزَّ عرشُ الرحمنِ لمَوتِ سَعْدِ بن معاذٍ"
(1)
.
= ولم يؤثر توثيقه من غير ابن حبان، وقد خولف في لفظ حديثه هذا كما سيأتي.
وأخرجه أحمد 31/ (19095) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرج المرفوع منه مفردًا ابن حبان (7030) من طريق عَبْدة بن سليمان، عن محمد بن عمرو، به.
وقد تقدَّم الحديث مختصرًا برقم (1816) من طريق عبد الله بن روح المدائني عن يزيد بن هارون.
وسيأتي بطوله برقم (5347) من طريق سعيد بن مسعود عن يزيد بن هارون.
وأخرجه مختصرًا بنحوه ابن إسحاق في "السيرة" كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 251 قال: حدثني عبد الله بن أبي بُكَير، عن عَمرة بنت عبد الرحمن، قالت: أقبلت عائشةُ قافلةً من مكة ومعها أُسيد بن حُضَير، فلقيه موتُ أمرأةٍ له، فحزن عليها بعضَ الحُزن، فقالت له عائشة: يغفر اللهُ لك يا أبا يحيى! أتحزن على امرأةٍ وقد أُصبتَ بابن عَمّك، وقد اهتزَّ له العرشُ. وهذا إسناد لا بأس برجاله، فهو حسنٌ لولا أنَّ ظاهره الإرسالُ، والظاهر أنَّ عمرة سمعته من عائشة، فإنَّ روايتها عن غيرها نادرة جدًّا، وهي معروفة مشهورة بالرواية عن عائشة.
والمرفوع منه في اهتزاز العرش صحيح قد تقدَّم عن غير واحد من الصحابة.
(1)
إسناده صحيح. أبو موسى: هو محمد بن المثنّى، وأبو عوانة: هو الوضّاح بن عبد الله اليَشكُري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمّان.
وأخرجه البخاري (3803) عن محمد بن المثنّى، بهذا الإسناد.
وأخرج المرفوع منه دون القصة البخاريُّ (3803) من طريق أبي عوانة الوضّاح بن عبد الله، ومسلم (2466) من طريق عبد الله بن إدريس الأوْدِي، وابن ماجه (158) من طريق أبي معاوية =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب حارثة بن النعمان
وهو ابن نُفيع أحد بني غَنْم بن مالك بن النجَّار، يُكنى أبا عبد الله، شهد بدرًا فاستُشهِد.
4993 -
أخبرنا أحمد بن سُلَيمان المَوصِلي، حَدَّثَنَا علي بن حَرْب، حَدَّثَنَا سفيان، عن الزُّهري، عن عَمْرة، عن عائشة، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"دخَلتُ الجنةَ فسمعتُ فيها قراءةً، فقلتُ: مَن هذا؟ قالوا: حارثةُ بن النُّعمان، كذلِكُم البِرُّ، كذلِكُم البِرُّ"
(1)
.
= محمد بن خازم، وابن حبان (7031) من طريق أبي عُبيدة عبد الملك بن معن، أربعتهم عن سليمان الأعمش، عن أبي سفيان طلحة بن نافع، عن جابر. لكن قرن أبو عبيدة في روايته بأبي سفيان أبا صالح السمّان.
فقد سمع الأعمشُ الحديثَ المرفوعَ من كلا الرجلين أبي صالح السمّان وأبي سفيان، وكلاهما يرويه عن جابر، لكن زاد أبو صالح السمّان في روايته القصة المذكورة، ولم يذكرها أبو سفيان.
وقد تقدم عند المصنّف برقم (4987) من طريق معاذ بن رفاعة عن جابرٍ بنحو هذا اللفظ وزيادة.
(1)
إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عُيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم بن عُبيد الله، وعَمْرة: هي ابنة عبد الرحمن بن سَعْد بن زُرارة.
وأخرجه أحمد 40/ (24080)، وكذلك ابن حبان (7014) من طريق عبد الأعلى بن حماد، كلاهما (أحمد وعبد الأعلى) عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وجاء في رواية الحُميدي في "مسنده"(287) ما نصّه: قيل لسُفيان هو عن عَمْرة؟ قال: نعم لا شكَّ فيه، كذلك قال الزهري.
وسيأتي عند المصنّف برقم (7434) من طريق إسحاق الدَّبَري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة. فذكر عروة بدلٌ عمرة، وبعضُ من رواه عن عبد الرزاق وافق فيه سفيان بن عُيينة في ذكر عَمْرة كما سيأتي بيانه هناك!
وقوله: "كذلكم البِرُّ"؛ أي: مثل تلك الدرجة تُنال بسبب البِرّ.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
4994 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن هشام بن مَلّاس
(1)
، حَدَّثَنَا مروان بن معاوية، حَدَّثَنَا حُميد، عن أنس.
وحدثنا علي بن حَمْشَاذَ - واللفظُ له - حَدَّثَنَا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حَدَّثَنَا أبو الوليد، حَدَّثَنَا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس قال: انطلَقَ حارثةُ ابن عَمّتي نَظارًا يومَ بدرٍ، وما انطلَقَ لقتالٍ، فأصابَه سهمٌ فقتلَه، فجاءت عَمّتي إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ابني حارثةُ، إن يكن في الجنة أصبِرْ واحتَسِبْ، وإلَّا فترى ما أصنَعُ، فقال:"يا أمَّ حارثة، إنها جِنانٌ كثيرةٌ، وإنَّ حارثةَ في الفِردَوس الأعلَى"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة التي رواها
(1)
تحرَّف في المطبوع إلى: جلاس.
(2)
إسناداه صحيحان. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وأبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وثابت: هو ابن أسلم البُناني.
وأخرجه أحمد 21/ (13787)، والبخاري (6567)، والنسائي (8174)، وابن حبان (7391) من طريق إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، والبخاري (3982) و (6550) من طريق أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفَزَاري، كلاهما عن حميد الطويل، به.
وأخرجه أحمد 20/ (13250) و 21/ (14011)، والنسائي (8175)، وابن حبان (4664) من طُرق عن سليمان بن المغيرة به.
وأخرجه بنحوه أحمد 20/ (13200) و 21 / (13741) و (14015)، والبخاري (2809)، والترمذي (3174)، وابن حبان (958) من طريق قتادة، عن أنس بن مالك.
وقال قتادة في روايته: وإلّا اجتهدتُ عليه في البكاء، وهو تفسيرٌ لقولها هنا: فترى ما أصنَع، وسمَّى في روايته حارثةَ ابنَ سُراقة. فليس هو إذًا حارثة بن النعمان حتَّى يُذكر هذا الحديثُ في مناقبه كما صنع المصنِّف!
وقول أنس في رواية ثابت: حارثة ابن عمتي، يؤكد أنه حارثة بن سراقة، لأنَّ أم حارثة بن سراقة هي الرُّبَيِّع بنت النضر بن ضَمْضَم، وهي عمة أنس بن مالك.
ثابتٌ، إنما اتفقا
(1)
على رواية حُميد عن أنس مختصرًا.
ذكرُ مناقب جعفر بن أبي طالب بن عبد المُطلّب بن هاشم
قُتل بمُؤتة شهيدًا في سنة ثمان من الهجرة.
4995 -
حَدَّثَنَا أبو عبد الله الأصبَهاني، حَدَّثَنَا الحسن بن الجَهْم، حَدَّثَنَا الحسين بن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عمر، حدثني عبد الله بن محمد بن عُمر بن علي، عن أبيه، قال: ضربَ جعفرَ بن أبي طالب رجلٌ من الروم قَطَعَه بنِصفَين، فوقَعَ أحدُ نِصفَيه في كَرْمٍ، فوُجِد في نِصفِه ثلاثون أو بِضعٌ وثلاثون جُرْحًا.
وهاجر إلى أرض الحَبَشة في الهجرة الثانية، ومعه امرأتُه أسماءُ بنت عُمَيس، فلم يَزَلْ بأرضِ الحبشة حتَّى هاجَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم هاجَر إليه وهو بخَيْبَر، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لا أدري بأيِّهما أفرحُ: بفتحِ خَيبرَ، أو بقُدومِ جعفرٍ؟ ". قال: وكان جعفرٌ يُكنى أبا عَبد الله
(2)
.
(1)
لم يُخرج مسلم هذا الحديث.
(2)
مرفوعه حسنٌ لغيره، وهذا إسناد فيه محمد بن عمر - وهو الواقدي - وقد انفرد في هذا الخبر بذكر صفة قتل جعفر يوم مؤتة، وأما هجرة جعفر إلى الحبشة في الهجرة الثانية فمختلف فيه، كما سيأتي بيانه.
وأخرج ابن سعد في "طبقاته" 4/ 35 قصة قتل جعفر يوم مؤتة عن الواقدي، به. وهي في "مغازي الواقدي" 2/ 761 أيضًا.
وأورد ابن سعد 4/ 31 قصة هجرة جعفر إلى الحبشة ثم إلى المدينة دون المرفوع، عن محمد بن عمر الواقدي من قوله هو لم يُسنده!
وأورد هذا الخبرَ الطبريُّ في "ذيل المُذيَّل" كما في "منتخبه" لعُريب بن سعد القرطبي 11/ 494 أورده بتمامه لكن دون المرفوع منه عن محمد بن عمر الواقدي، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه!
ويشهد للمرفوع منه حديثُ جابر بن عبد الله المتقدم برقم (4295) ورجاله لا بأس بهم، لكن الصحيح أنه عن الشعبي مرسلًا، غير أنَّ له شاهدًا آخر موصولًا بإسناد حسنٍ ذكرناه هناك.
وقد وافق الواقديَّ على قوله بأنَّ جعفر بن أبي طالب خرج إلى الحبشة في الهجرة الثانية =
4996 -
حَدَّثَنَا أبو محمد المُزَني، حَدَّثَنَا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حَدَّثَنَا عبد الله بن بَرَّاد الأشعَري، حَدَّثَنَا عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عَبّاد بن عبد الله بن الزُّبير، عن أبيه، عن جدِّه، قال: أخبرني أبي الذي كان أرضعَني من بني مُرّةَ، قال: كأني أنظُر إلى جعفرِ بن أبي طالب يومَ مُؤتةَ نَزَل عن فرسٍ له فعَرْقَبَها، ثم مضى فقاتَل حتَّى قُتِل
(1)
.
= جماعةٌ، منهم: موسى بنُ عقبة فيما رواه عنه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 285 - 293، وعروة بن الزبير في رواية أبي الأسود المعروف بيتيم عروة عنه عند الطبراني في "الكبير"(8316)، وابن سعد في "طبقاته" 6/ 462، والبَلاذريُّ في "أنساب الأشراف" 1/ 198، والبيهقيُّ في "دلائل النبوة" 2/ 297 - 370، وابنُ الجوزي في "المنتظم" 3/ 346، وابن سيد الناس في "عيون الأثر" 1/ 136، وابن إسحاق في "السيرة النبوية" برواية يونس بن بُكَير (302).
وخالفهم آخرون فجزمُوا بأنَّ جعفرًا هاجر إلى الحبشة في الهجرة الأُولى، منهم: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وعروة بن الزبير وسعيد بن المسيب فيما رواه عنهم جميعًا الزهري عند البخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 233 و 238، والطحاوي في "أحكام القرآن"(410)، وابنُ عبد البر في "الدرر في اختصار المغازي والسير" ص 131، وابن عُساكر في "تاريخ دمشق" 16/ 72. ووافقهم الزهري عند عبد الرزاق في "مصنفه" (9743).
وقد روى ابن عمر صفة قتل جعفر يوم مؤتة بسياقة غير هذه التي هنا، كما أخرجه عنه البخاري (4260) أنه وقف على جعفر يومئذٍ، وهو قتيلٌ، قال: فعددتُ به خمسين بين طَعْنَةٍ وضربةٍ، ليس منها شيءٌ في دُبُره، يعني في ظهره. وسيأتي برقم (5010) مختصرًا بلفظ: فوجدنا به بضعًا وسبعين.
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرّح بسماعه هذا الحديث من يحيى بن عبّاد عند غير واحدٍ ممن خرَّجه وما وقع في رواية عبد الله بن إدريس هنا عند المصنّف وعند غير واحدٍ ممن خرَّج الحديث من طريقه من قوله: عن جده، فهو إما وهمٌ لأنَّ سائر مَن روى هذا الحديث عن ابن إسحاق غير عبد الله بن إدريس لم يذكروا الجَدّ، وهو عبد الله بن الزبير بن العوام، لكنهم جعلوه من رواية عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه الذي أرضعه من بني مرة، ولهذا أورده المزيُّ في "تحفة الأشراف"(15602) في ترجمة عباد عن أبيه الذي أرضعه. وإما أن يكون المراد بجدّه هو جدُّه من الرضاعة، ويكون المعنى بقوله: عن جده: عن قصة جده الذي =
4997 -
حَدَّثَنَا أبو محمد المُزَني، حَدَّثَنَا الهيثم بن خَلَف الدُّوري، حَدَّثَنَا محمد بن المُثنّى، حدثني عُبيد الله بن عبد المَجيد الحَنَفي، حَدَّثَنَا زَمْعة بن صالح، عن سَلَمة بن وَهْرامٍ، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دخلتُ الجنةَ البارحة فنظرتُ فيها، فإذا جعفرٌ يطيرُ مع الملائكة، وإذا حمزةُ مُتّكئٌ على سَريرٍ"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
4998 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن زياد، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الإمام، حَدَّثَنَا محمد بن بَشَّار، حَدَّثَنَا عبد الوهاب، عن خالد الحَذَّاء، عن عِكرمة، عن أبي هريرة، قال: ما احتذَى النِّعالَ ولا انتَعَل، ولا رَكِبَ المَطايا ولا رَكِبَ الكُورَ بعدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أفضلُ من جعفرِ بن أبي طالبٍ
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
4999 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا محمد بن غالب، حَدَّثَنَا
= أرضَعَه، وقد جرى استعمال بعض المحدثين لمثل ذلك التعبير فتتفق الروايات، والله أعلم.
وأخرجه أبو داود (2573) من طريق محمد بن سَلَمة الحراني، عن ابن إسحاق، حدثني ابن عباد، عن أبيه عبّاد بن عبد الله بن الزبير، قال: حدثني أبي الذي أرضعني. وقال أبو داود: هذا الحديث ليس بالقوي، وإنما ضعَّفه أبو داود مع قوة إسناده ظنًّا منه أنَّ فيه إتلاف المال، وهو منهيّ عنه، فقد ذكر السهارنفوري في "شرحه" 7/ 115 أنه وقع في بعض نسخ أبي داود زيادة قوله: وقد جاء فيه نهيٌ كثيرٌ عن أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. قلنا: أسند هذه الزيادة البيهقي 9/ 87 عن أبي داود.
(1)
إسناده ضعيف من أجل زَمْعة بن صالح، فهو ليِّن الحديث.
وقد تقدَّم عند المصنّف برقم (4951) عن أحمد بن كامل القاضي عن الهيثم بن خلف، لكنه قال في روايته: عن ربيعة بن كلثوم، بدل زمعة بن صالح، وهو خطأ كما نبّهنا عليه هناك.
(2)
إسناده صحيح، عبد الوهاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي، وخالد الحذّاء: هو ابن مهران.
وقد تقدَّم برقم (4398) من طريق إبراهيم بن أبي طالب عن محمد بن بشار.
والكُور، بالضم: رَحْل الناقة بأداته، وهو كالسَّرج وآلته للفرس. قاله ابن الأثير في "النهاية".
علي بن عبد الله بن جعفر المَدِيني، حدثني أبي، حَدَّثَنَا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هُريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أُرِيتُ جعفرَ بنَ أبي طالب مَلَكًا يطيرُ مع الملائكةِ بجَناحَينِ"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5000 -
أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى العَلَوي ابن أخي طاهر، حَدَّثَنَا جَدّي، حَدَّثَنَا إبراهيم بن يحيى بن عَبّاد الشَّجَري، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشةَ زوجِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قالت: لما أتي نَعْيُ جعفرٍ عَرَفْنا في وجهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحُزنَ
(2)
.
(1)
حديث حسن. وهذا إسنادٌ حسنٌ في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن جعفر المديني، فإنه - وإن كان ضعيفًا - يُكتبُ حديثه كما قال أبو حاتم وابنُ عدي، قلنا: خصوصًا وأنَّ ابنه الإمام عليًا قد روى عنه هذا الحديث، وقد توبع، ثم إنَّ للحديث بنحوه طرقًا أخرى عن أبي هريرة ستأتي عند المصنّف برقم (5008)، ورجالها ثقات، لكنه اختُلف في وصلها وانقطاعها كما سيأتي بيانه في موضعه ولكن مع ذلك فباجتماع هذه الطرق يمكن تصحيح الحديث عن أبي هريرة إن شاء الله، مع ما له من شواهد.
وأخرجه الترمذي (3763) عن علي بن حُجر، عن عبد الله بن جعفر، بهذا الإسناد.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب من حديث أبي هريرة لا نعرفه إلّا من حديث عبد الله بن جعفر، وقد ضعَّفه يحيى بن معين وغيره. وعبد الله بن جعفر هو والد علي بن المديني.
قلنا: قد رواه غيرُ عبد الله بن جعفر، فقد أخرجه ابن حبان (7047) من طريق يحيى بن نصر بن حاجب، عن أبيه، عن العلاء، به. وإسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل يحيى بن نصر بن حاجب، فإنه مختلفٌ فيه، وأقل أحواله أنه يُكتَب حديثُه، وأبوه أعلى منه بقليل.
ويشهد له حديث ابن عباس بالأرقام (4951) و (4997) و (5001)، وانظر حديث البراء بن عازب المتقدم برقم (4396).
وقد صحَّ معناه من حديث عبد الله بن عُمر فيما تقدم عند المصنّف برقم (4400) أنه كان إذا حيّا عبد الله بن جعفر، قال: السلام عليك يا ابن ذي الجَناحين. وإسناده صحيح.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف الحسن بن محمد العَلَوي وإبراهيم بن يحيى وأبيه، لكنهم لم ينفردوا به، بل رُوي هذا الحديث من طرق عن محمد بن إسحاق، كما تقدَّم =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5001 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا العباس بن محمد الدُّورِي، حَدَّثَنَا الحسن بن بِشر، حَدَّثَنَا سَعْدانُ بن الوليد بَيّاعُ السابَرِي، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: بينما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ وأسماءُ بنتُ عُمَيسٍ قريبةٌ إذ رَدَّ السلامَ، ثم قال:"يا أسماءُ، هذا جعفرُ بن أبي طالبٍ مع جِبريلَ ومِيكائيلَ وإسرافيلَ، سلّموا علينا، فرُدِّي عليهمُ السلامَ، وقد أخبرني أنه لقيَ المشركين يومَ كذا وكذا - قبل مَمَرِّه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ أو أربعٍ - فقال: لقيتُ المشركين، فأُصِبتُ في جَسدي مِن مَقَادِيمي ثلاثًا وسبعين بين رَمْيةٍ وطَعْنةٍ وضَرْبةٍ، ثم أخذتُ اللواءَ بيدي اليُمنى فقُطعِت، ثم أخذتُ باليد اليُسرى فقُطِعت، فعوّضَني اللهُ من يَديَّ جَناحَين أطير بهما مع جبريل وميكائيل، أَنزِلُ من الجنة حيثُ شئتُ، وآكلُ من ثِمارها ما شئتُ"، فقالت أسماءُ: هنيئًا لجعفرٍ ما رَزَقَهُ الله من الخيرِ، ولكن أخافُ أن لا يُصدِّقَ الناسُ، فاصعَدِ المِنبرَ فَأَخبِرْ به، فصَعِدَ المِنبَر فحمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال:"يا أيُّها الناسُ، إنَّ جعفرًا مع جبريلَ وميكائيلَ له جَناحان عَوَّضَه اللهُ من يدَيه، سَلَّم عليَّ"، ثم أخبرهم كيف كان أمرُه حيثُ لقيَ المشركين، فاستبانَ للناسِ بعد اليومِ الذي أخبَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن جعفرًا لَقِيَهم؛ فلذلك سُمّي الطّيَّارَ في الجنة
(1)
.
= برقم (4397)، ثم إنَّ للحديث طريقًا أخرى صحيحة عن عائشة كما سيأتي برقم (5017).
(1)
إسناده ضعيف لجهالة سعدان بن الوليد، فلم نقف له على ترجمة.
وأخرجه أبو جعفر بن البَخْتَري في "مصنفاته"(211)، والطبراني في "الأوسط"(6936)، وابن الفاخر في "موجبات الجنة"(409) و (410) من طريق سعدان بن الوليد، به.
وسيأتي مرة أخرى عند المصنّف برقم (5011) من طريق محمد بن علي بن عفّان العامري عن الحسن بن بشر.
وقد روي نحو هذه القصة بأخصر ممّا هاهنا من حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عند الواقدي في "مغازيه" 2/ 766 - 767، ومن طريقه أخرجه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 462، =
5002 -
حَدَّثَنَا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم بن سُنَين
(1)
، حَدَّثَنَا المنذر بن عمار بن حبيب بن حسان، حَدَّثَنَا مَعْمَر
(2)
بن زائدة الأسَدي الكوفي قائدُ الأعمش، عن الأعمش، عن أبي صالح عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيتُ أني دخلتُ الجنةَ فرأيت لجعفرٍ درجةً فوق درجةِ زَيدٍ، فقلتُ: ما كنتُ أظنُّ أنَّ زيدًا بدونِ أَحدٍ، فقيل: يا محمدُ، تدري بِمَ رُفعَتْ درجةُ جعفرٍ؟ قال: قلت: لا، قال: لِقرابةِ ما بينَك وبينَه"
(3)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5003 -
أخبرني أبو بكر محمد بن المُؤمَّل، حَدَّثَنَا الفضل بن محمد الشَّعراني، حَدَّثَنَا إبراهيم بن حمزة، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن الهادِ، عن محمد بن نافع بن عُجَير، عن أبيه نافع، عن علي بن أبي طالب، في قصة بنتِ حمزةَ، قال: فقال جعفرٌ: أنا أحقُّ بها، إنَّ خالتَها عندي، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أما أنتَ يا جعفرُ، فأشبهتَ خَلْقي وخُلُقي، وأنت من شَجَرتي التي أنا منها"، قال: قد رضيتُ يا رسول الله بذلك، "وأما الجاريةُ فأقضي بها لجعفرٍ، فإنَّ خالتَها عنده، وإنما الخالةُ أمٌّ".
= والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/ 371، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 27/ 257 عن محمد بن مسلم الزهري، عن يحيى بن أبي يعلى (ويقال في اسمه: يعلى بن أبي يحيى) قال: سمعت عبد الله بن جعفر. والواقدي فيه مقال.
(1)
تحرَّف في (ص) و (م) و (ع) إلى: سفين، بالفاء بدلٌ النون. وإنما هو بالنون، وهو الخُتَّلي.
(2)
تحرّف في النسخ الخطية إلى: معن. وإنما هو معمر بن زائدة.
(3)
إسناده ضعيف بمرَّة لضعف إسحاقَ بن إبراهيم بن سُنَين، ولضعف معمرِ بن زائدة أيضًا، فقد قال عنه العُقيلي في "الضعفاء الكبير" الترجمة (1796): لا يُتابع على حديثه، ولهذا ضعَّف الذهبيُّ في "تلخيصه" هذا الإسناد، وأنكر الحديث.
وقد رُوي نحو هذا الحديث عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب منقطعًا عند الواقدي في "مغازيه" 2/ 762، ومن طريقه أخرجه ابن سعد في "طبقاته" 4/ 35، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 369.
فكان أبو هريرة يقول: ما أظلَّتِ الخَضْراءُ على وجهٍ أحبَّ إليَّ بعدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من جعفر بن أبي طالبٍ، لقولِ رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أشبهتَ خَلْقي وخُلُقي"
(1)
.
(1)
حديث صحيح دون قول أبي هريرة بإثره، فلم يرد في هذه الطريق إلّا عند المصنِّف، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم ولكنه اختُلِف فيه على عبد العزيز بن محمد - وهو الدَّراوردي - فرواه عنه إبراهيم بن حمزة وجماعةٌ كما جاء في رواية المصنّف هنا، وخالفهم أبو عامر العَقَدي عبد الملك بن عمرو عند أبي داود (2278) وغيره، فرواه عن عبد العزيز الدراوردي، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن نافع بن عجير، عن أبيه، عن علي. فجعله من رواية نافع بن عجير، عن أبيه عُجير وهو ابن عبد يزيد عن عليّ، وزاد في الإسناد محمد بن إبراهيم التيمي، وقد صحَّح البيهقي 8/ 6 رواية إبراهيم بن حمزة ومن تبعه عن الدراوردي، أي: من روايته عن ابن الهاد عن محمد بن نافع عن أبيه عن عليٍّ، لكن ذكر الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" (10240) احتمالًا أنه لعله كان في أصل رواية إبراهيم بن حمزة ومن تبعه: عن يزيد بن الهاد، عن محمد عن نافع، يعني بما يُوافق رواية أبي عامر العَقَدي. قلنا: يُعكِّر عليه أنَّ بكر بن مضر قد روى هذا الحديث عند الطحاوي في "شرح المشكل"(3082) عن ابن الهاد، عن محمد بن نافع بن عجير، عن عليّ، فجعله من رواية محمد بن نافع بن عجير، لكنه لم يذكر أباه في إسناده، بل جعله من رواية محمد بن نافع عن علي مباشرة.
فكأنَّ هذا الذي حصل في إسناد الحديث من الاختلاف إنما هو من جهة ابن الهاد لا من جهة الدراوردي، ومما يقوّيه أنَّ ابن الهاد روى مثل هذا الحديث عند الطحاوي (3084) عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فكأنَّ ابنَ الهاد هو من كان يضطربُ فيه أحيانًا، وربما دخل له حديث أبي هريرة بحديث عليٍّ، فيذكر محمد بن إبراهيم التيمي في حديث عليٍّ، وإنما هو في حديث أبي هريرة، والله تعالى أعلم.
وعلى أي حالٍ فللحديث طريق أُخرى صحيحة عن عليٍّ تقدمت برقم (4664) لكن ليس فيها قول أبي هريرة.
وقد اختصر المصنّف هنا رواية محمد بن نافع بن عُجير، فاقتصر على ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفرٍ وقضائه بابنةِ حمزة له، مع أنَّ أصل القصة مطول بذكر خلاف بين جعفرٍ وعليٍّ وزيد بن حارثة في ابنة حمزة.
وقد أخرج منه قولَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لعليٍّ دون سائره: النسائيُّ (8404) من طريق ابن أبي عمر وأبي مروان محمد بن عثمان بن خالد، عن عبد العزيز الدراوردي، عن ابن الهاد، عن محمد =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5004 -
أخبرني مُكرَم بن أحمد القاضي، حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي العَوّام الرِّيَاحي، حَدَّثَنَا سَعْد بن عبد الحميد، حَدَّثَنَا عبد الله بن زياد اليَمَامي، عن عِكْرمة بن عمار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"نحن بنو عبد المُطَّلب سادةُ أهلِ الجنةِ، أنا وعليٌّ وجعفرٌ وحمزةُ والحسنُ والحسينُ والمَهديُّ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5005 -
أخبرني علي بن عبد الرحمن بن عيسى السَّبِيعيّ بالكوفة، حَدَّثَنَا الحُسين بن الحَكَم الحِبَري، حَدَّثَنَا الحسن بن الحسين العُرَني، حَدَّثَنَا أجْلَحُ بن عبد الله، عن الشَّعْبي، عن جابر، قال: لما قَدِمَ رسولُ الله مِن خَيْبَرَ قدم جعفرٌ من الحبشةِ تلقّاهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقبَّل جَبْهتَه، ثم قال: "واللهِ ما أدري بأيِّهما أنا أفرَحُ:
= ابن نافع ابن عُجير، عن أبيه، عن عليٍّ.
وفي رواية محمد بن نافع بن عجير عن أبيه زيادات قليلة ليست في الرواية الأخرى التي تقدمت عند المصنّف برقم (4664)، وفي تلك الأخرى ما ليس هنا أيضًا.
(1)
موضوع كما قال الذهبي في "التلخيص" وكذلك أنكره ابن كثير في "البداية والنهاية" 19/ 65، والحملُ فيه على عبد الله بن زياد اليمامي، فقد قال عنه البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 95: منكر الحديث.
وأخرجه ابن ماجه (4087) عن هديّة بن عبد الوهاب، عن سعد بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.
وسمّى شيخ سعد فيه عليَّ بن زياد، وهو خطأ.
وقد رُوي من وجه آخر عن أنس عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(1825)، وفي "تاريخ أصبهان" 2/ 130، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 11/ 92 - 93، وأبي طاهر السِّلَفي في "المشيخة البغدادية"(94)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (350). لكن قال عنه الخطيب: هذا الحديث منكر جدًّا، وهو غير ثابت، وفي إسناده غير واحدٍ من المجهولين. وقال الذهبي في "الميزان" في ترجمة أحد رواته - وهو عبد الله بن الحسن بن إبراهيم الأنباري -: عن الأصمعي بخبر باطل في المهدي. يعني هذا الحديث.
بفَتحِ خَيْبر، أم بِقُدُومِ جعفر؟ "
(1)
أرسلَه إسماعيلُ بن أبي خالد وزكريا بن أبي زائدة:
5006 -
فيما حدَّثَناه عليُّ بن عيسى الحِيري، حَدَّثَنَا إبراهيم بن أبي طالب، حَدَّثَنَا ابن أبي عُمر، حَدَّثَنَا سفيان، عن ابن أبي خالد وزكريا، عن الشَّعْبي، قال: قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من خيبرَ، فذكرَ الحديثَ
(2)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ، إنما ظَهَر بمثل هذا الإسنادِ الصحيح مرسلًا، وقد وصله أجْلَحُ بن عبد الله.
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف الحسن بن الحسين العُرَني، وقد تابعه أبو غسان النَّهْدي فيما تقدَم برقم (4295).
وخالفهما عليُّ بن مسهر عند ابن أبي شيبة 8/ 621، وعنه أبو داود في "السنن"(5220) و"المراسيل"(491)، وعبدُ الله بن نمير عند ابن سعد 4/ 32، وسفيانُ الثوري عند ابن سعد أيضًا والبيهقي في "السنن" 7/ 101، فرواه ثلاثتهم عن أجلح عن الشعبي مرسلًا؛ ورواية ابن مسهر مختصرة بقصة استقبال جعفر وتقبيل ما بين عينيه.
وخولف أجلحُ أيضًا في وصل الحديث بذكر جابر، خالفه من هو أوثقُ منه وأجلُّ كما في الطريق التالية، فرواه عن الشعبي مرسلًا، وهو الصواب كما قال الذهبي في "تلخيصه".
وخالف مجالدُ بنُ سعيد عند البيهقي في "السنن" 7/ 101 و "شعب الإيمان"(8561)، فرواه عن عامر الشعبي، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب مختصرًا، ومجالد ضعيف.
وروي بتمامه من حديث عبد الله بن جعفر عند البزار (2249) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن عبد الرحمن بن أبي مليكة، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه.
وعبد الرحمن بن أبي مليكة متفق على ضعفه منكر الحديث.
لكن يشهد للحديث حديثُ أبي جحيفة عند الطبراني في "الكبير"(1470) و 22/ (244) وفي "الأوسط"(2003) وفي "الصغير"(30)، وإسناده حسن.
ويشهد أيضًا لتلقّيه وتقبيل ما بين عينيه - يعني جبهته - دون قوله: "ما أدري بأيِّهما
…
" حديث عائشة عند ابن أبي الدنيا في "الإخوان" (123)، وأبي يعلى في "معجمه" (21) وغيرهما، وإسناده ضعيف.
(2)
حسن لغيره كسابقه، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسلٌ. سفيان: هو ابن عيينة، وابن أبي خالد: هو إسماعيل، وزكريا: هو ابن أبي زائدة.
5007 -
أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب بهَمَذان، حَدَّثَنَا هلال بن العلاء الرَّقّي، حَدَّثَنَا عبد الله بن رجاء، حَدَّثَنَا المَسعُوديُّ، عن عَدِيّ بن ثابت، عن أبي بُردةَ، عن أبي موسى، قال: لقيَ عمرُ أسماءَ بنتَ عُمَيسٍ، فقال: أنتم نِعْمَ القومُ، لولا أنكم سُبِقتُم بالهجرة، فنحن أفضلُ منكم، [فقالت]
(1)
: كنتم
(2)
مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يَحمِلُ راجِلَكُم، ويُعلّم جاهِلَكم، ففررنا بدِينِنا! فقالت: لستُ براجعةٍ حتَّى أدخُلَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلَتْ عليه، فقالت: يا رسولَ الله، إني لقيتُ عُمرَ، فقال: كذا وكذا، فقال:"بلى، لكم هِجْرتانِ: هِجْرتُكم إلى الحَبَشة، وهِجْرتُكم إلى المدينة"
(3)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!
5008 -
حَدَّثَنَا محمد بن صالح بن هانئ، حَدَّثَنَا الحُسين بن الفضل، حَدَّثَنَا سليمان
(1)
لفظة "فقالت" سقطت من نسخنا الخطية، ولا بدَّ منها، لأنَّ ما بعدها من مقول أسماء بنت عميس، وليس من قول عمر، وأثبتناها من "تاريخ المدينة" لابن شبّة 2/ 497 حيث روى هذا الحديث عن عبد الله بن رجاء، وكذلك رواه غير واحدٍ عن المسعودي.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى كنا.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل هلال بن العلاء الرَّقي، وهو متابع، وسماعُ عبد الله بن رجاء من المسعودي - واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عُتبة - قبل اختلاطه، على أنَّ المسعوديَّ مُتابعٌ أيضًا. أبو بُردة: هو ابن أبي موسى الأشعري.
وأخرجه أحمد 32/ (19524) عن وكيع بن الجراح، و (19694) عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، كلاهما عن المسعودي، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (4230) و (4231)، ومسلم (2503)، والنسائي (8330) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن بُرَيد بن عبد بن عبد الله بن أبي بُردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن أسماء بنت عُميس. وفيه: أنَّ أسماء هي التي حدثت أبا موسى الأشعري به.
وسيأتي عند المصنّف مختصرًا بذكر آخره المرفوع برقم (6551) من طريق يحيى بن بُريد بن عبد الله بن أبي بُردة، عن أبيه، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن أسماء.
وأخرج هذا القدر منه ابن حبان (7194) من طريق طلحة بن يحيى، عن أبي بردة، عن أبي موسى. فجعله من مسند أبي موسى.
ابن حَرْب، حَدَّثَنَا حماد بن سَلَمة، عن عبد الله بن المُختار، عن محمد بن سِيرِين، عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَرَّ بي جعفرٌ الليلةَ في ملأٍ من الملائكة، وهو مُخَضَّبُ الجَناحَين بالدَّمِ أبيضُ القَوادمِ
(1)
"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5009 -
حدثني علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حَدَّثَنَا أبو ثابت محمد بن عُبيد الله، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: ضربَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لجعفرِ بن أبي طالب يومَ بدرٍ بسَهْمه وأجْرِه
(3)
.
(1)
تحرّف في نسخنا الخطية إلى: الفؤاد، والمثبت على الصواب من مصادر التخريج التي خرّجت هذا الخبر عن حماد بن زيد عن عبد الله بن المختار.
(2)
رجاله لا بأس بهم، إلَّا أنَّ حماد بن سلمة قد خولف في وصله، خالفه حماد بن زيد - وهو أضبط للرواية منه - عند ابن سعد في "الطبقات" 4/ 36، وابن أبي الدنيا في "الهواتف"(11)، فرواه عن عبد الله بن المختار عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم معضَلًا، ومع ذلك قوَّى ابن حجر إسنادَ رواية حماد بن سَلَمة في "فتح الباري" 11/ 149!
وقد سلف نحوه عن أبي هريرة من وجهٍ آخر برقم (4999) ليس فيه ذكر خِضاب الجناحين بالدم، وهو المحفوظ.
(3)
خبر منكر، وقد اختُلف فيه عن عبد العزيز بن محمد - وهو الدَّراوردي - فرواه عنه أبو ثابت محمد بن عبيد الله هنا عند المصنّف موصولًا، وخالفه يعقوب بن محمد الزهري عند الحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث"(684)، ومحمدُ بنُ عمر الواقدي في "مغازيه" 1/ 153، وهما من أئمة السير والمغازي، فرويا هذا الخبر عن عبد العزيز الدراوردي عن جعفر بن محمد - وهو الصادق - عن أبيه مرسلًا. فالظاهر أنَّ هذا هو الأشبه، يعني المرسَل، خصوصًا وأنَّ الواقدي ذكر أنَّ هذا الخبر لم يذكره أحدٌ من أصحابه الذين نقل عنهم خبرَ بدرٍ، يشير إلى أنه انفرد بنقله الدَّراورديُّ، والله تعالى أعلم.
قلنا: والصحيح أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إنما قَسَمَ لجعفر وأصحابه القادمين من الحبشة - ومعهم أبو موسى الأشعري وأصحابه الأشعريون - من فتح خيبر لما وافقوه حين افتتحها كما في حديث أبي موسى =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5010 -
أخبرنا علي بن عبد الرحمن السَّبيعي، حَدَّثَنَا الحُسين بن الحَكَم، حَدَّثَنَا إسماعيل بن أبان، حَدَّثَنَا أبو أُويس، عن عُبيد الله
(1)
بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كُنَّا بمؤتةَ مع جعفرِ بن أبي طالب، فوَجَدْناه في القَتْلى، فوجدنا به بِضْعًا وسبعين
(2)
.
5011 -
أخبرنا الحسن بن علي بن محمد بن عُقبة الشَّيباني بالكوفة، حَدَّثَنَا محمد بن علي بن عَفّان العامِري، حَدَّثَنَا الحسن بن بشر بن سَلْم العِجْلي، حَدَّثَنَا سَعْدان بن يحيى، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: بينما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ وأسماءُ بنتُ عُمَيس قريبةٌ منه إذ ردَّ السلامَ، فأشار بيدِه، ثم قال: "يا أسماءُ، هذا جعفرُ بن أبي طالبٍ مع جبريلَ وميكائيلَ، مَرُّوا فسلَّمُوا علينا، فرُدِّي عليهمُ السلامَ،
= نفسه عند البخاري (3136) و (4230) ومسلم (2502).
(1)
تحرّف في النسخ الخطية إلى: عَبد الله، مكبَّرًا، وإنما هو من رواية عُبيد الله، مصغَّرًا، كما رواه غير واحدٍ عن إسماعيل بن أبان، وكما رواه غير واحدٍ أيضًا عن أبي أُويس، وهما أخوان، لكن المحفوظ أن الرواية لعُبيد الله.
(2)
خبر صحيح، رواه جماعة عن نافع، لكن لم يروه عن عُبيد الله بن عمر - وهو العُمري - غير أبي أويس - وهو عَبد الله بن عَبد الله بن أويس - وهو ضعيفٌ يُعتبر به، ولهذا قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنُه في "العلل" (995): حديث منكر من حديث عُبيد الله.
وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 521، وأبو عوانة في "مستخرجه"(7544)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1438)، وفي "الحلية" 1/ 117 من طريق أبي إسحاق الأزدي إسماعيل بن أبان، عن أبي أويس، عن عُبيد الله بن عمر، به لكن تحرّف عُبيد الله في مطبوع "الحلية" إلى: عَبد الله.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 4/ 35 عن إسماعيل بن أبي أويس، عن أبيه، عن عَبد الله بن عُمر.
هكذا وقع فيه مكبّرًا، فالظاهر أنه تحريف.
وأخرجه البخاري (4261)، وابن حبان (4741) من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند، والبخاري (4260) من طريق سعيد بن أبي هلال، كلاهما عن نافع، به.
وقد أخبرَ أنه لقيَ المشركين يومَ كذا وكذا - قبلُ بثلاثٍ أو أربعٍ - فقال: لقيتُ المشركين فأُصِبتُ من مَقادِيمي ثلاثًا وسبعين بين طَعْنةٍ ورَمْيةٍ، فأخذتُ اللواءَ بيدي اليُمنى فقُطِعت، ثم أخذتُه بيدي اليُسرى فقُطِعت، فعوَّضَني الله من يَدَيَّ جَناحَين أَطيرُ بهما في الجنة مع جبريلَ وميكائيلَ، فآكُلُ من ثمارِها ما شئتُ"، قالت أسماءُ: هنيئًا لجعفرٍ ما رزقه اللهُ من الخير، قال: ثم صَعِدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المِنبرَ فأخبرَ به الناسَ، قال: فاستبانَ الناسُ بعد ذلك ما أخبرَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فسُمِّي جعفرٌ الطَّيارَ
(1)
.
ذكر مناقب زيدٍ الحِبِّ بن حارِثةَ بن شَراحِيل بن عبد العُزّى
حِبِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، أسَرَه بنو القَيْنِ، فاشترتْه خديجةُ بنتُ خُوَيلد بأربع مئة درهم، فلما تَزوَّجها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَهبَتْه له.
5012 -
حدثني أبو زُرعة أحمد بن الحُسين الصُّوفي بالرَّيّ، حَدَّثَنَا أبو الفضل أحمد بن عبد الله بن نصر بن هِلال الدمشقي بدمشق، حَدَّثَنَا أبو زكريا يحيى بن أيوب بن أبي عِقَال بن زيد بن الحسن بن أسامة بن زيد بن حارثةَ بن شَراحيل بن عبد العُزَّى بن امرئ القيس بن عامر بن عبد وَدَّ بن عوف بن كِنانة، حدثني عمِّي زيدُ بن أبي عِقَال بن زيد، حدثني أبي، عن جده الحسن بن أُسامة بن زيد، عن أبيه، قال: كان حارثةٌ بن شَراحيل تزوجَ امرأةً في طيِّئٍ من نَبْهان، فأولَدَها جَبَلةَ وأسماءَ وزيدًا، فتُوفِّيت وأخلَفَتْ وَلَدَها في حِجْر جَدِّهم لأُمِّهم
(2)
، وأراد حارثةُ حَمْلَهم،
(1)
إسناده ضعيف، وقد تقدَّم عند المصنّف برقم (5001) من طريق العباس بن محمد الدُّوري عن الحسن بن بشر. وما وقع في إسناد المصنّف هنا من تسمية الراوي عن عطاء - وهو ابن أبي رباح - بسعدان بن يحيى فهو وهمٌ ممن دون الحسن بن بشر، فإنَّ هذا الحديث معروفٌ بسعدان بن الوليد بيَّاع السابري كما رواه غير واحدٍ عن الحسن بن بشر، ومنهم العباس بن محمد الدُّوري في روايته المتقدمة برقم (5001).
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: لأبيهم، والتصويب من مصادر التخريج.
فأَبَى جدُّهم
(1)
فقال: ما عندنا فهو خيرٌ لهم، فتَراضَوا إلى أن حَمَلَ جَبَلَةَ وأسماءَ، وخَلَّف زيدًا، وجاء خيلٌ من تِهَامَةَ من فَزَارةَ، فأغارت على طيِّئٍ، فسَبَتْ زيدًا فصيَّروه إلى سوق عُكاظٍ، فرآه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِن قبلِ أن يُبعثَ، فقال لخديجةَ:"يا خَديجةُ، رأيتُ في السوق غُلامًا من صفتِه كَيْتَ وكَيْتَ - يَصِفُ عَقْلًا وأدبًا وجمالًا - لو أنَّ لي مالًا لاشتَرَيتُه"، فأمرت ورقةَ بنَ نَوفَلٍ فاشتراه من مالِها، فقال:"يا خديجةُ، هَبِي لي هذا الغلامَ بَطِيبٍ من نَفْسِك"، فقالت: يا محمد، أرى غُلامًا وَضِيئًا، وأخافُ أن تَبِيعَه أو تَهَبَه، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يا مُوفَّقةُ، ما أردتُ إِلَّا لأتَبنّاهُ"، فقالت: نَعَم يا محمد، فرَبَّياه وتَبنَّياه، فكان يقال له: زيد بن محمد، فجاء رجلٌ من الحَيِّ فنظر إلى زيدٍ فعَرَفه، فقال: أنتَ زيدُ بن حارثةَ؟ قال: لا، أنا زيدُ بن محمد، قال: لا، بل أنت زيدُ بن حارثةَ، من صفة أبيك وعُمُومتك وأخوالك كَيْت وكَيْت، قد أتعَبُوا الأبدان وأنفَقُوا الأموالَ في سبيلِك، فقال زيد:
أحِنُّ إلى قَوْمي وإن كنتُ نائيًا
…
فإنِّي قَطِينُ البيتِ عند المَشاعرِ
وكُفُّوا عن الوَجْدِ
(2)
الذي قد شَجَاكُمُ
…
ولا تُعمِلُوا في الأرض فِعلَ الأباعِرِ
فإني بحمدِ اللهِ في خيرِ أُسرةٍ
…
خِيارٍ مَعَدٍّ كابرٍ بعدَ كابِرٍ
فقال حارثةُ لما وَصَل إليه خبرُه:
بَكَيتُ على زيدٍ ولم أدْرِ ما فَعَلْ
…
أحيٌّ فيُرجَى
(3)
أم أَتى دونَه الأجَلْ
فواللهِ ما أدري وإني لَسَائلٌ
…
أغالَكَ سَهْلُ الأرضِ أم غالَكَ الجَبَلْ
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: جدّهما، بضمير المثنى، وإنما هم ثلاثة أولاد، فالصحيح التعبير بضمير الجمع.
(2)
تحرّف في النسخ الخطية إلى: الوجه، والتصويب من مصادر التخريج.
(3)
في (ص) و (م): يُرجى.
فيا ليتَ شِعْري هل لَك الدَّهْرَ رَجْعَةٌ
…
فحَسْبي من الدنيا رُجُوعُك لي بَجَلْ
(1)
تُذَكِّرُنِيهِ الشمسُ عند طُلُوعها
…
ويَعرِضُ لي ذِكرَاهُ إِذْ عَسْعَسَ الطَّفَلْ
(2)
وإن هَبَّتِ الأرواحُ هَيْمَنَ ذِكرُهُ
…
فيَا طُولَ أحزاني عليه ويا وَجَلْ
سأُعمِلُ نَصَّ العِيسِ
(3)
في الأرض جاهِدًا
…
ولا أسأَمُ التَّطوافَ أو تَسأَمَ الإبل
فيأتيَ أو تأتيَ عليَّ مَنيَّتي
…
وكلُّ امرئٍ فانٍ وإن غَرَّهُ الأمَلْ
فقَدِمَ حارثةُ بن شَرَاحِيلَ إلى مكةَ في إخوتِه وأهلِ بيتِه، فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في فِناءِ الكَعْبة في نفرٍ من أصحابه، فيهم زيدُ بن حارثة، فلما نَظَروا إلى زيدٍ عَرفُوه وعَرَفَهم ولم يقُمْ إليهم إجلالًا لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: يا زَيدُ، فلم يُجِبْهم، فقال له النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَن هؤلاء يا زيدُ؟ " قال: يا رسول الله، هذا أبي وهذا عمِّي وهذا أخي وهؤلاءِ عشيرتي، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"قُمْ فَسَلِّمْ عليهم يا زيد" فقام فسلَّم عليهم وسلَّمُوا عليه، ثم قالوا له: امْضِ مَعَنا يا زَيدُ، فقال: ما أُريدُ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم بدَلًا ولا غيرَه أحدًا، فقالوا: يا محمدُ، إنا مُعطُوكَ بهذا الغلامِ دِياتٍ، فَسَمِّ ما شئتَ فإنا حامِلُوه إليك، فقال:"أسألُكم أن تَشهَدوا أن لا إله إلَّا الله وأني خاتَمُ أنبيائِه ورُسُله، وأُرسِلُه معَكَم" فأَبَوا وتَلكَّؤوا وتَلَجْلَجُوا، فقالوا: تَقبَّلْ منا ما عَرَضْنا عليك من الدنانير، فقال لهم:"هاهنا خَصْلةٌ غيرُ هذِه، قد جَعَلتُ الأمرَ إليه، فإن شاءَ فليَقُمْ وإن شاءَ فليَدخُلْ"
(1)
بَجَل وتُسكَّن الجيم، واللام ساكنة أبدًا، اسم فِعل بمعنى: حَسْب.
(2)
الطَّفَل بفتحتين: وقت مغيب الشمس حين تصفَرّ ويضعُف ضوؤها.
(3)
نصُّ العِيس: سَيْر الإبل السَّريع، فالنصُّ: هو السير السريع، والعِيسُ: الإبل البِيض التي في بياضها ظلمة خفيّة.
قالوا: ما بقي شيْءٌ؟ قالوا: يا زيدُ، قد أذِنَ لك الآنَ محمدٌ، فانطلِقْ معنا، قال: هَيهاتَ هَيهاتَ، ما أُريدُ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم بدلًا، ولا أُوثِرُ عليه والدًا ولا ولدًا، فأَدارُوه وأَلاصُوه واستعطفُوه وأخبروه خَبَرَ مَن وراءَه من وجْدِهم، فأَبي، وحَلَفَ أَن لا يَلْحَقَهم، قال حارثةُ: أمّا أنا فأُواسِيكَ بنفسي، أنا أشهدُ أن لا إلهَ إِلَّا اللهُ، وأَنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، وأَبى الباقُون
(1)
.
(1)
خبر محتمل للتحسين، وزيد بن أبي عِقالٍ وأبوه وإن كان فيهما جهالة لم يُعرفا بجرحٍ، وقد رويا قصةً حصلت لجدِّهما زيد بن حارثة، والرجل أدرى وأعلم بأهل بيته على أنه رُوي نحو هذه القصة من وجوه ضعيفةٍ، ولكنها - وإن كانت كذلك - تدلُّ على أنَّ للقصة أصلًا، على شهرتها كذلك عند أهل المغازي والسير، وعليه فلا يُسلَّم للحافظ ابن حجر إنكاره للقصة في "تهذيب التهذيب" في ترجمة أبي عقال هلال بن زيد بن الحسن.
وأخرجه ابن مَندَهْ في "معرفة الصحابة" كما في "الإصابة" لابن حجر 1/ 615 - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 529 - 531 - وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1987)، وأبو بكر محمد بن علي بن محمد بن عمر المُطَّوّعي الغازي في "من صبر ظفر"(11) من طرق عن أبي زكريا يحيى بن أيوب بن أبي عِقال، عن عمه زيد بن أبي عِقال بن زيد بن الحسن بن أسامة بن زيد، عن أبيه أبي عِقالِ بن زيد بن الحسن، عن أبيه زيد بن الحسن بن أسامة، عن أبيه الحسن بن أسامة بن زيد، عن أبيه. فزادوا فيه زيدَ بنَ الحسن بن أسامة، وفيه جهالة أيضًا، لكنه من ولد زيد بن حارثة كذلك، فحالُه كحالِ أبي عِقال وولده زيد.
وأخرجه تمام الرازي في "فوائده"(1200) و (1201)، وفي "جزء إسلام زيد"(1)، ومن طريقه أخرجه ابن عُساكر 10/ 136 - 139 من طرق عن يحيى بن أيوب بن أبي عقال، أنَّ أباه حدّثه وكان صغيرًا فلم يَعِ عنه، قال: فحدثنى عمي زيد بن أبي عِقال، عن أبيه، أنَّ آباءه حدَّثوه: أن حارثة تزوّج
…
فذكره.
وقوله: أداروه، من أداره على الأمر، بمعنى: حاوَلَه أن يفعله.
وقوله: أَلاصُوه، من ألصْتُ الشيءَ: إذا حرَّكْتَه لتنتزعَه عن موضعه.
وروي نحو هذه القصة من وجوهٍ ضعيفةٍ عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 38 - 40، والزُّبير بن بَكَّار في "الأخبار المُوفَّقِيات"(176)، والطبري في "ذيل المذيَّل" كما في "منتخبه" المطبوع بإثر "تاريخ الطبري" 11/ 495 - 496. =
5013 -
فحدّثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حَدَّثَنَا الحَسن بن الجَهْمَ، حَدَّثَنَا الحُسين بن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عُمر، عن شُيوخه، قال: كان حارثةُ بن شَراحِيلَ حين فَقَدَ ابنَه زيدًا يَبكِيه فيقول:
بَكَيتُ على زيدٍ ولم أدْرِ ما فَعَلْ
ثم ذكر القصيدةَ بطولها.
5014 -
حَدَّثَنَا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حَدَّثَنَا أحمد بن بِشر المَرْثَدي، حَدَّثَنَا عبد الغفار بن عَبد الله
(1)
بن الزُّبير المَوصِلي، حَدَّثَنَا علي بن مُسهِر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي عمرو الشَّيباني، حدثني جَبَلة بن حارثة أخو زيد بن حارثة، قال: أتيت النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يا رسول الله، ابعَثْ معي أخي زيدًا، فقال:"هو ذا هو، إن أراد لم أَمنعْهُ"، فقال زيدٌ: لا واللهِ لا أختارُ عليك أحدًا، قال جَبَلةُ: فقلتُ: إنّ رأيَ أخي أفضلُ من رأيي
(2)
.
= قلنا: ورُويَت قصة استرقاق زيد ثم مصيره لخديجة بنحو ما جاء هنا باختصار عن أبي إسحاق السَّبيعي مرسلًا عند أبي القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(317)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 162، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 123، وابن عساكر 19/ 351 - 352.
وأورد الذهبيُّ في "سير أعلام النبلاء" 1/ 223 قصة رؤية النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لزيد يُباع في السوق وسؤاله خديجة أن تشتريه ثم هبتها زيدًا للنبي صلى الله عليه وسلم عن أبي فَزَارة راشد بن كيسان العَبْسي مرسلًا.
وقال ابن حجر في "الإصابة" 2/ 600: وقد ذكر ابن إسحاق قصة مجيء حارثة والد زيد في طلبه بنحوه.
وروى شِعرَ حارثة والد زيد الذي قاله لما فَقَد ابنَه زيدًا الواقديُّ عن شيوخه كما سيأتي عند المصنّف بعده.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عُبيد الله، بالتصغير، والتصويب من مصادر ترجمته، وكذلك سمّاه تلميذه أبو يعلى الموصلي إذ روى عنه في "مسنده" عدة أحاديث.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسنٌ من أجل عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير الموصلي، فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد تابعه على رواية هذا الحديث مِنْجابُ بن الحارث وغيره، ومنجابٌ ثقة. أبو عمرو الشيباني: هو سعْد بن إياس. =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وهو شاهدٌ للحديثِ الماضي.
5015 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار، حَدَّثَنَا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، فيمن شَهِدَ بدرًا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: زيدُ بن حارثة بن شَراحيل الكَلْبي مولى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
5016 -
حَدَّثَنَا أبو جعفر الرازي البغدادي، حَدَّثَنَا أبو عُلَاثة، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُروة: أنَّ أولَ من أسلَمَ زيدُ بنُ حارثة
(1)
.
= وأخرجه الترمذي (3815) من طريق محمد بن عمر بن الرُّومي، عن علي بن مُسهر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
وتابعهما منجابُ بن الحارث عند الطبراني في "المعجم الكبير"(2192) وغيره.
ورواه أيضًا أبو النضر عمرو بن النضر البصري عن إسماعيل بن أبي خالد عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2600)، والطبراني (2193) وغيرهما.
(1)
رجاله لا بأس بهم كما تقدَّم بيانه برقم (4378)، وهو مرسل. أبو عُلَاثة: هو محمد بن عمرو بن خالد الحَرَّاني ثم المصري، وابن لَهِيعة: هو عبد الله، وأبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن المعروف بيتيم عروة.
وأخرجه الطبري في "تاريخه" 2/ 316 من طريق عبد الملك بن مسلمة، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 353 - 354 من طريق سعيد بن أبي مريم، كلاهما عن ابن لَهِيعة، به.
وروي مثلُه عن الزهري عند عبد الرزاق في "مصنفه"(9719)، وابن سعد في "طبقاته" 3/ 42، وأحمد في "العلل ومعرفة الرجال" برواية ابنه عبد الله (5817)، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 112 و 470 و 471، والطبري في "تاريخه" 2/ 316، وابن عساكر 19/ 353 و 354.
وروي مثلُه كذلك عن سليمان بن يسار عند ابن سعد 3/ 42، والبَلاذُري 1/ 112، والطبري 2/ 316، وابن عساكر 19/ 353. وفي الإسناد إليه ضعفٌ.
وقد روي خلافُ ذلك كما تقدم عند الحديث السالف برقم (4702) حيث جاء في روايات أنَّ أول من أسلم علي بن أبي طالب، وفي بعضها أنَّ أول من أسلم أبو بكر الصِّدِّيق. وذكرنا هناك الجمع بينهما، وهذا قول ثالث أنَّ أول من أسلم زيد بن حارثة، قال الثعلبي في "تفسيره" 5/ 85: كان إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يجمع بين الأخبار فيقول: أول من أسلم من الرجال أبو بكر، ومن النساء خديجة، ومن الصبيان علي، ومن الموالي زيد بن حارثة.
5017 -
حَدَّثَنَا أبو محمد المُزَني، حَدَّثَنَا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حَدَّثَنَا العلاء بن عَمرو الحَنَفي، حَدَّثَنَا سعيد بن مَسلَمة، سمعتُ عَمْرة بنت عبد الرحمن تقول: سمعت عائشة تقول: لما قُتل زيدُ بنُ حارثة وجعفرُ بن أبي طالب وعبدُ الله بن رَوَاحَةَ جَلَسَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَبكِيهم، ويُعرَف فيه الحُزنُ
(1)
.
5018 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار، حَدَّثَنَا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزُّبير، عن عُروة، قال: بَعَثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَعْثَه إلى مُؤتة، فقاتل زيدُ بنُ حارثة برايةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في جُمادى الأُولى سنةَ ثمانٍ، حتَّى شاطَ في رِماحٍ القوم، ثم أخذَها جعفرُ بنُ أبي طالب
(2)
.
(1)
صحيح دون قوله: يبكيهم، فلم يرد في شيء من الروايات عن يحيى بن سعيد - وهو الأنصاري - إلّا في هذه الرواية، وإسنادها ضعيف لضعف سعيد بن مسلمة - وهو ابن هشام الأُموي - وضعف الراوي عنه، وقد انفرد أحدُهما بهذا الحرف.
وأخرجه أحمد 40 / (24313)، ومسلم (935)، وابن حبان "3155) من طريق عبد الله بن نُمير، والبخاري (1299) و (1305) و (4263)، ومسلم (935) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ومسلم (935)، والنسائي (1986) من طريق معاوية بن صالح، ومسلم (935) من طريق عبد العزيز بن مسلم القَسْملي، وأبو داود (3122) من طريق سليمان بن كثير العَبْدي، وابن حبان (3147) من طريق عُبيد الله بن عَمرو الرَّقي، ستَّتُهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به. بذكر الحُزن دون البكاء.
وقد تقدَّم برقم (4397) و (5000) من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن عمته عائشة.
(2)
رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسل، وهو خبر صحيح مشهور.
وأخرج ابن هشام في "السيرة" 2/ 373، وخليفة بن خياط في "تاريخه" ص 86، وابن أبي خيثمة في السَّفر الثالث من "تاريخه الكبير"(1529)، والطبري في "تاريخه" 3/ 36، وأبو الفرج الأصبهاني في "مقاتل الطالبيين" ص 11، والطبراني في "الكبير"(1457) و (4655) =
5019 -
أخبرنا أبو الطَّيِّب محمد بن أحمد الزاهد، حَدَّثَنَا سَهْل بن عمّار العَتَكي، حَدَّثَنَا محمد بن عُبيد الطَّنَافِسي، حَدَّثَنَا وائل بن داود، سمعت البَهِيَّ يُحدِّث: أَنَّ عائشةَ كانت تقول: ما بَعَثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زيدَ بنَ حارثة في جيشٍ إلَّا أمَّرَه، ولو بقيَ بعدَه لاستَخْلفَه
(1)
.
= و (15011) و 13 / (428)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2856)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/ 358 - 359، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 2/ 6 و 19/ 373 من طرق عن محمد بن إسحاق، به: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بَعْثًا إلى مؤتة في جمادى الأُولى سنة ثمانٍ واستعمل عليهم زيد بن حارثة، وقال:"إن أُصيب زيدٌ فجعفر بن أبي طالب على الناس، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس"، وجاء في رواية خليفة وابن أبي خليفة وحدهما: فقُتِل زيد وجعفر وابن رواحة. وجاء في "سيرة ابن هشام" 2/ 377، و "معرفة الصحابة" لأبي نعيم أن قوله: فقاتل زيد بن حارثة
…
إلى آخره، من قول ابن إسحاق لم يسنده.
ولقصة غزوة مؤتة واستشهاد قادتها الثلاثة انظر حديث أبي قتادة الأنصاري عند أحمد 37/ (22551) و (22566)، والنسائي (8103) و (8192) و (8224)، وابن حبان (7048)، وإسناده جيد.
وحديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عند أحمد 3/ (1750)، والنسائي (8550)، وإسناده صحيح.
وقوله: شاطَ في رماح القوم، أي: هلك، وأصله من شاط الزيتُ: إذا نَضِج حتَّى كاد أن يحترق.
(1)
حسنٌ إن صحَّ سماع البهيِّ من عائشة، وهذا إسناد ضعيف من أجل سهل بن عمار العَتَكي، فهو مختلفٌ في عدالته كما قال الحاكم، لكنه متابع، وفي ثبوت سماع البهيّ - واسمه عبد الله - من عائشة خلاف، وقد وقع تصريحه بسماعه منها في حديث رواه عنها، ولهذا جزم البخاريُّ فيما نقله عنه الترمذي في آخر "العلل الكبير" بأنه سمع من عائشة، وروى مسلم حديثًا (2536) من روايته عنها، وأنكر أحمد سماعه منها، ونقل عن عبد الرحمن بن مهدي أنه كان يُنكره أيضًا، واعترض الدارقطني في "التتبع" على مسلم إخراج حديث البهيّ عن عائشة، فردَّ عليه القاضي عياض في "إكمال المُعلِم" بقوله: قد صحَّحوا روايته عن عائشة وفاطمة بنت قيس. قلنا: وجوَّد ابن كثير في "البداية والنهاية" 6/ 449 إسنادَ هذا الحديث وقال: وهو غريب جدًّا.
وأخرجه أحمد 43/ (25898) و (26174)، وكذلك النسائي (8126) عن أحمد بن سليمان الرُّهاوي، كلاهما (أحمد بن حنبل وأحمد بن سُليمان) عن محمد بن عبيد، بهذا الإسناد. =
صحيحُ الإسناد، ولم يُخرجاه.
5020 -
حدثني علي بن عيسى، حَدَّثَنَا إبراهيم بن أبي طالب، حَدَّثَنَا ابن أبي عُمر، حَدَّثَنَا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَلُومُونا على حُبِّ زَيدٍ"؛ يعني: ابنَ حارثةَ
(1)
.
5020 م - قال إسماعيلُ: وسمعتُ الشعبي يقول: ما بَعَثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سَريّةً قَطُّ وفيهم زيدُ بنُ حارثة إِلَّا أَمَّرَه عليهم
(2)
.
5021 -
حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن بُطّة، حَدَّثَنَا الحسن، حَدَّثَنَا الحسين بن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عمر، حدثني عائذُ بن يحيى، عن أبي الحُوَيرِث، عن محمد بن جُبير بن مُطعِم، عن أبيه، قال: قال رسول الله: "خيرُ أمراءِ السَّرايا زيدُ بنُ حارثة،
= وأخرجه أحمد (26410) عن سعد بن محمد الورّاق، عن وائل بن داود، به.
وسيأتي عند المصنّف لكن دون ذكر الاستخلاف برقم (5028) من طريق مسروق عن عائشة بإسناد صحيح.
(1)
إسناده مرسلٌ صحيحٌ، وقيس بن أبي حازم تابعيّ كبير مخضرم.
(2)
خبر صحيح وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن اختُلف فيه على سفيان - وهو ابن عُيينة - في وصله، وإرساله فرواه ابن أبي عُمر - وهو محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني - هنا عند المصنّف، وأحمدُ بنُ حنبل في "فضائل الصحابة"(1534) كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي خالد، عن الشعبي، مرسلًا.
وخالفهما الحُميدي فرواه في "مسنده"(269) عن سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عائشة. فوصله بذكر عائشة، لكن رواية الشعبي - وهو عامر بن شَراحيل الهَمْداني - عن عائشة مرسلة، كما نصَّ عليه غير واحدٍ من أهل العلم. وذكر أبو حاتم أنَّ الشعبي إنما سمع أحاديث عائشة من مَسروق بن الأجدع.
وقد ظهر مصداق ذلك في هذا الخبر كما سيأتي عند المصنّف برقم (5028) حيث رواه حامد بن يحيى البَلْخي - وهو حافظٌ ثقةٌ - عن سفيان بن عُيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة. فاتصل الإسناد، وحامد بن يحيى وصفه ابن حبان بأنه كان ممَّن أفنى عمره بمجالسة ابن عُيينة، وأنه كان أعلم أهل زمانه بحديثه.
أقسَمُهم بالسَّوِيّة، وأعدَلُهم في الرَّعِيّة"
(1)
.
5022 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب من أصل كتابه، حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن عَفّان، حَدَّثَنَا أبو أسامة، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطِب، عن أسامة بن زيد، عن زيد بن حارثة، قال: خَرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو مُردِفي إلى نُصُب من الأنصاب، فذبَحْنا له شاةً ووضعْناها في التَّنُّور، حتَّى إذا نَضِجَت استَخْرجناها فجعلْناها في سُفْرتِنا، ثم أقبَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَسيرُ وهو مُردِفي في أيام الحَرِّ من أيام مكة، حتَّى إذا كُنا بأعلى الوادي لقي فيه زيدَ بنَ عمرو بن نُفَيل، فحيّا أحدُهما الآخَرَ بتحيّةِ الجاهلية، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما لي أَرى قومَك قد شَنِفُوك؟
(2)
"قال: أما والله إنَّ ذلك مني لبغير نائرةٍ
(3)
كانت مني إليهم، ولكني أَراهُم على ضَلالةٍ، قال: فخرجتُ أبتغي هذا الدِّينَ حتَّى قَدِمتُ على أحبارِ يَثرِبَ، فوجدتُهم يعبدون الله ويُشركون به، فقلتُ: ما هذا بالدِّين الذي أبتغي، فخرجتُ حتَّى أقدَمَ على أحبار خيبر، فوجدتهم يعبدون الله ويُشرِكون به، فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي، فخرجتُ حتَّى أقدَمَ على أحبارِ أَيْلةَ، فوجدتُهم يعبدون الله ويُشركون به، فقلتُ: ما هذا بالدِّين الذي أبتغي، فقال لي حَبْرٌ من أحبارِ الشام: إنك تَسألُ عن دِينٍ ما نعلمُ أحدًا يَعبُد الله بغيره
(4)
إلَّا شيخًا بالجزيرة، فخرجتُ حتَّى
(1)
إسناده ضعيف جدًّا، تفرَّد به محمد بن عمر - وهو الواقدي - وفيه مقال معروف، ولا يعتدُّ بما يتفرَّد به، وشيخه عائذ بن يحيى قد أكثر عنه الواقدي، ولكنه مجهول لا يُدرى من هو، وأبو الحويرث - واسمه عبد الرحمن بن معاوية الزُّرَقي - مختلفٌ فيه.
(2)
أي: أبغَضُوك.
(3)
الناثرة: العداوة والشَّحناء.
(4)
المثبت من (ز) و (ب)، و"تلخيص المستدرك" للذهبي، ومن إحدى نسخ "الدلائل" للبيهقي 2/ 125 حيث رواه البيهقي عن المصنّف بإسناده هذا، والتَّقديرُ: لا نعلم أحدًا يعبد الله بدينٍ غيره، وفي (ص) و (ع): تعالى، بدل: بغيره، وهي غير واضحة في (م). وفي المطبوع: به، بدل: بغيره، وكذلك جاء في سائر مصادر تخريج الخبر، والمعنى فيها واضح.
قَدِمتُ إليه، فأخبرتُه الذي خرجتُ له، فقال: إن كل مَن رأيتَه في ضلالةٍ، إنك تسألُ عن دِين هو دِينُ الله، ودِينُ ملائكتِه، وقد خَرَج في أرضِك نبيٌّ أو هو خارجٌ يدعُو إليه، ارجِعْ إليه وصدِّقه واتبِعْه وآمِنْ بما جاء به، فرجعتُ فلم أَخبُرْ
(1)
شيئًا بعدُ، فأناخَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم البَعيرَ الذي كان تحتَه، ثم قَدّمنا إليه السُّفْرةَ التي كان فيها الشِّواءُ، فقال: ما هذا؟ فقلنا: هذه شاةٌ ذَبَحْناها لنُصُبِ كذا وكذا، فقال: إني لا آكُلُ ما ذُبح لِغيرِ الله.
وكان صنمٌ
(2)
من نُحاس، يقال له: إسافٌ ونائلةُ
(3)
، يَتمسَّحُ به المشركون إذا طافُوا، فطافَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وطُفْتُ معه، فلما مَررتُ مَسَحتُ به
(4)
، فقال رسولُ الله:"لا تَمسَّهُ" قال زيدٌ: فطُفْنا، فقلتُ في نفسي: لأمسَّنَّه حتَّى أنظُرَ ما يقولُ، فَمَسَحَتُه، فقال رسولُ الله:"ألم تُنْه؟ ". قال زيدٌ: فوالذي أكرمَه وأَنزلَ عليه الكتابَ، ما استَلَمتُ صنمًا حتَّى أكرمَه الله بالذي أكرمَه، وأَنزلَ عليه الكتابَ.
ومات زيدُ بن عَمرو بن نُفَيل قبل أن يُبعَثَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يأتي يومَ القيامة أمّةً وحدَهُ"
(5)
.
(1)
المثبت من (ز)، وفي (ص) و (ع): أحسن، وكأنها في (م) كذلك، وأظنها تحريفًا عن أخبرُ، أو عن أُحِسّ، فقد كُتب في هامش (ز): أُحِسّ، وكذلك جاء في "تلخيص المستدرك" للذهبي: أُحِسّ، والمعنى قريبٌ من أخبرُ، يقال: أحسَّ الخَبَرَ، وخَبَرَ الخَبَر: إذا علمه.
(2)
جاء في نسخنا الخطية: صنمًا، بالنَّصب. والمثبت بالرفع من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وهو كذلك في "دلائل النبوة" للبيهقي 2/ 34 حيث روى هذا الخبر الثاني بعينه عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده هذا، وهو الجادّة، لأنَّ "كان" هنا تامّة، فلفظة "صنم" فاعلُها.
(3)
هكذا في النسخ الخطية، وفي "الدلائل": إساف أو نائلة، وهو أوجه، فالضمائر التالية كلها بالإفراد.
(4)
في (ز) و (م) و"تلخيص المستدرك": بها.
(5)
إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - فهو صدوق لكن كانت له أوهامٌ كما قال الحافظُ ابن حجر في "التقريب"، وفي بعض حديثه هذا نكارة بيِّنة كما قال الذهبي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= في "سير أعلام النبلاء" 1/ 222. يعني قوله في أول الحديث: إلى نُصُب من الأنصاب، فذبحنا له شاةً، إلى أن قال: فجعلناها في سُفرتنا.
وأخرجه النسائي (8132) عن موسى بن حزام، عن أبي أسامة حماد بن أسامة، بهذا الإسناد.
ويشهد للقصة الأُولى قصة زيد بن عمرو بن نُفيل دون ذكر الذبح للنُّصُب حديثُ عبد الله بن عُمر بن الخطاب عند البخاري (3826) و (3827) وغيره، غير أنه جاء في قصة السُّفرة: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قدَّم لزيد بن عمر و سُفرةً فيها لحمٌ فأبى أن يأكل منها، وقال: إني لستُ آكلُ مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلّا ما ذُكر اسمُ اللهِ عليه.
ويشهد للقصة أيضًا حديثُ سعيد بن زيد بن عمر بن نفيل عند أحمد 3/ (1648) وغيره، غير أنه جاء في قصة السُّفرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو وزيد بن حارثة بمكة، فمرَّ بهما زيد بن عمرو بن نفيل، فدعواه إلى سفرة لهما، فقال: يا ابن أخي، إني لا آكل مما ذُبح على النُّصُب، قال: فما رُئِيَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أكل شيئًا مما ذُبح على النُّصب.
قال إبراهيم بن إسحاق الحربيّ بعد أن خرَّج حديث زيد بن حارثة في "غريب الحديث" 2/ 791: قوله: ذبحنا شاةً لنُصُب من الأنصاب، لذلك وجهان إما أن يكون زيدٌ فعله من غير أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رضاهُ، إلا أنه كان معه فنسب ذلك إليه، لأنَّ زيدًا لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما كان اللهُ أعطاه نبيَّه صلى الله عليه وسلم، ومنعه مما لا يحلُّ من أمر الجاهلية، وكيف يجوز ذلك وهو قد مَنَعَ زيدًا في حديثه هذا أن يمسّ صنمًا، وما مسَّه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قبل نبوته ولا بعدُ، فهو ينهى زيدًا عن مسِّه ويَرضى أن يَذبح له، هذا محالٌ.
والوجه الثاني: أن يكون ذَبح لزاده في خروجه، فاتفق ذلك عند صنمٍ كانوا يذبحون عنده، فكان الذبح منهم للصنم، والذبح منه الله تعالى، إلّا أنَّ الموضع جَمَعَ بين الذَّبْحين، فأما ظاهر ما جاء به الحديث فمَعاذَ الله.
قال الذهبي في "السير" 1/ 135 بعد أن نقل كلام الحربي هذا: هذا حسنٌ، فإنما الأعمال بالنية. أما زيد فأخذَ بالظاهر، وكان الباطن الله، وربما سكت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن الإفصاح خوف الشرّ، فإنا مع علمنا بكراهيته للأوثان نعلم أيضًا أنه ما كان قبل النبوة مجاهرًا بذمها بين قريش، ولا معلنًا لمَقْتها قبل المبعث.
ثم قال الحربي معلقًا على حديثي ابن عمر وسعيد بن زيد: ليس فيهما بيانُ أنه صلى الله عليه وسلم ذَبَحَ أو أَمَرَ بذلك، ولعلَّ زيدًا ظنَّ أنَّ ذلك اللحم مما كانت قريش تذبحه لأنصابها، فامتنع لذلك، ولم يكن الأمر كما ظن، فإن كان ذلك فُعل فبغير أمره ولا رضاه. =
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، ومن تأمَّل هذا الحديثَ عَرَف فضلَ زيدٍ وتَقدُّمه في الإسلام قبلَ الدَّعوة.
5023 -
حَدَّثَنَا جعفر بن محمد بن نُصير إملاءً، حَدَّثَنَا علي بن سعيد بن بَشير الرازي بمصر، حَدَّثَنَا إسماعيل بن عُبيد بن أبي كريمة الحَرَّاني، حَدَّثَنَا محمد بن سَلَمة، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيط، عن محمد بن أسامة بن زيد، عن أبيه أسامة بن زيد، قال: اجتمع جعفرٌ وعليٌّ وزيدُ بنُ حارثة، فقال جعفرٌ: أنا أحَبُّكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عليٌّ: أنا أحَبُّكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال زيد: أنا أحَبُّكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فانطلِقُوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
= وعلَّق الذهبي في "السير" 1/ 130 على ما ورد في حديث سعيد بن زيد من قوله: فما رُئي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أكل شيئًا مما ذُبح على النُّصُب، فقال: وقد رواه إبراهيم الحربي قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بن محمد، حَدَّثَنَا أبو قَطَن، عن المسعودي، عن نُفيل، عن أبيه، عن جده، قال: مر زيد برسول الله صلى الله عليه وسلم وبابن حارثة وهما يأكلان في سفرةٍ، فدعواه، فقال: إني لا آكلُ مما ذُبح على النُّصُب، قال: وما رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلًا مما ذُبح على النُّصُب. قال الذهبي: فهذا اللفظ مليحٌ يفسِّر ما قبله، وما زال المصطفى محفوظًا محروسًا قبل الوحي وبعده، ولو احتمل جواز ذلك فبالضرورة ندري أنه كان يأكل من ذبائح قريش قبل الوحي، وكان ذلك على الإباحة، وإنما تُوصف ذبائحهم بالتحريم بعد نزول الآية، كما أنَّ الخمر كانت على الإباحة إلى أن نزل تحريمها بالمدينة بعد يوم أُحُدٍ. والذي لا ريب فيه أنه كان معصومًا قبل الوحي وبعده وقبل التشريع من الزنى قطعًا، ومن الخيانة والغدر والكذب والسكر والسجود لوثن، والاستقسام بالأزلام، ومن الرذائل والسَّفَه وبَذاءِ اللسان وكشف العورة، فلم يكن يطوف عُريانًا، ولا كان يقف يوم عرفة مع قومه بمزدلفة، بل كان يقف بعرفة. وبكل حالٍ لو بدا منه شيء من ذلك لما كان عليه تبعةٌ، لأنَّهُ كان لا يعرف، ولكن رتبة الكمال تأبى وقوع ذلك منه صلى الله عليه وسلم تسليمًا.
قلنا: هذا الحرف الأخير الذي ذكر الذهبي أنه عند إبراهيم الحربي؛ يعني قوله: وما رُئي النَّبِيّ، إلى آخره، سقط من مطبوع "غريب الحديث" الذي بأيدينا، فيُستدرك من "السير".
وقوله في آخره: "يأتي يوم القيامة وحده" سيأتي من حديث سعيد بن زيد برقم (5968)، وهو صحيح بمجموع شواهده، وانظرها هناك.
فخرجتُ ثم رجعتُ، فقلتُ: هذا جعفرٌ وعليٌّ وزيدُ بنُ حارثة يستأذنون، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ائذَنْ لهم"، فدخلوا، فقالوا: يا رسول الله، جئناك نسألُكَ مَن أحبُّ الناسِ إليكَ؟ قال:"فاطمةُ" قالوا: نسألُك عن الرِّجالِ، قال:"أما أنتَ يا جعفرُ فيُشبِه خَلْقُكَ خَلْقي، ويُشبِه خُلُقُك خُلُقي، وأنت إليَّ ومن شَجَرَتي، وأما أنت يا عليُّ فأخي وأبو ولَدِي، ومنّي وإليَّ، وأما أنتَ يا زيدُ فمَولايَ، ومنّي وإليَّ، وأحبُّ القومِ إليَّ"
(1)
.
حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5024 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الله التاجِر، حَدَّثَنَا يحيى
(2)
بن عثمان بن صالح، حَدَّثَنَا أبي عثمانُ بنُ صالح، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، عن عُقَيل، أنَّ ابنَ شِهَابٍ حَدَّثه عن عُروة، عن أسامة، عن
(3)
زيد بن حارثة، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم: أنه
(1)
إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق مدلِّس وقد عنعن.
وأخرجه أحمد 36/ (21777) عن أحمد بن عبد الملك، والنسائي (8470) عن أحمد بن بكار الحراني، كلاهما عن محمد بن سَلَمة، بهذا الإسناد. ورواية النسائي مختصرة.
وأخرج الترمذي (3819) وحسّنه من طريق عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أسامة بن زيد، قال: كنت جالسًا إذ جاء عليّ والعبّاس يستأذنان، فقالا: يا أسامة، استأذن لنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه فقالا: يا رسول الله جئناك نسألُك أيُّ أهلك أحبُّ إليك؟ قال: "فاطمة بنت محمد" فقالا: ما جئناك نسألك عن أهلك، قال:"أحبُّ أهلي إليَّ من قد أنعم الله عليه وأنعمتُ عليه أسامة بن زيد" قالا: ثم مَن؟ قال: "ثم علي بن أبي طالب"
…
وهذا إسناد ضعيف، عمر بن أبي سلمة ضعيفٌ عند التفرد أو المخالفة، وقد خولف.
والصحيح في تنازع هؤلاء الثلاثة أنه إنما كان في كفالة بنت حمزة كما سلف برقم (4664) و (5003) من حديث علي بن أبي طالب، وأصله عند البخاري (2669) و (4251) من حديث البراء بن عازب.
(2)
تحرّف في (ز) و (ب) إلى: علي.
(3)
في النسخ الخطية: بن فصار الخبر من مسند أسامة بن زيد بن حارثة، وليس من مسند أبيه، وهو خطأ صوَّبناه من رواية الطبراني في "الأوائل"(18) حيث روى هذا الخبر عن يحيى بن =
أتاه
(1)
في أول ما أُوحِيَ إليه، فأراهُ الوضوءَ والصلاةَ وعلّمه الإسلامَ
(2)
.
5025 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار، حَدَّثَنَا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حَزْم وصالح بن أبي أُمامة بن سَهْل، عن أبيه
(3)
، قال: لما فَرَغَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن بَدْرٍ بَعَثَ بَشِيرَينِ
= عثمان بن صالح شيخ شيخ المصنّف، وكذلك هو في سائر مصادر تخريج الخبر.
(1)
كذا جاء الحديث عند المصنّف بعَوْد الضمير في هذه اللفظة على زيد بن حارثة، فأفهم ذلك أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو من أتى زيدًا فأراه الوضوء
…
ولذلك ذكره المصنّف في مناقب زيد بن حارثة، وإنما جاء الحديث عند جميع من خرَّجه بذكر جبريل أنه هو الذي أتى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فأراه الوضوء
…
وكذلك جاء في رواية الطبراني في "الأوائل"(18) عن يحيى بن عثمان بن صالح، بإسناده هذا. فالظاهر أنه سقط من أصول المصنّف ذِكرُ جبريل.
(2)
إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن لَهِيعة وسوء حفظه، ولاضطراب إسناد هذا الحديث ومتنه كما هو مبيَّن في التعليق على "مسند أحمد"(17480). وقد ذهب أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل"(10) إلى بطلان هذا الحديث وتكذيبه.
وأخرجه أحمد 29/ (17480) عن الحسن بن موسى الأشيب، وابن ماجه (462) من طريق حَسَّان بن عبد الله، كلاهما عن ابن لَهِيعة بهذا الإسناد. وفيه أن جبريل هو مَن علّم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ذلك. ولم يذكرا في روايتهما قوله: وعلّمه الإسلام. ولم يذكر ابن ماجه في روايته الصلاة أيضًا. وزادا ذكرَ نضح الفرج بالماء بعد الوضوء.
وأخرجه أحمد 36/ (21771) من طريق رشدين بن سعد، عن عُقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن أسامة بن زيد - لم يجاوزه - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ جبريل لما نزل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فعلَّمه الوضوءَ، فلما فرغ من وضوئه أخذ حفنة من ماء فرشَّ بها نحو الفرج، قال: فكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يرُشُّ بعد وضوئه. ورشدين بن سعد ضعيف وهو أسوأُ حالًا من ابن لَهِيعة، وبعضهم ترك حديثه.
(3)
كذا جاء في نسخ "المستدرك" بذكر أبي أمامة بن سهل في إسناد الخبر، ولم يرد ذكره في رواية البيهقي في "الدلائل" 3/ 187، وفي "السنن الكبرى" 9/ 183 عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده هذا الذي هنا، ولم يرد كذلك في رواية زياد البكائي عن ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 51، ولا في رواية سَلَمة بن الفضل الأبرش عن ابن إسحاق كما في "تاريخ الطبري" 2/ 487، فالظاهر أنَّ ذكر أبي أمامة بن سهل في إسناده وهمٌ، والله أعلم.
إلى أهل المدينة: بعثَ زيدَ بنَ حارثة إلى أهل السافِلةِ، وبعثَ عبدَ الله بن رَوَاحة إلى أهل العاليَةِ يُبشِّرونهم بفَتْح الله على نَبيّه صلى الله عليه وسلم، فوافق زيدُ بنَ حارثة ابنَه أسامة حين سَوَّى
(1)
على رُقيّةَ بنتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: ذاك أبوك حين قَدِمَ، قال أسامةُ: فجئتُ وهو واقفٌ للناس يقول: قُتِل عُتبةُ بن رَبيعة، وشَيْبة بن رَبيعة، وأبو جهل بن هشام، ونُبَيهٌ ومُنبِّهٌ وأُميّةُ بن خَلَف، فقلت: يا أَبَهْ، أَحقٌّ؟ قال: نَعَمْ والله يا بُنيَّ
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5026 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن زياد، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الإمام، حَدَّثَنَا أحمد بن عثمان بن حَكِيم الأَوْدي، حَدَّثَنَا شُريح بن مَسْلَمة، حَدَّثَنَا إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن جَبَلة بن حارثة أخي زيد، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يَغْزُ لم يُعْطِ سِلاحَه إِلَّا عليًّا أو زيدًا
(3)
.
(1)
أي: سوى التراب.
(2)
حسنٌ لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسلٌ، وكأنَّ الخبر من مسند أسامة بن زيد نفسِه، كما يدلُّ عليه سياقُ الحديث بعد ذلك، فإن صحَّ ذكر أبي أمامة بن سهل في إسناده يمكن الحكم باتصال الإسناد ويكون حسنًا، لكن تقدم قريبًا أنه لم يرد ذكر أبي أمامة إلّا في رواية المصنِّف هنا، وإذا كان لا يصح ذكر أبي أمامة كان الإسناد منقطعًا لعدم إدراك عبد الله بن أبي بكر بن حزم وصالح بن أبي أمامة لأسامة بن زيد، والله تعالى أعلم.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 183، وفي "دلائل النبوة" 3/ 187 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. ليس فيه أبو أمامة بن سهل.
وأخرجه كذلك ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 51 عن زياد بن عبد الله البكّائي، والطبري في "تاريخه" 2/ 487 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، كلاهما عن ابن إسحاق، به.
ويشهد له مرسلًا حديثًا عروة بن الزبير والزهري الآتيان برقمي (7024) و (7029).
(3)
إسناده ضعيف لانقطاعه بين أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - وبين جبلة بن حارثة، وإبراهيم بن يوسف - وهو ابن إسحاق بن أبي إسحاق السَّبيعي - فيه لينٌ، لكنه لم ينفرد به، بل توبع، لكن اختُلف في هذا الحديث على أبي إسحاق السبيعي كما سيأتي. =
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
5027 -
أخبرني أبو الحسين محمد بن أحمد القَنْطَرِي ببَرَدَان
(1)
، حَدَّثَنَا أبو قِلابة، حَدَّثَنَا أبو عاصم، حَدَّثَنَا يزيد بن أبي عُبيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: غزوتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعَ غَزَواتٍ، ومع زيدِ بن حارثة تسعَ غَزَوات، يُؤمِّره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا
(2)
.
= وأخرجه أحمد في "مسنده" 39/ (24009/ 3) عن أسود بن عامر، عن شريك النخعي، عن أبي إسحاق، عن جَبَلة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يغزُ أعطى سلاحه عليًّا أو أسامة. كذا ذكر أسامة بن زيد بن حارثة بدلٌ أبيه!
ووافق شريكًا النخعي في ذكر أسامة إسرائيل بنُ يونس بن أبي إسحاق السبيعي، غير أنه روى الحديث عن جدِّه مرسلًا، أخرجه من طريقه أحمد في "فضائل الصحابة"(965).
ووافق إبراهيمَ بنَ يوسف السَّبيعي على متنه بذكر زيد بن حارثة بدلٌ أسامة: حُديجُ بنُ معاوية، غير أنه اختُلف على حُديج في إسناده، وفي حُديج ضعفٌ: فمرة يرويه حُديج عن أبي إسحاق عن جَبَلة بن حارثة، كما عند أبي نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/ 222، ومرة يرويه حُديج عن أبي إسحاق قال: كان جبلة بن حارثة في الحيّ فأتاه الحيُّ فقالوا
…
فذكر أحاديثَ أحدُها حديثُنا، أخرجه البغوي في "معجم الصحابة"(317).
(1)
المثبت من (ز) و (ب)، وفي (ص) و (م): ببغداد وبَرَدان، محرّكة: من قرى بغداد على بعد سبعة فراسخ منها، وقد جَرَتْ عادةُ المصنّف أن يسمع من شيخه هذا ببغداد كما نصَّ عليه مرارًا، ولعلَّ المصنّف يكون سمع منه في تلك القرية وكان يطلق القول: ببغداد، لكونها من قرى بغداد، أو أنَّ شيخَه القنطري كان يتردَّد بين بغداد المدينة وبين هذه القرية، فربما سمع منه الحاكم في قريته تلك، والله أعلم.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد قويٌّ من أجل أبي قلابة - وهو عبد الملك بن محمد الرَّقاشي - وقد توبع. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد الشيباني.
وأخرجه ابن حبان (7174) من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، عن أبي عاصم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (4272) عن أبي عاصم به. لكنه اختصر منه عدد البعوث التي أُمِّر فيها ابن حارثة، كذلك قال: ابن حارثة، ولم يذكر اسمه، مع أنَّ جميع أصحاب أبي عاصم الضحاك رووه عنه تامًّا بذكر عدد الغزوات التي أُمِّر فيها زيد بن حارثة، هكذا بالنصِّ على اسمه. =
صحيح على شرط الشيخين.
5028 -
حَدَّثَنَا أحمد بن سهل ببُخَارى، حَدَّثَنَا سهل بن المُتوكِّل، حَدَّثَنَا حامد بن يحيى البَلْخيّ، حَدَّثَنَا سفيان بن عُيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشَّعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: ما بَعَثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم زَيدًا في سريةٍ إِلَّا أَمَّره عليهم
(1)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5029 -
أخبرنا أبو بكر بن أبي دارِم الحافظُ بالكوفة، حَدَّثَنَا أحمد بن موسى بن إسحاق التَّمِيمي بالكوفة، حَدَّثَنَا العلاء بن عمرو الحَنَفي، حَدَّثَنَا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق السَّبيعي، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن جَبَلة بن حارثة أخي زيد بن حارثة، قال: أُهدي للنبيِّ صلى الله عليه وسلم رَحْلانِ
(2)
، فأخذَ أحدهما، وأعطى زيدًا الآخَر
(3)
.
= وعُذْرُ البخاريِّ بهذا الاختصار أنَّ غير أبي عاصم رواه بلفظ: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات، وخرجتُ فيما يبعث من البعوث تسع غزوات، علينا مرةً أبو بكر، ومرةً أسامة بن زيد.
كذلك أخرجه البخاري (4270)، ومسلم (1815) من طريق حاتم بن إسماعيل، والبخاري (4271) من طريق حفص بن غياث كلاهما عن يزيد بن أبي عُبيد، عن سلمة بن الأكوع.
وانظر "فتح الباري" 12/ 448 و 490.
(1)
إسناده صحيح. الشَّعْبي: هو عامر بن شَراحيل، ومَسروق: هو ابن الأجدع. وانظر ما سلف برقم (5020 م).
(2)
تحرّف في نسخنا الخطية إلى: حلتين، وفي "تلخيص المستدرك" إلى: حلتان، ويدل على التحريف تذكير الضمير في قوله بعد ذلك: أحدهما، وفي قوله الآخَر.
(3)
إسناد ضعيف بمرّةٍ أبو بكر بن أبي دارم والعلاء بن عمرو الحنفي وإبراهيم بن يوسف السبيعي متكلَّم فيهم. وقد رواه أيضًا حُديجُ بن معاوية عن أبي إسحاق، فأرسله مرةً ووصله أخرى بذكر جَبَلة، وقد ذكرنا فيما تقدم برقم (5026) أنَّ أبا إسحاق السبيعي لم يسمع من جبلة بن حارثة. =
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب بِشْر بن البَراء بن مَعْرُورٍ رضي الله عنه
-
5030 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار، حَدَّثَنَا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، في تسمية من شهد بدرًا من بني سَلِمة ثم من بني عَدِيّ بن غَنْم بن سَلِمة: بِشْرُ بن البَراء بن مَعْرُورِ بن صَخْر بن خَنْساء.
5031 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصَّغَاني
(1)
، حَدَّثَنَا محمد بن يعلى.
وأخبرنا أبو الطيِّب محمد بن علي الزاهد وأبو حامد أحمد بن محمد
(2)
بن شُعيب الفقيه، قالا: حَدَّثَنَا سَهْل بن عمّار العَتَكي، حَدَّثَنَا محمد بن يعلي، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سيِّدُكم يا بني سَلِمةَ؟ " قالوا: الجَدُّ بن قَيس، إلَّا أنَّ فيه بُخْلًا، قال:"وأَيُّ داءٍ أَدْوَى من البُخل؟ سيِّدُكم بِشرُ بن البَراء بن مَعْرُور"
(3)
.
= وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 360 من طريق شُريح بن مسلمة، عن إبراهيم بن يوسف، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "أخبار أصبهان" 12/ 222 من طريق حُديج بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن جَبَلة بن حارثة. غير أنه قال: فدفع أحدهما إلى زيد، والآخر إلى عليٍّ.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(317) من طريق حُديج بن معاوية، عن أبي إسحاق، قال: كان جَبَلة في الحيّ، فأتاه الحيُّ فقالوا
…
فذكر أحاديث أحدُها حديثنا هذا. ولفظه كلفظ أبي نعيم الأصبهاني بذكر عليٍّ بدل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
(1)
تحرَّف في (ب) إلى: أحمد بن إسحاق الصنعاني.
(2)
وقع في النسخ الخطية: محمد بن أحمد، بتقديم محمد علي أحمد، وإنما اسم هذا الشيخ كما أثبتناه، كذلك سمّاه المصنّف غير مرة في "المستدرك" بتقديم أحمد على محمد، على أنه في شيوخ المصنّف من اسمه محمد بن أحمد بن شعيب رجُلين، غير أنَّ أحدهما يُكنى بأبي أحمد، والآخر يُكنى بأبي سعيد، ذكرهم جميعًا في "تاريخ نيسابور".
(3)
حسن إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن يعلي - وهو السّلمي الكوفي - وقد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= تابعه النضرُ بنُ شُميل وسعيدُ بنُ محمد الوراق، والنضر ثقة وسعيد بن محمد ضعيف فإسناده حسنٌ من رواية النضر بن شُميل، لأنَّ محمد بن عمرو بن علقمة حسن الحديث، لكنه اختُلف عنه في وصل الحديث وإرساله، فقد خالف أولئك الثلاثةَ الرواةَ عنه غيرُهم، فأرسَلُوا الحديث لم يذكروا فيه أبا هريرة، كذلك رواه مرسلًا يزيدُ بنُ هارون وسعيدُ بنُ يحيى اللَّخْمي، وعلى أي حال فللحديث شواهد يحسن بها إن شاء الله.
وأخرجه أبو الشيخ في "أمثال الحديث"(94)، وأبو نُعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 250 - 251، والخطيب البغدادي في "البخلاء"(37) من طرق عن أبي عمرو محمد بن عبد العزيز بن أبي رِزْمة، عن النضر بن شُميل، عن محمد بن عمرو، به.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 528 عن يزيد بن هارون، وهشام بن عمار في "حديثه"(106) عن سعيد بن يحيى اللَّخْمي، كلاهما عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، مرسلًا.
وسيأتي عند المصنّف برقم (7480) من طريق سعيد بن محمد الوراق، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة موصولًا.
ويشهد له حديث كعب بن مالك عند يعقوب بن سفيان في "تاريخه" كما في "الإصابة" لابن حجر 1/ 294، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5538)، والطبراني في "الكبير" 19/ (163)، وأبي الشيخ في "أمثال الحديث"(95)، وابن مَنْدَه في "معرفة الصحابة" 1/ 220 - 221، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(1170)، والخطيب في "البخلاء"(32)، وابن حجر في "تغليق التعليق" 3/ 347، وقد صحَّح إسناده ابن حجرٍ في "تغليق التعليق"، لكنه قال بعد ذلك في "فتح الباري": رجال إسناده ثقات إلّا أنه اختُلف في وصله وإرساله على الزُهري.
قلنا: هو كذلك، فقد رواه غير واحدٍ عن الزهري عن ابن كعب بن مالك مرسلًا، كذلك أخرجه معمر بن راشد في "جامعه"(20705)، وابن سعد 3/ 528، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(593) و (647)، وفي "مساوئ الأخلاق" له أيضًا (366)، والطبراني في "الكبير" 19/ (164)، والخطيب في "البخلاء"(35) من طُرُق، عن ابن شهاب، عن ابن كعب بن مالك.
بعضهم يقول: عبد الرحمن بن كعب بن مالك، وبعضهم يقول: عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، وكلاهما تابعيّ يروي عنه الزهري والثاني ابن أخي الأول، وكلاهما يروي عن كعب بن مالك، ولكن الأشبه إرساله.
ويشهد له أيضًا حديث جابر بن عبد الله عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(1171)، والخطيب في "البخلاء"(36) من طريق عبد الملك بن جابر بن عتيك، عن جابر، وإسناده لا بأس به. =
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5032 -
أخبرنا أحمد بن جعفر، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حَدَّثَنَا إبراهيم بن خالد، حَدَّثَنَا رَبَاح، عن مَعمَر، عن الزُّهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن أم مُبشِّر، قالت: دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وَجَعِه الذي قُبِضَ فيه، فقلت: بأبي أنت يا رسول الله، ما تَتَّهم بنفسِك؟ فإني لا أتَّهِم بابني إلَّا الطعامَ الذي أكلَه معك بخَيبَر، وكان ابنُها بشرُ بنُ البراء بن مَعْرُور مات قبل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وأنا لا أتَّهِمُ غيرَها، هذا أوانُ انقطاعِ أبْهَرِي"
(1)
.
= لكن خالف ابنَ عَتيك فيه أبو الزبير محمد بن مسلم المكي عند البخاري في "الأدب المفرد"(296) وغيره، فرواه عن جابر بن عبد الله، فذكر عمرَو بن الجَمُوح بدلٌ بشر بن البراء بن مَعْرور، وإسناده عن أبي الزبير صحيح، وصرَّح بسماعه من جابر.
وكذلك رواه بذكر عمرو بن الجَمُوح: عمرو بن دينار وحبيب بن أبي ثابت ومحمد بن المنكدر جميعهم رووه مرسلًا عند ابن سعد 4/ 376، ووصلَ بعضُهم رواية عمرو بن دينار بذكر جابر، كذلك أخرجه محمد بن مخلد في "المنتقى من حديثه"(157)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(10359)، والخطيبُ في "البخلاء"(24) و (26) وفي "تاريخ بغداد" 5/ 354.
وبعضهم وصل رواية عمرو بن دينار بذكر أبي سلمة عن أبي هريرة - يعني كإسناد المصنّف - كذلك رواه إبراهيم بن يزيد الخُوزي عن عمرو عند الطبراني في "الأوسط"(3650)، وأبي بكر الإسماعيلي في "معجم شيوخه"(278)، وأبي الشيخ في "الأمثال"(90)، والبيهقي في "الشعب"(10358)، والخطيب في "البخلاء"(28)، لكن إبراهيم بن يزيد الخوزي هذا متروك الحديث.
على أنَّ المحفوظ في رواية أبي سلمة ذكر بشر بن البراء بن معرور كما تقدم.
ولهذ قال الدارقطني في "العلل"(1399) عن رواية عمرو بن دينار: المرسل أشبه.
وقد رجَّح ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 84، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 218 قول من ذكر بشر بن البراء بن معرور، على قول من ذكر عمرو بن الجَمُوح. لكن قال ابن حجر في "الفتح" 8/ 158: يمكن الجمع بأن تُحمل قصة بشر على أنها كانت بعد قتل عمرو بن الجَمُوح جمعًا بين الحديثين!
(1)
رجاله ثقات، لكن اختُلف فيه على معمر - وهو ابن راشد - كما تقدَّم بيانه برقم (4441). =
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5033 -
حَدَّثَنَا محمد بن صالح بن هانئ، حَدَّثَنَا السَّرِيّ بن خُزيمة، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن داود الحَرّاني، حَدَّثَنَا حماد سَلَمة بن عن محمد بن عمرو الليثي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أنَّ امرأةً يهوديةً دَعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابًا له على شاةٍ مَصْليّة، فلما قَعَدوا يأكُلُون أخذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لُقمةٌ فوضَعَها، ثم قال لهم:"أمسِكُوا، إِنَّ هذه الشاةَ مَسمُومةٌ" فقال لليهودية: "ويلَكِ، لأيِّ شيءٍ سَمَمْتِني؟! " قالت: أردتُ أن أَعلمَ إن كنتَ نبيًّا، فإنه لا يَضرُّك، وإن كان غيرَ ذلك أن أُريحَ الناسَ مِنك، فأكَلَ منها بِشرُ بن البَراء فمات، فقتَلَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
= وذكر عبد الرزاق فيما نقله عنه أبو داود بإثر (4513) أنَّ معمرًا كان يحدثهم بالحديث مرةً مرسلًا، فيكتُبُونه، ويحدثهم مرّةً به فيُسنده فيكتبونه، وكل صحيح عندنا، قال عبد الرزاق: فلما قدم ابن المبارك على معمر أسند له أحاديث كان يُوقفها.
وقد اختُلف فيه كذلك على الزُّهري كما مضى بيانه، وأنَّ الخبر كان معروفًا في آل كعب بن مالك، فلا يبعد تعدد روايات الزهري بوصفه كان واسعَ الرواية.
وهو في "مسند أحمد" 39/ (23933)، وعنه أخرجه أبو داود (4514) غير أنه وقع في رواية "المسند": عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أمِّه: أن أم مبشّر دخلت .... الحديث. وكذلك جاء في "سنن أبي داود" غير أنه سقط حرف "أن" من روايته فصار: عن أمِّه أم مبشِّر. فقال أبو سعيد بن الأعرابي - وهو أحدُ رواة "السنن" عن أبي داود -: كذا قال: عن أمّه، والصواب: عن أبيه عن أم مبشِّر.
وأخرجه أبو داود (4513) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه: أنَّ أم مبشِّر قالت
…
الحديث.
وقد تقدَّم برقم (4441) من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة مختصرًا بالمرفوع مخاطبًا فيه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عائشة.
(1)
رجاله لا بأس بهم، لكنه اختُلف في وصلِه وإرسالِه عن محمد بن عَمرو اللَّيثي - وهو ابن علقمة - فقد رواه عنه حماد بن سلمة وعبّاد بن العوام موصولًا بذكر أبي هريرة، ورواه عنه خالد بن عبد الله الطحّان وجعفر بن عون، فأرسله لم يذكر فيه أبا هريرة.
وقد روي هذا الخبر عن أبي هريرة من وجه آخر صحيح، لكن ليس فيه ذكر قتله صلى الله عليه وسلم مَن سمَّه، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بل قد روي من طريق سفيان بن حُسين، عن الزهري، عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعرض لليهودية. يعني لم يقتلها، لكن سفيان بن حسين على ثقته تُضعَّف روايتُه عن الزهري خاصةً.
وأخرجه ابن حزم في "المحلى" 11/ 27، والبيهقي في "الكبرى" 8/ 46 من طريق عباد بن العوام، عن محمد بن عمرو، به. مختصرًا: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قتلها، يعني التي سمّتْه.
وأخرجه أبو داود بطوله (4511) و (4512/ 2) من طريق خالد بن عبد الله الطحان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، مرسلًا.
وقد روى هذا الخبر القاضي عياض في "الشفا" 1/ 316 من طريق أحمد بن سعيد بن حزم، عن أبي سعيد بن الأعرابي، عن أبي داود، فوصله بذكر أبي هريرة وابن الأعرابي هذا أحدُ رواة "السنن" عن أبي داود، لكنَّ وصلَه من طريقه غريب جدًّا، فإنَّ هذا الخبر لم يروه عن أبي داود أصلًا غير ابن الأعرابي كما في هامش نسخة (هـ) التي عندنا من "سنن أبي داود" حيث أثبتنا الحديث من هامشها، وأشار الناسخ إلى أنه في رواية أحمد بن سعيد بن حزم عن ابن الأعرابي، ووقع فيه قوله: عن أبي سلمة ولم يذكر أبا هريرة؛ كذلك نصَّ على عدم ذكر أبي هريرة فيه، فلعله سقط من أصل القاضي عياض عبارة:"لم يذكر" فصار الحديث موصولًا، والله أعلم.
ومما يؤيده أنَّ غير أحمد بن سعيد بن حزم قد رواه عن ابن الأعرابي مرسلًا، كما أخرجه ابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" ص 162 من طريق أحمد بن عون الله عن أبي سعيد بن الأعرابي، عن أبي داود، به، فقال: عن أبي سلمة، ولم يذكر أبا هريرة، فوافق ما نقلناه من هامش (هـ) لـ "سنن أبي داود"، والله أعلم.
وقد تابع خالدًا الواسطيَّ على إرساله جعفر بن عون عند الدارمي (68).
وأرسله سعيد بن محمد الثقفي مرة كما وقع عند ابن سعد 1/ 145، ووصله مرة أخرى كما وقع عند الطبراني (1202)، وسعيد بن محمد هذا ضعيف الحديث.
وأخرجه أبو داود (4509) من طريق سفيان بن حُسين، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة: أنَّ امرأة من اليهود أهدت إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شاةً مسمومة، قال: فما عَرَض لها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. كذا قال! ولكن سفيان بن حسين هذا ضعيف الحديث في الزهري خاصةً، وإن كان ثقةً في غيره.
وأخرجه أحمد 15/ (9827)، والبخاري (3169) و (4249) و (5777)، والنسائي (11291) من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: لما فُتحت خيبر أُهديتْ لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سُمٌّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اجمعوا لي من كان هاهنا من اليهود" فجُمعوا له، فقال لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إني سائلكم عن شيءٍ فهل أنتم صادقيَّ عنه؟ قالوا: نعم يا أبا القاسم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: =
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب أبي مَرْثَد كَنّاز بن الحُصَين الغَنَوي
(1)
وقيل: كَنّاز بن حِصْن
(2)
بن يَربُوع، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخَى بينه وبين عُبادة بن الصامِت، شَهِدَ بدرًا وأُحدًا والخندق، وهو أبو مَرثَدِ بن أَبي مَرثَدٍ، أَمَّره
(3)
رسول الله صلى الله عليه وسلم
= "هل جعلتم في هذه الشاة سمًّا" فقالوا: نعم، فقال:"ما حملكم على ذلك؟ " فقالوا: أردنا إن كنت كذابًا نستريح منك، وإن كنت نبيًّا لم يَضرَّك.
وفي الباب عن أنس بن مالك عند أحمد 21/ (13285)، والبخاري (2617)، ومسلم (2190)، وأبي داود (4508)، غير أنه قال في حديثه: فقيل: ألا نقتُلُها؟ قال: "لا".
وعن جابر بن عبد الله عند أبي داود (4510)، وفيه: فعفا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعاقبها. ورجاله ثقات لكنه منقطع.
وعن ابن عباس عند أحمد 5/ (2784) و (3547). وإسناده صحيح. لكن ليس فيه أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عاقبها أو عفا عنها.
وسيأتي عند المصنّف برقم (7267) عن أبي سعيد الخُدري، وليس فيه كذلك عقوبتها والعفو عنها.
وعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك مرسلًا عند معمر في "جامعه"(19814)، وعبد الرزاق في "مصنفه"(10019)، والبيهقي في "الدلائل" 4/ 260، وسكت أيضًا عن مصير المرأة اليهودية، أعُفي عنها أم قُتِلت. لكن قال الزهري - وهو راويه عن ابن كعب -: فأسلمت فتركها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وقال معمر: وأما الناس فيقولون: قتلها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وقال البيهقي في "الدلائل" 4/ 262: يحتمل أنه لم يقتلها في الابتداء، ثم لما مات بشر بن البراء أمر بقتلها. ونحوه قال عياض في "الإكمال" 7/ 93 - 94 والسُّهيلي كما في "الروض الأُنف" له.
وقال ابن ناصر الدين في "جامع الآثار" 6/ 390: الرواية مصرِّحة بما ظنه البيهقي في حديث ابن سعد الذي رواه عن الواقدي عن رجاله. قلنا: أخرجه ابن سعد 2/ 180، وفيه: أنه لما مات بشر بن البراء دفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ولاة بشر بن البراء، فقتلوها. قال الواقدي: وهو الثبت، ووافقه كاتبه وابن سعدٍ لما ساق قصة غزوة خيبر 2/ 102، فقال: وهو الثبت عندنا.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: العَدَوي. وإنما هو الغَنَوي، نسبة لغنيّ بن أعصر من قيس عَيلان.
(2)
وقع في نسخنا الخطية: حُصين، مصغرًا، وقوله قبل ذلك: وقيل، يقتضي مغايرة ما قبلها لما بعدها. وهما روايتان في اسم والد أبي مرثد.
(3)
يعني مرتدًا لا أبا مرثد.
على السَرِيّة التي وجَّهها إلى الرَّجِيع فقُتِل بها.
5034 -
أخبرنا بجميع ما ذكرته أبو عبد الله الأصبهاني، حَدَّثَنَا الحسن بن الجَهْم، حَدَّثَنَا الحُسين بن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عُمر، عن شُيوخه
(1)
.
5035 -
حَدَّثَنَا أبو عبد الله الأصبَهاني، حَدَّثَنَا ابن رُستَهْ، حَدَّثَنَا سليمان بن داود، حَدَّثَنَا محمد بن عُمر، قال: مات أبو مَرثَدٍ الغَنَوِي كَنّاز بن الحُصَين حليفُ حمزةَ بن عبد المطّلب
(2)
بالمدينة في خلافة أبي بكر الصِّدّيق سنة اثنتَي عشرةَ
(3)
.
(1)
وكذلك قال ابن إسحاق في شأن المؤاخاة بين أبي مرثد وبين عبادة بن الصامت فيما حكاه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 45. وعلى ذلك اتفق أهل السير بعدهم.
وأما شهوده بدرًا فسيأتي عن عروة بن الزبير أيضًا برقم (5037)، وتقدَّم برقم (4935).
وذكره ابن إسحاق أيضًا فيمن شهد بدرًا، كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 678.
وكذلك الزهريُّ كما في "الآحاد والمثاني" لابن أبي عاصم (345)، والبغوي في "معجم الصحابة" بين يدي الحديث (2025).
وأما تأمير مرثد بن أبي مرثد على السّرية يوم الرّجيع فذكره أيضًا ابن إسحاق عن عاصم بن عُمر بن قتادة كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 168 - 170.
لكن خالفهما أبو هريرة عند البخاري (4086) إذ ذكر أنَّ أميرهم كان إذ ذاك عاصمَ بن ثابت.
وهو ما رجَّحه السُّهيليُّ كما نقله عنه ابن كثير في "الفصول في السيرة" ص 153، ورجّحه أيضًا ابن حجر في "الفتح" 12/ 213.
بينما حكى الواقديُّ في "مغازيه" 1/ 355، وابنُ سعد في "طبقاته" 2/ 51، القولين جميعًا من غير ترجيح.
(2)
زاد في نسخنا الخطية بعده: وكان مرتد مات وهي عبارة مقحمة، وإيرادها يدلُّ على أن الذي مات بالمدينة في خلافة أبي بكر هو مرثد لا أبوه، وهذا خطأ، لأنَّ الواقدي ذكر هذا في ترجمة أبي مرثد الغَنَوي نفسه، وكان يرى أنَّ ابنه مرثدًا إنما قُتل يوم الرجيع في عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كما في مقالتِه التي تقدَّمت عند المصنِّف، فالعبارة مُقحمة بلا شكٍّ.
(3)
ورواه عن محمد بن عمر - وهو الواقدي - أيضًا كاتبُه محمد بن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 47، وزاد فيه الواقديّ قوله: وهو يومئذٍ ابن ست وستين سنة. وقد وافق الواقديّ عليه مصعبُ بن عبد الله الزبيري وإبراهيمُ الحِزامي كما سيأتي عند المصنّف برقم (5036) و (5038). =
وقال غيرُه: بل قُتل بأجنادِينَ
(1)
.
5036 -
أخبرنا أبو الحسين بن يعقوب الحافظ، أخبرنا محمد بن إسحاق الثَّقفي، أخبرني أبو يونس المَديني، حَدَّثَنَا إبراهيم بن المُنذر، قال: مات أبو مرثد الغَنَوي كَنّازُ بنُ الحُصين حليف حمزة بن عبد المطلب، ودفن بالمدينة في خلافة أبي بكر الصِّدِّيق في سنة ثنتَي عشرةَ
(2)
.
5037 -
أخبرنا
(3)
أبو جعفر البَغدادي، حَدَّثَنَا أبو عُلَاثة، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوة، في تسمية مَن شهد بدرًا [مع]
(4)
رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو مَرثَدٍ الغَنَوي حليفُ حمزةَ بن عبد المطلب.
5038 -
أخبرني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا موسى بن هارون، سمعتُ مصعبَ بن عبد الله الزُّبَيري يقول: مات أبو مَرثَدٍ الغَنَوي في سنة اثنتي عشرة من الهجرة، وهو ابن ستٍّ وستين سنةً.
5039 -
أخبرني أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا موسى بن زكريا، حَدَّثَنَا خليفة بن خَيَّاط قال: أبو مَرثَد الغَنَوي اسمُه كَنَّاز بن حُصَين بن يَربُوع بن عَمرو بن يربوعِ بن خَرَشَةَ بن سعد بن طَرِيفِ بن حُلّان
(5)
بن غَنْم [بن غَنِيّ] بن أَعْصُر بن سعد بن قَيس عَيْلان.
= ابن رُسته: هو محمد بن عبد الله بن رُسْته الضّبي، وسليمان بن داود: هو الشاذكوني.
(1)
قال ذلك ابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار" و "الثقات".
(2)
وافق إبراهيمُ بنُ المنذر في ذلك قولَ محمد بن عُمر الواقديّ الذي تقدَّم قبله، وقولَ مصعبِ بن عبد الله الزُّبيري الآتي برقم (5038). أبو يونس المديني: هو محمد بن أحمد بن يزيد بن عبد الله، مفتي أهل المدينة.
(3)
جاء قبل هذه الرواية في نسخنا الخطية عنوان الترجمة الذي أثبتناه بين يدي الحديث (5046) نفسُه في ذكر مرثد بن أبي مرثد، وليس محلُّه هنا قطعًا، لأنَّ الروايات الواردة بعده هنا متعلِّقةٌ بأبي مرثد لا بابنه مرثد، فلزم حذُفه من هنا، وإثباتُه في موضعه اللائق به هناك.
(4)
لفظة "مع" من النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان.
(5)
المثبت من نسخنا الخطية بإهمال الحاء: حلان، ووُضِع تحت الحاء في (ز) علامة الإهمال، =
5040 -
...........
(1)
.
5041 -
أخبرنا
(2)
الحَسن
(3)
بن حَليم، أخبرنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثني بُسْر بن عُبيد الله، سمعت أبا إدريسَ الخَوْلاني، يقول: سمعتُ واثِلةَ بن الأسْقَع يقول: سمعتُ أبا مَرثَدٍ الغَنَوي يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تَجلِسُوا على القُبور، ولا تُصَلُّوا إليها"
(4)
.
= وفي المطبوع: جلان، بالجيم المعجمة بدل الحاء المهملة. وقد ذكر أبو ذرٍّ الخُشَني في شرحه لسيرة ابن هشام ص 172 أنَّ هذا الاسم روي بالجيم وبالحاء المهملة، ثم قال: وصوابه بالجيم. كذا صوَّب رواية الجيم، وقد جاء هذا الاسم في "تحفة الأشراف" للمزي مضبوطًا بالحاء المهملة المضمومة، وضبطه القلْقشندي في "نهاية الأرب" ص 240 بالحروف، فقال: بضم الحاء وتشديد اللَّام. وفي "معجم الطبراني الكبير" 19/ (431) بإسناده إلى ابن إسحاق: أبو مرثد كناز بن حُصين .... بن جلان، ويقال حلان هكذا ذكر القولين أيضًا، ولا نظن هذا من قول ابن إسحاق، فإنَّ ابن هشام في "سيرته" 1/ 678 ذكر وجهًا واحدًا عن ابن إسحاق، وأكثر نسخه أنه بالجيم، وفي نسخةٍ منه بالحاء المهملة كما نبَّه عليه مُحقِّقوه.
وضبطه مجد الدين بن الأثير في قسم التراجم من "جامع الأصول" ص 814، بالجيم المكسورة وتشديد اللَّام، وكذلك ضبطه أخوه عز الدين بن الأثير في "أسد الغابة" في ترجمة أنس بن أبي مرثد بالجيم واللام المشددة. وكذلك ضبطه ابن ناصر الدين الدمشقي في "التوضيح" في حرف الجيم بالجيم المكسورة، ولم يذكر ابن دريد في "الاشتقاق" ص 323 غير جِلّان بالجيم المكسورة، قال: وهو فِعلان من قولهم: جَلَلَتُ الشيء: أخذتُ جُلَّه. فالله تعالى أعلم.
(1)
جاء بعد هذا في نسخنا الخطية رواية إبراهيم بن المنذر الحزامي في ذكر موت أبي مرثد ومكان دفنه، وقد تقدمت روايته هذه في أصولنا بإثر رواية الواقدي في ذلك أيضًا برقم (5036)، وهو تكرار لا داعي له، فلذلك حذفناه من هنا، وتركناه هناك في موضعه اللائق به.
(2)
هذا الحديث جاء في نسخنا الخطية بعد الرواية المتقدمة برقم (5036) مباشرة، وقد نقلناه إلى هنا لأنَّهُ أحد طرق الحديث الذي سيوردها المصنّف بعده تباعًا، فهذا هو موضعه اللائق به.
(3)
تحرّف في نسخنا الخطية إلى: الحُسين، مُصغرًا، وقد أكثر عنه المصنِّف كل ذلك يُسمّيه الحَسَن مكبرًا.
(4)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن عبد الله - وهو ابن المبارك - وهم فيه في =
5042 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا هارون بن سليمان الأصبهاني، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن مَهدي، حَدَّثَنَا ابن المبارك، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، سمعت بُسْر بن عُبيد الله الحَضْرمي، سمعت أبا إدريسَ الخَوْلانيَّ يقول: سمعتُ واثلةَ بن الأسْقَع، سمعت أبا مَرثَدٍ الغَنَوي يقول: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تَجلِسُوا على القُبور، ولا تُصَلُّوا إليها
(1)
".
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه
(2)
!
وقد تفرَّد عبد الله بن المبارك بذِكْر أبي إدريسَ الخَولانيِّ فيه بين بُسر بن عُبيد الله
= ذكر أبي إدريس الخَوْلاني - واسمه عائذ الله - كما نبَّه عليه غير واحد من أهل العلم كالبخاري فيما نقله عنه الترمذي في "جامعه"(1051)، وأبي حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل"(213)، والدارقطني في "العلل"(1199) وغيرهم، وذكروا أنَّ الصحيح ما رواه جماعةُ أصحاب عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عنه عن بُسر بن عُبيد الله عن واثلة عن أبي مَرثد.
وكذلك الإمام أحمد بن حنبل ممن وهَّم فيه ذِكْرَ أبي إدريس، فيما نقله عنه أبو داود في "مسائله"(2012)، لكنه جعل الوهمَ فيه من جهة عبد الرحمن بن يزيد بن جابر.
على أنَّ مسلمًا قد أورد في "صحيحه" كلتا الروايتين رواية ابن المبارك بذكر أبي إدريس الخَولاني، والرواية الأخرى التي بإسقاطه من الإسناد، وكأنه يصححهما جميعًا، وكذلك فعل ابن خزيمة أورد كلتا الروايتين في "صحيحه"(793) و (794)، وصحَّح ابن حبان رواية ابن المبارك (2320) و (2324).
وأخرجه أحمد 28/ (17216)، ومسلم (972)، والترمذي (1050)، وابن حبان (2320) و (2324) من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وسيأتي بعده من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن ابن المبارك.
وسيأتي برقم (5043) من طريق بشر بن بكر، وبرقم (5044) من طريق صدقة بن خالد، كلاهما عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن بُسر بن عُبيد الله، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي مرثد. دون ذكر أبي إدريس الخولاني في إسناده.
(1)
حديث صحيح كسابقه.
(2)
بل قد أخرجه مسلم كما تقدم، فلا يستدرك عليه.
وواثلة، فقد رواه بِشر بن بكر والوليد بن مَزْيَد
(1)
، عن بسر، سمعتُ واثلةَ بن الأسقَع.
أما حديث بِشْر:
5043 -
فحدَّثَناهُ أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا بَحْر بن نَصْر، حَدَّثَنَا بشر بن بَكْر، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن بُسر بن عُبيد الله، سمعت واثلةَ بن الأسْقَع صاحبَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، يقولُ:[سمعت أبا مَرثَدٍ الغَنَويَّ يقول]
(2)
: "لا تَجلِسُوا على القبور، ولا تُصَلُّوا إليها"
(3)
.
وقد تابعه صَدَقةُ بن خالد عليه:
5044 -
حدثناه أحمد بن عبيد الحافظ بهَمَذان، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحُسين، حَدَّثَنَا أبو مُسهِرٍ، حَدَّثَنَا صَدَقة بن خالد، عن ابن جابر، عن بُسر بن عُبيد الله، سمعت واثلةَ بنَ الأسقع، سمعت أبا مَرثَد الغَنَوي يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تَجلِسُوا على القبور، ولا تُصَلُّوا إليها"
(4)
.
5045 -
حَدَّثَنَا مَكِّي بن بُندار الزَّنْجاني ببغداد، حَدَّثَنَا أبو الحسن محمد بن يحيى بن خالد بن عمرو بن يحيى بن حمزة الدِّمشقي، حدثني أحمد بن محمد بن يحيى
(1)
رواية الوليد بن مَزْيَد هذه عند أبي عوانة في "صحيحه"(1179)، والبيهقي في "السنن" 4/ 79، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 10/ 160.
(2)
ما بين المعقوفين سقط من نسخنا الخطية كافة، والصحيح ذكره، وقد استدركناه من "صحيح أبي عوانة"(1180)، ومن "تاريخ دمشق" 10/ 160، حيث روياه من طريقين عن بشر بن بكر، بإسناده هذا بذكر أبي مرثد الغنوي، وهذا هو المعروف في رواية الحديث عن غير بشر بن بكر أيضًا أنه من حديث أبي مرثد الغَنَوي يرويه عنه واثلةُ بن الأسقع، فلزم إثباته قطعًا.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (28/ (17215)، ومسلم (972)، والنسائي (838) من طريق الوليد بن مسلم، وأبو داود (3229) من طريق عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، كلاهما عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد.
(4)
إسناده صحيح.
ابن حمزة، حدثني أبي، عن أبيه: وبَلَغني عن أبي كَبْشة السَّلُولي، عن أبي مَرثَدٍ الغَنَوي: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعثه حارِسًا، حتَّى إذا كان في وجْهِ الصُّبح أقبل، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"هذا صاحبُكم قد أقبل يَقطَعُ عليكُم"، ثم أتى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"أنزلْتَ الليلةَ عن فَرسِك؟ " قال: لا والله يا نبيَّ الله، إِلَّا قاضيَ حاجةٍ، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لا تُبالِ أن لا تَعمَلَ بعد هذا".
قال يحيى بن حمزة: فذكرتُ هذا الحديثَ لأبي عمرو الأوزاعي، فحدَثني الأوزاعيُّ أنَّ حسانَ بن عَطيّة كان يُحدَّث بذلك
(1)
.
هذه فضيلةٌ سَنِيّةٌ لأبي مَرثدٍ الغَنَوي، تفرَّد به أولادُ يحيى بن حمزة الدمشقي عن آبائهم عن الأوزاعيّ، وكلُّهم ثقات!
ذكرُ مناقب مَرْثَد بن أبي مَرَثَدٍ الغَنوي
قُتِل مع عاصم بن عَدِيٍّ، وكانوا ستةَ نفرٍ
(2)
.
5046 -
أخبرني أبو جعفر البغدادي، حَدَّثَنَا أبو عُلَاثة، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا ابن
(1)
إسناده ضعيف لضعف أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة - وهو الدمشقي - وقد كان صاحب مناكير ويُلقَّن ما ليس من حديثه حين كبر، وقال ابن حبان في "الثقات" في ترجمة أبيه محمد بن يحيى بن حمزة: هو ثقة في نفسه، يُتَّقى من حديثه ما رواه عنه أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة وأخوه عبيد، فإنهما كانا يُدخلان عليه كلْ شيءٍ.
والراوي عنه هنا أبو الحسن محمد بن يحيى بن خالد بن عمرو بن يحيى بن حمزة لا يُدرى من هو، فلم يرد في غير هذا الإسناد، فهو مجهول العين.
والمحفوظ في هذا الحديث أنه من رواية أبي كَبْشة السَّلُولي عن سهل بن الحَنْظلية أنَّ صاحب هذه القصة إنما هو أنس - وقيل: أُنيس - بن أبي مرثد الغَنَوي كما تقدَّم ذلك بإسناد صحيح برقم (784) و (2464)، فليس هذا الحديثُ إذًا لأبي مرثدٍ الغَنَوي، وليس هو في فضل أبي مرثدٍ أيضًا، بل في فضل ابنه أنسٍ، والله الموفِّق.
(2)
عنوان هذه الترجمة جاء في نسخنا الخطية مقدَّمًا إلى ما قبل الرواية (5037)، ومحلُّه اللائق به هنا، فهذا أوانُ شروع المصنّف بمناقب مرثد بن أبي مرثد.
لَهِيعة، حدثني أبو الأسود، عن عُروة بن الزُّبَير، قال: كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ بدرٍ فَرَسان، أحدُهما لِمَرثدِ بن أبي مَرثد، والآخرُ للزُّبير
(1)
.
5047 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار، حَدَّثَنَا يونس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق، حدثني عاصم بن عمر بن قَتَادة، أنَّ ناسًا من عَضَلٍ والقَارَةِ - وهما حيّان من جَدِيلة - أتَوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بعد أُحدٍ، فقالوا: إِنَّ بأرضنا إسلامًا، فابعث معنا نفَرًا من أصحابك يُقرئون القرآن ويفقِّهونا في الإسلام، فبعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم معهم سنةَ نَفَرٍ، منهم مَرثَد بن أبي مَرثَد حليفُ حمزةَ بن عبد المُطّلب، وهو أميرُهم، وخالد بن البُكَير اللَّيثي حليفُ بني عَدِيٍّ، وعبد الله بن طارق الظَّفَري، وزيد بن الدَّثِنَة، وخُبيب بن عَدِيٍّ، وعاصم بن ثابت ابن الأَقْلَح، فخرجُوا وأميرُهم مَرثَدُ بن أبي مَرثَد، حتَّى إذا كانوا بالرَّجِيع أتتهم هُذَيلٌ، فلم يَرُعِ القومَ في رحالِهم إلَّا الرجالُ في أيديهم السيوفُ قد غَشُوهم بها، فأخذ القومُ أسيافَهم ليُقاتِلُوهم، فقالوا: اللهم ما نريد قَتْلَكم، ولكنا نريد أن نُصيبَ من أهل مكة، فلكم عهدُ الله ومِيثاقُه، فأما عاصمٌ ومَرَثَدٌ وخالدٌ فقاتَلُوا حتَّى قُتِلوا، وقالوا: والله
(1)
رجاله لا بأس بهم كما تقدم بيانه برقم (4378) غير أنه مرسلٌ، وقد وافق عروةَ بنَ الزبير عليه يزيدُ بنُ رُومان عند ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 2/ 21، وزاد في رواية: وفرس عليه المقداد بن عمرو.
وكذلك قال الواقدي في "مغازيه" 1/ 27 نقلًا عن شيوخه. ثم قال: لا اختلاف عندنا أنَّ المقداد له فرسٌ. وسيأتي عن الواقدي برقم (5048) تسمية فرس مرثد يوم بدر بالسَّبَل.
لكن تقدَّم عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب برقم (2538) و (4344)، وسيأتي برقم (5651) ذكر فرسَي المقداد والزبير دون فرس مرثد غير أنه ضعيف عن عليٍّ لانقطاعه، ولورود ما يخالفه من وجه آخر عنه بإسناد صحيح: أنه لم يكن فيهم فارسٌ يومَ بدر غير المقداد.
وأما ابن إسحاق فذكر أنَّ مرثد بن أبي مرثد كان يَعتقِب هو وعليٌّ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم على بعيرٍ، كذا قال كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 612. وهو قول الزهري وموسى بن عقبة كما في "دلائل النبوة" للبيهقي 3/ 101 - 106، فالله تعالى أعلم.
ما نَقبَلُ من مُشركٍ عهدًا ولا عَقْدًا أبدًا
(1)
.
5048 -
فحدَّثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن رُسْته، حَدَّثَنَا سليمان بن داود، حَدَّثَنَا محمد بن عمر، حدثني سعيد
(2)
بن مالك الغَنَوي، عن أبيه: أنه شَهِدَ مَرثَد بن أبي مَرثَدٍ يوم بدر على فرسٍ يُقال له: السَّبَل.
قال محمد بن عُمر: واستُشهِد مَرثَدُ بن أبي مَرثدٍ الغَنَوي فيما بين أُحُدٍ والخَنْدق في صفرٍ سنة أربعٍ
(3)
.
هذا يَدلُّ على أنَّ مرثدًا استُشهِد قبل أبيه أبي مَرثَد بثمان سنين، فإنّ أبا مَرثدٍ مات على فراشِه بالمدينة في خلافة أبي بكر سنة اثنتي عشرةَ.
جَهِدتُ في طلب حديثٍ يُسندُه مَرثدٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم أجد إلَّا الحديثَ الذي:
5049 -
أخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حَدَّثَنَا سعيد بن مسعود، حَدَّثَنَا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا يحيى بن يعلى [عن عَبد الله بن موسى]
(4)
عن القاسم
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسلٌ، فإنَّ عاصم بن عمر بن قتادة تابعيّ، لكن روي نحو خبره هذا عند البخاري (4086) من حديث أبي هريرة، إلّا أنه جاء في حديث أبي هريرة أنَّ أميرهم كان عاصم بن ثابت. قال الحافظ في "الفتح" 12/ 213: ما في الصحيح أصَحُّ.
وأخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 169، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" 2/ 51 - 52، وخليفة بن خياط في "تاريخه" ص 74 - 75، والطبري في "تاريخه" 2/ 538 - 539، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" بإثر الحديث (616)، والطبراني في "الكبير" 20/ (775)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(4230)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 328 وابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 135 من طُرق عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة.
(2)
كذا في نسخنا الخطية، وفي "مغازي الواقدي" و "طبقات ابن سعد": سعد، بلا ياء.
(3)
وهو في "مغازي محمد بن عمر الواقدي" 1/ 27 و 35 وعنه رواه محمد بن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 45، غير أنه جاء فيهما قول الواقدي في سنة الرجيع التي استُشهد فيها مرثد: على رأس ستة وثلاثين شهرًا من مُهاجَر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سليمان بن داود: هو الشاذكُوني المِنْقَري.
(4)
سقط اسم عَبد الله بن موسى من نسخنا الخطية، وأثبتناه من سائر مصادر التخريج، فإنَّ =
السّاميّ
(1)
، عن مرثد بن أبي مَرثد الغَنَوي - وكان بدريًّا - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنْ سَرَّكم أن تُقبَلَ صلاتُكم فليَؤمَّكُم خِيارُكُم، فإنهم وَفْدُكُم فيما بَينَكم وبينَ ربِّكم عز وجل"
(2)
.
ذكرُ
(3)
جابر بن عبد الله بن رِئاب بن النُّعمان بن سِنان
5050 -
أخبرنا أبو جعفرٍ البغدادي، حَدَّثَنَا أبو عُلَاثة، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، حدثني أبو الأسود، عن عُرْوة: أنَّ جابرَ بنَ عبد الله بن رئاب من بني
= هذا الرجل هو عمر بن موسى الوجيهي، والذي كان يُسميه بعبد الله إنما هو يحيى بن يعلى فيما نصَّ عليه الدارقطنيُّ، ولم يُسمِّه عبدَ الله غيرُه.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية غير (ز) إلى: الشيباني، وإنما هو الساميّ نسبة إلى سامَةَ بن لؤي كما جاء في إسناد الدارقطني لهذا الحديث.
(2)
إسناده ضعيف كما نبَّه عليه الدارقطني في "سننه"(1882)، حيث قال: إسنادٌ غير ثابت وعَبد الله بن موسى ضعيف. قلنا: عَبد الله بن موسى هو عمر بن موسى الوَجيهي، كان يحيى بن يعلى - وهو الأسلمي - ويُسمِّيه عَبدَ الله فيما نصَّ عليه أبو العباس بن عُقدة والدارقطني. وعمر بن موسى الوجيهي ضعيف الحديث جدًّا، واتهمه بعضُهم بالوضع، ويحيى بن يعلى الأسلمي ضعيف أيضًا.
وفيه علة ثالثة نبَّه عليها ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 683، وهي الانقطاع بين القاسم - وهو ابن عبد الرحمن الدمشقي - وبين مرثدِ بن أبي مرثدٍ، لأنَّ مرثدًا استُشهد يوم الرَّجيع في عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فكيف يدركه القاسم؟!
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(317)، والطبري في "ذيل المذيَّل" كما في "منتخبه" لعُريب القرطبي بإثر "تاريخ الطبري" 11/ 552، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(2229)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 70، والطبراني في "الكبير" 20/ (777)، والدارقطني (1882)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6187)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 38/ 419، وفي "معجم شيوخه"(1224) من طرق عن يحيى بن يعلى الأسلمي، بهذا الإسناد.
(3)
هذه الترجمة مع الروايتين اللتين تحتها ثبتت في (ص) و (م) و (ع) هنا، وثبتت في هامش (ز) بخطِ مغاير بين مناقب أبي مرثد ومناقب ابنه مرثد، أي بين الروايتين (5045) و (5046)، وسقطت من (ب).
سَلِمة، شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5051 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصغَّاني، حَدَّثَنَا عَفّان، حَدَّثَنَا همّام، حَدَّثَنَا الكَلْبي، قال:{يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39] قال: يَمحُو من الرزقِ ويزيدُ فيه. قال أبو صالح: حدَّثَنِيه جابرُ بن عبد الله بن رِئَاب الأنصاري عن رسول الله
(1)
.
ذكرُ مناقبِ جَبّار بن صَخْر رضي الله عنه
-
5052 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حَدَّثَنَا أبو عُلَاثة، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، حَدَّثَنَا أبو الأسود، عن عُروة، في تسمية من شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: [جَبّار بن صَخْر بن أُمَيّة بن خَنْساء بن سِنَان
(2)
]
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل الكَلْبِي - وهو محمد بن السائب - فهو متروك الحديث، وشيخه أبو صالح - وهو باذام مولى أم هانئ ضعيفٌ. وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 24/ 565: وأبو صالح لم يدرك جابرًا هذا.
عفان: هو ابن مسلم، وهمام: هو ابن يحيى العَوذي.
وأخرجه ابن سعد 3/ 531 والطبري في "تفسيره" 13/ 168 وابن عدي في "الكامل" 6/ 119، من طريق همّام بن يحيى، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري 13/ 168 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح من قوله لم يجاوزه.
(2)
ما بين المعقوفين سقط من نسخنا الخطية، ولا بدَّ من ذكره ليتمّ الخبر، وقد ثبت في رواية الطبراني في "الكبير"(2133) عن أبي عُلَاثة محمد بن عمرو بن خالد الحَرَّاني.
(3)
رجاله لا بأس بهم كما تقدم بيانه برقم (4378). أبو عُلَاثة: هو محمد بن عمرو بن خالد الحَرَّاني، وابن لَهِيعة: هو عبد الله، وأبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن المعروف بيتيم عُروة، وعروة: هو ابن الزبير بن العوَّام.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2133) عن أبي عُلَاثة، بهذا الإسناد.
وبشهود جبّارٍ بدرًا جزم أصحاب المغازي والسير، وذكر الواقدي في "مغازيه" 1/ 138 عن محمود بن لبيد: أنه هو الذي أَسر نوفَل بنَ الحارث ذلك اليوم.
5053 -
أخبرني أحمد بن يعقوب الثقفي، حَدَّثَنَا موسى بن زكريا، حَدَّثَنَا خَليفة بن خَيّاط، قال: تُوفي جَبّار بن صَخْر بالمدينة سنة ثلاثين، وهو ابن اثنتين
(1)
وستين سنة
(2)
.
5054 -
أخبرنا أبو العباس المحبُوبي، حَدَّثَنَا أحمد بن سيّار، حَدَّثَنَا محمد بن خَلَفَ البَزّار العَسْقَلاني، حَدَّثَنَا معاذ بن خالد، حَدَّثَنَا زُهير، عن شُرحْبيل
(3)
، أنه سمع جَبّار بن صَخْر يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنا نُهِينا أن نَرى عَوراتِنا"
(4)
.
(1)
لفظة "ثنتين" محلها بياض في (ص) و (م) و (ع)، وسقطت من (ز) لكن كُتب بهامشها: لعله ثنتين، وأثبتناها من (ب)، ويؤيدها قول غير واحدٍ بذلك من أهل التاريخ.
(2)
ووافق خليفةَ بنَ خيّاط عليه يحيى بنُ بُكَير عند الطبراني في "الكبير"(2135)، وابنُ سعد في "طبقاته" 3/ 533.
(3)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى زهير بن شراحيل، والتصويب من "شعب الإيمان" للبيهقي (7363). وزهير: هو ابن محمد، وشرحبيل: هو ابن سعد.
(4)
إسناده ضعيف لضعف شرحبيل بن سعد، وزهير - وهو ابن محمد العَنْبري - مُضعَّف في رواية أهل الشام عنه، وهذا منها، فمعاذُ بنُ خالد هذا عَسقلانيّ، ومعاذٌ هذا ليَّنه أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" 8/ 250، وفي "العلل"(2093) و (2327) في روايته عن زهير بن محمد، فقال: تُشبه أحاديثُه عن زهير بن محمد أحاديثَ إبراهيم بن أبي يحيى؛ يعني الأسلميَّ المتروك الحديث، وضَربَ مثلًا لذلك حديثَه هذا بعينه، الذي رواه أبو حاتم الرازي عن معاذ بن حَسّان عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، فكأنَّ أبا حاتم يريد أنَّ معاذ بن خالد هذا سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى ثم بعد ذلك وهم أو نسي، فجعله عن زهير بن محمد، ذلك أنه لم يروه عن زهير بن محمد أحدٌ غيره. وقال الذهبي عن معاذ بن خالد هذا: له مناكير.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(7363) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو علي بن السكن، وابن شاهين كما في "الإصابة" لابن حجر 1/ 449، وابن عدي في "الكامل" 3/ 222، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 1/ 401، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 118 من طُرق عن معاذ بن خالد، عن زهير بن محمد، به. =
ذكرُ مناقب أبي حُذيفة
هُشَيم بن عُتْبة بن رَبيعة بن عبد شَمْس بن عبد مَنَاف، حبيبِ الله وابنِ عَدوِّ الله وعَدوِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
قُتل يومَ اليَمامة سنة ثِنتَي عشرةَ من الهجرة وهو ابن ثلاثٍ أو أربعٍ وخمسين سنةً.
5055 -
حَدَّثَنَا أبو عبد الله بإسنادِه، عن محمد بن عُمر قال: كان إسلامُ أبي حُذيفة قبل دخُولِ رسول الله صلى الله عليه وسلم دارَ الأرقَمِ، وكان ممَّن هاجَر الهِجرتَين
(1)
.
5055 م - وحدثني
(2)
عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن أبيه، قال: شهدَ أبو حذيفةَ
= وأخرجه ابن أبي حاتم في "العلل"(2327)، وفي "الجرح والتعديل" 8/ 250 عن أبيه، عن معاذ بن حسّان، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1472) من طريق يحيى بن عبد الله - وهو الأواني - كلاهما عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن شرحبيل بن سعد، عن جبار بن صخر.
ويُغني عن هذا الحديثِ حديثُ معاوية بن حَيْدة القشيري الذي أخرجه أحمد 33 / (20034) وابن ماجه (1920)، وأبو داود (4017)، والترمذي (2769) و (2794)، والنسائي (8923)، قال: قلت: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نَذَرُ؟ قال: "احفظ عورتك إلّا من زوجتك أو ما ملكت يمينُك" قال: قلت: يا رسول الله، فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال:"إن استطعتَ أن لا يراها أحدٌ فلا يَرينَّها" قلت: فإذا كان أحدُنا خاليًا؟ قال: "الله أحق أن يُستحيا منه". وإسناده حسنٌ.
(1)
وهو عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 80 عن محمد بن عمر - وهو الواقدي - لكنه أسنده، فقال: أخبرنا محمد بن صالح - وهو ابن دينار التمار - عن يزيد بن رُومان مرسلًا، فذكر إسلام أبي حذيفة، ثم قال الواقدي: قالوا - يعني شيوخه -: وكان أبو حذيفة من مهاجرة الحبشة في الهجرتين جميعًا.
وكذلك ذكرُه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 259 في أول من أسلم.
وممَّن ذكره في مهاجرة الحبشة عروةُ بنُ الزبير عند الطبراني في "الكبير"(8316)، وابن عساكر 52/ 268، وموسى بنُ عقبة عند ابن عساكر 52/ 268، ومحمدُ بنُ إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 324.
(2)
الضمير يعود على محمد بن عمر الواقدي.
بدرًا، ودعا أباهُ عُتبةَ إلى البِرازِ، فقالت له أختُه هندُ بنتُ عُتبة لمّا دعا أباهُ إلى البِراز:
الأحولُ الأثْعَلُ الملعونُ طائرُهُ
…
أبو حذيفةَ شَرُّ الناس في الدِّينِ
أمَا شكرْتَ أبًا ربّاك في صِغَرٍ
…
حتَّى شَبَبَتَ شَبابًا غيرَ مَحجونِ
(1)
5056 -
حَدَّثَنَا أبو عبد الله بن بُطّة، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن رُسْته، حَدَّثَنَا سليمان بن داود، عن الواقدي، قال: وكان أبو حذيفةَ بن عُتبةَ رجلًا طوالًا حسنَ الوجهِ، وأمُّه أمُّ صفوان
(2)
.
5057 -
أخبرني محمد بن يعقوب الحافظ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الثقَفي، حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا وهب بن جَرير، حدثني أبي، سمعت محمدَ بن إسحاق يُحدِّث عن العباس بن مَعبَد، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قُتِل أبو حذيفةَ
(1)
إسناده ضعيف لإرساله، فأبو الزناد - وهو عبد الله بن ذكوان - تابعيّ، ولتفرُّد الواقدي بروايته، وليس هو بعمدة فيما ينفرد به.
وهو عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 80، وعنه أخرجه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 9/ 369 عن محمد بن عمر الواقدي، به.
وأخرجه البيهقي 8/ 186 من طريق الحسين بن الفرج، عن الواقدي، فذكر دعوة أبي حذيفة لأبيه للبراز، وأنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم منعه من ذلك. وليس فيه شعر هند.
ورُوي شعر هند هذا عن الزّبير بن بكار عند ابن عساكر 70/ 176 لكن ليس فيه أنها قالت هذه الأبيات عند طلب أبي حذيفة من أبيه البِراز يوم بدر.
وذكر الواقدي في "مغازيه" 1/ 70 عن شيوخه أن عتبة بن ربيعة حين دعا إلى البراز قام إليه ابنه أبو حذيفة يبارزه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اجلس"، فلما قام إليه النفر أعان أبو حذيفة بن عتبة على أبيه بضربةٍ.
والأثعَل: الذي له سنٌّ زائدة.
غير محجون: غير مُعوَجٍّ، من حَجَن الشيءَ: إِذا لَواهُ.
(2)
وهو عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 80 عن الواقدي، وذكر ابن سعد: أنَّ أم صفوان اسمها فاطمة بنت صفوان بن أمية بن محرث الكناني.
ابن عُتبة بن رَبيعة يومَ اليمامةِ شهيدًا
(1)
.
5058 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجَبّار، حَدَّثَنَا يونس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق، عن العباس بن مَعبَد، عن أبيه، عن ابن عباس: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال يومَ بدرٍ: "مَن لَقيَ منكم العباسَ فليَكفُفْ عنه، فإنه خَرجَ مُستَكْرَهًا"، فقال أبو حُذيفة بن عُتبة: أنقتُلُ آبَاءَنا وإخوانَنا وعَشائرَنا ونَدَعُ العباسَ؟! واللهِ لأُلحِمَنَّه
(2)
بالسيف، فبلَغَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال لعمر بن الخطاب:
(1)
إسناده حسنٌ من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرَّح بسماعه هذا الخبرَ من العباس بن معبد - وهو العباس بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب - عند غير واحدٍ ممن خرَّجه، لكن قوله في هذا الإسناد: عن أبيه، مما لم يقع عند غير المصنّف هنا وفي إسناد الرواية التالية، وجميعُ من روى هذا الخبرَ عن ابن إسحاق قالوا في روايتهم: عن بعض أهله عن ابن عباس.
وكذلك رواه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 140 عن أبي عبد الله الحاكم نفسه بسنده الآتي في الرواية التالية، فعجبًا من الحاكم كيف قيَّده هنا بذكر والد العباس بن عبد الله بن مَعْبَد.
وذكر المزيُّ في "تهذيب الكمال" 35/ 82 - 83، ووافقه ابن حجر في "تهذيب التهذيب"، وفي "التقريب": أنَّ بعض أهل أهله إما أن يكون أباه أو أخاه إبراهيم أو عكرمة مولاهم، وكلٌّ ثقةٌ. وقد رَوى البخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 380 عن عكرمة مولى ابن عباس: أنَّ أبا حذيفة قُتل يوم اليمامة. وإسناده إلى عكرمة صحيح، فهذا يُرجِّح أن يكون المبهم هنا هو عكرمة مولى ابن عباس، والله تعالى أعلم.
وقولُ ابن عباس هذا في ذكر استشهاد أبي حذيفة يوم اليمامة جاء بإثر قصة أسر المسلمين للعباس بن عبد المطلب عم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم بدر كما في الرواية التالية عند المصنّف، فناسب تخريجه هناك.
(2)
في (ز): لأدعنَّه، ونظنها محرفة عن لأُلحِمَنَّه، ولأنَّ الدَّعَّ هو الدفع الشديد، ولا يناسبه ذكر السَّيف، ولهذا ضُبِّب، فوقها، وبُيّض لهذه الكلمة في (ص) و (م)، والمثبت من "دلائل النبوة" للبيهقي 3/ 140 حيث روى هذا الخبر عن أبي عبد الله الحاكم بسنده هذا الذي هنا، وهو الموافق لرواية بعض من خرَّج هذا الحديث. ومعناه: لأقتلنّه كأنه جُعِل لحمًا. ورواه بعضهم بالجيم بدلٌ الحاء.
"يا أبا حفص" قال عُمر: إنه لأوّلُ يوم كَنّاني فيه بحفص "أيُضرَبُ وجهُ عَمِّ رسولِ الله بالسَّيف؟ " فقال عمر: دَعْني فَلْأضْرِبْ عُنُقَه، فإنه قد نافَقَ. وكان أبو حذيفة يقول: ما أنا بآمِنٍ من تلك الكلمة التي قلتُ، ولا أزالُ خائفًا حتَّى يُكفِّرَها اللهُ عني بالشهادة، قال: فقُتِل يومَ اليمامة شهيدًا
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5059 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حَدَّثَنَا يحيى بن عثمان بن صالح، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، عن أبي زُرعة عمرو
(2)
بن جابر، عن سليمان بن مِهران، عن شَقِيق بن سَلَمة، عن ابن عباس: أنَّ معاوية دخَلَ على أبي حُذيفة بن عُتبة بن رَبيعة فوجده يَبكي، فقال: ما يُبكيك، أوجَعٌ أو حِرصٌ على الدنيا؟ فقال: كلّا، إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إلى عهدًا، فقلتُ: ما هو؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَعلّك يُدرِكُك زمانٌ وسَيَجمعُون جَمْعًا وأنت فيه"، وإني قد كنتُ فيه
(3)
.
(1)
إسناده حسنٌ كسابقه.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 140 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد غير أنه قال فيه: عن العباس بن عبد الله بن مَعْبَد، عن بعض أهله، عن عبد الله بن عباس.
وكذلك أخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 1/ 628 - 629، وابن سعد في "طبقاته الكبرى" 4/ 10، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 513، والطبري في "تاريخه" 2/ 449 - 450 من طرق عن محمد بن إسحاق، عن العباس بن عبد الله بن معبد، عن بعض أهله، عن ابن عباس.
(2)
وقع في نسخنا الخطية أبي زرعة بن عمرو. بإقحام لفظة "بن"، وإنما أبو زرعة هي كنية عمرو بن جابر.
(3)
خبر حسن لكن بذكر أبي هاشم بن عُتبة بدلٌ أبي حذيفة، وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن لَهِيعة - وهو عبد الله - وضعف شيخه أبي زرعة عمرو بن جابر، وقد روى هذا الخبرَ عبد الرزاق وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير - وهما ثقتان - عن سليمان بن مهران الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سَلَمة، قال: دخل معاوية على خاله أبي هاشم بن عُتبة، فذكره نحوه ووافقه سفيان الثوري في =
وصلَّى الله على محمدٍ وآله وسلَّم.
في هذا الحديث وهمٌ فاحشٌ، وهو أنَّ أبا حُذيفة عُتبة بن ربيعة استُشهِد قبل أن يُسلَّمَ معاويةُ
(1)
، وإنما قال معاويةُ هذا القولَ لعمِّه
(2)
أبي هاشم بن عُتبة بن ربيعة يومَ صِفّين
(3)
.
5060 -
حدثنا بصحَّةِ ما ذكرتُه أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أبو بكر ابن بنت معاوية بن عمرو، حدثنا جَدّي، حدثنا زائدة، عن منصور، عن أبي وائل، قال:
= روايته عن منصور بن المعتمر عن أبي وائل، لكن رواه غير سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر - كما سيخرجه المصنف برقم (6837)، ويأتي بيانه في الرواية التالية - عن أبي وائل شقيق بن سَلَمة عن سمُرة بن سَهْم، قال: نزلتُ على أبي هاشم بن عتبة وهو طَعِينٌ، فدخل عليه معاوية يعوده فبكى
…
وهذا هو الصحيح، أي: بذكر سَمُرة بن سَهْم، كما سيأتي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 219، وأحمد 24/ (15664)، وهنّاد في "الزهد"(565)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(557)، والدُّولابي في "الكنى والأسماء"(346)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 864، وفي "جامع بيان العلم"(1354)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 67/ 288 من طريق أبي معاوية الضرير، وأحمد 24/ (15665)، والترمذي (2327)، والنسائي (9724) من طريق عبد الرزاق، كلاهما عن سليمان بن مهران الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سَلَمة، قال: دخل معاوية على خاله أبي هاشم بن عُتبة يعودُه
…
فذكره، ولفظ المرفوع عند أبي معاوية:"يا أبا هاشم، لعلك أن تدرك أموالًا يؤتاها أقوامٌ، وإنما يكفيك من جمع المال خادم ومركَب في سبيل الله تعالى".
(1)
يعني قبل أن يسلَّم معاوية مقاليد الحكم بالشام، إذ ولي الشام في عهد عمر بن الخطّاب بعد اليمامة بنحو ستِّ أو سبعِ سنين.
(2)
كذا وقع في نسخ "المستدرك"! وهو خطأ، أو سبق، قلم، وربما كان لكونه ليس خاله شقيق أمّه هند، لأنَّ هند بنت عُتبة أمَّ معاوية أُمُّها صفية بنت أميّة بن حارثة بن الأَوقص، وأمُّ أبي هاشم خُناسُ بنتُ مالك بن مُضرِّب. وربما يكون على سبيل التعظيم لتقدُّمه في السِّنّ على معاوية.
(3)
هذا وهمٌ من المصنّف رحمه الله، لأنَّ أبا هاشم مات قبل صفِّين في خلافة عثمان، وكان معاوية أميرًا على الشام.
دخل معاويةُ على أبي هاشمٍ، فذكر القصةَ بمثلِه
(1)
.
(1)
خبر حسنٌ، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه سقط من إسناده رجلٌ اسمُه سَمُرة بن سَهْم هو الذي كان حاضرًا القصةَ، وحدَّث بها أبا وائل شقيق بنَ سلمة كذلك جاء في رواية الطبراني في "الكبير"(7199) عن أبي بكر محمد بن النضر الأزدي ابن بنت معاوية بن عمرو، وكذلك رواه أحمد بن حنبل في "مسنده" 37/ (22496) عن معاوية بن عمرو، فذكره في الإسناد.
ورواه كذلك أحمدُ بنُ محمد الطُّوسي عند الطبري في "تهذيب الآثار" في مسند ابن عباس 1/ 261، وأبو أمية محمد بن إبراهيم الطرسُوسي عند أبي سليمان بن زَبْرِ الرَّبَعِي في "وصايا العلماء عند الموت" ص 64 - 66، وأبو أحمد محمد بن عبد الوهاب الفراء عند البيهقي في "شعب الإيمان"(9907)، والضياء المقدسي في "المنتقى من مسموعات مرو"(607)، وأبو داود سليمان بن مَعْبَد السِّنْجي عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 67/ 289، كلُّهم رووه عن معاوية بن عمرو، فذكروا سَمُرة بن سَهْم.
وكذلك رواه حسينُ بن علي الجُعفي عند ابن أبي شيبة 13/ 219، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(558)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 864، وفي "جامع بيان العلم"(1355)، وعَمرُو بنُ مرزوق عند ابن الأعرابي في "الزهد وصفة الزاهدين"(85)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(9907)، كلاهما عن زائدة بن قدامة، به. فذكرا سمُرة بن سَهْم.
وكذلك رواه جريرُ بنُ عبد الحميد عند ابن ماجه (4103)، والنسائي (9725)، وابن حِبان (668)، وأبي نُعيم في "معرفة الصحابة"(7052) عن منصور بن المعتمر به.
وذكر الترمذيُّ بإثر الحديث (2327) أنه رواه كذلك عن منصورٍ عَبِيدةُ بن حُميد.
ولهذا صحَّح الدارقطنيُّ في "علله"(1201)، وابنُ مَنْدَه فيما نقله عنه ابن حجر في "الإصابة" 7/ 422 الرواية بذكر سمُرة بن سَهْم.
لكن روى هذا الخبر عن منصور بن المعتمر سفيانُ الثوريُّ فلم يذكر في إسناده سمرة بن سَهْم وِفاقًا لرواية الأعمش عن أبي وائل التي تقدَّمت عند المصنف، وستأتي رواية سفيان الثوري عند المصنف برقم (6837)، وروايته أخرجها أحمد 24/ (15665) والترمذي (2327)، والنسائي (9724)، والطبراني (7200)، وابن السُّنِّي في "القناعة"(40)، والدارقطني في "العلل"(1201)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 67/ 288، وابنُ الأثير الجَزَري في "أسد الغابة" 5/ 316، وضياء الدين المقدسي في "المنتقى من مسموعات مرو "(605) من طُرُق عن سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن أبي وائل، قال: دخل معاوية على أبي هاشم. فذكره هكذا مرسلًا. =
قد اختلفوا في اسم أبي حذيفة بن عُتبة بن رَبيعة، فقيل: اسمه هُشَيم.
5061 -
كما أخبَرَناهُ أبو إسحاق بن يحيى وأبو الحسين بن يعقوب، قالا: أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا أبو يونس، حدثني إبراهيم بن المنذر، قال: أبو حذيفة بن عُتبة بن ربيعة اسمه هُشَيم
(1)
.
وقيل: اسم أبي حذيفة حِسْل.
5062 -
سمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب، سمعت العباس بن محمد الدُّوْري، سمعت يحيى بن مَعِين يقول: أبو حذيفة بن عُتبة بن رَبيعة اسمُه حِسْل
(2)
.
أنا أخشى أنه وَهِمَ فيه، فإنَّ اليمانَ والدَ حذيفةَ يُلقَّب بحِسْل.
وقيل: إنَّ اسمه عِسْل.
5063 -
حدثَناهُ أبو إسحاق وأبو الحسين قالا حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا زياد بن أيوب، حدثنا هُشَيم، قال: يونسُ أخبرنا عن عِكْرمة: أن أبا حُذيفة بن عُتبة
= وكذلك رواه عاصم بن بهدلة عن أبي وائل مرسلًا، كما في روايته عند الطبراني (7201).
فالظاهر أنَّ هذا الاختلاف في ذكر سمُرة بن سَهْم صاحب القصة وإسقاطه من السند من جهة أبي وائل نفسِه، كان يذكره أحيانًا ويُسقطِه أحيانًا أخرى اختصارًا، والله تعالى أعلم.
وسَمُرة بن سَهْم هذا تابعيٌّ كبيرٌ روى عنه هذه القصة أبو وائل شقيق وهو تابعيٌّ كبيرٌ أيضًا، وذكره ابن حبان في "الثقات" وصحَّح حديثَه هذا، فحديثُه حسنٌ إن شاء الله.
(1)
وبه جزم ابن سعد في "طبقاته" 3/ 80.
(2)
إنما قال يحيى بن معين ذلك في اسم اليمان والد حذيفة كما في "تاريخ العباس الدوري"(2583) برواية أبي الحسن علي بن محمد بن شاذان عن أبي العباس الأصم شيخ المصنف هنا، حيث قال: سمعت يحيى - يعني ابن مَعِين - يقول: أبو حذيفة اسمه حِسْل بن جابر. قلنا: جابر هو جد حذيفة بن اليمان كما تقدم بيانه بين يدي الحديث (4969). فدلَّ ذلك على أنَّ ابن معين عنى باليمان أبا حذيفة، ولم يُرد أنَّ حِسْلًا اسم أبي حذيفة بن عُتبة، فتقييده هنا في رواية المصنف بأبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة وهمٌ بلا شكٍّ، والغالب أنه من جهة المصنف نفسه، لأنَّ غيره رواه عن شيخه أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم على الصواب كما تقدم.
كان يُقال له: حِسْل أو عِسْل
(1)
.
وقيل: إنَّ اسمَه مِقسمٌ.
5064 -
أخبرنا أبو أحمد محمد بن هارون الفقيه حدثنا محمد بن نُصَير بإسناده، عن محمد بن سعد، قال: يقال: إِنَّ اسم أبي حذيفة بن عُتبة هُشَيمٌ، ويقال: مِقسَمٌ
(2)
.
5065 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق، أخبرني يزيد بن رُومان، عن عُرْوة بن الزُّبَير، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالقَلِيب فطُرِحُوا فيه، فوقفَ عليهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا أهلَ القَلِيبِ، هل وَجَدتُم ما وَعَدَ رَبُّكم حقًّا؟ فإني وجدتُ ما وَعَدني ربي حقًّا"، فقال أصحابُه: يا رسول الله، تكلِّم أقوامًا مَوتَى؟ فقال:"لقد علموا أنَّ ما وعدكم ربُّكم حقٌّ"، فلما أمَرَ بهم فَسُحِبُوا، عُرِف في وجه أبي حُذيفةَ بن عُتبة الكراهيَةُ وأبوه يُسحَبُ إلى القَلِيب، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"يا أبا حذيفةَ، والله لكأنه ساءَكَ ما كان في أبيك؟ " فقال: والله يا رسول الله، ما شَكَكتُ في الله وفي رسول الله، ولكن أنْ كان حليمًا سديدًا ذا رأي، فكنتُ أرجُو أن لا يموتَ حتى يَهديَه الله عز وجل إلى الإسلام، فلما رأيتُ أن قد فاتَ ذلك ووَقَع حيث وَقَع، أحزَنَني ذلك، قال: فدعا له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بخَيرٍ
(3)
.
(1)
كذا وقع في رواية المصنّف هذا أيضًا بتقييد أبي حذيفة بابن عُتبة، وإنما قال عكرمة هذا في اليمان والد حذيفة كذلك، كما توضحه رواية أبي نُعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (2297) من طريق يعقوب بن إبراهيم الدورقي عن هُشَيم - وهو ابن بشير - عن يونس - وهو ابن عُبيد - عن عكرمة: أنَّ أبا حذيفة بن اليمان قُتل يوم أُحُدٍ، قتلَه رجلٌ من المسلمين، وهو يرى أنه من المشركين، فودَاهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من عنده قال: وكان اسمه حُسيل بن اليمان أو حِسل. وظهر بذلك أنَّ عكرمة قال: حُسَيل أو حِسْل، يعني مصغّرًا أو مكبّرًا، ولم يقل: عِسل، بالعين المهملة بدل الحاء المهملة، والله أعلم.
(2)
لم يذكر ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 80 غير هُشَيم، قاله جزمًا.
(3)
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صحَّ عن عائشة من وجه آخر كما تقدَّم برقم =
حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
ذكرُ قُطْبةَ بن عامر الأنصاري رضي الله عنه
-
5066 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا أبو الأسود، عن عُرْوة، قال: وقُطبة بن عامر بن حَدِيدَة شَهِدَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا، وهو الذي أنزل فيه:{وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} [البقرة: 189]، وأخوه يزيد بن عامر بن حَديدة، ويُكنّى يزيدُ أبا المنذر
(1)
.
= (3569) لكن دون قصة أبي حذيفة بن عُتبة.
وأخرجه أحمد 43/ (26361) من طريق إبراهيم بن سعد، وابن حبان (7088) من طريق جرير بن حازم، كلاهما عن محمد بن إسحاق، به. لكن إبراهيم بن سعد لم يذكر في روايته قصة أبي حذيفة بن عُتبة. وقد ذكر زيادٌ البكّائي كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 639 هذه القصة عن ابن إسحاق بلاغًا، وكذلك جاء في رواية سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عند الطبري في "تاريخه" 2/ 457، فلم يذكر قصة أبي حذيفة عن ابن إسحاق موصولة إلّا يونُس بنُ بُكَير وجريرُ بنُ حازم.
(1)
رجاله لا بأس بهم كما تقدَّم بيانه برقم (4378)، غير أنه مرسلٌ، لكن وافق عروة - وهو ابن الزبير - على ذكر شهود قُطبة بن عامر بدرًا غير واحد من علماء السيرة، منهم الزهريُّ عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1824)، وأبي القاسم البغوي في "معجم الصحابة" 5/ 66، وأبي نُعيم في "معرفة الصحابة"(5760).
وذكره كذلك ابن إسحاق فيمن شهد بدرًا كما في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 699.
وذكره الواقديُّ في "مغازيه" 1/ 140 فيمن شهد بدرًا، وأنه أَسر فيها مالك بن عبد الله بن عثمان التيمي.
وفي نزول آية البقرة المذكورة بسبب قطبة بن عامر انظر حديث جابر بن عبد الله الذي تقدَّم عند المصنف برقم (1856) بسند قوي.
وروي مثله من مرسل الزهري عند الطبري في "تفسيره" 2/ 187، والجصاص في "أحكام القرآن" 11/ 318 - 319، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" ص 736، غير أنه لم يُفصح عن اسمه، وإنما قال: رجلٌ من الأنصار من بني سَلِمة. وقُطبة من بني سَلِمة كما أفاده ابن حجر في "فتح الباري" 6/ 51.
5067 -
حدثنا أبو العباس، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، حدثني عاصم بن عُمر بن قَتَادة، عن أشياخٍ من قومه: خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في المَوسِم الذي لَقِيَه فيه النفرُ من الأنصار، فعَرَض نفسَه على قبائل العرب، ثم انصرفُوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم راجِعين إلى بلادهم قد آمنُوا وصَدَّقوا، منهم قُطْبة بن عامر بن حَديدةَ
(1)
.
(1)
رجاله لا بأس بهم، فإن كان الأشياخ الذين حدَّثوا عاصم بن عمر بن قتادة أو بعضهم من الصحابة، فالإسناد حسنٌ، وقد روى القصة ابن سعد في "طبقاته" 1/ 187 عن محمد بن عمر الواقدي، عن محمد بن صالح التمار، عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لَبيد. ومحمود بن لبيد له رؤية.
وإن لم يكن أحدٌ من الأشياخ من الصحابة، فالخبر مرسلٌ حسنُ الإسناد، لأنَّ الأشياخ جمعٌ من التابعين.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 433 - 435 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. غير أنه جاء فيه: وهم فيما يزعُمون .. فذكرهم وذكر قُطبةَ بنَ عامر من بينهم وقائل ذلك ابن إسحاق نفسُه، فدل ذلك على أنَّ تسميتهم من قول ابن إسحاق بلاغًا، أُدرج هنا عند المصنف في رواية عاصم بن عمر.
وكذلك جاء في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 428 - 429 مصرحًا به - وهي من روايته عن زياد البكائي عن ابن إسحاق - حيث جاء فيها ما نصه: قال ابن إسحاق: وهُم فيما ذُكر لي ستة نفرٍ من الخزرج، فذكرهم.
وكذلك جاء في "دلائل النبوة" لأبي نعيم (223) من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، به. قال: وهُم فيما ذُكر لي ستة نفر من الخزرج.
لكن جاء في "مغازي الأموي" كما في "الرقة والبكاء" لابن قدامة ص 120 عن سعيد بن يحيى الأموي، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، أنه حدثه رجال من قومه ممن لا يُتّهم، فذكر أسماء النفر.
فظاهر هذا أن يكون محمدُ بنُ إسحاق عرف أسماءَ هؤلاء النفر من عِدَّة طرق، أحدها الطريق عاصم بن عمر بن قتادة، كما تُشير إليه رواية الواقدي عند ابن سعد، حيث روى تسمية النفر بطُرق أحدها طريق عاصم بن عمر بن قتادة. =
5068 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجهم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، حدثني ابن أبي سَبْرة، حدثني إسحاق بن عبد الله، حدثني ابن كعب بن مالك: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث قُطبةَ بن عامر بن حديدة في عشرين رجلًا إلى حيٍّ من خَنْعمٍ في صفرٍ سنةَ سبع
(1)
.
ذكرُ مناقب سالم مولى أبي حُذيفة رضي الله عنه
-
5069 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا هشام بن علي، حدثنا إبراهيم بن مَهديّ، حدثنا أبو سعيد المُؤدِّب، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا القرآن من أربعةٍ: من عبدِ الله بن مسعودٍ،
= وروى الواقدي أسماءهم أيضًا كما في "طبقات ابن سعد" 1/ 187 عن محمد بن أنس بن فضَالة الظَّفَري، مرسلًا، وعن جعفر بن عبد الله بن الحكم مرسلًا، وعن عبادة بن الصامت موصولًا، وقد تابعه عليه ابن إسحاق لكنه لم يُسَمِّ النفر عند أحمد 37/ (22754) وغيره. لكن عبادة ذكر أنهم كانوا اثني عشر رجلًا لا ستّة.
وممَّن ذكر قطبة بن عامر في النفر الذين شهدوا العقبة ابن شهابٍ الزهري عند الفاكهي في "أخبار مكة"(2547)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1823).
وممن ذكر بيعة العقبة الأولى هذه لكن دون تسمية النفر عكرمة مولى ابن عباس عند عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 129، وسُنيد بن داود كما في "الاستيعاب" لابن عبد البر ص 21، والطبري في "تفسيره" 4/ 35 لكنه ذكر أن عدتهم كانت ستة، وفاقًا لابن إسحاق في روايته عن عاصم بن عمر بن قتادة.
ولابن إسحاق رواية أخرى عن عبد الله بن أبي بكر وعبيد الله بن المغيرة بن مُعيقيب مرسلًا عند البيهقي في "الدلائل" 2/ 438، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 405: أنَّ عدتهم كانت اثني عشر رجلًا!!
(1)
إسناده تالفٌ، ابن أبي سَبْرة - وهو أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سَبرة المدني - متروك رُمي بالوضع، وشيخه إسحاق بن عبد الله - وهو ابن أبي فروة - متروك كذلك، ومحمد بن عمر - وهو الواقدي - ليس بشيء فيما ينفرد به، ثم إِنَّ الخبر مرسلٌ.
وهو في "مغازي الواقدي" 2/ 754، وأخرجه عن الواقدي أيضًا ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 535.
ومن معاذٍ، ومن أُبَيٍّ، ومن سالمٍ مولى أبي حُذيفةَ"
(1)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجالُه ثقات لكنه شاذٌّ، والمحفوظ أنَّ الحديث لعبد الله بن عمرو بن العاص، ومن رواية غير علقمة عنه أيضًا - وهو علقمة بن قيس - فلا يُعرف من رواية علقمة عن عبد الله - أي ابن مسعود - إلّا بهذا الإسناد، والوهمُ فيه من جهة أبي سعيد المؤدِّب - وهو إبراهيم بن سليمان - كأنه سَلَكَ فيه الجادة، لأنَّ إبراهيم - وهو ابن يزيد النخعي - عن علقمة بن قيس عن ابن مسعود جادَّة مطروقة. الأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه البزار (1526) عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن إبراهيم بن مهدي بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(1494)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 24، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ 322 و 322 - 323 - من طريق الحسن بن إسحاق بن يزيد العطار، خاله حميد بن المبارك، عن أبي سعيد المؤدب به.
وأخرجه أحمد 11/ (6767)، والبخاري (3760)، ومسلم (2464)، والنسائي (7947)، و (8221) من طريق شعبة بن الحجاج، وأحمد (6523) عن يعلى بن حُميد، وأحمد (6786)، ومسلم (2464)، والترمذي (3810)، والنسائي (8184) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، وأحمد (6790) و (6795)، ومسلم (2464) من طريق وكيع بن الجراح، ومسلم (2464)، وابن حبان (7122) من طريق جرير بن عبد الحميد، كلهم عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سَلَمة، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وهو المحفوظ.
وأخرجه النسائي (8222) من طريق فُضيل بن عياض، عن الأعمش، عن خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص وكأنَّ هذا محفوظٌ أيضًا عن الأعمش، فقد رواه كذلك محمد بن طلحة بن مصرّف عن الأعمش عند الطبراني في "الكبير"(14408)، وابن عساكر 7/ 322. ولهذا قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 1/ 486: لعله عند الأعمش بالإسنادين.
وأخرجه أحمد (6838)، والبخاري (3758) و (3806) و (3808)، ومسلم (2464)، والنسائي (8202)، وابن حبان (7128) من طريق عمرو بن مُرة، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. قال ابن حجر في "فتح الباري" 15/ 95: يُحتمل أن يكون إبراهيم حمله عن شيخين، والأعمش حمله عن شيخين. =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5070 -
حدثنا أبو عبد الله بن بُطَّة، حدثنا محمد بن رُسْته، حدثنا سليمان بن داود، حدثني محمد بن عمر، عن شيوخه، قال: سالم مولى أبي حُذيفة بن عُتبة كان مولًى لثُبَيتة
(1)
بنت يَعَار الأنصارية، وكانت تحت أبي حُذيفة فتَبنّاه، فكان يقال: سالم بن أبي حذيفة، فلما نزل القرآنُ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] قيل لسالم: مولى أبي حذيفة. قُتل يوم اليمامة شهيدًا سنة ثنتي عشرة، ووُجِد رأسُه عند رجلِ أبي حذيفة، أو رِجلُ أبي حذيفة عند رأسِه
(2)
.
وقال موسى بن عقبة: هو سالم بن مَعقِل، من أهل إصطَخْرَ
(3)
.
5071 -
أخبرنا عبد الصمد بن علي بن مُكرَم، أخبرنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا موسى بن هارون البُرْدي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا حَنْظَلة بن أبي سفيان، أنه سمع عبد الرحمن بن سابِطٍ يُحدِّث عن عائشة، قالت: أبطأتُ ليلةً عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بعد العِشاء، ثم جئتُ، فقال لي:"أين كُنتِ؟ " قلت: كنا نَسمعُ قراءةَ رجلٍ من أصحابِك في المسجد، لم أسمع مثلَ صوته، ولا قراءةً من أحدٍ من
= وأخرجه ابن حبان (736) من طريق طلحة بن مُصَرِّف عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وهذه طريق ثالثة عن مسروق بن الأجدع.
(1)
تصحف في نسخنا الخطية إلى: لشينة، كذا أُعجمت في (ز) وصُحِّح فوقها، وكذلك رُسمت في سائر أصولنا، وإنما هو ثُبَيتة، كما في "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 1/ 213، و "الإكمال" لابن ماكولا 1/ 186، وغيرهما. وقيل في اسمها غير ذلك، فقيل: عمرة، وقيل: سلمى.
(2)
جاء في "مغازي الواقدي" 1/ 160: سالم مولى ثبيتة بنت يعار، قتل يوم اليمامة. وفي "أنساب الأشراف" للبَلاذُري 9/ 372 عن محمد بن سعد عن الواقدي، عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين من قوله، بمثل ما جاء في رواية المصنّف هنا، فلم ينفرد به عن الواقديِّ سليمانُ بنُ داود الشاذكوني.
(3)
وكذلك سمّاه ابن شهاب الزهري ومصعب بن الزبير كما في "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 1/ 213، وإنما تلقّاه موسى بن عقبة عن الزهري.
أصحابِك، فقام وقمتُ معه، حتى استمعَ إليه، ثم التفتَ إليَّ فقال:"هذا سالمٌ مولى أبي حُذيفة، الحمدُ لله الذي جعلَ في أُمّتي مِثلَ هذا"
(1)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه هكذا، إنما اتفقا
(2)
على حديث عُبيد الله عن نافع عن ابن عُمر: أنَّ المُهاجرين لما أقبَلُوا من مكةَ إلى المدينةِ كان يَؤُمُّهم سالم مولى أبي حُذيفة، لأنه كان أكثرَهم قرآنًا.
5072 -
أخبرنا أبو العباس المَحبُوبي بمَرُو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد
(1)
حديث قوي، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن عبد الرحمن بن سابِطٍ كثير الإرسال كما قال ابن حجر في "نتائج الأفكار" 3/ 225، وكأنه لم يسمع من عائشة، فقد روى هذا الحديثَ عبدُ الله بن المبارك في "الجهاد"(120) عن حنظلة بن أبي سفيان، عن ابن سابط: أنَّ عائشة احتبست على رسول الله
…
هكذا رواه مرسلًا، وكذلك رواه عبد الله بن هاشم الطُّوسي - وهو ثقة حافظ - عند الفاكهي في "أخبار مكة (1729) عن عبد الله بن نُمير، عن حنظلة، عن عبد الرحمن بن سابطٍ، قال: أبطأت عائشة ذات ليلة
…
مرسلًا أيضًا وإن كان أحمد رواه في "مسنده" 42/ (25320) عن ابن نُمير موصولًا. قال ابن حجر في "نتائج الأفكار" 3/ 225: ابن المبارك أتقنُ من الوليد، وقال في "إتحاف المهرة" (21912): المرسَل أشبه.
ومع ذلك قَوَّى إسناد الموصول الذهبي في "تاريخ الإسلام" 2/ 36، وجوَّده في "سير أعلام النبلاء" 1/ 168، وكذلك جوَّد إسنادَه ابن كثير في "فضائل القرآن" ص 193!
وللمرفوع منه طريق أخرى سيأتي ذكرها ورجالها ثقات كما قال ابن حجر في "الإصابة" 3/ 15، فإذا انضم إسنادها إلى إسناد طريقنا التي هنا تقوَّى الخبرُ وعُرف أنَّ له أصلًا، فلا يبعد تصحيحُه، كما قال ابن حجر في "نتائج الأفكار".
وأخرجه ابن ماجه (1338) عن العباس بن عثمان الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 42/ (25320) عن عبد الله بن نُمير، عن حنظلة بن أبي سفيان، به.
وللمرفوع طريق أخرى عند البزار (215) من طريق ابن جُريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع سالمًا مولى أبي حذيفة يقرأ من الليل، فقال:"الحمد الذي جعل من أمتي مثلَه".
(2)
إنما أخرجه البخاري وحده (692) دون مسلم.
ابن هارون، أخبرنا يحيى بن سعيد، أنه سمع عَمْرةَ بنت عبد الرحمن تُحدِّث: أنَّ امرأةَ أبي حُذيفة ذَكَرَت.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثني أبي، حدثنا سُويد بن سعيد، حدثنا علي بن مُسهِر، عن يحيى بن سعيد، أنه سمع عَمْرة بنت عبد الرحمن تُحدِّث عن عائشة: أنَّ امرأة أبي حُذيفة ذَكَرتْ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم دخولَ سالم مولى أبي حُذيفة عليها، فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أرضِعِيه"، فأرضعَتْه بعد أن شَهِد بدرًا، فكان يَدخُل عليها
(1)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5073 -
حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن بَكْر العَدْل، حدثنا الحُسين بن الفَضْل، حدثنا عَفّان بن مُسلم، حدثنا حفص بن غِيَاث، حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن طَهْمان، عن أبي العُمَيس، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي الجَهْم، عن عُروة بن الزُّبَير، أنه قال: جعَلتْ أمُّ سالمٍ الأنصارية سالمًا مولى أبي حذيفة سائبةً لله، وإنه قُتل يومَ اليَمامة، ووَرِثَتْ سلاحًا وفرسًا، فأرسل إليها عمرُ بن الخطاب: أن خُذِيه، فأنت أحقُّ الناسِ به، فقالت: لا حاجةَ لي فيه، إني كنتُ جعلتُه لله تعالى
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه اختُلف في وصله وإرساله كما يظهر من طريقي المصنِّف هنا، وسيذكره المُصنِّف مرة أخرى برقم (7076) من طريق ثالثة عن يحيى بن سعيد - وهو الأنصاري - عن عَمرة عن سهلة امرأة أبي حذيفة، فذكره موصولًا لكن عن سَهْلة امرأة أبي حذيفة بدل عائشة. وقد وافق يزيدَ بنَ هارون على إرساله سليمانُ بنُ بلال عند ابن سعد في "طبقاته" 10/ 257، فكأن الأشبة فيه عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة الإرسالُ.
وقد تقدَّم الحديث بأطول ممّا هنا برقم (2725) من طريق عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير وعمرة بن عبد الرحمن، عن عائشة. وقد ذكر الذُّهلي أنَّ عمْرة غير محفوظة في إسناد الزهري. وعلى أي حالٍ فللحديث طرق أخرى عن عائشة تقدم تخريجها هناك، فهو صحيحٌ بها.
حين أعتقتُه، فأخذه عمرُ فجعلُه في سبيلِ الله عز وجل
(1)
.
(1)
خبر حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة والد حفص بن غياث - وهو ابن طَلْق النَّخَعي - فلم يذكروا أحدٌ من أهل التراجم خلا الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 3/ 1695، ولم يذكر راويًا عنه سوى ابنه حفص، ثم إنَّ هذا الإسناد مرسلٌ، لكن روي هذا الخبر من طرق عديدة عن جمع من التابعين يزيد بعضهم في الخبر على بعض كما سيأتي بيانه، فهو صحيح في قضاء عمر بن الخطاب بذلك. أبو العُميس: هو عُتبة بن عبد الله بن عُتبة المسعودي.
وأخرجه البخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 379 من طريق محمد بن إسماعيل بن مُجمِّع: أنَّ عمر بن عبد العزيز سأل أبا أمامة بن سهل: كيف أمرُ سالم مولى أبي حذيفة، فذكره. وإسناده محتمل للتحسين من أجل محمد بن إسماعيل بن مجمع، فهو تابعي روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات".
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(16233) من طريق عامر بن شراحيل الشعبي مرسلًا نحوه. ورجاله لا بأس بهم.
وأخرجه الشافعي في "الأم" 5/ 285، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 300، وفي "معرفة السنن والآثار" 14/ (20559) من طريق أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، فذكره بنحوه مرسلًا. ورجاله ثقات، غير أنه ذكر أن أبا بكر الصِّدِّيق هو من أرسل بميراث سالم للمرأة. ولا تَعارُض في ذلك، فقد قال ابن ابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 76 - 77: إنما نُسب القضاء فيه إلى عُمر لأنه كان بأمر أبي بكر، وكان عمرُ القاضيَ لأبي بكر.
وأخرجه عبد الرزاق (16237)، وابن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 83، والدارمي (3026)، والبخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 380، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 9/ 375 من طريق عبد الله بن شدّاد بن الهاد، مرسلًا. وهو من أجل المراسيل المذكورة هنا، لأنَّ عبد الله بن شداد تابعيٌّ كبيرٌ ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والإسناد صحيح إليه كما قال ابن حجر في "الإصابة" 8/ 214. لكن جاء في روايته أنَّ عمر بن الخطاب أرسل بميراث سالم لعَصَبة المرأة التي أعتقته فأبوا أن يأخذوه، وأنَّ عمر بن الخطاب قال: احبِسوه على أُمِّه حتى تستكمله أو تموتَ. وليس في هذا ما يُعارض ما تقدَّم، فإنَّ امرأة أبي حذيفة رفضت أخذ الميراث، فقضى عمر بن الخطاب بحبس هذا المال عليها يُنفَقُ عليها منه حتى تستوفيه أو تموت، ثم كأنها ماتت بعد سالمٍ بقليل ولم تستوفِ الميراث، فأرسل عمرُ ما تبقى من ميراثه إلى عصبتها، فأبوا أخذه فجعله عمر في بيت مال المسلمين. فزاد ابن شداد في روايته ما لم يزده غيره ممّن روى الخبر. =
5074 -
أخبرني أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عُمر، حدثنا سفيان، عن الزُّهري، عن عُبيد بن السَّبّاق، عن زيد بن ثابت قال: لما قُتِل سالمٌ مولى أبي حُذيفةَ قالوا: ذهبَ رُبعُ القرآنِ
(1)
.
= ويؤيده ما أخرجه البخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 373، والبيهقي 10/ 300 من طريق عبد الله بن وديعة بن خِدام مرسلًا كذلك، فذكره بنحو ما رواه عبد الله بن شداد، ورجاله لا بأس بهم إلى عبد الله بن وديعة، وعبد الله هذا عده بعضهم في الصحابة، والصواب بأنه تابعي، وزاد في روايته أنَّ العَصبة المبهم ذكره في رواية ابن شداد هو أبوه وديعة بن خِدام، وجاء في رواية للبيهقي: أنَّ وديعة هذا وارِثُ سلمى بنت يعار امرأة أبي حذيفة. وهذا يشير إلى أنها ماتت بعد سالم بقليل، وأنَّ وديعة لما أبى أخذ الميراث جعله عمر في بيت المال.
وقد أخرجه عبد الرزاق (16232)، وابن سعد 3/ 82، وابن المنذر في "الأوسط"(6950)، والبيهقي 10/ 300 من طريق محمد بن سيرين مرسلًا أيضًا بإسناد صحيح إليه كما قال ابن حجر في "فتح الباري" 21/ 369: أنَّ ميراث سالم دفع إلى الأنصارية التي أعتقته أو ابنها، وفي رواية البيهقي: أنه اختُصم في ميراثه فجُعل للأنصار. وروايتا ابن سيرين هاتان مختصرتان جدًّا، وفي إحداهما ما ليس في الأخرى.
وقد جاء في روايةٍ لعامرٍ الشعبي في هذا الخبر زيادة لم تُذكر فيما تقدَّم ذكره من الطرق، كما أخرجه ابن أبي شيبة 11/ 277: أنَّ أبا بكر أعطى ابنة سالم النصف، وأعطى النصف الثاني في سبيل الله. وأورد ابن عبد البر هذه الرواية بأطول ممّا هنا، وفيها: أنه عرض في النصف الباقي على مولاته، فقالت: لا أرجع في شيء من أمر سالم، إني جعلته لله، فجعل أبو بكر النصف الباقي في سبيل الله. فلم يذكر أحدٌ أنه كان لسالمٍ ابنةٌ غير الشعبي في روايته هذه، مع أنه في روايته التي تقدم ذكرها عند عبد الرزاق لم يذكر ذلك، فالصحيح أنَّ ما وقع في هذه الرواية شذوذٌ، لأنَّ مثل هذا في وجود ابنةٍ لسالم لو صحَّ للزم الآخرين ذكرُه، إذ الأمر متعلق بالميراث وليس أَولى بالميراث من الأبناء إذا وُجِدوا. فلا يُقال عندئذٍ: زاد الشعبي ما خفي ذكره على غيره، والله تعالى أعلم.
وبانَ بذلك أنَّ أو في الروايات في قضية سالم هذه روايتا عبد الله بن شداد وعبد الله بن وَديعة مجتمعتين، وجاء في رواية ابن شداد ما يدلُّ على أن قيمة ميراث سالم مئتا درهمٍ، فكأنَّ سلاحَه وفرسَه قُوِّما بذلك المبلغ، والله تعالى أعلم.
(1)
إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، والزُّهري: هو محمد بن مسلم بن عُبيد الله. =
صحيحٌ على شرط الشيخين.
5075 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بشر بن موسى، حدثنا عَبد الله بن يزيد المُقرئ، حدثنا حَيْوةُ بن شُريح، أخبرني أبو صَخْر، أن زيد بن أسلَمَ حدثه عن أبيه، عن عمر، أنه قال لأصحابه: تَمنَّوا، فقال بعضُهم: أتمنَّى لو أنَّ هذه الدارَ مملوءةٌ ذهبًا أُنفِقُه في سبيل الله، قال: ثم قال: تَمنَّوا، فقال رجلٌ: أتمنّى لو أنها مملوءةٌ لُؤلؤًا وزَبَرجَدًا وجَوهَرًا فأنفِقُه في سبيلِ الله وأتصدّقُ، ثم قال عمر: تَمنَّوا، فقالوا: ما نَدري يا أميرَ المؤمنين، فقال عمر: أتمنّى لو أنها مملوءةٌ رجالًا مثلَ أبي عُبيدة بن الجَرّاح ومُعاذِ بن جَبَل وسالمٍ مولى أبي حُذيفةَ وحذيفةَ بن اليَمان
(1)
.
ذكرُ مناقب زيد بن الخَطّاب بن نُفَيل
أخو أمير المؤمنين عُمر بن الخَطَّاب، وكنيتُه أبو عبد الرحمن، وكان أسنَّ من أخيه عمر، وأسلمَ قبلَه، آخَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينَه وبينَ مَعْنِ بن عَدِيّ، وقُتِلا جميعًا باليَمامةِ شَهِيدَين.
5076 -
حدثنا بذلك أبو عبد الله بن بُطَّة، حدثنا الحسن بن الجَهْم، أخبرنا الحُسين
= وانظر رواية إبراهيم بن بشار عن سفيان بن عيينة عند أبي بكر القَطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (591)، وأبي العباس أحمد بن المفرِّج الأُموي في "مشيخته البغدادية"(23).
(1)
إسناده حسنٌ من أجل أبي صخر وهو حُميد بن زياد المدني. حيوةُ بن شريح: هو ابن صفوان المصري.
وأخرجه أحمد في "فضائل الصحابة"(1280)، والبخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 429، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 102، وأبو القاسم الأصبهاني في "سير السلف الصالحين" ص 650، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 12/ 285، والمزي في ترجمة حذيفة بن اليمان من "تهذيب الكمال" 5/ 505 - 506 من طرق عن عبد الله بن يزيد المقرئ بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (5225) من طريق ابن أبي نجيح عن عمر بن الخطاب مختصرًا بذكر أبي عُبيدة بن الجَرَّاح، ورجاله ثقات، لكنه مرسلٌ.
ابن الفَرَج، عن محمد بن عُمر، قال: حدثني الجَحّاف بن عبد الرحمن من ولَدِ زيد بن الخطاب، عن أبيه، قال: كان زيدُ بن الخَطّاب يَحمِل رايةَ المسلمين يومَ اليَمامةِ، وقد انكشفَ المسلمون حتى غَلَبَت حَنيفةُ على الرِّجال، فجعل زيدُ بن الخَطّاب يقول: أمّا الرِّجالُ فلا رِجالَ، وأمّا الرِّجالُ فلا رِجالَ، ثم جعل يَصيحُ بأعلى صوتِه: اللهمَّ إني أعتذِرُ إليك من فِرار أصحابي، وأبْرأُ إليك ممّا جاء به مُسيلِمةُ ومُحكَّم
(1)
ابن الطُّفَيل، وجعل يَشَتَدُّ بالراية يتقدّمُ بها في نَحْرِ العَدوّ، ثم ضارَبَ بسيفِه، حتى قُتِل رحمةُ الله عليه، ووقعت الرايةُ فأخذَها سالمٌ مولى أبي حُذيفةَ، فقال المسلمون: يا سالمُ، أيُخَافُ أن نُؤْتَى من قِبَلِكَ؟ فقال: بِئسَ حاملُ القرآنِ أنا إن أُتِيتُم من قِبَلي.
وقُتل زيدُ بن الخطّاب سنة اثنتي عشرةَ من الهجرة
(2)
.
(1)
تحرّف في نسخنا الخطية: محلم، باللام بدل الكاف، وإنما هو محكم، بالكاف المشددة أو المخففة كما نبَّه عليه السُّهيلي في "الروض الأنف".
(2)
إسناده ضعيف لجهالة الجَحَّاف بن عبد الرحمن ولإعضالِه، وقد رُوي منه قصة سالم مولى أبي حذيفة بإسناد آخر
…
على جهالة في بعض رجاله كذلك، فلم ينفرد به محمد بن عمر وهو الواقدي - واستشهادُ زيد بن الخطاب يوم اليمامة مشهور.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 350 عن محمد بن عمر الواقدي، به.
وأخرج منه قصةَ سالم مولى أبي حذيفة عبدُ الله بن المبارك في "الجهاد"(118)، ومن طريقه أخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1053)، وأحمد بن عبد الواحد المقدسي في "فضل الجهاد والمجاهدين"(33)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 156 عن إبراهيم بن حنظلة بن أبي سفيان، عن أبيه: أنَّ سالمًا مولى أبي حذيفة قيل له يومئذٍ في اللواء
…
فذكره بزيادات ليست في رواية الواقدي، وحنظلة هذا من أتباع التابعين وابنه إبراهيم لم يرو عنه غير ابن المبارك ويحيى بن سليم الطائفي، وذكره ابن حبان في "الثقات".
ورُوي استشهاد زيد بن الخطاب باليمامة على يد أبي مريم الحنفي عن محمد بن سيرين عند أبي عبيد القاسم بن سلام في "فضائل القرآن" ص 193، وخليفة بن خياط في "تاريخه" ص 108، وإسناده إلى ابن سيرين صحيح لكنه مرسلٌ.
5077 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سُفيان، عن عبد الملك بن نَوفل بن مُساحِق، قال: كان ابن عمر خامسَ خمسةِ رُفْقةٍ في غَزاةِ مُسَيلِمةَ فقُتِلُوا غيرَه، قُتِلَ زيد بن الخَطَّاب وعبد الله بن مَخْرمةَ واثنان آخران
(1)
.
5078 -
أخبرني أبو علي الحافظ، أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا محمد بن الصَّبّاح، حدثنا سُفيان، عن عمرو، عن عُمر بن عبد الرحمن بن زيد بن الخَطَّاب، قال: كان عمرُ يُصابُ بالمُصيبة فيقولُ: أُصِبتُ بزيد بن الخَطّاب فَصَبرتُ. وأَبصَرَ عمرُ قاتلَ أخيه زيدٍ، فقال له: ويحَكَ، لقد قتلتَ لي أخًا ما هبَّتِ الصَّبَا إِلَّا ذَكَرتُه
(2)
.
(1)
رجاله ثقات، وهو مرسل.
وروى ابن إسحاق عند ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 72، وابن عساكر 62/ 417، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 664 من حديث ابن عمر نفسه قال: سمعتُ صارخًا يصرخ يوم اليمامة: قتَله العبدُ الأسودُ. يعني قتل مُسيلمةَ العبدُ الأسودُ، أي: وحشيُّ بن حرب. وإسناده حسنٌ.
(2)
خبر حسنٌ، وهذا إسناد رجالُه لا بأس بهم غير أنه مرسلٌ، فإنَّ عمر بن عبد الرحمن بن زيد بن الخَطّاب تابعيٌّ لا يُدرك عمر بن الخطّاب، ولذلك أتى به هنا بصيغة الإرسال. سفيان: هو ابن عيينة، وعمرو: هو ابن دينار المكي، ومحمد بن الصّبّاح: هو ابن سفيان الجَرْجرائي، ومحمد بن إسحاق: هو السَّرّاج.
ورُوي تذكُّر عمر بن الخطاب لأخيه زيد بن الخطاب كلما هبَّتْ ريح الصِّبا عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عند أبي زرعة الدمشقي في باب الإخوة من تاريخه" كما في "الاستيعاب" لابن عبد البر ص 241، ورجاله ثقات، لكنه مرسل.
وروي مثلُه عن عبد الواحد بن أبي عون وعبد العزيز بن يعقوب الماجِشُون عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 351. وفي إسناده إليهما شيخُه الواقديُّ، لكنه لم ينفرد به كما ترى.
ومثلُه عن القاسم بن مَعْن المسعُودي عند ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(140)، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان"(9727)، وابن عساكر في "تعزية المسلم"(21)، وهو مرسلٌ على ضعفٍ في بعض رجاله. =
ذكرُ مناقب عُكّاشة بن مِحصَنِ بن قيس بن مُرّة بن كَثير أبو مِحصَنٍ
شهد بدرًا وأُحدًا والخندقَ والمَشاهدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5079 -
حدثني أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا محمد بن عبد الله بن رُسْتَه، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا الواقديّ، حدثنا عُمر بن عثمان الجَحْشي، عن آبائه، عن أمّ قَيْس بنت مِحصَنٍ، قالت: توفي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعُكّاشة ابن أربعين سنةً، وقُتل بعد ذلك بسنة ببُزَاخة في خلافة أبي بكر سنة ثنتي عشرةَ، وكان عُكّاشة من أجملِ الناسِ
(1)
.
5080 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدثنا الحسن بن مُكرَم، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عَمرو بن عَلْقمة، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أولُ زُمْرة تَدخُلُ الجنةَ وجوهُهم على ضَوْءِ القَمر ليلةَ البدرِ، ثم الذين يَلُونَهم على أحسنِ كَوكبٍ دُرِّيٍّ إضاءةً في السماء" فقام عُكَّاشة بن مِحصَنٍ، فقال: يا رسول الله، ادْعُ الله أن يجعلَني منهم، فقال:"اللهمَّ اجعَلْه منهم" فقام رجلٌ آخر، فقال: يا رسول الله، ادْعُ الله أن يَجعلَني منهم، فقال:"سَبَقَك إليها عُكَّاشةُ"
(2)
.
= وقد جاء في مُرسل ابن سيرين الذي تقدم تخريجه برقم (5076) أن اسم قاتل زيد بن الخطاب هو أبو مريم الحنفي.
(1)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 86 عن محمد بن عمر الواقدي، غير أنه قال في روايته: وعكاشة ابن أربع وأربعين سنة. وابنُ سعد أوثق من سليمان بن داود: وهو الشاذكوني. وأخرج ابن سعد 3/ 432 قصة استشهاد عُكّاشةَ بن محصن ببزُاخة بطولها عن محمد بن عمر الواقدي، عن سعيد بن محمد بن أبي زيد، عن عيسى بن تُميلة الفزاري، عن أبيه مرسلًا، وفيه: أنَّ قاتِلَ عكاشة هو طُلَيحة وسلمة ابنا خويلد الأسدي.
قال البيهقي في "الدلائل" 6/ 353: مشهور فيما بين أهل المغازي أنَّ عكاشة استُشهد في أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
(2)
إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن عَلْقمة فهو صدوق، لكنه وهم هنا في رواية =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحديث، إذ ذكر سؤال عُكَّاشة بن مِحصَن في حديث الزُّمْرتَين اللتين تدخلان الجنة أولًا، وإنما حديثُ الزُّمرتَين اللتين تدخُلان الجنة أولًا حديثٌ آخرُ لأبي هريرة ليس فيه ذكر عكاشة ولا سؤاله، والحديث الذي فيه ذكر عكاشة في السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب، والحديثان صحيحان، لكنهما حديثان منفصلان، فكأنَّ محمد بن عمرو بن علقمة وهمَ فأدخل حديثًا في حديثٍ.
وأخرجه أحمد 16/ (10524) عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد.
وأخرج أبو نُعيم في "صفة الجنة"(246) من طريق محمد بن عُزيز الأيلي، عن سلامة بن روح الأيلي، عن عقيل بن خالد الأيلي، عن ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدخل الجنة زمرة من أمتي سبعون ألفًا وجوههم كضوء القمر ليلة البدر" فقام عكاشة، فذكر مثل ما ذكر هنا. وهذا إسناد حسن إن شاء الله، وهو الموافق لرواية جماعةٍ عن أبي هريرة، وعند بعضهم زيادة "يدخلون الجنة بغير حساب".
كما أخرجه أحمد 13/ (8016) و 15/ (9883)، ومسلم (216)، وابن حبان (7244) من طريق محمد بن زياد الجُمحي، وأحمد 13/ (8017) من طريق كليب بن شهاب، و 14/ (8614) من طريق أبي يونس المصري مولى أبي هريرة، ثلاثتهم عن أبي هريرة، بلفظ:"يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب قال: فقال: عُكّاشة: يا رسول الله، ادْعُ الله أن يجعلني منهم، قال: فقال رسول الله: "اللهم اجعله منهم" قال: فقام رجل آخر، فقال: يا رسول الله، ادْعُ الله أن يجعلني منهم، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبقك بها عكّاشة". وإسنادُ الأول صحيح، والثاني قوي، والثالث حسن في المتابعات.
وأخرجه أحمد 15/ (9202)، والبخاري (5811) و (6542)، ومسلم (216) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة بلفظ:"يدخل الجنة من أمتي زمرةٌ هم سبعون ألفًا، تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر" فقام عكاشة بن محصنٍ يرفع نَمِرةً عليه، فذكر مثله.
وأما الحديث الآخر في الزُّمرتين اللتين تدخلان الجنة أولًا، فأخرجه أحمد 12/ (7152) و 16/ (10593)، ومسلم (2834)، وابن حبان (7420) من طريق محمد بن سيرين، وأحمد 12/ (7165) و (7435)، ومسلم (2834)، وابن ماجه (4333 م) من طريق أبي صالح السمّان، وأحمد 12/ (7489) من طريق عياض بن دينار الليثي، و 16/ (10122) و (10548) من طريق زياد مولى بني مخزوم، والبخاري (3246) من طريق عبد الرحمن الأعرج، و (3254) =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5081 -
حدثنا محمد بن أحمد بن بُطّة، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، حدثني عبد الله بن سُليمان، عن ضَمْرة بن سعيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي واقد اللَّيثي، قال: كنا نحنُ المُقدِّمةَ مئتي فارِس وعلينا زَيدُ بن الخَطّاب، وكان ثابتُ بن أقرمَ وعُكّاشة بن مِحصَنٍ أمامَنا، فلما مَرَرْنا بهما مقتولَين سِيءَ بنا
(1)
وخالدٌ والمسلمون وراءَنا، فوقَفْنا عليهما، فأمر خالدٌ فحُفِر لهما ودفَنّاهما بدمائهما
(2)
.
= من طريق عبد الرحمن بن أبي عَمرة، والبخاري (3327)، ومسلم (2834)، وابن ماجه (4333)، وابن حبان (7437) من طريق أبي زُرعة بن عمرو بن جرير ابن عبد الله سبعتُهم عن أبي هريرة. وعندهم زيادات في ذكر أوصاف الزمرتين ليست في رواية المصنّف هنا، وليس عند أحد منهم ذكرٌ لعكَّاشة بن مِحصَن.
وأخرجه مختصرًا بذكر الزمرة الأولى أحمدُ 13/ (8198)، والبخاري (3245)، ومسلم (2834)، والترمذي (2537)، وابن حبان (7436) من طريق همام بن مُنبِّه، ومسلم (217) من طريق أبي يونس المصري، كلاهما عن أبي هريرة. زاد أبو يونس وحده أنَّ عددهم سبعون ألفًا. ولم يذكرا عُكّاشة بن محصَن، وعند همام زيادات ليست في رواية المصنف هنا في ذكر أوصاف الزمرة الأولى.
والدُّرِّي: الشديد الإنارة، كأنه نُسِب إلى الدُّرّ تشبيهًا بصَفائه.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية خلا (ص) إلى سرينا، وفي (ص) إلى: سرنا، وكتب فوقها إشارة إلى أنها في نسخة: سرينا، والتصويب من "طبقات ابن سعد" 3/ 86، و "تاريخ دمشق" 11/ 112. ومعنى سِيء بنا: أصابنا الغَمُّ والحُزن.
(2)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 86 عن محمد بن عمر الواقدي، غير أنه سمّى شيخه عبد الملك سليمان، وهو اسم فُليح بن سليمان كما نصَّ عليه الواقدي نفسُه، وأنَّ فليحًا لقبه، غلب عليه اللقبُ، وربما سماه الواقدي في "مغازيه" عبدَ الله، كما وقع في رواية المصنِّف هنا، وفُليح هذا حسنُ الحديث، فإسناده من فوق الواقدي حسنٌ لولا تفرُّد الواقدي به.
وممَّن ذكر أنهما قُتلا في حروب الردة الزُّهريُّ كما أخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" 8/ 175 و 183، وأنَّ قاتلهما هو طليحة بن خويلد الأسدي.
ذكرُ مناقب مَعْن بن عَدِيّ بن العَجْلان الأنصاري رضي الله عنه
-
5082 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: ومعنُ بن عَدِي بن الجَدّ بن العَجْلان حليفٌ من بَلِيٍّ، شَهِدَ العقبةَ، وشهدَ بدرًا وأُحدًا والخندقَ ومَشاهدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقُتل يومَ اليمامةِ شهيدًا في خلافة أبي بكر الصِّديق
(1)
.
5083 -
أخبرني محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق الثَّقفي، حدثنا عُبيد الله بن سعْد
(2)
، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شِهاب، عن عُرْوة بن الزُّبَير، قال: قُتل مَعْنُ بن عَديّ باليَمامة يومَ مُسيلِمة الكَذّاب.
ذكرُ مناقب عَبّاد بن بِشْر بن وَقْش الأَشْهَلي رضي الله عنه
-
5084 -
أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفَضل الشَّعْراني، حدثنا جَدّي، حدثنا إبراهيم بن المُنذر، قال: كان عَبّادُ بن بِشْر بن وَقْشٍ أَحدَ بني عبد الأشهل
(1)
وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 456.
وقد أثبت عروةُ بن الزبير شهود معن بن عدي بدرًا في "صحيح البخاري"(4021) حيث سأله الزهري عن قول عمر بن الخطاب: لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قلت لأبي بكر: انطلق بنا على إخواننا الأنصار، فلقينا منهم من ما رجلان صالحان شهدا بدرًا. فقال عروة: هما عُويم بن ساعِدة ومعن بن عدي.
وأثبت له الزهري شهوده العقبة وبدرًا كما في "الآحاد والمثاني" لابن أبي عاصم (1824)، و "معرفة الصحابة" لأبي نعيم (6148).
(2)
جاء في نسخنا الخطية: سعيد، وهو تحريف، لأنَّ المشهور بالرواية عن يعقوب بن إبراهيم - وهو ابن سعد الزهري - هو عُبيد الله بن سَعْد بن إبراهيم ابن أخي يعقوب، وقد صوَّبنا هذا التحريف من إسنادين آخرين عند المصنف من هذه الطريق برقم (5279) و (5754) وقد وقع فيهما نسبة عُبيد الله بن سعد زُهريًّا، وفي أحدهما قال: حدثنا عمي يعقوب بن إبراهيم. وجاء على الصواب في "إتحاف المهرة" لابن حجر (24697). على أنَّ لمحمد بن إسحاق الثقفي - وهو السّرّاج - شيخًا آخر اسمه عُبيد الله بن سَعيد بن يحيى اليشكُري النيسابوري، ولكن عُبيد الله هذا لا رواية له عن يعقوب بن إبراهيم الزهري.
يُكنى أبا بِشْر، ويُقال: أبا الرَّبيع
(1)
.
5085 -
وحدثنا أبو عبد الله بن بُطّة، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، قال: عباد بن بِشْر بن وَقْش بن زُغْبة بن زَعُوراءَ بن عبد الأشهل، يُكنى أبا بِشْر - وقال عبد الله بن محمد بن عُمارة: كان يكنى أبا الربيع - أسلم بالمدينة على يدَي مصعب بن عُمير، وذلك قبل إسلام سعد بن مُعاذ، وشهد عبّاد بن بشر بدرًا، وكان فيمن قَتَل كعبَ بن الأشْرف، وشهد أيضًا أحدًا والخندقَ والمَشاهدَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد أيضًا يوم اليمامة، وكان له يومئذٍ بلاءٌ وغَناءٌ ومباشرة للقتال، حتى قُتل يومئذٍ شهيدًا، وذلك سنة ثِنتي عشرةً، وهو ابن خمس وأربعين سنة
(2)
.
5086 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، عن يحيى بن عَبّاد بن عبد الله بن الزُّبَير، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان في بني عبد الأشْهَل ثلاثةٌ لم يكن أحدٌ أفضلَ منهم: سعد بن مُعاذ، وأُسَيد بن حُضَير، وعَبّاد بن بِشْر.
قال عَبّادُ بن عبد الله بن الزُّبَير: والله ما سمّاني أبي عبّادًا إلَّا به
(3)
.
(1)
وهو في "فتح الباب في الكُنى والألقاب" لأبي عبد الله بن مَنْدَه (2780).
(2)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 406. وقد روى محمد بن عمر الواقدي قصة استشهاد عباد بن بشر يوم اليمامة ورؤياه قبل ذلك بأنه سيقضي شهيدًا، كما أخرجه عنه ابن سعد 3/ 406 - 407 من رواية أبي سعيد الخُدري.
وممن ذكره فيمن شهد بدرًا الزهري عن ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1824)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(4847) وغيرهم.
وأما مشاركته في قتل كعب بن الأشرف فأسندها المصنف برقم (5952) عن جابر بن عبد الله، وبرقم (5953) عن محمد بن أبي عَبْس مرسلًا.
(3)
رجاله لا بأس بهم، فلولا أنَّ ابنَ إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار - عَنعَنه لكان الإسنادُ حسنًا، وقد ذكر ابن حجر في "الإصابة" في ترجمة أُسيد بن حُضَير 1/ 83 أنَّ ابن إسحاق =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب أبي دُجَانة سِمَاك بن خَرَشة الخَزْرجيّ رضي الله عنه
-
5087 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، عن شُيوخه: اسمُ أبي دُجَانَة سِمَاكُ بنُ خَرَشة بن لَوْذانَ بن عبد وَدِّ بن زيد بن ثعلبة بن الخزرَج، آخى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عُتبة بن غَزْوان، وشهد أبو دُجَانة بدرًا وأحدًا وثبت يومئذٍ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وبايَعَه على الموت، وشهد اليَمامةَ، وكان فيمن شَرِكَ في قتل مُسيلِمةَ، وقُتِل أبو دُجَانةَ يومئذٍ شهيدًا
(1)
.
= قال: حدثنا يحيى بن عَبَّاد
…
إلّا أننا لم نقف على تصريحه بالسماع في شيء من مصادر تخريج الخبر، فالله تعالى أعلم، وأعاد ابن حجر خبر عائشة هذا في "الإصابة" في ترجمة عبّاد بن بشر 3/ 611 وصحَّحه.
وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 47، وأبو يعلى في "مسنده"(2389)، والطبراني في "الأوسط"(896)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 470 - 471، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 9/ 80 و 89 من طريق إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق بهذا الإسناد. لكنه لم يذكر في آخره قول عبّاد بن عبد الله.
وقال ابن عبد البر: ذكره أبو جعفر الطبري وأبو العباس محمد بن إسحاق السَّرّاج قالا: حدثنا محمد بن حُميد - وهو الرازي - حدثنا سلمة بن الفَضْل، عن ابن إسحاق، به. وذكر قول عبَّاد في آخره.
(1)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد مُقطّعًا 3/ 515 و 516 عن محمد بن عمر الواقدي من قوله هو.
وممَّن ذكره فيمن شهد بدرًا عروةُ بن الزبير عند الطبراني في "الكبير"(6502)، وابنُ شهاب الزهري عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1824)، والطبراني أيضًا (6503)، وابنُ إسحاق كما في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 695.
وثبت عن أنس بن مالك عند خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 111: أنَّ أبا دجانة رمى بنفسه في الحديقة - يعني حديقة الموت يوم اليمامة - فانكسرت رجلُه، فقاتل حتى قُتل.
وأما مشاركته في قتل مُسيلمة فأشار إليه وحشيّ بن حرب في حديثه الذي رواه في قصة قتله =
5088 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا محمد بن كَثير؛ وحدثنا
(1)
علي بن عبد العزيز، حدثنا حَجّاج بن مِنْهال، قالا: حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخذَ سيفًا يومَ أُحُدٍ وأصحابُه حولَه، فقال:"مَن يأخذُ هذا السيفَ؟ " فبَسَطُوا أيديَهم، يقولُ هذا أنا، ويقولُ هذا: أنا، فقال:"مَن يأخذه بحَقِّه؟ " فأحجَمَ القومُ، فقال سِماكٌ أبو دُجَانة: أنا آخُذُه بحَقِّه، فدفَعَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إليه، ففَلَقَ به يومئذٍ هامَ المُشركين
(2)
.
5089 -
حدثنا أحمد بن كامل القاضي إملاءً، حدثنا أبو قلابة الرَّقَاشي، حدثنا عَمرو بن عاصم الكِلابي، حدثني عُبيد الله بن الوازع بن ثَوْر، حدثنا هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن الزُّبَير بن العوّام، قال: عَرَضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سيفًا يومَ أحُدٍ، فقال:"مَن يأخذُ هذا السيفَ بحَقِّه؟ " فقمتُ فقلتُ: أنا يا رسول الله، فأعرَض عنّي، ثم قال:"مَن يأخذُ هذا السيفَ بحَقِّه؟ " فقمتُ فقلت: أنا يا رسول الله، فأعرَض عنّي، ثم قال:"من يأخذُ هذا السيفَ بحَقِّه؟ " فقام أبو دُجانة سماكُ بن خَرَشة، فقال: أنا آخُذُه يا
= لحمزة يوم أحد، ثم ذكر طرفًا من قصة اليمامة، قال فيه: فلما كان من أمر مُسيلمة ما كان وانبعث إليه البعثُ انبعثتُ معه، وأخذتُ حَرْبتي، فالتقينا فبادرتُه أنا ورجلٌ من الأنصار فربُّك أعلم أيُّنا قتله
…
فقد جزم ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 798 أنه ممّن اشترك في قتل مُسيلمة، وقال ابن الجوزي في "المنتظم" 4/ 82: لا شكَّ أنَّ الأنصاري هو أبو دجانة سماك بن خَرَشَة، وبه جزم ابن كثير أيضًا في "البداية والنهاية" 5/ 364. وقد أخرج حديثَ وحشيٍّ هذا الطيالسيُّ (1410)، وابن إسحاق كما في "السيرة النبوية" لابن هشام 2/ 70 - 72، وإسناده عند الطيالسي صحيح، ومن طريق ابن إسحاق حسنٌ.
(1)
القائل "وحدثنا" هو علي بن حمشاذ.
(2)
إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلمَ البُناني، ومحمد بن كثير: هو الثقفي الصَّنْعاني ثم المصِّيصي، وربما يكون العَبْديِّ البصريَّ، فكلاهما له رواية عن حماد بن سلمة، ولكن الثقفي أشهر بالرواية عن حماد بن سلمة.
وأخرجه أحمد 19/ (12235)، ومسلم (2470) من طريق عفان بن مسلم، وأحمد (12235) عن يزيد بن هارون، كلاهما عن حماد بن سلمة، به.
رسول الله بحَقِّه، فما حَقُّه؟ قال:"أن لا تَقتُلَ به مُسلمًا ولا تَفِرَّ به عن كافرٍ" قال: فدفعَه إليه، وكان إذا أرادَ القِتالَ أعْلَمَ بعِصابةٍ، قال: قلتُ: لأنظُرنّ اليومَ كيف يَصنَعُ، قال: فجعلَ لا يَرتفعُ له شيءٌ إِلَّا هَتَكَهُ وأَفْرَاه، حتى انتهى إلى نِسوةٍ في سَفْح الجبلِ معهن دُفُوفٌ لهنٌ، فيهن امرأةٌ وهي تقول:
نَحنُ بَناتُ طارِقْ
…
نَمشِي على النَّمَارِقْ
إن تُقبِلُوا نُعانِقْ
…
ونَبَسُطِ النَّمَارِقْ
أو تُدبِروا نُفارقْ
…
فِراقَ غَيرِ وَامِقْ
قال: فأَهْوى بالسيفِ إلى امرأةٍ ليَضربَها، ثم كَفَّ عنها، فلما انكشفَ القِتالُ، قلتُ له: كلَّ عمَلِك قد رأيتُ ما خَلا رَفْعَك السيفَ على المرأة، ثم لم تَضربْها! قال: إني واللهِ أكرمتُ سيفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أن أَقتلَ به امرأةً
(1)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب ثَعْلبة بن عَنَمة الأنصاري رضي الله عنه
-
5090 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثني أبو الأسود، عن عُرْوة، في تسمية من شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من
(1)
إسناده حسنٌ من أجل عُبيد الله بن الوازع، فقد روى عنه حفيدُه عمرو بن عاصم وعبد الله بن المبارك في كتابه "الجهاد"(121) وعبد الأعلى بن محمد البصري في جزء من حديث أبي علي الصواف (50)، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال عنه الذهبي في "الكاشف": صدوق، وهو كما قال، وأخطأ ابن حجر في "التقريب" فجهَّله.
وأخرجه البزار في "مسنده"(979)، والدولابي في "الكنى والأسماء"(385)، والطبري في "تاريخه" 2/ 510 - 511، وفي "تهذيب الآثار" في القسم المفرد فيه مسانيد بعض العشرة ص 548 - 549، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 232 - 233 من طريق عن عمرو بن عاصم، بهذا الإسناد. وجاء في رواية البزار التصريح بأنَّ المرأة التي كانت تقول الشعر المذكور هي هند يعني بنت عُتبة امرأة أبي سفيان. وصحَّحه الطبري في "التهذيب".
بني عديّ: وثعلبةُ بن عَنَمةَ بن عَدِيّ، واستُشهِد يوم الخَنْدق
(1)
.
5091 -
أخبرني إبراهيم بن محمد بن حاتم الزاهد، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن حَرام بن عثمان، عن أبي عَتيق وأبي جابر، عن جابر: أنَّ ثعلبةَ بن عَنَمةَ وَفَدَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالسٌ، [فسَلَّم]
(2)
وفي إصبعَ ثعلبةَ خاتمٌ من ذَهَب، فلم يَرُدَّ عليه، ثم سَلَّم فلم يَرُدَّ عليه، ثم سلَّم فلم يَرُدّ عليه، فقال له بعض من كان عنده: سَلَّمَ عليك ثعلبةُ ثلاثَ مراتٍ فلم تَرُدَّ عليه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوَلا تَراهُ يَنضَحُ وجهي بجَمْرةٍ من نارٍ في يده؟! " فرمَى ثعلبةُ بالخاتَمِ
(3)
.
(1)
رجاله لا بأس بهم كما تقدم بيافه برقم (4378). أبو عُلَاثة: هو محمد بن عمرو بن خالد الحَرَّاني. وابن لهيعة: هو عبد الله، وأبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن المعروف بيتيم عروة.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1401) عن أبي عُلَاثة، بهذا الإسناد.
وقد وافق عروةَ على ذكر ثعلبة بن عَنَمَة فيمن شهد بدرًا ابن شهاب الزهري عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1824)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(1399). ووافقه ابن شهاب كذلك في استشهاده يوم الخندق كما أخرجه عنه الطبراني في "الكبير"(1403).
ووافق عروةَ والزهريَّ في شهود ثعلبةَ بدرًا واستشهاده يوم الخندق ابن إسحاق كما في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 463، وعند الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 1/ 235 أنَّ ابن إسحاق سمى أباه غَنَمة، بالمعجمة بدل المهملة.
لكن رُوي من وجه آخر فيه ضعفٌ عن عروة بن الزبير عند الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 3/ 1590 أنَّ ثعلبة بن عَنَمة هذا استُشهد في خيبر.
(2)
لفظة "فسلَّم" سقطت من نسخنا الخطية، وأثبتناها من "تلخيص الذهبي" ومن المطبوع.
(3)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل حرام بن عثمان، فقد قال الذهبي في "تلخيصه": حرام هالك، فليت شعري أما سمع المؤلف قول الشافعي رحمه الله: الروايةُ عن حرامٍ حرامٌ، ثم إنَّ الحديث باطل بقوله: وفد، وإنما هو من أهل المدينة، وأيضًا فإنما حُرِّم الذهبُ في أواخر الأمر، والله أعلم.
ذكرُ مناقب رافعِ بن مالك الزُّرَقي رضي الله عنه
-
5092 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، في تسمية مَن شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن بني زُريق [بن] عامر، ثم من بني العَجْلان: رافعُ بن مالك بن العَجْلان الزُّرَقي
(1)
.
5093 -
حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن شاذان ومحمد بن نُعَيم، وأحمد بن سَلَمة، قالوا: حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا رِفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع، عن عمِّ أبيه مُعاذ بن رِفاعة، عن جَدِّه رافع بن مالك، قال: صلَّيتُ خلفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فعَطَستُ، فقلت: الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُبارَكًا فيه مبارَكًا عليه، كما يُحبُّ ربُّنا ويَرضى، فلما صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم انصرفَ فقال:"مَن المُتكلِّم في الصلاةِ؟ " فقال رفاعة بن رافع
(2)
: أنا يا رسول الله، قال: "فكيف
(1)
وأخرجه ابن منده في "معرفة الصحابة" 2/ 584 عن محمد بن يعقوب وأحمد بن محمد بن زياد، كلاهما أحمد بن عبد الجبار، به لكن انفرد يونس بن بُكَير بهذا عن غيره من أصحاب ابن إسحاق كما أشار إليه ابن حجر في "الإصابة" 2/ 444.
وقد نفى معاذُ بن رفاعة بن رافع شهودَ جدِّه رافع بدرًا كما أخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(673)، والطبراني في "الكبير"(4454)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2638).
ونقل معاذ بن رفاعة عن جده رافع: أنه قال لابنه رفاعة والد معاذ: ما يسرني أني شهدت بدرًا بالعقبة، أخرجه البخاري (3993). فهذا يضعف قول ابن إسحاق في شهود رافع بن مالك بدرًا، وإن كان موسى بن عقبة تابع ابن إسحاق فذكره في البدريين كذلك كما قال ابن حجر في "الإصابة"، فكلاهما أخطأ مع تصريح رافعٍ نفسه بعدم حضوره بدرًا، ونفي حفيده معاذ ذلك أيضًا.
(2)
كذلك جاء في نسخنا الخطية، وهو الصحيح المعروف في رواية الحديث أن القصة لرفاعة بن رافع، وليس لأبيه رافع بن مالك، وبذلك يظهر وهمُ ما وقع في صدر الحديث من جعله من مسند رافع بن مالك، وجاء في "تلخيص المستدرك" للذهبي والمطبوع: فقلت، بدل: فقال رفاعة بن رافع، وكأنها من تصرُّف الذهبي رحمه الله تصحيحًا لسياق الحديث ليتفق مع صدره.
قُلتَ؟ " قال: قلتُ الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: والذي نَفْسي بيَدِه، لقد ابتَدَرَها بِضعةٌ
(1)
وثلاثون مَلَكًا أَيُّهم يَصعَدُ بها"
(2)
.
5094 -
حدَّثَناه محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن سَلَمة، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا قُتيبة بن سعيد، وما كَتبناهُ إلَّا عنه، فذكر الحديثَ بمثلِه
(3)
.
(1)
في نسخنا الخطية بضعًا، بالنصب، وهو خطأ، وفي هامش (ز): بضعٌ بالرفع، مصححًا عليها، والمثبت من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وجائز هنا أن يقال: بضعٌ وثلاثون ملكًا وبضعة وثلاثون ملكًا، كما جاء في رواية البخاري لهذا الحديث (799) حيث اختلف رواةُ البخاري في هذا الحرف: بعضهم يقول: رأيتُ بضعةً وثلاثين ملكًا، وبعضهم يقول: رأيتُ بضعًا وثلاثين ملكًا. انظر بسط ذلك في "إرشاد الساري" للقسطلاني 2/ 110، وتوجيهه.
(2)
إسناده حسن من أجل معاذ بن رفاعة ورفاعة بن يحيى، فهما صدوقان، وقد رُوي معناه فيما تقدم عند المصنف برقم (914) بإسناد صحيح لكن ليس فيه ذكر العطاس، إنما فيه أنَّ هذا الذكر كان بعد رفع النبي صلى الله عليه وسلم ورأسه من الركوع وقوله:"سمع الله لمن حمده". قال ابن حجر في "فتح الباري" 3/ 432: لا تعارُضَ بينهما، بل يُحمل على أن عطاسه وقع عند رفع رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلنا: وقد وقع في إسناد الحديث عند المصنّف هنا وهمٌ يجعل الحديث من مسند رافع بن مالك كما نبَّه عليه ابن حجر في "إتحاف المهرة"(4571)، لأنَّ أبا داود والترمذي والنسائي قد رووه عن قتيبة بن سعيد، فاتفقوا على أنَّه عن معاذ بن رفاعة عن أبيه رفاعة بن رافع، فالقصة لرفاعة بن رافع وليس لأبيه رافع بن مالك. وممّا يؤيد أنه من رواية رفاعة بن رافع لا من رواية أبيه، الروايةُ المتقدمةُ عند المصنف برقم (914)، حيث رواه مالك بن أنس، عن نُعيمٍ المُجمِر، عن علي بن يحيى بن خَلَّاد الزُّرَقي، عن أبيه، عن رفاعة بن رافع الزُّرَقي بمعناه.
وأخرجه أبو داود (773)، والترمذي (404)، والنسائي (1005) عن قتيبة بن سعيد بهذا الإسناد.
وقرن أبو داود بقتيبة سعيد بن عبد الجبار، وقال الترمذي: حديث حسنٌ.
ويشهد للرواية التي هنا بذكر العُطاس حديثُ عامر بن ربيعة عند أبي داود (774)، بإسناد فيه ضعفٌ.
(3)
إسناده حسن كسابقه. والظاهر أنَّ أحمد بن سَلَمة - وهو النيسابوري الحافظُ، سمعه من =
ذكرُ
(1)
رِفاعةَ بن رافِع الزُّرَقي رضي الله عنه
-
5095 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا أبو الأسود، حدثنا عُروة، في تسمية مَن شَهِد العَقبةَ من الأنصار من بني زُرَيق: رِفاعةُ بن رافع بن مالك بن العَجْلان بن زُريق، وهو نَقِيبٌ. وذكرَه أيضًا في تَسمية من شهد بدرًا
(2)
.
= محمد بن يحيى - وهو الذُّهْلي النيسابوري - ثم لقي قتيبة لما ارتحل في طلب الحديث فسمعه منه مباشرة، فرواه مرَّة هكذا، ومرَّة هكذا.
(1)
هذه الترجمة مع الروايتين اللتين بعدها وقعت في نسخنا الخطية مؤخرةً إلى ما بعد الرواية (5096)، ومحلُّها هنا حسب ما أورده المصنِّف من روايات تتعلق بترجمة رفاعة بن رافع، فاقتضى ذلك تقديمها.
(2)
ما وقع هنا من كون رفاعة بن رافع كان نقيبًا فقول غريب، لأنَّ المعروف أنَّ النقابة كانت لرافع بن مالك والد رفاعة، فيما نصَّ عليه كعب بن مالك وجابر بن عبد الله وابنُ شهاب الزهري وعبدُ الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وأشياخُ من قوم عاصم بن عمر بن قتادة حدَّثوه بذلك، وعليه فما هنا شذوذٌ، والله أعلم.
أبو عُلَاثة: هو محمد بن عمرو بن خالد الحَرَّاني، وابن لَهِيعة هو عبد الله، وأبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن المعروف بيتيم عروة.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4516)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2709) عن أبي عُلَاثة، بهذا الإسناد.
وممّن ذكر أنَّ النقابة كانت لرافع بن مالك والد رفاعة: كعبُ بن مالك فيما أخرجه عنه الطبراني في "الكبير"(4453) و 19/ (174)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 444 بإسناد حسن.
وروي عن جابر بن عبد الله أيضًا عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1822) بسند لا بأس به في الشواهد.
وكذلك قال الزهريُّ فيما أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(2547)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1823).
ورواه أيضًا عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ من قومه عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(2639). =
5096 -
أخبرني أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا موسى بن زكريا التُّسْتَري، حدثنا شَبَابٌ العُصفُري، قال: رفاعةُ بن رافع بن مالك بن العَجْلان بن عمرو بن عامر بن زُرَيق بن عبدِ حارثةَ، أمُّه وأمُّ أخيه خَلَّادِ بن رافع: أمُّ مالك بنت أُبيّ ابن سَلُول، ومات رِفاعةُ بن رافع حين قام معاويةُ
(1)
.
5097 -
حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحِزَامي، أخبرنا عبد العزيز بن عِمران، حدثني رِفاعة بن يحيى، عن مُعاذ بن رفاعة بن رافع، عن رفاعة بن رافع بن مالك
(2)
، قال: لما كان يومُ بدرٍ تجمّع الناسُ على أُميّة بن خَلَف، فأقبلتُ إليه فنظرتُ إلى قِطعةٍ من دِرْعه قد انقطَعتْ من تحت إبْطِه، قال: فأَطعُنُه بالسيف فيها طَعنةً فقطعتُه، ورُمِيتُ بسهمٍ يوم بدرٍ، فَفُقِئَت عيني، فبَصَقَ فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ودعا لي، فما آذاني منها شيءٌ
(3)
.
= ورواه كذلك عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 14/ 597.
ولم يذكر ابن إسحاق ولا الزهريُّ رفاعةَ بن رافع فيمن شهد العقبة أصلًا، فضلًا عن أن يكون نقيبًا، لكن جزم بشهوده العقبة ابن الجوزي في "المنتظم" 3/ 40، وابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 73، والنووي في "تهذيب الأسماء واللغات"(169)، وابن كثير في "البداية والنهاية" 11/ 150، وابن حجر في "الإصابة" 2/ 489.
وجاء في رواية أشار إليها ابن أبي خيثمة في "تاريخه الكبير" في السفر الثالث منه (3027) وابنُ حبان بإثر (7224) عن معاذ بن رفاعة بن رافع، عن أبيه، وكان أبوه وجده من أهل العقبة
…
(1)
"الطبقات" لشَبَاب العُصفُري خليفة بن خياط ص 100.
(2)
وقع في المطبوع زيادة: عن أبيه، وهي مقحمة، ورافع بن مالك لم يشهد بدرًا بيقين كما جاء في "صحيح البخاري"(3993).
(3)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل عبد العزيز بن عمران - وهو الزهري - فقد ضعَّفوه كما قال الذهبي في "تلخيصه"، بل قال في "الكاشف": تركوه، وهو كذلك.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 100 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(9124)، وعنه أبو نعيم في "دلائل النبوة"(557) عن مسعدة بن سعْد العطّار، عن إبراهيم بن المنذر الحِزامي، به. =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5098 -
حدثنا عمرو بن محمد بن منصور العدل، حدثنا عمر بن حفص السَّدُوسي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا أبو مَعْشَر، عن إبراهيم بن عُبيد بن رِفاعة ابن رافع بن مالك بن عَجْلان الأنصاري، عن أبيه، عن جده رفاعة بن مالك، قال: أقبلتُ يوم بدرٍ، ففقَدْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فنادتِ الرِّفاقُ بعضُها بعضًا: أفيكُم رسولُ الله؟ فَوَقَفُوا حتى جاءَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ومعه عليُّ بن أبي طالب، فقالوا: يا رسول الله، فَقدْناكَ، فقال:"إِنَّ أبا حَسنٍ وَجَدَ مَعْصًا في بطنه، فتخلّفتُ عليه"
(1)
.
ذكرُ مناقب ثابت بن قيس بن الشَّمّاسِ الخَزْرجي الخَطيب رضي الله عنه
-
5099 -
حدثنا أبو عبد الله بن بُطّة، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفرَج، حدثنا محمد بن عمر قال: ثابتُ بن قيس بن شَمّاس بن امرئ القيس بن مالك، خَطيبُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، شهد أُحدًا والخندقَ والمشاهدَ كلَّها مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقُتل يوم اليمامة شهيدًا.
5100 -
حدثنا أبو الحسين بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا عمر بن محمد بن الحسن الأسَديّ، حدثنا أبي [عن زياد]
(2)
عن محمد بن إسحاق،
= وأخرجه البزار ((2729) من طريق يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري، عن عبد العزيز بن عمران، به.
(1)
إسناده ضعيف لضعف أبي مَعْشَر: وهو نَجيح بن عبد الرحمن السِّنْدي، والراوي عنه.
وهو عاصم بن علي بن عاصم الواسطي - له مناكير.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4548)، وأبو بكر الأنباري في "حديثه"(58)، وأبو نعيم في "الطب النبوي"(385)، وفي "معرفة الصحابة"(2715)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 2/ 372 من طرق عن عاصم بن علي، بهذا الإسناد.
تنبيه: هذا الحديث والذي قبله تقدما في نسخنا الخطية قبل ترجمة رفاعة بن رافع فصارا من ترجمة رافع بن مالك، وحقُّهما أنهما في هذا الموضع كما أثبتنا.
(2)
سقط هذا من النسخ الخطية، وقد استدركناه من رواية أبي نعيم الأصبهاني في "معرفة =
قال: استُشهِد ثابتُ بن قَيس بن شَمّاس يومَ اليَمامة، وكان أبو بكر قَدَّمه على الأنصار مع خالد بن الوليد
(1)
.
5101 -
أخبرني محمد بن عيسى العَطّار بمَرْو، سمعتُ أحمد بن سيّار، يقول: كنيةُ ثابت بن قيس بن شَمّاس أبو عبد الرحمن
(2)
.
5102 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا أبو المُثنَّى، حدثنا عبد الرحمن بن المُبارك، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نِعمَ الرجلُ أبو بكر، نِعمَ الرجلُ عمرُ، نِعمَ الرجلُ
= الصحابة" (1326) حيث روى هذا الخبر عن أبي حامد بن جبلة، عن محمد بن إسحاق الثقفي، عن عمر بن محمد بن الحسن عن أبيه، عن زياد، عن ابن إسحاق. وروى أبو نعيم عدة أخبار بهذا الإسناد بذكر زياد فيها جميعًا، فلا بد من ذكره، وهو زياد بن عبد الله البكّائي أحد أشهر رواة السيرة عن ابن إسحاق، وعنه أخذ ابن هشام السيرة.
(1)
رجاله لا بأس بهم.
وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(1326) عن أبي حامد أحمد بن محمد بن جَبَلة، عن محمد بن إسحاق الثقفي - وهو السرّاج - بهذا الإسناد.
وأخرجه خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 102 عن بكر بن سليمان البصري، عن محمد بن إسحاق، فذكره.
وخبر تقديم أبي بكر لثابت بن قيس على الأنصار تحت إمرة خالد بن الوليد أسنده محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عُروة بن الزبير مرسلًا. كذلك كما أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 334 عن أبي عبد الله الحاكم، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق.
ورواه أيضًا خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 102 عن عامر الشعبي ويزيد بن رومان مرسلًا.
(2)
أحمد بن سَيّار هذا هو ابن أيوب المروزي الحافظ وكذلك كنّى ابن حبان في "الثقات" ثابت بن قيس بأبي عبد الرحمن، قال: وقيل: أبو محمد، كذا قال مع أنَّ الأشهر في كنيته أنه أبو محمد، كما جزم به ابن أبي خيثمة في "تاريخه الكبير" في السفر الثاني (305)، والبلاذُري في "فتوح البلدان" ص 97، وابن مَنْدَه في "معرفة الصحابة" 1/ 336، وغيرهم، وبه جزم ابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار"(41)، فهو المعتمد.
أبو عُبيدة بن الجَرّاح، نِعمَ الرجلُ ثابتُ بن قَيس بن شَمّاس، نِعمَ الرجلُ مُعاذُ بن جَبَل، نِعمَ الرجلُ معاذُ بن عَمرو بن الجَمُوح، بئسَ الرجلُ فلانٌ وفلانٌ" سبعةُ رجالٍ سَمّاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولم يُسمِّهم لنا سُهيلٌ
(1)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5103 -
أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي الوزير التاجر، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا ابن عَوْن، حدثنا موسى بن أنس، عن أنس بن مالك، قال: لما كان يومُ اليَمامة جِئتُ إلى ثابتِ بن قيس بن شَمّاس، وهو يتحنَّط، فقلت: يا عمِّ، ألا تَرى ما يَلْقَى الناسُ؟ فلبس أكفانَه، ثم أَقبل وهو يقول: الآنَ الآنَ، وجعلَ يقول بالحَنُوط وأومأَ الأنصاريُّ على ساقِه هكذا - عن وُجُوهِ القوم يُقارعُ القومَ: بئسَ ما عَوّدَتكُم
(2)
أقرانُكم، ما هكذا كنا نُقاتِلُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم،
(1)
إسناده صحيح أبو المُثنَّى: هو معاذ بن المُثنَّى بن معاذ العَنْبري.
وأخرجه النسائي (8173)، وابن حبان (6997) و (7129) من طرق عن عبد العزيز بن أبي حازم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 15/ (9431)، والترمذي (3795) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، والنسائي (8186) من طريق سليمان بن بلال كلاهما عن سُهيل بن أبي صالح، به. وقال الترمذي: حديث حسن. وزاد فيه الدراوردي أُسيد بن حضير، وذكره سليمان بن بلال مكان ثابت بن قيس.
وسيأتي عند المصنف برقم (5247) من طريق سهل بن بكار عن عبد العزيز بن أبي حازم.
وسيأتي مختصرًا بذكر معاذ بن عمرو بن الجموح برقم (5911) من طريق عبد العزيز الدراوردي عن سهيل بن أبي صالح.
(2)
في (ص) و (م) و (ع) و (ب): دعوتكم، وفي "تلخيص المستدرك" للذهبي والمطبوع: عودتُم، وكذلك جاء في هامشي (ص) و (م) بخط مغاير، معلّمًا فوقهما فيهما بحرف (ط)، يعني استظهارًا لذلك، والمثبت من (ز) هو الموافق لبعض روايات البخاري كما في "مشارق الأنوار" للقاضي عياض 2/ 106، وهي رواية أبي إسحاق الفَزَاري في "السيرة" (334) لكن بلفظ:"عوَّدَكم أقرانكم". قال ابن بطال في "شرحه على البخاري" 5/ 52: معنى قوله: "بئس ما عودتكم =
فقاتل حتى قُتِلَ
(1)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!
5104 -
أخبرني الإمام أبو الوليد الفقيه وأبو بكر بن قُريش الوَرّاق قالا: حدثنا الحَسَن بن سفيان حدثنا وهْب بن بَقيّة، أخبرنا خالد عن حُميد، عن أنس، قال: خَطَبَ ثابتُ بن قيس عند مَقدَمِ النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ، فقال: نمنُعك مما نَمنعُ منه أَنفُسَنا وأولادَنا، فما لنا؟ قال:"الجنةُ" قال: رَضِينا
(2)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
= أقرانُكم" يعني العدو، في تركهم اتّباعكم قِبَلكم حتى اتخذتم الفِرار عادةً للنجاة وطلبِ الراحة من مجالدة الأقران. قلنا: وجاء في أكثر روايات البخاري: عوّدتُم، والمعنى: عوّدتم نظراءَكم في القوة من عدوِّكم الفرار منهم حتى طمعوا فيكم. قاله ابن حجر في "فتح الباري" 9/ 99. وسيأتي عند المصنف بهذا اللفظ برقم برقم (5106) من طريق ثابت عن أنس.
(1)
إسناده صحيح. ابن عون: هو عبد الله، ومحمد بن عبد الله الأنصاري: هو ابن المثنى من ذريّة أنس بن مالك، وأبو حاتم الرازي: هو محمد بن إدريس.
وأخرجه البخاري (2845) من طريق خالد بن الحارث، عن ابن عون، عن موسى بن أنس، قال - وذَكَر يوم اليمامة - قال: أتى أنسٌ ثابت بن قيس، فذكر مثله كذا جاء فيه بصورة الإرسال، وكذلك جاء في رواية أبي إسحاق الفزاري في "السير"(334) عن عبد الله بن عون عن موسى بن أنس، على صورة الإرسال، لكن وصله غيرُ واحدٍ عن عبد الله بن عَون كما نبَّه عليه ابن حجر في "فتح الباري" 9/ 98، منهم ابن أبي زائدة ومحمد بن عبد الله الأنصاري.
وسيأتي عند المصنف برقم (5106) من طريق ثابت بن أسلم البُناني عن أنس بن مالك. وانظر (5357).
والتَّحنُّط استعمال الحَنُوط، وهو ما يُطيَّب به كفنُ الميت خاصة، فكأنه أراد بذلك الاستعداد للموت، وتوطين النفس على ذلك والصبر على القتال.
(2)
إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وخالد هو ابن عبد الله الواسطي الطحّان.
وأخرجه النسائي (8171) من طريق خالد بن الحارث، عن حميد الطويل، به.
وقد تقدَّم مثله برقم (4299) من حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنقباء من الأنصار: "تؤونني وتمنعوني؟ " قالوا: نعم، فما لنا؟ قال:"الجنة". وهو حديث صحيح أيضًا.
5105 -
أخبرني أبو بكر محمد بن عيسى العَطّار بمَرُو، حدثنا عَبْدان بن محمد بن عيسى الحافظ، حدثنا الفضل بن سَهْل البغدادي - وكان يُقال له: الأعرج - حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن ابن شهاب، قال: أخبرني إسماعيل بن محمد بن ثابت الأنصاري، عن أبيه، أن ثابت بن قيس قال: يا رسولَ الله، لقد خَشِيتُ أن أكونَ قد هَلَكتُ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ولمَ؟ " قال: نهانا اللهُ أن نُحِبَّ أَن تُحمَدَ بما لم نفعل، وأجِدُني أُحِبُّ الحَمدَ، ونهانا عن الخُيَلاء، وأجِدُني أحِبُّ الجَمَال، ونهانا أن نرفعَ أصواتَنا فوق صوتِك، وأنا جَهِيرُ الصوتِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا ثابتُ، ألا ترضى أن تَعِيشَ حميدًا، وتُقتَل شهيدًا، وتدخُل الجنةَ؟ " قال: بلى يا رسول الله، قال: فَعاشَ حميدًا، وقُتِل شهيدًا يومَ مُسيلِمة الكذَّاب
(1)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم لكن أكثر أصحاب ابن شهاب - وهو محمد بن مسلم الزهري - لم يذكروا فيه محمد بن ثابت بن قيس، وهو صحابي صغير له رؤية، فصار الخبر مرسلًا، ولكنه مع ذلك مرسلٌ قويُّ الإسناد كما قال ابن حجر في "فتح الباري" 10/ 524.
وقد رواه بنحوه أبو ثابت من ولد ثابت بن قيس عند الطبري في "تفسيره" 26/ 118 عن عمه إسماعيل بن محمد بن ثابت عن أبيه، فكأنَّ هذا الخبر ممّا سمعه إسماعيل بن محمد بن ثابت من أبيه محمد بن ثابت بن قيس، وإن كان لا يُحفظ ذكره في طريق الزهري.
وله طريقٌ ثالثةٌ بنحوه ستأتي عند المصنف برقم (5107) بإسناد لا بأس به عن ابنة ثابت بن قيس بن شمّاس، فذكرت قصة أبيها، فتبين بذلك أنَّ هذا الخبر كان معروفًا في آل ثابت بن قيس، على أنَّ له طرقًا أخرى مرسلةً ذكرها الطبري في "تفسيره" 26/ 119، فالخبر صحيح إن شاء الله.
وأخرجه ابن حبان (7167) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، عن ابن شهاب الزهري، عن إسماعيل بن ثابت - نسبه لجده - أنَّ ثابت بن قيس الأنصاري قال: يا رسول الله، فذكره مرسلًا.
وكذلك رواه مالك بن أنس في "موطئه" برواية محمد بن الحسن الشيباني (946) عن ابن شهاب، عن إسماعيل بن محمد بن ثابت الأنصاري، أنَّ ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري قال
…
فذكره مرسلًا.
وأخرج مسلمٌ منه خشية ثابت بن قيس أن يحبط عمله لجهارة صوته بعد نزول آية الحجرات =
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، إنما أخرج مسلمٌ وحدَه حديثَ حمّاد بن سلَمة وسُليمان بن المُغيرة، عن ثابت، عن أنس، قال: لما أُنزلت: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] جاء ثابتُ بن قيس، وذكر الحديثَ مختصرًا.
5106 -
حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، حدثنا ثابت، عن أنس: أنَّ ثابت بن قيس جاء يومَ اليَمامة، وقد تَحنَّطَ ولَبِسَ أكفانَه، وقد انهزمَ أصحابُه، وقال: اللهمَّ إني أبْرأُ إليك مما جاءَ به هؤلاء، وأعتذِرُ إليك مما صنعَ هؤلاء، فبئسَ ما عَوَّدتُم أقرانَكم، خَلُّوا بيننا وبين أقرانِنا ساعةً، ثم حَمَل فقاتَلَ ساعةً فقُتِل، وكانت دِرعُه قد سُرِقَت، فرآه رجلٌ فيما يَرى النائمُ، فقال: إنَّ دِرعي في قِدرٍ تحت إكافٍ بمكان كذا وكذا، وأَوصى بوصايا، فطُلِب الدِّرعُ، فوُجِد حيثُ قال فأنفَذُوا وصيّتَه
(1)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
= في النهي عن رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، وطمأنة النبي صلى الله عليه وسلم له فإنه من أهل الجنة، من حديث أنس بن مالك برقم (119)، كما نبه على ذلك المُصنِّف بإثره.
(1)
إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 356 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 4/ 345، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(250)، والطبري في "الكبير"(1307)، وأبو بكر البرقاني في "مستخرجه" كما في "تغليق التعليق" لابن حجر 3/ 436، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1327)، وابن الجوزي في "المنتظم" 4/ 89 من طرق عن حماد بن سلمة، به. وبعضهم لا يذكر فيه قصة الدرع والوصايا.
وقد علَّقه البخاري بصيغة الجزم بإثر الحديث (2845) عن حماد عن ثابت عن أنس، ولم يسُق لفظه.
وأخرج منه قصة إقدامه يوم اليمامة واستشهاده دون سائر الحديث أحمدُ 19/ (2399)، وابن حبان (7168) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس.
ولحديث وصاياه قصة عجيبة:
5107 -
كما حدّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نَصر الخَوْلاني، حدثنا بشر بن بكر، حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثني عطاءٌ الخُراساني، قال: قدمتُ المدينةَ، فأتيتُ ابنةَ ثابت بن قيس بن شَمّاس، فذكرتْ قصةَ أبيها، قالت: لما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية [الحجرات: 2]{إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان:18] جلس أبي في بيته يبكي، ففَقَدَه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألَه عن أمرِه، فقال: إني امرُؤٌ جَهِير الصوتِ، وأخافُ أن يكون قد حَبِطَ عَمَلي، فقال:"بل تَعِيشُ حميدًا، وتموتُ شهيدًا، ويُدخِلُك اللهُ الجنةَ بسلَامٍ"، فلما كان يومُ اليمامة مع خالد بن الوليد استُشهد، فرآه رجلٌ من المسلمين في مَنامه، فقال: إني لما قُتِلتُ انتَزَع درعي رجلٌ من المسلمين، وخَبّأه في أقصى العسكر، وهو عنده، وقد أكَبَّ على الدِّرع بُرْمةً، وجعل على البُرمة رَحْلًا، فالتِ الأميرَ فأخبِره، وإياك أن تقولَ: هذا حُلُم، فتُضيِّعَه، وإذا أتيتَ المدينةَ فائْتِ فقل لخليفةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: إن عليَّ من الدَّين كذا، وغُلامي فلانٌ من رَقِيقي عَتيقٌ، وإياك أن تقولَ: هذا حُلُم، فتُضيِّعَه. قال: فأتاهُ فأخبره الخَبَر، فوجدَ الأمرَ على ما أخبرَه، وأتى أبا بكر فأخبرَه، فأنفذَ وصيَّتَه، فلا نعلمُ أحدًا بعدما مات أُنفذ وصيّتُه غيرَ ثابت بن قيس بن الشَّمّاس
(1)
.
(1)
حديث صحيح بما قبله، وهذا إسناد قوي من أجل عطاء الخُراساني - وهو ابن أبي مسلم - وابنة ثابت بن قيس بن شماس صحابية، لأنها قالت في بعض روايات الحديث: سمعت أبي يقول
…
فذكرت القصة، وذكرها في الصحابة ابن أبي عاصم وأبو نُعيم وابن الأثير.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (3721)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(251)، ومن طريقه الخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق"(332) عن أحمد بن عيسى المصري، عن بشر بن بكر، بهذا الإسناد. وزاد أبو يعلى في روايته قول ثابت للنبي صلى الله عليه وسلم أيضًا: يا رسول الله، أنزل عليك:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} والله إني لأُحبُّ الجَمال وأُحِبُّ أن أسود قومي. =
ذكرُ مناقب أبي العاص بن الرَّبيع خَتَنِ
(1)
رسول الله صلى الله عليه وسلم
5108 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا محمد بن عبد الله بن رُستَهْ، حدثنا سليمان بن داود الشاذَكُوني، حدثني محمد بن عمر قال: وأبو العاص بن الرَّبيع بن عبد العُزّى بن عبد شمس بن عبد مَناف بن قُصيّ، واسم أبي العاص مِقسَم، وأمُّه هالةُ بنت خُويلد بن أسد بن عبد العُزّى بن قُصيّ، وخالتُه خديجةُ بنت خُويلد زوجُ النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم زَوَّجه ابنتَه زينبَ قبلَ الإسلام، فولَدَت له عليًا وأُمامة، فتُوفّي عليٌّ وهو صغير، وبقيت أُمامةُ إلى أن تزوّجها عليُّ بن أبي طالب بعد وفاةِ فاطمةَ رضي الله عنها.
وكان أبو العاص فيمن شهد بدرًا مع المشركين، فأسرَه عبدُ الله بن جُبير بن النعمان الأنصاري رضي الله عنهما، فلما بعث أهلُ مكة في فِداء أُساراهم قَدِم في فِداء أبي العاص أخوه عَمرو بن الرَّبيع
(2)
.
= وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1921)، وفي "الجهاد"(225)، والطبراني في "الكبير"(1320)، وأبو نُعيم في "دلائل النبوة"(519) من طريق الوليد بن مسلم، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3399)، وأبو بكر الروياني في "مسنده"(1002)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(8091) من طريق صدقة بن خالد، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 356 من طريق الوليد بن مَزْيَد البيروتي، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به وذكر الوليد بن مسلم في روايته تصريح ابنة ثابت بن قيس بسماعها هذا الخبر من أبيها. وزاد الوليد بن مسلم وصدقة نحو الزيادة التي زادها بشر بن بكر في روايته عند أبي يعلى في "مسنده الكبير" كما تقدم.
والبُرمة: القِدر.
(1)
الخَتَن: هو اسم يجمع زوجَ الابنة وأبا الزوجة، وإنما كان أبو العاص زوج زينب ابنة النبي صلى الله عليه وسلم. وسيذكر المصنف ترجمة أبي العاص بن الربيع مرة أخرى بين يدي الخبر (6838).
(2)
وقال مثل ذلك ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 8/ 5 - 6، لكنه أسند الشطر الثاني من هذا الخبر في شهود أبي العاص بدرًا مع المشركين وأسره وفدائه عن شيخه محمد بن عمر الواقدي، عن المنذر بن سعد مولى بني أسد بن عبد العُزّى، عن عيسى بن معمر، عن عبّاد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة.
وسائر الخبر ذكره ابن سعد من قوله هو، والغالب أنه أخذه عن شيخه محمد بن عمر الواقدي. =
قد ذكرتُ فيما تقدَّم ما وقع بينه وبين زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن استُشهدت زينبُ، فاسمعِ الآن حُسنَ عاقبةِ أبي العاص، وحسنَ إسلامه، وانتقالَه إلى المدينة حتى تُوفّي بحَضْرة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم:
5109 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عبّاد بن عبد الله بن الزُّبَير، عن أبيه، عن عائشةَ زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لما بعثَ أهلُ مكةَ في فِداء أُساراهم بَعثتْ زينبُ ابنةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في فِداء أبي العاص بمالٍ، وبعثتْ فيه بقلادةٍ كانت خديجةُ أدخلَتْها بها على أبي العاص حين بَنى عليها، فلمّا رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم تلكَ القِلادةَ رَقَّ لها رِقّةً شديدةً، وقال:"إن رأيتُم أن تُطلِقوا أسيرَها، وتَردُّوا عليها الذي لها فافعلُوا"، فقالوا: نعم يا رسول الله، فأطلَقُوه ورَدُّوا عليه الذي لها
(1)
.
ولم يَزَل أبو العاص مُقيمًا على شِرْكه حتى إذا كان قُبَيلَ فتح مكةَ خرج بتجارة إلى الشام بأموال من أموال قريش أَبضَعُوها معه، فلما فَرَغ من تجارتِه وأقبلَ قافلًا،
= وفي أخبار أبي العاص بن الربيع وزواجه بزينب جزءٌ لطيف لعبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، فليُرجع إليه.
وسيأتي برقم (7010) من طريق الواقدي بإسناده إلى ابن عباس أنَّ زينب ولدت عليًا وأمامة.
وممَّن ذكر عليًا ابن زينب أيضًا الزبير بن بكار كما في "المعجم الكبير" للطبراني 22/ (1046)، وابن منده كما في "تاريخ دمشق" لابن عساكر 43/ 8، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" 5/ 2968. وقد اختُلف في اسم أبي العاص، فسيأتي برقم (6838) أنَّ اسمه مهشم - من الهشم - وقيل: القاسم، وقال الزبير بن بكار فيما أسنده عنه الطبراني في "الكبير" 19/ (451): هو الثبت في اسمه، ونقل الزبير أنه قيل في اسمه: لقيط. وقال البَلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 397: الثبت أن اسمه لقيط. وبه جزم ابن معين وعمرو الفَلّاس كما في "تاريخ دمشق" 67/ 5، وجزم به كذلك ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" وابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار" وابن عبد البر في "الاستيعاب".
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق. وهو مكرر الحديث السالف برقم (4352).
لقيَتْه سريّةٌ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو الذي وجَّه السَّرِيَة للعِير التي فيها أبو العاص قافلةً من الشام، وكانوا سبعين ومئةَ راكبٍ، أميرُهم زيد بن حارثة، وذلك في جمادى الأولى في سنة ستٍّ من الهجرة، فأخَذُوا ما في تلك العِير من الأثقال، وأسرُوا أناسًا من العِير، فأعجزَهم أبو العاص هَرَبًا، فلما قَدِمَت السريّةُ بما أصابوا أقبل أبو العاص من الليل، حتى دخل على زينبَ ابنةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستجارَ بها فأجارتْه؛ في طلب ماله، فلمّا خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الصبح فكبَّر وكبَّر الناسُ معه
(1)
.
(1)
قصة أبي العاص هذه في تجارته بأموال قريش إلى الشام، وتصدي سرية زيد بن حارثة له إثر رجوعه واغتنام تلك الأموال إنما سمعها ابن إسحاق من عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يرويها مرسلةً كما وقع عن البيهقي في "السنن" 9/ 143 وفي "دلائل النبوة" 4/ 85 عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده هذا الذي هنا إلى ابن إسحاق، وزاد فيها ما سيذكره المصنِّف بعد ذلك برقم (5111) من ردّ تلك الأموال إلى أبي العاص وحمله لها إلى مكة وإعادتها لقريش، ثم إعلانه الإسلامَ بعد ذلك، كل ذلك يرويه ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر مرسلًا. فبان بذلك أنَّ صنيع المُصنِّف هنا في "المستدرك" من عطفه قصة أبي العاص على قصة زينب لما أرسلت بقلادتها لفداء أبي العاص بعد أسره يوم بدر، وهمٌ منه رحمه الله تعالى، لأنه أوهم أنَّ القصتين مرويتان بالإسناد الموصول نفسه. وقد أشار البيهقي في مواضع من "سننه الكبرى" كما في الموضعين 6/ 322 و 9/ 95 إلى وجود فروقات في رواية الحاكم لبعض أخبار "سيرة ابن إسحاق"، بين كتابه "المستدرك" و"مغازي ابن إسحاق" بروايته عن أبي العباس الأصم عن أحمد بن عبد الجبار العُطاردي عن يونس بن بُكَير عن ابن إسحاق، وهذا يشير إلى أنَّ الحاكم كان ضبطُه لرواية كتاب "مغازي ابن إسحاق" أحسن من ضبطه لهذه الرواية في "المستدرك"، وذلك لأنه من المعلوم أنَّ إملاءه للمستدرك كان بعد أن تقدَّمت سنُّه وكبر، فكان ربما وصل مقطوعًا أو مرسلًا كما حصل معه هنا وفي الروايتين التاليتين أيضًا، والله أعلم.
وقد وقع مثل ما وقع هذا أيضًا في رواية الطبري في "ذَيل المُذيّل" كما في "منتخبه" لعُريب القرطبي المطبوع بأثر "تاريخ الطبري" 11/ 499، وهو وهمٌ كذلك، لأنَّ الطبري نفسه أورد القصتين المشار إليهما في "تاريخه" 2/ 468 - 470 مبيِّنًا فيهما مُفصِّلًا رواية عائشة في قصة زينب وفدائها زوجها أبا العاص يوم بدر عن رواية عبد الله بن أبي بكر المرسلة في قصة أبي العاص، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والإسناد في الكتابين إلى ابن إسحاق واحدٌ، فما جاء في "تاريخ الطبري" أولى ممّا وقع في "ذيل المذيَّل"، ولعلَّ ذلك يكون من صنيع عُريب القرطبي لدى انتخابه لكتاب "ذيل المذيَّل" اختصر فأخلَّ، والله تعالى أعلم.
وكذلك جاءت القصتان مفصولتين في رواية محمد بن سَلَمة الحَرَّاني عن ابن إسحاق عند الطبراني في "الكبير" 22/ (1050)، وكذا في رواية زياد بن عبد الله البكائي كما في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 657، لكن ظاهر ما وقع في رواية ابن هشام عن البكائي أن قصة أبي العاص هذه من قول ابن إسحاق نفسه لم يذكر فيها عبد الله بن أبي بكر، وقد ثبت ذكره في رواية غير البكائي، فهو المعتمد.
لكن ليس في شيء من روايات ابن إسحاق فِقرة: وقيل: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو الذي وجَّه السرية للعير، إلى قوله: سنة ستّ من الهجرة، فلم ترد إلّا هنا وفي رواية الطبري في "ذيل المذيَّل".
وقد رواها الواقدي في "مغازيه" 2/ 553، وعنه ابن سعد في "الطبقات" 5/ 6 - 7 عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه مرسلًا. وقد انفرد به الواقدي عن شيخه موسى بن محمد التيمي، وموسى هذا منكر الحديث لا يُكتب حديثه عند الأئمة.
وقد روى قصة خروج أبي العاص في تجارته إلى الشام أيضًا موسى بن عقبة في روايته عن الزهري عند البيهقي في "دلائل النبوة" 4/ 174، وجاء في روايته أنَّ الذين تعرضوا للقافلة هم: أبو بَصير وأبو جَنْدل زمن هدنة الحديبية، خلافًا لرواية الواقدي التي فيها أن سرية زيد بن حارثة التي اعترضت القافلة.
فقولُ الواقدي وابن إسحاق يدلُّ على أن قصة أبي العاص كانت قبل الحُديبية، وإلا فبعد الهُدْنة لم تتعرَّض سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قريش، وقول موسى بن عقبة أصوب، وأبو العاص إنما أسلم زمن الهُدنة، وقريش إنما انبسطت عيرها إلى الشام زمن الهدنة، وسياق الزهرى للقصة بين ظاهر أنها كانت في زمن الهدنة، كما قال ابن القيّم في "زاد المعاد" 3/ 282 - 283.
ومما يؤكد ذلك ما جاء في الرواية التالية عند المصنف من قوله صلى الله عليه وسلم لابنته زينب لمّا استجار بها أبو العاص: "لا يخلص إليكِ فإنك لا تَحِلِّين له"، ومعلوم أن تحريم المؤمنات على أزواجهم الكفار لم يكن إلّا بعد هدنة الحديبية لدى نزول سورة الممتحنة.
وسيأتي عند المصنف بعده تمام قصة استجارة أبي العاص بزينب وقبول النبي صلى الله عليه وسلم لجوارها، وهي قصة صحيحة ثابتة.
5110 -
قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن رُومانَ، عن عُروة، عن عائشة، قالت: صرخَتْ زينبُ: أيُّها الناس، إني قد أجَرْتُ أبا العاص بن الربيع، قال: فلما سلَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من صلاته أقبلَ على الناس، فقال:"أيها الناس، هل سمعتُم ما سمعتُ؟ " قالوا: نعم، قال:"أما والذي نفسُ محمدٍ بيدِه، ما عَلِمتُ بشيءٍ كان حتى سمعتُ منه ما سمعتُم، إنه يُجِيرُ على المسلمين أدْناهُم"، ثم انصرفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخَل على ابنتِه زينبَ، فقال:"أيْ بُنيّةُ، أَكرِمي مَثْواهُ، ولا يَخلُصْ إليكِ، فإنك لا تَحِلِّين له"
(1)
.
5111 -
قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم،
(1)
إسناده لا بأس برجاله، لكن المحفوظ فيه أنه من رواية ابن إسحاق عن يزيد بن رومان مرسلًا، ليس فيه عروة ولا عائشة كما أشار إليه ابن عُساكر في "تاريخ دمشق" 67/ 18، وقد رواه المصنِّف نفسه على الصواب في "مغازي ابن إسحاق" كما رواه عنه البيهقي في "سننه الكبرى" 9/ 95 مشيرًا إلى تغاير ما بين روايتي الحاكم هاتين روايته التي في "مغازي إسحاق"، وروايته هذه التي في "المستدرك"، ولم يُرجِّح بينهما البيهقيُّ، وكان البيهقيُّ روى قبلَ ذلك هذه القصة 7/ 185 بإسناد الحاكم الموصول هنا.
وأخرجه على الصواب ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 67/ 18 من طريق أبي الحسين رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن رومان مرسلًا.
وكذلك أخرجه ابن سعد 5/ 8 و 10/ 32 عن يعلى بن عبيد الطنافسي، وابن هشام في "السيرة النبوية" 1/ 657 عن زياد بن عبد الله البكّائي، والطبري في "تاريخه" 2/ 471 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، والطبراني في "الكبير" 22/ (1050) من طريق محمد بن سَلَمة الحَرَّاني كلهم عن ابن إسحاق، عن يزيد بن رومان مرسلًا.
ويشهد لقصة أبي العاص هذه في دخوله في جوار زوجه زينب وقبوله صلى الله عليه وسلم جوارها حديثا أنس بن مالك وأم سلمة الآتيان بالأرقام (7013 - 7015) لكن ليس فيهما قوله صلى الله عليه وسلم لابنته زينب: "أي بنيّة، أكرمي مثواهُ، ولا يَخلُص إليك، فإنك لا تَحِلِّين له".
لكن يؤيد صحة هذا الحرف كونُ القصة كانت بعد هدنة الحديبية كما تقدم بيانه عند الرواية السابقة، أي: بعد نزول آية تحريم المؤمنات على أزواجهم الكفار في سورة الممتحنة.
عن عَمْرة، عن عائشة: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى السَّرِيّة الذين أصابُوا مالَ أبي العاص، وقال لهم:"إنَّ هذا الرجلَ منا حيثُ قد علمتُم، وقد أصبتُم له مالًا، فإن تُحسِنوا تَردُّوا عليه الذي له، فإنا نُحبُّ ذلك، وإن أبَيتُم ذلك فهو فَيْء الله الذي أفاءه عليكم، فأنتم أحقُّ به" قالوا يا رسول الله، بل نَردُّه عليه. قال: فرَدُّوا عليه مالَه، حتى إنَّ الرجلَ ليأتي بالحَبْل ويأتي الرجلُ بالشَّنّة والإداوة، حتى إنَّ أحدَهم ليأتي بالشِّظاظ
(1)
، حتى رَدُّوا عليه مالَه بأسْرِه لا يَفقِدُ منه شيئًا، ثم احتَمَل إلى مكةَ، فأدّى إلى كُلّ ذِي مالٌ من قريشٍ مالَه ممَّن كان أبضَعَ معه، ثم قال: يا مَعشرَ قُريش، هل بقيَ لأحدٍ منكم عندي مالٌ لم يأخذْه؟ قالوا: لا، فجزاك اللهُ خيرًا، فقد وجدناك وفِيًّا كريمًا، قال: فإني أشهد أن لا إلهَ إِلَّا الله وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، وما مَنَعني من الإسلام عندَه إلَّا تخوُّفًا أن تَظُنُّوا أني إنما أردتُ أخذَ أموالِكم، فلما أدَّاها الله عز وجل إليكم، وفَرغْتُ منها أسلمتُ، ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
(1)
الشِّظاظ: العُودُ الذي يُدخَل في عُروة الجُوالِق، وهو الوعاء من جلود وثياب وغيرها.
(2)
إسناده رجاله لا بأس بهم، لكن المحفوظ فيه أنه عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، مرسلًا، ليس فيه ذكر عَمْرة - وهي بنت عبد الرحمن بن سعْد بن زُرارة - ولا عائشة كما رواه سائر أصحاب ابن إسحاق عنه، وقد رواه المصنِّف على الصواب في "مغازي ابن إسحاق" بروايته كما رواه عنه البيهقي في "سننه الكبرى" 9/ 143، وفي "دلائل النبوة" 4/ 85، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 67/ 14، وقد أشار البيهقي في "سننه" 9/ 95 إلى ذلك التغاير في الوصل والإرسال بين رواية الحاكم في "مغازي ابن إسحاق" وبين روايته في "المستدرك" فيما يتعلق بقصة أبي العاص.
وأخرجه على الصواب ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 67/ 12 من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد عبد الجبار، عن يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر مرسلًا.
وكذلك أخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 1/ 658 عن زياد البكائي، والطبري في "تاريخه" 2/ 471 - 472 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، والطبراني في "الكبير" 22/ (1050) من طريق محمد بن سَلَمة الحرَّاني، كلهم عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر مرسلًا. =
5112 -
قال ابن إسحاق: فحدثني داود بن الحُصين، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، قال: ردَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زينب بالنكاحِ الأول، لم يُحدِثْ شيئًا بعد ستِّ سنين
(1)
.
ثم إنَّ أبا العاص رَجَعَ إلى مكة بعدما أسلم، فلم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مَشهدًا، ثم قَدِمَ المدينةَ بعد ذلك فتُوفّي في ذي الحِجّة من سنة اثنتي عشرة، في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وأَوصى إلى الزُّبير بن العَوّام رضي الله عنه
(2)
.
ذكرُ مناقب ضِرار بن الأزوَر الأسَدي الشاعر رضي الله عنه
-
5113 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحَسن بن الجهم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، عن شُيوخه: أنَّ ضِرار بن الأَزْوَر الشاعر، اسمُ
= ويشهد له مرسل موسى بن عقبة عن الزهري عند البيهقي في "دلائل النبوة" 4/ 174، ورجاله ثقات. لكن ليس فيه إسلام أبي العاص.
ويشهد له بأجمعه مرسلُ الشعبي عند ابن هشام 1/ 659، وابن سعد في "طبقاته" 5/ 7، وابن عساكر 67/ 13 و 14. ورجاله ثقات.
والشَّنّة: القِربة.
والإداوة: إناء صغير من جلد يُتخذ للماء.
(1)
إسناده حسنٌ.
وأخرجه الترمذي (1143) عن هناد بن السري، عن يونس بن بكير، بهذا الإسناد. وقال: حديث ليس بإسناده بأس.
وقد تقدم برقم (2847) وسيأتي برقم (7018) من طريق يزيد بن هارون، وسيأتي كذلك برقم (6839) من طريق أحمد بن خالد الوهبي، كلاهما عن محمد بن إسحاق. لكن قال يزيد بن هارون في روايته: بعد سنتين، وخالفه غيره من أصحاب ابن إسحاق، فقالوا: بعد ستِّ سنين.
(2)
هذه الفقرة في رجوع أبي العاص بعدما أسلم حتى وفاته ووصيته للزبير من قول ابن إسحاق كما توضحه رواية البيهقي في "سننه الكبرى" 9/ 15، ومن طريق البيهقي رواه ابن عساكر 21/ 67 - 22 عن أبي عبد الله الحاكم بسنده هذا الذي هنا.
ووافقه عليه الواقديُّ كما عند ابن عساكر 67/ 21 فرواه عن صالح بن كيسان وعيسى بن معمر.
الأزْوَر مالكُ بن أوسِ بن جَذِيمة
(1)
بن رَبيعة بن مالك بن ثعلبة بن أسَد بن خُزيمة، وكان ضرارٌ فارسًا شاعرًا، شهد يوم اليَمامة، فقاتل أشدَّ القِتال حتى قُطِعت ساقاهُ جميعًا، فجعل يَجثُو على رُكبتَيه ويُقاتِل وتطؤُه الخيلُ حتى غَلَبَه الموتُ.
5114 -
أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، حدثنا جَدّي، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحِزامي، حدثنا محمد بن فُليح، عن موسى بن عُقبة، عن ابن شِهاب، قال: قُتل ضِرارُ بن الأَزْوَر الأسَدي يومَ أَجْنادِينَ
(2)
.
5115 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبَهاني، حدثنا محمد بن الحَسَن
(3)
بن علي بن البَرِّي، حدثنا أبي، حدثنا ابن المبارك، حدثنا الأعمش، عن
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: خزيمة، بالزاي بدل الذال، وانظر "اللباب في تهذيب الأنساب" لأبي الحسن عز الدين بن الأثير نسبة (الجَذَمي).
(2)
رجاله ثقات، وهذا أولى من قاله الواقدي في الرواية السابقة، وقد وافق ابنَ شهاب عليه عروةُ بنُ الزبير عند ابن عساكر 24/ 390 و 391، ولهذا قال أبو نعيم في "معرفة الصحابة" بين يدي (3889): هو الصحيح.
وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه الكبير"(1164)، وابن عساكر 24/ 391 من طرق عن إبراهيم بن المنذر، به.
وأخرجه ابن عساكر 24/ 390 - 391 من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة من قوله.
(3)
كذا وقع عند المصنف في هذا الموضع روايتُه عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني - وهو الصفّار - عن محمد بن الحسن علي بن البَرِّي - وهو ابن بحر البَرِّي - عن أبيه، والمحفوظ في سائر رواياته عن أبي عبد الله الصفّار عن الحسن بن علي بن بحر - والد محمد - عن أبيه علي بن بحر، وهذا هو الصواب، فإن الحسن بن علي لم يدرك ابنَ المبارك قطعًا، إذ توفي ابن المبارك سنة إحدى وثمانين ومئة، وتوفي الحسن سنة ثمانين ومئتين كما أرّخه الذهبي في "تاريخ الإسلام"، ونقل مغلطاي عن مسلمة بن قاسم أنه أرّخ وفاته سنة ثمان وسبعين ومئتين، إذًا فبين وفاتيهما سبعةٌ وتسعون عامًا على أقل تقدير، وإلّا فتسعة وتسعون عامًا، وأما علي بن بحر فلا شك بإدراكه لابن المبارك.
يعقوب بن بَحِير، عن ضرار بن الأزْوَر قال: أتيتُ النبيّ صلى الله عليه وسلم بلَقُوحٍ من أهلي، فقال لي:"احلُبْها" فذهبتُ لأُجْهدَها، فقال:"لا تُجهِدْها، دَعْ داعيَ اللَّبَنِ"
(1)
.
صحيح الإسناد، ولا نحفظ لضرارٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرَ هذا.
فأما فضيلتُه، فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم له لما أنشدَه قصيدتَه التي:
5116 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو عمر أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق، أخبرني داود بن الحُصين، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ ضِرار بن الأزْوَر لما أسلَمَ أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأنشأَ يقول:
تركتُ القِداحَ وعَزْفَ القِيَا
…
نِ والخمرَ تصْلِيةً وابتِهالا
وكَرُّ المُحبَّرِ في عُمْرةٍ
…
وجَهدِي على المشركين القِتالا
وقالت جميلةُ: بَدَّدْتَنا
…
وطَرَّحتَ أهْلَكَ شَتَّى شِلالا
فيا ربِّ لا أُغْبَنَنْ صَفْقَتي
…
فقد بِعتُ أهلي ومالي بِدَالا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما غُبِنتَ صَفْقتك يا ضِرارُ"
(2)
.
(1)
مرفوعه حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير يعقوب بن بَحير، فلا يُعرف، وقد اختُلف في تعيين التابعي على الأعمش كما تقدَّم بيانه برقم (2397).
(2)
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.
وسيأتي عند المصنف برقم (6747) من طريق أخرى ضعيفة عن ضرار.
قوله: تركت القِداح، أي: السَّهام التي كانوا يستكشفون بها الغيب.
والقِيان: المغنيات من الجواري.
وتَصْليةً، أي: استغفارًا.
وابتهالًا: تضرعًا الله تعالى.
والمحبَّر: اسم فرس ضرار بن الأزور.
وبَدَّدتَنا: فَرَّقتَنا.
وشِلالًا: أي: مطرودين.
ذكرُ مناقب أبي كَبْشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
5117 -
أخبرني أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا موسى بن زكريا التُّستَري، حدثنا خَليفة بن خَيّاط العُصفُري، قال: مات أبو كَبْشةَ مولى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سنةَ ثلاثَ عشرةَ
(1)
.
5118 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، عن شيوخه، قالوا: أبو كَبْشة مولى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم اسمُه سُلَيم، وكان من مُولَّدي أرض دَوْس، شهدَ أبو كَبْشة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا وأُحدًا والمَشاهدَ كلَّها.
وتوفي أولَ يوم استُخلِف فيه عمرُ بن الخطّاب، وذلك يومَ الثلاثاء لثَمانِ ليالٍ بَقِين من جُمادى الأولى سنة ثلاثَ عشرةَ من الهجرة
(2)
.
5119 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا أبو الأسود، عن عُروة بن الزُّبَير، قال: وكان ممَّن شهد بدرًا من بني هاشم بن عبد مَنَاف أبو كَبْشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1)
كذا وقع في نسخنا الخطية، وهو خطأ، فقد جاء هذا الخبر في "تاريخ خليفة بن خياط" ص 156 وفيه تأريخ وفاة أبي كبشة سنة ثلاث وعشرين، وكذلك رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 298 من طريق أبي الحسن أحمد بن عمران بن موسى الأُشناني، عن موسى بن زكريا التُّستَري، عن خليفة.
(2)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 46 عن محمد بن عمر الواقدي من قوله هو، غير تسمية أبي كبشة، وكونه من مولّدي أرض دوس، فذكرها ابن سعد من قوله لم ينسبها لشيخه الواقدي.
وقد ذكر مصعب بن عبد الله الزبيري كما في "تاريخ دمشق" 4/ 98، مثل قول الواقدي هذا. ووفاة أبي كبشة في هذا التاريخ هو قول سائر أصحاب التراجم الذين أرّخوا وفاته، خلافًا لقول خليفة الذي انفرد به بالقول بأنه توفي في سنة ثلاث وعشرين.
ذكرُ مناقب طُلَيب بن عُمير بن وَهْب بن كَثير بن عبد بن قُصَيّ
يُكنى أبا عَدِيّ، وكان من مُهاجِرة الحَبَشة في قول جميع أهل السِّير، وشهد بدرًا، وقتل يوم أَجنادين بالشام شهيدًا في جمادى الأولى سنة ثلاثَ عشرةَ، وهو ابن خمس وثلاثين سنة.
5120 -
حدثنا بجميع ذلك أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، عن شُيوخه
(1)
.
(1)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 115 عن محمد بن عمر الواقدي، عن عبد الله بن جعفر، عن إسماعيل بن محمد بن سعد ومحمد بن عبد الله بن عمرو قالا. وعن محمد بن عمر الواقدي، عن قدامة بن موسى، عن عائشة بنت قدامة، قالوا
…
فذكروا مقتل طُليب بن عُمير ومكانه وسنّه إذّاك.
وأما شهود طُليب بدرًا فهو عند ابن سعد 3/ 114 عن الواقدي، ثم قال ابن سعد: ولم يذكره موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر ممن شهد بدرًا. كذا قال، مع أن موسى بن عقبة ذكره عن الزهري فيمن شهد بدرًا كما أخرجه عنه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(345).
وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 362: شهد بدرًا في قول ابن إسحاق والواقدي، وقد سقط في بعض الروايات عن ابن إسحاق.
وذكره فيمن شهد بدرًا كذلك الكلبي في "جمهرة أنساب العرب"، ومصعب بن عبد الله الزبيري في "نسب قريش"، والزبير بن بكار كما في "تاريخ دمشق" 25/ 142 و 143، فالأكثرون إذًا على شهود طُليب بدرًا.
وأما كونه من مهاجرة الحبشة، فقال ابن سعد 3/ 114: ذكروه جميعًا من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر ومحمد بن عمر، وأجمعوا على ذلك.
قلنا: ذكره ابن إسحاق كما في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 324، وموسى بن عقبة ذكره عن الزهري عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(3977).
وذكر موسى بن عقبة أيضًا عن الزهري عند أبي نعيم في "المعرفة"(3977): أنَّ طليبًا قُتل يوم أجنادين، وكذلك قال عروة وابن إسحاق عند ابن عساكر 25/ 146 و 147. =
5121 -
أخبرنا محمد بن المُؤمَّل بن الحسن، حدثنا الفضْل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا إسحاق بن محمد الفَرْوي، حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيمي، حدثني أبي، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن، قال: أسلمَ طُلَيب بن عُمَير في دار الأرقم، ثم خرج فدخل على أمّه، وهي أرْوى بنت عبد المُطَّلب، فقال: تَبعتُ محمدًا وأسلمتُ لله رب العالمين، فقالت أمُّه: إن أحقَّ من وَازرْتَ ومن عاضَدْتَ ابنُ خالك، والله لو كنا نقدِرُ على ما يَقدِرُ عليه الرجالُ لتَبِعناهُ، ولذَيَبنا عنه، قال: فقلتُ: يا أماه، وما يمنعُك أن تُسلِمِي وتَتّبعيه؟! فقد أسلم أخوك حمزة! فقالت: أنظُرُ ما يصنعُ أخَواتي ثم أكونُ إحداهُن، قال: قلتُ: أسألُك باللهِ إلَّا أتيتيهِ فسلّمتِ عليه وصدقتِيهِ، وشهدتِ أنَّ لا إله إلَّا الله، قالت: فإني أشهدُ أن لا إله إلَّا الله وأشهد أنَّ محمدًا رسولُ الله، وكانت بعد تعضُد النبيَّ صلى الله عليه وسلم بلسانها
(1)
، وتَحُضُّ ابنَها على نُصرتِه وبالقيام بأمرِه
(2)
.
صحيح غريب على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
= وخالفهم مصعبٌ الزبيري في نسب قريش" ص 257، فقال: استشهد يوم اليرموك، ورواه كذلك الطبري في "تاريخه" 3/ 402 عن سيف بن عمر، عن أبي عثمان يزيد بن أسيد الغَسّاني وشيخ آخر اسمُه خالد.
(1)
في (ز) و (ب) رُسمت هكذا: "سالها"، وضُبِّب فوقها في (ز) وهي محرفة عن "بلسانها"، فقد أورد ابن سعد 3/ 114 هذا الخبر، فقال فيه:"بلسانها" وكذلك نقله عن ابن سعد غير واحد، وتُرك موضعها في (ص) و (م) و (ع) بياضًا.
(2)
إسناده ضعيف لضعف موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيمي، وإسحاق بن محمد الفَرْوي ليّنُ الحديث، لكن تابعه محمد بن عمر الواقدي عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 114 و 10/ 42، غير أنَّ الواقدي لم يذكر في إسناده أبا سلمة بن عبد الرحمن، فجعله من مرسل محمد ابن إبراهيم التيمي.
وسيذكر المصنِّف إسلامَ أروى بنت عبد المطلب برقم (7041) و (7053) عن أبي عبد الله الواقدي، وأسند عنه خبرًا يدل على ذلك فيُرجَع إليه.
ذكرُ مناقب عمرو بن سعيد بن العاص بن أُميّة بن عبد شَمْس بن عبد مَنَاف
5122 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحسن، حدثنا الحُسين، حدثنا محمد بن عمر، قال عمرو بن سعيد بن العاص بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مَناف.
5123 -
فحدّثني عبدُ الحكيم بن عبد الله بن أبي فَرْوة، عن عبد الله بن عمرو بن سعيد بن العاص، قال: لما أسلم خالد بن سعيد وصنَع به أبوه أبو أحَيْحةَ ما صنَع، فلم يَرجِعْ عن دِينِهِ ولَزِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ابنُه عمرو بنُ سعيد على دِينِه، فلما أسلم عَمرو ولَحِق بأخيه خالدٍ بأرضِ الحبَشة ومعه امرأتُه فاطمة بنت صفوان بن أُميَّة
(1)
.
5124 -
قال محمد بن عمر: وحدثني جعفر بن محمد بن خالد، عن إبراهيم بن عُقبة، عن أم خالد بنت خالد قالت: قَدِمَ علينا عمِّي عمرو بن سعيد أرضَ الحبشة بعد مَقدم أبي بسنَتين
(2)
فلم يَزلْ هُنالِك، حتى حُمل في السفينتَين مع أصحابِ
(1)
ورواه ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 4/ 89 و 94 عن شيخه محمد بن عمر الواقدي، بإسناده هذا. وعبدُ الحكيم بن عبد الله بن أبي فَرْوة لا بأس به، وشيخه عبد الله بن عمرو بن سعيد بن العاص مجهول لا يُعرف، وليس هو ابنًا لصاحب الترجمة كما قد يتبادر إلى الذهن، فصاحب الترجمة ليس له عَقِبٌ كما نصَّ عليه ابن سعد وغيره، فقد يكون من أحفاد أحد إخوته.
وقد روى محمد بن عمر الواقدي قصة أبي أُحيحة سعيد بن العاص بن أمية مع ابنه خالد بن سعيد لما أسلم بأبسط مما هنا بإسناد آخر سيأتي عند المصنف برقم (5160).
وخبر إسلام خالد بن سعيد بن العاص وأخيه عمرو وهجرتهما إلى الحبشة مشهور عند أهل المغازي والسير.
وروى ابن سعد 4/ 90 قصة إسلام عمرو بن سعيد وهجرته للحبشة مع امرأته فاطمة بنت صفوان عن محمد بن عمر الواقدي، عن جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام، عن محمد بن عبد الله بن عثمان بن عفان معضلًا.
(2)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: سفيان، وأثبتناه على الصواب من (ص) و (م)، وهو الموافق لما =
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقَدِمُوا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو بخَيبر سنةَ سبعٍ من الهجرة، فشهِد عَمرو مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم الفتحَ وحُنين
(1)
والطائفَ وتَبوكَ، فلما خرج الجنودُ
(2)
إلى الشام كان فيمن خرج، فقُتل يوم أجْنادين شهيدًا في خلافة أبي بكر الصّدّيق في جُمادى الأولى سنة ثلاثَ عشرةَ، وكان على الناس يومئذ عمرو بن العاص
(3)
.
5125 -
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المُزكِّي، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا محمد بن عمرو الباهلي، حدثنا الأصمَعي، قال: كان خالدُ بن سعيد وأبان بن سعيد وعمرو بن سعيد من أهل السَّوابق في الإسلام، وأُحيحةُ والعاصُ ابنا سعيد بن العاص قُتِلا يومَ بدرٍ كافِرَين.
وإنما قتلَهما جميعًا علي بن أبي طالب، لِمَا ذكرتُه في ذكر خالِد بن سعيد
(4)
.
ذكرُ مناقب هشام بن العاص بن وائل السَّهْمي رضي الله عنه
-
5126 -
أخبرني أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا موسى بن زكريا التُّستَري، حدثنا خَليفة بن خَيّاط، قال: هشام بن العاص أمُّه [أمّ]
(5)
حَرْملة بنت هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عُمر بن مَخزُوم.
=في "الطبقات" لابن سعد 4/ 95 عن محمد بن عمر - وهو الواقدي - بسنده هذا الذي هنا. وفي "تاريخ دمشق" لابن عساكر 46/ 21، وفي "أسد الغابة" 3/ 727: بيسير.
(1)
كذلك جاءت في نسخنا الخطية: حنين، ممنوعة من الصرف للتأنيث، على إرادة الواقعة، ويجوز أن تكون على لغة ربيعة وغَنْم بأن تكون منصوبة في اللفظ إلّا أنها تكتب بغير ألف للنصب.
(2)
في (ز) و (ع) و (ب): اليهود، والظاهر أنها تحريف عن الجنود، إذ لا معنى لذكر اليهود هنا، وكأنها كانت كذلك في (ص) ثم صوّبت إلى الجدود، وكذلك كانت في (م) ثم صوِّبت إلى الجنود، وهذا هو المناسب للمقام، وفي "الطبقات الكبرى" لابن سعد: فلما خرج المسلمون.
(3)
قد اختُلف في زمن وموضع استشهاد عمرو بن سعيد العاص، فبعضهم قال: استشهد يوم أجنادين، وبعضم قال: يوم مرج الصُّفّر، وبعضهم قال: يوم اليرموك. انظر الخلاف في ذلك في "تاريخ دمشق" 46/ 21 - 24 وإن كان الأكثرون على أنه قتل يوم أجنادين.
(4)
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 46/ 28 بذكر عمرو بن سعيد وحده.
(5)
لفظة "أم" سقطت من نسخنا الخطية، وأثبتناها من "طبقات خليفة" ص 26 و 299.
5127 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، عن شُيوخه، قالوا: هشام بن العاص [بن وائل]
(1)
بن هاشم
(2)
بن سُعَيد
(3)
بن سَهْم، وأمّه حرملة بنت هشام بن المُغيرة، وكان هشامٌ قديمَ الإسلام بمكةَ قبل أخيه عمرو، وهاجر إلى أرضِ الحبشة، ثم قدم مكةَ حين بلغه مُهاجَرُ النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وأراد اللَّحَاق به فحبَسه أبوه وقومُه بمكةَ، حتى قدِم بعد الخندق على النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ، فشَهِد ما بعد بعد ذلك من المَشاهد كلِّها، وكان أصغر سِنًّا من أخيه عَمرو بن العاص.
5128 -
قال ابن عمر: فحدثَني ثَور بن يَزيد، عن خالد مَعْدان، قال: لما بن انهزمتِ الرُّومُ يومَ أجنادينَ انتهَوا إلى موضعٍ ضَيِّق لا يَعبُرُ إلَّا إنسانٌ إنسانٌ، فجعلتِ الرومُ تُقاتل عليه، وقد تَقدَّمُوه وعَبَروه، فتقدّم هشامُ بن العاص بن وائل فقاتَلَهم عليه حتى قُتِل، وذلك في أول خِلافة عُمر بن الخطاب سنة ثلاثَ عشرةَ
(4)
.
(1)
هذه الزيادة من "طبقات ابن سعد" 4/ 178.
(2)
تحرّف في نسخنا الخطية إلى: هشام، وصوَّبناه من مصادر الترجمة والأنساب.
(3)
تحرَّف في (ز) و (م) و (ب) إلى: سعْد، وضُبط في (ص) سَعيد بفتح العين دلالة على أنه تصغير سعْد، وهو الموافق لما ضبطه به الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 3/ 1188، وقال ابن ماكولا في "الإكمال" 4/ 304: اسمه سَعيد، بفتح السين وكسر العين، وقريش تُصغِّره فتسميه سُعَيدًا تصغير سعْد.
(4)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 4/ 180 عن محمد بن عمر الواقدي، بإسناده هذا، وهو مرسل.
لكن ثبت بإسناد أصحّ من هذا عن أبي جهم بن حذيفة - وهو صحابي - عند ابن المبارك في "الجهاد"(116)، وفي "الزهد" (525) - ورواه غير واحدٍ من طريق ابن المبارك: أنَّ هشام بن العاص استُشهد يوم اليرموك. وإسناده صحيح.
وثبت كذلك عن عمرو بن العاص أخي هشام أنَّ أخاه هشامًا استُشهد يوم اليرموك، كما رواه ابن سعد 4/ 179، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 360، وغيرهما بإسنادين أحدهما صحيح =
5129 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خَلَف القاضي، خَلَف القاضي، حدثنا محمد بن سعد العَوْفي، حدثنا أبي، حدثنا مَخْرَمة بن بُكَير بن الأشَجِّ، عن أم بكر بنت المِسوَر بن مَخْرمة، قالت: كان هشامُ بن العاص بن وائل رجلًا صالحًا، رأى يوم أجْنادِينَ من المسلمين بعضَ النُّكُوص عن عَدوّهم، فألقى المِغفَر، ثم قال: يا معشرَ المسلمين، إن هؤلاء الغُلْفانَ لا صَبْرَ لهم على السَّيف، فاصنَعُوا كما أصنَعُ، قال: فجعل يَدخُل وسطهم فيقتُل النفرَ منهم، جعل يتقدَّم في نَحْر العَدوّ وهو يَصيحُ: إليَّ يا معشر المسلمين، إليَّ أنا هشامُ بن العاص بن وائل، أمِنَ الجنةِ تَفِرُّون؟! حتى قُتل
(1)
.
5130 -
أخبرني حامد بن محمد المُذكِّر، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حَجّاج بن مِنْهال، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، أبي أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ابنا العاص مُؤمنان: هشامٌ وعَمرٌو"
(2)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5131 -
حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا جعفر بن محمد الفِرْيابي، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدّمشقي، حدثنا عبد الرحمن بن بَشير، عن محمد بن إسحاق، أخبرني نافع، عن ابن عمر، قال: كنا نقولُ: ما لأحدٍ توبةٌ إذا تَرَكَ دينَه بعد إسلامه ومَعرفتِه، فأنزلَ الله فيهم: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ
= والآخر محتمل للتحسين فهذا هو الثبتُ في استشهاد هشام بن العاص أنه كان يوم اليرموك. والله تعالى أعلم.
(1)
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 180، ومن طريقه ابن الجوزي في "المنتظم" 4/ 158 عن محمد بن عمر الواقدي، عن مخرمة بن بُكَير، عن أم بكر. وهذا مرسل والصحيح أن هشام بن العاص استُشهد يوم اليرموك كما سبق.
(2)
إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي.
وأخرجه أحمد 13/ (8042) و 14/ (8338) و (8641) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (6019) من طريق عفان بن مسلم عن حماد.
لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر:53] وكتبتهُا بِيَدِي، ثم بعثتُ بها إلى هشامِ بن العاصِ بن وائل، فصاحَ بها، فجلس على بَعِيره، ثم لَحِق بالمدينة
(1)
.
ذكرُ مناقب عِكرمةَ بن أبي جَهْل، واسمُ أبيه مشهورٌ
5132 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين، حدثنا محمد بن عمر، أنَّ أبا بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة حدّثَه عن
(2)
موسى بن عُقبة، عن أبي حَبِيبة مولى عبد الله بن الزُّبير، [عن عبد الله بن الزُّبَير]
(3)
قال: فلما كان يومُ فَتْح مكةَ هرب عِكْرمةُ بن أبي جهل، وكانت امرأتُه أمُّ حكيم بنتُ الحارث بن هشام امرأةً عاقلةً أسلمتْ، ثم سألتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأمَرَها بردِّه، وقالتْ له: جِئتُك من عند أَوصَلِ الناسِ وأبرِّ الناسِ وخَيرِ الناس، وقد استأمَنتُ لك فأمَّنَك، فرجع معها، فلما دنا من مكة قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"يأتيكُم عِكْرمة بن أبي جَهل مُؤمِنًا مُهاجرًا، فلا تَسبُّوا أباه، فإِنَّ سَبَّ الميتِ يُؤذي الحيَّ ولا يَبلُغُ الميتَ"، فلما بلغ بابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم استَبْشَر ووَثَبَ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قائمًا على رجليه فَرَحًا بقُدومِه
(4)
.
(1)
إسناده حسنٌ من أجل محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن بَشِير - وهو الشَّيباني الدمشقي - لكن الصحيح أنَّ هذا الحديث لعمر بن الخطّاب يرويه عنه ابنه عبد الله بن عمر، كذلك جاء في سائر الروايات عن ابن إسحاق، كالرواية المتقدمة عند المصنف برقم (3670) من طريق عبد الله بن إدريس عن ابن إسحاق، وأغلبُ الظنّ أنَّ الوهم هنا في إسقاط ذكر عمر بن الخطاب من جهة عبد الرحمن بن بَشير الشيباني، فهو حسنُ الحديث في أقل أحواله حسب ما نقله ابن حجر في "اللسان" من أقوال الأئمة فيه، لكن ذكر أبو حاتم الرازي أنه يروي عن ابن إسحاق غير حديث منكرٍ.
وأخرجه الطبراني 22/ (462) عن جعفر بن محمد الفريابي، بهذا الإسناد.
(2)
لفظ "عن" سقط من (ز) و (ب) والمطبوع.
(3)
سقط من نسخنا الخطية، وقد أثبتناه من رواية البيهقي في "المدخل"(710) عن أبي عبد الله الحاكم، وهو ثابت في رواية محمد بن عمر الواقدي كما في "المغازي" له 2/ 850، و"طبقات ابن سعد" 6/ 85 عن الواقدي بإسناده هذا الذي هنا.
(4)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل أبي بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة، فهو متروك الحديث، =
5133 -
أخبرَناهُ محمد بن محمد البغدادي، حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحَرّاني، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسوَد، عن عُروة قال: فَرَّ عِكرمةُ بن أبي جَهْل يومَ الفتح عامدًا إلى اليمن، وأقبلَت أمُّ حكيم بنت الحارث بن هشام، وهي يومئذ مُسلِمةٌ، وهي تحت عِكرمةَ بن أبي جَهْل، فاستأذنتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في طلب زوجِها، فأذِنَ لها وأمَّنَه، فخرجتْ برُوميٍّ لها، فراوَدَها عن نفسِها، فلم تَزَل تُمنِّيه وتُقرِّب له، حتى قَدِمتْ على أُناسٍ من عَكٍّ
(1)
، فاستغاثَتْهم عليه، فأوثَقُوه،
= واتهمه بعضُهم، وقد انفرد بالخبر بهذا الإسناد، ومحمد بن عمر - وهو الواقدي - لا يُعتبر بما ينفرد به أيضًا. على أنَّ خبر عكرمة بن أبي جهل وامرأته هذا مشهور عند أهل المغازي والسير.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(710) و (711) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد مختصرًا.
وهو عند الواقدي في "المغازي" 2/ 850 - 851، ومن طريق رواية "المغازي" أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 41/ 62 - 63.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 6/ 85، ومن طريقه ابن عساكر 41/ 64 و 70/ 255، وابن الجوزي في "المنتظم" 4/ 155 عن محمد بن عمر الواقدي، به.
وسيأتي هذا الخبر عند المصنف بنحوه من رواية عروة بن الزبير مرسلًا بالرقمين الآتيين بعده، لكن دون ذكر النهي عن سبِّ الأموات.
ومثله عن الزهري مرسلًا عند ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 418، ومالك في "الموطأ" 2/ 545، وعبد الرزاق (12646)، وابن سعد 6/ 86، وغيرهم، دون ذكر النهي عن سبِّ الأموات كذلك.
وقد روي هذا الحرفُ مفردًا في قصة عكرمة بن أبي جهل حبيبُ بن أبي ثابت مرسلًا عند هناد في "الزهد"(1170)، ورجاله لا بأس بهم.
وعن عمرو بن دينار مرسلًا عند ابن عساكر 41/ 67، ورجاله لا بأس بهم كذلك.
وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم النهيُ عن سبِّ الأموات كما سلف عند الحديث المتقدم برقم (1435) وما بعده.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: عكة، وكُتب في هامش (ز) على الصواب بخط مغاير، وفاقًا لسائر مصادر تخريج الخبر. وعَكٌّ قبيلة يُضاف إليها مخلافٌ باليمن.
فأدركَتْ زوجها ببعضِ تِهامةَ، وقد كان رَكِبَ في سفينةٍ فلما جلس فيها نادى باللاتِ والعُزَّى، فقال أصحابُ السفينة: لا يجوزُ هاهنا أحدٌ يدعو شيئًا إلَّا الله وحده مُخلِصًا، فقال عِكْرمةُ: واللهِ لئن كان في البحر وحدَه، إنه في البَرِّ وحدَه، أُقسِمُ بالله لأرجعنّ إلى محمدٍ، فرَجَع عِكْرمةُ مع امرأتِه فدخَل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايَعه فقَبِلَ منه.
ودخَل رجلٌ مِن هُذيل حين هُزِمت بنو بَكْرٍ على امرأته فارًّا فلامَتُه وعَجَّزَتْه وعَيَّرتْه بالفِرَارِ، فقال:
وأنتِ لو رأيتِنا بالخَندَمَهْ
…
إذ فَرَّ صفوانُ وفَرَّ عِكْرِمَهْ
وأَلحَمُونا بالسُّيوفِ المُسلِمَهْ
…
يَقطَعن كلِّ ساعدٍ وجُمجُمَهْ
لم تَنطِقي في اللَّوم أدنَى كَلِمَهْ
قال عُروة: واستُشهِدَ يوم أجْنادِينَ من المسلمين، ثم من قريش، ثم بني مَخزُومٍ عِكْرمةُ بن أبي جَهل
(1)
.
(1)
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 49 - 50 و 98 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (1020) عن محمد بن عمرو بن خالد، به.
وروي مثلُه عن موسى بن عُقبة، عن الزهري مرسلًا، عند البيهقي 5/ 39 - 47، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 41/ 62 ورجاله ثقات، لكن ليس فيه ذكر قصة السفينة.
وأخرج قصة السفينة مفردة النسائي (3516) من حديث سعد بن أبي وقاص، بإسناد حسن. وأخرجها كذلك الطبراني 17/ (1019) من مرسل ابن أبي مُليكة، ورجاله ثقات.
وأخرجها أيضًا ابن عساكر 41/ 65 من مرسل سليمان التيمي، ورجاله ثقات.
واستشهاد عكرمة بأجنادين هو أصحُّ ما قيل في ذلك، وقد وافق عروةَ بنَ الزبير عليه موسى بن عقبة كما في التاريخ "الأوسط" للبخاري 1/ 355. وهو الذي جزم به محمد بن عمر الواقدي فيما نقله عنه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 88. ورواه موسى بن عقبة عن الزهري كما في "تاريخ دمشق" 41/ 71. وانظر ما سيأتي برقم (5135).
والخدمة: جبل أسفل مكة، تجمع فيه ناس من قريش يوم الفتح ليقاتلوا المسلمين، وكان منهم صفوان بن أمية وسُهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم.
5134 -
حدثنا أحمد بن سهل الفقيه ببُخارَى، حدثنا سهل بن المُتوكِّل، حدثنا إسماعيل بن أبي أُويس، عن أبيه، عن الزُّهْري، عن عُروة بن الزُّبَير، قال: قال عِكرمةُ بن أبي جَهْل: لما انتهيتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلتُ: يا محمد، إن هذه أخبرتْني أنك أَمَّنتَني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنتَ آمِنٌ"، فقلتُ: أشهد أن لا إله إلَّا الله وحدَه لا شَريكَ له، وأنتَ عبدُ الله ورسولُه، وأنتَ أبَرُّ الناس، وأصدَقُ الناسِ، وأَوفَى الناس، قال عِكْرمةُ: أقولُ ذلك وإني لَمُطأطئٌ رأسي استحياءً منه، ثم قلتُ: يا رسول الله، استغِفرْ لي كلَّ عداوة عاديتُكَها، أو مَركبٍ أو ضَعتُ فيه أريدُ فيه إظهارَ الشِّرك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم اغفِرْ لعكرمةَ كلَّ عداوةٍ عادانيها أو مَركبٍ أَوضَعَ فيه يريدُ أن يَصُدَّ عن سَبيلك"، قلت: يا رسول الله، مُرْني بخيرِ ما تَعلَمُ فأعملَه، قال:"قُل: أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا الله، وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، وتُجاهِدُ في سبيله"، ثم قال عكرمة: أما واللهِ يا رسولَ الله، لا أدعُ نفقةً كنتُ أُنفِقُها في صَدٍّ عن سبيل الله إلَّا أنفقتُ ضِعفَها
(1)
في سبيل الله، ولا قاتلتُ قتالًا في الصّدّ عن سبيلِ الله إِلَّا أَبْلَيتُ ضعفَه في سبيل الله.
ثم اجتَهد في القتال حتى قُتل يومَ أجنادِينَ شهيدًا في خلافة أبي بكر، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعملَه عامَ حَجِّه على هَوازِنَ يُصدِّقُها، فتوفِّي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعِكْرمةُ يومئذٍ بتَبَالَةَ
(2)
.
(1)
في نسخنا الخطية: إلّا أبليت ضعفه، وهو خطأ ناشئ عن انتقال نظر إلى السطر التالي، والمثبت من مصادر التخريج.
(2)
رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسلٌ، وقد روي مثلُه عند أبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي في "مغازيه" 2/ 850 - 852، ومن طريقه أخرجه ابن سعد في "طبقاته" 6/ 85، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 41/ 62 - 64، وابن الجوزي في "المنتظم" 4/ 155 - 156.
وروي مثلُ قول عكرمة بن أبي جهل هنا في سؤاله النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمره بخير ما يعلم وقوله في النفقة والقتال واستشهاده بعد ذلك الضحاك بن عثمان الحِزامي مرسلًا عند ابن عساكر 41/ 66، ورجاله لا بأس بهم. غير أنه قال في آخره: ثم اجتهد في العبادة حتى قُتل زمان عمر بالشام شهيدًا. =
5135 -
أخبرني أبو الحسن العُمَري، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن المُثنّى، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثني أبو يونس القُشَيري، حدثني حبيب بن أبي ثابت: أنَّ الحارث بن هشام وعكْرمة بن أبي جهل وعَيّاش بن أبي رَبيعة ارتُثُّوا
(1)
يومَ اليرموك، فدعا الحارثُ بماءٍ ليشربَه، فنَظَر إليه عِكْرمةُ، فقال الحارثُ: ادفَعُوه إلى عِكرمةَ، فنَظَر إليه عَيّاش بن أبي رَبيعة، فقال عِكرمةُ: ادفَعُوه إلى عيّاش، فما وَصَل إلى عَيّاشٍ ولا إلى أحدٍ منهم حتى ماتُوا وما ذاقُوه
(2)
.
= وروي مثلُه في ذكر النفقة والقتال حسبُ عن أبي إسحاق السَّبيعي عن مصعب بن سعْد مرسلًا كما سيأتي عند المصنف برقم (5136)، لكن بلفظ: إلّا أنفقت مثلها. ووقع عند بعض من خرَّجه مرسلًا: فلما كان يوم اليرموك نزل فترجّل، فقاتل قتالًا شديدًا، فقُتل. كذا وقع بذكر اليرموك، بدل أجنادين، ووافقه حبيب بن أبي ثابت كما سيأتي بعده، وهو قول ضعيف كما تقدم ذكره عند الرواية التي قبله، وانظر ما بعده.
(1)
أي: حُمِلوا من المعركة جَرحَى، والرَّثيث: الجريح.
(2)
رجاله ثقات، لكنه مرسل. أبو يونس القُشَيري: هو حاتم بن أبي صَغيرة.
وقد وافق حبيبَ بن أبي ثابت على ذكر استشهاد عكرمة بن أبي جهل يوم اليرموك أبو إسحاق السَّبيعي عند ابن أبي شيبة 5/ 344 و 13/ 37، قال: فلما كان يوم اليرموك نزل فترجّل فقاتل قتالًا شديدًا، فقتل، فوُجد به بضع وسبعون بين طعنة ورمية وضربة، لكن وقع في رواية ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (202) في خبر أبي إسحاق السبيعي هنا: فلما كان يومُ اليرموك أو غيره، هكذا على الشك.
وممَّن ذكر استشهاد عكرمة يوم اليرموك أيضًا ابن إسحاق كما في "تاريخ خليفة بن خياط" ص 130 - 131، والزبيرُ بنُ بكار في قولٍ كما في "الاستيعاب" لابن عبد البر ص 581.
وفي قول آخر عن الزبير بن بكار أنَّ عكرمة استشهد يوم أجنادين، وفاقًا لقول عروة بن الزبير والزهري وموسى بن عقبة كما تقدم ذكره برقم (5133)، وهو الصحيح.
وهو الذي جزم به الواقدي وأعلَّ خبر حبيب بن أبي ثابت هذا، كما نقله عنه ابن سعد في "طبقاته" 6/ 88 بعد أن أسنده ابن سعد برواية حبيب بن أبي ثابت هذه، قال: فذكرتُ هذا الحديث لمحمد بن عمر - وهو الواقدي - فأنكره، وقال: هذا وهمٌ، روايتنا عن أصحابنا جميعًا من أهل العلم والسيرة أنَّ عكرمة بن أبي جهل قتل يوم أجنادين شهيدًا في خلافة أبي بكر الصدّيق، ولا =
5136 -
أخبرنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو حُذيفة النَّهْدي، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد، عن عِكْرمة بن أبي جهل، قال: قال لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ جئتُ: "مرحبًا بالراكِب المُهاجر، مرحبًا بالراكبِ المُهاجِر، مرحبًا بالراكبِ المُهاجِر" فقلت: والله يا رسولَ الله لا أدَعُ نفقةً أنفقتُها إلَّا أنفقتُ مثلَها في سبيلِ الله عز وجل
(1)
.
= خلاف بينهم في ذلك، وأما عياش بن أبي ربيعة فمات بمكة، وأما الحارث بن هشام فمات بالشام في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة.
وأخرج مرسل حبيب هذا البيهقي في "شعب الإيمان"(3209)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 11/ 504 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 6/ 88، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(2030)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1557)، وابن عساكر 11/ 504، وأبو الحجاج في المزّي في ترجمة الحارث بن هشام من "تهذيب الكمال" 5/ 301 من طرق عن محمد بن عبد الله الأنصاري، به.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3342)، وابن عساكر 47/ 247 من طريق أبي وهب عبد الله بن بكر السَّهمي، عن أبي يونس القُشيري، به.
وقد رُوي نظيرُ هذه القصة في اليرموك أيضًا من حديث أبي جهم بن حذيفة - وهو صحابي - لثلاثة رجال غير الذين ذكرهم حبيب بن أبي ثابت، هم هشام بن العاص أخي عمرو بن العاص، وابن عمٍّ لأبي جهم العدوي ورجل ثالث لم يُسَمَّ، أخرجه ابن المبارك في "الجهاد"(116) وفي "الزهد"(525)، وإسناده صحيح. وكأنَّ هذا هو المحفوظ، ووهم حبيب في تسمية الثلاثة، فسمى الحارثَ بنَ هشام بدل هشام بن العاص، ووهم في تسمية الاثنين الآخرين، والله أعلم، وفي هذا ما يؤيد قول الواقدي الذي تقدم.
وممّا يؤيد ذكر هشام بن العاص بدل الحارث بن هشام أنَّ عمرو بن العاص أخا هشامٍ قد ذكر أنَّ أخاه هشامًا استُشهد يوم اليرموك، كما تقدم تخريجه برقم (5128).
(1)
حديث حسن بمجموع طرقه، وهذا إسناد رجاله لا بأس يهم، لكنه مرسل كما نبه عليه الذهبي في "تلخيصه"، فإن مصعب بن سعد - وهو ابن أبي وقاص - لم يسمع من عكرمة بن أبي جهل فيما جزم به البخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 373، وقال أبو حاتم: لا أظنه سمع منه، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال أبو عبد الله مصعب الزبيري كما في "تاريخ دمشق" 48/ 180 (طبعة مجمع اللغة العربية بدمشق): لم تكن أمُّ مصعب بن سعد قد سُبِيَت يؤمئذٍ، وقُتل عكرمة بن أبي جهل بأجنادين في خلافة أبي بكر.
وأعلّه الترمذي (2735) بأبي حذيفة النَّهدي - وهو موسى بن مسعود - وأنه ضعيف في الحديث قال: وروي هذا الحديث عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان - وهو الثوري - عن أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - مرسلًا، ولم يذكر مصعب بن سعد، قال: وهو أصح.
كذا قال الترمذي مع أنَّ أبا حذيفة النهدي ليس ضعيفًا بهذا الإطلاق الذي أطلقه، إنما هو حسن الحديث كان يُخطئ أحيانًا في حديث الثوري، ولم يخطئ هنا فقد تابعه على ذكر مصعبِ بن سعد بشرُ بن سَلْم البجلي عند أبي نُعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(5447)، فرواه عن سفيان الثوري مثل رواية أبي حذيفة. وتابعه كذلك إسرائيلُ بنُ يونس بن أبي إسحاق السبيعي عند أبي عروبة الحَرَّاني في "المنتقى من كتاب الطبقات" ص 43 - 44 حيث رواه عن جده أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد: أنَّ عكرمة بن أبي جهل لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة
…
فذكره مرسلًا مظهرًا فيه الإرسال. وهذا أرجحُ من رواية بشر بن سَلْم وأبي حذيفة، فكأنَّ أبا إسحاق السبيعي نفسه هو الذي كان ربما ذكر مصعب بن سعد وربما لم يذكره، ومما يؤيد وجودَه في إسناد الخبر أنَّ إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدِّي روى طرفًا من قصة فتح مكة وفرار عكرمة بن أبي جهل يومئذٍ ثم رجوعه وإسلامه عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عند النسائي (3516) وغيره، لكنه لم يذكر فيه ترحاب النبي صلى الله عليه وسلم به أو قول عكرمة للنبي صلى الله عليه وسلم في شأن إضعافه النفقة في سبيل الله، غير أنَّه وإن كان كذلك يدل على أن لذكر مصعب بن سعد أصلًا، واستفيد من رواية السُّدِّي هذه معرفة الذي سمع منه مصعبُ بنُ سعد قصة فتح مكة أنه أبوه سعد بن أبي وقاص، والله أعلم، فإن ثبت سماع مصعب بن سعد لهذه الرواية التي هنا من أبيه أيضًا اتصل الإسنادُ، والله أعلم بالصواب.
وقد روى إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق السَّبيعي مثل هذه الرواية التي هنا عن أبيه يوسف عن جدِّه أبي إسحاق، غير أنه قال: عن عامر بن سعد البجلي أن عكرمة بن أبي جهل أتى النبي صلى الله عليه وسلم .... فذكره مرسلًا، وذكر عامر بن سعد البجلي بدل مصعب بن سعد بن أبي وقاص. ولأبي إسحاق السبيعي رواية معروفةٌ عن عامر بن سعد البَجَلي، ثم إن أبا إسحاق واسع الرواية، فلا يبعد سماعه للخبر من كلا الرجلين، فيكون كلا الرجلين، فيكون بمجموع الطريقين مع ما له من شواهد صحيحًا، والله أعلم.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(8498) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه ابن سعد 6/ 87، والبخاري في تاريخه الكبير تعليقًا 7/ 48، والترمذي (2735)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 280، والطبراني في "الكبير" 17/ (1022)، وفي "الدعاء"(1957) وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5446)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 41/ 52، وابن الجوزي في "المنتظم" 4/ 156، والمزي في "تهذيب الكمال" 20/ 249 من طرق عن أبي حذيفة النَّهْدي، به.
وأخرجه أبو نعيم في "المعرفة"(5447) من طريق بشر بن سَلْم البجلي، عن سفيان الثوري، به، لكن دون ذكر النفقة.
وأخرجه ابن شَبْه في "تاريخ المدينة" 2/ 498 عن مُؤمَّل بن إسماعيل، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق: أن عكرمة بن أبي جهل
…
فذكره، وكذلك رواه عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري فيما قاله الترمذي (2735) فلم يذكرا مصعب بن سعد في إسناده.
وأخرجه أبو عَروبة الحَرّاني في "المنتقى من كتاب الطبقات" ص 43 - 44 من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن جده أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد: أنَّ عكرمة بن أبي جهل لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال
…
فذكره مرسلًا بأطول ممّا هنا، وذكر مصعب بن سعد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 344 و 13/ 37، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"(202) من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق قال: لما أسلم عكرمة بن أبي جهل
…
فذكره لكن دون ذكر تَرحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعكرمة، ولم يذكر مصعب بن سعد.
وأخرجه الطبري في "ذيل المذيّل" كما في "منتخبه" لعُريب بإثر "تاريخ الطبري" 11/ 561، وأبو نعيم في "المعرفة"(5448)، وابن عساكر 41/ 53 من طريق إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن جده، عن عامر بن سعد البجلي: أنَّ عكرمة بن أبي جهل لما أتى إليه النبي صلى الله عليه وسلم قال له
…
فذكره بنحوه وفيه زيادة. ورجاله لا بأس بهم لكنه مرسل أيضًا. وبعضهم قال في روايته: عن عكرمة ابن أبي جهل، ولكن الصحيح إرساله فلم يُدرك عامر بن سعد عكرمةَ بن أبي جهل.
ويشهد لقول عكرمة بن أبي جهل في شأن إضعافه من النفقة في سبيل الله شواهد كما تقدَّم برقم (5133) و (5134).
ولتَرحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعكرمة شاهدٌ من مرسل الزهري عند مالك 2/ 545 وغيره: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى عكرمة بن أبي جهل وثب إليه فرحًا وما عليه رداء حتى بايعه، وانظر ما تقدَّم برقم (5132).
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5137 -
أخبرني أبو عبد الله الصَّنْعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عَبّاد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزُّهْري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن عائشة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رأيتُ في المَنام كأنَّ أبا جَهْلٍ أتاني فبايَعَني"، فلما أسلَم خالدُ بن الوليد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: قد صَدَّق اللهُ رؤياك يا رسول الله، هذا كان إسلامَ خالدٍ، فقال:"لَيكُونَنَّ غَيْرُه"، حتى أسلمَ عِكْرمةُ بن أبي جَهْل، وكان ذلك تصديقَ رُؤياهُ
(1)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5138 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنان القَزّاز، حدثنا يعقوب بن محمد الزُّهْري، حدثنا المُطّلب بن كَثير، حدثنا الزُّبير بن موسى، عن مصعب بن عبد الله بن أبي أُمية، عن أم سَلَمة، قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "رأيتُ لأبي جَهلٍ عِذْقًا في الجَنّة" فلما أسلمَ عَكْرمةُ بن أبي جهل قال: "يا أم سَلَمة، هذا هو"، قالت أم سلمة: وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: شكا إليه عِكْرمةُ أنه إذا مَرّ بالمدينة قيل له: هذا ابن عَدوِّ الله أبي جَهْل، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خَطيبًا فقال:"النَّاسُ مَعادنُ، خِيارُهم في الجاهلية خِيارُهم في الإسلام إذا فَقُهوا، لا تُؤذُوا مُسلمًا بكافرٍ"
(2)
.
(1)
رجاله ثقات، لكن المحفوظ فيه في رواية إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد - وهو الدَّبَري راوي مُصنف عبد الرزاق، و "جامع معمر بن راشد" - أنه عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مرسلًا، ليس فيه ذكر أبي بكر بن عبد الرحمن ولا عائشة، كذلك جاء في "جامع معمر"(20365).
لكن رواه ابن المبارك في "الجهاد"(55) عن معمر عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مرسلًا، فذكر أبا بكر، لكنه لم يذكر عائشة، فلا يُحفَظ فيه ذكر عائشة بيقينٍ، كذلك لا يُحفظ ذكر أبي بكر بن عبد الرحمن في رواية الدبري عن عبد الرزاق، لكن يُحفظ ذكرُه في رواية ابن المبارك عن معمر.
(2)
إسناده ضعيف، يعقوب بن محمد الزُّهري ليِّن الحديث، ويحدِّث عمّن لا يُعرف من الشيوخ، وشيخُه هنا - وهو المُطَّلب بن كثير - مجهول لا يُعرف. وأعله الذهبي في "تلخيصه" بوجود =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5139 -
أخبرني أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مُلَيكة، قال: كان عِكْرمةُ بن أبي جهل يأخذُ المُصحَف فيضعُه على وجهِه ويَبْكي، ويقول: كلامُ ربّي كتابُ ربِّي
(1)
.
ذكرُ مناقب أبي قُحَافة والد أبي بَكْر رضي الله عنهما
5140 -
أخبرنا أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا موسى بن زكريا التُّستَري، حدثنا خَليفة بن خَيّاط، قال: وأما أبو قُحَافة التَّيمي فإنه عثمان بن عامر بن عَمرو بن كعب بن سَعْد بن تَيْم بن مُرّة، أسلم يوم فتح مكة، وتُوفي بمكة في المُحرّم سنة
= ضعيفين في إسناده. قلنا: لعله قصد محمد بن سنان ويعقوب بن محمد، لكن محمد بن سنان متابع.
وأخرجه يعقوب بن عبد الرحمن بن أحمد الجصاص في "فوائده" كما في "الإصابة" لابن حجر 4/ 538، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 41/ 60، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 570 عن محمد بن سنان القزاز بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" تعليقًا 3/ 412، وأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (673) من طريق محمد بن عبادة الواسطي، كلاهما (البخاري ومحمد بن عُبادة) عن يعقوب بن محمد الزهري، به.
(1)
رجاله ثقات، لكنه مرسل أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وابن أبي مليكة: هو عَبد الله بن عُبيد الله.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2037)، ومن طريقه ابن عساكر 41/ 68 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. لكن بلفظ: كتاب ربي كتاب ربي، مرتين.
وأخرجه بنحوه ابن المبارك في "الجهاد"(56)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" 6/ 88، والدارمي (3393)، وعبد الله بن أحمد في "السنة"(110)، وأبو بكر الخلال في "السنة"(2077)، والطبراني في "الكبير" 17/ (1018)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 12/ 25، وابن عساكر 41/ 67 - 68 و 68، وابن الجوزي في "المنتظم" 4/ 157 من طرق عن حماد بن زيد، به.
أربعَ عشرة من الهجرة، وهو ابن سبع وتسعين سنةً.
5141 -
حدثني القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن سَلْم
(1)
بن الجِعَابي الحافظ الأوحد، حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحَرَّاني، حدثنا أبي
(2)
الحَسن بن أحمد بن أبي شعيب، حدثنا محمد بن سَلَمة
(3)
، عن هشام بن حسان. عن محمد بن سيرين، عن أنس، قال: جاء أبو بكر يوم فَتْح مكةَ بأبيه أبي قُحَافة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قَرَّرْتَ الشيخَ في بيتِه لأتَيناهُ"
(4)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5142 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا حسين بن محمد المرُّوْذِي، حدثنا عبد الله بن عبد الملك الفِهْري، حدثنا القاسم بن محمد بن أبي بكر، عن أبيه، عن أبي بكر، قال: جئتُ بأبي قُحافةَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"هَلّا تركتَ الشيخَ حتى آتيهَ؟ " فقلت: بل هو أحقُّ أن يأتيَك، قال:"إنا لَنحفَظُه لأيادي ابنه عندَنا"
(5)
.
(1)
في (ب): سالم، وهو قولٌ في اسم جدِّ أبي بكر الجعابي.
(2)
تحرَّفت في النسخ الخطية إلى: جدي. ولأبي شعيب روايةٌ عن جده في الجملة، لكن هذا الحديث إنما هو لأبيه الحسن بن أحمد بن أبي شعيب، فقد خرَّجه غير واحدٍ من طريق الحسن هذا. وقد سقط اسم "الحسن" بعده من "تلخيص الذهبي" ولعله تصرُّف من الذهبي رحمه الله قصدًا للموائمة مع قوله قبل ذلك: حدثنا جدي.
(3)
وقع في نسخنا الخطية: محمد بن أبي سلمة، والمثبت على الصواب من "تلخيص الذهبي" و "إتحاف المهرة" لابن حجر (1731)، وهو محمد بن سَلَمة الباهلي مولاهم الحَرَّاني.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان (5472) عن أبي العباس السَّرَّاج محمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي مولاهم، عن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب، بهذا الإسناد. وزاد بإثره: تكرمةً لأبي بكر.
وأخرجه كذلك أحمد 20/ (12635) عن محمد بن سَلَمة الحَرَّاني، به.
وسيأتي عند المصنف برقم (5147) من طريق يزيد أبي خالد عن أنس.
(5)
صحيح لغيره دون قوله: "إنا لنحفظه
…
" إلخ، وهذا إسناد ضعيف، قال الذهبي في =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5143 -
حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر الفارسي، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا الحجَّاج بن أبي مَنيع، حدثنا جَدِّي، عن الزُّهْري، قال: اسمُ أبي قُحافة عثمانُ بن عامر بن عَمرو بن كعب بن سعْد بن تَيْم بن مُرّة بن كعب بن لُؤي بن غالب بن فِهْر، أسلم يومَ الفتح، ومات في المحرّم سنة أربعَ عشرةَ، وهو ابن سبعٍ وتسعين سنةً
(1)
.
5144 -
حدثنا أبو عبد الله بن بُطّة، حدثنا محمد بن عبد الله رُستَهْ، حدثنا سليمان بن داود الشاذَكُوني، حدثنا محمد بن عمر، قال: تُوفي أبو قُحَافة أبو أبي بكر سنة سبعَ عشرةَ، وهو ابن مئة وأربعِ سنين
(2)
.
5145 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصر، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني ابن جُريج، عن أبي الزُّبير، عن جابر: أن عمر بن الخطاب أخذ بيد أبي قُحافة، فأتى به النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فلمّا وَقَف به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال
= "تلخيصه": عبد الله منكر الحديث والقاسم لم يُدرك أباه، ولا أبوه أبا بكر. قلنا: لكن له شواهد يصحُّ بها الخبر.
وأخرجه البزار (79)، وأبو نعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"(69) من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن الحسين بن محمد المرُّوذي، بهذا الإسناد.
ويشهد له حديث أنس بن مالك الذي قبله.
وحديثُ أسماء بنت أبي بكر الذي تقدَّم عند المصنف برقم (4411) وإسناده حسن.
(1)
وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 238 مختصرًا بذكر اسم أبي قُحافة ونسبه. وانظر ما تقدَّم برقم (4451).
(2)
هذا مخالفٌ لما نقله ابن سعد في "طبقاته" 3/ 193 و 8/ 13 عن شيخه محمد بن عمر الواقدي، حيث ذكر أنَّ أبا قحافة توفي سنة أربع عشرة وهو ابن سبع وتسعين سنة. وابن سعد خيرٌ من سليمان بن داود الشاذكوني وأجلُّ وأوثق نقلًا، بل إن الشاذكوني متروكٌ. وما نقله ابن سعد عن الواقدي هو الموافق لقول أهل السير، كالزهري في روايته السابقة، وخليفة بن خياط الذي تقدَّمت بروايته برقم (5140).
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "غَيِّروهُ ولا تُقَرِّبُوهُ سَوَادًا"
(1)
.
(1)
رجاله ثقات لكن ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - مدلس وقد عنعن، وأبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرس - قد صرَّح بسماعه كما سيأتي ثم هو متابع، وذكرُ عمر بن الخطاب في الخبر غير محفوظ، وهو مما تفرَّد به المصنف في كتابه هذا ورواه عنه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 96.
وقد رواه البيهقي مرةً أخرى في "سننه الكبرى" 7/ 310، وفي "شعب الإيمان"(5996)، وفي "الآداب"(549) عن المصنِّف بإسناده هذا أيضًا، فلم يذكر عُمر بن الخطاب، إنما ذكره بلفظ المجهول: أُتي بأبي قحافة
…
فذكره.
وكذلك رواه يحيى بنُ إبراهيم المُزكي راوي "مسند عبد الله بن وهب" عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصمّ عن بحر بن نصر عن ابن وهب، ليس فيه ذكر عمر بن الخطاب. أخرجه من طريقه البيهقي في "سننه الكبرى" 7/ 310، وفي "الآداب"(549)، وابن الحداد الأصبهاني في "جامع الصحيحين"(2361). والذهبي في "معجم شيوخه" 1/ 113.
وكذلك رواه غيرُ واحدٍ عن بحر بن نصر، فلم يذكروا في الخبر عمر بن الخطاب، منهم أبو عوانة في "صحيحه"(1512) و (8706)، ويحيى بن محمد بن صاعد في "مجلسين من أماليه"(27)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3683).
ورواه عن عبد الله بن وهب أيضًا جماعةٌ لم يذكروا عمر بن الخطاب، منهم أبو الطاهر أحمدُ بن عمرو بن السَّرْح عند مسلم (2102)، وأبي داود (4204)، وابن حبان (5471)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5996). ومنهم أحمدُ بنُ سعيد الهَمْداني عند أبي داود (4204)، ويونسُ بن عبد الأعلى عند النسائي (9294)، والطبري في "تهذيب الآثار" في القسم المفرد الذي فيه بعض مسانيد العشرة ص 484، وأبو عوانة (1512) و (8706).
ولا يُحفظ كذلك في حديث جابر بن عبد الله ذكر الأمر باجتناب السواد، كما جاء في رواية زهير بن معاوية عن أبي الزبير عن جابر عند الطيالسي (1860)، وابن سعد 6/ 79، وأحمد 23/ (14641)، وأبي عوانة (8709)، وأبي القاسم البغوي في "مسند ابن الجعد" (2652): أنَّ زهيرًا قال لأبي الزبير: أحدَّثك جابر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي قحافة: "وجَنَّبوه السَّوّاد"؟ فقال: لا. هذا لفظ الطيالسي، ولفظ الباقين قريب منه، ويستفاد من رواية زهير هذه تصريح أبي الزبير بسماعه هذا الحديث من جابر لكن بذكر الأمر بتغيير الشيب دون اجتناب السّواد.
وقد أخرجه عن زهير بن معاوية غير هؤلاء مقتصرين في رواياتهم على الأمر بتغيير شيب أبي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قحافة دون الأمر باجتناب السواد، ودون سؤال زهير لأبي الزبير الذي بإثره، وممَّن أخرجه كذلك مسلم (2102)، وأبو عوانة (1513) و (8707) و (8708)، والطبراني في "الكبير"(8327).
ومما يؤيده رواية زهير روايةُ عَزْرة بن ثابت الآتية عند المصنف برقم (5146) عن أبي الزبير عن جابر بلفظ: "اخضبوا لحيته". ليس فيها ذكر الأمر باجتناب السواد.
وقد تابع ابنَ جُريج على ذكر الأمر باجتناب السّواد في رواية أبي الزبير ليثُ بن أبي سليم عند معمر في "جامعه"(20179)، وابن سعد 6/ 79، وابن أبي شيبة 8/ 432، وأحمد 22/ (14402) و (14455)، وابن ماجه (3624)، وابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" ص 485، وأبي عوانة (8710)، والحكيم الترمذي في "المنهيات" ص 197، والطبراني (8324) و (8325)، وأبي نُعيم في "معرفة الصحابة"(4913)، والخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم" 1/ 430، وأبي محمد البغوي في "شرح السنة"(3179). لكن ليث بن أبي سلم هذا سيئ الحفظ.
وتابعه كذلك أيوب السَّختياني عند أبي عوانة (1514) و (8710)، والطبراني (8326). وإسناده صحيح.
وتابعه أيضًا المغيرة بن مسلم عند الطبري في "تهذيب الآثار" ص 485 لكن في الإسناد إليه شيخ الطبري محمد بن حميد الرازي، وهو ضعيف.
وتابعهم الأجلحُ بنُ عبد الله الكِنْدي عند أبي يعلى (1819)، والطبراني في "الأوسط"(1819)، وفي "الصغير"(483)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 197. وإسناده حسن.
وتابعهم مطر بن طهمان الوراق عند الطبراني في "الكبير"(8325)، وأبي نُعيم في "معرفة الصحابة"(4913). وفي الإسناد إليه رجلٌ متروك.
والصحيح عن مطر الوراق ما رواه عبدُ العزيز بن عبد الصمد العمي - وهو ثقة حافظ - عند الطبري في "تهذيب الآثار" ص 483، والطبراني في "الكبير"(8328) عن مطر الوراق، عن أبي رجاء العُطاردي، عن جابر بن عبد الله بلفظ:"اذهبوا إلى بعض نسائه، حتى تُغيّره" فذهبوا به فحمَّروه.
وإسناده حسنٌ، وهو يوافق رواية زهير بن معاوية وعَزْرة بن ثابت عن أبي الزبير.
لكن يبقى رواية أيوب السختياني ورواية الأجلح الكِنْدي الموافقتان لرواية ابن جريج، وإسنادهما لا بأس به، فلعلَّ أبا الزبير كان هو نفسه ربما أدرج الأمر باجتناب السَّواد في حديثه عن جابر استنادًا إلى رواية غيره من الصحابة، كما سيأتي ذكره مما ذُكر فيه الأمر باجتناب السّواد، وعند محاققة زهير بن معاوية له ومراجعته له بيّن له أنه لم يسمع من جابر الأمر باجتناب السَّواد، فهو المعتمد في حديث جابر، فحديث جابر بن عبد الله صحيح دون ذكر الأمر باجتناب السواد ودون ذكر عمر بن الخطاب في الخبر، والله تعالى أعلم. =
5145 م - قال ابن وهب وأخبرني عُمر بن محمد، عن زيد بن أسلم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هنّأَ أبا بكر بإسلام أبيه
(1)
.
5146 -
حدَّثَناهُ أبو العباس إسماعيل بن عبد الله، حدثنا عَبْدان الأهوازِي، حدثنا عُبيد الله بن معاذ، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا عَزْرة بن ثابت، عن أبي الزُّبير، عن جابر، قال: أُتي النبي صلى الله عليه وسلم يومَ الفَتْح بأبي قُحَافة ورأسُه ولحيتُه كالثَّغامةِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اخْضِبُوا لِحيتَه"
(2)
.
5147 -
أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى القاضي ابن القاضي،
= على أنه قد صح ذكر الأمر باجتناب السواد في قصة أبي قحافة عن غير جابر بن عبد الله، فقد ذكره أنس بن مالك عند أحمد 20/ (12635)، وابن حبان (5472) وغيرهما، بإسناد صحيح.
وروي مثلُه من حديث أسماء بنت أبي بكر بإسناد حسن عند ابن سعد في "طبقاته" 6/ 78، والطحاوي في "شرح المشكل"(3684)، لكن أكثر من خرَّج حديث أسماء بنت أبي بكر رواه بلفظ الأمر بتغيير الشيب دون الأمر باجتناب السواد، كابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 405، وأحمد 44/ (26956)، وابن حبان (7208)، والطبراني في "الكبير" 24/ (236)، وأبي نعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"(67)، وفي "معرفة الصحابة"(4912)، وهذا يوافق المحفوظ من حديث جابر بن عبد الله في قصة أبي قحافة.
وقد ورد النهي في الجُملة عن تغيير الشيب بالسواد كما في حديث ابن عباس عند أحمد 4/ (2470)، وأبي داود (4212)، والنسائي (9293) بلفظ: يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بهذا السَّواد كحواصل الحَمَام، لا يَرِيحون رائحة الجنة". وإسناده صحيح.
(1)
رجاله ثقات، لكنه مرسلٌ. عمر بن محمد هو ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 96 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده صحيح. عَبْدان الأهوازي: هو عبد الله بن أحمد بن موسى، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي.
وأخرجه النسائي (9295) عن محمد بن عبد الأعلى، عن خالد بن الحارث، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
والثَّغَامة: هو نبت أبيض الزهر، وقيل: هي شجرة كأنها الثلج.
حدثني أبي، حدثنا محمد بن شُجاع، حدثنا الحَسن بن زياد، عن أبي حَنيفة، عن يزيد أبي خالد، عن أنس، قال: كأني أنظُر إلى لِحيةِ أبي قُحَافة كأنه ضِرَام
(1)
عَرْفَجٍ من شدّة حُمْرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:"لو أقْرَرتَ الشيخَ في بيتِه لأتَيناهُ"؛ تَكرِمةً لأبي بكر
(2)
.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: صراح، بالصاد والحاء المهملتين، وإنما هو ضرام، بالضاد المعجمة والميم في آخره، وهو لَهَب العرفج، والعرفج شجر صغير معروف سريع الاشتعال بالنار، ولهبه شديد، الحمرة، يُبالَغ بحمرته، فيقال: كأنَّ لحيته ضرام عرفجة.
(2)
مرفوعه صحيح، سلف قريبًا برقم (5141) من طريق محمد بن سيرين عن أنس. وأما قول أنس في لون لحية أبي قحافة فهذا بعد أن خضبها، وله شاهد حسنٌ سيأتي ذكرُه لاحقًا.
وأما هذا الإسناد فضعيف لضعف محمد بن شُجاع بن الثلجي والحَسن بن زياد اللؤلؤي، وقد بالغ من اتهمها بالكذب، ولهذا لم يُعرِّج الذهبي في "سير أعلام النبلاء" لدى ترجمته لهما على شيء من أقوال من وصفهما بذلك. على أنهما متابعان. وأما يزيد أبو خالد فلم نتبينّه، وقد اضطُرب في تسميته هنا، فسماه أبو حنيفة مرةً يزيد بن عبد الرحمن، ومرةً يزيد الرِّشك، أما الأول فإن كان هو أبا خالد الدالاني فهو لم يدرك أنسًا، وأما الآخر فكنيته أبو الأزهر لا أبو خالد، وقد أدرك أنسًا.
وجزم ابن حجر في "تهذيب التهذيب"، وظنَّ ظنًا ولم يجزم به في "الإيثار بمعرفة رواة الأخبار"(272) أنه يزيد بن عبد الرحمن بن الأسود الزعافري الأودي التابعي الثقة، لكن لم نرَ له حُجّة في ذلك، ثم إنَّ يزيد بن عبد الرحمن الأودي هذا كنيته أبو داود وليس أبا خالد.
وأخرجه ابن خسرو في "مسند أبي حنيفة"(1206) من طريق محمد بن إبراهيم بن حُبيش البغوي، عن محمد بن شجاع، بهذا الإسناد. مختصرًا بقول أنس بن مالك في ذكر لون لحية أبي قحافة بعد تغيير الشيب.
وهو مختصر بهذا القدر كذلك في مسند الحسن بن زياد كما في "جامع المسانيد" لأبي المؤيد الخوارزمي 2/ 324.
وأخرجه مختصرًا كذلك محمد بن الحسن الشيباني في "الآثار"(902) - ومن طريق محمد بن الحسن أخرجه ابن خسرو (1238) - عن أبي حنيفة عن يزيد بن عبد الرحمن، عن أنس. كذلك سمّى أباه عبد الرحمن، ولم يذكر كنيته.
وكذلك أخرجه ابن سعد في "طبقاته" 6/ 80 عن عمرو بن الهيثم أبي قَطَن، عن أبي حنيفة، عن يزيد بن عبد الرحمن، عن أنس. =
5148 -
أخبرني أبو الحسن محمد بن الحسن النَّصْرَاباذي، حدثنا هارون بن يوسف
(1)
، حدثنا ابن أبي عُمر، حدثنا سفيان، عن الوليد بن كثير، عن عُمارة بن عبد الله بن صَيّاد، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، قال: لما قُبض النبيُّ صلى الله عليه وسلم بَلَغ أهلَ مكةَ الخبرُ، قال: فسمع أبو قُحافة الهائعةَ، فقال: ما هذا؟ قالوا: تُوفّي النبيُّ صلى الله عليه وسلم، قال: أمرٌ جليلٌ، فمن قام بالأمرِ من بعده؟ قالوا: ابنُك، قال: ورَضِيَت بنو مَحْزُومٍ وبنو المُغيرة؟ قالوا: نعم، قال: اللهم لا واضِعَ لما رفَعتَ ولا رافعَ لما وَضَعتَ، فلما كان عند رأس الحَوْل تُوفّي أبو بكر، قال: فبلغَ أهلَ مكةَ الخبرُ، فسمع أبو قُحَافة الهائعةَ، فقال: ما هذا؟ قالوا: تُوفّي ابنُك، قال: أمرٌ جليلٌ، والذي كان قبلَه أجلُّ منه قال: فمَن قام بالأمر بعدَه؟ قالوا: عمرُ بن الخطاب، قال: هو صاحبُه
(2)
.
= وأخرجه كذلك أبو يوسف القاضي في "الآثار"(1036) عن أبي حنيفة، عن يزيد الرِّشك، عن أنس.
وأخرجه مختصرًا أيضًا أبو نعيم الأصبهاني في "مسند أبي حنيفة" ص 262 من طريق إبراهيم بن طهمان، عن أبي حنيفة، عن يزيد عن أنس بن مالك. هكذا أطلقه ولم يقيده.
ويشهد لما قاله أنس في لون لحية أبي قُحافة بعد تغيير شيبها أنها كانت حمراء حديثُ أبي رجاء العُطاردي عن جابر بن عبد الله الذي تقدم تخريجه عند الحديث رقم (5145). ولفظه: فذهبوا به - أي بأبي قحافة - فحمَّروه. وإسناده حسن.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: سيف، وهو خطأ صوَّبناه من إسنادين آخرين مثل هذا الإسناد تقدما عند المصنف بالرقمين (96) و (535). وهارون بن يوسف هذا هو ابن هارون الشَّطَوي.
(2)
رجاله ثقات، لكن المحفوظ فيه أنه عن سعيد بن المسيب مرسلًا ليس فيه ذكر أبي هريرة كما سيأتي بيانه، غير أنه وإن كان كذلك فهو من أصح المراسيل لجلالة سعيد بن المسيّب. ابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني، وسفيان: هو ابن عُيينة، والوليد بن كثير: هو القرشي المخزومي مولاهم.
وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(1832)، وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 460 من =
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب نَوفَل بن الحارث بن عبد المُطلّب بن هاشم بن عبد مَنَاف
وكان يُكنى أبا الحارث بابنه الحارث، وكان أسنَّ مَن أسلَمَ من بني هاشم، ومن عمَّيه حمزةَ والعباس، ومن إخوتِه ربيعةَ وأبي سفيان وعبد شمسٍ بني الحارث.
5149 -
حدثنا بذلك أبو عبد الله بن بُطّة بإسناده، وقال: فحدثنا ابن عُمر، عن شيوخه، قال: تُوفي نوفل بن الحارث بعد أن استُخلِف عمرُ بن الخطاب بسنةٍ وثلاثةِ أشهرٍ، فصلَّى عليه عمر، ثم مشى معه إلى البقيع، حتى دُفِنَ هنالك
(1)
.
5150 -
حدثني محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، أخبرني أبو يونس
(2)
، حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: تُوفّي نَوفَل بن الحارث بن عبد المُطّلب، ويكنى أبا الحارث لسنتَين مَضَتا مِن خِلافة عمرَ بن الخطاب بالمدينة.
5151 -
حدثني أبو أحمد بن شعيب العَدْل، حدثنا أسَدُ بن نُوح، حدثنا هشام بن يحيى، حدثني محمد بن سعد، أخبرنا علي بن عيسى النَّوفَلي، قال: لما أُسر نَوفَلُ بن الحارث ببدرٍ قال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "افْدِ نفسَك يا نَوفَل"، قال: ما لي شيءٌ
= طريق يعقوب بن سفيان، كلاهما (الفاكهي ويعقوب) عن محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني، بهذا الإسناد عن سعيد بن المسيب مرسلًا.
وكذلك أخرجه ابن سعد 3/ 168 - وعنه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 589 - 590 و 10/ 68 - 69 - وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 379، وابن عساكر 30/ 459 و 460 من طريق عبد الله بن الزبير الحُميدي، والفاكهي (1832) عن عبد الجبار بن العلاء، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2451) من طريق محمد بن عباد بن الزبرقان المكي، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، به عن ابن المسيب مرسلًا.
وأخرجه كذلك ابن سعد 3/ 192، ومن طريقه ابن عساكر 30/ 459 - 460 عن محمد بن عمر الواقدي، عن الضحاك بن عثمان، عن عمارة بن عبد الله بن صياد، عن ابن المسيب مرسلًا.
(1)
ومثله قولُ ابن سعد في "طبقاته" 4/ 42، وقول مصعب بن عبد الله الزبيري في "نسب قريش" ص 87، لكن لم يذكر مصعبٌ سنة وفاة نوفل.
(2)
أبو يونس: هو محمد بن أحمد بن يزيد المديني.
أَفْدِي به يا رسول الله، قال:"افْدِ نفسَك برِماحِك التي بجُدَّةَ"، قال: أشهدُ أنك رسولُ الله
(1)
، ففَدَى نفسَه بها، وكانت ألفَ رُمْحٍ، قال: وآخى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين نَوفلٍ والعباسِ بن عبد المُطّلب، وكانا قبل ذلك شَرِيكَين في الجاهلية مُتفاوِضَين في المالَين مُتحابَّين، وشهدَ نوفلٌ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فتحَ مكةَ وحُنينَ
(2)
والطائفَ، وثبت يوم حُنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"كأني أنظُرُ إلى رِماحِك تَقْصِفُ في أصلابِ المُشرِكين"
(3)
.
5152 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدثنا حَسّان بن عبد الله، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا يونس بن يزيد، حدثنا ابن
(4)
إسحاق، عن
(1)
جاء في المطبوع قبل هذه العبارة عبارة أخرى نصها: والله ما علم أحدٌ أنَّ لي بجُدّة رماحًا بعد الله غيري، وليست في شيء من نسخنا الخطية، ولم يذكرها ابن سعد في روايته لهذا الخبر 4/ 42، لكن وقع ذكرها في "الاستيعاب" لا بن عبد البر ص 717.
(2)
كذلك جاءت في نسخنا الخطية: حنين، ممنوعة من الصرف، على إرادة الواقعة، وربما كانت اللفظة على لغة ربيعة وغَنْم بأن تكون منصوبة في اللفظ إلّا أنها تكتب بغير ألف النصب.
(3)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 4/ 42 عن علي بن عيسى النوفلي، عن أبيه، عن عمه إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: لما أُسر نوفل
…
فذكره مسندًا. وعبدُ الله بنُ الحارث بن نوفل له رؤية، ولكن علي بن عيسى وأباه لا يُعرفان. وقد روى هذا الخبرَ البيهقيُّ في "دلائل النبوة" 3/ 144 عن أبي عبد الله الحاكم، بإسناده هذا الذي هنا موصولًا كما في "طبقات ابن سعد"!
ثم عقّبه البيهقيُّ بقوله: المشهور عند أهل المغازي أن عباسًا رضي الله عنه فَداهُ! قلنا: رواه البيهقي في "الدلائل" 3/ 142 وقال: وهو عن ابن إسحاق، عن يزيد بن رومان عن عروة وعن الزهري وجماعةٍ، قالوا
…
وقال العباس بن عبد المطلب: يا رسول الله إني كنت مسلمًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله أعلم بإسلامك، فإن يكن كما تقول فالله يجزيك بذلك، فأما ظاهرًا منك فكان علينا، فافْدِ نفسك، وابنَي أخيك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب
…
" وسيأتي عند المصنف برقم (5496).
(4)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: أبو إسحاق، وهو خطأ صوَّبناه من "دلائل النبوة" للبيهقي من روايته لهذا الخبر عن أبي عبد الله الحاكم، حيث أورده ابن كثير في "البداية والنهاية" 8/ 664، =
سعيد بن الحارث، عن جدِّه نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب: أنه استعانَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في التَّزويج، فأنكَحَه امرأةً، فالتمَسَ شيئًا فلم يَجِدْه، فبعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع وأبا أيوب بدِرْعِه فرَهَنَاهُ عند رجلٍ من اليهود بثلاثين صاعًا من شَعير، فدفَعَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَطَعِمْنا منه نِصفَ سنةٍ، ثم كِلْناهُ فَوَجدْناهُ كما أدخَلْناه، قال نَوفلٌ: فذكرتُ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"لو لم تَكِلْهُ لأكَلْتَ منه ما عِشْتَ"
(1)
.
وأما رَبيعةُ وعُبيدةُ بن الحارث بن عبد المطّلب والطُّفيلُ بن الحارث بن عبد المطّلب وحُصينُ بن الحارث، فإنهم قُتِلوا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5153 -
أخبرنا بصِحّة ما ذكرتُه، أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا أبو الأسود، عن عُروة بن الزُّبَير، قال: كان فيمن شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش والأنصار ثلاثُ مئةِ رجلٍ وثلاثةَ عشرَ رجلًا. قال: ومن بني عبد المُطّلب بن عبد مَنَافٍ عُبيدة والطُّفيل وحُصينٌ بنو الحارث بن عبد المطّلب
(2)
.
= وأشار محققه إلى اتفاق نُسخ "البداية والنهاية" الخطية على ذكر ابن إسحاق، وقد وقع في مطبوع "دلائل النبوة" 6/ 114: أبو إسحاق، ولا نظنُّه إلّا ذهولًا من محقق "الدلائل" عما في نسخه الخطية، فإنَّ ما عند ابن كثير نقلًا عن "الدلائل" هو العُمدة، ويؤيده رواية الطبراني بهذه السلسلة عدةَ أخبار إلى ابن إسحاق: هو محمد بن إسحاق المُطّلبي مولاهم صاحبُ السيرة.
(1)
إسناده ضعيف لضعف ابن لَهِيعة - وهو عبد الله بن لَهِيعة المصري - فقد ساء حفظه بعد احتراق كُتُبه، وسعيد بن الحارث لا يُعرف، وجَزْمُ ابن حجر في "إتحاف المهرة"(17215) بأنَّ له صُحبةً غير مُسلَّم له، إذ ليس له فيه سَلَفٌ، وقد ذكره ابن سعد في "الطبقات" 4/ 52 في أولاد الحارث بن نوفل، وأنَّ أمَّه أم ولد، ويبعُد إدراكه لجده نوفل، والله أعلم. ثم إنَّ ابن إسحاق مدلِّس وقد عنعن.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 114 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. لكن جاء عنده تقييد سعيد بن الحارث بابن عكرمة، وهو غريب!
(2)
رجاله لا بأس بهم كما تقدم بيانه برقم (4378). أبو عُلَاثة: هو محمد بن عمرو بن خالد الحَرَّاني ثم المصري، وابن لَهِيعة: هو عبد الله، وأبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن المعروف بيَتيم عروة. =
وقد اختَلفوا في رَبيعة بن الحارث فقيل: إنه عاشَ بعد ذلك وأدرَكَ أيامَ عمر بن الخطاب، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
5154 -
حدَّثَناه علي بن حَمْشَاذَ العدل، حدثنا موسى بن إسحاق القاضي، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا ابن فُضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن رَبيعة بن الحارث بن عبد المُطَّلب قال: بلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ قومًا نالُوا منه، وقالوا له: إنما مَثَلُ محمد كمَثَل نخلةٍ نَبَتَتْ في كُناسٍ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:"أَيُّها الناسُ، إنَّ الله خَلَقَ خَلْقَه فجعلَهم فِرقَتين، فجعلَني في خير الفِرقَتين، ثم جعلَهم قَبائلَ، فجعلَني في خَيرِهم قبيلًا، ثم جعلَهم بُيوتًا، فجعلَني في خَيرِهم بيتًا"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنا خَيرُكم قَبيلًا وخَيرُكم بيتًا"
(1)
.
= ووافق عروة بنَ الزبير على ذكر هؤلاء فيمن شهد بدرًا: الزهريُّ عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(345). وذكرهم كذلك ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 677 - 678.
والواقديُّ في "مغازيه" 1/ 153.
(1)
حسنٌ لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم الكوفي - وقد اختُلِف عنه في تسمية الصحابي، كما سيأتي بيانه، وقولُه هنا: عن ربيعة بن الحارث، غريبٌ في رواية ابن أبي شيبة عن ابن فُضيل - وهو محمد - عن يزيد بن أبي زياد، فقد رواه ابن أبي شيبة في "مسنده"(919)، وفي "مصنفه" 11/ 430 عن ابن فُضيل، فسمَّى الصحابيَّ عبدَ المطَّلب بن ربيعة، وكذلك رواه عن ابن أبي شيبة غير واحدٍ، وكذلك رواه علي بن حرب الموصلي عن ابن فضيل.
وأخرجه أحمد 29/ (17517) من طريق يزيد بن عطاء، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. يعني كرواية ابن أبي شيبة عن ابن فضيل.
وأخرجه أحمد 3/ (1788)، والترمذي (3532) و (3608) من طريق سفيان الثوري، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن المطّلب بن أبي وداعة. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وأخرجه الترمذي (3607) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله ابن الحارث، عن العباس بن عبد المطّلب. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. =
5155 -
قرأتُ في "تاريخ" أحمد بن عبد الله البَرْقي، حدثنا أبو عُبيد القاسم بن سَلَّام، عن هشام بن الكَلْبي في قول النبي صلى الله عليه وسلم:"وإن أول دَمٍ أَضَعُه دمُ ربيعة بن الحارث"، كان مُسترضَعًا في بني لَيثٍ فقَتَلَتْه هُذَيلٌ
(1)
.
قال هشامٌ: لم يُقتَل ربيعةُ، فإنه عاشَ بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى خِلافة عمرَ، والذي قَتَلتْه هُذَيلٌ غيرُه.
ذكرُ مناقب سعيد بن الحارث بن عبد المُطَّلب رضي الله عنه
-
5156 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن موسى بن جُبير، أنَّ أبا أُمامة بن سهل بن حُنيف أخبره: أنه قَدِمَ الشامَ في عهد مُعاوية، فلقِيَه نفرٌ من أهل الشام، فقالوا: ما قَرابَةُ ما بينَك وبينَ مُعاذ؟ قال:
= ويشهد له حديث واثلة بن الأسقع عند أحمد 28/ (16986)، ومسلم (2276)، والترمذي (3605) و (3606)، وابن حبان (6242) بلفظ:"إنَّ الله اصطفى كِنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم".
وذكر له البيهقيُّ في "دلائل النبوة" 1/ 165 - 176 شواهد أخرى يُرجع إليها.
(1)
هشام بن الكلبي: هو هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وهو متروك، وخبره هذا مُعضَل، لكن صحَّ الخبر موصولًا من حديث جابر بن عبد الله عند مسلم (1218)، وأبي داود (1905)، وابن ماجه (3074)، وابن حبان (1457) و (3944)، وقد وقع في أكثر الروايات:"دم ابن ربيعة بن الحارث"، وفي بعضها كما وقع هنا:"دم ربيعة".
قال الطبراني في ذيل "المُذيَّل" كما في "منتخبه" لعُريب القرطبي 11/ 528: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أول دم أضعُه دم ربيعة بن الحارث" وربيعة حيٌّ، لأنَّ ذلك كان دمًا لربيعة الطلبُ به في الجاهلية، وذلك أنَّ ابنًا لربيعة صغيرًا كان مسترضَعًا في بني ليث بن بكر، وكان بين هذيل وبين ليث بن بكر حرب، فخرج ابن ربيعة بن الحارث، وهو طفل يَحبُو أمام البيوت، فرَمَتْه هُذيلٌ بحجرٍ، فأصابه الحجر فرضخ رأسه، فجاء الإسلام قبل أن يثأر ربيعة بن الحارث بدم ابنه، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم الطلبَ بذلك الدم، فلم يجعل لربيعة السبيل على قاتل ابنه
…
قلنا: فزال بذلك الإشكال الذي استشكله هشام بن الكلبي بإثره.
فقلتُ: ابن عمٍّ، قالوا: أفلا تُحدِّثُك بحديثٍ حدَّثَنا به قبل موتِه، ولم يكن حدَّثَنا به قبلَ ذلك؟ فقلتُ: بلى، فقال: حدَّثَنا قبل موتِه أنه سمعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن لَقِيَ الله لا يُشركُ به، دَخَلَ الجنةَ"
(1)
.
5157 -
قال موسى بن جُبير: فحدثتُ سَلْمان
(2)
الأغَرَّ بحديث أبي أُمامة هذا، فقال: أشهَدُ لَحَدَّثَني سعيدُ بن الحارث بن عبد المُطَّلب عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، مثلَ ما حَدَّث به الشامِيُّون عن مُعاذٍ
(3)
.
ذكرُ مناقب خالد سعيد بن العاص بن أُميّة بن عبد شَمْس بن عبد مَنَاف رضي الله عنه
-
5158 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق، قال: وممَّن خرج من أهل مكة مُهاجرًا إلى أرض الحبشة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني أُمَيَّة بن عبد شَمْس: خالدُ بنُ سعيد بن العاص بن أُميَّة بن عبد شَمْس بن عبد مَنَاف، ومعه امرأتُه، فوَلَدَت
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن لَهِيعة - وهو عبد الله - وموسى بن جُبير - وهو الأنصاري الحَذّاء - قال عنه ابن حبان بعد أن ذكره في "الثقات": يُخطئ ويخالف. قلنا: وللحديث طرق أُخَر عن مُعاذ بن جبل كما تقدَّم برقم (1315) يصحُّ بها. أبو عُلَاثة: هو محمود بن عمرو بن خالد الحَرَّاني ثم المصري.
وانظر ما بعده.
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: سليمان والمثبت على الصواب من "تلخيص المستدرك" للذهبي، ومن "إتحاف المهرة" لابن حجر (16769).
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه.
وأخرجه الدارقطني في كتاب "الإخوة" كما في "الإصابة" لابن حجر 3/ 100 من طريق عبد الله بن لَهِيعة، بهذا الإسناد.
وقد تقدَّم نحو حديث معاذ بزيادةٍ برقم (60) من طريق عُبيد الله بن سلمان الأغر، عن أبيه، عن
أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يعبد الله، لا يُشرك به شيئًا، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويجتنب الكبائر إلّا دخل الجنة"
…
فكأنَّ هذا هو المحفوظ في رواية سلْمان الأغر، والله تعالى أعلم.
له بأرضِ الحبشة ابنَه سعيدَ بنَ خالدٍ
(1)
.
5159 -
أخبرني أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدثنا موسى بن زكريا، حدثنا خَليفة بن خَيّاط، قال: أمُّ خالد بن سعيد بن العاص لُبَينةُ المعروفةُ بأمّ خالد بنت خبّاب
(2)
بن عبد يالِيلَ بن ناشِبِ بن غِيَرَة بن سَعْد بن لَيث بن بَكْر بن عبد مَنَاة بن علي بن كِنانة بن خُزَيمة.
5160 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، حدثني جعفر بن محمد بن خالد بن الزُّبير، عن
(1)
وهو في "السيرة النبوية" برواية يونس بن بُكَير (303)، وفي "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 23 و 2/ 359 - 360.
وممَّن ذكر خالد بن سعيد وامرأته في مهاجرة الحبشة ابن شهاب الزهري عند عبد الرزاق (9743)، وهو عند البخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 238 والطحاوي في "أحكام القرآن"(410) وغيرهما عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وسعيد بن المسيّب وعروة بن الزبير.
وذكر هما كذلك ابن سعد في في "طبقاته" 4/ 91 عن الواقدي بإسناده إلى أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص.
وسيأتي ذكر مَقِدمه من الحبشة برقم (5168).
(2)
في (ز) جناب، بالجيم ثم النون، بدل الخاء ثم الباء الموحدة، ولم يظهر إعجام هذين الحرفين في بقية نسخنا الخطية، لكن يُحتمل قراءتُها في (ص): خباب، وهذا هو الثابت في "طبقات خليفة بن خيّاط" في الطبعتين المحققتين منه طبعة العمري ص 11، وطبعة سُهيل زكار ص 40، وهو الموافق لما جاء في مطبوع "تاريخ دمشق" لابن عساكر في الجزء 19 بتحقيق مأمون الصاغرجي، حيث حقق هذا الجزء على ثلاث نسخ كلها جاء فيها: خباب، في سائر المواضع ذكر فيها ابن عساكر أم خالد بن سعيد بن العاص، وقد نقل اسمَها عن خليفة بن خياط وغيره في الصفحات 510 و 511 و 512 و 513، لكن قال ابن عساكر أثناء نقله قول خليفة ص 511 ما نصّه: أمه لُبَينة بن خبّاب - وفي أصل سماعنا: جناب
…
ثم قال ابن عساكر بعده بقليل: وذكره - يعني خليفة - في موضع آخر فقال: لُبَينة بنت خباب. فكأنَّ ابن عساكر أراد بذلك تأكيد صحة كون اسم أبيها خبابًا، والله تعالى أعلم.
محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، قال: كان إسلامُ خالدٍ قديمًا، وكان أولَ إخوتِه أسلَم قَبلُ، وكان بَدْءُ إسلامه أنه رأى في النوم أنه وُقِف به على شَفِير النار، فذكر من سَعَتِها ما اللهُ أعلمُ، ويَرى في النوم كأنَّ أباهُ يَدفَعُه فيها، ويرى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم آخِذًا بحَقْوَيهِ لا يَقَعْ، ففَزِع من نومِه، فقال: أحلِفُ بالله إنَّ هذه لَرُؤيا حَقٍّ، فلقيَ أبا بكر بن أبي قُحَافة، فذكر ذلك له، فقال أبو بكر: أُريدَ بك خيرٌ، هذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاتَّبِعه، فإنك ستتَّبِعُه وتدخلُ معه في الإسلام، والإسلامُ يَحجُزُك أن تَدخُلَ فيها، وأبوك واقعٌ فيها، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأجيادٍ، فقال: يا محمدُ، إلامَ تَدعُو؟ فقال:"أدعُو إلى الله وحدَه لا شَريكَ له، وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، وتَخلَعُ ما كنتَ عليه من عِبادة حَجَرٍ لا يُضُرُّ ولا يَنفَعُ، ولا يدري مَن عَبَدَه ممَّن لم يَعبُدْه" قال خالدٌ: فإني أشهدُ أن لا إله إلَّا الله، وأشهدُ أنك رسولُ الله، فسُرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بإسلامِه، وتَغيَّب خالد، وعَلِمَ أبوه بإسلامه، فأرسل في طلبه
(1)
مَن بَقيَ من ولَدِه ممَّن لم يُسلِمْ ورافعًا مولاه، فوجدوه، فأتَوْا به أباهُ أبا أُحَيحَة، فأنَّبَه وبَكَّتَه وضربه بصَرِيمةٍ في يدِه حتى كَسَرها على رأسِه، ثم قال: اتَّبعتَ محمدًا وأنت تَرى خِلافَه قومَه، وما جاء به من عَيبِ آلهَتِهم وعَيبِه مَن مضى من آبائهم، فقال خالدٌ: قد صَدَقَ واللهِ واتَّبعتُه، فغَضِبَ أبوه أبو أُحَيحَة ونالَ منه وشَتَمَه، ثم قال: اذهبْ يا لُكَعُ حيث شئتَ، والله لأمنَعنَّك القُوتَ، فقال خالدٌ: إن مَنَعتَني فإنَّ الله عز وجل يَرزُقُني ما أعِيشُ به، فأخرجَه، وقال لِبَنِيه: لا يُكلِّمُه أحدٌ منكم إلَّا صنعتُ به ما صنعتُ به، فانصرف خالدٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يُكرِمُه ويكونُ معه
(2)
.
(1)
في نسخنا الخطية: طلب، بدون هاء الضمير، وهو خطأ، والمثبت على الصواب من رواية البيهقي في "دلائل النبوة" عن أبي عبد الله الحاكم، بإسناده هذا، وهو كذلك في "طبقات ابن سعد" عن شيخه محمد بن عمر الواقدي.
(2)
خبر أبي أحيحة مع ابنه خالد حسن لغيره إن شاء الله، وهذا إسناد مُعضل من أجل أنَّ محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان من تبع الأتباع، لكن روى محمدُ بن عمر - وهو =
5161 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن إسحاق الخُزاعي بمكة، حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن أبي مَسَرّة، حدثنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد بن العاص، عن جدِّه، عن عَمِّه خالد بن سعيد: أنَّ سعيد بن العاص بن أميّة مَرِض، فقال: لئن رَفَعَني اللهُ من مَرَضي هذا لا يُعبَدُ إلهُ ابن أبي كَبْشَةَ ببَطْنِ مكة، فقال خالد بن سعيد عند ذلك: اللهم لا ترَفَعْه
(1)
.
= الواقدي - خبر أبي أحيحة سعيد بن العاص مع ابنه خالد لما أسلم من طريق أخرى تقدَّمت عند المصنف برقم (5122)، لكن لم يسُق النبي هنا بتمامه، وساقه ابن سعد في "طبقاته" 4/ 88 و 89 من تلك الطريق المشار إليها، وهي معضلة كذلك، لكن باجتماعهما يقوى الخبر إن شاء الله.
وأما قصة الرؤيا التي رآها خالد بن سعيد فلم تَرِد إلّا في هذه الطريق التي هنا.
وقد روي في رؤياه التي رآها غير ذلك، وهو ما أخرجه الحُسينُ المحاملي في "أماليه"(248)، والدارقطني في "الأفراد"(60)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 19 - 20، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 16/ 67 - 68 من طريق محمد بن عمر الواقدي، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة، عن أم خالد بنت خالد بن سعيد، قالت: لما كان قبيل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بينا خالد بن سعيد ذات ليلة نائم، قال: رأيت كأنه غشيت مكة ظلمة حتى لا يبصر امرؤ كفَّه، فبينا هو كذلك إذ خرج نور، ثم علا في السماء، فأضاء في البيت، ثم أضاءت مكة كلها، ثم إلى نجدٍ ثم إلى يثرب، فأضاء، حتى إني لأنظر إلى البُسر في النخل، فاستيقظت، فقصصتها على أخي عمرو بن سعيد، وكان جَزْلَ الرأي، فقال: يا أخي إنَّ هذا الأمر يكون في بني عبد المطلب، ألا ترى أنه خرج من حفيرة أبيهم. قال خالد: فإنه لما هداني الله به إلى الإسلام
…
وهذا فيه الواقدي أيضًا، ولكن إسناده من فوق الواقدي كلهم ثقات، وروي نحوه عند ابن سعد 1/ 139 من مرسل صالح بن كيسان، فهذا أصح في رؤيا خالد بن سعيد التي كانت سببًا في إسلامه، والله أعلم.
والصَّرِيمة: القِطعة من النخل أو غيره.
(1)
رجاله ثقات، لكنه منقطع، فإنَّ سعيد بن العاص - وهو سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أميّة، نسب هنا لجد أبيه الأدنى أو الأعلى - لا يُدرك خالدَ بن سعيد بن العاص، وقد سمع سعيدُ بن عمرو هذا من أم خالد بنت خالد بن سعيد، فلعله سمع هذا الخبر منها، فإن صحَّ ذلك اتصل الإسناد وكان صحيحًا، والله تعالى أعلم. =
فأمَّا وفاةُ خالد بن سعيد وكُنْيتُه:
5162 -
فأخبَرَناه أبو سعيد الثَّقَفي، حدثنا موسى بن زكريا التُّستَري، حدثنا خَليفة بن خَيّاط، حدثني الوليد بن هشام القَحْذَمي
(1)
، عن أبيه، عن جده، قال: استُشْهِد يومَ مَرْجِ الصُّفَّر خالدُ بنُ سعيد بن العاص
(2)
. قال خليفة: وهو في سنة ثلاثَ عشرةَ، قال: وتوفي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو عاملُه على اليمن
(3)
.
5163 -
فحدثني أبو الحسين بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا سَلْم بن جُنادة، حدثنا إبراهيم بن يوسف بن مَعمَر بن حمزة بن عمر بن سعد بن أبي وقّاص، حدثني خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد، حدثني أبي: أنَّ أعمامَه خالدًا وأبانًا وعمرَو بن سعيد بن العاص رَجَعُوا عن أعمالهم حين بلغَهم وفاةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: ما أحدٌ أحقَّ بالعملِ من عُمّال رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ارجِعُوا إلى أعمالِكم، فقالوا: لا نَعملُ بعدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لأحدٍ، فخرجوا إلى الشام، فقُتِلوا عن آخِرِهم
(4)
.
= وأخرجه ابن سعد 4/ 89، والطبراني في "الكبير"(4119)، وابن عساكر 16/ 176 من طرق عن عمرو بن يحيى، به.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: المخزومي، والصواب ما أثبتنا، فإنَّ الوليد بن هشام هو ابن قَحْذَم بن سليمان بن ذكوان، وهو الأزدي الجَزْمي البصري، ولا ذكر لمخزومٍ في نسبه لا أصالةً ولا موالاةً.
(2)
لا بأس برجاله، وكلٌّ من الوليد بن هشام وأبيه وجده قد روى عنه جمعٌ وذكره ابن حبان في "الثقات"، بل قال الذهبي في قَحذَمٍ جدِّ الوليد في "تاريخ الإسلام": ما علمت به بأسًا. قلنا: وقحذمٌ هذا تابعيٌّ.
وهو في "تاريخ خليفة بن خياط" ص 120، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 16/ 84 و 46/ 28.
(3)
الذي في "تاريخ خليفة" ص 97: استعمل (يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم) على صنعاء خالد بن سعيد بن العاص.
وسيأتي في الروايات التالية كون خالد بن سعيد كان عاملًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على اليمن.
(4)
رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسلٌ من أجل أنَّ سعيد بن عمرو لم يدرك أحدًا من أعمامه =
5164 -
أخبرني أبو نُعيم محمد بن عبد الرحمن الغِفاري بمَرُو، حدثنا عَبْدان بن محمد بن عيسى الحافظ، سمعت عبد الله بن مُسلم يَذكُر عن أبي اليَقْظان وغيره: أنَّ خالد بن سعيد بن العاص أسلمَ قبلَ أبي بكر الصِّدّيق
(1)
.
هذا وهمٌ من قائله، فقد قدّمتُ الروايةَ أنَّ أبا بكر هو الذي دَعَاه إلى الإسلامِ حتى أسلمَ
(2)
.
5165 -
وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، حدثني ابن إسحاق، عن محمد بن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه: أنَّ خالد بن سعيد حين وَلّاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم اليمنَ قَدِمَ بعد وفاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتَربَّص ببيعتِه، شهرَين، يقول: قد أمَّرني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم لم يَعزِلْني حتى قَبضَه اللهُ عز وجل، وقد لقي عليَّ بنَ أبي طالب وعثمانَ بنَ عفّان، فقال: يا بَني عبد مَنافٍ، طِبتُم نَفْسًا عن إمرتِكم، يَلِيهِ غَيرُكم، قال: فأما أبو بكر فلم يَحفِلْها
(3)
عليه،
= المذكورين، وإبراهيم بن يوسف بن معمر المذكور يُعرف بالسَّعدي، روى عنه سَلْم بن جُنادة ومحمد بن عبيد الله بن يزيد المُنادي ومِنْجاب بن الحارث، وروى عنه هذا الأخيرُ كتاب "المبتدأ" لابن إسحاق، عن زياد البكائي عن ابن إسحاق، فيما قاله أبو بكر بن أبي داود في "المصاحف"(114)، وقال عنه أبو بكر: لا بأس به، وذكره ابن حِبّان في "الثقات".
وهو في "المسند" لأبي العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم السرّاج كما في "الإصابة" لابن حجر 2/ 102، ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2428)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 46/ 25.
(1)
إسناده ضعيف منكر لضعف أبي اليقظان - وهو عثمان بن عمير البَجَلي - ثم هو مُعضَل لأنَّ أبا اليقظان من تبع الأتباع، وعبد الله بن مسلم - وهو ابن قُتيبة الدِّينَورِي - لم يدرك أبا اليقظان، إنما يروي عنه بواسطةٍ أو نقلًا عن كتاب أبي اليقظان.
(2)
يعني الرواية المتقدمة برقم (5160).
(3)
تحرَّفت في نسخنا الخطية إلى: يجعلها، من الجَعْل، وإنما هي: يَحفِلها، من الحَفْل: وهي المُبالاة، يقال: لا أَحفِلُه، أي: لا أُباليه. وعند بعض من ذكر الخبر: فلم يَحفِل بها. ويجوز أن يتعدّى بنفسه وبالباء.
وأما عمرُ فاضطَغَنَها
(1)
عليه، ثم بعث أبو بكر الجنودَ إلى الشام، فكان أولَ من استَعمَل على رَبْعٍ منها خالدُ بنُ سعيد، فأخذ عمرُ يقول: أتُؤمِّره وقد صَنَع ما صَنَع وقال ما قال؟! فلم يَزلْ بأبي بكر حتى عَزَله وأمَّر يزيدَ بنَ أبي سفيان
(2)
.
حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5166 -
أخبرنا أبو نُعَيم الغِفاري بمَرْوٍ محمد
(3)
بن عبد الرحمن، حدثنا عَبْدان بن محمد بن عيسى الحافظ، سمعت أحمد بن سَيّار، يقول: خالد بن سعيد بن العاص وُلِد لأبيه سعيدٍ عشرون
(4)
ابنًا وعشرون ابنةً، فأما العاصُ بن سعيد فإنَّ أمير
(1)
تحرَّفت في نسخنا الخطية إلى: فاصطنعها، وجاءت على الصواب في "تلخيص المستدرك" للذهبي، وفاقًا لسائر مصادر تخريج الخبر، وهي من اضطَغَن الرجلُ: إذا حمل في نفسه حقدًا.
(2)
حسنٌ لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن المحفوظ أنه من رواية محمد بن إسحاق صاحب السيرة عن عبد الله بن أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم مرسلًا، وليس لعبد الله بن أبي بكر عَقِبٌ كما نصّ عليه الواقدي فيما نقله عنه ابن سعد في "طبقاته" 7/ 491، فالخبر من مرسل عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وفيه أيضًا عنعنةُ ابن إسحاق لكن روي الخبر من غير وجهٍ، فهو حسنٌ بمجموعها.
وأخرجه الطبري في "تاريخه" 3/ 387، ومن طريقه ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 378 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 16/ 78 من طريق إسحاق بن بشر البخاري، كلاهما عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم مرسلًا.
وأخرجه عبد الرزاق (9770) عن معمر، عن الزهري، مرسلًا مثلُه.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 91، ومن طريقه ابن عساكر 16/ 79 - 80 عن محمد بن عمر الواقدي، عن جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام، عن إبراهيم بن عقبة، عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص.
وذكرت فيه أم خالد أنَّ أباها بايع أبا بكر بعد ثلاثة أشهر، بايعه في المسجد وأبو بكر على المنبر.
(3)
في (ز) و (ب) ومحمد، بإقحام حرف الواو، وإنما اسم أبي نُعيم الغِفاري محمد بن عبد الرحمن.
(4)
جاء في نسخنا الخطية في الموضعين: عشرين، بالنصب، والجادَّة ما أثبتنا. وانظر "شواهد =
المؤمنين علي بن أبي طالب قتلَه مُشركًا يومَ بدرٍ، وأما خالدُ بن سعيد فإنه قُتل يوم مَرْجِ الصُّفَّر في المُحرَّم سنة أربعَ عشرةَ في خلافة عُمر بن الخطاب
(1)
.
5167 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله المُزَنِي، حدثنا أحمد بن نَجْدة، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه سعيد بن عمرو، عن خالد بن سعيد بن العاص: أنه أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم وفي يده خاتمٌ، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ما هذا الخاتَمُ؟ " فقال: خاتَمٌ اتخذتُه، قال:"فاطرَحْه"، فطرحتُه إليه، فإذا هو خاتمٌ من حديد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما نَقْشُه؟ " قلت: محمدٌ رسولُ الله، فأخَذَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فتَختَّم به حتى مات، فهو الخاتَمُ الذي كان في يدِه
(2)
.
= التوضيح والتصحيح" لابن مالك ص 170، و"النحو الوافي" لعباس حسن 2/ 111 - 123.
(1)
لم يزد علماء الأنساب في تسمية أبناء سعيد بن العاص أبي أُحيحة على ثمانية، وقد سماهم مصعب الزبيري في "نسب قريش" ص 176. وأسند ابن أبي الدنيا في "الإشراف في منازل الأشراف" (303) عن عبد العزيز الأموي يحدثُ عن أهل بيته قال: ولد سعيد بن العاص أبو أُحيحة ثمانية رجال، وسمّاهم، وذكر موضع مقتل كل واحدٍ منهم.
(2)
رجاله لا بأس بهم، لكنه منقطع، فإنَّ سعيد بن عمرو لم يدرك خالد بن سعيد بن العاص، وقد رواه أبو نعيم الفضل بن دُكين عن إسحاق بن سعيد عن أبيه سعيد بن عمرو: أن خالد بن سعيد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكر الحديث مرسلًا. وكذلك رواه عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو، عن جده سعيد بن عمرو مرسلًا، وهذا واضحٌ في انقطاعه.
وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه" 1/ 193، والطبراني في "الكبير"(4118)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة" (2430) من طرق عن يحيى بن عبد الحميد - وهو الحِمّاني - بهذا الإسناد. وزادوا في رواياتهم: خاتم من حديد مَلْويٌّ عليه فضة.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "أسماء من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من القبائل" كما في "أحكام الخواتيم" لابن رجب الحنبلي ص 39 - 40 من طريق أبي أحمد الزبيري، عن إسحاق بن عمرو، به. وزاد في روايته كذلك: خاتم من حديد قد لُوي عليه فضة. ووقع في مطبوع "أحكام الخواتيم": أحمد يدل أبي أحمد، وإنما الذي روى هذا الحديث أبو أحمد الزبيري =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5168 -
حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا محمد بن عبد الله الحَضْرمي، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان، حدثنا خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد، سمعت أبي يَذكُر عن عمِّه خالد بن سعيد الأكبر: أنه قَدِمَ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حين قَدِم من أرض الحبشة ومعه ابنتُه أم خالد، فجاء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها قَميصٌ أصفَرُ، وقد أعجَبَ الجاريةَ قميصُها، وقد كانت فَهمتْ بعضَ كلام الحبشة، فراطَنَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بكلامِ الحبشة:"سَنَهْ سَنَهْ" وهي بالحبشة: حَسَن حَسَن، ثم قال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أَبلِي وأَخلِقي، أَبلي وأَخلِقي" - قال: فأبلَتْ واللهِ ثم أخلَفَتْ - ثم مالَتْ
= كما نبَّه عليه أبو نعيم في "المعرفة".
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 1/ 407 عن أبي نعيم الفضل بن دُكين، عن إسحاق، عن سعيد: أن خالد بن سعيد أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكره مرسلًا.
وأخرجه ابن سعد 1/ 407، وإسحاق بن إبراهيم الخُتَّلي في "الديباج"(144)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 264، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 183 من طريق عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية، عن جده سعيد بن عمرو، قال: دخل عمرو بن سعيد بن العاص حين قدم من الحبشة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكره مرسلًا أيضًا، غير أنه جعل الخاتم لعمرو بن سعيد بن العاص، وليس لأخيه خالد بن سعيد، وزاد: فكان في يده حتى قُبض، ثم في يد أبي بكر حتى قُبض، ثم في يد عمر حتى قُبض، ثم لبسه عثمان حتى حُفر بئر بالمدينة يقال له: أَريس، فبينا هو جالس على شفيرها سقط في البئر، فطُلب فلم يوجد. وليس فيه أنه كان من حديد، بل جاء عند الخُتَّلي أنه كان من فضة.
وهذا هو الصحيح في ذكر الخاتم الذي اتخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان من فضة، وهو الذي أخذه من بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان، ثم سقط في بئر أريس، كما رواه عبد الله بن عمر بن الخطاب عند البخاري (5866) ومسلم (2091) وغيرهما، وهو الذي كان نقشُه: محمد رسول الله، كما في حديث ابن عمر المذكور، وكما في حديث أنس أيضًا عند البخاري (65)، ومسلم (2092) وغيرهما.
إلى ظَهْر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعت يدَها على مَوضِع خاتَم النُّبوّة، فأخذها أبوها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دَعُها"
(1)
.
صحيح الإسناد، فقد اتفق الشيخان على إخراج أحاديثَ لإسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد عن آبائه وعُمومته، وهذه أمُّ خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص التي حملها أبوها صغيرةً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، صَحِبَتْ بعد ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وقد رَوَتْ عنه.
5169 -
حدثني بصحّة ذلك أبو بكر بن داود وأبو محمد البَلَاذُري الحافظ وأبو سعيد الثقفي، قالوا: حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا سهل بن عثمان العَسْكري، حدثنا جُنادة بن سَلْم
(2)
القُرشي، عن عُبيد الله بن عمر، سمعت أمَّ خالد بنت خالد بن
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه منقطع، فإنَّ سعيد بن عمرو بن سعيد ما أدرك خالدًا فيما قاله الذهبي في "تلخيصه". وقد روى سعيد بن عمرو مثل هذا الخبر عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص، وسماعه منها صحيح، وروى قصة القميص منه دون قصة خاتم النبوة إسحاقُ بنُ سعيد أخو خالد عن أبيه عن أم خالد كما تقدَّم برقم (2398) و (4294)، فهذا هو الصحيح في رواية الحديث أنه من رواية سعيد بن عمرو عن أم خالد.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(4117) عن محمد بن عبد الله الحضرمي وعبد الله بن أحمد بن حنبل، عن عبد الله بن عمر بن أبان، بهذا الإسناد.
وأخرجه كذلك (4117) من طريق يحيى الحماني، عن خالد بن سعيد، به.
وأخرجه البخاري (3071) و (5993) من طريق عبد الله بن المبارك، عن خالد بن سعيد، عن أبيه، عن أم خالد.
وانظر ما سيأتي برقم (7579).
(2)
في (م) و (ب): سالم، وكانت في (ص): سلم، ثم رُمِّجت وكُتب في هامشها: سالم، بخط مغاير، والصحيح ما كان في أصل (ص) وفاقًا لما في (ز). ونسبته قُرشيًا مما لم نقف عليه إلّا هنا، مع أنَّ المعروف أنه سُوائيٌّ عامريٌّ من هوازن، لكنهم كانوا حُلَفاء بني زُهرة بن كلاب القرشيِّين كما في ترجمة جابر بن سمرة السُّوائي في "طبقات ابن سعد" 8/ 146، وجابر أحدُ أجداد =
سعيد بن العاص الأكبر تقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَتعوَّذ من عذابِ القبر
(1)
.
ذكرُ صفوانَ بن مَخرَمة الزُّهري
5170 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، قال: ومن بني زُهير: صفوان بن مَخْرَمة بن نَوفَل، وبه يُكنى مَخرمةُ، وهو أخو المِسوَر بن مَخرَمة، وأمُّه عاتِكةُ بنت عَوف أختُ عبد الرحمن بن عَوف.
5171 -
حدثنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن عِصام، حدثنا أبو أحمد الزُّبيري، حدثنا بَشير أبو إسماعيل: سمعت القاسم بن صفوان الزُّهْرِي يَذكُر عن أبيه وكانت له صحبة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَبرِدُوا بصلاةِ الظُّهر، فإنَّ شدَّةَ الحَرِّ من فَوْرِ جَهَنَّمَ"
(2)
.
= جُنادة بن سَلْم هذا، فظهر بذلك صحة نسبته قُرشيًا للحِلف.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم غير جُنادة بن سَلْم، فهو مختلَف فيه كما بيَّنّاه برقم (1943)، وعلى أي حالٍ فللحديث طريق أخرى ستأتي عند المصنف برقم (7106) يصح بها.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل القاسم بن صفوان - وهو ابن مخرمة - فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان وابن خلفون في "الثقات". بشير أبو إسماعيل: هو ابن سَلْمان الكَنْدي الكوفي، وأبو أحمد الزُّبيري: هو محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر.
وأخرجه أحمد 30/ (18306) عن وكيع بن الجراح، و (18307) عن يعلى بن عُبيد الطنافسي، كلاهما عن أبي إسماعيل بشير بن سّلْمان، به.
وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد 13/ (8221)، والبخاري (536)، ومسلم (615).
وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد 18/ (11490)، والبخاري (538).
وعن أبي ذر الغِفاري عند أحمد 35/ (21376)، والبخاري (535)، ومسلم (616).
وعن ابن عُمر عند البخاري (533).
وعن المغيرة بن شعبة عند أحمد 30/ (18185)، وابن ماجه (680)، وابن حبان (1505). وسنده حسن. =
أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال:
ذكرُ مناقب سَلَمة بن هشام بن المُغيرة بن عبد الله بن عُمَر بن مَخرُوم رضي الله عنه
-
كان قديمَ الإسلام بمكة، وهاجَرَ إلى أرض الحَبَشة، ثم رجع إلى مكة، فحبسه أبو جهلٍ وضَرَبه وأجاعَه وعَطَّشَه، فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدعُو له في الصلوات والقُنوت.
5172 -
كما أخبَرَناه أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن سعد، عن الواقِديّ
(1)
.
5173 -
فحدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا محمد بن عبد الله بن رُسْتَهْ، حدثنا سليمان بن داود، حدثني محمد بن عمر، قال: ثم إِنَّ سَلَمة بن هشام أفْلَتَ بعد ذلك، فلَحِقَ برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وذلك بعد الخَندق، فقالت أمُّه ضُبَاعة بنت عامر بن قُرْط
(2)
بن سَلَمة بن قُشير بن كَعْب بن عامر بن ربيعة:
اللهُمَّ ربَّ الكعبةِ المُحرَّمَهْ
…
أَظهِرْ على كُلِّ عدوٍّ سَلَمهْ
لَه يَدانِ في الأمورِ المُبهَمَهْ
…
كَفٌّ بها يُعطِي وكَفٌّ مُنعِمهْ
فلم يَزَل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قَبِض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فخرج مع المسلمين إلى الشام حين بَعَث أبو بكر الجيوشَ لجهاد الرُّوم، فقُتل سَلَمةُ شهيدًا بمَرْج الصُّفَّر
= وعن أبي موسى الأشعري عند النسائي (1502). وهو صحيح.
(1)
وانظر "الطبقات الكبرى" لابن سعد 4/ 121.
وانظر كذلك "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 366 - 367.
ودعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لسلمة بن هشام المخزومي في الصلاة ثابتٌ من حديث أبي هريرة عند أحمد 12 / (7260) والبخاري (804)، ومسلم (675)، وأبي داود (1442)، وابن ماجه (1244)، والنسائي (664)، وابن حبان (1969).
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: قسيط، والتصويب من ترجمتها في كتب الصحابة.
في المُحرَّم سنةَ أربعَ عشرةَ في خِلافة عُمر رضي الله عنه
(1)
.
ذكرُ مناقب سعد بن عُبادة الخَزْرجي النَّقِيب رضي الله عنه
-
5174 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة محمد بن عمرو بن خالد، حدثني أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسوَد، عن عُروة، في تَسمية من شهد العَقَبة من الأنصار من بني ساعِدةَ بن كعب بن الخَزْرج: سعدُ بن عُبادة بن دُلَيم بن حارِثة
(2)
بن حَزِيمة، وهو نَقِيبٌ، وقد شهد بدرًا
(3)
.
(1)
وهو في "طبقات ابن سعد" 4/ 122 عن محمد بن عمر الواقدي.
(2)
زاد في (ب) والمطبوع في نسب سعد بعد حارثة: عبيدة. وهو خطأ.
(3)
تكرر هذا الخبر بإسناده ومتنه بإثره مباشرة في (ز) وحدها. وأخرجه الطبراني في "الكبير"(5352)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3116) عن أبي عُلَاثة محمد بن عمرو بن خالد، بهذا الإسناد.
وكونه نقيبًا متفق عليه عند أهل السير والمغازي.
وجاء مسندًا عن جابر بن عبد الله عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1822)، ولا بأس به في الشواهد.
ومن حديث كعب بن مالك، وسيأتي عند المصنف برقم (5179).
وأما شهود سعد بن عبادة بدرًا ففيه خلاف، فقد جزم به عروة بن الزبير هنا والزهري كما في الرواية التالية، وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (ص 280): لم يذكره ابن عُقبة ولا ابن إسحاق في البدريين، وذكره فيهم جماعةٌ غيرهما، منهم الواقدي والمدائني وابن الكلبي، وذكره أبو أحمد الحاكم في كتابه في الكنى، فقال: شهد بدرًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ويقال: لم يشهد بدرًا. قلنا: ذِكرُه الواقديَّ فيمن أثبت شهود سعد بن عبادة بدرًا غير مسلَّم، فإنَّ الواقدي نفى شهوده بدرًا كما سيأتي في روايته الآتية برقم (5176).
وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" 5/ 227: ذكره غير واحد منهم عروة والبخاري وابن أبي حاتم والطبراني فيمن شهد بدرًا، ووقع في "صحيح مسلم"(1779) ما يشهد بذلك حين شاور النبي صلى الله عليه وسلم في ملتقى النفير من قريش، فقال سعد بن عبادة: كأنك تريدنا يا رسول الله
…
الحديث، والصحيح أنَّ ذلك سعد بن معاذ، والمشهور أنَّ سعد بن عُبادة ردّه من الطريق، قيل: لاستنابته على المدينة، وقيل: لدغته حيّة، فلم يتمكن من الخروج إلى بدر، حكاه السُّهيلي عن ابن قتيبة. =
5175 -
أخبرنا محمد بن علي الصَّنْعَاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن الزُّهري: أنَّ سعدَ بنَ عُبادة كان حامِلَ رايةِ الأنصارِ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ بدرٍ وغيرِه
(1)
.
5176 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا محمد بن عبد الله بن رُسْتَهْ، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا محمد بن عمر، حدثني يحيى بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عُبادة بن دُلَيم بن حارثة بن النعمان بن أبي حَزِيمة
(2)
بن ثَعلبة بن طَرِيف بن الخَزْرج بن ساعِدةَ بن كعب بن الخَزْرج.
قال محمد بن عمر: وكان سعد بن عُبادة يكنى أبا ثابت، وكان من الكَمَلَةِ، وهو أحدُ السبعين الذين بايَعوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار ليلة العَقَبة في رواية جميعِهم، وأحدُ النُّقَباء الاثني عشر، وكان سيدًا جَوَادًا، ولم يَشْهَدْ بدرًا، ذُكِر أنه كان يَتأهّب للخروج إليهم، ويأتي دُورَ الأنصار يَحضُّهم على الخُروج، فنُهِش قبل أن يَخرُج فأقامَ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لئِنْ كان سعدٌ لم يَشهَدْها، لقد كان عليها حَريصًا"،
= وانظر التعليق على ضبط اسم حَزِيمة عند الرواية الآتية برقم (5176).
(1)
وهو في "مصنف عبد الرزاق"(9638) و (9770)، لكنه في الموضع الأول قال: عن الزهري عن عُروة. وليس بمحفوظ، فقد أخرج أحمد هذا الأثر في "فضائل الصحابة"(1503) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري لم يجاوزه.
وانظر لزامًا تعليقنا على ما تقدَّم بالرقمين (4633) و (4634).
(2)
جاء في (ص) مُعجمًا بالخاء المعجمة، وفي (ز) صُحِّح فوق الحاء المهملة، وكلاهما مرويٌّ، كما جاء في "تاريخ بغداد" للخطيب في ترجمة قيس بن سعد بن عُبادة 1/ 529 وكما جاء في "الإملاء المختصر" لأبي ذرٍّ الخُشَني ص 19، لكنّ ضبْطَه بالحاء المهملة هو الأشهر، وهو الذي جَزَم به الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 2/ 911، وابن ماكولا في "الإكمال" 3/ 141، وابن الأثير في "أسد الغابة" في ترجمة سعد بن عبادة 2/ 206، وفي "اللُّباب في تهذيب الأنساب" في نسبة الساعدي 2/ 92، وهو الذي صَوَّبه أبو ذر الخُشني في "الإملاء"، وبعضهم يقول في نسبه: ابن حَزِيمة، دون لفظة "أبي" كما سماه عروة بن الزبير في أول الترجمة.
وقد شهد أُحدًا والخندقَ والمَشاهِدَ كلَّها
(1)
.
5177 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: تُوفِّي سعد بن عُبادة - وكان يُكنى أبا ثابت - بحَوْرانَ من أرض الشام، لسنتين ونصفٍ من خلافة عُمر رضي الله عنه، وذلك آخرَ سنة خمس عشرة
(2)
.
5178 -
أخبرني عبد الله أبو
(3)
محمد الحَمَّوي، حدثنا محمد بن إبراهيم العَبْدي، سمعت يحيى بن عبد الله بن بُكَير، يقول: توفي سعد بن عُبادة بحَوْران سنة ستَّ عشرةَ
(4)
.
(1)
وهو في "طبقات ابن سعد" 3/ 567 عن محمد بن عمر الواقدي. وفي شهود سعد بن عبادة بدرًا خلافٌ كما تقدم.
(2)
وهو في "المعجم الكبير" للطبراني (5358) عن عُبيد بن غنّام ومحمد بن عبد الله الحضرمي، وفي "معرفة الصحابة" لأبي نعيم (3118) من طريق محمد بن عبدوس بن كامل، كلهم عن محمد بن عبد الله بن نمير.
وروى مثلَه ابن سعد في "طبقاته 3/ 570 و 9/ 394 عن محمد بن عمر الواقدي، عن يحيى بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة، عن أبيه.
لكن خالف الواقديَّ فيه أبو الحسن المدائني عند البغوي في "معجم الصحابة" 3/ 17، فروى عن يحيى بن عبد العزيز، عن أبيه: أنَّ سعد بن عبادة توفي في خلافة أبي بكر، ومثله قول خليفة بن خيّاط كما في "تاريخ دمشق" 20/ 267 حيث قال: توفي سنة إحدى عشرة!
وفيه غير ذلك من الأقوال انظرها في "تاريخ دمشق" 20/ 267 - 268.
(3)
في نسخنا الخطية: بن وأغلب الظن أنها تحريف عن "أبو"، وهو عبد الله بن غانم بن حمّويه بن الحسين أبو محمد الطويل الصيدلاني، روى المصنف عنه "تاريخ ابن بُكَير" عن محمد بن إبراهيم العَبْدي البُوشنجي عن ابن بُكَير، وقد روى عنه في "المستدرك" عدة روايات لابن بُكَير، كلَّ ذلك يسمِّيه عبد الله بن غانم، وسماه مرةً: عبد الله بن حمّويه، وسماه في "تاريخ نيسابور" كما في "مختصره": عبد الله بن غانم بن حمّويه بن الحسين الصيدلاني أبو محمد. فالحمّوي هنا نسبةٌ لجده حمّويه.
(4)
وهو في "معجم الطبراني الكبير"(5357) عن أبي الزِّنْباع روح بن الفرج، عن يحيى بن عبد الله بن بُكَير.
5179 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، حدثني مَعْبَد بن كعب، عن أخيه، عن كعب بن مالك، قال: لما قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَخرِجُوا لي اثني عَشَر نَقِيبًا"، فأخرَجْنا له سعدَ بن عُبادة بن دُلَيم بن حارثة بن حَزِيمة بن ثعلبة بن طَريف بن الخَزْرج بن ساعِدَة، وكان نَقِيبَ بني ساعِدةَ
(1)
.
5180 -
حدثني أبو أحمد محمد بن إسحاق الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا أبو الأشعَث، حدثنا هشام بن محمد بن السائب الكَلْبي، حدثنا عبد الحميد بن [أبي]
(2)
عَبْس
(3)
بن جَبْر، عن أبيه، قال: سَمِعَت قُريشٌ قائلًا يقول في الليل على أبي قُبيس:
فإن يُسلِمِ السَّعدانِ يُصبِحُ مُحمدٌ
…
بمكةَ لا يَخشى خِلافَ المُخالِفِ
فلما أصبحوا قال أبو سفيان: من السَّعْدانِ: سعدُ بكرٍ وسعدُ هُذَيمٍ؟! فلما كانت في الليلة الثانية سمعُوه يقول:
أيا سعدُ سعدَ الأوسِ كُن أنتَ ناصِرًا
…
ويا سعدُ سعدَ الخَزرجَينِ الغَطَارِفِ
(1)
إسناده حسنٌ من أجل محمد بن إسحاق، لكن لم يقع تسمية النقباء في شيء من الروايات عن ابن إسحاق بسنده هذا إلّا في رواية يونس بن بُكَير، ولكنه لم ينفرد به، فقد سماهم غيره من أهل السير.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 444 - 449 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وذكر قصة بيعة العقبة الثانية بطولها.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(5354) و 19/ (174)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3114) من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، عن يونس بن بُكَير، به.
(2)
لفظة "أبي" سقطت من نسخنا الخطية، والمثبت على الصواب من "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (25483).
(3)
في (ز) و (ب): عيش، وأُهملت في (م)، وتحرَّفت في (ص) إلى: عيسى. والمثبت على الصواب من "إتحاف المهرة"، ويحتمله ما في (م).
أجِيبا إلى داعِي الهُدى وتَمنَّيا
…
على اللهِ في الفِردَوسِ مُنْيةَ عارفِ
فإنَّ ثوابَ الله للطالبِ الهُدَى
…
جِنانٌ من الفِردَوسِ ذاتُ رَفارفِ
فلما أصبَحوا قال أبو سفيان: هو واللهِ سعدُ بن مُعاذٍ وسعدُ بن عُبَادة
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل هشام بن محمد بن السائب الكَلْبي، فهو متروك الحديث وعبد الحميد بن أبي عَبْس بن جَبْر هكذا سُمّي بعبد الحميد هنا وفي بعص مصادر تخريج هذه الرواية، وكذلك سُمِّي في بعض الروايات الأخرى في بعض مصادر تخريجها كما جاء في خبرٍ ذكره الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 2/ 220، وكما جاء في خبرٍ آخر سيأتي عند المصنف برقم (5588)، وكما في خبرٍ ثالث سيأتي عند المصنف أيضًا برقم (5953)، ولكن الأشهر في اسمه أنه عبد المجيد، ولعله يكون هو الصواب، وقد روى عنه جمعٌ وذكره ابن حبان في "الثقات"، لكن ليَّنه أبو حاتم الرازي. وقد اختُلف عليه في روايته هذه، فأحيانًا يقال فيها: عنه عن أبيه، وأحيانًا يُقال: عنه عن أبيه عن جده، بزيادة ذكر جدّه، واسم عبد المجيد: عبد المجيد بن أبي عَبْس بن محمد بن أبي عَبْس بن جَبْر، كذلك سماه ابن سعد في "طبقاته" 7/ 589، والبخاري في "تاريخه الكبير" 6/ 111، وكذلك وقع مسمًّى في رواية الطبري في "تاريخه" لهذا الخبر 2/ 380.
أبو الأشعث: هو أحمد بن المِقدام العجلي.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 428 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري في "تاريخه" 2/ 380 عن أبي الأشعث أحمد بن المقدام العجلي، به.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الهواتف"(75)، وعنه أبو بكر الدِّينَورِي في "المُجالسة"(1266) عن أبيه، عن هشام بن محمد، عن عبد المجيد بن أبي عَبْس، عن أبيه، عن جده. كذا سماه عبدَ المجيد، وذكر جدَّه في الإسناد.
وأخرجه محمد بن حبيب البغدادي في "المنمق في أخبار قريش" ص 148 عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي، عن أبيه، عن عبد المجيد بن أبي عبس، عن أبيه، عن جده، قال: أخبرني عمُّ لي قال: سمعت قريش صائحًا
…
فذكره، فزاد في الإسناد محمد بن السائب الكلبي، وهو متروك متَّهم، وزاد ذكر جدّ عبد المجيد، وجعل روايته عن عمٍّ له!
وأخرجه الخرائطي في "هواتف الجِنّان" ص 35 عن علي بن حرب، عن أبي المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي، عن عبد المجيد بن أبي عَبْس، عن أشياخه، قال: لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم خفي على قريش خبره، فبينا قريش في أنديتها حول البيت إذ سمعوا صوتًا
…
فذكره. هكذا جعله عن عبد المجيد عن أشياخه! =
5181 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أبو مُسلم، حدثنا بَكّار بن محمد، حدثنا ابن عَوْن، عن محمد: أنَّ سعد بن عُبادة أتى سُبَاطةً قومٍ فبالَ قائمًا، فخَرَّ ميتًا، فقالت الجِنُّ:
نحن قَتلْنا سيِّدَ ال
…
خَزْرجِ سعدَ بنَ عُبادَهُ
ورَمَيناهُ بسَهْمَي
…
ن فلم نُخطِ فُؤادَهُ
(1)
5182 -
أخبرنا محمد بن علي الصَّنْعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبَّاد، أخبرنا عبد الرزاق، عن مَعمَر، عن قَتَادة، قال: أقامَ سعدُ بنُ عُبادة لا يَبُول، ثم رَجَع، فقال: إني لأجِدُ في ظَهْري شيئًا، فلم يَلبَث أن مات، فناحَتِ الجنُّ فقالوا:
= وروى البخاريُّ مثله في "تاريخه الأوسط" 1/ 325 عن أبي محمد الكوفي، قال: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يُهاجر سمعوا صوتًا
…
فذكره مُعضلًا.
(1)
إسناده ضعيف، بكّار بن محمد - وهو ابن عبد الله بن محمد بن سيرين - الأكثرون على تضعيفه، ولم يُحسِّن الرأيَ فيه غير ابن معين، وقد توبع، غير أنَّ الخبر مرسلٌ، لأنَّ محمدًا - وهو ابن سيرين - لم يدرك زمن وفاة سعد بن عُبادة. أبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله الكشّي، وابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرطبان.
وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة"(1113) عن محمد بن زكريا بن عبد الله القرشي، عن بكار بن عبد الله، به. هكذا نسبه لجدّه عبد الله.
وأخرجه الحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث" للهيثمي (67)، والطبراني في "الكبير"(5359)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(3120) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(925)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 2/ 266 من طريق النضر بن شُميل، ومحمد بن عبد الله بن زَبْر الرَّبَعي في "تاريخ مولد العلماء ووفياتهم" ص 99، ومن طريقه ابن عساكر 20/ 269، من طريق أبي الحسن علي بن محمد المدائني، ثلاثتهم عن عبد الله بن عون، به.
وأخرجه ابن سعد 3/ 570 و 9/ 395، والخطّابي في "غريب الحديث" 2/ 324 من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن محمد بن سيرين.
والسُّبَاطة: الموضعُ الذي يُرمَى فيه الترابُ والأوساخُ، وما يُكنَس من المنازل.
نحن قَتلْنا سيِّدَ ال
…
خَزرجِ سَعْدَ بنَ عُبادَهُ
ورَمَيناهُ بسَهْمي
…
نِ فلم نُخطِ فُؤادَهُ
(1)
5183 -
حدثني علي بن حَمْشاذَ العَدْلَ، حدثنا إسحاق بن الحسن ومحمد بن غالب، قالا: حدثنا عَفّان بن مسلم، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بَلَغَه إقبالُ أبي سفيان، فتكلّم أبو بكر، فأعرضَ عنه، ثم تكلّم عُمر، فأعرضَ عنه، فقال سعدُ بن عُبادة: يا رسول الله، والذي نفسِي بيدِه لو أمرتَنا أن نَخُوضَ البحرَ لَخُضْناه
(2)
، ولو أمرتَنا أن نَضرِبَ أَكبادَها إلى بَرْك الغِمادِ لَفَعَلْنا، فَنَدَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الناسَ، فانطلَقُوا حتى نزلوا بدرًا
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لإرساله، فإنَّ قتادة - وهو ابن دِعامَة - لم يُدرك زمن وفاة سعد بن عُبادة.
وهو في "جامع معمر"(20931). وفي "مصنف عبد الرزاق"(6778).
(2)
في (ز) و (م) و (ب): لخُضناها، على التأنيث، وهو على تأويل محذوف، يعني الخيل، ويكون على تعدية الثلاثي، من قولهم: خاض الماءَ أو الشرابَ في المِجْدَح، والمثبت من (ص) و"تلخيص الذهبي"، وهو أوجَهُ وأقعَدُ، ويكون بعَوْد الضمير المذكَّر على البحر، وهو واضح.
(3)
إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُنَاني.
وأخرجه أحمد 21/ (13297) و (13703)، ومسلم (1779) من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وأخرجه أحمد 21/ (13296) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، وابن حبان (4722) من طريق هدبة بن خالد، كلاهما عن حماد بن سلمة به.
وأخرجه أحمد 19/ (12022) و 20/ (12954)، والنسائي (8290) و (8527) و (11076)، وابن حبان (4721) من طريق حميد الطويل، عن أنس. لكنه لم يصرِّح باسم قائل المقالة التي نُسبَت في رواية ثابت إلى ابن عُبادة، لكنه قال: فقال رجلٌ من الأنصار
…
وذكر ابن حجر في "فتح الباري" 12/ 23 أنَّ المحفوظ في هذه المقالة أنها لسعد بن معاذ كما ذكره موسى بن عقبة وعروة بن الزبير، وأنَّ ما وقع في رواية مسلم هذه ووافقها مرسل عكرمة عند ابن أبي شيبة من نسبتها لسعد بن عُبادة أنه فيه نظرٌ، لكون سعد بن عُبادة لم يشهد بدرًا
…
ثم قال: ويمكن الجمع بأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم استشارهم في غزوة بدرٍ مرتين: الأولى وهو بالمدينة أول ما بلغه خبر العير مع أبي سفيان، وذلك بيِّن في رواية مسلم
…
والثانية كانت بعد أن خرج. =
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5184 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عَفّان، حدثنا أبو أُسامة، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، قال: كان سعدُ بن عُبادة يقول: اللهمَّ هَبْ لي مَجدًا ولا مَجدَ إِلَّا بِفَعَالٍ، ولا فَعَالَ إِلَّا بمالٍ، اللهمَّ لا يُصلِحُني القليلُ، ولا أصلُحُ عليه. وكان له مُنادٍ
(1)
يُنادي على أُطُمِه: من كان يريد الشَّحمَ واللَّحمَ فليأتِ سعدًا
(2)
.
= وهذا مبنيٌّ على الجزم بعدم شهود سعد بن عُبادة بدرًا، لكن تقدم ذكرُنا عند الرواية (5174) الخلاف في شهوده بدرًا بين أهل السير.
وبَرْك الغِماد: بلدة تقع في جنوب الجزيرة العربية على ساحل البحر الأحمر، تبعد عن مكة قُرابة 450 كم.
(1)
في (ز) و (ب): ولو كان مناديًا، بدل قوله: وكان له مُنادٍ، وهو غلط.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل، لأنَّ عروة - وهو ابن الزبير - لم يدرك سعد بن عُبادة، لكنه أدرك ابنه قيسًا كما جاء في بعض روايات هذا الخبر، فلعله سمعه منه، وعلى أي حالٍ، فقد روي مثلُ هذا من غير وجهٍ. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(1200)، ومن طريقه ابن عساكر 20/ 264 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد 3/ 566 و 567، وابن أبي شيبة 9/ 100، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال"(54)، وفي "قِرى الضيف"(22)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(1085)، والطبراني في "مكارم الأخلاق"(176)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 20/ 262 - 263 و 263 و 263 - 264 و 264 من طرق عن أبي أسامة، به. وقد وقع عند ابن سعد وابن أبي شيبة وغيرهما في روايتهم عن أبي أسامة أنَّ عروة قال: أدركتُ سعد بن عبادة وهو ينادي على أُطُمه
…
ثم أدركتُ ابنه بعد ذلك يدعو به. هكذا وقع عندهما، وهو غريبٌ، لأنَّ عروة بن الزبير ولد بعد وفاة سعد بن عبادة بزمن طويل، قيل: سنة ثلاث وعشرين، وقيل بعد ذلك، وسعدٌ إنما توفي في أوائل خلافة عمر، وقيل: في خلافة أبي بكر كما تقدَّم.
وزاد ابن سعد وابن أبي شيبة في روايتهما قول عروة بن الزبير: ولقد كنت أمشي في طريق المدينة وأنا شابٌّ، فمر عليَّ عبد الله بن عمر منطلقًا إلى أرضه بالغابة، فقال: يا فتى، انظر هل ترى على أُطُم =
5185 -
أخبرني عَبْدان بن يزيد الدَّقّاق بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحُسين، حدثنا عَتِيق بن يعقوب، حدثنا عبد الملك بن محمد بن أبي بكر، عن عمِّه عبد الله بن أبي بكر، قال: أخذَ المشركون سعدَ بنَ عُبادة، فرَبَطُوا يدَه إلى عُنُقِه، وأدخَلُوه مكةَ يَضْرِبُونه ويَجُرُّونه بناصيَتِه، وكان ذا جُمّة طويلة
(1)
.
= سعد بن عُبادة أحدًا يُنادي، فنظرت فقلتُ: لا، فقال: صدقتَ. قلنا: فلعلَّ عبد الله بن عمر هو من حدَّث عروة بذلك الخبر، فيكون القائل: أدركتُ سعد بن عبادة هو عبد الله بن عمر، وهذا ممكن، فإذا ثبت ذلك اتصل الإسناد، وكان صحيحًا، والله تعالى أعلم.
وممّا يؤيد ذلك ما أخرجه ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 281، وابن عساكر 49/ 417 من طريق محمد بن عمر الواقدي، عن عبد الله بن نافع، عن أبيه، قال: مرَّ ابن عُمر على أُطُم سعدٍ، فقال لي: يا نافع، هذا أُطُم جدّه، لقد كان مناديه ينادي يومًا في كل حولٍ: من أراد الشحم واللحم فليأت دار دُلَيم، فمات دُلَيم، فنادى مُنادى عُبادة بمثل ذلك، ثم مات عُبادة، فنادي منادي سعد بمثل ذلك، ثم قد رأيتُ قيس بن سعد يفعل ذلك. وإسناده ليِّن لكنه يصلح في الشواهد.
وروي مثلُه عن محمد بن سيرين مرسلًا، عند مسدَّد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوُصيري (3989)، وأبي بكر الشافعي في "الغيلانيات"(1084) و (1087)، وابن عساكر 20/ 264 و 49/ 417، وابن الجوزي في "المنتظم" 4/ 199، ورجاله ثقات أيضًا.
ورُوي دعاء سعد بن عُبادة وحده بنحو ما جاء هنا عن يحيى بن أبي كثير مرسلًا لذلك، عند ابن أبي شيبة 9/ 100، وهناد بن السَّرِيّ في "الزهد"(739)، وابن أبي الدنيا في "قِرى الضيف"(21)، وأبي بكر الشافعي في "الغيلانيات"(1086)، وابن عساكر 20/ 255، وابن الجوزي في "المنتظم" 4/ 199. ورجاله ثقات.
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن مرسَلٌ، وقد روى الواقديُّ مثلَه بأسانيد أخرى، فأمكن تحسين الخبر إن شاء الله. عبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمد بن عمرو بن حزم.
وأخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 1/ 448 - 449 عن زياد بن عبد الله البكّائي، والطبري في "تاريخه" 2/ 367 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، فذكره ضمن قصة بيعة العقبة الثانية.
ويشهد له ما رواه ابن سعد في "طبقاته" 1/ 188 - 190 عن محمد بن عمر الواقدي بعدة أسانيد له، فذكر مثله في قصة بيعة العقبة الثانية.
5186 -
حدثنا مُكرَم بن أحمد، حدثنا محمد بن عيسى المَدائني، حدثنا سفيان بن عُيينة، عن الزُّهْري، عن عُبيد الله بن عَبد الله، عن ابن عباس، عن سعد بن عُبادة: أنَّ أمَّه تُوفِّيَت وعليها صومٌ، قال: فسألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأمَرَني أَن أَقضِيَه عنها
(1)
.
(1)
حديث صحيح، دون قوله: وعليها صوم، فالمحفوظ أنه قال: وعليها نَذرٌ، والوهم فيه هنا من جهة محمد بن عيسى المدائني - وهو ابن حيّان - فقد اختُلف فيه، وهو إلى الضعف أقرب، بل وهّاه المصنّف كما في "سؤالات السجزي" له (277). فاعجَبْ منه كيف صحَّح إسناده هنا! ولهذا قال الذهبي في "التلخيص": المدائني ضعيف.
وقد اختُلف في هذا الحديث فبعضهم يقول فيه: عن ابن عباس عن سعد بن عُبادة، كما هنا، وبعضهم يقول فيه: عن ابن عباس: أنَّ سعيد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فيجعله من مسند ابن عباس. قال ابن حجر في "فتح الباري" 8/ 560: ابن عباس لم يدرك القصة، فتعيَّن ترجيح رواية من زاد فيه: عن سعد بن عُبادة، ويكون ابن عباس قد أخذه عنه، ويحتمل أن يكون أخذه عن غيره، ويكون قولُ من قال: عن سعد بن عُبادة، لم يقصد به الرواية، وإنما أراد: عن قصة سعد بن عُبادة، فتتحد الروايتان.
وأخرجه النسائي (6455) عن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. عن ابن عباس عن سعد أنه قال: ماتت أمي وعليها نذرٌ
…
الحديث. هكذا رواه بذكر النذر مطلقًا.
وأخرجه أحمد 3/ (1893)، ومسلم (1638)، والنسائي (4740) و (6454) من طرقٍ أخرى عن سفيان بن عيينة، به. غير أنهم قالوا: عن ابن عباس: أن سعد بن عبادة استفتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في نذرٍ كان على أمّه
…
هكذا رووه بذكر النذر مطلقًا، وجعلوه من مسند ابن عباس.
وأخرجه أحمد 39/ (23846)، والنسائي (6450) من طريق سليمان بن كثير. وأخرجه النسائي (6451) من طريق عيسى بن يونس السَّبيعي، و (6452) من طريق محمد بن شعيب بن شابُور، كلاهما (السَّبيعي ومحمد بن شعيب) عن الأوزاعي، كلاهما (سليمان بن كثير والأوزاعي) عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن سعد. فجعلاه من مسند سعد بن عُبادة، وذكرا النذر مطلقًا، غير أنَّ سليمان بن كثير قال في روايته: أفيجزئ عنها أن أُعتق عنها؟ قال ابن حجر في "الفتح" 8/ 560: أفادت هذه الرواية بيان ما هو النذر المذكور، وهو أنها نذرت أن تُعتق رَقبة، فماتت قبل أن تفعل، ويُحتمل أن تكون نذرت نذرًا مطلقًا غير =
قد اتَّفق الشيخان على إخراج هذا الحديثِ: أنَّ أم سعد بن عُبادة تُوفّيت، ولم يَصِلَاهُ عنه
(1)
.
وهذا صحيحٌ على شرطهما.
ذكر مناقبِ أبي سُفيان بن الحارث بن عبد المُطّلب رضي الله عنه
-
5187 -
حدثنا محمد بن أحمد بن بُطّة، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، قال: أبو سفيان بن الحارث بن عبد المُطّلب بن
= مُعيَّن، فيكون الحديث حجةً لمن أفتى في النذر المطلق بكفارة يمين، والعتق أعلى كفارات الأيمان، فلذلك أمره أن يعتق عنها. قلنا: هذا إن سلمت روايةُ سليمان بن كثير من الوهم، فقد تكلّم أهلُ العلم بالحديث في روايته عن الزهري خاصةً، قالوا: كان يخطئ فيها.
وأخرجه أحمد 5/ (3048) عن محمد بن مصعب القرقسائي، والنسائي (6453) من طريق الوليد بن مَزيَد البيروتي، كلاهما عن الأوزاعي، وأخرجه أحمد (3078)، ومسلم (1638) من طريق معمر بن راشد، وأحمد (3506) من طريق محمد بن أبي حفصة، والبخاري (2761)، ومسلم (1638)، وأبو داود (3307) من طريق مالك بن أنس، والبخاري (6698) من طريق شعيب بن أبي حمزة، والبخاري (6959)، ومسلم (1638)، وابن ماجه (2132)، والترمذي (1546)، والنسائي (4741) و (6456) من طريق الليث بن سعد، ومسلم (1638) من طريق يونس بن يزيد، ومسلم (1638)، والنسائي (4742) و (6457) من طريق بكر بن وائل، كلهم (الأوزاعي وابن أبي حفصة ومالك وشعيب والليث ويونس وبكر) عن الزهري، به، عن عبد الله بن عباس: أنَّ أنَّ سعد بن عُبادة استفتى
…
فجعلوه من مسند ابن عباس، وذكروا النذر مطلقًا.
وقد روي عن ابن عباس حديثٌ آخر في قصة أخرى غير قصة سعد بن عُبادة بذكر الصوم من رواية سعيد بن جبير وغيره عنه كما عند أحمد 3/ (1860) والبخاري (1953) ومسلم (1148) وغيرهم، والصواب أنها قصة أخرى كما قال البيهقي في "السنن" 4/ 256 وابن عبد البر في "التمهيد" 9/ 26 وابن حجر في "فتح الباري" 8/ 561.
(1)
يعني جعلاه من مسند ابن عباس، وهو كذلك، لكنهما لم يقع عندهما أنَّ الذي كان على أمّ سعد صيامٌ، إنما جاء في روايتهما أنه كان نذرًا هكذا مطلقًا غير مقيَّد كما تقدم بيانه في التخريج.
هاشِم، وكان أخا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من الرَّضاعة وابن عَمِّه، أرضعَتْه حَليمةُ أيامًا، فكان يألَفُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فلما بُعِث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عاداه وهَجَاه وهَجَا أصحابَه، فمَكَثَ عشرين سنةً مُناصبًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يَتخلَّف عن موضعٍ تسير فيه قريش لقتالِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما ذُكِر شُخُوص رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى مكةَ عامَ الفتحِ ألقى الله عز وجل في قلبِه الإسلامَ، فتلقّى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قبل نُزولِه الأَبْواءَ، فأسلم هو وابنه جعفرٌ، وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشَهِد فتحَ مكة وحُنينًا.
قال أبو سفيان: فلما لَقِينا العدوَّ بحُنينٍ اقتحمْتُ عن فرسي وبيدي السيفُ صَلْتًا، واللهُ يعلمُ أني أريد الموتَ دونَه، وهو يَنظُر إليَّ، فقال العباسُ: يا رسولَ الله، هذا أخوك وابنُ عمّك أبو سفيان بن الحارث، فارْضَ عنه، قال:"قد فعلتُ يَغْفِرُ اللهُ له كلَّ عَداوةٍ عادَانِيها" ثم الْتفتَ إليَّ فقال: "أخي لَعَمْري"، فقبّلتُ رِجلَه في الرِّكاب
(1)
.
قالوا: ومات أبو سفيان بن الحارث بالمدينة بعد أخيه نوفل بن الحارث بأربعةِ أشهرٍ إلَّا ثلاثةَ عشرَ ليلةً، ويقال: مات سنة عِشرين، وصلَّى عليه عمرُ بن الخطاب، وقُبر في رُكْن دار عَقِيل بن أبي طالب بالبَقيع، وهو الذي حفر قبرَ نفسِه قبل أن يموت بثلاثةِ أيامٍ
(2)
.
قد ذكرتُ إسلامَ أبي سُفيان في فتح مكة فيما تَقدَّم
(3)
.
(1)
وهو في "المغازي" للواقدي 2/ 806 - 809، وذكره كذلك ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 4/ 45 - 46 - من قوله هو لم يذكر شيخه محمد بن عمر الواقدي، وإنما تلقاه منه، لأنَّ هذا نصُّ كلامِه. ثم ذكر الواقدي في "مغازيه" 2/ 810 وجهًا آخر غير هذا في إسلام أبي سفيان بن الحارث، بنحو ما تقدَّم عند المصنف برقم (4407) عن ابن عباس بإسناد حسن. فهو أصح من هذا الوجه الذي هنا، والله أعلم.
(2)
وهو في "طبقات ابن سعد" 4/ 49 أيضًا.
(3)
برقم (4407) من رواية ابن عباس، بإسناد حسنٍ.
5188 -
أخبرني محمد بن المؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، سمعت إبراهيم بن المنذر يقول: أبو سفيان بن الحارث بن عبد المُطّلب اسمُه المُغيرة، توفي سنة عشرين، وصلَّى عليه عمرُ بن الخطاب
(1)
.
5189 -
سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب، سمعت العباس بن محمد، سمعت يحيى بن مَعين يقول: حدثنا أبو أُسامة، عن هشام بن عُروة، عن أبيه: أنَّ أبا سفيان بن الحارث بن عبد المُطّلب كان أحبَّ قريشٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شديدًا عليه، فلما أسلَمَ كان أحبَّ الناسِ إليه
(2)
.
5190 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا علي بن الحسن الهِلَالي، حدثنا عمرو بن عاصم الكِلَابي، حدثنا حماد بن سلَمة، عن عمّار بن أبي عمّار، عن أبي حَبّة البَدْري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبو سُفيان بن الحارث خَيرُ أهلي"
(3)
.
(1)
وأخرجه ابن مَنْدَه في "فتح الباب في الكنى والألقاب"(3550) من طريق عبد الله بن عيسى المديني، عن إبراهيم بن المنذر الحِزامي.
وسيرويه المصنف مرة أخرى برقم (5196) من طريق أبي يونس محمد بن أحمد بن يزيد المدني عن إبراهيم بن المنذر.
(2)
رجاله ثقات، لكنه مرسل، وهو في "تاريخ العباس الدُّوري" عن ابن معين (73). أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وعروة: هو ابن الزبير بن العوام.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الإشراف على منازل الأشراف"(177) عن محمد بن عبّاد بن موسى، عن أبي أسامة، به.
(3)
رجاله ثقات، لكن المحفوظ في هذا الإسناد ذكر علي بن زيد بن جُدعان بين حماد بن سلمة وعمار بن أبي عمار، فقد ذكره كلُّ من روى هذا الخبر عدا المصنّف، على أنَّ لحماد بن سلمة سماعًا من عمار بن أبي عمار في الجملة، وروايته عنه مشهورة، لكن هذا الخبر بعينه الغالبُ أنه لم يسمعه منه، وإذا ثبت ذلك فعلي بن زيد بن جُدعان هذا ضعيف الحديث.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (824)، وفي "الأوسط"(6546) من طريق إسحاق بن الضَّيف، عن عمرو بن عاصم الكلابي، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عمار، عن أبي حَبّة. بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حُنين لا ينظر في ناحية إلّا رأى أبا سفيان بن الحارث يقاتل، =
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5191 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي بمَرُو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سَلَمة، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه،
= فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أبا سفيان خير أهلي" أو "من خير أهلي".
وأخرجه أبو عَروبة الحَرَّاني في "المنتقى من كتاب الطبقات" ص 33 عن عبيد الله بن الحجاج بن المنهال، عن عمرو بن عاصم، عن حماد، عن علي بن زيد، عن عمار، عن أبي حَبّة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما نظرتُ من ناحية إلّا رأيت أبا سفيان".
وأخرجه أبو علي الصوَّاف في الجزء الثالث من "فوائده"(81) من طريق أبي سلمة موسى بن إسماعيل التَّبُوذكي، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جُدعان، عن عمار بن أبي عمار: أنَّ الحسن بن علي وعبد الله بن نوفل، قال عبد الله: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين وأبو سفيان إلى جنبه كلما التفت رآه إلى جنبه، فقال:"أبو سفيان خير أهلي"، يعني أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب، فقال الحسن بن علي:"من خير أهلي"، قال: بيني وبينك أبو حبة البدري، فأرسل الحسنُ عبيدَ الله بن أبي رافع، وأرسل عبدُ الله بنُ نوفل عبيدَ الله بن نوفل، قال عمار: فقلتُ: والله لأسمعنَّ مقالته، فسمعها، فسألاه، فقال: نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حُنين كلما التفت رأى أبا سفيان إلى جنبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خير أهلي"، فقال عُبيد الله: من خير أهلي؟ فقال: "خير أهلي".
وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" كما في "الإصابة" للحافظ ابن حجر 4/ 405، وعنه ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 180 من طريق روح بن أسلم، عن حماد بن سلمة، عن علي بن يزيد، عن عمار بن أبي عمار، عن عُبيد الله بن نوفل: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حُنين وأبو سفيان بن الحارث إلى جنبه كلما التفت رآه بجنبه، قال:"أبو سفيان خير أهلي". كذا جعله من مسند عُبيد الله بن نوفل المصغّر، وقد تبين لنا من رواية أبي علي الصوَّاف أنَّ الذي رواه هو عَبد الله بن نوفل المكبَّر، وهو الصحيح، ورَوح بن أسلم ضعيف كذلك، فلعلَّ الوهم منه.
ويشهد له ما رواه محمد بن إسحاق بن يسار صاحب السيرة النبوية معضَلًا عند المعافى بن زكريا النهرواني في "الجليس الصالح" ص 121، وهو كذلك عند أبي نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(6233) غير أنه وقع في إسناده في المطبوع سقط وتحريف يُستدرك من "الجليس الصالح".
وقد ذكر هذا الخبرَ أيضًا مصعب الزبيري كما سيأتي عند المصنف برقم (5195).
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيِّد فِتْيان الجنة أبو سفيان بن الحارث بن عبد المُطّلب". حَلَقه الحلّاق بمِنًى، وفي رأسِه ثُؤلُول فقَطَعَه فمات، فيُرَون أنه شَهيد
(1)
.
5192 -
حدثنا علي بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب
(2)
، حدثنا ابن أبي عُمر، حدثنا سفيان، عن الزُّهْري، عن كَثير بن العباس بن عبد المطلب، عن أبيه، قال: شهدتُ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يومَ حُنَين، فلقد رأيتُه وما معه إلَّا أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المُطّلب، وهو آخِذٌ بلِجَام بَغلةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو راكبُها، وأبو سفيان لا يألُو أن يُسرعَ نحوَ المشركين
(3)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5193 -
حدثنا أبو زكريا العَنْبري وأبو الحسن بن موسى الفقيه، قالا: حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المُثنَّى ومحمد بن بشار، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سِمَاك بن حَرْب، عن عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المُطّلب، عن أبيه، قال: كان لرجل على النبي صلى الله عليه وسلم تمرٌ، فأتاه يَتقاضاهُ، فاستَقرَضَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من خولةَ بنت حَكِيم تمرًا فأعطاه إياه، وقال:"أمَا إنّه كان عندي تمرٌ، ولكنه كان عَثَريًّا". ثم قال: "كذلك يَفعلُ عِبادُ الله المؤمنون
(4)
، وإِنَّ الله
(1)
رجاله ثقات لكنه مرسل، كما قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 7/ 179.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 4/ 49، وابن أبي الدنيا في "الإشراف"(178) من طريقين عن حماد بن سلمة، به.
(2)
تحرَّف في (ب) والمطبوع إلى: علي بن عبد المطّلب.
(3)
إسناده صحيح. ابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني، وسفيان: هو ابن عُيينة.
وأخرجه مسلم (1775) عن ابن أبي عمر، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وأخرجه أحمد 3/ (1775)، ومسلم (1775)(77)، والنسائي (8593)، وابن حبان (7049) من طريق معمر بن راشد، عن الزهري، به.
وسيأتي مطولًا عند المصنف برقم (5505) من طريق يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري.
(4)
في نسخنا الخطية: المؤمنين، بالياء، والجادَّة ما أثبتنا.
لا يَترحَّمُ على أُمَّةٍ لا يأخذُ الضعيفُ منكم حَقَّه من القَويّ غيرَ مُتَعْتَعٍ"
(1)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن المحفوظ فيه أنه عن عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث مرسلًا، ليس فيه ذكر أبي سفيان كما سيُخرّجه المصنف نفسه برقم (5198) عن محمد بن صالح بن هانئ عن إبراهيم بن أبي طالب، بمثل إسناده هذا الذي هنا، بإسقاط أبي سفيان من إسناده، وكذلك أخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(721) عن عُبيد الله بن عمر القواريري عن محمد بن جعفر غُنْدر، بهذا الإسناد، وكذلك رواه غير واحدٍ عن شعبة مرسلًا، فهو الصحيح المحفوظ.
وقد جزم البخاريُّ في "تاريخه الكبير" 5/ 101 بإرساله، وصحَّح البيهقيُّ في "سننه الكبرى" 10/ 93 إرسالَه أيضًا، وأما ابن حجر فعندما ذكر هذه الطريق الموصولة التي هنا في "إتحاف المهرة" (17749) قال: إن كان محفوظًا فهو صحيح متصل!
وقد جزم بعضُ من ألَّف في الصحابة بكون عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث صحابيًا، بهذه الرواية المرسلة، كالبغوي وابن عبد البر، وخالفهم غيرهم فقالوا: لا صحبة له ولا رؤية، كابنِ مَنْدَه وأبي نُعيم وابنِ الأثير، وهو معنى قول البخاري في "تاريخه" حين جزم بإرساله، وهذا هو الصحيح، إذ لا ذكر لعبد الله هذا في شيء من أخبار السيرة والمغازي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم.
ولكن سيورده المصنف كما سيأتي بعده وبرقم (5197) من طريق أخرى عن شعبة عن سماك بن حرب، قال: كنا مع مُدرك بن المهلّب بسجِستان، فسمعت شيخًا يحدث عن أبي سفيان بن الحارث، فذكره، فجزم المصنف بإثر الطريق الآتية برقم (5197) بأنَّ هذا الشيخ المبهم في هذه الطريق وقع مصرحًا له في طريق محمد بن جعفر غُندَر عن شعبة، يعني أنه عبد الله بن أبي سفيان، نفسه، فكأنه يصحح الحديث موصولًا بذكر أبي سفيان في إسناده. وفي قوله هذا انظر كما قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" 4/ 184. ويؤيد ما قاله ابن حجر أنَّ سماكًا ذكر في تلك الطريق أنَّ ذلك الشيخ حدثه وهو بسجِستان إذ كانوا مع مُدرك بن المهلَّب - وهو ابن أبي صُفْرة الأزدي - وإنما تولّى مدرك بن المهلّب سجِستان من قِبَل أخيه يزيد بن المهلّب أمير العراق وخراسان زمن سليمان بن عبد الملك بن مروان، أي: في سنة ست وتسعين فما بعدها، وكان عبدُ الله بن أبي سفيان قد قُتل في كربلاء مع الحُسين بن علي بن أبي طالب سنة إحدى وستين، فليس ذلك الشيخ المبهم الذي حدَّث سماكًا في سُرادق مدرك بن المهلَّب هو عبد الله بن أبي سفيان نفسَه بيقينٍ. فهي رواية أخرى لسماك عن شيخ آخر مبهم لم يُفصِح عنه، فصار لسماكٍ =
لم يُسنِدْ أبو سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم غيرَ هذا الحديثِ الواحدِ، ولم يُقِمْ إسنادَه عن شعبةَ غيرُ عُندَر
(1)
.
= في هذا الحديث شيخان، أحدهما عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث، وروايته مرسلة، وثانيهما ذلك الشيخ المبهم الذي حدَّثه عن أبي سفيان بن الحارث موصولًا، وهذا الشيخ لا يُعرف هل سمع من أبي سفيان بن الحارث أم لا، فإنَّ أبا سفيان متقدم الوفاة، والله أعلم، وعلى أي حالٍ فللحديث شواهدُ يصحُّ بها إن شاء الله.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1721)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 29/ 72 عن عبيد الله بن عمر القواريري، عن محمد بن جعفر غُندر، عن شعبة، عن سماك، عن عبد الله بن أبي سفيان مرسلًا.
وأخرجه أبو القاسم البغوي أيضًا (1721)، ومن طريقه ابن عساكر 29/ 72 من طريق أبي داود الطيالسي، وابنُ قانع في "معجم الصحابة" 2/ 113، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4212)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(10717)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 9/ (393) من طريق معاذ بن معاذ العَنْبري، كلاهما عن شعبة، عن سماك، عن عبد الله بن أبي سفيان، مرسلًا أيضًا.
ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري عند ابن ماجه (2426)، وإسناده صحيح، غير أنه جاء في روايته أنَّ المرأة التي استسلف منها رسول الله صلى الله عليه وسلم التمر خولة بنت قيس، وهو وهمٌ صوابه: بنت حكيم، كما في هذه الرواية.
وكما في الشاهد الثاني لهذا الحديث، وهو حديث أبي حميد الساعدي عند أبي عوانة في "صحيحه"(7075)، والطبراني في "الصغير"(1045)، وأبي نعيم في "الحلية" 10/ 189، فذكر مثل حديثنا غير أنه ليس فيه آخرُه المرفوع. وذكر فيه أنَّ المقرضة كانت خولة بنت حكيم.
وله شاهد ثالث من حديث عائشة عند عبد بن حميد (1499)، والبزار (88)، والعُقيلي في "الضعفاء"(1820)، والبيهقي في "الكبرى" 6/ 20، وفي "شعب الإيمان"(10718)، وذكر فيه خولة بنت حكيم أيضًا.
والعَثَري: هو في الأصل: الزرع والنخيل الذي يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حفيرة، كأنه عثر على الماء عثرًا بلا عمل من صاحبه. لكن المراد في هذا الخبر - والله أعلم - أنَّ التمر كان فارغًا غير ممتلئ.
والمتعتَع: الرجل يصيبه ما يُقلِقُه.
(1)
هو لقب محمد بن جعفر.
5194 -
فقد أخبرَناه أبو العباس السَّيّاري، أخبرنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرني أبي، عن شُعْبة، عن سِماك، قال: كنا مع مُدرِك بن المُهلَّب بسِجِستانَ، فسمعتُ شيخًا يُحدِّث عن أبي سفيان بن الحارث، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكره
(1)
، ولم يُسَمِّ
(2)
عبدَ الله بن أبي سفيان.
5195 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مُصعَب بن عبد الله بن الزُّبَير، قال: وممَّن صَحِبَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من ولد الحارث بن عبد المُطّلب أبو سفيان بن الحارث بن عبد المُطّلب، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مِن خَيرِ أهلي" أو "إنه خيرُ أهلي".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه سيّدُ فِتْيان أهلِ الجنة".
وصَبَرَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يوم حُنين، فأبصَرَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في عَمَايةِ الصبح، فقال:"مَن هذا؟ " قال: ابن أمِّك يا رسولَ الله.
حَلَقَه الحلَّاق فقَطَع ثُؤلولًا من رأسِه فلم يَرْقأْ
(3)
عنه الدمُ حتى ماتَ، وذلك في سنة عشرين، وصلَّى عليه عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه.
وكان تَلقَّى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ببعضِ الطريق ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم خارجٌ إلى مكةَ للفَتْح، فأسلمَ قبلَ الفَتح
(4)
.
5196 -
أخبرني أبو الحُسين بن يعقوب الحافظ، أخبرنا محمد بن إسحاق، حدثني أبو يُونس، حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: أبو سفيان بن الحارث بن عبد المُطّلب
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم لولا هذا الشيخ المبهم الذي لم يُسمَّ، وليس هو بعبد الله بن أبي سفيان، كما بيَّناه سابقًا. أبو العباس السَّيّار: هو القاسم بن القاسم، وأبو المُوجِّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري، وعَبْدان: لقبُ عبد الله بن عثمان بن جَبَلة المروزي.
وسيأتي عند المصنف من طريق أحمد بن سيار المروزي عن عَبْدان برقم (5197).
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: يسمع.
(3)
في نسخنا الخطية: يرق، بغير همز، والجادة همزُه.
(4)
كلُّ ما ذكره مصعب بن عبد الله الزُّبيري هنا له شواهد تقدَّمت عند المصنف قريبًا.
اسمُه المُغيرة، توفي سنة عشرين، وصلَّى عليه عمرُ بن الخطاب
(1)
.
5197 -
أخبرني أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي بمَرُو، حدثنا أحمد بن سَيَّار، حدثنا عبد الله بن عثمان بن جَبَلة، حدثني أبي، أخبرنا شُعبة، عن سِماك بن حرب، قال: كنا مع مُدرِك بن المُهلَّب بسِجِستانَ في سُرادِقِه، فسمعتُ شيخًا يُحدِّث عن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المُطَّلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله لا يُقدِّسُ أمةً لا يأخُذُ الضعيفُ حقَّه من القويِّ وهو غيرُ مُتَعْتَعٍ"
(2)
.
فإذا الشيخُ الذي لم يُسمِّه عثمان بن جَبَلة عن شعبة عن سماك، قد سمّاهُ عُندَرٌ، غيرَ أنه لم يَذكُر أبا سفيان في الإسناد.
5198 -
أخبرَناهُ محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو موسى وبُندارٌ، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سِماك، عن عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المُطَّلب، قال: كان لرجلٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم تَمرٌ، فأتاه يَتقاضاه، فاستقرضَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من خَولةَ بنتِ حَكيمٍ تمرًا، فأعطاهُ إياه، وقال:"أمَا إنّه قد كان عِندي تمرٌ، لكنه قد كان عَثَريًا"، ثم قال:"كذلك يفعلُ عِبادُ الله المؤمنون، إنَّ الله لا يَتَرحَّمُ على أمّةٍ لا يأخذُ الضعيفُ منهم حقَّه غيرَ مُتَعتَعٍ"
(3)
.
(1)
تقدَّم برقم (5188) من طريق الفضل بن محمد الشَّعْراني عن إبراهيم بن المنذر.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم لولا هذا الشيخ المبهم الذي لم يُسَمَّ.
وقد تقدَّم عند المصنف برقم (5194) من طريق أبي المُوجِّه عن عبد الله بن عثمان بن جَبَلة، وهو المعروف بعَبْدان.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 93 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن قانع في "المعجم الصحابة" 3/ 88 عن معاذ بن المثنَّى، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 5/ 306 من طريق يحيى بن محمد بن صاعد، كلاهما عن أحمد بن سيّار، به.
والسُّرادِقُ: هو كلُّ ما أحاط بشيءٍ، نحو الخِباء.
وقوله: "إنَّ الله لا يُقدِّس أُمَّةٌ" معناه: لا يُطهِّرها ولا يُزكِّيها.
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، وقد تقدَّم عند المصنف برقم (5193) عن =
ذكرُ مناقب محمد بن عِيَاض الزُّهْري رضي الله عنه
-
5199 -
حدثني أبو عبد الله بن أبي ذُهْل، حدثنا أحمد بن محمد بن ياسين، حدثنا محمد بن حبيب السَّمّاك، حدثنا عبد الله بن زياد الثَّوباني - من ولد ثَوْبان - عن ابن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حَبيب، عن لَبِيب مولى محمد بن عِيَاض الزُّهْري، عن محمد بن عِيَاض، قال: رُفِعتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صِغَري وعليَّ خِرقةٌ وقد كُشِفَت عَورتي، فقال:"غَطُّوا حُرْمةَ عَورتِه، فإنَّ حُرمةَ عورة الصغيرِ كَحُرمةِ عَورةِ الكبير، ولا يَنظُرُ اللهُ إلى كاشفِ عورةٍ"
(1)
.
ذكرُ عُتبة بن مسعود أخي عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما
5200 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا أبو الأسود، عن عُروة، فيمن هاجَرَ إلى أرض الحبشة مع جعفر رضي الله عنه من بني زُهْرة بن كِلاب: عُتبةُ بن مسعود وأخوه عبدُ الله بن مسعود رضي الله عنهما
(2)
.
5201 -
أخبرني أبو الحُسين
(3)
الحافظ
(4)
، أخبرنا محمد بن إسحاق الثَّقَفي،
= أبي زكريا العَنْري وأبي الحسن بن موسى الفقيه، كلاهما عن إبراهيم بن أبي طالب.
وأخرجه البيهقي 10/ 93 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
(1)
إسناده مُظلِم ومتنُه منكر، كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وقال ابن حجر في "الإصابة" 6/ 30: في السند مع ابن لَهِيعة غيرُه من الضعفاء. قلنا: ابن لَهِيعة هو عبد الله، ولبيبٌ مولى محمد بن عياض مجهول، ومحمد بن حبيب السَّمّاك وعبد الله بن زياد الثَّوباني لم نقف لهما على ترجمة. وفي الرواة في هذه الطبقة عمرو بن زياد الثوباني، فلعله تحرَّف اسمُه إلى عبد الله بن زياد، وعمرو بن زياد هذا كذَّاب يضعُ الحديث، والله تعالى أعلم.
(2)
وقد وافق عروةً على ذكر عُتبة بن مسعود في مهاجرة الحبشة محمدُ بنُ إسحاق كما في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 326، وذكر أنه كان من حُلفاء بني زُهرة بن كِلاب، وأنه من هُذيل، فهذا معنى قول عروة هنا أنه من بني زُهرة، يعني حليفًا لهم.
وقال ابن سعد في "طبقاته" 4/ 118: هاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية في رواية جميعهم.
(3)
تحرَّف في (ص) إلى: الحسن، وإنما هو أبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب الحجّاجي.
(4)
أُقحم هنا في (ز) و (ب): أخبرنا محمد بن إسحاق الحافظ، وهو غلط.
حدثنا داود بن رُشَيد، حدثنا محمد بن ربيعة، حدثنا أبو عُمَيسٍ، عن عَوْن بن عبد الله بن عُتْبة بن مسعود
(1)
، عن أبيه، قال: لما مات عُتْبة بن مسعود بكى عبدُ الله بن مسعود، فقيل له: أتبكي؟! فقال: أخي وصاحِبي مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، والثالثُ: وأحبُّ الناس إليَّ، إلَّا ما كان من عمرَ بن الخَطّاب
(2)
.
5202 -
حدثنا الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا أبو النَّضر هاشم بن القاسم، [عن]
(3)
المَسعُودي، عن أبي العُمَيس، عن القاسم، قال: لما ماتَ عُتبةُ بن مسعود انتظر عمرُ بنُ الخطاب أمَّ عَبْدٍ فجاءت فصَلّتْ عليه
(4)
.
(1)
أُقحم في نسخنا الخطية في اسم عون هذا اسمُ عبد الله بين عُتبة ومسعود، فأوهم ذلك أنه من ولد عبد الله بن مسعود، وفي ولد عبد الله بن مسعود من اسمه عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، ومن ولده أبو عُميس والمسعودي، لكن ليس في ولده مَن اسمه عَون، إنما عونٌ هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، فهو من ولد عتبة بن مسعود أخي عبد الله بن مسعود، وهو مشهورٌ.
(2)
إسناده صحيح كما قال الذهبي في "تلخيصه". أبو عميس: هو عُتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود.
وأخرجه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(5349) عن أبي حامد بن جَبَلة، عن محمد بن إسحاق الثقفي السَّراج، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أخي ميمي الدقاق في "فوائده"(60)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 377 من طريق أبي القاسم البغوي، عن داود بن رُشيد، به.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (339)، وفي "الأوسط"(5873)، وأبو نعيم (5347) و (5348) وابن عساكر 44/ 377 من طرق عن محمد بن ربيعة، به.
وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(2244) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن أبي عُميس، عن عون بن عبد الله، لم يجاوزه، وليس فيه ذكر ثالث الخصالِ.
(3)
لفظة "عن" سقطت من (ز) و (ب)، فأوهم ذلك أنَّ نسبة المسعودي لأبي النضر هاشم بن القاسم، مع أن أبا النضر ليثيٌّ من بني ليث بن كنانة.
(4)
رجاله ثقات، لكنه مرسلٌ، وقد وقع في بعض مصادر تخريج الخبر روايةُ المسعوديِّ - وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود - لهذا الخبر عن القاسم - وهو ابن عبد الرحمن بن =
5203 -
أخبرنا محمد بن المُؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر عن الزُّهْري، قال: ما عبدُ الله بن مسعود أعلَى عندنا من أخيه عُتبةَ بن مسعود، ولكنه ماتَ سريعًا
(1)
.
= عبد الله بن مسعود - مباشرةً دون ذكر أخيه أبي عُميس - وهو عُتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود - بينهما واسطةً، بل وقع تصريح المسعودي بسماعه للخبر من القاسم عند ابن سعد 4/ 118، فلعلَّ المسعوديَّ نسي لما تغيَّر حفظُه ما إذا كان هذا الخبر بواسطة أخيه أبي عُميس أم لا، لكن الأظهر أنه بواسطة أخيه، فقد روى هذا الخبر زيدُ بنُ الحُباب، عن المسعودي عن أخيه عن أبي إسحاق السَّبيعي، فذكر أبا عميس، وزيد بن حباب قديم السماع من المسعودي، غير أنَّ زيدًا جعل الخبر لأبي إسحاق السبيعي بدل القاسم، ولا يبعد سماعُ أبي عميس للخبر من كليهما، على أنَّ المسعودي شكّ مرة في ذكر القاسم كما سيأتي بيانه، فكأنه عن أبي إسحاق السَّبيعي أشبه.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 9/ 39 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن المسعودي، به.
وأخرجه ابن سعد 4/ 126، وابن أبي شيبة 3/ 316 عن عبد الله بن إدريس، وابن سعد 4/ 126 عن يزيد بن هارون، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 405، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(344) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، ثلاثتهم عن المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود. فلم يذكروا أبا العُميس، لكن قال ابن أبي شيبة في روايته عن ابن إدريس: أُراه عن القاسم، على الشك، وابنُ إدريس كوفيٌّ قديمُ السماع من المسعودي.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 25/ (427)، وعنه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(7979) من طريق زيد بن الحُباب، عن المسعودي، عن أخيه عُتبة - وهو أبو العُميس - عن أبي إسحاق السَّبيعي. فجعله من رواية المسعودي عن أخيه، لكنه ذكر أبا إسحاق السَّبيعي بدل القاسم، وزيد بن الحُباب كوفي قديم، وهو ممّن سمع من المسعودي في الكوفة كأبي نُعيم ووكيع، فسماعه منه قبلَ اختلاطه، فكأنَّ هذا هو الأشبه في الخبر أنه لأبي إسحاق السَّبيعي، يرويه المسعودي عن أخيه أبي العميس عنه، والله أعلم.
(1)
رجاله ثقات، لكن اختُلِف في لفظ الزهري فيه كما سيأتي بيانه.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 551 عن سلمة بن شبيب، عن عبد الرزاق، به. بلفظ: بأعلم من عُتبة. =
5204 -
حدثنا أبو جعفر البغدادي محمدُ
(1)
بنُ أحمد بن سعيد الرازي، حدثنا أبو زُرعة الرازي، حدثنا محمد بن سعيد بن سابِق، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن سِماك، عن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، عن أبيه، قال: قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي صلاةَ الغَداة، فأهْوى بيده قُدّامَه، فسألَه رجلٌ من القوم حين قَضَى الصلاةَ، فقال:"جاء الشيطانُ فانتَهَرْتُه، ولو أخذْتُه لرَبَطتُه إلى ساريةٍ من سَواري المسجد، حتى يَطُوفَ به وِلْدانُ أهلِ المدينة"
(2)
.
= وأخرجه يعقوب 2/ 551، وأبو زُرعة الدمشقي في "تاريخه" ص 534، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(623)، والطبراني في "الكبير" 17/ (336)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5345) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، لكن بلفظ: بأقدم هجرةً من أخيه عتبة.
وهو عند البخاري في "تاريخه الكبير" معلَّقًا 5/ 386 عن سفيان بن عُيينة، لكن بلفظ: بأقدم صحبةً.
(1)
وقع في المطبوع: حدثنا محمد، بزيادة صيغة التحديث، وهي زيادة مقحمة، لأنَّ كنية محمد بن أحمد الرازي أبو جعفر. لم نقف على نسبته بغداديًا إلّا عند المصنف هنا، ونظنه وهمًا ناشئًا عن سبق قلم، فقد جرت عادة المصنف أن يروي عن شيخه أبي جعفر البغدادي - وهو محمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة الجمَّال - فسبق القلم بذكر نسبة ذلك هنا، والله أعلم.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن اختُلف في تسمية صحابيّ الحديث، والصحيح أنَّ الحديث لجابر بن سَمُرة، وسمعه سِماكٌ - وهو ابن حرب - منه، كما رواه إسرائيل وزهير بن معاوية وغيرهما، وكذلك رواه عمرو بن أبي قيس مرةً، فهو الصحيح بلا ريب، والله تعالى أعلم. وعلى أي حالٍ فله شواهد صحيحة.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(627) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله الدَّشْتكي، عن عمرو بن أبي قيس، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي عاصم (626) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي أيضًا، عن عمرو بن أبي قيس، عن سِماك بن حرب، عن جابر بن سمُرة.
وأَخرجه أحمد 34/ (21000) من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، و 34/ (21006) من طريق زهير بن معاوية، كلاهما عن سماك بن حرب، سمع جابر بن سمرة، فذكره. =
5205 -
أخبرني عبد الله بن غانم، حدثنا أبو عبد الله البُوشَنْجي، سمعتُ يحيى بن بُكَير يقول: توفي عُتبة بن مسعود سنة أربع وأربعين، وله حديثٌ واحدٌ
(1)
.
5206 -
حدثنا بالحديثِ الذي ذكره ابن بُكَير: أبو علي الحافظ، أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير، حدثنا عُبيد الله بن محمد الحارثي، حدثنا أبو عاصم، حدثنا أبو مَعْدان المِنْقَري - يعني عامرَ بنَ مسعود - حدثنا عَوْن بن عبد الله بن عُتبة، حدثني أبي، عن جدي، قال: جاءتِ امرأةٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمَةٍ سوداءَ، فقالت: يا رسول الله، إنَّ عليَّ رقبةً مؤمنةً، أفتُجزئُ عنِّي هذه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَن ربُّكِ؟ " قالت: ربِّيَ اللهُ، قال:"فما دِينُك؟ " قالت: الإسلامُ، قال:"فمَن أنا؟ " قالت: أنت رسولُ الله، قال:"فتُصلِّين الخَمسَ وتُقِرِّين بما جئتُ من عند الله؟ " قالت: نعم، فضرب على ظَهْرِها وقال:"أَعتِقِيها"
(2)
.
= ويشهد له حديث أبي هريرة عند أحمد 13/ (7969)، والبخاري (461)، ومسلم (541).
وحديث أبي الدرداء عند مسلم (542).
وحديث عبد الله بن مسعود عند أحمد 7/ (3926)، ورجاله ثقات.
(1)
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (335) وعند أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5344) عن أبي الزنباع رَوح بن الفَرج، عن يحيى بن بُكَير، حدثني الليث بن سعد، فذكره.
والأصحُّ كما قال ابن حجر في "الإصابة" 4/ 440 قولُ من قال بأنَّ عُتبة بن مسعود توفي في زمن عمر بن الخطاب، يعني كما تقدَّم عند المصنِّف بالرقمين (5202) و (5203).
(2)
إسناده حسنٌ إن شاء الله من أجل أبي معدان المِنْقَري وعُبيد الله بن محمد الحارثي - وهو ابن يحيى أبو الربيع، من أهل الأهواز وسكن تُسْتَر - فأما الحارثي فقد روى عنه جمع من الحفاظ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال عنه: مستقيم الحديث، وأما أبو معدان المِنْقري - وقد اختُلف في اسمه، فسُمّي في رواية المصنف عامر بن مسعود، وسماه الطبراني في "الكبير" 22/ بين يدي الحديث (297) عامرَ بنَ مُرة، وسماه الدارقطني في "العلل"(815) عبدَ الله بنَ معدان - فقد روى عنه جمع من الثقات أيضًا، وقال عنه ابن معين: صالحٌ، وقال الدارقطني: لا بأس به.
وأخرجه البيهقي 7/ 388 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (338) عن أحمد بن يحيى بن زهير، به. =
وعبد الله بن عتبة بن مسعود أدركَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وسَمِعَ منه.
5207 -
حدثنا أبو جعفر البغدادي، أخبرنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدثنا موسى
= وأخرجه الطبراني 22/ (297) من طريق سعيد بن عنبسة القطّان، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد 10/ 468 من طريق الحسن بن الحكم بن طهمان، كلاهما عن أبي معدان، عن عون بن أبي جُحيفة، عن أبيه. فجعل الحديثَ لعون بن أبي جُحيفة عن أبيه، وكذلك رواه عبد الرحمن بن مُسِهر كما في "العلل" للدارقطني (815) عن أبي معدان، فجعله من مسند عون بن أبي جُحيفة عن أبيه، وقال الدارقطني: الصحيحُ حديث أبي عاصم.
قلنا: سعيد بن عنبسة اتُّهم بالكذب وعبد الرحمن بن مُسهِر متروك الحديث، وأمثلُهم الحسنُ بن الحكم بن طهمان، وقد قال عنه أبو حاتم: حديثُه صالح ليس بذاك يضطرب، واستغرب الدارقطني حديثه هذا فيما نقله عنه الخطيب البغدادي، ووافقه على ذلك. وأما أبو عاصم - وهو الضحاك بن مخلد - فهو ثقة حافظ، فمن هنا كانت روايتُه هي الصحيحة دون ما عداها، ثم إنه لا يُعرف لأبي معدان رواية عن عون بن أبي جُحيفة، في حين أننا وقفنا على روايتين له عن عون بن عبد الله بن عُتبة إحداهما عند ابن أبي حاتم في "تفسيره"، والأخرى عند البيهقي في "شعبة الإيمان"(10268).
وأخرج نحوه أحمد 13/ (7906)، وأبو داود (3284) من طريق يزيد بن هارون، عن المسعودي - واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود - عن عون بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود أخي عبد الله بن مسعود، عن أخيه عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن أبي هريرة، بأخصر من رواية عُتبة بن مسعود. ووقع عند أبي داود ذكر عبد الله بن عُتبة والد عون بدل أخيه عُبيد الله، والصحيح ذكر عُبيد الله كما في رواية أحمد.
وقد خالف عونًا في إسناده ابن شهاب الزهريُّ، فروى نحوه عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن رجلٍ من الأنصار: أنه جاء بأمةٍ سوداء، فذكره، أخرجه أحمد 25/ (15743)، وغيره، وفيه زيادة سؤالها عن البعث بعد الموت، وفيه أيضًا مغايرة في السؤال الأول، حيث جاء فيه:"أتشهدين أن لا إله إلّا الله؟ " قالت: نعم. ولهذا جزم ابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 288 بأنه حديثٌ آخر غير حديث المسعودي عن عونٍ.
وبذلك صار عندنا ثلاثةُ أحاديث: حديثُ عتبة بن مسعود، وحديثُ أبي هريرة، وحديثُ الرجل الأنصاري، وبينها اختلافٌ في سياقها ومغايرة في بعض حروفها، وزيادات في بعضها دون بعض، فكأنَّ في الحديث اضطرابًا، والله تعالى أعلم.
ابن عَون بن عبد الله بن عَون بن عبد الله
(1)
بن عُتبة بن مسعود، حدثتني جَدّتي أم عبد الله بنت حمزةَ بن عبد الله بن عُتبة، سمعتُ أبي حمزةَ بنَ عبد الله يقول: سألتُ أبي عبدَ الله بنَ عُتبة بن مسعود: أيَّ شيء تَذكُر من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أذكُرُ أنه أخذَني وأنا خُماسِيٌّ أو سُداسِيٌّ، فأجلسَني في حَجْره ومَسَحَ رأسي، ودعا لي ولذُرِّيَّتي بالبَرَكة
(2)
.
(1)
في (ز) و (ب): عَبد الله بن عَبد الله بن عُتبة، بتكرار اسم عبد الله، وذلك غير معروف في كتب الأنساب والتراجم.
(2)
حسنٌ إن شاء الله، فإنَّ أم عبد الله بنت حمزة بن عبد الله بن عُتبة روى عنها ثلاثة من أحفادها، وهم موسى والفضل وحمزة بنو عون، وروت هي هذا الخبر عن أبيها حمزة وروته أيضًا عن جدتها، وهي أم ولد عبد الله بن عتبة بن مسعود وهما رويا هذا الخبر عن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، فقد كان هذا الخبر معروفًا في آل عبد الله بن عُتبة بن مسعود، والله تعالى أعلم.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4395) عن سليمان بن أحمد الطبراني، عن يحيى بن عثمان بن صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(303) عن أحمد بن رشدين، عن موسى بن عون، به.
وأخرجه محمد بن خلف وكيعٌ في "أخبار القضاة" 2/ 402 - 403، وأبو نعيم في "المعرفة"(4396) من طريق محمد بن عبد الله الحضرمي المعروف بمطيَّن، عن حمزة والفضل ابنَي عون بن عبد الله بن عون بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، عن أم عبد الله بنت حمزة بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، عن جدتها وكانت أم ولدٍ، قالت: قلتُ لسيّدي عبد الله بن عتبة: أيّ شيء تذكُر.
وأخرجه محمد بن خلف 2/ 403 عن إبراهيم بن أبي عثمان وهو إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن أبي يعلى حمزة بن عون، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 215 عن الحسين بن حميد بن الربيع، عن الفضل بن عون المسعودي أبي حمزة، كلاهما عن أم عبد الله بنت حمزة، عن جدتها، وكانت أم ولد عبد الله بن عُتبة، قالت: قلت لسيِّدي عبد الله بن عُتبة. وفي رواية الجوهري: عن جدتي أم أبي واسمها عبيدة وتكنى أم عبد الله وهي بنت حمزة بن عبد الله بن عتبة، تذكر عن أمّها، عن جدها عبد الله بن عُتبة. ويُطلق اسم الأم على الجدة، والضمير في "جدها" يعود إلى أم عبد الله. فاتفقت الروايات عن الفضل وحمزة ابني عون، أنهما يرويان عن جدتهما أم عبد الله بنت حمزة، عن جدتها أمّ ولد عبد الله بن عُتبة، عن عبد الله بن عُتبة بن مسعود.
ذكرُ مناقب نُعَيم بن النَّحّام العَدَوي رضي الله عنه
-
5208 -
أخبرني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، سمعتُ الحسن بن علي بن شَبِيب المَعمَري
(1)
يقول: سمعتُ مصعب بن عبد الله الزُّبيري يقول: نعيم بن النَّحّام: هو نُعيم بن عبد الله بن خالد بن أَسِيد بن عبد عَوف بن عَبِيد بن عَوِيج بن عَدِيّ بن كعب، أسلَمَ قبل هجرة مَن هاجر إلى أرض الحَبَشة، وهو الذي يقال له: النَّحّام، وإنما قيل له ذلك لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"سمعتُ نَحْمَهُ في الجنّة"، والنَّحمة: الصوتُ
(2)
.
5209 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُروة، في تَسمية من استُشهد يوم أَجْنادِينَ من قريش، ثم من
(1)
كذا وقع في هذا الموضع من "المستدرك" تسمية شيخ أبي بكر بن بالَوَيهِ في روايته لهذا الخبر من أخبار مصعب بن عبد الله الزُّبيري، بأنه الحسن بن علي بن شَبِيب المَعْمَريّ، مع أن المصنِّف إنما يروي الأخبارَ عن مصعب الزُّبيري، بواسطة شيخه ابن بالويه عن إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي عن مصعب الزبيري، فكأن ما وقع هنا وهمٌ من المصنف رحمه الله، منشؤه أن لأبي بكر بن بالويه رواية عن المعمري، وأورد المصنِّف عددًا من رواياته عنه، لكن ليس في ذلك شيء من أخبار مصعب الزبيري، فكل أخبار مصعب إنما يرويها عن ابن بالويه عن الحربي عنه.
(2)
وانظر "تاريخ ابن أبي خيثمة" في السفر الثاني (2381)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر 62/ 179 و 180 و 184.
وهذا الحديث المذكورُ هنا ذكره غيرُ واحدٍ من أئمة النسب ومعرفة الرجال كمصعب الزبيري هذا، وابن هشام في "السيرة النبوية" 1/ 259، وابنُ البَرْقي والزُّبير بن بَكَّار كما في "تاريخ دمشق" 62/ 177 و 179، وأسنده الواقديُّ كما في "طبقات ابن سعد" 4/ 129 بإسناد مرسل انفرد به الواقدي، وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 8/ 135: الحديث المذكور من رواية الواقدي، وهو ضعيف، ولا تردُّ الروايات الصحيحة بمثل هذا. قلنا: يعني ما جاء في الروايات الصحيحة عند البخاري وغيره من تسمية نعيم بابن النّحّام، يعني أن صفة النّحام لأبيه وليست له، وردَّ الحافظ في "الفتح" على كل من خَطّأ ما وقع في الروايات الصحيحة بهذا المرسل الذي انفرد به الواقديُّ.
بني عَدِيّ بن كعب: نُعيمُ بن عبد الله النَّحّام، قال: وذلك سنة ثلاث عشرة
(1)
.
5210 -
فحدَّثَنا أبو عبد الله الأصبَهاني، بإسناده عن محمد بن عُمر: أنَّ نُعيم بن النَّحام قُتِل يوم اليرموك شهيدًا في رجب سنة خمسَ عشرةَ
(2)
.
5211 -
أخبرني محمد بن علي الصَّنْعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جُريج، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، عن نُعيم النَّحّام قال: أذَّن مُؤذِّنُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ليلةً فيها بَردٌ، وأنا تحت لِحَافي، فتمنَّيتُ أن يُلقيَ اللهُ تعالى على لسانِه: ولا حَرَجَ، فلما فَرَغَ قال: ولا حرجَ
(3)
.
(1)
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 183 من طريقين عن ابن لَهِيعة، به. وهو قول موسى بن عقبة أيضًا كما أسنده عنه البخاري في "تاريخه الكبير" 8/ 92، وابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"(2382) وغيرهما.
وهو كذلك قول ابن شهاب الزهري، فيما أسنده عنه ابن عساكر 62/ 183.
وقول ابن إسحاق كما نقله عنه خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 120، ووافقه عليه في "طبقاته" ص 24.
وكذلك قال مصعب الزبيري في "نسب قريش" ص 380، ونسبه البَلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 479 للواقدي، وهو قول الطبري في "تاريخه" 3/ 418، وابن حبان في "ثقاته" 2/ 189، وغيرهم، كلهم قالوا: قُتل بأجنادين، على اختلاف بينهم في سنة وقوع أجنادين، وانظر "الإصابة" لابن حجر 6/ 459.
وخالفهم غيرهم كمؤرّج السدوسي في "حذف من نسب قريش"، وابن الكلبي في "جمهرة أنساب العرب" وابن دُريد في "الاشتقاق" ص 136، فقالوا: قُتل يوم مؤتة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وذهب آخرون إلى أنه قتل يوم اليرموك، وهو قولُ الواقدي كما سيأتي بعده، وقول أبي القاسم بن مَنْدَه في "المستخرج من كتب الناس" 2/ 415، وغيرهما، وانظر "تاريخ دمشق" 62/ 184.
(2)
وهو في "الطبقات" لابن سعد 4/ 129 عن محمد بن عُمر الواقدي.
(3)
حديث صحيح إن شاء الله بمجموع طرقه، وهذا إسناد رجالُه لا بأس بهم، لكن اختُلف فيه على عبد الرزاق، فرواه عنه إسحاقُ بنُ إبراهيم - وهو الدّبَري راويةُ "مصنف عبد الرزاق" - وهو في "المصنف"(1927)، فجعله من رواية نافع عن عبد الله بن عمر عن نُعيم بن النحّام. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وخالفه الحسن بن عليّ الخَلّال - وهو ثقة حافظ - عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(762) فرواه عن عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني نافع مولى ابن عمر عن عبد الله بن نُعيم بن النحّام؛ فلم يذكر ابن عمر، وجعل الحديث من مسند عبد الله بن نعيم بن النحّام، وليس من مسند أبيه نُعيم. وقد ذكر البخاريُّ والبغويُّ لعبد الله بن نُعيم بن النحّام صحبةً فيما قاله الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 4/ 252، وكذلك ابن أبي عاصم وخرّج له هذا الحديث.
ورواه محمد بن عجلان عن نافع - فيما قاله أبو نعيم في "معرفة الصحابة" بإثر (6389) - عن نعيم بن النحّام؛ فجعله من حديث نعيم بن النحّام لا ابنه عبد الله، إلَّا أنَّ ابن عجلان كان مضطرب الحديث عن نافع فيما قاله يحيى القطان كما في "العلل" لعبد الله بن أحمد (4945) ورواه عنه العُقيلي في "الضعفاء" 3/ 531، فلعلّه وَهِمَ فيه.
لكن للحديث أسانيد أخرى عن نُعيم بن النحام من حديثه:
فقد رواه عبد الرزاق في "المصنف"(1926)، وعنه أحمد 29/ (17933) عن معمر، عن عُبيد الله بن عمر، عن شيخٍ سمّاه، عن نُعيم بن النخّام. وقال فيه: صلُّوا في رِحالكم.
ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري، واختُلف عليه، فرواه عنه سليمانُ بنُ بلال عند ابن أبي شيبة في "مسنده"(553)، وابن أبي عاصم (760)، والفاكهي في "فوائده"(104)، وأبي نعيم في "المعرفة"(6389)، والبيهقي في "السنن" 1/ 398، والأوزاعيُّ عند ابن أبي عاصم (759)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 152 - 153، والبيهقي 1/ 398 و 423، كلاهما عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيمي، عن نُعيم بن النحّام.
وخالفهما إسماعيل بن عياش عند أحمد (17934) فرواه عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن نعيم بن النحام. وإسماعيل ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذا منها.
ورواه زيد بن أبي أُنيسة بن قانع 3/ 153 عن عمر بن نافع وعُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن نعيم بن النحّام.
وهذه الأسانيد معلولة، فأما الأول ففيه رجل مبهمٌ، وأما الثاني فمنقطع، لأنَّ محمد بن إبراهيم لم يدرك نعيمَ بن النحّام كما قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 726 وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 176، وكذا محمد بن يحيى بن حبان، فإنه وُلد بعد وفاة نُعيم بزمان طويل.
وأما الإسناد الأخير ففيه إلى ابن أبي أُنيسة أحمد بن وهب القرشي، ولم نَتبيّنْه، وقد انفرد بهذا الإسناد، ونظنّه وهمَ فيه، لأنَّ معمرًا رواه عن عُبيد الله بن عمر - كما في رواية عبد الرزاق - عن شيخ مبهم لم يُسمّه عن نعيم بن النحّام، ولو كان هذا المبهم هو نافعًا، لمَا عَزَبَ ذكرُه على =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
ذكر مناقب الطُّفيل بن عَمرو الدَّوْسي رضي الله عنه
-
5212 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، قال: أسلم الطُّفيل بن عمرو وتَبِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكةَ، ثم رجع إلى قومِه من أرض دَوسٍ، فلم يزل مُقيمًا بها حتى هاجر إلى المدينة بعد بدر وأُحد والخندق، حين قَدِمَ بمن أسلَم معه من قومِه ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم بخَيبرَ، ثم لَحِق برسولِ الله صلى الله عليه وسلم بخيبرَ، فأسهَمَ لهم مع المسلمين
(1)
.
5213 -
أخبرني محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العَتَكي، حدثنا الفضل
= عُبيد الله بن عمر، فهو من أشهر شيوخه، ثم إنه لا يُعرف من رواية عمر بن نافع إلّا من هذه الطريق التي فيها هذا الرجل الذي لم نتبيّنْه، فلا اعتبارَ بها.
فأرجح هذه الطرق طريق الحسن بن علي الخَلّال عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن نافع عن عبد الله بن نعيم بن النحّام، وقد صرَّح فيها ابن جريج بسماعه من نافع، فانتفت شبهة تدليسه، فالإسناد صحيح إن شاء الله.
ويغلب على ظنِّنا أنَّ مَن ذكر فيه عبدَ الله بن عمر بن الخطاب دخل له هذا الحديث بحديث نافع عن ابن عمر الذي أخرجه البخاري (632) ومسلم (697) وغيرهما عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلةٌ باردةٌ، أو ذاتُ مطر في السفَر، أن يقول:"ألا صلُّوا في رحالكم".
وبذلك يكون نافع مولى ابن عمر قد روى حديث عبد الله بن نُعيم بن النحّام، وروى حديثَ مولاه عبد الله بن عمر بن الخطاب، ووهم من أدخل هذا في ذاك، والله تعالى أعلم.
وقوله: "لا حرج" أي: من قعد فلا حرجَ عليه، كما في رواية أحمد وغيره.
(1)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 4/ 223 عن محمد بن عمر الواقدي، لكن أسنده عن عبد الله بن جعفر المَخْرَمي عن عبد الواحد بن أبي عون الدوسي عن الطفيل بن عمرو، فذكر قصة إسلامه مطولة، ورجوعه إلى أرض دوس، ثم مجيئه بعد خيبر مباشرة. ورجاله من فوق الواقدي ثقات، لكنه مُنقطع فإنَّ عبد الواحد لم يدرك الطفيل بن عمرو، لكن رَوى مثلَ هذه القصة محمدُ بنُ إسحاق عن الطفيل بن عمرو كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 382 - 385، ولم يذكر ابن إسحاق إسناده إلى الطفيل.
ابن محمد، حدثنا إسحاق بن محمد الفَرْوي، حدثنا عبد الله بن جعفر المَخْرَمي
(1)
، عن عبد الواحد بن أبي عَون الدَّوْسي، عن الطُّفيل بن عمرو، قال: قلنا: يا رسول الله، اجعلْنا مَيمَنتَك واجعل شعارَنا: يا مَبرُورُ، ففَعَل صلى الله عليه وسلم، فشِعارُ الأزْدِ كلِّها إلى اليوم: مَبرُور
(2)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، إن لم يكن مرسلًا.
وقد أدركَ عمرُو بن الطُّفيل بن عَمرو رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:
5214 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحَسن، حدثنا الحُسين، حدثنا محمد بن عمر، قال: وعمرو بن الطُّفيل بن عَمرو بن طَرِيف بن العاص بن ثَعلبَة الأزديّ، وكان أبوه الطُّفيلُ بنُ عَمرو مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حتى قُبِض، فلما ارتدَّتِ العربُ خرجَ فجاهَدَ حتى فَرَغ المسلمون من طُلَيحة وأرضِ نَجْدٍ كلِّها، ثم سار مع المسلمين إلى اليمامة ومعه ابنُه عَمرو بن الطُّفيل، فخرج عَمرو بن الطفيل، فجُرح وقُطِعَت يدُه، ثم استَبلَّ وصحَّت يدُه، فبَينا هو عند عمر بن الخطاب إذ أُتي بطعام فتنحَّى عنه، فقال عُمر: ما لك تَنحَّيتَ، بمكانِ يَدِك؟ قال: أجل، قال: والله، لا أَذُوقُه حتى أُسْوِيَ بيدك فيه، فواللهِ ما في القومِ أحدٌ بعضُه في الجنة غَيرَك. ثم خرج عامَ اليرموكِ في عهد عُمر مع المسلمين، فقُتل شهيدًا
(3)
.
(1)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: المخزومي. وإنما هو المَخرمي نسبة لجده مَخرمة وهو والد المسور.
(2)
لا بأس برجاله، لكنه منقطع لأنَّ عبد الواحد بن أبي عون الدَّوْسي لم يدرك الطفيل بن عمرو.
وقد تقدَّم ذكر شعار الأزد من حديث ابن عباس برقم (2542)، لكن إسناده ضعيف جدًّا، فيه رجل متروك.
(3)
وهو في "طبقات ابن سعد" 4/ 226 عن محمد بن عمر الواقدي، عن عبد الله بن جعفر المَخْرَمي، عن عبد الواحد بن أبي عون الدَّوسي، عن الطُّفِيل بن عمرو منقطعًا، لأنَّ عبد الواحد لم يدرك الطفيل. =
ذكرُ سعْدٍ القارئِ رضي الله عنه
-
5215 -
حدثنا أبو عبد الله، حدثنا الحَسن، حدثنا الحُسين، حدثنا محمد بن عمر، قال: سَعْد بن عُبيد بن النُّعمان بن قَيس بن عَمرو بن زيد بن أُميّة بن زيد، وهو الذي يُقال له: سعْدٌ القارئُ، ويُكنى أبا زيد، وهو أحدُ الستةِ الذين جَمعُوا القرآنَ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد بدرًا وأُحدًا والخندقَ والمَشاهدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقُتل يوم القادِسية شهيدًا سنة ستَّ عشرةَ، وهو ابن أربعٍ وستين سنةً
(1)
.
ذكرُ مناقب عُتبة بن غَزْوان الذي بَصَّر البَصْرةَ
5216 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُروة، قال: عُتْبة بن غَزْوان بن جابر بن وُهَيب بن نُسَيب
= ورُوي مثلُه لكن دون قصة عمر بن الخطاب عن ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 385.
وقد رُوي نحو قصة عمر بن الخطاب هذه لكن مع مُعيقيب بن أبي فاطمة الدَّوسي: أنَّ عمر بن الخطاب كان يؤتى بالإناء فيه الماء، فيعطيه مُعيقيبًا وكان رجلًا قد أسرع فيه ذلك الوجع (أي: الجُذَام) فيشرب منه، ثم يتناوله عمر من يده، فيضع فمه موضع فمه حتى يشرب منه، فعرفت أنما يصنع عمر ذلك فرارًا من أن يدخله شيء من العدوى. أخرجه ابن سعد في "طبقاته" 4/ 110، والطبري في "تهذيب الآثار" في مسند علي بن أبي طالب ص 27، بإسناد حسنٍ.
قوله: أُسوِيَ يدك فيه" معناه: أُدخل يدك فيه فأُوعبها، من: أَسوَى في الشيء: إذا أَوعَبَ.
(1)
ومثله قولُ ابن سعد في "طبقاته" 3/ 423، كنصّ شيخه محمد بن عمر - وهو الواقدي - هنا تمامًا، وزاد: كذلك كان محمد بن إسحاق وأبو معشر ينسبانه، وزاد أيضًا: وليس له عَقِب.
وممَّن ذكره فيمن حضر بدرًا عروةُ بن الزبير والزهريُّ كما في "معجم الطبراني الكبير"(5487) و (5488)، وابنُ إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 688.
وقد ذكر استشهاده بالقادسية عبدُ الرحمن بنُ أبي ليلى عند عبد الرزاق (9588)، وابن سعد 3/ 423، وابن أبي شيبة 3/ 252 و 12/ 289.
وذكره أيضًا طارق بن شهابٍ عند سعيد بن منصور في "سننه"(2575)، والبخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 47، وفي "تاريخه الأوسط" 1/ 421.
ابن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عِكرمة بن خَصَفة بن قَيس عَيْلانَ بن مُضَر بن نِزار
(1)
.
5217 -
حدثنا أبو عبد الله بن بُطّة، حدثنا الحَسن، حدثنا الحُسين، حدثنا محمد بن عمر، عن شُيوخه، في ذكر عُتبةَ بن غَزْوان، قالوا: كنيتُه أبو عبد الله، وقيل: أبو غَزْوان، وكان فيما ذُكِرَ رجلًا طُوالًا جميلًا، وكان قديمَ الإسلام، وهاجَرَ إِلى أرضِ الحَبَشة الهجرةَ الثانية، وكان من الرُّماة المذكُورين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي بَصَّر البصرةَ، ومات في خلافة عمر بن الخطاب، بمَعدِنِ بني سُلَيم، وهو ماضٍ إلى البصْرة واليًا عليها مِن قِبَل عمر بن الخطاب، فقَدِمَ غُلامُه سويدٌ على عمر بمَتاعِه وتَرِكَتِه.
قال ابن عُمر: وإنما مات عُتبة بن غَزْوان سنة خمسَ عشرةَ، ويقال: سبعَ عشرةَ، وهو ابن سبعٍ وخَمسين
(2)
.
5218 -
أخبرنا أبو جعفر، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوة: أنَّ عُتبة بن غزوان شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(3)
.
5219 -
حدثني أبو بكر بن أبي دارِم، حدثنا عُبيد بن غَنّام.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة؛ قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: مات عُتبة بن غَزوان سنة سبعَ عشرةَ، ومات وله سبعٌ وخمسون سنةً.
(1)
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" 17/ (274) عن محمد بن عمرو بن خالد الحرَّاني - وهو أبو عُلَاثة - بهذا الإسناد. لكن جاء في المطبوع منه: ابن وَهب، بدل: ابن وُهيب. وكذلك جاء عند أكثر من ذكر هذا النسب.
(2)
وهو عند ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 92 و 9/ 5 و 7 من قوله هو، وبعضه ينسبه لشيخه محمد بن عمر الواقدي، لكنه قال: فمات في البصرة سنة سبع عشرة، هكذا جزمًا.
وفي سنة وفاتة وسنه يوم توفي خلاف انظره في "تاريخ بغداد" 1/ 497 - 499.
(3)
وأخرجه سليمان بن أحمد الطبراني في "المعجم الكبير" 17/ (274) عن محمد بن عمرو بن خالد - وهو أبو عُلَاثة - بهذا الإسناد.
5220 -
أخبرني محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم الغِفاري، حدثنا أبو نُعيم، حدثنا قُرّة بن خالد.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا قُرّة بن خالد، عن حُميد بن هِلال.
وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب - واللفظ له - حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا أسَد بن موسى، حدثنا سليمان بن موسى
(1)
، عن حُميد بن هلال، عن خالد بن عُمير العَدَوي، قال: خَطبَنا عُتبةُ بن غَزْوان، فحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعدُ، فإنَّ الدنيا قد آذَنَتْ بِصُرْمٍ وَوَلَّت حَذّاءَ، وإنما بقيَ منها صُبَابةٌ كصُبَابة الإناء يَصطَبُّها صاحبُها، وإنكم مُنتقِلون منها إلى دارٍ لا زوالَ لها، فانتقِلوا منها بخيرِ ما بحَضْرتِكم، فإنه قد ذُكِر لنا: أنَّ الحَجَر يُلقَى من شَفِير جَهنّم، فيَهوي بها سبعينَ عامًا، وما يُدرِكُ لها قَعْرًا، فوالله لَتُمْلأنَّهُ، أفَعجِبتُم! وقد ذُكر لنا: أنَّ مِصرَاعَين من مَصارِيع الجنةِ بينهما أَربعون سنةً، وليأتِيَنّ عليه يومٌ وهو كَظِيظُ الزِّحام، ولقد رأيتُني وإني لَسابعُ سبعةٍ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعامٌ إلَّا وَرَقُ الشجر حتى قَرَحَتْ أشْداقُنا، وإني التَقطْتُ بُرْدةً فشَقَقْتُها بيني وبين سعد بن أبي وَقّاص فارسِ الإسلام، فاتَّزرتُ بنصفِها واتَّزرَ سعدٌ بنصفِها، وما أصبحَ منا اليومَ أحدٌ حيٌّ إلَّا أصبحَ أميرَ مِضْرٍ من الأمصار، وإنني أعوذُ بالله أن أكونَ في نَفْسي عظيمًا، وعند الله صغيرًا، وإنها لم تكن نُبوّةٌ قَطُّ إلَّا تناقَصَتْ حتى يكون عاقبتُها مُلكًا، وستُجرّبون - أو تَبْلُونَ - الأمراءَ بَعدِي
(2)
.
(1)
كذلك جاء في أصول "المستدرك": سليمان بن موسى، وهو وهمٌ فيما يغلب على ظننا، لأنَّ الطبراني قد أخرج هذا الحديث في "معجمه الكبير" 17/ (280) عن مقدام بن داود، عن أسد بن موسى، عن سليمان بن المغيرة، وقد رواه عن سليمان بن المغيرة، جماعة يزيد عددهم على السبعة، كلهم يروونه بمثل هذا اللفظ الذي ساقه المصنف هنا، فهو الصحيح هنا كذلك أنه سليمان بن المغيرة، وكأنه خطأٌ ناشئ عن سبق نظر.
(2)
إسناده صحيح. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين. =
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5221 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ - وأنا سألتُه - حدثنا الحسن
= وهو في "مسند أحمد" 29/ (17574) و 34/ (20609) مختصرًا دون ذكر الحجر والمصراعين والبُردة وما بعدها.
وأخرجه مسلم (2967) عن أبي كُريب محمد بن العلاء عن وكيع، به، مختصرًا كذلك بقوله: رأيتُني، إلى قوله: قَرِحت أشداقنا. ولم يذكر سائره.
وأخرجه بطوله أحمد 29/ (17575)، ومسلم (2967)، والنسائي (11790)، وابن حبان (7121) من طرق عن سليمان بن المغيرة، وأحمد 34/ (20610) من طريق أيوب السختياني، كلاهما عن حميد بن هلال، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وأخرجه مختصرًا أحمد 34/ (20609)، وابن ماجه (4156) من طريق وكيع، عن أبي نَعَامة العدوي، عن خالد بن عُمير، به. قال أحمد: ما حدَّث بهذا الحديث غير وكيع، يعني أنه غريب. قلنا: يعني بذكر أبي نعامة، فإنَّ المشهور أنه لحميد بن هلال عن خالد بن عُمير. لكن قد رواه غير وكيع، فقد رواه صفوان بن عيسى البصري عن أبي نعامة عند الترمذي في "الشمائل المحمدية"(375) وغيره.
وأخرجه مختصرًا بذكر الحجر الذي يُلقى في جهنم: الترمذيُّ (2575) من طريق الحسن البصري، قال: قال عتبة بن غزوان على منبرنا هذا منبر البصرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الترمذي: لا نعرف للحسن سماعًا من عتبة بن غزوان، وإنما قَدِم عتبةُ بن غزوان البصرة زمن عمر، ووُلِدَ الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر. قلنا: ورفعه وهمٌ، فإنَّ المحفوظ أنَّ عُتبة بن غزوان قال فيه: فإنه قد ذُكر لنا
…
فذكره، وفي رواية: فلقد بلغني أنَّ الحجر
…
فلم يُصرِّح فيه عتبة بن غزوان بالرفع، وإن كان مثلُه له حكم الرفع إذ لا يُقال بالرأي والاجتهاد.
قوله: آذنت بصرم، معناه: أعلمت بانقطاع.
وقوله: حَذَّاء، معناه: منقطعة ومنفصلة.
والصُّبابة: الماء القليل الذي يبقى في الإناء ونحوه.
والشَّفير: الحافَة والجانب.
وقوله: كَظيظ الزحام، أي: الباب، يعني مُمتلئًا.
وقوله: قَرِحَت أشداقُنا، أي: تَجرّحت من أكل ورق الشجر.
وقوله: تَبْلُون، من بَلاه يَبلُوه بَلْوًا: إذا جرّبه.
ابن علي بن شَبيب المَعمَري، حدثنا عبد الملك بن بشير السامِيّ
(1)
، حدثنا أبو حَفْص عمر بن الفضل السُّلَمي، حدثنا عتبة بن إبراهيم بن عُتبة بن غَزوان، عن أبيه، عن جَدِّه عُتبة بن غَزوان: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومًا لقُريش: "هل فِيكم أحدٌ من غيرِكم؟ " قالوا: ابن أُختِنا عُتبةُ بن غَزْوان، فقال:"ابن أُختِ القومِ مِنهُم"
(2)
.
ذكرُ عتبة بن غزوان في هذا الحديث غريب جدًّا، وفضائلُه كثيرة، وهذا من أجلّ فضائلِه.
ومَسانيدُ عُتبة بن غزوان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزيزةٌ، وقد كتبْنا من ذلك حديثًا استغربْناه جدًّا، فأنا ذاكِرُه وإن لم يكن الغَلَابيّ من شرط هذا الكتاب:
5222 -
حدَّثَناهُ أبو جعفر أحمد بن عُبيد بن إبراهيم الحافظ بهَمَذان، حدثنا محمد بن زكريا الغَلَابي، حدثنا عبد الرحمن بن عَمرو بن جَبَلة، حدثنا عمر بن الفضل السُّلَمي، حدثنا غَزْوان بن عُتبة بن غزوان، عن أبيه، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن كَذَب علَيَّ متعمدًا، فلْيتَبوَّأْ مَقعدَه من النارِ"
(3)
.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: النسائي، وإنما هو السامي، نسبة إلى سامة بن لؤي، وهو بصري لا نسائي.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة حال عُتبة بن إبراهيم بن عُتبة بن غَزوان، وأبوه إبراهيم لا يُعرف إلّا بهذا الإسناد، وقال الذهبي في "تلخيصه": إسناده مُظلم.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (291) عن الحسن بن علي المَعمري، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(302)، ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5340) عن عبد الملك بن بشير السامي، به.
وقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك لدى مقالته المشهورة للأنصار إبان غزوة حُنين كما في حديث أنس بن مالك عند أحمد 20/ (12766) و (13084)، والبخاري (3528)، ومسلم (1059) وغيرهم، ليس فيه ذكرٌ لعتبة بن غزوان.
(3)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل عبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلة، فهو متروك كما قال الحافظ =
ذكرُ مناقب أبي عُبيدة بن الجَرّاح رضي الله عنه
-
5223 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدلُ، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا الحسين بن علي بن يزيد الصُّدَائي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن محمد بن إسحاق بن يَسَار قال: أبو عُبيدة عامرُ بنُ عبد الله بن الجَرّاح بن هِلال بن أُهَيب بن ضَبّة بن الحارث بن فِهْر بن مالك بن النَّضْر بن كِنانة، وأمُّه أم غَنْم بنت جابر بن العَدْل بن عامر
(1)
بن عَمِيرة بن وَدِيعة بن الحارث بن فِهر
(2)
.
= ابن حجر في "الإصابة" 4/ 438، وغزوان بن عُتبة بن غزوان قال العُقيلي في "الضعفاء" 3/ 335: لا يُعرف إلّا بهذا الحديث، ولا يُتابَع على إسناده، والمتن معروف. قلنا: ومحمد بن زكريا الغَلَابي ضعيف واتهمه الدارقطني، لكنه لم ينفرد به، والعجب من المصنِّف أنه ضعَّف الحديث واستغربه لأجله، وسكت عن شيخه ابن جَبَلة مع أنه مثله إن لم يكن أسوأ حالًا منه، بل إنَّ ابن جَبَلة هو عِلَّته، لأنَّ غير واحدٍ رواه عنه غير الغَلَابي، فعليه مدار الحديث.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (288) عن محمد بن زكريا الغَلابي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "طرق حديث من كذب عليَّ متعمدًا"(172)، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات"(96) عن إبراهيم بن هاشم البغوي، والعُقيلي في "الضعفاء الكبير"(1431) عن أحمد بن محمد بن عاصم الرازي، وأورده أبو القاسم الرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" 2/ 78 من طريق سيَّار بن الحَسن التُستَري، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلة، به.
وهذا المتن معروف كما قال العقيلي، بل هو متواتر، انظر شواهده في التعليق على "صحيح ابن حبان" عند الحديث (28).
(1)
كذا جاء هذا الاسمان في هذا النسب في النسخ الخطية، مع أنَّ المعروف عند علماء الأنساب أنَّ عَميرة وَلَدَ عامرةَ، هكذا بزيادة التاء المربوطة آخره، وليس في أولاد عَمِيرة من اسمه عامر، ولم يذكروا في أولاد عامرة ولدًا اسمه العدل. وانظر "طبقات ابن سعد" 3/ 379، و"نسب قريش" لمصعب بن عبد الله الزبيري ص 440، و"أنساب الأشراف" للبلاذُري 11/ 63 - 64. وبعضُهم يقول في هذا النسب: جابر بن عبد بن العداء بن عامر. انظر "تاريخ دمشق" 25/ 438.
(2)
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(358) وعنه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(578) عن محمد بن علي بن الفضل المديني، عن الحسين بن علي بن يزيد الصُّدائي، به. وفيه: جابر بن عبد بن العداء. =
5224 -
أخبرنا أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا موسى بن زكريا التُّستَري، حدثنا خليفة بن خيّاط، فذكَرَ هذا النسبَ، وقال: أدركتْ أمُّ أبي عُبيدة الإسلامَ
(1)
.
5225 -
حدثنا علي بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا ابن أبي عُمر، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نَجِيح، قال: قال عمرُ لأصحابِه: تَمنَّوا، فجعل كلُّ رجلٍ منهم يَتَمنَّى شيئًا، فقال: لكني أتمنّى بيتًا مملُوءًا رجالًا مثلَ أبي عُبيدة بن الجَرّاح، فقالوا له: ما أَلَوتَ الإسلامَ خيرًا، قال: ذلك أردْتُ
(2)
.
5226 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حُذيفة، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عُبيدة قال: كان عبدُ الله يقول: كان أخِلّائي من أصحاب رسول الله ثلاثةً ولم آلُ: أبو بكر وعمرُ وأبو عُبيدةَ
(3)
.
= وانظر "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 252 و 329.
(1)
هو في "طبقات خليفة بن خياط" ص 27 - 28.
(2)
خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه منقطع، لأنَّ ابن أبي نجيح - وهو عبد الله بن أبي نجيح يسار المكي - لم يُدرك عمر بن الخطاب، لكن رُوي هذا عن عمر بن الخطاب من وجهٍ آخر حسن الإسناد تقدَّم عند المصنف برقم (5075). سفيان: هو ابن عُيينة، وابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 382، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 11/ 72، وابن أبي الدنيا في "المتمنّين"(39)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 474 من طرق عن سفيان بن عيينة، به.
قولهم: ما أَلَوتَ، أي: ما قَصَّرت.
(3)
خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم غير أنَّ أبا عُبيدة - وهو ابن عبد الله بن مسعود - لم يسمع من أبيه، لكن روى هذا عن عبد الله بن مسعود أيضًا أبو الأحوص عوف بن مالك الجُشمي، فالخبر صحيح. سفيان: هو الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي.
وأخرجه أحمد في "فضائل الصحابة"(1277) و (1551)، وابن عساكر 25/ 474 من طريق وكيع بن الجراح، عن سفيان الثوري، به. =
5227 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا بِشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، عن أيوب بن عائذٍ الطائي، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: أتانا كتابُ عمرُ لمّا وقع الوَباءُ بالشام، فكتب عمرُ إلى أبي عُبيدة: إنه قد عَرَضَت لي إليك حاجةٌ لا غِنًى لي بك عنها، فقال أبو عُبيدة: يَرحمُ الله أميرَ المؤمنين، يريدُ بقاءَ قومٍ ليسوا بباقِين، قال: ثم كتب إليه أبو عُبيدة: إني في جيش من جُيوش المسلمين، لست أرغَبُ بنفسي عن الذي أصابَهم، فلما قرأ الكتابَ استرجَعَ، فقال الناس: ماتَ أبو عُبيدة، قال: لا، وكان كتب إليه بالعَزِيمة: فاظْهَرْ من أرض الأُردُنّ، فإنها غَمِقةٌ
(1)
وبِيّةٌ، إلى أرض الجابيَة، فإنها نَزِهةٌ نَدِيّةٌ، فلما أتاه الكتاب بالعزيمة أمر مُنادِيَه: أذِّن في الناس بالرَّحِيل، فلما قُدِّم إليه
(2)
ليَركَبَه، وضَعَ رِجْلَه في الغَرْزِ ثَنَى رجلَه، فقال: ما أُرى داءَكم إلَّا قد أصابَني. قال: وماتَ أبو عُبيدة، ورُفع الوَباءُ عن الناس
(3)
.
= وأخرجه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 11/ 68، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات"(2549)، وابن عساكر 25/ 474 من طريق زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود. وإسناده صحيح، وقد تابع زهيرًا على ذلك شريك النخعي كما في "العلل" للدارقطني (909)، ومثل هذا الاختلاف على أبي إسحاق محمولٌ على تعدُّد شيوخه في الخبر لا على الاضطراب، لسعة مرويات أبي إسحاق. وهذا ما يفيده قول أبي حاتم الرازي كما في "العلل" لابنه (2647)، وأصرحُ منه قول الدارقطني في "علله" (909) إذ قال: يُشبه أن يكونا صحيحين.
(1)
في المطبوع: عميقة. وإنما هي غَمِقة، بالغين المعجمة وليس بعد الميم ياء، ومعناها: الأرض القريبة من المياه فهي نديَّة كثيرة الندى والطّلّ، فيحصل من ذلك الوباء.
(2)
وقع في (ص) بعدها بياض، بين لفظتي "إليه" و"ليركبه"، وضُبّب في (ز) فوق العبارة دون بياض، ولا حاجة إلى استشكال العبارة، فقُصارى ذلك أنه حذف من العبارة نائب الفاعل، وهو معلوم من سياق الكلام، تقديره: قُدّم إليه بعيرُه أو حصانُه أو ركوبُه ليركبه، ومثل هذا سائغ عند العرب، ومنه قوله تعالى:{فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} أي: الروح.
(3)
خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن طارق بن شهاب - وإن كان له رؤية وأدرك أبا =
رُواة هذا الحديثِ كلُّهم ثقات، وهو عَجيبٌ بمرّةٍ.
5228 -
أخبرني أبو العباس السَّيّاري في كتاب "الرِّقاق" لابن المبارك، أخبرنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا عبد الحميد بن بَهْرام، عن شَهْر بن حَوشَب، حدثني عبد الرحمن بن غَنْم، عن حديث الحارث بن عَمِيرة الحارثي، قال: أخذ معاذُ بن جَبَل يُرسل الحارثَ بن عَمِيرة إلى أبي عُبيدة بن الجَرّاح يسألُه
= عُبيدة وعُمر بن الخطاب - لم يحضر هذه الواقعة بالشام، وإنما الذي حضرها وحدَّث طارقَ بنَ شهاب بها هو أبو موسى الأشعري كما في بعض الروايات، وكأنَّ طارقًا هو نفسُه كان يُفصح أحيانًا عمَّن حدَّثه بالخبر، وفي أحيان أخرى يُرسل الخبر، وعليه فما وقع في رواية المصنِّف من قول طارقٍ: أتانا كتابُ عمر، فوهمٌ.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 24/ 422 من طريق البيهقي، عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عساكر 25/ 484 من طريق عثمان بن جَبَلة، عن شعبة، عن قيس بن مسلم بنحوه.
وأخرجه بنحوه كذلك الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 305 من طريق عاصم بن علي الواسطي وعبد الرحمن بن زياد الرصاصي، والهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده"(618) - ومن طريقه ابن عساكر 25/ 483 - من طريق وهب بن جرير بن حازم، وابنُ عساكر 24/ 423 من طريق آدم بن أبي إياس، والطبري في "تهذيب الآثار" في القسم الذي فيه مسانيد بعض العشرة (113) من طريق محمد بن جعفر، خمستهم عن شعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: كنا نتحدث إلى أبي موسى الأشعري، فقال لنا ذات يوم:
…
وإني سأُحدِّثكم ما ينبغي للناس في الطاعون، إني كنت مع أبي عبيدة وإنَّ الطاعون قد وقع بالشام
…
فذكر نحوه.
وأخرجه الطبري في "تاريخه" 4/ 60 - 61 من طريق محمد بن إسحاق، عن شعبة، عن المخارق بن عبد الله البجلي، عن طارق بن شهاب، عن أبي موسى الأشعري. كذا ذكر ابن إسحاق المخارقَ البجليَّ بدل قيس بن مُسلم، ولم يتابعه على ذلك أحدٌ، وقد عنعنه أيضًا، على أن مخارقًا هذا ثقةٌ، وقد اختُلف في اسم أبيه، فقيل: اسمه خليفة، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: عبد الله.
وقوله: اظْهَر، أي: اخرُج إلى ظاهر الأرض التي أنت فيها.
والغَرْزُ: رِكاب الرَّحْل من جلدٍ مخروز.
كيف هو، وقد طُعِنَ، فأراهُ أبو عُبيدة طَعْنةً خرجت في كفِّه فنَكَأَ به
(1)
شأنُها، وفَرِقَ منها حين رآها، فأقسَم أبو عُبيدة له بالله ما يُحِبُّ أنَّ له مكانَها حُمْرَ النَّعَم
(2)
.
5229 -
أخبرني علي بن المُؤمَّل بن الحَسن بن عيسى، حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن محمد العُثماني، حدثنا عَمرو بن خالد بن عاصم بن عمرو بن عثمان، حدثني عبد الملك بن نَوفَل بن مُساحِق، عن أبي سعيد المَقبُري، قال: لما طُعِن أبو عُبيدة، قال: يا معاذُ، صلِّ بالناس، فصلَّى معاذٌ بالناس، ثم مات أبو عُبيدة بن الجرَّاح، فقام معاذٌ في الناس، فقال: يا أيُّها الناسُ، تُوبوا إلى الله من ذُنوبِكم توبةً نَصُوحًا، فإِنَّ عبدَ الله لا يلقى الله تائبًا من ذنْبه إلَّا كان حقًّا على الله أن يغفرَ له، ثم قال: إنكم أيُّها الناسُ قد فُجِعتُم برجلٍ، واللهِ ما أَزعُمُ أني رأيتُ من عبادِ الله عبدًا قَطُّ أقلَّ غِمْرًا
(3)
ولا أبَرَّ صدرًا، ولا أبعدَ غائلةً، ولا أشدَّ حبًّا للعافية، ولا أنصحَ للعامّة منه، فترحَّمُوا عليه رحمه الله، ثم أَصْحِروا
(4)
للصلاةِ عليه، فوالله لا يَلِي عليكم مثلُه أبدًا، فاجتمع
(1)
في النسخ الخطية: فنكأته، بالتاء المثناة، ويغلب على ظننا أنها مصحفة عن نكأَ به، بمعنى: أثَّر بنفسِه شأنُها فأوجعه، يعني أثَّر بنفس الحارث بن عَمِيرة شأنُ الطعنة التي في كف أبي عُبيدة، ويؤيده قوله في بعض روايات الحديث: فبكى الحارثُ وفَرِق منها
…
فالضمير راجع إلى الحارث.
(2)
إسناده فيه لِينٌ، شهرُ بنُ حَوشَب - وإن كان إلى الضعف أقرب - روايةُ عبد الحميد بن بَهْرام عنه قوية عند بعض أهل العلم. عبد الله: هو ابن المبارك، وعَبْدان: هو عبد الله بن عثمان بن جَبَلة المروزي، وأبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري.
وهو في "الزهد والرقائق" لابن المبارك برواية الحسين المروزي (882)، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 485.
وأخرجه البزار (2671)، والطبراني في "الكبير"(364)، وابن عساكر 11/ 459 - 460 من طرق عن عبد الحميد بن بَهْرام، به.
(3)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: عمدًا، وبُيِّض مكانها في (ص)، والمثبت على الصواب من "تلخيص المستدرك" للذهبي. وهو بكسر الغين المعجمة: وهو الحِقد، وزنًا ومعنًى.
(4)
في (ص): أصبِحوا. ومعنى الإصحار: الخروج إلى الصحراء، وربما عنى معاذٌ الخروجَ إلى العَراء.
الناسُ وأُخرج أبو عُبيدة وتَقدَّم معاذٌ فصلَّى عليه، حتى إذا أُتي به قبرُه دَخَل قبرَه معاذُ بنُ جبل وعمرو بن العاص والضحّاك بن قيس، فلما وضعوه في لَحْده وخرجوا فسَنُّوا
(1)
عليه الترابَ قال معاذ بن جَبل: يا أبا عُبيدة، لأُثْنينَّ عليكَ ولا أقولُ باطلًا، أخافُ أن يَلْحَقَني بها من الله مَقْتٌ، كنتَ واللهِ ما علمتُ من الذاكرين الله كثيرًا، ومن الذين يَمشُون على الأرض هَوْنًا، وإذا خاطَبَهم الجاهِلون قالوا سَلامًا، ومن الذين إذا أنفَقُوا لم يُسرِفُوا ولم يَقْتُروا وكان بين ذلك قوَامًا، وكنتَ والله من المُخبِتِين المُتواضعين الذي يَرحَمُون اليتيمَ والمسكينَ، ويُبغِضُون الخائنين المُتكبِّرين
(2)
.
5230 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا محمد بن عبد الله بن رُسْتَه، حدثنا أبو أيوب سليمان بن داود الشاذَكُوني، حدثني محمد بن عمر الواقدي، حدثنا ثَوْر بن يَزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن مالك بن يُخامِرَ: أنه وَصَفَ أبا عُبيدة، فقال: رجلٌ نحيفٌ مَعْروقُ الوجه، خَفِيف اللحية، طُوالٌ أجْنَى
(3)
أثرمَ الثَّنِيّتَين
(4)
.
(1)
سَنَّ الترابَ: إذا صبّه على وجه الأرض صبًّا سهلًا.
(2)
إسناده ضعيف. عمرو بن خالد بن عاصم بن عمرو بن عثمان لم نتبيّنه، وقد تابعه عليه أبو مِخنَف لوط بن يحيى عند أبي بكر الدِّينَوري في "المُجالسة"(3143)، لكن أبا مِخنَف هذا تالف لا يوثق به، فلا اعتبار بمتابعته، على أنَّ الراوي عنه مبهم، ثم إنَّ أبا مخنف قال في روايته: عن سعيد بن أبي سعيد المقبُري، فحصل اختلاف في تسمية راوي القصة، وسعيدٌ المقبري لم يُدركها يقينًا.
(3)
كذلك أُعجمت في (ز) و"تلخيص المستدرك" للذهبي، بالجيم المعجمة، وهي لغة في أجْنأ، يقال: أجنأ وأجنى، مهموزًا وغير مهموز، وهو مَن أشرف كاهِلُه على صدره؛ يعني محدودب الظَّهر، وقيل: هو الأقعس الذي في صدره انكباب إلى ظهره، يعني معكوس المعنى السابق.
(4)
وهو عند ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 383 و 9/ 388 عن محمد بن عمر الواقدي، به، ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن عساكر 25/ 444.
ومَعْروق الوجه: قليل لحم الوجه.
والأثْرمُ: مكسور السّنّ من أصله، أو انكسار سنٍّ من الأسنان المقدَّمة مثل الثنايا والرَّباعيات، أو هو خاصٌّ بالثنيَّة.
5231 -
أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحُسين، حدثنا أبو مُسهِر عبد الأعلى بن مُسهِر، حدثنا يحيى بن حمزة، عن عُروة بن رُوَيم، قال: توفي أبو عُبيدة بن الجَرَّاح بفِحْل من الأردن سنة ثَمانَ عشرةَ
(1)
.
5232 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثني أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُروة، قال: وممَّن شهد بدرًا من بني الحارث بن فِهْر: أبو عُبيدة بن الجرَّاح وهو ابن إحدى وأربعين سنةً
(2)
.
5233 -
فحدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا أسَد بن موسى، حدثنا ضَمْرة بن ربيعة، عن عبد الله بن شَوذَب، قال: جعل أبو أبي عُبيدة بن الجَرَّاح ينَصِبُ الأَلَّ لأبي عُبيدة يومَ بدرٍ، وجعل أبو عُبيدة يَحِيدُ عنه، فلما أكثرَ الجِراحَ قَصَدَه أبو عُبيدة فقَتَله، فأنزل اللهُ تعالى فيه هذه الآيةَ حين قَتَل أباه:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ} الآية إلى آخرها [المجادلة: 22]
(3)
.
(1)
وهو عند أبي زرعة الدمشقي في "تاريخه" ص 218، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 486 و 491 من طريقين عن أبي مُسهر. ولكن ليس فيه ذكر السنة.
وقد جاء في "تاريخ أبي زرعة الدمشقي" ص 218 و 688 - 689، ومن طريقه عبد الجبار الخولاني في "تاريخ داريا" ص 114، وابن عساكر 25/ 488 من طريق محمد بن عائذ، عن أبي مُسهر، قال: قرأت في كتاب يزيد بن عبيدة: توفي أبو عبيدة سنة سبع عشرة.
قلنا: كأنَّ هذا أثبت عن أبي مُسهر في سنة وفاة أبي عبيدة. والله أعلم، وهذا ممّا انفرد به ابن عائذٍ كما قال الذهبي في "السير" 1/ 23.
وجمهور أهل التاريخ على أنه توفي سنة ثمان عشرة فيما قاله ابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 277.
وانظر مصداق قوله في "تاريخ دمشق" 25/ 488 وما بعدها.
(2)
وأخرجه الطبراني (361) عن أبي عُلَاثة محمد بن عمرو بن خالد الحراني، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 444 من طرق عن عبد الله بن لَهِيعة، به.
(3)
إسناده ضعيف لإعضاله، فإنَّ عبد الله بن شَوذَبٍ من تبع الاتباع، لكن روى مقاتل بن حيان مثلَه عن مُرّة الهَمْداني عن ابن مسعود إلّا أنه قال: يوم أُحد، فيما نقله عنه الثعلبي في "تفسيره" =
5234 -
حدثنا أبو بكر محمد بن داود الزاهد، حدثنا عبد الله بن قَحْطَبة، حدثنا العباس بن عبد العظيم، حدثنا وهب بن جَرير، حدثنا أبي، سمعت بشّار بن أبي سَيف يُحدِّث عن الوليد بن عبد الرحمن، عن عِياض بن غُطَيف، قال: دخلْنا على أبي عُبيدة بن الجرَّاح نعودُه وامرأتُه تُحيفَة جالسة عند رأسِه، وهو مُقبِلٌ بوجهِه على الجِدار، فقلنا لها: كيف باتَ أبو عُبيدة الليلةَ؟ قالت: باتَ بأجرٍ، فأقبل علينا بوجهِه فقال: إني لم أبِتْ بأجرٍ، ثم قال: ألا تَسألوني عما قلتُ؟ فقلنا: ما أعجَبَنا ما قلتَ فنسألَك عنه، فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن أنفَقَ نفقةً في سبيلِ الله فبسبع مئةٍ، ومَن أنفَقَ على نفسِه وأهلِه، أو عادَ مريضًا، أو مازَ أذًى، فالحسنةُ بعَشْر أمثالِها، والصومُ جُنَّةٌ ما لم يَخرِقْها، ومن ابتلاهُ اللهُ بِبَلاءٍ فِي جَسَدِه فهو له حِطّةٌ"
(1)
.
= 9/ 264، ومقاتل لم يدرك مرّةً فيما يغلب على ظننا.
وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 9/ 27، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 446 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(360)، ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(558)، وابن عساكر 25/ 446 - 447 عن أبي يزيد القراطيسي، عن أسد بن موسى، به.
والأَلُّ جمعُ الأَلّة: وهي الحَرْبة العريضةُ النَّصْل.
ونقل ابن عساكر 25/ 447 عن الواقدي أنه كان ينكر أن يكون أبو أبي عُبيدة أدرك الإسلام وينكر قول أهل الشام: إنَّ أبا عُبيدة لقي أباه في زحفٍ فقتله، وقال: سألت رجالًا من بني فِهر منهم زُفر بن محمد وغيره فقالوا: توفي أبوه قبل الإسلام، ويُسنِد أهلُ الشام ذلك إلى الأوزاعي.
قال ابن عساكر: وهذا غلط في قول الواقدي هذا.
(1)
إسناده حسن من أجل بشار بن أبي سيف، فقد روى عنه ثقتان وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحَّح حديثَه هذا أبو حاتم الرازي كما يُفهم من كلامه الذي نقله عنه ابنه في "العلل"(688)، وصحَّحه كذلك ابن خزيمة (1892)، لكن صحَّح البخاريُّ وغيره أن تابعيَّه هو غُضيف بن الحارث، ويؤيده وروده من طريق أخرى بمعناه عن غُضيف بن الحارث كما سيأتي، والله أعلم.
وأخرجه أحمد 3/ (1701) عن يزيد بن هارون، عن جرير بن حازم، بهذا الإسناد. =
5235 -
أخبرني خَلَف بن محمد البُخاري، حدثنا محمد بن حُريث، حدثنا عمرو بن علي، سمعت يحيى بن سعيد يقول: مات أبو عُبيدة وهو ابن ثَمانٍ وخمسينَ سنةً
(1)
.
5236 -
أخبرنا أحمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدّمشقي، حدثنا الوليد بن مُسلم الدّمشقي، عن سعيد بن عبد العزيز، قال: مات أبو عُبيدة الجراح بالأردن سنة ثمانَ عشرةَ، وصلَّى عليه معاذُ بن جَبَل رضي الله عنهما
(2)
.
= وأخرجه أحمد (1690) و (1700) من طريق واصل مولى أبي عُيينة، عن بشار بن أبي سيف.
وأخرجه النسائي (2554) من طريق واصل، عن بشار مختصرًا بذكر الصوم.
وله طريق أخرى بمعناه عند البخاري في "الأدب المفرد"(491) من طريق سُليم بن عامر، عن غُضَيف بن الحارث، عن أبي عبيدة. وقد وقع في "الأدب المفرد" المطبوع: غطيف، بالطاء، لكن قول البخاري في "تاريخه الأوسط" 2/ 1014 يفيد أنه بالضاد المعجمة، لأنه قال: وقال الثوري في حديثه: غطيف بن الحارث، وهو وهمٌ. ونقل البيهقيُّ في "الكبرى" 9/ 171 عن البخاري أنَّ الصحيح غُضيف بن الحارث الشامي، هكذا ذكره بالضاد المعجمة. وجاء في رواية الخفاف عن البخاري "للتاريخ الأوسط" 2/ 1014 ما نصه: وقال الزُّبيدي: عن سُليم بن عامر، سمع غُضيفَ بن الحارث، عن أبي عُبيدة. وهذا إسناد "الأدب المفرد" نفسُه، ولفظُه في "الأدب المفرد": عن غضيف بن الحارث: أنَّ رجلًا أتى أبا عُبيدة بن الجراح وهو وجعٌ، فقال: كيف أمسى أجر الأمير؟ فقال: هل تدرون فيم تؤجرون به؟ فقال: بما يُصيبنا فيما نكرَهُ، فقال: إنما تؤجرون بما أنفقتم في سبيل الله، واستُنفِق لكم، ثم عدَّ أداة الرَّجُل كلّها حتى بلغ عِذارَ البِرذَون، ولكن هذا الوَصَبَ الذي يصيبُكم في أجسادكم يُكفّر الله به من خطاياكم.
وقوله: حِطَّة، أي: تَحُطُّ عنه خطاياه وذُنوبه.
(1)
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 489 من طريق أخرى عن أبي حفص عمرو بن علي الفلّاس من قوله هو لم يجاوزه. وشيخُ الفلّاس هنا هو يحيى بن سعيد القطانُ.
وهذا يكاد يكون مُجمعًا عليه بين أهل التاريخ في سنّ أبي عبيدة لدى وفاته كما في "تاريخ دمشق" 25/ 488 - 490، سوى ما حكاه ابن إسحاق أنه عاش إحدى وأربعين سنة، وهو شاذٌّ.
(2)
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(585).
5237 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا أبو أسامة، حدثنا عمر بن حمزة، حدثنا سالم بن عبد الله، أنَّ عبد الله بن عمر أخبرهم، أنَّ عمر بن الخطّاب قال: ما تَعرّضتُ للإمارة، وما أحببتُها، غير
(1)
أنَّ ناسًا من أهل نَجْرانَ أتَوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فاشتَكَوا إليه عامِلَهم، فقال:"لأبعثَنَّ عليكم الأمينَ"، قال عمرُ: فكنتُ فيمن تَطاوَل رجاءَ أن يَبعثَني، فبعثَ أبا عُبيدةَ
(2)
.
(1)
وقع في "تلخيص المستدرك" للذهبي: يشير، بدل قوله: غير، وكذلك رُسمت في (ز) و (ص) و (ب) لكن بدون إعجام، والمثبت على الصواب من "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (15604).
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عمر بن حمزة - وهو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب - ولحديثه هذا ما يشهد له كما سيأتي. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه مختصرًا بالمرفوع منه البزار (117)، وأبو يعلى (228)، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(749)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 19، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 101، وأبو الحسن الخِلَعي في "الخِلَعيات"(724)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 460 من طرق عن أبي أسامة حماد بن أسامة، به، بلفظ:"لكل أمةٍ أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجرّاح".
وأخرجه بطوله يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 488، وابن عساكر 25/ 458 - 459 و 459 من طريق عبد الرزاق بن عمر الدمشقي، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، به. وعبد الرزاق هذا متروك الحديث، فلا اعتداد بمتابعته هذه.
وأخرج القصة ابن عساكر 25/ 462 عن بلال بن يحيى العبسي الكوفي، عن عمر بن الخطاب.
ورجاله لا بأس بهم، لكنه منقطع لأنَّ بلالًا لم يُدرك عمر بن الخطاب.
وأخرجها أيضًا ابن إسحاق، كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 583، وابن المنذر في "تفسيره"(557)، وابن عساكر 25/ 462 حدَّثه محمد بن جعفر بن الزبير، فذكر نحو القصة، ورجاله لا بأس بهم كذلك لكنه منقطع أيضًا. ولكن بأي حال فالخبر صحيح بمجموع هذه الطرق الثلاثة غير طريق عبد الرزاق بن عمر. =
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5238 -
أخبرنا حمزة بن العباس، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البَلَدي، حدثنا الهيثَم بن جَميل، حدثنا المُبارك بن فَضَالة، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أصحابي أحدٌ إلَّا ولو شئتُ لأخذتُ عليه في بعضِ خُلُقِه، غيرَ أبي عُبيدة بن الجَرَّاح"
(1)
.
= وللمرفوع منه عن عمر بن الخطاب طرق أخرى، منها ما سيأتي برقم (5246)، وانظر تمام طرقه هناك.
ويشهد له مع القصة لكن دون تسمية عمر بن الخطاب فيه حديثُ حذيفة بن اليمان، عند أحمد 38/ (3377)، والبخاري (4380)، ومسلم (2420)، والنسائي (8142) و (8143). فذكر نحوه ثم قال: فاستشرف لها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"قم يا أبا عُبيدة بن الجراح". وانظر ما سيأتي برقم (5243).
ويشهد له كذلك لكن دون ذكر استشراف أحد من الصحابة حديث أنس الآتي برقم (5244).
وللمرفوع وحده شاهدٌ من حديث أبي بكر الصديق سيأتي برقم (5245).
ومن حديث عمر بن الخطاب سيأتي برقم (5246).
ومن حديث أنس بن مالك سيأتي برقم (5894).
وسيأتي كذلك عن عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم (6414)، لكن إسناده ضعيف.
(1)
حسنٌ لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسل وفيه عنعنة المبارك بن فضالة، لكن روي من غير وجهٍ عن الحسن - وهو البصري - فيبقى إرسالُه، وقد روي مثلُه من مرسل محمد بن المنكدر، ومن وجه ثالث عن سعيد بن عبد العزيز الدمشقي منقطعًا، ورجالهما ثقات، فيرتقي الخبر إلى درجة الحسن باجتماع هذه الطرق إن شاء الله.
وأخرجه أبو بكر الخلّال في "السنة"(345)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 473 من طريق وكيع بن الجراح عن المبارك بن فضالة به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 135 من طريق يونس بن عُبيد، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1283)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 11/ 488، وابن عساكر 25/ 473 من طريق زياد الأعلم، وأحمد في "الفضائل"(1283) من طريق حميد الطويل، ثلاثتهم عن الحسن البصري. =
هذا مرسلٌ غريب، ورواتُه ثقاتٌ.
5239 -
أخبرني علي بن المؤمَّل، حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن محمد العُثماني، حدثنا عمرو بن خالد، حدثني محمد بن يوسف بن ثابت، عن سهل بن سعد، قال: قال أبو بكر الصِّديق لأبي عُبيدة لما وجَّهَه إلى الشام: إني أُحب أن تَعلَمَ كرامتَك علَيَّ ومنزلتَك مِنّي، والذي نفسي بيدِه ما على الأرضِ رجلٌ من المهاجرين ولا غيرِهم أعدِلُه بك، ولا هذا - يعني عُمرَ - وله من المنزلةِ عندي إلَّا دون ما لك
(1)
.
5240 -
أخبرنا أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا إسحاق بن يحيى بن طلحة، حدثني عيسى بن طلحة، عن عائشة، قالت: حدثَني أبو بكر، قال: كنتُ في أولِ مَن فاءَ يومَ أُحُدٍ وبين يَدَي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ يُقاتِل عنه، وأُراه قال: ويَحميهِ
(2)
، قال: فقلت: كُن طَلحةَ حين فاتَني ما فاتَني، قال: وبيني وبين المَشرق رجلٌ لا أعرفُه، أنا أقربُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم منه، وهو يَخطِفُ السَّعِيَ خَطْفًا لا أَخطِفُه، فدَفَعْنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعًا، فإذا أبو عبيدة بن الجرّاح، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عليكم بصاحبِكم" يريد طلحةَ وقد نُزِفَ، فلم نَنظُر إليه، فأقبلْنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرادني
(3)
أبو عبيدة وطلب إليَّ، فلم يَزَلْ حتى تركتُه، وكان على
= وأخرج مثله ابن عساكر 25/ 473 من مرسل محمد بن المنكدر بسندٍ رجاله ثقات.
وأخرج مثله كذلك 25/ 473 عن سعيد بن عبد العزيز الدمشقي رفعه. وسعيد من تبع الأتباع، فهو معضل على ثقة رجاله.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة محمد بن يوسف بن ثابت وعمرو بن خالد: وهو ابن عاصم بن عمرو بن عثمان، كما وقع مُسمًّى عند الخبر المتقدم برقم (5229)، وقال الذهبي في "تلخيصه": سنده مظلم.
(2)
تحرَّف في (ز) و (ص) و (ب) إلى: ويَحملُه، وما أثبتناه من "الجهاد" لابن المبارك وغيره من مصادر تخريج الخبر.
(3)
تحرَّف في (ز) و (ص) إلى: مارادني، بالميم بدل الفاء، وفي (ب) إلى: ما أرادني. ومعنى فأرادني: راوَدَوني على الأمر وحَمَلَني عليه، من قولهم: أراد فلانًا على الأمر: إذا حمله عليه.
حَلْقَتِه قد نَشِبَت، وكَرِه أن يُزَعْزِعَها بيدِه فيشتكيَ
(1)
النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأزَمَّ عليه بثَنيّتِه، ونَهَضَ ونَزَعها، وابتَدَرَتْ ثَنيَّتُه، فطلب إليّ ولم يَدَعْني حتى تركتُه، فأكَارَ
(2)
على الأخرى، فصنع مثلَ ذلك، ونَزَعَها وابتَدَرَت، فكان أبو عبيدة أهْتَمَ الثَّنَايا
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5241 -
فحدَّثنا بشَرْح هذا الحديثِ أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحَسن، حدثنا الحُسين، حدثنا محمد بن عمر، حدثنا محمد بن صالح، عن يزيدَ بن رُومانَ، قال: أسلمَ أبو عُبيدة بنُ الجرّاح مع عثمانَ بن مَظْعُون وعبدِ الرحمن بن عَوف وأصحابِهم قبلَ دخول رسولِ الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقَم، وهاجَر أبو عُبيدة إلى أرضِ الحَبَشة الهِجرةَ الثانيةَ، وشهد أبو عُبيدة بدرًا وأُحُدًا، وثَبَت يوم أُحدٍ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انهزمَ الناسُ، وهو الذي نَزَع عن أبي بكر الصِّدّيق
(4)
بثنيَّتِه حَلْقَتَي مِغفَرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم اللتَين كانتا دخَلَتا في وَجنَتَيه يوم أُحد، وذلك أنَّه صلى الله عليه وسلم رُمي يومئذٍ في وجهه حتى دخلت في وَجْنتَيهِ حَلْقتانِ من المِغْفَر، فسقَطَتْ ثَنيّتا أبي عُبيدة بنَزْعه ذلك، فكان أبو عُبيدة أَثْرمَ
(5)
.
(1)
في نسخنا الخطية: فيشتد، والمثبت من "الجهاد" لابن المبارك، وهو أوجهُ.
(2)
في (ص): فأدار، والمثبت من (ز) و (ب) بمعنى: أقبل، ومنه: أكار على فلان يضربه: إذا أقبل.
(3)
إسناده ضعيف جدًّا كما تقدم بيانه برقم (4361).
وهو في "الجهاد" لابن المبارك (91)، ومن طريق ابن المبارك أخرجه الطيالسي (6)، وأبو نعيم في "الحلية" 8/ 174، وفي "معرفة الصحابة"(561)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 263، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 447.
على أنَّ ذكر إصابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ثابت كما تقدَّم بيانه في الموضع المحال إليه.
(4)
سقط من المطبوع عبارة: عن أبي بكر الصديق، والمعنى: نَزَعَ أبو عُبيدة متحمِّلًا عن أبي بكر الصديق العَنَاء بثنيته حلقتي المغفر من وجنتيه صلى الله عليه وسلم.
(5)
مَن فوق محمد بن عمر - وهو الواقدي - ثقات، لكن الخبر مرسل، ومَن دونه هم بعض مَن =
5242 -
حدثني أبو زُرعة الرازيّ، حدثنا عمرو بن إدريس الغَيْفي
(1)
بمصر، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نُصير، حدثنا أبو يحيى الوَقّار، سمعتُ عبد الله بن وهب يقول: كان نقشُ خاتم أبي عبيدة بن الجرّاح: الوفاءُ عزيز
(2)
.
= روى عن الواقدي كُتُبه، كما تقدَّم بيانه برقم (4060)، وقد تابعهم ابن سعد في "طبقاته" 3/ 379، لكنه فصَّل، فجعل قصة إسلام أبي عبيدة وأصحابِه من رواية يزيد بن رومان المرسلة، وقصة هجرة أبي عبيدة عن شيوخ الواقدي مُصدِّرًا إياها بعبارة: قالوا، وقصة شهود أبي عبيدة بدرًا وأحدًا وثبوته يوم أحد من قول الواقدي.
وقد أسند الواقديُّ في "مغازيه" 11/ 246 - 247 قصة انتزاع أبي عبيدة حلقتي المغفر من وجنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثنيّتيه، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة بإسناده الذي تقدَّم عند المصنف قبله، ثم قال الواقدي: ويقال: إنَّ الذي نزع الحلقتين من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عقبة بن وهب بن كَلَدة، ويقال: أبو اليَسَر. قال: وأثبتُ ذلك عندنا عقبة بن وهب بن كَلَدة.
لكن نقل ابن سعد في "طبقاته" 3/ 505 عن الواقدي قوله: قال عبد الرحمن بن أبي الزناد: نرى أنهما - يعني عقب بن وهب وأبا عُبيدة - جميعًا عالجاهما، فأخرجاهما - يعني الحلقتين - من وجنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم! فالله تعالى أعلم.
وقد ذكر ابن إسحاق أبا عبيدة بن الجراح فيمن هاجر الهجرتين إلى الحبشة الأولى والثانية كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 329 - 369. قال ابن سعد في "طبقاته" 3/ 379: لم يذكره موسى بن عقبة وأبو مَعشَر. يعني في مهاجرة الحبشة.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الضبعي، وإنما هو الغَيْفي، بغين معجمة مفتوحة وياء ساكنة بعدها فاء، نسبة إلى غَيْفة. انظر "الأنساب" للسمعاني.
(2)
أبو يحيى الوَقَّار - واسمه زكريا بن يحيى المصري - متروك مُتَّهم - وقد روي في نقش خاتم أبو عُبيدة بن الجرَّاح ما هو أصح من هذا من طرق مرسلة.
من ذلك ما أخرجه عبد الرزاق (1361)، وابن سعد 3/ 381، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 11/ 71 - 72، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (589) من طريق قتادة بن دعامة مرسلًا: أن نقش خاتم أبي عُبيدة بن الجَرَّاح: الخُمُس الله. ورجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/ 269 عن معتمر بن سليمان بن طَرْخان التيمي، عن أبيه مرسلًا مثل رواية قتادة: الخُمُس لله. ورجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 270 من طريق مجاهد بن جبر و 8/ 270 من طريق إبراهيم النخعي، =
5243 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن صِلةَ بن زُفَر، عن عبد الله بن مسعود، قال: جاء العاقِبُ والسَّيّد صاحبا نَجْرانَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يُريدان أن يُلاعِناهُ، فقال أحدُهما لصاحبِه: لا تَفعلْ، فو اللهِ لئن كان نبيًّا فلَعَنَنا لا نُفلِحُ
(1)
نحنُ ولا عَقِبُنا مِن بعدِنا، فقالا: بل نُعطِيك ما سألتَ، وابعثْ معنا رجلًا أمينًا حقَّ أمينٍ، قال: فاستشرفَ لها أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"قُم يا أبا عُبيدةَ بن الجرَّاح"، فلما قَفَّى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذا أَمينُ هذه الأُمّة"
(2)
.
= كلاهما أرسله: أنَّ نقش خاتم أبي عبيدة: الحمدُ لله. ورجاله ثقات. وهذا أصح، ولفظ الخمس لا معنى له، والله أعلم.
(1)
في (ز) و (ب): نصلُح، مصحَّحًا عليه في (ز)، ومكانها في (ص) بياض، والمثبت من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وفاقًا لسائر مصادر تخريج الحديث.
(2)
إسناده صحيح، وقد اختُلف فيه على إسرائيل - وهو ابن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السَّبيعي - في تعيين صحابي الحديث، فبعضهم يذكر فيه عبد الله بن مسعود، وبعضهم يذكر فيه حذيفةَ بن اليمان، كما اختلف فيه كذلك على أبي إسحاق - وهو السَّبيعي جدّ إسرائيل - ومثل هذا الاختلاف لا يضر بصحة الحديث، فمهما دار الحديثُ كان على صحابيٍّ. ولا يبعد أن يسمعه صلةُ من كليهما، والله تعالى أعلم.
وأخرجه أحمد 7/ (3930) عن أسود بن عامر وخلف بن الوليد، والنسائي (8140) من طريق القاسم بن يزيد الجَرْمي، ثلاثتهم عن إسرائيل، به.
وأخرجه البخاري (4380) عن عباس بن الحسين، عن يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن جده أبي إسحاق، عن صلة بن زُفر، عن حذيفة. كذا رواه عباس بن الحسين عن يحيى بن آدم خلافًا لرواية الحسن بن علي العامري عن يحيى بن آدم، إذ سمى الصحابي حذيفة، وقد تابع يحيى بن آدم على ذكر حذيفة بن اليمان عبدُ الله بنُ رجاء عند عمر بن شَبّة في "تاريخ المدينة" 2/ 584.
وأخرجه دون قصة الملاعنة أحمد 38/ (23272) و (23407)، ومسلم (2420)، وابن ماجه (135)، والترمذي (3796)، والنسائي (8141) من طريق سفيان الثوري، وأحمد (23377) و (23397)، والبخاري (3745) و (4381) و (7254)، ومسلم (2420)، وابن ماجه (135)، والنسائي (8142) و (8143)، وابن حبان (6999) من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن =
قد اتفق الشيخان على إخراج هذا الحديث مختصرًا في "الصحيحين" من حَديث الثَّوري وشعبة عن أبي إسحاقَ عن صِلَة بن زُفَر عن حذيفة، وقد خالفَهما إسرائيلُ فقال: عن صِلَة عن عبد الله، وساق الحديثَ أتمَّ
(1)
ممّا عند الثَّوري وشعبة، فأخرجتُه لأنه على شرطهما صحيحٌ.
5244 -
أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس: أنَّ أهل اليمن قَدِموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ابعَثْ معنا رجلًا يُعلّمُنا القرآنَ، فأخذ بيدِ أبي عُبيدةَ فأرسله
(2)
معهم، وقال:"هذا أمينُ هذه الأُمّة"
(3)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بذِكْر القُرآنِ.
5245 -
أخبرنا أبو عمرو بن إسماعيل، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا زياد بن أيوب، حدثنا محمد بن فُضيل، حدثنا إسماعيل بن سُمَيع، عن مُسلم البَطين، عن أبي البَختَري، قال: قال أبو بكر الصِّدّيق لأبي عُبيدةَ: هلُمَّ
(4)
أُبايِعْك، فإني سمعتُ
= أبي إسحاق، عن صلة بن زُفر، عن حذيفة. فذكرا حذيفة بدل ابن مسعود.
وأخرجه مختصرًا بالمرفوع آخره ابن ماجه (136) عن علي بن محمد، عن يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زُفر، عن عبد الله بن مسعود.
(1)
هو عند البخاري بذكر حذيفة بن اليمان بدل ابن مسعود وسياقُه تامٌّ كذلك.
(2)
في (ز) و (ص) و (ب): فأرسل، والمثبت من "تلخيص المستدرك" للذهبي وهو أَوجهُ.
(3)
إسناده صحيح. ثابت: هو ابنُ أسلم البُناني.
وأخرجه أحمد 19/ (2261) و (12481) و 20/ (12789) و (13217) و 21/ (14048)، ومسلم (2419) من طرق عن حماد بن سلمة، به. ولفظ أحمد في الموضع الرابع: يعلمنا كتاب ربنا والسنة، ولفظ أحمد في الموضع الخامس ومسلم: يعلمنا السنة والإسلام، وأُطلق في سائر المواضع فقيل: يُعلّمنا.
(4)
في النسخ الخطية: هل، والمثبت من "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (6706)، وهو أوجَهُ، وهَلُمَّ معناها: تَعالَ.
رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنك أَمِينُ هذه الأُمّة"، فقال أبو عُبيدة: كيف أُصلِّي بين يَدَي رجلٍ أمَرَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يَؤمَّنا حتى
(1)
قُبِضَ
(2)
.
(1)
في (ز) و (ب): حين، والمثبت من (ص) و"تلخيص المستدرك" للذهبي، وهو الجادّة.
(2)
خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل كما أشار إليه الذهبي في "تلخيصه"، لأنَّ أبا البَخْتَري - واسمه سعيد بن فيروز - لم يدرك أبا بكر ولا أبا عُبيدة، وربما ذُكر في هذا الخبر عمر بن الخطاب، بدلًا من أبي بكر الصديق، وقال ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 463: المحفوظُ أبو بكر. قلنا: على كلٍّ فمثل هذا الاختلاف لا يَضرُّ، فيبقى الشأنُ في إرساله، لكن ينجبر إرسالُه بوروده من وجه آخر مرسلٍ فباجتماعهما يصح الخبر إن شاء الله تعالى، وعلى أنَّ مرفوعه صحيح مشهور. محمد بن إسحاق: هو ابن خزيمة.
وأخرجه أبو طاهر المخلِّص في "المخلصيات"(2806)، ومن طريقه ابن عساكر 25/ 463 عن يحيى بن محمد بن صاعد، عن زياد بن أيوب، بهذا الإسناد. لكنه ذكر عمر بن الخطاب بدل أبي بكر الصديق. قال ابن عساكر: كذا قال عمر، والمحفوظ أبو بكر. ثم احتجَّ ابن عساكر لذلك برواية أبي بكر بن عياش عن إسماعيل بن سُميع التي ذكر فيها أبا بكر الصديق، وسيأتي تخريجها، وما عند المصنف هنا كذلك حجةٌ لصحة قوله.
على أنَّ أحمد قد أخرجه 1/ (233) عن محمد بن فضيل، به، فذكر عمر بن الخطاب بدل أبي بكر.
وأخرجه أبو طاهر المخلِّص (2360)، ومن طريقه ابن عساكر 25/ 463 من طريق أبي بكر بن عياش، عن إسماعيل بن سُميع، عن مسلم البَطين - لم يجاوزه - قال: بعث أبو بكر إلى أبي عُبيدة
…
فذكره، فذكر أبا بكر الصديق، لكنه أسقط من الإسناد ذكر أبي البختري.
وأخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر الصديق"(128)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(29)، وابن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة"(168)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 267، وفي "فضائل الخلفاء الراشدين"(120) و (186)، وابنُ عساكر 25/ 463 من طريق مروان بن معاوية، عن إسماعيل بن سُميع، عن علي بن أبي كثير: أنَّ أبا بكر قال لأبي عُبيدة
…
فذكره، فذكر أبا بكر الصديق، وعلي بن أبي كثير هذا تابعي ثقة، ومن دونه ثقات، فهو مرسلٌ صحيح الإسناد، وكأنَّ إسماعيل بن سُميع سمع هذا الخبر من مسلم البَطين يرويه عن أبي البَخْتري، وسمعه كذلك من علي بن أبي كثير، فله فيه إسنادان مرسلان.
وقد رُوي مثل هذا الخبر عن عمر بن الخطاب أيضًا، لكن من مرسل إبراهيم بن يزيد التَّيمي =
صحيحٌ الإسناد، ولم يُخرجاه.
5246 -
أخبرني محمد بن يعقوب المُقرئ، حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا كَثير بن هشام، حدثنا جعفر بن بُرْقَان، حدثنا ثابت بن الحجَّاج، قال: بلغَني أنَّ عُمر بن الخطاب قال: لو أدركتُ أبا عُبيدة بن الجَرّاح، لاستَخلفْتُه وما شاورتُه، فإن سُئِلتُ عنه قلتُ: استَخلفْتُ أمينَ الله وأمينَ رسوله الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
= بسند صحيح إليه عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 166، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 579، وابن عساكر 30/ 273، وابنِ الجوزي في "المنتظم" 4/ 66.
وأخرج ابن سعد 3/ 166، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 14/ 570، والبلاذُري 1/ 579 عن محمد بن سيرين مرسلًا كذلك قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم أتوا أبا عُبيدة، فقال: أتأتوني وفيكم ثالث ثلاثة؟! يعني أبا بكر. قال ابن عون: قلت: لمحمد: ما ثالث ثلاثة؟ قال: ألم تر إلى تلك الآية: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} . وإسناده إلى ابن سيرين ثقات.
وقد جاء في حديث عائشة في ذكر وفاة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وبيعة أبي بكر الصِّدّيق يوم السَّقيفة: أنَّ أبا بكر قال للناس: بايِعُوا عمرَ أو أبا عبيدة بن الجراح
…
أخرجه البخاري (3668).
(1)
خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسلٌ لأنَّ ثابت بن الحجاج لم يدرك عمر بن الخطاب، وقد رُوي هذا عن عمر من وجوهٍ عدة بعضها موصولٌ يصح الخبر بها بلا ريب.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 382، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 461، وأخرجه كذلك أحمد في "فضائل الصحابة"(1285) كلاهما عن كثير بن هشام، بهذا الإسناد.
وأخرجه موصولًا عمر بن شبّة في "تاريخ المدينة" 3/ 886، وأبو بكر الإسماعيلي كما في "مسند الفاروق" لابن كثير (982)، والهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده"(617) - ومن طريقه ابن عساكر 16/ 240 - 241، وابنُ العديم في "بغية الطلب في تاريخ حلب" 7/ 3123 - وأبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز في "حديثه عن شيوخه" ضمن مجموع فيه عشرة أجزاء حديثية بتحقيق نبيل جرار (50) من طريق ضمرة بن ربيعة، عن يحيى بن أبي عمرو السَّيباني - بالسين المهملة - عن أبي العَجْفاء هرِم بن نسيب السُّلمي، قال: قيل لعمر: يا أمير المؤمنين لو عَهِدتَ؟ قال: لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح لولّيتُه، فإن قدمتُ على ربّي فقال لي: =
5247 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا زياد بن الخليل، حدثنا سهل بن بَكّار، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن سُهيل، عن أبيه، عن أبي هُريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"نِعمَ الرجلُ أبو بكر، نِعمَ الرجلُ عمرُ، نِعمَ الرجلُ أبو عُبيدة بن الجرَّاح، نِعمَ الرجلُ أُسَيدُ بن حُضَير، نِعمَ الرجلُ ثابتُ بنُ قَيس، نِعمَ الرجلُ مُعاذُ بن جَبَل، نِعمَ الرجلُ معاذُ بن عَمرو بن الجَمُوح"
(1)
.
= من ولّيتَ على أمة محمد؟ قلت: سمعتُ عبدك وخليلك صلى الله عليه وسلم يقول -: "لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجرّاح". وحسَّن إسنادَه ابن كثير.
وأخرجه أحمد 1/ (108)، ومن طريق ابن عساكر 25/ 460 - 461 من طريق شُريح بن عبيد وراشد بن سعد وغيرهما مرسلًا، قالوا: لما بلغ عمرُ بنُ الخطاب سَرْغَ حُدِّث أنَّ بالشام وباءً شديدًا، قال: بلغني أن شدة الوباء في الشام، فقلت: إن أدركني أجلي وأبو عبيدة بن الجرَّاح حيٌّ استخلفته، فإن سألني الله
…
فذكره. ورجاله ثقات، غير أنه مرسل.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 382، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1287)، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 886، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 11/ 72، وابن عساكر 58/ 404 من طريق شهر بن حوشب، عن عمر بن الخطاب مرسلًا.
وأخرجه مختصرًا دون المرفوع ابن سعد 3/ 343، وابن أبي شيبة 12/ 136، والبلاذُري في 11/ 70، والطبري في "تاريخه" 4/ 227، وأبو بكر الخلال في "السنة"(344) عن إبراهيم بن يزيد النخعي مرسلًا، قال: قال عمر: مَن أستخلِفُ؟ لو كان أبو عبيدةُ بن الجرّاح.
وأخرجه مختصرًا بالمرفوع الآجرّي في "الشريعة"(1793)، والطبراني في "الأوسط"(866)، وأبو نُعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"(122)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 12/ 391 من طريق الجراح بن المنهال، عن حبيب بن نجيح، عن عبد الرحمن بن غَنْم، عن عبد الله بن أرقم، عن عمر بن الخطاب. وإسناده ضعيف لضعف الجراح وجهالة حبيب.
وأخرجه كذلك البخاري في "تاريخه الكبير" 6/ 445 تعليقًا عن شيخه أحمد بن صالح المصري، عن ابن وهب، عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب الزهري، عن عمر بن الخطاب مرسلًا. ورجاله ثقات لولا أنه مرسل.
وانظر ما تقدَّم برقم (5237).
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قويّ من أجل زياد بن الخليل - وهو التُّستَري - وقد توبع كما =
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5248 -
حدثنا بَكر بن محمد الصَّيرفي، حدثنا أبو قِلَابة، حدثنا أبو رَبيعة فَهْد بن عوف، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم آخَى بين أبي طَلْحة وبين أبي عُبيدة
(1)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب أحد الفُقهاء السِّتة من الصحابة معاذ بن جَبَل رضي الله عنه
-
5249 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، في تَسمية من شهد العَقَبة: مُعاذ بن جَبَل بن عَمرو بن أَوس بن عائذ بن عَدي بن كعب بن غَنْم بن سعد بن عليّ بن أسَد بن سارِدةَ بن تَزِيد
(2)
بن جُشَم، وكان في بني سَلِمَة، شهدَ بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمَشاهِدَ كلَّها، ومات بعَمَوَاس عام الطاعُون بالشام في خِلافة عُمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإنما ادَّعتُه بنو سَلِمة لأنه كان آخَى رجلًا منهم
(3)
.
= تقدَّم برقم (5102). سُهيل: هو ابن أبي صالح ذكوان السمَّان.
وسيأتي ذكر أُسيد بن حُضير مفردًا برقم (5345) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن سهيل بن أبي صالح.
(1)
حديث صحيح، وأبو ربيعة فهد بن عوف - وإن كانوا قد تركوه كما قال الذهبي في "تلخيصه" - لم ينفرد به، فقد حمله عن حماد بن سلمة غير واحدٍ من الثقات. ثابت: هو ابن أسلم البُناني، وأبو قِلَابة: هو عبد الملك بن محمد الرّقَاشي.
وأخرجه أحمد 20/ (12545)، ومسلم (2528) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن حماد بن سلمة، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وسيأتي برقم (5606) من طريق محمد بن غالب عن فهد بن عوف.
(2)
بالتاء المثناة، كما ضبطه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 1/ 180 وغيره.
(3)
وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 463 - 464 غير أنه قال: ادَّعته بنو سلمة لأنه كان =
5250 -
سمعت أبا العباس، سمعت العباس، سمعت يحيى بن مَعِين يقول: كُنْية معاذ بن جَبَل أبو عبد الرحمن
(1)
.
5251 -
أخبرني عبد الله بن جعفر
(2)
الفارسي، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا ابن بُكَير، سمعتُ مالك بن أنس يقول: إنَّ مُعاذ بن جَبَل هَلَك وهو ابن ثمانٍ وعشرين سنةً، وهو أمامَ العُلماء برَتْوةٍ
(3)
.
= أخا سهل بن محمد بن الجد بن قيس بن صخرة لأمِّه. وكذلك جاء في سائر الروايات عن محمد بن إسحاق، وكذلك جاء في رواية رضوان بن أحمد الصيدلاني عن أحمد بن عبد الجبار عند ابن عساكر 58/ 395، فما جاء عند المصنف هنا غريبٌ.
وزاد سائر أصحاب ابن إسحاق في نسب معاذ بن جبل أُدَيًّا قبل سعد، وهو قول ابن الكلبي وشَبَاب وموسى بن عُقبة فيما قاله ابن عساكر 58/ 393، فهو المعروف في نَسبِه. واختُلف في غَنْم، فذكر ابن هشام في "السيرة النبوية" 1/ 463 عن زياد البكائي عن ابن إسحاق بدلًا من غَنْم عَمْرًا. وربما ذكر عديًا بدله، والمعروف في هذا النسب عَمْرو، وأسقط سائرُ أصحاب ابن إسحاق اسمَ هذا الرجل من هذا النسب، والصحيح ذكرُه.
(1)
وهو في "التاريخ" لابن معين برواية العباس - وهو ابن محمد الدُّوْري - برقم (112).
(2)
وقع في نسخنا الخطية: عبد الله بن يعقوب الفارسي، وهو خطأ صوّبناه من سائر روايات المصنف عن هذا الشيخ، وهو عبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسي، راويةُ كتاب "المعرفة والتاريخ" ليعقوب بن سفيان.
(3)
وهو كذلك عند ابن عساكر 58/ 457 - 458 من طريق أبي الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان، عن عبد الله بن جعفر الفارسي، به.
وسيأتي برقم (5256) من طريق يعقوب بن إبراهيم عن يحيى بن بكير.
وأخرجه كذلك الطبراني في "الكبير" 20/ (40) عن أبي الزنباع روح بن الفرج، عن يحيى بن بُكَير، به. غير أنه قال في آخره: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "معاذ بن جبل أمام العلماء برتوة يوم القيامة".
قال الذهبي في "تلخيص المستدرك" متعقبًا رواية المصنف: هذا غلطٌ فإنه شهد بدرًا وعاش بعدها ستة عشر سنة، والصواب ما قال موسى بن عقبة: معاذ بن جبل بن عمرو أحد بني سلمة بن الخزرج، مات في طاعون عمواس وهو ابن ثمان وثلاثين سنة. قلنا: سيأتي قول موسى برقم (5253). =
5252 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهيعة، عن أبي الأسود، عن عُروة، قال: معاذُ بن جَبَل بن عَمرو بن عائذ بن عَدِي بن كعب بن غَنْم بن أُدَيّ بن سعد بن عليّ
(1)
بن أسَد بن سارِدةَ بن تَزِيد بن جُشَم، شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
5253 -
أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل، حدثنا جَدّي، حدثنا إبراهيم الحِزامي، حدثني محمد بن فُليح، عن موسى بن عُقبة، قال: معاذُ بن جَبَل بن عمرو أحد بني سَلِمَة بن الخَزْرج، يُكنى أبا عبد الرحمن، مات سنة ثمانَ عشرةَ في طاعُون عَمَواسٍ، وهو ابن ثَمانٍ وثلاثين سنة
(3)
.
= على أن يحيى بن سعيد الأنصاري قد وافق مالكًا على سنّ معاذ يوم مات كما سيأتي برقم (5255)، وكأنَّ مالكًا أخذه عن يحيى.
وقوله: برَتْوة، معناها: الخُطوة، أو برَمْية.
وأصل مقالة مالك بن أنس هذه ما رواه عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 886 وغيرُه كما تقدم تخريجه عند الحديث (5246) من طريق أبي العَجْفاء عن عمر بن الخطاب، قال:
…
ولو أدركت معاذ بن جبل ثم ولّيتُه، ثم قدمتُ على ربِّي فقال لي: من ولَّيتَ على أمة محمد؟ قلتُ: إني سمعت عبدك وخليلك صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي بين يدي العلماء يوم القيامة برَتْوة". وإسناده صحيح، ورُوي نحوه من عدة طرق مرسلة.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: عدي، بالدال، والصواب ما أثبتناه وفاقًا لما قاله أهل النسب والسيرة.
(2)
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (35) - وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5941) - عن أبي عُلَاثة محمد بن عمرو بن خالد الحرّاني، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 58/ 395 من طريق يعقوب بن سفيان، عن عمرو بن خالد الحرَّاني وحسان بن عبد الله وعثمان بن صالح، عن ابن لَهِيعة - وهو عبد الله - به.
أبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل المعروف بيتيم عروة، سمّي بذلك لأنَّ أباه أوصى به إلى عروة بن الزبير، فسمي لذلك يتيم عُروة.
(3)
هذا هو الصحيح في وفاة معاذ بن جبل كما قال الذهبي في "تلخيصه" عند الأثر المتقدم برقم (5251)، غير أن إطلاق القول بأنه من بني سَلِمة بن الخزرج خطأ، لأنه ليس من ولد =
5254 -
فحدّثنا محمد بن الحسن، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجّاج بن مِنْهال، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المُسيّب، قال: رُفع عيسى ابن مريم وهو ابن ثلاثٍ وثلاثين سنة، ومات معاذُ بن جَبَل وهو ابن ثلاثٍ وثلاثين سنة
(1)
.
5255 -
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا السَّرِيّ بن خُزَيمة، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عُمارة بن غَزِيّة، أنه أخبره عن يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: تُوفي معاذُ بن جَبَل وهو ابن ثَمانٍ وعشرين سنة، والذي يَرفَعُ
(2)
في سِنِّه أنه ابن ثِنتَين وثلاثين
(3)
.
= سَلِمة من صُلبه، إنما هو من ولد أُدَيّ أخي سَلِمة، ثم ادّعته بنو سَلِمة كما تقدِّم في قول ابن إسحاق برقم (5249). وإنما أخذه موسى بن عقبة من الزهري كما في "معجم الصحابة" للبغوي 5/ 265 حيث ذكر نسب معاذ بن جبل، فقال: من بني سَوَاد بن غَنْم بن كعب بن سَلِمة، وهو خلاف قول غيره من أهل النسب وأرباب المغازي والسير.
وممّن وافق موسى بن عقبة على قوله هنا في سن معاذ بن جبل وسنة وفاته والموضع الذي توفي فيه محمدُ بنُ عمر الواقدي حيث أسند ذلك بسندين له كما في "طبقات ابن سعد" 3/ 545. وهو قول خليفة بن خياط وابن أبي خيثمة وغيرهما كما في "تاريخ دمشق" 58/ 386 - 392.
(1)
إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد: وهو ابن جُدعان.
وأخرجه ابن سعد 3/ 546 و 9/ 393، وأحمد في "العلل" برواية ابنه عبد الله (1100)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1826)، ومحمد بن خلف وكيعٌ في "أخبار القضاة" 1/ 100، وأبو بكر الدِّينوري في "المجالسة"(2833)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5945)، وابن عساكر 47/ 484 و 58/ 458 من طرق عن حماد بن سلمة، به.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" 5/ 278، والطبراني 20/ (42)، وأبو نعيم في "المعرفة"(5944)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 652، وابن عساكر 58/ 458 و 458 - 459 من طريق هُشَيم بن بشير، عن علي بن زيد، به. غير أنه قال: ابن ثلاث أو أربع وثلاثين سنة.
(2)
أي: الذي يزيد في سنِّه يقول: مات ابن ثنتين وثلاثين.
(3)
وأخرجه ابن حبان في "الثقات" 3/ 369، والطبراني في "الكبير" 20/ (38)، وأبو نعيم في =
5256 -
أخبرني أبو الحسين بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثني يحيى بن بُكَير، سمعتُ مالك بن أنس يقول: إنَّ معاذَ بنَ جبل هَلَك وهو ابن ثمانٍ وعشرين، وهو أمام العُلماءِ رَتْوةً
(1)
.
5257 -
أخبرني محمد بن المُؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا إبراهيم، عن يحيى بن سعيد، قال: قُبض معاذُ بن جبل وهو ابن ثلاث أو أربع وثلاثين سنة
(2)
.
هذا القولُ من يحيى بن سعيد أقربُ إلى الصحة من الذي تَقدَّم!
5258 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني مالك بن أنس، عن أبي حازم بن دينار، عن أبي إدريس الخَوْلاني، قال: دخلتُ مسجدَ دمشقَ، فإذا أنا برجُل بَرّاقِ الثَّنايا، طويلِ الصَّمت، وإذا الناسُ معه إذا اختلفُوا في شيءٍ أسنَدُوه إليه، وصَدَرُوا عن رأيِه، فسألتُ عنه، فقيل: معاذُ بنُ جَبَل
(3)
.
= "معرفة الصحابة"(5946)، وابن عساكر 58/ 457 من طرق عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني 20/ (39)، ومن طريقه ابن عساكر 58/ 457 من طريق عبد الله بن لَهِيعة، عن عُمارة بن غَزيّة، به.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 405، ومن طريقه ابن عساكر 58/ 388 و 457 من
طريق سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد الأنصاري.
وسيأتي عن يحيى بن سعيد الأنصاري لاحقًا قولٌ آخر في سن معاذ يوم قُبض، وما هنا عنه أصحُّ.
(1)
تقدم برقم (5251) من طريق أخرى عن ابن بُكَير.
(2)
تقدَّم عن يحيى بن سعيد الأنصاري قريبًا: أن معاذًا يومَ توفي كان ابن ثمان وعشرين، وهو الصحيح المشهور عنه. أما إبراهيم الراوي عن يحيى هنا فلم نتبيّنه.
(3)
رجاله ثقات، لكن اختُلف في سماع أبي إدريس الخولاني - وهو عائد الله بن عبد الله - من معاذ بن جبل كما سيأتي بيانه عند الرواية (7502) حيث روى المصنف الحديث هناك تامًّا وأورد طُرقه. =
5259 -
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا الثَّقَفي، حدثنا علي بن سعيد بغدادي
(1)
، حدثنا ضَمْرة، عن يعقوب بن عطاء، عن أبيه، قال: قبرُ معاذ بن جَبَل بقَصْر خالد
(2)
.
5260 -
حدثني علي بن حَمْشَاذَ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي،
= وقوله: برّاق الثنايا، وصف ثناياه بالحسن والصفاء، وأنها تلمع إذا تبسّم كالبرق، وأراد صفة وجهه بالبشر والطلاقة.
وقوله: أسندوه إليه، معناه: رفعُوه إليه وأوكلوه به ثقةً منهم به.
وصدَرُوا عن رأيه: فعلوا ما يأمرهم به ونفَّذوا ما يُشير به عليهم.
(1)
في (ص): بعردي، وهو تحريف.
(2)
وأخرجه ابن سعد 7/ 389، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 11/ 462 عن علي بن المتوكّل، وابن عساكر 25/ 491 من طريق محمد بن أبي أسامة، كلاهما عن ضَمْرة بن ربيعة، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، وقالا: قُصير خالد، مصغرًا، بدل قصر خالد، وهو المعروف في اسم البُقعة أنه بالتصغير كما سيأتي، وقد سمّيا شيخ ضمرة عثمان بن عطاء بدل يعقوب بن عطاء، وهذا هو الصحيح، فإنَّ المعروف أن ضمرة بن ربيعة يروي عن عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخُراساني، ولا يروي عن يعقوب بن عطاء بن أبي رباح، وضمرة وعثمان بن عطاء نزلا فلسطين.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1825)، وأبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" ص 218 - 219 - ومن طريقه ابن عساكر 58/ 457 - من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم الملقب بدُحَيم، عن ضمرة بن ربيعة من قوله لم يجاوزه، قال: توفي معاذ بن جبل بقُصير خالد من أرض الأردن.
وقُصير خالد هذا سُمِّي هنا في رواية عطاء بن أبي مسلم الخراساني هكذا قصير خالد، وسمّاه ياقوت الحموي في "معجم البلدان" وغيرُه: قُصير مُعين الدين، وبعضهم يقول: القُصير المُعيني، منسوبًا، وكأنه تغيّر اسمُه بعد ذلك من قصير خالد إلى قصير معين الدين، والله أعلم. ويؤيده قول أبي الفداء الملك المؤيد صاحب حماة في كتابه "المختصر في أخبار البشر" 3/ 22، حيث قال في أحداث سنة أربع وأربعين وخمس مئة: وفيها توفي مُعين الدين أُنُر صاحب دمشق، وإليه ينسب قصير مُعين الدين الذي في الغور. قلنا: يعني غورَ الأردن، وهذه المنطقة المذكورة تسمى الآن بالشُّونة الشَّمالية.
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزُّهْري، عن ابن كعب بن مالك، قال: كان معاذُ بن جَبَل شابًا جميلًا سَمْحًا من خير شَبابِ قَومِه، لا يُسأل شيئًا إلَّا أعطاهُ، حتى ادَّانَ دَينًا أغلَقَ مالَه
(1)
.
5261 -
أخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، عن الحارث بن يعقوب، عن قيس بن رافع، عن عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير، عن عبد الله بن عمرو: أنه مرَّ بمعاذ بن جَبَل وهو قائم على بابِه يُشير بيدِه، كأنه يُحدَّث نفسَه، فقال له عبد الله: ما شأنُك يا أبا عبد الرحمن، كأنك تُحدِّث نفسَك؟
(2)
5262 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوة، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يستخلفُ معاذَ بن جبل على أهل مكة حين خرج إلى حُنين، وأمَره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يَعلِّم الناسَ القرآنَ، وأن يُفَقَّهوا في الدِّين، ثم صَدَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامَه إلى المدينة، وخَلَّف معاذَ بنَ جَبَل على أهل مَكّة
(3)
.
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد فيه مقال كما تقدَّم بيانه برقم (2379).
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (44)، وعنه أبو نُعيم في "الحلية" 1/ 23 عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده حسن من أجل قيس بن رافع. وقد تقدَّم عند المصنف برقم (861) و (2481).
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم كما تقدَّم بيانه برقم (4378)، لكنه مُرسَل، غير أنه وإن كان كذلك رُوي من غير وجهٍ مرسل، فالخبر صحيح إن شاء الله.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 201 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
ويشهد له مُرسَلُ موسى بن عُقبة عند البيهقي في "الدلائل" 5/ 201. ورجاله ثقات.
ومرسل محمد بن إسحاق كما في "السيرة النبوية" لابن هشام 2/ 500. ورجاله لا بأس بهم.
ورُوي أيضًا من مرسل مجاهد عند ابن سعد 2/ 300، وإسناده إليه ضعيف، غير أنه يصلح للاعتبار. =
5263 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا شاذُّ بن الفَيّاض، حدثنا أبو قَحْذَمٍ النَّضْر بن مَعبَد، عن أبي قِلَابة، عن ابن عمر، قال: مَرّ عمرُ بمعاذِ بن جَبَل وهو يَبكي، فقال: ما يُبكِيكَ؟ فقال: حديثٌ سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أدنَى الرِّياء شِركٌ، وأحبَّ العَبيد إلى الله تبارك وتعالى الأتقياءُ الأخفِياءُ، الذين إذا غابُوا لم يُفتَقَدوا، وإذا شَهِدوا لم يُعرَفوا، أولئك أئمةُ الهُدى ومَصابيحُ العِلم"
(1)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5264 -
أخبرنا أبو نُعيم محمد بن عبد الرحمن بن نَصْر الغِفاري بمَرُو، حدثنا عَبْدان بن محمد بن عيسى الحافظ، حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، عن مُعاوية بن صالح، عن رَبيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخَوْلاني، عن يزيد بن عَمِيرة، قال: لما حَضَرَ معاذَ بنَ جَبَل الموتُ قيل له: أَوصِنا يا أبا عبد الرحمن، قال: أجلسوني، فإنَّ العلمَ والإيمانَ مكانَهما، مَن ابتَغاهُما وَجَدَهُما - يقول ذلك ثلاثَ مَرّات - فالتمِسُوا
= ويُحمل ما جاء في حديث ابن كعب بن مالك المتقدم مختصرًا برقم (2379) و (5260) حيث جاء في بعض طرقه: أنه صلى الله عليه وسلم أرسل معاذ بن جبل إلى اليمن بعد أن حَجَر على ماله بعد فتح مكة، وأنه لم يَزَل بها حتى تُوفي، ومثلُه ما جاء في بعض روايات حديث جابر بن عبد الله الآتي برقم (5276) أنَّ ذلك كان بعد فتح مكة بمدةٍ حتى انتهى صلى الله عليه وسلم من حُنين، فيحمل على أنَّ إرساله لمعاذ كان بعد الفتح وبعد حنين، بل جاء في روايةٍ لابن كعب بن مالك: أنَّ بعثة معاذ لليمن كانت بعد حجة الوداع، فهذا يؤيد صحة الجمع، وأنه لا تعارض، والله تعالى أعلم. وانظر "دلائل النبوة" للبيهقي 5/ 406 - 408.
(1)
حديث حسن إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف بمرةٍ كما تقدَّم بيانه برقم (4).
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(4950)، وفي "الكبير" 20/ (53)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 24، وأبو نُعيم في "حلية الأولياء" 1/ 15، وفي "معرفة الصحابة"(5959)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1298)، والبيهقي في "الزهد"(195) من طرق عن شادّ بن الفيّاض، بهذا الإسناد.
وانظر ما سيأتي برقم (8131).
العلمَ عند أربعةٍ: عند عُويمِر أبي الدَّرْداء، وعند سلمان الفارسي، وعند عبد الله بن مسعود، وعند عبد الله بن سَلَام الذي كان يهوديًا فأسلم، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إنه عاشرُ عَشَرةٍ في الجنة"
(1)
.
5265 -
حدثنا الحُسين بن علي، حدثنا محمد بن المسيَّب، حدثنا يوسف بن سعيد المِصِّيصي، حدثني عُبيد بن تَميم، حدثنا الأوزاعي، عن عُبادة بن نُسَيّ، عن ابن غَنْم، سمعتُ أبا عُبيدة وعُبادة بن الصامت، ونحن عند أبي عُبيدة، يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "معاذُ بنُ جَبَل أعلمُ الأوّلِين والآخِرين بعد النَّبيِّين والمُرسَلين، وإِنَّ الله يُباهي به الملائكةَ"
(2)
.
5266 -
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا المُؤمَّل بن الحَسن، حدثنا الحسن بن محمد الزَّعْفراني، حدثنا ابن عُلَيّة، عن أيوب، عن حُميد بن هلال: أنَّ معاذُ بن جَبَل تَفَلَ عن يمينه، ثم قال: ما فعلتُ هذا منذ أسلمتُ وصَحِبتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(3)
.
(1)
إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وأبو إدريس الخَولاني: هو عائذ الله بن عبد الله.
وأخرجه أحمد 36/ (22104)، والترمذي (3804)، والنسائي (8196) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وقد تقدَّم عند المصنف برقم (338) من طريقين آخرين عن معاوية بن صالح.
وسيأتي برقم (5867) من طريق يحيى بن عبد الله بن بُكَير عن الليث بن سعد.
(2)
قال الذهبي في "تلخيص المستدرك": أحسبه موضوعًا، ولا أعرف عُبيدًا هذا.
وقد نقل هذا القول عن الذهبي جماعةٌ وأقرُّوه عليه، منهم برهانُ الدين الحلبي في "الكشف الحثيث عمَّن رُمي بوضع الحديث"(478)، والحافظُ ابن حجر في "لسان الميزان" 5/ 352.
وقد رُوي مثلُه عن عمر بن الخطاب مرفوعًا أيضًا عند عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 879 - 881، وإسناده تالفٌ بمرةٍ، فلا يُفرح بمثله.
والصحيح في ذلك ما سيأتي عند المصنف برقم (5894) عن أنس بن مالك، رفعه:"أعلمهم بالحلال والحرام معاذ".
(3)
رجاله ثقات لكنه مرسلٌ، لأنَّ حُميد بن هلال - وهو أبو نصر العَدَوي - لم يدرك معاذ بن جبل =
5267 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عثمان بن عطاء، عن أبيه: أنَّ مُعاذَ بن جَبَل قامَ في الجيش الذي كان عليه حينَ وقع الوَباءُ، فقال: يا أيها الناس، هذه رحمةُ ربِّكم، ودعوةُ نَبيِّكم، ووفاةُ
(1)
الصالحين قبلكم، ثم قال معاذ وهو يَخطُب: اللهمَّ أدخِلْ على آل مُعَاذٍ نَصيبَهم الأوفَى من هذه الرَّحمة، فبَيْنا هو كذلك إذ أُتي، فقيل: طُعِن ابنُك عبدُ الرحمن، فلما أن رأى أباه معاذًا قال: يقول عبد الرحمن: يا أبَهْ {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} ، قال: يقول معاذٌ: {سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} ، فماتَ من الجُمعةِ إلى الجُمعةِ آلُ معاذٍ كلُّهم، ثم كان هو آخرَهم
(2)
.
= كما قال ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 58/ 441، لكن روى هذا الخبر خالد بن مِهران الحذّاء، عن أبي نَصْر حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت الغِفاري، عن معاذ بن جبل، وعبد الله بن الصامت يبعد إدراكه لمعاذ بن جبل أيضًا، فيبقى الخبر على الإرسال، والله تعالى أعلم. أيوب: هو السَّختياني، وابن عُلَيَّة: هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي، أمُّه عُلَيَّة.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" 5/ 270 عن إسماعيل بن إبراهيم - وهو ابن عُليَّة - به. وأخرجه ابن سعد 3/ 542، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 58/ 440 من طريق وهيب بن خالد، عن أيوب السختياني، به.
وأخرجه ابن عساكر 58/ 440 من طريق ابن أبي عدي، عن خالد الحذاء، عن حميد بن هلال، به.
وأخرجه عبد الرزاق (1700)، وابن سعد 3/ 542، والطبراني في "الكبير" 20/ (341)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(10663)، وابن عساكر 58/ 441 من طريق سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي نصر حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، عن معاذ بن جبل. وتحرَّفت كنية حميد بن هلال في رواية عبد الرزاق إلى: أبي نضرة، مع الاكتفاء بها وعدم ذكر اسم حميد، فأوهم ذلك أنه المنذر بن مالك بن قِطْعة العبدي، الذي يُكنى بأبي نضرة، وإنما الصحيح أبو نَصْر كما في سائر الروايات، بل سُمِّي في بعضها مع ذكر الكُنية، ثم إنَّ المحفوظ في هذا الخبر أنه لحميد بن هلال، لم يَروه غيره.
(1)
في (ز) و (ب): وتحبب، وضبب فوقها في (ز)، والمثبت من (ص) و (م).
(2)
خبر حسن، وهذا إسناد ضعيف جدًّا من أجل عثمان بن عطاء: وهو ابن أبي مسلم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الخُراساني، وأبوه عطاءٌ لم يدرك معاذ بن جبل، لكن رُوي هذا الخبر من وجوه عديدة.
ابن وهب: وهو عبد الله بن وهب بن مسلم المصري.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(9612) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقرن بأبي عبد الله الحاكم أبا زكريا بن أبي إسحاق المُزكِّي.
وأخرجه أحمد (36/ (22085) من طريق أبي المنيب الأحدب، عن معاذ بن جبل. وجوَّد إسناده المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/ 221.
وأخرجه أحمد 1/ (1697) وغيره من طريق شهر بن حوشب، عن رابه زوج أم شهر بن حوشب، وكان شهد طاعون عَمَواس، عن معاذ بن جبل. وإسناده فيه ضعف من أجل شهر.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 11/ 15 - 16، وفي "الإيمان"(76)، وعبد بن حميد في "المنتخب من مسنده"(129 - طبعة مصطفى العدوي)، والبزار (2671)، والطبري في "تهذيب الآثار" في الجزء المفرد الذي فيه مسانيد بعض العشرة (123)، والطبراني في "الكبير" 20/ (230) و (231)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 240، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" 11/ 459 و 460 من طريق شهر بن حوشب، عن الحارث بن عَميرة، عن معاذ بن جبل. وزاد فيه البزار وأبو نعيم بين شهر والحارث رجلًا هو عبد الرحمن بن غَنْم، قال الدارقطني في "العلل" (994): وهو أشبه بالصواب.
وأخرجه أحمد 36/ (22136) من طريق أبي قِلابة عبد الله بن يزيد الجَرْمي: أنَّ الطاعون وقع بالشام
…
فقال معاذ
…
هكذا رواه أبو قِلابة مرسلًا، ورجاله ثقات، لكنه لم يذكر قصة عبد الرحمن بن معاذ بن جبل.
وأخرجه عبد الرزاق (20164) من طريق معمر، عن قتادة، قال: وقع طاعون بالشام
…
فقال معاذ بن جبل
…
كذلك رواه مرسلًا، ورجاله ثقات، لكنه لم يذكر في روايته وصف الطاعون بأنه رحمة ربكم ودعوة نبيكم ووفاة الصالحين قبلكم.
وأخرجه عبد الرزاق مختصرًا بهذا الحرف برقم (20167) من طريق معمر، قال: وبلغني أنَّ معاذ بن جبل قال حين وقع الطاعون بالشام .. فذكر هذا الحرف في وصف الطاعون دون دعاء معاذ ودون قصة عبد الرحمن بن معاذ وهذا معضل.
وأخرجه أحمد في "الزهد"(1021) من طريق طارق بن عبد الرحمن البجلي، قال: وقع الطاعون بالشام .. فقام معاذ خطيبًا. فذكر الحرف المشار إليه في وصف الطاعون مقتصرًا عليه دون دعاء معاذ ودون قصة ولده عبد الرحمن لما طعن. وهو مرسل صحيح الإسناد.
وأخرجه بتمامه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 385، ومن طريقه ابن عساكر 22/ 476 من طريق =
5268 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنْبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدثنا موسى بن عُلَيّ بن رَباح اللَّخْمي، عن أبيه: أَنَّ عمر بن الخطاب خَطَبَ الناسَ، فقال: مَن أراد أن يَسألَ عن القُرآن فليأت أُبَيَّ بن كعب، ومن أراد أن يَسألَ عن الحلال والحرام فليأت مُعاذَ بنَ جَبَلٍ، ومن أراد أن يَسأَلَ عن المال فليأتِني، فإنَّ الله تعالى جعلني خازنًا
(1)
.
= سليمان بن موسى الأشدق يذكر أنَّ الطاعون وقع بالناس يوم جسر عموسة
…
فذكره. ورجاله لا بأس بهم، لكنه مرسلٌ.
وانظر ما سيأتي برقم (5288).
(1)
رجاله ثقات، لكنه مرسل، فإِنَّ عُلَيّ بن رباح اللَّخْمي لا يُدرك السماع من عمر بن الخطاب، وقد روى عُلَيُّ بن رباح بعض خُطبة عمر بن الخطاب بالجابية عن ناشرة بن سُمَي اليزني الذي حَضَرها وسمعها من عمر، لكن ليس في رواية ناشرة هذا أمرُ عمرَ الناسَ أن يسألوا عن القرآن أبيًا، وعن الحلال والحرام معاذًا، وذكر في روايته قول عمر بأنَّ الله جعله خازنًا للمال، فهذا الحرف من الخبر صحيح متصل.
وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلّام في "الأموال"(548)، وسعيد بن منصور (2319)، وابن سعد 2/ 301، وابن أبي شيبة 12/ 316، وحميد بن زنجويه في "الأموال"(796)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 463، وابن المنذر في "الأوسط"(6362)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5953)، والبيهقي 6/ 210، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ 310 و 58/ 421 و 422 من طرق عن موسى بن عُلَيّ به. واقتصر بعضُهم على ذكر معاذ بن جبل دون سائر الخبر، وكلهم قال: من أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، بدل: عن الحلال والحرام، وزاد بعضهم في الخبر: ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، وسيأتي هذا الحرف ضمن الرواية الآتية عند المصنف برقم (5272) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مَخْلد عن موسى بن علي.
وأخرج قصة خطبة عمر في الجابية مطولةً أحمد 25/ (15905) من طريق الحارث بن يزيد الحضرمي، عن عُلَيّ بن رباح، عن ناشرة بن سُمَيٍّ اليَزَني، عن عمر بن الخطاب، وفيه مقالة عمر التي في آخر الخبر هنا أنَّ الله جعله خازنًا للمال، دون قول عمر في فضل الصحابة المذكورين في الخبر، وإسناده صحيح وجوَّده ابن كثير في "مسند الفاروق"(643). =
5269 -
حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى الشهيد، حدثنا مُسدَّد، حدثنا إسماعيل ابن عُلَيّة، عن منصور بن عبد الرحمن، عن الشعبي، حدثني فَرْوة بن نَوفَل الأشجَعي، قال: قال ابن مسعود: إنَّ معاذًا كان أُمَّةً قانتًا لله حنيفًا، فقلتُ في نفسي: غَلِط أبو عبد الرحمن، إنما قال الله عز وجل:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ} الآية [النحل: 120]، قال: أتدري ما الأُمَّة، وما القانتُ؟ فقلت: الله أعلمُ، قال: الأُمَّةُ الذي يُعلِّمُ الخَيرَ، والقانتُ المُطِيعُ الله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك كان معاذُ بنُ جَبَل، كان مُعلِّمَ الخيرِ، وكان مُطيعًا الله ولرسوله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
هكذا رواه شعبةُ عن فِراسٍ عن الشَّعبي عن مَسرُوق عن عبد الله، وأسندَه في آخره:
5270 -
أخبرَنَاه أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل،
= وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدُّهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبيّ بن كعب وأفرضُهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، ألا إنَّ لكل أمة أمينًا، وإنَّ أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" وسيأتي عند المصنف برقم (5894) من حديث أنس.
(1)
خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن المحفوظ - كما قال ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 58/ 417 - أنه من رواية الشعبي عن مسروق بن الأجدع عن ابن مسعود، كما سيأتي عند المصنف في الطريق التالية، وكما تقدَّم برقم (3407)، وأنَّ مسروقًا حكى في روايته مراجعةَ فروة بن نوفل لابن مسعود وردَّ ابن مسعود عليه، فليس فروة مَن حدَّث الشعبيَّ بالخبر، كذلك رواه فراس بن يحيى وزكريا بن أبي زائدة ومجالد بن سعيد عن الشعبي، فقالوا: عن مسروق عن ابن مسعود.
والوهم فيه هنا من منصور بن عبد الرحمن - وهو الغُداني الأشَلُّ - فإنه قد خالف في أحاديث كما قال الإمام أحمد. وعلى أي حالٍ فللخبر طريق أخرى صحيحة أيضًا.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 348، والطبري في "تفسيره" 14/ 191، والطبراني في "الكبير"(9947)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 229، والواحدي في "التفسير الوسيط" 3/ 90، وابن عساكر 58/ 418 من طريقين عن منصور بن عبد الرحمن الغُداني، بهذا الإسناد.
حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعبة، سمعت فراسًا يُحدِّث عن الشَّعْبي، عن مسروق، عن عبد الله، قال: إنَّ معاذًا كان أمةً قانتًا، قال: فقال رجلٌ من أشْجَعَ يُقال له: فَرْوةُ بن نَوفَل: نسيَ، إنما ذاك إبراهيمُ عليه السلام، فقال عبدُ الله: مَن نَسِي؟ إنا كنا نُشبِّهُه بإبراهيمَ، وسُئل عبدُ الله عن الأمّةِ، فقال: مُعلِّمُ الخَيرِ، والقانتُ: المُطِيعُ الله ولرسوله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5271 -
فحدَّثني أبو القاسم الحسن بن محمد السَّكُوني بالكوفة، حدثنا عُبيد بن غَنّام بن حَفْص بن غياث النَّخَعي، حدثني أبي، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: لما قُبضَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم واستَخْلَفوا أبا بكرٍ وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ معاذًا إلى اليمن، فاستَعملَ أبو بكر عُمرَ على المَوسِم، فلقيَ مُعاذًا بمكة ومعه رَقِيقٌ، فقال: ما هؤلاء؟! فقال: هؤلاء أُهدوا لي، وهؤلاء لأبي بكر، فقال له عُمر: إني أرى لك أن تأتيَ بهم أبا بكرٍ، قال: فلقيَه مِن الغَدِ، فقال: يا ابنَ الخَطَّابِ، لقد رأيتُني البارحةَ وأنا أنْزُو إلى النارِ، وأنتَ آخِذُ بحُجْزَتي، وما أُراني إِلَّا مُطِيعَك، قال: فأَتى بهم أبا بكر، فقال: هؤلاء أُهدوا لي وهؤلاء لك، قال: فإنا قد سَلَّمنا لك هديتَّك، فخرج معاذٌ إلى الصلاة، فإذا هم يُصلُّون خَلْفَه، فقال معاذ: لمن تُصلُّون؟ قالوا: لله عز وجل، فقال: فأنتُم له، فأعْتَقَهم
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. فراس: هو ابن يحيى الهَمْداني المُكتِب، ومَسْروق: هو ابن الأجْدَع.
وأخرجه مُسدَّد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (3647)، وابن سعد 2/ 301، والطبري في "تفسيره" 14/ 191، والطبراني (9944) وأبو الحُسين بن المطهَّر في "حديث شعبة بن الحجاج"(159)، وابنُ عساكر 58/ 420 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وقد تقدَّم عند المصنف برقم (3407) من طريق سفيان الثوري عن فراس.
(2)
خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات غير غنام بن حفص بن غياث، فإنه لا يكاد يُعرف، فهو مجهول، وقد انفرد هنا بذكر عبد الله - وهو ابن مسعود - وخالفه جماعة من الحفاظ من أصحاب الأعمش - وهو سليمان بن مهران - حيث رووا هذا الخبر عنه بإسقاط ابن مسعود، فالخبر من رواية =
صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.
5272 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا الحسن بن سهل المُجوِّز، حدثنا أبو عاصم، حدثنا موسى بن عُلَيّ بن رَباح اللَّخْمي، عن أبيه: أنَّ عُمر بن الخطاب خَطَب الناسَ،
=أبي وائل - واسمه شقيق بن سَلَمة - مرسلًا، لكن أبا وائل هذا تابعي كبير مُخَضْرم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يَرَهُ، فمرسلُه مرسَلُ تابعيٌّ كبير يقبل أهلُ العلم مثلَه كحال مراسيل ابن المسيّب، على أنَّ الخبر قد روي من وجهين آخرين فيهما مقالٌ، لكنهما يصلحان للاعتبار، فالخبر صحيح إن شاء الله.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 406 - 407، ومن طريقه ابن عساكر 58/ 433 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 541 من طريق شيبان بن عبد الرحمن النَّحوي، وابن أبي شيبة 6/ 546، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 232 من طريق أبي معاوية الضرير، وحميد بن زنجويه في "الأموال"(982) من طريق محاضر بن المُورِّع، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 232 من طريق وكيع بن الجراح، وابن عساكر 58/ 432 من طريق عبد الله بن داود الخُريبي، كلهم عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سَلَمة، به لم يذكر ابنَ مسعود.
وأخرجه عبد الرزاق (6954) عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن شقيق أبي وائل، عن مسروق، فذكر الخبر، فجعله من رواية شقيق عن مسروق! ومسروق تابعي كبير مخضرم كذلك، ولعله يكون حضر القصة، فقد صلَّى مسروق وراء أبي بكر الصديق لكن انفرد الثوري بذكره، فالله تعالى أعلم.
ويشهد له مرسلُ ابن كعب بن مالك عند عبد الرزاق (15177)، ومن طريقه يحيى بن معين في الجزء الثاني من "حديثه" برواية أبي بكر المروزي، (75)، وابن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (1461)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 405 في خبر مطولٍ من لدن قصة استدانة معاذ بن جبل حتى أغلق ماله، إلى بعث النبي صلى الله عليه وسلم له إلى اليمن ليَجبره، ثم رجوعه من اليمن في عهد الصديق، وذكر فيه قصة معاذ مع عمر وأبي بكر هذه التي هنا، وقد تقدَّم بعض ذلك الخبر المطول لكن دون قصة معاذ مع عمر وأبي بكر هذه برقم (2379)، وذكرنا هناك الاختلاف في إسناده وصلًا وإرسالًا، وأنَّ الصحيح أنه مرسلٌ، لكنه مرسل صحيح الإسناد.
كما يشهد لهذه القصة حديث جابر بن عبد الله الآتي عند المصنف برقم (5276)، بإسناد لا بأس به في الشواهد والمتابعات.
فقال: من أراد أن يسألَ عن القرآنِ فليأتِ أبيَّ بنَ كعب، ومن أراد أن يَسألَ عن الحلال والحرام فليأتِ معاذ بنَ جَبَل، ومن أراد أن يَسألَ عن الفَرائض فليأتِ زيدَ بن ثابتٍ، ومن أراد أن يَسألَ عن المالِ فليأتِني، فإني له خَازنٌ
(1)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5273 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الإمام، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا هشام بن يوسف، عن مَعمَر، عن الزُّهْري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه، قال: كان معاذُ بنُ جَبَل شابًا حليمًا سَمْحًا من أفضل شبابِ قومِه، ولم يكن يُمسِكُ شيئًا، فلم يَزَل يَدّانُ حتى أغرقَ مالَه كلَّه في الدَّين، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فكَلَّم غُرماءَه، فلو تَركُوا أحدًا من أجل أحدٍ، لَتَركُوا معاذًا من أجلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فباعَ لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مالَه، حتى قامَ معاذٌ بغيرِ شيء
(2)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5274 -
حدثنا أبو علي الحُسين بن علي الحافظ، أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القَطّان بالرَّقّة، حدثنا عمرو بن بكر السَّكْسَكي، حدثنا مُجاشِع بن عَمرو الأسَدي، حدثنا الليث بن سعد، عن عاصم بن عمر بن قَتَادة، عن محمود بن لَبيد، عن معاذ بن جبل: أنه مات له ابنٌ، فكتبَ إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعزِّيه عليه: "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى مُعاذ بن جَبَل سَلامٌ عليك، فإني أحمَدُ إليك الله الذي لا إله إلَّا هو، أما بَعدُ، فأعظَمَ الله لك الأجرَ، وألهَمَك الصبرَ، ورَزَقَنا وإياك الشُّكرَ، فإن أنفُسَنا وأموالَنا وأهلينا وأولادَنا من مَواهب الله عز وجل الهَنيّة، وعَوارِيِّه المُستودَعَة، مَتَّعك به في غِبْطَةٍ وسُرور، وقَبَضَه منك بأجرٍ كبير، الصلاةُ والرحمةُ
(1)
رجاله ثقات غير أنه مرسلٌ كما تقدم بيانه برقم (5268). أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد.
(2)
رجاله ثقات لكن الصحيح أنه مرسل كما تقدم بيانه برقم (2379).
والهُدى إن احتَسبتَه فاصبِرْ، ولا يُحبِطُ جَزَعُك أجرَك فتَندمَ، واعلم أنَّ الجَزَعَ لا يَرُدُّ شيئًا، ولا يَدفَعُ حُزنًا، وما هو نازِلٌ فكأَنْ قَدْ، والسلامُ"
(1)
.
(1)
خبر موضوع، قال الذهبي في "تلخيصه": ذا من وضع مجاشع. قلنا: مجاشع بن عمرو هذا كذَّبه ابن معين، وقال ابن حبان: يضع الحديث على الثقات ويروي الموضوعات عن أقوام ثقات، وقال أبو حاتم والدارقطني: متروك، وقال البخاري والعقيلي وأبو أحمد الحاكم منكر الحديث.
وقد رُوي مثلُ هذا الخبر بأسانيد أخرى كلها تالفة فيها متهمون بالكذب. وقال أبو نُعيم الأصبهاني في "الحلية" 1/ 242: كل هذه الروايات ضعيفة لا تثبت فإنَّ وفاة ابن معاذ كانت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنين، وإنما كتب إليه بعض الصحابة، فوهم الراوي فنسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان معاذ أجلّ وأعلم من أن يجزع ويغلبه الجزع عن الاستسلام
…
وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(946)، والطبراني في "الكبير" 20/ (324)، وفي "الأوسط"(83)، وفي "الدعاء"(1216)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 242، والشَّجَري في "أماليه" 2/ 299، وابن عساكر 58/ 449، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 366 من طريق أحمد بن يحيى بن خالد الرّقي، عن عمرو بن بكر بن بكار القعنبي البصري، عن مجاشع بن عمرو، بهذا الإسناد. ووقع في "الدعاء": عمرو بن بكر السكسكي، وهو خطأ تصويبه من كتابي الطبراني الآخرين، ومن سائر المصادر الأخرى.
وأخرجه أبو نُعيم في "الحلية" 1/ 242، وابن عساكر 58/ 448، وابن الجوزي في "الموضوعات"(1790)، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 367 من طريق محمد بن سعيد المصلوب، عن عبادة بن نُسيّ، عن عبد الرحمن بن غَنْم، عن معاذ بن جبل. ومحمد بن سعيد المصلوب، سُمِّي بذلك لأنه قُتل على الزندقة وصُلب، وصرح جماعة من الأئمة بتكذيبه، كما قال الحافظ ابن حجر.
وأخرجه محمد بن داود بن علي الظاهري في "الزهرة" ص 546، وأبو الليث السمرقندي في "تنبيه الغافلين"(340) من طريق أبي داود سليمان بن عمرو النَّخَعي، عن مهاجر بن أبي الحسن الشامي، عن عبد الرحمن بن غَنْم، عن معاذ بن جبل. وأبو داود النخعي هذا كذاب يضع الحديث.
والحديث في "نسخة نُبَيط بن شَريط"(372) بإسناد رابع عن أبي الحسن أحمد بن القاسم بن الريان اللكِّي، عن أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نُبَيط بن شَريط، عن أبيه، عن جده، عن نُبَيط بن شَريط، عن معاذ بن جبل. قال الذهبي في "الميزان" في أحمد بن إسحاق: لا يحل الاحتجاج =
غريبٌ حسنٌ إِلَّا أَنَّ مُجاشِع بن عمرو ليس من شَرْط هذا الكتاب.
5275 -
أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرّة، حدثنا عبد الله بن يزيد المُقرئ، حدثنا حَيْوةُ بن شُرَيح، سمعتُ عُقبةَ بن مُسلِم يقول: حدثني أبو عبد الرحمن الحُبُلي، عن الصُّنابِحِيّ، عن معاذ بن جَبَل قال: أخذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدي يومًا ثم قال: "يا مُعاذُ، والله أني لأُحِبُّك" فقلتُ له: بأبي وأمي يا رسول الله، وأنا والله أُحِبُّك، فقال:"أُوصيك يا معاذُ، لا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كلِّ صلاةٍ أن تقولَ: اللهمَّ أعِنِّي على ذِكْرِك وشُكْرِك وحُسنِ عِبادتِك".
وأوصَى بذلك مُعاذٌ الصُّنَابِحيَّ، وأوصى الصُّنَابحيُّ أبا عبد الرحمن الحُبُلي، وأوصَى أبو عبد الرحمن عُقبةَ بن مُسلم
(1)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5276 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الأصبَهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، حدثني عيسى بن النعمان، عن مُعاذ بن رِفاعة، عن جابر بن عبد الله قال: كان معاذُ بن جَبَل من أحسنِ الناس وجهًا، وأحسنِهم خُلقًا، وأسمحِهم كَفًّا، فادّانَ دَينًا كثيرًا، فلزمه غُرَمَاؤُه، حتى تَغَيَّب عنهم أيامًا في بيتِه حتى استأدَى
(2)
رسولَ الله صلى الله عليه وسلم غرماؤُه، فأرسلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
= به، فإنه كذَّاب، حدَّث عن أبيه عن جده بنسخة فيها بلايا.
وأخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 2/ 438 من طريق إسحاق بن نُجيح الملطي، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاذ
…
وإسحاق بن نجيح هذا كذاب.
وأخرجه محمد بن خلف المعروف بوكيع في "الغُرر من الأخبار" كما في "اللآلئ المصنوعة" للسيوطي 2/ 355 عن أبي إسماعيل بن إبراهيم بن حسن بن علي بن أبي طالب، عن عمه، عن إسحاق بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده مرسلًا. وهذا إسناد مظلم، فيه من لم نتبيّنه.
(1)
إسناده صحيح. وهو مكرر الحديث المتقدم برقم (1023).
(2)
معنى أستأدى: طَلَبَ الأداء، أي: طَلَبَ غرماءُ معاذٍ من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمل معاذًا على الأداء.
معاذٍ يدعُوه، فجاء ومعَه غُرماؤه، فقالوا: يا رسول الله، خذ لنا حَقَّنا منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"رَحِمَ اللهُ مَن تَصدَّق عليه" فتصدَّق عليه ناسٌ وأبى آخرون، وقالوا: يا رسول الله، خذ لنا بحقِّنا منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اصبر لهم يا مُعَاذُ" قال: فخَلَعه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من ماله فدفعه إلى غُرمائه، فاقتَسَمُوه بينهم، فأصابهم خمسةُ أسباع حقوقِهم، قالوا: يا رسول الله، بِعْه لنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خَلُّوا عنه، فليس لكم عليه سَبيلٌ"، فانصرفَ مُعاذٌ إلى بني سَلِمَة، فقال له قائل: يا أبا عبد الرحمن، لو سألتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقد أصبحت اليوم مُعدِمًا، فقال: ما كنتُ لِأسألَه، قال: فمَكَثَ أيامًا، ثم دَعاهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فبعثَه إلى اليَمَن، وقال:"لعلَّ اللَّهَ أَن يَجْبُرَكَ ويُؤدَّيَ عنك دَيْنَك". قال: فخرج معاذٌ إلى اليمن، فلم يَزَلْ بها حتى تُوفِّي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فوافَى السنةَ التي حَجَّ فيها عمرُ بنُ الخطاب مكةَ فاستعملَه أبو بكر على الحَجِّ، فالتقَيا يومَ التَّرْوية بها، فاعتَنَقا وعَزّى كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه برسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثم أخْلَدا إلى الأرض يَتحدَّثانِ، فرأى عمرُ عند مُعاذ غِلْمانًا، فقال: ما هؤلاء؟ ثم ذكر الأحرفَ التي ذكرتُها فيما تقدّم
(1)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات والشواهد، فإنَّ محمد بن عمر - وهو الواقدي - يُكتب حديثه - يعني في المتابعات والشواهد - كما انتهى إليه الذهبي في "السير" 9/ 469، ومَن دُون الواقدي لا بأس بهم وهم بعضُ رواة كتب الواقدي كما تقدم بيانه برقم (4060)، ومن فوقه لا بأس بهم، وقد تقدَّم شاهده برقم (5271).
وأخرجه البيهقي 6/ 50 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 543، ومن طريقه ابن عساكر في 58/ 430 - 431 عن محمد بن عمر الواقدي، به.
وأخرجه مختصرًا ابن ماجه (2357) من طريق عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن سلمة المكي، عن جابر بن عبد الله: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خَلَعَ معاذ بن جبل من غرمائه، ثم استعمله على اليمن، فقال معاذ: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلصني بمالي، ثم استعملني. وعبد الله بن مسلم بن هرمز هذا ضعيف، لكن قال أبو حاتم: يُكتب حديثُه؛ يعني يُعتبر به في المتابعات والشواهد، =
ذكرُ مناقب الفَضْل بن عبَّاس بن عبد المُطلّب رضي الله عنهما
5277 -
أخبرني أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا موسى بن زكريا التُّستَري، حدثنا خَليفة بن خَيّاط، قال: والفَضل بن عَباس بن عبد المُطّلب بن هاشم، يُكنى أبا محمد، غَزَا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكةَ وحُنينًا، وثَبَتَ معه حين ولَّى الناسُ مُنهزِمين، وشَهِدَ معه حَجّةَ الوداع، وكان فيمن غَسَّل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ووَلِيَ دَفْنه، ثم خرج إلى الشام مُجاهدًا [فمات]
(1)
بناحية الأُردنِّ في طاعون عَمَواس سنة ثمانَ عشرةَ من الهجرة، وذلك في خِلافة عمر بن الخطاب
(2)
.
5278 -
سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب، سمعت العباس يقول: سمعت يحيى بن مَعِين يقول: قُتِل الفَضْل بن عباس يومَ اليرموك في عهد أبي بكر الصِّديق
(3)
.
= وروى له البخاري في "الأدب المفرد".
(1)
لفظة "فمات" سقطت من نسخنا الخطية، وأثبتناها من ابن سعد في "طبقاته" 4/ 51 و 9/ 403.
(2)
كذا أسند المصنف هذا التعريف بالفضل بن عباس لخليفة بن خيّاط، مع أنَّ قول خليفة بن خياط في "طبقاته" ص 297 - وهو برواية موسى بن زكريا التُّستَري - يخالف ما هنا، فإنه قال فيه: الفضل بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف يُكنَى أبا عبد الله، ويقال: يُكنَى أبا محمد، واستُشهد بالشام يوم أجنادين في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، ويقال: استُشهد يوم مرج الصَّفَّر في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة، هكذا قال في "طبقاته"، وبَناهُ على ما قاله في "تاريخه" ص 120 من قول أبي الحسن المدائني وابن الكلبي أن استشهاد الفضل بن عباس كان سنة ثلاث عشرة يوم أجنادين.
لكن هذا النص الذي ذكره المصنف هنا إنما هو نص قول ابن سعد في الطبقات "الكبرى" 7/ 399 ورواه عنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 48/ 328.
وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" 10/ 79 شهد فتح الشام، استُشهد بطاعون عمواس في قول محمد بن سعد والزبير بن بكار وأبي حاتم وابن البرقي، وهو الصحيح.
(3)
العباس: هو ابن محمد الدُّوري، وهو في "التاريخ" بروايته عن ابن معين (121). وقولُ =
5279 -
أخبرني أبو الحسين بن يعقوب الحافظ، أخبرنا الثَّقفي، حدثنا عُبيد الله بن سعْد الزُّهري، حدثنا عمِّي يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن [ابن]
(1)
إسحاق، قال: الفضلُ بن عَبّاس بن عبد المُطّلب كنيتُه أبو محمد، وأمُّه أم الفَضْل، واسمها لُبَابة بنت الحارث، قُتِل في خلافة أبي بكر مع خالد بن الوليد
(2)
.
قد حدَّث العباسُ بن عبد المطلب وعبدُ الله بن عباس عن الفَضْل بن عباس.
أما حديث أبيه العباس عنه:
5280 -
فأخبرَناهُ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال، حدثني أبو بكر، عن سُليمان بن بلال، قال: وقال يحيى بن سعيد: أخبرني أبو الزُّبير، أنَّ أبا مَعْبَد مولى عبد الله بن عباس أخبره، أنه سمِع عبدَ الله بن عباس يحدِّث عن العباس بن عبد المطلب، أنه قال: لما كان يومُ عَرَفة والفضلُ رَدِيفُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، والناسُ كثيرٌ حولَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلما كَثُر الناسُ، قلت: سيُحدِّثني الفضلُ عما صَنَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الفضلُ: دَفَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَدَفَعَ الناسُ معه، فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُمسِك بزمَامِ بَعِيرِه، وجعل يُنادي الناسَ:"عليكم السَّكينةَ"، فلما بلغ المُزدَلِفة نزل فصلَّى
= ابن معين هذا مبني على أنَّ اليرموك كانت سنة ثلاث عشرة في آخر أيام الصديق وأول أيام عمر، وهو قول سيف بن عمر كما في "تاريخ دمشق" لابن عساكر 2/ 142 - 143، لكن قول الجمهور على خلافه. وانظر بسط الخلاف في السنة التي كانت فيها معركة اليرموك في "تاريخ دمشق" لابن عساكر 2/ 141 - 143، وفي البداية والنهاية لابن كثير 9/ 552 - 545، والأكثرون قالوا: إنها كانت سنة خمس عشرة، وقال ابن عساكر: هذه الأقوال هي المحفوظة.
(1)
لفظة "ابن" سقطت من النسخ الخطية، وإثباتها هو الصواب، لأنَّ المذكور هو محمد بن إسحاق بن يسار، والراوي عنه إبراهيم - وهو ابن سعد الزهري - هو أحد رواة السيرة النبوية عنه.
(2)
الثقفي: هو أبو العباس محمد بن إسحاق السَّرّاج، وأخرجه ابن عساكر 48/ 333 من طريق محمد بن جعفر الزَّرَّاد المَنْبِجي، عن عُبيد الله بن سعد، به.
المغربَ والعِشاءَ الآخرة جميعًا، حتى إذا طَلَع الفجرُ صلَّى الصبحَ، ثم وَقَف بالمزدَلِفة عند المَشْعَر الحَرام، ثم دَفَعَ ودَفَع الناسُ معه يُمسك برأس بعيره، وجعل يقولُ:"أيها الناسُ، عليكم السَّكينةَ"، حتى إذا بلغ مُحسِّرًا أَوضَعَ شيئًا، وجعل يقول:"عليكم بحَصى الخَذْف"
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل: هو ابن يوسف الترمذي، وأبو بكر: هو عبد الحميد بن أبي أويس، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرسُ المكي.
لكن ما وقع هنا من إرداف النبي صلى الله عليه وسلم للفضل يوم عرفة، فغريبٌ، لأنَّ المستفيض كما قال البخاري في "تاريخه الأوسط" 3/ 201 عن ابن عباس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أردف أسامة من عرفة إلى جَمْع، وكذلك قال أسامة: أردفني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: الصلاةَ، فقال:"الصلاةُ أمامك" ثم أردف الفضل من جمع إلى منى، ثم أسنده البخاري عن ابن عباس: أنَّ أسامة كان رَدِفَ النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضلَ من المزدلفة إلى منى. قلنا: إلّا أن يكون الفضل ردف النبيَّ صلى الله عليه وسلم أولًا أثناء النهار لدى رؤية أبيه العباس له وهو كذلك، ثم انصرف العباس، وبعدها نزل الفضل عن ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وردِفَه أسامة لدى نفيره إلى مزدلفة عند حلول المساء، وكان الفضل ملازمًا لهما وهما راكبان، فاطَّلع الفضل على تفاصيل فعله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
وأخرجه البيهقي 5/ 126 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو طاهر السِّلَفي في "المشيخة البغدادية"(50) من طريق أحمد بن محمد بن شيبة البزار، عن رجاء بن مُرجّا النيسابوري، عن أيوب بن سليمان، به مختصرًا بذكر الجمع بين الصلاتين في المزدلفة.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(371)، والبزار (2163)، والطبراني في "الكبير" 18/ (690) من طرق عن إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه أبي بكر، به. وقال أبو موسى المديني: هذا حديث صحيح. قلنا: سقط في رواية البزار ذكر العباس بن عبد المطلب بين عبد الله بن العباس وأخيه الفضل، وهو وهمٌ في رواية إسماعيل بن أبي أويس، على أنَّ عبد الله بن عباس قد سمع من أخيه هذا الخبر، لكنه بهذا السياق من رواية العباس عن ابنه الفضل.
أما حديث عبد الله بن عباس عن أخيه، فقد أخرجه أحمد 3/ (1794) و (1821)، ومسلم (1282)، والنسائي (4050) من طريق ابن جُريج، وأحمد (1796)، ومسلم (1282)، والنسائي =
صحيحٌ على شرط الشيخين، فقد روى غيرُ أبي الزُّبير عن أبي مَعْبَد، ولم يُخرجاه.
وأما حديثُ أخيه عبد الله بن عباس فإنه مُخرَّج في "الصحيحين" من حديث عطاء وأبي مَعْبَد عن ابن عباس، بلفظَتين:"عليكم السَّكينةَ"، وكان يَرمي الجَمْرة
(1)
، وهذا لم يُخرجاه.
5281 -
حدثنا أبو الطيِّب الشَّعِيري محمد بن عبد الله، حدثنا مَحمِش بن عِصام، حدثنا حفص بن عبد الله، حدثني إبراهيم بن طَهْمان عن الحسن بن عُمارة، عن الحَكَم بن عُتَيبة، عن طاووس، عن ابن عباس. وعَديّ بن ثابت، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس: أنه كان رَدِيفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ليلةَ جَمْعٍ، فلما أفاضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال:"أيُّها الناسُ، عليكم بالسَّكينة، فإنَّ البِرَّ ليس بإيضاعِ الخيلِ والإبلِ"
(2)
.
= (4042)، وابن حبان (3872) من طريق الليث بن سعد، وابن حبان (3855) من طريق عمرو
بن الحارث، ثلاثتهم عن أبي الزبير، عن أبي مَعْبَد، عن عبد الله بن عباس، عن أخيه الفضل بن عباس. ليس فيه ذكر العباس بن عبد المطُلَّب. وبعضهم يزيد فيه على بعض.
وانظر ما تقدَّم برقم (1715) و (1729).
(1)
حديث عطاء - وهو ابن أبي رباح - عن عبد الله بن عباس عن أخيه الفضل عند البخاري برقم (1685) ومسلم برقم (1281)(267)، لكن بالتلبية حتى رمى الجمرة فقط، وأما الأمر بالسكينة فهي عند مسلم وحده دون البخاري من حديث أبي معبد عن عبد الله بن عباس عن أخيه كما سبق في تخريج الحديث.
(2)
حديث صحيح دون قوله: أنه كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة جَمْع، يعني المزدلفة، وهذا إسناد ضعيف جدًّا من أجل الحسن بن عُمارة، وقد وهم في إسناده ومتنه هنا، فأما وهمه في الإسناد فذكْرُه طاووسًا وإنما يرويه الحكم بن عُتيبة عن مقسم عن ابن عباس كما تقدَّم تخريجه برقم (1727)، وأما وهمه في متنه ففي قوله: عن ابن عباس أنه كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة جمع، لأنَّ المعروف أنَّ الذي كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم ليلة جمع إنما هو أسامة بن زيد، يعني من عرفة إلى المزدلفة، قال البخاري في "تاريخه الأوسط" 3/ 201: المستفيض عن ابن عباس أن =
ذكرُ مناقب شُرَحْبيل بن حَسَنةَ رضي الله عنه
-
5282 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، قال: شُرحبيل بن حَسَنة، قيل: أمُّه كانت تحت سفيان بن مَعْمَر بن حَبيب بن وَهْب بن حُذَافة بن جُمَح، وهاجرت مع سفيان، وأما شُرحبيلَ: فهو ابن
(1)
عبد الله بن عمرو بن المُطَاع
(2)
من اليمن، وسفيان هذا هو
= النبي صلى الله عليه وسلم أردف أسامة من عرفة إلى جمع، وكذلك قال أسامة: أردفني النبي صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: الصلاة فقال: "الصلاة أمامك"، ثم أردف الفضل من جمع إلى منى
…
ثم ذكره عن ابن عباس.
وأخرجه البخاري في "صحيحه"(1671) من طريق عمرو بن أبي عمرو مولى المطَّلب، عن سعيد بن جبير، حدثني ابن عباس: أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فسمع النبيُّ صلى الله عليه وسلم وراءه زجرًا شديدًا، وضربًا وصوتًا للإبل، فأشار بسوطه إليهم، وقال:"أيها الناس، عليكم بالسكينة، فإنَّ البر ليس بالإيضاع". هكذا ليس فيه أنَّ ابن عباس كان رديفَ النبي صلى الله عليه وسلم، وليس فيه أيضًا أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقوله، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 5/ 511 عند شرح الحديث (1666): أنَّ مسلمًا روى من طريق عطاء عن ابن عباس عن أسامة في أثناء حديث، قال: فما زال يسير على هينته حتى أتى جمعًا. قال الحافظ: وهذا يُشعر بأنَّ ابن عباس إنما أخذه عن أسامة. قلنا: ويدل عليه أيضًا رواية مقسم عند ابن عباس عن أسامة المتقدمة برقم (1727)، وعلى ذلك تدل أيضًا رواية قيس بن سعد عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس عن أسامة عند أحمد 36/ (21756) وغيره.
وأخرجه النسائي (4001) من طريق أبي غطفان بن طريف أنه سمع ابن عباس يقول: لما دَفَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شَنَق ناقتَه حتى إن رأسها ليمسُّ واسطة الرحل، وهو يقول للناس:"السكينة السكينة" عشية عرفة. كذلك ليس فيه ذكر الارتداف.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: أبو، والتصويب من "نسب قريش" لمصعب الزبيري ص 395، حيث جاء فيه: وأما أبو شرحبيل فهو عبد الله بن عمرو بن المطاع. وكذلك سماه الزبير بن بكار ابن أخي مصعب الزبيري كما في "تاريخ دمشق" 22/ 467، حيث قال: شرحبيل بن عبد الله بن عمرو بن المطاع، فاتفق هو وعمُّه مصعب في تسمية شرحبيل، على أنَّ كنية شرحبيل في رواية الأكثرين أبو عبد الله.
(2)
كذلك سماه مصعب بن عبد الله الزبيري، ووافقه ابن أخيه الزبير بن بكار، وتبعهم ابن =
جَمِيل بن مَعْمَر، وكان يُقال لجميل: ذو القَلْبين، من عقلِه، حتى قال الله:{مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مَّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4]، وشهِدَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حُنينًا، ومات شُرحبيل بن حَسَنةَ يومَ اليرموك في خلافة عمر سنة ثمانَ عشرةَ
(1)
.
5283 -
أخبرنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحَسن، حدثنا الحُسين، حدثنا محمد بن عُمَر، قال: وشُرحبيل بن حَسَنة وحسنةُ أمُّه، وهي عَدَوْلِيَّة، وأبو شُرحبيل: عبد الله بن المُطاع بن عمرو، من كِنْدة حليفٌ لبني زُهرة، يكنى أبا عبد الله، وهو من مُهاجري الحبشة الهجرةَ الثانية
(2)
.
= حزم في كتبه، وهو خلاف قول سائر من ترجم لشرحبيل، حيث قالوا هو شرحبيل بن عبد الله بن المطاع بن عمرو، بتقديم المطاع على عمرو، فالله أعلم.
(1)
وهو في "نسب قريش" لمصعب بن عبد الله الزبيري، لكن دون ذكر وفاة شرحبيل. وقال مصعب فيه، وكانت تحته (أي تحت سفيان بن معمر الجمحي) حَسَنة التي ينسب إليها شرحبيل، وكان سفيانُ تبنّى شُرحبيلَ وتبنَّتُه حَسَنةُ، وليس بابن لواحد منهما. كذا قال مصعب الزبيري هناك، وهو خلاف قوله هنا حديث أطلق أنها أمُّه وفاقًا لقول سائر من ترجم له، والله أعلم.
وقد وقع في ذكر وفاة شرحبيل هنا خطأ شنيع، وهو قوله: مات يوم اليرموك سنة ثمان عشرة، وما قال أحدٌ بأنَّ اليرموك كانت سنة ثمان عشرة، ومعلوم أنَّ شرحبيل إنما مات في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة، فلعلَّ قوله هنا: يوم اليرموك سبق قلم، والله أعلم، ومنشؤه أنَّ شُرحبيل بن حَسَنة كان أحد أمراء جيش المسلمين يوم اليرموك، فسبق القلم إلى ذكر اليرموك في وفاة شرحبيل، وإنما أراد طاعون عمواس، فهو الذي كان سنة ثمان عشرة، ولشرحبيل فيه خطبة مرويّة ستأتي برقم (5288).
(2)
الحسن: هو ابن الجَهْم، والحُسين: هو ابن الفَرج، ومحمد بن عمر: هو الواقدي.
وقد ذكر ابن سعد في "طبقاته" 4/ 119 مثلَ قول الواقدي دون نسبته إليه غير أنه تحرَّف فيه لفظة: عَدَوليّة، إلى: عدوية.
وقوله: عَدَوْلِيّة: نسبة إلى عَدَوْلَى من ناحية البحرين، كما قال مصعب الزبيري في "نسب قريش" ص 395.
وسيأتي برقم (5286) من مرسل عُروة بن الزبير: أنَّ النجاشي بعث أم حبيبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم =
5284 -
أخبرني الحُسين بن علي التَّمِيمي، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين، حدثنا عمرو بن زُرَارة، حدثنا زياد بن عبد الله البَكّائي، عن محمد بن إسحاق، في تسمية مَن هاجر إلى الحبشة: شُرحبيل بن حَسَنة، هاجرت أمُّه حَسَنةُ إلى أرض الحبشة مع زوجها سفيان بن مَعْمَر بن حبيب بن وَهْب بن حُذافة بن جُمَح
(1)
.
5285 -
أخبرني أحمد بن يعقوب، حدثنا موسى بن زكريا، حدثنا خليفة بن خَيّاط، قال: شُرحبيل بن عبد الله بن المُطاع بن عَمرو
(2)
بن عبد العُزَّى
(3)
، وأمُّه حَسَنةُ، وولاؤها لمَعمَر
(4)
بن حَبيب، وتوفي شُرحبيل بن حَسَنة في طاعون عَمَواس سنة ثمانَ عشرةَ، وهو ابن سبع وستين سنةً
(5)
.
5286 -
أخبرنا محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العَتَكي، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا نُعيم بن حماد، حدثنا ابن المُبارك، عن معمر، عن الزُّهْرِي، عن عُرْوة: أنَّ النجاشي بعث أمَّ حَبيبة إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم مع شُرحْبيلَ بن حَسَنةَ
(6)
.
= مع شرحبيل بن حسنة، وتقدَّم موصولًا برقم (2776) عن أم حبيبة نفسِها، ومقتضاه أنَّ شُرحبيل كان من مهاجري الحبشة.
(1)
وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 327 بروايته عن زياد البكائي.
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عمر. والتصويب من "الطبقات" لخليفة ص 295 و 298.
(3)
تحرَّف في النسخ إلى: عبد العزيز، وضبب عليها في (ز)، والتصويب من "الطبقات".
(4)
تحرَّف في (ص) إلى: لعمر، وفي (ز) و (م) و (ب) إلى: لعثمان. والتصويب من "الطبقات".
(5)
وهو في "الطبقات" لخليفة بن خياط ص 298، دون ذكر وفاة شرحبيل وسنّه يوم مات.
لكن أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 22/ 466 من طريق أبي حفص الأهوازي - وهو عمر بن أحمد بن إسحاق - عن خليفة بن خياط، فذكره، وذكر وفاة شرحبيل لكن دون سنِّه يوم مات. وما قيل في سنَّه أنه كان ابنَ سبع وستين، فهو قول ابن سعد أيضًا كما في "طبقاته الكبرى" 4/ 119، وقول ابن حبان في "ثقاته" 3/ 187، وأسنده أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3711) عن إبراهيم بن المنذر، و (3709) عن يحيى بن بُكَير.
(6)
صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه اختُلف في إرساله ووصله بذكر أم حبيبة =
5287 -
أخبرنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، قال: كان شرحبيل بن حَسَنة من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وغزا معه غَزَواتٍ، وهو أحدُ الأمراءِ الذين عَقَدَ لهم أبو بكر الصِّدِّيق على الشام
(1)
.
5288 -
أخبرني حامد بن محمد الهَرَوي، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا مُسلم بن إبراهيم، حدثنا هَمّام، حدثنا قَتَادة ومَطَر الوَرّاق، عن شهر بن حَوشَب، عن عبد الرحمن بن غَنْم، قال: وقع الطاعون بالشام، فخَطَبَنا عمرو بن العاص، فقال: إنَّ هذا الطاعونَ رِجْسٌ فَفِرُّوا منه في الأودية والشَّعاب، فبلغ ذلك شُرحبيلَ بنَ حَسَنة، فقال: كَذَب عمرٌو؛ صحبتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وعمرٌو أضلُّ من جَمَلِ أهلِه، ولكنه رحمةُ ربِّكم، ودعوةُ نَبيِّكم صلى الله عليه وسلم، ووفاةُ الصالحين قَبلَكم
(2)
.
= كما قدمنا بيانه برقم (2776)، وأنَّ وصله صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوام.
وأخرجه ابن الجارود (714)، وأبو بكر بن زياد النيسابوري في "زياداته على مختصر المزني"(443) عن محمد بن يحيى الذُّهلي، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5061) عن فهد بن سليمان، ويحيى بن عثمان، ثلاثتهم عن نُعيم بن حماد به. موصولًا بذكر أم حبيبة.
وتقدَّم عند المصنف برقم (2776) من طريق مُعلّى بن منصور عن ابن المبارك موصولًا كذلك.
(1)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 4/ 119 عن محمد بن عمر الواقدي.
(2)
خبر صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل شهر بن حوشب، وقد روى هذا الخبر من وجهين آخرين قويين. همام: هو ابن يحيى العَوْذي، وقتادة: هو ابن دِعامة السَّدُوسي، ومَطَر الورّاق: هو ابن طَهْمان.
وأخرجه أحمد 29/ (17753) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن همام، عن قتادة وحده، به.
وأخرجه أحمد 29/ (17754) و (17755)، وابن حبان (2951) من طريق شرحبيل بن شفعة، عن عمرو بن العاص، وإسناده قوي.
وأخرجه أحمد 29 / (17756) من طريق أبي المنيب الأحدب، أنَّ عمرو بن العاص قال في الطاعون
…
وصحَّح إسنادَه ابن حجر في "فتح الباري" 17/ 525، وجوَّده من قبله المنذريُّ في =
ذكرُ مناقب أبي جَنْدل بن سُهيل بن عَمرو رضي الله عنه
-
5289 -
أخبرني أحمد بن يعقوب، حدثنا موسى بن زكريا، حدثنا خَليفة بن خيّاط قال: أبو جَنْدل بن سُهيل بن عَمرو اسمه: عبد الله بن سُهيل بن عمرو بن عبد شَمْس بن نَصْر بن مالك بن حِسْل بن عامر بن لُؤي، وأم أبي جَنْدل: فاخِتة من بني نَوفَل بن عبد مَناف، شهد بدرًا وكان مع المشركين، فلما نزل ببدرٍ هربَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، استُشهِد يومَ اليَمامَة
(1)
.
هكذا وجدتُ وفاته في تاريخ "شَبَابٍ" وأظنه واهمًا في وقت وفاته.
5290 -
فقد حدّثَناه أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحَسن، حدثنا الحُسين، حدثنا محمد بن عمر، قال: أبو جَنْدل بن سُهيل بن عَمرو أسلَمَ قديمًا بمكة، فحَبَسه أبوهُ سهيلُ بن عمرو، وأوثَقَه في الحديدِ ومَنَعَه الهجرةَ، فلما نزلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الحُدَيبِيَة وأتاه سُهيل بن عمرو، فقَاضَاهُ على ما قَاضاه عليه أقبلَ أبو جَنْدل يَرسُفُ في قُيودِه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فردَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيه؛ لأنَّ الصُّلْح كان بينَهم، ثم أفْلَتَ بعد ذلك فلَحِق بأبي بَصِير، وهو بالعِيْص، وقد تجَمَّع إليه جماعةٌ من المسلمين، وكانوا كلما مَرّت بهم عِيرٌ لقريش اعترَضُوها، فقَتَلُوا مَن قَدَرُوا عليه منهم، وأخَذُوا ما قَدَرُوا عليه من مَتاعِهم، فلم يَزَلْ أبو جَنْدل مع أبي بَصِير، حتى مات أبو بَصير، فقَدِمَ أبو جَنْدل ومن كان معه من المسلمين المدينة على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يَزَلْ يَعْزُو معه ويجاهد بعدَه في سبيل الله، حتى مات بالشام في طاعون عَمَواسَ سنة ثمانَ عشرةَ، في خلافة عُمر بن الخطاب
(2)
.
= الترغيب والترهيب (2169) لكن بذكر خطبة معاذ بن جبل عن الطاعون وقوله مثل ما قاله شرحبيل هنا.
(1)
هو في "طبقات خليفة" ص 26 - 27.
(2)
قد روى مثلَ هذا الخبرِ ابن سعد في "طبقاته" 5/ 94 عن محمد بن عمر الواقدي، لكن أسنده الواقدي، فقال: أخبرنا عمر بن عقبة بن أبي عائشة الليثي، عن عاصم بن عمر بن قتادة، =
ذكرُ مناقب الحارث بن هشام المَخزُومي رضي الله عنه
-
5291 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، قال: الحارث بن هشام بن المُغيرة بن عبد الله بن عُمر بن مَخزوم.
5292 -
فحدثني
(1)
سَلِيط بن مُسلم، عن عبد الله بن عِكرمة، قال: لما كان يومُ الفَتحِ دخَل الحارثُ بن هشام وعبدُ الله بن أبي رَبيعة على أم هانئ بنت أبي طالب، فاستَجَارا بها، فقالا: نحن في جِوارِكِ، فأجارتْهما، فدخل عليهما عليُّ بن أبي طالب، فنظر إليهما، فشَهَرَ عليهما السيفَ، فتفَلَّتَ عليهما، واعتَنقَتْه، وقالت: تصنعُ بي هذا من بين الناس لَتبدَأنّ بي قَبلَهما، فقال: تُجِيرين المشركين؟! فخرج، قالت أم هانئ: فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسول الله، ما لقيتُ من ابن أُمِّي عليَّ، ما كِدتُ
قال: أفلت أبو جندل، فذكره. وعاصم بن عمر تابعي، فالخبر مرسل، والراوي عنه لا يُعرف روى عنه غير الواقدي، وعلى أي حالٍ فالخبر صحيح مشهور عند أهل السير والمغازي، وهو عند البخاري (2731) من رواية الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، لكن دون قصة موت أبي بصير، ورجوع تلك العصابة المقاتلة إلى المدينة مع أبي جندل.
لكن أخرجه بتمامه الطبري في "تاريخه" 2/ 638 - 639 من رواية محمد بن إسحاق، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/ 172 - 175 من طريق موسى بن عقبة، كلاهما عن الزهري مرسلًا.
وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 4/ 175 - 176 من طريق أبي الأسود يتيم عروة بن الزبير، عن عروة مرسلًا.
وأخرجه البيهقي أيضًا 4/ 172 - 175 من طريق أخرى عن موسى بن عقبة مرسلًا. وهو في "سننه الكبرى" كذلك من تلك الطريق نفسها 9/ 227، لكنه لم يسُقْه بتمامه.
والعِيص، بكسر العين وسكون التحتانية: وادٍ لجُهينة بين المدينة والبحر، يصبُّ في إِضَم من اليسار من أطراف جبل الأجرد الغربية ومن الجبال المتصلة. انظر "معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية" لعاتق البلادي ص 219.
(1)
قائل ذلك هو محمد بن عمر الواقدي.
أُفلِتُ منه؛ أجَرْتُ حَمَوينِ لي من المشركين، فتفلَّتَ عليهما ليقتُلَهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما كان ذلك له، قد أَجَرْنا مَن أجرتِ، وأَمَّنا مَن أُمَّنْتِ" فرجعتْ إليهما فأخبرتْهُما، فانصرفا إلى منازِلهما، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: الحارثُ بنُ هشام وعبد الله بنُ أبي رَبيعة جالسان في نادِيهِما مُفتَضِلَين
(1)
في المُلاء المزَعْفَر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا سبيلَ إليهما، قد أمَّناهما". قال الحارث بن هشام: وجعلتُ استَحْيي أن يَراني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأُنكِرُ رؤيتَه إيّاي في كل مَوطِن مع المشركين، ثم أذكر بِرَّه ورحمته، فألقاهُ وهو داخلٌ المسجدَ فتلَقَّاني بالبِشْر، ووقف حتى جئتُه، فسلَّمتُ عليه وشَهِدتُ شهادةَ الحقِّ، فقال:"الحمدُ لله الذي هداك، ما كان مِثلُك يَجهَلُ الإسلامَ". قال الحارث: فوالله ما رأيتُ مثلَ الإسلامِ جُهِلَ
(2)
.
5292/ 1 - قال ابن عمر: وحدثني الضّحّاك بن عثمان، أخبرني عبد الله بن عُبيد بن عُمير، سمعت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يحدِّث عن أبيه، قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَجَّته وهو واقفٌ على راحلتِه، وهو يقول: "والله إنك لخَيرُ الأرض،
(1)
المثبت من (م)، واضطربت بقية النسخ في رسمه. يقال: تفضَّل: إذا خالف اللابس بين أطراف ثوبيه على عاتقِه، أو لبس ثوبًا واحدًا. وتَفعَّل وافتعل يتناوبان مثل استمع تسمَّع، وادَّهن وتدهَّن.
(2)
وهو في "الطبقات الكبرى" 6/ 83 - ومن طريقه أخرجه ابن عساكر 11/ 495 - 496 - عن محمد بن عمر الواقدي، به. وسَلِيط بن مُسلم لم يرو عنه غير الواقدي والقعنبي، ونسبه الواقدي إلى عامر بن لؤي، وشيخه عبد الله بن عكرمة - وهو ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام - من أتباع التابعين، فالخبر معضل، لكن للواقدي في قصة الجوار إسناد آخر متصل ذكره في "مغازيه" 2/ 830، ومن طريقه أخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 161 - 162، وتابعه عليه جماعةٌ عند أحمد 44/ (26892)، و 45 / (27380)، والنسائي (8631)، لكنه لم يقع في رواياتهم قصةُ إسلام الحارث بن هشام.
وأصلُ قصّة إجارة أم هانئ في "الصحيحين""صحيح البخاري"(357)، و "صحيح مسلم"(719)(82)، لكن بذكر إجارة رجلٍ واحدٍ غيرهما. وانظر كلام ابن حجر في "فتح الباري" 2/ 227.
وأحبُّ الأرض إلى الله، ولولا أني أُخرِجتُ منكِ ما خَرَجتُ"، قال: فقلتُ: يَا لَيتَنا لم نَفعَلْ، فارجِع إليها، فإنها مُنْيتُك ومَولدُك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني سألتُ ربّي عز وجل، فقلتُ: اللهمّ إنك أخرجْتَني من أحبِّ أرضِك إليَّ، فأنزِلْني أحبَّ أرضِك إليكَ، فأنزَلَني المدينةَ"
(1)
.
5292/ 2 - قال ابن عُمر: ولم يزل الحارث مقيمًا بمكة بعد أن أسلم، حتى تُوفِّي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاء كتابُ أبي بكر الصديق يَستنفِرُ المسلمين إلى غَزْوِ الروم قَدِم الحارثُ بن هشام وعِكْرمةُ بن أبي جهل وسهيلُ بن عمرو على أبي بكر المدينة، فأتاهم في مَنازلِهم فرحَّب بهم، وسلَّم عليهم، وسُرَّ بمَكانِهم، ثم خَرجُوا مع المسلمين غُزاةً إلى الشام، فشهد الحارثُ بن هشام فِحْلَ وأجْنادِينَ، ومات بالشام في طاعون عَمَواس سنة ثمانَ عشرةَ، فَخَلَفَ عمرُ بنُ الخطاب على امرأتِه فاطمة بنت الوليد بن المغيرة، وهي أم عبد الله بن الحارث، وكان عبد الرحمن يقول: ما رأيتُ ربيبًا خيرًا من عمر بن الخطاب، وكان عبد الرحمن بن الحارث بن هشام من أشرافِ قُريش
(2)
.
5293 -
أخبرني الحسن بن حَلِيم الدهقان بمَرُو، حدثنا محمد بن عمرو الفَزَاري، أخبرنا عَبْدان بن عُثمان، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا الأسود بن شَيبان، عن أبي
(1)
رجال إسناده من فوق الواقدي لا بأس بهم، لكن انفرد الواقدي بروايته بهذا الإسناد، ولم يتابعه عليه أحدٌ، بل جاء في روايته هذه بما يُنكر، وهو المرفوعُ في آخر الحديث الذي يعارِضُ المرفوعَ الذي في أوله، فصريحُ المرفوع في أوله أنَّ مكة هي أحب البقاع إلى الله، وصريح المرفوع في آخره أنَّ المدينة هي أحبُّ البقاع إلى الله، وكفى بهذا دليلًا على ضعف هذه الرواية، وقد روي هذا الحرفُ الأخير المرفوع مفردًا من حديث أبي هريرة كما تقدَّم عند المصنف برقم (4307)، لكن إسناده واهٍ بمرّة، بل حكم عليه الذهبي وغيره بالوضع. وكونُ مكةَ هي أحبَّ الأرض إلى الله صحيحٌ ثابتٌ كما تقدَّم بيانه عند الحديث (4307).
وأخرج رواية الواقدي هذه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 6/ 84 عن محمد بن عمر الواقدي، بهذا الإسناد. ومن طريق ابن سعدٍ أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 11/ 492.
(2)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 6/ 84 - 85 عن محمد بن عمر الواقدي.
نَوفَل بن أبي عَقْربٍ، قال: خرج الحارثُ بن هشام من مكة، فجَزعَ أهلُ مكة جزعًا شديدًا، ولم يَبْقَ أحدٌ إِلَّا خرج يُشيِّعه، حتى إذا كان بأعلى صُوَى
(1)
البطحاء، أو حيثُ شاء الله من ذلك، وقف ووقف الناسُ حولَه يبكون، فلما رأى جزعَ الناسِ، قال: يا أيُّها الناسُ، ما خرجتُ رغبةً بنفسي عن أنفُسِكم، ولا اختيارَ بلدٍ على بلدِكم، ولكن هذا الأمرَ قد كان خرج فيه رجالٌ من قريش، والله ما كانوا من ذوي أنسابِها، ولكن من بُيوتاتِها
(2)
، فأصبحتُ واللهِ لو أنَّ جِبالَ مكةَ ذهبًا فأَنفقْنا
(3)
في سبيل الله، ما أدرَكْنا من أيامِهم، وايْمُ اللهِ لئن بايَنُونا في الدنيا، لَنلْتمِسُ أن تُشارِكَهم في الأَجْر، فاتقى الله امرؤٌ خَرَج غازيًا
(4)
إلى الشام، فأُصيبَ شهيدًا
(5)
.
5294 -
حدثنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب ثَعلَب، حدثنا الحسن بن عُلَيل
(6)
العَنَزي، حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، عن أبيه، قال: كان الحارثُ بنُ هشامٍ ممَّن شهد بدرًا مع المشركين، فانهزم فيمن انْهزَم، فعيَّره حسانُ بن ثابت، فقال:
(1)
الصُّوى: جمع صُوَّة، وهو ما غَلُظ وارتفع من الأرض، ولم يبلغ أن يكون جبلًا.
(2)
رسمت العبارة في (ز) و (ص): ولكن من ـمر باها، وكذلك في (م) لكن جاء فيها: مر ـمر باها، ولم نتبين وجهها، والغالب أنها تحرَّفت عما أثبتناه من "الجهاد" لابن المبارك (101)، ومن طريقه رواه غيره كذلك، لكن جاء عندهم: ولا من بيوتاتها، بالنفي، والمثبت من نسخنا الخطية معناه حسنٌ، كأنه يقول: ليسوا من ذوي أنسابها، لكنهم من أحلافهم ومواليهم ممّن يُساكنهم مكة، والله تعالى أعلم.
(3)
في (ص) و (م): فأُنفقت، والمثبت من (ز) و (ب).
(4)
في (ز): غاديًا، بالدال المهملة بدل الزاي.
(5)
رجاله ثقات، لكنه مرسلٌ، فإنَّ أبا نوفل بن أبي عقرب لم يدرك الحارث بن هشام.
وهو عند ابن المبارك في "الجهاد"(101)، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 11/ 499.
(6)
في المطبوع: عليّ وقال ابن نقطة في "إكمال الإكمال": اسمه عليُّ ولقبه عُليل. وسقط اسم والد الحسن من (ص) و (م)، ففي (ص) قال: الحسن العَنَزي، وفي (م): الحسن بن العَنَزي.
إن كنتِ كاذبةَ الذي حدَّثْتِني
…
فنَجَوتِ مَنْجَى الحارثِ بن هشامِ
تَرَكَ الأحِبّةَ أن يُقاتلَ دُونَهمْ
…
ونَجَا برأسِ طِمِرَّةٍ ولِجَامِ
فقال الحارث بن هشام يَعتذِر من فِرارِه يومَئِذٍ:
اللهُ يَعلَمُ ما تركتُ قتالَهمْ
…
حتى رَمَوْا فَرَسي بأشقرَ مُزبِدِ
فعلمتُ أني إنْ أُقاتِلْ واحدًا
…
أُقتَل، ولا يَنْكَأْ عَدُوِّيَ مَشْهَدي
فصَدَرتُ عنهم والأحِبَّةُ بينَهُمْ
…
طَمَعًا لهم بعِقابِ يومٍ مُفسدِ
ثم غزا أُحُدًا مع المشركين، ولم يزَلْ مُتمسّكًا بالشَّرك حتى أسلمَ يوم فتح مكة
(1)
.
قد روت عائشةُ عن الحارث:
5295 -
حدثنا أبو زكريا العَنْبَري، حدثنا محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عامر بن صالح الزُّبَيري، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، عن الحارث بن هشام: أنه سألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: كيف يَنزِلُ عليكَ الوَحْيُ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في مثل "صَلْصَلَة الجَرَس، فيَفْصِمُ عني وقد وَعَيتُ ما قال، وهو أشدُّه عليَّ، وأحيانًا يأتيني المَلَكُ، فيتَمَثَلُ لي فيكلِّمُني فأَعِي ما يقول"
(2)
.
(1)
وهو في "نسب قريش" لمصعب بن عبد الله الزُّبيري ص 301 - 302 من قوله هو لم يذكر أباه عبد الله الزبيري: وهو ابن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير أمير المدينة واليمن في عهد الرشيد.
والطِّمِرَّة: قال ابن سِيدَه في "المخصص" 2/ 101: فرسٌ طِمِرٌ وطُمْرُورٌ وطِمْرِيرَ: جَوادٌ، والأنثى طِمِرَّة. والجواد يعني السريع كما في "مجمل اللغة" لابن فارس 1/ 202.
والأشقر: هو الدم، والمُزْبِد: الرَّغوة. والمعنى: أنه ما انهزم حتى جُرح فرسُه فَعَلَاه دمُه، أو جُرح هو فعَلَا فرسَه دمُه.
ويَنْكأ: معناه المبالغة في الأذى والضرر، وهو لغةٌ في نَكَى يَنْكي. والمعنى: لا يضرُّ حُضوري أعدائي.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف جدًّا من أجل عامر بن صالح الزبيري، وخالفه غيره من الرواة فجعلوه من مسند عائشة، وهو المحفوظ. وهو في "مسند أحمد" 42/ (25253). =
لا أعلم أحدًا قال في هذا الحديث: عن عائشة عن الحارث، غيرَ عامر بن صالح، وقد رواه أصحابُ هشامٍ عن أبيه عن عائشة: أنَّ الحارث بن هشام سأل
…
ذكرُ مناقب ثَعْلبة بن صُعَيرٍ العَدَويّ رضي الله عنه
-
5296 -
حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا همّامٌ، عن بكر بن وائل بن داود، أنَّ
(1)
الزُّهريَّ حدثهم عن عَبد الله بن ثَعْلبة بن صُعَيرٍ العَدَويّ، عن أبيه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خَطيبًا، وأمر بصَدَقة الفِطْر صاعًا من تَمْر، أو صاعًا من شعير، عن كلِّ واحدٍ - أو عن كلِّ رأسٍ - عن الصغير والكبير، والحُرّ والعَبْد
(2)
.
= وأخرجه أحمد 42/ (25252) و (25303 و 43 / (26198)، والبخاري (2) و (3215)، ومسلم (2333)، والترمذي (3634)، والنسائي (1008) و (11063)، وابن حبان (38) من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أنَّ الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث.
قوله: "فيَفْصِم" قال القاضي عياض في "المشارق" 2/ 160: يروي بفتح الياء وبضمها على ما لم يُسمَّ فاعلُه، ومعناه: ينفصل عني ويُقلع.
(1)
سقط من (ز) و (ب) حرف "أن" فأوهم ذلك أنَّ نسبة الزهري لبكرٍ، إنما بكر تيمي لا زهري، والحديثُ لابن شهاب الزهري.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه اختُلف فيه على الزهري في إسناده ومتنه كما هو مُوضَّح في "مسند أحمد" 39/ (23664)، و "سنن أبي داود"(1619)، غير أنَّ له شاهدًا من حديثي ابن عمر وأبي سعيد الخدري في "الصحيحين". همام: هو ابن يحيى العَوْذي.
وأخرجه أبو داود (1620) عن محمد بن يحيى النيسابوري - وهو الذُّهْلي الحافظ - عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود أيضًا (1620) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، عن همام بن يحيى، عن بكر بن وائل، عن الزهري، عن ثعلبة بن عبد الله، أو عبد الله بن ثعلبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. هكذا رواه لم يذكر أباه، وزاد في نص الحديث:"أو صاع بُرٍّ أو قمح بين اثنين" وهي بمعنى ما زاده بحر بن كنيز عن الزهري في الرواية التالية، وهي زيادة مُنكرة كما يوضحه حديث ابن عمر وحديث أبي سعيد اللذان يدلان على أنَّ القمح أو البُرَّ إنما اتُّفق على إخراجه بعد فتح الشام، =
5297 -
حدثناه أبو الطَّيب محمد بن عبد الله الشَّعِيري
(1)
، حدثنا محمد بن
= يعني بعده، صلى الله عليه وسلم حيث جعل الصحابة مُدَّين من القمح تَعدِل صاعًا من التمر والشعير، والصاع أربعة أمداد.
وأخرجه أحمد 39/ (23664) عن عفان بن مسلم، وأبو داود (1619) عن مُسدَّد وسليمان بن داود العَتَكي، ثلاثتهم عن حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد عن الزهري؛ قال عفان: عن ابن ثعلبة بن أبي صُعير عن أبيه، وقال مُسدّد: عن ثعلبة بن عبد الله بن أبي صُعير عن أبيه، وقال سليمان بن داود: عن عبد الله بن ثعلب - أو ثعلبة بن عبد الله - بن أبي صُعير عن أبيه، وزاد النعمان بن راشد في نص الحديث كذلك:"صاع من بُرٍّ أو قمح عن كل اثنين" وزاد أيضًا: "ذكر أو أنثى"، وزاد كذلك:"أما غنيُّكم فيزكّيه الله، وأما فقيركم فيردُّ الله عليه أكثر مما أعطى". وزاد عفَّان وسليمان قبلها: "غنيّ أو فقير".
وأخرجه أحمد 39/ (23663)، وأبو داود (1621) من طريق ابن جُريج، قال: وقال ابن شهاب: قال عبد الله بن ثعلبة: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس قبل الفطر بيومين، بمعنى حديث عبد الله يزيد المُقرئ عن همام عند أبي داود بزيادة قوله:"صاعًا من بُرٍّ أو قمح بين اثنين".
وسيأتي بعده من طريق بحر بن كنيز، عن الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة، عن أبيه.
وهذه الزيادات المُشار إليها لم تَرِدْ في حديثي ابن عمر وأبي سعيد الخدري في "الصحيحين" إلّا زيادة: ذكر أو أنثى، فجاء في حديث ابن عمر.
وأما حديثُ ابن عمر فأخرجه البخاري (1503) و (1504)، ومسلم (984)، بمثل رواية المصنف هنا وزيادة: ذكر أو أنثى. وانظر ما تقدَّم برقم (1505) و (1506) و (1511).
وأما حديث أبي سعيد الخدري فأخرجه البخاري (1505) و (1506) و (1508) و (1510)، ومسلم (985)، ولفظ مسلم في بعض رواياته، وهو أتمُّها: كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، عن كل صغير وكبير، حرٍّ أو مملوك، صاعًا من طعام، أو صاعًا من أقط، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من زبيب، فلم نَزَل نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبي سفيان حاجًا أو معتمرًا، فكلَّم الناس على المنبر، فكان فيما كلَّم به الناس أن قال: إني أرى مدَّين من سمراء الشام تعدل صاعًا من تمر. فأخذ الناس بذلك
…
وفي رواية عند مسلم: حتى كان معاويةُ، فرأى مُدَّين من بر تعدل صاعًا من تمر. والبُرُّ والسَّمراء هما القمح نفسُه وهو الحنطة أيضًا، وانظر ما تقدَّم برقم (1495). فزاد أبو سعيد في حديثه الأقط والزبيب والطعام.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: السعيدي، والتصويب من سائر المواضع التي روى فيها =
أشْرَس، حدثنا إبراهيم بن سليمان الزيّات، حدثنا بَحْر بن كَنِيز، حدثنا الزُّهْري، عن عبد الله بن ثَعْلبة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه فَرَضَ صدقة الفِطْر عن الصغير والكبير، صاعًا من تمر أو مُدَّين من قمح
(1)
.
هذا حديثٌ رواه أكثرُ أصحاب الزُّهْري عنه عن عبد الله بن ثَعْلبة عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَذكُروا أباهُ.
ذكرُ مناقب عبد الله بن ثَعْلبة رضي الله عنه
-
5298 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله، قال: وعبدُ الله بن ثَعْلبة بن صُعَير بن أبي صُعَير العدوي، ولد قبل الهجرة بأربع سنين، حُمِل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فَمَسَح وجهَه وبَرَّك عليه عامَ الفتح، وتوفي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربع عشرة، وتوفي عبدُ الله بن ثَعْلبة - وكنيته أبو محمد - سنةَ تسعٍ وثمانين، وهو ابن ثلاثٍ وتسعين سنة.
5299 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا أبو اليَمَان، حدثنا شعيب، عن الزُّهْري، عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير: أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مَسَحَ على رأسِه
(2)
.
= المصنَّف هذا الشيخ، واسمه محمد بن محمد بن عبد الله بن المبارك، والشَّعيري نسبة إلى الشعير.
(1)
صحيح لغيره دون قوله: أو مُدَّين من قَمْح، كما بيَّناه عند الرواية السابقة، ومحمد بن أشرس وبحر بن كَنِيز - وهو السَّقّاء - ضعيفا الحديثِ، لكنهما قد توبعا، غير أنَّ الحديث مُعلٌّ سندًا ومتنًا كما سبق.
(2)
إسناده صحيح أبو اليمان هو الحكم بن نافع، وشعيب: هو ابن أبي حمزة.
وأخرجه أحمد 39/ (23667)، والبخاري (6356) عن أبي اليمان، بهذا الإسناد. لكن قال أحمد في روايته: مسح وجهه زمن الفتح، وقال البخاري: مسح عنه.
وأخرجه أحمد 39/ (23665) من طريق يونس بن يزيد، و (23666) من طريق محمد بن الوليد الزُّبيدي، كلاهما عن الزهري، به بلفظ: مسح وجهه. زاد الزبيدي: يوم الفتح.
5300 -
حدثنا أبو عبد الله الشَّيباني، حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن الزُّهْري، عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير العَدَوي، وكان وُلِدَ عام الفتح، فأُتي به رسولُ الله، فمَسَح وجهَه وبَرَّك عليه
(1)
.
ذكرُ مناقب عبد الله بن عَدِيّ بن الحَمْراء رضي الله عنه
-
5301 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم الحَرْبي حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، قال: ومن حُلَفائهم: عبد الله بن عَدِيّ بن الحَمْراء الزُّهْري، وأمُّه: ابنة شَرِيق بن عمرو بن وهب بن شَرِيق، وكنية عبد الله بن عَدِيٍّ: أبو عَمرو
(2)
.
5302 -
حدثنا أبو عبد الله بن بُطّة، حدثنا الحَسن، حدثنا الحُسين، حدثنا محمد بن عُمر، قال: فحدّثني موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن، عن أبي عمرو عبد الله بن عَدِيّ بن الحَمْراء الخُزَاعي، فذكر بُنيان الكعبة
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسنٌ من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرَّح بالسماع في رواية يونس بن بُكَير عند البيهقي في "الدلائل" 3/ 290، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 87، وابن عساكر 27/ 180.
(2)
سيأتي نحوه من قول ابن إسحاق برقم (5937) وساق نسبه إلى ثقيف، فهو ثقفي النسب زهري الحِلْف.
(3)
إسناده ضعيف جدًّا، موسى بن محمد بن إبراهيم - وهو ابن الحارث التَّيمي - منكر الحديث متروك، ومحمد بن عمر - وهو الواقدي - لا يُحتج بما ينفرد به، وهذا الخبر من أفراده. الحسن: هو ابن الجَهْم، والحسين: هو ابن الفرج.
ونِسبة عبد الله بن عدي بن الحمراء خُزاعيًا مما انفرد به الواقديُّ في رواياته التي أوردها ابن سعد في "طبقاته"، والبلاذُري في "أنساب الأشراف". وأما ابن إسحاق فذكر من نسبه ما ينتهي به إلى ثقيف كما سيأتي برقم (5937)، وكذلك نُسِب أبوه عدي ثقفيًا في رواية أوردها الفاكهي في "أخبار مكة"(2138) في ذكر بعض دور مكة ورباعها، ثم أعاد الفاكهي ذكره بإثر (2143) فقال: ذكر رباع حلفاء بني زهرة
…
ودار مخرمة بن نوفل .. كانت قبل الخزاعيين لآل عدي بن الحمراء الثقفيين، ومثله قولُ ابن حبان في "الثقات" 3/ 215، وفي "مشاهير علماء الأمصار"(206)، =
قال ابن عُمر: وتوفي عبدُ الله بن عَديّ في خلافة عمر بن الخطاب.
5303 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا علي بن المَديني وعبد الله بن عبد الوهاب الحَجَبي قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن ابن أخي ابن شهاب، عن عمِّه، عن محمد بن جُبير بن مُطعِم،
= وكذلك قال ابنُ حزم في "جوامع السيرة" ص 54، وابنُ عبد البر في "الدرر في اختصار المغازي والسير" ص 45 لدى ذكرهما المجاهرين لرسول صلى الله عليه وسلم بالأذى والعداوة والظُّلم، فقالا: وعدي بن الحمراء الثقفي.
وخالفهم غيرهم، فنسبوه زهريًا، وقد تقدَّم ذلك في حديثٍ من رواية الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عدي بن الحمراء بإسناد صحيح برقم (4316). وهو قول خليفة بن خياط في "طبقاته" ص 16، خلافًا لما سيُورده عنه المصنف برقم (5938) بإسناد كتاب "الطبقات" نفسِه، حيث نسبه ثقفيًا، وما في كتاب "الطبقات" هو الصحيح كما يظهر من تقسيمه، حيث ذكر عبدَ الله بنَ عدي بن الحمراء في بني زهرة، فلما ختم به قال: ومن حلفائهم، فذكر رجالًا آخرين، فميَّز وجعله زُهريًا من أنفسهم.
وبه جزم الطبريُّ فيما نقله عنه ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 428، فقال: زهري من أنفسهم. وكذلك قال القاضي إسماعيل بن إسحاق فيما نقله عنه ابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 169، وبه جزم ابن حزم في "المحلى" 7/ 289، حيث قال: هو زُهري النَّسَب وعليه مشى أصحاب التراجم، فذكروا نسبته زهريًا، وقال بعضهم: وقيل: ثقفي.
لكن لم يَسُق أحدٌ منهم شيئًا من نسبه سوى ابن إسحاق كما تقدم، والذي من خلاله يظهر أنه ينتهي إلى ثقيفٍ، فإن صحَّ قول ابن إسحاق - وهو الظاهر - كان الصحيح نسبته ثقفيًا ويكون نسبته لبني زهرة بالحلف كما قال الفاكهيُّ وابن حبان في "الثقات"، وهو ما يُفهم من كلام مصعب بن عبد الله الزبيري في الرواية التي قبل هذه، حيث قال: ومن حلفائهم عبد الله بن عدي بن الحمراء الزُّهري، يعني أنه من حلفاء بني زهرة.
وهذا الحديث الذي أشار إليه المصنف بقوله: فذكر بنيان الكعبة؛ أورد الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 5/ 365 ما يدل عليه فقال: وقع عند الفاكهي من حديث أبي عمرو بن عدي بن الحمراء أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة في هذه القصة: "ولأدخلتُ فيها (أي الكعبة) من الحِجْر أربعة أذرُع".
ولم نقف عليه في مطبوع "أخبار مكة" للفاكهي.
عن عبد الله بن عَدي بن الحَمْراء، قال: وَقَفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على الحَزْوَرةِ، فقال:"والله إني لأعلَمُ أنكِ خيرُ أرضِ الله، وأحبُّ أرض الله إليَّ، ولولا أني أُخرِجتُ منك ما خَرجتُ"
(1)
.
ذكرُ مناقب خالد بن عُرْفُطةَ رضي الله عنه
-
5304 -
حدثنا أبو عبد الله بن بُطَّة، حدثنا الحَسن، حدثنا الحُسين، حدثنا محمد بن عُمر، قال: وخالدُ بن عُرْفُطة بن أَبرَهةَ بن سِنان
(2)
بن صَيفِي
(3)
بن هَيْلَة
(4)
بن عبد الله بن غَيلان بن أسلُم
(5)
بن عُذْرة، حَلِيف بني زُهْرة، وكان سعدُ بن أبي وقَّاص
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن محمد - وهو الدَّراوردي - إلّا أنه وهمَ في إسناده هو أو شيخه محمدُ بن عبد الله ابن أخي الزهري، فقال فيه: محمد بن جبير عن عبد الله بن عدي، والمحفوظ فيه عن الزهري: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عدي كما سلف برقم (4317) وكما سيأتي برقم (5939)، ولفظه فيهما:"وأحب أرض الله إلى الله"، وهو المعروف المشهور في رواية الحديث.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(454) عن الحميدي، عن عبد العزيز الدراوردي، بهذا الإسناد.
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية، إلى: شيبان، إلّا في (ز) فأشار إلى إهمال أوله فصارت: سيبان، والتصويب من مصادر ترجمة خالد وكتب الأنساب.
(3)
تحرَّفت في (ز) و (ص) و (م) إلى: صيل، وفي (ب) إلى: حبيل، وفي المطبوع إلى: حسل، والتصويب من مصادر ترجمة خالد وكتب الأنساب. ووقع في بعضها: صفي، بحذف الياء قبل الفاء، وفي بعضها: صُعَير، وأنه ابن أخي ثعلبة بن صعير. وصحَّح ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 201 أنه ابن صيفي، ونحوه قول ابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 580: الأشهر هو الذي نسبه إلى صيفي بن الهائلة، ويجتمع هو وثعلبة في حَزّاز.
(4)
تحرّف في النسخ إلى: هند. والتصويب من مصادر الترجمة، وبعضهم يقول: هائلة، بدل: هيلة.
(5)
كذلك ضبطه ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول" 12/ 342، قال: أسلُم، بضم اللام خلافًا لابن حبيب قلنا: ذلك أنَّ ابن حبيب قال في "مختلف القبائل ومؤتلفها" ص 27: أسلم في قُضاعة: أسلُم - بضم اللام - بن الحافي بن قضاعة، وأسلم - مضمومها - بن القيافة بن غافق بن =
سعدُ بن أبي وقَّاص ولَّاه القادسيةَ.
5305 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو البَخْتَري، حدثنا محمد بن بشر العَبْدي، عن زكريا بن أبي زائدة، عن خالد بن سَلَمة، عن مُسلم مولى خالد بن عُرْفطة: أنَّ خالد بن عُرفُطةَ قال للمُختار: هذا رجلٌ كذَّابٌ، فلقد سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن كَذَبَ عَليَّ متعمِّدًا، فليتبّوَّأْ مَقعَدَه من النار"
(1)
.
5306 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب حدثنا عَفّان، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن علي بن زيد، عن أبي عُثمان النَّهْدي، عن خالد بن عُرفُطة، قال: قال لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "سيكون أحداثٌ وفتنةٌ وفُرقةٌ واختِلافٌ، فإذا كان ذلك، فإن استطعتَ أن تكونَ المقتولَ لا القاتلَ فافعَلْ"
(2)
.
= الشاهد بن عك، وأسلم بن تدول بن تيم اللات بن رفيدة، كلهم مضموم اللام، وكل أسلمَ في العرب (يعني سوى من ذكر) فهو مفتوح اللام .... قلنا: أسلُم هذا هو ابن حَزّاز بن كاهل بن عُذْرة بن سعد بن زيد بن ليث بن سُود بن أسلُم بن الحاف بن قضاعة، كذلك جاء في كتب الأنساب، فأسلُم بضمّ اللام في هذا النسب اثنان، ووقعت نسبة أسلُم الصغير هنا لأبي جدِّه عُذْرة.
(1)
صحيح لغيره، بل متواتر، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل مسلم مولى خالد بن عُرفُطة، فهو - وإن لم يرو عنه غير خالد بن سَلَمة - تابعي ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد حسَّن حديثَه هذا عبد الغني المقدسي في "نهاية المراد من كلام خير العباد" (151). أبو البَخْتَري: هو عبد الله بن محمد بن شاكر العَنْبري. والمختار الذي قال فيه خالد بن عُرْفطة ما قال: هو المختار بن أبي عُبيد الثقفي، واشتهر كذِبُه.
وأخرجه أحمد 37/ (22501) عن أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، عن محمد بن بشر العَبْدي، بهذا الإسناد.
وهذا المتن معروف متواتر، انظر شواهده في التعليق على الحديث (28) في "صحيح ابن حبان"، منها حديثُ زيد بن أرقم المتقدم عند المصنف برقم (260)، وحديث أبي قتادة المتقدم كذلك برقم (384)، وحديثُ علي بن أبي طالب الآتي برقم (8013).
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد: وهو ابن جُدعان.
عفان: هو ابن مسلم الصفار، وأبو عثمان النَّهْدي: هو عبد الله بن ملِّ. =
ذكرُ سُهَيل بن عَمرو بن عبد شَمْس
5307 -
أخبرني أحمد بن يعقوب، حدثنا موسى بن زكريا، حدثنا خَلِيفة بن خَيّاط، قال: سُهيل بن عَمرو بن عبد شَمْس بن نَصْر بن مالك بن حِسْل بن عامر بن لُؤي بن غالب، وقال: سُهيل بن عمرو يُكنى أبا يزيد
(1)
.
5308 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحَسن، حدثنا الحُسين، حدثنا محمد بن عمر، قال: كان سهيلُ بن عَمرو من أشراف قريش ورؤسائهم، وشَهِدَ بدرًا مع المشركين، فأسرَه مالكُ بن الدُّخشُم، فقال:
أسرْتُ سُهيلًا فلم أبتَغي
…
به غَيرَه من جميع مع الأُمَمْ
وخِنْدِفُ تَعلَمُ أن الفَتى
…
سُهيلًا فَتَاها إذا ما انتَظَمْ
ضربتُ بذِي الشَّفْرِ حتى انْحَنى
…
وأكرهتُ نفسي على ذِي النِّعَمْ
(2)
قال: ومن ولدِه عبدُ الله، وهو من المهاجرين الأوّلين، وشهد بدرًا، وأبو جَنْدَل وقد صَحِبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وعتبةُ الأصغَر.
5308 م - قال ابن عُمر: حدثني إسحاق بن حازم، عن عبد الله بن مِقْسَم، عن جابر، قال: لَقِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أسامةَ بنَ زيد ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم على راحلتِه، فأجلسَه بين يديه،
= وأخرجه أحمد 37/ (22499) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وسيأتي عند المصنف برقم (8791) من طريق موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة.
ويشهد له حديث خبّاب بن الأرتّ عند أحمد 34/ (21064)، وهو محتمل للتحسين.
وحديث سعد بن أبي وقاص عند أحمد 3/ (1609)، وأبي داود (4257)، والترمذي (2194)، وهو حديث صحيح.
وحديث أبي موسى الأشعري عند أحمد 32/ (19730)، وأبي داود (4259)، وابن ماجه (3961)، وابن حبان (5962).
(1)
وهو في "طبقات خليفة بن خياط" ص 26.
(2)
وهو بنحوه في "طبقات ابن سعد" 6/ 121 عن محمد بن عمر الواقدي.
وسهيلُ بنُ عَمرو مَجنُوب
(1)
، يَداهُ إلى عُنُقه
(2)
.
5309 -
قال سهيل
(3)
: ولما دخلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مكةَ اقتَحمْتُ بيتي، وأغلقتُ علَيَّ بابي، وأرسلتُ إلى ابني عبدِ الله: أنِ اطلُبْ لي جِوارًا من مُحمّدٍ، فإني لا آمَنُ أن أُقتَلَ، فذهَبَ عبدُ الله إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أبي تُؤمِّنُه؟ قال:"نعم، هو آمِنٌ بأمانِ الله، فليَظْهَرْ"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حولَه:"مَن لَقِيَ سُهِيلَ بنَ عمرو فلا يَشْتدُّ إليه، فلَعَمْري إِنَّ سهيلًا له عقْلٌ وشَرَف، وما مِثلُ سُهيلٍ جَهِلَ الإسلامَ"، فخرج عبدُ الله بن سُهيل إلى أبيه، فخبَّره بمَقالةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال سُهيل: كان والله بَرًّا صغيرًا وكبيرًا، وكان سهيلٌ يُقبِل ويُدبِر آمِنًا، وخَرَج مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو على شِرْكِهِ حتى أسلمَ بالجِعْرانةِ، فأعطاهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من غنائم حُنَينٍ مئةً من الإبل"
(4)
.
وقد روى سهيلُ بن عَمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5310 -
حدثنا إسحاق بن محمد الهاشمي بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم،
(1)
تصحف في (ب) إلى: مجبوب، وإنما هو مَجنُوب من: جَنّب الفرسَ والأسيرَ يَجنبُه جَنَبًا: إذا قاده إلى جَنْبِهِ.
(2)
وهو في "المغازي" للواقدي 1/ 117 - 118 في غزوة بدر، ورواه عنه ابن سعد 6/ 121، وزاد الواقدي هناك: فلما نظر إليه أسامة قال: يا رسول الله، أبو يزيد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم، هذا الذي كان يطعم بمكة الخبز".
(3)
كذا جاءت قصة طلب سهيل بن عمرو الأمانَ معطوفة على حديث جابر بن عبد الله في نسخ "المستدرك"، فأوهم أنها من تتمة حديثه في غزوة بدر، وإنما رواها الواقدي بإسناد آخر في قصة فتح مكة.
(4)
وهو عند الواقدي في "مغازيه" 2/ 846 - 847، ومن طريقه أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 6/ 123، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 73/ 54، وابن الجوزي في "المنتظم" 4/ 258 - 259 عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبيه، قال: قال سهيل
…
فذكر القصة.
والجِعْرانة: موضع شمال شرقي مكة على نحو 29 كم منها.
حدثنا خالد بن مخلد القَطَواني، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن زياد بن مِينْاء، عن أبي سعيد بن فَضَالة الأنصاري - وكانت له صُحْبة - قال: اصطحبتُ أنا وسهيلُ بنُ عَمرو لياليَ أغزانا
(1)
أبو بكر، فسمعتُ سهيلًا يقول: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مُقامُ أحدِكم في سبيلِ الله ساعةً، خيرٌ له من عَمَلِهِ عُمَرَه في أهلِه".
قال سهيلٌ: وأنا أرابطُ حتى أموتَ، ولا أرجعُ إلى مكة أبدًا. فبقي بها مرابطًا بالشام إلى أن مات بها في طاعون عَمَواس، وإنما وقع هذا الطاعون بالشام سنة ثمان عشرةَ من الهجرة
(2)
.
5311 -
أخبرنا الحسن بن حَليم المَروَزِي، أخبرنا محمد بن عمرو الفَزَاري، حدثنا عَبْدانُ بن عثمان، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا جرير بن حازم، سمعتُ الحسنَ يحدِّث يقول: حَضَر أناسٌ بابَ عُمر، وفيهم سهيلُ بن عَمرو وأبو سفيان بن حرب والشُّيوخ من قُريش، فخرج آذِنُه، فجعل يأْذَنُ لأهلِ بدرٍ كصُهَيْبٍ وبلالٍ وأهل بدرٍ، قال: وكان والله بدريًا وكان يُحِبُّهم، وكان قد أوصى به
(3)
، فقال أبو سفيان:
(1)
في (ز) و (ب): أعزره، وضبَّب فوقها في (ز)، وفي (ص) و (م) جاء مكانها بياض، والمثبت من "طبقات ابن سعد" وغيره من المصادر التي خرَّجت الخبر.
(2)
إسناده حسنٌ من أجل زياد بن ميناء، فقد روى عنه ثقتان وذكره ابن حبان في "الثقات" وصحَّح له حديثًا، وقال علي بن المديني عن هذا الإسناد في حديث له آخر: إسنادٌ صالح يقبلُه القلبُ. نقله عنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 66/ 266، وشيخ المصنف صدوق إن شاء الله، وهو متابعٌ.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 126 و 8/ 15 و 9/ 408، وابن عساكر 66/ 264 و 73/ 42، وابن الجوزي في "المنتظم" 4/ 260 من طريق محمد بن عمر الواقدي، عن عبد الحميد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وبمعناه حديثُ أبي هريرة عند ابن حبان (4603) وغيره، مرفوعًا بلفظ:"موقف ساعةٍ في سبيل الله خيرٌ من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود"، ورجاله ثقات.
(3)
المعنى: أنَّ عمر كان قد أوصى آذِنَه بالإذن لأهل بدرٍ أولًا.
ما رأيتُ كاليومِ قطُّ، إنه يُؤذَنُ لهذه العَبيد ونحن جلوسٌ لا يُلتَفَتُ إلينا، فقال سهيلُ بن عَمرو - ويلٌ له من رجل ما كان أعقَلَه!
(1)
-: أيها القومُ، إني واللهِ قد أَرى الذي في وُجُوهِكم، فإن كنتم غِضابًا فاغضَبُوا على أنفُسِكم، دُعِيَ القومُ ودُعِيتُم، فأسرَعُوا وأبطأتُم، أما والله لَمَا سَبَقُوكم به من الفَضْل فيما [لا]
(2)
تَرَون، أشدُّ عليكم فَوْتًا من بابِكُم هذا الذي تُنافِسُون عليه
(3)
، ثم قال: إنَّ هؤلاء
(4)
القومَ قد سَبَقُوكم بما تَرَون، ولا سبيلَ لكم والله إلى ما سَبَقُوكم إليه، فانظُروا هذا الجهادَ فَالزَمُوه، عسى اللهُ عز وجل أن يَرزُقَكم الجهادَ والشَّهادةَ، ثم نَفَضَ ثوبَه، فقام فلَحِقَ بالشام. قال الحسنُ: فصَدَقَ واللهِ
(5)
، لا يجعلُ اللهُ عبدًا أسرعَ إليه كعبدٍ أبطأَ عنه
(6)
.
(1)
هذه الجملة معترضة من قول الحسن البصري.
(2)
لفظة "لا" سقطت من نسخنا الخطية، واستدركناها من "الجهاد" لابن المبارك (100)، ومن "الزهد" لأحمد (592) وغيرهما.
(3)
تحرَّفت العبارة في نسخنا الخطية إلى: من تأتيكم على الذين ينافسون عليكم، والصواب ما أثبتنا وفاقًا لما في مصادر تخريج الخبر.
(4)
في نسخنا الخطية: هذا بدل هؤلاء، والمثبت من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وهو الموافق لما في "الجهاد" لابن المبارك.
(5)
في النسخ: فصدق الله، بحذف الواو، والمثبت من مصادر التخريج.
(6)
خبر حسنٌ، وهذا السند رجاله ثقات لكنه مرسلٌ، لأنَّ الحسن وهو ابن أبي الحسن البصري - لم يُدرك هذه القصة، لكنها قصة اشتَهَرت رواها غير واحد كما سيأتي.
والخبر في "الجهاد" لعبد الله بن المبارك (100)، ومن طريقه أخرجه أبو عَروبة الحراني في "المنتقى من كتاب الطبقات" ص 46، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 73/ 59.
وأخرجه أحمد في "الزهد"(592) عن عفان بن مسلم وأبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدي في "أماليه" ص 94، من طريق محمد بن عبّاد بن عبّاد المهلبي، والطبراني في "الكبير"(6038)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3337) من طريق محمد بن الفضل عارمٍ أبي النعمان، ثلاثتهم عن جرير بن حازم، به.
وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 103، وابن منده في "معرفة الصحابة" 1/ 673 - 674، وابن عساكر 73/ 59 من طريق حميد بن أبي حميد الطويل، عن الحسن البصري. =
5312 -
حدثني علي بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن الحسن بن محمد، قال: قال عمرُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا رسولَ الله، دَعْني أنزعْ ثَنيَّتي سهيلِ بن عمرو، فلا يقومُ خطيبًا في قومه أبدًا، فقال:"دَعْها، فلعلّها أن تَسُرَّك يومًا".
قال سفيانُ: فلما مات النبيُّ صلى الله عليه وسلم نَفَرَ منه أهلُ مكة، فقام سهيلُ بنُ عَمرو عند الكعبة، فقال: مَن كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم إلهَهُ، فإنَّ محمدًا قد ماتَ، واللهُ حيّ لا يموتُ
(1)
.
= وأخرجه ابن عساكر 11/ 503 من طريق الزبير بن بكار، عن مصعب بن عثمان الزُّبيري، عن نوفل بن عمارة بن الوليد النوفلي مرسلًا، فذكر نحو القصة لكن بذكر الحارث بن هشام بدل أبي سفيان بن حرب، وزاد: فلما قاموا من عند عمر أتياهُ فقالا: يا أمير المؤمنين، قد رأينا ما فعلت اليومَ، وعلمنا أنّا اتُّهِمنا في أنفُسنا، فهل من شيء نَستدركُ به، فقال لهما: لا أعلمه إلّا هذا الوجه، وأشار لهما إلى ثغر الروم، فخرجا إلى الشام فماتا بها ورجاله لا بأس بهم.
وأخرجه الفاكهيُّ في "أخبار مكة"(2182)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1015)، وابن عساكر 15/ 362 من رواية الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب مرسلًا مختصرًا، ورجاله ثقات.
وأخرجه أبو بكر الدِّينَوري في "المجالسة"(617)، ومن طريق ابن عساكر 73/ 58 من رواية سفيان الثوري مُعضلًا. ورجاله إلى سفيان ثقات.
(1)
خبر حسن، وهذا سند رجاله ثقات غير أنه مرسلٌ، غير أنه روي من وجوه عدة، فهو حسنٌ بمجموعها إن شاء الله. سفيان هو ابن عيينة، وعمرو: هو ابن دينار. والحسن بن محمد: هو ابن علي بن أبي طالب.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 367، ومن طريقه ابن عساكر 73/ 52 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3335) من طريق عبد الجبار بن العلاء، عن سفيان، به.
وأخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 1/ 649، وابن سعد في "الطبقات" 6/ 122، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 14/ 387، وابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه الكبير"(554)، والطبري =
ذكرُ بلال بن رَبَاح
مُؤذِّن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقد روى عنه أبو بكر وعمرُ رضي الله عنهما.
5313 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطّة الأصبَهاني، حدثنا محمد بن عبد الله بن رُسْتَه الأصبهاني، حدثنا سليمان بن داود الشاذَكُوني، حدثنا محمد بن عمر، قال: بلالُ بن رَباح مولى أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنهما، ويُكنى أبا عبد الله، وكان من مُولَّدِي السَّرَاة، مات بدمشق سنة عشرين، فدُفِن عند الباب الصغير في مقبرة دمشق، وهو ابن بِضْع وستين سنةً
(1)
.
= في تاريخه 2/ 465، وابن عساكر 73/ 50 من طريق محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن عمرو بن عطاء، فذكره مرسلًا، بلفظ: يا رسول الله، دعني أنزع ثنيتي سهيل بن عمرو ويدلع لسانه، فلا يقوم عليك خطيبًا في موطن أبدًا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا أُمثّل به فيُمثِّل الله بي وإن كنتُ نبيًّا". قال ابن إسحاق: وقد بلغني أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر في هذا الحديث: "إنه عسى أن يقوم مقامًا لا تَذمُّه". ورجاله لا بأس بهم غير أنه مرسلٌ.
وقد أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" 73/ 50 من طريق عَمرة عن عائشة موصولًا بنحو لفظ ابن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء. وفي إسناده لينٌ، لكنه يصلح للاعتبار.
وذكر الواقدي هذا الخبر في "مغازيه" 1/ 107، وأخرجه عنه ابن عساكر 73/ 49، بمثل رواية الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب.
ويشهد لما قاله سفيان بن عيينة روايةُ ابن سعد في "الطبقات" 6/ 124، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر 73/ 56 عن محمد بن عمر الواقدي، عن فروة بن زبيد المدني، عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه، عن أبي عمرو بن عدي بن الحمراء، قال: نظرت إلى سهيل بن عمرو يوم جاء نعيُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة، وقد تقلَّد السيف، ثم قال: فخطبنا بخطبة أبي بكر التي خطب بالمدينة، كأنه سمعها، فقال: يا أيها الناس، من كان يعبد محمدًا فإنَّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله، فإنَّ الله حيٌّ لا يموت، وقد نعى اللهُ نبيّكم إليكم وهو بين أظهُرِكم، ونعاكم إلى أنفسُكم، فهو الموت حتى لا يبقى أحدٌ
…
(1)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 213 و 9/ 389، أما التعريف ببلال فذكره ابن سعد من قوله هو، وأما ذكر وفاة بلال وموضع دفنه فرواه عن شيخه محمد بن عمر الواقدي، وأسنده الواقدي فقال: أخبرنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبيه. =
سمعتُ شعيب بن طَلْحة يقول: كان بلالٌ تِرْبَ أبي بكر. وشعيبٌ أعلمُ بميلادِ بلالٍ
(1)
.
5314 -
وحدثنا
(2)
سعيد بن عبد العزيز، عن مَكحُول، قال: حدثني مَن رأى بلالًا رجلًا آدَمَ شديدَ الأُدْمةِ، نَحيفًا طوالًا أحْنَى، له شعرٌ كثيرٌ، خفيفُ العارِضَين، به شَمَطٌ كثيرٌ ولا يُغيِّر، وشهد بلال بدرًا، وأحدًا، والخندقَ، والمشاهد كلَّها مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، آخى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينَه وبين عُبيدة بن الحارث بن عبد المُطّلب
(3)
.
5315 -
أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا علي بن عبد الله، عن حُسين الجُعْفي
(4)
قال: بلالُ بن رباح أبو عَمرو، وأمّ بلالٍ حَمامةُ، بلغ سبعًا وستين سنةً، ودُفن عند باب الصَّغير في مقبرة دمشق.
5316 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونُس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق: أنَّ أبا بكر اشترى بلالًا من أُميّة بن خَلَف،
= والسَّراة، بفتح السين المهملة وتخفيف الراء: ما بين اليمن والطائف.
(1)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 220 و 9/ 390، عن محمد بن عمر الواقدي، به. والواقدي إنما يرجِّح بذلك قول شعيب بن طلحة على قول محمد بن إبراهيم التيمي، لكون شعيب من ولد أبي بكر الصديق كما نصَّ الواقدي نفسه على ذلك. وهذا النقلُ أيضًا عن الواقدي في "تاريخ داريا" لعبد الجبار الخولاني ص 31.
والتِّرب: المقارب لك في السِّن.
(2)
الضمير يعود على الواقدي.
(3)
وهو في "الطبقات" لابن سعد 3/ 220 و 9/ 390 عن محمد بن عمر الواقدي، به.
وقوله: أحْنَى، أي: في ظهره احديدابٌ.
والأُدْمة: السُّمْرة.
والعارضان جانبا الوجه، وخفيف العارضين معناه: خفيف شعر العارضين.
والشَّمَط: بياض شعر الرأس يخالط سَوادَه.
ولا يُغيِّر، أي: لا يغيَّر شَيبَه.
(4)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: الحنفي، وحسين الجُعفي هذا: هو ابن علي بن الوليد.
وأنه شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أسودَ مُولَّدًا، اشتراه أبو بكر من أُميّة بن خَلَف، أعطاهُ أبو بكر غلامًا وأخذ بدلَه بلالًا، وكانت أمُّه اسمُها حَمَامة، وكانا أسلما جميعًا، وكان يُكنى أبا عبد الله، توفي بدمشق سنة عشرين، ويقال: ثمانَ عشرةَ
(1)
.
5317 -
أخبرنا الحسن بن محمد الإسْفَرايِني، حدثنا محمد بن أحمد بن البَرَاء، حدثنا علي بن المَدِيني، حدثنا محمد بن بِشر، سمعتُ إسماعيل بن أبي خالد يَذكُر عن قيس، عن
(2)
مُدرِك بن عَوف الأحمَسي، قال: مررتُ ببلالٍ وهو في المسجدِ، فقلت: يا أبا عبد الله، ما يُجلِسُك؟ فقال: أَنتظِرُ طُلوعَ الشمسِ
(3)
.
5318 -
أخبرني أبو أحمد الحافظ، أخبرنا محمد بن سليمان، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: بلال بن رَبَاح أبو عبد الكريم، ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو عَمرو، مولى أبي بكر
(4)
.
5319 -
أخبرنا أبو إسحاق، أخبرنا الثَّقفي، حدثنا عُبيد الله بن سعيد، حدثنا يعقوب، عن أبيه، عن ابن إسحاق، قال بلال بن رَباح أمُّه حَمَامة، وأختُه غُفْرة، الذي يقال: عمر بن عبد الله المدني مولى غُفْرة
(5)
.
(1)
وانظر "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 681.
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: بن، وإنما يرويه قيس بن أبي حازم عن مدرك بن عوف، كما في مصادر تخريج الخبر.
(3)
إسناده حسن من أجل مدرك بن عوف الأحمسي، فهو تابعي كبير روى عن عمر بن الخطاب وجالسَه ووثقه العجلي وابن حبان، وصحَّح إسنادَ خبره هذا ابن حجر في "نتائج الأفكار" 2/ 443.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 9/ 37، وفي "الأدب"(154)، والطبراني في "الكبير"(1014)، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 2/ 443 من طريقين عن محمد بن بشر، بهذا الإسناد.
(4)
وهو في "التاريخ الكبير" لمحمد بن إسماعيل - وهو البخاري - 2/ 106.
(5)
قد جزم أكثرُ من ترجم لعمر بن عبد الله المذكور بأنه مولى غفرة بنت رباح أخت بلال، =
5320 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبَهاني، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا عارِمُ بن الفَضْل، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عمرو بن ميمون حدثني [أبي]
(1)
: أنَّ أخًا لبلالٍ كان يَنتمي إلى العربِ، ويَزعُم أنه منهم، فخطبَ امرأةً من العرب، فقالوا: إن حَضَرَ بلالُ زَوَّجناكَ، قال: فحَضَرَ بلالٌ، فقال: أنا بلالُ بن رَباحٍ، وهذا أخي، وهو امرؤٌ سَوءٍ، سيِّيءُ الخُلُقِ والدَّين، فإن شئتُم أن تُزوِّجُوه فزَوِّجُوه، وإن شئتُم أن تَدَعُوا فَدَعُوا، فقالوا: مَن تَكُن أخاهُ نُزوِّجه، فزوَّجُوه
(2)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وأخو بلالٍ هذا له روايةٌ.
5321 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو البَخْتَري عبد الله بن محمد بن شاكر، حدثنا الحُسين بن علي الجُعْفي، حدثنا زائدةُ، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن عبد الله، قال: إِنَّ أولَ مَن أظهرَ إسلامَه سبعةٌ: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمارٌ وأمُّه سُمَيّةُ وصُهيبٌ والمِقدادُ، وبلالٌ، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنَعَه اللهُ بعَمِّه أبي طالب، وأما أبو بكر فمنَعَه الله تعالى بقومِه، وأما سائرُهم فأخذَهم المشركون فألبَسُوهم أدراعَ
= هكذا نصّوا بأنها أخت، بلال موافقين بذلك قولَ ابن إسحاق.
يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
(1)
لفظة "أبي" سقطت من النسخ الخطية، وضبب في (ز) فوق كلمة "حدثني" وتُرك مكانَها في (ص) و (م) و "تلخيص المستدرك" للذهبي بياض، واستدركناه من "السنن الكبرى" للبيهقي 7/ 137 حيث روى هذا الخبر عن أبي عبد الله الحاكم بسنده هذا. وميمون هذا هو ابن مِهْران الرَّقّي.
(2)
رجاله ثقات، لكنه مرسل ميمون بن مهران الرَّقِّي والد عمرو لم يُدرك بلال بن رباح.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 137، ومن طريقه ابن عساكر 16/ 22 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 218، ومن طريقه ابن عساكر 16/ 22 عن عارم بن الفضل، به.
وعارِمٌ لقب محمد بن الفضل السَّدُوسي أبي النعمان.
الحديد، وأوقَفُوهم في الشمس، فما من أحدٍ إِلَّا قد واتاهُم
(1)
كلَّ ما أرادوا غيرَ بلال، فإنه هانَتْ عليه نفسُه في الله عز وجل، وهانَ على قومِه، فأعطَوه الوِلْدانَ، فجَعَلوا يَطُوفون به في شِعابِ مكةَ، وجعل يقول: أحَدٌ أَحَدٌ
(2)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5322 -
حدثنا أبو عبد الله الصَّفّار محمد
(3)
بن عبد الله، حدثنا أحمد بن مِهْران الأصبَهاني، حدثنا خالد بن مَخْلَد.
وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر، حدثنا عبد الله بن وهب؛ قالا: حدثنا عبد العزيز بن أبي سَلَمة الماجِشُون، عن محمد بن المُنكَدِر، عن جابر، قال: قال عمر: أبو بكر سيِّدُنا، وأعتَقَ سيّدنا. يعني بلالًا
(4)
.
صحيحُ، ولم يُخرجاه!
5323 -
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا الثَّقَفي
(5)
، حدثنا
(1)
في (ص) و (ب): آتاهم، وهو كذلك عند البيهقي في "سننه الكبرى" 8/ 209، وفي "دلائل النبوة" 2/ 281 عن أبي عبد الله الحاكم، بسنده هذا، وهما لغتان.
(2)
إسناده حسن من أجل عاصم - وهو ابن أبي النَّجُود - فهو صدوق حسن الحديث. زائدة: هو ابن قدامة، وزِرٌّ: هو ابن حُبيش وعبد الله: هو ابن مسعود الهُذلي.
وأخرجه أحمد 6/ (3832)، وابن ماجَهْ (150)، وابن حبان (7083) من طريق يحيى بن أبي بُكَير، عن زائدة، بهذا الإسناد.
وسيأتي عند المصنف برقم (5579) من طريق معاوية بن عمرو عن زائدة.
(3)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: أحمد، وصوبناه من سائر مواضع رواياته عند المصنِّف.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (3754) عن أبي نُعيم، عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجِشُون، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
(5)
في (ب): أحمد الثقفي، بزيادة اسم "أحمد" وكانت كذلك في (ز) ثم رُمِّجت، وهي زيادة مقحمة، فالصواب ما في (ص) و (م)، وذلك لأنَّ الثقفي المذكور هو محمد بن إسحاق أبو العباس السَّرّاج، فاسمه محمد لا أحمد.
قُتيبة، حدثنا الليث، عن يحيى بن سعيد، قال: ذكرَ عمرُ فضلَ أبي بكر، فجعل يَصِفُ ما فيه، ثم قال: وهذا سيدُنا بلالٌ حَسَنةٌ من حَسَناتِ أبي بكر
(1)
.
5324 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا أبو معاوية، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: أعتَقَ أبو بكر سبعةً ممَّن كان يُعذَّب في الله عز وجل، منهم: بلالٌ وعامرُ بن فُهَيرة
(2)
.
(1)
رجاله ثقات غير أنه مرسلٌ، لأنَّ يحيى بن سعيد - وهو الأنصاري - لا يُدرك عمر بن الخطاب. قتيبة: هو ابن سعيد البَلْخي والليث: هو ابن سعد المصري.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1057)، وابن عساكر 10/ 472 - 473 من طريقين عن قتيبة بن سعيد، به.
وقد صحَّ عن بلال من قوله هو، كما أخرجه ابن عساكر 10/ 475 من رواية أبي هشام محمد بن يزيد الرفاعي، عن محمد بن فُضيل، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: بلغ بلالًا أنَّ ناسًا يفضلونه على أبي بكر، فقال: كيف تفضلوني عليه وإنما أنا حسنةٌ من حسناته. وذكر ابن المديني أنَّ قيسًا لم يلق بلالًا، قال العلائي ردًا عليه: فيه نظر، فإنَّ قيسًا لم يكن مدلّسًا، وقد ورد المدينةَ عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة بها مجتمعون، فإذا روى عن أحدٍ فالظاهر سماعُه منه. قلنا لكن انفرد به بهذا الإسناد أبو هشام الرفاعي، وهو مختلف فيه، فمثله يُقبل حديثه في المتابعات والشواهد، وقد روي ما يَشهد لروايته من مرسل عامر الشعبي عند البَلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 190، ورجاله ثقات، فالخبر حسنٌ بمجموع الطريقين إن شاء الله تعالى.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه اختُلف في وصله وإرساله، والأكثرون رووه عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير مرسلًا، قال الدارقطني في "العلل" (3537): المرسل هو الصواب أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
وهو في "المصنّف" لأبي بكر بن أبي شيبة 12/ 10 عن أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه مرسلًا.
وكذلك أخرجه الطبراني في "الكبير"(1008) عن عبيد بن غنام، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن هشام، عن أبيه مرسلًا. فظهر بذلك أنَّ رواية الوصل التي عند المصنف وهمٌ ممن دون أبي بكر بن أبي شيبة، والله أعلم. =
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5325 -
أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفَضْل الشَّعْراني، حدثنا جدي، حدثنا الحكم
(1)
، عن الهِقْل بن زياد، عن الأَوزاعيّ، حدثني أبو عَمّار، عن واثلة بن الأسقَع،
= وذكر الدارقطني في "العلل" أنَّ عبد الله بن إدريس قد رواه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة موصولًا كذلك، ولم نقف على هذه الرواية مخرجة فيما بين أيدينا من مصادر.
وكذلك أخرجه موصولًا ابن عساكر في تاريخ دمشق" 30/ 67 من طريق يحيى بن عبد الله بن سالم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. لكن في الإسناد إليه لينٌ.
ورواه جماعةُ أصحابِ هشام الثقات مرسلًا:
فقد أخرجه سفيان بن عُيينة في "تفسيره" كما في "تغليق التعليق" 3/ 267، ومن طريقه أخرجه يعقوب بن سفيان كما في "الإصابة" لابن حجر 4/ 171 - 172، وأبو إسحاق الثعلبي في "تفسيره" 10/ 219، وابن عساكر 30/ 67 وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 223، وأخرجه أيضًا يونسُ بنُ بُكَير في زياداته على "سيرة ابن إسحاق" ص 191، ومن طريقه أخرجه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 3/ 1143 و 1534، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 282، وفي "شعب الإيمان"(1514)، وابن الأثير، 6/ 365، وأخرجه كذلك أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1130) من طريق حاتم بن إسماعيل، وابن عساكر 10/ 441 من طريق حماد بن سلمة، أربعتهم (ابن عُيينة ويونس بن بُكَير وحاتم وحماد بن سلمة) عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلًا. وذكر الدارقطني في "العلل": أنه رواه كذلك مرسلًا كلُّ من أبي أسامة وأبي ضَمْرة وابن أبي الزِّناد.
ورُوي مثله عن أم هانئ بنت أبي طالب عند محمد بن عثمان بن أبي شيبة في "تاريخه" كما في "الإصابة" لابن حجر 8/ 257، ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(8006) عن منجاب بن الحارث، عن إبراهيم بن يوسف، عن زياد بن عبد الله البكّائي، عن حميد الطويل، عن أنس، قال: قالت أم هانئ ..... فذكره. وأُقحم في "الإصابة" ذكر ابن إسحاق بين البكائي وبين حميد الطويل، وتصويبه من "المعرفة" لأبي نعيم، ومن "الإصابة" أيضًا في ترجمة زِنِّيرة الروميّة 7/ 664 حيث ذكر ابن حجر رواية محمد بن عثمان بن أبي شيبة مرة أخرى فلم يذكر ابن إسحاق. وهذا سندٌ قويٌّ رجاله ثقات، وإبراهيم بن يوسف وهو السَّعدي - قويُّ الحديث، وقد تقدمت له ترجمة برقم (5163).
(1)
تحرَّف في (ب) والمطبوع إلى: الحاكم. وإنما هو الحكم بن موسى البغدادي.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ السُّودانِ ثلاثةٌ: لقمانُ، وبلالٌ، ومِهجَعٌ مولى رسولِ الله"
(1)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5326 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حذُيفة، حدثنا عُمَارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السُّباقُ
(1)
ضعيف لاضطراب إسناده مع ثقة رجال هنا، فقد اختُلِف في إسناده عن الأوزاعي - وهو عبد الرحمن بن عمرو - كما سيأتي بيانه، وقال الذهبي في "تلخيصه": كذا قال: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أعرف ذا أبو عمار: هو شدَّاد بن عبد الله.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 10/ 462 من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن الأوزاعي، عن النبي صلى الله عليه وسلم مُعضَلًا، بلفظ: "خير السودان أربعة
…
" وذكر النجاشي أيضًا. ولم يقل في مهجع بأنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الطبري في "تفسيره" 21/ 67 عن العباس بن الوليد بن مَزْيَد العُذْري، عن أبيه، عن الأوزاعي، عن عبد الرحمن بن حرملة، قال: جاء أسودُ إلى سعيد بن المسيب يسألُ، فقال له سعيد: لا تحزن من أجل أنك أسودُ، فإنه كان من خير الناس ثلاثة من السودان: بلالٌ، ومِهْجَع مولى عمر بن الخطاب، ولقمان الحكيم
…
كذا وصف مِهْجَعًا بأنه مولى عمر بن الخطاب، وهذا مقطوعٌ من قول ابن المسيَّب، وهذا الإسناد أصحُّ أسانيده إلى الأوزاعي، فهو الأشبه بالصواب في رواية الأوزاعي، والله أعلم.
وفي الباب عن ابن عباس عند ابن حبان في "المجروحين" 1/ 180، والطبراني في "الكبير" 11 (11482)، وابن عساكر 10/ 462، وابن الجوزي في "الموضوعات" (1197) مرفوعًا بلفظ:"اتخذوا السودان فإنَّ ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة: لقمان الحكيم والنجاشي وبلال المؤذن". قال ابن حبان: متن باطل لا أصل له قلنا: في إسناده أُبَين بن سفيان المقدسي قال عنه البخاري: لا يُكتب حديثُه، وقال ابن حبان: يجب التنكُّب عن أخباره.
وفي الباب أيضًا عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم عند ابن عساكر 10/ 462، وأبي طاهر السِّلَفي في "أحاديثه عن جعفر السراج"(3)، وابن الجوزي في "تنوير الغبش في فضل السودان والحبش (55) بلفظ:"سادة السودان أربعة لقمان الحبشي والنجاشي وبلال ومِهْجَع". وهذا معضل، فإنَّ ابن جابر من تبع الأتباع، فلا يصحُّ.
أربعةٌ: أنا سابِقُ العربِ، وسلمانُ سابِقُ فارسَ، وبلالٌ سابِقُ الحَبشةِ، وصهيبٌ سابِقُ الرُّومِ"
(1)
.
تفرَّد به عُمَارةُ بن زاذان عن ثابت.
5327 -
أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الشافعي، حدثنا محمد بن مَسلَمة الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حُسام بن مِصَكٍّ، عن قَتَادة، عن القاسم بن رَبيعة، عن زيد بن أرقَمَ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نِعمَ المَرْءُ بلالٌ، هو سيِّد المؤذِّنِين، ولا يَتبَعُه إلَّا مُؤذّنٌ، والمؤذِّنون أطولُ الناس أعناقًا يومَ القيامة"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف من أجل عمارة بن زاذان، فإنَّ له عن ثابت عن أنس أحاديث مناكير كما قال الإمام أحمد، ووهّاه الذهبي في "تلخيص المستدرك" عند الرواية الآتية لهذا الحديث برقم (5820) أبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النَّهْدي، وثابت: هو ابن أسلم البُناني.
وأخرجه البزار (6901)، ومن طريقه أبو الفضل العراقيُّ في "محجة القرب إلى محبة العرب"(271) عن عبدة بن عبد الله، وابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 419، وابن العَديم في "تاريخ حلب" 4/ 1840 من طريق إسحاق بن الحسن الحربي، كلاهما عن أبي حذيفة موسى بن مسعود، بهذا الإسناد. وقال العراقي: حديث حسن!
وفي الباب عن أبي أمامة الباهلي عند ابن أبي حاتم في "العلل"(2577)، والطبراني في "الكبير"(8526)، وفي "الأوسط"(3036)، وفي "الصغير"(289)، وفي "مسند الشاميين"(827)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 75، وابن الفاخر في "موجبات الجنة"(336) و (337)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 10/ 449 و 24/ 220، والعراقي في "محجة القرب"(270). وإسناده ضعيف، فيه عطية بن بقية بن الوليد عن أبيه، وهما غير ثقتين وقال أبو حاتم وأبو زرعة فيما نقله عنهما ابن أبي حاتم حديث باطل لا أصل له بذا الإسناد.
وروي عن قتادة بن دعامة مرسلًا عند الطبري في "تفسيره" 22/ 96، قال: ذُكر لنا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم: قال
…
فذكره. ورجاله ثقات.
وروي من مرسل الحسنِ بن أبي الحسن البَصري عند معمر بن راشد في "جامعه"(20432)، وابن أبي شيبة 11/ 478، وابن سعد في "الطبقات" 1/ 5، وأحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(1737)، ورجاله ثقات أيضًا. لكن اقتصر ابن سعد على وقال صلى الله عليه وسلم:"أنا سابق العرب".
(2)
إسناده واهٍ من أجل حسام بن مِصَكٍّ، فهو متفق على تضعيفه متروك الحديث. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه البزار (4338)، والطبراني في "الكبير"(5119)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 434، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(268)، وابن عساكر 10/ 461 من طرق عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(5118)، وفي "الأوسط"(2851)، وابن عساكر 10/ 461 من طريق سليمان بن داود الشاذكوني، عن سهل بن حسام بن مِصَكّ، عن أبيه، عن قتادة، عن القاسم بن عوف الشيباني، عن زيد بن أرقم. فسمَّى التابعي القاسم بن عوف الشيباني، وسليمان الشاذكوني متروك.
وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 225 عن يزيد بن هارون، عن شيخ من أهل البصرة، عن القاسم بن عوف الشيباني، عن زيد بن أرقم. كذا وقع في الطبعات المحققة من "المصنف" لابن أبي شيبة بذكر القاسم بن عوف بالشيباني، وبإسقاط ذكر قتادة، وإبهام الشيخ البصري، وقد جزم الحافظُ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 308 بأنه حسام بن مِصَكّ نفسُه، وقال: كأنه أبهمه لضعفه.
وأخرجه أبو القاسم الرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" 4/ 138 من طريق الحسن بن أبي الربيع الجُرجاني، عن يزيد بن هارون، عن أبي أمية البصري، عن القاسم بن عوف، عن زيد بن أرقم. فإن كان الحسن الجرجاني حفظه، فالغالب أنَّ أبا أمية هذا هو إسماعيل بن يحيى - ويقال: ابن يعلى - الثقفي البصري، وهو متروك الحديث ليس بشيء.
وقوله: "المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة" روي من حديث معاوية بن أبي سفيان مرفوعًا عند مسلم (387).
ومن حديث بلال بن رباح نفسِه عند البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 103، والبزار (1365)، والطبراني في "الكبير"(1080)، وفي "مسند الشاميين"(1888) و (2141)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2790) وابن عساكر 3/ 106 و 107، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 308، ولفظه عن بلال قال: يا رسول الله، إنَّ الناس يتَّجرون ويتبعون معايشهم، ولا نستطيع أن نفعل ذلك، فقال:"ألا ترضى يا بلال أنَّ المؤذنين أطول الناس أعناقًا يوم القيامة". وإسناده ضعيف لجهالة بعض رواته ولين بعضهم، ومع ذلك حسّنه ابن حجر!
وقد اختُلف في معنى قوله: "أطول الناس أعناقًا" على أقوال ثمانية أوردها الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 309، منها: قول النضر بن شُميل وأبي داود السجستاني أنَّ المعنى: أنَّ الناس يعطشون يوم القيامة، ومن عطش التوَتْ عنقُه، والمؤذنون لا يعطشون فأعناقهم قائمة.
ومنها قول ابن حبان بأنَّ المراد بالطول أنَّ أعناقهم تتأمّل الثواب. =
تفرَّد به حُسَام.
5328 -
أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم، حدثنا محمد بن موسى الباشاني، حدثنا علي بن الحسن بن شَقيق، أخبرنا الحسين بن واقِد، حدثنا عبد الله بن بُريدة، عن أبيه، قال: أصبحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومًا فدعا بلالًا، فقال:"يا بلالُ، بمَ سَبقْتَني إلى الجنةِ، إني دخلت البارحةَ الجنةَ فسمعتُ خَشْخَشتَكَ أمامي، فأتيتُ على قَصْرٍ من ذهبِ مُربَّعٍ مُشرِف، فقلت: لمن هذا القصرُ؟ فقالوا: لرجلٍ من أمّة محمدٍ، قلت: أنا محمد، لمن هذا القصرُ؟ قالوا: لرجلٍ من العرب، فقلتُ: إني عَربيّ، لمن هذا القصرُ؟ قالوا: لرجل من قُريش، فقلت: أنا قُرشيٌّ، لمن هذا القصرُ؟ قالوا: لعُمرَ بن الخَطّاب"، فقال بلالٌ: يا رسول الله، ما أذَّنْتُ قَطُّ إِلَّا صلَّيتُ ركعتَين، وما أصابني حَدَثٌ قطُّ إِلَّا توضأتُ عندها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بِهَذا"
(1)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5329 -
أخبرني إبراهيم بن فِراس الفقيه بمكة، حدثنا بكر بن سَهْل الدِّمْياطي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن سُلَيم بن عامر، عن أبي أُمامة، عن عمرو بن عَبَسة قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو نازلٌ بعُكَاظ، فقلتُ: مَن معك
= ومنها: أنَّ الطول على الحقيقة لكونهم كانوا يمُدونها عند رفع الصوت في الدنيا، فمُدّت في القيامة ليمتازوا بذلك عن غيرهم، وقيل: لئلا يُلْجِمهم العرق.
(1)
حديث قوي، وهذا إسناد حسنٌ من أجل محمد بن موسى الباشاني - وهو ابن حاتم - وقد توبع، والحسين بن واقد وهو المروزي - صدوق لا بأس به.
وأخرجه أحمد 38/ (23040) عن علي بن الحَسَن بن شَقيق، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (22996)، وابن حبان (7086) من طريق زيد بن الحُباب، والترمذي (3689) من طريق علي بن الحُسين بن واقد، كلاهما عن الحُسين بن واقد، به.
وقد تقدَّم برقم (1193) من طريق عبد الله بن علي الغزّال عن علي بن الحَسن بن شقيق، مختصرًا بقصة بلال بن رباح.
على هذا الأمر؟ فقال: "رجلانِ: أبو بكر وبلالٌ"، فأسلمتُ، ولقد رأيتُني وأنا رُبعُ الإسلام
(1)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5330 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن رُستَهْ، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا محمد بن عُمر قال: مات بلالٌ سنةَ عِشرين
(2)
.
5331 -
وحدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق، حدثنا مصعب بن عبد الله، قال: وبلالُ بن رباح مات بالشام بدمشق سنة عِشرين.
ذكرُ مناقب أبي الهيثم بن التَّيِّهانِ الأشْهَلي رضي الله عنه
-
5332 -
أخبرني أبو الحسن محمد بن أحمد الشَّبَّوي
(3)
بمَرْو، حدثنا جعفر بن محمد بن الحارث، حدثنا عمار بن الحسن، حدثنا سَلَمة بن الفَضْل، عن محمد بن إسحاق، قال: وشَهِدَ العقبةَ الأُولى والثانيةَ من الأنصار ثم من بني عبد الأشْهَل أبو الهيثم بن التَّيِّهان، واسمُه مالكٌ، حَليفٌ لهم، وهو نَقيبٌ، شهد بدرًا، ولا عَقِبَ له
(4)
.
5333 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين، حدثنا محمد بن عمر، عن شُيوخه: وأبو الهيثَم بن التَّيِّهان اسمُه مالك، من بَلِيّ بن عَمرو بن الحافِ بن قُضاعة، حليفٌ لبني عبد الأشْهَل، وقال: أبو الهيثم بن التَّيِّهان وأسعدُ بن زُرَارة من أول مَن أسلَمَ من الأنصار بمكة، ومن أول من لقيَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قبلَ قومِهم، وقَدِمُوا المدينةَ بذلك، وشهد أبو الهيثَم العقبةَ مع السبعين من الأنصار،
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبدِ الله بن صالح - وهو كاتب الليث - وبكرِ بن سَهْل الدَّمْياطي، وقد توبعا كما تقدَّم برقم (593) و (4468).
(2)
مكرر ما تقدم برقم (5313).
(3)
تصحف في نسخنا الخطية إلى: النسوي، وهذه النسبة إلى جدِّه شَبَّويه.
(4)
وانظر "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 454، و "معجم الصحابة" لأبي القاسم البغوي 5/ 183.
وهو أحدُ النُّقباء الاثني عشر، لا خِلافَ بينَهم في ذلك، وآخى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين أبي الهيثم بن التَّيِّهان وعثمان بن مَظعُون، وشَهِد أبو الهيثم بدرًا وأُحدًا والخَندق، والمَشاهِدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
5333/ 1 - حدثنا
(2)
سعيدُ بن راشِد عن صالح بن كَيْسان قال: تُوفي أبو الهَيثم ابن التَّيَّهان في خلافة عمر بن الخطاب
(3)
.
5333/ 2 - وحدثنا
(4)
إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حَبيبة، سمعتُ شيوخَ أهلِ الدارِ - يعني بني عبد الأشْهَل - يقولون مات أبو الهيثَم بن التَّيهان سنة عشرين بالمدينة
(5)
.
5334 -
أخبرني محمد بن يزيد العَدْل، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا هِلال بن بِشْر، حدثنا أبو خلف عبد الله بن عيسى، عن يونس بن عُبيد، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خَرج ذاتَ يومٍ من بيته عند الظَّهِيرة، فرأى أبا بكر جالسًا في المسجد، فقال:"ما أخرجَك يا أبا بكرٍ هذه الساعةَ؟ " قال: أخرجَني الذي أخرجَك يا رسول الله، ثم جاء عمرُ، فقال:"ما أخرجك يا ابن الخَطّاب؟ " فقال: الذي أخرجَكما يا رسول الله، فقَعَدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يتحدّث معهما، ثم قال: "هل بكُما من قُوّة، فتَنطَلِقان إلى هذه النَّخْل - وأومأْ بيده إلى دُور الأنصارِ - تُصِيبان طعامًا
(1)
وهو عند ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 412 عن محمد بن عمر الواقدي، به.
(2)
الضمير يعود على الواقدي أيضًا.
(3)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 413 عن محمد بن عمر الواقدي، به.
وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(1725) عن أبي الحسن علي بن محمد المدائني عن سعيد بن راشد.
(4)
الضمير يعود على الواقدي.
(5)
وهو عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 413 عن محمد بن عمر الواقدي، به وزاد الواقدي: هذا أثبت عندنا ممَّن روى أن أبا الهيثم شهد صفّين مع علي بن أبي طالب، وقُتل يومئذٍ، ولم أرَ أحدًا من أهل العلم قبلنا يعرف ذلك ولا يُثبته، والله أعلم.
وشرابًا وظِلًّا إن شاء الله؟ " قلنا: نعم، فانطلق رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وانطلَقْنا معه، وذكَرَ الحديثَ
(1)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي خَلَف عبد الله بن عيسى - وهو الخَرّاز - لكن هذه القصة مشهورة رواها أبو هريرة كما سيأتي عند المصنف برقم (7355)، وابن عمر كما سيأتي أيضًا برقم (7358)، وقال العقيلي في "الضعفاء" (823) بعد أن خرَّج حديثَ ابن عباس هذا: قد روي في هذا الباب أحاديثُ من غير هذا الوجه صالحةُ الإسناد.
وأكثر من روى حديثَ ابن عباس هذا بهذا الإسناد يزيد فيه قول ابن عباس في إسناده: أنه سمع عمر بن الخطاب يقول
…
فيذكر القصة، ويجعلها من مسند عمر بن الخطاب، وصحَّح ذلك ابن صاعد ووافقه الحافظ ابن حجر فيما قاله عنهما ابن علان في "الفتوحات الربانية" 5/ 233.
وفي تتمة هذا الحديث الذي اختصره المصنِّف هنا قصةُ أبي الهيثم بن التَّيِّهان في ضيافته للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، وإطعامهم البُسر والرطب واللحم، ثم دعائه صلى الله عليه وسلم له بالخير، ومكافأته بعد ذلك بخادم من السَّبْي بنحو ما جاء في حديث أبي هريرة الذي سيأتي عند المصنف واختصار المصنف له هنا ليس بجيّد، خاصةً وأنه أورده في مناقب أبي الهيثم بن التَّيِّهان، فكان المقامُ يقتضي ذكرَه بطوله.
وأخرجه مطولًا البزار (205)، وأبو يعلى (250)، وابنُ خزيمة كما في "دلائل النبوة" للبيهقي 1/ 362، والعُقيلي في "الضعفاء"(823)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 8/ 495، والطبراني في "الكبير" 19/ (568)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 252، وأبو طاهر المخلِّص في "المخلصيات"(338)، وأبو إسحاق الثعلبي في "تفسيره" 10/ 279، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 362، وضياء الدين المقدسي في "المختارة" 1/ (179)، والمزي في "المنتقى من فوائد أبي حامد الحضرمي"(50) من طرق عن أبي خلف عبد الله بن عيسى الخزاز، بهذا الإسناد. وأكثرهم يزيد في إسناده عن ابن عباس أنه سمع عمر بن الخطاب يقول
…
يجعله من مسند عمر بن الخطاب.
وسيأتي عند المصنف أجزاءٌ من قصة أبي الهيثم بن التَّيِّهان برقم (7356) و (7767) عن محمد بن يزيد العدل أيضًا.
وسيأتي عند المصنف أيضًا برقم (7261) و (7357) من طريق عبد الله بن كيسان المروزي، عن عكرمة، عن ابن عباس نحو قصة أبي الهيثم بن التَّيِّهان لكن بذكر أبي أيوب الأنصاري: أنه هو الذي ضيَّف النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وفيه زيادات، وعبد الله بن كيسان هذا ضعيف، واستغرب =
ذكرُ مناقب سعيد بن عامر بن حِذْيَم رضي الله عنه
-
5335 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، قال: سعيد بن عامر بن حِذْيَم بن سَلَامان بن ربيعة بن سعد بن جُمَحَ، وكان باهرًا، ولَّاه عمرُ بعضَ أجنادِ الشام، فمات وهو على عَمَلِه بالشام سنة عشرين
(1)
.
5336 -
حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدثنا أبو مُسلم إبراهيم بن عبد الله، حدثنا محمد بن الطَّفيل، حدثنا شَريك، عن جامع بن أبي راشد، عن زيد بن أسلم: أنَّ عُمر قال لسعيد بن عامر بن حِذْيَم: ما لأهل الشام يُحبُّونك؟ قال: أُغازِيهم وأُواسِيهم، فأعطاهُ عشرةَ آلافٍ، فردَّها، وقال: إنَّ لي أعبُدًا وأفراسًا، وأنا بخيرٍ، وأريد أن يكون عملي صدقةً على المسلمين، فقال عمر: لا تفعل، إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أعطاني مالًا دُونَها، فقلتُ نحوًا ممّا قلتَ، فقال لي:"إذا أعطاكَ اللهُ مالًا لم تَسأْلهُ، ولم تَشْرَهْ نفسُك إليه، فخُذْه، فإنما هو رِزقُ اللهِ أعطاكَ إيَّاهُ"
(2)
.
= ابن حبان وكذلك الحافظُ ابن حجر في "نتائج الأفكار" روايته هذه وما جاء فيها من زيادات ليست في قصة أبي الهيثم فيما نقله عنه ابن علّان في "الفتوحات الربّانية" 5/ 232.
(1)
وهو في "معجم الصحابة" لأبي القاسم البغوي بإثر (976) عن مصعب الزبيري، بذكر اسم سعيد بن عامر ونسبه دون توليته ووفاته. ثم ذكر البغوي عن ابن إسحاق (977) أنه استعمله عمرُ على بعض الشام، ويدلُّ عليه الخبرُ الذي بعده. ووافق مصعبًا على ذكر وفاة سعيد بن عامر سنة عشرين محمدُ بنُ عمر الواقديُّ كما في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 9/ 403. وفيه خلاف انظره في "تاريخ دمشق" لابن عساكر 21/ 165.
(2)
خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، والمحفوظ فيه أنه عن زيد بن أسلم عن أبيه أسلم مولى عمر بن الخطاب، فهو موصول. وقد رويت قصة عمر مع النبي صلى الله عليه وسلم من جوه عدة. شريك: هو ابن عبد الله النخعي.
وأخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 1/ 228، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 21/ 162 - 163 - من طريق علي بن حكيم الأودي، والبيهقي في "الكبرى" 6/ 184 من طريق إسحاق بن عيسى بن الطبَّاع، كلاهما عن شريك النخعي، عن جامع بن أبي راشد، عن زيد بن أسلم، =
ذكرُ أنس بن مرثد بن أبي مَرثَد الغَنَوي رضي الله عنه
-
5337 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، قال: وأنس بن مرثد بن أبي مرثد الغَنَوي يُكنى أبا يزيدَ، حليفُ حمزةَ بن عبد المُطّلب، وكان مَوتُه سنةَ عشرين، في شهر ربيع الأول، وكان بينَه وبين أبيه في السِّنّ إحدى وعشرون سنةً
(1)
.
قد ذكرتُ فيما تقدَّم أبا مَرثَد الغَنَوي وبعدَه ابنَه مَرثَد
(2)
، وهذا الحفيد، وكلُّهم من الصحابة رضي الله عنهم.
= عن أبيه. فذكرا أسلم مولى عمر بن الخطاب.
وأخرجه مختصرًا بقصة عمر بن الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم ابن أبي شيبة 6/ 552، وأحمدُ في "الزهد"(130)، وعبد بن حميد (42)، وأبو يعلى (167)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(3268)، وابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 85 من طريق هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب وإسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل هشام بن سعد، وقد تابعه جامع بن أبي راشد في طريق المصنف وغيره.
ولزيد بن أسلم فيه شيخ، آخر، فقد أخرجه معمر بن راشد في "جامعه"(20044)، ومالك في "موطئه" 2/ 998 كلاهما عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار مرسلًا.
وأخرج قصة عمر مع النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا أحمد في "مسنده" 1/ (100)، والبخاري (7163)، ومسلم (1045)، وأبو داود (1647)، والنسائي (2397 - 2399) من طريق عبد الله بن السعدي، وأحمد 10/ (5748)، والبخاري (1473) و (7164)، ومسلم (1045)، والنسائي (2400) من طريق عبد الله بن عمر بن الخطاب، كلاهما عن عمر بن الخطاب. وذكر ابن السعدي عن نفسه مثل قصة سعيد بن عامر أنه كان يلي أعمالًا لعمر بن الخطاب وأراد عمر أن يرزقه فأبى، فقال له عمر مثل ما قال لسعيد.
قوله: تَشْرَه نفسُك، أي: يشتدُّ حرصُها.
(1)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 5/ 105 عن محمد بن عمر الواقدي عن شيخ من غَنِيٍّ.
كذا نقله الواقديُّ عن شيخ غنويٍّ. وسمَّى الرجلَ أُنيسًا، بالتصغير. قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (48): أنيس بن مرثد
…
ويقال أنس، والأول أكثر.
(2)
تقدما برقم (5034) وما بعده.
ذكرُ أُسَيد بن حُضَير الأنصاري رضي الله عنه
-
5338 -
أخبرني أبو الحسن محمد بن أحمد الرئيس بمَرْو، حدثنا جعفر بن محمد بن الحارث، حدثنا عمّار بن الحسن، حدثنا سَلَمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق قال: وأُسيد بن حُضَير بن سِماك بن عَتِيك بن رافع بن امرِئ القيس بن زيد بن عبد الأشهَل، ويُكنى أبا يحيى، توفي سنة عشرين
(1)
.
5339 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق، حدثنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: مات أبو يحيى أُسَيد بن حُضَير سنة عشرين، وكان قد شهد العَقَبة، ثم كان نَقيبًا، صلَّى عليه عمرُ بن الخطاب بالمدينة، ودُفن بالبقيع، وله كنيتان أبو يحيى وأبو حُصَين
(2)
، وأبوه حُضَيرُ الكتائبِ
(3)
، ولم يُعقِبْ أُسَيدٌ
(4)
.
(1)
انظر "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 444، فقد نقل اسم أُسيد ونسبه عن ابن إسحاق، لكن لم يذكر كنيته ووفاته.
وقد ثبت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناداه مرة بكنيته أبي يحيى، كما أخرجه النسائي (7962) و (8020) من حديث أبي سعيد الخُدري.
ووفاته سنة عشرين هو الأصح الذي نقله جماهير العلماء، انظر "تاريخ دمشق" لابن عساكر 9 - 78 - 97.
(2)
وقع في المطبوع: أبو حضير، وهو قول رُوي في كنية أُسيد بن حُضير، لكن ما وقع في نسخنا الخطية هو ما ذكره ابن الحذاء وأبو القاسم البغوي والطبري فيما نقله عنهم الحافظ مغلطاي في "إكمال تهذيب الكمال" 2/ 226، وذكره كذلك ابن منده في "فتح الباب في الكنى والألقاب"(2304)، والذهبي في "المقتنى"(1615)، لكن قال الذهبي: أبو حضير أشبه.
(3)
وقع في (ز) و (ب): الكاتب، والمثبت من (ص) و (م) هو الموافق لما في كتب السيرة والتراجم والتاريخ التي ذكرت حُضيرًا أبا أسيد، "كالمغازي" للواقدي 1/ 303، و "طبقات ابن سعد" 3/ 558.
(4)
يعكِّر على قوله: لم يُعقب، ما ثبت في "مسند أحمد" 18/ (11766)، و "صحيح مسلم"(796) عن أبي سعيد الخدري من ذكر أُسَيدٍ ابنه يحيى في خبرٍ ذكره. فلعلَّ يحيى هذا مات ولم =
5340 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر: وأُسَيد بن الحُضَير بن سِماك، يُكنى أبا يحيى، ويقال: أبو الحُصَين، ويقال: أبا بَحْر، وكان أُسَيد شريفًا في قومه في الجاهلية والإسلام، يُعدُّ من عُقلائهم وذَوي آرائهم، وكان من الكَمَلَة
(1)
، وكان أبوه الحُضَيرُ الكتائبِ كذلك مِن قبله، وكان رئيسَ الأوس يوم بُعَاث، وقُتل حُضَير يومئذ.
وأُسيد بن حُضَير أحدُ السبعين من الأنصار الذين بايَعُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ليلةَ العَقَبة في رواية جميعِهم، وأحدُ النُّقباء الاثني عشرَ، وآخَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين أُسَيد بن حُضَير وزيد بن حارثة، ولم يَشهَد أُسَيدٌ بدرًا، تَخلَّف هو وغيرُه من أكابر الصحابة من النُّقَباء وغيرهم عن بدر، لأنهم لم يظنُّوا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَلقَى حَرْبًا ولا قتالًا، وشَهِدَ أُسَيدٌ أحدًا، وجُرح يومئذٍ سبع جراحاتٍ، وثَبَتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انكَشَف الناسُ، وشَهِدَ الخندقَ والمشاهدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
5341 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا
= يُعقب فلم يبق لأُسيد بعده عَقِبٌ، والله أعلم.
(1)
في المطبوع: الكتبة، بدل الكملة، وهو تحريف، وإن كان حُضير ممّن يعلم الكتابة، وقال ابن سعد في "الطبقات" 3/ 558: كان أُسَيد يكتب العربية في الجاهلية، وكانت الكتابة في العرب قليلًا، وكان يُحسِن العَومَ والرمي، وكان يُسمَّى مَن كانت هذه الخِصال فيه في الجاهلية الكامل، وكانت قد اجتمعت في أُسَيد.
(2)
انظر الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 559.
وقد وافق الواقديَّ على عدم شهود أُسَيد بدرًا محمدُ بنُ إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 454 - 455. لكن ذكر ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 45 أنَّ غير محمد بن إسحاق يقول: إنه شهد بدرًا. قلنا: جزم ابن السَّكن فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 1/ 83 بشهوده بدرًا، وأثبت ذلك أيضًا خليفةُ بنُ خياط عند ابن عساكر 9/ 78، وجماعةٌ آخرون رواه عنهم الواقدي عند ابن عساكر 9/ 95 - 96، وأثبته الدارقطني كذلك في "المؤتلف والمختلف" 2/ 554، وغيرهم، فالله تعالى أعلم، وأنكر ابن عساكر 9/ 77 شهوده بدرًا بخبرٍ ذكره لا يُعتمَد على مثله.
أسدُ بن موسى، حدثنا الليث، عن ابن شِهاب، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أُسَيد بن حُضَير أنه كان يقرأ على ظَهْر بيتِه، وهو حَسنُ الصوتِ، قال: فبَيْنا أنا أقرأُ إذ غَشِيني شيءٌ كالسحاب، والمرأةُ في البيتِ والفرسُ في الدارِ، فتخوَّفتُ أن تُسقِطَ المرأةُ، فانصرفتُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اقرَأْ، فإنما هو مَلَكٌ استمعَ القرآنَ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، لأنَّ سفيان بن عُيينة أرسلَه عن الزُّهْري
(2)
.
5342 -
حدثني محمد بن صالح ومحمد بن المؤمَّل ومحمد بن القاسم، قالوا: حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب وابن لَهِيعة، قالا: حدثنا عُمارة بن غَزِيّة، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن أمِّه فاطمة بنت حُسين بن علي، عن عائشة، أنها قالت: كان أُسَيد بن حُضَير من أفاضل الناس، فكان يقول: لو أني أكونُ كما أكونُ مَحَلَّ حالٍ من أحوالٍ ثلاث، لكنتُ من أهل الجنة، وما شككتُ في ذلك: حين أقرأُ القرآنَ وحين أسمعهُ، وإذا سمعتُ خطبةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا شهدتُ جِنازةً؛ فما شهدتُ جِنازةً قطُّ فحدَّثتُ نفسي سوى ما هو مفعولٌ بها، وما هي صائرةٌ إليه
(3)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
(1)
حديث صحيح. وهو مكرر ما سلف برقم (2056).
(2)
تقدَّمت روايته هذه عند المصنف برقم (2057).
(3)
إسناده فيه لِينٌ من أجل محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان - وهو ابن عفان - فهو إلى الضعف أقرب. يحيى بن أيوب هو الغافقي المصري، وابن لَهِيعة: هو عبد الله.
وأخرجه أحمد 31/ (19093) من طريق عبد الله بن المبارك، عن يحيى بن أيوب وحده، بهذا الإسناد.
وقد روي نحوه لكن من قول سعد بن معاذ عند ابن أبي شيبة 13/ 377، والطبراني في "الكبير"(5321) و (5322)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2894) وغيرهم بسند رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسلٌ.
5343 -
حدثني علي بن حَمْشاذَ العدل، حدثنا هشام بن علي وإسحاق بن الحسن، قالا حدثنا عفّان بن مسلم، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس، قال: كان أُسَيدُ بن حُضَير وعَبّادُ بن بِشر عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلةٍ ظلماءَ حِنْدِس، فلما انصرفا أضاءت عصا أحدِهما، فمَشَيا في ضَوئها، فلمّا افتَرقا أضاءت عصا الآخَر
(1)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5344 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي بمَرُو، حدثنا عمار بن عبد الجبار، حدثنا وَرْقاءُ، عن حُصَين.
وأخبرني عبد الله بن محمد الصَّيدلاني، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا يحيى بن المُغيرة السَّعْدي، حدثنا جَرير عن حُصَين، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه، قال: كان أُسَيد بن حُضَير رجلًا ضاحكًا مليحًا، فبينما هو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحدِّث القومَ ويُضحِكُهم فطعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في خاصِرَتِه، فقال: أوْجَعْتَني، قال:"اقتص" قال: يا رسول الله، إنَّ عليك قميصًا، ولم يكن عليَّ قَميصٌ، قال: فرفع
(1)
إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني.
وأخرجه أحمد 21/ (13870) عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 20/ (12980)، والنسائي (8188) من طريق بهز بن أسد، وابن حبان (2032) من طريق هدبة بن خالد، كلاهما عن حماد بن سلمة، به. وعلَّقه البخاري في "صحيحه" بإثر (3805) عن حماد بن سلمة.
وأخرجه أحمد 19/ (12404)، وابن حبان (2030) من طريق معمر بن راشد، عن ثابت، عن أنس: أنَّ أُسَيد بن حُضَير ورجلًا آخر من الأنصار
…
فذكره، وعلَّقه البخاري بإثر (3805) كذلك عن معمر.
وأخرجه البخاري (465) و (3639) و (3805) من طريق قتادة بن دعامة السدوسي، عن أنس بن مالك: أنَّ رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم
…
فذكره ولم يُسمِّ الرجلين.
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قميصَه، فاحتَضَنه، ثم جعل يُقبِّل كَشْحَيهِ، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أردتُ هذا
(1)
.
(1)
رجاله ثقات، لكنه اختُلف فيه على حُصَين - وهو ابن عبد الرحمن السُّلَمي - في وصله وإرساله، فقد رواه عنه جريرٌ - وهو ابن عبد الحميد الضبّي - وورقاءُ - وهو ابن عمر اليشكري - كما وقع هنا عند المصنف موصولًا، وخالفهما خالدُ بنُ عبد الله الواسطي وسليمانُ بنُ كثير العبدي وأبو جعفر الرازي، فرووه عنه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أُسَيد بن حُضَير. هكذا لم يذكروا فيه أبا ليلى والد عبد الرحمن، وعبد الرحمن لم يلحق أُسَيدَ بن حُضَير فيسمعَ منه، كما قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 1/ 341 في ترجمة أُسَيد، وكذلك قال ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (346): ابن أبي ليلى لم يسمع من أُسَيد بن حُضير.
وقد قوَّى الذهبيُّ إسنادَ الرواية الموصولة في "تهذيب سنن البيهقي" 6/ 137.
وأخرجه البيهقي 8/ 49 عن أبي عبد الله الحاكم، عن عبد الله بن محمد الصيدلاني، بإسناده.
وأخرجه أبو داود (5224) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عن حُصين بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أُسيد بن حُضَير، رجلٍ من الأنصار
…
فذكره. ولم يذكر أبا ليلى.
وتابع خالدًا الواسطيَّ عليه أبو جعفر الرازي عند الطبراني في "الكبير"(557)، وسليمانُ بنُ كثير العبدي عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 9/ 89.
وقد روي في إقادته صلى الله عليه وسلم من نفسِه الكريمةِ أحاديثُ أخرى، ومن ذلك:
ما أخرجه أحمد 1/ (286)، وأبو داود (4537)، والنسائي (6953)، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُقِصُّ من نفسِه. وإسناده حسن.
ومنه ما سيأتي عند المصنف برقم (8142) في قصة أعرابيٍّ خدشَه رسول الله صلى الله عليه وسلم خدشةً لم يتعمّدها.
وإسناده ضعيف.
ومن ذلك ما رواه ابن إسحاق، كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 626، في قصة سَوَاد بن غَزيّة أن النبي صلى الله عليه وسلم طعنه في بطنه وهو يعدّل الصفوف يوم بدر، فقال: يا رسول الله، أَوجَعْتَني، وقد بعثَك اللهُ بالحقِّ والعدل، قال: فأقِدْني فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه، وقال:"استقِدْ"، فاعتنقَه فقبَّل بطنَه، فقال:"ما حملك على هذا يا سواد؟ " قال: يا رسول الله، حضر ما ترى فأردتُ أن يكون آخر العهد بك أن يمسَّ جلدي جلدَك، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيرٍ. ورجاله ثقات. وروى ابن سعد 3/ 478 في ترجمة سواد بن غزية نحو هذه القصة بسياق مغاير، وليس فيها أن ذلك كان يوم =
هذا لفظُ حديثِ جَرير عن حُصين، فإنَّ حديث ورقاء مختصرٌ.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5345 -
حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حدثنا قُتيبة، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَردي، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نِعمَ الرجلُ أُسَيدُ بنُ حُضَير"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخُرجاه.
5346 -
أخبرني الشيخ أبو بكر بن إسحاق فيما قرأتُه عليه من أصل كتابه، قال: أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا أحمد بن الحُسين
(2)
اللَّهَبي، حدثنا محمد بن طلحة التَّيْمي، عن محمد بن الحُصَين بن عبد الرحمن بن سعد بن معاذ، عن أبيه، عن جدِّه، عن أُسَيد بن حُضَير: أنه كان تأوَّةَ، وكان يؤمُّنا، فيُصلّي بنا قاعدًا، فعادَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا يا رسول الله، إنَّ أُسَيدًا إمامُنا، وإنه مريض، وإنه صلَّى بنا قاعدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فصَلُّوا وراءه قعودًا، فإِنَّ الإمامَ لِيُؤْتَمَّ به، فإذا صلَّى قاعدًا فصَلُّوا خَلْفَه قُعودًا"
(3)
.
= بدر، وفيها تسمية صاحب القصة سواد بن عمرو، وكأن ابنَ سعد عدَّ سواد بن غزية هو سوادَ بنَ عمرو نفسه، لكون عمرو في أجداده، وأنه ربما نُسب إلى جده.
والكشح: الخَضْر.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن محمد الدَّراوردي، وقد توبع فيما تقدَّم عند المصنف برقم (5247)، حيث رواه عبد العزيز بن أبي حازم عن سُهيل.
وأخرجه أحمد 15 / (9431)، والترمذي (3795) عن قُتيبة - وهو ابن سعيد - بهذا الإسناد.
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الحُصين بالصاد المهملة، وإنما هو بالسين المهملة، وقد جاء في "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (269) على الصواب. وانظر ترجمته في "معاني الأخيار في شرح أسامي رجال معاني الآثار" 1/ 28 ترجمة (40).
(3)
صحيح من فعل أُسَيد بن حُضَير، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل محمد بن الحُصين، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهو محمد بن الحُصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ - اختُصر من نسبه هنا اسم عمرو - فقد روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروايته هنا عن أهل بيته عن قصة في قومه بني عبد الأشهل، لأنَّ سعد بن معاذ وأُسيدًا كلاهما من بني عبد الأشهل، وعلى أنَّ صلاة أُسَيد بن حُضَير في قومه قاعدًا وصلاة قومه خلفه قعودًا مرويةٌ من وجوه، لكن ليس فيها ذكر المرفوع الذي هنا، غير أنَّ هذا المرفوع ليس بمستنكر، فقد رُوي ما يشهد له في غير هذه القصة عن عدة من الصحابة.
وأخرجه أبو داود (607) من طريق محمد بن صالح بن قيس الأزرق - ونسبه زيد بن حُباب مرةً تمّارًا - عن حُصين من ولد سعد بن معاذ - وهو حصين بن عبد الرحمن بن عمرو والد ابن الحُصين - عن أُسَيد بن حُضَير. هكذا رواه منقطعًا، ومحمد بن صالح الأزرق هذا ضعيف، فرواية محمد بن الحصين عن أبيه أَولى منها. وقال أبو داود بإثره: هذا الحديث ليس بمتصل.
وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 7/ 208 من طريق علي بن مُسهر، وابن المنذر في "الأوسط"(2036) من طريق حماد بن سلمة، والدارقطني (1480) من طريق محمد بن إسحاق، ثلاثتهم عن هشام بن عروة، عن كثير بن السائب، عن محمود بن لَبيد، قال: كان أسيد بن حُضَير قد اشتكى عِرْقَ النَّسا، وكان لنا إمامًا، وكان يخرج إلينا فيشير إلينا بيده أن اجلسوا فنجلس، فيصلي بنا جالسًا ونحن جلوس، هكذا ذكره موقوفًا، وهذا لفظ ابن إسحاق، وهو أتم الألفاظ ولفظ الآخرين مختصرٌ. وإسناده حسنٌ. وزاد البخاري في روايته ذكر عروة في إسناده.
مع أنَّ ابن أبي حاتم ذكر في "العلل"(464) أنَّ أصحاب هشام بن عروة يروونه عن هشام عن كثير بن السائب، ليس فيه عروة، وكذلك هي رواية حماد بن سلمة المذكورة، ورواية ابن إسحاق.
وخالفهم سفيانُ بنُ عُيينة عند عبد الرزاق (4085) وابن سعد 3/ 560، فرواه عن هشام بن عروة، عن أبيه: أنَّ أُسيد بن حُضير اشتكي
…
فذكر نحوه.
وأخرجه موقوفًا كذلك ابن سعد 3/ 560، وابن المنذر في "الأوسط"(2035)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 14/ 313 - 314، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 139، وابن عساكر 9/ 93 من طريق بُشَير بن يسار: أنَّ أُسَيد بن حُضَير كان يؤم قومه فاشتكى فصلَّى بهم قاعدًا، فصلُّوا وراءه قعودًا. هذا لفظ ابن سعد ولفظ الباقين بنحوه. وهو عند ابن أبي شيبة أيضًا 2/ 326 لكن بذكر عبد الله بن هُبيرة الحضرمي بدل بُشَير بن يسار. ورجاله ثقات، غير أنَّ بُشَيرًا وابن هُبيرة بيرة لم يُدركا أُسَيد بن حُضَير، ومع ذلك صحَّح إسنادَه الحافظان ابن رجب في "شرح البخاري" =
صحيح الإسناد ولم يُخرجاه.
5347 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحَبُوبي بمَرُو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عمرو بن عَلقَمة، عن أبيه، عن جدَّه، عن عائشة قالت: قَدِمْنا من سفر فتُلقِّينا بذي الحُلَيفة، وكان غلمانُ الأنصارِ يَتَلقَّون بهم إذا قَدِمُوا، فَلَقُوا أُسَيدَ بن حُضَير، فنَعَوا إليه امرأتهَ، فتقنَّع يبكي، قالت: فقلتُ له: سبحانَ الله، أنتَ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكل السابقةُ، ما لَكَ تبكي على امرأة؟! فكَشَفَ عن رأسه، ثم قال: صدقتِ لَعَمْرُ اللَّهِ، وَاللَّهِ ليَحِقُّ أَن لا أَبكيَ على أحدٍ بعد سعدِ بن مُعاذٍ، وقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما قال، قلتُ له: وما قال؟ قال: "لقد اهتزَّ العرشُ لوفاةِ سعدِ بن معاذٍ". قالت عائشةُ: وأُسَيدُ بن حُضَير يَسيرُ بيني وبين رسولِ الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
= 6/ 154، وابنُ حجر في "فتح الباري" 3/ 206!
وللمرفوع وحدَه في أمر المأمومين بالصلاة قعودًا وراء الإمام القاعد شاهدٌ من حديث عائشة عند البخاري (688)، ومسلم (412).
ومن حديث أنس بن مالك عند البخاري (689)، ومسلم (411).
ومن حديث أبي هريرة عند البخاري (722)، ومسلم (414).
ومن حديث جابر بن عبد الله عند مسلم (413).
وقد تُشكل هذه الأحاديث مع حديث عائشة في صلاة الصحابة وراء النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرض موته صلى الله عليه وسلم وهم قيام وهو قاعد، وهو عند البخاري (664) و (683)، ومسلم (418)، وأحسنُ ما يُجمع به بين هذه الأحاديث وحديث عائشة في مرض موته صلى الله عليه وسلم أن يقال: إنَّ إقراره صلى الله عليه وسلم لأصحابه قيامًا وهو قاعدٌ دليل على الإباحة، وأنَّ ما جاء في الأحاديث الأخرى يُحمل على النَّدْب. وممَّن ذهب هذا المذهب في الجمع بين الأمرين ابن حزم في "المحلّى" 3/ 65 - 66، وابنُ حجر في "فتح الباري" 3/ 208 - 209. وهو أحد وجوه الجمع التي حكاها ابن رجب في "فتح الباري" 6/ 15 - 160، وابن كثير في البداية والنهاية 8/ 60.
(1)
إسناده فيه لِينٌ كما تقدم بيانه برقم (4991).
ذكرُ عِياض بن غَنْم الأشعَري
(1)
رضي الله عنه
-
5348 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله، قال: عِياضُ بن غَنْم بن زُهير، كان من أشرافِ قُريش، وذكره ابن قيس الرُّقيّات، فقال:
وعِياضٌ مِنَا عِياضُ بن غَنْمٍ
…
عِصمةُ الدِّين حين حُبَّ الوَفاءُ
(2)
هو أول من أجاز الدَّرْبَ إلى الروم.
5349 -
حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو بكر محمد بن النضر بن سَلَمة الجارُودي، حدثنا إبراهيم بن سعيد الجَوهَري، قال: حدثني محمد بن عمر الواقِديّ، عن شُيوخه، أنهم قالوا عِياض بن غَنْم بن زُهير بن أبي شَدّاد بن ربيعة بن هِلال بن أُهَيب بن ضَبّة بن الحارث بن فِهْر، أسلم قبل الحُدَيبِيَة، وشهدَ الحُدَيبِيةَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت عندَه أم الحَكَم بنت أبي سفيان بن حَرْب، فلما حَضَرَت أبا عُبيدةَ بن الجرّاح الوفاةُ استخلف عِياضًا على ما كان يليه، وكان عياضٌ رجلًا صالحًا، فلما نُعيَ إلى عمرَ أبو عُبيدةَ أكثر الاستِرجاعَ والترحُّم عليه، وقال: لا يَسُدُّ
(1)
نسبة عياض بن غَنْم هذا أشعريًا غلطٌ، وصاحبُ الترجمة إنما هو فِهريٌّ قرشيٌّ كما سيأتي لا أشعريٌّ يمنيّ، فذاك رجلٌ آخر، قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 4/ 758 وذكر الحديثَ الآتي برقم (5351) ونسبةَ عياضٍ فيه أشعريًا: أظن الأشعريَّ وهمٌ، والله أعلم، فإنَّ الذي وليَ الإمرة حيث كان هشام بالشام هو الفِهري لا الأشعري، لكن للأشعري حديث آخر؛ فذكره.
(2)
في المطبوع:
عياض وما عياضُ بن غَنْم
…
كان من خير ما أجَنّ النِّسَاءُ
وما في نسخنا الخطية هو الموافق لما في "نسب قريش" لمصعب بن عبد الله الزبيري ص 443، غير أنه جاء فيه: عصمة الجار.
وما في المطبوع هو ما جاء في "ديوان الرُّقَيّات" ص 94، و "الروض الأُنف" للشهيلي 5/ 173، و "الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة" لمحمد بن أبي بكر البُرِّي 1/ 137.
مَسدَّك أحدٌ، وسأل مَن استَخلَف على عَمَله، فقالوا: عِياض بن غَنْم، فأقرَّه وكتَبَ إليه: إني قد وَلَّيْتك ما كان أبو عُبيدة بن الجَرّاح يَلِيه، فاعمل بالذي يَحِقُّ الله عليك فمات عِياضٌ يومَ ماتَ وما له مالٌ ولا عليه دَينٌ لأحدٍ، وتوفي بالشام سنة عِشرين وهو ابن سِتّين سنة
(1)
.
5350 -
أخبرني أحمد بن يعقوب، حدثنا موسى بن زكريا، حدثنا خَليفة بن خَيّاط، قال: مات عِياض بن غَنْم سنةَ عشرين
(2)
.
5351 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي - فيما انتَقى
(3)
عليه أبو علي الحافظ - حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زِبْريق
(4)
الحِمصي، حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن الحارث، عن عبد الله بن سالم، عن الزُّبيدي، حدثنا الفُضَيل بن فَضَالة، يَردُّهُ إلى [ابن]
(5)
عائذ، يردُّه [ابن] عائذ إلى جُبير بن نُفَير: أنَّ عِياضَ بن غَنْم الأشْعَريَّ
(6)
وَقَعَ على صاحب دارا حين فُتِحت، فأتاهُ هشامُ بن حَكيم فأغْلَظَ له القولَ، ومَكَثَ هشام لياليَ، فأتاه هشامٌ معتذرًا، فقال له هشامٌ: ألم تعلمْ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ أشدَّ الناسِ عذابًا يومَ القيامة أشدُّ الناس عذابًا للناس في الدنيا"؟ فقال له عياضٌ: يا هشامُ، إنا قد سمعنا الذي قد سمعتَ، ورأَينا الذي قد رأيتَ، وصَحِبنا مَن صحبتَ.
ألم تسمع يا هشامُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "مَن كانت عنده نَصيحةٌ لذي سُلطانٍ، فلا يُكلِّمْه بها علانيةً، وليأخُذْ بيده وليَخْلُ به، فإن قَبِلَها قَبِلَها، وإلا كان قد أدّى
(1)
وهو في "طبقات ابن سعد" 5/ 95 و 9/ 402.
(2)
وهو في "الطبقات" لخليفة بن خياط ص 28، وعنه ابن عساكر في 27/ 285.
(3)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: اتفقا.
(4)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: زريق.
(5)
سقط لفظ "ابن" من نسخنا الخطية، وأثبتناه من "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (16238).
(6)
انظر التعليق على أول الترجمة.
الذي عليه والذي له"، وإنك يا هشامُ لأنتَ المُجتَرئُ أن تَجترئ على سُلطانِ الله، فهلّا خَشِيتَ أن يَقتُلك سلطانُ الله، فتكونَ قَتيلَ سُلطانِ الله
(1)
.
(1)
إسناده محتمل للتحسين، عمرو بن الحارث - وهو ابن الضحاك الحمصي - وإسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زِبْريق، حسنا الحديث كما قدمنا بيانه برقم (907)، وعمرو بن إسحاق بن إبراهيم لم نقف له على ترجمة، لكن روى عنه ثلاثة كما وقع في الأسانيد منهم الطبراني، وقد أكثر الرواية عنه في كتبه، فمثله يحتمل التحسين في المتابعات والشواهد، وفضيل بن فضالة - وهو الهوزني الشامي - روى عنه غير واحد ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان - ابن عائذ: هو عبد الرحمن بن عائذ الثُّمالي.
وأخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" 8/ 164 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (1007)، وفي "مسند الشاميين"(1874) - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 47/ 266 - 267 - عن عمرو بن إسحاق بن إبراهيم، به.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (1007)، والبيهقي 8/ 164 من طرق عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زِبريق، به. وعلّقه البخاري في "تاريخه الكبير" 7/ 18 - 19 عن إسحاق مختصرًا بحديث عياض في النصيحة.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(876)، وفي "السنة"(1098) عن محمد بن عوف الطائي، عن عبد الحميد بن إبراهيم الحضرمي الحمصي، عن عبد الله بن سالم، به. وعبد الحميد بن إبراهيم هذا ضعيف ليس بشيء.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1097)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 47/ 266 من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5425) من طريق عبد الوهاب بن الضحاك، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زُرعة، عن شريح بن عُبيد، عن جُبير بن نفير. وعبد الوهاب بن الضحاك متروك متهم بالكذب، ومحمد بن إسماعيل بن عياش قال عنه أبو داود: لم يكن بذاك.
وأخرجه أحمد 24/ (15333) من طريق صفوان بن عمرو، عن شُريح بن عُبيد الحضرمي مرسلًا قال: جلد عياض بن غنم صاحب دارا
…
فذكره. ولا بأس برجاله إلَّا أنَّ علّته الإرسال، فشريح لم يدرك عياضًا ولا هشامًا، وهو كثير الإرسال.
وأخرجه الشطر الأول منه أحمد 24/ (15335) و 25 / (5846)، ومسلم (2613)، وأبو داود (3045)، والنسائي (8718)، ابن حبان (5612) من طريقين عن عروة بن الزبير، عن هشام =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5352 -
حدثنا الحسن بن محمد بن إسحاق الأزهري، حدثنا الحسين بن إسحاق التُّسْتَري، حدثنا داهُر بن نُوحٍ، حدثنا عمرو بن الوليد، قال: سمعت معاوية بن يحيى الصَّدَفي يقول: حدثنا يحيى بن جابر، عن جُبير بن نُفَير، عن عِياض بن غَنْم، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ: "يا عِياضُ، لا تَزَوَّجَنَّ عجوزًا ولا عاقرًا، فإني مُكاثِرٌ بكم"
(1)
.
= ابن حكيم بن حزام: أنه وجد عياض بن غَنْم وهو على حمص يشمِّس ناسًا من النَّبط في أداء الجزية، فقال له هشام: ما هذا يا عياض؟! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا". هذا لفظ أحمد في الموضع الأول وابن حبان، والباقون لفظُهم بنحوه، لكنهم لم يصرِّحوا في روايتهم باسم عياض بن غَنْم.
ودارا: بلدة بين نَصِيبين وماردين، وتحرَّفت في بعض المصادر إلى داريا.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل معاوية بن يحيى الصَّدَفي، فإنه متفق على ضعفه، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه"، ولم يُصب الحافظ ابن حجر رحمه الله في "إتحاف المهرة" (16239) حيث قال: عمرو بن الوليد هو الأغضف متروك؛ فإنَّ عمرو بن الوليد الأغضف قال عنه ابن معين: ووثَّقه أبو داود، وذكره ابن حبان وابن شاهين في "الثقات"، وانظر ترجمته في كتاب "التذييل على كتب الجرح والتعديل" لطارق آل ناجي 1/ 221 - 222، وانفرد الذهبي رحمه الله في "الميزان" بقوله: ليِّن الحديث.
ويحيى بن جابر - وهو الطائي - لم يسمع من جُبير بن نفير، فروايته عنه مرسلة.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (1008) عن الحُسين بن إسحاق التُّستَري، بهذا الإسناد.
وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 5/ 73 من طريق أحمد بن أصرم المُغفَّلي المزني، عن عُبيد الله بن عمر القَواريري، عن عمرو بن الوليد الأغضف، به.
وأخرجه إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 3/ 996، وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 277 عن محمد بن الفضل السقطي، وابن عدي في "الكامل" 5/ 145 عن عمران بن موسى السَّخْتياني، وأبو إسحاق الثعلبي في "تفسيره" 7/ 92 من طريق أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الجعد، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5427) من طريق أحمد بن يحيى الحُلواني، كلهم (الحربي والسقطي وعمران السختياني وابن الجعد والحلواني) عن عُبيد الله بن عمر القواريري، =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
ذكرُ البَرَاء بن مالك الأنصاري أخِ أنس بن مالك رضي الله عنهما
5353 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفرَج، حدثنا محمد بن عمر، قال: البراء بن مالك بن النَّضْرِ بن ضَمْضَم بن زيد بن حَرَام بن جُندُب بن عامر بن غَنْم بن عَدِي بن النَّجّار، وأمه أم سُليم بنت مِلْحان، وهو أخو أنس بن مالك لأبيه وأمّه، شهد أحُدًا والخندق والمَشاهِد كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شُجاعًا له في الحرب مَكَانة
(1)
.
5353 م - ذُكر عن ابن سِيرِين أنه قال: كتب عمرُ بن الخطاب: أن لا تَستعمِلوا البراءَ بنَ مالك على جيشٍ من جُيوش المسلمين، إنه مَهلَكةٌ من المَهالك، يُقدِمُ بهم
(2)
.
5354 -
أخبرنا أحمد بن عثمان بن يحيى المُقرئ ببغداد، حدثنا أبو قِلابةَ، حدثنا أزْهَرُ بن سعد، حدثنا عبد الله بن عَوْن، عن ثُمامة بن أنس، عن أنس بن مالك: أنه دخل
= عن عمرو بن الوليد الأغضف، عن معاوية بن يحيى الصَّدَفي، عن يزيد بن جابر، عن جُبير بن نُفَير، عن عياض بن غَنْم. فذكر يزيد بن جابر بدل يحيى بن جابر.
وقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تزوَّجوا الوَدُودَ الوَلُود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة" أخرجه أحمد 20 / (12613) و 21/ (13569)، وابن حبان (4028) من حديث أنس بن مالك، وإسناده قوي.
ومثلُه لكن بلفظ: "مكاثر بكم الأُمم" أخرجه أبو داود (2050)، والنسائي (5323)، وابن حبان (4056) و (4057) من حديث معقل بن يسار، وإسناده قوي كذلك.
(1)
وهو في "الطبقات" لابن سعد 4/ 329 و 9/ 16.
(2)
القائل: "ذُكر" هو محمد بن عمر الواقدي، وقد أَسنَد هذا القولَ عن ابن سيرين - وهو محمد - ابن سعدٍ في "طبقاته" 4/ 330 و 9/ 16 عن عمرو بن عاصم الكلابي، عن محمد بن عمرو، عن محمد بن سيرين. ومحمد بن عمرو هذا هو ابن عُبيد الواقِفي أبو سهل، وهو ضعيف، وابن سيرين لم يدرك عمر بن الخطاب.
على أخيه البَراء، وهو مُستَلْقٍ واضعًا إحدى رجليه على الأخرى يَتغنّى، فنهاه، فقال: أترهَبُ أن أموتَ على فِراشي، وقد تَفرّدتُ بقتل مئةٍ من الكفار، سوى مَن شَرِكَني فيه الناسُ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5355 -
أخبرني أبو نُعيم
(2)
محمد بن عيسى العَطّار بمَرُو، حدثنا عَبْدان بن محمد الحافظ، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا عبد الرحمن بن مَغْراءَ، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أنس، قال: سمعتُ أنسَ بن مالك يقول: كان البراءُ بن مالك رجلًا حسنَ الصوتِ، فكان يَرجُز لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارِه، فبينما هو يَرجُزُ إذ قاربَ النساءَ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إياكَ والقَوارِيرَ" قال: فأمسَكَ. قال محمدٌ: كَرِه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن تَسمعَ النّساءُ صوتَه
(3)
.
(1)
خبر صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي قِلابة - وهو عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي - وقد رُوي عن أنس من وجوه.
وأخرجه معمر بن راشد في "جامعه"(19742)، وأحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (4086)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(151) و (152)، والطبراني في "الكبير"(691) و (692) و (1178) و (1179)، وابن منده في "معرفة الصحابة" ص 285 - 286، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء" 1/ 350، وفي "الإمامة والرد على الرافضة"(38)، وفي "معرفة الصحابة"(1149) و (1150) من طريق محمد بن سيرين، وابنُ سعد 4/ 331، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1151) من طريق ثابت بن أسلم البُناني، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/ 312 و 8/ 698 من طريق مصعب بن سليم، ثلاثتهم عن أنس بن مالك.
وصحَّح ابن حجر في "الإصابة" 1/ 280 إسناد محمد بن سيرين. قلنا: والطريقان الآخران صحيحان أيضًا.
(2)
في (ز) و (ب): أبو معين، وضبَّب عليها في (ز)، والمثبت من (ص) و (م) ومن "إتحاف المهرة" لابن حجر (1387)، وقد تقدَّم ذكر هذا الشيخ برقم (5105) بكنية أخرى، وهي أبو بكر.
(3)
إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق مدّلس وقد عنعنه عند جميع من خرَّج هذا الخبر، =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5356 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن زياد العَدْل، حدثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن عُزَيز الأَيلي إملاءً عليَّ، قال: حدثني سَلَامة بن رَوْح، عن عُقَيل بن خالد، عن ابن شِهاب، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كم من ضعيفٍ مُتضَعَّفٍ ذي طِمْرَين، لو أقسمَ على الله لأبَرَّ قَسَمَه، منهم البراءُ بن مالك".
وإنَّ البراء لقي زَحْفًا من المشركين، وقد أَوجَعَ المشركون في المسلمين، فقالوا: يا بَراءُ، إِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنك لو أقسمتَ على الله لأبَرَّك"، فأقسِمْ على ربِّك،
= وعبد الرحمن بن مَغْراء صدوق وعنده غرائب ومناكير، وقد خولف في هذا الإسناد فرواه الله عَبْدة بن سُليمان الثقة الحافظ عن محمد بن إسحاق عن عبد بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك، عن عمه ثُمامة بن عبد الله بن أنس عن جده أنس بن مالك وعبد الله بن المثنّى هذا ليس بذاك، وعنده أخطاء ومناكير أيضًا، والمعروف في رواية هذا الحديث عن أنس بن مالك غير هذا السياق كما سيأتي.
وأخرج رواية محمد بن إسحاق هذه: أبو نُعيم في "حلية الأولياء" 1/ 350، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4762) من طريق عَبْدة بن سُليمان، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن المثنى، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن جده أنس.
وأخرج أحمد 21 / (13670) وغيره من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت بن أسلم البُناني، عن أنس بن مالك: أنَّ البراء بن مالك كان يحدُو بالرجال، وأنجشة يحدُو بالنساء، وكان حَسَنَ الصوت، فحَدَا فأعنَقَتِ الإبِلُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أنجشة رويدًا سَوْقَكَ القَواريرَ"، وإسناده صحيح، فهذا هو المحفوظ في حديث أنس، أنَّ الذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يرفق بالقوارير - أي النساء - إنما هو أنجشة، وإنما أمره بذلك لأنَّ الإبل كانت تحمل هوادج النساء، فلما طَربت الإبلُ بصوت أنجشة أعنَقَتْ، أي: أسرعت وعَجِلت بالسير فخشي صلى الله عليه وسلم على النساء حينئذ أن يسقُطن من على ظُهورها بسبب ذلك، وظهر بهذه الرواية علةُ أمره صلى الله عليه وسلم بالرفق بالقوارير، لا كما فهمه محمد بن إسحاق من أنه صلى الله عليه وسلم خشي أن يسمع النساء صوتَه.
وهذه الرواية المحفوظة هي في "الصحيحين" أيضًا وغيرهما، لكن لم يقع فيهما ذكر البراء بن مالك.
فقال: أقسمتُ عليك يا ربِّ لَمَا مَنَحْتَنا أكتافَهم، ثم التَقَوا على قَنْطرة السُّوس، فأوجَعُوا في المسلمين، فقالوا له: يا بَراءُ، أقسِمْ على رَبِّك، فقال: أقسمتُ عليك يا ربِّ لَمَا مَنَحْتَنا أكتافَهم، وألحَقْتَني بنبيّي صلى الله عليه وسلم، فمُنِحُوا أكتافَهم، وقُتل البراءُ شهيدًا
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5357 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ العدل، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا أزهَرُ بن جَميل، حدثنا عمر بن حفص، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: لما كان يومُ العَقَبة
(1)
إسناده حسن إن شاء الله من أجل محمد بن عُزيز الأيلي وسلامة بن رَوح الأيلي.
وأخرجه البزار (6339)، وابن المنذر في "الأوسط"(8884)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(676)، وأبو بكر الآجُرّي في "الغرباء"(28)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 314، واللالكائي في "كرامات الأولياء"(106)، وأبو نُعيم في "حلية الأولياء" 1/ 6 - 7، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 368، وفي "شعب الإيمان"(10001)، وفي "الاعتقاد" ص 315 - 316، وابن الجوزي في "المنتظم" 4/ 239 من طرق عن محمد بن عُزيز، بهذا الإسناد. واقتصر بعضهم على ذكر المرفوع، وبعض من اقتصر على المرفوع لا يذكر فيه قوله:"منهم البراء بن مالك".
وأخرجه مختصرًا بالمرفوع منه أيضًا الترمذي (3854) وغيره من طريق ثابت البُناني وعلي بن زيد بن جُدعان، عن أنس بن مالك. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. قلنا: إسناده جيد من جهة ثابت البناني.
وقد روي المرفوعُ منه عن أنس بن مالك من غير هذه الأوجه لم يُذكَر فيه البراء بن مالك. انظر أحمد 19/ (12476) و 20 / (12704)، والبخاري، (2703)، ومسلمًا (1675)، وأبا داود (4595)، وابن ماجه (2649)، والنسائي (6931).
قوله: "ذي طِمرين" بكسر الطاء وسكون الميم بعدها راء: الثوبُ الخَلَق.
وقوله: "متضعَّف" قال النووي في "شرح مسلم" 17/ 186 - 187: ضبطوه بفتح العين وكسرها، والمشهور الفتح، ومعناه: يستضعِفُه الناسُ ويحتقرونه ويتجبّرون عليه لضعف حاله في الدنيا، وأما رواية الكسر فمعناها: متواضع متذلِّل خامل واضع من نفسه.
والسُّوس: بلدة من كور الأهواز من بلاد خُوْزِستان، تم فتحها على يد أبي موسى الأشعري.
بفارسَ، وقد زُوِيَ الناسُ قام البراءُ بنُ مالك، فرَكِب فرسَه، وهي توَجْى
(1)
، ثم قال لأصحابه: بئسَ ما عَوّدتُم أقرانَكم عليكم، فحَمَل على العدوِّ، فَفَتَح اللهُ على المسلمين، واستُشهد البراءُ يومئذٍ
(2)
.
قال أبو عِمران موسى بن هارون: إنَّ البراء استُشهِد يوم تُستَر، وهي من فارس، وإنما استُشهد البراء بن مالك سنة إحدى وعشرين من الهجرة.
ذكرُ النُّعمان بن مُقَرِّن، وهو النُّعمان بن عمرو بن مُقرِّن رضي الله عنه
-
5358 -
أخبرني أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا أبو خَليفة القاضي، حدثنا محمد بن سلّام الجُمَحي، عن أبي عُبيدة مَعْمَر بن المُثنَّى، قال: النُّعمان بن عمرو بن مُقرِّن بن عامر
(3)
بن بكر بن هُجَير
(4)
بن نَصْر المُزني.
(1)
رُسمت هذه اللفظة في (ص) و (م) و (ب) وهامش: (ز) برحا، وأعجمت في "تلخيص الذهبي": ترجا، وفي المطبوع: تزجى، والمثبت من (ز) هو الموافق لما في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 4/ 332 و 9/ 17، والمعنى: أنَّ فرسه كانت تشتكي باطن حافرها، أو أنها قد رقَّ حافِرُها من كثرة المشي. وقد يصحُّ ما جاء في سائر نسخنا الخطية بأن يُضبط: تُزجا، بمثناةٍ ثم زاي ثم جيم، فتكون بمعنى: تُدفَع برفق، والله أعلم.
(2)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل عمر بن حفص - وهو أبو حفص العَبْدي - فهو متروك الحديث، وما قبله أصحُّ منه. ثابت: هو ابن أسلم البُناني.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 4/ 332 و 9/ 17 عن عمر بن حفص، به.
وقد صحَّ عن ثابت عن أنس بن مالك مثلُ هذه القصة والقولِ المنسوب للبراء بن مالك هنا لكن لثابت بن قيس بن شمّاس يوم اليمامة، وليس بفارس كما تقدَّم برقم (5106)، وإسناده صحيح. فكأنَّ هذا هو أصل القصة، ثم اختلط الأمر على حفص بن عمر العَبْدي، فدخل له حديث في حديثٍ.
(3)
كذلك سُمِّي هذا الرجل في نسب النعمان بن مقرِّن، وكذلك سُمِّي في "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم ص 202، بينما جاء في سائر كتب التراجم والأنساب تسميته عائذًا، كما سيُسمِّيه الواقديُّ لاحقًا.
(4)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: هجين، بالنون، والتصويب من مصادر الأنساب وكتب =
5359 -
حدثني أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان، حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق: أنَّ النعمان بن مُقرِّن المزنيَّ قُتل وهو أميرُ الناس سنة إحدى وعشرين
(1)
.
5360 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا أبو أسامة، قال: حدثني شُعبة، عن علي بن زيد، عن أبي عُثمان قال: أتيتُ عمرَ بنَعْي النُّعمان بن مُقرِّن، فوضع يدَه على وجهِه وجعل يبكي
(2)
.
5361 -
وزاد فيه أبو عبد الله بن بُطَّة
(3)
بإسناده عن محمد بن عمر، فقال: ابن مُقرِّن بن عائذ بن مِيجا
(4)
بن هُجَير بن نصر بن حُبْشِيَّة بن كعب بن ثَوْر بن
= التراجم التي ورد فيها نسب بني مُقرِّن. ولا يُعرف في أسماء العرب من اسمه هجين، بالنون.
(1)
وهو في "تاريخ الطبري" ضمن قصة نُهاوند بطولها 4/ 114 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، عن محمد بن إسحاق.
(2)
خبر حسنٌ، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن جُدعان - لكن روي ذلك عن عمر من وجه آخر حسن كما سيأتي، وروي كذلك من وجوه أخرى. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وأبو عثمان: هو عبد الرحمن بن ملٍّ النَّهدي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 3/ 366 و 394 و 13/ 7 و 58، والبلاذُري في "فتوح البلدان" ص 297 من طريق حماد بن أسامة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في "العلل" برواية ابنه عبد الله (1905)، والبلاذُري ص 297، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1080) من طريقين عن شعبة به.
وأخرجه البلاذُري ص 297 من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، به.
وأخرجه الطبراني في "تاريخه" 4/ 117 - 120، وابن حبان (4756) من طريق جُبير بن حية ذكر قصة معركة نهاوند، وفيه أنَّ الرسول الذي جاء يبشر عمر بالفتح قال لعمر: احتسب النعمان يا أمير المؤمنين فبكى عمر واسترجَع. وإسناده جيد. وتحرَّف اسم "حية" في مطبوع الطبري إلى: حدير. وأصلُ القصة من هذه الطريق في "صحيح البخاري"(3159) لكن لم يسقها بتمامها.
(3)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: عطية.
(4)
كذلك ضبط الاسم الدارقطنيُّ وابنُ ماكولا وعزُّ الدين بن الأثير في "أسد الغابة"، ووقع =
هُذْمة
(1)
بن لاطِم بن عثمان بن مُزَينة، ويُكنى أبا عمرو، وكان هو وستةُ إخوةٍ له شَهِدوا الخندقَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النعمانُ أحدَ مَن حَمَل إحدى أَلْويةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وصاحبَ لواء مُزَينة التي كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَقَدَها لهم يوم فتح مكة، وكان النعمان أميرَ الجيش يوم نهاوند، فقُتل يومئذٍ، وذلك سنة إحدى وعشرين من الهجرة
(2)
.
5362 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ العدل، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حَجّاج بن مِنْهال، حدثنا حماد بن سَلَمة، حدثنا أبو عِمران الجَوْني، عن علقمة بن عبد الله المُزَني، عن مَعقِل بن يَسار: أنَّ عمر بن الخطاب شاوَرَ الهُرمُزانَ فِي أَصبَهانَ وفارسَ وأَذْربِيجانَ، فقال: يا أمير المؤمنين، أصبهانُ الرأسُ، وفارسُ وأَذْرَبِيجانُ الجناحان، فإذا قطعتَ أحدَ الجناحين، ناءَ الرأسُ
(3)
بالجناح، وإن قطعتَ الرأسَ وقع
(4)
الجناحان، فابدأ بأصبَهانَ، فدخل عمرُ المسجدَ، فإذا هو بالنعمانِ بن مُقَرِّن يُصلِّي،
= عندنا في (ز) بنون، فصار الاسم كأنه: منجا، وكذلك جاء في بعض مطبوعات كتب التراجم والتاريخ، وهو تصحيف.
(1)
كذلك ضبطها محمد بن حبيب البغدادي في "مختلف القبائل ومؤتلفها" ص 24، ووافقه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 4/ 2304، وابن ماكولا في "الإكمال" 7/ 312، والسمعاني في نسبة الهُذْمي من "الأنساب".
(2)
وهو عند البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 363 عن أبي عبد الله الحاكم، عن شيخه ابن بُطّة، به مختصرًا بكون النعمان كان حامل أحد ألوية رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب لواء مزينة في فتح مكة.
وانظر "الطبقات الكبرى" لابن سعد 5/ 146.
(3)
معناه: نهض مُثقلًا حتى مالَ بالحِمل.
(4)
جاء في نسخنا الخطية: وقعت، بصيغة التأنيث، والمعروف في اللغة أنَّ الجناح مذكَّر، وكذلك جاء عند سائر من خرَّج هذا الحديث: وقع الجناحان، بصيغة التذكير، على أن ما وقع في نسخنا الخطية يمكن حمله على تأويل الجناح باليد، كما قال ابن مالك في "شواهد التوضيح والتصحيح" ص 84 في بعض روايات البخاري لحديث الذباب: "فإن في إحدى جناحيه داءً والأخرى شفاءً، قال: الجناح مذكَّر ولكنه في الطائر بمنزلة اليد، فجاز تأنيثه مؤولًا بها.
فانتظره حتى قضى صلاتَه، فقال له: إني مُستعمِلُك، فقال: أما جابيًا فلا، وأما غازيًا فنَعَم؟ قال: فإنك غازٍ، فسَرَحَه، وبعثَ إلى أهل الكوفة أن يُمِدُّوه ويَلْحَقُوا به، وفيهم حذيفةُ بن اليمان والمُغيرة بن شعبة والزُّبير بن العوّام والأشعث بن قيس وعمرو بن مَعْدِي كَرِب وعبد الله بن عمرو، فأتاهم النعمان وبينه وبينهم نهر، فبعث إليهم المغيرةَ بنَ شعبة رسولًا، ومَلِكُهم ذو الحاجبين
(1)
، فاستشار أصحابَه، فقال: ما تَرَون، أقعُدُ لهم في هيئة الحرب أو في هيئة المُلك وبَهجَتِه؟ فجلس في هيئة المُلك وبَهجَته على سريرٍ، ووضع التاجَ على رأسِه وحولَه سِماطَين
(2)
عليهم ثياب الدِّيْباج، والقِرَطةُ، والأسْوِرَةُ، فجاء المغيرة بن شعبة، فأُخِذ بضَبْعَيه وبيده الرمحُ والترسُ والناسُ حولَه سِماطَين على بِساطٍ له، فجعل يَطعُنه برُمحِه، فخرَّقه لكي يَتطيّروا، فقال له ذو الحاجبين
(3)
: إنكم يا معشرَ العرب أصابَكم جوعٌ شديدٌ وجَهدٌ فخَرجتُم، فإن شئتُم مِرْناكم ورجعتُم إلى بلادكم، فتكلَّم المغيرةُ فحمدَ الله وأثنى عليه، وقال: إنا كنا مَعشَر العرب نأكل الجِيَف والمَيتة، وكان الناسُ يَطَؤُونا ولا نَطَؤُهم، فابتعثَ اللهُ منا رسولًا في شَرَفٍ منا؛ أوسطُنا حَيًّا، وأصدقنا حديثًا، وإنه وعدَنا أنَّ هاهنا ستُفتَح علينا، وقد وجدْنا جميعَ ما وعدَنا حقًّا، وإني لأرى هاهنا بِزَّةً وهيئةً ما أَرى مَن معي بذاهِبينَ حتى يأخُذُوه، فقال المغيرةُ: فقالت لي نفسي: لو جمعتَ جَرامِيزَك فوَثَبَتَ وَثْبةً فجلستَ معه على السَّرير، إذ وجدتُ غَفْلَةً فَزَجَروني
(4)
، وجعلوا يَجَؤُونه،
(1)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: الجناحين، والتصويب من (م) و "تلخيص المستدرك" للذهبي وكأنها كذلك في (ص).
(2)
نصب لكونه مفعولًا به لفعل محذوف تقديره: ووضع حوله سِماطين، جملة معطوفة على جملة: ووضع التاجَ على رأسه. والسِّماطان: الجانبان.
(3)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: الجناحين، والتصويب من "تلخيص المستدرك".
(4)
كذا جاءت العبارة في أصول "المستدرك"، وفيها حذفٌ يدل عليه ما تقدَّم، وقد جاء مبينًا في "أخبار أصبهان" لأبي نُعيم 1/ 22 إذ أخرجه من طريق حجاج بن منهال أيضًا، ولفظه: لو جمعت جراميزك فوثبتَ وثبةً فجلستَ معه على السرير حتى يتطيروا، فوجدتُ غفلةً فوثبتُ =
فقلت: أرأيتُم إن كنتُ أنا استَحْمَقتُ
(1)
، فإن هذا لا يُفعَل بالرُّسُل، وإنا لا نفعل هذا برُسُلكم إذا أَتَوْنا، فقال: إن شئتُم قَطَعْنا إليكم، وإن شئتُم قطعتُم إلينا، فقلتُ: بل نَقطَعُ إليكم.
فقَطَعْنا إليهم، وصافَفْناهم فتسَلْسَلُوا كُلُّ سبعةٍ في سلسلةٍ، وخمسةٍ في سلسلة، حتى لا يَفِرُّوا، قال: فرامَونا حتى أسرعُوا فينا، فقال المغيرةُ للنعمان: إنَّ القومَ قد أسرَعُوا فينا، فاحمِلْ، فقال: إنك ذو مناقبَ، وقد شهدتَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولكنّي أنا شهدتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يُقاتِل أولَ النهارِ أخَّر القتالَ حتى تزولَ الشمسُ وتَهُبَّ الرياحُ، وينزلُ النصرُ، فقال النعمان: يا أيها الناس، أَهتزُّ ثلاثَ هَزّاتٍ، فَأَمَّا الهَزّةُ الأولى فليَقضِ الرجلُ، حاجتَه، وأمَّا الثانية فلينظر الرجلُ في سلاحِه وسَيفِه، وأما الثالثة فإني حاملٌ فاحمِلُوا، فإن قُتِل أحدٌ فلا يَلْوي أحدٌ على أحدٍ، وإن قُتِلتُ فلا تَلْوُوا عليَّ، وإني داعٍ الله بدعوةٍ، فعزمتُ على كلِّ امرئ منكم لَمَا أمَّن عليها، فقال: اللهمَّ ارزُق اليومَ النعمانَ شهادةً بنَصْر المسلمين وافتَحْ عليهم، فأمَّن القومُ، وهَزَّ لواءَه ثلاثَ مراتٍ، ثم حَمَل، فكان أولَ صَرِيعِ، فذكرتُ وصيَّتَه فلم ألْوِ عليه، وأَعلمْتُ مكانَه، فكنا إذا قَتلْنا رجلًا منهم شُغِل عنا أصحابُه يَجُرُّونه، ووقع ذو الحاجِبَين
(2)
من بَغْلتِه الشهباءِ، فانشَقَّ بطنُه، وفَتحَ اللهُ على المسلمين، فأتيتُ النعمانَ وبه رَمَقٌ، فأتيتُه بماءٍ فجعلتُ أصُبُّه على وجهه أغسِلُ الترابَ عن وجهِه، فقال: مَن هذا؟ فقلت: مَعقِلُ بن يَسار، فقال: ما فعلَ الناسُ؟ فقلت: فَتحَ اللهُ عليهم، فقال: الحمدُ لله، اكتُبوا بذلك إلى عُمر، وفاضَتْ نفسه، فاجتمع الناسُ إلى الأشعثِ بن قيس، قال: فأتينا أمَّ
= وثبةً فجلستُ معه على السرير، فزجروه ووطئوه.
(1)
تحرَّفت في نسخنا الخطية إلى: استجمعت، والجادة ما أثبتناه وفاقًا لمصادر تخريج الخبر، ومعنى استحمقت: جهلتُ وسفهت.
(2)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: الجناحين، والمثبت على الصواب من (ص) و (م) و "تلخيص الذهبي".
ولدِه فقُلْنا: هل عَهِدَ إليك عَهْدًا؟ قالت: لا، إلَّا سُفَيطٌ له فيه كتابٌ، فقرأتُه فإذا فيه: إن قُتل فلانٌ ففُلان، وإن قُتل فلانٌ
…
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو عِمران الجَوْني: هو عبد الملك بن حَبيب.
وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 21 - 22 عن سليمان بن أحمد الطبراني، عن علي بن عبد العزيز، بهذا الإسناد.
وأخرجه فيه أيضًا من طريق أبي مسلم الكشِّي، عن حجاج بن المنهال، به.
وأخرجه الترمذي (1613) عن الحسن بن علي الخلال، عن عفان بن مسلم والحجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، به. لكنه اختصره فلم يَسُق منه سوى الذي حكاه النعمان بن مقرّن عن النبي صلى الله عليه وسلم في توقيته للغزو، وقد تقدَّم هذا القدر منه برقم (2578) من طريق موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة.
وسيأتي عند المصنف مختصرًا بأول حروف هذا الخبر برقم (6615) عن أبي بكر بن إسحاق وعلي بن حمشاذ، كلاهما عن علي بن عبد العزيز، بقول الهرمزان: يا أمير المؤمنين أصبهانُ الرأس.
وأخرجه بنحو سياقة المصنف هنا: ابن أبي شيبة 8/ 13 - 12 عن عفان بن مسلم، و 13/ 12 عن شاذان أسود بن عامر وخليفة بن خياط في "تاريخه" ص 148 - 149 عن موسى بن إسماعيل، والطبري في "تاريخه" 4/ 141 - 143، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 1/ 178، وابن الجوزي في "المنتظم" 4/ 267 - 269 من طريق عبد الرحمن بن مَهدي، وابن أبي عمر العَدَني في "مسنده" كما في "إتحاف الخِيَرة المهرة" للبوصيري (4629)، و "المطالب العالية" للحافظ (4365) عن بشر بن السَّري، والبلاذري في "فتوح البلدان" ص 96، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" 5/ 403 عن شيبان بن فَرُّوخ كلهم عن حماد بن سلمة، به. وبعضهم يختصره.
وسلف مختصرًا بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم للغزو عند المصنف برقم (2578).
قوله: فسَرَحه، معناه: أرسله، ويقال بالتخفيف والتشديد من السَّرْح والتسريح.
وقوله: جابيًا: أي قائمًا على جبَاية الخراج ونحوه من الأموال.
والديباج: الثياب المتخذة من الإبريسم، أي: الحرير، وخصَّه بعضهم بالخام منه.
والقِرَطة: وزان عِنَبة، وهو جمع قُرْط، وهو ما يُعلّق في شَحْمة الأذن.
وقوله: مِرْناكم، أتيناكم بمِيرة، أي: طعامٍ.
وقوله: أوسطُنا، أي أفضلُنا وأرفعُنا.
والبِزَّة، بكسر الباء: الهيئة. =
5362 م - قال حمّاد: فحدَّثَني عليُّ بن زيد، حدثنا أبو عثمان النَّهْدي: أنه أتى عُمرَ، فقال: ما فعل النُّعمانُ بن مُقَرِّن؟ فقال: قُتل، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قال: ما فعلَ فلانٌ، قلت: قُتِل يا أمير المؤمنين، وآخرين لا نَعلَمُهم، قال: قلتَ: لا نَعلَمُهم! لكنَّ الله يَعلمُهم
(1)
.
ذكرُ أخيه سُوَيد بن مُقرِّن رضي الله عنه
-
5363 -
حدثنا محمد بن علي الصَّنْعاني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا الثَّوري، عن سَلَمة بن كُهَيل، عن معاوية بن سُوَيد بن مُقَرِّن، عن سُويد بن مُقرِّن، قال: كنَّا بني مُقرِّن سبعةً على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا خادمٌ،
= والجَرَاميز: قيل: هي اليدان والرجلان، وقيل: هي جُملة البدن، وتَجرمَز: إذا اجتمع.
وقوله: يَلْوي، أي: يلتفت ويَعطِف.
والشهباء: التي غلب البياضُ السوادَ فيها.
والرَّمَق: بقية الروح.
وفاضَت نفسُه: خرجت.
والسُّفَيط: تصغير سَفَط، وهو وعاء يُوضع فيه الطِّيب ونحوه من أدوات النساء.
(1)
صحيح، وهذ إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن جُدعان - لكن روي ذلك عن عمر بن الخطاب من وجوهٍ لم يُصرَّح فيها باسم أبي عثمان النهديّ إنما أُبهم ذكره.
وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 12 عن عفان بن مسلم، وابن أبي عمر العَدَني في "مسنده" كما في "إتحاف الخِيَرة المهرة" للبوصيري (4629) عن بشر بن السَّري، والبلاذُري في "فتوح البلدان" ص 297 عن شيبان بن فَرُّوخ، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، به.
وقد تقدَّم مختصرًا عند المصنف برقم (5360) من طريق شعبة عن علي بن زيد، بذكر نعي أبي عثمان النهدي النعمانَ بن مقرِّن لعمر، وفيه بكاء عُمر عليه.
وأخرج قصةَ النَّعي وقولُ عمر بن الخطاب بإثرها كذلك أبو إسحاق الفزاري في "السير"(316)، وابن أبي شيبة 5/ 303 و 13/ 6، وأحمد في "العلل" برواية ابنه عبد الله (2196)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 230، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 46 من طريق مُدرك بن عوف، والطبري في "تاريخه" 4/ 120، وابن حبان (4756) من طريق جُبير بن حيّة، وابن أبي شيبة 13/ 15 من طريق أبي الصلت وأبي مُسافع، كلهم عن عمر بن الخطاب.
فلَطَمَه أحدنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أعتِقوها"
(1)
.
ذكرُ مناقب قَتَادة بن النُّعمان الظَّفَري، وهو أخو أبي سعيد الخُدْري لأُمِّه
5364 -
حدَّثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدَّثنا محمد بن رُسْتَه الأصبهاني، حدَّثنا سليمان بن داود الشاذكُوني، حدَّثنا محمد بن عمر، قال: وقَتَادة بن النُّعمان بن زَيد بن عَمرو بن سَوَاد بن ظَفَر - واسمُ ظَفَر كعبٌ - بن الخَزْرج بن عمرو - وهو النَّبِيت - ابن مالك بن أوس، وكان قَتَادة يُكنى أبا عمرو، وهو جَدُّ عاصم ويعقوب ابنَي عُمر بن قَتَادة، وكان عاصم بن عُمر من العلماء بالسِّيَر وغيرها، وشَهِد قَتَادة بن النُّعمان العقَبةَ مع السبعين من الأنصار، وكان من الرُّماة المذكورين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد بدرًا وأحُدًا، ورُمِيَت عينُه يومَ أحُد، فسالَتْ حَدَقَتُه على وَجْنَتِه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنَّ عندي امرأةً أُحِبُّها، وإن هي رأت عَيني خَشِيتُ تَقذَرُها، فردَّها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيده فاستَوتْ ورجعت، وكانت أقوى عينَيه وأصحَّهما بعد أن كَبِر، وشهد أيضًا الخندقَ والمَشاهِد كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت معه رايةُ بني ظَفَرٍ في غزوة الفتح
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. إسحاق بن إبراهيم: هو الدَّبَري، والثوري: هو سفيان بن سعيد.
وأخرجه أحمد 24/ (15705) و 39/ (23740)، ومسلم (1658)، وأبو داود (5167)، والنسائي (4992) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وزادوا فيه: قالوا: ليس لنا خادمٌ غيرها، قال:"فليستخدموها، فإذا استغنَوا عنها فليُخَلُّوا سبيلها".
وأخرجه النسائي (4990) من طريق عامر الشعبي، و (4991) من طريق أبي السَّفَر، كلاهما عن معاوية بن سويد، به. غير أنهما جعلا الخادم رجلًا لا امرأةً.
وأخرجه بنحوه أحمد 24/ (15703)، ومسلم (1658)، والنسائي (4993) من طريق محمد بن المنكدر، عن أبي شعبة مولى سُويد بن مقرِّن، عن مولاهُ سويد بن مقرِّن. وجعل الخادم رجلًا كذلك.
لكن سيأتي عند المصنف برقم (8302) من طريق هلال بن يساف عن سويد بن مقرن أنَّ الخادم كانت امرأةً، وفاقًا لرواية سلمة بن كُهيل عن معاوية بن سويد.
(2)
وهو عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 418 - 419. =
5365 -
قال محمد بن عُمر: أخبرني محمد بن صالح، عن عاصم بن عُمر بن قَتَادة، قال: مات قَتَادة بن النعمان سنة ثلاث وعشرين، وهو يومئذٍ ابن خمس وستين سنةً، وصلَّى عليه عمر بن الخطاب بالمدينة، فنزل في قبره أخوه لأمِّه أبو سعيد الخُدري ومحمدُ بن مَسْلَمة والحارثُ بن خَزْمة
(1)
.
ذكرُ مناقب العلاء بن الحَضْرمي رضي الله عنه
-
5366 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدَّثنا إبراهيم بن إسحاق، حدَّثنا مصعب بن عبد الله الزُّبَيري، قال: اسمُ الحَضْرمي والدِ العلاء عبدُ الله بن عباد بن أكبَرَ
(2)
بن رَبيعة بن مالك بن عُوَيف
(3)
بن مالك بن الخَزْرج، وكان حليفَ
= وممَّن ذكر قتادة بن النعمان في السبعين الذي شهدوا العقبة: هشامُ بن الكلبي في "نسبة معدّ واليمن الكبير" 1/ 382، وخليفة في "الطبقات" ص 81، وابنُ شهاب الزهري كما في "أخبار مكة" للفاكهي (2547)، و "الآحاد والمثاني" لابن أبي عاصم (1823)، وغيرهم. وقال ابن سعد 3/ 418: ولم يذكره محمد بن إسحاق في كتابه فيمن شهد العقبة!
وشهوده أُحُدًا وإصابته في حدقته ثم إعادة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لها كما كانت وأحسن، رواه حفيدُه عاصم بن عمر بن قتادة عند ابن هشام في "السيرة" 2/ 82، وابن سعد 3/ 419، وابن أبي شيبة 12/ 161 و 14/ 397. وبعضهم وصله بذكر عمر بن قتادة عن أبيه قتادة بن النعمان، وبعضهم جعله عن عاصم عن جده قتادة مباشرة، وبعضهم يجعله عن عاصم عن محمود بن لبيد، وكل ذلك فيه مقالٌ، وأصحها المرسل، وعاصم هذا تابعي جليل والقصةُ حصلت لجده فهو أعلم بها، فمرسله هذا صحيح إن شاء الله.
(1)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 419 عن محمد بن عمر الواقدي.
(2)
وقع في نسخنا الخطية هنا: عتاب بن جبير، وهو تحريفٌ صوَّبناه من الرواية الآتية برقم (6822) حيث كرر المصنف هناك ذكر العلاء بن الحضرمي، وأعاد النقل عن مصعب الزبيري في تسمية الحضرمي والد العلاء، وفاقًا لقول أبي عُبيد معمر بن المثنى في تسمية هذين الجدين كما أسنده عنه الطبراني في "الكبير" 18/ (164) وكذلك سماهما ابن هشام في "السيرة" 1/ 229، وخليفةُ بنُ خياط في "الطبقات" ص 12 و 18، لكن مع تقديم اسم ربيعة على أكبر، وزيادة ذكر مالك بين عبّاد وربيعة.
وانظر تعليق المعلِّمي اليماني على "الإكمال" لابن ماكولا 6/ 48 حيث بسط الخلاف في عباد.
(3)
كذلك وقع عند المصنف تسمية هذا الرجل عُويفًا، تصغير عوف، وكذلك سماه بعض =
حَرْب بن أُميّة، وإنما قيل له: الحضرميُّ، لأنه أتى من حَضْرمَوت، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم استعملَه على البَحرَين، ثم إنَّ عمر استعملَه على البَحرَين، فتوفي بها، فاستعمل مكانَه أبا هُريرة الدَّوسي، قال: وإنما توفي العلاء بن الحَضْرمي بالبَحرَين سنة إحدى وعشرين
(1)
.
ذكرُ الأسوَد بن خَلَف بن عبد يَغُوثَ رضي الله عنه
-
5367 -
أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنْعاني بمكة، حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم، حدَّثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جُريج، أخبرني عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، أنَّ محمد بن الأسود بن خلف أخبره، أنَّ أباه الأسودَ حدثه: أنه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يُبايعُ الناسَ يومَ الفتح، قال: فجلس عند قَرْن
(2)
دار ابن سَمُرة، قال الأسود: فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم جلسَ فجاءه الناسُ الصغار والكبار والنساء، فبايَعُوه على الإسلام والشهادة.
فقلتُ: وما الشهادةُ؟ قال: على الإيمان بالله، وشهادةِ أن لا إله إلا الله
(3)
.
= أهل النسب كخليفة بن خياط، وسماه آخرون عُريفًا، بالراء بدل الواو، وذكر السمعاني وابن الأثير وابن حجر أنَّ العُريفي مصغرًا نسبةٌ إليه.
(1)
انظر "نسب قريش" لمصعب الزبيري ص 366.
وانظر كذلك "الطبقات" لابن سعد 5/ 276 - 277 و 279 و "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 4/ 1801 - 1802.
واستعمال النبي صلى الله عليه وسلم للعلاء بن الحضرمي على البحرين ثابت في "صحيح البخاري"(3158) و "صحيح مسلم"(2961) من حديث المسور بن مخرمة.
(2)
في النسخ الخطية: قرب، ووقع في مصادر التخريج: قرن مَسقَلة؛ وهو - كما قال الفاكهي في "أخبار مكة" - قرن كان بأعلى مكة في دبر دار ابن سمرة.
(3)
إسناده محتمل للتحسين من أجل محمد بن الأسود خلف فهو تابعي، روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات".
وآخره في بيان معنى الشهادة هو من قول محمد بن الأسود بن خلف كما توضحه رواية غير المصنف، فقد أخرجه أحمد 24/ (15431) و 29/ (17534) عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. =
5368 -
قال
(1)
: أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن ابن خُثَيم، عن محمد بن الأسود بن خَلَف، عن أبيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حُسينًا فقبَّلَه، ثم أقبَل عليهم فقال:"إِنَّ الولدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَجْهَلَةٌ مَحْزَنة"
(2)
.
5369 -
حدثني أبو أحمد الحافظ، حدَّثنا محمد بن سليمان، حدَّثنا محمد بن إسماعيل قال: محمد بن الأسود بن خَلَف بن عبد يَغُوثَ القُرشي، عِدادُه في المَكِّيين
(3)
.
ذكرُ مناقب خالد بن الوليد رضي الله عنه
-
5370 -
حدَّثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن رُسْتَه، حدَّثنا سليمان بن داود، حدَّثنا محمد بن عمر: أنَّ خالد بن الوليد مات سنة إحدى وعشرين
= ولفظه في آخره: قلت (يعني ابن جريج): وما الشهادة؟ قال: أخبرني محمد بن الأسود بن خلف أنه بايعهم على الإيمان بالله وشهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا عبده ورسولُه. وكذلك رواه غير واحدٍ عن عبد الرزاق.
(1)
القائل هو إسحاق بن إبراهيم - وهو الدَّبري راوي "مصنف عبد الرزاق" عنه - فهو موصول بالإسناد السابق.
(2)
حسن لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين كسابقه، وقد حسَّنه الحافظ ابن حجر في "زوائد مسند البزار"(798)، وصحَّحه العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" 3/ 261.
وأخرجه البزار (1891 - كشف الأستار)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(126)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 13/ 213 من طرق عن عبد الرزاق، به. دون قوله:"محزنة".
وقالوا جميعًا في رواياتهم: أخذ حَسَنًا، فذكره الحَسَنَ بدل الحُسين، وأورد الذهبيُّ الخبر في "سير أعلام النبلاء" في ترجمة الحَسَن بن علي، فالأشبه في حديث معمر عن ابن خُثيم - وهو عبد الله بن عثمان بن خثيم - هذا هو ذكر الحَسَن لا الحُسين.
على أنه تقدم عند المصنف برقم (4827) من حديث وُهيب بن خالد، عن ابن خُثيم، عن سعيد بن أبي راشد، عن يعلى بن مُنية ذكر الحَسن والحُسين كليهما أنه صلى الله عليه وسلم ضمَّهما ثم ذكر الحديث دون قوله: مجهلة.
(3)
وهو في "التاريخ الكبير" للبخاري 1/ 29.
بحِمْص
(1)
.
5371 -
فحدَّثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: خالد بن الوليد بن المُغيرة بن عبد الله بن عُمر بن مَخزُوم، وأمُّه لُبابة بنت الحارث بن حَزْن الهلالية أختُ ميمونةَ بنت الحارث زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم، وكان خالدٌ يكنى أبا سليمان، استعملَه عمر بن الخطاب على الرُّهَا وحَرّان والرَّقّة وآمِدَ، فمَكَثَ سنةً، واستَعْفَى فأعفاهُ، فقدم المدينة فأقام بها في منزله، حتى مات بالمدينة سنة اثنتين وعشرين
(2)
.
(1)
وهو في "طبقات ابن سعد" 5/ 41 عن محمد بن عمر الواقدي، لكنه قال: عن عبد الرحمن بن أبي الزناد وغيره قالوا، فذكره.
وأسند الواقدي كما في "طبقات ابن سعد" 5/ 41 و 42 عن غير واحدٍ وفاةَ خالد بن الوليد بحمص.
وقال البلاذُري في "فتوح البلدان" ص 173 بعد أن روى قول الواقدي هذا عن محمد بن سعد عنه: وبعضهم يزعم أنه مات بالمدينة، وموته بحمص أثبت.
وقد وافق الواقديَّ على ذكر وفاة خالد بحمص جماعةٌ، منهم أبو عبيد القاسم بن سلام ومحمد بن عبد الله بن نمير في رواية الحضرمي عنه، وإبراهيم بن المنذر الحِزامي وجماعةٌ آخرون ذكرهم ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 16/ 220 - 223 و 237 و 271 و 280 - 282، وابنُ العديم في "تاريخ حلب" 7/ 3133 - 3136 و 3148 و 3164 - 3165 و 3171 - 3172، وسيأتي مثله عن خليفة بن خياط عند المصنف برقم (5386). وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 1/ 384: الصحيح موته بحمص.
(2)
ما قاله ابن نمير هنا يخالف ما رواه عنه محمد بن عبد الله الحضرمي عند الطبراني في "الكبير" 4/ (3814) من وفاة خالد بحمص سنة إحدى وعشرين، موافقًا في ذلك قول الواقدي، وهو قول الجمهور.
وممَّن ذكر وفاة خالد بن الوليد بالمدينة جماعةٌ، منهم مصعبُ بن عبد الله الزبيري كما سيأتي برقم (5385)، مع أنَّ الذي في "نسب قريش" له ص 321 أنَّ خالدًا مات بالشام! وجزم بموته بالمدينة كذلك دُحَيمٌ عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، لكن الصحيح أنه مات بحمص كما تقدم.
5372 -
أخبرني عبد الله بن غانم الصَّيدَلاني، حدَّثنا أبو عبد الله البُوشَنْجي، سمعت يحيى بن بُكَير يقول: خالد بن الوليد يُكنى أبا سليمان.
5373 -
أخبرنا محمد بن علي الصَّنْعاني، حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: قيل لعمر بن الخطاب: إِنَّ نِسوةً من بني المُغيرة قد اجتمعْنَ في دار خالد بن الوليد فبَكَين، وإنَّا نَكرَه أن يُؤذينَك، فلو نَهيتَهنَّ، فقال عمر: ما عليهن أن يُهرِقْنَ من دُموعهن سَجْلًا أو سَجْلَين، ما لم يكن نَقْعٌ ولا لَقْلَقة. يعني بالنَّقْع: اللَّطْمَ، وباللَّقْلَقة: الصُّراخَ
(1)
.
(1)
إسناده صحيح، كما قال النووي في "خلاصة الأحكام" (3778). إسحاق بن إبراهيم: هو الدَّبَري، والأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وأبو وائل: هو شقيق بن سَلَمة الأسدي.
وقد أورد البخاريُّ هذا الأثر في "صحيحه" بين يدي الحديث (1291) مُعلّقًا بصيغة الجزم.
وهو في "مصنف عبد الرزاق"(6685). غير أنه فسَّر اللقلقة ولم يفسّر النقع.
وأخرجه ابن سعد 5/ 44، وابن أبي شيبة 3/ 290، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 402، وعمر بن شَبّة في "تاريخ المدينة" 3/ 796، والحكيم الترمذي في "المنهيات" ص 87، والبيهقي 4/ 71، وابن عساكر 16/ 277 و 278، وابن العديم في "تاريخ حلب" 7/ 3170، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 261 - 262 من طرق عن الأعمش، به وقال ابن حجر: هذا موقوف صحيح.
وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في "غريب الحديث" 3/ 274 من طريق منصور بن المعتمر، وأبو عبيد 3/ 274 وابن عساكر 16/ 278 من طريق الحسن بن عمرو الفُقيمي، وابن المبارك في "الجهاد"(53)، وابن سعد 5/ 44، وأبو عَروبة الحَرَّاني في "المنتقى من كتاب الطبقات" ص 30، وابن عساكر 16/ 269، وابن العَديم 7/ 3162 من طريق عاصم بن بَهْدلة، ثلاثتهم عن أبي وائل شقيق بن سلمة، به. زاد عاصم بن بهدلة في بعض طرقه: فلما توفي خالد خرج عمر في جنازته. وهذه الزيادة انفرد بها عاصم من بين أصحاب أبي وائل الذين هم أحفظ من عاصم وأوثق. وذكر ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 610 أنَّ حبيب بن أبي ثابت رواه أيضًا عن أبي وائل، وذكر لفظه، وليس فيه ما ذكره عاصم بن بهدلة.
وما جاء في حديث معمر عن الأعمش عن أبي وائل من قوله: أنَّ نسوة من بني المغيرة اجتمعن في دار خالد بن الوليد فبكين
…
لا يؤيد قول عاصم بن بهدلة، لأنَّ خالدًا كان له دار بالمدينة، =
5374 -
أخبرني أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدَّثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدَّثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، حدثني عُقيل، عن ابن شِهاب قال: لما انصرفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الأحزاب وأقام خالدُ بنُ الوليد بدارِ الأحزاب، وأرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامِه
(1)
.
5375 -
حدَّثنا بصحَّة ما ذكره الزُّهْرِيُّ
(2)
من إسلام خالدِ بن الوليد قبلَ خَيبر أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عُبيد بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن أبي
(3)
السَّرِي، حدَّثنا محمد بن حرب، عن سُليمان بن سُلَيم، عن صالح بن يحيى بن المِقدام بن مَعدِي كَرِبَ، عن أبيه، عن جده، عن خالد بن الوليد، قال: كُنا مع النبي صلى الله عليه وسلم يومَ خيبر،
= كعدد من الصحابة كان لهم دور بالمدينة رغم إقامتهم بالشام أو بالعراق، فلا يقتضي ذلك موته بالمدينة، إنما كانت أم خالد بالمدينة كما يدل عليه رواية يزيد بن الأصم عند ابن سعد 5/ 44، فالظاهر أنها كانت في دار ابنها خالد، وإلا فقول جمهور أهل العلم من كون خالد مات بالشام في حمص هو المشهور كما قال ابن كثير، بل هو الصحيح كما قال الذهبي.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2401) من طريقه عاصم بن أبي النجود - وهو ابن بهدلة - مرسلًا ليس فيه أبو وائل، وليس فيه كون عمر خرج في جنازته.
وأخرجه سعيد بن منصور كما في "فتح الباري" 4/ 613، وابن شَبَّة في "تاريخ المدينة" 3/ 796 من طريق إبراهيم النخعي مرسلًا. ورجاله ثقات، ليس فيه كذلك ما قاله عاصم بن بَهْدلة.
(1)
هذا إسناد - وإن كان رجاله لا بأس بهم - مرسلٌ، وهو منكرٌ أيضًا، فقد ثبت أن خالد بن الوليد كان على خيل المشركين يوم الحديبية كما في حديث صلح الحديبية عند البخاري (2731) وغيره، والحديبيةُ إنما كانت بعد الأحزاب، فهو لم يُسلم إلا بعد الحديبية، ثم إنَّ الصحيح أنَّ خالد بن الوليد أتى بنفسه قُبيل فتح مكة إلى المدينة هو وعمرو بن العاص فأسلما، كما سيأتي عند المصنف برقم (5377).
الليث: هو ابن سعد، وعُقيل: هو ابن خالد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
(2)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: الزُّبيدي.
(3)
لفظة "أبي" سقطت من (ز) و (ب). وهو محمد بن أبي السَّري العَسْقَلاني، واسم أبي السَّري المتوكل.
فبعَثَني أُنادي: الصلاةَ جامعةً، لا تدخلُ الجَنةَ إِلَّا نفسٌ مُسلِمة
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف صالح بن يحيى بن المقدام، وقد اختُلف عليه في إسناده كذلك، فكان أحيانًا يرويه عن جده المقدام مباشرة ولا يذكر أباه، على أنَّ في متنه نكارة أيضًا، وقد نقل الحافظُ المنذريُّ في "اختصار سنن أبي داود" 5/ 316 - 317 تضعيف أهل العلم لهذا الحديث وإنكارهم له، منهم الواقدي وأحمد بن حنبل والبخاري والخطابي والدارقطني والبيهقي وابنُ عبد البر. قلنا: وضعَّفه كذلك الجُوْرقاني في "الأباطيل" 2/ 263، وابنُ حزم في "المحلى" 7/ 407، وعبدُ الحق الإشبيلي فيما نقلَه عنه ابن القطان في "بيان الوهم" 3/ 575، ووافقه عليه، وضعَّفه أيضًا الحافظ المنذريُّ في "اختصار سنن أبي داود" 5/ 309، والحافظُ ابن حجر في "فتح الباري" 17/ 107، وقال: هو شاذٌّ منكر. قلنا: ووجه نكارته فيما قاله الواقدي وأحمد والبخاري وابن عبد البر وابن حجر أن خالد بن الوليد لم يشهد خيبر، لأنه إنما أسلم بعدها وقُبيل الفتح كما يدلُّ عليه حديثُ عمرو بن العاص الآتي برقم (5377).
ووجه آخر في نكارة هذا الحديث، وهو أنه ورد فيه عند غير المصنف أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذٍ:"حرامٌ عليكم حُمر الأهلية وخيلها وبغالها"، وأنَّ هذا يخالف حديث جابر بن عبد الله الذي أخرجه الشيخان: البخاري (4219)، ومسلم (1941): أنه صلى الله عليه وسلم أذن لهم يوم خيبر في لحوم الخيل.
وأخرجه أحمد 28/ (16818) عن علي بن بحر، عن محمد بن حرب، بهذا الإسناد. وزاد فيه عن خالد بن الوليد قوله: ففعلتُ، فقام في الناس فقال:"يا أيها الناس ما بالكم أسرعتُم في حظائر يهود؟ ألا لا تحل أموال المعاهَدين إلا بحقها، وحرام عليكم حمر الأهلية والإنسية وخيلُها وبغالُها، وكل ذي نابٍ من السَّبُع وكل ذي مِخلَبٍ من الطير".
وأخرجه بطوله أحمد (16816) عن أحمد بن عبد الملك الحراني، وأبو داود (3806) عن عمرو بن عثمان الحمصي، كلاهما عن محمد بن حرب الخولاني، عن أبي سلمة سليمان بن سُليم، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن جده المقدام، عن خالد بن الوليد. فلم يذكر صالحٌ أباه يحيى بن المقدام، لكن لم يذكر فيه أبو داود القطعة التي في حديث المصنِّف فيما أمر النبي صلى الله عليه وسلم خالدًا أن ينادي به في الناس.
وقد روى منه قطعة النهي عن لحوم الحمر الأهلية والخيل والبغال وكل ذي ناب من السباع: ثورُ بن يزيد، عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب، عن أبيه، عن جده، عن خالد بن الوليد، لكن ليس فيه أنَّ ذلك كان يومَ خيبر. أخرجه من طريق أحمد (16817)، وأبو داود (3790)، وابن ماجه (3198)، والنسائي (4824) و (4825) و (6606). =
5376 -
أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفَضْل، حدَّثنا جدي، حدَّثنا إبراهيم بن المُنذر، حدَّثنا محمد بن فُليح، عن موسى بن عُقْبة، قال: كان فتح خيبر سنة سِتٍّ
(1)
.
وأما الرواية بضِدِّ هذا:
5377 -
أخبرنا الحسين بن علي، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحُسين، حدَّثنا عمرو
(2)
بن زُرَارة، حدَّثنا زياد بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق [حدثني يزيد بن أبي حبيب]
(3)
عن راشد مولى حَبيب بن أبي أوس، عن حَبيب بن أبي أوس، حدثني عمرو بن العاص مِن فِيه، قال: خرجت عامدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيتُ خالدَ بنَ الوليد، وذلك قُبيلَ الفتح، وهو مُقبلٌ من مكةَ، فقلت: أين تُريد يا أبا سُليمان؟ فقال: والله لقد استقام المِيسَمُ، وإنَّ الرجلَ لَنبيٌّ، أذهبُ فأُسلِمُ، فحتى متى؟! قال: فقدِمْنا
= وقوله: الصلاة جامعةً، هو بالنصب فيهما على الحكاية، ونصب "الصلاة" على الإغراء، و "جامعة" على الحال، أي: احضروا الصلاة في حال كونها جامعة. وقيل: يرفعهما على أنَّ "الصلاة" مبتدأ، و "جامعة" خبره، ومعناه: ذات جماعة.
(1)
وأخرجه أبو عوانة (6968) عن محمد بن عبد الحكم القِطْري، والبيهقي في "الكبرى" 6/ 55 من طريق حنبل بن إسحاق بن حنبل، وفي "الدلائل" 4/ 195 من طريق يعقوب بن سفيان، ثلاثتهم عن إبراهيم بن المنذر، عن محمد بن فُليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب الزهري.
وعدَّ الذهبي في "تاريخ الإسلام" 1/ 271 قول ابن شهاب الزهري هذا شذوذًا، لأنه يخالف قول الجمهور أنها في السنة السابعة.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: عُمر، وإنما هو عَمرو بن زرارة بن واقد الكلابي، وفي طبقته عُمر بن زرارة الحَدَثي، وهو رجل آخر ثقة مثله، لكن عَمرو بن زرارة الكلابي هو الذي يروي عن زياد بن عبد الله البَكائي.
(3)
سقط اسم يزيد بن أبي حبيب من نسخنا الخطية، وهو ثابت في "السيرة النبوية" 2/ 276 برواية ابن هشام عن زياد بن عبد الله البكائي عن ابن إسحاق، كما أنه ثابت أيضًا في رواية يونس بن بُكَير عن ابن إسحاق الآتية عند المصنف برقم (6025)، وثبت كذلك في سائر الروايات عن ابن إسحاق.
المدينةَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتَقدَّم خالدُ بن الوليد فأسلَمَ وبايَعَ، ثم دَنَوتُ فبايعتُ وانصرفتُ
(1)
.
5378 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار - في جزءٍ انتَقَاهُ الإمام أحمد بن حنبل على عليِّ بن بحر بن بَرِّي - حدَّثنا
(2)
الحسن بن علي بن بَرِّي، حدَّثنا أبي، حدَّثنا الوليد بن مسلم، حدَّثنا وَحشِي بن حَرْب بن وَحشِي، عن أبيه، عن جده: أنَّ أبا بكر الصِّدِّيقَ وجَّه خالدَ بنَ الوليد في قتال أهل الرِّدّة، فكُلِّم في ذلك، فأَبي أَن يَرُدَّه، وقال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وذكرَ خالدَ بنَ الوليد، فقال:"نِعمَ عبدُ الله، وأخو العَشِيرة، وسيفٌ من سُيوف الله"
(3)
.
(1)
خبر حسنٌ، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم غير راشدٍ مولى حبيب بن أبي أوس - ويقال: حبيب بن أوس - ففيه جهالة، غير أنه وإن كان كذلك فلا بأس بروايته لهذا الخبر، لمجيئه من وجه آخر عن عمرو بن العاص يحسُن به الخبر إن شاء الله.
وأخرجه أحمد 29/ (17777)، من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (6025) من طريق يونس بن بُكَير عن محمد بن إسحاق.
وقد رويت قصة إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد من وجه آخر عند الواقدي في "مغازيه" 2/ 741 - 745، وعنه ابن سعد في "طبقاته" 5/ 47 - 50، ورجاله من فوق الواقدي ثقات غير أنَّ راويه عن عمرو بن العاص يبعد إدراكه له، وعلى أي حالٍ فيصلح للاعتبار، والواقدي يُكتب حديثه في المتابعات والشواهد.
وقوله: استقام المِيسَم: بكسر الميم وسكون الياء التحتانية وفتح السين المهملة، أي: قد تبين الأمر واستقامت الدلالة، والمِيسَمُ: العلامة. قاله السُّهيلي في "الروض الأنف" 6/ 286، وقال: ومن رواه بفتح الميم وبالنون فمعناه: استقام الطريق ووجبت الهجرة، والمَنْسم: مقدَّم خُفّ البعير، وكنى به عن الطريق للتوجه به فيه.
(2)
القائل: حدَّثنا، هو أبو عبد الله الصَّفّار، سمع من الحسن بن علي بن بحر جزءًا فيه أحاديث لأبيه علي بن بحر انتقاها الإمام أحمد بن حنبل على علي بن بحر.
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل وحشي بن حَرْب بن وحشي، ففيه لين، لكن روي مثلُه مفرَّقًا عن غير واحدٍ من الصحابة. =
5379 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، حدَّثنا وهب بن جَرير، قال: حدثني أبي، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نَعَى أهلَ مُؤتةَ قال: "ثم أخذَ الرايةَ سَيفٌ من سُيوفِ الله خالدُ بنُ الوليد، ففَتَحَ اللهُ عليه"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5380 -
وقد أخبرَناهُ أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنْعاني بمكة، حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، عن مَعمَر، عن أيوب، عن أنس بن مالك، قال: نَعَى
= وأخرجه أحمد 1/ (43) عن علي بن عياش، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وزاد: و "سيف من سيوف الله سَلَّه الله عز وجل على الكفار والمنافقين".
ولقوله صلى الله عليه وسلم في خالد: "نعم عبدُ الله" شاهدٌ من حديث أبي هريرة عند أحمد 14/ (8720)، والترمذي (3846) من طريقين عن أبي هريرة، وله طريق ثالثة عنه عند ابن أبي شيبة 12/ 123، والحديث بمجموع هذه الطرق صحيح، وروي عن أبي هريرة عند غيرهم بلفظ:"نعم الرجل خالد بن الوليد"، وبلفظ:"نعم المرءُ خالد".
ولقوله صلى الله عليه وسلم في خالد بن الوليد بأنه "نعم أخو العشيرة" شاهدٌ من حديث أبي عبيدة بن الجراح عند أحمد 28/ (16823)، ورجاله ثقات غير أنَّ راويه عند أبي عُبيدة لم يُدركه.
ولقوله في خالد بن الوليد بأنه سيف من سيوف الله، شاهدٌ من أحاديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وأنس بن مالك وعبد الله بن أبي أوفى، وهي الأحاديث الثلاثة التالية عند المصنف.
وشاهد رابع من حديث أبي عُبيدة بن الجراح المشار إليه قريبًا.
وخامسٌ حديث أبي هريرة عند الترمذي (3846).
وسادس من حديث أبي قتادة الأنصاري عند أحمد 37/ (22551)، والنسائي (8103)، وابن حبان (7048)، وإسناده قوي.
(1)
إسناده صحيح. جرير: هو ابن حازم، وعبد الله بن جعفر: هو ابن أبي طالب.
وأخرجه أحمد 3/ (1750)، وأخرجه كذلك النسائي (8550) عن إسحاق بن منصور الكوسج، كلاهما (أحمد وإسحاق) عن وهب بن جرير بن حازم، بهذا الإسناد.
والنَّعيُ: إذاعة موت الميت والإخبار به، وإذا نَدَبَه.
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أهلَ مُؤتةَ على المِنبَر، ثم قال:"فأخذ اللواءَ خالدُ بن الوليد، وهو سَيفٌ من سُيوف الله"
(1)
.
هذا حديث عالٍ صحيح غَريب من حديث أيوب، ولم يُخرجاه.
5381 -
حدَّثَناه علي بن حَمْشاذ، حدَّثنا الحسن بن علي بن شَبيب المَعْمَري، حدَّثنا الربيع بن ثعلب، حدَّثنا أبو إسماعيل المؤدِّب، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشَّعْبي، عن عبد الله بن أبي أوفَى، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُؤذوا خالدًا فإنه سيفٌ من سُيوفِ الله، صَبَّه على الكفار"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه منقطع، أيوب - وهو ابن أبي تميمة السَّختياني - لم يسمع من أنس بن مالك، بينهما فيه حميد بن هلال.
فقد أخرجه البخاري (3757) و (4262) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنس بن مالك، فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وأخرجه دون وصف خالد بن الوليد بأنه سيف من سيوف الله: أحمد 19/ (12114) و (21712)، والبخاري (2798) و (3063) من طريق إسماعيل ابن عُليَّة، والبخاري (1246) من طريق عبد الوارث بن سعيد التنُّوري، كلاهما عن أيوب السختياني، عن حميد بن هلال، عن أنس، بلفظ:"ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففُتح له".
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن انفرد بوصله أبو إسماعيل المؤدِّب - واسمه إبراهيم بن سُليمان بن رَزين - وهو ثقة، ولكن خالفه عبد الله بن إدريس ومحمد بن عُبيد الطنافسي وهما ثقتان حافظان فروياه عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي مرسلًا، ليس فيه ذِكْر عبد الله بن أبي أوفى. وقد صحَّحه موصولًا ابن حبان، وحسَّنَه الحافظُ ابن حجر في "الأمالي المطلقة" ص 54! لكن صحَّح أبو زرعة الرازي المرسَلَ، كما نقله عنه ابن أبي حاتم الرازي في "العلل"(2585)، ورجَّحه الذهبيُّ في "تلخيص المستدرك".
وأخرجه ابن حبان (7091) من طريق عبد الله بن عون الخَرَّاز، عن أبي إسماعيل المؤدب، بهذا الإسناد.
ورواية عبد الله بن إدريس المرسلة عند ابن أبي حاتم في "العلل"(2585)، ورواية محمد بن عبيد الطنافسي عند ابن سعد 5/ 30.
ولإسماعيل بن أبي خالد في هذا الحديث شيخٌ آخرُ هو قيس بن أبي حازم: فقد أخرجه ابن سعد =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5382 -
أخبرنا أبو العباس إسماعيل بن عبد الله، أخبرنا عَبْدانُ الأهوازِي، حدَّثنا أبو السُّكَين زكريا بن يحيى الطائي، حدَّثنا عمُّ أَبي زَحْرُ بن حِصْن، قال: حدثني حُميد بن مُنهِب، قال: قال جدي [خُرَيم بن]
(1)
أوس بن حارثة بن لأْم
(2)
: لم يكن أحدٌ أعدَى للعربِ من هُرمُزَ، فلما فَرَغْنا من مُسيلِمة وأصحابِه أقبلنا إلى ناحية البصرة، فلقِينا هُرمُزَ بكاظمةٍ في جمع عظيم، فبَرَزَ له خالدُ بنُ الوليد، ودعا إلى البِراز، فبرز له هُرمزُ فقتلَه خالدُ بنُ الوليد، وكتب بذلك إلى أبي بكر الصِّدِّيق، فنفَّلَه سَلَبَه، فبلغت قَلَنسُوَةٌ هُرمُزَ مئةَ ألفِ دِرهَم، وكانت الفرسُ إِذا شَرفَ الرجلُ جعلوا قَلَنسُوَتَه بمئةِ ألفِ درهم
(3)
.
= 5/ 30 و 9/ 339 عن يعلى بن عبيد الطنافسي وأخيه محمد بن عبيد وعبد الله بن نُمير، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (4007) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، أربعتهم عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، مرسلًا.
وقال الحافظ ابن حجر في "المطالب": صحيح الإسناد. وإنما صحَّح إسناده لأنَّ قيسًا تابعي كبير مخضرم، ومثله لا يأخذ إلا عن صحابيٍّ، بل إنَّ قيسًا قد أدرك خالد بن الوليد وسمع منه وسمع من كبار الصحابة كأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب.
ويشهد له الأحاديثُ التي قبله، وانظر تمام شواهده عند الحديث المتقدم برقم (5378).
(1)
سقط اسم "خريم" من نسخنا الخطية، واستدركناه من "سنن البيهقي الكبرى" 6/ 311 حيث روى هذا الخبر عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده هذا الذي هنا، وهو ثابت لسائر من خرَّج هذا الخبر، هذا، ولم يُدرك أوس بن حارثة بن لام الإسلام، وإنما مات في الجاهلية كما قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 1/ 147 ردًّا على ابن قانع وابن الدبّاغ حيث ذكراه في الصحابة اعتمادًا على حديث وقع لهما بمثل هذا الإسناد الذي هنا في مبايعته للنبي صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ: لعله كان فيه: عن جده خُريم بن أوس بن حارثة، فسقط "خُريم"، والله أعلم.
(2)
كذلك ضبطه ابن دُريد في "الاشتقاق" ص 383: لأم، بالهمز.
(3)
إسناده محتمل للتحسين إن شاء الله من أجل زَحْر بن حِصْن - وهو ابن حميد بن مُنْهِب بن حارثة بن خُريم بن أوس بن حارثة بن لأم الطائي - فهو وإن لم يروعنه غير أبي السُّكين زكريا =
5383 -
حدثني علي بن عيسى، أخبرنا أحمد بن نَجْدة، حدَّثنا سعيدٌ بن منصور، حدَّثنا هُشَيم، حدَّثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه: أنَّ خالد بن الوليد فَقَدَ قَلَنسُوَةً له يومَ اليرموك فقال: اطلُبوها، فلم يَجِدُوها، ثم طَلَبُوها فوجدُوها، وإذا هي قَلَنَسُوَةٌ خَلَقَةٌ، فقال خالد: اعتمَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فحلَقَ رأسَه، وابتدَرَ الناسُ جوانبَ شعره، فسبَقتُهم إلى ناصيتِه فجعلتُها في هذه القَلَنسُوَة، فلم أشهد قتالًا وهي معي إِلَّا رُزِقتُ النصرَ
(1)
.
= ابن يحيى الطائي - ابن ابن أخيه - قد روى عنه أبو السُّكين هذا نسخة فيها بعضُ الأخبار عن جَدهم خُريم بن أوس، ومنها هذا الخبر وخبر آخر سيأتي عند المصنف برقم (5504)، وهما جميعًا ضمن خبرٍ مطوَّل من لدن إسلام خُريم بن أوس ومبايعته للنبي صلى الله عليه وسلم ثم بعض أخبار حروب الردة ثم حرب العراق وغيرها كما جاء عند البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 267 - 269 وغيره، وكان خُريم حاضرًا في تلك الوقائع، وآلُ الرجل أعلم به من غيرهم، وهم أضبطُ لما حصل له من قصص وأخبار.
وقد حسَّن البيهقيُّ في "معرفة السنن والآثار"(18393) هذا الإسنادَ، وحَسَّن أبو موسى المديني خبرًا آخر يرويه أبو السُّكين عن زَحْر بن حِصْن، فيما نقله عنه ابن ناصر الدين الدمشقي في "جامع الآثار" 2/ 306، وابنُ حجر في "الإصابة" 7/ 646، وجوَّد ابن حجر هذا الإسناد أيضًا في خبر ثالث ذكره في "لذة العيش في طرق حديث الأئمة من قريش" ص 84، فاحتمل تحسينُ الإسناد إن شاء الله، وحميد بن مُنْهِب جدُّ زَحْر بن حِصْن تابعيٌّ أدرك طلحة والزبير وعائشة، وسار معهم إلى البصرة وحضر يوم الجمل، وبعضهم ذكره في الصحابة ولا يصحُّ.
عَبْدان الأهوازي: هو عبد الله بن أحمد بن موسى، وعَبْدان لقبُه.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 311 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2803) و (4168)، وعنه أبو نُعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(2392) و (2520) عن عَبْدان، به. وقرن به الطبراني في الموضع الثاني - وعنه أبو نعيم في الموضع الثاني - محمدَ بنَ موسى بن حماد البَرْبَري.
وكاظِمة: موضع كانت بقُربه معركة ذات السلاسل سنة 12 للهجرة، وهي المذكورة في هذا الخبر.
ونَفَّلَه سَلَبه، أي: أعطاهُ ما كان على هرمز ومعه من سلاح وثياب ودابَّة وغيرها.
والقَلَنْسُوة: لباس للرأس.
(1)
رجاله ثقات، لكنه مرسل، فإنَّ جعفرًا - وهو ابن عبد الله بن الحكم الأنصاري - لم يدرك =
5384 -
حدَّثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدَّثنا علي بن عبد العزيز، حدَّثنا أبو نُعيم، حدَّثنا شَريك، عن عاصم بن أبي النَّجود، عن أبي وائل، قال: كتب خالدُ بن الوليد إلى أهل فارسَ يدعوهم إلى الإسلام: بسم الله الرحمن الرحيم، من خالد
= يوم اليرموك، ولا خالدَ بن الوليد، لكن رويت هذه القصة من عدة وجوه يقوّي بعضها بعضًا.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 249، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 16/ 246 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد 5/ 34، ومن طريق ابن عساكر 16/ 246، وابنُ العَديم في "بُغية الطلب في تاريخ حلب" 2/ 3149، وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3804) وعنه أبو نعيم في "دلائل النبوة"(367)، عن علي بن عبد العزيز، كلاهما (ابن سعد وعلي بن عبد العزيز) عن سعيد بن منصور، به.
وأخرجه أبو يعلى (7183)، ومن طريقه ابن عساكر 16/ 246 - 247 عن سُريج بن يونس، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(585)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(2398) من طريق عبد الله بن مُطيع البكري، كلاهما عن هُشَيم بن بشير، به.
وأخرج ابن سعد 5/ 35، ومن طريق ابن عساكر 16/ 247، وابن العَديم 7/ 3149 من طريق عاصم بن كليب، قال: سمعت شيخين في المسجد ممَّن سمع خالد بن الوليد، قال أحدهما لصاحبه: أتذكر ما لقينا يوم الكُمّة بسباطة الحيرة؟ قال: نعم، ما لقينا يومًا أشد منه، وقعت كُمة خالد بن الوليد فقال: التمسُوها، وغَضِب، فوجدناها، فوضعها على رأسه، ثم اعتذر إلينا، فقال: لا تلوموني، فإنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم حين حلق رأسه انتَهبْنا شعره، فوقعت ناصيته بيدي، فجعلتُها ناصيةً لي في هذه الخرقة، فإنما شقَّ علَيَّ حين وقعت. وإسناده قوي، والشيخان المبهمان تابعيان كبيران أدركا زمن حروب العراق، فهي متابعة قوية لمرسل جعفر بن عبد الله، غير أنه جاء في هذا الخبر أن ذلك كان بالحيرة، أي بالعراق، وجعفرٌ قال: يوم اليرموك.
لكن تابع جعفرًا على ذكر يوم اليرموك عبدُ الملك بنُ أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، حيث روى هذه القصة مرسلة كذلك عند الواقدي في "المغازي" 3/ 884 وعنه ابن سعد 5/ 33 عن يوسف بن يعقوب بن عُتبة، عن عثمان بن محمد الأخنسي، عن عبد الملك المذكور.
وأخرج ابن عساكر 16/ 247 من طريق ابن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث، أخبرني الثقة: أنَّ الناس يوم حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدروا شعره، فابتدرهم خالد بن الوليد إلى ناصيته، فجعلها في قَلَنْسُوَته.
ابن الوليد إلى رُستُمَ ومِهْرانَ ومَلأ فارسَ، سلامٌ على من اتَّبَعَ الهُدَى، أما بعدُ، فإنا ندعُوكم إلى الإسلام، فإن أبيتُم فأعطُوا الجزيةَ عن يَدٍ وأنتم صاغِرون، وإن أبيتُم فإنَّ معي قومًا يُحِبُّون القتلَ في سبيل الله، كما تُحبُّ فارسُ الخَمرَ، والسلامُ
(1)
.
قد اختَلفُوا في وقت وفاة خالد بن الوليد، وقد قَدّمتُه عن الواقدي سنة إحدى وعشرين.
5385 -
فحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدَّثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدَّثنا مصعب بن عبد الله، قال: توفي خالد بن الوليد بالمدينة سنة اثنتين وعشرين
(2)
.
(1)
رجاله لا بأس بهم، لكن أبا وائل - واسمه شقيق بن سَلَمة - كان في زمن حروب العراق في عهد الصِّدّيق صغيرًا لا يَتَهيّا له حضورُ ذلك، فالخبر مرسلٌ، ولكن روي مثلُه عن عامر الشعبي مرسلًا كذلك، فيتقوى الخبر بهما. شريك: ابن عبد الله النَّخعي، وأبو نُعيم: هو الفضل بن دُكين.
وأخرجه الطبراني (3806) عن علي بن عبد العزيز البغوي، بهذا الإسناد.
وأخرجه حميد بن زنجويه في "الأموال"(127) عن أبي نعيم، به.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات"(2304)، والطبراني في "الكبير"(3806) من طريقين عن شريك النخعي، به.
وأخرجه مُسدَّد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (4366)، وابن سعد في "طبقاته" 5/ 39 من طريق حماد بن سلمة، عن عاصم بن بَهْدلة - وهو ابن أبي النَّجود - به.
وأخرجه عبد الرزاق (9423) عن معمر بن راشد، عن عاصم بن أبي النَّجُود مرسلًا، لم يذكر أبا وائل.
وأخرجه أبو عُبيد القاسم بن سلام في "الأموال"(86)، وسعيد بن منصور (2482)، وابن أبي شيبة 12/ 297 و 552 و 553، وابن زنجويه في "الأموال"(131)، وأبو يعلى (7190)، والطبري في "تاريخه" 3/ 346 من طريقين عن عامر بن شَراحيل الشعبي مرسلًا بنحوه، لكنه قال فيه: يُحبّون الموت كما تُحبّون الحياة، بدل: الخمر.
وأخذُ الجزية من المجوس ثابت في حديث عبد الرحمن بن عوف عند البخاري (3157) وغيره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر.
(2)
كذا جاء في هذه الرواية عن مصعب بن عبد الله الزُّبيري أن خالدًا توفي بالمدينة، مع أنَّ =
5386 -
وأخبرني أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدَّثنا موسى بن زكريا التُسْتَري، حدَّثنا خليفة بن خَيّاط، قال: مات خالد بن الوليد بالشام - وقيل: بحمص - سنة إحدى وعشرين
(1)
.
قال يحيى بن بُكَير: مات بالمدينة سنة سبعَ عشرةَ أو ثَمانَ عشرةَ
(2)
.
ذكرُ حاطِب بن أبي بَلْتَعَةَ اللَّخْمِي رضي الله عنه
-
5387 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدَّثنا أبو عُلَاثة، حدَّثنا أبي، حدَّثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُروة، في تسمية من شهد بدرًا من بني أسَد بن عبد العُزَّى: حاطِبُ بن أبي بَلْتَعة، حليفٌ لهم
(3)
.
5388 -
حدَّثنا أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدَّثنا موسى بن زكريا، حدَّثنا خليفة بن خَيّاط، قال: كان حاطب بن أبي بَلْتَعة يُكنى أبا محمّد
(4)
.
= الذي في "نسب قريش" له ص 321 - وهو برواية ابن أبي خَيثمة عنه - أنَّ خالد بن الوليد هلك بالشام، وكذلك جاء في رواية الزبير بن بكار ابن أخي مصعب بن عبد الله الزبيري عنه عند ابن عساكر 16/ 273 - 274، وهذا هو الموافق لقول الجمهور في مكان وفاة خالد بن الوليد كما تقدم بيانه برقم (5370)، لكن الجمهور على وفاته سنة إحدى وعشرين، وليس في "نسب قريش" ولا في رواية الزبير بن بكار ذكر سنة وفاة خالد.
(1)
وهو في "طبقات خليفة" ص 20 و 299 دون قوله: وقيل بحمص.
(2)
قول ابن بُكَير هذا - وهو يحيى بن عبد الله بن بكير - شاذٌّ مخالف لقول جماهير العلماء القائلين بأنَّ خالد بن الوليد مات سنة إحدى وعشرين بالشام كما تقدم.
(3)
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3062)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1868) عن أبي عُلَاثة، بهذا الإسناد. غير أنه لم يقل فيه: حليفٌ لهم، ولكن ذلك ثابتٌ أيضًا من قول حاطبٍ نفسِه كما سيأتي برقم (5393).
(4)
الذي في "الطبقات" لخليفة بن خياط ص 70 أنَّ حاطبًا يكنى أبا عبد الله، وأسند ذلك عنه ابن مَنْده في "فتح الباب في الكنى والألقاب"(4175). ولكن تكنية حاطب بأبي محمد أشهر كما كنَّاه الواقديُّ في روايته التالية عن المصنف، وكذلك يحيى بنُ بُكَير كما سيأتي برقم (5390)، وهو قول أبي الحسن علي بن محمد المدائني كما نقله عنه ابن أبي خيثمة في السفر =
5389 -
حدَّثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدَّثنا الحسن بن الجَهْم، حدَّثنا الحسين بن الفَرَج، حدَّثنا محمد بن عمر، قال: حاطِبُ بن أبي بَلْتَعة يُكنى أبا محمد، وهو - فيما قيل - من لَخْم، ثم أحدُ بني راشِدةَ.
شهد بدرًا والخندقَ والمَشاهِدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، بعثَه إلى المُقَوقِس صاحبِ الإسكَندرية، وكان فيما ذُكر من الرُّماة المذكورين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات بالمدينة وهو ابن خمس وستين سنة، وصلَّى عليه عثمان بن عفان، وكان تاجرًا يبيع الطعامَ، وكان حسنَ الجسم، خَفيف اللِّحية، أجنى
(1)
إلى القِصَر ما هو، شَثْنَ الأصابع
(2)
.
5390 -
أخبرني عبد الله بن حَمَّوَيهِ الصَّيْدلاني، حدَّثنا أبو عبد الله البُوشَنْجي، قال: سمعت يحيى بن بُكَير يقول: تُوفّي حاطب بن أبي بَلْتَعَة سنة ثلاثين، وصلَّى عليه عثمان بن عفان، وكان يُكنى أبا محمد
(3)
.
5391 -
أخبرني أبو نصر محمد بن أحمد بن عمر الخَفّاف، حدَّثنا محمد بن المُنذر بن سعيد الهَرَوي، حدَّثنا أبو الزُّبير علي بن الحسن بن علي بن مُسلم المكِّي، قال: حدثني هارون بن يحيى بن هارون بن عبد الرحمن بن حاطِب بن أبي بَلْتَعة المدني،
= الثاني من "تاريخه الكبير"(634).
وخالفهم جميعًا الطبريُّ في "ذيل المذيَّل" كما في "منتخبه" لعُريب بن سعد القرطبي بإثر "تاريخ الطبري" 11/ 675، فكناه أبا عبد الرحمن!
(1)
كذلك أُعجمت في (ز) بالجيم، وهي لغة في أجنأ، يقال بالهمز وبغير الهمز، وتقدم نظيره وبيان معناه عند الأثر (5230).
(2)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 106 و 107. وزاد ذكر شهود حاطبٍ أُحُدًا أيضًا.
وشَثْن الأصابع، أي: غليظها.
(3)
أبو عبد الله البُوشَنْجي: هو محمد بن إبراهيم العَبْدي، وهو عند الطبراني في "الكبير"(3065) عن أبي الزِّنْباع روح بن الفرج، عن يحيى بن بُكَير - وهو يحيى بن عبد الله بن بُكَير - وزاد: سنُّه خمس وستون.
قال: حدثني أبو رَبيعة الحَرّاني، عن عبد الحميد بن أبي أنس، عن صفوان بن سُلَيم، عن أنس بن مالك، أنه سمع حاطِبَ بن أبي بَلْتَعة، يقول: إنه طَلَعَ على النبي صلى الله عليه وسلم بأُحُدٍ وهو يَشتدُّ، وفي يد علي بن أبي طالب الترسُ فيه ماءٌ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يَغسِلُ وجهَه من ذلك الماء، فقال له حاطِبٌ: مَن فعل بك هذا؟ قال: "عُتْبة بن أبي وقاص، هَشَمَ وجهي، ودَقَّ رَبَاعِيَتي بحَجَرِ رَمَاني" قلت: إني سمعتُ صائحًا يَصِيح على الجبل: قُتل محمدٌ، فأتيتُ إليك، وكأنْ قد ذهبَتْ رُوحي، قلت: أين تَوجَّه عتبةُ؟ فأشار إلى حيثُ تَوجَّه، فمضيتُ حتى ظَفِرتُ به، فضربتُه بالسيفِ فطرحتُ رأسَه، فهبطتُ فأخذتُ رأسَه وسَلَبَه وفرسَه، وجئتُ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسَلَّم ذلك إليَّ ودعا لي، فقال:"رضيَ الله عنك، رضيَ الله عنك"
(1)
.
(1)
إسناده مُظلم كما قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 2/ 44، وذلك لجهالة مَن بين محمد بن المنذر الهروي وصفوان بن سُليم، وقال ابن حجر في "الإصابة" 5/ 259: إسنادٌ فيه مجاهيل.
وأخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 308 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وقد ثبت أنَّ عُتبة بن أبي وقاص هو مَن كَسَر رَباعِيَة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحُد، كما أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(9649)، وفي "تفسيره" 1/ 131 من مرسل مِقسَم مولى ابن عباس ومرسل الزهري: أنَّ عتبة بن أبي وقاص كسر رباعية النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحُد، ودمَّى وجهه، فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"اللهم لا يَحُلِ الحَولُ حتى يموت كافرًا"، فما حال عليه الحولُ حتى مات كافرًا إلى النار.
وأخرج نحوه عبدُ الرزاق كما في "الإصابة" لابن حجر 5/ 259، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5366) من مرسل سعيد بن المسيب.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 131، وابن سعد، وابن المنذر في "تفسيره"(908)، والطبري في "تفسيره" 4/ 88 من مرسل قتادة نحوه أيضًا.
وذكره ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 80 عن رُبَيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، عن جده. ولم يُسنده ابن هشام إلى رُبيح.
وروى البيهقي في "الدلائل" 3/ 206 عن موسى بن عقبة قوله: يزعمون أنَّ الذي رماه عتبةُ بن أبي وقاص. =
5392 -
حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا الربيع بن سليمان المُرادي، حدَّثنا أَسَد بن موسى، حدَّثنا الليث بن سعد، حدَّثنا أبو الزُّبير، عن جابر: أنَّ عبدًا لحاطِبٍ جاء نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم يشكُو حاطِبًا، فقال: يا نبيَّ الله، ليدخُلَنَّ حاطبٌ النارَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كذَبتَ، لا يَدخُلُها أبدًا، وقد شَهِدَ بدرًا والحُدَيبيةَ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مُسلم، ولم يُخرجاه!
5393 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدَّثنا موسى بن هارون، حدَّثنا هاشم بن الحارث الحَرّاني، حدَّثنا عُبيد الله بن عَمرو الرَّقِّي، عن إسحاق بن راشد، عن الزُّهْري، عن عُروة بن الزُّبَير، عن عبد الرحمن بن حاطِب بن أبي بَلْتَعة أنه حدَّثَه:
= وروى ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 86 عن صالح بن كيسان، عمَّن حدثه عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يقول: والله ما حَرَصتُ على قتل رجل قطُّ كحرصي على قتل عتبة بن أبي وقاص
…
ولقد كفاني منه قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اشتد غضبُ الله على مَن دمَّى وجه رسولِه".
وهذا سند حسنٌ لولا إبهام راويه عن سعد بن أبي وقاص.
ورواه الواقديُّ في "المغازي" 1/ 224 عن شيوخه.
وأما قَتْل حاطبِ بن أبي بَلْتَعة لعتبة بن أبي وقاص، فلا يصحُّ كما قال ابن حجر في "الإصابة" 5/ 259، لما ورد في "صحيح البخاري"(2053)، و "صحيح مسلم"(1457) أنَّ عتبة بن أبي وقاص عَهِد إلى أخيه سعد أنَّ ابن وليدة زمعة منّي فاقبِضه
…
الحديث، قال ابن حجر: لو قُتل عتبة إذ ذاك فكيف كان يوصي سعدًا
…
(1)
إسناده صحيح. أبو الزُّبير: وهو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي.
وأخرجه أحمد 23/ (14771)، ومسلم (2495)، والترمذي (3864)، والنسائي (8238) و (11008)، وابن حبان (4799) و (7120) من طرق عن الليث بن سعد، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وأخرجه أحمد 22/ (14484) من طريق ابن جُريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرًا يقول
…
فذكره.
وقد روى المرفوعَ منه دون قصة حاطبٍ مع غلامه أبو سفيان طلحة بن نافع الواسطي عن جابر بن عبد الله، واختُلف عليه في إسناده كما هو مبيَّن في "مسند أحمد" 44/ (26440)، وانظر تمام تخريجه فيه.
أنَّ أباه كَتَب إلى كُفَّار قُريش كتابًا، وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شهِد بدرًا، فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليًّا والزُّبَير، فقال:"انطَلِقا حتى تُدرِكا امرأةً معها كتابٌ فأتِياني به"، فانطَلَقا حتى أتَياها، فقالا: أعطِينا الكتابَ الذي مَعَك، وأخبَراها أنهما غيرُ مُنصَرفَين حتى يَنزِعا كلَّ ثَوبٍ عليها، فقالت: ألستُما رجلَين مُسلمين؟! قالا: بلى، ولكنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حدَّثنا أنَّ معكِ كتابًا، فلما أيقَنَتْ أنها غيرُ مُنفَلِتةٍ منهما حَلَّتِ الكتاب من رأسِها، فدفَعَته إليهما، فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حاطبًا، حتى قرأ عليه الكتاب، فقال:"أتعرِفُ هذا الكتابَ؟ " قال: نعم، قال:"فما حمَلَك على ذلك؟ " قال: كان هناك ولَدِي وذو قَرابتي، وكنت امرًا غَرِيبًا فيكم مَعشَرَ قُريش، فقال عمر: يا رسولَ الله، ائذَن لي في قَتْل حاطبٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا، إنه قد شهد بدرًا، وإنك لا تدري لعلَّ الله قد اطَّلع على أهل بدرٍ فقال: اعمَلوا ما شئتُم، فإني غافِرٌ لكم"
(1)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فأغلب الظن أنه تلقى خبر هذه القصة عن أبيه حاطب. وقد اختُلف في هذا الإسناد على عروة بن الزبير، فرواه معمر بن راشد، عن الزهري، عن عروة مرسلًا ليس فيه ذكر عبد الرحمن بن حاطِب، وكذلك رواه محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير مرسلًا كذلك، والله تعالى أعلم. وقال الذهبي في "السيرة" 2/ 45 عن رواية إسحاق بن راشد: إسناده صالح.
قلنا: وعلى كلٍّ فالحديث مرويٌّ من وجوهٍ صحاح.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3066)، وفي "الأوسط"(8227) عن موسى بن هارون - وهو ابن عبد الله الحَمّال - بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 286 - 287، والطبري في "تفسيره" 28/ 60، وأبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" 5/ 325 من طريق معمر بن راشد، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، مرسلًا.
وأخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 398 - 399، والطبري في "تاريخه" 3/ 48، وفي "تفسيره" 28/ 59 - 60، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 14 - 16 من طرق عن محمد بن إسحاق بن يسار، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا
…
فذكره مرسلًا أيضًا، =
ذكرُ مناقب أُبي بن كعب رضي الله عنه
-
5394 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الله البغدادي، حدَّثنا أبو عُلَاثة، حدَّثنا أبي، حدَّثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوة بن الزُّبَير، قال: أُبي بن كعب بن قيس بن عُبيد بن زيد
(1)
بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النَّجار، شهد بدرًا
(2)
.
5395 -
أخبرنا أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدَّثنا موسى بن زكريا، حدَّثنا خَليفة بن خيّاط، فذكر هذا النَّسبَ، وزاد فيه: وأمُّ أبيِّ بن كَعْب صُقَيلةُ
(3)
- وقال غيره:
= وصرح ابن إسحاق بسماعه عند ابن هشام.
وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب الآتي عند المصنف برقم (7142)، وهو حديث حسن.
وآخر من حديث علي بن أبي طالب عند أحمد 2/ (827)، والبخاري (3081) و (3983)، ومسلم (2494).
وثالث من حديث جابر بن عبد الله عند أحمد 23/ (14774)، وابن حبان (4797)، وإسناده صحيح.
ولآخره المرفوع مفردًا شاهد من حديث ابن عباس تقدَّم عند المصنف برقم (4701)، وشواهد أخرى انظرها هناك.
وبيَّن ابن حجر في "فتح الباري" 14/ 390 أنَّ قوله في رواية عروة: "فإني غافر لكم" يدلُّ على أنَّ المراد بقوله في الروايات الأخرى: "غفرتُ" أي: أغفِرُ، على طريق التعبير عن الآتي بالواقع مبالغة في تحقُّقِه.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: رئاب، والتصويب من رواية الطبراني وغيره من المصادر.
(2)
أبو عُلَاثة: هو محمد بن عمرو بن خالد الحرّاني، وابن لَهِيعة: هو عبد الله، وأبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن المعروف بيتَيم عُروة.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(524)، وعنه أبو نُعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(738) عن أبي عُلاثة محمد بن عمرو بن خالد، بهذا الإسناد.
وشهوده بدرًا مما اتفق عليه أهل المغازي والسِّيَر، وعليه فلا نعلم سببًا لتمريض البخاري القول بحضور أُبي بن كعب بدرًا في كتابه "التاريخ الكبير" 2/ 39، حيث قال: يقال: شهد بدرًا.
(3)
كذلك جاء في نسخنا الخطية: صُقَيلة، بالقاف، وأغلب الظن أنَّ ذلك كذلك في رواية الحاكم =
صُهَيلة
(1)
- بنت الأسود بن حَرَام بن عمرو بن زيد مَناة بن عَدي بن عمرو بن مالك بن النَّجار، وهي عَمة أبي طلحة.
5396 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: مات أبي بن كعب في خِلافة عمر بن الخطاب سنة اثنتين وعشرين
(2)
.
5397 -
حدَّثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن رُستَهْ، حدَّثنا سليمان بن داود، حدَّثنا محمد بن عمر، فذكر النَّسبَ بنحوه، وزاد: وشهد العقَبةَ في السبعين من الأنصار، وكان يكتُب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحيَ، وقد اختُلِف في وقت وفاته، فقيل: إنه مات في خلافة عمر سنة اثنتين وعشرين، وقيل: مات في خلافة عثمان سنة ثلاثين، وهذا أثبتُ الأقاويل، وذلك بأنَّ عثمان أَمَرَه بأن يجمَعَ القرآنَ
(3)
.
= عن أحمد بن يعقوب الثقفي، كما تُشير إليه العبارة التي بعده، كأن الحاكم يريد أن ينبه إلى أنَّ غير أحمد بن يعقوب يرويه عن موسى بن زكريا فيقول: صُهيلة، بالهاء، وهذا صحيح، فإنَّ الدارقطني روى هذا في "مؤتلفه ومختلفه" 1/ 531 عن أبي الطاهر محمد بن أحمد بن نصر عن موسى بن زكريا عن شَبابٍ - وهو لقبُ خليفة، وتحرَّف في المطبوع إلى: شبابة - فقال: صُهيلة، وكذلك جاء في رواية أبي حفص عمر بن أحمد بن إسحاق الأهوازي، أحد رواة "طبقات خليفة" عنه عند ابن عساكر 7/ 312، وكذلك جاء في المطبوع المحقق من "الطبقات" لخليفة ص 88 الذي اعتمد فيه على نسخةٍ برواية الطبراني عن موسى بن زكريا عن خليفة، وبرواية الأهوازي عن خليفة أيضًا، كما نبَّه على ذلك الدكتور أكرم العمري.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: صهيبة، بالباء بدل اللام.
(2)
وهو عند الطبراني في "الكبير"(530)، وابن زَبْر في "تاريخ مولد العلماء ووفياتهم" 1/ 109، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(746)، وابن عساكر 7/ 345.
(3)
محمد بن عمر: هو الواقدي، والراوي عنه سليمان بن داود: هو الشاذكوني.
وقد ذكر ابن سعد في "طبقاته" 3/ 462 مثل هذا الذي قاله الواقدي هنا، وهو شيخه، غير أنه لم ينسبه إليه، سوى ذكر وفاة أُبي بن كعب، فنسبه ابن سعد 3/ 466 للواقدي، وأسنده كذلك =
5398 -
حدثني علي بن حَمْشاذ، حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، حدَّثنا هُشَيم، عن يونس بن عُبيد، ومُبارك، عن الحسن، حدَّثنا عُتَي السَّعْدي قال: رأيتُ أبَي بن كعب أبيضَ الرأس واللِّحية، لا يَخضِبُ
(1)
.
= أبو نعيم في "المعرفة"(748) عن الواقدي.
وعُمدة الواقدي فيما ذهب إليه ما قاله محمدُ بن سيرين عند ابن سعد 3/ 466 وغيره: أنَّ عثمان جمع اثني عشر رجلًا من قريش والأنصار فيهم أبيُّ بن كعب وزيد بن ثابت في جمع القرآن.
وقال خليفة بن خياط كما سيأتي عند المصنف برقم (5402): مات أبي بن كعب سنة اثنتين وثلاثين. وقال مصعب بن عبد الله الزبيري كما سيأتي برقم (5403) بأنَّ أُبيًّا مات في خلافة عثمان.
وذكر علي بن المديني فيما نقله عنه البخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 505 بأنَّ أُبيًا مات في ستٍّ من خلافة عثمان.
وصحَّح أبو نعيم في "معرفة الصحابة" بين يدي الخبر (736) أنَّ أُبي بن كعب مات في خلافة عثمان سنة ثلاثين، قال: لأنَّ زِرَّ بنَ حُبَيش لقيه في خلافة عثمان. قلنا: أراد الخبر الذي أخرجه أحمد 30/ (18090) وغيره عن زِرّ بن حُبيش قال: وَفَدتُ في خلافة عثمان بن عفان، وإنما حملني على الوِفادة لقيُّ أُبي بن كعب وأصحاب رسول الله
…
وإسناده حسن.
وكما سيأتي بإسناد حسن عن عبد الرحمن بن أبزى قال: لما وقع الناس في أمر عثمان قلتُ لأُبيِّ بن كعب
…
فذكر مقالةً لأبيٍّ.
(1)
إسناده صحيح. مُبارك: هو ابن فَضَالة البصري، والحسن: هو ابن أبي الحسن البصري.
وهو في "العلل" لأحمد بن حنبل (2251) برواية ابنه عبد الله، ومن طريق أخرجه الطبراني في "الكبير"(525)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(740).
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 444، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1851) من طريق شعبة، عن يونس بن عُبيد وحده، به.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ 316 من طريق ابن المبارك، عن مبارك بن فَضَالة وحده، به.
وأخرجه مُسدَّد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبُوصيري (4023)، وابن سعد 3/ 463، وأبو نعيم في "المعرفة"(741)، وابن عساكر 7/ 316 من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي، =
5399 -
حدثني علي بن حَمْشاذ، حدَّثنا علي بن عبد العزيز، حدَّثنا أبو نُعيم، حدَّثنا الحسن بن صالح، عن مُطرِّف، عن الشَّعْبي، عن مَسرُوقٍ، قال: كان أصحابُ القَضاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ستةً: عمرُ وعليٌّ وعبدُ الله وأُبيٌّ وزيدٌ وأبو موسى، رضي الله عنهم
(1)
.
هكذا حدَّثَنا، وفي أكثر الروايات وأصحِّها: معاذُ بنُ جَبَل، بدلَ أبي موسى
(2)
.
5400 -
حدثني محمد بن مُظفَّر، حدَّثنا أبو الجَهْم، حدَّثنا إبراهيم بن يعقوب، قال: سمعت أبا مُسهر يقول: أُبيُّ بن كعب سمّاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سيِّدَ الأنصار، فلم يمُت [حتى] قالوا: سيدُ المسلمين
(3)
.
= وابن سعد 3/ 163، ومن طريقه ابن عساكر 7/ 317 من طريق ثابت البُناني وحميد الطويل، ثلاثتهم عن الحسن البصري، به.
(1)
إسناده صحيح. أبو نُعيم: هو الفَضْل بن دُكين، ومُطرِّف: هو ابن طريف الكوفي. وعبد الله: هو ابن مسعود، وزيد: هو ابن ثابت.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(148)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 32/ 64 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد 2/ 303، ومن طريقه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 11/ 214، وابن عساكر 19/ 314 عن عُبيد الله بن موسى، والطبراني في "الكبير"(528)، ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(745)، وابن عساكر 19/ 314 من طريق أبي غَسّان مالك بن إسماعيل، كلاهما عن الحسن بن صالح، به. لكن عبيد الله بن موسى قال في روايته: كان أصحابُ الفتوى
…
وانظر ما سيأتي برقم (5897) و (6073).
(2)
كذا قال المصنف رحمه الله! وهو وهمٌ منه، فليس في شيء من الروايات الصحيحة ذكر معاذ بن جبل بدل أبي موسى، إنما ذُكر في بعضها أبو الدرداء بدل أبي موسى كما عند يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 444 - 445، والبيهقي في "المدخل"(146)، وابن عساكر 33/ 155 - 156 و 42/ 409 من طريق منصور بن المعتمر عن الشعبي عن مسروق.
(3)
أبو الجَهْم: هو أحمد بن الحسين بن أحمد بن طَلاب المَشْفَراني، وإبراهيم بن يعقوب: هو الجُوْزَجاني، وأبو مُسهرٍ: هو عبد الأعلى بن مُسهِر الدمشقي. =
5401 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: ومات أبيٌّ في خلافة عُمر سنة اثنتين وعشرين
(1)
.
5402 -
أخبرني الثَّقَفي، حدَّثنا موسى بن زكريا، حدَّثنا خَليفةُ، قال: مات أُبيُّ بن كعب في خلافة عُثمان سنة اثنتين وثلاثين
(2)
.
الخلافُ ظاهرٌ في وقت وفاة أُبيِّ بن كعب:
5403 -
فحدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدَّثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدَّثنا مصعب بن عبد الله، قال: تُوفِّي أبيُّ بنُ كعب بن قيس بن عُبيد بن يزيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار في خِلافة عثمان، وكان أبيضَ الرأسِ واللِّحية، قيل: سنة تسع وعشرين، وقيل: سنة اثنتين وعشرين، وقيل: إنه مات في خلافة عثمان سنة ثلاثين، وذُكِر أنه كان يُكنى أبا الطُّفيل، وكانت له كُنيتان، وكانت وفاتُه بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن ظَهرَ الطَّعْنُ على عثمان
(3)
.
= وقد جاء في خبر مرفوع تسميةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيَّ بنَ كعب سيِّد الأنصار، وهو ما أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ 335، والضياء المقدسي في "المنتقى من مسموعات مَرْو "(770) من حديث عمرو بن العاص، لكن إسناده ضعيف.
وأما تسمية أُبي بن كعب بسيِّد المسلمين فرُوي من قول عمر بن الخطاب كما أخرجه عنه ابن سعد 3/ 463، والبخاري في "الأدب المفرد"(476) وغيرهما بسند محتمل للتحسين.
كذلك وروي عن عُتَي السَّعْدي، قال: قدمت المدينة في يوم ريح وغبرة، وإذا الناسُ يموج بعضهم في بعض؟ فقالوا: أما أنت من أهل هذا البلد؟ قلت: لا، قالوا: مات اليوم سيد المسلمين أبيُّ بنُ كعب. أخرجه ابن سعد 3/ 465، وابن عساكر 7/ 340، وسنده صحيح.
وانظر خبر جندب البجلي الآتي برقم (5411).
(1)
هذا مكرر ما تقدَّم عند المصنف برقم (5396).
(2)
وهو في "الطبقات" لخليفة بن خياط ص 88 - 89.
(3)
وقد وافقه على القول بوفاة أبيِّ في خلافة عثمان غيره كما تقدَّم بيانه برقم (5397).
وكون أبيٍّ كان أبيضَ الرأس واللحيةِ تقدَّم برقم (5398) بإسناد صحيح عن عُتَي السَّعْدي.
وممَّن كناه بأبي الطُّفيل عمر بن الخطاب وابن عباس عند مسلم (2154) و (2380). =
5404 -
أخبرني أبو محمد المُزَني، حدَّثنا أبو جعفر الحَضْرمي، حدَّثنا محمد بن الحُسين
(1)
بن إشكابَ، حدَّثنا محمد بن كَثير الكوفي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زِرِّ بن حُبَيشٍ، قال: كانت في أبيٍّ شَراسةٌ
(2)
.
5405 -
حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا السَّرِي بن يحيى التَّمِيمي، حدَّثنا قَبيصة بن عُقبة، حدَّثنا سفيان، عن أسلَمَ المِنْقَري، قال: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن بن أبْزَى يحدِّث عن أبيه، قال: لما وقع الناسُ في أمر عثمان قلت لأُبيِّ بن كعب: أبا المُنذر، ما المَخرجُ من هذا الأمر؟ قال: كتابُ الله وسنةُ نبيِّه، ما استبانَ لكم فاعْمَلُوا به، وما أشكَلَ عليكم فكِلُوه إلى عالِمِه
(3)
.
= وأما كنية أُبيٍّ بأبي المنذر فخاطبه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث آية الكرسي عند مسلم (810)، وبذلك كناه تلميذه زِر بن حُبيش كما في حديثٍ عند مسلم (762)، وعبدُ الرحمن بنُ أبزى كما سيأتي لاحقًا.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: الحسن، والتصويب من مصادر ترجمته.
(2)
خبر حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن كثير الكوفي - وهو القرشي - وأغلب الظنِّ أنه وهم في إسناده، إذ جعله عن إسماعيل بن أبي خالد عن زِرِّ بن حُبيش، لأنَّ المحفوظ أنَّ الخبر لعاصم بن بَهْدلة - وهو ابن أبي النَّجود - عن زِرّ، كما جاء عند أحمد 35/ (21200) و (21209) وغيره. وعاصم صدوق.
أبو جعفر الحَضْرمي: هو محمد بن عبد الله بن سليمان، الملقَّب بمُطيَّن.
(3)
إسناده حسن من أجل السَّرِي بن يحيى التميمي - وهو ابن السَّرِي ابن أخي هَنّاد - وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبْزى، فكلاهما صدوق حسن الحديث، لكن ما ورد هنا من ذكر أبيٍّ لسنَّة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يَرِد إلّا في رواية المصنف. سفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في "غريب الحديث" 3/ 424 عن عبد الرحمن بن مهدي، وابن أبي شيبة 15/ 211 عن أبي أسامة حماد بن أسامة، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 482، وفي "تاريخه الكبير" 2/ 39 - 40، ومن طريقه أخرجه ابن حزم في "الإحكام في أصول الأحكام" 6/ 93، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ 13 - 314 و 314 عن محمد بن يوسف الفريابي، ثلاثتهم عن سفيان الثوري، به. لكن لفظ أبي أسامة والفِريابي: كتاب الله، وما استبان لك فاعمَلْ به وانتفع به، وما اشتبه عليك فكِلْه إلى عالِمِه. وليس في رواية الفريابي عبارة "وانتفع =
5406 -
حدَّثنا أبو بكر أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدَّثنا الحسن بن مُكرَم، حدَّثنا يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخَى بين أصحابِه، فآخَى بينَ أُبي بن كعب وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل
(1)
.
5407 -
أخبرنا أبو النَّضْر الفقيه، حدَّثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدَّثنا الحسن بن بِشر البَجَلي، حدَّثنا الحكَم بن عبد الملك، عن قَتَادةَ، عن قيس بن عُبَادٍ، قال: شهدتُ المدينةَ، فلما أقيمتِ الصلاةُ تَقدّمتُ فقمتُ في الصفِّ الأول، فخرج عمر بن الخطاب، فشَقَّ الصُّفوفَ ثم تقدَّم، وخرج معه رجلٌ آدَمُ خفيفُ اللِّحيةِ، فنظر في وُجُوه القوم، فلما رآني دَفَعَني وقام مكاني، واشتدَّ ذلك عليَّ، فلما انصرف التفتَ إليَّ فقال: لا يَسُؤْك ولا يَحزُنُك، أشَقَّ عليك؟ إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يقومُ في الصفِّ الأولِ إِلَّا المُهاجرون والأنصار"، فقلت: مَن هذا؟ فقالوا: أبَيُّ بن كعب
(2)
.
= به". لم يذكر أبو عُبيد تمام لفظ ابن مهدي.
وقد ثبت مثلُه مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم كما أخرجه أحمد 11/ (6702) و (6741) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إنَّ القرآن لم ينزل يكذب بعضُه بعضًا، بل يُصدِّق بعضُه بعضًا، فما علمتم منه فقولوا، وما جهلتُم فكِلُوه إلى عالِمِه". وإسناده حسنٌ.
ومثلُه عن أبي هريرة مرفوعًا كذلك عند أحمد 13/ (7989)، وابن حبان (74)، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"المِراء في القرآن كفر - ثلاثًا - ما عرفتم منه فاعملوا به، وما جَهِلتُم منه فردُّوه إلى عالمِه".
وإسناده صحيح.
(1)
وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 505 لكن تحرَّف في المطبوع منه اسمُ سعيد بن زيد إلى: سعد بن زيد.
وخالفه الواقدي كما في "طبقات ابن سعد" 3/ 462 فروى بعدة أسانيد له: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين أُبي بن كعب وطلحة بن عُبيد الله. فالله أعلم.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف الحكم بن عبد الملك - وهو القرشي البصري ثم الكوفي - وروى سعيدُ بنُ بشير بعضَ هذا الخبر عن قَتادةَ فقال: عن عبد الله بن الصامت عن أبي بن كعب. قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل"(210): ما أدري ما هذا الإسناد
…
ولا أعلم =
هذا حديث تفرَّد به الحكَم بن عبد الملك عن قَتَادةَ، وهو صحيحُ الإسناد.
5408 -
حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا السَّرِيّ بن يحيى، حدَّثنا قَبِيصة، حدَّثنا سُفيان، عن أسلَمَ المِنْقَري، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أَبْزَى، عن أبيه
(1)
، عن أُبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُنزلت علَيَّ سورةٌ وأُمرتُ أن أُقرِئَكَها"، قال: قلتُ: أسُمِّيتُ لك؟ قال: "نعم".
قلت لأُبيٍّ: أفرِحْتَ بذلك يا أبا المُنذِر؟ قال: وما يَمنَعُني والله تعالى وتبارك يقول: (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وبَرَحمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْتَفْرَحُوا
(2)
) [يونس:58]
(3)
.
= سمع قتادة من عبد الله بن الصامت، إنما يروي قتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت. قلنا: وسعيدُ بن بَشير فيه لين.
ثم في سماع قتادة من قيس بن عُبَاد نظر، فإنه لا يروي عنه إلا بواسطة.
وقد روى أبو مِجلَزْ هذا الخبر بنحوه عن قيس بن عُباد كما تقدَّم عند المصنِّف برقم (873) بإسناد صحيح، بلفظ: يا فتى، لا يسوؤك الله، إنَّ هذا عهدُ النبي صلى الله عليه وسلم إلينا: أن نَلِيَه.
لكن رواه بمثل لفظ قتادة هنا بذكر المهاجرين والأنصار خالدٌ الحذاء عند عبد الرزاق في "مصنفه"(2460) ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الأوسط"(3006)، يرويه خالدٌ عن قيس بن عُباد، لكنَّ خالدًا لم يُدرك قيس بن عُباد.
ويشهد له بهذا اللفظ حديث أنس بن مالك عند أحمد 19/ (11963)، وابن ماجه (977)، والنسائي (8253)، وابن حبان (7258)، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ أن يليه المهاجرون والأنصار في الصلاة ليأخذوا عنه. وإسناده صحيح.
(1)
قوله: "عن أبيه" سقط من (ز).
(2)
ضُبط هذا الفعل في (ز) و (ب) و "تلخيص المستدرك" للذهبي بياء الغَيبة، وهو تصحيف في قراءة أُبيِّ بن كعب، لأنَّ قراءة أبيِّ بن كعب بتاء الخطاب، كما نُصَّ عليه في رواية أبي عُبيد القاسم بن سَلّام في "فضائل القرآن" ص 358، وأبي داود في "سننه"(3980)، والطبري في "تفسيره" 11/ 126، وقد تقدَّم الخبر برقم (2983) في قراءات النبي صلى الله عليه وسلم مختصرًا بذكر هذه القراءة، وضُبط على الصواب هناك في (ز) و (ص)، أي: بتاء الخِطاب.
(3)
إسناده حسن من أجل عبد الله بن عبد الرحمن بن أبْزَى والسريّ بن يحيى - وهو ابن السَّرِي ابن أخي هناد - وهذا الأخير متابعٌ، ولقصة أبي بن كعب المذكورة هنا شاهدٌ صحيحٌ لكن دون =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5409 -
حدَّثنا أبو يحيى محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد المُقرئ الإمامُ بمكة في المسجد الحرام، حدَّثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن زيد الصائغ، حدَّثنا أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بَزَّة، قال: سمعت عِكْرمةَ بن سُليمان يقول: قرأتُ على إسماعيل بن عبد الله بن قُسطَنْطِينَ، فلما بلغتُ {وَالضُّحَى} قال لي: كَبِّرْ عند خاتمةِ كلِّ سورةٍ حتى تَختِمَ، فإني قرأتُ على عبد الله كَثير، فلما بلغتُ {وَالضُّحَى} كَبَّر حتى خَتَمَ، وأخبرَه عبد الله بن كَثير أنه قَرأ على مُجاهِد فأمرَه بذلك، وأخبرَه مُجاهِد أَنَّ ابنَ عباس أمرَه بذلك، وأخبرَه ابن عباس أَنَّ أَبيَّ بن كعب أمرَه بذلك، وأخبرَه أُبيُّ بن كعب أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمرَه بذلك
(1)
.
= ذكر الآية التي استشهد بها أبيُّ بنُ كعب من سورة يونس. قَبِيصة: هو ابن عُقبة، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 35/ (21137) عن مؤمل بن إسماعيل، وأبو داود (3980) عن محمد بن كثير، كلاهما عن سفيان الثوري، به.
تنبيه: وقع عند ابن سعد 2/ 294 عن مُؤمَّل عن سُفيان ذكر سعيد بن عبد الرحمن بن أَبْزَى بدل أخيه عبد الله، وكذلك جاء عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3622) و (5587) عن عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم عن محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان الثوري، وهذا خطأ، لمخالفة ابن أبي مريم لسائر أصحاب محمد بن يوسف الفريابي في ذلك، ومنهم الإمام البخاري حيث روى عنه هذا الخبر في "خلق أفعال العباد"(564)، وذكروا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبْزى، وابن أبي مريم هذا قال ابن عدي: حدث عن الفريابي بالبواطيل. قلنا: ومؤمل سيئ الحفظ، على أنَّ أحمد رواه عنه على الصواب كما تقدَّم.
(1)
إسناده ضعيف لضعف أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بَزّة، فقد تُكلِّم فيه كما قال الذهبي في "تليخصه"، ونقل ابن أبي حاتم في "العلل" (1721) عن أبيه قوله: هذا حديث منكر.
وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(1744) وأبو حفص بن شاهين في الخامس من "الأفراد" ضمن مجموع فيه مصنفاته (83)، وأبو طاهر المخلِّص في "مخلَّصياته"(299) و (3055)، وأبو إسحاق الثعلبي في "تفسيره" 10/ 237، وأبو عمرو الداني في "التيسير في القراءات السبع" ص 227، وفي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= "جامع البيان في القراءات السبع" 4/ 1738 و 1739 و 1740 و 1741، والبيهقي في "شعب الإيمان"(1912 - 1914)، والواحدي في "التفسير الوسيط" 4/ 513 - 514، والبغوي في "تفسيره" 8/ 45 - 460، وأبو جعفر الغَرْناطي في "الإقناع في القراءات السبع" ص 398 - 399، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ 319 و 57/ 26 - 27 و 27، والذهبي في "معرفة القراء الكبار" 1/ 175 - 176، وفي "ميزان الاعتدال" 1/ 144 - 145، وشمس الدين بن الجزري في "النشر في القراءات العشر" 2/ 411 - 413 من طُرق عن أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بَزَّة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى الخليلي في "الإرشاد"(109) عن جده محمد بن علي بن عمر، عن عبد الرحمن ابن أبي حاتم، عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن الشافعي، عن إسماعيل بن عبد الله بن قُسطَنْطين به. وهذه الطريق في ظاهرها متابعةٌ قوية للبَزِّي، ومحمد بن علي بن عمر جدُّ الخليلي هذا مُترجَم في "التدوين" لأبي القاسم الرافعي 1/ 464 - 465، وأنه روى عنه جمع من الأئمة، لكنه انفرد بذكر التكبير، وخالفه جماعةٌ من الحفاظ الثقات، منهم أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مَرْدَك البَرْذَعي راوية كتاب "آداب الشافعي ومناقبه" لابن أبي حاتم عنه، فروى عنه الخبر في الكتاب المذكور ص 106 عن ابن عبد الحكم، عن الشافعي، عن ابن قُسطَنْطين، قال: قرأتُ على شِبل يعني ابن عَبَّاد، وأخبر شبلٌ أنه قرأ على عبدِ الله بن كثير، وأخبر عبدُ الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس، وأخبر ابن عباس أنه قرأ على أُبيِّ بن كعب، وقرأ أُبي بن كعب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. هكذا هي رواية الشافعي بذكر سند القراءة، ولكن بذكر رواية ابن قُسطَنطين عن شبل بن عباد عن عبد الله بن كثير بزيادة ذكر شبل بين ابن قُسطنطين وعبد الله بن كثير، وليس فيه ذكر التكبير من {وَالضُّحَى} إلى آخر القرآن. وهكذا رواه أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم الحافظ عن ابن عبد الحكم فيما سلف عند المصنف برقم (2941)، وكذا ابن أبي حاتم في "مناقب الشافعي" ص 106، ومحمدُ بنُ جَرير الطبري ومحمدُ بنُ سليمان بن محبُوب عند أبي عمرو الداني في "جامع البيان"(437)، وهكذا رواه غيرهم أيضًا. فهذا هو المعتمد إذًا في رواية الشافعي، بزيادة ذكر شِبْل بن عَباد في سند القراءة، وعدم ذكر التكبير عند الختم، فليس فيها متابعة للبَزِّي في ذكر التكبير، لكن بقي زيادة شبل بن عباد في سند القراءة، فقال أبو عمرو الداني في "جامع البيان" (739): الروايتان عندنا وإن اختلفتا صحيحتان، وذلك أن إسماعيل عرض على ابن كثير بعد أن قرأ على شبل
…
ونحوه قولُ الذهبي في "معرفة القراء الكبار" 1/ 143، وقولُ ابن الجزري في "النشر" 2/ 414 - 415، حيث قال ابن الجزري ردًّا على ابن خُزيمة في قوله: أنا خائف أن يكون قد =
هذا حديث صحيحُ الإسناد، ولم يُخرجاه.
5410 -
حدَّثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدَّثنا إبراهيم بن عبد الله، حدَّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا سعيد بن إياس الجُرَيري، عن أبي السَّلِيل، عن عبد الله بن رَبَاح، عن أُبي بن كعب، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أبا المُنذِر، أيُّ آيةٍ في كتاب الله معك أعظمُ؟ " قال: قلتُ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]، قال: فَضَرَب صدري، وقال:"لِيَهْنِكَ العلمُ أبا المُنذِر"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!
5411 -
أخبرني أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد، حدَّثنا أبو قِلابة، قال: حدثني أبي، قال: حدثني جعفر بن سُليمان، عن أبي عِمران الجَوْني، عن جُندُبٍ، قال: قدمتُ المدينة لأطلُبَ العلمَ، فدخلتُ المسجدَ، فإذا رجلٌ والناسُ مجتمعون عليه، فقلت: مَن هذا؟ قالوا: هذا أبيُّ بنُ كعب، فخرج فتَبِعتُه، فدخلَ منزلَه فضربتُ عليه البابَ، فخرجَ فَزَبَرني وكَهَرني، فاستقبلتُ القِبلةَ، فقلت: اللهمَّ إِنَّا نَشكُوهم إليك، نُنفِقُ نفَقاتِنا، ونُتعِب أبدانَنا، ونَرحَلُ مَطَايانا ابتغاءَ العلمِ، فإِذا لَقِيناهُم كَرِهُونا، فقال: لَئِن
= أسقط ابن أبي بَزّة أو عكرمةُ بنُ سليمان من هذا الإسناد شِبْلًا. فقال ابن الجزري: لم يُسقط واحدٌ منهما شِبْلًا، فقد صحَّت قراءة إسماعيل على ابن كثير نفسه، وعلى شبلٍ
…
قلنا: يوضّحه ويُؤيده رواية أبي جعفر الغَرْناطي في "الإقناع" ص 399، وعليه فما وقع في رواية الخليلي في "الإرشاد"، فشَاذٌّ منكرٌ.
وقد رُوي التكبير من "والضحى" إلى آخر القرآن عند الختم موقوفًا على ابن عباس وعلى مجاهد، وقد أورد أسانيدها أبو عمرو الداني في "جامع البيان" 4/ 1741 - 1745، ومدار الأسانيد عن ابن عباس على ضعفاء، ويمكن أن يصح عن مجاهدٍ من فعله وأنه كان يأمر به، والله تعالى أعلم.
(1)
إسناده صحيح. إبراهيم بن عبد الله: هو ابن يزيد السَّعْدي، وأبو السَّلِيل: هو ضُرَيب بن نُقَير القيسي.
وأخرجه أحمد 35/ (21278)، ومسلم (810)، وأبو داود (1460) من طريقين عن سعيد الجُريري، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
أخَّرتَني إلى يوم الجُمُعة لأتكلَّمَن بما سمعتُ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، لا أخافُ فيه لومةَ لائمٍ، فلما كان يومُ الخميس غَدَوتُ فإذا الطُّرق غاصةٌ، فقلت: ما شأن الناسِ اليومَ، قالوا: كأنك غَريبٌ، قلت: أجل، قالوا: مات سيدُ المسلمين أبيُّ بن كعب
(1)
.
5412 -
أخبرنا أبو النَّضْر الفقيه، حدَّثنا معاذ بن نَجْدة القرشي، حدَّثنا قَبيصة بن عُقْبة، حدَّثنا سفيان، قال: حدثني حَبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: قال عُمر: عليٌّ أقضانا، وأُبيٌّ أقرؤُنا، وإِنَّا لَندَعُ بعض ما يقولُ أبيٌّ، وأبيٌّ يقول: أخذتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أدعُه، وقد قال الله تبارك وتعالى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا}
(2)
.
5413 -
حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري، حدَّثنا أبو أسامة، عن محمد بن عمرو، حدَّثنا أبو سلمة ومحمد بن إبراهيم التَّيمي، قالا: مَرَّ عمر بن الخطاب برجل وهو يقول: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} إلى آخر الآية [التوبة: 100]،
(1)
إسناده جيد من أجل جعفر بن سليمان: وهو الضُّبَعي، أبو عمران الجَوني: هو عبد الملك بن حبيب، وجُندب: هو ابن عبد الله البَجَلي.
وأخرجه مختصرًا ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(1652) عن أبي ظفر عبد السلام بن مطهَّر، عن جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجَوْني، عن جُندب البَجَلي قال: قدمتُ المدينة ابتغاء العلم، فدخلتُ المسجد، فانتهيت إلى حلقة فيها رجلٌ شابّ عليه ثوبان كأنما قدم من سفر، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا سيد المسلمين أبيُّ بنُ كعب.
وقد تقدَّم الخبر بأطول ممّا هنا برقم (2928) من طريق السري بن خزيمة عن محمد بن عبد الله الرَّقاشي.
(2)
إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 35/ (21084) عن وكيع بن الجراح، وأحمد (21085)، والبخاري (4481) و (5005)، والنسائي (10928) من طريق يحيى بن سعيد القطان، كلاهما عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وفي رواية وكيع: وإنا لنَدْعُ كثيرًا من لحن أُبيٍّ، بدل: وإنا لندع بعض ما يقول أبي.
وأخرجه بنحوه أحمد 35/ (21086) من طريق الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، به
فوقف عليه عمرُ، فقال انصرِف، فلما انصرفَ قال له عمر: مَن أقرأكَ هذه الآية؟ قال: أَقرأنِيها أبيُّ بنُ كعب، فقال: انطلِقُوا بنا إليه، فانطلَقُوا إليه، فإذا هو مُتكئٌ على وسادةٍ يُرجِّل رأسَه، فسَلَّم عليه، فردَّ السلامَ، فقال: يا أبا المُنذِر، قال: لَبَّيكَ، قال: أخبَرَني هذا أنك أقرأتَه هذه الآيةَ، قال: صدقَ، تَلقَّيتُها من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال عُمر: أَنتَ تَلقَّيتَها مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، أنا تلقَّيتُها مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاثَ مرات، كلَّ ذلك يقولُه، ثم قال في الثالثة وهو غَضبانُ: نعم، والله لقد أنزلَها الله على جِبريلَ، وأنزلها جِبريلُ على محمدٍ، فلم يَستأمِرْ فيها الخَطاب ولا ابنَه، فخرج عمرُ وهو رافِعٌ يدَيه وهو يقول: الله أكبرُ، الله أكبرُ
(1)
.
(1)
حسنٌ، وهذا إسنادٌ رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسل، فلم يدرك محمدُ بنُ إبراهيم التيمي ولا أبو سلمة - وهو ابن عبد الرحمن بن عوف - عُمرَ بنَ الخطاب، والذي استشكله عمر بن الخطاب هو قراءة {وَالَّذِينَ} بالواو قبلها وبعطف الأنصار على المهاجرين، إذ كان عمر يقرأ:(والأنصار الذين) برفع الأنصار وحذف الواو قبل الموصول، ليكون الموصولُ صفةً للأنصار، وقد رُوي نحو هذه القصة وقراءة عمر هذه الآية من وجوه عنه مرسلة، وفي بعضها أنَّ زيد بن ثابت كان يقرؤها كأبي بن كعب، وأنَّ عمر رجع إلى قراءتهما.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ ابن حجر (3618) عن عبْدة بن سُليمان، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وحده.
وأخرجه بنحوه ابن وهب في التفسير من "جامعه" 2/ (1)، والطبري في "تفسيره" 11/ 8 من طريق محمد بن كعب القُرظي، مرسلًا. لكن ليس فيه قول أُبيٍّ لعمر في آخره، إنما جاء فيه بدلًا منه قولُ عمر: لقد كنتُ أظن أنا رُفعنا رفعةً لا يبلغُها أحدٌ بعدنا، فقال أبيٌّ: بلى، تصديق هذه الآية في أول سورة الجمعة:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} إلى {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ، وفي سورة الحشر:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} ، وفي الأنفال:{وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} إلى آخر الآية.
وأخرجه بنحوه أيضًا ابن وهب في التفسير من "جامعه" 1/ (60) عن ابن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، مرسلًا كذلك، لكن لفظ آخره: فقال له عمر: فما منعك أن تخبرني؟ فقال: فَرِقتُ منك، قال عمر: ذلك أجدرُ ألا تكون من شهداء الله.
وأخرج أبو عبيد القاسم بن سلام في "فضائل القرآن" ص 301، ومن طريقه الطبري في "تفسيره" =
5414 -
حدثني علي بن حَمْشاذَ العَدْل، قال: أخبرني الحارث بن أبي أسامة، أنَّ رَوْحَ بن عُبادة حدَّثهم، حدَّثنا حماد بن زيد، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المُسيب: أنَّ عمر بن الخطاب أتى على هذه الآية: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، فأتى أبيَّ بنَ كعب، فسألَه: أيُّنا لم يَظلِم؟ فقال له: يا أمير المؤمنين، إنما ذاك الشِّركُ، أما سمعتَ قولَ لقمانَ لابنه:{يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]؟!
(1)
.
ذكرُ مناقب عبدِ الرحمن بن عَوْف الزُّهْري رضي الله عنه
-
5415 -
أخبرني أبو محمد المُزني، حدَّثنا أبو خَليفة القاضي، حدَّثنا محمد بن
= 11/ 8 من طريق حبيب بن الشهيد وعمرو بن عامر الأنصاري مرسلًا: أن عمر بن الخطاب قرأ
…
فذكر الآية من سورة التوبة، فرفع الأنصار، ولم يُلحِق الواو في (الذين)، فقال له زيد بن ثابت:{وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} فقال عمر: (الذين اتبعوهم بإحسانٍ)، فقال زيد: أمير المؤمنين أعلمُ، فقال عمر: ائتوني بأبي بن كعب، فسأله عن ذلك، فقال أُبيٌّ:{وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} ، فقال عمر: فنَعَم إذًا، فتابع أُبيًّا.
(1)
حسنٌ، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن جُدعان - لكن روي مثلُ هذا من وجه آخر مرسل يحسنُ الخبرُ به إن شاء الله.
وأخرجه محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(579) عن محمد بن عُبيد بن حِساب، عن حماد بن زيد، به.
وأخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 257 من طريق جرير بن حازم، عن علي بن زيد به.
وأخرجه محمد بن نصر (578)، والطبري 7/ 257 من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مِهْران، عن ابن عباس: أن عمر بن الخطاب
…
فذكر غير أنه جعله من رواية يوسف بن مِهْران عن ابن عباس!
وأخرجه بنحوه الطبري 7/ 257 من طريقين عن أبي عثمان عمرو بن سالم مرسلًا، ورجالهما لا بأس بهم.
وثبت مثلُه من حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم عند البخاري (3360)، ومسلم (124) وغيرهما.
وثبت كذلك من قول أبي بكر الصديق كما تقدَّم عند المصنف برقم (3689).
سَلّام الجُمَحي، عن أبي عُبيدة مَعْمَر بن المُثنى، قال: عبدُ الرحمن بن عوف بن عبدِ عَوف بن الحارث بن زُهْرة بن كِلاب بن مُرّة بن كعب بن لُؤي بن غالِب بن فِهْر بن مالك
(1)
.
5415 م - وحدثني مُصعب بن عبد الله، قال: عبدُ الرحمن بن عوف بن عبد الرحمن بن الحارث بن زُهْرة، وأمُّه وأمُّ أخيه الأسود بن عَوف: الشِّفاءُ بنت عَوف بن عبد الحارث بن زُهْرة بن كلاب، وكانت قد هاجرت قبل الفتح، وكان عبد الرحمن اسمُه عبدَ عمرو، فسمَّاهُ النبي صلى الله عليه وسلم عبدَ الرحمن
(2)
.
5416 -
حدَّثنا محمد بن المُؤمَّل، حدَّثنا الفضل بن محمد، حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: مات عبدُ الرحمن بن عوف لِتسعٍ من سِنيِّ عثمان، وصلَّى عليه عثمانُ، وكان قد بلغ خمسًا وسبعين سنةً
(3)
.
5417 -
حدَّثنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدَّثنا إبراهيم بن الحُسين، حدَّثنا
(1)
أبو خليفة القاضي: هو الفضل بن الحُباب الجُمحي.
وهو عند الطبراني في "الكبير"(252) من طريق عبد الملك بن هشام، عن أبي عُبيدة معمر بن المثنى، لكن جاء عنده في نسبه اسم جد أبيه: عبد الحارث، بدل: الحارث.
وكذلك قال غير واحد من أهل المعرفة بالأنساب كابن سعد 3/ 115، وخليفة بن خياط في "طبقاته" ص 15، والشافعي فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "آداب الشافعي" ص 198، وبذلك سمَّاه مسلم في "الكنى والأسماء"(2875)، والنسائي وأبو نصر البخاري وأبو أحمد الحاكم فيما نقله عنهم ابن عساكر 35/ 244 و 246 و 247: عبد الحارث.
وبعضهم يسميه عبد بن الحارث كابن إسحاق، وكان ابن سعد يقوله أحيانًا، وهو قول مصعب الزُّبيري في "نسب قريش" ص 137 و 265 و 273، خلافًا لما نقله عنه المصنف بإثره حيث سمّاه عبد الرحمن بن الحارث.
(2)
وهو في "نسب قريش" لمصعب بن عبد الله الزبيري ص 265، غير أنه وقع فيه تسمية جدّ عبد الرحمن بن عوف: عبد عوف بن عبد بن الحارث، وفاقًا لابن إسحاق.
(3)
وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 240، وابن عساكر 35/ 242 و 305 من طريقين عن أحمد بن حنبل، دون قوله: وصلَّى عليه عثمان.
آدم بن أبي إياس، حدَّثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، سمعت إبراهيم بن قارِظٍ يقول: سمعتُ عليًّا يقول حين مات عبدُ الرحمن بن عوف: أدركتَ صَفْوَها، وسَبَقتَ رَنَقَها
(1)
.
5418 -
أخبرني أحمد بن يعقوب الثقفي، حدَّثنا موسى بن زكريا، حدَّثنا خليفة بن خَيّاط، فذكر هذا النَّسب، وزاد: وكان عبد الرحمن يُكنى أبا محمد، وكان اسمه في الجاهلية: عبدَ الكعبة، فسمّاهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدَ الرحمن
(2)
.
(1)
خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه اختُلف فيه على سعد بن إبراهيم في تعيين الراوي عن علي بن أبي طالب، فأما شعبة، فيروي هذا الخبر عن سعد بن إبراهيم عن إبراهيم بن قارظ - وهو ابن عبد الله بن قارظ - كما في رواية المصنف، وخالفه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف فروى الخبر عن أبيه سعد بن إبراهيم عن جده إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن علي بن أبي طالب كما سيأتي عند المصنف برقم (5430)، فذكر جده إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف بدل إبراهيم بن قارظ، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أوثق الرجلين، وأيًا كان الذي سمع عليًا فالخبر صحيح، والله أعلم. وعبد الرحمن بن الحسن القاضي - وإن كان فيه ضعفٌ - متابع.
وأخرجه أحمد في "فضائل الصحابة"(1255) عن محمد بن جعفر، عن شعبة، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 95 من طريق مِسعر، عن سعد بن إبراهيم: أن عليًا وعمرو بن العاص أتيا قبر عبد الرحمن بن عوف، فذكر أنَّ أحدهم قال: اذهب ابنَ عوف فقد أدركتَ صَفْوها وسبقتَ رَنَقَها، وقال الآخر: اذهب ابن عوف، فقد ذهبت ببطنتِك لم تتغضغض منها شيئًا. فذكره هكذا مرسلًا.
والرَّنَقُ: الكَدَرُ.
(2)
وهو في "طبقات خليفة بن خياط" ص 15، لكن دون ذكر اسمه في الجاهلية وتسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم له لما أسلم، وزاد خليفة أنَّ أمه صفية بنت عبد مناف بن زهرة بن كلاب، قال: ويقال: أمُّه الشفاء بنت عوف بن عبد الحارث بن زهرة. وزاد أيضًا أنه مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين.
وممَّن ذكر أنَّ اسم عبد الرحمن بن عوف كان في الجاهلية عبد الكعبة محمدُ بنُ سيرين فيما رواه عنه معمر بن راشد في "جامعه"(19863)، وكذلك قال عمرو بن دينار فيما رواه عنه ابن سعد =
5419 -
فأخبرَنَاه الشيخُ أبو بكر بن إسحاق، قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدَّثنا محمد بن أبي نُعيم الواسطي، حدَّثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: كان اسمي في الجاهلية عبدَ عمرٍو، فسماني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عبدَ الرحمن
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5420 -
أخبرني أبو بكر بن أبي نصر، حدَّثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمة فيما قرأ على مالك، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن: "كيف صَنَعتَ يا أبا محمدٍ في استلام الرُّكْن؟ " يعني الحَجَر الأسود، فقال عبد الرحمن: استلمتُ وتَركتُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أصبْتَ"
(2)
.
= 3/ 116، لكن الصحيح أن اسمه كان في الجاهلية عبد عمرو، كما صرَّح به عبدُ الرحمن بن عوف نفسُه كما سيأتي بعده عند المصنف.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسنٌ من أجل محمد بن أبي نُعيم الواسطي - وهو محمد بن موسى بن أبي نُعيم يُنسب لجده كثيرًا - وقد توبع. إبراهيم بن سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه الكبير"(3988)، والبزار (1007)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" بين يدي الخبر (1869)، والمعافى بن زكريا النَّهرواني في "الجليس الصالح" ص 339، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(456)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 247، وضياء الدين المقدسي في "المختارة" 3/ (904) من طرق عن إبراهيم بن سعد، به.
وسيأتي عند المصنف برقم (7924) من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري عن إبراهيم بن سعد.
وانظر ما سيأتي برقم (5425).
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه اختُلف فيه على هشام بن عروة في وصله وإرساله، رواه عنه قوم فوصلوه، ورواه آخرون عنه فأرسلوه، والذين وصلوه ثقات حفاظ، وعروة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن الزبير لا شكَّ بلقيِّه عبدَ الرحمن بن عوف كما قال المصنف بإثره، فإسناد الموصول صحيح إن كان عروة سمعه من عبد الرحمن بن عوف كما قال المصنِّف، وكما قال الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية"(1225).
وهو في "مسند عبد الرحمن بن عوف" للقاضي أحمد بن محمد بن عيسى (31).
وهو في "موطأ مالك" 1/ 366، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير"(257)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(9866).
وسيأتي عند المصنف برقم (5422) من طريق أخرى عن مالك.
وأخرجه عبد الرزاق (8900) و (8928)، ومن طريقه الطبري في مسند ابن عباس من "تهذيب الآثار" 1/ 69 عن معمر بن راشد، وعبد الرزاق (8901)، والأزرقي في "أخبار مكة" 1/ 334 من طريق سفيان بن عيينة، وعبد الرزاق (8928)، ومن طريقه الطبري في "تهذيب الآثار" 1/ 69 عن ابن جُريج، وابن سعد في "طبقاته" 3/ 116، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 31 من طريق أبي معاوية الضرير، وابن سعد 3/ 116 عن محمد بن عبيد الطنافسي، وابن أبي شيبة 8/ (13323 - عوامة) عن وكيع ومحمد بن فُضيل، والقاضي أحمد بن محمد بن عيسى في "مسند عبد الرحمن بن عوف"(32) من طريق حماد بن زيد، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 80 من طريق جعفر بن عون، وابن عساكر 35/ 245 من طريق أبي مروان يحيى بن أبي زكريا الغساني، كلهم عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلًا.
وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(44) من طريق الفضل بن موسى السِّيْناني، وأخرجه القاضي أحمد بن محمد في "مسند عبد الرحمن بن عوف"(30)، والحارث بن أبي أسامة كما في "بُغية الباحث"(378)، والبزار (1058)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 7/ 140، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(975)، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 262 من طُرق عن أبي نعيم الفضل بن دُكين، وابن حبان (3823) من طريق بشر بن السَّرِي، كلاهما (أبو نعيم وبشر بن السَّرِي) عن سفيان الثوري، والبزار (1057) من طريق زهير بن معاوية، والطبراني في "الأوسط"(1428)، و "الصغير"(6150)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 181، وفي "معرفة الصحابة"(457)، وابنُ عساكر 35/ 245 من طريق عبيد الله بن عمر العمري، كلهم (الفضل بن موسى وسفيان الثوري وزهير بن معاوية وعبيد الله العمري) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف. هكذا رووه موصولًا. وجاء عند معظمهم: عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه الفاكهي (45)، وابن عبد البر 22/ 262 من طريق يعقوب بن محمد الزهري، عن القاسم بن محمد بن عبد الرحمن من ولد أُحَيحة بن الجُلاح، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن أبي سلمة بن =
لست أشكُ في لُقيّ عُرُوةَ بن الزُّبَير عبدَ الرحمن بن عَوف، فإن كان سمع منه هذا الحديثَ فإنه صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5421 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، حدَّثنا محمد بن جعفر، حدَّثنا شُعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، قال: لقد رأيتُ سعدَ بن أبي وقَّاص في جنازة عبد الرحمن بن عوف، قال: اذهب ابن عَوفٍ ببُطَينِك، لم يَتَغَضغَضُ منها شيءٌ
(1)
.
5422 -
حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا هارون بن سليمان، حدَّثنا عبد الرحمن بن مَهدي، عن مالك، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن: "كيف صنعتَ يا أبا محمدٍ في استِلامِ الحَجَر؟ " قال: استلمتُ وتَركتُ، قال:"أصبتَ يا أبا محمدٍ"
(2)
.
= عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه. وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم غير القاسم بن محمد، فلم نقف له على ترجمة، وقد انفرد بهذا الإسناد.
(1)
إسناده صحيح، لكن ما وقع هنا من ذكر سعد بن أبي وقاص فوهمٌ، لأنَّ المحفوظ أنَّ الخبر لعمرو بن العاص، كذلك جاء في "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (1254)، وهو برواية أبي بكر أحمد بن جعفر القَطِيعي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه، فالوهم هنا إما من أبي بكر بن إسحاق أو من المصنِّف نفسِه، والله أعلم.
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 102 و 12/ 95 عن غُنْدر محمد بن جعفر، بهذا الإسناد، وذكر عمرو بن العاص.
وكذلك رواه إبراهيم بن سعد عند ابن سعد 3/ 126، والطبراني في "الكبير"(263)، وابن عساكر 35/ 300 - 301 عن أبيه سعد بن إبراهيم به، وذكر عمرو بن العاص.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 95 من طريق مسعر، عن سعد بن إبراهيم: أنَّ عمرو بن العاص قال
…
فذكره هكذا مرسلًا.
وقوله: لم يَتَغَضْغض، أي: لم يَنقُص، يريد: أنه لم يتلبس بولاية وعمل يَنقُص أجرَه الذي وجب له، فخرج من الدنيا سليمًا لم يَثلِم دينَه شيءٌ. قاله ابن الأثير في "النهاية" في مادتي (بطن) و (غضغض).
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه اختُلف فيه على هشام بن عروة في وصله =
5423 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: مات عبدُ الرحمن بن عوف، ويُكنى أبا محمد، سنة اثنتين وثلاثين، وهو ابن خمس وسبعين سنة
(1)
.
5424 -
أخبرني أحمد بن كامل القاضي، حدَّثنا محمد بن الهيثم القاضي، حدَّثنا أبو اليَمَان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزُّهْري، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: أنه غُشِيَ على عبد الرحمن بن عوف في وَجَعِهِ غَشْيَةً، ظنوا أنها قد فاضت نفسُه فيها، حتى قاموا من عنده وجَلَّلُوه ثوبًا، وخرجتْ أُمُّ كلثوم بنت عُقبة امرأتُه إلى المسجد تَستعِين فيما أُمِرَ به من الصَّبر والصلاة، فلبِثُوا ساعةً وهو في غَشْيتِه، ثم أفاق، فكان أولُ ما تَكلَّم به أن كبَّر، فكبَّر أهلُ البيت ومن يَلِيهم، ثم قال لهم: غُشِيَ علَيَّ آنفًا؟ قالوا: نعم، فقال: صدقتُم، فقال: إنه انطلَقَ بي في غَشْيتي رجلان، أحدُهما فيه شدّةٌ وفَظَاظة، فقالا: انطلِق نُحاكِمُك إلى العزيز الأمين، فانطلقا بي حتى لقينا رجلًا فقال: أين تذهبان بهذا؟ فقالا: نحاكمُه إلى العزيز الأمين، فقال: ارجعاهُ، فإنه من الذين كَتَبَ الله لهم السعادةَ والمغفرةَ في بُطون أمهاتِهم، وأنه سيُمتَّعُ به بَنُوه إلى ما شاء الله. فعاش بعد ذلك شهرًا، ثم تُوفّي، وأقام الحجَّ فيها عثمان
(2)
.
= وإرساله كما تقدم برقم (5420).
(1)
وهو في "معرفة الصحابة" لأبي نُعيم (474)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 307 من طريق محمد بن عبدوس بن كامل، عن محمد بن عبد الله بن نُمير.
(2)
إسناده صحيح. أبو اليمان: هو الحكم بن نافع البَهْراني، وشعيب: هو ابن أبي حمزة.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 43، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر 35/ 279 - 298 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 367، والبيهقي في "القضاء والقدر"(109)، وابن عساكر 35/ 297 - 298 من طرق عن أبي اليمان، به.
وأخرجه يعقوب بن سفيان 1/ 367، وابن أبي الدنيا في "المحتضَرين"(352)، وجعفر بن محمد الفريابي في "القدر"(435)، وأبو بكر الآجُري في "الشريعة"(436) و (437)، وابن بَطة العُكبَري =
5425 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، حدَّثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدَّثنا أبو ثابت، حدَّثنا يوسف بن يعقوب الماجِشُون، أخبرنا صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال أُمية بن خَلَفَ: كاتِبْني باسمِك الذي كنتَ تُكاتِبُنيهِ: عبدِ عمرٍو
(1)
.
5426 -
أخبرني أحمد بن سهل الفقيه ببُخارَى، حدَّثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، حدَّثنا علي بن الجَعْد، حدَّثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت سعد بن مالك حين مات عبدُ الرحمن بن عوف يقول: واجَبَلاه
(2)
.
= في "الإبانة" 4/ 143، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1220)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(484)، والبيهقي في "القضاء والقدر"(109)، والواحدي في "التفسير الوسيط" 2/ 590، وابن عساكر 35/ 296 و 296 - 297 و 297 و 298 من طرق عن الزهري، به.
وقد تقدَّم برقم (3103) من رواية حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أمه أم كلثوم بنت عقبة.
(1)
خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات غير أن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف لم يدرك جدّه عبد الرحمن، بينهما في هذا الخبر أبوه إبراهيم. أبو ثابت: هو محمد بن عُبيد الله بن محمد الأموي المدني.
وأخرجه البخاري (2301) عن عبد العزيز بن عبد الله، عن يوسف بن يعقوب الماجِشُون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده عبد الرحمن بن عوف
…
فزاد إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، فاتصل الإسناد.
وكذلك رواه جماعةٌ عن ابن الماجِشُون منهم إبراهيم بن حمزة الزبيري عند البيهقي في "دلائل النبوة" 30/ 90، وعلي بن مسلم الطوسي عند ابن عساكر 7/ 29.
وانظر ما تقدَّم برقم (5419).
وتقدَّم برقم (2580) أنَّ أمية بن خَلَفَ نادى عبد الرحمن بن عوف باسم آخر هو عبد الإله، وانظر الكلام على هذا الخلاف هناك.
(2)
إسناده صحيح. إبراهيم بن سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن مالك: هو ابن أبي وقاص.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 213، وأبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" =
5427 -
حدَّثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن رُسْتَه، حدَّثنا أبو أيوب، حدَّثنا محمد بن عمر، حدَّثنا عبد الله بن جعفر الزُّهْري، عن يعقوب بن عُتبة بن المُغيرة بن الأخْنَس، قال: وُلد عبد الرحمن بن عَوف بعد الفيل بعشر سنين، ومات يرحمُه الله سنة اثنتين وثلاثين، وهو ابن خمس وسبعين سنة، وكان كنيتَه أبو محمد، ودُفن بالبَقيع، وصلَّى عليه عثمان، وكان رجلًا طويلًا، رَقيقَ البشرة - يعني رقيق الجلد - أبيضَ مُشْرَبَ حُمرةٍ
(1)
.
5428 -
حدثني محمد بن يعقوب الحافظ، حدَّثنا محمد بن إسحاق، حدَّثنا عُبيد الله بن سعد، حدَّثنا يعقوب، عن أبيه، قال: بلغني أنَّ عبد الرحمن بن عوف جُرح يوم أُحُدٍ إحدى وعشرين جِراحةً، وجُرح في رجله، فكان يَعرُج منها
(2)
.
= ص 291، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 302 من طريق إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد 3/ 126، وابن أبي شيبة 3/ 272، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1256)، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 37، وابن المنذر في "الأوسط"(2999)، وابن عساكر 35/ 302 من طريق شعبة بن الحجاج، والخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 195، وابن عساكر 35/ 301 - 302 من طريق مسعر بن كدام، كلاهما عن سعد بن إبراهيم، به.
(1)
وهو في "معرفة الصحابة" لأبي نعيم (466) عن أبي الشَّيخ، عن ابن رُسته، به.
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 115 و 123 و 125 عن محمد بن عمر الواقدي، فلم ينفرد به أبو أيوب: وهو سليمان بن داود الشاذكُوني. وزاد ابن سعد في روايته: حسن الوجه، فيه جَنأٌ، لا يُغيّر لحيته ولا رأسه.
وأخرج وصفَ عبد الرحمن ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 249 عن إبراهيم بن المنذر، عن الواقدي من قوله هو، ثم قال: صلَّى عليه عثمان، ويقال: صلَّى عليه الزبير بن العوام.
وانظر ما سلف برقم (5417).
(2)
رجاله ثقات.
وهو في "معرفة الصحابة" لأبي نعيم الأصبهاني (464) عن أبي حامد أحمد بن محمد بن جَبَلة، عن أبي العباس الثقفي - وهو السَّرّاج محمد بن إسحاق الوارد في إسناد المصنف - بهذا الإسناد. =
5429 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي، حدَّثنا سعيد بن مسعود، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا حُميد، عن أنس.
وحدثنا أحمد بن سلْمان الفقيه، حدَّثنا محمد بن الهيثم القاضي، حدَّثنا ابن أبي مريم، حدَّثنا يحيى بن أيوب، حدثني حُميد، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قَدِمَ عبدُ الرحمن بن عوف مُهاجرًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فآخى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الرَّبيع
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!
5430 -
أخبرني عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب بهَمَذان، حدَّثنا محمد بن أحمد بن بُرْد، حدَّثنا الهيثم بن جَميل، حدَّثنا إبراهيم بن سعد، قال: سمعت أبي يحدِّث عن أبيه، قال: سمعت عليًّا يقول لعبد الرحمن بن عَوف يومَ مات: اذهبْ إليه يا ابنَ عوف، فقد أدركتَ صَفْوَها، وسَبَقتَ رَنَقَها
(2)
.
= وهو في "تاريخ دمشق" 35/ 250 من طريق محمد بن جعفر الزَّرّاد المَنْبِجي، عن عُبيد الله بن سعد الزهري.
(1)
إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، ويحيى بن أيوب: هو الغافقي، وابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم، ومحمد بن الهيثم القاضي: هو ابن حماد قاضي عُكْبَرا.
وأخرجه أحمد 20/ (12976) و (13123) و 21/ (13863)، والبخاري (2049) و (2293) و (3781) و (3937) و (5072)، والترمذي (1933)، والنسائي (8264) و (9942) من طرق عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وأخرجه أحمد 21/ (13863) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك.
وأخرج البخاري (2048) مثلَه من حديث عبد الرحمن بن عوف نفسِه.
(2)
إسناده صحيح. إبراهيم بن سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ومحمد بن بُرد: هو محمد بن الوليد الأنطاكي.
وأخرجه ابن سعد 3/ 126، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 38، والطبراني في "الكبير"(263)، وأبو نُعيم في "حلية الأولياء" 1/ 100، وفي "معرفة الصحابة"(485)، وابنُ عساكر 35/ 300 - 301 و 301. من طريق إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد. =
5431 -
أخبرنا أبو جعفر الفقيه، حدَّثنا أبو عُلَاثة، حدَّثنا أبي، أخبرنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود [عن عُروة]
(1)
في تسمية من شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني زُهْرة بن كِلاب بن مُرَّة: عبدُ الرحمن بنُ عوف بن الحارث بن زُهرة
(2)
.
5432 -
حدثني محمد بن يعقوب، حدَّثنا محمد بن إسحاق، حدَّثنا أبو همَّام، حدَّثنا الحسين بن علي، عن جعفر بن بُرْقان، قال: بلغني أنَّ عبد الرحمن بن عوف أعتَقَ ثلاثين ألفَ بيتٍ
(3)
.
5433 -
حدَّثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدَّثنا الحسن بن الجَهْم، حدَّثنا الحُسين بن الفَرَج، حدَّثنا محمد بن عمر، حدثني أبو بكر بن أبي سَبْرة، عن محمد بن أبي
= وقد تقدَّم برقم (5417) من طريق شعبة بن الحجاج، عن سعد بن إبراهيم، عن إبراهيم بن قارظ، عن علي بن أبي طالب، فذكر إبراهيم بن قارظ بدل إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف!
(1)
سقط اسم عروة - وهو ابن الزبير - من أصول "المستدرك"، ولا بد منه، فهو صاحب نسخة المغازي التي يرويها عنه أبو الأسود - وهو محمد بن عبد الرحمن المعروف بيتيم عروة - وعن أبي الأسود أخذها ابن لَهِيعة - وهو عبد الله بن لَهِيعة - وأكثر المصنف النقلَ عنها في كتابه هذا.
وقد روى البيهقيُّ هذا الخبر في "السنن الكبرى" 6/ 368 عن أبي عبد الله الحاكم، بإثبات عروة.
(2)
وهو عند البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 368 عن أبي عبد الله الحاكم.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(256)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(453) عن أبي عُلاثة محمد بن عمرو، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 255 من طرق عن عبد الله بن لَهِيعة، به.
(3)
إسناده ضعيف لإعضاله، فإنَّ جعفر بن بُرقان من تبع الأتباع. محمد بن إسحاق: هو أبو العباس السرَّاج.
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 99، ومن طريقه ابن عساكر 35/ 293 عن أبي حامد بن جَبَلة، عن أبي العباس محمد بن إسحاق السراج، به.
وفي "تنبيه الغافلين" لأبي الليث السمرقندي ص 500: روى عثمان بن عطاء، عن أبيه، قال: دخل رجل مع عبد الرحمن بن عوف في حائط له، فأعتق ثلاثين رقبة. وعثمان بن عطاء: هو ابن أبي مسلم الخراساني، وهو ضعيف، وأبوه من صغار التابعين.
حَرْمَلة، عن عثمان بن الشَّرِيد، قال: تَرَك عبدُ الرحمن بن عوف ألفَ بَعيرٍ وثلاثة آلاف شاةٍ بالنَّقيع، ومئةَ فرسٍ ترعى بالنَّقيع، وكان يَزرَع بالجُرْف على عشرين ناضحًا، وكان يَدَّخِلُ
(1)
قُوتَ أهلِه من ذلك سنةً. وأسلم عبد الرحمن بن عوف قبل أن يدخُل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم، وقبل أن يدعوَ فيها. وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا وأُحدًا والخَندقَ والمَشاهِدَ كلَّها، وثَبتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدرٍ وأُحُد والخندق حين ولَّى الناسُ
(2)
.
5434 -
حدثني محمد بن يعقوب، حدَّثنا محمد بن إسحاق، حدَّثنا عُبيد الله بن سعد، حدَّثنا يعقوب، عن أبيه: أنَّ عبد الرحمن بن عوف كان يُقال له: حَوَارِيُّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم
(3)
.
(1)
كذلك جاء في (ز)، وكذلك في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 127: يَدَّخِل، وكأنه فعلٌ مُشتَقٌّ من الدَّخل، وهو ما دَخَل على الإنسان من ضَيعتِه من الغَلّة، فمعنى يَدَّخِل: يتخذ من غَلَّةِ زرعه دَخْلًا يقوتُ أهلَه لمدة سنة. ووقع مكانها في (ص) و (م) بياض، وفي (ب): يَدَّخر، بالراء بدل اللام، وكلاهما بمعنًى.
(2)
انظر "الطبقات" لابن سعد 3/ 115 و 119 و 127.
وقد روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ومحمد بن سيرين ومجاهد - كما عند ابن عساكر 35/ 303 و 304 - أنَّ عبد الرحمن بن عوف ترك أربع نسوة، فاقتسمن الثُّمن، فأصابَ كل امرأة منهن ثمانين ألفًا.
(3)
وهو عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(481)، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 282 عن أبي حامد بن جَبَلة، عن محمد بن إسحاق - وهو الثقفي السَّرَّاج أبو العباس - به.
وأخرجه ابن عساكر 20/ 220 من طريق أبي الطيب محمد بن جعفر الزَّرَّاد، عن أبي الفضل عُبيد الله بن سعد - وهو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف - عن عمِّه يعقوب ابن إبراهيم بن سعد، عن أبيه إبراهيم بن سعد، عن أبيه سعد، فذكره، فزاد فيه ذكر سعد بن إبراهيم وسعد هذا تابعي صغير.
والمشهور بأنَّ الذي كان حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الزبير بن العوام، كذلك وَصَفَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم =
5435 -
حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عَوْف، عن أبيه، عن المِسوَر بن مَخْرَمة، قال: كنتُ أسِيرُ في رَكْبٍ بين عُثمان وعبد الرحمن بن عوف، فقال عثمان: مَن صاحبُ الخَمِيصة؟ فقال عبد الرحمن: أنا، فقال عثمان: ها يا مِسورُ، مَن زَعَم أنه خيرٌ من خالِك عبدِ الرحمن في الهجرة الأولى فقد كَذَبَ
(1)
.
5436 -
أخبرني أحمد بن علي المُقرئ، حدَّثنا أبو أُمية محمد بن إبراهيم، حدَّثنا يعقوب بن محمد الزُّهْري، حدَّثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، حدثني أبي، عن عبد الرحمن بن حُميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن أمه أم كُلثُوم بنت عُقبة، قالت: دخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على بُسْرةَ
= نفسه، كما في حديث جابر الذي أخرجه البخاري (2846) ومسلم (2415) وغيرهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ لكل نبيٍّ حَواريًا وحواريَّ الزبير".
(1)
خبر صحيح، رجاله لا بأس بهم، لكن المحفوظ في رواية أحمد بن عبد الجبار - وهو العُطاردي - أنه يروي هذه القصة عن يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، عن صالح بن إبراهيم، عن أبيه، قال: كنا نسير مع عثمان بن عفان في طريق مكة إذ رأى عبد الرحمن بن عوف، فقال عثمان: ما يستطيع أحدٌ أن يعتد على هذا الشيخ فضلًا في الهجرتين جميعًا. يعني هجرته إلى الحبشة وهجرته إلى المدينة. كذلك رواه رضوان بن أحمد الصيدلاني عن أحمد بن عبد الجبار العُطاردي عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 253.
وأما رواية المسور، فإنما تلقاها عنه حُميد بن عبد الرحمن بن عوف كذلك أخرجها ابن سعد 3/ 116، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1251)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(3565)، وابن عساكر 35/ 253 من طريق عبد الله بن جعفر المَخْرَمي، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن المسور وهذا إسناد صحيح. فهذا هو المحفوظ في رواية المسور، وقال في روايته: من زعم أنه خير من خالك في الهجرة الأولى وفي الهجرة الآخرة فقد كذب؛ فزاد ذكر الهجرة الآخرة. وكأنَّ إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف والمسور بن مخرمة كان كلاهما حاضرًا في ذلك الركب، وكلٌّ منهما سمع عثمان بن عفان يقوله، والله أعلم.
وهي تَمشُطُ عائشة، فقال:"يا بُسْرةُ، من يَخطُب أمَّ كُلثوم؟ " قالت: فسَمَّت رجُلًا أو رجُلين، قال:"فأين أنتُم عن سيدِ المسلمين عبدِ الرحمن بن عَوف؟! "
(1)
.
(1)
إسناده تالف من أجل إبراهيم بن عبد العزيز بن عمر - وهو إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز، نُسب هنا لجده - ومن أجل أبيه أيضًا، فهما متروكان، ويعقوب بن محمد الزُّهري فيه لينٌ، واقتصارُ الذهبي في "تلخيص المستدرك" على تضعيفه بيعقوب بن محمد غير جيد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3237)، والحسين بن إسماعيل المحاملي في "أماليه" برواية ابن يحيى البيِّع (419)، والطبراني في "الأوسط"(482)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(7531)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 280 - 281 من طرق عن يعقوب بن محمد الزهري، بهذا الإسناد.
وأخرجه العُقيلي في "الضعفاء"(940)، ومن طريقه ابن عساكر 35/ 280، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(434) عن عبد الله بن أحمد بن مَسَرّة، عن يعقوب بن محمد الزهري، عن عبد العزيز بن عمران، عن عبد الرحمن بن حميد، به. فذكر عبد العزيز بن عمران - وهو ابن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عوف - بدل إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز وأبيه، وعبد العزيز بن عمران متروك أيضًا.
وأخرجه البخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 602، والطبراني في "الأوسط"(1187)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 270، وابن عساكر 35/ 279 من طريقين عن سليمان بن سالم مولى عبد الرحمن بن حميد، عن عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بُسرة بنت صفوان، وقال:"من يخطب أم كلثوم؟ "
…
فذكره بنحوه، هكذا مرسلًا ليس فيه أم كلثوم، وسليمان بن سالم هذا هو سليمان بن أبي داود الحراني الملقب ببُومة، وهو متفق على ضعفه، فلا اعتداد بمتابعته هذه.
وأخرج ابن عساكر 35/ 280 من طريق عمر بن أيوب الغفاري، عن محمد بن معن الغِفاري، عن مُجمِّع بن يعقوب، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مجمع: أنَّ عمر قال لأم كلثوم بنت عقبة امرأة عبد الرحمن بن عوف: أقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انكحي سيد المسلمين عبد الرحمن بن عوف"؟ قالت: نعم. وعمر بن أيوب هذا ضعيف جدًّا، بل أتُّهم بوضع أحاديث، وعبد الرحمن بن عبد الله بن مجمع لا يُعرف إلا في هذا الخبر، فهو مجهول.
وأخرج نحو رواية ابن مُجمِّع هذه أبو بكر الدِّينَوَري في "المجالسة"(377)، ومن طريقه ابن عساكر 35/ 279 من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيحٍ قال: كان عمر بن الخطاب =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5437 -
أخبرنا عبد الله بن إسحاق الخُراساني العَدْل، حدَّثنا عبد الله بن رَوح المَدائني، حدَّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا أبو المُعلَّى الجَزَري، عن ميمون بن مِهْران، عن ابن عمر، عن علي بن أبي طالب: أنَّ عبد الرحمن بن عوف قال لأصحاب الشُّورى: هل لكم أن أختارَ لكم وأنتقِلَ منها؟ فقال عليٌّ: أنا أولُ مَن رَضِي، فإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ لك:"أنت أمينٌ في أهل السماء، أمينٌ في أهل الأرض"
(1)
.
5437 م - حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا إبراهيم بن سليمان البُرُلُّسِي، حدَّثنا عبد العزيز بن عبد الله الأُوَيسي، حدثني إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كَيسان، عن ابن شِهاب، عن سالم، قال: قلتُ لعبد الله بن عمر
(2)
.
= يأتي أم كلثوم بنت عقبة فيقول لها
…
فذكر مثله. وهذا سند رجاله ثقات لكنه مُعضَل، فإنَّ ابن أبي نجيح أدرك صغار التابعين.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل أبي المُعلَّى الجَزَري - وهو فُرات بن السائب - فقد تركوه كما قال الذهبي في "تلخيصه".
وأخرجه ابن سعد 3/ 124، وأحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ ابن حجر (3977)، والحارث بن أبي أسامة كما في "الإصابة" للحافظ ابن حجر 4/ 348، والهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده" كما في "سير أعلام النبلاء" للحافظ الذهبي 1/ 87، وابن بَطة في "الإبانة" 8/ 133، وأبو نُعيم الأصبهاني في "الحلية" 1/ 98، وفي "معرفة الصحابة"(475)، وفي "فضائل الخلفاء الراشدين"(118)، وابن عبد البر في "الاستيعاب"(ص 444)، والخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 20/ 321 - 322، وابن عساكر 35/ 290 - 291 من طرق عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. لكنهم قالوا جميعًا في رواياتهم عن ابن عمر: أنَّ عبد الرحمن بن عوف
…
جعلوه من مسند ابن عمر.
(2)
كذا جاء هذا الإسناد في النسخ الخطية، ولا صلة له بما بعده ولا بما قبله، ولا بد أن يكون موضوعه في أمر يتصل بمناقب عبد الرحمن بن عوف، وإذا كان الأمر كذلك يتبيَّن لنا أنَّ المصنف رحمه الله أراد - والله أعلم - الخبر الذي أخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 319 من طريق =
5438 -
وأخبرني أبو عبد الله محمد بن علي الصنعاني بمكة، حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمرَ، عن عبد الملك بن عُمير، عن قَبِيصة بن جابر الأسدي، قال: كنت مُحرِمًا فرأيتُ ظَبْيًا، فرميتُه فأصبتُ خُشَشَاءَهُ - يعني أصلَ قَرْنِه - فمات، فوَقَعَ في نفسي من ذلك، فأتيتُ عُمر بن الخطاب أسألُه، فوجدتُ إلى جَنْبِه رجلًا أبيضَ رقيقَ الوجه، فإذا هو عبد الرحمن بن عوف، فسألت عمرَ، فالتفَتَ إلى عبد الرحمن فقال: ترى شاةً تكفيه؟ قال: نعم، فأمرني أن أذبَحَ شاةً، فلما قُمْنا من عنده، قال صاحبٌ لي: إنَّ أمير المؤمنين لم يُحسِنُ أن يُفتِيَك حتى سأل الرجلَ، فسمع عمرُ بعضَ كلامِه، فعَلَاهُ عمرُ بالدِّرَّة ضربًا، ثم أقبل عليَّ لِيضْرِبَني، فقلتُ: يا أمير المؤمنين، إني لم أقُلْ شيئًا، إنما هو قالَه، قال: فتركَني، ثم قال: أردتَ أن تقتُلَ الحرامَ، وتتعدّى الفُتْيا؟! ثم قال أمير المؤمنين: إنَّ في الإنسان عشرةَ أخلاقٍ، تسعةٌ حسنةً، وواحدٌ سيِّئ، ويُفسِدُها ذلك السيِّئُ، ثم قال: إياكَ وعَثْرة
(1)
الشَّباب
(2)
.
= إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، قال: قال ابن شهاب، أخبرني سالم بن عبد الله، أنَّ عبد الله بن عمر قال: دخل الرهطُ على عمر قُبيل أن ينزل به؛ عبد الرحمن بن عوف وعثمان وعليٌّ والزبير وسعد، فنظر إليهم، فقال: إني قد نظرتُ لكم في أمر الناس، فلم أجد عند الناس شقاقًا إلا أن يكون فيكم، فإن كان شقاق فهو فيكم، وإنما الأمر إلى ستة، إلى عبد الرحمن وعثمان وعلي والزبير وطلحة وسعد، وكان طلحة غائبًا
…
فذكر قصةً وفي آخرها: قال ابن شهاب: قال سالم: قلتُ لعبد الله: أَبَدأ بعبد الرحمن قبل عليٍّ؟ قال: نعم والله. ورجاله ثقات.
(1)
في النسخ الخطية: وعشرة، والمثبت من "تلخيص المستدرك" وهو الموافق لرواية البيهقي في "سننه الكبرى" 5/ 181 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد، وهو في "مصنف عبد الرزاق"(8239).
(2)
إسناده صحيح. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(8239).
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 181، وفي "الصغرى"(1571)، ومن طريقه ابن عساكر 49/ 246 - 247 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(258)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(458) عن =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5439 -
حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدَّثنا أبو سلمة منصور بن سَلَمة الخُزاعي، حدَّثنا عبد الله بن جعفر المَخْرَمي، حدثتني أم بكر بنت المِسوَر: أنَّ عبد الرحمن بن عوف باع أرضًا له بأربعين ألفَ دِينار، فقَسَمها في بني زُهْرة وفقراء المسلمين والمهاجرين وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى عائشة بمالٍ من ذلك، فقالت: مَن بعث بهذا المالِ؟ قلت: عبدُ الرحمن بنُ عوف، قال: وقَصَّ القصةَ، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحنُو علَيكُن من بعدي إلَّا الصابرون"، سَقَى الله ابنَ عَوفٍ من سَلسَبيل الجنة
(1)
.
= إسحاق بن إبراهيم الدَّبَري، به.
وأخرجه بنحوه عبد الرزاق (8240)، وأبو عُبيد في "غريب الحديث" 3/ 362، والطبري في "تفسيره" 7/ 45 و 48، والطحاوي في "أحكام القرآن"(1716) و (1717)، وابن أبي حاتم الرازي في "تفسيره" 4/ 1206، والطبراني في "الكبير"(259)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(459)، والبيهقي في "الكبرى" 5/ 181، وابن عساكر 49/ 242 و 242 - 244 و 244 - 245 و 245 - 246 من طرق عن عبد الملك بن عُمير، به. وبعضهم لا يُصرّح باسم عبد الرحمن بن عوف في الخبر.
وأخرجه بنحوه الطبري 7/ 45 و 48 من طريق الشَّعبي، عن قبيصة بن جابر، به.
(1)
حديث صحيحٌ، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل أم بكر بنت المسور، وهذا الإسناد وإن كان ظاهره الإرسال، قد جاء في رواية غير المصنف في أثناء الخبر ذكر المسور وأم بكر بنت المسور روت عن أبيها كثيرًا، فالظاهر أنها تلقت هذا الخبر عنه، وقد ورد ما يُرجِّح ذلك في بعض الروايات، حيث جاء فيها: عن أم بكر بنت المسور عن المسور بن مخرمة، فاتصل الإسناد، وقد حسَّن الإسناد ابن حجر في "إتحاف المهرة"(23241)، خلافًا لما قاله الذهبي في "تلخيص المستدرك" حيث جزم بعدم اتصاله.
وله طريق أخرى عن عائشة ستأتي برقم (5443).
وله شاهدٌ أيضًا من حديث أم سلمة سيأتي بعده، ومن حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف سيأتي برقم (5442)، فالحديث صحيح.
وأخرجه أحمد 41/ (24724) و (25032) و (25033) من طريقين عن عبد الله بن جعفر المَخْرمي، به. =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5440 -
وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدَّثنا يونس بن محمد وأحمد بن محمد الأزرقي، قالا: حدَّثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحُصَين، عن
(1)
عوف بن الحارث، عن أم سَلَمة، قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأزواجه: "إِنَّ الذي يَحنُو عليكم بَعدي هو الصادقُ البارُّ"، اللهمَّ اسقِ عبدَ الرحمن بنَ عوف من سَلسَبيل الجنة
(2)
.
فقد صحَّ الحديث عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما.
5441 -
حدَّثنا أبو النَّضر محمد بن محمد الفقيه وأبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل المُقرئ، قالا: حدَّثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدَّثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدَّثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"يا ابنَ عَوف، إنك من الأغنياء، ولن تدخُلَ الجنةَ إِلَّا زَحْفًا، فأقرضِ الله يُطلِقُ قَدَميك" قال ابن
= وممَّن أخرجه فقال: عن أم بكر عن المسور: ابن سعد 10/ 200، وإسحاقُ بنُ راهويه في "مسنده"(1755)، وأبو بكر الآجُرِّي في "الشريعة"(1789)، والطبراني في "الأوسط"(9115) وأبو طاهر المُخلِّص في "المُخلِّصيات"(1131)، وأبو نُعيم في "الحلية" 1/ 98، وفي "معرفة الصحابة"(478)، وفي "فضائل الخلفاء الراشدين"(116)، وابن عساكر 35/ 283 و 284 من طرق عن عبد الله بن جعفر، به.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: بن، والتصويب من مصادر التخريج.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد فيه لِين، فإنَّ محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين - وإن ذكره ابن حبان في "الثقات" - لم يرو عنه غير محمد بن إسحاق ولم يُصرّح بسماعه منه لهذا الخبر.
وأخرجه أحمد 44/ (26559) و (26580) من طريقين عن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد.
ويشهد له حديثُ عائشة الذي قبله، وحديثُ أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الآتي برقم (5442).
عوف: يا رسول الله، فما الذي أُقرِضُ الله؟ قال:"تَتبرّأُ مما أنتَ فيه" قال: يا رسول الله، من كلَّه أَجْمَعَ؟ قال:"نعم"، فخرج ابن عوف وهو يَهُمُّ بذلك، فأرسل إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أتاني جبريلُ، فقال: مُرِ ابنَ عوفٍ فليُضِفِ الضَّيف، وليُطعِمِ المسكينَ، وليُعطِ السائلَ، ويَبدأْ بمن يَعُولُ، فإنه إذا فعل ذلك كان تَزْكية ما هو فيه"
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل خالد بن يزيد بن أبي مالك - وهو خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الشامي - وبه أعلَّه الذهبي في "تلخيصه"، وممَّن ضعف هذا الحديث بخالدٍ أيضًا العراقي في "تخريج أحاديث إحياء علوم الدين" 3/ 266، والهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 155، وابن حجر العسقلاني في "مختصر زوائد مسند البزار"(1953)، وفي "القول المسدّد" ص 25، والسخاوي في "الأجوبة المرضية" 2/ (148) و (149) و 3 (281) وغيرهم، بل قال الهيثمي وابنُ حجر: لا يثبت في هذا شيء.
ومن قبل هؤلاء جماعةٌ من الأئمة ضَعَّفوا الأحاديث الواردة في دخول عبد الرحمن بن عوف الجنة زحفًا، فقد قال أحمد بن حنبل فيما نقله عنه ابن الجوزي في "الموضوعات" وذكر حديث عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس في دخول عبد الرحمن بن عوف الجنة حَبْوًا برقم (803)، فقال أحمد بن حنبل: هذا الحديث كذب منكر، وعمارة يروي أحاديث مناكير. قال ابن حجر في "القول المسدّد" ص 25: يكفينا شهادة الإمام أحمد بأنه كذب. وانظر حديث أنس هذا في "المسند" 41/ (24842).
وقال ابن الجوزي: الحديث لا يصحُّ، وحُوشيَ عبد الرحمن المشهود له بالجنة أن يمنعه مالُه من السبق، لأنَّ جمع المال مباح، وإنما المذموم كسبُه من غير وجهه، ومنع الحق الواجب فيه، وعبد الرحمن مُنزَّهٌ عن الحالين، وقد خلّف طلحة ثلاث مئة حِمل من ذهب، وخلّف الزبيرُ وغيره، ولو علموا أنَّ ذلك مذموم لأخرجوا الكُلَّ.
وقال المنذري في "الترغيب والترهيب": قد ورد من غير وجه ومن حديث جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يدخل الجنة حبوًا لكثرة ماله، ولا يَسلَم أجودها من مقال، ولا يبلغ شيء منها بانفراده درجة الحسن، ولقد كان ماله بالصفة التي ذكر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"نعم المال الصالح للرجل الصالح" فأنى تنقص درجاته في الآخرة أو يقصر به دون غيره من أغنياء هذه الأمة، فإنه لم يرد هذا في حق غيره، وإنما صحَّ سبقُ فقراء هذه الأمة أغنياءهم على الإطلاق، والله أعلم.
وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 11/ 128: ما روي أنَّ ابن عوف يدخل الجنة حبوًا كلام موضوع لا أصل له. =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5442 -
حدَّثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدَّثنا إبراهيم بن عبد الله، حدَّثنا قريش بن أنس، عن محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُكم خيرُكم لأهلي مِن بَعدي".
قال قُريشٌ: فحدثني محمد بن عمرو، عن أبي سلمة: أنَّ أباه أوصى لأمهات المؤمنين بحديقةٍ بيعت بعدَه بأربعين ألف دينارٍ
(1)
.
= قلنا: وهذا الحديث أخرجه ابن سعد 3/ 122، وابن زَنْجويه في "الأموال"(1366)، والبزار (1005)، والطبراني في "مسند الشاميين"(1616)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 12، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 99 و 8/ 334، والبيهقي في "شعب الإيمان"(3064)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 263 - 264 و 264 - 265 و 51/ 216 من طرق عن أبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، بهذا الإسناد.
(1)
إسناده حسنٌ من أجل محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - فهو حسن الحديث. إبراهيم بن عبد الله: هو السعدي الحافظ.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1414) عن أحمد بن محمد المروزي، وأبو يعلى (5924) عن أبي خيثمة زهير بن حرب، وأبو جعفر بن البَخْتري في مجموع فيه مصنفاته (95) عن عبد الرحمن بن محمد بن منصور، وابن الأعرابي في "معجمه"(717) عن محمد بن أبي العوام، وأبو علي بن شاذان في "جزئه"(3)، وأبو نُعيم في "تاريخ أصبهان" 2/ 294، والخطيب في "تاريخ بغداد" 8/ 219، والمغازلي في "مناقب علي"(171) من طريق يحيى بن معين، خمستهم عن قريش بن أنس، به.
والقصة التي رواها أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن الحديقة التي بيعت بأربعين ألفًا جاءت في رواية أحمد بن محمد المروزي وعبد الرحمن بن محمد بن منصور معطوفةً على حديث أبي هريرة، فأوهم ذلك أنها حكاية من كلام أبي هريرة، وإنما هي من كلام أبي سلمة كما وقع مُبيّنًا في رواية المصنِّف.
فقد أخرجها مفردةً الترمذيُّ (3750) عن أحمد عن عثمان البصري وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب البصري، عن قريش بن أنس، به. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
ولم يذكر الباقون هذه القصة في روايتهم عن قريش بن أنس، بل اقتصروا على حديث أبي هريرة.
لكن رويت القصة من طريق أخرى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف كما سيأتي بعده، =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وله شاهدٌ صحيح على شرط الشيخين:
5443 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدَّثنا عبد الله بن يوسف التِّنِّيسي، حدَّثنا بكر بن مُضَر، حدَّثنا صَخْر بن عبد الله بن حَرْمَلة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن حدثه قال: دخلتُ على عائشة فقالت لي: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول لي: "أمرُكنَّ مما يُهِمُّني بعدي، ولن يَصبِرَ عليكُنَّ إِلَّا الصابرون"، ثم تقولُ: فسَقَى الله أباك من سَلسَبيل الجنةِ. وكان عبد الرحمن بن عوف قد وَصَلَهنّ بمالٍ، فبيع بأربعين ألفًا
(1)
.
ذكرُ مناقب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
-
5444 -
أخبرني جعفر بن محمد بن نُصَير الخُلْدي، حدَّثنا أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشْدين المَهْري بمصر، قال: أمْلَى عليَّ موسى بن عون بن عبد الله بن عَون بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود بن كاهِل بن حبيب بن نائر بن مخزوم، عن آبائه
= ويشهد لها حديث عبد الرحمن بن عوف الذي تقدم تخريجه برقم (5439).
ويشهد للحديث مع القصة جميعًا حديثُ أم بكر بنت المسور بن مخرمة عن أبيها الذي تقدَّم عند المصنف برقم (5439)، وللحديث وحده شاهد عن أم سلمة تقدَّم كذلك برقم (5440).
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسنٌ من أجل صخر بن عبد الله بن حرملة، وقد روي من غير وجه عن عائشة، منها ما تقدَّم برقم (5439).
وأخرجه أحمد 41/ (24485) عن أبي سلمة منصور بن سَلَمة الخُزاعي، والترمذي (3749) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن بكر بن مضر، به. وقال الترمذي في أكثر الروايات عنه: حسن صحيح غريب، وفي بعضها: حسنٌ غريب.
وأخرجه أحمد (24893) من طريق عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحنى عليَّ، فقال:"إنكن لأهَمُ ما أتركُ إلى وراء ظهري، والله لا يعطف عليكن إلا الصابرون أو الصادقون -"، وإسناده حسنٌ من أجل عمر بن أبي سلمة.
نسبة عبد الله بن مسعود بن كاهِل بن حَبيب بن نائر
(1)
بن مَخزُوم بن صاهِلة بن كاهِل بن الحارث بن تَميم بن سعد بن هُذيل بن مُدِركة بن الياسِ بن مُضَر بن نِزار.
5445 -
فحدثنا بهذا محمد بن صالح بن هانئ، حدَّثنا الحسين بن محمد القَبّاني، حدَّثنا الحُسين
(2)
بن علي بن يزيد الصُّدَائي، حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، قال: عبد الله بن مسعود بن الحارث بن شَمْخ بن مَخزُوم بن كاهِل بن الحارث بن سعد بن هُذَيل، من حُلفاء بني زُهْرة
(3)
.
قد خالفهما الواقديُّ في هذا النسَب:
5446 -
كما حدَّثَناه أبو عبد الله الأصبهاني، حدَّثنا الحَسن بن الجَهْم، حدَّثنا الحُسين بن الفَرَج، حدَّثنا محمد بن عمر، قال: وعبد الله بن مسعود بن غافِل بن حَبيب بن شَمْخ بن فار بن مخزوم بن صاهِلة بن كاهِل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هُذيل بن مُدرِكة، وكان يُكنى بابنه عبد الرحمن: أبا عبد الرحمن، وكان أبوه مسعودُ
(1)
كذلك جاء في نسخنا الخطية، وفي المطبوع: تامر، كالذي في مطبوع "الكبير" للطبراني 9/ (8401) عن أحمد بن محمد بن رشدين به، والمشهور في هذا الاسم عند أهل النسب: فار، بفاء ثم ألف بعدها راء، كما ضُبط في "الإكمال" 7/ 41، و "تبصير المنتبه" لابن حجر 3/ 1064، وذكر ابن ماكولا أنَّ ابن الكلبي زاد في آخر الاسم حرف الياء آخر الحروف، فقال: فاري. وفي "جامع الأصول" لابن الأثير في قسم التراجم 12/ 583 قال: قار، بالقاف، وقيل بالفاء.
(2)
تحرَّف في (ز) إلى: الحسن، مكبَّرًا.
(3)
وهو عند الطبراني في "الكبير" 9/ (8403) عن محمد بن علي فُستُقة، عن الحسين بن علي بن يزيد الصَّدَائي، به.
وخالف يعقوبَ بنَ إبراهيم فيه أحمدُ بنُ محمد بن أيوب البغدادي عند ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(3595)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(4470)، وابن عساكر 33/ 59 فرواه عن إبراهيم بن سعد، فزاد بين مخزوم وكاهل رجلًا هو صاهلة، موافقًا في ذلك رواية زياد البَكَّائي، حيث جاء في "سيرة ابن هشام" 1/ 254 و 681 كذلك، وابنُ هشام حمل السيرة عن البكائي.
ابن غافِل حالَفَ عبد الحارث بن زُهرة في الجاهلية، وأسلم عبدُ الله بن مسعود قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وشهد عبدُ الله بن مسعود عند جميع أهل السير بدرًا وأحُدًا والخندق والمشاهِدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهاجَرَ الهِجرتَين، وكان صاحب سرِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ووِسَادِه
(1)
وسِواكِه، ونَعْلِه وطَهُوره، وكان رجلًا نحيفًا قصيرًا شديدَ الأُدْمة، ومات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، فَدُفِن بالبَقيع، وكان يومَ توفي - فيما قيل - ابنَ بضعٍ وستين سنةً.
5447 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن نُمير قال: مات عبد الله بن مسعود بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين حين قُتل عثمان، وكان أوصى إلى الزُّبير بن العوام، فصلَّى عليه، وقد قيل: إنَّ عمار بن ياسر صلّى عليه، ودُفن بالبقيع ليلًا، وهو ابن بضع وستين سنة.
5448 -
أخبرني أحمد بن يعقوب الثقفي، حدَّثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدَّثنا أبو كُريب، حدَّثنا عُبيد الله بن موسى، عن سُليمان بن أبي سُليمان، عن أبي هاشم، عن إبراهيم، عن عَلْقمة، عن عبد الله بن مسعود: أنَّ النبي: النبي صلى الله عليه وسلم كناه أبا عبد الرحمن ولم يُولَد له
(2)
.
(1)
جاء في نسخنا الخطية بدلًا من وِساده كلمة سواده - بكسر السين - معطوفة على السِّرّ، مع أن السِّواد هو السَّرُّ نفسُه، فيلزم منه التكرار هنا، والصواب ما أثبتنا، وهو كذلك في رواية ابن سعد في "الطبقات" 3/ 141 عن محمد بن عمر الواقدي. والله تعالى أعلم. والوِساد: الفِراش.
(2)
إسناده واهٍ من أجل سليمان بن أبي سليمان - وهو الخُوزي القافلائي - ولم يُصب الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" 18/ 628 إذ صحَّح إسناد هذا الخبر، ذاهلًا عن سليمان القافلائي هذا. أبو كُريب: هو محمد بن العلاء الهَمْداني، وأبو هاشم: هو الرُّماني الواسطي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النَّخَعي، وعلقمة: هو ابن قيس النَّخَعِي.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(8405)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4474) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، بهذا الإسناد. =
5449 -
حدثني علي بن حَمْشاذَ العدل، حدَّثنا موسى بن هارون، حدَّثنا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، عن أبيه، قال: أمُّ عبد الله بن مسعودٍ: أمُّ عبدٍ بنت عبد بن الحارث بن زُهرة
(1)
.
5450 -
سمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: كنيةُ عبد الله بن مسعود أبو عبد الرحمن
(2)
.
5451 -
وحدثنا أبو العباس، حدَّثنا سعيد بن عثمان التَّنُوخِي، حدَّثنا الخَصِيب بن ناصِح، حدَّثنا سليمان بن أبي سليمان القافلائي، عن أبي هاشم، عن إبراهيم النَّخَعي: أنَّ ابن مسعود كنَّى علقمة أبا شِبْل قبل أن يولد له، قال: فسُئل، فحدَّث أنَّ علقمة حدَّثه عن عبد الله بن مسعود: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كناه أبا عبد الرحمن قبل أن يُولَد له
(3)
.
5452 -
أخبرني محمد بن المؤمَّل، حدَّثنا الفضل بن محمد، حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا يحيى بن اليَمَان، حدَّثنا الأعمش، عن إبراهيم، قال: كان عبد الله بن مسعود لطيفًا فَطِنًا، وكانت أمُّه أمَّ عبدٍ بنت عبد بن الحارث بن زُهْرة، ويقال: إنها كانت من القارَةِ
(4)
.
= وأخرجه البزار (1580)، والعُقيلي في "الضعفاء"(566) من طريق محمد بن عثمان بن كرامة، وأسلم بن سهل الواسطي في "تاريخ واسط" ص 183 عن الحسن بن حماد، كلاهما عن عُبيد الله بن موسى، به وسيأتي برقم (5451) من طريق الخصيب بن ناصح عن سليمان القافلائي.
(1)
وكذلك قال في نسبها إبراهيم النخعي كما سيأتي برقم (5452)، وخليفة بن خياط في "الطبقات" ص 16، وغيرهما، وقال أبو نعيم في معرفة الصحابة (4471): هو الأثبتُ.
وخالفهم غيرهم فنسبوها هُذَليَّة، منهم ابن سعد 3/ 139.
(2)
وهو في "تاريخ العباس بن محمد الدُّوري"(112).
(3)
إسناده واهٍ كما تقدَّم برقم (5448).
(4)
رجاله لا بأس بهم. إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأعمش: هو سليمان بن مِهْران. =
5453 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الإمام، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدَّثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدَّثنا محمد بن أبي عُبيدة، عن أبيه، عن الأعمش، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، قال: لقد رأيتُني سادسَ ستةٍ، ما على الأرض مسلمٌ غيرُنا
(1)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5454 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدَّثنا أبو عُلَاثة، حدَّثنا أبي، حدَّثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوة، في تسمية من شهد بدرًا من حلفاء بني زُهرة بن كِلاب: عبدُ الله بن مسعود قال عُرْوة: وممَّن هاجر إلى الحبشة الهجرة الأولى قبل خروج جعفر بن أبي طالب عبدُ الله بن مسعود.
5455 -
حدَّثنا علي بن حَمْشَاذَ العدل، حدَّثنا محمد بن شاذان الجوهري، حدَّثنا زكريا بن عدي، حدَّثنا حاتم بن إسماعيل، عن ابن أبي ذُباب، عن مُجاهدٍ، عن عبد الله بن سَخْبَرة، قال: كنتُ مع عبدِ الله بن مسعود وكان رجلًا آدم، عليه مَسْحةٌ، لطيف الجسم، ضعيف اللحم
(2)
.
= ورواه صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه في "مسائله"(1229)، لكن دون ذكر أم عبد الله بن مسعود.
وأخرجه أبو خيثمة زهير بن حرب في "العلم"(47)، وعنه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1413)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 66، وأخرجه أيضًا البغوي في "معجم الصحابة"(1413)، ومن طريقه ابن عساكر 33/ 66 عن عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان، كلاهما (أبو خيثمة وعبد الله بن عمر) عن يحيى بن اليمان، به. ولم يذكرا كذلك أم عبد الله بن مسعود.
(1)
إسناده صحيح. القاسم بن عبد الرحمن: هو ابن عبد الله بن مسعود، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو عُبيدة: هو عبد الملك بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود.
وأخرجه ابن حبان (7062) عن أبي يعلى، عن ابن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده جيد من أجل ابن أبي ذُباب - واسمه الحارث بن عبد الرحمن - فهو صدوق لا بأس به. =
5456 -
أخبرني أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدَّثنا موسى بن زكريا، حدَّثنا خليفة بن خَياط
(1)
، قال: مات عبد الله بن مسعود بالمدينة، وصلَّى عليه الزُّبير بن العوَّام.
5457 -
حدَّثنا يحيى بن منصور القاضي، حدَّثنا علي بن عبد العزيز، حدَّثنا سعيدٌ بن سليمان الواسطي، حدَّثنا عباد بن العوّام، عن سفيان بن حُسين، عن يعلى بن مسلم، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، قال: آخي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين الزُّبير بن العوّام وعبد الله بن مسعُود
(2)
.
= وقد تقدَّم ضمن حديث مطوَّل برقم (1714) ذكر وصف ابن مسعود بأنه كان آدم عليه مسحهُ أهل البادية من طريق صفوان بن عيسى عن الحارث بن عبد الرحمن.
وكونه كان خفيف اللحم ثبت عن قيس بن أبي حازم عند ابن سعد 3/ 145، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 11/ 222، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 65 قال: رأيت عبد الله بن مسعود رجلًا خفيف اللحم.
(1)
وقع في نسخنا الخطية: خلف بن خليفة، وهو خطأ، وإنما هو خليفة بن خياط صاحب "الطبقات" و "التاريخ"، وقد أكثر المصنف من النقل من كتاب "الطبقات" لخليفة بسنده هذا إليه. وهذا في "طبقاته" ص 16.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" تعليقًا 8/ 417، وعمر بن شَبَّة في "تاريخ المدينة" 3/ 1053، والطبراني في "الكبير"(12816)، وفي "الأوسط"(929) و (5223)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 411، والضياء المقدسي في "المختارة" 9/ (507) و (508) من طرق عن سعد بن سليمان الواسطي، بهذا الإسناد.
وأخرجه بحشل في "تاريخ واسط" ص 77 عن عمر بن أحمد بن صالح بن زياد، عن عباد بن العوام، به.
وثبت مثلُه من حديث أنس بن مالك عند البخاري في "الأدب المفرد"(568) وغيره بسند صحيح.
فهذا الصحيح خلافًا لقول ابن إسحاق بأنَّ النبي آخى بين الزبير وبين سلمة بن سلامة بن وقش، وفيه الردُّ كذلك على قول مصعب بن عبد الله الزبيري فيما نقله عنه ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه" (2837) حيث قال: لا أعرف هذه الأخوة بين الزبير وبين عبد الله. =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5458 -
أخبرنا محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدَّثنا محمد بن عبد الوهاب، حدَّثنا جعفر بن عون، عن أبي العُمَيس، عن عامر بن عبد الله بن الزُّبير: ذكرُ ما أوصى به عبدُ الله بنُ مسعود إن حَدَثَ به حَدَثٌ في مرضِه هذا أن يَرجعَ وصيَّتَه إلى الله، ثم إلى الزُّبَير بن العوام وابنه عبد الله بن الزُّبير، وإنهما في حِلٌ وبِلٍّ فيما وَلِيا وقَضَيا، ولا تُزَوَّجُ بناتُ عبدِ الله إلا بإذنِهما، ولا يُخَصُّ ذلك عن زينب
(1)
.
5459 -
أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدَّثنا إبراهيم بن الحسين، حدَّثنا آدم بن أبي إياس، حدَّثنا شُعبة، حدثني أبو العُميس، عن مُسلم البَطِين، عن عمرو بن ميمون، قال: كان عبدُ الله تأتي عليه السَّنَةُ لا يُحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحدَّث ذاتَ يومٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثٍ فعَلَتْه كآبةٌ، وجعل العَرَقُ يَتحادَر على جبهته، ويقول: نحوُ هذا أو قريبٌ من هذا
(2)
.
= وانظر ما سيأتي برقم (8204)، وفيه إشارة إلى مؤاخاة الزبير بن العوام لكعب بن مالك الأنصاري، وهي في المؤاخاة التي أحدَثَها النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة بين المهاجرين والأنصار، وهي غير هذه المؤاخاة التي في هذه الرواية، فقد كانت هذه المؤاخاة بمكة، كما سيأتي بيانه هناك.
(1)
رجاله ثقات لكنه مرسل، فإنَّ عامر بن عبد الله بن الزبير لم يُدرك عبد الله بن مسعود، لكن وصية عبد الله هذه كانت مكتوبة كما في بعض روايات الخبر عند غير المصنف. أبو العُميس: هو عتبة بن عبد الله بن عتبة المسعودي.
وأخرجه ابن سعد 3/ 146، وابن أبي شيبة 11/ 175، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 11/ 225، وابن المنذر في "الأوسط"(7065)، والبيهقي 6/ 282، وابن عساكر 33/ 183 من طريقين عن أبي العميس، به.
وأخرجه ابن عساكر 28/ 169 من طريق موسى بن عقبة، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، لكن دون ذكر تزويج بنات عبد الله بن مسعود.
(2)
خبر صحيح، وعبد الرحمن بن الحسن القاضي متابع، وقد رواه بعضهم فزاد في إسناده رجلين بين مسلم البَطِين وعمرو بن ميمون - وهو الأودي - وهذان الرجلان هما إبراهيم بن يزيد بن شَريك التَّيمي وأبوه، فيرويه إبراهيم التيمي عن أبيه عن عمرو بن ميمون كما تقدَّم عند =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5460 -
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدَّثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدَّثنا أبو كُريب، حدَّثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن الأسود، أنه سمع أبا موسى يقول: قدمتُ أنا وأخي من اليمن، فمَكَثْنا حِينًا ما نُرَى إلَّا أنَّ عبد الله بن مسعود رجلٌ من أهل بيتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما نرى من دخوله ودخولِ أمِّه
(1)
.
= المصنف برقم (383)، وقد ذكر الدارقطني في "علله"(3159) هذا الاختلاف وصحَّح الروايتين جميعًا، مشيرًا إلى روايةٍ صرَّح فيها مُسلم البطين بسماعه من عمرو بن ميمون - وهي عند البخاري في "تاريخه الكبير" 7/ 268. فقال الدارقطني: يشبه أن يكون مسلم سمعه منه بعد أن سمعه من إبراهيم التيمي عن أبيه عن عمرو.
وأخرجه البزار (1863)، وابن الأعرابي في "معجمه"(605)، والطبراني في "الأوسط"(1450)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 162 من طريق شعبة، عن أبي العُميس، به.
وقد رواه عن أبي العُميس كذلك شريك النخعي فيما سلف عند المصنف برقم (382) لكن قال فيه شريكٌ: عن أبي العميس، عن مسلم البطين، عن أبي عمرو الشيباني، عن ابن مسعودٍ.
فذكر أبا عمرو الشيباني بدل عمرو بن ميمون الأودي، ووهَّمه الدارقطني.
وأخرجه الطيالسي (324)، وابن سعد 3/ 144، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 547 - 548، والشاشي (667)، والطبراني في "الكبير"(8612)، وابن عساكر 33/ 162 و 163 من طريق عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي أخي أبي العُميس، والطبراني (8616)، والدارقطني في "العلل"(3159)، وابن عساكر 33/ 163 من طريق عمار الدُّهْني، والبخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 216، والبزار (1862)، والطبراني (8615) من طريق سنة بن مسلم البَطين، ثلاثتهم عن مسلم البَطِين، عن عمرو بن ميمون، به.
ورواه عن مسلم البَطين كذلك إبراهيم بن مهاجر عند أحمد 6/ (3670)، والطبراني (8616)، وأبي نُعيم في "الحلية" 7/ 109، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 297، وابن عساكر 33/ 164، لكن قال فيه إبراهيم بن مهاجر: عن مسلم البطين، عن أبي عبد الرحمن السُّلمي، عن ابن مسعودٍ. ووهَّمه الدارقطني.
وقد سلف نحوه عند المصنف برقم (381) عن مسروقٍ عن ابن مسعودٍ.
(1)
خبر صحيح، وهذا إسناد حسنٌ من أجل إبراهيم بن يوسف - وهو ابن إسحاق بن أبي إسحاق =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!
5461 -
حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شَقِيق، قال: سمعتُ حذيفة يقول: إِنَّ أشبه الناس هَدْيًا وسَمْتًا ودَلًّا بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم عبدُ الله بنُ مسعود، من حينِ يَخرجُ إلى حينِ يرجعُ، ما أدري ما في بيتهِ، ولقد عَلِمَ المحفوظون من أصحابِ محمد صلى الله عليه وسلم أَنَّ ابنَ أمّ عَبْدٍ من أقربهم وسيلةً عند الله يومَ القيامة
(1)
.
= عمرو بن عبد الله السَّبيعي - وقد توبع. أبو كُريب: هو محمد بن العلاء بن كُريب، والأسود: هو ابن يزيد النَّخَعي.
وأخرجه البخاري (3763)، والترمذي (3806) عن أبي كريب، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (2460) من طريق إسحاق بن منصور، عن إبراهيم بن يوسف، به. فاستدراك الحاكم له عليهما ذهولٌ منه.
وأخرجه البخاري (4384)، ومسلم (2460)، والنسائي (8329) من طريق زكريا بن أبي زائدة، وأحمد 32/ (19588)، والنسائي (8206) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن أبي إسحاق السَّبيعي، به.
(1)
خبر صحيح، وهذا إسناد حسنٌ من أجل أحمد بن عبد الجبار - وهو العُطاردي - وقد توبع.
أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وشقيق: هو ابن سَلَمة أبو وائل.
وأخرجه أحمد 38/ (23341) عن محمد بن عبيد الطنافسي، و (23342) من طريق زائدة بن قدامة، والبخاري (6097) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، ثلاثتهم عن الأعمش، به.
فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وأخرجه أحمد (23351) من طريق أبي عمرو الشيباني، عن حذيفة بن اليمان. وسنده صحيح.
وأخرجه أحمد (23308) و (23350) و (23408) و (23413)، والبخاري (3762)، والترمذي (3807)، والنسائي (8208)، وابن حبان (7063) من طريق أبي إسحاق السَّبيعي، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن حُذيفة بن اليمان.
وقد صرَّح أبو إسحاق السَّبيعي بسماعه لهذا الخبر من عبد الرحمن بن يزيد، دون آخره فقد نصَّ في رواية شعبة عنه عند أحمد (23350) أنه لم يسمع منه روايته عن حذيفة قوله: ولقد علم =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!
5462 -
أخبرني الحسن بن حَلِيم المَروَزي، أخبرنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أنا مِسعَر، قال: حدثني مَعْن بن عبد الرحمن، عن عون بن عبد الله بن عُتبة، عن أبيه، قال: كان عبد الله إذا هدَأَتِ العيونُ سمعتَ له دَوِيًّا كدَوِيِّ النحل، حتى يُصبح
(1)
.
5463 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدَّثنا أحمد بن يونس الضَّبّي، حدَّثنا أبو داود الطَّيالسي، حدَّثنا شُعبة، أخبرنا جامع بن شدَّاد قال: سمعتُ عبد الله بن مِرْداسٍ قال: كان عبد الله يَخطُبنا كلَّ خميسٍ على رجليه، فيتكلم بكلماتٍ ونحن نَشتهي أن يزيدَ
(2)
.
= المحفوظون. غير أنَّ بعضهم أدرج هذه القطعة إدراجًا في خبر أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد. وإنما يرويها أبو إسحاق عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سَلَمة، عن حذيفة كما أخرجه أحمد في "فضائل الصحابة"(1545)، وغيره.
وقد تقدمت هذه القطعة مفردةً برقم (3255) من طريق محاضِر بن المورِّع عن الأعمش.
وقد روي تشبيه عبد الله بن مسعود بالنبي صلى الله عليه وسلم في هَدْيه ودَلِّه عن علقمة بن قيس كما سيأتي عند المصنف برقم (5482).
قال ابن الأثير في "النهاية" في مادة (دلل): الدَّلُّ والهدي والسَّمْت عبارة عن الحالة التي يكون عليها الإنسان من السكينة والوقار، وحسن السيرة والطريقة واستقامة المنظر والهيئة.
(1)
رجاله ثقات، لكن المحفوظ أنه من رواية عون بن عبد الله بن عُتبة - وهو ابن مسعود - عن أخيه عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة مرسلًا كما رواه وكيع بن الجراح في "الزهد"(155)، ومن طريقه أخرجه أحمد في "الزهد"(848)، وابن عساكر 33/ 166.
وكذلك رواه عَبْدة بن سليمان عند ابن أبي شيبة 2/ 272، كلاهما (وكيع وعبدة) عن مسعر بن كدام.
أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو بن الموجِّه الفَزَاري، وعَبْدان لقب عبد الله بن عثمان بن جَبَلة المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك، ومَعْن بن عبد الرحمن: هو ابن عبد الله بن مسعود.
(2)
خبر صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل عبد الله بن مرداس فهو - وإن لم يرو =
5464 -
وأخبرنا أبو عبد الله الصفَّار، حدَّثنا أحمد بن يونس الضَّبّي، حدَّثنا أبو داود، حدَّثنا شعبة، عن سلمة بن كُهيل، عن حَبّة العُرَني، قال: قرأتُ في كتاب عمر إلى أهل الكوفة: أما بعدُ، فأنتم رأسُ العربِ وجُمْجُمتُها، وأنتم سَهْمي الذي أَرمي به، إن جاء شيءٌ من هاهنا وهاهنا، وقد بعثتُ إليكم عبدَ الله واخترتُه لكم، وآثرتُكم به على نَفْسي
(1)
.
5465 -
حدثني أبو بكر أحمد بن بالَوَيهِ، حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، حدَّثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن حَبّة العُرَني: أَنَّ ناسًا أتَوا عليًّا، فأثنَوا على عبد الله بن مسعود، فقال: أقولُ فيه مثلَ ما قالُوا وأفضل: قرأ
= عنه غير جامع بن شداد - تابعي ذكره ابن حبان، وروى عن عبد الله بن مسعود غير خبرٍ. وقد روي مثل خبره عن شقيق أبي وائل أيضًا. أبو داود الطيالسي: هو سليمان بن داود بن الجارود.
وأخرجه ابن سعد 3/ 145، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 11/ 222 من طرق عن شعبة، به.
ويشهد له ما رواه أبو وائل شقيق بن سَلَمة قال: كان عبد الله يذكرنا كل يوم خميس، فقال له رجلٌ: يا أبا عبد الرحمن، إنا نحب حديثك ونشتهيه، ولَودِدْنا أنك حدثتنا كل يوم
…
. أخرجه أحمد 7/ (4439)، ومسلم (2821)، وهو كذلك عند البخاري (70) لكن دون قوله: إنا نحب حديثك ونشتهيه.
ولتذكير ابن مسعود أصحابَه كلَّ خميس انظر خبر عمرو بن ميمون الأودي المتقدم برقم (383).
(1)
رجاله ثقات غير حَبّة العُرَني، فضعيف. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي.
وأخرجه ابن سعد 8/ 130، وابن أبي شيبة 12/ 186، وابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(3518)، ومحمد بن خلف المعروف بوكيع في "أخبار القضاة" 2/ 188 من طرق عن شعبة، به.
وسيأتي عند المصنف برقم (5767) من طريق أبي إسحاق السَّبيعي عن حارثة بن مُضرِّب قال: كتب إلينا عمر بن الخطاب: إني قد بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرًا، وابنَ مسعود معلِّمًا ووزيرًا، وهما من النُّجَباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أهل بدرٍ
…
وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي. وإسناده صحيح.
القُرآنَ، وأحلَّ حلالَه وحَرم حرامَه، فقيهٌ في الدِّين، عالمٌ بالسُّنة
(1)
.
5466 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدَّثنا محمد بن أحمد بن النضر، حدَّثنا معاوية بن عمرو، حدَّثنا زائدة، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث [عن أبي الأحوص]
(2)
عن أبي مسعود عُقبة بن عَمرو، قال: ما أُرى رجلًا أعلمَ بما أنزلَ اللهُ على محمد صلى الله عليه وسلم مِن عبد الله بن مسعود، فقال أبو موسى: إن تَقُل ذلك، فإنه كان يسمعُ حين لا نسمعُ، ويدخُلُ حين لا ندخُلُ
(3)
.
(1)
خبر صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف حَبّة العُرَني، وقد روي نحو هذا عن علي من وجوهٍ أخرى، منها ما سيأتي بالرقم (5478) و (5731). عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
وأخرجه ابن سعد 3/ 144، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 150 عن قبيصة بن عُقبة، عن سفيان الثوري، به.
وأخرجه بنحوه ابن سعد 3/ 144، وابن أبي شيبة 12/ 117، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 11/ 221، وابن عساكر 33/ 150 من طريق الأعمش، عن حبة بن جوين العُرني.
وأخرجه ضمن خبر طويل في أسئلةٍ وُجِّهت لعليٍّ رضي الله عنه عن رأيه في جمع من الصحابة وأسئلة أخرى: أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (3990)، والطبراني في "الكبير"(6042)، وابن عساكر 21/ 421 - 422، والضياء المقدسي في "المختارة" (494) من طريق ابن جريج قال: حدَّثنا أبو حرب بن أبي الأسود عن أبيه، وقال ابن جريج: وعن رجل عن زاذان أبي عمر، كلاهما عن عليّ. وإسناده عن أبي الأسود صحيح.
(2)
سقط ذكر أبي الأحوص من إسناد الخبر في النسخ الخطية، وهو ثابت عند الطبراني في "الكبير"(8495) في روايته عن محمد بن أحمد بن النضر شيخ شيخ المصنف هنا، وثبت لجميع من روى هذا الخبر عن الأعمش. وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك الجُشَمي.
(3)
إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قدامة، والأعمش: هو سليمان بن مِهْران، ومالك بن الحارث: هو السُّلَمي الكوفي.
وأخرجه بنحوه مسلم (2461)، والنسائي (8203) من طريق قُطبة بن عبد العزيز، ومسلم (2461) من طريق شيبان بن عبد الرحمن، كلاهما عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن أبي الأحوص، قال: كنا في دار أبي موسى مع نفر من أصحاب عبد الله
…
وذكر الخبر بنحوه. =
5467 -
حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا بحر بن نصر، حدَّثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني سفيان الثَّوري، عن الأعمش، عن إبراهيم التَّيمي، عن أبيه، قال: قال عبد الله بن مسعود: لو تعلمون ذُنوبي ما وَطِئَ عَقِبي رجلان، ولَحَثَيْتُم على رأسي الترابَ، ولَوَدِدتُ أنَّ الله غفر لي ذنبًا من ذنوبي وإني دُعِيتُ عبدَ الله بنَ رَوْثةٍ
(1)
.
= وأخرجه مسلم (2461) من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص بنحوه مختصرًا.
وأخرجه بنحوه كذلك مسلم (2461) من طريق أبي عُبيدة عبد الملك بن معن المسعودي، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، قال: كنا جلوسًا عند حذيفة وأبي موسى في المسجد
…
ولم يسُق مسلم لفظه. وقال: وحديث قطبة أتمُّ وأكثر.
(1)
إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وإبراهيم التيمي: هو ابن يزيد بن شريك.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(821)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 168 من طريق أبي عامر العَقَدي، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الله بن وهب في "جامعه"(28 - طبعة أبي الخير) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أسلم قال: قال عبد الله بن مسعود
…
فذكره، فذكر أسلم بدل أبيه، ويغلب على ظننا أن لفظة "أسلم" تحريف عن "أبيه" فالمعروف في رواية الثوري ذكر والد إبراهيم التيمي يزيد بن شريك كما في رواية المصنِّف والبيهقي.
وأخرجه البيهقي (822) من طريق محاضر بن المُورِّع، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن ابن مسعودٍ.
وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 288، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 548، و 549، وأبو داود في "الزهد"(149)، والبيهقي (819)، وابن عساكر 33/ 168 و 169 من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، وابن أبي شيبة 13/ 88 وعن وكيع بن الجرّاح، وأبو داود (140) من طريق جرير بن عبد الحميد، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 133، وابن عساكر 33/ 167 - 168 من طريق شعبة بن الحجاج، كلهم عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن ابن مسعود بنحوه. والحارث من كبار أصحاب ابن مسعود.
وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 289 من طريق قيس بن أبي حازم، وابن وهب في "جامعه"(28)، وأحمد في "الزهد"(859)، والحُسين بن الحَسن المروزي في زياداته على "الزهد" لابن المبارك =
5468 -
حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدَّثنا السَّرِيّ بن خُزيمة وأحمد بن نَصْر، قالا: حدَّثنا أبو غَسّان مالك بن إسماعيل، حدَّثنا إسرائيل، عن المُغيرة، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ، قال: قدمتُ الشام فصليتُ ركعتين، ثم قلتُ: اللهم يَسِّر لي جليسًا صالحًا، فلقيتُ قومًا فجلستُ، فإذا بواحدٍ جاء حتى جلس إلى جَنْبي، فقلتُ: مَن ذا؟ قال أبو الدَّرْداء، فقلت: إني دعوتُ الله أن يُيسِّرَ لي جليسًا صالحًا، فيسَّرَ لي، فقال: ممَّن أنتَ؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: أو ليس عندكم ابن أم عبدٍ صاحبُ النعلين والوِسادةِ والمِطْهَرة، وفيكم الذي أجارهُ الله من الشيطانِ على لسان نبيِّه صلى الله عليه وسلم، وفيكم صاحبُ سرِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الذي لا يَعلمُه غيرُه
(1)
.
= (490)، ويعقوب بن سفيان 2/ 548 - 549، وابن أبي الدنيا في "المتمنين"(19)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات"(1729)، وأبو نعيم في "الحلية" 8/ 314، والبيهقي في "الشعب"(6769)، وابن عساكر 33/ 169 من طريق أبي وائل شقيق بن سَلَمة، وأحمد في "الزهد"(858)، ويعقوب بن سفيان 2/ 549، والبيهقي (820)، وابن عساكر 33/ 169 من طريق حميد بن هلال، ثلاثتهم عن ابن مسعودٍ بنحوه.
(1)
إسناده صحيح. أحمد بن نصر: هو أحمد بن محمد بن نصر النيسابُوري اللبَّاد، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، والمغيرة: هو ابن مِقسَم الضبي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النَّخَعي، وعلقمة: هو ابن قيس النَّخَعي.
وأخرجه البخاري (3742) عن أبي غسان مالك بن إسماعيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 45/ (27544) عن أسود بن عامر، عن إسرائيل، به.
وأخرجه أحمد (27538) و (27539)، والبخاري (3743)، والنسائي (8241)، وابن حبان (6331) من طريق شعبة بن الحجاج، وابن حبان (7127) من طريق جرير بن عبد الحميد، كلاهما عن المغيرة بن مقسَم به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وقد سمَّى شعبةُ في روايته الذين وصفهم أبو الدرداء بما وصفهم به، فقال: صاحب الوساد ابن مسعود، وصاحب السر حذيفة، والذي أُجير من الشيطان عمار. وفي بعض طرقه عن شعبة في وصف ابن مسعود: صاحب الوساد والسِّواك.
وسيأتي نظير هذا الخبر من حديث أبي هريرة كما سيأتي برقم (5783)، وزاد فيه أبو هريرة ذِكرَ سعدِ بن أبي وقاص وسلمانَ الفارسي.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!
والأسانيد التي قبلَه كلُّها صحيحةٌ ولم يُخرجاها، وإنما تركتُ الكلام عليها لأنها غير مُسنَدَةٍ وهذا مُسنَدٌ.
5469 -
حدَّثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز ومحمد بن غالب قالا: حدَّثنا أبو حُذيفة.
وحدثنا دَعْلَج بن أحمد السِّجْزي ببغداد، حدَّثنا عبد العزيز بن معاوية البصري، حدَّثنا أبو حُذيفة، حدَّثنا سفيان الثَّوري، عن منصور، عن هِلال بن يَسَافٍ، عن عبد الله بن ظالم، عن سعيد بن زيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عشرةٌ في الجنة"، فذكر أبا بكر وعمرَ وعثمانَ وعليًّا وطلحةَ والزبيرَ وعبد الرحمن بنَ عوف وسعد بنَ أبي وقاص وسعيدَ بنَ زيد وعبدَ الله بنَ مسعود
(1)
.
(1)
حديث صحيح، لكن بذكر أبي عُبيدة بن الجراح بدل عبد الله بن مسعود، وذكرُ ابن مسعود مما تفرَّد به أبو حذيفة - وهو موسى بن مسعود النَّهدي - كما ذكر المصنِّف بإثره، ولم يذكره غيره من أصحاب سفيان الثوري، ولا ذكره حصين بن عبد الرحمن عن هلال في روايته الآتية برقم (6011).
وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم لكنه اختُلف فيه على هلال بن يساف اختلافًا كثيرًا كما بيَّنه الدارقطني في "العلل"(663)، وجَزَم هو ومِن قبله النسائيُّ في "السنن الكبرى" بإثر الحديث (8135) أنَّ هلال بن يسافٍ لم يسمعه من عبد الله بن ظالم، وأنَّ بينهما رجلًا. وهذا الرجل مبهم مجهول لا يُدرى من هو، لكن روي هذا الحديث عن سعيد بن زيد من غير هذا الوجه بأسانيد أحسنُها ما سيأتي عند المصنف برقم (5971)، ليس في شيء منها ذكر عبد الله بن مسعود.
وأخرجه أبو داود (4648)، والنسائي (8151) من طريق عبد الله بن إدريس، والنسائي (8136) من طريق عُبيد بن سعيد الأموي، و (8149) من طريق القاسم بن يزيد الجَرْمي، ثلاثتهم عن سفيان الثوري، عن منصور - وهو ابن المعتمر - عن هلال بن يسافٍ، عن فلان بن حيَّان، عن عبد الله بن ظالم، عن سعيد بن يزيد. فزادوا رجلًا بين هلال وابن ظالم، وتابعهم عُبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي في روايته عن سفيان الثوري كما نبَّه عليه أبو داود بإثر الحديث. ولم يذكر أحدٌ منهم ابن مسعود. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه كذلك أحمد 3/ (1630) عن وكيع، عن سفيان الثوري، عن حصين ومنصور، عن هلال بن يساف، عن سعيد بن زيد. وقال وكيع مرة: قال منصور: عن سعيد بن زيد، وقال مرةً: حُصين عن ابن ظالم عن سعيد بن زيد. وقال وكيع في رواية أحمد عنه في "فضائل الصحابة"(82) و (253): لم يحدّثه منصور عن هلال عن سعيد.
وقد رواه قبيصةُ بن عقبة عن سفيان عن منصور عن هلال عن سعيد بن زيد، بإسقاط ابن ظالم وابن حيان من إسناده، كما أخرجه الدارقطني في "العلل"(663).
وسيأتي برقم (6011) من طريق حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم عن سعيد بن زيد مطولًا، بذكر التسعة المذكورين هنا ولم يذكر ابن مسعود. وانظر تخريجه هناك.
وسيأتي برقم (5971) بنحو اللفظ الذي هنا من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن سعيد بن زيد، بذكر أبي عبيدة بن الجراح وعاشرهم بدل ابن مسعود.
وأخرجه بنحوه أحمد (1629)، وابن ماجه (133)، والنسائي (8137) و (8162) من طريق رياح بن الحارث النَّخَعي، وأحمد (1631) و (1637)، وأبو داود (4649)، والترمذي بإثر (3757)، والنسائي (8100) و (8147) و (8153)، وابن حبان (6993) من طريق عبد الرحمن بن الأخنس، كلاهما عن سعيد بن زيد، بذكر التسعة المذكورين هنا، ولم يذكرا فيه ابن مسعود ولا أبا عبيدة بن الجراح.
وله طريق أخرى عن سعيد بن زيد عند الطبراني في "الكبير"(356)، وفي "الأوسط"(2009)، وأبي نعيم في "دلائل النبوة"(337)، وفي "معرفة الصحابة"(555) من طريق أبي الطُّفيل عامر بن واثلة، عن سعيد بن زيد، بذكر التسعة، ليس فيهم ابن مسعود ولا أبو عبيدة.
فلم يذكر أبا عبيدة بن الجراح عاشرَهم في حديث سعيد بن زيد في الطرق السالفة عنه إلّا حميدُ بنُ عبد الرحمن في روايته الآتية برقم (5971)، وقد ذكر في بعض طرق ابن الأخنس عن سعيد بن زيد، ولا يصح.
وورد ذكر أبي عبيدة بن الجراح في طرق أخرى عن سعيد بن زيد، لكنها ضعاف كلها، ومن ذلك ما أخرجه ابن سعد 3/ 356، وعنه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 471، من طريق محمد بن السائب الكلبي، عن سعيد بن زيد. والكلبي متروك، ثم إنه لم يُدرك سعيد بن زيد.
ومن ذلك ما أخرجه الدارقطني في "الغرائب والأفراد" كما في "أطرافه" لابن طاهر (5202)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(56)، وابن عساكر و "تاريخ دمشق" 25/ 467 - 468 من طريق محمد بن خلاد القطان الوزان، عن عباد بن صهيب، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قَتادةَ، عن: =
هذا حديث تفرَّد بذكر ابن مسعود فيه أبو حُذيفة، وقد احتجَّ البخاريُّ بأبي حذيفة، إلا أنهما لم يحتجا بعبد الله بن ظالم.
5470 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، قال: قُرئ على عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، وأنا أسمعُ، حدَّثنا أبو عَتاب سهْل بن حماد، حدَّثنا شعبة، عن معاوية بن قُرَّة، عن أبيه، قال: كان ابن مسعود على شجرةٍ يَجتَني لهم منها، فهبَّتِ الريحُ وكَشَفَت عن ساقيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده، لَهُما أثقَلُ في الميزان من أُحُد"
(1)
.
= سعيد بن المسيب، عن سعيد بن زيد. وعباد بن صهيب متروك الحديث، والراوي عنه مجهولٌ لا يُدرى من هو.
لكن يشهد لذكر أبي عبيدة في العشرة حديث ابن عمر عند الطبراني في "الكبير"(13823)، وفي "الأوسط"(2201)، وفي "الصغير"(62)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 5/ 156، وابن عساكر 21/ 79 - 80 و 25/ 468، والضياء المقدسي في "المختارة" 13/ (253)، وإسناده صحيح.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم غير أنَّ أبا عتاب سهلَ بن حماد انفرد بوصله بذكر قرة. وهو ابن إياس المزني - وخالفه بهز بن أسد وأبو داود الطيالسي - وهما أوثق من أبي عَتَّاب وأجلُّ - فلم يجاوزا فيه معاوية بن قرة، لكن للحديث شواهد يصح بها.
وأخرجه العباس الدُّوري في "تاريخه"(226)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ 2/ 546، والبزار (3305)، وأبو بكر الروياني في "مسنده" (948)، والطبري في مسند علي من "تهذيب الآثار" (262)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (1092)، والطبراني في "الكبير" 19/ (59)، وابن جُميع الصيداوي في "معجمه" ص 134، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 1/ 483، وابنُ عساكر 33/ 111 - 112 و 112، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 1/ 479 - 480، وفي "تذكرة الحفاظ" 2/ 579 - 580 من طرق عن أبي عتاب سهل بن حماد، بهذا الإسناد. وقال أبو القاسم البغوي: لا أعلم أحدًا أسند هذا الحديث عن شعبة غير أبي عتاب.
وأخرجه أبو داود الطيالسي (1174)، وأخرجه كذلك أبو القاسم البغوي في "الجعديات"(1093)، ومن طريقه ابن عساكر 33/ 112 من طريق بَهْز بن أسد، كلاهما (الطيالسي وبهز بن أسد) عن شعبة، عن معاوية بن قرة، مرسلًا لم يذكرا فيه أباه. =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5471 -
حدَّثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أحمد بن سَلَمة، حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جَرير، عن عبد الله بن يزيد الصُّهْباني، عن كُمَيل بن زياد، عن علي، قال: كنتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومعه أبو بكر ومَن شاء الله من أصحابه، فمررنا بعبد الله بن مسعود وهو يصلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مَن هذا"؟ فقيل: عبد الله بن مسعود فقال: "إنَّ عبد الله يقرأُ القرآنَ غَضًا كما أُنزِل". فأثنى عبدُ الله على ربِّه، وحَمِده، فأحسنَ في حَمْدِه على ربِّه، ثم سأله فأَجمَل المسألة، وسألَه كأحسنِ مَسألةٍ سألَها عبدٌ ربَّه، ثم قال: اللهم إني أسألُك إيمانًا لا يَرتدُّ، ونعيمًا لا يَنفَدُ، ومرافقة محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى عِلَيِّين في جنانك جنانِ الخُلْد. قال: وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "سَلْ تُغطّ، سَلْ تُعْطَ" مرتين، فانطلقتُ لأُبشِّره، فوجدتُ أبا بكر قد سبَقَني، وكان سباقًا بالخير
(1)
.
= ويشهد له حديث ابن مسعود نفسه عند أحمد 7/ (3991)، وابن حبان (7069) وغيرهما بسندٍ حسنٍ.
وحديث علي بن أبي طالب عند أحمد 2/ (920) بسندٍ حسنٍ كذلك.
(1)
حديث صحيح لكن عن عمر بن الخطاب، وهذا إسناد صحيح إن ثبت سماع عبد الله بن يزيد الصُّهباني من كُميل بن زياد، فإنَّ كميل بن زياد من كبار التابعين، ومات قبل عدد من الصحابة في الكوفة، وعبد الله بن يزيد الراوي عنه من أصحاب إبراهيم بن يزيد النخعي، وإبراهيم النخعي هو من يروي عن كبار التابعين، ففي القلب من سماع عبد الله بن يزيد الصُّهباني من كُميل شيءٌ، ولعله لأجل ذلك اقتصر البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 225 في ترجمة عبد الله بن يزيد الصُّهباني على ذكر إبراهيم النخعي ويزيد بن أحمر في شيوخه، ولم يذكر كُميل بنَ زياد، لأنه لو صحَّ سماع عبد الله من كُميل لكان صحَّ له سماع من الصحابة الذي ماتوا بعد كميل في الكوفة، ولا يصحُّ ذلك، والله أعلم.
ثم إنه اختُلف في تسمية الصحابي صاحب الخبر عن جرير - وهو ابن عبد الحميد - فذكر إسحاق بن إبراهيم - وهو ابن راهويه - عليَّ بنَ أبي طالب، وخالفه يوسفُ بنُ موسى القطان عند القاضي الحسين بن إسماعيل المحاملي في "أماليه" برواية ابن مهدي الفارسي - ومن طريقه أخرجه ابن عساكر 33/ 96، فذكر عمر بن الخطاب، وهذا هو المحفوظ أنَّ الخبر لعمر بن الخطاب، فقد =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5472 -
حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أبو جعفر محمد بن علي الوَرّاق حَمْدان، حدَّثنا يحيى بن يَعلَى المُحاربي، حدَّثنا زائدة، عن منصور، عن زيد بن وهب، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رَضِيتُ لأُمَّتِي مَا رَضِيَ لها ابن أمِّ عبدٍ"
(1)
.
هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله عِلَّةٌ من حديث سفيان الثوريِّ وإسرائيل بن يونس عن منصور.
أما حديث سفيانَ الثوريِّ:
= رُوي عن عمر من طريق آخر تقدَّم عند المصنف برقم (2929).
وروي نحوه عن عبد الله بن مسعُود نفسه عند أحمد 7/ (4340)، وابن حبان (7067)، بذكر عمر بن الخطاب وأبي بكر في الخبر بدل علي بن أبي طالب وأبي بكر، وإسناده حسنٌ.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم بأن ابن مسعود يقرأ القرآن غَضًّا كما أُنزل، شاهدٌ من حديث عمار بن ياسر تقدَّم عند المصنف برقم (2931)، وإسناده حسن.
(1)
إسناده صحيح، وما ذكره المصنف بإثره بعد تصحيحه لإسناده من أنَّ له علةً وهي أنَّ سفيان الثوري وإسرائيل بن يونس السَّبيعي قد روياه عن منصور - وهو ابن المعتمر - عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود مرسلًا، فليس بعلةٍ، فمنصور واسع الرواية، فلا يبعدُ أن يكون له في هذا الخبر شيخان، ويؤيده أنَّ زائدة بن قُدامة ثقة حافظ، وقد رواه عن منصور بن المعتمر على الوجهين كليهما، فدل على أنه حفظهما، وبذلك يَعضُد المرسل الموصول، ولا يُعِلُّه.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(96)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 120 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عساكر 33/ 120 من طريق إسحاق بن إبراهيم بن جبلة الترمذي، عن يحيى بن يعلى، به.
وستأتي تخريج رواية زائدة بن قُدامة عن منصور عن القاسم بن عبد الرحمن عند الطريق التالية.
وسيأتي في حديث عمرو بن حُريث عند المصنف برقم (5480) سببُ هذا الحديث.
5473 -
فأخبرناهُ محمد بن موسى بن عِمران الفقيه، حدَّثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدَّثنا أبو كُريب، حدَّثنا وَكيع، عن سفيان
(1)
.
وأما حديث إسرائيل:
5474 -
فأخبرناه أبو عبد الله الصَّفّار، حدَّثنا أحمد بن مِهْران، حدَّثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيلُ، جميعًا عن منصور، عن القاسم بن عبد الرحمن أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رَضِيتُ لأُمّتي ما رَضِيَ لها ابن أمِّ عبدٍ".
5475 -
أخبرنا عبد الرحمن بن الحَسن القاضي، حدَّثنا إبراهيم بن الحُسين، حدَّثنا المُعافَى بن سليمان الحَرّاني، حدَّثنا القاسم بن مَعن، عن منصور، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضَمْرة، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كنتُ مُستخلِفًا أحدًا من غير مَشُورة، لاستخلفتُ عليهم ابنَ أمِّ عَبْدٍ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه مُرسل، ولا يُعِلُّ هذا المُرسَلُ الرواية الموصولة التي قبله كما بينّاه هناك. أبو كُريب: هو محمد بن العلاء بن كُريب.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 114، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1536) عن وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(8458)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4483) من طريق معاوية بن عمرو الأزدي، عن زائدة بن قُدامة، عن منصور، به.
وسيأتي بعده من طريق إسرائيل بن يونس السبيعي عن منصُور.
وأخرجه ابن أبي عمر العَدَني في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4066)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 549 - 550، وابن عساكر 33/ 121 من طريق سفيان بن عُيينة، عن أبي العميس عُتبة بن عبد الله بن عتبة المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن مرسلًا كذلك.
وخالفهم عمرو بن أبي قيس الرازي عند البزار (1986)، والطبراني في "الأوسط"(6879)، فرواه عن منصور بن المعتمر، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، فوصله وانفرد بذلك، والذين أرسلُوه أوثق منه وأجلُّ، فالمرسل أثبت كما قال الدارقطني في "العلل"(820).
على أنه صحَّ موصولًا عن عبد الله بن مسعود من وجه آخر في الطريق السابقة.
(2)
ضعيف، وهذا الإسناد وإن كان رجاله لا بأس بهم، إلا أنَّ المحفوظ فيه هنا أنَّ راويه عن =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
5476 -
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد القرشي، بالكوفة، حدَّثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري، حدَّثنا مُصعب بن المِقدام، حدَّثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عَلقمة، عن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أحبَّ أن يقرأ القرآنَ غَضًّا كما أُنزِل، فلْيَقرأه على قراءةِ ابن أمِّ عبدٍ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
5477 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى العَدل، حدَّثنا إسماعيل بن قُتيبة، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: حدثني أبي، عن الأعمش، عن زيد بن وهب،
= عليّ هو الحارث بن عبد الله الأعور، كما قال ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 105، وقد انفرد القاسم بن مَعْنٍ بذكر عاصم بن ضَمْرة، وانفرد به عن القاسم المعافى بنُ سليمان الحرّاني، وخالف القاسم بن معنٍ فيه سفيان الثوريُّ وإسرائيلُ وزهيرُ بنُ معاوية، فرووه عن أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - عن الحارث الأعور عن عليٍّ. والحارث الأعور فالجمهور على تضعيفه، إذًا فليست العلةُ في ضعفُ الحديث ضعفُ عاصم بن ضمرة كما حكم به الذهبي في "تلخيصه"، إنما العلة أنَّ الحديث من رواية الحارث بن عبد الله الأعور عن عليٍّ.
وأخرجه النسائي (8210) عن عمرو بن يحيى بن الحارث، عن المعافى بن سليمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2 / (566) من طريق إسرائيل، وأحمد (846) و (852)، والترمذي (3808) من طريق زهير بن معاوية، وابن ماجه (137)، والترمذي (3809) من طريق سفيان الثوري، ثلاثتهم عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور، عن علي بن أبي طالب. وقال الترمذي: حديث غريب إنما نعرفه من حديث الحارث عن علي. بلفظ: "لو كنت مؤمِّرًا أحدًا
…
".
وذكر الدارقطني في "العلل"(432) أنه قيل: عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرِّب، عن عليّ. وأنه رواه مالك بن مِغول عن أبي إسحاق مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيضاف إلى ضعف الحارث الاضطراب في إسناده.
(1)
حديث صحيح، وقد تقدَّم برقم (2930) من طريق القاسم بن بشر عن مصعب بن المقدام.
وتقدَّم كذلك ضمن حديث مطوَّل برقم (2929) من طريق أبي معاوية عن الأعمش.
قال: كنتُ جالسًا عند عمر إذ جاء رجلٌ نَحيفٌ، فجعل يَنظُر إليه ويَتهلَّلُ وجهه، ثم قال: كُنَيفٌ مُلِئَ عِلْمًا، كُنَيفٌ مُلِىَ علمًا! يعني عبد الله بن مسعودٍ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5478 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي البَخْتَري، عن علي؛ قال: قيل له: أخبرنا عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قال: عن أيِّهم؟ قال: أخبرنا عن عبد الله بن مسعود، قال: عَلِمَ الكتاب والسُّنَّة، ثم انتهى وكفى به؛ وذكر باقي الحديث
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(100)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 145 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 2/ 297 و 3/ 144، ومن طريقه ابن عساكر 33/ 145 و 145 - 146 عن عبد الله بن نمير، به.
وأخرجه ابن سعد 2/ 297، وابن أبي شيبة 12/ 115، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 11/ 221، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 129، والجُوزقاني في "الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير"(205)، وابن عساكر 33/ 145 - 146 من طريق أبي معاوية الضرير، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1550)، وابن عساكر 145/ 33 من طريق وكيع بن الجراح، والطبراني في "الكبير"(8477)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(4493)، وابن عساكر 33/ 145 من طريق زائدة بن قدامة، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 542 - 543، ومن طريقه ابن عساكر 33/ 144 من طريق سفيان الثوري، أربعتهم عن الأعمش، به.
والكُنيف: تصغير تعظيم للكِتف، وهو وعاء الراعي، فشبّه عمرُ ابنَ مسعود بوعاء الراعي، لأنَّ فيه كل ما يُريد، فكذلك ابن مسعود جمع كل ما يحتاج الناس إليه من العلم.
(2)
رجاله لا بأس بهم، لكن أبا البَخْتَري - واسمه سعيد بن فيروز - لم يُدرك عليًا، لكن روي نحوه عن عليٍّ من وجوه منها ما تقدَّم برقم (5465). أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه ابن سعد 2/ 298، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 540، وأبو نُعيم في =
صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
5479 -
أخبرني أبو علي الحافظ، أخبرنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن بشّار، حدثنا مُؤمَّل بن إسماعيل، حدثنا سفيان، عن المِقدام بن شُريح، عن أبيه، عن سعد بن أبي وقّاص، في هذه الآية:{وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52]، قال: نزلت في خَمس من قُريش، أنا وابنُ مسعود فيهم، فقالت قُريش للنبي صلى الله عليه وسلم: لو طردت هؤلاء عنك جالسناك، تُذني هؤلاء دُونَنا؟ فنزلت:{وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} إلى قوله: {بِالشَّاكِرِينَ}
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!
5480 -
أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدل، حدثنا محمد بن عبد الوهاب العبدي، أخبرنا جعفر بن عون، أخبرنا المسعودي، عن جعفر بن عمرو
= "الحلية" 1/ 129، والبيهقي في "المُدخل في السنن الكبرى"(103)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 21/ 412 و 420 و 32/ 61 و 61 - 62 و 33/ 142 من طرق عن الأعمش، به. وفي بعض طرقه عن الأعمش أنَّ أبا البختري قال: أتينا عليًّا فسألناه، وظاهره يدل على إدراك أبي البختري لعلي بن أبي طالب، ولكن ذلك غير ثابت، ولو ثبت لما خفي على شعبة بن الحجاج وعلى من بعده كالبخاري وأبي حاتم الرازي، حيث جزموا بعدم إدراكه له.
وانظر ما سيأتي برقم (5731).
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل مؤمل بن إسماعيل، فقد توبع. سفيان هو ابن سعيد الثوري، وشُريح: هو ابن هانئ.
وأخرجه مسلم (2413)، والنسائي (8207) و (11098) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والنسائي (8163) من طريق يحيى بن سعيد القطان، كلاهما عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وأخرجه مسلم (2413)، والنسائي (8180) و (8209)، وابن حبان (6573) من طريق إسرائيل، وابن ماجه (4128) من طريق قيس بن الربيع، كلاهما عن المقدام بن شُريح، به. وسماهم قيس بن الربيع، فقال: فيَّ وفي ابن مسعود وصهيب وعمار والمقداد وبلال وأما إسرائيل فقال: كنت أنا وابن مسعود ورجل من هُذيل وبلال ورجلان لست أسميهما.
ابن حُرَيث، عن أبيه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود: "اقرأ" قال: أقرأُ وعليك أُنزِلَ؟! قال: "إني أُحِبُّ أن أسمعه من غيري" قال: فافتتح سورة النساء، حتى بلَغَ:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]، فاستَعْبَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وكَفَّ عبدُ الله.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَكلَّمْ" فَحَمِدَ الله في أول كلامِه، وأثنَى على الله، وصلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم، وشَهِد شهادةَ الحَقِّ، وقال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دِينًا، ورضيتُ لكم ما رضي الله ورسولُه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"رضِيتُ لكم ما رضي لكم ابن أمِّ عَبْدٍ"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5481 -
أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الله العُمَري، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أبو عَمّار، حدثنا الفضل بن موسى، عن الأعمش، قال: كان شَقيقٌ يَذكُر صحابة
(1)
إسناده صحيح، المسعُودي - وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عُتبة - وإن كان تغيّر حفظُه، فسماعُ جعفر بن عون منه قديمٌ.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(99)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 120 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرج مسلم (800)(248) من طريق معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه، عن ابن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "شهيدًا عليهم ما دمتُ فيهم، أو ما كنتُ فيهم".
ويشهدُ للشطر الأول منه ما أخرجه أحمد (6/ 3606) و 7 / (4118)، والبخاري (4583) و (5049) و (5055)، ومسلم (800)(247)، وأبو داود (3668)، والترمذي (3025)، والنسائي (8021) و (8024) و (8025)، و (11039)، وابن حبان (735) من طريق عبيدة السَّلْماني، عن ابن مسعود نفسه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث هنا: "رضيتُ لكم ما رضي لكم ابن أمّ عبدٍ" شاهدٌ من حديث ابن مسعود نفسه تقدَّم عند المصنف برقم (5456)، وإسناده صحيح كذلك.
وآخر من مرسل القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود تقدَّم برقم (5473) و (5474).
النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلم يذكر ابن مسعودٍ، فقلت له: لا أراك تذكرُ ابن مسعود؟! قال: ذاك رجلٌ لا أُفضِّلُ عليه أحدًا
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.
5482 -
حدثنا ميمون بن إسحاق الهاشمي مولاهم، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: كان عبدُ الله يُشبَّه بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم، في هَدْيِه ودَلِّه وسَمْتِه، قال إبراهيم: وكان علقمة يُشبَّه بعبدِ
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5483 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنْعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن إسحاق بن راشد، عن عمرو بن وابصةَ الأسدي، عن أبيه قال: إني بالكوفة في داري، إذ سمعتُ على باب الدار: السلام عليكم، أَلِجُ؟ فقلت: وعليك السلام، فلِج، فلما دخل فإذا هو عبدُ الله
(1)
إسناده صحيح. شقيق: هو ابن سَلَمة أبو وائل، والأعمش: هو سليمان بن مِهران، وأبو عمار: هو الحسين بن حُريث، ومحمد بن إسحاق: هو ابن خُزيمة.
(2)
خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن عبد الجبار - وهو ابن عمر العُطاردي - وقد توبع. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، وإبراهيم: هو ابن يزيد النَّخَعي. وعلقمة: هو ابن قيس النَّخَعي، وعبد الله: هو ابن مسعود.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 142 و 8/ 207، وابن أبي شيبة 12/ 117، وأحمد بن حنبل في "العلل" برواية ابنه عبد الله (3643)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 545، وابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(3918)، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 11/ 278، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(241) و (243)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" بإثر (1235)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/ 405، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 10/ 80 و 14/ 240، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 22/ 198 - 199 و 33/ 127 و 41/ 164 من طُرق عن أبي معاوية الضرير، بهذا الإسناد.
وقد تقدَّم من قول حذيفة بن اليمان برقم (5461) تشبيهُ عبد الله بن مسعود بالنبي صلى الله عليه وسلم فِي هَديه وسَمْته ودَلِّه.
ابن مسعود، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، أيةُ ساعة زيارةٍ هذه، وذلك في نَحْر الظَّهِيرة، قال: طالَ عليَّ النهارُ، فتذكرتُ من أتحدَّثُ إليه، قال: فجعل يُحدِّثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدِّثُه، ثم أنشأ يحدِّثني فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تكونُ فتنةٌ، النائمُ فيها خيرٌ من المُضطَجِع، والمُضطَجِعُ فيها خيرٌ من القاعد، والقاعِدَ فيها خيرٌ من القائم، والقائمُ فيها خيرٌ من الماشي، والماشي خيرٌ من الراكب، والراكبُ خيرٌ من المُجْرِي، قَتلاها كلُّها في النار" قلتُ: يا رسول الله، ومتى ذلك؟ قال:"ذلك أيامَ الهَرْج" قلت: ومتى أيامُ الهَرْج؟ قال: "حين لا يَأْمَنُ الرجلُ جَلِيسَه" قلت فيمَ تأمُرُني إن أدركتُ ذلك الزمان؟ قال: "اكفُفْ نفْسَك ويدَك، وادخُلْ دارَك" قلت: يا رسول الله، أرأيت إن دُخِلَ عليَّ داري؟ قال:"فادخُل بيتك" قلت: أرأيتَ إِن دُخِلَ عليَّ بيتي؟ قال: "فادخُل مسجدَك، فاصنع هكذا وقبض بيمينه على الكُوع - وقل: ربي الله، حتى تموتَ على ذلك"
(1)
.
(1)
إسناده حسنٌ من أجل عمرو بن وابصة - وهو ابن مَعْبَد - فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان، وقد جاء في طريق لا يُعتمد عليها زيادة راوٍ اسمه سالم - هكذا مهملًا - بين إسحاق بن راشد وعمرو بن وابصة.
وهو في "جامع معمر بن راشد"(20727). وسيتكرر برقم (8519).
وأخرجه أحمد 7/ (4286) عن عبد الرزاق، عن معمر عن رجلٍ، عن عمرو بن وابصة، به.
كذا أبهم ذكر الراوي عن عمرو بن وابصة، وجزم الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة"(1582) أنه إسحاق بن راشد الجزري.
ويؤيده ما أخرجه أحمد (4287) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن إسحاق بن راشد، عن عمرو بن وابصة عن أبيه.
وما وقع في "مسند ابن المبارك" المطبوع (262)، وهو من رواية الحسن بن سفيان عن حبّان بن موسى بن المبارك عن معمر، عن سالم، عن إسحاق بن راشد، عن عمرو بن وابصة، عن أبيه، فغيرُ سديدٍ، والظاهر أنه من إلحاق بعض النُّساخ أو من تولَّى مقابلة الكتاب قديمًا، فقد روى هذا الخبر عبدُ الغني المقدسي في "تحريم القتل وتعظيمه"(81) من طريق الحسن بن سفيان، عن حبّان بن موسى، عن ابن المبارك - وهي نفسُها رواية "مسند ابن المبارك" - عن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= معمر، عن إسحاق بن راشد به، فلم يذكر في الإسناد سالمًا بين معمر وإسحاق، وقد رواه عن ابن المبارك غير واحدٍ من الأئمة لم يذكر أحدٌ منهم واسطةً بين معمر وإسحاق بن راشد، فوافق ابن المبارك بذلك عبد الرزاق في روايته عن معمر، وأشار الدارقطني في "علله"(882) إلى توافقهما في رواية هذا الخبر عن معمر.
وقد تابع معمرًا على روايته عن إسحاق بن راشد: سليمانُ بنُ صُهيب العطار الرقي عند أبي علي محمد بن سعيد القُشيري في "تاريخ الرّقة"(286)، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 336، فرواه عن إسحاق بن راشد، عن عمرو بن وابصة، عن أبيه، وسليمان بن صهيب فيه جهالة.
وخالفهما القاسم بن غزوان عند أبي داود (4258) فرواه عن إسحاق بن راشد، عن سالم، عن عمرو بن وابصة، عن أبيه، فزاد في إسناده سالمًا بين إسحاق وعمرو بن وابصة، ولكن القاسم بن غزوان هذا من بابة سليمان بن صهيب، فيه جهالةٌ أيضًا، فصَفِي لنا طريق معمر بن راشد الثقة الحافظ.
وقد روى هذا الخبر عن عمرو بن وابصة رجلان آخران الأول هو جعفر بن بُرقان عند الطبراني في "الكبير"(4164)، ومحمد بن سعيد القُشيري في "تاريخ الرقة"(22)، والثاني هو عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عند القشيري في "تاريخ الرقة"(23)، وكلا الطريقين فيهما مقالٌ، غير أنهما يصلحان في المتابعات والشواهد.
وانظر تمام تخريجه في "المسند" و"سنن أبي داود".
ويشهد للمرفوع في أوله حديثُ أبي هريرة عند أحمد 13/ (7796)، والبخاري (3601)، ومسلم (2886)، بلفظ:"ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي"، وفي رواية لمسلم:"النائم فيها خيرٌ من اليقظان، واليقظان فيها خير من القائم، والقائم فيها خيرٌ من الساعي".
وحديث أبي بكرة عند أحمد 34/ (20412)، ومسلم (2887)، ولفظه عند أحمد:"إنها ستكون فتنة، المضطجع فيها خير من الجالس، والجالس فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي خير من الساعي". وسيأتي عند المصنف برقم (8565).
وحديث أبي موسى الأشعري عند أحمد 32/ (19662)، وغيره، كلفظ حديث أبي هريرة، وسيأتي عند المصنف برقم (8564).
وحديث سعد بن أبي وقاص عند أحمد 3/ (1446)، والترمذي (2194)، بمثل حديث أبي هريرة، وسيأتي عند المصنف برقم (8566) بمثل لفظ وابصة بن معبد.
ذكرُ مناقب العباس بن عبد المطلب بن هاشم عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله أجمعين
5484 -
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبَري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا يوسف بن عَدِيّ، حدثنا جَرِير، عن مُغيرة، عن أبي رَزِينٍ، قال: قيل للعباس بن عبد المُطلب: أيُّما أكبرُ، أنتَ أم النبيُّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: هو أكبرُ مني، وأنا وُلِدتُ قبله
(1)
.
5485 -
فأخبرني عبد الله محمد بن إسحاق الخُزاعي بمكة، حدثنا جَدّي، حدثنا الزُّبير بن بَكّار، قال: كان العباس أسنَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين: إلى أُتِيَ، إلى أمي، فقيل لها: وَلَدَت آمنهُ غلامًا، فخرجَتْ بي حين أصبَحَتْ آخِذةً بيدي حتى دَخَلْنا عليها، فكأني أنظُرُ إليه يَمصَعُ رِجلَيه في عَرْصَتِه، وجعل النساءُ تجذبُني
(2)
ويَقُلنَ: قَبِّل أخاكَ.
قال: ومات العباسُ سنة أربع وثلاثين وهو ابن ثمان وثمانين سنة
(3)
.
(1)
إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، ومغيرة: هو ابن مِقْسَم، وأبو رزين: هو مسعود بن مالك الأسدي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 61، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 510، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 504، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 4/ 7، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(350)، وعبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة"(1831)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1837)، وأبو بكر الدِّينوري في "المجالسة"(3391)، وابن عساكر 26/ 280 و 281 و 282 من طرق عن جرير بن عبد الحميد، به.
(2)
أُهملت هذه الكلمة في (ص) و (م) وتصحفت في (ز) و (ب) إلى: تحدثني، وفي المطبوع إلى: يحدثني، والمثبت هو الموافق لما في المصادر التي أوردت الخبر، حيث جاء فيها: يَجبِذنني. والجبذ والجذب لغتان.
(3)
وهو عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 282 - 283 من طريق أحمد بن سليمان الطُّوسي، عن الزُّبير بن بكار. لكن لم يذكر سنة وفاة العباس ولا سنَّه يوم توفي.
ووافق الزبير بن بكار على ذكر وفاة العباس سنة أربع وثلاثين ابن إسحاق كما رواه عنه أبو نعيم في =
5486 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا محمد بن عبد الله بن رُسته، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا محمد بن عُمر، عن شيوخه: أنَّ العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمه نُتَيلة بنت خَبّاب
(1)
بن كُليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مَنَاةَ بن عامر الخَزرجية، وكان العباس يُكنى أبا الفضل، وكان الفضلُ أكبر ولده، وكان أكبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين، وشهد العباسُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحُنينًا والطائفَ وتَبُوك، ومَكَثَ معه يوم حُنين في أهل بيته حين انكشف الناس عنه
(2)
.
5487 -
قال ابن عُمر: حدثنا خالد بن القاسم البَيَاضي، أخبرني شُعبة مولى ابن
= "معرفة الصحابة"(5326)، وأبو الحسن المدائني كما رواه عنه ابن أبي خيثمة في السِّفر الثاني من "تاريخه"(2726)، ومن طريقه ابن عساكر 26/ 380. ووافقه كذلك خليفة بن خياط في طبقاته ص 4.
وخالفهم جمهور العلماء كما في "تاريخ دمشق" 26/ 282 و 379 - 380.
يَمصَعُ، أي: يُحرِّك. والعَرْصة - بالصاد المهملة أو بالضاد المعجمة - الثوب أو الجلد الذي يكون فيه الصبي إذا أُرضع ويربَّى فيه. انظر "شرح غريب السير" للخشني ص 220.
(1)
كذلك أُعجم هذا الاسم في (ز) و (ب): خباب، بالخاء المعجمة بعدها باء ثاني الحروف، وأُهمل في (ص) و (م)، وما ضُبط به الاسم في (ز) يوافق ما في بعض مصادر الترجمة، لكن الذي عليه أكثر عُلماء النَّسَب والتراجم ضبطُ هذا الاسم بالجيم ثم النون: جناب، كما في "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 1/ 266، و"الإكمال لابن ماكولا 2/ 137، و"تبصير المنتبه" للحافظ ابن حجر 2/ 524، وضبطه الحافظ في "فتح الباري" 12/ 93، بالحروف، ونَبَّه أبو أحمد العسكري في "تصحيفات المحدثين" 2/ 435 إلى أن ما عداه تصحيف.
(2)
وانظر "الطبقات" لابن سعد 4/ 5 و 15، وفيه تمام نسب أم العباس، فقال: بن زيد مناة بن عامر - وهو الضحيان - بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط بن هِنب بن أَفْصَى بن دُعمي بن جَدِيلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن مَعَدّ بن عدنان. وبه يظهر أن نسبة الخررجية هنا نسبة للخزرج بن تيم الله من النمر بن قاسط، وليس للخزرج الأنصاريين الذين هم بطن من الأزد.
عباس، قال: كان العباسُ مُعتدِلَ القَنَاة، وكان يُخبِرُنا عن عبد المُطَّلب أنه مات وهو أعدَلُ قناةً منه، وتوفي العباسُ يوم الجمعة لأربع عشرة خَلَت من رجب سنة اثنين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان، وهو ابن ثَمانٍ وثمانين سنةً، ودفن بالبَقِيع في مقبرة بني هاشم
(1)
.
5488 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: أم العباس بن عبد المطلب نُتَيلة بنت جَنَاب
(2)
بن كُلَيب بن مالك بن عمرو بن عامر بن النَّمِر بن قاسطٍ، ولد العباس قبل الفِيل بثلاث سنين.
5489 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ، حدثنا عبد الله أحمد بن حنبل، حدثنا أحمد بن إبراهيم الدَّورقي، حدثني أبو نُعيم الفَضل بن دُكين، حدثنا زُهير، عن ليث، عن مُجاهد، عن علي بن عبد الله بن عباس، قال: أعتَقَ العباسُ عند موتِه سبعين مملوكًا
(3)
.
(1)
وهو كذلك في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 4/ 27 لكنه وصله بذكر ابن عباس أنه هو الذي حدَّث شعبة مولاهُ بالخبر.
(2)
أُهمل إعجام هذا الاسم في (ز) و (ص) و (م)،، وتصحف في (ب) إلى: حباب، بمهملة ثم موحدة. وانظر التعليق عليه عند الحديث المتقدم برقم (5486).
(3)
إسناده ضعيف لضعف ليث - وهو ابن أبي سُليم - فقد ساء حفظُه، وعلي بن عبد الله بن عباس لم يُدرك جده العباس، فالخبر مرسلٌ كذلك.
وهو عند عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة"(1825)، وزاد فردّ منهم اثنين، فكنا نرى إنما ردَّهم أنهم كانوا أولاد الزنى.
وأخرجه ابن سعد 4/ 27، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 376 عن أبي نُعيم الفضل بن دُكين بهذا الإسناد دون الزيادة المشار إليها.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(353) من طريق سعيد بن مسلمة، عن ليث، عن مجاهد. فجعله من قول مجاهد لم يجاوزه!
ذكرُ إسلام العبّاس رضي الله عنه، واختلاف الروايات في وقتِ إسلامه
5490 -
حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيِه من أصل كتابه، حدثنا أبو عمران موسى بن هارون الحافظ، حدثنا إسحاق بن راهَوَيهِ.
وحدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو سعيد محمد بن شاذانَ وإبراهيم بن أبي طالب ومحمد بن نُعَيم، قالوا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا وهب بن جرير، قال: حدثني أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق يقول: حدثني حُسين بن عبد الله، عن عِكرمة عن ابن عباس، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: كنتُ غلامًا للعباس بن عبد المُطلب، وكنتُ قد أسلمتُ وأسلمت أمُّ الفضل وأسلمَ العبّاس، وكان يَكتُم إسلامه مَخافة قومِه، وكان أبو لَهَبٍ قد تَخلَّف عن بدرٍ، وبعثَ مكانه العاص بن هشام، وكان له عليه دين، فقال له: اكفِني هذا الغزو وأتركُ لك ما عليك، ففعل، فلما جاء الخبرُ وكَبَتَ اللهُ أبا لَهَب، وكنتُ رجلًا ضعيفًا أَنحِتُ هذه الأقداح في حُجْرةٍ، فوالله إني جالسٌ في الحُجْرة أنحِتُ أقداحي وعندي أمُّ الفضل إذ الفاسقُ أبو لَهَب يجُرُّ رجليه - أراه قال عند طُنُب الحُجْرة، وكان ظَهْرُه إلى ظهري، فقال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث، فقال أبو لهب: هلُمَّ إلي يا ابن أخي، فجاء أبو سفيان حتى جلس عندَه، فجاء الناسُ فقامُوا عليهما، فقال: يا ابن أخي، كيف كان أمرُ الناس؟ فقال: لا شيء، والله ما هو إلّا أن لَقِينَاهُم، فَمَنَحْنَاهُم أكتافنا يقتُلوننا كيف شاؤوا ويأسِروننا كيف شاؤوا، وايمُ اللهِ ما لُمتُ الناسَ، قال: ولِمَ، قال: رأيتُ رجالًا بيضًا على خَيلِ بُلْقٍ، لا والله ما تُلِيقُ شيئًا، ولا يقومُ لها شيءٌ، قال: فرفعتُ طَرَفَ
(1)
الحُجَرة، فقلتُ: تلك والله الملائكةُ، فرفع أبو لَهَبٍ يده فلَطَمَ وجهي، وثاوَرْتُه فاحْتَمَلَني فضرب بي الأرض حتى بَرَك عَلَيَّ
(2)
، فقامت
(1)
هكذا في (ز) و (ب)، وفي المطبوع: طُنب، وهما بمعنًى، وسقطت اللفظة في (ص) و (م).
(2)
في (ز) و (ص) و (ب) نزل إليَّ، والمثبت من (م) وهو الجادة. وفي المطبوع: برك على صدري.
أم الفضل فاحتَجَرَت
(1)
وأخذَتْ عمودًا من عَمَدِ الحُجْرة، فضربته به، فعَلِقَت
(2)
في رأسه شَجّةٌ مُنكَرةٌ، وقالت يا عدوّ الله، استضعفته أَن رأيت سيِّدَه غائبًا عنه، فقام ذليلًا، فوالله ما عاش إلَّا سبع ليالٍ، حتى ضربه الله بالعدسة فقَتَلَتْه، فلقد تركه ابناه لَيلتَين أو ثلاثةً ما يدفنانه حتى أنْتَنَ، فقال رجلٌ من قريش لابنيه: ألا تستحِيَان، إنَّ أباكُما قد أنْتَنَ في بيته، فقالا: إنا نخشى هذه القُرْحة، وكانت قريشٌ تتقي العدسة كما تتقي الطاعونَ، فقال رجلٌ: انطلقا فأنا معكما، قال: فوالله ما غَسلوه إلَّا قذفًا بالماء عليه من بعيد، ثم احتمَلوه فقَذَفُوه في أعلى مكةَ إلى جدارٍ، وقَذَفُوا عليه الحجارة"
(3)
.
(1)
بالراء المهملة، ومعناها: شدَّت ثيابها على نفسها، كما تدل عليه رواية ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3195)، حيث قال: فقامت أم الفضل فاحتجرَت مِلْحفتها.
وأصل الاحتجار: الإحاطة على الشيء، وكذلك الاحتجاز بالزاي، فكلاهما بمعنًى، والله أعلم.
(2)
هكذا جاء في نسخنا الخطية، وفي "سيرة ابن هشام" 1/ 647: فَلَعَتْ، وفي بعض المصادر التي أوردت الخبر: فَلَقَتْ، وهما بمعنى: شَقَّت، ومعنى عَلِقَتْ: ثبتت حتى أثَّرَت فيه، من العَلَق: وهو خَرْقُ من شيء عَلِقَ به كأن يمرَّ بشجرة أو شوكة فتعلق بثوبه فتخرقه. فالمعنى قريب من فلقت وفلعت.
(3)
إسناده ضعيف لضعف حسين بن عبد الله - وهو ابن عُبيد الله بن عباس الهاشمي - وقد انفرد جرير - وهو ابن حازم - ويونس بن بُكير كما سيأتي برقم (5493) بذكر ابن عباس في إسناده، وخالفهما سائر أصحاب محمد بن إسحاق فلم يذكروا ابنَ عباس، كما سيأتي عند المصنف برقم (5494) من طريق زياد بن عبد الله البكائي عن ابن إسحاق وقال الدارقطني في "علله" (1171): وهو المحفوظ.
قلنا: وعكرمة لم يُدرك أبا رافع، فالخبر منقطع أيضًا. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(912) عن موسى بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(346) و (3195)، ومن طريقه أبو القاسم الأصبهاني في "سير السلف الصالحين" ص 585 عن أحمد بن عبدة، عن وهب بن جرير، به.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا ابن سعد 4/ 9 و 67 - 68، وابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه الكبير"(546)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(406)، وفي "معرفة الصحابة"(6780) من طريق =
5491 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، قال: حدثني أبي، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عُروة بن الزُّبير، قال: كان العباس بن عبد المطلب قد أسلَم وأقام على سِقايتِه، ولم يُهاجر
(1)
.
5492 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أُبو أسامة عبد الله بن أسامة الحَلَبي (ح)
= إبراهيم بن سعد، وابن سعد 4/ 9 و 67 - 68، ومن طريقه ابن الجوزي في "المنتظم" 5/ 37 من طريق هارون بن أبي عيسى الشامي، وأحمد في "مسنده" 39/ (23864) عن يزيد بن هارون، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 511، وأبو نعيم في "الطب النبوي"(492)، وفي "دلائل النبوة"(406) من طريق محمد بن سَلَمة الحَرّاني، ويعقوب بن سفيان 1/ 512، وابن أبي خيثمة في السِّفر الثاني من "تاريخه"(172) و (545) من طريق عبد الله بن إدريس، وأبو نعيم في "الطب النبوي" بإثر (492) من طريق سعيد بن بزيع الحَرّاني. والطبري في "تاريخه" 2/ 614 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، سبعتهم عن محمد بن إسحاق، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، قال أبو رافع
…
الخبر، ليس عند أحدٍ منهم ذكرٌ لابن عباس.
ومثلُه ما سيأتي برقم (5494) من طريق زياد بن عبد الله البكائي عن ابن إسحاق.
وكذلك أخرجه البزار (3866) من طريق يونس بن القاسم اليمامي، عن الحسين بن عبد الله، عن عكرمة، قال: قال أبو رافع، فذكره.
قوله: تُلِيق: أي: تُبقي.
الطُّنُب: حبل الخِباء والسُّرادق ونحوهما.
وقوله: منحناهم أكتافنا، أي: جعلْنا نَفِرُّ أمام المسلمين، فهو كناية عن الهزيمة والفرار.
والبُلْق: جمع أبْلَق، وهو ما كان في لونه سواد وبياض.
والعمد: بفتح العين والميم، وبضمتين: جمع عَمُود.
والعَدَسة: بَثْرة كانت تخرج على الناس في الجاهلية تُعدِي شبيهة الطاعون، وقلَّما يُسلم منها.
(1)
رجاله لا بأس بهم كما تقدَّم بيانه برقم (4378)، لكنه مرسل. أبو عُلَاثة: هو محمد بن عمرو بن خالد الحَرَّاني، وابن لهيعة هو عبد الله، وأبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن المعروف بيتيم عروة.
وأخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" 9/ 15 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.
وأخبرناه أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك ببغداد، حدثنا عيسى بن عبد الله الطيالسي (ح)
وحدثني أبو بكر بن أبي دارِم الحافظ بالكوفة، حدثنا موسى بن هارون؛ قالوا: حدثنا محمد بن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، حدثنا معاوية بن عمّار الدُّهني، عن أبيه، عن أبي الزُّبير عن جابر، قال: حَمَلني خالي جَدُّ بن قيس وما أقدِرُ أن أرمي بحَجَر في السبعين راكبًا من الأنصار الذين وَفَدُوا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فخَرَج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمُّه العباسُ، فقال:"يا عمِّ، خُذْ لي على أخوالك" فقالوا: يا محمد، سَلْ لِربِّك ولنفسك ما شئتَ، فقال:"أما الذي أسألُكم لنفسي فتَمْنَعُوني مما تمنعُون منه أموالكُم وأنفسكُم" قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: "الجنة"
(1)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قويٌّ كما قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 1/ 468، وذلك من أجل معاوية بن عمار الدهني، فهو صدوق لا بأس به.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1757)، وفي "الأوسط"(7968)، وفي "الصغير"(1076)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1719)، وأبو عثمان سعيد بن محمد البّحيري في الرابع من "فوائده"(70)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 11/ 219 من طرق عن محمد بن عمران، بهذا الإسناد.
وأخرج البخاري (3890) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر، قال: شهد بي خالاي العقبة. قال ابن عيينة: أحدُهما البراء بن معرور.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 11/ 422: وقع في رواية الإسماعيلي (يعني في "مستخرجه" على البخاري): قال سفيان: خالاه البراء بن معرور وأخوه. ولم يُسمِّه. ثم قال الحافظ: عنى به الجدّ بن قيس، وأطلق عليه أخًا وهو ابن عم لأنهما في منزلة واحدة في النسب، لكن لم يذكر أحد من أهل السير الجدَّ بن قيس في أصحاب العقبة، فكأنَّه لم يكن أسلم، فعلى هذا فالخال الآخر لجابر إما ثعلبة وإما عمرو.
وأخرج الطبراني في "الكبير"(1714)، ومن طريقه ابن عساكر 11/ 219 من طريق جابر الجُعفي، عن الشعبي، عن جابر قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، وأخرجني خالي وأنا لا أستطيع أن أرمي بحجر. =
هذه الروايات كلُّها بلفظٍ واحدٍ، وفي حديث موسى بن هارون: حدثنا محمد بن عمران، ولم نسمعه إِلَّا منه.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وليس للعباسيّة رضي الله عنهم في تَقدُّم إسلام العباس أصحُّ من هذا الحديث
(1)
.
5493 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو عُمر أحمد بن الجبار بن عُمر العُطارِدِيّ، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، حدثني الحُسين ابن عُبد الله بن عُبيد الله بن عباس، عن عِكرمة، عن ابن عباس، حدثني أبو رافع كنا آل العباس قد دخَلْنا الإسلام، وكنا نَستَخْفي إسلامنا، وكنت غلامًا للعباس أنحِتُ الأقداحَ، فلما سارتْ قُريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدرٍ جَعَلْنا نتوقَّع الأخبار، فقدِم علينا الحَيْسُمان
(2)
الخُزاعيُّ بالخبر، فوَجَدْنا في أنفُسِنا قوةً، وسَرَّنا ما جاءنا من الخَبَر من ظُهُور رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله إني لَجالسٌ في صُفَة زَمْزَمَ أَنحِتُ الأقداحَ، وعندي أمُّ الفَضْل جالسةٌ، وقد سَرَّنا ما جاءنا من الخبر من ظُهُور رسولِ الله، وبَلَغَنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أقبلَ الخَبيثُ أبو لَهَب يجُرُّ رجليه قد أكْبَتَه الله وأخزاهُ لما جاءه من الخبر، حتى جلس على طُنُب الحُجرة، وقال الناسُ: هذا أبو سفيان بن الحارث قد قَدِمَ واجتمع عليه الناسُ، فقال له أبو لَهَب: هلُمَّ إليَّ يا ابن أخي، فجاء حتى جلس بين يديه،
= وقد تقدَّم ذكر قصة هذه البيعة، وهي بيعة العقبة الثانية بأطول ممّا هنا برقم (4297) من طريق عبد الله بن عثمان بن خُثيم عن أبي الزبير عن جابر.
(1)
ليس في هذا الخبر أنَّ العباس كان يومئذٍ مسلمًا، بل جاء في خبر ابن إسحاق في ذكر بيعة العقبة الثانية من حديث كعب بن مالك - وهو عند أحمد 25/ (15798) وغيره أنَّ العباس كان يومئذٍ على دين قومه.
(2)
تحرّف في (ز) و (ب) إلى: الضمان، وجاء مكانها في (ص) و (م) بياض، والصواب ما أثبتناه كما في رواية البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 145 عن أبي عبد الله الحاكم، بسنده هذا. وكذلك جاء في "معرفة الصحابة" لابن مَنْدَه 2/ 855 عن أحمد بن محمد بن زياد ومحمد بن يعقوب عن أحمد بن عبد الجبار العُطاردي.
فقال: أخبرني عن الناس، قال: نعم، والله ما هو إلّا إن لَقِينا القومَ فَمَنَحْناهم أكتافنا يَضعُون السلاح منا حيث شاؤوا، والله مع ذلك ما لُمتُ الناسَ لقينا رجالًا بيضًا على خَيل بُلْقٍ، والله ما تُبقى شيئًا، قال فرفعتُ طُنُبَ الحُجْرة، فقلت: تلك والله الملائكةُ، قال: فرفع أبو لَهَبٍ يده فضرب وجهي ضربةً مُنكَرةٌ، وثاوَرْته، وكنتُ رجلًا ضعيفًا، فاحتمَلَني فضرب بي الأرضَ، وبَرَك على صدري وضَرَبني، وتقومُ أمُّ الفضل إلى عَمُودٍ من عَمَد الحُجرة
(1)
، فأخذته وهي تقولُ: استضعَفْتَه أن غابَ عنه سيِّدهُ؟! وتضرِبُه بالعمود على رأسه فتَفْلِقُه
(2)
شَجّةً مُنكرةٌ، وقام يَجُرٌ رِجليه ذليلًا، ورماه الله بالعَدَسة، فوالله ما مَكَث إلَّا سبعًا حتى مات، فلقد تركه ابناهُ في بيته ثلاثًا ما يَدفِنانه حتى أَنْتَنَ، وكانت قريشٌ تتقي هذه العدسة كما تتّقي الطاعون، حتى قال لهما رجلٌ من قريش: وَيحَكُما ألا تستحيانِ، إِنَّ أباكُما قد أَنْتَن في بيته لا تَدفِنانه، فقالا: إننا نخشى عدوى هذه القُرْحة، فقال: انطلقا فأنا أُعينُكُما عليه، فوالله ما غَسْلُوه إلَّا قَذفًا بالماء عليه من بعيد ما يَدْنُون منه، ثم احْتَمَلُوه إلى أعلى مكة، فأسنَدُوه إلى جدارٍ، ثم رَصَفُوا عليه الحجارة
(3)
.
(1)
في (ز) و (ب) الخيمة، والمثبت من (ص) و (م) هو الموافق لرواية البيهقي في "الدلائل" عن الحاكم، وهو كذلك في سائر الروايات عن ابن إسحاق، كما في الرواية المتقدمة برقم (5490).
(2)
في (ز) و (ب) وتدخله، وفي (ص) و (م) فتدخله، والمثبت من "دلائل النبوة".
(3)
إسناده ضعيف كما تقدَّم بيانه برقم (5490) حيث تقدم الخبر هناك من طريق جرير بن حازم عن محمد بن إسحاق.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 145 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن مَنْدَه في "معرفة الصحابة" 2/ 855 عن محمد بن يعقوب، به.
وأخرجه ابن منده أيضًا، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 253 عن أحمد بن محمد بن زياد، عن أحمد بن عبد الجبار، به.
وقوله: رَصَفُوا عليه الحجارة، أي: جعلُوا عليه الحجارة بعضها فوق بعضٍ.
5494 -
وأخبرني أبو أحمد التَّمِيمي، حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحُسين، حدثنا عمرو بن زُرارة، قال: أخبرنا زياد بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق، حدثني حُسين بن عبد الله، عن عِكرمة، قال: قال أبو رافع: كنت غلامًا للعباس بن عبد المُطّلب، وكان الإسلامُ دَخَلَنا أهل البيت، فأسلم العباسُ، وأسلمت أمُّ الفَضل، وأسلمتُ، وكان العباسُ يَهابُ قومَه ويَكْرَه خِلافَهم، وكان يَكتُم إسلامه
(1)
.
ولم يَزِدْ أبو أحمد في هذا الإسناد على هذا المتن، وأتى به مُرسَلًا، هذا الذي انتهى إلينا من الأخبار التي تدل على تقدُّم إسلامِ العباس بن عبد المُطّلب قبل بَدْرٍ، فاسمع الآنَ الأخبار التي تُضَادُّها:
5495 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا الحُسين بن محمد بن زياد القَبّاني والحسن بن علي بن زياد السُّرِّي وصالح بن محمد الرازي، قالوا: حدثنا إبراهيم بن المُنذِر الحِزامي، حدثنا محمد بن فُلَيح، عن موسى بن عُقبة، قال: وقال ابن شِهابٍ: حدَّثه أنس بن مالك: أنَّ رجالًا من الأنصار استأذَنُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ائذَن لنا فنَترُكَ لابنِ أُختِنا العباس فِداءه، فقال:"واللهِ لا تَذَرُون درهما"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 1/ 646 عن زياد بن عبد الله - وهو البكائي - بهذا الإسناد.
بأطول ممّا هنا بنحو الرواية المتقدمة قبله.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل محمد بن فُليح - وهو ابن سليمان - فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم بن عُبيد الله الزهري.
وأخرجه البخاري (4017) عن إبراهيم بن المنذر، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وأخرجه البخاري (2537) و (3048)، وابن حبان (4794) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُقبة، عن عمه موسى بن عُقبة به.
وقولهم: لابن أختنا، لأنَّ جدة العباس كانت امرأة من بني النجار، تزوَّجها هاشم بن عبد مناف، فولدت له عبد المطلب، قاله الخطابي في "أعلام الحديث" 2/ 1269.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!
5496 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجَبّار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، حدثني يحيى بن عَبّاد بن عبد الله بن الزُّبَير، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لما بَعَث أهلُ مكةَ في فِداء أسْراهم بَعَثَتُ زينبُ بنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في فِداء أبي العاص، وبعثت فيه بقِلادةٍ كانت خديجةُ أدخلَتْها بها على أبي العاص حين بَنَى عليها، فلما رآها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رَقَّ لها رِقّةً شديدةً، وقال:"إن رأيتُم أن تُطلِقُوا لها أَسِيرَها، وتَرُدُّوا عليها الذي لها فافْعَلُوا" قالوا: نعم يا رسول الله، ورَدُّوا عليها
(1)
الذي لها.
قال: وقال العباسُ: يا رسول الله، إني كنت مُسلمًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الله أعلمُ بإسلامك، فإن يَكُنْ كما تقولُ فاللهُ يَجزِيكَ، فافْدِ نَفْسَك وابنَي أخَوَيك نوفلَ بنَ الحارث بن عبد المُطّلب وعَقِيلَ بنَ أبي طالب بن عبد المُطّلب وحَلِيفَك عُتبةَ بنَ عمرو بن جَحْدَم - أخو بني الحارث بن فِهْر - " فقال: ما ذاك عندي يا رسول الله، قال:"فأينَ المالُ الذي دفَنْتَ أنتَ وأمُّ الفضل فقلتَ لها: إن أُصِبتُ فهذا المالُ لِبَنيَّ: الفضلِ وعبدِ الله وقُثَمَ؟ " فقال: والله يا رسولَ الله إني أَشهَدُ أنك رسولُه، إنَّ هذا لَشَيءٌ ما عَلِمَه أحدٌ غَيري وغيرُ أمِّ الفضل، فاحسِبْ لي يا رسولَ الله ما أصبْتُم مني عِشْرِينَ أُوقيَّةً من مالٍ كان معي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَفْعَلُ" ففَدَى العباسُ نفسَه وابنَي أخَوَيه وحَلِيفَه، وأنزلَ اللهُ عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى
(2)
إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال: 70] فأعطاني مكانَ العِشرين الأُوقيّةِ في الإسلام عشرينَ عَبْدًا،
(1)
في (ز) و (ب): عليه، والمثبت من (ص) و (م) هو الجادة.
(2)
كذلك قرأها أبو عمرو بن العلاء وأبو جعفر يزيد بن القعقاع بضم الهمزة وفتح السين بعدها ألف، وقرأها الباقون بفتح الهمزة وإسكان السين من غير ألف بعدها. انظر "النشر" لابن الجَزَري 2/ 277.
كلُّهم في يدِه مالٌ يَضرِبُ به، مع ما أرجُو من مغفرةِ الله عز وجل
(1)
.
(1)
إسناده حسن بذكر قصة زينب وأبي العاص من أجل ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار المُطَّلبي مولاهم - وقد صرح بسماعه فانتفت شبهة تدليسه، وأما قصة العباس بن عبد المُطَّلب فوهم المصنِّف رحمه الله في كتابه هذا إذ أدرجها بعد قصة زينب وأبي العباس بإسناد ابن إسحاق إلى عائشة، كما نبَّه عليه البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 322.
وقد تقدَّمت قصة زينب وأبي العاص عند المصنف مفردةً عن قصة العباس برقم (4352) و (5109) وستأتي كذلك مفردة برقم (7012) بإسناد المصنف الذي هنا إلى عائشة.
وأما قصة العباس لما أسر يوم بدر، فرواها ابن إسحاق بأسانيد عدة متصلة أحدها حسنٌ، وسائرها فيها مقالٌ، غير أنها وإن كانت كذلك يحصل بمجموعها للخبر قوةٌ، فيرتقي إلى درجة الصحيح إن شاء الله، على أنَّ بعض حروف قصة العباس المذكورة هنا مرويٌّ بإسناد صحيح كما سيأتي بيانه.
وأخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 322 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 322، وفي "دلائل النبوة" 3/ 142 - 143 عن أبي عبد الله الحاكم في روايته لكتاب "مغازي ابن إسحاق" - كما قال البيهقي - عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بُكَير، قال: ثم رجع ابن إسحاق إلى الإسناد الأول، فذكر بعثة قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أسراهم، ففدى كلُّ قومٍ أسيرهم بما رضُوا، ثم ذكر قصة العباس هذه، وإنما أراد يونس بالإسناد الأول روايته عن ابن إسحاق، قال: حدثني يزيد بن رُومان عن عروة بن الزبير، قال: وحدثني الزهري ومحمد بن يحيى بن حَبّان وعاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر وغيرهم من علمائنا، فبعضهم حدَّث بما لم يحدِّث به بعضٌ، وقد اجتمع حديثهم فيما ذكرتُ لك من يوم بدر، فذكر القصة، ثم جعل يُدخِل فيما بينها بغير هذا الإسناد، ثم يرجع إليه، والله أعلم.
كذا قال البيهقيُّ، وخالفه ما جاء عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 288 حيث أخرج قصة العباس مفردةً من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: ثم رجع إلى الإسناد الأول، (قال ابن عساكر أو مَن دونه ممن روى ابن عساكر من طريقه مغازي ابن إسحاق برواية يونس بن بُكَير): يعني حديث الحسين بن عبد الله بن عُبيد الله بن عباس، عن عكرمة عن ابن عباس. فجعل هذا الإسناد المذكور هو إسناد قصة العباس، وليس الأسانيد التي ابتدأ بها ابن إسحاق قصة غزوة بدرٍ كما جزم به البيهقيُّ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهذا هو الذي اعتمده الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 3/ 82، حيث ذكر قصة العباس بهذا الإسناد الذي ذكره ابن عساكر. وهو الصواب إن شاء الله، والحسين ضعيف الحديث.
ويؤيده أنَّ أحمد أخرج قصة العباس في "مسنده" 5/ (3310)، ومن طريقه ابن عساكر 26/ 288 عن يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق، حدثني من سمع عكرمة، عن ابن عباسِ. وكأنَّ ابن إسحاق هنا أو مَن دونه طوى ذكر الحسين بن عَبد الله بن عُبيد الله لضعفه فدلَّسه.
وأخرج قصة العباس مفردةً كذلك أبو نُعيم في "دلائل النبوة"(409) من طريق محمد بن سَلَمة الحَرَّاني، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني بعض أصحابنا، عن مِقْسَم، عن ابن عباس. وإسناده ضعيف لإبهام الراوي.
وأخرجها كذلك الطبري في "تفسيره" 10/ 49، وفي "تاريخه" 2/ 465 - 466، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 507 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح باذام - ويقال باذان - مولى أم هانئ، عن ابن عباس.
والكلبي متروك، وأبو صالح ضعيف. وتابع ابنَ إسحاق على روايته بهذا الإسناد محمدُ بنُ كثير العبدي عند ابن سعد 4/ 13 لكنه جعله عن أبي صالح عن العباس نفسه!
وأخرجها ابن سعد 4/ 12 من طريق هارون بن أبي عيسى، وابن سعد أيضًا، وابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"(560) من طريق إبراهيم بن سعد، ويعقوب في "المعرفة" 1/ 506، والطحاوي في "شرح المشكل"(3220) من طريق عبد الله بن إدريس، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق مرسلًا.
وأخرجها كذلك الطبري في "تفسيره" 10/ 49، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1737، والبيهقي في "الدلائل" 3/ 143، وابن عساكر 26/ 293 من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. لكنه ذكر في هذه الرواية أنَّ الذي أُخذ من العباس يوم بدر أربعون أوقية، وأنَّ الله أبدله بها أربعين عبدًا. وعلي بن أبي طلحة، وإن لم يُدرك ابن عباس، فروايته عنه مقبولة عند كثير من العلماء، لأنها صحيفة معروفة في التفسير، وقال بعضهم: إنَّ علي بن أبي طلحة تلقى التفسير عن مجاهد وعكرمة، وكلاهما ثقة، فيتصل الإسناد.
وأخرج آخره في سبب نزول الآية إسحاق بن راهويه في قسم مسند ابن عباس (898)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 507، والطبري في "تفسيره" 10/ 49، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1737، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(287)، والطبراني في "الكبير"(11398)، وابن عساكر 26/ 293 من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، وبعضهم يقول: عن مجاهد عن ابن عباس، وأيًّا كان فكلاهما ثقة، والإسناد حسن. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5497 -
أخبرني عبد الله بن الحُسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا عبد الله بن عمرو بن أبي أُميَّة، حدثنا ابن أبي الزِّناد، عن محمد بن عُقبة، عن كُريب عن ابن عباس، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُجِلُّ العباسَ إجلالَ الولدِ والدَه، خاصّةٌ خَصَّ الله العباسَ بها من بين الناس
(1)
.
= وانظر ما سيأتي برقم (5510).
بقي أنَّ ما ذُكر هنا في رواية المصنف في "المستدرك"، ورواها عنه البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 322 من إجابته صلى الله عليه وسلم لطلب العباس أن يحتسب له ما غَنِمَه منه المسلمون من فدية الأسر، مما انفرد به الحاكم في روايته في "المستدرك"، فهو شاذٌ، ويخالفه روايةُ البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 143 عن الحاكم في روايته "المغازي ابن إسحاق"، وهي من رواية الحاكم أيضًا عن محمد بن يعقوب الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي، عن يونس بن بُكَير، حيث جاء في روايته أن النبي صلى الله عليه وسلم أبى أن يُجيب عمَّه العباس إلى طلبه ذاك، بل قال له:"لا، ذاك شيءٌ أعطاناهُ الله منك".
وكذلك جاء في رواية ابن عساكر 26/ 288 من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار العُطاردي، عن يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق.
وكذلك جاء في سائر الروايات التي تقدم ذكرها عن ابن إسحاق، وعن غيره في قصة العباس هذه.
(1)
حسنٌ لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن عَمرو بن أبي أُميَّة، فقد قال الدارقطني في "سننه" عند الحديث (1092): ليس بقوي. ثم إنَّ المحفوظ في هذا الخبر أنه مرسلٌ ليس فيه ذكر ابن عباس، كذلك رواه غير واحدٍ عن ابن أبي الزِّناد - واسمه عبد الرحمن - وأغلب الظن أنَّ ذكر ابن عباس فيه هنا وهمٌ من ابن أبي أمية، والله أعلم.
وأخرجه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(2728)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 335 من طريق داود بن عمرو الضبّي، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن محمد بن عُقبة، عن أبي رشدين، عن كريب مولى ابن عباس: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُجِلُّ العباس
…
مرسلًا.
وأخرجه ابن عساكر 26/ 334 - 335 من طريق بكار بن محمد بن جارست، عن ابن أبي الزناد، عن محمد بن عقبة، عن كريب مرسلًا.
وكذلك أخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة"(1799)، وأبو القاسم البغوي في "معجم =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5498 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أحمد بن مِهْران الأصبَهاني، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيلُ، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العباسُ منِّي وأنا منه"
(1)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5499 -
أخبرني أبو قُتيبة سَلْم بن الفضل الأَدَمَي بمكة، حدثنا موسى بن هارون،
= الصحابة" (1838)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"، (2728)، وابن عساكر 26/ 335 من طريق داود بن عمرو الضبّي كذلك، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 4/ 16 من طريق الواقدي، كلاهما عن ابن أبي الزِّناد، عن موسى بن عقبة، عن كريب أبي رِشدين، مرسلًا. فذكرا في هذه الرواية موسى بن عقبة بدل أخيه محمد بن عقبة، وكلاهما ثقة.
ويشهد له ما أخرجه البلاذُري 4/ 16 - 17، وأبو يعلى (4936)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1852)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(193)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1721)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(266)، والطبراني في "الأوسط"(6940)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 293، وابن عساكر 26/ 329 و 330، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 12/ 376 من طرق عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
ولفظه عند بعضهم: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُجِلُّ أحدًا ما يُجِلُّ العباس، أو يُكرِم العباسَ. وعند بعضهم: لقد رأيت من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه العباس أمرًا عجبًا أو عجيبًا. وقال الذهبي في "السير" 2/ 92: إسناده صالح.
ويشهد له كذلك حديث عمر بن الخطاب الآتي عند المصنف برقم (5527).
(1)
إسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى: وهو ابن عامر الثعلبي.
وأخرجه الترمذي (3759) عن القاسم بن زكريا الكوفي، والنسائي (6951) و (8117) عن أحمد بن سليمان الرُّهاوي، كلاهما عن عُبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلّا من حديث إسرائيل!
وسيأتي عند المصنّف برقم (5508) من طريق سعيد بن مسعود عن عُبيد الله بن موسى بأطول ممّا هنا.
وأخرجه أحمد 4 / (2734) عن حُجين بن المُثنَّى، عن إسرائيل، به.
حدثنا عبد القُدُّوس بن محمد بن عبد الكبير بن شُعيب بن الحَبْحَاب، حدثنا الحسن بن عَنبَسة الوَرَّاق، حدثنا علي بن هاشم بن البَرِيد، حدثني محمد بن عُبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده أبي رافع، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لكَ مِن الله حتى تَرضَى"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5500 -
أخبرني أبو النَّضر محمد بن محمد بن يوسف، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا عَبد الله بن صالح، حدثني الليث بن سعد، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فَرْوة، عن أبَان بن صالح، عن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن عباس بن عبد المُطّلب، قال: كنتُ يومًا في المسجد فأقبل أبو جَهْل فقال: إِنَّ اللَّهِ عَلَيَّ إِن رأيتُ محمدًا ساجدًا أن أطأَ على رَقَبَتِه، فخرجتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلتُ عليه، فأخبرتُه بقول أبي جَهْل، فخرج غَضْبانَ
(2)
حتى جاء المسجِد، فعَجَلَ أَن يَدخُلَ
(1)
إسناده ضعيف من أجل محمد بن عُبيد الله بن أبي رافع، فهو واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، والحسنُ بن عَنْبَسة الورّاقُ ذكر الذهبيُّ في "الميزان" أنَّ ابنَ قانع ضعَّفه، وهذا الأخير متابع فبقي الشأن في ابن أبي رافع.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1843)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 340 من طريق عبد العزيز بن الخطاب، عن علي بن هاشم بن البريد، به. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: "ولك يا عمّ من الله حتى تَرضَى". فظهر بذلك أنَّ الخطاب في رواية المصنف للعباس وليس لأبي رافع.
وفي الباب عن سعيد بن المسيب مرسلًا عند ابن عدي في "الكامل" 6/ 341، وابن عساكر 26/ 341، لكن في إسناده موسى بن عُمير القرشي، وهو متروك.
(2)
في النسخ الخطية: غضبانًا، مصروفًا، وهي لغة بني أسد، لأنهم يؤنثونه بالتاء يقولون: غضبانة، فيصرفون ما كان مؤنثه على وزن فعلانة، وسائر العرب يؤنثونه لوزن فَعْلى، فيقولون: غَضْبي، فيمنعون من الصرف ما كان مؤنثه على وزن فعلى، فهو اللغة العالية، وانظر "شرح الكافية الشافية" لابن مالك 3/ 1441، و"شرح التصريح على التوضيح" لخالد الأزهري 2/ 322 - 323.
من الباب فاقتحَمَ الحائطَ، فقلت: هذا يومُ شَرٍّ فاتَّزَرْتُ ثم اتَّبَعْتُه، فدخلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} ، فلما بلغَ شأنَ أبي جَهْل:{كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} ، قال إنسانٌ لأبي جهل: يا أبا الحَكَم، هذا محمد، فقال أبو جهل: ألا تَرَونَ ما أَرى، والله لقد سُدَّ أُفُقُ السماءِ عَليَّ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخرَ السورةِ سَجَدَ
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا، قال الذهبي في "تلخيصه": فيه عبد الله بن صالح ليس بعُمدة، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وهو متروك. قلنا: عبد الله بن صالح متابع، فيبقى الشأن في إسحاق الفروي، وله طرق أخرى عن ابن عباس لكن ليس فيها ذكر العباس، ولا السجود في آخر قراءة سورة العلق. وصحَّ أيضًا نحو هذه القصة من حديث أبي هريرة وليس فيه ذكر العباس ولا السجود كذلك.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 191 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار (1324) عن عمر بن الخطّاب السِّجِستاني، والطبراني في "الأوسط"(8691) عن مُطّلب بن شعيب، كلاهما عن عبد الله بن صالح، به.
وأخرجه عبد الله بن وهب في قسم علوم القرآن من "تفسيره" 3/ (212)، ومن طريقه أخرجه المستغفري في "فضائل القرآن"(1369)، وابن سيِّد الناس في "عيون الأثر" 1/ 121 عن الليث بن سعد، به.
وأخرجه مختصرًا أحمد 5/ (2225) و (2226) و (3483)، والبخاري (4958)، والترمذي (3348)، والنسائي (10995) و (11621) من طريق عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدًا يصلي عند الكعبة لأطأنَّ على عنقه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"لو فَعَلَه لأخذته الملائكة عيانًا".
وتقدَّم نحوه عند المصنف برقم (3851) من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس.
وله طريق ثالثة عن ابن عباس عند الطبري في "تفسيره" 30/ 257، والطبراني في "الكبير" 12/ (12693)، وفي "الأوسط"(8398) من طريق يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، قال الطبري والطبراني في "الكبير": عن الوليد بن العيزار عن ابن عباس، وقال الطبراني في "الأوسط": عن العيزار بن حُريث، عن ابن عباس. والعيزار له رواية وسماع من ابن عباس، وأما ابنه الوليد فيروي عن =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5501 -
حدثنا الشيخ الإمام أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر محمد بن أحمد بن بالوَيهِ في آخَرِين، قالوا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني يحيى بن مَعِين، حدثنا عُبيد بن أبي قُرَّة، حدثنا الليث بن سعد، عن أبي قَبِيل، عن أبي مَيسرة مولى العباس، قال: سمعتُ العباس يقول: كنتُ عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم ذاتَ ليلةٍ، فقال لي:"انظُرْ هل تَرى في السماءِ من شيءٍ؟ "، قلتُ: نعم، قال:"ما تَرى؟ " قلت: الثُّريّا، فقال:"أما إنه يَملِكُ هذه الأمَّةَ بِعَدَدِها من صُلْبِك"
(1)
.
= ابن عباس بواسطة، فإذا صحَّ ذكر العَيزار بن حُريث فإسناده حسنٌ.
وله طريق رابعة عن ابن عباس عند ابن إسحاق في "السيرة النبوية" كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 295، ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة"(156)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 190 قال: حدثني بعض أهل العلم، عن سعيد بن جبير وعكرمة، عن ابن عباس. وهذا إسناد حسن لولا إبهام شيخ ابن إسحاق.
ويشهد له حديث أبي هريرة عند أحمد 14 / (8831)، ومسلم (2797)، والنسائي (11619) و (11948)، وابن حبان (6571).
(1)
منكرٌ وإسناده ضعيف لجهالة أبي ميسرة مولى العباس، فلا يُعرف إلا بهذا الحديث، ولم يرو عنه غير أبي قَبيل - وهو حُيَيّ بن هانئ المَعافري - وعُبيد بن أبي قرة قال البخاري في ترجمته في "تاريخه الكبير" 6/ 2: لا يتابع في حديث في قصة العباس، وقال العقيلي في "الضعفاء الكبير" 2/ 610: حديثه غير محفوظ ولا يُعرف إلّا به، وقال ابن عدي 5/ 350: أُنكرَ عليه حديث العباس، وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": لم يَصحَّ هذا، وقال في "تاريخ الإسلام" 5/ 120: هو منكر، وقال في "الميزان" 3/ 22: هذا باطل، وقال في "المغني في الضعفاء" (3973): خبر ساقط.
وقد أشار أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل"(2716) إلى تفرد عُبيد بن أبي قرة به عن الليث بن سعد، فقال: لم يرو هذا الحديث غير عبيد، وعُبيد صدوق، ولم يكن عند أبي صالح هذا الحديثُ.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 518 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ضياء الدين المقدسي في "المختارة" 8/ (476) من طريق سليمان بن أحمد الطبراني، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل به. =
هذا حديث تَفَرَّد به عُبيد بن أبي قُرَّة عن الليث، وإمامنا أبو زكريا رحمه الله
(1)
لو لم يَرْضَه لما حدَّث عنه بمِثل هذا الحديث.
5502 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا إبراهيم بن حمزة الزُّبيري، حدثنا إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: خَرجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمان القَيْظِ فَنَزَل منزلًا، فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعْتسِلُ، فقام العباسُ بن عبد المطلب فستره بكِساءٍ من صُوف، قال سهل: فنظرتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من جانب الكساء، وهو رافعٌ رأسه إلى السماء، وهو يقول:"اللهمَّ استُر العباسَ وولدَه من النار"
(2)
.
= وأخرجه ابن أبي خيثمة في "تاريخه" كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين 4/ 466، ومن طريقه ابن الأبّار القُضاعي في "معجم أصحاب أبي علي الصَّدفي" ص 138 عن يحيى بن معين، به.
وأخرجه أحمد 3/ (1786) عن عُبيد بن أبي قُرة، به.
(1)
يعني به يحيى بن معين.
(2)
إسناده ضعيف بمرَّة من أجل إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت، فهو ضعيف منكر الحديث، وقد تابعه رجلٌ مثله، فلا اعتداد بمتابعته.
وأخرجه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 4/ 11، وابن عدي في "الكامل" 1/ 301، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 306 و 307 من طرق عن إبراهيم بن حمزة، بهذا الإسناد.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 504، وعبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة"(1810) و (1811)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1840) و (1841)، والروياني في "مسنده" 2/ 214 - 215، والطبراني في "الكبير"(5829)، والآجُرّي في "الشريعة"(1733)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2725)، وأبو نعيم في "الطب النبوي"(150)، وابن عساكر 26/ 307 - 310 من طرق عن إسماعيل بن قيس، به.
وأخرجه ابن عساكر 26/ 306 من طريق محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي مليكة، عن أبي حازم به. ومحمد بن عبد الرحمن هذا حسَّن الرأي فيه أحمد وأبو زرعة، لكن ضعَّفه الأكثرون، بل قال عنه البخاريُّ: منكر الحديث.
والقَيظ: زمان شدة الحرّ.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5503 -
أخبرني
(1)
مُكرَم بن أحمد القاضي ببغداد، حدثنا أحمد بن الوليد الفّحّام، حدثنا إسماعيل بن أبي أُويس، حدثني محمد بن طلحة، حدثني إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله بن حارثة بن النعمان، عن أبيه [عن]
(2)
عبد الله بن حارثة، قال: لما قَدِمَ صفوانُ بن أُميّة بن خَلَف
(3)
الجُمحيّ قال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا وَهب، على مَن نَزَلْتَ؟ " قال: على العباس، قال:"نزلت على أشدِّ قُريش لقُريشٍ حُبًّا"
(4)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5504 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو البَخْتَري عبد الله بن محمد
(1)
من هذا الحديث حتى الحديث (5507) سقط من (ص) و (م).
(2)
سقط حرف "عن" من (ز) فأوهم أنَّ إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله بن حارثة بن النعمان يروى هذا الخبر عن جده، إنما يروي إسحاق هذا الخبر عن أبيه إبراهيم عن جده عبد الله بن حارثة، كما في سائر مصادر تخريج الخبر.
(3)
جاء في (ز): صفوان بن خلف بن أمية، وهو مقلوب لأنَّ المذكور صفوان بن أمية بن خلف، وكان أبوه أميَّة بن خلف من سادة قريش وقتل يوم بدر مشركًا بعد أن أسره عبد الرحمن بن عوف.
وجاء على الصواب في "تلخيص المستدرك" للذهبي.
(4)
إسناده ضعيف لجهالة إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله بن حارثة وجهالة أبيه كذلك، ومحمد بن طلحة - وهو ابن عبد الرحمن بن طلحة بن عبد الله التيمي - ليس بذاك.
وأخرجه ابن سعد 4/ 21، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 263 و 502، وابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"، وفي السفر الثالث (466)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1616)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 118، والطبراني في "الكبير"(7324)(14913)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4087)، وابن عساكر 26/ 338 - 339 من طرق عن إسماعيل بن أبي أويس، بهذا الإسناد.
وأخرجه عمر بن شبَّة في "تاريخ المدينة" 2/ 483، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 4/ 25، والدولابي في "الكنى"(496)، وابن قانع 2/ 118، والطبراني (14913)، وابن عساكر 26/ 338 - 339 من طريق إبراهيم بن المنذر الحِزامي، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(4087) من طريق محمد بن إسحاق البَلخي، كلاهما عن محمد بن طلحة التيمي، به.
ابن شاكر، حدثنا زكريا بن يحيى الخَزّاز، حدثنا عمُّ أبي زَحْرُ بن حِصن، عن جده حُميد بن مُنهب، قال: سمعت جَدّي خُرَيم بن أوس بن حارثة بن لأم يقول: هاجرتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مُنصَرَفَه من تَبُوك، فأسلمتُ، فسمعتُ العباسَ بن عبد المطلب يقول: يا رسول الله، إني أريد أن أمتَدِحَك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قُلْ، لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ"، قال: فقال العباس:
من قَبلِها طِيبتَ في الظِّلالِ وفي
…
مستودع حين يُخصَفُ الوَرَقُ
ثم هبطت البلاد لا بَشَرٌ
…
أنت ولا مُضغةٌ ولا عَلَقُ
بَل نُطْفةٌ تَركَبُ السَّفِينَ وقد
…
أَلْجَمَ نَسْرًا وأهلَه الغَرَقُ
تُنقَلُ مِن صالبٍ إلى رَحِمٍ
…
إذا مَضَى عالمٌ بدا طَبَقُ
حتّى احتوى بيتُك المُهَيمِنُ مِن
…
خِنْدِفَ عَلْياءَ تحتَها النُّطُقُ
وأنت لما وُلِدتَ أشرقَتِ ال
…
أرضُ وضاءَتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ
فنحنُ في ذلك الضياءِ وفي الن
…
نُورِ وَسُبْلِ الرَّشادِ نَحْتَرِقُ
(1)
(1)
إسناده محتمل للتحسين إن شاء الله، كما مضي بيانه برقم (5382).
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 268 - 269 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وهو في "جزء أبي السُّكين زكريا بن يحيى" كما في "البداية والنهاية" لابن كثير 3/ 368، ومن طريقه أخرجه ابن قتيبة في "غريب الحديث" 1/ 359، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(285)، والطبراني في "الكبير"(4167)، وابن مَنْدَه في "معرفة الصحابة" ص 520 - 521، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2520)، والخطيب في "الأسماء المبهمة" ص 449، وابن عساكر 3/ 409 - 410، وابن الجوزي في "المنتظم" 3/ 371، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 606، وشرف الدين الدمياطي في الأول من "معجم شيوخه"(23).
قوله: طبتَ في الظلال، أي: ظلال الجنة تحت أشجارها حين كان في صلب آدم.
ومستودَع: يُحتمل أن يكون الرحم، ويُحتمل موضع آدم وحواء الذي أُودِعا فيه من الجنة وهما يخصفان الوَرَق.
وقوله: ثم هبطت البلاد، أي: بهبوط أبيك وأنت حينئذٍ في صُلبه. =
هذا حديث تَفرَّد به رواتُه الأعرابُ عن آبائهم، وأمثالُهم من الرواة لا يُضعَّفُون.
5505 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، قال: أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن الزُّهْري، حدثني كَثِير بن العباس بن عبد المُطّلب قال: قال العباسُ: شهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ حُنين، فلَزِمتُ أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المُطّلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نُفارقه، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم على بغلةٍ له بيضاءَ أهداها له فَرُوةُ بن نُفَاثَة
(1)
الجُذَامِي، فلما التَقَى
= لا بَشَرٌ، أي: لم تكن في الخلق يومئذٍ بشرًا.
ولا مضغة: وهي القطعة من اللحم بقدر ما يُمضَغ.
ولا عَلَق: وهو الدم الجامد الغليظ، بل كنت نطفةً وهو الماء الذي يكون منه الولد في صُلب نوح لم ينتقل بعدُ في هذه المراتب التي ينتقل فيها الجنين، ثم تركب سفينة بركوب نُوح فيها.
وقوله: السَّفين، جاء أنه لغة في السفينة، والمشهور أنه جمع سفائن.
وقوله: وقد ألجمَ نسرًا وأهلَه الغَرَقُ، أي: نجوت مع أبيك نوح من الغرق وغَرِق نَسْرٌ صنمُ قوم نوح، وإلجام الغَرَق كناية عن وصول الماء إلى أفواههم التي هي موضع اللجام.
وقوله: تُنقل من صالب إلى رحم، الصالب: الصُّلب، وهو كل شيء من الظهر فيه فقار.
والعالم: القرنُ من الناس: الجماعة من الناس، لأنهم يطبقون الأرض ثم ينقرضون ويأتي طبق آخر.
وقوله: احتوي، أي: استوى وغَلَب.
وبيتُك، أي: شرفُك ومجدُك.
وأما خِنْدِف فهي ست قبائل أشرفها قريش، وهي امرأة اليأس بن مضر، واسمها ليلى، نُسِبوا إليها.
والنُّطُق: في الأصل جمع نطاق، وهو ما تشدّ به المرأة وسطها فوق الثياب، والمعنى: أنك أعلى قومك نسبًا وهم دونك كالنطاق لك. أو أنه أراد العفاف، من لبس المرأة النطاق، أي: تحتها العفاف والحسبُ. أو أنه يعني بالنُّطُق المتكلمين جمع ناطق، أي: إن كل خطيب في العرب دون خطباء قومك.
انظر "المعاني الكبير" لابن قتيبة 1/ 557 - 558، و"جامع الآثار" لابن ناصر الدين الدمشقي 2/ 307 - 317.
(1)
المثبت من "تلخيص المستدرك"، وفي (ز): نفاقة، وهو تصحيف ولعلها كانت في الأصل نعامة، ثم أُعجمت بعد ذلك، وفي المطبوع: نعامة، وأشار النووي إلى أنَّ الروايتين في اسمه قد =
المسلمون والكفارُ وَلَّى المسلمون مُديرين، فطَفِقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَركُضُ بَعْلتَه قِبَلَ الكفار، قال العباس: وأنا آخذٌ بِلِجَام بغلةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أكُفُّها إرادة أن لا تُسرع، وأبو سفيان آخِذٌ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَيْ عباسُ، نادِ أصحابَ السَّمُرةِ"، قال: فواللهِ لَكَأنّما عَطْفتُهم حين ما سَمِعُوا صوتي عطفة البقَرِ على أولادها، فقالوا: يا لَبَّيْكَاهُ يا لَبَّيْكَاهُ.
قال: فاقتَتَلُوا هم والكفارُ، والدعوةُ في الأنصار يقولون: يا معشرَ الأنصار، ثم قُصرت الدَّعوةُ على بني الحارث بن الخَزرج، فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج، يا بني الحارث بن الخزرج، فنظر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو على بَغْلَتِه كالمُتطاول عليها إلى قتالهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:: هذا حينَ حَمِيَ الوَطِيسُ"، قال: ثم أخَذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حَصَيَاتٍ فرمى بهنَّ في وجوه الكُفّار، ثم قال: "انهَزَمُوا وربِّ محمّدٍ"، فذهبتُ أنظُرُ، فإذا القتالُ على هَيْئَتِه فيما أَرَى، فما هو إلَّا أن رَمَاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بحَصَياتِه، فما زِلتُ أَرى حَدَّهم كَلِيلًا، وأمرهم مُدبرًا
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.
5506 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي، حدثنا محمد بن سعد العوفي،
= رُويتا في "صحيح مسلم"، ثم قال: والصحيح المعروف الأول؛ يعني نفاثة، بنون مضمومة ثم فاء مخففة ثم ألف ثم ثاء مثلثة.
(1)
إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي.
وأخرجه مسلم (1775) عن أبي الطاهر أبي الطاهر أحمد بن عمرو السَّرْح، والنسائي (8599) عن يونس بن عبد الأعلى، كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وقد تقدم مختصرًا برقم (5192) من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري.
وعَطْفتُهم، أي: رَجْعتُهم.
والوَطِيس: مثل التَّنُّور يُختَبز فيه، وقولهم: حمي الوطيس، كناية عن الوطيس، كناية عن شدة الحرب.
وحدَّهم كليلًا: أي: قوّتهم ضعيفة.
حدثنا يعقوب بن محمد الزُّهري، حدثنا محمد بن طلحة التَّيْمي، حدثنا أبو سُهيل
(1)
ابن مالك، عن سعيد بن المسيّب، عن سعد بن أبي وقّاص قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُجهِّز أو كان يَعرِضُ جيشًا بِنَقِيع
(2)
الخَيل، فاطّلع العباسُ بنُ عبد المُطلب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذا العباسُ عمُّ نبيِّكم، أجوَدُ قُريشٍ كَفًّا، وأحْناهُ عليها"
(3)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5507 -
وقد حدَّثَناه الشيخ أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن داود الزاهد، قالا: أخبرنا علي بن الحسين
(4)
بن الجُنيد، حدثنا أحمد بن صالح المصري، حدثنا محمد بن طلحة التَّيْمي، حدثنا أبو سُهيل
(5)
بن مالك، عن سعيد بن المسيّب، عن سعد بن أبي وقاص، قال: خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم يجهِّز جيشًا، فنظر العباس، فقال:"هذا العباسُ عمُّ النبيِّ أَجوَدُ قُريش كفًّا، وأوصلُها لها"
(6)
.
5508 -
أخبرني أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، قال: حدثنا سعيد بن
(1)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: أبو سهل مكبّرًا، إنما هو أبو سهيل مصغّرًا، وهو نافع بن مالك الأصبحي.
(2)
قال الخطابي في "معالم السنن" 1/ 245: قد يُصحِّف أصحاب الحديث فيروونه البقيع، بالباء، والبقيع بالمدينة موضع القبور.
قلنا: وأما النقيع بالنون، فهو موضع حماه رسولُ الله والخلفاءُ بعده لأنعام الصدقة، وهو صدر وادي العقيق، على عشرين فرسخًا من المدينة، وقدره ميل في ثمانية أميال، وأصل النقيع: كل موضع يُستنقع فيه الماءُ، وهو غير نقيع الخضِمات على الصحيح.
(3)
حديث حسن، يعقوب بن محمد بن الزُّهري - وإن كان فيه لينٌ - متابع في الطريق التالية عند المصنف، ومحمد بن طلحة التيمي - وهو ابن عبد الرحمن بن طلحة - حسنُ الحديث.
وأخرجه أحمد 3/ (1610)، والنسائي (8118) من طريق علي بن المديني، وابن حبان (7052) من طريق إبراهيم بن حمزة الزبيري، كلاهما عن محمد بن طلحة، بهذا الإسناد.
(4)
تحرّف في (ز) إلى: الحسن، والصواب ما أثبتنا.
(5)
تحرّف في (ز) و (ب) إلى: أبو سهل مكبرًا، وإنما هو أبو سُهيل مصغرًا.
(6)
إسناده حسن من أجل محمد بن طلحة وهو ابن عبد الرحمن بن طلحة. وانظر ما قبله.
مسعود، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس: أنَّ رجلًا ذكر أبًا للعباس، فنال منه، فلَطَمَه العباسُ، فاجتمعُوا، فقالوا: والله ليلطِمَنّ العباس كما لَطَمَه، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخَطَب فقال:"مَن أكرم الناس على الله؟ " قالوا: أنتَ يا رسول الله، قال:"فإنَّ العباس منّي وأنا منه، لا تسُبُّوا أمواتنا، فتؤذُوا به الأحياء"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
5509 -
حدثني محمد بن صالح بن هانئ حدثنا الحسين بن الفضل البَجَلي، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن عُقبة بن عبد الغافر، قال: دخل عبدُ الله بن العباس على معاوية بن أبي سفيان، وقد تحلَّقَت عندَه بُطُونُ قُريش، فسأله معاويةُ عن آبائهم إلى أن قال: فما تقولُ في أبيك العباس بن عبد المُطّلب؟ فقال: رَحِم الله أبا الفضل، كان والله عمَّ نَبي الله، وقُرَّةَ عَينِ رسولِ الله، سيد الأعمام والأخدان، جَدَّ الأجداد، وآباؤه الأجوادُ، وأجدادُه الأنجادُ، له عِلمٌ بالأمور، قد زانَه
(1)
إسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى - وهو ابن عامر الثعلبي - غير أنَّ النهي عن سبّ الأموات له شواهد، فهو صحيح لغيره إسرائيل: هو ابن يونس السَّبيعي.
وأخرجه النسائي (6951) عن أحمد بن سليمان الرهاوي، عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد.
وزاد: فجاء القوم، فقالوا: يا رسول الله، نعوذ بالله من غضبك، استغفر لنا.
وقد تقدَّم مختصرًا برقم (5498) من طريق أحمد بن مهران الأصبهاني عن عبيد الله بن موسى.
وأخرجه بطوله أحمد 4 / (2734) عن حُجين بن المثنى، عن إسرائيل، به. وزاد مثل زيادة أحمد الرهاوي دون قوله: استغفر لنا.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا تسبُّوا أمواتنا فتؤذوا به الأحياء" شاهدٌ من حديث المغيرة بن شعبة عند أحمد 30/ (18209)، والترمذي، (1982)، وابن حبان (3022) بلفظ: "لا تسبُّوا الأموات فتؤذوا الأحياء". وإسناده صحيح.
وشواهد أخرى من أحاديث زيد بن أرقم وعائشة وسعيد بن زيد كما تقدَّم برقم (1435) و (1436).
حِلْمٌ، وقد عَلَاهُ فَهُمٌ، كان يَكسِبُ حِيالَهُ كلَّ مُهذَبٍ
(1)
[صِنديد]، ويجتنب برأيه
(2)
كلَّ مُخالفٍ رِعْدِيد تَلاشَتِ الأخدانُ عند ذِكْرِ فَضِيلتِه، وتَباعَدَت الأنسابُ عند ذكر عَشيرته، صاحب البيتِ والسِّقاية والنَّسبِ والقرابة، ولِمَ لا يكون كذلك، وكيف لا يكون كذلك ومُدبِّرُ سِياستِه أكرمُ مَن دَبَّ
(3)
، وأفهَمُ مَن مَشَى من قريشٍ وركب
(4)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجه.
5510 -
أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصَّيرفي بمَرُو، حدثنا موسى بن سهل بن كثير، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا سليمان بن المُغيرة، عن حُمَيد بن هلال، عن أبي موسى الأشعري: أنَّ العلاء بن الحَضْرمي بَعَثَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من البحرين بثمانين ألفًا، فما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مالٌ أكثر منه لا قبلها ولا بعدها، فأَمر بها، فنُثرَت على حَصِير، ونُودي بالصلاة، فجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَميلُ على المال قائمًا، فجاء الناسُ وجعل يُعطيهم، وما كان يومئذٍ عددٌ ولا وزنٌ، ما كان إِلَّا قَبضًا،
(1)
في النسخ الخطية: مهنَّد، وأغلب الظن أنها تحرَّفت عن مُهذَّب، فقد أورد هذا الخبَر أبو القاسم الخُتَّلي في "الدِّيباج" ص 71 بهذا اللفظ، ومنه استدركنا لفظ "صنديد".
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: ويكسب لرأيه.
(3)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: دَبَّر، والمثبت على الصواب من الكتاب المذكور، وهو المناسب في السَّجع مع قوله بعد ذلك: وركب.
(4)
إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني.
وأخرجه أبو القاسم الخُتَّلي في "الدّيباج" كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين الدمشقي 2/ 122، وأبو بكر أحمد بن محمد بن الفضل الأهوازي في "المنور من وفود القبائل" كما في "جامع الآثار" كذلك 2/ 122 من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي ريحانة العامري، قال: أقبل ابن عباس إلى معاوية بن أبي سفيان، الحديث. وكتاب "الديباج" مطبوع والخبر فيه برقم (142) لكن لم يظهر من إسناده في أصله الخطي المعتمد سوى ذكر أبي ريحانة، وساقه بطوله.
وأبو ريحانة هذا من أصحاب معاوية، انظر ترجمته في "تاريخ دمشق" لابن عساكر 41/ 259، وفي الإسناد إلى هشام جهالة.
فجاء العباسُ فقال: يا رسول الله، إني أعطَيتُ فِدائي وفداء عَقِيل يوم بدر، ولم يكن لعَقِيل مالٌ، أعطني من هذا المال، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"خُذْ" فَحَثَى فِي خَمِيصةٍ كانت عليه، ثم ذهب ينصرفُ فلم يَستطِع، فرفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ارفع عليَّ، فتبسَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول
(1)
: أما أحدُ ما وَعَدَ الله فقد أنجز، ولا أدري الأخرى، {قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} ، هذا خيرٌ مما أُخِذ مني، ولا أدري ما يُصنع في المغفرة
(2)
.
5511 -
أخبرنيه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا عَبْدانُ الأَهْوازي، حدثنا الحَسَن
(3)
بن الحارث الأهوازي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا سليمان بن
(1)
القائل هو العباس كما توضحه رواية غير المصنف.
(2)
حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف موسى بن سهل بن كثير، وقد تابعه في الطريق التالية الحَسَن بن الحارث الأهوازي، وهو مجهول انفرد بالرواية عنه عبدان ولم يوثقه أحدٌ، وجعلا هذا الخبر من رواية حميد بن هلال عن أبي موسى الأشعري غير أنَّ الحَسَن بن الحارث زاد بينهما أبا بردة بن أبي موسى الأشعري، وخالفهما الثقة الحافظ محمد بن سعد صاحب "الطبقات" 4/ 14 حيث روى هذا الخبر عن هاشم بن القاسم، عن سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال: أنَّ العلاء بن الحضرمي بعث
…
هكذا جعله من مرسل حميد بن هلال، وبيَّن أن آخره وهو قوله: أما أحد، إلى آخره، من قول العباس بن عبد المطلب، وكذلك رواه جماعة من الثقات عن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال مرسلًا، منهم مرسلًا، منهم أبو أسامة حماد أبو أسامة حماد بن أسامة عند ابن أبي شيبة 14/ 85، وعمرُو بن عاصم الكلابي عند يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 503، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 294، وشيبانُ بن فَرُّوخ عند البلاذُري في "فتوح البلدان" ص 88، فهذا هو المحفوظ في رواية حميد بن هلال أنها مرسلة، وآخره من قول العباس.
ويشهد له دون الاستشهاد بالآية حديث أنس بن مالك الذي علَّقه البخاري في "صحيحه"(421) و (3165) بصيغة الجزم.
ولقول العباس في آخر هذا الحديث واستشهاده بالآية شواهد تقدم ذكرها عند الحديث (5496).
(3)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: الحُسين، مُصغَّرًا، وإنما هو الحسن مكبَّرًا كما تقدَّمت تسميته =
المُغيرة، عن حُميد بن هلال، عن أبي بُردة، عن أبي موسى: أنَّ العلاء بن الحَضرميّ بعثَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمالٍ من البَحرَين، فذكر الحديث بنحوه
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5512 -
حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل، قال: حدَّثناه موسى بن داود الضَّبِّي، حدثنا الحَكَم بن المنذر، عن عمر
(2)
بن بِشر الخَثعَمي، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، قال: أقبل العباسُ بن عبد المطّلب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه حُلّةٌ وله ضفيرتان، وهو أبيضُ، فلما رآهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم تبسَّم، فقال العباس: يا رسول الله، ما أضحكَكَ، أَضحَكَ اللهُ سِنَّكَ؟ فقال:"أعجَبَني جَمالُ عَمِّ النبيّ"، فقال العباسُ: ما الجمالُ في الرِّجال؟ قال: "اللِّسانُ"
(3)
.
= على الصواب عند الحديث (277)، وبذلك سُمِّي في عدة أحاديث عند الدارقطني في "سننه"(4803)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 67، وفي "دلائل النبوة" 6/ 129، وفي "شعب الإيمان"(1955).
(1)
حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف كما تقدَّم بيانه عند الطريق السابقة.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: محمد، والتصويب من سائر مصادر تخريج الخبر.
(3)
محتمل للتحسين بشواهده إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الحكم بن المنذر وعمر بن بشر الخثعمي، وقد تابعهما جابر الجُعفي، ولكنه ضعيف، ثم إنَّ الخبر مرسل أيضًا، وجميع من خرَّجه عدا المصنف جعلوه من مرسل أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين - وهو ابن علي بن أبي طالب - لم يجاوزوه، على أنه وإن ثبت ذكر أبيه في الخبر يكون مرسلًا أيضًا. وعلى أيّ حالٍ فللخبر شواهد باجتماعها مع هذا المرسل يمكن أن يتحسَّن، والله تعالى أعلم.
وأخرجه أحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(1755)، ومن طريقه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(265)، وابن عساكر 26/ 345، وأخرجه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 4/ 20 عن أبي حسّان الزيادي، كلاهما (أحمد والزيادي) عن موسى بن داود الضَّبِّي، عن الحكم بن المنذر، عن عمر بن بشر الخثعمي، عن أبي جعفر مرسلًا. لكن جاء في "أنساب الأشراف" تسمية شيخ الحكم بن المنذر: عمر النخعي، وربما يكون النخعي تحريف عن الخثعمي، والله أعلم. =
5513 -
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا شعيب بن عمرو، حدثنا سفيان بن عُيينة، عن محمد بن المنكدِر، عن جابر، قال: كان العباسُ بالمدينة، فطَلَبَتِ الأنصار ثوبًا يُلبسونه، فلم يجدُوا قميصًا يَصلُح عليه إلَّا قميص عبد الله بن أُبي، فكَسَوه إياهُ، قال جابرٌ: وكان العباسُ أسِيرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدرٍ، وإنما أُخرج كَرْهًا، فحُمل إلى المدينة، فكساهُ عبدُ الله بن أُبي قَمِيصَه، فلذلك كفَّنَه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قَمِيصِه، مكافأةً لما فَعَل بالعباس
(1)
.
= وأخرجه ابن عساكر 26/ 344 - 345 من طريق عبد الله بن الحسين بن جابر المصّيصي، عن موسى بن داود، عن عمر بن بشر، عن أبي جعفر، مرسلًا. فأسقط من إسناده الحكم بن المنذر، وعبد الله بن الحسين المذكور قال عنه ابن حبان: كان يقلب الأخبار ويسرقها. قلنا: المحفوظ ذكر الحكم بن المنذر.
وأخرجه ابن رُشيد الفِهْري في "ملء العيبة" ص 294 من طريق جابر بن يزيد الجُعفي، عن أبي جعفر، مرسلًا. وجابر ضعيف الحديث.
ويشهد له حديث جابر بن عبد الله عند الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(1389)، وأبي نُعيم في "تاريخ أصبهان" 2/ 86 - 87، وفي "فضائل الخلفاء"(148)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4610)، وابن عساكر 26/ 345، وفي إسناده أيوب بن سيّار الزهري، وهو ضعيف.
ويشهد له كذلك حديث ابن عباس عند الحكيم الترمذي (1390)، وفي إسناده ليث بن أبي سُليم، وهو سيئ الحفظ.
(1)
حديث صحيح لكن بذكر عمرو بن دينار بدل محمد بن المنكدر. شعيب بن عمرو - وهو الضُّبعي الدمشقي - وإن روى عنه جمع منهم أبو عوانة في "صحيحه"، قد شذَّ بذكر ابن المنكدر، وأدرج قول ابن عيينة في آخره في ذكر المكافأة، فجعله من جملة كلام جابر.
وأخرجه البخاري (3008) عن عبد الله بن محمد الجُعفي المُسنَدي، والنسائي (2040) عن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري المِسوري، كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن عمرو ابن دينار، عن جابر. لكن اقتصر المسوري على القطعة الأولى من الحديث إلى قوله: فكسوه إياه. وبيَّن المسندي في روايته أن ذكر المكافأة في آخر الخبر من قول ابن عيينة وليس من قول جابر.
وسيأتي بعده مختصرًا بنحو رواية المسوري من طريق ابن أبي عمر عن ابن عيينة. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!
5514 -
فحدَّثني علي بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا ابن أبي عُمر، حدثنا سُفيان، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله، قال: لما أُسر العباسُ لم يُوجَد له قميصٌ يُقدَر عليه إلَّا قَميصُ ابن أُبيٍّ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!
5515 -
وحدثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، حدثنا أبو إسحاق محمد بن هارون بن عيسى الهاشمي، حدثنا موسى بن عبد الله بن موسى الهاشمي، حدثنا يعقوب بن جعفر بن سليمان، قال: سمعت أبي يقول: دخلتُ على أبي جعفر المنصور، فرأيتُ له جُمَّةً، فجعلتُ أنظُر إلى حُسنها، فقال: كان لأبي محمد بن عليّ جُمْةٌ، وحدثني أنَّ أباهُ عليَّ بن عبد الله كانت له جُمّةٌ، وحدَّثني أنَّ أباهُ عبد الله بنَ العباس كانت له جُمّةٌ، وحدَّثني ابن عباس أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كانت له جُمْةٌ إلى أنصافِ أذُنيه، قال ابن
= وأخرج أحمد 23 / (15075)، والبخاري (1270) و (1350) و (5795)، ومسلم (2773)، والنسائي (2039) و (2157)، وابن حبان (3174) من طُرق عن سفيان بن عيينة، ومسلم (2773) من طريق ابن جُريج، والنسائي (2158) من طريق الحسين بن واقد، ثلاثتهم عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبر عبد الله بن أُبي، فأخرجه من قبره، فوضعه على ركبتيه، ونفث عليه من ريقه، وألبسه قميصه. زاد البخاري في الرواية (1350): وكان كسا عباسًا قميصًا، قال سفيان: وقال أبو هارون: وكان على رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصان، فقال له ابن عبد الله يا رسول الله، ألبس أبي قميصك الذي يلي جلدك. قال سفيان: فيرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس عبد الله قميصه مكافأة لما صَنَع.
قلنا: وهذا هو أحد الوجهين اللذين ذكرهما أبو سعيد الأعرابي في توجيه تكفين النبي صلى الله عليه وسلم لابن أُبي بقميصه كما حكاه عنه الخطابي في "معالم السنن" 1/ 298، قال: أراد أن يكافئه على ذلك لئلا يكون لمنافق عنده يدٌ لم يجازه عليها. وذكر الوجه الثاني، وهو أن يكون أراد به تألُّف ابنه وإكرامه، فقد كان مسلمًا بريئًا من النفاق.
(1)
إسناده صحيح. ابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني، وسفيان: هو ابن عيينة. وانظر ما قبله.
عباس: وكانت للعباس بن عبد المُطّلب جُمّةٌ، وكانت لعبد المطّلب جُمّةٌ، وكان لهاشم بن عبد منافٍ جُمّةٌ، فقلتُ لأبي: إني لأعجَبُ من حُسنِها، فقال: ذلك نُورُ الخلافة، قال: حدَّثني أبي، عن أبيه، عن جده، قال: إنَّ الله إذ أراد أن يَخلُق خَلْقًا للخلافة مَسحَ يده على ناصيته، فلا تقعُ عليه عَينٌ إلَّا أحبَّه
(1)
.
رواة هذا الحديث عن آخرهم هاشميّون معروفون بشَرَف الأصل.
(1)
إسناده تالفٌ، فابن أبي دارم قال عنه المصنف نفسُه: رافضي غير ثقة، لكنه متابع، وشيخه أبو إسحاق محمد بن هارون بن عيسى الهاشمي هو المعروف بابن بُرَيه، قال عنه الدارقطني: لا شيء، وقال الخطيب: في حديثه مناكير كثيرة، وقال عنه مرة: ذاهب الحديث يُتَّهم بالوضع، وجزم به ابن عساكر، فقال: يضع الحديث. قلنا: وهو المتَّهم به، وقد رُوي مثل هذا الخبر من طريق أخرى لا يُعتمد عليها البتة، وليس فيه قوله: ذلك نور الخلافة، إلى آخره.
وأخرجه ابن الجوزي في "المسلسلات" الحديث الثالث والأربعون، من طريق أحمد بن يعقوب بن أحمد بن المهرجان العدل، عن محمد بن هارون بن عيسى، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عساكر كما في "تاريخ الخلفاء" للسيوطي ص 259، وأبو طاهر السِّلَفي في "المشيخة البغدادية"(19)، ومحمد بن محمد المرتضى الزَّبيدي في "أماليه"(2) من طريق أحمد بن الحسن المقرئ المعروف بدبُيس، عن محمد بن يحيى الكسائي وأحمد بن زهير وإسحاق بن إبراهيم بن إسحاق، عن علي بن الجهم، عن المتوكل عن المعتصم، عن المأمون، عن الرشيد، عن المهدي، عن المنصور، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس بنحوه في ذكر الجُمَّة فقط، ودُبيسٌ المقرئ المذكورُ في هذا الإسناد قال عنه الدارقطني: ليس بثقة، وقال عنه الخطيب: منكر الحديث.
ووصفه صلى الله عليه وسلم بأنه كان ذا جُمَّة - أي: أنَّ شعره كان يضرب منكبيه - صحيح ثابت من حديث أنس بن مالك عند البخاري (5903)، ومسلم (2338): أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يضربُ شعرُه منكبيه.
وفي لفظٍ عند البخاري (5905): بين أذنيه وعاتقه، وفي لفظٍ عند مسلم: إلى أنصاف أُذُنيه.
وصحَّ عن البراء بن عازب أيضًا عند مسلم (2337)، قال: ما رأيتُ من ذي لِمَّةٍ أحسن في حُلّة حمراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، شعره يضرب منكبيه. وهو عند البخاري (3551) لكن بلفظ: له شعر يبلغ شحمة أذنيه.
وهذا الخلاف محمول على أنَّ معظم شعره صلى الله عليه وسلم كان عند شحمة أُذُنه، وما استرسل منه متّصل إلى المنكِب. نقله الحافظُ ابن حجر في "الفتح" 10/ 417 عن الداوودي وابن التِّين.
5516 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا أبو القاسم عبيد الله
(1)
بن محمد بن سليمان بن إبراهيم الإسكندراني بمصر، حدثنا أبو يحيى الضرير زيد بن الحسن المِصري
(2)
، حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن الخطَّاب أنه قال للعباس بن عبد المطَّلِب: إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نَزِيدُ
(3)
في المسجد"، ودارُك قريبةٌ من المسجد، فأعطناها نَزِدْها في المسجد، وأقطعُ لك أوسعَ منها، قال: لا أفعلُ، قال: إذًا أغلِبَك عليها، قال: ليس ذاكَ لكَ، فاجعل بيني وبينك مَن يقضي بالحق، قال: ومَن هو؟ قال: حذيفةُ بنُ اليمان، قال: فجاؤوا إلى حذيفة فقَصُّوا عليه، فقال حذيفةُ: عندي في هذا خَبَرٌ، قال: وما ذاك؟ قال: إنَّ داودَ النبيَّ صلَواتُ الله عليه أراد أن يَزِيد في بيت المَقدِس، وقد كان بيتٌ قريبٌ من المسجد ليتيمٍ، فطَلَب إليه فأبى، فأراد داودُ أن يأخُذَها منه، فأوحى الله عز وجل إليه: إن أنْزَه البُيوتِ عن الظُّلم لَبَيتي، قال: فتركه، فقال له العباسُ: فبقي شيء؟ قال: لا.
قال: فدخل المسجد، فإذا مِيزابٌ للعباس شارعٌ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يَسيلُ ماءُ المطر منه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمرُ بيده فقلَعَ المِيزابُ، فقال: هذا
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: عبد الله، مكبَّرًا، وهو خطأ صوَّبناه من "فتح الباب في الكنى والألقاب" لابن مَنْدَه الترجمة (62)، و"الأنساب" للسمعاني في نسبة (المدوَّري)، و"المغني في "الضعفاء" للذهبي (3949)، وكذلك سمِّي على الصواب في رواية ابن عساكر لهذا الخبر في "تاريخ دمشق" 26/ 369.
(2)
وقع في نسخنا الخطية: البصري، بالباء بدل الميم، نسبة إلى البصرة، وأغلب الظن أنها تحريف عن المصري، فقد ترجم لزيد بن الحسن هذا جماعةٌ مبيّنين أنه كان بمصر، منهم أبو سعيد بن يونس المصري والدارقطني كما نقله الحافظُ ابن حجر في "لسان الميزان" 3/ 551.
(3)
وقع في نسخنا الخطية: نزد، هكذا بحذف الياء قبل الدال! والجادة ما أثبتنا من "تاريخ دمشق" لابن عساكر 26/ 369 حيث روى هذا الخبر بهذا الإسناد. ومن سائر مصادر التخريج التي خرَّجت هذا الحرف من قول عمر بن الخطاب مقتصرين عليه كما سيأتي.
الميزابُ لا يَسيلُ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له العباسُ: والذي بعث محمدًا بالحقِّ، إنه هو الذي وَضَعَ هذا المِيزابَ في هذا المكان، ونزعته أنتَ يا عمرُ، فقال عمر: ضَعْ رِجليك على عُنقي لترُدَّه إلى ما كان، ففعل ذلك العباسُ، ثم قال العباسُ: قد أعطيتُك الدارَ تَزيدُها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزادَها عمرُ في المسجد، ثم قَطَعَ للعباس دارًا أوسع منها بالزَّوراء
(1)
.
(1)
صحيح لغيره إن شاء الله لكن بذكر أُبيّ بن كعب بدل حذيفة بن اليمان، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي القاسم عُبيد الله بن محمد الإسكندراني وشيخه أبي يحيى زيد بن الحسن المصري، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم فيه لينٌ، وخالفه معمر بن راشد الثقة الحافظ فروى هذا الخبر عن زيد بن أسلم مرسلًا ليس فيه ذكر أبيه أسلم مولى عمر بن الخطاب وذكر أن الحكم بين العباس وعمر كان أبيّ بن كعب.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 26/ 369 - 370 من طريق أبي القاسم عبيد الله بن محمد الإسكندراني بهذا الإسناد.
وأخرجه إسحاق بن راهويه كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (2/ 946) عن عبد الرزاق، عن معمر بن راشد، عن زيد بن أسلم، مرسلًا، وبذكر أبي بن كعب حكمًا بين العباس وعمر بدلًا من حذيفة، ودون قصة الميزاب وإقطاع عمر للعباس دارًا أوسع.
ويشهد لقصة عمر والعباس في الدار والميزاب مرسلُ سعيد بن المسيب الذي سيذكره المصنّف بعده.
ويشهد لقصة الدار دون الميزاب حديث ابن عباس عند ابن سعد 4/ 20، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 512، وعبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة"(1807)، والبيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 168، وابن عساكر 26/ 367. وإسناده ضعيف، فيه علي بن زيد بن جُدعان، وهو ضعيف الحديث.
ويشهد لقصة الدار كذلك مرسل سالم أبي النضر عند ابن سعد 4/ 19، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 4/ 22، وابن عساكر 26/ 370، وهذا مع إرساله فيه رجل ضعيف.
ويشهد لقصة الميزاب وحدها حديثُ عُبيد الله بن عباس عند أحمد 3/ (1790) وغيره، ورجاله لا بأس بهم، لكن فيه انقطاع، غير أنه يصلح مثلُه في الشواهد.
ويشهد لهذه القصة أيضًا مرسل أبي هارون موسى بن أبي عيسى المدني عند عبد الرزاق =
هذا حديثٌ كتبناهُ عن أبي جعفر، وأبي عليٍّ الحافظ عليه
(1)
، ولم نكتُبه إلَّا بهذا الإسناد، والشيخان رضي الله عنهما لم يحتجّا بعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
وقد وجدتُ له شاهدًا من حديث أهل الشام:
5517 -
حدَّثَناه أبو أحمد الحسين بن علي التَّمِيمي، رحمه الله، أخبرنا محمد بن المُسيَّب، حدثنا أبو عُمير عيسى بن محمد بن النَّحّاس، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا شُعيبٌ الخُراساني
(2)
، عن عطاء الخُراساني، عن سعيد بن المُسيّب: أَنَّ عُمر بن الخطَّاب لما أراد أن يَزِيد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وَقَعَتْ زيادته
(3)
على دارِ العباس
= (15264)، وأبي داود في "المراسيل"(406)، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 4/ 19. ورجاله ثقات.
ويشهد لها كذلك مرسل أبي حَصِين عثمان بن عاصم عند البلاذُري في "أنساب الأشراف" 4/ 19.
ورجاله لا بأس بهم.
والزَّوراء: موضع بالمدينة غربي المسجد النبوي عند سوق المدينة في صدر الإسلام.
(1)
أي: بانتقاء أبي علي الحافظ على أبي جعفر البغدادي، فإنّ لأبي علي الحافظ أحاديث انتقاها من مرويات أبي جعفر البغدادي نَظِير الحديث المتقدم برقم (5351).
(2)
كذلك نُسب هذا الرجل في رواية الحاكم خُراسانيًا، كما في "أصول المستدرك"، وكما رواه البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 67 عن أبي عبد الله الحاكم بسنده هذا! وهو وهمٌ يغلب على الظن أنه من جهة الحاكم نفسه، وربما يكون من أحد الرواة بينه وبين الوليد بن مسلم، فقد روى هذا الخبر محمد بن عمرو بن الجَرّاح الغَزّي عن الوليد بن مسلم، فقال: عن شعيب بن رُزَيق، هكذا غير منسوب، وهذا هو الصحيح، فهذا الرجل شامي مقدسي لا شأن له بخُراسان، ومنشأ الوهم هذا - فيما يبدو - هو انتقال النظر إلى نسبة شيخ شعيب في هذا الإسناد؛ وهو عطاء بن أبي مسلم الخُراساني، فكُرِّر سهوًا، والله أعلم.
(3)
جاء في (ز) و (ب): وقف ساقيه، وفي (ص) و (م): وقعت ساقيه، هكذا غير معجمة، سوى نقطة وضعت في (ص) على ما قبل آخره فأصبحت كأنها نون، والمثبت على الصواب من رواية البيهقي في "الكبرى" 6/ 67 حيث روى هذا الخبر عن أبي عبد الله الحاكم، بإسناده هذا، فما عدا ذلك فهو تحريف.
ابن عبد المُطلب، فذكر الحديث بنحوٍ منه
(1)
.
(1)
صحيح لغيره كسابقه، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسل، غير أنه وإن كان كذلك فهو من مراسيل سعيد بن المسيب الذي تُعدُّ مراسيله من أقوى المراسيل حتى عدَّها بعضهم في حكم المسند المتصل لجلالة سعيدٍ. محمد بن المسيّب: هو ابن إسحاق النيسابوري الأرغباني، وشعيب: هو ابن رُزيق - بتقديم الراء - الشامي المقدسي، وعطاء الخراساني: هو ابن أبي مسلم.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 76 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد. وقال في آخره بعد قوله: وقعت زيادته على دار العباس بن عبد المطلب: فذكر قصة وذكر فيها قصة الميزاب.
وأخرجه البيهقي 6/ 168، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 368 من طريق محمد بن عمرو بن الجراح الغَزِّي، عن الوليد بن مسلم، عن شعيب بن رُزيق وغيره، عن عطاء الخراساني، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: لما أراد عمر بن الخطاب أن يزيد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكر قصة دار العباس دون قصة الميزاب، وجعل الحديث مسندًا متصلًا بذكر أبي هريرة، ولو كان ذلك محفوظًا لكان الإسناد حسنًا، لكن رُوي هذا الحديث بسند رجاله ثقات عن سعيد بن المسيب ليس فيه ذكر أبي هريرة، وهو المحفوظ، والله تعالى أعلم.
وأخرجه دون قصة الميزاب كذلك أحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(1753)، وأخرجه علي بن حرب الطائي في الجزء الثاني من "حديثه عن ابن عيينة"(11)، ومن طريقه الخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق"(273)، وابن عساكر 26/ 367، وأخرجه ابن حزم في "المحلى" 7/ 236 من طريق عبد الله بن الزبير الحميدي، ثلاثتهم (أحمد بن حنبل وعلي بن حرب والحميدي) عن سفيان بن عيينة، عن بشر بن عاصم الثقفي، عن سعيد بن المسيب، مرسلًا، إلّا الحميدي، فقال في روايته: عن سعيد بن المسيب، عن أبي بن كعب، قال: إنَّ عمر بن الخطاب والعباس بن عبد المطلب تحاكما. ورجاله ثقات، وسماع سعيد بن المسيب من أبي بن كعب محتمل، لأنَّ سعيدًا ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر، وأبيّ بن كعب مات في خلافة عثمان على الصحيح، فلو ثبت ذكر أبي بن كعب لكان الإسناد صحيحًا، لكن قول الجماعة الذين أرسلُوه أولى بالقبول، ولعلَّ الحُميدي لما قال: عن أبي بن كعب، أراد عن قصة أبي بن كعب في تحكيم عمر والعباس إياه في خصومتهما، والله تعالى أعلم. =
5518 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري، حدثنا قبيصة بن عُقبة، حدثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن أبي رَزِين، عن أبي رزين، عن عليٍّ، قال: قلتُ للعباس: سَل النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يستعملك على الصدقة، فسأله، فقال:"ما كنتُ لأستَعمِلَك على غُسَالِةِ ذُنُوبِ الناسِ"
(1)
.
= وأخرجه أبو سعيد المُفضَّل محمد الجَنَدي في "فضائل المدينة"(50) عن ابن أبي عمر العَدَني وسعيد بن منصور، عن سفيان بن عيينة، عن بشر بن عاصم، مرسلًا ليس فيه ذكر سعيد بن المسيب.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن أبي رزين، وفي متنه نكارة، لأنه يخالف ما ثبت في "صحيح مسلم"(1072) من حديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث، قال: اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب، فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين - قالا لي وللفضل بن عباس - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلماه فأمّرهما على هذه الصدقات، فأدّيا ما يؤدي الناسُ، وأصابا مما يُصيبُ الناسُ، قال: فبينا هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب، فوقف عليهما فذكرا له ذلك، فقال علي بن أبي طالب: لا تفعلا فوالله ما هو بفاعل .... وفيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لهما: "إنَّ الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخُ الناس". وعليه فما ذهب إليه بعضُ أهل العلم من تصحيح حديث أبي رزين عن علي فيه نظرٌ، فقد صحَّحه الطبريُّ في "تهذيب الآثار" في مسند علي ص 235، وابنُ خزيمة (2390)، وحسَّنه ابن حجر في "المطالب العالية"(910)، وفي "مختصر زوائد البزار"(799)، والبوصيري في "إتحاف الخيرة"(2079)!
سفيان: هو الثوري، وأبو رزين: هو مسعود بن مالك الأسدي.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 24، وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في "مسنديهما" كما في "المطالب العالية"(910)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 514، والبزار (895)، والطبري في "تهذيب الآثار" مسند علي ص 235، وابن خزيمة (2390)، والطحاوي في "أحكام القرآن"(799)، وفي "مشكل الآثار"(4389)، وفي "معاني الآثار" 2/ 11 من طُرق عن قبيصة بن عُقبة، بهذا الإسناد. غير أنَّ يعقوب بن سفيان وابن خزيمة لم يذكرا في الإسناد أبا رزين، إنما جعلاه من رواية ابنه عن عليٍّ مباشرة، والمحفوظ ذكر أبيه.
5519 -
وبإسناده عن عليٍّ، قال: قلتُ للعباس: سَلْ لنا النبي صلى الله عليه وسلم الحِجابةَ، فقال:"أُعطِيكُم ما هو خيرٌ لكم منها، السِّقايةَ تَرْزُؤُكم ولا تَرْزَؤُها"
(1)
.
(1)
حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الله بن أبي رزين، وإقرارُ رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس على السِّقاية مشهور عند أهل السِّير شُهرة يُستغنى بها عن طلب الإسناد. على أن بعض أهل العلم قد صحَّح حديث أبي رزين هذا، منهم الطبري في "تهذيب الآثار" في مسند علي ص 233، والضياء المقدسي في "المختارة" 2/ (802)، وحسَّنه الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية"(1309)، والبوصيري في "إتحاف الخيرة"(2084).
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 4/ 22، وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وأحمد بن منيع في "مسانيدهم" كما في "المطالب العالية"(1309)، والبزار (895)، والطبري في "تهذيب الآثار" في مسند عليٍّ ص 233، وضياء الدين المقدسي في "المختارة" 2/ (802) من طرق عن قبيصة بن عُقبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده"(310) من طريق أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري، عن سفيان الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن أبي رزين، قال: قال علي للعباس
…
فذكره مرسلًا ولم يذكر أبا رزين، إنما جعله من مرسل ابنه عبد الله!
ويشهد له مرسل ابن أبي مُليكة عند عبد الرزاق (9073)، ومن طريقه الطبراني في "معجمه الكبير" (8395): أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لعليٍّ حين كلَّمه في المفتاح: "إنما أعطيتكم ما تُرزَؤون، ولم أُعطكم ما ترزؤون". أي: أعطيتكم السِّقاية لأنكم تغرمون فيها، ولم أُعطكم البيت. ورجاله ثقات.
وذكرها الواقدي في "مغازيه" 2/ 833 عن شيوخه، ومن طريقه أخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" ص 267. وذكر أنَّ العباس هو من سأل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لا عليّ بن أبي طالب.
وذكرها كذلك ابن جريج وابنُ إسحاق في خبر ولاية قصي بن كلاب البيت كما رواه عنهما الأزرقي في أخبار مكة ص 109. وذكرا أيضًا أنَّ السائل للحجابة كان العباس لا عليًّا.
وقد نقل الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 5/ 457 عن الفاكهي أنه أخرج من طريق الشعبي قال: تكلم العباسُ وعليٌّ وشيبة بن عثمان في السقاية والحجابة فأنزل الله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ} إلى قوله: {حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} . فكأنَّ العباس وعليًّا كلٌّ منهما كلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن جمع الحجابة إلى السقاية، والله أعلم.
ونقل الحافظ عن الفاكهي أيضًا أنه روى من طريق ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: أنَّ العباس لما =
كلا الحديثين صحيحا الإسناد، ولم يُخرجاه.
5520 -
حدثنا علي بن عيسى الحِيري، حدثنا أحمد بن نَجْدة القُرشي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن الحجّاج بن دينار، عن الحكم، عن حُجَيّة بن عدي، عن علي: أنَّ العباس بن عبد المطلب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تعجيل صدقته قبل أن تَحِلَّ، فرخَّص له في ذلك
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5521 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى وإسحاق بن إبراهيم وأبو بكر بن أبي شيبة، قالوا: أخبرنا جريرٌ، عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث، عن المُطلب بن ربيعة، قال: جاء العباسُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُغضَبٌ، فقال:"ما شأنك؟ " فقال: يا رسول الله، ما لنا ولقُريشٍ، فقال:"ما لك ولهم؟ "، قال: يلقى بعضُهم بعضًا بوجوهٍ مشرقةٍ، فإذا لَقُونا لَقُونا بغير ذلك، قال: فغضبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى استَدَرَّ عِرْقٌ بين عَينَيهِ، قال: فلما
= مات أراد عليٌّ أن يأخذ السقاية، فقال له طلحة: أشهدُ لرأيت أباهُ يقوم عليها، وإنَّ أباك أبا طالب لنازل في إبله بالأراك بعرفة، قال: فكفَّ عليٌّ عن السقاية.
وثبت في "صحيح البخاري"(1635) من حديث عبد الله بن عباس إقرارُه صلى الله عليه وسلم للسقاية في يد العباس، وذلك أنه سقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اعملُوا فإنكم على عمل صالح"، ثم قال:"لولا أن تُغلبوا لنزلتُ حتى أضع الحبل على هذه" يعني عاتقه.
وعند البخاري (1634)، ومسلم (1315) من حديث ابن عمر: أنَّ العباس بن عبد المطلب استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى، من أجل سقايته، فأذن له.
(1)
إسناده حسنٌ من أجل حجيّة بن عَديّ. الحكم: هو ابن عُتيبة.
وأخرجه أحمد 2 / (822)، وأبو داود (1624)، وابن ماجه (1795)، والترمذي (678) من طرق عن سعيد بن منصور، بهذا الإسناد.
ويشهد له حديث علي بن أبي طالب عند البيهقي 4/ 111، ورجاله ثقات.
وحديث أبي رافع عند الدارقطني (2014)، وإسناده ضعيف.
وحديث عبد الله بن مسعود عند البزار (896)، وإسناده ضعيف أيضًا.
أسفَرَ عنه، قال:"والذي نفسُ محمدٍ بيدِه، لا يدخُلُ قلب امرئٍ الإيمانُ حتى يُحبّكم الله ولرسوله"، قال: ثم قال: "ما بالُ رجالٍ يُؤذُونَني في العباس، عمُّ الرجل صنُو أبيه"
(1)
.
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم الكوفي - ضعيف، وقد اختلف عليه في إسناده، لكن قد روي الخبر من طرق أخرى يتحسَّن بها كما سيأتي. وأما قوله:"عمُّ الرجل صِنْو أبيه" فصحيحٌ.
وأخرجه أحمد 3/ (177) و 29/ (17515) عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. وسمَّى صحابيَّه عبد المطّلب بن ربيعة، وكلا القولين قيل في اسمه.
وأخرجه أحمد 29/ (17516) من طريق يزيد بن عطاء، والترمذي (3758)، والنسائي (8120) من طريق أبي عوانة اليشكُري، وابن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 639، وابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"(1512) من طريق خالد بن عبد الله، ثلاثتهم عن يزيد بن أبي زياد، به. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وخالف أصحاب يزيد بن أبي زياد إسماعيلُ بن أبي خالد عند أحمد 3/ (1772)، وابن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 639، ويعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ" 1/ 496 - 497، والبزار في "مسنده"(1315)، والآجري في "الشريعة"(1762)، والمصنف في الروايتين الآتيتين برقمي (5522) و (7137) فرواه عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن العباس بن عبد المطلب. فأسقط منه المطلب، وجعله من مسند العباس.
وسيأتي برقم (7136) من طريق أبي سبرة النخعي عن محمد بن كعب القرظي عن العباس بن المطلب، وأبو سبرة مجهول الحال، ورواية القرظي عن العباس منقطعة.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 109، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1756)، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 4/ 12، والبيهقي في "البعث والنشور"(7)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 337 و 338 من طريق سعيد الثوري والد سفيان، وعبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة"(1791) من طريق سلمة بن كهيل، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1687) من طريق الأجلح بن عبد الله، ثلاثتهم عن أبي الضُّحى مسلم بن صُبيح: قال العباس: يا رسول الله، إنا نعرف في وجوه أقوامٍ الضغائن بوقائع أوقعتَها فيهم، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لن ينالوا خيرًا حتى يحبوكم الله ولقرابتي، ترجو سلهمٌ شفاعتي ولا يرجوها بنو عبد المطلب! ". ورجاله ثقات، لكنه منقطع بين أبي الضحى والعباس. وسَلهَم بطن من مَذحِج من القحطانية. =
هذا حديث رواه إسماعيل بن أبي خالد عن يزيد بن أبي زياد، ويزيدُ وإن لم
(1)
يُخرجاه، فإنه أحدُ أركان الحديث في الكوفيين.
5522 -
حدَّثَناه أبو عمرو عثمان أحمد بن السَّمّاك الزاهد ببغداد، حدثنا
= وانفرد أبو حذيفة موسى بن مسعود من بين أصحاب سفيان الثوري، فرواه عنه عن أبيه عن أبي الضحى عن ابن عباس موصولًا، عند ابن شبّة في تاريخ "المدينة" 2/ 640، والطبراني في "الكبير"(12228)، والبيهقي في "البعث"(5) و (6)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/ 259، والشجري في "أماليه" 1/ 154، وأبي القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(39)، وابن عساكر 26/ 337.
وكذلك أخرجه العُقيلي في "الضعفاء الكبير"(1667)، والطبراني في "الأوسط"(2963)، وقاضي المارستان في "مشيخته"(11)، وابن عساكر 26/ 338 من طريق محمد بن يحيى الحجري، عن عبد الله بن الأجلح، عن منصور بن المعتمر، عن أبي الضُّحى، عن ابن عباس، فوصله أيضًا بذكر ابن عباس، لكن محمد بن يحيى هذا ليس بثقة كما قال الذهبي في "الميزان"، كيف وقد خالف الرواة عن أبي الضحى؟!
وأخرجه الآجري في "الشريعة"(1763)، والثعلبي في "تفسيره" 8/ 313، وابن عساكر 26/ 303 من رواية يحيى بن كثير الأسدي الكاهلي، عن صالح بن خبّاب الفَزاري، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، قال: قال العباس
…
فذكر نحوه. ويحيى بن كثير هذا فيه لينٌ، وحديثه يصلح في المتابعات والشواهد.
وفي الباب عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، سيأتي عند المصنف برقم (4/ 6560)، وسنده تالفٌ لا يصلح للاعتبار.
وليس في شيء من هذه الطرق ذكر حرف "عم الرجل صِنو أبيه" إلا في طريق يزيد بن أبي زياد. وقد صحَّ هذا الحرف من حديث أبي هريرة عند أحمد 14/ (8284)، ومسلم (983)، وغيرهما.
وروي أيضًا من حديث عليٍّ عند أحمد 2 / (725)، والترمذي (3760)، ورجاله ثقات لكن فيه انقطاع.
قوله: "أَسفَرَ عنه" أي: انكشف عنه الغَضَب.
وقوله: "صنو أبيه" أي: مِثلُ أبيه وقرينُه، وأصله النخلتان تخرجان من أصل واحد.
(1)
في (ز) و (ب): ويزيد ولم يخرجاه، وفي (ص): ويزيد لم يخرجاه. والمثبت على الصواب من (م) و"تلخيص المستدرك" للذهبي.
عبد الرحمن بن محمد بن منصور، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن العباس بن عبد المطّلب، قال: قلتُ: يا رسول الله، إنَّ قريشًا إذا لقي بعضُها بعضًا لَقُوها ببِشْرٍ حَسَن، وإذا لَقُونا لَقُونا بوجوهٍ لا نَعرفُها، قال: فغَضِبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا، وقال:"والذي نفسُ محمدٍ بيده، لا يَدخُلُ قلب رجلٍ الإيمانُ حتى يُحبَّكم الله ولرسوله"
(1)
.
قد ذكرتُ في مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما طرفًا في "فضائل أهل بيتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وبيَّنتُ عِلل هذا الحديث بذكر المُطّلب بن ربيعة، ومن أسقَطَه من الإسناد، فأَغنى ذلك عن إعادته في هذا المَوضِع.
5523 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن ثَور بن يزيد عن مَكحُول، عن سعيد بن المُسيّب، أنه قال: لَلْعبّاسُ بن عبد المُطّلب خيرُ هذه الأمة، وارثُ النبيِّ وعمُّه
(2)
.
5524 -
أخبرني أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شُعبة، عن عمرو بن مُرة، قال: سمعت ذكوان أبا صالح [يُحدِّث عن صُهيب مولى العباس]
(3)
قال: أرسلني العباسُ
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. يحيى بن سعيد: هو القطان.
وأخرجه أحمد 3/ (1772) عن يزيد بن هارون، عن إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد.
(2)
رجاله ثقات، وصحَّحه الذهبي في "تاريخ الإسلام" 2/ 205، لكنه قال في "سير أعلام النبلاء" 2/ 95: هو قول منكر.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" 4/ 388، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 374 عن يحيى بن جعفر - وهو يحيى بن أبي طالب نفسُه - بهذا الإسناد. وقد تحرَّف اسم يحيى بن جعفر في مطبوع "معجم الصحابة" إلى: علي بن جعفر.
(3)
ما بين المعقوفين سقط من نسخنا الخطية، واستدركناه من سائر روايات هذا الخبر عن شعبة، وربما يكون سقط على أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن القاضي، فإنه لم يكن بذاك.=
ابن عبد المطلب إلى عثمان، فأتيتُه فإذا هو يُغدِّي الناسَ، فَدَعَوتُه، فأتاهُ، فقال: أفلَحَ الوجهُ
(1)
أبا الفضل، فقال: ووجهُك يا أمير المؤمنين، فقال: ما زِدتُ على أن أتاني رسولُك وأنا أُغدِّي، فغَدَّيتُهم ثم أقبلْتُ
(2)
.
5525 -
أخبرني أبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا جَرِير، عن عمرو بن ثابت، قال: دخل رجلٌ على الحُسين بن عليٍّ وهو يأكُلُ، فقال: ادْنُ فكُل، قال: إني قد أكلتُ، قال: عندَ مَن؟ قال: عندَ ابن عباس، قال: أما إن أباهُ كان سيِّدَ قُريشٍ
(3)
.
= وأبو صالح ذكوان السمان لم يدرك العباس ولا عثمان.
(1)
في النسخ: أفلح الوجوه، بصيغة الجمع، والجادة ما أثبتناه وفاقًا لما في مصادر التخريج.
(2)
إسناده محتمل للتحسين من أجل صهيب مولى العباس، فهو - وإن لم يرو عنه غير أبي صالح ذكوان السَّمّان - تابعي كبير يروي عن العباس وعثمان وعليّ، وخرج له البخاري في "الأدب المفرد"، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وحسَّن الذهبيُّ في "السير" 2/ 94 هذا الإسنادَ في خبر آخر يروى بهذا الإسناد أيضًا. إبراهيم بن الحسين: هو ابن دِيزيل.
وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 213، وأبو زرعة الدمشقي في "الفوائد المعللة"(184)، وابن عساكر 39/ 264 من طريق محمد بن جعفر غُنْدَر، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 509، وابن عساكر 39/ 264 - 265 و 265 من طريق خالد بن الحارث، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 4/ 21 من طريق أبي داود الطيالسي، وابن عساكر 39/ 264 - 265 من طريق معاذ بن معاذ العنبري، أربعتهم عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(407)، ومن طريقه ابن عساكر 39/ 263 عن أحمد بن سهل العسكري، عن أحمد بن محمد بن رِشْدِين عن يوسف بن عدي، عن عبد الله بن عمرو الرَّقِّي، عن الأعمش، عن أبي صالح طهمان مولى العباس بن عبد المطلب. وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن رشدين، وأغلب الظن أنه وهم في إسناد الحديث إذ جعله عن أبي صالح طهمان مولى العباس، وإنما هو عن أبي صالح ذكوان السمان، عن صهيب مولى العباس كما في رواية عمرو بن مرة.
(3)
إسناده ضعيف لضعف عمرو بن ثابت - وهو ابن هرمز الكوفي - على أنه لم يُدرك الحسين بنَ علي - وهو ابن أبي طالب - إنما يروي هذا الخبر عن حبيب بن أبي ثابت كما أخرجه الطبراني =
5526 -
حدثنا أبو علي الحافظ، حدثنا محمد بن عبد الله البَيروتي، حدثنا محمد بن عُزيز، حدثني سَلامة بن رَوْح، عن عُقَيل بن خالد، عن ابن شهاب، قال: قال عبد الله بن ثَعلَبة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَوْصاني اللهُ بذِي القُربَى، وأَمَرني أن أبدأ بالعباس"
(1)
.
5527 -
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبري، حدثنا الحسن بن علي بن نَصْر، حدثنا الزُّبير بن بكّار، حدثني ساعدةُ بن عُبيد الله المُزَني، عن داود بن عطاء المَدَني، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، أنه قال: استسقى عمرُ بن الخطاب عام الرَّمَادة بالعباس بن عبد المُطّلب، فقال: اللهم هذا عمُّ نَبيِّك نَتوجَّه إليك به، فاسْقِنا، فما برحُوا حتى سقاهُم اللهُ، قال: فخطَبَ عمرُ الناس، فقال: أيُّها الناسُ، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولدُ لوالده، يُعظِّمُه ويُفخِّمُه، ويَبَرُّ قَسَمَه، فاقتَدُوا أَيُّها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمِّه العباس، واتخِذُوه وسيلة إلى الله عز وجل فيما نَزَل بكم
(2)
.
= في "الكبير"(2911)، وفي "الأوسط"(1954) من طريق أبي عتّاب سهل بن حماد الدلال، عن عمرو بن ثابت، حدثني حبيب بن أبي ثابت قال: صنعت امرأة من نساء الحسين طعامًا .... ثم ذكر نحوه بأطول ممّا هنا. وليس فيه تصريح بحضور حبيب بن أبي ثابت للقصة كذلك، وكان حبيب يُرسل كثيرًا. جرير: هو ابن عبد الحميد.
(1)
ضعيف، وما وقع هنا من ذكر عبد الله بن ثعلبة - وهو ابن أبي صُعَير العُذلاي، وهو صحابي صغير له رؤية - فوهمٌ، والمحفوظ فيه روايته عن ابن شهاب الزهري عن عبد الله بن كثير - هكذا غير منسوب - كذلك قال عبدُ الوهاب بن الحسن الكلابي في روايته عن محمد بن عبد الله البيروتي - وهو محمد بن عبد الله بن عبد السلام الملقّب بمكحول - عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 343، وكذلك قال محمد بن محمد بن سليمان الباغَندي، عن محمد بن عُزيز عند ابن عساكر أيضًا 26/ 343. وعبد الله بن كثير هذا لم نتبيَّنه، إلا أن يكون هو عبد الله بن كثير الكناني المكي، أو يكون هو عبد الله بن كثير السَّهمي المكي، وكلاهما تابعي، فيكون الخبر على هذا مرسلًا، وتكون رواية الزهري عن هذا التابعي من رواية الأقران، والله تعالى أعلم.
(2)
خبر حسن بهذه السياقة إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لضعف داود بن عطاء، وجهالة ساعدة =
ذكرُ مناقب عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه
-
5528 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق المُزَني، حدثنا مصعب بن عبد الله، قال: عبد الله بن الأرقم بن عبد يَغُوثَ بن أُهَيب بن عبد مناف بن زُهْرَةَ، أمُّه
= ابن عُبيد الله المزني، وقد رُوي هذا الخبر بنحو روايتهما من طريق أخرى أحسن من هذه عن زيد بن أسلم وابن إسحاق عمن حدثهما عن ابن عباس، وإسناده حسن لولا إبهام راويه عن ابن عباس، ولقصة الاستسقاء لكن دون خطبة عمر طريق ثالثة عن زيد بن أسلم عن أبيه، وفيها مقالٌ، غير أنه بمجموع هذه الطرق الثلاث يمكن تحسين خبر زيد بن أسلم، ويكون لزيد بن أسلم فيه أكثر من شيخ كما أشار إليه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 4/ 119، والله تعالى أعلم.
وأخرجه الطبراني في "الدعاء"(2211)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 324 - 328 و 328 - 329، وفي "معجم شيوخه"(881)، وابن العديم في "بغية الطلب في تاريخ حلب" 8/ 3748 - 3749. من طريق الزبير بن بكار، بهذا الإسناد.
وأخرجه اللالكائي في "كرامات الأولياء"(88) من طريق عبد الرحمن بن أبي حاتم، عن محمد بن عُزيز، عن سلامة بن روح، عن عُقيل بن خالد، عن زيد بن أسلم وابن إسحاق، عمَّن أخبرهما، عن ابن عباس. وبعضهم زاد في الحديث على بعضٍ، قال: لما كان عام الرمادة استسقى عمر بن الخطاب
…
فذكر نحوه. وقد تحرَّف ابن إسحاق في المطبوع إلى: أبي إسحاق. وهو خطأ صوَّبناه من كلام ابن أبي حاتم نفسه في "الجرح والتعديل" حيث ذكر أن عُقيل بن خالد يروي عن محمد بن إسحاق، ولم يتعرض لذكر أبي إسحاق، ومحمد بن إسحاق هذا: هو ابن يسار صاحب السيرة.
وأخرجه البَلاذُري في "أنساب الأشراف" 4/ 14 من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فُديك، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: خرج عمر يستسقي فأخذ بضبعي العباس، وقال: اللهم هذا عم نبيّك فاسقِنا، فما بَرِحَ الناسُ حتى سُقُوا. وإسناده حسنٌ في المتابعات والشواهد.
وفي الباب عن أنس بن مالك عند البخاري (1010): أنَّ عمر بن الخطاب كان إذا قُحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نَتَوسَّلُ إليك بنبِّينا فتسقينا، وإنا نَتَوسَّل إليك بعمِّ نبينا فاسقِنا. قال: فيُسقَون.
وبيَّن ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 558 - وهو عند الزبير بن بكار في "الأنساب" كما في "فتح الباري" 4/ 119 - أنَّ عمر قال بعد خطبته: يا أبا الفضل قم فادعُ، فقام العباس فقال
…
وذكر دعاءه.
عَمْرةُ بنت الأرقم بن هاشم بن عبد مَناف، وكان قد عَمِي قبل وفاته، تُوفي سنة خمس وثلاثين
(1)
.
5529 -
أخبرني أحمد بن يعقوب الثّقَفي، حدثنا موسى بن زكريا التُّستري، حدثنا خليفة بن خَيّاط، فذكر نسبة عبد الله بن الأرقم، وكان عبد الله بن الأرقم كاتبًا للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما
(2)
.
5530 -
حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد البيهقي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا عبد العزيز بن أبي سَلَمة الماجِشُون، عن عبد الواحد بن أبي عون، عن القاسم بن محمد، عن عبد الله بن عمر، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم كتابُ رجُلٍ، فقال لعبد الله بن الأرقم:"أجِبْ عنّي"، فكتبَ جَوابَه، ثم قرأه عليه، فقال:"أصبتَ وأحسنتَ، اللهمَّ وَفِّقْه"، فلما ولي عمر كان يُشاوِرُه
(3)
.
(1)
كذلك قال مصعب بن عبد الله في تسمية أمِّ عبد الله بن الأرقم، وخالفه ابن سعد 6/ 72، وخليفة بن خياط في "الطبقات" ص 16، فقالا: أمُّه أميمة بنت حرب بن أبي همهمة بن عبد العزى بن عامر بن عميرة. وخالفهم ابن حبان في "الثقات" 3/ 218، فقال: أمه عاتكة بنت عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة.
وفي وفاة عبد الله بن الأرقم ذكر ابن السكن في "الإصابة" للحافظ ابن حجر 4/ 4 أنه توفي في خلافة عثمان، وكذلك ذكره البخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 497 فيمن توفي في خلافة عثمان. وليس هذا ببعيد من قول مصعب هنا، فلعله مات قبل عثمان بيسير في السنة نفسها، إذ قتل عثمان رضوان الله عليه في سنة خمس وثلاثين.
وخالفهم ابن حبان في "الثقات" 3/ 218، فقال: مات بمكة يوم جاء نعيُ يزيد بن معاوية وذلك في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين، وصلَّى عليه عبد الله بن الزبير، وله يوم مات اثنان وسبعون سنة، وقد وهّمه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" في تحديد سنة وفاته، وتبعه السخاوي في "التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة" 2/ 18.
(2)
وأسنده ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 337 عن أبي وائل شقيق بن سَلَمة: أنَّ عبد الله بن الأرقم كان كاتب النبي صلى الله عليه وسلم وكاتب عمر بن الخطاب.
(3)
حسنٌ لغيره إن شاء الله، وعبد الله بن صالح - وهو كاتب الليث - يعتبر به في المتابعات =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5531 -
أخبرني أبو زكريا العَنبَري، حدثنا الحسن بن علي بن نصر، حدثنا الزُّبير بن بَكّار، قال: كان عبد الله بن الأرقم بن عبد يَغُوثَ على بيت المال في زمن عُمر، وصدرًا من ولاية عثمان إلى أن توفي، وكانت له صحبةٌ (1).
= والشواهد، لكنه اختُلف عليه في وصل هذا الإسناد وإرساله، فقد رواه عنه الفضل بن محمد البيهقي عليه عند المصنف موصولًا، وعن المصنِّف رواه البيهقي في "سننه الكبرى" 10/ 126.
وخالف الفضل بن محمد فيه مطّلبُ بنُ شعيب الأزدي عند الطبراني في "الكبير"(15035) فرواه عن عبد الله بن صالح، عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجِشُون، عن عبد الواحد بن أبي عون، مرسلًا.
لكن روي هذا الخبر من وجه آخر مختلف في وصله وإرساله أيضًا، غير أنه وإن كان كذلك يمكن أن يتقوى الخبر باجتماعه مع رواية عبد الله بن صالح.
فقد أخرج البزار (267)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابةط (1521)، وحمزة بن يوسف السَّهمي في "تاريخ جرجان" ص 455 من طريق محمد بن صدقة الفَدَكي، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: قال عمر: كُتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب، فقال لعبد الله بن الأرقم الزهري: "أجب هؤلاء" فأخذ عبد الله فأجابهم، ثم جاء بالكتاب فعرضه على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "أصبتَ" قال عمر: فقلت: رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كتب، فما زالت في نفسي حتى وليَ عُمر، فجعله على بيت المال. قال الدارقطني في "العلل" (168): هو حديث تفرد به محمد بن صدقة الفدكي - وليس بالمشهور، ولكن ليس به بأس - عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر، وغيره يرويه عن مالك مرسلًا.
قلنا: يعني كما رواه إسحاق بن محمد الفَرْوي عن مالك عن زيد بن أسلم، عن عمر. فلم يذكر أسلم مولى عمر، كذلك أخرجه أبو طاهر السِّلفي في "مشيخته البغدادية"(39). وإسحاق فيه ضعف لكنه يعتبر به.
أو يكون الدارقطني قصد بالإرسال أنه عن مالك بلاغًا، كما رواه مطرّفُ بنُ عبد الله اليساري عند ابن سعد 6/ 73، وعبد الرحمن بنُ القاسم فيما نبَّه عليه ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 381، كلاهما عن مالك، قال: بلغني أنه ورد على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابٌ
…
فذكر نحوه. (1) وكذلك رواه عبد الله بن الزبير عند ابن عساكر 4/ 336، والمسورُ بنُ مخرمة عند ابن سعد 6/ 73، وزيد بن أسلم مرسلًا عند خليفة في "تاريخه" ص 156، وكذلك روى الزهري مرسلًا =
5532 -
أخبرنا محمد بن علي الصَّنْعاني بمكة، حادثنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبري، أخبرنا عبد الرزاق، عن ابن جُريج، عن أيوب بن موسى، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الأرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أُقيمت الصلاةُ وبأحدكم الغائطُ، فليبدأ بالغائطِ"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب عبد الله بن زيد بن عبد رَبِّه الأنصاري صاحبِ الأذان
5533 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، في تَسمية من شهد بدرًا والعَقَبة من بني جُشَم بن الحارث وزيد بن الحارث - وهُما التَّوأمان: - عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن ثَعلبةَ، وهو الذي أُريَ النِّداءَ بالصلاة، فجاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمَرَ به به
(2)
.
= عند عبد الرزاق (7723) وابن أبي شيبة 3/ 184، وأبي زرعة الدمشقي ص 419، وابن خزيمة (1100) أنَّ عبد الله بن الأرقم كان على بيت المال زمن عمر هو وعبد الرحمن بن عبد القاري، وروى أيضًا (أي: الزهري) عند البلاذُري في "أنساب الأشراف" قصة تدل على أنَّ عبد الله بن الأرقم كان على بيت المال صدر خلافة عثمان.
ولم يرد في شيء من الروايات أنَّ عبد الله بن أرقم بقي زمن عثمان على بيت المال إلى أن مات عبد الله بن أرقم كما جزم به الزبير بن بكار هنا، وإنما جاء عند أكثرهم: أنَّ عبد الله بن الأرقم استعفى عثمانَ من بيت المال، فأعفاهُ عثمان وسلَّم مفاتيح بيت المال بعده لزيد بن ثابت.
(1)
إسناده صحيح، وابن جُريج - واسمه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج - صرح بسماعه من أيوب بن موسى - وهو ابن عَمرو الأُموي - عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(3994)، وهو متابع أيضًا فيما تقدم برقم (957)
(2)
وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 459 - 692 غير أنه قدَّم ذكر ثعلبة على ذكر عبد ربِّه في النسب، ورواية ابن هشام للسيرة عن زياد البكائي عن ابن إسحاق، وكذلك جاء في رواية إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق عند أبي نعيم في "المعرفة"(4155)، وفي رواية يحيى بن سعيد الأموي عن ابن إسحاق عند أبي القاسم البغوي في "معجم الصحابة" بين يدي الحديث (1597)، فهذا هو المحفوظ عن ابن إسحاق في تسميته لعبد الله بن زيد أنه ابن ثعلبة بن عبد ربِّه.
5534 -
أخبرني عبد الله بن غانم
(1)
، حدثنا محمد بن إبراهيم العَبدي، حدثنا يحيى بن بُكير، قال: عبدُ الله بن زيد صاحبُ النِّداء، يُكنى أبا محمّد
(2)
.
5535 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عُروة، فيمن شهد بدرًا والعَقَبة من بني جُشَم بن الحارث وزيد بن الحارث - وهما التَّوأمان -: عبد الله بن زيد بن عبد ربِّه بن ثعلبة بن زيد بن الحارث بن الخزرج، وأخوه حُرَيث
(3)
بن زيد. وعبد الله بن زيد هو الذي أُريَ النداء بالصلاة
(4)
.
5536 -
حدثنا محمد بن أحمد بن بُطَّة الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر قال: عبد الله بن زيد بن عبد ربِّه بن ثعلبة بن زيد بن الحارث، وكان يكنى أبا محمد، وشهد عبدُ الله بنُ زيد في السبعين من الأنصار ليلةَ العقبة في رواية جميعهم، وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت معه رايةُ بني الحارث بن الخَزرج في غزوة الفتح، وهو الذي أُري الأذان
(5)
.
5537 -
قال ابن عمر: حدثني كَثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله بن حَنْطَب، عن محمد بن عبد الله بن زيد، قال: توفي أبي عبدُ الله بنُ زيد بالمدينة سنة اثنتين
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: حاتم، والتصويب من سائر مواضعه عند المصنف، فقد روى المصنف بهذا الإسناد من "تاريخ يحيى الكبير" جُملةً من الأخبار في معرفة الصحابة.
(2)
وقد أسند ابن سعد 3/ 497 عن الواقدي بسنده إلى محمد بن عبد الله بن زيد: أنَّ أباه كان يُكنى أبا محمد.
(3)
تحرَّف في (ص) و (م) إلى: حرب، وفي (ب) إلى: حرث، وفي المطبوع إلى: حارث.
(4)
لم يُذكَر حُرَيث فيمن شهد العقبة إلّا في مغازي عروة هذه.
(5)
وهو عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 497 عن محمد بن عمر - وهو الواقدي - وذكر الواقديُّ في "المغازي" 1/ 166 منه شهود عبد الله بن زيد بدرًا هو وأخوه حريث بن زيد، وذكر أيضًا 2/ 800 حمل عبد الله بن زيد لراية بني الحارث بن الخزرج يوم الفتح.
وثلاثين، وهو ابن أربع وستين سنةً، وصلَّى عليه أمير المؤمنين عثمان بن عفان
(1)
.
إنما اشتَهرَ عبد الله بن زيد بحديث الأذان الذي تداوله فُقهاءُ الإسلام بالقَبُول، ولم يُخرَّج في "الصحيحين" لاختلاف الناقلين في أسانيده.
وأمثَلُ الروايات فيه رواية سعيد بن المسيّب، وقد توهّم بعضُ أئمتنا أنَّ سعيدًا لم يَلحَقْ عبد الله بن زيد، وليس كذلك، فإنَّ سعيد بن المسيّب كان فيمن يَدخُل بين علي وعثمان في التوسُّط، وإنما توفي عبد الله بن زيد في أواخر خلافة عثمان
(2)
.
وحديثُ الزُّهْري عن سعيد بن المسيّب مشهورٌ رواه يونس بن يزيد
(3)
ومعمر بن راشد
(4)
وشعيب بن أبي حمزة
(5)
و محمد بن إسحاق
(6)
، وغيرهم.
(7)
.
(1)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 498 عن محمد بن عمر الواقدي، به.
(2)
كان عُمر سعيد بن المسيب في السنة التي توفي فيها عبد الله بن زيد سبعة عشر عامًا تقريبًا، وكانا جميعًا بالمدينة، فكيف لم يلحقه، بل قد جزم أحمدُ بن حنبل بإدراك سعيد بن المسيب لعمر بن الخطاب وسماعه منه، وعُمر رضي الله عنه قتل قبل وفاة عبد الله بن زيد بتسع سنين.
وقد صحَّ عند عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 1044 وغيره عن سعيد بن المسيب قال: شهدتُ عليًّا وعثمان كان بينهما نزغ من الشيطان، فوالله ما أبركا شيئًا، ولو شئت أن أخبر بما قال كل واحدٍ منهما لصاحبه لفعلتُ، ثم لم يقوما حتى استغفر كل واحدٍ منهما للآخر.
(3)
روايته عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1937)، والبيهقي في "سننه الكبرى" 1/ 414.
(4)
روايته عند عبد الرزاق (1774)، وابن سعد 1/ 212.
(5)
روايته عن عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 960، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة" 1/ 260، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(177)، والبيهقي في "الكبرى" 1/ 422.
(6)
روايته عند أحمد (26)(16477) وغيره.
(7)
رواية سعيد بن المسيب لهذا الخبر عند من تقدَّم ذكرهم ظاهرة في الإرسال، خلا رواية ابن إسحاق، وقولُهم أصح من قوله، فالمحفوظ هو الإرسال، لكن روى هذا الحديث محمدُ بنُ عبد الله بن يزيد بن عبد ربِّه عن أبيه، موصولًا بإسناد حسن عند أحمد 26/ (16478) وغيره، وصحَّح الذُّهلي والبخاريُّ وغيرهما الحديث من رواية محمد بن عبد الله بن زيد هذه.
وأما أخبارُ الكوفِيّين في هذا الباب فمَدارُها على حديث عبد الرحمن بن أبي ليلي، فمنهم من قال: عن معاذ بن جبل أو عبد الله بن زيد
(1)
، ومنهم من قال: عن عبد الرحمن عن عبد الله بن زيد.
وأما ولدُ عبد الله بن زيد عن آبائهم عنه، فإنها غيرُ مستقيمة الأسانيد
(2)
. وقد أسنَدَ عبد الله بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث:
5538 -
حَدَّثَنَاهُ على بن حَمْشَاذَ العَدلُ، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سُفيان، عن عمرو بن دينار وعبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حَزم، عن أبي
(1)
لم نقف على رواية لهذا الحديث وقع فيها الشك بين ذكر معاذ بن جبل وعبد الله بن زيد.
وإنما روي أحيانًا بذكر معاذ بن جبل كما أخرجه أحمد 36/ (22027) و (22123) و (22124)، وأبو داود (507)، وغيرهما.
وروي أحيانًا أخرى بذكر عبد الله بن زيد، كما أخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(1396)، وابن خزيمة (380)، والشاشي في "مسنده"(1081) و (1083) و (1804)، وغيرهم.
وأحيانًا يُروى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كما أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 203، وابن خزيمة (383)، والطحاوي في "أحكام القرآن"(195) و (196)، والبيهقي 1/ 420، وغيرهم. وهذا أصح رواياته عن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
وأحيانًا يُروى عن ابن أبي ليلى مرسلًا لا يذكر فيه أحدًا، كما أخرجه عبد الرزاق (1788)، وأبو نعيم الفضل بن دُكين في "الصلاة"(180)، وابن خزيمة، (382)، والطحاوي في "أحكام القرآن"(194).
وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يُدرك عبد الله بن زيد فيما قاله محمد بن يحيى الذُّهلي كما نقله عنه ابن خزيمة، ولم يسمع من معاذ بن جبل فيما قاله ابن خزيمة كما نقله عنه البيهقي، ونُقل عن الترمذي كما في "تحفة التحصيل" لابن العراقي ص 205.
(2)
أخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" تعليقًا 5/ 183، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 142، والعقيلي في "الضعفاء"(837)، والدارقطني (943)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4157)، والبيهقي 1/ 399، وابن عساكر 4/ 340، والضياء في "المختارة" 9/ (347) من طريق عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه، عن جده.
بكر بن محمد بن عمرو بن حَزم، عن عبد الله بن زيد بن عبد ربِّه الذي أُريَ النِّداءَ: أنه أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، حائطي هذا صدقةٌ، وهو إلى الله ورسوله، فجاء أبواه، فقالا: يا رسول الله كان قِوامَ عَيشنا، فردَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إليهما، ثم ماتا فورثَهما ابنُهما بعدُ
(1)
.
(1)
حديث حسن بطرقه، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن فيه إرسال كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وسبقه إلى ذلك الدارقطنيُّ في "سننه" حيث قال بإثر الحديث (4452): هذا مرسل، لأنَّ عبد الله بن زيد بن عبد ربّه توفي في خلافة عثمان، ولم يدركه أبو بكر بن حزم. قلنا: لكن حدَّث به أبا بكرٍ عَمرُو بنُ سُليم الزُّرَقي كما سيأتي، هذا أدرك عبد الله بن زيد إلَّا أنه لم يدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم فروى القصة على صورة الإرسال أيضًا كما ذكر الدارقطني بإثر (4454)، ورُويت كذلك من وجهٍ آخر مرسل سيأتي عند المصنف برقم (8219)، فباجتماع هذه المراسيل يقوى الحديثُ إن شاء الله تعالى.
سفيان: هو ابن عُيينة، والحُميدي: هو عبد الله بن الزبير بن عيسى الأسَدي.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 163 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق (16589)، وسعيد بن منصور (251)، ومُسدَّد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (3053/ 4)، والرُّوياني في "مسنده"(1010)، والدارقطني (4452) و (4453)، وابن حزم في "المحلى" 9/ 141 و 178، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(12305) من طريق سفيان بن عيينة، به. ورواية أكثرهم عن سفيان ظاهرة في الإرسال، حيث قالوا: عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أنَّ عبد الله بن زيد تصدَّق
…
وبعضهم يقرن بعمرو بن دينار وعبد الله بن أبي بكر رجلًا؛ فبعضهم يذكر معهما حميدًا الأعرج، وبعضهم يذكر محمد بن أبي بكر أخا عبد الله، وبعضهم يقتصر على ذكر عمرو بن دينار.
وسيأتي مكررًا عند المصنف برقم (8218)، لكن بذكر محمد بن أبي بكر أخي عبد الله بن أبي بكر بدل عمرو بن دينار.
وأخرجه الدارقطني (4454)، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" 1/ 406 من طريق أبي مسلم عبد الرحمن بن يونس، والدارقطني (4455) من طريق إبراهيم بن بشار، كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن أبي بكر وحميد الأعرج ويحيى بن سعيد الأنصاري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرو بن سُليم الزُّرَقي: أنَّ عبد الله بن زيد جعل حائطه صدقة
…
الحديث. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه مختصرًا النسائي (6279) - وسيأتي عند المصنف برقم (8217) - من طريق سعيد بن أبي هلال، عن أبي بكر بن حزم، عن عبد الله بن زيد: أنه تصدَّق على أبويه، ثم تُوفِّيا، فردَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ميراثًا.
وأخرجه مسدَّد كما في "إتحاف الخيرة"(3053/ 1)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1942)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "إتحاف الخيرة"(3053/ 3)، والدارقطني (4450)، والضياء المقدسي في "المختارة" 9 / (350) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وابن أبي عاصم (1941)، وأبو يعلى كما في "إتحاف الخيرة"(3053/ 2)، والمحاملي في "أماليه" برواية ابن مهدي الفارسي (318)، والدارقطني (4449)، وابن عساكر 4/ 340، والضياء (349) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 112، والدارقطني (4451) من طريق يحيى بن أيوب الغافقي، ثلاثتهم عن عُبيد الله بن عمر العُمري، عن بشير بن محمد بن عبد الله بن زيد: أنَّ عبد الله بن زيد تَصدَّق
…
كذلك قال يحيى الغافقي في روايتهما، وقال عبد الوهاب: عن جده عبد الله بن زيد أنه تصدق
…
وبشير هذا لم يُدرك جدّه، كما قال الدارقطني بإثر الرواية (4449)، وكذلك قال المصنِّف نفسُه بإثر الرواية الآتية برقم (8219)، حيث أخرجه هناك من طريق بشير بن محمد هذه، وبشير هذا مجهول الحال، لكنه يصلح في الاعتبار.
وقد خالف هؤلاء الثلاثةَ عبدُ العزيز بنُ محمد الدَّراوردي، فيما أخرجه ابن زنجويه في "الأموال"(2320)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2994) و (4156)، والضياء في "المختارة"(351)، فرواه عن عبيد الله بن عمر، عن بشير بن محمد، عن أبيه قال: تصدق عبد الله بن زيد بمال
…
الحديث. فزاد في الإسناد ذكر محمد بن عبد الله بن زيد أنه هو من تلقَّى عنه ابنُه بشيرٌ القصة، ولكن رواية الثلاثة هي العُمدة، على أن يعقوب بن حميد بن كاسبٍ قد روى عن الدراوردي ما يوافق رواية هؤلاء الثلاثة، فيما أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1940)، ومن طريقه أبو نعيم في "المعرفة"(2994)، حيث قال: عن بشير بن محمد بن عبد الله بن زيد عن عبد الله بن زيد، فلم يذكر أباه محمدًا.
وأخرجه أبو داود السِّجستاني في "المراسيل"(126) من طريق وُهيب بن خالد، قال: حدثني رجلٌ بمنًى كان إلى جنب محمد بن أبي بكر، فسألتُ محمد بن أبي بكر عنه، فقال: هذا فُلان ابن فُلان بن عبد الله بن زيد صاحب الأذان، فسألتُ ذلك الرجل، فحدّثَني عن أبيه: أنَّ عبد الله بن زيد تصدّق بحائط
…
فذكر نحوه.
ذكرُ مناقب أبي الدَّرداء عُويمر بن زيد الأنصاري رضي الله عنه
-
5539 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحسن بن الجهم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، قال: وأبو الدَّرْداء عُوَيمِر بن زيد بن قيس بن عائشة
(1)
ابن أُمية بن مالك بن عامر بن عَدِيّ بن كعب بن الخَزرج بن الحارث بن الخَزرج، وقيل: إِنَّ اسم أبي الدَّرْداء عامرٌ، ولكنه صُغِّر فقيل: عويمر، وأمُّه محبة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة بن عامر بن زيد مَنَاة بن مالك بن ثعلبة بن كعب.
وكان أبو الدرداء - فيما ذُكر - آخر داره إسلامًا، لم يَزَل متعلقًا بصنَمٍ له قد وَضَعَ عليه منديلًا، وكان عبد الله بن رَوَاحة يَدعُوه إلى الإسلام فيأبي، فتَحيَّنَه عبد الله بنُ رواحة، وكان له أخًا في الجاهلية والإسلام
(2)
، فلما رآهُ قد خرج مِن بَيتِه خالفَه، فدخَل بيته، وأعجَلَ امرأته وإنها لتمشُط رأسها، فقال: أين أبو الدَّرْداء؟ فقالت: خرج أخوك آنفًا، فدخل بَيتَه الذي كان فيه الصَّنمُ ومعه القَدُوم، فأنزله وجعلَ يَفْلِذُه فَلْذًا فَلْذًا، وهو يَرتَجزُ:
تبرّأ
(3)
من اسماءِ الشَّياطين كُلِّها
…
ألا كلُّ ما يُدعَى معَ الله باطلُ
ثم خرج وسمعتِ المرأةُ صوت القَدُوم، وهو يضربُ ذلك الصنَمَ، فقالت: أهلكتني يا ابن رواحة، فخرج على ذلك، فلم يكن شيءٌ حتى أقبل أبو الدَّرْداء إلى منزله، فدخل
(1)
المثبت كما في "طبقات ابن سعد" 4/ 351 و 9/ 395، وفي المطبوع: خناسة، وكذلك رُسمت في (ز) و (ب) وأُهملت فلم تُعجم فيهما، وفي (ص) و (م) رسمت هكذا: حاسة، غير معجمة أيضًا فيهما، ويغلب على ظننا أنها تحرَّفت عما أثبته، وأقرب ذلك إليها ما في (ص) و (م). وهذ الاسم اختُلف فيه على ثلاثة أقوال: عائشة، وعيشة، وعبسة، والأكثرون على عائشة، فالله أعلم.
(2)
في نسخنا الخطية: عن الإسلام والغالب أنَّ "عن" تحريف عن الواو، والمثبت كما في "طبقات ابن سعد" 4/ 351 و 9/ 395.
(3)
رُسمت هذه الكلمةُ في نسخنا الخطية: سرا، وهو تحريف عن المثبت، والمثبت من "طبقات ابن سعد" 4/ 351 و 9/ 395.
فوجد المرأةَ قاعدةً تبكي شَفَقًا منه، فقال: ما شأنُك؟ قالت: أخُوك عبدُ الله بنُ رَوَاحة دخل عليَّ فصنَع ما تَرى فَغَضِبَ غضبًا شديدًا، ثم فكَّر في نفسِه، فقال: لو كان عند هذا خيرٌ لَدَفَع عن نفسه، فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ابن رَواحةَ، فأسلم.
وقيل: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نَظَر إلى أبي الدرداء والناسُ مُنهزِمُون كُلَّ وَجْهٍ يومَ أُحُد، فقال: "نِعمَ الفارسُ عُوَيمرٌ غيرَ أُفَّةٍ
(1)
" يعني: غير ثقيلٍ. قال ابن عُمر: وسمعت من يَذكُر أن أبا الدَّرداء لم يشهد أحُدًا.
وقد كان من عِلْية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد شَهِدَ معه مَشاهِدَ كثيرةً.
قال ابن عمر: وتُوفّي أبو الدَّرْداء بدمشقَ سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه
(2)
.
5540 -
حدثنا علي بن حَمشاذ العدل، حدثنا محمد بن بِشر بن مَطَر، حدثنا أبو إبراهيم التّرجُماني، قال: رأيتُ شيخًا بدمشقَ يُقال له: إسحاقُ أبو حارثٍ
(3)
مولى
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: أنه، والتصويب من "طبقات ابن سعد" 4/ 352 و 9/ 395 ومن كتب اللغة والغريب.
(2)
انظر "طبقات ابن سعد" 4/ 351 و 9/ 395.
وذكر نحو قصة إسلامه باختصار جبيرُ بنُ نُفَير مرسلًا، فيما نقله البيهقيُّ في "دلائل النبوة" 6/ 301 عن أبي بكر القَفّال الشاشي بسنده إلى جبير بن نُفير، وجبير من كبار التابعين، والإسنادُ إليه ثقات عن آخرهم.
وأما قصة شهوده أُحُدًا فذكرها الواقدي في "مغازيه" 1/ 253، ونقله عنه كذلك ابن سعد في "طبقاته" 4/ 352 و 9/ 395.
وروى شهودَه أحدًا وأنه أَبلى فيها بلاء حسنًا عبدُ الرحمن بنُ عائذ الثُّمالي وشُريح بن عُبيد الحضرمي عند الطبراني في "مسند الشاميين"(967) و (1876)، وهما تابعيّان، فخبرهما مرسل، لكن باجتماعهما مع رواية الواقدي يتقوى الخبر.
(3)
تحرّف في نسخنا الخطية تحرَّف إلى: إسحاق أبو حرب، غير أنَّ الباء لم تُعجم في (ص) و (م).
لبني هَبّار القرشي، قال: رأيتُ أبا الدَّرداء عُويمر بن قيس بن عائشة
(1)
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهلَ أقْنى يَخضِبُ بالصُّفْرة، ورأيتُ عليه قَلَنسُوة مُضرَّبةً صغيرةً، ورأيتُ عليه عِمامةً قد ألقاها على كَتِفَيه، قال العباس
(2)
: فسمعتُ رجلًا كان معي يقول له: مُذْ كم رأيته؟ قال: رأيتُه منذُ أكثر من مئة سنةٍ، قال: وكان عليه جَورَبان ونَعْلان. قال: وكان أتى على إسحاق نحوٌ من عشرين ومئة سنةٍ
(3)
.
ذكرُ مناقب أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله عنه
-
5541 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَربي، حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبَيري، قال: أبو ذرٍّ جُندُب بن جُنادة، وقيل: بُرَير
(4)
بن جُنادة، تُوفّي بالرَّبذة سنة اثنتين وثلاثين، واختلفوا فيمن صلَّى عليه، فقيل:
(1)
في نسخنا الخطية: خناسة، وتقدم التعليق عليه.
(2)
كذلك جاء في (ز) و (ب): العباس، وفي (ص) و (م): إسحاق، وكلاهما مشكِلٌ، لأنَّ اسم أبي إبراهيم التَّرجُماني إسماعيلُ بنُ إبراهيم، والكلام الذي بعده ظاهره أنَّ قائله هو التّرجُماني، فالله أعلم. وقال الذهبي في "التلخيص": أخاف لا يكون سقط من سنده.
(3)
إسناده ضعيف لجهالة إسحاق أبي حارث مولى بني هبَّار - واسمه إسحاق بن إبراهيم - ولا يُقبل ادِّعاؤه لقاء أبي الدرداء كما بيَّنه الذهبي في "الميزان" 1/ 189، وأقره عليه ابن حجر في "لسان الميزان" 2/ 53، فيكون منقطعًا أيضًا.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5288)، وابن عساكر 8/ 197 و 48/ 104 - 105 من طرق عن أبي إبراهيم - واسمه إسماعيل بن إبراهيم - به.
والأشهل: من كان في سواد عينه حُمرة.
والأقنى: من كان طويل الأنف رقيق الأرنَبة مع حَدَب في وسطه.
ويخضب بالصفرة: أي بخلط الوَرْس والزعفران، ويشمل صباغ الشعر والثياب.
والقَلَنْسُوَة: لباس للرأس.
والمُضرَّبة: المَخيطة.
(4)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: يزيد، والمثبت بباء موحدة مضمومة ورائين، تصغير (بَر) هو الصواب، وذلك لأنه لا يُعرف في الخلاف في اسم أبي ذرٍّ ذِكر يزيد، إنما اختُلف في اسمه هل =
عبدُ الله بن مسعود، وقيل: جَرير بن عبد الله البَجَلي
(1)
.
5542 -
أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر بن إسحاق، حدثنا محمد بن أحمد بن النَّضر الأزدي، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدةُ، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، حدثنا مُجاهد، قال: قال أبو ذَرٍّ لنَفَرٍ عنده: إنه قد حَضَرني ما تَرَون من الموت، ولو كان لي ثَوبٌ يَسَعُني كَفَنًا أو لصاحبتي لم أُكفَّن إلَّا في ذلك، وإني أَنشُدُكُم أن لا يُكفِّنَني منكم رجلٌ كان عَريفًا أو نقيبًا أو أميرًا أو بريدًا، وكان القومُ أشرافًا، كان حُجرٌ المَدَريُّ ومالكٌ الأشتَرُ في نَفَرٍ فيهم رجل من الأنصار، وكلُّ القومِ قد أصابَ لذلك منزلًا إِلَّا الأنصاريَّ، فقال: أنا أُكفِّنُك في رِدائي هذا، وفي ثَوبَين في عَيبَتي من غَزْلِ أُمّي حاكَتْهُما لي حتى أُحرِمَ فيهما، فقال أبو ذرٍّ: كَفَاني.
(2)
.
= هو جُندب أو بُرَير، وهو ما اقتصر عليه الحاكم في كتابه "علوم الحديث" ص 225. وكذلك ضبطه ابن ماكولا في "الإكمال" 1/ 257، والذهبي في "المشتبه" ص 58.
(1)
قال ابن عبد البر في "الاستيعاب"(800): أكثر وأصح ما قيل فيه: جُندب بن جُنادة.
قلنا: وممّن جزم بصلاة ابن مسعود على أبي ذرٍّ: إبراهيم بنُ المنذر وأبو الحسن المدائني وخليفةُ ابن خيّاط وابن سعد. انظر "تاريخ دمشق" لابن عساكر 66/ 175 و 222. وجاء ذلك في رواية متصلة تقدمت عند المصنف برقم (4421)، غير أنَّ إسنادها ضعيف. وستأتي رواية أخرى مطوَّلة في ذكر وفاته برقم (5559) ليس فيها ذكر ابن مسعود، وإسنادها حسن.
(2)
حديث حسنٌ، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم لكنه مرسل، لأنَّ مجاهدًا - وهو ابن جَبْر المكي - لم يُدرك أبا ذرٍّ الغفاري، لكن روي هذا الخبر متصلًا من طريق أخرى حَسَنة عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم ستأتي عند المصنف برقم (5559). زائدة: هو ابن قُدامة.
وأخرجه أحمد 35/ (21467) من طريق وُهيب بن خالد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن مجاهد، عن إبراهيم بن الأشتر: أنَّ أبا ذرٍّ حضره الموت
…
فذكره بنحوه مرسلًا كذلك، لأنَّ إبراهيم لم يُدرك أبا ذر أيضًا.
وما وقع عند ابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 358 من رواية وهيب بن خالد لهذا الخبر موصولًا بذكر الأشتر وزوجة أبي ذرٍّ، فهو وهمٌ، لأنَّ ابن الأثير يرويه عن أبي محمد بن أبي القاسم بن عساكر، عن أبيه، بسنده إلى وهيب بن خالد موصولًا، مع أن ابن عساكر قد روى الخبر في "تاريخ دمشق" =
5543 -
أخبرني أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا أبو خليفة، حدثنا محمد بن سَلَّام الجُمَحي، حدثنا أبو عُبيدة مَعْمَر بن المثنَّى قال: أبو ذرٍّ الغفاريُّ جُندُب بن جُنادة بن سفيان بن عُبيد بن حَرَام. قال ابن سَلّام: ويقال: اسمُه بُرَير
(1)
.
5544 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: أبو ذرٍّ جُندُب بن جُنَادة بن قيس بن عَمرو بن صُعَير بن حَرَام بن غِفَار، وأمُّه رَمْلةُ بنت وَقِيعة
(2)
بن غِفَار
(3)
.
وأما ذكرُ بُرَير
(4)
، فقد رُوي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سمّاه به:
5545 -
حدَّثناهُ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مِلحان، حدثنا يحيى بن بُكير، حدثنا اللّيثُ، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلَمَ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذرٍّ: "كيف بك يا بُريرُ
(5)
"في حديثٍ طويل
(6)
.
= 66/ 219 - 220 بذلك الإسناد نفسِه إلى وُهَيب، فلم يجاوز به إبراهيم بن الأشتر، يعني كرواية أحمد وغيره ممّن رواه من طريق وُهيب، فهو المحفوظ في روايته أنه لم يجاوز به إبراهيم بن الأشتر.
وسيأتي برقم (5559) من طريق يحيى بن سُليم الطائفي، عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن مجاهد، عن إبراهيم بن الأشتر، عن أبيه، عن أم ذرٍّ. ويحيى بن سُليم صدوق حسنُ الحديث، روى عنه هذا الخبر موصولًا جمعٌ من الأئمة الحفاظ، ولا يُحفظ هذا الخبر موصولًا عن غيره.
(1)
في (ز) و (ص) و (ب): يزيد، والمثبت من (م)، وهو الصواب كما تقدم.
(2)
في (ز) و (ب) رقيعة، وفي (ص) و (م): ربيعة، وكلاهما تحريف صوَّبناه من "طبقات خليفة" ص 32، و"الاستيعاب" لابن عبد البر ص 110 و 800، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر 46/ 251.
(3)
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1619) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1545) من طريق محمد بن عبدوس، كلاهما عن محمد بن عبد الله بن نمير، قال: أبو ذر جندب بن جُنادة، مختصرًا.
(4)
تحرّف في نسخنا الخطية إلى: يزيد.
(5)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: يزيد.
(6)
رجاله ثقات، لكنه مرسل. الليث: هو ابن سعد، ويحيى بن بُكَير: هو يحيى بن عبد الله بن بُكير. =
5546 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنَان القزّاز، حدثنا أبو عاصم وسعيد
(1)
بن عامر، قالا: حدثنا المُثنَّى بن سعيد القَصِير، حدثني أبو جَمْرة
(2)
، قال: قال لنا ابن عباس: ألا أُخبرُكم بإسلام أبي ذرٍّ؟ قال: قلنا: بلى، قال: قال أبو ذرٍّ: كنتُ رجلًا من غِفارٍ، فبلغنا أنَّ رجلًا خرجَ بمكةَ يَزْعُم أَنه نَبيّ، فقلت لأخي: انطلِق إلى هذا الرجل فكلِّمه وأتني بخَبَره، فانطلَقَ فلقِيَه، ثم رجَع، فقلتُ: ما عندك؟ فقال: والله لقد رأيت رجلًا يأمر بالخير ويَنهى عن الشرِّ، قال: فقلتُ له: لم تَشْفني من الخَبَر، قال: فأخذتُ جرابًا وعصًا ثم أقبلتُ إلى مكة، فجعلتُ لا أعرفُه وأكرَهُ أن أسأل عنه، وأشربُ من ماء زَمزَم وأكونُ في المسجد، قال: فمَرَّ بي عليٌّ، فقال: كأنَّ الرجلَ غَريب؟ قلت: نعم، قال: فانطَلِق إلى المَنزل، فانطلقتُ معه لا يسألُني عن شيءٍ ولا أُخبِرُه، قال: ثم أصبحتُ غَدَوتُ إِلى المَسجِد لأسأل عنه، وليس أحدٌ يُخبرني عنه بشيءٍ، فمرَّ بي عليٌّ، فقال: أما آن للرَّجُل أن يعرف منزله بعدُ؟ قال: قلتُ: لا، قال: انطَلِق معي، فقال: ما أقدَمَك هذه البلدة؟ قلت: إِن كَتَمتَ علَيَّ أخبرتُك، قال: فإني أفعلُ، قلتُ له: بلَغَنا أنه خرج مِن هاهنا رجلٌ يَزْعُمُ أنه نَبيّ، فأرسلتُ أخي ليكلِّمه فرَجَع ولم يَشفِني من الخبر، فأردتُ أن ألقاهُ، قال: أما إنك قد رَشَدْتَ، هذا وجهي، فاتبَعني وادخُل - حيثُ أدخُل، فإني إن رأيتُ أحدًا أخافُه عليكَ، قُمتُ إلى الحائطِ كأنّي أُصلِح نَعْلي، وامْضِ أنتَ.
قال: فمضى ومضيتُ معه حتى دخل ودخلتُ معه على النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا
= وأخرجه الدولابي في "الكنى والأسماء"(176)، وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1616)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1546) عن عبد الرحمن بن معاوية العُتبي، كلاهما (الدولابي والعُتبي) عن ابن بُكَير، بهذا الإسناد.
(1)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: سعد، والمثبت على الصواب من (ص) و (م).
(2)
تصحف في (ز) و (ص) و (ب) إلى: حمزة، بحاء مهملة وزاي، والمثبت على الصواب من "تلخيص الذهبي"، وأُهمل في (م). وأبو جَمْرة هذا: هو نصر بن عمران الضُّبَعي.
رسول الله، اعرِضْ علَيَّ الإسلام، فعَرَضَ عَلَيَّ الإسلام، فأسلمتُ مكاني، قال: فقال لي: "يا أبا ذرٍّ، اكتُمْ هذا الأمر، وارجِع إلى بَلَدِك، فإذا بلَغَك ظهورُنا فأَقبل"، قال: فقلتُ: والذي بعثك بالحقِّ لأصرُخَنَّ بها بين أظهُرهم، فجاء إلى المَسجِد وقريشٌ فيه، فقال: يا مَعشرَ قُريشٍ، أشْهَدُ أن لا إلهَ إِلَّا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، فقالوا: قُومُوا إلى هذا الصابئ، فقاموا فضُرِبتُ لأمُوتَ، فأدركني العباسُ فَأَكَبَّ علَيَّ، ثم أقبلَ عليهم، فقال: وَيلَكُم تَقتُلون رجلًا من غِفار، ومَتجَرُكُم ومَمَرُّكُم على غِفارٍ، فأقلُعوا عنّي، فلما أصبحتُ الغَدَ رجعتُ فقلتُ مثل ما قلت بالأمس، فقالوا: قُومُوا إلى هذا الصابئ، فأدركَني العباسُ، فأكبَّ عليَّ، وقال مثل مقالتِه بالأمسِ. فكان هذا أولَ إسلامِ أبي ذرٍّ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
فأما الحديث المُفسَّرُ في إسلام أبي ذَرٍّ حديثُ الشاميين:
5547 -
أخبرناهُ أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا أحمد بن إبراهيم القُرشي بدمشق، حدثنا محمد بن عائذ الدمشقي، حدثني الوليد بن مُسلم، حدثنا أبو طَرَفة عَبّادُ بن الرَّيَّان اللَّخمي، قال: سمعتُ عُروة بن رُوَيمِ اللَّخمِي الأَشْعَرِي يقول: حدثني عامر بن لُدَين الأشْعَري - وكان مع عبد الملك بن مروان - قال: سمعتُ أبا ليلى الأشعريَّ يقولُ: حدثني أبو ذَرٍّ، قال: إنَّ أول ما دَعاني إلى الإسلام أنّا كنّا قومًا عَرَبًا فأصابتنا السَّنَةُ، فاحتملتُ أمّي وأخي - وكان اسمُه أُنيسًا - إلى أصهارٍ لنا بأعلى نَجْد، فلما حَلَلْنا بهم أكرمُونا، فلما رأى ذلك رجلٌ من الحيِّ مشَى إلى خالي، فقال: تَعلَمُ أَنَّ
(1)
حديث صحيح، ومحمد بن سنان القَزّاز متابع. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النَّبيل.
وأخرجه البخاري (3861)، ومسلم (2474) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والبخاري (3522) من طريق أبي قُتيبة سَلْم بن قُتيبة، كلاهما عن المثنى بن سعيد، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وستأتي قصة إسلام أبي ذر بعده من وجه آخر بسياقة أخرى.
أُنيسًا يُخالِفُك إلى أهلِك؟ قال: فحَنِق في قلبه، فانصرفتُ في رِعْية إبلي، فوجدتُه كَئيبًا يبكي، فقلتُ: ما بُكَاكَ يا خالِ؟ فأعلَمني الخبرَ، فقلتُ: حَجَرَ
(1)
اللهُ من ذلك، إنَّا نخافُ الفاحشةَ، وإن كان الزمانُ قد أخلَّ بنا، ولقد كَدَّرتَ علينا صَفْوَ ما ابتدأتنا به، ولا سبيلّ إلى اجتماعٍ، فاحتملْتُ أمي وأخي حتى نَزَلْنا بحضرة مكة، فقال أخي: إني رجلٌ مُدافِعٌ على الماء بشعر، وكان رجلًا شاعرًا، فقلتُ: لا تفعل، فخرج به اللَّجَاجُ حتى دافَعَ دُرَيدَ بن الصِّمَّة صِرْمَتَهُ
(2)
إلى صِرْمتِه، وايمُ الله لَدُرَيدٌ يومئذٍ أشعرُ من أخي، فتقاضَيا إلى خَنْساءَ
(3)
، ففضَّلَتْ أخي على دُرَيْدٍ، وذلك أنَّ دُرَيدًا خطبَها إلى أبيها، فقالت: شيخٌ كبيرٌ لا حاجةَ لي فيه، فحَقَدَت عليه، فضَمَمْنا صِرْمته إلى صِرْمَتِنا، فكانت لنا هَجْمةٌ. قال: ثم أتيتُ مكةَ، فابتدأتُ بالصَّفا، فإذا عليها رجالاتُ قُريش، وقد بلغني أنَّ بها صابئًا أو مجنُونًا أو شاعرًا أو ساحرًا، فقلت: أين هذا الذي تَزعُمُونَهُ؟ فقالوا: ها هو ذاك حيثُ تَرى، فانقَلبْتُ إليه، فوالله ما جُزْتُ عنهم قِيدَ حَجَر حتى أكَبُّوا عَلَيَّ كلَّ عَظْم وحَجَر ومَدَر، فضَرَّجُوني بدَمي، وأتيتُ البيت فدخلتُ بين السُّتور والبناء، وصُمْتُ فيه ثلاثين يومًا لا أكُلُ ولا أشربُ إلَّا من ماءِ زَمزمَ حتى كانت ليلةٌ قَمْراءُ إضْحِيانٌ أقبلتِ امرأتانِ من خُزاعةَ طافَتا بالبيت، ثم ذَكَرتا إسافًا ونائلةَ - وهما وَثَنانِ كانوا
(4)
يعبُدونهما - فأخرجتُ رأسي من تحت السُّتور، فقلتُ: احمِلا أحدَهما على
(1)
في (ب): حجز، بالزاي، وأُهملت في بقية نسخنا الخطية، ولهذا أثبتناها بالراء المهملة، إذ لو كانت بالزاي لأُعجمت لضرورة بيانها، وكلاهما قريبٌ في المعنى.
(2)
الصِّرمة: القطعة القليلة من الإبل.
(3)
تحرَّف في (ز) و (ب) و"تلخيص الذهبي" إلى: خباء، والمثبت على الصواب من هامش (ز) مُصحَّحًا عليه، وسقط الاسم من (ص) و (م)، فصار كأنَّ القاضي بين دريد وأُنيس هو أبو ذرّ نفسُه، وإنما الصحيح أنها الخنساء، فهي المقصودة بقوله بعد قليل: وذلك أنَّ دريدًا خطبها إلى أبيها .. وقصتُها في ذلك مشهورة عند أهل الأدب.
(4)
في نسخنا الخطية: كان والجادة ما أثبتنا.
صاحبه؟ فغَضِبَتا ثم قالتا: أمَ والله لو كانت رجالُنا حُضُورًا ما تكلَّمتَ بهذا، ثم وَلَّتا، فخرجتُ أقْفُو آثارَهُما، حتى لَقِيَتا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما أنتُما؟ ومن أين أنتُما؟ ومن أين جئتُما؟ وما جاء بِكُما؟ "، فأخبرَتاهُ الخَبَر، فقال:"أين تركتُما الصابئ؟ " فقالتا: تركناهُ بين السُّتور والبِناء، فقال لهما:"هل قال لكما شيئًا؟ " قالتا: نعم، وأقبلتُ حتى جئتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سلَّمتُ عليه عند ذلك، فقال:"مَن أنتَ؟ وممَّن أنتَ؟ ومن أين أنتَ؟ ومن أين جئتَ؟ وما جاء بك؟ " فأنشأتُ أُعْلِمُه الخَبَر، فقال:"من أين كنتَ تأكُلُ وتشربُ؟ " فقلتُ: من ماء زمزم، فقال:"أما إنه طعامُ طُعْم"، ومعه أبو بكرٍ فقال: يا رسول الله، ائذن لي أن أُعشِّيَه، قال:"نعم"، ثم خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يمشي، وأخذ أبو بكرٍ بيدي، حتى وَقَفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم باب أبي بكر، ثم دخل أبو بكر بيتَه، ثم أتى بزبيبٍ من زَبيب الطائف، فجعل يُلقيه لنا، قبضًا قبضًا، ونحن نأكلُ منه حتى تملَّأنا منه.
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذرِّ" فقلتُ: لبَّيك، فقال لي:"إنه قد رُفِعَت لي أرضٌ، وهى ذاتُ مالٍ ولا أحسَبُها إِلَّا تِهامة، فاخرُج إلى قومك فادْعُهم إلى ما دخلت فيه"، قال: فخرجتُ حتى أتيتُ أمّي وأخي، فأعلمتُهُم الخبر، فقالا: ما لنا رغبةٌ عن الدِّين الذي دخلت فيه، فأسلما، ثم خرجنا حتى أتينا المدينةَ، فأعلمتُ قومي، فقالوا: إنا قد صَدَّقناك، ولعلَّنا نلقى محمدًا، صلى الله عليه وسلم، فلما قَدِم علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لَقيناهُ، فقالت له غِفارٌ: يا رسول الله، إنَّ أبا ذرٍّ أعلمَنا ما أعلمتَه، وقد أسلَمْنا وشَهِدْنا أنك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم تَقدَّمَت أَسلَمُ خُزاعة
(1)
، فقالت: يا رسول الله، إنا قد رَغِبْنا ودخَلْنا فيما دخل فيه إخوانُنا وحُلفاؤنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أسلَمُ سَالَمَها اللهُ، وغِفارُ غَفَرَ اللهُ لها"، ثم أخذ أبو بكر بيدي، فقال: يا أبا ذرّ، فقلتُ: لبَّيك يا أبا بكرٍ، فقال: هل كنتَ تَألَّهُ في
(1)
وقع في نسخنا الخطية: أسلم وخزاعة، بواو العطف، وإنما أراد الإضافة لا العطف، يعني أسلم الذين هم إخوة خُزاعة، دون غيرهم. وانظر "معرفة علوم الحديث" للحاكم ص 167 حيث ذكر أسلم خزاعة وأسلم بني جُمح، مُفرِّقًا بينهما في مؤتلف ومختلف الأنساب.
جاهِليَّتك؟ قلتُ: نعم، لقد رأيتني أقومُ عند الشمس، فلا أزالُ مُصلِّيًا حتى يُؤذِيَني حَرُّها، فأخِرُّ كأَنِّي خِفَاءٌ، فقال لي: فأينَ كنتَ تَوَجَّهُ؟ قلتُ: لا أدري إلَّا حيث وجَّهَني الله، حتى أدخَلَ الله عَلَيَّ الإسلام
(1)
.
(1)
إسناده صالح كما قال الذهبي في "تلخيصه"، فإنَّ أبا طرفة عبّاد بن الريّان صالح الحديث كما قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" 3/ 903، وكذلك عامر بن لدين الأشعري صالح الحديث، روى عنه جمع ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأبو ليلى الأشعري تابعيٌّ كبير، وبعضهم ذكره الصحابة. وقد روي نحو هذا الحديث من وجه آخر عن أبي ذرٍّ.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(773)، وفي "الأوسط"(60)، وفي "الأحاديث الطوال"(5)، وعنه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(1577)، وفي "حلية الأولياء" 1/ 157، وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 224 - 225 من طريق أبي القاسم بن أبي العقب، ومن طريق أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن مروان - وهو القرشي الدمشقي - ثلاثتهم (الطبراني وابن أبي العقب وابن مروان) عن أبي عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدولابي في "الكنى والأسماء"(1213) عن أبي القاسم يزيد بن محمد بن عبد الصمد، عن محمد بن عائذ، به مختصرًا بقوله صلى الله عليه وسلم عن زمزم:"أما إنه طعام طعم". قال الدُّولابي: مختصر من حديث إسلام أبي ذر الحديث الطويل.
وأخرجه بنحوه أحمد 35/ (21525) و (21526)، ومسلم (2473)، وابن حبان (7133) من طريق عبد الله بن الصامت ابن أخي أبي ذرٍّ، عن عمه أبي ذرٍّ، غير أنه ذكر أنَّ الذي حكم بين أخيه أُنيس وبين الرجل الآخر وفضّل أنيسًا على ذلك الرجل هو كاهنٌ وليس الخنساء، ولم يسم ذلك الرجل الذي دافع أُنيسًا، بل أبهمه، خلافًا لما في رواية أبي ليلى الأشعري حيث ذكر أنه دريد بن الصِّمة. وقال ابن الصامت في روايته:"وُجِّهت لي أرضٌ ذات نخل ولا أُراها إلا يثرب" بدل قوله: "ولا أحسبها إلّا تهامة" وليس المعنى بعيدًا إذ المدينة من تِهامة.
ويشهد لهذا الحرف من الحديث حديث عائشة عند أحمد 42/ (25626) والبخاري (2297)، بلفظ:"أُريتُ دار هجرتكم، رأيت سبخةً ذات نخل بين لابتين". وقد تقدم عند المصنف برقم (4308).
والسَّنَة: الجَدْبُ والقَحْطُ.
والهجمة: قريبٌ من المئة من الإبل.
وقِيْد حَجَر: أي قَدْر حَجَر، يعني مسافة قريبة جدًّا.
5548 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عيسى اللَّخْمي بتِنِّيسَ، حدثنا عمرو بن أبي سَلَمة، حدثنا صَدَقة بن عبد الله، عن نَصْر بن عن عَلْقمة، عن أخيه، عن ابن عائذٍ، عن جُبير بن نُفَير، قال: كان أبو ذرٍّ يقول: لقد رأيتُني رُبعَ الإسلامِ، لم يُسلِمُ قَبلي إلَّا النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وبلالٌ
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
5549 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا الحُسين بن محمد بن زياد، حدثنا عبد الله بن الرُّومي، حدثنا النضر بن محمد، حدثنا عِكْرمة بن عمّار، عن أبي زُمَيل سِماك بن الوليد، عن مالك بن مَرثَد، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ، قال: كنت ربُعَ
= والمَدَر: قِطَع الطين اليابس.
وضَرَّجوني: لَطَّخوني.
وقوله: بين السُّتور والبناء: يعني بين الكعبة وأستارها.
وأقفو آثارهما: أتبعهما من ورائهما.
و"زمزم طعام طُعْم"، أي: تُشبعُ الإنسانَ إذا شرب ماءها كما يَشبع من الطعام.
والقُبَض: جمع قَبْضَة، وهو ما قَبَضتَ عليه من شيءٍ.
وتألَّهُ: مضارع حذفت إحدى تائيه تخفيفًا، وهو من التألُّه، أي: التنسُّك والتعبُّد.
والخِفَاء: ككِساء وزنًا ومعنًى.
(1)
إسناده ضعيف لضعف أحمد بن عيسى اللخمي، لكنه متابع، وصدقة بن عبد الله - وهو السَّمين الدمشقي - ضعيف منكر الحديث وقد روي نحو هذا الخبر بعده من وجه آخر محتمل للتحسين.
وأخرجه الطبري في "تاريخه" 2/ 315 عن ابن عبد الرحيم البرقي، وأخرجه الطبرى. "الكبير"(1618)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1551) عن عبد الله بن سعيد بن أبي مريم، والطبراني في "مسند الشاميين"(2528) ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 46/ 266 عن أحمد بن مسعود الدمشقي، ثلاثتهم عن عمرو بن أبي سلمة، بهذا الإسناد. وفي رواية أحمد بن مسعود والبرقي عن جبير بن نفير، قال: كان أبو ذر وعمرو بن عَبَسَة كلاهما يقول، فذكره
…
وآخره: كلاهما لا يدري متى أسلم الآخر.
حديث عمرو بن عَبَسة تقدَّم برقم (4467) من وجه آخر عنه.
الإسلام: أسلمَ قبلي ثلاثةُ نفرٍ وأنا الرابعُ، أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقلتُ: السلامُ عليك يا رسولَ الله، أشهدُ أن لا إله إلَّا الله، وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، فرأيتُ الاستِبْشار في وجهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
5550 -
أخبرنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المُزَني، حدثنا أحمد بن سلَمة، حدثنا العباس بن عبد العظيم العَنْبري، حدثنا النَّضر بن محمد، حدثنا عِكْرمة بن عمار، حدثنا أبو زُمَيل، عن مالك بن مَرثد، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما تُقِلُّ الغَبْراءُ، ولا تُظِلُّ الخَضْراء من ذِي لَهْجةٍ أصدقَ ولا أوفَى مِن أبي ذرٍّ، شَبيهِ عيسى ابن مريم"، فقام عمرُ بنُ الخطاب فقال: يا رسول الله، فنعرفُ ذلك له؟ قال:"نعم، فاعرِفُوه له"
(2)
.
(1)
إسناده محتمل للتحسين من أجل مَرْثَد - وهو ابن عبد الله الزِّمَاني ويقال: الذِّماري - فهو وإن لم يرو عنه غير ابنه مالك، تابعيٌّ ذكره ابن حبان في "الثقات" وصحَّح حديثه، ووثقه العجلي، وحسَّن الترمذيُّ له حديثَين، وصحَّح له ابن خزيمة حديثًا.
وأخرجه ابن حبان (7134) عن أحمد بن الحسين بن عبد الجبار، عن عبد الله بن الرومي، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده محتمل للتحسين كسابقه.
وأخرجه الترمذي (3802)، وابن حبان (7132) من طريق العباس بن عبد العظيم، بهذا الإسناد.
وقال الترمذي: حديث حسنٌ غريب من هذا الوجه.
وأخرجه ابن حبان (7135) من طريق أبي داود سليمان بن معبد السِّنْجي، عن النضر بن محمد، به.
ويشهد له دون قصة عمر بن الخطاب حديثُ أبي هريرة عند ابن سعد في "الطبقات" 4/ 214، وابن أبي شيبة 12/ 125، والعقيلي في "الضعفاء الكبير"(1138)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(1555)، من طريقين عن أبي هريرة فيهما مَقالٌ، لكن يشدُّ أحدهما الآخر.
وشاهد آخرُ من مرسل مالك بن دينار عند ابن سعد 4/ 214 أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيكم يلقاني على الحال التي أفارقه عليها؟ " فقال أبو ذرّ: أنا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"صدقت"، ثم قال:"ما أظلّتِ الخضراء، ولا أقلّتِ الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر، من سرّه أن ينظر إلى زهد عيسى ابن مريم فلينظر إلى أبي ذرٍّ". ورجاله ثقات.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.
وقد رُويَ عن عبد الله بن عَمرو، وأبي الدَّرْداء.
أما حديث عبد الله بن عمرو:
5551 -
فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا أبو يحيى الحِمّاني، عن الأعمش.
وأخبرني بكر بن محمد الصَّيرَفي، حدثنا أبو قِلابَة، حدثنا يحيى بن حمّاد، حدثنا أبو عَوَانة، عن سليمان الأعمش، عن عثمان بن قيس البَجَلي، عن أبي حَرْب الدِّيلِي قال: سمعتُ عبدَ الله بن عَمرو يقول: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "ما أظلَّتِ الخَضْراءُ، ولا أقلّتِ الغَبْراءُ على رجلٍ أصدقَ لَهْجةً من أبي ذرٍّ"
(1)
.
وأما حديث أبي الدَّرْداء:
5552 -
فحدَّثَناهُ الشيخُ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي،
= ولصدق لهجة أبي ذرٍّ الغفاري مفردةً شاهدان من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي الدرداء، وسيأتيان بعده.
وثالث من حديث ابن عُمر سيأتي برقم (6414).
ورابع من حديث علي بن أبي طالب سيأتي برقم (8688). وأسانيد الأربعة ضعيفة.
وخامس من مرسل محمد بن سيرين عند ابن سعد في "طبقاته" 4/ 214. ورجاله لا بأس بهم. فهي حسنةٌ بشواهدها.
والخضراء: السماء والغَبْراء: الأرض.
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عثمان بن قيس البَجَلي، وهو عثمان بن عُمير بن قيس أبو اليَقظان، لكن للحديث شواهد يصح بها. أبو يحيى الحِمّاني: هو عبد الحميد بن عبد الرحمن، والأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وأبو قلابة: هو عبد الملك بن الرَّقَاشي، وأبو عوانة: هو الوضَّاح بن عبد الله اليشكُري، وأبو حرب الدِّيْلي: هو ابن أبي الأسود.
وأخرجه أحمد 11/ (6630) و (7078) عن يحيى بن حماد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (6519)، وابن ماجه (156)، والترمذي (3801) من طريق عبد الله بن نُمير، عن سليمان الأعمش، به. وقال الترمذي: حديث حسن.
حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن علي بن زيد، عن بلال بن أبي الدَّرداء، عن أبي الدَّرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أظلَّتِ الخَضْراءُ، ولا أَقَلَّتِ الغَبْراءُ من ذي لَهجةٍ أصدقَ من أبي ذرٍّ"
(1)
.
محنةُ أبي ذرٍّ رضي الله عنه
-
قد صَحَتِ الروايةُ من أَوجُه عن مصعبِ بن سعد بن أبي وقّاصٍ عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أشدُّ الناس بلاءً الأنبياءُ، ثم العلماءُ، ثم الأمثَلُ فالأمثَلُ"
(2)
.
5553 -
أخبرنا أبو النَّضْر محمد بن يوسف الفَقِيه وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد القارئ الزاهد، قالا: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أبو تَوْبة الربيعُ بنُ نافع، حدثنا يزيدُ بن ربيعة، عن أبي الأشعث الصَّنْعانِي، عن أبي عُثمان النَّهْدي، عن أبي ذرٍّ قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذَرٍّ، كيف
(3)
أنتَ إذا كنتَ في حُثالةٍ" وشبَّكَ بين أصابعه، قلت: يا رسولَ الله، فما تأمُرُني؟ قال: "اصبِرْ، اصبِرْ، اصبِرْ،
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن جُدعان. وقد رُوي الحديثَ من وجه آخر عن أبي الدرداء سيأتي عند المصنف برقم (5556).
وأخرجه أحمد 45/ (27493) عن حسن بن موسى الأشيب وسليمان بن حرب، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 343 عن أبي معاوية الضرير، عن الحسن بن سالم بن أبي الجعد، عن أبيه، قال: بعث أبو الدرداء إلى أبي ذر رسولًا
…
فذكر قصةً، في آخرها: فقال أبو الدرداء: ما أظلَّتِ الخضراءُ ولا أقلَّتِ الغَبْراء على ذي لهجة أصدقَ منك يا أبا ذَرّ. ورجاله ثقات لكنه مرسل لأن سالمًا لم يدرك أبا ذرّ. وقد وقع في إسناد "المصنَّف" تحريف يوهم اتصالَ الإسناد، صوَّبناه من "الزهد" لابن أبي عاصم (68) حيث روى بعض حروف قصة أبي الدرداء مع أبي ذر عن ابن أبي شيبة بسنده هذا.
(2)
تقدَّم عند المصنف برقم (121) و (122)، لكن بلفظ:"الأنبياء ثم الأمثلُ فالأمثلُ" ليس فيه ذكر العلماء، بل لم يَرِد ذكرُ العلماءِ إلّا في روايةِ الحاكم لحديث أبي سعيد الخُدري الذي تقدَّم عنده برقم (120)، ولم يذكره غيره ممَّن خرَّج حديث أبي سعيد الخدري.
(3)
لفظة "كيف" سقطت من نسخنا الخطية، واستدركناها من "تلخيص المستدرك" للذهبي.
خالِقُوا الناسَ بأخلاقِهم، وخالِفُوهم في أعمالِهم"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5554 -
أخبرَناهُ أبو الحُسين عبد الصمد بن علي بن مُكرَم ابن أخي الحسن بن مُكرَم البَزّاز ببغداد، أخبرنا عبد الوارث بن إبراهيم العسكري، حدثنا سَيف بن مِسكين الأُسْواري، حدثنا المبارك بن فَضَالة، عن المُنتصِر بن عُمارة بن أبي ذرٍّ الغِفاري، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اقتربَ الزمانُ كَثُر لُبْسُ الطَّيَالسة، وكَثُرَت التجارةُ، وكَثُر المالُ، وعَظُمَ ربُّ المالِ بمالِه، وكَثُرت الفاحِشةُ، وكانت إمارةُ الصِّبْيان، وكَثُر النساءُ، وجارَ السلطانُ، وطُفِّفَ في المِكْيال والمِيزان، ويُربّي الرجلُ جَرْوَ كلبٍ خيرٌ له من أن يُربِّي ولدًا له، ولا يُوقَّرُ كبيرٌ، ولا يُرحَمُ صغيرٌ، ويَكثُر أولادُ الزِّنى، حتى إنَّ الرجلَ ليَغْشى المرأةَ على قارِعةِ الطريق، فيقولُ أمثَلُهم في ذلك الزمانِ: لو اعتزلتُما عن الطريق، ويلبَسُون جُلودَ الضَّأْنِ على قُلوب
(1)
إسناده ضعيف من أجل يزيد بن ربيعة - وهو الرَّحْبي الصَّنْعاني - فهو ضعيف منكر الحديث.
وأخرجه البيهقي في "الزهد"(192) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(470) عن أحمد بن خُليد الكِنْدي الحلبي، عن أبي توبة الربيع بن نافع، به.
وأخرجه البزار (4165) عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، والعُقيلي في "الضعفاء"(1932) عن محمد بن أحمد بن الوليد الأنطاكي، كلاهما عن أبي توبة، به. غير أنهما جعلاه من مسند ثوبان، بدل أبي ذرٍّ. وقال العقيلي: هذا يروى بغير هذا الإسناد وخلاف هذا اللفظ من طريقٍ صالح.
قلنا: يشير إلى حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي تقدم برقم (2704) بلفظ: "كيف بكم وبزمان - أو يُوشك أن يأتي زمانٌ - يُغربَل الناسُ غربلةٌ، ويبقى حُثالةٌ من الناس قد مَرِجَتْ عهودُهم وأماناتهم، واختلفوا فكانوا هكذا" وشبَّك بين أصابعه، قالوا: فكيف بنا يا رسول الله؟ قال: "تأخذون ما تعرفون، وتَدَعُون ما تنكرون، وتُقبِلون على أمر خاصَّتكم، وتَدَعون أمر عامَّتكم".
الذئابِ، أمثَلُهم في ذلك الزمانِ المُداهِنُ"
(1)
.
(1)
إسناده واهٍ من أجل سيف بن مسكين، فهو واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه" وزاد قائلًا: ومنتصر وأبوه مجهولان. وهو كما قال.
وأخرجه عبد الباقي بن قانع في "جزء من حديثه"(55)، والطبراني في "الأوسط"(4860) عن عبد الوارث بن إبراهيم العسكري، بهذا الإسناد. لكن زاد ابن قانع بين المبارك والمنتصر الحَسَنَ!
وأخرج الطبراني في "الكبير"(10556)، وفي "الأوسط"(4861) عن عبد الوارث بن إبراهيم، عن سيف بن مسكين، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن عُتَيٍّ السَّعْدي، عن ابن مسعود
…
فذكر بعض أشراط الساعة الواردة في حديث أبي ذرٍّ الغفاري، فظهر بذلك سبب ذكر الحسن في حديث أبي ذَرٍّ عند ابن قانع، وأنَّ سيفًا قد اضطرب فيه أيضًا. والحسن: هو البصري.
ولكثرة التجارة في آخر الزمان شاهد من حديث عبد الله بن مسعود عند أحمد 6/ (3870)، والبخاري في "الأدب المفرد"(1049) وغيرهما.
وسيأتي عند المصنف برقم (7220) و (8583).
وآخر من حديث عمرو بن تَغْلب عند أحمد 39/ (24009/ 77)، والنسائي (6005) وغيرهما، وتقدَّم عند المصنف برقم (2176).
وثالث من حديث علي بن أبي طالب عند أبي سعيد عيسى بن سالم الشاشي في "حديثه"(46)، ومن طريقه أخرجه أبو العباس المستغفري في "دلائل النبوة"(282)، والشجري في "الأمالي الخميسية"(2724). ورجاله ليس بهم بأس.
ولكثرة المال في آخر الزمان شاهد من أبي هريرة عند أحمد 13/ (8135)، والبخاري (1036)، ومسلم (157) وغيرهم.
ومن حديث عمرو بن تَغْلب الذي تقدم.
وثالث من حديث عوف بن مالك عند أحمد 39/ (23971)، والبخاري (3176)، وسيأتي عند المصنف برقم (6460) و (8500).
ورابعٌ من حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد 17/ (11012) و (11326)، ومسلم (2914)، وسيأتي عند المصنف برقم (8886).
وخامس من حديث جابر بن عبد الله عند أحمد 17/ (11339)، ومسلم (2913)، وسيأتي عند المصنف برقم (8606). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وسادس من حديث أبي موسى الأشعري عند البخاري (1414)، ومسلم (1012).
ولكثرة الفاحشةِ في آخر الزمان شاهد من حديث أنس بن مالك عند أحمد 20/ (12527)، والبخاري (80)، ومسلم (2671)، وغيرهم.
وآخر من حديث علي بن أبي طالب الذي تقدم.
ولإمارة الصبيان في آخر الزمان شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص سيأتي عند المصنف برقم (8627) و (8832).
وآخر من حديث الحكم بن عمرو الغِفاري سيأتي عند المصنف برقم (5984).
وثالث من حديث عابس الغِفاري عند أحمد 25 / (16040).
ورابع من حديث علي بن أبي طالب عند أبي سعيد عيسى بن سالم وغيره، وتقدم ذكره قريبًا.
ولكثرة النساء في آخر الزمان شاهد من حديث أنس بن مالك عند أحمد 19/ (11944) والبخاري (81)، ومسلم (2671). وسيأتي عند المصنف برقم (8723) و (8725).
ولجَوْر السلطان آخر الزمان شاهدٌ من حديث عبد الله بن عُمر عند ابن ماجه (4019)، وغيره، وسيأتي عند المصنف برقم (8837). وهو حديث حسن.
وآخر من حديث رافع بن خَديج عند الفريابي في "القدر"(223)، والعقيلي في "الضعفاء"(1344)، والآجُرّي في "الشريعة"(389)، والطبراني في "الكبير"(4270)، وغيرهم، وسنده لا بأس به عند بعضهم.
وثالث من حديث علي بن أبي طالب عند أبي سعيد عيسى بن سالم الشاشي في "حديثه"(46) وغيره كما تقدم ذكره قريبًا. وانظر حديث علي بن أبي طالب الآتي برقم (8121).
ولتطفيف المكيال والميزان في آخر الزمان شاهد من حديث عبد الله بن عُمر الذي تقدمت الإشارة إليه قريبًا.
وآخر من حديث علي بن أبي طالب عند أبي سعيد عيسى بن سالم وغيره وقد تقدم.
وللرغبة عن الولد وكراهيته في آخر الزمان شاهد من حديث أبي موسى الأشعري عند ابن أبي الدنيا في "العقوبات"(340)، وأبي العباس المستغفري في "دلائل النبوة"(262) و (263)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 21/ 27 و 22/ 11، بلفظ: "لا تقوم الساعة حتى
…
ويكون الولد غَيظًا ..... ".
ومثلُ هذا اللفظ من حديث عائشة عند الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(349)، والطبراني في "الأوسط"(6427)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(949). وإسناده ضعيف.
ومثلُه كذلك من حديث علي بن أبي طالب عند أبي سعيد عيسى بن سالم الشاشي في "حديثه" =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (46)، ومن طريقه أخرجه المستغفري في دلائل النبوة (282)، والشجري في "الأمالي الخميسية"(2724).
ومثله من حديث حذيفة بن اليمان عند أبي نعيم في "حلية الأولياء" 3/ 35 وإسناده ضعيف.
لكن يعضده ما جاء عن حذيفة بن اليمان من وجه آخر عند المعافى بن عمران الموصلي في "الزهد"(19)، ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(5/ 187)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(233) و (438)، بلفظ:"لا تقوم الساعة حتَّى يتمنى أبو الخمسة أنهم أربعة، وأبو الأربعة أنهم ثلاثة، وأبو الثلاثة أنهم اثنان، وأبو الاثنين أنهم واحد، وأبو الواحد أنه ليس له ولد". وإسناده ضعيف.
ولعدم توقير الكبير ورحمة الصغير آخرَ الزمان شاهدٌ من حديث ابن عُمر عند ابن أبي الدنيا في "العقوبات"(34)، وفي "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"(8)، وإسناده ضعيف.
وآخر من حديث عائشة الذي تقدم ذكره قريبًا.
ولكثرة أولاد الزنى في آخر الزمان شاهدٌ من حديث معاذ بن أنس الآتي عند المصنّف برقم (8576)، وإسناده ضعيف.
ولغِشيان الرجلِ المرأة في قارعة الطريق آخر الزمان شاهد من حديث أبي هريرة الآتي عند المصنّف برقم (8726).
وآخر من حديث عبد الله بن مسعود موقوفًا عند نعيم بن حماد في "الفتن"(1832)، وابن أبي الدنيا في "العقوبات"(318)، والطبراني في "الكبير"(8585) و (8586)، وإسناده صحيح. ومثله لا يقال من قِبَل الرأي، فله حكم المرفوع. وسيأتي مرفوعًا من وجه آخر عند المصنّف برقم (8803)، ولكنه لا يصح.
وثالث من حديث عبد الله بن عمرو عند ابن حبان (6767)، وغيره، وسيأتي عند المصنّف برقم (8613).
ورابع من حديث النواس بن سمعان الآتي عند المصنّف برقم (8718).
وانظر "فتح الباري" للحافظ ابن حجر 23/ 169.
ولوجود أناسٍ يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب شاهد من حديث أبي هريرة عند الترمذي (2404)، وغيره، وإسناده ضعيف.
ولمعناه شاهد من حديث عبد الله بن عُمر عند الترمذي (2405) وقال: حديث حسن غريب بلفظ: "إنَّ الله تعالى قال: لقد خلقت خلقًا ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبُهم أمَرُّ من الصَّبِر
…
". =
هذا حديث تَفرَّد به سَيفُ بن مِسكين عن المُبارَك بن فَضَالة، والمُبارَكُ بن فَضَالة ثقة.
5555 -
حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن سلْمان الفقيه، حَدَّثَنَا محمد بن الهيثم القاضي، حَدَّثَنَا الهيثم بن جَميل الأنطاكي، حَدَّثَنَا شَريك، عن أبي المُحجَّل، عن صَدَقة بن أبي عمران [عن عِمران]
(1)
بن حِطّان، قال: أتيتُ أبا ذرٍّ فوجدتُه في المسجد مُحتبيًا بكِساءٍ أسودَ وحدَه، فقلتُ: يا أبا ذرٍّ، ما هذه الوَحْدةُ؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الوحدةُ خَيرٌ من جَليسِ السُّوء، والجليسُ الصالح خيرٌ من الوَحْدة، وإملاءُ
= والصحيح أنَّ هذا الحرف من الحديث مما نُقل عن أهل الكتاب، فقد صحَّ مثلُه عن نَوف البكالي عند ابن وهب في التفسير من "جامعه"(28)، ومن طريقه أخرجه الطبري في "تفسيره" 2/ 313 - 314.
وروي مثلُه عن وهب بن مُنبِّه عند ابن المبارك في "الزهد"(470) وغيره.
ومثلُه عن أبي العالية رفيع بن مهران من قوله عند أحمد في "الزهد"(8741)، وابن أبي الدنيا في "العقوبات"(341) وغيرهما.
ولكون أمثلهم في ذلك الزمان المُداهن شاهدٌ من قول أبي الجَلْد جيلان بن فروة عند الدولابي في "الكنى"(775)، وهو تابعيّ ثقة معروف بقراءة كتب أهل الكتاب وقد روي مرفوعًا موصولًا بذكر معقل بن يسار عند الحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث"(768)، وغيره، لكنه لا يصحُّ.
وعن أنس بن مالك، قال: قيل: يا رسول الله، متى يُترك الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر؟ قال:"إذا ظهر فيكم مثل ما ظهر في بني إسرائيل" قيل: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: "إذا ظهر الإدمان في خياركم، والفاحشة في شراركم، وتحوّل المُلك في صغاركم، والفقه في أرذالكم"، أخرجه ابن وضاح في "البدع"(195)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3350)، والطبراني في "الشاميين"(1547) و (3368)، وأبو طاهر الذهبي في "مُخلِّصياته"(1490) وغيرهم. وإسناده حسنٌ.
(1)
ما بين المعقوفين سقط من نسخنا الخطية، واستدركناه من "شعب الإيمان" للبيهقي (4639) حيث رواه عن الحاكم بسنده هذا، وقد جاء على الصواب في "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (17587).
الخيرِ خيرٌ من السُّكوت، والسكوتُ خيرٌ من إملاءِ الشَّرِّ"
(1)
.
(1)
صحيح موقوفًا من قول أبي ذرٍّ، ولم يصح مرفوعًا، ولعلَّ هذا هو مراد الذهبي في "تلخيصه" حين قال: لم يصحّ ولا صححه الحاكم.
وقد وقع في إسناده خلاف فقد رواه محمد بن الهيثم القاضي عن الهيثم بن جميل كما جاء في رواية المصنّف هنا، وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4639) عن أبي عبد الله الحاكم.
وخالفه جماعةٌ، فرووه عن الهيثم بن جميل عن شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - عن أبي المُحجَّل - واسمه رُدَينيّ بن مرة، وقيل غير ذلك في اسمه - عن معفس بن عمران بن حِطّان، عن ابن الشَّنية - واسمه عبد الله - عن أبي ذرٍّ الغفاري. كذلك أخرجه الدولابي في "الكُنى"(1734) عن محمد بن عوف الطائي، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(753)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1266)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 66/ 215 من طريق سعدان بن يزيد، وأبو الشيخ الأصبهاني كما في "الغرائب الملتقطة" للحافظ ابن حجر (2836) من طريق أحمد بن الفرات، ثلاثتهم عن الهيثم بن جميل.
وكذلك رواه عون بن سلام عند أبي القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1737)، ومحمد بن سعيد بن سليمان الأصبهاني فيما أشار إليه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 59/ 356، كلاهما عن شريك. غير أنهما جعلاه من قول أبي ذر الغفاري موقوفًا عليه، وهذا أشبه.
فقد رواه كذلك موقوفًا سفيانُ الثوريُّ في روايته عن أبي المحجّل عند ابن أبي شيبة 13/ 341، وابن أبي الدنيا في "العُزلة والانفراد"(163)، وابن أبي عاصم في "الزهد"(65)، غير أنَّ سفيان خالف شريكًا في إسناده فرواه عن أبي المحجّل، عن ابن عمران بن حِطّان، عن أبيه، قال: قال أبو ذرٍّ، فذكره موقوفًا من قول أبي ذرٍّ. فهذا هو الصحيح في هذا الخبر أنه موقوف من قول أبي ذرٍّ الغفاري، والله تعالى أعلم.
وكأنَّ قول شريكٍ النخعيِّ في إسناده هو الصواب دون قول سفيان الثوري، لأنَّ في رواية شريك ذكر قصة دخول عبد الله بن الشَّنيّة على أبي ذَرٍّ ومحاورته له. وعمران بن حِطّان لم يُدرك أبا ذرٍّ الغِفاري، وعبد الله بن الشَّنية تابعيّ لم يؤثر توثيقه عن أحد، ولا يُعرف في غير هذا الخبر، فهو مجهولٌ، لكنه لم ينفرد به.
فقد أخرجه ابن أبي الدنيا في "العُزلة والانفراد"(126)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4638) من طريق الأحنف بن قيس، عن أبي ذرٍّ الغفاري موقوفًا. وإسناده حسنٌ.
وأخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(476) و (810)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ =
5556 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن عفَّان، حَدَّثَنَا أبو يحيى الحِمّاني، عن الأعمش، عن شِمْر بن عَطِيَّة، عن شَهْر بن حَوشَبٍ، عن عبد الرحمن بن غَنْم، قال: كنتُ مع أبي الدَّرْداء، فجاء رجلٌ من قِبَل المدينةِ، فساء لَهُ، فأخبره أن أبا ذرٍّ سُيِّر إلى الرَّبَذة، فقال أبو الدَّرْداء: إنا لله وإنا إليه راجِعُون، لو أنَّ أبا ذرٍّ قَطَع لي عُضوًا أو يدًا ما هَجَّنْتُه بعدما سمعتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول:"ما أظلَّتِ الخَضْراءُ، ولا أقلّتِ الغَبْراءُ من رجُل أصدقَ لَهْجةً من أبي ذرٍّ"
(1)
.
= دمشق" 66/ 215 عن الحسن بن عرفة عن عباد بن عباد المهلبي، عن يونس بن عبيد: أنَّ رجلًا أتى أبا ذرٍّ. فذكر مثله موقوفًا، ورجاله ثقات لكنه مرسل، يونس بن عُبيد لم يدرك أبا ذرٍّ.
(1)
المرفوع في آخره حسن لغيره، وهذا إسناد فيه لِينٌ من أجل شهر بن حوشب، لكن روى عنه هذه القصة عبدُ الحميد بنُ بَهْرام عند أحمد 3 / (21724)، وروايتهُ عنه قويةٌ عند بعض أهل العلم، ولعلَّه لذلك جوَّد إسنادَه الذهبي في "تلخيصه".
وقد جاء في روايةٍ أخرى من طريق قتادة بعض عن شهر بن حوشب مرسلًا في قصة أبي ذرٍّ عند أحمد في "الزهد"(798) ما يُفسِّر قوله هذا من تسيير أبي ذرٍّ إلى الرَّبَذة أنه كان باختيار أبي ذرٍّ وطلبه هو بعد أن عرضَ عليه عثمان بن عفان أن يقيم في المدينة، حيث قال له عثمان: يا أبا ذرٍّ، أقم عندنا، تغدو عليكم اللقاح وتروح، فقال: لا حاجة لي فيها، وقال: إنَّ الرَّبذة كانت لي منزلًا فائذن لي أن آتيها، فأذِن له.
ويشهد لذلك حديثُ زيد بن وهب عند البخاري (1406)، قال: مررتُ بالرَّبذة، فإذا بأبي ذرٍّ، فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام، فذكر قصته مع معاوية في اختلافهما في كنز الذهب والفضة، وأنَّ معاوية شكاه لعثمان فاستقدمه عثمان إلى المدينة، قال أبو ذرٍّ: فكثر عليَّ الناسُ، حتَّى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذاك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحّيتَ، فكنتَ قريبًا، فذاك الذي أنزلني هذا المنزل.
وحديثُ عبد الله بن الصامت عند ابن سعد 4/ 218، وابن شَبَّة في "تاريخ المدينة" 3/ 1035، وأبي عوانة في "صحيحه"(11467 - طبعة الجامعة الإسلامية)، وابن حبان (5964)؛ في قصة دخول أبي ذرٍّ على عثمان لما قدم من الشام. وفيه: أنه استأذنه إلى الرَّبذة، فأذن له، بل قال له عثمان: نأذن لك ونأمر لك بنَعَمٍ من نَعَم الصدقة، فتصيبُ من رِسْلِها. والرُّسل: اللبن. =
5557 -
حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن كامل بن خَلَف القاضي، حَدَّثَنَا أبو قِلابة بنُ الرَّقَاشِي، حَدَّثَنَا سعيد بن عامر، حَدَّثَنَا أبو عامر - وهو صالح بن رُستُم الخَزّاز - عن حُميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامِت، قال: قالت أمُّ ذرّ: والله ما سيَّرَ عثمانُ أبا ذرٍّ، ولكنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا بَلَغَ البِناءُ سَلْعًا فاخرُجْ منها". قال أبو ذرٍّ: فلما بلغ البِناءُ سَلْعًا وجاوزَ، خرجَ أبو ذرٍّ إلى الشامِ؛ وذكر باقيَ الحديثِ بطُوله
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
= ومرسلُ محمد بن سيرين، عند ابن سعد 4/ 212، وابن أبي عمر العدني في "مسنده" كما "إتحاف الخيرة" للبوصيري (4178) مثل رواية قتادة عن شهر، ورجاله ثقات، وفيه زيادة بنحو حديث أبي ذرٍّ الآتي بعده.
وقد تقدَّم المرفوع منه من طريق أخرى عن أبي الدرداء برقم (5552).
(1)
إسناده حسنٌ من أجل أبي عامر صالح بن رُستُم، فهو حسن الحديث. أبو قلابة بن الرقاشي: هو عبد الملك بن محمد. والذي حدَّث أم ذرٍّ بالحديث هو أبو ذرٍّ كما يظهر من سياق الخبر، فلا يُعلُّ بالإرسال.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 401 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (4338)، وابن الأعرابي في "معجمه"(109) من طريق بدر بن خالد الجرمي، عن أبي ذرٍّ. وإسناده حسنٌ إن شاء الله. وقد تحرَّف اسم بدر في مسند ابن أبي شيبة إلى: زيد، وهو تحريف قديم فيما يغلب على الظن، لأنَّ الذهبي أورد الخبر في "السير" 20/ 70 وسماه: زيد بن خالد الجهني، وإنما هو بدر بن خالد الجرمي، فقد أخرج بعض هذا الخبر البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 138 في ترجمة بدر بن خالد، وكذلك ذكره الدارقطني في "العلل"(1097) فسماه على الصواب، وانظر "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 2/ 412، فقد ترجم لبدر بن خالد وأنه روى عن عثمان وأبي ذرٍّ. وروى عنه أبو الجويرية. وذكره ابن حبان في "ثقاته".
ويشهد له مرسل محمد بن سيرين عند ابن سعد 4/ 212، وابن أبي عمر العدني في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (4178)، والخلال في "السنة"(50)، ورجاله ثقات.
وسَلْع: جبل قرب المدينة.
والحديث المفسَّر في هذا الباب حديثُ الأعمش عن أبي وائل عن حَلّام بن جَزْلٍ
(1)
الغِفاري، تَركتُه لألفاظٍ فيه، ولِطُوله أيضًا، واقتصرتُ على الإسنادَين الصحيحَين.
5558 -
أخبرنا أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حَدَّثَنَا موسى بن زكريا، حَدَّثَنَا خليفة بن خيّاط، قال: مات أبو ذرٍّ بالرَّبَذة سنة اثنتين وثلاثين، وصلَّى عليه عبد الله بن مَسعُود، وفيها أيضًا مات عبد الله بن مسعود
(2)
.
وصلاة عبد الله بن مسعود عليه لا تَبعُد، فقد رُويَ بإسنادٍ آخرَ أنه كان في الرَّهْط من أهل الكوفة الذين وَقَفُوا للصلاةِ عليه
(3)
5559 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حَدَّثَنَا علي بن عبد الله المَديني، حَدَّثَنَا يحيى بن سُلَيم الطائفي، حَدَّثَنَا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن مُجاهِد، عن إبراهيمَ بن الأشْتَر، عن أبيه، عن أمِّ ذرٍّ، قالت: لما حَضَرت أبا ذرٍّ الوفاةُ بَكيتُ، فقال لي: ما يُبكيكِ؟ فقلت: وما لي لا أبكي وأنت تموتُ بفَلاةٍ من الأرض، وليس عِندي ثوبٌ يَسَعُك كَفَنًا لي، ولا لكَ، ولا يَدَينِ لي بتغييبِك، قال: فأبشِري ولا تبكي، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يموتُ بين امرأَينِ مُسلِمَين ولدان أو ثلاثةٌ فيحتَسِبانِ فيَرَيانِ النارَ أبدًا".
وإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنَفَرٍ أنا فيهم: "لَيمُوتَنَّ رجل منكم بفَلاةٍ من الأرض تَشْهَدُه عِصابةٌ من المؤمنين"، وليس من أولئك النفرِ أحدٌ إلا وقد مات في قريةٍ وجماعةٍ، فأنا ذلك الرجلُ، واللهِ ما كَذَبتُ ولا كُذِبتُ، فأَبصِري الطريقَ، فقلت:
(1)
تحرَّف في (ب) إلى: حرام بن جندل. والظاهر أنَّ المصنّف أراد الحديث الذي سيُخرِّجُ بعضَه برقم (8688).
(2)
وهو في "الطبقات" لخليفة بن خيّاط ص 31 - 32، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 66/ 222.
(3)
كما تقدَّم عند المصنّف برقم (4421)، وإسناده ضعيف. وانظر ما تقدَّم برقم (5541).
أنَّى وقد ذهب الحاجُ وتَقطَّعَتِ الطَّرِيقُ؟ فقال: اذهبي فتبصَّري قالت: فكنتُ أَشتدُّ إلى الكَثِيب، ثم أرجِعُ فأُمرِّضُه، فبينما أنا وهو كذلك إذا أنا برجالٍ على رِحالِهم، كأنهم الرَّخَمُ تَخِدُ
(1)
بهم رواحِلُهم - قال عليٌّ: قلت ليحيى بن سُلَيم: تَخِدُ أَو تَخُبُّ؟ قال: بالدال - قالت: فألَحْتُ بثَوبي، فأسرَعُوا إِليَّ حتَّى وَقَفُوا عَلَيَّ، فقالوا: ومَن هو؟ قلتُ: أبو ذرٍّ، قالوا: صاحبُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟! قلتُ: نعم، ففَدَّوهُ بآبائهم وأمّهاتهم، وأسرَعُوا إليه حتَّى دخَلُوا عليه، فقال لهم: أبشِروا، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنَفَرٍ أنا فيهم:"ليموتَنَّ رجلٌ منكم بِفَلاةٍ من الأرض تَشْهَدُه عِصابةٌ من المؤمنين"، ما مِن أولئك النفَرِ رجلٌ إِلَّا وقد هَلَك في قريةٍ وجماعةٍ، والله ما كَذَبتُ ولا كُذِبتُ، أنتم تَسمَعون أنه لو كان عندي ثوبٌ يَسَعُني كَفَنًا أو لامرأتي لم أُكفَّن إلَّا في ثوبٍ لي أو لها، إني أَنشُدُكُم الله، ثم إني أَنشُدُكم الله، أن لا
(2)
يُكفِّنَني رجلٌ منكم كان أميرًا أو عَريفًا أو بَريدًا أو نَقيبًا، وليس من أولئك النفَر إلّا وقد قارَفَ
(3)
ما قال، إلَّا فتًى من الأنصار، فقال: أنا أُكفِّنُك يا عمِّ، أكفِّنُك في ردائي هذا، أو في ثَوبَين في عَيْبتي من غَزْل أُمّي، قال: أنتَ فكَفِّنّي، فَكَفَّنَه الأنصاريُّ في النَّفَر الذين حَضَرُوه، وقامُوا عليه ودَفَنُوه في نَفَرٍ كلُّهم يَمانٍ
(4)
.
(1)
في (ب): تحذ، بالحاء المهملة وآخره ذال معجمة، والمثبت على الصواب من (ز) و (ص)، لكن حُرِّكت الكلمة فيهما بضم الخاء وتشديد الدَّال، وإنما الصواب: تَخِدُ، كتَعِدُ من الوَخْدة: وهو ضربٌ من سير الإبِل، وهو أن ترمي بقوائمها كمشي النَّعام.
(2)
حرف "لا" لم يَرِد في (ز) و (م) و"تلخيص الذهبي" و (ب)، وأثبتناه من (ص)، وهو ثابت لأكثر من خرّج هذا الخبر، وكلا الأمرين جائز، فعلى الحذف تُقدَّر "لا" تقديرًا.
(3)
في (ز) و (ب) قارب، بالياء، بدلٌ الفاء، وهما بمعنًى.
(4)
إسناده حسنٌ من أجل يحيى بن سُليم الطائفي، فهو صدوق حسن الحديث، وقد تلقَّى عنه هذا الخبر جمعٌ من الأئمة الحفّاظ، ولا يُحفَظ عن غيره موصولًا وقد حسَّن هذه الرواية في وفاة أبي ذرٍّ ابن القيم في "زاد المعاد" 3/ 534، ورجَّحها على رواية ابن مسعود المتقدمة عند المصنّف برقم (4421). =
ذكرُ مناقب حَبِيب بن مَسلَمة الفِهْري رضي الله عنه
-
5560 -
حَدَّثَنَا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثني مصعب بن عبد الله الزُّبيري، قال: حبيبُ بن مَسْلَمة بن مالك الأكبر ابن وَهْب بن ثعلبة بن وائلة
(1)
بن عمرو بن شَيبان بن مُحارِب بن فِهْر، كان شريفًا قد
= وأخرجه ابن حبان (6671) عن أبي خليفة الفَضل بن الحُباب، عن علي بن المديني، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 35/ (21373) عن إسحاق بن عيسى، وابن حبان (6670) من طريق الحسن بن محمد بن الصبَّاح، كلاهما عن يحيى بن سُلَيم، به.
وأنظر ما تقدم برقم (5542).
والفَلَاة: المفازة والأرض القَفْر.
والحاجُّ: هو في الأصل يُطلق على الواحد من الحُجّاج، وربما أُطلق الحاجُّ على الجماعة مجازًا واتساعًا، كما جاء هنا.
وتَقطَّعتِ الطريقُ: انقطع الناسُ عن الطريق.
واشتدُّ إلى الكَثِيب: أُسرع إلى التلِّ الرملي.
والرَّخَم: نوع من الطيور.
وتَخُبُّ: من الخَبَب، وهو ضربٌ من العَدْوِ، وهو خَطْوٌّ فَسِيحٌ.
والعَرِيف: القيّم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس، يلي أُمورهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم.
والبَريد: الرسُول.
والنقيب: هو كالعريف على القوم الذي يتعرف أخبارَهم وينقّب عن أحوالهم؛ أي: يُفتش.
والعَيْبة: وعاء من جلد ونحوه يكون فيه المتاعُ.
ويَمَانٍ: نسبة لليمن، والألف فيها عوض من ياء النسبة.
(1)
المثبت بالثاء المُثلَّثة من (ز) و (ب)، وأُهملت في (ص) و (م)، وقد ضبطها بالثاء المثلثة محمد بن حبيب البغدادي في "مختلف القبائل ومؤتلفها" ص 98، والحسين بن علي المغربي في "الإيناس في علم الأنساب" ص 263، ومجد الدين بن الأثير في "جامع الأصول" في قسم التراجم 12/ 289، وخالفهم غيرُهم فقالوا: وائلة منهم الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 4/ 288، وابن حزم في "الجمهرة" ص 178، وابن ماكولا في "الإكمال" 7/ 385.
سَمِعَ من النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان يقال له: حَبيبُ الرُّوم، من كثرةِ دُخُوله عليهم، قال: وفيه يقول شُرَيح بن الحارث:
ألَا كلُّ مَن يُدعَى حَبيبًا ولو بَدَتْ
…
مُروءَتُه يَفْدي حبيبَ بني فِهْرِ
هُمَامٌ يَقُودُ الخيلَ حتَّى كأَنَّما
…
يَطأْنَ برَضْراضِ الحصى جاحِمَ
(1)
الجَمْرِ
5561 -
أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر، أخبرنا محمد بن أحمد بن النضر، حَدَّثَنَا معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفَزَاري، حَدَّثَنَا أبو بكر الغَسّاني، عن عَطيّة بن قيس وراشد بن سعد، قالا: سارتِ الرومُ إلى حَبيب بن مَسْلَمة وهو بإرمينِيَةَ، فكتب إلى معاويةَ يَستمِدُّه، فكتب معاويةُ إلى عثمانَ بذلك، فكتب عثمانُ إلى أميرِ العراق: يأمرُه أن يُمِدَّ حَبيبًا، فأمَدّه بأهلِ العراق، وأمَّر عليهم سَلْمَانَ بن ربيعة الباهِلي، فسارُوا يريدون غِيَاثَ حَبيبٍ، فلم يبلُغُوهم حتَّى لقي هو وأصحابُه العدوَّ ففَتَحَ اللهُ لهم، فلما قدم سَلْمانُ وأصحابُه على حَبيبٍ سألُوهُم أَن يُشْرِكُوهم في الغَنِيمة، وقالوا: قد أمْدَدْناكم، وقال أهلُ الشام: لم تَشهَدوا القتالَ، ليسَ لكم معنا شيءٌ، فأَبى حَبيبٌ أن يُشْرِكَهم، وحَوَى هو وأصحابُه على غَنِيمتهم، فتنازعَ أهلُ الشام وأهلُ العراق في ذلك، حتَّى كاد أن يكون بينهم في ذلك كَونٌ، فقال بعض أهل العراق شعرًا:
إن تَقْتُلُوا سلمانَ نَقتُلْ حَبيبَكمْ
…
وإِن تَرحَلُوا نحوَ ابن عَفَّانَ نَرَحَلِ
قال أبو بكر الغَسّاني: وسمعت أنها أولُ عداوةٍ وقعت بين أهل الشام والعراق
(2)
.
(1)
تحرَّف في (ص) و (م) إلى: حماحم، وتصحف في (ز) و (ب) إلى: حاجم، والمثبت على الصواب من "تلخيص الذهبي"، والجمرُ الجاحمُ: هو ما اشتدَّ اشتعالُه. وفي "نسب قريش" لمصعب الزبيري ص 447: فاحم الجَمْر.
(2)
خبر حسنٌ، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي بكر الغَسّاني: وهو أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم. أبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث. قلنا: قد رويت هذه القصة من وجهين بنحوٍ مما هنا، وهما منقطعان، لكن باجتماع هذه الوجوه الثلاثة يتقوَّى الخبر، والله أعلم، =
5562 -
أخبرني محمد بن يوسف بن إبراهيم العَدْل، حَدَّثَنَا محمد بن عِمران النَّسَوي، حَدَّثَنَا أحمد بن زهير بن حَرْب، قال: سمعت أبي يقول: حبيبُ بنُ مَسلَمة أبو عبد الرحمن
(1)
.
5563 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا الرَّبيع بن سُليمان، حَدَّثَنَا بِشْر بن بَكر، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان، عن أبيه، عن مَكحُول، عن زياد
(2)
ابن جارية
(3)
عن حبيب بن مَسلَمة، قال: شهدتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَفَّلَ الثُلثَ
(4)
.
= وليس ببعيدٍ إدراك عطية بن قيس للقصة إذ كانت ولادتُه في حدود سنة سبع عشرة، وأما راشد بن سعد ففي إدراكه لها نظر.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 355، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 12/ 76 - 77 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال ابن عساكر بإثره: أسقط منه ابن المبارك ولا بُدَّ منه. قلنا: منه. قلنا: يعني أنه أُسقط ذكره بين أبي إسحاق الفزاري وبين أبي بكر الغَسّاني.
وأخرجه أبو عَروبة الحَرّاني في "الأوائل"(130)، ومن طريقه ابن عساكر 12/ 76 عن المسيب بن واضح، عن أبي إسحاق الفزاري، عن ابن المبارك، عن أبي بكر الغساني، عن عطية بن قيس، عن راشد بن سعد. قال ابن عساكر: قوله: عن عطية عن راشد وهمٌ، وصوابه: عن عطية وراشد كما في رواية الحاكم.
وأخرج ابن عساكر 12/ 74 من طريق سعيد بن عبد العزيز، و 12/ 75 من طريق ابن أبي ذئب، فذكرا القصة بنحوٍ ممّا هنا، وروايتهما منقطعة.
وذكرها الواقدي كذلك كما في "تاريخ الطبري" 4/ 248، لكن مرسلة بدون إسناد.
(1)
وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" 2/ 119، وابن عساكر عن أحمد بن زهير.
(2)
في (ز) و (ب): يزيد، والمثبت من (ص) و (م)، فهو وإن كان يزيد محكيًا في اسمه أيضًا، لكن قال البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 348: الصحيح زياد.
(3)
تصحف في (ز) و (م) و (ب) إلى حارثة، وأُهملت في (ص)، والمثبت على الصواب من النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان، وفاقًا لمصادر الترجمة والتخريج.
(4)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسنٌ من أجل عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، فهو حسن الحديث، وقد توبع فيما تقدم عند المصنّف برقم (2631) و (2632) وما سيأتي برقم (5941) بأسانيد صحاح.
5564 -
حَدَّثَنَا إسماعيل بن محمد الفقيه بالرَّيّ، حَدَّثَنَا أبو حاتم الرازِيّ، حَدَّثَنَا أبو اليَمَان، حَدَّثَنَا إسماعيل بن عيّاش عن صفوان بن عمرو، عن أبي اليَمَان عامر بن عبد الله بن لُحَيٍّ
(1)
: أنَّ أبا ذَرٍّ الغِفاريَّ والناسَ كانوا يُسمُّون حبيبَ بن مَسلَمة: حبيبَ الرومِ، لكثرةِ مُجاهَدَتِه الرُّومَ
(2)
.
5565 -
أخبرني عبد الله بن غانِم، حَدَّثَنَا محمد بن إبراهيم العَبْدي، حَدَّثَنَا يحيى بن بُكَير، قال: تُوفّي حَبيب بن مَسلَمة بإرمِينِيَةَ سنة اثنتين وأربعين وهو ابن خمسين سنةً
(3)
.
5566 -
حَدَّثَنَا أحمد بن الحسن البَزَّار، حَدَّثَنَا أزهر بن زُفَر المِصري
(4)
، حَدَّثَنَا أبو أسلَمَ محمد بن مَخْلِدِ الرُّعَيني، حَدَّثَنَا سليمان بن أبي كَرِيمة، عن مَكحُول، عن قَزَعة بن يحيى، عن حَبيب بن مَسْلَمة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ، حُبًّا"
(5)
.
(1)
تحرّف في (ز) و (ب) إلى: يحيى.
(2)
رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسل فإنَّ أبا اليمان عامر بن عبد الله لا يدرك أبا ذرٍّ. وذلك مشهور في وصف حبيب بن مسلمة.
أبو حاتم الرازي: هو محمد بن إدريس، وأبو اليمان: هو الحكم بن نافع.
وهو عند أحمد بن عبد الله بن البرقي كما في "تهذيب الكمال" للمزي 5/ 398 عن عمرو بن أبي سلمة، عن إسماعيل بن عياش به.
(3)
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3517) عن أبي الزِّنْباع روح بن الفرج، عن يحيى بن بُكَير. لكن دون ذكر مكان وفاة حبيب بن مسلمة. ووفاته بإرمينية متفق عليها كما في "تاريخ دمشق" 68 - 81. وأما سنة وفاته فمختلف فيها، فقد ذهب الهيثم بن عدي والمدائني إلى أنه توفي سنة إحدى وأربعين، وجُمهورهم على مثلِ قول ابن بُكَير.
(4)
تحرَّف في (ص) و (م) إلى: البصري.
(5)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف سليمان بن أبي كريمة ومحمد بن مخلد الرُّعيني.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3535)، وفي "الأوسط"(3052)، وفي "الصغير"(296)، وفي "مسند الشاميين"(3563)، وابن عُدي 3/ 262، وتمّام الرازي في "فوائده"(64) وأبو نعيم في =
5567 -
أخبرنا الشيخُ الإمام أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشْر بن موسى، حَدَّثَنَا أبو عبد الرحمن المُقرئ، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، قال: حدثني أبو هُبَيرة، عن حَبيب بن مَسْلَمة الفِهْري - وكان مجابَ الدعوة - أنه أُمِّر على جيشٍ، فدَرَّب الدُّرُوبَ، فلما أتى العَدوَّ قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يَجتمعُ مَلأٌ فيدعُو بعضُهم، ويُؤمِّنُ بعضُهم
(1)
إلَّا أجابَهُم الله"، ثم إنه حَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: اللهمَّ احقِنْ دِماءَنا، واجعل أجورَنا أجورَ الشهداءِ، فبينما هم على ذلك إذ نَزَل الهنباطُ
(2)
أميرُ العدوِّ، فدخل على حَبيبٍ سُرادِقَه
(3)
.
= "معرفة الصحابة"(2166)، وابن عساكر 22/ 357 - 358، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1239) من طرق عن أزهر بن زُفَر، بهذا الإسناد.
وقال المنذري في "الترغيب والترهيب": هذا الحديث قد روي عن جماعة من الصحابة، وقد اعتنى غير واحدٍ من الحفاظ بجمع طرقه والكلام عليها، ولم أقف له على طريق صحيح كما قال البزار، بل له أسانيد حِسان عند الطبراني وغيره.
وقال السخاوي في "المقاصد الحسنة"(537): وأفرد أبو نعيم طُرُقه ثم شيخُنا (يعني ابنَ حجر) في "الإنارة بطُرق غِبّ الزيارة"، وبمجموعها يتقوَّى الحديث.
وانظر "فتح الباري" لابن حجر 18/ 472 - 473.
وقوله: "زُر غِبًّا" معناه: زُر أخاك وقتًا بعد وقتٍ، ولا تُلازم زيارته كلَّ يوم.
(1)
في (ز) و (ب): البعض، وفي (م) و "تلخيص الذهبي": بعضٌ، والمثبت من (ص) هو الموافق لرواية البيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 113 عن أبي عبد الله الحاكم.
(2)
المثبت من "تلخيص الذهبي"، وفي (ز) و (ب): الهباط، وهو تحريف، وفي (ص) و (م): الهيباط، بالياء التحتانية بدل النون، وبذلك ضبطه رضي الدين الصّغاني في "العباب الزاخر"، وتبعه صاحب "القاموس"، وخطَّأه "الزَّبيديُّ في "تاج العروس"، وهو كما قال، فقد ضبطه بالنون كلٌّ من أبي موسى المديني في "المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث" 3/ 513، وابنِ الأثير في "النهاية" 5/ 278، لكن اختلفت نُسَخ الكتابين في ضبط الهاء بالكسر والضّمّ، وفي "لسان العرب" بفتحها. وقد فسّره الطبراني بإثر روايته في "الكبير" (3536) بأنه بالرومية صاحبُ الجيش.
(3)
إسناده ضعيف لانقطاعه، لأنَّ أبا هبيرة - وهو عبد الله بن هبيرة بن أسعد المصري - لم =
ذكرُ مناقب المِقْداد بن عمرو الكِنْدي وهو الذي قِيل له: ابن الأسْوَد
5568 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبّار، حَدَّثَنَا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: وممَّن شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني زُهْرة ومن حُلفائهم، المِقدادُ بن عَمرو بن ثَعْلبة بن مالك بن زَمْعة بن ثُمَامة بن مَطرُود بن عَمرو بن رَبِيعة بن زُهير بن نَمِر بن ثعلبة بن مالك
(1)
.
= يُدرك حبيبَ بن مسلمة، وابنُ لَهِيعة - وهو عبد الله - روايةُ العبادلةِ عنه لا بأس بها، ومنهم أبو عبد الرحمن المقرئ - وهو عبد الله بن يزيد - فيبقى الشأن في انقطاع الإسناد.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 113، ومن طريقه ابن عساكر 12/ 77 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3536)، ومن طريقه ابن عساكر 12/ 77 عن بشر بن موسى، به.
قوله: دَرَّب الدُّرُوب، معناه دَخَل أرض العدو من بلاد الروم، وكل مَدخلٍ إلى الروم دَرْبٌ من دُرُوبها.
والسُّرادِق: كل ما أحاط بشيء من حائط أو خِباء.
(1)
وهو عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 60/ 158 من طريق رضوان بن أحمد، عن أحمد بن عبد الجبار، به. لكن جاء فيه ذكر ربيعة بدل زمعة، وجاء فيه كذلك في نسبه بعد مطرود بن عمرو: زهير بن سعد بن الحارث بن الهُذيل البَهْراني!
وهو في "سيرة ابن هشام" كذلك - وهي روايته عن زياد البكائي عن ابن إسحاق - 1/ 680 بذكر ربيعة بدلٌ زمعة أيضًا، وجاء فيها بعد مطرود بن عمرو: سعد بن زهير بن ثور بن ثعلبة بن مالك.
وكذلك نسبه إبراهيم بن سعد في روايته عن ابن إسحاق عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(6167) وكذلك يحيى بن سعيد الأُموي في روايته عن ابن إسحاق عند البغوي في "معجم الصحابة 2/ 292 - 293، لكنهما ذكرا لُؤَيًا بدل ثورٍ. وهو الذي صوَّبه أبو ذر الخُشني في "الإملاء المختصر في شرح غريب السير" ص 99.
وكذلك نسبه خليفة في "طبقاته" ص 16 و 120 غير أنه قال: دَهير، بدلٌ زُهير، وهو قول محكي في اسمه، كما ذكر ابن هشام في "السيرة" 1/ 326. وذكر خليفة سعدًا في نسبه. =
5569 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حَدَّثَنَا أبو عُلَاثة، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسْوَد، عن عُروة، في تسمية من شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني زُهْرة، ومن حُلفائهم: المِقدادُ بن عَمرو
(1)
.
5570 -
أخبرني أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حَدَّثَنَا موسى بن زكريا التُّسْتَري، حَدَّثَنَا شَبَابٌ العُصْفُري، قال: قال ابن إسحاق: نُسِب المقدادُ إلى الأسود بن عبد يَغُوثَ بن وهبِ بن عبد مَناف بن زُهْرة لأنَّهُ تَبنّاه، ويقال: إلى الأسود بن أبي قَيس بن عبد مَناف بن زُهْرة
(2)
.
5571 -
فحدثنا بصِحّة ذلك أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أبو الزِّنْباع رَوْح بن الفَرَج المصري، حَدَّثَنَا سعيد بن عُفَير [حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شُمَاسَة، عن سفيان بن صُهْبانة المَهْرِيّ]
(3)
قال: كنت صاحبًا للمقداد بن الأسود في الجاهلية، فأصابَ فيهم دمًا، فهَرَب إلى كِنْدةَ فحالَفَهم، ثم أصابَ فيهم دمًا، فهَرَب إلى مكة، فحالَفَ الأسودَ بن عبدِ يَغُوثَ، فلذلك نُسِب إليه
(4)
.
= وأما الواقدي فنسبه في "المغازي" 1/ 155، فقال: بن مطرود بن زهير بن ثعلبة بن مالك.
(1)
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20 / (552) عن أبي عُلَاثة محمد بن عمرو بن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عساكر 60/ 158 من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن لَهِيعة.
(2)
وهو في "الطبقات" لخليفة بن خياط ص 16 - 17.
(3)
ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية ولا بدّ من ذكره، لقوله بعد ذلك: كنتُ صاحبًا للمقداد، واستدركناه من "معجم الطبراني الكبير" 20/ (558) حيث روى هذا الخبر عن أبي الزِّنباع.
(4)
إسناده ضعيف من أجل ابن لَهِيعة - وهو عبد الله - ولا يُعرف ذِكرُ سُفيان بن صُهْبانة - ويقال: صُهابة - إلّا من طريقه. ابن شُمَاسَة: هو عبد الرحمن.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20 / (558)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 60/ 155 عن أبي الزِّنْباع روح بن الفَرَج، بهذا الإسناد.
ونقل محمد بن حبيب البغدادي في "المنمَّق في أخبار قريش" ص 363 عن هشام بن الكلبي: =
5572 -
أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: المِقدادُ بن الأسود، ويُكنى أبا مَعْبَد، مات سنة ثلاثين، بلغ نحوًا من سبعين سنةً، وكان يُصفِّر لِحْيتَه، مات بالجُرْفِ، فحُمِل على رِقاب الرِّجال، وصلَّى عليه عثمانُ بن عفّان رضي الله عنه، ودُفِن بالبقيع
(1)
.
5573 -
حَدَّثَنَا أبو عبد الله الأصبهَاني، حَدَّثَنَا الحَسن بن الجَهْم، حَدَّثَنَا الحُسين بن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عُمر، قال: المِقداد بن عَمرو بن ثَعْلبة بن مالك بن رَبيعة، وذَكَر إلى قُضَاعةَ، كان يُكنى أبا مَعْبَد، وكان حالَفَ الأسودَ بن عبد يَغُوث الزُّهْرِيّ في الجاهلية، فتبنّاه، وكان يقال له: المِقداد بن الأسوَد، فلما نزل القرآن {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] قيل له: المِقداد بن عَمرو.
= أنَّ عمرو بن ثعلبة البَهْراني أبا المقداد صاحبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب دمًا في قومه، فلحق بحضرموت وتزوج امرأة من الصَّدَف من بطن يقال لهم: بنو شكل
…
فولدت له المقداد، فجرى بين إخوته لأمّه وبين أبي شمر حجر بن مُرّة - وكان قَيلًا من أقيال حضرموت يقال له: الأذمري - كلامٌ، فشدّ المقداد على أبي شمر فضربه بالسيف على رجله فعَرِج، وهرب المقداد إلى مكة، وغنم أبو شمر وأصحابه أصحاب المقداد
…
فدخل المقداد مكة فنظر إلى رجل يطوف بالبيت متقلدًا سيفين
…
فسأل عنه، فقيل: هذا الأسود بن عبد يغوث بن عبد مناف بن زُهْرة، فأتاه المقداد وأخبره وسأل أن يحالفه وأن يُجيره، ففعل الأسودُ.
وقولُ ابن الكلبي هذا يخالف رواية ابن لَهِيعة الذي جعل المقداد هو من أصاب دمًا في قومه لا أباه، فالله تعالى أعلم.
(1)
كذلك جاء في نسخنا من "المستدرك" عن ابن نمير ذكر وفاة المقداد سنة ثلاثين، وجاء في "تاريخ العلماء ووفياتهم" لابن زَبْر الرَّبَعي 1/ 122 انَّ المقداد مات سنة ثلاث وثلاثين، والرَّبَعي يروي أخبار ابن نمير من طريقين كما بيَّنه في فاتحة كتابه، وهما: طريق محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، وطريق محمد بن إسماعيل الترمذي، كلاهما عن ابن نمير. فربما تكون لفظة "ثلاث" سقطت على بعض النُّساخ قديمًا.
والجُرْف: موضع كان يقع شمال المدينة، وهو الآن حيٌّ من أحيائها متصلٌّ بها، فيه زراعة وسُكّان.
وهاجَرَ المِقدادُ إلى أرض الحبشة الهجرةَ الثانيةَ في رواية ابن إسحاق، وشهد المقداد بدرًا وأحدًا والخَندق والمَشاهِدَ كلَّها مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكان من الرُّمَاة المذكُورين من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
5574 -
قال ابن عُمر: حَدَّثَنَا موسى بن يعقوب، عن عَمَّتِه [عن أمّها]
(2)
كريمةَ بنت المِقداد: أنها وَصَفَتْ أباها لهم، فقالت: كان رجُلًا طوالًا، آدمَ، أَبْطَنَ، كثيرَ شَعر الرأسِ، يُصفِّرُ لِحْيتَه، وهي حَسَنةٌ ليست بالعَظيمةِ ولا بالخَفِيفَةِ، أَعْيَنَ مَقْرُونَ الحاجِبَين، أَقْنَى. قالت: ومات المقدادُ بالجُرْف على ثلاثة أميالٍ من المدينة، فحُمل على رِقاب الرجال، ودُفن بالمدينة، وصلَّى عليه عثمانُ بن عفّان، وذلك سنة ثلاثٍ وثلاثين، وكان يومَ ماتَ ابنَ سبعين سنةً أو نحوَها
(3)
.
5575 -
قال ابن عُمر: وحدثني محمدٌ عن عاصمِ بن عُمر، وعبدُ الله بنُ جعفر، بالمُؤاخاة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخَى بين المِقدادِ وجُبيرِ
(4)
بن عَتِيك
(5)
.
(1)
انظر "طبقات ابن سعد" 3/ 148 و 149.
(2)
ما بين معقوفين سقط من النسخ الخطية، ولا بدَّ منه، وقد استدركناه من "طبقات ابن سعد" 3/ 150 - ونقله عنه الطبريُّ في "ذيل المذيّل" كما في "منتخبه" لعُريب القرطبي 11/ 506 - حيث روى ابن سعد هذا عن شيخه محمد بن عمر الواقدي بسنده هذا الذي هنا، ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن عساكر 60/ 154 و 182.
(3)
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 150، ومن طريقه ابن عساكر 60/ 154 و 182 عن محمد ابن عمر الواقدي، بهذا الإسناد. وعمة موسى: هي قُرَيبة بنت عبد الله بن وهب بن زَمْعة.
آدَمُ: ذو سُمْرة شديدة.
والأبطَنُ: عظيم البطن.
والأقنى: طول الأنف ورقّة أَرنبته مع حدب في وسطه.
(4)
المثبت من (ص) و (م) و (ب)، وفي (ز) غير واضحة إلّا أنها أقرب إلى جَبْر، وهي كذلك في "تلخيص المستدرك" للذهبي.
(5)
هذا غريب في رواية محمد بن عمر الواقدي، فالذي في "طبقات ابن سعد" 3/ 148 عنه عن محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة، قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المقداد وجَبَّار بن =
5576 -
حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يحيى، حَدَّثَنَا مُسدَّد، حَدَّثَنَا أُميّة بن خالد، عن شُعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: قَدِمَ المِقدادُ بنُ الأسود، فقال: لأُحالِفنَّ أعزَّ أهلِها؛ فحالف الأسودَ بن عبد يَغُوث، وقيل: مِقدادُ بن الأسود، وإنما هو مِقدادُ بن عمرو البَهْراني، وليس بابن الأسود الكِنْدي
(1)
.
5577 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي بمَرُو، حَدَّثَنَا سعيد بن مسعود، حَدَّثَنَا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن مُخارقٍ، عن طارِقٍ، عن عبد الله، قال: شَهِدتُ من المقداد مشهدًا لأن أكونَ صاحِبَه أَحبُّ إليَّ مما عُدِلَ؛ أنه أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو يدعُو على المشركين، فقال: إنا واللهِ يا رسولَ الله لا نقولُ كما قال قومُ موسى لموسى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] ولكنا نقاتلُ عن يَمينِك وعن شِمالِك، ومن بين يَدَيك ومن خَلْفِك، فرأيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُشرِقُ لذلك، وسَرَّهُ ذلك
(2)
.
= صَخْر. وعبدُ الله بن جعفر ثاني شيوخ الواقدي هنا: هو المَخرَمي الزهري.
وما وقع عند المصنّف هنا من ذكر المؤاخاة بين المقداد وابن عتيك قاله محمد بن حبيب في "المحبَّر" ص 73، ووقع فيه: جبر بن عتيك.
وقد جاء ما يخالف هذين القولين: فقد روى أبو الحسن الخِلَعي في "الخِلعيّات"(230) بسند ضعيف عن أبي رافع ذكر مؤاخاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المقداد وعمار.
وذكر ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 560: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم آخى بين المقداد وأبي ذر الغفاري.
وروى ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"(2841)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" 5/ 293، وابن عساكر 60/ 157 من طريق إبراهيم بن سعد، عن سليمان بن محمد الأنصاري، عن رجل يقال له: الضحاك كان عالمًا
…
فذكر مؤاخاة المقداد لعبد الله بن رواحة. وإسناده ضعيف. فالله تعالى أعلم بالصواب.
(1)
مرسلٌ رجاله ثقات. سعد بن إبراهيم: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
(2)
إسناده صحيح. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، ومُخارق: هو ابن خليفة - ويقال: ابن عبد الله بن جابر، ويقال: ابن عبد الرحمن - الأحمسي، وطارق: هو ابن شهاب =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!
5578 -
أخبرني الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عُبيد بن شَريك، حَدَّثَنَا عبد الوهاب بن نَجْدةَ الحَوْطي، حَدَّثَنَا بَقيّة بن الوليد، عن حَرِيز بن عثمان، قال: حدثني عبد الرحمن بن مَيْسَرَة الحَضْرَمي، حدثني أبو راشد الحُبْراني، قال: رأيتُ المِقدادَ بنَ الأسود حارِسَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم جالسًا على تابُوتٍ من تَوابِيتِ الصَّيارِفة بحِمْص، قد أفضَلَ على التابوتِ من عِظَمِه، يريدُ الغَزْوَ، فقلتُ له: لقد أعذَرَ اللهُ إليك، فقال: أبَتْ علينا سورةُ البَحُوثِ: {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41]، قال بَقيّة: سورةُ البَحُوث: سورةُ التوبة
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
= الأحمسي، وعبد الله: هو ابن مسعود.
وأخرجه أحمد 6/ (3698) و 7 / (4070)، والبخاري (3952) و (4609) من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وأخرجه أحمد 7/ (4376) عن عَبيدة بن حُميد، والبخاري (4609)، والنسائي (11075) من طريق عُبيد الله الأشجعي، عن سفيان الثوري، كلاهما عَبيدة وسفيان عن مخارق الأحمسي، به.
وأخرجه أحمد 31/ (18827) عن وكيع، عن سفيان الثوري، عن مخارق، عن طارق مرسلًا.
والمحفوظ رواية الأشجعي عن سفيان الثوري، لأنّها توافق رواية غير سفيان الثوري ممَّن وصل الحديثَ، ولهذا قال الدارقطني في "العلل" (3420): حديث الأشجعي أصح.
(1)
خبر صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل بقيّة بن الوليد، وقد صرّح بسماعه عند غير المصنّف فأُمن تدليسه. وهو متابع فيما تقدَّم عند المصنّف برقم (2583) و (3321).
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(290)، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 176، وأخرجه الطبراني في "الكبير"(20/ 556) عن أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحَوطي، كلاهما (ابن أبي عاصم وأحمد بن عبد الوهاب) عن عبد الوهاب بن نَجْدة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري في "تفسيره" 10/ 139 - 140 عن سعيد بن عمرو السَّكُوني، عن بقية بن الوليد، به.
وقد ذكرتُ في أول مناقب أبي بكر الصَّدّيق رضي الله عنه
(1)
حديثَ عبد الله بن مسعود: أولُ مَن أظهَرَ إسلامَه سبعةٌ: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمّار وأمُّه سُميَّة وصُهيب وبِلال والمِقداد.
5579 -
حَدَّثَناهُ أبو بكر بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن النَّضْر، حَدَّثَنَا معاوية بن عمرو، حَدَّثَنَا زائدة، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن عبد الله
(2)
.
5580 -
حَدَّثَنَا إسماعيل بن علي الخُطَبي ببغداد، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني العباس بن الوليد النَّرْسيّ، حَدَّثَنَا بِشْر بن المُفضّل، عن ابن عَون، عن عُمير بن إسحاق، عن المِقداد بن الأسود، قال: بَعَثَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَبْعَثًا، فلما رجعتُ قال لي:"كيفَ تَجِدُ نَفْسَك؟ " قلت: ما زِلتُ حتَّى ظننتُ أنَّ من معي خَوَلي، وايْمُ اللهِ لا أعمَلُ على رجُلَين بعدَها
(3)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب أبي عَبْسِ بن جَبْرٍ الأنصاري الخَزْرَجيّ رضي الله عنه
-
5581 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجَبّار، حَدَّثَنَا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، فيمن شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني الحارث بن الخَزْرج بن عمرو بن مالك بن أوس: أبو عَبْسٍ بن جَبْر بن عَمرو بن زَيد بن جُشَم بن الحارثة
(4)
.
(1)
بل ذكره المصنّف في مناقب بلال بن رباح برقم (5321).
(2)
إسناده حسن من أجل عاصم: وهو ابن أبي النَّجُود. وقد تقدَّم برقم (5321) من طريق الحُسين بن علي الجُعْفي عن زائدة.
(3)
إسناده حسن من أجل عمير بن إسحاق. ابن عون: هو عبد الله بن عون بن أَرْطَبان البصري.
وأخرجه النسائي (8695) عن حميد بن مَسْعَدة، عن بشر بن المفضل، بهذا الإسناد.
(4)
وهو في "أسد الغابة" لابن الأثير 5/ 202 من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار. =
5582 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حَدَّثَنَا أبو عُلَاثة، حدثني أبي، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُروة، قال: شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو عَبْس بن جَبْر بن عمرو بن زيد بن جُشَم بن حارثة.
5583 -
أخبرنا محمد بن المُؤمَّل بن الحَسن بن عيسى، حَدَّثَنَا الفَضْل بن محمد، حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل، قال: قرأتُ على يعقوبَ فيمن شهد بدرًا: أبو عَبْس بن جَبْر، واسمُه عبدُ الرحمن بن جَبْر
(1)
.
5584 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: أبو عَبْس عبد الله بن جَبْر بن عمرو بن زيد الأنصاري وكعبُ الأحبارِ ماتا في سنة ثلاثٍ وثلاثين
(2)
.
5585 -
وأخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حَدَّثَنَا أبو يُونس، أخبرني إبراهيم بن المُنذِر، قال: مات أبو عَبْس عبدُ الرحمن بن جَبْر سنة أربع وثلاثين، وهو ابن سبعين سنة
(3)
.
5586 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الأصبَهاني، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن رُسْتَه، حَدَّثَنَا سليمان بن داود، حَدَّثَنَا محمد بن عمر، قال: كان أبو عَبْس بن جَبْر
= وهو في "سيرة ابن هشام" 1/ 687 - وهي بروايته عن زياد البكائي - وفي "معجم الصحابة" للبغوي 4/ 296 من طريق يحيى بن سعيد الأمري، كلاهما (البكائي والأموي) عن محمد بن إسحاق. وزادا في نسبه بين جُشَم وحارثة: مَجدَعة.
(1)
يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
(2)
هذا يخالف قول سائر علماء الرجال في وفاة أبي عَبْس، حيث ذكروا وفاته سنة أربع وثلاثين، منهم خليفة بن خياط في "طبقاته" ص 79، وابن قتيبة في "المعارف" ص 326، وأبو الحسن المدائني كما حكاه عنه ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"(1246)، وإبراهيم بن المنذر كما سيأتي عند المصنّف بعده، ونقله الواقدي كما سيأتي برقم (5587) عن عبد الحميد بن أبي عَبْس من ولد أبي عَبْس بن جَبر.
(3)
أبو يونس: هو محمد بن أحمد بن يزيد بن عبد الله، مفتي أهل المدينة.
وخُنَيس بن حُذَافة السَّهْمي
(1)
، وشهد أبو عَبْسٍ بدرًا وأحُدًا والخَندقَ والمَشاهِدَ كلَّها مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكان فيمن قَتَل كعبَ بن الأشْرَف
(2)
.
5587 -
قال ابن عُمر: فحدثني عبد الحَمِيد بن أبي عَبْس من ولد أبي عَبْس بن جَبْر، قال: مات أبو عَبْس سنة أربع وثلاثين، وهو ابن سبعين سنة، وصلَّى عليه عثمانُ، ونزل في قبره أبو بُردة بن نِيَارٍ وقَتَادة بن النُّعمان و محمد بن مَسْلَمة وسَلَمة بن سَلَامة بن وَقْشٍ
(3)
.
5588 -
حَدَّثَنَا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله الحَضْرمي، حَدَّثَنَا أبو كُريب، حَدَّثَنَا زيد بن الحُبَاب، حَدَّثَنَا عبد الحميد بن أبي عَبْسٍ الأنصاري [أخبرني ميمون بن زيد بن أبي عَبْس]
(4)
أخبرني أبي: أنَّ أبا عَبْس كان يُصلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلَواتِ ثم يَرجِعُ إلى بني حارثة، فخرج ذات ليلةٍ مُظلِمةٍ مَطِيرةٍ، فنُوِّر له في عَصَاهُ حتَّى دَخَلَ دارَ بني حارثة
(5)
.
5589 -
أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أمية القرشي بالساوَةِ، حَدَّثَنَا
(1)
تحرَّف في (ص) و (م) إلى: التميمي، وأشار في هامش (ز) إلى أنه كذلك في نسخة. وقد جاء النص في نسخنا الخطية هكذا مقطوعَ الخبر، ويمكن أن يكون تقديره: أخوين، كما يُفهم من سياق ابن سعد في "طبقاته" 3/ 365 و 415.
(2)
انظر "طبقات ابن سعد" 3/ 415. سليمان بن داود: هو الشاذَكُوني.
وستأتي قصة مشاركة أبي عبس في قتل كعب بن الأشرف برقم (5952) و (5953).
(3)
وهو في "طبقات ابن سعد" 3/ 416 عن محمد بن عمر الواقدي قال: حدثني عبد المجيد بن أبي عبس من ولد أبي عَبْس
…
فذكره. هكذا سمى شيخه عبد المجيد بدل عبد الحميد، وهذا هو المشهور في اسمه كما تقدم بيانه برقم (5180).
(4)
ما بين معقوفين سقط من نسخنا الخطية، واستدركناه من رواية أبي بكر البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 78 عن أبي عبد الله الحاكم، بإسناده هذا.
(5)
إسناده ضعيف، ميمون بن زيد بن أبي عبس مجهولٌ، وعبد الحميد - والمشهور في اسمه عبد المجيد - ليَّنَه أبو حاتم الرازي.
وانظر في قصة إضاءة العصا لغيره من الصحابة فيما سلف برقم (5343).
محمد بن أيوب، حَدَّثَنَا سليمان بن النُّعمان الشَّيباني، حَدَّثَنَا يحيى بن العلاء، حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيمي، عن أبيه، عن أنس، قال: دعا أبو عَبْس بن جَبْر الأنصاري رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لِطعامٍ صَنَعَه لهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اخلَعُوا نِعالَكُم عند الطعام، فإنها سُنَّةٌ جَميلةٌ"
(1)
.
5590 -
أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله الجَرّاحي العَدْل بمَرْو، حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عطيّة المروَزي، حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن عَبْدة بن الحَكَم بن مُسلِم بن بِسطامَ بن عبد الله مولى سعد بن أبي وقّاص، حَدَّثَنَا أبو مُعاذ النَّحْوي الفضل بن خالد الباهِلي، عن أبي حَنيفة، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عُمر بن قَتَادة، عن أنس، قال: كان أبعدَ رجُلَين من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم دارًا أبو لُبَابة بن عبد المُنذر، وأهلُه بقُباء، وأبو عَبْس بن جَبْر، ومسكَنُه في بني حارثة، وكانا يُصلِّيان مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم العصرَ، ثم يأتيانِ قومَهُما وما صلَّوا، لتَعجيلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بصَلاتهِ
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل يحيى بن العلاء - وهو الرازي - وشيخه موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، فهما متروكان كما قال الذهبي في "التلخيص"، وقد توبعا بمتابعتين لا يُفرح بهما. محمد بن أيوب: هو ابن يحيى بن الضُّريس الرازي.
وسيأتي عند المصنّف برقم (7307) من طريق عقبة بن خالد عن موسى بن محمد بن إبراهيم.
وأخرجه البزار (7567)، وأبو يعلى في "مسنده"(4188)، وفي "معجمه"(302) من طريق داود بن الزِّبرقان، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم التيمي، عن أنس بلفظ:"إذا قُرِّب إلى أحدكم طعام وفي رجليه نعلان، فلينزع نعليه، فإنه أروَح للقدمين". وداود بن الزبرقان متروك الحديث.
وأخرجه بنحو هذا اللفظ أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 1/ 230 من طريق محمد بن حميد الرازي، عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن الهيثم، عن أنس. ومحمد بن حميد الرازي ضعيف جدًّا وجاء عن غير واحدٍ أنه كان يسرق الحديث، والهيثم لا يُعرَف.
وقد روي عن ابن عباس عند البخاري في "الأدب المفرد"(1190)، وأبي داود (4138) وغيرهما، قال: من السُّنّة إذا جلس الرجلُ أن يخلع نعليه، فيضعهما إلى جنبه. وفي إسناده رجلٌ فيه جهالة.
(2)
حديث حسن، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم غير أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن عطية =
ذكرُ مناقب أبي طلحة زيد بن سَهْل الأنصاري
5591 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار، حَدَّثَنَا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: أبو طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حَرَام، شَهِدَ بدرًا
(1)
.
وبلغني أنه مات في خِلافة عثمانَ، وصلَّى عليه عثمانُ سنة ثلاثٍ وثلاثين
(2)
.
= المروزي، فلم نتبيَّنه، لكنه متابع فيما سلف برقم (706). أبو حنيفة: هو النعمان بن ثابت.
(1)
وهو عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 393، وابن الأثير في "أسد الغابة" 5/ 181 من طريق رضوان بن أحمد، عن أحمد بن عبد الجبار. وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 457 - 458، وهي من روايته عن زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق.
(2)
قد روي صلاة عثمان بن عفان على أبي طلحة الواقدي كما سيأتي برقم (5594) عن جماعة من التابعين. وهو قول محمد بن عبد الله بن نمير ويحيى بن بُكَير كما رواه عنهما الطبراني في "الكبير"(4684) و (4685). وقول أبي الحسن المدائني كما نقله عنه ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "التاريخ"(1756) وغيرهم. ويخالفه ما سيأتي برقم (5605) عن أنس بن مالك: أنَّ أبا طلحة غزا البحر، فمات، فطلبوا جزيرة يدفنونه، فلم يقدروا عليه إلّا بعد سبعة أيام وما تغيَّر.
وانظر كلام المصنّف هناك في توجيه الخلاف.
وقد ثبت ما يدلُّ على أن وفاة أبي طلحة كانت بعد عثمان بن عفان بزمن، وهو ما صحَّحه ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 192، ورجّحه ابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 138، وابنُ حجر في "الإصابة" 2/ 608، محتجِّين بحديث أنس بن مالك الآتي عند المصنّف برقم (5603) بسند صحيح: أنَّ أبا طلحة صام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة لا يفطر إلّا يوم فطر وأضحى، فدلَّ ذلك على أنَّ وفاة أبي طلحة كانت بعد خمسين سنة من الهجرة، وأنه يؤيده ما رواه عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بسند صحيح عند مالك في "موطئه" 2/ 966، وأحمد 25/ (15979)، وصحَّحه الترمذي (1750)، أنه دخل على أبي طلحة الأنصاري يعودُه
…
وذلك أنَّ عُبيد الله بن عبد الله لم يكن في خلافة عثمان ممن يصحُّ سماعُه، فدلَّ على صحة كونه مات بعد الخمسين أي بعد عثمان بزمنٍ.
وعليه فيكون حديث أنس في وفاة أبي طلحة في البحر ودفنه في بعض الجُزر أصح من رواية من أثبت وفاته بالمدينة وصلاة عثمان بن عفان عليه.
5592 -
حدثني محمد بن يعقوبَ الحافظ، أخبرنا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حدثني الهيثم بن خالد، حدثني رجلٌ من آل أبي طَلْحة: أنَّ أبا طلحة كان يقول:
أنا أبو طَلْحة واسمِي زيدُ
…
وكلَّ يومٍ في سِلَاحي صَيدُ
5593 -
حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن أحمد الأصبَهاني، حَدَّثَنَا الحَسن بن الجَهْم، حَدَّثَنَا الحُسين بن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عُمر، قال: أبو طلحة زيد بن سَهْل بن الأسود بن حَرام بن عَمرو بن زيدِ مَناةَ بن عَدِيّ بن عَمرو بن مالك بن النَّجّار.
5594 -
حدثني
(1)
يونس بن محمد الظَّفَري، عن أبيه. وحدثني محمد بن صالح، عن عاصم بن عمر. وحدثني مَعمَر، عن الزُّهْري، فيمن شهد العَقَبةَ: أبو طلْحة زيد بن سَهْل بن الأسوَد بن حَرام بن زيد مَناة بن عَدِيّ بن مالك بن النَّجّار.
شهد بدرًا، وله عَقِبٌ، وكان من الرُّماة المَذكُورين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنه كان رجلًا آدَمَ مَربُوعًا، ومات بالمدينة سنةَ أربعٍ وثلاثين، وصلَّى عليه عثمانُ بن عفان رضي الله عنه، وهو يومئذٍ ابن سبعين سنةً
(2)
.
5595 -
أخبرنا أبو جَعفر البغدادي، حَدَّثَنَا أبو عُلَاثة، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، حَدَّثَنَا أبو الأسود، عن عُروة، في تسمية من شهد بَيعَة العقَبة، ثم شهد بدرًا من بني عمرو بن مالك بن النَّجّار: أبو طلحة، وهو زَيدُ بن سَهْل بن الأسود
(1)
القائل: "حدثني" هو محمد بن عمر الواقدي.
(2)
وهو عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 468 و 470 عن محمد بن عمر الواقدي، وزاد: شهد بدرًا وأُحُدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزاد أيضًا: وأهلُ البصرة يروون أنه ركب البحر فمات فيه، فدفنوه في جزيرة.
وسبق التعليق على ذلك في أول الترجمة.
والآدَمُ: الذي في لونه سُمرة شديدة.
والمَربُوع: هو بين الطويل والقصير، يقال: رجل رَبْعة ومَربُوع.
ابن حَرام بن عمرو بن زيد مَناة
(1)
.
5596 -
أخبرني محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق، حَدَّثَنَا علي بن مُسلِم، حَدَّثَنَا زياد البَكّائي، عن محمد بن إسحاق، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدِّه عليّ بن الحُسين في حديث الحَفْر، قال: كان أبو طَلْحة زيدُ بن سهل يَحفِرُ
(2)
.
5597 -
سمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعتُ العباس بن محمد الدُوْرِيّ يقول: سمعت يحيى بن مَعين يقول: أبو طلحة الأنصاري زيدُ بن سَهْل
(3)
.
5598 -
حَدَّثَنَا أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، قال: قُرئ على عبد الملك بن
(1)
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4671) و (4673)، ومن طريقه ابن عساكر 19/ 392 - 393 عن أبي عُلَاثة محمد بن عمرو بن خالد، به.
وأخرجه ابن عساكر 19/ 393 من طريق يعقوب بن سفيان، عن عمرو بن خالد (والد أبي عُلَاثة) وحسان بن عبد الله وعثمان بن صالح، عن ابن لَهِيعة، به.
(2)
صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسَل، علي بن الحسين: هو ابن أبي طالب.
وحديث الحَفْر: يعني به حديث حفر القبر لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهو في "سيرة ابن هشام" 2/ 622 وهو من روايته عن زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق، وصرَّح فيه بسماعه، وذكر فيه ابن إسحاق إسنادين آخرين فقال: والزهري عن علي بن الحسين. قال: وحدثني حُسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس.
قلنا: وقد أخرج الخبر أحمد 1/ (39) و 4 / (2357) من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق بسنده الأخير إلى ابن عباس. لكن حسينًا - وهو الهاشمي - ضعيف.
وأخرجه أحمد أيضًا 4 / (2661)، وابن ماجه (1628) من طريق جرير بن حازم، عن ابن إسحاق، به إلى ابن عباس.
وقد رُوي مثلُ ذلك من مرسل أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عند ابن سعد في "طبقاته" 2/ 257 ورجاله لا بأس بهم.
وانظر تمام شواهده في "مسند أحمد"(2661).
(3)
وهو في "تاريخ ابن معين" برواية الدُّوري برقم (621)، وزاد: بن حرام.
محمد - وأنا أسمع - حَدَّثَنَا سعيد بن واصِل، حَدَّثَنَا شُعبة، عن يحيى بن صَبِيح، عن محمد بن سِيرين، عن أنس، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"هذا خَالي، فمن شاءَ مِنكُم فليُخرِجْ خالَه" يعني: أبا طلحة زوجَ أم سُليم. قال: في الكَرَم قال هذا
(1)
.
5599 -
سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى يقول: سمعتُ أبا العباس الدَّغُولي يقول: سمعتُ صالح الحافظ جَزَرة يقول: قال لي فَضْلَكُ الرازيّ: إذا دخلتَ نَيسابُورَ يستقبِلُك شيخٌ حَسَنُ الوجهِ، حَسَنُ الثيابِ، حَسَنُ الرَّكُوبِ، حَسَنُ الكَلامِ، فاعلَمْ أنه محمد بن يحيى الذُّهْلي، فليكن أولَ ما تسألُه عنه حديثُ شعبة عن يحيى بن صَبيح، وذكر هذا الحديث قال: فقُضيَ أني أولَ ما دخلتُ نَيسابُورَ استقبلَني رجلٌ
(2)
بهذا الوَصْفِ، فسألتُ عنه، فقالوا: محمدُ بنُ يحيى، فسلَّمتُ عليه، فردَّ الجَوابَ، فتَبِعتُه إلى أن نَزَل، فقلتُ: يُخرِجُ الشيخُ إِليَّ كُتُبَه؟ فأخرَجَ أجزاءً، وقال: انتَظِرْنِي لِخُروجي لصلاةِ الظُّهر، فلما خَرَجَ أَذَّن وأقامَ وصَلَّى وجَلَسَ في مِحْرابِه، فقرأتُ عليه ما كتَبتُه، ثم قلتُ له: حديثٌ أفادَني فَضْلَكُ الرازيُّ عن
(1)
إسناده ضعيف لضعف سعيد بن واصل، وشيخ شعبة في هذا الحديث هو عبد الله بن صُبيح - وهو البصري - وليس يحيى بن صَبِيح - وهو الخُراساني - كما وقع مسمًّى عند المصنّف هنا وفي الطريق التالية، وقد سُمّي على الصواب في "معرفة علم الحديث" للمصنف ص 218 بعد أن أخرجه من طريق يحيى بن محمد بن يحيى الذُّهلي، عن أبيه، عن سعيد بن واصل.
وسيأتي بعده من طريق صالح بن محمد المعروف بصالح جَزَرة، عن محمد بن يحيى الذُّهلي، عن سعيد بن واصل.
وقد روي مثلُ مقالة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هذه لكن لسعد بن أبي وقاص، كما سيأتي عند المصنّف برقم (6233).
قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 3/ 94: خؤولة سعد للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أمّه آمنة، لأنّها من فخذه بني زُهْرة، وخؤولة أبي طلحة من جهة أم والده عبد الله بن عبد المطلب لأنّها من فخذه بني النَّجّار.
(2)
لفظة "رجل" سقطت من نسخنا الخطية، وأثبتناها من النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان.
الشيخُ، فقال: هاتِ، فقلتُ: حدّثكُم سعيدُ بن عامر، حَدَّثَنَا شعبةُ، وذكرتُ الحديثَ، فتبسَّم، ثم قال لي: يا فتى، من يَنتخِب مثلَ هذا الانتِخابِ الذي انتخَبْتَه، ويقرأُ مثلَ ما قرأتَ، يَعلمُ أنَّ سعيدَ بنَ عامر لا يُحدِّث بمثلِ هذا، فقلت: نعم، حدَّثكُم سعيدُ بنُ واصِلٍ؟ فقال: نعم، حدَّثَناهُ سعيدُ بنُ واصلٍ
(1)
.
5600 -
أخبرني أبو بكر بن أبي دارِم الحافظ بالكُوفة، حَدَّثَنَا مُطَيَّن، حَدَّثَنَا محمد بن العلاء أبو كُريب، حَدَّثَنَا قَبِيصةُ، حَدَّثَنَا سفيان، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن جابر أو أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَصَوتُ أبي طَلْحَةَ في الجَيش خَيرٌ من ألفِ رَجُلٍ"
(2)
.
لم نكتبه إلّا
(3)
بهذا الإسناد، ورواتُه عن آخرِهم ثقاتٌ، وإنما يُعرَفُ هذا المتنُ
(1)
أبو العباس الدَّغُولي: هو محمد بن عبد الرحمن بن محمد السَّرْخَسي، وصالح جَزَرة: هو صالح بن محمد بن عمرو بن حبيب، وجَزَرةُ لقبُه، وفَضْلَكُ الرازي: هو الفضل بن العبّاس الصائغ.
(2)
حديث صحيح، وأبو بكر بن أبي دارم الكوفي متابع، وعبد الله بن محمد بن عَقِيل يُحسَّن له في المتابعات والشواهد، وقد توبع أيضًا. مُطيَّن: هو محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، وقَبِيصة: هو ابن عُقبة السُّوائي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري.
وأخرجه ابن سعد 3/ 468 - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 410 - والسَّريُّ بن يحيى في "حديث سفيان الثوري"(25)، والحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث" للهيثمي (1022) عن قبيصة بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد 3/ 468 عن أبي أحمد محمد بن عبد الله الأسدي وأبو الشيخ في "أمثال الحديث"(197) من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود النَّهْدي، كلاهما عن سفيان الثوري، به. غير أنه في رواية أبي حذيفة قال: عن أنس، ولم يشُكّ.
وأخرجه أحمد 20/ (13105) من طريق ثابت البُناني، عن أنس رفعه بلفظ:"الصوت أبي طلحة في الجيش أشد على المشركين من فئة"، وإسناده صحيح. والفئة: الجماعة من الناس.
وانظر ما بعده.
(3)
لفظة (إلّا) سقطت من (ز) و (ب)، وهي في (ص) و (م)، ولا بد منها ليصح سياق الكلام.
من حديث علي بن زيد بن جُدْعان عن أنس:
5601 -
حدَّثَناه علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حَدَّثَنَا بِشْر بن موسى، حَدَّثَنَا الحُميدي.
وحدثنا عليٌّ، حَدَّثَنَا محمد بن أيوب، أخبرنا علي بن عبد الله المَدِيني وإبراهيم بن بشّار؛ قالوا: حَدَّثَنَا سفيان، عن ابن جُدْعان، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوتُ أبي طَلْحةَ فِي الجَيشِ خَيرٌ من فِئَةٍ"
(1)
.
5602 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا العباس بن محمد الدُّورِي، حَدَّثَنَا عفّان، حَدَّثَنَا حماد بن سَلَمة، حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طَلْحة، عن أنس: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال يوم أُحُدٍ: "مَن قَتَل كافرًا فلَهُ سَلَبُه"، فقَتَل أبو طلحةَ يومئذٍ عِشْرين رجلًا
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.
5603 -
أخبرني محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حَدَّثَنَا عمر بن محمد بن الحسن، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس: أنَّ أبا طلحة صامَ بعدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أربعينَ سنةً، لا يُفطِر إِلَّا يومَ فِطْرٍ وأَضْحى
(3)
.
(1)
حديث صحيح كسابقه، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جُدعان، لكنه متابع كما سبق. الحُميدي: هو عبد الله بن الزبير بن عيسى الأسدي، وسفيان: هو ابن عُيينة.
وأخرجه أحمد 19 / (12095) و (12101) عن سفيان بن عُيينة، ومرةً أخرى 21/ (13745) عن حسين بن محمد المرُّوذي، عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا 21 / (13604) من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، قال: أظنّه عن أنس.
(2)
إسناده صحيح لكن بذكر يوم حُنين بدلٌ يوم أُحُد.
وأخرجه أحمد 21/ (13975) عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد، فذكر قصة غزوة حنين، وأنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما قال في السلب في تلك الغزوة، وهذا هو المحفوظ كما تقدَّم برقم (2623)، حيث روى المصنّف هناك قصة حنين من طريق رَوح بن عُبادة عن حماد بن سلمة.
(3)
خبر صحيح، وهذا إسناد حسنٌ من أجل محمد بن الحسن: وهو ابن الزبير الأسدي، وابنُه عمر صدوق لا بأس به، وهو أحسنُ حالًا من أبيه، وقد توبعا. ثابت: هو ابن أسلم البُناني. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2877) عن أبي حامد بن جَبَلة، عن محمد بن إسحاق الثقفي - وهو السَّرَّاج - بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعيد 3/ 169 عن عفان بن مسلم، وأبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" ص 562، ومن طريقه ابن عساكر 19/ 420 عن أبي نعيم الفضل بن دُكين، وجعفر بن محمد الفريابي في "الصيام"(126)، ومن طريقه ابن عساكر 19/ 420 عن إبراهيم بن الحجاج، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(834) عن عبد الأعلى بن حماد، أربعتهم عن حماد بن سلمة، به.
وزادوا غير أبي نُعيم: أو مَرَضٍ.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات"(1464) من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن حميد وثابت عن أنس قال: كان أبو طلحة لا يصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو، فصام بعده أربعين سنة لا يفطر إلّا يوم الأضحى أو يوم فطرٍ.
لكن رواه عن شعبة غير أبي داود الطيالسي جماعةٌ، فلم يذكروا فيه عبارة "أربعين سنةً"، منهم عبد الرحمن بن زياد عند سعيد بن منصور في "سننه"(2424)، ومنهم آدم بن أبي إياس عند البخاري (2828) والبيهقي في "الكبرى" 4/ 301، وأبو الوليد الطيالسي هشامُ بنُ عبد الملك عند البزار (6853)، وابن عَديّ في "الكامل" 2/ 100، وبقيّةُ بنُ الوليد عند جعفرٍ الفريابي في "الصيام"(127)، وأبو النضر هاشم بن القاسم عند الطبري في مسند عمر من "تهذيب الآثار" 1/ 325، وعليُّ بنُ الجعد عند أبي القاسم البغوي في "الجعديات"(1361) و (1464)، وفي "معجم الصحابة"(829)، وعند الطبراني في "الكبير"(4680)، وسليمانُ بنُ حرب عند ابن عدي في "الكامل" 2/ 100، وزيدُ بنُ الحُباب عند ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 245.
وكذلك رواه جعفر بن سليمان الضُّبَعي عن ثابت البُناني، عند عبد الرزاق (7870) لم يذكر فيه عبارة "أربعين سنة".
وكذلك رواه بدونها جماعةُ أصحاب حميدٍ الطويل عنه عن أنس بن سعد 3/ 469، وابن أبي شيبة 3/ 7، وأحمد في "المسند" 19/ (12016)، وفي "الزهد"(1119)، وجعفر الفريابي في "الصيام"(128)، والطبري في "تهذيب الآثار" 1/ 325، وأبي القاسم البغوي في "الجعديات"(1362)، والبيهقي 4/ 301، وابن عساكر 19/ 418 و 419 و 420، بلفظ: كان أبو طلحة يكثر الصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما مات النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان لا يُفطر إلّا في سفر أو مرض.
هكذا رواه حميد الطويل بلفظ يخالف لفظ ثابت البناني أنَّ أبا طلحة كان يكثر الصيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثابتٌ يقول: كان لا يصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو
…
وفي بعض الروايات عن ثابت: لا يكادُ يصوم!
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5604 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حَدَّثَنَا بَهْزُ بن أسَدَ، حَدَّثَنَا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس: أنَّ أبا طلحة قال: لا أَتأمَّرُ على اثنين، ولا أَذُمُّهُما
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5605 -
حَدَّثَنَا علي بن حَمْشَاذَ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن أبي طالب، حَدَّثَنَا الحسن بن عيسى، حَدَّثَنَا ابن المبارَك، أخبرنا حماد بن سَلَمة، عن عليّ بن زيد وثابتٍ، عن أنس بن مالك: أنَّ أبا طلحةَ قرأ هذه الآية: {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41] فقال: استَنْفَرَنا اللهُ - أو أَمَرَنا اللهُ واستَنْفَرَنا - شُيوخًا وشبابًا، جَهِّزُوني، فقال بَنُوهُ: يَرحمُك اللهُ، إنك قد غَزوتَ على عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعُمر، ونحن نَغْزو عنك الآنَ، فَغَزَا البَحْرَ، فمات، فطَلَبُوا جزيرةً يَدفِنُونه، فلم يَقْدِرُوا عليه إلَّا بعدَ سبعةِ أيامٍ وما تَغَيَّرَ
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
والذي عندنا أنَّ أقاويلَ الأئمةِ التي قدَّمنا ذِكْرها أنه صلَّى عليه عُثمانُ بنُ عفان رضي الله عنه لا يَدفَعُ أحدُ القولَين الآخَر، فلعلّه رُدَّ إلى المدينة ميتًا حتَّى صلَّى عليه عثمان
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 143 عن قتيبة بن سعيد، عن بهز بن أسد، بهذا الإسناد.
غير أنه قال في روايته: ولا أؤمُّهما. فلعلَّ ما وقع عند المصنّف هنا تحريفٌ عنها، والله أعلم.
(2)
إسناده صحيح من جهة ثابت: وهو ابن أسلَم البُناني. وأما علي بن زيد: فهو ابن جُدْعان، وهو ضعيف، لكنه هنا متابع.
وقد تقدَّم عند المصنّف برقم (2534) من طريق مؤمّل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن ثابت وحده، عن أنس.
(3)
كذا سلك المصنّف رحمه الله مسلك الجمع بين الروايات المختلفة في شأن مكان وفاة أبي طلحة، ولكن الصحيح ترجيح قول أنس هنا على قول مَن عَداهُ، كما أوضحناه عند التعليق المتقدم في أول الترجمة.
5606 -
حَدَّثَنَا علي بن حَمْشاذ، حَدَّثَنَا محمد بن غالب، حَدَّثَنَا فَهد بن عَوْف، حَدَّثَنَا حماد بن سَلَمة عن ثابت عن أنس: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم آخَى بين أبي طَلْحة وبين أبي عُبيدة
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5607 -
أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيّاري بمَرْو، حَدَّثَنَا عبد الله بن علي الغَزّال، حَدَّثَنَا علي بن الحسن بن شَقِيق، حَدَّثَنَا عبد الله بن المبارك، أخبرنا حَميدٌ الطَّويل، عن أنس بن مالك: أنَّ أبا طَلْحةَ كان يَرمي بين يَدَي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَرفَع رأسَه من خَلْفِه لينظُرَ أين يقَعُ نَبْلُه، فيَتطاولُ أبو طَلْحةَ بصَدْرِهِ يَقِي به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: هكذا يا نبيَّ الله، جعَلَنِي اللهُ فِداكَ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِك
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب عُبَادةَ بن الصامت رضي الله عنه
-
5608 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار، حَدَّثَنَا يُونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق في تسمية السبعين الذين شهِدُوا العَقَبة، قال: ومن
(1)
حديث صحيح، وفهد بن عوف وإن كانوا تركوه كما قال الذهبي في "تلخيصه" عند الطريق المتقدمة من هذا الخبر برقم (5248) لم ينفرد به، بل حَمَله عن حماد بن سلمة جماعةٌ من الثقات.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات غير عبد الله بن علي الغزال، فهو مجهول الحال، لكنه متابع. حميد الطويل: هو ابن أبي حميد.
وأخرجه ابن حبان (4582) من طريق الحسن بن عيسى، و (7181) من طريق حِبّان بن موسى كلاهما عن عبد الله بن المبارك، به.
وأخرجه أحمد 19 / (12024) و 20 / (13139) عن محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، والنسائي (8226) من طريق مُعتمِر بن سليمان كلاهما عن حميد الطويل، به.
وقد تقدَّم بنحوه عند المصنّف برقم (2579) من طريق ثابت البُناني عن أنس.
بني سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخَزْرج: عُبادةُ بنُ الصامت بن قيس بن أصْرَمَ بن فِهْر
(1)
بن ثَعلبةَ بن غَنْم بن سالم، نَقيبٌ، شهد بدرًا والمشاهدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
5609 -
سمعتُ أبا بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، يقول: سمعت عبد الله بن أحمد يقول: سمعتُ أبي يقول: سمعت سفيان بن عُيَينة يقول: عُبادةُ بن الصامِت بَدْريٌّ أُحُدِيّ عَقَبِيّ شَجَرِيّ، وهو نَقِيبٌ
(3)
.
5610 -
أخبرني محمد بن المُؤمَّل، حَدَّثَنَا الفضل بن محمد، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: عُبادة بن الصامِت بَدْريّ أُحُدِيٌّ شَجَرِيٌّ عَقَبِيّ نَقِيبٌ.
5611 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو بن خالد، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، حَدَّثَنَا أبو الأسود، عن عُروة، في تَسمية الذين شهِدوا العقبةَ، فبايَعُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال: ومن بني عَوف ثم من بني سالم بن قَوْقَل
(4)
عُبادةُ بن الصامت، وهو نَقِيب، وقد شهِد بدرًا
(5)
.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: بهز، بالباء أوله والزاي في آخره، والمثبت على الصواب من سائر الروايات عن ابن إسحاق، وهو كذلك في كتب الأنساب.
(2)
وهو عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 187 من طريق رضوان بن أحمد، عن أحمد بن عبد الجبار، به.
وهو عند ابن هشام في "السيرة النبوية" 1/ 464، وهي من روايته عن زياد البكائي عن ابن إسحاق. وعند ابن عساكر 26/ 190 من طريق يحيى بن سعيد الأموي عن ابن إسحاق.
(3)
وهو في "مسند أحمد" 37 / (22773). وأسنده أحمد أيضًا (22720) عن يحيى بن سعيد الأنصاري. وشَجَري يعني أنه من أصحاب الشجرة الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(4)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: جعفر. وإنما هو قوقل، وهو لقَبُ غَنْم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج وليس في هذا النسب مَن اسمُه جعفر، وقد ضُبِّب فوقها في (ز).
(5)
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(614) عن محمد بن عمرو بن خالد، بهذا الإسناد. بذكر شهود عُبادة بدرًا.
وأخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة"(227) عن سليمان بن أحمد الطبراني، عن محمد بن عمرو =
5612 -
حَدَّثَنَا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حَدَّثَنَا بِشر بن موسى، حَدَّثَنَا الحُميديّ، حَدَّثَنَا سفيان، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن عُبادة بن الصامت: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَه على الصَّدَقات، فقال:"يا أبا الوليد"
(1)
.
= ابن خالد، به. بذكر شهود عبادة العقبة.
وأخرجه ابن عساكر 26/ 188 من طريق يعقوب بن سفيان، عن عمرو بن خالد الحراني وحسان بن عبد الله وعثمان بن صالح، عن ابن لَهِيعة، به. كلفظ المصنِّف هنا.
(1)
رجاله ثقات، لكنه اختُلف في وصله وإرساله والأشبه إرسالُه، كذلك رواه مرسلًا الشافعيّ ومحمد بن منصور الخزاعي عن سفيان - وهو ابن عيينة - وكذلك رواه معمر وابن جُريج عن ابن طاووس وهو عبد الله - مرسلًا، على أنَّ المحفوظ في رواية الحُميدي الإرسال خلافًا لما وقع عند المصنّف هنا، فقد جاء الخبر في "مسند الحميدي" مرسلًا، وراوي "المسند" عن بشرِ بن موسى هو أبو علي محمد بن أحمد الصَّوَّاف كان ثقة حجة شديد التَّحرُّز، فروايته أصح من رواية المُصنِّف هنا.
وهو عند الحميدي في "مسنده"(895)، ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4831) عن سفيان، عن ابن طاووس، عن أبيه قال: استعمل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عبادة بن الصامت على الصدقة
…
هكذا رواه مرسلًا.
وأخرجه أبو العباس السَّرَّاج في "حديثه" برواية الشحّامي (219)، وأبو نعيم في "المعرفة"(4824)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 158، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 193 من طريق ابن أبي عمر العَدَني، عن سفيان بن عيينة، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن عبادة، موصولًا كرواية المصنّف.
وأخرجه الشافعي في "الأم" 3/ 146، ومن طريقه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" 6/ (8420)، وأخرجه الدولابي في "الكنى والأسماء"(494) عن محمد بن منصور الخزاعي، كلاهما (الشافعي ومحمد بن منصور) عن سفيان بن عيينة، عن ابن طاووس، عن أبيه مرسلًا، كرواية الحميدي في "المسند".
وأخرجه عبد الرزاق (6949) عن معمر وابن جريج، قالا: أخبرنا ابن طاووس، عن أبيه مرسلًا.
وأخرجه أبو يوسف في "الخراج" ص 95 قال: حَدَّثَنَا بعض أشياخنا عن طاووس قال
…
فذكره مرسلًا كذلك.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5613 -
حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد الفَرْهاذاني، حَدَّثَنَا هَنّاد بن السَّرِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدة بن سُليمان، عن محمد بن عَمرو، عن محمد بن يحيى بن حبّان، عن ابن مُحَيرِيزٍ، عن المُخْدَجِيّ قال: قيل لعُبادة بن الصامت: يا أبا الوليد
(1)
.
(1)
إسناده حسنٌ من أجل محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - والمُخدَجي - وهو أبو رُفيع، وكان ملازمًا لعُبادة يسافر معه ويخرج حيثما خرج - فكلاهما حسن الحديث. ابن مُحَيريز: هو عبد الله.
وأخرجه ابن حبان (1731) من طريق يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد، عن المُخدَجي أنه قال لعُبادة بن الصامت يا أبا الوليد إنَّ أبا محمد - رجل من الأنصار كانت له صحبة - يزعم أنَّ الوتر حقٌّ، قال: كذب أبو محمد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من جاء بالصلوات الخمس قد أكملهنّ لم ينقص من حقهنّ شيئًا كان له عند الله عهدٌ أن لا يعذّبه، ومن جاء بهنّ وقد انتقص من حقهنّ شيئًا، فليس له عند الله تعالى عهد إن شاء رحمه وإن شاء عذّبه".
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار"(3170) من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، به.
وأخرجه ابن حبان كذلك (1732) من طريق هُشَيم بن بشير، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حَبّان، عن ابن مُحَيريز، قال: جاء رجل إلى عبادة
…
فذكره كذا أسقط من إسناده المُخدَجي، والصحيح ذكره، فقد رواه سائر أصحاب يحيى بن سعيد الأنصاري عنه بذكره.
وأخرجه دون ذكر تكنية عُبادة أحمد 37 / (22693) عن يزيد بن هارون، و (22720) عن يحيى بن سعيد القطان، والنسائي (318) من طريق مالك بن أنس، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حَبّان عن، مُحَيريز عن المُخدَجي، عن عبادة.
وأخرجه كذلك دون ذكر كنية عبادة أحمد (22752) من طريق محمد بن إسحاق، وابن ماجه (1401)، وابن حبان (2417) من طريق عبد ربّه بن سعيد الأنصاري، كلاهما عن محمد بن يحيى بن حَبّان، عن ابن محيريز عن المُخدَجي، عن عبادة.
وأخرجه أيضًا بدون تكنية عبادة أحمد (22704)، وأبو داود (425) من طريق عبد الله =
5614 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد، حَدَّثَنَا أحمد بن مِهْران الأصبَهاني، حَدَّثَنَا أبو نُعيم، حَدَّثَنَا سفيان، عن ثَوْر بن يَزِيد، عن مَكحُول، قال: كان عُبادةُ بن الصامت وشَدَّادُ بن أوسٍ يَسكُنان بيتَ المَقدِسِ، وكان عبادةُ يُكنى أبا الوليد
(1)
.
5615 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن نُمير، حدثني يونس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق، حدثني مَعْبَد بن كعب بن مالك، أخو بني سَلِمة، عن أخيه عبد الله بن كعب، عن أبيه كعب بن مالك، قال: خَرجْنا في الحَجَّة التي بايَعْنا فيها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في العَقَبة، فكان نَقِيبَ بني عَوف بن الحارث عبادةُ بنُ الصامت
(2)
.
5616 -
حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن أحمد الأصبهاني، حَدَّثَنَا إبراهيم بن نائِلةَ الأصبهَاني، حَدَّثَنَا عُبيد بن عَبِيدة، حَدَّثَنَا المُعتمِر بن سليمان، عن أبيه، عن عطاء بن السائب، عن [ابن]
(3)
عُبادةَ بن الصامِت، عن أبيه: أنَّ معاوية قال لهم: يا مَعْشَرَ
= الصُّنابحي، عن عبادة. وإسناده صحيح.
(1)
إسناده حسن من أجل أحمد بن مِهران الأصبهاني. أبو نُعيم: هو الفضل بن دُكين، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4830) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان الثوري به.
(2)
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.
وأخرج القصة بطولها الطبراني في "الكبير" 19/ (174) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، عن محمد بن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد. لكن وقع عنده: عن أخيه عُبيد الله بن كعب؛ وعبد الله وعبيد الله أخوان وكلاهما ثقة.
وأخرجها كذلك البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 444 من طريق أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، به.
ومن طريق جرير بن حازم، عن ابن إسحاق.
(3)
سقطت من (ز) و (ب)، وأثبتناها من مصادر تخريج الحديث، وفي (ص) و (م) مكان قوله: =
الأنصار، ما لكم لم تَلَقَّوني مع إخوانِكم من قُريش، قال عُبادة: الحاجَةُ، قال: فهَلّا على النَّواضِحِ، قال: أَمَضّيناها
(1)
يومَ بدرٍ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
5617 -
حَدَّثَنَا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حَدَّثَنَا محمد بن غالِب، حَدَّثَنَا هارون بن معروف، حَدَّثَنَا ضَمْرة بن ربيعة، عن يعقوب بن عطاء، قال: قُبِرَ عبادةُ بن الصامت وعامرُ بن عبد الله ببيتِ المَقْدِس
(3)
.
= "ابن عبادة بن الصامت عن أبيه" بياض.
(1)
يقال: أمضَّه الشيء: إذا بلغ منه المشقَّة، كمَضَّه، والأصل أن يقال هنا: أمضَضْناها، بفك الإدغام عند إسناد الفعل إلى ياء المُتكلَّم، لكن يجوز بقاء الإدغام مع زيادة الياء الفارقة بين صيغتي المتكلم والغائبة المؤنثة. وفي بعض مصادر التخريج: أنْضَيناها من أنضيتُ الشيءَ: إِذا هَزَلْتَه وأتعَبْتَه. وفي بعضها: أنضَبْناها، من أنصبتُ الشيءَ: إذا أتعبتَه، فكلها بمعنًى.
(2)
إسناده صحيح. وسليمانُ - وهو ابن طَرْخان - أكبر من عطاء بن السائب، فروايتُه عنه من رواية الأكابر عن الأصاغر، فلا شكَّ أنه ممن سمع من عطاء قديمًا قبل تغيُّره.
وابن عبادة بن الصامت: هو الوليد، كما نُصَّ عليه عند ابن عساكر، وهو ثقة.
وأخرجه الطبراني كما في "جامع المسانيد والسنن" لابن كثير (5825) عن إبراهيم بن نائلة الأصبهاني، بهذا الإسناد.
وأخرجه الشاشي في "مسنده"(1197)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1086)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 200 - 201 من طريق عمر بن عبد الوهاب الرياحي، عن المعتمر بن سليمان، به.
وأخرجه ابن عساكر 26/ 201 من طريق أبي حمزة محمد بن ميمون السُكَّري، عن عطاء بن السائب، عن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه. فسمّى ابن عُبادة الوليدَ.
وقد روي نحو هذه القصة بين معاوية وأبي قتادة الأنصاري عند معمر بن راشد في "جامعه"(19909)، لكن في إسنادها عبد الله بن محمد بن عقيل، ولا يُقبل خبره عند التفرد، فكيف إذا خالفه الثقات، ثم إنه أرسل الخبر.
وروي نحوها كذلك بين معاوية وقيس بن سعد بن عبادة ويقال: سعيد بن سعد بن عبادة كما حكاه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 5/ 124 عن أبي الحسن المدائني بغير سندٍ.
(3)
وأخرجه ابن عساكر 26/ 42 من طريق عُبيد الله بن سعيد، عن هارون بن معروف، عن =
5618 -
حدثني أحمد بن عُبيد الحافظ بهَمَذان، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحُسين، حَدَّثَنَا أبو مُسهِر، حَدَّثَنَا عَبّادٌ الخَوّاص، عن يحيى بن أبي عمرو السَّيْباني، عن أبي سَلّام الأسودِ، قال: كنتُ إذا أتيتُ بيتَ المَقدِس نزلتُ على عُبادةَ بن الصامت
(1)
.
= ضمرة، عن يعقوب بن عطاء، عن أبيه - وهو عطاء بن أبي رباح - فجعله من قول عطاء لا من قول ابنه.
وأخرجه أبو زرعة الدمشقي في "تاريخ دمشق" ص 226، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1860) عن أبي سعيد عبد الرحمن بن إبراهيم، عن ضَمْرة بن ربيعة، عن رجاء بن أبي سَلَمة قوله.
وأخرج يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 419، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1861)، وابن عساكر 26/ 208 من طريقين عن ضمرة بن ربيعة، عن عبد الرحمن ابن يزيد الحِزامي، قال: شهدتُ جنازةً ببيت المقدس مع رجاء بن حَيْوة، فقال: يا أبا عمرو، هاهنا قبر أخيك عبادة بن الصامت.
قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 469: وقبره بها معروف إلى اليوم؛ يعني إلى عهد ابن عبد البر في القرن الخامس الهجري. وهو قول أبي مُسهر وابن مَنْدَه كما في "تاريخ دمشق" لابن عساكر 26/ 184 و 205، وقول الهيثم بن عدي كما سيأتي لاحقًا.
قلنا: وقد جاء ما يخالف ذلك، وهو فيما أخرجه ابن سعد 3/ 56 عن محمد بن عمر الواقدي، وابن عساكر 26/ 205 من طريق أبي الحسن المدائني، كلاهما عن أبي جزرة يعقوب بن مجاهد، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه، قال: مات عبادة بالرملة من أرض الشام! وبه جَزَم عمرو بنُ علي الفلَّاس كما في "مولد العلماء ووفياتهم" لابن زَبْرِ الرَّبَعي، ويحيى بنُ بُكَير كما سيأتي لاحقًا، وأبو عبيد القاسم بن سلّام كمال في "تاريخ دمشق" 26/ 206، وغيرهم، وكأنَّ هذا هو الأصح، لأنَّ راويه ابن عبادة بن الصامت، وهو أعلم بأبيه، والإسناد إليه صحيح، والله تعالى أعلم.
ولا يعارضه سكنى عبادة ببيت المقدس كما يدلُّ عليه قول أبي سلام الأسود الآتي بعده، فالظاهر أنَّ عبادة كان يسكن بيت المقدس، ولكنه وافاه الأجلُ وهو في الرملة، والله أعلم.
(1)
رجاله ثقات غير أنَّ المحفوظ فيه ذكر عبد الله بن مُحيريز بين يحيى بن أبي عمر السَّيباني وبين أبي سَلَّام الأسود - واسمه مَمطُور - على أنه لا يُنكر إدراك السَّيباني لأبي سَلّام، بل قد روى عنه مباشرة غير خبرٍ، وأما هذا الخبر فيرويه السَّيباني بواسطة ابن مُحيريز. =
5619 -
أخبرني عبد الله بن غانِم، حَدَّثَنَا محمد بن إبراهيم العَبْدي، حَدَّثَنَا يحيى بن عبد الله بن بُكَير، قال: مات عُبادةُ بن الصامِت بالشام في أرض فلسطين بالرَّمْلة، سنة أربع وثلاثين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة
(1)
.
5620 -
حدثني أبو عبد الله محمد بن العباس الشَّهيد رحمه الله، حَدَّثَنَا أحمد بن علي بن رَزِين، حَدَّثَنَا محمد بن عَمْرَوَيهِ، حَدَّثَنَا الهيثم بن عَدِيّ، قال: تُوفي عبادة بن الصامِت ببيت المَقدِس، ودُفن بها سنة أربع وثلاثين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة
(2)
.
5621 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أبو زُرْعة عبد الرحمن بن
= أبو مُسهر: هو عبد الأعلى بن مُسهِر الدمشقي، وعبّاد الخَوّاص: هو ابن عبّاد الأُرسُوفي.
وأخرجه أبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" ص 374، ومن طريقه ابن عساكر 60/ 271 عن أبي مُسْهِر، عن عبّاد الخوّاص، عن أبي زُرعة يحيى بن أبي عمرو السَّيباني، عن ابن مُحيريز، عن أبي الأسود.
وأخرج المعافى بن عمران في "الزهد"(15) عن عَبّاد الأُرسُوفي، عن أبي زرعة يحيى بن أبي عمرو السَّيباني عن ابن مُحيريز، عن أبي سلّام الحبشي، قال: قدمتُ بيت المقدس، فرأيت عبادة بن الصامت وكعبًا جالسين في ناحية المسجد
…
(1)
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4829)، ومن طريقه ابن عساكر 26/ 206 عن سليمان بن أحمد الطبراني، عن روح بن الفرج، عن يحيى بن عبد الله بن بُكَير.
(2)
وكذلك نقله ابن زَبْر الرَّبعي في "مولد العلماء ووفياتهم" 1/ 123 سنة وفاة عبادة عن جماعة الرواة الذين نقل عنهم وسماهم وسمَّى أسانيده إليهم في فاتحة كتابه هذا، حيث صدَّر ذلك بقوله: قالوا: ومات عبادة بن الصامت بالشام سنة أربع وثلاثين. ومن جملة من يروي عنهم ابن زَيْر هو الهيثم بن عدي.
وقد روي عن الهيثم بن عدي خلافُ ذلك، وذلك فيما نقله عنه ابن سعد كما في "تاريخ دمشق" 26/ 184 قال: أخبرني الهيثم بن عدي قال: توفي عبادة في خلافة معاوية بالشام، وأورده ابن سعد في "الطبقات" 3/ 506 دون أن يصرِّح باسم الهيثم، وكذلك رواه ابن عساكر 26/ 207 و 208 من طريقين أخريين عن الهيثم أنه قال: مات عبادة في خلافة معاوية سنة خمس وأربعين. قلنا: وهذا أثبتُ - والله أعلم - للخبر المتقدم، برقم (5616) الذي فيه ما يفيد أنه أدرك عهد معاوية.
عمرو الدمشقي، حَدَّثَنَا محمد بن مبارَك الصُّوري، حَدَّثَنَا يحيى بن حمزة، حَدَّثَنَا بُرْد بن سِنانٍ، عن إسحاق بن قَبِيصة بن ذُؤيب، عن أبيه: أنَّ عبادة بن الصامِتِ أَنكَرَ على مُعاويةَ أشياءَ، ثم قال له: لا أُساكِنُك بأرضٍ، فرحَل إلى المدينة، فقال له عمرُ: ما أقدَمَك إليَّ، لا يفتحُ
(1)
الله أرضًا لستَ فيها أنت وأمثالُك، فانصَرِفْ لا إمرةَ لمعاويةَ عليكَ
(2)
.
5622 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن نُمير، حَدَّثَنَا أبو أُسامة ووَكِيع، عن أسامة بن زيد، عن عُبادة بن الوليد، عن عُبادة بن الصامت؛ قال: وكان قد غزا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سِتَّ غَزَواتٍ
(3)
.
(1)
في (ص) و (م): لا فَتَح.
(2)
رجاله ثقات، وصورته مرسل، لأنَّ قبيصة لم يُدرك القصة كما قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(6)، وقد روي إنكار عبادة على معاوية من طريق أخرى صحيحة.
وأخرجه ابن ماجه (18) عن هشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة، بهذا الإسناد مطولًا بذكر الذي اعترض فيه عبادة على معاوية في شأن الصَّرف.
وقد روي إنكار عبادة على معاوية في شأن الصرف من طريق أخرى، ليس فيها ذكرُ رجوع عُبادة إلى المدينة وما جرى بينه وبين عمر بن الخطاب من كلام وأمْر عمر له بالرجوع إلى الشام، أخرجه مسلم (1587) من طريق أبي الأشعث الصَّنْعاني، عن عبادة بن الصامت.
ورُوي إنكار عبادة على معاوية في ذلك أيضًا مختصرًا من وجه ثانٍ عند أحمد 37 / (22724)، والنسائي (6114)، ورجاله ثقات غير أنه منقطع.
وروي كذلك من وجه ثالث عند أحمد (22729)، والنسائي (6108) و (6109)، ورجاله ثقات، لكنه منقطع كذلك.
(3)
رجاله لا بأس بهم، لكن في إدراك عُبادة بن الوليد - وهو ابن عُبادة بن الصامت - لجده عُبادة بن الصامت نَظَرٌ، فإنَّ الوليد بن عُبادة بن الصامت هو الذي حدَّث ابنَه عبادةَ بن الوليد بوفاة جده عُبادة بن الصامت سنة أربع وثلاثين وأنه دفن بالرملة كما جاء ذلك عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 506، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 205، فدلَّ ذلك على أنَّ عُبادة بن الوليد لم يُدرك وفاة جَدِّه عُبادة بن الصامت.
وما في هذا الخبر من أنَّ عبادة غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ستَّ غزوات، فقولٌ مشكلٌ مع ما قاله غير =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5623 -
أخبرني محمد بن يعقوب الحافظ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حَدَّثَنَا قُتيبة بن سعيد، حَدَّثَنَا جَرير، عن منصور، عن مُجاهِد، عن جُنَادة بن أبي أُميّة الدَّوْسِي، قال: دخلتُ على عُبادةَ بن الصامت، وكان قد تَفقَّه في دِينِ الله
(1)
.
5624 -
حَدَّثَنَا علي بن حَمْشاذَ العدلُ، حَدَّثَنَا هِشام بن علي، حَدَّثَنَا حُسينُ بن محمد، حَدَّثَنَا شَيبانُ، عن قَتَادة، عن سُليمانَ اليَشْكُري، عن أبي الأَشْعَثِ، عن عُبادة بن الصامت، قال: بايَعْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على أن لا نخافَ في الله لومةَ لائم
(2)
.
= واحد من أهل المغازي من أنَّ عبادة شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد كلّها، كما نصَّ على ذلك ابن إسحاق فيما تقدَّم في أول الترجمة وابنُ سعد في "طبقاته" 3/ 506، ومشاهدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شكَّ أنها تجاوزت هذا العدد بكثير، فقولهم مقدَّم على ما جاء في هذه الرواية الفَذّة التي لم نقف عليها عند غير المصنّف، وأغلب الظن أنَّ الوهم فيها من جهة أسامة بن زيد - وهو الليثي - فقد كان في بعض رواياته مناكير، والله تعالى أعلم.
(1)
إسناده صحيح. جَرير: هو ابن عبد الحميد الضَّبِّي، ومنصور: هو ابن المعتمر، ومُجاهد: هو ابن جَبْر المكي.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(108)، ومن طريقه ابن عساكر 26/ 194 - 195 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الشاشي في "مسنده"(1222) من طريق شيبان بن عبد الرحمن النَّحْوي، عن منصور بن المعتمر، به.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن قتادة لم يسمع من سليمان بن قيس اليشكري. أبو الأشعث: هو شَراحيل بن آدَة الصَّنْعاني، وشيبان هو ابن عبد الرحمن النحوي.
وأخرجه النسائي (6110) من طريق ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن مسلم بن يسار، عن أبي الأشعث، عن عبادة بن الصامت، وكان بدريًا، وكان بايع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن لا يخاف في الله لومة لائم
…
فذكر حديثًا. هكذا جاءت هذه الرواية من قول قتادة كما توضِّحه رواية الشاشي (1242)، والبيهقي 5/ 276، وليس من قول عبادة بن الصامت.
لكن أخرجه من قول عبادة بن الصامت أحمد 24/ (15653) و 37/ (22700)، والبخاري (7199)، ومسلم (1840)(41)، وابن ماجه (2866)، والنسائي (7723 - 7725) و (7727) =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5625 -
حدثني أبو عمرو بن إسماعيل، حَدَّثَنَا يعقوب بن إسحاق المِهْرَجاني، حدثني أحمد بن عبد الوهاب بن نَجْدة، حَدَّثَنَا أبو المُغيرة، حَدَّثَنَا بِشر بن عبد الله بن يَسَار
(1)
، حدثني عُبادة بن نُسَيّ، عن جُنادة بن أبي أُمية، عن عُبادة بن الصامت، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شُغِلَ، فإذا قدم الرجلُ وقد أسلَمَ على يدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم دَفَعَهُ إلى رجل منّا ليُعلِّمَه القرآنَ، فدفع إليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رجلًا كان معي في البيت، وكنتُ أُقرِئه القرآنَ، فرأى أنَّ لي عليه حقًّا، فأهدى إليَّ قوسًا ما رأيتُ أجودَ منها ولا أحسنَ منها عِطَافًا، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: ما تَرى يا رسولَ الله فيها، فقال:"جَمْرَةٌ بَين كَتِفَيكَ تَقلَّدْتَها؛ أو تَعَلَّقْتَها"
(2)
.
= و (7735) و (8637 - 8639) من طريق عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه، عن جده عُبادة بن الصامت.
وأخرجه أحمد 24/ (15653) و 37 (22679) و (22716) و (22725)، والنسائي (7722) و (7727) و (8636) و (8637) و (8640)، وابن حبان (4547) من طريق عبادة ابن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن عبادة بن الصامت. هكذا بإسقاط ذكر الوليد بن عبادة بن الصامت.
وأخرجه أحمد 37 / (22769) من طريق إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن عبادة بن الصامت. والصحيح ذكر عبيد بن رفاعة في إسناده بين إسماعيل وعُبادة كما في رواية يحيى بن سُلَيم الطائفي عن ابن خُثيم عند الشاشي في "مسنده"(1258) ورواية زهير بن معاوية عن ابن خُثيم عند البيهقي في "الدلائل" 2/ 451. وبذكر عبيد بن رفاعة يصبح الإسنادُ حسنًا إن شاء الله.
(1)
تصحف في النسخ الخطية إلى: بشار، والمثبت على الصواب من "تلخيص المستدرك" للذهبي.
(2)
إسناده حسنٌ من أجل بشر بن عبد الله بن يَسَار، فهو صدوق حسن الحديث.
وأخرجه أحمد 37 / (22766) عن أبي المغيرة - وهو عبد القدوس بن الحجّاج الخولاني - بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (3417) من طريق بقية بن الوليد، عن بشر بن عبد الله، به. =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5626 -
أخبرنا حمزة بن العباس العَقَبي ببغداد، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الهَيثم البَلَدي، حَدَّثَنَا محمد بن كثير المِصِّيصي، حَدَّثَنَا عبد الله بن واقِد، عن عبد الله
(1)
ابن عثمان بن خُثَيم، عن أبي الزُّبَير، عن جابر، عن عُبادة بن الصامت: أنه دَخَل على عثمانَ بن عَفّان، فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سَيَلِيكُم أمراءُ بَعدِي، يُعرِّفُونُكم ما تُنكِرُون، ويُنكِرون عليكم ما تَعرِفُون، فمن أدركَ ذلكَ منكم فلا طاعَةَ لمن عَصَى الله"
(2)
.
= وقد تقدَّم بنحوه برقم (2308) من طريق مغيرة بن زياد عن عُبادة بن نُسَيّ عن الأسود بن ثعلبة، عن عبادة بن الصامت. هكذا بذكر الأسود بن ثعلبة بدلٌ جنادة بن أبي أمية، ومغيرة بن زياد عنده أوهام.
والعِطاف: بكسر العين، يقال: العِطف، بغير ألف: سِيَة القوس، ولها عِطْفان: وهو ما ثُني من طرفيها.
(1)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: عبد الرحمن.
(2)
حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف محمد بن كثير المِصِّيصي ضعيف عند التفرد، وقد تفرد بهذا الإسناد، وشيخه عبد الله بن واقد هو أبو رجاء الخراساني، وهو ثقة، وليس هو بعبد الله ابن واقد أبي قتادة الحَرّاني الضعيف كما ظنّه الذهبي في "تلخيصه" فقال: تفرَّد به عبد الله بن واقد، وهو ضعيف. وإنما العلة فيه تفرد ابن كثير المِصِّيصي به، وهو ضعيف.
وقد اختلف عليه في إسناده كذلك، فقد رواه محمد بن أحمد بن الوليد الأنطاكي عند العُقيلي في "الضعفاء"(868)، وأبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي عند ابن بَطَّة العُكبَري في "الإبانة" 1/ 213 - 214، كلاهما عن محمد بن كثير المِصِّيصي، عن عبد الله بن واقد، عن أبي الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي - عن جابر، عن عبادة. هكذا ليس فيه ذكر عبد الله بن عثمان بن خُثيم، والظاهر أنَّ الصحيح ذكره.
وخولف محمد بن كثير فيه، فقد رواه زهيرُ بنُ معاوية ومسلمٌ الزنجي كما سيأتي في الطريقين التاليتين - وكذلك رواه غيرهما - عن ابن خُثيم، عن إسماعيل بن عُبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن عبادة بن الصامت؛ في قصة مطولةٍ منذ كان في الشام ثم قدومه المدينة ودخوله على عثمان بن عفان.
وخالفهم إسماعيلُ بنُ زكريا عند أحمد (6/ 3790) وغيره، ويحيى بنُ سُليم الطائفي وإسماعيلُ =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
وقد رواه زهيرُ بن معاوية ومسلمُ بن خالد الزَّنْجي عن عبد الله بن عُثمان بن خُثَيم عن إسماعيل بن عُبيد بن رِفاعة
(1)
، بزياداتٍ فيه:
= ابن عيّاش عند ابن ماجه (2865) وغيره، وداودُ بنُ عبد الرحمن المكي عند أبي محمد الفاكهي في "فوائده"(131)، والطبراني في "الكبير"(10361)، والبيهقي في "سننه الكبرى" 3/ 124، فرووه جميعًا عن ابن خُثيم، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه سيلي أمركم من بعدي رجال يُطفؤون السُّنَّة ويُحدِثون بدعة، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها" قال ابن مسعود: يا رسول الله، كيف بي إذا أدركتُهم؟ قال:"ليس يا ابن أم عبدٍ طاعةٌ لمن عصى الله" قالها ثلاث مراتٍ.
وكذلك رواه معمر بن راشد عن ابن خُثيم عند أحمد 6 / (3889) لكنه أسقط منه عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود.
فقد جعله هؤلاء من مسند عبد الله بن مسعود مع اختلاف في لفظه كما هو ظاهر، وهذا يدلُّ على أنَّ هذا الطريق وطريق إسماعيل بن عُبيد بن رفاعة كلاهما محفوظ، قد حفظهما ابن خُثيم جميعًا، وإسناده بذكر القاسم عن أبيه عن جده حسن على رأي ابن المديني والبخاري في صحة سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه، وإسناده بذكر إسماعيل بن عبيد عن أبيه عن عبادة حسنٌ إن شاء الله، وله عن عُبادة أصلٌ إذ قد رُوي عنه من وجه آخر سيأتي عند المصنّف برقم (5629).
وقد رُوي المرفوع منه عن عبادة بن الصامت بلفظٍ آخر بمعناه عند أحمد 37 / (22737)، والبخاري (7056)، ومسلم (1840)(42) عن عبادة بن الصامت، قال: بايعنا على السمع والطاعة
…
وأن لا نُنازع الأمرَ أهلَه، قال:"إلّا أن تروا كفرًا بَوَاحًا، عندكم من الله فيه بُرهان". هذا لفظ الشيخين، ولفظ أحمد:"ما لم يأمروك بإثم بَوَاحًا".
وهو عند ابن حبان (4566) عن عبادة أيضًا لكن بلفظ: "اسمَعْ وأطِعْ في عُسْرك ويُسْرك، ومَكْرهِك وأَثَرةٍ عليك، وإن أكَلُوا مالَكَ وضربوا ظَهْرَك، إلّا أن تكون معصيةٌ الله بَوَاحًا".
وسندُه حسن.
(1)
وقع اسم عبد الله بن عثمان بن خُثيم في نسخنا الخطية مؤخرًا بعد ذكر إسماعيل بن عُبيد بن رِفاعة، وهو خطأ صَريح يُوهم أنَّ إسماعيل بن عُبيد قد تابع فيه عبد الله بن واقد الخراساني على إسناده المذكور في روايته السابقة، وإنما أراد الحاكم رحمه الله أن يأتي بالحديث بوجه آخر =
5627 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى العَدْل، حَدَّثَنَا علي بن الحسين بن الجُنيد، حَدَّثَنَا المُعافَى بن سُليمان الحَرّاني، حَدَّثَنَا زهير [حَدَّثَنَا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم]
(1)
عن إسماعيل بن عُبيد
(2)
.
= عن عبادة بن الصامت كما توضحه الرواية الآتية برقم (5628)، فكلٌّ من زهير بن معاوية ومسلم بن خالد الزنجي قد روى هذا الخبر عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم عن إسماعيل بن عُبيد بن رفاعة عن أبيه عن عبادة بن الصامت، كذلك روى هذا الخبر جماعةٌ عن زهير بن معاوية كما سيأتي تخريجه، وكذلك رواه غير واحدٍ عن ابن خُثيم.
(1)
سقط اسم عبد الله بن عثمان بن خثيم من نسخنا الخطية، والصواب إثباته كما في قول المصنِّف بين يدي هذه الرواية.
(2)
إسناده حسن إن شاء الله، إسماعيل بن عُبيد بن رِفاعة - وإن لم يرو عنه غير عبد الله بن عثمان بن خُثَيم - ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن كثير في "جامع المسانيد" (5685): لا بأس بإسناده. قلنا: وصحَّح له الترمذيُّ والطُّوسيُّ وابن حبّان والضياء المقدسي، وقد رُوي خبرُه هذا من وجهٍ آخر عن عُبادة بن الصامت، سيأتي برقم (5629)، وتقدَّم قبله تخريج المرفوع من وجه ثالث عن عُبادةَ بلفظٍ آخر بمعناه زهير: هو ابن معاوية الجُعفي.
وأخرجه الدولابي في "الكنى"(5) من طريق حسين بن عياش، عن زهير بن معاوية، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن عبادة.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(206)، وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام وأهله"(625) من طريق عمرو بن عثمان الكلابي، عن زهير، عن ابن خثيم، عن إسماعيل بن عُبيد بن رفاعة، عن عبادة. فأسقط عمرو بن عثمان من إسناده عُبيدَ بنَ رفاعة، وعمرو ضعيف.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" 37/ (22786)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (4224/ 2)، والشاشي في "مسنده"(1258)، والطبراني في "الأوسط"(2894)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 197 من طرق عن يحيى بن سُليم الطائفي، والبزار في "مسنده"(2731) من طريق يوسف بن خالد السمتي، كلاهما عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن عبادة بن الصامت.
وأخرجه أحمد (22769) من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن إسماعيل بن عُبيد، عن عُبادة، فأسقط إسماعيلُ بنُ عياش منها إسناده عُبيدَ بنَ رفاعة، وإسماعيلُ =
وأما حديث مُسلم بن خالد:
5628 -
فأخبرَنَاه أبو عَون محمد بن ماهَان الجَزّار بمكة، حَدَّثَنَا علي بن عبد العزيز، حَدَّثَنَا سعيد بن منصور، حَدَّثَنَا مُسلِم بن خالد [عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم]
(1)
عن إسماعيل بن عُبيد بن رِفاعة، عن أبيه: أنَّ عُبادة بن الصامِت قامَ قائمًا في وَسَطِ دارِ أميرِ المؤمنين عثمانَ بن عفّان، فقال: إني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم محمدًا أبا القاسم يقول: "سَيَلِي أُمورَكُم من بَعدي رجالٌ يُعرِّفونكم ما تُنكِرُون، ويُنكِرون عليكم ما تَعرِفُون، فلا طاعةَ لمن عَصَى الله"، فلا تَغْبِنُوا
(2)
أَنفُسَكم، فوالذي نفسي بيده إنَّ معاوية مِن أولئك، فما راجَعَه عثمانُ حرفًا
(3)
.
وقد رُوي هذا الحديثُ بإسناد صحيح على شرط الشيخين في وُرُود عبادةَ بن الصامت على عُثمانَ بن عفان مُتَظلِّمًا بمتنٍ مُختَصِرٍ:
5629 -
حدَّثَناهُ أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا العباس بن محمد الدُّورِي، حَدَّثَنَا خالد بن مَخْلَد، حَدَّثَنَا سليمان بن بلال، حدثني شَرِيكُ بن عبد الله بن أبي نَمِر، عن [الأَعشَى بن] عبد الرحمن بن مُكمِل
(4)
، عن أزْهَر بن عبد الله، قال: أقبلَ
= ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذا منها، وابنُ خُثيم مكّيّ.
وسيأتي بعده من طريق مسلم بن خالد عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، بإثبات ذكر عُبيد بن رفاعة.
(1)
سقط من نسخنا الخطية من إسناد هذه الرواية والتي قبلها، ولا بد من ذكره كما سبق.
(2)
كذلك أُعجم هذا الفعل في "تلخيص المستدرك" للذهبي، ويحتمله ما في (ز)، وأُهمل في (ص) و (م)، وهو من الغَبْن بمعنى الخَديعة، والمراد: لا تخدَعُوا أَنفُسَكم وتطيعوا من عَصَى الله أو تسكُتوا عن الإنكار عليه.
(3)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل مسلم بن خالد: وهو الزّنجي.
(4)
وقع في النسخ الخطية عن عبد الرحمن بن مكمل، وهو خطأ، إذ الحديثُ لابنه الملقب بالأعشى - واسمُه سعيد - كما في "مصنف ابن أبي شيبة" و "تاريخ البخاري الكبير" حيث رويا هذا الحديث عن خالد بن مخلد بهذا الإسناد.
عبادةُ بن الصامت حاجًّا من الشام فحَجَّ، ثم قَدِمَ المدينةَ فأتى عثمانَ بن عفّان مُتَظلِّمًا، وذَكَرَ الحديثَ
(1)
.
ذكرُ مناقب عامر بن رَبِيعة رضي الله عنه
-
5630 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار، حَدَّثَنَا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق: كان أولَ مَن قَدِم المدينةَ من المهاجِرين أبو سَلَمة، وكان أولَ مَن قَدِمَها بعد أبي سَلَمة عامرُ بنُ رَبِيعة حليفُ بني عَدِيّ بن كعب، ومعه امرأتُه ليلى بنت أبي حَثْمةَ بن عامر بن عبد الله بن عَوف
(2)
.
5631 -
حَدَّثَنَا أبو عبد الله الأصبهاني، حَدَّثَنَا الحَسن بن الجَهْم، حَدَّثَنَا الحُسين بن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عُمر، قال: عامرُ بنُ رَبيعة بن مالك بن عامر بن رَبيعة
(1)
إسناده محتمل للتحسين من أجل الأَعْشَى بن عبد الرحمن بن مُكمِل وأزهر بن عبد الله، فهما تابعيان، وذكرهما ابن حبان في "الثقات"، والأعشى روى عنه ثقتان، وأزهر - وإن لم يرو عنه غير ابن مُكمل - تابعيّ أدرك عبادة بن الصامت وعثمان بن عفان، وقد روي نحو خبرهما هذا من وجه آخر عن عبادة فيما تقدم.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 15/ 233، وفي "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (2161) و (4347)، والبخاري تعليقًا في "تاريخه الكبير" 1/ 458 عن خالد بن مَخْلد - وهو القَطَواني - بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني كما في "جامع المسانيد والسنن" لابن كثير (5678) من طريق عبد العزيز بن عبد الله الأُوَيسي، عن سليمان بن بلال، به.
(2)
وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 4/ 470، وهي من رواية البَكّائي عن ابن إسحاق، غير أنه جاء فيها ذكر غانم في نسب ليلى، بدل: عامر، وكلاهما صحيح، فإنَّ ابن إسحاق نسبها في موضع آخر كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 322، فقال: ليلى بنت أبي حَثْمة بن حذافة بن عامر بن عبد الله بن عوف. فنسبها هنا في رواية المصنّف إلى جد جدِّها عامر، واختصر من النسب ذكر حذافة وغانم. وانظر "نسب قريش" لمصعب الزبيري ص 369 - 370.
وقد روى ابن سعد في "طبقاته" 3/ 359 و 360 عن محمد بن عمر الواقدي بإسنادين له إلى عامر بن ربيعة نفسِه أنه صرَّح بمثل ما قاله ابن إسحاق هنا.
ابن حُجْر
(1)
بن سَلَامان، وذكر النسَب إلى مَعَدِّ بن عدنان، وكان حليفًا للخطّاب بن نُفَيل، ولما حالَفَه عامرُ بنُ رَبيعة تَبنّاه الخطابُ، وكان يُقال له: عامرُ بنُ الخطّاب، حتَّى أنزلَ اللهُ تعالى ذكرُه:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب:5]، فأُلحِق بأبيه، ورَجَعَ إلى نَسَبه.
5632 -
قال ابن عُمر: فحدَّثني محمد بن صالح، عن يزيد بن رُوْمان، قال: أسلَمَ عامرُ بنُ ربيعة قديمًا، قبل أن يدخُلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم دارَ الأرقَم، وقبلَ أن يَدعُوَ فيها، وهاجَرَ عامرُ بنُ ربيعة إلى أرض الحبشة الهجرتَين، ومعه امرأتُه ليلى بنت أبي حَثْمة العَدَوية أخت سليمان بن أبي حَثْمة، وآخَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين عامرِ بن ربيعة ويزيدَ بن المُنذر بن سَرْحٍ الأنصاري، وكان عامرُ بنُ ربيعة يُكنى أبا عبد الله، وشهد بدرًا وأُحَدًا والخَندق والمشاهِدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي بعدما قُتل عثمانُ رضي الله عنه، وكان قد لَزِمَ بيتَه فلم يَشْعُرِ الناسُ إلَّا بجِنازَتِه قد أُخرِجَت
(2)
.
5633 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا جعفر بن عَون، أخبرنا يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عبد الله بن عامر بن رَبيعة، قال: لما أخَذَ الناسُ في الطَّعْن على عثمانَ قامَ أبي من الليل، ثم صلَّى ودَعَا، وقال: اللهم قِنِي من الفتنة بما وَقَيتَ به الصالحينَ من عِبادِك، فما خَرَج ولا أصبَحَ إلَّا بجِنازَتِه
(3)
.
(1)
وفي بعض مصادر ترجمته: حُجير. وقال غيرهم من علماء النسب والرجال: حجر.
(2)
قد خُولف محمد بن عمر الواقدي في تاريخ وفاة عامر بن ربيعة، فإنَّ مقتضى قوله أنَّ عامرًا توفي سنة خمس وثلاثين، ويخالفه قول مصعب الزبيري عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(5147)، وابن عساكر 25/ 328، وقول سعيد بن كثير بن عُفير الآتي برقم (5634): أنه مات سنة اثنتين وثلاثين، وهو قول أبي عبيد القاسم بن سلام كما عند ابن عساكر 25/ 329، وقال أبو الحسن المدائني فيما نقله عنه ابن زَبْر الرَّبَعي في "مولد العلماء ووفياتهم" 1/ 122: توفي سنة ثلاث وثلاثين.
قلنا: وهو قول خليفة في "تاريخه" ص 168، وابن حبان في "الثقات" 3/ 290.
(3)
إسناده صحيح. =
5634 -
حدثني أبو زُرْعة الرازي، حَدَّثَنَا أبو سفيان محمد بن عبد الرحمن بن معاوية العُتْبي بمصر، حدثني أبي، حَدَّثَنَا سعيد بن عُفَير، قال: مات سنة اثنتين وثلاثين، وفيها مات عامر بن ربيعة العَدَوي.
5635 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو بن خالد الحَرّاني، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا عبد الله بن لَهِيعة، حَدَّثَنَا أبو الأسْوَد، عن عُروة: ممَّن هاجَر إلى الحَبشةِ الذين خَرجُوا المرةَ الأُولى قبلَ جَعفرٍ وأَصحابِه من بني عَدِيّ بن كعبٍ عامرُ بنُ رَبيعة من أهل اليَمَن، شَهِدَ بدرًا.
5636 -
أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، حَدَّثَنَا أحمد بن حَيّان بن مُلاعِب، حَدَّثَنَا سعيد بن سليمان، حَدَّثَنَا خالد بن عبد الله، حَدَّثَنَا عمرو بن يحيى، حَدَّثَنَا عامر بن عبد الله بن الزُّبَير، عن أبيه، عن عامر بن ربيعة، قال: كانت بدرٌ صبيحةَ ستَّ عشرةَ
(1)
من رمضان
(2)
.
= وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" بإثر (441)، وابن سعد 3/ 360، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 481، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 218، وابن أبي الدنيا في "المنامات"(210)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 178، وفي "معرفة الصحابة"(5146)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 404، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 327 - 328، وابن الجوزي في "المنتظم" 5/ 73 من طُرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به. وزادوا في القصة أنَّ عامر بن ربيعة كان أُتي في المنام، فقيل له: قُم فاسأل الله أن يُعيذك من الفتنة التي أعاذ منها صالحي عباده، فقام
…
ثم ذكروا مثل ما هنا.
(1)
في نسخنا الخطية: ست عشر. بتذكير العشر، والجادة ما أثبتناه من النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان.
(2)
إسناده صحيح لكن بلفظ: سبع عشرة، كذلك رواه ابن سعد في "طبقاته" 2/ 19، وأبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" ص 163 - 164، ومن طريقه البيهقي في "الدلائل" 3/ 128، ومحمدُ بنُ إسماعيل الصائغ عند ابن المنذر في "تفسيره"(876)، ثلاثتهم (ابن سعد وأبو زرعة والصائغ) عن سعيد بن سليمان - وهو الواسطى - بهذا الإسناد.
وكذلك أخرجه ابن سعد 2/ 19، وابن أبي شيبة 14/ 353، وابن أبي خيثمة في السفر الثالث =
وقد روى عبدُ الله بن عُمر بن الخطّاب عن عامر بن ربيعة حديثَين اتفق الشيخانِ رضي الله عنهما على أحدِهما: "إذا رأيتم الجِنازةَ فقُوموا لها"
(1)
.
والحديث الثاني:
5637 -
أخبرَناهُ أبو الفضل الفقيه، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد الدّارمي، أخبرنا عبد الله بن عبد الجبار الخَبَائري بحِمصَ، حَدَّثَنَا الحارث بن عَبِيدة، حَدَّثَنَا الزُّهري، عن سالم، عن أبيه، عن عامر بن ربيعة، قال: كنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَمَرَّ بجِنازةٍ، فقال رجلٌ من اليهود: يا محمدُ، تَكَلَّمُ هذه الجِنازةُ؟ فسكتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال اليهوديُّ: أنا أشهَدُ أنها تَكَلَّمُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا حَدَّثكم أهلُ الكِتابِ حديثًا فقُولُوا: آمَنّا بالله وملائكتِه وكُتُبِه ورُسُلِه"
(2)
.
هذا حديث يُعرَف بالحارث بن عَبِيدة الرُّهَاوي عن الزُّهري، وقد كتَبْناه في آخر
= من "تاريخه"(1438) عن عفانَ بن مسلم، والواحدي في "تفسيره" 1/ 487، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 324 من طريق وهب بن بقية الواسطي، كلاهما عن خالد بن عبد الله - وهو ابن عبد الرحمن الواسطي الطّحان - به.
(1)
أخرجه البخاري (1307) و (1308)، ومسلم (958).
(2)
إسناده ضعيف لضعف الحارث بن عَبِيدة - وهو الكَلَاعي - واضطرابه فيه، فقد روى الطبراني في "مسند الشاميين" هذا الخبر (1784) عن عثمان بن خالد بن عمرو السلفي، عن عبد الله بن عبد الجبار الخبائري، عن الحارث بن عَبيدة، عن بقية بن الوليد، عن الزُّبيدي، عن الزهري، به. فزاد في الإسناد راويين، وبقية بن الوليد متكلَّم فيه، وهو إلى الضعف أقرب.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5149) من طريق أحمد بن خالد بن عمرو السلفي، عن أبيه، عن الحارث بن عَبِيدة، عن الزُّبيدي، عن الزهري، به. فلم يذكر في إسناده بقية. لكن خالد بن عمرو السلفي ضعيف الحديث كذلك.
وقد روي هذا الحديث من غير وجهٍ عن الزهري، عن نَمْلة بن أبي نَمْلة، عن أبيه، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، عند أحمد 28/ (17225)، وأبي داود (3644)، وابن حبان (6257)، وإسناده حسن إن شاء الله من أجل نملة.
نسخةٍ ليونس بن
(1)
يزيد عن الزُّهْري:
5638 -
حَدَّثَنَا أبو القاسم عبد الله بن محمد الجُرْجاني بنَيسابُورَ، حَدَّثَنَا القاسمُ بن عبد الله بن مَهْدِيّ، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنَا رجلٌ قد سمَّاه أبو القاسم [القاسمَ]
(2)
ابنَ مَبْرور، حَدَّثَنَا يونُس بن يزيد
(3)
، عن الزُّهْري، قال: قال سالمٌ: إِنَّ عبد الله بن عُمر قال حينَ وُضِعَت جِنازةُ رافع بن خَدَيجٍ، وذكرَ الحديث
(4)
.
ذكرُ مناقب حَوَارِيِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وابن عمَّتِه الزُّبَيْرِ بن العَوَّام بن خُويلِد بن أَسَد بن عبد العُزَّى بن قُصَيّ
5639 -
حَدَّثَنَا بذكر هذا النسَب أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حَدَّثَنَا أبو عُلَاثة محمد بن عمرو
(5)
بن خالد الحَرّاني، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، حَدَّثَنَا أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نَوفَل، عن عُرْوة بن الزُّبَير
(6)
.
(1)
تحرّف في (ز) و (ب) إلى: عن. وإنما هو يونس بن يزيد الأيلي.
(2)
لم يرد اسم القاسم في نسخنا الخطية، وإنما اقتُصِر فيها على عبارة: سماه أبو القاسم (يعني به المصنِّف شيخَه) ابنَ مبرور، ولا بدَّ من ذكره، وكأنَّ بعض نُسَّاخ "المستدرك" قديمًا ظنَّ اسمَ القاسم مكررًا خطأً، فأسقطَه، والصحيح إثباته، ويكون القاسم بن مبرور هو المفعول الثاني لسمَّاه.
(3)
وقع في (ز) و (ب) بعد ابن مبرور: حَدَّثَنَا يزيد بن يونس عن يزيد، وهو خطأ، ففيه إقحام وتحريف، وابن مبرور - وهو القاسم - يروي عن يونس بن يزيد مباشرة، والمثبت على الصواب من (ص) و (م).
(4)
إسنادُه حسنٌ من أجل القاسم بن عبد الله بن مهدي والقاسم بن مبرور، فهما صدوقان حسنا الحديث، ولم يسُق المُصنِّف نص الخبر، وقد جاء عند البخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 687 من طريق الليث بن سعد، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن ابن شهاب، قال سالم: قال ابن عمر حين وُضعت جنازة رافع بن خديج. كذا لم يذكر نصَّ الخبر أيضًا.
(5)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: عمر.
(6)
وأخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 367 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(220) عن أبي عُلَاثة محمد بن عمرو بن خالد، به. غير أنه لم يجاوز في نسبه أسدًا. =
5640 -
أخبرني محمد بن المُؤمَّل، حَدَّثَنَا الفضل بن محمد، حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل.
وأخبرني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أَبي رحمه الله وعبدُ الله بن سعيد، قالا: حَدَّثَنَا أبو أُسامة، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، قال: لما كان يومُ اليرموكِ قيل للزبير بن العوَّام: يا أبا عبد الله
(1)
.
5641 -
حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي جعفر الأصبَهاني، حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن نَصْر، حَدَّثَنَا الزُّبَير بن بَكّار، قال: أمُّ الزُّبَير صَفيّةُ بنت عبد المطلب، وأمُّها هالةُ بنت أُهَيب بن عبد مَناف بن زُهْرة، وأمُّها عاليةُ بنت عبد المُطّلب بن عبد مَناف
(2)
.
5642 -
أخبرني عبد الحميد بن عبد الرحمن القاضي، حَدَّثَنَا حمّاد بن أحمد القاضي، قال: سمعت أبا بكر بن أبي شَيْبة يقول: حدثني أبو أسامة، عن هشام بن عُرْوة، قال: أسلمَ الزُّبَيرُ وهو ابن ستَّ عشرةَ
(3)
سنةً، وقُتل وهو ابن بِضْع وستين
(4)
.
= وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(782) عن أحمد بن منصور المروزي، عن
عمرو بن خالد الحَرَّاني، به.
وأخرجه ابن عساكر 18/ 338 - 339 من طريق يعقوب بن سفيان، عن عمرو بن خالد الحراني، وحسان بن عبد الله المصري، و 18/ 355 من طريق الوليد بن مسلم، كلهم عن ابن لَهِيعة، به. غير أنهم لم يُجاوزوا في نسبه أسدًا.
(1)
رجاله ثقات لكنه مرسل، فلم يدرك عروة - وهو ابن الزبير بن العوام - يوم اليرموك.
وانظر "صحيح البخاري"(3721) و (3795).
(2)
أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 340 من طريق أحمد بن سليمان الطُّوسي، عن الزبير بن بكار. لكنه سمى أمّ هالة العبلة بنت عبد المُطَّلب بن عبد مناف.
وكذلك سماها مصعبٌ الزبيري في "نسب قريش" ص 17.
(3)
في نسخنا الخطية: ستة عشر، وهذا غير صحيح مع تأنيث لفظة "سنة"، والجادة ما أثبتناه وفاقًا لما في "مصنف ابن أبي شيبة" 5/ 334 و 13/ 45 و 4/ 315.
(4)
رجاله ثقات. وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 5/ 334 و 13/ 45 و 14/ 315، ومن طريقه =
5643 -
حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن نُمير: أنَّ طلحةَ والزبيرَ بلَغ كلُّ واحدٍ منهما أربعًا وستين
(1)
.
= أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(199)، والطبراني في "الكبير"(224)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (418). وزادوا جميعًا في روايتهم: ولم يتخلَّف عن غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وستأتي برقم (5647) ضمن أخبار أخرى.
وأخرجه أحمد في "العلل" برواية ابنه عبد الله عنه (3813)، وفي "فضائل الصحابة"(1265)، ومن طريقه أبو بكر الخلال في "السنة"(739)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(784)، وابن عساكر 18/ 345، وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "العلل" لأبيه (3813)، وعنه الطبراني (237) عن يحيى بن معين، كلاهما (أحمد بن حنبل وابن معين) عن أبي أسامة حماد بن أسامة، به. وزاد أحمد في روايته عدم تخلّف الزبير عن غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورَوى بعضُهم هذا الخبرَ عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة.
كذلك أخرجه البلاذري في "أنساب الأشراف" 9/ 421، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 89، وفي "معرفة الصحابة"(415) من طريقين عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 89، وفي "المعرفة"(415) من طريق عثمان بن أبي شيبة، وأبو نعيم في "المعرفة"(412) و (416) من طريق أبي كريب محمد بن العلاء، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 208، وابن عساكر 18/ 345 من طريق يوسف بن محمد الصّفّار، أربعتُهم عن أبي أسامة، عن هشام بن عروة بن الزبير، عن أبيه عروة. فجعلوه من كلام عروة لا من كلام ابنه هشام وزادوا فيه كذلك عدم تخلف الزبير عن شيء من غزوات النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
ويخالفه عن عروة بن الزبير في سن الزبير لما أسلم ما سيأتي برقم (5646) من طريق الليث بن سعد عن أبي الأسود عنه: أنَّ الزبير أسلم وهو ابن ثمان سنين. ورجاله ثقات، لكنه اختُلف فيه على الليث بن سعد، فبعضُهم يرويه عنه عن أبي الأسود فيجعله من قوله هو لا من قول شيخه عروة بن الزبير كما سيأتي بيانه هناك، وبعضهم يقول في روايته عن أبي الأسود: أسلم الزبير وهو ابن اثنتي عشرة سنة، فالله تعالى أعلم.
وقد صحَّح البغويُّ وابنُ عبد البر في "الاستيعاب" ص 261 القول بإسلام الزبير وهو ابن ست عشرة سنة.
(1)
وأخرجه الطبراني (236) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(420) من طريق محمد بن عبدوس بن كامل، كلاهما عن محمد بن عبد الله بن نُمير.
5644 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حَدَّثَنَا مصعب بن عبد الله الزُّبَيري، قال: قُتل الزُّبَير وهو ابن سبعٍ وستين سنةً، وكان يُكنَى أبا الطاهر
(1)
.
5645 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الحسن بن علي بن عَفّان، حَدَّثَنَا أبو أسامة، عن هِشام بن عُروة، قال: قال عُروة بن الزُّبَير: فأخبرني نافع بن جُبير بن مُطعِم، قال: سمعتُ العباس يقول للزبير: يا أبا عبد الله، هاهنا أمركَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تَركُزَ الرايةَ
(2)
.
5646 -
حَدَّثَنَا علي بن حَمْشاذ، حَدَّثَنَا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان (ح)
وحدثنا أبو زكريا العَنْبري، حَدَّثَنَا محمد بن إبراهيم العَبْدي؛ قالا: حَدَّثَنَا ابن بُكَير، حَدَّثَنَا الليثُ بنُ سعد، عن أبي الأسْوَد، عن عُروة بن الزُّبير، قال: أسلمَ الزُّبَيرُ بنُ العَوّام وهو ابن ثَمانِ سِنينِ، وهاجر وهو ابن ثَمَانَ عشرةَ سنة، وكان عَمُّ الزبير يُعلِّقُ الزُّبيرَ في حَصِيرٍ ويُدخِّنُ عليه بالنار، ويقول: ارجِعْ إلى الكُفرِ، فيقولُ الزُّبَير: لا أكفُرُ أبدًا
(3)
.
(1)
في "نسب قريش" لمصعب الزبيري ص 235: أنَّ الزبير قُتل وهو ابن سبع أو ست وستين سنة.
(2)
إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه البخاري (2976) عن محمد بن العلاء، و (4280) عن عبيد بن إسماعيل، كلاهما (2976) عن أبي أسامة، بهذا الإسناد.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 12/ 508: هذا السياق يُوهم أنَّ نافعًا حضر المقالة المذكورة يوم فتح مكة، وليس كذلك، فإنه لا صحبة له، ولكنه محمولٌ عندي على أنه سمع العباس يقول للزبير ذلك بعد ذلك في حجةٍ اجتمعوا فيها إما في خلافة عمر أو في خلافة عثمان.
(3)
رجاله ثقات، لكنه اختُلف فيه على الليث بن سعد، فقد خالفَ فيه ابنَ بُكَير - واسمه يحيى بن عبد الله بن بُكَير - ثلاثةٌ هم عبدُ الله بن صالح وعبدُ الله بنُ وهب وقتيبةُ بنُ سعيد، فرووه عن الليث، عن أبي الأسود - وهو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل - من قوله هو، ليس فيه ذكر عُروة. وهو المحفوظ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كما أنه اخُتلف فيه عن أبي الأسود في سنّ الزبير لما أسلم، فروي عنه بلفظ: أسلم وهو ابن ثمان سنين كما هنا، ورُوي بلفظ: وهو ابن اثنتي عشرة سنة.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(783)، والطبراني في "الكبير"(162) و (238)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(419)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 208 و 367، وابن عساكر 18/ 344 من طُرق عن يحيى بن عبد الله بن بُكَير، بهذا الإسناد.
وأخرجه عمر بن شبّة كما في "الاستيعاب" لابن عبد البر في ترجمة علي بن أبي طالب ص 524، والطبراني في "الكبير"(239)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(414)، وفي "حلية الأولياء" 1/ 89، ومن طريقه ابن عساكر 18/ 344 من طريق عبد الله بن وهب، وأحمد بن حنبل في "العلل ومعرفة الرجال"(590)، وابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه الكبير"(390)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(413)، وابن عساكر 18/ 349 من طريق قتيبة بن سعيد، والحسنُ بن علي الحُلْواني في كتاب "المعرفة" له كما في "الاستيعاب" لابن عبد البر في ترجمة علي بن أبي طالب ص 524 عن عبد الله بن صالح، ثلاثتهم عن الليث بن سعد، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن قولَه هو؛ لم يذكره عن شيخه عروة. وفي رواية عبد الله بن صالح قال أبو الأسود: إنه بلغه أنَّ علي بن أبي طالب والزبير أسلما وهما ابنا ثمان سنين. وقال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا قال بقول أبي الأسود هذا.
وأخرج ابن معين في "تاريخه" برواية العباس الدُّوري (199)، ومن طريقه الدولابي في "الكنى"(1163)، وابنُ عساكر 18/ 344 من طريق أبي صالح عبد الغفار بن داود الحَرّاني، عن الليث بن سعد، عن أبي الأسود وغيره: أنَّ عليًا والزبير أسلما وهما ابنا ثنتي عشرة سنة. هكذا رواه عبد الغفار بن صالح بهذا اللفظ، وجعله من قول أبي الأسود أيضًا.
وكذلك أخرجه أبو نعيم في "المعرفة"(411) و (425) من طريق قتيبة بن سعيد، عند الليث، عن أبي الأسود، عن عروة. فوافق عبد الغفار الحرَّاني في لفظه غير أنه خالفه بذكر عروة بن الزبير في سنده. لكن جاء في لفظ أبي نعيم الثاني ما نصه: أنَّ الزبير بن العوام سمع نفحةً من الشيطان أنَّ محمدًا أُخبِرَ، بعدما أسلم، وهو ابن ثنتي عشرة سنة
…
وستأتي هذه الحادثة عند المصنّف برقم (5650) والظاهر أنَّ هذا هو لفظ الخبر عن قتيبة عن الليث، أنَّ الحادثة المذكورة كانت والزبيرُ ابنَ ثنتي عشرة، ففُهم أنَّ إسلامه كان وهو ابن ثنتي عشرة، فنُقل عنه كذلك اختصارًا على التوهم، وكأنَّ هذا ما حصل في رواية عبد الغفار الحرَّاني أيضًا، ويؤيده أنَّ يحيى بن عبد الله بن بُكَير قد ذكر هذه الحادثة المشار إليها عند البيهقي في "الكبرى" 6/ 367 بنحو مما ذكره أبو نعيم في الموضع الثاني، بل بعبارة أوضح، فتبين بذلك وهم من قال في روايته بأَّن الزبير أسلم وهو =
5647 -
أخبرني مَخْلَد بن جعفر الباقَرْحِيّ، حَدَّثَنَا محمد بن جَرير، حدثني عمرو بن عبد الحَميد الآمُلِيّ
(1)
، حَدَّثَنَا أبو أُسامة، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، قال: أسلمَ الزُّبَيرُ، وهاجَر إلى أرض الحَبَشة الهجرتين معًا، ولم يتخلّف عن غَزوةٍ غَزاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم آخَى بينَه وبين ابن مَسْعُود، وكان رجلًا ليس بالطَّويل ولا بالقَصير، خَفيفَ اللِّحيةِ، أسمرَ اللون، أشْعَرَ
(2)
.
= ابن ثنتي عشرة سنة، وأنَّ الصحيح أنه كان عُمره وقت الحادثة ثنتي عشرة سنة. غير أنَّ هذا فيه دلالة على أنَّ عروة بن الزبير كان يرى إسلام الزبير بن العوام قبل سنة ثنتي عشرة، وهذا مخالف لما تقدَّم برقم (5642) عن عروة بن الزبير من رواية ابنه هشامٍ عنه: أنَّ الزبير أسلم وهو ابن ستَّ عشرةَ سنةً! فالله تعالى أعلم.
(1)
تحرَّفت النسبة في النسخ الخطية إلى: الأيلي، بالياء بعد الألف بدلٌ الميم، والصحيح نسبة هذا الرجل إلى آمُل، وهي قَصَبة طَبرسْتان وأكبر مدنها، وقد أكثر عنه محمدُ بن جرير - وهو الطبري الإمامُ - في "التفسير" و "تهذيب الآثار"، وينسبه فيقول: الآمُلي.
(2)
رجاله ثقات غير عمرو بن عبد الحميد الآمُليّ، فلم نقف له على ترجمة، غير أنَّ محمد بن جرير - وهو الطبري الإمام - قد أكثر عنه في "التفسير" و "تهذيب الآثار" وهو بَلَديُّه. وقد اختُلف في إسناده عن أبي أسامة - وهو حماد بن أسامة - كما مضى بيانه برقم (5642) في ذكر عروة بن الزبير في إسناده أو عدم ذكره، فقد تقدَّم هناك تخريج ما يتعلق بإسلام الزبير وعدم تخلّفه عن شيء من غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وسيأتي برقم (5652) من طريق أبي الأسود عن عروة عن الزبير أنه قال: والله ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مخرجًا في غزوة غزاها ولا سريّة إلّا كنتُ فيها، فوصله بذكر الزبير، أنه هو من حدَّث ابنه عروة بذلك.
وأما سائر الأخبار هنا في حق الزبير بن العوام فلم يذكرها هكذا مجموعةً غير عمرو بن عبد الحميد الآمُليّ. وروي ابن سعد 3/ 95 ذكر مؤاخاة الزبير لابن مسعود عن محمد بن عمر الواقدي، عن موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه مرسلًا.
وأسند عن غيره ما يخالف ذلك بعدة أسانيد مرسلة جياد، ومنها عن هشام بن عروة عن أبيه: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم آخى بين الزبير وبين كعب بن مالك، وقد أخرجه ابن عساكر 50/ 187 من طريق =
5648 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حَدَّثَنَا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، قال: تَوجَّه الزُّبَير في جِوَارِ النعمان بن زِمام الباهِلي المُجاشِعي، فتبِعَه عمرُو بن جُرْمُوز، وهو مُتوجِّه نحو المدينة، فقتَلَه غِيلةً بوادي السِّبَاع، فبرّأ اللهُ من دمِه عليًّا وأصحابَه، وإنما قتلَه عَمرُو بن جُرمُوزٍ في رَجَب سنةَ ستٍّ وثلاثين، فبنو مُجاشِع تُعيِّرهم العربُ بإخفار الزُّبَير، ولذلك يقول جَريرٌ:
وقد لَبِسَتْ بعد الزُّبيرِ مُجاشِعٌ
…
ثيابَ التي حاضَتْ ولم تَغسِلِ الدَّمَا
5649 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا الربيع بن سليمان، حَدَّثَنَا أسَد بن موسى، حَدَّثَنَا سُكَين بن عبد العزيز، حَدَّثَنَا حفص بن خالد، حدثني شيخٌ قَدِمَ علينا من المَوصل، قال: صحبتُ الزُّبير بن العوّام في بعض أسفارِه، فأصابتْه جنابةٌ في أرضٍ قَفْرٍ، فقال: استُرني، فستَرْتُه، فحانت مني التِفاتَةٌ إليه، فرأيتُه مُجدَّعًا بالسُّيوف، فقلتُ: والله لقد رأيتُ بك آثارًا ما رأيتُها بأحدٍ قطُّ، فقال: وقد رأيتَ ذاكَ؟ فقال: واللهِ ما منها جِراحَةٌ إِلَّا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله
(1)
.
= حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه، فهذا أصح.
وأما صفة طول الزبير بن العوام فقد روي ما يخالف هذا الذي هنا، وذلك فيما أخرجه أبو نعيم في المعرفة (410)، وابنُ عساكر 18/ 345 - 346 من طريق ابن أبي الزناد، و 18/ 346 من طريق أبي الزناد، كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه: أنَّ الزبير كان طويلًا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة. وهذا أصحُّ.
وقد روي كثرة شعر الزبير عند ابن سعد 3/ 100، وأبي نعيم في "المعرفة"(407) و (408)، وابن عساكر 18/ 345 - 347 من طرق عدة.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة حفص بن خالد - وهو ابن جابر - وإبهام شيخه الموصلي.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 385 من طريق أبي بكر البيهقي، عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(229)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(426)، وفي "الحلية" =
5650 -
أخبرنا أبو جعفر البَغدادي، حَدَّثَنَا أبو عُلَاثة، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسوَد، عن عُرْوة، قال: كانت نفحةٌ من الشيطان: أن محمدًا صلى الله عليه وسلم قد أُخِذَ، فسمع بذلك الزُّبيرُ، وهو ابن إحدى عشرةَ سنةً، فخرج بالسيفِ مَسلُولًا، حتَّى وقفَ على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما شأنُك؟ " فقال: أردتُ أن أضرِبَ مَن أَخَذَكَ، فدعا له النبيُّ صلى الله عليه وسلم ولسيفِه، وكان أولَ سيفٍ سُلَّ في سبيل الله عز وجل
(1)
.
= 1/ 89، ومن طريقه ابن عساكر 18/ 385 عن أبي يزيد يوسف بن يزيد القراطيسي، عن أسد بن موسى، به.
وأخرجه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 9/ 423 من طريق يعقوب بن إسحاق الحضرمي، وابن أبي عاصم في "السنّة"(1396) عن إبراهيم بن الحجاج، كلاهما عن سُكين بن عبد العزيز، به.
وقولُ الزبير في آخره: والله ما منها جِراحَة، إلى آخره، قد رُوي عنه من وجه آخر عند الترمذي (3746)، والطبراني في "الأوسط"(4529)، ورجاله ثقات، وحسَّنه الترمذي.
(1)
حديث حسن إن شاء الله، وهذا سند رجاله لا بأس بهم كما تقدم بيانه برقم (4378)، وقد روي من وجه آخر عن عروة بن الزبير، وهذا وإن كانت صورته الإرسالُ إذ لم يُدرك عروة القصة، فهو محمول على أنَّ أباه الزبير هو من حدَّثه بذلك أو هو أمرٌ معروف مشهور في آل الزبير، ورُوي مثلُه من مرسل سعيد بن المسيب كذلك، فيتقوّى الخبر إن شاء الله. أبو عُلَاثة: هو محمد بن عمرو بن خالد الحَرّاني ثم المصري، وابن لَهِيعة: هو عبد الله، وأبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، ويُعرف بيتيم عُروة.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 344 من طريق الليث بن سعد، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير غير أنه قال: وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وهذا أصحُّ كما تقدمت الإشارة إليه برقم (5646).
وأخرجه معمر في "جامعه"(20429)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/ 344 و 12/ 92، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1266)، والفاكهي في "أخبار مكة"(2460)، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"(361)، وابن أبي عاصم في "الأوائل"(114)، وأبو بكر الخلال في "السنة"(740)، وأبو عَروبة الحراني في "الأوائل"(47)، والطبراني في "الأوائل"(26)، وفي "المعجم الكبير"(226)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2705)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 89، وفي "معرفة الصحابة"(424)، وابن عساكر 18/ 349 - 350 من طرق عن هشام بن عروة بن الزبير، =
5651 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أنا ابن وهب، أخبرني أبو صَخْر، عن أبي معاوية البَجَلي، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، عن عليٍّ، قال: كانت أولَ غزوةٍ في الإسلام بدرٌ، وما كان معنا إِلَّا فَرَسانِ: فرسٌ للزبير وفرسٌ للمِقداد بن الأسود
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وأبو معاوية البَجلي: هو عمار الدُّهْني.
5652 -
حَدَّثَنَا أبو جعفر البغدادي، حَدَّثَنَا أبو عُلَاثة، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسوَد، عن عُروة بن الزُبَير، عن الزُّبَير، قال: والله ما خَرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَخْرجًا في غَزوةٍ غَزاها ولا سَرِيّةٍ إِلَّا كنتُ فيها
(2)
.
5653 -
حَدَّثَنَا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن النضر الأزدي، حَدَّثَنَا معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفَزَاري، عن هشام بن عُروة، عن عَبَّاد بن عبد الله بن الزُّبَير، قال: كانت على الزُّبير بن العوام يومَ بدرٍ عِمامةٌ صفراءُ
= عن أبيه. دون ذكر سِنّ الزبير وقتئذٍ.
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(9647) عن ابن جريج، وأخرجه ابن عساكر 18/ 350 من طريق الليث بن سعد، كلاهما عن هشام بن عروة من قوله هو لم يذكر أباه عروة، وإنما تلقّاه هشامٌ عن أبيه، وإن لم يذكره هنا.
وله شاهدٌ من مرسل سعيدِ بن المسيّب عند أحمد في "فضائل الصحابة"(1260)، والفاكهي في "أخبار مكة"(2469)، وأبي نعيم في "دلائل النبوة"(562)، وفي "فضائل الخلفاء"(110)، وابن عساكر 18/ 351، وفي سنده علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.
(1)
إسناده ضعيف كما تقدَّم بيانه برقم (4344).
(2)
رجاله لا بأس بهم كما تقدم بيانه برقم (4378)، وعروة سمع من أبيه كما جزم به البخاريُّ، ولكن شيئًا يسيرًا لصغره كما قال الذهبي في "السير" 4/ 421.
وأخرجه ابن عساكر 18/ 384 من طريق أبي مروان يحيى بن أبي زكريا الغَسّاني، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الزبير.
وانظر ما تقدم برقم (5642) و (5647).
مُعتجِرٌ بها، فنزلتِ الملائكةُ عليهم عَمائمُ صُفْرٌ
(1)
.
(1)
رجاله ثقات، لكنه مرسلٌ، وعباد بن عبد الله بن الزبير هنا هو عبّاد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، نُسِبَ هنا إلى جده، وإن كان هشامُ بنُ عروة يروي عن كلا الرجلين، عن عمِّه عبّاد بن عبد الله بن الزبير، لكنه سمع هذا الخبر من عبّاد بن حمزة، فقد عزاه له بن عبد البر في "الاستيعاب" ص 262 لأبي إسحاق الفَزَاري راويه هنا - وهو إبراهيم بن محمد بن الحارث - وقال: عن هشام بن عروة عن عبَّاد بن حمزة. قلنا: وقد رواه جماعة عن هشام بن عروة، عن عباد بن حمزة. وقد سمع هشام بن عُروة هذا الخبر أيضًا عن أبيه عروة بن الزبير، كما رواه جماعةٌ آخرون عن هشام، فكأنَّ هذا الخبر كان محفوظًا عند آل الزبير من أبنائه.
وأخرجه سعيد بن منصور (2530)، وابن سعد 2/ 24، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 354، وابن الدُّبيثي في "ذيل تاريخ بغداد" 4/ 132 - 133 من طريق عبد الله بن المبارك، وابن أبي شيبة 8/ 375 عن وكيع بن الجراح، وأحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(1268) عن محمد بن بشر، والطبري في "تفسيره" 4/ 83 من طريق يحيى بن يمان، وابن المنذر في "تفسيره"(896) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، وابن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة"(161)، وأبو نعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"(112)، وابن عساكر 18/ 354 من طريق عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير، ستتهم عن هشام بن عروة، عن عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، مرسلًا.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 262 و 14/ 376 عن عَبْدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن عباد بن حمزة، عن الزبير. كذا وقع فيه في الموضعين عن الزبير، ونظنه تحريفًا عن: بن الزبير، فقد نسب في روايات عدة لجده، فكان يقال: عباد بن حمزة بن الزبير. وبذلك تتفق رواية عبدة بن سليمان مع رواية السابق ذكرهم عن هشام بن عروة، ويجوز أن يكون أراد بقوله:"عن الزبير" عن قصة الزبير، وهو لا يتعارض مع رواية السابقين أيضًا.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 131 من طريق قتادة بن دعامة وابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 96 ومن طريقه البلاذري في "أنساب الأشراف" 9/ 422 - 423، وابن عساكر 18/ 353، وابن الجوزي في "المنتظم" 5/ 108 من طريق همام بن يحيى العَوْذي، وأحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(1269) عن عباد بن عباد المهلّبي، ثلاثتهم عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة مرسلًا. وزاد همام في روايته: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نزلت الملائكة اليوم على سِيماء الزبير"، وقد تفرَّد بذلك، ومع ذلك صحَّح الحافظ ابن حجر رواية همام هذه في "الإصابة" 2/ 555! =
5654 -
أخبرني مَخلَد بن جعفر، حَدَّثَنَا محمد بن جَرير، حدثني الحارث بن محمد، حَدَّثَنَا عبد الله بن مَسْلمة بن قَعْنَب، حدثني سفيان بن عُيينة
(1)
، قال: قُسِم ميراثُ الزُّبير بن العَوّام على أربعينَ ألفَ ألفِ درهمٍ
(2)
.
= وأخرجه ابن سعد 3/ 96، وابن أبي شيبة 12/ 261، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 3/ 755 من طريق وكيع بن الجراح، عن هشام بن عروة، عن يحيى بن عباد بن عبد الله الزبير مرسلًا، غير أَنَّ ابن سعد قال في روايته: قال مرةً: عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، وقال مرة: عن حمزة بن عبد الله. وكأنَّ وكيعًا لم يضبط اسمه في روايتهم، وأصح أقوال وكيع ما وافق فيه الذين رووه عن هشام بن عروة عن عباد بن حمزة كما تقدَّم، والله أعلم.
وأخرجه الطبري في "تفسيره" 4/ 83 وابن عساكر 18/ 353 من طريق عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله النخعي، عن أبيه، عن هشام بن عروة، عن عبد الله بن الزبير ورواية هشام عن عمِّه عبد الله بن الزبير ممكنة، لكن انفرد بذكر هذه الرواية عبد الرحمن بن شريك النخعي، وقد قال عنه أبو حاتم الرازي: واهي الحديث، وقال ابن حبان بعد أن ذكره في "ثقاته": ربما أخطأ.
وفي الباب موقوفًا عن أبي المليح عن أبيه عند البزار (2338)، والطبراني في "الكبرى"(518)، وابن عساكر 18/ 353 - 354. وإسناده تالف.
وعن الزبير بن العوام نفسه من قوله عند الواقدي في "مغازيه" 1/ 76، وعنه ابن سعد 3/ 95. وإسناده تالف كذلك.
ويشهد لكون الملائكة كانت يوم بدر معتبرة بعمائم صُفْر دون ذكر الزبير بن العوام: حديثُ أبي أُسَيد الساعدي كما سيأتي بيانه عند الحديث رقم (6313)، وهو خبر قوي باجتماع طرقه.
(1)
في (ز): نغيضة، مصححًا عليها، وهو تحريف
(2)
وهو عند محمد بن جرير - وهو الطبري الإمام - في "ذيل المذيّل" كما في "منتخبه" لعُريب بن سعد القُرطبي وهو مطبوع بذيل "تاريخ الطبري" 11/ 507. لكن لم يقيد العدد بالدرهم، والحارث بن محمد: هو ابن أبي أسامة.
وأخرجه ابن سعد 3/ 102 عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب، به. ولم يقيد العدد المذكور بالدرهم.
لكن أخرجه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 9/ 426 - 427 عن عبد الله بن صالح المقرئ، عن سفيان بن عيينة. فقيده بالدرهم كرواية المصنّف.
وأخرجه أبو بكر الدِّينَوَري في "المجالسة"(256)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 428، من طريق يحيى بن معين، عن سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه. فجعله =
5655 -
أخبرَناه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى وأبو الحُسين
(1)
بن يعقوب، قالا: حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حَدَّثَنَا قُتيبة بن سعيد، حَدَّثَنَا سفيانُ، عن مُجالدٍ، عن الشَّعْبي، قال: قُسِم ميراثُ الزُّبير على أربعينَ ألفَ ألفٍ
(2)
.
5656 -
حَدَّثَنَا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حَدَّثَنَا أحمد بن يحيى الحُلْواني،
= من رواية ابن عُيينة عن هشام بن عروة عن أبيه، ولم يقيده بالدرهم.
وأخرجه الحميدي في "النوادر" كما في "فتح الباري" لابن حجر 9/ 424، ومن طريقه ابن عساكر 18/ 428 عن ابن عيينة، عن هشام بن عروة، لم يذكر أباه، ولم يقيد العدد المذكور بالدرهم.
وأخرجه الدِّينَوري في "المجالسة"(2200)، ومن طريقه ابن عساكر 18/ 428 من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أنَّ الزبير بن العوام ترك من العروض خمسين ألفَ ألفِ درهم، ومن العين خمسين ألفَ ألفِ درهم.
وأخرج البخاري (3129) من طريق أبي أسامة أيضًا، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير: أنَّ الزبير قتل ولم يدع دينارًا ولا درهمًا إلّا أرَضِين (جمع أرض) منها الغابة وإحدى عشرة دارًا بالمدينة، ودارين بالبصرة ودارًا بالكوفة ودارًا بمصر
…
وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومئة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وست مئة ألف
…
ثم قال: فكان للزبير أربع نسوةٍ، ورُفع الثلثُ فأصاب كلَّ امرأةٍ ألفُ ألفٍ ومئتا ألف، فجميعُ مالِه خمسون ألفَ ألفٍ ومئتا ألفٍ.
قال ابن حجر: الذي يظهرُ أنَّ الرواة لم يقصدوا إلى التحرير البالغ في ذلك كما تقدَّم.
ثم ذكر 9/ 425 توجيه الخلاف بين رواية "الصحيح وبين رواية الآخرين نقلًا عن الدِّمياطي، واستحسنه، فارجع إليه فإنه نفيس جدًّا.
(1)
تحرّف في (ص) و (م) و (ب) إلى: أبو الحَسن، وكذلك جاء في هامش (ز) مصححًا عليها، والمثبت على الصواب من أصل (ز)، وهو الموافق لسائر المواضع التي أورد فيها المصنّف أخبارًا بهذا الإسناد نفسِه، وقد ضُبِّب فوقها في (ز)، ولا داعي لذلك، إذ هو الصواب. وأبو الحسين بن يعقوب هذا: هو الحافظ محمد بن محمد بن يعقوب الحجّاجي النيسابُوري.
(2)
إسناده ضعيف لضعف مُجالد وهو ابن سعيد - لكن رُوي ما يشهد له عن عروة بن الزبير كما تقدم في تخريج الخبر الذي قبله. الشعبي: هو عامر بن شَرَاحيل، وسُفيان: هو ابن عُيينة.
حَدَّثَنَا عَتيق بن يعقوب الزُّبَيري، حدثني أبي
(1)
يعقوبُ، عن
(2)
الزُّبَير بن خُبَيب بن ثابت بن عبد الله بن الزُّبَير، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، قال: قال عبد الله بن الزُّبَير لأبيه: يا أبتِ حَدَّثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتَّى أُحدَّثَ عنكَ، فَإِنَّ كلَّ أبناءِ الصحابة يُحدِّث عن أبيه، فقال: يا بُنيّ، ما من أحدٍ صَحِبَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بصُحبةٍ إِلَّا وقد صحِبتُه بمثلِها أو أفضلَ منها، ولقد علمتَ بأنَّ أمَّك أسماء ابنة أبي بكر كانت تحتي، وأنَّ خالتَك عائشةُ بنتُ أبي بكر، ولقد علمتَ أنَّ أُمّي صَفيّةُ بنتُ عبد المُطَّلب، وأنَّ أخوالي حمزةُ بن عبد المُطلبِ وأبو طالب وعبّاسٌ، وأنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ابن خالي، ولقد علمتَ أنَّ عَمَّتي خديجةَ بنتَ خُويلد كانت تحتَه، وأنَّ ابنتَها فاطمةُ ابنةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، و لقد علمتَ أن خديجةَ أمُّ أمِّها حبيبةُ بنت أسَدِ بن عبد العُزّى، ولقد علمتَ أنَّ أم رسولِ الله صلى الله عليه وسلم آمنةُ بنتُ وَهْب بن عبد مَنافِ ابن زُهْرة، ولقد صحبتُه بأحسن صُحبةٍ، والحمدُ الله، ولقد سمعتُه يقول:"مَن قال عليَّ ما لم أقُلْ، فليَتَبَوّأْ مَقْعدَه من النارِ"
(3)
.
(1)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: أبو، والمثبت على الصواب من (ص) و (م) و "تلخيص الذهبي"، لأنَّ عتيقًا يروي هذا الخبر عن أبيه يعقوب: وهو ابن صُدَيق بن موسى بن عبد الله بن الزبير بن العوام.
(2)
تحرّف في النسخ الخطية إلى: بن. وإنما يروي هذا الخبرَ يعقوبُ بنُ صُدَيق والدُ عتيقٍ عن ابن ابن عم أبيه الزبير بن خبيب، وليس الزبير بن حبيب أبا يعقوب، فلا شكَّ بأنَّ لفظة "بن" هنا تحريف.
(3)
مرفوعُه صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة يعقوب والد عَتيق - وهو ابن صُدَيق بن موسى بن عبد الله بن الزبير بن العوام - فلا يُعرف روى عنه غير ابنه عَتيق.
وأخرجه ابن حبان (6982) من طريق أحمد بن الحسن بن خراش، عن عتيق بن يعقوب، بهذا الإسناد.
وأخرج أحمد 3/ (1413) و (1428)، والبخاري (107)، وأبو داود (3651)، وابن ماجه (36)، والنسائي (5881) من طريق عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: قلت للزبير ما لي لا أسمعك تحدَّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أسمع ابن مسعود وفلانًا وفلانًا؟! قال: أما إني لم أفارقه =
5657 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبّار، حَدَّثَنَا يونس بن بُكَير، حَدَّثَنَا هشام بن عُروة، عن أبيه، عن الزُّبير بن العوَّام، قال: أَخَذَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بيدي
(1)
، فقال:"إنَّ لكل نبيٍّ حَوَاريًّا، وإِنَّ حَوَاريَّ الزُّبيرُ"، فقيل له: يا أبا عبد الله، أتعلَمُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَها لأحدٍ غيرِك؟ قال: لا واللهِ ما أعلَمُ
(2)
.
= منذ أسلمتُ، ولكني سمعتُ منه كلمةً يقول:"من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار".
(1)
لفظة "بيدي" سقطت من (ز)، وتحرَّفت في (ب) إلى: ماله، ووقع مكانها في (م) بياض، وأثبتناها من (ص).
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم لكنه اختُلف فيه على هشام بن عروة، فقد رواه عنه يونس بن بُكَير ومحاضر بن المورِّع كما أشار إليه الدارقطني في "العلل"(538)، فجعلاه عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده الزبير، كما وقع هنا في رواية المصنّف، وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 369 من طريق أبي بكر الحِيْري، عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار، به.
ومن طريق محمد بن عثمان بن كرامة، عن يونس بن بُكَير، به.
وأخرجه أحمد 26/ (16113) عن يونس بن محمد المؤدِّب، عن حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير فجعله من مسند عبد الله بن الزبير بدل الزبير. وقد تابع يونس بن محمد عليه جماعة، وهو المحفوظ عن حماد بن زيد.
وخالفهم سليمان بن حرب عند أحمد (16115)، والنسائي (8792)، فرواه عن حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلًا، ليس فيه ذكر الزبير ولا عبد الله بن الزبير.
وأخرجه كذلك أحمد (16114) عن يحيى بن سعيد القطان ووكيع بن الجراح، عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلًا، وهكذا رواهُ جماعةٌ آخرون من الحفاظ عن هشام بن عروة مثل روايتهما.
وأخرجه أحمد 22/ (14374) والنسائي (8155) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، والنسائي (8154) و (8790) و (11094) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، و (8791) من طريق سعيد بن عبد الرحمن الجُمحي، وابن حبان (6985) من طريق الليث بن سعيد، أربعتهم عن هشام بن عروة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله. فجعلوه من رواية هشام عن ابن المنكدر عن جابر. وقال الدارقطني في "العلل": هذا هو المشهور.
وكذلك رواه جماعة من الحفاظ عن ابن المنكدر، فقد أخرجه أحمد 22/ (14297)، والبخاري =
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.
5658 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حَدَّثَنَا أبو عبد الله الزُّبَير بن بكَّار الزُّبيري، حَدَّثَنَا أبو غَزِيّة محمد بن موسى، حدثني عبد الله بن مصعب، عن هشام بن عُرْوة، عن فاطمة بنت المُنذر، عن جدّتها أسماء بنت أبي بكر، قالت: مرَّ الزُّبَيرُ بن العَوّام بمجلسٍ من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسانُ يُنشِدُهم من شِعْرِه، وهم غيرُ نِشاطٍ ممّا يَسْمَعُون منه، فجلسَ معهم الزُّبيرُ، فقال: ما لي أراكُم غيرَ آذِنِينَ مما تَسمعُون من شِعْر ابن الفُرَيعة، فلقد كان يَعرِضُ به لرسولِ اللهُ، فيُحسِنُ استِماعَه، ويُجزِل عليه ثَوابَه، ولا يَشغَلُه عنه شيءٌ
(1)
، فقال حسّانُ:
أقامَ على عهدِ النَّبيِّ وهَدْيِهِ
…
حَوارِيُّهُ والقولُ بالفعل يُعدَلُ
أقامَ على مِنهاجِهِ وطَريقِهِ
…
يُوالي وليَّ الحَيُّ والحَقُّ أعدَلُ
هو الفارسُ المشهورُ والبطَلُ الذي
…
يَصُولُ إذا ما كان يومٌ مُحجَّلُ
= (2847) و (2997) و (7261)، ومسلم (2415)، والنسائي (8809) من طريق سفيان بن عُيينة، وأحمد 23 / (14936)، والبخاري (2846) و (4113)، ومسلم (2415)، وابن ماجه (122)، والترمذي (3745)، والنسائي (8154) و (8790) و (11094) من طريق سفيان الثوري، وأحمد 22/ (14634) و 23 / (14712)، والبخاري (3719) من طريق عبد العزيز الماجشون، ثلاثتهم عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله.
وأخرجه أحمد 22/ (14375)، والنسائي (8792) من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن هشام بن عروة. قال: وحَدَّثَتُ به وهبَ بنَ كَيسان فقال: أشهد على جابر بن عبد الله لَحدَّثني، قال
…
فذكره.
وفي الباب عن علي بن أبي طالب سيأتي عند المصنّف برقم (5677 - 5679)، وإسناده حسن.
والحواريُّ: خالصة الإنسان وصفيُّه المختص به، كأنه أُخلِص ونُقِّي من كل عَيب.
(1)
في نسخنا الخطية: بشيء، بزيادة الباء أوله والمثبت من النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان.
إذا كَشَفَتْ عن ساقِها الحربُ حَشَّها
(1)
…
بأبيضَ سَبّاقٍ إلى الموتِ يَرفُلُ
(2)
وإنَّ امرَأً كانت صفيّةُ أمَّهُ
…
ومن أسَدٍ في بيتِها لَمُرفَّلُ
له من رسولِ الله قُربَى قَرِيبةٌ
…
ومن نُصرةِ الإسلامِ مَجدٌ مُؤثَّلُ
فكم كُربةٍ ذَبَّ الزُّبَيرُ بسيفِه
…
عن المصطفى والله يُعطِي فيُجزِلُ
فما مِثلُه فيهمْ ولا كانَ قَبلَهُ
…
وليس يكونُ الدَّهرَ ما دامَ يَذبُلُ
ثَناؤُكَ خيرٌ مِن فِعالِ مَعاشِرٍ
…
وفِعلُكَ يا ابنَ الهاشِميّةِ أفضَلُ
(3)
5659 -
أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حَدَّثَنَا زكريا بن عدي، حَدَّثَنَا علي بن مُسهِر، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن مروان، قال: أصابَ عُثمانَ رُعَافٌ سنةَ الرُّعَافِ، حتَّى أَوصى وتَخلَّف عن الحجِّ، فدخل علينا
(1)
في (ز) و (ب): حمتها، وفي (ص) و (م): حمها، والمثبت على الجادة من "تلخيص المستدرك" للذهبي، ومعنى حشَّها: أوقَدَها.
(2)
كذلك أُعجم هذا الفعل في (م) و "تلخيص المستدرك" للذهبي، وهو من الرَّفْل، وهو التبختُر في المشي. وفي (ز): يرمل بالميم بدلٌ الفاء، وهو من الإسراع في المشي مع هزِّ المنكبين. وفي بعض مصادر التخريج: يُرقِل من الإرقال، وهو ضربٌ من العَدْوِ فوق الخبب.
(3)
إسناده ضعيف بمرّة من أجل أبي غَزِيَّة محمد بن موسى - وهو ابن مسكين - فهو ضعيف صاحب مناكير، واتهمه ابن حبان والدارقطني بالوضع.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(516)، والطبراني في "الكبير"(3583)، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 1/ 170، وابن أخي ميمي في "فوائده"(339)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(2708)، وأبو نُعيم في "حلية الأولياء" 1/ 90، وفي "معرفة الصحابة"(2213) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 400 - 401 من طرق عن الزبير بن بكار، بهذا الإسناد.
وقوله: يَصُول؛ أي: يحمل. ويوم محجَّل: أراد به يوم الحرب المشهور بين الناس. ومُرفَّل: معظَّم. والمجد المؤثَّل: من التأثيل، وهو التأصيل. والأبيض: السيف. وليس يكون الدَّهرَ؛ أي: ليس يكون مثلُه في المستقبل طول الدهر. ويَذبُل: اسم جَبَلٍ، يعني ما دام ذلك الجبلُ ماثلًا فلن يكون هناك مثلُه. انظر "المقاصد النحوية شرح شواهد شروح الألفية" للعيني 2/ 578.
رجلٌ من قُرِيش، فقال: استَخْلِفْ، فقال: وقالوه؟ قال: نعم، قال: ومَن هو؟ فسَكَت، ثم دخلَ عليه آخَرُ، فقال: استَخلِفْ، فذكر نحوًا ممّا ذكَر الأولُ، فقال عثمانُ: الزَّبيرَ؟ قال: نعم، فقال عثمانُ: أما والذي نفسِي بيده إن كان لأخْيَرَهم ما علِمتُ وأحبَّهُم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!
5660 -
أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الوهاب العَبْدي، أخبرنا جعفر بن عَوْن، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن البَهِيّ، عن عُروة، قال: قالت لى عائشةُ: يا بُنيّ، إنَّ أباكَ من {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ}
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!
5661 -
حَدَّثَنَا محمد بن صالح بن هانئ، حَدَّثَنَا أبو بكر محمد بن النَّضْر الجارُودي، حَدَّثَنَا عبد الله بن سعيد الكِنْدي، حَدَّثَنَا أبو عبد الرحمن النَّضْر بن منصور العَنَزي، حدثني علقمة عُلَاثة اليَشكُري، قال: سمعت عليًّا يقول: سمعتُ إلى
(1)
إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوّام، ومروان هو ابن الحكم بن أبي العاص.
وأخرجه أحمد 1/ (455) عن زكريا بن عدي، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (3717) عن خالد بن مخلد، عن علي بن مُسهر، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وأخرجه مختصرًا البخاري (3718) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن هشام بن عروة، به.
(2)
إسناده صحيح. البهيُّ: هو عبد الله، وعروة: هو ابن الزبير بن العوّام.
وأخرجه مسلم (2418)(52) من طريق وكيع بن الجراح عن إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وقد تقدَّم برقم (3204) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت لعبد الله بن الزبير: يا ابن أختي، أما والله، إنَّ أباك وجدك - تعني أبا بكر والزبير - لمن الذين قال الله عز وجل
…
الآية. فجعل هشام خطاب عائشة في هذه الرواية لعبد الله بن الزبير، وليس لعروة.
أُذني من في رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "طلحةُ والزبيرُ جارايَ في الجنة"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5662 -
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقبة الشَّيباني بالكوفة، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق بن أبي العَنْبَس القاضي، حَدَّثَنَا علي بن حَكِيم، حَدَّثَنَا شَريك بن عبد الله، عن الأسود بن قيس، عن نُبَيح العَنَزي، عن أبي سعيد الخدري، أنه قال: لا تَسُبُّوا حَوَاريَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كفّارتَهم القتلُ
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5663 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب حَدَّثَنَا محمد بن سِنان القَزَّاز، حَدَّثَنَا إسحاق بن إدريس، حَدَّثَنَا محمد بن خازم، حَدَّثَنَا هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزُّبير، عن أبيه، قال: أرسلَني رسول الله صلى الله عليه وسلم في غَداةٍ بارِدةٍ، فأتيتُه وهو
(1)
إسناده ضعيف لضعف النضر بن منصور العنزي وضعفِ شيخه الذي سُمِّي في رواية المصنّف علقمة بن عُلَاثة، وهو وهمٌ، وإنما هو عقبة بن علقمة كما جاء مسمًّى في جزء "حديث أبي سعيد الأشج" - وهو عبد الله بن سعيد الكِنْدي نفسه - (7)، وكذلك سماه كل من خرَّج هذا الخبر من طريقه، وعقبة بن علقمة هذا ضعيف.
وأخرجه الترمذي (3741) عن أبي سعيد الأشجّ عبد الله بن سعيد الكِنْدي، بهذا الإسناد. وقال: غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه.
(2)
إسناده فيه لِينٌ من أجل شريك بن عبد الله - وهو النخعي، وبقية رجاله ثقات. نُبيح العَنَزي: هو ابن عبد الله، وعلي بن حَكيم: هو الأَوْدي.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(999) عن زَحْمويه - وهو زكريا بن يحيى الواسطي - والدارقطني في "العلل"(2187) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، كلاهما عن شريك بن عبد الله النخعي، به.
وقد خالف هؤلاء الثقات من أصحاب شريك النخعي أبو أحمد الزبيري عند الدارقطني في "العلل"(2187) فرواه عن شريك النخعي، عن الأسود بن قيس، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبُّوا أصحابي، فإن بحسبهم القتل" كذا خالف الجماعة في إسناد الحديث ورفعه.
وصوّب الدارقطني رواية من رواه موقوفًا من قول أبي سعيد الخدري.
مع بعضِ نسائه في لِحافِه، فأدخلَني في اللَّحافِ، فصِرْنا ثلاثةً
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5664 -
حدثني علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حَدَّثَنَا العباس بن الفضل الأَسفاطي، أخبرنا أبو نُعيم ضِرار بن صُرَدٍ، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، حَدَّثَنَا محمد
(1)
إسناده تالفٌ من أجل إسحاق بن إدريس - وهو الأُسواري البصري - فهو متروك الحديث، واتهمه ابن معين بالكذب، وقال ابن حبان: يسرق الحديث، وقال أبو زرعة الرازي كما في "العلل" لا بن أبي حاتم (2628): لا أعلم هذا الحديث رواه غير إسحاق بن إدريس، وإسحاق واهٍ في هذا الحديث. ونقل ابن عدي في "الكامل" 1/ 333 عن عباد بن يزيد البحراني قوله: هذا حديث شنيع، أول من حدَّث به فلانٌ الخياط فوثب عليه يحيى بن معين. قال ابن طاهر المقدسي في "ذخيرة الحفاظ" (2350): يعني أنَّ إسحاق هذا سرقه من الخياط.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1394)، والبزار (968)، وابن عدي 1/ 333، وأبو الشيخ الأصبهاني في "أخلاق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم "(480)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 392 - 393 من طرق عن إسحاق بن إدريس الأسواري، بهذا الإسناد.
وقد روى هذا الخبرَ حمادُ بنُ سلمة عند إسحاق بن راهويه في "مسنده"(1977) عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلًا: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعث ليلة الأحزاب الزبير ورجلًا آخر، في ليلةٍ قَرَّةٍ، فنظرا ثم جاءا ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مِرْطٍ لأم سلمة، فأدخلهما في المرط، ولزق رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة. كذلك رواه مرسلًا، لم يذكر فيه عبدَ الله بنَ الزبير ولا أباهُ الزبير.
وقد ظهر بهذه الرواية المرسلة أن هذا كان ليلة الأحزاب، وإذا ثبت ذلك فقد جاء من طرق عن حذيفة بن اليمان: أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعثه وحده ليلة الأحزاب ليأتيه بخبرهم، فجاءهم حذيفة وعرف خبرهم، ثم عاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي في مرطٍ لبعض نسائه مرحَّل، قال: فلما رآني أدخلني إلى رحله، وطرح عليَّ طرف المرط، ثم ركع وسجد وإنه لفيه، فلما سلم أخبرته الخبر. هكذا جاء عند أحمد 38/ (358)، وفي رواية مسلم (1788) قال: فألبسني رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها، فلم أزل نائمًا حتَّى أصبحتُ.
فكأنَّ حذيفة هو الرجل الآخَر الذي ورد ذكره في مرسل عروة بن الزبير، لكن ليس فيه هنا أنَّ أحدًا من نسائه كانت في المرط، إنما كان المرط لبعض نسائه، وفرقٌ بين الأمرين، وحديث حذيفة أثبت وأَولى بالقبول من مرسل عروة، والله أعلم.
ابن عبد الله بن مُسلِم الزُّهْري، عن عمِّه، عن عُرْوة بن الزُّبَير، عن عبد الله بن الزُّبَير، عن الزُّبَير بن العوام، قال: استَعْدَى عليَّ رجلٌ من الأنصار رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في شِرَاج الحَرّة، فقال:"يا زُبيرُ، اسقِ ثم أرسِلِ الماءَ إلى جارِكَ"، فقال الأنصاريُّ: يا رسول الله، وأن كان ابنَ عمَّتِك، فتلَوّن وَجْهُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"يا زُبيرُ، اسقِ ثم احبِسِ الماءَ حتَّى يَبلُغَ الجَدْرَ، ثم أرسِلْ إلى جارك"، فاستوعَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للزُّبير الفُتْيا
(1)
. فقال الزُّبير: إني لأحسَبُ هذه الآيةَ نزلَت في خُصومَتي: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية [النساء: 65]
(2)
.
(1)
كذا في نسخنا الخطية: الفتيا، ووقع في رواية غير المصنّف: حقَّه.
(2)
حديث صحيح لكن من مسند عبد الله بن الزبير، وليس من مسند أبيه الزبير، وهذا إسناد ضعيف لضعف ضرار بن صُرَدٍ، لكنه متابع.
وأخرجه النسائي (5924) من طريق عبد الله بن وهب، عن يونس بن يزيد والليث بن سعد، عن ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد. قال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه (1185): أخطأ ابن وهب في هذا الحديث، الليث لا يقول: عن الزبير، ونحوه قول البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير"(374).
قلنا: مصداق قولهما ما أخرجه أحمد 26/ (16116) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، والبخاري (2359) عن عبد الله بن يوسف، ومسلم (2357)، والترمذي (1363) و (3027)، والنسائي (5925) و (5936) و (11045) عن قتيبة بن سعيد، ومسلم (2357)، وابن ماجه (15) و (2480) عن محمد بن رُمْح، وأبو داود (3637)، وابن حبان (24) من طريق أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، خمستهم عن الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير: أنَّ رجلًا خاصم الزبير، الحديث. فجعلوه من مسند عبد الله بن الزبير.
وأخرجه أحمد 3/ (1419)، والبخاري (2708) من طريق شعيب بن أبي حمزة، والبخاري (2361) و (4585) من طريق معمر بن راشد، و (2362) من طريق ابن جُريج، ثلاثتهم عن ابن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير؛ قال شعيب في روايته: أنَّ الزبير كان يحدِّثُ أنه خاصم رجلًا، وأرسله الآخران عن عروة، فلم يذكُرا الزبير، ولم يذكر أحدٌ منهم عبدَ الله بنَ الزبير في إسناده. =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. فإني لا أعلَمُ أحدًا أقام هذا الإسنادَ عن الزُّهْري يَذكُر عبد الله بنَ الزُّبَير، غيرَ ابن أخيه
(1)
، وهو عنه ضَيِّق.
ذكرُ مَقتَل الزُّبَيرِ بن العَوّام
5665 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن زياد العدل، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق، حَدَّثَنَا أبو الأشعث أحمد بن المِقدام، حَدَّثَنَا عَثّام بن علي، حَدَّثَنَا هشام بن عُرْوة، عن أبيه، قال: لما كان يومُ الجَمَل دعا الزُّبَيرُ ابنَه عبد الله، فأوصى إليه، فقال: يا بنيّ، إنَّ هذا يومٌ لَيُقتَلَنَّ فيه ظالمٌ ومظلومٌ، واللهِ لئن قُتِلتُ لأُقتَلنَّ مظلُومًا، والله ما فَعلتُ ولا فَعلتُ، انظُرْ يا بُنيّ دَيني، فإني لا أدَعُ شيئًا أهمُّ إليَّ منه، وهو ألفُ ألفٍ ومئتا ألفٍ
(2)
.
= وشِراج الحَرَّة: الحرة: الأرضُ ذات الحجارة السُّود، والشِّراج: جمع شَرْجة، وهي مَسيل الماء من الحَزْن إلى السَّهْل.
والجَدْر: الحائط، وقيل: الجَدْر أصلُ الجدار، قال الخطابي: هكذا الرواية: الجدر، قال: والمُتقنون من أهل الرواية يقولون: حتَّى يبلغ الجذر، يعني بالذال المعجمة، وهو مبلغ تمام الشرب، ومنه: جذر الحساب.
(1)
في قول المصنّف هذا نظر، فقد وافق ابنَ أخي الزهري على ذكر عبد الله بن الزبير في إسناده الليث بنُ سعد ويونسُ بنُ يزيد في روايتهما عن الزهري كما تقدم.
(2)
إسناده صحيح، وهذا وإن كانت صورتُه الإرسال لأنَّ عروة كان إذ ذاك يصغُر عن حضور واقعة الجمل، قد حدَّث به عروةَ أخوه عبد الله بن الزبير كما وقع في رواية البخاري (3129) حيث أخرجه من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، قال: لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني، فقمت إلى جنبه، فقال
…
وذكره.
على أنه جاء وصلُه عن عثّام أيضًا، وذلك عند يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 415 عن أبي بشر بكر بن خلف، عن عثّام بن علي، عن هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير.
إلَّا أنَّ أبا أسامة قد خالف عثّامًا في مقدار دين الزبير، فقال أبو أسامة: قال عبد الله بن الزبير: فحسبتُ ما عليه من الدَّين، فوجدته ألفي ألف ومئتي ألف، وجعل حساب الدَّين من صنيع عبد الله بن الزبير، لا أنَّ الزبير هو من أخبر ابنه عبد الله بمقداره، وأبو أسامة أثبت وأجلُّ من عثَّام بن عليّ.
5666 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني يونُس، عن ابن شِهاب، قال: ولّى الزُّبيرُ يومَ الجَمَل مُنهَزِمًا، فأدركَه ابن جُرمُوزٍ رجلٌ من بني تَمِيم، فقَتَلَه
(1)
.
5667 -
أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، حَدَّثَنَا جدّي، حَدَّثَنَا إسحاق بن محمد الفَرْوي، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن عِمران، قال: أخبرنا سعيد بن عبد العزيز السُّلَمي، عن أبيه، قال: لما انصرفَ الزُّبَير يوم الجَمَل جعل يقول:
ولقد عَلِمتُ لوَ انَّ عِلْميَ نافِعِي
…
أَنَّ الحياةَ من المَماتِ قَرِيبُ
ثم لم يَنْشَبْ أن قتلَه ابن جُرمُوزٍ
(2)
.
5668 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حَدَّثَنَا أحمد بن مِهْران بن خالد، قال: سمعت الفضْل بن دُكين يقول: قُتل طلحةُ والزُّبير بن العَوذام في رجب سنة ست وثلاثين.
5669 -
أخبرنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حَدَّثَنَا الحسَن بن الجَهْم، حَدَّثَنَا الحُسين
(1)
رجاله ثقات. ابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي.
وأخرجه أبو العرب القيرواني في "المحن" ص 110 من طريق أصبغ بن الفرج، عن ابن وهب، به.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 433 من طريق عبد الله بن أبي زياد الرُّصافي، عن ابن شهاب الزهري.
(2)
إسناده ضعيف جدًّا، عبد العزيز بن عمران - وهو ابن عبد العزيز الزهري - متروك الحديث، وسعيد بن عبد العزيز السّلمي وأبوه لا يُعرفان.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "المُحتضرين"(255)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(422)، وابن عساكر 18/ 414 و 415 من طريق أبي غسان محمد بن يحيى بن علي الكناني، عن عبد العزيز بن عمران، به.
وذكره البلاذري في "أنساب الأشراف" 3/ 54 عن أبي الحسن علي محمد المدائني، عن عامر بن أبي محمد وسعيد بن عبد الرحمن السُّلمي، عن أبيه. كذا سمّاه سعيد بن عبد الرحمن!
ولم يَنْشَب، معناه: لم يَلبَث.
ابن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عمر، عن شُيوخه، قالوا: خرج الزُّبير يوم الجَمَل، وذلك يوم الخميس لعشرٍ خَلَون من جُمادى الآخِرة من هذه السنة، بعد الوَقْعة على فَرَس يقال له: ذو الخِمار، منطلقًا نحو المدينة، فقُتل بوادي السِّباع، ودُفِن هناك، وذُكِر عن عُروة بن الزُّبَير أنه قال: قُتل أبي يومَ الجَمَل، وقد زاد على الستين أربعَ سنينَ
(1)
.
5669 م - قال ابن عُمر: وسمعتُ مُصعبَ بن ثابت بن عبد الله بن الزُّبَير يقول: شهد الزُّبَير بن العوَّام بدرًا، وهو ابن سبع وعشرين سنة، وقُتِلَ وهو ابن أربع وستين سنةً
(2)
.
5670 -
حَدَّثَنَا الشيخ أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن بالَوَيهِ، قالا: أخبرنا أبو مُسلم إبراهيم بن عبد الله، حَدَّثَنَا عبد الملك بن قُريب الأَصمَعي، قال: سمعتُ عبدَ الله بن عَون يقول: هؤلاء الخِيارُ قُتِلوا قَتْلًا، ثم بكى، فقال: أقبلَ الزُّبَيرُ على قاتلِه وقد ظَفِرَ به، فقال: أذكِّرُك الله، فكَفَّ عنه الزُّبَيرُ، حتَّى فعل ذلك مِرارًا، فلما غَدَرَ بالزبير وضربَه، قال الزُّبَيرُ: قاتَلَكَ اللهُ، تُذكِّرُ بالله ثم تَنْساهُ
(3)
.
5671 -
أخبرنا عبد الباقي بن قانِع ببغداد، حَدَّثَنَا محمد بن موسى بن حماد البَرْبَري، حَدَّثَنَا أبو السُّكَين زكريا بن يحيى الطائي، حَدَّثَنَا عمُّ أَبي
(4)
زَحْرُ بن حِصْن،
(1)
وانظر "طبقات ابن سعد" 3/ 103 - 104.
وقول عروة الذي في آخره أسنده ابن سعد 3/ 105 عن محمد بن عمر الواقدي، عن عُبيد الله بن عروة بن الزبير، عن أخيه عَبد الله بن عروة، عن عروة.
(2)
وهو عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 105.
(3)
وأخرجه الطبراني في "معجمه الكبير"(241) عن أبي مسلم الكشي - وهو إبراهيم بن عبد الله - به.
وذكره ابن سعد في "الطبقات" 3/ 103 - 104 مُصدِّرًا ذلك بقوله: قالوا.
(4)
تحرّف في النسخ الخطية إلى: عمر بن والتصويب من الموضعين المتقدمين برقم (5382) و (5504) حيث روى المصنفُ بهذا الإسناد خبرين آخرين، وهي نسخةٌ معروفةٌ.
قال: حدثني جدّي حُمَيد بن مُنهِبٍ، قال: حجَجْتُ في السنة التي قُتل فيها عثمانُ، فصادفْتُ طلحةَ والزبيرَ وعائشةَ بمكةَ، فلما سارُوا إلى البصرة سِرتُ معهم، وسار عليُّ بن أبي طالب إليهم حتَّى التَقَوا، وذلك يومُ الجَمَل، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، وأَخذ بخِطَام الجَمَل يومئذ سبعون رجلًا، وذكر الحديثَ بطوله. وقال في آخره: وولّى الزُّبَيرُ مُنهزِمًا، فأدركَه ابن جُرمُوزٍ، وهو رجلٌ من بني تَميمٍ، فقتَلَه.
5672 -
أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب بهَمَذان، حَدَّثَنَا عثمان بن خُرَّزاذَ الأَنطاكي، حَدَّثَنَا رَبيعة بن الحارث، حدثني محمد بن سليمان العابدُ، حَدَّثَنَا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: قال عليّ للزُّبير: أما تَذكُر يومَ كنتُ أنا وأنتَ في سَقِيفةِ قوم من الأنصار، فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَتُحِبُّه؟ " فقلتَ: وما يَمنَعُني؟ قال: "أمَا إنك ستَخْرُجُ عليه وتُقاتِلُه وأنتَ ظالمٌ"؟ قال: فرَجَعَ الزُّبيرُ
(1)
.
(1)
قوي لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة محمد بن سليمان العابد، وقد خالفه في إسناده يعلى بن عبيد الطَّنافسي الثقة، عند ابن أبي شيبة 15/ 283، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (4454)، والعقيلي في "الضعفاء"(1000)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 409 و 411 - 412، فرواه عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد السلام رجل من حيّه، قال: خلا عليٌّ بالزبير يوم الجمل. فذكر نحوه مختصرًا. قال البخاري فيما نقله عنه العقيلي: لا يتبيَّن سماعُه منهما، وجَزَم الدارقطني في "العلل" (454) و (541) بأنه مرسلٌ. قلنا: وعبد السلام هذا مجهول، وسمّاه الدارقطني: عبد السلام بن عبد الله بن جابر الأحمسي.
وعلى كلٍّ فللخبر طرقٌ عديدة يتقوَّى بها، ومن ذلك خبر أبي حرب بن أبي الأسود وخبر أبي جَرْوة المازني الآتيان عند المصنّف.
وخبر نذير الضبّي عند البلاذري في "أنساب الأشراف" 3/ 49 - 50 و 9/ 430، وابن عساكر 18/ 408 - 409 و 412، وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.
وخبرُ عبد الرحمن بن أبي ليلى عند أبي العرب القيرواني في "المحن" ص 103 - 104، وابن عساكر 18/ 412 و 413 و 421، وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.
ومن ذلك أيضًا مرسلُ الزهري عند البلاذُري 3/ 51 - 52، والطبري في "تاريخه" 4/ 508 - 509، ورجاله ثقات. =
5673 -
أخبرني أبو الحسين محمد بن أحمد بن تَميم القَنْطَري ببغداد، حَدَّثَنَا أبو قِلابة عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، حَدَّثَنَا أبو عاصم، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن عبد الملك الرَّقَاشي، عن جَدّه عبد الملك، عن أبي حَرْب بن أبي الأسود الدِّيليّ، قال: شهدتُ الزُّبَيرَ خرج يريدُ عليًّا فقال له عليٌّ: أَنشُدُك الله، هل سمعتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"تُقاتِلُه وأنت له ظَالمٌ"؟ فقال: لم أذكُر، ثم مضى الزُّبَير مُنصَرِفًا
(1)
.
هذا حديث صحيح عن أبي حَرْب بن أبي الأسود، فقد روى عنه يزيدُ بن صُهَيب
= ومرسل قتادة عند معمر في "جامعه"(20430)، والطبري في "تاريخه" 4/ 501 - 502، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 414، ورجاله ثقات.
ومرسل الحكم بن عتيبة عند إسحاق بن راهويه وأحمد بن منيع في "مسنديهما" كما في "المطالب العالية" للحافظ ابن حجر (4403/ 1 و 2)، ورجاله ثقات أيضًا.
ورواية الأسود بن قيس عن رجل رأى الزبير عند ابن أبي شيبة 15/ 283، والدولابي في "الكنى"(67)، وابن عساكر 18/ 406.
وعليه فما قاله الذهبي في "تلخيصه" بأنَّ في هذا الحديث نظرًا، فغير مُسلَّم له.
وقد جاء بسند صحيح عن ابن عباس عند ابن سعد 3/ 102، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 9/ 430 - 431: أنَّ ابن عباس أتى الزبير، فقال: أين صفيّة بنت عبد المطلب حيث تقاتل بسيفك علي بن أبي طالب بن عبد المطّلب؟! قال: فرجع الزبير، فلقيه ابن جُرموز فقتله، فأتى ابن عباس عليًا، فقال: إلى أين قاتلُ ابن صفيّة؟ قال عليّ: إلى النار. كذلك جاء في رواية ابن عباس أنه هو من قال للزبير ما جعله ينصرف عن أصحاب الجمل، ولا يمتنع أن يكون كلٌّ من عليٍّ وابن عباس قد ذكّره بما ذكَّره به، فانصرف.
(1)
قوي لغيره كسابقه، وهذا إسناد وهم فيه أبو قِلابة عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، فقد خالفه يعقوب بن إبراهيم الدورقي الثقة الحافظ عند أبي يعلى (666)، فرواه عن أبي عاصم - وهو الضحّاك بن مَخْلَد النبيل - عن عبد الله بن محمد بن عبد الملك الرقاشي، عن جده عبد الملك بن مسلم الرقاشي، عن أبي جرو المازني، قال: شهدت عليًا والزبير. وكذلك رواه جعفر بن سليمان الضُّبعي عن عبد الله بن محمد الرقاشي كما سيأتي عند المصنّف برقم (5675) و (5676).
الفَقيرُ وفَضْلُ بن فَضَالة في إسنادٍ واحدٍ:
5674 -
حَدَّثَنَا بذلك أبو عَمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مَطَر العَدْل المأمُونُ من أصلِ كتابه، حَدَّثَنَا عبدُ الله بن محمد بن سَوّار الهاشِمي، حَدَّثَنَا مِنْجابُ بن الحارث، حَدَّثَنَا عبد الله بن الأجْلَح، حدثني أبي، عن يزيدَ الفَقيرِ.
قال منجابٌ: وسمعتُ فَضْل بن فَضَالة يُحدِّث به جميعًا عن أبي حَرْب بن أبي الأسود الدِّيْلي، قال: شهدتُ عليًّا والزبير، لما رَجَعَ الزُّبَيرُ على دابّته يشُقّ الصُّفُوف، فعَرَضَ له ابنُه عبدُ الله، فقال: ما لك؟ فقال: ذَكَر لي عليٌّ حديثًا سمعتُه من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "لَتُقاتِلنَّه وأنتَ ظالمٌ له"، فلا أُقاتِلُه، قال: وللقتالِ جئتَ، إنما جئتَ لتُصلحَ بين الناس، ويُصلحَ اللهُ هذا الأمرَ بك، قال: قد حلفتُ أن لا أقاتِلَ، قال: فأعتِقْ غلامَك جَرْجِسَ، وقف حتَّى تُصلِح بين الناس، قال: فأعتَقَ غُلامَه جَرْجِس، ووقف، فلما اختلف أمرُ الناسِ ذهب على فَرسِه
(1)
.
وقد رُويَ إقرارُ الزُّبَيرِ لعليٍّ رضي الله عنهما بذلك من غير هذه الوجوهِ والرواياتِ:
(1)
هذان إسنادان لا بأس برجالهما غير فضل بن فضالة في الإسناد الثاني، فلم يظهر لنا من هو، وفي الرواة عن أبي حرب بن أبي الأسود الدِّيْلي المُفضَّل بن فضالة بن أبي أمية القرشي مولاهم، فلعلَّه يكون هو، ويكون تحرَّف اسمه في هذا الإسناد، والله أعلم.
وقد وقع في إسناد هذا الخبر اختلاف عن أبي عمرو بن مطر العدل شيخ المصنّف، فقد أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 414 - 415 ومن طريقه ابن عساكر 18/ 409 - 410 عن أبي بكر أحمد بن الحسن القاضي، عن أبي عمرو بن مطر، عن أبي العباس عبد الله بن محمد بن سوّار الهاشمي الكوفي، عن منجاب بن الحارث، عن عبد الله بن الأجلح، عن أبيه، عن يزيد الفقير، عن أبيه. قال: وسمعت الفضل بن فضالة يحدِّث أبي عن أبي حرب بن أبي الأسود الدِّيلي عن أبيه - دخل حديث أحدهما في حديث صاحبه - قال: لما دنا عليّ وأصحابه من طلحة والزبير ودنتِ الصفوفُ
…
وذكر الخبر. فزاد شيخ البيهقي أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي في الإسناد الأول ذكر والد يزيد الفقير، وزاد في الإسناد الثاني ذكر أبي الأسود الدِّيْلي والد أبي حرب، وزيادة ذكر أبي الأسود هو الأقرب، فقد شارك أبو الأسود يوم الجمل مع عليٍّ، فهو الذي شهد عليًّا والزبير لا ابنه أبو حرب.
5675 -
أخبرني أبو الوليد الإمام وأبو بكر بن عبد الله، قالا: حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا قَطَن بن نُسَير، حدثنا جعفر بن سُليمان، حدثنا عبد الله بن محمد الرَّقَاشي، حدثني جدي، عن أبي جَرْوة
(1)
المازِني، قال: سمعت عليًّا والزُّبيرّ، وعليٌّ يقول له: نَشَدتُك باللهِ يا زبيرُ، أما سمعتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنك تُقاتِلُني وأنت لي ظالِمٌ؟ قال: بلى، ولكن نَسيتُ
(2)
.
5676 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الإمام، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا خالد بن يزيد القَرْني
(3)
، حدثنا جعفر بن سُليمان، عن عبد الله بن محمد الرَّقَاشي، عن جدّه عبد الملك بن مُسلم
(4)
، عن أبي جَرْوة المازِني، قال: سمعت عليًّا وهو يُناشِد
(1)
كذا سُمّي هذا الرجلُ عند المصنِّف، وكذلك سُمِّي في "تاريخ البخاري" الكبير" 9/ 21، ولكنه سُمِّي في سائر مصادر تخريج الخبر أبا جرو، بغير التاء المربوطة في آخره، وهو الذي صوَّبه أبو زرعة وأبو حاتم فيما نقله عنهما ابن أبي حاتم في "بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه" بإثر "التاريخ الكبير" 9/ 152، وصوَّبه كذلك ابن عساكر 18/ 408، وكذلك جاء في "الكنى" لأبي أحمد الحاكم 3/ 200.
(2)
قوي لغيره كما سبق، وهذا إسناد ضعيف من أجل عبد الله بن محمد الرَّقاشي - وهو ابن عبد الملك بن مسلم - فقد قال عنه البخاري: فيه نظر، وقال أبو حاتم: في حديثه نظر، وجده عبد الملك بن مسلم مجهول لم يرو عنه غير ابن ابنهِ عبد الله بن محمد.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 415 عن أبي عبد الله الحاكم، عن الإمام أبي الوليد وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 9/ 21 تعليقًا، ويعقوب بن سفيان في "مشيخته"(30) عن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن مسلم الرقاشي، وأبو يعلى (666) من طريق أبي عاصم الضحّاك بن مخلد، كلاهما عن عبد الله بن محمد الرقاشي، به.
وانظر ما بعده.
(3)
القَرْني بالقاف والراء الساكنة نسبة إلى قرية بين قُطْرُبُل والمَزْرَفة غربي بغداد. انظر "تاريخ بغداد" للخطيب 9/ 243 وقال في اسم هذا الرجل: خالد بن أبي يزيد. وقيل: خالد بن يزيد، والصواب: ابن أبي يزيد، واسمه بَهْبُذان.
(4)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: مسلمة.
الزُّبيرَ قال: أَنشُدُك الله يا زبيرُ، أما سمعتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنك تُقاتِلُني وأنت لي ظالمٌ؟ قال: بلى، ولكني نَسيتُ
(1)
.
5677 -
حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا مُطَيَّن، حدثنا عمر بن محمد الأَسَدي، حدثني أبي، حدثنا شَريك، عن العباس بن ذَرِيح
(2)
، عن مُسلم بن نُذَير
(3)
، قال: كنا عند عليٍّ فجاء ابن جُرمُوزٍ يَستأذِنُ عليه، فقال عليٌّ: أتقتُلُ ابنَ صفيّةَ تَفخُّرًا؟ ائذَنُوا له وبَشِّرُوه بالنارِ، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لكل نبيٍّ حَوَاريٌّ، وإنَّ الزُّبيرَ حَوَاريَّ وابنُ عَمَّتي"
(4)
.
(1)
قوي لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه.
وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(964) عن بشر بن موسى، بهذا الإسناد.
وأخرجه العقيلي أيضًا (843) عن محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ، عن خالد بن أبي يزيد القَرْني، به.
(2)
تحرَّف في (ص) و (م) إلى: درع.
(3)
في (ص): يزيد. وقد قيل ذلك في اسمه.
(4)
خبر صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل محمد الأسدي - وهو محمد بن الحسن بن الزُّبير، فهو ضعيف يعتبر به، وقد توبع، غير أن محمد بن الحسن وهم هنا في تعيين شيخ شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - فذكر أنه العباس بن ذَريح، وإنما هو عياش بن عمرو العامري وهو الصحيح، وعياش هذا ثقة. وعلى أي حال، فقد روي هذا الحديث من وجهين آخرين عن عليٍّ، أحدهما الآتي عند المصنف بعده، فالحديث صحيح بلا ريب. وقد انفرد محمد بن الحسن الأسدي هذا بقوله في المرفوع هنا:"وابن عمتي"، وهذه الزيادة في المرفوع ذكرها أيضًا هشام بن عروة في روايته لهذا الحديث عن أبيه عن جده الزبير فيما ذكره به سُفيان بن عُيينة كما في "مسند الحميدي"(1266)، و"سنن البيهقي الكبرى" 9/ 148، وقد تقدَّم تخريج حديثه برقم (5657).
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(5263)، وفي "الصغير"(794)، وعنه أبو نعيم في "فضائل الخلفاء"(108) عن محمد بن الليث الجوهري، عن عُمر بن محمد بن الحسن الأسدي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني في "العلل"(470)، وابن عساكر 18/ 374 من طريق طلق بن غنّام، والخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم" 1/ 527 من طريق الحُسين بن الحَسن الأشقر، وابن عساكر =
5678 -
فحدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجَّاج بن مِنْهال، حدثنا حماد بن سلَمة، عن عاصم، عن زرِّ بن حُبيش، قال: قيل لعليّ بن أبي طالب: إنَّ قاتِلَ الزُّبَيرِ بالبابِ، فقال عليٌّ: ليَهنِكَ قاتلَ ابن صفيَّة النارُ، سمعتُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لكل نبيٍّ حَوَاريٌّ، وإنَّ حَوَارِيَّ الزُّبيرُ"
(1)
.
= 18/ 421 من طريق محمد بن سعيد بن الأصبهاني، ثلاثتهم عن شريك النخعي، عن عياش بن عمرو العامري، عن مسلم بن نذير، به.
وأخرجه الدارقطني في "العلل"(470) من طريق أخرى عن الحُسين بن الحسن الأشقر، عن شريك، عن عياش بن عمرو، عن الأسود بن هلال، قال: جاء ابن جرموز يستأذن على عليٍّ فحَجَبه، فقال: يُحجَب قاتل ابن صفيّة، فقال: ائذن له وبشِّره بالنار
…
ثم ذكر الحديث. كذا رواه الدارقطني من طريق الحسين الأشقر، بذكر الأسود بن هلال بدل مسلم بن نذير، وليس ببعيد أن يكون عياش العامري سمعه من كلا الرجلين إذ كانا حاضرين في مجلس عليٍّ ذاك، وإلّا فرواية الحُسين الأشقر التي وافق فيها صاحبيه طَلْقًا وابن الأصبهاني هي الصحيحة، والله أعلم.
وأخرجه أبو العرب القيرواني في "المحن" ص 99، والخطيب في "الأسماء المبهمة" ص 211 من طريق أم موسى - وهي سُرِّيّة علي بن أبي طالب - قالت: رأيتُ عُمير بن جرموز استأذن على عليٍّ
…
فذكر نحوه. وقد وقع في مطبوع "المحن" تحريفات تصحح من الكتاب الآخر. وإسناد هذا الوجه حسنٌ إن شاء الله.
وانظر ما بعده.
وأخرج منه قول علي بن أبي طالب مفردًا دون الحديث المرفوع ابن سعد في "طبقاته" 3/ 102، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 5/ 430 - 431 من طريق عكرمة عن ابن عباس، وإسناده صحيح.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسنٌ من أجل عاصم - وهو ابن أبي النَّجُود - فهو صدوق حسنُ الحديث، وانظر ما قبله.
وأخرجه أحمد 2/ (799) عن عفان بن مسلم، و (813) عن يونس بن محمد المؤدِّب، كلاهما عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (680) من طريق شيبان بن عبد الرحمن النَّحْوي، وأحمد (681)، والترمذي (3744) من طريق زائدة بن قدامة، كلاهما عن عاصم بن أبي النَّجُود، به.
5679 -
حدثنا أبو بكر بن أبي دارِم الحافظ بالكوفة، حدثنا أبو جعفر الحَضْرمي، حدثنا حمزة بن عَوْن المَسعُودي، حدثنا محمد بن القاسم الأسَدي، حدثنا سفيانُ الثَّوْري وشَريكٌ، عن عاصم بن أبي النَّجُود، عن زرِّ بن حُبيش، قال: كنت جالسًا عند عليٍّ، فأُتي برأس الزُّبير ومعه قاتلُه، فقال عليٌّ: بشِّرْ قاتلَ ابن صفيّةَ بالنار، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لكلُّ نبيٍّ حَوارِيّ، وإنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَير"
(1)
.
هذه الأحاديثُ صحيحةٌ عن أمير المؤمنين عليٍّ، وإن لم يُخرجاها بهذه الأسانيدِ.
5680 -
أخبرنا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفَقِيه بالرَّيّ، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا إبراهيم بن المُنذِر الحِزامي، حدثنا محمد بن طلحة التَّيْمي، حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمِّه موسى بن طلحة، قال: كان عليُّ بن أبي طالب والزُّبيرُ وطلحةُ بن عُبيد الله وسعدُ بن أبي وقّاص كان يُقال: عِذَارُ عامٍ واحدٍ، قال إبراهيمُ: لأنهم وُلِدوا في عامٍ واحدٍ
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل محمد بن القاسم الأسدي، فهو متروك واتهمه أحمد، لكنه قد تُوبع عليه عن سفيان الثوري وحده - دون قصة الرأس - عند أحمد في "فضائل الصحابة"(1273)، وهذا الحديث لم يُروَ وعن شريك إلّا من طريق الأسدي.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(243) عن أبي جعفر محمد بن عبد الله الحضرمي، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده ضعيف لضعف إسحاق بن يحيى بن طلحة: وهو ابن عبيد الله التيمي.
وأخرجه أبو العباس السّرّاج كما في "الاستيعاب" لابن عبد البر ص 261 عن أبي حاتم الرازي، بهذا الإسناد.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 483، وابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه الكبير"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(202) و (212)، والطبراني في "الكبير"(247)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(503)، وابن عساكر 18/ 343 و 20/ 296 و 42/ 19 من طرق عن إبراهيم بن المنذر، به.
وأخرجه الحربي في "غريب الحديث" 1/ 266، وابن عساكر 20/ 296 من طريق الأصمعي، عن إسحاق بن يحيى بنحوه. وسيتكرر عند المصنف برقم (6227). =
5681 -
أخبرني أبو طاهر محمد بن أحمد الجُوَيني، حدثنا أبو بكر بن رَجاء بن السَّنْدي، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا أبو أُسامة، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه
(1)
، قال: ورثَتْ عاتكةُ بنتُ زيد بن عمرو بن نُفَيلٍ الزُّبَيرَ، وكانت زوجتَه، فبلغَ حِصّتُها من الميراث ثمانين ألفَ دِرهَمٍ، وقالت تَرثيه:
غَدَرَ ابن جُرمُوزٍ بفَارسِ بُهْمةٍ
…
يومَ اللِّقاء وكانَ غيرَ مُعَرِّدِ
يا عَمرُو لو نَبَّهتَه لَوجَدْتَه
…
لا طائشًا رَعِشَ البَنَانِ ولا اليَدِ
ثَكِليْكَ أَمُّكَ إن ظَفِرتَ بفارِسٍ
…
فيما مضى مما يَرُوحُ ويَغْتَدي
كم غَمْرةٍ قد خاضَها لم يَثْنِهِ
…
عنها طِرادُكَ يا ابنَ فَقْع الفَدْفَدِ
واللهِ رَبِّك إن قَتَلتَ لَمُسلِمًا
…
حَلَّت عليكَ عُقُوبةُ المتعمِّدِ
(2)
= ورُوي مثلُه عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عند أبي العرب القَيرواني في المِحَن" ص 103، وابن عساكر 42/ 574 و 574 - 575.
وقَوْل أبي الأسود يتيم عروة الذي تقدَّم تخريجه عند الخبر رقم (5646) يدل على أنَّ الزبير وعليًّا كانا بسنٍّ واحدٍ.
وقوله: عِذارُ عامٍ واحد، معناه: خُتِنُوا في سنة واحد.
(1)
سقط عروة من (ص) و (م)، وأشار في هامش (ز) إلى سقوطه في الأصل، وهو ثابت في (ز) و (ب) و"تلخيص المستدرك" للذهبي.
(2)
إسناده فيه لِين من أجل جهالة شيخ المصنف، فإننا لم نقف له على ترجمة، ومن فوقه ثقات.
أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وهذا ظاهره يخالف رواية البخاري (3129) من طريق أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير في حديث طويل، وفي آخره: وكان للزبير أربعُ نسوة، ورُفع الثلث، فأصاب كلَّ امرأة ألفُ ألف ومئتا ألف.
لكن جاء في بعض الروايات كما في "الاستيعاب" لابن عبد البر في ترجمة عاتكة ص 924، وفي "النسب" للزبير بن بكار كما في "فتح الباري" للحافظ ابن حجر 9/ 426: أنَّ الثمانين ألف درهم أخذتها عاتكة مُصالحةً، أي: بعد استحقاقها ألف ألف ومئتي ألف، وكان ذلك برضاها، كما نبَّه عليه الحافظُ ابن حجر. =
5682 -
أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ببغداد، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا محمد بن عِمران بن أبي ليلى، حدثنا سعيد بن عُبيد الله بن الوليد الوَصَّافي
(1)
، عن أبيه، قال: لما قَتل عَمرُو بن جُرمُوزٍ الزُّبَيرَ بنَ العوام أنشَدتِ امرأتُه عاتكةُ بنت زيد بن عَمرو بن نُفيل - وكانت من المُهاجِرات - تقول:
غَدَرَ ابن جُرمُوزٍ بفارسِ بُهْمةٍ
…
يومَ اللِّقاء وكان غيرَ مُعرِّدِ
يا عَمرُو لو نَبَّهتَه لَوَجَدْتَهُ
…
لا طائشًا رَعِشَ البَنَانِ ولا اليَدِ
ثَكِلتْكَ أمُّك هل ظَفِرتَ بمِثْلِهِ
…
فيمن مَضى ممَّن يَرُوحُ ويَغتَدِي
كم غَمْرةٍ قد خاضَها لم يَثْنِهِ
…
عنها طِرَادُك يا ابنَ فَقْعِ الفَدْفَدِ
ذكرُ مناقب طلحةَ بن عُبيدِ الله التَّيْمي رضي الله عنه
-
5683 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة محمد بن عمرو بن خالد الحَرّاني، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا أبو الأسود، عن عُروة بن الزُّبَير، قال: طلحةُ بن عُبيد الله بن عُثمان بن عَمرو بن كَعْب بن سعْد بن تَيْم بن مُرَّة، وكان بالشام، فكَلَّم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في سَهْمِه، فَضَرَب له بسَهْمِه، فقال: وأجْرِي يا رسولَ الله؟ قال: "وأجرُك من يومِ بَدْرٍ"
(2)
.
= البُهْمة: الرجل الشجاع الذي لا يُدرَى من أي يُؤتَى له من شدّة بأسه.
وقولها: وكان غير مُعرِّد، أي: لا يَعدُو فَزَعًا.
وقولها: رعش البنان واليد: مرتجف البنان واليد جُبْنًا وضعفًا.
وفَقْع الفَدْفَد: الفَقْع هو نوع أبيض من رديء الكَمأة، والفَدْفَد: الأرض المستوية. وفَقْع الفدفد مثَلٌ للذليل.
والغَمْرة: الشِّدّة.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: الرصافي، بالراء، وإنما هو الوَصَّافي كما في مصادر ترجمته وترجمة أبيه، وهي نسبة إلى وصّاف بن عامر العجلي كما قال البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 402، وقاله المصنف أيضًا في كتابه "المدخل إلى الصحيح"(100). وهو وأبوه ضعيفان.
(2)
حديث حسن، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم كما تقدم بيانه برقم (4378). ابن لَهِيعة: =
5684 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن محمد بن رَجَاء بن السِّنْدي، حدثنا عبد الله بن شَبِيب المَدَني
(1)
، حدثنا إبراهيم بن يحيى الشَّجَري، حدثنا أبي، عن خازم بن الحُسين، عن عبد الله بن أبي بكر، عن [الزُّهْري]
(2)
عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن ابن عباس، قال: أسلمَتْ أمُّ أبي بكر الصِّديق، وأمُّ عثمان، وأمُّ طلحة، وأمُّ عمّار بن ياسر، وأمُّ عبد الرحمن بن عوف، وأمُّ الزُّبير، وأسلمَ سعدٌ وأمُّه في الحياةِ
(3)
.
= هو عبد الله، وأبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 292 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(189) عن محمد بن عمرو بن خالد، به.
وأخرجه البيهقي 9/ 57 من طريق يعقوب بن سفيان، عن عمرو بن خالد الحراني وحسان بن عبد الله، عن ابن لَهِيعة، به.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخه" 25/ 67 من طريق الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن لَهِيعة به.
وقد روي من مرسل الزهري أيضًا كما سيأتي عند المصنف برقم (5685)، ورواه كذلك ابن إسحاق عند أبي القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1339)، وابن عساكر 25/ 67، فيقوى الخبر باجتماع هذه المراسيل الثلاثة إن شاء الله.
وذكر ذلك الواقديُّ أيضًا عن شيوخه كما في "طبقات ابن سعد" 3/ 198 و 356.
(1)
تصحّف في (م) و (ب) إلى: المزني.
(2)
سقط اسم الزهري من إسناد الحديث في سائر نسخنا الخطية، وهو ثابت لجميع من خَرَّج هذا الحديث.
(3)
إسناده ضعيف لضعف مَن بين ابن السِّنْدي وعبد الله بن أبي بكر: وهو ابن محمد بن عمرو بن حَزْم.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3)، ومن طريقه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(7915)، وعبد الخالق بن أسد الحنفي في "معجمه"(303)، وابن عساكر في "تاريخه" 25/ 66 عن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المُقدِّمي، عن عبد الله بن شَبيب المدني، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(23) و (119) عن عبد الله بن شبيب، به. فذكر إسلام أم أبي بكر في الموضع الأول، وإسلام أم عثمان في الموضع الثاني. =
5685 -
أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل، حدثنا جدّي، حدثنا إبراهيم بن المُنذِر، حدثنا محمد بن فُليح، عن موسى بن عُقبة، عن ابن شِهاب، قال: قَدِمَ طلحةُ بن عُبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تَيْم
(1)
بن مُرّة من الشام بعدما رجع النبيُّ صلى الله عليه وسلم من بدرٍ، فكَلَّم النبيَّ صلى الله عليه وسلم: في سَهْمِه، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لك سَهمُك" قال: وأَجري يا رسولَ الله؟ قال: "ولكَ أجرُك"
(2)
.
5686 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطّة، حدثنا الحسن بن جَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، عن الضحاك بن عثمان، حدَّثه مَخْرمةُ بن سُليمان الوالِبيّ، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، قال: قال طلحة بن عُبيد الله:
= وأخرجه الطبراني (91) و (188) عن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدِّمي، وأبو نعيم في "المعرفة"(222) و (363) من طريق أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، كلاهما عن عبد الله بن شبيب، به. فذكر إسلام أم عثمان في الموضع الأول، وإسلام أم طلحة في الموضع الثاني.
وقد أورد الحافظ ابن حجر في "الإصابة" الأمهات المذكورات، فذكر 8/ 200 أم أبي بكر واسمها أم الخير بنت صخر التيمية، وذكر 7/ 481 أم عثمان واسمها أروى بنت كريز العبشمية، وذكر 7/ 736 أم طلحة وهي الصعبة بنت الحضرمي أخت العلاء، وذكر 7/ 712 أم عمار بن ياسر وهي سمية بنت خُبّاط، وذكر 7/ 729 أم عبد الرحمن بن عوف وهي الشفاء بنت عوف الزُّهرية، وذكر 7/ 743 أم الزبير بن العوام وهي صفية بنت عبد المطلب عمَّة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال في "فتح الباري" 11/ 288 عن أم سعد بن أبي وقاص وهي حَمْنة بنت سفيان بن أمية ابنة عم أبي سفيان: لم أرَ في شيء من الأخبار أنها أسلمت.
(1)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: تميم.
(2)
حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ليس بهم بأس، لكنه مرسلٌ، وانظر ما سلف برقم (5683).
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(359) من طريق زكريا بن الخليل التُّسْتَري، عن إبراهيم بن المنذر، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(345) عن يعقوب بن حميد بن كاسب، وابن عساكر 25/ 67 من طريق هارون بن موسى الفَرْويّ، كلاهما عن محمد بن فُليح، به.
وأخرجه البيهقي 6/ 292، وابن عساكر 25/ 67 من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُقبة عن عمَّه موسى بن عقبة، فذكره لم يذكر فيه ابنَ شهابٍ الزهري.
حضرتُ سوقَ بُصْرى، فإذا راهبٌ في صَومعَتِه يقول: سَلُوا أهلَ هذا المَوسِم: أفيهم أحدٌ من أهلِ الحَرَم؟ قال طلحةُ: قلتُ: نعم، أنا، فقال: هل ظهَرَ أحمدُ بعدُ؟ قال قلتُ: ومن أحمدُ؟ قال: ابن عبد الله بن عبد المطّلب، هذا شَهرُه الذي يَخرُج فيه، وهو آخِرُ الأنبياء، مَخرَجُه من الحَرَم ومُهاجَرُه إلى نَخْل وحَرّةٍ وسِباخٍ، فإياكَ أَن تُسبَقَ إليه، قال طلحةُ: فوَقَع في قَلْبي ما قال، فخرجتُ سريعًا حتى قَدِمتُ مكةَ، فقلت: هل كان من حَدَثٍ؟ قالوا: نعم، محمد بن عبد الله الأمينُ تَنبّأ وقد تَبِعَه ابن أَبِي قُحَافَة، قال: فخرجتُ حتى دخلتُ على أبي بكر، فقلتُ: اتّبعتَ هذا الرجلَ؟ قال: نعم، فانطَلِقْ إليه فادخُل عليه فاتَّبِعْه، فإنه يَدعُو إلى الحقِّ، فأخبَرَه طلحةُ بما قال الراهبُ، فخرج أبو بكر بطلحةَ، فدخَلَ به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلَمَ، طلحةُ، وأخبرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بما قال الراهبُ، فسُرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلما أسلمَ أبو بكر وطلحةُ أخذَهما نوفلُ بن خُوَيلد بن العَدَوية فشدَّهُما في حَبْلٍ واحدٍ، ولم يَمنَعْهما بنو تَيْم، وكان نوفلُ بن خُوَيلد يُدعَى أسَدَ قُريش، فلذلك سُمِّي أبو بكر وطلحة القَرِينَين.
ولم يشهد طلحةُ بن عُبيد الله بدرًا، وذلك أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان وجَّهَه وسعيدَ بن زيد يتحَسّسان خَبرَ العِيرِ، فانصرَفا وقد فَرَغَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن قتالِ مَن لَقيَه من المُشركين، فلَقِيَاه بتُرْبان
(1)
فيما بين مَلَلٍ
(2)
وسَيَالةَ على المَحبَّة مُنصرِفًا من بدر،
(1)
تحرَّف في (ص) و (م) إلى: بترمان، وتُرْبان: وادٍ من روافد وادي مَلَل، يأخُذ من ثنايا مفرحات على (24) كيلًا ثم يدفع جنوبًا غربيًا حتى يصبّ في فرش مَلَل، يأخذه الطريق من المدينة إلى مكة من رأسِه إلى مَصبِّه. انظر "معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية" لعاتق بن غيث ص 61 - 62.
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: طلل، غير أنَّ الطاء أُعجمت في (ب)، والتصويب من "مغازي الواقدي" 1/ 20، ومن "طبقات ابن سعد" 3/ 198، ومن كتب البلدان مثل "معجم البلدان" 5/ 194. ومَلَل: وادٍ ينقضّ من جبال قُدْس، فيمر على نحو من أربعين كيلًا جنوب المدينة. انظر "معجم المعالم الجغرافية" للبلادي ص 209.
وسَيَالة: محطة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم اتخذها الحاجُّ محطّة، غُيِّر اسمُها فسميت بئار الصفا، لأنَّ آبارها منحوتة في صخر، وقد أُطلق عليها بئر مرزوق، تبعد (47) كيلًا عن المدينة على الطريق=
ولكنه شهد أُحدًا وغيرَ ذلك من المشاهِد مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكان ممَّن ثَبَتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُد حين وَلّى الناسُ وبايَعَه على الموتِ، ورَمَى مالكُ بنُ زُهَير رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يومَئذٍ فاتَّقى طلحةُ بيدِه وجْهَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابَ خِنْصَرَه فَشَلَّتْ، فقال: حَسِّ حَسِّ، حين أصابتْه الرَّمْية، فذُكِر أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"لو قال: باسمِ الله، لدَخَل الجنةَ والناسُ يَنظُرون"، وضُرِبَ طلحةُ يومَئِذٍ في رأسِه المُصلَّبةَ
(1)
، ضَرَبه رجلٌ من المشركين ضربَتين: ضربةً وهو مُقبِل، وضربةً وهو مُعرِض عنه، وكان ضِرارُ بن الخَطّاب الفِهْريُّ يقول: أنا واللهِ ضربتُه يومئذٍ
(2)
.
5686/ 1 - فقال ابن عُمر: وكان طلحةُ يُكنى أبا محمد، وأمُّه الصعبةُ ابنةُ عبد الله الحَضْرمي، وقُتل طلحةُ يومَ الجَمَل، قَتَله مَروانُ بن الحَكَم، وكان له ابنٌ يقال له: محمدٌ، وهو الذي يُدعَى السَّجَّادَ، وبه كان طلحةُ يُكنى، قُتِل مع أبيه طلحةَ يومَ الجَمَل، وكان طلحةُ قديمَ الإسلام
(3)
.
= الذي مرَّ في تربان. انظر "معجم المعالم الجغرافية" ص 164.
(1)
أي: صارت الضربتان في رأسِه تُشكِّلان صَلِيبًا.
(2)
إسناده ضعيف، تفرد به محمد بن عمر الواقدي متكلَّم فيه، وقد تفرَّد به، ولا يحتج بما يتفرد به، ثم إنه مرسل، إبراهيم بن محمد بن طلحة لم يدرك جدّه.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 165 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. مختصرًا بالقصة الأولى إلى قوله: ولذلك سمّي أبو بكر وطلحة القرينين.
وهو عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 196 عن محمد بن عمر الواقدي، به بالقصة الأولى كذلك.
وأخرجه البيهقي 2/ 166 - 167 من طريق عبيد الله بن إسحاق الطلحي، عن محمد بن عمر الواقدي، به بالقدر المذكور أيضًا.
أما إصابة يد طلحة يوم أُحد فثابتٌ من حديث قيس بن أبي حازم، قال: رأيت طلحة يدَه شَلّاءَ وقى بها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحُدٍ. أخرجه أحمد 3/ (1385)، والبخاري (3724).
(3)
وذكر مثلَه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 196، وكان ابن سعد صاحِبَ الواقديِّ وكاتبه.
وقد جاء قتلُ مروانَ بن الحكم لطلحة بن عبيد الله يومَ الجمل عن غير واحد كما سيأتي لاحقًا عند المصنف.
5686/ 2 - قال ابن عمر: فحدَّثني إسحاقُ بن يحيى، عن جَدّته سُعْدَى بنت عَوف المُرِّيَّة أمِّ يحيى بن طلحة، قالت: قُتل طلحةُ بنُ عُبيد الله وفي يدِ خازِنِه ألفُ ألفِ دِرهم ومئتا ألفِ دِرهم، وقُوِّمت أصولُه وعَقَارُه بثلاثين ألفَ ألفِ دِرهم
(1)
، وكان فيما ذُكر جَوَادًا بالمالِ واللِّبْسِ والطعامِ، وقُتِل يومَ قُتِل وهو ابن اثنتَين وسِتِّين سنةً
(2)
.
5686/ 3 - قال ابن عمر: وحدَّثنا أسدُ بن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن محمد بن زيد بن المُهاجِر، قال: كان طلحةُ يومَ قُتل ابنَ أربعٍ وستين سنةً
(3)
.
5687 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا الزُّبير بن بَكّار، حدثني إبراهيم بن المُنذر
(4)
، عن عبد العزيز بن عِمران، حدثني
(1)
من قوله: وقُوِّمت، إلى هنا ثبت في (ز) و (ب)، وهو ثابت في "طبقات ابن سعد" 3/ 203، ولم يرد في (ص) و (م)، وأشير إليه في (ز) بإشارة الحذف: لا - إلى.
(2)
إسناده ضعيفٌ جدًّا من أجل ابن عمر - وهو الواقدي - فليس هو بعمدة فيما يتفرد به، وشيخُه إسحاق بن يحيى - وهو ابن طلحة بن عُبيد الله - ضعيفٌ جدًّا.
وهو في "طبقات ابن سعد" 3/ 203، عن محمد بن عمر الواقدي، به غير أنه جاء في روايته: وفي يد خازنه ألفا ألف درهم ومئتا ألف درهم، ولم يذكر فيه: وكان فيما ذُكر جوادًا
…
إلى آخره. وقد اختُلف في سنِّ طلحة يومَ توفي، فهذا الذي وقع هنا أسنده الواقدي كما في "طبقات ابن سعد" 3/ 205 عن إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله عن عيسى بن طلحة.
وقيل: سنُّه يوم مات ستون سنة، وقيل: كان ابن أربع وستين كما أسنده الواقدي أيضًا بعده، وهذا أصح ما قيل في ذلك، وهو يوافق ما تقدَّم برقم (5680) أنَّ طلحة كان والزبير بن العَوَّام في سنٍّ واحدٍ، وكلاهما قُتِل يوم الجمل، وسنُّ الزبير يوم مات كان أربعًا وستين سنة كما تقدَّم.
(3)
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 205، وأخرجه الطبراني في "الكبير"(199)، وابن عساكر 25/ 120 من طريق إبراهيم بن المنذر، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(378) من طريق أبي أيوب المنقري - وهو سليمان بن داود الشاذكوني - ثلاثتهم (ابن سعد وابن المنذر والشاذكوني) عن محمد بن عمر الواقدي، عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن محمد بن زيد بن المهاجر
…
هكذا سموا شيخ الواقدي محمد بن إسماعيل إبراهيم، فهذا هو الصحيح، وما وقع عند المصنف في روايته من تسميته أسدًا وهمٌ.
(4)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الجنيد، وإنما الصحيح المنذر، فهو إبراهيم بن المنذر=
إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمِّه موسى بن طلحة، قال: كان طلحةُ بن عُبيد الله أبيضَ يَضرِبُ إلى الحُمْرة، مَربُوعًا هو إلى القِصَر أقربُ، رَحْبَ الصَّدرِ، عَرِيضَ المَنكِبَين، إذا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جميعًا، ضَخْمَ القَدَمين، حَسَنَ الوَجْهِ، دَقِيقَ العِرْنِينِ، إذا مشى أسرَعَ، وكان لا يُغيِّر شَعْرَه
(1)
.
5688 -
أخبرني محمد بن يعقوب الحافظ، أخبرنا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حدثنا عباد بن الوليد الغُبَري
(2)
، حدثنا حَبّان، حدثنا شريك بن الخَطّاب
(3)
، حدثني عُتْبة بن صَعْصَعةَ بن الأحْنَف، عن عِكْراشٍ، قال: كنا نُقاتل عليًّا مع طلحةَ ومعنا مَروانُ، قال: فانهزَمْنا، قال: فقال مَروانُ: لا أُدرِكُ بثَأْري بعد هذا اليوم من طلحةَ، قال: فرَمَاهُ بسهمٍ فقَتَله
(4)
.
5689 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوْري،
= الحِزامي، كما في سائر مصادر التخريج.
(1)
إسناده ضعيف، عبد العزيز بن عمران -وهو ابن عبد العزيز الزهري- وإسحاق بن يحيى بن طلحة ضعيفان.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1341)، والطبراني في "الكبير"(191)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(366)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 63 من طريق علي بن عبد العزيز، بهذا الإسناد.
(2)
تصحف في (ز) و (ب) إلى: العنزي، وأهملت في (ص) و (م)، والتصويب من "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 3/ 1729، ومن "الأنساب" للسمعاني نسبة (الغبري).
(3)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: الحباب، والتصويب من "تاريخ البخاري الكبير" 7/ 89 - 90 حيث ذكر هذا الخبر من طريقين عن شريك بن الخطاب، وكذلك سُمي في مصادر ترجمته.
(4)
إسناده محتمل للتحسين من أجل عتبة بن صعصعة، فهو -وإن لم يرو عنه غير شريك بن الخَطَّاب- ذكره ابن حبان في ثقات التابعين 5/ 250.
وأخرجه البخاري تعليقًا في "تاريخه الكبير" 7/ 89 - 90 عن شيخين من شيوخه، عن شريك بن الخطاب، به.
وانظر ما بعده وما تقدم برقم (5686 م).
حدثنا أشْهَل بن حاتم، عن ابن عَون، قال: قال نافعٌ: طلحةُ بن عُبيد الله قتلَه مروانُ بن الحَكَم
(1)
.
5690 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدل، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا يحيى بن سليمان الجُعْفي، حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: رأيتُ مروانُ بن الحَكَم حين رَمَى طلحةَ بنَ عُبيد الله يومئذٍ، فوَقَع في رُكبَتِه فما زالَ يَسِيحُ إلى أن مات
(2)
.
5691 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو أُميّة الطَّرَسُوسِي، حدثنا عُبيد الله بن محمد العَيْشي، حدثنا عبد الرحمن بن حماد الطَّلْحي، حدثنا طلحة بن يحيى، عن أبيه، عن طلحة بن عُبيد الله، قال: دخلتُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وفي يدِه سَفَرجلةٌ، فرماها إليَّ - أو قال: ألقاها إليَّ - وقال: "دُونَكَها أبا محمدٍ، فإنها تُجِمُّ الفُؤادَ"
(3)
.
(1)
رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسل، لأنَّ نافعًا لم يدرك أيام الجمل. ابن عون: هو عبد الله بن عون بن أَرْطبان.
وأخرجه ابن سعد 3/ 204، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 126 من طريق رَوح بن عُبادة، عن ابن عون، به.
وأخرجه ابن سعد 7/ 24 من طريق جويرية بن أسماء، عن نافع.
(2)
إسناده حسنٌ من أجل يحيى بن سليمان الجعفي، وقد توبع، فالخبر صحيح.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(201)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 112 عن أحمد بن يحيى بن خالد بن حَيّان، عن يحيى بن سليمان الجُعفي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 101 و 15/ 275، وعنه البَلاذُري 3/ 43 و 10/ 126، وأخرجه أبو بكر الخلال في "السنة"(839)، وابن عساكر 25/ 112 من طرق عن وكيع، به.
وأخرجه ابن سعد 3/ 204، وابن أبي شيبة 3/ 389 و 15/ 289، والبلاذري 3/ 43 - 44 و 10/ 128، وابن عساكر 25/ 124 من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 361 من طريق علي بن مُسهِر، كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد، به.
(3)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل عبد الرحمن بن حماد الطَّلْحي - وهو ابن عمران بن موسى =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن طلحة بن عُبيد الله التيمي - فهو واهي الحديث، وأنكر حديثَه هذا أبو زرعة الرازي كما في "العلل" لابن أبي حاتم (1539).
وأخرجه أبو زرعة الرازي كما في "الضعفاء" في أجوبته على أسئلة البَرْذعي 2/ 700، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 165، والدولابي في "الكنى"(70)، والطبري في الجزء المفرد من "تهذيب الآثار"(667)، وابن حبان في "المجروحين" 2/ 60، وأبو نعيم في "الطب النبوي"(357) و (790)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 56 - 57، وأبو محمد عبد الله بن علي الطامذي في "فوائده"(8) من طريق عبيد الله بن محمد بن حفص العيشي، بهذا الإسناد. وقال الطبري: هذا خبر عندنا صحيحٌ سندُه!
وأخرجه البزار (949)، والطبري (666) عن سليمان بن عبد الرحمن بن حماد، عن أبيه، به. وأخرجه يعقوب بن شيبة كما في "تحفة الأشراف" للمزي 4/ 215، والدولابي في "الكنى"(69)، والطبري في "التهذيب"(668)، والطبراني في "المعجم الكبير"(219)، وأبو نعيم في "الطب النبوي"(356) و (792)، والخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق"(234)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1085)، وضياء الدين المقدسي في "المختارة" 3/ (839) من طريق سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عُبيد الله، عن أبيه، عن جده، عن موسى بن طلحة، عن طلحة بن عُبيد الله، بلفظ:"دُونَكها أبا محمد، فإنها تشُدُّ القلبَ، وتُطيِّب النفسَ، وتَذهَبُ بلَطْخِ الصَّدْر". وفي رواية: "بِطَخَاوة الصدر"، وفي أخرى:"بِطَخاء الصدر". ووقع في مطبوع "العلل المتناهية" سقط في إسناد الحديث.
وهذا إسناد ضعيف، فأحاديث سليمان بن أيوب الطلحي عن أبيه عن جده عن موسى بن طلحة عن أبيه، نسخةٌ وفي بعض رواتها جهالة وفيها بعض المناكير، ومع ذلك قال يعقوب بن شيبة كما في "التحفة" للمزي (5004): أحاديثها عندي صحاح!
وروى الخَلّال في "علله" كما في "لسان الميزان" للحافظ ابن حجر 5/ 98 عن مُهنّأ بن يحيى، عن أبي يوسف يعقوب بن القاسم بن محمد بن يحيى بن زكريا بن طلحة، عن عبد الله بن كثير أبي سعيد، عن عبد الملك بن يحيى بن عبّاد، عن عبد الله بن الزبير: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان في يده سفرجلة، فجاء طلحة فقال:"دونكها يا أبا محمد، فإنها تُجمُّ الفؤاد". وقد ذكر ابن الجوزي في "العلل المتناهية" هذه الطريق (1086)، ولم يتكلم عليها بشيءٍ، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الله بن كثير وانقطاعه بين عبد الملك بن يحيى بن عبّاد بن عبد الله بن الزبير وجدِّ أبيه عبد الله بن الزبير، فإنه لم يدركه، وعبد الملك هذا إنما يروي عن عروة بن الزبير، وذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يأثرا فيه جرحًا أو تعديلًا، وذكره ابن حبان في "ثقاته". =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5692 -
حدثني محمد بن مُظفَّر الحافظ - وأنا سألتُه - حدثني الحسين بن يحيى بن عياش القَطّان، حدثنا الحُسين بن بَحْر
(1)
البَيْرُوذي، حدثنا غالب بن حَلْبَس الكَلْبي أبو الهيثم، حدثنا جُوَيرِية بن أسماء، عن يحيى بن سعيد، حدثنا عَمِّي، قال: لما كان يومُ الجَمَل نادى عليّ في الناس: لا تَرمُوا أحدًا بسهمٍ، ولا تَطعُنوا برُمح، ولا تَضرِبوا بسيف، ولا تَطلُبوا القومَ، فإنَّ هذا مَقامٌ مَن أُفلِجَ فيه فَلَجَ
(2)
يومَ القيامة، قال: فتواقفنا، ثم إنَّ القومَ قالوا بأجْمعَ: يا ثاراتِ عثمانَ، قال: وابنُ الحَنفيّة أمامَنا برَتْوةٍ
(3)
معه اللواءُ، قال: فناداهُ عليٌّ، قال: فأقبَلَ علينا بعُرْضِ وجهِه، فقال: يا أميرَ المؤمنين، يقولون يا ثاراتِ عثمانَ، فمَدَّ عليٌّ يدَيه وقال: اللهمَّ أكِبَّ قَتَلةَ عثمانَ اليومَ لوجوههم، ثم إنَّ الزُّبيرَ قال الأَساورةٍ
(4)
كانوا معه: ارمُوهم برَشْقٍ، وكأنه أرادَ أن يَنْشَبَ القِتالُ، فلما نَظَرَ أصحابُه إلى الانتِشابِ لم يَنتَظِروا وحَمَلُوا فهَزَمَهم اللهُ، ورمى مَروانُ بن الحَكَم طلحةَ بن عُبيد الله بسهمٍ فشَكَّ ساقَه بجَنْب
= وأخرجه ابن ماجه (3369) عن إسماعيل بن محمد الطلحي، عن نقيب بن حاجب، عن أبي سعيد، عن عبد الملك الزبيري، عن طلحة. كذلك في رواية ابن ماجه، ومَرَدُّ هذا الإسناد إلى الإسناد الذي قبله من حديث عبد الله بن الزبير، فإسماعيل الطلحي ليس بذاك القوي وله أوهام، وأبو سعيد: هو عبد الله بن كثير، وهو مجهول، ونقيب بن حاجب مجهول أيضًا.
(1)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: يحيى، وجاء بهامش (ز) أنه في نسخةٍ: بحر، وهو الصواب كما جاء في (ص) و (م)، وهو الحسين بن بحر بن يزيد البَيْرُوذي، له ترجمة في "تاريخ بغداد" 8/ 542.
وتحرَّفت هذه النسبة في (ز) و (ب) إلى: البزوري، وفي (ص) و (م) إلى: المروزي. وبَيروذ من نواحي الأهواز.
(2)
فَلَجَ بمعنى: غَلَبَ وظَفِر، والمراد: هذا مقامٌ من أظفَره اللهُ وغَلَّبَه فيه غَلَب وظَفِر يوم القيامة.
(3)
تصحف في (ز) إلى: بربوة، بموحدتين، وإنما الثانية تاءٌ مثنّاة فوقانية، ومعنى الرَّتْوة: الخُطوة أو الرَّمْية، كناية عن قرب مكانه. وانظر "تاريخ الإسلام" 2/ 274.
(4)
في (ز) و (م) و (ب): للأساورة. والأساورة: جمع أُسْوارٍ، وهو الرامي الحاذق.
فرسِه، فقَبَضَ
(1)
به الفرسُ حتى لَحِقه فذَبَحَه، فالتفتَ مَروانُ إلى أبانَ بن عثمانَ وهو معه، فقال: لقد كفَيتُك أحدَ قَتَلةِ أبيك
(2)
.
5693 -
أخبرني أبو الوليد وأبو بكر بن قُرَيش، حدثنا الحسن بن سُفيان، حدثنا أحمد
(3)
بن عَبْدة، حدثنا الحُسين بن الحَسن
(4)
، حدثنا رِفاعة بن إياس الضَّبِّي، عن أبيه، عن جده، قال: كنّا مع عليٍّ يومَ الجَمَل، فبعث إلى طلحةَ بن عُبيد الله: أنِ الْقَني،
(1)
هكذا في (ز) و (ب)، ومعناه: أسرع، وفي (ص) و (م): فقبص، بالمهملة، وهو ضربٌ من العَدْو فيه نَزْو.
(2)
إسناده محتمل للتحسين إن شاء الله من أجل إبهام عمِّ يحيى بن سعيد الأنصاري، وغالب بن حَلْبَس صدوق، وقد تُوبع.
وأخرجه هلالٌ الحفَّار في "حديث أبي عبد الله المتُّوثي القطان عن شيوخه"(178) عن أبي عبد الله الحسين بن يحيى بن عياش المتُّوثي القطان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا خليفة بن خيّاط في "تاريخه" ص 181 و 185، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 4/ 1172، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 180، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 416 و 25/ 113 من طريق وهب بن جرير، عن جويرية بن أسماء، به. وأبهم خليفةُ اسم شيخه وهب بن جرير.
وقد ثبت من وجوه عن علي بن أبي طالب أنه نهى أصحابَه يوم الجمل أن يُقتل مُدبِرُهم وأن يُذفَّف على جريحهم، وأنَّ من دَخَل داره فهو آمن ومن طرح السّلاح فهو آمِن. ومن ذلك ما أخرجه سعيد بن منصور (2947)، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 3/ 56 و 57، والبيهقي 8/ 181 من طريق مروان بن الحكم وابن أبي شيبة 5/ 86 من طريق زيد بن وهب، وابن سعد 7/ 94، وابن أبي شيبة 15/ 267 من طريق محمد بن الحنفية، وابن أبي شيبة 15/ 263 و 267 من طريق عبد خير.
وقتلُ مروان بن الحكم لطلحة بن عُبيد الله روي من وجوه تقدَّمت قريبًا.
(3)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: محمد. وإنما هو أحمد بن عَبْدة بن موسى الضَّبِّي.
(4)
انقلب هذا الاسم في أصول "المستدرك" إلى: الحَسن بن الحُسين، ممّا دعا الذهبي في "تلخيصه" إلى القول بأنه العُرَني، وإنما هو الحُسين بن الحسن الأشقر الفَزاري، كما رواه غيرُ واحد عن أحمد بن عَبْدة الضَّبِّي.
فأتاهُ طلحةُ، فقال: نَشَدتُك الله هل سمعتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن كنتُ مولاهُ فعَليٌّ مَولاهُ، اللهمَّ والِ من والاهُ وعادِ مَن عاداهُ"؟ قال: نعم، قال: فلم تُقاتِلُني؟ قال: لم أذكُرْ، قال: فانصَرفَ طلحةُ
(1)
.
5694 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن سليمان البُرُلُّسِي، حدثنا يحيى بن مَعِين، حدثنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن مصعب، أخبرني موسى بن عُقبة، قال: سمعتُ علقمة بن وَقّاص قال: لما خرج طلحةُ والزبيرُ وعائشةُ لِطَلب دمِ عُثمان، عَرَضُوا مَن معهم بذاتِ عِرْق، فاستَصْغَروا عُرُوةَ بن الزُّبَير وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فردُّوهُما.
قال: ورأيتُه
(2)
وأحبُّ المجالس إليه أخْلاها، وهو ضاربٌ بلِحيتِه على زَوْرِه، فقلت له: يا أبا مُحمّد، إني أراكَ وأحبُّ المجالسِ إليك أخلاها، وأنتَ ضارِبٌ بلِحيتِك على زَوْرِك، إن كنت تَكرهُ هذا اليومَ فدَعْه، فليس يُكرِهُك عليه أحدٌ؟ قال: يا علقمةَ بنَ وقّاص، لا تَلُمْني، كنا يدًا واحدةً على مَن سِوانا، فأصبَحُوا اليومَ جَبَلين يَزحَفُ أحدُنا إلى صاحبِه، ولكنه كان مِنّي في أمرٍ عُثمانَ ما لا أَرى كَفَّارتَه إلَّا أن يُسفَكَ دمي في طلبِ دمِه، قلت: فمحمدُ بن طلحة لِمَ تُخرِجُه ولك ولدٌ صِغارٌ؟! دَعْهُ، فإن كان أمرًا خَلَفَك في تَرِكَتِك، قال: هو أعلمُ، أكرَهُ أن أَرَى أحدًا له في هذا الأمر نيّةٌ فأَرُدَّه، فكلّمتُ محمدَ بنَ طلحة في التّخلُّف، فقال:
(1)
إسناده ضعيف لضعف الحُسين بن الحَسن: وهو الأشقر الفَزاري.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1358)، والبزار (958)، والنسائي في "مسند علي" كما في "تهذيب الكمال" للمزي 3/ 441، وجزء "طرق حديث من كنت مولاه فعليٌّ مولاه" للذهبي (49)، كلهم عن أحمد بن عَبْدة الضَّبِّي، وكذلك أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 108 من طريق قاسم بن زكريا عن أحمد بن عَبْدة الضَّبِّي، بهذا الإسناد.
على أنَّ المرفوع من هذا الخبر قد صحَّ من غير هذا الوجه، انظر حديث زيد بن أرقم المتقدم برقم (4627).
(2)
الضمير يعود على طلحة بن عبيد الله.
أكرَهُ أن أسألَ الرِّجال عن أَبي
(1)
.
5695 -
حدثنا أبو حفص أحمد بن أحْيَد الفقيه ببُخاري، حدثنا صالح بن محمد بن حَبيب الحافظ، حدثنا أبو صالح الحَرّاني، حدثنا سليمان بن أَيّوب بن سليمان بن عيسى بن موسى
(2)
بن طَلْحة، عن أبيه، عن جده، قال: كان طَلْحةُ سِلْفَ النبيِّ في أربعٍ: كانت عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم عائشةُ بنتُ أبي بكر، وكانت أختُها أمُّ كُلثوم بنت أبي بكر عند طلحةَ، فولَدَت له زكريا ويوسفَ وعائشةَ، وكانت عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم زينبُ بنتُ جَحْش، وكانت حَمْنةُ بنت جَحْشٍ تحت طلحة بن عُبيد الله، فولَدَت له محمدًا، وقُتل يومَ الجمل مع أبيه، وكانت أمُّ حَبيبةَ بنت أبي سفيان تحتَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكانت أختُها الرِّفاعةُ بنتُ أبي سفيان تحتَ طلحةَ بن عُبيد الله، وكانت أمُّ سلمة بنت أبي أُميّة تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت أختُها قَرِيبةُ بنتُ أبي أُمية تحت طلحةَ بن عُبيد الله، فولدت له مريمَ بنت طلحة
(3)
.
(1)
إسناده حسن، وجوَّده الذهبي في "تلخيصه"، وقد سلف برقم (4657).
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية هنا إلى: محمد، والتصويب من إسناد المصنف المتقدم برقم (4357)، ومن إسناديه الآتيين برقم (5704) و (5714) حيث روى ثلاثة أخبارٍ بهذه السلسلة الطَّلْحية التي تعود في نسبها إلى موسى بن طلحة بن عُبيد الله، لا إلى أخيه محمد بن طلحة السَّجَّاد.
(3)
ضعيف منكر، وانظر الكلام على السلسلة الطلحية هذه عند الحديث المتقدم برقم (5691).
ومن النكارة في هذا الخبر ذكرُ الرفاعة بنت أبي سفيان - والصواب في اسمها الفارعة - في زوجات طلحة بن عبيد الله، فلم يذكرها ابن سعد في "طبقاته" 3/ 196، ولا محمدُ بنُ حبيب البغدادي في "المحبَّر" ص 100، ولا ابن حزم في "جمهرة أنساب العرب" ص 138 - مع سعة اطلاعهم - في زوجات طلحة، لكن ذكر ابن سعد الفرعة بنت عليٍّ، وقال: هي سَبِيَّة من بني تَغلِب.
وذِكرُ قَريبةَ بنت أبي سفيان زوجةً لطلحة فيه نظر كذلك وإن ذكرها ابن حبيب فيمن تزوجهن طلحة، وذلك أنَّ ابن حبيب ذكر في "المحبَّر" ص 449: أنَّ قريبة تزوجها عمر بن الخطاب ثم فرّق بينهما الإسلام، ثم أسلمت فتزوجها معاوية بن أبي سفيان، ثم طلّقها فتزوجها عبد الرحمن =
5696 -
حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا محمد بن عبد الله الحَضْرَمي، حدثنا الحسن بن حمّاد الوَرّاق، حدثنا المُحاربي، عن ليثٍ، عن طَلْحة بن مُصَرِّف، قال: أجلَسَ عليٌّ طلحةَ يومَ الجَمَل، فمَسَحَ الترابَ عن رأسِه، ثم الْتَفَتَ إلى الحَسنِ بن عليٍّ، فقال: وَدِدتُ أني مِتُّ قبل هذا بثلاثين سنةً
(1)
.
5697 -
أخبرني أبو عون محمد بن أحمد بن ماهان الجَزّار على الصَّفا، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا مُبَارك بن فَضَالة، عن الحسن، عن أبي بَكْرة: أن عليًّا قال يومَ الجمَل لما رأى القَتْلى والرؤوسَ تَنْدُر: يا حسنُ، أيُّ خَيرٍ يُرجَى: بعد هذا؟ قال: نَهيتُك عن هذا قبلَ أن تَدخُل
(2)
.
= ابن أبي بكر الصدِّيق، فأقام عليها، قلنا: ولا يُعرف أنَّ عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق فارقها إلى أن مات وعبد الرحمن مات بعد طلحة بن عُبيد الله بزمنٍ.
وأخرج ابن أبي عاصم في "السنة"(1403)، والطبراني في "الكبير"(216)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 284، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 92، والضياء في "مختارته 3/ (832) و (849) من طُرق عن سليمان بن أيوب، عن أبيه، عن جده، عن موسى بن طلحة، عن طلحة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآني قال: "أنت سِلْفي في الدنيا وسِلْفي في الآخرة"، وهذا إسناد ضعيف، وتقدم الكلام على هذه السلسلة عند الحديث (5691).
(1)
إسناده ضعيف لضعف ليث: وهو ابن أبي سُليم. المُحاربيّ: هو عبد الرحمن بن محمد بن زياد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 269، وابن أبي الدنيا في "المُتمنِّين"(98)، والطبراني في "الكبير"(202)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 115 من طريق عبد الله بن إدريس، عن ليث بن أبي سليم، به. لكنه قال في رواية الطبراني وابن عساكر: سنة، بدل الثلاثين سنة.
وأخرج نحوه ابن عساكر 25/ 114 - 115 من طريق مجالد بن سعيد، عن الشعبي مرسلًا دون ذكر قول علي لابنه الحسن.
وقد تقدَّم برقم (4607) نظير هذه القصة في قول عليٍّ لابنه الحسن لكن لدى رؤيتهما محمد بن طلحة بن عُبيد الله الذي كان يُعرف بالسّجَّاد، وكان قُتِلَ مع أبيه يوم الجمل.
(2)
رجاله لا بأس غير أن مُبارك فضالة بن فضالة مدلِّس، وقد عنعن، وانظر ما تقدم برقم (4607). والحسن: هو ابن أبي الحسن البصري.=
5698 -
سمعت عليَّ بنَ عيسى الحِيْري يقول: سمعتُ محمد بن عمرو الحَرَشِي يقول: سمعت يحيى بن يحيى يقول: سمعت سفيانَ بن عُيَينة يقول: سألتُ عَمرَو بن دِينار، قلتُ: يا أبا محمد، بايَعَ طلحةُ والزبيرُ عليًّا؟ قال: أخبَرني حسنُ بن مُحمّد - ولم أرَ أحدًا قطُّ أعلمَ منه -: أنهما صَعِدا إليه فبايَعاهُ وهو في عِلَّيّةٍ، ثم نَزَلا
(1)
.
5699 -
أخبرني الحسن بن محمد بن إسحاق الأزهري، حدثنا محمد بن زكريا الغَلَابي، حدثنا العباس بن بَكَّار، حدثنا سُهيل بن أبي سُهيل التَّمِيمي، عن أبيه، قال: مَرَّ عليُّ بن أبي طالب بطلحةَ بن عُبيد الله وهو مَقتُول، فوقف عليه وقال: هذا واللهِ كما قال الشاعرُ:
= وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(905)، ومن طريقه الخطّابي في "العُزلة" ص 14، وابن عساكر 42/ 258 من طريق يحيى بن المُنذر الحُجْري، عن المُبارك بن فَضالة، به.
قوله: تَنْدُر، أي: تَسقُط.
(1)
رجاله ثقات، لكن الحسن بن محمد - وهو ابن علي بن أبي طالب - لم يُدرك جده عليًّا، فالخبر مرسل، لكن خبر بيعة طلحةَ والزُّبير لعليٍّ بالخلافة ثابتٌ من وجوهٍ عديدة. يحيى بن يحيى: هو النَّيسابُوري.
وأخرجه سعيد بن منصور (2970) عن سفيان بن عيينة، به.
وأخرج ابن أبي شيبة 15/ 287 من طريق زيد بن وهب قال .... وقال علي لطلحة والزبير: ألم تُبايعاني؟ فقالا: نطلب دم عثمان، فقال عليّ: ليس عندي دمُ عثمان
…
وإسناده صحيح.
وأخرج ابن أبي شيبة 15/ 274، وعمر بن شَبَّة في "تاريخ المدينة" 4/ 1257 من طريق طارق بن شهاب، عن عليّ بن أبي طالب، قال: إنَّ طلحة والزبير بايعا طائعين غير مُكرَهَين. وإسناده حسن.
وأخرج عمر بن شبّة في "أخبار البصرة" كما في "فتح الباري" 23/ 106 من طريق الأشْتَر النَّخَعي، قال: رأيت طلحة والزبير بايَعا عليًّا طائعَين غير مُكرَهَين وإسناده صحيح.
وانظر تمام شواهده في "فتح الباري" لابن حجر 23/ 106 - 108.
والعِلِّيّة: الغُرفة.
فتًى كان يُدنِيهِ الغِنى مِن صَديقِهِ
…
إذا ما هو استَغْنى ويُبعِدُه الفقرُ
كأنَّ الثُريَّا عُلِّقَت في جَبينِهِ
…
وفي خَدِّه الشِّعْرى، وفي الآخَرِ البَدْرُ
(1)
5700 -
أخبرنا علي بن المُؤمَّل بن الحسن بن عيسى، حدثنا محمد بن يونس، حدثنا جَنْدَل بن والِقٍ، حدثنا محمد بن عُمر المازني، عن أبي عامر الأنصاري، عن ثَوْر بن مَجْزَأة، قال: مررتُ بطلحةَ بن عُبيد الله يوم الجَمَل وهو صريعٌ في آخر رَمَق، فوقفتُ عليه فرفع رأسَه، فقال: إني لأرى وجةَ رجلٍ كأنه القَمَر، ممَّن أنتَ؟ فقلت: من أصحاب أمير المؤمنين عليٍّ، فقال: ابسُطْ يدَك أُبايعْك، فبسطْتُ يدي وبايَعَني، ففاضَت نفسُه، فأتيتُ عليًّا فأخبرتُه بقولِ طَلْحةَ، فقال: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، صَدَق رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أبى اللهُ أن يَدخُل طلحةُ الجنةَ، إلَّا وبَيعتَي في عُنُقِه
(2)
.
5701 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عَبّاد بن عبد الله بن الزُّبير، عن أبيه، عن جدِّه عبد الله بن الزُّبير بن العَوّام قال: كان على النبيِّ صلى الله عليه وسلم يومَ أحُدٍ دِرْعان
(3)
، فنهَضَ إلى الصخْرة، فلم يَستطِعْ فقَعَد طلحةُ تحتَه حتى استوى على الصخرة، قال الزُّبير: فسمعتُ النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "أَوجَبَ طَلْحَةُ"
(4)
.
(1)
إسناده تالفٌ بمرّة من أجل محمد بن زكريا الغَلَابي وشيخه العباس بن بكار، فهما متروكان واتُّهما بالوضع، ولا يُدرى من هو سُهيل ولا أبوه.
وأخرج نحوه الطبري في "تهذيب الآثار" في قسم مسند عمر 2/ 669 عن محمد بن حميد الرازي، عن يحيى بن واضح، عن مُطهَّر، عن رجل من أهل مصر، قال: مرَّ عليٌّ
…
ومُطهَّر هذا لا يُدرَى مَن هو، وشيخُه مبهم، ومحمد بن حميد الرازي ضعيف بمرَّة.
(2)
إسناده ضعيف جدًّا كما قال الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة"(14072)، محمد بن يونس - وهو القرشي الكُديمي - متروك الحديث، ومحمد بن عمر المازني وأبو عامر الأنصاري وثور بن مجزأة ثلاثتهم مجاهيل.
(3)
في (ز) و (ص) و (م): درعين، والجادَّة ما أثبتناه من سائر مصادر تخريج الخبر.
(4)
إسناده حسنٌ من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار المطّلبي مولاهم - وقد صرح بسماعه=
5702 -
أخبرني الحسن بن حَليم المَرْوزي، أخبرنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرنا عبد الله، أخبرني محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عَبّاد بن عبد الله بن الزُّبير، عن أبيه، عن جدِّه عبد الله بن الزُّبير، عن الزُّبير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أُوجَبَ طَلْحةُ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5703 -
حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن رَجَاء، حدثنا إبراهيم بن المُنذِر الحِزَامي، حدثنا محمد بن طلحة، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمِّه موسى بن طلحة: أنَّ طلحةَ نَحَر جَزُورًا، وحفَر بئرًا يومَ ذي قَرَدٍ، فأطعَمَهُم وسقَاهُم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"يا طلحةُ الفَيّاضُ"، فسُمِّي طلحةَ الفَيّاضَ
(2)
.
= في مكرره السالف برقم (4358)، وهو الموافق لرواية البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 46، وفي "دلائل النبوة" 3/ 238 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد نفسِه.
وانظر ما بعده.
(1)
إسناده حسن كسابقه. أبو المُوجِّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري المروزي، وعَبْدان: هو عبد الله بن عثمان بن جَبَلة المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك المروزي.
(2)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل إسحاق بن يحيى بن طلحة، فهو متروك الحديث، والراوي عنه محمد بن طلحة: وهو ابن عبد الرحمن بن طلحة بن عبد الله بن عثمان بن عبيد الله، وجدّه عثمان هذا هو أخو طلحة بن عبيد الله، ومحلُّه الصدق لكنه ربما أخطأ، وقد اختُلف عليه في إسناد هذا الخبر كما سيأتي بيانه. محمد بن رجاء: هو محمد بن محمد بن رجاء بن السِّنْدي.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1404)، والطبراني في "الكبير"(198)، والخطابي في "غريب الحديث" 2/ 218، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(374) من طرق عن إبراهيم بن المنذر الحِزامي بهذا الإسناد.
وأخرجه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 118 - 119 عن أبي الحسن المدائني، عن محمد بن طلحة، به.
وأخرجه الطبراني (6224)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 343، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(373)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 93 من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم المعروف =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5704 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا سُليمان بن أيوبَ بن سليمان بن عيسى بن مُوسى بن طلحة بن عبيد الله، حدثني أبي، عن جدِّي، عن
(1)
موسى بن طلحة، عن أبيه طلحة
(2)
بن عبيد الله قال: سمّاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
= بدُحيم، عن محمد بن طلحة التيمي، عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن سلمة بن الأكوع. غير أنه قال: ابتاع طلحة بئرًا بناحية الجبل، بدل قوله: حفر بئرًا يوم ذي قرد، كذا جعله محمد بن طلحة من رواية موسى بن محمد التيمي عن أبيه عن أبي سلمة عن ابن الأكوع، وخالف في متنه، ولا يُحتمل محمد بن طلحة أن يقال بأنه حفظ الإسنادين، فالأقرب أنه وهم بذكر أحد الإسنادين، وموسى بن محمد بن إبراهيم التيمي منكر الحديث عند الأئمة.
وأخرج الزبير بن بكار كما في "الإصابة" لابن حجر 3/ 530، ومن طريقه ابن عساكر 25/ 93 عن إبراهيم بن حمزة، عن إبراهيم بن نِسطاس، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي مرسلًا قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذي قرد على ماء يقال له: بيسان، فسأل عنه، فقيل: اسمُه يا رسول الله بيسان، وهو مالح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا بل هو نعمان، وهو طيّب"، فغيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسم وغيَّر الله الماء، فاشتراه طلحة بن عبيد الله، ثم تصدق به، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أنت يا طلحة إلّا فياض" فلذلك سمّى طلحةَ الفيّاضَ. وإبراهيم بن نِسطاس قال عنه البخاري: منكر الحديث.
لكن سيأتي بعده بسند محتمل للتحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم وصفه في غزوة العُشيرة بالفيّاض.
ورُوي عن خارجة بن زيد بن ثابت مرسلًا عند البلاذُري: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لقّبه بالفياض لما وَفَدَت عليه وفود من سَرَوات اليمن، فأعطاهم طلحة بن عبيد الله مالًا وكساهم وأحسن ضيافتهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنت الفيّاض" فسمّي الفيَّاض. وإسناده حسنٌ مرسلًا.
وكأنَّ هذا الوصفَ كان مشهورًا به طلحةُ بنُ عُبيد الله رضي الله عنه، وكان معروفًا عند أهل بيته، كما يظهر من كلام سفيان بن عُيينة الآتي تخريجه برقم (5715).
(1)
حرف "عن" سقط من نسخنا الخطية، وأثبتناه على الصواب من إسنادَي المصنف في الروايتين: الرواية السالفة برقم (4357)، والرواية الآتية برقم (5714) حيث روى المصنف بهذه السلسلة الطَّلْحية خبرين آخرين، وهي نسخة معروفة.
(2)
وقع في نسخنا الخطية: عن أبيه عن طلحة، بزيادة لفظة "عن" الثانية وهي زيادة مُقحمة،=
أُحُد طلحةَ الخَيرِ، وفي غزوة العُشَيرة الفَيّاضَ، ويومَ حُنينٍ طلحةَ الجُودِ
(1)
.
ذكرُ
(2)
مناقب محمد بن طلحة بن عُبيد الله السَّجاد رضي الله عنهما
كان محمدُ بن طَلْحة من الزُّهّاد المُجتهدِين في العِبادة، وكان أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَتبرّكون به وبدُعائه، وهو أول مِن لُقِّب بالسَّجَّاد.
5705 -
حدثنا بصِحّة ذلك أبو عبد الله الأصبَهاني كما قدّمتُ ذِكرَه
(3)
.
5706 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا أبو شَيْبة إبراهيم بن عُثمان، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طَلْحة، عن عيسى بن طلحة، حدثتْني ظِئرٌ لمحمّد بن طَلْحة قالت: لما وُلِد محمّدُ بنُ طلحةَ أتينا به النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما سَمَّيتُموه؟ " فقلنا: محمّدًا، فقال:"هذا سَمِيِّي، وكنيتُه أبو القاسم"
(4)
.
= وهذه السلسلة الطلحية معروفة.
(1)
إسناده ضعيف، وقد سلف الكلام على سلسلة الإسناد هذه قريبًا عند الحديث رقم (5691).
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1403)، والطبراني في "الكبير"(197) و (218)، وأبو نعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"(106)، وفي "معرفة الصحابة"(372)، وابن عساكر 25/ 92، وابن الأثير في "أُسد الغابة" 2/ 468، والضياء المقدسي في "المختارة" 3/ (832) من طرق عن سليمان بن أيوب، بهذا الإسناد.
(2)
هكذا تخلّلت مناقبَ طلحة مناقبُ ابنه محمد، وسيعود المصنف لإكمال مناقب طلحة برقم (5710).
(3)
يعني بسنده المعروف إلى محمد بن عمر الواقدي صاحب "المغازي" المشهورة. وفي "الطبقات الكبرى" لابن سعد 7/ 58 عن شيخه محمد بن عمر الواقدي، قال: كان محمد بن طلحة يُسمَّى السَّجّادَ لعبادته وفضله في نفسِه. هذا ما ذكره عنه لم يزد عليه ممّا هو في هذه الرواية.
(4)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل أبي شيبة إبراهيم بن عثمان - وهو العبسي مولاهم - فهو واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه". =
5707 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، قال: سمعتُ مُصعبًا الزُّبيري يقول: محمد بن طلحة بن عُبيد الله أمُّه حَمْنةُ بنت جَحْش
(1)
.
5708 -
أخبرني الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا بَشّار بن موسى، حدثنا الحاطِبي، عن أبيه، عن جَدِّه محمد بن حاطِب، قال: لما فَرَغْنا من قتالِ الجَمَل قام عليٌّ والحَسَنُ
(2)
بن عليٍّ وعمّار بن ياسر وصَعصَعة بن صُوحان والأشْتَر ومحمد بن أبي بكر يَطُوفون في القتلى، فأبصَرَ الحسن بن عليٍّ قتيلًا مكبوبًا
= وأخرجه ابن سعد 7/ 57، وابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(2799)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(669) و (3206)، والطبراني في "الكبير" 25/ (459)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(634) و (8101) من طرق عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 18 من طريق يحيى بن بشر الحريري، وأبو نُعيم (638) من طريق علي بن الجعد، كلاهما عن أبي شيبة، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن ظئر أبيه محمد بن طلحة. كذا ذكر إبراهيم بن محمد بن طلحة بدل عيسى بن طلحة.
وأخرج أحمد في "مسنده" 29 / (17896) بسند صحيح إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى في قصةٍ أنَّ محمد بن طلحة قال لعمر بن الخطاب: واللهِ إنْ سماني محمدًا إلّا محمد صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: لا سبيل لي إلى شيء سماهُ محمدٌ صلى الله عليه وسلم. وقد جاء عند البخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 16، وفي "تاريخه الأوسط" 1/ 578 ما يُشير إلى أنَّ الذي حدَّث به عبدَ الرحمن بنَ أبي ليلى هو محمد بن طلحة نفسُه.
لكن اختُلف في كنيته، فقيل: كانت كنيته أبا سليمان، وأنَّ النبي كناه بها، وقال لأبيه طلحة:"لا أجمع له بين اسمي وكنيتي" كما جاء في روايةٍ لإبراهيم بن محمد بن طلحة عند ابن سعد 7/ 57، وأبي أحمد الحاكم في "الكنى" 5/ 99 وغيرهما، وهي أصح من رواية أبي شيبة إبراهيم بن عثمان.
(1)
وهو في "نسب قريش" لمصعب الزُّبيري ص 281.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: الحسين، والتصويب من هذه الرواية نفسها، حيث سيأتي ذكره الحسن بعد سطر على الصواب في أصولنا، وفاقًا للرواية السالفة للخبر برقم (4607).
على وجهِه، فأكَبَّه على قَفاهُ، فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجِعُونَ، فَرْخُ قُريشٍ واللهِ!! فقال له أبوه: ما هو يا بُنيّ؟ قال: محمدُ بنُ طلحة، فقال: إنّا الله وإنّا إليه راجِعُون، إن كان ما علِمتُه لشابًّا صالحًا، ثم قعد كَئيبًا حَزينًا
(1)
.
5709 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، حدثني محمد بن الضّحّاك بن عثمان الحِزَامي، عن أبيه: كان هَوَى محمد بن طَلْحة مع عليّ بن أبي طالب، ونَهى عليٌّ عن قَتْله، وقال: مَن رأى صاحبَ البُرنُس الأسودِ فلا يَقتُلْه؛ يعني محمدًا، فقال محمدٌ لعائشةَ يومئذٍ: يا أُمّاه، ما تأمُرِيني؟ قالت: أرى أن تكون كخَيرِ ابنَي آدمَ؛ أَن تَكُفَّ يدَك، فكفَّ يدَه، فقتَلَه رجلٌ من بني أسَد بن خُزيمة يقال له: طلحة بن مُدْلِج من بني مُنقِذ بن طَريف، ويقال: قتلَه شَدّاد بن معاوية العَبْسي
(2)
، ويقال: بل قتله عِصام بن مُقشَعِرّ النَّصْري
(3)
، وعليه كَثْرةُ الحديثِ، وهو الذي يقولُ في قَتْلِه:
وأشعَثَ قَوّامٍ بآياتِ رَبِّهِ
…
قليلِ الأذَى فيما يَرى الناسُ مُسلِمِ
دَلَفتُ له بالرُّمْحِ من تحتِ بَزِّهِ
…
فَخَرَّ صَرِيعًا لليَدَينِ وللفَمِ
شَكَكْتُ إليه بالسِّنَانِ قَميصَهُ
…
فأردَيتُه من ظَهرِ طِرْفٍ مُسَوَّمِ
(1)
خبر صحيح، وهذا إسناد ضعيف كما تقدَّم بيانه عند رواية الخبر السالفة برقم (4607).
(2)
تصحَّف في (ز) و (ب) إلى: العيشي، وفي (ص) و (م) إلى: القيسي، والصواب ما أثبتناه وفاقًا لسائر المصادر التي أوردت هذا الخبر.
(3)
في (ز) و (ب): البصري، بالباء الموحدة، نسبة إلى البصرة. وأهملت هذه النسبة في (ص) و (م)، وجاء في المصادر المعتمدة التي ذكرت هذا الخبر في مقتل محمد بن طلحة نسبةُ عصام هذا بالنَّصري، بالنون بدل الباء الموحدة، ومنها "طبقات ابن سعد" 7/ 59، و"الأنساب" للبلاذُري 3/ 40، و"الاستيعاب" لابن عبد البر ص 648، و"أسد الغابة" لعز الدين بن الأثير 4/ 323، فيغلب على ظننا أنه الصواب، إذ لم يشتهر في تلك الطبقة النسبةُ إلى البلاد بعدُ. والنَّصْري نسبة إلى نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن.
أقمتُ له في دَفْعةِ الخيل صُلْبَهُ
…
بمِثلِ قُدامَى
(1)
النَّسْرِ حَرّانَ كَيْزَمِ
يُذكَّرني (حاميمَ) لما طَعَنتُهُ
…
فهلّا تَلا (حاميمَ) قبلَ التَّقدُّمِ
على غَيرِ شيءٍ غيرَ أنْ ليسَ تابِعًا
…
عليًّا ومَن لا يَنْبَعِ الحقَّ يَظلِمِ
قال: فقال عليٌّ لما رآه صَريعًا: صَرَعَه هذا المَصرَعَ بِرُّ أبيه
(2)
.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: قدام، والتصويب من "الاستيعاب"، و"تاريخ دمشق" 23/ 4، و"مختصره" لابن منظور 10/ 292. وقُدامى النَّسْر: أربع أو عشر ريشات في مُقدَّم الجناح.
(2)
رجاله لا بأس بهم غير أنه مرسلٌ، فلم يدرك الضحاك بن عثمان أيام الجمل، ومحمد بن عمر - وهو الواقدي - متابع، لكن روي خبر محمد بن طلحة هذا يوم الجمل من غير وجه.
وقد ذكر ابن سعد في "طبقاته" 7/ 58 هذا الخبر عن محمد بن عمر الواقدي مصدّرًا إياه بقوله: قالوا.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 23/ 3 - 4 من طريق الزبير بن بكار، عن محمد بن الضحاك، عن أبيه. غير أنه سمى الرجل الأسدي الذي قيل إنه قتل محمد بن طلحة: كعب بن مدلج.
وأخرج منه نهي علي بن أبي طالب عن قتل محمد بن طلحة: يعقوب بن سفيان في "المعرفة" 2/ 670 عن عمار الدُّهني مرسلًا. ورجاله ثقات.
وأخرج منه قصة محمد بن طلحة مع عائشة: البخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 577، وأبو القاسم البغوي فيما نقله ابن حجر في "الإصابة" 6/ 18 من طريق أبي جميلة الطَّهَوي، وكان صاحب راية عليٍّ. وإسناده صحيح.
وأخرج هذه القصة أيضًا ابن أبي شيبة 15/ 282 عن مجاهد مرسلًا.
وهذا الشِّعر الذي قاله قاتل محمد بن طلحة ورد ذكره في "نسب قريش" لمصعب الزبيري ص 281، وفي "المعارف" لابن قتيبة ص 231، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر 23/ 5، غير أنه لم يروه بهذا التمام غير الضحاك بن عثمان الحِزامي.
قوله: بَزِّه، أي: ثوبه.
وقوله: فخرّ صريعًا لِلْيَدين ولِلْفَم، أي: علي اليدين والفم.
والطِّرْف، بكسر الطاء: الكريم من الخيل العتيق.
5710 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا سعيد بن سليمان الواسِطيّ، حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة، حدثني عمِّي عيسى بن طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: قال أبو بكر الصِّدّيق: كنتُ أولَ مَن فاءَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ومعه طلحةُ بنُ عُبيد الله، وإذا طلحةُ قد غَلبَه البَرْدُ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم أمثلُ بَلَلًا منه، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عليكُم بصاحبِكُم" فتركناهُ وأقبلْنا عليه، وإذا مِغْفَرُه قد عَلِقَ بوَجْنتَيه، وبينَه وبين المَشرقِ رجلٌ أنا أقربُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم منه، فإذا هو أبو عُبيدة بن الجَرّاح، فذهبتُ لأَنزعَ المِغفَرَ، فقال أبو عُبيدة: أنشُدُكَ الله يا أبا بكر إلّا تَركْتَني؟ فتركتُه فجَذَبَها فانتُزِعَت ثَنِيَّةُ أبي عُبيدة، قال: فذهبتُ لأنزِعَ الحَلْقةَ الأخرى، فقال لي أبو عُبيدة مثلَ ذلك، فانتزَعَ الحَلْقَةَ الأخرى، فانتُزع ثَنِيَّةُ أبي عُبيدة الأخرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أمَا إنَّ صَاحِبَكُم قد استَوجَبَ" أو "أوجَبَ طلحةُ"
(1)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5711 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيعُ بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني إسحاق بن يحيى، عن عيسى بن طلحة بن عُبيد الله، قال: دخلتُ على أمِّ المؤمنين وعائشةَ بنتِ طلحة، وهي تقولُ لأمِّها أسماءَ: أنا خيرٌ منكِ، وأبي خيرٌ من أبيكِ، قال: فجَعَلَت أمُّها تَشتِمُها وتقولُ: أنتِ خيرٌ منّي؟! فقالت أم المؤمنين عائشةُ: ألا أقضِي بينكما؟ قالت: بلى، قالت: فإنَّ أبا بكر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا أبا بكرٍ، أنتَ عَتِيقُ اللهِ من النار" قالت: فمن يومِئذٍ سُمّي عَتِيقًا، ولم يكن سُمِّي قبلَ ذلك عَتِيقًا، قالت: ثم دخل طلحةُ بن عُبيد الله، فقال:"أنت يا طَلْحَةُ ممَّن قَضَى نَحْبَه"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل إسحاق بن يحيى بن طلحة، فهو متروك كما نبَّه عليه الذهبي في "تلخيصه". وقد تقدَّم برقم (4361) من طريق أخرى عنه.
(2)
إسناده بهذا السياق ضعيف جدًّا كما تقدَّم بيانه برقم (3599)، وقوله في هذه الرواية: =
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5712 -
حدثنا بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا مَكِّي بن إبراهيم، حدثنا الصَّلْتُ بن دينار، عن أبي نَضْرةَ، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أرادَ أن يَنظُرَ إلى شهيدٍ يمشي على وجهِ الأرضِ، فليَنظُرْ إلى طلحةَ بن عُبيد الله"
(1)
.
تَفرَّد به الصّلتُ بن دِينار، وليس من شرطِ هذا الكتاب.
5713 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعْدي، أخبرنا محمد بن عُبيد الطَّنَافِسيّ، حدثنا أبو مالك الأشْجَعي، عن أبي حَبِيبة مولى طَلْحة، قال: دخلتُ على عليٍّ مع عِمران
(2)
بن طَلْحة بعدَما فَرَغَ من
= لأمها أسماء، خطأ بيقين، صوابه ما جاء في الرواية المتقدمة أنها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق. وقد صحَّ المرفوع في تسمية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر عتيقًا وقوله لطلحة بأنه ممَّن قضى نحبه، مُفردَين عن هذه القصة كما تقدَّم تخريجه هناك.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل الصَّلْت بن دينار، فهو واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه".
أبو نضرة: هو المُنذر بن مالك بن قِطْعة العَبْدي.
وأخرجه ابن ماجه (125)، والترمذي (3739) من طريقين عن الصَّلْت بن دينار، به. وقال الترمذي: غريب لا نعرفه إلّا من حديث الصَّلْت.
وللحديث طريق أخرى عند ابن أبي عاصم في "السُّنَّة"(1403)، والطبراني في "الكبير"(215)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 86، والضياء المقدسي في "المختارة" 3/ (850) عن سليمان بن أيوب بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله، عن أبيه، عن جده، عن موسى بن طلحة، عن طلحة. وهذا إسناد ضعيف تقدم الكلام عليه عند الحديث رقم (5691).
وروى نحوه أيضًا الخطيب في "تاريخ بغداد" 6/ 44، ومن طريقه ابن عساكر 25/ 87 - 88 من طريق القعقاع بن زكريا، عن عبد الله بن إدريس، عن طلحة بن يحيى، عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة. وإسناده ضعيف لجهالة القعقاع بن زكريا، فإننا لم نقف له على ترجمة.
(2)
تحرَّف في (ص) و (م) و (ب) إلى: عمر، وفي (ز) إلى: عمرا: والمثبت على الصواب في رواية البيهقي في "سننه الكبرى" 8/ 173 - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 116 - =
أصحابِ الجَمَل، قال: فرحَّب به وأدْناهُ، قال: إني لأرجُو أن يَجعلَني الله وأباكَ من الذين قال الله عز وجل: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47]، فقال: يا ابن أخي، كيف فُلانةُ، كيف فُلانةُ؟ قال: وسألَه عن أُمّهات أولادِ أبيه، قال: ثم قال: لم نَقْبِضُ أرْضِيَّكُم هذه السِّنينَ
(1)
إلَّا مخافةَ أن يَنتَهِبَها الناسُ، يا فلانُ، انطَلِقُ معه إلى ابن قَرَظَة
(2)
مُرْهُ فليُعْطِه غَلَّتَه هذه السِّنين، ويَدفَعْ إليه أرضَه، فقال رجلانِ جالسانِ ناحيةً، أحدُهما الحارِثُ الأعوَرُ: اللهُ أعدَلُ من ذلك أن نَقتُلَهم ويكونوا إخوانَنا في الجنة؟ قال: قُوما أبعدَ أرضِ الله وأسحَقَها، فمَن هو إذا لم أكُن أنا وطلحةُ؟ يا ابنَ أخي، إذا كانت لك حاجةٌ فأْتِنا
(3)
.
= عن أبي عبد الله الحاكم، بسنده هذا.
(1)
في نسخنا الخطية في الموضعين: السنة، بالإفراد، والمثبت من رواية البيهقي في "سننه الكبرى" 8/ 173 عن أبي عبد الله الحاكم، وفاقًا لرواية سائر من خرَّج هذا الخبر.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: بني قريظة، والمثبت من رواية البيهقي عن أبي عبد الله الحاكم، حيث روى هذا الخبر من طريقين إحداهما طريق شيخه الحاكم وساق لفظه، ونبّه إلى المغايرة بين الطريقين في هذا الحرف آخرَ الخبر، وأنَّ لفظ الطريق الأخرى: إلى بني قَرَظَة، فتأكد ضبط ما في لفظه عن الحاكم، وأنَّ ما وقع في نسخنا الخطية تحريفٌ.
(3)
إسناده حسن من أجل أبي حَبيبة مولى طلحة، فهو - وإن لم يرو عنه غير رجلين - تابعيٌّ كبيرٌ، وخبره هذ مَرويٌّ من وجوهٍ. أبو مالك الأشجعي: هو سعيد بن طارق.
وأخرجه البيهقي 8/ 173، ومن طريقه ابن عساكر 25/ 116 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد 3/ 205، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1298)، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 129، والطبري في "تفسيره" 14/ 37، والحسين بن إسماعيل المَحاملي في "أماليه" برواية ابن يحيى البيّع (175)، والبيهقي 8/ 173، وابن عساكر 25/ 116 و 117 من طريق أبي معاوية الضرير، والطبري 14/ 37 من طريق عبد الواحد بن زياد، كلاهما عن أبي مالك الأشجعي به. وبعضهم لا يذكر قصة أرض طلحة.
وأخرجه ابن سعد 3/ 205، وأحمد في "الفضائل"(1295)، وابن عساكر 25/ 119 من طريق طلحة بن يحيى، عن أبي حبيبة، به. دون قصة أرض طلحة، وذكر ابنَ الكواء بدل الحارث الأعور.=
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5714 -
أخبرني عُبيد الله بن محمد بن أحمد البَلْخِيّ ببغداد من أصل كتابه، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل التِّرمِذي، حدثنا سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عُبيد الله القرشي، حدثني أبي، عن جدِّي، عن موسى بن طلحة، عن طَلْحة بن عبيد الله، قال: خَطَبَ عُمر بن الخَطّاب أمَّ أبانَ بنتَ عُتبةَ بن ربيعة بن عبد شَمْس، فأبَتْه، فقيل لها: ولِمَ؟ قالت: إن دخَل دخَل بيأسٍ، وإن خرَج خرَج بيأسٍ، قد أذهَلَه أمرُ آخرَتِه عن أمرِ دُنياهُ، كأنه يَنظُر إلى ربِّه بعَينَيه، ثم خَطَبَ الزُّبيرُ بن العوّام، فأبَتْه، فقيل لها: ولِمَ؟ قالت: ليس لِزَوجَتِه منه إلّا شارةٌ في قَرامِلِها، ثم خَطَبها عليٌّ، فأبَتْ، قيل لها: ولِمَ؟ قالت: ليس لزوجته منه إلَّا قَضاءُ حاجَتِه، ويقول: كَيتَ وكَيْتَ، وكانَ وكانَ، ثم خطبها طَلْحةُ، فقالت: زَوْجِي حقًّا، قالوا: وكيف ذاكِ؟ قالت: إني عارفةٌ بخَلائِقِه، إن دَخَلَ دخل ضحّاكًا، وإن خرَج خرَج بسّامًا، إن سألتُ أعطَى، وإن سكَتُّ ابتدأَ، وإن عَمِلتُ شَكَر، وإن أذنبتُ غَفَر، فلما أن ابتَنَى بها، قال عليٌّ: يا أبا محمد، إن أذِنْتَ لي أن أُكلِّمَ أمَّ أبان؟ قال: كلَّمْها، قال: فأخذَ بسَجْفِ الحَجَلة، ثم قال: السلامُ عليكم يا عَزيزةَ نفسِها، قالت: وعليكَ السلامُ، قال: خَطَبكِ أميرُ المؤمنين وسيِّدُ المسلمين فأبَيتِيهِ، قالت: كان ذلك، قال: وخَطبَكِ الرُّبيرُ ابن عمّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدُ حَوَارِيِّه فأبَيتِ، قالت: وقد كان ذلك، قال: وخطبتُك أنا وقَرابَتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: قد كان ذلك، قال: أما واللهِ لقد تَزَوَّجتِ أحسَنَنا
= وأخرجه كذلك الطبري 14/ 37، والعقيلي في "الضعفاء" 1/ 412، وابن حبان في "الثقات" 5/ 218، والمصنِّف في "معرفة علوم الحديث" ص 137، وابن عساكر 25/ 119 من طريقين عن معاوية بن إسحاق بن طلحة، عن عمران بن طلحة، بقصته مع عليٍّ، وذكر الحارث الأعور، ولم يذكر قصة أرض طلحة. وإسناده حسنٌ.
وقد تقدَّم الخبر بتمامه مع قصة أرض طلحة وماله برقم (3388) بإسناد جيّد.
وجهًا، وأنالَنا
(1)
كفًّا، يُعطي هكذا وهكذا
(2)
.
5715 -
حدثني علي بن عيسى بن إبراهيم الحِيْري
(3)
، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا ابن أبي عُمر، حدثنا سفيان، عن طَلْحة بن يحيى، حدثتني جدتي سُعْدى بنت عَوف المُرِّية، قالت: دخَلَ عليَّ طلحةُ، فوجدتُه مَغمُومًا، فقلت: ما لي أراك كالِحَ الوجْهِ؟ أَرابَك من أمْرِنا شيءٌ؟ قال: لا والله، ما رابَني من أمرِك شيءٌ، ولَنِعمَ الصاحبةُ أنتِ، ولكنّ مالًا اجتمع عندي، قالت: فابعثْ إلى أهلِ بيتك وقَومِك، فاقسِمْ فيهم، قالت: ففَعَل، فسألتُ الخازِنَ: كم قَسَم؟ فقال: أربعَ مئةِ ألفٍ، وكان غَلَّتَه كلَّ يومِ ألفٌ وافٍ. قال: وكان يُسمّى طلحةَ الفَيّاضَ
(4)
.
(1)
في (ص) و (م): وأبَلَّنا، وفي "إتحاف المهرة" (14764): وأندانا، وفي المطبوع: وأبذلنا، وكلها بمعنى: أكثرنا عَطاءً.
(2)
إسناده ضعيف، وقد تقدم الكلام على هذه السلسلة عند الحديث (5691).
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 97 و 70/ 198 من طريق أبي بكر البيهقي، عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
(3)
تحرَّف في (م) و (ب) إلى: الحربي.
(4)
إسناده حسن من أجل طلحة بن يحيى - وهو ابن طلحة بن عُبيد الله - فهو صدوق حسنُ الحديث. سفيان: هو ابن عُينية، وابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدني.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 201، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 117، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال"(96)، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "الزهد" لأبيه (782)، والخطابي في "غريب الحديث" 2/ 218، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 88، وفي "معرفة الصحابة"(376)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 100 و 101 من طرق عن سفيان بن عُيينة، به. ولم يذكر الجملة الأخيرة من هذا الخبر في وصف طلحة بالفياض غير الخطابي وأبي نعيم.
وأخرج يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 457 عن أبي بكر الحُميدي، والطبراني في "الكبير"(194) من طريق أسد بن موسى، كلاهما عن سفيان بن عيينة؛ قال الحُميدي في روايته: قال سفيان: كان يُسمَّى - يعني طلحة - الفيّاض، وقال أسدٌ في روايته: قال سفيان: كان أهله يقولون: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه الفيّاض. فكأنَّ هذا الحرف من الخبر من قول سفيان بن عيينة، والله أعلم.
5716 -
أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، أخبرنا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حدثنا عُمر بن محمد الأسَدِي، حدثنا أبي، حدثنا صالح بن موسى الطَّلْحي، عن سُهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: لما وَضَعتِ الحربُ أوزارَها افتخَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وطلحةُ ساكِتٌ، وسِماكُ بن خَرَشة أبو دُجَانةَ ساكِتٌ لا يَنطِقُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لقد رأيتُني يومَ أُحُدٍ وما في الأرض قُربي مَخلوقٌ غيرَ جبريلَ عن يَميني، وطلحةَ عن يَساري"، فقيل في ذلك شعرًا:
وطلحةُ يومَ الشِّعْبِ آسَى مُحمّدًا
…
لَدَى ساعةٍ ضاقَت عليهم وشَدَّتِ
وَقَاهُ بكَفَّيهِ الرَّماحَ فَقُطِّعَتْ
…
أصابعُه تحتَ الرِّماحِ فشَلَّتِ
وكان إمامَ الناسِ بعدَ مُحمّدٍ
…
أقرَّ رَحَى الإسلام حتى استَقَرّتِ
(1)
5717 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا أسَدُ بن موسى، حدثنا سفيان بن عُيينة، قال: قال حَسّان بن ثابت في طلحةَ، وما حاشَى أحدًا:
أقام إذْ أُسلِمَ النّبيُّ وإذْ
…
وَلَّى جَميعُ العِبادِ وانكَشَفُوا
يَدفَعُ عن مُهجَةِ النّبيِّ وقدْ
…
دَنَا إليهِ العَدُوُّ وارتَدَفُوا
(1)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل صالح بن موسى الطَّلْحي - وهو ابن عبد الله بن إسحاق بن طلحة بن عُبيد الله - فهو متروك الحديث. وقد رُوي المرفوعُ من وجه آخر لكنه ضعيفٌ. عمر بن محمد الأسدي: هو ابن الحسن بن الزبير الأسدي، وسُهيل: هو ابن أبي صالح ذكوان السَّمّان.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(5816) من طريق القعقاع بن زكريا الطلحي، عن عبد الله بن إدريس، عن طلحة بن يحيى، عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة، قال: تذاكرنا يوم أحد والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، فلما فرغ وانصرف من صلاته التفت إلينا، فقال
…
فذكر المرفوع دون الشعر ودون ذكر أبي دُجانة. والقعقاع بن زكريا هذا مجهول، وقد انفرد به من هذا الوجه.
وقد تقدَّم هذا الشِّعر ضمن رواية أخرى برقم (4357) من طريق سليمان بن أيوب، عن أبيه، عن جده، عن موسى بن طلحة، عن طلحة بن عُبيد الله: أنَّ حسان بن ثابت قالها في طلحة بعد يوم أُحُد. وإسناده ضعيف أيضًا.
مُضَمَّخٌ بالدِّماءِ مُهْجَتُهُ
…
خَشْيةَ إن قِيلَ: ثَأرَهُم، عَطَفُوا
(1)
5718 -
حدثنا بصحّةِ ما قالهُ حسّان بن ثابت عُبيد الله بن أحمد البَلْخيُّ، ببغداد، حدثنا أبو إسماعيل السُّلَمي، حدثنا سليمان بن أيوب بن عيسى بن موسى بن طلحة، حدثني أبي، عن جدِّي [عن موسى بن طلحة]
(2)
عن أخته أم إسحاق بنت طلحة، قالت: لقد سمعتُ أبي وهو يقول: لقد عُقِرتُ يومَ أُحُدٍ جميعَ جَسَدي حتى في ذَكَري
(3)
.
(1)
وأخرج ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 105 - 106 من طريق سليمان بن أيوب الطلحي، عن أبيه، عن جده، عن موسى بن طلحة، عن أبيه طلحة، فذكر ما قيل في طلحة يوم أحد من الشعر، ومنه ما قاله حسان بن ثابت فيه، لكن بسياق قريب من هذا الذي هنا. وإسناده ضعيف كما سبق.
(2)
سقط اسم موسى بن طلحة من إسناد الخبر في نسخنا الخطية، ولا بد من ذكره، واستدركناه من سائر المواضع التي روى بها المصنِّف أخبارًا بهذا الإسناد نفسِه، فهذه سلسلةٌ طلحيةٌ معروفة يرويها كلَّها سليمانُ بنُ أيوب، عن أبيه، عن جده، عن موسى بن طلحة.
(3)
إسناده ضعيف، وأحاديث سليمان بن أيوب هذه عن آبائه نسخة معروفة، وفي بعض رواتها جهالة وفيها بعض المناكير، ومع ذلك قال يعقوب بن شيبة كما في "تحفة الأشراف" للمزي (5004): أحاديثها عندي صحاح. أبو إسماعيل السُّلَمي: هو محمد بن إسماعيل الترمذي.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"(165) عن المفضل بن عبيد الله اليربوعي، وأبو موسى المديني في "اللطائف من علوم المعارف"(897) من طريق يحيى بن عبد الرحيم الأعمش، كلاهما عن سليمان بن أيوب، بهذا الإسناد. وقد أُقحم في إسناد أبي موسى المديني صيغة التحديث بين اسم يحيى بن عبد الرحيم وبين لقبه، فأوهم أنه يروي هذا الخبر عن الأعمش، وإنما لقبه هو الأعمش.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(370)، ومن طريقه أبو موسى المديني (896)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 80 من طريق أبي صالح الحَرّاني، عن سليمان بن أيوب، عن أبيه، عن جده، عن أخته أم إسحاق بنت طلحة. فلم يذكر في إسناده موسى بن طلحة.
وأخرجه ابن عساكر 25/ 80 من طريق أبي أسامة، عن موسى بن عَبد الله بن إسحاق بن طلحة بن عُبيد الله، عن موسى بن طلحة، قال: قال طلحة
…
فذكره. =
ذكرُ مناقب قُدَامة بن مَظْعُون بن حَبيب بن وَهْب الجُمَحِيّ رضي الله عنه
-
5719 -
أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنْعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن الزُّهْري، أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعةَ - وكان أبوه قد شَهِد بدرًا: أن عمر بن الخطاب استَعمل قُدامةَ بن مَظْعُون على البَحرَين، وهو خالُ حفصةَ وعبدِ الله بن عُمر
(1)
.
5720 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا محمد بن عبد الله بن رُستَهْ، حدثنا سليمان أبو أيوب، حدثنا محمد بن عُمر، حدثني قُدامة بن موسى، عن عائشة بنت قُدامة، قالت: توفي قُدامة بن مَظعُون سنةَ ستٍّ وثلاثين، وهو ابن ثَمانٍ وسِتّين سنةً، وكان لا يُغيِّر شَيْبَه
(2)
.
5720 م - قال ابن عُمر: وهو قُدامة بن مَظْعُون بن حبيب بن جُمَح بن عمرو بن هُصَيص بن كعب بن لُؤي، أسلمَ قبل دخولِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم دارَ الأرقم، وقبل أن يدعوَ فيها، وهو أخو عثمان بن مَظعُون، وهاجَرَ قُدامةُ إلى أرض الحَبَشة الهِجرةَ الثانيةَ، وكانت تحتَه صفيةُ بنتُ الخَطّاب، أختُ عمر بن الخطّاب، وشهد قُدامةُ بدرًا وأحدًا والخَندقَ والمَشاهِدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(3)
.
= وأخرج ابن أبي شيبة 5/ 339، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1296)، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"(164) من طريق وكيع بن الجراح، عن موسى بن عبد الله بن إسحاق بن طلحة، قال: سمعت موسى بن طلحة يقول: جُرح طلحة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعًا وعشرين جراحةً.
(1)
إسناده صحيح. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(17076).
وأخرجه البخاري (4011) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، به.
(2)
وهو عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 372 عن محمد بن عمر - وهو الواقدي - لكنه قال: عن قدامة بن موسى، عن أبيه، عن عائشة بنت قدامة. فزاد فيه ذكر موسى والد قدامة، ولا شكَّ أنَّ ابن سعد أوثق في الواقديِّ من سليمان أبي أيوب - وهو ابن داود الشاذكوني -. وموسى هذا: هو ابن عمر بن قدامة بن مظعون.
(3)
انظر "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 371.
ذكرُ مناقب حُذيفة بن اليَمَان رضي الله عنه
-
وإنما هو حُذَيفة بن حُسَيل، وحُدَيفةُ صاحبُ سرِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
5721 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عَفّان العامِري، حدثنا عبد الله بن نُمير، حدثنا الأعمَشُ، عن أبي إسحاقَ، عن مُصعبِ بن سعْد، قال: أخذَ حذيفةَ وأباه المُشرِكون قبلَ بدرٍ، فأرادوا أن يقتُلُوهما، فأخَذُوا عليهما عهدَ اللهِ ومِيثاقَه أن لا يُعِينان عليهم، فحَلَفا لهم، فأرسَلُوهُما، فأَتَيا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبَراهُ، فقالا: إنا قد حَلَفْنا لهم، فإن شئتَ قاتَلْنا معك، فقال: "نَفِي
(1)
ونستعينُ الله عليهم"
(2)
.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: نعم، وبه ينعكس المعنى، وقد ضُبِّب عليها في (ز)، والمثبت على الصواب من "الطبقات الكبرى" لابن سعد حديث خرَّج هذا الحديث 4/ 249 عن عبد الله بن نُمير بهذا الإسناد. ومن رواية الحديث المتقدمة عند المصنف برقم (4969).
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه مرسل، فإنَّ مصعب بن سعد - وهو ابن أبي وقاص - تابعي. وقد اختُلف فيه على أبي إسحاق. وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - في تسمية شيخه في الحديث، فقد رواه الأعمش عن أبي إسحاق فذكر مصعب بن سعد كما في رواية المصنف هذه.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 4/ 249، وكذلك أخرجه الطبراني في "الكبير"(3001) من طريق محمد بن عبد الله بن نُمير، كلاهما (ابن سعد ومحمد بن عبد الله بن نمير) عن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 38/ (3372) من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، حدثني بعض أصحابنا عن حذيفة. فوصله لكن بإبهام أبي إسحاق فيه.
وأخرجه البزار (2930)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(413)، وابن المنذر في "الأوسط"(6241)، والطبراني (3012) من طريق حماد بن سلمة، عن الحجاج بن أرطاة، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زُفر، عن حذيفة. فوصله كذلك لكنه ذكر صِلَة بن زُفر.
وأخرجه الطبراني (3002) من طريق يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق، عن جده أبي إسحاق، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص مرسلًا كرواية أخيه مصعب بن سعد!
وقد تقدَّم هذا الحديثُ برقم (4969) من طريق أبي الطُّفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن اليمان، =
5722 -
أخبرنا الحَسنُ بن محمد الحَلِيمي، أخبرنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرنا عَبد الله، أخبرنا يونس، عن الزُّهري قال: قال عُروة: إنَّ حُذيفةَ بن اليَمَان كان أحدَ بني عَبْس، وكان حليفًا في الأنصار، قُتِل أبُوه مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُد؛ أخطأَ المُسلِمون به يومَئِذٍ حَسِبُوه من المشركين، فطَفِقَ حذيفةُ يقول: أبي أبي، فلم يَفهَمُوه حتى قَتَلُوه، فأمرَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فوُدِيَ
(1)
.
5723 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، قال: حُذيفة بن حُسَيل بن جابر بن رَبيعة بن عَمرو بن جِرْوة، وجِرْوه هو اليمانُ الذي من ولدِه حذيفةُ، وإنما قيل له: اليَمانُ، لأنه أصابَ
= وهو صحيح من هذا الوجه، وهو عند مسلم.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه مرسل، وقد وصله هشام بن عروة فرواه عن أبيه عن عائشة. أبو المُوجِّه: هو محمد بن عمرو بن المُوجِّه الفَزَاري، وعَبْدان: هو عبد الله بن عثمان بن جَبَلة، وعبد الله: هو ابن المبارك، ويونس: هو ابن يزيد الأَيلي.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 250 عن محمد بن عمر الواقدي، عن يونس بن يزيد، به. وأخرجه موسى بن عقبة في "مغازيه" كما في "الدراية" لابن حجر 2/ 267، ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 218 وفي "السنن" 8/ 132، وأخرجه الشافعي في "الأم" 7/ 93 و 105 - 106، ومن طريقه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(16440) من طريق معمر بن راشد، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بُغية الباحث" للهيثمي (522) من طريق زيد بن أبي أُنَيسة، ثلاثتهم (موسى بن عقبة ومعمر وابن أبي أُنيسة) عن ابن شهاب الزهري، عن عروة.
وأخرجه أبو إسحاق الفزاري في "السِّيَر" كما في "فتح الباري" لابن حجر 22/ 58، ومن طريقه أخرجه الحارث في "مسنده" كما في "بغية الباحث"(521) عن الأوزاعي، عن الزهري، قال: أخطأ المسلمون
…
هكذا لم يجاوز به الزهريَّ!
وأخرجه البخاري (3290) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، فذكر نحره غير أنه قال فيه: فقال حذيفة: غفر الله لكم، ولم يذكر الدِّية. قال ابن حجر: استَدَلَّ بقول حذيفة مَن قال: إنَّ ديتَه وَجَبَتْ على مَن حَضَر، لأنَّ معنى قوله: غفر الله لكم: عفوتُ عنكم، وهو لا يعفو إلّا عن شيءٍ استحقَّ له أن يُطالب به.
وانظر حديث محمود بن لبيد المتقدم برقم (4970).
في قومِه دَمًا فهَرَب إلى المدينة، فحالف بني عبد الأشْهَل، فسمّاه قومُه اليَمَانَ لأنه حالف اليَمانِيَةَ، شهد حذيفةُ وأبوه حُسَيلٌ وأخوه صفوانُ أُحُدًا، فأما أبوه فقَتَله بعضُ المسلمين يومَئذٍ وهو يَحسَبُه من المشركين، فتصدَّق حذيفةُ بدِيَتهِ على المسلمين، وأما حذيفةُ فشَهِدَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مَشاهِدَه بعد بدر، وعاش إلى أول خلافة عليٍّ سنة ستٍّ وثلاثين، وزعم بعضُهم أنه مات بالمدائن سنة خَمس وثلاثين بعد مَقتَل عُثمانَ بأربَعينَ ليلةً
(1)
.
5724 -
أخبرَناه الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: مات حذيفة سنة ستٍّ وثلاثين، وقيل: إنه ماتَ بعد عُثمان بأربَعينَ يومًا
(2)
.
5725 -
أخبرني مَخلَد بن جعفر الباقَرْحِي، حدثنا محمد بن جَرير، قال: هذا القولُ خطأٌ وأظنُّ بصاحبِه إما أن يكون لم يَعرِف وقتَ الذي
(3)
قُتِل فيه عثمانُ، وإما أن يكون لم يُحسِن أن يَحسُب، وذلك أنه لا خِلافَ بين أهل السِّيَر كلهم أن عثمانَ قُتل في ذي الحِجّة من سنة خمسٍ وثلاثين من الهِجْرة، وقالت جماعةٌ منهم: قُتل لاثنتي عشرةَ ليلةً بَقِيَت منه، فإذا كان مَقتَلُه في ذي الحِجّة، وعاش حذيفةُ بعده أربعينَ ليلةً، فذلك في السنة التي بعدَها.
5726 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني،
(1)
انظر "مغازي محمد بن عُمر الواقدي" 1/ 233 - 234، و "الطبقات الكبرى" لابن سعد 9/ 319. وممّن قال: مات حذيفة سنة خمس وثلاثين أبو حفص عمرو بن علي الفلّاس، لكن الجمهور على أنَّ حذيفة مات سنة ست وثلاثين. انظر "تاريخ دمشق" لابن عساكر 12/ 300 - 301 و"بغية الطلب في تاريخ حلب" لابن العَديم 5/ 2157 - 2159.
(2)
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3014) عن عبيد بن غَنّام، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1856)، ومن طريقه ابن عساكر 12/ 301 من طريق محمد بن عبدوس بن كامل، كلاهما عن محمد بن عبد الله بن نُمير. دون عبارة: وقيل: إنه مات بعد عثمان بأربعين ليلة.
(3)
لفظة "الذي" من (ز).
حدثنا عُبيد الله بن موسى، حدثنا سعد بن أوسٍ، عن بلال بن يحيى، قال: لما حَضَرَ حذيفةَ الموتُ - وكان قد عاش بعد عثمانَ أربعين ليلةً - قال لنا: أُوصِيكُم بتقوى الله والطاعةِ لأمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب
(1)
.
5727 -
أخبرنا أبو إسحاق المُزكِّي، حدثنا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حدثنا محمد بن الصَّبّاح، حدثنا سفيانُ، عن مَنصُور، قال: سمعت رِبعيَّ بن حِراشٍ، قال: جاء رجلٌ إلى حذيفةَ، فقال: يا أبا عبد الله
(2)
.
5728 -
وأخبرنا أبو إسحاق، أخبرنا محمد بن إسحاق، أخبرنا محمد بن الصَّبَّاح، أخبرنا جَرير، عن إسماعيل، عن قَيس، قال: لما أُتي حذيفةُ بكَفَنِه، وكان مُسنِدًا
(3)
إلى أبي مسعود
(4)
، قال: فأُتي بكفَنٍ جَديدٍ، فقال: ما تَصنعُوا
(5)
بهذا؟ إن كان صاحبُكم
(1)
رجاله لا بأس بهم لكن في سماع بلال بن يحيى - وهو العَبْسي الكاتب - لحذيفة بن اليمان خلاف، فقد جزم ابن معين أن روايته عنه مرسلة، وقال ابن أبي حاتم: وجدته يقول: بلغني عن حذيفة، وقال ابن القطان الفاسيّ: صحَّح الترمذي حديثه عنه، فمُعتقده أنه سمع من حذيفة. قلنا: وقد جاء في "تاريخ المدينة" لابن شبة 4/ 1249 عن أبي أحمد الزبيري، عن سعد بن أوس، عن بلال بن يحيى: أنه بلغه أنه لما قتل عُثمانُ أُتي حذيفةَ وهو بالموت، فقالوا له: يا أبا عبد الله، ما تأمُرنا؟
…
فأوصاهم أن يلزموا أبا اليقظان، يعني عمار بن ياسر؛ لحديثٍ سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم والظاهر أنَّ ما جاء في رواية المصنف من قوله: قال لنا، وهمٌ، أو على طريقة من يقصد بقوله: قال لنا، أو خطبنا أو نحو ذلك أن يكون قصد به أهل منطقته أو بلدته ممَّن حضر وفاته، والله تعالى أعلم.
(2)
رجاله ثقات، وانظر تمام الكلام عليه وتخريجه فيما سيأتي برقم (8579). سفيان: هو ابن عيينة، ومنصور: هو ابن المعتمر.
(3)
في (ص): مستندًا، وكلاهما صحيح.
(4)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: ابن مسعود. وهو خطأ بيقين، فقد توفي عبد الله بن مسعود قبل حذيفة، والتصويبُ من "حلية الأولياء" لأبي نعيم 1/ 282، ومن الرواية التالية عند المصنف.
وأبو مسعود هذا: هو عقبة بن عمرو الأنصاري البدري.
(5)
هكذا جاء في نسخنا الخطية بحذف نون الجمع بغير ناصب ولا جازم، وهو سائغ مستعملٌ =
صالحًا، لَيُبدِلَنّ اللهُ له، وإن كان غيرَ ذلك ليَضرِبَنَّ اللهُ به وجهَه يومَ القيامة
(1)
.
5729 -
أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أُسامة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا مِسعَر بن كِدَام، عن عبد الملك بن مَيْسَرة، عن النّزّال بن سَبْرة، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: أُغميَ على حُذيفةَ من أول الليل، ثم أفاقَ فقال: أيُّ الليلِ هذا؟ قلتُ: السَّحَرُ الأعلَى، قال: عائذٌ بالله من جَهَنَّم، مرتَين أو ثلاثًا، ثم قال: ابتاعُوا لي ثَوبَين فكفِّنُوني فيهما، ولا تُغْلُوا عَلَيَّ؛ فإن صاحِبَكم إن يُرْضَ عنه
= في لغة العرب لمجرّد التخفيف، كما بسطه ابن مالك في "شواهد التوضيح والتصحيح" ص 170 وما تلاها.
(1)
إسناده صحيح. محمد بن إسحاق: هو أبو العباس الثقفي السَّرّاج، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، وقيس: هو ابن أبي حازم.
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 282 عن أبي حامد بن جَبَلة، عن محمد بن إسحاق الثقفي السَّرّاج، بهذا الإسناد، غير أنه قال: عن قيس عن أبي مسعود، قال: لما أُتي حذيفة بكفنه .. فذكره هكذا جعله من رواية قيس بن أبي حازم عن أبي مسعود! وقيسٌ تابعي كبير مخضرم.
وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 13/ 380، ومن طريقه الخطابي في "غريب الحديث" 2/ 332 عن وكيع بن الجراح، عن إسماعيل، عن قيس، قال: لما أُتي حذيفة بكفنه
…
فذكره. فوافق رواية المصنف بعدم ذكر أبي مسعود في سنده.
وأخرج نحوه كذلك ابن سعد 4/ 256، وابن أبي شيبة 13/ 380، والبخاري في "الأدب المفرد"(496)، وابن المنذر في "الأوسط"(2959)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 1/ 500 من طريق خالد بن الربيع العبسي، قال: لما بلغنا ثقل حذيفة خرج إليه نفر من بني عبس، ونفر من الأنصار
…
غير أنَّ حذيفة في هذه الرواية قال: لا تغالوا بكفني، فإن يكن لصاحبكم عند الله خير يُبدل خيرًا منها، وإلّا سُلب سلبًا سريعًا.
وأخرج نحوه عبد الرزاق (6210)، وابن سعد 4/ 257 و 258، والطبراني في "الكبير"(3006) و (3007)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 282، والبيهقي في "الكبرى" 3/ 403 من طريق صلة بن زُفَر قال: بعثني حذيفة أنا وأبا مسعود نبتاع له كفنًا .... فقال حذيفة: لا يبقيان عليَّ إلّا قليلًا حتى أُبدَل خيرًا منهما أو شرًّا.
[أُلبِسَ]
(1)
خيرًا منهما، وإلَّا سُلِبَهُما سَلْبًا سريعًا
(2)
.
5730 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن بكر، أخبرنا إسرائيل، عن مَيْسرة بن حَبيب، عن المِنْهال بن عمرو، عن زِرّ بن حُبَيش، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أتاني جبريلُ عليه السلام، فقال: إنَّ الحَسنَ والحُسينَ سيِّدا شبابِ أهلِ الجنة"، ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"غَفَر اللهُ لك ولأُمِّك يا حذيفةُ"
(3)
.
5731 -
حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا إبراهيم بن يوسف الصَّيْرفي، حدثنا علي بن عابِس، عن الأعمَش، عن عمرو بن مُرّة.
(1)
سقطت هذه الكلمة من نسخنا الخطية، وأثبتناها من النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن سعد 4/ 257، وأبو سليمان بن زَبْر الربَعي في "وصايا العلماء عند الموت" ص 53، ومن طريقه ابن عساكر 48/ 464 - 465 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق (6211)، وابن أبي الدنيا في "المُحتضَرين"(168)، والرَّبعي ص 53، وابن عساكر 12/ 297 و 48/ 464 - 465 من طرق عن مسعر بن كدام به.
وأخرجه ابن سعد 4/ 257، والطبراني في "الكبير"(3008) من طريق شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، به.
(3)
إسناده صحيح، إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي.
وأخرجه أحمد 38/ (23329)، والنسائي (8240) من طريق الحسين بن محمد المرُّوذي المؤدِّب، والترمذي (3781) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، والنسائي (8307)، وابن حبان (6960) من طريق زيد بن الحباب، وابن حبان (7126) من طريق عمرو بن محمد العنقزي ويحيى بن آدم، خمستهم عن إسرائيل، به. ولم يرد في رواية زيد بن الحباب الدعاء بالمغفرة، ولم يرد في رواية عمرو بن محمد ويحيى بن آدم ذكر الحسن والحسين.
وأخرجه أحمد 38/ (23330) عن أسود بن عامر، عن إسرائيل، عن ابن أبي السَّفَر، عن الشعبي، عن حذيفة. ورجاله ثقات، غير أنَّ الشعبي - وهو عامر بن شراحيل الهَمْداني - لا يُعرف له سماع من حذيفة وإن أدركه صغيرًا.
وإسماعيلَ، عن قيسٍ قال: سُئل عليٌّ عن ابن مَسعُود، فقال: قرأ القرآنَ ثم وقَفَ عند شُبُهاتِه، فأحَلَّ حَلالَه، وحَرَّم حرامَه، وسُئل عن عمار، فقال: مُؤمنٌ نَسِيٌّ، وإذا ذُكِّر ذَكَر، وسُئل عن حُذيفةَ، فقال: كان أعلمَ الناسِ بالمُنافِقين، وذكرَ باقيَ الحديث
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف علي بن عابس - وهو الأسدي الكوفي - وقد تفرَّد علي بن عابس برواية هذا الخبر من طريق إسماعيل - وهو ابن أبي خالد - عن قيس - وهو ابن أبي حازم. وأما الطريق الأولى فقد توبع عليها، لكن بذكر أبي البَخْتري في إسناده بين عمرو بن مُرّة وبين علي بن أبي طالب، وأبو البختري لم يدرك عليًّا.
وأخرجه بطوله الطبراني في "الكبير"(6041) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، عن إبراهيم بن يوسف الصَّيْرفي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 12/ 275 من طريق محمد بن محمد بن سليمان الباغَنْدي، عن إبراهيم بن يوسف، عن علي بن عابس، عن الأعمش وأبي مريم، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي البَخْتَري، وعن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قالا: سئل عليٌّ
…
فزاد الباغندي في إسناده أبا البَخْتري، وهذا هو الصحيح الموافق لرواية البزار (575) حيث روى طرفًا من هذا الخبر الطويل الذي لم يسُقه المصنف بتمامه، وكذلك رواه جماعة الثقات من أصحاب الأعمش عنه عن عمرو بن مُرّة كما تقدَّم برقم (5478) حيث روى المصنف هناك طرفًا منه.
وأخرجه مختصرًا بذكر عمار بن ياسر بن أبي شيبة 12/ 119 عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البَخْتَري، قال: سئل عليٌّ عن عمار.
وأخرجه مختصرًا بذكر عمار أيضًا ابن أبي شيبة 12/ 119، وابن عساكر 43/ 394 من طريق مِسعَر بن كدام، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي البَخْتَري، قال: سئل عليٌّ عن عمار
…
وزاد: وقد دخل الإيمان في سمعه وبصره، وذكر ما شاء الله من جسده. وانظر تمام تخريجه من هذه الطريق برقم (5478).
وانظر الخبر المتقدم برقم (5465).
وأما معرفة حذيفة بالمنافقين، فقد كان هذا أمرًا معروفًا أنَّ حذيفة كان يعلم أسماء المنافقين أخبره بذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وقد سأله عمر بن الخطاب وأقسم عليه، فقال: أبالله أنا منهم؟ فقال حذيفة: لا، فبكى رضي الله عنه. أخرجه مُسدَّد كما في "المطالب"(3623)، وابن أبي شيبة 15/ 107، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 769، وأبو بكر الخلال في "السنة"(1288) وغيرهم. وقال =
ذكرُ مناقب خَبّاب بن الأرَتِّ، ويُكنى أبا عبد الله رضي الله عنه
-
قد كَثُر الاختلافُ في نَسَبِه، فقيل: خَبّابٌ حليفُ بني زُهْرةَ.
5732 -
كما أخبرَناهُ أبو جعفر البغدادي، حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحَرّاني
(1)
، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا أبو الأسود، عن عُروة بن الزُّبَير، قال: خَبّاب بن الأرتِّ بن خُوَيلد
(2)
بن سعد بن خُزَيمة بن كعب بن سعْد، حليفُ بني زُهْرةَ، وقيل: إنه مَولى بني زُهْرة
(3)
.
5733 -
كما أخبرَناهُ إبراهيم بن فِراسٍ الفقيهُ بمكةَ، حدثنا بكر بن سَهْل الدِّمْياطي، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا يحيى بن حمزة، عن الزُّبَيدي، عن الزُّهْري قال: كان خَبّاب بن الأرَتِّ مولَى بني زُهْرةَ
(4)
.
= الحافظ ابن حجر في "المطالب": إسناده صحيح.
(1)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: الحزامي.
(2)
كذا هي الرواية عن عروة في اسم جَدِّ خبّاب، وهو خلاف قول جماعة أهل النسب الذين سَمَّوا جدّه جَنْدلة.
(3)
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3611)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2339) عن محمد بن عمرو بن خالد الحراني، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 151 عن محمد بن عمر الواقدي، عن موسى بن يعقوب الزَّمْعي، عن أبي الأسود يَتيم عُروة، ذَكَر نَسَب خَبّاب، فقال: خَبّاب بن الأرتِّ بن جَنْدَلَة بن سعد بن خُزَيمة بن كعب، من بني سعد بن زيدِ مناةَ بن تَمِيم. هكذا سمَّى جدَّ خَبّابٍ جَنْدَلة، لكنه جعله من قول أبي الأسود يتيم عروة، لم يُجاوزْه.
(4)
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3612)، وفي "مسند الشاميين"(1823) عن بكر بن سهل، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(1823) من طريق هشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة، به.
وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 215، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(345)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2340)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(8) من طرق عن الزهري.
وقيل: مولى ثابتِ ابنِ أُمّ أنمارٍ:
5734 -
كما أخبرَناهُ أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا موسى بن زكريا التُّستَري، حدثنا خَليفة بن خَيّاط، قال: خَبّاب بن الأرَتِّ مولى ثابتِ ابن أمِّ أنمارٍ، وثابتٌ مولى الأخنَسِ بن شَرِيقٍ الثَّقَفي
(1)
.
وقيل: حبّابٌ مولى عُتبة بن غَزْوان:
5735 -
كما أخبرني أحمد بن علي المُقرئ، حدثنا أبو عيسى التِّرمِذي، حدثنا الحُسين بن علي بن يزيد الصُّدَائي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، قال: خَبّابُ بن الأَرتِّ مولى عُتبة بن غَزْوان
(2)
.
وأصحُّ هذه الأقاويلِ قولُ الزُّهْريّ، فإنَّ الروايةَ إليه صحيحةٌ.
5736 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتَيبة، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا محمد بن فُضَيل بن غَزْوانَ، عن أبيه، قال: سمعت
(1)
وهو في "طبقات خليفة" ص 126.
(2)
رجاله ثقات، لكن أخطأ إبراهيم بن سعد - وهو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزُّهري - في قوله هذا بأنَّ خبّاب بن الأرتّ كان مولى عُتبة بن غزوان، وإنما الذي كان مولًى لعُتبة بن غزوان هو خَبّابٌ آخر لا يُعرف اسم أبيه، وكان يكنى بأبي يحيى، وخباب بن الأرتّ يكنى بأبي عبد الله. وقد ذكرهما الزهري جميعًا فيمن شهد بدرًا كما رواه عنه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(345)، وكذلك فَعَلَ ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 680 و 681، وكذلك محمد بن حبيب البغدادي في "المحبّر" ص 288 ذكرهما جميعًا في تسمية من شهد بدرًا من الموالي، ونبَّه إلى التفريق بينهما أبو أحمد العسكري في "تصحيفات المحدثين" 2/ 427، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 1/ 469، وابن ماكولا في "الإكمال" 2/ 148، وأبو علي الجياني في "تقييد المُهمل وتمييز المشكل" 1/ 235، وعز الدين بن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 593 - 594، وغيرهم.
وقد وافق إبراهيمَ بنَ سعدٍ على قوله هذا: ابن حزم في "جوامع السيرة" ص 89، وابنُ عبد البر في "الدُّرر في اختصار المغازي والسير" ص 78، مع أنَّ ابن عبد البر ترجم لكلا الرجلين في "الاستيعاب"(656) و (658)!
كُرْدُوسًا يقول: إنَّ خباب بن الأرتِّ أسلَمَ سادسَ ستةٍ فكان سُدسَ الإسلامِ
(1)
.
5737 -
أخبرني أحمد بن سَهْل الفقيه ببُخَارَى، أخبرنا صالح بن محمد بن حَبيب الحافظ، حدثنا خَلَف
(2)
بن سالم، حدثنا يحيى بن آدمَ، عن وكيع بن الجَرّاح، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن مَعْدِي كَرِبَ، قال: خَبّابُ بن الأرتِّ يُكنى أبا عبد الله
(3)
.
5738 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوة، في تَسمية من شهِد بدرًا، قال: خَبّاب بن الأرتّ
(4)
.
5739 -
أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الأزهري، حدثنا محمد بن أحمد بن البَرَاء، حدثنا علي بن عبد الله المَدِينيّ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن محمد بن عبد الله ابن أخي الزُّهري، عن عمِّه، عن عُبيد الله بن عبد الله بن الحارث بن نَوفَل، قال: مات خَبّاب بن الأرتّ سنةَ سبع وثلاثين، وهو أولُ مَن قَبَره عليٌّ بالكوفة من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول مَن صُلِّي عليه بعد مَرجِع أميرِ المؤمنين من صِفِّينَ
(5)
.
(1)
رجاله ثقات كُردوس: هو ابن العباس الغَطَفاني، تابعيّ.
وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 49 و 14/ 312، وأحمد في "العلل ومعرفة الرجال" برواية ابنه عبد الله (6184)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(281)، والطبراني في "الكبير"(3613)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(2333)، وفي "حلية الأولياء" 1/ 143 و 359 من طرق عن محمد بن فضيل، به.
(2)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: خالد، وإنما هو خلف بن سالم المُخرَّمي الحافظ.
(3)
إسناده حسن من أجل الجَرَّاح والد وكيع - وهو الجَرَّاح بن مليح الرُّؤاسي - فهو صدوق. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، ومَعدي كَرِبَ: هو الهَمْداني المَشْرِقي، وهو تابعيٌّ كبير.
(4)
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3611)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2339) عن أبي عُلَاثة محمد بن عمرو بن خالد الحراني، بهذا الإسناد.
(5)
رجاله لا بأس بهم. محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري: هو ابن مسلم بن عُبيد الله. وانظر "طبقات ابن سعد" 3/ 153.
5740 -
أخبرنا عبد الله بن إسحاق بن الخُراساني العَدْل ببغداد، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البَلَديّ، حدثنا علي بن عَيّاش، حدثنا شُعيب بن أبي حَمْزة، عن الزُّهْري، عن عبيد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفَل، عن عبد الله بن خَبّاب، عن أبيه خَبّاب مولى بني زُهْرة، وكان قد شهِد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
5741 -
حدثنا علي بن عبد الله الحَكِيمي ببغداد، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِيّ، حدثنا طَلْق بن غَنَّامِ النَّخَعي، حدثنا محمد بن عِكرمة، عن أبيه، حدثني عبد الله بن خَبّاب بن الأرَتّ، قال: كان الناسُ يَدفِنُون مَوتاهُم بالكوفة، حتى جاء خَبَّابًا سَهمٌ، فلما ثَقُلَ قال لي: يا بُنيّ، ادفِنّي بالظَّهْر، فإنك لو دَفَنْتَني بالظَّهْر قيل: دُفِنَ رجلٌ من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما ماتَ خبَّاب دُفِن بالظَّهْر، فكان أولَ مَدفُونٍ دُفِن بالظَّهر، فدَفَنَ الناسُ مَوتاهُم بالظَّهْر
(2)
.
5742 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، قال: خَبّاب بن الأرَتِّ بن جَنْدَلة بن سعْد بن خُزيمة بن كَعْب بن سعد من بني سعد بن زيدِ مَناةَ، وكان فيما ذُكِر أنه سُبِيَ بمكةَ،
(1)
إسناده صحيح. وذكر شهود خباب بدرًا من قول الزهري كما سيأتي.
وأخرجه أحمد 34/ (21053) عن علي بن عياش، بهذا الإسناد. وساق الحديث في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ربَّه ثلاثَ خصالٍ.
وأخرجه أحمد أيضًا (21053) عن أبي اليمان، والنسائي (1334) من طريق عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي، وبقية بن الوليد، ثلاثتهم عن شعيب بن أبي حمزة، به.
وجاء عند البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 215: وقال علي بن عياش، حدثنا شعيب، عن الزهري: أن خبابًا شهد بدرًا حليف بن زهرة. فبيَّن البخاري أنَّ هذا الحرف من قول الزهري، فهو إذًا مدرجٌ في الخبر، وإنما هو جملةٌ معترضةٌ من قول الزهري لدى روايته حديث خبابٍ هذا.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة محمد بن عكرمة - وهو ابن قيس بن الأحنف النخعي - وجهالة أبيه.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 153 - وعنه البَلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 179 - عن طَلْق بن غَنَّام النَّخَعي، بهذا الإسناد.
فاشتَرتْه أمُّ أنمارٍ بنت سِبَاعٍ الخُزَاعيّة، وآخَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين خبّابٍ وبين جُبير بن عَتِيك، وشهد خبّابٌ بدرًا وأحدًا والخندقَ والمَشاهِدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتُوفي خبّاب سنة سبع وثلاثين وهو يومئذٍ ابن ثلاثٍ وسبعينَ سنةً
(1)
.
5743 -
حدثنا عبد الباقي بن قانِع، حدثنا إبراهيم بن أحمد بن عُمر الوَكِيعي، [حدثنا الأزرق بن علي] حدثنا حسان بن إبراهيم، حدثنا محمد بن سَلَمة
(2)
بن كُهيل [عن أبيه]
(3)
عن المغيرة بن عبد الله اليَشْكُري، عن قيس بن أبي حازم، عن خَبّاب، قال: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو مُضطَجِعٌ تحت شجرةٍ واضعٌ يدَه تحت رأسِه، فقلتُ: يا رسولَ الله، ألا تدعُو الله على هؤلاء القومِ الذين قد خَشِينا أن يَرُدُّونا عن دِيننا؟ فصَرَف عنّي وجهَه ثلاثَ مَرّاتٍ، كلَّ ذلك أقولُ له فيصرِفُ وجهَه عني، فجلَس في الثالثة،
(1)
محمد بن عمر: هو الواقدي، وقد ذكر ابن سعد في "الطبقات" 3/ 151 عن الواقدي قولَه في نسبة خبّاب المذكور: كذلك يقول ولَدُ خبّابٍ أيضًا.
ثم قال ابن سعد: قالوا: كان أصابه سِباءٌ، فاشترتْه أم أنمار، وهي أم سباع الخُزاعية. وقال ابن سعد 8/ 136: سمعتُ من يذكر أنه رجلٌ من العرب من بني سعد بن زيد مَناة بن تميم، وكان أصابه سباء فاشترته أم أنمار فأعتقته.
ثم ذكر ابن سعد 3/ 152 خبر المؤاخاة والمشاهد التي شهدها خباب مصدّرًا ذلك بقوله: قالوا. غير أنه سمّى الصحابيَّ الذي آخى خبابًا جبْرًا، بالتكبير، وهما قولان في اسمه.
ثم ذكر وفاة خباب وسنّه يوم توفي عن محمد بن عمر الواقدي، لكن أسنده الواقدي إلى عبد الله بن خباب أنه هو مَن أخبر بذلك.
وفي شأن المؤاخاة، فقد ورد ما يخالف هذا الذي هنا، فجزم محمد بن حبيب في "المحبَّر" ص 73 أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين خباب وجبّار بن صخر.
وذكر ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 206 أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخي بين خباب وتميم مولى خراش بن الصمَّة، ثم قال: وقيل: بل آخى بينه وبين جَبر بن عتيك، ثم قال: والأول أصحُّ.
(2)
تحرَّف في (ز) إلى: مسلم بن سلم، وفي (ب) إلى: مسلم بن سالم.
(3)
ما بين المعقوفان سقط من نسخنا الخطية، ومن "الإتحاف"(4473)، ولا بدّ من ذكره كما في رواية الطبراني في "الكبير"(3648)، و"الأوسط"(2666) عن إبراهيم بن أحمد الوكيعي.
فقال: "أيُّها الناسُ، اتقُوا الله واصبِرُوا؛ فوالله إن كان الرجلُ من المؤمنين قبلَكم لَيُوضَعُ المِنشارُ على رأسِه، فيُشَقُّ باثنتَين، وما يَرتدُّ عن دِينِه، اتقُوا الله، فإنَّ الله فاتحٌ لكم وصانعٌ"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5744 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سُليمان، حدثنا أسَدُ بن موسى، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمَش، عن أبي إسحاقَ، عن حارثة بن مُضَرِّب، عن خَبّاب، قال: لقد خَشِيتُ أن يَذهبَ بأُجورِنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ما أصَبْنا بعدَه من الدُّنيا
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل محمد بن سلمة بن كُهيل، فهو متروك الحديث، وقد تابعه أخوه يحيى، وهو مثلُه متروك الحديث. لكن يُروى هذا الحديث من طريق أخرى صحيحة بسياقة أخرى كما سيأتي بيانه، وهي تُغني عن هذه الرواية.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3648)، وفي "الأوسط"(2666)، ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2346) عن إبراهيم بن أحمد الوكيعي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الصبر والثواب"(85)، والبزار (2127) من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن المغيرة اليشكري، به.
ويغني عنه ما أخرجه أحمد 34/ (21057)، و (21073) و 45 / (27217)، والبخاري (3612) و (3852) و (6943)، وأبو داود (2649)، والنسائي (5862)، وابن حبان (6698) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، والبخاري (3852)، والنسائي (5862)، وابن حبان (2897) من طريق بيان بن بشر، كلاهما عن قيس بن أبي حازم، عن خباب، قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل الكعبة متوسدًا بُردةً له، فقلنا: يا رسول الله، ادعُ الله لنا واستنصِرْه، قال: فأحمرّ وجهه أو تغيّر، فقال:"لقد كان من كان قبلكم يُحفَر له حُفرةٌ، ويُجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشَقُّ، ما يصرفه عن دينه، ويُمشَّطُ بأمشاط الحديد ما دون عظمٍ من لحم أو عصب، ما يصرفه عن دينه، وليُتمَّنَّ الله هذا الأمرَ، حتى يسير الراكبُ ما بين صنعاء إلى حضرموت، لا يخشى إلّا الله، والذئبَ على غنمه، ولكنكم تعجلون".
(2)
إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضَّرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي. =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب عَمّار بن ياسِر رضي الله عنه
-
5745 -
سمعتُ أبا بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ يقول: سمعتُ أبا مُسلم إبراهيم بن عبد الله يقول: سمعتُ مصعبَ بن عبد الله الزُّبَيري يقول: عَمّار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كِنانةَ بن قَيس بن الحُصَين بن الوَذِيم
(1)
بن ثَعلبةَ بن عَوف
(2)
بن حارثة بن مالك بن عَنْس
(3)
بن زيد
(4)
.
5746 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: كان عمّار بن ياسر وأبوه وأمُّه أهلَ بيتِ إسلامٍ، وكان بنو مَخزُوم يُعذِّبُونهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صبرًا يا آلَ ياسر،
= وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3679) عن المقدام بن داود الرُّعَيني، عن أسد بن موسى، بهذا الإسناد.
وانظر "مسند أحمد" 34/ (21058) و (21069)، و"صحيح البخاري"(1276) و (5672)، و"صحيح مسلم"(940).
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: حريم، بالحاء ثم الراء المهملتين، وإنما هو بالواو ثم الذال المعجمة. والتصويب من كتب الأنساب، مثل "نسب مَعَدٍّ واليمن الكبير" لابن الكلبي 1/ 337. و "الإصابة" لابن حجر 4/ 575.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: عمرو، والتصويب من المصدرين السابقين.
(3)
تصحف في (ز) و (ص) و (ب) إلى: عبس، بالباء الموحدة بدل النون.
(4)
نسبه ابن الكلبي في "نسب مَعَدٍّ واليمن الكبير" 1/ 337 فخالف ما وقع هنا، فقال: عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الجعيد بن الوَذِيم بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر بن يام بن عَنْس. ويام أخو مالك.
وكذلك نسبه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 227 غير أنه سمَّى الحصين بدل الجُعيد كما سُمّي في روايته مصعب الزبيري عند المصنّف.
وكذلك نسبه خليفة في "الطبقات" ص 21 و 75، والطبري في "ذيل المذيّل" كما في "منتخبه" 11/ 508، وغيرهم، كلهم ذكر الحصين، وكلهم قال: يام بن عَنْس.
فإنَّ مَوعِدَكم الجنةُ".
قال: وكان اسمُ أمِّ عمارِ بن ياسر سُمَيَّةَ بنتَ سَلْم بن لَخْمٍ
(1)
.
5747 -
أخبرني أحمد بن علي المُقرئ، حدثنا أبو عيسى محمد بن عيسى التِّرمِذي، حدثنا سُرَيج بن يونس، حدثنا أبو معاوية، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جَعفر محمد بن عليّ، قال: قال عليٌّ لعَمّار بن ياسر: يا أبا اليَقْظانِ
(2)
.
5748 -
أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنْعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن زياد بن جِيْلٍ، عن أبي كَعْب الحارثي: أنه دَخَلَ على عثمانَ، فجاء رجلٌ طُوَالٌ أصلعُ في مُقدَّم رأسِه شَعَراتٌ، فقلتُ: من هذا؟ فقالوا: عمارُ بنُ ياسر
(3)
.
5749 -
حدثني علي بن حَمْشاذَ، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عمرو بن مَرْزُوق، أخبرنا شُعبة، عن عمرو بن مُرَّة، عن عبد الله بن سَلِمةَ، قال: رأيتُ عمارَ بنَ ياسرٍ
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم لكنه مرسل، إلّا أنه سيأتي مسندًا متصلًا برقم (5770).
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(1515) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد، لكنه قال: عن ابن إسحاق، قال: فحدثني رجالٌ من آل عمار بن ياسر
…
فذكر الخبر.
وكذلك أخرجه ابن الأثير في "أُسد الغابة" 3/ 628 من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار، به.
والخبر عند ابن هشام في "السيرة النبوية" 1/ 319 - 230، وهي بروايته عن زياد بن عبد الله البكائي عن ابن إسحاق، مثل رواية المصنف هنا دون ذكر الرجال من آل عمار.
(2)
رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسل، فلم يُدرك أبو جعفر محمد بن علي - وهو ابن الحسين بن علي بن أبي طالب - جدَّ أبيه عليًّا. ولمحمد بن إسحاق فيه إسنادٌ آخر محتمل للتحسين تقدَّم برقم (4730) مطوَّلًا. أبو معاوية: هو محمد بن خازم.
(3)
إسناده ضعيف لجهالة زياد بن جيل وأبي كعب الحارثي.
وهو في "جامع معمر بن راشد"(20732)، وأخرجه من طريقه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(273) ضمن حديث مُطوَّل.
يومَ صِفِّينَ آدمَ طُوالًا، بيده الحَرْبةُ
(1)
.
5750 -
حدثنا أبو محمد المُزَني، حدثنا أحمد بن نَجْدةَ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا الحارث بن مُرّة، عن كُلَيب بن مَنْفَعة، عن أبيه، قال: رأيتُ عمار بن ياسر بالكُنَاسةِ أسودَ جَعْدًا، وهو يقرأُ هذه الآيةَ:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} [الروم: 20]
(2)
.
5751 -
أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن مَسْلَمة الواسِطيّ، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا شُعبة، عن عمرو بن مُرّة، قال: سمعتُ عبدَ الله بن سَلِمَة يقول: رأيتُ عمارَ بنَ ياسر يومَ صِفِّينَ شيخًا طُوَالًا آخذَ الحَرْبةِ بيدِه ويدُه تُرعَدُ، فقال: والذي نفسِي بيدِه، لقد قاتلْتُ بهذِه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثَ مراتٍ، وهذه الرابعةُ، ثم قال: والذي نفسِي بيدِه، لو ضَرَبُونا حتى يَبلغُوا بنا سَعَفاتِ هَجَرَ لعَرفتُ أنا على الحقّ، وهم على الباطل
(3)
.
(1)
خبر حسنٌ إن شاء الله، عبد الله بن سَلِمة - وهو المرادي الكوفي ضعيفٌ يعتبر به، وشهود عمار بن ياسر يوم صفين مشهور.
وأخرجه أحمد 31 / (18884)، وابن حبان (7080) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، به.
وسيأتي برقم (5751) و (5782).
(2)
إسناده ضعيف لجهالة كليب بن منفعة، ويحيى بن عبد الحميد - وهو الحِمَّاني - ليس بعُمدة، وقد خالفه من هو أوثق منه، فرووا هذا الخبر عن الحارث بن مُرّة عن كليب بن منفعة عن سَليط بن عطية الحَنَفي كما سيأتي.
وأخرجه أبو الحسن السُّكّري في "مشيخته"(101) من طريق محمد بن عباد سَنْدولة، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 363 من طريق زياد بن أيوب، كلاهما عن الحارث بن مرّة، عن كليب بن منفعة، عن سَلِيط بن عطية الحنفي؛ كذا سماه سندولة، وقال زياد في روايته: سَلِيط بن سَلِيط، والصحيح: سليط بن عطية، كما في "تاريخ البخاري" 4/ 191، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 4/ 286، و "الثقات" لابن حبان 4/ 342.
(3)
خبر حسنٌ إن شاء الله، عبد الله بن سلمة - وهو المرادي الكوفي - ضعيف يُعتبر به. =
5752 -
أخبرني أبو جعفر محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثني أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوة، في تسميةِ مَن شهِد بدرًا مِن حُلفاء بني مَخزُوم: عمارُ بن ياسر
(1)
.
5753 -
وأخبرنا أبو جعفر، حدثنا المِقدامُ بن داود الرُّعَيني، حدثنا خالد بن نِزَار، حدّثنا عمر بن قيس، عن عطاء بن أبي رَبَاح، قال: هاجَرَ أبو سَلَمة وأمُّ سلَمة، وخرج معهم عمّار بن ياسِر، وكان حليفًا لهم
(2)
.
5754 -
أخبرني محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حدثنا عُبيد الله بن سعد الزُّهري، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، قال: بَلَغَنا أنَّ
= وقولُ عمار بن ياسر يوم صفين في آخر الخبر هنا: والذي نفسي بيده
…
قد رُوي من وجه آخر عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 15/ 289، وإسناده محتمل للتحسين.
ومن وجه ثالث عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 238، ورجاله ثقات لكنه مرسل.
وانظر ما تقدم برقم (5749).
وسَعَفَات هَجَر: السَّعَفات: جمع سَعَفَة، بالتحريك: وهي أغصان النخيل، قال ابن الأثير: إنما خصَّ هجر للمباعدة في المسافة، ولأنها موصوفة بكثرة النخيل. ولمعرفة هجر انظر ما تقدَّم بيانه برقم (4425).
(1)
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 381 من طريق يعقوب بن سفيان، عن عمرو بن خالد الحَرّاني وحسان بن عبد الله الواسطي، عن ابن لَهِيعة، به.
(2)
إسناده تالفٌ، عمر بن قيس - وهو المكي المعروف بسَنْدل - متروك الحديث، والمقدام بن داود ضعيف، على أنه مرسلٌ أيضًا.
ويخالفه ما تقدَّم عند المصنف برقم (4300) بإسناد حسن عن البراء بن عازب، قال: أول من قدم علينا المدينة من المهاجرين مصعب بن عُمير وابن أم مكتوم
…
ثم قدم سعد بن مالك وعمار بن ياسر، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين
…
وليس في شيء من طرقه أنَّ أبا سلمة وأم سلمة كانا في قَدْمة عمار بن ياسر.
وأما حِلْف عمار بن ياسر فقد كان لبني مخزوم، وهم قَبيل أم سلمة وأبي سلمة، فكلاهما مخزوميٌّ.
عمارَ بنَ ياسرٍ قال: كنت تِرْبًا لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، لم يكن أقربَ به سِنًّا مني
(1)
.
5755 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله، عن الحَكَم بن عُتَيبة، قال: قدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم[المدينةَ]
(2)
أولَ ما قَدِمَها، فقال عمار بن ياسر: ما لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بُدٌّ من أن نجعلَ له مكانًا إذا استَيقَظ من قائِلتِه استَظلَّ فيه وصلَّى فيه، فجَمَع عمارٌ حِجارةً، فَسَوَّى مَسجِدَ قُباءٍ، فهو أولُ مسجد بُني وعَمّارٌ بَناهُ
(3)
.
5756 -
فأخبرنا أبو عَمرو بن السَّمّاك، حدثنا الحُسين بن أبي مَعْشَر، حدثنا وَكيع بن الجَرّاح، حدثنا المَسعُودي، عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: أولُ مَن بَنى مسجدًا فصُلَّي فيه عَمّارُ بن ياسر
(4)
.
(1)
وأخرجه ابن عساكر 43/ 362 من طريق أبي الطيب محمد بن جعفر الزّرَّاد بمنبج، عن عبيد الله بن سعيد الزهري، به. وإبراهيم: هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
(2)
سقط ذكر المدينة من نسخنا الخطية، ولا بدَّ من ذكرها، واستدركناها من "أسد الغابة" لعز الدين بن الأثير 3/ 630 حيث أسند هذا الخبر من رواية يونس بن بُكَير.
(3)
ضعيف، عبد الرحمن بن عبد الله - وهو ابن عتبة المسعُودي - كان قد اختلط، وخبره هذا مرسل أيضًا، والحكم بن عتيبة من صغار التابعين.
وأخرجه عزّ الدين بن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 630 من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار، به.
والمشهور أنَّ الذي بنى مسجد قباء هو النبي صلى الله عليه وسلم ومعه بعض الصحابة كما في حديث الشموس بنت النعمان عند الطبراني في "الكبير" 24/ (801) و (802)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3488)، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(7713).
وكما في "صحيح البخاري"(3906) من مرسل عروة بن الزبير قال: فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأَسَّس المسجد الذي أُسِّس على التقوي، وصلَّى فيه رسول صلى الله عليه وسلم.
(4)
إسناده ضعيف لضعف الحسين بن أبي مَعْشَر، ولإرساله؛ لأنَّ القاسم بن عبد الرحمن - وهو ابن عبد الله بن مسعود - لم يدرك عمارًا، وقد توبع ابن أبي معشر، فيبقى في الخبر علّة =
5757 -
فحدثنا أبو عبد الله بن بُطّة الأصبَهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر: حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن التَّيْمي عن أبيه، وحدثني عبد الله بن جعفر المَخْرَمي عن ابن أبي عَون، وحدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عُمر، في تسمية مَن آخَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينَهم من المُهاجِرين والأنصار، قالوا: آخَي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين عمّار بن ياسر وحُذيفة بن اليَمَان - قال عبد الله بن جعفر: إن لم يكن حذيفةُ شَهِدَ بدرًا فإنَّ إسلامَه كان قديمًا - وقالوا جميعًا: شهِدَ عمّار بنُ ياسر بدرًا وأحدًا والخَندقَ والمشاهِدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
5758 -
قال ابن عُمر: وحدثني عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: رأيتُ عمّار بن ياسر يومَ اليَمَامة على صَخْرةٍ، وقد أشرفَ يَصيحُ: يا معشر المسلمين، أمِن الجنّة تَفِرُّون؟! أنا عمّار بن ياسر، أمِن الجنَّةِ تَفِرُّون؟! أنا عمّار بن ياسر، هَلُمَّ إليّ، وأنا انظر إلى أُذُنِه قد قُطِعت فهي تَذَبْذَبُ، وهو يقاتلُ أشدَّ القتال
(2)
.
5759 -
قال ابن عمرُ: وحدثني عبد الله بن أبي عُبيدة، عن أبيه، عن لُؤلؤة مَولاةِ أمِّ الحَكَم ابنةِ عمار بن ياسر، قالت: لما كان اليومُ الذي قُتل فيه عمّار بنُ ياسِر
= الإرسال. المسعودي: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عُتبة.
وأخرجه ابن سعد في 3/ 231، وابن أبي شيبة 12/ 121 و 14/ 79 و 320، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 162، وابن أبي عاصم في "الأوائل"(115)، وأبو عروبة الحَرّاني في "الأوائل"(63)، والطبراني في "الأوائل"(80)، وفي "المعجم الكبير"(8961)، وابن عساكر 10/ 446 و 43/ 378 و 379 و 60/ 166 من طرق عن المسعودي، به.
(1)
انظر "طبقات ابن سعد" 3/ 232 و 4/ 250.
(2)
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 235، وعنه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 161 عن محمد بن عُمر الواقدي، به.
قوله: تَذَبَذَبُ، أي: تَتَحرّك.
والرايةُ يَحملُها أبو هاشم بن عُتبة، وقد قُتل أصحابُ عليٍّ ذلكَ اليومَ حتى كان العصرُ، ثم تَقدَّم عمّار بن ياسر ورأى أبا هاشم يَقْدُمُه، وقد جَنَحَتِ الشمسُ الغُروب، ومع عَمّار ضَيْحٌ من لَبَنٍ يَنتظِرُ وُجُوبَ الشمس أن يُفطِر، فقال حين وَجَبَت الشمسُ وشَرِبَ الضَّيْحَ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "آخِرُ زَادِك من الدنيا ضَيْحٌ مِن لَبَنٍ"، قال: ثم اقتَربَ فقاتَلَ حتى قُتِل، وهو ابن أربعٍ وتِسعين سنةً
(1)
.
5760 -
قال ابن عُمر: وحدثني عبد الله بن الحارث، عن أبيه، عن عُمارة بن خُزَيمة بن ثابتٍ، قال: شهدَ خُزَيمةُ بن ثابت الجَمَل، وهو لا يَسُلُّ سَيفًا، وشهِدَ صِفِّين، قال: أنا لا أضِلُّ أبدًا حتى يُقتَل عمّارٌ، فأنظُرَ مَن يَقتُلُه، فإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"تَقتُلكَ الفِئةُ الباغِيَةُ". قال: فلما قُتل عمّار، قال خُزيمةُ: قد حانَتْ لي الضَّلالة، ثم اقترب فقاتَلَ حتى قُتِل، وكان الذي قتل عمارًا أبو غاديةَ المُزَني طَعَنه برُمحٍ فسَقَط، وكان يومئذٍ يُقاتِل وهو ابن أربعٍ وتِسعين، فلما وقع كَبَّ عليه رجلٌ آخرُ فاحتَزَّ رأسَه، فأقبَلا يَختَصِمان كلٌّ منهما يقول: أنا قتلتُه، فقال عَمرو بن العاص: والله إن يَختَصِمان إلَّا في النار، فسَمِعَها منه معاويةُ، فلما انصرف الرجلانِ، قال معاويةُ لعمرو: ما رأيتُ مثلَ ما صنعتَ، قومٌ بَذَلُوا أنفُسَهم دُونَنا، تقولُ لهما: إنكما تختصمانِ في النار؟! فقال عَمرو: هو واللهِ ذاكَ، واللهِ إنك لَتَعْلمُه ولَوَدِدتُ أني مِتُّ قبلَ هذا بعشرين سنةً
(2)
.
(1)
وأخرجه ابن سعد 3/ 171 - 172 عن محمد بن عُمر الواقدي، به. لكنه قال: والراية يحملها هاشم بن عُتبة، وهو الصحيح كما سيأتي برقم (5792) و (5796).
وللمرفوع منه شاهد من رواية إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف سيأتي عند المصنف برقم (5772) وإسناده صحيح.
وآخر من مرسل أبي البَخْتَري سيأتي عند المصنف كذلك برقم (5773)، ورجاله ثقات. والضَّيْحُ والضَّيَاحُ: اللبنُ الخاثر يُصَبُّ فيه الماءُ ثم يُخلَط.
(2)
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 239 - 240، ومن طريقه ابن عساكر 16/ 370 و 43/ 471 عن محمد بن عمر الواقدي، به. والواقدي تفرد بهذا السياق، وهو متكلَّم فيه.
5761 -
قال ابن عُمر: وحدثني عبد الله بن جعفر، عن ابن أبي عَون، قال: أقبلَ عمّارٌ وهو ابن إحدى وتِسعين سنةً، وكان أقدَمَ في الميلاد من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكان أقبل إليه ثلاثةُ نَفَرٍ: عقبةُ بن عامر الجُهَني وعُمر بن الحارث الخَوْلاني وشَرِيك بن سَلَمة، فانتهَوا إليه جميعًا وهو يقول: والله لو ضَربتُمونا حتى تَبْلُغُوا بنا سَعَفَاتِ هَجَرَ، لعَلِمْنا أنَّا على الحقِّ وأنتم على الباطل، فحَمَلُوا عليه جميعًا فقَتَلُوه. وزعم بعضُ الناسِ أنَّ عُقبة بن عامر هو الذي قَتَله، ويقال: بل قتله عمرُ بن الحارث الخَوْلاني
(1)
.
5761 م - قال ابن عمر: والذي أُجمِعَ عليه في عمّار أنه قُتِل مع عليِّ بن أبي طالب بصِفِّين في صَفَر سنةَ سبعٍ وثلاثين، وهو ابن ثلاثٍ وتِسعين سنةً، ودُفن هناك بصِفِّين.
5762 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا مُسلم بن إبراهيم، حدثنا رَبيعة بن كُلْثوم، حدثني أبي، قال: كنتُ بواسطِ القَصَب في مَنزِلِ عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر، فقال الآذِنُ: هذا أبو غاديةَ الجُهَني يَستأذِن، فقال عبدُ الأعلى: أدخِلُوه فأُدخِل وعليه مُقَطَّعاتٌ، فإذا رجلٌ طُوَالٌ ضَرْبٌ من الرِّجال، كأنه ليس من هذه الأُمّة، فلما قَعَد قال: كنا نَعُدُّ عمارَ بنَ ياسر من خِيَارِنا، قال: فواللهِ إني لَفِي مَسجدِ قُباءٍ فإذا هو يقولُ - وذكر كلمةً - لو وَجَدتُ عليه أعوانًا لَوطِئتُه حتى أقتُلَه، قال: فلما كان يومُ صِفِّينَ أقبلَ يمشي أولَ الكَتِيبة راجِلًا، حتى كان بين الصَّفَّين طُعِنَ رجُلٌ بالرُّمْح فصُرِع، فانكفأ المِغفَرُ عنه، فأَضرِبه فإذا هو رأسُ عمارِ بن ياسر. قال: يقولُ مَولًى لنا: لم أرَ رجُلًا أبْيَنَ ضَلالةً منه
(2)
.
(1)
تفرَّد به محمد بن عمر الواقدي، وهو متكلَّم فيه.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 340، ومن طريقه البَلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 170، وابن عساكر 43/ 471 - 472 و 73/ 369، عن محمد بن عمر الواقدي، به.
ابن أبي عَون: اسمُه عبد الواحد، وعبد الله بن جعفر: هو المَخرمي من ولد المِسور بن مَخْرمة.
(2)
إسناده قويّ من أجل ربيعة بن كلثوم - وهو ابن جَبْر البصري - فهو صدوق ولا بأس به، وهو متابع.=
5763 -
أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّنْعاني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عَبّاد، أخبرنا عبد الرزاق، عن مَعْمر، عن ابن طاووس، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، عن أبيه أخبره، قال: لما قُتل عَمّار بن ياسر دَخَل عَمرُو بن حَزْم على عَمرو بن العاص، فقال: قُتِل عمارٌ، وقد سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"تَقتُلُه الفِئةُ الباغِيةُ"، فقام عَمرٌو فَزِعًا، حتى دخل على معاويةَ، فقال له معاويةُ: ما شأنُك؟ فقال: قُتل عمار بن ياسر، فقال: قُتل عمار، فما ذا؟ فقال عَمرو: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تَقتُله الفِئةُ الباغيَةُ"، فقال له معاويةُ: أنحنُ قتَلْناهُ، إنما قتَلَه عليّ وأصحابُه، جاؤوا به حتى أَلقَوه بين رِماحِنا، أو قال: سُيوفنا
(1)
.
صحيح على شرطهما، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.
5764 -
أخبرنا أبو زكريا العَنْبري
(2)
، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق، حدثنا عطاء بن مُسلم الحَلَبي، قال: سمعتُ الأعمشَ يقول: قال أبو عبد الرحمن السُّلَمي: شَهِدْنا صِفِّينَ، فكنا إذا تَوادَعْنا دخَل هؤلاءِ في عَسكَر هؤلاءِ، وهؤلاءِ في عسكر هؤلاءِ، فرأيتُ أربعةً يَسِيرون: معاويةُ بن أبي سفيان وأبو الأعْور السُّلَمي وعَمرو بن العاص وابنُه، فسمعتُ عبدَ الله بن عَمرو يقول لأبيه عمرو: قد قَتلْنا هذا الرجلَ، وقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فيه ما قالَ، قال: أيُّ رجلٍ؟ قال: عمّارُ بنُ ياسر، أما تذكُر يوم بَنَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فكُنّا نَحمِل لَبِنةً لَبِنةً، وعمّارٌ يَحمِل لَبِنتَين
= وأخرجه أحمد 27/ (16698) من طريق عبد الله بن عون، عن كلثوم بن جبر بنحوه.
وواسط القصَب: اسم كان يُطلق على واسط، لأنها كانت قصبًا قبل أن يبني الحجّاج بها بلدًا، فقيل لها واسط القصب.
والمُقطَّعات: هي الثياب القِصار، لأنها قُطعت عن بلوغ التمام.
والضَّرْبُ من الرجال: هو الخفيف اللحم المَمشُوقُ المُستدِقّ.
(1)
إسناده صحيح. ابن طاووس: هو عبد الله. وهو مكرر ما تقدَّم برقم (2695).
(2)
تحرَّف في (ص) و (م) إلى: العبدي.
لَبِنتَين، فمرّ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "تَحمِلُ لَبِنتَين، لَبِنتَين، وأنتَ تُرحَضُ
(1)
"، قال: أما إنك ستقتُلُك الفئةُ الباغِيةُ وأنت مِن أهلِ الجَنّة". فدخل عَمرو على معاويةَ، فقال: قَتلْنا هذا الرجلَ، وقد قال فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما قالَ! فقال: اسكُتْ فوالله ما تَزالُ تَدْحَضُ
(2)
في بَولِكَ، أنحنُ قتلْناهُ؟! إنما قتلَه عليٌّ وأصحابُه، جاؤوا به حتى القَوهُ بيننا
(3)
.
(1)
تُرحَضُ معناه: تَعرقُ فيكثر عَرَقُك على جبينك مِن شَكْوى.
(2)
تحرَّف في (ز) و (ص) و (م) إلى: ترحض، وجاء على الصواب في (ب)، والدَّحْض: الانزلاق أي: انزلَقْت في بولك.
(3)
صحيح دون ذكر حضور عمرو بن العاص وابنه عبد الله بناء المسجد، فإنَّ بناء المسجد كان لدى قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة أولَ الهجرة، وعمرو بن العاص كان إسلامه قُبيل فتح مكة كما في حديثه الذي رواه ابن إسحاق، وتقدَّم عند المصنف برقم (5377)، ولهذا قال الذهبي في "تلخيصه": هو كما ترى خطأ، فأين كان عمرو وابنه يوم بناء المسجد؟! وعطاءٌ ضعفَّه أبو داود. قلنا: وهو مضطرب الحديث، وقد خالفه ثقات أصحاب الأعمش، فلم يَرِد في شيء من رواياتهم ذكر حضور عمرو بن العاص وابنه بناءَ المسجد إلّا في رواية أسباط بن محمد عن الأعمش كما سيأتي، وكانت له أوهام. إسحاق: هو ابن راهويه.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 551، ومن طريقه ابن عساكر 43/ 414 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(14327) عن محمد بن إسحاق بن راهويه، عن أبيه، به.
وأخرجه الطبري في "تاريخه" 5/ 40 - 41 من طريق الوليد بن صالح الضّبّي النَّخّاس، عن عطاء بن مسلم، به.
وأخرجه أحمد 11 / (6499) و (6927)، والنسائي (8499) من طريق أبي معاوية، وأحمد (6500) و (6926)، والنسائي (8500) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن الأعمش، عن عبد الرحمن بن زياد - وكذا قال أبو معاوية، وقال الثوري: بن أبي زياد - عن عبد الله بن الحارث، قال: إني لأسير مع معاوية في منصرفه من صِفّين بينه وبين عمرو بن العاص، فذكر نحوه ليس فيه ذكر بناء المسجد. وإسناده صحيح.
وكذلك أخرجه النسائي (8498) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش عن عبد الرحمن =
5765 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرحمن بن المُبَارك، حدثنا المُعتمِر بن سليمان، عن أبيه، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو: أنَّ رجُلَين أتيا عمرَو بنَ العاص يَختصِمان في دمِ عمّار بن ياسر وسَلَبِه، فقال عمرو: خَلِّيا عنه؛ فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهمَّ أُولِعَت قُريشٌ بعمّارٍ، قاتلُ عمّار وسالِبُه في النارِ"
(1)
.
= ابن زياد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. لكنه لم يذكر في الإسناد عبد الله بن الحارث بن نوفل، والصحيح ذكره.
لكن أخرجه أبو يعلى (7351)، والطبراني في "الكبير"(14246) و 19/ (758) و (759) وابن عساكر في "تاريخه" 43/ 413 من طريق أسباط بن محمد، عن الأعمش، عن عبد الرحمن بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، بمثل رواية عطاء بن مسلم عن الأعمش التي عند المصنف، غير أنه خالفه في الإسناد ووافق أبا معاوية والثوريَّ فيه. وأسباطٌ هذا عنده أوهام.
وأخرجه أحمد (6538) و (6929)، والنسائي (8496) من طريق حنظلة بن خويلد العنزي، قال: بينما أنا عند معاوية إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار، يقول كلُّ واحدٍ منهما: أنا قتلتُه، فقال عبد الله بن عمرو: ليَطِبْ به أحدكما نَفْسًا لصاحبه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"تقتلُه الفئة الباغية"، قال معاوية: فما بالُك معنا؟! قال: إنَّ أبي شكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أطع أباك ما دام حيًّا ولا تَعصِه"، فأنا معكم ولستُ أقاتِلُ. وإسناده حسن، وليس فيه ذكر بناء المسجد.
وانظر ما قبله.
على أنه قد صحَّ قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا لعمار بن ياسر لدى بناء المسجد، لكن من حديث أبي سعيد الخدري كما تقدَّم عند المصنف برقم (2685)، وأما من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وأبيه فلا، والله تعالى أعلم.
(1)
رجاله ثقات لكن خالفَ فيه عبدَ الرحمن بنَ المُبارك جماعةُ أصحاب المعتمر بن سليمان الذين رووه عنه عن ليث بن أبي سُليم عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو، فذكروا ليث بن أبي سُليم بدل سليمان والد المعتمر - وهو ابن طَرْخان التيمي - وليثٌ سيئ الحفظ، وأما سليمان التيمي فثقة، والصحيح ذكر ليثٍ.
فأخرجه مسدَّد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (4415)، وأخرجه ابن أبي=
تفرَّد به عبدُ الرحمن بن المُبَارك - وهو ثقةٌ مأمُون - عن مُعتمِر عن أبيه، فإن كان محفوظًا فإنه صحيحٌ على شرط الشَّيخَين، وإنما رواهُ الناسُ عن مُعتمِر عن لَيثٍ عن مُجاهِد.
5766 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا هارون بن سُليمان الأصبَهاني، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، عن سفيان.
وأخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تَمِيم القَنْطَري، حدثنا أبو قِلابَة، حدثنا أبو عاصم، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي، قال: استأذَنَ عمّارُ بنُ ياسر على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنا عندَه فقال: "ائذَنُوا له" فلما دخل قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَرحبًا بالطَّيِّبِ المُطيَّبِ"
(1)
.
= عاصم في "الآحاد والمثاني"(803) عن العباس بن الوليد النَّرْسيّ، وابن أخي ميمي الدقَّاق (218)، وأبو طاهر المُخلِّص في "المخلِّصيّات"(1042)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 426 من طريق صالح بن حاتم، وأبو محمد الحسن بن أحمد المَخْلدي في "أماليه"(26)، ومن طريقه ابن عساكر 43/ 474 من طريق عمرو بن علي الفلاس، أربعتهم (مسدّد والعباس النرسي وصالح بن حاتم وعمرو بن علي) عن المعتمر بن سليمان، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو.
وقد أخرج أحمد 29/ (17776) وغيره من رواية أبي غادية، قال: قُتل عمار بن ياسر، فأُخبر عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: "قاتل عمار وسالبُه في النار"، فقيل لعمرو: فإنك هو ذا تقاتلُه؟! قال: إنما قال: قاتله وسالبُه. وإسناده قوي.
(1)
إسناده حسن من أجل هانئ بن هانئ فهو صدوق حسن الحديث. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد الرَّقّاشي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
وأخرجه أحمد 2/ (1033)، والترمذي (3798) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد (779) و (1079)، وابن ماجه (146)، وابن حبان (7075) من طريق وكيع بن الجراح، عن سفيان الثوري، به. =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5767 -
أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد النَّحْوي ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا قَبِيصة بن عُقبة، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاقَ، عن حارثة بن مُضَرِّب، قال: كتبَ إلينا عمرُ بن الخطاب: إني قد بعثتُ إليكم عمارَ بن ياسرٍ أميرًا، وعبدَ الله بنَ مَسعُود مُعلِّمًا ووزيرًا، وهما من النُّجَباء من أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم، من أهل بدرٍ فاسمَعُوا، وقد جعلتُ ابنَ مَسعُود على بيتِ مالِكُم؛ فاسمَعُوا فتعلَّمُوا منهما، واقتَدُوا بهما، وقد آثرتُكم بعبدِ الله على نَفْسى
(1)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
= وأخرجه أحمد (999) و (1160) من طريق شعبة بن الحجاج، عن أبي إسحاق، به.
وأخرج ابن ماجه (147)، وابن حبان (7076) من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، قال: دخل عمار على عليٍّ، فقال: مرحبًا بالطّيب المُطيّب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مُلئ عمارٌ إيمانًا إلى مُشاشه". والمُشاش: رؤوس العظام الليّنة.
وانظر ما سيأتي برقم (5784).
(1)
إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
وأخرجه ابن سعد 8/ 131، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 533، والبيهقي في "المدخل إلى "السنن (101)، وابن عساكر 33/ 129 و 147 من طريق قبيصة بن عقبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد 3/ 235 و 1318، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 12/ 116، وأحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(1547)، ويعقوب في "المعرفة" 2/ 533، والبَلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 163، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(246)، وابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(3546)، والطبراني في "الكبير"(8478)، وابن عساكر 33/ 129 و 147 و 43/ 437، والضياء المقدسي في "المختارة" 1/ (108) و (109) من طريقين آخرين عن سفيان الثوري، به.
وأخرجه ابن سعد 8/ 130، والطحاوي في "مشكل الآثار" 7/ 200، والضياء (110)، وابن عساكر 33/ 146 - 147 و 43/ 437 من طرق عن أبي إسحاق السَّبيعي، به.
وانظر ما تقدم برقم (5464).
5768 -
حدثني علي بن عيسى الحِيرِي ومحمد بن موسى الصَّيدَلاني، قالا: حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو كُريب ويعقوبُ الدَّوْرَقي، قالا: حدثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن عمار بن أبي معاوية الدُّهْني، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ابن سُميّة ما عُرِضَ عليه أمرانِ قَطُّ إلَّا أخذَ بالأرشَدِ منهما"
(1)
.
صحيح على شرط الشيخين إن كان سالم بن أبي الجَعْد سمع من عبد الله بن مسعود، ولم يُخرجاه.
وله متابعٌ من حديث عائشة رضي الله عنها:
5769 -
أخبرَناهُ أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عُبيد الله بن موسى، حدثنا عبد العزيز بن سِيَاهٍ، عن حَبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن يَسَار، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما خُيِّر عمارٌ بين أمرَين إلَّا اختارَ أَرشَدَهُما"
(2)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن سالم بن أبي الجعد لم يلق عبد الله بن مسعود كما جزم به غير واحدٍ من أهل العلم، وقد اختُلف في إسناده عن عمار الدُّهني كما أوضحه الدارقطني في "العلل"(843) و (3247)، وهذه علة أخرى، لكن يشهد له حديث عائشة الآتي بعده. أبو كُريب: هو محمد بن العلاء بن كُريب، ويعقوب الدَّورقي: هو ابن إبراهيم، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 6/ (3693) و 7/ (4249) عن وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد. وانظر بيان الاختلاف في إسناده هناك.
(2)
إسناده صحيح كما قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" 2/ 321.
وأخرجه ابن ماجه (148)، والترمذي (3799)، والنسائي (8218) من طرق عن عُبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسنٌ غريب، لا نعرفه إلّا من هذا الوجه من حديث عبد العزيز بن سِياه.
وأخرجه ابن ماجه (148) من طريق وكيع، عن عبد العزيز بن سياه.
وأخرجه أحمد 41 / (24820) من طريق عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه حبيب، به.
5770 -
أخبرَناهُ إبراهيم بن عِصْمة العَدْل، حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا مُسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام بن أبي عبد الله، عن أبي الزُّبير عن جابر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بعمارٍ وأهلِه وهم يُعذَّبُون، فقال:"أبشِروا آلَ عَمّار - أو آلَ ياسر - فإن مَوعِدَكم الجنةُ"
(1)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5771 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزُوق، حدثنا أبو داود الطَّيَالسي، حدثنا شُعبة، أخبرني سلَمة بن كُهَيل، سمعتُ محمد بن عبد الرحمن بن يزيد يحدِّث عن أبيه، عن الأشتَرِ، عن خالد بن الوليد، قال: كان بيني وبين عَمّار شيءٌ، فشَكَوتُه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من يَسُبُّ عمارًا يَسُبُّه اللهُ، ومن يُعادِي عمارًا يُعادِيهِ الله"
(2)
.
(1)
حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن روى هذا الحديثَ ابن سعد في "طبقاته" 3/ 230 عن مسلم ابن إبراهيم، عن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، عن أبي الزبير مرسلًا. وقد تابَعَ السَّريَّ بنَ خزيمة على وصله إبراهيم بن عبد العزيز المقوِّم عند الطبراني في "الأوسط"(1508)، وإبراهيم هذا حسن الحديث.
وعلى أي حال فقد روي ما يشهد لمعناه من وجوه مرسلة بأسانيد جياد، منها:
ما رواه سالم بن أبي الجعد عن عثمان بن عفان عند أحمد في "مسنده" 1/ (439)، ورجاله ثقات، لكن سالمًا لم يدرك عثمان بن عفان.
وعن ابن شهاب الزهري، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه عند ابن أبي الدنيا في "الصبر والثواب"(46)، وأبي أحمد الحاكم في "الأسامي والكنى" 3/ 37، وإسناده حسنٌ. وعبد الله بن جعفر ولد بالحبشة.
ومنها مرسل يوسف بن ماهك عند ابن سعد 3/ 230 و 4/ 127، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"(6663)، ورجاله ثقات.
ومنها مرسَل ابن إسحاق المتقدم برقم (5746).
(2)
رجاله ثقات، وتفرَّد به الأشتر: وهو مالك بن الحارث النخعي، أحد الأشراف، لكن سئل الإمام أحمد: يُروَى عنه؟ قال: لا. أبو داود الطيالسي: هو سليمان بن داود.=
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5772 -
أخبرنا أبو الوليد الفقيه وأبو بكر بن قُريش، قالا: حدثنا الحسنُ بن سفيان، حدثنا حَرْملَة بن يحيى، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جدِّه: سمعتُ عمّار بن ياسر بصِفِّين في اليوم الذي قُتل فيه وهو يُنادي: أُزلِفَتِ الجنةُ، وزُوِّجَتِ الحُورُ العِينُ، اليومَ نلقى حبيبنَا محمدًا صلى الله عليه وسلم، عَهِد إليَّ أنّ آخرَ زادِك من الدنيا ضَيْحٌ من لَبَنٍ
(1)
.
صحيح على شرطهما، ولم يُخرجاه.
5773 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصّفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو نُعيم ومحمد بن كثير، قالا: حدثنا سفيان، عن حَبيب بن أبي ثابت، عن أبي البَخْتَري: أن عمار بن ياسر أُي بشَرْبةٍ من لَبَنٍ، فضَحِك، فقيل له: ما يُضحِكُك؟ فقال: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: آخِرُ شَرابٍ أشربُه حتى أموتَ
(2)
.
= وأخرجه النسائي (8212) عن محمود بن غيلان، عن أبي داود الطيالسي، بهذا الإسناد.
وسيأتي عند المصنف برقم (5777) من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة.
وأخرجه أحمد 28/ (16821) عن محمد بن جعفر، عن شعبة، غير أنه قال: عن الأشتر، قال: كان بين عمار وبين خالد بن الوليد
…
فذكره مرسلًا. وانظر الروايات التالية له.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 552 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(6471)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 468 - 469 من طريقين عن حرملة بن يحيى، به.
وقد تابع حرملةَ بنَ يحيى عليه أحمدُ بنُ عبد الرحمن بن وهب ابن أخي عبد الله بن وهب كما أشار إليه الحاكم في "المدخل إلى الصحيح 4/ 125.
وأخرجه ابن عساكر 43/ 468 من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده، عمَّن حدّثه، قال: سمعت عمار بن ياسر
…
فذكره!
وانظر ما سلف برقم (5759).
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه مرسل، فأبو البَخْتَري - وهو سعيد بن =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5774 -
أخبرنا محمد بن صالح، حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا عُمر بن حفص بن غِيَاث، حدثنا أبي، عن الحسن بن عُبيد الله، عن محمد بن شَدّاد، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن الأشْتَر، قال: سمعت خالدَ بنَ الوليد يقول: بَعثَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في سَرِيّة ومعي عمّارُ بن ياسر، فأصبْنا ناسًا منهم أهلُ بيتٍ قد ذَكَروا الإسلامَ، فقال عمار: إنَّ هؤلاء قد وَحَّدوا، فلم ألتفِتْ إلى قولِه، فأصابَهم ما أصابَ الناسَ، قال: فجعل عمارٌ يَتوعَّدُني؛ لو قد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبرَه، فلما رآهُ لا يَنصُره ولّى وعَيْناهُ تَدمَعان قال: فدعاني، فقال:"يا خالدُ، لا تَسُبَّ عمارًا، فإنه من يَسُبُّ عمارًا، يسُبُّه اللهُ، ومن يُبغِضُ عمارًا يُبغِضُه اللهُ، ومن يُسَفِّه عمارًا يُسفِّهُهُ اللهُ"، قال خالد: استغفِرْ لي يا رسولَ الله، فواللهِ ما مَنَعني أن أُجيبَه إلَّا تَسفِيهي إياهُ، قال خالدٌ: وما مِن شيءٍ أخوفَ عندي من تَسفِيهي عمارَ بن ياسر يومئذٍ
(1)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
وهكذا رواه مسعود بن سعد الجُعْفي ومحمد بن فُضَيل بن غَزْوانَ عن الحسن بن عُبيد الله النَّخَعي.
أما حديث مسعود بن سعد:
= فَيروزَ - لم يُدرك عمارًا، لكن الخبر مرويٌّ من وجوه أُخر كما تقدَّم قبله. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، ومحمد بن كثير: هو العَبْدي، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 31 / (18880) عن وكيع، و (18883) عن عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن سفيان الثوري، به.
وقد روى هذا الخبرَ خالد بن عبد الله الواسطي، عن عطاء بن السائب، عن ميسرة الطُّهَوي وأبي البَخْتَري: أنَّ عمارًا
…
فذكره. كذلك أخرجه أبو يعلى (1626)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 1/ 491، وابن عساكر 43/ 467 و 468. ورجاله ثقات.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة محمد بن شدّاد: وهو النخعي. وانظر ما تقدم برقم (5771).
5775 -
فأخبرَناه علي بن عبد الرحمن بن عيسى الدِّهْقان بالكوفة، حدثنا الحُسين بن الحَكَم الحِبَري، حدثنا أبو غَسّان مالك بن إسماعيل، حدثنا مسعود بن سعد
(1)
.
وأما حديث محمد بن فُضيل:
5776 -
فأخبرَناه محمد بن المؤمَّل بن الحَسن، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا نُعَيم بن حماد، حدثنا محمد بن فُضَيل، عن الحَسن بن عُبيد الله، عن محمد بن شَدّاد، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن الأشتَر، عن خالد بن الوليد، قال: بعثَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في غَزاةٍ، فأصبناهُم، فقال عمارُ بن ياسر: إنهم قد احتَجَبُوا منا بالتوحيدِ، فلم ألتفِتْ إلى قولِه، وذكَر الحديثَ بنَحْوه
(2)
.
قال الحاكم: قد قدّمتُ حديثَ أبي داود عن شُعبة عن سلمة بن كُهيل عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن الأشتر؛ أنه من أفرادِ أبي داود، فوجدتُه من حديث عمرو بن مَرزُوق، عن شُعبة:
5777 -
حدَّثَناه علي بن حَمْشَاذَ العَدْلُ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا عمرو بن مرزُوق، أخبرنا شُعبة، أخبرني سَلَمة بن كُهَيل، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن الأشتر، عن خالد بن الوليد، قال: كان وَقَعَ بيني وبين عمّار بن ياسر كلامٌ، فشكوتُه إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسل -، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا خالدُ، مَن يُسابُّ عمارًا يسُبُّه الله، ومن يُعادِ
(3)
عمارًا يُعادِهِ اللهُ، ومن يَحْقِرُ عمارًا يَحقِرُه الله"
(4)
.
(1)
وأخرجه النسائي (8213) عن محمد بن يحيى الذُّهلي، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل، به.
(2)
وأخرجه النسائي (8214) عن علي بن المنذر، عن محمد بن فضيل، به.
(3)
جاء في نسخنا الخطية بإثبات الياء، والجادة حذفها، وما في النسخ له وجه في العربية، انظر "شواهد التوضيح والتصحيح" لابن مالك ص 22.
(4)
تقدَّم برقم (5771) من طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة.
رواه العَوّام بن حوشَبٍ عن سَلَمة بن كُهَيل، وخالفَ شعبةَ في إسنادِه؛ فإنه قال: عن سَلَمة عن علقمة عن خالد بن الوليد:
5778 -
أخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا العَوّام بن حَوشَبٍ، حدثني سلَمة بن كُهَيل، عن علقمة، عن خالد بن الوليد، قال: كان بيني وبين عمّار بن ياسِر كلامٌ، فأغلظْتُ له، فانطلقَ عمار يَشكُو إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فجاء خالدٌ وهو يَشكُوه، فجعل يُغلِظُ له، ولا يَزيدُه إِلَّا غِلْظةً، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم ساكتٌ، فبكى عمار، وقال: يا رسول الله، ألا تَراهُ؟! قال: فرفع النبيُّ صلى الله عليه وسلم رأسَه، وقال:"مَن عادى عمارًا عاداهُ اللهُ، ومن أبغضَ عمارًا أبغضَه اللهُ"، قال خالدٌ: فخرجتُ فما كان شيءٌ أحبَّ إليَّ مِن رضا عمارٍ، فلقِيتُه، فرَضِيَ
(1)
.
حديث العَوّام بن حّوشّب هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد على شرط الشيخين؛ لاتفاقِهما على العَوّام بن حَوشَب وعلقمة، على أنَّ شعبةَ أحفظُ منه؛ حيث قال: عن سَلَمة بن كُهيل، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن الأشتر
(2)
، والإسنادانِ صحيحانِ.
(1)
رجاله ثقات، لكنه أُعِلَّ بمخالفة العَوّام لشعبة في إسناده كما ذهب إليه أبو حاتم وأبو زرعة الرازيّان فيما نقله عنهما ابن أبي حاتم في "العلل"(2588)، وأنَّ العَوّام أسقط من إسناده بعض من ذكرهم شعبة، وذَكَرَ علقمةَ - وهو ابن قَيْس النَّخَعي - بدل الأشتَر النَّخَعي، وشعبةُ يرويه عن سلمة بن كهيل عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن الأشتر عن خالد، كما تقدَّم، وخالف أبا حاتم وأبا زرعة ابن حبّان (7081)، والمُصنِّفُ، فصححا رواية العَوّام بن حَوشَب هذه.
وأخرجه أحمد 28/ (16814)، والنسائي (8211)، وابن حبان (7081) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى في "معجمه"(227)، والطبراني في "الكبير"(3835) من طريق هشيم، عن العوام بن حوشب، به.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: الأسود.
5779 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا أبو الجَوّاب، حدثنا يحيى بن سَلَمة بن كُهيل، عن أبيه، عن عِمْران بن أبي الجَعْد، عن الأشتَر، قال: ابتدأَنا خالدُ بنُ الوليد من غير أن أَسألَه، قال: ما أتى عليَّ يومٌ قطُّ كان أعظمَ علَيَّ من شَأْن عمّار، لما كان يومُ بَعثَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في أُناس من أصحابِه وأَمَّرني عليهم، وكان في القوم عمارٌ، فأصبْنا قومًا فيهم أهلُ بيتٍ من المسلمين، فكلَّمَني فيهم عمارٌ وناسٌ من المسلمين، قالوا: خَلِّ سبيلَهم، قلتُ: لا واللهِ لا أفعَلُ حتى يَراهُم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ فيَرى فيهم رأيَه، فغَضِب عليَّ عمارٌ، فلما قدمتُ استأذنتُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فهو يَستخبِرُني وأنا أُحدِّثُه، فاستأذَن عمارٌ فأَذِن له، فدخل عمارٌ، فقال: يا رسول الله، ألم ترَ خالدًا فَعَل وفَعَل، فقلتُ: يا رسول الله، أما والله لولا مَجلِسُك ما سبَّني ابن سُميّة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا عمارُ، اخرُجْ" فخرج عمارٌ وهو يَبكي ويقول: ما نَصَرني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على خالدٍ، فقال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أجبْتَ الرجُلَ؟! " قلت: ما مَنعَني أن أُجِيبَه إلَّا مَحقَرتُه، فغَضِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"إنه مَن يُبغِضُ عمارًا يُبغِضُه اللهُ، ومن يَسُبُّ عمارًا يسُبُّه اللهُ، ومن يَحقِرُ عمارًا يَحقِرُه اللهُ"، فخرجتُ من عندِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم أزَل أطلُبُ إلى عمارٍ، حتى استغفَرَ لي
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف يحيى بن سلمة بن كُهيل، وقد تابعه أخوه محمد، لكنه زاد في إسناده بين أبيه سلمة وبين عمران بن أبي الجعد رجلًا كنيته أبو يحيى، ولم نتبيّنه. وزاد ذكر عبد الرحمن بن يزيد بين عمران وبين الأشتر، ومحمد بن سلمة بن كهيل ضعيف كأخيه. أبو الجَوّاب: هو الأحوص بن جَوَّاب الضَّبِّي.
وأخرجه أبو يعلى الموصلي كما في "جامع المسانيد والسنن" لابن كثير (2748) - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 400 - والطبراني في "الكبير"(3832) من طريق الأزرق بن علي، عن حسّان بن إبراهيم، عن محمد بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي يحيى، عن عمران بن أبي الجعد، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن الأشتر، عن خالد بن الوليد. والأزرق ذكره ابن حبان في "ثقاته" وقال: يُغرِب.
5780 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو البَخْتَري عبد الله
(1)
بن محمد بن شاكر، حدثنا أبو أُسامة، حدثنا مُسلم أبو
(2)
عبد الله الأعور، عن حَبّة العُرَني، قال: دخلْنا مع أبي مسعود الأنصاري على حُذيفة بن اليمان أسألُه عن الفِتَن، فقال: دُورُوا مع كتابِ الله حيثُ دار، وانظُروا الفئةَ التي فيها ابن سُميّة فاتَّبعُوها، فإنه يَدُور مع كتابِ الله حيثُ ما دار، قال: فقلنا له: ومَنِ ابن سُميّةَ؟ قال: عمارٌ؛ سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: "لن تَموتَ حتى تَقتُلَك الفئةُ الباغِيَة، تَشربُ شَرْبةً ضَيَاحٍ تكونُ
(3)
آخِرَ رِزْقِك من الدنيا"
(4)
.
هذا حديث صحيحٌ عالٍ، ولم يُخرجاه.
5781 -
حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا عُبيد الله بن مُعاذ العَنْبري، حدثنا أبي، حدثنا ابن عَون، عن الحَسن، قال: قال عَمرو بن العاص: إني لأرجُو أن لا يكونَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ماتَ يومَ ماتَ وهو يُحِبُّ رجلًا يَدخُلَ النارَ أبدًا، قالوا: إنا كنا نَراه يُحبُّك ويَستعِينُ بك ويَستعمِلُك، فقال: واللهُ أعلمُ بحُبِّي، ولكن كَفَى به، وكنا نَراهُ يُحبُّ رجلًا، قالوا: ومَن ذاكَ؟ قال: عمارُ بنُ ياسر، قالوا: فذاك قَتِيلُكم يومَ صِفِّينَ
(5)
.
(1)
تحرَّف في (ب) إلى: عبيد الله.
(2)
في نسخنا الخطية: بن، والجادّة ما أثبتناه كما في كتب التراجم، وجاء فيها أنَّ اسم أبيه كيسان.
(3)
في نسخنا الخطية: تكن، والجادة ما أثبتناه
(4)
إسناده ضعيف جدًّا كما تقدَّم التنبيه عليه عند رواية الحديث المتقدمة برقم (2684) من طريق إسرائيل بن يونس عن مسلم الأعور، والمرفوع منه صحيح من غير هذا الوجه كما تقدم في الأحاديث السابقة.
(5)
رجاله ثقات لكنه مرسلٌ كما قال الذهبي في "تلخيصه". معاذ العَنْبري: هو ابن معاذ، وابن عون: هو عبد الله بن عون بن أَرْطَبان، والحسن: هو ابن أبي الحسن البصري، ولم يسمع من عمرو بن العاص.=
هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، إن كان الحسنُ بن أبي الحسن سمعه من عَمرو بن العاص، فإنه أدركه بالبصرة بلا شَكّ.
5782 -
أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد
(1)
الدَّقّاق، حدثنا عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، حدثنا وَهْب بن جَرير وأبو الوليد، عن شُعبة، عن عمرو بن مُرّة، قال: سمعتُ عبد الله بن سَلِمة يقول: رأيت عمارَ بنَ ياسر يومَ صفِّين شيخًا آدَمَ طُوالًا آخِذَ الحَرْبةِ بيدِه، ويدُه تُرعَدُ، قال: والذي نفسي بيدِه، لقد قاتَلتُ بهذه مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ثلاثَ مِرار، وهذه الرابعةُ، والذي نفسي بيده لو ضَربُونا حتى يَبلُغُوا بنا سَعَفاتِ هَجَر، لَعَرفنا أن مُصلِحِينا على الحقِّ، وأنهم على الضَّلالةِ
(2)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5783 -
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا يحيى بن حَكيم
(3)
، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قَتَادة، عن خَيثَمة بن أبي سَبْرة الجُعْفي، قال: أتيتُ المدينة، فسألتُ الله أن يُيسِّرَ لي جليسًا صالحًا،
= وأخرجه النسائي (8216) من طريق عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، عن معاذ بن معاذ العَنْبري بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد 29/ (17807) من طريق جرير بن حازم، عن الحسن البصري. لكنه ذكر في روايته أنَّ عمرو بن العاص ذكر عمار بن ياسر وابن مسعود.
وأخرج نحوه كذلك أحمد (7781) من طريق أبي نوفل بن أبي عقرب، قال: جزع عمرو بن العاص عند الموت جزعًا شديدًا، فلما رأى ذلك ابنُه عبد الله بن عمرو، قال: يا أبا عبد الله، ما هذا الجزع، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُدنيك ويستعملك
…
ثم ذكر نحوه، وذكر عمارًا وابن مسعود.
(1)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: محمد.
(2)
خبر حسن إن شاء الله، وقد سلف برقم (5749) و (5751). أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.
وأراد عمار بقوله: مُصلحينا، عليًّا وأصحابُه.
(3)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: حليم باللام.
فيسَّر لي أبا هُريرة، فجلستُ إليه، قلتُ: إني سألتُ الله أن يُيسِّرَ لي جليسًا صالحًا، فيسَّر لي أبا هريرة، فقال لي: ممَّن أنتَ؟ فقلت: من أرض الكُوفة، جئتُ ألتَمِسُ العلمَ والخيرَ، فقال: أليس فيكم سعدُ بنُ مالك مُجابُ الدَّعوة، وعبدُ الله بن مسعود صاحبُ طَهُور رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ونَعلَيه، وحذيفةُ بنُ اليَمَان صاحبُ سِرِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمارُ بنُ ياسر الذي أجارَه اللهُ من الشيطان على لِسان نَبيِّه صلى الله عليه وسلم، وسلمانُ صاحبُ الكِتابَين، قال قَتَادة: والكتابان: الإنجيلُ والفُرقان
(1)
.
صحيح الإسناد ولم يُخرجاه.
5784 -
أخبرني أبو عليّ الحافظ وهارون بن أحمد الجُرْجاني، قالا: حدثنا علي بن الحسن بن سَلْم الحافظ الأصبَهاني، حدثنا محمد بن أبي يعقوب، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي عمّار، عن عمرو بن شُرَحْبيلَ، عن عبد الله، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مُلِئَ عمارٌ إيمانًا إلى مُشَاشِهِ"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. يحيى بن حكيم: هو المُقوِّم الحافظ، وخيثمة بن أبي سَبْرة: هو خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سَبْرة، نُسب هنا لجده.
وأخرجه الترمذي (3811) عن الجَرّاح بن مخلد البصري، عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.
وقال: حديث حسن صحيح غريب.
وقد تقدَّم نحوه برقم (5468) من حديث أبي الدرداء مختصرًا بذكر ابن مسعود وعمار وحذيفة.
(2)
إسناده صحيح. محمد بن أبي يعقوب: هو محمد بن إسحاق بن منصور الكِرْماني، وسفيان: هو الثوري، والأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وأبو عمار: هو عَرِيب بن حُميد الهَمْداني، وعبد الله: هو ابن مسعود. والخلاف الذي أشار إليه المصنف في تعيين الصحابي لا يضر بصحة الحديث، فالصحابة كلهم عَدْلٌ، وإن كان الأصح فيه أنه عن رجل من الصحابة غير معيَّن. وانظر ما بعده.
وقد رواه وكيع عن سفيان الثوري عند ابن أبي شيبة 11/ 22 و 12/ 118 وغيره، فأرسله، لم يذكر ابن مسعود ولا غيره، ووصلُه محفوظٌ، فقد تابع عبدَ الرحمن بَن مهدي عليه أبو نُعيم الفضل بن دكين عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(7269) وغيره.=
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، إن كان محمد بن أبي يعقوب حفظه عن عبد الرحمن بن مَهْدي:
5785 -
فإنَّ أبا عليّ الحافظ أخبرني، قال: وحدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أبو موسى، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي عمّار، عن عمرو بن شُرَحْبيلَ، عن رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
(1)
.
5786 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا أسدُ بن موسى، حدثنا فُضَيل بن مَرزُوق، عن مَيسَرة بن حَبيب، عن المِنْهال بن عَمرو، عن محمد بن علي ابن الحنَفِيّة، عن عمار بن ياسر: أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يُوعَكُ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أُعلِّمُك رُقْيةً رَقَاني بها جبريلُ؟ " قلت: بلى يا رسولَ الله، قال: فعَلَّمه: "باسم الله أَرقِيكَ، واللهُ يَشفِيكَ، من كلِّ داءٍ يُؤذِيك. خُذْها فلتَهنِيكَ
(2)
"
(3)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
= وفي الباب عن علي بن أبي طالب تقدَّم تخريجه برقم (5766)، وإسناده حسنٌ.
(1)
إسناده صحيح كسابقه. وقد صحَّحه ابن حجر في "فتح الباري" 11/ 177. محمد بن إسحاق: بن خزيمة، وأبو موسى: هو محمد بن المثنَّى.
وأخرجه النسائي (8215) عن إسحاق بن منصور، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.
(2)
في (ص) و (م): فتهنيك.
(3)
إسناده جيد من أجل فُضيل بن مرزوق، فهو صدوق لا بأس به، وقد حسّن حديثَه هذا ابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 200.
وأخرجه أبو طاهر المخلّص في "المخلصيات"(1308) عن يحيى بن محمد بن صاعد، عن الربيع بن سليمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الدعاء"(1088) عن المقدام بن داود المصري، عن أسد بن موسى، به. وذكر ابن حجر أنَّ الدارقطني خرَّجه في "الأفراد" من طريق أسد بن موسى، وقال: غريب في حديث محمد ابن الحنفيّة عنه، تفرَّد به ميسرة عن المنهال، وما رواه عنه إلّا فُضيل.
وفي الباب عن غير واحد من الصحابة، انظر حديث أبي هريرة السالف برقم (4034).
5787 -
حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا يحيى بن مَعين، حدثنا إسماعيل بن مُجالد، عن بَيَانٍ، عن وَبَرَة، عن همّام بن الحارث، عن عمّار بن ياسر، قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وما معه إلَّا خمسةُ أعبُدٍ وامرأتانِ وأبو بكر
(1)
.
صحيح على شرط الشيخين.
5788 -
حدثنا عبد الباقي بن قانِع الحافظ، حدثنا أحمد بن القاسم بن مُساوِر الجَوهَري، حدثنا سعيد بن سُليمان الواسطي، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبْجَرَ، حدثني أبي، عن واصِل بن حَيّان، عن أبي وائل، قال: خَطَبَنا عمارُ بن ياسر، فأبلَغَ وأوجَزَ، فقلنا: يا أبا اليقظان، لقد أبلغتَ وأوجَزتَ، فقال: إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ طُولَ الصلاةِ وقصَرَ الخُطبة، مَئِنّةٌ من فِقْه الرجل، فأطِيلُوا الصلاةَ، واقصُرُوا الخُطبةَ"
(2)
.
صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه بهذه السِّياقَة!
5789 -
حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنْبل، حدثنا محمد بن أبانَ الواسطيُّ، حدثنا أبو شِهاب الحَنّاط، حدثنا عمرو بن قَيس وسفيان الثَّوري، عن أبي إسحاقَ، عن عمرو بن غالب: أنَّ رجلًا نالَ من عائشةَ عند
(1)
إسناده حسنٌ من أجل إسماعيل بن مجالد - وهو ابن سعيد الهَمْداني - فهو صدوق حسن الحديث. بيان: هو ابن بِشْر البجلي، ووَبَرة: هو ابن عبد الرحمن المُسْلي.
وأخرجه البخاري (3857) عن عبد الله بن حماد الآمُلي، عن يحيى بن معين، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري أيضًا (3660) عن أحمد بن أبي الطيب، عن إسماعيل بن مجالد، به.
(2)
إسناده صحيح. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة.
وأخرجه أحمد 30/ (18317)، ومسلم (869)، وابن حبان (2791) من طريقين عن عبد الرحمن بن عبد الملك بن أَبْجَر، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وانظر ما تقدَّم برقم (1078).
قوله: "مَئِنَّة من فقه الرجل"، ما يُعرف به فقه الرجل، وكلُّ شيءٍ دلَّ على شيءٍ فهو مَئِنَّة له.
عليٍّ، فقال له عمارُ بنُ ياسر: اسكُتْ مَقبُوحًا مَنبُوحًا، أتؤذِي حَبِيبةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟!
(1)
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5790 -
أخبرني أبو بكر بن أبي نَصْر المُزكِّي بمَرْو، حدثنا عبد العزيز بن حاتم، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدَّشْتَكي، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن شُعيب بن خالد، عن سَلَمة بن كُهَيل، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن مَسرُوق، عن عائشة، أنها قالت: انظُروا عمارَ بنَ ياسر، فإنه يموتُ على الفِطْرةِ، إلَّا أن تُدرِكَه هَفُوةٌ من كِبَرٍ
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو شهاب الحَنّاط: هو عبد ربّه بن نافع، وعمرو بن قيس: هو المُلائي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
وأخرجه الترمذي (3888) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وقال: حديث حسن الحديث.
ولأبي إسحاق السَّبيعي فيه شيخ آخر هو عَرِيب بن حميد أبو عمار الهَمْداني، أخرجه من طريقه ابن سعد 10/ 65، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1647) وغيرهما، وإسناده صحيح أيضًا، وكان أبو إسحاق السَّبيعي واسعَ الرواية.
والمنبَوح: المشتوم، وأصله من نُباح الكلب وهو صياحه.
والمقبُوح: المُبعَد.
(2)
إسناده حسنٌ من أجل عبد العزيز بن حاتم - وهو المروزي المعدَّل.
وخالف محمد بنُ حميد الرازي عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 409 فرواه عن هارون بن المغيرة، عن عمرو بن أبي قيس، عن عمار الدُّهني، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن مسروق، عن عائشة. وعمار الدَّهني ثقة، وروى عنه عمرو بن أبي قيس وروى هو عن سالم بن أبي الجعد أيضًا، لكن محمد بن حميد الرازي ضعيف الحديث.
وروي مرفوعًا من حديث حذيفة بن اليمان عند ابن سعد 3/ 243، والبخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 96، وابن شبة في "تاريخ المدينة" 4/ 1249، وابن عدي في "الكامل" 5/ 205 من طريق بلال بن يحيى العبسي عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أبو اليقظان على الفطرة، أبو اليقظان على الفطرة، لن يدعها حتى يموت أو يُنسِيَه الهرمُ". وإسناده ضعيف لانقطاعه، فقد جزم يحيى =
صحيح الإسناد.
5791 -
أخبرنا أبو زكريا العَنْبري، حدثنا محمد بن عمرو الحَرَشي، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: قال عبدُ الله: ما أعلمُ أحدًا خرجَ في الفتنةِ يريدُ به وجهَ الله تعالى والدارَ الآخرةَ إلَّا عمارَ بنَ ياسر
(1)
.
صحيح الإسناد.
5792 -
حدثني أبو عبد الله محمد بن العبّاس بن محمد بن عُصْم
(2)
بن بلال الضَّبِّي الشهيد، حدثنا أحمد بن محمد بن علي بن رَزِين، حدثنا علي بن خَشْرمٍ، حدثنا أبو مَخلَد عطاء بن مسلم، حدثنا الأعمش، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، قال: شَهِدْنا صِفِّينَ مع عليٍّ، وقد وكَّلْنا [بفرسِه]
(3)
رجلَين، فإذا كان من القوم غَفْلةٌ حَمَل عليهم، فلا يَرجِعُ حتى يَخضِبَ سيفَه دمًا، فقال: اعذِرُوني، فواللهِ ما رجعتُ حتى نَبَا
(4)
علَيَّ سيفي. قال: ورأيتُ عمارًا وهاشم بن عُتبة وهو يَسعَى بين الصَّفَّين، فقال عمار: يا هاشم، هذا واللهِ ليُخلَفَنَّ أمرُه وليُخذَلنَّ جُندُه، ثم قال: يا
= ابن معين بأنَّ رواية بلال عن حذيفة مرسلة، وقد وقع في رواية ابن شبَّة - ورواية عند البخاري - عن بلال قال: بلغني عن حذيفة.
(1)
إسناده صحيح. عبد الله: هو ابن مسعود.
وروى مثلَه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 454 عن ابن عُمر، بإسناد حسن.
وقال الذهبي في "تلخيصه": مرادُه بالفتنة هنا نَيلُهم من عثمان، لأنَّ عبد الله مات قبل مقتل عثمان.
(2)
تحرَّف في (ب) إلى: عاصم، وإنما هو عُصْم، بضمٍّ فسكون بغير ألف، انظر ترجمته في "تاريخ بغداد" للخطيب 4/ 203، و"طبقات الشافعية الكبرى" لابن السُّبكي 3/ 175.
(3)
هذه الزيادة من "تاريخ الطبري" 5/ 40، ومن "معجم الطبراني"(14327) وغيرهما، ولا بدّ منها ليتضح المعنى، وزاد الطبري: وكَّلنا بفرسه رجلين يحفظانه ويمنعانه من أن يَحمِل
…
فصار المعنى بذلك أوضح.
(4)
من نَبَا يَنْبُو: إذا لم يَقطَع.
هاشم الجنةُ تحت الأبارقةِ، قد تزيَّنَ الحُورُ
(1)
[اليومَ ألْقى الأحِبّهْ]
(2)
محمدًا
(3)
وحِزبَهْ، يا هاشمُ، أعورُ ولا خيرَ في أعورَ لا يَغْشى البأسَ، قال: فهزَّ هاشمٌ الرايةَ، وقال:
أعورُ يَبْغِي أهلَهُ مَحَلّا
…
قد عالَجَ الحياةَ حتّى مَلّا
لا بُدَّ أن يَغُلَّ أو يُفَلّا
قال: ثم أَخَذ في وادٍ من أودية صِفِّين. قال: أبو عبد الرحمن: ورأيتُ أصحابَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم يَتبعُون عمارًا كأنّه لهم عَلَمٌ
(4)
(5)
.
(1)
تحرَّفت لفظة "الحور" في نسخنا الخطية إلى: الحمد، والتصويب من "تاريخ الطبري" 5/ 41، و "معجم الطبراني الكبير"(14327)، وغيرهما.
(2)
عبارة "اليوم ألقى الأحبّهْ" سقطت من أصول "المستدرك"، واستدركناها من "تاريخ الطبري".
(3)
في نسخنا الخطية: مع محمدٍ، وكذلك جاء في مطبوع "معجم الطبراني"(14327)، والمثبت من "تاريخ الطبري" وغيره.
(4)
جاء في نسخنا الخطية كافّة: علمًا، بالنصب، مع أنَّ حقّها الرفع لكونها خبر "كأنَّ"، وقد أجاز بعض الكوفيين نصب خبر "كأن" وسائر أخواتها؛ اعتمادًا على لغةٍ وردت في بعض النصوص والأشعار، نقل ذلك عنهم ابن مالك في "شرح التسهيل" 2/ 9 - 10، وفنَّد هذا المذهب وضعَّفه.
(5)
إسناده ضعيف، أبو مخلد عطاء بن مسلم ليس بالقوي مضطرب الحديث، ثم إنَّ الأعمش - وهو سليمان بن مهران - لم يدرك أبا عبد الرحمن السُّلمَي - وهو عبد الله بن حبيب بن ربيعة - فهو منقطع.
وأخرجه الطبري في "تاريخه" 5/ 40 - 41 من طريق الوليد بن صالح الضَّبِّي، والطبراني في "المعجم الكبير"(14327) من طريق إسحاق بن راهويه، كلاهما عن عطاء بن مسلم، به.
وروي حثُّ عمار بن ياسر لهاشم بن عتبة على القتال يوم صفين من مُرسل حبيب بن أبي ثابت عند ابن أبي شيبة 15/ 288 بسند رجاله لا بأس بهم.
وروي قول عمار يوم صفين في ذكر الجنة وقرب لقاء الأحبة محمدٍ صلى الله عليه وسلم وحزبه عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عند الطبراني في "الأوسط"(6471)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 469 بسند صحيح. =
ذكرُ مناقب عبدِ الله بن بُدَيل بن وَرْقاءَ رضي الله عنهما
5793 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطّة الأصبهَاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، قال: عبد الله بن بُدَيل بن وَرْقاء بن عبد العُزّى بن رَبيعة بن جُرَيّ
(1)
بن عامر بن مازن بن عَديّ بن عَمرو بن رَبيعة، شهد مع النبيّ صلى الله عليه وسلم فتحَ مكةَ وحُنينًا وتَبوكَ، وقُتِل مع عليٍّ رضي الله عنه يوم صِفِّينَ.
ذكرُ مناقب أبي عَمْرةَ الأنصاري رضي الله عنه
-
5794 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا عَبَادة بن زياد الأسَدي، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عُبيد الله العَرْزَمي، حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن طلْحة بن يزيد بن رُكانة، عن محمد ابن الحنفيّة، قال: رأيتُ أبا عَمْرة الأنصاريَّ يوم صِفِّين - وكان بدريًّا عَقَبيًّا أُحُديًّا - وهو صائم يَلْتَوي من العَطَش، وهو يقول لغلامٍ له: وَيحَكَ تَرِّسْني، فيُترِّسُه الغلامُ، ثم رَمَى بسهمٍ، فنَزَعَ نَزْعًا ضعيفًا، حتى رَمَى بثلاثة أسهم، ثم قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن رَمى بسهمٍ في سبيل الله، فبلَغَ أو قَصَّر، كان ذلك السهمُ له نورًا يوم القيامة"، فقُتل قبل غُروب الشمس
(2)
.
= وانظر ما تقدم برقم (5759) وما سيأتي برقم (5796).
(1)
أُعجم هذا الاسم في (ز) و (ب) بالزاي المعجمة، بدل الراء المُهملة، وأُهمل في (ص) و (م)، وقد ضبطه بالراء المهملة الدارقطنيُّ في "المؤتلف والمختلف" 1/ 489، وابنُ ماكولا في "الإكمال" 2/ 76.
(2)
إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن محمد بن عُبيد الله العَرْزمي.
وأخرجه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(6906) عن أبي علي محمد بن أحمد بن الحسن الصوَّاف، عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وقد خالف الطبرانيُّ أبا عليٍّ الصوافَ وعليَّ بنَ حَمْشاذ في تسمية الصحابي، فروى هذا الخبر في "معجمه الكبير" 22/ (951)، وسمَّى الصحابيَّ أبا عمرو الأنصاري، ومن طريقه أخرجه أبو نعيم =
ذكرُ مناقب هاشم بن عُتبة بن أبي وَقّاص رضي الله عنه
-
وهو أخو سَعْد، من المُبارِزينَ من شَبَاب أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5795 -
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقْبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا محمد بن علي بن عفّان العامِري، حدثنا قَبيصة بن عُقبة، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن عبد الملك بن عُمير، عن جابر بن سَمُرة، عن هاشم بن عُتبة بن أبي وقّاص، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يَظْهَرُ المسلمون على جزيرةِ العَرَب، ويَظهَرُ المسلمون على فارسَ، ويَظْهَرُ المسلمون على الرُّومِ، ويَظْهَرُ المسلمون على الأعورِ الدَّجّال"
(1)
.
= في "المعرفة"(6904)، وابن الأثير في "أُسد الغابة" 5/ 226 - 227، والصحيحُ أبو عَمْرة، كما قال ابن الأثير.
وقد رُوي المرفوع من حديث أبي هريرة عند البزار (9312)، وإسناده ضعيف.
وقد صحَّ بلفظ: "من رَمَى بسهم في سبيل الله فله عَدْلُ مُحرَّر، ومن بَلَغَ بسهمٍ في سبيل الله فله درجةٌ في الجنة"، وتقدَّم عند المصنف (2592) و (4419) من حديث أبي نَجيح عمرو بن عَبَسة السُّلَمي.
(1)
حديث صحيح لكن وهِمَ يونس بن أبي إسحاق - وهو السَّبيعي - في تعيين صحابي الحديث، إنما صحابيُّ الحديث - كما رواه جماعة أصحاب عبد الملك بن عمير عنه - نافعُ بن عُتبة بن أبي وقّاص، كما نبَّه عليه الدارقطني في "العلل"(3309)، وقد ذكر الدارقطني أن يونس لم يذكر واسطةً بين عبد الملك بن عُمير وبين هاشم كذلك، فلعلَّ ذلك في رواية ليونس وقعت للدارقطني، وإلّا فإنَّ يونس قد ذكر في روايته عند المصنف وعند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(6543) وغيرهما جابرَ بنَ سَمُرة واسطةً موافقًا سائر أصحاب عبد الملك بن عمير، فبقي الشأنُ في وهمه في تعيين الصحابي.
وأخرجه ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 747 - 748 من طريق أبي كُريب، عن قَبيصة بن عقبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6543) من طريق القاسم بن الحكم العُرَني، عن يونس بن أبي إسحاق، به. قال أبو نُعيم: رواه أصحابُ عبد الملك عن نافع بن عُتبة بن أبي وقاص. =
5796 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنْعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن سعيد بن عبد الرحمن الجَحْشي، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، قال: كان صاحب لِواءِ عليّ بن أبي طالب يومَ صِفِّينَ هاشمُ بنُ عُتبة بن أبي وقّاص، وهو الذي يقول:
أعورُ يَبْغِي أهلَه مَحَلّا
…
قد عالَجَ الحياةَ حتّى مَلّا
لا بُدَّ أن يَغُلَّ أو يُفَلّا
(1)
5797 -
حدثنا علي بن حَمْشاذ العدل، حدثنا موسى بن هارون حدثنا الوليد بن شُجاع السَّكُوني، حدثنا خالد بن حَيّان، حدثنا جعفر، عن ثابت بن الحَجّاج، عن زُفَر بن الحارث، قال: كنتُ رسولَ معاويةَ إلى عائشة في وَقْعَةِ صِفِّينَ، فقالت لي عائشةُ: مَن قُتل من الناس؟ فقلتُ: عمارُ بنُ ياسر، فقالت عائشة: ذاك الرأسُ يَتبعُه الناسُ لِدِينِه، قالت: ومَن؟ قلتُ: هاشم بن عُتْبة بن أبي وقّاص الأعور، قالت: ذاك رجلٌ ما كادت أن تَزِلَّ دابَّتُه
(2)
.
= وسيأتي عند المصنف برقم (5934) من طريق موسى بن عبد الملك بن عمير، و (8517) من طريق المسعودي، كلاهما عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمُرة، عن نافع بن عُتبة بن أبي وقاص. وانظر تخريجه هناك.
وأخرجه البزار (1230) عن علي بن المُنذر، عن محمد بن فُضيل، عن يونس بن أبي إسحاق، عن عبد الله بن جابر، عن ابن أخي سعد بن مالك، عن سعد. هكذا وقع في إسناد البزار، وفيه عدة أوهام كما هو ظاهر.
(1)
رجاله لا بأس بهم، وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لم يدرك يوم صِفِّين.
وانظر ما تقدم برقم (5759) و (5792).
(2)
إسناده حسن جعفر: هو ابن بُرْقان.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 35، وابنُ العَديم في "بغية الطلب في تاريخ حلب" 8/ 3797 من طريقين عن خالد بن حيّان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو علي محمد بن سعيد القُشيري في "تاريخ الرقة"(15)، ومن طريقه ابن عساكر =
5798 -
حدثني محمد بن أحمد بن بُطّة، حدثنا عبد الله بن محمد بن رُسْتَهْ الأصبَهاني، حدثنا سليمان بن داود
(1)
المِنقَري، حدثنا محمد بن عُمر، قال: وأما هاشمٌ الأعورُ فإنه ابن عُتبة بن أبي وقّاص بن أُهيب بن عبد مَنَاف بن زُهْرة، أسلمَ هاشمُ بن عُتبة يومَ فتح مكةَ، وكان أعورَ، فُقِئَت عينُه يومَ اليرموك، وهو ابن أخي سعد بن أبي وَقّاص، شهد صِفِّينَ مع عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان يومئذٍ على الرَّجّالة.
ذكرُ مناقب خُزَيمة بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه
-
5799 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسْود، عن عُروة قال: وخُزَيمة بن ثابت بن الفاكِه بن ثَعْلَبة بن ساعدة بن عامر بن خَطْمة بن جُشَم، وهو ذو الشَّهادتَين، يكنى أبا عُمارة، وهو صاحب رايةِ خَطْمةَ يومَ الفتح.
5800 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، قال: خُزيمة بن ثابت بن الفاكِه بن ثَعْلبة بن ساعدة بن عامر بن عَنَانِ بن عامر بن خَطْمةَ، وهو ذو الشهادتَين، جعلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شهادتَه بشهادةِ رجُلَين.
وأخبرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أنه رأى في المنام كأنه سَجَدَ على جَبْهة النبي صلى الله عليه وسلم، فاضطَجَعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى سَجَدَ على جَبْهتِه.
قُتِل مع عليٍّ بصِفِّين بعد قَتْل عمارِ بن ياسر
(2)
.
= 19/ 35، وابن العديم 8/ 3796 - 3797 من طريق حسين بن عياش الرّقيّ، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، عن زفر بن الحارث، قال: كنت رسول معاوية بن أبي سفيان إلى عائشة أم المؤمنين بوقعة صِفِّين. مختصرٌ.
(1)
انقلب الاسم في (ز) و (ب) إلى: داود بن سليمان.
(2)
أما قصة جعل النبيِّ صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين، فصحيحة ثابتة كما تقدَّم برقم (2217) و (2218). =
5801 -
حدثنا أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا موسى بن زكريا التُّستَري، حدثنا خَليفة بن خَيّاط، حدثنا يونس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق، قال: شَهِد خُزيمةُ بن ثابت ذو الشَّهادتَين مع عليّ بن أبي طالب صِفِّين وقُتل يومئذٍ سنة سَبعٍ وثلاثين من الهِجْرة، وكان لخُزيمة أخَوان، يقال لأحدهما: وَحْوَح، والآخر: عبدُ الله.
5802 -
حدثني محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حدثنا محمد بن بَكّار، حدثنا أبو مَعْشَر المَدَني
(1)
، عن، عن محمد بن عُمارة بن خُزيمة بن ثابت، قال: كان جَدِّي كافًّا سِلاحَه
(2)
يوم الجَمَل ويوم صِفِّين حتى قُتِل عَمّارُ، فلما قُتِل عمارٌ، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تَقتُل عمارًا الفِئةُ الباغِيةُ". قال: فسَلَّ سيفَه فقاتَل حتى قُتِل
(3)
.
= وأما قصة رؤياه فأخرجها أحمد 36/ (21863) و (21864) و (21882) و (21885)، وغيره، وفي إسنادها اضطراب كما هو مبيَّن في التعليق على "المسند".
(1)
تحرّف في (ز) و (ب) إلى: المُزني.
(2)
في النسخ الخطية: بسلاحه، بزيادة الباء، أوله والمثبت من "تلخيص المستدرك" للذهبي.
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي معشر المدني - واسمه نَجِيح - ولإرساله أيضًا، فإنَّ محمد بن عُمارة بن خزيمة لم يدرك جَدَّه ولا أيام صِفِّين.
وأخرجه أحمد 36 / (21873) عن يونس بن محمد وخلف بن الوليد، عن أبي معشر به.
ولشهود خزيمة بن ثابت صِفِّين مع عليٍّ شاهدٌ من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عند الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 277 بسند حَسَنٍ.
وآخر من مرسل الحكم بن عُتيبة عند أحمد في "العلل" برواية ابنه عبد الله (462) و (958).
وثالثٌ من مُرسَل الزهري عند عبد الرزاق (15568)، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 546.
وقال الخطيب في "موضح الأوهام" 1/ 276: أجمع علماء أهل السيرة على أنَّ خزيمة بن ثابت ذا الشهادتين شهد مع عليٍّ صفين.
وللمرفوع منه شواهد أيضًا، انظر ما سلف برقم (2684).
ذكرُ مناقب صُهَيب بن سِنانٍ مولى النبيّ صلى الله عليه وسلم
5803 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، قال: صُهَيب بن سِنانِ بن مالك بن عبد عَمرو بن عُقيل بن عامر، وكان أبوه سِنانُ بن مالك عامِلًا لكِسْرى على الأُبُلّة، وكانت مَنازلُهم بأرضِ المَوصِل في قريةٍ على شَطِّ الفُرات ممّا يلي الجَزيرةَ والمَوصِلَ، فأغارت الرومُ على تلك الناحية، فسُبِيَ صهيبٌ وهو غلام صغير، فقال عمُّه:
أَنشُدُ باللهِ الغُلامَ النَّمَريّ
…
دَجَّ به الرُّومُ وأهلي بالثَّنِيّ
(1)
قال: والثَّنِيُّ
(1)
اسمُ القرية التي كان بها أهلُه، فنشأ صهيبٌ بالروم، فابتاعه منهم كَلْبٌ، ثم قَدِمَت به مكةَ، فاشتراهُ عبدُ الله بن جُدْعان التَّيْمي، فأعتقه، فأقام معه بمكة حتى هَلَكَ عبدُ الله بن جُدعان وبُعِثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم
(2)
.
5803/ 1 - قال ابن عُمر: فحدثني عبد الله بن أبي عُبيدة، عن أبيه، قال: قال عمار بن ياسر: لقيتُ صُهيب بن سِنانٍ على باب دارِ الأرقم ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقلتُ له: ما تريدُ؟ فقال لي: ما تريدُ أنتَ؟ فقلتُ: أردتُ أن أدخُلَ على محمدٍ فأَسمعَ كلامَه، قال: وأنا أُريد ذلك، فدخلْنا عليه، فعَرَض علينا الإسلام فأسلَمْنا، ثم مَكَثْنا يومَنا على ذلك حتى أمسَينا، ثم خَرَجنا ونحن مُستَخْفُون
(3)
.
5803/ 2 - قال ابن عُمر: وحدثني عاصم بن سُوَيد من بني عَمرو بن عوف، عن محمد بن عُمارة بن خُزيمة بن ثابت، قال: قَدِمَ آخِرُ الناس في الهجرة إلى المدينة، عليٌّ وصُهيبُ بن سِنان، وذلك للنصف من ربيع الأول، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقُباءٍ لم يَرِمْ بعدُ.
(1)
تصحفت في النسخ الخطية في الموضعين إلى: النبي، بنون ثم موحدة، بدل الثاء المثلثة ثم النون.
(2)
ومثلُه قولُ ابن سعد في "طبقاته" 3/ 206، وابن سعد كاتب محمد بن عمر الواقدي.
(3)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 208 عن محمد بن عُمر الواقدي، به.
وشهد صهيبٌ بدرًا واحدًا والخندقَ والمشاهدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول جَميعِهم
(1)
.
5803/ 3 - قال ابن عُمر: وحدثني أبو حُذيفة رجلٌ من وَلَد صُهيب، عن أبيه، عن جده، قال: توفي صهيبٌ في شوّال سنة ثَمانٍ وثلاثين وهو ابن سبعين سنةً بالمدينة، ودُفن بالبقيع، وكان يُكنى أبا يحيى
(2)
.
5804 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، أخبرنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: صُهيبٌ يُكنى أبا يحيى، وهو صهيبُ بن سِنانٍ النَّمَري، من النَّمِر بن قاسِطٍ، وكان أصابَه سَبيٌ فوَقَع بأرضِ الرُّوم، فقيل: صُهيب الرُّوميّ، بلغ سبعينَ سنةً، وكان يَخضِب بالحِنّاء، مات بالمدينة في شوال سنة ثمانٍ وثلاثين، ودُفِن بالبَقيع.
5805 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد، حدثنا إسماعيلُ بن إسحاقَ القاضي، حدثنا سليمانُ بن حَرْب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن عِكرمةَ قال:[لمّا] خرجَ صُهيبٌ مهاجرًا، تَبِعَه أهلُ مكةَ، فنَثَل كِنانتَه فأخرجَ منها أربعينَ سهمًا، فقال: لا تَصِلُون إليَّ حتى أضَعَ في كلِّ رجلٍ منكم سهمًا، ثم أَصِيرَ بعدُ إلى السَّيف، فتَعلَمُون أني رجلٌ، وقد خَلَّفتُ بمكةَ قَينتَين
(3)
فهَنْئًا لكم
(4)
.
(1)
وهو في "طبقات ابن سعد" 3/ 211 عن محمد بن عُمر الواقدي، به.
قوله: لم يَرِم، أي: لم يَبْرح.
(2)
وهو في "طبقات ابن سعد" 3/ 211 عن محمد بن عُمر الواقدي، به.
(3)
لم تظهر الكلمة في (ز) و (ب)، ومكانها في (ص) بياض، وسقطت من (م)، وأثبتناها من "تلخيص المستدرك" للذهبي. والقَيْنَة: الأَمَةُ البيضاءُ؛ مُغنّية كانت أو غير مُغنِّية، وقيل: تختص بالمغنّية.
(4)
رجاله ثقات، لكنه مرسل، فعكرمة تابعي، لكن الخبر مشهور مرويٌّ من وجوه غير أنَّ ذكر القَينَتين لم يَرِدْ إلّا في هذه الرواية، وجاء في غيرها ذكر المال مطلقًا.
وانظر ما سيأتي برقم (5812). =
5805 م - قال: وحدثنا حمّاد بن سَلَمة بن عن ثابت، عن أنس، نحوه، ونزلتْ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} الآية [البقرة: 207]، فلما رآهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قال:"أبا يحيى، ربحَ البيعُ"، قال: وتَلَا عليه الآيةَ
(1)
.
= ويشهد له مرسل أبي عثمان النَّهدي عند ابن سعد 3/ 208، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1509)، وابن حبان (7082)، وغيرهم بسند رجاله ثقات.
قوله: نَثَل كِنانته، أي: استخرج السِّهام من الجَعْبة.
(1)
رجاله ثقات، لكن المحفوظ فيه أنه من رواية حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جُدعان - وهو ضعيف باتفاق - عن سعيد بن المسيب مرسلًا، كذلك رواه ابن سعد عن سليمان بن حربٍ عن حماد بن سلمة، وكذلك رواه غير واحدٍ من الثقات الحُفّاظ من أصحاب حماد سلمة، عنه كما سيأتي بيانه ثابت: هو ابن أسلَمَ البُناني.
وأخرجه ابن سعد 3/ 209، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 24/ 228، وابن الجوزي في "المنتظم" 5/ 156 عن سليمان بن حرب، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جُدعان، عن سعيد بن المسيب مرسلًا. وقد وقع في مطبوعات "طبقات ابن سعد": حماد بن زيد، وهو خطأ يُصوَّب من روايتي ابن عساكر وابن الجوزي.
وأخرجه ابن سعد 3/ 209، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 182، والحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث"(679)، وأبو نُعيم في "حلية الأولياء" 1/ 151، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 341، وابن عساكر 24/ 228، وابن الجوزي في "المنتظم" 5/ 156 من طريق عفان بن مسلم، وابن سعد 3/ 209، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 368، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 341، وابن عساكر 24/ 228 و 225 - 229 من طريق أبي سلمة موسى بن إسماعيل، وابن عساكر 24/ 229 من طريق حجاج بن المنهال، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب مرسلًا. وقد وقع حمادٌ في مطبوعات "طبقات ابن سعد" مقيَّدًا بابن زيد، وهو خطأ يصوّب من روايتي ابن عساكر وابن الجوزي حيث رويا هذا الخبر من طريق ابن سعد فقُيِّد حماد عندهما بابن سلمة، وهذا هو المحفوظ؛ أنَّ الخبر لحماد بن سلمة.
وسيأتي برقم (5811) من طريق أخرى عن سعيد بن المسيب عن صهيب موصولًا، وإسناده فيه لين.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5806 -
أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الله العُمَري، حدثنا محمد بن إسحاق الإمام، حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأُمَوي، حدثني أبي، حدثنا محمد بن عمرو، حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن حاطِب، عن أبيه، قال قال عمرُ بن الخطاب لصُهيب: ما وَجَدتُ عليك في الإسلام إلَّا ثلاثةً: اكتَنَيتَ أبا يحيى، وقال الله عز وجل:{لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم:7]، قال: إيْهٍ، قال: وإنك لا تُمسِك شيئًا إلَّا أنفقتَه قال: إيْهٍ، قال: وإنك تُدعَى إلى النَّمِر بن قاسِط، وأنت من المُهاجِرين ممَّن أنعَمَ الله عليه.
فقال صهيبٌ: أمَّا ما
(1)
تَكنَّيتُ أبا يحيى، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كَنّاني أبا يحيى، وأما ما تقُول أني لا أُمسك شيئًا إلَّا أنفقتُه، فإنَّ الله تعالى يقول:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39]، وأما ما تقولُ أني أُدعَى إلى النَّمِر بن قاسِط، فإنَّ العربَ تَسْبي بعضُها بعضًا، فَسَبَانِي طائفةٌ من العَرب بعد أن عَرفتُ أهلي ومَولِدي، فباعُوني بسَوادِ الكوفة، فأخذتُ لِسانَهم، ولو كنتُ من رَوْثةٍ ما انتسبتُ إلَّا إليها، قال: صدقتَ
(2)
.
(1)
حرف "ما" سقط من (ز) و (م) و (ب).
(2)
رجاله لا بأس بهم، لكنه اختُلف فيه على محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - فبعضهم يرويه عنه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه، كما في هذه الرواية التي عند المصنف، وبعضهم يرويه عنه فلا يذكر فيه عبد الرحمن بن حاطب، ويحيى لم يدرك عمر بن الخطاب. وقد روي نحو هذا الخبر من وجوه.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(285)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1284)، ومن طريقه ابن عساكر 24/ 240 عن سعيد بن يحيى الأموي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 340 من طريق الفضل بن موسى، عن محمد بن عمرو به.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا البغوي (1284) ومن طريقه ابن عساكر 24/ 240 من طريق أبي =
5807 -
حدثنا علي بن حَمْشاذ، حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا علي بن عبد الحميد بن زياد بن صَيفِيّ [عن أبيه]
(1)
عن جدِّه، عن صُهيب بن سِنان، قال: ما جعلتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين العدُوّ، وما كنتُ إِلَّا عن يَمينِه أو أَمامَه أو عن شِماله
(2)
.
= أسامة حماد بن أسامة، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 153 وفي "معرفة الصحابة"(3804) من طريق محمد بن بشر، وابنُ عساكر 24/ 240 من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ثلاثتهم عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب مرسلًا.
وأخرجه بنحوه الطبراني في "الكبير"(7297)، وابن السُّنّي في "عمل اليوم والليلة"(408)، وابن حزم في "المحلى" 8/ 297، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 340، وابن عساكر 24/ 241 - 242، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 8/ (77) و (78) من طريق عبد الله بن مصعب بن ثابت الزبيري، عن ربيعة بن عثمان بن ربيعة المدني، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: خرجت مع عمر بن الخطاب حتى دخل على صهيب حائطًا بالعالية
…
فذكر نحوه، غير أنه قال في النفقة: أما تبذيري في مالي فما أُنفِقه إلّا في حقّه. وقال في السّبْي: إنَّ الروم سَبَتني وأنا صغير، فذكر الروم بدل العرب.
وأخرجه البزار (2086)، والطبراني في "الأوسط"(5347) من طريق عمرو بن عاصم الكلابي، عن حماد بن سلمة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: أنَّ عمر بن الخطاب قال لصهيب؛ فذكره دون ذكر الإسراف في النفقة، وقال في شأن الادعاء إلى النمر بن قاسط: استُرضعت بالأُبُلّة، فذكر الاسترضاعَ بدل السَّبْي! ورواية الطبراني مختصرة بذكر التكني بأبي يحيى.
وسيأتي عند المصنّف برقم (7932) من طريق عبد الله بن محمد بن عَقيل، عن حمزة بن صُهيب عن أبيه، أنَّ عمر بن الخطاب قال له
…
فذكر السِّباء مثل رواية ربيعة بن عثمان أنَّ الذين سَبَوه هم الروم، وقال في شأن الإسراف في النفقة: أنَّ عمر قال له: فيك سرف في الطعام، فقال له صهيب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ خيركم من أطعم الطعام" زاد بعض مخرجي الحديث: "وردّ السلام". وهذا الحرف تفرَّد به ابن عقيل، وهو ليِّن.
(1)
ما بين معقوفين سقط من النسخ الخطية، ولا بدّ من إثباته، وِفاقًا لسائر مصادر تخريج الخبر، ومنها "حلية الأولياء" لأبي نعيم 1/ 151 حيث خرَّج هذا الحديث عن محمد بن أحمد بن الحسن عن بشر بن موسى، بهذا الإسناد.
(2)
محتمل للتحسين إن شاء الله بطريقيه، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال علي بن عبد الحميد =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5808 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن شاذان الجَوهَري، حدثنا سعيد بن سليمان الواسِطي، حدثنا عبد الله بن المبارك، أخبرني عبد الحميد بن صَيفِيّ من وَلَد صُهيبٍ، عن أبيه، عن جدّه، عن صُهيب، قال: قَدِمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة، وهو يأكل تمرًا، فأقبلتُ آكُلُ من التمر وبِعَيْني رَمَدٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أتأكُلُ التمرَ وبك رَمَدٌ؟ " فقلت: إنما آكُلُ على شِقِّي الصحيحِ الذي ليس به رَمَدٌ، قال: فَضَحِكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
= وأبيه، وزياد بن صيفي وأبوه محتملان للتحسين.
وأخرجه أبو نُعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء" 1/ 151، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 24/ 232 عن محمد بن أحمد بن الحسن بن الصَّوّاف، عن بَشْر بن موسى، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبرى"(7309)، وعنه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 151 من طريق محمد بن الحسن بن زَبَالة المخزومي، عن علي بن عبد الحميد بن زياد بن صَيْفي، به. وابن زبالة متروك الحديث.
وأخرجه ابن أبي خيثمة في السَّفْر الثاني من "تاريخه"(2907)، وابن أبي عاصم في "الجهاد"(256)، وابن عساكر 24/ 232 من طريق إبراهيم بن المنذر الحِزامي، والعُقيلي في "الضعفاء"(1663) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي، كلاهما عن يوسف بن محمد بن يزيد بن صَيْفي، عن أبيه، عن أبيه، عن جده، عن صهيب. ويوسف بن محمد روى عنه جمع، وقال عنه أبو حاتم: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، لكن قال عنه البخاريُّ: فيه نظر، فمثلُه يُحتمل حديثُه إن شاء الله خاصة في المتابعات، وأبوه لم يرو عنه غير ابنه يوسف، وذكره ابن حبان في "ثقاته".
(1)
حديث محتمل للتحسين بطُرقه، وهذا إسناد فيه لِينٌ كما تقدَّم بيانه فيما قبله، ومع ذلك صحَّحه لذاته البوصيريُّ في "مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجَهْ"(1201)، وجوَّده الزَّيلعيُّ في "تخريج أحاديث الكشاف" 3/ 14!
وقد رُوي هذا الخبر من وجوه أخرى عن صهيب فباجتماع هذه الوجوه يتقوى الخبر.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7304)، وأبو نعيم في "الطب النبوي"(275) و (704)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وضياء الدين المقدسي في "المختارة" 8/ (63) و (64)، والمزي في "تهذيب الكمال" 16/ 443 من طريق عمرو بن عون الواسطي، وأبو القاسم الصفار في "الأربعين في شعب الدين" بانتخاب الضياء المقدسي (35) من طريق يحيى بن آدم، وابن عساكر 24/ 231 من طريق محمد بن إسحاق الصَّغَاني، عن أبي النضر هاشم بن القاسم، ثلاثتهم (عمرو بن عون ويحيى بن آدم وأبو النضر) عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وسيأتي كذلك عند المصنف برقم (8468) من طريق عَبْدان الأهوازي عن ابن المبارك.
وخالفهم في إسناده آخرون في روايتهم عن ابن المبارك:
فقد أخرجه أحمد في "مسنده" 27/ (16591) و 38/ (23180) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، عن ابن المبارك، عن عبد الحميد بن صيفي، عن أبيه، عن جده: أن صهيبًا قدم
…
فذكره هكذا بصورة المرسل! ولا شكَّ أنَّ رواية محمد بن إسحاق الصَّغّاني عن أبي النضر التي وافق فيها رواية سعيد بن سليمان الواسطي وعَبْدان الأهوازي ويحيى بن آدم وعمرو بن عون الواسطي أرجحُ من الرواية التي عند أحمد.
وأخرجه ابن ماجه (3443) من طريق موسى بن إسماعيل، والبيهقي 9/ 344 من طريق سهل بن عثمان، كلاهما عن ابن المبارك، عن عبد الحميد بن صَيفيّ، عن أبيه، عن جده صُهيب. فأسقطا من الإسناد جَدّ عبد الحميد الأدنى، وهو صَيفيّ، لأنه عبد الحميد بن زياد بن صَيفيّ، كما سماه سهل بن عثمان في روايته.
والصحيح ذكر صَيفيّ في إسناده كما في رواية جماعة أصحاب ابن المبارك الذين تقدَّم ذكرهم، وكذلك سماه علي بن عبد الحميد بن زياد بن صَيفيّ في روايته لهذا الخبر عن أبيه عند أبي نُعيم في "الطب النبوي"(276). فاتفق ابن المبارك في رواية أكثر أصحابه عنه وعليّ بن عبد الحميد بن زياد بن صَيفيّ على ذكر جد عبد الحميد الأدنى، وهو صيفي بن صهيب، والله تعالى أعلم.
وأخرجه البزار (2095) من طريق يعقوب بن محمد الزهري، عن عاصم بن سويد، عن داود بن إسماعيل بن مُجمَّع، عن عبد الحميد بن زياد بن صُهيب، عن أبيه، عن صهيب كذا وقع في هذه الرواية بإسقاط ذكر جد عبد الحميد الأدنى أيضًا!
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته الكبرى" 3/ 209، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 24/ 230، عن محمد بن عمر الواقدي، وابن عساكر 24/ 230 - 231 من طريق إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحُسين، كلاهما عن عبد الله بن جعفر المَخْرمي، عن عبد الحكيم بن صهيب، عن عمر بن الحكم بن ثوبان؛ قال الواقدي قدم صهيب، وقال إسحاق: عن =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5809 -
حدثني أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مَطَر العَدْل الزاهد - وأنا سألتُه - حدثنا أبو خُبيب العباس بن أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو بكر عَبد الله بن عُبيد الله الطَّلْحي، حدثنا عَبد الله بن محمد بن إسحاق بن موسى بن طلحة بن عُبيد الله، حدثني أبو حُذيفة الحُصين بن حُذيفة بن صَيْفِيّ بن صُهيب، عن أبيه، عن جده [عن]
(1)
صُهيب، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول في المُهاجرين الأَوّلين: "هُم السابِقُون الشافِعُون المُدِلُّون على ربِّهم تبارك وتعالى، والذي نفسي بيده، إنهم لَيأتُون يوم القيامة وعلى عواتقهم السِّلاحُ، فَيَقرَعُون بابَ الجنة، فتقول لهم الخَزَنةُ: مَن أنتُم؟ فيقولون: نحن المُهاجرون، فتقول لهم الخَزَنةُ: هل حُوسِبتُم؟ فيَجْثُون على رُكَبِهم، ويَنثُرون ما في جِعابِهم، ويَرفعُون أيديَهم إلى السماء، فيقولون: أيْ ربِّ، وبماذا نُحاسَب؟ فقد خَرجْنا وتَركْنا الأهلَ والمالَ والولدَ! فيُمثِّل اللهُ لهم أجنحةً من ذهَب مُخوَّصةً بالزَّبَرْجَد والياقوت، فيَطِيرون حتى يَدخُلوا الجنةَ، فذلك قوله: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} الآية إلى {لُغُوبٍ} [فاطر: 34 - 35] ". قال حُذيفة: قال صَيفِيّ: قال
= صهيب، قال قدمتُ
…
فذكراه. فأرسله الواقدي ووصله إسحاق، وإسحاق لا بأس به، وهو أحسن حالًا من الواقدي، فالإسناد محتمل للتحسين في المتابعات على جهالة حال عبد الحكيم بن صهيب.
وأخرجه ابن عساكر 24/ 231 - 232 من طريق يوسف بن محمد الصُّهيبي، عن أبيه، قال: قدم صهيب
…
فذكره مُعضلًا. ويوسف المذكور: هو ابن محمد بن يزيد بن صيفيّ بن صهيب بن سنان الذي تقدَّم ذكره عند الخبر السابق.
(1)
حرف "عن" سقط نسخنا الخطية، ولا بد من إثباته كما يدل عليه آخر الحديث، حيث بيَّن فيه أبو حذيفة الحُصين بن حُذيفة رجالَ إسناده مُسمَّين بأسمائهم، فقال: قال حذيفة - يعني أباه - قال: صيفي، قال صهيب. فاقتضى ذلك أن حذيفة بن صَيفيّ بن صهيب روى الخبر عن أبيه صيفيِّ عن جَدِّه صُهيب، وليس عن جده مباشرة. وانظر ما تقدَّم برقم (5803/ 3).
صُهيب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلَهُم بمَنازِلهم في الجنة أعرَفُ منهم بمنَازلِهم في الدُّنيا"
(1)
.
غريب الإسناد والمتن، ذكرتُه في مناقب صُهيب لأنه من المُهاجرين الأوَّلين، والراوي للحديث أعقابُه، والحديثُ لأصحابه، ولم نكتبه في الدنيا إلَّا عن شيخِنا الزاهدِ أبي عَمرو رحمه الله.
5810 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا أبو الزِّنْباع رَوْح بن الفَرَج المِصري، حدثنا يوسف بن عَدِيّ، حدثنا بن محمد بن يزيد بن صيفيّ بن صُهيب، عن أبيه [عن أبيه]
(2)
عن جَدِّه، عن صهيب، قال: لقد صَحِبتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يُوحى إليه
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف بمرَّة، عَبدُ الله بن محمد بن إسحاق بن موسى بن طلحة بن عُبيد الله، كذا سُمِّي في هذه الرواية التي عند الحاكم! وهو وهمٌ ممّن دون أبي بكر عَبد الله بن عبيد الله الطَّلْحي، وإنما هو عُبيد الله بن إسحاق بن محمد بن عمران بن موسى بن طلحة بن عُبيد الله، فهو والد عَبد الله بن عُبيد الله الطَّلْحي، وقد سُمّي على الصواب في رواية أبي نُعيم الأصبهاني لهذا الخبر في "حلية الأولياء" 1/ 156 من طريق جعفر بن أبي الحسن الخُوارِيّ (وتحرَّف في المطبوع إلى: الخوارزمي) عن عَبد الله بن عُبيد الله الطَّلحي بهذا الإسناد، ونصّ فيه أنه عن أبيه عبيد الله، وعبيدُ الله بن إسحاق هذا قال أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" 5/ 308: ليس بالقوي، وحذيفةُ بن صَيْفي مجهول لم يرو عنه غير ابنه الحُصين، وقال الذهبي في "تلخيصه": كذبٌ، وإسناده مُظلِم.
(2)
سقط من النسخ الخطية واستدركناه من مصادر التخريج وهذه السلسلة قد روي بها خبر آخر كما تقدم تخريجه عند الحديث (5807).
(3)
محتمل للتحسين إن شاء الله من أجل يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي بن صهيب، فقد تقدَّم الكلام عليه عند (5770)، وقال ابن عدي بعد أن ذكر هذا الخبر وغيره من رواية يوسف بن محمد 7/ 169: يوسف بن محمد يروي عن أبيه عن جده هذه الأحاديث، وهذه تُحتَمل.
وأخرجه أبو محمد الحسن بن أحمد المَخْلَدي في "الفوائد المنتخبة" بانتخاب أبي عمرو البّحيري =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5811 -
أخبرنا أبو العباس إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال، أخبرنا عَبْدانُ الأهوازي، حدثنا زيد بن الحَرِيش، حدثنا يعقوب بن محمد الزُّهْري، حدثنا حُصين بن حُذيفة بن صَيفيّ بن صُهيب، حدثني أبي وعُمومتي، عن سعيد بن المسيّب، عن صهيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُرِيتُ دار هجرتِكم؛ سَبَخةً بين ظَهْرانَيْ حَرَّةٍ، فإمّا أن تكون هَجَرًا أو تكون يَثرِبَ".
قال: وخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وخرج معه أبو بكر، وكنتُ قد هَمَمتُ بالخروج معه، فصَدّني فِتيانٌ من قريش، فجعلتُ ليلتي تلك أقومُ ولا أقعُد، فقالوا: قد شغلهُ الله عنكم ببَطنِه، ولم أكن شاكيًا، فقاموا فلَحِقَني منهم ناسٌ بعدما سِرتُ بَريدًا ليردُّوني، فقلت لهم: هل لكم أن أُعطِيَكم أواقيَّ
(1)
من ذهب، وتُخَلُّون سَبيلي، وتَفُون
(2)
لي؟ فتَبِعتُهم إلى مكةَ، فقلتُ: احفِرُوا تحت أُسكُفَّةِ الباب، فإنَّ تحتها
= (293) - ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 24/ 219 - عن أبي بكر محمد بن حمدون بن خالد، عن أبي الزِّنباع رَوح بن الفَرَج، بهذا الإسناد، غير أنه سقط ذكر صيفي من مطبوع ابن عساكر، فيُستدرك من كتاب المَخلدي.
وأخرجه البزار (2103) عن إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، والطبراني في "المعجم الكبير"(7303) ومن طريقه أخرجه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 8/ (70) - عن يحيى بن أيوب العَلّاف المصري، كلاهما عن يوسف بن عدي، به. لكن لفظ رواية البزار: صحبتُ النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل المدينة!
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 7/ 169 عن يعقوب بن حميد بن كاسب، عن يوسف بن محمد، به.
(1)
جاء في نسخنا الخطية: أواقًا، وهو جائز مستعملٌ عند بعض العرب لكن الوجه هو ما أثبتناه، كما مضى بيانه برقم (2240). وقد جاء في "تلخيص الذهبي" على الوجه.
(2)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: وتنفقون، وفي (ص) و (م) إلى: وسعون، هكذا غير معجمة، والمثبت على الصواب من "تلخيص الذهبي"، ومن "دلائل النبوة" للبيهقي حيث روى هذا الخبر 2/ 522 عن أبي عبد الله الحاكم، بسنده هذا.
الأواقيَّ
(1)
، واذهَبُوا إلى فُلانةَ، فخُذُوا الحُلَّتين، وخرجتُ حتى قَدِمتُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم[قُباءً]
(2)
قبل أن يَتحوَّل منها، فلما رآني قال:"يا أبا يحيى، رَبحَ البيعُ" ثلاثًا، فقلتُ: يا رسول الله، ما سبَقَني إليك أحدٌ، وما أخبركَ إِلَّا جبريلُ عليه السلام
(3)
.
(1)
في (ز) و"تلخيص المستدرك" للذهبي: الأواق، وهو لغة لبعض العرب كما سبق، والمثبت من (ص) و (م) هو الوجه، وتحرَّف في (ب) إلى: الأوراق.
(2)
سقط من النسخ واستدركناه من "دلائل النبوة" للبيهقي، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 24/ 227، وجاء في "تلخيص الذهبي" بعد قوله: يتحول منها ما نصه: يعني قُباء.
(3)
إسناده فيه لِينٌ من أجل يعقوب بن محمد الزُّهري، ففي حديثه لينٌ، وأما زيد بن الحَريش وحُصين بن حذيفة فقد روى عن كلٍّ منهما جمعٌ، وذكرهما ابن حبان في "الثقات"، فلا بأس بهما، وحذيفة بن صَيْفيٍّ - وإن كان مجهولًا - متابع بذكر إخوانه، فيبقى الشأن في لين يعقوب بن محمد الذي انفرد بالخبر بهذه السياقة؛ وقد خولف في وصل الخبر بذكر صهيب، كما سيأتي بيانه، على أنَّ هذا الخبر قد ورد في الجملة لكن بغير هذه السياقة.
عَبْدان الأهوازي: هو عبد الله بن أحمد بن موسى، وعَبْدان لقبُه.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 522، ومن طريقه ابن عساكر 24/ 227 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7296)، وعنه أبو نُعيم في "حلية الأولياء" 1/ 152 عن أحمد بن محمد المُعيَّني الأصبهاني، عن زيد بن الحَريش، به.
وأخرجه البزار في "مسنده"(2085) عن محمد بن معمر البَحْراني، عن يعقوب بن محمد، به.
مختصرًا إلى قوله: هممتُ بالخروج معه، ولم يذكر في إسناده عمومة حصين بن حذيفة.
وانظر ما تقدَّم برقم (5805).
وانظر حديثي جرير السالف برقم (4304)، وعائشة السالف برقم (4308).
وأما قصة صهيب مع بعض فتيان قريش لدى هجرته، فقد تقدم عند الرواية (5805 م) تخريجه من رواية علي بن زيد بن جُدعان، عن سعيد بن المسيب مرسلًا، وبسياقة مختصرة تختلف عن سياقة يعقوب بن محمد الزهري المطولة التي انفرد بها هنا، وعلي بن زيد وإن كان ضعيفًا، لكن سياقته للخبر لها شواهدُ، فهي أصح، والله تعالى أعلم.
والسَّبَخَة: الأرض التي تعلُوها المُلُوحة، ولا تكاد تُنبت إلّا بعضَ الشجر. =
هذا حديث صحيح الإسناد لِولَد صُهيبٍ، ولم يُخرجاه.
5812 -
أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنْعاني بمكة، حدثنا عليُّ بن المُبارك الصَّنْعاني، حدثنا زيد بن المبارك، حدثنا محمد بن ثَوْر، عن ابن جُرَيج، في قولِ الله عز وجل:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207]، نزلت في صهيب بن سِنان وأبي ذرٍّ، وإنَّ الذي أدرَكَ صهيبًا بطريق المدينة قنفُذُ بن عُمَير
(1)
بن جُدْعان. قال ابن جُريج: وزَعَمَ عِكْرمةُ مولى ابن عباس: أَنَّ صُهيبًا افتَدَى من مكةَ أهله بماله ثم خرج مهاجرًا، فأدرَكُوه بالطريق، فأخرج لهم ما بقي من مالِه
(2)
.
5813 -
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا عمرو بن الحُصين العُقَيلي، حدثنا فُضَيل بن سليمان النُّمَيري، حدثنا موسى بن عُقبة، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن مُغِيث، عن كعب الأحبار، حدثني صهيب بن سِنان، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: "اللهُمَّ إنك لستَ بإلهٍ استَحدَثْناهُ، ولا بربٍّ ابتدَعْناهُ، ولا كان لنا قَبلَك من إلهٍ نلجأُ
= والحرّة: أرضٌ ذاتُ حجارة سُوْد.
وهَجَر: هي قاعدة البَحرين.
وأُسكُفَّةُ الباب: عَتَبةُ الباب.
والبَريدُ: أصله الدَّابةُ التي تحمل الرسائل، والرسولُ، والمسافة بين كل منزلين من منازل الطريق، وهي: أميالٌ اختُلف في عددها.
(1)
تحرَّف في (ز) و (م) إلى: عميرة، وفي (ب) إلى عمرة، والمثبت على الصواب من (ص) وفاقًا لكتب التراجم والرجال.
(2)
غريب بذكر أبي ذر الغفاري.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7289)، ومن طريقه ابن عساكر 24/ 229 عن علي بن المبارك، به.
وأخرجه الطبري في "تفسيره" 2/ 321 من طريق حجاج، عن ابن جريج.
وانظر قصة إسلام أبي ذر وهجرته فيما سلف برقم (5547).
إليه ونَذَرُكَ، ولا أعانك على خَلْقِنا أحدٌ فنُشْرِكَه فيك، تباركتَ وتعالَيتَ". قال كعبُ الأحبار: كان نبيُّ الله [داود]
(1)
يَدعُو به
(2)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5814 -
حدثني علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا علي بن عبد الحميد بن زياد بن صَيفي بن صهيب، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن صهيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تُبغِضوا
(3)
صُهيبًا"
(4)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
(1)
سقط اسم النبي داود ولا بد من ذكره وفاقًا لسائر مصادر تخريج الخبر.
(2)
إسناده تالف بمرّة من أجل عمرو بن الحصين العُقيلي، فهو متروك الحديث، وقد تفرد بهذا الخبر كما قال أبو نُعيم في "حلية الأولياء" 6/ 47، وفضيل بن سليمان ليّن الحديث، وقد تابع عمرَو بنَ الحُصين عليه عمرُو بنُ مالك الراسِبيُّ وهو من بابته فلا اعتداد بمتابعته.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7300) وفي "الدعاء"(1450)، وعنه أبو نُعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء" 1/ 155 و 373 و 6/ 47 عن إبراهيم بن هاشم البغوي، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 17/ 108 من طريق محمد بن أيوب البجلي - وهو ابن الضُّريس - كلاهما عن عمرو بن الحُصين، بهذا الإسناد. غير أنَّ ابن الضريس سمى التابعي عبد الله بن مُعتِّب بدل عبد الرحمن بن مُغيث.
وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة"(114)، وعنه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 155 من طريق عمرو بن مالك الراسبي، عن فُضيل بن سليمان، عن موسى بن عقبة، عن عطاء بن أبي مروان الأسلمي، عن أبيه، عن كعب عن صهيب. وعمرو بن مالك متروك أيضًا.
وفي الباب عن عائشة عند يحيى بن سلام في "تفسيره" 1/ 170، والبيهقي في "الدعوات الكبير" (70) من طريقين عن عائشة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله إذا فرغ من ركعتي الفجر. وهو واهٍ.
(3)
في (ز): تغُضُّوا، والمعنى: تَنقُصوا.
(4)
إسناده ضعيف لجهالة حال علي بن عبد الحميد وأبيه.
وأخرجه أبو جعفر العقيلي في "الضعفاء"(979)، ومن طريقه ابن عساكر 24/ 234 عن بشر بن موسى، بهذا الإسناد.
5815 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي بنَيسابور، حدثنا أبو الزِّنباع، حدثنا يوسف بن عَديّ، حدثنا يوسف بن محمد بن يزيد بن صَيفي بن صُهيب، عن أبيه، عن جده عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحِبُّوا صهيبًا حُبَّ الوالدةِ لولدِها"
(1)
.
5816 -
حدثني علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حَرْب، عن جرير بن حازم، [عن يعلى بن حَكيم]
(2)
عن سليمان بن أبي عبد الله، قال: كان صهيبٌ يقول لنا: هلُمُّوا نُحدِّثْكم عن مَغازِينا، فأما أن نقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا
(3)
.
(1)
إسناده ليِّن لتفرُّد يوسف بن محمد وأبيه، به، وأبوه تفرد بالرواية عنه ابن محمد، لكن ذكره ابن حبان في "ثقاته"، وقد وهَّى هذا الإسناد الذهبي في "تلخيصه". أبو الزِّنْباع: هو روح بن الفرج القطان المصري.
وأخرجه أبو محمد الحسن بن أحمد المَخْلَدي في "الفوائد المنتخبة" بانتخاب أبي عمرو محمد بن أحمد البَحِيري (292) عن أبي بكر محمد بن حمدون، عن أبي الزنباع، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار (2102) عن إبراهيم بن عبد الله بن الجُنيد، وابن عدي في "الكامل" 7/ 169، ومن طريقه ابن عساكر 24/ 234 - 235 من طريق أبي زرعة الرازي، وابن عساكر 5/ 453 - 454 من طريق أبي علي أحمد بن محمد بن موسى النوفلي، ثلاثتهم عن يوسف بن عدي به.
وقال ابن عدي بعد إيراده جملة أحاديث بهذا الإسناد: يوسف بن محمد يروي عن أبيه عن جده هذه الأحاديث، وهذه تُحتَمل.
(2)
سقط اسم يعلى بن حكيم - وهو الثقفي المكي ثم البصري - من أصول "المستدرك" ولا بدَّ من إثباته، فقد ثبت ذكره في رواية سليمان بن حرب عند ابن سعد 3/ 210، وهو ثابت في رواية غيره أيضًا.
(3)
إسناده حسنٌ إن شاء الله من أجل سليمان بن أبي عبد الله، فهو تابعي كبير، قال البخاري وابن حبان: أدرك المهاجرين، وزاد أبو حاتم الرازي: والأنصار. وذكره ابن حبان في "الثقات".
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 210، ومن طريقه البلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 183، وابن عساكر 24/ 236 عن سليمان بن حرب، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان في "الثقات" 4/ 314 من طريق وهب بن جرير بن حازم وابن عساكر =
قال الحاكم: بيانُ هذا الحديثِ:
5817 -
ما حدَّثَناهُ أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الخضر بن أبان الهاشمي، حدثنا سَيّار بن حاتم، حدثنا جعفر بن سُليمان، حدثنا عمرو بن دينار قُهْرَمانُ آل الزُّبَير، عن صيفي بن صُهيب قال: قلت لأبي صهيبٍ: ما لكَ لا تُحدّثُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يُحدِّث أصحابُك؟ قال: أيْ بنيَّ، قد سمعتُ كما سَمِعُوا، ولكن يَمنعُني من الحديث أني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن كَذَبَ عَلَيَّ متعمّدًا، كُلِّف يوم القيامة أن يَعقِدَ طرفَي شَعِيرةٍ، ولن يَعقِدَها"
(1)
.
5818 -
أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر الأَدَميّ القارئ ببغداد، حدثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، عن عُبيد الله بن عمر، عن ابن شِهاب، عن المِسوَر بن مَخْرَمة، قال: لمّا طُعِنَ عمرُ، أَمَرَ صُهيبًا مولى بني جُدْعان أن يُصلّيَ بالناس
(2)
.
= 24/ 236 من طريق عفان بن مسلم، كلاهما عن جرير بن حازم به.
(1)
إسناده ضعيف لضعف عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، كما قال الذهبي في "تلخيصه"، والخضر بن أبان الهاشمي ضعيف أيضًا لكنه متابع، فبقي الشأن في عمرو بن دينار، وقد وهم في لفظ الحديث كما سيأتي.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 24/ 237، وابن الجوزي في "الموضوعات"(81) من طريق أبي عُبيد الله حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق، عن سيار بن حاتم، بهذا الإسناد.
وأخرجه كذلك عبدُ الرزاق في "مصنفه"(10445)، والهيثم بن كُليب الشاشي في "مسنده"(986) و (987)، وعبد الباقي بن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 19، والطبراني في جزء "طرق حديث من كذب عليَّ متعمدًا"(134)، وابن عُدي في "الكامل" 1/ 4، وابنُ عساكر 24/ 236 - 237 وابن الجوزي (80) من طرق عن جعفر بن سليمان، به وكلهم أبهم في روايته اسمَ ولد صُهيب الذي حدَّث عَمرو بن دينار، فلم تقع تسميته إلّا في رواية سيار بن حاتم.
وقد صحَّ أنَّ هذه العقوبة إنما تقع على من يتحلَّم بحُلْم لم يَرَهُ، كما في حديث ابن عباس عند البخاري (7042) بلفظ:"من تحلَّم بُحُلم لم يَرَهُ كُلِّف أن يعقد بين شعيرتين، ولن يفعل".
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن صالح - وهو =
5819 -
حدثنا أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن عَبدُوس بن كامل، حدثنا أبو حسّان الزِّيادي
(1)
، حدثنا هِشامٌ الكَلْبي، قال: صُهيب بن سِنان حليفُ عبد الله بن جُدعان التَّيمي.
5820 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو حُذيفة، حدثنا عُمارة بن زاذانَ، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السُّبّاقُ أربعةٌ: أنا سابِقُ العربِ، وصهيبٌ سابِقُ الرومِ، وسلمانُ سابِقُ فارسَ، وبلالٌ سابِقُ الحَبَش"
(2)
.
ذكرُ مناقب أُوَيس بن عامر القَرَني رضي الله عنه
-
أُوَيسٌ راهِبُ هذه الأمّةِ، ولم يَصحَبْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، إنما ذَكَرَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ودلَّ على فَضْله، فذكرتُه في جملةِ من استُشهِد بصِفّين بين يدَي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
5821 -
سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد
= كتاب الليث بن سعد وقد روي مثله عن عبد الله بن عمر بن الخطاب بسند صحيح.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7287) عن مطّلب بن شعيب، عن عبد الله بن صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه ضمن خبر طعن عمر بن الخطاب ووفاته مطولًا: الطبري في "تاريخه" 4/ 190 - 193، والآجُرّي في "الشريعة"(1399) من طريق عبد العزيز بن أبي ثابت الزُّهري، عن عبد الله بن جعفر المَخْرمي، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة. وعبد العزيز متروك الحديث، وجعفر والد عبد الله لا يُعرف.
وقد صحَّ أمرُ عمر بن الخطاب بعد أن طُعن بصلاة صهيب بالناس من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب عند عبد الرزاق (9776)، وعمر بن شبّة في "تاريخ المدينة" 3/ 924 من طريقين صحيحين عن ابن عمر.
(1)
تحرّف في (ص) إلى: الرمادي.
(2)
إسناده ضعيف كما تقدم بيانه برقم (5326) من طريق محمد بن غالب تمتام عن أبي حذيفة.
الدُّورِي يقول: سمعت يحيى بن مَعِين يقول: قُتل أُويسٌ القَرَني بين يدَي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب يومَ صِفِّين.
5822 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا أبو نُعيم، حدثنا شَريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لما كان يومُ صِفِّين نادى مُنادي من أصحاب معاوية أصحابَ عليٍّ: أفيكُم أُويسٌ القَرَني؟ قالوا: نعم، فضرب دابّتَه حتى دخل معهم، ثم قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خيرُ التابعينَ أُوَيسٌ القَرَني"
(1)
.
5823 -
أخبرني أحمد بن كامل القاضي ببغداد، حدثنا عبد الله بن رَوح المدائني، حدثني عُبيد الله بن محمد العَيْشي، حدثني إسماعيل بن عمرو البَجَلي، عن حِبّان بن علي العَنَزِي، عن سعد بن طَرِيف، عن الأصبَغ بن نُباتة، قال: شهدتُ عليًّا يومَ صِفّين، وهو يقول: من يُبايعُني على الموت - أو قال: على القَتل - فبايعَه تسعٌ وتسعون، قال: فقال: أين التَّمّامُ؟ أين الذي وُعِدتُ به؟ قال: فجاء رجلٌ عليه أطمارُ صُوفٍ مَحلوقُ الرأس، فبايعَه على الموت والقَتْل، قال: فقيل: هذا أُوَيسٌ القَرَني، فما زال يحاربُ بين يدَيه حتى قُتِل رضي الله عنه
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد: وهو الهاشمي الكوفي. أبو نُعيم: هو الفضل بن دُكين، وشَريك: هو ابن عبد الله النَّخَعي.
وهو في "تاريخ العباس بن محمد الدوري"(1554).
وأخرجه أحمد 25/ (15942) عن أبي نُعيم، بهذا الإسناد.
والمرفوع منه صحيح لغيره، يشهد له حديث عمر بن الخطاب عند مسلم (2542)، وسيأتي عند المصنف برقم (5825).
(2)
إسناده تالفٌ، الأصبغ بن نُباتة وسعد بن طريق متروكان، وإسماعيل بن عمرو البَجَلي وحِبّان بن علي العَنَزي مُختلف فيهما وهما إلى الضعف أقرب. وقد ضعّف إسناده الذهبيُّ في "تلخيصه". وأخرجه ابن العَديم في "بُغية الطلب في تاريخ حلب" 1/ 312 من طريق محمد بن عيسى الأنصاري وهو ابن السكن الواسطي - عن عبيد الله بن محمد التيمي، بهذا الإسناد.
قال الحاكم: وقد صحتِ الروايةُ بذلك عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
5824 -
أخبرَناهُ أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قَتَادة، عن زُرَارة بن أوفَى، عن أُسَير بن جابر، قال: كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إذا أتت عليه أمدادُ اليمن سألَهم: أفيكُم أُويسُ بن عامر؟ حتى أتى عليه أويسٌ، فقال: أنت أويسُ بن عامر، قال نعم، قال: مِن مراد ثم قَرَنٍ؟ قال: نعم، قال: كان بك بَرَضٌ فَبَرَأتَ منه إلَّا موضعَ درهم، قال: نعم، قال: ألك والدةٌ؟ قال: نعم، فقال عمر: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي عليكم أويسُ بن عامر مع أمدادِ اليمَن، من مُراد ثم من فَرَن، كان به بَرَص فبَرَأَ منه إلَّا موضعَ درهم، له والدةٌ هو بها بَرٌّ، لو أقسمَ على الله لأَبَرّه، فإن استطعتَ أن يَستغفرَ لك فافعلْ"، قال: فاستغفرْ لي، فاستغفَرَ له، ثم قال عمر: أين تريدُ؟ قال: الكوفةَ، قال: ألا أكتُبُ لك إلى عُمّالها فيستَوصُوا بك خيرًا؟ فقال: لأَن أكونَ في غَبْراءِ الناس أحبُّ إليَّ.
فلما كان في العام المُقبل حجّ رجلٌ من أشرافِهم، فسأل عمرُ عن أُويس، كيف تركْتَه؟ فقال: تركتُه رثَّ البيت، قليلَ المَتاع، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي عليكم أويسُ بن عامر مع أمدادِ أهل اليمن، من مُراد ثم من قَرَن، كان به بَرَصٌ فَبَرَأَ منه إلَّا موضعَ درهم، له والدةٌ هو بها بَرٌّ، لو أقسمَ على الله لأبَرَّه، فإن استطعتَ أن يستغِفَر لك فافعلْ"، فلما قدم الرجلُ أتى أُويسًا، فقال: استغِفرْ لي، فقال: أنتَ أحدثُ الناس بسفرٍ صالح، فاستغفِرْ لي، فقال: لقيتَ عمرَ بن الخطاب؟ فقال: نعم، قال: فاستغَفَر له، قال: ففَطِنَ له الناسُ، فانطلقَ على وجهه. قال أُسَيرٌ: فَكَسَوتُه بُردًا، فكان إذا رآه عليه إنسانٌ قال: مِن أين لأُويسٍ هذا؟
(1)
(1)
إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي. =
صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السِّياقة!
5825 -
حدثنا علي بن حَمْشاذ العَدْل، حدثنا الحُسين بن الفضل البَجَلي ومحمد بن غالب الضَّبِّي، قالا: حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن سعيدٍ الجُرَيري، عن أبي نَضْرة، عن أُسَير بن جابر، قال: لما أقبل أهلُ اليمن جعل عمرُ يستقري الرِّفاقَ، فيقول: هل فيكم أحدٌ من قَرَن؟ حتى أتى على قَرَن، فقال: من أنتم؟ قالوا: قَرَنٌ، فرَفَع عمرُ بزمام - أو زمامَ - أُويسٍ فناولَه عمرُ، فعرفَه عمرُ بالنَّعْت، فقال له عمرُ: ما اسمُك؟ قال: أنا أُويسٌ، قال: هل كانت لك والدةٌ؟ قال: نعم، قال: هل بك من البَيَاض شيءٌ؟ قال: نعم، دعوتُ الله فأذهبَه عنّي إِلَّا موضعَ الدرهمِ من سُرَّتي، لأذكُرَ به ربّي، فقال له عمر: استغفِرْ لي، قال: أنت أحقُّ أن تستغفرَ لي، أنت صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: إني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ خير التابعينَ رجلٌ يُقال له: أُويسٌ القَرَنيُّ، وله والدةٌ، وكان به بياضٌ فدعا ربَّه فأذهبَه عنه إِلَّا موضعَ الدرهم في سُرّته"، قال: فاستغفَرَ له، قال: ثم دخل في غُمارِ الناسِ، فلم يُدرَ أين وَقَعَ.
قال: ثم قَدِمَ الكوفة، فكنا نجتمعُ في حَلْقَةٍ فنذكرُ الله، وكان يجلسُ معنا، فكان إذ ذَكَّرهم وَقَعَ حديثُه من قلوبنا مَوقعًا لا يقعُ حديثُ غيرِه، ففقدتُه يومًا، فقلت لجليسٍ لنا: ما فَعَل الرجلُ الذي كان يَقعُد إلينا؟ لعلّه اشتكى، فقال رجلٌ: مَن هو؟ فقلتُ: مَن هو؟! قال: ذاك أُويسٌ القَرَني، فدُلِلتُ على منزله، فأتيته، فقلتُ: يرحمُك اللهُ، أين كنتَ؟ ولِمَ تتركُنا؟ فقال: لم يكن لي رداءٌ، فهو الذي مَنعَني من إتيانِكُم، قال: فألقَيتُ إليه رِدائي، فقَذَفَه إليَّ، قال: فتجانبتُه
(1)
ساعةً، ثم قال: لو أني أخذتُ
= وأخرجه مسلم (2542)(225) من طرق عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
(1)
جاء في (ز): فتحالبته، وفي "تلخيص المستدرك" للذهبي: فتحاليته، وكذلك رُسمت في (ص) و (م) و (ب) لكنها أهملت فيها، ولم يسُق أحدٌ هذا الخبر بتمامه غير المصنف، فلم نستطع =
رداءَك هذا فلبستُه فرآه عليَّ قومي قالوا انظروا إلى هذا المُرائي، لم يَزَل في الرجُل حتى خَدَعَه وأخذَ رِداءَه، فلم أزَلْ به حتى أخذَه، فقلت: انطَلِقْ حتى أسمعَ ما يقولون، فلبسَه فخرَجْنا، فمرّ بمجلسِ قومِه، فقالوا: انظُروا إلى هذا المرائي، لم يَزَل بالرجل حتى خَدَعَه وأخذَ رِداءه، فأقبلتُ عليهم، فقلتُ: ألا تستحْيُون لمَ تُؤذُونه؟! والله لقد عَرضتُه عليه فأبى أن يَقبَلَه.
قال: فوَفَدَتْ وُفُودٌ من قبائل العرب إلى عمر، فوَفَدَ فيهم سيِّدُ قومِه، فقال لهم عمر بن الخطاب: أفيكم أحدٌ من قَرَن؟ فقال له سيِّدُهم: نعم، أنا، فقال له: هل تعرف رجلًا من أهل قَرَن يقال له: أويسٌ، من أمره كذا ومن أمره كذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين، ما تذكُر من شأن ذاك؟ ومَن ذاك؟ فقال له عمر: هَبِلَتْك أمُّك، أدرِكْه! مرتين أو ثلاثًا، ثم قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: "إنَّ رجلًا يقال له: أويسٌ، مِن قَرَنٍ، من أمرِه كذا ومن أمرِه كذا". فلما قَدِمَ الرجلُ لم يبدأْ بأحدٍ قبلَه، فدخل عليه، فقال: استغفِرْ لي، فقال: ما بَدَا لك؟ قال: إنَّ عمر قال لي: كذا وكذا، قال: ما أنا بمستغفرٍ لك حتى تجعلَ لي ثلاثًا، قال: وما هُنَّ؟ قال: لا تُؤذيني فيما بَقِي، ولا تُخبِرُ بما قال لك عمرُ أحدًا من الناس، ونَسِيَ الثالثةَ
(1)
.
= تبيُّن ضبط هذه اللفظة وإعجامها، غير أنَّ سياق القصة يدل على أنَّ أُسيرًا لما رأى ردّة فعل أويس الشديدة التي عبر عنها بقذف الرداء تجانبه أُسَير ساعةً ليذهب عن أويس ما وجده في نفسِه، والله أعلم.
(1)
إسناده صحيح سعيد الجُرَيري: هو ابن إياس، وأبو نَضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطْعة العَبْدي.
وأخرجه أحمد 1/ (266)، ومسلم (2542)(224) من طريق عفان، بهذا الإسناد. ولم يسُق أحمد ومسلم لفظ الحديث بتمامه.
وأخرجه كذلك مختصرًا مسلم (2542)(223) من طريق سليمان بن المغيرة، عن سعيد الجُريري، به.
وأخرجه أحمد (267) من طريق قيس أو ابن قيس رجل من جُعفي، عن عمر بن الخطاب. =
5826 -
حدثنا أبو العباس أحمد بن زياد الفقيه بالدامَغَان، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عيّاش، عن هشام، عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَدخُل الجنة بشفاعةِ رجلٍ من أمّتي أكثرُ من رَبيعةَ ومُضرَ"
(1)
.
قال هشامٌ: فأخبرني حَوشَبٌ، عن الحسن: أنه أُويسٌ القَرَني.
قال أبو بكر بن عيّاش: فقلتُ لرجلٍ من قومه: أويسٌ بأيِّ شيءٍ بلغَ هذا؟
= قال أحمد: فذكر نحو حديث عفان.
وقوله في هذا الخبر: "خير التابعين رجل يقال له: أويس" تقدم من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من الصحابة برقم (5822).
قوله: يستقري، أي: يتتبّع.
وغُمار الناس، بضم الغين وفتحها: الزَّحْمة.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإرساله؛ الحسن هو ابن أبي الحسن البصري، وهشام: هو ابن حسان القُردوسي، ومحمد بن أيوب: هو ابن الضُّريس الرازي.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 6/ 438 - 439 من طريق أبي بكر البيهقي، عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الله أحمد بن في زياداته على "الزهد" لأبيه (2013) عن أحمد بن إبراهيم الدَّورقي، والطبري في "ذيل المُذيَّل" كما في "منتخبه" لعُريب القرطبي 11/ 662 عن أبي كريب محمد بن العلاء كلاهما عن أبي بكر بن عياش، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 153 عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن هشام به.
وأخرجه أحمد في "الزهد"(2010) من طريق حماد بن سلمة وابن عساكر 9/ 438 من طريق أبي شهاب الحنّاط، كلاهما عن يونس بن عبيد، عن الحسن البصري. وجاء في رواية حماد بن سلمة وحده: قال الحسن: وكانوا يرونه أنه عثمان أو أويس القرني.
ويشهد له حديث الحارث بن أُقيش المتقدم عند المصنف برقم (239) لكن بلفظ: "أكثر من مضر" ليس فيه ذكر ربيعة.
وتقدم من حديث عبد الله بن أبي الجَدْعاء برقم (237) و (238) بلفظ: "أكثر من بني تميم"، وإسناده صحيح. وسيأتي أيضًا برقم (5834).
قال: فضلُ الله يؤتيه من يشاء.
5827 -
أخبرني أبو العباس قاسم بن القاسم السَّيّاري بمَرْو، حدثنا عبد الله بن علي الغَزّال، حدثنا علي بن الحسن بن شَقيق، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا سفيان الثَّوْري، قال: كان لأُويسٍ القَرَني رداءٌ إذا جلس مسَّ الأرضَ، وكان يقول: اللهم إني أعتذِرُ إليك من كلِّ كَبِدٍ جائعةٍ، وجسدٍ عاري، وليس لي إلَّا ما على ظَهْري وفي بَطْني
(1)
.
5828 -
أخبرني أبو العباس السَّيّاري، حدثنا عبد الله بن علي، حدثنا علي بن الحسن، حدثنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا يزيد بن يزيد البَكْري، قال أُويس القَرَني: كُن في أمر الله كأنك قتلتَ الناسَ كلَّهم
(2)
.
(1)
رجاله ثقات، لكنه منقطع أو معضل، فلا يُدرك سفيان الثوري أُويسًا القَرَنيَّ.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(896)، ومن طريقه ابن عساكر 9/ 444 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عساكر 9/ 445 من طريق وكيع بن الجراح عن سفيان الثوري، حدثني قيس بن يُسير بن عمرو، عن أبيه: أنَّ أويسًا القرني عري مرةً فكساه أبي فقبل. قال: وكان أويس يقول: اللهم لا تؤاخذني بكل كبد
…
وظاهر هذه الرواية أن قول أويس هذا رواه سفيان عن قيس بن يُسير عن أبيه.
ورُوي عن أويس من غير هذا الوجه؛ فقد أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(887)، وابن عساكر 9/ 445 من طريق النجم بن فرقد، وهو منقطع أيضًا، لأنَّ النجم لا يدرك أويسًا، وإن كان رجاله لا بأس بهم.
وأخرجه أبو نُعيم في "الحلية" 2/ 87، وابن عساكر 9/ 444، وابن الجوزي في "المنتظم" 4/ 256 من طريق أصبغ بن زيد، ورجاله ثقات، لكنه منقطع كذلك، لأنَّ أصبغ لم يدرك أويسًا القرنيّ.
(2)
رجاله لا بأس بهم، لكنه منقطع أو مُعضل، فإنَّ يزيد بن يزيد البكري لا يُدرك أويسًا القَرَني.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(895)، ومن طريقه ابن عساكر 9/ 444 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =
5829 -
حدثنا أحمد بن زياد الفقيه الدامَغَاني، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو الأحوَص، حدثني صاحبٌ لنا، قال: جاء رجلٌ من مُرادٍ إلى أُويس القَرَني، فقال: السلامُ عليكم، قال: وعليكم، قال: كيف أنتُم يا أويس؟ قال: بحمدِ الله، قال: كيفَ الزمانُ عليكم؟ قال: لا تَسألْ، رجلٌ إذا أمسى لم يَرَ أنه يُصبح، وإذا أصبح لم يَرَ أنه يُمسي، يا أخا مُرادٍ، إنَّ الموتَ لم يُبقِ لمؤمن فَرَحًا، يا أخا مراد، إنَّ عِرفانَ المؤمن بحُقوق الله لم يُبق له فضّةً ولا ذَهَبًا، يا أخا مراد، إنَّ قيامَ المؤمن بأمرِ الله لم يُبقِ له صديقًا، والله إنا لنأمُرُهم بالمعروفِ وتنهاهم عن المنكر، فيتَّخذونا أعداءً، ويَجِدُون على ذلك من الفاسقين أعوانًا، حتى واللهِ لقد يَقذِفون بالعَظائم، وايْمُ الله لا يَمنعنُي ذلك أن أقولَ بالحقِّ
(1)
.
= ورُوي عن أويس من وجه آخر، فقد أخرجه البيهقي (894)، ومن طريقه ابن عساكر 9/ 447 من طريق بشر بن الحارث الحافي، قال: قال أويس: لا تنال هذا الأمرَ حتى تكون كأنك قتلتَ الناسَ أجمعين. وهو منقطع كذلك بل معضل.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة شيخ أبي الأحوص - واسم أبي الأحوص سَلّام بن سُليم - وقد سُمّي هذا الشيخ في بعض الروايات وُهَيبًا وقيّد في بعضها بابن أبي الشعثاء، وفي بعضها بابن سلامة، وعلى كلِّ حال فهو رجل مجهول لا يُدرى من هو. محمد بن أيوب: هو ابن الضُّرَيس البجلي، وأحمد بن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليَربُوعي.
وأخرجه البيهقي في "الزهد"(561)، ومن طريقه ابن عساكر 9/ 445 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 8/ 285 عن أحمد بن عبد الله بن يونس، به.
وأخرجه المعافى بن عمران في "الزهد"(11)، وأخرجه الدولابي في "الكنى"(607)، وابن عساكر 9/ 445 - 446 من طريق وهب بن منصور، كلاهما (المعافى ووهب) عن أبي الأحوص، عن وُهيب البكري، قال: جاء رجل من مراد
…
الخبر.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"(88)، ومن طريقه عبد الغني المقدسي في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"(79) عن الحسن بن حماد الضبيّ، والشجري في "أماليه" 2/ 136 - 137 من طريق علي بن محمد الطنافسي، كلاهما عن عبد الرحمن بن محمد =
5830 -
أخبرني إسماعيل بن أحمد الجُرْجاني، أخبرنا أبو يعلى، حدثنا زُهير بن حرب، حدثنا الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، حدثني عطاء الخُراساني، قال: ذَكَروا الحجَّ، فقالوا لأُويس القَرَني: أمَا حَجَجْت؟ قال: لا، قالوا: ولِمَ؟ قال: فسكتَ، فقال رجل منهم: عندي راحلةٌ، وقال آخَرُ: عندي نفقةٌ، وقال آخَرُ: عندي جَهَازٌ، فقَبلَه منهم وحجَّ به
(1)
.
5831 -
أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم بن عبد الله بن معاوية السَّيّاري، شيخُ أهل الحقائق في عصره بخُراسان رحمه الله، قال: أخبرنا أبو المُوجِّه محمد بن عمرو بن المُوجِّه الفَزَاري، أخبرنا عَبْدانُ بن عثمان
(2)
، أخبرنا عبد الله بن الشُّمَيط
= المحاربي، لكنهما اختلفا عليه؛ فقال الحسنُ الضبيّ: عنه عن ابن سلامة البكري عن رجل من مراد. وقال علي الطَّنافسي: عنه عن ابن وهب عن أبيه، قال: بلغني أنَّ رجلًا من مراد قال
…
وأخرجه ابن عساكر 9/ 435 - 437 من طريق محمد بن أيوب الرَّقي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر. وإسناده ضعيف، فإنَّ محمد بن أيوب الرّقي ضعَّفه أبو حاتم الرازي، وبالغ ابن حبان فاتهمه بالوضع.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 2/ 83، ومن طريقه ابن عساكر 9/ 446 - 447 من طريق محمد بن حميد الرازي، عن زافر بن سليمان، عن شريك النخعي، عن جابر الجعي، عن عامر الشعبي قال مرّ رجل من مراد على أويس القَرَني
…
فذكر بنحوه. وإسناده ضعيف أيضًا لضعف محمد بن حميد وجابر الجعفي.
(1)
رجاله ثقات غير أنَّ فيه انقطاعًا، لأنَّ عطاء الخُراساني - وهو ابن أبي مسلم - لم يُدرك أُويسًا القَرَني. ابن جابر هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي الدمشقي، وأبو يعلى: هو أحمد بن علي بن المثنى صاحب "المسند".
وأخرجه ابن أبي خيثمة في السِّفْر الثالث من "تاريخه الكبير"(4522)، ومن طريقه أبو العباس المستغفري في "دلائل النبوة"(13)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 9/ 429 عن هارون بن معروف، عن ضمرة بن ربيعة، عن عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني، عن أبيه، ضمن خبر مُطوَّل، لكن جاء فيه أنَّ أُويسًا هو الذي تمنَّى الحج، فقال: لو كان عندي زاد وراحلة لحججتُ، فقال رجل: عندي راحلة، وقال آخر: عندي زاد وعثمان بن عطاء ضعيف باتفاق.
(2)
زاد بعده في "إتحاف المهرة" لابن حجر (23905): أخبرنا عبد الله، هو ابن المبارك.
ابن عَجْلان، عن أبيه، أنه سمع أسلَمَ العِجْليَّ يقول: حدثني أبو الضَّحّاك الجَرْمي، عن هَرِم بن حيَّان العَبْدي، قال: قدمتُ الكوفةَ، فلم يكن لي همٌّ إلَّا أُويسٌ القَرَني؛ أَطلبُه وأسألُ عنه، حتى سقَطتُ عليه جالسًا وحدَه على شاطئ الفُرات نصفَ النهارِ، يتوضّأ ويَغسِل ثوبَه، فعرفتُه بالنَّعتِ، فإذا رجلٌ لَحِمٌ، آدَمُ شديدُ الأُدْمةِ، أشعَرُ مَحلُوقُ الرأسِ - يعني ليس له جُمَّةٌ - كثُّ اللِّحيةِ، عليه إزارٌ من صُوفٍ ورداءٌ من صُوفٍ بغير حِذاء، كَرِيهُ الوجه، مهيبُ المَنظَرِ جدًّا، فسلّمتُ عليه، فردَّ علَيَّ ونَظَر إليَّ، فقلت
(1)
: حيّاك اللهُ من رجلٍ، فمَدَدتُ يدي إليه لأصافِحَه، فأَبى أن يُصافِحَني، وقال: وأنتَ فحيّاك اللهُ، فقلت: رَحِمَك اللهُ يا أُويس، وغَفَر لك، كيف أنتَ رحِمَك الله؟ ثم خَنقَتْني العَبْرةُ من حُبّي إياه، ورِقّتي له لما رأيتُ من حالِه، أو رأيتُ من حالِه ما رأيتُ حتى بَكَيتُ وبكى، ثم قال: وأنت فرَحِمَك اللهُ يا هرِمَ بنَ حَيّان، كيف أنتَ يا أخي؟ مَن دلك علَيَّ؟ قال: قلتُ: اللهُ، قال: لا إله إلَّا الله {سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} ، [فعَجِبتُ منه]
(2)
حين سمّاني، ولا والله ما كنتُ رأيتُه قطُّ، ولا رآني، ثم قلتُ: من أين عرفَتَني وعرفتَ اسمي واسمَ أبي؟ فوالله ما كنتُ رأيتُك قطُّ قبلَ هذا اليوم؟ قال: نبّأَني العليمُ الخَبيرُ، عرفَتْ رُوحِي رُوحَك حيثُ كلَّمتُ نفسي نفسَك، إنَّ الأرواح لها أنفُسٌ كأنفُس الأحياء، إنَّ المؤمنين يعرف بعضُهم بعضًا، ويَتحدّثون بروح الله وإن لم يَلتَقُوا، ويتعارفُوا وإن لم يتكلَّموا، وإنْ نأَتْ بهمُ الديارُ وتفرَّقت بهمُ المَنازِل، قال: قلت: حدِّثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثٍ أحفَظْه عنك، قال: إني لم أُدرِك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ولم تكن لي معه صحبةٌ، ولقد رأيتُ رجالًا قد رأَوه، وقد بلغني من حديثه كما بَلَغكم، ولست أحبُّ أن أفتحَ هذا البابَ على نفسي؛ أن أكونَ محدِّثًا أو قاصًّا أو مُفتيًا، في النفس شُغْلٌ يا هَرِمَ بن حيّان.
(1)
في النسخ الخطية: فقال. والصواب ما أثبتنا لمناسبة السياق.
(2)
ليست في نسخنا الخطية، وأثبتناها ليستقيم بها السياق، كما هي ثابتة في "العزلة والانفراد" لابن أبي الدنيا (114).
قال: فقلتُ: يا أخي، اقرأْ عليَّ آياتٍ من كِتاب الله أسمعهُنَّ منك، فإني أُحبُّك في الله حبًّا شديدًا، وادعُ بدَعَوات وأَوصِ بوصيةٍ أحفَظْها عنك، قال: فأخذ بيدي على شاطئ الفُرات، وقال: أعوذُ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، قال: فشَهِقَ شَهْقةً، ثم بكى مكانَه، ثم قال: قال ربي جَلَّ ذكرُه، وأحقُّ القول قولُه، وأصدقُ الحديثِ حديثُه، وأحسنُ الكلام كلامُه:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} حتى بلغ {إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الدخان: 38 - 42]، ثم شَهِقَ شَهْقَةٌ، ثم سكتَ، فنظرتُ إليه وأنا أحسبه قد غُشِي عليه، ثم قال: يا هَرمَ بنَ حيّان، مات أبوكَ وأوشكَ أن تموتَ، ومات أبو حيّان، فإما إلى الجنة وإما إلى النار، ومات آدمُ وماتت حوّاءُ يا ابن حيّان، ومات نُوحٌ وإبراهيمُ خليلُ الرحمن يا ابن حَيّان، ومات موسى نَجِيُّ الرحمن يا ابن حيّان، ومات داودُ خليفةُ الرحمن يا ابن حيّان، ومات محمدٌ رسولٌ الرحمن، ومات أبو بكر خليفةُ المسلمين يا ابن حيّان، ومات أخي وصفيّي وصديقي عمر بن الخطاب، ثم قال: واعُمَراه، رحم الله عُمَرَ، وعمرُ يومئذٍ حيٌّ، وذلك في آخر خلافتِه، قال: فقلت له: رحمك الله، إنَّ عمر بن الخطاب بعدُ حيٌّ، قال: بلى، إن ربي نَعاهُ إليَّ، إن كُنتَ تَفهَمُ فقد علمت ما قلتُ، وأنا وأنت في المَوتى، وكان قد كان، ثم صلَّى على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ودعا بدَعَواتٍ خِفافٍ.
ثم قال: هذه وصيَّتي إليك يا هَرِمَ بنَ حيّان: كتابَ الله، وبقايا الصالحين من المسلمين، والصلاةَ على النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولقد نُعِيَت إليَّ نفسي ونفسُك، فعليك بذكر الموتِ، فلا يُفارقَنَّ قلبَك طَرْفةَ عَين، وأنذِرْ قومَك إذا رجعتَ إليهم، وانصَحْ أهلَ مِلّتِك جميعًا، واكدَحْ لنفسِك، وإيايَ وإياكَ أن تُفارقَ الجماعةَ فتُفارقَ دِينَك وأنت لا تعلَمُ، فتدخلَ النارَ يومَ القيامة.
قال: ثم قال: اللهمَّ إن هذا يَزعُم أنه يُحِبُّني فيك، وزارني من أجلِك، اللهم عَرِّفني وجهَه في الجنة، وأدخِلْه عليَّ زائرًا في دارِك دارِ السلام، واحفَظْه ما دام في الدنيا حيثُما
كان، وضُمّ عليه ضَيعَته، ورضِّه من الدنيا باليَسير، وما أَعطيتَه من الدنيا فيَسِّرْه له، واجعلْه لما تُعطيه من نِعمتِك من الشاكرين، واجْزِهِ خيرَ الجزاء.
استَودعتُك الله يا هَرمَ بن حيّان، والسلام عليك ورحمةُ الله، ثم قال لي: لا أراكَ بعدَ اليوم رَحِمَك اللهُ، فإن أكره الشُّهرةَ، والوَحْدةُ أحبُّ إليَّ، لأني شديدُ الغَمِّ كثيرُ الهَمِّ ما دُمتُ مع هؤلاء الناس حيًّا في الدنيا، ولا تسألْ عنّي ولا تَطلُبْني، واعلم أنك مِنّي على بالٍ وإن لم أرَكَ ولم تَرَني، فاذكُرْني وادْعُ لى، فإني سأذكُرُك وأدعُو لك إن شاء الله، انطلِقْ هاهُنا حتى أخُذَ هاهُنا قال: فحَرَصتُ على أن أسيرَ معه ساعةً، فأبى عليَّ، ففارقته يَبكي وأبكي، قال: فجعلتُ أنظُرُ في قَفاهُ حتى دخل في بعض السِّكَك، فكم طلبتُه بعد ذلك وسألتُ عنه، فما وجدتُ أحدًا يُخبِرُني عنه بشيءٍ، فرَحِمَه اللهُ وغَفَر له، وما أنتْ عليَّ جُمعةٌ إلَّا وأنا أَراه في منامي مرةً أو مرتَين، أو كما قال
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف، عبد الله بن شميط ومن فوقه في حالهم جهالة.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "العُزلة والانفراد"(114)، وابن مَنْده في "فتح الباب في الكنى والألقاب"(4027)، واللالكائي في "كرامات الأولياء" بديل "أصول الاعتقاد"(61)، من طُرق عن عَبد الله بن عيسى الطُّفاوي، عن عُبيد الله - هكذا مصغرًا - بن شُميط، بهذا الإسناد. ولم يُسنن ابن منده لفظه.
وأخرجه أبو نُعيم في "حلية الأولياء" 2/ 84 من طريق هيثم بن جرموز، عن حمدان، عن سليمان التيمي، عن أسلم العِجْلي به. والهيثم هذا مجهول وشيخه لم نتبينه. وقد سأل عبدُ الله بنُ المبارك المعتمرَ بنَ سليمان التيمي عن هذا الخبر الذي يُروى عن أبيه عن هَرِمَ وأويس القرني حين التقيا، فقال المعتمر: ليس من حديث أبي. أسنده عن ابن المبارك العقيليُّ في "الضعفاء" 1/ 315.
وأخرجه ابن عساكر 9/ 426 - 427 من طريق أبي حذيفة إسحاق بن بشر البُخاري، عن يعقوب، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي الضحاك الجَرْمي، عن هرم بن حيّان. وأبو حذيفة متروك الحديث متهمٌ، ولم نتبيَّن شيخه ولا شيخ شيخه.
وأخرجه مطولًا ومختصرًا ابن سعد 8/ 280 و 1319، وابن أبي الدنيا في "العُزلة والانفراد"(206)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على "الزهد" لأبيه (2014)، وابن عساكر 9/ 448 من =
5832 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا علي بن حكيم، حدثنا شَريكٌ، قال: ذَكَروا في مجلسه أُويسًا القَرَني، فقال: قُتِل مع عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في الرَّجّالة
(1)
.
5833 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا يحيى بن مَعِين، حدثني أبو عُبيدة الحدّاد، حدثنا أبو مَكِين، قال: رأيتُ امرأةً في مسجد أُوَيس القَرَني، قالت: كان يجتمعُ هو وأصحابٌ له في مسجدِهم هذا؛ يُصلُّون ويقرؤون في مصاحِفهم، فآتي غَداءَهم وعَشاءَهم هاهنا حتى يُصلُّوا الصلَوات، قالت: وكان ذلك دأْبَهم ما شَهِدوا، حتى غَزَوا فاستُشهِد أويسٌ وجماعةٌ من أصحابِه في الرّجّالة بين يَدَي عليّ بن أبي طالب
(2)
.
= طريق سيف بن هارون البُرجُمي، عن منصور بن مسلم بن سابور، عن شيخ من بني حرام، عن هَرِمَ بن حيّان، وسيف ضعيف الحديث ليس بشيء، وشيخه مجهول، وشيخ شيخه مُبهَم.
وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(4544)، وأبو العباس المستغفري في "دلائل النبوة"(490 - 498)، وابن عساكر 9/ 431 - 432، وابن قدامة المقدسي في "المتحابين في الله"(127) من طريق يحيى بن سعيد العطّار، عن يزيد بن عطاء الواسطي، عن علقمة بن مرثد، قال: قال هَرِم بن حبّان. ويحيى بن سعيد العطّار ليس بشيء صاحب مناكير، واتهمه ابن حبان بالوضع، وشيخه يزيد بن عطاء ضعيف ليِّن الحديث.
وأخرجه ابن حبان في "المجروحين" 2/ 298، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 9/ 435 - 437، وابن الجوزي في "الموضوعات" 2/ 43 من طريق محمد بن أيوب الرقي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر. ولم يسُق ابن حبان لفظه. ومحمد بن أيوب هذا ضعَّفه أبو حاتم الرازي، واتهمه ابن حبان أيضًا بالوضع، وتبعه على ذلك ابن الجوزي.
وأخرجه ابن عساكر 9/ 428 من طريق ضمرة بن ربيعة، عن عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني، عن أبيه مرسلًا بنحوه مختصرًا. وعثمان بن عطاء متروك، بل ذكر أبو عبد الله الحاكم في "المدخل إلى الصحيح" (117): أنه يروي عن أبيه أحاديث موضوعة.
(1)
وهو في "تاريخ العباس الدُّوري"(1555). شريك: هو ابن عبد الله النَّخَعي.
(2)
إسناده محتمل للتحسين. =
5834 -
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد الوهاب الثَّقَفي، حدثنا خالدٌ الحَذّاء، عن عبد الله بن شَقِيق، عن عبد الله بن أبي الجَدْعاء، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يَدخُل الجنةَ بشفاعةِ رجل من أُمّتي أكثرُ من بني تَمِيمٍ"
(1)
.
قال الثَّقفي: قال هشامُ بن حسّانَ: سمعتُ الحسَن يقول: إنه أُويسٌ القَرَني.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب سَهْل بن حُنيف الأنصاري، وكنيتُه أبو ثابت رضي الله عنه
-
5835 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، في تسمية من شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني ضُبَيعة: سهلُ بن حُنَيف بن واهِب بن غَنْم بن ثعلبة بن مَجْدَعة بن الحارث بن عَمرو، وعمرٌو الذي يُقال له: بخْرج
(2)
.
5836 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة محمد بن عمرو بن خالد المصري، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوة، في تسمية من شهد بدرًا من الأنصار: سهل بن حُنيف بن واهِب بن عُكيم بن ثعلبة بن مَجْدَعة بن الحارث بن عمرو.
وزَعَموا أنه يقال له: بَحْرَج.
5837 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الإمام، أخبرنا إسماعيل بن قُتَيبة، حدثنا
= أبو مَكِين: هو نُوح بن ربيعة البصري
وانظر ما تقدَّم برقم (5821) عن يحيى بن معين.
(1)
إسناده صحيح. وقد تقدَّم برقم (237) و (238) من طريقين أُخريين عن خالد الحَذَّاء: وهو ابن مهران.
(2)
والبَحْزَج عند العرب: البقرة الوحشيّة، والبَحْزَج من الناس: القصير العظيم البطن. انظر "لسان العرب" مادة (بحزج).
محمد بن عبد الله بن نُمير، قال سهل بن حُنَيف بن واهِب بن عُكَيم بن ثَعلَبة، أبو ثابت، مات بالكوفة سنة ثمانٍ وثلاثين، وصلَّى عليه عليُّ بن أبي طالب.
5838 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عُبيد الله المُنادِي، حدثنا يونس بن محمد بن المُؤدِّب، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عثمان بن حَكِيم، حدثتنا الرَّبَاب جدّتي، عن سهل بن حُنَيف، قال: مَرَرْتُ بسَيلٍ، فدَخَلتُ فاعْتَسَلتُ فيه، فخرجتُ منه مَحمُومًا، فنُمِيَ ذلك إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: "مُرُوا أبا ثابتٍ فلْيتصَدَّقُ
(1)
"
(2)
.
5839 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطّة الأصبهَاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم التَّيمي، عن أبيه وعبد الله بن جعفر، عن ابن أبي عَون، وسعد بن إبراهيم ومحمد بن صالح، عن عاصم بن عمر، في مُؤاخاةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بين
(1)
هكذا في نسخ "المستدرك"، وهو تحريف قديم، فقد عزاه إلى الحاكم بهذا اللفظ الذهبيُّ في "سير أعلام النبلاء" 2/ 326، والصواب كما في مصادر التخريج كافة: فليتعوَّذ.
(2)
إسناده محتمل للتحسين من أجل الرباب جدة عثمان بن حكيم.
وأخرجه أحمد 25/ (15978) عن يونس بن محمد بهذا الإسناد. بلفظ: يتعوّذ، وزاد: قلت: يا سيدي، والرُّقى صالحة؟! قال:"لا رُقْية إلّا في نفس أو حُمَة أو لَدْغة". والنفس: المراد بها الإصابة بالعَين، وأراد بالتعوُّذ الرُّقية، وأما الحُمة: فهو ما يلسع بالسم من الهوامّ كالعقرب.
وأخرجه أحمد أيضًا (15978)، والنسائي (10015) من طريق عفان بن مسلم، والنسائي (10806) من طريق المعلَّى بن أسد، كلاهما عن عبد الواحد بن زياد، به. وزادا مثل زيادة يونُس عند أحمد.
وسيأتي بهذه الزيادة برقم (8475) من طريق مسدّد عن عبد الواحد بن زياد.
وقد ثبت في غير هذا الحديث ما يوضّح سبب تأذي سهل بن حنيف لما اغتسل وأنه كان بسبب كونه حسن الجسم أبيض، فأصابه عامر بن ربيعة بالعين، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرًا فاغتسل له، وسُكب الماء على سهل فشُفي، كما سيأتي في الرواية الآتية برقم (5847) وما بعدها، وهو حديث صحيح.
المهاجرين والأنصار من بني هاشم: عليُّ بن أبي طالب وسَهْل بن حُنيف رضي الله عنهما
(1)
.
5839 م - قال ابن عُمر: وشَهِدَ سَهْل بن حنُيف بدرًا وأُحدًا، وثَبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد حين انكشفَ الناسُ عنه، وبايعه على الموت، وجعل يَنضَحُ يومئذ بالنَّبْل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نَبِّلُوا سهلًا، فإنه سهلٌ".
قال: وشهدَ أيضًا الخندقَ والمَشاهدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد مع علي بن أبي طالب صِفِّينَ
(2)
.
5840 -
قال ابن عُمر: حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن محمد بن أبي أُمامة بن سَهْل، عن أبيه، قال: مات سَهل بن حُنيف بالكوفة بعد انصرافهم من صِفّين سنةَ ثمانٍ وثلاثين، وصلَّى عليه أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب
(3)
.
5841 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنْعاني بمكة حرسها اللهُ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن عُيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد،
(1)
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 21 عن محمد بن عمر - وهو الواقدي - بالأسانيد الثلاثة.
وقد ذكر ابن إسحاق ما يخالف هذا في شأن المؤاخاة، وأنَّ المؤاخاة كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين علي بن أبي طالب كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 505، وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد علي بن أبي طالب، فقال: هذا أخي.
وفي حديث علي بن أبي طالب الذي تقدَّم برقم (4685) قال: والله إني لأخُوه ووليُّه وابن عمّه. وإسناده فيه لِينٌ.
(2)
ذكر الواقدي في "مغازيه" 1/ 253 قصة سهل بن حنيف يوم أُحُد وقول النبي صلى الله عليه وسلم يومئذٍ "نبِّلو سهلًا
…
" مُصدِّرًا ذلك بقوله: قالوا وهذا يعني أنه رواه عن رجاله الذين تقدَّم ذكرهم في خبر المؤاخاة قبله.
ووقع عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 437 جميع ما جاء هنا من قوله هو مصدِّرًا ذلك بقوله: قالوا: وآخي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سهل بن حنيف وعلي بن أبي طالب، شهد سهل بدرًا وأحدًا
…
(3)
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 437 عن محمد بن عمر الواقدي، بهذا الإسناد.
عن الشَّعبي، عن عبد الله بن مَعْقِل: أنَّ عليًّا صلَّى على سَهْل بن حنُيف، فكبّر عليه ستًّا، ثم الْتفَتَ إلينا فقال: إنه من أهل بدرٍ
(1)
.
5842 -
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبري، حدثنا محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بُكَير، حدثني محمد بن يحيى بن زكريا الحِمْيَري
(2)
، حدثنا العلاء بن كَثير، حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن المِسْور بن
(1)
إسناده صحيح. ولابن عُيينة - وهو سفيان - فيه ثلاثة أسانيد، أحدها هذا، كما سيأتي بيانه. الشَّعبي: هو عامر بن شَراحيل.
وقد رواه عن سفيان بن عيينة بهذا الإسناد جماعةٌ، منهم عبد الرزاق كما في رواية المصنِّف وهو في "المصنَّف"(6403)، وأبو عُبيد الله المخزومي سعيد بن عبد الرحمن، عند أبي القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(987)، ومحمد بن الصبّاح عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(3282).
وقد تابع ابنَ عُيينة على هذا الإسناد جماعة الحفاظ منهم محمد بن يزيد الواسطي عند الشافعي في "الأم" 8/ 413، ويزيد بن هارون ويعلى بن عبيد عند ابن سعد في "الطبقات" 3/ 438، وأبو عوانة عند البخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 562، ووكيع عند ابن أبي شيبة 3/ 305، ويحيى القطان عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 496.
وأخرجه البخاري في "صحيحه"(4004) عن محمد بن عباد، عن ابن عيينة، قال: أنفَذَه لنا ابن الأصبهاني، سمعه من ابن مَعقل: أنَّ عليًّا كبّر على سهل بن حُنيف، فقال: إنه شهد بدرًا. هكذا لم يذكر البخاريُّ عدد التكبيرات هنا، مع أنه أخرج الخبر بهذا الإسناد نفسه في "تاريخه الأوسط" 1/ 559 وقال: كبّر ستًّا. وأخرجه البخاري أيضًا في "تاريخه الكبير" 4/ 97 من طريق شعبة بن الحجاج عن ابن الأصبهاني، فقال: كبّر عليه ستًّا. وانظر "فتح الباري" لابن حجر 12/ 84.
ولابن عُيينة فيه إسناد ثالث عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن مَعقِل عند عبد الرزاق (6399)، والبخاري في "تاريخه الأوسط" 1/ 559، وغيرهما.
قال أبو مسعود الدمشقي فيما نقله عنه المزي في "تحفة الأشراف" 7/ 415 - 416: هذا ممّا سمعه ابن عيينة أولًا من إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عبد الله بن مَعقِل، ثم سمعه من ابن الأصبهاني عن ابن مَعقِل.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى الحميدي، بالدال المهملة بدل الراء المهملة، والتصويب =
مَخْرمة، حدثني أبو أُمامة بن سَهْل، قال: قال لي أبي: يا بُنيّ، لقد رأيتُنا يومَ بدر، وإنَّ أحدَنا يُشِيرُ بسيفِه إلى رأسِ المُشرك، فيَقَعُ رأسه عن جَسدِه قبل أن يَصِلَ إليه
(1)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5843 -
حدثنا أبو علي الحافظ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم المصري، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن عِكرمةَ، عن ابن عباس، قال: دخَل عليٌّ بسَيفِه على فاطمةَ وهي تَغسِل الدمَ عن وجهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: خُذِيه، فلقد أحسنتُ به القِتالَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن كنتَ قد أحسنتَ القتالَ اليومَ، فلقد أحسنَ سهلُ بن حُنيف، وعاصمُ بن ثابت، والحارثُ بن الصِّمَّة، وأبو دُجانةَ"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
وفيه تأديبٌ لمن يَمُنُّ على مَن هو أفضلُ منه.
5844 -
حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم المصري، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، قال: دخَل عليٌّ على فاطمةَ وهي تَغسِل الدمَ عن وجهِ
= من "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 8/ 123، ومن تاريخ الإسلام للذهبي 1/ 52، و "سير أعلام النبلاء" قسم السيرة 1/ 332 حيث أورد هذا الخبر بعينه، ونسب الرجل حِمْيريًا.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة حال أبي بكر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، وقد تفرَّد به، فلا يُحتمل تفرُّده.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 56 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(5556) - وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3284) - والطبري في "تاريخه" 2/ 453 - 454 من طريقين عن يحيى بن عبد الله بن بُكَير، به.
(2)
حسنٌ لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه اختُلف في وصله وإرساله، كما تقدَّم بيانه برقم (4355). إسحاق بن إبراهيم المصري: هو ابن يونس المعروف بالمنجنيقي الورّاق.
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكَر الحديثَ كما أملَيتُه
(1)
سمعت أبا عليٍّ الحافظ يقول: لم نَكتبُه موصولًا إلَّا عن أبي يعقوبَ بإسناده، والمشهورُ من حديثِ ابن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن عِكْرمة مرسلًا، وإنما يُعرَف هذا المتنُ من حديث أبي مَعشَرٍ، عن أيوبَ بن أبي أُمامة بن سهل، عن أبيه، عن جدِّه:
5845 -
حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوبَ الثَّقَفي، حدثنا عمر بن حفص السَّدُوسي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا أبو مَعْشَر، عن أيوب بن أبي أمامة بن سَهْل بن حُنيف، عن أبيه، عن سهل بن حُنيف، قال: جاء عليٌّ إلى فاطمةَ يومَ أحُدٍ، فقال: أمسِكي سيَفي هذا، فلقد أحسنتُ به الضَّربَ اليومَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن كنتَ أحسنتَ به القِتالَ، فقد أحسنَه عاصمُ بن ثابت، وسَهلُ بن حُنيف، والحارثُ بن الصِّمَّة"
(2)
.
5846 -
حدثنا أبو جعفر أحمد بن عُبيدٍ
(3)
الحافظُ بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن
(1)
حسن لغيره، وهو مكرر سابقه، ولم يظهر لنا سببُ تكراره له، اللهم إلّا أن يكون أراد تقييد شيخه أبي عليٍّ بتسميته باسمه في هذه الطريق، لئلا يلتبس بشيخه الآخر أبي علي الحَسَن بن علي بن داود المصري، ولا سيما أنَّ الرواية هنا عن إسحاق بن إبراهيم المصري، والله أعلم.
(2)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي مَعْشَر: وهو نَجيح بن عبد الرحمن السِّنْدي.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(5564) عن عمر بن حفص السدوسي، بهذا الإسناد. لكن سقط من المطبوع ذكر أبي أمامة بن سهل.
وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (4270/ 1) عن حُسين بن محمد، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب"(4270/ 2) عن محمد بن بكار، كلاهما عن أبي مَعْشَر، به.
(3)
في (ز) و (ب): أحمد بن عبيد الله، بزيادة لفظ الجلالة، والصواب ما في (ص): أحمد بن عُبيد وهو ابن جعفر الأسدي، انظر "سير أعلام النبلاء" 15/ 380، وقد وضع إشارة تضبيب =
الحُسين، حدثنا أبو اليَمَان، أخبرني شعيبٌ، عن الزُّهْري، أخبرني أبو أُمامة بن سهْل بن حُنيف، وكان من كُبَراء الأنصار، وآباؤهم الذين شهدوا بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5847 -
أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزِي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا يحيى بن صالح الوُحَاظي، حدثنا الجَرّاح بن المِنهال، عن الزُّهري، عن أبي أُمامة بن سهل بن حُنيف: أنَّ عامرَ بن رَبيعة - رجلٌ من بني عَدِيّ بن كعب - رأى سهلَ بن حُنيف مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالخَرّار، فقال: واللهِ ما رأيتُ كاليومِ قطُّ ولا جِلدَ مُخبّأة، فلُبِطَ سهلٌ وسَقَط، فقيل: يا رسول الله، هل لك في سهْل بن حُنيف؟ فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامرَ بنَ ربيعة، فتغيَّظ عليه، وقال:"لِمَ يقتُلُ أحدُكم أخاهُ - أو صاحبَه - ألا يدعو بالبَرَكة؟! اعْتَسِل له" فاغتَسل له عامرٌ، فراحَ سهلٌ وليس به بأسٌ.
والغَسلُ أن يُؤتى بقَدَح فيه ماءُ؛ فيُدخِلُ يدَيه في القدح جميعًا، ويُهرِيقُ على وجهه من القَدَح، ثم يغسلُ فيه يدَه اليُمنى، ويَغسِل مِن فِيه في القَدَح، ويُدخِل يدَه فيَغسِل ظَهْرَه، ثم يأخُذ بيده اليَسار فيفعلُ مثلَ ذلك، ثم يَغسِل صدْرَه في القَدَح، ثم
= فوق لفظ الجلالة في (ز)، وتحرَّف في (م) إلى: أحمد بن عبد.
(1)
إسناده صحيح. إبراهيم بن الحسين: هو ابن دِيزيل، وأبو اليمان: هو الحكم بن نافع، وشعيب: هو ابن أبي حمزة.
وأخرجه أبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" ص 567، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 500، والطبراني في "مسند الشاميين"(3000)، وابن عساكر 8/ 333 و 334 و 53/ 153، وابن العديم في "بغية الطلب في تاريخ حلب" 4/ 1567 و 1571 من طرق عن أبي اليمان الحكم بن نافع، بهذا الإسناد.
وقد تقدَّم عند المصنّف برقم (1347) من طريق يونس بن يزيد عن الزهري، ضمن حديث مطوَّل.
يَغسِل ركبتَه اليُمنى في القَدَح وأطرافَ أصابعِه، ويفعلُ ذلك بالرِّجل اليُسرى، ويُدخِلُ داخِلةَ
(1)
إزاره، ثم يُغطِّي القَدَح قبل أن يضعَه على الأرض، فيَحسُو منه ويتمضمض، ويُهرِيقُ على وجهِه، ثم يَصُبُّ على رأسِه
(2)
، ثم يُلقي القَدَحَ من وَرائِه
(3)
.
(1)
في (ز) و (م): داخل، وهو تحريف، وداخلة الإزار: طرفه الداخل الذي يلي الجسد.
(2)
أي: يصبُّ العائن على رأس مَن عانَه.
(3)
إسناده ضعيف جدًّا؛ الجراح بن المنهال متروك الحديث واتهمه بعضهم، لكن روى هذا الخبر غيرُه من الحفاظ عن الزهري، لكنهم اختلفُوا في وصل هذا الخبر وإرساله، فقد وصله بعضُهم بذكر سهل بن حُنيف أنه هو الذي حدَّث ابنَه أبا أمامة بالقصة، لكن الأكثرين على إرساله كما سيأتي تخريج رواياتهم في الطريق المرسلة التالية، وعلى كلِّ حالٍ فأبو أمامة ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فمراسيلُه كمراسيل كبار التابعين، وليس بعيدًا أن يكون الذي حدثه بالخبر أبوه صاحب القصة، والخبر صحيح، والله أعلم.
وصفة الغسل من العين في هذا الخبر هي من قول الزهري كما بيّنه غير واحد من حفاظ أصحابه.
وأخرجه ابن حبان (6106) عن عبد الصمد بن سعيد بن يعقوب الحمصي، عن سليمان بن عبد الحميد البَهْراني، عن يحيى بن صالح الوُحَاظي، عن إسحاق بن يحيى الكلبي، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، به. هكذا وقع في هذه الرواية تسمية شيخ يحيى بن صالح في الإسناد إسحاقَ بنَ يحيى الكلبي بدل الجرّاح بن المنهال! لكن الطريق إلى يحيى بن صالح عند المصنِّف أقوى من طريق ابن حبان إليه.
وأخرجه ابن ماجه (3509) عن هشام بن عمار، والنسائي (9965) عن محمد بن عبد الله بن يزيد والحارث بن مسكين، ثلاثتهم عن سفيان بن عُيينة، عن الزهري، عن أبي أُمامة بن سهل، قال: مرّ عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف
…
فذكره مرسلًا كذلك، وكذلك رواه عن الزهري مرسلًا يونس بن يزيد كما سيأتي بعده، في جماعة آخرين ذكرهم الدارقطني في "العلل"(2693).
لكن أخرجه أحمد 25/ (15980) من طريق أبي أويس الأصبحي، والنسائي (9966) من طريق سفيان بن عيينة، عن معمر بن راشد كلاهما (أبو أويس ومعمر) عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حُنيف، عن أبيه: أنَّ عامرًا
…
فذكره موصولًا بذكر سهل بن حنيف صاحب القصة أنه هو من حدَّث ابنه أبا أمامة بها. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وخالف سفيانَ بنَ عُيينة في روايته عن معمرِ بن راشد عبدُ الرزاق الصنعانيُّ كما في "جامع معمر بن راشد" الذي هو من رواية عبد الرزاق عنه (19766) - ومن طريق عبد الرزاق رواه غير واحدٍ - فقد رواه عبد الرزاق عن معمر مرسلًا ليس فيه ذكر سهل بن حنيف في إسناده.
وقد رواه شبابة بن سوَّار عن ابن أبي ذئب عند ابن أبي شيبة 8/ 58 وغيره، عن الزهري، عن أبي أُمامة بن سهل، عن أبيه. فوصله أيضًا.
لكن خالف شبابة فيه حجاجُ بنُ محمد كما سيأتي فأرسله.
ورواه موصولًا كذلك جعفرُ بنُ بُرقان عند النسائي (9967) عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عامر بن ربيعة: أنه رأى سهل بن حنيف
…
فذكره موصولًا لكن بذكر عامر بن ربيعة بدل أبيه سهل بن حُنيف، وقد ضعَّف النسائيُّ هذه الرواية، فقال: جعفر بن بُرقان في الزهري ضعيف، وفي غيره لا بأس به.
وممّن رواه موصولًا أيضًا إبراهيمُ بنُ إسماعيل بن مُجمِّع عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1910)، والطبراني في "الكبير"(5573)، فرواه عن الزهري موصولًا بذكر سهل بن حنيف، لكن إبراهيم بن إسماعيل بن مُجمِّع ضعيف الحديث، والإسناد إليه فيه ضعفٌ أيضًا.
وقد رواه عن الزهري عن أبي أُمامة بن سهل بن حُنيف مرسلًا جماعةٌ منهم: مالكٌ في "الموطّأ" 2/ 939، وشعيب بن أبي حمزة عند الطبراني في "مسند الشاميين"(3002)، وغيرهم ممّن سنخرّج رواياتهم عند الطريق التالية. وكذلك رواه حجاج بن محمد المِصِّيصي، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري عند أبي عُبيد القاسم بن سلّام في "غريب الحديث" 2/ 112.
وكذلك رواه محمد بن أبي أمامة عن أبيه مرسلًا، وستأتي روايته عند المصنف برقم (5849).
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1909)، والطبراني في "الكبير"(5582) من طريق أبي معشر، عن عبد الله بن أبي حبيبة، عن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه، فوصله أيضًا، لكن أبا معشر - وهو نجيح بن عبد الرحمن السِّندي - ضعيف.
وقد بيَّن جماعة من حفاظ أصحاب الزهري الذين رووا عنه هذا الخبر أن صفة الغسل التي ذُكرت في آخر هذا الخبر إنما هي من قول الزهري يحكيها عمن أدركه من العلماء، ومن أصحاب الزهري أولئك: يونُس بن يزيد الأيلي عند أبي عوانة (9598 - طبعة الجامعة الإسلامية)، والطبراني في "الكبير"(5577)، ومنهم عُقيل بن خالد الأيلي عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2898). ومنهم كذلك شعيب بن أبي حمزة في روايته المقدم تخريجها.
ومنهم أيضًا ابن أبي ذئب عند أبي عُبيد في "غريب الحديث" 2/ 112، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/ 58. =
قد اتفق الشيخان رضي الله عنهما على إخراج هذا الحديثِ مختصرًا
(1)
.
5848 -
كما حدَّثَناهُ أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله بنُ وهب، أخبرني يونُس، عن ابن شِهاب، قال: أخبرني أبو أُمامة بن سهل بن حُنيف: أنَّ عامرَ بنَ ربيعة مرّ على سهل بن حُنيف الأنصاري وهو يغتسل في الخَرّار، فقال: واللهِ ما رأيتُ كاليومِ قطُّ ولا جِلدَ مُخبّأةٍ، فلُبِطَ سهلٌ، فأُتي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: يا رسول الله، هل لك في سهل بن حُنيف؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل تَتَّهمون به من أَحدٍ؟ " فقالوا: نعم، مرّ به عامرُ بن ربيعةَ، فتغيَّظَ عليه وقال:"ألا بَرَّكت؟! اعْتَسِلْ له"، فاغتسلَ له عامرٌ، فراحَ سهلٌ مع الرَّكْبِ
(2)
.
= وستأتي هذه القصة بنحو ممّا هنا دون صفة الغسل من العين من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة مرسلًا برقم (7690)، ومختصرًا بالمرفوع منه دون القصة من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه موصولًا، ومدار الطريقين على أميّة بن هند بن سعد بن سهل بن حُنيف، وهو مجهول الحال.
والخَرّار: ماء لبني زهير وبني بدر ابني ضمرة، وقال الزبير بن بكار: هو وادي الحجاز، يصبُّ على الجُحفة، وقال السَّكوني: موضع غدير خُمٍّ يقال له: الخرّار، وكذلك قال عيسى بن دينار: إنه عين بخيبر. انظر "معجم ما استعجم" للبكري 2/ 492.
والمخبّأة: الجارية التي في خدرها لم تتزوج بعدُ.
ولُبط: أي: صُرِع وسقط إلى الأرض.
(1)
لم يخرجا حديث أبي أمامة بن سهل، إنما أخرجا حديث أبي هريرة مرفوعًا:"العَينُ حقٌّ". البخاريُّ برقم (5740)، ومسلم برقم (2187).
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسلٌ كسابقه، فإنَّ أبا أُمامة ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي سمّاه ودعا له وبرَّك عليه، فيُعدُّ في كبار التابعين كما قال ابن عبد البر في ترجمته من "الاستيعاب". يونس: هو ابن يزيد الأَيلي.
وهو في "الجامع" لعبد الله بن وهب (642 - تحقيق أبو الخير)، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير"(5577)، والبيهقي في "الكبرى" 9/ 352.
وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 939، ومن طريقه ابن وهب في "الجامع"(642)، والنسائي (7572)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2895)، والطبراني في "الكبير"(5575)، =
قال الحاكم: فأما الجَرّاح بن المنهال فإنه أبو العَطُوف الجَزَري، وليس من شرط الصحيح، وإنما أخرجتُ هذا الحديثَ لشرح الغُسل كيف هُو، وهو غريبٌ جدًّا مسنَدًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
وقد أتى عبدُ الله بن وهب على أثَر حديثه هذا بإسنادٍ آخر بزيادات فيه:
5849 -
حدَّثَناهُ أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا ابن وهب، أخبرني يوسف بن طَهْمانَ، عن محمد بن أبي أُمامة بن سهل بن حُنيف، أنه سمع أباه يقول: اغتسَل أبي سهلُ بن حُنيف فنزَع جُبّةً كانت عليه يومَ خيبر حين هَزم اللهُ العدوَّ، وعامر بن ربيعة يَنظُر - قال: وكان سهلٌ رجلًا أبيض حسنَ الخَلْق - فقال له عامر بن ربيعة: ما رأيتُ كاليومِ قطُّ - ونَظَر إليه فأعجبَه حُسنُه حين طَرَح جبته، فقال: - ولا جاريةً في سِتْرها بأحسنَ جسدًا من جَسَد سهل بن حُنيف، فوُعِكَ سهلٌ مكانَه، واشتَدّ وَعْكُه، فأُتي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنَّ سهلًا وُعِك، وأنه غيرُ
= والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 163، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة"(3245)، وأخرجه ابن ماجه (3509)، والنسائي (9965)، والطحاوي (2894)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(1106)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(936)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 351، وفي "الآداب"(708) من طريق سفيان بن عيينة، والطحاوي (2898) من طريق عُقيل الأيلي، والطبراني في "الكبير"(5576) من طريق معاوية بن يحيى الصَّدَفي، وفي "مسند الشاميين"(3002) من طريق شعيب بن أبي حمزة، وأبو عبيد في "غريب الحديث" 2/ 112 من طريق ابن أبي ذئب، وأخرجه معمر بن راشد في "جامعه"(19766)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(5574)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(10710)، كلهم (مالك وابن عيينة وعُقيل وشعيب ومعمر وابن أبي ذئب ومعاوية الصدفي) عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل مرسلًا.
وقد وصله بعضهم كما تقدم في الطريق التي قبل هذه، والذين أرسلوه أجلُّ وأحفظ من غيرهم، والله تعالى أعلم، وعلى كلٍّ فمثل هذا المرسل حجّةٌ.
(1)
قد ذكرنا في الطريق السابقة أنَّ شرح الغُسل من قول الزهري، وإنما أدرجه الجراح بن المنهال في الخبر، وهو ضعيف جدًّا متروك.
رائحٍ معك، فأتاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بالذي كان من شأن عامر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"على ما يَقتُلُ أحدكم أخاهُ؟! ألا بَرَّكتَ، إنَّ العينَ حقٌّ، توضّأْ له" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأى أحدُكم شيئًا يُعجِبُه فليُبِّرك؛ فإنَّ العينَ حَقٌّ"
(1)
.
هذه الزياداتُ في الحديثَين جميعًا ممّا لم يُخرجاه.
5850 -
حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن أحمد بن أنَس
(2)
القرشي، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا ابن جُريج، أخبرني عبد الكريم بن أبي المُخارِق، عن الوليد بن مالك
(3)
، رجل من عبد القَيس، عن محمد بن قيس مولى سهل بن حُنيف، عن سهل بن حُنيف، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، حدّثه، قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أنت رسُولي إلى مكةَ، فأَقْرِهم مني السلامَ، وقُل لهم: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرُكم بثلاثٍ: لا تَحلفِوا بآبائكم، وإذا خَلوتُم فلا تَستقبِلوا القِبلةَ ولا تستَدبِروها، ولا تَستَنْجُوا بعَظْم ولا ببَعْر"
(4)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف يوسف بن طهمان، وبه أعلَّه الذهبي في "تلخيصه"، لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه عليه مالكُ بن أنس، وعلى كلِّ فالخبر مرسَلٌ كسابقه.
وهو في "الجامع" لابن وهب (641).
وأخرجه مالك في "موطئه" 2/ 938، ومن طريقه ابن وهب في "جامعه"(641)، والطحاوي في "شرح المشكل"(2895 م)، وابن حبان (6105) عن محمد بن أبي أمامة، عن أبيه.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية هنا إلى: أنيس، وهو خطأ صوّبناه من سائر المواضع التي روى فيها المصنفُ أخبارًا من طريق محمد بن أنس هذا.
(3)
في نسخنا الخطية و"تلخيص الذهبي": الوليد بن أبي مالك، بزيادة أداة الكُنية، وهي مُقحمة، والتصويب من مصادر تخريج الخبر ومن مصادر ترجمة هذا الراوي، وانظر "تعجيل المنفعة" لابن حجر 2/ 204.
(4)
إسناده ضعيف لضعف عبد الكريم بن أبي المُخارِق، وجهالة الوليد بن مالك العَبْدي.
أبو عاصم: هو الضحّاك بن مخلد النبيل، وابن جُريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج المكي. =
ذكرُ مناقب خَوّات بن جُبير الأنصاري رضي الله عنه
-
5851 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة محمد بن عمرو بن خالد، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُروة قال: خَوّات بن جُبير بن النعمان، ضَرَبَ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بسهمٍ مع أصحاب بدرٍ
(1)
.
= وأخرجه أحمد 25/ (15984) عن روح بن عُبادة وعبد الرزاق، كلاهما عن ابن جُريج، بهذا الإسناد.
ويشهد للنهي عن الحلف بالآباء حديث ابن عمر أو أبيه عمر عند البخاري (6646) و (6647)، ومسلم (1646).
وحديثُ عبد الرحمن بن سمُرة عند مسلم (1648).
وحديثُ أبي هريرة عند أبي داود (3248)، والنسائي (4692)، وابن حبان (4357)، وإسناده صحيح.
ويشهد للنهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند التخلي وكذا النهي عن التخلي وكذا النهي عن الاستنجاء بالعظم والبَعْر حديثُ سلمان الفارسي عند أحمد 39/ (23703)، ومسلم (262).
وحديث أبي هريرة عند أحمد 12/ (7368)، ومسلم (265).
وللنهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند التخلّي شاهد من حديث عبد الله بن الحارث بن جَزْء الزُّبيدي عند أحمد 29 (17701)، وابن ماجه (317)، وابن حبان (1419).
ومن حديث أبي أيوب الأنصاري عند أحمد 38/ (23514)، والبخاري (144)، ومسلم (264).
وللنهي عن الاستنجاء بالعظم والبَعْر شاهدٌ من حديث عبد الله بن مسعود عند أحمد 7/ (4149)،
ومسلم (450).
ومن حديث أبي هريرة عند البخاري (155) و (3860).
ومن حديث جابر بن عبد الله عند أحمد 22/ (14613)، ومسلم (263).
وقد جاء في حديثي ابن مسعود وأبي هريرة تعليل النهي عن الاستنجاء بالعظم والروث بأنه طعام الجنّ.
(1)
رجاله لا بأس بهم كما تقدَّم بيانه برقم (4378) لكنه مرسل، غير أنَّ هذا الخبر معروف =
5852 -
حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق في ذكر البدريّين: وخَوَّات بن جُبير بن النعمان بن امرِئ القَيس - وهو البُرَك - بن ثَعلبة بن عمرو بن عَوف، ضربَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر سهمَه وأجْرَه
(1)
.
5853 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن محمد بن رجاء، حدثنا الجَرّاح بن مَخلَد، حدثنا وهب بن جَرير، حدثنا أبي، قال: سمعت زيدَ بن أسلم يُحدِّث عن خَوّات بن جُبير: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا أبا عبد الله"
(2)
.
= ذكره غير واحدٍ من أئمة المغازي والسير.
وأخرجه البيهقي في "السنن" 6/ 292 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي أيضًا 9/ 57 من طريق يعقوب بن سفيان، عن عمرو بن خالد وحسان بن عبد الله، عن ابن لَهِيعة، به.
وجاء عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 9/ 114 بسند صحيح عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن خَوَّات ابن جبير وكان بدريًّا
…
وروى موسى بن عقبة عند البيهقي 6/ 292 مثل ما روى عروة بن الزبير.
(1)
وهو في "سيرة ابن هشام" 1/ 689، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير"(4143)،
وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2504) عن زياد بن عبد الله البكائي، وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" 2/ 276 من طريق يحيى بن سعيد الأموي، وأبو نعيم في "المعرفة"(2505) من طريق إبراهيم بن سعد، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق.
(2)
إسناده ضعيف لانقطاعه، فإنَّ زيد بن أسلم لم يُدرك خوّات بن جبير.
وأخرجه البخاري تعليقًا في "تاريخه الكبير" 3/ 316 - 317 عن يحيى بن موسى البَلْخي، والطبراني في "الكبير"(4146)، ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2513)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 625 - 626 من طريق الجراح بن مخلد، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(626) عن عبد الله بن الهيثم العبدي، ثلاثتهم عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني أيضًا (4146)، ومن طريقه أبو نعيم في "المعرفة"(2513)، وابن الأثير 1/ 625 - 626 من طريق داود بن منصور القاضي، عن جرير بن حازم به. =
5854 -
أخبرني محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، أخبرني أبو يونس، حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: خَوّات بن جُبير بن النعمان بن أُميّة بن البُرَك بن امرِئ القيس بن ثَعلبة بن عَمرو بن عَوف بن مالك، مات بالمدينة سنة أربعين، وهو ابن أربعٍ وسبعين سنة.
5855 -
أخبرني محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العَتَكي، حدثنا الحُسين بن الفضل، حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بَعَثَ خَوات بن جُبير إلى بني قُريظة على فرسٍ له يقال له: الجَناح
(1)
.
صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
5856 -
حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدثنا موسى بن زكريا، حدثنا خَليفة بن خيّاط، حدثنا عبد الله بن إسحاق بن صالح بن خَوّات بن جُبير، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده خَوّات بن جبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما أسكَرَ كثيرُه فقليلُه حرامٌ"
(2)
.
= وقد ساقوا هذا الحديث ضمن قصة مطولة لخوّات اقتصر المصنِّفُ ومن قبله البخاريُّ على هذا الحرف منها في مناداته صلى الله عليه وسلم لخوات بكنيته.
(1)
رجاله لا بأس بهم، لكن الصحيح أنه عن عكرمة مرسلٌ، ليس فيه ذكر ابن عباس، فإنَّ عبد العزيز بن يحيى - وهو ابن عبد العزيز الكِناني المكي - وإن كان صدوقًا، له أوهام، وقد خالفه الحفاظ من أصحاب ابن عُيينة، فرووه عنه عن عمرو بن دينار عن عكرمة مرسلًا، فهو المحفوظ، والله أعلم.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 522 و 14/ 414، وأخرجه مُسدَّد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (4279) عن يحيى بن سعيد القطان، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2510) من طريق عبد الجبار بن العلاء العطار، ثلاثتهم (ابن أبي شيبة ويحيى القطان وعبد الجبار) عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، مرسلًا.
(2)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل موسى بن زكريا - وهو التُستَري - فهو وإن كان راويةً لكتابَي =
5856 م - قال عبد الله بن إسحاق عن آبائه: إن خَوَاتَ بن جُبير مات سنةَ أربعين.
= خليفة بن خيّاط "الطبقات" و "التاريخ"، متروك الحديث إذا أسند حديثًا، وقد أخطأ في إسناد هذا الحديث خطأً فاحشًا في موضعين منه، فقد أخرجه الطبرانيُّ في "الكبير"(4149)، وفي "الأوسط"(1616) عن أبي جعفر أحمد بن الحسين بن نصر البغدادي، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2514) من طريق أبي العباس محمد بن إسحاق السّرّاج، كلاهما عن خليفة بن خياط شَبَاب العُصفُري، عن عبد الله بن إسحاق بن الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب الهاشمي، عن أبيه، عن صالح بن خَوّات بن صالح بن خَوّات بن جبير، عن أبيه، عن جدّه، عن خوّات، فهذا هو المعروف في إسناد هذا الخبر. لكن لم يذكر السَّرّاج في روايته إسحاق بن الفضل الهاشمي، والد عبد الله، والصحيح ذكره.
فقد أخرجه العقيلي في "الضعفاء"(723)، والدارقطني في "السنن"(4654) وأبو نعيم في "المعرفة"(2514) من طريق محمد بن يحيى القُطَعي، وأبو أحمد الحاكم في "الأسامي والكنى" 5/ 164 من طريق مكيّ بن مردك، كلاهما عن عبد الله بن إسحاق بن الفضل بن عبد الرحمن الهاشمي، عن أبيه، عن صالح بن خَوّات بن صالح بن خوّات بن جُبير، عن أبيه، عن جده، عن خوَّات.
وعبد الله بن إسحاق الهاشمي هذا لا يتابع على حديثه فيما قاله العقيلي وأقره الذهبي في ديوان الضعفاء" (2118) وفي "الميزان"، وقصدهم أنه لا يتابع عليه بهذا الإسناد.
والحديث صحيح من حديث جابر بن عبد الله عند أحمد 23/ (14703)، وأبي داود (3681)، وابن ماجه (3393)، والترمذي، (1865)، وابن حبان (5382)، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
وحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب عند أحمد 9/ (5648)، وابن ماجه (3392)، وهو حديث قويّ.
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد 11/ (6558)، وابن ماجه (3394)، والنسائي (5097)، وإسناده حسن.
وحديث أنس بن مالك عند أحمد 19/ (12099)، وإسناده صحيح.
وحديث سعد بن أبي وقاص عند النسائي (5098)، وابن حبان (5370) وإسناده قوي.
وحديث عائشة عند أحمد 40/ (24423)، وأبي داود (3687)، والترمذي (1866)، وابن حبان (5383)، وإسناده صحيح، ولفظه:"ما أسكر منه الفَرَقُ، فمِلءُ الكفِّ منه حرام".
5857 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، أخبرني عبد الملك بن أبي سُليمان، عن خَوّات بن صالح، عن أبيه.
قال
(1)
: وأخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة، عن المسور بن رِفاعة، عن عبد الله بن مِكْنَف: أنَّ خَوّات بن جُبير ممّن خرج مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى بدرٍ، فلما كان بالرَّوحاء أصابه نَصِيلُ حَجَر فكُسِر، فردَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وضَرَب له بسَهْمِه وأجرِه، فكان كمن شَهِدها. قالوا: وشهد خَوّات أحُدًا والخندقَ والمشاهدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
5858 -
قال ابن عُمر: وحدثني صالح بن خَوّات بن صالح، عن أهله، قالوا: مات خَوّات بن جُبير بالمدينة في سنة أربعين، وهو ابن أربع وسبعين سنةً، وكان رَبْعةً من الرِّجال
(3)
.
5859 -
حدثنا أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا موسى بن زكريا التُّستَرِي، حدثنا
(1)
القائل هو محمد بن عمر: وهو الواقدي.
(2)
حسن لغيره، وهما مرسلان.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 442 عن محمد بن عمر الواقدي بإسناديه هذين.
وهو في "مغازي الواقدي" 1/ 160 مختصر بقوله: وخَوّات بن جُبير بن النعمان كُسِر بالرَّوحاء، حدثني عبد الملك بن أبي سليمان عن خوّات بن صالح عن ذلك.
ورُوي عن ابن شهاب الزهري نحو ما رواه الواقدي في قصة إصابة خوّات، وذلك فيما أخرجه الخطابي في "غريب الحديث" 1/ 399. ورجاله لا بأس بهم لكنه مرسلٌ كذلك.
وروي نحوه أيضًا عن عبد الله بن محمد بن عُمارة عند أبي القاسم البغوي في "الصحابة" 2/ 275، وعبد الله بن محمد بن عمارة من الرواة عن أتباع التابعين.
وأما أنه ضُرب له بسهمه وأجره يوم بدر فذكره أيضًا عروة بن الزبير وابن إسحاق كما تقدَّم عند المصنف.
(3)
وأخرجه ابن سعد 3/ 443 عن محمد بن عمر الواقدي، به.
شَبَاب بن خَيّاط، قال: أخبرنا عبد الله بن إسحاق بن صالح بن خوات بن جبير، عن أبيه، عن جده، قال: قال أبي خَوّات بن جبير، مرضتُ فعادَني النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فلما بَرَأتُ، قال:"صحَّ جِسمُك يا خَوّاتُ، فِ اللهِ تعالى بما وَعَدْتَه" قلتُ: وما وعدتُ الله شيئًا، فقال:"إنه ليس من مَريض يَمْرَضُ إِلَّا نَذَر شيئًا، أو نَوى شيئًا، ففِ لله عز وجل بما وَعَدْتَه"
(1)
.
ذكرُ مناقب عبد الله بن سَلَام الإسرائيليِّ رضي الله عنه
-
5860 -
سمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعتُ العباس بن محمد الدُّوْري يقول: سمعتُ يحيى بن مَعِين يقول: اسمُ عبدِ الله بن سَلَامٍ الحُصَينُ، فسمّاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عبدَ الله
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا، وهو إسناد الرواية السالفة برقم (5856) نفسُه، وقد اضطرب موسى بن زكريا التُّستَري في إسناده، فرواه عنه أحمد بن يعقوب الثَّقفي كما عند المصنف هنا، ورواه الطبراني في "الكبير"(4148)، ومن طريقه ابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 248، فقال: عن موسى بن زكريا، عن شَبَاب - وهو لقبٌ واسمُه خليفة - بن خيّاط، عن عبد الله بن إسحاق الهاشمي، عن خَوّات بن صالح بن خوّات بن جبير، عن أبيه، عن جده، قال: مرضتُ. وكلاهما وهمٌ، فإنّ عبد الله - ويقال: عبيد الله بن إسحاق الهاشمي - إنما يروي عن أبيه، عن صالح بن خَوّات بن صالح بن خوّات بن جُبير، عن أبيه، عن جده، عن خَوات بن جبير. فهذا هو المحفوظ في إسناده لخوّاتٍ، كما تقدم.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(162)، وابن قانع في "معجم الصحابة" كما في "نتائج الأفكار" لابن حجر 4/ 247، والطبراني في "الكبير"(4148)، وابن السُّنّي في "عمل اليوم والليلة"(558)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 146، وابن شاهين في "الصحابة" كما في "نتائج الأفكار" لابن حجر 4/ 247، والشجري في "أماليه" 2/ 280، ونجم الدين النَّسفي في "القند في ذكر أخبار سمرقند" ص 165، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 247 من طرق عن محمد بن الحجاج البغدادي المُصفِّر، عن خَوّات بن صالح بن خَوّات بن جبير، عن أبيه، عن جده. ومحمد بن الحجاج هذا متروك الحديث باتفاقٍ.
(2)
وأخرجه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 2/ 547، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" =
5861 -
حدثنا محمد بن أحمد بن بُطّة، حدثنا أبو جعفر بن رُسْتَه، حدثنا سليمان بن داود الشاذَكُوني، حدثنا محمد بن عُمر، قال: عبدُ الله بن سَلَام يُكنى أبا يوسف، وكان اسمُه قبلَ الإسلام الحُصَين، فلما أسلم سمّاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عبدَ الله، وهو من بني إسرائيل، من ولد يوسف بن يعقوب عليهما السلام، وحَليف للقواقِلَةِ من بني عَوف بن الخَزْرج، وتوفي عبدُ الله بن سَلَام بالمدينة في أقاويلِ جميعِهم سنة ثلاثٍ وأربعين في مُلْك معاوية.
5862 -
أخبرني خَلَف بن محمد الكَرَابِيسي ببُخارَى، حدثنا محمد بن حُرَيث، حدثنا عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد قال: كان ولاءُ عبد الله بن سَلَام لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ومات سنة ثلاث وأربعين
(1)
.
قد اتَّفق الشيخان رضي الله عنهما على حديث سعد بن أبي وقّاص: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لأحدٍ يمشي على وجهِ الأرضِ: إنه من أهل الجنة، غيرِ عبدِ الله بن سَلَام
(2)
.
= 29/ 104 من طريق المفضَّل بن غسان الغلابي، عن يحيى بن معين.
وأخرج أحمد 39/ (23782)، وابن ماجه (3734)، والترمذي (3256) و (3803) من طريق ابن أخي عبد الله بن سَلَام، عن عبد الله بن سَلام، قال: قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس اسمي عبدَ الله بن سَلَام، فسماني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عبدَ الله بنَ سَلام. وإسناده ليِّن لجهالة ابن أخي عبد الله بن سلام.
وانظر "سيرة ابن هشام" 1/ 516 - 517، و "تاريخ دمشق" لابن عساكر 29/ 99 - 104.
(1)
يحيى بن سعيد: هو القطّان، وعمرو بن علي: هو الفلّاس، ومحمد بن حُريث: هو ابن عبد الرحمن البُخاري.
(2)
أخرجه البخاري (3812)، ومسلم (2483). وهذا القول من سعد بن أبي وقاص قاله مع علمه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك فيه وأوجب له الجنة مع التسعة من أصحابه الذين هو عاشِرُهم، لا ينفي ما قد سمعه في ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن كره التزكية لنفسه ولزم التواضع ولم ير لنفسه من الاستحقاق ما رآه لأخيه. قاله الخطابي في "أعلام الحديث" 3/ 1655.
5863 -
أخبرنا أبو أحمد بَكْر بن محمد الصَّيرفي بمَرْو، حدثنا أبو المُوجِّه، حدثنا محمد بن علي بن شَقيق، حدثنا الفضل بن خالد، حدثنا عُبيد بن سُليمان، عن الضحّاك، في قوله عز وجل:{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: 10]، قال: الشاهدُ عبدُ الله بن سَلَام، وكان من الأحبار من علماء بني إسرائيل
(1)
.
5864 -
أخبرنا الإمام أبو الوليد حسّان بن محمد وأبو بكر بن قُريش، قالا: حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة وقُتيبة بن سعيد، قالا: حدثنا جَرير، عن الأعمش، عن سليمان بن مُسهِر، عن خَرَشَة بن الحُرِّ، قال: كنتُ جالسًا في حَلْقَةٍ في مسجدِ المدينة فيها شيخٌ حَسنُ الهيئةِ، وهو عبدُ الله بن سَلَام، قال: فجعل يُحدِّثُهم حديثًا حسنًا، فلما قام قال القومُ: من سرَّه أن يَنظُرَ إلى رجل من أهلِ الجنة، فليَنظُرْ إلى هذا قلتُ: والله لأَتْبعنّه فلأَعْلَمنّ مكانَ بيتِه، فتَبِعْتُه، فانطلقَ حتى كادَ أن يخرج من المدينة، ثم دخَل منزِلَه، فاستأذنتُ عليه، فأذن لي، فقال: ما حاجتُك يا ابنَ أخي؟ قلت له: سمعتُ القوم يقولون كذا وكذا، فأعجبَنَي أن أكونَ معك، قال: اللهُ أعلمُ بأهل الجنة، وسأحدِّثك مِمَّ قالوا ذلك، إني بينما أنا نائم إذ أتاني رجلٌ فقال لي: قُمْ، فأخذَ بيدِي فانطلقْتُ معه، فإذا أنا بجَوَادَّ عن شِمالي، فأخذتُ لآخُذَ فيها، فقال لي: لا تأخُذُ فيها، فإنها طريقُ أهل الشِّمال، فإذا جَوَادٌ مَنْهجٌ عن يَميني، فقال لي: خُذْ هاهنا، فإذا أنا بجَبَل، فقال لي: اصعَدْ، قال:
(1)
رجاله لا بأس بهم. والضحاك: هو ابن مُزاحم.
وأخرجه الطبري في "تفسيره" 11/ 26 قال: حُدِّثتُ عن الحسين، وقال: سمعت أبا معاذ، يقول: أخبرنا عُبيد، قال: سمعت الضحاك .... والحسين: هو ابن الفَرَج المروزي، وأبو معاذ: هو الفضل بن خالد، وعبيد هو ابن سليمان.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 5/ 380، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 4/ 1182، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" 4/ 103، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 29/ 113 و 130 من طريق جُويبر بن سعيد الأزدي البَلْخي، عن الضحاك بن مُزاحم.
وانظر ما سيأتي برقم (5865).
فجعلتُ إذا أردتُ أن أصعَدَ خَرَرتُ على اسْتِي، قال: حتى فعلت ذلك مِرارًا، قال: ثم انطلَقَ حتى أتى بي عمودًا رأسه في السماء وأسفلُه في الأرض، في أعلاه حَلْقةٌ، فقال لي: اصعَدْ فوقَ هذا قال: قلتُ: كيف أصعَدُ ورأسُه في السماء؟ قال: فأخذَ بيَدِي فزَجَل بي، فإذا أنا مُتعلِّقٌ بالحَلْقةِ [قال: ثم ضَرَب العمود فخَرَّ، قال: وبقيتُ متعلِّقًا بالحَلْقة]
(1)
حتى أصبحتُ، فأتيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقصَصْتُها عليه، فقال:"أما الطُّرُق التي رأيتَ عن يسارِك، فهي طُرُق أهل الشِّمال، وأما الطُّرُقُ التي عن يَمينِك فهي [طُرق أهل اليَمين، وأما الجَبَل فهو مَنزلُ الشهداء، ولن تَنالَه، وأما العَمُود فهو عَمُودُ الإسلام، وأما العُرْوة، فهي] عُرْوةُ الإسلام، فلن تزالَ مُتمسِّكًا بها حتى تَموتَ"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
5865 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عوف بن سفيان،
(1)
ما بين المعقوفين في الموضعين سقط من النسخ الخطية، وهو ثابت في رواية مسلم وابن حبان وسياقهما كسياق المصنف.
(2)
إسناده صحيح. جَرير: هو ابن عبد الحميد الضبيّ، والأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه مسلم (2484) عن قتيبة بن سعيد بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم أيضًا (2484) عن إسحاق بن إبراهيم - وهو ابن راهويه - وابن حبان (7166) من طريق أبي خيثمة - وهو زهير بن حرب - كلاهما عن جرير، به.
وأخرجه بنحوه ابن ماجه (3920)، والنسائي (7586) من طريق المسيب بن رافع، عن خَرَشة بن الحرِّ، به.
وسيأتي عند المصنف بنحوه مختصرًا أيضًا برقم (8390) من طريق قيس بن عُبَاد، عن رجل رأى تلك الرؤيا، لم يسمّه المصنف في روايته وسمّاه غيره عبد الله بن سَلَام.
والجَوَادُّ: الطُّرُق، كما عَبَرها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي جمع جادّة.
وزَجَل بي، أي: رمى.
والعُروة: هي الحَلْقة، كما عَبَرها النبي صلى الله عليه وسلم، أو هي أعمُّ من ذلك فتشمل كلّ شيء يُتمسَّك به ويُتَوثّق.
حدثنا أبو المغيرة عبد القُدُّوس بن الحجّاج، حدثنا صفوان بن عمرو، حدثني عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشْجَعي، قال: انطلقَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى دخلْنا كنيسةَ اليهودِ، فقال:"يا معشرَ اليهود، أرُوني اثني عشر رجلًا يَشْهَدُون أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا رسول الله، يُحبِطِ اللهُ عن كل يهوديّ تحت أَدِيم السماء الغضبَ الذي غَضِبَ عليه" قال: فأَسكَتُوا ما أجابه منهم أحدٌ، ثم رَدّ عليهم فلم يُحبه منهم أحدٌ، فقال:"أبَيتُم؟! فواللهِ لأنا الحاشِرُ، وأنا العاقِبُ، وأنا النبيُّ المصطفى، آمنتُم أو كذَّبْتُم" ثم انصرف وأنا معه حتى كِدْنا أن نخرُجَ، فإذا رجلٌ من خَلْفِنا يقول: كما أنتَ يا محمدُ، فأقبل، فقال ذلك الرجلُ: أي رجل تَعلَمُوني فيكم يا معشَرَ اليهود؟ قالوا: والله ما نعلمُ أنه كان فينا رجلٌ أعلمَ بكتابِ الله منك، ولا أفقَهَ منك، ولا من أبيك قبلَك، ولا من جَدِّك قبلَ أبيك، قال: فإني أشهدُ له بالله أنه نَبيُّ الله الذي تَجِدُونه في التَّوراة، فقالوا: كَذَبْتَ، ثم ردُّوا عليه قولَه، وقالوا فيه شرًّا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كذَبْتُم، لن يُقبل قولُكم، أما آنِفًا فتُثنُون عليه مِن الخَير ما أثنيتُم، وأما إذْ آمَنَ فَكَذَّبْتُموه وقلتُم فيه ما قلتُم؛ فلن يُقبَلَ قولُكم" قال: فخرجْنا ونحن ثلاثةٌ: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا وعبدُ الله بنُ سَلَام، وأنزل الله تعالى فيه:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ} الآية [الأحقاف: 10]
(1)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، إنما اتَّفقا على حديث حُميد عن أنس:"أيُّ رجلٍ عبدُ الله بن سَلَام فيكم؟ " مختصرًا
(2)
.
(1)
رجاله لا بأس بهم، لكن قد يقع في حديث صفوان وعبد الرحمن بن جبير ما يُستنكَر، وقصة إسلام عبد الله بن سلام قد رُويَت عند أحمد 19/ (12057) والبخاري (3329) بسياق آخر مشهور، وإسناده أصحُّ.
وأخرجه أحمد 39/ (23984)، وأخرجه ابن حبان (7162) من طريق أبي نَشِيط محمد بن هارون النَّخَعي، كلاهما (أحمد وأبو نشيط) عن أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، بهذا الإسناد.
(2)
بل أخرجه البخاري (3329) و (3938) مطوّلًا، ولم يخرّجه مسلم.
5866 -
حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحُسين بن الفَضْل، حدثني سَلْم بن إبراهيم صاحبُ المَصاحِف، حدثنا عِكرمة بن عمّار، حدثنا محمد بن القاسم، عن عبد الله بن حَنْظَلة: أن عبد الله بن سَلَام مَرّ في السُّوق وعلى رأسه حُزْمةُ حَطَب، فقال: أرفَعُ به الكِبْر، إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يدخلُ الجنةَ من كان في قَلْبِه مِثقالُ حَبّةٍ من خَرْدَلٍ من كِبْر"
(1)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه في ذكر عبد الله بن سَلَام.
(1)
المرفوع منه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة محمد بن القاسم فإنه لا يُعرَف، وذكره البخاري في "تاريخه" 1/ 214 وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 8/ 65 ولم يبيِّنا شيئًا من حاله، وذكره ابن حبان في "ثقاته" كعادته في ذكر المجاهيل، وسَلْم بن إبراهيم ضعيف متَّهم، ووهّاه الذهبي في "تلخيصه"، لكنه متابع.
فقد أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 214، ويعقوب بن سفيان في "مشيخته"(98)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "الزهد" لأبيه (1019)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (3226)، والدُّولابي في "الكنى والأسماء"(1538)، والحسين بن إسماعيل المحاملي في "أماليه" برواية ابن مهدي الفارسي (324)، والطبراني في "الكبير"(14946)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7850)، والشجري في "أماليه" 2/ 219، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(627) و (2358)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 2/ 132 - 133، وضياء الدين المقدسي في "المختارة" 9/ (424 - 426) من طرق عن عكرمة بن عمار بهذا الإسناد.
وأخرج عبد الله بن المبارك في "الزهد"(833)، ومن طريقه ابن عساكر 29/ 133 - 134 عن عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بُكَير بن الأشج: أنَّ عبد الله بن سَلَام خرج من حائط له بحزمة حطب يحملها، فلما أبصره الناس قالوا: يا أبا، يوسف قد كان في ولدك وعَبيدك من يكفيك هذا! قال: أردتُ أن أجرِّب قلبي، هل ينكر هذا؟ ورجاله لا بأس بهم، وهو من رواية ابن المبارك عن ابن لَهِيعة، وقد قبلها أهل العلم، لكن بُكَير بن الأشجّ - وهو بُكَير بن عبد الله بن الأشج لم يدرك عبد الله بن سلام، وروايته هنا ظاهرة في الإرسال.
ويشهد للمرفوع منه حديث عبد الله بن مسعود المتقدم برقم (69)، وهو في "صحيح مسلم"(91).
5867 -
حدثنا الشيخ الإمام أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عُبيد بن شَريك، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثني اللّيثُ، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيدَ، عن أبي إدريس الخَوْلاني، عن يزيد بن عَمِيرة، قال: لما حَضَرَ معاذَ بنَ جبل الموتُ قيل له: يا أبا عبد الرحمن أَوصِنا، قال: أجلِسُوني، ثم قال: إنَّ العلمَ والإيمانَ مكانَهما، من ابتَغاهُما وَجَدَهما - يقوله ثلاث مرات - والتمِسُوا العلمَ عند أربعة رَهْطٍ: عُوَيمرٍ أبي الدَّرداء، وعند سلمانَ الفارسيِّ، وعند عبد الله بن مسعود، وعند عبد الله بن سَلَام الذي كان يهوديًّا ثم أسلم، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إنه عاشرُ عَشَرةٍ في الجنةِ"
(1)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5868 -
حدثنا يحيى بن منصور القاضي، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حَجّاج بن مِنْهال، حدثنا حماد بن سَلَمة، حدثنا عاصم بن بَهْدلةَ، عن مصعب بن سعد، عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِي بقصْعةٍ، فأكل منها ففَضَلَتْ منها فَضْلةٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يجيءُ رجلٌ من هذا الفَجِّ من أهل الجنَّة فيَأْكُلُ هذه" قال سعد: وكنت تركتُ عُميرًا أخي يتوضَّأ، فقلت: هو عُميرٌ، فجاء عبدُ الله بنُ سَلَام فأكلَها
(2)
.
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
(1)
إسناده صحيح، وقد تقدَّم من طريق قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد برقم (5264)، وتقدَّم من طريقين أُخريين عن معاوية بن صالح برقم (338).
(2)
إسناده حسنٌ من أجل عاصم بن بَهْدلة: وهو ابن أبي النَّجُود. سعدٌ: هو ابن أبي وقاص.
وأخرجه أحمد 3/ (1458) و (1591)، وابن حبان (7164) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (1592) من طريق أبان بن يزيد العطار، عن عاصم به.
وقد روى عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: ما سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحدٍ يمشى على الأرض: إنه من أهل الجنة، إلّا لعبد الله بن سلام. وقد تقدم تخريجه بإثر (5862).
ذكرُ مناقب سَلَمة بن سَلَامة بن وَقْش الأنصاريّ رضي الله عنه
-
5869 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: سَلَمة بن سَلَامة بن وَقْش بن زُغْبة بن زَعُوراء بن عبد الأشهل بن جُمَح بن جُشَم بن الحارثِ بن الخَزْرج بن عمرو بن مالك بن أَوس
(1)
.
5870 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُروة، في تسمية مَن شهد العقبةَ من الأنصار، ثم من الأوس، ثم من بني عبد الأشهل: سَلَمة بن وَقْشٍ، شهد بدرًا
(2)
.
5871 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا محمد بن عبد الله بن رُسْتَهْ، حدثنا سليمان بن داود حدثنا محمد بن عُمر، قال: وسَلَمة بن سَلَامة بن وَقْشٍ، يُكنى أبا عَوف، شهد العَقبةَ الأولى والعَقَبة الآخِرة مع السبعين في قولِ جميعِهم، وقالوا بأجمَعِهم: شهدَ سَلَمةُ بدرًا وأحُدًا والخندقَ والمشاهدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات سنة خمس وأربعين وهو ابن سبعين سنةً، ودُفن بالمدينة
(3)
.
5872 -
أخبرنا أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا موسى بن زكريا التُّستَري، حدثنا شَبَاب بن خَيّاط، قال: مات أبو عَوف سَلَمة بن سَلَامة بن وَقْش سنة خمس
(1)
ذكره ابن إسحاق فيمن شهد بدرًا كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 685 - 686 وذكر نَسَبه، لكنه لم يذكر في نسبه جُمح.
وكذلك قول جميع أهل النسب، لم يذكر أحدٌ منهم في هذا النسب جُمَحَ. انظر "جمهرة الأنساب" لابن حزم ص 339، و "الإنباه على قبائل الرواة" لابن عبد البر ص 104، و "الأنساب" للسمعاني نسبة (الأوسي)، وغيرهم. فيغلب على ظننا أنه مقحم في أصول "المستدرك" من بعض النساخ.
(2)
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6323)، وعنه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(3370) عن أبي عُلَاثة محمد بن عمرو الحراني، بهذا الإسناد.
(3)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 405 و 406.
وأربعين، ودُفن بالمدينة رضي الله عنه
(1)
.
5873 -
أخبرنا الحُسين بن علي التَّميمي، حدثنا أحمد بن محمد بن الحُسين، حدثنا عمرو بن زُرَارة، حدثنا زياد بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن محمود بن لَبِيد، عن سَلَمة بن سَلَامة بن وَقْش، قال: كان لنا جارٌ من يهودَ في بني عبد الأشْهَل، قال: فخرج علينا يومًا من بيته حتى وَقَفَ على بني عبد الأشْهَل، قال سلمة وأنا يومئذٍ حَدَثٌ، عليَّ بُردةٌ لي، مُضطجِعٌ فيها بفِنَاء أهلي، فذَكَر القِيامةَ والبَعثَ والحِسابَ والمِيزانَ والجنةَ والنارَ. قال: فقال ذلك في أهل يَثرِبَ والقومُ أصحابُ أوثانٍ لا يَرون بَعثًا كائنًا بعد الموت، فقالوا له: ويحك، أتُرى هذا كائنًا يا فلانُ أنَّ الناس يُبعَثون بعد موتِهم إلى جنةٍ ونار، ويُجزَون فيها بأعمالِهم؟! قال: نعم، والذي يُحلَف به، قالوا: يا فلانُ، ويَحَك، وما آيةُ ذلك؟ قال: نبيٌّ مَبعُوث من نحو هذه البلادِ؛ وأشار بيدِه إلى مكةَ، قالوا: ومتى تُراه؟ قال: فنظر إليَّ وأنا أصغَرُهم سِنًّا، فقال: إن يَستنفِدْ هذا الغلامُ عُمرَه يُدرِكْه. قال سلمةُ: فواللهِ ما ذهبَ الليلُ والنهارُ حتى بَعَثَ اللهُ تبارك وتعالى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو حيٌّ بين أظهُرنا، فآمَنّا به وكَفَر بَغْيًا وحَسَدًا، فقلنا له: وَيحَك يا فلانُ، ألستَ الذي قُلتَ لنا فيه ما قُلتَ؟! قال: بلى، ولكنه ليس به
(2)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
(1)
وهو في طبقات "خليفة" ص 77 لكن دون ذكر مكان دفن سَلَمة ودون ذكر كنيته. وشَبَاب هو لقب خليفة.
(2)
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار صاحب السيرة - وقد وقع تصريحه بالسماع في "سيرة ابن هشام" 1/ 212 وهي من روايته عن زياد بن عبد الله البكائي الذي ساق المصنف الخبر من روايته هنا.
وأخرجه أحمد 25/ (15841) عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، به. وصرح ابن إسحاق بسماعه أيضًا عنده.
5874 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبَهاني، حدثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، حدثني زيد بن جَبِيرة بن محمود بن أبي جَبيرةَ الأنصاري من بني عبد الأشْهَل، عن أبيه جَبيرة بن محمود، عن سَلَمة بن سَلَامة بن وَقْش، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم:[أنهما دخلا على وَليمةٍ، وسَلَمةُ]
(1)
على وضوء، فأكَلُوا ثم خرجوا فتوضَّأ سلمةُ، فقال له جَبيرةُ: ألم تكن على وضوء؟ قال: بلى، ولكن رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وخَرَجْنا من دَعوة دُعِينا لها، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم على وُضوء، فأكل ثم توضّأ، فقلتُ له: ألم تكن على وضوءٍ يا رسول الله؟ قال: "بلى، ولكنِ الأمرُ يَحدُث، وهذا ممّا قد حَدَثَ"
(2)
.
قال الليث بن سعد: فحدثَني زيد بن جبيرة، عن أبيه جَبيرة بن محمود
(3)
بن أبي جَبيرة
(4)
: [أن] سَلَمة كان آخرَ أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم وفاةً، إلَّا أن يكون أنسُ بنُ مالك، فإنه بقي بعدَه.
5875 -
أخبرني الإمام أبو الوليد وأبو بكر بن قُريش، قالا: أخبرنا الحَسن بن سفيان، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عَرْعَرَة، حدثنا ابن أبي فُدَيك، حدثني ابن أبي
(1)
ما بين المعقوفين وقع في النسخ الخطية عوضًا عنه: أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصواب ما أثبتنا كما في مصادر التخريج.
(2)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل زيد بن جَبيرة، فهو متروك الحديث.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 334 - 335، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1956)، والطبراني في "الكبير"(6326)، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(62)، وابن مَنْدَه في "معرفة الصحابة" ص 678 - 679، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3374)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 156، والحازمي في "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" ص 49 - 50 من طرق عن أبي صالح عبد الله بن صالح، بهذا الإسناد.
(3)
تحرَّف في النسخ الخطية هنا إلى: عمرو.
(4)
تحرَّف في النسخ إلى: أن جده، بدل بن أبي جَبيرة، والمثبت هو الصواب، فليس سَلَمةُ جدَّ جَبيرة بن محمود؛ فجبيرة هو ابن محمود بن أبي جَبيرة بن الضحاك بن خليفة بن ثعلبة بن عَدي بن كعب بن عبد الأشهل.
حَبيبة
(1)
، عن عوف بن سَلَمة بن عَوف بن سَلَمة بن سلَامة بن وَقْش، عن أبيه، عن جدّه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اللهُمّ اغفِرْ للأَنصارِ ولأبناء الأَنصار ولِمَوَالي الأَنصار"
(2)
.
5876 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، حدثني يزيدُ بن رُوْمان، وعاصم بن عُمر بن قَتَادة، عن عُروة بن الزُّبَير.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حبيب والمثبت على الصواب من "إتحاف المهرة" لابن حجر (6028). وهو إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن أبي حَبيبة - وهو إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأنصاري الأشْهلي - وقد انفرد برواية هذا الحديث بهذا الإسناد، ولا يُعرَفُ شيخُه عَوف بن سلمة بن عوف ولا أبوه كما ذكر العلائي فيما نقله عنه ابن حجر في "لسان الميزان"(5893)، ولهذا قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 573: إسناده كلُّه ضعيف. ابن أبي فُديك: هو محمد بن إسماعيل بن مُسلم.
وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"(1470) و (2891)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1758) و (2205)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 305، وأبو بكر الآجُرّي في "الشريعة (1130)، والطبراني في "الكبير" 18/ (152)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3376) و (5521)، وابن الأثير في "أُسد الغابة" 4/ 11 من طرق عن ابن أبي فُديك، بهذا الإسناد. وبعضهم يرويه بلفظ: "ولأبناء أبناء الأنصار" بدل: "ولموالي الأنصار"، وبعضهم يجمع بين اللفظين كليهما، وكلاهما صحيحٌ ثابتٌ: الدعاءُ لأبناء أبناء الأنصار، ولموالي الأنصار.
فيشهد له بذكر موالي الأنصار حديثُ إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك عند مسلم (2507)، وابن حبان (7282)، والطبراني في "الأوسط" (2169) بلفظ:"ولذَرَاري الأنصار، ولموالي الأنصار"، لفظ مسلم، وعند الآخرين:"ولذَرَاري ذَرَاري الأنصار، ولموالي الأنصار".
وحديثُ أنس هذا روي من طريق ثابت البناني عند أحمد 19/ 12414)، والنسائي (10073)، ومن طريق عطاء بن السائب عن الترمذي (3909)، ومن طريق قتادة عند ابن حبان (7280) بلفظ:"وأبناء أبناء الأنصار" دون ذكر الموالي، وسيأتي عند المصنف برقم (7151) مفصلًا.
ويشهد له بلفظ: "وأبناء أبناء الأنصار" دون ذكر موالي الأنصار أيضًا حديث زيد بن أرقم عند أحمد 32/ (19292)، والبخاري (4906)، ومسلم (2506).
وأخبرنا أبو جعفر البغدادي - واللفظُ له - حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوة، قال: لَقِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من أهل البادية، وهو متوجِّه إلى بدرٍ، لقيَه بالرَّوحاء، فسأله القومُ عن خَبَر الناسِ، فلم يَجِدُوا عنده خبرًا، فقالوا له: سَلِّم على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: فِيكُم رسولُ الله؟ قالوا: نعم، قال الأعرابيُّ: فإن كنتَ رسولَ الله، فأخبِرني ما في بَطْن ناقَتي هذه؟ فقال له سَلَمةُ بن سَلَامة بن وَقْش - وكان غلامًا حَدَثًا -: لا تسألْ رسولَ الله، أنا أُخبِرُك: نَزَوتَ عليها، ففي بَطنِها سَخْلَةٌ منك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فَحَشْتَ على الرَّجُل يا سَلَمةُ" ثم أعرض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل، فلم يُكلِّمْه كلمةً حتى فَفَلُوا، واستقبلَهم المُسلمون بالرَّوحاء يُهنِّئونهم، فقال سَلَمةُ بن سَلَامة: يا رسول الله، ما الذي يُهنِّئونك؟ والله إنْ رأَينا [إلا]
(1)
عجائز صُلْعًا، كالبُدْن المُعقَّلة فنَحَرْناها، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ لكلِّ قومٍ فِراسَةً، وإِنما يَعرِفُها الأشرافُ"
(2)
.
(1)
هذه الزيادة من مصادر تخريج الخبر.
(2)
ضعيف لإرساله. ابن إسحاق: هو محمد بن إسحاق بن يسار صاحب السيرة، وأبو عُلَاثة: هو محمد بن عمرو بن خالد الحَرّاني ثم المصري، وابن لَهِيعة: هو عبد الله، وأبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل المعروف بيتيم عُروة بن الزبير.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 147 عن أبي عبد الله الحاكم، عن أبي جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، بهذا الإسناد. لكنه لم يُسق لفظه.
وأخرجه ابن هشام في "السيرة النبوية" 1/ 613 و 643 عن زياد بن عبد الله البكائي، والطبري في "تاريخه" 2/ 459 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، كلاهما عن محمد بن إسحاق، فأما زياد البكّائي فجعل قصة الأعرابي مع سلمة من قول ابن إسحاق غير مسندةٍ إلى عروة، وأسند قصة سلمة عند القُفول من بدر من رواية ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة ويزيد بن رُومان، دون ذكر عروة بن الزبير. وكذلك فعل سلمة بن الفضل، واقتصر عليها ولم يذكر في روايته قصة الأعرابي مع سلمة بن سلامة، فالظاهر أنَّ هذا القدر من الخبر هو الذي رواه ابن إسحاق عن عاصم بن عمر ويزيد بن رومان دون قصة الأعرابي، خلافًا لما يوهمه صنيع المصنف هنا، حيث عطف الإسنادين على بعضهما وجعلهما عن عروة بن الزبير كليهما وساق لفظ أحدهما، =
صحيح الإسناد، وإن كان مرسَلًا. وفيه مَنقَبةٌ شريفةٌ لسَلَمة بن سَلَامة.
ذكرُ مناقب عاصم بن عَديٍّ الأنصاري رضي الله عنه
-
5877 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحَرّاني، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا أبو الأسود، عن عُروة، قال: خَرَج عاصم بن عَدِيّ بن الجَدّ بن عَجْلان يومَ بدر، فردَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وضَرَبَ له بسَهْمِه مع أصحابِ بدر
(1)
.
= موهمًا أن لفظ الآخر بنحوه أو قريبٌ منه.
لكن جاء في "تاريخ الطبري" في مبتدأ حديثه عن غزوة بدرٍ 2/ 427 ما يُشعر بأنَّ الخبر يرويه عاصم بن عمر ويزيد بن رومان، عن عروة، حيث قال: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، قال: فحدثني محمد بن مسلم الزهري وعاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ويزيد بن رومان، عن عروة وغيره من علمائنا، عن ابن عباس، كلٌّ قد حدثني بعض هذا الحديث، فاجتمع حديثهم فيما سُقتُ من حديث بدر. قلنا: وبذلك يتقوى ذكر عروة بن الزبير في رواية يونس بن بُكَير في قصة سلمة بن سلامة بن وقُش لدى قُفولهم من بدرٍ، ويتقوى أيضًا كون قصة الأعرابي مع سلمة من قول ابن إسحاق لم يسندها، وأنه ذكرها في بعض رواياته للسيرة دون بعض، إذ لا ذكر لها عند الطبري، وذكرها البكائي مبينًا أنها من قول ابن إسحاق، والله تعالى أعلم.
وقد أورد محمد محمد بن عمر الواقدي القصتين كلتيهما في "مغازيه" 1/ 46 و 116، وهو إنما يروي أخبار المغازي ومنها غزوة بدر عن جماعة من شيوخه بأسانيدهم.
وممّن ذكر القصتين أيضًا موسى بن عقبة في "مغازيه" كما أسنده عنه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 101 - 106 و 147، وهو مُرسلٌ أيضًا.
(1)
حسن لغيره، وروي مثله عن غير واحدٍ.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 292 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي أيضًا 9/ 57 من طريق يعقوب بن سفيان، عن عمرو بن خالد الحَرَّاني وحسان بن عبد الله، قالا: حدثنا ابن لَهِيعة، به.
وروي مثله عن ابن شهاب الزهري عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1824).
وعن موسى بن عقبة عند البيهقي 6/ 292. =
5878 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: وخرج عاصمُ بن عَدِيّ بن الجَدّ بن عَجْلان بن ضُبيعة، وهو من بَلِيٍّ، حَليفٌ لبني عُبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأَوْس إلى بدر، فردَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وضَرَبَ له بِسَهْمِه
(1)
.
5879 -
وحدَّثَناه محمد بن أحمد بن بُطّة، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر قال: وعاصم بن عَدِيّ بن الجَدّ بن عَجْلان بن حارِثة بن ضُبيعة بن حَرَام بن جُعَل
(2)
بن عمرو بن جُشَم بن وَدْم بن ذُبْيان بن هُمَيم بن هَنِيّ
(3)
بن بَلِيِّ بن عَمرو بن الْحافِ بن قُضاعة، وكان يُكنى أبا عمرو، ويقال: أبو عبد الله.
5880 -
قال ابن عمر: وحدثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة، عن المِسْوَر بن رِفاعة، عن عبد الله بن مَكْنَف.
= وسيأتي تاليًا عن ابن إسحاق والواقدي أيضًا.
(1)
وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 688، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (452) عن زياد بن عبد الله البكائي، وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5368) من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن ابن إسحاق.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: جعيل، مصغرًا، وجاء على الصواب في النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان، وفاقًا لما في سائر كتب الأنساب، مثل "نسب معدٍّ واليمن الكبير" لابن الكلبي 2/ 710، وهو ما ذكره ابن سعد في "طبقاته" 3/ 431 و 436 في ترجمتي معن بن عدي بن الجد أخي عاصم، ونعمان بن عصر بن عبيد بن وائلة بن حارثة بن ضُبيعة.
(3)
تحرَّف هذا الاسم في (ز) و (ص) و (ب) إلى: هتم، وسقط من (م)، وأشار في هامش (ص) بخط مغاير إلى أنَّ هذا الاسم ليس في الأم، أي: ليس في الأصل الذي نُقلت عنه النسخة، يعني أنه أُلحق إلحاقًا من أصل آخر، والتصويب من كتب الأنساب، ومن "طبقات ابن سعد" 3/ 431 و 436، وهكذا ضبطه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 4/ 2306، بفتح الهاء وكسر النون، وكذلك ابن ماكولا في "الإكمال" 6/ 150 و 7/ 391، وخطّأ من ضبطه بضم الهاء وفتح النون مصغرًا.
وحدثنا أفلحُ بن سعيد، عن سعيد
(1)
بن عبد الرحمن بن رُقَيش، عن أبي البَدّاح بن عاصم بن عَدِيّ: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد الخُروجَ إلى بدر خَلّف عاصمَ بنَ عَدِيّ على قُباءٍ وأهل العاليَة، لشيءٍ بلغَه عنهم، فضَرَب له بسَهْمِه وأجرِه، فكان كمن شهدها
(2)
.
5880 م - قال ابن عُمر: وشهد عاصم بن عدي أُحدًا والخَندق والمَشاهِدَ كلَّها مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكان عاصمٌ إلى القِصَر ما هو، ومات سنة خمس وأربعين في خلافة معاوية، وهو ابن خمسَ عشرةَ ومئة.
5881 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا أحمد بن جَنَاب، حدثنا عيسى بن يونس، عن سعيد بن عثمان البَلَوي، عن عاصم بن أبي البَدّاح بن عاصم بن عَدي، عن أبيه، عن جده عاصم بن عَدِيّ، قال: اشتَريتُ أنا وأخي مئة سَهمٍ من سِهام خَيبَر، فبلَغَ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا عاصمُ، ما ذئبانِ عادِيَانِ أصابا فَرِيسةَ غَنَمٍ أضاعَها ربُّها، بأفسَدَ فيها من حُبِّ المالِ والشَّرَفِ لِدِينِه"
(3)
.
(1)
في النسخ الخطية: عبد الله، وهو خطأ، والتصويب من "مغازي الواقدي" 1/ 160، و "طبقات ابن سعد" 3/ 432.
(2)
الإسناد الأول ضعيف جدًّا من أجل أبي بكر بن أبي سَبْرة، فقد اتهمه أحمد بوضع الحديث، ثم هو مرسل، وثاني الإسنادين رجالُه لا بأس بهم لكنه مرسل، غير أنه وإن كان كذلك هو من رواية أبي البدَّاح بن عاصم بن عدي يحكي فيها قصة لأبيه، وهو أعلمُ به، وابنُ عمر - وهو الواقدي - متكلَّم فيه.
وهو في "مغازي الواقدي" 1/ 160 بإسناده الثاني.
وهو في "طبقات ابن سعد" 3/ 432 عن محمد بن عمر الواقدي بإسناديه.
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عاصم بن أبي البدّاح وسعيد بن عثمان البَلَوي، ومع ذلك فقد حسَّن إسنادَه الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 250. عيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السَّبيعي. =
الحديثُ المشهورُ
(1)
لعاصمٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي:
5882 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أنَّ مالكًا حدَّثَه عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، عن أبيه، أنَّ أبا البَدّاح بن عاصم بن عَدِيّ أخبره عن أبيه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رَخّص لرِعاءِ الإبِل في البَيتُوتة، يَرمُون يومَ النَّحْرِ، ثم يَرمُون من الغَدِ أو بعد الغَدِ، ثم يَرمُون يومَ النَّفْر
(2)
.
صحيحُ الإسناد، جَوَّده مالكُ بن أنس، وزَلِقَ غيرُه فيه، ولم يُخرِجاه.
5883 -
فسمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدُّوْريَّ يقول: سمعتُ يحيى بن مَعِين يقول في حديث أبي البَدّاح بن عاصم بن عَدي: يرويه مالك بن أنس، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن أبي البَدّاح بن عاصم بن
= وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(9791) عن أبي بكر أحمد بن الحسن ومحمد بن موسى، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"(2898)، وأخرجه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(5372) من طريق محمد بن غالب، كلاهما (ابن أبي خيثمة ومحمد بن غالب) عن أحمد بن جناب، به.
وأخرجه ابن أبي خيثمة أيضًا (2898)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1950) عن أبي سفيان عبد الرحمن بن مطرِّف، والطبراني في "الكبير" 17/ (459)، وفي "الأوسط"(5317) و (8166)، وأبو نعيم في "المعرفة"(5372) وضياء الدين المقدسي في "المختارة" 8/ (195) من طريق عُمر بن زرارة الحَدَثي، كلاهما عن عيسى بن يونس السبيعي، به.
ويشهد له حديث كعب بن مالك عند أحمد 25/ (15784) و (15794)، والترمذي (2376)، والنسائي (11796)، وابن حبان (3228). وإسناده صحيح، وانظر تمام شواهده في "المسند".
(1)
في (ز) و (م) و (ب) مشهور، والمثبت من (ص).
(2)
إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله.
وأخرجه أبو داود (1975) عن ابن السَّرْح، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وقد تقدَّم برقم (1777) و (1779) من طرق عن مالك.
عَدي عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رَخّص للرِّعاء أن يَرمُوا الحِمَارَ ليلًا. قال يحيى: حدَّثَناه سفيان بن عُيينة، عن محمد بن أبي بكر، عن أبيه، عن أبي البَدّاح بن عَدي، عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رخّص للرِّعاء أن يَرمُوا يومًا ويدعوا يومًا
(1)
.
قال يحيى: وهذا خطأٌ، إنما هو كما قال مالك. قال يحيى: وكان سفيانُ إذا حدثَنا بهذا الحديث قال: ذهَب علَيَّ في هذا الحديث شيءٌ
(2)
.
قال الحاكم: وقد أسندَ أبو البَدّاح بن عاصم بن عدي، عن أبيه حديثًا آخَر:
5884 -
حدَّثَناه أبو بكر إسماعيل بن محمد الفقيه بالرَّيّ، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا محمد بن عائذ الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي البَدّاح بن عاصم بن عدَيّ، عن أبيه، قال: قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ يومَ الاثنين، لاثنتي عشرةَ ليلةً خَلَتْ من شهر ربيع الأول، فأقام بالمدينة عشرَ سِنين
(3)
.
(1)
وهو في "تاريخ يحيى بن معين" برواية العباس بن محمد الدُّوْري (646).
وقد جاء في رواية مُسدَّد بن مُسَرهد عند أبي داود (1976): عن سفيان بن عُيينة، عن عبد الله ومحمد ابنَى أبي بكر، عن أبيهما، عن أبي البَدّاح بن عدي، عن أبيه. هكذا قرن عبدَ الله بن أبي بكر بأخيه محمد، فذِكْر محمدٍ في رواية ابن عيينة ثابتٌ أيضًا.
وقد تقدَّم الحديثُ عند المصنف برقم (1777) من طريق الحُميدي عن سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر.
(2)
الذي ذهب على سفيان بن عيينة في هذا الحديث هو ذكر الرمي يوم النحر ويوم النّفْر، كما في حديث مالك.
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، غير أنَّ أحمد ذكر أنَّ الوليد بن مسلم حدَّث عن عبد الله بن يزيد - وهو ابن تميم السلمي - بمناكير، لكن جاء ما يشهد لخبره هذا.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 511 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (457)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 48، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 8/ (194) عن أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الدمشقي، عن محمد بن عائذ، به. =
ذكرُ مناقب زيدِ بن ثابتٍ كاتبِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
5885 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، فيمن شَهِد الخَندقَ: زيدُ بنُ ثابت بن الضحّاك بن لَوْذان بن عمرو بن عبد عوف بن غَنْم بن مالك بن النَّجّار، وكان فيمن يَنقُل الترابَ يومئذٍ مع المسلمين.
5886 -
حدثنا أبو بكر محمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبَيري، قال: أبو سعيد، ويقال: أبو خارجة، زيد بن ثابت بن الضحّاك بن زيد بن لَوْذان بن عمرو بن عبد عَوف بن غَنْم بن مالك بن النَّجّار الأنصاري، توفي سنة خمسٍ وأربعينَ.
5887 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، حدثنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: ومات أبو سعيد زيدُ بن ثابت بن الضحّاك سنةَ خمس وأربعين.
5888 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن سَعْد بن زُرارة، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعْد بن زُرَارة، قال: قال زيدُ بن ثابت: كانت وَقْعةُ بُعَاثٍ وأنا ابن ستِّ سنين، وكانت قبلَ هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
= وأخرجه ابن عساكر 1/ 48 من طريق محمد بن عائذ عن الواقدي، عن عبد الله بن يزيد الهُذَلي، عن أبي البَدّاح به. وعبد الله بن يزيد الهذلي مختلَف فيه.
وروي محمد بن إسحاق قال: وحدثني صالح بن كيسان عن الزهري، عن عُبيد الله بن عَبد الله بن عتبة، عن عائشة قالت: توفي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لاثنتي عشرة ليلة مَضَت من شهر ربيع الأول، في اليوم الذي قدم فيه المدينة مهاجرًا، قالت: كَمُلَ في هجرته عشر سنين كوامل. أخرجه ابن جرير الطبري في "تاريخه" 3/ 215، وابن المنذر في "تفسيره"(997)، وإسناده حسن.
ونقله الواقدي في "مغازيه" 1/ 2 عن جماعة من شيوخه بأسانيدهم ونقله عنه ابن سعد في "طبقاته" 2/ 6، ثم قال: وهو المُجتمع عليه.
بخمس سنين، فقَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن إحدى عشرةَ سنةً، وأُتي بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: غُلامٌ من الخَزْرج قد قرأ ستَّ عشرةَ سُورةً، فلم أُجَزْ في بدرٍ ولا أُحُد، وأُجِزتُ في الخندق
(1)
.
5888/ 1 - قال ابن عُمر: وكان زيدُ بن ثابت يَكتُب الكِتابَين جميعًا: كتابَ العربية وكتابَ العِبْرانية، وأولُ مَشهدٍ شَهِدَه زيدُ بن ثابت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخَندقُ، وهو ابن خمس عشرة سنة، وكان فيمن يَنقُل الترابَ يومئذٍ مع المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما إنه نِعْمَ الغلامُ" وغلبتْه عَيناهُ يومئذٍ، فرقَدَ، فجاء عُمارةُ بن حَزْم، فأخذ سلاحَه وهو لا يَشعُر، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"يا أبا رُقَادٍ، نِمتَ حتى ذهب سِلاحُك" ثم قال رسولُ الله: "مَن له عِلمٌ بسِلاح هذا الغُلام؟ "، فقال عُمارة بن حَزْم: أنا يا رسول الله أخذتُه فرَدَّه، فنهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُروَّعَ
(1)
إسناده ضعيف إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن سعْد بن زُرارة مجهول العين لم يرو عنه غير محمد بن عمر - وهو الواقدي - وفي رواية يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرارة عن زيد بن ثابت مظنة الإرسال.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 5/ 307 عن محمد بن عمر الواقدي، به.
وقد رُويَ عند ابن سعد 1/ 186 ما يدل على أنَّ بُعاثًا كانت قبل الهجرة بثلاث سنين، وقد صحَّح الحافظ ابن حجر في "الفتح" 4/ 9 هذا القول؛ فقال: وهو المعتمد، وقدَّمه على ما روي في قصة زيد بن ثابت من أن يوم بعاث كان قبل الهجرة بخمس سنين.
وأما كون زيد بن ثابت عند مقدم النبي صلى الله عليه وسلم كان ابن إحدى عشرة سنةً فرواه زيدٌ نفسُه أيضًا عند الطبراني في "الكبير"(4742) وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2896) بسند حسنٍ. وأما قصة زيد بن ثابت لما أتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد رويت من وجه آخر حسنٍ موصول إلى زيد ابن ثابت عند أحمد 35/ (21618) وغيره.
وأما إجازة النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن ثابت في الخندق فروي عن زيد بن ثابت من وجه آخر أيضًا عند الطبراني في "الكبير"(4743)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2897)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 312 من طريق إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن أبيه زيد بن ثابت. وإسماعيل منكر الحديث.
المؤمنُ، وأن يُؤخذَ متاعُه لاعِبًا وجِدًّا.
وكانت رايةُ بني مالك بن النَّجّار في تَبُوك مع عُمارة بن حَزْم فأدركَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فأخذَها منه، فدفعَها إلى زيد بن ثابت، فقال عُمارةُ: يا رسولَ الله، بَلَغَك عني شيءٌ؟ قال:"لا، ولكن القُرآنَ يُقدَّم، وكان زيدٌ أكثرَ أخْذًا منك للقُرآن"
(1)
.
5888/ 2 - قال ابن عُمر: ومات زيد بن ثابت، وابنُه إسماعيلُ صغيرٌ لم يَسمَع منه شيئًا.
واختُلِف في وقت وفاته، قال ابن عُمر: والذي عندنا أنه مات بالمدينة سنة خمس وأربعين، وهو ابن ستٍّ وخمسين سنةً، وصلَّى عليه مروانُ بن الحَكَم
(2)
.
5889 -
أخبرنا بصحّتِه الحسنُ بن محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن أحمد بن البَرَاء، حدثنا علي بن المَدِيني، قال: زيدُ بن ثابت بن الضحّاك بن زَيد بن لَوْذان بن عَمرو بن عبدِ عَوف بن غَنْم بن مالك بن النجّار، مات سنة أربع أو خمس وأربعين
(3)
.
(1)
ضعيف، تفرَّد به الواقدي بهذا السياق من غير إسناد، وهو في "مغازيه" 2/ 448 و 3/ 1003، وعنه ابن سعد في "طبقاته" 5/ 308 - 309.
وقوله في الخبر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُرَوَّع المؤمن، رُويَ من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير، فنام رجلٌ منهم، فانطلق بعضهم إلى نَبْل معه فأخذها، فلما استيقظ الرجُل فَزِعَ، فضحك القوم، فقال:"ما يضحككم؟ " فقالوا: لا، إلّا أنا أخذنا نَبل هذا ففزع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يَحِلُّ لمسلم أن يُروِّع مسلمًا". أخرجه أحمد 38/ (23064) وأبو داود (5004) بسند صحيح.
وقوله: أن يُؤخذ متاعُه لاعبًا وجِدًّا، رُوي من حديث يزيد أبي السائب عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله، عند أحمد 29/ (17940)، وأبي داود (5003)، والترمذي (2160)، وسيأتي عند المصنف برقم (6831) وسنده صحيح أيضًا.
(2)
وهو في "طبقات ابن سعد" 5/ 314 و 315 عن محمد بن عُمر الواقدي.
وقد أسنده الواقدي عن ابن أبي الزناد عن أبيه، كما رواه عنه ابن زَبْر الرَّبَعي في "تاريخ مولد العلماء ووفياتهم" 1/ 144، ومن طريقه ابن عساكر 19/ 337.
(3)
وذكر البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 381، وفي "تاريخه الأوسط" 1/ 670 عن علي بن =
5890 -
فحدَّثَناه أبو عبد الله الأصبهاني، حدثنا محمد بن عبد الله بن رُسْتَهْ، حدثنا سليمان بن داود، حدثني محمد بن عمر، حدثني إسماعيل بن مُصعب، عن إبراهيم بن يحيى، عن
(1)
خارجة بن زيد قال: توفي أبي زيدُ بن ثابت قبل أن تَصفَرَّ الشمسُ، وكان من رأيي دفنُه قبل أن أُصبِحَ، فجاءتِ الأنصارُ، فقالت: لا يُدفَنُ إِلَّا نهارًا لِيَجتمِعَ له الناسُ، فسمع مروانُ الأصواتَ، فأقبل يَمشي حتى دخل عليَّ، فقال: عَزيمةً مني أن لا يُدفَنَ حتى يُصبِح، فلما أصبحنا غسّلناه ثلاثًا: الأولى بالماء، والثانية بالماء والسِّدْر، والثالثة بالماء والكافُور، وكَفَّنّاه في ثلاثة أثواب أحدها بُرْدٌ كان كَسَاهُ إياهُ معاويةُ، وصلَّينا عليه بعد طُلوع الشمس، صلَّى عليه مروانُ بن الحَكَم، وأرسل مروانُ بجَزُورٍ فنُحِرَت وأَطعَمَ الناسَ، وغَلَبَنا النساءُ فبَكَينَ ثلاثًا
(2)
.
5891 -
حدثنا الإمام أبو الوليد وأبو بكر بن قُريش قالا: حدثنا الحسن بن سفيان،
= المديني - وهو شيخه - قوله: مات زيد بن ثابت سنة أربع وخمسين. وكذلك قال سليمان بن توبة النَّهْرواني فيما أسنده عنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2908)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 339 حدثنا علي ابن عبد الله، قال: مات زيد بن ثابت سنة أربع أو خمس وخمسين. فالظاهر أنَّ ما وقع في رواية المصنف تحريف صوابه: سنة أربع أو خمس وخمسين. وفاقًا لروايتي البخاري وسليمان بن توبة، والله أعلم.
(1)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: بن.
(2)
إسناده ضعيف، إسماعيل بن مصعب - وهو ابن إسماعيل بن زيد بن ثابت - مجهول الحال، وقد روى محمد بن عمر الواقدي منه قصة بكاء النساء ثلاثًا على زيد بن ثابت من وجه آخر كما سيأتي وسليمان بن داود - وهو الشاذكوني - متابع.
فقد أخرجه ابن سعد في "طبقاته" 5/ 314، ومن طريقه ابن عساكر 19/ 336 عن محمد بن عمر الواقدي، به.
وأخرج قصة بكاء النساء على زيد بن ثابت ثلاثًا ابن سعد 5/ 315، ومن طريقه ابن عساكر 19/ 336 عن محمد بن عمر الواقدي، عن عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن أبيه. وأبو الزِّناد - وهو عبد الله بن ذكوان - لم يُدرك زيد بن ثابت، فروايته عنه مرسلة.
حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا جَرير، عن الأعمَش، عن ثابت بن عُبيد، عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتُحسِنُ السُّرْيانيّة؟ " فقلت: لا، قال:"فتَعلَّمْها، فإنه يأتينا كتبٌ"، فتعلمتُها في سبعةَ عشرَ يومًا.
قال الأعمشُ: كانت تأتيه كتبٌ لا يشتهي أن يَطّلعَ عليها إِلَّا مَن يَثِقُ به
(1)
.
صحيحٌ إن كان ثابت بن عُبيد سمعَه من زيد بن ثابت
(2)
، ولم يُخرجاه.
5892 -
أخبرني محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، حدثنا عُبيد الله بن سعيد، حدثنا يحيى بن سعيد، عن أبي جعفر الخَطْمي، حدثني خالي عبدُ الرحمن، عن جَدّي عُقبة
(3)
بن الفاكِه، قال: قلتُ لزيد بن ثابت: يا أبا خارِجَة
(4)
.
(1)
إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد والأعمش: هو سليمان بن مِهْران.
وأخرجه أحمد 35/ (21587)، وأخرجه ابن حبان (7136) من طريق يوسف بن موسى، كلاهما (أحمد ويوسف بن موسى) عن جرير بن عبد الحميد بهذا الإسناد.
وقد تقدَّم بنحوه من وجه آخر عن زيد بن ثابت برقم (254).
(2)
وقد جزم البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 166 بسماعه من زيد بن ثابت، وهو مولاه.
(3)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: عتبة، والمثبت على الصواب من نسخة المحمودية كما في طبعة الميمان وفاقًا لمصادر ترجمة ابنه عبد الرحمن وأبيه الفاكه، كما في "تهذيب الكمال" 17/ 289 و 23/ 136.
(4)
إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن - وهو ابن عقبة بن الفاكه - وأبيه - أبو جعفر الخَطْمي: هو عمير بن يزيد الأنصاري، وعبيد الله بن سعيد: هو أبو قدامة السرخسي.
وأخرجه أبو أحمد الحاكم في "الأسامي والكنى" 4/ 369، ومن طريقه ابن عساكر 19/ 300، وأخرجه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(2893)، ومن طريقه ابن عساكر 19/ 301 عن أبي حامد بن جَبَلة، كلاهما (أبو أحمد الحاكم وأبو حامد بن جَبَلة) عن أبي العباس محمد بن إسحاق الثقفي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4738) من طريق مسدّد بن مُسرهَد، عن يحيى بن سعيد، به عن عقبة بن فاكه قال: خرجتُ إلى زيد بن ثابت، فخرج إليَّ مُتَّزرًا بيده الرُّمُح، فقلت: يا أبا خارجة، =
5893 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي القاضي، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا رَوح بن عُبادة، حدثنا أبو عامر الخَزّاز، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المُسيّب، قال: شهدتُ جِنازةَ زيد بن ثابت، فلما دُفِن في قبره، وذَكَرَ الحديثَ
(1)
.
5894 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العدل، حدثنا أبو المُثنَّى ومحمد بن أيوب، قالا: حدثنا مُسدَّد، حدثنا عبد الوهاب الثَّقَفي، حدثنا خالدٌ الحَذّاء، عن أبي قِلابة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرحَمُ أُمَّتي بأُمَّتي أبو بكر، وأشدُّهم في أمرِ الله عمرُ، وأصدَقُهم حَياءً عثمانُ، وأقرؤُهم لكتاب الله أُبيُّ بن كعب، وأَفَرَضُهم زيدُ
= ما بال الرمح هذه الساعة؟! قال: كنت أطلُبُ هذه الدابّة الخبيثة التي يكتب الله بقتلها الحسنة، ويمحو بها السيئة، وهي الوَزَغ.
وقد أخرج هذه القصة دون ذكر تكنية زيد بن ثابت: ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/ 401 عن حيى بن سعيد القطان به.
(1)
خبر صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن جُدعان - لكن قد صحَّت القصة التي طوى المُصنِّفُ ذكرها هنا من وجه آخر سيأتي برقم (5901) عن عمار بن أبي عمار، قال: لما مات زيد بن ثابت جلسنا مع ابن عباس في ظل قصر، فقال: هكذا ذهاب العلم، لقد دُفن اليوم علمٌ كثيرٌ.
أبو عبد الله محمد بن علي: هو محمد بن أحمد بن علي بن مخلد الجوهري، وقد روى له المصنف عدة أخبارٍ عن الحارث بن أبي أسامة نسبه في بعضها لجده كما وقع هنا. وأبو عامر الخَزّاز: هو صالح بن رُستُم.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4751) من طريق مالك بن سعد القيسي، عن روح بن عُبادة، بهذا الإسناد، وذكر القصة.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2905)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 334 من طريق أبي بحر عبد الرحمن بن عثمان البكراوي، عن أبي عامر الخزاز، به.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(862)، ومن طريقه ابن عساكر 19/ 335 من طريق سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد بن جُدعان، به.
وسيأتي برقم (5900) من طريق معمر بن راشد عن ابن جُدعان: أنَّ ابن عباس لما دفن زيد بن ثابت
…
لم يذكر سعيد بن المسيب.
ابن ثابت، وأعلَمُهم بالحلال والحرام مُعاذٌ، ألا وإنَّ
(1)
لكلِّ أُمّة أَمينًا، أَلا وإنَّ أمِينَ هذه الأمّةِ أبو عُبيدة بن الجَرّاح"
(2)
.
(1)
في (ز) و (ب): ألا إن، بحذف الواو.
(2)
إسناده صحيح، وقد تابع عبدَ الوهاب الثقفي - وهو ابن عبد المجيد - على وصلِه بطوله جماعةٌ من الثقات، فلا يضرُّه إرسالُ من أرسله. ولذلك قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" 2/ 408: هو صحيح من حديث أبي قلابة.
أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري، ومحمد بن أيوب: هو ابن يحيى بن الضُّريس الرازي، وخالد الحَذَّاء: هو ابن مِهْران، وأبو قِلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي.
وأخرجه ابن ماجه (154)، والترمذي (3791)، والنسائي (8229)، وابن حبان (7131) و (7137) و (7252) من طرق عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد 20/ (12904) من طريق سفيان الثوري، وأحمد 21/ (13990)، والنسائي (8185) من طريق وُهيب بن خالد، كلاهما عن خالد الحذَّاء، به.
وممّن رواه موصولًا بطوله أيضًا أبو شهاب عبد ربّه بن نافع الحَنّاط عند البلاذُري في "أنساب الأشراف" 6/ 105، وبشر بن المفضَّل عند أبي القاسم بن بشران في "سبعة مجالس من أماليه"(45)، كلاهما عن خالد الحذَّاء، به.
وخالفهم جماعةٌ آخرون فرووا الحديث المطوَّل مرسلًا خلا ذكر أبي عُبيدة فوصلوه. انظر "الفصل للوصل" للخطيب 2/ 676 - 687.
وأخرجه مختصرًا بذكر أبي عبيدة بن الجراح وحده: أحمد 19/ (12357) و 21/ (13563) والبخاري (4382) و (7255)، وابن حبان (7001) من طريق شعبة، وأحمد 20/ (12966)، ومسلم (2419) من طريق إسماعيل ابن عُليَّة، والبخاري (3744) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، والنسائي (8143) من طريق محمد بن أبي عَديّ ومن طريق بشْر بن المفضّل، خمستهم عن خالد الحذاء، به.
وأخرجه بطوله الترمذيُّ (3790) من طريق معمر، عن قتادة عن أنس بن مالك. وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفُه من حديث قتادة إلّا من هذا الوجه. قلنا: ليس في هذا الإسناد من يُنظر في حاله سوى شيخ الترمذي وهو سفيان بن وكيع فقد كان ضعيفًا، وقد خالفه عبد الرزاق كما في "جامع معمر"(20387) فرواه عن معمر عن قتادة مرسلًا. فهو المحفوظ في رواية معمر عن قتادة. =
هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، إنما اتِّفقا بإسناده هذا على ذكر أبي عُبيدة فقط، وقد ذكرتُ عِلّتَه في كتاب "التلخيص"
(1)
.
5895 -
أخبرني أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله التاجر، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا الأنصاريُّ محمد بن عبد الله بن المُثنَّى، حدثنا محمد بن عَمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عباس: أنه أخَذَ برِكَاب زيد بن ثابت، فقال له: تَنحَّ يا ابنَ عمِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إِنَّا هكذا نفعل بكُبَرائنا وعُلَمائنا
(2)
.
= وسيأتي نحوه عن ابن عمر برقم (6414) بسند ضعيف.
(1)
وأشار كذلك إلى إعلاله بالإرسال في "معرفة علوم الحديث" ص 114، وكأنه هنا يوضِّح أنَّ ما أُعِلَّ به ذلك الحديث ليس بعلّةٍ، ولذلك صحح إسناده.
(2)
خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسَل، وقد أوهم صنيع المصنّف هنا بقوله: عن ابن عباس
…
أنَّ أبا سلمة - وهو ابن عبد الرحمن بن عوف - سمع الخبر من ابن عباس، وسيكرر المصنف هذا الخبر سندًا ومتنًا برقم (8155)، لكنه يقول فيه هناك: عن أبي سلمة: أنَّ ابن عباس أخذ برِكاب زيد بن ثابت
…
وكذلك أخرجه البيهقي 6/ 211 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد، وهذا هو الصحيح في الخبر، وفاقًا لرواية سائر من خرَّجه هكذا على الإرسال، فقد ذكر ابن المديني أبا سلمة في جُملةِ جماعةٍ لا يثبت لهم لقاء زيد بن ثابت. لكن روي الخبَرُ من وجه آخر عن الشعبي بإسناد صحيح كما قال الحافظُ ابن حجر في "الإصابة" 2/ 594، ورُوي من وجوه أخرى أيضًا كما سيأتي.
محمد بن عمرو: هو ابن علقمة الليثي.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 2/ 310 و 5/ 310، ومن طريقه ابن الجوزي في "المنتظم" 5/ 215، وأخرجه ابن عساكر 19/ 325 من طريق محمد بن يحيى الذُّهلي، كلاهما (ابن سعد والذُّهلي) عن محمد بن عبد الله بن المثنَّى الأنصاري، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد 2/ 310 و 5/ 310، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 484 و 3/ 176، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(853)، وأبو بكر الدِّينَوَري في "المجالسة"(1314)، والطبراني في "الكبير"(4746)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2907)، وأبو العباس المستغفري في "فضائل القرآن"(383)، والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(93) و (670)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(307) و (308)، وفي ""الفقيه والمتفقه"=
صحيحُ الإسناد على شرط مسلم ولم يُخرجاه.
كان من حُكْم مناقب زيد بن ثابت أن أبدأَ فيه بحديثِ جَمْع القُرآن؛ فإنه له فيه مناقبُ كثيرةٌ، لكنّ الشيخين رضي الله عنهما قد اتَّفقا على إخراجِه
(1)
؛ فلذلك تَركتُه.
يُلحَقُ بفضائل زيد بن ثابت
(2)
5896 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيلُ بن إسحاقَ القاضي، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد قال: لما ماتَ زيدُ بن ثابت قال أبو هُريرة: ماتَ اليومَ حَبْرُ هذه الأمّةِ، ولعلَّ الله يجعلُ في ابن عباس منه خَلَفًا
(3)
.
5897 -
أخبرني محمد بن عبد الله الجَوهَري، أخبرنا محمد بن إسحاق الإمام، حدثنا أبو هاشم زياد بن أيوب، حدثنا عَبّاد بن العَوّام، حدثنا الشَّيباني، عن الشَّعْبيِّ،
= (854)، وابن عساكر 19/ 326 من طريق عامر بن شراحيل الشعبي، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 4/ 61 من طريق مجاهد بن جَبْر المكي، وأبو بكر ابن المقرئ في "الرخصة في تقبيل اليد"(30)، ومن طريقه ابن عساكر 19/ 326 من طريق عمار بن أبي عمار، ثلاثتهم يروون القصة.
وستأتي برقم (5899) من طريق عمرو بن دينار كذلك.
(1)
لم يتفق الشيخان على إخراج حديث جمع القرآن، إنما انفرد به البخاري (2807) و (4049) من حديث خارجة بن زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت بطرف من القصة، و (4679) و (4986) من حديث عبيد بن السبّاق عن زيد بن ثابت بالقصة بطولها.
(2)
هذا الملحق وقع في نسخنا الخطية بإثر مناقب الحباب بن المنذر بعد عشر صفحات، ومحلُّه اللائق به هنا، فلذلك قدَّمناه.
(3)
رجاله ثقات، لكنه مرسل، لأنَّ يحيى بن سعيد - وهو الأنصاري - لم يُدرك أبا هريرة، فَضْلًا عن أن يدرك يوم موت زيد بن ثابت.
وأخرجه ابن سعد 2/ 312 و 5/ 315، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(393) و (2043)، والطبراني في "الكبير"(4750)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2903)، والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(94)، وابن عساكر في 19/ 333 من طرق عن حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد الأنصاري.
قال: يؤخَذُ العِلمُ عن ستّة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان عمرُ وعبدُ الله وزيدٌ يُشبِهُ علمُهم بعضُهم بعضًا، فكان يَقتَبِسُ بعضُهم من بعضٍ، وكان عليٌّ وأُبَيٌّ والأشعريُّ يُشبِهُ عِلمُهم بعضُه بعضًا، ويَقتبِسُ بعضُهم من بعضٍ. قال: فقلت للشَّعبي: وكان الأشعريُّ إلى هؤلاء؟ قال: كان أحدَ الفُقهاء
(1)
.
5898 -
حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا أبو همّام، حدثنا ضَمْرةُ، قال: قال ابن شَوذَب وسمعتُه يذكُر قال: سمعتُ الصَّلتَ بن بَهْرَام ونحن في جِنازةٍ، فقال: حدّثني صاحبُ السَّرير أنه شَهِدَ جنازةَ زيد بن ثابت، فلما دُفِن وَقَعَ
(2)
ابن عباس على قبره وقال: هكذا ذَهابُ العِلم
(3)
.
(1)
رجاله ثقات، وقد تقدَّم نحو هذا الذي قاله الشَّعبي - وهو عامر بن شَراحيل - هنا عن مَسرُوق بن الأجْدع من رواية الشَّعبي أيضًا عنه برقم (5399)، ومسروقٌ لقي هؤلاء الستة المذكورين جميعًا، فالإسناد صحيح عن مسروق. الشَّيباني: هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سُليمان، ومحمد بن إسحاق الإمام: هو ابن خُزيمة.
وأخرجه أبو خيثمة زهير بن حرب في "العلم"(94)، ومن طريقه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(859)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 32/ 64، وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(3568)، والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(149)، وابن عساكر 32/ 64 - 65 من طريق أحمد بن حنبل، كلاهما (زهير بن حرب وأحمد بن حنبل) عن عَبَّاد بن العوّام، به.
وسيأتي بنحوه برقم (6072) من طريق أبي غسان عن عباد بن العَوّام.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 444 و 481، وابن عساكر 32/ 64 و 58/ 424 من طريق عبد الله بن إدريس، وابن عساكر 42/ 410 من طريق جرير بن عبد الحميد، كلاهما عن أبي إسحاق الشيباني. وفي بعض طرق عبد الله بن إدريس ذكرُ أبي الدرداء بدل أُبيّ بن كعب، ولفظ جرير: أنَّ عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت كان يُناظر بعضُهم بعضًا ويتعلم بعضُهم من بعض، وكان عليّ وأبيٌّ وأبو موسى يأخذ بعضهم عن بعض.
(2)
كذا في النسخ الخطية، والظاهر أنه تحريف عن: وقف.
(3)
صحيح، وهذا إسناد رجالُه لا بأس بهم، غير أن صاحب السَّرير الذي كان أخبر الصَّلتَ =
5899 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا أبو سعيد محمد بن شاذَانَ، حدثنا أبو هَمّام، حدثنا خالد بن حَيَّان، حدثنا علي بن عُروة الدمشقي، عن ابن جُرَيج، عن عمرو بن دينار: أنَّ ابنَ عباس وزيدَ بن ثابت شَهِدا جنازةً، فلما أرادَ زيدٌ أن يَركَب أخذ ابن عباس برِكَابِه، فقال: تَنَحَّ ابنَ أخي، فقال: لا
(1)
، هكذا يُصنَعُ بالعُلماءِ
(2)
.
5900 -
أخبرنا محمد بن المُؤمَّل بن الحسن، حدثنا الفَضْل بن محمد، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن علي بن زيد بن جُدْعانَ: أَنَّ ابنَ عباس لما دُفِنَ زيدُ بن ثابت حَثَا عليه التُّرابَ، ثم قال: هكذا يُدفَن العِلمُ
(3)
.
5901 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْلُ، أخبرنا علي بن عبد العزيز وأبو مُسلم،
= ابنَ بَهْرام بالخبر مُبهَمٌ لم يُبِّينه، وعلى كل حالٍ فسيأتي الخبر برقم (5901) من طريق أخرى بإسناد صحيح. أبو همام: هو الوليد بن شجاع السَّكُوني، وضَمْرة: هو ابن ربيعة الرَّمْلي، وابنُ شَوذَب: هو عبد الله.
(1)
حرف "لا" سقط من (ز) و (ب).
(2)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل علي بن عروة الدمشقي، فهو متروك وقد اتُّهم بوضع الحديث، على أنَّ القصة قد صحَّت بغير هذا الإسناد كما تقدم برقم (5895).
أبو همام: هو الوليد بن شُجاع السَّكُوني، وخالد بن حيان: هو الرَّقّي، وابن جُريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعمرو بن دينار: هو المكي، وهو لم يُدرك زيد بن ثابت.
(3)
خبر صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جُدعان، وقد أرسل الخبرَ هنا في رواية معمر - وهو ابن راشدٍ - عنه، ووصَلَه في رواية أبي عامر الخَزّاز التي تقدمت عند المصنف برقم (5893)، حيث رواه ابن جُدعان عن سعيد بن المسيّب قال: شهدتُ جنازة زيد بن ثابت
…
وهو في "مصنف عبد الرزاق"(6479)، ومن طريقه أخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(3193).
وهو أيضًا في "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (1873).
وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 485، ومن طريقه البيهقي 3/ 410، وابن عساكر 19/ 335 من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، به.
أنَّ حَجّاج بن مِنْهال حدَّثَهم، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن عمّار بن أبي عمّار، قال: لما مات زيدُ بن ثابت جَلَسْنا مع ابن عباس في ظِلِّ قَصْر، فقال: هكذا ذَهابُ العِلمِ، لقد دفن اليومَ عِلمٌ كثيرٌ
(1)
.
ذكرُ مناقب يَعلَى ابن مُنْيةَ رضي الله عنه
-
5902 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، قال: ومن حُلَفاء بني نَوفَل بن عبد مَناف: يعلى بن مُنْيةَ، ومُنْيةُ أمُّه، وهي مُنْيةُ بنتُ غَزْوان بن جابر من بني مازن وأبوه أُميّة بن أبي عُبيد بن هَمّام بن الحارث بن بَكْر
(2)
.
5903 -
سمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدُّوْرِي يقول: سمعت يحيى بن مَعِين يقول: يَعلَى أميّةُ، أبُوه، ومُنْيةُ أمُّه
(3)
.
(1)
إسناده صحيح علي بن عبد العزيز: هو البَغَوي، وأبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله الكَجِّي.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن"(95)، ومن طريقه ابن عساكر 19/ 334 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 312 و 5/ 315، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 485، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(843)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 211، وابن عساكر 19/ 334 من طُرق عن حماد بن سلمة، به.
(2)
كذا قال مصعب بن عبد الله الزبيري وخالفه ابن أخيه الزبير بن بكار فيما رواه عنه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 4/ 2119 فجعل مُنية بنت الحارث بن جابر - وليس مُنية بنت غزوان بن جابر - جدة يَعْلى بن أُمية أمَّ أبيه!
لكن قال الدارقطني متعقّبًا قولَه هذا: أصحاب الحديث يقولون في يعلى بن أُميَّة: إنه يعلى بن مُنْية، وأنها أمُّه. قال: ويقول أصحاب الحديث وأصحاب التاريخ: إنَّ مُنْية بنت غزوان أخت عتبة بن غزوان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الدارقطني: وقال الطبري: يعلى بن أمية بن أبيّ بن عُبيدة، وأمه مُنية بنت جابر عمة عتبة ابن غزوان. قلنا: وكذلك سمى ابن سعد 6/ 47 أمَّ يعلى، وقال أيضًا: وهي عمةُ عُتبة بن غزوان بن جابر.
(3)
وهو في "تاريخ الدوري"(132).
5904 -
حدثني أبو بكر محمد بن عبد الله الشَّيْباني يقول: سمعت أبا حاتم السُّلَمي يقول: سمعتُ مُسلمَ بن الحَجَّاج يقول: أبو المُرازِم يعلى بن أُميّة الثّقَفي، له صُحبةٌ
(1)
.
خالف مسلمٌ يحيى بن مَعِين في هذا:
5904 م - فإني سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العبّاس يقول: سمعتُ يحيى يقول: كُنية يعلى بن مُرّة الثَّقَفي أبو المُرازِم
(2)
.
وقد روى عن يعلى بن مُنْيَة ثلاثةٌ من ولَدِه: صفوانُ وعثمانُ وعبدُ الرحمن.
5905 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْلُ، حدثنا عُبيد بن شَريك، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عُقَيل، عن ابن شِهاب، قال: أخبرني عمرُ بن عبد الرحمن بن يعلى بن أُميّة، أنَّ أباه أخبَره، أنَّ يَعلى قال: كلَّمتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في أبي أُميّةَ يومَ الفتح فقلتُ: يا رسول الله، بايعْ أبي على الهِجْرة، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أُبايِعُه على الجهاد؛ فقد انقَطَعتِ الهِجْرةُ"
(3)
.
(1)
وهو في "الكنى والأسماء" لمسلم (3338). وأبو حاتم السُّلمي هو مكيُّ بن عَبْدان النيسابوري، وقد نسبه المصنِّف سُلميًّا وكذلك شيخُه أبو أحمد الحاكم في "الأسامي والكنى" في ترجمة أبي إسحاق إبراهيم بن الحارث البغدادي 1/ 177، وكذلك نسبَه ابن مَنْده في "فتح الباب في الكنى والألقاب" في ترجمة المذكور (158).
مع أنَّ المصنف ذكره في "تاريخ نيسابور" كما في "مختصره"(1514) فنسبه تميميًا، وهذا هو المشهور في نسبته، وهو ما نسبه به غير واحدٍ من الحفاظ الذين رووا عنه كُتب الإمام مسلم.
وكذلك جاءت نسبته في الكتب التي تُرجم له فيها.
(2)
وهو في "تاريخ الدُّوري"(4).
(3)
حديث جيد بطرقه، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل عمرو بن عبد الرحمن - وهو ابن أميَّة، ابن أخي يعلى بن أُميَّة، كما جاء مقيدًا في بعض أسانيد هذا الخبر، وليس هو حفيدَ يعلى بن أُميَّة، والصواب في اسمه عمر و بواو، لا عُمر - فهو تابعيٌّ ذكره ابن حبان في "الثقات"، وخرَّج حديثه في "صحيحه"، وأبوه عبد الرحمن بن أُميَّة إن لم يكن صحابيًا فهو تابعي كبير مخضرم، له رواية عن عمر بن الخطاب، وقد ذكره ابن فتحون في الصحابة كما قال الحافظ ابن حجر في =
5906 -
أخبرني محمد بن المُؤمَّل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا أحمد بن حَنْبل، حدثنا رَوْح بن عُبادة، حدثنا زكريا بن إسحاق، حدثنا عمرو بن دينار، قال: أولُ من أرَّخَ الكُتبَ يعلى بنُ أميّة وهو باليمن، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المدينةَ في شهر ربيع الأول، وإنَّ الناسَ أَرَّخُوا لأولِ السَّنة، وإنما أرَّخ الناسُ لمَقدَم النبيِّ صلى الله عليه وسلم
(1)
.
= "الإصابة" 4/ 288، قال ابن حجر: قدّمنا غير مرةٍ أنَّ مَن أدرك النبيَّ صلى الله عليه وسلم وبقي بعده، وكان قرشيًا أو حليفًا لهم فقد شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع. وقد روي هذا الحديث من طريقين أُخريين.
يحيى بن أيوب: هو الغافقي، وعُقيل: هو ابن خالد الأَيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه أحمد 29/ (17958) عن حجاج بن محمد المِصِّيصي، والنسائي (7743) و (8642) من طريق شعيب بن الليث بن سعد، كلاهما عن الليث بن سعد، عن عُقيل بن خالد، عن ابن شهاب الزهري، عن عمرو بن عبد الرحمن بن أمية، عن أبيه، عن أخيه يعلى بن أميّة.
وأخرجه أحمد (17962)، والنسائي (7734) و (8652)، وابن حبان (4864) من طريق عمرو بن الحارث المصري، وأحمد (17963) من طريق فُليح بن سليمان، كلاهما عن ابن شهاب الزهري، عن عمرو بن عبد الرحمن بن أميّة ابن أخي يعلى بن أميّة (هكذا قيَّده عمرو بن الحارث) عن أبيه، عن أخيه يعلى.
وله طريق أخرى عند ابن أبي شيبة 14/ 499، وأبي القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(2172)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(2621)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 319 عن أم يحيى بنت يعلى، عن أبيها، لكن لفظ المرفوع فيه:"لا هجرة بعد الفتح، لكن جهاد ونيّةٌ". وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.
وله طريق أخرى عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1172) عن مجاهد، قال: أتى يعلى بن أميّة بأبيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ورجاله ثقات لكنه ظاهر الإرسال، ولفظ المرفوع فيه كلفظ حديث أم يحيى.
(1)
رجاله ثقات لكنه مرِسَلٌ، لأنَّ عمرو بن دينار - وهو المكي لم يدرك يعلى بن أميّة كما نبَّه عليه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 11/ 512، وروايته عنه هنا ظاهرة الإرسال.=
ذكرُ مناقب سَلَمة بن أُميَّة، أخي يَعلى بن أُميّة رضي الله عنهما
5907 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، حدثني عطاء بن أبي رَبَاح، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان، عن عَمَّيه يعلى وسَلَمة ابنيّ أُميّة، قالا: خَرَجْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تَبوكَ ومعنا صاحبٌ لنا، فقاتَلَه رجلٌ فعضَّ ذِراعَه، فاجتذَبَها من فيه، [فسقَطَتْ ثَنِيَّتاهُ]
(1)
فذهب إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يَلتمِسُ العَقْلَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ينطلقُ أحدُكم إلى أخيه فيَعَضُّه كعَضِيض الفَحْل، ثم يأتي بعدَ ذلك يلتمِسُ العَقْلَ؟! انطَلِقُ، فلا عَقْلَ لك"، فأبطَلَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
= وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين الدمشقي 5/ 379 عن سلمة بن شبيب، والطبري في "تاريخه" 2/ 390 عن أحمد بن ثابت الرازي، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 40 من طريق حنبل بن إسحاق، ثلاثتهم عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(1377) عن أحمد بن حنبل، به. دون ذكر تأريخ يعلى بن أمية وهو باليمن.
(1)
ما بين المعقوفين سقط من نسخنا الخطية، وهو ثابت في سائر روايات الحديث.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسنٌ من أجل ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار المُطَّلبي مولاهم. لكنه وهمَ في تسمية صفوان شيخ عطاء، إذ سمّاه صفوان بن عبد الله بن صفوان، وقد أشار إليه البخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 72 بقوله: يخالَف فيه، ونبَّه عليه أيضًا الطحاويُّ في "شرح المشكل" بإثر الحديث (1295) مبيِّنًا إياه بقوله: هذا من الخطأ غير مُشكلٍ، لأنَّ صفوان بن عبد الله بن صفوان رجل من قريش من بني جُمح، ويعلى صاحبُ هذا الحديث فليس من قريش من أنفُسها، وإنما هو حليفٌ لها
…
قلنا: ووجه المخالفة التي عناها البخاري هو أنَّ غير واحدٍ روى هذا الحديث عن عطاء بن أبي رباح فقالوا فيه عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه، قال المزي في "تهذيب الكمال" 11/ 266: هو المحفوظ.
وأخرجه أحمد 29/ (17953) من طريق إبراهيم بن سعد، وابن ماجه (2656) من طريق عبد الرحيم بن سليمان، والنسائي (6941) من طريق أحمد بن خالد الوَهْبي، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.=
ذكرُ مناقب معاذ بن عَمرو بن الجَمُوح رضي الله عنه
-
5908 -
حدثنا أبو بكر بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبَيري قال: ومن بني جُشَم بن الخَزْرج، ثم من بني سَلَمة بن سعد بن سارِدةَ بن تَزِيدَ بن جُشَمَ: معاذٌ ومُعوذٌ وخلّادٌ بنو عَمرو بن الجَمُوح بن زيد بن حَرَام بن كعب، وشَهِدَ بدرًا، وقَتَلَ أبا جَهْل، وقَطَع
(1)
عِكرمةُ بن أبي جهل يدَه، فعاشَ إلى زمن عثمان، وأمُّه هندُ بنت عَمرو بن ثَعْلبة بن حَرَام، وعمُّه جابر بن عبد الله الأنصاري، عَقَبيٌّ بَدْري
(2)
.
= وأخرجه أحمد (17949) و (17966)، والبخاري (2265) و (2973) و (4417) و (6893)، ومسلم (1674)، وأبو داود (4584)، والنسائي (6943 - 6945)، وابن حبان (5997) من طريق ابن جُريج، وأحمد (17954) من طريق قتادة بن دِعامة، والبخاري (1848)، ومسلم (1674)، وابن حبان (6000) من طريق همام بن يحيى، ومسلم (1674)، والنسائي (6947) من طريق بُديل مَيْسرة، أربعتهم عن عطاء بن أبي رباح، به عن صفوان بن يعلى بن أمية، به.
والعَقْل: الدِّيَة، وأُرُوش الجِنايات أيضًا، أي: بَدَل إتلاف ما دون النفسِ.
(1)
في نسخنا الخطية: وقتل، وهو خطأ، ويجوز أن تكون تحرَّفت عن "فَلَّ" أي: كَسَرَ، والله أعلم.
والمثبت من "تلخيص الذهبي" و من نسخة المحمودية كما في طبعة الميمان.
(2)
قد رُويت قصة إصابة معاذ بن عمرو بن الجَمُوج لأبي جهل عن ابن عباس عن معاذ نفسه بسند حسنٍ عند ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 1/ 634، لكن فيه أنَّ معاذًا ضربه على قَدَمه فقَطَعَها، لا أنه هو الذي قتله.
لكن جاء في "صحيح البخاري"(3141)، و "صحيح مسلم" (1752) عن عبد الرحمن بن عوف: أنَّ معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عَفْراء ابتدرا أبا جهل بسيفيهما، فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبراه، فقال:"أيكما قتله؟ " قال كل واحدٍ منهما: أنا قتلتُه، فقال:"هل مسحتُما سيفيكُما؟ " قالا: لا، فنظر في السيفين، فقال:"كِلاكُما قَتَلَه، سَلَبُه لمعاذ بن عمرو بن الجَمُوح". ونقل ابن حجر في "الفتح" 9/ 454 عن الإسماعيلي قوله: أحدهما سَبَقَ بالضرب، فصار في حُكم المُثبِت لجراحِه حتى وقعت به ضربة الثاني، فاشتركا في القتل، إلّا أنَّ أحدهما قتلَه وهو ممتنِعٌ والآخر قَتلَه وهو مُثبتٌ، ولذلك قضى بالسَّلَب للسابق إلى إثخانه.
5909 -
أخبرنا أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا موسى بن زكريا، حدثنا خليفة بن خيّاط، قال: ومعاذ بن عمرو بن الجَمُوح أصابتْه نَكْبةٌ يوم بدرٍ، فبقي عَلِيلًا إلى عهد عثمان، ثم توفي بالمدينة سنة أربعٍ وعشرين
(1)
، وصلَّى عليه عثمان بن عفّان، ودُفن بالبَقِيع.
5910 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهيعة، حدثني أبو الأسوَد، عن عُرْوة بن الزُّبَير، في تَسمية الذين بايَعُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بالعَقَبة من بني حَرَام بن كعب: ومعاذُ بن عمرو بن الجَمُوح
(2)
.
5911 -
حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن شاذان وأحمد بن سَلَمة، قالا: حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نِعمَ الرجلُ مُعاذُ بن عمرو بن الجَمُوح"
(3)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
5912 -
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي.
(1)
في (ز) و (ب): أربع عشرة، وهو خطأ صريحٌ، لذلك ضبب في (ز) فوقها، والمثبت على الصواب من (ص) و (م).
(2)
وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 2/ 454 من طريق يعقوب بن سفيان، عن حسان بن عبد الله، عن ابن لَهِيعة به. فذكر طرفًا من بيعة العقبة الثانية، ثم قال: ثم ذكر أسماء الذين بايعوه. هكذا طوى ذكرهم، وأحال على رواية ابن إسحاق التي ذكر فيها في المبايعين معاذ بن عمرو بن الجَمُوح 2/ 456.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن محمد: وهو الدَّراوردي. أحمد بن سلمة هو النيسابوري.
وأخرجه أحمد 15/ (9431)، والترمذي (3795) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسنٌ.
وقد تقدَّم برقم (5102) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم عن سُهيل.
وحدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل - واللفظُ له - حدثنا أبو المُثنّى العَنْبري؛ قالا: حدثنا مُسدَّد، حدثنا يوسف بن الماجِشُون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عَوْف، عن أبيه، عن جده، قال: بينما أنا واقفٌ في الصفّ يومَ بدر، فنظرتُ عن يميني وشِمالي، فإذا أنا بين غُلامين من الأنصار حديثةٌ أسنانُهما، تَمنَّيتُ أن أكونَ بين أَضْلَعَ منهما، فغَمَزَني أحدهما، فقال: يا عَمّاهُ، هل تَعرفُ أبا جَهْل؟ قلت: نعم، وما حاجتُك إليه يا ابن أخي؟ قال: أُخبرتُ أنه يسُبُّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيدِه، لئن رأيتُه لا يُفارِقُ سَوادِي سَوادَه حتى يموت الأعجلُ منا، وتعجبَّتُ لذلك، فغَمَزَنِي الآخرُ فقال لي مثلَها، فلم أنشَبْ أن نظرتُ إلى أبي جهل يَدُور في الناس، فقلتُ لهما: ألا إِنَّ هذا صاحبُكما الذي تَسألانِ عنه، فابتدَراهُ بسَيفَيهما فضرباه حتى قَتَلاهُ، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبراه، فقال:"أَيُّكما قَتلَه؟ " فقال كل واحد منهما: أنا قتلتُه، فقال:"هل مَسحتُما سَيفَيكُما؟ " قالا: لا، فنظر في السَّيفَين، فقال:"كِلاكُما قتلَه"، فقَضَى بسَلَبِه لمعاذ بن عمرو بن الجَمُوح، وكانا معاذَ بنَ عَفْراء ومعاذَ بن عَمرو بن الجموح
(1)
.
(1)
إسناده صحيح أبو المثنَّى: هو معاذ بن المُثنَّى، ويوسف بن الماجِشون: هو يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة.
وأخرجه البخاري (3141) عن مسدَّد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/ (1673)، وأخرجه مسلم (1752) وابن حبان (4840) من طريق يحيى بن يحيى التميمي، كلاهما (أحمد بن حنبل ويحيى التميمي) عن يوسف بن الماجشون، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري مختصرًا (3988) من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده، عن عبد الرحمن بن عوف.
قوله: بين أَضْلَعَ، أي: بين أقوى وأشدَّ.
وقوله: سَوادي، أي: شخصي.
والأعجل: الأقربُ أجلًا. وهي كلمة معروفة يُتمثَّل بها في التجلُّد على الشيء والصبر عليه.=
فأما أخُوه خَلّاد بن عَمرو بن الجَمُوح:
5913 -
فأخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهيعة، حدثني أبو الأسود، عن عُروة: أنَّ خَلّاد بن عَمرو بن الجَمُوح قُتِل بأحُدٍ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
ذكرُ مناقب عُمير بن الحُمَام بن الجَمُوح رضي الله عنه
-
5914 -
أخبرنا أبو جعفر، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثني أبو الأسود، عن عُروة: أنَّ عُمير بن الحُمَام من بني سَلِمةَ، ثم من بني حَرَام بن كعب بن غَنْم بن سَلِمة، ممَّن شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5915 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوْرِيّ، حدثنا أبو النَّضْر، حدثنا سليمان بن المُغيرة، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ بدر: "قوموا إلى جَنَّةٍ عَرضُها السماواتُ والأرضُ" قال: يقول عُمير بن الحُمَام الأنصاري: يا رسول الله، عرضُها السماواتُ والأرضُ، بَخٍ بَخٍ، لا واللهِ يا رسولَ الله، لا بُدّ أن أكُونَ من أهلِها؟ قال:"فإنك من أهلها"، فأخرجَ تُميراتٍ فجعل يأكُل، ثم قال: لَئِن حَيِيتُ حتى أكُلَ تَمَراتي إنها لحياةٌ طويلةٌ، قال: فرَمَى بما كان معه من التمر، ثم قاتَلَهم حتى قُتِل
(1)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!
ذكرُ مناقب خِرَاش بن الصِّمَّة بن عَمرو بن الجَمُوح رضي الله عنه
-
5916 -
حدثنا أبو العباس أحمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدثنا
= وأنْشَبُ، معناه: ألبث.
والسَّلَب ما يؤخذ من القتيل ممّا يكون معه من سلاح وثياب ودابّة وغيرها.
(1)
إسناده صحيح. أبو النَّضْر: هو هاشم بن القاسم البغدادي، وثابت: هو ابن أسلم البُناني.
وأخرجه أحمد 19/ (12398)، ومسلم (1901) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، في تسمية من شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني جُشَم بن الخَزْرج: خِرَاش بن الصِّمَّةَ بن عمرو بن الجموح
(1)
.
ذكرُ مناقب الحُبَاب بن المُنذِر بن الجَمُوح رضي الله عنه
-
5917 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُروة، فيمن شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني حَرَام بن كَعْب: الحُبَابُ بن المُنذِر بن الجَمُوح بن زيد بن حَرَام
(2)
.
5918 -
حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المُزكِّي رضي الله عنه، حدثنا أبو العباس بن سعيد الحافظُ، حدثنا يعقوبُ بن يوسفَ بن زياد، حدثنا أبو حفصٍ الأَعشَى، أخبرني بَسّامٌ الصيرفي، عن أبي الطُّفيل الكِناني، أخبرني حُباب بن المُنذِر الأنصاري، قال: أشَرتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ بدرٍ بخَصْلَتَين، فقَبِلَهما منّي، خرجتُ مع رسول الله له في غَزاة بدر، فعَسْكَر خلفَ الماءِ، فقلتُ: يا رسول الله، أبوَحْيٍ فعلتَ أو برأيٍ؟ قال:"برأيٍ يا حُبابُ" قلتُ: فإنَّ الرأي أن تجعلَ الماءَ خَلْفَكَ، فإن لجأَتَ لجأتَ إليه، فقَبِلَ ذلك منّي
(3)
.
(1)
وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 696.
(2)
وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 3/ 119 - 120 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 31 - 35، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 436 من طريق يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني يزيد بن رُومان، عن عروة بن الزبير. فذكر طرفًا من قصة بدرٍ، وفيها مشورةُ الحباب بن المنذر على النبي صلى الله عليه وسلم بتغيير موقع معسكر المسلمين يومئذٍ.
وروى قصة مشورته يوم بدر أيضًا أبو داود في "المراسيل"(318) من مرسل يحيى بن سعيد الأنصاري.
ورواها أيضًا البيهقي في "الدلائل" 3/ 101 - 119 من مرسل موسى بن عقبة.
(3)
إسناده واهٍ من أجل أبي حفص الأعشى - وهو عمرو بن خالد - فهو متروك الحديث، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات، والراوي عنه يعقوب بن يوسف لا يُعرف. وقال =
5919 -
فحدثني أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، حدثنا ابن أبي حَبيبة، عن داود بن الحُصين، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال: نزل جبريلُ عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الرأيُ ما أشارَ إليه الحُبَاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا حُبَابُ، أَشَرْتَ بالرأيِ"
(1)
5920 -
حدثني أبو إسحاق المُزكِّي، حدثنا أبو العباس بن سعيد الحافظ، حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد الضَّبيِّ، حدثنا أبو حفص الأعشى، حدثنا بَسّام الصَّيْرَفي، عن أبي الطُّفيل الكِنَاني عن حُباب بن المنذر، قال: ونزل جبريلُ عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم فقال: أيُّ الأمرين أحبُّ إليك: تكونُ في دُنياك مع أصحابِك، أو تَرِدُ على ربِّك فيما وَعَدَك من جناتِ النَّعِيم؛ من الحُورِ العِين والنَّعيم المُقِيم، وما اسْتَهَتْ نفسُك، وما قَرّت به عَينُك؟ فاستشارَ أصحابَه، فقالوا: يا رسول الله، تكون معنا أحبُّ إلينا، وتُخبِرُنا بعَوْراتِ عَدوّنِا، وتَدعُو الله لينصُرَنا عليهم، وتُخبِرُنا من خَبرِ السماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما لكَ لا تَتكلّمُ يا حُبَابُ؟ " فقلت: يا رسول الله، اختَرْ حيثُ اختارَ لك ربُّك، فقَبِل ذلك مِنّي
(2)
.
5921 -
حدثنا الشيخ الإمام أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المُثنَّى، حدثنا عبد الله
= الذهبي في "تلخيصه": حديث منكرٌ وسندُه. يعني وسنده منكر كذلك.
يغني عنه في شأن مشورة الحباب ما تقدم من المراسيل عند تخريج سابقه، ولا بأس بها.
أبو الطُّفيل الكناني: هو عامر بن واثلة، له رُؤية.
وهذا الحديث والحديث الآتي برقم (5920) حديثٌ واحدٌ فرَّقهما المصنِّف.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا، ابن أبي حَبيبة - واسمه إبراهيم بن إسماعيل - مختلف فيه وهو إلى الضعف أقربُ، وقد انفرد بهذا الحديث، وانفرد عنه محمد بن عمر - وهو الواقدي - وهو من بابته.
وهو في "مغازي الواقدي" 1/ 54. وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 525 عن محمد بن عمر الواقدي، به.
(2)
إسناده واهٍ كما تقدَّم برقم (5918)، وأنكر الذهبي في "تلخيصه" هذا الحديثَ وإسنادَه.
ابن محمد بن أسماء، حدثنا جُوَيريَةُ، عن مالك، عن الزُّهْري، سمع سعيدَ بن المسيّب يَزعُم: أنَّ الذي قال يومَ السَّقِيفة: أنا جُذَيلُها المُحَكَّكُ، رجلٌ من بني سَلِمةَ يقال له: الحُبَاب بن المُنذِر
(1)
.
ذكرُ مناقب صَفْوانَ بن أُمَيَّة الجُمَحيِّ رضي الله عنه
-
5922 -
أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر بن إسحاق، حدثنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: وماتَ أبو أُهَيبٍ صفوانُ بن أُميَّة بن خَلَفَ بن وَهْب بن حُذَافَةَ بن جُمَحَ، وكان إسلامُه عند الفتح، مات سنة ثلاثٍ وأربعينَ
(2)
.
(1)
خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل، غير أنه من مراسيل سعيد بن المسيب، ومراسيله عند أهل العلم أصحُّ المراسيل.
وقد روى عبد الرزاق (9758) عن معمر بن راشد عن الزهري: أنَّ عروة بن الزبير حدَّثه بذلك أيضًا.
وذكر ابن منده في "معرفة الصحابة" 1/ 398، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2254) أنَّ سليمان بن بلال أسنده عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. قلنا: هو عند البخاري (3668) بذكر بعض قول الحباب بن المنذر يوم السقيفة، لكن ليس فيه العبارة التي ذكرها ابن المسيّب عنه.
وقد جاء ذكره أيضًا في بعض طرق حديث السقيفة الطويل الذي يرويه ابن عباس عن عمر بن الخطاب، ولكن تسميته في حديث عُمر هذا إدراجٌ كما نبَّه عليه ابن حجر في "فتح الباري" 21/ 606، والمحفوظ أَنَّ عمر قال في حديثه (كما في رواية البخاري: 6830): فقال رجل من الأنصار، هكذا لم يُسمِّه.
(2)
كذا ذكر ابن نمير كنية صفوان أبا أُهيب، بينما كناه غيره أبا وهب كأبي اليقظان فيما نقله عنه خليفة في "الطبقات" ص 24، وابن سعد في "الطبقات" 8/ 10، وأحمد بن حنبل في "الأسامي والكنى"(353)، والبخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 304، ومسلم في "الكنى والأسماء"(3484) وغيرهم.
وقيل: يُكنى أبا أميَّة، كما جاء في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم ناداه بأبي أمية، كما في "مغازي الواقدي" 1/ 125، و"سيرة ابن هشام" 2/ 440.
واختُلف في سَنَة وفاة صفوان بن أميّة، فقيل: إنَّ وفاته كانت سنة إحدى وأربعين، قاله الهيثم =
ذكرُ مناقب عُثمان بن طَلْحة بن أبي طَلْحة رضي الله عنه
-
5923 -
حدثني أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا موسى بن زكريا التُّستَري، حدثنا خَليفة بن خَيّاط، قال: عثمان بن طلحة بن بن أبي طلحة بن عبد العُزَّى بن عثمان بن عبد الدار، وأمُّه بنت سَعْد
(1)
بن شُهَيد
(2)
من بني عَمرو بن عوف من أهل قُباءٍ، وكان إسلامُه وإسلامُ عمرو بن العاص وخالد بن الوليد في وقتٍ واحد، وتُوفي بمكةَ سنة ثِنتين
(3)
وأربعينَ.
5924 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبَيري قال: ومن بني عبد الدار بن قُصَيّ؛ فذَكَر هذا النَّسَب، وأمه سُلَافة بنت سعْد
(4)
من بني عَمرو بن عَوف من أهل قُباءٍ، وكان
= ابن عدي كما في "مولد العلماء ووفياتهم" لابن زَبْر الرَّبَعي 1/ 137، وقيل: مات سنة اثنتين وأربعين، وهو الأكثر، قاله خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 205، وابن حبان في "الثقات" 3/ 191، وابن عبد البر في "الاستيعاب" ص 344 وغيرهم.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: سعيد، والتصويب من كتب الأنساب والتاريخ والتراجم، انظر "سيرة ابن هشام" 2/ 62 و 171، و "طبقات ابن سعد" 2/ 52 و 5/ 15، و "نسب قريش" لمصعب الزبيري ص 252، وغيرهم.
(2)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى سمية، وفي (ص) و (م) إلى حمنة، والتصويب من كتب المشتبه وكتب الأنساب والتراجم. انظر "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 3/ 1427 و "الإكمال" لابن ماكولا 5/ 90، وغيرها.
(3)
وقع في نُسخنا الخطية: ثلاث، وهو خطأ، والمثبت على الصواب كما كان في (ز) ثم ضرب عليها الناسخُ مع أنها هي الصواب الموافق لما في "طبقات خليفة" ص 14.
(4)
وقع اسم أم عثمان بن طلحة في نسخنا الخطية: أم سلامة بنت سعيد، هكذا بزيادة أداة الكنية، وبالميم من سلامة، وبزيادة الياء في اسم أبيها، وفي هذا خطأٌ وتحريفٌ صوَّبناه من "نسب قريش" لمصعب الزبيري ص 252، وفاقًا لسائر مصادر النسب والتراجم والتاريخ. انظر "مغازي الواقدي" 1/ 202 و 228 و 356، و "سيرة ابن هشام" 1/ 525 و 2/ 62، و"طبقات ابن سعد" 2/ 52 و 3/ 428.
إسلامُه قبلَ الفتحِ مع إسلام عَمرو بن العاص وخالد بن الوليد، وقَدِمَ المدينةَ في صَفَر سنة ثمانٍ من الهجرة، ومات بمكة سنة اثنتين وأربعين حين قام معاوية.
5925 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرنا يونس، عن الزُّهري، عن سالم، عن أبيه، قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دَخَل الكعبةَ هو وأسامةُ بنُ زيد وبلالٌ وعثمانُ بن طلحة، لم يَدخُلْها معهم أحدٌ، فأخبرني بلالٌ أنه سأل عثمانَ بنَ طلحةَ: أين صلَّى رسولُ الله؟ قال: بين العَمُودَين اليَمانِيَينِ
(1)
.
وقد روى شَيْبة بنُ عثمان عن عمِّه عثمانَ بن طلحة:
5926 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب من أصل كتابه، حدثنا بَكّار بن قُتيبة القاضي، حدثنا أبو المُطَرِّف بن أبي الوَزير، حدثنا موسى بن عبد الملك بن عُمير، عن أبيه، عن شَيْبة بن عثمانَ الحَجَبي، حدثني عمِّي عثمانُ بنُ طلحة: أنه سمع
(1)
إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأَيلي، وسالم هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وأخرجه مسلم (1329) عن حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. غير أنه قال في الحديث: فأخبرني بلالٌ أو عثمان بن طلحة، هكذا على الشَّكِّ، لا أنَّ بلالًا سأل عثمان بن طلحة كما وقع في رواية المصنِّف! قال القاضي عياض في "إكمال المُعلم" 4/ 424: وفي بعض النسخ: بلال وعثمان بن طلحة - يعني بالعطف قال: والمشهور انفراد بلال بالحديث بذلك.
وأخرجه أحمد 10/ (6019)، والبخاري (1598)، ومسلم (1329)، والنسائي (773) من طريق الليث بن سعد، عن ابن شهاب الزهري، به. غير أنه قال في روايته فلقيتُ بلالًا فسألتُه
…
هكذا دون شك في الذي حدَّث ابنَ عمر، وليس فيه أنَّ بلالًا سأل عثمان بن طلحة كما وقع في رواية المصنِّف.
وأخرج نحوه أحمد 8 / (4464) و (4891) و 9 / (5176) و 10/ (5927)، والبخاري (468)، ومسلم (1329)، وأبو داود (2023)، وابن ماجه (3063)، والنسائي (827)، وابن حبان (3202) من طريق نافع، وأحمد 39/ (23907)، والبخاري (1167)، والنسائي (3877) من طريق مجاهد، وأحمد 39/ (23885)، والنسائي (3876) من طريق عبد الله بن أبي مليكة، وأحمد 39/ (23906)، والترمذي (874) من طريق عمرو بن دينار، وأحمد 39/ (23909) من طريق سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، كلهم عن ابن عمر.
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ثلاثٌ يُصفِّين لك وُدَّ أَخِيكَ: تُسلِّمُ عليه إذا لَقِيتَه، وتُوسِّعُ له في المَجلِس، وتَدعُوه بأحبِّ أسمائه إليه"
(1)
.
أبو المُطرِّف محمد بن أبي الوَزِير مِن ثقات البَصرِيِّين وقُدمائِهم، لا أعلمُ أني عَلَوتُ له في حديث غيرِ هذا.
ذكرُ مناقب عبد الله بن مالك بن بُحَينة رضي الله عنه
-
5927 -
سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدُّوْري [يقول: سمعت يحيى بن مَعِين]
(2)
يقول: يُروى عن عبد الله بن مالك بن بُحَينةَ عن أبيه هكذا يَرويه عن إبراهيمُ بنث سعد، وهو خطأٌ، ليس يَروي أبوه عن
(1)
إسناده ضعيف لضعف موسى بن عبد الملك بن عُمير. قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل"(2279): هذا حديث منكر، وموسى ضعيف الحديث. أبو المطرف بن أبي الوزير: هو محمد بن عمر بن مُطرِّف. وعثمان بن طلحة ابن عم شيبة بن عثمان وليس عمَّه، وقد كان بعضهم يُطلق على ابن العَمّ عَمًّا إذا كان أكبر سِنًّا توقيرًا له.
وأخرجه البيهقي في "الشعب"(8397)، و "الآداب"(191) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو طاهر المخلِّص في "المُخلِّصيات"(2976)، وأبو عبد الله بن منده في "مجالس من الأمالي"(169)، وابن جُميع الصيداوي في "معجم شيوخه" ص 246 - 247، وتمّام الرازي في "فوائده"(374)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 13/ 387 و 38/ 376 - 377، وابن الأثير الجزري في "أُسد الغابة" 5/ 369، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 12/ 604 من طرق عن بكار بن قتيبة، به.
وأخرجه تمّام (375) من طريق محمد بن فراس الصَّيرفي، عن أبي المطرّف بن أبي الوزير، به.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3496) و (8369) من طريق إبراهيم بن أبي الوزير، عن موسى بن عبد الملك به.
وقد روي هذا من كلام عمر بن الخطاب موقوفًا عليه عند معمر في "جامعه"(19865)، وابن المبارك في "الزهد"(352) و (666)، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"(316)، والبيهقي في "الشعب"(8398). وهو الصواب.
(2)
سقط اسم يحيى بن معين من النسخ الخطية، واستدركناه من "تاريخ الدوري"(630) حيث نصَّ على أنه سمع يحيى بن معين يقول ذلك في ابن بُحينة.
النبيِّ صلى الله عليه وسلم، إنما عبدُ الله الذي رأى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وبُحَينةُ أمُّه.
5928 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مُصعب بن عبد الله، قال: ومن حُلَفائهم عبدُ الله بن مالك بن بُحَينة؟ وبَحَينةُ أمُّه، وهي بُحينة بنتُ الحارث بن المُطَّلب بن عبد مَنَاف، تَزوّجها مالكٌ وهو رجلٌ من أَزْدِ شَنُوءَةَ، حَليفٌ لبني المُطّلب، فوَلَدَت له عبد الله بن مالك، فكان يقال له: ابن بُحَينة.
لا نعرف لعبد الله بن مالك من التابعين راويًا غيرَ عبد الرحمن بن هُرمُز الأعرَج أبو محمد، أولُها حديثُ السَّهْو، وله طُرُق كثيرة، وكان صلى الله عليه وسلم إذا سَجَد جافَى عَضُدَيه عن جَنْبَيهِ، واحتَجَم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِلَحْيَي جَمَل
(1)
.
وقد روى أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين الباقِرُ رضي الله عنهم ومحمد بن عبد الرحمن بن ثَوْبَانَ عن عبد الله بن مالك بن بُحَينة.
أما حديثُ الباقِر رضي الله عنه:
(1)
أما حديث السهو فقد تقدَّم عند المصنف برقم (1219).
وأما حديث مجافاة العَضُدين فأخرجه أحمد 38/ (22925)، والبخاري (390)، ومسلم (495) من طريق جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، عن ابن بُحينة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلَّى فرَّج بين يديه حتى يبدوَ بياضُ إبْطَيه.
واللفظ الذي ذكره المصنف لهذا الخبر هو لفظ أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث عن بكر بن مضر، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، عن ابن بُحينة، أخرجه من طريقه الطبراني في "الأوسط"(3212)، والبيهقي 2/ 114.
وأما حديث الاحتجام بلَحْيي جمل، فأخرجه أحمد 38/ (22924)، والبخاري (1836)، ومسلم (1203)، وابن ماجه (3481)، والنسائي (3819)، وابن حبان (3953) من طريق سليمان بن بلال، عن علقمة بن أبي علقمة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن ابن بُحينة، قال: احتجمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلَحْيِ جمل من طريق مكة على وسط رأسه وهو محرم. وهذا لفظ الأكثرين: بلُحْي جمل، علي الإفراد، وهو موضع قريب من السُّقيا التي تعرف اليوم بأُم البِرَك شمال شرق رابغ على بعد 77 كم تقريبًا.
5929 -
فحدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن عبد الوهّاب، حدثنا خالد بن مَخْلَد القَطَوَاني، حدثنا سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن مالك ابن بُحَينة، قال: خَرَج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاةِ الصُّبح ومعه بلالٌ، فأقام الصلاةَ، فمَرَّ بي، وقال:"تُصلّي الصبحَ أربعًا؟! "
(1)
.
5930 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا أبو حُمَةَ، حدثنا أبو قُرّةَ، عن ابن جُريج وسفيانَ الثوريِّ، عن جعفر بن محمد، فذكَر الحديثَ بنحوه
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه اختُلف في وصله وإرساله عن جعفر بن محمد، فقد وصله سليمانُ بن بلال - ولم يروه عنه غير خالد بن مَخْلَد القَطَواني، وهو صدوق لكنه يُغرب - وابنُ جُريج كما في الطريق التالية، وسفيانُ بن عُيينة كما ذكر ابن أبي حاتم في "العلل"(425). وخالفهم غيرهم من حفاظ أصحاب جعفر بن محمد كسفيان الثوري ويحيى بن سعيد القطان وحفص بن غياث وحاتم بن إسماعيل وغيرهم. وقد خطّأ أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنُه في "العلل" وَصْلَ الحديث من طريق جعفر بن محمد، على أنه قد صحَّ من غير هذه الطريق موصولًا كما سيأتي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 252 عن حفص بن غياث، ومسدَّد في "مسنده" كما في "الإصابة" لابن حجر 1/ 26 عن يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرزاق (3995)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 21/ 482 من طريق سفيان الثوري، والخطيب في "موضّح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 183 من طريق حاتم بن إسماعيل، ومن طريق حماد بن عيسى الجُهني، خمستهم عن جعفر بن محمد، عن أبيه مرسلًا. وقد جاء في روايتهم وابنُ القِشْب يُصلي، والقِشْب هو جَدُّ عبد الله بن مالك بن بُحينة.
وأخرجه بنحوه أحمد 38/ (22921)، والبخاري (663)، ومسلم (711)، وابن ماجه (1153)، والنسائي (941) من طريق حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن عبد الله بن مالك بن بُحينة. لكن جاء في هذه الرواية مرّ النبي صلى الله عليه وسلم برجُلٍ. هكذا على إبهام صاحب القصة، وقد تبيّن لنا برواية جعفر بن محمد عن أبيه وبرواية محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان التالية أنه ابن بُحينة نفسه.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، وفي عطف سفيان الثوري على ابن جُريج =
وأما حديث محمد بن عبد الرحمن بن ثَوْبَانَ:
5931 -
فأخبرَناهُ أبو العباس محمد بن أحمد المَحبُوبي، أخبرنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا هشام، عن يحيى بن أبي كَثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثَوْبَانَ، عن عبد الله بن مالك بن بُحَينة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ به وهو مُنتَصِبٌ يُصلِّي بين يَدَي صلاةِ الصبحِ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا تَجْعَلُوا هذه الصلاةَ كالصلاةِ قبلَ الظُّهر وبعدَها، واجعَلُوا بينهم فَصْلًا
(1)
.
ذكرُ مناقب نافع بن عُتبة بن أبي وَقّاص رضي الله عنه
-
5932 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مُصعَب بن عبد الله الزُّبيري، قال: نافع بن عُتبة بن مالك بن أُهَيب
= - وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي - في هذا الإسناد وهمٌ، لأنه يُوهم أنَّ روايته موصولة كرواية ابن جريج الموصولة، مع أنَّ الثابت عن سفيان الثوري الإرسال كما سبق، والوهم هنا إما أن يكون من أبي حُمَة - وهو محمد بن يوسف الزَّبيدي - فقد قال ابن حبان في "الثقات" 9/ 104: ربما أخطأ وأغرب، أو من شيخه أبي قرّة - واسمه موسى بن طارق الزَّبيدي - فهو يُغرب، كما قال ابن حبّان أيضًا في "الثقات" 9/ 159، وربما كان من الحسن بن علي بن زياد - وهو السُّرِّي الرازي - فلم يؤثر فيه جرحٌ أو تعديلٌ، مع أنه روى عنه جمع من الثقات الحُفاظ.
وأخرجه أحمد 38/ (22934) عن محمد بن بكر البُرساني، عن ابن جُريج، أخبرني جعفر بن محمد، به.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3995)، وأخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" 2/ 482 من طريق الحسين بن حفص الهَمْداني، كلاهما (عبد الرزاق والحسين بن حفص) عن سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه مرسلًا.
(1)
رجاله ثقات، ولفظه غريب، وقد أشار البخاري في "تاريخه" 1/ 145 إلى أن رواية هشام - وهو الدستوائي - وشيبان - وهو ابن عبد الرحمن النَّحوي - عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان: أنَّ عبد الله بن مالك ابن بُحينة مرّ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهو يصلي
…
كأنه يعني أن هذه الرواية مرسلة.
وأخرجه أحمد 38/ (22927) من طريق معمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير به.
ابن عبد مَناف بن زُهْرة، وأمُّه كِنَانيَّةٌ، واسمُها زينبُ بنت جابر.
5933 -
حدَّثَناه أحمد بن يعقوب، حدثنا موسى بن زكريا، حدثنا خَليفةُ بن خَيّاط، قال: نافعُ بن عُتبة بن أبي وقَّاص، أمُّه زينب بنت خالد بن عُبيد بن سُوَيد بن جابر بن تَيْم بن عامر بن عوف بن الحارث بن عبد مَنَاة بن عَلِيّ بن كِنَانة، ويقال: أمُّه عاتِكةُ بنت عَوف أختُ عبد الرحمن بن عَوف
(1)
.
5934 -
حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عمر بن حفص، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا موسى بن عبد الملك بن عُمير، عن أبيه، عن جابر بن سَمُرَةَ، عن نافع بن عُتبة، قال: قَدِم ناسٌ من العَرب على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يُسلِّمون عليه، عليهم الصُّوفُ، فقُمتُ فقلتُ: لأحُولَنّ بين هؤلاءِ وبين رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قلتُ في نفسي: هو نَجِيُّ القَومِ، ثم أبَتْ نفْسي إلَّا أن أقومَ إليه، قال: فسمعته يقول: "تَغْزُون جَزِيرَةَ العَرَب فيَفتَحُها اللهُ، ثم تَغْزُون فارسَ فيَفتَحُها اللهُ، ثم تَغْزُونَ الدَّجّالَ فيَفتَحُه اللهُ"
(2)
.
ذكرُ مناقب عبد الرحمن بن أزهَرَ رضي الله عنه
-
5935 -
أخبرنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، قال: عبد الرحمن بن أَزْهَرَ بن عبد عَوف بن عبد
(1)
وهو في "الطبقات" لخليفة بن خيّاط ص 15.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف موسى بن عبد الملك بن عُمير، لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه عليه جماعةٌ منهم يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي فيما تقدَّم عند المصنف برقم (5795)، والمَسعُودي كما سيأتي برقم (8517)، وزادوا ذكر فتح الروم أيضًا. عمر بن حفص: هو السَّدوسيّ، وعاصم بن علي: هو ابن عاصم الواسطي.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(3691) عن عمر بن حفص السَّدُوسي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو القاسم بن بشران في "أماليه"(1640) من طريق الحسن بن مُكرَم، وأبو بكر بن فُورَك في "جزء فيه أحاديث ابن حَيَّان"(91) من طريق محمد بن يحيى بن سليمان المروزي، كلاهما عن عاصم بن علي الواسطي، به.
الحارث بن زُهْرة بن كِلَاب، ويُكنى أبا زُبَير، وأمُّه بُكَيرة بنت عبد يَزيدَ بن هاشم بن المُطَّلبِ بن عبد مَنَافٍ، شَهِدَ حُنينًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
5936 -
أخبرني أبو الحُسين عُبيد الله بن محمد البَلْخي ببغداد، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا نافع بن يزيد، حدثني جعفر بن ربيعة، عن عُبيد الله
(2)
بن عبد الرحمن بن السائب، أنَّ عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أزْهَر حدَّثَه عن أبيه عبد الرحمن بن أزْهَرَ، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنما مَثَلُ العَبدِ حين يُصيبُه الوَعْكُ والحُمَّى كَمَثَلِ حَديدةٍ أُدخِلَتِ النارَ، فيذهَبُ خَبَثُها ويَبقى طِيبُها"
(3)
.
ذكرُ مناقب عبدِ الله بن عَدِيّ بن الحَمْراء الثَّقَفِي رضي الله عنه
-
5937 -
حدَّثَنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاقَ، قال: وعَبد الله بن عَدِيّ بن الحَمْراء بن رَبيعة بن أبي عَمرو بن أُهيب بن عِلَاج بن عبد العُزَّى، وأمُّه بنت شَريق بن عمرو ابن أُهَيب أختُ الأخْنَس بن شَرِيق
(4)
.
(1)
ومثلُه قول ابن سعد في "الطبقات" 6/ 520 غير أنه ذكر أنه يكنى أبا جبير، وليس أبا زُبير، ولم يذكر شهودَ عبد الرحمن بن أزهر حُنينًا.
وثبت شهودُ عبد الرحمن بن أزهر حُنينًا في حديثه الذي أخرجه أحمد 31/ (19079) وأبو داود (4488)، والنسائي (5264): أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بشاربٍ يوم حُنين، وسيأتي عند المصنف برقم (8329)، وهو حديث صحيح.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: عبد الله، بالتكبير، والتصويب من مصادر ترجمته، حيث ذكروه في باب من اسمه عُبيد الله، مصغّرًا.
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسنٌ كما تقدَّم بيانه برقم (248). محمد بن إسماعيل: هو أبو إسماعيل التِّرمذي.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 34/ 185 من طريق محمد بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي، عن محمد بن إسماعيل الترمذي، بهذا الإسناد.
(4)
وتقدم نحوه عن مصعب بن عبد الله الزُّبيري برقم (5301).
5938 -
حدثني أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا موسى بن زكريا، حدثنا خَليفة بن خَيّاط، قال: وعبدُ الله بن عَدِيّ بن الحَمْراء الثَّقَفي، يُكنى أبا عَمرو
(1)
.
5939 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن خالد بن خَلِيٍّ، حدثنا بِشْر بن شعيب، عن أبيه، عن الزُّهْري، أخبرني أبو سَلَمة بن عبد الرحمن، أنَّ عَبد الله بن عَديّ بن الحَمْراء أخبره، أنه سمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وهو واقِفٌ بالحَزْوَرَةِ
(2)
بمكةَ: "واللهِ إنكِ لَخيرُ أرضِ الله وأحبُّ أرضِ الله إلى الله، ولولا أني أُخْرِجْتُ منكِ ما خَرَجتُ"
(3)
.
ذكرُ مناقب حَبِيب بن مَسْلَمة الفِهْري رضي الله عنه
-
5940 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، قال: وأبو عبد الرحمن حَبيبُ بن
(1)
كذا وقعت نسبةُ ابن الحمراء في رواية خليفة بن خيّاط عند المصنِّف، ثقفيًا، مع أنَّ صنيع خليفة في "طبقاته" ص 16 يخالف هذا؛ حيث ذكره في بني زُهرة القرشيين أصالةً، فلما خَتَم به شَرعَ في ذكر حُلفاء بني زُهرة فذكر جماعةً، فما في "الطبقات" هو المحفوظ عن خليفة بن خيّاط، وإن كان نسبةُ هذا الرجل ثقفيًا هو الصحيح كما تقدم بيانه برقم (5302).
(2)
ضُبطت الواو في هذه الكلمة في نسخنا الخطية بالتشديد، وهو خطأ نبَّهنا عليه عند طريق الحديث السالفة برقم (4316).
(3)
إسناده صحيح. شعيب: هو ابن أبي حمزة.
وأخرجه أحمد 31/ (18715) عن أبي اليمان الحكم بن نافع، عن شعيب بن أبي حمزة، بهذا الإسناد.
وقد تقدَّم برقم (4316) من طريق عُقيل بن خالد عن الزهري.
وبرقم (5303) من طريق ابن أخي ابن شهاب الزهري، عن عمِّه، عن محمد بن جبير بن مُطعم، عن عبد الله بن عدي، هكذا سمَّى التابعيَّ مخالفًا سائر أصحاب الزهري كعُقيل وشعيب وصالح بن كيسان وغيرهم الذين اتفقوا على ذكر أبي سلمة.
مَسْلَمة بن مالك بن وهب بن ثَعلَبة بن وائلة
(1)
بن عمرو بن شَيبانَ
(2)
الفِهْري، ورُويَ: أنَّ أبا ذرٍّ وغيرَه كانوا يُسمُّونه حبيبَ الرُّوم، لمُجاهَدَتِه لهم، أنافَ على أربعينَ سنةً ولم يَبلُغ الخمسينَ، قد كانت له صُحْبةٌ، توفي سنة ثلاثٍ وأربعين
(3)
.
5941 -
حدثنا أبو العباس محمدُ بن يعقوب، أخبرنا العباس بن الوليد بن مَزْيَدٍ البَيْروتيّ، حدثنا محمد بن شُعيب، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، قال: سمعت مَكحُولًا يقول: سمعتُ زياد بن جاريةَ التَّمِيميَّ يقول: سمعتُ حَبِيب بن مَسْلَمة يقول: شهدتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم نَفّلَ الثُّلُثَ.
(4)
.
ذكرُ مناقب أبي رِفَاعةَ عبدِ الله بن الحارث العَدَويّ رضي الله عنه
-
5942 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، قال: لما افتَتَح عبدُ الرحمن بن سَمُرة بن حَبيب سِجِسْتانَ وكان معه أبو رِفاعةَ عبدُ الله بن الحارث بن عبد الحارث بن
(1)
تصحف في (ز) إلى: واثلة، بالثاء المثلّثة، وأهمل هذا الحرف في (ص) و (م). والمثبت على الصواب من نسخة المحمودية كما في طبعة الميمان، وفاقًا لما في "نسب قريش" لمصعب الزبيري ص 447 وغيره من كتب الأنساب.
(2)
تصحف في نسخنا الخطية إلى: سنان.
(3)
وهو في "نسب قريش" لمصعب الزُّبيري ص 447، لكن دون ذكر سِنِّ حبيب بن مَسْلَمة وسنة وفاته.
وفي وصف أبي ذرٍّ له بذلك رواية مرسلة تقدَّمت عند المصنف برقم (5564) بسند رجالُه ثقات.
وقد اختُلف في سنة وفاة حبيب بن مَسْلَمة كما تقدم بيانه برقم (5565).
(4)
إسناده صحيح. محمد بن شعيب: هو ابن شابُور، وسعيد بن عبد العزيز: هو التَّنُوخي.
وأخرجه أحمد 29/ (17463) عن عبد الرحمن بن مهدي، و (17466) عن يحيى بن سعيد القطان، كلاهما عن سعيد بن عبد العزيز، بهذا الإسناد.
وقد تقدَّم عند المصنف برقم (2631) من طريق أبي وهب عُبيد الله بن عُبيدٍ الكَلَاعِي، و (2632) من طريق يزيد بن يزيد بن جابر، و (5563) من طريق ثابت بن ثوبان ثلاثتهم عن مكحول.
الحارث بن أسَد بن عَدِيّ بن مالك بن تَميم بن الدُّؤَل بن حَمَل
(1)
بن عَديّ بن عبد مَنَاةِ بن أُدّ بن طابِخَةَ، وله صحبةٌ، فسارَ في الجيش، فلما كان في الليل قام يُصلِّي، ثم رَقَد في آخر الليل ونَسِيَه أصحابُه، فأتاهُ نفرٌ من العَدوِّ فذبَحُوه
(2)
.
ذكر مناقب عُقْبة بن الحارث القرشي رضي الله عنه
-
5943 -
سمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعتُ العباس بن محمد الدُّورِيَّ يقول: سمعتُ يحيى بن مَعِين يقول: عُقبة بن الحارث بن عامر بن نَوفَل بن عبد مَنافٍ أَبو سِرْوَعةَ، سمع منه عَبدُ الله بنُ أبي مُلَيكة.
5944 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا ابن جُريج، عن عَبد الله بن عُبيد الله بن أبي مُلَيكة، عن عُقبة بن الحارث بن عامر: أنه تَزوَّج أمَّ يحيى بنت أبي إهابٍ، فجاءت أمَةٌ نُوبِيّةٌ فقالت: إني قد أَرضعتُكُما، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ ذلك له، وذكر باقيَ الحديث
(3)
.
(1)
هكذا جاء في نسخنا الخطّية بالحاء المهملة ثم الميم بعدها لام، وفي أكثر مصادر النسب تسمية هذا الرجل جَلّ، بالجيم المعجمة المفتوحة ثم اللام. انظر "تاج العروس" 28/ 219 مادة (جلل).
(2)
وانظر "طبقات ابن سعد" 9/ 67 - 68 فقد روى قصة استشهاده عن عبد الرحمن بن سَمُرة بسند رجاله ثقات لكنه مرسلٌ.
(3)
إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي.
وأخرجه أحمد 26/ (16153) و (16154)، والبخاري (2659)، والنسائي (5982)، وابن حبان (4217) من طرق عن ابن جريج، به.
وأخرجه بنحوه أحمد 26 / (16149) و 32/ (19424) من طريق إسماعيل بن أُميّة، والبخاري (88) و (2640) و (2660)، والنسائي (5814) و (5983)، وابن حبان (4218) من طريق عُمر بن سعيد بن أبي حُسين، والبخاري (2052) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حُسين، وأحمد 26/ (16148) و 32/ (19423)، والبخاري (5104)، وأبو داود (3603)، والترمذي (1151)، والنسائي (5460) و (5984)، وابن حبان (4216) من طريق أيوب السَّختياني، =
ذكرُ مناقب محمد بن مَسْلَمة الأنصاري رضي الله عنه
-
5945 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة محمد بن عمرو، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا أبو الأسود، عن عُروة، في تسميةِ مَن شَهِدَ بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني زَعُوراء بن عبد الأشْهَل: محمدُ بن مسلَمةَ بن خالد بن عَدِي بن مَجْدَعةَ بن الحارث
(1)
.
5946 -
أخبرني الحسين بن علي، حدثنا أحمد بن محمد بن الحُسين، حدثنا عَمرو بن زُرَارة، حدثنا زياد بن عبد الله البَكّائي، عن محمد بن إسحاق، في ذكر من شهد بدرًا، قال: ومن الأَوسِ ثم من حُلَفائهم من بني عبد الأشْهَل: محمدُ بن مَسْلَمة بن خالد بن عَدِيّ بن مَجْدَعةَ بن حارثة بن الحارث بن عمرو بن مالك بن الأوس، كان حليفًا لبني عبد الأشْهَل توفي سنة ثلاث -وقيل: سنة ست- وأربعين، وهو يومئذٍ ابن سبعٍ وسبعين سنةً، وكان يُكنى أبا عبد الرحمن، وصلَّى عليه مروانُ بن الحَكَم
(2)
.
5947 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: مات محمد بن مَسلَمة الأنصاري سنة ثلاث وأربعين.
5948 -
فحدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، حدثنا إبراهيم بن جعفر، عن أبيه، قال: مات محمدُ
= أربعتهم عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عقبة بن الحارث. لكن جاء في رواية أيوب: عن عبد الله بن أبي مليكة، قال: حدثني عبيد بن أبي مريم، عن عقبة بن الحارث، قال: وقد سمعتُه من عقبة لكنّي لحديث عُبيد أحفَظُ.
(1)
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (494)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(581) عن أبي عُلَاثة محمد بن عمرو بن خالد الحرّاني، به.
(2)
انظر "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 686.
ابن مَسْلَمة بالمدينة سنة ستٍّ وأربعين، وهو يومئذ ابن سبع وسبعين سنةً وكان طويلًا أصلَعَ
(1)
.
5948 م - قال ابن عُمر: كان محمد بن مَسلَمة يُكنى أبا عبد الرحمن أسلمَ بالمدينة على يد مُصعب بن عُمَير قبل إسلام أُسَيد بن الحُضَير وسعد بن مُعاذ، وآخَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينَه وبين أبي عُبيدة بن الجَرّاح، وشهد بدرًا وأحُدًا، وكان فيمن ثَبَتَ يومَ أُحُد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولَّى الناسُ، وشَهِدَ الخندقَ والمشاهدَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما خلا تَبوكَ؛ فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خَلَّفَه بالمدينة حين خَرَج إليها، وكان فيمن قَتَل كعبَ بن الأَشرفِ
(2)
.
5949 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مَرُزوق البصري بمصر، حدثنا أبو داود الطَّيَالسي، حدثنا شُعبة، عن أشعثَ بن أبي الشَّعْثاء، قال: سمعتُ أبا بُرْدةَ يُحدِّث عن ثَعلبة بن ضُبَيعة، قال: سمعتُ حذيفةَ يقول: إني لأعرفُ رجلًا لا تَضُرُّه الفِتنةُ. فأَتينا المدينةَ، فإذا فُسطاطٌ مضروبٌ، وإذا محمدٌ بن مَسلَمة الأنصاري، فسألتُه، فقال: لا أستَقِرُّ بمصرٍ من أمصارِهم حتى تَنجَلِيّ هذه الفِتنةُ عن جماعة المسلمينَ
(3)
.
(1)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 409 و 410 عن محمد بن عمر الواقدي.
(2)
انظر "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 408 - 409.
والصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف على المدينة مَخرجَه إلى تبوكَ عليَّ بن أبي طالب كما تقدَّم من حديث سعد بن أبي وقاص برقم (4626)، وهو عند البخاري (4416)، ومسلم (2404).
وقصة مشاركته في قتل كعب بن الأشرف ستأتي عند المصنف موصولةً قريبًا برقم (5952) و (5953).
(3)
خبر حسن، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل ثعلبة بن ضُبيعة. وقيل: ضُبيعة بن حُصين، وذكر البخاري في "تاريخه" 1/ 12 أنه الصحيح في اسمه - فهو تابعيٌّ وذكره ابن حبان في "الثقات"، وهذا الخبر وإن كان موقوفًا على حذيفة بن اليمان فقد ثبت أنَّه سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم كما في =
5950 -
وحدّثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبدُ الرحمن، حدثنا سفيان، عن أشعثَ بن أبي الشَّعْثاء، عن أبي بُرْدة، قال: قال حُذَيفةُ: إني لأعرفُ رجلًا لا تَضُرُّه الفتنةُ. فأَتينا المدينةَ، فإذا فُسطاطٌ مضروبٌ، وإذا محمدُ بن مَسلَمة الأنصاري، فسألْناه، فقال: لا نَشتَمِلُ على شيءٍ من أمصارِهم حتى يَنجَليَ الأمرُ عن ما انجلَى
(1)
.
هذه فضيلةٌ كبيرةٌ بإسناد صحيح.
5951 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن موسى بن شَيْبة الأنصاري، حدثنا إبراهيم بن صِرْمةَ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن سُليمان بن أبي حَثْمة، عن عمِّه سَهْل
(2)
بن أبي حَثْمة قال: كنت جالسًا مع محمد بن مَسلَمة، فمَرّت ابنةُ الضحّاك بن خَلِيفة، فجعل يُطارِدُها ببَصَره، فقلت: سبحان الله، تفعلُ هذا وأنت صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فقال: إني
= طريق أخرى رجالها ثقات سيأتي ذكرها. أبو بُردة: هو ابن أبي موسى الأشعريّ.
وأخرجه أبو داود (4664) عن عمرو بن مرزوق، عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود أيضًا (4665) من طريق أبي عَوانة عن أشعث بن سُلَيم - وهو ابن أبي الشعثاء نفسُه - به، غير أنه سمَّى التابعي ضُبيعة بن حُصين الثعلبي.
وأخرج أبو داود (4663) من طريق محمد بن سيرين قال: قال حذيفةُ: ما أحدٌ من الناس تُدركه الفتنةُ إلّا أنا أخافها عليه، إلّا محمد بن مسلمة؛ فإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تضرُّك الفتنةُ". ورجاله ثقات، لكن محمد بن سيرين لم يسمع من حذيفة بن اليمان.
(1)
حديث حسن كسابقه، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكنه منقطع، فإنَّ أبا بردة - وهو ابن أبي موسى الأشعري - لم يسمع هذا الخبر من حذيفة، بينهما فيه رجلٌ كما تقدَّم في الطريق السابقة. على أن المحفوظ في رواية عبد الرحمن - وهو ابن مهدي - عن سفيان الثوري ذكرُ الواسطة بين أبي بردة وحذيفة، وسمّاه ضُبيعة، كذلك رواه إسحاق بن راهويه عند البخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 12، وسوار بن عبد الله بن سوار عند أبي نُعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(587)، كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي.
(2)
تحرف في (ز) و (ب) إلى: سُهيل، مصغرًا.
سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا ألقَى اللهُ خِطبةَ امرأةٍ في قَلبِ رجُل، فلا بأسَ أن يَنظُرَ إليها"
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل إبراهيم بن صِرْمة، فقد اتهمه يحيى بن معين بالكذب، وضعّفه الدارقطني، وقال ابن عدي: عامّة حديثه مُنكر المتن، والسند، وقال العقيلي: يحدِّث عن يحيى بن سعيد بأحاديث ليست محفوظة من حديث يحيى، فيها مناكير. قلنا: وهذا الحديث كذلك ليس محفوظًا عن يحيى بن سعيد الأنصاري، إنما هو محفوظ عن حجاج بن أرطاة كما سيأتي، وله طريقان أخريان يتقوى بهما الحديثُ. وذكرُ أحمد بن حنبل في هذا الإسناد وهم، فقد روى هذا الحديث الطبراني في "الكبير" 19/ (502) عن عبد الله بن أحمد، عن عبد الله بن موسى مباشرة، وهو الصحيح.
وأخرجه أحمد 29/ (17976) و (17977)، وابن ماجه (1864) من طُرق عن الحجاج بن أرطاة، عن محمد بن سُليمان بن أبي حَثْمة، عن عمِّه سهل بن أبي حَثْمة، به. والحجاج بن أرطاة مدلّس، وقد عَنْعنَه، ومحمد بن سليمان بن أبي حثمة مجهول الحال.
وأخرجه ابن حبان (4042) من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، عن أبي معاوية محمد بن خازم، عن سهل بن محمد بن أبي حثمة، عن عمِّه سليمان بن أبي حثمة، قال: رأيت محمد بن مسلمة
…
هكذا رواه أبو معاوية بذكر سهل بن محمد بن أبي حثمة بدل محمد بن سليمان بن أبي حثمة، وذكر سليمان بن أبي حثمة بدل سهل بن أبي حثمة، قال الدارقطني في "العلل" (3382): قلبَ أبو معاوية الإسناد ولم يضبطه. قلنا: ثم إنَّ أبا معاوية أسقط من إسناده في هذه الرواية الحجاجَ بن أرطاة، مع أنه حدَّث به غيرُ زهيرِ بن حرب فذكره كما أوضحناه في تحقيقنا علي "سنن ابن ماجه"(1864)، وربما يكون الوهم في إسقاط الحجاج ممّن دون أبي معاوية، فيبقى الشأن في قلب أبي معاوية لأسماء الرواة في الإسناد وعدم ضبطه لهم.
ولهذا الخبر طريقان أخريان، إحداهما أخرجها أحمد 29/ (17981) عن وكيع، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(620) من طريق المعافَى بن عمران، كلاهما عن ثور بن يزيد؛ قال وكيع: عن رجل من أهل البصرة، وقال المعافى: عن مُطعِم بن المقدام، عن محمد بن مسلمة. والمطعم شاميٌّ ولا يعرف دخوله البصرة.
والطريق الثانية أخرجها أبو بكر محمد بن جعفر الأنباري في "حديثه"(98)، ومن طريقه أبو نعيم في "المعرفة"(621)، والخطيب البغدادي في "الأسماء المبهمة" ص 43 عن محمد بن أحمد بن أبي العَوّام، عن عبد الله بن عمرو الجَمّال عن إبراهيم بن جعفر بن محمود بن محمد =
هذا حديث غَريب، وإبراهيم بن صِرْمة ليس مِن شَرْط هذا الكتاب.
5952 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدلُ، حدثنا العباس بن الفضل الأَسْفاطيّ، حدثنا إسماعيل بن أبي أُويس، حدثني إبراهيم بن جعفر بن محمود بن محمد بن مَسلَمة، عن أبيه، عن جده، عن جابر بن عبد الله: أنَّ محمدَ بن مَسلَمة وأبا عَبْس بن جَبْر وعَبَادَ بن بِشْر قَتَلُوا كعبَ بن الأَشرَفِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين نَظَر إليهم: "أَفَلَحتِ الوُجُوهُ
(1)
.
= ابن مسلمة، عن أم الربيع بنت عبد الرحمن بن محمد بن مسلمة، قالت: رأيتُ محمد بن مسلمة ينظر
…
وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن أغلب الظن أنه سقط من إسناده ذكر عبد الرحمن بن محمد بن مسلمة، فإنَّ أم الربيع تصغر عن إدراك جدها محمد بن مسلمة، وقد روت خبرًا لمحمد بن مسلمة بواسطة أبيها عند ابن سعد في "طبقاته" 3/ 61، فإذا ثبت ذكر عبد الرحمن بن محمد بن مسلمة، فالإسناد محتمل للتحسين.
وأما المرفوع من هذا الخبر دون القصة فصحيح من حديث أبي حُميد الساعدي عند أحمد 39/ (23602).
ومن حديث جابر بن عبد الله عند أحمد 22 / (14586)، وتقدَّم عند المصنف برقم (2729).
ومن حديث أبي هريرة عند مسلم (1424)، والنسائي (5327).
ومن حديث المغيرة بن شعبة عند أحمد 30/ (18137)، وابن ماجه (1866) والترمذي (1087)، والنسائي (5328). وانظر ما تقدَّم برقم (2730).
(1)
صحيح، وهذا إسناد حسن إن شاء الله من أجل إسماعيل بن أبي أويس، فهو حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وقد تابعه محمد بن عمر الواقدي، وروي هذا الخبرُ من وجه آخر عن جابر بن عبد الله. وقوله في هذا الإسناد: عن جده، وهمٌ؛ فقد روى غيرُ واحدٍ منهم البخاريُّ في "تاريخه" - هذا الخبَرَ عن إسماعيل بن أبي أويس، فجعلوه من رواية جعفر بن محمود بن محمد بن مَسلَمة عن جابر بن عبد الله، دون ذكر أبيه واسطةً بينهما، فهو المحفوظ، وكذلك رواه الواقدي عن إبراهيم بن جعفر.
وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 11، وأخرجه الخطابي في "غريب الحديث" 1/ 576، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 194 من طريق الحسن بن علي بن زياد السُّرَّي، كلاهما (البخاري والحسن بن علي) عن إسماعيل بن أبي أويس، عن إبراهيم بن جعفر بن محمود بن محمد بن=
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، قد اتَّفق الشيخان رضي الله عنهما على حديث عمرو بن دينار عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"مَن لِكعب بن الأَشرَفِ؛ فإنه قد آذى الله ورسُولَه"، ولم يُخرجاه بالسِّياقة التامّة التي:
5953 -
حدَّثَناه أبو الفضل محمد بن إبراهيم المُزكِّي، حدثنا الحُسين بن محمد القَبّاني، حدثنا محمد بن عَبّاد المكّي، حدثنا محمد بن طلحة التّيْمي، عن عبد الحميد بن أبي عَبْس بن محمد بن أبي عَبْس، عن أبيه، عن جده، قال: كان كعبُ بن الأشرف يقول الشِّعرَ، ويَخذُل النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ويَخرُج في غَطَفَانَ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مَن لي بابنِ الأشْرفِ، فقد آذى الله ورسولَه"، فقال محمدُ بن مَسلَمة الحارِثي: أنا يا رسولَ الله، أتُحِبُّ أن أقتُلَه، فصمَتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"ائتِ سعدَ بن مُعاذٍ فاستَشِرْه"، قال: فجئتُ سعدَ بن مُعاذ، فذكَرتُ ذلك له، فقال: امضِ على بَرَكة اللهِ، واذهبْ معك بابنِ أخي الحارثِ بن أوس بن مُعاذ، وبعَبّاد بن بِشْر الأشهلي، وبأبي عَبْس بن جَبْر الحارثي، وبأبي نائلة سِلْكانَ بن وَقْش
(1)
الأشْهَلي، قال: فَلَقِيتُهم فذكرتُ ذلك لهم، فجاؤوني كلُّهم إلَّا سِلْكانَ، فقال: يا أخي
(2)
، أنت عندي مُصدَّقٌ، ولكن لا أُحبُّ أن أفعلَ من ذلك شيئًا حتى أُشافِهَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذَكَر ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"امْضِ معَ أصحابِك"، قال: فخرَجْنا إليه ليلًا، حتى جِئناهُ في حِصْنٍ، فقال
= مسلمة، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله.
وأخرجه الواقدي في "مغازيه" 1/ 184 - 190 عن إبراهيم بن جعفر، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله مطولًا.
وأخرج قصة قتل كعب بن الأشرف مطوّلةً: البخاري (4037)، ومسلم (1801)، والنسائي (8587) من طريق عمرو بن دينار المكي، عن جابر بن عبد الله. لكن لم يقع في رواية عمرو بن دينار أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن قتل كعبًا:"أفلحت الوجوه".
(1)
تحرّف في نسخنا الخطية إلى: أبي نائل سلكان بن قيس. والتصويب من مصادر الترجمة ومن "الإصابة" لابن حجر 7/ 409.
(2)
في (ص) و (م) و (ب): يا ابن أخي.
عَبّاد بن بِشْر في ذلك شعرًا شَرَح في شِعْره قَتْلَهم ومَذْهَبَهم، فقال:
صَرَختُ به فلم يَعرِضْ لِصَوتي
…
ووافَى طالعًا مِن فوقِ خِدْرِ
فعُدْتُ له فقال: مَن المُنادي
…
فقلتُ: أخوك عَبَّادُ بن بِشْرِ
وهذِي
(1)
دِرعُنَا رَهْنًا فَخُذْهَا
…
لِشَهرٍ إِنْ وَفَى أو نصفِ شَهْرِ
فقال: معاشِرٌ سَغِبُوا وجاعُوا
…
وما عَدِمُوا الغِنى من غيرِ فَقرِ
فأقبَل مُحذِيًا يَهوي سريعًا
…
وقال لنا: لقد جئتُم لأمرِ
وفي أَيمانِنا بِيضٌ حِدَادٌ
…
مُجَرَّبةٌ بها نَكوِي ونَفْري
فقلتُ لصاحِبي لمّا تَدَانَى
…
نُبادِرُه السُّيوف كذَبْحِ عِتْرِ
وعانَقَهُ ابن مَسْلَمَةَ المُرادِي
(2)
…
يَصِيحُ عليه كاللَّيثِ الهِزَبْرِ
وشدَّ بسيفِهِ صَلْتًا عليهِ
…
فقَطَّرَه أبو عَبْسِ بنُ جَبْرِ
وكان اللهُ سادِسَنا وَليًّا
…
بأنعَمِ نِعْمَةٍ وأعَزِّ نَصرِ
وجاء برأسِهِ نَفَرٌ كِرامٌ
…
أتاهُمْ هُوْدُ من صِدْقٍ وبِرِّ
(3)
(1)
في نسخنا الخطية: وهذا بالتذكير، والدِّرع تُذكَّر وتُؤنَّث، لكن الذي في سائر المصادر التي أوردت هذا الخبر بالتأنيث، وهذا موافق لحالة الفعل الذي بعد هذا في البيت، حيث هو مؤَنّث.
(2)
المرادي: اسم فاعل من رادَى يُرادي، ومعناه: المُدافِع والمُناضل وليس هو نسبة إلى بني مراد، فالرجلُ حارثي خَزْرجي.
(3)
إسناده محتمل للتحسين من أجل أبي عبس بن محمد بن أبي عبس، فهو - وإن لم يرو عنه غير ابنه - تابعي أدرك جده أبا عبس بن جَبْر، وروى عنه هذا الحديث وغيره، فالمراد بقوله في هذا الإسناد: عن جده، يعني الجد الأعلى، وليس الجدّ الأدنى محمد، كما توضحه رواية أبي نعيم في "معرفة الصحابة" (6931) حيث عيَّنه بقوله: عن جده أبي عبس بن جَبْر.
وعبد الحميد هكذا سُمّي هنا، والصحيح في اسمه عبد المجيد كما في مصادر تخريج الخبر.
وأخرجه أبو العباس السّرّاج في "تاريخه" كما في "الإصابة" لابن حجر 7/ 409، وعنه أبو أحمد الحاكم في "الأسامي والكنى" 5/ 379 عن محمد بن يحيى الذهلي، عن محمد بن عباد، بهذا الإسناد.=
5954 -
حدثني علي بن عيسى الحِيري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، أخبرنا ابن أبي عُمر، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، سمعتُ جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: بَعَثَني عثمانُ في خمسين فارسًا إلى ذي خُشُب، وأميرُنا محمد بن مَسلَمة الأنصاري، قال: فجاء رجلٌ في عُنقِه مُصحفٌ، وفي يده سيفٌ وعيناهُ تَذْرِفان، فقال: إنَّ هذا يأمُرُنا أن نَضْرِبَ بهذا على ما في هذا! فقال له محمد بن مَسلَمة: اجلِسْ؛ قد ضَرَبْنا بهذا على ما في هذا قبل أن تُولَد، فلم يَزَلْ يُكلِّمه حتى رَجَع
(1)
.
صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
5955 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، حدثني أبو ليلى عبد الله بن سهل أحدُ بني حارثة، عن جابر بن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن لِهذا الخَبِيثِ مَرحَبٍ؟ " فقال محمد بن مَسلَمة: أنا يا رسول الله، فقال:"قُمْ إليه، اللهم أعِنْهُ" فقام محمد بن مَسلَمة. قال: جابرٌ: فواللهِ ما رأيت حَرْبًا بين رجُلَين شهدتُه مثلَها؛ لما دَنَا أحدُهما من
= وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6931) من طريق يوسف بن يعقوب الصفّار، عن محمد بن طلحة التيمي، به.
(1)
إسناده صحيح ابن أبي عمر هو محمد بن يحيى بن أبي عُمر العَدَني، وسفيان: هو ابن عُيينة.
وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2935)، وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 322 من طريق إسماعيل بن موسى الفزاري، كلاهما (سعيد بن منصور وإسماعيل بن موسى) عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه بأطول ممّا هنا ابن سعد في "طبقاته" 3/ 61، ومن طريقه ابن عساكر 39/ 322 عن محمد بن عمر الواقدي، عن ابن جُريج وداود بن عبد الرحمن العطار، عن عمرو بن دينار، به وفيه بيانُ أنَّ ذلك كان عندما قدم المصريون من مصر يريدون عثمان رضي الله عنه يعاتبونه في أمور.
وذو خُشُب، بضم أوله وثانيه: وادٍ أو موضع على مرحلة من المدينة في طريق الشام، ربما يكون موضعه على مسافة خمسة وثلاثين كيلًا على ضفة وادي الحمض الشرقية. انظر "المعالم الأثيرة" لمحمد محمد شُرَّاب ص 108.
صاحِبِهِ وَقَعَت بينهما شَجَرةٌ، فجعَل أحدُهما يَلُوذُ بها من صاحبِه، فإذا استَتَر منها بشيءٍ، وجَدَّ صاحِبُه ما يَلِيه منها حتى يَخلُصَ إليه، فما زالا يَتحَرّفانِه بأسيافِهما، فضربَ محمدُ بن مَسْلَمة سيفَه بالدَّرَقة، فوقع فيها سيفُه ولم يَقدِر مَرحَبٌ أَن يَنزِعَ سيفَه، فضربَه محمدٌ فقتَلَه
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، على أنَّ الأخبارَ مُتواترةٌ بأسانيدَ كثيرةٍ أنَّ قاتلَ مَرحَبٍ أميرُ المؤمنين عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فمنها:
5956 -
ما حدَّثَناه أحمدُ بن كامل القاضي، حدثنا أحمد بن عُبيد الله النَّرْسي وعبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، قالا: حدثنا رَوْح بن عُبادة القَيْسي، حدثنا عَوف بن أبي جَمِيلة، عن ميمون أبي عبد الله، عن عبد الله بن بُريدةَ [عن أبيه بُريدةَ]
(2)
الأسلَمِيّ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بحَضْرة أهل خيبر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لأُعْطِينّ اللواءَ غدًا رجلًا يُحِبُّ الله ورسُولَه ويُحِبُّه اللهُ ورسولُه"، فلما كانَ من الغَدِ تَطاوَلَ له جماعةٌ مِن أصحابه، فدَعَا عليًّا وهو أرمَدُ، فتَفَلَ في عَينَيهِ وأعطَاهُ اللِّواءَ، ونَهَضَ معه الناسُ، فَلَقُوا أهلَ خيبر، فإذا مَرحَبٌ بين أيديهم يَرتَجِزُ، وإذا هو يقول:
قد عَلِمَتْ خَيبرُ أني مَرحَبُ
…
شاكُ
(3)
السلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، لكن الأصحَّ أنَّ قاتل مرحب اليهودي يوم خيبر هو علي بن أبي طالب كما سيشير إليه المصنف بإثر هذا الخبر. وانظر التعليق عليه في "مسند أحمد" 23/ (15134) حيث خرَّجه من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، عن ابن إسحاق، به.
وانظر "فتح الباري" لابن حجر 12/ 407.
والدَّرَقة: التُّرسُ الذي ليس فيه خَشَب ولا عَصَب، والعصب ما تُعمَل منه الأوتار.
وقوله: يتحرّفانه، هكذا جاء في نسخنا الخطية، والظاهر أنها بمعنى يقف كل واحدٍ منهما على حَرْفٍ - أي جهة - مما بقي من الشجرة بعد قطعهما أغصانَها، والله أعلم.
(2)
سقط ذكر بريدة من نسخنا الخطية، وهو ثابت في رواية الحديث لدى جميع من خرَّجه، ورواه غير واحدٍ منهم عن روح بن عبادة نفسه، فذكره.
(3)
في النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان: شاكي، وكلٌّ جائز، يقال: رجل شاكي السلاحِ، =
إذا السيوفُ أقبَلَتْ تَلهَبُ
…
أطعَنُ أحيانًا وحِينًا أضربُ
فاختلفَ هو وعليٌّ بضَرْبتَين، فضربه عليٌّ على رأسِه حتى عَضَّ السّيفُ بأضراسِه، وسَمِعَ أهلُ العَسكَر صوتَ ضربتِه، فقتَلَه، فما تتامَّ آخرُ الناسِ حتى فُتِح لأوَّلِهم
(1)
.
هذا باب كبير قد خَرّجتُه في "الأبواب".
ذكرُ مناقب سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نُفَيل، عاشِرِ العَشَرة رضي الله عنه
-
5957 -
أخبرني إسماعيلُ بن محمد بن الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا جَدّي، حدثنا إبراهيم بن المُنذِر الحِزَامي، حدثني محمد بن عُمر الواقِدي، حدثني عبد الملك
= وشائك السلاح؛ وشاكُ السلاح؛ أي: حديد السلاح، أو تامّ السلاح كامل الاستعداد.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف ميمون أبي عبد الله - وهو الكِنْدي البصري - لكنه متابع.
وأخرجه أحمد 38/ (23031) عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد أيضًا (23031)، والنسائي (8347) و (8546) من طريق محمد بن جعفر، عن عوف بن أبي جميلة به.
وأخرجه بنحوه دون ذكر قصة مرحب وقتل علي بن أبي طالب إياه: أحمد (22993)، والنسائي (8346) و (8547) من طريق الحُسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة الأسلمي، به. والحسين بن واقد قوي الحديث.
وقد روى البيهقي هذا الخبر في "السنن الكبرى" 9/ 132، وفي "دلائل النبوة" 4/ 210 من طريق الحسين بن واقد، وزاد في روايته: فسمعت عبد الله بن بريدة يقول: حدثني أبي: أنه كان صاحبَ مَرْحَب. هكذا رواه على الاختصار.
وأخرجه بذكر قصة مرحب وقتل عليٍّ أياه مختصرًا أيضًا ابن أبي عاصم في "السنة"(1380)، والطبراني في "مسند الشاميين"(2444)، والخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه في الرسم" 2/ 826 من طريق عطاء بن أبي مسلم الخُراساني، عن عبد الله بن بريدة، به. وعطاء قويُّ الحديث أيضًا.
ويشهد له بذكر قصة مرحبٍ وقتل عليٍّ إياه حديثُ سلمة بن الأكوع عند أحمد 27/ (16538)، ومسلم (1807)، وابن حبان (6935). وهو عند البخاري (2975) و (3702) و (4209) لكن مختصرًا بقصة دفع الراية إلى عليٍّ وفتح خيبر على يديه، دون قصة مرحبٍ وقتل عليٍّ إياه.
ابن زيد بن عبد الله بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل بن عبد العُزَّى بن رِيَاح بن رَزَاح بن عَدِيّ بن كَعْب بن لُؤي: أنَّ عمرو بن نُفَيل والخَطّاب بن نُفَيل والد عُمر أخوانِ لأبٍ.
5958 -
أخبرني أبو جعفر البغدادي، حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحرّاني، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسوَد، عن عُروة، قال: سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل قَدِمَ من الشام بعدما رَجَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من بدر، فكلَّم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فضَرَبَ له بسَهْمِه، قال: وأَجْرِي يا رسول الله؟ قال: "وأجْرُك"
(1)
.
5959 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونُس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، في تسمية من شَهِدَ بدرًا من المسلمين مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من بني عَدِيّ بن كَعْب بن فِهر بن مالك، قال: وسعيدُ بن زيد بن عمرو بن نُفَيل بن عبد العُزَى بن رِيَاح بن قُرْط بن رَزَاح بن عَدِيّ بن كَعْب بن لُؤي بن غالب بن فِهْر بن مالك، وأمُّه فاطمةُ بنت بَعْجَةَ من خُزَاعة، قَدِم من الشام بعد قُدوم رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من بدر، فضَرَبَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسَهمِه، قال: وأجْرِي يا رسول الله؟ قال: "وأجْرُك"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لإرساله، غير أنه ممّا اتفق عليه أهل المغازي والسير.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(338)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(531)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 292 من طريق محمد بن عمرو بن خالد الحَرَّاني، به.
وأخرجه البيهقي 9/ 57 من طريق يعقوب بن سفيان، عن عمرو بن خالد الحراني، به.
وأخرجه البيهقي أيضًا 9/ 57 من طريق حسّان بن عبد الله الكِنْدي، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 21/ 63 من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما عن ابن لَهِيعة، به.
ومثله قولُ ابن إسحاق كما سيأتي بعده، وقولُ الزهري عند أبي القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(962)، وابن عساكر 21/ 63 - 64، وقولُ موسى بن عُقبة عند البيهقي 6/ 292، وانظر "تاريخ دمشق" لابن عساكر 21/ 63 - 68.
(2)
وهو في "سيرة ابن هشام" 1/ 683، وهي برواية زياد بن عبد الله البّكائي عن ابن إسحاق، وزاد في نسب سعد بن زيد رجلًا بين رياح وقُرْط هو عبد الله، وهو المعروف في نسبه.
5960 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد، حدثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا سعيد بن أبي، مريم، حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن زيد بن أسلَمَ: أنَّ سعيدَ بن زيد بن عمرو بن نُفَيل يُكنَى أبا الأَعْور.
5961 -
أخبرني خَلَف بن محمد البُخاري، حدثنا محمد بن حُرَيث، حدثنا عمرو بن عَليٍّ، قال: كان سعيدُ بن زيد بن عمرو بن نُفَيل آدمَ، طَوَالًا، أشعَرَ، وكان يُكنى أبا الأَعْوَر.
5962 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا أحمد بن سهل، حدثنا محمد بن الصَّبّاح، حدثنا هُشَيمٌ، عن يحيى بن سعيد، عن نافع: أنَّ ابنَ عمر استُصْرخ في جِنازة سعيدِ بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، وهو خارجٌ من المدينة يومَ جُمعةٍ، فخرج إليه ولم يَشْهَدِ الجُمعةَ
(1)
.
5963 -
حدثنا أبو علي الحافظ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن ناجِيةَ، حدثنا محمد بن الصَّبّاح، حدثنا هُشَيم، فذكَره بنَحْوه.
5964 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، قال: وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، كان أبوه زيدُ بن عمرو بن نُفَيل قد فارقَ دِينَ قَومِه من قُريش، وتُوفّي وقُريشٌ تَبْني الكعبةَ، وذلك قبل أن يُوحَى إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بخمسِ سنينَ، فرُويَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"يُبعَثُ أُمّةً وَحْدَه"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح، وقد حضر نافع وفاة سعيد بن زيد كما في بعض الروايات منها حديث شعيب بن أبي حمزة عن نافع، قال: رأيت عبد الله بن عمر حنّط سعيد بن زيد وحمله فيمن حمله، ثم دخل المسجد، فصلَّى ولم يتوضأ. وهذه الرواية عند البيهقي في "سننه الكبرى" 1/ 307. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.
وأخرجه البخاري (3990) من طريق الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.
(2)
روي هذا الحرف من حديث أسماء بنت أبي بكر عند النسائي (8131) بإسناد صحيح.=
وأسلم سعيد بن زيد بن عمرو قبل أن يَدخُل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم دارَ الأرقم، وقبل أن يَدعُو فيها الناسَ إلى الإسلام، وشهد سعيدُ بن زيد أحُدًا والخندق والمشاهد كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يَشهَدْ بدرًا.
5964 م - قال ابن عُمر: فحدّثني عبد الملك بن زيد - من ولَد سعيد بن زيد - عن أبيه، قال: تُوفي سعيد بن زيد بالعَقِيق، فحُمِلَ على رِقاب الرِّجال، ودُفن بالمدينة، ونزل في حُفرَته سعدُ بن أبي وقاص وابن عُمر، وذلك سنة خمسين أو إحدى وخمسين، وكان يومَ مات ابنَ بِضْعٍ وسبعين سنة
(1)
.
قال ابن عمر: وأمُّه فاطمة بنت بَعْجَة بن أُميّة بن خُوَيلد بن المعود
(2)
بن حَيَّان بن غَنْم
(3)
.
5965 -
أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا نُعيم بن حَمّاد، حدثنا ابن المُبارك، حدثنا عبد الله بن جعفر، عن زيد
(4)
بن عبد الرحمن بن سعيد بن زيد، عن أبيه: أنَّ سعد بن أبي وقّاص غسّل سعيدَ بنَ زيد بالسُّحْرة
(5)
.
= ومن حديث سعيد بن زيد عند أحمد 3/ (1648) بإسناد ضعيف.
ومن حديث زيد بن حارثة، وسلف عند المصنف برقم (5022) بإسناد حسن.
(1)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 385 عن محمد بن عمر الواقدي به.
(2)
هكذا جاء هذا الاسم في (ز)، وجاء في سائر نسخنا الخطية العود، بحذف الميم، وهذا رجل اختُلف في اسمه كما يظهر من كلام المزي في "تهذيب الكمال" 10/ 447.
(3)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى غنيم، مصغرًا، والتصويب من مصادر الترجمة، وانظر "طبقات ابن سعد" 3/ 352، و "تاريخ دمشق" 21/ 66 و 68.
(4)
زيد في نسخنا الخطية بين عبد الله بن جعفر - وهو المَخْرمي - وبين زيد بن عبد الرحمن بن سعيد رجل سُمّي زيد بن عبد الله بن جعفر، ولم يرد ذكره في مصادر تخريج هذا الخبر، بل لا وجود لهذا الرجل فضلًا عن أن يصح ذكره في هذا الإسناد.
(5)
إسناده حسن ابن المبارك: هو عبد الله. =
5966 -
حدثنا أبو بكر بن مُصلِح الفقيهُ بالرَّيّ، حدثنا محمود بن محمد الواسطي، حدثنا وَهْب بن بَقيّة، حدثنا خالدٌ، عن عطاء بن السائب، عن مُحارِب بن دِثار، حدثني ابن سعيد بن زيد، قال: بعث معاويةُ إلى مروانَ بن الحَكَم بالمدينة ليُبايعَ لابنِه يزيدَ، وسعيدُ بن زيد بن عمرو بن نُفَيل غائبٌ، فجعل يَنتظِرُه، فقال رجل من أهل الشام لمروانَ: ما يَحبِسُك؟ قال: حتى يجيءَ سعيدُ بن زيد، فإنه كبيرُ أهل المدينة، فإذا بايَعَ بايَعَ الناسُ، قال: فأبطأَ سعيدُ بن زيد حتى أخذَ مروانُ البَيْعةَ، وأَمْسَكَ سعيدٌ عن البَيْعة
(1)
.
5967 -
حدثني محمد بن يعقوب الحافظ، أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا محمد بن عثمان بن كَرَامةَ، حدثنا أبو أسامة، عن عُبيد الله بن عمر، عن أبي عبد الغَفّار، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقّاص، قالت: غَسَّل سعدُ سعيدَ بنَ زيد وحَنَّطَه، ثم أتى البيتَ فاغتَسَل، ثم قال: أمَا إني لم أغتسِلْ من غَسْلي إياهُ، ولكني اغتسلتُ من الحَرِّ
(2)
.
= وأخرجه الطبراني (341)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(539) عن أحمد بن رشدين المصري، عن نُعيم بن حماد، بهذا الإسناد.
والسُّحْرة: اسم أرض تحفُّ قاع النَّقيع من غربيّه كما في "وفاء الوفى "للسمهودي 4/ 104، وهو جنوب المدينة المنوّرة.
(1)
إسناده محتمل للتحسين من أجل ابن سعيد بن زيد، ولسعيد من الولد أكثر من تسعةٍ ذكر تسعةً منهم البَلاذُريُّ في "أنساب الأشراف" 10/ 473، فلا يُدرى أيهم المقصود هنا، وروى عنه هذا الخبر تابعيٌّ آخر، فأمكن تحسين خبره، والله أعلم. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(226)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(963)، والطبراني في "الكبير"(345)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(545)، وابن عساكر 21/ 88 من طرق عن وهب بن بقية، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الأوسط" 11/ 707 من طريق أبي عوانة الوضّاح اليشكُري، وابن عساكر 21/ 89 من طريق جرير بن عبد الحميد، كلاهما عن عطاء بن السائب به.
(2)
خبر صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل أبي عبد الغفار - وقيل: أبو عبد الجبار =
5968 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن المَسعُودي، عن نُفَيل بن هشام بن سعيد بن زيد، عن أبيه: أنَّ جَدَّه سعيدَ بنَ زيد سألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه زيد بن عمرو بن نُفَيل، فقال: يا رسول الله، إنَّ أبي زيدَ بنَ عَمرو بن نُفَيل كان كما رأيتَ وكما بَلَغَكَ، ولو أدركَكَ لآمَنَ بك، فأَستغفِرُ له؟ قال:"نعم، فاستغفِرْ له؛ فإنه يجيءُ يومُ القيامةِ أُمَّةً وحدَهُ" فكان فيما ذَكَروا يَطلُبُ الدِّين، ومات وهو في طَلَبِه
(1)
.
= - وهو وإن لم يرو عنه غير عُبيد الله بن عمر - تابعيٌّ وذكره ابن حبان في "الثقات" باسم أبي عبد الجبار، وهذا الخبر مروي من وجهين آخرين صحيحين عن عائشة بنت سعد كما سيأتي. محمد بن إسحاق بن إبراهيم: هو أبو العباس السَّرّاج، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه البيهقي 1/ 307 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(540) عن أحمد بن محمد بن جبلة، عن محمد بن إسحاق السّرّاج، به.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 357 عن عبد الله بن نُمير، عن عَبد الله بن عمر، عن أبي عبد الجبار، عن عائشة بنت سعد. هكذا سماه أبا عبد الجبار.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(344) من طريق عبدة بن سليمان، عن عَبد الله بن عمر - هكذا مكبرًا وهو أخو عبيد الله بن عمر - عن عبد الجبار، عن أبيه، عن عائشة بنت سعد. كذا وقع في رواية عبد الله بن عمر العمري: عبد الجبار عن أبيه، وعبد الله العمري فيه ضعف، فالقول قول أخيه عُبيد الله الثقة.
وأخرجه أبو الفضل الزهري في "حديثه"(283) من طريق يزيد بن خُصيفة، عن عائشة بنت سعد. وإسناده صحيح.
وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 3/ 267 - ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط"(2941) - وأبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" ص 223 من طريق الجُعَيد بن عبد الرحمن، عن عائشة بنت سعد. وإسناده صحيح.
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل نفيل وأبيه هشام، وقد ذكرهما ابن حبان في "الثقات"، وظاهر الإسناد هنا الإرسال، لكن وصله عبد الله بن رجاء وأبو داود الطيالسي ويزيد بن هارون في رواياتهم لهذا الخبر عن المسعودي - وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة=
5969 -
وحدثنا أبو العباس، حدثنا أحمد، حدثنا يونس، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن الزُّبَير، أنَّ محمد بن عبد الله بن الحُصَين حدَّثه: أَنَّ عمر بن الخطاب وسعيد بن زيد قالا: يا رسول الله، نَستغفِرُ لزيدٍ؟ قال: "نعم،
= ابن عبد الله بن مسعود - بذكر سعيد بن زيد، وكان المسعوديُّ قد اختلط، ورواية الطيالسي ويزيد بن هارون عنه بعد الاختلاط، لكن رواية عبد الله بن رجاء عنه قبل اختلاطه.
وهو في "سيرة ابن إسحاق" برواية يونس بن بُكَير (137).
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 510 - 511 من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/ (1648) عن يزيد بن هارون، عن المسعودي، عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل، عن أبيه، عن جده، قال
…
فذكره بإثر قصةٍ ووصلَه.
ووصله كذلك بإثر قصة طويلة في طلب زيد بن عمرو وورقة بن نوفل الدِّين في الشام والموصل وغيرهما: عبدُ الله بنُ رجاء عند الطبراني في "الكبير"(350) وغيرِه، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(231) - ومن طريقه رواه غير واحدٍ - كلاهما عن المسعودي، عن نفيل بن هشام، عن أبيه، عن جده.
وأخرج ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(775)، وأبو يعلى (973)، والآجري في "الشريعة"(1784)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(551)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 15/ 684، وابن عساكر 19/ 509 و 6/ 63 من طريق عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنَّ سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل قال: سألتُ أنا وعمر بن الخطاب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن زيد بن عمرو بن نُفيل، فقال:"يأتي يوم القيامة أُمّةً وحدَه"، وإسناده حسن.
ولهذا الحرف من الحديث شاهد من حديث زيد بن حارثة تقدَّم عند المصنف برقم (5022)، وإسناده حسن.
وآخر من حديث أسماء بنت أبي بكر عند النسائي (8131)، وجوَّد إسنادَه العراقيُّ في "تخريج أحاديث الإحياء" 1/ 292.
وثالث من حديث جابر بن عبد الله عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(770)، وأبي يعلى (2047)، وأبي القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(819) وغيرهم، وإسناده ضعيف.
وانظر حديث ابن عمر عند البخاري (3827).
وانظر الحديث التالي.
فاستَغفِرا له؛ فإنه يُبعَثُ أمّةً وحدَه"
(1)
.
5970 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا أبو أسامة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، قال: لقد رأيتُني وإنَّ عمرَ لَمُوثِقِي وأُمّي - يعني أمَّ سعيد بن زيد - يريدُني على الإسلام، ولو أنَّ أحُدًا انفَضَّ - أو ارفَضَّ - لكان حَقِيقًا بما فَعلتُم بعثمانَ
(2)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!
5971 -
حدثنا أبو علي الحافظ، حدثنا إبراهيم بن دُحَيم الدِّمشقي، حدثني أبي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك، عن موسى بن يعقوب الزَّمْعي، عن عمر بن سعيد بن شُرَيح، أنَّ عبد الرحمن بن حُميد بن عبد الرحمن حدَّثه -أظنُّه- عن أبيه،
(1)
حسن بما قبله، وهذا إسناد ضعيف لإرساله، وقد وقع في إسناد المصنف هنا وهم في قوله: أنَّ محمد بن عبد الله بن الحصين حدَّثه، والصواب ما جاء في رواية "السيرة النبوية" لابن إسحاق (136)، وهي برواية رضوان بن أحمد الصيدلاني، عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي، عن ابن بُكَير، حيث جاء فيها: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير أو محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين التميمي: أنَّ عمر بن الخطاب وسعيد بن زيد
…
فإنَّ ابن إسحاق شكَّ فيمن حدثه من هذين الرجلين، لا أنه روى الخبر عن محمد بن جعفر بن الزبير عن ابن الحصين، وقد روى هذا الخبرَ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 511 من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني كذلك، وابن الحصين هذا من شيوخ ابن إسحاق، قد روى عنه غير خبرٍ من أخبار السيرة.
(2)
إسناده صحيح أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه البخاري (3862) من طريق سفيان بن عيينة، و (3867) من طريق يحيى بن سعيد القطان، و (6942) من طريق عبّاد بن العوّام، ثلاثتهم عن إسماعيل بن أبي خالد به. قال سفيان في روايته ارفَضّ، وقال القطان وعباد: انقضّ، بالقاف بدل الفاء، وهي بالفاء بمعنى تفرّق، وبالقاف بمعنى انهدَمَ. فالمعنى قريبٌ.
وقوله في الخبر هنا: وأمي، غريب، والظاهر أنه وهمٌ، وفي رواية يحيى عن إسماعيل بن أبي خالد عند البخاري: موثقي أنا وأخته، وهذا هو الصواب.
أن سعيد بن زيد حدَّثه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"عَشَرةٌ في الجنة: أبو بكر، وعمرُ، وعثمانُ، وعليّ، والزُّبيرُ، وطلحةُ، وعبدُ الرحمن، وسعدُ، وأبو عُبيدة بن الجَرّاح"، وهؤلاء تسعةٌ، ثم سكَتَ، فقالوا: نَنشُدُك الله ألَا أخبرتَنا من العاشِرُ؟ فقال: نَشَدتُموني بالله، أبو الأَعْوَر في الجنة
(1)
.
5972 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان، حدثنا أبو أسامة، حدثنا هشام بن عُروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: لقد رأيتُ زيدَ بن عمرو بن نُفَيل قائمًا مُسنِدًا ظَهرَه إلى الكعبة، يقول: يا معشرَ قُريش ما منكم اليومَ أحدٌ على دِينِ إبراهيمَ غيري، وكان يُحْيِي المَوءُودةَ، يقول للرجل إذا أراد أن يَقتُل ابنتَه: مَهْلًا لا تَقتُلْها، أنا أكفِيكَ مَؤُونتها، فيأخُذُها، فإذا تَرعْرَعَت قال لأبيها: إن شئتَ دَفَعتُها إليكَ، وإن شئتَ كَفَيتُك مؤونتَها
(2)
.
صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه
5973 -
أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو عُلَاثة، حدثنا أبي، حدثنا ابن لَهِيعة حدثني أبو الأَسوَد، عن عُروة بن الزُّبَير، في ذِكْر من تَخلَّفَ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد فيه لين من أجل عمر بن سعيد بن شُريح وموسى بن يعقوب الزَّمْعي، ففيهما مقالٌ، ومع ذلك رجّح البخاريُّ في "تاريخه الكبير" 5/ 274 وأبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنُه في "العلل"(2612) رواية الحديث بهذا الإسناد على رواية عبد العزيز بن محمد الدَّراوردي عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده، وعلى كل حالٍ فللحديث طرقٌ أخرى عن سعيد بن زيد تقدم أحدُها عند المصنف برقم (5469)، وخُرِّج سائرها هناك.
(2)
إسناده صحيح أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه النسائي (8131) عن الحسين بن منصور بن جعفر، عن أبي أسامة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في "صحيحه"(3828) معلَّقًا بصيغة الجزم عن الليث بن سعد، عن هشام بن عروة، به.
في تَبُوكَ: كعبُ بن مالك بن القَيْنِ بن كعب بن سَوَاد بن غَنْم بن سعْد، شاعرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
5974 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا محمد بن عبد الله بن رُسْتَه، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا محمد بن عمر، قال: وكعب بن مالك بن أَبي كعب بن القَيْن بن كعب بن سَوَاد بن غَنْم بن كعب بن سَلِمةَ، وهو شاعرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان فيما قيل يُكنى أبا عبد الله، وشَهِدَ كعبٌ أحدًا، فجُرح بها بِضعةَ عشرَ جُرحًا، وارتُثَّ، ولم يَشهَد بدرًا، وشهد الخندقَ والمَشاهِدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خَلَا تبوكَ؛ فإنه تَخلّف عنها، وهو أحدُ الثلاثة الذين تَخلَّفوا في غزوة تبوكَ، ثم تِيبَ عليهم، ومات كعبُ بن مالك سنة خمسين في إمارة معاوية بن أبي سفيان، وهو يومئذٍ ابن سبعٍ وسبعين سنةً
(2)
.
5975 -
أخبرني أبو نعيم محمد بن عبد الرحمن الغِفَارِي بمَرُو، حدثنا عَبْدان بن محمد بن عيسى الحافظ، حدثنا زكريا بن أبي كِنَانةَ، حدثنا عبد الرحمن بن عمرو، حدثنا يحيى بن المُثنّى المَدَني، أخبرني سعدُ بن إسحاقَ بن كعب بن عُجْرةَ، عن أبيه، عن جَدِّه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ كعب بن مالك حين تِيبَ عليه وعلى أصحابه أن يُصلِّيَ سَجْدتَين
(3)
.
(1)
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 280 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. فذكر قصة تخلُّف كعب بن مالك عن غزوة تبوك مطولةً.
وقد روى كعب بن مالك قصة تخلّفه عن غزوة تبوك، وحديثه عند البخاري (4418)، ومسلم (2769).
(2)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 4/ 393 و 394 و 395 عن محمد بن عمر الواقدي.
سليمان بن داود: هو الشاذكوني.
ارتُثَّ: افتُعِل، على ما لم يُسمَّ فاعلُه، أي: حُمل من المعركة رَثِيثًا، أي: جَريحًا وبه رَمَقٌ.
(3)
إسناده ضعيف لجهالة مَن بين عَبْدان بن محمد وسعد بن إسحاق، والمحفوظ في هذا أنَّ كعب بن مالك لما بُشِّر بتوبة الله عليه خرَّ ساجدًا، كما أخرجه البخاري (4418)، ومسلم =
5976 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، حدثني مَعْبَد بن كعب بن مالك بن أَبي كعب بن القَيْن أخو بني سَلِمةَ، أنَّ أخاه عُبيد الله بن كعب - وكان من أعلم الأنصار - حدَّثه، أنَّ أباه كعبًا حدَّثه - وكان كعب بن مالك شهد العَقَبةَ وبايَعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بها - قال: خَرَجْنا في حُجّاج من المدينة، فقال لنا البَراء بن مَعْرُور: يا هؤلاءِ، إني قد رأيتُ رأيًا، واللهِ ما أدري أتوافقُوني عليها أم لا؟ قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: قد رأيتُ أن لا أدَعَ هذه البَنِيَّةَ منّي بظَهْر، وذكرَ الحديثَ بطُوله
(1)
.
وأَظنُّني أني قد أخرجتُه في ذكر البراء بن مَعْرُور
(2)
.
ذكرُ مناقب الحَكَم بن عَمرو الغِفَاري رضي الله عنه
-
5977 -
أخبرني أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني ببُخارَى، أخبرنا أبو خَلِيفة، حدثنا محمد بن سِلَّام الجُمَحيّ، حدثني أبو عُبيدة مَعمَر بن المُثنَّى، قال: الحَكَم بن عَمرو بن مُجَدَّع بن حِذْيَم بن الحارث بن ثَعْلبة بن مُلَيلِ بن ضَمْرة بن بكر بن عبد مَناةَ بن كِنانةَ
(3)
.
= (2769) من حديثه هو، فهذا سجود الشكر فعله كعب بن مالك من تلقاء نفسِه فرحًا بالتوبة، لا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مَن أمره بصلاة ركعتين كما في هذه الرواية الغريبة التي لم نقف عليها عند غير الحاكم.
(1)
إسناده حسنٌ من أجل محمد بن إسحاق.
وأخرجه أحمد 25/ (15798) من طريق إبراهيم بن سعد، وابن حبان (7011) من طريق سلمة بن الفضل، كلاهما عن محمد بن إسحاق بهذا الإسناد. غير أنَّ سلمة بن الفضل ذكر أنَّ الذي حدَّث معبدًا أخوه عبد الله مكبّرًا، وليس عُبيد الله مصغرًا، وهما أخوان، وقد اختلف أصحاب ابن إسحاق في تعيينه، ومثل هذا لا يضرُّ بصحة الخبر، لأنَّ كليهما ثقة.
وقوله: هذه البَنِيّة، يعني الكعبة.
(2)
لم يخرجه الحاكم بطوله فيما تقدَّم من هذا الكتاب، وقد أخرج منه قطعتين في تعيين بعض النقباء في بيعة العقبة وحسبُ، وهما سعد بن عبادة برقم (5179)، وعبادة بن الصامت برقم (5615).
(3)
انظر "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 283. أبو خليفة: هو الفضل بن الحُباب.
5978 -
أخبرنا أحمد بن يعقوب، حدثنا موسى بن زكريا، حدثنا خَليفة بن خيَّاط، قال: الحكم بن عمرو بن مُجدَّع بن حِذْيَم بن حُلْوان بن الحارث بن ثَعْلبة بن مُلَيل بن ضَمْرة، وأمَّه أُمامة بنت مالك بن الأشَلّ بن عبد الله بن غِفَار، مات بخُراسان، وهو والٍ عليها سنة إحدى وخَمسين
(1)
.
5979 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا محمد بن عبد الله بن رُسْتَه، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا محمد بن عُمر، قال: والحَكَم بن عمرو بن مُجدَّع بن حِذْيَم بن الحارث بن ثَعْلبة
(2)
بن مُلَيلِ بن ضَمْرة بن بَكر بن عبد مَناةَ بن كِنانة، وثعلبةُ أخو غِفار بن مُلَيل، صَحِبَ النبي صلى الله عليه وسلم حتى قُبِض، ثم تحوّل إلى البصرة فنَزَلَها، فولّاه زيادُ بن أبي سفيان على خُرَاسان، فخرج إليها، ولم يَزَلْ على خُراسان حتى ماتَ بها سنةَ خمسين.
5980 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الله التاجر، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح السَّهْمي، حدثنا محمد بن أبي السَّرِيّ العَسْقَلاني، حدثنا المُعتمِر بن سليمان، حدثني أبي، عن أبي حاجِبٍ، قال: كنتُ عند الحَكَم بن عمرو الغِفَاري، إذ جاءه رسولُ عليّ بن أبي طالب، فقال: إنَّ أمير المؤمنين يقول لك: إنك أحقُّ مَن أعانَنا على هذا الأمرِ، فقال: إني سمعتُ خليلي ابنَ عَمِّك صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا كان الأمرُ هكذا - أو مثلَ هذا - أنِ اتَّخِذْ سَيْفًا من خَشَب"
(3)
.
(1)
انظر "طبقات خليفة" ص 32.
(2)
كذلك جاء في نسخنا الخطية أنه في رواية محمد بن عمر الواقدي: ثعلبة، وهو قول ابن سعد كاتب الواقدي فيما حكاه عنه ابن ماكولا في "الإكمال" 2/ 119، لكن جاء في مطبوع "طبقات ابن سعد" 5/ 116 و 9/ 27 و 370: نُعيلة، بدل ثعلبة، فالله تعالى أعلم.
(3)
رجاله لا بأس بهم، لكن محمد بن أبي السَّرِيّ العسقلاني - وإن كان صدوقًا - وُصِف بأنه كان كثير الغَلَط، وقد خولف في هذا الخبر في تسمية الغِفاري كما سيأتي. سليمان: هو ابن طَرْخان التيمي، وأبو حاجب: هو سَوَادة بن عاصم العَنَزي.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3158) عن يحيى بن عثمان، بهذا الإسناد.=
5981 -
أخبرني محمد بن عبد الرحمن الغِفَاري بمَرُو، حدثنا عَبْدانُ بن محمد الحافظ، سمعتُ أحمد بن سَيّار يقول: الحَكَم بن عَمرو ورافع بن عَمرو وعطيّة
(1)
ابن عَمرو صَحِبُوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ثم إنَّ معاوية وَلَّى الحكمَ على خُراسان، وكان سببُ وفاتِه أنه دعا على نفسِه وهو بمَرُو في كتابٍ قُرئ عليه وَرَدَ عليه من زِيادٍ وآخرَ من مُعاوية، فاستُجيب دعوتُه ومات بمَرُو، وكان مات قبلَه بُريدةُ الأسلَميُّ، فدُفِنا جميعًا في مَقبُرة جَصِّين
(2)
بمَرُو مُقابلَ حَمّام أبي حَمْزة السُّكّري قد زُرْتُ قبرَيهِما
(3)
.
5982 -
فحدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن أحمد بن النَّضْر، حدثنا معاوية
= وأخرجه ابن بَطَّة العُكبَري في "الإبانة" 2/ 580 من طُرُق عن أبي الأشعث أحمد بن المقدام العِجْلي، عن معتمر بن سليمان، عن معلّى بن جابر، عن عُديسة بنت أُهبان بن صيفيّ الغِفاري، قالت: أتى أباها عليُّ بن أبي طالب بالبصرة، فقال: ألا تخرجُ إلينا يا فلان، فأنت أحقُّ من قام في هذا الأمر، فقال: لا أخرج إليك؛ فإني سمعت خليلي وابنَ عمِّك رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا رأيتم مثل ما أنتم فيه فاتخذ سيفًا من خشب". وأبو الأشعث وصفه الذهبي في "السير" 12/ 219 بقوله: الحافظ المتقن. ومعلَّى بن جابر روى عنه جماعة من الحفاظ ووثقه ابن حبان، وهو متابَع.
فقد أخرجه أحمد 34 / (20670) و (20671) و 45/ (27199) و (27200) و (27201)، وابن ماجه (3960)، والترمذي (2203) من طرق عن عُديسة ابنة أُهبان بن صيفي، عن أبيها. بمثل رواية أبي الأشعث. وقال الترمذي: حسن غريب.
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: علية، باللام بدل الطاء. وإنما هو عطية كما في "أسد الغابة" لابن الأثير 3/ 542، وغيره.
(2)
تصحف في نسخنا الخطية إلى: حُصين بالحاء المهملة، والتصويب من "الأنساب" للسمعاني نسبة (الجصّيني)، و "الأماكن" للحازمي 1/ 236، وغيرهما.
(3)
قوله في هذه الرواية: مات قبله بُريدة الأسلمي، خطأ؛ لأنَّ بريدة مات سنة اثنتين وستين أو في السنة التي بعدها، والحكم مات سنة خمسين وقيل: إحدى وخمسين، فالحكم أقدم موتًا من بُريدة. وانظر "أنساب السمعاني" نسبة (الغِفاري)، و "سير أعلام النبلاء" للذهبي 2/ 470 و 477.
وانظر ما سيأتي برقم (5984).
ابن عَمرو، عن أبي إسحاقَ الفَزَاري، عن هِشام بن حسّان، عن الحَسَن، قال: بعث زيادٌ الحكَمَ بن عمرو الغِفَاري على خُراسان، فأصابُوا غَنائمَ كثيرةً، فكتب إليه زيادٌ: أما بعدُ، فإنَّ أمير المؤمنين كَتَب أن يُصطَفى له الصفراءُ والبيضاء، ولا تَقسِمَ بين المسلمين ذَهَبًا ولا فِضّة، فكتب إليه الحَكَم أما بعدُ، فإنك كتبتَ تَذكُر كتابَ أمير المؤمنين، وإني وَجَدتُ كتابَ الله قبلَ كتابِ أميرِ المؤمنين، وإني أُقسِمُ بالله لو كانت السماواتُ والأرضُ رَتْقًا على عبدٍ فاتّقى الله، لجَعلَ له من بينِهم مَخرَجًا، والسلامُ. فأمر الحكمُ مُناديًا فنادى: أنِ اغْدُوا على فَيْئِكم، فقَسَم بينهم، وإن معاوية لما فَعَل الحكمُ في قسمة الفَيء ما فَعَل، وجَّه إليه مَن قَيَّده وحَبَسه، فمات في قُيوده ودُفن فيها، وقال: إني مُخاصِمٌ (1).
5983 -
حدثنا الشيخ أبو بكر أحمدُ بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حَجّاج بن مِنْهال، أخبرنا حمّاد بن سَلَمة، حدثنا حُميدٌ ويونس وحَبيب بن الشَّهيد، عن الحسن: أنَّ زيادًا استعمَل الحكمَ بن عَمرو الغِفَاريّ على جيش، فلَقِيَه عِمرانُ بن حُصَين في دار الإمارة فيما بينَ الناس، فقال له: تَدْري فيمَ جئتُك؟ أما تَذكُرُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لما بَلَغَه الذي قال له أميرُه: قُمْ فقَعْ في النار، فقام الرجلُ لِيقَعَ فيها، فأُدرِكَ، فأمسَكَه، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو وَقَعَ فيها لدَخَلا النار، لا طاعةَ في مَعصِيَةِ الله"؟ قال الحكمُ: بَلَى، قال عمرانُ: إنما أردتُ أن أُذكِّركَ هذا الحديثَ
(2)
.
= رجاله ثقات، ولكن الحسن - وهو ابن أبي الحسن البصري - لم يُصرِّح بحضوره للقصة ولا بسماعه من الحكم بن عمرو الغِفاري، والغالب أنه لم يحضر القصة؛ فإنَّ الحسن البصري قدم إلى خراسان مع الربيع بن زياد الحارثي بعد موت الحكم بن عمرو، حين ولَّى زيادُ بن أبي سفيان الربيعَ بن زياد خراسان بعد موت الحكم، وكان الحسن البصري كاتبًا للربيع، والله أعلم، فالخبر مرسلٌ. أبو إسحاق الفَزَاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث، ومعاوية بن عمرو: هو ابن المهلَّب الأزدي.
وروي مثلُه عن عبد الله بن بُريدة الأسلمي عند ابن عدي في "الكامل" 1/ 410، لكن إسناده ضعيف.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الحسن - وهو ابن أبي الحسن البصري - لم =
صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
5984 -
أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق المِهْرِجاني، حدثنا الحُسين بن إسحاق التُّستَري، حدثنا عبد الله بن معاوية الجُمَحي، حدثنا جَميلُ بن عُبيد الطائي، حدثنا أبو المُعلَّى، عن الحسن قال: قال الحَكَم بن عَمرو الغِفَارِي: يا طاعونُ، خُذْني إليك، فقال له رجلٌ من القوم: لِمَ تقولُ هذا؟ وقد سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يَتَمنَّيَنَّ أحدُكم الموتَ"، قال: قد سمعتُ ما سمعتُم، ولكني أُبادِرُ سِتًّا: بَيعَ الحُكْم، وكَثْرةَ الشُّرَط، وإمارةَ الصِّبيان، وسَفْكَ الدِّماء، وقَطِيعةَ الرَّحِم، ونَشْئًا يكون في آخر الزمان يَتَّخِذون القرآنَ مَزاميرَ
(1)
.
= يسمع من عمران ولا من الحكم بن عمرو، ولكن للحديث طريقان أُخريان صحيحتان. علي بن عبد العزيز: هو البغوي، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل، ويونس: هو ابن عُبيد.
وأخرجه أحمد 34/ (20659) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 33 / (19880) و 34 / (20653)(20656) من طريق محمد بن سيرين و 34/ (20654) من طريق عبد الله بن الصامت كلاهما عن عمران بن الحُصين. وإسناداهما صحيحان، غير أنَّه ليس فيهما قصة الرجل الذي أمر أحد أفراد جيشه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بإلقاء نفسه في النار.
لكن يشهد لها حديثُ علي بن أبي طالب عند أحمد 2/ (622)، والبخاري (4340) و (7145)، ومسلم (1840).
(1)
رجاله ثقات، لكن الحسن - وهو ابن أبي الحسن البصري - لم يلق الحكمَ الغفاري، فروايته عنه مرسَلة. أبو المعلَّى: هو زيد بن مرَّة بن أبي ليلى البصري.
وجاء مثل هذا الخبر من غير وجه عن عَبْس - ويقال: عابِس - الغفاري بدل الحكم بن عمرو، وكأَنَّ الرواية بذكر عَبْس الغفاري - أشبه من الرواية بذكر الحكم بن عمرو، والله تعالى أعلم.
وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 18/ 147: هذا حديث مشهور روي عن عبس الغفاري من طرق وقد ذكرناها في البيان عن تلاوة القرآن.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3162) عن الحسين بن إسحاق التُّستري، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(4186) عن ابن جُريج، قال: حدثني غير واحدٍ عن أبي هريرة، =
ذكر مناقب رافع بن عَمرو الغِفَاريّ أخو الحَكَم رضي الله عنهما
5985 -
أخبرني أحمد بن يعقوب، حدثنا موسى بن زكريا، حدثنا خَلِيفة بن خَيّاط، قال: ورافعُ بن عَمرو بن مُجَدَّع بن حِذْيَم بن الحارث الغِفاري، ومات بالبصرة سنةَ خمسين
(1)
.
= أنه سمع رجلًا ذكروا أنه الحكم الغفاري أنه قال: يا طاعونُ خُذني
…
فذكر الخبر ورفع الخصالَ الستة إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وبعض شيوخ ابن جريج قد أدرك أبا هريرة بيقين كعطاء بن أبي رباح ونافع مولى ابن عمر، لكن اختلف فيه عن أبي هريرة فبعض من رواه عن أبي هريرة جعلوه من قوله هو أنه دعا على نفسه، وأنه عوتب في ذلك فأجاب بمثل قول الحكم المذكور هنا.
فقد أخرجه ابن سعد في "طبقاته" 5/ 254 من طريق حبيب بن أبي فضالة: أن أبا هريرة ذكر الموت فكأنه تمنّاه، فقال بعض أصحابه: وكيف تَمنَّى الموت
…
الخبر بنحوه. ورجاله لا بأس بهم.
وأخرجه أيضًا أبو نعيم في "الحلية" 1/ 384 من طريق عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة، بنحو رواية حبيب بن أبي فضالة، وإسناده حسنٌ.
وأخرجه بنحوه أيضًا الطبراني في "الأوسط"(1397) من طريق علي بن زيد بن جُدعان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة وإسناده ضعيف لضعف ابن جدعان.
وروي نحوه عن عَبْس الغفاري - ويقال: عابس الغِفاري - فأخرجه أحمد 25/ (16040) عن يزيد بن هارون عن شريك النخعي، عن عثمان بن عمير، عن زاذان أبي عمر، عن عُليم، قال: كنا جلوسًا على سطح معنا رجلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال يزيد: لا أعلمه إلّا عبسًا الغفاري - والناس يخرجون في الطاعون، فقال عبسٌ: يا طاعون خُذني
…
فذكر نحو حديث الحكم بن عمرو، وأنَّ عُليمًا اعترض على عبس، وأجابه عبسٌ بمثل ما ورد في خبر الحكم الغفاري، ورفَعَ الخصال الستة إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد جزم غير يزيد بن هارون شيخ أحمد بأنَّ الصحابي هو عَبْس الغفاري.
قوله: بيع الحُكم، معناه: الرشوة في الحُكم، كما جاء مفسَّرًا في روايةٍ عند الطبراني في "الكبير" 18/ (62).
وقوله: ونشئًا يكون في آخر الزمان معناه: جماعةٌ أحداثُ الأسنان.
(1)
وهو في "طبقات خليفة" ص 32 و 175.
5986 -
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عمر بن حَفْص السَّدُوسي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا سليمان بن المُغيرة، عن حُميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيكونُ بَعدِي قومٌ من أمّتي يَقرؤُونَ القرآنَ لا يُجاوِزُ تَراقِيَهم، يَخرجُون من الدِّين كما يَخرُج السَّهمُ من الرَّميّة، ثم لا يَعُودُون فيه، سِيماهُم التَّحْلَيقُ".
قال عبد الله بن الصامت: فلَقِيتُ رافعَ بن عَمرو أخا الحَكَم بن عَمرو الغِفاري، فقلتُ له: ما حَدِيثُ سمِعتُه من أبي ذَرٍّ كذا وكذا؟! فذكرتُ له الحديث، فقال: وما أعجَبَك من هذا؟ وأنا سمعتهُ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عاصم بن عليّ - وهو ابن عاصم الواسطي - وقد توبع.
وأخرجه أحمد 33/ (20342) عن بهز بن أسد وأبي النضر هاشم بن القاسم، وأحمد (20342) و (20346) عن عفان، ومسلم (1067)، وابن حبان (6738) من طريق شيبان بن فَرُّوخ، وابن ماجه (170) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، خمستهم عن سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد. لكن لم يذكر أحدٌ منهم في الحديث عبارة:"سِيماهم التَّحليق". وثبتت في رواية هُدبة بن خالد عند ابن أبي عاصم في "السنة"(922)، والفريابي في "فضائل القرآن"(181)، وكذا في رواية شيبان بن فرُّوخ عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(2663)، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 429، وفي رواية محمد بن سنان العَوَقي عند الطبراني في "المعجم الكبير"(4461)، لكن جاء عند هؤلاء خلا ابن أبي عاصم، ذكرُ سليمانَ بن المغيرة لهذه العبارة على الشكّ بقوله: أُراه قال: "سيماهم التَّحليق".
وقد ثبت ذكرُها بغير شك في رواية أبي داود الطيالسي في "مسنده"(449) عن شعبة وسليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال، وكذلك في رواية أحمد في "مسنده" 35/ (21531) عن محمد بن جعفر عن شعبة وحده، عن حميد بن هلال، وكذلك في رواية أبي داود الطيالسي (452) من طريق أبي عمران الجَوْني، عن عبد الله بن الصامت. لكن لم يقع في رواية شعبة وأبي عمران ذكرُ رواية عبد الله بن الصامت عن رافع بن عمرو الغفاري. وقد زاد جميعُ من تقدَّم ممّن خرَّج الحديثَ في الرواية عبارة:"شرُّ الخَلْق والخَلِيقة".
5987 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوبَ الشَّيْباني، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا مُعتمِر بن سُليمان، حدثني ابنٌ للحَكَم بن عَمرو الغفاري، عن عمِّه رافع بن عمرو الغفاري، قال: كنتُ أَرْمي نخلًا للأنصار وأنا غُلامٌ، فرآني النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا غُلامُ، لِمَ تَرْمي النَّخلَ؟ فقلتُ: آكُلُ، قال: "فلا تَرْمِ النَّخلَ وكُل ممّا يَسقُطُ في أسفَلِها"، ثم مَسَحَ رأسي وقال: "اللهم أشبِعْ بَطْنَه"
(1)
.
5988 -
وأخبَرَناهُ عبد الله بن إسحاق الخُزاعيُّ بمكة، حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرَّة، حدثنا مُعاذ بن أَسدِ المَروَزي، حدثنا الفَضْل بن موسى، حدثنا صالح بن أبي جُبير
(2)
، عن أبيه، عن رافع بن عمرو الغِفاري، قال: كنت أَرمي نخلًا للأنصار، فأَخَذُوني، فذهَبُوا بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هذا يَرْمي نَخْلَنَا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1)
حديث حسن بما بعده، وهذا إسناد محتمل للتحسين، لكن وقع في إسناد المصنِّف وهمٌ في موضعين أولهما في تسمية شيخ مُعتمر بن سليمان حيث قال: ابنٌ للحكم بن عمرو، وإنما هو ابن أبي الحكم بن الحكم، وربما يكون ذلك على المجاز، إذ تصحّ النسبة إلى الجدّ وسمّاه سلّامُ بنُ مسكين عبدَ الكبير، فهو عبد الكبير بن أبي الحكم بن الحكم بن عمرو الغفاري، والوهم الآخر في إسقاط ذِكْر جدةِ عبد الكبير التي حدَّثَته بهذا الحديث عن عمِّ أبيه رافع بن عمرو، هكذا جاء الإسناد عند مسدَّد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة المهرة" للبُوصيري (3658/ 1)، وكذلك رواه معاذ بن المثنَّى عن مُسدَّد عند الطبراني في "الكبير"(4459)، وكذلك رواه جماعة أصحاب المعتمر بن سليمان، وإذا ثبت ذلك فإنَّ جدّة عبد الكبير هذه تابعية لا تُعرفُ بجرح، فحديثها محتمل للتحسين، وعبد الكبير ذكره ابن حبان في "الثقات".
وأخرجه أحمد 33/ (20343)، وأخرجه أبو داود (2622) عن عثمان وأبي بكر ابني أبي شيبة، وابن ماجه (2299) عن محمد بن الصبّاح ويعقوب بن حميد بن كاسب خمستهم (أحمد وابنا أبي شيبة ومحمد بن الصبّاح ويعقوب) عن معتمر بن سليمان، عن ابن أبي الحكم، عن جدّته، عن عم أبيه رافع بن عمرو.
(2)
تحرَّف في النسخ الخطّية إلى: جعفر.
"يا رافعُ، لِمَ تَرْمي نخلَهم؟ " قلت: يا رسولَ الله، أجُوعُ، قال: "فكُلْ ما وَقَع
(1)
، أشبَعَك اللهُ وأَرْواكَ"
(2)
.
ذكرُ مناقب عبد الرحمن بن سَمُرة القُرشي رضي الله عنه
-
5989 -
حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، قال: أبو سعيد عبدُ الرحمن بن سَمُرة بن حَبيب بن عبد شَمسٍ، وأمُّه أَرْوى بنت أبي الفَرَعةِ بن كعب بن عمرو بن طَرِيف بن خُزَيمة بن عَلْقمة بن خِدَاش بن غَنْم بن مالك بن كِنانةَ، توفي بالبصرة سنة خمسين، وصلَّى عليه زِيادٌ ومَشَى في جِنازَته.
5990 -
حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا عبد الله بن يزيدَ المُقرئ، حدثنا عُيَينة بن عبد الرحمن بن جَوْشَن، عن أبيه، قال: خرجتُ في جِنازة عبد الرحمن بن سَمُرة وزيادٌ يمشي أمامَ الجِنازة، فجعل رِجالٌ من مَوالِيه يَمشُون على أعقابِهم أمامَ الجِنازة، ويقولون: رُويدًا رويدًا، بارك الله فيكم، قال: فلَحِقَنا أبو بَكْرةَ في بعض طريق المِرْبَد، فلما رأى أولئكَ وما يَصنَعُون حَمَل عليهم بالبَغْلة
(3)
، وأَهْوى إليهم بالسَّوْط، وقال: خَلُّوا، فوالذي كَرَّم وجهَ أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، لقد رأيتُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنا لَنَكادُ أن نَرمُلَ بها رَمَلًا
(4)
.
(1)
في (ص): مما سقط.
(2)
حديث حسن بما قبله وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل أبي جُبير: وهو مولى الحكم ابن عمرو الغفاري، لم يرو عنه غير ابنه صالح ولم يعرف بجرح، وابنه صالح روى عنه اثنان ثقتان وذكره ابن حبان في "الثقات"، فحديثهما محتمل للتحسين.
وأخرجه الترمذي (1288) عن أبي عمار الحسين بن حُريث، عن الفضل بن موسى، بهذا الإسناد.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح.
(3)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى الغلبة والتصويب من مصادر التخريج.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 34 / (20400) عن يحيى بن سعيد القطّان، وأبو داود (3183)، والنسائي =
5991 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ وأبو بكر بن إسحاقَ، قالا: حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، عن أبي موسى، سمع الحَسَنَ يقول: حدثنا عبدُ الرحمن بن سَمُرة بن حَبيب بن عبد شمسٍ
(1)
.
ذكرُ مناقب عبد الرحمن بن عُثمان التَّيْمي رضي الله عنه
-
5992 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثني إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله، قال: عبد الرحمن بن عُثمانَ بن عُبيد الله بن عُثمان بن عَمرو بن كعب بن سَعْد بن تَيْم بن مُرَّةَ، وهو ابن أخي طَلْحة بن عُبيد الله، وأمُّه عُمَيرة بنت جُدْعان بن عَمرو بن كعب بن سعد بن تَيْم بن مُرّة، أختُ عبدِ الله بن جُدْعان القُرشي.
5993 -
حدثنا محمد بن صالح بن هانئ حدثنا محمد بن محمد بن رَجَاء، حدثنا إسحاق بن وهب العَلّاف، حدثنا يعقوب بن محمد الزُّهْري، حدثنا محمد بن طلحة التَّيْمي، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان التَّيْمي، عن أبيه، قال: أسلمتُ يومَ الفتحِ، فبايَعتُ رسولَ صلى الله عليه وسلم
(2)
.
= (2050) من طريق خالد بن الحارث، وأبو داود (3183) من طريق عيسى بن يونس، وابن حبان (3043) من طريق إسماعيل بن إبراهيم - وهو ابن عُليَّة - أربعتهم عن عُيينة بن عبد الرحمن، به.
وقد تقدَّم مختصرًا بحديث أبي بكرة المرفوع برقم (1327) من طريق هُشَيم بن بشير، وسيأتي مختصرًا أيضًا برقم (5997) من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن عُيينة. لكن وقع في حديث شعبة وحده في جنازة عثمان بن أبي العاص، وخالفه غيره من الرواة عن عُيينة بن عبد الرحمن.
(1)
إسناده صحيح. ولم يذكر المصنف هنا حديثًا بهذا الإسناد، وقد تقدم هذا الإسناد عند المصنف برقم (4868) في قصة مصالحة الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وذكر فيه الحسن البصري عبدَ الرحمن بن سَمُرة ابن حبيب بن عبد شمس رسولًا لمعاوية إلى الحسن بن علي، وليس فيه تصريح الحسن البصري بتحديث عبد الرحمن بن سَمُرة له بالقصة.
(2)
إسناده حسن إن شاء الله من أجل يعقوب بن محمد الزهري.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الأوسط" 2/ 873 عن محمد بن موسى الواسطي، عن يعقوب بن محمد، بهذا الإسناد.
5994 -
أخبرني محمد بن المُؤمَّل، حدثنا الفَضْل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا محمد بن طَلْحة التَّيْمي، حدثنا عُثمان بن عبد الرحمن بن عثمان، أخبرني أخي، قال: أُصيبَ أبُوكَ عبد الرحمن مع ابن الزُّبير، فأَمَر به ابن الزُّبير فدُفِن في مسجد الكعبة، ثم أمَرَّ الخيلَ عَلى قَبْره ليلًا ليَخْفَى أَثَرُه
(1)
.
5995 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا أسَدُ بن موسى، حدثنا ابن أبي ذِئب عن سعيد بن خالد القارِظيِّ، عن عبد الرحمن بن عثمان التَّيْمي: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عندَه طبيبُ الدواءَ، وذَكَر الضِّفدَعَ يكون الدواءَ، فنَهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قَتلِه
(2)
.
ذكرُ مناقب عُثمان بن أبي العاصِ الثَّقَفي رضي الله عنه
-
5996 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مُصعب بن عبد الله قال: عثمانُ بن أبي العاص بن عبد دُهْمان بن عبد الله بن هَمّامِ الثَّقَفي، يُكنى أبا عبد الله، توفي سنة خمسين.
(1)
إسناده حسن من أجل نُعيم بن حماد ومحمد بن طلحة التيمي: وهو ابن عبد الرحمن بن طلحة.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 100 من طريق يحيى بن عثمان بن صالح السهمي، عن نُعيم بن حماد، به. لكنه قال فيه: ثم أمَرَّ الخيل على قبره لئلا يُرى أثرُه.
وأخرج البخاري في "تاريخه الأوسط" 2/ 864 عن إبراهيم بن المنذر، عن محمد بن طلحة، عن عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان قال: قُتِل أبي مع عبد الله بن الزبير، فدُفِن بالحَزْوَرَة. لم يذكر فيه عثمانُ أنَّ أخاه هو مَن حدَّثه بذلك!
والحَزْوَرة مرتفع يقابل المَسْعَى من جهة الشرق. انظر "العالم الجغرافية" ص 98 لعائق البلادي.
(2)
إسناده صحيح. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة.
وأخرجه أحمد 25/ (15757) و (16069)، وأبو داود (3871) و (5269)، والنسائي (4848) من طرق عن ابن أبي ذئب، به.
وسيأتي عن عند المصنف برقم (8466) من طريق عاصم بن علي الواسطي عن ابن أبي ذئب.
5997 -
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا حامد بن سَهْل الثَّغْرِي، حدثنا مُسلِم بن إبراهيم، عن شُعبة، عن عُيَينة بن عبد الرحمن، عن أبيه: أنه كان في جِنازة عُثمانَ بن أبي العاص، قال: فكُنّا نمشي مَشْيًا خفيفًا، قال: فرفع أبو بَكْرةَ سَوْطَه، وقال: لقد رأيتُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نَرمُل رَمَلًا
(1)
.
ذكرُ مناقب سفيان بن عَوف الغامِدي
5998 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله، قال: وسفيان بن عَوف الغامِدِيّ من أهل حِمْص، صَحِبَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وكان له بأسٌ ونَجْدةٌ وسَخَاءٌ، وهو الذي أغارَ على هِيتٍ والأَنبارِ في أيام عليٍّ، فقَتَل وسَبَى، وكان ممَّن قتلَ حسانُ بنُ حسّانَ البَكْرِيُّ، أخا
(2)
الحارث بن حسّان الوافدِ على النبي صلى الله عليه وسلم مع قَيْلةَ بنت مَخْرَمة، فخطب عليٌّ رضي الله عنه، وقال في خُطْبته: إِنَّ أَخا عَامِدٍ قد أَغارَ على هِيتٍ والأنبار.
وكان على الصَّوائف في أيام معاوية، وكان معاويةُ يُعظَّم أمرَه، وقيل: إنه كان يَحمِل في المجلسِ الواحد على ألفِ قارِحٍ، واستعمل معاويةُ بعده على الصوائف ابنَ مسعود الفَزَاري فقيل:
أَقِمْ يا ابنَ مَسْعُودٍ قَناةً صَلِيبةً
…
كما كان سفيانُ بنُ عوفٍ يُقِيمُها
وسُمْ يا ابنَ مَسْعُودٍ مَدائِنَ قَيصَرٍ
…
كما كان سفيانُ بنُ عُوفٍ يَسُومُها
وسفيانُ قَرْمٌ من قُرُومِ قَبيلةٍ
…
تَضِيمُ وَمَا فِي النَّاسِ حَيٌّ يَضِيمُها
(1)
إسناده صحيح، لكن خالف فيه شعبةُ سائرَ أصحاب عُيَينة بن عبد الرحمن ممّن تقدَّم ذكرهم برقم (5990)، حيث ذكروا أنَّ الجنازة كانت لعبد الرحمن بن سَمْرة، وليس لعثمان بن أبي العاص.
وأخرجه أبو داود (3182) عن مسلم بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
(2)
نصبها على تقدير فعل، كقوله: أعني.
ذكرُ مناقب المُغِيرة بن شُعْبة رضي الله عنه
-
5999 -
أخبرني أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا موسى بن زكريا التُّستَري، حدثنا خَليفة بن خيَّاط: قال المُغيرة بن شُعْبة، يُكنى أبا عبد الله، وليّ الكُوفةَ، ومات بها سنة خمسين
(1)
.
6000 -
أخبرنا الحسن بن محمد الأزْهَري، حدثنا محمد بن أحمد بن البَرَاء حدثنا علي بن المَديني، قال: المغيرة بن شُعبة بن أبي عامر بن مسعود بن مُعتِّب بن مالك بن عمرو بن سعد
(2)
بن عَوف
(3)
بن قيس بن مُنبَّه
(4)
بن بكر بن هَوَازنَ بن منصور بن عِكْرمة بن خَصَفةَ بن قيس.
6001 -
أخبرني محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني الحسن بن شُجاع، حدثنا أحمد بن أبي نافع، حدثنا القاسم بن يزيد الجَرْمي - وكان من أخْيَر أهل زمانه عن هشام بن سَعْد، عن زيد بن أسلَمَ، عن أبيه، عن المُغيرة بن شُعبة، قال: كَنّاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأبي عيسى
(5)
.
6002 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين
(1)
وهو في "طبقات خليفة بن خياط" ص 53، ومن طريقه ذكره ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 60/ 15.
(2)
في (ص) و (م): سعيد.
(3)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عمرو، والتصويب من كتب التراجم والتاريخ والأنساب، و"الطبقات الكبرى" لابن سعد 5/ 173 و 8/ 64، و "الطبقات" لخليفة ص 104.
(4)
تحرَّف في النسخ إلى شيبة، والتصويب من كتب التراجم والتاريخ والأنساب أيضًا.
(5)
حديث جيِّد، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل هشام بن سعد وأحمد بن أبي نافع. وهو الموصلي. وقد تُوبعا.
وأخرجه أبو داود (4963) عن هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، عن أبيه، عن هشام بن سعد، به.
بأطول ممّا هنا.
وسيأتي بنحوه مطوَّلًا برقم (6009) من طريق حماد بن سلمة عن زيد بن أسلم مرسلًا.
ابن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، قال: المغيرةُ بن شُعبة بن أبي عامر بن مسعود بن مُعتِّب بن مالك بن كعب بن عَمرو بن سَعْد بن عَوف بن ثَقِيف - واسمه قَسِيٌّ - بن مُنبِّه بن بكر بن هوازِنَ بن منصور بن عِكْرمة بن خَصَفة بن قَيْس بن عَيْلان بن مُضَرَ بن نِزارٍ، وكان يُكنى أبا عبد الله، وكان يُقال له: مغيرةُ الرأي، وكان داهيةً، لا يَشْتَجِرُ في صدره أمرانِ إلَّا وَجَدَ في أحدهما مخرجًا، قَدِمَ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فأسلَمَ، وأقام معه حتى اعتَمَر عُمرةَ الحُدَيْبيَة في ذي القَعْدة سنةَ ستٍّ من الهجرة، قال المغيرة: فكانت أولَ سَفْرةٍ خرجتُ معه فيها، وكنتُ أكونُ مع أبي بكر الصِّدِّيق، وألْزَمُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فيمن يَلزَمُه وشَهِدَ المُغيرةُ بعد ذلك المَشاهِدَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقَدِمَ وفدُ ثَقيفٍ فأنزلَهم عليه وأكرَمَهم، وبعثَه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا سُفْيانَ بنَ حَرْب إلى الطائف، فهَدَمُوا
(1)
الرَّبَّة.
6003 -
حدثنا أبو أحمد إسحاق بن محمد الهاشمي بالكُوفة، حدثنا الحُسين بن الحَكَم الحِبَري، حدثنا أبو نُعيم، حدثنا يونس بن الحارث الطائفي، حدثني أبو عَون الثَّقَفي، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة، قال: لما تُوفِّي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَعثَني أبو بكر الصِّدِّيق إلى أهل النُّجَير، ثم شهدت اليمامةَ، ثم شهدتُ فُتوحَ الشام مع المسلمين، ثم شهدتُ اليرموكَ فأُصيبت عَيني يومَ اليَرمُوك، ثم شهدتُ القادسيّةَ وكنتُ رسولَ سعدٍ إلى رُستُمَ، ووَلِيتُ لِعمر بن الخطب فُتوحًا، وفَتحتُ هَمَذانَ، وشهدتُ نَهاوَنْدَ، وكنتُ على مَيسرةِ النُّعمان بن مُقَرِّن، وكان عمرُ قد كَتَب: إن هَلَك النعمانُ فالأميرُ حذيفةُ، وإن هَلَك فالأمير المُغيرةُ، وكنت أولَ مَن وَضَعَ ديوانَ البصرة، وجمعتُ الناسَ ليُعطَوا، ووَلِيتُ الكوفةَ لعمر بن الخطاب، وقتل عمرُ
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: فهزموا، والتصويب من "طبقات ابن سعد" 5/ 175، و "تاريخ دمشق" لابن عساكر 60/ 15.
والرَّبَّة: هي اللّات، وهي صخرةٌ كانت تعبدها ثقيف بالطائف. وقد تحرَّفت في (ز) إلى: الدبير، وفي (ص) إلى الوية، وفي (م) إلى ألف به، والمثبت على الصواب من هامش (ز).
وأنا عليها، ثم وَلِيتُها لمعاوية
(1)
.
6004 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عُمر، حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جَدّه، قال: قال عليٌّ لمّا ألقى المُغيرةُ بن شُعبةَ خاتَمَه في قَبر النبيّ صلى الله عليه وسلم: لا يُتَحدَّثُ أنك نزلتَ في قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا تُحدِّثُ أنت الناسَ أَنَّ خاتَمَك في قبره، فنَزَل عليٌّ وقد رأى مَوقِعَه، فتناولَه فدَفَعَه إليه
(2)
.
(1)
إسناده فيه لِينٌ من أجل يونس بن الحارث الطائفي، لكن رَوَى هذا الخبرَ محمد بن عمر الواقدي عن جماعة من شيوخه عند ابن سعد في "طبقاته" 5/ 173 و 177، وكل رواياتهم مرسلةٌ، لكن باجتماع هذه الروايات يتقوَّى الخبر. أبو عون الثقفي: هو محمد بن عبيد الله بن سعيد، وأبو نُعيم: هو الفضل بن دُكين.
وشهود المغيرة للقادسية وخبره مع رُستم سيأتي برقم (6013) بإسناد حسن.
(2)
إسناده ضعيف، فقد انفرد به بهذا الإسناد محمدُ بنُ عمر - وهو الواقدي - وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 2/ 264 و 5/ 177 عنه، لكنه لم يذكر في إسناده جَدّ عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، فصار الخبر منقطعًا. وكذلك ذكره الطبري في "ذيل المُذيَّل" كما في "منتخبه" المطبوع بذيل "تاريخ الطبري" 11/ 513 دون ذكر عمر بن علي بن أبي طالب.
ورواه الواقدي أيضًا كما أخرجه عنه ابن سعد 2/ 264 عن عبد الرحمن بن عبد العزيز - وهو ابن عبد الله بن عثمان بن حُنيف - عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم مرسلًا.
وهو مع إرساله من تفردات الواقدي وشيخه فيه مختلفٌ فيه، وهو إلى الضعف أقرب.
وأخرج ابن سعد 2/ 263 عن سُريج بن النعمان، عن هشيم، عن أبي معشر، قال: حدثني بعضُ مشيختنا، قال: لما خرج عليٌّ من القبر ألقى المغيرة خاتمه في القبر، وقال لعليٍّ: خاتمي، فقال عليٌّ للحَسن بن علي: ادخل فناوله خاتمه، ففعل. وهذا مع إرساله فيه عنعنةُ هشيم وضعف شيخه أبي معشر: وهو نَجيح بن عبد الرحمن السِّنْدي.
وقد رُوي خِلاف هذا: أنَّ المغيرة بن شعبة نزل في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وتناول خاتمه، وأنَّ عليًا أذن له بذلك ولم يمنعه.
فقد أخرج ابن سعد في "طبقاته" 2/ 263 و 5/ 176، وابن أبي شيبة وأحمد بن منيع في "مسنديهما" كما في "المطالب"(4332)، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 578، وابن أبي =
6004 م - قال ابن عُمر: وحدثنا محمد بن أبي موسى الثَّقفي، عن أبيه، قال: مات المغيرةُ بن شُعْبة بالكوفة في شعبان سنة خمسين وهو ابن سبعينَ سنةً، في خلافة معاوية
(1)
.
6005 -
حدثنا أبو بكر محمد بن داود بن سُليمان الزاهد، حدثنا عبد الله بن محمد بن قحْطَبة بن مرزوق الصِّلْحي بفَمِ الصِّلْح، حدثنا محمد بن نافع الكَرابِيسي البصري، حدثنا أبو عَتّاب سَهْل بن حمّاد، حدثنا أبو كعب صاحب الحَرير، عن عبد العزيز بن أبي بَكْرة، قال: كنا جلوسًا عند باب الصَّغير الذي في المسجد، يعني باب عَيْلان: أبو بَكْرة وأخوه نافع وشِبْل بن مَعْبَد، فجاء المغيرةُ بن شُعبة يمشي في
= عاصم في "الآحاد والمثاني"(1547)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب"(4332)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" 5/ 401، وابن المنذر في "الأوسط"(3164)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2839)، والطبراني في "الكبير" 20/ (993)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 60/ 29 من طريق مجالد بن سعيد، وابن عساكر 60/ 29 من طريق المغيرة بن مِقْسَم، ومن طريق عاصم الأحول، ثلاثتهم عن عامر الشعبي، عن المغيرة بن شعبة، قال: أنا آخر الناس عهدًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، لما دُفن النبي صلى الله عليه وسلم وخَرَج عليٌّ من القبر ألقيتُ خاتمي، فقلتُ: يا أبا حسنٍ، خاتمي، قال: انزل فخُذ خاتمك، فنزلت فأخذتُ خاتمي ووضعتُ خاتمي على اللَّبِن، ثم خرجت. وفي أكثر طرقه عن مجالد بذكر الفأس بدل الخاتم، وهو وهمٌ، والصواب ما وافق فيه مجالدٌ صاحبيه المغيرة بن مِقْسَم وعاصم الأحول. ومجالدٌ ضعيف، والطريقان الآخران قويّان.
ووروي نحوه من مرسل عروة بن الزبير عند ابن سعد 2/ 263، ورجاله ثقات.
ومثلُه من مرسل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عند ابن سعد أيضًا 2/ 264 لكنه من رواية الواقدي.
وقد ثبت دخول المغيرة إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم من رواية أبي عَسيب أو أبي عَسيم عند أحمد 34/ (20766)، قال: لمّا وُضع في لحده صلى الله عليه وسلم قال المغيرة: قد بقي من رجليه شيءٌ لم يُصلحوه، قالوا: فادخل فأصلِحْه، فدخل وأدخل يده فمسّ قدميه، فقال: أهيلوا عليَّ التراب، فأهَالُوا عليه التراب حتى بلغ أنصاف ساقيه، ثم خرج، فكان يقول: أنا أَحدَثُكم عهدًا برسول الله صلى الله عليه وسلم. وإسناده صحيح. وانظر حديث عليٍّ عند أحمد 2/ (787).
(1)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 5/ 179 و 8/ 143 عن محمد بن عمر الواقدي.
ظِلال المسجد، والمسجدُ يومئذٍ من قَصَب، فانتهى إلى أبي بَكْرة فسلّم عليه، فقال له أبو بكرة: أيها الأمير، ما أخرجَك من دار الإمارة؟ قال: أتحدَّثُ إليكم، فقال له أبو بكرة: ليس لك ذاك، الأميرُ يجلسُ في داره، فيَبعَث إلى من يشاء، فيتحدّثُ معهم، قال: يا أبا بكرة، لا بأس بما أصنعُ، فدخل من باب الأصغر، حتى تقدَّم إلى باب أمّ جَميل امرأةٍ من قَيْس قال: وبين دَار أبي عبد الله
(1)
وبين دار المرأة طريقٌ، فدخل عليها، قال أبو بَكْرةَ: ليس لي على هذا صبرٌ، فبعث إلى غُلام له، فقال له: ارتَقِ غرفتي، فانظر من الكَوَّة، فانطلق فنظر، فلم يَلبَثْ أن رجع، فقال: وجدتُهما في لِحافٍ، فقال للقوم: قُوموا معي، فقاموا، فبدأ أبو بكرةَ، فنظر فاستَرجَعَ، ثم قال لأخِيه: انظُرْ، فنظَر، قال: ما رأيتَ؟ قال: الزِّنى مَحْضًا، ثم قال: يا شِبْلُ انظُرْ، فنظر، قال: ما رأيتَ؟ قال: رأيتُ الزِّنى مَحْضًا، قال: أُشْهِدُ الله عليكم؟ قالوا: نعم، قال: فانصرفَ إلى أهلِه، وكَتَب إلى عمر بن الخطاب بما رأى، فأتاهُ أمرٌ فَظِيعٌ، صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يَلبَثْ أن بعث أبا موسى الأشعري أميرًا على البصرة، فأرسل أبو موسى إلى المُغيرة: أن أقِمْ ثلاثةَ أيام أنت فيها أميرُ نفسِك، فإذا كان يومُ الرابع، فارتحِلْ أنت وأبو بَكْرة وشُهودُه، فيا طُوبَى لك إن كان مَكذوبًا عليك، ووَيلٌ لك إن كان مَصدوقًا عليك.
فارتَحَلَ القومُ أبو بَكْرة وشُهودُه والمُغيرةُ بن شُعبة، حتى قَدِموا المدينةَ على أمير المؤمنين فقال هاتِ ما عندَك يا أبا بَكْرة، قال: أشهَدُ أني رأيتُ الزنى مَحْضًا، ثم قَدَّموا أبا عبد الله أخاهُ، فَشَهِدَ: إني رأيت الزنى محضًا، ثم قَدَّموا شِبْلَ بنَ مَعِبَد البَجَلي، فسأله، قال: أشهدُ أني قد رأيتُ الزنى مَحْضًا، ثم قدَّموا زيادًا، فقال: ما رأيتَ؟ فقال: رأيتُهما في لِحافٍ، وسمعتُ نَفَسًا عاليًا، ولا أدري ما وراءَ ذلك، فكبَّر
(1)
يعني نافع بن الحارث أخا أبي بكرة لأمّه الذي تقدَّم ذكره، فقد كان يكنى أبا عبد الله كما سيأتي عند ذكر شهادتهم على المغيرة في هذه الرواية.
عمرُ، وفَرِحَ إذ نَجَا المُغيرةُ، وضربَ القومَ إلَّا زيادًا
(1)
.
قال: كان أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب ولَّى عُتبةَ بن غَزْوان البصرةَ، فَقَدِمَها سنةَ ستَّ عشرةَ، وكانت وفاتُه في سنة تسعَ عشرةَ، وكان عُتبة يكره ذلك، ويدعُو الله أن يُخلِّصه منها، فسَقَط عن راحِلَته في الطريق، فمات رحمه الله، ثم كان من أمرِ المُغيرةِ ما كان
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة محمد بن نافع الكرابيسي، وفي طبقته محمد بن أحمد بن نافع العَبْدي البصري، ذكره المزي في "التهذيب" في الرواة عن أبي عَتّاب سهل بن حماد، فإن كان هو فالإسناد حسنٌ من أجله هو وأبي عتّاب، فإنما صدوقان، لكن لم نقف على نسبة محمد بن أحمد بن نافع هذا إلى الكرابيس التي هي نوع من الثياب، فالله تعالى أعلم. وعلى كل حالٍ فأصل الخبر صحيح، له طُرق يشدُّ بعضها بعضًا.
وأخرجه مختصرًا البَلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 388 - 389، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 235 من طريق هُشَيم بن بشير، عن عُيينة بن عبد الرحمن بن جَوْشَن، عن أبيه، عن أبي بكرة. ورجاله ثقات.
لكن أخرج بعض حروف هذا الخبر ابن أبي شيبة 9/ 535 و 11/ 101، وأحمد في "العلل" برواية ابنه عبد الله (2820) عن إسماعيل بن عُلَيَّة، عن عُيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، غير أنه أرسله فلم يذكر أبا بكرة، فالله أعلم.
وأخرج الخبر مختصرًا من طرق مرسلة: الشافعي في "الأم" 8/ 64، وابن سعد 5/ 179، وعبد الرزاق (13564 - 13566) و (15550)، وابن أبي شيبة 10/ 91 و 92، وابن المنذر في "الأوسط"(6731) و (6732) و (19231 - 9234)، والطبري في "تفسيره" 18/ 75، وفي "تاريخه" 4/ 69، والطحاوي في "مشكل الآثار"(12/ 359 - 362، وفي "معاني الآثار" 4/ 153، والطبراني في "الكبير" (7227)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3778)، والبيهقي في "السنن" 8/ 23 و 10/ 148 و 152، وابن عساكر 60/ 32 - 33 و 62/ 215 - 216. وانظر "مسند الفاروق" لابن كثير (778 - 781)، و"فتح الباري" 8/ 309 - 310.
(2)
قوله هنا: وكانت وفاته سنة تسع عشرة، غريبٌ، فقد ذكر علماء التاريخ أنَّ عتبة توفي سنة سبع عشرة، نقله ابن زَبْر الرَّبَعي في "تاريخ العلماء ووفياتهم" 1/ 102 عن محمد بن عمر الواقدي ومحمد بن عبد الله بن نمير وعمرو بن علي الفلاس ونقله الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"=
6006 -
حدثنا أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان، حدثنا أحمد بن محمد بن بن أيوب، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال: فُتِحَت مصرُ سنةَ عشرين، وفيها كان فتحُ الفُرات عَنْوةً، وقيل: افتَتَحها المغيرةُ بن شُعبة، وكان استخلفه عُتْبةُ بن غَزْوانَ وتَوجَّه إلى عُمر، وأمَّر عمرُ المغيرةَ بن شُعبة على البصرة، وكتب إليه بعَهْده، فكان من أمْرِه وأمْرِ أم جَميل القَيسِيّة ما كان.
6007 -
فحدثني الزُّبير بن عبد الله
(1)
البغدادي، حدثنا محمد بن حمّاد، حدثنا محمد بن أبي السَّرِيّ، حدثنا هشام بن الكَلْبي، حدثني عبد الرحمن بن سعيد الكِنْدي، قال: شَهِدْنا جِنازةَ المُغيرة بن شعبة، فلما دُلَّي فِي حُفرتِه إِذا رَاكِبٌ وَقَفَ علينا، فقال: مَن هذا المَرمُوس؟ فقلنا: أميرُ الكوفة المغيرةُ بن شُعبة، فوالله ما نَهْنَه أن قال:
أَرَسْمَ دِيارٍ للمغيرةِ
(2)
تَعرِفُ
…
عليه زَوَاني الجِنِّ وَالإِنسِ تَعزِفُ
= 1/ 498 عن يعقوب بن سفيان وابن البرقي وسعيد بن عُفير، ونقل عن محمد بن المثنى وخليفة بن خياط أنه توفي سنة أربع عشرة، وعن أبي حسان الزيادي أنه توفي سنة خمس عشرة. ثم قال الخطيب: الأشبه بالصواب أنَّ عتبة مات سنة سبع عشرة، لأن المدائن فتحت سنة ست عشر، ثم مُصّرت البصرةُ بعد ذلك ونزلها المسلمون، وعتبة أول من اختطّها وسكنها.
(1)
هكذا وقعت تسمية هذا الشيخ هنا: الزبير بن عبد الله، بتكبير اسم أبيه عبد الله، وكذلك جاء اسمه في إسناد خبر ذكره البيهقي في "شعب الإيمان"(10428) عن الحاكم، وخبر آخر ذكره الخطيب في "تاريخ بغداد" 8/ 362 عن رجل عن أبي عبد الله الحاكم أيضًا، وجاء كذلك مُسمًّى في خبر ذكره المزي في "تهذيب الكمال" 11/ 365، والذهبيّ في "سير أعلام النبلاء" 13/ 212 بتكبير اسم عبد الله، مع أنَّ الخطيب البغدادي لما ترجم لهذا الشيخ في "تاريخ بغداد" 9/ 495 سمَّى أباه عُبيد الله، مصغرًا، ونقل عن الحاكم أنه سماه بذلك، أي مصغرًا، وكذلك ترجم أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 1/ 323، والذهبي في "تاريخ الإسلام" 8/ 322 لهذا الشيخ فسمّيا أباه عُبيد الله، مصغرًا، فالله تعالى أعلم.
(2)
في (ز) و (ب): بالمغيرة.
فإن كُنتَ قد لاقَيتَ هامانَ بعدَنا
…
وفِرعونَ فَاعلَمْ أَنَّ ذَا العَرْشِ يُنصِفُ
قال: فأقبَلَ عليه الثَّقفيُّون يشتُمُونه، فوالله ما أدري أيَّ طريق أخَذَ.
وكانت ولايةُ المغيرة بن شُعبة الكوفةَ سبعَ سِنينَ
(1)
.
6008 -
حدثنا أبو محمد المُزَني، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، أخبرني عبد الحميد، حدثنا شَريك، عن زياد بن عِلَاقةَ سمعتُ جَريرًا يقول في جِنازة المغيرة بن شُعبة: استَغفِروا لأميرِكم؛ فإنه كان يُحبّ العافِيَة
(2)
.
6009 -
حدثنا أحمد بن يعقوب، حدثنا أبو مُسلم حدثنا حَجّاج بن مِنْهال، حدثنا حمّاد بن سلمة، عن زيد بن أسلَمَ: أنَّ رجلًا جاء فنادى: يَستأذِنُ أبو عيسى على أمير المؤمنين عمر، فقال عمرُ: ومَن أبو عيسى؟ قال المغيرةُ بن شُعبة: أنا، فقال عمر: وهل لعيسى من أبٍ؟! أما في كُنَى العربِ ما تَكتَنُون بها؛ أبو عبد الله وأبو عبد الرحمن؟ فقال رجلٌ: أشهَدُ لقد سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كنّى بها المُغيرةَ، فقال عمر: إِنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد غُفِر له ما تَقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، وإِنَّا فِي جَلَجٍ ما نَدْري ما يُفعَل بنا. فكنّاه بأبي عبد الله
(3)
.
(1)
إسناده تالف هشام بن الكلبي - وهو هشام بن محمد بن السائب - رافضي متروك، وشيخه لا يُعرف.
وأخرجه البَلاذُري في "أنساب الأشراف" 13/ 350 عن عباس بن هشام الكلبي، عن أبيه، به.
(2)
خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل شريك - وهو ابن عبد الله النخعي وقد توبع، وعبد الحميد الراوي عنه أغلب الظن أنه ابن صالح بن عجلان البُرجُمي الكوفي، فقد أكثر عنه محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وهو يروي عن طبقة شريك النخعي، والله تعالى أعلم.
وأخرجه أحمد 31/ (19152)، والبخاري (58) من طريق أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكُري، وأحمد (19193) من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن زياد بن عِلاقة، عن جرير بن عبد الله البَجَلي. لكن لفظ أبي عوانة: كان يحب العفو.
(3)
حديث جيِّد، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه مرسلٌ. وسلف مختصرًا برقم (6001) موصولًا بذكر أسلم والد زيد فيه. أبو مسلم هو إبراهيم بن عبد الله الكَجِّي. =
6010 -
أخبرنا الحسن بن محمد الأزْهَري، حدثنا أبو بكر بن رَجَاء، حدثنا داود بن رُشَيد، حدثنا الهيثم بن عَديّ، عن مُجالِد بن سعيد وابن عَيَّاش وإسماعيل بن أبي خالد عن الشَّعْبي، قال: أقام المغيرةُ بنُ شُعْبة على الكوفة عشرَ سنين، ومات في سنة خمسين، فضَمّ الكوفةَ معاويةُ إلى زياد.
وقد صحّت الرواياتُ أنَّ المُغيرةَ وَلِيَ الكُوفةَ سنةَ إحدى وأربعين، وهَلَكَ سنة خمسين
(1)
.
6011 -
فحدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا موسى بن إسحاق الأنصاري القاضي، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عيَّاش، عن حُصَين، عن هِلال بن يِسَافٍ، عن عبد الله بن ظالم، قال: كان المُغيرةُ بن شُعبة يَنالُ في خُطبتِه من عليٍّ، وأقام خُطباءَ يَنالُون منه، فبَيْنا هو يَخطُب ونالَ من عليٍّ، وإلى جَنْبي سعيدٌ بن زيد بن عمرو بن نُفَيل العَدَوي، قال: فضَرَبَني بيدِه، وقال: ألا تَرَى ما يقول هذا - أو قال: هؤلاء -؟! أشهَدُ على التِّسعةِ أنهم في الجنّة، ولو حَلَفتُ على العاشر لصَدقْتُ، كنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بحِراءٍ: أنا وأبو بكر وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ وطلحةُ والزبيرُ وسَعْدٌ وعبدُ الرحمن بن عَوف، فتَزَلْزَل الجَبَلُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اثْبُتْ؛ فليس عليك إلَّا نَبيٌّ، أو صِدِّيقٌ، أو شَهيدٌ"
(2)
.
= وأخرجه بنحوه مختصرًا يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 78 عن الحجاج بن منهال، بهذا الإسناد.
وأخرجه بتمامه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(2217) من طريق روح بن أسلم، عن حماد بن سلمة به.
والجَلَجُ، بجيمين: رؤوس الناس، واحدتها جَلَجة. والمعنى إنا بقينا في عدد لرؤوس كثيرة من المسلمين.
(1)
انظر "تاريخ الطبري" 5/ 253 و 255.
(2)
المرفوع منه صحيح، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن جزم النسائي والدارقطني أنَّ هلال بن يِسَاف لم يسمعه من عبد الله بن ظالم، كما مضى بيانه برقم (5469)، إلّا أنَّ للمرفوع =
6012 -
حدثنا إبراهيم بن فِراس الفقيهُ بمكة، حدثنا بَكر بن سهل الدِّمْياطي، حدثنا عبد الله بن يوسف التِّنِّيسي، حدثنا الحَكَم بن هشام الثَّقَفي، حدثني عبد الملك بن عُمير، عن وَرّادٍ مولى المغيرة بن شعبة، عن المغيرة بن شُعبة، قال: سَرَينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً، فضرب بيدِه على عُنُق راحلتي، ثم قال:"معك ماءٌ؟ " قلت: نعم، هذه سَطِيحةٌ من ماءٍ معي، قال: فنزل فقضى الحاجةَ، ثم أتاني، فقال:"أتريدُ الحاجَةَ؟ " قلت لا فغَسَل يديه ثلاثًا وتمضمض ثلاثًا واستنشق ثلاثًا، وغسَل وجهَه ثلاثًا، ثم أراد أن يُخرجَ ذِرَاعَيه، وكانت عليه جُبّةٌ من صُوفٍ ضَيِّقةٌ، فلم يَقدِرْ أن يُخرجَ ذِراعَيه منها، فأخرج يَدَيه من تحت الجُبّة ثم غسل ذِراعَيه ثلاثًا ثلاثًا، ثم مَسَحَ برأسِه، ومَسَح على الخُفّين، ثم سِرْنا فَلَحِقْنا القومَ، فصلّى بهم عبدُ الرحمن بن عوف، فأردتُ أن أُوذِنَه بمكانِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَمَنَعَني، فصلَّينا معه ركعةً، ثم قَضَينا الثانيةَ
(1)
.
= منه طُرُقًا أخرى قوية تقدم تخريجها هناك. وقد نقص من هذه الرواية ذكر رجلين من العشرة، وهما سعيد بن زيد وأبو عبيدة عامر بن الجراح. أحمد بن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليَرْبُوعي، وحُصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلمي.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف بكر بن سهل الدِّمْياطي، لكنه قد توبع.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (923) عن بكر بن سهل بهذا الإسناد. ومن طريق هشام بن عمار، عن الحكم بن هشام، به.
وأخرجه بنحوه مطولًا ومختصرًا أحمد 30/ (18134) و (18164) و (18165) و (18182)، والنسائي (112)، وابن حبان (1342) من طريق عمرو بن وهب الثقفي، وأحمد (18172) و (18195)، وابن ماجه (1236)، والنسائي (82) و (109) و (110)، وابن حبان (1347) و (2225) من طريق حمزة بن المغيرة بن شعبة، وأحمد (18175) و (18194)، والبخاري (182) و (203) و (206) و (4421) و (5799)، ومسلم (274)، وأبو داود (149)، والنسائي (111) و (1661)، وابن حبان (2224) و (2225) من طريق عروة بن المغيرة بن شعبة، وأحمد (18190)، والبخاري (363) و (388) و (2918) و (5798)، ومسلم (274)، وابن ماجه (389)، والنسائي (9585) من طريق مسروق بن الأجدع، وأحمد (18170) من طريق =
غريب صحيحُ الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّيَاقة.
6013 -
حدثنا أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا الحسن بن علي بن شَبِيب المَعْمَري، حدثنا عبد الله بن حماد بن نُمير، حدثنا حُصَين بن نُمير، حدثني حُصَين بن عبد الرحمن، عن أبي وائل، قال: شَهِدتُ القادسيّةَ، فانطلَق المُغيرةُ بن شعبة، فلما دَنا من سَرِير رُستُم وَثَبَ فجلس معه على سَرِيرِه، فنَخَروا، فقال لهم المغيرةُ بن شعبة: مَا الذي تَفَزَعُون من هذا؟ أنا الآن أقومُ فأرجعُ إلى ما كنتُ عليه، ويَرجِعُ صاحبُكم إلى ما كان عليه، قالوا: أخبِرنا ما جاء بكم؟ فقال المغيرة: كنا ضُلّالًا، فبعث الله فينا نبيًّا فهدانا إلى دِينِه، ورَزَقَنا، فكان فيما رَزَقَنا حَبّةٌ تكون في بلادكم هذه، فلما أكلْنا منها وأطعَمْنا أهلَنا، قالوا: لا صَبْرَ لنا حتى تُنزِلُونا هذه البلادَ، قالوا: إذًا نَقتُلَكم، قال: إن قَتَلتُمونا دخلْنا الجَنَّةَ، وإن قتلناكم دخلتُم النارَ
(1)
.
= قبيصة بن بُرْمة، وأحمد (18172)، والترمذي (20)، والنسائي (16) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، وأحمد (18229) من طريق أبي السائب مولى هشام بن زهرة، ومسلم (274) من طريق الأسود بن هلال، وأبو داود (152) من طريق زُرارة بن أوفى، كلهم عن المغيرة بن شعبة.
وأخرج أبو داود (165)، وابن ماجه (550)، والترمذي (97) من طريق الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، عن رجاء بن حَيْوة، عن ورّاد كاتب المغيرة بن شعبة، عن المغيرة، قال: وضأت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، مسح أعلى الخفين وأسفلهما. كذا انفرد بذكر مسح أعلى الخفين وأسفلهما. ونقل الترمذي عن البخاري وأبي زرعة أنهما قالا: هذا الحديث ليس بصحيح، لأنَّ ابن المبارك روى هذا عن ثور عن رجاء، قال: حُدِّثتُ عن كاتب المغيرة، مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر فيه المغيرة. وذكر أسفل الخفين منكر.
وانظر ما تقدَّم برقم (615).
(1)
خبر صحيح، وهذا إسناد ليِّن لجهالة حال عبد الله بن حماد بن نمير، وقد توبع أبو وائل: هو شقيق بن سلمة.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (970) عن الحسن بن علي المَعْمري، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 562، والطبري في "تاريخه" 3/ 496 من طريق أبي عوانة الوضاح =
6014 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ ويحيى بن محمد العَنْبريُّ، قالا: حدثنا محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا أُميّة بن بِسْطامَ، حدثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا حَجّاج الصَّوّاف، حدثني أبو إياسٍ معاويةُ
(1)
بن قُرّة، عن أبيه، قال: لما كان يومُ القادسيّة بُعِثَ بالمغيرة بن شعبة إلى صاحبِ فارسَ، فقال: ابعَثُوا معي عَشَرةً، فبعَثُوا، فَشَدّ عليه ثيابَه، ثم أخذ معه حَجَفَةً، ثم انطلَقَ حتى أتَوْه، فقال: ألقُوا لي تُرْسًا، فجلس عليه، فقال العِلْجُ: إنكم - مَعاشِرَ العرب - قد عَرفْتُ الذي حَمَلَكم على المَجيء إلينا، أنتم قومٌ لا تَجِدُون في بلادكم من الطعام ما تَشبَعون منه، فخُذُوا نُعطِيكُم من الطعام حاجَتَكم، فإنّا قومٌ مَجُوسٌ، وإنَّا نَكرَه قَتْلَكم، إنكم تُنجِّسون علينا أرضَنا، فقال المغيرةُ: والله ما ذاكَ جاء بنا، ولكنا كنا قومًا نَعبُد الحِجارةَ والأوثانَ، فإذا رأينا حَجَرًا أحسنَ من حَجَر القَيناهُ وأخذْنا غيرَه، ولا نَعرِفُ ربًّا، حتى بعثَ اللهُ إلينا رسولًا من أنفُسِنا، فدعانا إلى الإسلام فاتَّبَعْناه، ولم نَجِئْ للطعام، إنّا أُمِرنا بقتالِ عَدُوِّنا ممَّن تَرَك الإسلامَ، ولم نَجِئْ للطعام، ولكنا جئنا لنقتُلَ مُقاتِلتَكم، ونَسبِيَ ذَرَاريَّكم، وأما ما ذَكَرتَ من الطعام، فإنّا لَعَمْري ما نَجِدُ من الطعام ما نَشبَعُ منه، وربما لم نَجِدْ رِيًّا من الماء أحيانًا، فجئنا إلى أرضكم هذه فوجدنا فيها طعامًا كثيرًا وماءً كثيرًا، فوالله لا نَبرَحُها حتى تكون لنا أو لكم، فقال العِلْجُ بالفارسية: صَدَقَ، قال: وأنت تُفقأُ
= اليشكري، عن حُصين بن عبد الرحمن، به وإسناده صحيح.
وأخرجه الطبري كذلك 3/ 525 من طريق عبيدة بن مُعتِّب الضبي، عن شقيق بن سلمة أبي وائل. وإسناده ضعيف.
وأخرجه بنحوه دون قصة السرير البخاري (3159) من طريق جبير بن حَيّة بالقصة.
(1)
جاء في نسخنا الخطية: حدثني إياس بن معاوية، فأصبحت رواية الخبر لأبيه معاوية بن قرة، فصار الخبر مرسلًا، وإنما الخبر لقرة بن إياس المزني الصحابي متصلًا، والتصويب من "المعجم الكبير" للطبراني 20/ (861) حيث رواه عن جماعة عن أُميّة بن بِسْطام. وكذلك رواه خليفة بن خياط عن يزيد بن ذريع.
عَينُك غدًا، فَفُقِئَت عَينُه من الغدِ؛ أصابَتْه نُشّابةٌ
(1)
.
غريب صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
ذكرُ مناقب رُكَانةَ بن عبد يزيدَ رضي الله عنه
-
6015 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله، قال: ماتَ رُكانةُ بن عبد يزيدَ بن هاشم بن المُطّلب بن عبد مَنافٍ بالمدينة في أولِ إمارةِ مُعاويةَ سنةَ أربعينَ
(2)
.
6016 -
حدثنا الشيخ أبو الوليد الفقيهُ وأبو بكر بن قُريش، قالا: حدثنا الحَسن بن سفيان حدثنا محمد بن عمَّار، حدثنا محمد بن رَبيعة، حدثنا أبو الحَسَن العَسْقَلاني، حدثنا أبو جعفر محمد بن رُكَانةَ بن عبد يزيدَ، عن أبيه: أنه صارعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فصَرَعَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وقال رُكانةُ: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "فَرْقُ ما بينَنا وبين المشركين العَمائمُ على القَلانِسِ"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح. حجاج الصَّوّاف: هو ابن أبي عثمان.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (861) من طرق عن أمية بن بِسْطام، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 5/ 178، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6227) من طريق خليفة بن خيّاط، عن يزيد بن زُريع، به.
والحَجَفة: التُّرس.
والنُّشّابة: السَّهم.
(2)
انظر "نسب قريش" لمصعب بن عبد الله الزبيري ص 95 و 96.
(3)
إسناده ضعيف لجهالة أبي الحسن العَسقلاني فمن فوقه، قال البخاري في "تاريخه الكبير" 82:1 إسناده مجهول، لا يُعرف سماع بعضهم من بعض، وقال الترمذي في "جامعه" (1784): حديث غريب وإسناده ليس بالقائم، وقال ابن حبان في "الثقات" 5/ 360: لست بالمعتمِد على إسناده. قلنا: وقد اختُلف في إسناه، فمرةً يُروى عن أبي الحسن العسقلاني كما وقع في رواية المصنف، ومرةً يُروى عن أبي الحسن عن أبي جعفر محمد بن رُكانة عن أبيه: أنَّ ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم
…
ومرةً يروى عن أبي الحسن عن أبي جعفر بن محمد بن ركانة عن أبيه: أن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم، فالله أعلم أي ذلك أصحّ. وانظر "الإصابة" لابن حجر 6/ 336.=
ذكرُ مناقب عَمرو بن العاص رضي الله عنه
-
6017 -
حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيلُ بن قُتيبة، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، قال: مات عمرو بن العاص سنةَ اثنتين وأربعين.
6018 -
حدثنا أبو بكر بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حدثنا مصعب بن عبد الله الزُّبيري، قال: وأبو عبد الله عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سُعَيد
(1)
بن سَهْم بن عمرو بن هُصَيص بن كعب بن لُؤي بن غالب، وأمه النابِغةُ بنتُ خزَيمة بن الحارث بن كَلْثوم بن جَوشَن بن عمرو بن عبد الله بن خُزيمة بن عَنَزَة بن أَسد بن رَبيعة بن نِزارٍ، وكان قصيرًا يَخضِب بالسَّواد، وقد قيل: النابِغةُ بنت حَرْملةَ، سَبِيَّةٌ
(2)
من عَنَزَة، وأخوه من أمِّه عُروة بن أبي أُثَاثة
(3)
العَدَوي، وكان من مُهاجرة الحَبَشة، وأخوه هشام بن العاص قُتل يوم أجْنادِينَ شهيدًا.
وقد قيل: إنَّ عمرو بن العاص تُوفي سنة إحدى وخَمسين، والله أعلم
(4)
.
= وأخرجه أبو داود (4078)، والترمذي (1784) عن قتيبة بن سعيد، عن محمد بن ربيعة، عن أبي الحسن العسقلاني، عن أبي جعفر بن محمد بن ركانة، عن أبيه: أنَّ ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم
…
قال ركانة: وسمعتُ النبي
…
وقد رُويت قصة مصارعة ركانة والنبي صلى الله عليه وسلم من مرسل سعيد بن جبير عند أبي داود في "المراسيل"(308) - ومن طريقه البيهقي 10/ 18 - بإسناد صحيح إلى سعيد بن جبير كما قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 4/ 162 قال: إلّا أنَّ سعيدًا لم يدرك ركانة. وقال البيهقي 10/ 18 عن خبر سعيد بن جبير هذا مُرسلٌ جيّد.
(1)
ضُبط هذا الاسم في (ز) هكذا بالتصغير بضمِّ أوله: سُعيد، وانظر الكلام على ضبطه عند الرواية المتقدمة برقم (5127).
(2)
جاء في نسخنا الخطية حرملة بن شيبة، وهو تحريف أوهم أنَّ جدَّ النابغة اسمه شيبة، وليس في نسبها من اسمه شيبة، والمثبت على الصواب من "نسب قريش" لمصعب الزبيري ص 409.
(3)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: بن أمامة، والتصويب من "نسب قريش" لمصعب الزبيري ص 409.
(4)
ما قيل هنا في سنة وفاة عمرو بن العاص يخالفه ما قاله الواقدي والهيثم بن عدي والمدائني =
6019 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا علي بن عبد العزيز وموسى بن
الحسن وعبد الله بن مِهْران الضَّرير، قالوا: حدثنا عَفّان، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن
محمد بن عَمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ابنا العاصِ
مُؤمنانِ: هشامٌ وعَمرٌو
(1)
.
6020 -
حدثني الحُسين بن الحَسن بن أيوب، حدثنا عبد الله بن أحمد بن أبي مَسَرَّة
المكّي، حدثنا عبد الله بن يزيدَ المُقرئ، حدثنا حَرْملة بن عِمْران، حدثني يزيد بن
أبي حَبيب، عن أبي فِراس مولى عمرو بن العاص: أنَّ عمرو بن العاص لمّا حَضَرتْه
الوفاةُ قال لابنه عبدِ الله: إذا أنا مِتُّ فاغسِلْني وكَفَّنّي وشُدَّ عليَّ إزاري أو إزْرِي - فإني
مُخاصَم، فإذا أنت غَسَلْتَني فأسرِعْ بيَ المشيَ، فإذا أنتَ وَضَعْتَني في المُصلّى - وذلك
يومَ عيدٍ إما فِطرٌ أو أضحى - فانظُرْ في أفواهِ الطُّرق، فإذا لم يبقَ أحدٌ واجتمعَ الناسُ،
فابدأ فصَلَّ عليَّ، ثم صلَّ العيد، فإذا وَضَعْتَني في لَحْدي فأَهِيلُوا عليَّ الترابَ، فَإِنَّ
شِقِّيَ الأيمنَ ليس أحقَّ بالتراب من شِقِّيَ الأيسرِ، فإذا سَوَّيْتُم علي الترابَ فاجلِسُوا عند
قبري نحوَ نَحْرِ جَزُورٍ وتَقطيعِها أستأنِسُ بكم
(2)
.
= والليث فيما رواه عنهم ابن زَبْر الربعي في "تاريخ العلماء ووفياتهم" 1/ 141 - 142 حيث
جزموا بوفاته سنة ثلاث وأربعين، وقولهم يخالف أيضًا قولَ ابن نمير المتقدم: أنه توفي سنة اثنتين
وأربعين.
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي. عفان: هو ابن مسلم،
وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وموسى بن الحسن: هو البغدادي، وعبد الله بن مهران
الضرير: هو ابن الحسن النحوي.
وقد تقدَّم برقم (5130) من طريق حجاج بن مِنْهال عن حماد بن سلمة.
(2)
إسناده صحيح أبو فراس مولى عمرو بن العاص: هو يزيد بن رَباح المصري.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4994)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"
46/ 197 - 198 من طريق بشر بن موسى، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا
الإسناد.=
6021 -
أخبرني إبراهيم بن عِصْمةَ العَدْل، حدثنا السَّرِيُّ بن خُزيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو هِلال الراسِبيّ، عن قَتَادة، قال: لما حَضَرَت عمرَو بنَ العاص الوفاةُ قال: كِيلُوا مالي، فكالُوه فوجدُوه اثنين وخمسين مُدًّا، فقال: مَن يأخُذُه بما فيه
(1)
؟ يا ليتَه كان بَعْرًا. قال: وكان المُدُّ ستةَ عشرَ أُوقِيةً، الأُوقيّة منه مَكُّوكَانِ، ومات عمرو بن العاص يومَ الفِطر، وقد بلغ أربعًا وتسعين سنًة، وصلَّى عليه ابنُه عبدُ الله، ودُفن بالمُقطَّم في سنة ثلاث وأربعين، ثم استعملَ معاويةُ على مصر وأعمالِها أخاه عُتْبةَ
(2)
بن أبي سفيان
(3)
.
6022 -
حدثنا أبو عبد الله الأصبَهاني، حدثنا الحَسن بن الجَهْم، حدثنا الحُسين بن الفَرَج، حدثنا محمد بن عمر، قال عَمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سُعَيد بن سَهْم، ويُكنى أبا عبد الله، وأمُّه النابغة بنت خُزيمة سَبِيّةٌ
(4)
من عَنَزَة، وأخواه لأُمِّه عمرو بن أُثاثة بن عبّاد بن المُطَّلب
(5)
بن عبد مَنافٍ بن قُصَيّ، و [أرنبُ
= وأخرجه بنحوه أحمد 29/ (17780) من طريق عبد الله بن لَهِيعة، ومسلم (121) من طريق حيوة بن شُريح، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شُماسة، قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت
…
(1)
قوله: بما فيه أثبتناه من "تلخيص الذهبي" ومن نسخة المحمودية كما في طبعة الميمان، ولم يرد في سائر نسخنا الخطية.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: عنبسة، وهما أخوان لمعاوية، لكن الذي ولي مصر هو عُتْبة لا عَنْبَسة. انظر "كتاب الولاة وكتاب القضاة" لمحمد بن يوسف الكِنْدي المصري ص 29.
(3)
رجاله لا بأس بهم، لكنه مرسلٌ، قتادة لم يُدرك عمرو بن العاص. أبو هِلال الراسبي: هو محمد بن سُلَيم.
والمُقطّم: جبل يقع شرق القاهرة، مُطِلٌّ على القَرافة، وهي مقبرة الفُسطاط.
(4)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: حرملة بن شيبة، والتصويب من "طبقات ابن سعد" 5/ 47.
وقد سلف التعليق على هذا الاسم قريبًا.
(5)
في (ز) و (ب): عبد المطّلب. والمثبت من (ص) و (م)، وهو الصواب.
بنت]
(1)
عَفيف بن أبي العاص بن أُميَّة بن عبد شَمْس، واختُلف في وقت وفاته.
6022 م - فحدّثني
(2)
عبد الله بن أبي يحيى، عن عمرو بن شُعيب، قال: توفي عَمرو بن العاص يومَ الفِطر بمصرَ سنةَ اثنتين وأربعين، وهو والٍ عليها، وسمعتُ مَن يَذكُر أنه تُوفّي سنةَ ثلاثٍ وأربعين، وسمعتُ بعض أهلِ العلم يَذكُر أنه تُوفّي سنة إحدى وخمسين
(3)
.
وأصحُّ ما سَمِعْنا في وقت وفاة عمرو بن العاص:
6023 -
أني سمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعتُ العباس بن محمد الدُّورِيَّ يقول: سمعت يحيى بنَ مَعين يقول: مات عمرو بن العاص سنة ثلاث وأربعين، ودُفن بمصر
(4)
.
6024 -
فحدثني محمد بن يعقوب الحافظ، أخبرنا محمد بن إسحاق الثَّقَفي، أخبرني أبو يونس
(5)
، أخبرني إبراهيم بن المنذر، قال: عمرو بن العاص بن وائل قَدِمَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنةَ ثمانٍ، يكنى أبا عبد الله، وتُوفِّي بمصر يومَ الفِطر سنةَ اثنتين وأربعين، وهو والٍ عليها.
6025 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، حدثني يزيدُ بن أبي حَبيب، عن راشدٍ مولى حَبيب
(1)
ما بين المعقوفين سقط من نسخنا الخطية، واستدركناه من "طبقات ابن سعد" 5/ 47. وانظر "نسب قريش" لمصعب الزبيري ص 381، و "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم ص 163. وعفيف زوج النابغة، انظر "المحبَّر" لمحمد بن حبيب ص 451.
(2)
القائل: فحدّثني، هو محمد بن عُمر - وهو الواقدي - صاحبُ الخبر السابق.
(3)
وهو في "الطبقات الكبرى" لابن سعد 5/ 81 عن محمد بن عمر الواقدي.
(4)
وهو في "تاريخ ابن معين" برواية الدُّوْري (182).
(5)
وقع في نسخنا الخطية: أبو يحيى، وهو خطأ صوّبناه من سائر المواضع التي نقل فيها المصنفُ عن إبراهيم بن المنذر ما يتعلّق بوفيات الصحابة. وأبو يُونس هذا: هو محمد بن أحمد بن يزيد بن عبد الله مفتي المدينة.
ابن [أبي]
(1)
أوس [عن حَبيب بن أبي أَوس]
(2)
حدثني عمرو بن العاص مِن فِيه، قال: خرجتُ عامدًا لِرسُول الله صلى الله عليه وسلم لأُسلمَ، فلقيتُ خالدَ بن الوليد، وذلك قبلَ الفتح، وهو مُقبِلٌ من مكة، قلتُ: أين يا أبا سليمان؟ قال: والله لقد استقام المِيسَمُ، وإنَّ الرجلَ لَنبِيٌّ، أَذهَبُ واللهِ أُسلِمُ، فحتَّى متى
(3)
؟ فقلتُ: وأنا واللهِ ما جئتُ إِلَّا لأُسلِمَ؟ فَقَدِمْنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقدّم خالدُ بن الوليد فأسلَمَ وبايَعَ، ثم دَنَوتُ فبايعتُه، ثم انصرفتُ
(4)
.
6026 -
حدثنا عبد الصمد بن علي بن مُكرَم ببغداد، حدثنا أبو الأحْوَص محمد بن الهيثم القاضي، حدثنا سعيد بن عُفَير، عن ابن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حَبيب، عن عبد الرحمن بن شُمَاسة، قال: كان عمرو بن العاص قَصِيرًا دَحْداحًا
(5)
.
(1)
أداة الكنية سقطت من نسخنا الخطية، وأثبتناها من رواية البيهقي في "الدلائل" 4/ 346 عن أبي عبد الله الحاكم، بسنده هذا الذي هنا، وهي ثابتة في اسم هذا الرجل في رواية زياد البَكّائي عن ابن إسحاق المتقدمة برقم (5377). على أنَّ بعض الرواة عن ابن إسحاق سمَّى هذا الرجل حبيب بن أوس دون أداة الكنية، وأما في رواية يونس بن بُكَير فثابتة كرواية البكائي.
(2)
سقط اسم حبيب بن أبي أوس من نسخنا الخطية، وأثبتناه من رواية البيهقي في "الدلائل" عن الحاكم، وهو ثابت في سائر الروايات عن ابن إسحاق لهذا الخبر.
(3)
تحرَّف في سائر نسخنا إلى: ليحاسبني، والتصويب من الرواية المتقدمة برقم (5377) من طريق زياد البكائي عن ابن إسحاق لهذا الخبر، وجاء على الصواب هنا في النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان.
(4)
خبر حسن كما تقدَّم بيانه برقم (5377).
(5)
وفي "فتوح مصر" لعبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ص 133 عن سعيد بن عُفَير، عن الليث بن سعد، قال: كانت صفة عمرو بن العاص قصيرًا عظيم الهامة ناتئ الجبهة واسع الفم، عظيم اللحية، عريض ما بين المنكبين عظيم الكفين والقدمين. كذلك رواه سعيد بن عُفَير من قول الليث بن سعد.
وقد ثبت أنَّ عمرو بن العاص كان قصيرًا في حديث لأبي موسى الأشعري في قصة لعمرو بن العاص لدى ذهابه إلى النجاشي، أخرجه ابن أبي شيبة 14/ 346 - 347 وغيره بسند صحيح.
6027 -
حَدَّثَنَا عبد الصمد بن علي، حَدَّثَنَا أبو الأحوَص القاضي، حَدَّثَنَا سعيد بن أبي مَريم، قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدّه: أنَّ عمر بن الخطاب رأى عَمرو بن العاص وقد سَوّدَ شَيْبَه، فهو مثلُ جَناحِ الغُرابِ، فقال: ما هذا يا أبا عبد الله؟ فقال: يا أميرَ المؤمنين، أُحِبُّ أن تُرى فِيَّ بَقيَّةٌ، فلم يَنهَهُ عمرُ عن ذلك، ولم يَعِبْه عليه، وتُوفي عمرو بن العاص وسِنُّه نحوٌ من مئة سنة
(1)
.
6028 -
حَدَّثَنَا أبو عبد الله الأصبَهاني، حَدَّثَنَا الحَسن بن الجَهْم، حَدَّثَنَا الحُسين بن الفَرَج، حَدَّثَنَا محمد بن عُمر، عن هشام بن الكَلْبي، عن عَوَانة بن الحَكَم، قال: كان عمرو بن العاص يقول: عجبًا لمن نَزَلَ به الموتُ وعقلُه معه كيف لا يَصِفُه؟ فلما نَزَلَ به الموتُ قال له ابنه عبد الله بن عَمرو: يا أبَةِ، إنك كنتَ تقول: عَجَبًا لمن نَزَلَ به الموتُ وعقله معه كيف لا يَصِفُه؟! فصِفْ لنا الموتَ وعقْلُك معك، فقال: يا بُنيّ، الموتُ أجَلُّ من أن يُوصَف، ولكني سأصِفُ لك منه شيئًا: أجِدُني كأَنَّ على عنقي جِبَالَ رَضْوَى، وأجِدُني كأَنَّ في جَوفي شَوكَ السُّلّاء، وأجِدُني كأنَّ نَفْسي تَخرُج مِن ثَقْبِ إِبْرَةٍ
(2)
.
= والدَّحْداح: القصيرُ السَّمين، أو الغليظ البطن.
(1)
إسناده ضعيف لانفراد عبد الرحمن بن الحارث - وهو ابن عبد الله بن عياش المخزومي - به، ولا يُحتمل تفرّد مثله للِينِه، وقد أشار الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 162 بعد عزوه الخبر للطبراني أنَّ في إسناده راويًا لم يُسمَّ، لأنَّهُ وقع عنده أنَّ سعيد بن أبي مريم قال في روايته: حدثني من أثِقُ به عن عبد الرحمن بن أبي الزناد. فدلَّ ذلك على وجود علّة أخرى في الخبر، وهي إبهام الشيخ الذي حدَّث به سعيدَ بن أبي مريم، وأنَّ سعيدًا لم يسمعه من عبد الرحمن بن أبي الزناد كما جاء في إسناد المصنّف، فالظاهر أنه سقط من إسناده ذكر ذلك الرجل المبهم، والله تعالى أعلم.
(2)
إسناده تالف، محمد بن عمر الواقدي وشيخه هشام متروكان.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 5/ 81 عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي، به.
وأخرجه البَلاذُري في "أنساب الأشراف" 10/ 279 عن حفص بن عمر العُمري، عن هشام بن الكلبي، به. =
6029 -
حدثني محمد بن صالح بن هانئ حَدَّثَنَا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حَدَّثَنَا سعيد بن أبي مريم، حَدَّثَنَا الليث وابن لَهِيعة، قالا: أخبرنا ابن أبي حَبِيب، عن سُوَيد بن قيس التُّجِيبي، عن زُهير بن قيس البَلَوِيَّ، عن علقمة بن رِمْثةَ البَلَويّ، أنه قال: بعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عمرَو بن العاص إلى البَحرَين، ثم خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في سَرِيّة وخَرجْنا معه، فنَعَسَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ، فقال:"رَحِمَ الله عمرًا" قال: فتذاكَرْنا كلَّ إنسانٍ اسمُه عمرو، فنَعَس ثانيًا، فاستيقظ فقال:"رَحِمَ الله عمرًا"، ثم نَعَس الثالثةَ، ثم استيقظ فقال:"رَحِمَ الله عمرًا" فقلنا: من عَمرٌو يا رسول الله؟ قال: "عَمرُو بن العاص" قالوا: ما بالُه؟ قال: "ذَكَرتُه، إني كنتُ إذا نَدَبتُ الناسَ إلى الصَّدقة، جاء بالصَّدقة فأجْزَلَ، فأقولُ له: مِن أين لكَ هذا؟ فيقول: مِن عندِ الله، وصَدَقَ عَمْرٌو؛ إنَّ لعَمرٍو خيرًا كثيرًا". قال زُهير: فلما كانت الفِتنةُ قلتُ: أَتَّبِعُ هذا الذي قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم [فيه] ما قال، فلم أُفارِقُه
(1)
(2)
.
= وأخرج نحوه ابن أبي الدنيا في "المتمنِّين"(93)، وفي "المُحتضَرين"(103) عن أبي زيد بن عمر بن شبَّة النُّميري، عن أبي غسان محمد بن يحيى الكِناني، عن عبد العزيز بن عمران الزُّهري، عن معاوية بن محمد بن عبد الله بن بَحِير بن رَيْسان، عن أبيه، قال: لما حضرت عَمرَو بن العاص الوفاةُ قال له ابنُه
…
وعبد العزيز بن عمران متروك متّهم.
والسُّلاء: شوك النخل، واحدها سُلَّاءَة، وإضافة السُّلاء إلى الشوك للتخصيص.
(1)
تحرّف قوله: أفارقه في نسخنا إلى: أعرفه والتصويب من النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان، ومن مصادر تخريج الخبر.
(2)
إسناده ضعيف، زهير بن قيس انفرد بالرواية عنه سويد بن قيس، وهو أمير معروف قُتل ببَرْقةَ، لكنه في الرواية مجهول، ولذلك جهَّله الحسيني في "الإكمال" والذهبي في "تاريخ الإسلام" 2/ 813 وقال البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 40: لا يعرف لزهير سماع من علقمة.
الليث: هو ابن سعد، وابنُ لَهِيعة: هو عبد الله، وابن أبي حبيب: هو يزيد.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 112 من طريق إسحاق بن إبراهيم التُّجيبي، عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد 9/ 504، والبخاري في "تاريخه الكبير" 7/ 40، وابن عبد الحكم في "فتوح =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
6030 -
أخبرني أحمد بن سهل الفقيه ببُخَارى، حَدَّثَنَا إبراهيم بن مَعقِل النَّسَفِي، حَدَّثَنَا صفوان بن صالح، حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم، عن يحيى بن عبد الرحمن، عن حِبّان بن أبي جَبَلة، عن عمرو بن العاص، قال: ما عَدْلَ بي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وبخالدِ بن الوليد أحدًا من أصحابه في حَرْبه منذُ أَسلَمْنا
(1)
.
ذكرُ مناقب قيس بن مَخْرمة رضي الله عنه
-
6031 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حَدَّثَنَا مصعب بن عبد الله، قال: ومن بني المُطَّلِب بن عبد مَنَاف: قيس بن مَخْرَمة بن المُطّلب بن عبد مَنَاف، وأمُّه أسماءُ بنت عامر، امرأةٌ من الأنصار
(2)
.
= مصر" ص 513، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 512، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (797) و (2613)، وأبو بكر الخلال في "السُّنّة" (688)، والطبراني في "الكبير" 18/ (1)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة" (5449)، وابن عساكر 19/ 112 و 113 و 46/ 140 من طُرق عن الليث بن سعد وحده، به.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/ (2)، ومن طريقه أبو نعيم في "المعرفة"(5450) من طريق أبي الأسود النضر بن عبد الجبار، عن ابن لَهِيعة وحده، به.
(1)
إسناده ضعيف لانقطاعه، حبان بن أبي جبلة لم يدرك عمرو بن العاص. يحيى بن عبد الرحمن: هو أبو شيبة الكِنْدي.
وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(2557)، ومن طريقه ابن عساكر 16/ 229 عن هاشم بن مَرثَد الطبراني، عن صفوان بن صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده"(7347)، والدولابي في "الكنى والأسماء"(1136)، والطبراني في "الأوسط"(6859)، وأبو طاهر المُخلِّص في "المُخلِّصيات"(1656)، وابن عساكر 46/ 141 من طرق عن الوليد بن مسلم، به. لكن وقع في رواية "مسند أبي يعلى" تقييد يحيى بن عبد الرحمن بابن حاطب، قال ابن عساكر: وهو وهمٌ.
(2)
الذي في "نسب قريش" لمصعب بن عبد الله ص 92 و 398 أنَّ أمّ قيس بن مخرمة هي أسماء بنت عبد الله بن سُبَيع من عَنَزة، وكذلك قال ابن سعد في "طبقاته" 6/ 42، فما ورد في =
6032 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار، حَدَّثَنَا يونُس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق، حدثني المُطّلب بن عبد الله بن قيس بن مَخْرَمة بن المُطّلب بن عبد مَنَاف، عن أبيه، عن جدِّه، قال: وُلِدتُ أنا ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامَ الفِيل، فنحن لِدَانِ
(1)
.
ذكرُ مناقب عبد الله بن هشام بن زُهْرة القُرشي رضي الله عنه
-
6033 -
أخبرني أحمد بن يعقوب حَدَّثَنَا موسى بن زكريا، حَدَّثَنَا خَليفة بن خَيّاط، قال: عبد الله بن هشام بن زُهْرة بن عُثمان بن عمرو بن كعب بن سعْد بن تَيْم بن مُرّة، أنه امرأةٌ من بني أسَد بن خُزَيمة يقال: اسمُها أَمَةُ الله بنت عبد شمس بن عبد يالِيلَ بن ناشِب بن غِيَرةَ
(2)
بن سعْد بن لَيث بن بَكْر بن عبد مَنَاةَ، ذهبتْ به أمُّه إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهو صغيرٌ، فمَسَح رأسَه، ولم يُبايِعْه
(3)
.
6034 -
حَدَّثَنَا الحُسين بن الحَسن بن أيوب، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن زكريا بن أبي مَسَرّة، حَدَّثَنَا عبد الله بن يزيد المُقرئ، حَدَّثَنَا سعيد بن أبي أيوبَ، عن أبي
= رواية المصنّف هنا فغريبٌ!
(1)
وقع في نسخنا الخطية: لِدَتان والمثبت على الجادّة من مكرّره المتقدم برقم (4228)، حيث وقع هناك: كنّا لِدَينِ، وكذلك هي رواية البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 76 عن أبي عبد الله الحاكم، وسائر الروايات عن ابن إسحاق، وقال قاسم بن ثابت السَّرَقُسْطي في "الدلائل على معاني الحديث" 2/ 786: تقول العربُ لِدَانِ في التثنية؛ لأنهم أقاموا زيادتي التثنية - يعني الألف والنون - مقام الهاء المحذوفة، فيقولون: لدان، كما قالوا أَلْيانِ وخُصْيَانِ. قلنا: وكذلك قال الجوهري في "الصحاح" 2/ 554: لِدَةُ الرجُل تِرْبُه، والهاء عوض من الواو الذاهبة من أوله، لأنَّهُ من الوِلادة، وهما لِدَانِ. قلنا: وبذلك يظهر أنَّ ما قاله أبو ذر الخُشَني في "شرح غريب السير" 1/ 54: فنحن لدانِ، المشهور فيه: لدتان بالتاء! فقولٌ غيرُ صائب.
(2)
تحرّف في نسخنا إلى: عدي والمثبت على الصواب من "طبقات خليفة" وغيره من كتب التراجم والأنساب.
(3)
وهو في "الطبقات" لخليفة بن خياط ص 18. وقد جاء عند البخاري (7210) تسمية أمّه: زينب بنت حميد، فهذا أصحُّ، وهي قُرَشيّة أسَديّة.
عَقِيل زُهْرة بن مَعبَد، عن عبد الله بن هشام - وكان قد أدركَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ أمَّه أتْت به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فمسَح رأسه ودَعَا له، فكان يُضحِّي بالشاةِ الواحدة عن جَميع أهلِه
(1)
.
6035 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد
(2)
البغدادي، حَدَّثَنَا أبو الزِّنْباع رَوْح بن الفَرَج، حَدَّثَنَا يحيى بن بُكَير، حَدَّثَنَا رِشْدِين بن سعْد وابنُ لَهِيعة، عن زُهْرة بن مَعبَد، عن جدِّه عبد الله بن هشام، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو آخِذٌ بِيَدِ عُمر بن الخطّاب، فقال عمرُ: واللهِ يا رسولَ الله، إنَّكَ لأَحَبُّ إليَّ من كل شيءٍ إِلَّا نفْسي، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لا والذي نَفْسي بيده، حتَّى أكونَ أحبَّ إليك من نَفْسِك" قال عمر: فأنتَ الآن أحبُّ إليَّ من نَفْسي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الآنَ يا عمرُ"
(3)
.
ذكرُ مناقب المُنكَدِر بن عبد الله أبي مُحمدٍ القُرَشي
6036 -
حدثني أبو بكر بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حَدَّثَنَا مصعب بن عبد الله، قال: المُنكَدِر بن عبد الله بن الهُدَير بن مُحْرِز بن عبد العُزَّى
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 29 / (18046)، وأخرجه كذلك البخاري (7210) عن علي بن المديني، وأبو داود (2942) عن عُبيد الله بن عمر بن مَيْسرة، ثلاثتهم (أحمد بن حنبل وابن المديني وعُبيد الله) عن عبد الله بن يزيد المقرئ بهذا الإسناد. لكن لم يذكر عُبيد الله في روايته التضحية بالشاة الواحدة.
وسيأتي برقم (7746) من طريق السَّرِيّ بن خزيمة عن عبد الله بن يزيد.
وقد سُمِّيت أمُّ عبد الله بن هشام في سائر الروايات السابقة زينب بنت حُميد.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: أحمد، والمثبت على الصواب من سائر المواضع الكثيرة التي روى بها المصنِّف أخبارًا بهذا الإسناد.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسنٌ إن شاء الله، فرِشدين وابن لهيعة - وإن كان فيهما مقال - تابع أحدهما الآخَر، وقد تابعهما حَيْوة بن شُريح، وهو ثقة.
وأخرجه أحمد 29/ (18047) و 31/ (18961) عن قتيبة بن سعيد، و 37/ (22503) عن حسن بن موسى، كلاهما عن ابن لَهِيعة وحده، به.
وأخرجه البخاري (3694) و (6264) و (6632) من طريق حَيْوة بن شُريح، عن أبي عَقيل زُهْرة بن مَعْبَد، به.
ابن عامر بن الحارث بن حارثةَ بن سعد بن تَيْم بن مُرّة، أدركَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وسمع منه
(1)
.
6037 -
أخبرني أبو زكريا يحيى بن محمد العَنْبَري، حَدَّثَنَا الحَسن بن علي، حَدَّثَنَا الزُّبير بن بكّار، قال: كان المُنكدر بن عبد الله جاء إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فشَكَا إليها الحاجةَ، فقالت: أولُ شيءٍ يأتيني أبعثُ به إليك، فجاءها عشرةُ آلاف درهمٍ، فبَعثَتْ بها إليه، فأخذَ منها جارِيةً، فوَلَدت له بَنِيهِ: محمدًا وأبا بكر وعمرَ، وذُكِروا كلُّهم بالصَّلاح، وحُمِل عنهم الحديثُ
(2)
.
6038 -
حَدَّثَنَا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حَدَّثَنَا أبو نُعيم، حَدَّثَنَا حُرَيث بن السائب، حَدَّثَنَا محمد بن المُنكَدر، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن طاف حولَ البيتِ أُسبُوعًا لا يَلْغُو فيه، كان كعَدْلِ رَقَبَةٍ يُعتِقُها"
(3)
.
(1)
وهو في "نسب قريش" لمصعب بن عبد الله ص 295. دون قوله: أدرك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وسمع منه.
(2)
أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 56/ 40 من طريق أحمد بن سليمان، عن الزُّبير بن بكّار.
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، لكن اختُلف في صحبة المنكدر بن عبد الله، فقد أثبت صحبته الطبراني والحاكم وغيرهما، لكن قال البخاري في "الضعفاء": لا يُعرف له سماعٌ من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، و قال ابن عبد البر في ترجمته من "الاستيعاب" ص 715: حديثه عندهم مرسل، ولا يثبتُ له صحبة ولكنه ولُد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلنا: وقد ذكره ابن حبان في التابعين، وعلى كل حال فللحديث شواهد يصحُّ بها. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (845)، وعنه أبو نُعيم في "معرفة الصحابة"(6267) عن علي بن عبد العزيز البغوي بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(12807 - عوامة)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 116، وابن عدي في "الكامل" 2/ 200، والبيهقي في "شعب الإيمان"(3758) و (3759)، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 5/ 278 - 279 من طرق عن أبي نُعيم الفضل بن دُكين، به.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 35 تعليقًا، وفي "الضعفاء" كما في "ميزان الاعتدال" =
6039 -
حَدَّثَنَا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان من أصلِ كتابه، حَدَّثَنَا محمد بن المغيرة السُّكّري
(1)
، حَدَّثَنَا القاسم بن الحَكَم العُرَني، حَدَّثَنَا عبد الله بن عمرو بن مُرّة، حدثني محمد بن سُوقَة، عن محمد بن المُنكدِر، عن أبيه، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: أنه خَرَج ذاتَ ليلةٍ، وقد أخَّر صلاةَ العِشاء حتَّى ذَهَبَ من الليل هُنَيهةٌ أو ساعةٌ، والناس يَنتظِرون في المسجد، فقال:"ما تَنتَظِرون؟ " فقالوا: ننتَظِرُ الصلاةَ! فقال: "أمَا
(2)
إنّكُم لن تَزالُوا في صلاةٍ ما انتظَرْتُموها" ثم قال: "أمَا إنها صلاةٌ لم يُصَلِّها أحدٌ ممّن كان قبلَكم من الأُمم"، ثم رفع رأسَه إلى السماء، فقال: "النجومُ أمانُ السماءِ، فإن طُمِسَت النُّجومُ أتى السماءَ ما يُوعَدُون
(3)
، وأنا أمانٌ لأصحابي
(4)
، فإذا قُبِضتُ أتى أصحابي ما يُوعَدُون، وأهل بيتي أمانٌ لأُمّتي، فإذا ذَهَبَ أهْلُ بيتي أتى أُمّتي ما تُوعَدُ
(5)
"
(6)
.
= للذهبي 4/ 190، وأبو نعيم في "المعرفة"(6267) من طريق مسلم بن إبراهيم، عن حريث بن السائب، به.
وأخرجه أبو نُعيم في "المعرفة"(6268) من طريق شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن أبيه.
قال الدارقطني في "الغرائب والأفراد" كما في "أطرافه" لابن طاهر المقدسي (4417): تفرَّد به أبو عُبيدة بن أبي السَّفَر عن وهب بن جرير بن حازم عن شعبة عن محمد بن المنكدر عن أبيه، وقال في "العلل" (3429): لا يصح عن شعبة.
ويشهد له حديث عبد الله بن عُمر الذي تقدَّم عند المصنّف برقم (1819)، وإسناده صحيح.
قوله: "أُسبوعًا" يعني: سبعًا؛ أي: سبعة أشواطٍ.
(1)
تحرّف في نسخنا الخطية إلى: اليشكري، والتصويب من "سير أعلام النبلاء" 13/ 383 وغيره من مصادر ترجمة المذكور.
(2)
لفظة "أما" سقطت من (ز) و (ب).
(3)
في (ص): توعد.
(4)
في: (ز): أمان أصحابي، على الإضافة.
(5)
في (ص): يوعدون.
(6)
إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن الحسن القاضي ومحمد بن المغيرة السُّكّري فيهما لينٌ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وما وقع في روايتهما هنا من ذكر أهل البيت فمنكرٌ، وقد روى هذا الحديثَ حفصُ بنُ عمر المِهْرِقاني الرازي - وهو لا بأس به - عن القاسم بن الحكم العُرني، فقال في روايته:"وأصحابي أمان لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يُوعدون"، وهذا هو المحفوظُ في الحديث كما تقدَّم بيانه برقم (3717).
هذا، وقد اختُلف في إسناد هذا الحديث عن محمد بن سُوقة، والمحفوظ أنه عن محمد بن المنكدر مرسلًا كما تقدَّم بيانه هناك؛ إذ تابعه على إرساله سهيل بن أبي صالح، وروياه بذكر الأصحاب بدلٌ أهل البيت كذلك.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20 / (846)، وفي "الأوسط"(7467)، وفي "الصغير"(967)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 120، والخطيب في "تاريخ بغداد" 4/ 114 من طريق حفص بن عمر المِهْرِقاني، عن القاسم بن الحكم العُربي، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 199 عن سفيان بن عيينة، عن محمد بن سُوقة وسهيل بن أبي صالح، عن محمد بن المنكدر مرسلًا.
ويُغني عنه حديثُ أبي موسى الأشعري بذكر القطعتين الأُولى والثالثة، وهو حديث صحيح تقدَّم تخريجه برقم (3717)، وفيه ذكر الأصحاب بدل أهل البيت.