المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب تعبير الرؤيا بسم الله الرحمن الرحيم   8373 - حدَّثنا أبو عبد - المستدرك على الصحيحين - ط الرسالة - جـ ٩

[أبو عبد الله الحاكم]

فهرس الكتاب

‌كتاب تعبير الرؤيا

بسم الله الرحمن الرحيم

8373 -

حدَّثنا أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنعاني بمكة من أصل كتابه، حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبَري، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن أيوب، عن ابن سِيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في آخر الزمانِ لا تكادُ رُؤْيا المؤمنِ تَكذِب، وأصدَقُهم رُؤيا أصدَقُهم حديثًا.

والرُّؤيا ثلاثٌ: فالرؤيا الحسنةُ بُشْرى من الله عز وجل، والرؤيا يُحدِّث بها الرجلُ نفسَه، والرؤيا تحزينٌ من الشيطان، فإذا رأى أحدُكم رؤيا يَكرهُها، فلا يُحدِّث بها أحدًا وليَقُم فليُصلِّ.

ورؤيا المؤمن جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءًا من النبوَّة".

قال أبو هريرة: يُعجِبُني القَيدُ وأكرهُ الغُلَّ، القَيدُ ثباتٌ في الدِّين

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 13/ (7642)، ومسلم (2263)، والترمذي (2291).

فاستدراك الحاكم له ذهول منه رحمه الله.

وأخرجه مسلم (2263)، وأبو داود (5019)، والترمذي (2270) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن أيوب، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (6040) من طريق ابن عيينة، عن أيوب، به دون قصة "الرؤيا ثلاث

".

وأخرجه مسلم (2263) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب وهشام الدستوائي، عن محمد بن سيرين، به موقوفًا لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وهي رواية شاذَّة.

وأخرجه مقطَّعًا أحمد 16/ (10590)، والبخاري (7017)، ومسلم (2263)، وابن ماجه (3906) و (3917)، والترمذي (2280)، والنسائي (7607) و (10680) من طرق عن محمد بن سيرين، به مرفوعًا.

وأخرج نحو القطعتين الثانية والثالثة منه النسائي (10674) من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة. =

ص: 5

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

8374 -

حدَّثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدَّثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعْديُّ، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا شُعْبة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن عُدُس، عن عمه أبي رَزِين العُقَيلي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رُؤيا المؤمن جزءٌ من ستةٍ وأربعين جُزءًا من النبوة

(1)

، وهي على رِجل طائرٍ ما لم يُحدِّثْ بها، فإذا حدَّث بها وَقَعَت"

(2)

.

= وأخرج قوله: "الرؤيا جزء

" أحمد 12/ (7168) و (7183)، والبخاري (6988)، ومسلم (2263) (8)، وابن ماجه (3893)، وابن حبان (6044) من طرق عن أبي هريرة - إلَّا أنَّ كليبًا الجَرمي ويزيد الأودي في روايتيهما عنه خالفا فقالا فيه: "جزءًا من سبعين جزءًا"، والمحفوظ عنه: "من سنة وأربعين جزءًا".

تنبيه: أدرج بعضهم قول أبي هريرة: يعجبني القيد

إلخ، في الحديث فجعله مرفوعًا، والصواب أنه موقوف على أبي هريرة كما وقع في رواية المصنف هنا.

(1)

من قوله: "قال أبو هريرة" في الحديث السابق إلى هنا سقط من (ز) و (ب).

(2)

إسناده ضعيف، وكيع بن عدس - ويقال: حُدس - لم يرو عنه إلا يعلى بن عطاء، قال ابن القطان الفاسي: مجهول الحال، وقال الذهبي: لا يعرف، وقال ابن قتيبة: غير معروف، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول. ومع هذا فقد صحَّح الحديثَ الترمذي وابن حبان، وحسَّنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 22/ 527.

وأخرجه أحمد 26 / (16195) و (16197)، والترمذي (2278)، وابن حبان (6049) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وزادوا في آخره غير ابن حبان: وأحسبه قال: "لا يحدِّث بها إلَّا حبيبًا أو لبيبًا". وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه بالزيادة المذكورة أو نحوها أحمد 26/ (16182) و (16183)، وأبو داود (5020)، وابن ماجه (3914)، وابن حبان (6050) و (6055) من طريقين عن يعلى بن عطاء به، ورواية أبي داود دون الشطر الأول.

ويشهد للشطر الأول منه حديث أبي هريرة السابق، وهو في "الصحيحين".

ويشهد لمعناه في الشطر الثاني حديث عائشة عند الدارمي (2209) بلفظ: "إذا عَبَرتم للمسلم الرؤيا فاعبُروها على الخير، فإن الرؤيا تكون على ما يَعبُرها صاحبُها"، وحسَّن إسناده الحافظ =

ص: 6

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بالزيادة.

8375 -

أخبرنا عبد الرحمن بن حَمدان الجَلَّاب بهَمَذان، حدَّثنا إسحاق بن أحمد بن مِهْران الخزَّاز، حدَّثنا إسحاق بن سليمان الرازي، قال: سمعت مالكَ بن أنس يحدِّث عن إسحاق بن عبد الله

(1)

بن أبي طلحة، عن زُفَر

(2)

بن صَعْصعة بن مالك، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاة الغَدَاة يقول: "هل رأى أحدٌ منكم الليلةَ رؤيا؟ ألا إنَّه لا يَبْقى بعدي من النبوة إلَّا الرُّؤيا الصالحةُ"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8376 -

حدَّثنا أبو حفص أحمد بن أَحْيَد

(4)

الفقيهُ ببُخارى، حدَّثنا إسحاق بن أحمد بن صَفْوان البخاري، حدَّثنا يحيى بن جعفر البخاري، حدَّثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن أيوب، عن أبي قِلابة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الرؤيا تقعُ على ما تُعبَر، ومَثَلُ ذلك مَثَلُ رجل رفع رِجلَه فهو ينتظر متى يَضَعُها، فإذا رأى أحدُكم رؤيا فلا يُحدِّث بها إلا ناصحًا أو عالمًا"

(5)

.

= في "الفتح"، مع أنَّ فيه عنعنة محمد بن إسحاق، وهو يدلِّس.

وحديث أنس الآتي برقم (8376).

(1)

زاد هنا في (ز) و (م) و (ب): بن طلحة، وهو خطأ، والصواب إسقاطه كما في (ك).

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: رؤبة، والتصويب من مصادر التخريج.

(3)

إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 956 - 957.

ومن طريق مالك أخرجه أحمد 14/ (8313)، وأبو داود (5017)، والنسائي (7574)، وابن حبان (6048). ووقع في روايتي معن بن عيسى وابن القاسم عن مالك عند النسائي: إسحاق عن زفر بن صعصعة عن أبي هريرة، بإسقاط الواسطة بينهما، والمحفوظ عن مالك في سائر روايات أصحابه عنه إثباتها.

وأخرجه بنحوه البخاري (6990) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.

(4)

تحرَّف في (ز) و (م) إلى: أهيل، وفي (ك) و (ب) إلى: أهسل، وفي المطبوع إلى: سهل.

والصواب ما أثبتنا، وقد روى المصنف عنه في عدة مواضع من كتابه هذا.

(5)

رجاله ثقات معروفون غير إسحاق بن أحمد بن صفوان البخاري فلم نقف له على ترجمة =

ص: 7

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8377 -

حدَّثنا أبو الحسن محمد بن علي بن بكرٍ العَدْلُ، حدَّثنا الحسين بن الفضل، حدَّثنا عفّان بن مسلم، حدَّثنا عبد الواحد بن زياد، حدَّثنا المختار بن فُلْفُل، حدَّثنا أنس مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الرسالةَ والنبوَّةَ قد انقَطَعَت، فلا رسولَ بعدي ولا نبيَّ"، قال: فشَقَّ ذلك على الناس، فقال:"لكن المُبشِّراتُ" قالوا: يا رسول الله، ما المبشِّرات؟ قال:"رُؤْيا المَرْء المسلم، وهي جزءٌ من أجزاء النبوَّة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8378 -

حدَّثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن الحسن بن بَيَان المُقرئ، حدَّثنا عبد الله بن رَجَاء، حدَّثنا حَرْب بن شدَّاد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة قال: نُبِّئتُ عن عُبادة بن الصَّامت قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل:

= إلا أن يكون إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن الحصين السُّلمي، وكنيته أبو صفوان، وهذا ذكره الذهبي في "تاريخ الإسلام" 6/ 512 ووثقه.

وقد وقع في "جامع معمر"(20354) برواية إسحاق الدبري عن عبد الرزاق: معمر عن أيوب عن أبي قلابة مرسلًا، لم يذكر أنس بن مالك.

وقوله: "إنَّ الرؤيا تقع على ما تعبر" سبق شاهده في تخريج حديث أبي رزين برقم (8374).

وقوله: "فإذا رأى أحدكم رؤيا، فلا يحدِّث بها إلا ناصحًا أو عالمًا" يشهد له حديث أبي رزين السابق.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 21/ (13824)، والترمذي (2272) من طريق عفان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرج آخره أحمد 19/ (12037) من طريق حميد، وأحمد (12272)، والبخاري (6983)، وابن ماجه (3893)، والنسائي (7577)، وابن حبان (6043) من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وأحمد 21/ (13849)، والبخاري (6994) من طريق ثابت البناني، ثلاثتهم عن أنس.

بلفظ: "رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة".

ص: 8

{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] قال: "هي الرُّؤْيا الصَّالحةُ يَرَاها المؤمنُ أو تُرَى له"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه حديث أبي الدرداء الذي:

8379 -

حدَّثَناه علي بن عيسى الحِيري، حدَّثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدَّثنا ابن أبي عُمر، حدَّثنا سفيان، عن عبد العزيز بن رُفيع، عن أبي صالح السَّمَّان، عن عطاء بن يَسار، قال: سألتُ أبا الدرداء عن قول الله عز وجل: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ، فقال: ما سألني عنها أحدٌ غيرُك منذ سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال:"ما سألَني عنها أحدٌ غيرُك مُنذُ أنزلَت، هي الرُّؤيا الصالحةُ يَراها المسلم، أو تُرَى له"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع بين أبي سلمة وعبادة كما هو ظاهر الرواية.

وأخرجه أحمد 37/ (22740) عن أبي سعيد مولى بني هاشم، عن حرب بن شدّاد، بهذا الإسناد.

لكن قال: عن أبي سلمة عن عبادة.

وأخرجه الترمذي (2275) من طريق أبي داود الطيالسي، عن حرب بن شداد وعمران القطان، به.

وفيه: نُبِّئتُ عن عبادة.

وقد سلف برقم (3341) من طريق علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلَّا أنَّ المحفوظ فيه عن عطاء بن يسار عن رجل عن أبي الدرداء، بإدخال واسطة مبهمة، وهو الذي صوَّبه الدارقطني في "العلل" (1080). ابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى العَدَني، وسفيان: هو ابن عُيينة، وأبو صالح: هو ذكوان.

وأخرجه الترمذي (3106 م) عن ابن أبي عمر، بهذا الإسناد - فقال: عن عطاء بن يسار عن رجل من أهل مصر عن أبي الدرداء. وقال: حديث حسن.

وأخرجه كذلك أحمد 45/ (27521) عن سفيان بن عيينة به. وزاد الرجل من أهل مصر.

وأخرجه أحمد (27510) و (27520) و (27526) و (27556) من طريق الأعمش، عن أبي صالح، به - بزيادة الرجل المبهم. =

ص: 9

8380 -

أخبرني أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبيُّ، حدَّثنا أبو عيسى محمد بن عيسى، حدَّثنا قُتيبة بن سعيد، حدَّثنا بكر بن مُضَر، عن ابن الهاد، عن عبد الله بن خَبَّاب، عن أبي سعيدٍ الخُدْري، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا رأى أحدُكم الرُّؤيا يحبُّها فإنما هي من الله، فليَحمَدِ الله عليها وليُحدِّثْ بما رأى، وإذا رأى غيرَ ذلك مما يَكرَه فإنما هي من الشيطان، فليَستعِذْ بالله من شَرِّها ولا يَذْكُرْها لأحد، فإنها لا تَضرُّه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!

8381 -

أخبرنا أبو النَّضر الفقيه، حدَّثنا عثمان بن سعيد الدَّارِمي، حدَّثنا سعيد بن عُفير وعبد الله بن صالح المصريان، قالا: حدَّثنا الليث بن سعد، عن أبي الزُّبير، عن جابر: أنَّ أعرابيًّا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني حَلَمتُ أَنَّ رأسي قُطِعَ فأنا أَتبَعُه، فزَجَرَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقال:"لا تُخبِرُ بتَلعُّب الشيطانِ بك في المَنام"

(2)

.

= وأخرجه الترمذي (3106 م) من طريق عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي الدرداء. فأسقط من الإسناد اثنين.

وأخرجه أحمد (27521)، والترمذي (2273) و (3106) من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن المنكدر، عن عطاء بن يسار، عن رجل من أهل مصر، عن أبي الدرداء. فأسقط أبا صالح.

وانظر ما قبله.

(1)

إسناده صحيح. أبو عيسى محمد بن عيسى: هو الإمام الترمذي المشهور صاحب "السنن"، وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله، وعبد الله بن خباب: هو الأنصاري المدني.

والحديث في "جامع الترمذي"(3453). وقال: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 17/ (11054)، والنسائي (7605) و (10729) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (6985) و (7045) من طرق عن يزيد بن الهاد به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(2)

إسناده صحيح. أبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي. =

ص: 10

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

8382 -

أخبرنا أبو النضر الفقيه، حدَّثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدَّثنا سعيد بن عُفير وعبد الله بن صالح، قالا: حدَّثنا الليث بن سعد، عن أبي الزُّبير، عن جابر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا رأى أحدُكم الرؤيا يَكْرَهُها، فليَبصُقْ عن يَسَاره وليتحوَّلْ عن جَنْبه الذي كان عليه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

8383 -

حدَّثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدَّثنا أبي، حدَّثنا عمرٌو بن سَوَّاد السَّرْحيُّ، حدَّثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن أبا السَّمح حدثه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخُدْري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أصدقُ الرُّؤيا بالأسحار"

(2)

.

= وأخرجه أحمد 23/ (14779)، ومسلم (5268)(12) و (14)، وابن ماجه (3913)، والنسائي (7610) و (10682)، وابن حبان (6057) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهول منه.

وأخرجه بنحوه أحمد 22/ (14293) و 23/ (15110) من طريقين عن أبي الزبير، به.

وأخرجه أحمد 22/ (14383)، ومسلم (2268)(15) و (16)، وابن ماجه (3912) من طريق أبي سفيان، عن جابر.

(1)

إسناده صحيح كسابقه.

وأخرجه أحمد 23/ (14780)، ومسلم (2262)، وأبو داود (5022)، وابن ماجه (3908)، والنسائي (7606) و (10681)، وابن حبان (6060) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

فاستدراك الحاكم له ذهول منه.

(2)

إسناده ضعيف لضعف رواية أبي السمح - وهو درّاج بن سمعان - عن أبي الهيثم - وهو سليمان بن عمرو العُتواري - وعدَّ ابن عدي في "الكامل" 3/ 115 هذا الحديث من منكرات دراج.

وأخرجه أحمد 18/ (11650)، وابن حبان (6041) من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 17/ (11240)، والترمذي (2274) من طريق ابن لهيعة، عن دراج، به.

ص: 11

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8384 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمَّاك، حدَّثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدَّثنا قَبيصة بن عُقبة، حدَّثنا سفيان، عن عبد الأعلى بن عامر، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، عن علي بن أبي طالب، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن كَذَب في حُلْمِه، كُلِّف يومَ القيامة عَقْدَ شَعيرةٍ"

(1)

.

8385 -

حدَّثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدَّثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي عن عليٍّ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن كَذَب في حُلْمِه، كُلِّف يومَ القيامة أن يَعقِدَ بين شَعيرتَين"

(2)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الأعلى بن عامر: وهو الثعلبي. سفيان: هو الثوري، وأبو عبد الرحمن السلمي: هو عبد الله بن حبيب.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على "مسند" أبيه 2/ (1088) عن إسحاق بن إسماعيل، عن قبيصة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (699)، والترمذي (2281) من طريقين عن سفيان، به.

وأخرجه أحمد (568) و (694) من طريق إسرائيل، عن عبد الأعلى، به.

وله شاهد من حديث ابن عباس عند البخاري في "صحيحه"(7042) بلفظ: "من تحلم بحلم لم يره، كُلِّف أن يعقد بين شعيرتين، ولن يفعل".

وانظر حديث أبي شريح العدوي السالف برقم (8223).

قال الطَّبَري فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 22/ 521: إنَّما اشتَدَّ فيه الوعيد (يعني الكذب في المنام) مع أنَّ الكذب في اليَقَظة قد يكون أشدَّ مَفسدةً منه، إذ قد يكون شهادةً في قتل أو حَدٍّ أو أخذ مالٍ، لأنَّ الكذب في المنام كذبٌ على الله أنَّه أراه ما لم يَرَه، والكذب على الله أشدّ من الكذب على المخلوقين، لقوله تعالى:{وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ} الآية [هود: 18]، وإِنَّما كان الكذب في المنام كذِبًا على الله الحديث:"الرُّؤيا جُزءٌ من النُّبوّة"، وما كان من أجزاء النُّبوّة فهو من قِبَل الله تعالى.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. يحيى بن محمد بن يحيى: هو الذُّهلي، =

ص: 12

صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8386 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدَّثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا عبد الواحد بن زياد، عن عاصم بن كُليب قال: حدثني أبي، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن رآني في المَنام فقد رآني؛ إِنَّ الشيطان لا يَتمثَّلُني".

قال أَبي: فحدَّثتُ به ابنَ عباس وقلتُ: قد رأيتُه؛ فذكرتُ الحسنَ بن علي فشبَّهتُه به، فقال ابن عباس: إنه كان يُشبِهُه

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

8387 -

حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدَّثنا يونس بن بُكَير، قال: حدثني عثمان بن عبد الرحمن، عن الزُّهري، عن عُروة، عن عائشة قالت: سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وَرَقةَ، فقالت له خديجة: إنه كان صدَّقكَ ولكنه مات قبل أن تَظهَر، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أُريتُه في المنام وعليه ثيابٌ بِيضٌ، ولو كان

= وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.

وأخرجه أحمد 2/ (789)، وابنه عبد الله في زياداته (1070) و (1089)، والترمذي (2282) من طرق عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.

(1)

إسناده قوي، عاصم بن كليب وأبوه صدوقان لا بأس بهما.

وأخرجه أحمد 14/ (8508) عن عفان بن مسلم، عن عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد أيضًا 12/ (7168) عن محمد بن فضيل، عن عاصم بن كليب، به.

وأخرجه أحمد 12/ (7553) و 15/ (9316) و (9324) و (9488) و 16/ (9966) و (10055) و (10109)، والبخاري (110) و (6197) و (6993)، ومسلم (2266)، وأبو داود (5023)، والترمذي (2280)، وابن ماجه (3901)، وابن حبان (6051) و (6052) من طرق عن أبي هريرة بنحوه. ولفظ المرفوع عند الشيخين كهو عند الحاكم، غير أنه ليس عندهما قصة ابن عباس، إذ إنها في حديث كليب فقط، فقوله الآتي: ولم يخرجاه بهذه السياقة، صحيح لا غبار عليه.

ص: 13

من أهل النار لكان عليه لباسٌ غيرُ ذلك"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8388 -

أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفَضْل الشَّعْراني، حدَّثنا جَدِّي، حدَّثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن عطاء، أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: خَرَجَ إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: "إني رأيتُ في المنام كأنَّ جبريلَ عند رأسي، وميكائيلَ عند رِجليَّ، يقول أحدُهُما لصاحبه: اضربْ له مَثَلًا، فقال: اسمَعْ سَمِعَت أذنُك، واعقِلْ عَقَلَ قلبُك: مَثَلُك ومَثَلُ أُمَّتِك كمَثَل مَلِكٍ اتَّخَذ دارًا، ثم بَنَى فيها بيتًا، ثم جعل فيها مائدةً، ثم بَعَث رسولًا يدعو الناسَ إلى طعامِه، فمنهم من أجاب الرسولَ ومنهم من تَرَكه؛ والله: هو المَلِكُ، والدارُ: الإسلامُ، والبيتُ: الجنّةُ، وأنت يا محمدُ رسولٌ، من أجابك دَخَل الجنّة، ومن دخل الجنة أَكل ما فيها"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8389 -

أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن أبي الوَزير، حدَّثنا أبو حاتم

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، عثمان بن عبد الرحمن - وهو الوقّاصي - متروك الحديث، واتهمه ابن معين مرة بالكذب.

وأخرجه الترمذي (2288) عن أبي موسى الأنصاري، عن يونس بن بكير، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب، وعثمان بن عبد الرحمن ليس عند أهل الحديث بالقوي.

ومما يدلُّ على خطأ الوقّاصي في هذا الحديث أنَّ عبد الرزاق أخرجه في "مصنفه"(9719) عن معمر عن الزهري قال: وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ورقة بن نوفل - كما بلغَنا - قال

فذكر نحوه. فالحديث من بلاغات الزهري، ولا تصحُّ.

ورواه أحمد 40/ (24367) من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة. وابن لهيعة سيئ الحفظ صاحب تخاليط.

(2)

حديث صحيح إن شاء الله، وقد وقع في إسناده خلاف سلف بيانه عند المصنف برقم (3338).

ص: 14

محمد بن إدريس الرَّازي، حدَّثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدَّثنا الأشعث، عن الحسن، عن أبي بَكْرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال ذاتَ يوم: "مَن رأى منكم رُؤْيا؟ " فقال رجلٌ: أنا، رأيت كأنَّ ميزانًا نَزَل من السماء، فوُزِنتَ أنت وأبو بكر فرَجَحت أنت بأبي بكر، ووُزِنَ عمرُ بأبي بكر فرَجَح أبو بكر، ووُزِنَ عمرُ وعثمانُ فَرَجَح عمرُ، ثم رُفِع الميزان، فرأيتُ الكراهيَةَ في وجهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8390 -

حدثني علي بن عيسى الحِيريُّ، حدَّثنا الحسين

(2)

بن محمد بن زياد، حدَّثنا أبو الخَطَّاب زياد بن يحيى الحسّاني

(3)

، حدَّثنا مَسْعَدة بن اليَسَع، عن ابن عَوْن، عن ابن سِيرِين، عن قيس بن عُبَاد

(4)

قال: كنت جالسًا في حَلْقة المسجد فدخل رجلٌ، فقالوا: هذا رجلٌ من أهل الجنة، فصلَّى فخرج، فاتَّبعتُه فقلت: إِنَّ القوم قالوا كذا وكذا، فقال: ما ينبغي لأحدٍ أن يَكذِبَ أو يقولَ ما لا يعلم، وسأحدِّثُك لِمَ ذا: إني رأيت رؤيا فقصصتُها على النبي صلى الله عليه وسلم، رأيت كأنِّي في رَوْضةٍ خضراءَ - فذكر من سَعَتِها وخُضْرتها - وفي وَسَط الروضة عمود من حديد، فأتاني رجل فقال لي: اصعَدْ، فقلت: لا أستطيع أن أصعدَ، قال: فأتاني مِنصَفٌ

(5)

من خلفي، فقال بي، فصعَّدَني مع ثيابي، فلما انتهيتُ إلى أعلى العمود إذا فيه عُرْوةٌ، فأَدخلتُ يدي في العروة، فلقد أصبحتُ وإِنَّ الحَلْقة لفي يدي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما الرَّوضةُ فروضةُ الإسلام،

(1)

إسناده صحيح، وهو مكرر (4486).

(2)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: الحسن، وقد تكرر عند المصنف على الصواب في عشرات المواضع.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الجيشاني، والصواب ما أثبتناه كما في مصادر ترجمته، وقد ورد على الصواب في غير ما موضع من هذا الكتاب.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبادة، والصواب ما أثبتناه كما في مصادر ترجمته.

(5)

في النسخ الخطية: فأتى بي منصبًا، وهو تحريف، والتصويب من مصادر التخريج.

والمِنصَف: الخادم.

ص: 15

وأما العمودُ فعمودُ الإسلام، وأما العُروةُ فأخذتَ بالعروة الوُثْقى، فلا تزالُ ثابتًا على الإسلام حتى تموتَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين

(2)

، ولو كان الرجل فيه مسمًّى لصحَّ على شرطهما.

8391 -

أخبرنا أبو العبَّاس محمد بن أحمد المَحبُوبي، حدَّثنا أبو عيسى محمد بن عيسى التِّرمذيُّ، حدَّثنا سهل بن إبراهيم البَصْري، حدَّثنا مَسْعَدة بن اليَسَع، عن محمد بن عمرو بن عَلْقمة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطبٍ قال: اجتمع نساءٌ من نساء المؤمنين عند عائشة أم المؤمنين، فقالت امرأةٌ منهن: والله لا يُعذِّبُني الله أبدًا، إنما بايعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا أُشرك بالله شيئًا، ولا أسرقَ، ولا أقتُلَ ولدي، ولا آتيَ ببُهتانٍ أَفتريه بين يديَّ ورِجْليَّ، ولا أعصيَه في معروف، وقد وَفَّيتُ، قال: فرَجَعَت إلى بيتها فأُتِيَتْ في منامها، فقيل: أنتِ المُتألِّيةُ على الله تعالى أن لا يعذِّبَكِ، فكيف بقولكِ فيما لا يَعنيك، ومَنْعِكِ ما لا يُغنيك؟ قال: فرَجَعَت إلى

(1)

الحديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف جدًّا، مسعدة بن اليسع متروك الحديث واتهمه أبو داود بالكذب، لكن الحديث صحَّ من غير طريقه عن عبد الله بن عون بما يغني عن طريق مسعدة هذا.

فقد أخرجه أحمد 39/ (23787)، والبخاري (3813) و (7014)، ومسلم (2484)(148) من طرق عن ابن عون، بهذا الإسناد. وبيّنوا فيه أن هذا الرجل الذي رأى الرؤيا هو عبد الله بن سَلام رضي الله عنه.

وأخرجه بنحوه البخاري (7010)، ومسلم (2484)(149) من طريق قرة بن خالد، عن ابن سيرين، به.

وقد سلف عند المصنف برقم (5864) من رواية خَرَشة بن الحر عن عبد الله بن سلام.

(2)

كذا وقع في النسخ الخطية: صحيح على شرط الشيخين، وتتمة الكلام تدل على أنَّ هذا خطأ في النسخ القديمة، فلعلَّ الصواب دون قوله:"على شرط الشيخين" حتى يستقيم الكلام، والله أعلم.

ص: 16

عائشة فقالت لها: إني أُتِيتُ في منامي فقيل لي كذا وكذا، وإني أستغفرُ الله وأتوبُ إليه

(1)

.

8392 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب بن فُضيل التاجر المَحْبوبيُّ بمَرْو، حَدَّثَنَا أبو عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرة الحافظ بتِرمِذَ، حَدَّثَنَا سهل بن إبراهيم الجاروديُّ، حَدَّثَنَا مَسعَدة بن اليَسَع، عن مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عَمْرة، عن عائشة قالت: رأيت في المنام كأنَّ ثلاثة أقمار سَقَطْن في حُجرتي، فقَصَصتُ رؤيايَ على أبي بكر، فلما دُفن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في بيتي، قال أبو بكر: هذا أَحدُ أقمارك، وهو خَيْرُها

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8393 -

حَدَّثَنَا أبو العبَّاس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن عَفَّان

(1)

خبر حسنٌ وهذا إسناد ضعيف جدًّا كسابقه من أجل مسعدة بن اليسع، لكنه لم ينفرد به، فقد رواه عن محمد بن عمرو أيضًا حمادُ بنُ سلمة عند أبي داود في "الزهد"(339)، وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو إلَّا أنَّ صورته صورة الإرسال، فإنَّ من المستبعد أن يكون يحيى قد حضر القصة مع النساء.

وأخرجه ابن وهب في "الجامع"(421 - أبو الخير) عن أسامة بن زيد الليثي، أنه سمع محمد بن كعب القُرظي يحدِّث: أنَّ امرأة قالت عند عائشة

فذكره. وهذا إسناد حسن أيضًا، إلَّا أنَّ فيه شبهة الإرسال كما أسلفنا، والله أعلم.

وأخرجه بنحوه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 6/ 329، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4655) و"دلائل النبوة" 7/ 30 من طريقين عن مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد - زاد يحيى بن بكير عن مالك عند البيهقي: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن -: أنَّ امرأة

فذكره. ورجاله ثقات إلّا أنَّ صورته الإرسال كذلك.

(2)

الخبر صحيح كما سلف بيانه برقم (4448)، وهذا إسناد ضعيف جدًّا كسابقيه، ثم إنَّ مسعدة بن اليسع قد خالف رواية مالك المشهورة، حيث رواه يحيى الليثي عن مالك في "الموطأ" 1/ 232 فقال: عن يحيى بن سعيد عن عائشة مرسلًا. لم يذكر فيه عمرة، وقد سلف برقم (4448) من طريق سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: قالت عائشة.

ص: 17

العامريّ، حَدَّثَنَا محمد بن فُضَيل، عن حُصَين، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي أيوب، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنِّي رأيتُ في المنام غَنَمًا سُودًا يَتبعُها

(1)

غَنَمٌ عُفْرٌ، يا أبا بكر، اعبُرْها" فقال أبو بكر: يا رسول الله هي العربُ تَتْبعُك، ثم تَتبعُها العَجَمُ حتَّى تَعْمُرَها، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"هكذا عَبَرَها المَلَكُ سَحَرَ"

(2)

.

8394 -

أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى البزَّاز ببغداد، حَدَّثَنَا العبّاس بن محمد الدُّوري، حَدَّثَنَا هاشم بن القاسم، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن

(3)

عبد الله بن دِينار، عن زيد بن أسلَمَ، عن ابن عمر قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت غَنَمًا كثيرةً سُودًا دَخَلَت فيها غنمٌ كثيرةٌ بيضٌ" قالوا: فما أوَّلْتَه يا

(1)

قوله: "غنمًا سودًا يتبعها" سقط من (ز) و (ب).

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه قد اختُلف في إسناده.

فقد رواه محمد بن عمران بن أبي ليلى - وهو صدوق لا بأس به - عند ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"(3315)، والدولابي في "الكنى"(46)، وأبي نعيم في "تاريخ أصبهان" 1/ 10 عن محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بكر نفسه. وابن أبي ليلى لم يدرك أبا بكر.

وخالف ابنَ فضيل في وصله ثقتان: هما سفيانُ بن عيينة عند أبي بكر الشافعي في "الغيلانيات"(31)، وأبي نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 10، وعبدُ الله بن إدريس عند ابن أبي شيبة 11/ 59، فروياه عن حصين - وهو ابن عبد الرحمن السلمي - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ مرسلًا. قال الدارقطني في "العلل"(80): وهو المحفوظ.

ويشهد له حديث عمرو بن شرحبيل عند أبي نعيم 1/ 9 عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لأبي بكر، فذكره. وإسناده صحيح.

وآخر من حديث أبي هريرة عنده 1/ 10، وفي إسناده جهالة.

وفي الباب عن أبي الطفيل عند أحمد 39 / (23801)، وإسناده ضعيف.

وعن النعمان بن بشير وجبير بن مطعم عند أبي نعيم 1/ 9، وإسنادهما ضعيف بمرّة.

وعن قتادة مرسلًا عند معمر في "جامعه"(19924).

(3)

تحرَّف لفظ "بن" في النسخ الخطية إلى: عن.

ص: 18

رسول الله؟ قال: ["العجمُ يَشْرَكونَكم في دينِكم وأنسابِكم" قالوا: العَجمُ يا رسول الله؟]

(1)

قال: "لو كان الإيمانُ مُعلَّقًا بالثُّريّا، لنالَه رجالٌ من العجم وأسعَدَهُم به الناسُ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

8395 -

حَدَّثَنَا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا موسى بن إسحاق الخَطْميُّ، حَدَّثَنَا واصل بن عبد الأعلى، حَدَّثَنَا محمد بن فُضيل، عن عُمارة بن القَعْقاع، عن إبراهيم، عن عَلْقمة، عن عبد الله قال: الفَتَيانِ اللَّذان أتَيا يوسفَ عليه السلام في الرُّؤيا إنما كانا تَكَاذَبا، فلما أوّلَ رُؤْياهما قالا: إنا كنا نَلعَب، فقال يوسف: قُضِيَ الأمرُ الذي فيه تَسْتفتيانِ

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8396 -

أخبرنا محمد بن إسحاق الصَّفَّار العَدْل، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن نصر،

(1)

ما بين المعقوفين لم يرد في نسخنا الخطية، واستدركناه من "تلخيص الذهبي".

(2)

رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، ففيه لِين، وهو صدوق يخطئ كما قال الحافظ ابن حجر في "التقريب".

وقد اختُلف عليه في وصله وإرساله، فوصله عنه هاشم بن القاسم - وهو ثقة معروف - كما هو هنا.

ورواه علي بن حُجر عن إسماعيل بن جعفر عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم مرسلًا لم يذكر فيه ابن عمر كما في "حديث إسماعيل بن جعفر"(449)، وإسماعيل هذا متفق على توثيقه، وقال فيه:"أسعدهم به فارسُ".

وانظر ما قبله.

ويشهد لآخره حديث أبي هريرة عند مسلم (2546)، وهو في "مسند أحمد" 13/ (8081).

(3)

إسناده صحيح. إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي.

وأخرجه الطبري في "التفسير" 12/ 221، وفي "التاريخ" 1/ 343 - 344، وابن أبي حاتم في "التفسير" 7/ 2148 من طرق عن محمد بن فضيل، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (3364).

ص: 19

حَدَّثَنَا عمرو بن حمَّاد بن

(1)

طلحة، حَدَّثَنَا أسباط بن نَصْر، عن السُّدِّي، عن عبد الرحمن بن سابِط، عن جابر بن عبد الله قال: جاء بستانُ

(2)

اليهوديُّ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، هل تعرف النُّجومَ التي رآها يوسفُ يسجدون له؟ فسكت عنه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتَّى أتاه جبريل عليه السلام فأخبره بما سأله اليهودي، فلَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اليهوديَّ فقال:"يا يهوديّ، لِلَّه عليك إنْ أنا أخبرتُك لتُسلِمَنَّ؟ " فقال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النُّجومُ: حدثانُ

(3)

والطَّارقُ والذَّيَّالُ وقابِسٌ والعَمُودانِ

(4)

والفيلق

(5)

والمُصبح

(6)

والصَّرُوح وذو الكفّان

(7)

وذو الفرغ والوثَّاب، رآها يوسفُ محيطةً بأكنافِ السماءِ ساجدةً له، فقصَّها على أبيه، فقال له أبوه: إنَّ هذا أمرٌ مُتَشَتّت

(8)

، وسَيَجمَعُه الله بعدُ"

(9)

.

(1)

تحرّف لفظ "بن" في النسخ الخطية إلى: عن.

(2)

في (ز) و (ب): بستبان، وفي (م): بستنان، وفي المطبوع: شيبان، والتصويب من (ك) ومصادر التخريج و"إتحاف المهرة" لابن حجر.

(3)

هكذا في النسخ الخطية، وفي بعض مصادر التخريج: حرثان، وفي بعضها: جربان، وفي أخرى: خربان. وقد ذهب الشهاب الخفاجي في "حاشيته على تفسير البيضاوي" 5/ 155 إلى أنه جَرِيَّان، وضبطه بالحروف، وقال: منقول من اسم طوق القميص.

(4)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: العودان، والتصويب من سائر مصادر التخريج، وهو كذلك عند الشهاب الخفاجي وقال: تثنية عمود.

(5)

في (ب): الفليق.

(6)

في النسخ الخطية: النصيح، والمثبت من مصادر التخريج، وهو كذلك عند الشهاب وقال: ما يطلع قبيل الفجر.

(7)

هكذا في النسخ الخطية، وعند الشهاب: ذو الكتفين، وقال تثنية كتف، نجم كبير. ثم قال: وهذه نجوم غير مرصودة.

(8)

تحرَّف في النسخ الخطية على غير وجهٍ، والتصويب من مصادر التخريج.

(9)

حديث واهٍ منكر، وهكذا وقع هذا الحديث بهذا الإسناد عند الحاكم، وقد تفرَّد بذكر أسباط ابن نصر في السند، فكأنه لزم الجادة، فأسباط هو راوي التفسير عن السدي - وهو: إسماعيل =

ص: 20

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8397 -

فحدّثنا أبو النَّضْر الفقيه وأبو الحسن العَنَزيُّ، قالا: حَدَّثَنَا مُعاذ بن نَجْدةَ القُرشي، حَدَّثَنَا قَبيصة بن عُقبة، حَدَّثَنَا سفيان، عن سِماك بن حَرْب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس:{إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} [يوسف: 4]، قال: كانت رؤيا الأنبياء وَحْيًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8398 -

أخبرنا أبو العبَّاس محمد بن أحمد المحبوبيُّ، حَدَّثَنَا أبو عيسى التِّرمذي، حَدَّثَنَا علي بن حُجْر، حَدَّثَنَا عيسى بن يونس، عن سليمان التَّيْميِّ، عن أبي عثمان

= ابن عبد الرحمن بن أبي كريمة - والمعروف في هذا الحديث أنه من رواية الحكم بن ظُهير عن السدي بهذا الإسناد، والحكم بن ظهير هذا ضعيف جدًّا، قال فيه ابن معين: ليس بشيء وقال مرةً: ليس بثقة، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن حبان: كان يشتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات، وبعد أن ذكر العقيلي في ترجمته أحاديث - هذا منها - قال: ولا يصح من هذه المتون عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شيء من وجه ثابت. وقد أشار إلى تفرد الحكم بن ظهير به: البزار والبيهقي كما سيأتي، وقال ابن كثير في "تفسيره" 4/ 298: تفرد به الحكم بن ظهير الفزاري وقد ضعَّفه الأئمة، وتركه الأكثرون، وقال الجوزجاني: ساقط، وهو صاحب حديث نجوم يوسف. انتهى، وقال ابن حبان: وهذا لا أصل له من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه سعيد بن منصور في التفسير من "سننه"(1111)، والبزار (2220 - كشف الأستار) والعقيلي في "الضعفاء"(345)، وابن حبان في "المجروحين" 1/ 250 - 251، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 277، وابن الجوزي في "الموضوعات"(302)، وأبو يعلى - كما في "المطالب العالية" لابن حجر (3635) - من طريق الحكم بن ظهير، بهذا الإسناد.

قال البزار: لا نعلمه يروى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلَّا بهذا الإسناد، وقال البيهقي: تفرَّد به الحكم بن ظهير.

(1)

إسناده حسن من أجل سماك بن حرب. سفيان: هو الثوري. وقد سلف بنحوه من طريقه برقم (3655).

ص: 21

النَّهديّ، عن سَلْمان قال: كان بين رؤيا يوسف وتأويلِها أربعون سنةً

(1)

.

8399 -

حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حَدَّثَنَا يحيى بن عبد الله بن ماهان، حَدَّثَنَا محمد بن مِهْران الجمَّال، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن مَغْراء الدَّوْسيّ، حَدَّثَنَا الأزهر بن عبد الله الأَوديُّ، عن محمد بن عَجْلان، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: لَقِيَ عمرُ بن الخطّاب عليَّ بن أبي طالب فقال: يا أبا الحسن، الرجلُ يرى الرؤيا فمنها ما تَصدُقُ ومنها ما تَكذِب، قال: نعم، سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ما من عبدٍ ولا أَمَةٍ ينامُ فيمتلئُ نومًا، إِلَّا عُرِجَ برُوحه إلى العرش، فالذي لا يَستيقظُ دونَ العرش، فتلك الرؤيا التي تَصدُقُ، والذي يستيقظُ دونَ العرش، فتلك الرؤيا التي تَكذِبُ"

(2)

.

8400 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يحيى الذُّهْليُّ، حَدَّثَنَا مسدَّد، حَدَّثَنَا المعتمِر بن سليمان، عن عَوْف، حَدَّثَنَا أبو رَجَاء، عن سَمُرة بن جُندُب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هل رأى أحدٌ

(1)

إسناده صحيح. سليمان التيمي: هو ابن طرخان، وأبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملّ.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 317، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 7/ 245، وابن أبي الدنيا في "العقوبات"(157)، والطبري 13/ 69 وما بعدها، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 2022، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4446) من طرق عن سليمان التيمي بهذا الإسناد.

(2)

إسناده ضعيف بمرّة، تفرد به عبد الرحمن بن مغراء، وهو من أهل الصدق لكن فيه ضعف، وقال أبو أحمد الحاكم: حدّث بأحاديث لم يتابَع عليها، وأزهر بن عبد الله ترجمه العقيلي في "الضعفاء" 1/ 311 وقال: عن محمد بن عجلان حديثه غير محفوظ، ثم ساق جزءًا من حديثه، والحديث طويل أطول ممّا ذكره الحاكم هنا، وشيخ الحاكم - وإن كان فيه ضعف - متابع. وقال الذهبي في "تلخيصه": هذا حديث منكر لم يصححه المؤلف، وكأنَّ الآفة من أزهر.

والحديث أخرجه مطولًا الطبراني في "الأوسط"(5220) من طريق محمد بن عبد الله الطرسوسي، عن ابن مغراء، بهذا الإسناد. وقال: لا يروى إلَّا بهذا الإسناد، وتفرَّد به ابن مغراء.

ص: 22

منكم رؤيا؟ " قال: فيقصُّ عليه مَن شاء، وإنه قال ذاتَ غَدَاةٍ: "إنه أتاني الليلةَ آتيانِ مَلَكان فقعد أحدُهما عند رأسي والآخرُ عند رجليَّ، فقال الذي عند رجليَّ للذي عند رأسي: اضْرِبْ مَثَل هذا ومَثَلَ أُمتِه، فقال: إِنَّ مَثَلَه ومَثَلَ أُمَّتِهِ كَمَثَل قومٍ سَفْرٍ انتهَوْا إلى رأس مَفازةٍ فلم يكن معهم من الزادِ ما يقطعون به المَفَازةَ ولا ما يَرجِعون به، فبينما هم كذلك إذْ أتاهم رجلٌ مُرجِّلٌ في حُلّةٍ حِبَرَة، فقال: أرأيتم إن وَرَدتُ بكم رِيَاضًا مُعشِبةً وحِياضًا رِوَاءً، أتتَّبعوني؟ فقالوا: نعم، فانطَلَق بهم فأورَدَهم رِياضًا مُعْشِبةً وحِياضًا رِوَاءً، فأكلوا وشربوا وسَمِنوا، فقال لهم: ألم ألْقَكم على تلك الحال فقلتُ لكم: إِنْ وَرَدتُ بكم رياضًا مُعْشِبةً وحِياضًا رِوَاءً، أتتَّبعوني؟ فقالوا: بلى، فقال: إنَّ بين أيديكم رِياضًا أعشَبَ من هذا، وحِياضًا أرْوَى من هذه، فاتَّبِعوني، فقالت طائفةٌ: صدق والله، لنتَّبِعَنَّ، وقالت طائفةٌ: قد رَضِينا بهذا نُقِيمُ عليه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8401 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا بِشْر بن موسى الأَسَدي، حَدَّثَنَا الحسن بن موسى الأشْيَب، حَدَّثَنَا حماد بن سَلَمة، عن عمّار بن أبي عمّار

(2)

، عن ابن عبّاس قال: رأيتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائمُ نِصفَ النهار، أشعثَ أغبرَ معه قارورةٌ فيها دم، فقلتُ: يا نبيَّ الله، ما هذا؟ قال: "هذا دمُ الحُسين وأصحابِه، لم أزَلْ

(1)

إسناده صحيح. عوف: هو ابن أبي جميلة، وأبو رجاء: هو عمران بن مِلْحان العُطاردي.

والحديث لم نقف على أحد أخرجه عن سمرة بن جندب غير المصنّف، وقد روي بلفظه من حديث ابن عباس، أخرجه أحمد في "مسنده" 4 / (2402) وغيره بإسناد ضعيف.

أما حديث سمرة بن جندب الطويل في الرؤية، فقد رواه أحمد 23/ (20094) وغيره، ليس فيه هذه القصة، والله أعلم.

قوله: "مرجِّل": أي: مرجِّلٌ شعرَه، يعني مسرِّحه. والحلّةُ الحبرة: البُرد المخطط، والرّواء: بكسر الراء وفتحها: الماء الكثير العَذْب.

(2)

في النسخ الخطية: عمار بن عمار، وهو خطأ.

ص: 23

أَلتقِطُه منذ اليومِ"، قال: فأُحصيَ ذلك اليومُ فوجدوه قُتل قبل ذلك بيوم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8402 -

أخبرَناه أبو الحسين علي بن عبد الرحمن السَّبيعي

(2)

بالكوفة، حَدَّثَنَا أحمد بن حازمٍ الغِفَاريّ، حَدَّثَنَا خالد بن مَخْلَد القَطَواني، قال: حدثني موسى بن يعقوب الزَّمْعي، أخبرني هاشم بن هاشم بن عُتْبة بن أبي وَقّاص، عن عبد الله بن وهب بن زَمْعة، قال: أخبرتنى أم سَلَمة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطَجَعَ ذات ليلةٍ للنوم فاستيقظ وهو خاثرٌ، ثم اضطجع فرَقَدَ، ثم استيقظ خاثرًا دون ما رأيتُ به المرةَ الأُولى، ثم اضطجع فاستيقظ وفي يده تُرْبةٌ حمراءُ يُقلِّبُها

(3)

، فقلتُ: ما هذه التربةُ يا رسول الله؟ قال: "أخبرَني جبريل عليه السلام أنَّ هذا يُقتَلُ بأرض العِرَاق - للحُسين - فقلتُ لجبريل: أَرِني تربةَ الأرض التي يُقتَل بها، فهذه تُربَتُها"

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 4 / (2165) و (2553) من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

(2)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: الشيباني، وقد روى عنه المصنّف في عدة مواضع ونسبه فيها السبيعي، وهو نسبة إلى محلَّة في الكوفة يقال لها: السَّبيع، ترجمه الذهبي في "السير" 15/ 566، وهذا الرجل - وهو ابن ماتَى - مولًى لآل زيد بن علي العلوي، ولا ينتسب إلى شيبان.

(3)

في (ب): يقبلها. وهو تحريف.

(4)

إسناده ضعيف، خالد بن مخلد القطواني وشيخه موسى بن يعقوب الزمعي فيهما مقال، وهما إلى الضعف أقرب، لكن خالدًا القطواني قد توبع على موسى بن يعقوب، وموسى بن يعقوب هذا قد خولف في سياقة متن الحديث، وقد اضطرب أيضًا في تسمية الراوي عن أم سلمة - كما في بعض مصادر التخريج - فسماه مرةً: عتبة بن عبد الله بن زمعة، وفي أخرى سماه: وهب بن عبد الله بن زمعة، وسماه ثالثةً: عبد الله بن وهب بن زمعة على الصواب.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ 192 من طريق الحاكم بإسناده إلى العباس بن محمد الدُّوري، عن خالد بن مخلد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(429)، والطبراني في "المعجم الكبير"(2821) و 23 / (697)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 468، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ 191 =

ص: 24

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8403 -

أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد القَطَّان ببغداد، أخبرنا عبد الكريم بن الهَيْثم الدَّيْرعاقُوليُّ، حَدَّثَنَا أبو اليَمَان، أخبرنا شعيب بن أبي حمزة، عن ابن أبي حُسين، عن نافع بن جُبير، عن ابن عباس، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيتُ في المنام كأنَّ في يَديَّ سِوَارَينِ من ذهب، فهَمَّني شأنُهُما، فأُوحِيَ إِليَّ: أَنِ انفُخُهما، فنفختُهما فطَارَا، فأوَّلتُهما كاذِبَين يَخرُجان من بَعْدي، يقال لأحدهما: مُسَيلِمةُ صاحب اليَمَامة، والعَدَنيُّ صاحب عَنْسا

(1)

"

(2)

.

= من طرق عن موسى بن يعقوب الزمعي، به.

وأحسن منه سياقةً ما رواه عبّاد بن إسحاق فيما أخرجه إبراهيم بن طهمان في "مشيخته"(3) - ومن طريقه الطبراني 23/ (698)، وابن عساكر 14/ 192 - عنه، عن هاشم بن هاشم، عن عبد الله بن وهب، عن أم سلمة قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فقال: "لا يدخل عليَّ أحد" فسمعتُ صوتًا، فدخلت، فإذا عنده حسين بن عليٍّ وإذا هو حزين - أو قالت: يبكي - فقلت: ما لك تبكي يا رسول الله؟ قال: "أخبرني جبريل أن أمتي تقتل هذا بعدي، فقلت: ومن يقتله؟ فتناول مَدَرةً، فقال: أهل هذه المَدَرةِ تقتله". وعباد بن إسحاق هذا فيه مقال، قال فيه البخاري: ليس ممَّن يعتمد على حفظه. ووقع في مطبوع الطبراني: إبراهيم بن عباد بن إسحاق، وهو تحريف صوابه: إبراهيم عن عباد بن إسحاق، وإبراهيم: هو ابن طهمان.

وأحسن منهما سياقةً ما أخرجه أحمد في "مسنده" 44 / (26524) من طريق سعيد بن أبي هند، عن عائشة أو أم سلمة - على الشك - أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لإحداهما:"لقد دخل عليَّ البيت ملَكٌ لم يدخل عليَّ قبلها، فقال لي: إن ابنك هذا حسين مقتول، وإن شئتَ أريتُك من تربة الأرض التي يُقتَل بها، قال: فأخرج تربة حمراء". وهذا إسناد فيه انقطاع، فسعيد بن أبي هند لا يُعرَف له سماع من عائشة ولا من أم سلمة.

وله طرق أخرى خُرِّجت في "مسند أحمد"، ولا يخلو إسنادٌ فيها من مقال، لكن بمجموعها يمكن أن يقال: إنَّ لهذه الرؤيا أصلًا، فتتقوّى.

ولها غيرُ ما شاهدٍ سبق ذكرها عند حديث أم الفضل السالف برقم (4878).

(1)

هكذا في النسخ الخطية، والذي في مصادر التخريج:"والعنسي صاحب صنعاء"، وهو الصواب.

(2)

إسناده صحيح. أبو اليمان: هو الحكم بن نافع، وابن أبي حسين: هو عبد الله.

ص: 25

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

8404 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعيُّ، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن مَهْدي، عن معاوية بن صالح، عن رَبيعة بن يزيد، عن واثلة بن الأسْقَع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أعظمَ الفِرْيَةِ أن يفتريَ الرجلُ على عَينَيهِ؛ يقول: رأيتُ، ولم يَرَ، أو يَفتريَ على والديهِ، أو يقولَ: سَمِعَني، ولم يَسمَعْني"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

= وأخرجه البخاري (3621) و (4374)، ومسلم (2274)(21)، والترمذي (2292)، والنسائي (7602) من طريق أبي اليمان، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه رحمه الله.

وأخرجه بنحوه أحمد 13/ (8249)، والبخاري (4375) و (7037)، ومسلم (2274)(22) من طريق همام بن منبه، وأحمد 14 / (8460) و (8530)، وابن ماجه (3922)، وابن حبان (6653) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، كلاهما عن أبي هريرة.

(1)

إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" 25/ (16008).

وأخرجه أحمد أيضًا (16015)، وابن حبان (32) من طريقين عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 28 / (1980)، والبخاري (3509) من طريق عبد الواحد بن عبد الله النصري، عن واثلة بن الأسقع.

ص: 26

‌كتاب الطب

(1)

بسم الله الرحمن الرحيم

8405 -

حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حَدَّثَنَا أحمد بن يونس الضَّبِّي، حَدَّثَنَا مصعب بن المِقْدام، حَدَّثَنَا سفيان.

وأخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبيُّ، حَدَّثَنَا أحمد بن سيَّار، حَدَّثَنَا محمد بن كثير، حَدَّثَنَا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السُّلمي، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله عز وجل لم يُنزِل داءً إِلَّا وأنزل له شِفاءً، عَلِمَه من عَلِمَه، وجَهِلَه مَن جَهِلَه"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

والأصلُ في هذا الباب حديث أسامة بن شَريك الذي علَّلاه الشيخان رضي الله عنهما بأنهما لم يَجِدَا له راويًا عن أسامة بن شريك غيرَ زياد بن عِلاقة:

8406 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن عفَّان العامِريُّ، حَدَّثَنَا محمد بن عُبيد الطَّنَافسي، حَدَّثَنَا مِسعَر.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشاذَ العَدْل ومحمد بن عبد الله الشافعي وعبد الله بن محمد بن موسى الصَّيدلاني، قالوا: حَدَّثَنَا محمد بن سليمان

(1)

مرَّ كتاب الطب سابقًا عند المصنّف بالأرقام (7611 - 7706).

(2)

إسناده صحيح، أبو عبد الرحمن السلمي - وهو عبد الله بن حبيب - صحيح السماع من ابن مسعود، وعطاء بن السائب سماع سفيان منه - وهو الثوري - قبل الاختلاط. محمد بن كثير: هو العبدي.

وأخرجه أحمد 7/ (3912) و (4236)، وابن ماجه (3438) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وسلف الحديث برقم (7612) من طريق عبيدة بن حميد عن عطاء بن السائب.

ص: 27

ابن الحارث، حَدَّثَنَا خلَّاد بن يحيى، حَدَّثَنَا مِسعَر.

وأخبرني أبو بكر محمد بن عمرو البزّار ببغداد، حَدَّثَنَا محمد بن موسى القُرَشي، حَدَّثَنَا أبو بكر الحنفيُّ، حَدَّثَنَا مِسعَر بن كِدَام عن زياد بن عِلَاقة، عن أسامة بن شَريك قال: شَهِدتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم والأعرابُ يسألونه، قالوا: يا رسول الله، علينا حَرَجٌ في كذا؟ علينا حرج في كذا؟ لأشياءَ ليس بها بأس، فقال:"عبادَ الله، وَضَعَ الله الحَرَجَ إِلَّا من اقترفَ من عِرْضِ امْرِئٍ مُسْلم ظلمًا، فذلك الذي حَرِجَ وهَلَك".

فقالوا: نَتَداوي يا رسول الله؟ قال: "نعم، تَداوَوْا عبادَ الله، فإِنَّ الله تعالى لم يَضَعْ داءً إلَّا وَضَعَ له دواءً غيرَ داءٍ واحد" قالوا: يا رسول الله، وما هو؟ قال:"الهَرَمُ".

قالوا: يا رسول الله، ما خيرُ ما أُعطيَ الإنسانُ؟ قال:"خُلُقٌ حَسَن"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، فقد رواه عَشَرةٌ من أئمة المسلمين وثِقاتِهم عن زياد بن عِلاقةَ، فمنهم مِسعَر بن كِدام، كما تقدَّم ذكري له.

ومنهم مالك بن مِغْوَل البَجَليُّ:

8407 -

حدثني أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ

(2)

، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن صاعد، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن أبي الخناجر بأطرابُلُسَ - وكان ثقةً مأمونًا - حَدَّثَنَا محمد بن مصعب القَرْقَساني، عن مالك بن مِغْول، عن زياد بن عِلاقة

(3)

.

(1)

إسناده صحيح من جهتَي محمد بن عبيد الطنافسي وخلاد بن يحيى، أما من جهة أبي بكر الحنفي - وهو عبد الكبير بن عبد المجيد - فضعيف من أجل محمد بن موسى القرشي، وهو محمد بن يونس بن موسى - نسب هنا إلى جده - وهو الكُديمي المتهم، ولكنه متابع.

وانظر ما سلف برقم (421) و (7618). وتخريجه في الموضع الأول منهما.

(2)

وقع هنا في (ز) و (ب) بعد "حدثني أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ": حَدَّثَنَا يحيى بن محمد الحافظ حَدَّثَنَا يحيى محمد بن صاعد. وقوله: "حَدَّثَنَا يحيى بن محمد الحافظ" مقحم، لأنَّ أبا أحمد - وهو الحاكم الكبير الكرابيسي الإمام المشهور صاحب "الكنى" - معروف بالرواية عن يحيى بن محمد بن صاعد، كما في مصادر ترجمته.

(3)

إسناده محتمل للتحسين من أجل محمد بن مصعب القرقساني.

ص: 28

ومنهم عمرو بن قيس المُلَائي:

8408 -

أخبرَناه أبو بكر الشافعي، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حَدَّثَنَا محمد بن حرب النَّشَائي، حَدَّثَنَا عمر بن شَبيب، عن عمرو بن قيس المُلَائي، عن زياد بن عِلاقة

(1)

.

ومنهم سليمان بن مِهران الأعمش:

8409 -

أخبرَناه أبو بكر الشافعي، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حَدَّثَنَا أبو بكر وعثمانُ ابنا أبي شَيْبة، قالا: حَدَّثَنَا جَرير، عن الأعمش

(2)

.

ومنهم شعبةُ بن الحَجّاج:

8410 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا إبراهيم بن مرزوق البَصريّ بمصر، حَدَّثَنَا سعيد بن عامر، حَدَّثَنَا شُعبة.

قال: وحدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حَدَّثَنَا مسلم

(3)

بن إبراهيم، حَدَّثَنَا شعبة.

8411 -

وحدثني أبو بكر محمد بن علي المُؤدِّبُ، أخبرنا أبو خَليفة

(4)

، حَدَّثَنَا أبو الوليد الطَّيَالسي، حَدَّثَنَا شعبة.

وأخبرني أبو عمرو محمد بن جعفر الزاهد العَدْل، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد البَخْتريُّ، حَدَّثَنَا عُبيد الله بن معاذ بن معاذ العَنبريُّ، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا شعبة، عن زياد بن عِلاقة

(5)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عمر بن شبيب.

(2)

إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد.

(3)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: مسلمة، ومسلم هذا: هو أبو عمرو الأزدي الفراهيدي، حافظ ثقة.

(4)

"أبو خليفة" سقط من (ب)، وهو الفضل بن الحباب.

(5)

إسناده صحيح. سعيد بن عامر: هو الضبعي، ومحمد بن غالب: هو أبو جعفر تمتام =

ص: 29

ومنهم محمد بن جُحَادة الإياديُّ:

8412 -

حدَّثَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا سَهْل بن أحمد الواسطي، حَدَّثَنَا عبدُ القُدّوس بن محمد بن عبد الكبير بن شعيب بن الحَبْحَاب، حَدَّثَنَا عَمرو بن عاصم الكِلابيُّ، حَدَّثَنَا عِمران القَطَّان، حَدَّثَنَا محمد بن جُحَادة

(1)

.

ومنهم أبو حمزة محمد بن ميمون السُّكَّري:

8413 -

أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله السُّنِّيُّ بمَرْو، حَدَّثَنَا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا أبو حمزة، عن زِياد بن عِلاقة

(2)

.

ومنهم أبو عَوَانة الوَضَّاحُ:

8414 -

أخبرني أبو بكر الشافعيُّ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حَدَّثَنَا عفّان بن مسلم، حَدَّثَنَا شُعبة وأبو عَوَانة، عن زياد بن عِلاقة

(3)

.

ومنهم سفيان بن عُيَينة الهِلاليُّ:

8415 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشاذَ وأبو بكر الشافعي، قالوا: حَدَّثَنَا بِشْر بن موسى، حَدَّثَنَا الحُميديُّ، حَدَّثَنَا سفيان، عن زياد بن عِلاقة

(4)

.

ومنهم عثمان بن حَكِيم الأَوْدي:

8416 -

حدَّثَناه أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد المُذكِّر، حَدَّثَنَا أبو زُرْعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، حَدَّثَنَا إبراهيم بن موسى، حَدَّثَنَا عيسى بن يونس

(5)

،

= الحافظ، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وسلف من طريق شعبة برقم (421).

(1)

إسناده حسن من أجل عمران القطان: وهو ابن داوَر.

(2)

حديث صحيح، شيخ المصنّف أبو الحسن السني متكلّم في عدالته، لكنه لم ينفرد به كما ترى، ومن فوقه ثقات. أبو الموجه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان بن جَبَلة.

(3)

إسناده صحيح.

(4)

إسناده صحيح. الحميدي: هو عبد الله بن الزبير المكي.

(5)

من قوله: "عبيد الله بن عبد الكريم" إلى هنا سقط من (ب).

ص: 30

حَدَّثَنَا عثمان بن حَكِيم، عن زياد بن عِلاقة - واللفظُ لحديث أبي زُرعة الإمام

(1)

- حَدَّثَنَا أسامة بن شَريك، قال: كنّا جلوسًا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطيرُ، لا يتكلّمُ مِنَّا مُتكلِّمٌ، إذ جاءه ناسٌ من الأعراب فقالوا: يا رسول الله، أفْتِنا في كذا، أفْتِنا في كذا، فقال:"يا أيها الناس، وَضَعَ الله الحَرَجَ إِلَّا مَن اقتَرَض لأخيه عِرْضًا، فذلك الذي حَرِجَ وهَلَك".

قالوا: أفنَتَداوى يا رسول الله؟ قال: "نعم، إنَّ الله عز وجل لم يُنزِلْ داءً إِلَّا أَنزل له شفاءً، غيرَ داءٍ واحد" قالوا: وما هو يا رسول الله؟ قال: "الهَرَمُ".

قالوا: فمن أحبُّ عبادِ الله إلى الله؟ قال: "أحسَنُهم خُلُقًا"

(2)

.

ومنهم شَيْبانُ بن عبد الرحمن النَّحْوي:

8417 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حَدَّثَنَا أحمد بن مِهران، حَدَّثَنَا عبيد الله بن موسى، أخبرنا شَيْبان بن عبد الرحمن، عن زياد بن عِلاقة

(3)

.

ومنهم وَرْقاء بن عُمر

(4)

اليَشكُري:

8418 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن عيسى بن حيّان المَدَائني، حَدَّثَنَا سلَّام بن سليمان المَدَائني، حَدَّثَنَا وَرْقاءُ، عن زياد بن عِلاقة

(5)

.

ومنهم زهير بن معاوية الجُعْفي:

8419 -

أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حَدَّثَنَا يحيى

(1)

من قوله: "عبيد الله بن عبد الكريم" إلى هنا سقط من (ب)، وأثبتناه من (ز) و (ك) و (م)، وفيها بعده زيادة:"حَدَّثَنَا عثمان بن حكيم، حَدَّثَنَا زياد بن علاقة" وهو خطأ.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل أبي جعفر المذكّر شيخ المصنّف.

(3)

إسناده حسن من أجل أحمد بن مهران: وهو ابن خالد الأصبهاني.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عمرو.

(5)

إسناده ضعيف جدًّا، محمد بن عيسى بن حيان المدائني متروك، وسلام بن سليمان المدائني ضعيف، لكن يغني عن هذا الطريق الطرق الصحيحة المذكورة.

ص: 31

ابن يحيى، أخبرنا أبو خَيثَمة زهير بن معاوية، عن زياد بن عِلاقةَ، عن أسامة بن شَريك

(1)

.

ومنهم عمرو بن أبي قيس الرازي:

8420 -

أخبرَناه عبد الصمد بن علي بن مُكرَم البزّاز ببغداد، حَدَّثَنَا يعقوب بن يوسف القَزْويني، حدثني محمد بن سعيد بن سابق، حَدَّثَنَا عمرو بن أبي قيس، عن سِماك بن حَرْب

(2)

.

ومنهم محمد بن بِشْر بن بَشير الأسلميُّ، وهو من أعزِّ الثِّقات حديثًا:

8421 -

حدَّثَناه أبو الحسن محمد بن الحسن النَّصْراباذي، حَدَّثَنَا أبو محمد عبد الله بن إسحاق الدُّوريّ، حَدَّثَنَا أبو يعلى البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أبو عاصم.

قال الحاكم رحمه الله: وقد أُخبرتُ عن سليمان بن سَيْف

(3)

الحرَّاني، عن أبي عاصم، حَدَّثَنَا محمد بن بِشر بن بَشير الأسلميّ، عن زياد بن عِلاقة

(4)

.

ومنهم إسرائيلُ بن يونس السَّبيعيُّ:

8422 -

أخبرَناه أبو بكر الشافعي، حدثني إسحاق بن الحسن الحَرْبيّ، حَدَّثَنَا

(1)

إسناده صحيح. يحيى بن يحيى: هو ابن بكر بن عبد الرحمن التميمي الحنظلي أبو زكريا النيسابوري.

(2)

إسناده حسن من أجل عمرو بن أبي قيس وسماك بن حرب. وسماك يرويه عن زياد بن علاقة كما في "إتحاف المهرة" لابن حجر (204).

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: يوسف.

(4)

حديث صحيح، والحديث له إسنادان إلى أبي عاصم - وهو الضحاك بن مخلد - الأول يرويه أبو يعلى البصري - وهو زكريا بن يحيى المنقري - عن أبي عاصم، وإسناده حسن من أجل أبي يعلى هذا، وباقي رجاله ثقات، وعبد الله بن إسحاق الدُّوري هكذا جاء منسوبًا عند المصنّف، ونُسِب في ترجمة أبي يعلى البصري من "تاريخ بغداد" للخطيب 9/ 474 مدائنيًّا، وهو على هذا: عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم المدائني، وقد وثقه الدارقطني والخطيب في "تاريخه" 11/ 66.

والإسناد الثاني إلى أبي عاصم أَبهم فيه الحاكم شيخه، فهو معلَّق.

ص: 32

عبد الله بن رَجَاء، حَدَّثَنَا إسرائيل، عن أبي إسحاق، فذكر الحديث

(1)

.

قال الحاكم رضي الله عنه: قد ذكرتُ من طُرق هذا الحديثِ أقلَّ من النصف، فإني تَتبَّعتُ من اتفق الشيخانِ رضي الله عنهما على الحُجَّة به في "الصحيحين"، وبقي في كتابي أكثرُ من النِّصف ليتأمّلَ طالبُ هذا العلم: أيُترَكُ مثل هذا الحديث على اشتهاره وكثرة رواته، بأن لا يوجد له عن الصحابي إلَّا تابعيٌّ واحد مقبول ثقة؟

قال لي أبو الحسن علي بن عمر الحافظ رحمه الله: لِمَ أسقطا حديثَ أسامة بن شريك من الكتابين؟ قلت: لأنهما لم يَجِدَا لأسامة بن شَريك راويًا غيرَ زياد بن علاقة.

فحدَّثني أبو الحسن رضي الله عنه، وكتبه لي بخطِّه، قال: قد أخرج البخاري رحمه الله عن يحيى بن حمَّاد، عن أبي عَوانة عن بَيَان بن بِشْر، عن قيس بن أبي حازم، عن مِرْداسٍ الأسلميّ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:"يذهبُ الصالحون أسلافًا" الحديث

(2)

، وليس لمِرداس راوٍ غيرُ قيس.

وقد أخرج البخاري

(3)

حديثين عن زُهرة بن مَعبَد، عن جَدِّه عبد الله بن هشام بن زُهْرة، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وليس لعبد الله راوٍ غيرُ زُهْرة.

وقد اتفقا جميعًا على إخراج حديث قيس بن أبي حازم، عن عَدِيّ بن عَميرة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:"مَن استعملناه على عمل"

(4)

، وليس لعَديّ بن عَميرة راوٍ غيرُ قيس

(5)

.

(1)

إسناده قوي من أجل عبد الله بن رجاء وهو أبو عمر الغُدَاني. وأبو إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - يرويه عن زياد بن علاقة كما في "إتحاف المهرة" لابن حجر.

(2)

"صحيح البخاري"(6434) بنحوه.

(3)

"صحيح البخاري (2501، 2502) و (6632).

(4)

الحديث في "صحيح مسلم"(1833) وحده، ولم يخرجه البخاري.

(5)

في "تهذيب الكمال" للمزِّي 19/ 537: روى عنه رجاء بن حيوة وابنه عدي بن عدي =

ص: 33

وقد اتفقا جميعًا على حديث مَجْزَأة بن زاهر الأسلميّ، عن أبيه، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في النهي عن لحوم الحُمُر الأهليّة

(1)

، وليس لزاهرٍ راوٍ غيرُ مَجْزأة.

وأخرَج البخاري حديث الحسن عن عَمرو بن تَغلِبَ

(2)

، وليس لعمرو راوٍ غيرُ الحسن

(3)

، وأخرج أيضًا حديث الزُّهْري

(4)

، وأخرجا جميعًا حديث الحسن عن عمرو بن تَغلِب، وليس له راو غيرُ الحسن

(5)

. وحديث زياد بن عِلاقة عن أسامة بن شَريك أصحُّ وأشهرُ وأكثرُ رواةً من هذه الأحاديث، قال أبو الحسن: وقد روى عليُّ بن الأقمر ومجاهد عن أسامة بن شَريك

(6)

.

وقد رُوي هذا الحديث عن جابر بن عبد الله وأبي سعيد الخُدْري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

= - وقيل: لم يسمع منه - والعُرس بن عميرة وقيس بن أبي حازم، وقيل: إنَّ الذي روى عنه قيس بن أبي حازم آخر.

(1)

هو في "صحيح البخاري"(4173) وحده، ولم يخرجه مسلم.

(2)

"صحيح البخاري"(923) و (2927).

(3)

في "تهذيب الكمال" 21/ 552: عمرو بن تغلب روى عنه الحسن البصري ولم يرو عنه غيره، قاله غير واحد، وقال أبو عمر بن عبد البر: روى عنه الحسن بن أبي الحسن والحكم بن الأعرج!

(4)

هكذا في النسخ الخطية، وهنا سقطٌ، وتتمته - كما في "الإلزامات" للدارقطني ص 74 - : عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير: مسح النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وجهَه، ولم يرو عنه غير الزهري. انتهى، وهو في "صحيحه"(4300) و (6356).

(5)

هكذا في النسخ الخطية وهي مكررة، وعزاه قبل هذا للبخاري، ولم يخرج مسلم للحسن عن عمرو بن تغلب.

(6)

أما رواية علي بن الأقمر عنه فوقعت عند الطبراني في "الكبير"(495) لكن من رواية محمد بن عبيد الله العرزمي عنه، والعرزمي هذا متروك الحديث فلا عبرة بروايته، وأما رواية مجاهد عنه فهي عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 402 وفي سندها إليه شريك النخعي، وهو سيئ الحفظ وقد شكَّ فيه هل هو أسامة بن شريك أم ابن زيد؟ وبذلك لا يَسلَم له من الرواة غير زياد بن علاقة، والله تعالى أعلم.

ص: 34

أما حديث جابر:

8423 -

فحدَّثَناه الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا أحمد بن عيسى، حَدَّثَنَا عبد الله بن وَهْب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن عبد رَبّه بن سعيد

(1)

، عن أبي الزُّبير، عن جابر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لكلِّ داءٍ دواءٌ، فإذا أُصيبَ دواء الدّاء بَرَأَ بإذن الله عز وجل"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وأما حديث أبي سعيد الخُدْريّ:

8424 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا العباس بن محمد الدُّوري، حَدَّثَنَا أبو النَّضر هاشم بن القاسم، حَدَّثَنَا شَبيبُ بن شَيْبة، حَدَّثَنَا عطاء بن أبي رَبَاح، حَدَّثَنَا أبو سعيد الخُدْري، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الله لم يُنزِلُ

(3)

داءً - أولم يَخلُق داءً - إِلَّا أَنزَل - أو خَلَق - له دواءً، عَلِمَه من عَلِمَه، وجَهِلَه من جَهِلَه، إِلَّا السَّامَ" قالوا: يا رسول الله، وما السامُ؟ قال:"الموتُ"

(4)

.

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: شعيب.

(2)

إسناده صحيح.

محمد بن أيوب: هو ابن الضُّريس صاحب "فضائل القرآن"، وأحمد بن عيسى: هو البصري. والحديث تقدم برقم (7622).

(3)

في (ز) و (ب): لم يترك. وقوله بعدُ: "أو لم يخلق داءً" سقط (ك). من

(4)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، شبيب بن شيبة - وهو أبو معمر المنقري - ضعيف صاحب أوهام، وقد وهمَ في هذا الحديث على عطاء بن أبي رباح كما سيأتي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 2 عن هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 232، والبزار (3016 - كشف الأستار)، والطبراني في "الأوسط"(1564) و (2534)، و "الصغير"(92)، والعقيلي في "الضعفاء"(659)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 32، وأبو نعيم في "الطب النبوي"(10) و (525) من طرق عن شبيب بن شيبة، به.

وخالف شبيبًا عمرُ بنُ سعيد بن أبي حسين - وهو ثقة - فرواه مختصرًا عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة مرفوعًا. أخرجه البخاري (5678)، وابن ماجه (3439)، والنسائي (2513). =

ص: 35

8425 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يحيى، حَدَّثَنَا مُسدَّد، حَدَّثَنَا يحيى، عن شُعبة، عن قَتَادة، عن أبي المتوكِّل، عن أبي سعيد الخُدْري: أنَّ رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إِنَّ أخي يَشتكي بطنَه، فقال:"اسْقِهِ العَسَل" قال: قد سقيتُه فلم يَزِدْهُ إِلَّا استطلاقًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثالثة أو الرابعة:"صَدَقَ اللهُ وكَذَبَ بَطنُ أخيك"، فذهب فَسَقَاه فبَرَأَ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8426 -

أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حَدَّثَنَا أبو حُذَيفة موسى بن مسعود، حَدَّثَنَا إبراهيم بن طَهْمان، عن عطاء بن السَّائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "كان سليمانُ نبيُّ الله إذا قام في مُصلَّاه رأى شجرةً نابتةً بين يديه، فيقول: ما اسمُكِ؟ فتقول: كذا، فيقول: لأيِّ شيء

= ورواه بنحو لفظ شبيبٍ طلحةُ بن عمرو الحضرمي - وهو متروك الحديث - عن عطاء عن أبي هريرة أيضًا عند أبي نعيم في "الطب"(9).

وروي عن طلحة أيضًا، لكن عن عطاء عن ابن عباس عند عبد بن حميد (625)، والطحاوي في "معاني الآثار" 4/ 323، والطبراني في "الكبير"(11337).

وللحديث شواهد كثيرة انظرها عند حديث ابن مسعود في "مسند أحمد" 6/ (3578).

(1)

إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وأبو المتوكل: هو علي بن داود الناجي.

وأخرجه النسائي (6672) و (7517) من طريق عمرو بن علي، عن يحيى القطان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 17 / (11146) و 18 / (11871) و (11872)، والبخاري (5716)، ومسلم (2217)، والترمذي (2082)، والنسائي (7518) من طرق عن شعبة، به. فاستدراك الحاكم له ذهول منه.

وأخرجه البخاري (5684)، ومسلم (2217) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به.

وخالف شيبانُ النحوي عند أحمد 17/ (11147)، والنسائي (6673) فرواه عن قتادة عن أبي الصِّديق الناجي - وهو بكر بن عمرو - عن أبي سعيد الخدري، والمحفوظ أبو بكر الناجي، وليس أبا الصديق.

ص: 36

أنتِ؟ فتقولُ: لكذا وكذا، فإنْ كانت لدواءٍ كُتِبَت، وإن كانت لِغَرْسٍ غُرِسَت، فبينما هو يُصلّي يومًا إذ رأى شجرةً نابتةً بين يديه، فقال لها: ما اسمُكِ؟ قالت: الخُرْنوب، قال: لأيّ شيء أنتِ؟ قالت: لِخَراب هذا البيت، قال سليمان: اللهمَّ عَمَّ على الجِنِّ مَوْتي حتَّى يَعلَمَ الإنسُ أَنَّ الجنَّ لا تَعلمُ الغيب، قال: فنَحَتَها عَصًا فتوكَّأ عليها، قال: فأَكَلَتها الأَرَضَةُ فَسَقَطَ، فَحَزَرُوا آكِلَتَها الأَرَضِةُ فوجدوه حَولًا

(1)

فتبيَّنت الإنسُ أَنَّ الجنَّ لو كانوا يعلمون الغيبَ ما لَبِثوا حولًا في العذاب المُهِين - وكان ابن عباس يقرؤها هكذا - فشَكَرَت الجنُّ الأَرَضَةَ، فكانت تأتيها بالماء حيثُ كانَ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8427 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو مُسلِم، حَدَّثَنَا إبراهيم بن حُميد الطويل، حَدَّثَنَا صالح بن أبي الأخضر، عن الزُّهْري، عن عُرْوة، عن حَكيم بن حِزَام أنه قال: يا رسول الله، رُقًى كُنّا نَستَرقى بها، وأدويةٌ كنا نَتداوى بها، هل تردُّ من قَدَر الله؟ فقال:"هو من قَدَرِ الله"

(3)

.

8428 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبيّ، حَدَّثَنَا سعيد بن مسعود، حَدَّثَنَا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن الرُّكَين بن الرَّبيع، عن قيس بن مُسلم، عن طارق بن شِهاب، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بألْبانِ البقرِ، فإنَّها تَرُمُّ من كل شَجَر، وهو شفاءٌ من كل داء"

(4)

.

(1)

في النسخ الخطية: فسقط فخر وأكلتها الأرضة فوجدوه حولًا، وفي المطبوع: فسقط فخر فوجدوه ميتًا حولًا، وما أثبتناه أنسب شيء للمعنى، ونحوه عند الطبراني في "الكبير" (12281) عن علي بن عبد العزيز: وهو أبو الحسن البغوي الحافظ.

(2)

صحيح موقوفًا على ابن عباس كما سلف بيانه برقم (7616).

(3)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف صالح بن أبي الأخضر. وقد سلف من طريقه برقم (88)، وبيَّنَّا الخلاف في إسناده عند الرواية (87).

أبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله بن مسلم الكَشّي الحافظ.

(4)

إسناده صحيح. وانظر ما سلف برقم (7611) و (7613).

ص: 37

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8429 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حَنبَل، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد، حَدَّثَنَا زيد بن الحُبَاب، حَدَّثَنَا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص

(1)

، عن عبد الله قال: قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالشَّفاءَينِ: العَسَلِ والقرآنِ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8430 -

أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب بن حَرْب والحُسين بن بشَّار

(3)

الخيّاط، قالا: حَدَّثَنَا عبيد الله بن محمدٍ ابن عائشةَ، حَدَّثَنَا حمَّاد بن سَلَمة، عن حُميد، عن أنس بن مالك، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

(4)

قال: "إذا حُمَّ أحدُكم، فليَشُنَّ

(5)

عليه الماءَ الباردَ من السَّحَر ثلاثَ ليالٍ"

(6)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه:

8431 -

ما حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حَدَّثَنَا حامد بن أبي

(1)

وقع هنا في النسخ الخطية تخليط وتحريف، إذ وقع هكذا: عبد الله بن أحمد بن حنبل حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن إسحاق عن الأحوص، وهذا خطأ واضح صوَّبناه من "تلخيص الذهبي" ومن "إتحاف المهرة"(13070)، وعبد الله بن محمد شيخ عبد الله بن أحمد: هو ابن أبي شيبة.

(2)

صحيح موقوفًا كما سلف بيانه برقم (7623).

(3)

تصحف في النسخ الخطية إلى: يسار، والصواب: بشار، بباء موحدة وشين معجمة كما في "تلخيص المتشابه في الرسم" للخطيب ص 688.

(4)

قوله: "أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم" سقط من (ز) و (ب).

(5)

هكذا في الطبعة الهندية، وهو الصواب الموافق لما سلف عند المصنّف برقم (7626)، وفي النسخ الخطية: فلينشّ، بتقديم النون، وهي كذلك في رواية أبي بكر الشافعي عن علي بن أحمد بن النضر عن ابن عائشة عند الضياء في "الأحاديث المختارة" 6/ (2045)، قال الضياء: ولعله تصحيف والله أعلم.

(6)

رجاله ثقات. وقد سلف برقم (7626).

ص: 38

حامد المقرئ، حَدَّثَنَا إسحاق بن سليمان الرازيّ، حَدَّثَنَا الجَرّاح بن الضَّحاك الكندي، عن كُريب بن سُليم، عن أَمَةَ امرأةِ الزُّبير، قالت: كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا حُمَّ الزُّبيرُ يأمرُنا أن نَبرُدَ الماءَ ثم نَحدُرَه عليه

(1)

.

8432 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حَدَّثَنَا الحسين بن الفَضْل البَجَلي، حَدَّثَنَا عفّان، حَدَّثَنَا همَّام، حَدَّثَنَا أبو جَمْرة، قال: كنتُ أدفعُ الزِّحامَ عن ابن عباس، قال: فاحتَبستُ عنه أيامًا، فقال: ما حَبَسَك؟ قلت: الحُمّى، فقال: إِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الحُمّى من فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَابْرُدُوها بالماء"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه الزيادة.

8433 -

أخبرني أبو عبد الرحمن بن [أبي]

(3)

الوَزير، حَدَّثَنَا أبو حاتم الرَّازيّ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله الأنصاري، حَدَّثَنَا إسماعيل بن مُسلم، عن الحَسَن، عن سَمُرة بن جُندُب، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الحُمَّى قِطعةٌ من النار، فابرُدُوها عنكم بالماء".

(1)

إسناده ضعيف لجهالة كريب بن سليم الكندي. وأَمَةُ امرأةُ الزبير: هي ابنة خالد بن سعيد بن العاص الأُموية، وظاهر هذا الخبر أنها كانت امرأة الزبير في عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه نكارة، فإنها إذ كانت أصغر من أن يتزوجها الزبير، والغالب أنه تزوجها بعد وفاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير"(590)، وابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"(3380)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3452)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(7523)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 470 من طرق عن إسحاق بن سليمان، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح عفان: هو ابن مسلم، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي، وأبو جمرة: هو نصر بن عمران.

وأخرجه أحمد 4 / (2649)، والنسائي (7568)، وابن حبان (6068) من طريق عفان، بهذا الإسناد. وعندهم:"فابردوها بماء زمزم".

وسلف برقم (7627) من طريق عبد الله بن رجاء عن همام.

(3)

سقط من النسخ الخطية، وهذا الشيخ قد روى عنه المصنّف في عدة مواضع من كتابه هذا، وانظر ترجمته في "تاريخ الإسلام" 7/ 772.

ص: 39

قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حُمَّ دعا بقِرْبةٍ من ماء فَأَفَرَغَها على قَرْنِه فاغتَسَل

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه الزيادة.

8434 -

حَدَّثَنَا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا عبد الرحمن بن سَلَمة الرازي، حَدَّثَنَا سَيف بن محمد ابن أختِ سفيان الثَّوري، عن مَعمَر، عن أيوب، عن محمد بن سِيرِين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالهَلِيلَجِ الأسودِ فاشرَبوه، فإنه شجرةٌ من شجر الجنة، طعمُه مُرّ، وهو شفاءٌ من كل داء"

(2)

.

8435 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا إبراهيم بن مرزوق، حَدَّثَنَا أبو عامر العَقَدي، حَدَّثَنَا شُعبة، عن حُصين، قال: سمعت أبا عُبيدة بن حُذيفة يحدّث عن عمّته فاطمة قالت: عُدْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في نِسوة، فإِذا سِقاءٌ مُعلَّق وماؤُهُ يَقطُر عليه من شدّة ما يَجِدُ من حرّ الحُمَّى، فقلت: يا رسول الله، لو دعوتَ الله فأذهَبَه عنك، فقال:"إنَّ أشدَّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ، ثم الذين يَلُونَهم"

(3)

.

(1)

الشطر الأول صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف إسماعيل بن مسلم: وهو المكي أبو إسحاق البصري.

والحديث في "جزء محمد بن عبد الله الأنصاري"(74)، ومن طريقه أخرجه البزار في "مسنده"(4599)، والطبراني في "الكبير"(6947)، والعقيلي في "الضعفاء"(117)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(1857).

والشطر الأول يشهد له ما قبله.

وحديثُ ثوبان عند أحمد 37/ (22425)، وإسناده ضعيف.

(2)

خبر موضوع، إسناده، تألف قال الذهبي في "التلخيص": قال أحمد وغيره: سيف كذاب.

والهليلج والإهليلج: شجر ينبت في الهند وكابل والصين، ثمره على هيئة حب الصنوبر الكِبار. "المعجم الوسيط".

(3)

إسناده حسن من أجل أبي عبيدة بن حذيفة. وهو ابن اليمان. وقوَّى إسناده الحافظ ابن حجر في "الإصابة" في ترجمة فاطمة بنت اليمان. =

ص: 40

8436 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا معاذ بن المثنَّى العَنبريُّ، حَدَّثَنَا سَيف بن مِسْكين، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن الحسن بن سعد، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه

(1)

، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"عليكم بألْبانِ البقر وسُمْنانِها، وإياكم ولحومَها، فإِنَّ ألبانَها وسُمْنانَها دواءٌ وشفاءٌ، ولحومَها داءٌ"

(2)

.

= أبو عامر العقدي: هو عبد الملك بن عمرو القيسي، وحصين هو عبد الرحمن السّلمي.

وأخرجه أحمد 45/ (27079)، والنسائي (7454) و (7567) من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه النسائي (7440) من طريق عبثر بن القاسم، عن حصين، به.

ويشهد للفظ المرفوع منه حديثًا أبي سعيد الخدري وسعد بن أبي وقاص السالفين عند المصنّف برقمي (120) و (121)، وهو صحيح بشواهده.

(1)

قوله: "عن أبيه" سقط من (ز) و (ك) و (ب)، وكان في (م) ثم رُمِّج، والصواب إثباته كما في "تلخيص الذهبي".

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، سيف بن مسكين: قال ابن حبان في "المجروحين" 1/ 385: يأتي بالمقلوبات والأشياء الموضوعة لا يحل الاحتجاج به لمخالفته الأثبات في الروايات على قلتها.

وقال الدارقطني: ليس بالقوي. وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": سيف وهّاه ابن حبان.

وأخرجه ابن بَشكُوال في "الآثار المروية في الأطعمة السَّرِيّة"(29) من طريق أبي بكر الشافعي، عن معاذ بن المثنى، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو نعيم في "الطب النبوي"(858) من طريق عمر بن الخطاب السجستاني، عن سيف الجَرْمي، عن المسعودي، به. كذا جعله عمر من حديث سيف الجرمي: وهو سيف بن عبيد الله الجرمي، صدوق لا بأس به، إلّا أنَّ حديث معاذ العنبري عن سيف بن مسكين هو الصواب، فإنَّ معاذ بن المثنى أوثق وأصح حديثًا من عمر السجستاني، والظاهر أنَّ عمر وهمَ فيه، والله تعالى أعلم.

وفي الباب عن مليكة بنت عمرو مرسلًا، أخرجه أبو داود في "المراسيل"(450) - بتحقيق شيخنا العلامة شعيب الأرنؤوط رحمه الله وسنده ضعيف كما هو مبيَّن في التعليق عليه هناك.

وعن صهيب عند أبي نعيم في "الطب"(325)، وسنده ليِّن، وقال ابن القيم في "زاد المعاد" 4/ 325: لا يثبت ما في هذا الإسناد. =

ص: 41

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8437 -

حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حَدَّثَنَا يحيى بن جعفر

(1)

بن الزَّبرِقان، حَدَّثَنَا أبو بكر عُبيد الله

(2)

بن عبد المجيد الحنفيّ، حَدَّثَنَا عبدُ الحميد بن جعفر عن عُتبة بن عبد الله التّيمي، عن أسماءَ بنت عُميس قالت: سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بماذا تَسْتمشِينَ؟ " قلت بالشُّبْرُم، قالت: قال: "حارٌّ جارٌّ"، قالت: ثم قلت: استمشيتُ بالسَّنَا، قال:"لو كان في شيء شفاءٌ من الموت، لكان في السَّنَا"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8438 -

أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحُسين، حَدَّثَنَا آدم بن أبي إياس، حَدَّثَنَا شعبة، عن خالد الحَذَّاء، عن ميمون أبي عبد الله، عن زيد بن أرقَمَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَدَاوَوْا من ذات الجَنْب بالقُسْطِ البَحْريّ والزَّيتِ"

(4)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8439 -

أخبرني محمد بن المُؤمَّل بن الحسن، حَدَّثَنَا الفَضْل بن محمد الشَّعْراني،

= وعن ابن عباس عند ابن عدي في "الكامل" 6/ 130، وسنده واهٍ.

(1)

تحرَّف "جعفر" في نسخنا الخطية إلى: حفص، وقد تكرر عند المصنّف في عدة مواضع على الصواب، ويحيى بن جعفر هذا: هو يحيى بن أبي طالب، جاء مسمًّى عند المصنّف هكذا كثيرًا.

(2)

في (ز) و (ب): أبو بكر بن عبيد الله، وهو خطأ. وذكر عبيد الله هنا خطأ أيضًا، فإنَّ أبا بكر الحنفي اسمه عبد الكبير، والحديث له، أما عبيد الله فهو أخوه وكنيته أبو علي.

(3)

إسناده ضعيف كما سلف بيانه برقم (7629).

(4)

صحيح لغيره دون ذكر الزيت، وهذا إسناد ضعيف من أجل ميمون أبي عبد الله، وعبدُ الرحمن شيخ المصنّف وإن كان فيه ضعف قد توبع فيما سلف برقم (7631).

وذات الجَنْب: هو التهابٌ في الغشاء المحيط بالرئة.

ص: 42

حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد النُّفيلي، حَدَّثَنَا محمد بن سَلَمة، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن الزُّبير، عن عُرْوة، عن عائشة أنها حدثته: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين: قالوا خَشِينا أنَّ الذي برسولِ الله ذاتُ الجَنْب، قال:"إنها من الشيطان، وما كان اللهُ ليُسلِّطَه عليَّ"

(1)

.

هذا حديث

(2)

على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وقد رُويَ عن عائشة رضي الله عنها ضدُّ هذه الرواية بإسناد واهٍ:

8440 -

حدَّثَناه أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا بِشْر بن موسى الأَسديّ، حَدَّثَنَا أبو زكريا يحيى بن إسحاق، حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، عن عُروة، عن عائشة قالت: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذات الجَنْب

(3)

.

8441 -

حَدَّثَنَا محمد بن صالح بن هانئ، حَدَّثَنَا السَّريُّ بن خُزيمة، حَدَّثَنَا أحمد بن يونس، حَدَّثَنَا مُسلِم بن خالد، عن عبد الرحمن بن محمد المَدِيني

(4)

، عن ابن

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.

وأخرجه أحمد 43/ (26346) من طريق إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وللحديث سياق آخر عند أحمد 41/ (24870) من طريق هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة.

(2)

في (ك) وحدها: هذا حديث صحيح.

(3)

إسناده ضعيف منكر لضعف عبد الله بن لهيعة وتفرُّده به، وقال الذهبي في "تلخيصه": لم يصح، وقال ابن حجر في "المطالب العالية" (4321) بعد أن عزاه لأبي يعلى: هذا الحديث من منكرات ابن لهيعة. أبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيمُ عروة.

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده"(4843)، والطبراني في "الأوسط"(8954) من طريقين عن ابن لهيعة، به.

(4)

هكذا في النسخ الخطية: عبد الرحمن بن محمد المديني، واختلفت مصادر التخريج في تسميته، فبعضها وقع فيها كما هو هنا، وفي بعضها: عبد الرحمن بن عمر، والبعض الآخَر: عبد الرحيم بن عمر. وفي ترجمة مسلم بن خالد من "تهذيب الكمال" 27/ 509: يروي عن عبد الرحمن بن عمر، ويقال: عبد الرحيم بن عمر، ويقال: ابن يحيى المديني.

ص: 43

شِهاب، عن عروة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الخاصِرةَ عِرْقُ الكُلْية، إذا تحرَّك آذى صاحبَها، فداوُوها

(1)

بالماءِ المُحرَقِ والعَسَل"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8442 -

حَدَّثَنَا أبو الحسن محمد بن علي بن هانئ العَدْل، حَدَّثَنَا الحسين بن الفَضْل، حَدَّثَنَا عفَّان بن مسلم، حَدَّثَنَا وُهَيب، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم احتَجَم وأَعطى الحَجَّامَ أَجرَه، واسْتَعَطَ

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه الزيادة.

8443 -

حَدَّثَنَا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، حدثني يحيى بن عبد الحميد، حَدَّثَنَا حَمّاد بن شُعيب، عن أبي الزّبير، عن جابر قال: جاءت امرأةٌ

(1)

هكذا في (ك)، وفي بقية النسخ الخطية: فدواؤها.

(2)

إسناده ضعيف لضعف مسلم بن خالد - وهو الزنجي - وللاضطراب في اسم شيخه وعدم معرفته. أحمد بن يونس: هو ابن عبد الله بن يونس.

وأخرجه ابن السماك في "جزء حنبل"(60)، والطبراني في "الأوسط"(4221) من طريقين عن أحمد بن يونس، بهذا الإسناد.

وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(1017) - ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1473) - والطبراني في "الأوسط"(113) من طريقين عن مسلم بن خالد، به. وقال العقيلي: حديثه - يعني عبد الرحيم بن عمر - غير محفوظ ولا يعرف إلّا به.

وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(556 - بغية الباحث) من طريق يحيى بن هاشم، وابن عدي في "الكامل" 2/ 359 - ومن طريقه ابن الجوزي (1474) - من طريق الحسين بن علوان، كلاهما عن هشام بن عروة به، ويحيى وحسين كلاهما متَّهم بالكذب.

والماء المُحرَق: هو المغلي بالحَرَق، وهو النار. "النهاية" لابن الأثير.

(3)

إسناده صحيح. وهيب هو ابن خالد بن عجلان البصري.

وأخرجه أحمد 4 / (2337) و (2659) و (2670)، والبخاري (2278) و (5691)، ومسلم (1577)(65) و (2208)(76)، والنسائي (7536)، وابن حبان (5150) من طرق عن وهيب بن خالد، بهذا الإسناد. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

ص: 44

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن ابني هذا به العُذْرةُ، قال:"لا تُحرِقْنَ حُلوقَ أولادِكنُّ، عليكنَّ بِقُسْطٍ هِنْديٍّ وَوَرْسٍ فَأَسعِطْنَه إياه"

(1)

.

8444 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن السَّمَّاك ببغداد، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، حَدَّثَنَا مُعاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قَتَادة، عن أبي عبد الله البَحْرانيّ، عن زيد بن أرقَمَ قال: سمعت نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم يَنعَتُ الزيتَ والوَرْسَ من ذات الجَنْب.

قال قتادة: يُلَدُّ

(2)

من جانبه الذي يشتكيه

(3)

.

هذا حديث عالي الإسناد، ولم يُخرجاه.

8445 -

حَدَّثَنَا أبو نَصْر محمد بن أحمد بن محمد، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو بن النَّضْرِ الحَرَشيُّ، حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى، أخبرنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: دخل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم على عائشة وعندها امرأةٌ معها صبيٌّ لها يَسيلُ مَنْخِراهُ دمًا، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"ما شأنُ هذا؟ " قالوا: به العُذْرةُ، قال:"وَيْلَكنّ، لا تَقتُلنَ أولادَكنّ؛ أيّةُ امرأةٍ يأتي ولدَها العُذْرةُ فلتأخُذْ قُسْطًا هنديًّا فلتحُكَّه بالماء ثم لتُسعِطْه إياه"، ثم أَمر عائشةَ ففعلته بالصبي فبَرَأ

(4)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8446 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف يحيى وحماد، وبهما أعلّه الذهبي في "تلخيصه"، إلّا أنهما متابَعان فيما سلف عند المصنّف برقم (7645).

(2)

تحرَّف في نسخنا الخطية غير (ك) إلى: يكد.

(3)

إسناده ضعيف، وقد سلف برقم (7632).

(4)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي سفيان، ومحمد بن عمرو الحرشي صدوق حسن الحديث، وقد سلف الحديث برقم (7644) من غير هذا الوجه عن الأعمش. يحيى بن يحيى: هو أبو زكريا النيسابوري.

ص: 45

ابن يحيى الذُّهْلي، حَدَّثَنَا مُسدَّد، حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد، حَدَّثَنَا المُشمَعِلُ، حدثني عمرو بن سُليم

(1)

المُزَني، قال: سمعت رافعَ بن عَمرو المُزَني يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وَصِيفٌ يقول: "الشَّجرةُ العَجْوةُ

(2)

من الجنّة"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8447 -

حَدَّثَنَا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا الحسين بن محمد بن زياد، حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل الجُعْفيّ، حَدَّثَنَا قيس بن حفص الدَّارمي، حَدَّثَنَا طالب بن حُجَيْر، حدثني هُود

(4)

بن عبد الله، عن جدِه مَزِيدةَ قال: لما قَدِمْنا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَخرجوا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تمرًا من تَمَراتِهم، فجعلوا يأكلونه، فسمَّى تلك التمراتِ بأسمائِهم، فقالوا: ما نحن بأعلمَ يا رسول الله بأسمائِها

(5)

منك، ثم قال لرجُلٍ: "أطْعِمْنا من بقيّة المقربين

(6)

"فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "هذا البَرْني، وهو خيرُ تُمُورِكم، هو دواءٌ لا داءَ فيه"

(7)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: مسلم.

(2)

هكذا في نسخنا الخطية بلا واو، وانظر ما سلف برقم (6633).

(3)

رجاله ثقات معروفون غير عمرو بن سليم، وقد سلف الكلام عليه برقم (6633).

والوصيف: الغلام دون المراهق.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: هوذة.

(5)

في النسخ: من أسمائها، وفي (ك): بأسمائهم.

(6)

هكذا في النسخ الخطية و"تلخيص الذهبي"، وهو غير مفهوم، والذي في مصادر التخريج: بقية القوس. والقوس - كما في "النهاية" لابن الأثير -: بقية التمر في أسفل الجُلّة، كأنها شُبِّهت بقوس البعير، وهي جامحتُه.

(7)

حديث محتمل للتحسين إن شاء الله، وهذا إسناد فيه لِينٌ، هود بن عبد الله لم يرو عنه غير طالب بن حجير، وطالب صدوق لا بأس به، أما هود فلم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقد خرَّج له البخاري في "الأدب المفرد"(587) بعضًا من حديثه الطويل في قصة وفد عبد القيس وذلك في فضل الحلم والتؤدة، وجهّله ابن القطّان.

وأخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(1399)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" =

ص: 46

8448 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب وعلي بن عبد الله العطار ببغداد، قالا: حَدَّثَنَا العباس بن محمد الدوري، حَدَّثَنَا يونس بن محمد المُؤدِّب، حَدَّثَنَا فُليح بن سليمان، عن أيوب بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صَعْصَعة، عن يعقوب بن أبي يعقوب، عن أُمِّ المُنذر العدوية قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عليٌّ وهو ناقِهٌ، قالت: ولنا دوالي معلَّقة، قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل، وقام علي فأكل، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"مهلًا يا عليُّ، فإنك ناقِهٌ" قالت: فجلس علي وأكل منها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ثم صنعتُ لهم سلقًا وشعيرًا، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"من هذا أَصِبِ الآنَ يا علي"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8449 -

أخبرنا أحمد بن يعقوب الثقفي، حَدَّثَنَا يوسف بن يعقوب القاضي، حَدَّثَنَا محمد بن أبي بكر المُقدَّمي، حَدَّثَنَا مُعتمر بن سليمان، عن أيمن بن نابل، عن فاطمة بنت المنذر [عن أم كُلْثوم]

(2)

عن عائشة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم

= (1690)، وأبو يعلى (6850)، والطبراني في "المعجم الكبير" 20/ (812)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6319) من طريق محمد بن صدران، عن طالب بن حجير، بهذا الإسناد مطولًا في قصة قدوم وفد عبد القيس.

وفي الباب ضمن حديث طويل لبعض وفد عبد القيس في "مسند أحمد" 24/ (15559) قال عن البرني: "أما إنه خير تمركم، وأنفعه لكم". وفي إسناده ضعف.

وعن أنس سلف عند المصنّف برقم (7638)، وآخر عن أبي سعيد الخدري برقم (7639)، وفي إسنادهما ضعف. وبمجموع هذه الأحاديث يحتمل تحسين حديث هود.

(1)

إسناده ضعيف كما سلف بيانه برقم (7640). وأخرجه الترمذي (2037) عن عباس الدوري، بهذا الإسناد. إلا أنه قال فيه: فليح عن عثمان بن عبد الرحمن!

وأخرجه أحمد 44/ (27052) عن يونس بن محمد، وابن ماجه (3442) عن ابن أبي شيبة، عن يونس بن محمد، به. وقالا فيه: فليح عن أيوب بن عبد الرحمن.

(2)

سقط من النسخ الخطية هنا، وهو ثابت يقينًا في رواية معتمر كما سلف عند المصنّف برقم (7643).

ص: 47

بالبَغِيض النافعِ: التَّلبينةِ، فوالذي نفس محمدٍ بيده، إنها لتَغسِلُ بطنَ أحدكم كما يَغسِلُ الوسخَ عن وجهِه بالماء". قالت: وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى أحدٌ من أهله، لم تَزَلِ البُرْمة على النار حتَّى يأتيَ على أحد طَرَفيه؛ إما موتٌ أو حياةٌ

(1)

.

هذا حديث على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

8450 -

حَدَّثَنَا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا غسان بن مالك، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن أبي المَوَالي، حدثني أيوب بن الحسن بن عليّ بن أبي رافع، عن جدَّته سَلْمى خادمةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: ما كان رجلٌ يشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وَجَعًا في رأسِه إلَّا قال: "احتَجِمْ"، ولا وجعًا في رِجلَيه إِلَّا قال:"اخضِبْهُما"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8451 -

أخبرني أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حَدَّثَنَا يوسف بن يعقوب القاضي، حَدَّثَنَا أبو الرَّبيع الزَّهْرانيُّ، حَدَّثَنَا حمّاد بن زيد، حَدَّثَنَا هشام بن حسَّان، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَصَفَ لهم [في] عِرْق النَّسَا أن يأخذوا أَلْيةَ كَبْشٍ ليس بعظيمٍ ولا صَغيرٍ، فيُدَافُ ثم يُجزَّأُ على ثلاثة أجزاء، فيُشرَبُ

(3)

كلَّ يوم جزءٌ

(4)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

8452 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي،

(1)

إسناده ضعيف كما سبق بيانه برقم (7643).

(2)

حديث محتمل للتحسين، وهذا إسناد ضعيف كما سلف بيانه برقم (6999)، وانظر (7646).

(3)

في (ز) و (ك) و (ب): فليشرب.

(4)

إسناده صحيح. أبو الربيع: هو سليمان بن داود العَتَكي. وسلف برقم (3191).

قوله: "فيُداف" هو بمعنى: يذاب، كما جاء في غير هذا الموضع.

ص: 48

حَدَّثَنَا أبو نُعيم وابن كَثير، قالا: حَدَّثَنَا سفيان، عن ابن خُثَيم، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ خيرَ أكحالِكم الإِثْمِدُ، فإنه يَجلُو البصرَ ويُنبِتُ الشَّعر"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8453 -

أخبرني أبو عَوْن محمد بن أحمد بن ماهان الجزَّار بمكة على الصَّفا حرسها الله، حَدَّثَنَا علي بن عبد العزيز، حَدَّثَنَا أحمد بن يونس، حَدَّثَنَا إسرائيل، عن عبَّاد بن منصور، عن عِكرِمة، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتحل بالإثمِدِ ثلاثًا قبل أن ينامَ كلَّ ليلة

(2)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل ابن خثيم: وهو عبد الله بن عثمان بن خثيم. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، وابن كثير: هو محمد العبدي، وسفيان: هو الثوري.

وأخرجه أحمد 3/ (2047) و 4 / (2479) و 5 / (3426)، وابن ماجه (3497)، وابن حبان (6072) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد - وبعضهم يذكر فيه فضل الثياب البيض، كرواية يحيى بن سليم عن ابن خثيم المتقدمة عند المصنّف برقم (7565).

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، عباد بن منصور ضعيف يدلِّس، وقد دلَّس هذا الخبر عن اثنين، فقد سأله يحيى بن سعيد القطان - كما في "الضعفاء" للعقيلي 2/ 635 - 636 - عمَّن سمع هذا الحديث، فقال: حدثني ابن أبي يحيى عن داود بن حصين عن عكرمة عن ابن عباس. قلنا: وابن أبي يحيى هذا: هو إبراهيم بن محمد الأسلمي، وهو متروك.

وأخرجه بنحوه أحمد 5/ (3320) عن أسود بن عامر، عن إسرائيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أيضًا أحمد (3318)، وابن ماجه (3499)، والترمذي (1757) و (2048) من طريقين عن عباد بن منصور، عن عكرمة به. وحسَّنه الترمذي.

وروي في هذا الباب عن عبد الحميد بن جعفر عن عمران بن أبي أنس مرسلًا: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يكتحل في اليمنى ثلاثًا وفي اليسرى مرتين، وليس فيه أنَّ ذلك كل ليلة. أخرجه ابن أبي شيبة 8/ 21 و 599، وابن سعد في "الطبقات" 1/ 416 من طرق عن عبد الحميد. وخالف عثمان بن عمر عند أبي الشيخ في "أخلاق النَّبِيّ" ص 170 - ومن طريقه البغوي في "شرح السنة"(3205) - فرواه عن عبد الحميد عن عمران بن أبي أنس عن أنس، فوصله. والمحفوظ المرسل، ورجاله لا بأس بهم.

ص: 49

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وعبَّادٌ لم يُتكلَّم فيه بحُجَّة

(1)

.

8454 -

حَدَّثَنَا أبو حفص أحمد بن أَحْيَدَ

(2)

الفقيه ببُخارَى، أخبرنا صالح بن محمد الحافظ، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلة، حَدَّثَنَا عمرو بن النعمان، حَدَّثَنَا منصور بن عبد الرحمن الحَجَبي، عن أُمِّه، عن أسماء بنت أبي بكر الصِّدِّيق قالت: خرج في عُنُقي خُرَاجٌ

(3)

، فذكرتُ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"افتَحيهِ، فلا تَدَعيهِ يأكلُ اللحمَ ويَمَصُّ الدَّمَ"

(4)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8455 -

أخبرنا عبد الله بن جعفر الفارسي، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان، حَدَّثَنَا إسحاق بن محمد الفَرْوي، حَدَّثَنَا إسماعيل بن جعفر، عن عُمَارة بن غَزِيّة، عن عاصم بن عمر بن قَتادة بن النُّعمان، عن محمود بن لَبيد، عن قَتَادة بن النعمان، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أحبَّ الله عبدًا حَمَاهُ الدنيا كما يَظَلُّ أحدُكم يَحْمِي سَقِيمَه الماءَ"

(5)

.

(1)

تعقبّه الذهبي في "تلخيصه" فقال: ولا هو حُجَّة.

(2)

تحرّف في نسخنا الخطية إلى: أحيل، والتصويب من "إتحاف المهرة"(21292).

(3)

تحرّف في نسخنا الخطية إلى: حرج، ولا معنى لها، والمثبت على الصواب من "الإتحاف".

(4)

إسناده تالف، عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة متهم بالكذب والوضع، قال أبو حاتم الرازي: كان يكذب، وقال الدارقطني في "سننه" (603): متروك يضع الحديث.

وأخرجه بلفظ آخرَ الخرائطيّ في "مكارم الأخلاق"(1108). ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 50/ 72 - عن عبد الله بن أحمد الدورقي، والطبراني في "الدعاء"(1135) عن إبراهيم بن هاشم البغوي، كلاهما عن عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، عن عمرو بن النعمان، عن كثير أبي الفضل، عن أبي صفوان شيخ من أهل مكة، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: خرج عليّ خُراج في عنقي فتخوفت منه فأخبرت به عائشة فقالت: سلي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قالت: فسألته، فقال:"ضعي يدك عليه ثم قولي ثلاث مرات: باسم الله، اللهم أذهب عني شرَّ ما أجدُ بدعوة نبيك الطيب المبارك المَكين عندك باسم الله"، قالت: ففعلت فانخمص.

(5)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل إسحاق بن محمد =

ص: 50

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

8456 -

أخبرني أحمد بن يعقوب الثقفي، حَدَّثَنَا يوسف بن يعقوب القاضي، حَدَّثَنَا محمد بن أبي بكر المُقَدَّمي، حَدَّثَنَا محمد بن مُسلم، عن يحيى بن أيوب، عن هشام بن عروة

(1)

، عن أبيه، عن عائشة قالت: مَرِضتُ فَحَمَانِي أَهلي كلَّ شيء حتَّى الماءَ، فعَطِشتُ ليلةً وليس عندي أحدٌ، فدَنَوتُ من قِرْبةٍ معلَّقة فشربتُ منها شَربةً، وقمتُ وأنا صحيحةٌ، فجعلتُ أعرِفُ صِحّةَ تلك الشَّربةِ في جسدي. قال: وكانت عائشة تقول: لا تَحمُوا المريضَ شيئًا

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8457 -

حَدَّثَنَا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا أحمد بن عيسى، حَدَّثَنَا عبد الله بن وَهْب، أخبرني عمرو بن الحارث، أنَّ بكيرًا حدَّثه، أنَّ عاصم بن عمر بن قَتادة حدَّثه: أنَّ جابر بن عبد الله عاد المقنَّعَ، ثم قال: لا أخرجُ حتَّى يَحتجِم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إنَّ فيه شفاءً"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!

8458 -

حَدَّثَنَا بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْوٍ ومحمد بن أحمد القَنطَري ببغداد

= الفروي، وقد توبع فيما سلف برقم (7652).

(1)

من قوله: "عن عاصم بن عمر" في الإسناد السابق إلى هنا سقط من (ب).

(2)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل محمد بن مسلم - وهو مَديني قدم البصرة - ومن أجل يحيى بن أيوب: وهو الغافقي المصري.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(8795)، وفي "الآداب"(876) من طريق الحسن بن محمد بن إسحاق، عن يوسف بن يعقوب القاضي، بهذا الإسناد.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أحمد بن عيسى - وهو المصري التَّستري - وقد توبع فيما سلف عند المصنّف برقم (7655).

واستدراك الحاكم له على الشيخين ذهولٌ منه، فقد أخرجاه من طريق ابن وهب بهذا الإسناد والمتن كما سلف.

ص: 51

قالا: حَدَّثَنَا أبو قِلَابة عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي.

وحدثنا أحمد بن إسحاق الفقيه وإسماعيل بن نُجَيد السُّلَمي قالا: حَدَّثَنَا أبو مُسلِم؛ [قالا]: حَدَّثَنَا أبو عاصم، حَدَّثَنَا عبَّاد بن منصور، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"ما مَررتُ بمَلأٍ من الملائكة إلَّا أَمَروني بالحِجَامة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8459 -

حَدَّثَنَا أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حَدَّثَنَا يوسف بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن أبي بكر، حَدَّثَنَا سليمان بن داود حَدَّثَنَا عبَّاد بن منصور، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يَحتجِمُ لسبعَ عشرةَ وتسعَ عشرةَ وإحدى وعشرين

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8460 -

حَدَّثَنَا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عمر بن حفص بن عمر السَّدُوسي، حَدَّثَنَا عبد الملك بن عبدِ ربِّه الطائيُّ، حَدَّثَنَا أبو علي عثمان بن جعفر، حَدَّثَنَا محمد بن جُحَادة، عن نافع قال: قال لي ابن عمر: يا نافع، إنه قد تَبيَّغَ بيَ الدمُّ، فالتمِسْ لي حجَّامًا واجعله رفيقًا إن استطعتَ، ولا تجعله شيخًا كبيرًا، ولا صبيًّا صغيرًا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"الحِجَامَةُ على الرِّيق أمثلُ، وفيه شفاءٌ وبركةٌ، يزيدُ في العَقْل، ويزيدُ الحافظَ حِفظًا، احتَجِموا على بركةِ الله يومَ الخميس، واجتَنِبوا يومَ الجمعة ويومَ السبت ويومَ الأحد، واحتَجِموا يومَ الاثنين والثلاثاء فإنه اليومُ الذي عافى اللهُ فيه أيوبَ من البلاء، وليس يبدأُ بَرَصٌ ولا جُذَامٌ إِلَّا يومَ الأربعاء وليلة الأربعاء، وإنما ابتُليَ أيوبُ يومَ الأربعاء"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا كما سلف بيانه برقم (7663). أبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله بن مسلم الكشِّي، وهو وأبو قلابة الرقاشي روياه هنا عن أبي عاصم: وهو الضحاك بن مخلد.

(2)

حسن لغيره بهذا اللفظ، وهذا إسناد ضعيف. وقد سلف برقم (7666).

ويشهد له حديث أنس السالف برقم (7667)، وإسناده حسن.

(3)

إسناده واهٍ، عثمان بن جعفر ذكره ابن حجر في "لسان الميزان" 5/ 375 وقال: عنه =

ص: 52

رواةُ هذا الحديث كلُّهم ثِقات غيرَ عثمان بن جعفر هذا، فإني لا أعرفُه بعدالةٍ ولا جَرْح.

8461 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو مُسلِم، حَدَّثَنَا حجَّاج بن مِنْهال، حَدَّثَنَا حمّاد بن سَلَمة، عن سليمان بن أرقمَ، عن الزُّهري

(1)

، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن احتجَمَ يومَ الأربعاء ويومَ السبت فرأَى وَضَحًا، فلا يَلُومَنَّ إلا نفسَه"

(2)

.

= عبد الملك بن عبد ربه الطائي بحديث منكر في الحجامة. قلنا كذا وقع اسمه هنا عثمان بن جعفر، والصواب أنه عثمان بن مطر كما سلف بيانه عند الحديث رقم (7669)، وهناك تمام تخريجه والكلام عليه وعثمان بن مطر هذا متفق على ضعفه متروك. وقال الذهبي في "تلخيصه": مرَّ هذا، وهو واهٍ.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 5/ 163 عن أحمد بن الحسين الصوفي، عن عبد الملك بن عبد ربه الطائي، قال: حَدَّثَنَا أبو علي المكفوف واسمه عثمان، عن الحسن بن أبي جعفر، عن محمد بن جحادة به.

(1)

تحرّف في النسخ الخطية و "الإتحاف"(18677) إلى: السدي، والتصويب من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وهو المحفوظ فيه أنه من حديث الزهري لا السدي، ووقع على الصواب في مصادر التخريج.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل سليمان بن أرقم، فإنه متروك الحديث، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه". أبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله الكشّي.

وأخرجه البيهقي 9/ 340 من طريق عبد الله بن إبراهيم بن ماسي، عن أبي مسلم الكشي، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (7800) و (7807) عن محمد بن معمر، عن الحجاج بن منهال، به.

وأخرجه أبو نعيم في "الطب النبوي"(508) من طريق داود بن الزبرقان، عن سليمان الرقاشي، عن ابن شهاب الزهري، به وتحرَّف في المطبوع منه "الزبرقان" إلى: الزبير قال، وداود هذا متروك الحديث مدلِّس، ولا يعرف سليمان - وهو ابن أرقم - بالرقاشي، فهذا من تدليسات داود.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 251 - ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات"(1726) - من طريق إسماعيل بن عياش عن سليمان بن أرقم وابن سمعان، عن الزهري، عن أبي سلمة =

ص: 53

8462 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار العَدْل، حَدَّثَنَا السَّرِي

(1)

ابن خُزيمة، حَدَّثَنَا أحمد بن يونس، حَدَّثَنَا حمَّاد بن سَلَمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة: أنَّ أبا هِنْد حَجَمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بوَجٍّ من وجعٍ كان به، وقال: "إنْ كان في شيءٍ ممّا تَداوَوْنَ به من خيرٍ، فالحِجامةُ

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

= أو عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. وابن سمعان هذا المتابع لسليمان: هو عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزومي، أحد المتروكين، واتهمه مالك وأبو داود بالكذب.

والمحفوظ في هذا الخبر عن الزهري مرسلًا - ومراسيله شبه لا شيء - هكذا رواه عنه معمر بن راشد في "جامعه"(19816) ومن طريقه أبو داود في "المراسيل"(451). ثم قال أبو داود: وقد أُسند هذا ولم يصحَّ.

ورواه عن الزهري مرسلًا أيضًا عون مولى أم حكيم - وهو مجهول - عند أبي القاسم البغوي في "الجعديات"(2911).

وأخرجه أبو العباس الأصم في "حديثه"(145) من طريق شعيب بن إسحاق، عن الحسن بن الصلت، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. كذا رواه بإسقاط الزهري، وقد خرَّج الطبراني في "الأوسط" (3300) قطعة أخرى من الحديث وذكر في إسناده بين الحسن بن الصلت وابن المسيب الزهريَّ وقال: لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلّا الحسن بن الصلت شيخ من أهل الشام. قلنا: وابن الصلت هذا لم نتبيَّن حاله، إذ لم نقف له على ترجمة فهو مجهول، وقد أشار البيهقي في "سننه" 9/ 340 إلى هذا الطريق وضعَّفه.

وذكر ابن الجوزي في "الموضوعات" ثلاثة أحاديث أخرى (1725) و (1727) و (1728)، وهي بعد التحقيق من الأخبار الموضوعة، ولن ننشغل بإيرادها.

(1)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: السيد.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي.

وأخرجه أحمد 14/ (8513) و 15 / (9452)، وأبو داود (2102) و (3857)، وابن ماجه (3476)، وابن حبان (6078) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وله شاهد من حديث أنس عند البخاري (5696) ومسلم (1577).

وآخر من حديث جابر عند البخاري أيضًا (5683) ومسلم (2205)(71).

ص: 54

8463 -

حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يحيى، حَدَّثَنَا مُسدَّد، حَدَّثَنَا يزيد بن زُرَيع، حَدَّثَنَا عبَّاد بن منصور، عن عِكْرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نِعمَ الدواءُ الحِجامةُ، تُذهِبُ الدمَ، وتَجلُو البصرَ، وتُخِفُّ الصُّلْبَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8464 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حَدَّثَنَا الفَضْل بن محمد الشَّعْراني و محمد بن محمد بن رجاءٍ الإسفرايِنيُّ، قالا حَدَّثَنَا إبراهيم بن المنذر الحِزَامي، حَدَّثَنَا محمد بن العلاء النَّبْقي

(2)

، حدثني خالي الوليد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جدِّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُكرِهوا مَرْضاكم على الطعام والشراب، فإِنَّ الله يُطعِمُهم ويَسقِيهم"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد. رواتُه كلهم مدنيون

(4)

، ولم يُخرجاه.

(1)

إسناده ضعيف من أجل عباد بن منصور. وقد سلف بنحوه برقم (7673).

(2)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: الثقفي. والنبقي نسبة إلى جده، فهو محمد بن العلاء بن الحسين بن عبد الله بن أبي نَبْقة المطَّلبي هكذا ذكره ابن ماكولا في "الإكمال" 7/ 332، ولأبي نبقة ترجمة في الكنى من "الإصابة" لابن حجر 7/ 410 وفيها ذكر حفيده هذا.

(3)

حسن لغيره إن شاء الله تعالى، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال محمد بن العلاء النبقي وخاله الوليد: وهو الوليد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ونسب هنا إلى جده.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(9093) - ومن طريقه ابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 240 - وأبو نعيم في "الطب النبوي"(709)، وفي "معرفة الصحابة"(4576)، والرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" 3/ 356 - 357 من طرق عن إبراهيم بن المنذر، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (1010) من طريقين عن محمد بن العلاء به.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 86 بعد أن عزاه إلى البزار والطبراني: فيه الوليد بن عبد الرحمن بن عوف، ولم أعرفه ولا من روى عنه، وبقية رجاله ثقات.

وفي الباب عن عقبة بن عامر سلف عند المصنّف برقم (1312). وانظر تتمة شواهده هناك.

(4)

قوله: "رواته كلهم مدنيون" لم يرد في (ك) و (م).

ص: 55

وعندنا فيه حديثُ مالك عن نافع الذي تفرَّد به محمد بن الوليد اليَشكُري عنه

(1)

.

8465 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حَدَّثَنَا أحمد بن مِهْران، حَدَّثَنَا أبو نُعيم، حَدَّثَنَا يونس بن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن أبي هريرة قال: نَهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواءِ الخبيث

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

الدواءُ الخبيث هو الخمرُ بعَينِه بلا شكٍّ فيه.

وقد اتَّفق الشيخانِ رضي الله عنهما على حديث الثَّوْري وشُعبة عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله: إنَّ الله تعالى لم يَجْعَلْ شفاءَكم فيما حرَّم عليكم

(3)

.

وأخرج مسلم وحدَه

(4)

حديثَ شُعبة، عن سِمَاك بن حَرْب، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"إنها ليست بدواءٍ، ولكنها داءٌ".

(1)

محمد بن الوليد اليشكري منسوب هنا إلى جدِّه، وهو محمد بن عمر بن الوليد، وخبره هذا عن مالك أخرجه ابن حبان في ترجمته من "المجروحين" 2/ 292 وقال فيه: شيخ يروي عن مالك ما ليس من حديثه، لا يجوز لاحتجاج به

إلخ. وقد سلف تخريج حديث ابن عمر هذا والكلام عليه عند حديث عقبة بن عامر.

(2)

إسناده حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين.

وأخرجه أحمد 13/ (8048) و 16 / (10194)، وأبو داود (3870)، وابن ماجه (3459)، والترمذي (2045) من طرق عن يونس بن أبي إسحاق، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (7699) و (7700).

(3)

عزوُه إلى الشيخين ذهولٌ من الحاكم رحمه الله، فإنه ليس عندهما مسندًا، وإنما علَّقه البخاري وحده في "صحيحه" بلا إسنادٍ بين يدي الحديث (5614).

وأما حديث الثوري فقد خرَّجه عبد الرزاق في "مصنفه"(17097) والطبراني في "الكبير"(9714) و (9716)، وأما حديث شعبة فلم نقف عليه. وقد سلف عند المصنّف برقم (7699) من حديث الأعمش عن شقيق بن سلمة أبي وائل عن عبد الله بن مسعود. فانظر تمام تخريجه هناك.

(4)

في "صحيحه" برقم (1984). وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" 31/ (18862).

ص: 56

8466 -

أخبرني عمرو بن محمد بن منصور العَدْل، حَدَّثَنَا عُمر

(1)

بن حفص السَّدُوسي، حَدَّثَنَا عاصم بن علي، حَدَّثَنَا ابن أبي ذِئْب، عن سعيد بن خالد، عن سعيد بن المسيّب، عن عبد الرحمن بن عثمان التَّيْمي قال: ذكر طبيبٌ

(2)

الدواءَ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الضِّفْدعَ يكون في الدّواء، فنهى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عن قتله

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

قد أدّت الضَّرورةُ إلى إخراج حديث الليث بن أبي سُلَيم رحمه الله ولم يَمضِ فيما تقدم:

8467 -

حدَّثَناه الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن يونس القُرشي، حَدَّثَنَا بشر بن حُجْر السامِيّ

(4)

، حَدَّثَنَا فُضيل بن عِيَاض، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحدٍ إِلَّا وفي رأسه عُروقٌ من الجُذَامِ تَنعَرُ، فإذا هاجَ سلَّط الله عليه الزُّكامَ، فلا تَداوَوْا له"

(5)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عمرو.

(2)

تحرف في نسخنا الخطية إلى: ذكرت طيب، والمثبت من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وهو الموافق لرواية عمر بن حفص عند ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 160 ولسائر مصادر التخريج.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم بن علي - وهو ابن عاصم بن صهيب - وقد توبع، وباقي رجاله ثقات.

وقد سلف برقم (5995) من طريق أسد بن موسى عن ابن أبي ذئب.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: السلمي. وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/ 355 وقال: ليس به بأس قد كتبت عنه وكان صدوقًا.

(5)

إسناده واهٍ، محمد بن يونس القرشي - وهو الكُديمي - ضعيف جدًّا واتهمه بعضهم بالكذب، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه" فقال: كأنه موضوع والكديمي متهم. قلنا: فهو علّة الإسناد، وفيه أيضًا ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف.

وأخرجه السمعاني في "معجم شيوخه" ص 297 - 298، وابن الجوزي في "الموضوعات"(1714) من طريقين عن محمد بن يونس، بهذا الإسناد. وسقط ابن عباس من إسناد ابن الجوزي.

ص: 57

8468 -

أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيّاري بمَرْو، أخبرنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرنا عبد الله، أخبرني عبد الحميد بن صَيْفيّ بن عبد الله بن صُهيب، عن أبيه، عن جدِّه، أنَّ صُهيبًا قال: قَدِمتُ على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وبين يديه تمرٌ وخبزٌ، فقال:"ادنُهْ فكُلْ" فأخذتُ آكلُ من التمر، فقال:"تأكلُ تمرًا وبك رَمَدٌ؟! " فقلت: يا رسول الله، إني أمضَعُ من الناحية الأُخرى، فتبسَّم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8469 -

حَدَّثَنَا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا عمّار بن هارون، حَدَّثَنَا محمد بن زياد الطَّحّان، حَدَّثَنَا ميمون بن مِهْران، عن ابن عباس قال: قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والجلوسَ في الشمس، فإنها تُبْلي الثَّوبَ، وتُنتِنُ الريحَ، وتُظهِرُ الداءَ الدَّفِين"

(2)

.

8470 -

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن شاذانَ الجَوْهري، حَدَّثَنَا عبيد الله بن محمد القُرشي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن حمَّاد بن عِمران بن موسى بن طلحة، حَدَّثَنَا طَلْحة بن يحيى بن طلحة، عن أبيه، طلحة بن عُبيد الله قال: دُخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده سَفَرْجَلةٌ، فألقاها إليَّ وقال:"دُونَكَها أبا محمدٍ، فإنها تُجِمُّ الفؤادَ"

(3)

.

(1)

حديث محتمل للتحسين بطرقه، وهذا إسناد فيه لِينٌ. وقد سلف برقم (5808).

أبو الموجَّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك.

(2)

إسناده تالف، محمد بن زياد الطحان وضّاع، وهذا من وضعِه كما قال الذهبي في "تلخيصه"، والراوي عنه - وهو عمار بن هارون - متروك الحديث.

(3)

حديث محتمل للتحسين إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف جدًّا من أجل عبد الرحمن بن حماد الطَّلْحي. وقد سلف بيانه برقم (7769).

ص: 58

‌كتاب الرقى والتمائم

بسم الله الرحمن الرحيم

8471 -

حَدَّثَنَا الشيخ أبو بكر بن إسحاق الفقيه والشيخ أبو الحسن علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، قالا: أخبرنا بِشْر بن موسى الأَسدي، حَدَّثَنَا الحُميدي، حَدَّثَنَا سفيان، حَدَّثَنَا عبد ربِّه بن سعيد، عن عَمْرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتَكى الإنسانُ الشيءَ منه، أو كانت به قَرْحةٌ أو جُرْح، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم باصبَعِه هكذا - ووضع أبو بكر

(1)

سَبَّابتَه بالأرض ثم رَفَعها -: "باسم الله، تُرْبةُ أرضِنا، برِيقَةِ بعضِنا، يُشفَى سَقيمُنا بإذن ربِّنا"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

8472 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أَسِيد بن عاصم، حَدَّثَنَا الحسين بن حفص، عن سفيان، حدثني مَعبَد بن خالد، قال: سمعت عبد الله بن شدَّاد يحدِّث عن عائشة قالت: أَمَرَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن أَسترقيَ من العَيْن

(3)

.

(1)

أبو بكر هذا هو شيخ المصنّف في الحديث.

(2)

إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه أحمد 41 / (44617)، والبخاري (5745) و (5746)، ومسلم (2194)، وأبو داود (3895)، وابن ماجه (3521)، والنسائي (7508) و (10795)، وابن حبان (2973) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

قال النووي في "شرحه على مسلم": قال جمهور العلماء: المراد بأرضنا هنا جملة الأرض، وقيل: أرض المدينة خاصة لبركتها. والرِّيقة أقلّ من الريق.

قال: ومعنى الحديث: أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق بها منه شيء، فيمسح به على الموضع الجريح أو العليل، ويقول هذا الكلام في حال المسح، والله أعلم.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد جيد من أجل الحسين بن حفص، وقد توبع. سفيان: هو الثوري. =

ص: 59

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه!

8473 -

أخبرني أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حَدَّثَنَا يحيى بن أبي طالب، حَدَّثَنَا زيد بن الحُباب.

وحدثنا أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن جعفر القَطِيعي، قالا: حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حَنْبل، حدثني أَبي، حَدَّثَنَا زيد بن الحُبَاب، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان، عن عُمير بن هانئ، أنه سمع جُنادةَ بن أبي أُمية الكِنْديّ يقول: سمعت عُبادةَ بن الصامت يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنَّ جبريلَ عليه السلام أتاه وهو يُوعَكُ فقال: باسم الله أَرْقِيك من كلِّ شيءٍ يُؤذِيك، من كلِّ حَسَدٍ وحاسدٍ وكلِّ عمًى

(1)

، واسمُ الله يَشفِيك"

(2)

.

= وأخرجه أحمد 40 / (24345)، والبخاري (5738)، ومسلم (2195)(56)، وابن ماجه (3512)، والنسائي (7494) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقرن وكيع في روايته عند أحمد وابن ماجه بسفيان مِسعرًا. واستدراك الحاكم له على الشيخين ذهولٌ منه.

وأخرجه من طريق مسعر وحده مسلم (2195)(95)، وابن حبان (6103) و (6109).

(1)

هكذا في (ز) و (ب)، وضبّب عليها في (ز)، وفي "تلخيص الذهبي": وكل غم، وسقط قوله:"وكل عمى" من (ك) و (م). والذي في "مسند أحمد": وكل عين، وهو كذلك في سائر مصادر التخريج، وهو الصواب.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان.

وهو في "مسند أحمد" 37/ (22760).

وأخرجه ابن حبان (953) و (2968) من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (22761)، وابن ماجه (3527) من طريقين عن ابن ثوبان، به.

وأخرجه أحمد (22759)، والنسائي (10776) من طريق عاصم الأحول، عن سلمان - رجل من أهل الشام - عن جنادة بن أبي أمية به.

ويشهد له حديثًا عائشة وأبي سعيد الخدري عند مسلم (2185) و (2186). =

ص: 60

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8474 -

أخبرني أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حَدَّثَنَا يوسف بن يعقوب القاضي، حَدَّثَنَا محمد بن أبي بكر المُقدَّمي، حدثني عمر

(1)

بن علي المقدَّمي، عن أبي جَنَاب، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، حدثني أُبيّ بن كعب قال: كنت عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابيٌّ فقال: يا نبيَّ الله، إنَّ لي أخًا وبه وَجَعٌ، قال:"وما وَجَعُه؟ " قال: به لَمَمٌ، قال:"فأْتِني به" فأَتاه به فوضعَه بين يديه، فعوَّذَه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بفاتحةِ الكتاب وأربعِ آيات من أول

(2)

سورة البقرة وهاتين الآيتين: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [البقرة: 163]، وآيةِ الكُرسي، وثلاثِ آيات من آخر سورة البقرة

(3)

، وآيةٍ من آل: عمران {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: 18]، وآيةٍ من الأعراف:{إنَّ ربَّكُمُ الله الذي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [الأعراف: 54]، وآخرِ سورةِ المؤمنين:{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} [المؤمنون: 116]، وآيةٍ من سورة الجن:{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبَّنَا مَا اتَّخَذَ صَحِبَةً وَلَا وَلَدًا} [الجن: 3]، وعشرِ آياتٍ من أول الصافّات، وثلاثِ آيات من آخر سورة الحشر، و {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} والمعوِّذتين، فقام الرجلُ كأنه لم يَشتَكِ شيئًا قطُّ

(4)

.

= وحديث أبي هريرة عند أحمد 15/ (9757) وابن ماجه (3524) وغيرهما.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عمرو.

(2)

لفظ "أول" سقط من (ز) و (ك) و (م) و "تلخيص الذهبي"، وتحرّف في (ب) إلى آخر.

والمثبت من مصادر التخريج وسياق الكلام يقتضيه.

(3)

من قوله: "وهاتين الآيتين" إلى هنا سقط من (ب).

(4)

إسناده ضعيف لضعف أبي جناب: وهو يحيى بن أبي حيّة الكلبي، وبه ضعفه الذهبي في "تلخيصه" وقال: والحديث منكر. عبد الله بن عيسى: هو حفيد عبد الرحمن بن أبي ليلى.

وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"(595) من طريق الحسن بن محمد بن إسحاق، عن يوسف بن يعقوب القاضي، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند"(35)(21174)، ومن طريقه ابن الجوزي =

ص: 61

قد احتجَّ الشيخان رضي الله عنهما برُواةِ هذا الحديث كلِّهم عن آخرِهم غير أبي جَنَاب الكَلْبي، والحديث محفوظ صحيح، ولم يُخرجاه.

8475 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيْباني، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يحيى الذُّهْلي، حَدَّثَنَا مسدَّد، حَدَّثَنَا عبد الواحد بن زياد، حدثني عثمان بن حَكِيم، حدثتني جدَّتي الرَّبابُ قالت: سمعتُ سهلَ بن حُنَيف يقول: مَرَرْنا بِسَيْل، فدخلتُ فاغتسلتُ فيه، فخرجتُ محمومًا، فنُمِيَ ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"مُرُوا أبا ثابتٍ يَتعوَّذ" قال: فقلت: يا سيدي، والرُّقَى صالحةٌ؟ فقال:"لا رُقَى إِلَّا فِي نَفْسٍ أو حُمَة أو لَدْغة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8476 -

حَدَّثَنَا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشْر بن موسى، حَدَّثَنَا محمد بن سعيد الأصبهاني، أخبرنا شَريك، عن العبَّاس بن ذَرِيح، عن عامر، عن أنس رَفَعَه؛ قال: "لا رُقْية إِلَّا مَن عَينٍ أو حُمَةٍ أو دمٍ، يَرْقَأُ

(2)

"

(3)

.

= في "العلل المتناهية"(177) عن محمد بن أبي بكر المقدمي، به.

وقد اضطرب فيه أبو جناب، فرواه عنه عبدة بن سليمان عند ابن ماجه (3549)، والطبراني في "الدعاء"(1080) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه أبي ليلى قال: كنت جالسًا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فذكره. فجعله من مسند أبي ليلى الأنصاري وأسقط الواسطة بينه وبين عبد الرحمن.

ورواه عنه صالح بن عمر الواسطي عند أبي يعلى (1594)، وعنه ابن السني في "اليوم والليلة"(632) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل، عن أبيه قال: جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

فذكره.

(1)

إسناده محتمل للتحسين كما سلف بيانه برقم (5838).

وأخرجه أبو داود (3888) عن مسدَّد، بهذا الإسناد.

(2)

هكذا في النسخ الخطية: "أو دم يرقأ"، ونقل العظيم آبادي في "عون المعبود شرح سنن أبي داود" عن السندي أن قوله:"يرقأ" جواب سؤال مقدَّر، كأنه قيل: ماذا يحصل بعد الرُّقية؟ فأجيب بأنه يَرقأُ الدمُ. أي: ينقطع.

(3)

حديث صحيح دون قوله: "أو دم يرقأ" فقد انفرد به في حديث عامر الشعبي شَريكٌ - وهو =

ص: 62

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8477 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى، أخبرنا يوسف بن عطيَّة قال: جلستُ إلى يزيد الرَّقَاشي، فسمعتُه يقول: حَدَّثَنَا أنس بن مالك: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أصابه رَمَدٌ أو أحدًا من أهله وأصحابه، دعا

= ابن عبد الله النخعي - وفي حفظه سوء، وقد اضطرب في وصل الحديث وإرساله، وخولف في كون الحديث عن أنس بن مالك، فروايته شاذّة.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(733)، والدارقطني في "العلل" 12/ 110 من طريقين عن محمد بن سعيد الأصبهاني، بهذا الإسناد. وسقط شريكٌ من الإسناد عندهما، والغالب أنه من النسخ.

وأخرجه أبو داود (3889) من طريق سليمان بن داود العتكي ويزيد بن هارون، كلاهما عن شريك، به - الأول أرسله بإسقاط أنس منه، والثاني وصله وأرسله عن شريك أيضًا علي بن الجعد كما في "الجعديات" لأبي القاسم البغوي (2397)، وعمرو بن عون كما في "العلل" لابن أبي حاتم (2566).

ورواه كرواية شريك بذكر الدم فيه: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عن جابر، أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 158. ومجالد ليس بالقوي، ومع ذلك خولف يحيى بن أبي زائدة عنه، فقد رواه ثلاثة من الثقات عن مجالد عند ابن أبي شيبة 8/ 35، والبزار (3056 - كشف الأستار)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (851)، فلم يذكروا فيه الدم.

وجعله أبو أسامة عن مجالد عند ابن أبي شيبة من حديث الشعبي عن بعض أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولم يسمِّه.

وقد اختُلف في إسناد هذا الحديث على الشعبي على وجوه ذكرها الدارقطني في "العلل"(2490) ثم قال: والحديث مضطرب. وقد ذكر بعض هذه الاختلافات الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 17/ 461 - 462 ثم قال: والتحقيق أنّه عند الشعبي عن عمران بن حصين وعن بريدة جميعًا.

وانظر حديث الشعبي عن عمران في "مسند أحمد" 33/ (19908)، وإسناده صحيح.

وصحَّ من حديث يوسف بن عبد الله بن الحارث عن أنس بن مالك عند مسلم (2196) وغيره قال: رخَّص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من العين والحُمَة والنملة.

والحُمَة: السّم مما يلسع من الهوامّ كالعقرب، والنَّملة: قروح تخرج في الجَنْب.

ص: 63

بهؤلاءِ الكلمات

(1)

: "اللهمَّ متِّعنى ببَصَري واجعَلْه الوارثَ منِّي، وأَرِني في العدو ثَأْري، وانصُرْني على من ظَلَمني"

(2)

.

8478 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا الحُسين

(3)

بن محمد بن زياد، حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل الجُعْفي، حَدَّثَنَا طَلْق بن غنَّام، حَدَّثَنَا شَيْبان، عن أبي إسحاق، عن حَبَّة، عن علي قال: من قال عند عَطْسةٍ يَسمعُها: الحمدُ لله على كل حالٍ، لم يَجِدْ وجعَ الضِّرْس ولا وجعَ الأُذن

(4)

.

(1)

في (ك) و (م): بهؤلاء الدعوات.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل يوسف بن عطية، فهو متروك الحديث، ويزيد الرقاشي - وهو ابن أبان - ضعيف، وبهذين الاثنين أعلّه الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(565) من طريق محمد بن يحيى بن الفياض، عن يوسف بن عطية، بهذا الإسناد.

وقد ثبت هذا الدعاء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من غير وجه ليس فيه ذكر الرَّمَد، انظر ما سلف عند المصنّف برقم (1939).

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الحسن، وقد تكرر في كثير من المواضع عند المصنّف على الصواب. وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" 6/ 476.

(4)

إسناده ضعيف لضعف حبة: وهو ابن جُوَين العُرَني. شيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، ومحمد بن إسماعيل الجُعفي: هو الإمام البخاري صاحب "الصحيح".

والخبر بنحوه في "الأدب المفرد" للبخاري (926) بهذا الإسناد إلّا أنه وقع فيه تسمية راويه عن عليٍّ: خيثمة، ولم ينسبه، ويغلب على ظننا أنه تحريف قديم، فإنَّ المزي ذكر في كتابه "تهذيب الكمال" خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي وذكر من شيوخه علي بن أبي طالب ومن تلاميذه أبا إسحاق السبيعي ورَقَمَ لهما برَقْم البخاري في "الأدب المفرد"، والخبر لا يعرف إلَّا من رواية حبة العرني عن علي.

فقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" 10/ 422 عن طلق بن غنام، به - وقال فيه: حبة العرني؛ سمّاه ونسبَه.

وكذا رواه محمد بن الليث الهَدَادي عند الطبراني في "الدعاء"(1988)، وعثمان بن أبي شيبة =

ص: 64

8479 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حَدَّثَنَا السَّرِي بن خُزيمة والفَضْل بن محمد قالا: حَدَّثَنَا إسماعيل بن أبي أُويس، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حَبيبة، عن داود بن الحُصين، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُعلِّمهم من الأوجاع ولمن يَحمَى

(1)

أن يقول: "باسم الله الكبير، نعوذُ بالله العظيم من شرِّ عِرْق نَعَّار، ومن شرِّ حرِّ النار"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8480 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يحيى الذُّهلي، حَدَّثَنَا مُسدَّد، حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد، عن سفيان.

وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن عيسى،

= عند أبي نعيم في "الطب النبوي"(329)، كلاهما عن طلق بن غنام، به - وسمّياه حبة، وزاد عثمان نسبته: العربي. والعجب من محققي "مصنف ابن أبي شيبة"(في الطبعة الهندية) و "الطب" لأبي نعيم إذ غيّراه من حبة إلى: خيثمة، بناء على ما وقع في "الأدب المفرد"!

وأخرجه الخلعي في "فوائده - الخلعيات"(525) من طريق محمد بن مروان الأعور، عن رجل حدّثه، عن عليّ. وإسناده واهٍ مسلسل بالمجاهيل الذين لا يعرفون.

وأخرج الطبراني في "الأوسط"(7141) و "الدعاء"(1987) من وجه آخر ضعيف بمرّة عن علي مرفوعًا: "من بادر العاطسَ بالحمد، عُوفي من وجع الخاصرة، ولم يشتك ضرسه أبدًا".

وفي الباب عدة أحاديث ذكرها السيوطي في كتابه "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" ص 241 و 242، وأسانيدها تالفة.

(1)

أي: تصيبه الحُمَّى.

(2)

إسناده ضعيف لضعف إبراهيم بن أبي حبيبة، وإسماعيل بن أبي أُويس - وإن كان فيه لِين - قد توبع.

فقد أخرجه أحمد 4 / (2729)، وابن ماجه (3526)، والترمذي (2075) من طرق عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه، إلّا من حديث إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وإبراهيم يضعَّف في الحديث.

والعرق النعّار: الذي يفور منه الدم.

ص: 65

حَدَّثَنَا محمد بن كَثير وأبو حُذَيفة قالا: حَدَّثَنَا سفيان عن محمد بن المُنكَدِر، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حَثْمة، عن حَفْصة: أنَّ امرأةً من قريش يقال لها: الشِّفاء، كانت تَرقِي من النَّمْلة، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"علِّمِيها حفصةَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8481 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، حَدَّثَنَا يحيى بن بُكَير، حَدَّثَنَا اللَّيث، عن عُقيل، عن ابن شِهاب قال: أخبرني عُرْوةُ، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأَى في بيت أم سَلَمة زوجِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جاريةً بوجهها سَفْعةٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بها نَظْرةٌ، فاستَرْقُوا لها"

(2)

.

(1)

رجاله في الجملة ثقات، وقد اختُلف في وصله وإرساله كما سلف بيانه عند الحديث (7062)، والراجح إرساله. سفيان: هو الثوري، وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي، والشِّفاء: هي بنت عبد الله القرشية، وهي جدَّة أبي بكر بن أبي حثمة.

وأخرجه أحمد 44 / (26449) و (26450)، والنسائي (7500) من طريقين عن سفيان، بهذا الإسناد.

وسلف برقم (7062) من طريق إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة: أنَّ رجلًا من الأنصار خرجت به نملة، فذكره مرسلًا.

والنملة: قروح تخرج بالجنب.

(2)

حديث صحيح، رجاله ثقات عن آخرهم، إلَّا أنَّ المحفوظ فيه: عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة، كما رواه محمد بن الوليد الزبيدي عن الزهري فيما سلف عند المصنّف برقم (7676)، والزبيدي أضبط أصحاب الزهري فيه، وذلك أنه كان رجلًا يلازمه كثيرًا حضرًا وسفرًا.

وأما عُقيل - وهو ابن خالد الأيلي - فقد اختُلف عليه فيه، فرواه عنه الليث بن سعد علي النحو الذي خرَّجه المصنّف هنا، موصولًا من رواية عروة عن عائشة، ووهَّم هذه الروايةَ الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 17/ 556.

ورواه عبد الله بن وهب، عن عبد الله بن لهيعة، عن عقيل، عن الزهري، عن عروة: أنَّ جارية دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت أم سلمة

فذكره مرسلًا. هكذا أخرجه ابن حجر في "تغليق التعليق" 5/ 47 - 48 من جزء من "فوائد أبي الفضل بن طاهر" بسنده إلى ابن وهب. =

ص: 66

هذا حديث صحيح

(1)

على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8482 -

أخبرنا علي بن محمد بن عُقْبة الشَّيباني بالكوفة، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق الزُّهري، حَدَّثَنَا مُحاضِر بن المُورِّع، حَدَّثَنَا الأعمش، عن أبي سفيان

(2)

، عن جابر بن عبد الله قال: جاء رجلٌ من الأنصار يقال له: عَمرو بن حَزْم، وكان يَرقِي من الحيّة، فقال: يا رسول الله، إنك نهيتَ عن الرُّقى وأنا أَرقي من الحيَّة، قال:"قُصَّها عليَّ"، فقصَّها، فقال:"لا بأسَ بهذه، هذه مَواثيقُ".

قال: وجاء خالي من الأنصار، وكان يَرقي من العقرب، فقال: يا رسول الله، إنك نهيتَ عن الرُّقى، وأنا أَرقي من العقرب، قال:"مَن استطاع أن يَنفَعَ أخاه فليَفعَلْ"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8483 -

حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد حَدَّثَنَا أحمد بن زهير

= وأحاديث ابن وهب عن ابن لهيعة من صحيح حديثه، والظاهر أنّ البخاري رحمه الله رجَّح هذه الرواية في حديث عُقيل فذكرها معلَّقة في "صحيحه" بإثر حديث الزبيدي (5739).

(1)

لفظ "صحيح" من (ب)، ولم يرد في بقية النسخ.

(2)

تحرّف في نسخنا الخطية إلى: أبي السفر، والتصويب من "تلخيص الذهبي"، ومصادر التخريج ومنها "المنتخب من مسند عبد بن حميد"(1026) حيث رواه عن محاضرٍ نفسه، فسمي شيخ الأعمش أبا سفيان. وأما أبو السفر فإنه سعيد بن يحمد الهمداني، وهو ثقة من شيوخ الأعمش، إلا أنه لا تعرف له رواية عن جابر بن عبد الله.

(3)

حديث قوي، وهذا إسناد حسن من أجل محاضر بن المورِّع، وقد توبع، وأبو سفيان - وهو طلحة بن نافع - لا بأس به قوي الحديث، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه مختصرًا أحمد 22 / (14231) و (14382)، ومسلم (2199)(62 - 63)، وابن ماجه (3515)، وابن حبان (6091) و (6097) من طرق عن الأعمش، عن أبي سفيان، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه، فالحديث بنحوه بشطريه عند مسلم.

وأخرجه بنحوه أحمد 22 / (14584) و 23 / (15100) و (15102) و (15235)، ومسلم (2198)(60 - 61)، والنسائي (7498)، وابن حبان (532) و (6102) من طريق أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله.

ص: 67

ابن حَرْب، حَدَّثَنَا موسى بن إسماعيل، حَدَّثَنَا حمّاد بن سَلَمة، حَدَّثَنَا عاصم بن بَهْدلة، عن زِرّ بن حُبَيش، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَت عليَّ الأممُ بالمَوسِم، فرأيت جَمْعَهم، فأعجَبَني كَثرتُهم وهيئتُهم قد مَلَؤوا السهلَ والجبلَ، فقيل: أيْ محمدُ، رضيتَ؟ فأقول: نعم أيْ ربِّ، فقال: إنَّ لك مع هؤلاء سبعين ألفًا يدخلون الجنَّة بغير حسابٍ، وهم الذين لا يَسْتَرقُون ولا يَكتَوُون وعلى ربِّهم يتوكَّلون"، فقام عُكَّاشة بن مِحصَن فقال: يا رسولَ الله، ادعُ الله أن يجعلَني منهم، فدعا له، فقام رجلٌ آخرُ، فقال: يا رسول الله، ادعُ الله أن يجعلَني منهم، فقال:"سَبَقَك إليها عُكّاشةُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد من أوجهٍ، ولم يُخرجاه. وليس فيه نهيٌ عن الرُّقَى، لم يُؤثَر

(2)

التوكلُ عليه، والدليل على ذلك:

8484 -

ما حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشاذَ؛ قال أبو بكر: أخبرنا، وقال علي: حَدَّثَنَا بِشْر بن موسى، حَدَّثَنَا الحُميدي، عن سفيان، حَدَّثَنَا ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد، عن العَقّار بن المغيرة بن شُعْبة، عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم بن بهدلة.

وأخرجه أحمد 6/ (3819) و 7/ (4339)، وابن حبان (6084) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه مختصرًا أحمد 7/ (3964) من طريق همام العوذي، عن عاصم، به.

وسيأتي ضمن حديث مطوَّل برقم (8936) من طريق عمران بن حصين عن عبد الله بن مسعود، وإسناده صحيح.

وله شاهد من حديث ابن عباس عند البخاري (5705) ومسلم (220).

وآخر من حديث عمران بن حصين عند مسلم (218).

وثالث من حديث أبي هريرة عند مسلم أيضًا (216).

(2)

هكذا في نسخنا الخطية: لم يؤثر، والمعنى فيه غامض، و"لم" يمكن أن تقرأ في (م): ثم، ولعلَّ المعنى عندها: ثم إنه يُؤثَر التوكل على طلب الرقية، والله تعالى أعلم.

ص: 68

قال: "لم يَتوكَّلْ مَن استَرقَى أو اكتَوَى"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8485 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا شَيْبان الأُبُلِّي، حَدَّثَنَا جَرير بن حازم، عن سُهَيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَن قال حين يُمسي: أعوذُ بكلماتِ الله التامّاتِ من شرّ ما خَلَقَ، ثلاثَ مرات، لم تَضرَّه حيّةٌ تلك الليلةَ".

قال: وكان إذا لُدِغَ من أهله إنسانٌ قال

(2)

: ما قال الكلماتِ؟!

(3)

(1)

إسناده حسن من أجل العقّار بن المغيرة، فقد روى عنه جمع ولم يؤثر توثيقه عن غير العجلي وابن حبان. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه أحمد 30 / (18200) عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (18180) و (18217) و (18221)، وابن ماجه (3489)، والترمذي (2055)، والنسائي (7561)، وابن حبان (6087) من طريقين عن مجاهد، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

(2)

فاعل "قال" هو أبو هريرة فيما يغلب على ظننا كما يفهم من رواية عبيد الله بن عمر بن سهيل عند ابن حبان (1036).

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل شيبان الأُبلي: وهو شيبان بن فرُّوخ.

وأخرجه ابن حبان (1022) عن أحمد بن محمد بن الحسين، عن شيبان بن أبي شيبة - وهو ابن فرّوخ - بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 13/ (7898) و 14 / (8880)، وابن ماجه (3518)، والترمذي (3604 م)، والنسائي (10349) و (10350 - 10353)، وابن حبان (1021) و (1036) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، به - ورواية هشام بن حسان من بين هؤلاء الرواة عن سهيل أقربها إلى رواية جرير بن حازم إلّا أنه قال فيه:"لم تضرّه حُمَة" بالحاء والميم، وهو السّم، ويطلق كثيرًا على إبرة العقرب للمجاورة، لأن السم يخرج منها. وهذا هو المحفوظ في الرواية، أنها بالحاء والميم، وليس بالحاء والياء كما وقع في رواية جرير، فإنَّ حديث أبي هريرة بطرقه ذُكر فيه: أنَّ رجلًا من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لدغته عقرب، فذكرُ الحُمَة فيه أقرب. وأكثر رواة هذا الحديث لم يذكروا فيه عددًا لقول هذا الدعاء. =

ص: 69

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

8486 -

حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يحيى، حَدَّثَنَا مُسدَّد، حَدَّثَنَا مُلازِم بن عمرو.

وحدثنا أحمد بن إسحاق الفقيه وأحمد بن جعفر القَطِيعي، قالا: حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حَنبَل، حدثني أَبي، حَدَّثَنَا عليّ بن المَدِيني، حَدَّثَنَا مُلازِم بن عمرو، حَدَّثَنَا عبد الله بن بَدْر، عن قيس بن طَلْق، عن أبيه: أنه لَدغَتْه عقربٌ عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فرَقَاه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومَسحَ بيدِه

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8487 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن عفَّان العامِرِي، حَدَّثَنَا عبد الله بن نُمير، حَدَّثَنَا أبو خالد يزيدُ بن عبد الرحمن الدّالانيّ.

وحدثنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين، حَدَّثَنَا آدم بن أبي إياس، حَدَّثَنَا شُعبة، عن يزيد بن أبي خالد، عن المِنْهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَن عاد مريضًا لم يَحضُرْه أجلُه، فقال

= وأخرجه بنحوه مسلم (2709)، والنسائي (10346 - 10348)، وابن حبان (1020) من طريقين عن أبي صالح السمّان، به.

وقد اختُلف فيه على سهيل بن أبي صالح كما هو مبيَّن في تعليقنا على "مسند أحمد" و "سنن أبي داود"(3898)، فارجع إليهما.

وأخرجه أبو داود (3899)، والنسائي (10359 - 10360) من طريق طارق بن مخاشن، عن أبي هريرة.

قوله: "أعوذ بكلمات الله التامات"، قال النووي في "شرح مسلم": قيل: معناه الكاملات التي لا يدخلها نقص ولا عيب، وقيل: النافعة الشافية، وقيل: المراد بالكلمات هنا القرآن، والله أعلم.

(1)

إسناده حسن من أجل قيس بن طلق. وهو في "مسند أحمد" 26/ (16298).

وأخرجه ابن حبان (6093) من طريق محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، عن ملازم بن عمرو، بهذا الإسناد.

ص: 70

عنده سبعَ مرات: أسألُ الله العظيم، ربَّ العرشِ العظيم، أن يَشفِيَك، إلَّا عافاهُ اللهُ من ذلك المرض"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بعد أن اتَّفقا على حديث المِنهال بن عمرو بإسناده: كان يُعوِّذ الحسنَ والحسينَ

(2)

.

8488 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حَدَّثَنَا سعيد بن مسعود، حَدَّثَنَا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأَحوص، عن عبد الله: أنَّ ثلاثةَ نَفرٍ أَتَوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنَّ صاحبًا لنا مريضٌ فوُصِفَ له الكيُّ، فنَكْويهِ؟ فَسَكَت، ثم عادوا فسَكَت، ثم قال في الثالثة:"اكوُوه إنْ شئتُم، وإن شئتُم فارْضِفُوه"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

8489 -

حَدَّثَنَا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إسحاق القاضي وعليّ بن عبد العزيز البَغَوي، حَدَّثَنَا حجَّاج بن مِنْهال، حَدَّثَنَا حمّاد بن سَلَمة، حَدَّثَنَا أبو التّيّاح، عن مُطرِّف، عن عِمْران بن حُصين قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الكَيِّ،

(1)

إسناده جيد من أجل يزيد الدالاني، وقد سلف الحديث من طريقه برقم (1284)، وعبد الرحمن بن الحسن القاضي - وإن كان فيه ضعف - متابع.

(2)

أخرجه البخاري برقم (3371) من طريق المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يعوِّذ الحسن والحسين ويقول: "إنَّ أباكما كان يعوِّذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامّة، من كل شيطان وهامّة، ومن كل عين لامّة".

ولم يخرجه مسلم، والمنهال ليس من رجاله في "الصحيح".

(3)

إسناده صحيح على اختصار في رواية المصنّف كما بيَّنّاه عند الرواية السالفة برقم (7682). أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وإسرائيل حفيده، وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك الجشمي، وعبد الله: هو ابن مسعود.

وأخرجه أحمد 6/ (3701) عن وكيع، عن إسرائيل بن يونس، بهذا الإسناد - بلفظ:"اكووه وارضفوه رضفًا".

وسلف من طريق سفيان الثوري عن أبي إسحاق برقم (7682).

ص: 71

فاكتَوَينا، فما أفلَحْنا ولا أنجَحْنا

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8490 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، أخبرنا محمد بن أحمد بن النَّضْر الأزْدي، حَدَّثَنَا معاوية بن عمرو، حَدَّثَنَا أبو إسحاق الفَزَاري، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: رُمِي أُبيُّ بنُ كَعْب في أَكحَلِهِ، فَبَعَثَ إِليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم طبيبًا فكَوَاه

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8491 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يحيى حَدَّثَنَا مسدَّد.

وحدثنا علي بن حَمْشاذَ، حَدَّثَنَا أبو المثنَّى، حَدَّثَنَا محمد بن المِنْهال؛ قالا: حَدَّثَنَا يزيد بن زُرَيع، حَدَّثَنَا مَعمَر، عن الزُّهْري، عن أنس بن مالك: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

إسناده صحيح. أبو التياح: هو يزيد بن حميد الضُّبعي، ومطرف: هو ابن عبد الله بن الشِّخّير.

وأخرجه أحمد 33 / (2000) عن عبد الصمد بن عبد الوارث وعفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد أيضًا (19989) عن عفان، وأبو داود (3865) من طريق موسى بن إسماعيل، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن مطرف، به. فجعله من حديث ثابت البُناني عن مطرِّف، وثابت وأبو التياح كلاهما ثقة معروف، ولعله عند حماد بن سلمة عنهما جميعًا، والله أعلم.

وتابع حمادَ بن سلمة على روايته عن ثابت: حمادُ بنُ زيد عند ابن سعد في "الطبقات" 5/ 193.

وسلف الحديث عند المصنّف برقم (7681) من طريق الحسن البصري عن عمران.

(2)

إسناده قوي من أجل أبي سفيان طلحة بن نافع. أبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث، والأعمش: هو سليمان بن مهران.

وقد سلف الحديث برقم (7684) من طريقين آخرين عن الأعمش. وهو عند مسلم في "صحيحه"، فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

ص: 72

كَوَى أسعدَ بن زُرَارة من الشَّوكة

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8492 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حَدَّثَنَا السَّرِيّ بن خُزيمة ومحمد بن عمرو الحَرَشي، قالا: حَدَّثَنَا أحمد بن يونس، حَدَّثَنَا زهير، حَدَّثَنَا أبو الزُّبير، عن جابر قال: رُمِيَ سعدُ بنُ معاذ في أَكحَلِه، فحَسَمَه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بيده بمِشقَص، قال: ثم وَرِمَت فَحَسَمَه الثانيةَ

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

8493 -

أخبرني أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حَدَّثَنَا يوسف بن يعقوب القاضي، حَدَّثَنَا عمرو بن مرزوق، حَدَّثَنَا عِمران القَطَّان، عن قَتَادة عن أنس بن مالك قال: كَوَاني أبو طَلْحة ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين أظهُرِنا، فما نُهِيتُ عنه

(3)

.

(1)

صحيح لكن من رواية الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حُنيف كما تقدَّم تقريره عند الرواية السالف برقم (4920).

(2)

إسناده صحيح. أحمد بن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس، نُسب إلى جدِّه، وزهير: هو ابن معاوية أبو خيثمة، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي.

وأخرجه مسلم (2208) عن أحمد بن يونس، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 22/ (14343) و 23 / (15144)، ومسلم أيضًا (2208) من طرق عن زهير بن معاوية، به.

وأخرجه أحمد 23/ (14773) و (14905)، وأبو داود (3866)، وابن ماجه (3494)، والترمذي (1582)، والنسائي (8626)، وابن حبان (4784) و (6083) من طرق عن أبي الزبير، به - وبعضهم يزيد فيه على بعض.

الأكحَل: وريدٌ في وسط الذراع.

فحسمه: كواه ليقطع الدم عنه.

والمِشقَص: سَهْم ذو نصل عريض.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عمران - وهو ابن داوَر القطان - وهو متابع.

وأخرجه أحمد 19 / (12416) عن سليمان بن داود الطيالسي، عن عمران القطان، بهذا الإسناد. =

ص: 73

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8494 -

أخبرني أبو عمرو إسماعيل بن نُجَيد السُّلمي وأبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، قالا: أخبرنا أبو مسلم، حَدَّثَنَا أبو عاصم، عن حَيْوة بن شُريح، عن خالد بن عُبيد، عن مِشرَح بن هاعان، عن عُقْبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عَلَّق وَدَعةً، فلا وَدَعَ اللهُ له، ومن عَلَّق تميمةٌ، فلا تمَّمَ اللهُ له"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8495 -

حَدَّثَنَا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن الحسن بن أحمد، حَدَّثَنَا جدِّي أحمد بن أبي شعيب، حَدَّثَنَا موسى بن أعْيَن، عن محمد بن سَلَمة الكوفي، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن يحيى بن الجزَّار، عن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، عن زينب امرأة عبد الله: أنها أصابها حُمْرةٌ في وجهها، فدخلت عليها عجوزٌ فرَقَتْها في خَيْط فعلَّقته عليها، فدخل ابنُ مسعود فرآه عليها، فقال: ما هذا؟ فقالت: استَرقَيتُ من الحُمْرة، فمدَّ يده فقَطَعها، ثم قال: إِنَّ آلَ عبد الله لأغنياءُ عن الشِّرك، قالت: ثم قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنَا: "أَنَّ الرُّقَى والتَّمائمَ والتِّوَلَةَ شِرْك".

قالت: قلت: ما التِّولةُ؟ قال: التِّوَلَةُ هو التهيُّج الذي يُهيِّج الرجال

(2)

.

= وروى معناه البخاري في "صحيحه"(5719) موصولًا و (5721) معلَّقًا، من حديث أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن أنس.

(1)

إسناده ضعيف، وسلف الكلام عليه برقم (7581). أبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله الكشّي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل.

(2)

صحيح موقوفًا كله على عبد الله بن مسعود كما سلف بيانه عند الحديث (7695)، وهذا إسناد ضعيف بمرّةٍ من أجل محمد بن سلمة الكوفي، فقد سأل ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 7/ 276 عنه أباه فقال: هو شيخ لا أعرفه وحديثه ليس بمنكر؛ ولعله يشير إلى هذا الحديث، وذكره ابن حبان في "المجروحين" 2/ 266 وقال: شيخ يروي عن الأعمش ما ليس من حديثه، لا تحلُّ الرواية عنه لا على سبيل الاعتبار ولا الاحتجاج به بحال. =

ص: 74

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8496 -

أخبرني الحسن بن حَليم

(1)

المروَزي، أخبرنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرني طلحة بن أبي سعيد، عن بُكير بن عبد الله بن الأشجّ، عن القاسم بن محمد، عن عائشة أنها قالت: التمائمُ ما عُلِّق قبل نزول البلاء، وما عُلِّق بعد نزول البلاء فليس بتَمِيمة

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8497 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا محمد بن غالب، حَدَّثَنَا أبو مسلم بن أبي شعيب الحرَّاني، حَدَّثَنَا مِسكِين بن بُكير، عن شُعبة، عن أبي رَجَاء، عن الحسن، قال: سألتُ أنس بن مالك عن النُّشْرة، فقال: ذَكَروا عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّها من عمل الشيطان

(3)

.

= وقد خولف محمد بن سلمة هذا في إسناد الحديث، فقد رواه أبو معاوية عند أحمد 6/ (3615) وأبي داود (3883)، وعبدُ الله بن بشر عند ابن ماجه (3530)، كلاهما عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن يحيى بن الجزار، عن ابن أخي زينب - وقال ابن بشر: ابن أخت زينب - عن زينب. وابن أخي زينب هذا أو ابن أختها مجهول لا يُعرف.

وأخرجه ابن حبان (6090) من طريق فضيل بن عمرو، عن يحيى بن الجزار: قال دخل عبد الله

فذكره مرسلًا.

وانظر ما سلف برقم (7694) و (7695).

والتَّوَلة، قال ابن الأثير في "النهاية": ما يحبِّب المرأةَ إلى زوجها من السِّحر وغيره، جعله من الشرك لاعتقادهم أنَّ ذلك يؤثر ويفعل خلافَ ما قدّره الله تعالى.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حكيم.

(2)

إسناده صحيح. وقد سلف برقم (7696).

(3)

صحيح لغيره، مسكين بن بكير صدوق إلّا أنه كان يخطئ في حديث شعبة كما قال الإمام أحمد، وقد خالفه أصحاب شعبة في هذا الحديث فجعلوه عن الحسن - وهو البصري - مرسلًا ليس فيه أنس بن مالك كما سيأتي، وهو المحفوظ.

محمد بن غالب: هو تمتام الحافظ، وأبو مسلم بن أبي شعيب: هو الحسن بن أحمد بن أبي =

ص: 75

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= شعيب، وأبو رجاء: اختلف في تسميته، فذكر المصنّف لاحقًا أنه مطر الورَّاق، وذكر البزار في "مسنده" أنه محمد بن سيف، وهو الذي اعتمده الحافظ المزي في "تهذيبه" 25/ 355، و الأول صدوق يخطئ، والثاني ثقة.

وأخرجه البزار (6709)، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 165 من طريق أبي موسى الحسن بن أبي شعيب، بهذا الإسناد.

ورواه مرسلًا عن شعبةَ غندرٌ محمد بن جعفر كما ذكر أبو نعيم في "الحلية"، وسفيان بن عيينة وأبو أسامة حماد بن أسامة عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/ 29، وعلي بن الجعد عند أبي داود في "المراسيل"(453)، وهو المحفوظ.

وذكر ابن أبي حاتم في "علل الحديث"(2393) أنه سأل أباه عن حديث مسكين بن بكير عن شعبة موصولًا، فخطّأه وقال: هذا من كلام الحسن وقِيلِهِ.

ويشهد له حديث جابر بن عبد الله عند أحمد 22/ (14135) وأبي داود (3868)، وإسناده صحيح.

والنُّشْرة، قال الخطّابي: ضربٌ من الرُّقية والعلاج يُعالَج به من كان يُظَن به مسّ الجن، وسُميت نشرةً لأنَّهُ يُنشَر بها عنه؛ أي: يُحَلُّ عنه ما خامَرَه من الداء. وانظر بقية الشرح عليه في تحقيقنا لـ "سنن أبي داود".

ص: 76

‌كتاب الفتن

بسم الله الرحمن الرحيم

8498 -

حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي ببغداد، حَدَّثَنَا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلمي، حَدَّثَنَا سليمان بن عبد الرحمن

(1)

الدِّمشقي، حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم، حَدَّثَنَا يزيد بن سعيد بن ذي عَصْوان، عن يزيد بن عطاء، عن معاذ بن سعد السَّكْسَكي، عن جُنادة بن أبي أُميّة، عن عُبادة بن الصّامت قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوفٌ إذ أقبلَ رجل فقال: يا رسولَ الله، ما مُدَّهُ رَخاءِ أمّتك؟ قال: فسكتَ عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتَّى سأله ثلاثَ مرات، ثم وَلَّى الرَّجلُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عليّ بالرجل" فنُوديَ، فأقبل الرجل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد سألتَني عن شيءٍ ما سألَني عنه أحدٌ من أمَّتي، رَخَاءُ أمَّتي مئة سنة، مدَّةُ رَخاءِ أُمَّتي مئةُ سنة، مدَّةُ رخاءِ أمَّتي مئةُ سنة"، قال: فقال: يا رسول الله، فهل لتلك من أَمَارةٍ أو آيةٍ أو علامة؟ قال:"نَعَم، القَذْفُ والخَسْفُ والرَّجُفُ، وإرسالُ الشياطينِ المُلجَمةِ عن الناس"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: عبد الله، والتصويب من (ك) و (م).

(2)

إسناده ضعيف لجهالة معاذ بن سعد السكسكي، فقد انفرد بالرواية عنه يزيد بن عطاء أبو عطاء السكسكي، ويزيد هذا ليس بذاك المعروف أيضًا، فقد روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "ثقاته" كما ذكر فيه معاذًا السكسكي أيضًا، ويزيد بن سعيد بن ذي عصوان ذكره ابن حبان في الثقات أيضًا وقال: ربما أخطأ. وتعقب الذهبي في تلخيص المستدرك" تصحيح الحاكم للإسناد وقال: إسناده مظلم.

وأخرجه أحمد 37 / (22770) من طريق إسماعيل بن عياش، عن يزيد بن سعيد، بهذا الإسناد.

ص: 77

8499 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أُورْمَة

(1)

الأصبهاني، أخبرنا أبو محمد الحسين بن حفص الهَمْداني، حَدَّثَنَا سفيان بن سعيد الثَّوْري، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي عمرو السَّيْباني، عن ابن الدَّيلَمي، عن حُذَيفة بن اليَمَان قال: إني لأعلمُ أهلَ دِينَين من أمَّة محمد صلى الله عليه وسلم في النار، قوم يقولون: إن كان أوّليَّتُنا ضُلالًا، يقولون: ما بالُ خمس صلواتٍ في اليوم والليلة؟ إنّما هما صلاتان: العصرُ والفجرُ، وقوم يقولون: إنما الإيمانُ كلامٌ وإن زَنَى وإن قَتَل

(2)

.

(1)

وقع في النسخ الخطية هنا: أرومة، بتقديم الراء على الواو، والمثبَت على وَفْق ما وقع في أغلب المواضع الأخرى التي ستأتي عند المصنّف: أورمة، بتقديم الواو على الراء.

ومحمد بن إبراهيم هذا لم نقف له على ترجمة فيما بين أيدينا من المصادر، ولا له رواية إلّا عند الحاكم في "المستدرك"، وهو لم يرو عنه إلّا من طريق شيخه أبي عبد الله الصّفار الزاهد، فهو على هذا مجهول.

وفي الرواة المعروفين: إبراهيم بن أُورمة - بتقديم الواو على الراء - وهو إبراهيم بن أُورمة أبو إسحاق الأصبهاني الحافظ نزيل بغداد، توفي سنة 266، كما في "سير أعلام النبلاء" 13/ 145 - 146 وغيره، إلّا أنه لم يذكر أحد ممن ترجم له أنَّ له ابنًا يسمَّى محمدًا، والله تعالى أعلم.

(2)

إسناده ضعيف لتفرد محمد بن إبراهيم الأصبهاني بوصله، وهو مجهول كما سبق، وباقي رجال الإسناد في الجملة ثقات، وقد روي هذا الخبر من غير وجه عن الأوزاعي عن يحيى السيباني عن حذيفة مرسلًا، فإنَّ السيباني لم يدرك حذيفة.

فقد أخرجه أبو عبيد في "الإيمان"(21)، وابن أبي شيبة 11/ 40، وعبد الله بن أحمد في "السنة"(663)، والطبري في مسند ابن عباس من "تهذيب الآثار" 2/ 646 و 647 و 67 والخلّال في "السنة"(1356) و (1369)، والآجري في "الشريعة"(298) و (299)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" 12/ 887 و 892، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1717) من طرق عن أبي عمرو الأوزاعي، به - دون ذكر ابن الديلمي في الإسناد. وابن الديلمي: هو عبد الله بن فيروز.

وأخرجه بنحوه اللالكائي (1800) من طريق بقية، عن إسماعيل بن عياش، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن حذيفة. وعبد الوهاب متروك، وفي الطريق إليه بقية بن الوليد وليس بذاك القوي مع شهرته بتدليس التسوية.

ص: 78

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8500 -

حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي، حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حَدَّثَنَا أبو أيوب الدِّمشقي، حَدَّثَنَا الوليد بن مُسلِم، حَدَّثَنَا عبد الله بن العلاء بن زَبْر الرَّبَعي قال: سمعت بُسرَ بنَ عبيد الله الحَضْرمي يحدِّث، أنه سمع أبا إدريس الخَوْلانيَّ يقول: سمعتُ عوفَ بن مالك الأشجعيَّ يقول: أَتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تَبُوك وهو في قُبَّة من أَدَم، فقال لي: "يا عوفُ، اعدُدْ سِتًّا بين يَدَي الساعة: مَوْتي، ثم فتحُ بيتِ المَقدِس، ثم مُوتانٌ يأخذ فيكم كقُعَاص

(1)

الغَنَم، ثم استفاضةُ المال فيكم حتَّى يُعطَى الرجل مئة دينار فيَظَلُّ ساخطًا، ثم فتنةٌ لا يبقى بيتٌ من العرب إلَّا دَخَلَته، ثم هُدْنةٌ تكون بينكم وبين بني الأصفر فيَغدِرون فيأتونكم تحتَ ثمانين غايةً، تحتَ كل غايةٍ اثنا عشرَ ألفًا"

(2)

.

قال الوليد بن مسلم: فذاكَرْنا هذا الحديثَ شيخًا من شيوخ أهل المدينة؛ قولَه: "ثم فتحُ بيتِ المَقدِس"، فقال الشيخ: أخبرني سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة: أنه كان يُحدِّث بهذه السِّتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول بدلَ "فتح بيت المقدس":"عُمْرانُ بيت المَقدِس"

(3)

.

(1)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: كعقاص، بتقديم العين المهملة، والتصويب من (ك) و (م) وكتب اللغة. والقُعاص: داءٌ يصيب الدوابّ فيسيل من أنوفها شيء فتموت فجأة.

(2)

إسناده صحيح. أبو أيوب الدمشقي: هو سليمان بن عبد الرحمن التميمي، وأبو إدريس الخولاني: هو عائذ الله بن عبد الله.

وأخرجه البخاري (3176)، وابن ماجه (4042)، وابن حبان (6675) من طرق عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (6460).

(3)

هذا الطريق فيه ضعف من جهة إبهام الشيخ المدني.

وقد أخرجه مع ما قبله البيهقي في "السنن" 9/ 223 من طريق محمد بن المثنى، عن الوليد بن مسلم، إلّا أنه قال فيه: سعيد عن أبي هريرة، ولم ينسبه. =

ص: 79

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة

(1)

.

8501 -

أخبرني محمد بن المؤمَّل، حَدَّثَنَا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حَدَّثَنَا نُعَيم بن حمَّاد المرَوزي بمصر، حَدَّثَنَا الفضل بن موسى، حَدَّثَنَا عبد الأعلى بن أبي المُسَاور، عن عِكْرمة، عن الحارث بن عَمِيرة قال: قدمتُ من الشام إلى المدينة في طلب العلم، فسمعت معاذَ بنَ جبل يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المتحابُّون في الله لهم منابرُ من نورٍ يومَ القيامةَ يَغبِطُهم الشُّهداءُ".

فأقمتُ معه، فذكرتُ له الشَّامَ وأهلَها وأشعارَها، فتجهَّز إلى الشام فخرجتُ معه، فسمعته يقول لعمرو بن العاص: لقد صَحِبتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وأنت أضَلُّ من حمارِ أهلِه، فأصاب ابنَه الطاعونُ وامرأتَه فماتا جميعًا، فحَفَرَ لهما قبرًا واحدًا فدُفِنا، ثم رَجَعْنا إلى معاذ وهو ثقيلٌ فبَكَيْنا، حولَه، فقال: إن كنتم تَبكُون على العلم، فهذا كتابُ الله بين أظهُرِكم فاتَّبِعوه، فإن أشكَلَ عليكم شيءٌ من تفسيره فعليكم بهؤلاء الثلاثة: عُوَيمِرٍ أبي الدرداء، وابنِ أمِّ عبد، وسلمانَ الفارسيِّ، وإيّاكم وزَلَّةَ العالِم وجَدَلَ المنافق. فأقمتُ شهرًا.

ثم خرجتُ إلى العراق فأتيتُ ابنَ مسعود فقال: نِعمَ الحيُّ أهل الشام لولا أنهم يَشهَدون على أنفسهم بالنَّجاة، قلت: صَدَقَ معاذٌ، قال: وما قال؟ قلت: أوصاني بك وبعُوَيمرٍ أبي الدرداء وسلمانَ الفارسي، وقال: وإياكم وزَلَّةَ العالِم وجَدَل المنافق، ثم تنحَّيتُ، فقال لي: يا ابن أخي، إنما كانت زَلّةً مني. فأقمتُ عنده شهرًا.

ثم أتيت سلمانَ الفارسي، فسمعتُه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الأرواحَ جنودٌ

= وذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 9/ 514 أنَّ الإسماعيلي خرَّجه عن الوليد بن مسلم عن الشيخ المدني وقال فيه: أخبرني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.

(1)

إذا كان مراده أنه ليس مخرَّجًا عندهما بزيادة الوليد بن مسلم عن الشيخ المدني، فقد أصاب، وإلّا فإنَّ حديث عوف بن مالك من رواية أبي إدريس الخولاني عند البخاري كما سبق، فاستدراكه من هذا الوجه عليهما ذهولٌ من الحاكم.

ص: 80

مجنَّدةٌ، فما تعارَفَ منها ائتَلَف، وما تناكر منها اختَلَف". فأقمتُ عنده شهرًا، يُقسّم الليلَ ويُقسّم النهارَ بينَه وبين خادمِه

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8502 -

فحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا العباس بن الوليد بن مَزيَد البَيروتي، حَدَّثَنَا محمد بن شعيب بن شابُور، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن مكحول، عن عبد الله بن مُحَيرِيز: أنَّ معاذ بن جبل كان يقول: عُمْرانُ بيت المَقدِس خرابُ يَثرِبَ، وخرابُ يثربَ حُضورُ المَلحمَة، وحضورُ المَلحَمةِ فتحُ القُسْطَنطينيَّة، وفتحُ القُسطنطينيّة خروجُ الدَّجال. قال: ثم ضربَ معاذٌ على مَنكِب عمر بن الخطّاب فقال: والله إنَّ ذلك لحقٌّ كما أنك جالسٌ

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا بهذا السياق، علّته عبد الأعلى بن أبي المساور فإنه متروك الحديث، وبه أعلَّه الذهبي في "تلخيصه". والخبر بهذا السياق تفرَّد به المصنّف.

وأخرج منه حديث سلمان في الأرواح: الطبراني في "الكبير"(6172)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 198، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 9/ 96 من طريقين عن عبد الأعلى بن أبي المساور، بهذا الإسناد.

وأخرجه كذلك الطبراني في "الكبير"(6169)، و"الأوسط"(1577) من طريق محمد بن عبد الله علاثة، عن حجاج بن فرافصة، عن أبي عمر - كذا في "الكبير"، وفي "الأوسط": عن أبي عمير - عن سلمان الفارسي. وإسناده ليِّن، ابن علاثة فيه ضعف، والراوي عن سلمان لم نعرفه.

ويشهد له حديث عائشة عند البخاري (3336).

وحديث أبي هريرة عند أحمد 13 / (7935)، ومسلم (2638).

وأما القطعة الأُولى منه في المتحابِّين في الله، فقد سلف معناها من حديث أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل برقم (7504)، وهو صحيح.

وأما القطعة الثانية منه في وصاة معاذٍ بالثلاثة، فقد سلف نحوها أيضًا برقم (338) من حديث يزيد بن عميرة عن معاذ، وهو صحيح.

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه، رجاله في الجملة ثقات إلّا أنَّ عبد الله بن محيريز لم يدرك معاذًا، ثم إنه قد اختُلف على مكحول في إسناده وفي رفعه ووقفه. =

ص: 81

هذا الحديث وإن كان موقوفًا، فإنَّ إسناده صحيح على شرط الرِّجال، وهو اللائق بالمسنَد الذي تقدَّمَه

(1)

.

8503 -

حَدَّثَنَا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حَدَّثَنَا أبو الأحوَص محمد بن الهَيثم القاضي، حَدَّثَنَا محمد بن كَثير المِصِّيصي، حَدَّثَنَا الأوزاعي، عن حسّان بن عَطيّة، عن ذي مِخمَر - رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم -، وهو ابن أخي النَّجَاشيّ - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لتُصالِحون الرُّومَ صُلحًا آمنًا حتَّى تَغْزُونَ أنتم وهم

= فقد أخرجه كرواية المصنّف موقوفًا البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 193 معلقًا عن ابن منذر - وهو إبراهيم بن المنذر الحزامي - عن الوليد - وهو ابن مسلم - عن ابن جابر، عن مكحول، عن ابن محيريز، عن معاذ.

وخالف أبو أسامة حمادُ بنُ أسامة عند ابن أبي شيبة 15/ 40 فرواه عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن مكحول: أنَّ معاذ بن جبل قال

فأسقط منه ابنَ محيريز.

وأخرجه مرفوعًا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أحمد (36)(22023) عن زيد بن الحباب، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن معاذ بن جبل. فأعضله زيد بين مكحول ومعاذ.

وخالف زيدًا أبو النضر هاشمُ بن القاسم عند أحمد (22121)، وأبي داود (4294)، وعليُّ بن الجعد عند أبي القاسم البغوي في "الجعديات"(3405)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(520)، والهيثمُ بنُ جميل عند الطحاوي (519) فرواه ثلاثتهم وغيرهم عن عبد الرحمن بن ثابت، عن أبيه، عن مكحول، عن جبير بن نفير، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل مرفوعًا. فوصلوه، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان مختلف فيه، وحديثه من باب الحسن إذا لم يكن فيه ما يُنكَر. وأورد له الذهبي هذا الحديث في ترجمته من "ميزان الاعتدال"، فكأنه يشير إلى نكارته عنده، والله تعالى أعلم.

وأما الحافظ ابن كثير، فقد ذكر هذا الحديث من رواية أحمد وأبي داود في كتابه "البداية والنهاية" 19/ 108 - 109 ثم قال: وهذا إسناد جيد وحديث حسن، وعليه نور الصدق وجلالة النبوة .. ثم تكلم في تأويله.

وانظر ما سيأتي برقم (8518).

(1)

يشير إلى حديث أبي هريرة الذي ذكره الوليد بن مسلم بإثر الحديث المتقدم قريبًا برقم (8500).

ص: 82

عدوًّا من ورائهم، فتُنصَرون وتَغنَمون، وتنصرفون حتَّى تنزلوا بمَرْجٍ ذي تُلُول، فيقولُ قائل من الروم: غَلَبَ الصَّليبُ، ويقول قائل من المسلمين: بل اللهُ غَلَبَ، فيَتداوَلانِها بينهم، فيَثُورُ المسلمُ إلى صليبِهم وهم منهم غيرُ بعيد فيَدُقُّه، ويَثُورُ الرومُ إلى كاسرِ صليبِهم فيقتلونَه، ويَثُورُ المسلمون إلى أسلحتِهم فيُقتَلون، فيُكرِمُ اللهُ عز وجل تلك العِصابةَ من المسلمين بالشهادة، فيقول الرُّومُ لصاحب الروم: كَفَيْناكَ جَدَّ العرب، فيَغدِرُون، فيجتمعون للمَلحَمةِ، فيأتونكم تحتَ ثمانينَ غايةً، تحتَ كلِّ غايةٍ اثنا عَشَرَ ألفًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8504 -

وقد حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا بَحْر بن نَصْر بن سابق الخَوْلاني، حَدَّثَنَا بِشْر بن بكر، حَدَّثَنَا الأوزاعي، حدثني حسَّان بن عطية قال: قام مكحول وابن أبي زكريا إلى خالد بن مَعْدان وقمتُ معهما، قال: فحدَّثَنا

(2)

خالد عن جُبير بن نُفير قال: انطَلِقْ بنا إلى ذي مِخمَر صاحبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ستصالحُكم الرُّومُ صُلحًا آمنًا، ثم تَغزُون أنتم وهم عدوًّا

(3)

فتُنصَرون وتَسلَمون وتَفتَحون، ثم تنصرفون بمَرْجٍ، فيَرفَعُ لهم رجلٌ من النَّصرانية الصَّليبَ، فيَعْضَبُ رجلٌ من المسلمين فيقومُ إليهم فيَدُقُّ الصَّليب، فعند ذلك تَعْضَبُ الرومُ فيَجتمِعون للمَلحَمة"

(4)

.

(1)

حديث صحيح، وهذ إسناد معضل بين حسان بن عطية وذي مِخمَر - ويقال: مِخبَر - بينهما فيه اثنان كما في الرواية اللاحقة، والإعضال فيه فيما يغلب على ظننا من محمد بن كثير المصيصي، فإنه كان يقع له في حديثه أخطاء وأوهام. وانظر ما بعده.

(2)

في النسخ الخطية: فقال حَدَّثَنَا، وما أثبتناه أوجه، وهو كذلك لكن بلفظ "فحدثنا" بالفاء في "تلخيص المستدرك" للذهبي، ولم يذكر لفظ "قال". والقائل:"فحدثنا" هو حسان بن عطية.

(3)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: عدن!

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 28/ (16825) عن روح بن عبادة، و (16826) عن محمد بن مصعب =

ص: 83

هذا حديث صحيح الإسناد، وهو أَولى من الأول.

8505 -

أخبرني عبد الله بن محمد الدَّورَقي، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الإمام، حَدَّثَنَا عَبْدة بن عبد الله الخُزاعيُّ، حدثني الوليد بن المغيرة، حدثني عبد الله بن بِشْر الغَنَوي، حدثني أَبي قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَتَفتَحُنَّ القُسطنطِينيَّةَ، ولنِعمَ الأميرُ أميرُها، ولنِعمَ الجيشُ ذلك الجيشُ".

قال عبد الله: فدعاني مَسلَمةُ بن عبدِ الملك فسألني عن هذا الحديث، فحدَّثتُه، فغَزا القُسطنطِينيةَ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8506 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حَدَّثَنَا هاشم بن مَرثَد،

= القرقساني، وأبو داود (2767) و (4292)، وابن ماجه (4089) من طريق عيسى بن يونس، وابن ماجه أيضًا (4089 م)، وابن حبان (6708) و (6709) من طريق الوليد بن مسلم، أربعتهم عن الأوزاعي، بهذا الإسناد - إلّا أنَّ روحًا أسقط منه جبيرَ بنَ نفير، وزاد القرقساني والوليد بن مسلم في آخره قصة الثمانين غاية بمثل رواية محمد بن كثير السابقة، ويشهد لهذه القصة حديث عوف بن مالك المتقدِّم عند المصنّف برقم (8500).

(1)

رجاله ثقات غير عبد الله بن بشر الغنوي فقد اختُلف في اسمه واسم أبيه ونسبه، وعليه فقد اختُلف في حاله على ما هو مبيَّن في التعليق على حديثه من "مسند أحمد" 31/ (18957).

وهذا الحديث أخرجه الإمام محمد بن إسحاق - وهو ابن خزيمة - في الجهاد كما ذكر الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة"(2397) بهذا الإسناد.

ورواية عبدة بن عبد الله الخزاعي عن الوليد بن المغيرة غير محفوظة، والمحفوظ وقوع زيد بن الحباب بينهما.

فقد أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 81 عن عبدة بن عبد الله، قال: حَدَّثَنَا زيد بن الحباب قال: حَدَّثَنَا الوليد بن المغيرة به. وسمّى راويه عبيدَ الله بن بشر الغنوي عن أبيه، ولا يحفظ الحديث إلّا من رواية زيد بن الحباب.

وأخرجه أحمد وابنه عبد الله 31/ (18957) عن ابن أبي شيبة، عن زيد بن الحباب، عن الوليد بن المغيرة، به. وسمَّى راويه عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبيه. وانظر تتمة تخريجه فيه.

ص: 84

حَدَّثَنَا سعيد بن عُفَير، حَدَّثَنَا سعيد بن أبي أيوب

(1)

، عن أبي قَبيل

(2)

أنه حَدَّثه، أنه سمع عبدَ الله بنَ عمرو بن العاص يقول: تَذَاكرْنا فتحَ القُسطنطينيَّةِ والرُّومِيَةِ أنها تُفتَح، فدعا عبدُ الله بن عمرو بن العاص بصُندوقٍ ففَتَحَه، فقال: كنا عندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتبُ، فقال رجل: أيُّ المدينتين تُفتَحُ قبلُ يا رسول الله؟ قال: "مدينةُ هِرَقْلَ"؛ يريدُ مدينةَ القُسطنطِينيَّة

(3)

.

(1)

هكذا وقع في النسخ الخطية، ولا يعرف لسعيد بن أبي أيوب رواية عن أبي قبيل، ولا لسعيد بن عفير - وهو سعيد بن كثير بن عفير - رواية عنه، والصواب أنه يحيى بن أيوب كما في مصادر التخريج، وهو الغافقي.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أبي فهيد. والتصويب من "تلخيص الذهبي" و "إتحاف المهرة"(11651).

(3)

إسناده ليِّن من جهة راويه على الصواب يحيى بن أيوب - وهو الغافقي المصري - وهو صدوق مختلف في توثيقه لكن في حفظه شيء، وذكر بعضهم أنه منكر الحديث وأنه يقع له في حديثه غرائب، وقد تفرَّد بهذا الخبر، فيُخشى من تفرُّده، والله تعالى أعلم، وقد خالفه عبدُ الله بن لَهيعة عند ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 431 ونعيم بن حماد في "الفتن" (1337) و (1354) فرواه عن أبي قبيل عن عمير بن مالك: أنه كان عند عبد الله بن عمرو، فذكره موقوفًا عليه لم يرفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وابن لهيعة سيئ الحفظ، وعمير بن مالك رجل مجهول لا يدرى من هو.

وأما أبو قبيل - واسمه حيي بن هانئ المعافري المصري - فقد وثّقه جماعة وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وتعنّت الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة"(في ترجمة عبيد بن أبي قرة) فضعَّفه، و علَّل ذلك بأنه كان يكثر النقل عن الكتب القديمة!

وهاشم بن مرثد وثّقه الخليلي في "الإرشاد" 2/ 484، وأما ما نقله الذهبي في كتبه في ترجمة هاشم هذا وتابعه عليه الحافظ ابن حجر في "اللسان" عن ابن حبان أنه قال فيه: ليس بشيء، فهو ذهول منه رحمه الله، فإنَّ ابن حبان لم يترجم أصلًا لهاشم في كتابيه "الثقات" و "المجروحين"، وإنما قال ذلك في الوليد بن سلمة الطبراني، ففي ترجمة ولده إبراهيم بن الوليد في "الثقات" 8/ 84 قال: حَدَّثَنَا عنه سعيد بن هاشم بن مرثد بطبرية، يُعتبَر حديثه من غير روايته عن أبيه، لأنَّ أباه ليس بشيء في الحديث؛ فذهل الذهبيُّ وظنَّ الكلام في سعيد بن هاشم بن مرثد! =

ص: 85

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8507 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنعاني بمكة حَرَسها الله تعالى، حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم الدَّبَري، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن ابن

(1)

خُثَيم، عن عبد الرحمن بن سابِطٍ، عن جابر بن عبد الله: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عُجْرة: "أعاذَك اللهُ يا كعبُ من إمارةِ السُّفهاء" قال: وما إمارةُ السفهاءِ يا رسول الله؟ قال: "أمراءُ يكونون بعدي لا يَهدُون بهَدْيي، ولا يَستَنُّون بسُنَّتي، فمن صدَّقهم بكَذِبهم، وأعانَهم على ظُلمِهم، فأولئك ليسوا منِّي ولست منهم، ولا يَرِدُون عليَّ حوضي، ومن لم يصدِّقْهم بكذبِهم، ولم يُعِنْهم على ظُلمِهم، فأولئك مني وأنا منهم، وسَيرِدُون عليَّ حوضي.

يا كعبَ بن عُجْرة، الصَّومُ جُنَّة، والصدقةُ تُطفِئُ الخطيئة، والصلاةُ قُرْبان، أو قال: بُرْهان.

يا كعبَ بنَ عُجْرة، لا يَدخلُ الجنةَ لحمٌ نَبَتَ من سُحْت أبدًا، النَّارُ أَولى به.

يا كعبَ بنَ عُجْرة، الناسُ غاديَانِ: فمبتاعٌ نَفْسَه فمُعتِقُها، أو بائعُها فَمُوبِقها"

(2)

.

= والحديث أخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 431 عن سعيد بن عفير، بهذا الإسناد.

ووقع عنده: يحيى بن أيوب، على الصواب.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 224، وأحمد 11/ (6645)، والدارمي (503)، وابن أبي عاصم في "الأوائل"(110)، والطبراني في "الكبير"(14749)، وفي "الأوائل"(61)، والمستغفري في "دلائل النبوة"(194)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(607) من طريقين عن يحيى بن أيوب الغافقي، به.

وسيأتي برقم (8761) و (8875) من طريق ابن وهب عن يحيى بن أيوب. وانظر (8698).

ورُوميَة: بضم الراء وتخفيف الياء، وهي اليوم روما عاصمة إيطاليا.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أبي.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل ابن خثيم وهو عبد الله بن عثمان بن خثيم.

وقد سلف برقم (268) من طريق أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق.

ص: 86

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8508 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا بَحْر بن نَصْر الخَوْلاني، حَدَّثَنَا عَبْد الله

(1)

بن وَهْب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن [أبي]

(2)

هلال، عن أبانَ بن صالح، عن الشَّعْبي، عن عَوْف بن مالك الأشجعي قال: بَيْنا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تَبُوك ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في قُبّةٍ من أَدَم، إذ مَرَرتُ فسمع صوتي فقال:"يا عوفَ بنَ مالكٍ، ادخُلْ" فقلت: يا رسول الله، أكلِّي أم بعضي؟ قال:"بل كُلُّك قال: فدخلتُ، فقال: "يا عوف، اعدُدْ سِتًّا بين يدَيِ السّاعة" فقلت: ما هنَّ يا رسول الله؟ قال: "موتُ رسولِ الله" فبكى عوفٌ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قُلْ: إحدَى" قلت: إحدى، ثم قال:"فتحُ بيتِ المَقدِس، قُل: اثنتين" قلت: اثنتين، قال: "وموتٌ يكون في أمَّتي كقُعَاصِ

(3)

الغَنَم، قل: ثلاثٌ" قلت: ثلاث، قال: "وتُفتَحُ لهم الدنيا حتَّى يُعطَى الرَّجلُ المئة فيَسخَطُها، قل: أربع" قلت: أربع [قال]: "وفِتنةٌ لا يبقى أحدٌ من المسلمين إِلَّا دَخَلَت عليه بيتَه، قل: خمسٌ" قلت: خمس [قال]: "وهُدْنةٌ تكون بينَكم وبين بني الأصفَر يأتونكم على ثمانين غيات كل غَيايةٍ

(4)

اثنا عشرَ ألفًا، ثم يغْدِرون بكم حتَّى حَمْلِ امرأةٍ".

قال: فلمّا كان عامُ عَمَواس زَعَمُوا أَنَّ عوف بن مالك قال لمعاذِ بن جبل: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: "اعدُدْ ستًّا بين يَدَي الساعة"، فقد كان منهنَّ الثلاثُ وبقي

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبيد الله.

(2)

سقط من النسخ الخطية، ولا يعرف في الرواة سعيد بن هلال، إنما هو ابن أبي هلال.

(3)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: كعقاص، والتصويب من (ك) و (م).

(4)

كذا وقع في النسخ الخطية: ثمانين غيات كل غياية؛ وليس هذا بمحفوظ، ولا موضع للغياية هاهنا، كما قال أبو عبيد في "غريب الحديث" 2/ 87، وذكره كذلك أبو أحمد العسكري في "تصحيفات المحدثين" 1/ 355 وقال: أكثرهم يروونه: "ثمانين غاية" بياء واحدة تحتها نقطتان، فمن رواه هكذا قال: الغاية: الراية، ومن رواه "غياية" بياءين قال: أراد السحابة، ومن رواه "غابة" بباء تحتها نقطة واحدة قال: أراد الأجَمَة.

ص: 87

الثلاثُ، فقال معاذ: إنَّ لهذا مُدّةً، ولكن خمسٌ أظلَّتكم، من أدركَ منهنَّ شيئًا ثم استطاع أن يموت فليمت: أن يَظهرَ التلاعنُ على المنابر، ويُعطَى مالُ الله على الكذب والبُهْتان

(1)

، وسَفْكُ الدماء بغير حق، وتُقطَعَ الأرحام، ويُصبِحَ العبدُ لا يدري أضالٌّ هو أم مُهتدٍ

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

8509 -

أخبرنا محمد بن علي الصَّنعاني بمكة حَرَسها الله تعالى، حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، عن مَعمَر، عن أبي عِمران الجَوْنيّ.

وأخبرنا الحسن بن محمد بن حَلِيمٍ الدِّهْقانُ بمَرُو، أخبرنا أبو نصر أحمد بن إبراهيم السَّدَوَّري

(3)

، حَدَّثَنَا سعيد بن هُبَيرة، حَدَّثَنَا حمّاد بن سَلَمة، حَدَّثَنَا أبو عمران الجَوْني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذرٍّ، كيف تَصنعُ إذا جاع

(4)

الناسُ حتَّى لا تستطيعَ أن تقومَ من مسجدِك إلى فراشِك، ولا من فراشِك إلى مسجدِك؟ " قال: قلت: الله ورسوله أعلمُ، قال:"تَعِفُّ" ثم قال: "كيف تَصنعُ إذا مات الناسُ حتَّى يكونَ البيتُ بالوَصِيف؟ " قال: قلت: الله ورسوله

(1)

في النسخ الخطية غير (م): والبنيان، وهو تحريف.

(2)

رجاله عن آخرهم ثقات لكن في سماع الشعبي - وهو عامر بن شراحيل - من عوف بن مالك نظر، فقد قال أبو حاتم الرازي كما في "المراسيل" لابنه (596): ما يمكن أن يكون سمع من عوف بن مالك الأشجعي.

قلنا: والشطر الأول من الحديث صحيح، قد روي عن عوف من غير وجه، انظر ما سلف برقم (6460) و (8500).

وأما الشطر الثاني، فلم نقف عليه عند غير المصنّف.

(3)

المثبت من (ك)، وتحرَّف في غيرها إلى: السدوسي. والسَّدَوَّري: نسبة إلى قرية من قرى مرو يقال لها: سَدَوَّر أو سَدِيوَر، كما في "الأنساب" للسمعاني و "معجم البلدان" لياقوت. وأحمد بن إبراهيم هذا يُعرف بالبُخْتي، ذكره ابن ماكولا في "الإكمال" 1/ 503 ووثَّقه.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: جاء.

ص: 88

أعلمُ، قال:"تَصبِرُ" ثم قال: "كيف تَصنعُ إذا أقبلَ الناسُ حتَّى تَغرقَ أحجارُ

(1)

الزيت بالدِّماء؟ " قال: قلت: الله ورسوله أعلمُ، قال: "تأتي مَن أنت منه" قلت: فإِن أَبَى عليَّ؟ قال: "إِنْ خِفْتَ أن يَبهَرَك شُعاعُ السَّيف، فأَلْقِ طائفةَ ردائِك على وجهِك يَبُوءُ بإثمِك وإثمِه فيكونَ من أصحاب النار" قلت: أفلا أَحمِلُ السلاح؟ قال: "إذًا تُشارِكَه"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد خرَّجه البخاري من حديث همّام عن أبي عِمران

(3)

، وقد زاد حماد بن زيد في إسناده بين أبي عمران الجَوْني وعبد الله بن الصامت المشعَّثَ بن طَريف بزيادةٍ في المتن، وحمادُ بن زيد أثبتُ من حماد بن سَلَمة.

8510 -

أخبرنا الحسن بن حَليم، حَدَّثَنَا أحمد بن إبراهيم السَّدَوَّري، حَدَّثَنَا سعيد بن هُبَيرة، حَدَّثَنَا حمَّاد بن زيد، حَدَّثَنَا أبو عِمران الجَوْني، عن المُشعَّث بن طَريف، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذرٍّ" قلت: لبَّيك يا رسول الله وسَعدَيك، قال:"كيف أنت إذا أصاب الناسَ جوعٌ؛ تأتي مسجدَك فلا تستطيعُ أن ترجعَ إلى فِراشِك، وتأتي فراشك فلا تستطيعُ أن تنهض إلى مسجدِك؟ "

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حتَّى يغزو أصحاب. وأحجار الزيت: موضع بالمدينة قريب من سوقها المعروف بالزَّوراء.

(2)

إسناده صحيح من جهة شيخه محمد بن علي الصنعاني، وقد سلف من هذا الوجه عند المصنّف برقم (2698).

وأما من جهة شيخه الحسن بن حليم فضعيف من أجل سعيد بن هبيرة، فقد قال أبو حاتم الرازي: ليس بالقوي، واتهمه ابن حبان في "المجروحين"، لكنه متابع لم ينفرد به.

فقد أخرجه ابن حبان (5960) من طريق عبد الله بن المبارك، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

(3)

كذا وقع في النسخ الخطية، والظاهر أنَّ فيه تحريفًا، فكلام المصنّف اللاحق ظاهره في بيان رواية حماد عن أبي عمران وليس في رواية همام عن أبي عمران. ثم إنَّ البخاري لم يخرج هذا الحديث في "صحيحه" من أي وجه.

ص: 89

قلت: الله ورسوله أعلمُ - أو ما خارَ اللهُ لي ورسوله - قال: "عليك بالعِفَّة" ثم قال: "يا أبا ذرٍّ" قلت: لبَّيكَ يا رسول الله وسَعدَيك، قال:"كيف أنت إذا أصاب الناسَ موتٌ يكون البيتُ فيه بالوَصِيف؟ " يعني القبرَ، قال: قلت: الله ورسوله أعلمُ - أو ما خار اللهُ لي ورسولُه - قال: "عليك بالصَّبرِ - أو قال: تَصبِرُ - " ثم قال: "يا أبا ذرٍّ" قلت: لبَّيكَ يا رسول الله وسَعدَيك

(1)

، قال:"كيف أنت إذا رأيتَ أحجارَ الزيتِ قد غَرِقَت بالدم" قلت: ما خارَ الله لي ورسولُه، قال:"تَلْحَقُ بمن أنت منه - أو قال عليك بمن أنت منه - " قلت: أفلا آخذُ سيفي فأضَعُه على عاتِقي؟ قال: "شاركتَ إذًا؟ قلت: فما تأمرُني؟ قال: "تلزمُ بيتَك" قلت: أرأيتَ إن دُخِلَ عليَّ بيتي؟ قال: "فَإِن خَشِيتَ أن يَبهَرَك شُعاعُ السَّيف، فألْقِ رداءَك على وجهِك يَبُوءُ بإثمِه وإثمِك"

(2)

.

8511 -

حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا بَحْر بن نَصْر بن سابق، حَدَّثَنَا عبد الله بن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير، عن أبيه، أنه سمع أبا ثَعْلبة الخُشَنيّ يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لم

(3)

يُعجِزِ اللهُ هذه الأُمّةَ من نصفِ يوم"

(4)

.

(1)

من قوله: "قال: كيف أنت إذا أصاب الناس موت" إلى هنا سقط من (ز) و (ب)، واستدركناه من (ك) و (م). وتحرَّف فيهما لفظ "البيت" إلى: الميت، و "يعني" إلى غير.

والمراد بالبيت هنا: القبر، وبالوصيف: الغلام قال ابن الأثير في "النهاية": أراد أنَّ مواضع القبور تضيق فيبتاعون كل قبر بوصيف.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل سعيد بن هبيرة كما في سابقه، لكنه متابع، وقد سلف الحديث عند المصنّف برقم (2699) من طريق سليمان بن حرب عن حماد بن زيد، فانظر تخريجه من طريق حماد بن زيد والكلام عليه هناك.

(3)

هكذا في النسخ الخطية، وفي المطبوع: لن، وهي كذلك عند غير المصنّف.

(4)

رجاله ثقات إلّا أنَّ معاوية بن صالح قد اضطرب في رفعه ووقفه، فكان مرة يرفعه ومرة لا يرفعه كما أخبر عبد الله بن صالح في روايته عند الطبراني في "المعجم الكبير" 22/ (572)، ورجَّح البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 250 وقفَه وقال: لم يثبت رفعه. =

ص: 90

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه:

8512 -

ما أخبرَناه أبو النَّضر الفقيه حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد الدَّارِمي، حَدَّثَنَا محمد بن المتوكَّل العَسْقلانيّ، حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم، أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن سعد بن أبي وقَّاص، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " [لن]

(1)

يُعجِزَني عند ربِّي أن يُؤجِّلَ أمَّتي نصفَ يوم" قيل: وما نصفُ يوم؟ قال: "خمسُ مئةِ سنةٍ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8513 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حَدَّثَنَا محمد بن إبراهيم بن أُورْمَة

(3)

، حَدَّثَنَا الحسين بن حفص عن سفيان الثَّوري، عن الأعمش، عن عُمارة بن عُمير، عن حُذَيفة قال: يأتي عليكم زمانٌ لا يَنجُو فِيه إِلَّا مَن دعا دعاءَ الغَرَق

(4)

.

= وأخرجه أبو داود (4349) من طريق حجاج بن إبراهيم الأزرق، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وانظر تمام الكلام عليه هناك.

وأخرجه أحمد 29/ (17734) من طريق ليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، به - ووقفه، وزاد في آخره ما سيأتي عند المصنّف برقم (8631).

(1)

سقطت من نسخنا الخطية، وأثبتناها من المطبوع، ولا بد منها.

(2)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم، وبه أعلَّه الذهبي في "تلخيصه"، وراشد بن سعد عن سعد بن أبي وقاص مرسل، كما قال أبو زرعة الرازي.

وأخرجه أحمد 3 / (1464) و (1465) من طريقين عن أبي بكر بن أبي مريم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (4350) من طريق صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد، عن سعد بن أبي وقاص. ورجاله ثقات إلّا أنَّ رواية شريح بن عبيد عن سعد مرسلة أيضًا.

(3)

هكذا في (ك) و (م)، وفي (ز) و (ب): أرومة. وانظر التعليق عليه عند الحديث (8499).

(4)

خبر صحيح، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إبراهيم مجهول لا يعرف، وقد توبع، ومن فوقه ثقات في الجملة، وعمارة بن عمير لا يروي عن حذيفة، بينهما فيه أبو عمار الهمداني كما =

ص: 91

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

8514 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا هارون بن سليمان الأصبهاني، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن ضَمْرة بن حبيب، أنَّ ابن زُغْب الإيادي حدَّثه، قال: نزل

(1)

علي عبد الله بن حَوَالةَ الأَزْدي، فقال لي وإنَّه لنازل عليَّ في بيتي -: لا أُمّ لك، أما يكفي ابنَ حَوَالة مئةٌ تجري عليه في كلِّ عام؟! ثم قال: بَعَثَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حول المدينة على أقدامنا لِنَعْنَمَ، فَرَجَعْنا ولم نَغنَمْ وعَرَفَ الجَهْدَ في وجوهنا، فقام فينا فقال:"اللهم لا تكلهم إليَّ فأضعُفَ عنهم، ولا تَكِلْهم إلى أنفسهم فيعجزوا عنها، ولا تكلهم إلى الناس فيستأثروا عليهم"، ثم قال:"لتَفتَحُنَّ الشام وفارس - أو الروم وفارس - حتى يكون لأحدكم من الإبل كذا وكذا، ومن البقر كذا وكذا، وحتى يُعطى أحدكم مئة دينار فيَسخَطَها"، ثم وَضَعَ يَدَه على رأسي وعلى هامتي، فقال:"يا ابنَ حَوَالة، إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدَّسة، فقد دَنَتِ الزلازل والبلايا والأمورُ العِظام، للسَّاعةُ يومئذٍ أقرب للناس من يدي هذه من رأسك هذا"

(2)

.

= سلف عند المصنف برقم (1890).

وبذكر الواسطة أخرجه أبو عبد الله الجمال في "فوائده"(20) عن أبي عبد الله الكسائي، عن محمد بن إبراهيم بن أبان الجيراني، عن الحسين بن حفص، به.

(1)

في النسخ الخطية: نزلت، والمثبت من مصادر التخريج، وهو الصواب ليتوافق مع الكلام لاحقًا.

(2)

إسناده حسن، ابن زغب الإيادي - واسمه عبد الله، وانفرد المصنف فسماه عبد الرحمن - روى عنه اثنان: ضمرة وعبد الرحمن بن عائذ كما في "معرفة الصحابة" لأبي نعيم 3/ 1664، وهو مختلف في صحبته، والراجح لدينا أنه تابعي من أهل حمص، والله تعالى أعلم، وباقي رجال الإسناد ثقات.

وأخرجه أحمد 37/ (22487) عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. وتضعيفه هناك بتفرد معاوية بن صالح به تعنت لا مسوغ له، والله أعلم. =

ص: 92

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وعبد الرحمن بن زُغب الإيادي معروف في تابعي أهل مصر.

8515 -

أخبرني أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم القنطري، حدثنا أبو قلابة، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا عبد الحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مُرَّة، عن عوف بن مالك الأشجعي: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم وأَقْناءُ مَعلَّقةٌ، وقِنوٌ منها حَشَفٌ، ومعه عصًا، فطَعَنَ بالعصا في القِنْو، قال:"لو شاءَ ربُّ هذه الصدقة فتصدَّق بأطيب منها، إنَّ صاحب هذه الصدقةِ يأكلُ الحَشَفَ يومَ القيامة"، ثم أقبَلَ علينا فقال:"أما والله يا أهل المدينة لَتدَعُنَّها مُذلَّلةً أربعين عامًا للعوافي " قلنا: الله ورسوله أعلم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أتدرون ما العوافي؟ " قالوا: لا، قال:"الطيرُ والسباع"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8516 -

أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرُو، حدثنا أحمد بن محمد البِرْتي، حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن يونس بن يوسف بن حِمَاس، عن عمّه، عن أبي هريرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لتُترَكَنَّ المدينةُ على خيرِ ما كانت، العَوَافِي تأكلها؛ الطَّيرُ والسِّباعُ"

(2)

.

= وأخرجه أبو داود (2535) من طريق أسد بن موسى، عن معاوية بن صالح به.

والأرض المقدَّسة: هي بيت المقدس وما حوله.

(1)

إسناده حسن من أجل شيخ المصنف وصالح بن أبي عريب. أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد الرَّقاشي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد.

وقد سلف عند المصنف برقم (3163) من طريقين آخرين عن أبي عاصم.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين في المتابغت والشواهد، رجاله ثقات معروفون غير عمِّ ابن حِماس فإننا لم نقف له على ترجمة، لكن الراوي عنه - وهو ابن أخيه - ثقة، وخرَّج له مالك هذا الحديث في "موطئه" 2/ 888، فحاله مقارب إن شاء الله.

وأخرجه ابن حبان (6773) من طريق أحمد بن أبي بكر، عن مالك، بهذا الإسناد. =

ص: 93

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

فليعلَمْ طالبُ هذا العلم أنَّ حذيفة بن اليَمَان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: كان الناسُ يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشرِّ مخافة أن أقع فيه

(1)

، وقد يَخفَى على الأعلم مجلسٌ من العلم لبعض

(2)

عِلَّة ذلك الجنس، وقد خَفِيَ على حذيفة الذي يُخرِج أهل المدينة من المدينة وعَلِمَه غيره

(3)

.

وقد اتفق الشيخان رضي الله عنهما على حديث شُعبة، عن عَدِيّ بن ثابت، عن عبد الله بن يزيد، عن حذيفة أنه قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة، فما منه شيء إلا وقد سألته عنه، إلا أني لم أسأله ما يُخرِجُ أهل المدينة من المدينة

(4)

.

8517 -

حدثنا مُكرَم بن أحمد القاضي، حدثنا الحسن بن مُكرَم، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا المسعودي، عن عبد الملك بن عُمير، عن جابر بن سمرة، عن نافع ابن عُتبة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقاتلون جزيرة العرب فيفتحهم الله،

= وأخرجه أحمد 12 / (7193) و 14 / (8999)، والبخاري (1874)، ومسلم (1389)، وابن حبان (6772) من طريق ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. وبعضهم يذكر فيه قصة حشر الراعيين التي ستأتي عند المصنف برقم (8904).

وأخرجه أحمد 15/ (9067) من طريق حماد، عن أبي المهزّم، عن أبي هريرة. وأبو المهزم ضعيف.

(1)

هذا قطعة من حديث رواه البخاري (3606) و (7084) ومسلم (1847) وغيرهما، وقد سلف عند المصنف برقم (391).

(2)

في نسخنا الخطية: بعض، بلا لام، وهو خطأ.

(3)

لعله يشير إلى ما رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر المؤذن: أنه قيل لأبي هريرة: من يخرجهم يا أبا هريرة؟ قال: أمراء السُّوء. أخرجه ابن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 277 - 278.

(4)

هو في "صحيح مسلم" برقم (2891)(24)، ولم يخرجه البخاري.

ص: 94

ثم تقاتلون الرُّومَ فيَفتَحُهم الله، ثم تقاتلون فارس فيفتحهم الله، ثم تقاتلون الدَّجال فيفتحُه الله"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

8518 -

حدثني الأستاذ أبو الوليد، حدثنا الهيثم بن خَلَف الدوري، حدثنا الهيثم بن خارجة، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن الوليد بن سفيان، عن يزيد بن قُطَيب السَّكُوني، عن أبي بَحْريَّة، عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الملحمة العظمى، وفتح القسطنطينية، وخروج الدجال، في سبعة أشهر"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، عثمان بن عمر - وهو ابن فارس - سماعه من المسعودي - وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة - قبل اختلاط هذا الأخير.

وأخرجه أحمد 31/ (18972) عن يزيد بن هارون، عن المسعودي، بهذا الإسناد - ووقع عنده قتال الروم بعد قتال فارس، وهو المحفوظ، هكذا رواه غير واحد عن عبد الملك بن عمير كما سلف بيانه عند المصنف برقم (5795) و (5934)، منهم جرير بن عبد الحميد عند مسلم (2900)، فاستدراك الحاكم له ذهول منه.

(2)

إسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم وجهالة الوليد بن سفيان وهو ابن أبي مريم ابن عم أبي بكر - فإنه لم يرو عنه غير أبي بكر بن أبي مريم، ويزيد بن قطيب روى عنه ثلاثة وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم يؤثر توثيقه عن أحد من الكبار. أبو بحرية: هو عبد الله بن قيس السكوني، من كبار التابعين.

وأخرجه ابن ماجه (4092) عن هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم وإسماعيل بن عياش بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 36/ (22045)، وأبو داود (4295)، والترمذي (2238) من طرق عن أبي بكر بن أبي مريم، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (8502).

وفي الباب عن عبد الله بن بسر أحمد 29/ (17691)، وأبي داود (4296)، وابن ماجه (4093)، لكن فيه سبع سنين بدل: سبعة أشهر، وإسناده ضعيف.

ص: 95

8519 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنعاني بمكة حَرسها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن إسحاق بن راشد، عن عمرو بن وابصة الأسدي، عن أبيه قال: إني لبِالكُوفة في داري إذ سمعتُ على باب الدار: السلام عليكم، أَلِجُ؟ فقلت: عليك السلام، تَلِجُ، فلمَّا دَخَل إذا هو عبد الله بن مسعود، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، أيَّةُ ساعةٍ هذه للزيارة؟! وذلك في نَحْر الظهيرة، قال: طالَ علي النهارُ فتذكَّرتُ من أتحدث إليه، فجعل يحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدثه، قال: ثم أنشأ يحدّثني فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تكون فتنةٌ النائمُ

(1)

فيها خيرٌ من المضطجع، والمضطجعُ فيها خيرٌ من القاعد، والقاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائمُ خيرٌ من الماشي، والماشي خيرٌ من الراكب، والراكبُ خيرٌ من المُجْرِي" قلت: يا رسول الله، ومتى ذلك؟ قال:"ذلك أيام الهَرْج حين لا يَأْمَنُ الرجلُ جَليسه" قلت: فبمَ تأمرُني إن أدركتُ ذلك الزمان؟ قال: "اكفُفْ نفسَك ويدَك وادخُلْ دارَك" قال: قلت: يا رسول الله، أرأيتَ إِن دُخِل عليَّ داري؟ قال:"فادخُل بيتك" قال: قلت: أفرأيتَ إن دخل عليَّ بيتي؟ قال: "فادخُلْ مسجدك واصنع هكذا - وقَبَضَ بيمينه على الكوع - وقل: ربي الله، حتى تموت على ذلك"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8520 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا كَهمَس بن الحسن، عن عبد الله بن شقيق العُقَيلي، عن مِحجَن بن الأدرَع قال: بَعَثَني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجةٍ ثم عارَضَني في بعض طرق المدينة، ثم صَعَّدَ على أُحدٍ وصَعَدتُ معه، فأقبل بوجهه نحو المدينة فقال لها قولًا،

(1)

تحرّف في (ز) و (م) و (ب) إلى: القائم، والمثبت من (ك).

(2)

إسناده حسن. وهو مكرر (5483).

ص: 96

ثم قال: "وَيلُ أمِّكِ. أو وَيحُ أمِّها - قريةً يَدَعُها أهلُها أَيْنعَ ما تكون، يأكلها عافية

(1)

الطيرِ والسِّباع - يأكل ثمرها - فلا يدخلُها الدَّجالُ إن شاء الله، كلما أراد دخولها تلقاه بكل نَقْبٍ من نقابِها مَلَكٌ مُصلِتٌ يَمنعُه عنها"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8521 -

أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد النَّحْوي ببغداد، حدثنا أحمد بن زياد بن مهران، حدثنا شاذان الأسود بن عامر، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن عَزْرة، عن الحسن العُرَني، عن يحيى بن الجزار، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب أنه قال في هذه الآية:{وَلَنُذِيقَنَّهُم مِن الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} [السجدة:21] قال: مصيباتُ الدنيا: الرُّومُ، والبَطْشة، والدخان؛ قال: ثم انقطع شيئًا فقال: هو الدجال

(3)

.

(1)

تحرّف في (ز) و (ب) إلى: قافية، وفي (ك) إلى: كائفة، وفي (م) إلى: كائنة، والمثبت من "تلخيص الذهبي"، وهو الصواب.

(2)

صحيح لغيره، رجاله ثقات إلّا أنه منقطع بين عبد الله بن شقيق ومحجن، بينهما فيه رجاء بن أبي رجاء الباهلي، ورجاء هذا لم يرو عنه غير عبد الله بن شقيق، ولم يؤثر توثيقه عن غير العجلي وابن حبان.

وأخرجه أحمد 33/ (20347) عن محمد بن جعفر ويزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد أيضًا (20348) من طريق شعبة، و (20349) من طريق أبي عوانة، كلاهما عن أبي بشر جعفر بن إياس، عن عبد الله بن شقيق، عن رجاء بن أبي رجاء، عن محجن بن الأدرع.

وانظر ما سيأتي برقم (8845).

ويشهد لقصة ترك المدينة عند إيناعها حديثُ أبي هريرة المتقدِّم برقم (8516). وهو في "الصحيحين".

ويشهد لقصة حماية الملائكة لأنقاب المدينة - يعني أطرافها - حديث أبي هريرة عند البخاري (1880) ومسلم (1379). وحديث أنس عندهما أيضًا: البخاري (1881) ومسلم (2943).

النَّقْب: المدخل أو المنفذ.

ومُصلِتٌ: أي: مجرِّد سيفه من غمده.

(3)

إسناده صحيح. عزرة: هو ابن عبد الرحمن الخزاعي، وليس كما ذهب إليه أبو علي الحافظ =

ص: 97

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

سألت أبا عليّ الحافظ عن عَزّرة هذا، فقال: عَزّرة بن يحيى، وقد روى شعبةُ عن قتادة عن عَزّرة بن تميم.

8522 -

أخبرني أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العبدي، حدثنا عمران بن أبي عمران الصوفي، حدثنا صَدَقة بن المنتصر الشعباني [حدثني يحيى بن أبي عمرو الشيباني]

(1)

عن عمرو بن عبد الله الحضرمي، حدثني واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقوم الساعة حتى تكونَ عشرُ آياتٍ: خَسْفٌ بالمشرق، وخسفٌ بالمغرب، وخسفٌ في جزيرة العرب، والدَّجال [والدُّخان]

(2)

ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوجُ، والدابَّةُ، وطلوع الشمس من مغربها، ونارٌ تَخْرُجُ من فَعْر عَدَنٍ تسوقُ الناس إلى المَحشَر، تَحشُرُ الذَّرَّ والنَّمل"

(3)

.

= شيخ المصنف من أنه عزرة بن يحيى، فإنَّ عزرة بن يحيى وإن روى عنه قتادة أيضًا إلا أنه لا تعرف له رواية عن الحسن بن عبد الله العُرني.

وأخرجه مسلم (2799) من طريق محمد بن جعفر، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" 35/ (21173) من طريق يحيى بن سعيد القطان، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد. ولم يذكرا الدجال فيه، وعند مسلم:"البطشة أو الدخان؛ شعبة الشاك في البطشة أو الدخان"، وذكر يحيى القطان مكان الروم: اللِّزام. فاستدراك الحاكم له ذهول منه لأنه مخرج عند مسلم في "صحيحه".

قوله: "ثم انقطع شيئًا" يريد أحد الرواة، يعني: سكت شيئًا، وقد كتبت "شيئًا" في النسخ الخطيّة بلا ألف على صورة المرفوع، وقد سبق مرارًا التنبيه على أنَّ بعض النساخ كان يكتب المنصوب بحذف الألف على لغة ربيعة وغنم.

(1)

ما بين المعقوفين سقط من نسخنا الخطية، واستدركناه من "تلخيص المستدرك" للذهبي، ولا بد منه، فإنَّ عمرًا لا يعرف روى عنه غير يحيى بن أبي عمرو السيباني.

(2)

سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من المطبوع ومن "مسند الشاميين" للطبراني، وسقط من "معجمه الكبير".

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، عمرو الحضرمي - وإن تفرّد بالرواية عنه أبو زرعة يحيى =

ص: 98

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8523 -

أخبرنا أبو عبد الله [الصَّفّار، حدثنا]

(1)

محمد بن إبراهيم الأصبهاني، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان، عن شبيب بن غَرقَدة، عن المُستظل بن الحُصين قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قد علمتُ وربِّ الكعبة متى تَهْلِكُ العرب: إذا ولي أمرهم من لم يصحب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يُعالج أمر الجاهلية

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

= ابن أبي عمرو السيباني - قد روى عن غير واحد من الصحابة، ووثقه العجلي وابن حبان ويعقوب بن سفيان، وقال ابن حبان في كتابه "مشاهير علماء الأمصار" (906): كان متقنًا. وصدقة الشعباني قال أبو زرعة الرازي: لا بأس به، وعمران بن أبي عمران الصوفي - وهو عمران بن هارون الرملي - قال ابن يونس: في حديثه لين، وقال أبو زرعة الرازي: صدوق.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" 22 / (195)، وفي "مسند الشاميين"(864) عن مطلب بن شعيب الأزدي، عن عمران بن هارون الرملي، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث حذيفة بن أَسيد عند أحمد 26/ (16141) ومسلم (2901) وغيرهما.

(1)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، وسلسلة الإسناد هذه تكررت عند المصنف في عدة مواضع من كتابه هذا. وأبو عبد الله الصفار: هو محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، ومحمد بن إبراهيم الأصبهاني: هو ابن أورمة، وأول موضع من هذه السلسلة تقدم عند المصنف برقم (8499).

(2)

إسناده محتمل للتحسين من أجل المستظل بن الحصين فإنه لم يرو عنه غير شبيب بن غرقدة، وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ومن دونه لا بأس بهم غير محمد بن إبراهيم الأصبهاني فهو مجهول، لكنه متابع.

فقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" 8/ 250 عن عبد الملك بن عمرو العقدي، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7119) من طريق جعفر بن عون، كلاهما عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

ورواه من طريق جعفر بن عون أيضًا أبو نعيم في "حلية الأولياء" 7/ 243، لكن وقع في روايته: جعفر عن مسعر أو غيره عن شبيب

ثم وهَّم هذه الرواية وصوَّب رواية جعفر عن سفيان.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 193 عن أبي الأحوص - وهو سلام بن سليم - عن شبيب بن غرقدة، به.

ص: 99

8524 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن سليمان السَّعْدي، حدثنا عَوْن بن عُمارة العَبْدي

(1)

، حدثني عبد الله بن المثنى، عن جدِّه ثُمامةَ، عن أنس بن مالك، عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الآيات بعد المئتين"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

8525 -

أخبرنا الحسن بن حَليم

(3)

المروزي، حدثنا أحمد بن إبراهيم السَّدَوَّري، حدثنا سعيد بن هبيرة، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا يحيى بن سعيد، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل قال: قال حذيفة: كيف أنتَ وفتنةٌ خيرُ أهلها فيها كلُّ غني خفي؟ قال: قلت: والله ما هو إلا عطاء أحدنا، ثم يُطرَحُ هاهنا وهاهنا ويُرمى كلَّ مَرْمي، قال: أفلا تكون كابنِ اللَّبُون: لا رَكُوبةٌ فتُركَبَ، ولا حَلُوبةٌ فَتُحلَبَ؟

(4)

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: عود بن عمارة العرى. والصواب ما أثبتناه من مصادر ترجمته.

(2)

إسناده ضعيف بمرّةٍ لضعف عون بن عمارة، وقد حكم بعض أهل العلم على هذا الحديث بالوضع منهم الذهبي في "تلخيصه" فقال: أحسبه موضوعًا، وعون ضعفوه.

وأخرجه ابن ماجه (4057) عن الحسن بن علي الخلال، عن عون بن عمارة، بهذا الإسناد. إلا أنه قال فيه: عبد الله بن المثنى عن أبيه عن جده.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حكيم.

(4)

خبر صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل سعيد بن هبيرة، فقد قال أبو حاتم الرازي كما في "الجرح والتعديل" 4/ 71: ليس بالقوي، وتعنّت ابن حبان في "المجروحين" 1/ 327 فرماه بالوضع. ومهما يكن من أمرٍ فإنه لم ينفرد به.

فقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 15/ 19 عن يزيد بن هارون، ونعيم بن حماد في "الفتن"(166) عن عبد الوهاب الثقفي، كلاهما عن يحيى بن سعيد وهو ابن قيس الأنصاري - بهذا الإسناد. وفيهما: كابن مخاضٍ. وهو ولد الناقة يأخذ في السنة الثانية، فإذا استكمل الثانية ودخل في الثالثة فهو ابن لَبُون.

أبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي، وأبو الطقيل: هو عامر بن واثلة، صحابي صغير، وحذيفة: هو ابن اليمان.

ص: 100

8526 -

حدثني علي بن عيسى، حدثنا مسدد بن قطن القُشَيري، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا جرير، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عُبيد الله بن القِبْطيَّة قال: دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان -وأنا معهما- على أم سلمة، فسألاها عن الجيش الذي يُخسَفُ به، وكان ذلك في أيام ابن الزبير، فقالت أم سلمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يَعُوذُ عائذ بالحَرَمَ، فيُبْعَثُ إليه بجيش، فإذا كانوا ببَيْداءَ من الأرض يُخسَفُ بهم" فقلتُ: يا رسول الله، كيف بمن يَخرُج كارها؟ قال:"يُخسَفُ به معهم، ولكنه يُبعث على نيَّته يوم القيامة"؛ ثم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعوذ عائذٌ بالبيت"

(1)

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه!

8527 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن شَيْبان الرَّمْلي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن أُمية بن صفوان بن عبد الله بن صفوان، سمع جدَّه عبد الله بن صفوان يقول: حدثتني حَفْصة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَيَؤُمَّنَّ هذا البيت جيشٌ

(1)

إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه أبو داود (4289) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد لكنه اختصره.

وأخرجه بطوله أحمد 44 / (26487) عن جرير بن عبد الحميد، ومسلم (2882)(4) من طرق عن جرير، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه مسلم أيضًا (2882)(5)، وابن حبان (6756) من طريق زهير بن معاوية، عن عبد العزيز بن رفيع، به.

وأخرجه بنحوه أحمد (26702) من طريق أبي يونس الباهلي، و (26747) من طريق حاتم بن أبي صغيرة، كلاهما عن المهاجر - قال أبو يونس: المكي، وقال حاتم: ابن القبطية - عن أم سلمة. وقد اختلف في المهاجر هذا هل هو عبيد الله نفسه أم أنه آخر كما هو مبين في التعليق على "المسند"؟

وأخرجه مختصرًا أحمد (26475)، وابن ماجه (4065)، والترمذي (2171) من طريق نافع بن جبير، عن أم سلمة.

وفي الباب عن عائشة عند البخاري (2118)، وابن حبان (6755).

والبيداء: الأرض المستوية الواسعة التي لا شيء فيها.

ص: 101

يَعْزُونَه، حتى إذا كانوا ببَيداءَ من الأرض خُسِفَ بأوسطِهم، فيَتَنادَوْن أولُهم وآخرُهم، فيُخسَفُ بهم خَسْفًا لا يَنجُو إِلَّا الشَّريدُ الذي يُخبر عنهم".

فقال له رجل: أشهدُ عليك ما كذبت على جدِّك، وأشهدُ على جدِّك أنه ما كذب على حفصةَ، وأشهدُ على حفصةَ أنها لم تَكذِب على النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!

8528 -

حدثني أبو محمد عبد الرحمن بن حَمْدَانَ الجَلّاب بهَمَذان - وأنا سألته - حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، حدثنا عمر بن حفص بن غِيَاثَ النَّخَعي، حدثنا أَبي، عن مِسعَر، عن طلحة بن مُصرِّف، عن أبي مُسلِم الأغرِّ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تنتهي البعوثُ عن غَزْوِ بيتِ الله تعالى حتى يُخسَفَ بجيشٍ منهم"

(2)

.

هذا حديث غريب صحيح، ولم يُخرجاه.

ولا أعلم أحدًا حدَّث به غيرَ عمر بن حفص بن غِيَاث، تفرَّد به عنه

(3)

الإمام أبو حاتم.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 44 / (26444)، ومسلم (2883)(6)، وابن ماجه (4063)، والنسائي (3849) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه بنحوه مسلم (2883)(7) من طريق يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن صفوان، عن أم المؤمنين. ولم يسمِّها.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي (3847) عن أبي حاتم الرازي، بهذا الإسناد.

وانظر حديث أبي سلمة عن أبي هريرة في قصة السفياني الآتي عند المصنف برقم (8799).

(3)

تحرَّفت هذه العبارة في (ز) و (ك) و (م) إلى: تعدد به عند، وفي (ب): يرويه عنه، والمثبت هو الصواب كما صوَّبت في (م).

وأبو حاتم لم يتفرَّد به كما زعم المصنف - وإن كان أهلًا للتفرد - فقد رواه أيضًا عبيد بن غنام ابن أخي عمر بن حفص عند أبي نعيم في "حلية الأولياء" 7/ 244 فقال: وجدتُ في كتاب عمِّي عمر بن حفص بن غياث

وذكره.

ص: 102

8529 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن الوليد بن مَزيَد البَيروتي، حدثنا محمد بن شعيب بن شابُور، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد

(1)

بن جابر، أنه سمع سُلَيم بن عامر يقول: سمعت المقدادَ بن الأَسود الكِندي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يبقى على ظهر الأرض من بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إِلَّا أدخل الله عليهم كلمة الإسلام، بعِزِّ عزيزٍ أو ذُلِّ ذليل، يُعزِّهم الله فيجعلُهم من أهلِها، أو يُذلُّهم فيَدِينون

(2)

لها"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8530 -

أخبرنا محمد بن المؤمل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيَّب، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا عيسى بن يونس، عن حَرِيز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير، عن أبيه، عن عَوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستفترقُ أمتي على بِضع وسبعين فرقةً، أعظمُها فِرقةً قومٌ يَقِيسون الأمورَ برأيهم، فيُحرِّمون الحلال ويُحلِّلون الحرامَ"

(4)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8531 -

أخبرني أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: زيد.

(2)

في (ز) و (ك) و (م): فيدينوا، بحذف نون الرفع، وقد حُكي حذفها في بعض لغات العرب كما ذكر أهل النحو، والمثبت من (ب) بإثباتها، وهو الجادّة.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 39/ (23814)، وابن حبان (6699) و (6701) من طريق الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، به.

وانظر الحديث الآتي برقم (8531).

والمراد ببيت المدَر أهلُ المدن والقرى، والمَدَر: هو الطِّين، وببيت الوَبَر أهلُ البوادي.

(4)

حديث منكر، سلف هذا الحديث برقم (6461) من طريق يحيى بن عثمان السهمي عن نعيم بن حماد، فانظر تخريجه والكلام عليه هناك.

ص: 103

الدارمي، حدثنا أبو اليَمَان الحَكَم بن نافع، حدثنا صفوان بن عمرو، حدثنا سُليم بن عامر، عن تَميم الدَّارِي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليَبْلُغَنَّ هذا الأمرُ مبلغَ الليلِ والنهار، ولا يَتْركُ الُله بيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلَّا أدخله هذا الدَّينَ، بعِزِّ عزيز أو بذُلِّ ذليل، بعِزٍّ يُعِزُّ الله في الإسلام، ويُذِلُّ به الكفرَ".

وكان تميمٌ الدارِيُّ يقول: قد عرفتُ ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب مَن أسلم منهم الخيرَ والشرفَ والعزَّ، ولقد أصاب من كان كافرًا الذلَّ والصَّغَارَ والجِزيةَ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8532 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُورْمَة

(2)

، حدثنا الحسين بن حَفْص، عن سفيان، عن الأعمش، عن سليمان بن مَيسَرة، عن طارق بن شِهاب، قال: قال عبد الله بن مسعود: إنكم في زمانٍ القائلُ فيه بالحقِّ خيرٌ من الصَّامت، والقائمُ فيه خيرٌ من القاعد، وإنّ بعدَكم زمانًا الصَّامتُ فيه خيرٌ من الناطق، والقاعدُ فيه خيرٌ من القائم. قال: فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن، كيف يكون أمرٌ مَن أخذ به اليومَ كان هُدًى، ومَن أخذَ به بعدَ اليوم كان ضلالةً؟! قال: قد فعلتموه، اعتبِروا ذلك برجلين مرَّا بقوم يعملون بالمعاصي، فأنكَرا كلاهما، وصَمَت أحدُهما فسَلِمَ، وتكلَّم الآخرُ فقال: إنكم تفعلون وتفعلون، فأخذوه وذهبوا به إلى ذِي سلطانهم، فلم يَزَلْ - أو لم يزالوا - به حتى أَخَذَ بأَخْذِه وعَمِلَ بعمله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 28/ (16957) عن أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، عن صفوان بن عمرو، بهذا الإسناد.

وانظر ما سبق برقم (8529).

(2)

في النسخ الخطية: أرومة، وانظر التعليق عليه عند الحديث (8499).

(3)

خبر صحيح، رجاله في الجملة ثقات معروفون غير محمد بن إبراهيم بن أورمة فمجهول لا يعرف، ولم ينفرد به.

فقد أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 314 من طريق محمد بن جرير الطبري، عن محمد =

ص: 104

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

8533 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا إبراهيم بن الحسين الهَمَذاني، حدثنا عمرو

(1)

بن عاصم الكِلابي، حدثنا أبو العوَّام القطَّان، حدثنا قَتَادة، عن أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن أم سَلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُبايِعُ لرجلٍ من أمتي بين الرُّكْن والمَقام كعِدَّة أهل بَدر، فيأتيه عُصَبُ العراق وأبدالُ الشام، فيأتيهم جيشٌ من الشام، حتى إذا كانوا بالبَيداءِ خُسِفَ بهم، ثم يسير إليه رجلٌ من قريش أخواله كَلْبٌ، فيَهزِمُهم الله". قال: وكان يقال: إِنَّ الخائبَ يومئذٍ مَن خاب من غَنيمةِ كَلْب

(2)

.

8534 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني سليمان بن بلال، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رَبَاح، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المحرومُ من حُرِمَ غَنيمةَ كَلْب ولو عِقال

(3)

، والذي نفسي بيده لتُباعَنَّ نساؤُهم على دَرَج دمشق، حتى تُرَدَّ

= ابن المثنى، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وهذا إسناد صحيح.

ثم أخرجه من طريق ابن جرير أيضًا عن محمد بن حميد، عن جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، به. وابن حميد فيه ضعف لكنه يعتبر به في المتابعات والشواهد.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عمر، بلا واو، والتصويب من "إتحاف المهرة"(23434).

(2)

إسناده ضعيف لاضطرابه، فقد اختلف فيه على قتادة كما هو مبيَّن في التعليق على "مسند أحمد" 44 / (26689). أبو العوام القطان: هو عمران بن داوَر، وهو ليس بذاك الثقة وبخاصة إذا خولف، أبو الخليل: هو صالح بن أبي مريم.

وأخرجه أبو داود (4288) عن محمد بن المثنى، عن عمرو بن عاصم، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 44 / (26689)، وأبو داود (4286) من طريق هشام الدستُوائي، وأبو داود (4287) من طريق همام، كلاهما عن قتادة، عن أبي الخليل، عن صاحب له لم يسمِّه، عن أم سلمة.

(3)

هكذا في نسخنا الخطية وفي "تلخيص الذهبي" بلا ألف، والجادَّة فيما بعد "لو" أن يكون منصوبًا على تقدير، فعل، فلعلَّ ما هنا كُتب على لغة من يكتب المنصوب بلا ألف، أو على ما حكي أنه =

ص: 105

المرأةُ من كَسرٍ يوجدُ بساقِها"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8535 -

حدثنا حمزة بن العباس بن الفضل بن الحارث العَقَبي ببغداد، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا أبو عامر صالح بن رُستُم، عن حُميد بن هلال، عن عبد الرحمن بن قُرْط قال: دخلتُ المسجدَ فإذا حَلْقَةٌ كأنما قُطِعَت رؤوسُهم، وإذا فيهم رجل يحدِّث، فإذا حذيفةُ، قال: كانوا يسألونَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسألُه عن الشرِّ كيما أعرفُه فأتَّقِيه، وعلمتُ أنَّ الخير لا يفوتُني، قال: فقلت يا رسول الله، هل بعدَ هذا الخير الذي نحن فيه من شرٍّ؟ قال:"يا حذيفةُ، تعلَّمْ كتاب الله واعمل بما فيه" ثم قلت: يا رسول الله، هل بعد هذا الخير الذي نحنُ فيه من شرٍّ؟ قال:"يا حذيفةُ، تعلَّمْ كتاب الله واعمل بما فيه" ثم قال في الثالثة: "فتنةٌ واختلافٌ" قلت: يا رسول الله، هل بعد ذلك الشرّ من خير؟ قال:"يا حذيفة، تعلَّمْ كتاب الله واعمل بما فيه" قلت: يا رسول الله، أبعد ذلك الشرِّ من خير؟ قال:"يا حذيفة، تعلَّمْ كتاب الله واعمل بما فيه" قلت: يا رسول الله، هل بعد ذلك الخير من شَرٍّ؟ قال: "فتنٌ على أبوابها دُعاةٌ إلى النار، فلئِنْ تَمُتْ

(2)

وأنتَ عاضٌّ على جِذْلٍ

(3)

، خيرٌ لك من أن تَتبعَ أحدًا منهم"

(4)

.

= سُمع الرفع بعد "لو" في غير النعت، كما في "أصول النحو" لابن السرّاج 1/ 407، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده ليِّن، كثير بن زيد صدوق، لكنه ليس بذاك القوي وبخاصة فيما يتفرَّد به، وقد تفرَّد بهذا الحديث بهذا التمام، ولم يقع حديثه هذا عند غير المصنف فيما وقفنا عليه من مصادر.

وأخرج أوله أحمد 14 / (8669) من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن أبي الحلبس، عن أبي هريرة. وابن لهيعة سيئ الحفظ.

(2)

هكذا في (م)، وفي غيرها من النسخ: فلا تمت.

(3)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: خدك، أو حدك، بالكاف في آخره، والتصويب من "تلخيص الذهبي". والجِذل: أصل الشجرة.

(4)

حديث حسن على خطأ في إسناده سلف بيانه برقم (422).

ص: 106

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8536 -

حدثنا محمد بن علي الصَّنعاني بمكة حَرَسَها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبَّاد

(1)

، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن عبد الله بن بن عثمان بن خُثَيم، عن نافع بن سَرْجِس، عن أبي هريرة قال: أيها الناس، أظلَّتكُم فتنٌ كأنها قِطعُ الليل المظلم، أَنجى

(2)

الناس فيها - أو قال: منها - صاحبُ شاءٍ يأكلُ من رِسْل

(3)

غنمِه، ورجلٌ من وراءِ الدَّرْب آخذُ بعِنان فرسِه يأكلُ من سيفه

(4)

.

موقوف صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8537 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا أبو الوليد الطَّيالسي، حدثنا أبو عَوَانة، عن قَتَادة، عن نضر بن عاصم، عن سُبَيع بن خالد، قال: خرجتُ إلى الكوفة زمن فُتِحَت تُستَرُ لأَجلِبَ منها بِغالًا، فدخلتُ المسجدَ فإذا صَدعٌ من الرجال تعرفُ إذا رأيتَهم أنهم من رجال الحجاز، قال: قلت: مَن هذا؟ قال: فحَدَّقَني القومُ بأبصارهم وقالوا: ما تعرفُ هذا؟ هذا حُذيفةُ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقال حذيفة: إنَّ الناس كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسألُه عن الشرِّ، قال: قلت: يا رسول الله، أرأيتَ هذا الخيرَ الذي أعطانا الله، يكون بعدَه شرٌّ كما كان قبلَه؟ قال:"نعم" قلت: يا رسول الله، فما العِصْمةُ

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: غياث.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أيها، والتصويب من بقية المواضع في الكتاب.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: رأس، والتصويب من بقية المواضع. والرِّسل: اللبن.

(4)

حديث صحيح مرفوعًا، وهذا إسناد حسن. وهو في "جامع معمر"(20731) و (20762). وسيأتي مكررًا برقم (8643).

وقد سلف برقم (2491) من طريق زهير بن معاوية، وسيأتي برقم (8971) من طريق زائدة بن قدامة، كلاهما عن ابن خثيم، به مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وهو المحفوظ.

ورواه نعيم بن حماد في الفتن" (220) عن عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن ابن خثيم، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا مرسلًا.

ص: 107

من ذلك؟ قال: "السيفُ" قلت: وهل للسيف من بقيّةٍ؟ قال: "نعم" قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: "ثم هُدْنةٌ على دَخَنٍ" قال: "جماعةٌ على فُرْقةٍ، فإن كان الله عز وجل يومئذٍ خليفةٌ ضَرَبَ ظهرَك وأخذ مالَك، فاسمَعْ وأطِعْ، وإِلَّا فمُتْ عاضًّا بجِذْلِ شجرة" قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: "يخرجُ الدَّجالُ ومعه نهرٌ ونار، فمن وقَع في ناره وقع [أَجرُه]

(1)

وحُطَّ وِزره، ومن وقع في نهره وَجَبَ وِزرُه وحُطَّ أجرُه" قلت: ثم ماذا؟ قال: "ثمَّ إِنَّما هي قيام الساعة"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8538 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُورمة

(3)

، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حُذيفة قال: إنَّ للفتنة وَقَفاتٍ وبَعَثاتٍ، فمن استطاع منكم أن يموتَ في وَقَفاتِها فليفعل

(4)

(1)

سقط من نسخنا الخطية، وأثبتناه من المطبوع ومصادر التخريج.

(2)

إسناده حسن من أجل سبيع بن خالد، فقد روى عنه جمع وذكره العجلي وابن حبان في الثقات. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وأبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليَشكُري.

وأخرجه أحمد 38/ (23430)، وأبو داود (4244) من طرق عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد أيضًا (23429)، وأبو داود (4245) من طريق معمر، عن قتادة، به. وسمّى سبيع بن خالد: خالدَ بن خالد اليشكري.

وانظر ما سلف برقم (391) و (422) و (8535).

والصَّدع: الرجل الخفيف اللحم المعتدل البِنية.

فحدَّقني القوم: أي: رَمَوني بأبصارهم.

وجِذل الشجرة: أصلها.

(3)

وقع هنا في النسخ الخطية: أرومة، كما وقع في الحديث السالف برقم (8499)، وانظر تعليقنا عليه هناك.

(4)

خبر صحيح، محمد بن إبراهيم - وإن كان لا يعرف - قد توبع. سفيان: هو الثوري. وسيأتي =

ص: 108

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8539 -

أخبرني الحسن بن حليم

(1)

المروَزي، حدثنا أحمد بن إبراهيم السَّدَوَّري، حدثنا سعيد بن هُبيرة، حدثنا محمد بن سُلَيم، حدثنا قَتَادة، عن عبد الله بن شَقيق العُقَيلي، عن مُرَّة البَهْزي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُفتَحُ على الأرض فتنٌ كَصَيَاصِي البقر"، فمرَّ رجلٌ مُقنَّع، فقال:"هذا يومئذٍ على الحقِّ"، فقمتُ إليه فأخذتُ بمَجامِعِ ثوبه، فقلت: هذا هو يا رسول الله؟ قال: "هذا"، قال: فإذا هو عثمان

(2)

.

= مكررًا برقم (8641) وفيه هناك زيادة في أوله.

وسيأتي عند المصنف برقم (8737) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري.

وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 15/ 10 و 88، ونعيم بن حماد في "الفتن"(163)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(180)، وابن البختري في "فوائده"(563)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 274 من طرق عن سليمان الأعمش، بهذا الإسناد.

وسيأتي تفسير الوقفات والبعثات في حديث سفيان عن الحارث بن حصيرة عن زيد عن حذيفة عند المصنف برقم (8737)، ففيه: سئل حذيفة: ما وقفاتها؟ قال: إذا غُمد السيف، قال: ما بعثاتها؟ قال: إذا سُلَّ السيف.

والبَعثات، كما قال ابن الأثير في "النهاية": الإثارات والتهيُّجات، جمع بَعْثة، وهي المَرّة من البَعث، وكل شيء أثرتَه فقد بعثته.

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: حكيم.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، سعيد بن هبيرة قال أبو حاتم: ليس بالقوي، واتهمه ابن حبان، لكنه متابع، ومحمد بن سليم - وهو أبو هلال الراسبي - حسن الحديث إلا في روايته عن قتادة ففيها مقال، وقد أسقط في هذا الإسناد الواسطة بين عبد الله بن شقيق ومرة البهزي.

ومرةُ البهزي: هو ابن كعب، وقيل: هو كعب بن مرة.

وأخرجه أحمد 33 / (20352) عن بهز بن أسد وعبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبي هلال محمد بن سليم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (20353) و (20372)، وابن حبان (6914) من طريق أبي أسامة، عن كهمس بن الحسن - وهو ثقة - عن عبد الله بن شقيق، عن هَرَمي بن الحارث وأسامة بن خريم، عن مرة =

ص: 109

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8540 -

حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن عيسى بن السَّكَن، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وُهَيب بن خالد، أخبرنا موسى بن عُقبة، أخبرني جدِّي أبو أُمِّي أبو حَبِيبة

(1)

: أنه دخل الدارَ وعثمانُ محصورٌ فيها، وأنه سمع أبا هريرة يستأذنُ عثمان في الكلام، فأَذِنَ، له، فقام فحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ستَلقَونَ بعدي فتنةً واختلافًا" أو قال: "اختلافًا وفتنة"، فقال له قائل: يا رسول الله، بمَ

(2)

تأمرنا؟ قال: "عليكم بالأمير وأصحابه"، وهو يشيرُ بذلك إلى عثمان

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8541 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وَهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أنَّ بكر بن سَوَادة الجُذَامِيَّ حدثه، أنَّ سُحَيمًا حدَّثه عن رُوَيفِع بن ثابت الأنصاري أنه قال: قُرِّبَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم تمرٌ ورُطَبٌ

(4)

، فأكلوا منه حتى لم يُبقُوا شيئًا إِلَّا نَواه وما لا خير فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تدرون ما هذا؟ تذهَبون الخيِّر فالخيِّرَ، حتى لا يبقى منكم إِلَّا مثلُ هذا"

(5)

.

= البهزي. وهرمي وأسامة لم يرو عنهما غير عبد الله بن شقيق، وذكرهما ابن حبان في "الثقات".

وقد سلف الحديث بإسناد صحيح عند المصنف برقم (4602).

(1)

تحرّف في (ك) و (م) إلى: أبو حية.

(2)

في النسخ الخطية: أو بما، وهو خطأ، وفي "تلخيص الذهبي": بما، بألف، وهو جائز، والجادَّة حذف الألف.

(3)

إسناده حسن من أجل أبي حبيب. وقد سلف برقم (4591).

(4)

في النسخ الخطية: تمرًا ورطبًا، والجادة ما أثبتنا.

(5)

حسن لغيره، وهذا إسناد ليِّن من أجل سحيم، فإنه لا يُعرَف، وذكره ابن حبان في "الثقات" =

ص: 110

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه الصحيحُ حديث أبي حُميد الطاعِني الذي:

8542 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي والعباس بن الفَضْل الأسفاطي والحسن بن علي بن زياد، قالوا: حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيْس، حدثني سليمان بن بلال، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن أبي حُميد، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتُنتَقَيُنَّ كما يُنتقَى التمرُ من الجَفْنة، فليذهَبَنَّ خيارُكم وليبقَيَنَّ شِرارُكم، فموتوا إن استطعتُم"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وله رواية أخرى عن يونس بن يزيد:

8543 -

أخبرناه أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عِمران الأنصاري

(2)

، حدثنا طلحة بن يحيى الزُّرَقي

(3)

، حدثنا يونس بن يزيد، عن ابن شِهاب، عن أبي حُميد مولى مُسافِع قال:

= وكذا العجلي، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه ابن حبان (7225) من طريق حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث أبي هريرة التالي.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف من أجل أبي حميد، وليس هو الطاعني كما توهم المصنف، وقد سبق بيانه فيما سلف برقم (8084).

(2)

في نسخنا الخطية: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله عن عمران بن عمار بن نعيم الأنصاري، ولم نقف في الرواة على من اسمه عمران بهذا النسب، والمثبت من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وهو الموافق لما وقع في ترجمة طلحة بن يحيى الزرقي من "تهذيب الكمال" للمزي 13/ 445، وكذلك هو في إسناد حديثٍ لابن عمر عند الخطيب البغدادي في "تاريخه" 3/ 147، وفي إسناد حديثٍ آخر لابن عباس عند الدارقطني (4318) والبيهقي 10/ 45، كلاهما من رواية محمد بن الخليل عنه عن طلحة بن يحيى، ومهما يكن من أمر فإنا لم نقف له على ترجمة.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية و "التلخيص" إلى: الدورقي.

ص: 111

سمعت أبا هريرة يحدِّث، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَتُنتَقَيُنَّ كما يُنتقَى التَّمْرُ من الجَفْنة، فلَيَذهَبَنَّ خِيارُكم وليَبقَيَنَّ شِرارُكم، حتى يبقى من لا يعبأ الله بهم، فموتوا إن استطعتم"

(1)

.

8544 -

حدثنا أبو عَوْن محمد بن أحمد بن ماهانَ الجزَّار بمكة حَرَسها الله على الصَّفا إملاءً، حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن زيد الصائغُ المكِّي، حدثنا سعيد بن منصور المكّي، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن

(2)

أبي حازم، عن عُمارة بن عمرو بن حَزم، عن عبد الله بن عمرو، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يُوشِكُ أن يأتي زمانٌ يُغربَلُ الناسُ فيه غَربلةً، ويَبْقى حُثالةٌ من الناس قد مَرِجَت عهودهم وأماناتُهم، واختلَفوا وكانوا هكذا" وشبَّك بين أصابعه، قالوا: فكيف تأمُرنا يا رسول الله؟ قال: "تأخذون ما تَعرِفون، وتَدَعُون ما تُنكرون، وتُقبلون على أَمرِ خَاصَّتِكم، وتَدَعُون أمر عامَّتِكم"

(3)

.

قال سعيد بن منصور: حُثالة الناس: رُذَالُهم، ومعنى قوله:"مَرِجَت عهودهم" إِذْ لم يَفُوا بها.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8545 -

أخبرنا أحمد بن عثمان بن يحيى بن عمرو البزَّاز ببغداد، حدثنا أبو قِلابة عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا همَّام، حدثنا قَتادة، عن الحسن، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ الساعة حتى

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال محمد بن عبد الله بن عمران الأنصاري، وقد توبع، وشيخه طلحة حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وقد توبع، وأبو حميد تقدَّم الكلام عليه عند الرواية السالفة برقم (8084).

وأخرجه ابن ماجه (4038) عن عثمان بن أبي شيبة، عن طلحة بن يحيى، بهذا الإسناد.

(2)

تحرّف في نسخنا الخطية إلى: بن.

(3)

إسناده صحيح. وقد سلف برقم (2704).

ص: 112

يأخُذَ الله عز وجل شَرِيطتَه من أهل الأرض، فيبقى عَجَاجٌ لا يعرفون معروفًا، ولا يُنكرون منكرًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين إن كان الحسنُ سَمِعَه من عبد الله بن عَمْرو.

8546 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم الأصفهاني، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن عُمارة بن عُمَير، عن أبي عمَّار، عن حُذيفة قال: يكون أمراء يُعذِّبونكم ويُعذِّبُهم الله

(2)

.

(1)

حديث صحيح، رجاله لا بأس بهم إلا أنَّ الحسن - وهو البصري لم يصرّح بسماعه من عبد الله بن عمرو، وقد ذهب علي بن المديني إلى أنه لم يسمع منه شيئًا، وأقرَّه ابن أبي حاتم في "المراسيل"(132).

وأخرجه أحمد 11 / (6964) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (6965) عن عفان بن مسلم، عن همام بن يحيى، به. ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم جعله من قول عبد الله بن عمرو، ومثل هذا لا يقال من قِبل الرأي، والمحفوظ الرفع.

وانظر ما سيأتي عند المصنف بالأرقام (8613) و (8616) و (8697) و (8867) و (8880). (8880).

ويشهد له ما قبله.

والعجاج من الناس: الغَوغاء والأراذل ومَن لا خير فيه، واحدهم عَجَاجة.

(2)

خبر قوي، لا بأس برجاله غير محمد بن إبراهيم الأصفهاني - وهو ابن أُورمة كما سبق مرارًا عند المصنف - فإنه مجهول لا يُعرَف، لكنه لم ينفرد به.

فقد رواه المصنف فيما سيأتي برقم (8750) من طريق حميد بن عياش الرملي عن مؤمَّل بن إسماعيل، عن سفيان: وهو الثوري. ومؤمّل - وإن كان سيئ الحفظ - يعتبر به في المتابعات والشواهد.

أبو عمار: هو عَريب بن حُميد الدُّهني، وحذيفة: هو ابن اليمان.

وأخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات"(2321) عن علي بن الجعد، عن شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - عن الرُّكين بن الرَّبيع، عن أبيه، عن حذيفة. وشريك وإن كان في حفظه سوء - حسن الحديث في المتابعات والشواهد.

ص: 113

8547 -

وعن الأعمش، عن عُمارة بن عُمير، عن أبي مَعمَر، عن عمرو بن شُرَحبيل، عن حُذيفة قال: لا تزالون بخيرٍ ما لم يكن عليكم أمراءُ لا يرون لكم حقًّا إلا إذا شاؤوا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين بالإسنادين جميعًا.

8548 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا

(2)

أبو عامر العَقَديُّ، حدثنا أفلحُ بن سعيد، شيخٌ من أهل قُباءٍ، حدثني عبد الله بن رافع مولى أمِّ سَلَمة قال: سمعتُ أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن طالت بك مدّةٌ يُوشِكُ أن تَرَى قومًا يَغدُون في سَخَطِ الله، ويَروحون في لعنتِه، في أيديهم مثلُ أذنابِ البقر"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8549 -

أخبرنا أبو العباس قاسم بن القاسم السَّيّاري بمرو، حدثنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرنا عبدُ الله، أخبرنا نافع بن عمر الجُمَحِيّ، عن أُمَيَّة بن صفوان، عن أبي بكر بن أبي زهير الثَّقفي، عن أبيه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خُطبته:

(1)

هو بإسناد سابقه إلى الأعمش، ورجاله لا بأس بهم معروفون غير محمد بن إبراهيم الأصفهاني.

أبو معمر: هو عبد الله بن سخبرة الأزدي، وعمرو بن شرحبيل: هو الهمداني الكوفي.

(2)

من أول الإسناد إلى هنا سقط من (ز) و (ب)، واستدركناه من (ك) و (م).

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل أفلح بن سعيد. أبو عامر العقدي: هو عبد الملك بن عمرو.

وأخرجه أحمد 13 / (8073) و (8293)، ومسلم (2857)(54) من طرق عن أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (2857)(53) من طريق زيد بن الحباب، عن أفلح بن سعيد، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه رحمه الله.

وفي الباب عن أبي أمامة، سيأتي برقم (8414).

قوله: "يغدون" أي: يُصبِحون، و "يروحون" أي: يُمسُون.

وقوله: "مثل أذناب البقر" يريد السِّياط.

ص: 114

"يا أيُّها الناس، تُوشكون أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار"، أو قال:"خيارَكم من شرِارِكم" فقال رجل من الناس: بِمَ يا رسول الله؟ قال: "بالثَّنَاءِ الحَسَنِ والثناءِ السيِّئ، أنتم شهودٌ بعضُكم على بعض"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8550 -

حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا هارون بن معروف، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عبد الله بن عَيَّاش القِتْباني، عن أبيه، عن عيسى بن هلال الصَّدَفي، عن عبد الله بن عمرو، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سيكون في آخر هذه الأمة رجالٌ يَركَبون على المَياثِرِ حتى يأتوا أبوابَ مساجدِهم، نساؤُهم كاسياتٌ عارياتٌ، على رؤوسهنَّ كأسنمة البُخْتِ العِجَاف، العنُوهنَّ فإنهنَّ ملعونات، لو كانت وراءَكم أُمّةٌ من الأمم لخَدَمْنَهم

(2)

كما خَدَمَكم نساء الأُمم قبلكم".

فقلت لأبي: وما الميائر؟ قال: سُروجًا عِظامًا

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

8551 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا يحيى بن محمد

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. وقد سلف عند المصنف برقم (418).

(2)

في النسخ الخطية: لخدمهم، بلا نون ثانية، ولا يستقيم الكلام إلا بإثباتها.

(3)

إسناده ضعيف لتفرُّد عبد الله بن عياش القتباني به، فإنه ليس بالمتين كما قال أبو حاتم الرازي، ثم أتبعه بقوله: صدوق يكتب حديثه وهو قريب من ابن لهيعة؛ يعني أنه يعتبر به في المتابعات والشواهد، وضعَّفه أبو داود والنسائي، وقال ابن يونس: منكر الحديث، وذكره ابن حبان في "ثقاته"، وروى له مسلم حديثًا واحدًا متابعةً. وقد أشار الذهبي في "تلخيصه" إلى تضعيفه متعقبًا تصحيح الحاكم له.

وأخرج حديث المصنف أحمد 11 / (7083)، وابن حبان (5753) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، عن عبد الله بن عياش، بهذا الإسناد وقرنا بعيسى بن هلالٍ أبا عبد الرحمن الحُبُلي.

ص: 115

ابن يحيى النُّهْلي، الذُّهْلي، حدثنا مسدَّد، حدثنا بشر بن المفضّل، حدثنا عبد الله بن بُجَير، حدثنا سَيَّار بن سَلامة، عن أبي أُمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَخرجُ في هذه الأمة في آخر الزمان رجالٌ معهم أسياطٌ كأنها أذنابُ البقر، يغدُونَ فِي سَخَطِ الله، ويَرُوحون في غَضَبِه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8552 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُورمة

(2)

، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن قيس بن مُسلِم، عن طارق بن شِهاب، عن عبد الله بن مسعود: أنه ذَكَرَ الفتنة فقال: إِنَّ الرجل ليخرُجُ من بيته ومعه دِينُه فيَرجِعُ وما معه شيءٌ منه، يأتي الرجلَ لا يَملِكُ له ولا لنفسه ضَرًّا ولا نفعًا، فيُقسِمُ له بالله إنك لذَيْتَ وذَيْتَ، فيرجعُ ما حَلي من حاجته بشيءٍ وقد أسخَطَ الله عليه

(3)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سيّار: وهو القرشي الأموي مولاهم الدمشقي، وليس سيار بن سلامة كما وقع مسمّى عند المصنف.

وأخرجه أحمد 36/ (22150) عن أبي سعيد مولى بني هاشم، عن عبد الله بن بجير، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث أبي هريرة المتقدم برقم (8548).

(2)

المثبت من (ك)، وفي غيرها من النسخ: أرومة، وقد سلف الكلام عليه عند الحديث رقم (8499)، وأنه لا يُعرف.

(3)

خبر صحيح، رجاله في الجملة ثقات معروفون غير محمد بن إبراهيم فإنه لا يُعرَف كما سبق، لكن لم ينفرد به.

فقد رواه عن سفيان - وهو الثوري - عبدُ الله بن المبارك في "الزهد"(382)، ورواه عن سفيان أيضًا قبيصة بن عقبة عند هناد بن السري في "الزهد"(1153)، وأبو نعيم الفضل بن دُكين عند الطبراني في "الكبير"(8562)، وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع عند أبي بكر الخلال في "السنة"(1487).

وأخرجه ابن أبي عمر العدني في "الإيمان"(47)، وعبد الله بن أحمد في "السنة"(824)، والطبري في "تفسيره" 5/ 128، والخلال (1549) و (1550)، وجعفر الفريابي في "صفة النفاق وذم =

ص: 116

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

8553 -

حدثني علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن المغيرة الهمذاني، حدثنا القاسم بن الحَكَم العُرَني، حدثنا سليمان بن أبي سليمان، حدثنا يحيى بن أبي كَثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، عن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال:"والذي بعثني بالحقِّ، لا تنقضي هذه الدنيا حتى يقعَ بهم الخسفُ والمسخُ والقَذْفُ" قالوا: ومتى ذلك يا نبي الله بأبي أنت وأمّي؟ قال: "إذا رأيتَ النساء قد رَكِبنَ السُّروج، وكَثُرَت القَيْناتُ، وشُهِدَ شهاداتُ الزُّور، وشَرِبَ المصلُّون

(1)

في آنية أهل الشِّرك الذهب والفضةِ، واستغنى الرّجالُ بالرجال، والنساءُ بالنساء، فاستذفِروا واستَعِدُّوا" وقال هكذا بيده؛ وسَتَرَ وجهه

(2)

.

8554 -

أخبرني محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن طارق بن شهاب

(3)

، عن مُنذِر

= المنافقين" (104)، والطبراني (8563)، وابن بطة في "الإبانة" 2/ 748 من طرق عن قيس بن مسلم، به.

قوله: "ما حَلِي": أي: ما أصاب خيرًا، يقال: حَلِي وحَلَا، كَرَضِيَ ودَعَا.

(1)

في نسخنا الخطية: المصليون.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، سليمان بن أبي سليمان - وهو سليمان بن داود اليمامي أبو الجمل - متروك، وقال الذهبي في "تلخيصه": سليمان هو اليمامي ضعَّفوه والخبر منكر.

وأخرجه البزار (8636) عن أحمد بن محمد بن أبان بن سعيد، عن القاسم بن الحكم العربي بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(5061)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 276، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5086)، والشجري في "أماليه" 2/ 258 و 265 من طريقين عن سليمان بن داود اليمامي، به. قال البيهقي: تفرد به سليمان بن داود هذا وهو ضعيف.

القَينات: المغنيات.

واستذِفروا: أي: اعزِموا أمركم، يقال: استذفَر بالأمر: اشتدَّ عزمه عليه وصَلُب له.

(3)

كذا وقع مسمًّى عند المصنف، وهو خطأ، فإنَّ طارق بن شهاب رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع =

ص: 117

الثَّوري، عن عاصم بن ضَمْرة، عن علي قال: جُعِلَت في هذه الأُمّة خمس فتنِ: فتنةٌ عامَّةٌ، ثم فتنةٌ خاصةٌ، ثم فتنةُ عامةٍ، ثم فتنةُ خاصة، ثم تأتي الفتنة العمياءُ الصَّمّاء المُطبقةُ التي يصير الناس فيها كالأنعام

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8555 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَويهِ، حدثنا محمد بن أحمد بن النَّضر، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا أبو إسحاق الفَزَاري، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي البَخْتَري، عن أبي ثَوْر قال: دَفَعتُ إلى حُذيفة وأبي

(2)

مسعود وهما

= منه، وبعضهم عدَّه في الصحابة، فمثله يستحيل أن يروي عن منذر الثوري أو يروي عنه معمر، وقد وقع في "جامع معمر" وغيره: عن طارق، غير منسوب، وهو الصواب، وطارق لم نتبيَّنه ولم نعرف حاله.

(1)

خبر قوي، رجاله لا بأس بهم معروفون غير طارق فإننا لم نقف على حاله كما سبق، إلا أنه قد توبع. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن عبّاد الدَّبَري، والخبر في "جامع معمر" بروايته عن عبد الرزاق برقم (20733).

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(78) عن ابن ثور - وهو محمد بن ثور الصنعاني - وعبد الرزاق، عن معمر، به.

وأخرجه نعيم أيضًا (77)، وابن أبي شيبة 15/ 24، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4361) عن أبي أسامة حماد بن أسامة، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(29) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، كلاهما عن الأعمش، عن منذر الثوري، به.

وخالفهما شريك النخعي عند أبي القاسم البغوي في "الجعديات"(2119)، وسفيان الثوري فيما سيأتي عند المصنف برقم (8751)، فروياه عن الأعمش، عن منذر الثوري، عن محمد ابن الحنفية - وهو محمد بن علي بن أبي طالب - عن أبيه علي. وشريك سيئ الحفظ، وفي الطريق إلى سفيان ضعفٌ، فالمحفوظ إذًا رواية الأعمش عن منذر عن عاصم بن ضمرة عن علي، وهو إسناد قوي.

ورواه الوضاح اليشكري - ضمن خبر مطوّل - فيما سيأتي برقم (8870) عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن طرفة المُسْلي عن علي.

(2)

تحرّف في (م) إلى: وابن. والصواب أنه أبو مسعود البدري عُقبة بن عمرو، تقدم بيانه عند=

ص: 118

يتحدَّثان في المسجد، فذكروا الفتنةَ، فقال أبو مسعود: ما كنتُ أرى ترتدُّ على عَقِبَيها لم يُهرَقُ فيها مِحجمٌ من دم

(1)

، وإنَّ الرجلَ لَيُصبحُ مؤمنًا ويُمسي كافرًا، ويصبح كافرًا ويمسي مؤمنًا، يقاتل في الفتنة اليوم ويقتله الله غدًا، يُنكِّس قلبَه

(2)

فتَعلُو اسْتُه، فقال أبو مسعود: صدقتَ، هكذا حدَّثَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وأبو ثَور هذا من كِبار التابعين، وأبو البختري قد أدرك حذيفة

(4)

.

8556 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُورْمَة

(5)

، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان عن داود بن أبي هند، قال: أخبرني شيخٌ سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيأتي على الناس زمانٌ يُخيَّر فيه الرجلُ

= الحديث السالف برقم (2711).

(1)

زاد بعده في رواية محمد بن النضر الأزدي عن معاوية بن عمرو عند الطبراني: فقال حذيفة: ولكن قد علمت أنها سترتد على عقبيها ولم يهرق فيها محجمة، إنَّ الرجل

إلخ. وهذا هو الصواب.

(2)

تحرّف في (ز) و (ك) و (م) إلى: قبله، والمثبت من (ب).

(3)

إسناده حسن. معاوية بن عمرو: هو الأزدي المعني، وأبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث، وأبو البختري: هو سعيد بن فيروز.

وأخرجه الطبراني 17 / (703) عن محمد بن النضر الأزدي، عن معاوية بن عمرو، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني أيضًا 17/ 703 و (704) من طريقين آخرين عن الأعمش، به.

وسلف برقم (2701) من طريق شعبة عن عمرو بن مرة.

(4)

كذا قال المصنف، والصواب أنه لم يدركه، فقد ذكر شعبة وأحمد بن حنبل: أنَّ أبا البختري لم يدرك عليَّ بن أبي طالب ولم يسمع منه، وعلي إنما توفي بعد حذيفة بأربع سنوات، وتوفي حذيفة في أول خلافته سنة ست وثلاثين، وإلى هذا ذهب البخاري وأبو زرعة وغيرهما كما في "جامع التحصيل" للعلائي ص 183.

(5)

سلف التعليق عليه عند الحديث برقم (8499)، وهو لا يُعرف.

ص: 119

بين العَجْز والفُجور، فمن أدرك ذلك الزمان فليَختَرِ العجز على الفُجور"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وإنَّ الشيخ الذي لم يُسمِّ سفيانُ الثَّوري عن داود بن أبي هند هو سعيد بن أبي جَبيرة:

8557 -

حدَّثَناه أبو بكر الشافعي، حدثنا إسحاق بن الحسن بن ميمون، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عباد بن العوّام، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن أبي جَبيرة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيأتي على الناسٌ زمان يُخيَّر فيه الرجلُ بين العَجْزِ والفُجور، فمن أدرك منكم ذلك الزمان فليخترِ العجز على الفجور"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي هريرة، ومحمد بن إبراهيم - وإن كان لا يُعرَف - متابع.

فقد أخرجه أحمد 13/ (7744) و 15/ (9767)، والحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص 28، وأبو القاسم بن بشران في "أماليه"(57) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(500) و (514)، وابن راهويه في "مسنده"(150)، وهناد في "الزهد"(1296)، وأبو يعلى في "مسنده"(6403)، والحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص 28، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7979)، و "دلائل النبوة" 6/ 535، و "الآداب"(357)، و "الزهد"(231) من طرق كلهم ثقات عن داود بن أبي هند، بعضهم قال فيه: عن شيخ من بني قيس، وزاد بعضهم: يقال له: أبو عمر، وبعضهم قال فيه: عن شيخ من بني ربيعة بن كلاب، وليس في هذا اضطراب، فإنَّ ربيعة بن كلاب بطن من قيس عيلان بن مضر.

وخالف هؤلاء الثقاتِ أشعثُ بن عطاف، فرواه عن سفيان الثوري، عن داود، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. رواه أبو عمرو بن نجيد السلمي في "جزء" له برقم (17) من طريق محمد بن حميد الرازي عنه، وهذا خطأ منه أو من ابن حميد، فكلاهما في حفظه شيء، وقد ذكر ابن عدي في "الكامل" 1/ 380: أنَّ أشعث بن عطاف يخالف الثقات في الأسانيد.

وانظر ما بعده.

(2)

إسناده ضعيف شاذٌّ لمخالفة عباد بن العوام جمعًا من ثقات أصحاب داود بن أبي هند في =

ص: 120

8558 -

أخبرني أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارِمي، حدثنا عبد الله بن صالح، أخبرني معاوية بن صالح، حدثني أبو الزاهرية، عن كَثير بن مُرَّة، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليَعْشَينَّ أمَّتي من بعدي فتنٌ كقِطَع الليلِ المُظلِم، يُصبحُ الرجلُ فيها مؤمنًا ويُمسي كافرًا، ويُمسي مؤمنًا ويصبحُ كافرًا، يبيعُ أقوامٌ دينَهم بعَرَضٍ من الدنيا قليلٍ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وشاهده الحديث الذي يعرِّف هذا المتنَ:

8559 -

حدَّثَناه الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن يعقوب.

وقد حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث وابن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سِنَان

= تسمية شيخه كما هو مبيَّن في الحديث السابق، وسعيد بن أبي جبيرة هذا لا يعرف إلا في هذا الحديث عند المصنف، ولم نقف له على ترجمة، وفي هذه الطبقة من شيوخ داود سعيدُ بن أبي خَيْرة، إلّا أنَّ هذا لم يدرك أبا هريرة، ولا يروي عنه إلا بواسطة الحسن البصري، ولا يؤثر توثيقه إلّا عن ابن حبان.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن صالح: وهو كاتب الليث أبو الزاهرية هو حدير بن كريب الحضرمي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(14118)، و "مسند الشاميين"(1959) من طريق محمد بن أيوب بن عافية بن أيوب، عن جدِّه عافية، عن معاوية بن صالح بهذا الإسناد. ومحمد بن أيوب لم نقف على حاله، وأما جدُّه عافية بن أيوب فقد قال أبو زرعة الرازي - كما في "الجرح والتعديل" 7/ 44 - : هو مصري ليس به بأس.

ويشهد له حديث أبي هريرة عند أحمد 13 / (8030)، ومسلم (118)، وغيرهما.

وحديث أنس التالي، وحديث أبي موسى الآتي برقم (8564)، وحديث النعمان بن بشير السالف برقم (6393).

وانظر ما سيأتي برقم (8647).

والعَرَض: المال والمتاع، ويسمى عرضًا لأنه عارض يَعرِضُ وقتًا ثم يزول ويفني.

ص: 121

ابن سعد، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"بينَ يَدَي الساعةِ فتنٌ كَقِطَع الليل المُظلم، يصبحُ الرجلُ فيها مؤمنًا ويُمسي كافرًا، ويُمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيعُ أقوامٌ دينَهم بعَرَضٍ من الدنيا"

(1)

.

8560 -

أخبرنا أبو العباس السَّيَّاري بمَرُو، أخبرنا أبو المُوجّه، أخبرنا عَبْدان

(2)

، أخبرنا عبد الله، أخبرنا سعيد بن إياس الجُرَيري، عن أبي نضرة، عن أبي فراس قال: قال عمر بن الخطاب: ألا أيُّها الناس إنا كنا نَعرِفُكُم إِذْ فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وَإِذْ يَنزِلُ الوحيُ وإذْ يُنبئنا من أخباركم، ألا وإن النبي صلى الله عليه وسلم قد انطَلق ورُفِع الوحيُ، وإنما نعرفُكم بما أقولُ لكم، ألا ومن يُظهِرُ منكم خيرًا ظننا به خيرًا وأحببناه عليه، ومن يُظهِرُ منكم شرًّا ظننا به شرًا وأبغضناه عليه، سرائركم فيما بينكم وبين ربِّكم، ألا وقد أتى عليَّ زمانٌ وأنا أحسَبُ مَن قرأَ القرآن يريد به الله وما عنده، ولقد خُيِّل إليَّ بأَخَرةٍ أنَّ قومًا يقرؤونه يريدون ما عند الناس، ألا فأريدوا ما عند الله بقراءتِكم وبعملِكم، ألا وإنِّي -والله- ما أبعثُ عُمّالي ليَضرِبوا أبشارَكم ويأخذوا أموالَكم، ولكنّي أبعثُهم ليعلِّموكم دينكم وسُننكم، ويعدلوا بينكم ويَقسِموا فيكم فَيْئَكم، ألا من فُعِلَ به شيءٌ من ذلك فليَرفَعه إليَّ، والذي نفسُ عمرَ بيده لأقصَّنَّه منه. فَوَثَبَ عمرُو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين، أرأيت لو أنَّ رجلًا من المسلمين كان على رَعِيَّة، فأدَّب بعض رعيَّتِه، إنك لمُقتصُّه منه؟ قال: أنَّى لا أقتصُّه وقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُصُّ

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل سنان بن سعد، فإنه يصلح للاعتبار.

وأخرجه الترمذي (2197) من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، بهذا الإسناد.

وقال: حديث غريب من هذا الوجه.

وانظر شواهده في الذي قبله.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبد الرزاق، وهذه سلسلة إسناد مشهورة في هذا الكتاب.

وأبو العباس السياري: هو القاسم بن القاسم، وأبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك.

ص: 122

من نفسه؛ ألا لا تضربوهم فتُذِلُّوهم، ولا تمنعوهم حقَّهم فتُكفِّروهم، ولا تُجبِروهم

(1)

فتَفتِنُوهم، ولا تُنزلوهم الغِياضَ فتُضيِّعوهم

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

8561 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبيُّ بمَرُو، حدثنا الفَضْل بن عبد الجبار، حدثنا النَّضر بن شُميل، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، موتوا إن استطعتُم"

(3)

.

(1)

كذا في نسخنا الخطية، وعند غير المصنف: ولا تجمِّروهم، بالميم، وتجمير الجيش: جمعُهم في الثغور وحبسهم عن العَوْد إلى أهليهم.

(2)

إسناده محتمل للتحسين إن شاء الله، أبو فراس - وهو النهدي - لم يرو عنه غير أبي نضرة المنذر بن مالك، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال أبو زرعة الرازي: لا أعرفه. قلنا: وقد روي كثير من كلام عمر هذا بنحوه مقطعًا من غير وجه عنه مما يقوِّي رواية أبي فراس هذه.

وأخرجه أحمد 1 / (286)، والنسائي (6953) من طريق إسماعيل بن إبراهيم - وهو ابن عُليّة - عن سعيد بن إياس الجريري، بهذا الإسناد. ورواية النسائي مختصرة بقصة قصاص رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه.

وأخرجه مختصرًا أبو داود (4537) من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن الجريري، به. وقال فيه: خطبنا عمر فقال: إني لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم

وذكر قصة القصاص.

وأخرج منه بنحوه البخاري في "صحيحه"(2641) من طريق عبد الله بن عتبة عن عمر قصة السرائر، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(2118) من طريق عطاء بن أبي رباح عن عمر قصة القِصاص، وابن أبي عاصم في "الديات" ص 29 - 30 من طريق أسلم مولى عمر عنه قصة القصاص أيضًا، وأبو بكر الخلال في "السنة"(60) من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن عمر أمْرَه عمّاله بأن لا يضربوا المسلمين

إلخ.

والغِياض: جمع غَيْضة، وهو الشجر الكثير الملتفّ. قيل: نهيُه عن إنزالهم الغياض، لأنهم إذا نزلوها تفرَّقوا فيها، فتمكّن منهم العدوُّ.

(3)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.=

ص: 123

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

8562 -

أخبرني محمد بن علي الصنعاني بمكة حَرَسها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين قال: ثارت الفتنةُ وأصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَشَرَةُ آلاف لم يَخِفَّ فيها منهم أربعون رجلًا، وقف مع عليٍّ

(1)

مئتان وبضعة وأربعون رجلًا من أهل بدر، فيهم أبو أيوب وسهل بن حنيف وعمار بن ياسر

(2)

.

8563 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث الدِّمشقي، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يزداد الأمر إلَّا شدةً، ولا المالُ إلَّا إفاضةً، ولا تقومُ الساعةُ إِلَّا على شرارٍ من خلقه"

(3)

.

= وأخرجه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(53) من طريق محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، عن النضر بن شميل بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (382).

(1)

كذا وقع في النسخ الخطية، وهو خطأ، وقد وقع هنا في الكلام سقط، ففي "جامع معمر" (20735): لم يخف منهم أربعون رجلًا، قال معمر: وقال غيره (أي: غير ابن سيرين): خفَّ معه -يعني عليًا- مئتان

إلخ.

(2)

إسناده صحيح. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن عبّاد الدَّبَري راوية "المصنف" عن عبد الرزاق، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.

والخبر في جامع معمر برقم (20735).

وأخرجه بنحوه أحمد في "العلل"(4787)، ومن طريقه أبو بكر الخلال في "السنة"(728) عن إسماعيل ابن عليّة، عن أيوب، به.

وانظر ما سلف برقم (4609).

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن صالح - وهو المصري كاتب الليث - وقد توبع. القاسم: هو ابن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الدمشقي.

أبو أمامة: هو صُدي بن عجلان الباهلي. =

ص: 124

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8564 -

أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث السِّجِسْتاني، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عاصم الأحول، عن أبي كبشة قال: سمعت أبا موسى الأشعري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين أيديكم فِتنًا كقطع الليل المظلم، يصبحُ الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبحُ كافرًا، القاعدُ فيها خَيرٌ من القائم، والقائم فيها خيرٌ من الماشي، والماشي فيها خيرٌ من الساعي" قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "كونوا أخلاس بيوتكم"

(1)

.

= وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7757)، وفي مسند الشاميين (1941) عن بكر بن سهل الدمياطي، والبيهقي في "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي" ص 301 - 302 من طريق محمد بن إسحاق الصغاني، كلاهما عن أبي صالح عبد الله بن صالح، بهذا الإسناد - إلّا أنَّ بكرًا قال فيه: معاوية بن صالح عن كثير بن الحارث، والصغاني قال فيه: معاوية عن يحيى بن الحارث. وهؤلاء الثلاثة: العلاء بن الحارث وكثير بن الحارث ويحيى بن الحارث، قد روى عنهم معاوية بن صالح، وهذا الخلاف في تسمية راوي هذا الخبر من اضطراب عبد الله بن صالح فيه، فقد كان في حفظه سوء.

والمحفوظ فيه هو العلاء بن الحارث، كما وقع في رواية الشعراني عند المصنف، فهكذا رواه أيضًا معن بن عيسى القزاز - أحد الثقات الأثبات - عن معاوية بن صالح عند ابن عدي في "الكامل" 6/ 405 - 406، والقضاعي في "مسند الشهاب"(901)، والإسناد إليه صحيح، والعلاء بن الحارث ثقة، وكذا معاوية والقاسم، فصح الإسناد، والله تعالى أعلم.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7894) من طريق أبي عبد الملك، عن القاسم، به. وأبو عبد الملك هذا: هو علي بن يزيد الألهاني، وهو ضعيف.

ويشهد له حديث أنس بن مالك، سيأتي برقم (8567)، وإسناده ضعيف.

وآخر من حديث معاوية بن أبي سفيان عند الطبراني في "الكبير" 19/ (835)، والبيهقي في "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي" ص 301، ورجاله ثقات.

وثالث من حديث عمران بن حصين عند أبي نعيم في "الحلية" 7/ 262، وفيه من لم نعرفه.

ولقوله: "لا تقوم الساعة إلّا على شرار الخلق" شواهد بلفظه وبمعناه، أشهرها حديث عبد الله بن مسعود عند مسلم برقم (2949) بلفظ:"لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس".

(1)

حديث صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد فيه لِين من جهة أنَّ أبا كبشة هذا وهو السَّدوسي =

ص: 125

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وهكذا رواه أبو بكرة الأنصاري وسعدُ بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما حديث أبي بكرة الأنصاري:

8565 -

فأخبرناه أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا أبو داود السجستاني، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا حماد بن زيد.

وأخبرنا أحمد بن سلمان

(1)

، حدثنا أبو داود، حدثنا سهل بن بكار، حدثنا حماد بن سَلَمة؛ جميعًا عن عثمان الشَّحَّام

(2)

، عن مُسلم بن أبي بَكْرة قال: سمعت أبا بكرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إنها ستكون فتنٌ، ألا ثم تكون فتنةٌ القاعدُ فيها خير من القائم، والقائم فيها خيرٌ من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي إليها، فإذا نَزَلَت أَلَا مَن كان له إبلٌ فليلحق بإبله، ومن كان له غنمٌ فليلحق بغنيه، ومن كانت له أرضٌ فليلحق بأرضه" فقال له رجل: يا رسول الله، أرأيت إن لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرضٌ؟ قال:"فليأخُذُ حجرًا فليدقَّ به على حدِّ سيفه، ثم لينج إن استطاع النَّجاةَ" ثم قال: "اللهم هل بلغتُ؟ " ثلاثًا، فقال رجل: يا رسول الله، أرأيتَ إِن أُكرِهتُ حتى

= البصري - لا يُعرَف، فإنه لم يرو عنه غير عاصم الأحول، ولم يؤثر توثيقه عن أحد، وقد اختلف في رفعه ووقفه على ما هو مبين عند أحمد 32/ (19662)، وأبي داود (4262)؛ حيث روياه من طريق عفان بن مسلم، عن عبد الواحد بن زياد بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه بإسناد حسن أحمد (19663) و (19730)، وأبو داود (4259)، وابن ماجه (3961)، والترمذي (2204)، وابن حبان (5962) من طريق هزيل بن شرحبيل، عن أبي موسى مرفوعًا. وبعضهم يختصره، وقال الترمذي: حديث حسن.

وانظر شواهده في "مسند أحمد"(19662). وانظر ما بعده.

وقوله: "أحلاس بيوتكم" أي: ملازمين لها ملازمة الفِراش.

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: سليمان وأحمد بن سلمان: هذا هو أبو بكر الفقيه الحنبلي المعروف بالنجّاد، وهو خاتمة أصحاب أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني صاحب "السنن"، انظر ترجمة النجاد هذا في "سير أعلام النبلاء" 15/ 502.

(2)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: عثمان السجل.

ص: 126

ينطلق بي إلى أحد الصَّفّين - أو إلى أحد الفِئَتين - فيرميني رجل بسهم أو يضربني بسيف فيقتلني؟ قال: "يُبوء بإثمه وإثمِك فيكون من أصحاب النار" قالها ثلاثًا

(1)

.

أما حديث سعد بن مالك:

8566 -

فأخبرناه أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا أبو داود، حدثنا عمرو بن عون، حدثنا هُشَيم، عن داود بن أبي هند، عن أبي عثمان النهدي، عن سعد مالك قال: قال بن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها ستكون فتنة القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي خيرٌ من الساعي، والساعي خيرٌ من الراكب، والراكب خيرٌ من الموضع"

(2)

.

وهذا الحديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

قد صار هذا بابًا كبيرًا ولم يخرجاه، وإنما خرجه أبو داود السجستاني رحمه الله في "السنن" الذي هو صحيح على شرطه، وأبو داود

(3)

أحد أئمة هذا العلم.

(1)

إسناده قوي من أجل عثمان الشحام وشيخه مسلم بن أبي بكرة.

وأخرجه مسلم (2887) عن أبي كامل الجحدري، عن حماد بن زيد بإسناده. وأخرجه بنحوه أحمد 34/ (20412) و (20490)، ومسلم (2887)، وأبو داود السجستاني (4256)، وابن حبان (5965) من طرق عن عثمان الشحام، به.

(2)

إسناده صحيح. أبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملّ.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 7، والدورقي في "مسند سعد"(115)، والبزار (1223) و (1224)، وأبو يعلى (789)، وأبو طاهر في "المخلصيات"(743)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 3/ (1009)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 27/ 22 من طرق عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد - وبعضهم وقفه على سعد، والرفع أصح وهو المحفوظ.

وأخرجه بنحوه أحمد 3/ (1446) من طريق حسين بن عبد الرحمن، وأحمد أيضًا (1609)، والترمذي (2194) من طريق بسر بن سعيد، كلاهما عن سعد بن أبي وقاص مرفوعًا.

الساعي: المسرع ماشيًا، والموضع: المسرع راكبًا.

(3)

طرق أبي داود هذه التي ساقها المصنف عنه غير موجودة في "سننه" من جهة الروايات التي بين أيدينا.

ص: 127

8567 -

حدثنا عيسى بن زيد بن عيسى بن عبد الله بن مسلم بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصَّدَفي، حدثنا محمد بن إدريس الشافعي، أخبرنا محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزداد الأمرُ إلَّا شِدّة، ولا الدِّينُ إلَّا إدبارًا، ولا الناسُ إِلَّا شُحًّا، ولا تقومُ الساعةُ إلَّا على شرار الناس، ولا مهدي إلَّا عيسى ابن مريم"

(1)

.

هذا حديث يُعَدُّ في أفراد الشافعي رضي الله عنه، وليس كذلك، فقد حدَّث به غَيرُه:

8568 -

حدثني أبو أحمد عبد الرحمن بن عبد الله بن يَزْدادَ الرازي المذكِّر ببُخارى من أصل كتابه العتيق، حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن الحجاج بن رِشْدِين بن سعد المَهْري بمصر، حدثني أبو سعيد المفضَّل بن محمد الجندي، حدثنا صامت بن معاذ، حدثنا يحيى بن السكن، حدثنا محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزدادُ الأمرُ إلَّا شدّةً، ولا الناسُ إلّا شُحًّا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهديَّ إلّا عيسى ابن مريم

(2)

"

(3)

.

(1)

صحيح لغيره دون قوله: "ولا مهديَّ إلا عيسى ابن مريم" فمنكر، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن خالد الجندي، وقد حكم الذهبي في ترجمة الجندي هذا من كتابه "ميزان الاعتدال" على قوله: "ولا مهدي

إلخ" بالنكارة.

وأخرجه ابن ماجه (4039) عن يونس بن عبد الأعلى، بهذا الإسناد.

ويشهد له دون قوله: "ولا مهدي

إلخ" حديث أبي أمامة السالف برقم (8563).

(2)

من قوله: "هذا حديث يعدُّ في أفراد الشافعي" إلى هنا سقط من (ز) و (ب)، واستدركناه من (ك) و (م) و "تلخيص الذهبي" و "إتحاف المهرة" لابن حجر (797).

(3)

صحيح لغيره كسابقه، وهذا إسناد ضعيف لضعف يحيى بن السكن ومحمد بن خالد الجندي، وصامت بن معاذ ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يَهِمُ ويُغرِب. =

ص: 128

قال صامت بن معاذ: عَدَلتُ إلى الجَنَد مسيرة يومين من صنعاء، فدخلتُ على مُحدِّث لهم فطلبت هذا الحديث، فوجدتُه عنده عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن أبي عياش عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

(1)

.

وقد رُوِيَ بعضُ هذا المتن عن عبد العزيز بن صُهَيب، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: أما حديث عبد العزيز عن أنس بن مالك:

8569 -

فحدّثناه الحُسين

(2)

بن علي التميمي رحمه الله، حدثنا محمد بن إسحاق الإمام، حدثنا علي بن الحسين الدرهمي، حدثنا مُبَارك أبو سُحَيم، حدثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لن يزداد الزمانُ إلَّا شدّة، ولا يزداد الناسُ إِلَّا شُحًا، ولا تقومُ الساعةُ إلَّا على شرار الناس"

(3)

.

فذكرتُ ما انتهى إليَّ من عِلَّة هذا الحديث تعجُّبًا لا محتجًا به في المستدرك على الشيخين رضي الله عنهما، فإنّ أولى من هذا الحديث ذكره في هذا الموضع، حديث سفيان الثَّوْري وشُعبة وزائدة وغيرهم من أئمة المسلمين، عن عاصم بن بهدلة،

= وأخرجه البيهقي في "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي" ص 299 - 300 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

(1)

إن كان صامت بن معاذ حفظ هذا الإسناد ولم يَهِم فيه، فيكون محمد بن خالد الجندي قد خلط فيه، وأبان بن أبي عياش متروك الحديث.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الحَسَن. وقد جاء على الصواب في بضعة وعشرين موضعًا من هذا الكتاب، والحسين هذا: هو الحافظ المعروف بحُسينَك.

(3)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل مبارك بن سحيم أبي سحيم، فإنه متروك منكر الحديث، وقد تفرد به عن عبد العزيز بن صهيب.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الصغير"(485)، وأبو طاهر في "المخلصيات"(2425) و (3120) - ومن طريقه الذهبي في "السير" 20/ 400، وابن رجب الحنبلي في "ذيل طبقات الحنابلة" 2/ 183 - 184 - من طريقين عن مبارك بن سحيم، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

ص: 129

عن زِرِّ بن حُبَيش، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجلٌ من أهل بيتي، يُواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، فيملأُ الأرضَ قِسْطًا وعَدْلًا كما ملئت جَوْرًا وظُلمًا"

(1)

.

8570 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُورمة، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن خَيْثمة، عن عبد الله بن عمرو

(2)

قال: يأتي على الناس زمانٌ يجتمعون في المساجد ليس فيهم مؤمنٌ

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

8571 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي العامري،

(1)

أخرجه من هذه الطرق وغيرها عن عاصم بن بهدلة: أحمد 6/ (3571 - 3573)، وأبو داود (4282)، والترمذي (2230) و (2231)، وابن حبان (5954) و (6824) و (6825)، وبعضهم يزيد فيه على بعض. وعاصم صدوق حسن الحديث.

(2)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: عبد الله بن عُمر، بإسقاط الواو، والتصويب من "إتحاف المهرة"(11659) ومصادر التخريج.

(3)

خبر صحيح، محمد بن إبراهيم - وإن كان مجهولًا - لم ينفرد به، ومن فوقه ثقات في الجملة. سفيان: هو الثّوري، وخيثمة: هو ابن عبد الرحمن الجعفي.

ورواه عن سفيان الثوري وكيع في "الزهد"(271)، ومن طريقه الخلال في "السنة"(1308)، والآجري في "الشريعة"(236). وهذا إسناد صحيح. وزاد فيه الخلال ما سيأتي عند المصنف برقم (8619).

ورواه عن سفيان أيضًا خالد بن عبد الرحمن الخراساني - وهو صدوق حسن الحديث - عند الطحاوي في "مشكل الآثار" 2/ 172.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 11/ 23 و 15/ 176، وجعفر الفريابي في "صفة النفاق"(106 - 108)، والآجري (237) و (238) من طريقين آخرين عن الأعمش، به.

وقد روي نحوه في المرفوع، فقد أخرج أبو نعيم في "صفة النفاق" (109) من حديث حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يصلّوا في آخر الزمان في مساجدهم، فلا يكون فيهم مؤمن" قلت: يا رسول الله، ويكون فيهم منافقون؟ قال:"نعم، أظهرُ من اليوم فيكم". لكن إسناده ضعيف.

ص: 130

حدثنا أبو أسامة، حدثني زائدة قال: سمعتُ الأعمش يحدِّث عن عمرو بن مُرَّة، عن عبد الله بن الحارث، عن حبيب بن حِمَاز

(1)

، عن أبي ذر قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فلما رجعنا تَعجَّل ناسٌ فدخلوا المدينة، فسأل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم فَأَخبر أنهم تعجَّلوا إلى المدينة، فقال:"يُوشِكُ أن يَدَعُوها أحسن ما كانت، لَيْتَ شِعْري، متى تخرج نارٌ من جبل الوِرَاق، تُضِيءُ لها أعناقُ البُخْتِ بالبصرَى بُروكًا كضَوْءِ النهار"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وشاهده حديث رافع السُّلَمي الذي:

8572 -

أخبرناه أحمد بن كامل القاضي، حدثنا محمد بن سعد بن الحسن العوفي، حدثنا عثمان بن عمر بن فارس، أخبرنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن رافع بن بشر السُّلمي، عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(1)

تحرَّف في (ز) و (ك) و (ب) إلى: عن حبيب عمار، وفي (م) إلى: عن أبي حبيب عمار.

(2)

إسناده محتمل للتحسين من أجل حبيب بن حماز، فهو تابعي روى عنه اثنان ووثقه العجلي وابن حبان. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وزائدة: هو ابن قدامة، وعبد الله بن الحارث: هو الزبيدي النجراني الكوفي.

وأخرجه أحمد 35/ (21290) عن معاوية بن عمرو، عن زائدة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (21289)، وابن حبان (6841) من طريق جرير بن حازم، عن الأعمش، به.

وفي حديثه: "نار من اليمن من جبل الوراق".

وذكر هذه النار التي تضيء لها أعناق الإبل ببُصرى وأنها من اليمن، ممّا وهمَ فيه الراوي واشتبه عليه كما قال ابن كثير في "البداية والنهاية" 19/ 27، فإنَّ النار التي تخرج من قعر عدن من اليمن هي التي تسوق الناس الموجودين في آخر الزمان إلى المحشر كما وقع في حديث حذيفة بن أسيد عند مسلم (2901) وغيره، وأما النار التي تضيء لها أعناق الإبل ببصرى فتلك تخرج من أرض الحجاز كما وقع في حديث أبي هريرة عند البخاري (7118) ومسلم (2902)، وسيأتي عند المصنف برقم (8574).

ولقوله: "يوشك أن يَدَعوها أحسن ما كانت" انظر ما سلف برقم (8516).

ص: 131

"تخرجُ نارٌ من حِبْسِ سَيَلٍ تسير بسير بطيئةٍ

(1)

، تكمُنُ بالليل وتسير بالنهار، تَغدُو وتَرُوح، يقال: غَدَتِ النار أيها الناس فاغدُوا، قالتِ النار أيها الناس فقِيلُوا، راحتِ النارُ أيها الناس فرُوحُوا، مَن أدرَكَتْه أَكَلَتْه"

(2)

.

وقد رَوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم، في ذكر أشراط الساعة خروج النار من أرض الحجاز: عاصم بن عديٍّ الأنصاري، وأبو هريرة، وأبو ذر الغفاري وقد تقدَّم ذكره

(3)

.

أما حديث عاصم بن عَدِيّ:

8573 -

فحدَّثَناه الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا العباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثنا عَباية بن بكر بن أبي ليلى المُزَني، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مُجمِّع، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن أبيه قال: حدثني أبو البَدَّاح بن عاصم الأنصاري، عن أبيه أنه قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حِدْثانَ ما قَدِمَ، فقال:"أين حِبْسُ سَيَل؟ " قلنا: لا ندري، فمرَّ بي رجلٌ من بني سُلَيم، فقلتُ: من أين جئتَ؟ فقال: من حِبْس سَيَل، فدعوتُ بنعلي، فانحدرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إِنَّكَ سألتنا عن حِبْس سَيَل، وإنَّه لم يكن لنا به عِلمٌ، وإنه مرَّ

(1)

عند غير المصنف: سير بطيئة الإبل.

(2)

إسناده ضعيف، محمد بن سعد العوفي ليس بذاك القوي، لكنه متابع، وعبد الحميد بن جعفر - وهو الأنصاري المدني - من جملة الثقات إلّا أنه ربما أخطأ كما قال ابن حبان في "ثقاته"، وقد اضطرب في إسناد هذا الحديث، فرواه عنه عثمان بن عمر كما عند المصنف وعند أحمد في "المسند" 24/ (15658) وابن حبان (6840) وغيرهم، فجعله من حديثه عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، وهو ثقة، ورواه عنه أبو عاصم النبيل عند البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 131 - 132 والطبراني في "الكبير"(1229)، فجعله من حديثه عن عيسى بن علي الأنصاري عن رافع عن أبيه، وعيسى هذا لا يُعرَف، وأبو عاصم - وهو الضحاك بن مخلد - أوثق وأتقن من عثمان بن عمر، فروايته هي المحفوظة، ورافع السلمي هذا جهله الذهبي في "التلخيص"، وتساهل الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 12 فوثقه!

وانظر حديث عبد الله بن عمرو الآتي برقم (8620) و (8861).

(3)

وهو الحديث السابق برقم (8571).

ص: 132

بي هذا الرجل فسألته، فزَعَمَ أنَّ به أهله، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"أين أهلك؟ " قال: بحبس سيل، فقال:"أخِّرْ أهلك، فإنه يُوشِكُ أن تخرج منه نار تضيء أعناق الإبل ببصرى"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وأما حديث أبي هريرة:

8574 -

فأخبرناه أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، أن سعيد بن المسيب أخبره، أنَّ أبا هريرة أخبره، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقومُ الساعةُ حتى تخرج نارٌ بأرض الحجاز، تضيء منها أعناق الإبل ببُصرَى"

(2)

.

8575 -

أخبرني محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عَبَّاد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين قال: قيل لسعد بن أبي وقاص: ألا تقاتل، فإنك من أهل الشُّورى، وأنت أحقُّ بهذا

(1)

إسناده ضعيف لضعف إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع وجهالة عباية بن بكر، وقال الذهبي في "التلخيص": منكر وإبراهيم ضعيف وإسماعيل متكلم فيه.

وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 295 - 296، والطبراني في "الكبير" 17/ (458)، والمستغفري في "دلائل النبوة"(323) من طريقين عن إسماعيل بن أبي أويس، بهذا الإسناد. ووقع في المطبوع من الطبراني سقط في الإسناد يستدرك من هنا.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين وأهل بيته، وقد روي الحديث من غير هذا الوجه.

فقد أخرجه مسلم (2902) من طريق شعيب بن الليث بن سعد، عن أبيه الليث، عن عقيل بن خالد بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (7118) من طريق شعيب بن أبي حمزة، ومسلم (2902)، وابن حبان (6839) من طريق يونس بن يزيد، كلاهما عن ابن شهاب الزهري، به.

ص: 133

الأمر من غيرك؟ فقال: لا أقاتلُ حتى تأتوني بسيف له عَينانِ ولسانٌ وشَفَتانِ يعرف الكافر من المؤمن، قد جاهدتُ وأنا أعرفُ الجهاد، ولا أبخَعُ بنفسي إن كان رجلٌ خيرًا

(1)

منِّي

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

8576 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن زَبَّان

(3)

بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تزال الأمة على شريعة ما لم تَظهَرْ فيهم ثلاث: ما لم يُقبَضُ فيهم العلم، ويَكثُرُ فيهم وَلَدُ الخَبَثْ، ويَظْهَرْ فيهم السَّقَّارون" قالوا: وما السَّقَّارون يا رسول الله؟ قال: "بَشَرٌ يكونون في آخر الزمان، تكون تحيَّتهم بينهم إذا تَلاقَوُا التَّلاعُنَ"

(4)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

(1)

في النسخ الخطية: إن كان رجلًا خير، والجادة ما أثبتنا، وهو كذلك في "جامع معمر".

(2)

رجاله في الجملة ثقات، وابن سيرين لم يلق سعدًا، وهو يقول في رواية إسماعيل ابن علية لهذا الخبر - كما عند ابن سعد في "الطبقات" 3/ 133، ونعيم بن حماد في "الفتن"(432)، وابن الأعرابي في "معجمه"(538)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 20/ 355 - : نُبِّئتُ أنّ سعدًا كان يقول ....

والخبر في "جامع معمر"(20736)، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير"(322)، وعنه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 94.

وأخرجه بنحوه نعيم بن حماد (419) عن هشيم، عن يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال قال: قيل لسعد

فذكره. ورجاله ثقات، وحميد لا نظنّه لقي سعدًا أيضًا.

وانظر حديث عمر بن سعد عن أبيه عند أحمد 3/ (1529).

(3)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: زياد.

(4)

إسناده ضعيف لضعف زَبّان بن فائد، وقال الذهبي في "تلخيصه": منكر.

وأخرجه أحمد 24/ (15628) من طريق عبد الله بن لَهيعة، عن زبان، بهذا الإسناد.

والسَّقّارون، بالسين والصاد.

ص: 134

8577 -

أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حدثنا الحسن بن مُكرَم، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمتي أمةٌ مرحومةٌ، لا عذابَ عليها في الآخرة، جَعَلَ الله عذابها في الدنيا القتلَ والزلازلَ والفتنَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8578 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل ومحمد بن أحمد بن بالويه قالا: حدثنا موسى بن الحسن بن عبّاد، حدثنا محمد بن مصعب القرقَساني، حدثنا عُمارة المعولي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَكثُرُ الصَّواعق عند اقتراب الساعة، فيصبحُ القومُ فيقولون: من صُعِقَ البارحة؟ فيقولون: صُعِقَ فلان وفلان"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

8579 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُوزمة، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن منصور، عن رِبْعِي بن حِرَاش، عن حذيفة، قال: قيل: يا أبا عبد الله، ما تأمرنا إذا اقتتل المصلون؟ قال: آمرك أن تَنظُرَ أقصى

(1)

حديث ضعيف لاضطرابه كما تقدم بيانه برقم (157).

وأخرجه أحمد 32/ (19678) عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد أيضًا (19678) عن هاشم بن القاسم، وأبو داود (4278) من طريق كثير بن هشام، كلاهما عن المسعودي، به.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين في المتابعات والشواهد من أجل محمد بن مصعب، وقد توبع. عمارة المعولي: هو عمارة بن مهران، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطعة.

وأخرجه أحمد 18/ (11620) عن محمد بن مصعب بن مصعب بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة"(787) من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن محمد بن مصعب وقرة بن حبيب، عن عمارة، به. وقرة بن حبيب: هو التستري، وهو ثقة، فصح الإسناد من جهته.

ص: 135

بيتٍ في دارك فتَلِجَ فيه، فإن دُخِلَ عليك فتقول: ها، بُؤْ بإثمي وإثمك، فتكون كابن آدم

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

8580 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا سعيد بن إياس الجريري، عن أبي العلاء بن الشِّخِّير، عن عبد الرحمن بن صُحَار العبدي، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يُخسَفَ بقبائل من العرب، فيُقال: مَن بقي من بني فلان؟ " قال: فعرفتُ حين قال: "قبائل"، أنها العرب؛ لأنَّ العجمَ تُنسب إلى قُرَاها

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

(1)

إسناده منقطع، فإنَّ ربعي بن حراش لم يسمعه من حذيفة مباشرة، وإنما سمعه من رجل لم يسمه كان في جنازة حذيفة كما وقع مبيَّنًا في رواية شعبة وشيبان النحوي عن منصور بن المعتمر، وكلاهما عند أحمد في "المسند" 38/ (23307) و (23335)، فالإسناد فيه ضعف لإبهام راويه عن حذيفة.

وأما رواية سفيان هذه -وهو الثوري- بلا واسطة بين ربعي وحذيفة، فقد تابعه عليها سفيان بن عيينة عند نعيم بن حماد في "الفتن"(350)، والدولابي في "الكنى والأسماء"(426). ورواية من بيَّن وفصل في الإسناد مقدَّمة على رواية من أجمل واختصر فيه.

لكن معناه صحيح، فقد جاء في حديث أبي ذر مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سلف عند المصنف برقم (2698)، وإسناده صحيح.

(2)

إسناده محتمل للتحسين من أجل عبد الرحمن بن صحار، فقد روى عنه اثنان: ابن الشخير عند المصنف وغيره، وأبو عمران الجَوْني عند الطبري في "تفسيره" 13/ 125، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وجهَّله الحسيني في "الإكمال" لأنه لم يقف على راو عنه غير أبي العلاء بن الشخير.

وأبو العلاء: اسمه يزيد بن عبد الله بن الشخير.

وأخرجه أحمد 33 / (20340) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد - وليس فيه "من العرب" وإسقاطه هو الصواب ليستقيم مع قوله في آخره: فعرفت أنها العرب.

وأخرجه أحمد أيضًا 25/ (15956) عن إسماعيل بن إبراهيم - وهو ابن عليّة عن الجريري، به.

وابن عليّة ممن سمع من الجريري قبل اختلاطه.

ص: 136

8581 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا الحسن بن عمرو الفُقَيمي، عن أبي الزبير، عن عبد الله بن عمرو

(1)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في أُمَّتي خسفٌ ومسخٌ وقَذْفٌ"

(2)

.

إن كان أبو الزبير سمع من عبد الله بن عمرو (1)، فإنه صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

8582 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُورمة، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان، عن الأعمش وابن أَبجَرَ

(3)

، عن عبد الرحمن بن سعيد بن وهب، عن أبيه، عن حذيفة قال: كأني براكبٍ قد نَزَلَ بين أظهركم، حال بين اليتامى والأرامل وبين ما أفاء الله تعالى على آبائهم، فقال: المال لنا

(4)

.

(1)

في النسخ الخطية في الموضعين: عمر، بإسقاط الواو، والصواب أنَّ هذا الحديث من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص كما هو عند كل من خرّجه.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإنَّ أبا الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي - لم يسمع من عبد الله بن عمرو بن العاص فيما قاله ابن معين وأبو حاتم الرازي.

وأخرجه أحمد 11/ (6521) عن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (4062) من طريق أبي معاوية الضرير ومحمد بن فضيل، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، به.

وأخرجه البزار (2377) من طريق محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم - عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو. وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد.

ويشهد له حديث عبد الله بن مسعود وسهل بن سعد وابن عمر عند ابن ماجه (4059 - 4061)، وأحسنها إسنادًا حديث ابن مسعود.

ويشهد له أيضًا حديث أبي هريرة عند ابن حبان (6759)، وإسناده حسن.

(3)

وقع هنا اضطراب في النسخ الخطية، ففي (ز) و (ب): الأعمش وأبجر، وفي (ك): الأعمش بن أبجر، وفي (م) اقتصر على الأعمش، والصواب ما أثبتناه، وهو الموافق لما في "جزء مؤمل". وابن أبجر هذا: هو عبد الملك بن سعيد بن حيان بن أبجر.

(4)

خبر صحيح، محمد بن إبراهيم بن أورمة وإن كان مجهولًا لم ينفرد به، ومن فوقه ثقات =

ص: 137

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

8583 -

أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله التاجر، حدثنا السري بن خُزَيمة، حدثنا أبو نعيم، حدثنا بشير بن سلمان، عن سَيَّار أبي الحَكَم، عن طارق بن شهاب قال: كنا عند عبد الله بن مسعود جلوسًا، فجاء آذنه فقال: قد قامت الصلاة، فقام وقمنا معه، فدَخَلْنا المسجد فرأى الناسَ ركوعًا في مقدَّم المسجد، فكبر وركع ومشى، وفعلنا مثل ما فعل، قال: فمرَّ رجلٌ مسرِعٌ، فقال: السلام عليكم أبا عبد الرحمن، فقال: صدق الله وبَلَّغ رسوله، فلما صلينا رجع فوَلَجَ أهله وجلسنا في مكانه ننتظره حتى يخرج، فقال بعضنا البعض: أيكم يسأله؟ فقال طارق: أنا أسأله، فسأله طارقٌ فقال: سَلَّم عليك الرجلُ فردَدْتَ عليه: صدق الله وبلَّغ رسوله، فقال عبد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ بين يدي الساعةِ تسليم الخاصَّةِ، وفُشُوَّ التِّجارة حتى تُعِينَ المرأة زوجها على التجارة، وحتى يخرجَ الرَّجلُ بماله إلى أطراف الأرض فيرجع فيقول: لم أربَحْ شيئًا"

(1)

.

8584 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا

= في الجملة. سفيان: هو الثوري.

وأخرجه المؤمل بن إيهاب في "جزئه"(22) عن عبد الله بن الوليد العدني، عن سفيان الثوري بهذا الإسناد. والعدني صدوق لا بأس به.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 275 من طريق جرير بن الحميد، عن الأعمش وحده، به.

وأخرجه بنحوه الطبراني في "الأوسط"(3798) من طريق عنبسة بن أبي صغيرة، عن سفيان الثوري، عن أبيه، عن الربيع بن خثيم، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا. وهذا إسناد ضعيف، فإنَّ عنبسة هذا لا يُعرَف، وقد خالف الثقات في رفعه فروايته منكرة، وضعفه الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 240.

(1)

إسناده حسن من أجل سيّار: وهو أبو حمزة لا أبو الحكم كما سلف التنبيه إليه عند مختصر هذا الحديث برقم (7220).

أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين. وانظر ما بعده.

ص: 138

عمرو بن مرزوق، أخبرنا شعبة، عن حصين، عن عبد الأعلى بن الحكم، رجل من بني عامر، عن خارجة بن الصَّلت البُرْجُمي قال: دخلتُ مع عبد الله يومًا المسجد، فإذا القوم ركوع، فمر رجلٌ فسلَّم عليه، فقال: صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله، فسألته عن ذلك فقال: إنه لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقًا، وحتى يُسلِّمَ الرجلُ على الرجل بالمعرفة، وحتى تَتَّجِرَ المرأة وزوجها، وحتى تغلو الخيل والنساء ثم ترخص فلا تَعْلُو إلى يوم القيامة

(1)

.

(1)

إسناده محتمل للتحسين إن شاء الله من أجل عبد الأعلى بن الحكم، فهو معدود في التابعين الكبار إذ أثبت له البخاري في "تاريخه" 6/ 70 وغيره السماع من حذيفة وابن مسعود وأبي موسى، وقد روى عنه اثنان ثقتان وذكره ابن حبان في "الثقات". وأما خارجة بن الصلت فقد روى عنه ثلاثة وذكره ابن حبان أيضًا في "الثقات"، وقال الذهبي في "الكاشف": محله الصدق.

وهذا الأثر وإن كان ظاهره الوقف، إلّا أنَّ قوله فيه: صدق الله ورسوله، يشير إلى رفعه، وقد ورد مرفوعًا كما في الحديث السابق.

حصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي.

وأخرجه أبو داود الطيالسي (393)، ومن طريقه البيهقي 2/ 245 عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4497) عن النضر بن شميل، والبيهقي 2/ 245 من طريق أبي عامر العقدي، كلاهما عن شعبة به.

وسيأتي عند المصنف برقم (8811) من طريق وهب بن جرير عن شعبة.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 1/ 339 - 340، و "مسنده"(377)، وابن راهويه وأحمد بن منيع في "مسنديهما" كما في "المطالب"(4497)، والطبراني في "الكبير"(9487) من طرق عن حصين بن عبد الرحمن، به وبعضهم يختصره.

وأخرجه مختصرًا الشافعي في "الأم" 8/ 487 - 488 عن هشيم، عن حصين، عن خارجة، به.

بإسقاط عبد الأعلى بن الحكم من إسناده!

وأخرج الشاشي في "مسنده"(400) من طريق إسرائيل، عن منصور بن المعتمر، عن سالم بن أبي الجعد، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود؛ قال: خرج من أهله وأنا معه حتى دخل المسجد، فسلَّم عليه رجل، فقال: صدق الله ورسوله، فقلت: وما ذاك؟ قال: إنَّ من أشراط الساعة أن يسلّم الرجل على الرجل بالمعرفة، وأن يدخل الرجل المسجد لم يخرج منه يخرق =

ص: 139

هذا حديث صحيح الإسناد. وقد أسند هذه الكلمات بشير بن سلمان في روايته، ثم صار الحديث برواية شعبة هذه صحيحًا، ولم يُخرجاه.

8585 -

أخبرني

(1)

محمد بن علي الصَّنعاني بمكة حَرَسَها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ الناس في الفتن رجلٌ آخِذٌ بعِنَان فرسه - أو قال: برَسَن فرسه - خلف أعداء الله يُخِيفُهم ويُخيفونَه

(2)

، أو رجلٌ معتزلٌ في باديته، يُؤدِّي حق الله الذي عليه"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

= عرضه وطوله لا يصلي فيه ركعتين، وأن يبعث الشاب الشيخ بريدًا ما بين الأفقين. ورجاله ثقات إلّا أنه قد اختلف فيه على سالم في وصله وإرساله عن ابن مسعود، وانظر "شرح مشكل الآثار"(1592).

وروي مثل رواية خارجة بن الصلت عن ابن مسعود التي خرَّجها المصنف، عن العداء بن خالد رضي الله عنه عند الطبراني في "الكبير" 18/ (17). لكن قال الهيثمي في "مجمع الزوائد 7/ 329: فيه من لم أعرفهم.

(1)

من هذا الحديث حتى الحديث (8656) سقطت أوراقها من نسخة (ز).

(2)

هكذا في "تلخيص الذهبي"، وهو الموافق لما في مصادر التخريج، وفي النسخ الخطية (ك) و (م) و (ب): ولا يخيفونه.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد لا بأس برجاله، إلا أنه يُخشَى من وهم في إسناده، حيث روي هنا متصلًا بذكر ابن عباس فيه، وكذا فيما سيأتي برقم (8639) من طريق يحيى بن جعفر عن عبد الرزاق، والذي في "جامع معمر"(20760) عن طاووس مرسلًا ليس فيه ابن عباس.

وكذا رواه مرسلًا عبد الله بن المبارك عن معمر عند نعيم بن حماد في "الفتن"(219) و (511) و (730)، وأبي عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(157).

ورواه ليث بن أبي سليم عن طاووس عن أم مالك البهزية عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه أحمد 45/ (27353) من طريق عبد الواحد بن زياد عن ليث، وأخرجه الترمذي (2177) من طريق محمد بن جحادة عن رجل لم يسمه عن طاووس. وليث بن أبي سليم سيئ الحفظ.

وقد روي معناه عن ابن عباس من وجهين آخرين، فانظر ما سلف برقم (2409).

ص: 140

8586 -

أخبرني محمد بن أحمد القنطري ببغداد، حدثنا أبو قلابة، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الحميد بن جعفر [عن الأسود بن العلاء، عن أبي سلمة]

(1)

عن عائشة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يذهب الليل والنهارُ حتى تُعبَدَ اللاتُ والعُزَّى" فقالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، إني كنت أظنُّ حين أَنزل الله تبارك وتعالى:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33] أَنَّ ذلك سيكون تامًّا، فقال:"إنه سيكون من ذلك ما شاء الله، ثم يَبعَثُ الله ريحًا طيبة فتتوفَّى من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من خير، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه!

8587 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم الأصفهاني، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان، عن يونس بن عُبَيد، عن حميد بن هلال، عن عبد الله ابن الصامت قال: وددتُ أنَّ أهلي حين تعشوا عشاءَهم، واغْتَبَقُوا غَبوقهم، أصبحوا مَوْتى على فُرُشِهم، قيل: يا أبا فلان، ألستَ على غِنًى؟ قال: بلى، ولكني سمعت أبا ذر يقول: يوشك يا ابن أخي إنْ عِشتَ إلى قريبٍ أن ترى الرجل يُغْبَطُ بِخِفَّة الحالِ

(1)

ما بين المعقوفين سقط من (ك) و (م) و (ب)، وأثبتناه على الصواب من "صحيح مسلم" وغيره.

(2)

إسناده قوي. أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد الرقاشي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه مسلم (2907) من طريق خالد بن الحارث وأبي بكر الحنفي، عن عبد الحميد بن جعفر، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهول منه.

وسيتكرر عند المصنف برقم (8863)

وذكر بعث الله لهذه الريح جاء أيضًا في حديث عبد الله بن عمرو فيما سيأتي برقم (8613)، وحديث النواس بن سمعان فيما سيأتي أيضًا في آخر الحديث (8718) وهو في "صحيح مسلم"(2937).

ص: 141

كما يُغبَط اليومَ [أبو العَشَرةِ الرِّجال، ويوشك إن عشت إلى قريبٍ أن ترى الرجل]

(1)

الذي لا يعرفه السلطان ولا يُدْنيه ولا يُكرمه، يُغبَطُ كما يُغبَطُ اليوم الذي يعرفه السلطانُ ويُدْنيه ويكرمه، ويوشك يا ابن أخي إن عشت إلى قريبٍ أن يُمَرَّ بالجنازة في السوق فيرفعُ الرجل رأسه فيقول: يا ليتني على أعوادها، قال: قلت: تدري ما بهم؟ قال: على ما كان قلت: إنَّ ذلك بين يَدَيْ أمرٍ عظيم [قال: أجل، عظيمٌ عظيمٌ عظيمٌ]

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

8588 -

حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ

(3)

، حدثنا محمد بن إسماعيل بن مهران، حدثنا صفوان بن صالح الدمشقي ومحمد بن المُصفّى الحمصي قالا: حدثنا مبشِّر بن إسماعيل الحلبي، حدثنا أَرْطأة بن المنذر قال: سمعت ضَمْرة بن حبيب يقول: سمعتُ سَلَمة بن نُفيل السَّكُوني يقول - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: بينا نحن جلوسٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فقال: يا نبي الله، هل أُتيتَ بطعام من السماء؟ فقال:"أُتِيت بطعام مسخنة" قال: فهل كان فيه فَضْل عنك؟ قال: "نعم"، قال: فما

(1)

ما بين المعقوفين سقط من (ك) و (م) و (ب)، وأثبتناه على الصواب من "تلخيص الذهبي".

(2)

ما بين المعقوفين ليس في نسخنا الخطية، وأثبتناه من "التلخيص".

والخبر صحيح، وهذا إسناد فيه محمد بن إبراهيم الأصفهاني - وهو ابن أُورمة - وهو مجهول، لكنه لم ينفرد به.

فقد أخرجه المعافى بن عمران في "الزهد"(51) عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. والمعافى ثقة فقيه.

وأخرجه المعافي أيضًا (50)، وابن أبي الدنيا في "النفقة على العيال"(441) من طريق سليمان بن المغيرة، وابن أبي الدنيا في "المتمنين"(150) من طريق مبارك بن فضالة، كلاهما عن حميد بن هلال به.

(3)

في النسخ الخطية: حدثنا أبو محمد جعفر بن صالح بن هانئ، وهو خطأ، وقد تكرر هذا الشيخ عند المصنف كثيرًا على الصواب.

ص: 142

فُعِلَ به؟ قال: "رُفِعَ إلى السماء. وهو يُوحَى إليَّ أني غير لابثٍ فيكم إلا قليلًا، ولستم لابثين بعدي إلا قليلًا، بل تَلْبَثُون حتى تقولوا: مَتَى مَتَى

(1)

؟ ثم تأتون أفنادًا ويُفْني بعضكم بعضًا، وبين يدي الساعة موتانٌ شديدٌ وسنواتُ الزلازل"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

8589 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا رَيْحان بن سعيد، حدثنا عباد بن منصور، عن أيوب، عن أبي قلابة، حدثني أبو أسماء، عن ثَوْبان، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لن تقوم الساعة على أمتي حتى تَلحَقَ قبائل منها بالمشركين، وحتى تَعبُدَ قبائل منها الأوثان"

(3)

.

8590 -

أخبرني محمد بن علي الصنعاني بمكة حرسها الله، حدثنا إسحاق بن

(1)

في النسخ الخطية: مثنى مثنى، وهو تحريف.

(2)

إسناده صحيح. وقال الذهبي في "تلخيصه": والخبر من غرائب الصِّحاح.

وأخرجه أحمد 28 / (16964)، وابن حبان (6777) من طريق أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، عن أرطاة بن المنذر، بهذا الإسناد.

وأخرج بعضه ضمن لفظ آخر النسائي (4386) من طريق جبير بن نفير، عن سلمة بن نفيل.

أفنادًا: جماعات متفرقة.

والموتان: كثرة الموت.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عباد بن منصور، وريحان بن سعيد حسن الحديث في المتابعات والشواهد. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي، وأبو أسماء: هو عمرو بن مَرثَد الرَّحَبي.

وأخرجه ضمن حديث: أحمد 37/ (22395) و (22452)، وأبو داود (4252)، والترمذي (2219)، وابن حبان (7238) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، بهذا الإسناد. والإسناد صحيح، وقال الترمذي: حديث صحيح.

وأخرجه ابن ماجه (3952)، وابن حبان (6714) من طريق قتادة، عن أبي قلابة به.

وسيأتي ضمن حديث طويل برقم (8595) من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة.

ص: 143

إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن عُمارة بن عَبْدٍ، عن حذيفة قال: إياك والفتن، لا يَشخَص لها أحدٌ، فوالله ما شَخَصَ لها أحدٌ إِلَّا نَسَفته كما يَنسِفُ السَّيلُ الدَّمْنَ، إنها مُشبِّهَةٌ مُقبلة، حتى يقول الجاهل: هذه تُشبه

(1)

، وتبين مدبرةً، فإذا رأيتموها فاحتموا في بيوتكم، واكسروا سيوفكم، وقَطِّعوا أَوتاركم، وغَطُّوا وجوهكم

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8591 -

وأخبرني أبو عبد الله الصَّنعاني، حدثنا إسحاق، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: ثارت الفتنة الأولى فلم يبقَ ممَّن شَهِدَ بدرًا أَحدٌ، ثم كانت الفتنةُ الثانية فلم يبق ممَّن شهد الحديبية أحدٌ، وأظنُّ لو كانت فتنة ثالثةٌ لم ترتفع وفي الناس طَبَاخٌ

(3)

.

(1)

هكذا في النسخ الخطية و "تلخيص الذهبي"، وفي "جامع معمر" وبعض مصادر التخريج: هذه سنة، وكأنه أقرب إلى الصواب، والله أعلم. وفي الطبعة الهندية من "المستدرك": هذه تشبه.

(2)

إسناده محتمل للتحسين، عمارة بن عبدٍ لم يرو عنه غير أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - وقال أبو حاتم الرازي: مجهول لا يحتج به. كذا قال، وعمارة هذا تابعي قد روى عن حذيفة وعلي، ووثقه العجلي وابن حبان، ونقل الجوزجاني عن أحمد بن حنبل - كما في "الجرح والتعديل" 6/ 367 - أنه قال فيه: مستقيم الحديث؛ فمثله محتمل للتحسين إن شاء الله.

وهذا الخبر في "جامع معمر"(20740)، ومن طريق عبد الرزاق عن معمر أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(343) و (472)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" 2/ 593 - 594، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 273 - 274.

ومعنى كلام حذيفة - كما قال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر"(شبه) -: أنَّ الفتنة إذا أقبلت شبَّهت على القوم وأَرَتهم أنهم على الحق حتى يدخلوا فيها ويركبوا منها ما لا يجوز، فإذا أدبرت وانقضت بان أمرُها، فعلم من دخل فيها أنه كان على الخطأ.

(3)

إسناده صحيح. إسحاق: هو ابن إبراهيم بن عباد الدَّبَري، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وهذا الأثر في "جامع معمر" برقم (20739). =

ص: 144

8592 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله بن وَهْب، حدثني أبو شُريح، عن عَمِيرة

(1)

بن عبد الله المَعافِري، عن أبيه، عن عمرو بن الحَمِق، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ستكون فتنةٌ أسلم الناس فيها - أو قال: خيرُ الناس فيها - الجُنْدُ الغَربي"؛ فلذلك قَدِمتُ مصر

(2)

.

= وأخرجه البخاري معلَّقًا في "صحيحه" بإثر (4024)، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 4/ 1274، وأبو نعيم في "مستخرجه على البخاري" كما في "فتح الباري" 12/ 98، والدارقطني في "غرائب مالك" كما في "الفتح" أيضًا من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب.

والطَّبَاخ: الخير والنفع، يقال: فلان لا طباخ له، أي: لا عقل له. قاله البغوي في "شرح السنة" 14/ 396.

والفتنة الأولى: مقتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، والثانية: وقعة الحَرَّة، كما وقع مبينًا عند غير المصنف.

(1)

في النسخ الخطية: عمير، والمثبت هو الصواب الموافق لما في مصادر التخريج، وهو هكذا في ترجمته من "ميزان الاعتدال" و "لسان الميزان"، وقال الذهبي في "الميزان": لا يدرى من هو.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة عميرة بن عبد الله ووالده. أبو شريح: هو عبد الرحمن بن شريح المعافري.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 45/ 492 من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 6/ 314 معلقًا، والبزار (2311)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 330، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 202، والطبراني في "الأوسط"(8740)، وابن عساكر 45/ 492 - 493 من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن أبي شريح، به.

وأخرجه أبو زرعة الدمشقي في "الفوائد المعلّلة"(122) عن عبد الله بن صالح، عن أبي شريح، عن عميرة بن ناجية، عن أبيه، عن عمرو بن الحمق. وقوله فيه: عميرة بن ناجية، من سوء حفظ عبد الله بن صالح واضطرابه فيه.

ص: 145

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8593 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل والحسن بن صالح، عن سماك بن حَرْب، عن جابر بن سَمُرةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال هذا الدين قائمًا يقاتل عليه المسلمون حتى تقوم الساعة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه!

8594 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا أبو الوليد، حدثنا همام، عن قتادة، عن ابن بُريدة، عن سليمان

(2)

بن الربيع، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة"

(3)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سماك بن حرب.

وأخرجه أحمد 34/ (21011) عن أبي أحمد الزبيري وخلف بن الوليد، عن إسرائيل وحده، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد أيضًا (20859) و (20985) و (21014)، وابنه في زياداته (20933)، ومسلم (1922)، وابن حبان (6837) من طرق عن سماك بن حرب، به وبعضهم يقول فيه: عن جابر بن سمرة: نُبِّئت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال؛ وهذا لا يضر، فإن كان محفوظًا فهو مرسل صحابي، والكل على الاحتجاج به. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

ويشهد له حديث أبي هريرة عند أحمد 14/ (8274). وانظر تتمة شواهده هناك.

وانظر حديث جابر بن سمرة السالف برقم (6731).

(2)

تحرّف في (ك) و (م) و (ب) إلى: سلمان، والمثبت من "تلخيص الذهبي"، وهو الصواب الموافق لما في مصادر ترجمته.

(3)

صحيح لغيره كسابقه، وهذا إسناد ليِّن، سليمان بن الربيع لم يرو عنه غير ابن بريدة " - وهو عبد الله وذكره ابن حبان في "ثقاته"، ولما روى هذا الخبر البخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 12 عن عمرو بن مرزوق عن همام قال: ولا يعرف سماع قتادة من ابن بريدة ولا ابن بريدة من سليمان.

وقد اضطرب قتادة في إسناده كما سيأتي بيانه. =

ص: 146

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وقد رواه ثَوْبانُ وعِمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما حديث ثوبان:

8595 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سنان القزاز، حدثنا إسحاق بن إدريس، حدثنا أبان بن يزيد، حدثنا يحيى بن أبي كثير، حدثنا أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، حدثني أبو أسماء الرَّحَبي، أن ثوبان حدثه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ رَبِّي زَوَى لي الأرضَ حتى رأيتُ مشارقها ومغاربها، وأعطاني الكنزين: الأحمر والأبيضَ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زُوِيَ لي منها.

وإني سألت ربي لأمتي أن لا يُهلِكَها بسَنَةٍ عامة

(1)

فأعطانيها، وسألته أن لا يُسلّط عليهم عدوًّا من غيرهم فأعطانيها، وسألته أن لا يُذِيقَ بعضهم بأسَ بعض فَمَنَعَنِيها، وقال لي ربي: يا محمد، إني إذا قضيتُ قضاءً لم يُرَدَّ، إني أعطيتُك لأمَّتِك أن لا أُهلِكَها بسَنَةٍ عامة، ولا أُظْهِرَ عليهم عدُوًّا من غيرهم فيستبيحهم بعامَّةٍ ولو اجْتَمَعَ مَن بأقطارها، حتى يكون بعضهم هو يُهلك بعضًا، وبعضُهم هو يسبي بعضًا.

= أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وهمّام: هو ابن يحيى العَوْذي.

وأخرجه البخاري في "تاريخه" 4/ 12، وابن الأعرابي في "معجمه"(1307)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(913) من طريق عمرو بن مرزوق، عن همام، بهذا الإسناد. ورواه عن همام أيضًا أبو داود الطيالسي كما في "مسنده"(38)، ومن طريق الطيالسي أخرجه الدارمي (2477)، والطبري في مسند عمر من "تهذيب الآثار" 2/ 816، وأبو يعلى في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4352/ 5)، والضياء المقدسي في "المختارة" 1/ (127) و (128).

وخولف همامٌ عن قتادة، فرواه هشام الدستوائي عن قتادة عن أبي الأسود الديلي عن عمر، وسيأتي عند المصنف برقم (4/ 86) و (8866)، وقتادة لم يسمع من أبي الأسود.

ورواه سعيد بن أبي عروبة واثنان آخران عن قتادة عن عبد الله بن أبي الأسود عن عمر، كما سيأتي بيانه هناك، وعبد الله بن أبي الأسود لا يعرف.

(1)

لفظ "عامة" من (ب)، وليس في (ك) و (م).

ص: 147

وإني لا أخافُ على أمتي إلَّا الأئمة المضلين.

ولن تقوم الساعة حتى تَلحَقَ قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تَعبُدَ قبائل من أمتي الأوثان.

وإذا وُضِعَ السيفُ في أمتي لم يُرفع عنها إلى يوم القيامة".

وأنه قال: "كل ما يوجد في مئة سنة

(1)

.

وسيخرج في أمتي كذَّابون ثلاثون كلُّهم يَزْعُمُ أَنه نبيٌّ، وأنا خاتَمُ الأنبياء لا نبي بعدي.

ولن يزال في أمتي طائفة يقاتلون على الحقِّ ظاهرين، لا يضرهم من خَذَلَهم، حتى يأتي أمر الله".

قال: وزعم أنه [قال]: "لا يَنزِعُ رجلٌ من أهل الجنة من ثمرِها شيئًا إِلَّا أَخلَفَ اللهُ مكانها مثلها".

وأنه قال: "ليس دينارٌ يُنفِقُه رجلٌ بأعظم أجرًا من دينارٍ يُنفِقُه على عياله، ثم دينارٍ يُنفِقُه على فرسه في سبيل الله، ثم دينارٍ يُنفِقُه على أصحابه في سبيل الله".

قال: وزعم: أنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم عظَمَ شأن المسألة.

و "أنه إذا كان يوم القيامة جاء أهل الجاهلية يحملون أوثانهم على ظهورهم، فيسألهم ربهم: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: ربَّنا لم تُرسل إلينا رسولًا، ولم يأتِنا آمِرٌ، ولو أرسلت إلينا رسولًا لكنا أطوع عبادك لك، فيقول لهم ربهم: أرأيتم إن أمرتكم بأمر، أتطيعوني؟ قال: فيقولون: نعم، قال: فيأخذُ مَواثِيقَهم على ذلك، فيأمرهم أن يعمدوا لجهنَّم فيدخلوها، قال: فينطلقون، حتى إذا جاؤوها رأَوْا لها تغيُّظًا وزفيرًا فهابُوا، فرجعوا إلى ربهم فقالوا: ربَّنا فَرِقْنا منها، فيقول: ألم تُعطوني مواثيقكم

(1)

أي: كل ما يوجد من هذه الأمور الموعود بها هذه الأمة سيكون في مدة مئة سنة، يوضحها رواية أيوب عن أبي قلابة عند البزار (3293 - كشف الأستار) فهي بلفظ:"وكل ما توعدون في مئة سنة".

ص: 148

لتطيعوني؟ اعمدوا لها، فينطلقون، حتى إذا رأوها فَرِقُوا فرجعوا، فقالوا: ربَّنا لا نستطيع أن ندخلها، قال: فيقول: ادخُلوها داخِرينَ"، قال: فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "لو دخلوها أول مرة، كانت عليهم بردًا وسلامًا"

(1)

.

(1)

إسناده تالف من أجل إسحاق بن إدريس، فإنه متروك واتهمه ابن معين بالكذب. والراوي عنه محمد بن سنان القزاز ليس بذاك القوي إلا أنه ليس بعلته، فقد توبع، تابعه يحيى بن محمد بن السكن - وهو من الثقات - عن إسحاق بن إدريس عند البزار (4170) و (4188)، إلّا أنَّ البزار لم يسق متنه.

والحديث أغلبه صحيح قد روي من غير هذا الوجه غير القطعتين: السادسة منه في المئة سنة، والثانية عشرة منه في قصة مجيء أهل الجاهلية يوم القيامة يحملون أوثانهم

إلخ، فلم ترويا إلا من حديث عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عند البزار في "مسنده"(4170) و (4188) و (3293 - كشف الأستار)، وعباد هذا ضعيف إذا انفرد، وهو في هذا لم يتابعه معتبر، بل قد خالفه في القطعة الأخيرة منه - في قصة حمل أهل الجاهلية أوثانهم - عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي في ما رواه عنه الحسين المروزي في زياداته على "زهد ابن المبارك"(1323)، فرواه عن أيوب عن أبي قلابة من قوله، وعبد الوهاب الثقفي ثقة لا يقارن به مثل عبّاد.

وغير القطعة التاسعة منه في قصة ثمر الجنة، فلم يروها إلّا عباد بن منصور أيضًا عن أيوب عن أبي قلابة عند البزار (4187) والطبراني في "الكبير"(1449) والثعلبي في "تفسيره" 8/ 344 وأبي نعيم في صفة "الجنة"(345).

وأما بقية الحديث - غير القطعة الحادية عشرة منه في قصة المسألة - فقد أخرجه مقطعًا: أحمد 37/ (22395) و (22406)، و (22452)، ومسلم (994) و (1920) و (2889)، وأبو داود (4252)، وابن ماجه (2760)، والترمذي (1966) و (2176) و (2202) و (2219) و (2229)، والنسائي (9138)، وابن حبان (4242) و (4246) و (7238) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، ومسلم (2889)، وابن ماجه (10) و (3952)، وابن حبان (6714) من طريق قتادة، كلاهما (أيوب وقتادة) عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان.

وأما القطعة الحادية عشرة في قصة تعظيم شأن المسألة، فقد روى معناها معدان بن أبي طلحة عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من سأل الناسَ مسألةً وهو عنها غني، كانت شينًا في وجهه يوم القيامة"، وإسناده صحيح، أخرجه أحمد 37/ (22420) وغيره. وانظر حديث أبي العالية عن ثوبان السالف عند المصنف برقم (1517). =

ص: 149

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السياقة، إنما أخرج مسلم

(1)

حديث معاذ بن هشام عن قتادة عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرَّحَبي عن ثوبان مختصرًا.

[وأما حديث عِمران بن حُصَين]:

8596 -

فحدثناه

(2)

أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار العَدْل، حدثنا السَّرِيُّ بن خزيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل وحجاج بن منهال قالا: حدثنا حماد بن سَلَمة، حدثنا قتادة، عن مطرف، عن عِمران بن حصين، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تزالُ طائفةٌ من أمتي يقاتلون على الحقِّ، ظاهرين على من ناوَأَهم، حتى يقاتل آخرهم الدجال"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

8597 -

أخبرني محمد بن علي الصنعاني بمكة حرسها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أبان، عن سُليم بن قيس الحَنظلي قال: خَطَبَنا عمر بن الخطاب فقال: إِنَّ أخوف ما أخافُ عليكم بعدي أن يُؤخذ الرجل منكم البرئُ فيُؤْشَرَ كما تُؤشَرُ الجَزورُ، ويُشاط لحمه كما يشاط لحمها،

= والقطعة الرابعة منه في قصة لحوق قبائل من هذه الأمة بالمشركين، تقدمت عند المصنف قريبًا برقم (8589) من طريق عباد عن أيوب عن أبي قلابة.

(1)

في "صحيحه" برقم (2889) في كتاب الفتن وأشراط الساعة. وهو فيه بالقطعتين الأولى والثانية من حديث معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة، وهو الصواب، فإنَّ الذي يروي عن قتادة هو هشام الدستوائي لا ابنه معاذ، فإنه لم يدركه.

(2)

في نسخنا الخطية: حدثنا، وسقط منها قوله:"وأما حديث عمران بن حصين"، وأثبتناه من المطبوع.

(3)

إسناده صحيح. مطرّف: هو ابن عبد الله بن الشِّخِّير.

وأخرجه أبو داود (2484) عن موسى بن إسماعيل - وهو أبو سلمة التبوذكي - بهذا الإسناد.

وسلف برقم (2423) من طريق علي بن عبد العزيز البغوي عن حجاج بن منهال وحده.

ص: 150

ويقال: عاصٍ، وليس بعاصٍ. قال: فقال علي بن أبي طالب وهو تحت المنبر: ومتى ذلك يا أمير المؤمنين ولمَّا تشتدَّ البَلِيَّةُ، وتظهرِ الحَمِيَّةُ، وتُسْبَ الذُّرِّية، وتدُقَّهم الفتنُ كما تدقُّ الرَّحَا بَقْلَها، وكما تدقُّ النارُ الحطب، قال: ومتى ذلك يا عليُّ؟ قال: إذا تفقه المتفقه لغير الدين، وتعلَّم المتعلِّم لغير العمل، والتمست الدنيا بعمل الآخرة

(1)

.

8598 -

قال أبان: وحدثنا الحسن، عن أبي موسى الأشعري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أخافُ عليكم الهَرْجَ" قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: "القتل" قالوا: وأكثر مما يُقتل اليوم؟ إنا لنقتلُ في اليوم من المشركين كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ليس قتل المشركين، ولكن قتل بعضكم بعضًا" قالوا: وفينا كتاب الله؟ قال: "وفيكم كتاب الله عز وجل" قالوا: ومعنا عقولُنا؟ قال: "إنه مُنتزَع عقول عامة ذلك الزمان، وخَلَفَ لها هَبَاءٌ من الناس، يحسبون أنهم على شيءٍ وليسوا على شيء"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، أبان - وهو ابن أبي عياش - متروك، وسليم بن قيس هذا لا يُعرف وليس له ذكر إلا من طريق أبان.

والخبر في "جامع معمر" برقم (20743).

(2)

الحديث صحيح، لكن هذا الإسناد ضعيف جدًّا من أجل أبان بن أبي عياش، وشيخه الحسن - وهو البصري - لم يسمع من أبي موسى الأشعري، بينهما فيه واسطة كما سيأتي.

وهذا الخبر في "جامع معمر" برواية عبد الرزاق (20744)، ومن طريقه أخرجه أبو محمد البغوي في "شرح السنة"(4234).

وأخرجه أحمد 32/ (19636) من طريق يونس بن عبيد، وابن ماجه (3959) من طريق عوف الأعرابي، كلاهما - وهما ثقتان عن الحسن البصري، عن أسيد بن المتشمس، عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا. وأسيد بن المتشمّس هذا عده ابن المديني من المجهولين الذين روى عنهم الحسن، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وكذا وثَقه ابن حجر في "التقريب"، وقال الذهبي في "الميزان": محله الصدق.

وروي عن الحسن عن حِطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا وموقوفًا، وسيأتي عند المصنف برقم (8800) موقوفًا. =

ص: 151

8599 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي، حدثنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي، حدثنا أزهر بن سعد، حدثنا أبو عون، عن عمرو بن سعيد، عن أبي زُرْعة بن عمرو بن جرير، عن حَيَّة بنت أبي حيَّة قالت: دخل علي رجلٌ بالظَّهيرة قلتُ: يا عبد الله، ما حاجتُك؟ قال: أقبلتُ وصاحبٌ لي في بُغاءٍ إبل لنا، فدخلتُ أستظلُّ بالظِّل وأشربُ من الشراب، فقمت إلى ضَيْحةٍ حامضة ولُبَينةٍ حامضة فسقيتُه، وتوسَّمتُ فقلت: يا عبد الله، من أنت؟ قال: أنا أبو بكرٍ

(1)

صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سمعت به، قالت: فذكرتُ خَثْعمًا وغزو بعضنا بعضًا في الجاهلية، وما جاءَ اللهُ من الأُلْفة وأطنابُ الفساطيطِ هكذا - وشبك بين أصابعه - قالت: فقلت: يا عبد الله، حتى متى أمرُ الناس هكذا؟ قال: ما استقامت الأئمّةُ، قالت: قلت: وما الأئمّةُ؟ قال: ألم تَرَيْ إلى الحِوَى يكون فيها السيِّدُ يَتَّبِعونه ويُطيعونه، ما استقام أولئك

(2)

.

= وروايتا الحسن عن أسيد وحطان الرقاشي كلتاهما صحيحة، وغير مدفوع أن يكون الحسن قد أخذه عنهما جميعًا لاحتمال ذلك كما قال الدارقطني في "العلل"(1317)، وذهب البخاري في ترجمة أسيد من "تاريخه الكبير" 2/ 12 إلى أنه لا يصح فيه ذكر حطان!

وأخرج أوله أحمد 6/ (3695) و 32/ (19497)، والبخاري (7062)، ومسلم (2672)، وابن ماجه (4051)، والترمذي (2200) من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ بين يدي الساعة لأيامًا ينزل فيها الجهل، ويُرفع فيها العلم، ويكثر فيها الهَرْج"، والهرج: القتل.

والهَبَاء: الغُثاء من الناس.

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: بكرة، والتصويب من "إتحاف المهرة"(9260)، وهو كذلك على الصواب في مصادر التخريج.

(2)

إسناده إلى حية بنت أبي حية قوي، وحيَّة هذه لا تعرف إلا في هذا الخبر تفرد أبو زرعة به عنها، وقد صح الخبر من غير هذا الوجه، والمرأة مسمّاة فيه زينب كما سيأتي.

وأخرجه الخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه في الرسم" 2/ 864 من طريق عبد الله بن الحكم، عن أزهر بن سعد، بهذا الإسناد. =

ص: 152

هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه.

8600 -

أخبرنا الحسن بن محمد بن حليم

(1)

بن إبراهيم بن ميمون الصائغ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم السَّدَوَّري، حدثنا سعيد بن هبيرة، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثنا محمد بن جُحَادة، عن نُعيم بن أبي هند، عن أبي حازم، عن الحسين بن خارجة قال: لما كانت الفتنةُ الأولى أشكَلَت علي فقلت: اللهم أرني أمرًا من أمر الحق أُمسك به، قال: فأُرِيتُ الدنيا والآخرة وبينهما حائط غيرُ طويل، وإذا أنا بجائزٍ فقلت: لو تشبَّثتُ بهذا الجائز، لعلِّي أهبِطُ إلى قتلى أشجع ليُخبروني، قال: فهَبَطتُ بأرضٍ ذاتِ شجر، وإذا بنفرٍ جلوسٍ فقلت: أنتم الشهداءُ؟ قالوا: لا، نحن الملائكةُ، قلت: فأين الشهداء؟ قالوا: تقدَّم إلى الدرجات العلى، إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فتقدَّمتُ، فإذا أنا بدرجةٍ الله أعلمُ ما هي في السَّعَةِ والحُسْن، فإذا أنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وإبراهيم صلى الله عليه وسلم، وهو يقول لإبراهيم: استغفِرْ لأمتي، فقال له إبراهيم: إنك لا تدري ما أحدَثُوا بعدك، أراقُوا دماءهم، وقتلوا إمامهم، ألا فعلوا كما فعل خَلِيلي سعدٌ، قلت: أراني قد أُرِيتُ، أذهب إلى سعدٍ فأنظرُ مع من هو فأكون معه، فأتيتُه فقَصَصْتُ عليه الرؤيا، فما أكثر بها فرحًا، وقال: قد شَقِي من لم يكن له إبراهيم خليلًا، قلت: في أيِّ الطائفتين أنت؟ قال: لستُ مع واحدٍ منهما، قلت: فكيف تأمرني؟ قال: ألك ماشيةٌ؟ قلت: لا، قال: فاشتر ماشيةً واعتزل فيها حتى تَنجِلي

(2)

.

= وأخرجه الدارمي (216)، ومسدد وأحمد بن منيع في "مسنديهما" كما في "المطالب العالية"(2128)، والخطيب في "التلخيص" 2/ 864 - 865 من طرق عن أبي عون عبد الله بن عون، به.

وروى نحو هذا الخبر قيس بن أبي حازم قال: دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها: زينب

فذكره. أخرجه البخاري في "صحيحه"(3834) وغيره. وانظر "فتح الباري" 11/ 280 - 281.

الضَّيحة: اللبن الممزوج بالماء.

والحِوى: جماعة البيوت المتقاربة من بعضها.

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: حكيم.

(2)

خبر محتمل للتحسين، وهذا إسناد ضعيف، سعيد بن هبيرة ليس بالقوي - كما قال أبو حاتم =

ص: 153

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8601 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا ابن أبي ذئب.

وحدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ - واللفظ له حدثنا حامد بن أبي حامد المقرئ، حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال: سمعت ابن أبي ذئب يحدث عن سعيد بن سمعان قال: سمعت أبا هريرة يحدث أبا قتادة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يُبايَعُ رجلٌ بين الرُّكنِ والمَقام، ولن يستحلَّ هذا البيت إلَّا أهله، فإذا استَحلُّوه فلا تَسأل عن هَلَكةِ العرب، ثم تجئ الحبشة فتخرِّبُه خرابًا لا يُعمَرُ بعده أبدًا، وهم الذين يستخرجون كنزه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه

(2)

.

8602 -

أخبرنا عبد الله بن إسحاق ابن الخُراساني العدل ببغداد، حدثنا أحمد بن حَيّان بن مُلاعِب، حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا زهير بن محمد، عن موسى بن جبير، عن أبي أمامة بن سَهْل بن حُنيف، عن عبد الله بن عمرو

(3)

، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم

= الرازي - صاحب مناكير، لكنه لم ينفرد به عن عبد الوارث بن سعيد، فقد سلف برقم (6246) من طريق عمران بن موسى القزاز عن عبد الوارث

(1)

إسناده صحيح. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث.

وأخرجه أحمد 14 / (8351)، وابن حبان (6827) من طريق إسحاق بن سليمان الرازي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد أيضًا 13 / (7910) و (8114) و 14 / (8351) و (8619) من طرق عن ابن أبي ذئب، به.

وانظر حديث عبد الله بن عمرو الآتي برقم (8616) موقوفًا عليه.

(2)

قال الذهبي في "تلخيصه": ما خرّجا لابن سمعان شيئًا، ولا روى عنه إلا ابن أبي ذئب، وقد تُكلّم فيه. كذا قال، وابن سمعان قد روي عنه أيضًا أبو سعيد سابق بن عبد الله الرقي كما في "تهذيب الكمال"، ووثقه النسائي والدارقطني وابن حبان، وانفرد أبو الفتح الأزدي بتضعيفه، ولا عبرة بتضعيفه.

(3)

في نسخنا الخطية: عبد الله بن عمر، بلا واو، والتصويب من "تلخيص الذهبي" و "إتحاف =

ص: 154

قال: "اتركوا الحبشة ما تَرَكُوكم، فإنه لا يستخرِجُ كَنْزَ الكعبةِ إِلَّا ذو السُّوَيقَتَينِ من الحبشة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وقد اتفقا جميعًا على إخراج حديث سفيان، عن زياد

(2)

بن سعد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يُخرِّب الكعبة ذو السُّوَيقَتين من الحبشة"

(3)

.

8603 -

حدثنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة.

وأخبرني أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي،

= المهرة" (11624) ومصادر التخريج.

(1)

إسناده حسن من أجل موسى بن جبير، فقد روي عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات" إلا أنه قال: يخطئ ويخالف، وأطلق الذهبي توثيقه في كتابه "الكاشف". أبو عامر العقدي: هو عبد الملك بن عمرو، وزهير بن محمد: هو أبو المنذر التميمي الخراساني.

وأخرجه أبو داود (4309) عن القاسم بن أحمد البغدادي عن أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 38/ (23155) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن زهير بن محمد، به إلّا أنه قال فيه: رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسمه.

وأخرج معناه أحمد 11/ (7053) من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو.

ويشهد لأوله في ترك الحبشة حديثُ أبي سكينة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا، أخرجه أبو داود (4302)، والنسائي (4370). وفي إسناده لِينٌ.

والسُّوَيقتان: تثنية سُوَيقة؛ تصغير ساق.

(2)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: وثاب.

(3)

أخرجه البخاري برقم (1591)، ومسلم (2909) من طرق عن سفيان - وهو ابن عيينة - بهذا الإسناد.

ص: 155

حدثنا عبد الرحمن، عن شعبة، عن قتادة قال: سمعت عبد الله بن أبي عتبة يحدِّث عن أبي سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقوم الساعة حتى لا يُحَج البيت"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

وقد أوقفه أبو داود عن شعبة:

8604 -

أخبرناه أبو زكريا العنبري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا أبو داود. والله أعلم.

وقد صح وثَبَتَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن البيت يُحَجُّ ويُعتمَرُ بعد خروج يأجوج ومأجوج:

8605 -

حدثناه أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا أبان بن يزيد العطّار، عن قتادة، عن عبد الله بن أبي عتبة، عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليُحجَّنَّ البيتُ وليُعتمَرَنَّ بعد خروج يأجوج ومأجوج"

(2)

.

فإنه يمكنُ أن يُحَجَّ ويُعتمَرَ بعد ذلك ثم ينقطع الحج عنه بمرةٍ.

8606 -

أخبرنا الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب،

(1)

شاذٌّ بهذا اللفظ على ثقة رواته، إلّا أنَّ شعبة قد خولف في لفظه، والصواب فيه ما سيأتي لاحقًا برقم (8605)، وهو الذي رجّحه البخاري حيث علقه بإثر الحديث (1593).

وأما رواية شعبة هذه، فقد أخرجها ابن حبان (6750) من طريق يحيى بن سعيد القطان عنه، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 17/ (11217) و 18 / (11455) و (11617) من طرق عن أبان العطار، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 17/ (11217)، وابن حبان (6832) من طريق عمران القطان، والبخاري (1593) من طريق الحجاج بن حجاج، وعبد بن حميد (941) من طريق سعيد بن أبي عروبة، ثلاثتهم عن قتادة، به. والحديث بهذا اللفظ رجّحه البخاري على لفظ شعبة السابق.

ص: 156

حدثنا عبد الوهاب بن

(1)

عطاء، أخبرنا سعيد بن إياس الجريري، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله قال: يوشك أهل العراق أن لا يجيء إليهم درهمٌ ولا قَفِيزٌ، قالوا: ممَّ ذاك يا أبا عبد الله؟ قال: من قِبَل العَجَم، يَمنَعون ذاك، ثم سكت هنيهةً، ثم قال: يوشك أهل الشام أن لا يجيء إليهم دينارٌ ولا مُدٌّ، قالوا: ممَّ ذاك؟ قال: من قِبَل الرُّوم، يَمنَعون ذلك، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكون في أمتي خليفةٌ يَحْثي المال حَثيًا لا يَعُدُّه عدًّا".

ثم قال: والذي نفسي بيده، ليعودَنَّ الأمر كما بدأ، ليعودَنَّ كلُّ إيمان إلى المدينة كما بدأ بها، حتى يكون كل إيمان بالمدينة.

ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يخرج رجل من المدينة رَغْبةً عنها، إلَّا أبدَلَها الله خيرًا منه، وليَسمَعنَّ ناسُ برُخصٍ من أسعارٍ ورِيفٍ فيَتَّبِعونه، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون"

(2)

.

(1)

تحرّف لفظ "بن" في النسخ الخطية إلى: عن، وعبد الوهاب بن عطاء هذا الراوي عن الجريري: هو عبد الوهاب بن عطاء الخفاف.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل يحيى بن أبي طالب وشيخه عبد الوهاب بن عطاء، فهما صدوقان لا بأس بهما، وهما متابعان.

فقد أخرجه بطوله أبو طاهر في "المخلصيات"(1235 - 1237)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 330 - 331 من طرق عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله. وعبد الوهاب الثقفي ثقة، وهو ممَّن سمع من الجريري قبل اختلاطه.

وأخرج القسم الأول من الحديث أحمد 22/ (14406)، ومسلم (2913)(67)، وابن حبان (6682) من طريق إسماعيل بن إبراهيم - وهو ابن عُليّة - عن سعيد الجريري، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

وقول جابر في هذا الحديث: يوشك أهل العراق

إلخ، قد جاء معناه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة عند مسلم (2896) وغيره بلفظ:"مَنَعَت العراق قفيزها ودرهمها، ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر إردبَّها ودينارها، ثم عُدتم من حيث بدأتُم - قالها ثلاثًا". =

ص: 157

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

إنما أخرج مسلم حديث داود بن أبي هند، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"يكون في آخرِ الزمان خَليفةٌ يُعطي المال لا يعده عدًّا"

(1)

، وهذا له علَّة

(2)

:

8607 -

فقد حدَّثَناه علي بن عيسى، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا

أبو موسى ومحمد بن بشار قالا: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد

(3)

، حدثنا داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن جابر أو أبي سعيد

(4)

، أنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:"يكون في آخر هذه الأمة خليفةٌ يَقسِمُ المالَ لا يَعُدُّه عدًّا"

(5)

.

= وأما قوله: ليعودن الأمر كما بدأ

إلخ، فمعناه مذكور أيضًا في حديث أبي هريرة السابق، وفي حديثه عند البخاري (1876) ومسلم (147) مرفوعًا بلفظ:"إِنَّ الإيمان ليَأْرِزُ (أي: ينضم ويجتمع) إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جُحرها"، وفي حديث ابن عمر عند مسلم (146) مرفوعًا بلفظ:"إنَّ الإسلام بدأ غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، وهو يأرِزُ بين المسجدين (أي: مكة والمدينة) كما تأرز الحية في جحرها".

والقفيز: مكيال معروف لأهل العراق، بسعة 12 صاعًا، أو 33 لترًا.

والرِّيف: الأرض التي بها زرع وخصب.

(1)

قرن داود بن أبي هند في رواية عبد الوارث بن سعيد عنه عند مسلم (2914)(69) بأبي سعيد جابرًا.

(2)

يريد بالعلّة: ما وقع في رواية عبد الوهاب عنده من الشك في اسم صحابي الحديث، هل هو أبو سعيد الخدري أم جابر بن عبد الله؟ وهذه ليست بعلة قادحة، والأولى عدم تسميتها علة، فإنَّ الخلاف في اسم الصحابي لا يضر البتة، فكلّهم ثقات عدول بإذن الله، على أن عبد الوارث بن سعيد قد خالف عبد الوهاب فرواه عن داود بن أبي هند بالجمع بينهما لا بالشك كما سيأتي.

(3)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: عبد الحميد. وعبد الوهاب هذا: هو الثقفي، وهو ابن عبد المجيد لا عبد الحميد.

(4)

في (م) وحدها: عن جابر وأبي سعيد بواو الجمع.

(5)

إسناده صحيح. أبو موسى: هو محمد بن المثنى.

وطريق عبد الوهاب الثقفي هذه عن داود بن أبي هند لم نقف عليها عند غير المصنف. =

ص: 158

8608 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُورمة، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم؛ وسلمة بن كهيل، عن أبي الزَّعْراء، عن ابن مسعود قال: يأتي على الناس زمانٌ يأتي الرجلُ القبر فيضطجع عليه فيقول: يا ليتني مكان صاحبه؛ ما به حبُّ لقاء الله، إِلَّا لِمَا يرى من شدة البلاء

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

8609 -

أخبرني محمد بن علي الصنعاني بمكة حرسها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عُروة بن الزبير، عن كُرْز بن علقمة الخُزاعي قال: قال أعرابي: يا رسول الله، هل للإسلام منتهى؟ قال:

= وأخرجه أحمد 22/ (14567)، ومسلم (2914)(69) من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد وجابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

صحيح لغيره، وهو موقوف، محمد بن إبراهيم بن أورمة مجهول، لكنه لم ينفرد به، وله في هذا الخبر إسنادان، الأول: من رواية سفيان - وهو الثوري - عن الأعمش عن إبراهيم - وهو ابن يزيد النخعي غالبًا لعله عن ابن مسعود، فقد كان إبراهيم النخعي كثيرًا ما يرسل عن ابن مسعود وهو لم يلقه. والإسناد الثاني: من رواية سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء - وهو عبد الله بن هانئ الكندي - عن ابن مسعود، وهذا متصل، ورجال الإسنادين ثقات غير أبي الزعراء هذا، فقد انفرد بالرواية عنه ابن أخته سلمة بن كهيل، ووثقه ابن سعد والعجلي وابن حبان، وذكره البخاري في "تاريخه" 5/ 221 وأورد له حديثًا وقال: لا يتابع في حديثه.

ومهما يكن من أمرٍ، فقد جاء في المرفوع ما يغني عنه كما سيأتي.

وخبر ابن مسعود أخرجه أيضًا نعيم بن حماد في "الفتن"(143) عن عبد الرحمن بن مهدي ووكيع، والطبراني في "الكبير"(9749) من طريق أبي نعيم، ثلاثتهم عن سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل به.

وقد صحَّ من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تذهب الدنيا حتى يمرَّ الرجل على القبر فيتمرَّغ عليه ويقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر، وليس به الدِّينُ إلَّا البلاء"، أخرجه مسلم (2908) (53 - 54). وفي لفظ عند أحمد 16/ (10866):"ما به حبُّ لقاء الله".

ص: 159

"نعم، أيُّما أهل بيتٍ من العرب والعجم أراد الله بهم خيرًا، أدخل عليهم الإسلام" قالوا: ثم ماذا يا رسول الله؟ قال: "ثم تقعُ فتنٌ كأنها الظُّلل" قال: فقال أعرابي: كلَّا يا رسول الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لَتَعودُنَّ فيها أَساوِدَ صُبًّا، يَضربُ بعضكم رقاب بعض"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه

(2)

.

8610 -

أخبرنا علي بن عبد الرحمن بن عيسى السبيعي بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، حدثنا إسماعيل بن أبان، حدثنا أبو أُوَيس، حدثني ثَوْر بن زَيْد الكناني وموسى بن ميسرة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتركبُنَّ سَنَنَ مَن كان قبلكم، شِبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراع، حتى إنَّ أحدهم لو دَخَل جُحْرَ ضَبٍّ لدخلتُم، وحتى لو أنَّ أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتُموه"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن عبّاد الدَّبَري.

وأخرجه أحمد 25/ (15918) عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (15919)، وابن حبان (5956) من طريق عبد الواحد بن قيس، عن عروة، به - وزاد في آخره:"وأفضل الناس يومئذٍ مؤمن معتزل في شعب من الشعاب، يتقي ربَّه، ويدع الناس من شره".

وقد سلف الحديث مختصرًا برقم (96) و (97).

قوله: "أساود صُبًّا" أي: حيات عظيمة إذا أرادت أن تنهش أو تلدغ رفعت صدورها ثم انصبت على الملدوغ، وهذا من باب التشبيه.

(2)

زاد في (ب): بهذه السياقة، وليست في (ك) و (م).

(3)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل أبي أُويس - وهو عبد الله بن عبد الله بن أُويس الأصبحي - ففيه مقال، إلّا أنه صالح الحديث إذا توبع أو جاء ما يشهد لحديثه، وهذا منها. ثور بن زيد الكناني: هو الدِّيلي وهو ابن أخي موسى بن ميسرة الديلي.

وأخرجه محمد بن نصر المروزي في "السنة"(43) عن محمد بن يحيى الذهلي، عن إسماعيل بن أبان الورّاق، بهذا الإسناد. وقال فيه: "لو أنَّ أحدهم جامع أُمه

"، وهو الصواب.

وكذلك أخرجه البزار (3285 - كشف الأستار) من طريق إسماعيل بن صبيح، والدولابي في =

ص: 160

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة.

8611 -

أخبرنا محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنعاني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن عياش بن أبي ربيعة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "تَجيءُ رِيحٌ بين يَدَي الساعة يُقبَضُ فيها روحُ كلّ مؤمن"

(1)

.

إن كان نافع سمع من عيّاشٍ المخزومي، فإنه صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

8612 -

أخبرني إسماعيل بن الفضل بن محمد الشَّعراني، حدثنا جدِّي، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحِزامي، حدثنا عبد العزيز بن محمد وأبو عَلْقمة الفَرْوي قالا: حدثنا صفوان بن سُلَيم، عن عبد الله بن سلمان الأغرِّ، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله يَبْعَثُ ريحًا من اليمن أليَن من الحرير، فلا تَدَعُ أحدًا

= "الكنى والأسماء"(1272) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، كلاهما عن أبي أويس، به. زاد إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه فيه قال: ولا أعلمهما (أي: ثورًا وموسى بن ميسرة) إلا حدَّثاني مثل ذلك سواء عن أبي الغيث سالم مولى ابن مطيع عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلنا: طريق أبي الغيث هذه لم نقف عليها، وقد سلف حديث أبي هريرة بنحوه دون قوله: "لو أنَّ أحدهم جامع

إلخ" من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة برقم (107). وهو حديث صحيح، وهو شاهد قوي لحديث ابن عباس هذا.

ويشهد له بتمامه حديث عبد الله بن عمرو، وقد سلف عند المصنف برقم (449)، وإسناده يصلح للاعتبار، فيتقوى الحديثان ببعضهما.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد - على ثقة رواته في الجملة - فيه انقطاع بين نافع - وهو مولى ابن عمر - وبين عياش بن أبي ربيعة. وسيأتي مكرَّرًا برقم (8712).

وأخرجه أحمد 24/ (15463) عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديثا النواس بن سمعان وعبد الله بن عمرو بن العاص عند مسلم (2937) و (2940)، وغيره.

ص: 161

في قلبه مثقال حبة من إيمانِ إِلَّا قَبَضَته"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه!

وله شاهدٌ موقوف على عبد الله بن عَمْرو:

8613 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا هشام بن علي، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا عِمران القَطَّان، عن قتادة، عن عبد الرحمن بن آدم، عن عبد الله بن عمرو

(2)

قال: لا تقوم الساعة حتى يبعث الله ريحًا لا تدعُ أحدًا في قلبه مثقالُ ذَرَّةٍ من تُقًى أو نُهًى إلَّا قَبَضَتْه، ويلحقُ كلُّ قوم بما كان يعبد آباؤُهم في الجاهلية، ويبقى عَجَاجٌ من الناس، لا يأمرون بمعروفٍ ولا يَنهَوْنَ عَن مُنكَر، يتناكحون في الطُّرُق كما تتناكحُ البهائم، فإذا كان ذلك اشتدَّ غضب الله على أهل الأرض فأقامَ الساعة

(3)

.

(1)

إسناده حسن من أجل عبد الله بن سلمان الأغر. أبو علقمة هو عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة المدني، وعبد العزيز بن محمد: هو الدراوردي.

وأخرجه مسلم (117) عن أحمد بن عبدة الضبي، عن عبد العزيز بن محمد وأبي علقمة الفروي، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وفي الباب أيضًا عن عائشة، وقد سلف برقم (8586).

وعن النواس بن سمعان ضمن حديث طويل سيأتي عند المصنف برقم (8718). وهما عند مسلم أيضًا، إلا أنه لم يذكر فيهما أنَّ هذه الريح من اليمن.

(2)

في (ك) و (م): عمر، بلا واو، وهو خطأ، وجاء على الصواب في (ب).

(3)

إسناده حسن من أجل عمران القطان - وهو ابن داور - وعبد الرحمن بن آدم. هشام بن علي: هو السيرافي.

وسيأتي عند المصنف مختصرًا برقم (8880) من طريق عمرو بن مرزوق عن عمران القطان.

وهذا الخبر لم نقف عليه من هذا الوجه عند غير المصنف، وقد روي معناه من غير وجه عن عبد الله بن عمرو، فانظر ما سلف برقم (8545) وما سيأتي برقم (8615) و (8616) و (8846) و (8867).

وروي آخره في التناكح في الطرق من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد الله بن عمرو =

ص: 162

8614 -

أخبرني محمد بن المؤمَّل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد البيهقي، حدثنا نُعيم بن حمّاد، أخبرنا عبد الله بن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن عيسى بن عاصم، عن زر بن حبيش، عن أنس بن مالك قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلِّي ذاتَ ليلةٍ صلاةً مدَّ يدَه ثم أخرها، فقلنا: يا رسول الله، رأيناك صنعت في هذه الصلاة شيئًا لم تكن تصنعه فيما قبله! قال:"أجَلْ، إنه عُرضَت على الجنة، فرأيت فيها داليةً قطوفُها دانيةٌ، فأردت أن أتناول منها شيئًا، فأوحيَ إليَّ: أن استأخِرْ، فاستأخرتُ، وعُرِضَت علي النار فيما بيني وبينكم حتى رأيت ظِلِّي وظلكم فيها، فأومأتُ إليكم: أن استأخروا، فأُوحي إليّ: أنْ أَقِرَّهم، فإنك أسلمت وأسلموا، وهاجرت وهاجروا، وجاهدت وجاهدوا، فلم أرَ لك فَضْلًا عليهم إلَّا بالنبوة، فأوَّلتُ ذلك ما تلقى أمتي بعدي من الفتن"

(1)

.

= مرفوعًا قال: "لا تقوم الساعة حتى تتسافدوا في الطريق تسافد الحمير"، أخرجه ابن حبان (6767)، وإسناده صحيح.

ويشهد له حديث النواس بن سِمعان مرفوعًا الآتي عند المصنف برقم (8718).

ويشهد لأوله - غير حديث أبي هريرة السابق - حديثُ عائشة السالف برقم (8586).

(1)

رجاله في الجملة ثقات غير نعيم بن حماد فهو صدوق إلّا أنه صاحب أوهام، وهو قد توبع في هذا الحديث غير الحرف الأخير منه وهو قوله: "فأولت ذلك

إلخ"، فقد تفرَّد به هنا.

وهذا الحديث ذكره الدارقطني في "العلل" 12/ (2449) وقال: زر بن حبيش لم يلق أنسًا، ولا يصح له عنه رواية، والصحيح: عن عيسى عمَّن لم يسمه عن أنس. كذا قال، وتعقبه العلائي في "جامع التحصيل" ص 177 فقال: هذا عجيب، فإنه (أي: زر بن حبيش) تابعي كبير أدرك الجاهلية وروى عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وكبار الصحابة رضي الله عنهم. قلنا: وأما قوله: "الصحيح عن عيسى عمَّن لم يسمه عن أنس"، فلم نقف على هذه الرواية فيما بين أيدينا من المصادر.

وأخرج حديث زرٍّ ابن خزيمة في "صحيحه"(892)، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(768)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(5762)، والآجري في "الشريعة"(940)، والطبراني في "مسند الشاميين"(2087)، وأبو نعيم في "صفة الجنة" - مختصرًا - (349)، وأبو محمد الخلال في =

ص: 163

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8615 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أنَّ يزيد بن أبي حَبِيب حدثه، عبد الرحمن بن شُمَاسةَ حدَّثه: أنه كان عند مسلمة بن مخلد وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال عبد الله: لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، هم شرٌّ من أهل الجاهلية، لا يَدْعُون الله بشيءٍ إِلَّا ردَّه عليهم. فبينما هم على ذلك أقبل عُقْبةُ بن عامر، فقال مَسلَمة: يا عقبةُ، اسمع ما يقول عبد الله، فقال عقبة: هو أعلم، أما أنا فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تزالُ عِصابةٌ من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين على العدو، لا يَضُرُّهم مَن خالَفَهم، حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك".

فقال عبد الله: أجل، ثم يبعَثُ الله ريحًا ريحُها المسك، ومسُّها مسُّ الحرير، فلا تترك نفسًا في قلبه مثقال حبّةٍ من الإيمان إلَّا قَبَضَته، ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

= "ذكر من لم يكن عنده إلا حديث واحد"(78) من خمسة طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وقالوا فيه كلهم:"فلم أرَ لي عليكم فضلًا إلا النبوة"، جعلوه من قول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه. ووقع في المطبوع من "الشريعة" مكان معاوية بن صالح: زمعة بن صالح، وهو تحريف.

وقد روى الزهري وغيره عن أنس بن مالك: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى يومًا ثم قام على منبره فذكر الساعة

ثم قال: "عُرضت عليَّ الجنة والنار آنفًا في عُرْض هذا الحائط، فلم أرَ كالخير والشر". أخرجه أحمد 20/ (12659) و (12820) و 21 / (13289) و (13718)، والبخاري (749) و (6362)، ومسلم (2359).

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1924)، وابن حبان (6836) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه رحمه الله.

وانظر لآخره في قصة الريح ما سلف قريبًا برقم (8613)، وما بعده.

ص: 164

8616 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا معاذ بن هشام: وحدثنى أبي، عن قتادة، عن أبي مِجلَز، عن قيس بن عُبَادٍ، عن عبد الله بن عمرو قال: من آخر أمر الكعبة أَنَّ الحَبَشَ يَغزُون البيت، فيتوجَّه المسلمون نحوهم، فيبعث الله عليهم ريحًا إثْرَها شرقيةً، فلا يدعُ الله عبدًا في قلبه مثقال ذرّةٍ من تُقًى إِلَّا قَبَضَته، حتى إذا فُرِّغوا من خيارِهم بقيَ عَجَاجٌ من الناس، لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر، وعَمَدَ كلُّ حيٍّ إلى ما كان يعبدُ آباؤُهم من الأوثان فيَعبُده، حتى يتسافَدوا في الطرق كما تتسافدُ البهائم، فتقوم عليهم الساعةُ، فمن أنبأكَ عن شيء بعد هذا فلا علم له

(1)

.

صحيح الإسناد على شرطهما موقوفٌ.

8617 -

أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا بشير بن المهاجر، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لله ريحًا يبعثها على رأس مئة سنة

(2)

تَقبِضُ روح كلِّ مؤمن"

(3)

.

(1)

إسناده حسن من أجل معاذ بن هشام الدستوائي.

ولم نقف عليه من هذا الوجه عند غير المصنف، وقد سلف نحوه عنده برقم (8613) من طريق عمران القطان عن قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن عبد الله بن عمرو، موقوفًا أيضًا، دون قصة الحبش في أوله.

ويشهد لقصة تخريب الحبشة للبيت حديث أبي هريرة مرفوعًا فيما سلف برقم (8601).

والعَجَاج من الناس: الغَوغاء والأراذل ومَن لا خير فيه، واحدهم عَجَاجة.

(2)

في (م) وحدها: رأس كل مئة سنة، بزيادة "كل"، ولم يرد في بقية النسخ ولا في مصادر التخريج.

(3)

إسناده ضعيف لتفرُّد بشير بن المهاجر به بهذا اللفظ، وإنما يعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد خولف في بعض هذا الحديث كما سيأتي.

وأخرجه البزار (4420)، والرُّوياني في "مسنده"(49) من طريقين عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد. =

ص: 165

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8618 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دَرَّاج، عن ابن حُجَيرة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"سيأتي على أمتي الزمانُ يَكثُر القراء ويقل الفقهاء، ويُقبَض العِلمُ، ويَكثُر الهَرْجُ" قالوا: وما الهرجُ يا رسول الله؟ قال: "القتل بينكم. ثم يأتي بعد ذلك زمانٌ يَقرأُ القرآنَ رجال لا يجاوز تَراقِيَهم، ثم يأتي بعد ذلك زمانٌ يجادل المنافق الكافر المشرك بالله المؤمنَ بمِثْل ما يقول"

(1)

.

= وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 101 - 102، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 75، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1262)، وابن الجوزي في "الموضوعات"(1688) من طريقين عن بشير بن المهاجر، به.

وحديث بشير هذا يفيد أنَّ هذا الأمر واقع في المئة الأولى من الهجرة أو أنه يتكرر عند رأس كل مئة سنة، ولذلك قال ابن الجوزي: هذا حديث باطل يكذبه الوجود، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه قال في بشير بن المهاجر: منكر الحديث يجيء بالعجائب.

وقد روى هذا الحديث الفضل بن موسى السيناني، عن عبد المؤمن بن خالد الحنفي، عن أبان، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه رفعه بلفظ:"لا تقوم الساعة حتى لا يُعبد الله في الأرض قبل ذلك بمئة سنة". فجعله في آخر الزمان.

أخرجه الطبري في مسند عمر من "تهذيب الآثار" 2/ 829، والمستغفري في "دلائل النبوة"(142) و (143)، والشجري في "أماليه" 2/ 273، وابن طولون في "الأحاديث المئة" (76). وسقط أبان من رواية الطبري وحده! وأما المستغفري فقال: أبان هو ابن زربي، كما وقع عنده من وجه صحيح، وأبان بن زربي هذا لم نقف له على ترجمة فهو مجهول، ووقع في رواية الشجري: عن أبان، يعني ابن خالد الحنفي، وكذلك اعتبره ابن طاهر المقدسي في "أطراف الغرائب" (1492) والذهبي في ترجمة أبان من "الميزان" وقال: هذا خبر منكر. قلنا: ولا يعرف لعبد المؤمن بن خالد الحنفي أخ في الرواة، والراجح ما وقع عند المستغفري، والله تعالى أعلم.

ورواية أبان عن ابن بريدة تتوافق مع ما سبق من الأحاديث إلا تعيين المدة التي لا يُعبد الله فيها قبل قيام الساعة.

(1)

إسناده ضعيف لتفرد درّاج أبي السَّمح فيه بزيادات لم تأتِ فيما صحَّ عن أبي هريرة، ودراج =

ص: 166

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8619 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم الأصبهاني، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان، عن الأعمش، عن خَيْثَمة، عن عبد الله بن عمرو قال: يأتي على الناس زمانٌ لا يبقى فيه مؤمن إلَّا لَحِقَ بالشام

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8620 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا هشام بن علي السِّيرافي، حدثنا عبد الله بن رجاء الغُدَاني

(2)

، حدثنا همَّام، عن قَتَادة، عن المهلَّب بن أبي صُفرة، عن عبد الله بن عمرو قال: تُبعَثُ نارٌ تسوقُ الناسَ من مشارق الأرض إلى مغاربها كما يُساقُ

= إنما يعتبر به في المتابعات والشواهد، فإذا انفرد ضُعِّف. ابن حجيرة: هو عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني.

وأخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"(1043) من طريق حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(3277) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن دراج، به.

والحديث إلى قوله: "القتل بينكم" قد روي نحوه من غير وجه صحيح عن أبي هريرة عند أحمد 12 / (7186) و (7488) و (7549) و 15 / (9527) و 16 / (10792) و (10863)، والبخاري (85) و (1036)، ومسلم (2672)(11) و (2888)(18)، وأبي داود (4255)، وابن ماجه (4052)، وابن حبان (6711) و (6718).

(1)

خبر صحيح محمد بن إبراهيم الأصبهاني مجهول كما سبق مرارًا لكنه لم ينفرد به.

سفيان: هو الثوري، وخيثمة: هو ابن عبد الرحمن الجُعفي.

وأخرجه ابن المبارك في "الجهاد"(193)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 315 عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 324، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 304، وأبو بكر الخلّال في "السنة"(1308)، وابن عساكر 1/ 315 من طرق عن سفيان، به. وزاد فيه الخلال ما سلف عند المصنف برقم (8570).

وأخرجه معمر في "جامعه"(20778) عن الأعمش، به.

(2)

تحرَّفت في النسخ الخطية بالعين المهملة والراء.

ص: 167

الجمل الكَسير، لها ما تَخلَّفَ منهم، إذا قالُوا قالت، وإذا باتُوا باتَتْ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8621 -

أخبرنا عَبْدانُ

(2)

بن يزيد الدَّقّاق بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا ابن أبي ذِئب، عن قارِظ بن شَيْبة، عن أبي غَطَفان قال: سمعتُ عبد الله بن عمرو يقول: تَخرُج معادنُ مختلفةٌ، مَعدِنٌ منها قريبٌ من الحجاز يأتيه شِرارُ الناس، يقال له: فِرعون، فبينما هم يعملون فيه إذْ حَسَرَ عن الذَّهب، فأعجبهم مُعتملُه، إذ خُسِفَ به وبهم

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإنَّ قتادة لم يسمع المهلب، بينهما فيه عمر ابن سيف كما وقع في "مشيخة إبراهيم بن طهمان"(61)، وسيأتي بيانه عند الحديث رقم (8861)، وعمر بن سيف هذا تفرَّد قتادة بالرواية عنه، فهو مجهول، وذكره ابن حبان في "ثقاته"!

ورواه بنحوه معمر عن قتادة - فيما سيأتي برقم (8707) عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو، فرفعه. وانظر تتمة تخريجه والكلام عليه هناك.

ويشهد له في المرفوع حديث أبي هريرة عند البخاري (6522) ومسلم (2861)، وفيه:"ويحشر بقيتَهم (أي: الناسَ) النارُ، تَقِيل معهم حيث قالوا، وتَبيت معهم حيث باتوا، وتُصبح معهم حيث أصبحوا، وتُمسي معهم حيث أمسوا".

وحديث أبي سريحة حذيفة بن أَسيد عند أحمد (26/ (16143) وغيره، وفيه:"ونار تخرج من قعر عَدَن ترحّل الناس، تنزل معهم حيث نزلوا، وتقيل معهم حيث قالوا"، ومعناه في "صحيح مسلم"(2901).

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية هنا إلى: غيلان، وقد جاء على الصواب عند المصنف في بضعة عشر موضعًا من هذا الكتاب.

(3)

إسناده حسن من أجل قارظ بن شيبة. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1694) عن عبد الله بن وهب، عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.

ص: 168

8622 -

أخبرني الحسن بن حَليم

(1)

المروَزي، حدثنا أبو نَصر أحمد بن إبراهيم السَّدَوَّري، حدثنا سعيد بن هُبيرة، حدثنا حماد بن زيد، أخبرنا أبو التَّيّاح قال: صلَّينا الجمُعة فانضمَّ الناسُ بعضُهم إلى بعض حتى كانوا كالرَّجُل

(2)

حول أبي رجاءٍ العُطَارِدي، فسألوه عن الفتنة، فقال: جاء رجلان إلى مجلس عُبادة بن الصامت فقالا: يا ابن الصامت، تعيدُ الحديث الذي حدَّثتَناه؟ فقال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يوشكُ أن يكونَ خيرُ المالِ شاءً بين مكة ومَدينة

(3)

تَرعَى فوق رؤوس الظِّرَاب، تأكل من ورق القَتَادِ والبَشَام، ويأكل أهلُه من لُحمانِه ويشربون من ألبانه، وجَراثيم العرب تَرتَهِشُ فيها الفتنُ" يقولها ثلاثًا، ثم قال: "والذي نفسي بيده، لأن يكونَ لأحدكم ثلاثُ مئة شاةٍ يأكلُ من لُحمانِها ويشرب من ألبانها، أحبُّ إليه من سَوَاريِّكم هذه ذهبًا وفضةٌ"

(4)

.

(1)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: حكيم، وقد سبق مرارًا التنبيه عليه.

(2)

هكذا في النسخ الخطية، والمعنى: أنهم تضامُّوا حتى صاروا كأنهم رجل واحد، وفي "تلخيص الذهبي": كالرَّحا والمعنى: أنهم صاروا حوله كالرحا المستديرة.

(3)

هكذا في "إتحاف المهرة"(6767)، وهو أقرب شيء إلى الصواب، وفي النسخ الخطية: شاتين مكية مدنية!

(4)

إسناده ضعيف سعيد بن هبيرة ليس بالقوي كما قال أبو حاتم الرازي، وهو صاحب غرائب، واتهمه ابن حبان في "المجروحين" بالوضع. أبو التياح: هو يزيد بن حميد الضُّبعي، وأبو رجاء العطاردي: هو عمران بن ملحان.

ويغني عنه حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري (19) وغيره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يكون خير مال المسلم غنمٌ يتبع بها شَعَفَ الجبال (أي: رؤوسها) ومواقع القطر، يفرُّ بدينه من الفتن".

الظِّراب: الجبال الصِّغار، والقَتَاد: شجر له شوك، والبشام: شجر طيِّب الريح يُستاك به، وجراثيم العرب أصولها، والجرثومة: الأصل.

وقوله: "ترتهش فيها الفتن" - ويروى بالسين المهملة - أي: تضطرب فيهم الفتنة ويقاتل بعضهم بعضًا.

ص: 169

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

8623 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُورمة، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان، عن جَبَلة بن سُحَيم، عن عامر بن مَطَر قال: سمعت حذيفة يقول: كيف أنتم إذا انفرجتُم عن دينكم انفراج المرأة عن قُبُلها؟

(1)

8624 -

وأخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن الصَّلت بن بَهرامَ، عن مُنذر بن هَوْدَة، عن خَرَشة بن الحُرِّ قال: قال حذيفة: كيف أنتم إذا انفرجتُم عن دينكم انفراج المرأة عن قُبُلها، لا تمنعُ من يأتيها؟ قال: فقال رجل: قبَّح الله العاجز، قال: بل قُبِّحت أنت

(2)

.

هذان الحديثان صحيحا الإسنادين، ولم يُخرجاه.

8625 -

أخبرنا حمزة بن العباس العَقَبي، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا عثمان بن عمر: وأخبرنا ابن جُرَيج، عن ابن أبي مُلَيكة قال: غَدَوتُ على ابن عباس ذات يوم، فقال: ما نمتُ البارحة حتى أصبحتُ، قلت: لِمَ؟ قال: قالوا: طَلَعَ

(1)

حسن محمد بن إبراهيم بن أورمة - وإن كان مجهولًا - لم ينفرد به، ومن فوقه لا بأس بهم في الجملة، وعامر بن مطر روى عنه غير واحد وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد توبع في الذي بعده. سفيان: هو الثوري.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 119 عن معاوية بن هشام، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. ومعاوية صدوق حسن الحديث.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(55) و (363) و (387) عن يحيى بن عبد الملك بن أبي غنيّة، عن أبيه، عن جبلة، به.

(2)

حسن بما قبله، ومنذر بن هوذة لم يرو عنه سوى الصلت بن بهرام، فهو في عداد المجهولين، ذلك فقد ذكره ابن حبان في "ثقاته".

وأخرجه ابن وضاح في "البدع والنهي عنها"(218) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 18 عن عبد الله بن نمير، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(241) من طريق مروان بن معاوية الفزاري كلاهما عن الصلت بن بهرام، به.

ص: 170

الكوكبُ ذو الذَّنَب، فخَشِيتُ أن يكون الدُّخَانُ قد طَرَقَ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، غير أنه على خلاف عبد الله بن مسعود: أنَّ آية الدُّخَان قد مَضَى

(2)

.

8626 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعراني، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: للدَّجّال آياتٌ معلومات: إذا غارتِ العُيون، ونَزَفَت الأنهار، واصفرَّ الرَّيحان، وانتقَلَت مَدْحِجُ وهَمْدانُ من العراق فنزلت قنَّسرين، فانتظروا الدَّجال غاديًا أو رائحًا

(3)

.

(1)

إسناده صحيح، وابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - صرّح بسماعه من ابن أبي مليكة عند غير المصنف. عثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي، وابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة.

وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/ 206 عن ابن جريج قال: أخبرني ابن أبي مليكة أو سمعته يقول ....

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 25/ 113 - ومن طريقه الثعلبي في "تفسيره" 8/ 351 - من طريق إسماعيل ابن عُليَّة، عن ابن جريج، به.

وأخرجه أبو عروبة الحرّاني كما في "المنتقى من كتابه الطبقات" ص 66، وأبو موسى المديني في "اللطائف من دقائق المعارف"(32) من طريق سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن أبي مليكة، به.

(2)

روي هذا عنه عند البخاري (1007) و (4820) ومسلم (2798) من طريق مسروق عنه.

(3)

إسناده ضعيف لاضطرابه، فعبد الله بن صالح سيئ الحفظ، وقد خالفه رشدين بن سعد وهو مثله سيئ الحفظ، فرواه عند نعيم بن حماد في "الفتن"(1473) عن عبد الله بن لهيعة، عن أبي قبيل - وهو حي بن هانئ المعافري - عن تُبيع ابن امرأة كعب الأحبار من قوله. وابن لهيعة أيضًا سيئ الحفظ.

وعلّق نعيم في "الفتن" أيضًا (1420) عن الوليد بن مسلم قال: وقال ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو قال: ستنتقل مذحج وهمدان من العراق حتى ينزلوا قنسرين. =

ص: 171

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8627 -

أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عُبيد بن شَريك البزّار، حدثنا أبو الجُماهر، حدثنا سعيد بن بَشير، عن قَتَادة، عن عُقبة بن عمرو بن أوس السَّدُوسي قال: أَتينا عبد الله بن عمرو بن العاص وعليه بُرْدانِ قِطْريَّانِ وعليه عمامةٌ، وليس عليه سِرْبال - يعني القميص - فقلنا له: إنك قد رَوَيتَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورَوَيتَ الكتب، فقال: ممَّن أنتم؟ قال: فقلنا: من أهل العراق، فقال: إنكم يا أهل العراق تكذبون وتُكذِّبون وتَسخَرون، قال: فقلت: لا والله لا نُكذِّبُك ولا نكذبُ عليك ولا نسخرُ منك، قال: فإنَّ بني قنطُوراء وكركرى

(1)

لا يخرجون حتى يربطوا خيولهم بنخل الأُبُلّة، كم بينها وبين البصرة؟ قال: فقلنا: أربعةُ فراسخ، قال: فيبعثون أن خلُّوا بيننا وبينها، قال: فيَلحَقُ ثلثٌ بهم، وثلثٌ بالكوفة، وثلثٌ بالأعراب، ثم يبعثون إلى أهل الكوفة: أن خلُّوا بيننا وبينها، فيلحقُ بهم ثلثٌ، وثلثٌ بالأعراب، وثلثٌ بالشام، قال: فقلنا: ما أَمَارَةُ ذلك؟ قال: إِذا طَبَّقَتِ الأرضَ إمارةُ الصِّبيان

(2)

.

= وقنسرين: مدينة بالشام قريبة من حلب، فتحها أبو عبيدة بن الجراح سنة 17 هـ.

(1)

كذا وقع هنا، وسيأتي عند المصنف (8675) و (8742) و (8832): قنطوراء بن كركري، وبنو قنطوراء المراد بهم: التُّرك.

(2)

صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهذا إسناد ضعيف لضعف سعيد بن بشير، وقد خولف فيه عن قتادة، حيث جعله من روايته عن عقبة بن عمرو بن أوس، وكذا وقع مسمّى هنا في رواية أبي الجماهر - وهو محمد بن عثمان التَّنوخي - عن سعيد بن بشير، ورواه الوليد بن مسلم عن سعيد عند نعيم بن حماد في "الفتن"(1896) والمستغفري في "دلائل النبوة"(253)، فسمَّاه عقبة بن أوس، وهو الصواب، وعقبة هذا لا بأس به.

رجعنا إلى الخلاف على قتادة، فالمحفوظ من رواية الثقات عنه روايته للخبر عن عبد الله بن بريدة عن سليمان بن الربيع عن عبد الله بن عمرو، هكذا رواه عنه نافع وسعيد بن أبي عروبة عند نعيم (1906)، وهمام بن يحيى عند ابن سعد في "الطبقات" 5/ 88، وهشام الدستوائي فيما سيأتي عند المصنف برقم (8742). ووقع عند بعضهم: سليمان بن ربيعة، والصواب: سليمان بن الربيع، وهذا لم يرو عنه غير عبد الله بن بريدة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال البخاري في "تاريخه" =

ص: 172

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8628 -

أخبرني محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنعاني بمكة حرسها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزُّهري، عن أبي إدريس الخَولاني، قال: أدركتُ أبا الدرداء ووَعَيتُ عنه، وأدركتُ عُبادة بن الصامت ووَعَيتُ عنه، وفاتني معاذُ بن جبل، فأخبرني يزيدُ بن عَمِيرة: أنه كان يقول في كل مجلس يجلسُه: اللهُ حَكَمٌ قِسط تبارك اسمُه، هَلَكَ المُرتابون، إنَّ من ورائكم فتنًا يَكثُر فيها المال، ويُفتح فيها القرآنُ حتى يأخذه الرجلُ والمرأة، والحرُّ والعبد، والصغيرُ والكبير، فيوشكُ الرجل أن يقرأ القرآن [فيقول: قد قرأتُ القرآن، فما للناس لا يتَّبعوني وقد قرأتُ القرآن؟!]

(1)

ثم يقول: ما هم مُتَّبِعيَّ حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما ابتدعتُم، فإنَّ ما ابتدعَ ضلالةٌ.

اتقوا زَلَّةَ الحكيم، فإنَّ الشيطان يُلقي على فمِ الحَكيم الضلالةَ، ويُلقي للمنافق كلمةَ الحق، قال: قلنا: وما يدريك - يرحمُك الله - أنَّ المنافق يُلقَّى كلمة الحق، وأنَّ الشيطان يُلقي على فم الحكيم كلمة الضلالة؟ قال: اجتنبوا من كلام الحكيم كلَّ متشابهٍ، الذي إذا سمعته قلت: ما هذا؟ ولا يُثنيك [ذلك] عنه، فإنه لعله أن يراجع ويُلقَّى

= 4/ 12: لا يعرف سماع قتادة من ابن بريدة ولا ابن بريدة من سليمان.

كذا قال البخاري، وسيأتي عند المصنف (8832) بإسناد قوي عن حسين بن ذكوان عن عبد الله بن بريدة تصريحه بسماعه هذا الخبر من سليمان بن الربيع في قصة طويلة فيها نحو حديث سعيد بن بشير عن قتادة.

وقد روى معنى هذا الخبر محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: أوشك بنو قنطوراء أن يخرجوكم من أرض العراق، قال عبد الرحمن: قلت: ثم يعودون؟ قال: وذاك أحب إليك، ثم يعودون ويكون لهم بها سلوة من عيش. وإسناده صحيح، ورواه عن ابن سيرين قتادة وأيوب فيما سيأتي عند المصنف برقم (8675) و (8676).

(1)

ما بين المعقوفين ليس في (ك) و (م) و (ب)، وأثبتناه من "تلخيص الذهبي" موافقةً لما في "جامع معمر"(20750).

ص: 173

الحقَّ، فاسمعه فإنه على الحق نورٌ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

8629 -

أخبرنا أبو منصور محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العتكي، حدثنا أبو سهل بشر بن سهل اللَّبّاد، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث بن سعد، حدثني أبو قَبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أنَّ رجلًا من أعداء المسلمين بالأندلس يقال له: ذو العرف، يَجمَع من قبائل الشِّرك جمعًا عظيمًا يعرف مَن بالأندلس أن لا طاقة لهم، فيهرب أهلُ القوَّة من المسلمين في السفن، فيُجيزون إلى طنجة

(2)

، ويبقى ضَعَفةُ الناس وجماعتُهم ليس لهم سفنٌ يُجيزون عليها، فيبعثُ الله عز وجل وَعِلًا ويُيبِّس

(3)

لهم في البحر، فيُجيز الوَعِلُ لا يغطِّي الماء أظلافه، فيراه الناس فيقولون: الوعل الوعلَ اتَّبعوه، فيُجِيزُ الناسُ على إثره كلُّهم، ثم يصير البحرُ على ما كان عليه، ويُجيز العدوُّ في المراكب، فإذا حسَّهم أهل إفريقيَّة هربوا كلُّهم حتى يدخلوا الفُسطاط، ويُقبلُ ذلك العدوُّ حتى ينزلوا فيما بين ترنوط إلى الأهرام مسيرة خمسة بُرُد، فيملؤون ما هنالك شرًّا، فتخرج إليهم رايةُ المسلمين على الجسر، فينصرهم الله عليهم، فيهزمونهم ويقتلونهم إلى لُوبِيَّةَ مسيرةَ عشر ليال، ويستوقدُ

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (4611) من طريق الليث بن سعد، عن عُقيل بن خالد، عن ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد.

وسيأتي بأطول ممّا هنا برقم (8646) من طريق أبي قلابة عن يزيد بن عميرة.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: لجة أو بجة، والتصويب من "تلخيص الذهبي" ومصادر التخريج. وطنجة: مدينة على ساحل المغرب على مضيق جبل طارق مقابل الجزيرة الخضراء من الأندلس.

(3)

تحرَّفت في النسخ الخطية إلى: وينشر والتصويب من "الفتن" لأبي عمرو الداني (484)، وتيبيس الشيء: تجفيفه، ومنه قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام:{فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} [طه: 77]

ص: 174

أهل الفُسطاط لعِجْلهم وأداتهم سبع سنين، ويَنفلتُ ذو العرف من القتل ومعه كتابٌ لا ينظرُ فيه إلَّا وهو منهزمٌ، فيَجِدُ فيه ذِكرَ الإسلام، وأنه يُؤمَر فيه بالدخول في السِّلْم، فيسأل الأمان على نفسه وعلى من أجابه إلى الإسلام من أصحابه الذين أقبلوا معه، فيُسلمُ فيصير من المسلمين، ثم يأتي العام الثاني رجلٌ من الحبشة يقال له: اسبس، وقد جمع جمعًا عظيمًا، فيهرب المسلمون منهم من أُسوان حتى لا يبقى بها ولا فيما دونَها أحدٌ من المسلمين إلا دخل الفُسطاط، فينزل اسبس بجيشه مَنْفَ، وهو على رأس بَريدٍ الفُسطاط، فتخرج إليهم رايةُ المسلمين على الجسر، فينصرُهم الله عليهم، فيقتلونهم ويأسرونهم، حتى يُباع الأسوَدُ بعباءةٍ

(1)

.

هذا حديث صحيح موقوف الإسناد على شرط الشيخين

(2)

، وهو أصل في معرفة وقوع الفتن بمصر، ولم يُخرجاه.

ومَنْفُ: هو الذي يقول منصورٌ الفقيه رحمه الله فيه:

(1)

متنه منكر غريب وذكر عبد الله بن عمرو فيه مستنكر، فإنَّ الأندلس إنما عُرفت ودخلها المسلمون بعد وفاته رضي الله عنه بسنوات، إذ كان فتح تلك البلاد على يد طارق بن زياد رحمه الله ابتداءً من سنة 92 هـ.

وهذا الخبر قد تفرد به أبو قبيل - وهو حيي بن هانئ المعافري - وهو مختلف فيه، وهو إلى التوثيق أقرب إلّا أنَّ له مناكير؛ ذلك لأنه كان يكثر النقل عن الكتب القديمة كما قال الحافظ ابن حجر في ترجمة عبيد بن أبي قرة من "تعجيل المنفعة" 1/ 853.

وبشر بن سهل اللباد وإن كان مجهول الحال كما سلف في ترجمته عند الحديث (261)، وعبد الله بن صالح وإن كان سيئ الحفظ، إلا أنهما لم ينفردا به.

فقد روى نحوه رشدين بن سعد، عن عبد الله بن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو.

أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1331)، ومن طريقه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(484)، ورشدين ضعيف.

والفُسطاط وترنوط ولوبيّة وأُسوان ومنف كلها بلدان مصرية ذكرها ياقوت في "معجم البلدان".

(2)

تعقَّبه الذهبي في "تلخيصه" بقوله: ليس على شرطهما، فإنهما لم يخرجا لأبي قبيل، ولا روى مسلم لعبد الله بن صالح شيئًا لضعفه، والبخاري لم يكد يفصح به.

ص: 175

سألتُ أمس قُصورًا

بعَينِ شمسٍ ومَنْفِ

عن أهلها أين حَلُّوا

فلم تُجِبْني بحَرفِ

8630 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم الأصبهاني، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان، عن أبي حصين، عن عبد الرحمن بن بِشْر

(1)

الأنصاري قال: أتى رجلٌ بادِي

(2)

ابن مسعود، فأكبَّ عليه، فقال: يا أبا عبد الرحمن، متي أَضِلُّ وأنا أعلم؟ قال: إذا كان عليك أمراء إذا أطعتهم أدخلوك النار، وإذا عصيتهم قتلوك

(3)

.

وهذا موقوفٌ صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

قال الحاكم رحمه الله: هذه أحاديث ذكرها عبد الله بن وَهْب في الملاحم، وعَلَوتُ فيها فأخرجتها، وإن كانت غير مسانيد:

8631 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جُبَير، عن أبيه، عن أبي ثَعلبة الخُشَني، قال: إذا رأيت الشام مائدة رجلٍ

(4)

واحد وأهل بيته،

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: بشير، بزيادة ياء فيه، وعبد الرحمن بن بشر هذا: هو عبد الرحمن بن بشر بن مسعود الأنصاري، أبو بشر المدني.

(2)

أي: من أهل البادية.

(3)

خبر حسن، ومحمد بن إبراهيم الأصبهاني - وهو ابن أورمة - وإن كان مجهولًا كما سبق مرارًا، إلا أنه لم ينفرد به.

فقد رواه وكيع عند ابن أبي شيبة في "المصنف" 15/ 49 عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وهو إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن بشر، فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات".

وأبو حصين: هو عثمان بن عاصم الأسدي.

(4)

في النسخ الخطية: إذا رأيت بيدة بيد رجل، وهو تحريف والصواب: إذا رأيت الشام مائدة رجل

كما في مصادر التخريج.

ص: 176

فعند ذلك فتحُ القُسطَنطينيّة

(1)

.

8632 -

حدثنا محمد، حدثنا بحر، حدثنا ابن وهب، أخبرني معاوية، عن الحسن بن جابر وأبي الزاهرية، عن كعب قال: إِنَّ المَعاقِلَ ثلاثةٌ: فَمَعقِلُ الناس يومَ المَلاحم بدمشق، ومَعقِلُ الناس يومَ الدَّجال نهرُ أبي فُطْرُس - يَمرُقُ من الناس من يقول: بيت المقدِس - ومَعقِلُهم يومَ يأجوج ومأجوجَ بِطُورِ سَيْنا

(2)

.

8633 -

حدثنا محمد، حدثنا بحر، حدثنا ابن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جُبير بن نُفَير، عن أبي الدرداء قال: إذا خُيِّرتُم بين الأَرَضِينَ فلا تختاروا إرمينية، فإنَّ فيها قطعةً من عذاب الله

(3)

.

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه أحمد (29/ (17734) من طريق ليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد.

وزاد في أوله ما سلف عند المصنف برقم (8511).

(2)

خبر صحيح عن كعب: وهو كعب الأحبار، كان يهوديًا فأسلم في خلافة أبي بكر، وكان يحدثهم عن الكتب الإسرائيلية ويحفظ عجائب كما قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 3/ 489، وأعلَّ هذا الخبر في "تلخيصه" بالانقطاع؛ يعني بين الحسن بن جابر وأبي الزاهرية وهو حُدير بن كريب - وقد توبعا.

وأخرجه مختصرًا نعيم بن حماد في "الفتن"(1648) عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (713) و (1627)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 244 من طريق صفوان بن عمرو السكسكي، عن أبي الزاهرية وحده، به.

وأخرجه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(501) و (672)، والربعي في "فضائل الشام ودمشق"(118)، وابن عساكر 1/ 244 من طريق محمد بن الوليد الزبيدي، عن الفضيل بن فضالة، عن كعب بن عجرة.

ونهر أبي فطرس: في فلسطين، يعرف اليوم بنهر العوجا وبنهر يافا أيضًا؛ لأنه يصبّ في البحر شمالها.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه مبيَّنًا ابن أبي شيبة 5/ 326 (19798 - عوامة) عن عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي الدرداء قال: إذا عُرض عليكم الغزو فلا تختاروا إرمينية، فإنّ بها =

ص: 177

8634 -

حدثنا محمد، حدثنا بَحْر، حدثنا ابن وهب قال: وأخبرني معاوية، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفير، عن كعب قال: الجزيرةٌ آمنةٌ من الخراب حتى تَخرَبَ إرمينِيَةُ، ومصر آمنةٌ من الخراب حتى تَخرَبَ الجزيرةُ، والكوفةُ آمنةٌ من الخراب حتى تَخرَبَ مصرُ، ولا تكون المَلحَمةُ حتى تَخرَبَ الكوفةُ، ولا تُفتَحُ مدينةُ الكُفر حتى تكونَ المَلحمةُ، ولا يخرج الدجالُ حتى تُفتَحَ مدينةُ الكفر

(1)

.

8635 -

حدثنا أبو العباس، حدثنا بحر، حدثنا ابن وهب، حدثنا معاوية بن صالح، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب أنه كان يقول: ولدُ نوحٍ ثلاثةٌ: سامٌ وحامٌ ويافِتُ، فوَلَدَ سامٌ: العرب وفارس والروم، وفي كلِّ هؤلاء خيرٌ، وولد حامٌ: السُّودان والبرير والقبط، وولد يافثُ: التُّركَ والصَّقالبة ويأجوج ومأجوج

(2)

.

8636 -

حدثنا محمد، حدثنا بَحْر بن نصر، حدثنا ابن وهب، حدثنا معاوية بن صالح، عن أبي الزاهريَّة، عن كعب قال: لا تكون الملاحمُ إلَّا على يدي رجلٍ من

= عذابًا من عذاب الله؛ القُرّ. ورجاله ثقات إلّا أنه منقطع، حسان بن عطية لم يدرك أبا الدرداء.

والقُرُّ: البرد الشديد، وقد تحرَّف في الطبعة الهندية "من مصنف ابن أبي شيبة" إلى: القبر.

(1)

إسناده ضعيف لانقطاعه عبد الرحمن بن جبير لم يدرك كعب الأحبار، وكعب كان يأتي بالعجائب كما سبق قريبًا. وقال الذهبي في "تلخيصه": منقطع واهٍ.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(892) مختصرًا، والمستغفري في "دلائل النبوة"(309) من طرق عن صفوان بن عمرو السكسكي، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(454) من طريق إسماعيل بن عياش، عن بعض أصحابه قال: وجدت في كتاب خالد بن معدان: قال عبد الله عن كعب الحَبْر

وذكره.

(2)

رجاله ثقات. وهو في "جامع ابن وهب"(25 - أبو الخير).

وروي في المرفوع من حديث الحسن البصري عن عمران بن حصين وسمرة بن جندب: "ولد نوح ثلاثة: سام وحام ويافث أبو الروم"، وقد سلف عند المصنف برقم (4050). وفي بعض رواياته كما عند أحمد 33/ (20099) وغيره:"سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم".

ص: 178

آل هِرَقلَ، الرابعِ أو الخامسِ يقال له: طبارة

(1)

.

8637 -

حدثنا محمد، حدثنا بحر، حدثنا ابن وهب، أخبرنا معاوية بن صالح، عن صفوان بن عمرو، أنه سمع أبا مريم مولى أبي هريرة يقول: مرَّ أبو هريرة بمروان وهو يَبْني داره التي وَسَط المدينة، قال: فجلستُ إليه والعمال يعملون، قال: ابنُوا شديدًا، وأَمِّلوا بعيدًا، وموتوا قريبًا، فقال مروان: إنَّ أبا هريرة ليُحِدِّثُ العمّال، فماذا تقول لهم يا أبا هريرة؟ قال: قلت: ابنوا شديدًا، وأمِّلوا بعيدًا، وموتوا قريبًا، يا معشر قريش - ثلاث مرّات. اذكروا كيف كنتم أمس وكيف أصبحتم اليومَ تُخدمون، أرقَّاؤكم فارسُ والرّومُ، كلوا خبزَ السَّمِيذ، واللحمَ السَّمين، لا يأكُل بعضُكم بعضًا، ولا تَكادَمُوا تكادُمَ البراذين، وكونوا اليومَ صغارًا تكونوا غدًا كبارًا، والله لا يرتفعُ منكم رجلٌ درجةً إِلَّا وَضَعَه الله يوم القيامة

(2)

.

8638 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُوزمة، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَقتتِلُ

(3)

عند كَنزكم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثم

(1)

إسناده ضعيف لانقطاعه بين أبي الزاهرية - وهو حدير بن كريب - وبين كعب الأحبار.

وأخرج نعيم بن حماد في "الفتن"(1390) بإسناد فيه ضعف أيضًا من طريق يزيد بن خمير، عن كعب قال .... والملاحم على يدي رجل من آل هرقل.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرج ابن أبي الدنيا في "قصر الأمل"(259) من طريق عوف الأعرابي، عن أبي السَّليل ضريب بن نُقير قال: وقف أبو هريرة على مروان وهو يبني بيتًا له، فقال: السلام عليك يا أبا عبد القُدُّوس، ابنوا شديدًا، وأمِّلوا بعيدًا، واحيوا قليلًا، وأَخضموا فسيُقضَم، والموعدُ الله. وإسناده منقطع، أبو السليل لم يسمع من أبي هريرة. وأخضِموا، أي: أكثروا ووسِّعوا.

وتكادُم البراذين: عضُّ بعضها بعضًا، والبِرذَون من الخيل: ما ليس بعرابيٍّ.

(3)

في (م) و (ب): يقتل، بتاء واحدة والمثبت من "تلخيص الذهبي"، وهو الموافق لما في مصادر التخريج.

ص: 179

لا يصيرُ إلى واحدٍ منهم، ثم تَطلُعُ الراياتُ السُّودُ من قِبَل المشرق، فيقاتلونكم قتالًا لم يُقاتِله قومٌ" ثم ذكر شيئًا فقال:"إذا رأيتُموه فبايِعُوه، ولو حَبوًا على الثّلج، فإنه خليفةُ الله المَهْدِيُّ"

(1)

.

(1)

ضعيف مضطرب، مداره على خالد بن مهران الحذّاء، فالحديث يعرف به كما يفهم من كلام تلميذه الإمام الحُجة إسماعيل ابن عُليَّة فيما قال أحمد بن حنبل عنه في "العلل" برواية ابنه عبد الله (2443)، والجمهور على توثيق خالد، إلّا أنَّ ابن عُليَّة قال: كان خالد يرويه فلم نلتفت إليه، ثم ضعف ابن عليَّة أمرَه؛ يعني حديث خالد هذا في الرايات. قلنا: ولعلَّه أُدخل عليه، فإنَّ تلميذه الآخر الحُجّة حماد بن زيد أشار إلى أنه تغيَّر حفظه بأخرة، فقد روى العقيلي في "الضعفاء" 1/ 565 عن يحيى بن آدم قال: قلت لحماد بن زيد: ما لخالدٍ الحذاء في حديثه؟! قال: قدم علينا قدمةً من الشام فكأنّا أنكرنا حفظه. قلنا: وقد وقع خلاف في لفظه وفي رفعه ووقفه كما سيأتي.

وأما رواية شريك بن عبد الله النخعي له عن علي بن زيد بن جُدعان عن أبي قلابة عند أحمد 37/ (22387) وغيره، فالغالب أنه من تخليط شريك، فإنه كان سيئ الحفظ، وقد ذكره الذهبي في ترجمة علي بن زيد من "الميزان" وقال: أراه منكرًا. انتهى، وعلي بن زيد ضعيف وله عجائب ومناكير.

أما حديث سفيان - وهو الثوري - عن خالد الحذّاء، فقد أخرجه ابن ماجه (4084)، والبزار في "مسنده"(4163)، والروياني في "مسنده"(637)، والمستغفري في "دلائل النبوة"(54)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(548)، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 515 من طرق عن عبد الرزاق، عن سفيان الثوري بهذا الإسناد بمثل رواية المصنف التي ظاهرها المفارقة بين الرايات السود وبين المهدي، فإنَّ في الكلام بينهما انقطاعًا يفهم من قوله:"ثم ذكر شيئًا"، وعند غير المصنف ثم ذكر شيئًا لا أحفظه، غير رواية أحمد بن منصور الرمادي عن عبد الرزاق عند الداني فبلفظ: "

ثم لا يصير الملك إلى أحد منهم، ثم تُقبل الرايات السُّود من قبل خُراسان، فائتوها ولو حبوًا على الركب، فإنَّ فيها خليفة الله المهدي"، فجعل المهدي من أصحاب الرايات السود.

وهكذا رواه عبدُ الوهاب بن عطاء الخفّاف عن خالد الحذاء كما سيأتي عند المصنف برقم (8741)، إلّا أنه وقفه على ثوبان من قوله بلفظ: إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان، فائتوها ولو حبوًا، فإنَّ فيها خليفة الله المهدي. فهذا عبد الوهاب الخفاف قد خالف سفيان في إسناده =

ص: 180

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

8639 -

أخبرنا أبو حفص أحمد بن أحيد

(1)

الفقيه ببُخارى، أخبرنا أبو هارون سهل بن شاذان، حدثنا يحيى بن جعفر، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ الناس في الفتن رجلٌ آخذٌ بعِنَان - أو قال: برَسَن - فرسِه خلف أعداء الله، يُخيفُهم ويُخيفونَه، أو رجلٌ معتزل في باديته يؤدِّي حق الله عليه"

(2)

.

هذا حديث على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8640 -

أخبرني أبو بكر بن أبي دارِم الحافظ بالكوفة، حدثنا محمد عثمان بن سعيد القرشي، حدثنا يزيد بن محمد الثَّقفي، حدثنا حنان بن سَدِير، عن عمرو بن قيس، عن الحَكَم، عن إبراهيم، عن علقمة بن قيس وعبيدة السَّلماني، عن عبد الله بن مسعود قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلينا مستبشرًا يُعرَفُ السُّرورُ في وجهه، فما سألناه عن شيء إلَّا أخبرنا به، ولا سَكتنا إلَّا ابتدأَنا، حتى مرَّت فتيةٌ من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلما رآهم خَثَرَ لمَمَرَّهم وانهملَت عيناه، فقلنا: يا رسول الله، ما نزال نرى في وجهك شيئًا نَكرَهُه، فقال: "إِنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا

= ولفظه، وعبد الوهاب لا بأس به إلّا أنه ليس بمرتبة سفيان في الثقة.

وقد صحَّح إسناد حديث سفيان الثوري: البزارُ في "مسنده" والقرطبي في "التذكرة" ص 1201 وابن كثير في "البداية والنهاية" 19/ 62!

وذُكرت هذه الرايات السُّود أيضًا في حديث عن أبي هريرة مرفوع عند أحمد 14/ (8775) والترمذي (2269)، وسنده ضعيف جدًّا.

وفي حديث آخر عن ابن مسعود عند ابن ماجه (4082)، وسنده ضعيف لا يصح. وسيأتي نحوه عند المصنف برقم (8640). ولا يصح في هذا الباب شيء، والله تعالى أعلم.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أحمد بن حنبل، والتصويب من أسانيد المصنف في بضعة مواضع أخرى من هذا الكتاب.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد لا بأس برجاله، وقد سلف الكلام عليه برقم (8585).

ص: 181

الآخرة على الدنيا، وإنه سيَلقَى أهلُ بيتي من بعدي تطريدًا وتشريدًا في البلاد، حتى تُرفَعَ رايات سودٌ من المشرق، فيسألون الحقَّ فلا يُعطونه، ثم يسألونه فلا يُعطونه، فيُقاتلون فيُنصرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأتِ إمامَ أهل بيتي ولو حَبوًا على الثَّلج، فإنها راياتُ هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطئُ اسمُه اسمي، واسمُ أبيه اسمَ أبي، فيَملِكُ الأرضَ فيملؤُها قسطًا وعَدْلًا كما مُلِئَت جَوْرًا وظُلمًا"

(1)

.

8641 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُورمة، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن زيد بن وَهْب، عن حُذيفة قال: أتتكم الفتنةُ تَرمي بالرَّضْف

(2)

، أتتكم الفتنةُ السوداءُ المُظلمة، إنَّ للفتنة وَقَفَاتٍ وبَعَثاتٍ، فمن استطاع منكم أن يموتَ في وَقَفاتها فليفعل

(3)

.

(1)

حديث منكر، وقال الذهبي في "تلخيصه": هذا موضوع. قلنا: وعلّته شيخ المصنف أبو بكر بن أبي دارم، فإنَّ الحاكم نفسه قد تكلّم فيه فقال - فيما نقله الذهبي في "ميزان الاعتدال" -: رافضي غير ثقة. وقد تفرَّد بهذا الإسناد والسياق.

وإنما يعرف هذا الحديث - كما قال البزار في "مسنده"(1491) - من حديث يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم عن إبراهيم: وهو ابن يزيد النخعي. هكذا رواه جماعة عنه منهم علي بن صالح الهمداني عند ابن ماجه (4082)، وانظر تتمة تخريجه والكلام عليه هناك.

خَثَرَ، أي: انزعج وتكدَّر خاطره.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: بالرشف، والتصويب من "تلخيص الذهبي". والرَّضْف: الحجارة المحماة على النار، واحدتها رَضْفة، قال ابن الأثير في "النهاية" وذكر حديث حذيفة هذا: أي: هي في شدّتها وحرّها كأنها ترمي بالرضف.

(3)

خبر صحيح، محمد بن إبراهيم بن أورمة - وإن كان لا يُعرف - لم ينفرد به، وقد سلف الشطر الثاني بهذا الإسناد عند المصنف برقم (8538).

وأخرج أوله أبو نعيم في الحلية 1/ 273 من طريق قتيبة بن سعيد، عن جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، بهذا الإسناد عن حذيفة بلفظ: أتتكم الفتن ترمي بالنَّشف، ثم أتتكم ترمي بالرضف، ثم أتتكم سوداء مظلمة. وإسناده صحيح. =

ص: 182

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8642 -

أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا هلال بن العلاء الرَّقِّي، حدثنا عمرو بن عثمان الكلابي، حدثنا عبيد الله

(1)

بن عمرو، حدثنا مَعمَر، عن الزُّهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تكون فتنةٌ يقتتلون عليها على دعوى جاهليةٍ، قتلاها في النار"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8643 -

أخبرني محمد بن علي الصَّنعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن خُثَيم، عن نافع بن سَرجِس، عن أبي هريرة قال: أيها الناسُ، أظلَّتكُم فتنةٌ كقِطَع الليل المظلم، أنجى

(3)

الناس فيها - أو قال: منها - صاحب شاءٍ يأكل من رسل غنيه، أو رجلٌ وراءَ الدَّرْب آخذٌ بعنان فرسه يأكلُ من سيفه

(4)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

= والنَّشَف، كما قال ابن الأثير في "النهاية": حجارة سود كأنها أُحرقت بالنار، وإذا تُركت على رأس الماء طَفَت ولم تغص فيه

ومنه حديث حذيفة؛ وذكر نحوه، ثم قال: يعني أن الأولى من الفتن لا تؤثر في أديان الناس لخفّتها، والتي بعدها كهيئة حجارة قد أُحميت بالنار فكانت رضفًا، فهي أبلغ في أديانهم، وأثلم لأبدانهم.

وأخرجه بشطريه ضمن قصة طويلة في زمن فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه: ابن عساكر في "تاريخ دمشق" - 39/ 478 - 479 من طريق جرير بن حازم، عن الصلت بن بهرام، عن زيد بن وهب، وذكر القصة. وإسناده صحيح. وسيأتي نحوه برقم (8833) من طريق عمران الخياط عن زيد بن وهب.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبد الله، مكبَّرًا. وعبيد الله بن عمرو هذا: هو الرقِّي.

(2)

إسناده ضعيف بمرّةٍ من أجل عمرو بن عثمان الكلابي، ولم نقف على هذا الحديث عند غير المصنف.

(3)

في النسخ الخطية: إنما، وهو تحريف.

(4)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. وهو مكرر (8536).

ص: 183

8644 -

أخبرني الحسين بن علي بن محمد بن يحيى التَّميمي، أخبرنا أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن حَيدَر الحِميَري

(1)

بالكوفة، حدثنا القاسم بن خليفة، حدثنا أبو يحيى عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِماني، حدثنا عمر بن عبيد الله العَدَوي، عن معاوية بن قُرَّة، عن أبي الصِّدِّيق الناجي، عن أبي سعيد الخُدري قال: قال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: "يَنزِل بأُمَّتي في آخر الزمان بلاءٌ شديدٌ من سلطانهم، لم يُسمَعْ بلاءُ أَشدُّ منه، حتى تضيقَ عنهم الأرضُ الرَّحْبةُ، وحتى تُملأ الأرضُ جَوْرًا وظلمًا، لا يجدُ المؤمنُ مَلجأً يلتجئ إليه من الظُّلم، فيَبعَثُ الله عز وجل رجلًا من عِترتي، فيملأُ الأرضَ قِسطًا وعَدلًا كما مُلتَت ظُلمًا، وجورًا، يرضى عنه ساكنُ السماء وساكنُ الأرض، لا تَدَّخِرُ الأرضُ من بَدْرِها شيئًا إلَّا أخرجته، ولا السماء من قَطرِها شيئًا إلَّا صبَّه الله عليهم مدرارًا، يعيش فيهم سبعَ سنين أو ثمان أو تِسعَ، تتمنَّى الأحياءُ الأمواتَ مما صَنَعَ اللهُ عز وجل بأهل الأرض من خيره"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

في (م): إبراهيم بن عبد الحميدي.

(2)

إسناده مظلم كما قال الذهبي في "تلخيصه"، الحسن بن إبراهيم الحميري لم نقف له على ترجمة، والقاسم بن خليفة ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 7/ 109 ونقل عن الحافظ علي بن الحسين بن الجنيد أنه قال: كتبت عنه وكان شيعيًّا. وعمر بن عبد الله العدوي وهو عمر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر - روى عنه غير واحد ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، فهو والقاسم بن خليفة في حالهما جهالة.

وهذا الحديث بهذا الإسناد لم نقف عليه عند غير المصنف، وهو مشتهر بهذا السياق من رواية أبي هارون العبدي عن معاوية بن قرّة، رواه عنه معمر في "جامعه" برواية عبد الرزاق (20770)، ومن طريقه أخرجه العقيلي في "الضعفاء"(1811)، وأبو الطيب الحوراني في "جزئه"(41)، وأبو أحمد الحاكم في "فوائده"(82)، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة" (4280). وأبو هارون العبدي: هو عُمارة بن جُوَين، وهو متروك الحديث، وكذَّبه بعضهم.

وستأتي قطع منه عند المصنف من غير وجه عن أبي الصديق الناجي - واسمه بكر بن عمرو - بالأرقام (8882) و (8886) و (8887) و (8888)، وانظر (8883).

ص: 184

8645 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرُو، حدثنا سعيد بن مسعود، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا عبد الملك بن قُدامة الجُمحي، عن إسحاق بن بكر أبي

(1)

الفُرَات، عن سعيد بن أبي سعيد المقبُري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تأتي على الناس سنواتٌ خدَّاعاتٌ

(2)

، يُصدَّق فيها الكاذبُ ويُكذَّبُ فيها الصادقُ، ويُؤتَمَنُ فيها الخائنُ ويُخوَّنُ فيها الأمين، ويَنطِقُ فيهم الرُّوَيْبِضةُ" قيل: يا رسول الله، وما الرُّويبضة؟ قال:"الرجلُ التافه يتكلَّم في أمرِ العامَّة"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8646 -

أخبرنا الحسن بن حَليم

(4)

المروزي، حدثنا أبو نصر أحمد بن إبراهيم

(1)

تحرَّف لفظ "أبي" في النسخ الخطية إلى: بن، فبكرٌ هو أبو الفرات كما وقع في ترجمة إسحاق من "تهذيب الكمال" وفروعه.

(2)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: جدعان، والتصويب من "تلخيص الذهبي" ومصادر التخريج.

(3)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الملك بن قدامة وجهالة إسحاق بن أبي الفرات.

وأخرجه أحمد 13/ (7912) عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (4036) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون به - إلا أنه قال فيه: إسحاق بن أبي الفرات عن المقبري عن أبي هريرة، فأسقط أحد المقبريَّين منه ..

وسيأتي عند المصنف برقم (8776) من طريق حجاج بن محمد عن عبد الملك بن قدامة.

وأخرجه أحمد 14 / (8459) من طريق فليح بن سليمان، عن سعيد بن عبيد بن السباق، عن أبي هريرة. وفليح حسن الحديث في المتابعات والشواهد.

ويشهد له حديث أنس بن مالك عند أحمد 21 / (13289) و (13299). وهو حديث حسن.

وآخر من حديث عوف بن مالك الأشجعي عند البزار (2740)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(464)، والطبراني في "الكبير" 18/ (123 - 125) و"مسند الشاميين"(47). وإسناده محتمل للتحسين.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حكيم.

ص: 185

السَّدَوَّري، حدثنا سعيد بن هُبيرة، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، أخبرنا أيوب، عن أبي قِلابة، عن يزيد بن عَمِيرة، عن معاذ بن جبل قال: تكون فتنةٌ يكثرُ فيها المالُ، ويُفتَح فيها القرآنُ حتى يقرأَه المؤمن والمنافق، والصغيرُ والكبير، والمرأةُ، يقرؤُه الرجلُ سرًا فلا يُتَّبَعُ عليها، فيقول: والله لأقرأَنَّه علانيَةً، ثم يقرؤُه علانيةً فلا يُتَّبَعُ عليها، فيتَّخِذُ مسجدًا ويبتدعُ كلامًا ليس في كتاب الله ولا من سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإيَّاكم وإيَّاه، فإِنَّ كُلَّ مَا ابْتَدَعَ ضلالةٌ قالَها.

قال: ولما مَرِضَ معاذُ بن جبل مَرَضَه الذي قُبِضَ فيه، كان يُغشَى عليه أحيانًا ويُفيق أحيانًا، حتى غُشِيَ عليه غَشْيةً ظننَّا أنه قد قُبِضَ، ثم أفاق وأنا مُقابله أبكي، فقال: ما يبكيك؟ قلت: والله لا أبكي على دنيا كنت أنالُها منك، ولا على نسبٍ بيني وبينك، ولكن أبكي على العِلْم والحِلْم الذي أسمعُ منك يذهبُ، قال: فلا تبكِ، فإنَّ العلم والإيمان مكانَهما، من ابتغاهما وَجَدَهما، فابتَغِهِ حيث ابتغاهُ إبراهيم عليه السلام، فإنه سأل الله وهو لا يعلمُ - وتلا:{إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات: 99]- وابْتَغِهِ بعدي عند أربعة نفرٍ، وإن لم تَجِده عند واحدٍ منهم فسائرُ الناس أَعْيا به؛ عبدُ الله بن مسعود وعبدُ الله بن سَلَام وسلمانُ وعُويمرٌ أبو الدرداء.

وإيّاكَ وزَيْغةَ الحكيم وحُكم المنافق، قال: قلت: وكيف لي أن أعلم زيغةَ الحكيم وحُكمَ المنافق؟ قال: كلمةُ ضلالةٍ يُلقيها الشيطانُ على لسان الرجل، فلا تَحْمِلْها ولا تَتَأمَّل منه، فإنَّ المنافق قد يقول الحقَّ، فخُذِ العِلمَ أَنَّى جَاءَك، فإنَّ على الحقِّ نورًا، وإيّاكَ ومُعضلاتِ الأمور

(1)

.

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل سعيد بن هبيرة، فقد قال فيه أبو حاتم الرازي: ليس بالقوي، واتهمه ابن حبان في "المجروحين"، لكن لم ينفرد به.

فقد تابعه أسد بن موسى عند ابن وضاح في "البدع والنهي عنها"(63)، وأحمد بن يحيى بن حميد الطويل عند الطبراني في "الكبير" 20/ (227)، كلاهما عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وكلاهما رواه مختصرًا دون قصة مرض معاذ. =

ص: 186

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8647 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو جعفر محمد بن عوف

(1)

ابن سفيان الطائي بحِمص، حدثنا أبو المغيرة عبد القُدُّوس بن الحجَّاج، حدثنا عبد الله بن سالم الحمصي، عن العلاء بن عُتْبة اليَحصُبي، عن عُمير بن هانئ العنسي قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الفتن وأكثرَ في ذكرها، حتى ذكر فتنة الأحلاس، فقال قائل: وما فتنةُ الأحلاس؟ قال: "هي فتنةُ هَرَبٍ وحَرَبٍ، ثم فتنةُ السَّرَّى - أو السَّرَّاء - ثم يصطلحُ الناسُ على رجلٍ كوَرِكٍ على ضِلَع، ثم فتنةُ الدَّهماء، لا تدعُ [أحدًا] من هذه الأُمَّة إِلَّا لَطَمَتْه لَطْمَةً، فإذا قيل: انقطعت تمادَتْ، يصبحُ الرجلُ فيها مؤمنًا ويُمسي كافرًا، حتى يصير الناسُ إلى فُسطاطين: فُسطاطٍ إيمان لا نفاق فيه، وفُسطاط نفاقٍ لا إيمانَ فيه، فإذا كان ذاكم فانتظروا الدَّجّال من اليوم أو غدٍ"

(2)

.

= وقد سلف بطوله بنحوه عند المصنف برقم (8628) من حديث الزهري عن أبي إدريس الخولاني عن يزيد بن عميرة، وإسناده صحيح. لكن ليس فيه قصة وصاة معاذ بالأربعة النفر المذكورين، وقد سلفت هذه القصة عنده برقم (338) و (5264) من حديث ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس عن يزيد بن عميرة، وإسنادها صحيح أيضًا.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عون.

(2)

رجاله ثقات غير العلاء بن عتبة، فهو صالح الحديث، وقد خولف في وصل هذا الحديث كما سيأتي.

وأخرجه أحمد 10/ (6168)، وأبو داود (4242) من طريق أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، بهذا الإسناد.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(93) عن الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن عمير بن هانئ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وابن جابر هذا من حفاظ الشام وثقاتهم.

وقال أبو حاتم الرازي كما في "علل الحديث" لابنه: (2757): والحديث عندي فليس بصحيح كأنه موضوع!

قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 337: قوله: "فتنة الأحلاس" إنما أُضيفت الفتنة إلى الأحلاس =

ص: 187

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8648 -

أخبرنا أحمد بن جعفر

(1)

القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا القاسم بن الفضل الحُدَّاني، عن أبي نَضْرة العَبْدي، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لا تقومُ الساعةُ حتى تكلِّمَ السِّباعُ الإنسان، وحتى تكلِّمَ الرجلَ عَذَبةٌ سَوطِه وشِرَاكُ نعله، وتخبرَه بما أحدَثَ أهلُه من بعده"

(2)

.

= لدوامها وطول لُبثها، يقال للرجل إذا كان يلزم بيته لا يبرح منه: هو حِلْس بيته، لأنَّ الحِلس يُفتَرش فيبقى على المكان ما دام لا يُرفع. وقد يحتمل أن تكون هذه الفتنة إنما شبهت بالأحلاس لسواد لونها وظلمتها.

والحَرَب: ذهاب المال والأهل، يقال: حُرِب الرجل فهو حَريب، إذا سُلب أهله وماله.

وقوله: "كوَرِك على ضِلَع" مَثَل، ومعناه: الأمر الذي لا يثبت ولا يستقيم، وذلك أنَّ الضلع لا يقوم بالورك ولا يحمله

يريد: أنَّ هذا الرجل غير خليق للمُلْك ولا مستقلٍّ، به انتهى.

والمراد بالهَرَب - كما في "مرقاة المفاتيح" - أن يفرَّ بعضهم من بعض لما بينهم من العداوة والمحاربة.

وفتنة السَّرَّاء، المراد بالسرّاء: النَّعماء التي تسرُّ الناس من الصحة والرخاء والعافية من البلاء والوباء، وأُضيفت الفتنة إلى السراء لأنَّ السبب في وقوعها ارتكاب المعاصي بسبب كثرة التنعّم.

وفتنة الدهماء: الفتنة العظماء والطامَّة العمياء.

(1)

تحرّف في (ك) و (م) إلى: حفص.

(2)

إسناده صحيح. أبو نضرة العبدي: هو المنذر بن مالك بن قطعة.

وأخرجه الترمذي (2181) عن سفيان بن وكيع، عن أبيه، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد 18 / (11792) عن يزيد بن هارون، وابن حبان (6494) من طريق هُدبة بن خالد، كلاهما عن القاسم بن الفضل، به - وزاد فيه هدبة بين القاسم وأبي نضرة سعيدًا الجريريَّ، وهي زيادة شاذَّة. وفي هذين المصدرين في أول الحديث قصة الراعي والذئب الآتية عند المصنف برقم (8650) من طريق وكيع أيضًا.

وأخرجهما أحمد (11841) من طريق عبد الله بن أبي حسين، عن شهر بن حوشب، عن أبي =

ص: 188

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8649 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُوزمة

(1)

، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن عُمارة بن عُمَير، عن أبي عمّار، عن حُذيفة قال: إذا أحبَّ أحدُكم أن يعلم أصابَته الفتنةُ أم لا، فلينظر، فإن كان رأى حلالًا [كان]

(2)

يراه حرامًا، فقد أصابته الفتنةُ، وإن كان يرى حرامًا كان يراه حلالًا، فقد أصابته

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8650 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا محمد بن عبد السلام،

= سعيد الخدري. وشهر فيه مقال إلّا أنه قد توبع في هذا الحديث، ومن دونه ثقات.

وقد اشتبه شعبة في رواية القاسم بن الفضل هذا الحديث وأنه من روايته عن شهر بن حوشب، فقد روى العقيلي في "الضعفاء" (1479) بإسناده عن مسلم بن إبراهيم الفراهيدي قال: كنت عند القاسم بن الفضل، فأتاه شعبة فسأله عن حديث أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم:"بينا راعٍ يسوق غنمه إذ عدا الذئب على شاة"، فحدّثه، قال: فقال له شعبة: لعلك سمعته من شهر بن حوشب؟ قال: لا، حدثناه أبو نضرة عن أبي سعيد قال: لا، لعلك سمعته من شهر بن حوشب؟ قال: لا، حدثناه أبو نضرة عن أبي سعيد، قال: فما سكت حتى سكت شعبة. قلنا: إصرار القاسم - وهو صدوق من ثقات الناس - على ما حدَّث، دليل على ثبوت هذا الحديث لأبي نضرة عن أبي سعيد، والله تعالى أعلم.

وقد روى شهر هذا الحديث بشطريه مرة أخرى عن أبي هريرة فيما أخرجه أحمد 13 / (8063) وغيره، وهذا من اضطراب شهر وسوء حفظه.

(1)

في (ك): أرومة، والمثبت من (م) و (ب). وانظر التعليق عليه فيما سلف برقم (8499).

(2)

زيادة من "تلخيص الذهبي".

(3)

خبر صحيح، محمد بن إبراهيم بن أورمة - وإن كان لا يعرف - لم ينفرد به، ومن فوقه من الرواة لا بأس بهم. سفيان هو الثوري، وأبو عمار: هو عريب بن حميد الهمداني.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 88، ونعيم بن حماد في "الفتن"(130)، وأبو نعيم الأصبهاني في "الحلية" 1/ 272 - 273، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(26) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.

ص: 189

حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا وكيع، حدثنا القاسم بن الفَضل، حدثنا أبو نَضرة، عن أبي سعيد الخُدْري قال: بَيْنا راعٍ يرعى بالحَرَّة إِذ عَدَا الذئبُ على شاةٍ من الشِّياه، فحالَ

(1)

الراعي بين الذئب وبين الشاة، فأَقعَى الذئبُ على ذنبه فقال: يا عبد الله، تحول بيني وبينَ رزق ساقه الله إليَّ! فقال الرجل: يا عَجَباه، ذئبٌ يكلِّمُني بكلام الإنسان! فقال الذئب: ألا أخبرُك بأعجب مني؟ رسولُ الله بين الحَرَّتَين

(2)

يخبر الناس بأنباء ما قد سَبَقَ، فزَوَى الراعي شياهه إلى زاويةٍ من زوايا المدينة، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صَدَقَ والذي نفسي بيده"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8651 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنعاني بمكة حَرَسَها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عَبَّاد، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عُقبة بن أَوْس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: تقتتل فئتانِ على دَعْوى جاهلية عند خروج أميرٍ أو قبيلةٍ، فتظهر الطائفةُ التي تَظهَرُ وهي ذليلة، فيَرغَبُ فيها مَن يليها من عدوِّها، فتتقحَّمُ في النار

(4)

.

(1)

في النسخ الخطية: فجاء، والمثبت من "تلخيص الذهبي"، وهو أوجه.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلي: الحرمين، والتصويب من "التلخيص". والحَرَّة: أرض ذات حجارة سُود كأنها أُحرقت بالنار، والمراد هنا بما بين الحرتين: المدينة، وهي مشهورة بحرارها، وأشهرها حرَّة واقم وحرَّة وَبَرة، وهما المقصودتان هنا.

(3)

إسناده صحيح. وقد سلف تخريجه عند الحديث المتقدِّم برقم (8648).

قوله: "فأقعى الذئب" أي: جلس على أليتيه وذنبه ونصب يديه.

(4)

إسناده صحيح. أيوب: هو السَّختياني، وابن سيرين: هو محمد.

وهو في "جامع معمر" برواية عبد الرزاق برقم (20766).

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1274)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(491) من طريقين عن أيوب، بهذا الإسناد. =

ص: 190

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8652 -

أخبرنا أبو بكر بن أبي نَصْر المذكِّر بمَرو، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو نُعيم وأبو حُذيفة قالا: حدثنا سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن نُبيط بن شَريط، عن حُذيفة قال: تُعرَضُ فتنةٌ على القلوب، فأيُّ قلب أنكرَها، نُكِتَت في قلبه نُكتةٌ بيضاءُ، وأيُّ قلب لم يُنكرها، نُكِتَت في قلبه نكتةٌ سوداء، ثم تُعرَض فتنةٌ أخرى على القلوب، فإن أنكرها القلبُ الذي أنكرها في المرة الأولى، نُكِتَت نكتةٌ بيضاءُ، وإن لم يُنكرها، نُكِتَت نكتةٌ سوداءُ، ثم تُعرَض فتنةٌ أخرى على القلوب، فإن أنكرَها الذي أنكرها في المرتين الأُوليين، اشتدَّ وابيضَّ وصَفَا، ولم تضرَّه فتنة أبدًا، وإن لم يُنكرها في المرتين الأوليين

(1)

، اسودَّ واربَدَّ ونَكَسَ، فلا يعرفُ حقًّا، ولا يُنكر مُنكَرًا

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8653 -

أخبرني محمد بن المؤمَّل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيَّب، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا الوليد بن عيّاش أخو أبي

= وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 113 من طريق عوف بن أبي جميلة، عن محمد بن سيرين، به.

(1)

من قوله: "اشتدَّ وابيضَّ" إلى هنا سقط من (ك) و (م).

(2)

حديث صحيح مرفوعًا، وهذا إسناد رجاله في الجملة ثقات إلّا أنَّ قوله فيه:"عن نبيط بن شريط" ذهول من بعض رواته، وقد يكون من المصنف نفسه، فإنَّ نبيط بن شريط صحابي صغير، ولا يعرف لسالم رواية عنه، إنما يروي عن آخرَ اسمه نبيط غير منسوب، ومهما يكن من أمر فإنَّ هذا الحديث محفوظ من حديث حذيفة مرفوعًا من غير هذا الوجه، وطريق سالم عن نبيط هذه لم نقف عليها عند غير المصنف.

وأخرجه بنحوه أحمد 38 / (23280) و (23440)، ومسلم (144) من طريق رِبعي بن حراش، عن حذيفة مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

اربدَّ: أي تغيّر إلى الرُّبْدة، وهي لون بين السواد والغُبرة، قال ابن الأثير في "النهاية": يريد اربدادَ القلب من حيث المعنى لا الصورة، فإنَّ لون القلب إلى السواد ما هو.

ص: 191

بكر بن عيّاش، عن إبراهيم، عن عَلقمة قال: قال ابن مسعود: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحذِّرُكم سبع فتنٍ تكون بعدي: فتنةً تُقبِلُ من المدينة، وفتنةً بمكَّة، وفتنةً تُقبل من اليمن، وفتنةً تُقبل من الشام، وفتنةً تُقبل من المشرق، وفتنةً تُقبل من المغرب، وفتنةً من بطن الشام؛ وهي السُّفْياني". قال: فقال ابن مسعود: منكم مَن يُدرِك أولها، ومن هذه الأمَّة من يُدرِك آخرَها.

قال الوليد بن عيَّاش: فكانت فتنةُ المدينة من قبل طلحة والزُّبير، وفتنةُ مكة فتنةُ عبد الله بن الزبير، وفتنةُ الشام من قِبَل بني أُميَّة، وفتنةُ المشرقِ من قِبَل هؤلاء

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8654 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا عِكْرمة بن عمَّار، عن حميد أبي عبد الله الفلسطيني، حدثني عبد العزيز ابن أَخي حُذيفة، عن حُذيفة قال: أولُ ما تَفقِدُون من دينكم الخشوعُ، وآخرُ ما تَفقِدون من دينكم الصلاةُ، ولَتُنقَضَنَّ عُرَى الإسلام عُروةً عُروةً، وليُصلِّيَنَّ النساء وهنَّ حُيَّض، ولتَسلُكُنَّ طريق من كان قبلكم حَذْوَ القُذَّة بالقُذَّة، وحذوَ النَّعل بالنَّعل، لا تُخطؤون

(2)

طريقهم ولا يُخطأُ بكم، حتى تبقى فرقتان من فرقٍ كثيرة، تقول إحداهما: ما بالُ الصلوات الخمس!

(1)

حديث واهٍ، وهو من أوابد نُعيم كما قال الذهبي في "التلخيص". يحيى بن سعيد: هو العطار، وهو ضعيف، وشيخه الوليد بن عياش لم نقف له على ترجمة فنتبيَّن حاله، إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي.

وإسناد المصنف فيه وهمٌ ممَّن دون نعيم بن حماد، فالحديث في كتابه "الفتن" (87) عن يحيى بن سعيد العطار قال: حدثنا حجاج، رجلٌ منّا، عن الوليد بن عياش قال: قال عبد الله بن مسعود

فذكره. فبان بذلك علّته، فحجّاج هذا لا يعرف كالوليد بن عياش، وبين الوليد وابن مسعود إعضال، فالسند ساقط.

(2)

في النسخ الخطية: لا تخطؤوا، على النهي، وهو خطأ.

ص: 192

لقد ضلَّ من كان قبلنا، إنما قال الله تبارك وتعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هود: 114]، لا يصلُّون إلَّا ثلاثًا، وتقول الأخرى: إنّا المؤمنون بالله كإيمان الملائكة، ما فينا كافرٌ ولا منافقٌ، حقٌّ على الله أن يَحشُرَهما مع الدَّجال

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة حميد أبي عبد الله الفلسطيني، وسمّى ابن حبان في "ثقاته" 6/ 191 راوي هذا الخبر عن عبد العزيز: حميد بن زياد اليمامي! وكذا عبد العزيز ابن أخي حذيفة - وبعضهم يقول: أخو حذيفة - لم يرو عنه غير اثنين مجهولين، وقال الذهبي في "الميزان": لا يعرف.

وأخرجه ابن وضاح في "البدع والنهي عنها"(155)، والطبري في مسند ابن عباس من "تهذيب الآثار" 2/ 672، والدولابي في "الكنى والأسماء"(1420)، وابن بطة في "الإبانة" 2/ 109 من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد - وهو عند بعضهم مختصر، ووقع في "الكنى" للدولابي تسمية أبي عبد الله الفلسطيني هذا بجُنيد.

وأخرجه أبو بكر الخلال في "السنة"(1292)، وابن بطة 1/ 174 - 175 و 2/ 571 - 572 من طريق عبد الملك بن عمرو - وهو أبو عامر العقدي - عن عكرمة بن عمار، به.

وأخرج أوله في أول وآخر ما تفقده هذه الأمة: ابن أبي شيبة 13/ 381، وأحمد في "الزهد"(1003)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 281 من طريق وكيع عن عكرمة بن عمار، به. وانظر خبر ابن مسعود الآتي عند المصنف برقم (8749).

وأخرجه بطوله أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(271) من طريق ليث بن أبي سليم، عن ابن حصين، عن أبي عبد الله الفلسطيني، قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول

وهذا إسناد ضعيف، ليث ضعيف سيئ الحفظ، وابن حصين هذا لم نعرفه.

وأخرجه بنحوه الآجري في "الشريعة"(35) - ومن طريقه الداني (225) و (274) - من طريق هشام بن عمار، عن عبد الحميد بن حبيب، عن الأوزاعي، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن الصُّنابحي، عن حذيفة. وظاهر هذا الإسناد الحُسْن، إلا أنه معلول، فقد رواه الداني (273) بإسناد قوي إلى موسى بن أعين عن الأوزاعي عن رجل من أهل الحجاز عن الصنابحي عن حذيفة ببعضه، وموسى بن أعين أوثق وأتقن من عبد الحميد بن حبيب، وقد بيّن في روايته أنَّ الواسطة بين الأوزاعي والصنابحي مبهمة لا تعرف.

وانظر في انتقاض عرى الإسلام حديث أبي أمامة السالف برقم (7198).

وانظر حديث أبي هريرة السالف برقم (107) في اتباع طريق الأمم السابقة. =

ص: 193

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8655 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا هشام بن أبي عبد الله، عن قتادة، عن أبي الطُّفيل قال: انطلقتُ أنا وعمرُو بن صُلَيع إلى حذيفة بن اليَمَان وعنده سِماطانِ من الناس، فقلنا: يا حذيفةُ، أدركت ما لم نُدرك، وعَلِمتَ ما لم نعلم، وسمعت ما لم نسمع، فحدِّثنا بشيءٍ لعلَّ الله أن ينفعنا به، فقال: لو حدَّثتُكم بكل ما سمعتُ، ما انتظرتم بي الليل القريب، قال: قلنا: ليس عن هذا نسألك، ولكن حدِّثنا بأمرٍ لعلَّ الله أن ينفعنا به، قال: لو حدَّثتكم أنَّ أمَّ أحدكم تغزو في كتيبةٍ حتى تضرِبَ بالسيف ما صدَّقتموني، قلنا: ليس عن هذا نسألك، ولكن حدثنا بشيءٍ لعلَّ الله أن ينفعنا به، فقال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ هذا الحيَّ من مُضَرَ لا يزالُ بكلِّ عبدٍ صالح يقتلُه ويُهلكه ويُفنيه، حتى يُدرِكَهم الله بجنودٍ من عنده فتقتلهم، حتى لا يمنعَ ذَنَبَ تَلْعة".

قال عمرو بن صُلَيع: واثُكلَ أُمِّه! ألهوت الناسَ إلَّا عن مضر، قال: ألستَ من مُحارِبِ خَصَفةَ؟ قال: بلى، قال: فإذا رأيت قيسًا قد توالتِ الشام، فخُذْ حذرك

(1)

.

= القُدَّة: واحدة القُذَذ، وهي ريش السَّهم.

(1)

إسناده صحيح. أبو الطفيل: هو عامر بن واثلة، وهو وعمرو بن صليع معدودان في صغار الصحابة.

وأخرجه بنحوه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 85 - 86 من طريق محمد بن أبي عدي، عن هشام - وهو الدستوائي - بهذا الإسناد.

وأخرج المرفوع منه أحمد 38 (23316) عن أبي داود الطيالسي، عن هشام، به.

وأخرجه أحمد أيضًا (23435) من طريق هزيل بن شرحبيل، عن حذيفة.

وسيأتي عند المصنف قريبًا برقم (8657) من طريق عمرو بن حنظلة عن حذيفة.

السِّماطان من الناس: الجانبان.

والمراد بالحي من مضر: قريش. =

ص: 194

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8656 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُورمة، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن سماك بن حَرْب، عن مالك بن ظالم قال: سمعت أبا هريرة يقول لمروان بن الحَكَم: أخبرني حِبِّي أبو القاسم الصادقُ المصدوقُ قال: "إِنَّ فسادَ أَمَّتي على يَدَي غِلْمَةٍ سفهاء من قُريش"

(1)

.

= وذَنَب التَّلعة: المراد به أسفل مَسِيل الماء. وهذا - كما قال السندي في حاشيته على "مسند أحمد" - وصفٌ لهم بالذل والضعف وقلّة المنعة، كأنه قال: حتى لا يملكوا أسفل وادٍ، فضلًا عن البلاد والحكم بين العباد.

وقوله: "ألهوت الناس إلّا عن مضر" لم نتبين معناه.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل مالك بن ظالم، فهو - وإن لم يرو عنه غير سماك بن حرب - تابعي ذكره البخاري في "تاريخه" وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في "الثقات" وخرج له في "صحيحه" هذا الحديث، وقد توبع عليه. وأما ابن أورمة فهو - وإن كان لا يعرف - لم ينفرد به من حديث سفيان الثوري.

فقد أخرجه أحمد 13/ (7871) عن زيد بن الحباب، و (8033) عن عبد الرحمن بن مهدي، وابن حبان (6713) من طريق عصام بن يزيد، ثلاثتهم عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد - إلّا أنَّ عبد الرحمن بن مهدي سمَّى راويه عن أبي هريرة عبد الله بن ظالم، وهو وهمٌ.

وسيأتي عند المصنف برقم (8819) من طريق يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي عن سفيان.

وسيأتي عنده أيضًا برقم (8818) من طريق شعبة عن سماك بن حرب.

وأخرجه النسائي في الفتن من "السنن الكبرى" كما في "النكت الظراف على الأطراف" لابن حجر (14340)، وابن حبان في "ثقاته" 5/ 387 - 388 من طريق أبي عوانة اليشكري، عن سماك بن حرب، به

وأخرجه أحمد 14/ (8304)، والبخاري (3605) و (7058) من طريق سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي، وأحمد 16 / (10737) و (10927) من طريق يزيد بن شريك، وابن حبان (6712) من طريق أبي صالح السَّمّان، ثلاثتهم عن أبي هريرة. =

ص: 195

هذا حديث صحيح الإسناد

(1)

، ولم يُخرجاه.

وقد شَهِدَ حذيفة بن اليمَان بصحَّة هذا الحديث:

8657 -

حدَّثَناه أحمد بن كامل القاضي، حدثنا أبو قلابة الرَّقَاشي، حدثنا يحيى بن حمّاد، حدثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن عبد الرحمن بن ثَرْوانَ، عن عمرو بن حنظلة قال: لما قُتِلَ عثمانُ دخلنا على حُذيفة، فإذا القومُ عنده، فقال: والله لا تدعُ ظَلَمةُ مُضَرَ عبدًا الله مؤمنًا إلَّا قتلوه أو فتنوه، حتى يضربهم الله والمؤمنون حتى لا يمنعوا ذَنَبَ تَلْعةٍ، فقال رجل: أتقول هذا وأنت رجلٌ من مُضَر؟! قال: لا أقولُ إِلَّا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8658 -

أخبرني الحسن بن حليم

(3)

المروزي، حدثنا أبو المُوجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا عوفٌ، عن أبي المنهال، عن أبي بَرْزَةَ الأسلمي قال: إِنَّ ذلك الذي بالشام - يعني مروان - واللهِ إِنْ يُقاتِلُ إلَّا على الدنيا، وإنَّ ذلك الذي بمكة - يعني ابن الزُّبير - واللهِ إِنْ يُقاتِلُ إِلَّا على الدنيا، وإنَّ الذين تَدْعُونَهم

(4)

قُراءَكم، واللهِ إِنْ يقاتلون إلَّا على الدنيا، فقال له أبى

(5)

: فما تأمرنا إذًا؟ قال: لا أرى خيرَ الناس إِلَّا

= وسيأتي عند المصنف برقم (8686) من طريق عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة.

(1)

إلى هنا انتهى سقط الأوراق في نسخة (ز) الذي ابتدأ من الحديث رقم (8585).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين، عمرو بن حنظلة تابعي لم يرو عنه غير عبد الرحمن بن ثروان، وذكره ابن حبان في "ثقاته"، وقد توبع فيما تقدَّم عند المصنف برقم (8655).

أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.

وأخرجه أحمد 38/ (23349) عن عبد الله بن نمير، عن الأعمش، بهذا الإسناد.

(3)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: حكيم.

(4)

في النسخ الخطية: وإنَّ الذي تدعونه، والمثبت من "تلخيص الذهبي"، وهو الجادّة.

(5)

هكذا في "التلخيص"، وهو الصواب كما وقع في رواية يعقوب بن سفيان عن عبدان عند البيهقي في "السنن" 8/ 193، وتحرَّف في النسخ الخطية إلى: ابن وزاد بعده في (ك): عمر!

ص: 196

عِصابةً مُلبِدةً - وقال بيده - خِماصَ البُطُونِ من أموال الناس، خِفافَ الظُّهور من دمائهم

(1)

.

8659 -

قال عبد الله: وأخبرني مالكُ بن مغول، عن نافع، عن ابن عمر: أنه قال لرجل يسألُه عن القتال مع الحَجَّاج أو مع ابن الزُّبير، فقال له ابن عمر: مع أيِّ الفريقين قاتلتَ فقُتِلتَ، ففى لَظَى

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8660 -

أخبرني عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب همذان، حدثنا هلال بن العلاء الرَّقِّي، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن عمرو بن مُرَّة، عن خَيْثَمة بن عبد الرحمن قال: كنا عند حُذيفة، فقال بعضُنا: حدِّثنا يا أبا عبد الله ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لو فعلتُ لرجَمتُموني، قال: قلنا: سبحان الله، أنحن نفعلُ ذلك؟ قال: أرأيتُكم لو حدَّثتُكم أن بعض أمَّهاتكم تأتيكم في كَتيبةٍ كثيرٍ عددُها شديدٍ بأسُها، صدَّقتم به؟ قالوا: سبحان الله، ومن يصدِّق بهذا؟ ثم قال حذيفة: أتتكم الحمراءُ في كتيبةٍ يسوقُها أعلاجُها حيث تسوق

(1)

إسناده صحيح. أبو الموجه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك، وعوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي، وأبو المنهال: هو سيّار بن سلامة الرياحي.

وأخرجه بزيادة في أوله البخاري (7112) من طريق أبي شهاب عبد ربه بن نافع الحنّاط، عن عوف الأعرابي، بهذا الإسناد دون قوله في آخره: فقال له أبي

إلخ.

وأخرجه بنحوه أحمد 33 / (19805) من طريق سُكَين بن عبد العزيز، عن أبي المنهال، به.

والعصابة الملبِدة، المراد: أنهم لصقوا بالأرض وأخملوا أنفسهم.

وخماص البطون: أي فارغيها، وهي كناية عن عدم أكل أموال المسلمين بالباطل.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(425) قال: سمعت من يذكر عن مالك بن مغول، عن نافع، عن ابن عمر.

ص: 197

وجوهَكم، ثم قام فدخل مخدعًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8661 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب قال: قال أبو إدريس عائذُ الله الخَوْلاني: سمعت حذيفة يقول: والله إني لأعلمُ الناس بكل فتنةٍ هي كائنةٌ فيما بيني وبين الساعة، وما ذاك أن يكون حدَّثني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بها من شيءٍ لم يُحدث بها غيري، ولكنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - وهو يحدِّث مجلسًا أنا فيه عن الفتن - وهو يَعُدُّ الفتن:"فيهنَّ ثلاثٌ لا يَذَرْنَ شيئًا، منهنَّ كرياح الصيف، منها صغار ومنها كبار"، فذهب أولئك الرَّهْطُ كلُّهم غيري

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل هلال بن العلاء الرقي إلّا أنه خولف في تسمية راويه عن حذيفة.

فقد رواه الطبراني في "الأوسط"(1154) عن أحمد بن إسحاق الخشّاب، عن عبيد الله بن عمرو - وهو الرَّقِّي - عن زيد، عن عمرو، عن فلفلة الجُعفي قال: كنا عند حذيفة

وفلفلة هذا روى عنه جمع منهم خيثمة بن عبد الرحمن، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروايته عن حذيفة أقرب أن تكون محفوظة من رواية خيثمة.

والمراد بالحمراء عائشة رضي الله عنها، قيل لها: الحمراء والحُميراء، لبياضها. وقد نقل السيوطي في "الخصائص الكبرى" عن البيهقي: أنه عقّب على خبر حذيفة هذا بقوله: أخبر بهذا حذيفةُ ومات قبل مسير عائشة. ولم نقف على قول البيهقي هذا في شيء من كتبه.

(2)

إسناده صحيح. صالح هو ابن كيسان.

وأخرجه أحمد 38 / (23291) عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (23292) عن فزارة بن عمر، عن إبراهيم بن سعد، به.

وأخرجه أحمد كذلك (23460) من طريق شعيب بن أبي حمزة، ومسلم (2891)(22) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، وابن حبان (6637) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق المدني، ثلاثتهم عن ابن شهاب الزهري، به - إلّا أنَّ رواية عبد الرحمن بمعناه. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وانظر ما سيأتي عند المصنف برقم (8664) و (8709).

ص: 198

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

8662 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنعاني بمكة حَرَسها الله تعالى، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: إني لأعلمُ فتنةً يوشكُ أن يكون الذي قبلها معها كنَفْجةِ أرنبٍ، وإني لأعلمُ المَخرَجَ منها، قلنا: وما المخرجُ منها؟ قال: أُمسِكُ يدي حتى يجيء من يقتلُني

(1)

.

8663 -

قال معمر: وحدَّثني شيخٌ لنا: أنَّ امرأة جاءت إلى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت لها: ادْعِي الله أن يُطلِقَ لي يدي، قالت: وما شأنُ يَدِكِ؟ قالت: كان لي أبوان، فكان أبي كثير المال كثير المعروف كثيرَ الفضل كثيرَ الصدقة، ولم يكن عند أمِّي من ذلك شيءٌ، لم أرَها تصدَّقَت بشيء قطُّ، غيرَ أَنَّا نَحَرْنا بقرةً فأعطت مسكينًا شَحْمةً في يده، وألبسته خِرقةً، فماتت أمِّي ومات أَبي، فرأيتُ أَبي على نهرٍ يسقي الناسَ، فقلت: يا أبتاه، هل رأيتَ أمي؟ قال: لا، أوماتت؟ قلت: بلى، قال: فذهبتُ ألتمِسُها فوجدتُها قائمةً عُرْيانةً ليس عليها إلَّا تلك الخِرْقةُ، وتلك الشَّحمةُ في يدها وهي تضرِبُ بها في يدها الأخرى ثم تَعَضُّ أثرها، وتقول: واعَطَشاه، فقلت: يا أُمَّهْ، إلا أَسقيك؟ قالت: بلى، فذهبتُ إلى أبي فذكرتُ ذلك له وأخذتُ من عنده إناءً فسقيتُها فيه، فنَبِهَ بي بعضُ مَن كان عندها قائمًا فقال: مَن

(1)

إسناده صحيح.

وهو في "جامع معمر" برواية عبد الرزاق (20767). وعن عبد الرزاق رواه أيضًا نعيم بن حماد في "الفتن"(345).

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(532) عن مؤمل بن إسماعيل، عن يزيد بن زريع، عن الحجاج بن أبي عثمان، عن يحيى بن أبي كثير، عن العبدي، عن أبي هريرة. والعبدي هذا: هو أبو نضرة المنذر بن مالك بن قطعة، وهو ثقة، إلا أنَّ ذكره في الإسناد مكان أبي سلمة بن عبد الرحمن من تخليط مؤمّل، فإنه كان سيئ الحفظ، والله تعالى أعلم.

قوله: "كنفجة أرنب" أي: كوثبته من مجثمه، يريد تقليل مدتها، قاله ابن الأثير في "النهاية".

ص: 199

سقاها أشَلَّ الله يدَه؛ فاستيقظتُ وقد شَلَّت يَدِي

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين

(2)

، ولم يُخرجاه.

8664 -

أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق وحدَّثني أبو بكر بن بالَوَيهِ قالا: أخبرنا محمد بن أحمد بن النَّضر الأزدي، حدثنا جدِّي معاويةُ بن عمرو، حدثنا زائدةُ، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن حُذيفة قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامًا خَبَّرَنا بما نكون فيه إلى قيام الساعة، عَقَلَه فينا من عَقَلَه، ونَسِيَه من نسيه

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه

(4)

.

وقد رواه أبو عوانة وأبانُ بن يزيد العطّار عن عاصم، وعاصمُ بن أبي النَّجُود إمامٌ متَّفَق على إمامته في القرآن وسائر العلوم، إذا انفرد بالحديث لَزِمَنا قبولُه.

أما حديث أبي عوانة:

8665 -

فحدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب ومحمد بن صالح بن هانئ قالا: حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى الشَّهيد، حدثنا أبو الوليد الطَّيالسي، حدثنا أبو عَوَانة، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن حذيفة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامًا أخبرنا بما يكون بعدَ مَقامِه ذلك إلى أن تقوم الساعة، عَقَلَه من عقله، ونَسِيَه من نسيه

(5)

.

(1)

إسناده واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه"، ففيه إبهام وإعضال. وهو في "جامع معمر"(20768).

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(3226) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

(2)

قال الذهبي في "تلخيصه": يعني خبر أبي هريرة، وأما المنام فسنده واهٍ.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم: وهو ابن أبي النجود زائدة: هو ابن قُدامة، وزر: هو ابن حُبيش.

ومن طريق زر بن حبيش لم نقف عليه عند غير المصنف، وانظر ما بعده.

وسيأتي برقم (8709) من طريق أبي وائل شقيق عن حذيفة. وأنظر ما سلف برقم (8661).

(4)

قد أخرجاه من طريق شقيق عن حذيفة كما سيأتي في مكانه.

(5)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن كسابقه.

ص: 200

وأما حديث أبان بن يزيد العطّار:

8665 م - فحدَّثَناه الحسن بن يعقوب العَدل، حدثنا السَّرِيُّ بن خُزيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبانُ بن يزيد العطّار، حدثنا عاصم، عن زِرٍّ، عن حُذيفة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مَقامًا

(1)

فلم يَدَعْ شيئًا إلّا ذكره إلى أن تقوم الساعة، عَقَلَه من عقلَه، ونَسِيَه من نسيه

(2)

.

8666 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا أبو عَوْن، عن محمد بن سِيرِين قال: لما كان يومُ الجَرَعة قال جُندُب: والله ليُهراقَنَّ دماءٌ، فقال رجل: كلا والله، قال: قلت: بلى والله، قال: كلّا والله، إنه لحديثُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنِيهِ، قال: قلت: أراكَ اليومَ جليسَ سَوءٍ، تسمعُني أحدِّثُ وقد سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تنهاني؟! فقال: ما لك وما للغضبِ! قال: فأَقبلتُ أسألُه، فإذا هو حُذَيفةُ بن اليَمَان

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8667 -

أخبرني الحسن بن حَليم

(4)

المروزي، حدثنا أحمد بن إبراهيم السَّدَوَّري،

(1)

من قوله: "أخبرنا بما يكون بعد مقامه" في الحديث السابق إلى هنا سقط من (ز) و (ب)، واستدركناه من (ك) و (م).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن كسابقه.

(3)

إسناده صحيح، وهو من رواية محمد بن سيرين عن جندب - وهو ابن عبد الله البجلي صحابيٌّ - عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما. أبو عون: هو عبد الله بن عون بن أرطَبان.

وأخرجه أحمد 38/ (23388)، ومسلم (2893) من طريقين عن عبد الله بن عون، بهذا الإسناد.

والجرعة، بفتح الجيم والراء، ويقال بإسكان الراء أيضًا، والفتح أشهر: موضع قرب الكوفة. وانظر قصة يوم الجرعة فيما سلف عند المصنف برقم (2701).

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حكيم.

ص: 201

حدثنا سعيد بن هُبيرة، حدثنا إسماعيل بن عيّاش، حدثنا عبد العزيز بن عُبيد الله

(1)

ابن حمزة بن صُهَيب قال: سمعت سالم بن عبد الله بن عمر يحدِّث عن أبيه، أنَّ عمر بن الخطَّاب كان يقول: إنَّ الله بدأ هذا الأمر حين بدأ بنبوَّةٍ ورحمة، ثم يعودُ إلى خلافةٍ ورحمة، ثم يعودُ إلى سَلْطنةٍ

(2)

ورحمة، ثم يعودُ مُلكًا ورحمة، ثم يعود جَبْريّةً يَتكادَمُون تكادُمَ الحَمِير.

أيها الناس، عليكم بالغَزْو والجهاد ما كان حُلوًا خَضِرًا، قبل أن يكون مُرًّا عَسِرًا، ويكونُ ثُمَامًا قبل أن يكونَ رُمَامًا أو يكونَ حُطامًا، فإذا انتاطَت

(3)

المَغَازِي، وأُكِلَت الغنائم، واستُحِلَّ الحرام

(4)

، فعليكم بالرِّباط، فإنه خيرُ جهادكم

(5)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبد الله مكبَّرًا، والتصويب من "إتحاف المهرة"(15606) ومصادر ترجمته.

(2)

هكذا في (ك)، وفي (ز) و (ب): سلطانة، وفي (م) مكانها بياض.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: ساطت، وفي "تلخيص الذهبي": أساطت، والتصويب من كتب غريب الحديث، ومعناه: بَعُدَت.

(4)

هكذا في "تلخيص الذهبي"، وفي (ز) و (ك) و (ب): واستحلَّت الحرام، وفي (م): واستحلَّت الحرائم؛ والحرائم جمع حَريم!

(5)

إسناده واهٍ، سعيد بن هبيرة قال أبو حاتم: ليس بالقوي، واتهمه ابن حبان في "المجروحين" بالوضع، وعبد العزيز بن عبيد الله متفق على ضعفه ووهّاه الذهبي في "الكاشف".

وأخرج الشطر الأول منه نعيم بن حماد في "الفتن"(236) من طريق سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة الحضرمي، عن ابن عمر، عن عمر. وسعيد بن سنان - وهو الشامي أبو مهدي الحنفي - متروك، واتهمه الدارقطني وغيره بالوضع.

وأخرجه الباغندي في "مسند عمر بن عبد العزيز"(48) من طريق عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبيه، عن عمر. وفي الإسناد إليه شيخ المصنف النضر بن سلمة المروزي، اتهمه أبو حاتم الرازي والدارقطني وغيرهما بوضع الحديث.

وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان" 1/ 208 عن إسماعيل بن عمرو، عن سفيان الثوري، عن عمرو بن عبد الله، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب مرفوعًا مختصرًا. وإسماعيل بن عمرو - وهو ابن نجيح البجلي - ضعَّفه الدارقطني وابن عدي وقال: حدَّث عن =

ص: 202

8668 -

أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد الحفيد، حدثنا جدِّي، حدثنا أبو كُريب، أخبرنا أبو معاوية، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي، عن حُذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَدرُسُ الإسلامُ كما يَدرُسُ وَشْيُ الثوب، حتى لا يُدرَى ما صيامٌ ولا صدقةٌ ولا نُسُك، ويُسرَى على كتاب الله في ليلةٍ فلا يبقى في الأرض منه آيةٌ، ويبقى طوائفُ من الناس؛ الشيخُ الكبير والعجوزُ الكبيرة يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة، فنحن نقولها".

قال صِلَةُ بن زُفَر لحذيفة: فما تُغني عنهم لا إلهَ إِلَّا الله وهم لا يدرون ما صيامٌ ولا صدقةٌ ولا نُسُك؟ فأعرضَ عنه حذيفةُ، فردَّدها عليه ثلاثًا، كلَّ ذلك يُعرِضُ عنه

= سفيان وغيره بأحاديث لا يُتابع عليها.

ويشهد لهذا الشطر بنحوه حديث ابن عباس مرفوعًا عند الطبراني في "الكبير"(11138) عن أحمد بن النضر العسكري، عن سعيد بن حفص النفيلي، عن موسى بن أعين، عن أبي شهاب، عن فطر بن خليفة، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول هذا الأمر نبوة ورحمة، ثم يكون خلافة ورحمة، ثم يكون ملكًا ورحمة، ثم يكون إمارةً ورحمة، ثم يتكادمون عليه تكادمَ الحُمُر، فعليكم بالجهاد، وإن أفضل جهادكم الرِّباط، وإن أفضل رباطكم عَسقلان". وهذا إسناد لا بأس برجاله غير سعيد بن حفص النفيلي، وهذا قد تفرّد به، وهو صدوق في نفسه لكنه كان قد كبر وتغيَّر في آخر عمره كما قال أبو عروبة الحراني في "كتاب أهل الجزيرة" فيما نقله مغلطاي في "إكمال تهذيب الكمال" 5/ 277، فيخشى منه أن يكون أخطأ في شيء من إسناده. وأبو شهاب: هو الحناط عبد ربه بن نافع، وتحرف في مطبوع الطبراني إلى: ابن شهاب.

تكادُم الحمير: عضَّ بعضها بعضًا.

وفي تفسير الشطر الثاني قال الزمخشري في "الفائق" 1/ 378: الخَضِر: الأخضر، والمرادُ الطريّ، والثُّمام: شجر ضعيف، والرُّمَام: الهشيم من النَّبت

وحُطَام كل شيء: كُسَارته. والمعنى: عليكم بالغزو وهو لعَدْل ولاة الأمر في قسمة الفيء، ولما ينزل الله من النصر وييسِّر من الفتح ببركة الصالحين كالثمرة في وقت طراوتها وحلاوتها وخلوّها من الآفات قبل أن يتدرّج في الوهن إلى أن يشبه حطام اليَبيس ودُقاقه، انتهى.

والرِّباط: المرابطة، وهي الإقامة في الثغور في مقابلة الأعداء.

ص: 203

حذيفةُ، ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: يا صِلةُ، تُنجيهم من النار، تُنجيهم من النار، تُنجيهم من النار

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8669 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا ابن عَوْن، عن خالد بن الحُوَيرِث، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الآيات خَرَزاتٌ منظوماتٌ في سِلْكٍ، يُقطَعُ السَّلكُ فيَتبَعُ بعضُها بعضًا".

قال خالد بن الحويرث: كنا نادِينَ بالصَّبَاح، وهناك عبدُ الله بن عمرو، وهناك امرأةٌ

(1)

صحيح موقوفًا، وهذا إسناد صحيح رجاله في الجملة ثقات إلّا أنَّ أبا معاوية - وهو محمد بن خازم الضرير - وإن كان أحفظ الناس لحديث الأعمش فإنه قد يهمُ في حديث غيره، وهذا منها، فقد اختُلف عليه في رفعه ووقفه.

فرفعه عنه أبو كُريب - وهو محمد بن العلاء عند المصنف هنا، وعند البزار في "مسنده"(2838)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(1870)، وأحمدُ بنُ عبد الجبار عند المصنف فيما سيأتي برقم (8850)، وعلي بنُ محمد الطَّنافسي عند ابن ماجه (4049).

وخالفهم نعيم بن حماد فرواه في "الفتن"(1665) عن أبي معاوية موقوفًا.

ورواه موقوفًا أيضًا عن أبي مالك الأشجعي - وهو سعد بن طارق - محمدُ بنُ فُضيل في "الدعاء" له (15) وسيأتي من طريقه عند المصنف برقم (8753) - وخلفُ بن خليفة عند اللالكائي في "أصول الاعتقاد"(577)، والخطيب في تاريخ بغداد 2/ 290، وإسحاقُ بنُ أبي يحيى وهو أحد الهلكي - عند أبي عمرو الداني في "الفتن"(419)، وأبو عوانة اليشكري في رواية أبي كامل الجحدري عنه عند البزار (2839).

وخرَّجه البوصيري في "مصباح الزجاجة" عن مسدَّد في "مسنده" عن أبي عوانة عن أبي مالك بإسناده ومتنه معطوفًا على رواية ابن ماجه، ففُهم من تخريجه أنه عند مسدّد عن أبي عوانة مرفوع، والله تعالى أعلم.

وهذا الخبر وإن كان موقوفًا، فإنَّ مثله لا يقال من قبل الرأي، فهو في حكم المرفوع.

قوله: "يدرس الإسلام" أي: ينمحي أثرُه.

ووَشْي الثوب: نقوشه.

ص: 204

من بني المغيرة يقال لها: فاطمة، فسمعَتْ عبد الله بن عمرو يقول: ذاك يزيدُ ابن معاوية، فقالت: أكذاكَ يا عبد الله بن عمرو تجده مكتوبًا في الكتاب؟ قال: لا أجدُه باسمه، ولكن أجدُ رجلًا من شجرة معاوية يسفكُ الدماء ويستحلُّ الأموال، ويَنقُضُ هذا البيتَ حَجرًا حَجرًا، فإن كان ذاكِ وأنا حيٌّ وإلَّا فاذكُريني. قال: وكان منزلُها على أبي قبيس، فلما كان زمنُ الحجّاج وابنِ الزُّبير ورأت البيتَ يُنقَضُ، قالت: رَحِمَ اللهُ عبد الله بن عمرو، قد كان حدَّثنا بهذا

(1)

.

8670 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم الأصفهاني، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يُثَيع، عن حُذيفة قال: كيف بكم إذا سُئِلتُم الحقَّ فأعطيتُموه، وسألتم حقَّكم فمُنِعتُموه؟

(1)

المرفوع منه صحيح لغيره، وهذ إسناد حسن إن شاء الله تعالى من أجل خالد بن الحويرث القرشي، فقد روى عنه ثلاثة وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال يحيى بن معين: لا أعرفه، وقال ابن عدي: إذا كان يحيى لا يعرفه، فلا يكون له شهرة ولا يعرف. كذا قال، وخالد هذا تابعي معروف في التابعين بصحبة عبد الله بن عمرو، بدليل ما ذكره البخاري في "تاريخه" 3/ 144 عن ابن عون: أنَّ محمد بن سيرين أمره أن يسأل خالد بن الحويرث هذا عمّا قال عبدُ الله بن عمرو

وهو قرشيٌّ.

ابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرطبان.

وأخرج المرفوع منه ابن أبي شيبة 15/ 63، وأحمد 11 / (7040)، والبخاري في "التاريخ" 3/ 144، والرامهرمزي في "أمثال الحديث"(89)، وأبو الشيخ في "أمثال الحديث" أيضًا (264) من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن خالد بن الحويرث، به. وعلي بن زيد ضعيف إلا أنه متابع بابن عون.

ويشهد له - أعني للمرفوع - حديث أنس بن مالك، وسيأتي عند المصنف برقم (8853). وإسناده صحيح.

وحديث أبي هريرة عند ابن حبان (6833)، والطبراني في "الأوسط"(4271). وفي إسناده لين لجهالة أحد رواته.

قوله: "كنا نادِينَ" أي: مجتمعين في النادي، وهو المجلس.

ص: 205

قال: نَصبِرُ، قال: دَخَلتموها

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8671 -

أخبرنا أبو النَّضر محمد بن محمد الفقيه وأبو الحسن أحمد بن محمد العنزي قالا: حدثنا معاذ بن نَجْدَة القُرشي [حدثنا خلاد بن يحيى]

(2)

حدثنا بشير بن المهاجر، عن عبد الله بن بُرَيدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يجيءُ قومٌ صغارُ العيون، عِراضُ الوجوه، كأنَّ وجوههم الحَجَفٌ، فيُلحقون أهل الإسلام بمنابت الشِّيح، كأني أنظرُ إليهم وقد ربطوا خيولهم بسَوارِي المسجد"، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، من هم؟ قال:"التُّركُ"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

(1)

خبر حسن، محمد بن إبراهيم - وهو ابن أورمة - لا يُعرَف، لكنه لم ينفرد به.

فقد رواه معمر في "جامعه"(20712)، وأبو الأحوص سلام الحنفي عند ابن أبي شيبة 15/ 25، كلاهما عن أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - بهذا الإسناد. وزيد بن يُثيع - وإن تفرَّد بالرواية عنه أبو إسحاق - حسن الحديث إن شاء الله.

قوله "دخلتموها" يعني الجنة.

(2)

سقط من نسخنا الخطية، واستدركناه من "إتحاف المهرة" لابن حجر (2313) ولا بدَّ منه، فإنَّ معاذ بن نجدة لا يعرف بالرواية عن بشير بن المهاجر! إنما بالرواية عن خلاد وطبقته.

(3)

إسناده ضعيف لتفرد بشير بن المهاجر به، وهو مختلف فيه، إلّا أنه ضعيف عند التفرد والمخالفة.

وأخرجه بنحوه أحمد 38 / (22951) عن أبي نعيم الفضل بن دُكين، عن بشير بن المهاجر، بهذا الإسناد.

وروى بعضه جعفرُ بن مسافر عند أبي داود (4305) عن خلاد بن يحيى، فقلب متنه فجعل المسلمين هم الذين يُلحقون الترك بمنابت الشِّيح، أي: جزيرة العرب، والشِّيح: نبتٌ يكثر فيها رائحته طيبة قويّة.

الحَجَف: التُّروس من جلود ليس فيها خشب.

ص: 206

وقد اتَّفق الشيخانِ

(1)

رضي الله عنهما على حديث أبي الزِّناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقومُ الساعةُ حتى تقاتلوا التُّرك، عِراضَ الوجوه صغار العيون ذُلْفَ الأُنوف

(2)

، كأنَّ وجوهَهم المَجَانُّ المُطرَقة".

8672 -

سمعتُ الفقيه الأديب الأوحد أبا بكر محمد بن علي القَفَّال غير مرة يقول: سمعت أبا بكر محمد بن يحيى الصُّولِيَّ النَّحْوي يقول: أولُ من مَدَحَ التُّركَ من شعراء العرب عليُّ بن العباس الرُّومي حيث يقول:

إذا ثَبَتوا فسَدٌّ من حديدٍ

تَخالُ عيوننا فيهِ تَحارُ

وإن بَرَزُوا فنيرانٌ تلظَّى

على الأعداء يضرِمُها

(3)

استِعارُ

ملوكُ الأرض أعينُهم صغارٌ

إذا بَرَزُوا وأنفُسُهم كبارُ

8673 -

أخبرني محمد بن علي الصَّنعاني بمكة حَرَسها الله، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن أيوب، عن ابن سيرين، أنَّ ابن مسعود قال: كأني بالتُّرك قد أتتكم على بَراذِينَ مُخَذَّمةِ الآذان، حتى تربطها بشطِّ الفُرات

(4)

.

(1)

البخاري برقم (3587) ومسلم (2912)(64). وهو في "مسند أحمد" 16/ (10861).

وانظر ما سيأتي عند المصنف برقم (8677) و (8679).

(2)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: ذلف الوجوه والذَّلَف: قصر الأنف وانبطاحه، والذُّلف: جمع أذلَف. والمجانّ المطرقة: هي التُّروس التي تُطرق، يعني أنها عريضة.

(3)

تحرَّف في (ز) و (ك) إلى: بصر فيها، وفي (م) و (ب) إلى: يصرفها، وضبطت في (م) بتشديد الراء، ولعلَّ الصواب ما أثبتنا، فالضِّرام اشتعال النار في الحطب وغيره.

(4)

رجاله ثقات إلّا أنه منقطع، فإنّ محمد بن سيرين لم يسمع من ابن مسعود، وقد وقع في رواية إسماعيل ابن عُليَّة عن أيوب - وهو ابن أبي تميمة السختياني - عند أبي عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (467) عن ابن سيرين قال: نُبِّئتُ أنَّ ابن مسعود كان يقول

فذكره.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(8859) عن إسحاق بن إبراهيم - وهو ابن عبّاد الدَّبَري - بهذا الإسناد. =

ص: 207

8674 -

أخبرنا أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن السَّمّاك الزاهد ببغداد، حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، حدثنا مُعاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي الأسود الدِّيلِي، قال: انطلقتُ أنا وزُرْعةُ بن ضَمْرة مع أبي موسى الأشعري إلى عمر بن الخطّاب، فأتينا عبد الله بنَ عَمْرو

(1)

، فجلستُ عن يمينه، وجلس زُرْعةُ عن يساره، فقال عبد الله بن عمرو: يوشكُ أن لا يبقى في أرض العجم من العرب إلّا قتيلٌ أو أسيرٌ يُحكَمُ في دمه، فقال زرعةُ بن ضَمْرة: أَيَظْهَرُ المشركون على أهل الإسلام؟ قال: ممَّن أنت؟ قال: من بني عامر بن صَعصَعة، قال: لا تقومُ الساعةُ حتى تَدافَعَ مَناكِبُ نساء بني عامر على ذي الخَلَصة. قال: فذَكَرْنا لعمر بن الخطّاب قول عبد الله بن عمرو، فقال عمر: عبدُ الله بن عَمْرو أعلمُ بما يقول؛ ثلاث مرات

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8675 -

أخبرنا أبو عمرو بن السَّمّاك، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قَتَادة، عن محمد بن سِيرِين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن عبد الله بن عمرو بن عمرو قال: يوشك بنو قَنطُورَ بن كركر أن يُخرِجوا أهل العراق من أرضهم، قلت: ثم يعودون

(3)

؟ قال: إنك تشتهي ذلك؟ قال: ويكون لهم سَلْوةٌ من عَيش

(4)

.

= وهو في "جامع معمر" برواية عبد الرزاق برقم (20798)، وعن عبد الرزاق أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1928).

قوله: "مخذَّمة الآذان" أي: مقطَّعَتها.

(1)

في (ز) و (م) في هذا الموضع والذي يليه: عمر، بإسقاط الواو، وهو خطأ.

(2)

إسناده ضعيف، وسيأتي بيانه عند الرواية الآتية برقم (8866) من طريق عبيد الله بن عمر القواريري عن معاذ بن هشام.

(3)

في نسخنا الخطية: يعودوا، بحذف النون، والجادَّة إثباتها كما في "تلخيص الذهبي".

(4)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الرحمن بن محمد بن منصور هشام =

ص: 208

8676 -

أخبرناه أبو عبد الله الصنعاني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بَكْرة قال: قال عبد الله بن عمرو بن العاص: أوشك بنو قَنطورَ [أن] يُخرِجوكم من أرض العراق، قال قلت ثم نعودُ؟ قال: وذاك أحبُّ إليك؟ ثم تعودون ويكون لكم بها سَلوةٌ من عَيش

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وبنو قَنطُوراء: هم التُّرك.

8677 -

حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عَتَّاب العبدي ببغداد، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البَلَدي

(2)

، حدثنا علي بن عيّاش، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثَوبان، عن عبد الله بن الفضل، عن الأعرج قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا تقومُ الساعةُ حتى تقاتلوا التُّركَ، صِغار الأعيُن، حُمْرَ الوجوه، ذُلْفَ الأُنوف، كأنَّ وجوهَهم المَجَانُّ المُطرقة"

(3)

.

= والد معاذ: هو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي، وانظر ما بعده.

(1)

إسناده صحيح. إسحاق بن إبراهيم: هو الدَّبَري، وأيوب هو السَّختياني. والخبر في "جامع معمر" برقم (20799).

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1911) عن إسماعيل ابن عُليَّة، عن أيوب، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 107 من طريق هشام بن حسّان، عن محمد بن سيرين، به.

وانظر ما سلف برقم (8627).

قوله: "سلوة من عيش" قال ابن الأثير في "النهاية": أي: نعمة ورفاهية ورَغَدٌ يُسليكم عن الهمّ.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: البكري، وقد تكرر عند المصنف في بضعة عشر موضعًا على الصواب: البَلَدي، نسبة إلى بَلَد الحطب، وهي بلدة قريبة من الموصل.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هُرمُز.

وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(120) عن أبي يزيد أحمد بن عبد الرحيم الحَوطي، عن =

ص: 209

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجا فيه:"حُمر الوجوه"!

8678 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني سليمان بن بلال، عن ثَور بن زَيْد

(1)

، عن أبي الغَيْث، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"هل سمعتُم بمدينةٍ جانبٌ منها في البَرِّ وجانبٌ منها في البحر؟ " فقالوا: نعم يا رسول الله، قال:"لا تقومُ الساعةُ حتى يَغزُوَها سبعون ألفًا من بني إسحاق، حتى إذا جاؤوها نَزَلوا، فلم يُقاتِلوا بسلاحٍ ولم يَرمُوا بسَهُم" قال: "فيقولون: لا إلهَ إلَّا الله والله أكبر، فيَسقُط أحدُ جانبيها - قال ثَوْر: ولا أعلمه إلَّا قال: جانبُها الذي يَلي البرَّ - ثم يقولون الثانيةَ: لا إله إلَّا الله والله أكبر، فيَسقُط جانبُها الآخرُ، ثم يقولون الثالثة: لا إله إلَّا الله والله أكبر، فيُفرَجُ لهم، فيدخلونها فيغنَمُون، فبينما هم يقتسمون الغنائمَ إذْ جاءهم الصَّريخ: أَنَّ الدَّجّال قد

= علي بن عياش، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 16 / (10861)، والبخاري (3587)، ومسلم (2912)(64)، وابن ماجه (4097) من طريق أبي الزناد عبد الله بن ذكوان، والبخاري (2928) من طريق صالح بن كيسان، كلاهما عن الأعرج، به - وفيه عند البخاري في الطريقين:"حمر الوجوه"، ورواية مسلم وابن ماجه مختصرة. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه مختصرًا أحمد 12/ (7263) و 13 (7676)، والبخاري (2929)، ومسلم (2912)(62)، وأبو داود (4304)، وابن ماجه (4096)، والترمذي (2215)، وابن حبان (6744) و (6746) من طريق سعيد بن المسيب، وأحمد 13 / (7987) و 16 / (10150)، والبخاري (3591)، ومسلم (2912)(66) من طريق قيس بن أبي حازم، ومسلم (2912)(65)، وأبو داود (4303)، والنسائي (4371)، وابن حبان (6745) من طريق أبي صالح ذكوان السَّمّان، ثلاثتهم عن أبي هريرة.

وسيأتي عند المصنف قريبًا برقم (8679) من طريق همام بن منبِّه عن أبي هريرة.

وقد سلف للمصنف أن أشار إلى طريق أبي الزناد عن الأعرج بإثر الحديث (8671).

(1)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: يزيد، بياء في أوله، والتصويب من (ك) و (م). وهو زيد بن ثور الدِّيلي.

ص: 210

خَرَجَ، فيتركون كلَّ شيء ويَرجِعون"

(1)

.

فقال

(2)

: إنَّ هذه المدينة هي القُسطنطينيَّة، وقد صحَّت الروايةُ أنَّ فتحها مع قيام الساعة!

8679 -

أخبرني محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنعاني بمكة حَرَسَها الله تعالى، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق.

وأخبرني أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبَل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن هَمّام بن مُنبِّه، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقومُ الساعةُ حتى تقاتلوا خُوزَ وكرمان؛ قومٌ من الأعاجم حُمْرُ الوجوه، فُطْسُ الأُنوف، صِغَارُ الأعيُن، كأنَّ وجوههم المَجانُّ المُطرَقَة، نعالُهم الشَّعر"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح، لكن قوله فيه:"من بني إسحاق" غلط كما سيأتي. أبو الغيث هو سالم المدني مولى عبد الله بن مطيع القرشي.

وأخرجه مسلم (2920) عن قتيبة بن سعيد، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن ثور بن زيد الدِّيلي، بهذا الإسناد.

قوله: "يغزوها سبعون ألفًا من بني إسحاق" قال القاضي عياض في "إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم" 8/ 464 - ونقله عنه النووي في "شرح مسلم" -: كذا في سائر الأصول، قال بعضهم: المعروف المحفوظ: من بني إسماعيل، وهو الذي يدل عليه الحديث وسياقه، لأنه إنما يعني العرب والمسلمين، بدليل الحديث الذي سماها فيه بالاسم وأنها القسطنطينية. انتهى، يريد حديث أبي هريرة عند مسلم (2897)، وسيأتي عند المصنف برقم (8696).

(2)

هكذا في نسخنا الخطية، ولم يبيّن القائل، وفي "تلخيص الذهبي": يقال؛ وهو أصوب ويعني أنَّ هذا من كلام المصنف وليس تابعًا للحديث من قول أحد الرواة.

(3)

إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" 13/ (8240).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه البخاري (3590)، وابن حبان (6743). فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه رحمه الله.

وقد سلف برقم (8677) من طريق الأعرج عن أبي هريرة.

ص: 211

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8680 -

حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا إمامُ المسلمين أبو بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيمة، حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدَّورقي، حدثنا ابن عُليّة، حدثنا أيوب، عن حُميد بن هلال، عن أبي قَتَادة، عن أُسَير بن جابر قال: هاجت ريحٌ حمراءُ بالكوفة، فجاء رجلٌ إلى عبد الله بن مسعود وليس له هِجِّيرٌ إِلَّا: يا عبد الله بن مسعود، جاءت الساعةُ، قال: وكان عبد الله متَّكئًا فقعد، فقال: إنَّ الساعة لا تقومُ حتى لا يُقسَمَ ميراثٌ، ولا يُفرَحَ بغَنيمة، عدوٌّ يَجمعون لأهل الإسلام ويَجْمَعُ لهم أهلُ الإسلام؛ ونَحَا بيده نحو الشام، قلت: الرُّومَ تعني؟ قال: نعم، قال: ويكون عند ذاكمُ القتالِ رَدَّةٌ شديدةٌ، فيشترط المسلمون شُرْطةً للموت لا ترجع إلَّا غالبةً، فيقاتلون حتى يحجُزَ بينهم الليلُ، فيفيءُ هؤلاء وهؤلاء، كلٌّ غيرُ غالبٍ، وتَفْنى الشُّرطةُ، ثم يَشترِطُ المسلمون شُرطةً للموت لا ترجِعُ إلَّا غالبةً، فيقاتلون حتى يُمْسُوا، فيفيءُ هؤلاء وهؤلاء، كلّ غيرُ غالبٍ، وتَفْنى الشرطةُ.

فإذا كان الرابعُ نَهَدَ إليهم بقيَّةُ [أهل]

(1)

الإسلام، فجعل الله الدائرة عليهم فيُقتلون مَقتَلةً؛ إما قال: لم يُرَ مثلُها، وإما قال: لن يُرى مثلُها، حتى إِنَّ الطائر ليَمرُّ بِجَنَباتِهم فلا يُخلِّفُهم حتى يَخِرَّ ميتًا، فيتعادُّ

(2)

بنو الآبِ وكانوا مئةً، فلا يجدون بقي منهم إلَّا الرجل الواحد، فبأيِّ غَنيمةٍ يُفرَحُ أو ميراثٍ يُقسم؟ قال: فبينما هم كذلك إذ سمعوا بناس هم أكثرُ

(3)

من ذاك، جاءهم الصَّرِيخُ أنَّ الدَّجّال قد خَلَفَ فِي ذَرَارِيِّهم، فيَرفُضُون

(1)

ليس في النسخ الخطية، وأثبتناها من المطبوع موافقة لمصادر التخريج.

(2)

في النسخ الخطية: فيتعادوا، والمثبت من المطبوع، وهو الجادّة، وهو موافق لما في مصادر التخريج. والمعنى: يعدُّ بعضهم بعضًا.

(3)

كذا في النسخ الخطية، وهو كذلك في بعض روايات "صحيح مسلم"، بالنون والثاء، وفي أخرى: ببأس هو أكبر، بالباء فيهما، وصوَّبه القاضي عياض في "مشارق الأنوار" 1/ 76 ووهَّم الأول، قال: بدليل قوله: فيأتيهم الصريخ أن الدجال قد خرج، فهو تفسير البأس الأكبر المذكور.

ص: 212

ما في أيديهم ويُقبلون، فيَبعَثون عشرة فوارس طليعةً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني لأعرفُ أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم، هم خيرُ فوارس على ظهر الأرض يومَئِذٍ" أو قال: "هم خيرُ مَن على ظهرِ الأرض"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

8681 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُورمة، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة - قال سفيان: لا أعلمه إلا قد رَفَعَه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ الساعةُ حتى تعود أرضُ العرب مُروجًا وأنهارًا"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه!

8682 -

أخبرني الحسن بن حليم

(3)

المروزي، حدثنا أحمد بن إبراهيم السَّدَوَّري، حدثنا سعيد بن هُبيرة، حدثنا حمَّاد بن زيد، عن أيوب السَّختِياني وعلي بن زيد بن

(1)

إسناده صحيح. ابن علية: هو إسماعيل بن إبراهيم بن مِقسم، وعُليّة أمّه، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وأبو قتادة: هو تميم بن نُذير العدوي.

وأخرجه أحمد 6 / (3643) و 7 / (4146)، ومسلم (2899) من طريق إسماعيل ابن عليّة، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه مسلم أيضًا من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، به.

وأخرجه مسلم كذلك من طريق سليمان بن المغيرة، وابن حبان (6786) من طريق جرير بن حازم، كلاهما عن حميد بن هلال، به.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد لا بأس برجاله غير محمد بن إبراهيم بن أورمة فإنه لا يُعرف كما سلف بيانه عند الحديث (8499)، ولم ينفرد به.

فقد أخرجه أحمد 14 / (8833) من طريق إسماعيل بن زكريا، وهو أيضًا 15/ (9395)، ومسلم (1012)(60)، وابن حبان (6700) من طريق يعقوب بن عبد الرحمن القاري، كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

والمروج: الأراضي الواسعة ذات المزارع والنبات الكثير.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حكيم.

ص: 213

جُدْعان، عن أبي نَضْرة قال: أتينا عثمان بن أبي العاص يوم الجمعة لنعارضَ مُصحَفَنا بمُصحَفِه، فلما حَضَرَت الجمعةُ أَمرنا فاغتسلنا وتَطيَّبْنا ورُحْنا إلى المسجد، فجلسنا إلى رجل يحدِّث، ثم جاء عثمانُ بن أبي العاص فتحوَّلْنا إليه، فقال عثمان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يكونُ للمسلمين ثلاثةُ أمصارٍ: مصرٌ بمُلتقى البحرين، ومصرٌ بالجزيرة

(1)

، ومصرٌ بالشام، فيَفزَعُ الناسُ ثلاثَ فَزَعاتٍ، فيخرجُ الدَّجّالُ في أعراض

(2)

جيشٍ، فيَهزِمُ مَن قِبَل المشرق، فأوَّلُ

(3)

مصرٍ يَرِدُه المصرُ الذي بمُلتقى البحرين، فيصير أهلُها ثلاثَ فِرَقٍ: فِرقةٌ تقيمُ وتقول: نُشَامُّه

(4)

وننظر ما هو، وفرقةٌ تَلحَق بالأعراب، وفرقةٌ تلحق بالمِصر الذي يليهم

(5)

، ثم يأتي الشام، فينحازُ المسلمون إلى عَقَبَةِ أَفِيقَ، فيبعثون بسَرْح لهم فيصابُ سَرْحُهم، فيشتدُّ ذلك عليهم، وتصيبُهم مَجَاعَةٌ شديدةٌ وجَهْد، حتى إنَّ أحدهم ليُحرقُ

(6)

وَتَرَ قوسه فيأكلُه، فبينما هم كذلك إذ ناداهم منادٍ من السَّحَر: يا أيها الناس، أتاكم الغَوْثُ، فيقول بعضُهم لبعض: إنَّ هذا لصوتُ رجل شَبْعانَ، فينزل عيسى ابن مريم عليه السلام عند صلاة الفجر، فيقول له إمام

(7)

الناس: تقدَّم يا رُوحَ الله فصلِّ بنا [فيقول: إنكم معشر هذه الأُمَّة أمراءُ بعضُكم على بعضٍ، تَقدَّم أنت فصلِّ بنا]

(8)

فيتقدَّمُ فيصلِّي بهم، فإذا انصرف أَخَذَ

(1)

في بعض المصادر: ومصر بالحيرة.

(2)

في النسخ الخطية: عراض، وأثبتناه بالألف من مصادر التخريج، والأعراض: جمع عَرْض، وهو الجيش، وفي بعض المصادر: في أعراض الناس، يعني: في عامتهم.

(3)

في النسخ الخطية: فإذا، والمثبت من "تلخيص الذهبي".

(4)

أي: نختبره وننظر ما عنده.

(5)

سقط من رواية المصنف ذكر المصر الثاني، وذكر عند غيره، ويصير أهله ثلاث فرق كأهل المصر الأول.

(6)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: ليجر، والتصويب من "تلخيص الذهبي".

(7)

في (ز) و (ك) و (ب): أم، وفي "التلخيص": أمير، والمثبت من (م).

(8)

ما بين المعقوفين ليس في نسخنا الخطية، وأثبتناه من "تلخيص الذهبي".

ص: 214

عيسى صلوات الله عليه حَرْبتَه نحوَ الدَّجّال، فإذا رآه ذابَ كما يَذُوبُ الرَّصَاصُ، فتقعُ حَرْبَتُه بين ثَنْدُوَتِه فيقتلُه، ثم ينهزمُ أصحابُه، فليس شيءٌ يومئذٍ يُجِنُّ منهم أَحدًا، حتى إنَّ الحَجَرَ

(1)

يقول: يا مؤمنُ، هذا كافرٌ فاقتُله، والحَجَرَ يقول: هذا كافرٌ فاقتُله

(2)

"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم بذكر أيوب السَّختياني، ولم يخرجاه.

8683 -

وقد حَدَّثَناه مُكرَم بن أحمد القاضي، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر.

وحدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا إبراهيم بن إسحاق وإسحاق بن الحسن الحَرْبيّان؛ قالوا: أخبرنا عفَّانُ بن مُسلِم، حدثنا حماد بن زيد، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نَضْرة قال: أَمَّنَا عثمانُ بن أبي العاص؛ ثم ذكر الحديث مثله سواء، ولم يَذكُر

(4)

أيوب، والله أعلم.

8684 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو عُتبة أحمد بن الفَرَج الحِجازي بحِمْص، حدثنا بقيَّةُ بن الوليد، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن أبي ذرٍّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا بَلَغَت بنو أُميَّة أربعين، اتَّخَذوا

(1)

في مصادر التخريج في هذا الموضع: الشجرة، مكان الحجر.

(2)

قوله: "والحجر يقول

" من (ز) و (ك) وتكرر في (ك) مرة أخرى، وقد سقط من (م) و (ب).

(3)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان، وأما ذكر أيوب السختياني في هذا الإسناد فهو من تخليط سعيد بن هبيرة، فإنه ليس بالقوي كما قال أبو حاتم الرازي، واتهمه ابن حبان بالوضع، ووهّاه الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه أحمد 29/ (17900) عن يزيد بن هارون، و (17901) عن عفان بن مسلم، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد وحده عن أبي نضرة - وهو المنذر بن مالك العبدي - به. وانظر ما بعده.

(4)

تحرّف في نسخنا الخطية إلى: ولم يكن، والتصويب من "تلخيص الذهبي"، وقال الذهبي معقبًا على هذا الطريق: وهو المحفوظ.

ص: 215

عبادَ الله خَوَلًا، ومالَ اللهِ نُحْلًا، وكتابَ الله دَغَلًا"

(1)

.

8685 -

حدثنا أبو بكر محمد بن المؤمَّل بن الحسن بن عيسى، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعراني، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا بقيَّة بن الوليد وعبد القُدُّوس بن الحَجّاج: قالا: حدثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن أبي ذرّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا بَلَغَت بنو أُميَّة أربعين، اتَّخَذوا عبادَ الله خَوَلًا، ومالَ الله نُحْلًا، وكتابَ الله دَغَلًا"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف من أجل أبي بكر بن أبي مريم وكان قد اختلط، ولانقطاعه بين راشد بن سعد وأبي ذر، فإنَّ راشدًا لم يدرك أبا ذر، وبقية بن الوليد - وإن كان فيه مقال - متابع في الذي بعده. وقال الذهبي في "تلخيصه": على ضعف رواته منقطع.

(2)

إسناده ضعيف كسابقة.

وهو في "الفتن" لنعيم بن حماد برقم (314) بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(1451) عن أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، عن أبي المغيرة عبد القدوس وحده، به.

وسيأتي برقم (8688) من طريق شقيق بن سلمة عن حلام بن جذل عن أبي ذر، بلفظ:"إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلًا"، وسنده ضعيف.

وفي الباب عن أبي سعيد، وسيأتي عند المصنف برقم (8689) و (8690)، ولفظه:"إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلًا"، وسنده ضعيف.

وعن معاوية بن أبي سفيان عند الطبراني في "الكبير"(12982) و 19/ (897)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 507 - 508 - ومن طريقهما ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 37/ 126 و 252 - من طريقين عن عبد الله بن لهيعة، عن أبي قبيل المعافري، عن عبد الله بن موهب، عن معاوية رفعه بلفظ:"إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين" وإسناد الطبراني إلى ابن لهيعة ضعيف، وإسناد البيهقي إليه قوي، وأما ابن لهيعة فإنه ضعيف سيئ الحفظ، وشيخه أبو قبيل - على ثقته - له مناكير، وذكره الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 9/ 268 - 269 ثم قال: وهذا الحديث فيه غرابة ونكارة شديدة، وابن لهيعة ضعيف.

ولحديث معاوية إسناد آخر في قصة أخرى عند ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"(3833)، وابن عساكر 46/ 297 و 69/ 155 - 156 - من طريق مصعب بن عبد الله الزبيري عن =

ص: 216

8686 -

قال أبو بكر بن أبي مريم: وحدثني عمّارُ بن أبي عمّار، أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هلاك هذه الأُمَّة على يَدَي أُغيلمةٍ من قُريش"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

لهذا الحديث توابعُ وشواهدُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته الطاهرين والأئمَّة من

= عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير أو غيره

وذكر قصة فيها حديث معاوية هذا. وعبد الله بن محمد متروك الحديث.

وأصح شيء في هذا الباب حديث أبي هريرة عند تمام في "فوائده"(347)، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 507 من طريق سليمان بن بلال، وعند ابن أبي خيثمة (3836) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، وعند أبي يعلى في "مسنده"(6523)، وابن خزيمة في حديث علي بن حجر" (284)، والخطابي في "غريب الحديث" 2/ 436، وابن عساكر 57/ 254 من طريق إسماعيل بن جعفر، ثلاثتهم عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ رفعه سليمان وعبد العزيز، ووقفه إسماعيل بن جعفر، ولفظه لسليمان وإسماعيل: "إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلًا"، ولعبد العزيز: "إذا بلغ ولد الحكم ثلاثين". وهذا فيه اضطراب في سنده ومتنه، والعلاء بن عبد الرحمن لا بأس به إلّا أنَّ له مناكير، والقلب إلى أنَّ رواية إسماعيل بن جعفر الموقوفة هي المحفوظة أَميَل، فإنه ثقة متثبِّت، والله تعالى أعلم.

الخَوَل: من كان استخدامه على سبيل قهر وذلّ، جمع خائل.

والنُّحْل: ما كان من العطاء ابتداءً على غير عِوَض، قال الخطّابي: يريد أنهم يُعطُون المالَ على الأَثَرة وحُسْن الرأي، لا على الاستحقاق.

والدَّغَل - ومثله الدَّخَل -: الغِشُّ والفساد، وأصله أن يُدخل في الأمر ما ليس فيه، يقال: أَدخل الرجلُ في أمره وأدغَل، بمعنى واحد، يريد - كما قال الخطابي - أنهم يُدخلون في الدِّين أمورًا ويُحدِثون أحكامًا لم تَجر بها السُّنة.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم، وقد توبع.

فقد أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(315) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، به - إلّا أنه وقع عنده موقوفًا على أبي هريرة.

والحديث محفوظ من أوجه عن أبي هريرة مرفوعًا، انظر ما سلف برقم (8565).

ص: 217

التابعين لم يَسعنى إلَّا ذِكرُها، فذكرتُ بعض ما حَضَرني منها.

فمنها:

8687 -

ما حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنعاني بمكة حَرَسَها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عَبَّاد، أخبرنا عبد الرزاق.

وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحَنظَلي ومحمد بن رافع القُشَيري وسَلَمة بن شبيب المُستَمْلي قالوا: حدثنا عبد الرزاق بن همام الإمامُ الهُمَام

(1)

قال: حدثني أبي، عن مِيناء مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الرحمن بن عوف قال: كان لا يولدُ لأحدٍ مولودٌ إِلَّا أتي به النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له، فأُدخل عليه مروانُ بن الحَكَم فقال:"هو الوَزَغُ ابن الوَزَغ، الملعونُ ابن الملعون"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

ومنها:

8688 -

حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقبة الشَّيباني بالكُوفة، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزُّهْري القاضي، حدثنا جعفر بن محمدٍ ابن ابنةِ إسحاق بن يوسف الأزرق، حدثني إسحاق بن يوسف، حدثنا شريك بن عبد الله، عن الأعمش، عن شقيق بن سَلَمة، عن حَلام بن جِذل

(3)

الغِفَاري قال: سمعت أبا ذرٍّ جُندُب بن جُنادة الغفاري

(1)

هكذا في (م)، وكأنها في بقية النسخ: المتمام، أو المئمام.

(2)

إسناده واهٍ، ميناء متروك واتهمه أبو حاتم الرازي بالكذب، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه".

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(317) عن عبد الرزاق، عن أبيه، عن ميناء مرسلًا، لم يذكر فيه عبد الرحمن بن عوف.

(3)

هكذا في النسخ الخطية، بالذال، وفي "التاريخ الكبير" للبخاري 3/ 129 و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 3/ 308: جزل، بالزاي، ووقع مسمّى في "التاريخ": حلاب، بالباء في آخره، وخطّأه ابن أبي حاتم في كتابه "بيان خطأ البخاري في تاريخه"(114).

ص: 218

يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا بَلَغَ بنو أبي العاص ثلاثين رجلًا، اتَّخَذوا مالَ الله دُولًا، وعباد الله خَوَلًا، ودينَ الله دَغَلًا".

قال حَلّام: فأُنكِرَ ذلك على أبي ذرّ، فشَهِدَ عليُّ بن أبي طالب: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما أظلَّت الخضراءُ، ولا أقلَّت الغَبْراءُ على ذي لَهْجةٍ أصدقَ من أبي ذرٍّ"، وأشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه حديث أبي سعيد الخُدري:

8689 -

حدَّثَناهُ أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، حدثنا موسى بن هارون بن عبد الله الإمام، حدثنا زكريا بن يحيى زَحَمَوَيهِ، حدثنا صالح بن عمر، حدثنا مُطرِّف

(1)

إسناده ضعيف جعفر بن محمد روى عنه غير واحد إلّا أننا لم نقف له على ترجمة فنتبيّن حاله، فهو على هذا مجهول الحال، وشريك بن عبد الله - وهو النَّخَعي - سيّئ الحفظ، وحلام تابعي كبير روى عنه اثنان، ولم يُؤثَر فيه جرح أو تعديل.

وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"(3837) فقال: بلغني عن إسحاق بن يوسف الأزرق

فذكره إلّا أنه لم يسق الشطر الثاني منه.

وانظر ما سلف برقم (8684) و (8685).

وأخرج الشطر الثاني من حديث حلّام عن علي بن أبي طالب في فضل أبي ذر: بحشل في "تاريخ واسط" ص 141، والطحاوي في "مشكل الآثار"(532) من طريق جعفر بن محمد، عن جده إسحاق بن يوسف الأزرق، به.

وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 4/ 172 من طريق بشر بن مهران، عن شريك، عن الأعمش، عن زيد وهو ابن وهب - عن علي. وبشر هذا - ويقال: بشير - سمع منه أبو حاتم الرازي ثم ترك حديثه وأمر ابنه - كما في "الجرح والتعديل" 2/ 379 - أن لا يقرأ عليه حديثه.

ولهذا الشطر شواهد سلفت عند المصنف برقم (8670) من حديث أبي ذر نفسه، وبرقم (8671) من حديث عبد الله بن عمرو، وبرقم (8678) من حديث أبي الدرداء، فهو صحيح لغيره.

قوله: "اتخذوا مال الله دُولًا" جمع دُولة، أي: يتداولون المال ولا يجعلون لغيرهم نصيبًا فيه، أو يستأثرون أهل الشرف بحقوق الفقراء من بيت المال. قاله السندي في "حاشيته على مسند أحمد".

وبقية ألفاظه سبق شرحها قريبًا.

ص: 219

ابن طَريف، عن عطيَّة، عن أبي سعيد الخُدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بَلَغَ بنو العاص ثلاثين رجلًا، اتَّخَذوا دينَ الله دَغَلًا، وعبادَ الله خَوَلًا، ومال الله دُوَلًا"

(1)

.

وهكذا رواه الأعمش عن عطيَّة:

8690 -

حدَّثَناهُ أبو بكر بن بالويه حدثنا موسى بن هارون، حدثنا محمد بن حُمَيد، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عطيَّة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا بَلَغَ بنو أبي العاص ثلاثين رجلًا، اتَّخَذوا مالَ الله دُوَلًا، ودينَ الله دَغَلًا، وعباد الله خَوَلًا"

(2)

.

ومنها:

8691 -

ما حدَّثَناه أبو أحمد علي بن محمد الأزرقي بمَرُو، حدثنا أبو جعفر محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ بمكّة، حدثنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، مؤذِّنُ المسجد الحرام، حدثنا مسلم بن خالد الزَّنْجي، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إني أُرِيتُ في منامي كأَنَّ بني الحَكَم بن أبي العاص يَنزُون على مِنبري كما تَنْزُو القِرَدةُ". قال: فما رئي النبي صلى الله عليه وسلم مستجمعًا ضاحكًا حتى تُوفِّي

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عطية: وهو ابن سعد العَوفي. وانظر ما بعده.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عطية العوفي كسابقه، ومحمد بن حميد - وهو أبو عبد الله الرازي - ضعيف إلا أنه متابع.

فقد أخرجه أحمد 18 (11758) عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير - وهو ابن عبد الحميد - بهذا الإسناد.

وانظر حديث أبي ذر المتقدم برقم (8685).

(3)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل مسلم بن خالد الزَّنجي، وقد توبع، وباقي رجاله لا بأس بهم.

وأخرجه أبو يعلى (6461) عن مصعب بن عبد الله الزُّبيري، عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن العلاء، بهذا الإسناد ومصعب وعبد العزيز لا بأس بهما. =

ص: 220

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

ومنها:

8692 -

ما حدَّثَناهُ أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا حجَّاج بن محمد، حدثنا شُعبة، عن أبي حمزة قال: سمعت حُميد بن هلال يحدِّث عن عبد الله بن مُطرِّف، عن أبي بَرْزَةَ الأسلمي قال: كان أبغض الأحياء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو أُميّة وبنو حَنيفةً وثَقيفٌ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8693 -

حدثنا علي بن محمد بن عُقبة الشَّيباني، حدثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي الحافظ، حدثنا علي بن الحسين الدِّرهمي، حدثنا أُميَّة بن خالد، عن شُعبة، عن محمد بن زياد قال: لما بايع معاويةُ لابنه يزيد، قال مروانُ: سُنَّةُ أبي بكر وعمر، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: سنَّةُ هِرقل وقَيصَر، قال مروان: هو الذي

= ينزون: أي: يتواثبون.

وقوله: "مستجمعًا ضاحكًا" أي مقبلًا على الضحك، والمستجمع: المجدّ في الشيء القاصد له.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة حال أبي حمزة - وهو عبد الرحمن بن عبد الله المازني جار شعبة - وقد تفرَّد به، وهو إنما يُقبل في المتابعات والشواهد.

وهو في "مسند أحمد" برواية أحمد بن جعفر القطيعي عن عبد الله بن جعفر القطيعي عن عبد الله بن أحمد عن أبيه 33/ (19775). ولم يذكر فيه بني أُمية.

وأخرجه كرواية المصنف أبو يعلى (7421) عن أحمد بن إبراهيم الدورقي، والرُّوياني (769) من طريق يحيى بن معين، كلاهما عن حجاج بن محمد، بهذا الإسناد.

وفي الباب عن عمران بن حصين عند الترمذي (3943)، والطبراني في "الكبير" 18 (572)، بإسنادين ضعيفين لا يصحّان.

وعن عبد الله بن الزبير عند أبي يعلى (6820) مرفوعًا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "

وشرُّ قبائل العرب بنو أمية، وبنو حنيفة وثقيف

"، وإسناده ضعيف.

ولا يصحُّ في هذا الباب شيء.

ص: 221

أنزل الله فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} الآية [الأحقاف: 17]، قال: فبَلَغَ عائشةَ، فقالت: كَذَبَ والله، ما هو به، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَعَنَ أبا مروانُ في صلبه، فمروانُ فَضَضٌ من لعنة الله عز وجل

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8694 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل، حدثنا مُسلم بن إبراهيم، حدثنا جعفر بن سليمان الضُّبَعي، حدثنا علي بن الحكم البُناني، عن أبي الحسن الجَزَري، عن عمرو بن مُرَّة الجُهَني - وكانت له صحبة -: أنَّ الحَكَم بن أبي العاص استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فعَرَفَ النبي صلى الله عليه وسلم صوته وكلامه، فقال:"ائذَنُوا له، حيّةٌ"

(2)

، عليه لعنةُ الله وعلى من يخرُج من صُلْبِهِ، إِلَّا المؤمنَ منهم، وقليلٌ ما هم، يَشرُفُون في الدنيا ويُوضَعون

(3)

في الآخرة، ذَوُو مَكْرٍ وخَديعةٍ،

(1)

إسناده جيد لولا ما أعله به الذهبي في "تلخيصه" من الانقطاع بين محمد بن زياد - وهو الجُمحي مولاهم المدني - وعائشة، وقال: محمد لم يسمع من عائشة. قلنا: مع أنه أدركها، وقد يكون مرسلًا، فإنَّ عبد الرحمن بن أبي بكر توفي قبل أخته عائشة بنحو أربع سنين.

وأخرجه النسائي (11427) عن علي بن الحسين الدرهمي، بهذا الإسناد.

ورواه عن محمد بن زياد أيضًا حماد بن سلمة، فقد أخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1880) عن ابن عائشة - وهو عبيد الله بن محمد العيشي - وابن أبي خيثمة في السفر الثالث من "تاريخه"(1785) عن موسى بن إسماعيل التبوذكي، كلاهما عن حماد بن سلمة، به. إلّا أنَّ ابن عائشة لم يذكر في حديثه قصة لعن أبي مروان.

وقد تابع محمدَ بنَ زياد في رواية هذا الخبر يوسفُ بنُ ماهك عند البخاري في "صحيحه"(4827)، وعبد الله البهيّ مولى الزبير عند البزار في مسنده (2273). إلّا أنَّ البهي جعله كلّه من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر لم يذكر فيه عائشة، وروايته عنه مرسلة، أما يوسف بن ماهك فلم يذكر فيه قصة لعن أبي مروان.

فَضَضٌ: أي: قطعة وطائفة.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: ائذنوا لرحية، وفي "التلخيص": له حبة.

(3)

في النسخ الخطية ويضعون، والصواب ما أثبتنا.

ص: 222

يُعطَوْن في الدنيا وما لهم في الآخرة من خَلاق"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وشاهدُه حديث عبد الله بن الزُّبير الذي:

8695 -

حدَّثَناه جعفر بن نُصَير الخُلْدي رحمه الله، حدثنا أحمد بن محمد بن الحجَّاج بن رِشْدِين المَهْري بمِصْر، حدثنا إبراهيم بن منصور الخُراساني، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المُحاربي، عن محمد بن سُوقة، عن الشَّعْبي، عن عبد الله بن الزُّبير: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الحكم وولده

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف منكر لجهالة أبي الحسن الجزري، وبه أعله الذهبي في "تلخيصه"، وانظر كلامنا عليه عند الحديثين المتقدمين برقم (621) و (7204).

وأخرجه أبو يعلى كما في "المطالب العالية"(4454)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 512 - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 57/ 268 - من طريقين عن علي بن الحكم، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 242 - 243 ونسبه إلى الطبراني، وقال: وفيه أبو الحسن الجزري وهو مستور، وبقية رجاله ثقات.

(2)

الخبر عن عبد الله بن الزبير صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف أحمد بن رشدين المصري وجهالة إبراهيم بن منصور الخراساني فلم نقف له على ترجمة.

وهو في "فوائد الخلدي" بتحقيق نبيل جرّار برقم (216).

ورواه عن أحمد بن رشدين أيضًا الطبراني في "الكبير"(14884) ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 57/ 272 - فجعله من روايته عن يحيى بن سليمان الجعفي، عن محمد بن فضيل، عن عبد الله بن شبرمة، عن الشعبي، عن ابن الزبير. فهذا من اضطراب ابن رشدين، ويحيى الجعفي ليس بذاك القوي وله مناكير.

وأخرجه الطبراني مرة أخرى (14882) - ومن طريقه الضياء في "المختارة" 9/ (268)، وابن عساكر 57/ 271 - عن أحمد بن يحيى بن خالد الرقي، عن يحيى بن سليمان الجعفي، عن محمد بن فضيل وأحمد بن بشير، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن ابن الزبير. وشيخ الطبراني مجهول الحال.

لكن الخبر محفوظ عن إسماعيل بن أبي خالد، فقد رواه عن محمد بن فضيل عنه عليُّ بنُ المنذر =

ص: 223

هذا الحديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

قال الحاكم رحمه الله: ليعلم طالب العلم، أن هذا بابٌ لم أذكر فيه ثُلث ما رُوِيَ، وأنَّ أول الفتن في هذه الأُمة فِتنتُهم، ولم يَسَعني فيما بيني وبين الله تعالى أن أُخلِيَ الكتابَ من ذِكرِهم.

8696 -

حدثنا الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا إسماعيل بن أبي أُويس، حدثني أخي، عن سليمان بن بلال، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقومُ الساعةُ حتى يَنزِلَ الرُّومُ بالأعماق، فيخرج إليهم جلبٌ من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذٍ، فإذا تصافُّوا قالت الرُّوم: خلُّوا بيننا وبين الذين سَبَوْا منا نُقاتِلُهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نُخلِّي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم فينهزم ثُلثٌ لا يتوبُ الله

= عند البزار في "مسنده" بإثر (2197)، وابن عساكر 57/ 271.

ورواه عن إسماعيل بن أبي خالد أيضًا سفيان بن عيينة عند أحمد 26/ (16128)، والبزار (2197)، والضياء (270)، ورجاله ثقات.

وروي حديث محمد بن سوقة مرفوعًا نصًّا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ولد الحكم ملعونون"، أخرجه ابن عساكر 57/ 271 من طريق أبي بكر محمد بن حمدون، عن أبي عثمان سعيد بن عبد الرحمن بن صفوان المصري، عن شعيب بن الليث، عن أبيه، عن يعقوب بن إبراهيم، عن محمد بن سُوقة، عن الشعبي، عن ابن الزبير. وسعيد بن عبد الرحمن مجهول لم نقف على ترجمة له.

وأصل قصة لعن الحكم بن أبي العاص ما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بإسناد عنه عند أحمد 11/ (6520) قال: كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذهب عمرو بن العاص يلبس ثيابه ليلحقني، فقال ونحن عنده:"ليدخلن عليكم رجل لعين"، فوالله ما زلت وَجِلًا أتشوَّف داخلًا وخارجًا حتى دخل فلانٌ؛ يعني الحكم.

فهذا أصل القصة، وليس فيها لعن ولد الحكم أو من هم في صُلبه، وليس من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ولا من سُنّته لعن من لا يستحق اللعن كالأبناء الصغار أو من هم في الأصلاب، ولعلَّ الخصومة التي كانت بين عبد الله بن الزبير رضي الله عنه وبني أُمية جرَّته إلى هذا التجوُّز في ذكر ولد الحكم في قصة اللعن، والله تعالى أعلم.

ص: 224

عليهم أبدًا، ويُقتل ثلثٌ هم أفضلُ الشهداء عند الله عز وجل، ويصبحُ ثلثٌ لا يُفتنون أبدًا، فيبلُغون القُسطنطينيَّة فيَفتَتِحون، فبينما هم يَقسِمون غنائمهم وقد علَّقوا سلاحهم بالزَّيتون، إذ صاحَ الشيطان إنَّ المسيح قد خَلَفَكم في أهلِيكُم، وذلك باطلٌ، فإذا جاؤوا الشامَ خَرَجَ، فبينما هم يعتدُّون للقتال ويُسَوُّون الصفوف، إذ أُقِيمت الصلاةُ صلاةُ الصبح، فينزلُ عيسى ابن مريم صلوات الله عليه، فأَمَّهم، فإذا رآه عدوُّ الله ذابَ كما يذوبُ المِلحُ، فلو تَرَكَه لانذابَ حتى يَهْلِكَ، ولكن يقتلُه الله بيده، فيُريهم دمه في حربتِه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

8697 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أُوزمة الأصبهاني، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان الثَّوْري، عن أبي قيس الأَوْدي، عن هُزَيل بن شُرَحبِيل، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إنكم في زمان كثيرٌ علماؤُه، قليل خطباؤُه، كثيرٌ مُعطُوه، الصلاةُ فيها قصيرة، والخُطبةُ فيها طويلة، فاقصُرُوا الخطبة وأَطيلوا الصلاة، وإنَّ من البَيان لسحرًا، ومن أراد الآخرة أضرَّ بالدنيا، ومن أراد الدنيا أضرَّ بالآخرة، يا قومِ فَأَضِرُّوا بالفانية للباقية

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل الحسن بن علي بن زياد وإسماعيل بن أبي أُويس.

أخو إسماعيل: هو أبو بكر عبد الحميد بن أبي أُويس.

وأخرجه مسلم (2897)، وابن حبان (6813) من طريق معلى بن منصور، عن سليمان بن بلال، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

الأعماق: المراد به - والله أعلم - ما يسمى الآن سهل العمق، وهو سهل واسع من أخصب سهول بلاد الشام، يقع الآن في لواء إسكندرون في جنوب تركيا، وهو شمال غرب مدينة حلب.

وقوله: "جلبٌ من المدينة" عند مسلم وغيره: جيش من المدينة.

وقوله: "سَبَوا منا" على البناء للفاعل، وبعض رواة مسلم رووه على البناء للمفعول، أي: سُبُوا منا.

(2)

خبر حسن، محمد بن إبراهيم بن أورمة - وإن كان لا يُعرَف - لم ينفرد به، والحسن بن حفص =

ص: 225

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8698 -

أخبرني أبو بكر بن أبي نَصْر المزكِّي بمرو، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا عبد الله بن مَسلَمة، حدثنا كَثير بن عبد الله بن عمرو بن عَوف المُزَنِي

(1)

.

= وأبو قيس الأودي - وهو عبد الرحمن بن ثروان - صدوقان حسنا الحديث.

وأخرجه هناد في "الزهد"(670) عن قبيصة بن عقبة، والطبراني في "الكبير"(8566) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، كلاهما عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصرًا بقوله: "من أراد الدنيا

إلخ" وكيع في "الزهد" (70)، ومن طريقه ابن أبي شيبة 13/ 287 وأبو نعيم الأصبهاني في "الحلية" (1381)، وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (10159) من طريق عبد الله بن نمير، كلاهما (وكيع وابن نمير) عن سفيان، به.

وأخرجه مختصرًا كذلك وكيع (72)، وعنه ابن أبي شيبة 13/ 300 عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن عبد الله بن مسعود.

وأخرج عبد الرزاق (3787)، ومن طريقه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(1038)، والطبراني في "الكبير"(9496) عن معمر، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص عوف بن مالك، عن ابن مسعود قال: إنكم في زمان قليل خطباؤه، كثير علماؤه، يطيلون الصلاة ويقصرون الخطبة، وإنه سيأتي عليكم زمان كثير خطباؤه، قليل علماؤه، يطيلون الخطبة ويؤخرون الصلاة. وهذا إسناد صحيح.

وروي معناه مالك في "الموطأ" 1/ 173 عن يحيى بن سعيد الأنصاري: أنَّ عبد الله بن مسعود قال لإنسان

وذكره. وهذا منقطع، فإنَّ يحيى لم يدرك ابن مسعود. وأخرجه من طريق مالك: جعفرٌ الفريابي في "فضائل القرآن"(108)، والمستغفري في "فضائل القرآن" أيضًا (268)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(317)، والبيهقي في "الشعب"(4646).

وقوله: "اقصروا الخطبة وأطيلوا الصلاة، وإنَّ من البيان لسحرًا" روي مثله مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمار بن ياسر عند مسلم (869) وغيره، وقد سلف عند المصنف برقم (5788) دون قوله:"إنَّ من البيان سحرًا".

وقوله: "من أراد الآخرة أضرَّ بالدنيا

إلخ" روي مثله مرفوعًا أيضًا من حديث أبي موسى الأشعري، وقد سلف عند المصنف برقم (8050) و (8095)، ورجال إسناده لا بأس بهم إلّا أنه منقطع. ويشهد له حديث أبي هريرة عند ابن أبي عاصم في "الزهد" (161) بإسناد حسن.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: المزكي.

ص: 226

وحدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق - وله اللفظ - أخبرنا الحَسَن

(1)

بن علي بن زياد، حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيس، حدثنا كَثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جدِّه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "لا تذهبُ الدُّنيا. يا عليَّ بن أبي طالب" قال علي: لبَّيكَ يا رسول الله، قال:"اعلم أنكم ستقاتلون بني الأصفر ويقاتلُهم من بعدَكم من المؤمنين، وتخرجُ إليهم رُوقَةُ المؤمنين أهلُ الحِجاز، الذين يجاهدون في سبيل الله، لا تأخذُهم في الله لومةُ لائمٍ حتى يفتحَ اللهُ عز وجل عليهم قُسطَنطينيّة ورُومِيَّةَ بالتسبيح والتكبير، فينهدِمُ حِصنُها، فيصيبون نَيْلًا عظيمًا لم يُصيبوا مثله قطُّ، حتى إنهم يقتسمون بالتُّرْس، ثم يَصرُخُ صارخٌ: يا أهل الإسلام، قد خرج المسيحُ الدَّجَالُ في بلادكم وذَرارِيِّكم، فيَنفَضُّ الناسُ عن المال، فمنهم الآخِذُ ومنهم التاركُ، فالآخذُ نادمٌ والتاركُ نادمٌ، يقولون: مَن هذا الصائحُ؟ فلا يعلمون من هو، فيقولون: ابعَثُوا طَليعةً إلى لُدٍّ، فإن يكن المسيحُ قد خرج فيأتونكم بعِلمِه، فيأتون فينظرون فلا يَرَونَ شيئًا، ويَرَونَ الناسَ ساكتين فيقولون: ما صَرَخَ الصارخُ إِلَّا لنبأٍ، فاعْتَزِموا ثم ارشُدُوا، فيعتزمون أن نخرج بأجمعنا إلى لُدٍّ، فإن يكن بها المسيحُ الدَّجّالُ نُقاتِله حتى يَحكُمَ الله بيننا وبينه، وهو خيرُ الحاكمين، وإن تكن الأخرى فإنَّها بلادُكم وعشائرُكم وعساكرُكم رَجَعَتُم إليها"

(2)

.

(1)

تحرَّف في النسخة الخطية إلى: الحسين، مصغَّرًا، وقد تكرر عند المصنف على الصواب في عشرات المواضع من كتابه هذا. وهو الحسن بن علي بن السَّرِيّ، وانظر "تاريخ الإسلام" 6/ 932.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل كثير بن عبد الله المزني فإنَّ الجمهور على تضعيفه، وغالى بعضهم فاتهمه بالكذب، وقال الذهبي في "تلخيصه" كثير واهٍ.

وأخرج أكثره ابن ماجه (4094) من طريق أبي يعقوب الحنيني، عن كثير بن عبد الله المزني، بهذا الإسناد.

ورُوقة المؤمنين: خِيارُهم ووجوههم، جمع رائق، من راق الشيء: إذا صفا وخَلُص، كما في "النهاية" لابن الأثير (روق). =

ص: 227

8699 -

أخبرني محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنعاني بمكة حَرَسها الله تعالى، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن إسماعيل بن أُميَّة، عن سعيد، عن أبي هريرة، يَروِيه قال:"ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقتَرَب، على رأس السِّتين تصيرُ الأمانةُ غَنيمةً، والصدقةُ غَرامةً، والشهادةُ بالمعرِفة، والحُكْمُ بالهَوَى"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه الزِّيادات.

8700 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري، حدثنا عمرو بن محمد العَنقَزي، حدثنا طلحة بن عمرو الحَضْرمي، عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير اللَّيثي، عن أبي الطُّفيل، عن أبي سَرِيحة الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يكون للدابَّةِ ثلاثُ خَرَجاتٍ من الدَّهر، تخرج أوّلَ خَرْجةٍ بأقصى اليمن، فيَفشُو ذِكرُها بالبادية، ولا يدخلُ ذِكرُها القرية - يعني مكة - ثم بَيْنا الناسُ

= وانظر في فتح القسطنطينية ورومية حديث عبد الله بن عمرو المتقدِّم عند المصنف برقم (8506).

(1)

روي مرفوعًا وموقوفًا، والموقوف أشبه. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن عبّاد الدَّبَري، وسعيد: هو ابن أبي سعيد المقبري.

وهو في "جامع معمر" برواية إسحاق الدبري عن عبد الرزاق برقم (20777)، هكذا بلفظ "يرويه"، وهي من ألفاظ الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وجعله من رواية رجل مبهم عن أبي هريرة، إلّا أنَّ معمرًا قال فيه: أراه سعيدًا.

ورواه عن عبد الرزاق نعيمُ بنُ حماد في "الفتن"(1981)، فقال فيه: عن رجل عن أبي هريرة.

ووقفه عليه ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه - كما في "علل الدارقطني"(2059) - محمد بن مصعب القرقساني وجعفر بن الحارث أبو الأشهب، عن إسماعيل بن أمية عن سعيد المقبري عن أبي هريرة؛ رفعه القرقساني ووقفه أبو الأشهب، قال الدارقطني: وهو - أي: الموقوف - أشبه بالصواب. قلنا: والقرقساني وأبو الأشهب كلاهما فيه مقال وفيهما لين.

وأوله - وهو قوله: "ويل للعرب من شر قد اقترب". قد جاء عن أبي هريرة في غير هذا الحديث، انظر ما سلف عند المصنف برقم (372).

ص: 228

في أعظمِ المساجد حُرْمةً وأحبِّها إلى الله وأكرمِها على الله تعالى؛ المسجدِ الحرامِ، لم يَرُعْهم إلَّا وهي في ناحية المسجد تَدنُو - أو تَربُو - بينَ الرُّكنِ الأسود وبين باب بني مخزومٍ عن يمين الخارج في وَسَطٍ من ذلك، فيَرفَضُّ الناسُ عنها شتَّى ومعًا، ويَثبُت لها عِصابةٌ من المسلمين عَرَفوا أنهم لم يُعجِزوا الله، فَخَرَجَت عليهم تَنفُضُ عن رأسها الترابَ، فبدت بهم فجَلَت عن وجوههم حتى تَرَكَتها كأنها الكواكبُ الدُّرِّيّة، ثم وَلَّت في الأرض لا يُدرِكُها طالبٌ ولا يُعجِزُها هارب، حتى إِنَّ الرجل ليتعوَّذُ منها بالصلاة، فتأتيهِ من خلفِه فتقول: أي فلانُ، الآنَ تصلِّي؟! فيَلتفِتُ إليها فتَسِمُه في وجهه ثم تذهب، فيتجاوَرُ الناسُ في ديارهم، ويَصطَحِبون في أسفارهم، ويَشتَركون في الأموال، يعرفُ المؤمنُ الكافرَ، حتى إنَّ الكافر يقول: يا مؤمنُ، اقضِني حقِّي، ويقول المؤمن: يا كافرُ، اقضني حقِّي"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، طلحة بن عمرو الحضرمي متروك الحديث، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه"، وقد تفرَّد طلحة هذا برفعه وبألفاظ فيه. أبو الطقيل: هو عامر بن واثلة، وأبو سريحة: هو حذيفة بن أَسِيد.

وأخرجه أبو إسحاق الثعلبي في "تفسيره" 7/ 223 - ومن طريقه أبو محمد البغوي في "تفسيره" أيضًا 6/ 178 - من طريق عمرو بن محمد العنقزي، بهذا الإسناد.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1851) - ومن طريقه الفاكهي في "أخبار مكة"(2345) والطبراني في "الأحاديث الطوال"(34) - عن عبد الله بن وهب، والطبراني في "المعجم الكبير"(3035) من طريق الفضل بن العلاء، كلاهما عن طلحة بن عمرو، به.

وأخرجه الطيالسي (1165) - ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 9/ 2923 - عن طلحة بن عمرو، به.

وأخرجه الطيالسي أيضًا عن جرير بن حازم، عن عبد الله بن عمير، عن رجل من آل عبد الله بن مسعود. ولم يتجاوزه، وعليه فهو إسناد مرسل وراويه مبهم، فلا يصحُّ.

وأخرجه عبد الملك بن حبيب الأندلسي في كتاب "أشراط الساعة"(23) عن الأُويسي - وهو عن عبد العزيز بن عبد الله - عن عبد الله بن عبيد، عن أبيه، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن اليمان موقوفًا

وذكره بطوله، ثم قال: وحدثني أسد بن موسى عن جرير بن حازم عن قيس بن سعد =

ص: 229

هذا حديث صحيح الإسناد، وهو أبيَنُ حديثٍ في ذكر دابّة الأرض، ولم يُخرجاه.

8701 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن هشام بن حسَّان، عن قيس بن سعد، عن أبي الطُّفيل، قال: كنا جلوسًا عند حُذيفة، فذُكِرَت الدابةُ، فقال حذيفة: إنها تخرجُ خَرَجاتٍ في بعض البوادي ثم تتكمَّن

(1)

، ثم تخرجُ في بعض القُرى حتى يُذعَروا

(2)

حتى تُهريقَ فيها الأمراءُ الدماءَ، ثم تتكمَّن، قال: فبَيْنا الناسُ عند أعظمِ المساجدِ وأفضلِها وأشرفِها - حتى قلنا المسجد الحرام، وما سمَّاه - إذ ارتفَعَت الأرضُ، فترتفع الأرضُ ويهربُ الناس ويبقى عَامّةٌ من المسلمين تقول: إنه ليس يُنجينا من أمر الله شيءٌ، فَتَخرُجُ فتَجلُو وجوهَهم حتى تجعلَها كالكواكب الدُّرِّيّة، وتتَّبِع الناسَ

(3)

، جيرانٌ في الرِّباع، شركاءُ في الأموال، وأصحابٌ في الأسفار

(4)

.

= عن أبي الطفيل عن حذيفة، مثل ذلك. وابن حبيب هذا قال ابن حجر في "التقريب": صدوق ضعيف الحديث كثير الغلط.

وأخرج الطبراني في "الأوسط"(1635) من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أَسيد - أُراه رفعه قال: تخرج الدابة من أعظم المساجد حرمة، فبينا هم قعود إذ رنَّت الأرض، فبينا هم كذلك إذ تصدعت. وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنَّ فيه عنعنة ابن جريج وكان مدلسًا، وشكَّ الراوي في رفعه. وانظر الحديث التالي.

(1)

في النسخ الخطية: تتمكن، والتصويب من "تلخيص المستدرك". ومعنى "تتكمَّن" تختفي عن الأنظار.

(2)

في النسخ الخطية: يذعروه، والصواب ما أثبتنا.

(3)

الظاهر أنَّ هنا سقطًا في نسخنا الخطية، ففي مصادر التخريج - وأقربها لفظًا لرواية المصنف رواية الفاكهي (2344) - ثم تتبع الناس فتخطم الكافر وتجلو وجه المؤمن، ثم لا ينجو منها هارب ولا يدركها طالب، قالوا: وما الناس يومئذ يا حذيفة؟ قال: جيران

.. إلخ.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: في الإسلام، والتصويب من كافة مصادر التخريج. =

ص: 230

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8702 -

حدثنا أبو زكريا العَنبَري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا محمد بن فُضَيل، حدثنا الوليد بن جُمَيع، عن عبد الملك بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن البَيلَماني، عن ابن عُمر قال: يَبِيتُ الناس يَسْرُون إلى جَمْع، وتَبِيتُ دابَّةُ الأرض تَسْري إليهم، فيُصبِحون وقد جعلتهم بين رأسِها وذنبِها، فما من مؤمنٍ إلَّا تَمسَحُه، ولا منافقٍ ولا كافرٍ إِلَّا تَخطِمُه، وإنَّ التوبةَ لمفتوحةٌ، ثم يخرج الدُّخَانُ فيأخذُ المؤمنَ منه كهيئة الزَّكْمة، ويدخلُ في مَسامع الكافر والمنافق حتى يكونَ كالشيءِ الحَنِيذ، وإن التوبةَ لمفتوحة، ثم تَطلُعُ الشمسُ من مغربها

(1)

.

= والخبر رجال إسناده ثقات إلّا أنه لا يعرف لقيس بن سعد - وهو المكي - سماع من أبي الطفيل، وذكره علي بن المديني - كما في "جامع التحصيل" - فيمن لم يلق أحدًا من الصحابة، وأبو الطفيل عامر بن واثلة من صغار الصحابة.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 84، ونعيم بن حماد في "الفتن"(1868) من طريق معمر، والبخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 391 - 392 من طريق عبيد الله بن عدي الكندي، والفاكهي في "أخبار مكة"(2344) من طريق فضيل بن عياض، والمستغفري في "دلائل النبوة"(404) من طريق قرة بن سليمان، أربعتهم عن هشام بن حسان، بهذا الإسناد. إلَّا أنَّ معمرًا في رواية ابن المبارك ومحمد بن ثور عنه عند نعيم في "الفتن" لم يسمِّ شيخه، وفي رواية عبد الرزاق عنه سمّاه، والبخاري في "تاريخه" ذكر أوله فقط، وتحرَّف في مطبوعه قيس بن سعد إلى: عامر بن سعد.

ورواه أبو سفيان المعمري عن معمر عند الطبري في "تفسيره" 20/ 14، فأسقط هشام بن حسان!

وأخرجه الطبري أيضًا من طريق فرات القزاز وواصل مولى أبي عيينة، كلاهما عن أبي الطفيل، به. وفي كلا الطريقين ضعف، وطريق فرات أحسنهما.

(1)

إسناده ضعيف لضعف ابن البيلماني، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه" وبالوليد بن جميع - وهو الوليد بن عبد الله بن جميع - إلّا أنَّ الوليد أقوى منه وأحسن حالًا.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 20/ 15 عن أبي السائب - وهو سلم بن جنادة الكوفي - عن محمد بن فضيل، بهذا الإسناد. =

ص: 231

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8703 -

حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، حدثنا أبو سعيد الأشجُّ، حدثنا أبو أسامة، عن إدريس بن يزيد الأَوْدي، عن عطيَّة، عن ابن عُمر، في قوله عز وجل:{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ} [النمل: 82]، قال: إذا لم يَأمُروا بالمعروف، ولم يَنهَوْا عن المنكَر

(1)

.

8704 -

أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن مَسلَمة الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حمَّاد، عن

(2)

عليِّ بن زيد، عن أَوس بن خالد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تخرجُ الدابةُ ومعها عصا موسى وخاتَمُ سليمان، فتَجلُو وجهَ المؤمن بالعصا، وتَخطِمُ أنفَ الكافر بالخاتَم، حتى إنَّ أهل الخِوَانِ يجتمعون، فيقول هذا: يا مؤمنُ، وهذا: يا كافرُ"

(3)

.

= وأخرجه بنحوه يحيى بن سلام في "تفسيره" 2/ 567، ونعيم بن حماد في "الفتن"(1865)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 15/ 180، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 9/ 2923 من طريقين عن الوليد بن جميع به.

تخطمه: أي: تَسِمُه على أنفه.

والحَنيذ: المشوي.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عطية: وهو ابن سعد العَوْفي. أبو سعيد الأشج: هو عبد الله بن سعيد الكندي، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 328 عن أبي أسامة، بهذا الإسناد.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1854) من طريق عبيد الله بن الوليد الوصّافي، عن عطية، به.

وسيأتي عند المصنف برقم (8856) من طريق عمرو بن قيس عن عطية.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: بن.

(3)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن جُدْعان - وجهالة شيخه أوس بن خالد، ومحمد بن مسلمة ليِّن الحديث إلَّا أنه متابع.

فقد أخرجه أحمد في "مسنده" 13/ (7937) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. =

ص: 232

8705 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُورْمَة، حدثنا الحسين بن حفص

(1)

، حدثنا سفيان [عن سَلَمة بن كُهيل]

(2)

عن أبي الزَّعْراء، عن ابن مسعود قال: يأتي على الناس زمانٌ يُغبَطُ فيه الرجلُ بخِفَّة حالِه كما يُغبَطُ [اليومَ]

(3)

الرجلُ بالمال والولد، قال: فقال له رجل: أيُّ المال يومئذٍ خيرٌ؟ قال: سلاحٌ صالح، وفرسٌ صالح، يزول عنه أينَما زال

(4)

.

= وأخرجه أحمد أيضًا 13 / (7937) و 16 / (10361)، وابن ماجه (4066)، والترمذي (3187) من طرق عن حماد بن سلمة به.

قوله: "تجلو وجه المؤمن" أي تنوّره، و"تخطم أنف الكافر" أي: تَسِمُه وتكويه، والخِوان: هو ما يوضع عليه الطعام.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الحسن بن الوليد، وليس في هذه الطبقة من الرواة عن سفيان الثوري من يسمَّى هكذا، والتصويب من "إتحاف المهرة"(13321)، وقد تكررت هذه السلسلة عند المصنف على الصواب في بضعة عشر موضعًا.

(2)

سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من "الإتحاف" ومن مصادر التخريج حيث رووه من طريق سفيان، إلّا أنه زاد في "الإتحاف" بين سفيان وسلمة الأعمشَ، وسفيان قد روى عنهما جميعًا.

(3)

زيادة من "تلخيص الذهبي".

(4)

خبر جيد، وهذا إسناد محتمل للتحسين في المتابعات والشواهد إن شاء الله من أجل أبي الزعراء - وهو عبد الله بن هانئ الكندي خال سلمة بن كهيل - فقد انفرد بالرواية عنه سلمة بن أخته، وقد توبع، ومحمد بن إبراهيم بن أورمة - وإن كان مجهولًا - لم ينفرد به.

فقد رواه المعافى بن عمران في كتابه "الزهد"(14) عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

ورواه عن سفيان أيضًا وكيعٌ عند ابن أبي شيبة في "المصنف" 5/ 320، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 3/ 1186، وعبدُ الله بنُ وهب عند نعيم بن حماد في "الفتن"(216). إلّا أنَّ وكيعًا قرن بسفيان مالكَ بنَ مِغوَل، واقتصر ابن وهب على الشطر الثاني من الخبر.

وأخرج الشطر الأول منه المعافى (13) - ومن طريقه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(181) - عن شريك النخعي، عن عبد الله بن يزيد الصُّهباني، عن كُميل بن زياد، عن ابن مسعود.

وشريك حسن في المتابعات والشواهد، ومن فوقه ثقات. =

ص: 233

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8706 -

أخبرني أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا محمد بن وَهْب الدمشقي، حدثنا صَدَقة بن عبد الله، حدثني خالد بن دِهْقانَ قال: سمعت زيدَ بن أَرْطَاةَ الفَزَاري يقول: إنه سمع جُبيرَ بن نُفَير الحَضْرمي يقول: سمعت أبا الدَّرداء يقول: إنه سمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يومُ المَلحَمةِ الكبرى فُسْطاطُ المسلمين بأرضٍ يقال لها: الغُوطَةُ، فيها مدينة يقال لها: دِمشقُ، خيرُ منازلِ المسلمين يومئذٍ"

(1)

.

= وروي مثله عن ابن مسعود مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد ضعيف جدًّا عند البزار (1461) والطبراني (9777) وغيرهما.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل محمد بن وهب الدمشقي: وهو محمد بن وهب بن مسلم القرشي الدمشقي، فهو الذي يروي عنه صدقة بن خالد كما في "تاريخ دمشق" لابن عساكر 56/ 207، وما وقع هنا في نسخ "المستدرك" من تسمية شيخه صدقة بن عبد الله، فغريب، وأغلب الظن أنه خطأ، فإنَّ هذا الحديث لا يعرف إلّا من رواية صدقة خالد عن خالد بن دهقان كما سيأتي، وصدقة بن خالد ثقة، أما صدقة بن عبد الله فضعيف، وكلاهما دمشقي وهما متقاربا الطبقة، ومهما يكن من أمر فقد روي الحديث من غير هذا الوجه عن زيد بن أرطاة، فصحَّ الحديث.

وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(1313) - ومن طريقه ابن عساكر 1/ 231 - من طريق أبي مُسهِر عبد الأعلى بن مسهر وهشام بن عمار الدمشقيين، والرَّبعي في "فضائل الشام ودمشق"(51) من طريق هشام بن عمار، كلاهما (عبد الأعلى وهشام) قال: حدثنا صدقة بن خالد، عن خالد بن دهقان، بهذا الإسناد.

ورواه أبو مسهر مرة أخرى عن صدقة بن خالد عند ابن عساكر 1/ 231 عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن زيد بن أرطاة، به.

وأخرجه كذلك أحمد 36/ (21725)، وأبو داود (4298) من طريق يحيى بن حمزة، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن زيد بن أرطاة، به. وهذا إسناد صحيح، وليس فيه عند أحمد قوله:"خير منازل المسلمين يومئذ"، ولفظه عند أبي داود:"من خير مدائن الشام".

ورواه عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي في آخر حديث مطوَّل عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه أحمد 39/ (23985). =

ص: 234

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8707 -

أخبرني أبو عبد الله الصَّنعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن قَتَادة، عن شَهْر بن حَوشَب قال: لما جاءت بَيعةُ يزيد بن معاوية قلتُ: لو خرجتُ إلى الشام فتنحَّيتُ من شرِّ هذه البَيْعة، فخرجتُ حتى قدمتُ الشام، فأُخبِرتُ بمَقامٍ يقومُه نَوْفٌ، فجئته، فإذا رجلٌ فاسدُ العينين عليه خَمِيصة، وإذا هو عبدُ الله بن عَمرو بن العاص، فلما رآه نوفٌ أمسكَ عن الحديث، فقال له عبد الله: حدِّثْ بما كنتَ تحدِّثُ به، قال: أنت أحقُّ بالحديث مني،، أنت صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إِنَّ هؤلاء قد مَنَعُونا عن الحديث؛ يعني الأمراء، قال: أَعزِمُ عليك إلَّا ما حدَّثتَنا حديثًا سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سمعتُه يقول: "إنها ستكونُ هجرةٌ بعد هجرةٍ، يحتازُ الناسُ إلى مُهاجَرِ إبراهيم، لا يبقى في الأرض إِلَّا شِرارُ أهلِها، تَلفِظُهم أرضُهم وتَقذَرُهم

(1)

أنفسُهم، والله يَحشُرُهم إلى النار مع القِرَدة والخنازير، تَبِيتُ معهم إذا باتوا، وتَقِيلُ معهم إذا قالُوا، وتأكلُ مَن تَخلَّفَ".

قال: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيخرجُ أُناسٌ من أمَّتي من قِبَل المَشرق، يَقرؤُون القرآنَ لا يجاوزُ تَراقِيَهم، كلَّما خرج منهم قَرْنٌ قُطِعَ، حتى يخرج الدَّجالُ في بقيَّتِهم"

(2)

.

= والفُسطاط: الموضع الذي فيه مجتمَع الناس.

والغوطة: اسم البساتين والمياه التي حول دمشق.

(1)

في النسخ الخطية: وتقذفهم، والمثبت من "تلخيص الذهبي"، وهو أقرب إلى الصواب، والأصوب في العبارة كلها أن تكون - كما في "جامع معمر" وغيره -: تلفظهم أرضهم وتَقذَرهم نفس الله، تحشرهم النار مع القردة

إلخ.

(2)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل شهر بن حوشب، فهو حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وقد توبع فيما سيأتي عند المصنف برقم (8623) بإسناد يعتبر به في المتابعات والشواهد أيضًا، وله شواهد تقوّيه. =

ص: 235

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والحديث في "جامع معمر" برواية عبد الرزاق برقم (20790)، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أيضًا نعيم بن حماد في "الفتن"(1765)، وأحمد في "المسند" 11/ (6871)، والبغوي في "شرح السنة"(4008)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 161. واقتصر نعيم على الشطر الأول منه دون القصة مع نوف: وهو البِكالي.

وأخرجه أبو داود الطيالسي (2407) ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" 6/ 53 - 54، وابن عساكر 1/ 160 - 161 - وأحمد (6952)، وأبو داود السجستاني (2482) - ومن طريقه البيهقي في "الأسماء والصفات"(970) - ثلاثتهم (الطيالسي وأحمد وأبو داود) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به. واقتصر أبو داود السجستاني على الشطر الأول منه مختصرًا.

وأخرجه بنحوه الطبراني في "الأوسط"(6791) و"مسند الشاميين"(2761) من طريق الوليد بن الوليد، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن شهر، عن نوف البكالي، عن عبد الله بن عمرو. والوليد وسعيد ضعيفان، والوليد أشدهما ضعفًا، وشهر إنما رواه عن ابن عمرو بلا واسطة.

ورواه عن شهر عن عبد الله بن عمرو أيضًا ليثُ بنُ أبي سليم عند نعيم بن حماد (1767)، والطبراني في "الكبير"(14542)، وأبي نعيم في "الحلية" 6/ 66، ومطرٌ الوراق عند نعيم (1748)، ومَيّاحٌ أبو العلاء عنده أيضًا (1758)، واقتصروا جميعهم على الشطر الأول منه غير الطبراني فساقه بشطريه، إلّا أنَّ مطرًا الوراق لم يرفعه ووقفه على عبد الله بن عمرو، وبيَّن ميّاح أبو العلاء أنَّ شهرًا إنما سمعه من عبد الله بن عمرو في مجلس نوف ببيت المقدس، وميّاح مجهول.

وخالف يحيى بن أبي حيّة عند أحمد 9/ (5562/ 2 - 3) - ومن طريقه ابن عساكر 1/ 161 - فرواه عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عُمر. جعله من مسند ابن عُمر، ويحيى هذا: هو أبو جناب الكلبي، وهو ضعيف، ويبدو أنَّه وهمَ في تسمية الصحابي، على أنه قد روي عن عبد الله ابن عُمر من وجه آخر غير شهر بن حوشب كما سيأتي.

وسيأتي الحديث بنحوه بشطريه عند المصنف برقم (8770) من طريق عبد الله بن صالح، عن موسى بن عُلي بن رباح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. ورجاله لا بأس بهم غير عبد الله بن صالح - وهو المصري كاتب الليث - ففيه لِين، لكن يعتبر بحديثه في المتابعات والشواهد فيتحسّن حديثه كما هو الحال هنا.

وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، أخرجه المستغفري في "دلائل النبوة"(413)، وابن عساكر 1/ 163 من طريقين عن هشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة، عن الأوزاعي، =

ص: 236

8708 -

حدثنا أبو جعفر محمد بن خُزَيمة الكَشَّي بنَيسابورَ من كتابه، حدثنا عَبْد بن حُميد الكَشِّي، حدثنا أبو عاصم النَّبيل، حدثنا عَزْرة بن ثابت، حدثنا عَلْباءُ بن أحمرَ، حدثنا أبو زيد الأنصاري قال: صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبحَ، فَخَطَبَنا إلى الظُّهر، ثم نَزَلَ فصلَّى الظهر، ثم خَطَبَنا إلى العصر، فنَزَلَ فصلَّى العصر، ثم صَعِدَ فخَطَبَنا إلى المغرب، وحدَّثَنا بما هو كائنٌ، فأعلمُنا أحفظُنا

(1)

.

= عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهشام بن عمار صدوق حسن الحديث، ومن فوقه ثقات.

وأخرج الشطر الأول منه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 304، ومن طريقه البيهقي في "الأسماء والصفات"(971)، وابن عساكر 1/ 162 عن أبي النضر إسحاق بن إبراهيم بن يزيد وهشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة، به - إلّا أنَّ أبا النضر قال في حديثه: عن الأوزاعي عمَّن حدَّثه عن نافع، فأدخل واسطةً مبهمة بين الأوزاعي ونافع فأفسده، وأبو النضر لا بأس به، وهو أحسن حالًا من هشام بن عمار، وأخرج الشطر الثاني منه مختصرًا ابن ماجه (174) عن هشام بن عمار بإسناده إلى ابن عمر.

وقال ابن كثير في "تفسيره" 6/ 284: غريب من حديث نافع، والظاهر أنَّ الأوزاعي قد رواه عن شيخ له من الضعفاء، والله أعلم، وروايته من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أقرب إلى الحفظ، انتهى.

وقصة حشر النار للناس سلفت عند المصنف برقم (8620) عن عبد الله بن عمرو موقوفة عليه من وجه آخر. وانظر شواهدها هناك.

والشطر الثاني في قصة خروج أناس من المشرق حتى يخرج آخرهم مع الدجال، يشهد له حديث أبي بزرة الأسلمي عند أحمد 33/ (19783) و (19808)، والنسائي (3552)، وسلف عند المصنف برقم (2679)، وإسناده محتمل للتحسين، وأصله في "الصحيحين" من غير حديث أبي برزة كما تقدَّم بيانه هناك.

(1)

إسناده صحيح. أبو عاصم النبيل: هو الضحاك بن مخلد، وأبو زيد الأنصاري: اسمه عمرو بن أخطب.

وأخرجه أحمد 37/ (22888)، ومسلم (2892)، وابن حبان (6638) من طريق أبي عاصم، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

ص: 237

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!

8709 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبد الله

(1)

بن موسى، أخبرنا شَيْبان، عن الأعمش، عن شَقِيق، عن حُذيفة قال: قام فينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فما تَرَكَ شيئًا يكونُ في مَقامِه ذلك إلى قيام الساعة إلَّا حدَّثَنا به، حَفِظَه من حَفِظَه، ونَسِيَه من نَسِيَه، قد عَلِمَه أصحابي هؤلاء، فإنه سيكون منه

(2)

الشيءُ قد نَسِيتُه فأَراه فأذكرُه، كما يعرف الرجلُ وجهَ الرجل غابَ عنه

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة!

8710 -

أخبرني محمد بن المؤمَّل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا الوليد بن مُسلِم، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع، عن أبي نَضْرة قال: قال أبو سعيد الخُدْري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أهلَ بيتي سَيَلْقَوْنَ من بعدي من أُمَّتي قتلًا وتشريدًا، وإنَّ أشدَّ قومِنا لنا بُغضًا بنو أُمَيَّةَ، وبنو المُغيرةِ، وبنو مخزومٍ"

(4)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبد الله، مكبَّرًا.

(2)

في النسخ الخطية: فيه، والمثبت من "تلخيص الذهبي".

(3)

إسناده صحيح. شيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل، وحذيفة: هو ابن اليمان.

وأخرجه أحمد 38/ (23274) و (23309) و (23405)، والبخاري (6604)، ومسلم (2891)(23)، وأبو داود (4240)، وابن حبان (6636) من طريقين عن الأعمش، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرج معناه أحمد (23281)، ومسلم (2891)(24) من طريق عبد الله بن يزيد الخطمي، وأبو داود (4243) من طريق قبيصة بن ذؤيب، كلاهما عن حذيفة بن اليمان.

وقد سلف نحوه أيضًا عند المصنف برقم (8661) من طريق أبي إدريس الخولاني، و (8664) من طريق زر بن حبيش، كلاهما عن حذيفة.

(4)

إسناده ضعيف بمرَّة من أجل إسماعيل بن رافع، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه" وقال: متروك. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطعة. =

ص: 238

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8711 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد الذُّهْلي، حدثنا، أبو الوليد الطَّيَالسي، حدثنا أبو عَوَانة، عن قَتَادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في السَّدِّ، قال: "يَحفِرونَه كلَّ يوم، حتى إذا كادوا يَخرِقُونه قال الذي عليهم: ارجِعوا فستَخرِقونه غدًا، قال: فيعيدُه الله عز وجل كأشدِّ ما كان، حتى إذا بَلَغُوا مُدَّتَهم وأراد الله، قال الذي عليهم: ارجِعوا فستَخرِقونه غدًا إن شاءَ الله، واستَثْنى؛ قال: فيَرجِعون وهو كهَيئتِه حين تركوه، فيَخرِقونه ويَخرُجون على الناس، فيَستَقُون

(1)

المياهَ ويَفِرُّ الناسُ منهم، فيَرمُون سِهامَهم في السماء، فتَرجِعُ مُخضَبَةً بالدماء فيقولون: قَهَرْنا أهلَ الأرض وغَلَبْنا مَن في السماء، قسوةً وعُلّوًا؛ قال: فيَبعَثُ الله عز وجل عليهم نَغَفًا في أقْفائهم؛ قال: فيُهلِكُهم؛ قال: فوالَّذي نفسُ محمدٍ بيدِه، إنَّ دوابَّ الأرضِ لَتَسْمَنُ وتَبطَرُ وتَشكَرُ شَكَرًا -أو تَسكَر سَكَرًا- من لحومِهم"

(2)

.

= وهو في "الفتن" لنعيم بن حماد (319) بإسقاط أبي نضرة. ولفظه فيه: "وبنو المغيرة من بني مخزوم".

(1)

في النسخ الخطية: فيسقون، والمثبت من المطبوع، وهو أوجهُ.

(2)

رجاله عن آخرهم ثقات، إلّا أن الحافظ ابن كثير استنكر رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في "تفسيره" 5/ 194، ومال إلى أنه من رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار! فالله تعالى أعلم.

أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وأبو عوانة: هو وضّاح اليَشكُري، وأبو رافع: هو نفيع الصائغ، تابعي مخضرم.

وأخرجه الترمذي (3153) عن محمد بن بشار وغير واحد، عن هشام بن عبد الملك، بهذا الإسناد. وحسَّنه.

وأخرجه أحمد 16 / (10632) و (10633)، وابن ماجه (4080)، وابن حبان (6829) من طرق عن قتادة، به.

النَّغَف: دود يكون في أنوف الإبل والغنم.

تَشكَر: أي: تسمن وتمتلئ شحمًا.

ص: 239

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8712 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوَّام بن حَوشَب، حدثني جَبَلَةُ بن سُحَيم، عن مُؤْثِر بن عَفَارْةَ، عن عبد الله بن مسعود قال: لما كان ليلةُ أُسرِيَ برسول الله صلى الله عليه وسلم، لقيَ إبراهيمَ وموسى وعيسى عليهم السلام، فتذاكروا الساعةَ متى هي، فبَدَؤوا بإبراهيم فسألوه عنها، فلم يكن عنده منها عِلمٌ، فسألوا موسى، فلم يكن عنده منها عِلمٌ، فردُّوا الحديث إلى عيسى، فقال: عَهِدَ اللهُ إليَّ فيها دون وَجْبتِها، فلا يعلمُها إِلَّا الله عز وجل، فذَكَر خروجَ الدجال [وقال]: فأهبِطُ فأقتلُه، ثم يَرجِعُ الناسُ إلى بلادهم، فيَستقبِلُهم يَأجوجُ ومَأجوجُ وهم مِن كل حَدَبٍ يَنسِلُون، لا يمرُّون بماءٍ إِلا شَرِبوه، ولا بشيءٍ إِلَّا أَفَسَدوه، يَجأَرون إليَّ فَأَدعُو الله فيُمِيتُهم، فتَجْوَى

(1)

الأرضُ من ريحهم، فيَجأَرون إليَّ، فأدعُو الله فيُرسِلُ السماءَ بالماء، فيَحمِلُهم فيَقذِفُ بأجسامِهم في البحر، ثم تُنسَفُ الجبالُ وتُمَدُّ الأرضُ مدَّ الأَدِيم، فعَهدُ الله إليَّ أنه إذا كان ذلك، أنَّ الساعةَ من الناس كالحاملِ المُتِمُّ، لا يدري أهلُها متى تَفجَؤُهم بوِلادتها ليلًا أو نهارًا.

قال العوّامُ: فوجدتُ تصديقَ ذلك في كتاب الله عز وجل، ثم قرأ:{حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} [الأنبياء: 96 - 97]

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8713 -

أخبرني محمد بن علي الصَّنعاني بمكة حَرَسَها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبَري، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن

(1)

في النسخ الخطية: فتجفوا، وهو تحريف، والمثبت من "تلخيص الذهبي"، ومعناه: تُنتِن الأرض من ريحهم.

(2)

إسناده ضعيف كما سلف بيانه برقم (3489).

ص: 240

عمر

(1)

، عن عيَّاش بن أبي رَبيِعة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تجيءُ الريحُ بين يَدَيِ الساعة فتَقبِضُ روحَ كلِّ مؤمن"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8714 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونسُ بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق، حدثني عاصم بن عمر بن قَتادة الأنصاري ثم الظَّفَري، عن محمود بن لَبِيد - أخو بني عبدِ الأشهل - عن أبي سعيد الخُدْري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تُفتَحُ يأجوجُ ومأجوجُ يَخرُجون على الناس كما قال الله تعالى: {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96]، فيَعِيثُون في الأرض، ويَنحازُ المسلمون إلى مَدائنِهم وحُصونِهم، ويَضُمُّون إليهم مواشيَهم، ويشربون مياهَ الأرض، حتى إنَّ بعضهم لَيَمرُّ بالنهر فيشربون ما فيه حتى يتركوه يابسًا، حتى إن مَن بعدَهم لَيَمُرُّ بذلك النهر فيقول: لقد كان هاهنا ماءٌ مرّةً، حتى إذا لم يَبْقَ من الناس أحدٌ إِلَّا أَخَذ في حصن أو مدينةٍ قال قائلهم: هؤلاءِ أهلُ الأرض قد فَرَغْنا منهم، بقيَ أهلُ السماء، قال: ثم يَهُزُّ أحدُهم حَرْبتَه ثم يَرمي بها إلى السماء، فتَرجِعُ مُخضَّبةً دمًا للبلاءِ والفِتنة، فبينما هم على ذلك بَعَثَ الله عليهم دُودًا في أعناقهم كالنَّغَفِ، فيخرجُ في أعناقهم، فيُصبِحون موتى لا يُسْمَعُ لهم حِسٌّ، فيقول المسلمون: ألا رجلٌ يَشْري لنا بنفسه فينظرُ ما فعل هذا العدوُّ، قال: ثم يتجرَّدُ رجلٌ منهم لذلك مُحتسِبًا بنفسه، فرابَطَها

(3)

على أنه مقتول، فيَنزِلُ فيَجدُهم موتى بعضُهم على بعض،

(1)

كذا وقع هنا في النسخ الخطية وفي "تلخيص الذهبي": نافع عن ابن عمر، وهو خطأ، ووقع في المطبوع: نافع مولى ابن عمر، فصار من رواية نافع عن عياش، وهو المحفوظ، وقد سلف الحديث بهذا الإسناد عند المصنف برقم (8611) بإسقاط ابن عمر على الصواب.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه بين نافع وعياش. وهو مكرر (8611).

(3)

هكذا في النسخ الخطية، وفي "تلخيص الذهبي": وطّنها، وفي "مسند أحمد": قد أطَّنها. وقوله: فرابَطَها، بمعنى: جاهد نفسه وغالبها على أنه مقتول، وهو بمعنى وطّنها وأطّنها.

ص: 241

فينادي: يا معشرَ المسلمين، أَبشِروا، فإنَّ الله قد كَفَاكم عدوَّكم، فيخرجون من مدائنِهم وحصونِهم، ويُسرِّحُون مواشيَهم، فما يكون لها رِعْيٌ إلَّا لحومُهم، فتَشكَرُ عنه كأحسنِ ما شَكِرَت عن شيءٍ من النَّبات أصابَتْه قطُّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8715 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا المسيَّب بن زُهير، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا شُعْبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت وهبَ بن جابر يحدِّث عن عبد الله بن عمرو قال: يأجوجُ ومأجوجُ يَمُرُّ أولُهم بنهرٍ مثل دِجْلةَ ويمرُّ آخرُهم فيقول: قد كان في هذا النهر مرَّةً ماءٌ، ولا يموتُ رجلٌ إِلَّا تركَ ألفًا من ذرِّيته فصاعدًا، ومِن بعدِهم ثلاثةُ أُمم: تاديس، وتاويل، وتاسك أو متسك

(2)

؛ شكَّ شعبةُ

(3)

.

(1)

إسناده حسن.

وأخرجه ابن ماجه (4079) عن أبي كريب، عن يونس بن بكير، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 18/ (11731)، وابن حبان (6830) من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، عن محمد بن إسحاق، به.

(2)

قوله: "وتاسك أو متسك" من "تلخيص الذهبي"، ومكانه في النسخ الخطية: وتلتل، والأقرب إلى الصواب ما أثبتناه من "التلخيص"، وهو الموافق لما في بعض مصادر التخريج من طريق شعبة، وفيها: ناسك أو منسك، بالنون فيهما.

(3)

إسناده حسن إن شاء الله، ووهب بن جابر وإن لم يرو عنه غير أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - قد وثقه العجلي ويحيى بن معين وابن حبان.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1656)، والطبري 17/ 88 من طريق محمد بن جعفر، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(680) من طريق عاصم بن حكيم، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد. ورواية عاصم مختصرة.

وأخرج قصة الذرية منه والأمم الثلاث الطيالسي (2396) - ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(14456) - عن المغيرة بن مسلم القسملي، وعبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 29، ونعيم بن حماد (1642)، والطبري 17/ 89 من طريق معمر - وهو في "جامعه" برقم (20810) - والطبري =

ص: 242

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8716 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا معاذ بن المثنَّى العَنبَري، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا عِمران القَطَّان، عن قَتَادة، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن مَعْدان بن طَلْحة، عن عمرو البِكَالي، عن عبد الله بن عمرو قال: إِنَّ الله عز وجل جزَّأَ الخلقَ عَشَرةَ أجزاءٍ، فجعل تسعةَ أجزاءٍ الملائكةَ وجزءًا سائرَ الخلق، وجزَّأَ الملائكةَ عشرةَ أجزاءٍ، فجعل تسعةَ أجزاءٍ يُسبِّحون الليلَ والنهارَ لا يَفتُرُون، وجزءًا لرسالتِه، وجزَّأَ الخلقَ عشرةَ أجزاءٍ

(1)

، فجعل تسعةَ أجزاءٍ يأجوجَ ومأجوجَ وجزءًا سائرَ الخلق.

{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] قال: السماءُ السابعة، والحَرَمُ بحِيالِهِ العَرْشُ

(2)

.

= أيضًا 17/ 88 من طريق سفيان الثوري، ثلاثتهم (المغيرة ومعمر وسفيان) عن أبي إسحاق، به موقوفًا. ووقع عند الطبراني في "الكبير" من طريق الطيالسي مرفوعًا، وهو وهمٌ من بعض رواته. وسيأتي عند المصنف في آخر خبر مطوَّل برقم (8736) من طريق معمر عن أبي إسحاق موقوفًا.

وخالف زيادُ بن خيثمة عند الطبراني في "الأوسط"(8598)، فرواه عن أبي إسحاق عن وهب ابن جابر عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم، فرفعه، وروايته شاذَّة، وشيخ الطبراني فيه - واسمه منتصر بن محمد - في حاله جهالة.

وخالف أيضًا زيدُ بن أبي أُنيسة عند ابن حبان (6828)، فرواه عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروايته هذه شاذَّة أيضًا، وقد روى أصل حديث ابن مسعود غيرُ واحد عن أبي إسحاق لم يذكروا فيه يأجوج ومأجوج والأمم الثلاث، كما هو مبيَّن في عملنا على "صحيح ابن حبان".

(1)

زاد هنا في "تلخيص الذهبي" وليس في شيء من نسخنا الخطية: فجعل تسعة أجزاءٍ الجنَّ وجزءًا بني آدم، وجزّأ بني آدم عشرة أجزاء. وهذا الحرف ثابت عند غير المصنف ممَّن خرَّج هذا الخبر.

(2)

إسناده حسن من أجل عمران بن داور القطان، وهو متابع.

وأخرجه أبو بكر المرُّوذي في "أخبار الشيوخ وأخلاقهم"(313) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والطبري في "تفسيره" 17/ 13 من طريق عبد الرحمن بن مهدي وأبي داود الطيالسي، =

ص: 243

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8717 -

حدثني أبو بكر محمد أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن شاذانَ الجَوهَري، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي، حدثنا خَلَف بن خَليفة الأشجعي، حدثنا أبو مالك الأشجعي، عن أبي حازم الأشجعي، عن رِبْعيِّ بن حِرَاش، عن حُذيفة بن اليَمَان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أعلمُ بما مع الدَّجّال منه، معه نهرانِ أحدُهما نارٌ تَأجَّجُ في عينِ مَن رآه، والآخَرُ ماءٌ أبيضُ، فإن أدرَكَه منكم [أحدٌ] فليُغمِضْ وليَشْرَبْ من الذي يراه نارًا، فإنه ماءٌ بارد، وإياكم والآخَرَ فإنه الفِتنةُ، واعلموا أنه مكتوبٌ بين عينيهِ كافرٌ، يقرؤُه من يكتبُ ومن لا يكتب، وإنَّ إحدى عَينيهِ ممسوحةٌ عليها ظَفَرةٌ، إنه إنه يَطلُعُ من آخر أَمَدِه على بَطْن الأُردنِّ على ثَنِيَّة أَفِيقَ، وكلُّ أحدٍ يؤمنُ بالله واليوم الآخر ببَطْن الأُردنّ، وإنه يَقتُل من المسلمين ثُلثًا، ويَهزِمُ ثلثًا، ويُبقِي ثلثًا

(1)

، وَيَجُنُّ عليهم الليلُ فيقول بعضُ المؤمنين لبعض: ما تَنتظِرون أن تَلحَقوا بإخوانكم في مَرْضاةِ ربِّكم؟ مَن كان عنده فَضْلُ طعامٍ فليَعُدْ به على أخيه، وصَلُّوا حين ينفجرُ الفجرُ، وعجِّلوا الصلاةَ، ثم أَقبِلوا على عدوِّكم.

فلما قاموا يصلُّون نَزَلَ عيسى ابن مريمَ صلوات الله عليه أَمامَهم، فصلَّى بهم، فلما انصرف قال هكذا: أَفرِجُوا بيني وبينَ عدوِّ الله - قال أبو حازم

(2)

: قال أبو هريرة: فيذوبُ كما تذوبُ الإِهالةُ في الشمس، وقال عبد الله بن عمرو: كما يذوبُ المِلحُ في

= كلاهما عن عمران القطان، بهذا الإسناد. وفيه عند المروذي: السماء السادسة، بدل السابعة ولم يرد هذا الحرف عند الطبري.

وأخرجه يحيى بن سلام في "تفسيره" 1/ 344 عن سعيد بن أبي عروبة، وأبو القاسم بن بشران في "أماليه"(531) - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 46/ 462 - من طريق شيبان النحوي، كلاهما عن قتادة به. ولم يذكرا آية الذاريات.

(1)

في "تلخيص الذهبي": ويبقى ثلث، وهو أوجه، وكانت كذلك في (ب) ثم أُلحق بها ألف فصارت: ثلثًا.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أبو حارمة، والتصويب من "تلخيص الذهبي".

ص: 244

الماء - وسَلَّطَ الله عليهم المسلمين فيَقتُلونهم، حتى إنَّ الشجرةَ والحجرَ ليُنادي: يا عبدَ الله، يا عبدَ الرحمن، يا مسلمُ، هذا يهوديٌّ فاقتُلْه، فيُفنِيهم الله، ويَظْهَرُ المسلمون فيَكِسرون الصَّليب، ويقتلون الخِنزير، ويَضَعُون الجِزْية.

فبينما هم كذلك، أَخرَجَ اللهُ أهلَ يأجوجَ ومأجوجَ، فيشربُ أوَّلُهم البُحَيرةَ، ويجيءُ آخرهم وقد انتَشَفُوه فما يَدَعُون فيه قَطْرةً، فيقولون: ظَهَرْنا على أعدائنا، قد كان هاهنا أثرُ ماءٍ، فيجئُ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه وراءَه حتى يدخلوا مدينةً من مدائن فلسطين يقال لها: لُدٌّ، فيقولون: ظَهَرْنا على مَن في الأرض، فتعالَوْا نُقاتِلُ مَن في السماء، فيَدْعُو الله نبيُّه صلى الله عليه وسلم عند ذلك، فيَبعَثُ اللهُ عليهم قَرْحةً في حُلوقهم، فلا يبقى منهم بشرٌ، فتُؤْذي رِيحُهم المسلمين، فيَدعُو عيسى صلوات الله عليه عليهم، 4/ 492 فيُرسِلُ الله عليهم ريحًا فتَقذِفُهم في البحر أَجمعين"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8718 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، إملاءً في الجامع قبلَ بناء الدار للشيخ الإمام، في شعبان سنةَ ثلاثين وثلاث مئة، حدثنا أبو محمد الرَّبيعُ بن سليمان بن كامل

(1)

إسناده حسن من أجل خلف بن خليفة، لكن قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 19/ 216: فيه سياق غريب وأشياء منكرة، والله أعلم.

أبو مالك الأشجعي: هو سعد بن طارق، وأبو حازم الأشجعي: هو سلمان.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(1033) من طريق أحمد بن مهدي، عن سعيد بن سليمان الواسطي، بهذا الإسناد. إلّا أنه أسقط منه أبا حازم، ورواية أبي مالك الأشجعي عن ربعي بن حراش معروفة مشهورة.

وأخرج أوله إلى قوله: "عليها ظفرة": أحمد 38/ (23279)، ومسلم (2934)(105) من طريق يزيد بن هارون، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي، عن حذيفة. ولم يذكر فيه أبا حازم.

وأخرج منه قصة النهرين النار والماء البارد: أحمد (23338)، وأبو داود (4315) من طريق منصور بن المعتمر، وأحمد (23353)، والبخاري (3450)، ومسلم (2934)(106) و (107) من طريق عبد الملك بن عمير، ومسلم (2934)(108)، وابن حبان (6799) من طريق نعيم بن أبي هند ثلاثتهم عن ربعي بن حراش، به.

ص: 245

المُرادي سنةَ ستٍّ وستين، حدثنا بِشْر بن بكر التِّنِّيسي، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، أخبرني يحيى بن جابر الحِمْصي، حدثنا عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير الحَضْرمي، حدثني أَبي، أنه سمع النَّوّاس بن سِمْعان الكِلَابي يقول: ذكرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الدَّجّالَ ذاتَ غَدَاةٍ، فخفَّض فيه ورفَّع، حتى ظننَّاه في طائفة النَّخل، فلما رُحْنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عَرَفَ ذلك فينا وقال:"ما شَأْنُكم؟ " فقلنا: يا رسول الله، ذكرتَ الدجالَ الغداةَ فخفَّضتَ ورفَّعتَ، حتى ظننَّاه في طائفة من النخل، قال: "إنْ يَخرُجْ، فأنا حَجيجُه دونَكم، وإن يَخرُجْ ولستُ فيكم، فامْرُؤٌ حَجيجُ نفسِه، واللهُ خَليفتي على كلِّ مسلم.

إنه شابٌّ قَطَطٌ، لحيتُه قائمة، كأنه شَبيهٌ بعبد العُزَّى بن قَطَن، فمن رآه منكم فليقرأْ فواتحَ سورةِ أصحابِ الكهف" ثم قال:"أُراه يخرجُ ما بينَ الشام والعراق، فعاثَ يمينًا وعاثَ شِمالًا، يا عبادَ الله اثبُتوا" قلنا: يا رسول الله، وما لَبْثُه في الأرض؟ قال:"أربعين يومًا، يومٌ كسَنةٍ، ويومٌ كشهرٍ، ويومٌ كجُمُعةٍ، وسائرُ أيامِه كأيامكم" قال: قلنا: يا رسول الله، فذلك الذي كسَنةٍ، يَكْفينا فيه صلاةُ يوم؟ قال:"لا، اقدُرُوا له قَدْرَه"، قلنا: يا رسول الله، فما إسراعُه في الأرض؟ قال:"كالغَيثِ استَدبَرَتُه الريحُ".

قال: "فيأتي على القوم فيَدْعُوهم، فيُؤمِنون به ويَستجيبون له، فيأمرُ السماءَ فتُمطِرُ، ويأمرُ الأرضَ فتُنبِت، وتَرُوحُ عليهم سارِحَتُهم أطولَ ما كانت ذُرًا

(1)

، وأَسبَغَه ضُروعًا، وأمَدَّه خواصرَ، ثم يأتي القومَ فيَدْعوهم فيَرُدُّون عليه قولَه، فينصرِفُ

(2)

عنهم فتَتبَعُه أموالُهم ويُصبِحون مُمحِلين ما بأيديهم شيءٌ، ثم يمرُّ بالخَرِبةِ فيقول لها: أَخرجي كنوزَك، فينطلقُ وتَتبعُه كنوزُها كيَعاسِيبِ النَّحل، ثم يدعو رجلًا مسلمًا شابًّا فيضربُه بالسيف فيَقطَعُه جَزْلتَينِ، قَطْعَ رَمْيةِ الغَرَض، ثم

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: دارا، والتصويب من "تلخيص الذهبي" ومصادر التخريج.

(2)

في النسخ الخطية: فيصرف، والمثبت من "التلخيص" ومصادر التخريج.

ص: 246

يدعوه فيُقبِلُ يتهلَّلُ وجهُه يضحكُ".

قال: "فبَيْنا هو كذلك، إذْ بَعَثَ اللهُ تعالى عيسى ابنَ مريم، فيَنزِلُ عند المَنارةِ البيضاءِ شرقيَّ دمشقَ في مَهرودَتَينِ واضعًا كَفَّيهِ على أجنحةِ مَلَكَين، إذا طأْطَأ رأسَه قَطَرَ، وإذا رفعه تَحدَّرَ منه جُمَانٌ كاللُّؤلؤ، ولا يَحِلُّ لكافرٍ يَجِدُ ريحَ نَفَسِه إلَّا مات، يَنتَهي حيث يَنتَهي طَرْفُه، فيَطلُبُه حتى يُدرِكَه عند بابِ لُدٍّ، فيقتلُه اللهُ، ثم يأتي عيسى ابن مريم عليه السلام نبيُّ الله قومًا قد عَصَمَهم الله منه، فيَمسَحُ عن وجوهِهم

(1)

، ويحدِّثُهم عن درجاتهم في الجنة.

فبينما هم كذلك إذْ أوحى الله إليه: يا عيسى، إني قد أخرجتُ عبادًا لي لا يدَ

(2)

لأحدٍ بقتالِهم، حَوِّزْ عبادي إلى الطُّور. ويَبعَثُ الله يأجوجَ ومأجوجَ وهم من كلِّ حَدَبٍ يَنسِلُون، ويمرُّ أوائلُهم على بُحَيرةِ الطَّبَريَّة، فيشربون ما فيها، ثم يمرُّ آخرُهم فيقولون: لقد كان في هذا ماءٌ مرةً، فيُحصَرُ نبيُّ الله عيسى وأصحابُه حتى يكونَ رأسُ الثَّور لأحدهم يومئذٍ خيرًا من مئةِ دينار لأحدكم اليومَ، فيَرغَبُ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه إلى الله عز وجل، فيُرسِلُ الله عليهم النَّغَفَ في رقابهم، فيصبحون فَرْسَى كموتِ نفسٍ واحدة، فيَهبِطُ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه لا يَجِدُون موضعَ شبرٍ إلَّا وقد ملأَه اللهُ زَهَمَهم ونَتْنَهم ودماءَهم، ويرغبُ نبيُّ الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيُرسِلُ الله طيرًا كأعناقِ البُخْت، فتَحمِلُهم وتَطرَحُهم حيث شاء الله، ثم يرسلُ الله مطرًا لا يَكُنُّ منه بيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ، فيَغسِلُ الأرضَ حتى يتركَها كالزَّلَقَة، ثم قال للأرض: أَنبِتي ثمرَك، ورُدِّي بَركتَك، فيومئذٍ تأكل العِصابةُ من الرُّمّانة ويستظلُّون بقِحْفِها، ويُبارَكُ في الرِّسْل، حتى إنَّ اللِّقْحةَ من الإبل لَتَكفي الفِئامَ من الناس، واللِّقْحةَ من البقر تكفي القبيلةَ، واللِّقْحةَ من الغنم تكفي الفَخِذَ، فبينما هم كذلك، إذْ بعثَ الله

(1)

في النسخ: عن وجهه، والمثبت من مصادر التخريج.

(2)

في النسخ: لا يدي، والمثبت من "التلخيص"، وفي بعض مصادر التخريج: لا يدان.

ص: 247

ريحًا طيِّبةً تأخذُ تحت آباطِهم، وتَقبِضُ روحَ كلِّ مسلم، ويبقى سائرُ الناس يَتهارَجُون كما تَهارَجُ الحُمُرُ، فعليهم تقوم الساعةُ"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 29/ (17629)، ومسلم (2937)، وأبو داود (4321)، وابن ماجه (4075)، والترمذي (2240)، والنسائي (7970) و (10717)، وابن حبان (6815) من طرق عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد - وبعضهم اختصره. وهو عند مسلم بطوله، فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه. وسقط من إسناد ابن ماجه يحيى بن جابر!

والفِقرتان الأوليان منه ستأتيان برقم (8828) من طريق معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن جده نفير. وهذا وهم من معاوية، وقال الحافظ ابن حجر في ترجمة نفير من "الإصابة" بعد أن ساق الروايتين: إن كان محفوظًا فيكون عند جبير بن نفير عن شيخين.

وفي قصة الدجال أيضًا انظر حديث أبي أمامة الباهلي الآتي عند المصنف برقم (8834).

قَطَط، بفتحتين: أي: شديد جعودة الشعر.

فعاثَ: من العَيث، وهو أشد الفساد.

سارِحتُهم: ماشيتُهم.

ذُرًا: جمع ذُِروة، وهو أعلى سَنام البعير.

يَعاسِيبِ النحل: جمع يَعسوب، وهو أمير النحل، أي: تظهر له وتجتمع عنده كما تجتمع النحل على يعاسيبها.

جَزْلتَينِ: قِطعتين.

قطعَ رَمْيةِ الغَرَض: أراد أن بُعدَ ما بين القطعتين يكون بقدر رمية السهم إلى الهدف.

مَهرودتَينِ: هما حُلّتان شبيهتان بالمصبوغ بالهُرْد، وهو نبتٌ كالكُركُم.

الحَدَب: المرتفع من الأرض. يَنسِلُون: يسرعون.

النَّغَف: دودٌ يكون في أنوف الإبل والغنم.

فَرْسَى: كقَتلى وزنًا ومعنى، جمع فَرِيس.

زَهَمهم: دسمهم.

البُخْت: الإبل الخُراسانية.

الزَّلَقَة: روي بالقاف والفاء، وهو السطح الأملس كالزجاج تنزلق الأشياء عليه انزلاقًا.

بقِحْفِها: أي: بقِشرها. =

ص: 248

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

8719 -

أخبرني محمد بن المؤمَّل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيَّب، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة قال: وُلِدَ لأخي أُمِّ سَلَمة غلامٌ فسمَّوه الوليد، فذُكِرَ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"سمَّيتُموه بأَسامي فراعنتِكم، ليكونَنَّ في هذه الأُمَّة رجل يقال له: الوليدُ، هو شرٌّ على هذه الأُمَّة من فِرعونَ على قومِه"

(1)

.

= الرِّسْل: اللَّبَن.

اللِّقْحة: الناقة القريبة العهد بالنِّتاج.

الفِئام: الجماعة الكثيرة.

يَتهارَجون: يتناكحون.

(1)

رجاله ثقات غير نعيم بن حماد فصدوق حسن الحديث، وقد توبع على أصل الحديث، إلّا أنه وقع في إسناده اختلاف على الأوزاعي - وهو عبد الرحمن بن عمرو - والمحفوظ فيه عن الزهري عن سعيد بن المسيب مرسلًا، وذِكر أبي هريرة فيه هنا - إن كان محفوظًا - وهمٌ من نعيم بن حماد أو من دونه، فإن الحديث في كتابه "الفتن"(328) عن سعيد بن المسيب مرسلًا ليس فيه أبو هريرة.

وهكذا رواه مرسلًا محمد بن خالد السكسكي - وهو أحد الثقات - عند البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 505، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 63/ 322 - 323 عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. لم يذكر فيه أبا هريرة.

ورواه كذلك بشرُ بن بكر التنيسي عند البيهقي أيضًا 6/ 505 - ومن طريقه ابن عساكر 63/ 323 - وهِقْلُ بن زياد ومحمدُ بن كثير المصيصي عند ابن عساكر 63/ 323، ثلاثتهم عن الأوزاعي، عن سعيد بن المسيب مرسلًا، إلّا أنَّ محمد بن كثير لم يذكر سعيدًا فيه. وقال البيهقي: هذا مرسل حسن.

ورواه معمر في "جامعه"(19861) - وهو في "أمالي عبد الرزاق" أيضًا (172) عنه - عن الزهري بهذا الحديث بنحوه، لم يذكر فيه سعيد بن المسيب.

وخرَّجه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 18/ 624 من "الأمالي" لعبد الرزاق مذكورًا فيه سعيد! =

ص: 249

قال الزُّهْري: إن استُخلِفَ الوليدُ بن يزيد فهو هو، وإلَّا فالوليدُ بن عبد الملك.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

هذا الوليد بن يزيد بلا شكٍّ ولا مِرْية:

8720 -

فقد حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر بن سابق الخَوْلاني، حدثنا بِشْر بن بكر، أخبرنا الأوزاعي، حدثني إسماعيل بن عُبيد الله

(1)

قال: قَدِمَ أنسُ بن مالك على الوليد بن يزيد، فقال له الوليد: ماذا سمعتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَذكُر الساعةَ؟ فقال: سمعتُه يقول: "أنتم والساعةَ كهاتَينِ"

(2)

.

= ورواه إسماعيل بن عياش عن الأوزاعي، واختُلف عليه فيه: فرواه عنه أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج عند أحمد في "المسند" 1/ (109)، فجعله من رواية سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب.

وخالفه إسماعيل بن أبي إسماعيل المؤدب عند الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(804 - بغية الباحث) فرواه عن إسماعيل بن عياش مرسلًا، لم يذكر فيه عمر. ومع أن إسماعيل المؤدب هذا ضعيف، إلّا أنَّ روايته هي الصواب لموافقتها الروايات الأخرى، وذِكر عمر فيه خطأ.

وذكر حديث عمر هذا ابن حبان في ترجمة إسماعيل بن عياش من "المجروحين" 1/ 125 وقال: هذا خبر باطل، ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا، ولا عمرُ رواه، ولا سعيدٌ حدَّث به، ولا الزهريُّ رواه، ولا هو من حديث الأوزاعي بهذا الإسناد. وتابعه ابن الجوزي في "الموضوعات" 1/ 244 (330).

وتعقَّبهما الحافظ ابن حجر في "الفتح" 18/ 624 وفي "القول المسدَّد" بأنَّ للحديث أصلًا من غير رواية إسماعيل بن عياش كما سبق، ثم قال: إن كان سعيد بن المسيب تلقَّاه عن أم سلمة فهو على شرط الصحيح، ويؤيد ذلك أنَّ له شاهدًا عن أم سلمة أخرجه إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" من رواية محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن زينب بنت أم سلمة عن أمها قالت: دخل النبي صلى الله عليه وسلم وعندي غلام من آل المغيرة اسمه الوليد، فقال:"من هذا؟ " قلت الوليد، قال:"قد اتخذتم الوليد حَنَانًا، غيِّروا اسمَه، فإنه سيكون في هذه الأمة فرعون يقال له: الوليد".

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبد الله، مكبرًا. وهو إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر.

(2)

إسناده صحيح. =

ص: 250

قد اتَّفق الشيخان على إخراجه من حديث شُعْبة عن قَتادة وأبي التَّيّاح عن أنس

(1)

.

8721 -

أخبرنا أحمد بن عَبْدَش الصَّرَام، حدثنا محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا محمد بن أبي صفوان الثَّقَفي، حدثنا بَهْز بن أَسَد، حدثنا شُعبة، أخبرنا علي بن الأقمَر قال: سمعت أبا الأحوَص يحدِّث عن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقومُ الساعةُ حتى لا يقالَ في الأرض: اللهُ اللهُ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

إنما تفرَّد مسلمٌ رحمه الله بإخراج حديث شُعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ الساعة إلَّا على شِرار الناس".

8722 -

أخبرنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المُزكِّي، حدثنا أحمد بن سَلَمة،

= وأخرجه أحمد 21/ (13336) عن أبي المغيرة عن عبد القدوس بن الحجاج، عن الأوزاعي، بهذا الإسناد. وفيه: قدم أنس على الوليد بن عبد الملك، وهو الصواب، وما وقع في رواية المصنف خطأ، فإنَّ الوليد بن يزيد عند وفاة أنس بن مالك كان ابن أربع أو خمس سنين فقط.

(1)

هو عند البخاري برقم (6504)، ومسلم برقم (2951)، إلّا أنه ليس في هذه الرواية ذكر قدوم أنس على الوليد.

وأخرجه من هذا الطريق أيضًا أحمد 21/ (13319)، والترمذي (2214)، وابن حبان (6640).

إلّا أنَّ الترمذي لم يذكر فيه أبا التياح، وانظر تتمة تخريجه في "المسند".

(2)

محمد بن أبي صفوان الثقفي ليس بذاك المشهور، وذكره ابن حبان في "الثقات" 9/ 114، وقد تفرَّد بهذا اللفظ، ولم يروه من طريقه غير المصنف، وهو قد خالف فيه إمامَ أهل الحديث أحمد بن حنبل.

فقد رواه أحمد في "المسند" 6 / (3735) عن بهز بن أسد بهذا الإسناد، بلفظ:"لا تقوم الساعة إلّا على شرار الناس". وهو الصحيح.

وهكذا رواه عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عند أحمد 7/ (4144)، ومسلم (2949)، وابن حبان (6850).

وأما اللفظ الذي ساقه المصنف، فهو في حديث أنس بن مالك الآتي عنده بعد حديثٍ.

ص: 251

حدثنا محمد بن يحيى بن فيَّاض، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدثنا حُمَيد، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ الساعةُ حتى لا يقالَ في الأرض: لا إله إلَّا الله"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8723 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن دِيزِيل، حدثنا علي بن عثمان اللاحِقي، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، حدثنا ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ الساعةُ حتى لا يقالَ في الأرض: اللهُ اللهُ، وحتى تمرَّ المرأةُ بقِطْعةِ النَّعل فتقول: قد كان لهذه رَجلٌ مرّةً، وحتى يكونَ الرجلُ قَيِّمَ خمسين امرأةً، وحتى تُمطِرَ السماءُ ولا تُنبِتَ الأرضُ"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. أحمد بن سلمة: هو أبو الفضل النيسابوري أحد الحفاظ المتقنين، وحميد: هو الطويل.

وأخرجه أحمد 19/ (1203)، والترمذي (2207) من طريق محمد بن أبي عدي، وأحمد 20/ (13082) عن يزيد بن هارون، والترمذي (2207 م) من طريق خالد بن الحارث، وابن منده في "الإيمان"(449) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، أربعتهم عن حميد الطويل، عن أنس. ولفظه عندهم:"حتى لا يقال في الأرض: الله الله"، وهو المحفوظ إن شاء الله، وانفرد خالد بن الحارث فوقف الحديث على أنس، وروايته شاذّة، وأخطأ الترمذي رحمه الله فرجَّحها على رواية من رفعه!

وانظر الأحاديث الثلاثة التالية.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مقطعًا أحمد 21/ (13833) و (14047) عن عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. ولفظه عنده:"حتى لا يقال في الأرض: لا إله إلّا الله".

وسيأتي بتمامه برقم (8725) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن حماد.

وأخرج القسم الأول منه أحمد 21/ (13729) عن أسود بن عامر، ومسلم (148)، وابن حبان (6849) من طريق عفان بن مسلم، كلاهما عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. كلفظ المصنف.=

ص: 252

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8724 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن إسماعيل ومحمد بن رجاء قالا: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، حدثني عمِّي، حدثنا عمرو بن الحارث وابن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حَبيب، عن سِنان بن سعد، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيدِه، لا تقومُ الساعةُ على رجلٍ يقول: لا إله إلَّا الله، ويأمرُ بالمعروف وينهى عن المُنكَر"

(1)

.

= وأخرجه أيضًا أحمد 20/ (12660)، ومسلم (148)، وابن حبان (6848) من طريق معمر، عن ثابت البُناني، به. ولفظه عند ابن حبان كرواية عفان عن أحمد.

وأخرج قصة القيِم الواحد لخمسين امرأة: أحمد 19/ (11944)، والبخاري (81) و (5231) و (5577) و (6808)، ومسلم (2671)(9)، وابن ماجه (4045)، والترمذي (2205)، والنسائي (5875)، وابن حبان (6768) من طريق قتادة، عن أنس بن مالك.

والقسم الأخير منه في إمطار السماء وعدم إنبات الأرض سيأتي عند المصنف برقم (8780) من طريق معاذ بن حرملة عن أنس.

ويشهد لقصة مرور المرأة بالنعل

إلخ، حديث أبي هريرة عند أحمد 14/ (8437)، إلّا أنه خصَّها بقريشٍ.

ويشهد لقصة القيّم لجمعٍ من النساء، حديث أبي موسى الأشعري عند البخاري (1414) ومسلم (1012). وذكر فيه أربعين امرأة لا خمسين، وهذا يدلُّ على أنَّ المراد بالعدد هنا المَجاز عن الكثرة لا حقيقة العدد، والله تعالى أعلم.

والقيِّم: المراد به من يقوم على رعاية هؤلاء النِّسوة وإصلاح شأنهن من زوجات وذوات قَرابة.

(1)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل سنان بن سعد، وما قبله من الأحاديث تشهد لمعناه، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب - وإن كان فيه مقال - قد توبع، وعمُّه: هو عبد الله بن وهب.

وأخرجه الطبري في مسند عمر من "تهذيب الآثار" 2/ 828 عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 356 من طريق حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، به. وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 4/ 139 من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم السلمي، عن عبد الله بن لهيعة وحده، به. =

ص: 253

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8725 -

حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني ببُخارَى، أخبرنا عبد الله بن محمد بن ناجِيَة، حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثني أَبي، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ الساعةُ حتى لا يقالَ في الأرض: اللهُ اللهُ، وحتى إنَّ المرأةَ لَتمُرُّ بالنَّعل فترفعُها وتقول: قد كانت هذه لرَجلٍ، وحتى يكونَ في خمسين امرأةً القيِّمُ الواحد، وحتى تُمطِرَ السماءُ ولا تُنبِتَ الأرضُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8726 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن المغيرة الهَمَذاني، حدثنا القاسم بن الحَكَم العُرَني، حدثنا سليمان بن أبي سليمان، حدثنا يحيى بن أبي كَثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تقومُ الساعةُ حتى لا يَبقى على وجه الأرض أحدٌ الله فيه حاجَةٌ، وحتى تُؤخَذَ المرأةُ نهارًا جِهارًا تُنكَحُ وَسَطَ الطريق، لا يُنكِرُ ذلك أحدٌ ولا يغيِّرُه، فيكونُ أمثلَهم يومئذٍ الذي يقول: لو نَحَّيتَها عن الطريق قليلًا، فذاكَ فيهم مثلُ أبي بكرٍ وعمرَ فيكم"

(2)

.

= وروي بمثل لفظه عن أبي هريرة مرفوعًا عند الخطيب في "تاريخه" 9/ 176، وإسناده ضعيف لا يصح.

(1)

إسناده صحيح. وانظر (8723).

(2)

إسناده واهٍ من أجل سليمان بن أبي سليمان - وهو سليمان بن داود اليمامي - وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه" فقال: سليمان هالك والخبر شبه خرافة. قلنا: وهو من طريقه وبهذا السياق من أفراد الحاكم.

وقد أخرج نحوه أبو يعلى (6183) من طريق خلف بن خليفة، عن يزيد بن كيسان الكوفي، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"والذي نفسي بيده، لا تفنى هذه الأُمة أمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق، فيكون خيارهم يومئذ من يقول: لو واريتَها وراء هذا الحائط". وهذا إسناد حسن إن شاء الله.=

ص: 254

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8727 -

أخبرني أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا علي بن ثابت، حدثني عبد الحميد بن جعفر

(1)

، حدثني أبي، عن عِلْباءَ السُّلَمي قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقومُ الساعةُ إلَّا على حُثَالةِ الناس"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8728 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني أبو شُريح عبد الرحمن بن شُريح، عن أبي الأسود، عن أبي فَرْوة مولى أبي جَهْل، عن أبي هريرة قال: تَلَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليَخرُجُنَّ منه أَفواجًا كما دخلوا فيه أَفواجًا"

(3)

.

= ويشهد لمعناه حديث عبد الله بن عمرو موقوفًا فيما سلف عند المصنف برقم (8616) بلفظ: حتى يتسافدوا في الطرق كما تتسافد البهائم، فتقوم عليهم الساعة. وإسناده حسن، والتسافد: نَزْو الذكر على أنثاه، ويكنى به عن الجماع، وجاء عنه نحوه بلفظ التناكح برقم (8613). وروي عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا عند ابن حبان (6767)، وإسناده صحيح.

وحديث النواس بن سِمعان مرفوعًا فيما سلف أيضًا برقم (8718)، وفي آخره:"ويبقى سائر الناس يتهارجون كما تَهارجُ الحُمُر، فعليهم تقوم الساعة"، وهو في "صحيح مسلم"(2937). والتهارج كالتسافد.

وانظر حديث أبي ذر السالف برقم (5554)، وحديث ابن مسعود الآتي برقم (8803)، وهما واهيان.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حفص.

(2)

إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" 25/ (16071).

والحُثالة من كل شيء: رديئه.

(3)

حديث محتمل للتحسين لغيره، وهذا ضعيف لجهالة أبي فروة مولى أبي جهل - وسمّاه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 428 أبا قرة مولى ابن أبي جهل - فإنه لا يعرف إلّا بهذا =

ص: 255

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8729 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن سَلَمة بن كُهيل، عن أبي الزَّعْراء قال: كنَّا عند عبد الله بن مسعود فذُكِرَ عنده الدَّجّال، فقال عبد الله بن مسعود: تفترقون أيُّها الناس لخروجه على ثلاث فِرَقٍ: فرقة تَتبعُه، وفرقة تَلحَقُ بأرض آبائها بمَنابت الشِّيح، وفرقة تأخذُ شطَّ الفُرات يقاتلُهم ويقاتلونه، حتى يجتمعَ المؤمنون بقُرى الشامِ

(1)

، فيَبعثُون إليهم طَليعةً فيهم فارسٌ على فرسٍ أشقر أَو أبلَق، قال: فيُقتَلون لا يرجعُ منهم بشرٌ - قال سلمةُ: فحدَّثني أبو صادق عن رَبِيعة بن ناجذٍ أنَّ عبد الله بن مسعود قال: فرسٌ أشقر - قال عبد الله: ويَزعُم أهلُ الكتاب أنَّ المسيحَ يَنزِلُ إليه.

قال

(2)

: [ما] سمعتُه يذكر عن أهل الكتاب حديثًا غيرَ هذا.

ثم يخرج يأجوجُ ومأجوجُ فيَمُوجُون في الأرض فيُفسِدون فيها. ثم قرأ عبد الله: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96]، قال: ثم يبعثُ الله عليهم دابّةً مثلَ

= الحديث من رواية أبي الأسود - وهو محمد بن عبد الرحمن يتيم عروة - عنه، وباقي رجال الإسناد ثقات.

وأخرجه الدارمي في "مسنده"(91)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(417) من طريق القاسم بن كثير، عن عبد الرحمن بن شريح، بهذا الإسناد. وفيه عند الدارمي: أبو قرة بالقاف.

ويشهد له حديث جابر بن عبد الله عند أحمد 23/ (14696)، والداني (420) من حديث جارٍ لجابر عنه، وليس فيه تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم السورة النصر. وهذا إسناد ضعيف لجهالة هذا الجار، وباقي رجال الإسناد ثقات.

(1)

هكذا وقع في النسخ الخطية في هذا الموضع وسيأتي الحديث برقم (8986) من رواية أَسيد بن عاصم عن سفيان، وفيه هناك: بغربيّ الشام، وهو كذلك في مطبوع أغلب مصادر التخريج، وكذلك هو في "تلخيص المستدرك" للذهبي، فلعلّه الصواب - أي: بغربي الشام، بالغين والباء - والله أعلم.

(2)

القائل هو أبو الزعراء. و "ما" سقطت من النسخ الخطية.

ص: 256

هذا النَّغَف

(1)

فتَلِجُ في أسماعهم ومَناخِرهم فيموتون منها، فتُنتِنُ الأرضُ منهم، فيُجأَرُ إلى الله، فيُرسِل الله ماءً فيطهِّرُ الأرض منهم

(2)

.

قال: ثم يَبعَثُ الله ريحًا فيها زَمْهَريرٌ باردة، فلا تَدَعُ على وجه الأرض مؤمنًا إلَّا كَفَتَتْه تلك الريحُ، قال: ثم تقومُ الساعة على شِرار الناس.

ثم يقومُ مَلَكٌ بالصُّور بين السماء والأرض فيَنفخُ فيه - والصُّورُ قَرْنٌ - فلا يبقى خلقٌ في السماوات والأرض إلَّا مات إلَّا من شاء ربُّك، ثم يكون بين النَّفختين ما شاء الله أن يكون، فليس من بني آدمَ خلقٌ إلَّا منه شيء

(3)

، قال: فيرسل الله ماءً من تحت العرش كمَنيِّ الرِّجال، فتَنبُتُ لُحْمانُهم وجُثْمانُهم من ذلك الماء كما تَنبُت الأرضُ من الثَّرَى، ثم قرأ عبد الله: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ

(4)

الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} [فاطر: 9]، قال: ثم يقوم مَلَكٌ بالصُّور بين السماء والأرض فيَنفُخُ فيه، فتَنطلِقُ كلُّ نفس إلى جسدها حتى تَدخُلَ فيه، ثم يقومون فيُحَبُّونَ تَحيَّةَ رجلٍ واحدٍ قيامًا لرب العالمين

(5)

.

(1)

دود يكون في أنوف الإبل والغنم.

(2)

من قوله: "فتجأر" إلى هنا سقط من (ز) و (ب).

(3)

كذا في النسخ الخطية، وفي مصادر التخريج: إلّا في الأرض منه شيء، وهو أوضح.

(4)

في النسخ الخطية: يرسل، وهو خطأ، وسقط منها أيضًا قوله:"فسقناه إلى بلد ميت"، وأثبتنا الآية كما هي التلاوة.

(5)

وقع في "تلخيص المستدرك" للذهبي: فيحيون حياة رجل واحد؛ يعني: يقومون أحياءً كحياة رجل واحد.

لكن جعله القرطبي في كتابه "التذكرة" ص 482 من التحيّة، فقال: التحية تكون في حالين: أحدهما: أن يضع يديه على ركبتيه وهو قائم، هذا هو المعنى الذي في هذا الحديث، ألا تراه يقول: قيامًا لرب العالمين. والوجه الآخر: أن ينكبّ على وجهه باركًا، وهذا هو الوجه المعروف عند الناس، وقد حمله بعض الناس على قوله: فيخرّون سجودًا لرب العالمين، وهذا هو الذي يعرفه الناس من التحية.

ص: 257

قال: ثم يتمثَّلُ اللهُ تعالى إلى الخلق فيَلْقاهم، فليس أحدٌ يَعبُدُ من دون الله شيئًا إلَّا وهو مرفوعٌ له يَتبعُه، قال: فيَلقى اليهودَ فيقول: مَن تَعبُدون؟ قال: فيقولون: نَعبُدُ عُزَيرًا، قال: هل يَسرُّكم الماءُ؟ فيقولون: نعم، إذ يُرِيهم جهنَّمَ كَهَيْئة السَّراب، قال: ثم قرأ عبد الله: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} [الكهف: 100] قال: ثم يَلقى النصارى فيقول: مَن تَعبُدون؟ فيقولون: المسيحَ، قال: فيقول: هل يَسرُّكم الماءُ؟ قال: فيقولون: نعم، قال: فيُرِيهم جهنَّمَ كَهَيْئة السَّرَاب، ثم كذلك لمَن كان يعبدُ من دون الله شيئًا، قال: ثم قرأ عبد الله: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات: 24] قال: ثم يتمثَّلُ الله تعالى للخَلْق حتى يَمُرَّ على المسلمون، قال: فيقول: مَن تَعبُدون؟ قال: فيقولون: تعبدُ الله ولا نُشرِكُ به شيئًا، فيَنتهِرُهم مرتين أو ثلاثًا، فيقول: مَن تَعبُدون؟ فيقولون: نعبدُ الله ولا نشركُ به شيئًا، قال: فيقول: هل تعرفون ربَّكم؟ قال: فيقولون: سبحانَه إذا اعتَرَف لنا عَرَفْناه، قال: فعند ذلك يُكشَفُ عن ساقٍ، فلا يبقى مؤمنٌ إلَّا خَرَّ الله ساجدًا، ويبقى المنافقون ظُهورُهم طَبَقًا واحدًا كأنما فيها السَّفَافيدُ، قال: فيقولون: ربَّنا، فيقول: قد كنتم تُدعَوْنَ إلى السجود وأنتم سالمون.

قال: ثم يأمرُ بالصِّراط فيُصْرَبُ على جهنَّم، فيمرُّ الناسُ كقَدْر أعمالهم زُمَرًا كلَمْح البَرْق، ثم كمَرِّ الريح، ثم كمَرِّ الطَّير، ثم كأسرع البهائم، ثم كذلك حتى يمرَّ الرجلُ سَعْيًا، ثم مَشْيًا، ثم يكونُ آخرُهم رجلًا يَتلبَّطُ على بطنه، قال: فيقول: ربِّ لماذا أبطأتَ بي؟ فيقول: لم أُبطِئْ بك، إنما بطَّأَ بك عملُك.

قال: ثم يأذنُ الله تعالى في الشَّفاعة، فيكون أولَ شافعٍ رُوحُ القُدُس جبريلُ عليه الصلاة والسلام، ثم إبراهيمُ خليلُ الله، ثم موسى، ثم عيسى عليهم السلام، قال: ثم يقوم نبيُّكم رابعًا لا يَشفَعُ أحدٌ بعدَه فيما يُشفَعُ فيه، وهو المَقامُ المحمود الذي ذكره الله تبارك وتعالى:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، قال: فليس من نفس إلَّا وهي تنظرُ إلى بيتٍ في الجنة أو بيتٍ في النار، قال: وهو يومُ الحَسْرة، قال:

ص: 258

فيرى أهلُ النار البيتَ الذي في الجنة ثم يقال: لو عَمِلتم

(1)

! قال: فتأخذهم الحسرةُ، قال: ويرى أهلُ الجنة البيتَ الذي في النار فيقال: لولا أنْ مَنَّ اللهُ عليكم، قال: ثم يَشفعُ الملائكة والنبيُّون والشهداءُ والصالحون والمؤمنون، فيُشفِّعُهم الله، قال ثم يقول الله: وأنا أرحمُ الراحمين، فيُخرِجُ من النار أكثرَ مما أُخرج من جميع الخلق برحمتِه، قال: ثم يقول: أنا أرحمُ الراحمين.

قال: ثم قرأ عبد الله: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المدثر: 42 - 46]. قال: فعَقَدَ عبدُ الله بيده أربعًا، ثم قال: هل ترونَ في هؤلاء من خيرٍ؟! ما يُترَك فيها أحدٌ فيه خير، فإذا أراد الله عز وجل أن لا يُخرِجَ منها أحدًا غيَّر وجوهَهم وألوانَهم، قال: فيجيءُ الرجلُ فيَنظرُ ولا يعرفُ أحدًا، فيناديه الرجلُ فيقول: يا فلانُ، أنا فلانٌ، فيقول: ما أعرِفُك، فعند ذلك يقولون:{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} فيقول عند ذلك: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 107 - 108]، فإذا قال ذلك، أَطبَقَت عليهم، فلا يخرجُ منهم بشرٌ

(2)

.

(1)

في (ز) و (ب): لو علمتم، والمثبت من (ك) و (م).

(2)

إسناده ليِّن لتفرُّد أبي الزعراء به، وأبو الزعراء هذا: هو عبد الله بن هانئ الكوفي، تفرَّد بالرواية عنه ابن أخته سلمة بن كهيل، وقد وثقه ابن سعد والعجلي وابن حبان، وهم المعروفون بتساهلهم، ولم يؤثر توثيقه عن غيرهم، بل قد أشار البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 221 إلى حديثه هذا، وذكر منه قصة شفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم، رابعًا، ثم قال: والمعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أول شافع"، ولا يُتابَع في حديثه.

وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور"(598) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. إلَّا أنه لم يسق أوله.

وأخرجه مطوّلًا ومقطعًا: نعيم بن حماد في "الفتن"(1515) و (1567) و (1645) و (1657) و (1825)، وابن أبي شيبة 15/ 191 - 195، وحنبل بن إسحاق في "الفتن"(44)، وابن أبي الدنيا في "الأهوال"(80)، ومحمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(282)، والطبري =

ص: 259

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

8730 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي وأبو مُسلِم المسيَّب بن زهير الضَّبّي

(1)

قالا: حدثنا أبو جعفر عبد الله بن محمد النُّفيلي، حدثنا زهير بن معاوية، حدثنا مُطرِّف بن طَريف، عن المِنهال بن عمرو، عن نُعيم بن دِجَاجة قال: كنت جالسًا عند عليٍّ فجاء عُقْبةُ أبو مسعود، فقال له علي: يا فَرُّوخُ

(2)

، أنت القائلُ؟ أو أمَا إنك المُفْتي تُفتي الناس؟ قال: أمَا إني لأُخبِرهم الآخِرَ، والآخِرُ شرٌّ، قال: فحدَّثنا ما سمعتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في المئة، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تكونُ مئةُ سنةٍ وعلى الأرض عينٌ تَطرِفُ"، فقال: إنك قد أخطأتَ، وأخطأتَ في أول فَتْواكَ، إنما ذلك لمن هو يومئذٍ

= في "تفسيره" 2/ 74 و 15/ 144 و 17/ 90، وابن خزيمة في "التوحيد" 2/ 428 - 429، والعقيلي في "الضعفاء" 2/ 427 - 430، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 8/ 2784، والطبراني (9761)، وأبو الشيخ في "العظمة"(358)، والداني في "السنن الواردة في الفتن"(444)، والبيهقي في "البعث"(598) من طرق عن سفيان الثوري، به.

وأخرج منه قصة شفاعة الأربعة: الطيالسي (389) عن يحيى بن سلمة بن كهيل، والنسائي (11232)، والطبراني (9760) من طريق شعبة، كلاهما عن سلمة بن كهيل، به. قال شعبة في رواية الطبراني: لم أسمع هذا إلّا في هذا الحديث.

وانظر ما سلف برقم (3917) وما سيأتي برقم (8879) و (8986).

وحديث "أنا أول شافع" الذي أشار إليه البخاري في "تاريخه" كما سبق، روي من حديث أبي هريرة عند أحمد 16/ (10972) ومسلم (2278) وغيرهما، وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد".

(1)

انظر تعليقنا بشأن هذه النسبة على الحديث السالف رقم (4734).

(2)

في النسخ الخطية: دهن يا فروخ، بزيادة "دهن"، ولم نتبين معنى هذا الحرف ولم يرد عند غير المصنف، وأغلب الظن أنه محرَّف عن كلمة "ونهض" كما وقع عند الطحاوي في "مشكل الآثار"(372)، فقد رواه عن فهد بن سليمان عن النفيلي بهذا الإسناد وفيه: فقال له علي ونهض: يا فرّوخ.

ص: 260

حيٌّ، وهل الرَّخاءُ والفَرَجُ إلَّا بعد المئة؟!

(1)

8731 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني أبو شُرَيح عبد الرحمن بن شُريح قال: سمعت سعيد بن أبي شِمْر السَّبَئي يقول: سمعت سفيان بن وهب الخَوْلاني يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تأتي المئةُ وعلى ظهرِها أحدٌ باقٍ".

قال: فحدَّثتُ بها حُجَيرة

(2)

، قال: فدخل عبدُ الرحمن بن حُجَيرة على عبد العزيز بن مروان، فحُمِلَ سفيانُ وهو شيخٌ كبيرٌ فسأله عبدُ العزيز عن هذا الحديث، فحدَّثَه، فقال عبد العزيز: فلعلَّه يعني: لا يبقى أحدٌ ممَّن كان معه إلى رأس المئة؟! فقال سفيان: هكذا سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

(3)

.

(1)

إسناده حسن من أجل نعيم بن دجاجة.

وأخرجه أحمد 2/ (714) و (718)، وابنه عبد الله (1187) من طريق منصور بن المعتمر، عن المنهال بن عمرو، بهذا الإسناد.

ويشهد للمرفوع حديث ابن عمر عند البخاري (116) ومسلم (2537)، ولفظه: صلَّى بنا النبي صلى الله عليه وسلم العشاء في آخر حياته، فلما سلَّم قام فقال:"أرأيتكم ليلتكم هذه، فإنَّ رأس مئة سنة منها لا يبقى ممَّن هو على ظهر الأرض أحد". وهو في "مسند أحمد" 9/ (5617)، وانظر تتمة شواهده هناك.

قوله: "يا فروخ" قال السندي في حاشيته على "مسند أحمد": يقال: إنه اسم لأبي العجم، فكأنه نسبه إلى أنه عجميّ قليل الفهم.

(2)

في المطبوع: ابن حجيرة، بزيادة "ابن"، ولم ترد في شيء من نسخنا الخطية، وكلاهما صواب، فقد بيَّنت رواية حرملة بن يحيى عن ابن وهب عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة"(3503) أنَّ سعيدًا حدَّث حجيرةَ بهذا الحديث وكان مع حجيرة ابنُه عبد الرحمن.

(3)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن شريح.

وأخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 185 و 523، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 511، وابن قانع في "معرفة الصحابة" 1/ 315، والطبراني في "الكبير"(6405) و (6406)، وأبو الفضل الزهري في "حديثه"(236)، وابن منده في "معرفة الصحابة" ص 770 - 771، وكذا أبو نعيم (3503) من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وبعضهم لا يذكر =

ص: 261

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

والدليلُ الواضح على صِحَّة قولِ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه لأبي مسعود عُقْبة بن عمرو الأنصاري، وقولِ عبد العزيز بن مروان لسفيان بن وهب الخَوْلاني:

8732 -

ما حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد.

[و] حدثنا علي بن عيسى بن إبراهيم، حدثنا محمد بن النَّضْر الحَرَشي، حدثنا عبد الله بن مَسلَمة بن قَعنَب قالا: حدثنا المعتمِر بن سليمان، عن أبيه، حدثنا أبو نَضْرة، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال قبل موتِه بشهرٍ أو نحوٍ من ذلك: "ما من نفسٍ منفوسةٍ اليومَ يأتي عليها مئةُ عام وهي حيّةٌ يومَئذٍ"

(1)

.

قد أخرج مسلمٌ هذا الحديثَ بهذا الإسناد في "الصحيح".

8733 -

وحدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثني أبي، حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصَّنعاني، حدثني إبراهيم بن عَقِيل بن مَعقِل بن مُنبِّه، عن أبيه عَقِيل، عن وهب بن مُنبِّه قال: هذا ما سألتُ عنه جابرَ بنَ عبد الله، فأخبَرني: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبلَ موته بشهرٍ: "يَسألون عن الساعة، وإنما

= فيه قصة حمل سفيان إلى عبد العزيز بن مروان.

(1)

إسناده صحيح. محمد بن النضر: هو محمد بن عمرو بن النضر الحرشي، نسب هنا إلى جده، وسليمان: هو ابن طَرْخان التَّيمي، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطْعة.

وأخرجه مسلم (2538) عن يحيى بن حبيب ومحمد بن عبد الأعلى، عن المعتمر بن سليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 22/ (14281) عن محمد بن أبي عدي، وهو أيضًا 23/ (15056)، ومسلم (2538)، وابن حبان (2990) من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن سليمان التيمي، به.

وله طرق أخرى عن جابر عند مسلم وغيره، انظر تخريجها في "مسند أحمد"(14372) و (14451) و (14493) و (15057). وانظر الحديث التالي.

ص: 262

عِلمُها عند الله، وأُقِسمُ بالله ما على الأرض من نفسٍ منفوسةٍ اليومَ يأتي عليها مئةُ سنة"

(1)

.

وهذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ المفهوم المعقول: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد ما على الأرض ذلك اليومَ مولودٌ قد وُلِدَ، يأتي عليه مئةُ عام من ذلك الوقت الذي خاطَبَهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بهذا الخِطاب، لا أنَّ من يُولَد بعد ذلك العام لا يعيشُ مئةَ سنة، ألا ترى أنَّ أمير المؤمنين رضي الله عنه أغلَظَ فيه القولَ لأبي مسعودٍ الأنصاري، وهو صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا بل من كِبَار الصحابة رضي الله عنهم.

8734 -

وأخبرنا بصِحَّة ما ذكرناهُ أيضًا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا جُنَادة بن مروان الرَّقِّي، حدثنا محمد بن القاسم الحِمْصي قال: سمعت عبد الله بن بُسْر يقول: زارَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم منزلَنا مع أَبي

(2)

، قال: وكنت أختلِفُ بين أَبي وبين أُمِّي، فهيَّأْنا له طعامًا، فأَكل ودعا لنا بدعاءٍ لا أحفظُه، ثم مَسَحَ يدَه على رأسي، فقال:"يعيشُ هذا الغلامُ قَرْنًا"؛ قال: فعاش مئةَ سنة

(3)

.

8735 -

وأخبرنا الحسين بن الحسن، حدثنا أبو حاتم، حدثنا داود بن رُشَيد،

(1)

إسناده حسن.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1626 - 1627 عن أبيه أبي حاتم الرازي، عن الحسن بن الصباح، عن إسماعيل بن عبد الكريم، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

(2)

في المطبوع: مع أبي بكر، وهو خطأ.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن إن شاء الله من أجل جنادة وشيخه محمد بن القاسم الطائي الحمصي، وقد توبعا.

وأخرجه تمام الرازي في "فوائده"(196) - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 27/ 155 - 156 و 63/ 267 - من طريق الوليد بن مروان ابن أخي جنادة، عن جنادة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (3502) من طريق يحيى بن صالح الوُحاظي، والطبري في "تفسيره" 15/ 58، وابن عساكر 27/ 156 من طريق سلمة بن جوّاس، كلاهما عن محمد بن القاسم الحمصي به. وانظر ما بعده.

ص: 263

حدثنا شُرَيح بن يزيد

(1)

، عن إبراهيم بن محمد بن زياد الألْهَاني، عن أبيه، عن عبد الله بن بُسْر، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال له:"يعيشُ هذا الغلامُ قَرْنًا"؛ قال: فعاش مئةَ سنة.

وكان في وجهه ثُؤْلولٌ قال: "لا يموتُ هذا حتى يذهبَ الثُّؤْلولُ من وجهه"؛ فلم يمت حتى ذهب الثُّؤلولُ من وجهه

(2)

.

8736 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنعاني بمكة حرسَها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبَري، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن [أبي] إسحاق، عن وهب بن جابر الخُيْواني

(3)

قال: كنت عند عبد الله بن عمرو، فقَدِمَ عليه قَهْرَمانٌ من الشام وقد بَقِيَتَ ليلتانِ من رمضان، فقال له عبد الله: هل تركتَ عند أهلي ما يَكفِيهم؟ قال: قد تركتُ عندهم نفقةً، فقال عبد الله: عَزَمْتُ عليك لَمَا رجعتَ فتركتَ لهم ما يَكفِيهم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"كَفَى بالمَرْءِ إثمًا أن يُضيِّعَ من يَقُوتُ".

قال: ثم أنشأَ يحدِّثُنا فقال: إنَّ الشمس إذا غَرَبَت سلَّمَت وسَجَدَت واستأذَنت،

(1)

في (ز) و (ك): شريح بن بر، وهو خطأ، وفي (م) و (ب) شريح، فقط، والصواب ما أثبتناه كما في "إتحاف المهرة"(6949).

(2)

إسناده حسن من أجل إبراهيم بن محمد الألهاني، فقد روى عنه غير واحد وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد توبع في قصة القرن كما في الحديث السابق، وانفرد بقصة الثُّؤلول.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" تعليقًا 1/ 323، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(1032 - بغية الباحث)، وأبو بكر الخلال في "السنة"(775)، والطبراني في "مسند الشاميين"(836)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4020)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 503، وابن عساكر في "تاريخه" 27/ 155، والضياء المقدسي في "المختارة" 9/ (72) من طريق داود بن رشيد، بهذا الإسناد.

وسلف الشطر الأول منه برقم (4060) من طريق الواقدي عن شريح بن يزيد.

(3)

وقع هذا الإسناد في النسخ الخطية كما يلي: معمر عن إسحاق بن وهب بن جابر الخيواني، وهو خطأ، والصواب ما أثبتنا.

ص: 264

قال: فيُؤذَنُ لها، حتى إذا كان يومًا غَرَبَت فسلَّمت وسجدت واستأذَنت فلا يُؤذَنُ لها، فتقول: يا ربِّ، إنَّ المَسِير بعيد، وإني إنْ لا يُؤذَنْ لي لا أبلُغْ، قال: فتُحبَس ما شاءَ الله ثم يقال لها: اطلُعِي من حيثُ غَرَبتِ، قال: فمِن يومِئذٍ إلى يوم القيامة لا يَنفَعُ نفسًا إيمانُها لم تكن آمنَتْ من قبلُ.

قال: وذَكَر يأجوجَ ومأجوجَ، قال: وما يموتُ الرجل منهم حتى يولدَ له من صُلْبِه ألفٌ، وإنَّ مِن ورائهم لثلاثَ أُممٍ ما يعلمُ عِدَّتَهم إلَّا الله عز وجل: منسك، وتاويل، وتاريس

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8737 -

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المثنَّى، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حُذَيفة قال: إنَّ للفتنة بَعَثاتٍ ووَقَفاتٍ، فإن استطعتَ أن تموت في وَقَفاتها فافعَلْ.

(1)

إسناده حسن من أجل وهب بن جابر الخيواني. وهو في "جامع معمر" برقم (20810). وأخرجه بطوله المستغفري في "دلائل النبوة"(390) من طريق عبد بن حميد، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وسلفت الفِقْرة الأولى منه عند المصنف برقم (1529) من طريق سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي.

وأخرج الفِقرة الثانية عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 142، ومن طريقه نعيم بن حماد في "الفتن"(1846)، وأبو الشيخ في "العظمة"(628). وقرن نعيمٌ بعبد الرزاق محمدَ بنَ ثور.

وأخرج هاتين الفقرتين - الأولى والثانية - ابن منده في "التوحيد"(34) من طريق إسرائيل، عن جده أبي إسحاق، به. وصحَّح إسناده.

وستأتي الفقرة الثانية عند المصنف برقم (8859) من رواية أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن عبد الله بن عمرو، مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والإسناد صحيح.

وأما الفِقرة الثالثة منه فقد سلفت برقم (8715) من طريق شعبة عن أبي إسحاق. وانظر تخريجها هناك.

ص: 265

قال عبد الرحمن: وحدثنا سفيان، عن الحارث بن حَصِيرةَ، عن زيد بن وهب قال: سُئِلَ حذيفةُ: ما وَقَفاتُها؟ قال: إذا غُمِدَ السيف، قال: ما بَعَثَاتُها؟ قال: إذا سُلَّ السيف

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8738 -

أخبرنا أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدثنا أحمد بن زُهير بن حَرْب، حدثنا موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكي، حدثنا الصَّعْق بن حَزْن، حدثنا علي بن الحكم البُناني، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأمراءُ من قُريش، الأمراءُ من قُريش، ما عَمِلوا فيكم بثلاثٍ: ما رَحِموا إذا استُرحِموا، وقَسَطُوا

(2)

إذا قَسَمُوا، وعَدَلُوا إذا حَكَموا"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8739 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل، حدثنا عفَّان، حدثنا حمّاد بن زيد، عن مُجالِد بن سعيد، عن الشَّعْبي

(4)

، عن مسروق قال: كنا جلوسًا

(1)

إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(161 - 162) عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وأخرج الشطر الثاني منه ابن أبي شيبة 15/ 19 عن وكيع، عن سفيان، به.

والشطر الأول سلف برقم (8538) من طريق الحسين بن حفص عن سفيان.

(2)

هكذا في النسخ الخطية، وفي المطبوع: وأقسطوا، بزيادة همزة، وكلاهما صحيح، يقال: قَسَطَ وأَقسطَ: إذا عَدَل.

(3)

إسناده قوي.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 8/ 144 من طريق عبد الرحمن بن المبارك وعارم محمد بن الفضل، عن الصعق بن حزن، بهذا الإسناد.

وأخرج نحوه أحمد 19/ (12307)، والنسائي (5909) من طريق بكير بن وهب الجزري، عن أنس. بلفظ:"إن استرحموا رحموا، وإن عاهدوا وَفَوْا، وإن حكموا عدلوا". وبكير فيه جهالة، لكنه متابع، وانظر تتمة تخريج طرقه عن أنس في "مسند أحمد".

(4)

هكذا في (ب)، وفي (ز) و (ك) و (م): الشعبي عن عامر، بزيادة "عن عامر"، وهو خطأ، فإنَّ =

ص: 266

ليلةً عند عبد الله يُقرِئُنا القرآنَ، فسأله رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتُم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم يَملِكُ هذه الأُمةَ من خليفة؟ فقال عبد الله: ما سألَني عن هذا أحدٌ منذ قَدِمتُ العراقَ قبلَك، قال: سألناه فقال: "اثنا عشرَ، عِدَّةُ نُقباءِ بني إسرائيل"

(1)

.

لا يُستَغنى

(2)

في هذا الكتاب عن الرواية عن مجالدٍ وأقرانِه رحمهم الله.

8740 -

وأخبرني محمد بن المؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا الوليد ورِشْدِين قالا: حدثنا ابن لَهِيعة، عن أَبي قَبِيل، عن أبي رُومانَ، عن علي بن أبي طالب قال: يَظْهَرُ السُّفياني على الشام ثم يكون بينهم وقعةٌ بقَرقيسِيَا حتى تَشبَعَ طيرُ السماء وسِباعُ الأرض من جِيَفِهم، ثم ينفتقُ عليهم فَتْقٌ من خلفِهم، فتُقبِلُ طائفةٌ منهم حتى يدخلوا أرضَ خُراسانَ [وتُقبِل خيل السُّفياني في طلب أهل خراسان]

(3)

ويقتلون شِيعةَ آل محمد صلى الله عليه وسلم بالكوفة، ثم يخرج أهلُ خراسان في طلب المَهْديِّ

(4)

.

= الشعبي هو عامر بن شراحيل، والصواب فيه إسقاط لفظ "عن".

(1)

إسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد.

وأخرجه أحمد 6 / (3781) عن حسن بن موسى الأشيب، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (3859) من طريق أبي عَقيل يحيى بن المتوكل، عن مجالد، به.

(2)

هكذا تُقرأ في (م)، وهو الصواب، وتقرأ في (ز) و (ك) و (ب): لا يسعني، وفي المطبوع: لا يسعني التسامح، وكلاهما خطأ.

(3)

ما بين القوسين سقط من نسخنا الخطية، واستدركناه من "تلخيص الذهبي"، ومن كتاب "عقد الدرر في أخبار المنتظر" ص 156 لمؤلفه يوسف بن يحيى المقدسي السلمي، وكان أتمَّ كتابه هذا في سنة 658 هـ، فهذا التاريخ أقدم من أي تاريخ نسخة لدينا، وقد نقل هذا الحديث عن الحاكم، وهذه الزيادة موجودة أيضًا في كتاب "الفتن" لنعيم بن حماد.

(4)

إسناده ضعيف بمرَّة، أبو رومان لا يعرف، وأبو قبيل - وهو حيي بن هانئ المعافري - على ثقته له مناكير، وابن لهيعة سيئ الحفظ. الوليد: هو ابن مسلم الدمشقي، ورشدين: هو ابن سعد. وقال الذهبي في "التلخيص": خبر واهٍ. =

ص: 267

8741 -

أخبرنا الحسن

(1)

بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا خالدٌ الحذَّاء، عن أبي قِلابة، عن أبي أسماء، عن ثَوْبان قال: إذا رأيتم الراياتِ السُّودَ خَرجَت من قِبَل خُراسان، فائتُوها ولو حَبْوًا، فإنَّ فيها خليفةَ الله المَهْدي

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8742 -

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المثنَّى، حدثنا مُعاذ بن هشام، حدثني أَبي، عن قَتَادة، عن عبد الله بن بُرَيدة، عن سلمان

(3)

بن رَبِيعة قال: انطلقتُ في نفرٍ من أصحابي حتى قَدِمْنا مكة، قال: فطلَبْنا عبدَ الله بنَ عمرو فلم نُوافِقْه، فإذا قريبٌ من ثلاث مئة راجلٍ، فرجعنا فلَقِيناه في المسجد، فإذا شيخٌ عليه بُرْدانِ قِطْريّان وعِمامةٌ ليس عليه قميص، فقال: ممَّن أنتم؟ قلنا من أهل العراق قال: أنتم يا أهلَ العراق تَكذِبون وتُكذِّبون وتَسخَرون، قلنا: لا نَكذِبُ ولا نُكذِّبُ ولا نَسخَر، قال: كم بينَكم وبين الأُبُلّة؟ قلنا: أربعُ فراسخَ، قال: يوشكُ بنو قَنطُوراء بن كركر أن تَسُوقَكم من خُراسان وسِجِستان سَوْقًا عنيفًا، ثم يَخرُجون حتى يَربِطون خيولَهم بنهر دِجْلة، قومٌ صِغارُ

= وهو في "الفتن" لنعيم بن حماد برقم (881).

وقرقيسيا: بلدة شرق سوريا تقع عند مصب نهر الخابور في نهر الفرات بالقرب من مدينة دير الزور، وهي اليوم أطلال، وتسمى اليومَ البصيرة.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الحسين.

(2)

ضعيف مضطرب كما سبق بيانه عند الحديث رقم (8638).

أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي، وأبو أسماء: هو عمرو بن مرثد الرَّحَبي.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 516 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(896) عن أبي نصر الخفّاف. وهو عبد الوهاب بن عطاء - به.

(3)

كذا وقع في النسخ الخطية، بلا ياء، والصواب في اسمه واسم أبيه: سليمان بن الربيع كما في "التاريخ الكبير" للبخاري 4/ 12 و "الجرح والتعديل" 4/ 117 و"الثقات" لابن حبان 4/ 309.

ص: 268

الأعين، خُنْسُ الأنوف، كأنَّ وجوههم المَجَانُّ المُطرَقة

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8743 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا مُسلِم بن إبراهيم، حدثنا سُوَيد أبو حاتم اليَمَامي، عن يحيى بن أبي كَثير، عن زيد بن سلَّام، عن أبيه، عن جدِّه: أنَّ حُذيفةَ بن اليَمَان لما احتُضِر أتاه ناسٌ من الأعراب، قالوا له: يا حذيفةُ، ما نراكَ إلَّا مقبوضًا، فقال لهم: غِبٌّ مسرور، وحبيبٌ جاء على فاقةٍ، لا أَفلحَ من نَدِمَ، اللهمَّ إني لم أشارِكْ غادرًا في غَدْرتِه، فأعوذُ بك اليوم من صاحب السُّوء.

كان الناس يَسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنتُ أسألُه عن الشرِّ، فقلت: يا رسولَ الله، إنا كنا في شرٍّ، فجاءنا اللهُ بالخير، فهل بعد ذلك الخير شرٌّ؟ قال: فقال: "نَعَم" قلت: وهل وراءَ ذلك الخيرِ من شرٍّ؟ قال: "نَعَم" قلت: كيف؟ قال: "سيكون بعدي أئمَّةٌ لا يَهتَدُون بهَدْيي، ولا يَستنُّون بسُنَّتي، وسيقوم رجالٌ قلوبُهم قلوبُ شياطين

(2)

في جُثْمان إنسان" فقلت: كيف أصنعُ إن أدرَكَني ذلك؟ قال: "تسمعُ للأميرِ الأعظمِ، وإن ضَرَبَ ظهرَك وأَخَذَ مالَك"

(3)

.

(1)

صحيح عن عبد الله بن عمرو كما سلف بيانه برقم (8627)، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل سليمان بن الربيع، فقد انفرد بالرواية عنه عبد الله بن بريدة، ووثقه ابن حبان.

(2)

في النسخ الخطية: قلوب رجال، ولا يستقيم به الكلام، والصواب ما أثبتنا من رواية ابن سعد في "الطبقات" 4/ 252 عن مسلم بن إبراهيم، وكذلك هو في رواية معاوية بن سلام عن أخيه زيد عند مسلم بن الحجاج في "الصحيح"(1847)(52).

(3)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سويد أبي حاتم اليمامي، فإننا لم نتبينه، وسلّام بن أبي سلام والد زيد مجهول الحال، وأبو سلام - وهو ممطور الحبشي - روايته عن حذيفة مرسلة منقطعة، فإنه لم يسمع منه كما قال الدارقطني في "الإلزامات والتتبع" ص 182.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 252 - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 73/ 83 - عن مسلم بن إبراهيم الأزدي، بهذا الإسناد. لكن فيه: عن زيد بن سلام عن أبيه أو عن جدّه: أنَّ حذيفة.=

ص: 269

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8744 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبَهاني الزاهد، حدثنا محمد بن عبد الله بن أُورْمةَ، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن حَبيب بن أبي ثابت، عن القاسم بن الحارث، عن عبد الله بن عُتْبة، عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزالُ هذا الأمرُ فيكم وأنتم وُلاتُه ما لم تُحدِثوا أعمالًا تَنزِعُه منكم، فإذا فعلتُم ذلك سَلَّطَ اللهُ عليكم شِرارَ خلقِه، فالتَحَوْكم كما يُلتَحى القضيبُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8745 -

أخبرني أبو زكريا العَنبَري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المثنَّى، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، حدثنا سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلى الثَّوْري، عن سعد بن حُذَيفة قال: رُفِعَ إلى حُذيفةَ عيوبُ سعيد بن العاص، فقال: ما أدري أيَّ الأمرين أردتُم: تناولَ سلطان قومٍ ليس لكم، أو أردتم ردَّ هذه الفتنة، فإنها مُرسَلةٌ من الله، تَرتَعي في الأرض حتى تَطأَ خِطامَها، ليس أحدٌ رادَّها ولا أحدٌ مانعَها،

= وأخرج الشطر الثاني منه - وهو سؤال حذيفة عن الخير والشر - مسلم (1847)(52) من طريق معاوية بن سلّام، عن أخيه زيد بن سلام، عن جده أبي سلام.

وقد روي أصل هذا الحديث عن حذيفة في السؤال عن الخير والشر من غير وجه عنه، وهو في "الصحيحين"، وليس فيه "وإن ضَرَبَ ظهرَك وأَخَذَ مالَك"، وانظر ما سلف برقم (391).

(1)

إسناده ضعيف لجهالة القاسم بن الحارث: واسمه القاسم بن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، نسب هنا إلى جدِّه.

وأخرجه أحمد 37/ (22355) عن معاوية بن هشام، و (22356) و (22361) عن أبي نعيم، كلاهما عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد أيضًا 28/ (17069) من طريق شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبيد الله بن القاسم، أو القاسم بن عبيد الله بن عتبة، عن أبي مسعود.

قوله: "التحَوْكم" من الْتَحيت الشجرة: إذا أخذت قِشرها.

ص: 270

وليس أحدٌ متروكًا

(1)

يقول: اللهُ اللهُ، إلَّا قُتِل، ثم يبعثُ الله قومًا قَزَعًا كَفَزَع الخريف

(2)

.

قال: القَزَعُ: القِطعة من السَّحاب الرَّقيق، كأنَّها ظِلٌّ إذا مرَّت تحت السَّحاب الكثير.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8746 -

حدثني علي بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا ابن أبي عُمر: وحدَّثنا سفيانُ، عن جامعٍ، عن أبي وائل قال: قال عبد الله: إذا بُخِسَ الميزانُ حُبِسَ القَطْر، وإذا كَثُرَ الزنى كَثُرَ القتلُ ووقع الطاعون، وإذا كَثُرَ الكذبُ كَثُرَ الهَرْجُ

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8747 -

أخبرني محمد بن المؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا أبو يوسف المَقدِسي، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدِّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في ذي القَعْدةِ تَجاذَبُ القبائلُ،

(1)

في النسخ الخطية: متروك، والجادّة ما أثبتنا.

(2)

إسناده حسن من أجل سعد بن حذيفة، فقد روى عنه ثلاثة، وذكره ابن حبان في "الثقات".

أبو يعلى الثوري: هو المنذر بن يعلى، وسفيان: هو ابن سعيد بن مسروق الثوري.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 15/ 90 من طريق الحسن بن عمرو الفقيمي، عن منذر الثوري، به.

وأخرجه ابن شبّة في "تاريخ المدينة" 4/ 1246 - 1247 من طريق زبيد بن الحارث اليامي، عن منذر الثوري - وعن رجل عن منذر - عن حذيفة. فأسقط من الإسناد سعدَ بن حذيفة بن اليمان.

(3)

إسناده صحيح. ابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني، وسفيان: هو ابن عيينة، وجامع: هو ابن شداد، وأبو وائل: هو سلمة بن شقيق، وعبد الله: هو ابن مسعود.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(62)، والخرائطي في "اعتلال القلوب"(174) وفي "مساوئ الأخلاق"(497)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(325) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. ورواية نعيم عن سفيان مختصرة.

ص: 271

وعامَئذٍ يُنهَبُ الحاجُّ فتكونَ مَلحَمةٌ بمِنًى يَكثُر فيها القتلى، وتَسيلُ فيها الدماء، حتى تسيلَ دماؤُهم على عَقَبة الجَمْرة، وحتى يهربَ صاحبُهم فيُؤتَى بين الرُّكْن والمَقام، فيُبايَعُ وهو كارِهٌ، يقال له: إن أَبَيتَ ضربْنا عُنقَك، يبايعُه مثلُ عِدَّة أهل بدرٍ، يرضى عنهم ساكنُ السماء وساكنُ الأرض"

(1)

.

8748 -

قال أبو يوسف: فحدَّثَني محمد بن عبد الله

(2)

، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: يحجُّ الناسُ معًا، ويُعرِّفون معًا على غير إمام، فبينما هم نزولٌ بمِنَى إذ أخذهم كالكَلَبِ، فثارت القبائلُ بعضُها إلى بعضٍ واقتتلوا حتى تَسيلَ العَقبةُ دمًا، فيَفزَعون إلى خيرِهم، فيأتونه وهو يَتصلَّقُ

(3)

وجهَه إلى الكعبة يبكي، كأني أنظرُ إلى دموعه، فيقولون: هلمَّ فلنُبايِعْكَ، فيقول: وَيحَكم، كم عهدٍ قد نَقَضتُموه، وكم دمٍ قد سَفَكتُموه! فيبايَعُ كُرهًا، فإذا أَدركتُموه فبايِعوه، فإنه المَهْدِيُّ في الأرض والمَهديُّ في السماء

(4)

.

(1)

إسناده ضعيف، أبو يوسف المقدسي شيخ نعيم بن حماد لا يُعرَف مَن ذا، وعبد الملك بن أبي سليمان - وهو العَرزمي - صدوق يخطئ.

والحديث في "الفتن" لنعيم برقم (986).

(2)

كذا في نسخنا الخطية: محمد بن عبد الله، ولم نتبينه، وظنّه الذهبي في "تلخيصه" المصلوبَ، والمصلوب هذا أشهر أسمائه محمد بن سعيد، وهو كذاب، ووقع في "إتحاف المهرة" (11800): محمد بن عُبيد الله، فإن كان كذلك فهو محمد بن عبيد الله العرزمي، وهو معروف بالرواية عن عمرو بن شعيب، وهو متروك الحديث، ومهما يكن من أمر فإنَّ أبا يوسف الراوي عنه لا يُعرَف.

(3)

هكذا في النسخ الخطية، وفي "تلخيص الذهبي": يتلصق، وفي المطبوعة الهندية والمطبوع من "الفتن" لنعيم (987): ملصق، وما أثبتناه من نسخنا الخطية صحيح، ومعناه: يمرّغ ويقلّب وجهه على الكعبة من شدّة تألّمه لما يحدث من الفتن.

(4)

إسناده ضعيف جدًّا، وقال الذهبي في "تلخيصه": سنده ساقط.

وهو في "الفتن" لنعيم بن حماد برقم (632) و (987).

وأخرج نعيم (993) نحوه من طريق الأخضر بن عجلان، عن عطاء بن زهير العامري، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو. وعطاء وأبوه فيهما جهالة، ذكرهما البخاري في "تاريخه" 3/ 428 و 6/ 468، =

ص: 272

8749 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، عن عبد العزيز بن رُفَيع قال: سمعت شدَّادَ بن مَعقِل صاحبَ هذه الدار يقول: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: إنَّ أولَ ما تَفقِدون من دينكم الأمانةُ، وآخرَ ما يبقى الصلاةُ، وإنَّ هذا القرآن الذي بين أظهُرِكم يُوشِكُ أن يُرفَع، قالوا: وكيف يُرفَع وقد أثبتَه الله في قلوبنا وأثبتناه في مصاحفنا؟ قال: يُسرَى عليه ليلةً فيَذهبُ ما في قلوبكم وما في مصاحفِكم، ثم قرأ:{وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الإسراء: 86]

(1)

.

= وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/ 587 و 6/ 332، وابن حبان في "ثقاته" 4/ 264 و 5/ 205.

(1)

إسناده حسن من أجل شداد بن معقل، وقد توبع. الحميدي: هو عبد الله بن الزبير بن عيسى الأسدي، وسفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد"(368) عن الحميدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه سعيد بن منصور في التفسير من "سننه"(97)، ونعيم بن حماد في "الفتن"(1669) و (1685)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" 5/ 365، والداني في "السنن الواردة في الفتن"(269) و (272)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(1869) من طريق سفيان بن عيينة، به.

وأخرجه عبد الرزاق (5980) و (5981)، وابن أبي شيبة 10/ 534 و 15/ 175، والبخاري في "خلق الأفعال"(367)، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"(274)، والطبري في "تفسيره" 15/ 158، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(176)، والطبراني في "الكبير"(8699) و (8700)، وابن بطة 5/ 365 - 366، والبيهقي في "السنن" 6/ 289، وفي "الشعب"(4891)، والواحدي في "الوسيط" 3/ 126 من طرق عن عبد العزيز بن رفيع، به - وهو عند بعضهم مختصر. وأخرجه عبد الرزاق (5980)، والطبراني (8698)، وابن بطة 5/ 366 من طريق المسيب بن رافع، عن شداد بن معقل، به.

وأخرج أوله في أول ما يُفقَد ابن أبي شيبة 14/ 102، وابن أبي الدنيا (267)، والخلال في "السنة"(1391)، والطبراني (9754) من طريق أبي الزعراء عبد الله بن هانئ عن ابن مسعود.

وإسناده محتمل للتحسن في المتابعات والشواهد إن شاء الله من أجل أبي الزعراء.

وأخرج الشطر الثاني منه بنحوه الدارمي في "مسنده"(3386) من طريق زر بن حبيش، عن ابن مسعود وإسناده حسن.=

ص: 273

8749 م - قال سفيان: وحدَّثني المسعوديُّ، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: قال عبد الله: يوشكُ أن تَطلبُوا في قُراكم هذه طَسْتًا من ماء فلا تجدونه يُزوَى كلُّ ماءٍ إلى عُنصُره، فيكون في الشام بقيَّةُ المؤمنين والماء

(1)

.

= وقد روي في المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل أوله، فقد أخرج البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 158، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(173)، وتمّام الرازي في "فوائده"(191)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 155 من طريق موسى بن إسماعيل التبوذكي، عن تواب - أو ثواب - بن حجيل، عن ثابت البُناني، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخره الصلاة". وتواب بن حجيل في عداد المجهولين لم يرو عنه غير التبوذكي، وذكره ابن حبان في "ثقاته".

وروي أيضًا من حديث عمر مرفوعًا عند أبي نعيم 2/ 174 من طريق حكيم بن نافع، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر مرفوعًا نحوه. وحكيم بن نافع مختلف فيه، وهو ليس بذاك القوي.

وانظر خبر حذيفة السالف برقم (8654).

(1)

إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، والمسعودي: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة، وكان قد اختلط، إلّا أنه متابَع عليه كما سيأتي، والقاسم بن عبد الرحمن: هو ابن عبد الله بن مسعود.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 190، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 313 - 314 من طريق يزيد بن هارون، والطبراني (8857) من طريق أبي نعيم الفضل بن دُكين، وابن عساكر 1/ 313 من طريق أبي داود الطيالسي، ثلاثتهم عن المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن جدِّه عبد الله بن مسعود مرسلًا.

ورواه مرسلًا أيضًا معمر في "جامعه"(20779)، ومن طريقه الطبراني (8856) عن الأعمش، عن القاسم بن عبد الرحمن.

وخالفه أبو معاوية عند نعيم بن حماد في "الفتن"(1830)، وابن عساكر 1/ 314، وسفيان الثوري عند يعقوب في "المعرفة والتاريخ" 2/ 305، وابن عساكر 1/ 314، فروياه عن الأعمش، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود، فوصلاه.

يُزوى: أي: يُجمع ويُقبَض.

وعنصر كل شيء: أصله. والمعنى: أنَّ الماء يغور إلى باطن الأرض فلا يُقدَر عليه.

ص: 274

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8750 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا حُميد بن عيّاش الرَّمْلي، حدثنا مؤمَّل بن إسماعيل، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن عُمارة بن عُمير، عن أبي عمّار، عن حُذيفة قال: يكون عليكم أمراءُ يعذِّبونكم ويعذِّبهم الله

(1)

.

صحيح الإسناد.

8751 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أُورْمَة، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مُنذِرِ الثَّوْري، عن محمد بن الحنفيّة، عن عليٍّ قال: تكون في هذه الأُمَّة خمسُ فتنٍ: فتنةٌ عامَّةٌ، وفتنةٌ خاصَّةٌ، [ثم فتنةُ عامّةٍ، وفتنةُ خاصّةٍ]

(2)

ثم تكون فتنةٌ سوداءُ مُظلِمةٌ يكون الناسُ فيها كالبهائم

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه.

8752 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا إسحاق بن الحسن

(4)

الحَرْبي، حدثنا الحسن بن موسى الأشيَب، حدثنا شَيْبان بن عبد الرحمن، عن زياد بن عِلاقةَ، عن قُطْبة بن مالك، عن عبد الله بن مسعود د قال: تَعلَمُنَّ أنكم بحيث تختلف الألسُن

(5)

من بين بابلَ والحِيرة، تَعلَمُنَّ أنَّ تسعةَ أعشار الخير وعُشرًا من الشرِّ بالشام، تَعلمُنَّ أنَّ تسعة أعشار من الشرِّ وعُشرًا من الخير بسِوَاها، والذي نفسُ ابن مسعودٍ بيده،

(1)

خبر قوي، وهذا إسناد ليِّن لسوء حفظ مؤمل بن إسماعيل، لكنه متابع كما سلف عند المصنف برقم (8546) من طريق حسين بن حفص عن سفيان الثوري.

(2)

ما بين المعقوفين ليس في نسخنا الخطية، وهو من مصادر التخريج، ولا بدَّ منه.

(3)

خبر قوي، ومحمد بن إبراهيم بن أورمة - وإن كان في عِداد المجاهيل - لم ينفرد به، وقد اختلف فيه على الأعمش كما سبق بيانه عند الحديث رقم (8554).

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الحُسين، والتصويب من "إتحاف المهرة"(13155)، وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 13/ 410.

(5)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الانس، والتصويب من "تلخيص المستدرك" للذهبي.

ص: 275

ليُوشِكنَّ أن يكون أحبَّ شيء على ظهر الأرض إلى أحدكم أن تكون له أحمِرةٌ تَنقُل أهلَه إلى الشام

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد.

8753 -

حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا محمد بن عبد الله الحَضْرمي، حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن فُضيل، حدثنا أبو مالك الأشجَعي، عن رِبْعيّ بن حِرَاش، عن حُذيفة قال: يَندرِسُ الإسلامُ كما يندرسُ الثوبُ الخَلَقُ حتى يصيرَ الناسُ ما يدرون ما صلاةٌ ولا صيامٌ ولا نُسُك، غير أنَّ الرجل والعجوز يقولون: قد أدرَكْنا الناسَ وهم يقولون: لا إله إلَّا الله، فنحن نقول: لا إله إلّا الله، فقال له صِلَةُ بن زُفَر: وما يُغْني عنهم لا إله إلَّا الله يا حذيفةُ، وهم لا يدرون صلاةً ولا صيامًا ولا نُسكًا؟ قال حذيفة يا صِلةٌ، ما تُغني عنهم لا إله إلّا الله؟! يَنجُون بلا إله إلَّا الله من النار

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 156 من طريق زائدة بن قدامة، عن زياد بن علاقة بهذا الإسناد.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 750، ومن طريقه ابن عساكر 1/ 156 عن قبيصة بن عقبة، عن سفيان الثوري، عن زياد بن عِلاقة، عن ثابت بن قُطبة، عن ابن مسعود. وثابت بن قطبة ثقة إلّا أن ذكره في هذا الإسناد وهمٌ غير محفوظ، والظاهر أنه من قبيصة، فإنه - على ثقته - كان يخطئ ويخالف في حديث سفيان.

وروى نحو هذا الخبر عبد الله بن ضرار الأسدي عن أبيه عن ابن مسعود، أخرجه أحمد في "فضائل الصحابة"(1709) ويعقوب في "المعرفة" 2/ 295، والطبراني في "الكبير"(881)، وأبو الحسن الربعي في "فضائل الشام"(6)، وابن عساكر 1/ 155. وعبد الله بن ضرار قال أبو حاتم الرازي: ليس بقوي.

وروي نحوه في المرفوع من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أخرجه أبو سعد السمعاني في "فضائل الشام"(7)، وابن عساكر 1/ 154. وإسناده ضعيف لا يصح.

(2)

إسناده صحيح. وهو في "الدعاء" لمحمد بن فضيل برقم (15). =

ص: 276

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8754 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى العَدْل، حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا علي بن عثمان اللاحِقي وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا حماد بن سَلَمة، أخبرنا علي بن زيد، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد قال: صلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ العصر ثم قام خطيبًا بعد العصر إلى مَغرِبان الشمس، حَفِظَها من حفظها، ونَسِيَها من نسيها، وأَخبر فيها بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة، فحَمِدَ الله تعالى وأثنى عليه، ثم قال: "أمَّا بعدُ، فإنَّ الدنيا حُلْوةٌ خَضِرةٌ، وإنَّ الله تعالى مُستخلِفُكم فيها فناظرٌ كيف تعملون، ألا فاتَّقُوا الدنيا واتَّقوا النساء.

ألا إنَّ بني آدم خُلِقوا على طَبَقاتٍ شتَّى، فمنهم من يولدُ مؤمنًا ويحيا مؤمنًا ويموت مؤمنًا، ومنهم من يولدُ كافرًا ويحيا كافرًا ويموت كافرًا، ومنهم من يولدُ مؤمنًا ويحيا مؤمنًا ويموت كافرًا، ومنهم من يولدُ كافرًا ويحيا كافرًا ويموت مؤمنًا.

ألا إنَّ الغضب جَمْرَةٌ تُوقَدُ في جوفِ ابن آدم، ألم تَرَوْا إلى حُمْرة عينيهِ وانتفاخِ أوداجِه، فإذا وَجَدَ أحدُكم من ذلك شيئًا فليَلزَقْ بالأرض.

ألا إنَّ خيرَ الرِّجال من كان بطيءَ الغضب سريعَ الفَيْء، وشرَّ الرِّجال سريع من كان سريعَ الغضب بطيءَ الفَيْء، فإذا كان الرجلُ سريعَ الغضب سريعَ الفَيْء، فإنها بها

(1)

، وإذا كان الرجلُ بطيءَ الغضب بطيءَ الفَيْء، فإنَّها بها.

ألا إنَّ خيرَ التُّجار من كان حسنَ القضاءِ حسنَ الطَّلَب، وشرَّ التجار من كان سيِّيء القضاء سيِّئ الطلب، فإذا كان الرجل سيِّيء القضاء سيِّيء الطلب، فإنَّها بها، وإذا كان الرجل سيِّيء القضاءِ حسنَ الطَّلَب، فإنها بها.

= وانظر ما سلف برقم (8668).

(1)

قوله: "فإنها بها" قال السندي في حاشيته على "مسند أحمد": أي: فإن إحداهما بالأخرى - كما في رواية الترمذي - أي: فلا يستحق فاعلهما المدح ولا الذم.

ص: 277

ألا لا يَمنعنَّ رجلًا مَهابةُ الناس أن يقول بالحقِّ إذا عَلِمَه.

ألا إنَّ لكلِّ غادرٍ لواءً يوم القيامة بقَدْر غَدْرتِه، ألا وإنَّ أكبرَ الغَدْر غدرُ إمامِ عامّةٍ، إلا وإنَّ الغادرَ لواؤُه عند اسْتِه.

ألا وإنَّ أفضلَ الجهاد كلمةُ حقٍّ عند سلطانٍ جائر".

فلما كان عند مَغرِبان الشمس قال: "إنَّ مثلَ ما بقيَ من الدنيا فيما مضى منها، كمثلِ ما بقيَ من يومِكم هذا فيما مَضَى"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن جُدْعان - وبعض فِقراته صحيح. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطعة.

وأخرجه أحمد 17/ (11143) عن يزيد بن هارون وعفان، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 18/ (11587) من طريق معمر، والترمذي (2191) من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن علي بن زيد، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

والفِقرة الأولى منه - وهي "الدنيا خضرة" - أخرجها ابن ماجه (4000) من طريق حماد بن زيد، عن علي بن زيد، به.

وأخرجها أحمد 17/ (11169)، ومسلم (2742)، والنسائي (9224)، وابن حبان (3221) من طريق أبي مسلمة سعيد بن يزيد، وأحمد 18/ (11426)، وابن حبان (5591) من طريق المستمر بن الريان، كلاهما عن أبي نضرة، به.

والفقرة السادسة منه - وهي "لا يمنعن رجلًا مهابةُ الناس" - أخرجها أحمد 18/ (11678)، وابن ماجه (4007) من طريق حماد بن زيد، عن علي بن زيد، به.

وأخرجها أحمد 17/ (11017) و (11403) و 18 / (11428) و (11831) و (11869)، وابن حبان (275) و (278) من طرق عن أبي نضرة، به. فهي صحيحة بطرقها.

وأخرجها أيضًا أحمد 18/ (11474) من طريق الحسن البصري، عن أبي سعيد الخدري، بزيادة ألفاظ. وإسناده ضعيف.

والفقرة السابعة منه - وهي "لكل غادر لواء" - أخرجها أحمد 17/ (11038) عن سفيان بن عيينة، و 18/ (11666)، وابن ماجه (2873) من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن علي بن زيد، به.

وأخرجها أحمد 17 / (11303) و 18/ (11427)، ومسلم (1738)(15) و (16) من طريقين عن أبي نضرة، به. فهي صحيحة. =

ص: 278

هذا حديث تفرَّد بهذه السِّياقة عليُّ بن زيد بن جُدْعان القرشي عن أبي نَضْرة، والشيخان رضي الله عنهما لم يحتجَّا بعليِّ بن زيد.

8755 -

حدثنا علي بن عيسى بن إبراهيم، حدثنا مسدَّد بن قَطَن، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا محمد بن فُضَيل، حدثنا أبو مالك الأشجَعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: يُسرَى على كتاب الله فيُرفَعُ إلى السماء، فلا يصبحُ في الأرض آيةٌ من القرآن ولا من التوراة والإنجيل ولا الزَّبور، ويُنتزَعُ من قلوب الرِّجال فيصبحون ولا يَدرُون ما هو

(1)

.

= وأخرجها أحمد 17/ (11351) من طريق عطية العوفي، والنسائي (8682) من طريق الحسن البصري، كلاهما عن أبي سعيد مختصرًا. وعطية فيه ضعف، والحسن لم يسمع من أبي سعيد.

والفقرة الثامنة منه - وهي "أفضل الجهاد كلمة حق" - أخرجها أبو داود (4344)، وابن ماجه (4011)، والترمذي (2174) من طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد.

ويشهد لها حديث طارق بن شهاب عند أحمد 31/ (18828) و (18830)، والنسائي. (7786).

وطارق بن شهاب له رؤية والإسناد إليه صحيح.

وآخر من حديث أبي أمامة عند أحمد 36/ (22158)، وابن ماجه (4012). وإسناده حسن إن شاء الله. فهذه الفقرة صحيحة بشاهديها.

وأخرج الفقرة الأولى والسابعة أحمد 18 / (11796) من طريق الحسن البصري، عن أبي سعيد.

(1)

إسناده صحيح. أبو مالك الأشجعي: هو سعد بن طارق، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي. وروي نحوه مرفوعًا من طريق علي بن مسهر عن سعد بن طارق - وهو أبو مالك الأشجعي - عن أبي حازم عن أبي هريرة رفعه، بلفظ:"ويُسرَى على كتاب الله فيُرفع إلى السماء، فلا يبقى منه آية"، أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(6853) ضمن حديث مطوّل، وسنده إلى علي بن مسهر حسن.

وأخرجه أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" كما في "الغرائب الملتقطة" لابن حجر (3596) من طريق الفضيل بن سليمان، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، وعن أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعًا بنحو ما عند ابن حبان. وهذا إسناد حسن.=

ص: 279

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8756 -

حدثنا أبو محمد المُزَني، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن فُضَيل، حدثنا أبو مالك الأشجعي، عن أبي الشَّعثاء قال: خَرَجْنا مع أبي مسعود الأنصاري، فقلنا له: اعهَدْ إلينا، فقال: عليكم بتقوى الله ولزومِ جماعةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فإنَّ الله تعالى لن يجمعَ جماعةَ محمدٍ على ضلالة، وإنَّ دينَ الله واحدٌ، وإياكم والتلوُّنَ في دينِ الله، وعليكم بتقوى الله، واصبِروا حتى يستريحَ بَرٌّ أو يُستراحَ من فاجر

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وقد كتبناه مسنَدًا من وجهٍ لا يصح على شرط هذا الكتاب:

8757 -

حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد المذكِّر، حدثنا الحسين بن

= وحديث حذيفة سلف عند المصنف برقم (8668) ضمن حديث.

(1)

إسناده صحيح. أبو مالك الأشجعي: هو سعد بن طارق، وأبو الشعثاء: هو سليم بن أسود المحاربي الكوفي، وأبو مسعود الأنصاري: هو عقبة بن عمرو.

وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 15/ 183 من طريق نعيم بن أبي هند، و 15/ 207 - 208 من طريق عبد العزيز بن رفيع، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(163) من طريق أبي وائل شقيق ابن سلمة، وابن خسرو في "مسند أبي حنيفة"(618) من طريق أبي عمرو الشيباني، أربعتهم عن أبي مسعود الأنصاري. ونعيم وعبد العزيز لم يسمعا أبا مسعود.

وسيأتي بنحوه عند المصنف برقم (8877) من طريق يسير بن عمرو عن أبي مسعود.

ورواه أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم في "حديثه"(185)، ومن طريقه ابن منده في "معرفة الصحابة" ص 260، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(448) عن أبي عتبة، عن بقية، عن سعيد بن عبد العزيز، عن ابن حلبس، عن بشير بن أبي مسعود قال: اتقوا الله

وذكره. وأبو عتبة - وهو أحمد بن الفرج الحمصي - وشيخه بقية بن الوليد فيهما ضعف، وجعلاه من قول بشير لا من قول أبيه، والصحيح أنه من قول أبي مسعود.

وقوله: إنَّ الله لن يجمع جماعة محمد على ضلالة، روي في المرفوع مثله من حديث ابن عمر وابن عباس، وهما صحيحان، وقد سلفا عند المصنف بالأرقام (396 - 404).

ص: 280

داود بن معاذ، حدثنا مَكّيُّ بن إبراهيم، حدثنا أيمن بن نابِلٍ، عن قُدَامة بن عبد الله بن عمّار الكِلَابي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عليكم باتَّقاء اللهِ والجماعةِ، فإنَّ الله لا يجمعُ هذه الأُمةَ على الضَّلالة، وعليكم بالصبر حتى يَستريحَ بَرٌّ أو يُستراحَ من فاجر"

(1)

.

هذا حديث لم نَكتُبْه بهذا الإسناد إلَّا عن هذا الشيخ، والحملُ فيه على الحسين بن داود، فإنه لم يصحَّ عندنا

(2)

بهذا الإسناد إلّا حديث واحدٌ:

8758 -

حدَّثَناه أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدانَ المروَزي، حدثنا عبد الصمد بن الفضل البَلْخي، حدثنا مَكِّي بن إبراهيم، حدثنا أيمن بن نابِلٍ، عن قُدَامة بن عبد الله بن عمَّار الكِلابي: قال رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجَمْرةَ يومَ النَّحْر، لا ضربَ، ولا طَرْدَ، ولا إليكَ إليكَ

(3)

.

هذا حديث له طُرقٌ عن أيمن بن نابل، وقد احتَجَّ الإمام محمد بن إسماعيل البخاريُّ بأيمنَ بن نابلٍ في "الجامع الصحيح".

8759 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نصر، حدثنا بشر بن بكر، حدثنا أبو المَهْدي سعيد بن سِنان، عن أبي الزاهريَّة، عن أبي شَجَرة كَثير بن مُرَّة، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: "لن تَنفَكُّوا

(4)

بخيرٍ ما استَغنَى أهلُ بَدْوِكم عن أهل حَضَرِكم" قال: "ولَتَسُوقنَّهم السِّنينُ والسِّناتُ حتى

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، الحسين بن داود بن معاذ أحد المتروكين كما قال الذهبي في ترجمته من "تاريخ الإسلام" 6/ 740، وشيخ المصنف ليس بذاك القوي، وإنما يعتبر به في المتابعات والشواهد.

وسيأتي مكررًا برقم (8878). ولم نقف عليه عند غير المصنف.

(2)

من قوله: "بهذا الإسناد" إلى هنا سقط من (ز) و (ب)، واستدركناه من (ك) و (م).

(3)

إسناده حسن من أجل أيمن بن نابل. وقد سلف برقم (1730).

(4)

في النسخ الخطية لن تبلغوا، والمثبت من "تلخيص الذهبي"، وهو الصواب.

ص: 281

يكونوا معكم في الدِّيار، ولا تُمنَعوا منهم لكثرة من يسيرُ

(1)

عليكم منهم" قال: "يقولون: طالما جُعْنا وشبعتُم، وطالما شَقِينا وتنعَّمتُم، فواسُونا اليومَ. ولتَستصعِبَنَّ بكم الأرضُ حتى يَعْبِطَ أهلُ حضرِكم [أهلَ بدوِكم]

(2)

من استصعاب الأرض".

قال: "ولتَمِيلَنَّ بكم الأرضُ مَيلةً يَهْلِكُ منها مَن هلك، ويبقى من بقي، حتى تُعتَقَ الرِّقابُ، ثم تَهدأُ بكم الأرضُ بعد ذلك حتى يَندَمَ المُعتِقون" قال: "ثم تميلُ بكم الأرضُ من بعد ذلك مَيلةً أخرى، فيَهلِكُ فيها مَن هلك، ويبقى من بقي يقولون: ربَّنا نُعتِقُ، ربَّنا نُعتِقُ، فيكذِّبُهم اللهُ: كَذَبتُم كَذَبتُم، أنا أُعتِق.

وليُبتلَيَنَّ أُخرَياتُ هذه الأُمَّة بالرَّجْف فإن تابوا تابَ الله عليهم" قال: "وإن عادوا أعادَ الله عليهم بالرَّجْف والقَذْف والخَسْف والمَسْخ والصواعق، فإذا قيل: هَلَكَ الناسُ هَلَكَ الناسُ، هَلَكَ الناسُ، فقد هَلَكوا، ولن يعذِّبَ اللهُ تعالى أمّةً حتى تَعْدِرَ" قالوا: وما غَدْرُها؟ قال: "يعترفون بالذُّنوب ولا يتوبون. ولَتطمئِنَّ القلوبُ بما فيها من بِرِّها وفجورِها كما تطمئنُّ الشجرةُ بما فيها، حتى لا يستطيعَ محسنٌ أن يزدادَ إحسانًا، ولا يستطيعَ مسيءٌ استِعتابًا، وذلك بأنَّ الله عز وجل قال: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] "

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8760 -

أخبرني محمد بن علي الصَّنعاني بمكة حَرَسَها الله، حدثنا إسحاق

(1)

في النسخ الخطية: يستن، غير (م) فيمكن أن تقرأ فيها: يسير، وهي كذلك في "تلخيص الذهبي"، وهو الصواب.

(2)

زيادة من "التلخيص" ليست في نسخنا الخطية.

(3)

إسناده واهٍ، أبو مهدي سعيد بن سنان الشامي متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع، وقال الذهبي في "تلخيصه": متهم ساقط. أبو الزاهرية: هو حُدير بن كريب.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(685) و (1708) عن الحكم بن نافع، عن سعيد بن سنان، بهذا الإسناد. ووقع في المطبوع في الموضع الأول سقط من الإسناد، ووقع عنده اسم صحابيه ابن عُمر!

ص: 282

ابن إبراهيم بن عَبَّاد، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن الزُّهْري، عن عُرْوة، عن أسامة بن زيد قال: أشرَفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على أُطْمٍ من آطام المدينة فقال: "هل تَرَونَ ما أَرى؟ " قالوا: لا، قال:"فإني لأَرى الفتنَ تقعُ خِلالَ بيوتِكم كمَواقِعِ القَطْر"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8761 -

أخبرني محمد بن المؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن أبي قَبِيل، سمع عبدَ الله بن عمرو يقول: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسُئِلَ: أيُّ المدينتين تُفتَحُ أولًا؟ يعني القُسطنطِينيّةَ، والرُّومِيةَ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مدينةُ هِرَقلَ تُفتَحُ أولًا"؛ يعني القُسطَنطِينيّة

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8762 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنعاني بمكة حَرَسها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن أيوب، عن أبي قِلابة، عن هشام بن عامر الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ رأس الدَّجَّال من ورائِه حُبُكٌ حُبُكٌ، وإنه سيقول: أنا ربُّكم، فمن قال: أنت ربِّي افتُتِنَ، ومن قال: كذبتَ، ربِّيَ اللهُ

(1)

إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير.

وأخرجه أحمد 36/ (21810)، والبخاري (7060)، ومسلم (2885) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد (21748)، والبخاري (1878) و (2467) و (3597) و (7060)، ومسلم (2885) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، به.

الأُطم، بضمة وبضمتين: المرتفع من الأرض كالتلّة.

(2)

إسناده ليِّن كما سبق بيانه عند الرواية السالفة برقم (8506).

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1344) عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وسيأتي من وجه آخر عن ابن وهب برقم (8875).

ص: 283

وعليه توكَّلتُ وإليه أُنيب، فلا يَضرُّه" أو قال:"فلا فتنةَ عليه"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8763 -

حدثني علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا بِشر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار ويحيى بن سعيد ومَعمَر، عن ابن شِهاب، عن هند بنت الحارث، عن أم سَلَمة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ماذا نَزَلَ الليلةَ من الفتن؟! وماذا فُتِحَ من الخزائن؟! أَيقِظوا صواحباتِ الحُجُرات"؛ نساءَه

(2)

(3)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه إن كان معمر حفظه، فأبو قلابة - وهو عبد الله بن زيد الجَرْمي - لم يسمع من هشام بن عامر، لكن معمرًا قد خولف فيه كما سيأتي.

وأخرجه أحمد 26/ (16260) عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

ورواه حماد بن زيد عند أحمد 38/ (23159)، وإسماعيل ابن عُليَّة عنده أيضًا (23487)، فروياه عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمِّه، وقد صرَّح أبو قلابة في رواية حماد بن زيد أنه سمعه من هذا الصحابي، وبه يصحُّ الحديث، والله تعالى أعلم.

والحُبُك في الأصل: الطُّرق، والمراد هنا كما في "النهاية" لابن الأثير: أنَّ شعر رأسه من جهة القفا متكسّر من الجعودة، مثل الماء الساكن أو الرمل إذا هبَّت عليهما الرياح، فيتجعدان ويصيران طرائقَ.

(2)

زاد بعده في "تلخيص الذهبي" - وليست في نسخنا من "المستدرك" -: "فرُبَّ كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة"، وهي ثابتة في الحديث في مصادر التخريج.

(3)

إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

والحديث في "مسند الحميدي"(294) من رواية أبي علي بن الصوّاف عن بشر بن موسى، لكن فيه رواية سفيان عن عمرو ويحيى منقطعة بإسقاط هند بنت الحارث من إسناده. وكذلك هو في رواية محمد بن إسماعيل السلمي الترمذي عن الحميدي عند ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 448 - 449، وكذلك في رواية محمد بن أبي عمر العدني عن سفيان عند ابن حبان في "صحيحه"(691).

وأخرجه البخاري (115) عن صدقة بن الفضل، عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد - كرواية المصنف بذكر هندٍ في حديث عمرو ويحيى. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 44 / (26545)، والبخاري (1126) و (5844)، والترمذي (2196) من طرق عن معمر وحده، به. =

ص: 284

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

8764 -

أخبرني محمد بن عبد الله بن أحمد الشَّعِيري، حدثنا أحمد بن معاذ السُّلَمي، حدثنا حفص بن عبد الله، حدثني إبراهيم بن طَهْمان، عن الحَجّاج بن الحجّاج، عن قَتَادة، عن أبي الخَليل، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذرٍّ قال: تذاكَرْنا ونحن عندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّهما أفضلُ: مسجدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو مسجدُ بيت المَقدِس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاةٌ في مسجدي هذا أفضلُ من أربعِ صَلَواتٍ فيه، ولَنِعمَ المصلَّى، وليُوشِكَنَّ أن يكونَ

(1)

للرجل مثلُ سِيَةِ قوسِه

(2)

من الأرض حيث يَرى منه بيتَ المَقدِس، خيرٌ له من الدنيا جميعًا" أو قال:"خيرٌ من الدنيا وما فيها"

(3)

.

= وأخرجه البخاري (3599) و (6218) و (7069) من طريق شعيب بن أبي حمزة، و (7069) من طريق محمد بن أبي عتيق، كلاهما عن ابن شهاب الزهري، عن هند بن الحارث، به.

(1)

في نسخنا الخطية و"التلخيص": أن لا يكون، بزيادة "لا" النافية، والأوجه حذفها، إلّا أن تكون حرفًا زائدًا، كما في قوله تعالى:{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد: 29]، فالمشهور عند النحاة والمفسرين والمعربين أنها مزيدة.

(2)

تحرَّف هذا الحرف في النسخ الخطية إلى: سبط فرسه، أو: بسط فرسه، أو شيء نحو ذلك، وأثبته في المطبوع: شطن فرسه؛ والشَّطن: الحبل. والمثبت من مصادر التخريج من طريق ابن طهمان، وهو الصواب إن شاء الله، وسِيَةُ القوس: طرفه الذي يُلوَى عليه الوتَر، وللقوس سِيَتان.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل شيخ المصنف وشيخه، وقد توبعا، ومَن فوقهما ثقات. الحجاج بن الحجاج: هو الباهلي، وأبو الخليل: هو صالح بن أبي مريم.

والحديث في "مشيخة إبراهيم بن طهمان"(62) برواية أحمد بن حفص بن عبد الله، عن أبيه، عنه.

ومن طريق أحمد بن حفص أخرجه أيضًا الطبراني في "الأوسط"(6983) و (8230)، والضياء المقدسي في "فضائل بيت المقدس"(18).

وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار"(608) مختصرًا، وأبو القاسم الحامض في "جزئه"(100)، =

ص: 285

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8765 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عيسى اللَّخْمي بتِنِّيسَ، حدثنا عمرو بن أبي سَلَمة، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن يونس بن مَيسَرة بن حَلبَس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني رأيتُ كأنَّ عمودَ الكتاب انتُزِعَ من تحتِ وسادتي، فأَتبعْتُه بَصَري، فإذا هو نورٌ ساطعٌ عُمِدَ به إلى الشام، ألا وإنَّ الإيمان إذا وَقَعَت الفتنُ بالشام"

(1)

.

= والطبراني في "مسند الشاميين"(2714) و (2769)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(3849)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 174 و 175 و 5/ 379 من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، عن عبد الله بن الصامت، به - بإسقاط أبي الخليل من إسناده غير أبي القاسم الحامض فقد ذكره فيه.

وزادوا فيه كلهم: "ولنعم المصلَّى، هو أرض المحشر والمنشر". وسعيد بن بشير ضعيف.

وانظر حديث الأرقَم السالف برقم (6253).

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف أحمد بن عيسى اللخمي، وشيخه يعتبر به في المتابعات والشواهد وقد توبعا، ومن فوقهما ثقات.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 300 - 301 و 523، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(1041 - بغية الباحث)، والطبراني في "المعجم الكبير"(14561)، وفي "مسند الشاميين"(308 - 310) و (2196) و (2197)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 5/ 252، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 448، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 102 - 103 و 103 و 104 و 105 من طرق قويّة عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي بهذا الإسناد.

وخالف عقبةُ بن علقمة عند تمّام الرازي في "فوائده"(1278)، والربعي في "فضائل الشام"(11)، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 448، وابن عساكر 1/ 102، فرواه عن سعيد بن عبد العزيز، عن عطية بن قيس، عن عبد الله بن عمرو. وعطية بن قيس ثقة، إلّا أنَّ رواية عقبة هذه شاذّة.

وأخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 448، ويعقوب بن سفيان 2/ 290 - 291، وابن عساكر 1/ 105 و 106 من طريق مدرك بن عبد الله، والطبراني في "الكبير"(14545) - ومن طريقه ابن عساكر 1/ 106 - من طريق أبي إدريس الخولاني، والطبراني في "الأوسط"(2689) - ومن طريقه ابن عساكر 1/ 110 - من طريق أبي قلابة، ثلاثتهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وفي أسانيدها مقال، وأحسنها حديث مدرك بن عبد الله على جهالة فيه. =

ص: 286

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8766 -

أخبرني محمد بن عبد الله بن قُرَيش، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا صفوان بن صالح، حدثنا الوليد بن مسلم، أخبرني أبو عائذٍ عُفَير بن مَعْدان، أنه سمع سُليمَ بن عامر الكَلَاعي يحدِّث عن أبي أُمامة الباهلي، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الشامُ صَفْوةُ الله من بلادِه، يَسُوقُ إليها صَفْوةَ عبادِه مَن خرج من الشام إلى غيرِها فبسَخْطةٍ، ومَن دخلها من غيرها فبِرَحْمة"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8767 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نَصْر الخَوْلاني، حدثنا بشر بن بكر، أخبرني سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، أنه حدَّثه عن أبي إدريس الخَوْلاني، عن عبد الله بن حَوَالَة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستُجنَّدون أجنادًا: جُندًا بالشام، وجُندًا بالعراق وجُندًا باليمن "قلت: يا رسول الله، اختَرْ لي، قال:"عليكم بالشامِ، فمن أَبى فليَلحَقْ بيَمنِه، ويَسْقِ من غُدُرِهِ، فَإِنَّ الله عز وجل تَكفَّلَ لي بالشامِ وأهلِه"

(2)

.

= وفي الباب عن عمرو بن العاص عند أحمد 29/ (17775).

وعن أبي الدرداء عند أحمد أيضًا 36 / (21733). وغيرهما.

وعمود الكتاب: أصله ومتنه.

(1)

إسناده واهٍ من أجل عفير بن معدان، قال الذهبي في "تلخيصه": هالك.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7718) - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 119 - من طريق علي بن حجر، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرج الطبراني في "الكبير"(7796)، وفي "مسند الشاميين"(1341) - ومن طريقه ابن عساكر 1/ 119 - من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبد العزيز بن عبيد الله - وهو ابن حمزة بن صهيب - عن القاسم بن عبد الرحمن الشامي، عن أبي أمامة رفعه، بلفظ:"صفوة الله من أرضه الشام، وفيها صفوته من خلقه وعباده، وليدخلن الجنةَ من أمتي ثُلَّة لا حساب عليهم ولا عذاب". وهذا إسناد ضعيف جدًّا من أجل عبد العزيز بن عبيد الله، فإنه واهٍ.

(2)

إسناده صحيح. أبو إدريس الخولاني: هو عائد الله بن عبد الله. =

ص: 287

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8768 -

أخبرني

(1)

أبو بكر بن قُريش، أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا صفوان بن صالح، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عُفير بن مَعْدان، عن سُليم بن عامر الكَلَاعي، عن أبي أُمامة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أُنزِلَت عليَّ النبوةُ في ثلاثةِ أمكنةٍ: بمكةَ، والمدينةِ، والشام"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8769 -

أخبرني أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدثني أَبي، حدثنا بكر

(3)

بن مُضَر، عن عَمرو بن الحارث، عن جَميل بن عبد الرحمن الحَذَّاء، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اللهمَّ لا يُدرِكْني زمانُ - أو لا أُدركُ زمانَ - قومٍ لا يَتبعُون العلمَ، ولا يَستَحْيون من الحليم، قلوبُهم قلوبُ الأعاجم، وألسنتُهم ألسنةُ العرب"

(4)

.

= وأخرجه ابن حبان (7306) من طريق الوليد بن مَزْيَد، عن سعيد بن عبد العزيز، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 33 / (20356) من طريق محمد بن راشد المكحولي، عن مكحول، عن عبد الله بن حوالة. بإسقاط أبي إدريس الخولاني، وهذا منقطع، والمكحولي صدوق وليس برتبة سعيد ابن عبد العزيز في الثقة.

وأخرجه أحمد 28 / (17005)، وأبو داود (2483) من طريق أبي قُتيلة، وأحمد 37 / (22489) من طريق سليمان بن سُمَير، كلاهما عن عبد الله بن حوالة.

(1)

هذا الحديث سقط من (ب).

(2)

إسناده واهٍ من أجل عفير بن معدان، فإنه واهٍ.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7717) من طريقين عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. بلفظ:"أُنزل القرآن في ثلاثة أمكنة ..... ".

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: فطر.

(4)

إسناده ضعيف لجهالة حال جميل الحذاء وانقطاعه، فإنَّ جميلًا هذا لا يعرف له سماع من الصحابة، ولما ذكره ابن حبان في أتباع التابعين من "ثقاته" 6/ 147 قال: شيخ يروي المراسيل. وانظر ترجمته في "تعجيل المنفعة" لابن حجر (149). =

ص: 288

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8770 -

أخبرني أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا موسى بن عُلَيّ بن رَبَاح قال: سمعت أَبي يقول: خرجتُ حاجًّا، فقال لي سليمان

(1)

بن عِتْر قاضي أهل مصر: أَبلِغْ أبا هريرة منِّي السلامَ، وأعلِمْه أني قد استغفرتُ الغَداةَ له ولأُمِّه، فلَقِيتُه فأبلغتُه، قال: وأنا قد استغفرتُ له، ثم قال: كيف تركتم أمَّ خَنُّور

(2)

؟ يعني مصرَ، قال: فذكرتُ له من رَفَاغَتِها وعَيشِها، قال: أمَا إنها أولُ الأرض خَرابًا ثم إرمينِيَة، قلت: سمعتَ ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، ولكن حدَّثَني عبدُ الله بن عمرو بن العاص قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنها تكون هجرةٌ بعد هجرةٍ لخيارِ الأرض إلى مُهاجَرِ إبراهيمَ، ويبقى في الأرض شِرارُ أهلِها، تَلفِظُهم أرَضُوهم وتَقذَرُهم نفسُ الله، قال: فتَحشرُهم النارُ مع القِرَدةِ والخنازير".

وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يخرجُ ناسٌ من قِبَل المشرِق يَقرؤُون القرآن لا

= وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(7346) من طريق أبي الحسن علي بن محمد المصري، عن يحيى بن عثمان بن صالح، بهذا الإسناد. وفيه:"لا يتبعون العليم"، وهو أوجَهُ.

ورواه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 461 عن عثمان بن صالح، عن عبد الله بن لهيعة، عن جميل الحذاء، عن سهل بن سعد الساعدي، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وابن عبد الحكم أوثق وأحفظ من يحيى بن عثمان بن صالح، وبهذا يعود الحديث إلى ابن لهيعة، وهو سيئ الحفظ، وشيخُه جميل مجهول الحال كما سبق.

ويؤيد رواية ابن عبد الحكم هذه روايةُ الإمام أحمد بن حنبل، حيث رواه في "مسنده" 37/ (22879) عن حسن بن موسى الأشيب، عن ابن لهيعة، عن جميل، عن سهل.

(1)

كذا وقع في النسخ الخطية، وهو كذلك مسمًّى عند وكيع في "أخبار القضاة" 3/ 221، وفي سائر مصادر ترجمته وقع مسمًّى: سُليم بن عتر، وانظر "سير أعلام النبلاء" 4/ 131.

(2)

تحرَّفت في النسخ الخطية إلى: أم حنو، أو أم خنو. والتصويب من "فتوح مصر" لابن عبد الحكم ص 386. والعرب تقول لمِصَر: أم خنّور، لكثرة ما فيها من الخيرات والنِّعم، فالخنُّور: النعمة. انظر "تاج العروس" للزبيدي (خنر).

ص: 289

يجاوزُ تَراقِيَهم، كلَّما قُطِعَ قَرْنٌ نَشَأَ قرنٌ، حتى يخرجَ في بقيّتِهم الدَّجَّالُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد اتَّفقا جميعًا بأحاديث موسى بن عُليِّ بن رَبَاح اللَّخْمي

(2)

، ولم يُخرجاه.

8771 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن الزُّهْري، عن سالم، أنه سمع أبا هريرة يقول: يوشكُ أن يكون أقصى مَسالحِ المسلمين بسَلَاح. وسَلَاح قريبٌ من خيبرَ

(3)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث، وباقي رجاله لا بأس بهم، وقد سلف الحديث بشطريه عند المصنف برقم (8707) بإسناد آخر عن عبد الله بن عمرو يعتبر به في المتابعات والشواهد أيضًا، وانظر تمام تخريجه هناك.

وأخرج أوله في قصة سلام سليم بن عتر، وأولية خراب مصر ثم إرمينية: ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 386 عن عبد الله بن صالح، بهذا الإسناد وبيَّن فيه عن أبي هريرة: أنه سمع ذلك من كعب الكتابين، والمراد به كعب الأحبار، فهذا من الإسرائيليات، وأما بقية الحديث فعن النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى ابن عبد الحكم أيضًا قصة السلام فقط عن أبي الأسود النضر بن عبد الجبار، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد الحضرمي المصري، عن عُلي بن رباح.

والرَّفاغة والرفاغيَة، كالرفاهة والرفاهيَة: رغد الخِصب ولين العيش والسَّعة.

(2)

كذا قال المصنف، وهو ذهولٌ منه، فإنَّ موسى بن علي من أفراد مسلم، وإنما خرَّج له البخاري في كتابه "الأدب المفرد"، لا في "صحيحه".

(3)

إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر.

وهذا الخبر عند الحاكم موقوف، وقد رواه هشام بن عمار عند الطبراني في "الأوسط"(6743)، و "الصغير"(644)، و"مسند الشاميين"(2140) عن سعيد بن يحيى اللخمي، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن قبيصة بن ذؤيد وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة مرفوعًا. وهشام صدوق إلّا أنه تغيَّر حفظه لما كبر فصار يتلقّن.

وأخرجه بنحوه أحمد 15/ (9216) من طريق عبد الله بن عمر العُمري، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة مرفوعًا أيضًا. وعبد الله العمري ضعيف.=

ص: 290

8772 -

حدَّثَناهُ علي بن عيسى الحِيرِي، حدثنا محمد بن إسحاق الإمامُ وجعفر بن أحمد الشاماتي، قالا: حدثنا أبو عُبيد الله

(1)

أحمد بن عبد الرحمن بن وَهْب، حدثنا عمِّي قال: حدثني جَرِير بن حازم، عن عُبيد الله بن عُمر، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يوشكُ المسلمون أن يُحصَروا بالمدينة، حتى يكونَ أبعدَ مَسالحهم سَلَاح"

(2)

.

حديث ابن وهب عن جَرير صحيح على شرط مسلم، فقد احتجَّ في كتابه رحمه الله بأبي عبيد الله رحمه الله.

8773 -

أخبرنا بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، حدثنا أبو اليَمَان الحَكَم بن نافع، حدثنا سعيد بن سِنان، عن أبي الزاهريَّة، عن كَثير بن مُرَّة، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن طعام المؤمنين في زمن الدَّجّال، قال:"طعامُ الملائكةِ" قالوا: وما طعامُ الملائكة؟ قال: "طعامُهم مَنطِقُهم بالتسبيح والتقديس، فمن كان مَنطِقُه يومئذٍ التسبيحَ والتقديسَ، أَذهَبَ اللهُ عنه الجوعَ فلم يَخْشَ جُوعًا"

(3)

.

= ويشهد له في المرفوع حديث ابن عمر التالي، وهو صحيح.

والمَسالح: جمع مَسلَحة، وهم القوم الذين يحفظون الثغور من العدو، وسُمُّوا مسلحة، لأنهم يكونون ذوي سلاح.

(1)

في النسخ الخطية في هذا الموضع والموضع الآتي: أبو عبد الله، والصواب أنه بالتصغير كما في مصادر ترجمته.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، وقد توبع.

وعمُّه: هو عبد الله بن وهب الحافظ الثقة.

وأخرجه ابن حبان (6771) عن الحسن بن سفيان، عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (4250) و (4299) قال: حُدِّثتُ عن ابن هب، به.

(3)

إسناده واهٍ من أجل سعيد بن سنان: وهو الشامي، وقال الذهبي في "تلخيصه": سعيد متَّهم =

ص: 291

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8774 -

وأخبرنا بكر بن محمد المَرْوَزي، حدثنا أبو الأحوص القاضي، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثني عبد الرحمن بن مَهْدي، عن سفيان، عن أبي هاشم، عن أبي مِجلَز، عن قيس بن عُبَادٍ، عن أبي سعيد الخُدْري قال: مَن قرأَ سورةَ الكهف كما أُنزِلَت، ثم خرج إلى الدَّجّال، لم يُسلَّطْ عليه، ولم يكن له عليه سبيل

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8775 -

أخبرني عَبْدانُ بن يزيد الدَّقّاق بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا عفّان، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن يونس بن عُبيد، عن الحسن، عن سَمُرةَ بن جُندُب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تُوشِكون أن يَملأَ اللهُ أيَديكم من العَجَم، فيكونون أُسْدًا لا

(2)

يَفِرُّون، ويقتلون مُقاتلتَكم، ويأكلون فَيْئَكم

(3)

"

(4)

.

= تالف. أبو الزاهرية: هو حدير بن كريب.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1588) عن الحكم بن نافع، بهذا الإسناد.

وفي الباب نحوه عن عائشة عند أحمد 41 / (24470).

وعن أسماء بنت يزيد عنده أيضًا 45/ (27568).

وعن أبي أمامة في آخر حديثه عند ابن ماجه (4077). وأسانيد الثلاثة ضعيفة، وباجتماع هذه الأحاديث الثلاثة يحتمل أن يكون للحديث في هذا المعنى أصل، والله تعالى أعلم.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل نعيم بن حماد، وقد توبع، واختلف في وقفه ورفعه كما سلف بيانه برقم (2097)، وهو وإن كان الأشهر وقفه على أبي سعيد، إلّا أنَّ له حكم المرفوع، إذ لا مجال للرأي فيه كما قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 5/ 39.

والحديث في "الفتن" لنعيم بن حماد برقم (1582).

وقد سلف برقم (2098) من طريق أحمد بن حنبل وأبي موسى الزَّمِن عن عبد الرحمن بن مهدي.

(2)

في النسخ الخطية: فيكونون أسبالا، وهو تحريف.

(3)

في النسخ الخطية: فيئهم، وهو تحريف، والتصويب من "تلخيص المستدرك" للذهبي، ومصادر التخريج.

(4)

إسناده صحيح، وسماع الحسن - وهو البصري - من سمرة بن جندب صحيح كما ذهبنا =

ص: 292

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8776 -

حدثنا أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالرَّيّ، حدثنا أبو بكر بن الفَرَج الأزرق، حدثنا حَجّاج بن محمد، حدثنا عبد الملك بن قُدَامة الجُمَحي، عن إسحاق بن بكر، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سيأتي على الناس سِنُونَ يُصدَّقُ فيها الكاذبُ، ويُكذَّب فيها الصادق، ويُخوَّن فيها الأَمين

(1)

، ويَنطِقُ فيها الرُّوَيبِضةُ" قال: قيل: يا رسول الله، وما الرُّويبضة؟ قال:"السَّفيهُ يتكلَّم في أمرِ العامَّةِ"

(2)

.

8777 -

قال ابن قُدَامة: وحدثني يحيى بنُ سعيد الأنصاري، عن المَقبُري

(3)

قال: "وتَشِيعُ فيها الفاحشةُ".

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وهو من حديث يحيى بن سعيد الأنصاريِّ عن المَقبُري غريبٌ جدًّا.

8778 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن زياد العَدْل، حدثنا محمد بن إسحاق الإمام،

= إليه فيما سلف برقم (151). عفان: هو ابن مسلم الصَّفّار.

وأخرجه أحمد 33 / (20181) و (20248) عن عفان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضًا (20246) عن أسود بن عامر، و (20247) عن مؤمل بن إسماعيل، كلاهما عن حماد بن سلمة، به.

وأخرجه كذلك (20249) عن هشيم بن بشير، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

وأخرجه مرة أخرى (20123) و (20250) عن سريج بن النعمان، عن هشيم، فوصله بذكر سمرة بن جندب. وهذا هو المحفوظ.

وفي الباب عن حذيفة بن اليمان، وسيأتي عند المصنف برقم (8796). وإسناده ضعيف.

(1)

زاد في "تلخيص الذهبي": ويؤتمن فيها الخائن.

(2)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الملك بن قدامة وجهالة إسحاق بن بكر.

وقد سلف برقم (8645).

(3)

المقبري: هو سعيد بن أبي سعيد، ولم نقف على هذا الطريق عند غير المصنف.

ص: 293

حدثنا محمد بن محمد بن مرزُوق، حدثنا صالح بن عمر بن شعيب قال: سمعت جدِّي شعيب بن عُمر الأزرق قال: حَجَجْنا فمررنا بطريق المُنكدِر، وكان الناسُ إذ ذاك يأخذون فيه، فضَلَلْنا الطريقَ، قال: فبَيْنا نحن كذلك، إذا نحن بأعرابيٍّ كأنما نَبَعَ علينا من الأرض، فقال: يا شيخُ، تدري أين أنت؟ قلت: لا، قال: أنت بالرَّبائب، وهذا التلُّ الأبيض الذي تراه عِظامُ بكرِ بن وائل وتَغلِبَ، وهذا قبر كُلَيب وأخيه مُهلهِل

(1)

، قال: فدلَّنا على الطريق، ثم قال: هاهنا رجلٌ له من النبي صلى الله عليه وسلم، صُحْبةٌ، هل لكم فيه؟ قال: فقلت: نعم، قال: فذَهَبَ بنا إلى شيخ معصوب الحاجبَين بعِصابةٍ في قُبَّةِ أَدَم، فقلنا له: من أنت؟ قال: أنا العَدَّاءُ بن خالد [ابن]

(2)

فارسِ الضَّحْياءِ في الجاهلية، قال: فقلنا له: حدِّثْنا رَحِمَك اللهُ عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ قام قَومةً له كأنه مُفزَّع ثم رَجَعَ، فقال:"أُحذَّرُكم الدَّجّالين الثلاثَ"، فقال ابن مسعود: بأبي أنت وأمِّي يا رسول الله، قد أخبرتَنا عن الدجال الأعوَر، وعن أكذب الكذّابين، فمن الثالث؟ فقال:"رجلٌ يخرجُ في قوم أوّلُهم مَثبورٌ وآخرُهم مَثبور، عليهم اللعنةُ دائبةً، في فتنةِ الجارفة، وهو الدجّال الأكْيَس، يأكلُ عِبادَ الله بآلِ محمدٍ، وهو أبعدُ الناس من سُنَّتِه"

(3)

.

(1)

تحرَّف في (ز) و (ك) و (ب) إلى: مهلل، والتصويب من (م) و"تلخيص الذهبي".

(2)

زيادة لا بدَّ منها، فإنَّ فارس الضحياء هو عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وهو أبٌ جاهلي للعدَّاء، فالعدّاء: هو ابن خالد بن هَوْذة بن خالد بن ربيعة بن عمرو بن عامر، وانظر "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم ص 281، وغيره من كتاب الأنساب واللغة (ضحو). والضحياء، بالمدّ، وقد تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الضحى، وجاء على الصواب في "تلخيص الذهبي".

(3)

إسناده ضعيف بمرّة لجهالة صالح بن عمر بن شعيب وجدِّه، وصالح بن عمر لم نقف له على ترجمة، وأما جده فذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 224 وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 4/ 350.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18 (18) عن أحمد بن عبد الله بن مهدي، عن محمد بن محمد =

ص: 294

من شرط الإمام أبي بكر محمد بن إسحاق رضي الله عنه إذا رَوَى حديثًا لا يصحِّحُه أن يقول في راويه

(1)

: قد روي عن فلان وفلان، وأنا لا أعرفُه بعدالةٍ كذى وكذى، وقد خرَّج هذا الحديثَ على شرط الصحيح، وهو القُدْوة في هذا العِلْم

(2)

.

8779 -

أخبرنا أحمد بن عثمان بن يحيى المقرئ ببغداد، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا عبد الله بن رجاءٍ، حدثنا هَمَّام، حدثنا قَتَادة، ابن بُرَيدة، عن أبي سَبْرة الهُذَلي قال: لَقِيتُ عبدَ الله بن عمرو، فحدَّثني حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففهِمتُه وكتبتُه بيدي: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما حدَّثَ عبدُ الله بن عمرو عن محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"إنَّ الله لا يحبُّ الفاحشَ ولا المتفحِّشَ".

ثم قال: "والذي نفسُ محمدٍ بيده، لا تقومُ الساعةُ حتى يَظهرَ الفُحْشُ والتفحُّشُ، وسوءُ الجِوار، وقَطيعةُ الأرحام، وحتى يُخوَّنَ الأمينُ ويُؤتَمنَ الخائن". ثم قال: "إنما مَثلُ المؤمن كمَثلِ النَّحلة، وَقَعَت فأَكَلَت طيِّبًا، ثم سَقَطَت ولم تُفسِدْ ولم تَكسِرُ، ومَثلُ المؤمن كمَثلِ القِطْعة [من] الذهب الأحمر أُدخِلَت النارَ فنُفِخَ عليها، فلم تَغيَّرْ، ووُزِنَت فلم تَنقُصْ"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8780 -

حدثنا الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل: قال يحيى بن أبي طالب: حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثنا حسين بن واقد قال: معاذُ بن حَرمَلة الأزديُّ قال: سمعتُ

= ابن مرزوق، بهذا الإسناد. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 334: فيه جماعة لم أعرفهم.

والمنكدِر: هو طريق كان يُسلك بين الشام واليمامة، وقيل: طريق من الكوفة إلى اليمامة.

كما في "معجم البلدان" لياقوت.

(1)

في النسخ الخطية: في رواية، والصواب ما أثبتناه.

(2)

تعقبه الذهبي بقوله: شعيب مجهول، والحديث منكر بمرَّة.

(3)

صحيح لغيره، وإسناده قابل للتحسين. وقد سلف برقم (256) من طريق هشام بن علي السيرافي عن عبد الله بن رجاء الغُدَاني.

ص: 295

أنسَ بنَ مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمانٌ تُمطِرُ السماءُ مطرًا

(1)

، ولا تُنبِتُ الأرضُ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8781 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه إملاءً ببغداد، قال: قُرئَ على يحيى بن جعفر

(3)

بن الزِّبرِقان وأنا أسمعُ، حدثنا خَلَف بن تَميم أبو عبد الرحمن الكوفي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجِر، عن أبيه، عن مجاهد قال: قال لي عبد الله بن عباس: لو لم أسمَعْ

(4)

أنك مثلُ أهل البيت ما حدَّثتُك بهذا الحديث، قال: فقال مجاهد: فإنه في سِتْر لا أذكرُه لمن تَكرَه، قال: فقال ابن عباس: منَّا أهلَ البيت أربعةٌ: منّا السَّفّاح، ومنّا المُنذِر، ومنّا المنصور، ومنّا المَهْدي، قال: فقال له مجاهد: فبيِّنْ لي هؤلاءِ الأربعةَ، فقال: أما السَّفّاحُ فربما قَتَل أنصارَه وعَفَا عن عدوِّه، وأما المنذِر قال: فإنه يُعطي المالَ الكثير لا يَتعاظمُ في نفسه، ويُمسِك القليلَ من حقِّه، وأما المنصور فإنه يُعطَى النَّصرَ على عدوّه الشَّطرَ مما كان يُعطَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، يُرعَب منه عدوُّه على مَسِيرة شهرين، والمنصور يُرعَب عدوُّه منه على مَسِيرة شهر، وأما المَهْديُّ الذي يملأُ الأرضَ عدلًا كما مُلِئَت جَوْرًا، وتَأمَنُ البهائمُ السَّباعَ، وتُلقي

(1)

في مصادر التخريج: مطرًا عامًّا، وهو أوجَهُ.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل معاذ بن حرملة، فهو تابعي لم يذكر بجرح أو تعديل، وقد تفرَّد بالرواية عنه حسين بن واقد، وذكره ابن حبان في "الثقات" 5/ 423، وقد توبع على حديثه، وباقي رجال الإسناد لا بأس بهم.

وأخرجه أحمد 19/ (12429) عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.

وقد سلف ضمن حديث برقم (8723) من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حفص، والتصويب من "إتحاف المهرة"(8868). وهو المشهور بيحيى بن أبي طالب، وقد تكرر عند المصنف كثيرًا.

(4)

كذا في نسخنا الخطية، وفي "تلخيص المستدرك" للذهبي: لو لم أر، وهو كذلك في كتاب "عقد الدرر في أخبار المنتظر" لمؤلفه يوسف بن يحيى المقدسي المتوفى سنة 658 هـ، وهو أوجهُ.

ص: 296

الأرضُ أفلاذَ كَبِدِها قال: قلت: وما أفلاذُ كبدِها؟ قال: أمثالُ الأُسطوانة من الذهب والفضة

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8782 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن أحمد بن النَّضر، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدةُ، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن نافع بن سَرجِسَ، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "غَشِيَتكم الفتنُ كَقِطَع الليل المُظلِم، أَنجى الناس فيها رجلٌ صاحبُ شاهقةٍ يأكل من رِسْلِ غنمِه، أو رجلٌ آخدٌ بعِنَان فرسِه من وراءِ الدُّروب يأكل من سيفِه"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8783 -

حدثنا أبو الطيِّب محمد بن الحسن الحِيرِي، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، حدثنا يَعلَى بن عُبيد، حدثنا الأعمش، عن شَقِيق قال: قال عبد الله: كيف أنتم إذا

(1)

إسناده ضعيف جدًّا، إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر الجمهور على تضعيفه، ويأتي بعجائب ومناكير، وأبوه ليِّن الحفظ. وقال الذهبي في "تلخيصه" متعقبًا تصحيح الحاكم له: أين منه الصحة وإسماعيل مجمع على ضعفه، وأبوه ليس بذاك.

وهذا الخبر تفرَّد المصنف بإخراجه بهذا السياق وهذا الإسناد.

وروي من وجه آخر عن ابن عباس أنه قال: منا ثلاثة: منا السفاح ومنا المنصور ومنا المهدي. أخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة" برقم (1891) من طريق المنهال بن عمرو بن سعيد بن جبير، عنه. وانظر تفصيل تخريجه هناك بتحقيق الدكتور وصي الله عباس.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن كما سلف بيانه برقم (2491) زائدة: هو ابن قُدامة. وأخرجه البزار (8253) عن بشر بن خالد العسكري، وأبو طاهر البغدادي في "المخلصيات"(54) من طريق محمود بن غيلان، كلاهما عن حسين بن علي الجعفي، عن زائدة بن قدامة، بهذا الإسناد مرفوعًا.

وخالف ابن أبي شيبة فرواه في "مصنفه" 15/ 59 عن حسين بن علي موقوفًا على أبي هريرة.

والرفع أحفظ.

ص: 297

لَبِسَتكم

(1)

فتنةٌ يَهرَمُ فيها الكبير، ويَربُو فيها الصغير، ويتخذها الناسُ سُنّةً، فإذا غُيِّرَت قالوا: غُيِّرَت السُّنة، قيل: متى ذلك يا أبا عبد الرحمن

(2)

؟ قال: إذا كَثُرَت قرّاؤُكم [وقلَّتْ فقهاؤُكم، وكَثُرَت أُمراؤُكم، وقلَّتْ أُمناؤُكم]

(3)

والتُمِسَت الدنيا بعمل الآخرة

(4)

.

8784 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد بن حاتم الدُّوري، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عَمْرو العَقَدي، حدثنا كَثير بن زيد، عن داود بن أبي صالح قال: أَقبل مروانُ يومًا، فوَجَدَ رجلًا واضعًا وجهَه على القبر، فأَخذ برَقَبتِه، وقال: أتدري ما تصنعُ؟ قال: نعم فأقبل عليه، فإذا هو أبو أيوب الأنصاريُّ،

(1)

في النسخ الخطية: لبستم، والمثبت من "تلخيص الذهبي"، وهو الموافق لما في مصادر التخريج.

(2)

في النسخ الخطية: يا أبا عبد الله، وهو تحريف، والتصحيح من "التلخيص"، وهو كنية عبد الله بن مسعود.

(3)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، وأثبتناه من "التلخيص" موافقة لما في مصادر التخريج. وفي بعضها: وكثرت أموالكم، بدل: أمراؤكم، وذكر الأمراء هنا أوجَهُ، والله تعالى أعلم.

(4)

إسناده صحيح. شقيق: هو ابن سلمة أبو وائل.

وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن"(858) من طريق أبي عثمان عمرو بن عبد الله البصري، عن أبي أحمد بن عبد الوهاب - وهو محمد بن عبد الوهاب الفراء - بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي في "مسنده"(191) عن يعلى بن عبيد الطنافسي به.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(51)، وابن أبي شيبة 15/ 24، والشاشي في "مسنده"(613)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(6552) من طرق عن الأعمش، به.

وأخرجه معمر في "جامعه"(20742)، ونعيم بن حماد (51) و (69)، والدارمي (192)، وابن وضاح في "البدع والنهي عنها"(83) و (261)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" 2/ 594، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(123)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 136، والداني في "السنن الواردة في الفتن"(281)، وابن عبد البر في "بيان العلم وفضله"(1135) من خمسة طرق عن عبد الله بن مسعود.

ص: 298

فقال: جئتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ولم آتِ الحَجَر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تَبكُوا على الدِّين إذا وَلِيَه أهلُه، ولكن ابكُوا عليه إذا وَلِيَه غيرُ أهلِه"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8785 -

حدثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببُخارَى، حدثنا أبو عِصْمةَ سهل بن المتوكِّل، حدثنا محمد بن عبد الله الرَّقَاشي، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا فَرقَد السَّبَخي، عن عاصم بن عمرو، عن أبي أُمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَبيتُ قومٌ من هذه الأمَّة على طعامٍ وشرابٍ ولهوٍ فيُصبِحون قد مُسِخُوا خنازيرَ، ولَيُخسَفَنَّ بقبائلَ فيها وفي دُورٍ فيها، حتى يُصبِحوا فيقولوا: خُسِفَ الليلةَ ببني فلان، خُسِفَ الليلةَ بدَارٍ

(2)

، ولَيُرسَلنَّ عليهم حَصْباءُ حجارةٌ كما أُرسِلت على قوم لوطٍ، على قبائلَ فيها، وعلى دورٍ منها، وليُرسَلنَّ عليهم الريحُ العقيمُ، قال: بشُربِهم

(3)

الخمرَ، وأكلِهم الرِّبا، ولُبسِهم، الحريرَ، واتخاذِهم القَيْناتِ، وقَطيعتِهم الرِّحِمَ"؛ قال: وذكر خَصْلةً أخرى فنسيتُها

(4)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم لجعفر، فأما فَرقَدٌ فإنهما لم يُخرجاه.

(1)

إسناده ضعيف، داود بن أبي صالح هذا قال الذهبي في "ميزان الاعتدال": لا يُعرَف، وكثير بن زيد - وهو الأسلمي - مختلف فيه، وفيه لينٌ، وهذا متنٌ فيه نكارة.

وأخرجه أحمد 38/ (23585) عن عبد الملك بن عمرو العقدي، بهذا الإسناد.

(2)

هكذا في النسخ الخطية، وفي مصادر التخريج: بدار فلان، وهو أوضح.

(3)

في النسخ الخطية: قال: وإن شربهم، وأثبتنا ما في مصادر التخريج لوجاهته.

(4)

إسناده ضعيف بمرَّة من أجل فرقد السَّبخي، فالجمهور على تضعيفه، وهو منكر الحديث. وأخرجه أحمد 36/ (22231) عن سيار بن حاتم، عن فرقد السبخي، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" 37/ (22790) من طريق صدقة بن موسى، عن فرقد، به.

وقد ذكر أحمد وابنه عن فرقد في هذين الموضعين أسانيد أخرى لهذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بعضها مرسل، وهذه الأسانيد لا يتأتى اجتماعها إلّا لحافظ صنعتُه الحديث، وليس ذاك فرقدًا.

ص: 299

8786 -

أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحُسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شُعْبة، عن سِمَاك بن حَرْب قال: سمعت جابر بن سَمُرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لتَفتَحَنَّ لكم كنوزَ كِسْرى الأبيضَ - أو الذي في الأبيض - عِصابةٌ من المسلمين"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

8787 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بكَّار بن قُتَيبة القاضي بمصر، حدثنا أبو داود الطَّيالِسي، حدثنا عمران القَطّان، عن قَتَادة، عن عبد الله بن رَبَاح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بادِروا بالأعمال سِتًّا: قبلَ طلوع الشمس من مَغرِبها، والدُّخان، والدَّجّال، ودابَّةِ الأرض، وخُوَيصَّةِ أحدكم، وأمرِ العامَّة"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، عبد الرحمن بن الحسن القاضي - وإن كان فيه ضعف - لم ينفرد به، ومن فوقه ثقات غير سماك بن حرب فصدوق حسن الحديث، وقد توبع.

وأخرجه أحمد 34/ (20987)، ومسلم (2919)(78) من طريق محمد بن جعفر، وابن حبان (6687) من طريق معاذ بن معاذ العنبري، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد (20821) و (20946) و (20996)، ومسلم (2919)(78) من طرق عن سماك بن حرب، به. قال جابر بن سمرة - في رواية إسرائيل عن سماك عند أحمد -: فكنت فيهم فأصابني ألف درهم.

وأخرجه أحمد (20805)، ومسلم (1822) من طريق عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن جابر بن سمرة.

الأبيض: هو قصر كسرى.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد خولف فيه عمران بن داوَر القطان، وهو صدوق إلّا أنه يهم ويخالف، وقد خالفه كبار أصحاب قتادة وثقاتهم فرووه عن قتادة عن الحسن عن زياد بن رِياح عن أبي هريرة كما سيأتي، وهو المحفوظ.

وأخرجه أحمد 16/ (10640) عن أبي داود الطيالسي - وهو سليمان بن داود - بهذا الإسناد.=

ص: 300

قد احتجَّ مسلم بعبد الله بن رَبَاح.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!

8788 -

أخبرني محمد بن المؤمَّل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا نُعَيم بن حمّاد، حدثنا بَقِيَّة بن الوليد، عن يزيد بن عبد الله الجُهَني، عن أنس بن مالك قال: دخلتُ على عائشةَ ورجلٌ معها، فقال الرجل: يا أمَّ المؤمنين، حدِّثينا عن الزَّلزلة، فأعرَضَت عنه بوجهِها، قال أنس: فقلت لها: حدِّثينا يا أمَّ المؤمنين عن الزَّلزلة، فقالت: يا أنسُ، إن حدَّثتُكَ عنها عشتَ حزينًا، وبُعِثْتَ حين تُبعَثُ وذلك الحُزْنُ في قلبك، فقلت: يا أُمَّاه، حدَّثينا، فقالت: إنَّ المرأةَ إذا خَلَعَت ثيابَها في غير بيتِ زوجِها، هَتَكَت ما بينَها وبينَ الله عز وجل من حِجابٍ، وإنْ تطيَّبَت لغير زوجِها كان عليها نارًا وشَنَارًا، فإذا استَحلُّوا الزِّنى وشربوا الخمور بعدَ هذا، وضربوا المعازفَ، غارَ اللهُ في سمائِه فقال: تَزلزَلي بهم، فإن تابوا ونَزَعُوا وإلَّا هَدَمَها عليهم، فقال أنس: عقوبةً لهم؟ قالت: رحمةً وبركةً وموعظةً للمؤمنين، ونَكالًا وسَخْطةً وعذابًا للكافرين، قال أنس: فما سمعتُ بعدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا أنا أشدُّ به

= وأخرجه أحمد 14 / (8303) و 15 / (9278)، ومسلم (2947)(129) من طريق همام بن يحيى، ومسلم (2947)(129)، وابن حبان (6790) من طريق شعبة، كلاهما عن قتادة، عن الحسن البصري، عن زياد بن رياح، عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح، وهو المحفوظ. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد أيضًا 14 / (8446) و (8849)، ومسلم (2947)(128) من طريق العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة.

وفي الباب عن أنس بن مالك عند ابن ماجه (4056).

بادروا: سابقوا.

وخويصة أحدكم: تصغير خاصّة، قيل: يريد الموت، وقيل: هو ما يخص الإنسان من الشواغل المتعلقة في نفسه وماله.

وأمر العامة: هو القيامة، أو الفتن التي تُعمي وتُصِمّ.

ص: 301

فرحًا مني بهذا الحديث، بل أعيشُ فَرِحًا، وأُبعَثُ حين أُبعَثُ وذلك الفرحُ في قلبي.

أو قال: في نَفْسي

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8789 -

حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا زيد بن الحُبَاب، عن كَثير بن زيد قال: حدثني الوليد بن رَبَاح مولى [ابن] أبي ذُبَاب، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سألتُ ربِّي ثلاثًا، فأعطاني ثِنتَين ومَنَعني واحدةً: سألتُه أن لا يُهلِكَ أُمَّتي بالسِّنين، فأعطاني، وسألتُه أن لا يُسلِّطَ عليهم عدوًّا من غيرِهم، فأعطاني، وسألتُه أن لا يُلبِسَهم شِيَعًا ويُذيقَ بعضَهم بأسَ بعضٍ، فمَنَعَني"

(2)

.

(1)

إسناده واهٍ، وقال الذهبي في "تلخيصه": بل أحسبه موضوعًا على أنس، ونعيم منكر الحديث إلى الغابية مع أنَّ البخاري روى عنه. قلنا: كذا عصَّب الجناية برأس نعيم وحده، مع أن نعيمًا متابع على بعضه كما سيأتي. وفي هذا الإسناد غير ما علّة، فبقية بن الوليد ليس بذاك القوي، وشيخه فيه يزيد لا يُعرَف، وقد ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" وذكر له خبرًا آخر من رواية بقية عنه، وقال: لا يصحُّ خبره. ثم إنَّ روايته عن أنس منقطعة بينهما راوٍ لا يعرف أيضًا.

فقد أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1729) وزاد فيه بين يزيد الجهني وأنس أبا العالية، هكذا كنَّاه، وأبو العالية في هذه الطبقة رفيع بن مِهران.

وأخرج شطره الثاني في قصة الزلزلة ابن أبي الدنيا في "العقوبات"(17) عن محمد بن ناصح، عن بقية بن الوليد، عن يزيد الجهني قال: حدثني أبو العلاء، عن أنس. فكناه أبا العلاء، ولا يعرف من ذا، وقد أحصينا خمسة من الرواة ممَّن يكنى أبا العلاء كلهم يروي عن أنس بن مالك، وهم: خالد بن طهمان الخفّاف، وعبد الرحمن بن آمين - ويقال: يامين - ويزيد بن درهم، وصَبيح الهُذلي وموسى القتبي، وأغلبهم مجاهيل، وليس واحد منهم من الثقات.

وقد سلف بعض هذا الخبر - وهو قصة خلع المرأة ثيابها في غير بيت زوجها - برقم (7973) و (7974) من حديث أبي المليح عن عائشة. وإسناده صحيح.

وانظر في عقوبة من تطيبت لغير زوجها حديث أبي موسى الأشعري السالف برقم (3539). وإسناده قوي.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل كثير بن زيد الأسلمي والوليد بن رباح.=

ص: 302

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8790 -

أخبرني أحمد بن محمد بن بالَوَيهِ العَفْصي

(1)

، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبَل، حدثنا هُدْبة بن خالد، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العَمِّي، حدثنا يزيد بن المِقْدام، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة قال: قد رأَيْنا من كلِّ شيءٍ قاله لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، غيرَ أنه قال:"يقال لرجالٍ يومَ القيامة: اطرَحُوا سِياطَكم وادخلوا جهنَّمَ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8791 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِي بن خُزَيمة، حدثنا موسى

= وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 3/ 270 من طريق أبي كريب محمد بن العلاء، عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (8686) من طريق أبي عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة.

وإسناده يعتبر به محتمل للتحسين.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1312، والطبراني في "الأوسط"(1862) من طريق أسباط بن نصر، عن إسماعيل السدي، عن أبي المنهال، عن أبي هريرة رفعه قال: "سألت ربي لأمتي أربع خصال، فأعطاني ثلاثًا ومنعني واحدة

"، فزاد رابعة، وهي قوله: "سألته أن لا تَكفُر أمتي صفقة واحدة فأعطانيها". وإسناده ضعيف لجهالة أبي المنهال هذا، وقد ذكره البخاري في "تاريخه" 9/ 72 وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 445، ولم يذكرا اسمه ولا راويًا عنه سوى السدي، وزيادته المذكورة زيادة منكرة انفرد بها.

وفي الباب عن غير واحد من الصحابة في سؤال الثلاث، منها حديثا أنس بن مالك وثوبان السالفان عند المصنف برقم (1197) و (8595).

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: العقبي. وانظر "الأنساب" للسمعاني 8/ 481.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، وقد وقع فيه عند المصنف وهمٌ حيث سمَّى فيه الراوي عن سعيد بن المسيب يزيدَ بنَ المقدام، وليس في هذه الطبقة من يسمى كذلك، وروى هذا الحديث البزار في "مسنده"(7850) عن محمد بن الأسود العمِّي عن عبد العزيز بن عبد الصمد عن أبي المقدام عن سعيد بن المسيب، وسمّاه هشامَ بن زياد وقال: ليس بالقوي.

قلنا: إن كان ما عند البزار محفوظًا، فإنَّ هشامًا هذا متروك الحديث.

ص: 303

ابن إسماعيل، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان، عن خالد بن عُرفُطةَ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا خالدُ، إنه سيكون بعدي أحداثٌ وفتنٌ واختلافٌ، فإن استطعتَ أن تكون عبدَ الله المقتولَ لا القاتلَ، فافعَلْ"

(1)

.

تفرَّد به عليُّ بن زيد القُرَشي عن أبي عثمان النَّهْدي، ولم يَحتجَّا بعليٍّ.

8792 -

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حَمْدان الحافظ الجَلَّاب بهَمَذان، حدثنا إسحاق بن أحمد بن مِهران، حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال: سمعت مالكَ بن أنس يُحدِّث عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عَتِيك أنه قال: جاءنا عبدُ الله بن عمرو

(2)

في بني معاويةَ - وهي قريةٌ من قُرى الأنصار - فقال: هل تدري أين صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدِكم هذا؟ قال: قلت: نعم؛ وأشَرتُ له إلى ناحيةٍ منه، فقال: هل تدري ما الثلاثُ التي دعا بهنَّ فيه؟ قلت: نعم، فقال: أخبِرْني بهنَّ، فقلت: دعا بأن لا يُظهر عليهم عدوًّا من غيرهم، ولا يُهلِكَهم بالسِّنين، فأُعطِيَهما، ودعا بأن لا يَجعلَ بأْسَهم بينهم، فمُنِعَها

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

8793 -

أخبرني أبو بكر محمد بن المؤمَّل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد: وهو ابن جُدْعان. وقد سلف برقم (5306).

(2)

هكذا في نسخ "المستدرك": عمرو، بالواو، وكل من رواه عن مالك إنما جعله من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو المحفوظ، وعبد الله بن عبد الله بن جابر لا يعرف بالرواية إلّا عن عبد الله بن عُمر.

(3)

إسناده صحيح، وهو في "موطأ مالك" برواية يحيى الليثي 1/ 216.

وأخرجه أحمد 39/ (23749) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، عن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن جابر بن عتيك أنه قال: جاءنا عبد الله بن عمر

فذكره. وانظر هناك تمام الكلام على ما وقع فيه من خلاف على مالك.

ويشهد له حديث أبي هريرة السابق برقم (8789) وغيره من الأحاديث.

ص: 304

الشَّعْراني، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا ابن وهب، عن مَسلَمة

(1)

بن علي، عن قَتادة، عن ابن المسيّب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تكون هَدَّةٌ في شهر رمضان تُوقِظُ النائمَ، وتُفزِعُ اليقظانَ، ثم تظهرُ عِصابةٌ في شوَّال، ثم مَعمَعةٌ

(2)

في ذي الحِجّة، ثم تُنتَهكُ المحارمُ في المحرَّم، ثم يكون موتٌ في صَفَر، ثم تتنازع القبائلُ في ربيعٍ، ثم العَجَبُ كلُّ العجب، بين جُمادى ورَجَب، ثم ناقةٌ مُقتَبَة خيرٌ من دَسْكَرةٍ تُغِلُّ

(3)

مئةَ ألف

(4)

.

قد احتَجَّ الشيخان رضي الله عنهما برُوَاة هذا الحديث عن آخرهم غير مَسلَمة بن علي الخُشَني، وهو حديث غريبُ المَتْن، ومَسلَمةُ أيضًا ممَّن لا تقوم الحُجَّةُ به.

8794 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نصر، حدثنا بِشْر بن بَكر، حدثني الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سَلَمة بن عبد الرحمن قال: عُدْتُ أبا هريرة فسَنَّدتُه إلى صدري، ثم قلت: اللهمَّ اشفِ أبا هريرة، فقال:

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: سلمة.

(2)

في النسخ الخطية: بمعمعة، بزياد باء، وبدونها أوجَهُ.

(3)

المثبت من "تلخيص الذهبي"، وفي بعض نسخنا الخطية: فقل، وفي بعضها: تقل، والصواب ما في "التلخيص". وتغل: من الغَلَّة، وما هو تخرجه الأرض من الثمار والزروع، والدَّسكرة: هي القرية.

(4)

إسناده تالف، وقال الذهبي في "تلخيصه": ذا موضوع، ومسلمة ساقط متروك. وقال في ترجمة مسلمة بن علي من "الميزان": هذا منكر، ومسلمة لم يدرك قتادة.

والحديث في "الفتن" لنعيم بن حماد برقم (628). وأشار بإثره إلى انقطاعه، فقال: بين مسلمة وقتادة رجل.

ومن طريق نعيم أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "أخبار أصبهان" 2/ 199، والشجري في "الأمالي الخميسية" 2/ 27.

وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" 3/ 461، وذكر غيرَه في هذا المعنى في "باب ظهور الآيات في الشهور"، وكلها لا تصح، منها طريق أخرى عن أبي هريرة في هذا المعنى.

الناقة المُقتَبة: التي شُدَّ عليها القَتَب، وهو الرَّحْل على قدر سنامها.

ص: 305

اللهمَّ لا تَرجِعْها، قلت: اللهمَّ اشفِ أبا هريرة، قال: اللهمَّ لا تَرجِعْها، قلت: اللهمَّ اشفِ أبا هريرة قال: اللهمَّ لا تَرجِعْها، ثم قال: إنِ استطعتَ يا أبا سَلَمة أن تموت فمُتْ، فقلت: يا أبا هريرة، إنا لنحبُّ الحياةَ، فقال: والذي نفسُ أبي

(1)

هريرة بيدِه، لَيأتيَنَّ على العلماء زمانٌ الموتُ أحبُّ إلى أحدهم من الذهب الأحمر، ليأتينَّ أحدُكم قبرَ أخيه فيقول: ليتَني مكانَه

(2)

.

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

8795 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا موسى بن الحسن بن عبَّاد، حدثنا عبد الله بن بكر السَّهمي

(3)

، حدثنا هشام بن حسَّان، عن محمد بن سِيرِين، عن أبي عُبيدة قال: كنت أسألُ الناسَ عن حديث عَدِيِّ بن حاتم وهو إلى جنبي بالكوفة، فأتيتُه، فقلت: حديثٌ حُدِّثتُه عنك، فحدِّثني به، قال: لما بُعِثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم كرهتُه أشدَّ ما كرهتُ شيئًا قطُّ، فأتيتُ أقصى أرض العرب فكرهتُه، ثم أتيتُ أرضَ الرُّوم وكنت أكرهَ له من كراهيَتي لما قبلُ أو أشدَّ، فقلت: لآتيَنَّ هذا الرجلَ، فإن كان صادقًا فلأَسمعنَّ منه، وإن كان كاذبًا فما هو بضارِّي، فأتيتُه فسألته فقال:"إنك لَتسألُ عن شيءٍ لا يَحِلُّ لك في دِينَك" فكأني رأيت لها عليَّ غَضَاضةً، فقال:"يا عَدِيَّ بنَ حاتم، أسلِمْ تَسلَمٍ" مرتين، فقال:"قد أُراني - أو قد أظنُّ" أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(4)

، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلعلَّه إنما يمنعُك عن الإسلام أنك تَرى بمن

(1)

في النسخ الخطية: أبا، والجادّة ما أثبتنا، ولما في النسخ وجهٌ في العربية. وانظر "شرح ابن عقيل على الألفية" 1/ 50 - 52.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(340)، وابن سعد في "الطبقات" 5/ 254 و 255، وابن أبي الدنيا في "المحتضرين"(288)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 384 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: البيهقي.

(4)

يوضحه ما في رواية ابن حبان: "أسلم تسلم، فإني قد أظن - أو قد أُرى، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ما يمنعك أن تسلم

".

ص: 306

حَوْلي خَصَاصةً، وأنك ترى الناسَ علينا أَلْبًا" ثم قال:"هل رأيتَ الحِيرةَ؟ قلت: لم أرها، وقد عرفتُ مكانها، قال: "فَلَيُوشِكنَّ أنَّ الظَّعينةَ تَرحَلُ من الحِيرةِ بغير جوَارٍ حتى تطوفَ بالبيت، ولتُفتحَنَّ علينا كنوزُ كِسرى بن هُرمُز" قلت: كِسرى بنُ هُرمُز؟! قال: "كِسرى بنُ هُرمُز، ويوشكُ أن لا يجدَ الرجلُ صدقةً"

(1)

. [قال]: فرأيتُ الظَّعينةَ ترحلُ، وأَحلِفُ لتُفتحَنَّ الثالثةُ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الحقُّ

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8796 -

أخبرنا أبو بكر إسماعيل بن محمد الفقيه بالرَّيّ، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، حدثنا محمد بن يزيد بن سِنَان، حدثنا أبي، حدثنا سليمان الأعمَش، عن شَقِيق، عن حُذَيفة بن اليَمَان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشكُ الله أن يَملأَ أيديَكم من العجم، ويجعلَهم أُسْدًا لا يَفِرُّون، فيضربون رقابَكم ويأكلون فَيئَكم"

(3)

.

(1)

يوضحه ما في رواية أحمد: "وليوشكنَّ أن يبتغي من يقبل مالَه منه صدقةً فلا يجد".

(2)

إسناده حسن من أجل أبي عبيدة: وهو ابن حذيفة بن اليمان، وقد توبع على أكثر حديثه هذا، فأصل الحديث صحيح.

وأخرجه أحمد 30/ (18260) و 32/ (19385) عن يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي عبيدة، عن رجل قال: قلت لعدي

فزاد في الإسناد رجلًا مبهمًا، ورواه عن هشام حمادُ بنُ زيد عند أحمد 32/ (1938)، فلم يذكر فيه هذا الرجل، وهو المحفوظ.

وأخرجه أحمد (18269) و (19378) من طريق عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين، عن ابن حذيفة، عن عدي بن حاتم.

وأخرجه أحمد أيضًا (18268) و (19384)، وابن حبان (6679) من طريق أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، به - وذكر أحمد في روايته الرجل المبهم.

وأخرجه بنحوه البخاري (3595) من طريق مُحِلّ بن خليفة، عن عدي بن حاتم.

(3)

إسناده ضعيف بمرّة لضعف محمد بن يزيد بن سنان وأبيه، وأبوه أشدُّهما ضعفًا، وبهما أعلَّه الذهبي في "تلخيصه". ويغني عنه حديث سمرة بن جندب السالف برقم (8775).

وأما حديث حذيفة، فقد أخرجه البزار (2882)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 13 من طريق =

ص: 307

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8797 -

حدثنا أبو حفص أحمد بن أَحيَد

(1)

الفقيه ببُخارَى، حدثنا صالح بن محمد بن حَبيب الحافظ، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا أبو أسامة قال: سمعت سفيان بن سعيد يقول: أخبرنا الأعمش، أخبرنا أبو عمّار، عن صِلَةَ بن زُفَر، عن عبد الله بن مسعود قال: يكون عليكم أمراءُ يتركون من السُّنة مثلَ هذا. وأشار إلى أصل إصبَعه. وإن تركتموهم جاؤوا بالطامَّةِ الكُبرى، وإنها لم تكن أُمَّةٌ إلَّا كان أولَ ما يتركون من دينهم السُّنّةُ، وآخرَ ما يَدَعُون الصلاةُ، ولولا أنهم يَستَحيُون ما صَلَّوْا

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8798 -

أخبرنا علي بن محمد بن عُقْبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا محمد بن علي بن عفان العامري، حدثنا محمد بن عُبيد الطَّنافِسي، حدثنا يوسف بن صُهيب، حدثني موسى بن أبي المختار، عن بلال بن يحيى العَبْسي، عن حُذَيفة قال: بَعَثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعثًا إلى دُومةِ الجَندَل فقال: "انطلِقوا، فإنكم تَجِدُون أُكَيدِرَ دُومةَ خارجًا يقتنصُ الصيدَ، فخذوه أخْذًا"، فانطلَقوا فوجدوه كما قال لهم،، فأَخَذوه.

= إبراهيم بن هانئ، عن محمد بن يزيد بن سنان، بهذا الإسناد.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أحيل، وفي المطبوع إلى: حنبل.

(2)

إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وسفيان بن سعيد: هو الثوري، وأبو عمار: هو عَرِيب بن حُميد الدُّهْني.

وأخرجه ابن بطة في "الإبانة الكبرى" 1/ 331 - 332، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(122) من طريق قبيصة بن عقبة، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(9497)، وقوام السنة الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(482) من طريقين عن الأعمش، به.

وأخرجه ابن بطة 1/ 331 من طريق أبي حذيفة النهدي، عن سفيان، عن الأعمش، عن عمارة، عن أبي عمارة، عن صلة، به. وأبو حذيفة كان يخطئ في روايته عن الثوري.

ص: 308

وتحصَّنَ أهلُ المدينة وأَشرَفوا على المسلمين يكلِّمونهم، قال: يقول رجلٌ من المسلمين لبعض مَن أشرَفَ: أذكِّرُك الله، هل تجدون محمدًا في كتابِكم؟ قال: لا، قال آخرُ إلى جنبِه: نجدُه في كتابنا يُشبِه قريشيات

(1)

، يَخطِرُه قلمٌ من الشيطان، فقال الرجل: يا أبا بكر، أليس قد كَفَرَ هؤلاء؟ قال: بلى، وأنتم ستَكفُرون. فلما رجع الجيشُ وخرج مُسيلِمةُ يتنبَّأ، قال الرجل لأبي بكر: أمَا تَذكُر قولَك ونحن بدُومةِ جَندلٍ: وأنتم سوف تكفرون؟ ذاك أمرُ مُسيلِمةَ؟ قال: لا، ذاك في آخرِ الزمان

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8799 -

حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا زكريا بن يحيى السَّاجِي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي سَمِينة، حدثنا الوليد بن مُسلِم، حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كَثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج رجلٌ يقال له: السُّفْياني، في عُمْق دمشقَ، وعامَّةُ من يَتبَعُه من كَلْب، فيَقتُل حتى يَبقُرَ بطونَ النساءِ ويَقتُلَ الصِّبيان، فتَجمَعُ لهم قيسٌ فيقتلُها حتى لا تَمنَعَ ذَنَبَ تَلْعةٍ، ويخرج رجلٌ من أهل بيتي في الحَرَم فيَبلُغُ السُّفيانيَّ، فيبعثُ إليه

(1)

كذا في النسخ الخطية، ولم نتبين معناه.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة موسى بن أبي المختار، فقد تفرد بالرواية عنه يوسف بن صهيب، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وبلال بن يحيى لم يسمع من حذيفة، فهو منقطع.

وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1111)، وقوام السنة الأصبهاني في "دلائل النبوة"(170)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 9/ 199 من طريقين عن يوسف بن صهيب، بهذا الإسناد.

ولم يسق أبو نعيم وابن عساكر لفظه بتمامه.

وأخرجه بنحوه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 253 - ومن طريقه ابن عساكر 9/ 199 - من طريق يونس بن بكير، عن سعد بن أوس العبسي، عن بلال بن يحيى مرسلًا، لم يذكر فيه حذيفة. وهذا الإسناد - على إرساله - أحسن حالًا من الموصول.

وانظر في قصة أكيدر دومة "سيرة ابن هشام" 2/ 526.

ص: 309

جُندًا من جنده

(1)

، فيَهزِمُهم، فيسير إليه السُّفيانيُّ بمن معه، حتى إذا صار ببَيداءَ من الأرض خُسِفَ بهم، فلا يَنجُو منهم إلَّا المُخبِرُ عنهم"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8800 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مسدَّد، حدثنا المعتمِر بن سليمان قال: سمعت حُميدًا، حدثنا الحسن، حدثني حِطَّانُ بن عبد الله الرَّقَاشي: أنهم أَقبلوا مع أبي موسى من غزاةٍ، فلما نزلوا مَنزلًا قال: كنا نتحدَّث أنَّ بين يدي الساعةِ هَرْجًا، قالوا: وما الهَرْجُ أيها الأمير؟ قال: القتلُ، قلنا: أكثرَ مما نَقتلُ؟! إنا نقتلُ في السَّنة إن شاء الله أكثرَ من مئة ألف، قال: ليس قتلَكم المشركين، ولكنْ قتلُ بعضِكم بعضًا، قال: قلنا: ومعنا عقولُنا يومئذٍ؟! قال أبو موسى: تُنزَعُ عقولُ أكثر ذلك الزمان، ويَخلُفُ هَباءٌ من الناس، يَحسَبُ أكثرُهم أنهم على شيءٍ، والله ما أَجِدُ لي ولكم إنْ هي أدرَكَتْني وإياكم فيما نَقرأُ من كتاب ربِّنا وفيما عَهِدَ إلينا نبُّينا، إلّا أن نَخرُجَ منها كما دَخَلْنا فيها

(3)

.

(1)

هكذا في "تلخيص الذهبي" وهو واضح، وفي (ز) و (ب): فيبلغ السفياني وهو في إلى جند من جنده، وفي (ك) و (م): فيبعث إلى جند من جنده.

(2)

غريب منكر، رجال إسناده ثقات إلّا أنَّ الوليد بن مسلم كان معروفًا بتدليس التسوية، وهو أن يسقط من الإسناد شيخَ شيخه أو مَن فوقه، وقد فعل هذا بالأوزاعي، ففي ترجمته من "تاريخ دمشق" لابن عساكر 63/ 291 أنَّ الهيثم بن خارجة قال له: قد أفسدتَ حديث الأوزاعي؛ وذكر له أنَّ الأوزاعي يدخل بينه وبين بعض الرواة رجالًا ضعفاء أصحاب مناكير، ثم يأتي الوليد فيسقطهم، فقال له الهيثم: فما يحملُك على هذا؟ قال: أنبِّل الأوزاعيَّ أن يروي عن مثل هؤلاء! قلنا: وقد تفرَّد الوليد بهذا الخبر عن الأوزاعي، فتفرّده به مما يغلّب على ظننا أنه دلّسه، ولم نقف عليه مخرَّجًا عند غير المصنف.

وقد سلف عنده برقمي (8653) و (8740) إشارة إلى السفياني هذا من حديثي ابن مسعود وعلي بن أبي طالب، وهما خبران واهيان كما سبق بيانه.

وانظر في قصة الخسف بجيش يغزو البيت ما سلف برقم (8528) من حديث أبي هريرة من وجه آخر عنه.

(3)

إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، والحسن: هو البصري.=

ص: 310

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8801 -

حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي [عن سفيان]

(1)

عن العلاء بن أبي العبَّاس - وكان شيعيًّا - عن أبي الطُّفيل، عن بكر بن قِرْواش، سمع سعدَ بن أبي وقَّاص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شيطانُ الرَّدْهة يَحتدِرُه

(2)

رجلٌ من بَجِيلةَ يقال له: الأشهب - أو ابن الأشهب - راعي الخيل - أو راعي للخيل

(3)

- عَلَامةٌ في القوم الظَّلَمة"

(4)

.

= وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 12، والبزار في "مسنده"(3049) من طريقين عن المعتمر بن سليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 32/ (19499)، وابن حبان (6710) من طريق يونس بن محمد، عن حماد بن سلمة، عن يونس بن عبيد وثابت وحبيب بن الشهيد وحميد الطويل، عن الحسن، عن حِطّان، عن أبي موسى مرفوعًا.

وأخرجه كذلك مرفوعًا أحمد أيضًا (19492) و (19717) عن عبد الصمد وعفان، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن حطان، به.

وقد سلف عند المصنف مرفوعًا أيضًا برقم (8598) من طريق أبان عن الحسن عن أبي موسى، وإسناده منقطع.

وقَدْرُ العدد المذكور ممن يُقتَل من المشركين في السنة فيه نكارة إن كان من قول الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه ليس في سيارته صلى الله عليه وسلم ولا في مغازيه كلها ما يقارب هذا العدد، وقد جاء في أكثر روايات هذا الحديث مبهمًا، وهو أصح إلّا أن يكون هذا القول من أصحاب أبي موسى الأشعري له، فعندئذٍ يحتمل وذلك لكثرة الفتوح والمغازي في ذلك الزمان، وعليه يكون أول هذا الحديث فقط مرفوعًا وباقيه موقوفًا، والله تعالى أعلم.

(1)

سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من "مسند الحميدي" (74). وسفيان هذا: هو ابن عيينة.

(2)

في النسخ الخطية: يتهدده، والمثبت من المطبوع، وهو الموافق لما في مصادر التخريج. ويحتدره: أي: يسقطه.

(3)

في النسخ الخطية: راعي الخيل وراعي الخيل، ولا معنى له، والمثبت وفقًا لبعض مصادر التخريج هو الراجح، والظاهر أنه شكٌّ من الراوي.

(4)

إسناده محتمل للتحسين، رجاله ثقات معروفون غير بكر بن قرواش، فقد تفرَّد بالرواية =

ص: 311

هذا حديث صحيح الإسناد

(1)

، ولم يُخرجاه.

8802 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بكَّار بن قُتيبة القاضي، حدثنا أبو داود الطَّيالِسي، حدثنا شَيْبان بن عبد الرحمن، عن منصور، عن رِبْعيِّ بن حِرَاش، عن البراء بن ناجيَة الكاهِلي، عن عبد الله بن مسعود، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تدورُ رَحَا الإسلام لخمسٍ وثلاثين، أو ستٍّ وثلاثين، فإن يَهلِكوا فسبيلُ مَن هَلَك، وإن يَقُمْ لهم دينُهم يَقُمْ لهم سبعين عامًا" فقال عمر: يا رسول الله، بما مَضَى أو بما بقيَ؟ قال:"بما بَقِيَ"

(2)

.

= عنه أبو الطفيل عامر بن واثلة، الذي هو معدود في صغار الصحابة، فهذا يدل على أنَّ بكر بن قرواش هذا من كبار التابعين إذ لم تثبت له صحبة، ورواية مثل أبي الطفيل عنه تقوية لأمره، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين وكذا وثقه العجلي، وأما البخاري فقال في "تاريخه": فيه نظر. وانظر ترجمته في "تعجيل المنفعة" لابن حجر (99).

والحديث في "مسند الحميدي"(74) قال: حدثنا سفيان، حدثنا العلاء بن أبي العباس، أنه سمع أبا الطفيل يحدِّث عن بكر بن قرواش، عن سعد بن أبي وقاص قال: ذكر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذا الثُّديّة فقال: "شيطان الرَّدهة

إلخ". قال سفيان: فأخبرني عمار الدُّهني: أنه جاء به رجل منهم (أي: من بجيلة قوم عمارٍ) يقال له: الأشهب أو ابن الأشهب.

وكلام عمار هذا - وهو صدوق ثقة - فيه تقوية للخبر وأنه عَلَمٌ من أعلام النبوة، إذ وقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم.

وذو الثُّدية هذا من خوارج النهروان، وانظر "مسند أحمد" 2/ (672) و"صحيح مسلم"(1066).

وأخرج الحديث مختصرًا أحمد في "مسنده" 3/ (1551) عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وانظر تتمة تخريجه هناك.

وشيطان الردهة، قال الزمخشري في "الفائق" 2/ 274: هو الحيةُ، والردهة: مستنقع في الجبل.

(1)

وتعقبه الذهبي في "تلخيصه" بقوله: ما أبعده من الصحة وأنكره!

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل البراء بن ناجية كما سبق بيانه برقم (4599). أبو داود الطيالسي: هو سليمان بن داود، ومنصور: هو ابن المعتمر.

وهو في "مسند الطيالسي" برقم (383).=

ص: 312

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

حديثٌ إسنادُه خارجَ شرط الكتب الثلاث

(1)

، أخرجتُه تعجُّبًا، إذ هو قريبٌ ممَّا نحن فيه:

8803 -

أخبرني أبو بكر محمد بن المؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيَّب، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا ابن لَهِيعة، عن عبد الوهاب بن حسين

(2)

، عن محمد بن ثابت البُنَاني، عن أبيه، عن الحارث، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خروجُ الدابَّةِ بعد طلوع الشمس من مَغربِها [فإذا خَرَجَت] قَتَلَت

(3)

إبليسَ وهو ساجدٌ، ويَتمتَّع المؤمنون في الأرض بعد ذلك أربعين سنةً، لا يَتمنَّونَ شيئًا إلَّا أُعطُوه ووَجَدُوه، ولا جَوْرَ ولا ظُلَم، وقد أسلَمَ الأشياءُ لرب العالمين طَوْعًا وكَرْهًا، والسَّبُعُ والطيرُ كَرْهًا، حتى إنَّ السَّبُع لا يؤذي دابةً ولا طيرًا، ويلدُ المؤمنُ فلا يموت حتى يُتِمَّ أربعين سنةً بعد خروج دابَّةِ الأرض، ثم يعودُ فيهم الموتُ فيمكُثون كذلك ما شاءَ اللهُ، ثم يُسرِعُ الموتُ في المؤمنين فلا يبقى مؤمنٌ، فيقول الكافر: قد كنَّا مَرعُوبِين من المؤمنين، فلم يبقَ منهم أحدٌ، وليس تُقبَل منا توبةٌ، فما لنا لا نَتهارجُ؟! فيتهارَجُون في الطريق تَهارُجَ البهائمِ، ثم يقوم أحدُهم بأمِّه وأختِه وابنتِه فتُنكَحُ وسطَ الطريق، يقومُ عنها واحدٌ ويَنزُو عليها آخرُ، لا يُنكِرُ ولا

= وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار"(1613) من طريق عبيد الله بن موسى، عن شيبان النحوي، بهذا الإسناد.

وسلف عند المصنف برقم (4599) من طريق شريك النخعي، و (4644) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن منصور.

(1)

يريد بالكتب الثلاث: الصحيحين ومستدركه هذا، والله تعالى أعلم.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حنين، والتصويب من "تلخيص الذهبي" و "إتحاف المهرة"(12514).

(3)

هكذا في "التلخيص"، وفي النسخ الخطية: قلت! وقوله: "فإذا خرجت" زيادة من المطبوع و"الفتن" لنعيم بن حماد، وليس في النسخ.

ص: 313

يغيِّرُ، فأفضلُهم يومئذٍ من يقول: لو تَنحَّيتم عن الطريق كان أحسنَ، فيكونون بذلك حتى لا يبقى أحدٌ من أولاد النِّكاح، ويكون أهلُ الأرض أولادَ السِّفَاح فيَمكثُون بذلك ما شاء الله، ثم يُعقِرُ اللهُ أرحامَ النساء ثلاثين سنةً، لا تَلِدُ امرأةٌ، ولا يكون في الأرض طفلٌ، ويكون كلُّهم أولادَ الزنى شِرارَ الناس، وعليهم تقومُ الساعةُ"

(1)

.

محمد بن ثابت بن أسلمَ البُناني من أعزِّ البصريين وأولادِ التابعين حديثًا، إلَّا أنَّ عبد الوهاب بن الحسين مجهولٌ.

8804 -

أخبرني الحسين بن حَليم

(2)

المروَزي، أخبرنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدانُ

(3)

، أخبرنا عبد الله، أخبرنا سفيان، عن المغيرة بن النُّعمان، حدثنا عبد الله بن يزيد الباهِليّ، حدثنا الأحنَف بن قيس قال: كنتُ بالمدينة فإذا أنا برجل يَفِرُّ الناسُ منه حين يَرَونَه، فقلت: ما أنت؟ قال: أنا أبو ذرٍّ، صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: ما يُفِرُّ الناسَ منك؟ قال: أنهاهم عن الكُنوز بالذي كان يَنهاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلت: فإنَّ أُعطِياتِنا قد ارتفَعَت اليومَ وبَلَغَت، هل تخافُ علينا شيئًا؟ قال: أمَّا اليومَ

(1)

إسناده واهٍ، ابن لهيعة سيئ الحفظ، وعبد الوهاب بن حسين لا يُعرف وهو مجهولٌ كما قال المصنف، ومحمد بن ثابت - وهو ابن أسلم البُناني - ضعيف، وكذا الحارث: وهو ابن عبد الله الأعور الهْمداني. ووصف الذهبي هذا الخبر بأنه موضوع.

وهو في "الفتن" لنعيم بن حماد (1857) قال: حدثنا أبو عمر عن ابن لهيعة؛ وهذا هو الصواب، فإنَّ نعيمًا لا يروي عن عبد الله بن لهيعة إلّا بواسطة، والواسطة بينهما في هذا الخبر أبو عمر - وقيل: أبو عمرو -: وهو أشهل بن حاتم البصري، وهو ليس بذاك القوي.

وأما كون الساعة تقوم على شرار الناس، فقد صحَّ من حديث ابن مسعود عند مسلم في "صحيحه"(2949) وغيره. وانظر ما سلف عند المصنف برقم (8721).

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حكيم.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبد الرزاق، والتصويب من "إتحاف المهرة"(17470)، وقد تكررت هذه السلسلة عند المصنف في عشرات المواضع من كتابه هذا. وأبو الموجه لا يروي عن عبد الرزاق إلّا بواسطة.

ص: 314

فلا، ولكنها تُوشِكُ أن تكون أثمانَ دِينِكم، فإذا كانت أثمانَ دينِكم فدَعُوها وإيَّاكم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8805 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان بن كامل المُرادِي، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن شُرحبيل

(2)

بن يزيد، عن أبي عَلقَمة، عن أبي هريرة - ولا أعلمُه إلَّا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله يَبعَثُ إلى هذه الأُمَّة على رأس كلِّ مئة سنةٍ من يُجدِّدُ لها دينَها"

(3)

.

8806 -

فسمعتُ الأستاذَ أبا الوليد رضي الله عنه يقول: كنت في مجلس أبي العباس بن سُرَيج، إذْ قام إليه شيخُ يَمدحُه، فسمعته يقول: حدثنا أبو الطاهر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن شُرحبيل بن يزيد عن أبي عَلقَمة عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله يَبعَثُ على رأس

(1)

صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل عبد الله بن يزيد الباهلي - وهو ابن الأقنع - فقد روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات". أبو الموجه: هو محمد بن عمرو الفزاري: وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك.

وأخرجه أحمد 35 / (21451) عن عبد الرزاق، و (21534) عن عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. مختصرًا دون قوله: إنَّ أعطياتنا

إلخ.

وأخرجه بنحوه أحمد (21470)، ومسلم (992)(35)، وابن حبان (3260) من طريق خُليد العَصَري، وأحمد (21485) من طريق أبي نَعامة السعدي، والبخاري (1407)، ومسلم (992)(34)، وابن حبان (3259) من طريق أبي العلاء بن الشِّخّير، ثلاثتهم عن الأحنف بن قيس، به.

(2)

كذا وقع في النسخ الخطية، والمحفوظ في رواية هذا الحديث: شَراحيل بن يزيد، وهو المَعافري.

(3)

إسناده حسن من أجل شراحيل بن يزيد المعافري، فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه الذهبي في "الكاشف"، وقال ابن حجر في "التقريب": صدوق. أبو علقمة: هو الفارسي المصري مولى بني هاشم.

وأخرجه أبو داود (4291) عن سليمان بن داود المهري، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

ص: 315

كلِّ مئة سنةٍ من يُجدِّدُ لها دينَها".

فأَبشِرْ أيها القاضي، فإنَّ الله بَعَثَ على رأس المئة عمرَ بنَ عبد العزيز، وبَعَثَ على رأس المئتين محمدَ بنَ إدريس الشافعيَّ، وأنت على رأس الثلاث مئةٍ، ثم أَنشأَ يقول:

اثنانِ قدْ مَضَيا وبُورِكَ فيهما

عمرُ الخليفةُ ثمَّ حِلْفُ السُّؤدَدِ

الشافعيُّ الألمعيُّ محمدٌ

إِرْثُ النبوَّةِ وابنُ عمِّ محمَّدِ

أَبشِرْ أبا العباسِ إنَّكَ ثالثٌ

مِن بعدِهم سُقْيا لتُرْبةِ أحمدِ

قال: فصاحَ القاضي أبو العباس رحمه الله بالبكاء، وقال: قد نَعَى إليَّ نَفْسي هذا الشيخُ.

فحدَّثَني جماعةٌ من أصحابي: أنهم حَضَروا مجلسَ الشيخ الإمام أبي الطيِّب سهلَ بن محمد بن سليمان، وجَرَى ذكرُ هذه الحكاية، فحَكَوْها عنِّي بحَضْرتِه، وفي المجلس أبو عَمرو البَسْطاميُّ الفقيه الرَّزْجاهي

(1)

، فأنشأَ أبو عمرو في الوقتِ:

والرابعُ المشهورُ سَهلُ محمَّدٍ

أَضحى إمامًا عند كلِّ موحِّد

يَأْوي إليه المسلمون بأَسرِهمْ

في العِلمِ إنْ حَرِجُوا بخَطْبٍ مُؤبِدِ

(2)

لا زالَ فيما بينَنا شيخَ الوَرَى

للمذهبِ المختارِ خيرَ مُجدِّدِ

(3)

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الارجاهي، والتصويب من "الأنساب" 6/ 110، و"سير أعلام النبلاء" 17/ 504، حيث ترجما أبا عمرو هذا: وهو محمد بن عبد الله بن أحمد، فقيه شافعي محدِّث أديب، ورَزْجاه: قرية من قرى بسطام.

(2)

اختلف إعجام هذه الكلمات في النسخ الخطية، ولعلَّ ما أثبتناه هو أَوجهها. والمعنى: إن وجدوا الحَرَج - وهو الضِّيق - إذا نزل بهم أمرٌ عظيم من الأوابد والغرائب، فالآبدة: كل مسألة يَدِقُّ معناها ولا تتضح إلّا لذي ذكاء وفطنة.

(3)

تحرَّف في (ز) و (ك) و (ب) إلى: غير مجدد، والتصويب من (م) و"تاريخ دمشق" لابن عساكر 51/ 341 حيث ساق هذه الحكاية بتمامها.

ص: 316

فسألتُ الفقيه أبا عمرٍو في مجلسي، فأَنشدَنِيها.

8807 -

أخبرني الحسن بن حَلِيم المروَزي، حدثنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا سفيان، عن جامع بن أبي راشدٍ، عن أبي يَعلَى مُنذِر الثَّوْري، عن الحسن بن محمد بن علي، عن مولاةٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: دَخَل النبيُّ صلى الله عليه وسلم على عائشة - أو على بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عندَه، فقال:"إذا ظَهَرَ السُّوءُ فلم يَنهُوا عنه، أَنزلَ الله بهم بأسَه" فقال إنسان: يا نبيَّ الله، وإن كان فيهم الصالحون؟! قال:"نعم، يصيبُهم ما أصابَهم ثم يَصِيرون إلى مَغفِرةِ الله ورحمته" أو "إلى رحمةِ الله ومغفرتِه"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح إن شاء الله، رجاله ثقات عن آخرهم إلّا أنه قد اختلف فيه على سفيان - وهو ابن عيينة - فرواه عنه عبد الله بن المبارك عند المصنف هنا وعند نعيم بن حماد في "الفتن"(1728)، فجعله من حديث الحسن بن محمد عن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فهي على هذا صحابية.

ورواه جمعٌ عن ابن عيينة: منهم نعيم أيضًا في "الفتن"(1733)، والحميدي في "مسنده"(266)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/ 42 - 43، وأحمد بن حنبل في "مسنده" 40/ (24133)، وصدقة بن الفضل عند السهمي في "تاريخ جرجان" ص 318 - 319، ويحيى الحِمّاني عند الكلاباذي في "معاني الأخبار" ص 316، فجعلوه من حديث الحسن بن محمد عن امرأة عن عائشة. ووقع عند أحمد عن امرأته، ولا نظنه إلّا خطأً.

وهذا لا يُعِلُّ روايةَ ابن المبارك، فهذه المرأة التي روى عنها الحسن بن محمد، وإن ذكرت أنها كانت عند أم المؤمنين عندما دخلا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلّا أنها لم تسمع كلامه صلى الله عليه وسلم كما توضحه رواية شريك بن عبد الله النخعي عن جامع بن أبي راشد عند أحمد 44/ (26527)، والحارث بن أبي أسامة في مسنده (766 - بغية الباحث)، فقد ذكر فيها عن الحسن بن محمد أنه قال: حدثتني امرأة من الأنصار هي حيةٌ اليوم قالت: دخلت على أم سلمة فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه غضبان، فاستترتُ بكُم ذراعي، فتكلم بكلام لم أفهمه، فقلت: يا أم المؤمنين، كأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل وهو غضبان؟ فقالت نعم، أوما سمعت ما قال؟ قلت: وما قال؟ قالت: قال

فذكرته، فبيَّن أنها إنما سمعته من أم المؤمنين وسمّتها أمَّ سلمة، والخلاف أو الشك في اسم صحابي الحديث لا يضر.

ورواه عن سفيان بن عيينة: إسحاق بن راهويه في "مسنده"(1108)، وإسحاق بن إسماعيل =

ص: 317

8808 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العدل، حدثنا إبراهيم بن الحسين الهَمَذاني ومحمد بن غالب بن حَرْب

(1)

، قالا: حدثنا أبو همّام محمد بن مُحبَّب

(2)

، حدَّثنا سفيان بن سعيد الثَّوْري، حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذَكَرَ الساعةَ احمرَّت وَجْنتاه، واشتدَّ غضبُه، وعَلَا صوتُه، كأنه مُنذِرُ جيشٍ:"صبَّحَكم، مَسَّاكم"

(3)

.

= الطالقاني والحسن بن الصباح عند ابن أبي الدنيا في "العقوبات"(257)، ومحمود بن آدم عند البيهقي في "شعب الإيمان"(7194)، فأسقطوا من إسناده المرأة المبهمة، وجعلوه من حديث الحسن بن محمد عن عائشة. وروايتهم شاذَّة.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "العقوبات" أيضًا (3)، والطبراني في "الكبير" 23/ (891)، و "الأوسط"(2089)، وأبو نعيم في "الحلية" 10/ 218 من طرق عن أبي النضر هاشم بن القاسم، عن محمد بن طلحة الياميّ، عن زبيد الياميّ، عن جامع بن أبي راشد، عن أم مبشِّر، عن أم سلمة. وهذا إسناد رجاله ثقات، وأم مبشر هذه إن كان شريك حفظ حديثه وأنها امرأة أنصارية، فهي أم مبشر الأنصارية، وكانت زوجة لزيد بن حارثة وهي صحابية، وبينها وبين جامع في هذا الخبر الحسن بن محمد الهاشمي، فلعلَّ بعض الرواة أسقطه من الإسناد.

وأخرج معنى هذا الخبر ابن حبان (7314)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 140، والبيهقي (7193) من طريق عمرو بن عثمان الرقي، عن زهير بن معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وعمرو بن عثمان ضعيف.

وفي الباب عن أبي بكر الصديق عند أحمد (1)، وأبي داود (4338) وغيرهما، وإسناده صحيح.

وعن جرير البجلي عند أحمد 31/ (19192)، وأبي داود (1339) وغيرهما. وإسناده حسن.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: مهرب، وفي المطبوع إلى: مهران. ومحمد بن غالب هذا هو الحافظ المعروف بتمتام. انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 13/ 390 - 391.

(2)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: حبيب، والتصويب من "إتحاف المهرة"(3132) ومصادر ترجمته.

(3)

إسناده صحيح. جعفر بن محمد هو المعروف بالصادق، وأبوه هو محمد بن علي بن الحسين الهاشمي المعروف بالباقر. =

ص: 318

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

8809 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نَصْر الخَوْلاني، حدثنا بشر بن بَكْر، حدثنا الأوزاعي، حدثني إسماعيل بن عبيد الله

(1)

، حدثني عبد الرحمن بن غَنْم الأشعَري قال: قال لي أبو الدَّرداء: كيف ترى الناسَ؟ قلت: بخيرٍ، إنَّ دعوتَهم واحدة، وإمامهم واحد، وعدوَّهم شقيّ

(2)

، وأُعطِياتِهم وأرزاقَهم دارَّةٌ، قال: فكيف إذا تباغَضَت قلوبُهم، وتلاعنت ألسنتُهم، وظهَرَت عداوتُهم، وفَسَدَت ذاتُ بينهم، وضرب بعضُهم رقابَ بعض؟!

(3)

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8810 -

أخبرني محمد بن المؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيَّب، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا عثمان بن كَثير بن دينار، عن سعيد بن سِنان، عن أبي الزاهريَّة، عن أبي شَجَرة كَثير بن مُرَّة، عن حُذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن تَفْنى

(4)

أمَّتي حتى يظهرَ فيهم التمايزُ والتمايلُ والمَعامعُ" قلت: يا رسول الله، ما التمايزُ؟ قال:

= وأخرجه أحمد 22/ (14630 و 23/ (14984)، ومسلم (867)(45)، والنسائي (1799)

و (5861)، وابن حبان (3062) من طرق عن سفيان الثوري بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له

ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 22/ (14334) و (14431)، ومسلم (867)(43) و (44)، وابن ماجه (45)، وابن حبان (10) من طرق عن جعفر بن محمد به.

(1)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: عبد الله مكبرًا، والتصحيح من "تلخيص الذهبي" و "إتحاف المهرة"(16141) ومصادر ترجمته. وهو إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر الدمشقي.

(2)

في "تلخيص الذهبي": منفي.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حذلم في "حديث الأوزاعي"(8) من طريق مسكين بن بكير، عن الأوزاعي، بهذا الإسناد.

(4)

في (ز) و (ب): تفتن، والمثبت من (ك) و (م) و "التلخيص"، وهو الموافق لما في "الفتن" لنعيم.

ص: 319

"التمايزُ عصبيَّةٌ يُحدِثها الناسُ بعدي في الإسلام" قلت: فما التمايلُ؟ قال: "يَميل القبيلُ على القَبيل فيستحلُّ حُرمتَها" قلت: فما المَعامعُ؟ قال: "تسير الأمصارُ بعضُها إلى بعض تختلفُ أعناقُها في الحرب"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8811 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي، حدثنا أحمد بن سعيد الجمَّال، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا شُعبة، عن حُصَين، عن عبد الأعلى بن الحَكَم

(2)

رجلٍ من بني عامر، عن خارجة بن الصَّلت البُرْجُمي قال: دخلتُ مع عبد الله المسجدَ، فإذا القومُ ركوعٌ، فركع، فمَرَّ رجل فسلَّم عليه، فقال عبد الله: صدقَ الله ورسولُه، ثم وصل إلى الصفِّ، فلما فَرَغَ سألتُه عن قوله: صدق الله ورسولُه، فقال: إنه كان يقال

(3)

: لا تقوم الساعةُ حتى تُتَّخذَ المساجد طُرقًا، وحتى يسلِّم الرجلُ على الرجل بالمعرفة، وحتى تَتَّجِرَ المرأةُ وزوجُها، وحتى تَغلُوَ الخيلُ والنساءُ ثم تَرخُصَ فلا تَعْلُو إلى يوم القيامة

(4)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8812 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَكَّار بن قُتيبة القاضي بمصر، حدثنا صفوان بن عيسى القاضي

(5)

، حدثنا عوف بن أبي جَمِيلة، عن الحسن، عن أبي

(1)

إسناده واهٍ من أجل سعيد بن سنان - وهو الشامي - فإنه متروك، واتهمه الدارقطني وغيره بالوضع، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه". أبو الزاهرية: هو حُدير بن كريب.

والحديث في "الفتن" لنعيم بن حماد (35) و (646) عن عثمان بن كثير والحكم بن نافع، عن سعيد بن سنان، وزاد فيه بين كثير بن مرة وحذيفة عبدَ الله بنَ عمر.

والقَبيل: الجماعة، وكالقبيلة.

(2)

في النسخ الخطية: عبد الحكم، وهو خطأ.

(3)

في (ك) وحدها: كان يقول.

(4)

إسناده محتمل للتحسين إن شاء الله، كما سبق بيانه برقم (8584).

(5)

كذا وقع في نسخ الكتاب كافة، ولم يذكر أحد ممَّن ترجم لصفوان بن عيسى - وهو أبو محمد =

ص: 320

بَكْرة قال: لما كان يومُ الجَمَل أردتُ أن آتيَهم أقاتلُ معهم، حتى ذكرتُ حديثًا سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَنه بَلَغَهُ أَنَّ كِسْرى - أو بعض ملوك الأعاجم - مات فولَّوْا أمرَهم امرأةً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يُفلِحُ قومٌ تَملِكُهم امرأةٌ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8813 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حدثنا أحمد بن مِهْران بن خالد الأصبهاني، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، عن هلال بن خبَّاب، عن عِكْرمة، عن عبد الله بن عمرو قال: كنت جالسًا عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فذكر الفتنة أو ذُكِرَت له، فقال:"إذا الناسُ قد مَرِجَت عهودُهم، وخفَّت أماناتُهم، وصاروا هكذا" وشبَّك بين أصابعه، فقمتُ إليه فقلت: كيف أصنعُ عند ذلك يا رسول الله، جعلني اللهُ فِداك؟ قال:"املِكْ عليك لسانَك، واجلِسْ في بيتِك، وخُذْ ما تعرفُ ودَعْ ما تُنكِر، وعليك بخاصَّةِ نفسِك ودَعْ عنك أمرَ العامَّة"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8814 -

أخبرني أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا هاشم

(3)

بن يونس

= الزهري البصري - أنه تولّى القضاء، فلعلَّ ما وقع هنا سبق قلم من بعض النساخ، والله أعلم.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد جيد من أجل صفوان بن عيسى، وقد توبع. الحسن: هو ابن أبي الحسن البصري.

وأخرجه البخاري (4425) و (7099) عن عثمان بن الهيثم، عن عوف بن أبي جميلة، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (4658).

واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن مهران الأصبهاني.

وقد سلف برقم (7951) من طريق محمد بن عبيد الطنافسي عن يونس بن أبي إسحاق.

(3)

في النسخ الخطية هنا: هشام، والمثبت من المطبوع، وانظر تعليقنا عليه عند الحديث (2552).

ص: 321

العصَّار بمصر، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، حدثني عُمَارة بن غَزِيَّة، عن مسلم بن أبي حُرَّة قال: لما حُصِرَ ابن الزُّبير وتحصَّنَت أبوابُ المسجد من أهل الشام، سمع مَولَيَين له من خلفه وتكلَّما بكلامٍ، فالْتفَتَ إليهما وقال: ما تتبَّعَ أحدٌ من الكتب ما تتبعَّتُها، لقد قرأتُ الكتبَ وسمعتُ الأحاديث، فوجدتُ كلَّ شيء باطلًا إِلَّا ما في كتاب الله. قال: فخرج فاستلم الرُّكنَ، ثم دخل على أمِّه أسماءَ فقبَّلها، قبَّل ما بين الخِمار إلى الوجه فوقَ الجبهة، فقالت: ما حِسٌّ أسمعُه؟ فقيل لها: أهلُ الشام، قالت: كلُّهم مسلمون؟ قيل لها نعم، كذلك يَزعُمون، قالت: لقد رأيتُ الإسلام لو اجتَمعوا على شاةٍ ما أَكَلوها، ثم قالت: يا بنيَّ، متْ كريمًا ولا تَستسلِمْ فقال عبد الله: أين أهلُ مصر؟ قالوا له على الباب، بابِ بني جُمَحَ، وكان أكثرَ الأبواب بأسًا، فحَمَلَ عليهم فانكَشَفوا حتى السُّوق، قال: وإنَّ خُبيبًا ليَضربُهم بالسيف من ورائهم ويقول: احمِلُوا، وما أحدٌ يَدخُل عليه، قال: ثم يحمل فينكشفون، قال: فلما رأَوْا [ذلك أَدخلوا أسوَدَ، فلما رأوْه]

(1)

حوَّلوا ليَختِلَ له، قال: فدخل الأسودُ حتى كان بين أستارِ الكعبة، فلما جاءه خرج إليه فضربه ابن الزُّبير فأطَنَّ رِجلَيه كِلتَيهما، قال: فطَفِقَ يتحاملُ يستقلُّ، قال: ثم خَرَّ، فما الْتفَتَ إليه حتى جاءه حجرٌ فأصابه عند الأُذن فخَرَّ، فقتلوه

(2)

.

(1)

ما بين المعقوفين سقط من نسخنا الخطية، واستدركناه من "تلخيص الذهبي".

(2)

إسناده محتمل للتحسين، هاشم بن يونس العصار روى عنه جمع من الحفاظ ولم يجرحه أحد منهم، ويحيى بن أيوب - وهو الغافقي أبو العباس المصري - صدوق حسن الحديث إن شاء الله، ومسلم بن أبي حُرّة روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، فهو حسن الحديث إن شاء الله.

وهذا الخبر لم نقف عليه عند غير المصنف، إلّا أنَّ البخاري أشار إليه إشارة في ترجمة مسلم بن أبي حرة من "تاريخه الكبير" 7/ 260. وهذا يعني أن مَن دون سعيد بن أبي مريم - وهو سعيد بن الحكم بن أبي مريم - متابعون، فإنَّ سعيدًا هذا من شيوخ البخاري، فلعلَّ البخاري حمله عنه، والله تعالى أعلم. =

ص: 322

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8815 -

فحدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعْدي، حدثنا رَوْح بن عُبَادة، حدثنا عَوف، حدثنا أبو الصِّدِّيق قال: لما ظَفِرَ الحجّاجُ على ابن الزُّبير فقتله ومَثَّل به، ثم دخل على أم عبد الله، وهي أسماءُ بنت أبي بكر، فقالت: كيف تستأذنُ علي وقد قتلتَ ابني؟! فقال: إِنَّ ابنك أَلحَدَ في حَرَم الله، فقتلتُه مُلحِدًا عاصيًا، حتى أذاقه الله عذابًا أليمًا، وفَعَلَ به وفَعَل، فقالت: كذبت يا عدوَّ الله وعدوَّ المسلمين، والله لقد قتلته صوّامًا قوامًا بَرًّا بوالديه، حافظًا لهذا الدِّين، ولئِن أفسدتَ عليه دُنْياه، لقد أفسد عليك آخرتكَ، ولقد حدَّثَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه يخرج من ثَقيفٍ كذَّابانِ، الآخِرُ منهما أشرُّ من الأول، وهو المُبِير، وما هو إلَّا أنت يا حجَّاجُ

(1)

.

8816 -

أخبرَناهُ الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا أبو عُمر

(2)

الحَوْضي وعَمْرو

(3)

بن مرزوق قالا: حدثنا شُعبة، عن حُصَين؛ فذكر

= قوله: "ليختل له" أي: يتخفّى له ليخدعه ويراوغه فيفتك به.

فأطنَّ رجليه: قطعهما.

يستقل: أي: يرفع نفسه، يعني: يتحامل على نفسه يحاول أن يرفعها بعد أن قُطعت رجلاه.

وقوله: "حتى جاءه حجر" أي حتى جاء عبدَ الله بن الزبير حجر.

(1)

إسناده صحيح عوف هو: ابن أبي جميلة، وأبو الصديق هو الناجي بكر بن عمرو، ويقال: ابن قيس.

وأخرجه أحمد 44/ (26967) عن إسحاق بن يوسف الأزرق، عن عوف، به.

وسلف برقم (6479) من حديث أبي نوفل بن أبي عقرب بالقصة.

ألحد: أي ظلم وعَدَا، وأصل الإلحاد: الميل والعدول عن الشيء.

والمبير: المهلك الذي يسرف في إهلاك الناس.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عمرو، بزيادة واو.

(3)

في (ز) و (ك) و (م): عمر، والمثبت من (ب)، وهو الصواب. وهو حفص بن عمر بن الحارث.

ص: 323

الحديث بنحوه، وزاد فيه: فقال: الحجَّاج: صَدَقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَصَدَقتِ، أنا المُبيرُ؛ أُبِيرُ المنافقين

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8817 -

أخبرني محمد بن موسى بن عمران المؤذِّن، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المثنَّى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعبة قال: سمعت أبا جَمْرة يحدِّث عن إياس بن قَتَادة، عن قيس بن عُبَاد قال: كنت أَقدَمُ المدينة ألقى ناسًا من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان أحبَّهم إليَّ لقاءً أُبيُّ بنُ كعب، قال: فَقَدِمتُ زمنَ عمر إلى المدينة، فأقاموا صلاةَ الصبح، فخرج عمرُ وخرج معه رجالٌ، فإذا رجلٌ من القوم يَنظُرُ في وجوه القوم، فعَرَفَهم وأنكَرَني فَدَفَعَني فقام مقامي، فصلَّيتُ وما أَعقِلُ صلاتي، فلما صلَّى قال: يا بنيَّ، لا يَسُؤُكَ الله، إني [لم]

(2)

أَفعل الذي فعلتُ لجهالةٍ؛ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: "كونوا في الصفِّ الذي يَلِيني"، وإني نظرتُ في وجوه القوم فعرفتُهم غيرَك. وجلس، فما رأيتُ الرجالَ مَتَحَت

(3)

أعناقَها إلى شيء مُتُوحَها

(4)

إليه، فإذا هو أُبيُّ بن كعب، وكان فيما قال: هَلَكَ أهلُ العَقْد وربِّ الكعبة، هَلَك أهلُ العَقْد وربِّ الكعبة، والله ما آسَى عليهم، إنما أسَى على مَن أهلَكوا من المسلمين

(5)

.

(1)

رجاله ثقات، ولم نقف عليه من هذا الطريق عند غير المصنف، ولم يبيِّن عمّن رواه حصينٌ - وهو ابن عبد الرحمن السلمي - وهو من صغار التابعين.

(2)

هذه الزيادة من "تلخيص الذهبي".

(3)

تصحف في النسخ الخطية إلى: منحت بالنون والصواب بالتاء المثناة من فوق، أي: مدَّت أعناقها نحوه، كما في كتب غريب الحديث.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: متوجهها. والتصويب من كتب الغريب.

(5)

إسناده صحيح. أبو جمرة: هو نصر بن عمران الضبعي.

وأخرجه أحمد 35 / (21264) عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وهو عنده أيضًا عن سليمان بن داود الطيالسي ووهب بن جرير، كلاهما عن شعبة به. =

ص: 324

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8818 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا أبو داود الطَّيالِسي، حدثنا شُعبة، عن سِمَاك بن حَرْب قال: سمعت مالك بن ظالم يحدِّث عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"هلاكُ أمَّتي على يَدَيْ أُغَيلِمةٍ من قُريش"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه لخلاف بين شعبةَ وسفيان الثَّوريِّ فيه:

8819 -

أخبرناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا سفيان.

وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطيعي، حدثنا حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أَبي، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، عن سفيان، عن سِمَاك، حدثني عبد الله بن ظالم قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ فسادَ أمتي على يَدَي أُغيلمَةٍ سفهاءَ من قُريش"

(2)

.

فسمعت أبا عبد الله محمدَ بنَ يعقوب يقول: سمعت الحسين بن محمد القَبّاني

= وسلف بنحوه برقم (873) من طريق أبي مِجلَز لاحق بن حميد عن قيس بن عُباد.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل مالك بن ظالم كما سلف بيانه برقم (8656). أبو داود الطيالسي: هو سليمان بن داود.

وأخرجه أحمد 13/ (7974) عن محمد بن جعفر، و (8347) عن روح بن عبادة، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد.

(2)

حديث صحيح كسابقه. وهو في "مسند أحمد" 13 / (8033) عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وقد سلف عند المصنف برقم (8656) من طريق الحسين بن حفص عن سفيان الثوري، وسمّى راويه عن أبي هريرة مالكَ بنَ ظالم، وهو الصحيح كما قال عمرو بن علي الفلّاس.

يحيى بن سعيد الراوي عن سفيان: هو القطّان.

ص: 325

يقول: سمعت عمرو بن علي يقول: الصحيحُ مالكُ بن ظالم.

8820 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا عمرو بن مالك النُّكْري، عن أبي الجَوْزاء، عن ابن عباس قال: يأجوجُ ومأجوجُ شِبرٌ وشبرانِ

(1)

وثلاثة، وهم من ولد آدِم

(2)

.

8821 -

أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، حدثنا أحمد بن سعيد الجَمَّال، حدثنا رَوْح بن عُبادة، حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن أبي التَّيّاح، عن المغيرة بن سُبَيع

(3)

، عن عمرو بن حُريث، عن أبي بكر الصِّدّيق: حدَّثَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَنَّ الدَّجالَ يخرج من أرضٍ بالمَشرِق يقال لها: خُراسانُ، يَتبَعُه أقوامٌ كأَنَّهم

(4)

المَجَانُّ المُطرَقة"

(5)

.

(1)

في النسخ الخطية: وشبرين، والجادة ما أثبتنا.

(2)

إسناده ضعيف، وقد وقع في إسناد المصنف هذا وهمٌ أو سقطٌ، فإنَّ مسلم بن إبراهيم - وهو الأزدي الفراهيدي - لم يسمع من عمرو بن مالك النكري، ولا يروي عنه إلّا بواسطة، وإحدى هذه الوسائط يحيى بن عمرو بن مالك، فإن كان هو بينهما، فإنَّ يحيى هذا متفق على تضعيفه.

وأورد هذا الخبر السيوطي في "الدر المنثور"، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، ولم نقف على إسناد أيٍّ منهم.

(3)

في النسخ الخطية: سبع: سبع، والصواب ما أثبتنا.

(4)

هكذا في النسخ الخطية، وفي "تلخيص الذهبي": كأنَّ وجوههم، وهو الموافق لمصادر التخريج.

(5)

إسناده حسن من أجل المغيرة بن سبيع، فقد روى عنه ثلاثة وذكره ابن حبان في "الثقات"، وذكر البرقاني عن الدارقطني أنه قال فيه: يحتج به. وبالغ الحافظ ابن حجر في "التقريب" فأطلق القول بتوثيقه. أبو التباح هو يزيد بن حميد الضُّبعي وعمرو بن حريث: هو عمرو بن حريث بن عمرو القرشي المخزومي، وهو صحابي.

وأخرجه أحمد (1/ (12) و (33) عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (4072)، والترمذي (2237) من طرق عن روح به. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وانظر ما بعده. =

ص: 326

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد رواه عبد الله بن شَوذَب عن أبي التَّياح مثلَ رواية سعيد:

8822 -

حدَّثَنيهِ أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بالوَيهِ، حدثنا محمد بن أحمد بن النضر، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا أبو إسحاق الفَزَاري، عن عبد الله بن شَوذَب، عن أبي التَّيّاح، عن المغيرة بن سُبَيع، عن عمرو بن حُرَيث قال: مَرِضَ أبو بكر الصِّدّيق ثم كُشِرَ

(1)

عنه، فصلَّى بالناس فحَمِدَ الله وأَثنى عليه، ثم قال: أنا لكم ناصحٌ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يخرجُ الدَّجالُ من قِبَل المشرِق من أرضٍ يقال لها: خُراسانُ، معه قومٌ وجوههم كالمَجَانِّ"

(2)

.

8823 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا عبد العزيز بن حاتم العَدْل، حدثنا محمد بن سعيد بن سابق، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن مُطرِّف عن الشَّعْبي، عن بلال بن أبي هريرة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يخرجُ الدجالُ من هاهنا، أو هاهنا، أو من هاهنا، بل يخرجُ هاهنا"؛ يعني المشرقَ

(3)

.

= والمجانّ المطرقة: هي التُّروس التي تُطرق، يعني أنها عريضة.

(1)

في المطبوع: كشف، وفي النسخ الخطية: كسر بالسين المهملة، ولعلها بالمعجمة كما أثبتنا أصح، ومعناه ككُشف.

(2)

إسناده حسن كسابقه. أبو إسحاق الفزاري هو إبراهيم بن محمد بن الحارث.

وأخرجه من طريق عبد الله بن شوذب: البزارُ (46) و (47)، وأحمد بن علي المروزي في "مسند أبي بكر"(58)، وأبو يعلى (34)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 61، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(628).

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عمرو بن أبي قيس وبلال بن أبي هريرة، وبلال قد روى عنه ثلاثة كما في ترجمته من "تاريخ دمشق" لابن عساكر وذكره ابن حبان في "الثقات".

وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(6792) - ومن طريقه ابن عساكر 10/ 521 - من طريق محمد بن مسلم بن وارة، عن محمد بن سعيد بن سابق بهذا الإسناد.

وروى نحوه المحرَّر بن أبي هريرة عن أبيه عند أحمد في آخر حديث فاطمة بنت قيس 45/ (27101)، والبزار (8801) من طريق مجالد بن سعيد، عن عامر الشعبي، عنه. =

ص: 327

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8824 -

أخبرني أبو علي الحافظ، أخبرنا الحسن

(1)

بن سفيان وعِمران بن موسى قالا: حدثنا أبو كامل الجَحدَري، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطُّفَاوي

(2)

، حدثنا أيوب، عن حُميد بن هلال قال: كان الناس يمرُّون على هشام بن عامر ويأتون عِمرانَ بن حُصَين، فقال هشام: إنَّ هؤلاء يجتازون إلى رجلٍ قد كنَّا أكثرَ مشاهدةً للرسول الله صلى الله عليه وسلم منه وأحفظَ عنه، لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ما بينَ خلقِ آدمَ إلى قيام الساعةِ فِتنةٌ أكبرَ عند الله من الدَّجّال"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

8825 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنان القَزَّاز، حدثنا عُمر بن يونس بن القاسم اليَمَامي، حدثنا جَهضَم بن عبد الله القَيْسي، عن عبد الأعلى

= ومجالد ليس بالقوي.

وحديث أبي بكر السابق يشهد له.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الحسين، والتصويب من "إتحاف المهرة"(17230). والحسن بن سفيان هذا حافظ معروف، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 14/ 157.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى القطفاوي.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع، حميد بن هلال لم يسمع هذا الحديث من هشام بن عامر، بينهما فيه رهطٌ أبو الدهماء وأبو قتادة العدوّيان البصريان كما سيأتي، ورجال الإسناد عن آخرهم ثقات غير الطفاوي، فإنه صدوق حسن الحديث أبو علي الحافظ: هو النيسابوري الحسين بن علي بن يزيد، وعمران بن موسى: هو ابن مجاشع السَّختياني الجُرجاني، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.

وأخرجه أحمد 26/ (16253) عن إسماعيل ابن عليّة، و (16255) عن سفيان بن عيينة، و (16267) من طريق حماد بن زيد، ومسلم (2946)(126) من طريق عبد العزيز بن المختار، و (127) من طريق عبيد الله بن عمرو الرقي، كلهم عن أيوب، عن حميد بن هلال. سفيان لم يذكر الواسطة بين حميد وهشام بن عامر، وإسماعيل قال: عن بعض أشياخهم، وسمّاهم غيره أبا قتادة وأبا الدهماء.

وأخرجه أحمد (16265) من طريق سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن هشام بن عامر.

ص: 328

ابن عامر، عن مُطرِّف بن عبد الله بن الشِّخّير، عن ابن عمر قال: كنت في الحَطِيم مع حُذَيفة، فذكر حديثًا، ثم قال:"لَتُنقضَنَّ عُرَى الإسلام عُروةً عُروةً، وليكونَنَّ أئمةٌ مُضِلُّون، ولَيَخرُجَنَّ على أثر ذلك الدَّجّالون الثلاثةُ". قلت: يا أبا عبد الله، قد سمعتَ هذا الذي تقول من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، سمعتُه.

وسمعتُه يقول: "يخرجُ الدَّجالُ من يهوديَّةِ أصبهانَ، عينُه اليمنى ممسوخة والأُخرى كأنها زَهْرَةٌ تشقُّ الشمس شقًّا، ويتناول الطيرَ من الجوِّ، له ثلاثُ صَيحاتٍ يسمعهنَّ أهلُ المشرِق وأهلُ المغرِب، ومعه جَبَلانِ: جبلٌ من دُخانٍ ونارٍ، وجبلٌ من شجرٍ، وأنهار، ويقول: هذه الجنّة وهذه النار".

وسمعتُه يقول: "يخرجُ من قَبلِهِ كذَّابٌ".

قال: قلت: فما الثالث؟ قال: إنه أكذبُ الكذَّابين، إنه يخرج من قِبَل المشرق، يَتبَعُه خُشَارةُ العرب وسَفِلةُ المَوالي، أوَّلُهم منصور وآخرُهم مَثْبور، هلاكُهم على قَدْر سلطانهم، عليهم اللعنةُ الله دائمةً. قال: فقلت: العجبُ كلُّ العجبِ! قال: وأعجبُ من ذلك سيكون، فإذا سمعتَ به فالهربَ الهربَ، قال: قلت: كيف أصنعُ بمن خلَّفتُ؟ قال: مُرْهم فليَلحَقوا برؤوس الجبال، قال: قلت: فإن لم يُترَكوا وذلك؟ قال: مُرْهم أن يكونوا أحلاسًا من أحلاسِ بيوتِهم، قال: قلت: فإن لم يُترَكوا وذلك، قال: يا ابنَ عمر، زمانُ خوفٍ وهَرْجٍ وسَلْبٍ، قال: فقلت: يا أبا عبد الله، ما لهذا الهَرْج من فَرَج؟ قال: بلى، إنه ليس من هَرْج إلَّا وله فَرَجٌ، ولكن أين ما يبقى لها، إنها فتنةٌ يقال لها: الحارقة

(1)

، تأتي على صَرِيح العرب وصَريح الموالي وذوي الكُنوز وبقيَّةِ الناس، ثم تَنجَلي عن أقلَّ من القليل

(2)

.

(1)

في "تلخيص الذهبي": الجارفة.

(2)

إسناده ضعيف بمرّة، واستنكره الذهبي في "تلخيصه"، فعبد الأعلى بن عامر -وهو الثعلبي- الجمهور على تضعيفه، ومحمد بن سنان القزّاز فيه مقال، وغالى فيه أبو داود وابن خراش فاتهماه بالكذب. =

ص: 329

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8826 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ رحمه الله، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مسدَّد، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أَبي، عن قَتَادة، عن أبي الطُّفَيل، عن حُذيفة بن أَسِيد؛ قال

(1)

: كنت بالكوفة فقيل: خرج الدَّجّالُ، قال: فأتَينا على حذيفة بن أَسيد وهو يحدِّث، فقلت: هذا الدجالُ قد خرج، فقال: اجلِسْ، فجلستُ، فأَتى علينا العَريفُ

(2)

فقال: هذا الدجالُ قد خرج وأهل الكوفة يُطاعِنونَه، قال: اجلِسْ، فجلس، فنودِيَ: إنها كَذْبةُ صَبَّاغ

(3)

. قال: فقلنا: يا أبا سَريحةَ، ما أجلستَنا إلَّا لأمرٍ، فحدِّثنا، قال: إنَّ الدجال لو خرج في زمانِكم، لرَمَتْه الصِّبيانُ بالخَزَف

(4)

، ولكن الدجال يخرج في نقص من الناس وخِفَّة من الدِّين وسوءِ ذاتِ بَينٍ، فيَرِدُ كلَّ مَنْهَلٍ، فتُطَوى له الأرضُ طيَّ فَرْوةِ الكَبْش، حتى يأتيَ المدينة، فيغلبُ على خارجِها ويمنع داخلَها، ثم جبلَ إيلِياءَ

(5)

فيحاصرُ عِصابةً من المسلمين، فيقول لهم الذين عليهم: ما تنتظرون بهذا الطاغيةِ أن تقاتلوه حتى تَلحَقوا بالله أو يُفتَحَ لكم؟!

= وهذا الحديث بهذا الإسناد وبهذا السياق لم نقف عليه عند غير المصنف.

وانظر حديث ربعي بن حراش عن حذيفة في صفة الدجال عند أحمد 38/ (23279)، ومسلم (2934)(105).

وفي انتقاض عُرى الإسلام عروة عروة انظر حديث عبد العزيز ابن أخي حذيفة عن حذيفة السالف برقم (8654).

خُشارة العرب: رديئهم، فالخشارة: الردئ من كل شيء.

(1)

القائل هو أبو الطقيل: وهو عامر بن واثلة، صحابي صغير.

(2)

يعني عريف القوم، وهو المقدَّم عليهم الذي يتعرف أخبارهم ويفتش عن أحوالهم.

(3)

أي: صباغ الثياب، وروي عن أبي هريرة مرفوعًا عند أحمد 14/ (8302) وابن ماجه (2152) بإسناد ضعيف:"إِنَّ أكذب الناس الصباغون والصواغون". قال ابن الأثير في "النهاية": لأنهم يمطلون بالمواعيد.

(4)

الخزف: هو الفخّار المتحجر.

(5)

يعني بيت المقدس.

ص: 330

فيأتمِرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا، فيُصبِحون ومعهم عيسى ابن مريمَ، فيَقتُل الدَّجالَ ويَهزِمُ أصحابَه، حتى إنَّ الشجر والحجر والمَدَر يقول: يا مؤمنُ، هذا يهوديٌّ عندي فاقتُلْه، قال: وفيه ثلاثُ علامات: هو أعورُ، وربُّكم ليس بأعورَ، ومكتوبٌ بين عينيه: كافر، يقرؤُه كلُّ مؤمنٍ أُمِّيٍّ وكاتب، ولا تُسخَّرُ له المَطايا إِلَّا الحمارُ، فهو رِجسٌ على رجس.

ثم قال: أنا لغيرِ الدجال أخوفُ عليَّ وعليكم، قال: فقلنا: ما هو يا أبا سَرِيحة؟ قال: فتنٌ كأنها قِطَعُ الليل المظلِم، قال: فقلنا: أيُّ الناس فيها شرٌّ؟ قال: كلُّ خطيبٍ مِصقَع، وكلُّ راكبٍ مُوضِع

(1)

، قال: فقلنا: أيُّ الناس خيرٌ؟ قال: كلُّ غنيٍّ خفيّ، قال: فقلت: ما أنا بالغنيِّ ولا بالخفيِّ، قال: فكن كابنِ اللَّبُون، لا ظهر فيُركَبَ، ولا ضَرْعَ فيُحلَبَ

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

8827 -

حدثنا محمد بن محمد بن عبد الله الرَّمْجاريُّ، حدثنا أحمد بن معاذ السُّلَمي ومَحمِش

(3)

بن عِصام قالا: حدثنا حفص بن عبد الله السَّلَمي، حدثنا إبراهيم بن طَهْمان عن أبي الزُّبير عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يخرج الدَّجالُ في خِفَّةٍ من الدِّين وإدبارٍ من العلم، وله أربعون يومًا يَسِيحُها، اليومُ منها كالسَّنة، واليومُ كالشهر،

(1)

المِصقع: البليغ، والمُوضِع: المشتد في سيره، المسرع فيه.

(2)

حديث صحيح، وهو في حكم المرفوع، فما ذكر فيه لا يقال من قبل الرأي، وهذا إسناد حسن من أجل معاذ بن هشام الدستوائي، وهو متابع

وأخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة"(995) من طريق شعبة، عن قتادة قال: سمعت أبا الطفيل قال: مررت على حذيفة بن أَسيد

إلّا أنه لم يسق لفظ الحديث بتمامه، وذكر منه العلامات الثلاثة للدجال.

ورواه دون الشطر الثاني منه معمر في "جامعه"(20827) عن قتادة، إلّا أنه أرسله، لم يذكر فيه أبا الطفيل.

(3)

تحرّف في النسخ الخطية إلى" محمد. وانظر ترجمته في "تاريخ الإسلام" 6/ 628.

ص: 331

واليوم كالجُمعة، ثم سائرُ أيامه مثلُ أيامكم، وله حمار يَركَبُه، عَرْضُ ما بين أُذُنيه أربعون ذراعًا، يأتي الناسَ فيقول: أنا ربُّكم! وإنَّ ربَّكم ليس بأعورَ، مكتوبٌ بين عينيه: ك ف ر، يقرؤه كلُّ مؤمنٍ كاتبٍ وغيرِ كاتب، يمرُّ بكل ماءٍ ومَنهَل إِلَّا المدينةَ ومكةَ، حرَّمهما اللهُ عليه وقامت الملائكةُ بأبوابها".

(1)

.

(1)

إسناده قوي من أجل أبي الزبير: وهو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي.

وأخرجه أحمد 23/ (14954) عن محمد بن سابق، عن إبراهيم بن طهمان، بهذا الإسناد مطولًا. وأخرج منه قوله:"مكتوب بين عينيه: كافر، يقرؤه كل مؤمن "أحمد 22/ (14512) من طريق الحسين بن واقد حدثني أبو الزبير، حدثنا جابر، ورفعه.

وهذه القطعة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رواها غير واحد من الصحابة عند أحمد وغيره، منهم أنس بن مالك عنده برقم (12004)، وأبو بكرة برقم (20401)، وسفينة مولى النبي صلى الله عليه وسلم برقم (21929)، وحذيفة برقم (23279)، وبعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم برقم (23672)، وعائشة برقم (25089)، وبعضها في "الصحيح"، وابن عمر عند مسلم (2931).

ويشهد لأوله حديث أبي هريرة عند ابن حبان (6812) بسند قوي، وفيه: "يخرج من قبل المشرق في زمان اختلاف من الناس وفُرقة، فيبلغ ما شاء الله من الأرض في أربعين يومًا، الله أعلم ما مقدارها

".

ويشهد لقصة لبثه في الأرض أربعين يومًا ومقدارها حديث النواس بن سِمعان عند مسلم (2937)، وقد سلف عند المصنف برقم (8718). وانظر حديث عبد الله بن عمرو أحمد 11/ (6555) ومسلم (2940)، وحديث جنادة بن أبي أمية عن رجل من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عند أحمد 38 / (23090).

ويشهد لكونه يركب حمارًا حديث حذيفة بن أسيد السابق، لكن ليس فيه وصف لقدر خِلقته، وحديث أبي هريرة عند البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 199، والحسن بن رشيق العسكري في "جزء من أماليه عن شيوخه"(27) من طريق سليمان بن بلال، عن محمد بن عقبة بن أبي عتّاب، عن أبيه، عنه رفعه: "يخرج الدجال على حمار أقمر ما بين أذنيه سبعون باعًا

". وإسناده ضعيف لجهالة حال محمد بن عقبة وجهالة أبيه، وفي إسناد ابن رشيق إليه راوٍ متروك متهم بالكذب.

وقد أشار ابن كثير في "البداية والنهاية" 19/ 208 إلى حديثي جابر وأبي هريرة في قصة الحمار هذه، ثم قال في حديث أبي هريرة: لا يصح، وفي حديث جابر: فيه نظر. =

ص: 332

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8828 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر بن سابق الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير، عن أبيه، عن جدِّه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدَّجال فقال: "إنْ يَخرج وأنا فيكم، فأنا حَجيجُكم، وإن يَخرجْ ولست فيكم، فكلُّ امْرِيءٍ حَجِيجُ نفسِه، واللهُ خليفتي على كلِّ مسلم، ألا وإنه مطموسُ العين كأنها عينُ عبدِ العُزَّى بن قَطَن الخُزاعي، ألا فإنه مكتوبٌ بين عينيه: كافر، يقرؤُه كلُّ مسلم، فمن لَقِيَه منكم فليَقرأْ بفاتحة الكهف، يخرجُ من بين الشام والعراق، فعاثَ يمينًا وعاثَ شِمالًا، يا عبادَ الله اثْبُتوا" ثلاثًا، فقيل: يا رسول الله، فما مُكْثُه في الأرض؟ قال:"أربعون يومًا: يومٌ كالسَّنة، ويومٌ كالشهر، ويومٌ كالجُمعة، وسائرُها كأيامِكم" قالوا يا رسول الله، فكيف نصنعُ بالصلاة يومئذٍ، صلاةُ يومٍ أو نَقدُرُ؟ قال: "بل تَقدُرون

(1)

"

(2)

.

= ويشهد لقصة حفظ الملائكة للمدينة ومكة من الدجال حديث أنس بن مالك عند البخاري (1881) ومسلم (2943).

وحديث فاطمة بنت قيس عند مسلم (2942).

وحديث أبي هريرة عند أحمد 16/ (10265)، وفي سنده ضعف.

(1)

في النسخ الخطية: تقدروا، والجادة إثبات النون.

(2)

حديث صحيح لكن من حديث جبير بن نفير عن النواس بن سِمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد خولف فيه معاوية بن صالح كما سيأتي.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 196 من طريق حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرج أوله مختصرًا البزار (3381 - كشف الأستار)، وابن عساكر 62/ 196 من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، به.

وقد رواه يحيى بن جابر الطائي - وهو من ثقات الشاميين - عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن النواس بن سمعان، فجعله من حديث النواس، وهو المحفوظ الذي اعتمده الأئمة في كتبهم كمسلم وأصحاب "السنن" وغيرهم، وقد سلف من هذا الوجه عند المصنف برقم (8718).

ص: 333

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8829 -

أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبَل، حدثني أَبي، حدثنا يحيى بن سعيد

(1)

، حدثنا هشام بن هشام بن حسَّان، حدثني حُميد بن هلال، عن أبي الدَّهْماء، عن عِمران بن حُصين الخُزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَمِعَ منكم بخروج الدَّجّالِ فليَنأَ عنه، فإنَّ الرجل يأتيه فيَحسَبُ أنه مؤمنٌ، فما يزالُ يَتبَعُه مما يَرى من الشُّبُهات"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

ولا أعلمُ أحدًا ذكر عن هشام بن حسان في إسناده [أبا الدهماء]

(3)

غير يحيى بن سعيد:

8830 -

فقد أخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا هشام بن حسّان، عن حُميد بن هلال، عن عِمران بن حُصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمع بالدَّجال فليَنْأَ عنه - يقولها ثلاثًا - فإنَّ الرجل يأتيِه فيَتبَعُه فيَحسَبُ أنه صادقٌ، لِما بُعِثَ به من الشُّبهات"

(4)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: معبد. ويحيى بن سعيد هذا: هو القطّان.

(2)

إسناده صحيح. أبو الدهماء: هو قِرفة بن بُهيس. وهو في "مسند أحمد" 33/ (19875).

وأخرجه أبو داود (4319) من طريق جرير بن حازم، عن حميد بن هلال، عن أبي الدهماء، به. وانظر ما بعده.

قوله: "فلينأ عنه" أي: فليبتعد عنه ولا يقربه.

(3)

زيادة لا بدَّ منها ليستقيم الكلام، وقد دلَّ على صحة وجودها الإسناد التالي الذي ساقه المصنف ليبيّن أنَّ غير يحيى بن سعيد أسقط من إسناد الحديث أبا الدهماء، وهذا خطأ في رواية المصنف كما سيأتي.

(4)

حديث صحيح، وقد سقط من إسناده هنا أبو الدهماء في رواية المصنف.

فقد رواه أحمد في "مسنده" 33 (19968)، وابن أبي شيبة عند الطبراني في "الكبير" 18/ (552)، كلاهما عن يزيد بن هارون، فذكرا فيه أبا الدهماء. فدلَّ ذلك على خطأ رواية المصنف، وحميد =

ص: 334

8831 -

أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى المقرئ ببغداد وأبو أحمد بكر

(1)

بن محمد بن حَمْدان الصَّيرَفي بمَرْو قالا: حدثنا أبو قِلابةَ الرَّقَاشي، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد، حدثني أَبي، حدثنا يزيد بن صالح، أنَّ أبا الوَضِيء عبَّاد بن نُسَيب حدَّثه، أنه قال: كنا في مَسيرٍ عامدِينَ إلى الكوفة مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فلما بَلَغْنا مسيرَ ليلتين أو ثلاثٍ من حَرُوراءَ شذَّ منا ناس، فذكرنا ذلك لعليٍّ، فقال: لا يَهُولنَّكم أمرُهم، فإنهم سَيرجِعون، فنَظَرْنا، فلما كان من الغد شذَّ مِثلا مَن شذَّ، فذكرنا ذلك لعليٍّ، فقال: لا يَهُولَنَّكم أَمرُهم، فإِنَّ أَمرَهم يسير، وقال علي: لا تَبدَؤُوهم بقتالٍ حتى يكونوا هم الذين يبدؤُونكم، فجَثَوْا على رُكَبِهم واتَّقَينا بتُرُسِنا، فجعلوا يَنالُونا بالنُّشّاب والسِّهام، ثم إنهم دَنَوْا منا فأَسنَدوا لنا الرِّماح، ثم تناوَلونا بالسيوف حتى همُّوا أن يَضَعُوا السيوف فينا، فخرج إليهم رجلٌ من عبدِ القَيْس يقال له: صَعصعة بن صُوحان، فنادى ثلاثًا، فقالوا: ما تشاءُ؟ فقال: أُذكِّرُكم الله أن تَخرُجوا بأرضٍ تكون مَسبَّةً على أهل الأرض، وأذكِّرُكم الله أَن تَمرُقوا من الدِّين مروقَ السَّهم من الرَّمِيَّة.

فلما رأيناهم قد وَضَعوا فينا السيوفَ، قال علي: انهَضُوا على بَرَكة الله، فما كان إِلَّا فُوَاقٌ من نهارٍ حتى ضَجَّعْنا مَن ضَجَّعْنا، وهربَ مَن هربَ، فَحَمِدَ الله عليٌّ، فقال: إنَّ خليلي صلى الله عليه وسلم أخبرني أن قائدَ هؤلاءِ رجلٌ مُخدَجُ اليدِ، على حَلَمَة ثَدْيِهِ شُعَيرات كأنهن ذَنَبُ يَربُوع، فالتَمَسُوه فلم يجدوه، فأَتيناه فقلنا: إنا لم نَجِدْه، فقال: التَمِسُوه، فواللهِ ما كَذَبتُ ولا كُذِبتُ، فما زِلْنا نلتمسُه حتى جاء عليٌّ بنفسه إلى آخر المعركة التي كانت لهم، فما زالَ يقول: اقلِبُوا ذا، اقلِبُوا ذا، حتى جاء رجلٌ من أهل الكوفة فقال: ها هو ذا، فقال علي: الله أكبر، واللهِ لا يأتيكم أحدٌ يخبِرُكم من أبوه؛ مالك! فجعل الناس

= ابن هلال لا يعرف له إدراك لعمران بن حصين.

(1)

في النسخ الخطية: أبو أحمد بن بكر، وهو خطأ.

ص: 335

يقولون: هذا مالك، هذا مالك، يقول علي: ابن مَنْ؟ فيقولون: لا ندري.

فجاء رجلٌ من أهل الكوفة فقال: أنا أعلمُ الناس بهذا، كنت أَرُوضُ مُهرةً لفلان ابن فلان، شيخٍ من بني فلان، وأضعُ على ظهرها جَوَالقَ سهلةً له، أُقبِلُ بها وأُدبِرُ، إذ نَفَرَت المُهْرة، فناداني فقال: يا غلامُ، انظُرْ فإنَّ المهرةَ قد نَفَرَت، فقلت: إني لأرى خَيَالًا كأنه غُراب أو شاة، إذ أشرفَ هذا علينا، فقال: من الرجلُ؟ فقال: رجلٌ من أهل اليَمامة، قال: وما جاءَ بك شَعِثًا شاحبًا؟ قال: جئتُ أعبدُ الله في مصلَّى الكوفة، فأَخذ بيدِه ما لنا رابعٌ إِلَّا اللهُ، حتى انطَلَقَ به إلى البيت، فقال لامرأته: إنَّ الله تعالى قد ساق إليكِ خيرًا، قالت: واللهِ إني إليه لفقيرةٌ، فما ذاك؟ قال: هذا رجلٌ شَعِثٌ شاحبٌ كما تَرَين [جاء] من اليَمامةِ ليعبدَ الله في مصلَّى الكوفة، فكان يعبدُ الله فيه ويدعو الناسَ حتى اجتمع الناسُ إليه، فقال علي: أمَا إِنَّ خَليلي صلى الله عليه وسلم أخبرني أنهم ثلاثةُ إخوةٍ من الجنِّ، هذا أكبرُهم، والثاني له جمعٌ كبير، والثالث فيه ضعفٌ

(1)

.

(1)

متنه غريب وفي بعض ألفاظه نكارة، والمتهم فيه عندنا هو يزيد بن صالح، ووقع في رواية عبد الله بن أحمد يزيد بن أبي صالح، وعدّهما الخطيب البغدادي في كتابه "غنية الملتمس"(683) واحدًا، وذكر أنه روى عن أنس وأبي الوضيء، مع أنَّ من تقدمه ممن ترجم ليزيد بن أبي صالح كأحمد بن حنبل في "العلل" برواية ابنه (1362)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 342، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 272، وابن حبان في "الثقات" 5/ 541، لم يذكروا غير يزيد بن أبي صالح صاحب أنس، ولم يذكروا له رواية عن غيره، وهذا قد وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان: لا بأس به. وأما الراوي عن أبي الوضيء، فإنه يغلب على ظننا أنه راوٍ آخر لا يُعرَف، وقد انفرد بسياق خبره هذا فيما أخرجه المصنف هنا وعبدُ الله بن أحمد في زياداته على "المسند" 2/ (1189) و (1197)، حيث رواه عن حجاج بن يوسف الشاعر عن عبد الصمد بن عبد الوارث عنه، فأسقط منه والد عبد الصمد.

وقد رواه جميل بن مُرة - وهو أحد الثقات - عن أبي الوضيء عن عليٍّ بقصة المُخدّج وصفة يده فقط، أخرجه أبو داود (4769)، وعبد الله بن أحمد (1179) و (1188).

وقد رويت قصة المخدج هذه من غير وجه عن عليٍّ رضي الله عنه، انظر ما سلف برقم (2690).

النُّشّاب: كالسِّهام، الواحدة: نُشّابة، بهاء. =

ص: 336

قد أخرج مسلمٌ رحمه الله حديثَ المُخدَج على سبيل الاختصار في "المسند الصحيح"

(1)

، ولم يخرجاه بهذه السِّياقة، وهو صحيح الإسناد والسند.

8832 -

أخبرنا أحمد بن عثمان المقرئ وبكر بن محمد المروَزي قالا: حدثنا أبو قِلابة، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا أَبي، حدثنا حسين بن ذَكْوان، حدثنا عبد الله

(2)

بن بُرَيدة الأَسلمي، أن سليمان بن رَبِيعة الغبري

(3)

حدثه: أنه حجَّ مرةً في إمرة معاوية ومعه المنتصرُ بن الحارث الضَّبِّي في عصابةٍ من قُرّاء أهل البصرة، قال: فلما قَضَوْا نُسُكَهم قالوا: والله لا نَرجِعُ إلى البصرة حتى نلقى رجلًا من أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم مَرْضيًّا، يحدِّثُنا بحديثٍ يُستَطرَفُ نحدِّثُ به أصحابَنا إذا رجعنا إليهم، قال: فلم نَزَل نسألُ حتى حُدِّثنا أنَّ عبد الله بن عمرو بن العاص نازلٌ بأسفل مكة، فعُدْنا إليه، فإذا نحن بثَقَلٍ عظيم

(4)

يرتحلون ثلاث مئة راحلة، منها مئةُ راحلةٍ ومئتا زاملةٍ، فقلنا: لمن هذا الثَّقَل؟ قالوا: لعبد الله بن عمرو، فقلنا: أكلُّ هذا له، وكنا نُحدَّث أنه من أشدِّ الناس تواضعًا؟ قال: فقالوا: ممَّن أنتم؟ فقلنا: من أهل العراق، قال: فقالوا: العَيبُ منكم حقٌّ يا أهل العراق، أمّا هذه المئةُ راحلةٍ، فلإخوانه يَحمِلُهم

= والرَّمِيَّة: الصيد الذي ترميه وينفذ فيه سهمُك.

والفُواق: هو قدر ما بين حَلْبتي ضرع الناقة من الزمن.

والمُخدَج: ناقص الخَلق.

والجَوالق أوعية، واحدها: جُوالق، بضم أوله.

والشِّعِث: متفرّق شعر الرأس.

(1)

برقم (1066) من غير وجهٍ عنه.

(2)

في (ز) و (ك) و (ب): عبيد الله، مصغرًا، وهو خطأ، والتصويب من (م). ولا يعرف لبريدة ولد اسمه عبيد الله.

(3)

هكذا وقع اسمه في النسخ الخطية، والصواب أنه: سليمان بن الربيع العدوي، كما في "التاريخ الكبير" للبخاري 4/ 12، و "الجرح والتعديل" 4/ 117، و "ثقات ابن حبان" 4/ 309.

(4)

الثَّقَل: متاع المسافر وحشمه.

ص: 337

عليها، وأما المئتا زاملةٍ، فلمن نَزَلَ عليه من الناس، قال: فقلنا: دُلُّونا عليه، فقالوا: إنه في المسجد الحرام.

قال: فانطلَقْنا نطلبُه حتى وَجَدْناه في دُبُر الكعبة جالسًا، فإذا هو قصيرٌ أَرمَصُ

(1)

أصلعُ بين بُردَين وعمامةٍ ليس عليه قميص، قد علَّق نعليه في شِماله، قال: فقلنا: يا عبد الله، إنك رجلٌ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فحدِّثنا حديثًا ينفعنا الله تعالى به بعد اليوم، قال: فقال لنا: ومن أنتم؟ قال: فقلنا له: لا تسألْ من نحن، حدِّثنا غفرَ الله لك، قال: فقال: ما أنا محدِّثَكم شيئًا حتى تُخبروني مَن أنتم، قلنا: وَدِدْنا أنك لم تَنقُدْنا وأعفَيتَنا وحدَّثتنا بعضَ الذي نسألك عنه، قال: فقال: والله لا أحدِّثُكم حتى تُخبروني من أيِّ الأمصار أنتم، قال: فلما رأَيناه حلفَ ولَجَّ، قلنا: فإنا ناسٌ من العراق، قال: فقال: أفٍّ لكم كلِّكم يا أهلَ العراق، إنكم تَكذِبون وتُكذِّبون وتَسخَرون، قال: فلما بلغ السُّخرِيَّ

(2)

، وَجَدْنا من ذلك وَجْدًا شديدًا، قال: فقلنا: معاذَ الله أن نسخرَ من مثلِك، أما قولك: الكَذِبُ، فوالله لقد فَشَا في الناس الكذبُ وفينا، وأما التكذيبُ فوالله إنا لَنسمعُ الحديث لم نَسمعْ به من أحد نَثِقُ به، فإذا نكادُ نكذِّب به، وأما قولُك: السُّخريّ، فإنَّ أحدًا لا يسخرُ بمثلِك من المسلمين، فوالله إنك اليومَ لسيدُ المسلمين فيما نعلمُ نحن، إنك من المهاجرين الأوَّلين، ولقد بَلَغَنا أنك قرأتَ القرآن على محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يكن في الأرض قرشيٌّ أَبرَّ بوالدَيهِ منك، وأنك كنت أحسنَ الناس عينًا فأفسَدَ عينيك البكاءُ، ثم لقد قرأتَ الكتبَ كلَّها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أحدٌ أفضلَ منك علمًا في أنفسِنا، وما نعلمُ بقيَ من العرب رجلٌ كان يرغَبُ عن فقهاءِ أهل مِصْرِه حتى يدخلَ إلى مِصْرٍ آخر يبتغي العلمَ عند رجل من العرب غيرَك، فحدِّثنا غفرَ الله لك، فقال: ما أنا بمحدِّثِكم حتى تُعطُوني مَوثِقًا أَلَّا تُكَذِّبوني ولا تَكذِبون

(1)

الرَّمَص: وسخ أبيض يجتمع في زوايا العين.

(2)

السّحْريّ، بضم السين وكسرها: السُّخرِيَة.

ص: 338

عليَّ ولا تَسخَرون، قال: فقلنا: خذْ علينا ما شئت من مواثيق، فقال: عليكم عهدُ الله ومواثيقُه أن لا تُكذِّبوني ولا تَكذِبون عليَّ ولا تَسخَرون لما أحدِّثُكم، قال: فقلنا له: علينا ذاكَ، قال: فقال: إنَّ الله تعالى به عليكم كَفيلٌ ووَكِيل؟ فقلنا: نعم، فقال: اللهمَّ اشهَدْ عليهم.

ثم قال عند ذاكَ: أما وربِّ هذا المسجدِ والبلد الحرام واليوم الحرام والشهرِ الحرام - ولقد استَسمنتُ اليمينَ أليس هكذا؟ قلنا: نعم، قد اجتهدتَ - قال: لَيُوشِكَنَّ بنو قَنطُوراء بن كركرى - قومٌ خُنْس الأنوف صِغارُ الأعيُن، كأنَّ وجوههم المَجَانُّ المُطرَقة - في كتاب الله المُنزَل أن يَسُوقوكم

(1)

من خُراسانَ وسِجستانَ سِياقًا عنيفًا، قومٌ يُوفُون اللَّمَم

(2)

، وينتعلون الشَّعَر، ويَحتجِزون السيوفَ على أوساطهم

(3)

، حتى ينزلوا الأُبُلّة، ثم قال:[وكم الأُبلّة]

(4)

من البصرة؟ قلنا: أربعُ فراسخَ، قال: ثم يَعقِدون بكل نخلة من نخل دِجْلة رأسَ فرسٍ، ثم يُرسِلون إلى أهل البصرة: أن اخرُجوا منها قبلَ أن تَنزِلَ عليكم، فيخرجُ أهلُ البصرة من البصرة، فيَلحَقُ لاحقٌ ببيت المقدِس، ويلحقُ آخرون بالمدينة، ويلحقُ آخرون بمكة، ويلحقُ آخرون بالأعراب

(5)

، فلا يبقى أحدٌ من المصلِّين إلَّا قتيلًا وأسيرًا يحكمُون في دمِه ما شاؤوا.

قال: فانصرَفْنا عنه وقد ساءَنا الذي حدَّثَنا، فمَشَينا من عنده غيرَ بعيدٍ، ثم انصرف

(1)

في النسخ الخطية: يسوقونكم، بإثبات النون، والجادّة بإسقاطها.

(2)

جمع لِمَّةٍ: وهي الشَّعر الذي يجاوز شحمة الأُذن.

(3)

أي: يشدُّونها على أوساطهم.

(4)

زيادة من "تلخيص الذهبي".

(5)

هنا زيادة في "تلخيص المستدرك" للذهبي، ما نصه:"قال فينزلون البصرة سنة، ثم يرسلون إلى أهل الكوفة: أن اخرجوا منها قبل أن ننزل عليكم، فيخرج أهل الكوفة منها، فيلحق لاحق ببيت المقدس، ولاحق بالمدينة، وآخرون بمكة، وآخرون بالأعراب"، وليست في شيء من نسخنا الخطية!

ص: 339

المنتصرُ بنُ الحارث الضَّبِّي فقال: يا عبدَ الله بن عمرو قد حدَّثتنا فَظَعتَنا

(1)

فإنّا لا ندري من يدركُه منا، فحدِّثنا: هل بين يدَي ذلك علامةٌ؟ فقال عبد الله بن عمرو: لا تَعدَمْ عقلَك، نعم بين يدي ذلك أَمارةٌ، قال المنتصر بن الحارث: وما الأَمارةُ؟ قال: الأمارة: العَلَامة، قال له: وما تلك العلامة؟ قال: هي إِمارة الصِّبيان، فإذا رأيتَ إمارة الصِّبيان قد طَبَّقت الأرضَ، اعلَمْ أنَّ الذي أحدِّثُك قد جاء. قال: فانصرف عنه المنتصرُ فمشى قريبًا من غَلْوةٍ

(2)

ثم رجع إليه، قال: فقلنا له: عَلامَ تُؤْذِي هذا الشيخَ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: والله لا أَنتهي حتى يبيِّنَ لي، فلما رجع إليه بيَّنه

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8833 -

أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطَّان ببغداد، حدثنا أحمد بن عبيد الله النَّرْسي، حدثنا أَزهَر بن سعد، حدثنا عبد الله بن عَوْن، عن عِمران بن مسلم الخيَّاط، عن زيد بن وهب قال: كنا عند حُذَيفة في هذا المسجد فقال: أتَتكم أظلَّتكم تَرمي بالنَّشَف

(4)

، ثم التي بعدها تَرمي بالرَّضْف، ثم التي بعدها

(1)

اختلف إعجام هذه الكلمة في النسخ الخطية، وأنسب شيء لهذا المقام ما أثبتناه، يقال: فَظْعَ الأمرُ فهو فَظيع، أي: شديد شنيع جاوز المقدار.

(2)

الغلوة: قدر رمية بسهمٍ.

(3)

إسناده محتمل للتحسين من أجل سليمان بن الربيع فقد انفرد ابن بريدة بالرواية عنه، وذكره ابن حبان في "ثقاته". وهذا الخبر سلف مختصرًا برقم (8742) من طريق قتادة عن عبد الله بن بريدة. وأصله عن عبد الله بن عمر و صحيح كما سبق بيانه عند الرواية السالفة برقم (8627).

(4)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: بالقشف

بالوضح، والتصويب من كتب غريب الحديث. يريد بقوله:"أتتكم" الفتنَ، والنَّشَف: حجارة سود كأنها أُحرقت بالنار يحكُّ بها الوسخ عن اليد والرِّجل، واحدتها: نَشَفة، بالتحريك وقد تسكَّن، والرَّضف: حجارة مُحْماة على النار، واحدتها: رَضْفة. يعني: أنَّ الأولى من الفتن لا تؤثر في أديان الناس لخفّتها، والتي بعدها كهيئة حجارة أُحميت بالنار، فكانت رضفًا، فهي أبلغ في أديانهم وأثلم لأبدانهم. قاله ابن الأثير في "النهاية"(نشف).

ص: 340

المُظلِمة، ما فيكم رجل حيٌّ

(1)

يَرى ما ترون، لم يرَ فتنةَ المسيح فيراها أبدًا، قال: وفينا أعرابيٌّ من ربيعةَ ما فينا حيٌّ غيره، قال سبحانَ الله يا أصحاب محمد! كيف بالمَسيح وقد وُصِفَ لنا عريضَ الكَبْهة، مُشرِفَ الكَتَدِ

(2)

، بعيد ما بين المَنكِبَين؟! فأنا رأيت حذيفةَ رُدِعَ منها رَدْعةً

(3)

، قال: نَشَدتُك بالله، هل تدري كيف قلت؟ قال: قلتَ: ما فيكم رجل حيٌّ يَرى ما ترون، لم يرَ فتنةً الدجال فيراها أبدًا، قال: فأنا رأيتُ حذيفةَ تَسايَرَ عن

(4)

وجهه، قال: قلتُ: لأنه حَفِظَ الحديثَ على وجهه؟ قال: نعم. قال: ثم قال كلمةً ضعيفةً: أرأيتم يومَ الدارِ أمس، فإنها كانت فتنةً عامةً عمَّت الناس، قال: وفينا أعرابيٌّ من ربيعةَ ما فينا حيٌّ غيرُه، قال: سبحانَ الله يا أصحابَ محمد! فأين الذين يُبعِّقون لِقاحَنا

(5)

، ويَنقُبون بيوتَنا؟! قال: أولئك هم الفاسقون،

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حتى، وستأتي على الصواب لاحقًا.

(2)

تحرَّف في الطبعة الهندية إلى: عريض الجبهة مشرف الجيد. وقد روى هذا الحرف الخطابي في "غريب الحديث" 2/ 328 - 329 من طريق ربعي بن إبراهيم عن عبد الله بن عون عن عمران الخياط عن زيد بن وهب عن حذيفة. ثم فسَّره فقال: الكبهة لغة رديئة في الجبهة، ومثله في كلامهم: الكَبَل والرَّكُل، يريدون: الجبل والرجل، وهو من كلام جفاة الأعراب. والكَتد: ما بين أعلى الظهر والكاهل، والنعت منه أكتَد، أي: ضخم الكتد مشرفه.

وقال ابن الأثير في "النهاية"(كبه): أراد الجبهة فأخرج الجيم بين مخرجها ومخرج الكاف، وهي لغة قوم من العرب، ذكرها سيبويه مع ستة أحرف أخرى، وقال: إنها غير مستحسنة ولا كثيرة في لغة من ترضى عربيته.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: ودع منها ودعة، بالواو فيهما. والتصويب من كتاب الخطابي وغيره من كتب غريب الحديث. وقال الخطابي: قوله: "رُدع لها" معناه: وَجِم لها، أو ضجر حتى تغيّر لونه، من قولك: رَدَعتُ الثوبَ بالزعفران: إذا لوّنتَه به

يدلّ على هذا قوله في هذا الحديث: ثم تساير عن وجهه الغضب، وقد يكون رُدِع أيضًا بمعنى: ارتَدع عن الكلام وكفَّ.

(4)

قوله: "تساير عن" تحرَّف في النسخ الخطية إلى: يسارع، والتصويب من كتب الغريب كما سبق. والمعنى: ذهب عن وجهه الغضب.

(5)

أي: ينحرون إبلنا ويسيلون دماءها، يقال: قد انبعَقَ المطرُ: إذا سالَ فكثُر. قاله أبو عبيد =

ص: 341

مرتين، قال: ولقد خرجتُ يومَ الجَرَعَة

(1)

ولقد علمتُ أنه لم يُهرَقُ فيها مِحجَمةٌ من دم، وما نهيتُ عنها إلَّا ابن الحصرامة، وفينا أعرابي من ربيعةَ ما فينا حيٌّ غيرُه، قال: سبحانَ الله يا أصحابَ محمد، ابن الحصرامةِ دونَ الناس! فقال: إنها إذا أقبلَتْ كانت للقائم والقائل، وإنَّ ابنَ الحصرامةِ رجلٌ قوَّالةٌ

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، فقد احتجَّا بعِمران بن مسلم

(3)

، ولم يخرجاه.

8834 -

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مِهرانَ، حدثنا أبي، أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن بن وَهْب القُرشي، حدثنا عمِّي، أخبرني يونُس

= في غريب الحديث 4/ 129.

(1)

الجرعة: موضع بالكوفة، وانظر قصة يوم الجرعة عند المصنف برقم (2701) و (8851).

(2)

إسناده فيه لِين، عمران الخياط لا يكاد يُعرَف كما قال الذهبي في "ميزان الاعتدال"، وقد ترجمه البخاري في "التاريخ الكبير" 6/ 418 وابن حبان في "الثقات" 7/ 241، ولم يذكرا في الرواة عنه غير عبد الله بن عون، وزاد ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/ 308 منصورًا ومغيرة، وذكره ابن شاهين في "تاريخ أسماء الضعفاء" (486) وقال: لا شيء. ولم يسمِّ أحدٌ ممن سبق أباه، وذكروا أنه مولًى لجُعفيّ، زاد ابن حبان أنه من أهل الكوفة. وقد توبع عمران على بعضه، وباقي رجاله ثقات.

وأخرج بعضه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (39/ 478 - 479 من طريق جرير بن حازم، عن الصلت بن بهرام - أحد الثقات - عن زيد بن وهب، عن حذيفة.

وكذا أخرج بعضه بنحوه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(62) من طريق منصور، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة. وفي إسناده إسحاق بن أبي يحيى، وهو هالك.

وقد سلف منه عند المصنف برقم (8641) من حديث الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة قال: أتتكم الفتنة ترمي بالرضف، أتتكم الفتنة السوداء المظلمة. فانظره هناك

(3)

هذا وهمٌ من المصنف رحمه الله، فعمران بن مسلم الذي روى له الشيخان مِنقري من أهل البصرة معروف، وأما عمران هذا فهو غيره، ولم يقع أبوه مسمَّى إلّا في رواية المصنف هذه، وهو كوفي كما سبق.

ص: 342

ابن يزيد، عن عطاءٍ الخُراساني، عن يحيى بن أبي عمرو السَّيباني، عن حديث عمرو الحَضْرمي من أهل حمص، عن أبي أُمامة الباهِلى قال: خَطَبَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فكان أكثرُ خطبته ذِكرَ الدَّجال يحدِّثُنا عنه حتى فَرَغَ من خطبته، فكان فيما قال لنا يومئذٍ: "إنَّ الله تعالى لم يَبعَثْ نبيًّا إلَّا حذَّر أمَّتَه الدجالَ، وإني آخرُ الأنبياء وأنتم آخرُ الأمم، وهو خارجٌ فيكم لا مَحَالةَ، فإنْ يَخرُجْ وأنا بين أظهُرِكم، فأنا حَجِيجُ كلِّ مسلمٍ، وإنْ يَخرجْ فيكم بعدي، فكلُّ امرِئٍ حجيجُ نفسِه، واللهُ خَليفتي على كلِّ مسلمٍ، إنه يخرج من خَلَّةٍ بين العراق والشام، فعاثَ يمينًا وعاثَ شِمالًا، يا عبادَ الله فاثْبُتوا، فإنه يبدأُ فيقول: أنا نبيٌّ، ولا نبيَّ بعدي، ثم يُثنِّي فيقول: أنا ربُّكم ولن تَرَوا ربَّكم

(1)

حتى تموتوا، وإنه مكتوبٌ بين عينيه: كافرٌ، يقرؤُه كلُّ مؤمنٍ، فمن لَقِيَه منكم فليَتفُلْ

(2)

في وجهه وليَقرأْ فواتحَ سورة أصحاب الكهف، وإنه يُسلَّط على نفسٍ من بني آدم فيقتلُها ثم يُحيِيها، وإنه لا يَعْدُو ذلك، ولا يُسلَّطُ على نفسٍ غيرها.

وإنَّ من فتنتِه أنَّ معه جنةً ونارًا، فنارُه جنَّةٌ وجنَّتُه نارٌ، فمن ابتُلِيَ بنارِه فليُغمِضْ عينيه وليَستغِثْ بالله، تكون عليه بردًا وسلامًا كما كانت النار بردًا وسلامًا على إبراهيم، وإنَّ من فتنتِه أن يَمُرَّ على الحيِّ فيؤمنون به ويصدِّقونه فيدعو لهم، فتُمطِرُ السماءُ عليهم من يومهم، وتُخصِبُ لهم الأرضُ من يومها، وتَرُوحُ عليهم ماشيتُهم من يومها أعظمَ ما كانت وأسمنَه وأمدَّه خواصرَ وأدرَّه ضروعًا، ويمرُّ على الحيِّ فيكفرون به ويكذِّبونه فيدعو عليهم، فلا يُصبحُ لهم سارحٌ يَسرَحُ.

وإنَّ أيامه أربعون، فيومٌ كسَنةٍ، ويومٌ كشهرٍ، ويومٌ كجُمعةٍ، ويومٌ كالأيام، وآخرُ أيامه كالسَّراب، تَقدُرون الأيامَ الطُّوالَ ثم تصلُّون، يُصبِحُ الرجلُ عند باب المدينة

(1)

قوله: "فيقول: أنا ربكم، ولن تروا ربكم" سقط من النسخ الخطية وأثبت على هامش (ك) مصحّحًا عليه، وهو ثابت في "تلخيص الذهبي" وفيه:"وإنكم لن تروا ربكم".

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: فليقل، والتصويب من "التلخيص" ومصادر التخريج.

ص: 343

فيُمسي قبل أن يَبلُغَ بابَها الآخَر" قالوا: كيف نُصلِّي يا رسول الله في تلك الأيام القِصَار؟ قال: "تَقدُرون فيها ثم تصلُّون"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

8835 -

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق البَغَوي العدل ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا أبو معاوية شَيْبان بن عبد الرحمن، عن فِراس، عن عطيَّة العَوْفِي، عن أبي سعيد الخُدْري، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أَلَا كلُّ نبيٍّ قد أَنذَرَ أمَّتَه الدجالَ، وإنه يومَه هذا قد أكل الطعامَ، وإني عاهدٌ عهدًا لم يَعهَذه نبيٌّ لأمّتِه قبلي، ألا إنَّ عينَه اليمنى ممسوحة، الحَدَقةُ [جاحظةٌ] فلا تَخفَى

(2)

، كأنها نُخاعةٌ في جنب حائط، ألا وإنَّ عينه اليسرى كأنها كوكبٌ دُرِّيٌّ، معه مثلُ الجنة ومثلُ النار، فالنارُ روضةٌ خضراءُ والجنةُ غَبراءُ ذاتُ دخان، ألا وإنَّ بين يديه رَجُلين

(3)

يُنذِران أهلَ القرى، كلَّما دخلا قريةً أُنذِرَ أهلُها، فإذا خرجا منها دخلها أولُ أصحاب الدَّجّال، ويدخل القرى كلَّها غيرَ مكةَ والمدينةِ، حُرِّما عليه.

والمؤمنون متفرِّقون في الأرض، فيَجمَعُهم اللهُ له، فيقول رجل من المؤمنين

(1)

إسناده حسن، وعمرو الحضرمي: هو عمرو بن عبد الله السَّيباني الحضرمي، وقد سلف تحرير القول في تحسين حديثه عند الحديث رقم (8522). عمُّ أحمد بن عبد الرحمن: هو عبد الله بن وهب.

وأخرجه أبو داود (4322) من طريق ضمرة بن ربيعة، وابن ماجه (4077) من طريق إسماعيل بن رافع، كلاهما عن أبي زرعة يحيى بن أبي عمرو السيباني، به. وأسقط إسماعيل من إسناده عمرًا الحضرمي، وهو من أوهامه ففيه ضعف، ورواية ابن ماجه مطوّلة جدًّا، ولم يسق أبو داود لفظه وأحال على حديث النواس قبله.

وانظر تتمة تخريجه وشواهده في "سنن ابن ماجه" بتحقيقنا.

ومن شواهده حديث النواس بن سمعان عند مسلم، وقد سلف عند المصنف برقم (8718).

(2)

الزيادة من تلخيص المستدرك للذهبي، وقوله:"فلا تخفى" سقط من (ز) و (ب).

(3)

في النسخ الخطية: رجلان بالرفع، والجادّة ما أثبتنا.

ص: 344

لأصحابه: واللهِ لأَنطلقنَّ إلى هذا الرجل فلأَنظُرَنَّ: هو الذي أَنذَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أم لا، ثم ولَّى، فقال له أصحابه: والله لا نَدعُك، ولو أنَّا نعلمُ أنه يقتلُك إذا أتيتَه خلَّينا سبيلَك، ولكنا نخاف أن يَفتِنَك، فأَبَى عليهم الرجلُ المؤمن إلَّا أن يأتيَه، فانطلق يمشي حتى أَتى مسلَحةً من مَسالحِه، فأخذوه فسألوه: ما شأنُك وما تريد؟ قال لهم: أريد الدجالَ الكذابَ، قالوا: إنك تقول ذلك؟! قال: نعم، فأَرسَلوا إلى الدجال: أنّا قد أخَذْنا [مَن] يقول: كذا وكذا، فنقتلُه أو نرسلُه إليك؟ قال: أَرسِلوه إليَّ، فانطُلِقَ به حتى أُتِيَ به الدجالُ، فلما رآه عَرَفَه لنَعْتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال له الدجال: ما شأنُك؟ فقال له العبدُ المؤمن: أنت الدجالُ الكذابُ الذي أَنذَرَناك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال له الدجال: أنت تقولُ هذا؟ قال: نعم، قال له الدجال: أتُطِيعُني فيما أمرتُك أو لأَشُقَّنَّكَ شِقَّينِ؟ فنادى العبدُ المؤمن فقال: أيها الناس، هذا المسيحُ الكذَّابُ، فمَن عصاه فهو في الجنة، ومَن أطاعه فهو في النار، فقال له الدجال: والذي أَحلِفُ به لتُطِيعَنِّي أو لأشُقَّنَّكَ شِقَّين، فنادى العبدُ المؤمن فقال: أيها الناس، هذا المسيحُ الكذَّابُ، فمَن عصاه فهو في الجنة، ومن أطاعه فهو في النار. فمَدَّ برجله فوَضَعَ حديدةً على عَجْبِ ذَنَبِه فشقَّه شِقَّينِ، فلما فُعِلَ به ذلك، قال الدجالُ لأوليائه: أرأيتم إن أحييتُ هذا لكم، ألستم تعلمون أني ربُّكم؟ قالوا: بلى".

قال عطيّة: فحدَّثنَي أبو سعيد الخُدْري، أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال:"فضرب أحدَ شِقَّيه أو الصعيدَ عنده فاستوى قائمًا، فلما رآه أولياؤُه صدَّقوه وأيقَنوا أنه ربُّهم، وأجابوه واتَّبعوه، قال الدجال للعبد المؤمن: ألا تؤمنُ بي؟ قال له المؤمن: لأنا أشدُّ الآنَ فيك بصيرةً من قبلُ، ثم نادى في الناس: ألا إنَّ هذا المسيحُ الكذَّابُ، فمن أطاعه فهو في النار، ومن عَصَاه فهو في الجنة، فقال الدجال: والذي أَحلِفُ به لَتُطِيعَنِّي أو لأذبحنَّك، أو لأُلقينَّك في النار، فقال له المؤمن: والله لا أُطيعُك أبدًا، فأَمر به فأُضجِعَ"، قال: فقال لي أبو سعيد: إنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "جعل [اللهُ]

(1)

صفحتين من نُحاسٍ بين

(1)

زيادة من "التلخيص"، ولا بد منها.

ص: 345

تَراقِيهِ ورقبته - قال: وقال أبو سعيد: ما كنت أدري ما النحاسُ قبلَ يومئذٍ - فذهب ليذبحَه فلم يستطع، ولم يُسلَّطْ عليه بعد قتلِه إياه" قال: فإِنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: "فأَخذ بيديه ورِجْليه فألقاه في الجنة، وهي غبراءُ ذات دخانٍ يَحْسَبُها النارَ".

قال: فقال أبو سعيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ذاك الرجلُ أقربُ أمتي مني إذا رُفع إلى درجةٍ يومَ القيامة"

(1)

.

قال: فقال أبو سعيد: ما كان أصحابُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم يَحسَبون ذلك الرجلَ إِلَّا عمرَ بنَ الخطّاب، حتى سَلَكَ عمرُ سبيلَه.

قال: ثم قلت له: فكيف يَهلِكُ؟ قال: الله أعلمُ، قال: فقلت: أخبِرتُ أنَّ عيسى ابن مريم عليه السلام هو يهلكُه، فقال: اللهُ أعلمُ، غيرَ أنه يهلكُه اللهُ ومن تَبِعَه، قال: قلت: فمن يكون بعدَه، قال: حدثني نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: أنهم يَغرِسون بعدُ الغُروسَ، ويَتَّخِذون من بعدِه الأموال؟! قال: قلت: سبحانَ الله، أبعدَ الدَّجالِ يَغرِسون الغروسَ، ويتخذون من بعدِه الأموال؟! قال: نعم، حدَّثَني بذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(1)

هذه الفقرة سقطت من (ز) و (ب).

(2)

أصل الحديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عطية بن سعد العوفي، وبه أعلّه الذهبي في "التلخيص"، وقد توبع على أبعاضه. فراس: هو ابن يحيى الهَمْداني.

وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "مسانيد أبي يحيى فراس"(44) من طريق محمد بن إسحاق الصاغاني، عن محمد بن سابق بهذا الإسناد. وذكر أوله ولم يسقه بتمامه.

وأخرجه بنحوه مطولًا ومختصرًا: أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4523)، وعبد بن حميد كما في "منتخبه"(897)، وحنبل بن إسحاق في "الفتن"(17)، والبزار (3394 - كشف الأستار)، وأبو يعلى (1074) و (1366)، وعبد الغني المقدسي في "أخبار الدجال"(58)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 2/ 222 - 223 من طريقين عن عطية العوفي، عن أبي سعيد.

وأخرج قطعة منه ضمن حديث أبي أمامة الباهلي: ابن ماجه (4077) من طريق عبيد الله بن الوليد الوصّافي، عن عطية، عن أبي سعيد.

وأخرج قصة الرجل الذي يخرج إلى الدجال فيقتله بنحوها: أحمد 17/ (11318)، والبخاري (1882) و (7132)، ومسلم (2938)(112)، والنسائي (4261)، وابن حبان (6801) من =

ص: 346

هذا أعجبُ حديثٍ في ذكر الدجال، تفرَّد به عطيةُ بن سعد عن أبي سعيد الخُدْري، ولم يحتجَّ الشيخان بعطيّة.

8836 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري، حدثنا يحيى بن آدم حدثنا أبو بكر بن عيَّاش، عن محمد بن عبد الله مولى المغيرة بن شُعْبة، عن كعب بن علقمة [عن]

(1)

ابن حُجَيرة، عن عُقْبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَطلُعُ عليكم قبل الساعة سحابةٌ سوداءُ من قِبَل المغرب مثلُ التُّرْس، فما تزالُ ترتفعُ في السماء حتى تملأ السماءَ، ثم ينادي منادٍ: يا أيها الناس، فيُقبِلُ الناسُ بعضُهم على بعض: هل سمعتُم؟ فمنهم من يقول: نعم، ومنهم من يشكُّ، ثم ينادي الثانيةَ: يا أيها الناس، فيقول الناس: هل سمعتم؟ فيقولون: نعم، ثم ينادي: أيها الناس، أتى أمرُ الله فلا تَستعجِلوه"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فوالذي نَفْسي بيدِه، إنَّ الرَّجُلين ليَنشُرانِ الثوبَ فما يَطويانِه أو يتبايعانِه أبدًا، وإنَّ الرجلَ ليَمدُرُ حوضَه فما يسقي فيه شيئًا، وإنَّ الرجل ليحلُبُ ناقتَه فما يشربُه أبدًا، وشُغِلَ الناسُ"

(2)

.

= طريق الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي سعيد الخدري.

وأخرجها كذلك مسلم (2938)(113) من طريق أبي الودّاك جبر بن نوف البِكالي، عن أبي سعيد.

(1)

سقطت من النسخ الخطية.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة محمد بن عبد الله مولى المغيرة، فقد تفرَّد بالرواية عنه أبو بكر بن عياش، وذكره ابن حبان في "الثقات" 7/ 433 وسمّاه محمدَ بن عبيد الثقفي مولى المغيرة، وتساهل الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 331 فوثقه ابن حجيرة: هو عبد الرحمن.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (899) من طريق أبي كريب، عن يحيى بن آدم، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الأهوال"(25) من طريق محمد بن عمر الواقدي، عن هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ابن حجيرة، به. والواقدي متكلَّم فيه.

والشطر الثاني من الحديث صحيح لغيره، فقد روي عن أبي هريرة عند البخاري (6506) ومسلم =

ص: 347

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8837 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا أبو الجُماهِر محمد بن عثمان الدِّمشقي، حدثني الهيثم بن حُميد، أخبرني أبو مُعَيد حفص بن غَيْلان، عن عطاء بن أبي رَبَاح قال: كنت مع عبد الله بن عمر، أَتاه فتًى يسألُه عن إسدال العِمامة، فقال ابن عمر: سأخبرُك عن ذلك بعلمٍ إن شاء الله، كنتُ عاشرَ عَشَرةٍ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أبو بكر وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ وابنُ مسعود وحذيفةُ وابنُ عَوْف وأبو سعيدٍ الخُدْري، فجاء فتًى من الأنصار فسلَّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس، فقال: يا رسول الله، أيُّ المؤمنين أفضلُ؟ قال:"أحسنُهم خُلُقًا" قال: فأيُّ المؤمنين أكيَسُ؟ قال: "أكثرُهم للموت ذِكرًا، وأحسنُهم له استعدادًا قبل أن يَنزِلَ بهم، أولئك من الأَكْياس".

ثم سَكَتَ الفتى، وأقبل عليه

(1)

النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: "يا معشرَ المهاجرين، خمسٌ إن ابتُلِيتم بهن، ونَزَل

(2)

فيكم أعوذُ بالله أن تُدركوهنَّ: لم تَظهَرِ الفاحشةُ في قوم قطُّ حتى يَعمَلوها

(3)

إلَّا ظهر فيهم الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تكن مَضَت في أسلافِكم، ولم يَنقُصوا المِكيالَ والميزانَ إِلَّا أُخِذوا بالسِّنين وشدَّة المَؤونة وجَوْر السلطان عليهم، ولم يَمنَعوا زكاة أموالهم إلَّا مُنِعوا القَطْرَ من السماء، ولولا البهائمُ لم يُمطَروا، ولم يَنقُضوا عهدَ الله وعهدَ رسوله إلَّا سُلِّط عليهم عدوُّهم من غيرِهم وأَخَذوا بعضَ ما كان في أيديهم، وما لم يَحكُمْ أئمَّتُهم بكتاب الله إِلَّا أَلقى

(4)

الله بأسَهم بينهم".

= (2954)، وانظر "مسند أحمد" 14/ (8824).

قوله: "ليمدر حوضه" أي: يصلحه بالمَدَر، وهو الطِّين.

(1)

عند البزار والطبراني - حيث روياه من طريق أبي الجماهر -: أقبل علينا.

(2)

عند الطبراني: ونزلن.

(3)

عند الطبراني: يُعلنوا بها.

(4)

في النسخ الخطية: إلّا أمر، والمثبت من "تلخيص الذهبي".

ص: 348

ثم أَمَرَ عبد الرحمن بن عوفٍ يتجهَّزُ لسَرِيَّة بَعَثَه عليها، وأصبح عبدُ الرحمن قد اعتَمَّ بعمامةٍ من كَرَابيسَ سوداءَ، فأدناه النبيُّ صلى الله عليه وسلم ثم نَقضَه وعمَّمه بعمامةٍ بيضاءَ، وأرسلَ من خلفِه أربعَ أصابعَ ونحوَ ذلك، وقال:"هكذا يا ابنَ عوفٍ اعتَمَّ، فإنه أعرَبُ وأحسنُ"، ثم أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بلالًا أن يدفع إليه اللِّواءَ، فَحَمِدَ الله وصلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال:"خُذِ ابنَ عوفٍ، فاغزُوا جميعًا في سبيل الله، فقاتِلُوا مَن كَفَر بالله، ولا تَغلُّوا ولا تَغدِروا ولا تُمثِّلوا ولا تَقتُلوا وَليدًا، فهذا عهدُ اللهِ وسيرةُ نبيِّه" صلى الله عليه وسلم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8838 -

أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد النَّحْوي ببغداد، حدثنا عبد الكريم بن الهيثم.

وأخبرني أبو محمد المُزَني - واللفظ له - حدثنا علي بن محمد بن عيسى؛ قالا: حدثنا أبو اليَمَان، أخبرني شعيب، عن الزُّهْري قال: أخبرني طلحةُ بن عبد الله بن عَوْف، عن أبي بَكْرة أخي زيادٍ لأمِّه.

(1)

إسناده حسن من أجل حفص بن غيلان.

وأخرجه البزار في مسنده (6175) عن جعفر بن محمد بن الفضيل، والطبراني في "الأوسط"(4671) و "مسند الشاميين"(1558) و (1559) عن أبي زرعة الدمشقي، كلاهما عن أبي الجماهر محمد بن عثمان، بهذا الإسناد.

وأخرج ابن ماجه القطعة الأولى منه برقم (4259) من طريق نافع بن عبد الله، عن فروة بن قيس، عن عطاء بن أبي رباح، به.

وأخرج أيضًا القطعة الثانية برقم (4019) من طريق خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن عطاء، به. والإسنادان ضعيفان.

الأكياس: جمع كيِّس، وهو الفَطِن النبيه.

والكرابيس: القطن.

قوله: "أعرب" أي: أكثر وضوحًا وبيانًا؛ يعني للوجه.

ص: 349

وأخبرني محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنعاني بمكة حَرَسَها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبَّاد، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزُّهري، عن طلحة بن عبد الله بن عَوف، عن أبي بَكْرة أخي زيادٍ لأمِّه، قال: أكثرَ الناسُ في شأن مُسيلِمةَ الكذّابِ قبل أن يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَأَثنى على الله بما هو أهلُه، ثم قال:"أما بعدُ، في شأنِ هذا الرجل، فقد أكثرتُم في شأنه، فإنه كذّابٌ من ثلاثين كذّابًا يخرجون قبلَ الدَّجال، وإنه ليس بلدٌ إِلَّا يَدخُلُه رُعْبُ المسيح إلَّا المدينةَ، على كلِّ نَقْبٍ من نِقَابِها يومَئِذٍ مَلَكَانِ يَذُبَّانِ عنها رعبَ المسيح"

(1)

.

قد احتجَّ مسلمٌ بطلحة بن عبد الله بن عَوْف

(2)

.

وقد أَعضَلَ معمرٌ وشعيبُ بن أبي حمزة هذا الإسناد عن الزُّهْري، فإنَّ طلحة بن عبد الله لم يَسمَعه من أبي بَكْرة، إنما سمعه من عِيَاض بن مُسافِع عن أبي بكرة، هكذا رواه يونسُ بن يزيد وعُقَيلُ بن خالد عن الزُّهري.

أما حديثُ يونس:

8839 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحر بن نَصْر، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس، عن الزُّهري، أنَّ طلحة بن عبد الله بن عوف حدَّثَه عن عِياض بن مُسافِع، عن أبي بَكْرةَ أخي زيادٍ لأمِّه، قال: لما أكثرَ الناسُ في شأن

(1)

صحيح لغيره، وهذان الإسنادان على ثقة رجالهما منقطعان كما سيبيّن المصنف. أبو اليمان: هو الحكم بن نافع، وشعيب: هو ابن أبي حمزة.

وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(3216) عن أبي زرعة الدمشقي، عن أبي اليمان، بهذا الإسناد.

وأما رواية معمر، فهي في "جامعه" برقم (20823).

وأخرجه أحمد 34/ (20428) عن عبد الرزاق، به.

وأخرجه أيضًا (20476) عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن معمر، به وانظر ما بعده.

(2)

هذا ذهولٌ من المصنف رحمه الله، فالذي احتجَّ بطلحة هذا إنما هو البخاري لا مسلم.

ص: 350

مُسلِمةَ الكذَّاب قبل أن يقولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ما قال، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فَأَثْنَى على الله بما هو أهلُه، ثم قال: "أما بعدُ، فقد أكثرتُم في شأنِ هذا الرجل، وإنه كذَّابٌ من ثلاثينَ كذابًا يخرجون قبلَ الدَّجال، وإنه ليس بلدٌ إِلَّا سَيَدخلُه رُعْبُ المسيحِ إِلَّا المدينةَ على كل نَقْبٍ من نِقَابِها

(1)

يومئذٍ مَلَكان يَذُبَّانِ عنها رُعْبَ المسيح"

(2)

.

وأما حديث عُقَيل بن خالد:

8840 -

فحدَّثَناه أبو النَّضر الفقيه وأبو الحسن العَنَزي قالا: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا عبد الله بن صالح المِصري، حدثني الليث، حدثني عُقَيل، عن ابن شِهاب، أخبرني طلحة بن عبد الله بن عوف، أنَّ عِياضَ بن مُسافِع أخبره، أَنَّ أبا بَكْرة أخا زيادٍ لأمِّه أخبره: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فخَطَبَ فَأَثنى على الله بما هو أهلُه،

(1)

في (ز) و (ك): نقبانها، والمثبت من (م) و (ب).

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل عياض بن مسافع، فقد انفرد بالرواية عنه أحد التابعين الثقات، وهو طلحة بن عبد الله قاضي المدينة، ولم يوثقه غير ابن حبان، ولا يعرف لعياض بن مسافع غير هذا الحديث، وهو متابع عليه.

وأخرجه ابن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 576، والطحاوي في "مشكل الآثار"(2952)، وابن حبان (6652) من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 34/ (20465) من طريق ابن أخي ابن شهاب الزهري، عن عمِّه، به.

والشطر الثاني منه في رعب المسيح الدجال سيأتي لاحقًا برقم (8841) من وجه آخر صحيح عن أبي بكرة.

وأما الشطر الأول، فيشهد له حديث أبي هريرة عند البخاري (3609) و (7121) ومسلم (2923) (84) مرفوعًا بلفظ:"لا تقوم الساعة حتى يُبعثَ دجالون كذابون قريبًا من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله".

ويشهد للشطر الثاني حديث أبي هريرة عند البخاري (1880) ومسلم (1379).

وحديث أنس بن مالك عند البخاري (1881) ومسلم (2943).

وحديث أبي سعيد الخدري عند مسلم (1374).

وحديث أبي هريرة وسعد الآتي عند المصنف لاحقًا برقم (8842)

ص: 351

ثم قال: "أما بعدُ، فقد أكثرتُم في شأنِ مُسيلِمة، وإنه كذَّابٌ من جُمْلة ثلاثينَ كذّابًا يخرجون قبلَ الدَّجال"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد رواه سعدُ بن إبراهيم الزُّهْري عن أبيه عن أبي بَكْرة مختصرًا:

8841 -

حدَّثناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أَبي، عن أبيه، عن جدِّه، عن أبي بَكْرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يدخلُ المدينةَ رعبُ المسيحِ الدَّجال، لها يومئذٍ سبعةُ أبواب، لكلِّ بابٍ منها مَلَكانٍ"

(2)

.

8842 -

أخبرني أحمد بن محمد بن سَلَمة العنزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا أبو أسامة، عن أسامة بن زيد، عن أبي عبد الله القرّاظ قال: سمعت سعدَ بنَ مالك وأبا هريرة يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ بارِكْ لأهل المدينة في مُدِّهم وفي صاعِهم، وباركْ لهم في مدينتِهم، اللهمَّ إِنَّ إبراهيم عليه السلام عبدُك وخَليلُك، وأنا عبدُك ورسولُك، فإنَّ إبراهيمَ سألك لمكَّةَ، وإني أسألُك للمدينةِ مثلَ ما سألك إبراهيمُ لمكَّةَ ومثلَه معه.

ألَا إِنَّ المدينة مُشتبِكةٌ بالملائكة، على كل نَقْبٍ مِنها مَلَكانِ يَحرُسانِها، لا يدخلُها الطاعونُ والدجالُ.

(1)

صحيح لغيره كسابقه.

وأخرجه أحمد 34/ (20464) عن حجاج بن محمد المصيصي، عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد 34/ (20442) عن يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد. أيضًا (20441) عن سليمان بن داود الهاشمي، والبخاري (1879) و (7125) عن عبد العزيز بن عبد الله الأُويسي، كلاهما عن إبراهيم بن سعد، به.

وأخرجه أحمد (20475)، والبخاري (7126)، وابن حبان (3731) و (6805) من طريق مسعر بن كدام، عن سعد بن إبراهيم، به.

ص: 352

مَن أراد أهلَها بسوءٍ، أذابه الله كما يذوبُ المِلحُ في الماء"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!

8843 -

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري وعلي بن عيسى الحِيري قالا: حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المثنَّى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعبة، عن خالدٍ الحذّاء، عن عبد الله بن شَقيق، عن عبد الله بن سُراقة، عن أبي عُبيدة بن الجرَّاح، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ذَكَر الدجالَ، فحَلَّاه بحِلْيةٍ لا أَحفظُها، قالوا: يا رسول الله، قلوبُنا يومئذٍ كاليومِ؟ قال:"أو خيرٌ"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أسامة بن زيد: وهو اللَّيثي. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وأبو عبد الله القرّاظ: اسمه دينار، وسعد بن مالك: هو سعد بن أبي وقَّاص.

وأخرجه أحمد 3/ (1593) و 14/ (8373)، ومسلم (1387)(495) من طريقين عن أسامة بن زيد بهذا الإسناد. ولم يسق مسلم لفظه بتمامه.

وأخرج الفقرة الأولى منه: مسلم (1373)، والترمذي (3454)، والنسائي (10061)، وابن حبان (3747) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة وحده.

وأخرج الفقرة الثانية: أحمد 12/ (7234)، والبخاري (1880) و (5731) و (7133)، ومسلم (1379)، والنسائي (4259) و (7484) من طريق نعيم بن عبد الله المُجمِر، وأحمد 14/ (8917) من طريق أبي صالح السمان، كلاهما عن أبي هريرة.

وأخرج الفقرة الثالثة: أحمد 3/ (1558)، ومسلم (1387)(494)، والنسائي (4253) من طريق عمر بن نبيه، عن أبي عبد الله القراظ عن سعد وحده.

وأخرجها مسلم (1386) من طرق أخرى عن القراظ، عن أبي هريرة وحده.

وأخرجها البخاري (1877) من طريق عائشة بنت سعد، والنسائي (4265) من طريق عامر بن سعد كلاهما عن أبيهما سعد.

والنَّقْب: المنفذ أو المدخل.

(2)

إسناده ضعيف لتفرد عبد الله بن سراقة به ومخالفة معناه لغيره من الأحاديث كما سيأتي، وعبد الله بن سراقة هذا جعله بعضهم واحدًا، وهو العدوي الصحابي، كابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(233) ويعقوب بن شيبة وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 29/ 12 - 13، وساقوا له هذا الحديث، وجعله آخرون غيرَه كالعجلي وابن حبان كلاهما في "الثقات"، والبخاري في "التاريخ =

ص: 353

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد رواه حماد بن سَلَمة عن خالد الحذّاء، وساقه أتمَّ من حديث شُعبة:

8844 -

حدَّثناه محمدُ بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِي بن خُزيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد سَلَمة، حدثنا خالد، عن عبد الله بن شقيق، عن عبد الله بن سُرَاقة، عن أبي عُبيدة بن الجرّاح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه لم يكن نبيٌّ بعد نوحِ إلَّا وقد أنذَرَ أمّتَه الدجالَ، وإني أُنذِرُكُموه"، فَوَصَفَه لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنكم ستُدركونه أو سيدركُه بعضُ من رآني وسَمِع منِّي" قلنا: يا رسول الله، قلوبُنا يومئذٍ كما هي اليومَ؟ قال:"أو خيرٌ"

(1)

.

= الكبير" 5/ 97 وقال بعد أن ساق له هذا الحديث: عبد الله بن سراقة لا يعرف له سماع من أبي عبيدة. وتبع البخاريَّ العقيليُّ في "الضعفاء" وابنُ عدي في "الكامل"، وذهب إلى التفريق بينهما الحافظان المزّي وابن حجر، ونسبا الثاني أزديًّا، ولم يذكروا راويًا عنه غير عبد الله بن شقيق العقيلي.

وأخرجه أحمد 3/ (1692) عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

ومعنى هذا الحديث: أنَّ الناس بعامّة يكونون في ذلك الزمان على أحسن أحوالهم من الخير والإيمان، وهذا يخالف ما في حديث جابر المتقدم برقم (8827) الذي فيه: أنَّ الدجال يخرج في خفّة من الدين وإدبار من العلم، وما في حديث أبي هريرة عند ابن حبان (6812) الذي فيه: أنه يخرج في زمان اختلاف من الناس وفُرقة، وهما أصح إسنادًا من هذا الحديث، والله أعلم.

(1)

أوله صحيح لغيره، وإسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه أبو داود (4756) عن موسى بن إسماعيل التبوذكي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 3/ (1693)، والترمذي (2234)، وابن حبان ((6778) من طرق عن حماد بن سلمة، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

ويشهد لأوله حديث أنس بن مالك عند البخاري (7131) ومسلم (2933)، ولفظه:"ما بُعث نبي إلّا أنذر أمتَه الأعورَ الكذاب".

وحديث سعد بن أبي وقاص عن أحمد 3/ (1526) وغيره، ولفظه:"إنه لم يكن نبي إلَّا وصف الدجالَ لأمته".

ص: 354

8845 -

وحدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِي بن خُزيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سَلَمة، حدثنا سعيد الجُريري، عن عبد الله بن شَقيق، عن مِحجَن بن الأدرَع: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خَطَبَ الناسَ فقال: "يومُ الخَلَاص، وما يومُ الخَلَاص؟ " ثلاثَ مرات، فقيل: يا رسول الله، ما يومُ الخلاص؟ فقال:"يجيء الدجالُ فيَصعَدُ أُحدًا، فيطَّلِعُ فيَنظُرُ إلى المدينةَ، فيقول لأصحابه: ألا ترونَ إلى هذا القصر الأبيض، هذا مسجدُ أحمد، ثم يأتي المدينةَ فيجدُ بكلِّ نَقْبٍ من نِقابِها مَلَكًا مُصلِتًا، فيأتي سَبَخةَ الجُرُفِ فيضربُ رِواقَه، ثم تَرجُفُ المدينةُ ثلاثَ رَجَفات، فلا يبقى منافقٌ ولا منافقةٌ، ولا فاسقٌ ولا فاسقةٌ، إِلَّا خرج إليه، فتَخلُصُ المدينةُ، وذلك يومُ الخَلَاص"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8846 -

أخبرنا أبو العباس قاسم بن القاسم السَّيّاري بمَرْو، حدثنا أبو الموجِّه محمد بن عمرو الفَزَاري، حدثنا عَبْدانُ بن عثمان، أخبرني أبي، عن شُعبة، عن النُّعمان

(1)

صحيح لغيره دون قوله: "فيقول لأصحابه: ألا ترون هذا القصر الأبيض هذا مسجد أحمد فلم يجئ إلّا في حديث محجن هذا، ورجال إسناده عن آخرهم ثقات، إلّا أنَّ عبد الله بن شقيق أدخل بينه وبين محجن بن الأدرع في بعض حديثه رجاء بنَ أبي رجاء كما سبق بيانه عند الحديث رقم (8520)، ورجاء هذا قد تفرَّد بالرواية عنه عبد الله بن شقيق على أنَّ سماع عبد الله من محجن غير مدفوع، فقد سمع ممَّن هو أقدم وفاةً منه، ثم إنه بلديُّه، فكلاهما بصريٌّ.

وأخرجه أحمد 31/ (18975)، وحنبل بن إسحاق في "الفتن"(13)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 66، والمستغفري في "دلائل النبوة"(332) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

ويشهد له دون قصة القصر الأبيض: حديث جابر عند أحمد 22/ (14112)، ورجاله ثقات.

وحديث أنس عند أحمد 20/ (12986)، والبخاري (1881)، ومسلم (2943).

وحديث أبي أمامة عند ابن ماجه (4077) في حديث طويل.

وسَبَخة الجُرُف: السبخة: الأرض المالحة، والجُرُف: موضع بالمدينة من ناحية الشام.

ص: 355

ابن سالم، عن يعقوب بن عاصم، عن عبد الله بن عمرو قال: والله لولا شيءٌ ما حدَّثتُكم حديثًا، قالوا: إنك قلتَ: لا تقومُ الساعةُ إلى كذا وكذا، قال: إنما قلتُ: لا يكونُ كذا وكذا حتى يكونَ أمرٌ عظيمٌ

(1)

، فقد كان ذاكَ، فقد حُرِّق البيتُ، وكان كذا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يخرج الدَّجالُ فيلبَتُ في أمتي ما شاء الله، يَلبَثُ أربعين"، ولا أدري ليلةً أو شهرًا أو سنةً، قال:"ثم يَبْعَثُ الله عيسى ابنَ مريمَ عليه السلام كأنه عُرُوةُ بنُ مسعود الثَّقفي، قال: فيطلبُه حتى يُهلِكَه، قال: ثم يبقى الناسُ سبعَ سنين، ليس بين اثنين عَدَاوَةٌ، قال: فيبعثُ الله ريحًا باردةً تجيءُ من قِبَل الشام، فلا تَدَعُ أحدًا في قلبه مثقال ذرّةِ إيمانٍ إِلَّا قَبَضَت روحَه، [حتى] لو أن أحدَكم في كَبِدِ جبلٍ [دَخَلَت عليه"، سمعت هذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم: كَبِد جبل]

(2)

قال: "ثم يبقى شِرارُ الناس، من لا يعرفُ معروفًا ولا ينكرُ منكرًا، في خِفّة الطير وأحلام السِّباع، قال: فيجيئُهم الشيطانُ فيقول: ألا تستجيبونَ؟ قال: فيقولون: ماذا تأمرُنا؟ قال: فيأمرُهم بعبادة الأوثان فيَعبُدونها، وهم في ذلك دارٌّ رِزقُهم، حسنٌ عيَشُهم، قال: ثم يُنفَخُ في الصُّور فلا يَسمعُه أحدٌ إِلَّا أَصغَى، فيكونُ أولَ من يَسمعُه رجلٌ يَلُوطُ حوضَ إبلِه، قال: فيَصعَةُ، ثم يَصعَقُ الناسُ، فيُرسِلُ الله مطرًا كأنه الطَّلُّ، قال: فَتَنبُتُ أجسادُهم، قال: ثم يُنفَخُ فيه فإذا هم قيامٌ يَنظُرون، فيقال: هَلُمَّ إلى ربِّكم، قِفُوهم إنهم مسؤُولون، قال: فيقال: أَخرجوا بَعْثَ النارِ، قال: فيقال: كم؟ فيقال: من كلِّ ألفٍ تسعَ مئة وتسعةً وتسعين"

(3)

.

(1)

في النسخ الخطية: أمرًا عظيمًا، على النصب، ولا وجه له، فإن "يكون" هنا تامّة، والمعنى: حتى يحصل أمر عظيم.

(2)

ما بين المعقوفين ليس في نسخنا الخطية، وهو من "تلخيص الذهبي".

(3)

إسناده صحيح. عبدان بن عثمان: هو عبد الله بن عثمان بن جَبَلة المروزي، وعبدانُ لقبة.

وقد انفرد المصنف بإخراج هذا الحديث من طريق عبدان، وسيأتي برقم (8867) من طريق =

ص: 356

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8847 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرُو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن إبراهيم بن مُهاجِر، عن مجاهد، عن مُورِّق، عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أَرى ما لا تَرَون، وأسمعُ ما لا تَسمعون، إنَّ السماء أَطَّتْ، وحُقَّ لها أن تَئِطَّ، ما فيها - أو ما منها - موضعُ أربعِ أصابعَ إلَّا ومَلَكٌ واضعٌ جبهتَه ساجدًا

(1)

لله، والله لو تعلمون ما أعلمُ لَضحِكتُم قليلًا ولبكيتُم كثيرًا، وما تلذَّذتُم بالنساء على الفُرُشات

(2)

، ولخرجتُم إلى الصُّعُدات تجأَرُون إلى الله"، والله لوَدِدتُ أن كنت شجرةً تُعضَدُ

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8848 -

حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى وأبو محمد بن زياد الدَّورَقي قالا: حدثنا الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيمة، حدثنا محمد بن حسَّان الأزرق، حدثنا رَيْحان بن سعيد حدثنا عَبَّاد - هو ابن منصور - عن أيوب، عن أبي قِلابةَ، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيُدرِكُ رِجالٌ

(4)

من أمَّتي عيسى ابنَ مريمَ عليهما السلام، ويشهدون

(5)

قتالَ الدَّجّال"

(6)

.

= محمد بن جعفر عن شعبة، وانظر تخريجه هناك. واستدراك المصنف له ذهولٌ، فإنه عند مسلم في "صحيحه" كما سيأتي.

(1)

في (ز) و (ب): ساجد، على صورة الرفع والمثبت من (ك) و (م)، وهو الجادَّة.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى فرحات.

(3)

حسن لغيره، وقد سلف برقم (3927) من طريق أحمد بن حازم الغفاري عن عبيد الله بن موسى. وسيأتي مكررًا بالإسناد الذي هنا برقم (8941).

(4)

في النسخ الخطية: رجلان، والمثبت هو الصواب كما في مصادر التخريج.

(5)

في النسخ الخطية ويشهدوا، والجادَّة بإثبات النون.

(6)

إسناده ضعيف لضعف عباد بن منصور، والراوي عنه ريحان بن سعيد ليس بذاك القوي.

أبو محمد بن زياد الدورقي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن زياد ابن بنت أحمد بن إبراهيم =

ص: 357

8849 -

حدثنا محمد بن المظفر الحافظ، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا محمد

(1)

بن مُصفَّى الحِمصي، حدثنا إسماعيل، عن أيوب، عن أبي قِلَابة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدرَكَ منكم عيسى ابنَ مريمَ، فليُقرِئْه مني السلامَ"

(2)

. صلَّى الله عليهما.

إسماعيل هذا أظنُّه ابنَ عيَّاش، ولم يحتجّا به.

8850 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد

(3)

بن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية، عن أبي مالك الأشجعيِّ، عن رِبْعيٍّ، عن حُذَيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَدرُسُ الإسلام كما يَدرُسُ وَشْيُ الثوب، لا يُدرَى ما صيامٌ ولا صدقةٌ ولا نُسُك،

= الدورقي، وأيوب: هو السختياني، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 4/ 339 عن إسماعيل بن إبراهيم بن سمعان الصيرفي، عن محمد بن حسان الأزرق، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي في العلل "الكبير"(605)، والبزار (6773)، وأبو يعلى (2820) عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن ريحان بن سعيد به قال الترمذي: سألت محمدًا (يعني البخاري) هذا الحديث فلم يعرفه، واستحسنه جدًّا.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(4160) من طريق معاوية بن واهب بن سوّار، عن عمِّه أنيس بن سوار، عن أيوب، به. ومعاوية بن واهب هذا لا يُعرف، ولم نقف له على ترجمة، وعمّه أنيس ذكره البخاري في "تاريخه" وابن أبي حاتم وابن حبان في "ثقاته"، وفي حاله جهالة.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: محمود، والتصويب من "إتحاف المهرة"(1271).

(2)

إسناده حسن إن سَلِمَ من تدليس محمد بن مصفَّى الحمصي، وهو صدوق عرف بتدليس التسوية، وإسماعيل هذا هو ابن عُليّة، وليس ابن عياش كما ظنه المصنف، فإنَّ ابن عياش لا تعرف له رواية أبدًا عن أيوب - وهو ابن أبي تميمة السختياني - أما ابن علية فروايته عنه مشهورة معروفة عند أصحاب الكتب الستة وغيرهم. أبو قلابة هو عبد الله بن زيد الجَرْمي.

وهذا الحديث لم نقف عليه عند غير المصنف.

(3)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: محمد، والتصويب من "إتحاف المهرة"(4262)، وقد تكررت سلسلة الإسناد هذه عند المصنف في عشرين موضعًا تقريبًا على الصواب، وأحمد بن عبد الجبار: هو العُطاردي.

ص: 358

ويُسرَى على كتاب الله عز وجل في ليلةٍ فلا يبقى في الأرض منه آيةٌ، ويبقى طوائفُ من الناس، الشيخُ الكبير والعجوزُ الكبيرة، يقولون: أدرَكْنا آباءَنا على هذه الكلمة: لا إله إلَّا الله، فنحن نقولُها".

فقال له صِلةُ: فما تُغْني عنهم لا إله إلَّا الله، لا يَدرُون ما صيامٌ ولا صدقةٌ ولا نُسُك؟! فأعرضَ عنه حذيفةُ

(1)

، ثم أَقبل عليه في الثالثة فقال: يا صلةُ، تُنجِيهم من النار، تُنجِيهم من النار، تُنجِيهم من النار

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8851 -

أخبرني أبو جعفر محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم الغِفاري، حدثنا قَبِيصة بن عُقْبة، حدثنا سفيان، عن عوف، عن أنس بن سِيرين، عن أبي عُبيدة، عن عبد الله قال: مضت الآياتُ غيرَ أربعةٍ: الدجالِ، والدابةِ، ويأجوجَ ومأجوجَ، وطلوع الشمس من مَغرِبِها، والآيةُ التي يُختَم بها الشمسُ، ثم قرأ:{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ} [الأنعام: 158]

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

زاد بعد هذا في "التلخيص": فردّد عليه ثلاثًا كل ذلك يعرض عنه.

(2)

صحيح موقوفًا كما سبق بيانه عند الحديث (8526)، حيث رواه هناك من طريق أبي كريب محمد بن العلاء عن أبي معاوية.

(3)

خبر صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات عن آخرهم إلّا أنه منقطع بين أبي عبيدة وأبيه عبد الله بن مسعود، فإنه لم يسمع منه، مات أبوه وهو صغير. سفيان: هو الثوري، وعوف: هو ابن أبي جميلة.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 101 من طريقين عن عوف، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه نعيم بن حماد في "الفتن"(1855)، وابن أبي شيبة 15/ 179، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4498) من طريق ابن سيرين، والدولابي في "الكنى والأسماء"(1639) من طريق أبي الكنود، كلاهما عن عبد الله بن مسعود. ورواية ابن سيرين - وسماه عند نعيم محمدًا - عن ابن مسعود منقطعة، ورواية أبي الكنود - وهو الأزدي الكوفي - عنه متصلة إلّا أنَّ في إسنادها إليه من لم نعرفه.

وانظر ما سلف برقم (3922) من طريق مسروق عن ابن مسعود.

ص: 359

8852 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن مَسلَمة الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوَّام بن حَوشَب، عن جَبَلة بن سُحَيم، عن مُؤْثِر بن عَفَازة، عن عبد الله بن مسعود قال: لما كان ليلةُ أُسرِيَ برسول الله صلى الله عليه وسلم لقيَ إبراهيمَ وموسى وعيسى عليهم السلام، فبَدؤوا بإبراهيم فسألوه عنها، فلم يكن عنده منها عِلمٌ، فسألوا موسى فلم يكن عنده منها علمٌ، فردُّوا الحديثَ إلى عيسى فقال: عَهِدَ اللهُ إليَّ فيما دونَ وَجْبتها، فأما وجبتُها فلا يعلمُها إِلَّا اللهُ عز وجل فذكر من خروج الدجال - فأَهبِطُ فأقتلُه، فيَرجعُ الناسُ إلى بلادهم، فيَستقبلُهم

(1)

يأجوجُ ومأجوجُ وهم من كلِّ حَدَبٍ يَنسِلون، لا يمرُّون بماءٍ إِلَّا شربوه، ولا بشيءٍ إلا أفسَدوه، فيجأَرون إليَّ، فأدعُو الله فيرسلُ السماءَ بالماء فيَحمِلُهم فيَقذفُ أجسامَهم في البحر، ثم تُنسَفُ الجبال، وتُمَدُّ الأرضُ مدَّ الأَديم، وعَهِدَ اللهُ إِليَّ أنه إذا كان ذلك [فإنَّ] الساعةَ من الناس كالحامل المُتِمِّ لا يدري أهلُها متى تَفجَؤُهم بوِلادِها، أليلًا أم نهارًا.

قال العوَّام: فوجدتُ تصديق ذلك في كتاب الله عز وجل، ثم قرأ:{حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} [الأنبياء: 95 - 96]

(2)

.

8853 -

أخبرنا أبو عثمان بن أحمد بن السَّماك الزاهد ببغداد، حدثنا حَنبَل بن إسحاق بن حنبل، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن حُمَيد، عن أنس، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الأَمَارَاتُ خَرَزاتٌ منظوماتٌ بسِلْك، فإذا انقَطَع السِّلكُ تَبعَ بعضَه"

(3)

.

(1)

في النسخ الخطية: فيستقبلوهم، والمثبت هو الجادّة.

(2)

إسناده ضعيف من جهة تفرُّد مؤثر بن عفازة بهذا السياق كما سلف بيانه برقم (3489). ومحمد بن مسلمة الواسطي وإن كان ليِّن الحديث، قد توبع عليه عن يزيد بن هارون فيما سلف.

(3)

إسناده صحيح. وهو من أفراد المصنف لم نقف عليه مخرَّجًا من حديث أنس عند غيره. =

ص: 360

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.

8854 -

أخبرني أبو الطيّب محمد بن الحسن الحِيري، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، حدثنا يعلى بن عُبيد، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: خرج حُذَيفةُ بظَهْر الكوفة ومعه رجلٌ، فالْتفَتَ إلى جانب الفُرات، فقال لصاحبه: كيف أنتم يومَ تراهم يَخرُجون أو يُخرَجون منها لا يَذُوقون منها قطْرةً؟! قال رجل: وتظنُّ ذاك يا أبا عبد الله؟! قال: ما أظنُّه، ولكن أَعلمُه

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8855 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عفَّان بن مسلم ومسلم بن إبراهيم قالا: حدثنا شُعْبة، عن عمرو بن مُرَّة قال: سمعت أبا البَخْتَري يحدِّث عن أبي ثَوْر قال: كنت جالسًا مع حُذيفة وأبي مسعود حيث ردَّ أهلُ الكوفة سعيدَ بن العاص يومَ الجَرَعة، فقال أبو مسعود: ما كنت أظنُّ أن يَرجِعَ ولم يُهرِقُ فيها دمًا، فقال حذيفة: لكني والله علمتُ أنا سنرجعُ على عَقِبها ولم يُهرَقْ فيها محِجمةُ دم، وما علمتُ من ذاك شيئًا إلَّا شيئًا

(2)

علمتُه ومحمدٌ صلى الله عليه وسلم حيٌّ، أنَّ الرجل يصبحُ مؤمنًا ويُمسي كافرًا ما معه من دينه شيءٌ، ويمسي مؤمنًا ويصبح وما معه من دينه شيءٌ، يقاتل في فتنة اليوم ويقتلُه الله عز وجل غدًا، يُنكَّس قلبَه وتَعلُوه اسْتُه، قلت: أسفلُه؟ قال: استُه

(3)

(4)

.

8856 -

حدثنا أبو الحسين علي بن عبد الرحمن السَّبِيعي بالكوفة، حدثنا أحمد

= ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو السالف برقم (8669).

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 234 عن وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

(2)

في النسخ الخطية: شيء، والجادة ما أثبتنا.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: نسيته. والتصويب ممّا سلف عند المصنف برقم (2701).

(4)

إسناده حسن. وقد سلف برقم (2701) من طريق آدم بن أبي إياس عن شعبة.

ص: 361

ابن حازم بن

(1)

أبي غَرَزة، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا سفيان الثَّوْري، عن عمرو بن قيس المُلَائي، عن عطيَّة، عن ابن عمر في هذه الآية:{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النمل: 82] قال: إذا لم يَأمُروا بالمعروف، ولم يَنهَوْا عن المنكَر

(2)

.

8857 -

أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا عبد الله بن أحمد بن زكريا بن أبي مَسَرّة، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حَيوة بن شُريح، حدثني بَشِير بن أبي عمرو الخَوْلاني، أنَّ الوليد بن قيس التُّجِيبي حدَّثه، أنه سمع أبا سعيد الخُدْري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون خَلْفٌ من بعدِ ستينَ سنةً أضاعوا الصلاة واتَّبَعوا الشَّهَواتِ، فسوف يلقون غَيًّا، ثم يكون خَلْفٌ من بعدِ ستينَ سنةً يقرؤُون القرآنَ لا يَعدُو تَراقِيهَم، ويقرأُ القرآنَ ثلاثةٌ: مؤمنٌ، ومنافقٌ، وفاجرٌ".

قال بشير: فقلتُ للوليد: ما هؤلاءِ الثلاثةُ؟ قال: المنافق كافرٌ به، والفاجر يتأكَّلُ به، والمؤمن يؤمنُ به

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8858 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى الشَّهيد والفضل بن محمد بن المسيَّب الشَّعْراني قالا: حدثنا إسماعيل بن أبي

(1)

لفظ "بن" تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عن.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عطية: وهو ابن سعد العَوْفي.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1876)، وعبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 85، وابن أبي شيبة 15/ 172، وابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف"(30)، والطبري في "تفسيره" 20/ 13 - 14 و 14 من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبري أيضًا 20/ 14، وابن أبي حاتم في "التفسير" 9/ 2921، والثعلبي في "تفسيره" 7/ 223 من طريقين عن عمرو بن قيس، به.

وقد سلف برقم (8703).

(3)

إسناده حسن. وقد سلف برقم (3456).

ص: 362

أُويس، حدثني زُفَر بن عبد الرحمن بن أردَكَ، عن محمد بن سليمان بن والبةَ، عن سعيد بن جُبير، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"والذي نفسُ محمدٍ بيدِه، لا تقومُ الساعةُ حتى يظهرَ الفُحْشُ والبخلُ، ويُخوَّنَ الأمينُ ويُؤتَمَنَ الخائنُ، وَيهلِكَ الوُعولُ ويظهرَ التُّحوتُ" فقالوا: يا رسول الله، وما الوعولُ، وما التُّحوت؟ قال:"الوعولُ وجوهُ الناسِ وأشرافُهم، والتُّحوتُ الذين كانوا تحتَ أقدام الناسِ لا يُعلَمُ بهم"

(1)

.

هذا حديث رواتُه كلهم مدنيُّون ممَّن لم يُنسَبوا إلى نوعٍ من الجَرْح.

8859 -

حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حدثنا محمد بن عبد الوهاب بن حَبيب العَبْدي، حدثنا جعفر بن عَوْن العَمْري، أخبرنا أبو حيَّان التَّيْمي، عن أبي زُرْعة بن عمرو بن جَرِير قال: جلس إلى مروانَ ثلاثةُ نَفَرٍ بالمدينة،

(1)

حديث حسن، وهذا إسناد فيه ضعف إسماعيل بن أبي أويس ليس بذاك القوي إلّا أنه يعتبر به في المتابعات والشواهد، وهو قد توبع على حديثه هذا لكن من غير هذا الوجه عن أبي هريرة، ومحمد بن سليمان بن والبة قد انفرد بالرواية عنه زفر بن عبد الرحمن، وهذا بدوره انفرد بالرواية عنه ابن أبي أويس، إلّا أنَّ البخاري وأبا حاتم الرازي قالا فيه مستقيم الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، أما ابن والبة فلم يقولا فيه شيئًا، وذكره ابن حبان في "ثقاته"، وسماع سعيد بن جبير من أبي هريرة لم يصح عند ابن مَعين، أما ابن حبان فقد قال في "صحيحه": سمع منه وهو ابن عشر سنين؛ وقول ابن معين أصح وأثبت، ولم يقع في شيء من الأسانيد ما يؤيد قول ابن حبان.

وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(6844) من طريق محمد بن إسماعيل البخاري، عن إسماعيل بن أبي أويس بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه البخاري في الكنى من "التاريخ الكبير" 9/ 59، والطحاوي في "مشكل الآثار"(3933)، والطبراني في "الأوسط" (748) من طريق ابن جريج قال: أخبرني محمد بن الحارث - وهو ابن سفيان القرشي المخزومي - عن أبي علقمة مولى بني هاشم، أنه سمع أبا هريرة

وذكره، غير أنه جعل تفسير التحوت والوعول من قول أبي هريرة موقوفًا عليه. وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن الحارث، فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات".

ص: 363

فسمعوه يحدِّثُ عن الآيات: أوّلُها خروجُ الدجال، فقام النَّفَرُ من عند مروان فجلسوا إلى عبد الله بن عمرو، فحدَّثوه بما قال مروان، فقال عبد الله: لم يقل مروانُ شيئًا، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إنَّ أول الآيات خُروجًا طلوع الشمس من مَغرِبها والدابَّةُ، أيُّها كانت فالأُخرى على أَثرِها قريبًا".

ثم أنشأَ يحدِّث، قال:"وذلك أنَّ الشمس إذا غَرَبَت أتَت تحت العَرْشِ فَسَجَدَت، واستأذَنَت في الرجوع، فيُؤذَن لها، حتى إذا أراد الله أن تَطلُعَ من مغربها أتت تحت العرش فسجدت، واستأذَنَت في الرجوع، فلم يُرَدَّ عليها شيءٌ، قال: ثم تعودُ تستأذنُ في الرجوع، فلم يُرَدَّ عليها شيءٌ، قال: ثم تعودُ تستأذنُ في الرجوع، فلا يُرَدُّ عليها، وعَلِمَت أَنْ لو أُذِنَ لها لم تُدرِكِ الشرقَ، قالت: يا ربِّ، ما أبعدَ المَشْرِقَ! مَن لي بالناس؟ حتى إذا كان الليلُ أنت فاستأذَنَت، فقال لها: اطلُعِي من مكانِك".

قال: وكان عبد الله يقرأ الكتبَ، فقرأ وذلك يومَ {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158]

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8860 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا عبد الله بن يوسف التِّنِّيسي، حدثنا أبو حفصٍ القاصُّ عثمانُ بن أبي العاتكة، حدثنا سليمان بن حَبيب المُحارِبي، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا وَقَعَت الملاحمُ، خرج بَعْثٌ من المَوالي من دمشقَ، هم أكرمُ العرب فَرَسًا، وأجودُه سلاحًا، يؤيِّد اللهُ بهم الدِّين"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو حيان التيمي: هو يحيى بن سعيد بن حيان، ومروان هو ابن الحكم.

وأخرجه أحمد 11/ (6531) و (6881)، ومسلم (2941)، وأبو داود (4310)، وابن ماجه (4069) من طرق عن أبي حيان التيمي، به. وهو عندهم - غير أحمد. مختصر.

وانظر للشطر الثاني منه ما سلف برقم (8736) من طريق وهب بن جابر عن عبد الله بن عمرو.

(2)

إسناده ضعيف من أجل عثمان بن أبي العاتكة، فقد اختُلف فيه والراجح ضعفه فيما انفرد =

ص: 364

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

8861 -

أخبرني [علي بن]

(1)

الفضل بن محمد بن عَقِيل بن خُوَيلد الخُزَاعي، حدثنا أَبي، عن أبيه، أخبرنا حفص بن عبد الله، حدثني إبراهيم بن طَهْمان، عن الحجَّاج بن الحجَّاج، عن قَتَادة، عن المهلَّب بن أبي صُفْرة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُبعَثُ نارٌ على أهل المشرق فتَحشرُهم إلى المغرب، تبِيتُ معهم حيث باتُوا، وتَقِيلُ معهم حيث قالُوا، يكون لها ما سَقَطَ منهم وتَخلَّف، تَسوقُهم سَوْقَ الجملِ الكَسِير"

(2)

.

= به، ففي أفراده مناكير، وقد انفرد بهذا الحديث.

وأخرجه ابن ماجه (4090) وغيره من طريق الوليد بن مسلم، عن عثمان، بهذا الإسناد. وسقط من رواية ابن ماجه وحده ذكر دمشق.

(1)

ما بين المعقوفين سقط من نسخ المستدرك التي بين أيدينا، وإثباته لا بدَّ منه، فإنَّ عليًّا هذا هو شيخ المصنف، أما أبوه الفضل فقد توفي سنة 309 هـ كما في "تاريخ بغداد" 14/ 351، أي: قبل أن يولد الحاكم باثنتي عشرة سنة.

ثم إنَّ الراوي عن حفص بن عبد الله هو محمد بن عقيل بن خويلد، وبذلك يتأكد ثبوت عليٍّ في السند لقوله بعدُ: حدثنا أبي عن أبيه، وعليه فإنَّ تصرف ابن حجر في "إتحاف المهرة"(12092) بإسقاط أحد لفظي الأب مشيًا منه على ظاهر إسناد نسخته من "المستدرك" بعدم وجود عليٍّ في اسم شيخ المصنف، ذهولٌ منه رحمه الله.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، فإنَّ المحفوظ فيه: قتادة عن عمر بن سيف عن المهلَّب، هكذا وقع في "مشيخة ابن طهمان"(61) برواية أحمد بن حفص بن عبد الله السَّلمي عن أبيه. وعمر بن سيف هذا تفرَّد قتادة بالرواية عنه، فهو مجهول.

وأخرجه من طريق أحمد بن حفص عن أبيه بذكر عمر بن سيف كما في "المشيخة": الطبراني في "الكبير"(14513) و "الأوسط"(8092).

وأخرجه كذلك الدارقطني في "الأفراد"(14) - ومن طريقه الخطيب البغدادي في "تالي تلخيص المتشابه"(127) - من طريق قطن بن إبراهيم عن حفص بن عبد الله، بهذا الإسناد.

وقد سلف برقم (8620) من طريق همام عن قتادة عن المهلب بإسقاط عمر بن سيف من إسناده،

ثم إنه وقفه على عبد الله بن عمرو. وانظر تتمة الكلام عليه هناك.

ص: 365

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8862 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن عَتَّابِ العَبْدي

(1)

، حدثنا يحيى بن جعفر بن أبي طالب، حدثنا علي بن عاصم، عن داود بن أبي هِند، عن أبي حَرْب بن أبي الأسود، حدثني طَلْحة النَّصْري

(2)

، قال: كان الرجلُ منا إذا قَدِمَ المدينة فكان له بها عَريفٌ نزل على عريفه، وإن لم يكن له بها عريفٌ نزل الصُّفّةَ، فقدمتُ المدينةَ ولم يكن لي بها عريفٌ، فنزلتُ الصُّفّةَ، وكان يجيءُ علينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلَّ يومٍ مُدٌّ من تمرٍ بين اثنين، ويَكسُونا الخُنُفَ، فصلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضَ صلوات النهار، فلما سلَّم ناداه أهلُ الصفة يمينًا وشِمالًا: يا رسولَ الله، أحرَقَ بطونَنا التمرُ، وتخرَّقَت عنا الخُنُفُ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منبره فصَعِدَ فَحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم ذكر شدَّةَ ما لقي من قومه، حتى قال:"ولقد أَتى عليَّ وعلى صاحبِي بضعَ عشرةَ ما لي وله طعامٌ إلَّا البَرِيرُ" - قال: فقلت لأبي حربٍ: وأيُّ شيءٍ البريرُ؟ قال: طعامُ سَوءٍ؛ ثمرُ الأَراك - فقَدِمْنا على إخواننا هؤلاءِ من الأنصار وعظيمُ طعامِهم التمرُ، فواسَوْنا فيه، ووالله لو أَجِدُ لكم الخبزَ واللحمَ لأَشبعتُكم منه، ولكن عسى أن تُدرِكوا زمانًا - أو من أدركه منكم - يُغدَى ويُراحُ عليكم بالجِفَان، وتَلبَسون مثلَ أستار الكعبة".

قال داود قال لي أبو حَرْب: يا داود، وهل تدري ما كان أستارُ الكعبة يومئذٍ؟ قلت: لا، قال: ثيابٌ بِيضٌ كان يُؤتَى بها من اليمن.

(1)

في (ز) و (ب): المكي، والمثبت من (ك) و (م)، وهو الصواب الموافق لما في ترجمته من "تاريخ بغداد" 3/ 476 وغيره، فهذا الرجل بغداديّ لا مكيّ.

(2)

بالنون والصاد المهملة، هكذا ضبطه ابن ماكولا في "الإكمال" 1/ 390، نسبة إلى نصر بن معاوية من هوازن، وفي نسخنا الخطية: البصري، بالباء فالصاد، وهو صحيح أيضًا، فقد ذكر ابن حبان في "الثقات" 3/ 204 أنه سكن البصرة، إلّا أنَّ النسبة إلى القبيلة في المتقدمين عادةً أشهر من النسبة إلى البلدان.

ص: 366

قال: داود: فحدَّثتُ بهذا الحديث الحسنَ بن [أبي]

(1)

الحسن، فقال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتم اليومَ خيرٌ منكم يومئذٍ، أنتم اليومَ إخوانٌ بنِعْمة الله، وأنتم يومئذٍ أعداءٌ يضربُ بعضُكم رقابَ بعض"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8863 -

أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تَمِيم الأصمّ بقَنطَرَةِ بَرَدَان

(3)

، حدثنا أبو قِلَابة، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثنا سُوَيد بن العلاء.

وإنما هو الأسود بن العلاء؛ قد أخرج مسلمٌ عن الأسود بن العلاء.

حدَّثَنيهِ محمدُ بن عبد الله الفقيه رحمه الله، حدثنا أبو حامد بن الشَّرْقي، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الحميد بن جعفر

(4)

، حدثنا الأسود بن العلاء، عن أبي سَلَمة، فذكره بنحوه.

وقد حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيْباني، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعْدي، حدثنا أبو عاصم الضَّحّاك بن مخلَد، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثنا الأسود بن العلاء، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن بن عَوْف، عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يذهبُ الليلُ والنهارُ حتى تُعبَدَ اللَّاتُ والعُزَّى، ويبعثَ الله ريحًا طيِّبًا

(5)

، فيَتوفَّى مَن كان في قلبِه مثقالُ حبّةٍ من خَردَلٍ من خيرٍ، فيبقى مَن لا

(1)

زيادة لا بد منها ليست في نسخنا الخطية، فالحسن بن أبي الحسن هذا: هو الحسن البصري، واسم أبيه أبي الحسن: يسار.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل علي بن عاصم، ففيه ضعف إلّا أنه يعتبر به. وقد سلف الحديث من طريقه وطريق غيره برقم (4336)، فانظر تمام تخريجه والكلام عليه هناك.

(3)

تحرَّفت في (ز) و (ك) إلى: بودان، وفي (ب) إلى بوذان، والتصويب من (م). وقنطرة بَرَدان، بالتحريك: محلّة ببغداد.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية هنا إلى: حفص.

(5)

هكذا في النسخ، وجمهور أهل اللغة على أنَّ الريح مؤنثة، فالجادّة أن توصف بالتأنيث =

ص: 367

خيرَ فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8864 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه ببغداد، حدثنا أحمد بن حيَّان بن مُلاعِب، حدثنا علي بن عاصم، حدثنا الجُرَيري، عن أبي نَضْرة قال: حدَّث عثمانُ بن عفان مَثَلًا للفتنة، فقال: إنما مثلُ الفتنةِ مثلُ رَهْطٍ ثلاثةٍ اصطَحَبوا

(2)

في سفرٍ، فساروا ليلًا، فاجتمعوا إلى مَفرِقِ ثلاثةٍ، فقال أحدهم: يَمْنةً، فأخذ يمنةً فضَلَّ الطريق، وقال الآخر: يَسْرةً، فأخذ يسرةً فضلَّ الطريق، وقال الثالث: الليلَ، أَلزَمُ مكاني حتى أُصبِحَ فآخُذَ الطريقَ

(3)

.

8864 م - قال علي بن عاصم: وحدثني عوفٌ، عن أبي المِنْهال، عن أبي العاليَةِ قال: كنا نُحدَّثُ أنه سيأتي على الناس زمانٌ، خيرُ أهلِه من يرى الحقَّ قريبًا فيجانبُ الفتنَ

(4)

.

8865 -

أخبرنا علي بن محمد بن عُقْبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزُّهْري، حدثنا يعلى بن عُبيد، حدثنا مِسعَر، عن عُبيد أبي الحسن، عن

= فيقال: ريح طيبة، لكن قال الفيومي في "المصباح المنير" ص:203: الريح مؤنثة على الأكثر فيقال: هي الرِّيح، وقد تذكَّر على معنى الهواء فيقال: هو الريح، وهبَّ الريح، نقله أبو زيد.

(1)

إسناده قوي. وقد سلف برقم (8586).

(2)

في النسخ الخطية: أصبحوا، والمثبت من "تلخيص الذهبي"، وهو الصواب.

(3)

إسناده فيه لين من جهة علي بن عاصم - وهو الواسطي - ففيه ضعف.

الجريري: هو سعيد بن إياس، وأبو نضرة هو المنذر بن مالك بن قِطعة، وروايته عن عثمان مرسلة، لم يدركه.

(4)

خبر صحيح عن أبي العالية: وهو رفيع بن مِهران الرِّياحي، فعليّ بن عاصم متابَع. عوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 122 عن أبي أسامة حماد بن أسامة، والبيهقي في "الزهد"(136) من طريق إسحاق الأزرق، كلاهما عن عوف، به.

ص: 368

ابن عبد الله بن مُغفَّل قال: أراد ابنٌ لعبد الله بن سَلَام يخرجُ نحو الشام، فاطَّلَع عليه عبدُ الله من فوق بيتٍ فقال: يا بنيَّ، لا تَفجَعْني بنفسِك، فليَأْتِيَنَّ من الشام صَريحُ كلِّ مسلم

(1)

.

8866 -

أخبرني أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببُخارَى، أخبرنا صالح بن محمد بن حَبيب الحافظ، حدثنا عُبيد الله

(2)

بن عمر بن مَيسَرة، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أَبي، عن قَتَادة، عن أبي الأسود الدِّيلِيّ، قال: انطلقتُ أنا وزُرْعةُ بن ضَمْرة [مع]

(3)

الأشعريِّ إلى عمر بن الخطَّاب فلَقِينا عبدَ الله بنَ عمرو، فقال: يوشكُ أن لا يبقى في أرض العَجَم من العرب إلَّا قتيلٌ أو أسيرٌ يُحكَمُ في دمه، فقال زرعةُ: أيظهرُ المشركون على الإسلام؟ فقال: ممَّن أنت؟ قال: من بني عامر بن صَعصَعة، فقال: لا تقومُ الساعةُ حتى تَدَافِعَ نساءُ بني عامر على ذي الخَلَصةِ؛ وَثَنٌ كان يُسمَّى في الجاهلية. قال: فذكرنا ذلك لعمر بن الخطَّاب؛ قولَ عبد الله بن عمرو، فقال عمرُ ثلاثَ مِرار: عبدُ الله بن عمرو أعلمُ بما يقول.

فخَطَبَ عمرُ بن الخطّاب يومَ الجمعة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي على الحقِّ منصورين

(4)

حتى يأتيَ أمرُ الله".

(1)

رجاله ثقات معروفون غير ابن عبد الله بن مغفل عبيد أبو الحسن هو عبيد بن الحسن المزني. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/ 323 عن وكيع عن مسعر، عن عبيد بن الحسن، عن ابن مَعقِل قال: أراد

فذكره. وابن معقل هذا - إن كان ما في "المصنف" صحيحًا غير مصحف - هو عبد الرحمن بن معقل المزني، ولعبيدٍ عنه رواية في "سنن أبي داود"، وهو موثَّق.

وأخرجه بنحوه نعيم بن حماد في "الفتن"(1760) عن سفيان بن عيينة، عن عبيد بن الحسن، عن عبد الله بن مغفل. كذا وقع فيه بإسقاط لفظ "ابن"، وعبيد لم يدرك عبدَ الله بن مغفل.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبد الله، مكبَّرًا. وعبيد الله هذا هو القَواريري.

(3)

سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من مصادر التخريج وممّا سلف برقم (8674). والأشعري هذا: هو عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري رضي الله عنه.

(4)

في النسخ الخطية: منصورون، والجادّة ما أثبتنا.

ص: 369

قال: فذكرْنا قولَ عمر لعبد الله بن عمرو، فقال: صَدَقَ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم، إذا كان ذلك، كان الذي

(1)

قلتُ

(2)

.

(1)

في النسخ الخطية: إذا كان ذلك كالذي، والكلام غير مستقيم، والصواب ما أثبتنا، وهو الموافق لما في مصادر التخريج.

(2)

المرفوع منه في الطائفة المنصورة صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه بين قتادة وأبي الأسود فيما قاله الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية"(4352).

وأخرجه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 1/ (142) من طريق أبي يعلى الموصلي، عن عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد. وقال فيه: يوشك أن لا يبقى في أرض العرب من العجم!

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4352) عن معاذ بن هشام الدستوائي، به.

وأخرجه الطبري في مسند عمر من "تهذيب الآثار" 2/ 814 عن محمد بن بشار وقتادة بن سعد بن قتادة، عن معاذ بن هشام، به. وصحَّح إسناده.

وسلف عند المصنف برقم (8674) دون الشطر الثاني منه، من طريق عبد الرحمن بن محمد الحارثي عن معاذ بن هشام.

ورواه إسماعيل بن عياش عند الطبري 2/ 817 و 818 مرة عن سعيد بن أبي عروبة، وأخرى عن نافع بن عمر وسعيد بن بشير ثلاثتهم عن قتادة قال: حدثنا عبد الله بن أبي الأسود قال: انطلقنا

إلخ. وفيه عنده: أنهم جلسوا إلى عبد الله بن عُمر، وقالوا لعمر: حدثنَا ابنك عبد الله بكذا؛ لكن إسماعيل بن عياش فيه مقال وهو ليس بذاك الحافظ، وقد اختُلف عليه فيه كما ترى، ونافع بن عمر هذا لا يعرف، وسعيد بن بشير ضعيف، ثم إنَّ عبد الله بن أبي الأسود هذا لا يعرف ولم نقف له على ترجمة، ولا يعرف لأبي الأسود الدؤلي ولد اسمه عبد الله.

وأخرجه مختصرًا بقصة الطائفة المنصورة فقط: ابن عبد البر في "بيان العلم وفضله"(2246)، والضياء (141) من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، عن معاذ بن هشام، به.

وهذا القسم منه صحيح بشواهده، وقد سلف عند المصنف برقم (8594) من طريق سليمان بن الربيع عن عمر.

ويشهد له حديث أبي هريرة عند أحمد 14/ (8274)، وانظر الإشارة إلى تتمة شواهده هناك.

وأما ذو الخَلَصة فقد ذكر في حديث أبي هريرة مرفوعًا: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات =

ص: 370

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8867 -

أخبرني أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المثنَّى ومحمد بن بشّار قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعْبة، عن النُّعمان بن سالم قال: سمعت يعقوبَ بن عاصم بن مسعود قال: سمعت رجلًا قال لعبد الله بن عمرو: إنك تقول: إنَّ الساعة تقومُ إلى كذا وكذا، فقال: لقد هَمَمتُ أن لا أحدِّثَكم بشيءٍ، إنما قلتُ لكم: تَرَونَ بعد قليلٍ أمرًا عظيمًا، فكان تحريقُ البيت - قال شعبة:[هذا أو نحوه]

(1)

- قال عبد الله بن عمرو: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرجُ الدَّجالُ في أمّتى فيمكُثُ فيهم أربعين" - لا أدري يومًا، أو أربعين عامًا، أو أربعين ليلةً، أو أربعين شهرًا - "فيبعثُ الله عيسى ابن مريمَ عليه السلام كأنه عُرُوةُ بن مسعودٍ الثَّقفي، فيطلبه فيُهلِكُه، ثم يَمكُثُ أناسٌ بعدَه سنينَ ليس بين اثنين عداوةٌ، ثم يرسلُ الله ريحًا من قِبَلِ الشام، فلا يبقى أحدٌ في قلبِه مِثقالُ ذَرَّةٍ من إيمان إلَّا قَبَضَته، حتى لو كان أحدُكم في كَبِدِ جبلٍ لدَخَلَت عليه - قال عبد الله: سمعتُها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبقى شِرارُ الناسِ في خِفَّةِ الطير وأحلامِ السِّباع، لا يَعرِفون معروفًا ولا يُنكِرون مُنكرًا، فيتمثَّلُ لهم الشيطانُ فيقول: ألا تستجيبون؟! ويأمرُهم

= نساء دَوْس حول ذي الخَلَصة"، وكانت صنمًا تعبدها دوس في الجاهلية بتَبَالة. أخرجه البخاري (7116) ومسلم (2906).

وفي حديث جرير بن عبد الله البَجَلي حيث أرسله النبي صلى الله عليه وسلم لهدم ذي الخلصة فقال له: "ألا تريحني من ذي الخلصة؟ "، وكان بيتًا في خثعم يسمى كعبة اليمانية: أخرجه البخاري (3020) ومسلم (2476). وبلاد خثعم هي تبالة وما حولها، جنوب الجزيرة العربية قريبة من بِيشة.

قال ابن الكلبي في "كتاب الأصنام" ص 35 في كلامه عن ذي الخلصة: كانت تعظّمها وتهدي لها خثعم وبَجيلة وأزد السَّراة ومَن قاربهم من بطون العرب من هوازن، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة.

قلنا: وبنو عامر بن صعصعة المذكورون في الخبر، من هوازن.

(1)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من مصادر التخريج.

ص: 371

بالأوثان فيَعبُدونها، وهم في ذلك دارَّةٌ أرزاقُهم، حسنٌ عيَشُهم، ويُنفَخُ في الصُّور فلا يسمعُه أحدٌ إِلَّا أَصغى، وأولُ من يسمعُه رجلٌ يَلُوطُ حوضه فيَصعَقُ، ثم لا يبقى أحدٌ إِلَّا صَعِقَ، ثم يُرسِلُ الله - أو يُنزل الله - مطرًا كأنه الطَّلُّ - أو الظِّلُ، النعمانُ الشاكُّ - فتَنبُت أجسادُهم، ثم يُنفَخُ فيه أخرى فإذا هم قيامٌ يَنظُرون، ثم قال: هَلُمُّوا إلى ربكم وقِفُوهم إنهم مسؤولون، ثم يقال: أَخرِجوا بَعْثَ النارِ، فيقال: كم؟ فيقال: من كلٍّ ألفٍ تسعَ مئةٍ وتسعةَ وتسعين، فيومئذٍ يُبعَثُ الولدان شيبًا، ويومئذٍ يُكشَفُ عن ساقٍ"

(1)

.

قال محمد بن جعفر: حدَّثَني بهذا الحديث شعبةُ مرّاتٍ وعَرَضتُه عليه مراتٍ.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

8868 -

أخبرني أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مِهرانَ، حدثني أَبي، حدثنا أبو الطاهر وأبو الرَّبيع المِصْريّان قالا: حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني عبد الرحمن بن شُرَيح، عن رَبيعة بن سيف

(2)

المَعافِري، عن إسحاق بن عبد الله: أنَّ عوف بن مالك الأشجعيَّ أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في فتح له فَسَلَّم عليه، ثم قال: هنيئًا لك يا رسولَ الله، قد أعزَّ اللهُ نصرَك، وأظهرَ دينَك، ووَضَعَت الحربُ أوزارَها بجرَانِها، قال: ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في قُبَّةٍ من أَدَمٍ، فقال:"ادخُلْ يا عوفُ" فقال: أدخلُ كُلِّي أو بَعْضي؟

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (2940)(117)، والنسائي (11565)، وابن حبان (7353) من طريق محمد بن بشار وحده، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد 11/ (6555) عن محمد بن جعفر، به.

وأخرجه مسلم (2940)(116) من طريق معاذ بن معاذ العنبري، عن شعبة، به.

وقد سلف برقم (8846) من طريق عثمان بن جبلة المروزي عن شعبة.

(2)

تحرَّف في النسخ إلى: يوسف.

ص: 372

فقال: "ادخُلْ كلُّك" فقال: "إنَّ الحرب لن تضعَ أوزارَها حتى تكونَ ستٌّ، أَوّلُهنَّ موتي" فبكى عوفٌ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قُلْ: إحدى، والثانيةُ فتحُ بيتِ المَقدِس، والثالثةُ فتنةٌ تكون في الناس كعُقَاصِ

(1)

الغنم، والرابعةُ فتنةٌ تكون في الناس لا يبقى أهلُ بيتٍ إِلَّا دَخَل عليهم نَصيبُهم منها، والخامسةُ يولدُ في بني الأصفر غلامٌ من أولاد الملوك، يَشِبُّ في اليوم كما يَشِبُّ الصبيُّ في الجمعة، ويَشِبُّ في الجمعة كما يَشِبُّ الصبيُّ في الشهر، ويَشِبُّ في الشهر كما يَشِبُّ الصبيُّ في السنة، فما بلغ اثنتي عشرةَ سنةً ملَّكوه عليهم، فقام بين أظهُرِهم فقال: إلى متى يَغلِبُنا هؤلاءِ القومُ على مكارمِ أرضنا؟! إني رأيت أن أسيرَ إليهم حتى أُخرِجَهم منها، فقام الخطباءُ فحسَّنوا له رأيَه

(2)

، فبَعَثَ في الجزائر والبرِّيّة بصَنْعةِ السُّفن، ثم حَمَل فيها المقاتِلةَ حتى ينزلَ بين أنطاكيَةَ والعَريش".

قال ابن شُرَيح: فسمعت من يقول: إنهم اثنا عشرَ غَيَايةً

(3)

، تحت كل غَيَايَةٍ اثنا عشر ألفًا، فيجتمع المسلمون إلى صاحبِهم ببيت المَقدِس، وأَجمَعوا في رأيهم أن يسيروا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى تكون مسالحُهم بالسَّرْح وخيبرَ.

قال ابن أبي جعفر

(4)

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُخرِجوا أمّتي من مَنابتِ الشِّيح".

قال: وقال الحارث بن يزيد: إنهم سيُقيمون

(5)

فيما هنالك، فيَفِرُّ منهم الثُّلثُ، ويُقتَل منهم الثلثُ، فيَهزِمُهم الله عز وجل بالثلث الصابر.

(1)

تحرَّف في (م) و (ب) إلى: كعقاص، بتقديم العين المهملة. والقعاص: داء يصيب الدوابّ فيسيل من أنوفها شيء فتموت فجأة.

(2)

قوله: "له رأيه" تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الدراية، والتصويب من "تلخيص الذهبي".

(3)

هكذا في النسخ الخطية بياءين، وقد سلف التعليق على هذا الحرف عند الرواية السالفة برقم (8508).

(4)

ابن أبي جعفر هذا: هو عبيد الله بن أبي جعفر المصري الفقيه، وهو من شيوخ عبد الرحمن بن شريح، وكذا من شيوخه الثلاثةُ المذكورون لاحقًا: الحارث بن يزيد وخالد بن يزيد وأبو قبيل المعافري، وثلاثتهم من ثقات المصريّين، وأبو قبيل: اسمه حيّ بن هانئ.

(5)

في النسخ الخطية: سيقيموا، بحذف النون، والجادة ما أثبتنا.

ص: 373

وقال خالد بن يزيد: يومئذٍ يَضْرِبُ والله بسيفه، ويَطعُنُ برمحِه، ويَتبَعُه المسلمون حتى يَبلُغوا المَضِيقَ الذي عند القُسطنطِينيَّة، فيجدونه قد يَبسَ ماؤُه فيُجِيزون إلى المدينة حتى يَنزِلوا بها، فيَهِدمُ الله جُدرانَهم بالتكبير ثم يَدخُلونها عليهم، فيَقسِمون أموالَهم بالأترِسَة.

وقال أبو قَبِيل المَعافِري: فبينما هم على ذلك، إذْ جاءهم راكبٌ فقال: أنتم هاهنا والدَّجالُ قد خالَفَكم في أهلِيكم؛ وإنما كانت كَذِبةً، فمن سَمِعَ العلماءَ في ذلك أقام على ما أصابه، وأمّا غيرُهم فانفَضُّوا، ويكون المسلمون يَبنُون المساجدَ في القُسطنطِينيّة ويَغزُون وراءَ ذلك حتى يخرجَ الدجالُ، السادسةُ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8869 -

أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل، حدثنا أبي، حدثنا أبو الطاهر وأبو الرَّبيع قالا: حدثنا ابن وهب، أخبرني عبد الرحمن بن شُرَيح، عن بكر بن عمرو

(2)

المَعافِري، عن بُكَير بن عبد الله بن الأشجِّ، عن كُرَيب مولى ابن عباس: أنه كان مع ابن عبّاس ومعه ابن الزُّبير في نَفَرٍ، فدخل عليهم أبو هريرة فقال: مُوتُوا فقال ابن الزُّبير: يا أبا هريرة، الدِّينُ قائم، والجهادُ قائم، والصلاةُ والزكاةُ والحجُّ وصيامُ رمضان، قال أبو هريرة: أنْ تموتَ قبل أن تُدرِكَ

(3)

ما لا يستطيع المحسنُ أن يزيدَ إحسانًا،

(1)

ضعيف بهذا السياق، وأعله الذهبي في "تلخيصه" بالانقطاع، ولعله أراد بين إسحاق بن عبد الله وعوف بن مالك، وإسحاق هذا لم نتبيَّنه، ففي هذه الطبقة بهذا الاسم ممَّن ترجم له المزّي وغيره بضعة رجال، والراوي عنه - وهو ربيعة بن سيف - ضعيف عنده مناكير، ثم إنَّ عبد الرحمن بن شريح قد روى عن شيوخه المشار إليهم في التعليق السابق أحرفًا مقاطيع لم يسندها.

وهذا الحديث بهذا السياق انفرد به المصنف، ويغني عنه ما سلف من غير وجه عن عوف بن مالك برقم (6460) و (8500) و (8508)، وهو صحيح.

(2)

تحرّف في (ز) و (ب) إلى عوف.

(3)

هكذا في "تلخيص الذهبي"، وهو الصحيح، وفي نسخنا الخطية قبل أن لا تدرك، بزيادة "لا"، وما في نسخة الذهبي أصح إلّا إن قيل: زيدت "لا" لتأكيد الكلام لا لنفيه.

ص: 374

ولا يستطيع المسيءُ أن يَنزِعَ عن إساءَتِه

(1)

.

8870 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي - وذِكرُه بمِلْءِ الفَم - حدثنا أبو قِلابةَ، حدثنا يحيى بن حمّاد، حدثنا الوضَّاح

(2)

، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن طَرَفة المُسْليّ قال: سمعت عليًّا يقول: إنها لم تكن دولةُ حقٍّ قطُّ إلَّا أُدِيلَ آدمُ على إبليس، ولا دولةُ باطلٍ قطُّ إِلَّا أُدِيلَ إبليسُ على آدم، وأُمر إبليسُ بالسجود فعصى فأُديل عليه آدمُ، حتى قتل الرجلانِ أحدُهما صاحبَه فأُديل عليه إبليس، وإنها ستكون فتنٌ

(3)

: فتنةٌ خاصّةٌ، وفتنةٌ عامّةٌ، وفتنةُ خاصّةٍ، وفتنةُ عامّةٍ، فقيل: يا أمير المؤمنين، ما الفتنةُ الخاصّةُ والفتنةُ العامّةُ؟ وفتنة الخاصّةِ وفتنةُ العامّةِ؟ قال: فقال: يكون الإمامانِ؛ إمامُ حقٍّ وإمامُ باطلٍ، فيَفئُ من الحقِّ إلى الباطل، ومن الباطلِ إلى الحقّ، فهذه فتنةُ الخاصة، ويكون الإمامانِ؛ إمامُ حقٍّ وإمامُ باطلٍ، فَيفيءُ من الحقِّ إلى الباطلِ، ومن الباطلِ إلى الحق، فهذه فتنةُ العامَّة

(4)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإنَّ الوضَّاح هذا هو أبو عَوَانة،

(1)

إسناده حسن من أجل بكر بن عمرو المعافري. أبو الطاهر: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السَّرْح، وأبو الربيع: هو سليمان بن داود بن حماد المهري.

وهذا الخبر لم نقف عليه عند غير المصنف.

(2)

في النسخ الخطية: أبو الوضاح وهو خطأ. والوضاح هذا هو الوضاح بن عبد الله أبو عوانة اليشكري، وهو حمو يحيى بن حماد.

(3)

في (ز) و (ك) و (ب): فتنة، ولم ترد في (م) و "تلخيص الذهبي"، والصواب ما أثبتنا موافقة لما في موضعيه السابقين برقم (8554) و (8751).

(4)

إسناده محتمل للتحسين من أجل طرفة المُسلي، فهو تابعي كبير انفرد بالرواية عنه سالم بن أبي الجعد، وذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يأثرا فيه جرحًا أو تعديلًا، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد توبع على أصل الخبر في قصة الفتن كما سلف برقم (8554) من طريق عاصم بن ضمرة عن علي.

وآخر الخبر هنا هكذا جاء في نسخنا الخطية، وفيه تكرار!

ولم نقف عليه من طريق طرفة المسلي عند غير المصنف.

ص: 375

ولم يخرجاه للسَّند لا للإسناد.

8871 -

أخبرني أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا نافع بن يزيد، حدثني عيّاش بن عبّاس، أنَّ الحارث بن يزيد حدَّثه، أنه سمع عبدَ الله بن زُرَير

(1)

الغافقي يقول: سمعت عليَّ بن أبي طالب يقول: ستكون فتنةٌ يُحصَّلُ الناسُ منها كما يُحصَّلُ الذهبُ في المَعِدِن، فلا تسبُّوا أهلَ الشام وسبُّوا ظَلَمتَهم، فإنَّ فيهم الأبدالَ، وسيرسل الله إليهم سَيِّبًا

(2)

من السماء فيُغرِقُهم، حتى لو قاتلهم الثعالبُ غَلَبتْهم، ثم يبعثُ الله عند ذلك رجلًا من عِتْرة الرسول صلى الله عليه وسلم في اثني عشر ألفًا إن قَلُّوا، وخمسةَ

(3)

عشرَ ألفًا إن كَثُروا، أمَارتُهم - أو علامتَهم -: أَمِتْ أَمِتْ، على ثلاث راياتٍ، يقاتلهم أهلُ سبعِ راياتٍ، ليس من صاحب رايةٍ إِلَّا وهو يَطْمَعُ بالمُلْك، فيُقتَلون ويُهزَمون، ثم يَظهرُ الهاشميُّ، فيَردُّ اللهُ إلى الناس أُلفتَهَم ونِعمتَهم، وإناضَتهم وبَرِيرَهم

(4)

، فيكونون على ذلك حتى يخرج الدجالُ

(5)

.

(1)

رسمت في نسخنا الخطية على رسم رزين وهو تحريف، وفي "تلخيص الذهبي" على الصواب.

(2)

السيِّب لغة في الصيِّب، وبالصاد أجود: وهو نزول المطر. انظر "غريب الحديث" للخطابي 1/ 492.

(3)

في نسخنا الخطية وخمس، والمثبت من "التلخيص"، وهو الجادّة.

(4)

هكذا في نسخنا الخطبة، و "بريرهم" ليس في (م). والإناض: حمل النخل النضيج، والبَرير: ثمر الأراك. وعند نعيم في "الفتن"(1005): وفاضتهم وبزارتهم

قلنا: وما الفاضة والبزارة؟ قال: يفيض الأمر حتى يتكلم الرجل بما شاء، لا يخشى شيئًا.

(5)

رجاله لا بأس بهم، ومتنه غريب جدًّا.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(3905) - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 334 - 335 من طريق علي بن الحسين الخواص، عن زيد بن أبي الزرقاء، عن ابن لهيعة، عن عياش بن عباس، عن عبد الله بن زرير عن علي مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وابن لهيعة ضعيف لسوء حفظه، وفي الطريق إليه علي بن الحسين الخواص، وهو مجهول وإن ذكره ابن حبان في "ثقاته" 8/ 474. =

ص: 376

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8872 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفَّان العامِري، حدثنا عمرو بن محمد العَنقَزي، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، أخبرني عمّار الدُّهْني، عن أبي الطُّفَيل، عن محمد ابن الحنفيّة قال: كنا عند عليٍّ فسأله رجلٌ عن المَهْدي، فقال علي: هَيْهاتَ، ثم عَقَدَ بيده سبعًا، فقال: ذاك يخرجُ في آخر الزمان؛ إذا قال الرجل: اللهُ اللهُ، قُتِلَ، فَيَجمَعُ الله تعالى له قومًا قَزَعًا

(1)

كَفَزَعِ السَّحاب، يؤلِّفُ الله بين قلوبهم، لا يَستوحِشون إلى أحدٍ ولا يفرَحون بأحدٍ يدخل فيهم، على عِدَّة أصحاب بَدْر، لم يَسبِقْهم الأوَّلون ولا يُدرِكُهم الآخِرون، وعلى عَدَد أصحابِ طالوتَ الذين جازُوا معه النهرَ.

قال أبو الطُّفيل: قال ابن الحنفيَّة: أتريدُه؟ قلت: نعم، قال: إنه يخرج من بين هذين

= وأخرجه ابن عساكر 1/ 334 من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن لهيعة، عن عياش، عن ابن زُرير، عن عليٍّ به، ورفع منه أوله في قصة تحصيل الناس كما يحصَّل الذهب.

وأخرج هذه القصة منه مرفوعة أيضًا الطبراني في "الأوسط"(291) عن أحمد بن رشدين، عن محمد بن سفيان الحضرمي، عن ابن لهيعة عن عياش بن عباس وعبد الله بن هبيرة والحارث بن يزيد، عن ابن زرير، عن علي وابن رشدين شيخ الطبراني ضعيف، وشيخه محمد بن سفيان لا يُعرف.

وأخرجه مختصرًا موقوفًا نعيم بن حماد في "الفتن"(1005) عن عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن ابن زرير، عن علي، مختصرًا من قوله: يبعث الله رجلًا، إلى آخره بنحوه.

وأخرجه كذلك (1006) عن رشدين بن سعد، عن ابن لهيعة، عن عياش، عن ابن زرير، عن علي. ورشدين ضعيف.

وأخرجه مختصرًا في النهي عن سبِّ أهل الشام وأنَّ فيهم الأبدال: ابن عساكر 1/ 335 من طريق عبد الله بن صالح، عن أبي شريح عبد الرحمن بن شريح، عن الحارث بن يزيد، عن ابن زرير، عن علي. وعبد الله بن صالح سيئ الحفظ، وفي الطريق إليه جهالة.

(1)

في النسخ الخطية: قزع، والجادّة ما أثبتنا. والقَزَع: القطع المتفرقة من السحاب.

ص: 377

الخَشَبتين

(1)

، قلت: لا جَرَمَ واللهِ لا أَرِيمُهما

(2)

حتى أموتَ، فمات بها. يعني مكة، حَرسها الله

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8873 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى الخازنُ رحمه الله ببُخارَى، حدثنا إبراهيم بن يوسف الهِسِنْجاني، حدثنا هشام بن عمّار، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثني عمرو بن قيس الكِنْدي قال: كنت مع أبي بحُوَّارينَ

(4)

وأنا غلامٌ شابٌّ، فرأيت الناسَ مجتمعين على رجلٍ، قلت: مَن هذا؟ قالوا: عبدُ الله بن عمرو بن العاص، فسمعته يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"مِن اقترابِ الساعة أن تُرفَعَ الأشرارُ وتُوضَعَ الأخيارُ، ويُفتَحَ القولُ ويُخزَنَ العملُ، ويُقرأَ بالقوم المَثْناةُ ليس فيهم أحدٌ يُنكِرُها".

قيل: وما المَثْناةُ؟ قال: ما اكتَتبتَ سوى كتابِ الله عز وجل

(5)

.

(1)

في النسخ الخطية: هذه الخشبتين مع الاختلاف في إعجام الخشبتين، والمثبت من "تلخيص الذهبي"، وهو الأصوب والمراد بالخشبتين: الأخشبان؛ وهما الجبلان المحيطان بمكة، أحدهما: أبو قُبيس، والآخر: قُعيقعان.

(2)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: أرميهما، والمثبت من (م) و "التلخيص"، وفي (ك): أريمها.

ومعنى "لا أَريمهما": لا أبرحهما ولا أزول عنهما.

(3)

إسناده حسن من أجل يونس بن أبي أسحاق، فإنه صدوق يَهِمُ. أبو الطفيل: هو عامر بن واثلة.

ولم نقف على هذا الخبر عند غير المصنف.

(4)

تحرَّف في المطبوع إلى: مع أبي الفوارس! وحُوّارين: بالضم وتشديد الواو، والراء تفتح وتكسر: قرية من قرى حمص إلى الجنوب الشرقي منها على مسافة 80 كم، وبها مات يزيد بن معاوية سنة 64 هـ.

(5)

صحيح موقوفًا على عبد الله بن عمرو، انفرد برفعه يحيى بن حمزة، وخالفه جمهور أصحاب عمرو بن قيس كما سيأتي فوقفوه، فرواية يحيى هذه شاذة والإسناد إليه قوي، وقد تابع هشامًا عن يحيى الحكم بن موسى عند الطبراني في "الكبير"(14559)، وأحمد بن سليمان - وهو ابن أبي =

ص: 378

وقد رواه الأوزاعيُّ عن عمرو بن قيس السَّكُوني:

8874 -

حدَّثَناهُ علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا موسى بن الحسن بن عبّاد، حدثنا أبو يوسف محمد بن كَثير الصَّنعاني، حدثنا الأوزاعي، عن عمرو بن قيس السَّكُوني قال: خرجتُ مع أَبي في الوَفْد إلى معاوية، فسمعت رجلًا يحدِّث الناسَ يقول: إنَّ من أشراطِ الساعة أن تُرفعَ الأشرارُ وتُوضَعَ الأخيار، وأن يُخزَنَ الفعلُ والعملُ ويَظهرَ القولُ، وأن يُقرأَ بالمَثنْاةِ في القوم ليس فيهم من يغيِّرها أو يُنكِرها. فقيل: ما المثَنْاة؟ قال: ما اكتَتبتَ سوى كتابِ الله.

قال: فحدَّثت بهذا الحديث قومًا وفيهم إسماعيل بن عُبيد الله، فقال: أنا معك في ذلك المجلس، تَدْري مَن الرجلُ؟ قلت: لا، قال: عبدُ الله بنُ عَمرو

(1)

.

= الطيب المروزي - عند الهروي في "ذم الكلام وأهله"(589).

ورواه موقوفًا عن عمرو بن قيس: الأوزاعيُّ كما سيأتي لاحقًا عند المصنف، ومحمدُ بن حِميَر عند نعيم بن حماد في "الفتن"(691) - ومن طريقه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(403) - وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 49/ 367، وإسماعيلُ بن عياش عند أبي عبيد في "فضائل القرآن" ص 71، و "غريب الحديث" 4/ 281، والداني (400)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4834)، ومعاويةُ بن صالح عند ابن أبي شيبة 15/ 165، والحارثُ بن يزيد الحمصي عند الدارمي (493) - ومن طريقه ابن عساكر 49/ 367 - 368 - وثور بن يزيد الكلاعي عند الطبراني في "مسند الشاميين"(482)، وابن عساكر 14/ 424. وبعضهم يزيد فيه على بعض. ورواية محمد بن حمير سلف أولها عند المصنف برقم (6375).

زاد فيه بعضهم: أن عبد الله بن عمرو سئل عما جاء من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما جاءكم عمَّن تأمنونه على نفسه ودينه، فخذوا به، وعليكم بالقرآن فإنه عنه تُسألون، وبه تُجزَون، وكفى به واعظًا لمن عَقَل.

(1)

خبر صحيح موقوفًا كما سبق بيانه، وهذا إسناد فيه ضعف من جهة محمد بن كثير الصنعاني، وهو على ضعفه يعتبر به إلّا أنه كان كثير الخطأ، وممّا أخطأ فيه في هذا الخبر ذكرُ معاوية، والمحفوظ أنه ابنه يزيد بن معاوية، وهكذا رواه على الصواب بشر بن بكر التنيسي - وهو وهو ثقة - عن الأوزاعي عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 46/ 313. وسقط الأوزاعي من مطبوعه. =

ص: 379

هذا حديث صحيح الإسنادين جميعًا، ولم يُخرجاه.

8875 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو الطاهر، حدثنا ابن وَهْب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن أبي قَبِيل المَعافِري قال: كنَّا عندَ عبد الله بن عمرو بن العاص فسُئِل: أيُّ المدينتين تُفتَحُ أولًا: القُسطنطِينيَّةُ أو الرُّومِيَةُ؟ قال: فدعا بصُندوقٍ ظَهُمٍ - والظُّهْم: الخَلَقُ - فأخرج منها كتابًا فنَظَر فيه، ثم قال: كنَّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتبُ ما قال؛ نعم ولا، فسُئِلَ

(1)

أيُّ المدينتين تُفتَح أولًا: القُسطنطِينيَّةُ أو الرُّومِيَةُ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مدينةُ هِرَقلَ تُفتَحُ أَوَّلًا"؛ يعني القُسطنطِينيّة

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8876 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن أحمد بن النَّضْر، حدثني جدِّي معاويةُ بن عمرو، حدثنا زائدة، حدثنا أبو حَصِين، عن عامر، عن ثابت بن قُطْبة، عن عبد الله بن مسعود قال: بن مسعود قال: الْزَمُوا هذه الطاعةَ والجماعة، فإنه حبلُ الله الذي أَمَرَ به، وإنَّ ما تكرهون في الجماعةِ خيرٌ من الذي

(3)

تحبُّون في الفُرْقة، وإنَّ الله تعالى لم يَخلُقْ شيئًا قطُّ إلَّا جعل له مُنتهًى، وإنَّ هذا الدِّين قد تمَّ، وإنه صائرٌ إلى نُقْصان، وإنَّ أمارةَ ذلك أن تُقطَعَ الأرحامُ، ويُؤخذَ المالُ بغير حقِّه، وتُسفَكَ الدماءُ، ويشتكيَ ذو القَرابةِ قرابتَه، لا يعودُ عليه بشيءٍ، ويطوفَ السائلُ بين

= وأخرج ابن عساكر أيضًا 46/ 313 حديث محمد بن كثير من طريق أحمد بن عبد الواحد عنه، بهذا الإسناد.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: يسأل، والتصويب من "التلخيص".

(2)

إسناده ليِّن كما سبق بيانه عند الرواية السالفة برقم (8706). أبو الطاهر: هو أحمد بن عمرو بن السَّرْح الأُموي.

وقد سلف برقم (8761) من طريق نعيم بن حماد عن عبد الله بن وهب.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الذين، ووقع في "التلخيص": خير ممّا، وهو صواب.

ص: 380

الجُمُعتين لا يُوضَعُ في يده شيءٌ، بينما هم كذلك إذ خارَتْ خُوَارَ البقر، يَحسَبُ كلُّ الناس أَنَّما خارت من قِبَلِهم، فبَيْنا الناسُ كذلك إذ قَذَفَت الأرضُ بأفلاذ كَبِدِها من الذهب والفضة، لا يَنفعُ بعد ذلك شيءٌ من الذهب والفضة

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

8877 -

حدثني أبو بكر بن بالويه، حدثنا محمد بن أحمد بن النَّضر، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، حدثنا أبو إسحاق الشَّيباني، أخبرنا يُسَير بن عمرو: أنه قال لأبي مسعود: إنه كان لي صاحبانِ كان مَفزَعي إليهما: حَذَيفةُ وأبو موسى، وإني أَنشُدُك الله إن كنتَ سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا في الفتن إلَّا حدَّثتَني، وإلَّا اجتهدتَ لي رأيَك

(2)

، قال: فحَمِدَ الله أبو مسعود وأثنى عليه، ثم قال: عليك بعُظْم أُمّةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، قال: إنَّ الله لم يجمع أمَّةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم على ضلالةٍ أبدًا، واصبِرْ

(1)

إسناده حسن من أجل ثابت بن قطبة، فقد روى عنه غير واحد كما في "التاريخ الكبير" للبخاري و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم، ووثقه ابن سعد في "الطبقات" والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات". معاوية بن عمرو: هو الأزدي المَعْني، وزائدة هو ابن قدامة، وأبو حصين: هو عثمان بن عاصم، وعامر: هو ابن شَراحيل الشَّعبي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 86، والطبراني في "الكبير"(8973) من طريقين عن زائدة بن قدامة، بهذا الإسناد.

وأخرجه اللالكائي في "أصول الاعتقاد"(158) من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي حصين، به - مختصرًا بأوله.

وأخرجه مختصرًا ومطولًا الطبري في "تفسيره" 4/ 32، وابن أبي حاتم في "تفسيره" أيضًا 3/ 723، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" 1/ 297 - 298، واللالكائي (159)، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 249 من طريق إسماعيل بن أبي خالد، والطبري 4/ 32، والآجري في "الشريعة"(17)، والطبراني في "الكبير"(8971) و (8972)، وابن بطة 1/ 327 من طريق مجالد بن سعيد، كلاهما عن عامر الشعبي، به.

(2)

في النسخ الخطية: وإلّا اجتهدت إلى ربك، وهو تحريف، والتصويب من "تلخيص الذهبي" و"مسند إسحاق بن راهويه" و "المعرفة والتاريخ".

ص: 381

حتى يستريحَ بَرٌّ، أو يُستراحَ من فاجر

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد كتبناه بإسنادٍ عجيبٍ عالٍ:

8878 -

حدَّثَناه أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيدٍ الواعظ، حدثنا الحسين بن داود بن معاذ، حدثنا مَكِّيُّ بن إبراهيم، حدثنا أيمن بن نابلٍ، عن قُدَامة بن بن عبد الله بن عمّار الكِلَابي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عليكم باتِّقاءِ الله وهذه الجماعةِ، فإنَّ الله تعالى لا يجمعُ أمَّةَ محمدٍ على ضلالةٍ أبدًا، وعليكم بالصَّبر حتى يستريحَ بَرٌّ أو يُستراحَ من فاجر"

(2)

.

هذا حديثٌ لم نَكتُبْه من حديث أيمن بن نابِلٍ المكّي إلَّا بهذا الإسناد، والحسينُ بن داود ليس من شرطِ هذا الكتاب.

(1)

إسناده صحيح. أبو إسحاق الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان، وأبو مسعود: هو عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه.

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(1/ 4340)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 244 و 244 - 245، وابن أبي الدنيا في "الصبر والثواب"(10)، والطبراني في "الكبير" 17 / (666)، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(447) من طرق عن أبي إسحاق الشيباني، بهذا الإسناد. وبعضهم يختصره.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 35، وابن أبي عاصم في "السنة"(85)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(162)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7111) - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 40/ 524 - 525 - من طريق المسيب بن رافع وابن راهويه في كما في "المطالب"(4340/ 2)، الطبراني 17/ (665) من طريق قيس بن يسير بن عمرو، ويعقوب في "المعرفة" 3/ 245، والطبراني 17/ (667) من طريق عريف الشيباني، ثلاثتهم عن يسير بن عمرو، به - وعريف هذا لا يعرف، وروايته بنحو رواية أبي إسحاق الشيباني، ورواية الآخرين مختصرة، وزاد البيهقي في روايته بين المسيب ويسير بن عمرو ذرًّا، وهو خطأ.

وسلف نحوه برقم (8756) من طريق أبي الشعثاء عن أبي مسعود.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا. وهو مكرر (8757).

ص: 382

8879 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا محمد بن كثير وأبو نُعيم قالا: حدثنا سفيان، عن سَلَمة بن كُهَيل، عن أبي الزَّعْراء، عن عبد الله بن مسعود قال: يبعثُ الله عز وجل ريحًا فيها زَمهَريرٌ باردٌ لا تَدَعُ على وجه الأرض مؤمنًا إِلَّا كُفِتَ بتلك الريح، ثم تقومُ الساعةُ على شِرَار الناس

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

وكذلك رُوِيَ بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو:

8880 -

حدَّثَناه علي بن حَمْشاذ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا عِمران القَطّان، عن قتادة، عن عبد الرحمن بن آدم، عن عبد الله بن عمرو قال: لا تقومُ الساعةُ حتى يَبعَثَ اللهُ ريحًا لا تدعُ أحدًا في قلبه مِثقَالُ ذَرّةٍ من تُقًى أو نُهًى إلَّا قَبَضَته، ويَلْحَقُ كلُّ قوم بما كان يَعبُد آباؤُهم في الجاهلية

(2)

.

8881 -

أخبرني محمد بن المؤمَّل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيَّب، حدثنا نُعيم بن حمّاد، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثنا ثَوْر بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان حدثني عُمَير بن الأسوَد قال: أتيتُ عُبادةَ بنَ الصامت وهو نازلٌ ساحلَ [حمصَ]

(3)

في بناءٍ له ومعه امرأتُه أَمُّ حَرَام، فحدَّثَتنا أمُّ حرام أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"أولُ جيشٍ من أمَّتي يَعْزُون البحرَ قد أَوجَبُوا" قالت: قلت: يا

(1)

إسناده ليِّن لتفرُّد أبي الزعراء به كما سبق بيانه عند الرواية المطوَّلة السالفة برقم (8729)، وفي وصف الريح المبتعثة في آخر الزمان بالزمهرير مخالفة لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه وصفها بالريح الطيّبة، كما وقع في حديثي عائشة والنواس بن سمعان السالفين برقم (8586) و (8718)، وفيهما ما معناه: أنَّ الساعة تقوم على من لا خير فيه من الناس.

(2)

إسناده حسن. وقد سلف برقم. وقد سلف برقم (8613).

(3)

زيادة من البخاري وغيره ممن خرَّج الحديث.

ص: 383

رسول الله، أنا فيهم؟ قال:"إِنَّكِ فيهم"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أولُ جيشٍ من أمَّتي يَغزُون مدينةَ قيصرَ مغفورٌ لهم" قلت: يا رسول الله، أنا فيهم؟ قال:"لا"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه!

8882 -

حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشَاذَ العَدْل وأبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ قالوا: حدثنا بشر بن موسى الأَسَدي، حدثنا هَوْذة بن خَليفة، حدثنا عَوْف بن أبي جَميلة.

وحدثني الحسين بن علي الدارمي، حدثنا محمد بن إسحاق الإمام، حدثنا محمد بن بشّار، حدثنا ابن أبي عَدِيّ، عن عوف، حدثنا أبو الصِّدِّيق الناجيّ، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ الساعةُ حتى تُملأَ الأرضُ ظلمًا وجَوْرًا وعدوانًا، ثم يَخرجُ من أهل بيتي مَن يملؤُها قسطًا وعَدْلًا كما مُلِئَت ظلمًا وعُدوانًا"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

والحديثُ المفسّر بذلك طرقُ حديث عاصمٍ عن زِرٍّ عن عبد الله

(3)

، كلُّها صحيحة

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (2924) عن إسحاق بن يزيد الدمشقي، عن يحيى بن حمزة، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وانظر حديث أنس بن مالك عن أم حرام - وهي خالته - في "مسند أحمد" 44/ (27032).

(2)

إسناده صحيح محمد بن إسحاق: هو ابن خزيمة وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وعوف هو ابن أبي جميلة الأعرابي، وأبو الصديق الناجي: هو بكر بن عمرو.

وأخرجه أحمد 17/ (11313) عن محمد بن جعفر، وابن حبان (6823) من طريق يحيى بن سعيد القطان، كلاهما عن عوف الأعرابي، بهذا الإسناد.

وانظر ما بعده من الأحاديث، وما سلف برقم (8644).

وأخرجه بلفظ فيه غرابةٌ أحمد 17/ (11326) و 18/ (11484) من طريق العلاء بن بشير، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد والعلاء بن بشير مجهول.

(3)

سلف ذكر حديث عاصم هذا عند المصنف بإثر الحديث برقم (8569)، فانظر تخريجه هناك.

ص: 384

على ما أصَّلتُه في هذا الكتاب بالاحتجاج بأخبار عاصم بن أبي النَّجُود، إذ هو إمامٌ من أئمة المسلمين.

8883 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا عمرو بن عاصم الكِلَابي، حدثنا عِمرانُ القَطَّان، حدثنا قَتَادة، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهديُّ منا أهلَ البيت، أشمُّ الأنفِ أَقْنى أَجْلى، يملأُ الأرضَ قِسطًا وعَدْلًا كما مُلِئَت جَوْرًا وظُلمًا، يعيشُ هكذا"؛ وبسط يسارَه وإصبعين من يمينه المُشيرة

(1)

والإبهامَ وعَقَدَ ثلاثةً

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8884 -

أخبرني أبو النَّضْر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا عبد الله بن صالح، أخبرنا أبو المَليح الرَّقّي، حدثني زياد بن بَيَان - وذكر من فضلِه - قال: سمعتُ عليَّ بنَ نُفيل يقول: سمعت سعيدَ بن المسيّب يقول: سمعت أم سَلَمة تقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يَذكرُ المَهديَّ، فقال:"نَعَم، هو حقٌّ، وهو من بني فاطمةَ"

(3)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: المسبوه. وما أثبتناه هو الصواب، فالمشيرة: هي الإصبع التي يقال لها: السبّابة، كما في معاجم اللغة. ويعني بالإشارة المذكورة سبع سنين.

(2)

إسناده حسن إن شاء الله من أجل عمران بن داور القطان، فهو مختلف فيه، إلّا أنه حسن الحديث إن شاء الله، لكن الذهبي في "تلخيصه" ذهب إلى تضعيفه. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطعة.

وأخرجه أبو داود (4285) عن سهل بن تمام، والخطابي في "غريب الحديث" 2/ 191 من طريق عفان بن مسلم، كلاهما عن عمران القطان، بهذا الإسناد إلّا أنَّ عفان قال في أول حديثه:"يملك رجل من أهل بيتي؛ أو قال: من أمتي"، ولم يصرِّح بتسميته المهديَّ. وسهل فيه لِين، وعفان أوثق الثلاثة الذين رووه عن عمران.

(3)

صحيح موقوفًا من قول سعيد بن المسيب كما سيأتي، ولم يرتض الإمام البخاري إسناده، فقد ذكره في ترجمة زياد بن بيان من "التاريخ الكبير" 3/ 346 عن عبد الغفار بن داود عن أبي المليح الرقي، ثم قال: في إسناده نظر.

وقد أخرجه أبو داود (4284) من طريق عبد الله بن جعفر الرقي، وابن ماجه (4086) من طريق =

ص: 385

8885 -

وحدَّثَناه أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرفي بمَرُو، حدثنا أبو الأحوَص محمد بن الهيثم القاضي، حدثنا عمرو بن خالد الحَرَّاني، حدثنا أبو المَلِيح، عن زياد بن بَيَان، عن عليّ بن نُفَيل، عن سعيد بن المسيّب، عن أم سَلَمة قالت: ذَكَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المهديَّ فقال: هو من ولدِ فاطمةَ"

(1)

.

8886 -

أخبرني أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرُو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا النَّضْر بن شُمَيل، حدثنا سليمان بن عُبيد، حدثنا أبو الصِّدَيق الناجيّ، عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يخرجُ في آخر أمَّتي المَهديُّ، يَسقيهِ اللهُ الغيثَ، وتُخرِجُ الأرضُ نباتَها، ويُعطِي المالَ صَحَاحًا، وتَكثُرُ الماشيةُ، وتعظُمُ الأُمَّة، يعيش سبعًا أو ثمانيًا"؛ يعني: حِجَجًا

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8887 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع

(3)

بن سليمان، حدثنا

= أحمد بن عبد الملك، كلاهما عن أبي المليح الرقي - وهو الحسن بن عمر الفزاري مولاهم - بهذا الإسناد.

ورواه من قول ابن المسيب سعيدُ بن أبي عروبة عن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيب: المهدي حقٌّ؟ قال

فذكره. أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1082)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في "الفتن" (580) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن سعيد بن أبي عروبة. وهذا إسناد صحيح.

(1)

هو كسابقه.

(2)

إسناده جيد ومتنه غريب، تفرَّد به عن أبي الصديق سليمانُ بنُ عبيد: وهو الناجيّ، وقال بعضهم: السلمي، روى عنه غير واحد، وذكره البخاري في "تاريخه" 4/ 25 وابن حبان في "ثقاته" 6/ 392، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" - كما في بعض نسخه - 4/ 129 ونقل عن أبيه أنه قال فيه: صدوق، وعن ابن معين أنه وثّقه.

والحديث من هذا الوجه لم نقف عليه عند غير المصنف.

الصَّحَاح: الصحيح، يعني: غيرُ مقسَّم ولا مجزَّأ.

والحِجَج: السنين.

(3)

في (ب): حجاج بن الربيع، بزيادة "حجاج" وهو خطأ.

ص: 386

أَسَد بن موسى، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن مَطَر وأبي هارون، عن أبي الصِّدّيق الناجيّ، عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تُملأُ الأرضُ جَوْرًا - أو ظُلمًا - فيخرج رجلٌ من عِتْرتي فيملِكُ سبعًا أو تسعًا، فيملأُ الأرض عدلًا وقِسْطًا، كما مُلِئَت جورًا وظُلمًا

(1)

"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8888 -

حدثنا عبد الله بن سَعْد الحافظ، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب وإبراهيم بن إسحاق وجعفر بن أحمد الحافظ قالوا: حدثنا نَصْر بن علي، حدثنا محمد بن مروان، حدثنا عُمارة بن أبي حَفْصة، عن زيد العَمِّي، عن أبي الصِّدّيق الناجيّ، عن أبي سعيد الخُدْري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يكون في أمَّتي المهديُّ، إن قَصُرَ فسبعٌ وإلَّا فتِسعٌ، تَنعَمُ أمّتي فيه نعمةً لم ينعموا مثلَها قطُّ، تُؤْتي الأرضُ أُكُلَها لا تَدَّخِرُ عنهم شيئًا، والمالُ يومئذٍ كُدُوسٌ، يقوم الرجلُ فيقول: يا مهديُّ، أعطِني، فيقول: خُذْ"

(3)

.

(1)

من قوله: "فيخرج رجل من عترتي" إلى هنا سقط من (ب).

(2)

إسناده حسن إن شاء الله من جهة مطر وهو ابن طهمان الورّاق، وأما أبو هارون - وهو عمارة: ابن جوين العبدي - فإنه متروك ومنهم من كذّبه.

وأخرجه أحمد 17/ (11223) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، و 18/ (11665) عن الحسن بن موسى، كلاهما عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

إلّا أنَّ عبد الصمد جعل مكان أبي هارون المعلَّى؛ وهو ابن زياد، والحسن بن موسى الأشيب أثبت وأحفظ من عبد الصمد، والمعلى هذا لم يسمع أبا الصديق الناجي، بينهما فيه العلاء بن بشير كما وقع في روايتي جعفر بن سليمان وحماد بن زيد عند أحمد (11326) و (11484)، والعلاء مجهول.

وأخرجه أحمد أيضًا 17/ (11130)، وابن حبان (6826) من طريق شيبان النحوي، عن مطر وحده، به.

(3)

إسناده ضعيف لضعف زيد العمِّي. نصر بن علي هو الجهضمي، ومحمد بن مروان: هو العقيلي. =

ص: 387

‌آخر كتاب الفتن

قال الحاكم رحمه الله: قد رَوَيتُ ما انتهى إليه عِلْمي من فِتَن آخر الزَّمان على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم بالأسانيدِ اللائقةِ بشَرْط هذا الكتاب، فأمَّا الشيخانِ رضي الله عنهما فإنهما ذَكَرا أهوالَ القيامةِ والحَشْرِ مُدرَجًا في الفِتَن، وجَرَيتُ أنا في ذلك على اختيار الإمام أبي بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيمة رضي الله عنه في إفراد ذلك عن الفِتَنِ الدُّنَائيّة

(1)

، والله الموفِّقُ لما اخترتُه، وهو حَسْبي ونِعمَ الوكيلُ.

= وأخرجه ابن ماجه (4083) عن نصر بن علي بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أحمد 17/ (11163)، والترمذي (2232) من طريق شعبة، وأحمد (11212) من طريق موسى الجهني، كلاهما عن زيد العمي به. وقال الترمذي: حديث حسن.

(1)

هكذا في نسخنا الخطية، وفي نسختين متأخرتين كما في طبعة الميمان: الدنيائية. وهذه النسبة إلى الدنيا.

ص: 388

‌كتاب الأهوال

بسم الله الرحمن الرحيم

قال اللهُ تبارك وتعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً} الآية [النمل: 87 - 88].

وقال عزَّ مِن قائل: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68].

8889 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن هشام بن مَلَّاس النُّمَيري، حدثنا مروان بن معاوية الفَزَاري، عن عُبيد الله

(1)

بن عبد الله بن الأصمِّ، حدثنا يزيد بن الأصمِّ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنْ طَرَفَ صاحبُ الصُّور مدَّةَ وُكِّل به مستعدٌّ يَنظُر نحوَ العَرْش مخافةَ أن يُؤمَرَ قبل أن يَرتدَّ إِليه طَرْفُهُ، كأنَّ عينيه كوكبانِ دُرِّيَّانِ"

(2)

.

(1)

تحرّف في (ب) إلى: عمرو.

(2)

إسناده حسن من أجل عبيد الله بن عبد الله بن الأصم، وكذا حسَّنه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 20/ 297، لكن اختُلف في رفعه ووقفه.

فقد تابع ابنَ ملَّاس على رفعه: أبو عبد الرحمن عبدُ الله بنُ عمر مُشكدانة عند ابن أبي الدنيا في "الأهوال"(46) و (52)، وأبي نعيم في "الحلية" 4/ 99، وابن قدامة في "إثبات صفة العلو"(39)، ومن طريقه الذهبي في "العلو"(90)، ويحيى بنُ مَعِين كما في "جزء من حديثه"(14) لأبي منصور الشيباني، وأبو كُريب محمدُ بنُ العلاء عند أبي الشيخ في "العظمة"(391)، ثلاثتهم (مشكدانة وابن معين وأبو كريب) رووه عن مروان الفزاري، بهذا الإسناد مرفوعًا.

وخالفهم عبدُ الجبار بن العلاء عند أبي الشيخ (392)، وداودُ بن رشيد عند اللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2185) فروياه عن مروان الفزاري، بهذا الإسناد موقوفًا على ابن عباس من قوله. والرواة الخمسة ثقات.

ورواه موقوفًا أيضًا عبدُ الواحد بن زياد عن عبيد الله بن عبد الله بن الأصم به. أخرجه ابن أبي =

ص: 389

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8890 -

أخبرني أبو الحسن علي بن محمد القرشي بالكوفة، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري، حدثنا أسباطُ بن محمد القُرَشي، حدثنا مُطرِّف بن طَريف الحارثي، عن عطيَّة، عن ابن عبَّاس، في قوله عز وجل:{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ} [المؤمنون: 101] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أَنعَمُ وصاحبُ الصُّورِ قد الْتقَمَ القَرْنَ، وَحَنَى جبهتَه، وأَصغَى بسمعِه! " قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف نقولُ يا رسولَ الله؟ قال: "قولوا: حَسْبُنَا الله ونِعم الوكيلُ، على الله توكَّلْنا"

(1)

مدارُ هذا الحديث على عطيَّة بن سعد العَوْفِي رحمه الله، وهو كبيرُ المَحَلِّ في أقرانه من التابعين، ولم يُخرج عنه الشيخان رضي الله عنهما في "الصحيحين".

8891 -

وقد حدثنا أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشَادَ العَدْل، قالا: حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، حدثنا مُطرِّف، عن عطيَّة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أَنعَمُ وقد الْتقَمَ صاحبُ القَرْنِ، وأَصغَى بسمعِه،

= الدنيا في الأهوال (51). وعبد الواحد ثقة.

ومثل هذا الخبر لا يقال من قبل الرأي، فله حكم الرفع.

ويشهد له في المرفوع بنحو لفظه حديث أنس بن مالك عند الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 6/ 365 - 366، والضياء المقدسي في "المختارة" 7/ (2567). ورجاله ثقات غير أحد رواته - وهو أحمد بن منصور بن حبيب - فإنه مجهول الحال. وانظر ما بعده.

قوله: "إِنْ طَرَفَ" معناه: ما طَرَف، كما وقع في مصادر التخريج، فإنْ نافية بمعنى: ما.

والصُّور: القرن الذي يُنفَخ فيه.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عطية - وهو ابن سعد العَوْفِي - وقد كان يضطرب فيه، فمرةً يرويه عن ابن عباس كما وقع للمصنف هنا، ومرةً أخرى عن أبي سعيد الخدري كما سيأتي في لاحقه، ومرة ثالثة يرويه عن زيد بن أرقم كما وقع عند أحمد في "المسند" 32/ (19345) وغيره، وأصحها حديث أبي سعيد الخدري لمجيئه في رواية أخرى من غير طريقه.

وأما حديث ابن عباس فقد أخرجه أحمد 5/ (3008) عن أسباط بن محمد، بهذا الإسناد. وانظر تتمة تخريجه هناك.

ص: 390

وحَنَى جبينَه، يَنظُر أن يُؤمَرَ فَيَنفُخَ! " فقال المسلمون: فماذا نقولُ يا رسول الله؟ قال: "قولوا: حَسبُنا اللهُ ونِعمَ الوكيلُ، على الله توكَّلْنا"

(1)

.

وقد كَتبْناه من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد:

8892 -

حدَّثَناه أبو علي الحافظ، أخبرنا الإمام أبو بكر بن إسحاق وعلي بن العباس البَجَلي قالا: حدثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشجُّ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أبو يحيى التَّيْمي، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كيف أَنعَمُ وصاحبُ القَرْنِ قد التقَمَ القَرْنَ، وحَنَى جبهتَه، وأَصغى بسمعِه، ينتظرُ متى يُؤمَرُ فينفخُ! " قلنا: يا رسول الله، فكيف نقول؟ قال:"قولوا: حَسبُنا اللهُ ونِعمَ الوكيلُ، تَوَكَّلْنا على الله"

(2)

.

(1)

حديث صحيح إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لضعف عطية العوفي كما سبق، وقد توبع في الذي بعده. الحميدي: هو عبد الله بن الزبير بن عيسى المكي، وسفيان: هو ابن عيينة، ومطرِّف هو ابن طريف الحارثي، وأبو سعيد: هو الخُدري.

وأخرجه أحمد 17/ (11039)، والترمذي (3243) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

وأخرجه أحمد 18/ (11696) من طريق الأعمش، والترمذي (2431) من طريق خالد بن طهمان أبي العلاء كلاهما عن عطية، به. وحسّنه الترمذي أيضًا.

ورواه حجاج بن أرطاة مختصرًا عن عطية عند ابن ماجه (4273)، وذكر فيه صاحبين اثنين للقرن لا واحدًا، وهو لفظ منكر، وحجاج كثير الخطأ.

وروي بذكر اثنين أيضًا من وجه آخر عن أبي سعيد سيأتي لاحقًا برقم (8893)، والإسناد واهٍ.

وروي أيضًا في كونهما اثنين عن أبي مريّة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عنه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه أحمد 11/ (6804)، وإسناده ضعيف لجهالة حال أبي مريّة وقد اضطرب في وصله وإرساله.

(2)

حديث صحيح إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لضعف إسماعيل أبي يحيى التيمي، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيصه" فوهّاه، ولم نقف على الحديث من طريقه عند غير المصنف، =

ص: 391

لم نكتبه من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيدٍ إلَّا بهذا الإسناد، ولولا أنَّ أبا يحيى التَّيْمي على الطريق لحكمتُ للحديث بالصِّحّة على شرط الشيخين رضي الله عنهما.

ولهذا الحديث أصلٌ من حديث زيد بن أسلمّ عن عطاء بن يَسار عن أبي سعيد:

8893 -

حدَّثَناه عليُّ بن عيسى الحِيِري، حدثنا محمد بن عمرو بن النَّضْر بن عمرو الحَرَشي وجعفر بن محمد بن الحسين قالا: حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا خارجة، عن زيد بن أسلمَ، عن عطاء بن يَسَار، عن أبي سعيد الخُدْري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من صباحٍ إلَّا ومَلَكانِ يناديانِ، يقول أحدُهما: اللهمَّ أَعطِ مُنفِقًا خَلَفًا، ويقول الآخر: اللهمَّ أَعطِ مُمسِكًا تَلَفًا، وملكانِ مُوكَّلان بالصُّور ينتظرانِ متى يُؤْمَرانِ

= إلّا أنه قد توبع فيه.

فقد أخرجه ابن حبان (823) من طريق عثمان بن أبي شيبة عن جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن أبي صالح، به.

وهذا إسناد صحيح إن كان محفوظًا هكذا عن الأعمش، فقد اختلف عليه فيه، فروي عنه عن عطية العوفي عن أبي سعيد عند أحمد وغيره كما في الحديث السابق.

ورواه عنه موسى بن أعين - كما عند إسحاق بن راهويه في "مسنده"(538) والنسائي (11016).

عن أبي صالح عن أبي هريرة.

ورواه عنه أبو الأحوص سلّام بن سليم - كما عند ابن راهويه أيضًا (539) عن أبي صالح عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

فالحديث محفوظ من رواية الأعمش عن أبي صالح، وأبو صالح - وهو ذكوان السَّمّان - أحد الثقات الأثبات وكان من كبار العلماء بالمدينة، مشهور بالرواية عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة.

إذًا فالأعمش له في هذا الحديث شيخان عطية العوفي وأبو صالح، والخلاف بعد ذلك في تسمية صحابيِّ الحديث لا يضر، أما رواية أبي الأحوص المرسلة، فلعله حين رأى اضطراب الأعمش في تسمية الصحابي ذهب إلى الأحوط فأرسله، والله تعالى أعلم.

ص: 392

فيَنفخانِ، وملكان يناديانِ يقول أحدُهما ويلٌ للرجال من النساء، وويلٌ

(1)

للنساءِ من الرجال"

(2)

.

تفرد به خارجةُ بن مُصعَب عن زيد بن أسلم.

8894 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد وبِشْر بن المفضَّل قالا: حدثنا سليمان التَّيْمي، عن أسلم العِجْلي، عن بِشر بن شَغَافٍ، عن عبد الله بن عمرو: أن أعرابيًّا أَتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فسأله عن الصُّور - وفي حديث يحيى بن سعيد قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الصُّور - قال: "قَرْنٌ يُنفَخُ فيه"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8895 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو البَختَري عبد الله بن محمد بن شاكر بالكُوفة، حدثنا حسين بن علي الجُعْفيّ، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد

(4)

بن جابر، عن أبي الأشعث الصَّنعاني عن أَوْس بن أَوْس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من

(1)

هكذا في نسخنا الخطية إلّا أنه زيد في هامش (م): ويقول الآخر.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، خارجة بن مصعب متروك، وبه أعلّه الذهبي في "التلخيص".

وأخرجه البزار في "مسنده"(3424 - كشف الأستار) من طريق وكيع عن خارجة بن مصعب بهذا الإسناد.

وقد سلف منه آخره عند المصنف برقم (2705) من طريق وكيع.

ويشهد لأوله في الدعاء للمنفق والممسك حديث أبي هريرة مرفوعًا بلفظه عند البخاري (1442) ومسلم (1010).

وحديث أبي الدرداء السالف عند المصنف برقم (3703).

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (11/ (6805)، والنسائي (11317) من طريق يحيى بن سعيد وهو القطان - بهذا الإسناد.

وقد سلف بنحوه برقم (3673) من طريق معمر عن سليمان التيمي.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: زيد.

ص: 393

أفضلِ أيامِكم الجمعة، فيه خُلِقَ آدمُ، وفيه قُبِضَ، وفيه نَفْحَةُ الصُّور، وفيه الصَّعْقة، فأَكِثروا عليَّ من الصَّلاة، فإنَّ صلاتكم معروضةٌ عليَّ" قالوا: وكيف تُعرَضُ صلاتُنا عليك وقد أَرَمْتَ؟ فقال: "إنَّ الله تعالى حَرَّمَ على الأرض أن تأكلَ أجسادَ الأنبياءِ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8896 -

أخبرني أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حمّاد بن سلمة، عن يعلى بن عطاءٍ، عن وكيع بن حُدُس، عن عمِّه أبي رَزِين العُقيلي أنه قال: يا رسول الله، أكلُّنا يرى ربَّه يوم القيامة، وما آيةُ ذلك في خَلْقه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أليس كلكم ينظرُ إلى القمر مُخْلِيًا؟ " فقالوا: بلى، قال:"فاللهُ أعظمُ".

قال: قلت: يا رسول الله، كيف يُحْيِي الله الموتى، وما آيةُ ذلك في خَلقِه؟ قال: "أَمَا

(2)

مررتَ بوادي أهلِك مَحْلًا؟ " قال: بلى، قال: ثم مررت به يهتزُّ خَضِرًا؟ " قال: بلي، قال:"فكذلك يُحْيِي اللهُ الموتى، وذلك آيتُه في خلقِه"

(3)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنه قد اختلف في تعيين عبد الرحمن بن يزيد كما سلف بيانه عند الرواية رقم (1042).

(2)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: إذا.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة وكيع بن حُدُس، ويقال: ابن عُدُس، بالعين.

وأخرجه أحمد 26/ (16186)، وابن ماجه (182) من طريق يزيد بن هارون بهذا الإسناد.

واقتصر على الشطر الأول منه.

وأخرجه بتمامه أحمد (16192) عن بهز بن أسد، عن حماد بن سلمة به.

وأخرج الشطر الأول أحمد (16198)، وأبو داود (4731)، وابن حبان (6141) من طرق عن حماد، به.

وأخرجه كذلك أحمد (16193) و (16196) من طريق شعبة، عن يعلى بن عطاء، به.

وأخرج الشطر الثاني أبو داود (4731) من طريق شعبة أيضًا، عن يعلى به.

وأخرجه - أي: الشطر الثاني - ضمن حديث مطوّل: أحمد (16194) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن سليمان بن موسى الأشدق عن أبي رزين العقيلي. وهذا إسناد ضعيف =

ص: 394

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8897 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خَلَف القاضي، حدثنا محمد بن سعد العَوْفي، حدثنا يعقوب بن عيسى، حدثنا عبد الرحمن بن المغيرة [عن عبد الرحمن بن عيَّاش]

(1)

عن دَلْهَم بن الأسود، عن عبد الله بن الأسود بن عامر اليَحصُبي

(2)

، عن عمِّه لَقِيط بن عامر: أنه خرج وافدًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه نَهيكُ بن عاصم بن عن مالك بن المُنتفق، قال: فقَدِمْنا المدينةَ لانسلاخ رَجَب، فصلَّينا معه صلاةَ الغَدَاة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس خطيبًا، فقال: "أيها الناسُ، إني قد خَبَاتُ لكم صوتي منذُ أربعةِ أيام لأُسمعكم، فهل من امرئٍ بَعَثَه قومُه، قالوا: اعلَمْ لنا ما يقولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لعله أن يُلهيه حديثُ نفسه أو حديثُ صاحبِه، أو يُلهِيَه الضَّلَالُ؟ أَلَا إِني مسؤولٌ، هل بلَّغتُ؟ ألَا فاسمَعوا تَعيشوا، ألَا فاسمَعوا تَعيشوا، ألَا اجلِسوا فجلس الناس، وقمتُ أنا وصاحبي.

حتى إذا فرَّغ لنا فؤادَه وبصرَه قلت: يا رسول الله إني أسألك عن حاجَتي، فلا تَعجَلَنَّ عليَّ، قال:"سَلْ عمَّا شئتَ" قلت: يا رسول الله، هل عندك من علمِ الغيب؟ فضَحِكَ لَعَمْرُ الله وهزَّ رأسَه وعَلِمَ أني أبتغي بسَقَطِه

(3)

، فقال: "ضَنَّ ربُّك بمفاتيحِ

= لانقطاعه، فسليمان بن موسى لم يدرك أحدًا من الصحابة في قول البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "علله الكبير"(176).

ويشهد للشطر الأول حديث جرير بن عبد الله البَجَلي عند البخاري (554) و (7434) ومسلم (633) قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تَضامُّون في رؤيته". فهذا الشطر من حديث أبي رزين صحيح لغيره.

(1)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، وأثبتناه من المطبوع ومن مصادر التخريج.

(2)

هكذا في النسخ الخطية، وهو خطأ والصواب: عبد الله بن حاجب بن عامر العُقيلي، وهو جدُّ دلهم بن الأسود، ويحصب قبيلة من حِميَر في اليمن، أما العُقيلي فمنسوب إلى عُقيل بن كعب من بني عامر بن صعصعة بطن من مُضَر، ومنها بنو المنتفِق.

(3)

في "المسند": لسقطه باللام، قال السندي في "حاشيته": بفتحتين، وهو الرديء من الكلام، =

ص: 395

خمسٍ من الغيب، لا يعلمُهنَّ إِلَّا الله " وأشار بيده فقلت: وما هنَّ يا رسول الله؟ قال: "عِلمُ المَنِيَّةِ، قد عَلِمَ متى مَنيَّةُ أحدِكم ولا تعلمونه، وعِلمُ يوم الغَيْث، يُشرف عليكم آزِلينَ

(1)

مُشفقين، فظلَّ يَضحَك وقد عَلِمَ أَنَّ غِيَرَكم

(2)

قريب" قال لَقِيط: فقلت: يا رسول الله، لن نَعدَمَ من ربٍّ يضحك خيرًا "وعِلمُ ما في غدٍ، قد عَلِمَ ما أنت طاعمٌ في غدٍ ولا تَعلمُه، وعِلمُ يومِ الساعة"، قال: وأَحسَبُه ذكرَ ما في الأرحام.

قال: فقلنا: يا رسول الله، علِّمْنا ممّا يَعلمُ الناسُ، وما نَعلمُ، فإنا من قَبيلٍ لا يُصدقون تصديقنا أحدٌ من مَدْحِجَ التي تَدْنُو إلينا، وخَثعَمَ التي تُوالِينا

(3)

، وعَشيرتِنا

(4)

التي نحن منها، قال: "تَلبَثون ما لَبِثْتُم، ثم يُتوفَّى نبيُّكم، ثم تَلبَثون ما لَبِثتم، ثم تُبعَثُ الصَّيحةُ، فَلَعَمْرُ الهِكَ ما تَدَعُ على ظهر الأرض شيئًا إلَّا مات، والملائكةُ الذين مع ربِّك، فخَلَتِ الأرضُ، فأرسل ربُّك السماءَ بهَضْبٍ

(5)

من تحت العرش، فلَعَمرُ إِلهِكَ ما تَدَعُ على ظهرها من مَصرَعِ قتيلٍ، ولا مَدفَنِ مِيتٍ، إِلَّا شَقَّت القبرَ عنه، حتى يَخلُقَه من قِبَلِ رأسه، فيستوي جالسًا، يقول ربُّكَ: مَهْيَمُ

(6)

؟ فيقول: يا ربِّ، أمسِ، لعَهدِه بالحياة يَحسَبُه حديثًا بأهله".

فقلت: يا رسول الله، كيف يَجمعُنا بعدما تُمزِّقنا الرِّياحُ والبِلَى والسِّباع؟! قال:

= أي: عرف أني جئته متكشّفًا عن أمره طالبًا لرديء كلامه، لأعرف به حقيقة أمره.

(1)

أي: صائرين إلى الضِّيق والشِّدة.

(2)

الغِيَر: تغيُّر الحال.

(3)

قوله: "وخثعم التي توالينا" سقط من (ز) و (ب).

(4)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى وعشيرتها، والمثبت من "تلخيص المستدرك" للذهبي، وهو الصواب، فإنَّ عشيرة لَقيط التي هو منها من بني عامر بن صعصعة من مُضَر كما سبق، وأما خثعم فإنهم من كَهلان بن سبأ، وهؤلاء من قحطان، ولا تداخل بينهم في النسب.

(5)

الهَضْب: المطر.

(6)

أي: ما أمرُك وما شأنُك؟

ص: 396

"أُنبَّتُك بمِثْل ذلك في آلاءِ الله

(1)

؛ الأرضُ أشرَفتَ عليها مَدَرةً باليةً فقلت: لا تَحْيا أبدًا، فأرسَلَ ربُّك عليها السماءَ، فلم تَلبَثْ عليها أيامًا حتى أشرَفَت عليها فإذا هي شَرَبَةٌ

(2)

واحدةٌ، ولَعَمرُ إلهِكَ لهو أقدرُ على أن يجمعكم من

(3)

الماء على أن يجمعَ نباتَ الأرض، فتخرجون من الأصْواءِ

(4)

من مَصارعِكم فتنظرون إليه ساعةً ويَنظُر إليكم "قال: قلت: يا رسول الله، كيف وهو شخصٌ واحد ونحن مِلءُ الأرض، نَنظُر إليه ويَنظُر إلينا؟! قال: "أنبِّئُك بمثل ذلك في إِلِّ الله؛ الشمسُ والقمرُ آيةٌ منه قريبةٌ صغيرة، ترونَهما في ساعة واحدة ويَرَيانِكم، ولا تَضَامُّون في رؤيِتهما، ولَعَمرُ إلهَكَ لهو على أن يراكم وترونَه أقدرُ منهما على أن يريانِكم وترونَهما.

قلت: يا رسول الله، فما يفعل بنا ربُّنا إذا لَقِيناه؟ قال: "تُعرضون عليه باديةً له صَفَحاتُكم ولا تَخفَى عليه منكم خافيةٌ، فيأخذُ ربُّك بيده غَرْفةً من الماء فيَنضَحُ بها قِبَلَكم

(5)

، فَلَعَمرُ إلهِكَ ما تُخطئ وجهَ واحدٍ منكم قَطْرةٌ، فأما المؤمنُ فتَدَعُ وجهَه مِثلَ الرَّيْطة البيضاء، وأما الكافرُ فتَخطِمُه بمثل الحُمَم الأَسود

(6)

، ثم ينصرفُ نبيُّكم فيمرُّ على أثَرِه الصالحون - أو قال: ينصرف على أثره الصالحون. قال: فيسَلُكون

(1)

هكذا في النسخ الخطية ومصادر التخريج والمعنى على هذا في جملة ما أنعم الله به عليكم من المخلوقات، ورواه أهل اللغة كابن قتيبة في "غريب الحديث" 1/ 532 وأبي عبيد الهروي في "الغريبين" 1/ 94 بلفظ:"في إِلِّ الله" وقالوا: معناه: في قدرة الله وإلهيَّته.

(2)

الشَّرَبَة: حوض يكون في أصل النخلة وحولها يُملأ ماءً لتشربه.

(3)

في النسخ الخطية: على، والمثبت من "التلخيص".

(4)

تحرَّف في النسخ إلى الأصوات، والتصويب من مصادر التخريج وكتب الغريب، والأصواء: القبور، قال ابن قتيبة: وأصل الأصواء: الأعلام تُنصَب في الأرض للهُدى، شبّه القبور بها. وفي "تلخيص الذهبي": الأجداث. وهي القبور أيضًا.

(5)

من قوله: ولا تخفى عليه إلى هنا سقط من (ز) و (ب).

(6)

في النسخ الخطية فتخطه بمثل حمر الأسود، والمثبت من المطبوع ومصادر التخريج، وهو أَوجه. قال ابن قتيبة في "غريبه" 1/ 535: أي: تصيب حَطمه (وهو الأنف) والحُمَم: الفحم، واحدته: حُمَمَة. والرَّيطة: المُلاءَة.

ص: 397

جسرًا من النار، يَطأُ أحدُكم الجَمْرةَ فيقول: حَسِّ، فيقول ربُّك: أوانُه

(1)

".

قال: "فيَطَّلعون على حوض الرسول على أظمأِ ناهلةٍ واللهِ رأيتها قطُّ، فَلَعَمرُ إلهِكَ ما يَبسُط - أو قال: ما يُسقط - واحدٌ منكم يدَه إِلَّا وَقَعَ عليها قَدَحْ يطهِّرُه من الطَّوْفِ

(2)

والبولِ والأذى، وتَخلُصُ الشمس والقمرُ - أو قال: تُحبَس الشمسُ والقمر فلا ترون منهما واحدًا" فقلت: يا رسول الله، فبِمَ نُبصِرُ يومئذٍ؟ قال: "مِثلَ بَصَرِ ساعتِك هذه، وذلك في يومٍ أسفَرَتْه الأرضُ وتراخَتْه الجبالُ".

قلت: يا رسول الله، فيمَ نُجازَى من سيئاتنا وحسناتنا؟ قال:"الحسنةُ بعشر أمثالِها، والسيئةُ بمثلِها أو تُغفَر".

قلت: يا رسول الله، فما الجنةُ وما النار؟ قال:"لَعَمْرُ إِلهِكَ، إِنَّ الجنة لها [ثمانية] أبواب ما منهنَّ بابان إلَّا وبينهما مسيرةُ الراكب سبعين عامًا"، وإنَّ للنار سبعة أبواب، ما منهنَّ بابان إلَّا وبينهما مسيرة الراكب سبعين عامًا" قلت: يا رسول الله على ما يُطَّلع من الجنة؟ قال: "أنهارٍ من عسل مُصفًّى، وأنهارٍ من لبن لم يتغيَّرْ طعمُه، وأنهارٍ من كأسٍ ما لها صُداعٌ ولا نَدامةٌ، ومن ماءٍ غيرِ آسِنٍ، وبفاكهةٍ - لَعَمرُ إلهِكَ. ما تعلمون وخير من مثله معه أزواجٌ مُطَهَّرة" قلت: يا رسول الله، أوَلَنا فيها أزواجٌ مُصلِحات؟ قال:"الصالحاتُ للصالحين، تَلَدُّونَهنَّ مثلَ لَذَّاتِكم في الدنيا ويَلذَذْنكم، غير أنه لا تَوالُدَ": قلت: يا رسول الله، هذا أقصى

(3)

ما نحن بالغون ومُنتَهُون، إليه؟

(1)

هكذا في النسخ ومصادر التخريج أي هذا أوان وَطْء الجمر والتوجع منه، فإنّ "حَسَّ" كلمة للتأوُّه والتوجع. ورواه أهل اللغة بلفظ "وإنَّه"، وفيه قولان: أحدُهما: أن تجعل "إِنَّهْ" بمعنى: نَعَم، والآخر أن تجعل الكلام مختصرًا، كأنه قال: وإنه كذلك، أو إنه على ما تقول، فالهاء اسم إنَّ وخبرها محذوف.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى الطرف، بالراء. والطَّوف: هو الغائط.

(3)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: قضاء.

ص: 398

قلت: يا رسول الله على ما أبايعُك؟ قال: فبَسَط يدَه وقال: "على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وإياكَ والشِّركَ، لا تُشرِكْ بالله شيئًا" أو "لا تُشْرِكْ مع الله إلهًا غيرَه" فقلت: وإنَّ لنا ما بينَ المشرقِ والمغرب؟ فَقَبَضَ وبَسَطَ أصابعه، فظنّ أني مشترطٌ شيئًا لا يُعطينيه، فقلت: نَحُلُّ منها حيثُ شئنا، ولا يَجْني على امرئٍ إلَّا نفسُه، قال:"ذلك لك، حُلَّ منها حيثُ شئتَ، ولا تَجْني عليك إلَّا نفسك"، فبايعناه ثم انصرَفْنا، فقال: "ها، إنَّ ذَيْنِ

(1)

-ثلاثًا- لمن نفر هم أصدقُ الناسِ حديثًا، لأنهم من أَتقى الناسِ الله في الأوّل والآخِر"، فقال كعبُ بن فلانٍ أحد بني بكرِ بن كِلابَ: مَن هم يا رسول الله؟ قال: بنو المُنتفِق".

فأقبلتُ عليه فقلت: يا رسول الله، هل لأحدٍ

(2)

ممَّن مضى منَّا في جاهلية من خير؟ فقال رجلٌ من عُرْض قُريش: إِنَّ أباك المُنتفِقَ في النار، فكأنه وقع حَرٌّ بين جلدِ وجهي ولحمي، مما قال لأَبي على رؤوس الناس، فهَمَمتُ أن أقول: وأبوك يا رسولَ الله؟ ثم نظرتُ فإذا الأُخرى أَجملُ، فقلت: وأهلُك

(3)

يا رسول الله؟ فقال: "وأهلي لَعَمرُ اللهِ، ما أَتيتَ عليه من قبرِ قرشيٍّ أو عامريٍّ مشرِكٍ فقل: أرسَلَني إليك محمدٌ، فأَبشِرْ بما يسُوؤُك، تُجَرُّ على وجهِك وبطنِك في النار" فقلت: فيمَ أفعلُ ذلك لهم يا رسولَ الله وكانوا على عملِ يَحسبَون أنْ لا إيَّاهُ، وكانوا يَحْسَبُونهم مُصلِحين؟! قال:"ذلك بأنَّ الله بعثَ في آخرِ كلِّ سبعِ أُممٍ نبيًّا، فمَن أطاع نبيَّه كان من المهتدِين، ومن عصى نبيَّه كان من الضالِّين"

(4)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: إنَّ الذين، والتصويب من "التلخيص".

(2)

في النسخ الخطية أحد، والمثبت من مصادر التخريج، وهو أَوجه.

(3)

في النسخ الخطية أو أهلك، والمثبت من "التلخيص".

(4)

إسناده ضعيف جدًّا مسلسلٌ بالمجاهيل؛ عبد الرحمن بن عياش ومَن فوقه، وأما يعقوب بن عيسى - وهو يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري - فضعيف يعتبر به، وقد أعلَّ الذهبي الحديث في "تلخيصه" به، إلّا أنه متابع، والعلَّة ممَّن فوقه. =

ص: 399

هذا حديث جامعٌ في الباب، صحيح الإسناد، كلُّهم مدنيُّون، ولم يُخرجاه.

8898 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو عُتْبة، حدثنا بَقيَّة، حدثنا محمد بن الوليد الزُّبيدي، عن الزُّهْري، عن عُرْوة بن الزبير، عن عائشة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يُبعَثُ الناسُ يومَ القيامة حُفاةً عُراةً غُرْلًا" فقالت عائشة: يا رسول الله، فكيفَ بالعَوْرات؟ فقال:"لكلِّ امرئٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يُغنيهِ"

(1)

.

= وأخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" 2/ 460 - 476 عن محمد بن منصور، وابن النحاس في "رؤية الله"(11) من طريق عبد الله بن أبي مَسَرَّة، كلاهما عن يعقوب بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن عياش عن دَلْهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب، عن أبيه، عن عمِّه لقيط بن عامر.

وأخرجه أبو داود (3266)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند" 26/ (16206) من طريق إبراهيم بن حمزة الزبيري، عن عبد الرحمن بن المغيرة بالإسناد السابق. غير أنَّ أبا داود لم يسق لفظه، ووقع في إسناده وهمٌ وإسقاط كما نبَّه عليه المزِّي في "تحفة الأشراف" 8/ 334. وانظر تتمة تخريجه والكلام عليه في "المسند".

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل أبي عتبة: وهو أحمد بن الفرج الكندي الحمصي، ومن أجل شيخه بقية: وهو ابن الوليد.

وأخرجه أحمد (41/ (24588) عن يزيد بن عبد ربه، والنسائي (2221) و (11584) عن عمرو بن عثمان بن سعيد، كلاهما عن بقية بن الوليد بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(51) و "مسند الشاميين"(1253) عن أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الحضرمي، عن أبيه، عن أبيه، عن محمد بن الوليد الزبيدي، أنه سمع النعمان بن المنذر يحدِّث عن الزهري به. وأحمد بن محمد شيخ الطبراني له مناكير كما في ترجمته من "الميزان" للذهبي، وضعَّفه في "تاريخ الإسلام" 6/ 691.

وأخرجه بنحوه أحمد 40 / (24265) و (24266)، والبخاري (6527)، ومسلم (2859)، وابن ماجه (4276)، والنسائي (2222) و (11241) من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر، عن عمته عائشة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في آخره:"الأمر أشدُّ من أن يُهِمَّهم ذاك".

وروي نحوه أيضًا من حديث عثمان بن عبد الرحمن القرظي عن عائشة، وسيأتي لاحقًا عند المصنف برقم (8903).

ص: 400

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه بهذه الزيادة

(1)

، إنما اتَّفق الشيخان رضي الله عنهما على حديثَي عَمْرو بن دينار والمُغيرة بن النُّعمان عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس بطوله دون ذِكْر العَوْراتِ فيه

(2)

.

8899 -

أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، أخبرنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثني الوليد بن جُمَيع القُرشي، حدثني أبو الطُّفَيل عامر بن واثلةَ، عن حُذيفة بن أَسِيد، عن أبي ذرٍّ قال: حدثني الصادقُ المصدوقُ: صلى الله عليه وسلم "أنَّ الناس يُحشرون ثلاثةَ أفواج: فوجًا طَاعِمِينَ كاسِينَ راكبينَ، وفوجًا يَمشُون ويَسعَوْن، وفوجًا تَسحَبُهم الملائكةُ على وجوهِهم إلى النار". فقلنا: با أبا ذر، قد عَرفْنا هؤلاء وهؤلاء، فما بالُ الذين يمشون ويَسعَون؟ قال: يُلقي اللهُ الآفةَ على الظَّهْر فلا ظهرَ

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد إلى الوليد بن جميع، ولم يُخرجاه.

8900 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه ببغداد، حدثنا أحمد بن سعيد الجمَّال، حدثنا يزيد بن هارون وعلي بن عاصم قالا: حدثنا بَهز بن حكيم بن معاوية.

وحدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ - واللفظُ له حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا المعتمِر قال: سمعتُ بهزَ بنَ حَكيم يُحدِّث عن أبيه،

(1)

يريد بالزيادة سؤالها رضي الله عنها عن العورات وقول النبي صلى الله عليه وسلم لها: "لكل امرئ

" إلخ، وقد خرَّجا نحوها كما سبق من غير طريق عروة عنها، وفات الحاكمَ ذلك فذكر حديث ابن عباس!

(2)

حديث عمرو بن دينار عند البخاري برقم (6524) و (6525) ومسلم برقم (2860)(57)، وهو مختصر، والمطوَّل عندهما هو حديث المغيرة بن النعمان، وهو عند البخاري برقم (3349) و مسلم برقم (2860)(58).

(3)

حديث حسن إن شاء الله، وقد سلف الكلام عليه عند المصنف برقم (3429) حيث رواه هناك من طريق يزيد بن هارون عن الوليد بن جُميع.

ص: 401

عن جدِّه قال: قلت: يا رسول الله، أين تأمرُني؟ خِرْ لي، قال: فنَحَا بيدِه نحوَ الشام، فقال:"إنَّكم محشورون رجالًا ورُكْبانًا وتُجَرُّون على وجوهكم هاهنا"؛ ونَحا بيدِه

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وقد رواه أبو قَزَعة سُوَيدُ بن حُجَير عن حَكيم بن معاوية مثلَ رواية بَهْزٍ، على أنَّ بهزًا أيضًا ثقةً مأمونٌ لا يحتاج في روايته إلى مُتابعٍ.

8901 -

حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا أَسَد ابن موسى، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن أبي قَزَعة، عن حَكيم بن معاوية، عن أبيه

(2)

قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: "يُحشَرون هاهنا حُفاةً مُشاةً ورُكْبانًا وعلى وجوههم، تُعرَضون على الله على أَفواهِكم الفِدَامُ، وإنَّ أوّل ما يُعرِبُ عن أحدِكم فَخِذُه

(3)

.

8902 -

حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا موسى بن إسحاق القاضي، حدثنا مِنجابُ بن الحارث، حدثنا علي بن مُسهِر، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النُّعمان بن سعد قال: كنا جلوسًا عند علي بن أبي طالب فقرأ: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: 85] قال: لا والله ما على أرجلهم يُحشَرون، ولا يُساقُون سَوْقًا،

(1)

إسناده حسن من أجل بهز بن حَكيم وأبيه حكيم.

وأخرجه أحمد 33/ (20031)، والترمذي (2424) و (3143) من طريق يزيد بن هارون بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

وأخرجه أحمد (20050) عن يحيى بن سعيد القطّان عن بهز بن حَكيم به. وانظر ما بعده.

وسلف بأطول مما هنا برقم (3687) من طريق أبي قزعة الباهلي عن حكيم بن معاوية.

(2)

في النسخ الخطية حكيم بن معاوية عن جده عن أبيه، بزيادة "عن جده" وهو خطأه.

(3)

إسناده حسن من أجل حكيم بن معاوية. وقد سلف برقم (3687) من طريق الحسن بن موسى الأشيب عن حماد بن سلمة.

ص: 402

ولكنهم يُؤتون بنُوقٍ من نُوق الجنَّة لم

(1)

تَنظُرِ الخلائق إلى مثلِها

(2)

، رِحالُهم الذهبُ وأزِمَّتُها الزَّبَرجَد، فيَقعُدون عليها حتى يَقرَعوا بابَ الجنة

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8903 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أنَّ سعيد بن أبي هلال حدَّثه، أنه سمع عثمانَ بن عبد الرحمن القُرَظي يقول: قرأَتْ عائشة قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 9]، فقالت: يا رسول الله، واسَوْأَتاه، إِنَّ الرجال والنساء يُحشَرون جميعًا يَنظُر بعضُهم إلى سَوْاةِ بعض؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لكلِّ امرِئٍ منهم يومَئِذٍ شأنٌ يُغنيه، لا ينظرُ الرجالُ إلى النساءُ، ولا النساء إلى الرجال، شُغِلَ بعضُهم عن بعض"

(4)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: ثم.

(2)

تحرَّف في النسخ إلى: مثل.

(3)

إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن إسحاق - وهو أبو شيبة الواسطي - وجهالة خاله النعمان بن سعد.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" 2 / (1333) عن سويد بن سعيد، عن علي

ابن مسهر، بهذا الإسناد.

وسلف برقم (3466) من طريقين عن عبد الرحمن بن إسحاق.

(4)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف عثمان بن عبد الرحمن القرظي لم نقف له على ترجمة بهذا الاسم، إلَّا أن يكون هو عثمان بن عبد الرحمن الزهري الوقّاصي، فإنه ابن أخت محمد بن كعب القرظي، وهو من طبقة سعيد بن أبي هلال، فلعلَّ سعيدًا ذهل فنسبه إليه، وقد أشار الإمام أحمد فيما نقله عنه الساجي إلى تخليط سعيد في بعض الأحاديث، فإن كان هذا، فإنَّ عثمان الوقّاصي هذا متروك، وسواء كان هذا أو ذاك فإنَّ الذهبي أعلَّه في "تلخيصه" بالانقطاع، ولعله من أجل أن عثمان - أيًّا كان لم يسمع من عائشة.

وقد أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 278، وكذا ابن أبي حاتم 4/ 1349 عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، بهذا الإسناد. ووقع في إسناد الطبري بين ابن وهب وعمرو بن الحارث: قال ابن =

ص: 403

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8904 -

حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا عُبيد بن شَريك البزَّار، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بُكَير، حدثنا اللَّيث بن سعد، عن عُقَيل بن خالد، عن ابن شِهاب، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ آخرَ من يُحْشَرُ راعيانِ من مُزَينةَ يريدانِ المدينةَ، يَنعِقانِ بغنمهما، فيَجِدانِها وُحوشًا، حتى إذا بَلَغا ثَنِيَّةَ الوداع خرَّا على وجوهِهما

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

8905 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرنا إسحاق بن يحيى بن طَلْحة بن عُبيد الله، عن مَعبَد بن خالد قال: دخلتُ المسجدَ فإذا فيه شيخٌ يَتفلَّى، فسلَّمتُ عليه فردَّ عليَّ السلام، وجلستُ إليه فقلت: مَن أنت يا عم؟ فقال: بل مَن أنت يا ابنَ أخي؟ قلت: أنا مَعبَدُ بن خالد فقال: مَرحبًا بك، قد عرفتُ أباك، كان معي بدمشقَ، وإني وأباكَ لأَوَّلُ فارسَينِ وَقَفا بباب

(2)

عَذْراءَ - مدينة بالشام - فقلت: مَن أنت؟ قال: أنا أبو سَرِيحة الغِفاري، صاحبُ النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: حدِّثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يُحْشَرُ رَجُلانِ من مُزَينةَ، هما آخرُ الناس يُحشَران، يُقبِلانِ من

= زيد، وهي زيادة مقحمة كما بيَّن الأستاذ محمود شاكر رحمه الله في تعليقه على طبعته من "تفسير الطبري" 11/ 545.

وقد صحَّ هذا الخبر بنحوه عن عائشة من غير هذا الوجه، فانظر ما سلف برقم (8898).

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبيد بن شريك - وهو عبيد بن عبد الواحد بن شريك - فإنه صدوق لا بأس به.

وأخرجه مسلم (1389)(499) من طريق شعيب بن الليث بن سعد، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 12 / (7193) من طريق معمر، والبخاري (1874) من طريق شعيب بن أبي حمزة، كلاهما عن ابن شهاب الزهري به فاستدراك الحاكم له على الشيخين ذهولٌ منه.

(2)

في النسخ الخطية باب والمثبت من "تلخيص الذهبي".

ص: 404

جبلٍ قد تَسوَّراه حتى يأتِيَا معالمَ الناس، فيجدان الأرضَ وُحوشًا، حتى يأتيَا المدينةَ، فإذا بلغا أدنى المدينةِ قالا: أين الناسُ؟ فلا يَرَيانِ أحدًا، فيقول أحدُهما لصاحبه: الناسُ في دُورهم، فيدخلانِ الدُّورَ فإذا ليس في الدُّور أحدٌ، وإذا على الفُرُش الثعالبُ والسَّنانير، فيقولان: أين الناسُ؟ فيقول أحدُهما الناسُ في المسجد، فيأتيانِ المسجدَ فلا يَجِدانِ أحدًا، فيقولان: أين الناسُ؟ فيقول أحدهما: الناسُ في السُّوق، شَغَلَتهم الأسواقُ، فيخرجان حتى يأتيا الأسواقَ فلا يجدانِ فيها أحدًا، فيَنطلِقان حتى يأتيَا الثَّنِيَّةَ، فإذا عليها مَلَكانِ فيأخذان الملكان

(1)

بأرجُلِهما فيسحبانِهما إلى الأرض، أرضِ المَحشَر، وهما آخرُ الناس حَشْرًا"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8906 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنعاني بمكة حَرَسَها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبَرِي، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن قَتَادة عن أنس قال: لما نَزَلَت {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1] على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مَسيرٍ له، فرَفَعَ بها صوتَه حتى أنابَ

(3)

إليه أصحابُه، فقال:"أتدرون أيُّ يومٍ هذا؟ يومَ يقول الله لآدمَ: يا آدمُ، قمْ فابعَثْ بَعْثَ النارِ، من كلِّ ألفٍ تسعَ مئةٍ وتسعةً وتسعين"، فكَبُرَ ذلك على المسلمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سدِّدوا وقارِبوا وأَبشِروا، فوالَّذي نفسي بيدِه ما أنتم في الأُمم إلَّا كالشَّامَةِ

(1)

هكذا في النسخ الخطية، وهي لغة لبعض العرب. والأفصح: فيأخذ الملكان، بإفراد الفعل.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا، إسحاق بن يحيى متروك الحديث وبه أعلَّه الذهبي في "تلخيصه"، وحديثه هذا منكر كما بيَّن ذلك الشيخ أحمد الغماري رحمه الله في "المداوي" 1/ 12.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(1756)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 16 من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد.

(3)

هكذا في نسخنا الخطية والمعنى: أقبَلَ، وفي "تلخيص الذهبي": ثابَ، من ثاب الناس: إذا اجتمعوا وجاؤوا.

ص: 405

في جَنْبِ البعير، أو كالرَّقْمة في ذراع الدابَّة، فإنَّ معكم الخَليقتَينِ

(1)

، ما كانتا مع شيءٍ إِلَّا كَثَّرتاه، يأجوج ومأجوج، ومَن هَلَكَ من كَفَرَةِ الجنِّ والإنس"

(2)

.

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8907 -

وقد أخبرَناهُ عبدُ الله بن محمد الدَّورَقي، حدثنا محمد بن إسحاق الإمام، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرزاق؛ فساق الحديثَ بمثلِه سواءً.

ثم قال محمد بن يحيى في آخره هذا الحديث عندنا غيرُ محفوظٍ عن أنس، ولكن المحفوظ عندنا حديثُ قتادةَ عن الحسن عن عِمرانَ بن حُصَين.

8908 -

حدَّثَنا به عبدُ الصمد، حدثنا هشام، عن قَتَادةَ، عن الحسن.

فقد حَكَمَ إمامُ الأئمة محمد بن يحيى الذُّهْلي رضي الله عنه، ولم يُخرِّج محمدُ بن إسماعيل ومسلمُ بن الحجَّاج رضي الله عنهما في هذه الترجمة حرفًا.

وذُكِرَ أنَّ الحسن لم يسمع من عِمران بن حُصين.

قال الحاكم رحمه الله: والذي عندي أنَّ الحسن قد سَمِعَ من عِمْران بن حُصَين.

8909 -

وقد حدثنا بالحديث عليُّ بن حَمْشاذَ العَدْل، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد ومحمد بن المِنْهال الضَّرير قالا: حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أَبي، عن قَتَادةَ، عن الحسن، عن عِمران بن حُصَين قال: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرٍ وقد تفاوَتَ بين أَصحُبِه

(3)

السَّيرُ، فَرَفَعَ بهاتين الآيتين صوتَه:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} ، قرأَ أبو موسى

(4)

إلى قوله: {وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} ،

(1)

في "التلخيص": لخليقتين، وهو أوجه.

(2)

حديث صحيح لكن من حديث عمران بن حصين كما سلفت الإشارة إليه عند المصنف برقم (79) حيث رواه هناك من طريق محمود بن غيلان عن عبد الرزاق. وقد فصّلنا القول في ذلك عند حديث عمران السالف برقم (78).

(3)

هكذا في النسخ الخطية، على وزن جمع القلة.

(4)

يريد أبا موسى الزَّمِن، وهو محمد بن المثنى، وقد سلف حديثه عند المصنف برقم (2954) من روايته عن معاذ بن هشام، وفيها الآية بتمامها كما ذكر المصنف هنا.

ص: 406

فلما سمع ذلك أصحابه حثُّوا المَطيَّ وعرفوا أنه عندَ قولٍ يقولُه، فقال:"أتدرون أيُّ يوم ذلك؟ " قالوا: الله ورسوله أعلمُ؟ قال: "ذاكم يومَ يُنادَى آدم فيناديه ربُّه فيقول: يا، آدمُ ابْعَثْ بَعْثَ النارِ [قال: يا رب، وما بعثُ النار؟ قال: من كل ألفٍ تسعُ مئةٍ وتسعةٌ وتسعون في النار]

(1)

وواحدٌ في الجنّة"، فأُبِلسَ أصحابُه حتى ما أَوضَحُوا بضاحكةٍ، فلما رأى رسولُ صلى الله عليه وسلم الذي بأصحابه قال: "اعْمَلُوا وأَبِشروا، فوالذى نفسُ محمدٍ بيدِه، إنكم مع خليقَتينِ ما كانتا مع شيءٍ إِلَّا كَثَّرتاه، يأجوجَ ومأجوجَ، ومَن هَلَكَ من بني آدم وبني إبليسَ"، فسُرِّيَ عن القوم بعضُ الذي يَجِدُون، ثم قال: "اعمَلوا

(2)

وأَبشِروا فوالذي نفسُ محمدٍ بيدِه ما أنتم في الناس إِلَّا كالشَّامَةِ في جَنْبِ البعير، أو كالرَّقْمة في ذراع الدَّابّة"

(3)

.

وهكذا رواه سعيدُ بن أبي عَرُوبة عن قَتَادةَ:

8910 -

حدَّثَناهُ أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا إبراهيم بن عبدان السَّعْدي، حدثنا رَوْح بن عُبادة، حدثنا سعيدٌ وهشامُ

(4)

بن أبي عبد الله، عن قَتَادةَ، عن الحسن، عن عِمران بن حُصَين قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارِه؛ فذكر الحديثَ بنحوه

(5)

.

وقد رُوِّينا هذا الحديثَ عن عبد الله بن عبَّاس:

(1)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، واستدركناه مما تقدَّم ومن مصادر التخريج.

(2)

في الموضعين في (ز) و (ب): اعلموا، وهو خطأ.

(3)

حديث صحيح رجاله ثقات، وقد سلف برقم (2954) من طريق محمد بن المثنى عن معاذ بن هشام وانظر الكلام عليه مفصَّلًا برقم (78).

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: سعيد بن هشام وسعيد هذا هو ابن أبي عروبة، وهو وهشام بن أبي عبد الله الدستوائي من مشاهير أصحاب قتادة.

(5)

حديث صحيح رجاله ثقات كسابقه.

وقد سلف برقم (3035) من طريق محمد بن إسحاق الصغاني عن روح بن عبادة عن سعيد وحده.

ص: 407

8911 -

حدَّثَناه الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن شاذانَ الجَوهَري، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عَبَّاد بن العوَّام عن هلال بن خَبَّاب، عن عِكْرمة، عن ابن عباس قال: تَلَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيةَ وعنده أصحابُه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} إلى آخر الآية، فقال:"هل تدرون أيُّ يومٍ ذاك؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:"ذاكَ يومَ يقولُ اللهُ لآدم: قُمْ فابعَثْ بَعْثَ النارِ - أو قال: بعثًا إلى النار - فيقول: يا ربِّ، مِن كم؟ قال: من كلِّ ألفٍ تسعَ مئةٍ وتسعةً وتسعين إلى النار، وواحدٌ إلى الجنَّة"، فشَقَّ ذلك على القوم ووَقَعَت عليهم الكآبةُ والحُزْن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني لأرجو أن تكونوا رُبعَ أهلِ الجنة ثم قال: "إني لأرجو أن تكونوا ثُلثَ أهل الجنة ثم قال: "إني لأرجو أن تكونوا شَطْرَ أهل الجنة"، ففَرِحُوا، فقال رسول صلى الله عليه وسلم: "اعمَلوا وأَبشِروا، فإنكم بين

(1)

خَلِيقتَينِ لم تكونا مع أحدٍ إِلَّا كَثرَتاه، يأجوج ومأجوجَ، وإنما أنتم في الناس - أو في الأُمم.

كالشَّامةِ في جَنْب البعير، أو كالرَّقْمة في ذراع الناقة، وإنما أُمَّتي جزءٌ من ألفِ جزءٍ"

(2)

.

(1)

في (ز) بعد.

(2)

إسناده صحيح، وصحَّحه الطبري في "تهذيب الآثار" وابن حجر في "مختصر زوائد البزار"(1485).

وأخرجه البزار (2235 و 3497 - كشف الأستار)، والطبري في مسند ابن عباس من "تهذيب الآثار" 1/ 396، والضياء المقدسي في "المختارة" 12/ (329) من طريقين عن سعيد بن سليمان الواسطي، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث عمران بن حصين السابق لكن من رواية علي بن زيد بن جُدعان عن الحسن البصري عنه عند أحمد 33 / (19884)، والترمذي. (3168).

وحديث أبي سعيد الخدري عند أحمد 17/ (11284)، والبخاري (3348)، ومسلم (222)، والنسائي (11276). وقد سلف عند المصنف مختصرًا برقم (80).

ولقصة ربع أو ثلث أو شطر أهل الجنة حديث ابن مسعود عند أحمد 6 / (3661)، والبخاري =

ص: 408

هذا حديث صحيح بهذه الزِّيادة، ولم يُخرجاه.

8912 -

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عفَّان ومحمد بن كَثير: قالا حدثنا مَهْديُّ بن ميمون حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن بِشْر بن شَغَافٍ، عن عبد الله بن سَلَام؛ قال

(1)

: وكنَّا جلوسًا في المسجد يومَ الجُمُعة، فقال: إنَّ أعظمَ أيام الدنيا يومُ الجمعة، فيه خُلِقَ آدم، وفيه تقومُ الساعة، وإِنَّ أكرمَ خَليقة الله على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، قال: قلت: رَحِمَك الله، فأين الملائكةُ؟ قال: فنظر إليَّ وضحك وقال: يا ابنَ أخي هل تدري ما الملائكةَ؟ إنما الملائكةُ خلقٌ كخَلْق السماء وخلق الأرض وخلق الرياح وخلق السَّحاب وخلق الجبال، وسائر الخلق، التي لا تعصى الله شيئًا، وإنَّ أكرمَ خليقةٍ على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، وإنَّ الجنة في السماء، وإنَّ النار في الأرض، فإذا كان يومُ القيامة بَعَثَ الله الخليقة أُمَّةً أُمّةً، ونبيًا نبيًا، حتى يكونَ أحمد وأمَّتُه آخرَ الأُمم مركزًا، قال: ثم يُوضَعُ جسرٌ على جنَّهم، ثم ينادي منادٍ: أين أحمدُ وأمّتُه؟ قال: فيقوم فتَتبعُه أمّتُه بَرُّها وفاجرها، قال: فيأخذون الجسرَ، فيَطمِسُ الله أبصارَ أعدائه، فيتهافتون فيها من شمال ويمينٍ، ويَنجُو النبيُّ صلى الله عليه وسلم والصالحون معه، فتَلَقَّاهم الملائكةُ ربَّنا نُبُوِّئُهم منازلَهم من الجنة على يمينِك وعلى يسارِك، حتى ينتهي إلى ربِّه عز وجل، فيُلقَى له كرسيٌّ عن يمين الله عز وجل، ثم ينادي منادٍ: أين عيسى وأمّتُه؟ فيقوم فتَتبعُه أمّتُه بَرُّها وفاجرُها، فيأخذون الجسرَ، فيَطمِسُ اللهُ أبصارَ أعدائه، فيتهافتون فيها من شِمالٍ، ويمينٍ، ويَنجُو النبيُّ صلى الله عليه وسلم والصالحون معه، فتَلَقَّاهم الملائكةُ؛ ربَّنا نُبُوِّئُهم منازلَهم في الجنة على يمينِك وعلى يسارك، حتى ينتهيَ إلى ربِّه، فيُلقَى له كرسيٌّ من الجانب الآخر، قال: ثم يَتبعُهم الأنبياءُ والأُمم حتى يكونَ آخرُهم نوحًا، رَحِمَ الله نوحًا

(2)

.

= (6528)، ومسلم (221)، والترمذي (2547).

(1)

القائل هو بشر بن شغاف. وفي نسختي (ك) و (م): وكنا عنده جلوسًا.

(2)

إسناده صحيح موقوف محمد بن غالب: هو الحافظ المعروف بتمتام، وعفان: هو ابن مسلم =

ص: 409

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وليس بموقوفٍ، فإنَّ الله عبد بن سَلَام على تقدُّمه في معرفة قديمةٍ من جُملة الصحابة، وقد أسنَدَه بذِكْر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير موضعٍ، والله أعلم

(1)

.

8913 -

أخبرنا عبد الله بن إسحاق الخُراساني العدل ببغداد، حدثنا أحمد بن الوليد الفَحَّام، حدثنا رَوْح بن عُبَادة، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن علي بن زيد، عن

= الصفّار، ومحمد بن كثير: هو العبدي البصري.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(148) و (360)، وفي "دلائل النبوة" 5/ 485 - 486 من طريق عبد الله بن محمد بن أسماء، عن مهدي بن ميمون بهذا الإسناد. ولم يسقه بتمامه.

وأخرج النصف الأول منه الحارث بن أبي أسامة في مسنده (935 - بغية الباحث) ومن طريقه أبو نعيم في "صفة الجنة"(131) - عن عبد العزيز بن أبان الكوفي، عن مهدي بن ميمون به.

وعبد العزيز متروك، لكنه لم ينفرد به كما ترى.

وأخرج قصة الجنة في السماء والنار في الأرض: ابن أبي الدنيا في صفة النار" (179) عن خالد بن خِداش عن مهدي به وخالد صدوق لا بأس به.

وأخرجها أيضًا الدولابي في "الكنى والأسماء"(14)، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(454) من طريق الخضر بن محمد بن شجاع، عن إسماعيل ابن عليَّة عن مهدي بن ميمون به مر مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. والخضر صدوق إلَّا أنَّ روايته هذه شاذة، وقد خالفه إسماعيل بن عمرو البجلي عند الطبراني في "الكبير"(14984)، فروى عن ابن علية أوّله في قصة أكرم الخليقة على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، فوقفه.

وأخرج قصة الجنة والنار أيضًا ابن أبي الدنيا (178) من طريق شعبة، وقصة أكرم الخليقة الطبرانيُّ (14983) من طريق واصل مولى أبي عيينة، كلاهما عن محمد بن أبي يعقوب، به موقوفًا.

وأخرجهما أبو نعيم (131) من طريق عمرو بن عثمان الكلابي الرقي، عن موسى بن أعين عن معمر، عن محمد بن أبي يعقوب به مرفوعًا. وعمرو بن عثمان هذا تركه النسائي.

والحديث بتمامه عند عبد الله بن المبارك في "الزهد" برواية نعيم بن حماد عنه برقم (398) عن معمر، عمن سمع محمد بن أبي يعقوب به موقوفًا. وهو المحفوظ.

(1)

سبق أنَّ المرفوع غير محفوظ، ولا يصح عن عبد الله بن سلام إلَّا موقوفًا.

ص: 410

يوسف بن مِهْران، عن ابن عباس أنه قرأَ:{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا} [الفرقان: 25] قال: تَشقَّقُ سماء الدنيا وتَنزِلُ الملائكة على كل سماء، وهم أكثرُ ممَّن في الأرض من الجنِّ والإنس فيقول أهلُ الأرض: أفيكم ربُّنا؟ فيقولون: لا، ثم يَنزِل أهل السماء الثانية، وهم أكثرُ من أهل السماء الدنيا وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربُّنا؟ فيقولون: لا، ثم يَنزل أهل السماء الثالثة، وهم أكثرُ من أهل السماء الثانية وسماءِ الدنيا وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربُّنا؟ فيقولون: لا، ثم يَنزِل أهلُ السماءِ، الرابعة، وهم أكثرُ من أهلِ السماء الثالثة والثانية والدنيا وأهلِ الأرض، فيقولون: أفيكم ربُّنا؟ فيقولون: لا، ثم يَنزِل أهلُ السماء الخامسة، وهم أكثرُ من أهل السماء الرابعة والثالثة والثانية والدنيا وأهلِ الأرض، فيقولون: أفيكم ربُّنا؟ فيقولون: لا، ثم يَنزِل أهلُ السماء السادسة، وهم أكثرُ من أهل السماء الخامسة والرابعة والثالثة والثانية والدنيا وأهلِ الأرض، فيقولون: أفيكم ربُّنا؟ فيقولون: لا، ثم يَنزِل أهل السماء السابعة وهم أكثرُ من أهل السماء السادسة والخامسة والرابعة والثالثة والثانية والدنيا وأهلِ الأرض، فيقولون: أفيكم ربُّنا؟ فيقولون: لا، ثم يَنزِل الكَرُوبيُّون، وهم أكثرُ من أهل السماوات السبع والأَرَضِين، وحَمَلةُ العَرْش، لهم قرونٌ كُعُوبٌ كُعوبَ

(1)

القَنَا، ما بين قَدَم أحدهم كذا وكذا، ومن أخَمصِ قدمه إلى كَعْبه مسيرةُ خمس مئة عامٍ، ومن كَعْبه إلى ركبته مسيرةُ خمس مئة عام

(2)

، ومن ركبتِه إلى أَرنَبَتِه مسيرةُ خمس مئة عامٍ، ومن تَرقُوَتِه إلى موضع القُرْطِ مسيرةُ خمسِ مئة عام

(3)

.

(1)

في (م) و (ب) ككعوب بإثبات كاف التشبيه. والقَنا: جمع القَناة، وهو الرُّمح، وكعبُها: ما بين كل عُقدتين من أنبوبتها. انظر "النهاية" لابن الأثير (كعب).

(2)

لفظ "عام" هنا من (ك) وحدها.

(3)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن جدعان - وتساهل الذهبي في "تلخيصه" فقوَّى الإسناد.

ص: 411

رُواة هذا الحديثِ عن آخرهم مُحَتجٌّ بهم غيرَ عليِّ بن زيد بن جُدْعان القُرَشي، وهو وإن كان موقوفًا على ابن عبَّاس، فإنه عجيبٌ بمَرَّةٍ.

8914 -

أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدمُ بن أبي إياس، حدثنا شُعْبة قال: سمعت أبا إسحاق يقول: سمعت هُبيرةَ بن يَرِيمَ يقول: سمعت عبدَ الله بن مسعود تلا {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} [إبراهيم: 48] قال: أرضٌ كالفِضّة بيضاءُ نقيَّةٌ لم يُسفَكْ فيها دمٌ، ولم يُعمَل فيها خطيئةٌ، يُسمِعُهم الداعي ويُنفِذُهم البصرُ، حفاةً عُراةً قيامًا، ثم يُلجِمُهم العَرَقُ

(1)

.

= وأخرجه آدم بن أبي إياس في "تفسيره" 2/ 450 - 451 حماد بن سلمة، وأخرجه أيضًا أسدُ بن موسى في "الزهد"(53)، والدارمي في "الرد على الجهمية"(142)، وفي "نقضه على بشر المريسي" 1/ 476 - 477، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 8/ 2682 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو عند بعضهم مختصر.

وأخرجه بنحوه الطبري في "التفسير" 19/ 6 - 7 من طريق مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد، به.

وأخرجه بنحوه ابن المبارك في الزهد برواية نعيم بن حماد (353)، وابن أبي الدنيا في "الأهوال"(173)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(1122 - بغية الباحث)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 62 من طريق عوف الأعرابي، عن أبي المنهال سيّار بن سلامة الرِّياحي، عن شهر بن حوشب عن ابن عباس. وشهر فيه ضعف.

ورواه غسان بن بُرْزِين عند أسد بن موسى في "الزهد"(52) عن سيار بن سلامة، عن أبي العالية الرياحي، عن ابن عباس. ورجال هذه الرواية، ثقات، إلَّا أنها شاذة، فقد خالف غسان من هو أوثق وأثبت منه، وهو عوف الأعرابي في الرواية السابقة، فذكر فيه شهرًا مكان أبي العالية.

وقد ورد قريب من خبر ابن عباس هذا في حديث الصور الطويل من حديث أبي هريرة مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيما أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(10)، وابن أبي الدنيا في "الأهوال"(155)، والطبري في "التفسير" 2/ 330 - 331، وغيرهم وفيه إسماعيل بن رافع قاص أهل المدينة، وهو ضعيف بمرَّة.

(1)

خبر صحيح، عبد الرحمن بن الحسن القاضي - وإن كان فيه ضعف - لم ينفرد بهذا الخبر، ومَن فوقه ثقات. وقد اضطرب فيه أبو إسحاق وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - كما بيَّن شعبة =

ص: 412

وقيل: عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله:

8915 -

أخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق قال: سمعت عمرَو بنَ ميمون يُحدِّث عن عبد الله، في قوله عز وجل:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} ، قال: أرضٌ بيضاء نقيَّةٌ لم يُسفَكْ فيها دمٌ، ولم يُعمَلْ فيها بخطيئةٍ، يُسمِعُهم الداعي ويُنفِذُهم البصرُ، حفاةً عُراةً كما خُلِقوا، حتى يُلجِمَهم العرقُ

(1)

.

= في رواية محمد بن جعفر عنه عند أحمد في "العلل" برواية ابنه (4603) والطبري في "تفسيره" 13/ 249، فقد ذكر شعبة: أنَّ أبا إسحاق رواهُ مرةً عن هبيرة بن يَريم عن ابن مسعود، ومرةً عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود، ومرةً عن عمرو بن ميمون من قوله، ومهما يكن من أمر فإنَّ هذا الخبر محفوظ من قول ابن مسعود قد روي هكذا عنه من غير طريق أبي إسحاق كما سيأتي في تخريج الرواية التالية.

(1)

إسناده صحيح. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي.

وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة"(598) من طريق علي بن المنذر عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد - دون قوله: يسمعهم الداعي

إلى آخره.

وأخرجه كذلك الطبري 13/ 249 - 250، وأبو نعيم في صفة الجنة" (145) من طريقين عن إسرائيل، به.

وأخرجه أحمد في "العلل" برواية ابنه عبد الله (4603)، والطبري 13/ 249 و 250 من طريق شعبة، وأبو نعيم (144) من طريق سلّام أبي الأحوص، و (146) من طريق زكريا بن أبي زائدة ثلاثتهم عن أبي إسحاق، به.

ورواه سفيان الثوري عند عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 344، والطبري 13/ 250، وعمرو بن قيس الملائي عند الطبري 13/ 252، كلاهما عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون من قوله.

وخالف جريرُ بن أيوب، فرواه عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه ابن أبي عاصم في "الأوائل"(178)، والبزار (1859)، والشاشي في "مسنده"(669)، وأبو بكر القطيعي في "جزء الألف دينار"(301)، والطبراني في "الكبير"(10323)، و"الأوسط"(7167)، وابن عدي في "الكامل"(2/ 123، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 153 و 348، و"صفة الجنة" (144)، وجرير بن أيوب هذا ليس بشيء متروك. =

ص: 413

هذا حديث صحيح الإسنادَينِ جميعًا على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8916 -

أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفَضْل الشَّعراني، حدثنا جدِّي، حدثنا إبراهيم بن حمزة الزُّبيري، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن علي بن حسين، عن جابر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تُمَدُّ الأرضُ يوم القيامة مدًّا لعَظَمِة الرحمن، ثم لا يكونُ لبشرٍ من بني آدم إلَّا مواضعَ قدميهِ، ثم أُدعَى أولَ الناس، فأَخِرُّ ساجدًا، ثم يُؤذَنُ لي فأَقومُ فأقول: يا ربِّ، أخبَرني هذا - لجبريلَ، وهو عن يمين الرحمن، واللهِ ما رآه جبريلُ قبلَها قطُّ أنك أَرسلْتَه إليَّ، قال: وجبريلُ ساكتٌ لا يتكلَّمُ، حتى يقول الله: صَدَقَ، ثم يُؤذَنُ لي في الشَّفاعة، فأقول: يا ربِّ، عبادك عَبَدُوك

(1)

في أطرافِ الأرض؛ فذلك المَقامُ المحمودُ"

(2)

.

= وهو محفوظ من قول ابن مسعود، فقد أخرجه الطبري 13/ 250، والطبراني في "الكبير"(9001)، وأبو نعيم (150) من طريق حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود. وهذا إسناد جيد.

وفي الباب عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقُرصة النَّقِيّ، ليس فيها مَعلَمٌ لأحد". أخرجه البخاري (6521) ومسلم (2790).

والعفراء البيضاء المشوبة بحُمْرة، وقرصة النقي: الرغيف المصنوع من الدقيق الأبيض الخالص من الشوائب.

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث الشفاعة الطويل قال: "يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيُسمعهم الداعي، ويُنفِذهم البصر

". أخرجه البخاري (4712) ومسلم (194). والصعيد الأرض الواسعة المستوية.

(1)

في النسخ الخطية: عبادك عبدك، والمثبت من مصادر التخريج. قال ابن كثير في "البداية والنهاية" 9/ 421: وعندي أنَّ معنى قوله: "عبادك عبدوك في الأرض" أي: وقوف في أطراف الأرض، أي: الناسُ مجتمعون في صعيد واحد، مؤمنهم وكافرهم.

(2)

إسناده ضعيف لاضطرابه، فقد اختلف فيه على ابن شهاب الزهري في وصله وإرساله وفي رفعه ووقفه، ولم نقف عليه مسندًا من حديث جابر عند غير المصنف، وقد انفرد إبراهيم بن حمزة الزبيري بذكر جابر فيه، وإبراهيم هذا صدوق ليس به بأس إلَّا أنه لم تكن له تلك المعرفة =

ص: 414

هذا إسنادٌ صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

وقد أرسَلَه يونس بن يزيد ومعمرُ بن راشد عن الزُّهري.

أما حديثُ يونسَ:

8917 -

فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين، عن رجلٍ من أهل العِلْم - ولم يُسمَّه -: أنَّ الأرض تُمَدُّ يومَ القيامة؛ ثم ذكر الحديثَ بنحوه

(1)

.

أما حديثُ مَعمَر:

8918 -

فأخبرَناه محمدُ بن علي الصَّنعاني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزُّهْري، عن علي بن الحسين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُمَدُّ الأرضُ يومَ القيامة" ثم ذكر مثلَه سواء

(2)

.

= بالحديث كما قال أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" 2/ 95.

وخولف إبراهيم في إسناده، فقد رواه محمدُ بنُ جعفر الوَرْكاني عند الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(1131 - بغية الباحث)، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" 3/ 145، ومحمدُ بنُ خالد بن عَثمة عند البيهقي في "شعب الإيمان"(298)، ومحمدُ بنُ عثمان بن خالد عند أبي زكريا بن منده في "أماليه"(13)، ثلاثتهم عن إبراهيم بن سعد الزهري - زاد ابن عثمة: عن صالح بن كيسان - عن ابن شهاب الزهري، عن علي بن الحسين - وهو زين العابدين - قال: أخبرني رجل من أهل العلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

فذكره. وفي إسناد البيهقي إلى ابن عثمة ضعف، وإسنادا الآخَرين جيدان إلى إبراهيم بن سعد.

وانظر الحديثين التاليين.

(1)

رجاله ثقات، وهو موقوف. وهذا أصح إسناد عن ابن شهاب الزهري في هذا الخبر.

(2)

إسناده ضعيف لاضطرابه كما تقدَّم إسحاق بن إبراهيم: هو ابن عبّاد الدَّبَري.

والخبر في تفسير عبد الرزاق 2/ 358، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبري في "تفسيره" 10/ 187.

وتابع عبدَ الرزاق على إرساله محمد بن ثور الصنعاني عند الطبري 15/ 146 و 30/ 113 - 114، =

ص: 415

8919 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أنَّ أبا عُشَّانةَ المَعافِري حدَّثه، أنه سمع عُقْبةَ بن عامر الجُهَني يقول: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تَدْنو الشمسُ من الأرض فيَعرَقُ الناسُ، فمِن الناسِ من يَبْلُغُ عَرَقُه إلى كَعَبَيهِ، ومنهم من يَبلُغ إلى نصفِ الساق، ومنهم من يَبلُغ إلى رُكبَتيهِ، ومنهم من يَبلُغ العَجُزَ، ومنهم من يَبلُغ الخاصرةَ، ومنهم من يَبلُغ مَنكِبيَه، ومنهم من يَبلُغ عُنقَه، ومنهم من يَبلُغ وَسَطَ فيه - وأشار بيده فألجَمَها فاه؛ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا. ومنهم من يُغطِّيه عَرَقُه" وضَرَبَ بيده إشارةً، فَأَمَرَ يدَه فوق رأسه من غير أن يصيبَ الرأسَ دَوْرُ راحتِه

(1)

، يمينًا وشمالًا

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8920 -

أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تَميمٍ القَنطَري ببغداد، حدثنا أبو قِلابةَ، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثني أَبي، عن سعيد بن عُمَير قال: جلستُ إلى عبد الله بن عمر وأبي سعيدٍ الخُدْري يومَ الجمعة، فقال أحدُهما: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يُلجِمُ العرقُ الناسَ"، فقال: "إلى شَحْمةِ

= وأبو سفيان المَعمري عند ابن أبي الدنيا في "الأهوال"(150)، فروياه عن معمر مرسلًا. وسقط معمر من مطبوعة "الأهوال".

وخالفهم عبدُ الله ابن المبارك فرواه في "الزهد" برواية نعيم بن حماد (375) عن معمر، عن الزُّهْري، عن علي بن الحسين: أنَّ رجلًا من أهل العلم أخبره، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

فذكره.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى راحلته. ودَوْر الراحة: باطن الكفّ.

(2)

إسناده صحيح ابن وهب هو عبد الله، وأبو عشّانة: هو حيُّ بن يُومِن.

وأخرجه ابن حبان (7329) من طريق حرملة بن يحيى التُّجيبي، عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 28/ (17439) من طريق عبد الله بن لَهيعة، عن أبي عشانة، به.

ويشهد له حديث المقداد بن الأسود عند أحمد 39 / (23813) ومسلم (2864) وغيرهما.

ص: 416

أُذُنيهِ"، وقال الآخر: "يُلجِمُه"؛ فقال ابن عمر بإصبَعِه تحتَ شحمةِ أُذنِه

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8921 -

أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد، عن قَتَادةَ، عن أبي المتوكِّل، عن أبي سعيد الخُدْري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليُحْبَسَنَّ أهلُ الجنة بعدما يُجاوِزون الصراطَ على قَنطَرةٍ، فيُؤخَذُ لبعضهم من بعض مظالمُهم التي تَظالَمُوها في الدنيا، حتى إذا هُذِّبوا ونُقُّوا أُذِنَ في دخول الجنة، فَلأحدهم أعرفُ بمَنزِلتِهم

(2)

في الآخرة منه بمنزلِه كان في الدنيا".

قال قتادةُ: قال أبو عُبيدة بن عبد الله بن مسعود: ما يُشبِهُ إِلَّا أَهلَ جمعةٍ انصرفوا من جمعِتهم

(3)

.

(1)

إسناده حسن من أجل سعيد بن عمير الحارثي. أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد الرَّقاشي، وأبو عاصم: هو الضحاك مخلد بن وعبد الحميد بن جعفر: هو ابن عبد الله بن الحكم الأنصاري.

وأخرجه أحمد 18 / (11859) عن الضحاك بن مخلد بهذا الإسناد.

وسيأتي عند المصنف برقم (9012).

وأخرج أحمد (8/ 4613)، والبخاري (4938)، ومسلم (2862)، وابن ماجه (4278)، والترمذي (2422)، والنسائي (11592)، وابن حبان (7331) من طريق نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6] قال: "يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أُذنيه". وانظر تمام شواهده في "مسند أحمد".

(2)

في (م): بمنزلته، وكذا في الموضع التالي.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل يحيى بن أبي طالب وشيخه عبد الوهاب. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وأبو المتوكل: هو علي بن داود الناجيّ.

وأخرجه أحمد 17/ (11095) عن روح بن عبادة، و 18/ (11706)، والبخاري (6535) من طريق يزيد بن زريع كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه. =

ص: 417

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8922 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عبد الرحمن بن مَيسَرة، عن أبي هانئ الخَوْلاني، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: تلا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الآية: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:6]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كيف بكم إذا جَمَعَكم الله كما يُجْمَعُ النَّبْلُ في الكِنانة خمسين ألفَ سنةٍ، ثم لا يَنظُرُ الله إليكم"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8923 -

أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن أبي الوَزِير التاجر، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريسَ الرازي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاريّ، حدثني محمد بن عمرو اللَّيْثي، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطِبٍ، عن عبد الله بن الزُّبَير، عن الزُّبير قال: لما نَزَلت هذه الآيةُ وهذه السُّورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 30 - 31]، قال الزُّبير: يا رسول الله، أيُكرَّرُ علينا ما بينَنا في الدنيا مع خَوَاصِّ الذُّنوب؟! قال:"نعم، ليُكرَّرَنَّ عليكم ذلك حتى يُؤدَّى إلى كلِّ ذي حقٍّ حقُّه"، قال الزّبير: والله إنَّ الأمرَ لشديد

(2)

.

= وقد سلف عند المصنف برقم (3389) من طريق هشام الدستوائي عن قتادة.

(1)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن ميسرة - وهو الحضرمي المصري - فقد روى عنه جمع، ووثَّقه المصنف فيما سلف عند الحديث رقم (5). أبو هانئ الخولاني: هو حميد بن هانئ، وأبو عبد الرحمن الحُبلي: هو عبد الله بن يزيد المَعافري.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1269، والطبراني في "الكبير"(14669)، وعبد الغني المقدسي في "ذكر النار"(96)، وعبد الكريم الرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" 3/ 257 من طريق حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

(2)

إسناده حسن. وهو مكرر (3629)، ولم يذكر هناك في إسناده الزبير.

ص: 418

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8924 -

حدثنا أبو بكر أحمد بن سَلْمان بن الحسن الفقيه ببغداد، حدثنا هلال بن العلاء الرَّقّي، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن القاسم بن عوف الشَّيباني قال: سمعت ابن عمر يقول: لقد عِشْنا بُرْهةً من دهرٍ وما نَرى هذه الآيةَ إلّا نَزَلت فينا وفي أهل الكتاب: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} ، فقلت: نَختصم؟! أمّا نحن فلا نعبدُ إلَّا الله، وأمّا دينُنا فالإسلامُ، وأما كتابُنا فالقرآنُ فلا نغيِّرُ ولا نحرِّفُ أبدًا، وأمّا قِبلتُنا فالكعبةُ، وأمّا حرامُنا - أو حَرَمُنا - فواحد، وأمّا نبيُّنا فمحمدٌ صلى الله عليه وسلم، فكيف نختصمُ؟! حتى كَفَحَ بعضُنا وجوهَ بعضٍ بالسيوف، فعرفتُ أنها نَزَلَت فينا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8925 -

حدثني علي بن عيسى بن إبراهيم الحِيرِي، حدثنا الحسين بن محمد

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد ضعيف لإعضاله، فإنَّ هلال بن العلاء وُلد بعد وفاة زيد بن أنيسة بستين سنة أو أكثر، والحديث لا يعرف إلَّا من رواية عبيد الله بن عمرو الرقي عن زيد كما سيأتي، وبين وفاة هذا أيضًا وولادة هلال أربع سنين، فهو على هذا معضل قد سقط بين هلال وزيد اثنان، وقد سلف عند المصنف برقم (101) من حديث القاسم بن عوف عن ابن عمر شيء في الإيمان وتنزُّل القرآن، أوله: لقد عشنا بُرهة من دهرنا، وهو من رواية أحمد بن سلمان الفقيه عن هلال بن العلاء عن أبيه عن عبيد الله بن عمرو الرقي عن زيد بن أبي أُنيسة، ويغلب على ظننا أنَّ هذا الخبر قطعة من ذاك فرّقه المصنف في موضعين، والله تعالى أعلم.

وأما هذا الخبر فقد أخرجه الطبراني في "الكبير"(3881)، والثعلبي في "تفسيره" 8/ 235، وأبو نعيم في "تثبيت الإمامة"(170) من طرق عن عبيد الله بن عمرو الرقي، عن زيد بن أبي أنيسة، بهذا الإسناد. وهو إسناد حسن إن شاء الله من أجل القاسم بن عوف.

وأخرج نحوه النسائي (1138)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (1/ 123 - 142 من طريق يعقوب القُمّي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر. وهذا إسناد حسن من أجل يعقوب القمّي.

ص: 419

ابن زياد القَبّاني

(1)

، حدثني محمد بن يحيى القُطَعي، حدثنا يحيى بن راشد المازِني، حدثنا داود بن أبي هند، عن عِكْرمة عن ابن عبَّاس قال: سأله نافعُ بن الأزرق عن قوله عز وجل: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} [المرسلات: 35] و {فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} [طه:108]{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: 27] و {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19]، فما هذا؟ قال: وَيحَكَ، هل سألتَ عن هذا أحدًا قبلي؟ قال: لا، قال: أَمَا إِنَّكَ لو كنت سألتَ هَلَكتَ، أليس قال الله تبارك وتعالى:{وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج:47]؟ قال: بلى، وإنَّ لكلِّ مقدارِ يومٍ من هذه الأيام لونًا من هذه الألوان

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8926 -

أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد بن زياد العَدْل قال: سمعتُ الإمامَ أبا بكر محمدَ بن إسحاق بن خُزَيمة يقول: سألتُ يونسَ بنَ عبد الأعلى الصَّدَفيَّ عن سبب موت عبد الله بن وَهْب، فقال: كان يُقرأُ عليه كتابُ الأهوال، فقُرئَ عليه خبرٌ فخَرَّ مَغشيًّا عليه، فحَمَلْناه وأدخَلْناه الدارَ، فلم يَزَلْ مريضًا حتى تُوفِّيَ.

8927 -

أخبرني أبو بكر محمد بن المؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا النُّفَيلي، حدثنا موسى بن أَعيَن عن ليث عن

(3)

أبي إسحاق، عن صِلَة بن زُفَر، عن حُذَيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا سيِّدُ الناس يومَ القيامة، يَدعُوني ربي فأقول: لبَّيك وسَعدَيك، تباركتَ لبَّيْكَ وحَنَانيكَ، والمَهديُّ من هَدَيتَ، وعَبدُك بين يديك،

(1)

تحرَّف في (ز) و (ك) و (ب) إلى القيساني، وفي المطبوع إلى: الشيباني، وسقط من أول الإسناد إلى هنا في (م). والصواب القبّاني، وهو أحد الحفاظ المعروفين، وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 13/ 499.

(2)

إسناده ضعيف لضعف يحيى بن راشد المازني.

وهذا الخبر لم نقف عليه عند غير المصنف.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: بن، وليث: هذا هو ابن أبي سُليم، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

ص: 420

لا مَلجأَ ولا مَنجَى منك إلَّا إليك، تباركتَ ربَّ البيت".

قال: "وإِنَّ قَذَفَ المُحصنة لَيهدِمُ عملَ مئة سنة"

(1)

.

رواةُ هذا الحديث عن آخرهم محتجٌّ بهم غيرَ ليث بن أبي سُليم، وقد أخرجه مسلمٌ شاهدًا

(2)

.

8928 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا أَسَد بن موسى، حدثنا أبو معاوية محمد بن خازِم، عن موسى بن مُسِلم - وهو الصَّغير - عن هلال بن يِسَاف عن أم الدرداء قالت: قلت لأبي الدرداء: ألا تبتغي لأضيافِك ما يبتغي الرجالُ لأضيافهم؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ أمَامَكُم عَقَبَةٌ كَؤُودٌ، لا يَجُوزها المُثقِلون"، فأُحِبُّ أن أتخفَّفَ لتلك العَقَبة

(3)

.

(1)

الشطر الأول منه صحيح، قد روي من غير وجه عن أبي إسحاق لكن موقوفًا كما سلف بيانه عند المصنف برقم (3424).

والشطر الثاني منه تفرَّد به ليث بن أبي سليم عن أبي إسحاق، وهو ضعيف سيئ الحفظ.

النُّفيلي: هو أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل الحرّاني.

وأخرجه بشطريه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 4/ 349 من طريق أحمد بن أبي شعيب الحراني، عن موسى بن أعين بهذا الإسناد.

وأخرج الشطر الأول الطبراني في "الأوسط"(1058) عن أحمد بن عبد الرحمن بن عقال، عن أبي جعفر النفيلي، به.

وأخرجه كذلك الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(529)، والبيهقي في "القضاء والقدر"(398) من طريق أبي الشيخ الحراني، عن موسى بن أعين، به.

وأخرج الشطر الثاني البزار في "مسنده"(2929)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق"(748)، والطبراني في "الكبير"(3023) من طرق عن موسى بن أعين به.

(2)

أي: أخرج مسلمٌ ليثَ بن أبي سليم في إسناد غير محتج به لذاته، وإنما قرنه بآخر، وهو أبو إسحاق الشيباني في حديث البراء بن عازب برقم (2066).

(3)

إسناده صحيح. الربيع بن سليمان هو المرادي مولاهم المصري.

وأخرجه الطبري في مسند ابن عباس من "تهذيب الآثار" 1/ 266 عن الربيع بن سليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (4118) عن محمد بن مسكين، عن أسد بن موسى، به. =

ص: 421

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8929 -

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيَه وأبو بكر أحمد بن جعفر ببغداد قالا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبَل [حدثنا أَبي]

(1)

حدثنا أبو داود، حدثنا شُعْبة، عن خالدٍ الحذَاء قال: سمعت أبا عثمان النَّهْديَّ يُحدِّث، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يُرفع للرجل

(2)

الصحيفةُ يومَ القيامة حتى يُرَى أنه [ناجٍ]

(3)

فما تزالُ مظالمُ بني آدم تَتْبعُه حتى ما تبقى حسنةٌ، ويُزادُ عليه من سيِّئاتِهم".

قال: فقلت له - أو قال: فقال له عاصم -: عمَّن يا أبا عثمان؟ فقال: عن سلمان وسعدٍ وابن مسعود، حتى عدَّ ستةً أو سبعةً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال شعبةُ: فسألتُ عاصمًا عن هذا الحديث، فحدَّثَنيه عن أبي عثمان عن سلمان.

وأخبرني عثمان بن غياث: أنه سمع أبا عثمانَ يُحدِّث بهذا عن سلمانَ وأصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم

(4)

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

= وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(515)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 276، وتمّام الرازي في "فوائده"(1642)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 226، والبيهقي في "شعب الإيمان"(9923) و (9924)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 40/ 24 - 25 و 47/ 151 من طرق عن أبي معاوية به.

قوله: "عقبة كؤود" أي: شاقَّة.

(1)

هذه زيادة لم ترد في النسخ الخطية ولا بدَّ منها، فإنَّ عبد الله بن أحمد لم يدرك أبا داود - وهو سليمان ابن داود الطيالسي - بين وفاتيهما ما يقرب من تسعين سنة، ويغلب على ظننا أنَّ الواسطة بينهما أحمد بن حنبل.

(2)

في النسخ الخطية: الرجل، والصواب: للرجل، كما سلف برقم (2299).

(3)

لفظ "ناج" سقط من النسخ الخطية هنا، وثبت فيما سلف، وقوله:"حتى يرى أنه" سقط من (ز) و (ب) أيضًا، وأثبتناه من (ك) و (م).

(4)

إسناده صحيح. وقد سلف عند المصنف برقم (2299) من طريق إسحاق بن منصور عن أبي داود الطيالسي.

ص: 422

8930 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حدثنا محمد بن مَسلَمة

(1)

الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون حدثنا همَّام بن يحيى، حدثنا القاسم بن عبد الواحد، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن جابر بن عبد الله قال: بَلَغَني عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثٌ

(2)

سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم في القِصَاص لم أسمَعْه منه، فابتعَتُ بعيرًا فَشَدَدتُ رَحْلي، ثم سِرتُ إليه شهرًا حتى قدمتُ مصرَ - أو قال: الشام - فأتيت عبدَ الله بنَ أُنيس، فقلت: حديثٌ بَلَغَني عنك تحدِّثُ به، سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أسمعه في القصاص، خَشِيتُ أن أموتَ قبل أن أسمعَه، فقال عبد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يوم يُحشَرُ العبادُ - أو قال: الناس - عُراةً غُرْلًا بُهْمًا ليس معهم شيءٌ، ثم يناديهم بصوتٍ يَسمعُه من بَعُدَ كما يسمعُه من قَرُبَ: أنا المَلِكُ، أنا الدَّيَّانُ، لا ينبغي لأحدٍ من أهل الجنة أن يدخلَ الجنة ولأحدٍ من أهل النار عليه مَظلِمةٌ حتى أُقِصَّه منه، ولا ينبغي لأحدٍ من أهل النار أن يدخلَ النارَ ولأحدٍ من أهل الجنة [عنده] مَظلِمةٌ حتى أُقِصَّه منه، حتى اللَّطْمةُ"، قال: قلنا: كيف وإنَّا إِنَّما نأتي الله عز وجل عُراةً حُفاةً غُرْلًا بُهْمًا؟ قال: الحَسَناتُ والسَّيِّئَاتُ"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8931 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مهران، حدثنا رَوْح بن عُبَادة، أخبرنا عوف، عن أبي المغيرة القَوَّاس عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إذا كان

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: سلمة.

(2)

في النسخ الخطية حديثًا، بالنصب، وهو خطأ.

(3)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل القاسم بن عبد الواحد وابن عقيل. ومحمد بن مسلمة - وإن كان فيه لين - متابَع، فقد سلف الحديث عند المصنف برقم (3679) من طريق سعيد بن مسعود عن يزيد بن هارون.

وكذلك رواه أحمد بن حنبل في "مسنده"(25/ (16042) عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد.

وانظر تتمة تخريجه والكلام فيه هناك.

ص: 423

يومُ القيامة مُدَّت الأرضُ مدَّ الأَديم، وحَشَرَ اللهُ الخلائقَ الإنسَ والجنَّ والدوابَّ والوحوش، فإذا كان ذلك اليومُ جعلَ الله القِصاصَ بين الدوابِّ حتى تُقَصَّ الشاةُ الجَمَّاءُ من القَرْناء بنَطْحها، فإذا فَرَغَ الله من القِصاص بين الدوابِّ قال لها: كوني ترابًا، فتكونُ ترابًا، فيَراها الكافر فيقول: يا ليتني كنتُ ترابًا

(1)

.

رواتُه عن آخرهم ثِقاتٌ غيرَ أنَّ أبا المغيرة مجهولٌ، وتفسيرُ الصحابي مُسندَ

(2)

.

8932 -

أخبرنا أبو بكر بن أبي نَصْر المزكِّي بمَرْو، حدثنا عبد الله بن رَوْح المَدائني، حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا صَدَقةُ بن موسى، عن أبي عمران الجَوْني، عن يزيد بن بابَنُوس، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدَّواوينُ ثلاثةٌ، فديوانٌ لا يَغْفِرُ الله منه شيئًا، وديوانٌ لا يَعبَأ الله به شيئًا، وديوانٌ لا يَترُكُ الله منه شيئًا، فأما الديوانُ الذي لا يَغْفِرُ الله منه شيئًا، فالإشراكُ بالله، قال الله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، وأما الديوانُ الذي لا يَعبَأُ الله به شيئًا قطُّ، فظُلمُ العبد نفسه فيما بينه وبين ربِّه، وأما الديوانُ الذي لا يَتُرك الله منه

(1)

إسناده محتمل للتحسين من أجل أبي المغيرة القوّاس فهو تابعيٌّ انفرد بالرواية عنه عوف بن أبي جميلة الأعرابي، وعوف هذا ثقة مشهور، وقد وثق أبا المغيرة يحيى بنُ معين كما في "الجرح والتعديل" 9/ 439، وذكره ابن حبان في "ثقاته" 5/ 565، وتكلّم فيه سليمان التيمي من أجل مذهبه في علي بن أبي طالب.

وأخرجه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(1125) من طريق محمد بن معمر، عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الأهوال"(182)، والطبري في "تفسيره" 30/ 26 من طرق عن عوف، به.

ويشهد له حديث أبي هريرة موقوفًا الذي سلف عند المصنف برقم (3270)، وإسناده صحيح.

وقصة القصاص للشاة الجماء (وهي التي بلا قرون) من القرناء قد رويت مرفوعة من حديث أبي هريرة أيضًا عند مسلم في "صحيحه" برقم (2582) وغيره.

(2)

انظر تعليقنا على هذه المسألة عند الحديث برقم (73).

ص: 424

شيئًا، فمظالمُ العبادِ بينهم، القِصاصُ لا مَحالةَ"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8933 -

حدثنا أبو منصور محمد بن القاسم العَتَكي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أنس القُرَشي، حدثنا عبد الله بن بكر السَّهْمي، أخبرنا عبَّاد بن شَيْبة الحَبَطي، عن سعيد بن أنس، عن أنس بن مالك قال: بَيْنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ إذ رأيناه ضَحِكَ حتى بَدَتْ ثَناياه، فقال له عمر ما أضحَكَك يا رسولَ الله بأبي أنت وأمِّي؟ قال:"رجلانِ من أمَّتي جَثَيَا بين يَدَيْ ربِّ العِزَّة، فقال أحدُهما: يا ربِّ، خُذْ لي مَظْلِمَتي من أخي، فقال الله تبارك وتعالى للطالب: فكيف تَصنعُ بأخيك ولم يَبْقَ من حسناته شيءٌ؟ قال: يا ربِّ، فليَحمِلْ من أَوزاري، قال: وفاضت عَيْنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء، ثم قال: "إِنَّ ذاكَ اليومَ عظيمٌ، يحتاج الناسُ أن يُحمَلَ عنهم من أَوزارِهم، فقال الله للطالب: ارفَعْ بصرَك فانظُرْ في الجِنَان، فرفع رأسَه فقال: يا ربِّ، أَرى مدائنَ من ذهبٍ وقُصورًا من ذهب مُكلَّلةٌ

(2)

باللؤلؤ، لأيِّ نبيٍّ هذا، أو لأيِّ صِدِّيق هذا، أو لأيِّ شهيدٍ هذا؟ قال: هذا لمن أَعطى الثَّمنَ، قال: يا ربِّ، ومن يَملِكُ ذلك؟ قال: أنت تَملِكُه، قال: بماذا؟ قال: بعَفْوِك عن أخيك، قال: يا ربِّ، فإني قد عَفَوتُ عنه، قال الله عز وجل: فخُذْ بيدِ أخيك فأَدخِلْه الجنةَ"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "اتَّقُوا الله وأَصلحوا ذاتَ بينِكم، فإنَّ الله يُصلِحُ بين المسلمين"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف صدقة بن موسى وقد تفرَّد به وقال الذهبي في "تلخيصه": صدقة ضعَّفوه وابن بابنوس فيه جهالة. انتهى، أبو عمران الجوني: هو عبد الملك بن حبيب.

وأخرجه أحمد 43 / (26031) عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد.

(2)

في (ز) و (ك) و (ب) مدللة، والمثبت من (م) ومصادر التخريج، وهو الصواب. ومكلَّلة: أي محفوفة بأكاليل اللؤلؤ.

(3)

إسناده ضعيف بمرَّة، عباد بن شيبة ضعيف منكر الحديث، وشيخه لا يُعرف كما قال الذهبي في "تلخيصه"، وذكر له البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 459 هذا الحديث في المظالم وقال: لا يتابع عليه، وقال ابن حجر بعد أن ساقه في "المطالب العالية" (4590) عن أبي يعلى: ضعيف جدًّا. =

ص: 425

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8934 -

أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي الصَّنعاني بمكة حَرَسها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبَري، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا عبد الله بن بَحِير، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: سمعت ابنَ عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سَرَّه أن يَنظُرَ إلى يوم القيامة كأنه رأيُ عينٍ، فليقرأ:{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} و {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} و {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8935 -

حدثنا الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا الفضل بن عيسى الرَّقَاشي، عن محمد بن المُنكدِر، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ العارَ لَيَلزَمُ المرءَ يومَ القيامة حتى يقول: يا ربِّ، لإَرسالُك بي إلى النار، أُيسرُ عليَّ ممّا أَلقَى، وإنه لَيعلمُ ما فيها من شدَّةِ العذاب"

(2)

.

= وأخرجه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن بالله"(118)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية"(4590)، وابن أبي داود في "البعث"(32)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق"(644) من طرق عن عبد الله بن بكر السهمي، بهذا الإسناد.

(1)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن يزيد الصنعاني.

وأخرجه أحمد 8/ (4934)، والترمذي (3333) من طريق عبد الرزاق بهذا الإسناد.

وسلف برقم (3944) من طريق هشام بن يوسف الصنعاني عن عبد الله بن بحير.

(2)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل الفضل بن عيسى، فإنه واهٍ كما قال الذهبي في "تلخيصه". وأخرجه البزار (3423) - كشف الأستار) عن محمد بن منصور الطوسي، عن عبد الوهاب بن عطاء، بهذا الإسناد. وقال فيه: "إنَّ العرق ليلزم المرء

".

وأخرجه حسين المروزي في زياداته على "زهد ابن المبارك"(1320)، وأبو يعلى في "مسنده"(1776)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 13 من طريق معتمر بن سليمان، عن الفضل بن عيسى، به. وفي حديثه: "إنَّ العار والخزية ....

ص: 426

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8936 -

وأخبرنا الحسن بن يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد، عن قَتَادةَ، عن الحسن والعلاءِ بن زياد، عن عِمْران بن حُصَين، عن عبد الله بن مسعود قال: تحدَّثْنا عند نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ ليلةٍ وأَكْرَيْنا

(1)

الحديثَ، قال: ثم تَراجَعْنا إلى البيوت، فلما أصبَحْنا غَدَوْنا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم "عُرضت عليَّ الأنبياءُ الليلةَ بأَتْباعِها من أمَّتها، فجعل النبيُّ يجيءُ ومعه الثلاثةُ من قومِه، والنبيُّ ومعه العِصابةُ، والنبيُّ ومعه النَّفْرُ، والنبيُّ ليس معه أحدٌ من قومه، حتى أَتى

(2)

عليَّ موسى بنُ عِمران في كَبْكبةٍ من بني إسرائيل، فلما رأيتهم أعجَبُوني، فقلت: ربِّ، مَن هؤلاء؟ قال: هذا أخوك موسى بنُ عِمران ومن تَبِعَه من بني إسرائيل، قال: قلت: ربِّ، فأين أمَّتي؟ فقيل لي: انظُرْ عن يمينِك، فإذا الظِّرابُ

(3)

، ظِرابُ مكة، قد سُدَّ بوجوه الرِّجال فقلت: ربِّ مَن هؤلاء؟ قال: أمَّتُك، قال: فقيل لي: هل رَضِيتَ؟ فقلت: ربِّ، رضيتُ، قال: ثم قيل لي: إنَّ مع هؤلاءِ سبعين ألفًا يدخلون الجنةَ لا حساب عليهم"، قال: فأنشأَ عُكَاشةُ بن مِحصَن أخو بني أَسد بن خُزَيمة قال: يا نبيَّ الله، ادْعُ ربَّك أن يجعلَني منهم، قال: فقال: "اللهمَّ اجعَلْه منهم"، ثم أنشأ رجلٌ آخرُ فقال: يا نبيَّ الله، ادعُ ربَّك أن يجعلَني منهم، قال: فقال: "سَبَقَك بها عُكّاشة".

قال: ثم قال نبي الله صلى الله عليه وسلم "فِدًى لكم أَبي وأُمي، إن استطعتم أن تكونوا من السبعين فكونوا، فإن عَجَزتُم وقصَّرتُم فكونوا من أهل الظِّراب، فإن عَجَرْتُم وقصَّرتُم فكونوا من أهل الأُفُق، فإني رأيتُ ثَمَّ ناسًا يَتهرَّشُون

(4)

كثيرًا".

(1)

في (م): وأكثرنا. وهو صحيح أيضًا، ومعنى أكرَيْنا الحديث: أطَلناه وأخّرناه.

(2)

في النسخ الخطية حتى اصاني، وهو غير مفهوم، والظاهر أنه تحريف، والمثبت من المطبوعة الهندية ومن بعض مصادر التخريج.

(3)

الظِّراب: جمع ظَرِبٍ، وهي الربوة الصغيرة.

(4)

أي: يتقاتلون.

ص: 427

قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأرجو أن يكونَ مَن تَبِعَني من أمّتي رُبعَ أهلِ الجنة" قال: فكبَّرْنا، ثم قال:"إني لأرجو أن تكونوا الثُّلثَ" فكبَّرْنا، ثم قال:"إني لأرجو الشَّطرَ" فكبَّرْنا، قال: فتَلَا نبيُّ الله - صلى الله عليه وسل - {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 39 - 40].

قال: فراجع المسلمون على هؤلاء السبعين، فقالوا: أَتُراهم ناسًا وُلِدوا في الإسلام ثم لم يَزالُوا يعملون به حتى ماتوا عليه؟! فنُمِيَ حديثُهم ذلك إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ليس كذلكَ، ولكنَّهم الذين لا يَستَرْقُون ولا يَكتَوُون ولا يتطيَّرُون، وعلى ربِّهم يَتوكَّلون"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

8937 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى الذُّهْلي، حدثنا مُسدَّد، حدثنا ابن عُليَّة، عن يونس بن عُبيد، عن الحسن،

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل يحيى بن أبي طالب وشيخه عبد الوهاب بن عطاء، والحسنُ - وهو البصري - لم يسمع عمران بن حصين في قول الجمهور، لكن تابعه هنا العلاء بن زياد وهو من ثقات التابعين ولم يعرف بتدليس ولم يتكلم أحد في روايته عن عمران بن حصين. سعيد: هو ابن أبي عروبة.

وأخرجه أحمد 7/ (3989) عن محمد بن بكر البُرساني، وابن حبان (6431) من طريق محمد بن أبي عدي، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد ووقف أحمد في رواياته إلى قوله:"سبقك بها عكاشة".

وأخرجه أحمد أيضًا (3988) عن عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن وحده، عن عمران.

وأخرجه أحمد (6/ (3806) من طريق، معمر، و 7 (3987)، وابن حبان (7346) من طريق هشام الدستوائي، كلاهما عن قَتَادةَ عن الحسن وحده عن عمران، عن ابن مسعود. ورواية هشام إلى قوله:"سبقك بها عكاشة"، وذكر معمر في روايته قصة السبعين ألفًا الذين لا يسترقون ولا يكتوون

إلخ.

وانظر حديث زر بن حبيش عن ابن مسعود السالف برقم (8483).

ص: 428

عن عائشة قالت: ذَكَرتُ النار فبكيتُ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما لَكِ يا عائشة؟ " قالت: ذكرتُ النارَ فبكيتُ، فهل تذكرون أهليكم يومَ القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمّا في ثلاثِ مواطنَ، فلا يَذكُرُ أحدٌ أحدًا:[عند الميزان]

(1)

حتى يعلم أيَخِفُّ ميزانُه أم يَثقُل، وعند الكُتُب حين يقال هاؤُم اقرؤُوا كتابِيَهْ، حتى يعلمَ أين يقعُ كتابُه، أفي يمينِه أم في شِمالِه أو من وراءِ ظهرهِ، وعند الصِّراطِ إذا وُضِعَ بين ظَهْرَي جَهَنَّمَ، حافَتَاه كَلاليبُ كثيرة وحَسَكٌ كثير، يَحبِسُ اللهُ بها من شاءَ من خلقِه، حتى يعلمَ أينجُو أم لا"

(2)

.

هذا حديث صحيح، إسناده على شرط الشيخين لولا إرسالٌ فيه بين الحسن وعائشة، على أنه قد صحَّت الرواياتُ أنَّ الحسن كان يَدخُل وهو صبيٌّ منزلَ عائشة وأمِّ سَلَمة.

8938 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا الحسين بن محمد بن القبَّاني

(3)

، حدثنا عَمْرو بن علي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عثمان بن الأسوَد،

(1)

ما بين المعقوفين مكانه بياض في (ز) و (ب)، وسقط من (ك) و (م)، واستدركناه من مصادر التخريج، وما بعده يدلُّ عليه.

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه بين الحسن - وهو البصري - وبين عائشة، وسيشير المصنف لاحقًا إلى هذه العلّة. ابن عليّة: هو إسماعيل بن إبراهيم بن مِقسم.

وأخرجه أبو داود (4755) - ومن طريقه البيهقي في "الاعتقاد" ص 210 - وقوام السنة الأصبهاني في "الحجة في بيان المحجة"(307) من طرق عن إسماعيل بن إبراهيم ابن عليّة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن راهويه في "مسنده"(1349) من طريق وهيب بن خالد، عن يونس بن عبيد، به.

وأخرجه مختصرًا أحمد 41 / (24696) من طريق القاسم بن الفضل، عن الحسن البصري، به. وأخرجه بأطول مما هنا أحمد (24793) من طريق ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن القاسم بن محمد، عن عائشة. وابن لهيعة سيئ الحفظ.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى الحسن بن محمد بن القيسان. والقباني هذا حافظ مصنف، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 13/ 499، وشيخه عمرو بن علي: هو الفلّاس، حافظ معروف من رجال الشيخين.

ص: 429

حدثني ابن أبي مُلَيكة قال: جَلَسْنا إلى عبد الله بن عمرو في الحِجر، فقال: ابكُوا، فإن لم تَجِدوا بكاءً فتباكَوْا، لو تعلمون العِلمَ لصلَّى أحدُكم حتى ينكسرَ ظهرُه، ولَبَكي حتى ينقطعَ صوتُه

(1)

.

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8939 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مَرزُوق، حدثنا شُعْبة

(2)

، عن يونس بن خبَّاب قال: سمعت مجاهدًا يحدث عن أبي ذرٍّ قال: لو تعلمون ما أعلمُ لَضحِكتُم قليلًا ولَبكيتُم كثيرًا، ولَمَا ساغَ الطعامُ ولا الشرابُ، ولا نِمتُم على الفُرُش، ولَهَجرتُم النساءَ، ولخرجتُم إلى الصُّعُدات تَجأَرون وتَبكُون، ولوَدِدتُ أنَّ الله خلقَني شجرةً تُعضَد

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. يحيى بن سعيد هو القطّان، وابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عبيد أبي مليكة التَّيمي.

وأخرجه حسين المروزي في زياداته على "زهد ابن المبارك"(1007) عن الفضل بن موسى، عن عثمان بن الأسود، بهذا الإسناد.

وأخرجه في "الزهد" كلٌّ من وكيع (20) - ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 289 وهنادِ بن السري (469)، وأبي داود (299) و (300) من طرق عن ابن أبي مليكة به.

(2)

كذا وقع في النسخ الخطية: إبراهيم بن مرزوق عن شعبة، وهو خطأ يقينًا، فإنَّ إبراهيم بن مرزوق - وهو أبو إسحاق البصري نزيل مصر لم يدرك شيئًا من حياة شعبة، ولا يروي عنه. عنه إلّا بواسطة، وقد ذُكرت الواسطة بينهما في عشرات المواضع عند المصنف، وهي متعددة، أشهرها روايته عنه بواسطة أبي داود الطيالسي ووهب بن جرير.

(3)

خبر صحيح، وهذا إسناد ضعيف، يونس بن خباب فيه ضعف لكنه متابع، ومجاهد لم يسمع أبا ذر لكن عُلمت الواسطة بينهما كما سيأتي.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 66/ 214 من طريق غندر محمد بن جعفر، عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 341، وهناد في "الزهد"(468)، وأبو داود في "الزهد"(203) و (204)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 164 من طريق الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي =

ص: 430

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8940 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني عمرو بن الحارث، أنَّ خالد بن عبد الله الزِّيادي حدَّثه عن أبي عثمان الأصبَحي، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو تعلمون ما أعلمُ، لبكيتُم كثيرًا ولضَحِكتُم قليلًا، يظهرُ النِّفاقُ، وتُرفَعُ الأمانة، وتُقبَض الرحمةُ، ويُتَّهَم الأمينُ ويُؤتَمن غيرُ الأمين، أنا بكم الشُّرُفُ الجُونُ

(1)

" قالوا: وما الشُّرُف الجُونُ يا رسول الله؟ قال: "الفتنُ كأمثالِ الليلِ المُظلِم"

(2)

.

= ليلى، عن أبي ذر. وهذا إسناد صحيح متصل.

ورواه إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن مورِّق العجلي عن أبي ذر، فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد سلف عند المصنف برقم (3927). وإبراهيم بن مهاجر فيه لين.

(1)

في النسخ الخطية في الموضعين: والجون، بزيادة واو، وهو خطأ، والتصحيح من كتب الغريب واللغة، فالشُّرُف: بضمتين، وقيل أيضًا بتسكين الراء: جمع شارف، وهي الناقة المسنّة، والجُونُ: بالضم، جمع جَوْن: وهو الأسود. قال ابن الأثير في "النهاية"(شرف): شبَّه الفتن في اتصالها وامتداد أوقاتها بالنُّوق المسنّة السُّود.

(2)

إسناده محتمل للتحسين من أجل خالد بن عبد الله الزِّيادي - ويقال: الزِّبَادي - وشيخه أبي عثمان الأصبحي، فالأول روى عنه اثنان ثقتان كما في "تاريخ البخاري" 3/ 160 و "الجرح والتعديل" 3/ 340، وذكره ابن حبان في "الثقات" 6/ 259، وقد توبع، وأما شيخه أبو عثمان فقد اختُلف في اسمه كما بيَّن ذلك ابن حجر في "تعجيل المنفعة"(1340)، وهو تابعي مخضرم كما نقل عن ابن يونس في "تاريخه"، وقد روى عنه ثلاثة ولم يؤثر فيه جرح ولا تعديل، فمثله لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن، والله تعالى أعلم.

وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(6706) من طريق حرملة بن يحيى التجيبي، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(6)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"(343)، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 472 - 473، وابن أبي الدنيا في "العقوبات"(43)، من طريقين تقوي إحداهما الأخرى عن سلامان بن عامر - وكان رجلًا صالحًا عن أبي عثمان الأصبحي، به. وهو عند نعيم وحده بلفظ: "إذا تقارب الزمان أناخ بكم الشُّرف الجُون فتن=

ص: 431

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.

8941 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عُبيد الله

(1)

بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن إبراهيم بن مُهاجِر، عن مجاهد، عن مُورِّقٍ، عن أبي ذرّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أَرى ما لا تَرَون، وأسمعُ ما لا تسمعون، أَطَّتِ السماءُ وحُقَّ لها أن تَئِطَّ، ما فيها موضعُ أربع أصابعَ إِلَّا ومَلَكٌ واضعٌ جبهتَه ساجدًا الله، والله لو تعلمون ما أعلم، لضحكتُم قليلًا ولبكيتُم كثيرًا، وما تلذَّذتُم بالنساء على الفُرُش، ولخرجتُم إلى الصُّعُداتِ تَجأَرون إلى الله"، واللهِ لوَدِدتُ أني كنت في شجرةٍ تُعضَدُ

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8942 -

أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم الغِفَاري، حدثنا يعلى بن عُبيد، حدثنا محمد بن إسحاق، عن

(3)

عبد الواحد بن حمزة، عن عَبّاد بن عبد الله بن الزُّبير، عن عائشة قالت: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهمَّ حاسِبْني حسابًا يسيرًا" قالت: فقلت: يا رسول الله، ما الحسابُ اليسير؟ قال: "أن يُنظَرَ في سيِّئاتِه ويُتجاوز له عنها

(4)

، إنَّه من نُوقِشَ الحسابَ يومَئِذٍ هَلَك، وكلُّ ما يصيبُ

= كقطع الليل المظلم"، وهي رواية شاذَّة.

وقوله في أوله: "لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا ولضحكتم قليلًا أخرجه البخاري (6485) من طريق سعيد بن المسيب، و (6637) من طريق همام بن منبه، كلاهما عن أبي هريرة.

وقوله: "يُتَّهم الأمين ويؤتمن غير الأمين" سلف نحوه عند المصنف برقم (8645) من طريق أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبد الله، مكبَّرًا.

(2)

حسن لغيره. وهو مكرر ما سلف برقم (8847).

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: بن.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عن.

ص: 432

المؤمنَ يُكفِّرُ الله عنه

(1)

من سيّئاتِه، حتى الشَّوكةُ تَشُوكُه"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السياقة.

وشاهده عن عائشة رضي الله عنها:

8943 -

أخبرناه أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا عُبيد الله بن عمر القَواريري، حدثنا حَرَميُّ بن عُمَارة، حدثنا الحَرِيش بن الخِرِّيت، حدثنا ابن أبي مُلَيكة، عن عائشة قالت: مرَّ بي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا رافعةٌ يديَّ، وأنا أقول: اللهمَّ حاسِبْني حسابًا يسيرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تدرينَ ما ذلك الحسابُ؟ " فقلت: ذَكَرَ الله عز وجل في كتابه: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8]، فقال لي: "يا عائشةُ، إنه من حُوسِبَ خُصِمَ؛ ذلك المَمَرُّ بين يَدَيِ اللهِ تعالى"

(3)

.

8944 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بكَّار بن قُتَيبة القاضي، حدثنا صفوان بن عيسى القاضي، حدثنا محمد بن عَجْلان قال: سمعت أَبي يحدِّث عن أبي

(1)

لفظ "عنه ليس في (ز) و (ب).

(2)

حديث صحيح دون قصة دعائه صلى الله عليه وسلم بالحساب اليسير، فهي زيادة شاذَّة كما سبق بيانه برقم (191).

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد فيه لين من جهة الحريش بن الخِرّيت، لكنه متابع على أصل الحديث كما سيأتي. ابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة.

وأخرجه الدارقطني في المؤتلف والمختلف" 2/ 607 - 608 من طريق السَّرِي بن عاصم، عن حرمي بن عمارة بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصرًا الطبري في "تفسيره" 30/ 116 من طريق مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، عن الحريش بن الخريت به.

وأخرجه بنحوه أحمد 40 / (24200) و 41/ (24605) و (24958) و 42 / (25707)، والبخاري (103) و (4939) و (6536)، ومسلم (2876)، وأبو داود (3093)، والترمذي (2426) و (3337)، والنسائي (11554) و (11555) و (11595)، وابن حبان (7369 - 7371) من طرق عن ابن أبي مليكة، عن عائشة. وانظر ما قبله.

وقد أشار المصنف إلى رواية ابن أبي مليكة عند الشيخين بإثر الحديث المتقدم برقم (191).

ص: 433

هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ أهوَنَ [أهلِ]

(1)

النار عذابًا يوم القيامة، رجلٌ يُحذَى له نَعلانِ من نارٍ يَغْلي منهما دماغُه يومَ القيامةِ"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وله شواهدُ عن عبد الله بن عباس والنُّعمان بن بَشير وأبي سعيد الخُدْري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بألفاظ مختلفة.

أما حديث النُّعمان بن بَشير:

8945 -

فأخبرَناه الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا موسى بن إسحاق الخَطْمي وإسماعيل بن قُتيبة السُّلَمي قالا حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا أبو أسامة، عن الأعمش، حدثنا أبو إسحاق، عن النُّعمان بن بَشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أهونَ [أهلِ]

(3)

النارِ عذابًا من له نعلانِ وشِراكانِ من نار، يَغْلي منهما دماغُه كما يَغلي المِرجَلُ، وَما يَرى أنَّ في النار أشدَّ عذابًا منه، وإنه لأهونُهم عذابًا"

(4)

.

8946 -

وأخبرنا الشيخ عَقِبَه: أخبرنا موسى بن إسحاق وإسماعيل بن قتيبة قالا:

(1)

سقط من نسخنا الخطية، وهو ثابت في "تلخيص الذهبي".

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد جيد من أجل محمد بن عجلان وأبيه.

وأخرجه أحمد (15 (9576) و (9660) عن يحيى بن سعيد القطان، وابن حبان (7472) من طريق الليث بن سعد، كلاهما عن محمد بن عجلان به.

ويشهد له ما بعده من الأحاديث.

قوله: "يُحذَى له" أي: يُقطَع له.

(3)

ليست في نسخنا الخطية، واستدركناها من "تلخيص الذهبي" و "مصنف ابن أبي شيبة" 13/ 157، وفي (ك):"إنَّ أهون الناس عذابًا".

(4)

إسناده صحيح أبو أسامة هو حماد بن أسامة والأعمش: هو سليمان بن مَهران، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

وأخرجه مسلم (213)(364) عن أبي بكر بن أبي شَيْبة بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهول منه وسيأتي في الذي بعده تخريج البخاري له أيضًا.

المرجل: قدر من نحاس. ويقال أيضًا لكل إناء يُغلى فيه الماء من أي صنف كان.

ص: 434

حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا أبو أسامة عن الأعمش قال: سمعتُ خَيْثمةَ يَذكُر هذا الحديث أيضًا عن النُّعمان بن بَشير

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!

8947 -

وحدثني أبو بكر بن أحمد بن بالَوَيِه، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبَل حدثني أبي، حدثنا محمَّد.

قال

(2)

: وحدثنا الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيمة، حدثنا محمد بن بشَّار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعبة قال: سمعت أبا إسحاق يقول: سمعت النّعمان بن بَشير يَخطب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ أهونَ أهل النار عذابًا يومَ القيامة، لَرَجلٌ يُوضَعُ على أخمَصِ قدميهِ جَمْرَةٌ يَغْلي منها دماغُه"

(3)

.

صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!

8948 -

وأخبرني أبو العباس المحبُوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن النُّعمان بن بَشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أهوَنُ أهل النار عذابًا يوم القيامة، رجلٌ في أخمَصِ قدميهِ جَمْرتانِ يَغْلي منهما دماغُه كما يَغلي المرجَلُ والقُمْقُمةُ"

(4)

.

(1)

إسناده صحيح كسابقه. خيثمة: هو ابن عبد الرحمن الجعفي. ولم نقف على هذا الطريق عند غير المصنف.

(2)

القائل هو ابن بالويه.

(3)

إسناده صحيح. محمد شيخ أحمد بن حنبل: هو محمد بن جعفر الملقب بغُندَر.

وهو في مسند أحمد بن حنبل" 30/ (18413).

وأخرجه البخاري (6561)، ومسلم (213)(363) عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد. وقرن مسلم بابن بشار محمدَ بنَ المثنى.

وأخرجه أحمد (18390)، والترمذي (2604) من طريقين آخرين عن شعبة به.

(4)

إسناده صحيح. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي.

وأخرجه البخاري (6562) عن عبد الله بن رجاء، عن إسرائيل، بهذا الإسناد. =

ص: 435

وأما حديثُ أبي سعيدٍ الخُدْري:

8949 -

فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجَّاج بن مِنهال، حدثنا حمَاد بن سَلَمة، عن سعيد الجُرَيري، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد الخُدْري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة، رجلٌ مُتنعِّلٌ بنعلَينِ من نار يَغْلي منهما دماغُه مع أجزاءِ العذاب [ومنهم مَن في النار إلى رُكْبتيه مع أجزاءِ العذاب، ومنهم من هو على أَرنَبَتِه مع أجزاءِ العذاب، ومنهم من هو إلى تَرقُوَتِه مع أجزاءِ العذاب]

(1)

ومنهم من قد اعْتَمَرَ فيها"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

وأما حديثُ ابن عبَّاس:

= المرجل سبق تعريفه قريبًا، والقُمقمة - ويذكَّر -: هو إناء ضيق الرأس يسخَّن فيه الماء يكون من نحاس وغيره.

(1)

ما بين المعقوفين ليس في نسخنا الخطية، واستدركناه من "تلخيص المستدرك" للذهبي، ومن مصادر التخريج، وتحرَّف لفظ "أرنبته" في "التلخيص" إلى: أرديته.

(2)

إسناده صحيح أبو نضرة هو المنذر بن مالك بن قِطْعة العبدي. وصحَّحه الحافظ ابن حجر مختصر زوائد البزار" (2247).

وأخرجه البزار (3502 - كشف الأستار) عن محمد بن المثنى، عن حجاج بن المنهال، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 17 / (11100) و 18 / (11739) عن الحسن بن موسى الأشيب وعفان بن مسلم، وعبد بن حميد (875) عن الحسن بن موسى كلاهما عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصرًا أحمد 17/ (11216)، ومسلم (211) من طريق النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري وهو عند أحمد في آخر حديث طويل في ذكر منازل الجنة.

قوله: "مع أجزاءِ العذاب" قال السندي في حاشيته على مسند أحمد: ظاهر النسخة القديمة (أي من المسند) أنه جمع جزء - بالزاي - أي: مع سائر أنواع العذاب، أو مصدر أجزأ، أي: مع كفاية العذاب له، وظاهر بعض النسخ أنه مصدر أجرى - بالراء - أي: مع إجراء العذاب على تمام بدنه، والله تعالى أعلم.

ص: 436

8950 -

فحدَّثَناه أبو جعفر أحمد بن عُبيدٍ

(1)

الحافظُ بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن دِيزِيل، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا حمّاد، حدثنا ثابت البُنَاني، عن أبي عثمان النَّهْدي، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أهونُ الناسِ عذابًا أبو طالبٍ، وفي رِجليهِ نَعلانِ من نارٍ يَغْلي منهما دِماغُه"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه! إِنَّما اتفقا على حديثِ عبد الملك بن عُمَير عن عبد الله بن الحارث عن العباس قال: قلت: يا رسول الله، إنَّ أبا طالبٍ كان يَحُوطُك ويَمنعُك ويغضبُ لك، فهل نفعتَه؟ قال:"قد وجدتُه في غَمَراتٍ من النار، فأخرجتُه إلى ضَحْضَاحٍ"

(3)

.

وحديثِ يزيدَ بن الهادِ عن عبد الله بن حبَّاب عن أبي سعيدٍ: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذُكِرَ عنده عمُّه أبو طالب، فقال:"لعلَّه أن تَنفعَه شفاعتي يومَ القيامة فيُجعَلَ في ضَحْضَاحِ من النار يَبلُغ كَعَبَيهِ يَغْلي منه دماغُه"

(4)

.

8951 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ وأبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل قالا: حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب العَبْدي، حدثنا جعفر بن عَوْن، أخبرنا هشام بن سعد، حدثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسَار، عن أبي سعيد

(1)

المثبت من (ك) وهو الصواب، وفي بقية النسخ: عبد، مكبَّرًا.

(2)

إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وأبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملٍّ.

وأخرجه أحمد (4 / (2636) و (2690)، ومسلم (212) من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(3)

هو من هذا الطريق عند البخاري برقم (3883) و (6208)، ومسلم برقم (209). وانظر "مسند أحمد" 3/ (1763).

والغمرات واحدتها غَمْرة، وهي المعظَم من الشيء والضحضاح: ما رقَّ من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين، واستُعير في النار.

(4)

هو من هذا الطريق عند البخاري برقم (3885) و (6564)، ومسلم برقم (210). وانظر "مسند أحمد" 17 (11058).

ص: 437

الخُدْري قال: قلت: يا رسول الله، هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟ قال: "هل تُضارُّونَ

(1)

في رُؤية الشمس بالظَّهيرة صَحْوًا ليس فيها سحابٌ؟ " فقلنا: لا يا رسول الله، قال: "فهل تُضارُّون في رُؤية القمر في ليلة البَدْر صَحْوًا ليس فيه سحاب؟ قلنا: لا، قال: "ما تُضارون في رؤيته يومَ القيامة إلَّا كما تُضارُّون في رؤية أحِدهما.

إذا كان يومُ القيامة نادى منادٍ: أَلَا لِتَلحَقُ كلُّ أُمَّةٍ بما كانت تعبدُ، فلا يبقى أحدٌ كان يعبد صنمًا ولا وَثَنًا ولا صورةً إلَّا ذهبوا حتى يَتساقَطُوا في النار، ويبقى مَن كان يعبدُ الله وحدَه من بَرٍّ وفاجرٍ، وغُبَّراتُ

(2)

أهلِ الكتاب، ثم تُعرَض جهنَّمُ كأنها سَرَابٌ يَحطِمُ بعضُها بعضًا، ثم يُدعَى اليهود فيقول: ماذا كنتم تَعبُدون؟ فيقولون: عُزَيرَ ابنَ الله، فيقول: كَذَبْتُم، ما اتَّخَذ اللهُ من صاحبةٍ ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: أي ربَّنا ظَمِئْنا، فيقول: أفلا تَرِدُون، فيذهبون حتى يَتساقَطوا في النار. ثم يُدعَى النصارى، فيقول: ماذا كنتم تَعبُدون؟ فيقولون: المسيحَ ابنَ الله، فيقول: كَذَبْتُم، ما اتَّخَذَ الله من صاحبةٍ ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: أي ربَّنَا، طَمِئْنا اسقِنا، فيقول: أفلا تَرِدُون، فيذهبون حتى يتَساقَطوا في النار.

فيبقى مَن كان يعبدُ الله وحده من بَرٍّ، وفاجرٍ، ثم يَتبَدَّى الله لنا في صورةٍ غيرِ صورته التي كنا رأيَناه فيها أولَ مرّةٍ، فيقول: أيها الناس، لَحِقَت كلُّ أُمَّةٍ بما كانت تعبدُ وبَقِيتُم، فلا يكلِّمُه يومئذٍ إِلَّا الأنبياء، يقولون: فارَقْنا الناسَ في الدنيا ونحن كنا إلى صُحبتِهم فيها أحوجَ، لَحِقَت كلُّ أُمَّةٍ بما كانت تعبدُ، ونحن ننتظرُ ربَّنا الذي كنا نعبدُ، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: نعوذُ بالله منك، فيقول: هل بينكم وبين الله من آيةٍ تَعرِفونها؟ فيقولون: نَعَم

(3)

، فيُكشَفُ عن ساقٍ، فَنَخِرُّ

(1)

بتشديد الراء وتخفَّف، أي: هل يصيبكم ضررٌ.

(2)

أي: بقايا، وهو جمع غُبَّر، والغُبَّر جمع غابر.

(3)

زاد في المطبوع هنا لفظ "الساق"، وليس في شيء من النسخ الخطية التي بين أيدينا، ولا في "تلخيص الذهبي".

ص: 438

سجودًا

(1)

أجمعون، ولا يبقى أَحدٌ كان يسجدُ في الدنيا سُمعةً ولا رِياءً ولا نِفاقًا إِلَّا على ظَهْره طَبَقٌ واحدٌ

(2)

، كلَّما أراد أن يسجدَ خَرَّ على قَفَاهُ، قال: ثم يَرفَعُ بَرُّنا ومُسيئُنا، وقد عاد لنا في صورتِه التي رأَيناه فيها أولَ مرّةٍ، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: نَعَم، أنت ربُّنا؛ ثلاثَ مرات.

ثم يُضرَبُ الجسرُ على جهنَّم" قلنا: وأيُّما الجسرُ يا رسول الله بأَبينا أنت وأمَّنا؟ قال: "دَحْضُ مَزَلّةٌ، لها كَلاليبِّ وخَطاطيفُ، وحَسَكةٌ بنَجْدٍ عُقَيفاءُ

(3)

يقال لها: السَّعْدانُ، فيمرُّ المؤمنُ كلَمْح البصر وكالطَّرْف وكالرِّيح وكالطَّير وكأَجاوِد الخيل والمَراكب، فناجٍ مسلَّمٌ، ومخدوشٌ مُرسَل، ومكردسٌ

(4)

في نار جهنّم، والذي نفسي بيده ما أحدُكم بأشدَّ مُناشدةً في الحقِّ يَراهُ من المؤمنين في إخوانهم إذا رأَوْهم قد خَلَصُوا من النار، يقولون: أيْ ربَّنا، إخوانُنا كانوا يُصلُّون معنا، ويصومون معنا، ويحجُّون معنا، ويجاهدون معنا، قد أخَذَتْهم النارُ، فيقول الله تبارك وتعالى: اذهَبوا، فمن عرفتُم صورتَه فأخرِجوه، وتُحرَّمُ صُورتُهم على النار، فيَجِدُ الرجلَ قد أخذَتْه النارُ إلى قدميه، وإلى أنصاف ساقيه، وإلى رُكْبتيه، وإلى حَقْوَيهِ

(5)

، فيُخرجون منها بَشرًا، ثم يعودون فيتكلَّمون، فلا يزالُ يقول لهم، حتى يقول: اذهَبوا، فأخرِجوا من وجدتُم في قلبه مثقالَ ذرَّةٍ

(6)

فأَخرِجوه - فكان أبو سعيد إذا حدَّث بهذا الحديث يقول: إن لم تصدِّقوا فاقرؤوا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا

(1)

في النسخ الخطية: ساجدًا، على الإفراد وهو خطأ، والمثبت من "التلخيص".

(2)

الطَّبَق: فَقَارُ الظَّهر، والمعنى: صار فقارًا واحدًا كالصفيحة، فلا يقدر على السجود الله تعالى.

(3)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى عقيقفا، والتصويب من (ك) و"التلخيص"، أي: معقوفة.

والدَّحض والمَزلّة بمعنى واحد: هو الموضع الذي تزلُّ فيه الأقدام ولا تستقر.

والحسكة شوكة صُلبة، والسعدان: نبتٌ له شوك.

(4)

المكردس: الذي جُمعت يداه ورجلاه وأُلقي في موضع.

(5)

أي: خاصرتيه.

(6)

أي: من خير، كما جاء في مصادر التخريج.

ص: 439

وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 48]- فيقولون: ربَّنا لم نَذَرْ فيها خيرًا، فيقول: هل بقي إلَّا أرحمُ الراحمين، قد شَفَعَت الملائكةُ وشَفَعَ الأنبياء، فهل بقيَ إلَّا أرحمُ الراحمين قال: فيَأخذُ قَبْضةً من النار فيُخرِجُ قومًا قد عادوا حُمَمةٌ

(1)

، لم يَعمَلوا له عمل خيرٍ قَطُّ، فيُطرَحون في نهرٍ يقال له: نهرُ الحَيَاة، فيَنبُتون فيه -والذي نفسي بيدِه- كما تَنبُت الحِبَّةُ في حَمِيل السَّيل

(2)

، ألم تَرَوْها وما يَليها من الظِّلِّ أصفرُ، وما يَلِيها من الشمس أخضرُ؟! قال: قلنا: يا رسول الله، كأنك تكونُ في الماشيةِ؟! قال:"يَنبُتون كذلك، فيَخرُجون أمثالَ اللؤلؤ، يُجعَل في رِقابِهم الخواتيمُ ثم يُرسَلون في الجنة، فيقول أهل الجنة: هؤلاءِ الجَهنَّميُّون، هؤلاء الذين أخرَجَهم من النار بغير عمل عَمِلوه، ولا خيرٍ قَدَّموه، يقول الله تعالى: خُذُوا، فلكم ما أَخذتُم، فيَأخُذون حتى يَنتَهُوا، ثم يقولون: لن يعطيَنا اللهُ عز وجل ما أَخَذْنا، فيقول الله تبارك وتعالى: فإنِّي أعطَيتُكم أفضلَ مما أخَذتُم، فيقولون: ربَّنا، وما أفضلُ من ذلك وممّا أخَذْنا؟ فيقول: رضواني بلا سَخَطٍ"

(3)

.

(1)

أي: صاروا فحمةً.

(2)

الحِبّة، بكسر الحاء: هي بزر البُقُول والعشب، تنبت في البراري وجوانب السيول، وجمعها: حَبَب. وأما حَميل السيل فهو ما جاء به السيل من طين أو غُثاء، ومعناه: محمول السيل، والمراد به التشبيه في سرعة النبات وحُسنه وطراوته. قاله النووي في "شرح مسلم".

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل هشام بن سعد، وقد توبع.

وأخرجه مسلم (183)(303) عن أبي بكر بن أبي شَيْبة، عن جعفر بن عون، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 17 (11127) و 18 (1198)، والبخاري (4581) و (7439)، ومسلم (183)(302)، وابن ماجه (60)، والنسائي في "المجتبى"(5010)، وابن حبان (7377) من طرق عن زيد بن أسلم به - وهو عند بعضهم مختصر. واستدراك الحاكم له على الشيخين ذهولٌ منه.

وقد روي منه قِطعٌ من وجوه عن أبي سعيد الخدري، انظر "مسند أحمد" 17/ (11016) وإحالاته.

ص: 440

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّيَاقة! إنما اتَّفقا على حديث الزهري عن سعيد بن المسيّب وعطاء بن يزيد اللَّيْثي عن أبي هريرة مختصرًا

(1)

، وأخرج مسلمٌ وحدَه حديثَ عبد الرزاق عن مَعمَر عن زيد بن أسلمَ عن عطاء بن يَسَارٍ عن أبي سعيد بأقلَّ من نصف هذه السِّياقة

(2)

.

8952 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا خالد بن الحارث، أخبرنا عثمان بن غِيَاثَ الرَّاسِبي، أنَّ أبا نَضْرة حدَّثهم عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يُجمعُ الناسُ عند جسر جهنَّم عليه حَسَكٌ وكلاليبُ، ويَمرُّ الناس، فيمرُّ منهم مثل البَرْق، وبعضُهم مثلَ الفَرَس المُضمَّر

(3)

، وبعضُهم يَسعَى، وبعضُهم يَمْشي، وبعضُهم يَزحَفُ، والملائكةُ بجَنَبَتيه تقول: اللهمَّ سلِّمْ سلِّمْ، والكلاليبُ تَخطَفُهم.

قال: وأمَّا أهلها الذين هم أهلُها، فلا يموتون ولا يَحيَوْنَ، وأما أُناسٌ يُؤخَذون بذنوبٍ وخطايا يَحترِقون فيكونون فَحْمًا، فيُؤخَذون ضباراتٍ ضباراتٍ، فيُقذَفون على نهرٍ من الجنة، فيَنبُتون كما تَنبُتُ الحِبَّةُ في حَمِيل السَّيل"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هل رأيتم السَّعْفاء

(4)

؟ ثم إنهم بعدُ يُؤذَن لهم فيدخُلون الجنة"، قال أبو سعيد: فيُعطَى أحدُهم مثلَ الدنيا.

(1)

هو عند البخاري برقم (806) و (6573) و (7437)، ومسلم برقم (182).

(2)

وهمَ المصنف رحمه الله في عزو هذا الطريق إلى مسلم فليس هو فيه، وهو عند أحمد في "مسنده" 18 (11898)، وبأخصر منه عند ابن ماجه (60) والنسائي في "المجتبى"(5010).

(3)

تضمير الفرس: علفه حتى يَسمَن ثم يُرَدُّ إلى القُوت بعد السِّمن، فتنحف ويشتد لحمها، وذلك أجود للسباق عليها.

(4)

في (ز) و (ب): السفعاء من السُّفعة وهو نوع من السواد ليس بالكثير، وقيل: هو سواد مع لون آخر، والمثبت من (ك)، وهو الصواب إن شاء الله، فإنَّ السعفاء من نواصي الخيل: التي فيها بياض، وعند غير المصنف: الصبغاء، وهو - فيما قيل - نبتٌ أبيض الثمر؛ وهذا الموافق لما تقدَّم في الرواية السابقة: أنهم يخرجون أمثال اللؤلؤ.

ص: 441

قال: "وعلى الصراط ثلاثُ شَجَراتٍ، فيكون آخرُ من يَخرج من النار على شَفَتِها، فيقول: يا ربِّ، قدِّمْني إلى هذه الشجرة أكونُ في ظِلِّها وأكلُ من ثمرِها، قال: فيقول: عَهْدَك وذمَّتك أن تسألَني غيرَها، فيُحوَّلُ إليها، ثم يرى أخرى أحسنَ منها، فيقول مثلَ ذلك، فيقول: عهدَك وذِمَّتك لا تسألُني غيرَها، فيقول: عهدي وذمَّتي لا أسألُ غيرَها، فيُحوَّل إليها، فيرى أخرى أحسنَ منها، فيقول: يا ربِّ، آكل من ثمرِها وأكون في ظلِّها، فيُحوَّل إليها، قال: فيسمعُ أصواتَ الناس ويَرى سَوادَهم، فيقول: يا ربِّ، أَدخِلْني الجنة".

قال أبو سعيد: ثم ذكر على إثرِه أصحابَ النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها

(1)

، فقال أحدُهما:"يُعطَى مِثلَ الدنيا ومثلَها معها" وقال آخر: "مثلَ الدنيا وعشرَ أمثالِها"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8953 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو زُرْعة عبد الرحمن بن عمرو الدِّمشقي، حدثنا أحمد بن خالد الوَهْبي، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني عُبيد الله

(3)

بن المغيرة بن مُعَيقِيب، عن سليمان بن عمرو بن عبدٍ العُتُواري، أحد بني ليثٍ

(4)

وكان في حَجْر أبي سعيدٍ، عن أبي سعيد الخُدْري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يُوضَع الصراطُ بين ظَهْرانَيْ جهنَّم، عليه حَسَكٌ كَحَسَكَ السَّعدانِ، ثم

(1)

كذا وقعت هذه العبارة في النسخ الخطية من "المستدرك"، ولا معنى لها، والصواب ما وقع عند ابن حبان وغيره ممَّن خرّج: الحديث: قال أبو نضرة: اختلف أبو سعيد ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أحدُهما

إلخ.

(2)

إسناده صحيح أبو نضرة هو المنذر بن مالك بن قِطْعة العبدي.

وأخرجه أحمد 17/ (11200 - 11202)، وابن حبان (7379) من طرق عن عثمان بن غياث بهذا الإسناد.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبد الله، مكبّرًا، والتصويب من "إتحاف المهرة"(5294) ومصادر ترجمته.

(4)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حدثني ليث.

ص: 442

يستجيزُ الناسُ، فناجٍ مُسلَّمٌ، ومجروحٌ به فناجٍ

(1)

، ومحتَبَسٌ

(2)

منكوسٌ فيها، فإذا فَرَغَ اللهُ تعالى من القضايا بين العباد، وتَفقَّدَ

(3)

المؤمنون رجالًا كانوا في الدنيا يُصلُّون صلاتهم، ويُزكُّون زكاتَهم، ويصومون صيامَهم، ويحجُّون حجَّهم، ويَعْزُون غزوَهم، فيقولون: أيْ ربَّنا عِبادُ من عبادِك كانوا في الدنيا معنا يصلُّون بصلاتنا، ويزكُّون زكاتَنا، ويصومون صيامَنا، ويحجُّون حجّنا، ويَغزُون غزونا، لا نَراهم! قال: يقول: اذهَبوا إلى النار، فمن وَجَدتُموه فيها فأخرِجوه، قال: فيَجِدونَهم وقد أخذَتْهم النارُ على قَدْر أعمالهم، فمنهم من أخذَتْه إلى قَدَميهِ، ومنهم من أخذَتْه إلى رُكبتَيه، ومنهم من أزَّرَتْه، ومنهم من أخذَتْه إلى ثَدْيه، ومنهم من أخذَتْه إِلى عُنقِه ولم تَغْشَ الوجوهَ، قال: فيستخرجونهم فيُطرَحُون في ماءِ الحَيَاة " قيل: يا نبيَّ الله، وما ماءُ الحياة؟ قال: "غُسْلُ أهلِ الجنة، فيَنبُتُون فيها كما تَنبُت الزَّرْعةُ فِي غُثاءِ السَّيل، ثم تَشفَع الأنبياءُ في كلِّ من كان يشهدُ أن لا إله إلَّا الله مُخلِصًا، فيستخرجونهم منها، ثم يَتحنَّنُ الله برحمتِه على من فيها، فما يَترُك فيها عبدًا في قلبه مِثقالُ ذَرَّةٍ من الإيمان إلَّا أخرجه منها"

(4)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8954 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ حدثنا المسيَّب بن زهير، حدثنا هُدْبة بن خالد، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أبي عثمان، عن سَلْمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى فمناخ، والتصويب من مصادر التخريج.

(2)

سقطت الواو من النسخ.

(3)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: وتفقدهم، والتصويب من "تلخيص الذهبي".

(4)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار صاحب "السيرة" وشيخه عبيد الله بن المغيرة، وأحمد بن خالد لا بأس به، وقد توبع.

فقد أخرجه أحمد 17 / (11081) عن إسماعيل بن إبراهيم - وهو ابن عُليَّة. وابن ماجه (4280) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، كلاهما عن محمد بن إسحاق بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه مختصرة بأوله فقط.

ص: 443

قال: "يُوضَعُ الميزانُ يومَ القيامة، فلو دُرِئَ فيه السماواتُ والأرضُ لوَسِعَت، فتقول الملائكة: يا ربِّ، لمن يَزِنُ هذا؟ فيقول الله تبارك وتعالى: لمن شئتُ من خَلْقي

(1)

، فتقول الملائكة: سبحانَك ما عَبَدْناك حقَّ عبادتِك، ويُوضَع الصِّراطُ مثلَ حدِّ المُوسَى، فتقول الملائكة: مَن تُنْجي مِن على هذا؟ فيقول: مَن شئتُ من خَلْقِي، فيقولون: سبحانَك ما عَبَدْناك حقَّ عبادتِك"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8955 -

أخبرني محمد بن طاهر بن يحيى، حدثني أَبي، حدثنا أحمد بن حفص، حدثني أَبي، حدثني إبراهيم بن طَهْمان عن الحَجّاج بن الحجّاج الباهِلي، عن قَتَادةَ، عن أبي نَضْرة، عن سَمُرَةَ بن جُندُب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من أهلِ النار لمَن تأخذُه النارُ إلى كَعَبيه، ومنهم من تأخذُه إلى رُكبتَيه، ومنهم من تأخذُه إلى الحُجْزة، ومنهم من تأخذُه إلى التّرقُوَةِ"

(3)

.

(1)

من قوله: "فتقول الملائكة" إلى هنا سقط من (ز) و (ب).

(2)

صحيح موقوفًا، تفرَّد المسيب بن زهير عن هدبة بن خالد عن حماد بن سلمة برفعه، فجمهور أصحاب حماد رووه موقوفًا، فالغالب أنَّ الذي وهمَ في رفعه هو المسيب بن زهير، فهو مستور الحال، وقد سلف الكلام عليه عند الحديث رقم (1437). وهذا الخبر وإن كان موقوفًا فإنَّ له حكم الرفع، فمثله لا يقال من قِبَل الرأي.

وأخرجه أسد بن موسى في "الزهد"(43) و (66) عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد موقوفًا.

وأخرجه موقوفًا أيضًا ابن أبي شَيْبة 13/ 178، وابن الأعرابي في "معجمه"(1827)، والآجري في "الشريعة"(894) و (895)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد (2208) و (2221) من طرق عن حماد بن سلمة به وتحرَّف "ثابت" في الموضعين عند اللالكائي إلى: ليث.

قوله: "دُرئ فيه" أي: دُفع إليه.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل شيخ المصنف محمد بن طاهر وأبيه، ومن فوقهما ثقات. أحمد بن حفص: هو ابن عبد الله السُّلمي النيسابوري، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطعة.

وأخرجه أحمد 33 / (20103) و (20108) و (20207)، ومسلم (2845) من طرق عن قتادة، =

ص: 444

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه!

8956 -

أخبرني أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن السُّدِّي قال: سألتُ مُرّةً عن قوله عز وجل: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] فحدَّثَني أنَّ عبد الله بن مسعود حدَّثَهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَرِدُ الناسُ النارَ ثم يَصدُرون عنها بأعمالِهم، فأولُهم كلَمْح البَرْق، ثم كالرِّيحِ، ثم كحُضْرِ الفَرَس، ثم كالراكب في رَحْلِه، ثم كشَدِّ الرَّجُل

(1)

ثم كمَشْيِه"

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.

وقد رواه شعبةُ عن إسماعيل السُّدّي:

8957 -

حدَّثَناه أحمد بن كامل القاضي، أخبرنا أبو بكر بن أبي العَوَّام، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا شُعبة، عن السُّدِّي، عن مُرَّةَ، عن عبد الله:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} قال: يَرِدُونها ثم يَصُدرون عنها بأعمالِهم

(3)

.

8958 -

حدَّثَنيه أبو علي الحافظ، حدثنا أبو عبد الرحمن النَّسَائي، حدثنا محمد بن المثَّنى، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، حدثنا شُعبة، عن السُّدّي، عن مُرّة، عن عبد الله:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} قال: يَرِدُونها ثم يَصدُرون عنها بأعمالِهم.

قال عبد الرحمن بن مَهْدي: فحدَّثتُ شعبةَ عن إسرائيلَ عن السُّدِّي عن مُرّة عن

= بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

الحُجْزة: معقد الإزار على الخاصرتين.

والتَّرقُوَة: العظم الناتئ بين ثُغرة النحر والعاتق من الجانبين.

(1)

في (ز) و (ب): كشد الرحال، والمثبت من (ك) و"تلخيص الذهبي".

(2)

إسناده حسن من أجل السدي. وهو مكرر ما سلف برقم (3462).

(3)

إسناده حسن كسابقه. أبو بكر بن أبي العوام: هو محمد بن أحمد بن يزيد الرِّياحي.

وأخرجه الترمذي (3160) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن شعبة، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

ص: 445

عبد الله مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، [قال: شعبةُ وقد سمعتُه من السُّدّي مرفوعًا]

(1)

ولكني أَدَعُه عَمْدًا

(2)

.

8959 -

حدثني علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي والحسين بن الفضل البَجَلي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا أبو صالح غالب بن سليمان، عن كَثير بن زيادٍ أبي سهل، عن مُسَّةَ الأزْديَّة، عن عبد الرحمن بن شَيْبة قال: اختلَفْنا هاهنا في الوُرود، فقال قوم: لا يدخلُها مؤمنٌ، وقال آخرون: يدخلونها جميعًا ثم يُنجِّي الله الذين اتَّقَوا [فَلَقِيتُ جابر بن عبد الله فسألته، فقال: يدخلونها جميعًا ثم يُنجي الله الذين اتَّقَوا]

(3)

فقلت له: إنا اختلفنا فيها بالبصرة، فقال قوم: لا يدخلُها مؤمنٌ، وقال آخرون: يدخلونها جميعًا ثم ينجِّي الله الذين اتَّقَوْا، فأهوى بإصبَعيهِ إلى أُذنيه فقال: صُمَّتا إن لم أكن سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الوُرودُ الدخولُ، لا يبقى بَرٌّ ولا فاجرٌ إلَّا دخلها، فتكون على المؤمن بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيمَ، حتى إنَّ للنار - أو قال: لجهنَّم - ضجيجًا من بَرْدِها

(4)

، قال: ثم يُنجِّي اللهُ الذين اتَّقَوْا وَيَذَرُ الظالمين فيها جِثِيًّا"

(5)

(1)

ما بين المعقوفين ليس في النسخ الخطية، واستدركناه من "جامع الترمذي" ولا بدَّ منه.

(2)

إسناده حسن.

وأخرجه الترمذي (3160 م) عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وأخرج أحمد 7/ (4141) رواية عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل مرفوعًا.

(3)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من "تلخيص الذهبي".

(4)

هكذا في (ك)، وهو الصواب، وتحرّف في (ز) و (ب) و التلخيص" إلى: برقها، ووقع مكانها في (م) بياض.

(5)

إسناده ضعيف لجهالة مسة الأزدية، ولاضطراب كثير بن زياد فيه.

فقد أخرجه أحمد 22/ (14520) عن سليمان بن حرب، عن غالب بن سليمان، عن كثير بن زياد، عن أبي سمية قال: اختلفنا هاهنا في الورود

ثم ذكر لُقيّه جابرًا، فأسقط منه عبد الرحمن ابن =

ص: 446

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8960 -

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الجرّاح العَدْل بمَرُو، حدثنا يحيى بن ساسَوَيهِ، حدثنا علي بن حُجْر، حدثنا داود بن الزِّبْرِقان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشَّعبي، عن مُرّة الهَمْداني: أنَّ ابن مسعود سُئل عن قوله عز وجل: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} ، قال: وإن منكم إلَّا داخِلُها {كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} ثم يُنجِّي الله الذين اتقوا ويذرُ الظالمين فيها جِثِيًّا

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8961 -

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري وعلي بن عيسى بن إبراهيم قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العبدي، حدثنا عُبَيد بن عَبِيدة القُرشي، حدثنا المُعتمِر بن سليمان قال: سمعت أبي يقول: حدثنا قَتادة، عن عُقْبة بن عبد الغافر، عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَيَأْخُذَنَّ

(2)

رجلٌ بيد أَبيه يومَ القيامة، فلُيقطِّعنَّه النارَ يريد أن يُدخِلَه الجنةَ، قال: فيُنادَى: إِنَّ الجنةَ لا يَدخلُها مشركٌ، ألا إِنَّ الله قد حرَّمَ الجنةَ على كل مشركٍ، قال: فيقول: أيْ ربِّ، أَبي، فيُحوَّل في صورة قبيحةٍ وريحٍ مُنتِنة، فيتركُه".

قال: فكان أصحابُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يرونَ أنه إبراهيمُ عليه السلام، ولم يَزِدْهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على ذلك

(3)

.

= شيبة. وأبو سمية هذا مجهول أيضًا، انفرد بالرواية عنه كثير بن زياد.

(1)

إسناده ضعيف جدًّا من أجل داود بن الزبرقان، فإنه متروك الحديث.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 16/ 110 من طريق الحسين بن داود سُنيد، عن داود بن الزبرقان قال: سمعت السدي يذكر عن مُرّة الهمداني عن ابن مسعود.

(2)

في النسخ الخطية: ليأخذ، بدون نون، والمثبت من "تلخيص الذهبي".

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (252) و (645) من طريق أحمد بن المقدام العجلي، عن معتمر بن سليمان بهذا الإسناد. =

ص: 447

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8962 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا سعيد بن محمد الحَجْواني بالكوفة، حدثنا وكيع بن الجرَّاح، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: بَكَى عبد الله بن رَوَاحة فبَكَت، امرأتُه فقال: ما يُبكيكِ؟ قالت: رأيتُك تبكي فبكيتُ، قال: إني نُبِّئتُ أني واردُها، ولم أُنبَّأْ أني صادرٌ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

8963 -

حدثنا أبو العباس محمد بن علي بن عبد الحميد الصَّنعاني بمكَّة حَرَسَها الله، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبَري، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن عُيَينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: كان عبدُ الله بن رَوَاحةً واضعًا رأسَه في حَجْرِ امرأتِه، فبكى فبَكَت امرأتُه فقال: ما يُبكيكِ؟ قالت: رأيتُك تبكي فبكيتُ، قال: إني ذكرتُ قول الله عز وجل: {كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} فلا أدري أنَنجُو منها أم لا

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

8964 -

أخبرني أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن

= وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري برقم (3350)، وفيه مرفوعًا: أنَّ إبراهيم عليه السلام يأخذ بيد أبيه.

(1)

رجاله ثقات غير سعيد بن محمد الحجواني، فقد ضعَّفه الدارقطني كما في "سؤالات الحاكم له"(109)، لكنه لم ينفرد به.

فالخبر في "الزهد" لوكيع (32)، ورواه عن وكيع ابن أبي شيبة في "المصنف" 13/ 357، وأحمد في "الزهد"(1111)، وكذا هناد بن السري (227).

ورواه عن إسماعيل بن أبي خالد أيضًا عبد الله بن المبارك في "الزهد" برواية الحسين المروزي (310)، ومن طريقه النسائي (11836).

ورواه عنه أيضًا سفيانُ بنُ عيينة كما في الرواية التالية.

(2)

رجاله ثقات. وهو في "تفسير عبد الرزاق" 2/ 10 - 11.

ص: 448

مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا أبو مالك سعد بن طارق الأشجَعيّ، عن رِبْعيّ بن حِرَاش، عن حُذَيفة بن اليَمَان وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَجمَعُ اللَّهُ الناسَ، فيقومُ المؤمنون حين تُزلَفُ الجنةُ، فيأتون آدمَ عليه السلام فيقولون: يا أبانا، استفِتحْ لنا الجنةَ، فيقول: وهل أخرَجَكم من الجنة إلَّا خطيئةُ أبيكم؟ لستُ بصاحب ذاكَ، اعْمِدُوا إلى إبراهيمَ خليلِ ربِّه، فيقول إبراهيم: لستُ بصاحبِ ذاك، إنما كنتُ خليلًا من وراءَ وراءَ، اعمِدُوا إلى النبي موسى الذي كَلَّمه اللهُ تكليمًا، فيأتون موسى فيقول: لستُ بصاحبِ ذاك، اذهبوا إلى كلمةِ الله ورُوحِه عيسى، فيقول عيسى: لستُ بصاحبِ ذاك، فيأتون محمدًا صلى الله عليه وسلم، فيقومُ فيُؤذَنُ له، ويُرسَل معه الأمانةُ والرَّحِمُ، فيقفانِ بالصِّراط يمينَه وشِمالَه، فيمرُّ أوّلُكم كمَرِّ البَرْق" قلت: بأبي وأمِّي، أيُّ شيءٍ مرُّ البرق؟ قال:"ألم ترَ إلى البرقِ كيف يمرُّ ثم يَرجِعُ في طَرْفةٍ، ثم كمَرِّ الريح، ومرِّ الطَّيرِ، وشدِّ الرِّجال تَجْري بهم أعمالُهم، ونبيُّكم قائمٌ على الصِّراط: ربِّ سلِّمْ سلِّمْ، قال: حتى تُعجِزَ أعمالُ الناس، حتى يجيءَ الرجلُ فلا يستطيع أن يمرَّ إِلَّا زَحْفًا، قال: وفي حافَتَيِ الصراطِ كلاليبُ معلَّقةٌ مأمورةٌ تأخذ من أُمِرَت به، فمخدوشٌ ناج، ومُكردَسٌ في النار".

والذي نفسُ أبي هريرة بيدِه إن قَعْرَ جَهَنَّمَ لِسبعينَ خريفًا

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8965 -

حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن أيوب

(1)

إسناده صحيح، لكن ذكر أبي هريرة مجموعًا إلى حذيفة فيه من رواية ربعي بن حراش عنهما وهمٌ، وهمَ فيه مَن دون أبي مالك الأشجعي، والصواب أن لأبي مالك فيه إسنادين.

فقد أخرجه مسلم (195) من طريق محمد بن فضيل، عن أبي مالك الأشجعي، عن أبي حازم سلمان الأشجعي، عن أبي هريرة. وعن أبي مالك، عن ربعي، عن حذيفة. واستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

ص: 449

السَّخِتياني، عن ابن سِيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَلقَى رجلٌ أباه يومَ القيامة، فيقول له: يا أبتِ، أيَّ ابنٍ كنت لك؟ فيقول: خيرَ ابنٍ، فيقول: هل أنت مُطيعي اليومَ؟ فيقول: نعم، فيقول: خُذْ بإزْرَتي، فيأخذُ بإزرتِه، ثم ينطلقُ حتى يأتيَ الله تبارك وتعالى وهو يَعرِضُ الخلقَ، فيقول: يا عَبْدي ادخُلْ من أيِّ أبوابِ الجنة شئتَ، فيقول: أي ربِّ، فأَبي معي؟ فإنك وعدتني أن لا تُخزِيَني، قال: فيُعرِضُ عنه، ثم يقول يا عبدي، ادخُلْ من أيِّ أبوابِ الجنة شئتَ، فيقول: أي ربِّ، فأَبي معي؟ فإنك وعدتَني أن لا تُخزِيَني، قال: فيُعرِضُ عنه، ثم يقول: يا عبدي، ادخُل من أيِّ أبوابِ الجنة شئتَ، فيقول: أيْ ربِّ، وأَبي معي؟ فإنك وعدتنَي أن لا تُخزِيَني، قال: فيَمَسَخُ الله أباه ضَبُعًا، فيَهوِي في النار، فيأخذُ بأنفِه، فيقول الله تبارك وتعالى: يا عَبْدي، أبوك هو؟ فيقول: لا وعِزَّتِك"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8966 -

أخبرني أبو جعفر محمد بن دُحَيم الشَّيباني بالكوفة من أصل كتابه، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزة الغفاري، حدثنا مالك بن إسماعيل النَّهْدي، حدثنا عبد السلام بن حَرْب، حدثنا يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدَّالَاني، حدثنا

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف شيخ المصنف عبد الرحمن بن الحسن القاضي، لكنه متابع.

فقد أخرجه البزار (9864) عن ميمون بن الأصبغ، وأبو نعيم في "الطب النبوي"(339) من طريق محمد بن أبي الحسين القُومسي، كلاهما عن آدم بن أبي إياس، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(3599)، وأبو نعيم (338) من طريق هدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة، عن أيوب وهشام بن حسان، عن محمد بن سيرين به.

وذكر هدبة له إسنادًا آخر عند الطبراني، فقد رواه عن حماد بن سلمة أيضًا، عن ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

وأصل الحديث عند البخاري في "صحيحه"(3350) من حديث ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يلقى إبراهيمُ أباه آزرَ يوم القيامة

" وذكر نحوه.

ص: 450

المِنهال بن عمرو، عن أبي عُبَيدة عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَجمَعُ الله الناسَ يومَ القيامة، فينادي منادٍ: يا أيها الناس، ألم ترضَوا من ربِّكم الذي خلقكم وصوِّركم ورَزَقكم أن يُولّيَ كلَّ إنسانٍ ما كان يعبدُ في الدنيا ويتولَّى، أليس ذلك عَدْلٌ من ربِّكم؟ قالوا: بلى، قال: فينطلقُ كلُّ إنسانٍ منكم إلى ما كان يتولَّى في الدنيا، ويُمثَّلُ لهم ما كانوا يَعبُدون في الدنيا، وقال: يُمثَّلُ لمن كان يعبدُ عيسى شيطانُ عيسى، ويُمثَّل لمن كان يعبدُ عُزَيرًا شيطانُ عُزير، حتى يُمثَّلَ لهم الشجرُ والعودُ والحجرُ، ويبقى أهلُ الإسلام جُثومًا، فيقول لهم: ما لكم لم تَنطلِقوا كما انطلق الناس؟ فيقولون: إنَّ لنا ربًّا ما رأَيناه بعدُ، قال: فيقول: فبِمَ تعرفون ربَّكم إن رأيتُموه؟ قالوا: بيننا وبينَه علامةٌ، إنْ رأيَناه عَرَفْناه، قال: وما هي؟

(1)

فيُكشَف عن ساقٍ قال: فيَخِرُّ

(2)

كلُّ من كان لظَهرِه طَبَقٌ ساجدًا، ويبقى قومٌ ظهورُهم كصَيَاصي بقرٍ، يريدون السجودَ فلا يستطيعون.

قال: ثم يُؤمَرون فيَرفعون رؤوسهم، فيُعطَون نورهم على قَدْرِ أعمالهم، فمنهم من يُعطَى نورَه مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يُعطَى نورَه دونَ ذلك، ومنهم من يُعطَى نورَه مثلَ النَّخْلة بيمينه، ومنهم من يُعطَى دون ذلك، حتى يكونَ آخرُ ذلك يُعطَى نورَه على إبهام قدمه، يُضيءُ مرّةً ويَطفَأُ مرّةً، فإذا أضاء قدَّم قدمه، وإذا طَفِئَ قام، فيمرُّون على الصِّراط، والصراطُ كحدِّ السيف، دَحْضٌ مَزَلَّةٌ، قال: فيقال انجُوا على قَدْر نورِكم، فمنهم من يمرُّ كانقِضَاض الكوكب، ومنهم من يمرُّ كالرِّيح، ومنهم من يمرُّ كشدِّ الرَّجُل ويَرمُل رَمَلًا، فيمرُّون على قَدْر أعمالهم، حتى يمرَّ الذي نورُه على إبهام قدمه، تَخِرُّ يدٌ وتَعلَقُ يدٌ، وتَخِرُّ رجلٌ وتَعلَقُ رجلٌ، فتصيبُ جوانبه النارُ.

قال: فيَخلُصون، فإذا خَلَصُوا قالوا: الحمدُ لله الذي نجَّانا منكِ بعدَ إذ رأيناكِ، فقد

(1)

زاد هنا في المطبوع: "قالوا: الساق" وليست في شيء من نسخنا الخطية ولا في "تلخيص الذهبي".

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: فيجيء.

ص: 451

أعطانا اللهُ ما لم يُعطِ أحدًا. فينطلقون إلى ضَحْضاحٍ

(1)

عند باب الجنة [فيغتسلون، فيعودُ إليهم ريحُ أهلِ الجنة وألوانهم، ويَرَونَ من خَلَلِ باب الجنة]

(2)

وهو مُصفَقٌ منزلًا في أدنى الجنة، فيقولون: ربَّنا أعطِنا ذلكَ المنزل، قال: فيقول لهم: تسألوني الجنةَ

(3)

وقد نَجَّيتُكم من النارِ؟! [فيقولون: ربَّنا، أعطناه، اجعَلْ بيننا وبين النار] هذا البابَ، لا [نسمعُ] حَسِيسَها، فيقول لهم: لعلَّكم إن أُعطِيتُموه أن تسألوني غيرَه؟ قال: فيقولون: لا وعزَّتِك لا نسألُك غيرَه، وأيُّ منزلٍ يكون أحسنَ منه؟ قال: فيُعطَوْهُ، فيُرفَعُ لهم أمامَ ذلك منزلٌ آخرُ، كأنَّ الذي أُعطُوه قبل ذلك حُلْمٌ عند الذي رأَوْا، قال:[فيقولون: ربَّنا، أَعطِنا ذلك المنزل، فيقول لهم: لعلَّكم إن أُعطِيتُموه أن تسألوني غيَره؟] فيقولون: لا وعزَّتِك لا نسألُك غيره، وأيُّ منزلٍ أحسنُ منه؟ ثم يَسكُتون، قال: فيقال لهم: ما لكم لا تَسألون؟ فيقولون: ربَّنا قد سألْنا حتى استَحْيَينا، قال: فيقول لهم: ألم تَرضَوا أني أعطيتُكم مثل الدنيا منذُ يومِ خلقتُها إلى يومِ أفنيتُها وعَشَرة أضعافها".

قال: قال مسروق: فما بَلَغَ عبد الله هذا المكانَ من الحديث إِلَّا ضَحِكَ، قال: فقال له: رجل يا أبا عبد الرحمن، لقد حدَّثت بهذا الحديث مِرارًا، فما بلغتَ هذا المكان من هذا الحديث إلَّا ضحكت قال: فقال عبد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدِّث بهذا الحديث مِرارًا، فما بلغ هذا المكان من هذا الحديث إلَّا ضحك حتى تَبدُوَ لَهَواتُه ويَبدُوَ آخرُ ضِرسٍ من أضراسه، لقول إنسان:[أتهزأُ بي وأنتَ المَلِكُ؟]

(4)

(1)

تحرَّف في النسخ إلى: ضحاح، والتصويب من "التلخيص". والضحضاح: ما رقَّ من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين.

(2)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ و"التلخيص"، واستدركناه من مصادر التخريج. وكذا الزيادات الآتية.

(3)

وقع هنا في النسخ الخطية زيادة: وهو مصفق، وهي مقحمة.

(4)

سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من "التلخيص".

ص: 452

قال: فيقول الربُّ تبارك وتعالى: لا، ولكنِّي على ذلك قادرٌ، فسَلُوني، قال: فيقولون: ربَّنا ألحِقْنا الناسَ [فيقول لهم: الحَقُوا الناسَ](3).

قال: فينطلقون يَرمُلون في الجنة حتى يبدوَ للرجل منهم قصرٌ من دُرّةٍ مجوَّفةٍ، قال: فيَخِرُّ ساجدًا، قال: فيقال له: ارفَعْ رأسَك، فيَرفعُ رأسَه، فيقال: إِنَّما هذا منزلٌ من منازلِك، قال: فيَنطلقُ فيَستقبِلُه رجلٌ فيقول: أنت مَلِكٌ أو مَلَك؟ فيقال: إنما ذلك قَهرمانٌ من قَهارِمتِك، عبدٌ من عبيدِك، قال: فيأتيه فيقول: إنما أنا قَهرمانٌ من قهارمتِك على هذا القصر، تحت يدي ألفُ قَهرمان، كلُّهم على ما أنا عليه، قال: فيَنطلِق به عند ذلك حتى يفتحَ القصر، وهو دُرَّةٌ مجوَّفةٌ سقائفُها وأبوابُها وأغلاقُها ومفاتيحُها منها، فيفتحُ له القصر، فيستقبلُه جوهرةٌ خضراءُ مبطَّنةٌ بحمراءَ سبعون ذراعًا، فيها ستون بابًا، كلُّ بابٍ يُفْضي إلى جوهرة واحدة على غير لون صاحبتها، في كلِّ جوهرةٍ سُرُرٌ وأزواجٌ وتصاريفُ - أو قال: ووصائف

(1)

قال: فيدخل فإذا هو بحَوْراءَ عَيناءَ عليها سبعون حُلَّةً، يُرى مخ ساقها من وراء حُلَلِها، كَبِدُها مِرآتُه وكَبِدُه مِرأتُها، إذا أعرض عنها إعراضةً ازدادت في عينه سبعين ضِعفًا [عمَّا كان قبلَ ذلك، فيقول: لقد ازدَدتِ في عيني سبعين ضِعفًا]

(2)

وتقول له مثل ذلك، قال: فيُشرِفُ ببصرِه على مُلكِه مسيرةَ مئةِ عام.

قال: فقال عمرُ عند ذلك: يا كعبُ، ألا تسمعُ إلى ما يحدِّثُنا ابن أمِّ عبدٍ عن أدنى أهلِ الجنة ما له، فكيف بأعلاهم؟ قال: يا أمير المؤمنين، ما لا عينٌ رأت، ولا أُذنٌ سَمِعَت، إنَّ الله كان فوق العرشِ والماءِ فخلق لنفسِه دارًا بيده، فزَيَّنَها بما شاء، وجعل فيها من الثَّمَرات والشَّراب، ثم أطبَقَها فلم يرها أحدٌ من خلقه منذُ يوم خَلَقَها، جبريلُ ولا غيرُه من الملائكة؛ ثم قرأَ كعبٌ:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]،

(1)

الوصائف: جمع وَصِيف، وهو العبد.

(2)

سقط من النسخ واستدركناه من "التلخيص".

ص: 453

وخلق دونَ ذلك جنَّتين، فزَيَّنَهما بما شاء، وجعل فيهما ما ذَكَرَ من الحرير والسُّندُس والإستبرَق، وأَراهما من شاء من خلقِه من الملائكة، فمن كان كتابُه في عِلِّيِّينَ يُرَى في تلك الدار، فإذا رَكِبَ الرجلُ من أهل عِلِّيِّين في مُلكِه لم يبقَ

(1)

خيمةٌ من خيام الجنة إلَّا دخلها من ضَوْء وجهه، حتى إنهم يستنشقون ريحَه ويقولون: واهًا لهذه الريح الطَّيِّبة، ويقولون: لقد أشرَفَ علينا اليوم رجلٌ من أهل عِليِّين، فقال عمر: وَيحَك يا كعبُ، إنَّ هذه القلوبَ قد استَرسَلَت فاقبِضْها، فقال كعب: يا أميرَ المؤمنين، إنَّ لجهنَّمَ زَفْرةً ما من مَلَكٍ مُقرَّب ولا نبيٍّ، إلَّا يَخِرُّ الرُكبتَيهِ، حتى يقولَ إبراهيمُ خليل الله: ربِّ نَفْسي نَفْسي، وحتى لو كان لك عملُ سبعين نبيًا إلى عملِك، لظننتَ أن لا تَنجُوَ منها

(2)

.

رواةُ هذا الحديث عن آخرهم ثِقاتٌ، غيرَ أنهما لم يُخرِّجا أبا خالد الدَّالاني في "الصحيحين" لما ذُكِرَ من انحرافه عن السُّنة في ذِكْر الصحابة، فأما الأئمةُ المتقدِّمون فكلُّهم شَهِدوا لأبي خالد بالصدق والإتقان، والحديث صحيح، ولم يُخرجاه، وأبو خالد الدَّالاني ممَّن يُجمَع حديثُه في أئمَّة أهل الكوفة.

8967 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدثنا داود بن أبي هِنْد، عن عبد الله بن قيس قال: كنت أرفعُ القضاءَ إلى أبي بُرْدةَ، فكنت عنده فدخل عليه

(1)

سقط لفظ "لم" من النسخ الخطية، وأثبتناه من "التلخيص"، وتحرَّف لفظ "يبق" فيه إلى: ينزل، وهو غير واضح في النسخ الخطية.

(2)

إسناده حسن من أجل أبي خالد الدالاني، وقال ابن القيم في "حادي الأرواح": هذا حديث كبير حسنٌ. وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": ما أنكرَه حديثًا على جودة إسناده، وأبو خالد شيعي منحرف.

وقد سلف مختصرًا عند المصنف برقم (3465) من طريق السري بن خزيمة عن النهدي. وانظر تمام تخريجه هناك.

وكعب المذكور في آخر الحديث هنا هو كعب الأحبار.

ص: 454

الحارثُ بنُ أُقيشٍ

(1)

، وكانت له صُحْبة، فحَدَّث ليلتَئذٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مُسلمين

(2)

يموت لهما أربعةٌ، إلَّا أدخلهم الله الجنةَ بفَضْل رحمتِه إيَّاهما قلنا: يا رسول الله، وثلاثةٌ؟ قال:"وثلاثةٌ" قلنا: يا رسول الله، واثنانِ؟ قال:"واثنانِ" ثم قال: "إنَّ من أمَّتي لَمَن يُعظَّم للنّار حتى يكونَ أحدَ زواياها، وإنَّ من أمتي لَمَن يَدخُل بشفاعتِه الجنةَ أكثرُ من مُضَرَ"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8968 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن مَندَهْ الأصبهاني، حدثنا بكر بن بكَّار، حدثنا جَسْر

(4)

بن فَرقَد حدثنا الحسن، عن أنس بن مالك قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ناركم هذه جزءٌ من سبعين جزءًا من نار جهنَّم، ولولا أنها غُمِسَت في الماء مرَّتين ما استمتعتُم بها، وايْمُ الله إن كانت لكافيةً، وإنها لَتدعُو الله وتستجيرُ الله أن لا يعيدَها في النار أبدًا"

(5)

.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى قيس.

(2)

في النسخ: المسلمين، والمثبت من "التلخيص".

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين كما سبق بيانه عند الرواية السالفة برقم (239).

وأبو بُرْدة المذكور: هو ابن أبي موسى الأشعري، وكان قاضي الكوفة للحجّاج. ووقع في بعض المصادر التي خرَّجت الحديث: أبو بَرْزة، وهو تحريف، فإنَّ أبا برزة - وهو الأسلمي - لا يعرف أنه تولَّى القضاء.

(4)

تحرَّف النسخ الخطية إلى حسين، والتصويب من "تلخيص الذهبي" و "إتحاف المهرة"(804).

(5)

إسناده ضعيف جدًّا مسلسل بالضعفاء: محمد بن منده وشيخه بكر وشيخه جسر بن فرقد وأضعفهم جسر، وقد وهّاه الذهبي في تلخيصه". الحسن: هو البصري.

وأخرجه ابن ماجه (4318) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن نفيع أبي داود الأعمى، عن أنس بن مالك. وهذا إسناد ضعيف جدًّا، نفيع الأعمى متروك.

ويغني عن حديث أنس هذا حديثُ أبي هريرة عند أحمد 12/ (7327) وابن حبان (7463) =

ص: 455

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السَّياقة.

8969 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله بن وَهْب، حدثني عمرو بن الحارث، عن دَرَّاج أبي السَّمْح، أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جَزْءٍ الزُّبَيدي، صاحبَ النبي صلى الله عليه وسلم، يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ في النار لحيّاتٍ مثلَ أعناق البُخْت، يَلسَعَن أحدَهم اللَّسعةَ فيجدُ حَمْوَها أربعين خريفًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8970 -

حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا أبو قِلابةَ، حدثنا بِشْر بن عُمر

(2)

الزهراني، حدثنا شعبة، عن سليمان، عن عبد الله بن مُرَّة، عن مسروق، عن عبد الله في قول الله عز وجل {زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل:88]، قال: عقاربُ أنيابُها كالنخل الطِّوال

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8971 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني عبد الله بن عيّاش حدثني عبد الله بن سليمان، عن دَرّاج، عن أبي الهيثم، عن عيسى بن هلال الصَّدَفي، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

= بلفظه، لكن دون قوله في آخره:"وإنها لتدعو الله أن لا يعيدها في النار أبدًا"، وإسناده صحيح وأصل حديث أبي هريرة عند البخاري (3265) ومسلم (2843) دون إطفاء النار بالماء مرتين.

(1)

إسناده ضعيف لتفرد دراج أبي السمح به، وهو إنما يعتبر به في المتابعات والشواهد.

وأخرجه ابن حبان (7471) من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وَهْب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (29/ (17712) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن دراج، به.

حَمْوها: سمّها.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى عمرو.

(3)

إسناده قوي من أجل أبي قلابة وهو عبد الملك بن محمد الرَّقاشي، وسليمان: هو ابن: مهران الأعمش.

وسلف برقم (3397) من طريق سفيان بن عيينة عن الأعمش.

ص: 456

"إنَّ الأَرَضِينَ بين كلِّ أرضٍ إلى التي تليها مسيرةُ خمسِ مئة سنة، فالعُلْيا منها على ظَهْر حوتٍ قد التقى طَرَفاه في سماء، والحوتُ على ظَهْر صخرة

(1)

، والصخرةُ بيد مَلَك، والثانيةُ مَسجَنُ الريح، فلما أراد الله أن يُهلِكَ عادًا أمرَ خازنَ الريح أن يرسلَ عليهم ريحًا تُهِلكُ عادًا، قال: يا ربِّ أُرسِلُ عليهم الريحَ قَدْرَ مِنخَر الثَّور؟ فقال له الجبّار تبارك وتعالى: إذًا تُكفِئَ الأرضَ ومَن عليها، ولكن أرسِلَ عليهم بقَدْر خاتمٍ، فهي التي قال الله عز وجل في كتابه العزيز:{مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات: 42]، والثالثةُ فيها حجارةُ جهنَّم، والرابعةُ فيها كبِريتُ جهنَّم" قالوا: يا رسول الله، أَلِلّنار كِبريتٌ؟ قال:"نعم، والذي نفسي بيده، إنَّ فيها لأوديةً من كِبريتِ، لو أُرسِلَ فيها الجبالُ الرَّواسي لماعَتْ، والخامسةُ فيها حيّاتُ جهنَّم، إنَّ أفواهها كالأودية، تلسَعُ الكافرَ اللَّسعةَ، فلا يبقى منه لحمٌ على وَضَم، والسادسةُ فيها عقاربُ جهنَّم، إن أدنى عقربةٍ منها كالبِغال المُوكَفَة، تضربُ الكافرَ ضربةً تُنسيهِ ضربتُها حرَّ جهنَّم، والسابعةُ سَقَرُ، وفيها إبليسُ مُصفّدٌ بالحديد، يدٌ أمامَه ويدٌ خلفه، فإذا أراد الله أن يُطلِقَه لما يشاءُ من عباده أطلَقَه"

(2)

.

(1)

تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: طره صخرة، وسقط لفظ "صخرة" من (ك)، ومكانها بياض في (م)، وفيهما: والحوت على ظهره. والصواب ما أثبتنا.

(2)

إسناده ضعيف منكر، عبد الله بن عياش القِتباني ضعيف، وقال ابن يونس: منكر الحديث، ودرَّاج بن السَّمح ضعيف في روايته مناكير وبخاصة في أبي الهيثم - وهو سليمان بن عمرو العُتواري - واستنكر الذهبي في "تلخيصه" هذا الحديث، وأعلّه بهذين الاثنين. عبد الله بن سليمان: هو الحَميَري أبو حمزة الطويل.

وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في تفسير ابن كثير 5/ 268، وابن منده في "التوحيد"(63) من طريقين عن عبد الله بن وَهْب، بهذا الإسناد. وهو عند ابن منده مختصر بأوله فقط. قال ابن كثير: هذا حديث غريب جدًّا، ورفعه فيه نظر.

وقال الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب " في متنه نكارة. وقال الحافظ ابن رجب في "التخويف من النار" ص 137 - 138: رفعه منكر جدًّا، ولعله موقوف وغلطَ بعضهم فرفعه، وروى =

ص: 457

هذا حديث تفرَّد به أبو السَّمْح عن عيسى بن هلال، وقد ذكرتُ فيما تقدَّم عدالتَه بنصِّ الإمام يحيى بن مَعِين رضي الله عنه

(1)

، والحديث صحيح، ولم يُخرجاه.

8972 -

أخبرنا أحمد بن عثمان بن يحيى المقرئ ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا يعلى بن عُبيد، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عبّاد بن عبد الله بن الزُّبير، عن أبيه، عن عبد الله بن الزُّبير، عن عائشة قالت: لما نَزَلَت هذه الآية في المزَّمِّل: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا} الآية، لم يكن إلَّا يسيرًا حتى كانت وقعةُ بَدر

(2)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8973 -

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِيّ بن خُزيمة، حدثنا عُمر بن حفص بن غِيَاث

(3)

، حدثنا أبي، حدثنا العلاء بن خالد الكاهِلي، عن شقيق، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُؤتى بجهنَّم يومئذٍ ولها سبعون ألفَ زِمَامٍ، مع

= عطاء بن يَسَار عن كعب من قوله نحو هذا الكلام أيضًا.

ورواية عطاء بن يَسَار هذه التي أشار إليها، ذكرها السيوطي في "الدر المنثور" 8/ 419 معزوّة إلى عبد بن حميد البغال المُوكفة: أي: المحمَّلة.

(1)

انظر ما تقدَّم برقم (3008 م) و (3636).

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرَّح بالسماع عند غير المصنف. وقد انفرد يعلى بن عبيد الطنافسي بذكر عبد الله بن الزُّبير في إسناده.

وخالفه إسماعيل ابن عليّة عند الطبري في "تفسيره" 29/ 134، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى عند أبي يعلى (4578)، ويونس بن بكير عند البيهقي في "الشعب" 3/ 95 - 96، فرواه ثلاثتهم عن ابن إسحاق بهذا الإسناد - دون واسطة عبد الله بن الزُّبير بين ابنه عبّاد وعائشة، وهو المحفوظ إن شاء الله ورواية يعلى بن عبيد شاذَّة، وعباد قد سمع من خالة أبيه عائشة معروفٌ بالرواية عنها.

(3)

في (ز) و (ك) و (ب): عثمان بن حفص عن غياث، وهو تحريف، والصواب كما في (م): عمر بن حفص بن غياث، وهو الموافق لمصادر التخريج.

ص: 458

كل زمام سبعون ألفَ مَلَكٍ يَجرُّونها"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم

(2)

، ولم يُخرجاه.

8974 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مسدَّد، حدثنا بِشْر بن المفضَّل، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ضِرسُ الكافر يومَ القيامة مثلُ أُحدٍ، وعَرْضُ جلدِه سبعون ذراعًا، وعَضُدُه مثلُ البَيضاء، وفَخِذه مثلُ وَرِقانَ

(3)

، ومَقعَده من النار ما بيني وبين الرَّبَدَةِ

(4)

.

(1)

إسناده جيد من أجل العلاء بن خالد الكاهلي، وقد اختُلف في رفعه ووقفه، والوقف أصحُّ، إلَّا أن مثله لا يقال من قبل الرأي.

وأخرجه مسلم (2842)، والترمذي (2573) من طريق عمر بن حفص بن غياث، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وقد خولف عمر بن حفص في رفعه، خالفه عبد الله بن سعيد الأشجّ - وهو أوثق من عمر - فرواه عند البزار في "مسنده" (1756) عن حفص بن غياث به موقوفًا على عبد الله بن مسعود قال البزار: وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رفعه إلَّا عمر بن حفص عن أبيه.

ورواه موقوفًا سفيان الثوري عند الترمذي (2573 م)، ومروان بن معاوية الفزاري عند ابن أبي شيبة 13/ 151، كلاهما عن العلاء بن خالد به.

قال الدارقطني في "العلل"(732): والموقوف أصحُّ عندي وإن كان مسلم قد أخرج حديث عمر بن حفص في "الصحيح". وذكره كذلك في "التتبع"(93).

(2)

قال الذهبي في "تلخيصه" متعقبًا الحاكم: لكن العلاء كذّبه أبو سلمة التبوذكي. كذا قال وهو واهم في قوله، فإنَّ العلاء الذي كذّبه أبو سلمة هو العلاء بن خالد القرشي الواسطي، وهو غير العلاء بن خالد الأسدي الكاهلي الكوفي الذي خرَّج له المصنف، فإنه صدوق لا بأس به، وخرَّج له مسلم هذا الحديث.

(3)

في النسخ الخطية: ورقا، بلا نون، وهو خطأ، وسيأتي على الصواب بعد حديثين. ووَرِقانُ: جبل أسود بين العَرْج والرُّوَيثة على يمين المارّ من المدينة إلى مكة.

(4)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن إسحاق: وهو القرشي المدني، ويقال له: عبّاد بن إسحاق. =

ص: 459

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، إنما اتَّفقا على ذِكْرِ ضِرْس الكافر فقط

(1)

8975 -

حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن سليمان بن الحارث، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا شيبان عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ غِلَظَ جلدِ الكافر اثنان وأربعون ذراعًا بذراع الجبَّار - وضرسُه مثلُ أُحُد"

(2)

.

= وأخرجه أحمد 14/ (8345) عن ربعي بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وسيأتي عند المصنف برقم (8976) من طريق سعيد بن أبي هلال عن سعيد المقبري عن أبي هريرة موقوفًا وسعيد بن أبي هلال أوثق وأتقن من عبد الرحمن بن إسحاق، إلّا أنَّ الحديث محفوظ عن أبي هريرة مرفوعًا.

فقد أخرجه أحمد 14/ (8410) و 16/ (10931) من طريق عطاء بن يَسَار، ومسلم (2851)، والترمذي (2579)، وابن حبان (7487) من طريق أبي حازم الأشجعي، والترمذي (2578) من طريق محمد بن عمار وصالح مولى التوأمة، وابن حبان (7488) من طريق حميد المزني، خمستهم عن أبي هريرة مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. بعضهم اختصره.

ووقع في رواية عطاء بن يَسَار وكذا رواية أبي صالح التالية عند المصنف: "جِلد الكافر اثنان وأربعون ذراعًا"، وهو المحفوظ، ووقع في رواية أبي حازم الأشجعي:"غلظ جلده مسيرة ثلاث"، وهو وهمٌ، فمسيرة الثلاث هو مقعدُه من النار، كما وقع في حديث كلٍّ من سعيد المقبري وعطاء بن يسار ومحمد بن عمار وصالح مولى التوأمة.

وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، سيأتي برقم (8985).

البيضاء: موضع قرب الرَّبَذة.

والرّبذة: موضع شرق المدينة المنورة على بعد 170 كم تقريبًا.

(1)

أخرجه مسلم دون البخاري كما سبق في تخريج الحديث.

وقد أخرج البخاري (6551) ومسلم (2852) من حديث أبو حازم الأشجعي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما بين مَنكِبَي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع".

(2)

إسناده قوي من أجل محمد بن سليمان بن الحارث - وهو أبو بكر الباغندي - فإنه لا بأس به، =

ص: 460

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

قال الشيخ أبو بكر رضي الله عنه: معنى قوله: "بذراع الجبَّار" أي: جبَّارٌ من جبابرة الآدميين ممَّن كان في القرون الأُولى ممَّن كان أعظمَ خَلقًا وأطولَ أعضاءً وذراعًا من إنسِنا

(1)

.

8976 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن [سعيد بن]

(2)

أبي هلال، عن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري، أنه سمع أبا هريرة يقول: إِنَّ ضِرسَ الكافر يومَ القيامة مثلُ أحد، ورأسه مثلُ البَيضاء، وفَخِذَه مثلُ وَرِقانَ، وغِلَظَ جلدِه سبعون ذراعًا، وإنَّ مجلسَه في النار كما بينَ المدينةِ والرَّبَذة. قال أبو هريرة: وكان يقال: بطنُه مثلُ بطن إضَمٍ

(3)

.

= وقد توبع شيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح هو ذكوان السَّمّان.

وأخرجه الترمذي (2577)، وابن حبان (7486) من طريقين عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب من حديث الأعمش.

وقوله: "بذراع الجبّار" مُدرَج في الحديث، لم يسمعه أبو هريرة مرفوعًا، إنما أخذه عن عبد الله بن مسعود من قوله كما بيَّن ذلك جرير بن عبد الحميد في روايته عن الأعمش، فقد أخرج عبد الله بن أحمد في "السنة"(1192) عن هارون بن معروف وأبي معمر الهذلي، عن جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال لي عبد الله بن مسعود: يا أبا هريرة، أتدري كم عرض جلد الكافر؟ قلت: لا أدري، قال: أربعون ذراعًا بذراع الجبار. وهذا إسناد صحيح، وجرير أشهر وأكثر رواية عن الأعمش من شيبان النحوي.

(1)

وقد يراد بالجبّار هنا أيضًا الطويل الضخم فيما ذهب إليه ابن الأثير في "النهاية"(جبر).

(2)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، والصواب إثباته، فإنه ليس في هذه الطبقة من في اسمه هلال غير سعيد بن أبي هلال، وعمرو بن الحارث معروف بالرواية عنه.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" برواية نعيم بن حماد (304) عن الليث بن سعد، عن خالد =

ص: 461

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه لتوقيفه على أبي هريرة رضي الله عنه.

8977 -

أخبرني أبو الحسين محمد بن أحمد بن تَميم القَنطَري، حدثنا أبو قِلابةَ، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الله بن أبي أُميَّة، أخبرني صفوان بن يَعْلى، أَنَّ يَعْلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ البحر هو جهنَّم".

فقالوا ليعلى: قال الله عز وجل: {نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29]! فقال: والذي نفسي بيده، لا أدخلُها أبدًا حتى ألقى الله، ولا تصيبُني منها قطرةٌ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد.

= ابن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال به.

وسلف قريبًا برقم (8974) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري مرفوعًا دون قول أبي هريرة في آخره: وكان يقال

وإضم: موضع شمال المدينة يقع خلف جبل أحد، وهو مجتمع أودية المدينة. انظر "الأماكن" للحازمي 1/ 77 بتحقيق حمد الجاسر.

(1)

إسناده ضعيف، وقد وقع فيه عند المصنف وهمٌ أو سقطٌ من الناسخ، فإنَّ الحديث لا يعرف إلَّا من رواية عبد الله بن أمية بن أبي عثمان القرشي عن محمد بن حُيَي عن صفوان بن يعلى، ومحمد بن حيي هذا وهو ابن يعلى بن أمية - مجهول لم يرو عنه غير عبد الله بن أمية وجهله ابن المديني فيما نقله عنه الحافظ ابن رجب في كتابه "فتح الباري" 5/ 47، وتساهل ابن حبان كعادته فذكره في "ثقاته" 7/ 366.

وعبد الله بن أمية - وتسميته عبد الله بن أبي أمية من غرائب المصنف - انفرد بالرواية عنه أبو عاصم الضحاك بن مخلد، ونقل ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديلط 5/ 8 توثيقه عن ابن معين، وذكره كذلك ابن حبان في "ثقاته". وأبو قِلابةَ - وهو عبد الملك بن محمد الرَّقاشي - صدوق لا بأس به، لكن ذكر الدارقطني أنه كان يحدِّث من حفظه فيَهِمُ، فلعلَّ ما وقع في الإسناد من سقط وتغيير في اسم عبد الله بن أمية من أوهامه، والله تعالى أعلم.

وأخرجه أحمد 29/ (17960) عن أبي عاصم قال: حدثنا عبد الله بن أمية قال: حدثني محمد بن حُيي، قال: حدثني صفوان بن يعلى، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر تمام تخريجه هناك.

ص: 462

ومعناه: أنَّ البحر صعبٌ كأنه جهنّم، ولذلك فرّع على إخراج حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن تحت البحر نارًا، وتحت النار بحرًا، فأما النارُ فإنها تحتَ السابعة"

(1)

.

وقد شَهِدَ الصحابةُ فمَن بعدهم على رؤية دخانها!

8978 -

كما حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني

(2)

، حدثنا يحيى بن حمَّاد، حدثنا عبد العزيز بن المختار، حدثني عبد الله بن فَيْروزَ الداناجُ، حدثني طَلْق بن حبَيب قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاريَّ يقول: رأيتُ الدُّخانَ من مسجد الضِّرارِ حين انهارَ

(3)

.

هذا إسناد صحيح.

وقد حدَّثني جماعةٌ من أصحابنا الغُرباء أنهم عرفوا هذا المسجدَ وشاهدوا هذا الدُّخان، وقد قدَّمتُ الروايةَ الصحيحة أنَّ جهنَّم تحت الأرض السابعة

(4)

.

8979 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله

(1)

إسناده ضعيف بمرَّة، أخرجه أبو داود في "سننه"(2489)، وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في تعليقنا عليه هناك.

وروي نحوه عن عبد الله بن عمرو موقوفًا عليه من قوله فيما أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 131، والبيهقي في "السنن" 4/ 334. وهو أصحُّ، ولعلَّ عبد الله بن عمرو إنما حمله عن أهل الكتاب من زاملتَيهِ اللتين وجدهما يوم اليرموك، والله أعلم.

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى الصنعاني، والتصويب من "إتحاف المهرة"(2817).

وأبو العباس الأصم شيخ المصنف لا يروي عن الصنعاني شيئًا، ولا يروي إلّا عن الصَّغَاني.

(3)

إسناده جيد من أجل طلق بن حبيب.

وأخرجه مسدَّد في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(3625)، والطبري في "تفسيره" 11/ 23 و 34، وكذا ابن أبي حاتم 6/ 1884 من طريق عبد العزيز بن المختار، بهذا الإسناد.

ورؤية الدخان الذي ذكره جابر من أجل أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد أَمر بهدم ذلك المسجد وتحريقه كما وقع عند أصحاب السير والمغازي. انظر "سيرة ابن هشام" 2/ 350.

(4)

يشير إلى الحديث المتقدم برقم (8971)، وإسناده ضعيف عند جمهور المحدثين.

ص: 463

ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دَرَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ويلٌ وادٍ في جهنَّم، يَهوِي فيه الكافرُ أربعين خريفًا قبل أن يَبْلُغَ قعرَه، والصَّعُودُ جبلٌ في النار

(1)

يتصعَّد فيه سبعين خريفًا، يَهوي

(2)

منه كذلك أبدًا"

(3)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8980 -

حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني إملاء من أصل كتابه، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعْدي أخبرنا يزيد بن هارون، حدثنا أزهرُ بن سنان القُرشي، حدثنا محمد بن واسع قال: دخلتُ على بلال بن أبي بُرْدة فقلت له: يا بلالُ، إِنَّ أباك حدَّثني عن جدِّك، عن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "إِنَّ في جهنَّم واديًا

(4)

. في ذلك الوادي بئرٌ يقال له: هَبهَبُ، حَقٌّ على الله تعالى أن يُسكِنَها كُلَّ جبّار"، فإياكَ أن تكون منهم يا بلال

(5)

.

هذا حديث تفرَّد به أزهر بن سنان عن محمد بن واسع، لم نكتُبْه عاليًا إلَّا من هذا الوجه.

8981 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا بحر بن نَصر، حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دَرَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يُنصَبُ للكافر

(6)

يومُ القيامة خمسين ألفَ سنة، كما لم

(1)

في النسخ الخطية: في الخلد، والمثبت من المطبوع، وهو الصواب، وهو كذلك فيما تقدم برقم (3915).

(2)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: يهدوي.

(3)

إسناده ضعيف لضعف رواية دراج عن أبي الهيثم. وقد سلف برقم (3915).

(4)

في النسخ الخطية: وادٍ، والجادّة ما أثبتنا منصوبًا.

(5)

إسناده ضعيف لضعف أزهر بن سنان.

وقد سلف برقم (8145) نازلًا بدرجة عن يزيد بن هارون، ولذلك قال المصنف بإثره هنا: لم نكتبه عاليًا إلّا من هذا الوجه.

(6)

في (م): الكافر.

ص: 464

يَعمَلْ في الدنيا، ويظنُّ أنه مُواقعِتُه

(1)

"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8982 -

أخبرني عبد الله بن محمد بن علي بن زياد العَدْل، حدثنا محمد بن إسحاق الإمام، أخبرنا محمد بن عُزَيز الأَيْلي، أنَّ سَلَامة حدَّثهم عن عُقَيل، حدَّثني ابن شِهاب، أنَّ أبا سَلَمة بن عبد الرحمن وسعيدَ بن المسيب [قالا]: قال أبو هريرة: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "والذي نفسُ محمدٍ بيده، إِنَّ قَدْرَ ما بين شَفَةِ النَّارِ وقعرِها لَكصَخْرَةٍ زِنَتُها سبعُ خَلِفَاتٍ بشُحومِهنَّ ولُحومِهنَّ وأولادِهنَّ، تَهْوِي فيما بين شَفَةِ النارِ وقَعرِها إلى أن تقعَ قعرَها سبعين خريفًا"

(3)

.

(1)

في النسخ الخطية مدافعته، وهو خطأ والصواب كما أثبتنا من مصادر التخريج، والكلام عن جنهم كما وقع مصرَّحًا عند غير المصنف.

(2)

إسناده ضعيف لضعف رواية درّاج عن أبي الهيثم، وقد اضطرب فيه دراج أيضًا، فرواه مرة عن أبي الهيثم عن أبي سعيد، ورواه أخرى عن ابن حجيرة عن أبي هريرة كما وقع عند ابن حبان في "صحيحه"(7352).

وأما حديث أبي سعيد هذا فقد أخرجه أحمد 18 / (11714) من طريق ابن لهيعة، عن دراج بهذا الإسناد.

قال السندي في حاشيته على "مسند أحمد" قوله: "يُنصب للكافر" أي: يُجعل له يومُ القيامة طويلًا هذا الطولَ.

وقوله: "كما لم يعمل" أي: لما لم يعمل الخير في الدنيا، فالكاف للتعليل.

وقوله: "مواقعته" أي: آخذته بالغلبة والقهر.

(3)

حديث صحيح بطرقه وشواهده، وسلامة - وهو ابن روح الأَيلي - صويلح ليس بذاك القوي له أوهام، وهذا الحديث من أوهامه، إذ جعله في حديث الزهري من حديث أبي هريرة، والمحفوظ في حديث الزهري أنه من حديث معاذ بن جبل، هكذا رواه عن الزهري معمرٌ في "جامعه"(20892)، ويونسُ بنُ يزيد الأَيليُّ صاحب عُقيل بن خالد عند ابن المبارك في "الزهد" برواية نعيم بن حماد (301) - ومن طريقه ابن أبي الدنيا في "صفة النار"(26) - وشعيبُ بنُ أبي حمزة عند الطبراني في "الكبير" 20 / (361)، وهو في رواية معمر ويونس منقطع بين الزهري ومعاذٍ لم يذكرا بينهما واسطةً، وجعله معمر موقوفًا من قول معاذ، وعند شعيب عن الزُّهْري قال: حدثنا بعض أهل العلم: =

ص: 465

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُجرجاه.

8983 -

أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بَمْرو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثني يزيد بن هارون أخبرنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التَّيْمي، عن عيسى بن طَلْحة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الرجل لَيتكلَّمُ بالكلمةِ ما يظنُّ أن تَبلُغَ ما بَلَغَت، يَهوِي بها سبعين خَريفًا في النار"

(1)

.

= أنَّ معاذ بن جبل كان يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكره.

وأما حديث أبي هريرة، فسيأتي من وجه آخر عند المصنف برقم (9007) حيث رواه من طريق فرقد بن الحجاج، عن عقبة بن أبي الحسناء، عن أبي هريرة. وعقبة هذا مجهول لم يرو عنه غير فرقد، وانظر ترجمته في "ميزان الاعتدال"، وأما فرقد فقد روى عنه غير واحد، وذكره ابن حبان في "الثقات" 7/ 322 إلّا أنه قال فيه: يخطئ. وقال أبو حاتم الرازي كما في "الجرح والتعديل" 7/ 82: هو شيخ. وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" 4/ 183: ما أعلم به بأسًا. وقال في "تلخيصه للمستدرك" فيما سيأتي: سنده صالح.

وأخرج أحمد 14 / (8839)، ومسلم (2844)، وابن حبان (7469) من طريق يزيد بن كيسان، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع وَجْبة، فقال:"أتدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: "هذا حجرٌ رُمي به في النار منذ سبعين خريفًا، فهو يهوي في النار، الآن حتى انتهى إلى قعرها". وانظر تعليقنا عليه في "المسند".

وفي الباب عن أبي موسى الأشعري عند ابن حبان (7468)، ولا بأس برجال إسناده.

وعن عتبة بن غزوان عند أحمد 29/ (17575)، ومسلم (2967)، وغيرهما. وحديثا أبي موسى وعتبة أحسن شيء في الباب. وانظر تمام الشواهد في "مسند أحمد" وصحيح ابن حبان".

الخَلِفات: جمع خَلِفة، وهي الناقة الحامل التي دنت ولادتها.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد توبع.

وأخرجه أحمد 12 / (7215)، والترمذي (2314) من طريق محمد بن أبي عدي، وابن حبان (5706) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، كلاهما عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وخالف محمدُ بنُ سلمة عند ابن ماجه (3970)، فرواه عن ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة وهذه رواية شاذَّة، والمحفوظ في حديث ابن إسحاق: عيسى بن طلحة عن أبي هريرة. =

ص: 466

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8984 -

أخبرنا الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد، عن قَتَادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عَمْرو، قوله عز وجل:{وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} قال: يُخلِّي عنهم أربعين عامًا لا يُجِيبُهم، ثم أجابهم:{إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77]، فيقولون:{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107]، قال: فيُخلِّي عنهم مثل الدنيا، ثم أجابهم:{اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108]، قال: فوالله ما نَبَسَ القومُ بعد هذه الكلمة، إن كان [إِلَّا] الزَّفِيرُ والشَّهيقُ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

= وأخرجه أحمد 14 / (8923)، والبخاري (6477)، ومسلم (2988)، والنسائي (11773)، وابن حبان (5707) و (5708) من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عيسى بن طلحة به. بلفظ:"يزلّ بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب".

وأخرجه بنحوه أحمد 14 / (8411)، والبخاري (6478)، والنسائي (11774) من طريق أبي صالح ذكوان السَّمّان، وأحمد 14/ (8658) و 16 / (10895) من طريق الحسن البصري، وأحمد (15/ 9220)، وابن حبان (5716) من طريق عطاء بن يسار، ثلاثتهم عن أبي هريرة وهو عند النسائي موقوف على أبي هريرة.

(1)

إسناده قوي. وقد سلف بهذا الإسناد مختصرًا برقم (3534).

وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"(480) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي أيضًا في "الأسماء"(480) وفي البعث والنشور (591) من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم، عن يحيى بن أبي طالب، به.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" برواية نعيم بن حماد (319)، وابن أبي شيبة 13/ 152، وهناد في "الزهد"(214)، وابن أبي الدنيا في "صفة النار"(168)، والطبري في "تفسيره" 25/ 99، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 8/ 2509، والطبراني في "المعجم الكبير"(14171)، والبيهقي في "البعث"(592)، والبغوي في "شرح السنة"(4420) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، به.

قوله: "ما نبس القوم" أي: ما تكلموا ولا تحركت شفاههم بشيء.

ص: 467

8985 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دَرَّاج أبي السَّمْح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَقعَدُ الكافرِ من النار مسيرةُ ثلاثةِ أيام، وكلُّ ضِرسٍ مثلُ أُحد، وفَخِذه مثلُ وَرِقان، وجلده سوى لحمه وعظامه أربعون ذراعًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8986 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حدثنا أَسِيد ابن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان بن سعيد، حدثنا سَلَمة بن كُهيل، عن أبي الزَّعراءِ قال: ذُكِرَ الدجالُ عند عبد الله فقال: تفترقون أيُّها الناسُ عند خروجه ثلاثَ فِرَق: فرقةٌ تَتْبعُه، وفرقةٌ تَلحَقُ بآبائها بمنابت الشِّيح، وفرقةٌ تأخذُ شطَّ هذا الفُراتِ يقاتلهم ويقاتلونه حتى يُقتلوا بغَرْبيِّ الشام، فيبعثون طليعةً فيهم فرسٌ أشقرُ أو أبلَقُ، فيقتتلون، فلا يَرجِعُ منهم أحدٌ - قال: وأخبرني أبو صادق عن ربيعةَ بن ناجذٍ: أنه فرسٌ أشقر ويَزعُمَ أهلُ الكتاب أنَّ المسيح عليه السلام يَنزِل فيقتلُه.

ويخرج يأجوجُ ومأجوجُ، وهم من كل حَدَبٍ يَنسِلون، فيَمُوجُون في الأرض فيُفسِدون فيها - ثم قرأ عبد الله:{وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} - فيَبعَثُ اللهُ عليهم دابَّةً مثل النَّغَفِ، فتَلِجُ في أسماعِهم ومَناخِرهم فيموتون منها، فتُنتِنُ الأرضُ

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف دراج في أبي الهيثم. وأبو الهيثم هو سليمان بن عمرو العُتْواري.

وأخرجه أحمد 17 / (11232) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن دراج، بهذا الإسناد.

ويشهد له حديث أبي هريرة المتقدم برقم (8974)، وإسناده حسن.

وأخرج معناه ابن ماجه (4322) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد وابن أبي ليلى وعطية ضعيفان.

ص: 468

منهم، فيُجأَرُ إلى الله عز وجل، فيرسل ماءً فيطهِّر الأرض منهم.

ويَبعَثُ الله ريحًا فيها زَمهَريرٌ باردة، فلا يَدعُ على الأرض مؤمنًا إِلَّا كُفِتَ بتلك الريح، ثم تقوم الساعةُ على شِرار الناس.

ثم يقومُ مَلَكٌ بالصُّور بين السماء والأرض فيَنفُخُ فيه، فلا يبقى خلقٌ الله في السماوات والأرض إلَّا مات إلَّا مَن شاءَ ربُّك، ثم يكون بين النَّفختَين ما شاء الله، فليس من بني آدم أحدٌ إِلَّا في الأرض منه شيء، ثم يرسل اللهُ ماءً من تحت العرش مَنِيًّا كَمَنِيِّ الرّجال، فتَنبُتُ لُحْمَانُهم وجُثمانُهم كما تنبت الأرضُ من الثّرى - ثم قرأ عبد الله: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ

(1)

الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ} حتى بلغ {كَذَلِكَ النُّشُورُ} [فاطر: 9]- ثم يقومُ مَلَكٌ بالصُّور بين السماء والأرض فيَنفُخُ فيه، فتنطلقُ كلُّ روحٍ إلى جسدها فتدخلُ فيه، فيقومون فيَحيَوْنَ تَحيَّةَ رجلٍ واحد قيامًا لرب العالمين.

ثم يتمثَّلُ اللهُ تعالى للخَلْق، فيلقَى اليهود فيقول: مَن تَعبُدون؟ فيقولون: نعبدُ عُزيرًا، فيقول: هل يَسُرُّكم الماءُ؟ قالوا: نعم، فيُرِيهِم جَهَنَّمَ وهي كَهَيْئةِ السَّرَاب - ثم قرأ عبد الله:{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} [الكهف: 100]- ثم يَلقَى النصارى فيقول: مَن تعبدون؟ فيقولون: نعبدُ المسيحَ، فيقول: هل يَسرُّكم الماءُ؟ فيقولون: نعم، فيُرِيهم جهنَّمَ وهي كهيئةِ السَّراب، ثم كذلك من كان يعبد من دونَ الله شيئًا - ثم قرأ عبد الله:{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات: 24]- حتى يبقى المسلمون فيقول: مَن تَعبُدون؟ فيقولون: نعبدُ الله لا نشركُ به شيئًا، فيَنْتَهِرُهم مرتين أو ثلاثًا: مَن تَعبُدون؟ فيقولون: نعبدُ اللهَ لا نشرك به شيئًا، فيقول: هل تعرفون ربَّكم؟ فيقولون: سبحانَه إذا اعتَرَفَ لنا عَرَفْناه، فعند ذلك يُكشَفُ عن ساقٍ، فلا يبقى مؤمن إِلَّا خَرَّ لله ساجدًا، ويبقى المنافقون ظهورُهم طَبَقٌ واحدٌ كأنما فيها السَّفافيدُ، فيقولون: ربَّنا،

(1)

في النسخ الخطية: يرسل، وهو خطأ.

ص: 469

فيقول: قد كنتم تُدعَون إلى السجود وأنتم سالِمون.

ثم يأمرُ اللهُ بالصِّراط فيُضرَبُ على جهنَّم، فيمرُّ الناس بقدر أعمالهم زُمَرًا، أوائلهم كلَمْح البَرْق، ثم كمَرِّ الرِّيح، ثم كمَرِّ الطَّير، ثم كمَرِّ البهائم، ثم يمرُّ الرجل سعيًا، ثم يمرُّ الرجل مشيًا، حتى يجئَ آخرهم رجلٌ يَتلبَّطُ على بطنه، فيقول: يا ربِّ، لِمَ بطَّأتَ بي؟! قال: إني لم أُبطِئْ بك، إنما أبطأَ بك عملُك.

ثم يَأْذَنُ الله في الشَّفاعة، فيكونُ أولَ شافع رُوحُ القُدُس جبريلُ، ثم إبراهيمُ، ثم موسى، ثم عيسى، ثم يقومُ نبيُّكم صلى الله عليه وسلم فلا يَشْفَعُ أحدٌ فيما يَشفَعُ فيه، وهو المَقامُ المحمودُ الذي ذكره الله تعالى {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء:79]، فليس من نفس إلَّا وهي تنظرُ إلى بيتٍ في الجنة وبيتٍ في النار، قال: وهو يومُ الحَسْرة، فيرى أهلُ النار البيتَ الذي في الجنة - قال سفيان: أَوّاهٍ لو عَلِمْتُم يومَ يرى أهلُ الجنة الذي في النار فيقولون: لولا أنْ مَنَّ اللهُ علينا- ثم تَشفعُ الملائكةُ والنبيُّون والشهداءُ والصالحون، والمؤمنون، فيُشفِّعُهم الله، ثم يقول: أنا أرحمُ الراحمين، فيُخرِجُ من النار أكثرَ مما أَخرج جميعُ الخلق برحمتِهِ، حتى لا يتركَ أحدًا فيه خيرٌ - ثم قرأ عبد الله: يا أيُّها الكفّارُ {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر:42]، وقال بيدِه فعَقَده، فقالوا:{لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} ، هل تَرَونَ في هؤلاء من خيرٍ؟! وما يُترَك فيها أحدٌ فيه خيرٌ - فإذا أراد الله أن لا يُخرِجَ أحدًا غيَّرَ وجوهَهم وألوانَهم، فيجئُ الرجلُ فيَشفعُ فيقول: مَن عَرَفَ أحدًا فليُخرجه، فيجئُ فلا يعرفُ أحدًا، فيناديه رجل فيقول: أنا فلان، فيقول: ما أعرفُك، فعند ذلك قالوا:{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 107 - 108]، فإذا قال ذلك، انطبَقَت عليهم، فلم يَخْرُجْ منهم بشرٌ

(1)

.

(1)

إسناده ليِّن لتفرُّد أبي الزعراء به. وهو مكرر ما سلف برقم (8729).

ص: 470

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

8987 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث عن دَرَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لو أنَّ مِقمَعًا من حديدٍ وُضِعَ في الأرض فاجتمع له الثَّقَلانِ، ما أقلُّوه من الأرض"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8988 -

أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد قال: قُرِئَ على يحيى ابن جعفر بن الزِّبرقان، وأنا أسمعُ حدثنا علي بن عاصم، حدثنا بَهزُ بن حَكيم، عن أبيه، عن جدِّه قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقلت: يا نبيَّ الله، ما أتيتُك حتى حلفتُ [أكثرَ] من [عَدَد]

(2)

هؤلاء - يعني الكفَّين جميعًا - لا آتيك ولا آتي دينَك، وقد كنتُ امرَأً لا أَعقِلُ شيئًا إِلَّا ما علَّمني اللهُ ورسولُه، فإني أسألك بوَجْه الله: بِمَ بَعَثَكَ رَبُّنا؟ قال: "بالإسلام" قال: قلت: يا نبيَّ الله، وما آيةُ الإسلام؟ قال: "أن تقول: أسلمتُ وجهيَ لله وتخلَّيتُ، وتقيمَ الصلاةَ، وتؤتيَ الزكاةَ، كلُّ مسلمٍ عن مسلمٍ محرَّمٌ، أَخَوانِ نَصيرانِ، لا يَقبَلُ الله من مسلم أشركَ بعدما أسلمَ عملًا حتى يفارقَ المشركين إلى المسلمين.

ما لي آخُذُ بحُجَزِكم عن النار، ألَا إِنَّ رَبِّي داعيَّ، ألَا وإنه سائلي: هل بلَّغتَ

(3)

عبادي؟ وإني قائل: ربِّ قد بلَّغْتُهم، فليُبلِّغ شاهدُكم غائبَكم، ثم إنكم تُدعَوْنَ مُقدَّمةً

(1)

إسناده ضعيف لضعف درّاج في أبي الهيثم.

وأخرجه أحمد 17 / (11233) من طريق ابن لهيعة، عن دراج، بهذا الإسناد.

المقمع: قضيب من حديث معوجّ الرأس.

أقلُّوه: رفعوه.

(2)

ما بين المعقوفين من "تلخيص الذهبي" وليس في النسخ الخطية.

(3)

في (ز) و (ك) و"التلخيص": بلَّغته؛ بهاءِ، تعود على الإسلام، والمثبت من (م) و (ب).

ص: 471

أفواهُكم بالفِدام، ثم أولُ ما يُبين عن أحدكم لَفَخِذُه وكفُّه" قال: قلت: يا رسول الله، هذا دينُنا؟ قال: "هذا دِينكُم

(1)

، وأَيْنَما تُحسِنْ يَكفِكَ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8989 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دَرّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَسُرادِقُ النارِ أربعةُ جُدُرٍ، كل جدارٍ منها مسيرةُ أربعين سنةً"

(3)

.

(1)

قوله: "قال: هذا دينكم" سقط من (ز) و (ب).

(2)

إسناده حسن من أجل بهز بن حكيم وأبيه، وعلي بن عاصم الواسطي يعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد تابعه عليه غير واحد.

فقد أخرجه أحمد 33 / (20037) و (20043)، وابن ماجه (2536)، والنسائي (2227) و (2360) و (11405) من طرق عن بهز بن حكيم بهذا الإسناد. وبعضهم اختصره.

وأخرج الشطر الأول منه أحمد (20011)، والنسائي (2228)، وابن حبان (160) من طريق أبي قزعة الباهلي، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه.

وقصة الفدام سلفت عند المصنف برقم (3686) من طريق سعيد الجريري، و (3687) من طريق أبي قزعة، كلاهما عن حكيم بن معاوية.

قوله: "بحُجَزكم" جمع حُجْزة، وهي مَعقِد الإزار من وسط الإنسان.

وقوله في الإجابة على الإسلام: "أن تقول: أسلمت وجهي الله وتخلَّيتُ" هكذا وقع عند أكثر الرواة عن بهز وخالفهم معمر بن راشد فرواه في "جامعه"(20115) عن بهز بلفظ: "تشهد أن لا إلَّا الله وأنَّ محمدًا رسول الله"، وهكذا وقع في رواية الثقة أبي قزعة الباهلي عن حكيم بن معاوية، وهذا هو الموافق لما صحَّ من الأحاديث والآثار في المطالبة بإسلام المشركين، وأما قوله: "أن تقول: أسلمت

إلخ" فهو مقتضى النطق بالشهادتين، ولعلّ رواة حديث حكيم بن معاوية قد أخلُّوا بالرواية فاختصروها، والله تعالى أعلم.

(3)

إسناده ضعيف لضعف درّاج في أبي الهيثم.

وأخرجه أحمد 17 / (11234) من طريق ابن لهيعة، عن دراج، بهذا الإسناد.

السُّرادق: السور المحيط.

ص: 472

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8990 -

حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن فِراس المالكي الفقيه بمكة - حَرَسَها الله - في المسجد الحرام، حدثنا بكر بن سهل الدِّمياطي، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن عَطيَّة بن قيس، عن أبي العوَّام مؤذِّن بيت المَقدِس، قال: سمعتُ عبد عبد الله بن عمرو يقول: إِنَّ السُّور الذي ذَكَرَه الله في القرآن: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد:13]، وهو السور الشَّرقي، باطنُه المسجدُ وما يَليهِ، وظاهرُه وادي جهنَّم

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8991 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نَصْر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دَرَّاج أبي السَّمْح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو ضَرَب مِقمَعٌ من حديدِ جَهَنَّمَ الجبلَ لتفتَّتَ كما يُضرب به أهلُ النار، فصار

(2)

رمادًا"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف ومتنه منكر، أبو العوّام هذا مجهول الحال، وذكره ابن حبان في "ثقاته" 5/ 564. وسعيد بن العزيز التنوخي على ثقته اختلط في آخر عمره.

وأخرجه الطبري 27/ 225 من طريق عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عبد العزيز، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (3828).

ومتن هذا الخبر منكر، فهو يخالف السِّياق والسِّباق للآيات من سورة الحديد، فإنها صريحة بأنَّ المراد بذلك السور حائط بين الجنة والنار كما روي عن غير واحد كالحسن البصري وقتادة، وهو الصحيح كما قال ابن كثير في "تفسيره" 8/ 43، ثم قال: هو سورٌ يُضرب يوم القيامة يحجز بين المؤمنين والمنافقين، فإذا انتهى إليه المؤمنون دخلوه من بابه، فإذا استكملوا دخولهم أُغلق الباب وبقي المنافقون من ورائه في الحَيْرة والظُّلمة والعذاب، كما كانوا في الدار الدنيا في كفر وجهل وشك وحَيرة.

(2)

كذا في "تلخيص الذهبي"، وفي النسخ الخطية: لصار.

(3)

إسناده ضعيف.

وأخرجه أحمد 18 / (11786) من طريق ابن لهيعة، عن دراج، بهذا الإسناد.

ص: 473

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

8992 -

حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقبة الشَّيباني رحمه الله بالكوفة، حدثنا إبراهيم بن أبي العَنبَس، حدثنا علي بن قادِم، حدثنا شَرِيكَ، عن عُبيدٍ المُكتِبِ، عن الشَّعْبي، عن أنس بن مالك قال: ضَحِكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ أو تبسَّم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا تسألوني من أيِّ شيءٍ ضَحِكتُ؟ " فقال: "عَجِبتُ من مجادلةِ العبدِ ربَّه يومَ القيامة، يقول: يا ربّ، أليس وَعَدْتَني أن لا تَظْلِمَني؟ قال: بَلَى، قال: فإني لا أقبلُ عليَّ شهادة شاهدٍ إلَّا من نَفْسي، فيقول: أوَليس كفى بي شَهيدًا وبالملائكةِ الكِرام الكاتبين؟ قال: فيُردِّدُ هذا الكلامَ مرّاتٍ، فيُختَمُ على فِيهِ وتَكلَّمُ أَرْكَانُه بما كان يعمل فيقول: بُعْدًا لكم وسُحقًا، عنكم كنت أُجادِلُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8993 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحر بن نصر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث، عن دَرّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لو أنَّ دَلْوَ غَسّاقِ يُهراقُ في الدنيا، لأنتَنَ أهلُ الدنيا"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد لا بأس برجاله، إلَّا أنه منقطع، فإنَّ عبيدًا المُكتب أدخل بينه وبين الشعبي فيه فضيل بن عمرو الفُقيمي كما سيأتي في غير رواية شريك - وهو ابن أبي نمر - عنه.

وأخرجه أبو يعلى (3975)، وأبو القاسم بن بشران في "أماليه"(381) من طريقين عن علي بن قادم، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (2969)، والنسائي (11589)، وابن حبان (7358) من طريق سفيان الثوري، عن عبيد بن مهران المكتب عن فضيل بن عمرو عن الشعبي به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

(2)

إسناده ضعيف. وقد سلف برقم (3892) بلفظ: "دلوًا من غسلين".

ص: 474

8994 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عَمْرَوَيهِ الصَّفّار ببغداد، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا رَوْح بن عُبادة، حدثنا شُعبة، عن أبي التَّيَّاح قال: سمعت مُطرّفًا يحدِّث: أنه كانت له امرأتان فجاء إلى إحداهما، قال: فجَعَلَت تَنزِعُ عِمامتَه وقالت: جئتَ من عندِ امرأتِك؟ فقال: جئتُ من عند عمران بن حُصَين؛ يحدِّث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أقلُّ ساكِنِي الجنةِ النساءُ"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة!

8995 -

حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل البَجَلي، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا حماد بن سَلَمة، حدثنا أبو جعفر الخَطْمي، عن عُمارة ابن خُزَيمة بن ثابت قال: كنا مع عمرو بن العاص في حجٍّ أو عُمرةٍ، فلما كنا بمَرِّ الظَّهْرانِ إذا نحن بامرأة في هَودجِها واضعةً يدَها على هَودجِها، فلما نَزَلَ الشِّعبَ إذا نحن بغِرْبانٍ كثيرةٍ فيها غُرابٌ أعصمُ

(2)

أحمرُ المِنقار والرِّجلين، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخلُ الجنةَ من النساء إلَّا مثل هذا الغُراب في هذه الغِرْبان"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح. أبو التياح: هو يزيد بن حميد الضُّبَعي، ومطرِّف: هو ابن عبد الله بن الشِّخّير.

وأخرجه أحمد 33 / (19837) و (19986)، ومسلم (2738)، والنسائي (9222)، وابن حبان (7457) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.

وأخرجه أحمد (19916) من طريق حماد بن سلمة، عن أبي التياح، به.

(2)

لفظ "أعصم" ليس في (ز) و (ب)، وتحرّف في (ك) إلى: أعظم، وفي (م) إلى: عظيم، والتصويب من "تلخيص الذهبي".

والأعصم: هو الأبيض الجناحين، وقيل: الأبيض الرّجلين. قال ابن الأثير في "النهاية": أراد قلّة من يدخل الجنة من النساء، لأنَّ هذا الوصف في الغربان عزيز قليل.

(3)

إسناده صحيح أبو جعفر الخطمي: هو عمير بن يزيد بن عمير الأنصاري.

وأخرجه أحمد 29 / (17826)، والنسائي (9223) من طريق سليمان بن حرب، بهذ الإسناد.

وقرن أحمد بسليمان الحسنَ بنَ موسى الأشيب.

وأخرجه أحمد أيضًا (17770) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن حماد بن سلمة، به.

ص: 475

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8996 -

حدثنا عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عُبيدٍ الأَسَدي، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن دِيزِيل، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، حدثنا أبو جعفر الخَطْمي، عن عُمَارة بن خُزَيمة بن ثابت قال: كنا مع عمرو بن العاص في حجٍّ أو عُمرة، فإذا امرأةٌ في يدها خواتيمُها وقد وَضَعَت يدها على هَودجِها، فدخل عمرو بن العاص شِعْبًا، ثم قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشِّعب، فإذا غِربانٌ كثيرةٌ، وإذا غرابٌ أعصَمُ أحمرُ المِنْقارِ والرَّجلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يدخلُ الجنةَ من النساء إلَّا كقَدْرِ هذا الغُراب في هذه الغِرْبان"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

8997 -

حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرو من أصل كتابه، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا قَبِيصة بن عُقْبة، حدثنا سفيان، عن منصور، عن ذرٍّ، عن وائل بن مَهَانةَ التَّيْمي، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشرَ النساءِ، تَصدَّقنَ ولو من حُلِيِّكُنَّ، فإنكنَّ أكثرُ أهل جهنَّم"[فقالت امرأةٌ ليست من عِلْية النساء: وبِمَ يا رسول الله نحن أكثر أهل جهنم؟]

(2)

قال: "لأنكنَّ تُكثِرنَ اللَّعْنَ، وتَكْفُرنَ العَشِيرَ، وما رأيتُ من ناقصات عقلٍ ودينٍ أغلب للُبِّ الرجل منكنَّ"

(3)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

(1)

حديث صحيح، عبد الرحمن بن الحسن شيخ المصنف ضعيف، لكنه لم ينفرد به، ومن فوقه ثقات. وانظر الحديث السابق.

(2)

ما بين المعقوفين ليس في شيء من نسخنا الخطية، وأثبتناه من "تلخيص للذهبي".

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن إن شاء الله من أجل وائل بن مهانة.

وقد سلف برقم (2807) من طريق سفيان وجرير عن منصور، وقرن سفيان هناك بمنصورٍ الأعمش.

ص: 476

وقد رواه جرير بن عبد الحميد عن منصور

(1)

بزيادة ألفاظ فيه:

8998 -

حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتَيبة السُّلَمِي، حدثنا يحيى بن يحيى التَّميمي، أخبرنا جَرِير عن منصور بن المُعتمِر قال: سمعتُ ذَرًّا يحدِّث عن وائل بن مَهَانة، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشرَ النساء، تَصدَّقن ولو من حُليّكُنَّ، فإنكُنَّ أكثرُ أهلِ جهنَّم يومَ القيامة"

(2)

.

8999 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأُمَوي إملاءً، حدثنا أبو عمر أحمد ابن عبد الجبار بن عُمير

(3)

التَّميمي بالكوفة، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن شَقِيق، عن عمرو بن الحارث بن المُصطَلِق، عن ابن أخي زينبَ امرأةِ عبد الله، عن زينبَ قالت: خَطَبَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا معشر النساء، تَصدَّقن ولو من حُليِّكُنَّ، فإنكنَّ أكثرُ أهلِ جهنَّمَ يومَ القيامة".

قالت: وكان عبد الله رجلًا خفيفَ ذاتِ اليد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُلقِيَ عليه المَهابةُ، فقلت له: سَلْ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُجزئُ عني من الصدقة النفقةُ على زوجي وأيتامٍ لي في حِجْري؟ قال لنا أبو العباس: وذكر الحديث

(4)

.

(1)

في نسخنا الخطية: جرير بن عبد الحميد عن الأعمش، وهو خطأ، وأثبتناه على الصواب كما في "تلخيصه" للذهبي، والحديث التالي يؤيده.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كسابقه.

(3)

تحرّف في (ك): إلى عمر، وفي (م) إلى: عمرو، وسقط هذا الإسناد من (ز) و (ب). والمثبت على الصواب من مصادر ترجمته.

(4)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن عبد الجبار، وهو متابع، ومن فوقه ثقات إلّا أنَّ أبا معاوية - وهو محمد بن خازم الضرير - وهمَ في إسناده فقال: عمرو بن الحارث عن ابن أخي زينب، والصواب أنَّ عمرو بن الحارث هو ابن أخي زينب، وقد نبَّه على ذلك الترمذي بإثر الحديث (636).

الأعمش: هو سليمان بن مهران، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل الأسدي، وعبد الله زوج زينب: هو عبد الله بن مسعود. =

ص: 477

8999 م - فأخبرَناه أبو بكر أحمد بن جعفر بن حَمْدان الزاهد من أصل كتابه، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبَل، حدثني أَبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن شَقيق، عن عمرو بن الحارث بن المُصطلِق، عن ابن أخي زينبَ امرأةِ عبد الله، عن زينبَ قالت: خَطَبَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا معشرَ النساء، تصدَّقن ولو من حُليِّكُنَّ، فإنكنَّ أكثر أهل جهنَّم يومَ القيامة".

قالت: وكان عبد الله رجلًا خفيفَ ذاتِ اليد فقلت له: سَلْ لي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أيُجزئُ عني من الصدقة النفقةُ على زوجي وأيتامٍ في حِجْري؟ قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُلقِيتَ عليه المَهابةُ، فقال لي عبد الله: اذهبي فسَلِيه، قالت: فانطلقتُ فانتهيتُ إلى الباب، فإذا عليه امرأةٌ من الأنصار حاجتُها كحاجَتي، قالت: فخرج إلينا بلالٌ فقلنا له: سَلْ لنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أتُجزئُ عنا من الصدقة النفقةُ على أزواجنا وعلى أيتامٍ في حِجْرنا؟ قالت: فدخل عليه بلالٌ، فقال: على الباب زينبُ، قال:"أيُّ الزَّيانبِ؟ " فقال: زينبُ امرأةُ عبد الله، وزينبُ امرأةٌ من الأنصار، يَسألانِك عن النفقة على أزواجهما وأيتامٍ في حُجورِهما: أيُجزئُ ذلك عنهما من الصَّدقة؟ قالت: فخرج إلينا بلالٌ، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لهما أَجْرانِ: أَجرُ القَرَابة، وأجرُ الصَّدقة"

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، وتفرَّد

= وانظر تخريجه في الذي يليه.

(1)

إسناده صحيح على وهمٍ فيه كما سبق. وهو في "مسند أحمد" 44/ (27048).

وأخرجه ابن ماجه (1734)، والترمذي (635)، والنسائي (9156)، وابن حبان (4248) من طرق عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وبعضهم اختصره.

وأخرجه أحمد 25/ (16082)، والترمذي (636)، والنسائي (2375) و (9157) من طريق شعبة، والبخاري (1466)، ومسلم (1000)(46)، والنسائي (9158) من طريق حفص بن غياث، ومسلم (1000)(45) من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم، ثلاثتهم عن الأعمش، عن شقيق، عن عمرو بن الحارث، عن زينب بطوله - دون قوله:"فإنكن أكثر أهل جهنم يوم القيامة"، فقد تفرَّد بها أبو معاوية عن الأعمش.

ص: 478

مسلم رحمه الله بإخراجه مختصرًا!

9000 -

حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن فراس الفقيه بمكة حَرَسَها الله، حدثنا بكر بن سهل الدِّمْياطي، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا سعيد بن عبد العزيز التَّنُوخي، عن زياد بن أبي سَوْدة قال: كان عبادةُ بن الصامت على سور بيتِ المَقدِس الشَّرقي يَبكي، فقال بعضهم: ما يبكيك يا أبا الوليد؟ فقال: من هاهنا أخبرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى جهنَّمَ

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

9001 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دَرّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" {مَاءِ كَالْمُهْلِ} [الكهف: 29]: كعَكَر الزَّيت، فإذا قَرَّبَه إلى فيهِ سَقَطَت فَرُوةُ وجهه فيه"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

9002 -

أخبرنا إبراهيم بن عِصْمة العَدْل، حدثنا السَّرِيّ بن خُزَيمة، حدثنا مُسلِم بن إبراهيم، حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كَثير، عن أبي راشد الحُبْراني، عن عبد الرحمن بن شِبْل قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ الفُسّاق هم أهلُ النار" قالوا: يا رسول الله، وما الفُسّاق؟ قال:"النساءُ" قال رجل: يا رسول الله، ألسْنَ أمَّهاتِنا وأخَواتِنا وأزواجَنا؟ قال:"بلى، ولكنَّهنَّ إذا أُعطِينَ لم يَشكُرن، وإذا ابتُلِينَ لم يَصبِرنَ"

(3)

.

(1)

رجاله ثقات غير بكر بن سهل الدمياطي فإنه ضعيف، إلَّا أنه لم ينفرد به، فقد روي هذا الخبر من غير وجه عن سعيد بن عبد العزيز عن زياد بن أبي سودة، وزياد هذا روايته عن عبادة مرسلة كما سلف بيانه وتخريجه عند الرواية المتقدمة برقم (3828).

(2)

إسناده ضعيف لضعف دراج في أبي الهيثم. وقد سلف برقم (3892).

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلَّا أنه اختلف فيه على يحيى بن أبي كثير كما سلف =

ص: 479

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.

9003 -

أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب بهَمَذان، حدثنا هلال بن العلاء الرَّقّي، حدثنا أبي، حدثنا عُبيد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن الطُّفيل بن أُبيِّ بن كعب عن أبيه قال: بَيْنا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الظُّهر، والناسُ في الصفوف خلفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأَينا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يتناولُ شيئًا فجعل يتناولُه، فتأخَّر وتأخَّر الناس، ثم تأخَّر الثانيةَ فتأخَّر الناس، فقلت: يا رسول الله، رأيناك صنعتَ اليومَ شيئًا ما كنت تصنعه في الصلاة! فقال: "إنه عُرِضَت عليَّ الجنةُ بما فيها من الزَّهْرة والنَّضْرة، فتناولتُ قِطْفًا من عِنَبِها، ولو أخذتُه لأَكل منه ما بينَ السماء والأرض لا يَنقُصونَه، فحِيلَ بيني وبينَه، وعُرِضَت عليَّ النارُ، فلما وجدتُ سَفْعتها تأخَّرتُ عنها، وأكثرُ مَن رأيت فيها النساءُ، إنِ ائتُمِنَّ أَفَشَينَ، وإن سأَلن ألحَفْنَ، وإذا سُئلنَ بَخِلنَ، وإذا أُعطينَ لم يَشكُرنَ، ورأيت فيها عمرَو بن لُحَيٍّ يَجُرُّ قُصْبَه في النار، وأشبَهُ ما رأيت به مَعبَدُ بنُ أَكثَمَ الكَعْبي

(1)

" فقال معبدٌ: يا رسول الله، أتخشى عليَّ من شَبَهه، فإنه والدٌ؟ فقال: "لا، أنت مؤمنٌ وهو كافرٌ، وهو أولُ من حَمَلَ العربَ على عبادِة الأصنام"

(2)

.

= بيانه عند الحديث رقم (2174)، فهما من حديث واحد، وسلفت هذه القطعة برقم (2808) من رواية معمر عن يحيى بن أبي كثير.

وأخرجه أحمد 24/ (15531) عن اسماعيل ابن عليّة، عن هشام - وهو الدستوائي - بهذا الإسناد.

(1)

تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الكلبي، والصواب ما أثبتنا، فهو خزاعي كعبي، نسبة إلى كعب ابن عمرو من خزاعة.

(2)

إسناده ضعيف لتفرد عبد الله بن محمد بن عقيل به بهذه السياقة واضطرابه في إسناده، فكان مرة يجعله من حديثه عن الطفيل بن أُبي عن أبيه، ومرة من حديثه عن جابر بن عبد الله، وهذا هو المحفوظ. وأصل القصة صحيح تابع ابنَ عقيل في بعضها عطاء بن أبي رباح وأبو الزبير عن جابر.

وفي إسناد المصنف أيضًا العلاء بن هلال والد هلال، وهو ضعيف، لكنه متابع. =

ص: 480

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

9004 -

أخبرني أبو عبد الرحمن بن أبي الوَزير، حدثنا أبو حاتم الرّازي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَت عليَّ النارُ، فرأيتُ فيها عمرَو بنَ قَمَعَة بنِ خِندِفَ أبو عمرو، وهو يَجُرُّ قُصْبَه في النار، وهو أول من سَيَّبَ السَّوائب، وغَيَّر عهدَ إبراهيم عليه السلام، وأشبه من رأيتُ به أكثمُ بن أبي الجَوْن" قال: فقال أكثمُ: يا رسول الله، يَضرُّني شَبَهُه؟ قال:"لا، إنك مسلمٌ وإنه كافرٌ"

(1)

.

= فقد أخرجه أحمد 35/ (21251) عن أحمد بن عبد الملك الحراني، عن عبيد الله بن عمرو الرقي، بهذا الإسناد. وأحمد بن عبد الملك هذا ثقة.

ورواه أحمد بن عبد الملك مرة أخرى عند أحمد (21250)، وزكريا بنُ عدي وحسين بن محمد المرُّوذي عنده أيضًا 23/ (14800)، ثلاثتهم عن عبيد الله بن عمرو الرقي، عن عبد الله ابن محمد بن عقيل، عن جابر قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

وذكره.

وقد روى نحوَ هذه القصة عن جابر لكن في صلاة الكسوف ودون قصتَي النساء وعمرو بن لحيّ: عطاءُ بن أبي رباح وأبو الزبير فيما أخرجه أحمد 22/ (14417) و 23/ (15018) ومسلم (904) وغيرهما.

وأما مقالته صلى الله عليه وسلم في النساء، فقد صحَّت عن جابر بغير هذه السياقة، أخرجها أحمد (14420) ومسلم (885) من حديث عطاء بن أبي رباح عن جابر: أنه شهد صلاة عيدٍ مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم مضى إلى النساء ومعه بلال فوعظهنَّ وقال لهن:"تصدَّقن، فإنَّ أكثر كنَّ حطب جهنم" فسئل: لِمَ؟ فقال: "إنكن تُكثرنَ الشَّكَاة، وتكفُرن العشيرَ".

وقوله: "تكفرن العشير" أي: تجحدن إحسان الزوج.

وأما قصة عمرو بن لُحي، فيشهد لها حديث أبي هريرة التالي، ووقع التشبيه به بأكثم بن أبي الجون، وهو أصحُّ.

القُصْب: الأمعاء.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي أبو حاتم الرازي: هو محمد بن إدريس بن المنذر، وأبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه ابن حبان (7490) من طريق الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد. =

ص: 481

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

9005 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحر بن نَصر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دَرّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم القيامةِ عُرَّفَ

(1)

الكافِرُ بعملِهِ فَجَحَدَ وخاصمَ، فيقول له: جيرانك يَشهَدون عليك، فيقول: كَذَّبوا، فيقال: أهلُك وعشيرتُك، فيقول: كَذَبوا، فيقال: احْلِفُوا، فيَحلِفون، ثم يُصمِتُهم اللهُ، ويَشْهَدُ عليهم ألسنتُهم، فيُدخِلُهم النارَ"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

9006 -

حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا علي بن عبد العزيز ومحمد ابن غالب بن حرب، قالا: حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل، حدثنا سلّام ابن مِسكين قال: حدَّثَ أبو بُرْدةَ عن عبد الله بن قيس، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ أهلَ النار لَيَبكُون حتى لو أُجريت السفنُ في دموعهم لجَرَتْ، وإنهم لَيَبكُون

= وفيه: عمرو بن لحي بن قمعة. وأما تكنيته بأبي عمرو فلم ترد إلَّا عند المصنف ولم يذكر أحد له كنية.

وأخرجه مختصرًا أحمد 14 / (8787)، والبخاري (3521)، ومسلم (2856)(51)، والنسائي (11091)، وابن حبان (6260) من طريق سعيد بن المسيب، والبخاري (3520)، ومسلم (2856)(50) من طريق أبي صالح السمان، كلاهما عن أبي هريرة. ولم يذكرا فيه أكثم بن أبي الجون وشَبَهه بعمرو بن لحي.

(1)

تحرّف في (ز) و (ب) إلى: عرى، ومكانها في (م) بياض، وسقطت من (ك). والتصويب من مصادر التخريج.

(2)

إسناده ضعيف لضعف درّاج في أبي الهيثم.

وأخرجه الطبري 18/ 105، وابن أبي حاتم 8/ 2558، والثعلبي 8/ 134 - ثلاثتهم في "التفسير"- من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أسد بن موسى في "الزهد"(92)، وأبو يعلى (1392) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن دراج، به.

ص: 482

الدم"؛ يعني: مكانَ الدَّمع

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

9007 -

أخبرنا الأستاذ أبو الوليد، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا أبو قُتَيبة، حدثنا فَرقد بن الحجَّاج أبو نَصْر، حدثنا عُقبة بن أبي الحَسْناء، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لو أُخِذَ سبعُ خَلِفاتٍ بِشُحومِهنَّ فَأُلقِينَ من شَفيرِ جهنَّم، ما انتهين إلى آخرها سبعين عامًا"

(2)

.

9008 -

حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا الحسن بن علي بن شَبيب، حدثنا عبيد الله بن محمد التَّيْمي، حدثنا حماد بن سَلَمة، حدثنا أبو حمزة، عن إبراهيم، عن عَلقَمة، عن عبد الله بن مسعود، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُتِيتُ بالبُرَاق، فركبتُ خلفَ جبريل عليه السلام، فسارَ بنا، فكان إذا أَتى على جبلٍ

(3)

إذا ارتفع ارتفَعَت

(1)

رجاله ثقات، إلَّا أنه منقطع بين سلام بن مسكين وأبي بردة، بينهما فيه قتادة، ثم إنه مختلف في رفعه ووقفه.

فقد رواه يزيد بن هارون عند ابن أبي شيبة 13/ 156، وأبي نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 261، عن سلام بن مسكين، عن قتادة، عن أبي بردة - وهو ابن أبي موسى- عن أبيه أبي موسى عبد الله ابن قيس الأشعري موقوفًا من قوله. وقتادة قال ابن معين: لا أعلمه سمع من أبي بردة، حكاه عنه إسحاق بن منصور كما في "جامع التحصيل" للعلائي.

ويشهد له حديث أنس مرفوعًا بنحو هذا اللفظ عند ابن ماجه (4324)، وإسناده ضعيف لضعف راويه عن أنس، وهو يزيد بن أبان الرقاشي، ومن أوجُهِ ضعفه في الحديث أنه كان يقلب كلام الحسن البصري فيجعله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعلم، قاله ابن حبان في "المجروحين" 3/ 98.

(2)

حديث صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد فيه لين من جهة عقبة بن أبي الحسناء، فقد تفرَّد بالرواية عنه فرقد، وفرقد ليس بذاك القوي، وقد سلف الكلام على هذا الإسناد عند الحديث السالف برقم (8982) حيث رواه المصنف هناك من وجه آخر عن أبي هريرة.

محمد بن أبي بكر: هو المقدَّمي، وأبو قتيبة: هو سَلم بن قتيبة الخراساني.

(3)

في نسخنا الخطية: فسار بها إذ أتى رجل، وهذا تحريف، وأقرب شيء إلى الصواب ما أثبتناه =

ص: 483

رِجْلاه، وإذا هَبَطَ ارتفعت يداه، قال: فسار بنا في أرض غُمّةٍ

(1)

مُنتِنةٍ، حتى أفضَيْنا إلى أرض فَيْحاءَ طيِّبة، فقلت: يا جبريلُ، إنا كنا نسيرُ في أرضِ غُمّةٍ مُنتِنة، ثم أفضَيْنا إلى أرض فيحاءَ طيّبة، قال: تلك أرضُ النار، وهذه أرضُ الجنة، قال: فأتيتُ على رجل قائم يصلَّي، فقال: مَن هذا معك يا جبريلُ؟ قال: هذا أخوك محمدٌ، فرحَّبَ بي ودعا لي بالبَرَكة، وقال: سَلْ لأمَّتِك اليُسْرَ، فقلت: مَن هذا يا جبريل؟ فقال: هذا أخوك عيسى ابنُ مريمَ، قال: فسِرْنا فسمعتُ صوتًا وتذمُّرًا، فأَتينا على رجل فقال: مَن هذا يا جبريلُ؟ قال: هذا أخوك محمدٌ [فرحَّب بي ودعا لي بالبَرَكة، وقال: سَلْ لأمّتِك اليُسْرَ، فقلت: مَن هذا يا جبريلُ؟ فقال: هذا أخوك موسى]

(2)

قال: قلت: على من كان تذمُّرُه وصوته؟ قال: على ربِّه، قلت: على ربِّه؟! قال: نعم، قد يُعرَفُ ذلك من حِدَّتِه، قال: ثم سرنا فرأيت مصابيحَ

(3)

وضَوْءًا، قال: قلت: ما هذا يا جبريلُ؟ قال: هذه شجرةُ أبيك إبراهيم، أتَدنُو منها؟ قال: قلت: نعم، فدَنَوْنا، فرَحَّب بي ودعا لي بالبَرَكة، ثم مَضَيْنا حتى أتَينا بيتَ المَقدِس، فرَبَطتُ الدابةَ بالحلقة التي يَربطُ بها الأنبياءُ، ثم دخلتُ المسجدَ فَبَشَرَت بي

(4)

الأنبياء مَن سَمَّى اللهُ عز وجل منهم ومن لم يُسمِّ، فصلَّيتُ بهم إلَّا هؤلاءِ النَّفَرَ الثلاثةَ: إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام"

(5)

.

= موافقة لما في مصادر التخريج.

(1)

أرضٌ غُمّة: أي: ضيّقة، والأرض الفيحاء: الواسعة.

(2)

ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من مصادر التخريج، ولا بدَّ منه. ووقع بعد قوله:"قال: قلت" بياض بقدر نصف سطر في (ز) و (ب).

(3)

في النسخ الخطية: مصابيحًا، والجادة ما أثبتنا.

(4)

بَشَرَت بي: أي: سُرَّت بي.

(5)

إسناده ضعيف جدًا، ومتنه منكر، تفرَّد به أبو حمزة الأعور كما قال المصنف، وهو متفق على ضعفه. إبراهيم هو ابن يزيد النَّخَعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي.

وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث"(22)، وعبد الله بن أحمد =

ص: 484

هذا حديث تفرَّد به أبو حمزة الأعورُ ميمونٌ، وقد اختلفت أقاويلُ أئمَّتِنا فيه، وقد أتى بزيادات لم يُخرجها الشيخان رضي الله عنهما في ذِكْر المعراج.

9009 -

أخبرني عَبْدانُ بن يزيد الدَّقاق بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا أبو طلحة الراسِبي، عن غَيْلان بن جَرير، عن أبي بُرْدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تُحشَرُ هذه الأمة على ثلاثة أصنافٍ: صنفٍ يدخلون الجنةَ بغير حساب، وصنفٍ يُحاسبون حسابًا يسيرًا، وآخرين يَجيئون

(1)

على ظُهورِهم أمثالُ الجبال الراسيَة، فيسأل الله عنهم -وهو أعلمُ- فيقول: هؤلاءِ عَبيدٌ من عَبيدي لم يُشرِكوا بي شيئًا، وعلى ظهورِهم الخطايا والذنوبُ، حُطُّوها واجعلوها على اليهود والنصارى، وادخُلوا الجنةَ بَرحْمتي"

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

9010 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حَبيب، عن سِنان بن سعد، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المَكرُ والخديعةُ والخِيانةُ في النار"

(3)

.

= في "السنة"(1039)، والبزار (1568)، وأبو يعلى (5036)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(5008) و (5012)، والعقيلي في "الضعفاء"(1707)، والطبراني في "الكبير"(9976)، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 234 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وانظر حديث المعراج بطوله من وجه صحيح، وبسياق صحيح من حديث أنس وغيره في "مسند أحمد" 19/ (21505) والتعليق عليه.

وأما صلاته بالأنبياء، فرويت في حديث أبي هريرة عند مسلم في "صحيحه"(173)، وحديث أنس عند النسائي في "المجتبى"(450)، وليس فيهما استثناء أحدٍ من الأنبياء.

(1)

قوله: "وآخرين يجيئون" هذا أقرب شيء يقرأ به هذا الحرف في (ز) و (ب)، ووقع مكانه بياض في (م)، وفي (ك) مكانه: وصنف على ظهورهم ....

(2)

ضعيف بهذا اللفظ كما سلف بيانه وتحقيقه عند المصنف برقم (194).

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل سنان بن سعد، فإنه صالح للاعتبار. =

ص: 485

9011 -

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عَمْرَوَيهِ الصَّفّار ببغداد، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني

(1)

، حدثنا أبو الجوَّاب، حدثنا يحيى بن سَلَمة بن كُهَيل، عن أبيه، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عمر، أنه كان يقول: أَطَلَعَت الحمراءُ بعدُ؟ فإذا رآها قال: لا مَرحبًا، ثم قال: إنَّ مَلكين من الملائكة، هَارُوتَ وَمَارُوتَ، سَأَلَا اللهَ تعالى أن يَهبِطا إلى الأرض، فأهبطا إلى الأرض، فكانا يَقضِيان بين الناس، فإذا أمسيَا تكلَّما بكلماتٍ وعَرَجا بها إلى السماء، فقُيِّضَ لهما بامرأةٍ من أحسن الناس، وأُلقيت عليهما الشَّهوةُ، فجعلا يؤخِّرانها، وأُلقيت في أنفُسِهما، فلم يزالا يفعلانِ حتى وَعَدَتهما ميعادًا، فأتتهما للميعادِ فقالت: علِّماني الكلمةَ التي تَعرُجانِ بها، فعلَّماها الكلمة، فتكلَّمت بها، فعَرَجَت بها إلى السماء، فمُسِخَت فجُعِلَت كما ترونَ، فلما أَمسَيًا تكلّما بالكلمة التي كانا يَعرُجانِ بها إلى السماء، فلم يَعرُجا، فبُعِث إليهما: إن شئتُما فعذابُ الآخرة، وإن شئتُما فعذاب الدنيا إلى أن تقومَ الساعةُ، على أنْ تلتقيانِ

(2)

الله تعالى، فإن شاء عذَّبَكما، وإن شاء رَحِمَكما، فنَظَرَ أحدُهما إلى صاحبه،

= وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 357 من طريق يزيد بن موهب، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وقرن بعمرو بن الحارث عبدَ الله بن لهيعة.

ويشهد له حديث ابن مسعود عند ابن حبان (567) و (5559). وإسناده حسن.

وحديث قيس بن سعد عند ابن عدي 2/ 161، والبيهقي في "الشعب" (4887) و (10595). قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" بتحقيقنا 7/ 138: إسناده لا بأس به.

وحديث أبي هريرة عند إسحاق بن راهويه في "مسنده"(381)، والبزار (9517)، وابن عدي 4/ 326 و 6/ 72، وأبي نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 209، والبيهقي في "الشعب"(6581)، بأسانيد ضعيفة.

وحديث الحسن البصري مرسلًا عند أبي داود في "المراسيل"(165)، ورجاله ثقات.

وعلَّقه البخاري في "صحيحه" بين يدي الحديث (2142) بلا إسناد بلفظ: "الخديعة في النار".

(1)

تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: الصنعاني، والمعروف بالرواية عن أبي الجوّاب - وهو الأحوم ابن جوّاب - هو أبو بكر محمد بن إسحاق الصاغاني.

(2)

هكذا في نسخنا الخطية، ويغلب على ظننا أنه خطأ من الناسخ قديمًا، ويمكن توجيهه بأن =

ص: 486

فقال أحدُهما لصاحبه: بل نختارُ عذابَ الدنيا ألفَ ألفِ ضعفٍ؛ فهما يُعذِّبَانِ إلى أن تقومَ الساعة

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وترك حديث يحيى بن سَلَمة عن أبيه من المُحالات التي يردُّها العقلُ! فإنه لا خلاف أنه من أهل الصَّنعة

(2)

، فلا يُنكَر لأبيه أن يَخُصَّه بأحاديث يتفرَّد بها عنه.

9012 -

أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبُوبي بمَرْو، حدثنا محمد بن عيسي الطَّرَسُوسي، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن سعيد بن عُمير

(3)

قال: جلستُ إلى ابن عمر وأبي سعيد، فقال أحدهما لصاحبه: إني سمعت

= رفع الفعل هنا بإثبات النون بعد "أنْ" جاء حملًا على أنها مخفّفة من "أنَّ" وضمير الشأن محذوف، أو على لغة بعض العرب الذين لا يُعملون "أن" الناصبة للفعل المضارع فيرفعونه. انظر "شواهد التوضيح" لابن مالك ص 180، و "شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك" 4/ 4 - 5.

(1)

إسناده ضعيف جدًا، يحيى بن سلمة بن كهيل متروك الحديث، وبه أعلّه الذهبي في "تلخيص المستدرك".

وهذا الطريق لم نقف عليه عند غير المصنف.

وقد روي نحو هذا عن ابن عمر مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم عند أحمد 10/ (6178) وابن حبان (6186) بإسناد ضعيف كما هو مبين فيهما.

والصحيح أن هذا من رواية ابن عمر عن كعب الأحبار ممّا نقله عن كتب بني إسرائيل، فقد أخرج عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 53 - 54، وابن أبي الدنيا في "العقوبات"(224)، والطبري في "تفسيره" 1/ 456 - 457 من طريق سفيان الثوري، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله ابن عمر، عن أبيه، عن كعب الأحبار. وهذا إسناد صحيح. وانظر تمام الكلام على هذا الخبر في التعليق على "مسند أحمد" و "صحيح ابن حبان".

قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 1/ 84: هذا من أخبار بني إسرائيل

ويكون من خرافاتهم التي لا يُعوّل عليها، والله أعلم.

(2)

تحرّف في نسخنا الخطية إلى: الصفة، والتصويب من "إتحاف المهرة"(9748).

(3)

تحرّف في النسخ الخطية إلى: جبير، والتصويب مما سلف برقم (8920).

ص: 487

النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَذكُر مَبْلَغَ العَرقِ من ابن آدم فقال: " [إلى] شحمةِ أُذنيه"، وقال الآخر:"يُلجِمُه العرقُ"، وأشار ابن عمر فخَطَّ من

(1)

شحمة أُذنه بالسَّبّابة

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

9013 -

أخبرنا أبو سهل أحمد بن عبد الله بن زياد القَطّان، حدثنا الحسن بن مُكرَم البزَّاز، حدثنا أبو علي عُبيد الله بن عبد المجيد الحَنَفي، حدثنا عِكرِمة بن عمّار، حدثنا إياس بن سَلَمة بن الأكوَع، حدثني أَبي قال: عُدْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا موعوكًا، فوَضَعتُ يدي عليه فقلت: تاللهِ [ما رأيتُ]

(3)

كاليوم رجلًا أشدَّ حرًّا منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أخبِرُكم بأشدَّ حرًّا منه يومَ القيامة، هاذَينِكَ الرجلينِ الراكبَينِ المُقفِّيِّين"؛ لرجلين حينئذٍ من أصحابه

(4)

.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

9014 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله ابن وَهْب، أخبرني عمرو بن الحارث وابن لهيعة [عن يزيد بن أبي حَبيب]

(5)

عن

(1)

في النسخ الخطية: بين، وأغلب الظن أنها محرَّفة عن: من، كما أثبتنا.

(2)

إسناده حسن من أجل سعيد بن عمير.

وقد سلف برقم (8920) من طريق أبي قلابة عن أبي عاصم وزاد فيه بين سعيد بن عمير وعبد الحميد بن جعفر أباه جعفر بن عبد الله، ويغلب على ظننا أنه سقط هنا من الناسخ، والله تعالى أعلم.

(3)

هذه الزيادة من مصادر التخريج وليست في النسخ الخطية.

(4)

إسناده قوي.

وأخرجه مسلم (2783) من طريق النضر بن محمد اليمامي، عن عكرمة بن عمار، بهذا الإسناد.

المقفيَين: أي: المنصرفين الموليين أقفيتهما.

قوله: "من أصحابه" سمّاهما هكذا لإظهارهما الإسلام والصحبة، لا أنهما ممَّن نالته فضيلة الصحبة. قاله النووي في "شرح مسلم".

(5)

سقط "يزيد" من النسخ الخطية، واستدركناه، من مصادر التخريج، وسنان لم يرو عنه غير يزيد بن أبي حبيب.

ص: 488

سِنان بن سعد الكِنْدي، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله إذا أراد بعبدٍ خيرًا، عجَّلَ له العقوبةَ في الدنيا، وإذا أراد بعبدٍ شرًا، أَمسكَ عليه بذَنْبِه حتى يُوافيَه يومَ القيامة"

(1)

.

9015 -

أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا موسى بن سهل ابن كَثير، حدثنا إسماعيل ابن عُليَّة، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي قال: نَزَلْنا من المدائن على فَرسَخ، فلما جاءت الجمعةُ، حضر [أَبي] وحضرتُ معه، فخَطَبَنا حذيفةُ فقال: إنَّ الله عز وجل يقول: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَاَنشَقَّ الْقَمَرُ} ، ألا وإنَّ الساعةَ قد اقتَرَبَت، ألا وإنَّ القمرَ قد انشقَّ، ألا وإنَّ الدنيا قد آذَنَتْ بفِراقٍ، ألا وإنَّ اليومَ المضمار وغدًا السِّباقُ. [فقلت] لأَبي: أيستبقُ الناسُ غدًا؟ قال: يا بنيَّ، إنك لجاهل، إنما يعني: العملُ اليومَ والجزاءُ غدًا، فلما جاءت الجمعةُ الأخرى، حَضَرْنا فَخَطَبَنا حذيفةُ فقال: إنَّ الله عز وجل يقول: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ} ، ألا وإنَّ الدنيا قد آذنت بِفراقٍ، ألا وإنَّ اليوم المضمارُ وغدًا السِّباقُ، ألا وإنَّ الغايةَ النارُ، والسابقُ من سَبَق إلى الجنة

(2)

.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل سنان بن سعد الكندي.

وابن لهيعة - وإن كان سيئ الحفظ - متابع.

وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار"(2050) عن يونس بن عبد الأعلى، وابن عدي في "الكامل" 3/ 356 من طريق يزيد بن مَوهَب، كلاهما عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (2396)، وأبو يعلى (4254) و (4255)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(316)، والبغوي في "شرح السنة"(1435) من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، به. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

ويشهد له حديث عبد الله بن مغفل السالف برقم (1307)، وإسناده صحيح.

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف موسى بن بن سهل، وقد توبع. أبو عبد الرحمن السلمي: هو عبد الله بن حبيب.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 115، والطبري في "تفسيره" 86/ 27 من طريق ابن علية، بهذا الإسناد. =

ص: 489

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

9016 -

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر، حدثنا عبد الله ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دَرّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يأكلُ الترابُ كلّ شيءٍ من الإنسان إِلَّا عَجْبَ ذَنَبِه" قيل: وما هو يا رسول الله؟ قال: "مِثلُ حَبَّةِ خَردَلٍ، منه يُنشَؤُون"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

9017 -

أخبرني الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق الإمام، أخبرنا موسى بن الحسن ابن عَبّاد، حدثنا عفّان بن مُسلِم، حدثنا همّام بن يحيى، عن مَطَر الورَّاق، عن أبي قِلابة قال: دخل نفرّ من القُرّاء على أبي ذرّ، وعنده امرأةٌ سوداءُ عليها عَباءةٌ قطوانيَّة ليس عليها مَجاسِدُ ولا خَلُوقٌ، فقال أبو ذر: أتدرون ما تقولُ هذه؟ تأمرُني أن آتيَ العراقَ، ولو أتيتُ العراقَ لقالوا: هذا صاحبُ رسول الله، فمالُوا علينا من الدنيا، وإنَّ خَليلي أبا

(2)

القاسم صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إليَّ: أن جسرَ جَهَنَّمَ دَحْضٌ مَزَلّةٌ، وفي

= وأخرجه بنحوه عبد الرزاق في "مصنفه"(5285)، وابن أبي شيبة 13/ 378، وأبو داود في "الزهد"(288)، وابن أبي الدنيا في "الزهد"(233)، والطبري 27/ 86، والطحاوي في "مشكل الآثار"(706) و (707)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 1/ 420 - 421، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 281 من طرق عن عطاء بن السائب، به. وفيهم مَن سمع من عطاء قبل اختلاطه.

(1)

صحيح لغيره دون قوله: "مثل حبة خردل"، وهذا إسناد ضعيف لضعف دراج أبي السمح في أبي الهيثم العُتْواري.

وأخرجه ابن حبان (3140) من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد 17 / (11230/ 3) من طريق ابن لهيعة، عن دراج، به.

ويشهد له حديث أبي هريرة عند البخاري (4814) ومسلم (2955).

عَجْب الذنب: هو رأس العُصْعُص أسفل العمود الفقري.

(2)

تحرّف في (ز) و (ك) و (ب) إلى: أبو، والتصويب من (م) و "تلخيص الذهبي".

ص: 490

أحمالنا اقتِدارٌ

(1)

، لعلَّنا أن ننجوَ منها

(2)

.

هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين إن كان أبو قِلابةَ سمع من أبي ذرٍّ الغِفاري رحمه الله

(3)

.

9018 -

أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطُّفَاوي، حدثنا أيوب، عن عبد الله ابن أبي مُلَيكة: أنَّ رجلًا سأل ابن عباس عن قوله عز وجل: {وَإِن يَوْمَا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47]، فقال: من أنت؟ فذَكَر له أنه رجلٌ من كذا وكذا، فقال ابن عباس: فما يومٌ كان مقدارُه خمسين ألف سنةٍ؟ فقال الرجل: رَحِمَك اللهُ، إنما سألتُك لتخبرنا، فقال ابن عباس: يومانِ ذَكَرَهما اللهُ عز وجل في

(1)

في النسخ الخطية: إفساد، وهو تحريف، والتصويب من مصادر التخريج. ومعنى "اقتدار": توسُّط، كما في "حاشية السندي على أحمد".

(2)

خبر صحيح، وهذا إسناد شاذٌّ بذكر مطر عن أبي قلابة، فموسى بن الحسن بن عباد - وإن كان لا بأس به، كما قال الدارقطني - قد خولف فيه.

فقد رواه محمد بن سعد في "الطبقات" 4/ 222، وأحمد في "المسند" 35/ (21416)، والحارث ابن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث"(1087) - وعنه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 161 - ثلاثتهم عن عفان بن مسلم، عن همام، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرَّحَبي: أنه دخل على أبي ذر

فذكره. وهذا إسناد متصل صحيح.

أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي، وأبو أسماء الرحبي: هو عمرو بن مرثد.

ويشهد للمرفوع منه حديث أبي سعيد الخدري في خبر طويل عند البخاري (7439) ومسلم (183).

وكذا حديث عبد الله بن مسعود السالف عند المصنف برقم (3465).

المجَاسد: جمع مُجسَد، وهو الثوب المصبوغ بالزعفران أو العصفر.

والخَلوق: طيب مركَّب من الزعفران وغيره.

دحضٌ مزلّة: موضع لا تثبت فيه الأقدام فتزلّ وتَزلَق.

(3)

لم يسمع منه وبينهما فيه أبو أسماء كما سبق.

ص: 491

كتابه، الله أعلمُ بهما، نكره أن نقول في كتاب الله بغير علمٍ

(1)

.

هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.

آخر كتاب الأهوال

(2)

وهو آخر كتاب "الجامع الصحيح المستدرَك" تأليف الحاكم الإمام أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حَمدَوَيهِ الحافظ، رحمه الله.

(1)

خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عبد الرحمن الطفاوي.

وأخرجه بنحوه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 108، وفي "أماليه"(163)، ومن طريقه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 9/ 576 - 577 عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة قال: دخلت أنا وابن فيروز مولى عثمان علي ابن عباس

فذكر نحوه. وإسناده صحيح.

(2)

تحرَّف في (ز) و (ك) و (ب) إلى الأصول، والتصويب من (م).

ص: 492