الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الحوادث التي حدثت
في المسجد الشريف
فأعظمها وأكثرها احتراق المسجد الشريف قدسه الله تعالى
(1)
.
ذكر أشياخ المدينة وعلماؤها أنه لما كانت ليلة الجمعة، أول شهر رمضان سنة أربع وخمسين وستمائة في أول الليل، قال أكثر الناس: دخل أبو بكر بن أوحد-أحد الفراشين والقوّام بالمسجد الشريف- حاصلَ الحرم ومعه نار، فغفل عنها إلى أن علقت في بعض الأخشاب التي كانت في الحاصل، فلم يكن إلا كلا ولا
(2)
، حتى احترق الفراشُ والحاصلُ وجميع ما فيه، ودنت إلى السقوف، وأعجلت الناس عن إطفائها، فلم يمض إلا أقلُّ من القليل حتى استولى الحريق على جميع سقوف المسجد الشريف، واحترق جميع السقف بحيث لم يبق فيه خشبة واحدة.
وبقيت السواري قائمة كأنها جذوع النخل؛ إذا هبت الرياح تتمايل تمايل النشوان. وذاب الرصاص من بعض الأساطين، فسقطت، ووقع السقف الذي كان على أعلى الحجرة المقدسة على سقف بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فوقعا جميعاً على القبور المقدسة، وأصبح الناس يوم الجمعة وليس لهم موضع يصلون فيه الجمعة [فعزلوا]
(3)
موضعاً للصلاة.
وَنَظَمَ بعضُهم في ذلك
(4)
:
(1)
ذكرت القصة في الذيل على الروضتين 194، التعريف 27، البداية والنهاية 7/ 205، عِقد الجمان 1/ 128، النجوم الزاهرة 7/ 36.
(2)
كناية عن سرعة حدوث الاحتراق، قال في اللسان (لا) 15/ 468:(والعرب إذا أرادوا تقليل مدة فعل أو ظهور شيء خفي قالوا: كان فعله كلا، وربما كرروا فقالوا: كلا ولا).
(3)
في الأصل (فنزلوا) وهو تصحيف.
(4)
هو أبو شامة المقدسي الدمشقي، والبيتان في كتابه الذيل على الروضتين 194.
لَمْ يَحْتَرق حَرَمُ النبي لحادثٍ
…
يُخشى عليه ولادَهَاهُ العارُ
لكنَّما أيدي الروافضِ لامستْ
…
ذاكَ الجنابَ فطهَّرَته النارُ
[وقال] غيره
(1)
:
قل للروافضِ بالمدينةِ مالكم
…
يقتادكم للذم كلُّ سفيهِ
ما أصبح الحرمُ الشريفُ محرقاً
…
إلا لسبِّكم الصحابةَ فيهِ
فاتفق آراء أهل المدينة؛ من أميرهم الشريف منيف
(2)
بن شيحة بن هاشم بن القاسم بن المهنا وعلماؤهم إلى الخدام وسائر المجاورين، أن يطالعوا بذلك الإمام المستعصم
(3)
بالله، فيفصل في ذلك بما تقتضيه آراء الخلافة، فأرسلوا مطالعة بذلك، وأبطأ الجواب عن المطالعة بسبب ماحدث في العراق من دخول هولاكوه
(4)
إليها، واشتغال الخليفة، وتوزع خاطره بسببهم، فتركوا الردم على ماكان عليه، ولم يجسر أحد على التعرض لهذه العظيمة التي دون مرامها تزل الأقدام، ولايتأتى مع كل أحد بادئ بدءة الدخول فيه والإقدام، غير أنهم / 178 أعادوا سقفاً فوق ذلك على رؤوس السواري
(1)
هو معين الدين بن تولو المغربي، والبيتان مذكوران في النجوم الزاهرة 7/ 36.
(2)
تأتي ترجمته في الباب السادس.
(3)
في الأصل: (المعتصم)، وهوتصحيف، والصواب ما أثبتناه. وهو أمير المؤمنين، آخر خلفاء بني العباس بالعراق، أبو أحمد عبد الله المستعصم بالله، ولد سنة 609 هـ، وبويع بالخلافة في 20 من جمادى الأولى سنة 640 هـ، وكان مقتله يوم الأربعاء 14 صفر سنة 656 هـ، وله 47 سنة. سير أعلام النبلاء 23/ 174، البداية والنهاية 7/ 217، عِقد الجمان 1/ 205، النجوم الزاهرة 7/ 63.
(4)
كان استيلاء التتار على بغداد بقيادة هولاكوه في المحرم من سنة 656 هـ، فقُتل الخليفة وكثير من أهلها، ومع أن احتراق المسجد النبوي الشريف كان قبل دخول التتار بأكثر من سنة، إلا أن الخليفة لم يستطع إجابة خطاب أهل المدينة لانشغاله بقدوم جيش التتار، ووصول طلائعهم على أبواب بغداد، وحصارهم لها لفترة ليست بالقصيرة. البداية والنهاية 7/ 213. عِقد الجمان 1/ 167. النجوم الزاهرة 7/ 47.
التي حوالي الحجرة المقدسة، فإن الحائط الذي بناه عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه حَوْلَ بيت النبي صلى الله عليه وسلم بين هذه السواري، حوالي بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يبلغ به السقف الأعلى، بل جعلوا فوق السواري شباكاً من خشبٍ من الحائط إلى السقف الأعلى، يظهر لمن تأمله من تحت الكسوة التي على الحائط على
دوران الحائط جميعه، وسقفوا في هذه السنة وهي سنة خمس وخمسين الحُجْرَةَ الشريفةَ وماحولها إلى الحائط القِبْلِي، وإلى الحائط الشرقي إلى باب جبريل عليه السلام، المعروف قديماً بباب عثمان رضي الله عنه، وسقفوا من جهة المغرب الروضة الشريفة إلى عند المنبر المقدس.
ثم دخلت سنة ست وخمسين وكان في المحرم منها وقعة بغداد، وقُتِلَ الخليفة [المستعصم] رحمة الله عليه، وكان متولي الديار المصرية في هذا العام الملك المنصور نور الدين علي بن الملك المعز عز الدين إيبك الصالحي
(1)
، وكان صاحب اليمن يومئذ الملك المظفر شمس الدين يوسف بن عمر بن علي بن رسول
(2)
، فجهز كل منهما أخشاباً ومؤناً لعمارة المسجد الشريف، فوصلت من الجهتين، واشتغلوا بالعمارة، وأصلحوا إلى باب السلام المعروف قديماً بباب مروان، ثم عُزِلَ صاحب مصر، وتولى مكانه مملوك أبيه الملك المظفر سيف الدين قُطُز المعزي
(3)
، واسمه محمود ابن مودود، وأمه أخت
(1)
التركي التركماني، قُتِل والده سنة 655 هـ، فأصبح سلطاناً وله خمس عشرة سنة، ولما دهم التتار البلاد استولى مملوك أبيه قُطُز -قائد معركة عين جالوت- على الملك في أواخر سنة 657 هـ. سير أعلام النبلاء 23/ 381، البداية والنهاية 7/ 211، في ترجمة أبيه الملك المعز، النجوم الزاهرة 7/ 55.
(2)
التركماني الأصل، صاحب بلاد اليمن، مَلَكَ نحواً من سبع وأربعين سنة، مات مسموماً سنة 694 هـ، وقد جاوز الثمانين. البداية والنهاية 7/ 361. النجوم الزاهرة 8/ 73.
(3)
كان أنبل مماليك المعز، ثم صار نائب السلطنة لولده المنصور، هزم التتار وطهر الشام منهم في موقعة عين جالوت، بعد أن استولى على الحكم من المنصور، قُتِلَ أثناء عودته إلى مصر، في سنة 658 هـ، ولم يكمل سنة في الملك. سير أعلام النبلاء 23/ 200، البداية والنهاية 7/ 238، النجوم الزاهرة 7/ 72.
السلطان جلال الدين خوارزم شاه
(1)
، في سنة ثمان وخمسين وستمائة.
وفي شهر شوال من السنة قُتِل رحمه الله، فكان العمل في المسجد في تلك السنة من باب السلام إلى باب الرحمة، ومن باب جبريل عليه السلام إلى باب النساء.
وتولى مصر في آخر هذه السنة الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحي البندقداري
(2)
، فإنه حصل منه اهتمام في سنة اثنتين وستين بتمام عمارة الحرم الشريف النبوي، وجهز الأخشاب والحديد والرصاص، ومن الصناع ثلاثة وخمسين صانعاً ومايُمَوِّنُهُم، وأنفق عليهم قبل سفرهم، وأرسل معهم الأمير جمال الدين محسن الصالحي، وشهاب الدين غازي اليغموري، والمرضي ناظراً، وكلما عارضهم شيء من الآلات والنفقات جهزها إليهم، فعمل مابقي من المسجد الشريف من باب الرحمة الى شمال المسجد، ثم إلى باب النساء، وكَمَّلَ سقف المسجد.
كان قبل الحريق سقفاً فوق سقف، ولم يزل على ذلك حتى حددوا السقف الشرقي والسقف الغربي في سنتي خمس وست وسبعمائة، في أوائل
(1)
هو جلال الدين منكوبري، ابن السلطان علاء الدين محمد الخوارزمي، يضرب به المثل في الشجاعة والإقدام، قاوم التتار، وافتتح عدة مدن، وسفك الدماء وظلم وغدر، ومع ذلك كان صحيح الإسلام، قتل في نصف شوال سنة 628 هـ. شذرات 3/ 130، سير أعلام النبلاء 22/ 326.
(2)
هو أبو الفتوح، بيبرس بن عبد الله الأيوبي التركي، ولد في حدود سنة 620 هـ، أُخِذَ من بلاده صغيراً، وبِيع بدمشق، ثم أعتقه الملك الصالح، كان من قواد جيوش قُطُز في معركة عين جالوت، وتآمر مع بعض الأمراء على قتل قُطُز، وأصبح الملك من بعده. (النجوم الزاهرة) 7/ 94.
دولة الملك /179 الناصر محمد بن قلاوون
(1)
، فجُعلا سقفاً واحداً شبه السقف الشمالي، فإنه جعل في أيام الملك الظاهر كذلك.
ومن ذلك ماحكاه ابن النجار
(2)
أن في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، سُمِعَ من داخل الحجرة الشريفة هَدَّةٌ، وكان أمير المدينة يومئذ قاسم بن المهنا بن الحسين ابن المهنا الحسيني
(3)
-وكان له إلمام بالعلم- فذكروا ذلك له، فقال: ينبغي أن ينْزِل هناك شخص من أهل الدين والصلاح، فلم يجدوا يومئذ في الحاضرين من المجاورين أمثل حالاً من الشيخ عمر النسائي
(4)
، شيخ شيوخ الصوفية بالموصل.
كان [مجاوراً]
(5)
فكلموه في ذلك، فامتنع، واعتذر، وتوقف لمرض كان به يحتاج معه الى تجديد الوضوء في غالب الوقت، فألزمه الأمير قاسم بذلك، وقال: ما يدخل غيرك، فقال: أمهلوني أروض نفسي. ويقال: إنه امتنع عن الأكل والشرب مدة، وسأل الله تعالى إمساك المرض عنه بقدر مايبصر ويخرج، فأنزلوه بالحبال من بين السقفين من الطاق الموجود فَنَزَلَ بين حائط النبي صلى الله عليه وسلم وبين الحاجز
(6)
الذي
(7)
بناه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ومعه
(1)
الناصر محمد بن قلاوون، تولى سلطنة مصر سنة 698 هـ ثم اعتزل سنة 708 هـ ثم عاد إلى السلطنة مرة أخرى سنة 708 هـ إلى أن توفي سنة 741 هـ، كان حسن السيرة فأحبه الناس. التاريخ الإسلامي 7/ 37 - 38؛ البداية والنهاية 14/ 202.
(2)
الدرة الثمينة ص 217، التعريف ص 38، تحقيق النصرة ص 82.
(3)
تأتي ترجمته في الباب السادس.
(4)
كان من المجاورين، استقر بمكة بعد نزوله المذكور بتسع سنين، وتوفي بها سنة 556 هـ. التعريف ص 38.
(5)
الزيادة من تحقيق النصرة ص 83.
(6)
وفي التعريف ص 38: الحائز.
(7)
في الأصل: (التي) والصحيح ما أثبتناه.
شمعة يستضئ بها، ومشى إلى باب البيت، ودخل من الباب إلى القبور المقدسة، فرأى شيئاً من الردم، إما من السقف، أو من الحيطان قد وقع على القبور، فأزاله، وكنس ما على القبور المقدسة من التراب بلحيته، وكان مليح الشيبة، وأمسك الله تعالى عنه المرضَ بقدر ما دخل وخرج، ثم عاد إليه وَجَعُهُ.
ومن ذلك ماحكاه الشيخ شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن أبي شامة
(1)
في كتابه
(2)
، ما صورته: ومن أعظم الأعمال التي عملها نفعاً -يعني وزير الموصل جمال الدين الجواد
(3)
- أنه بنى سوراً
(4)
على مدينة النبي صلى الله عليه وسلم فإنها كانت بغير سور، تنهبُهَا الأعراب، وكان أهلها في ضَنْكٍ و ضُرٍّ معهم.
قال ابن الأثير
(5)
: رأيتُ بالمدينة إنساناً يصلي الجمعة، فلما فرغ ترحم على جمال الدين ودعا له، فسألناه عن سبب ذلك، فقال: يجب على كل مسلم
(1)
المقدسي، ولد سنة 559 هـ، طلب العلم صغيراً، وتفقه على الفخر بن عساكر، والسيف الآمدي، وغيرهما، وكان محيطاً بفنون كثيرة، توفي سنة 665 هـ. البداية والنهاية 13/ 264. تاريخ الإسلام للذهبي ص 194 - حوادث ووفيات 661 - 670.
(2)
الكتاب هو الروضتين في أخبار الدولتين لأبي شامة، 1/ 420. وكل ما ذكره الفيروزابادي عن جمال الدين الجواد -نثراً أو شعراً- من الروضتين، الذي نقل من كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير 9/ 87.
(3)
الوزير الصاحب، الملقب بالجواد، أبو جعفر، محمد بن علي بن أبي منصور الأصفهاني، وزير صاحب الموصل زنكي الأتابك، كان يُنفذ في السنة إلى الحرمين ما يكفي الفقراء، وأجرى الماء إلى عرفات، وأنشأ بالمدينة مدرسة وسوراً، توفي سنة 559 هـ، ودفن بالموصل، ثم نقل بعد عام فدفن بالمدينة. الكامل في التاريخ 9/ 87، الروضتين في أخبار الدولتين 1/ 420، سير أعلام النبلاء 20/ 349.
(4)
في سنة 540 هـ. التعريف ص 73، تحقيق النصرة ص 76.
(5)
لم أجده في الكامل في التاريخ لابن الأثير.
بالمدينة أن يدعو له، لأننا كنا في ضُرٍّ وضيقٍ ونكدِ عيشٍ مع العرب، لا يتركون لأحدنا ما يواريه ويشبع جوعته، فبنى علينا سوراً احتمينا به ممن يريدنا بسوء، فاستغنينا، فكيف لا ندعو له.
قلت: وهذا السور الذي بناه جمال الدين هو السور الثاني، والسور الذي بناه الملك العادل نور الدين
(1)
هو السور الثالث
(2)
، وعلى كل منهما اسم بانيهما على الأبواب، وأما السور الأول الذي بناه عضد الدولة
(3)
فلم يبق منه أثر يعرف به، كأنه انتهى
(4)
.
قال: وكان الخطيب /180 بالمدينة يقول في خطبته: اللهم صُنْ حريم من صان حرم نبيك بالسور، محمد بن علي بن أبي منصور، فلولم تكن له إلا
(1)
صاحب الشام، الملك نور الدين محمود بن الأتابك قسيم الدولة زنكي بن آق سنقر، التركي السلطاني الملكشاهي، ولد في شوال سنة 511 هـ، تملك دمشق عشرين سنة، له مآثر جمة في المدينة ودمشق وغيرهما، توفي في شوال سنة 569 هـ. وفيات الأعيان 5/ 184، سير أعلام النبلاء 20/ 531.
(2)
في سنة 558 هـ. التعريف 36،73.
(3)
هوالسلطان عضد الدولة، أبو شجاع، فنَّاخُسْرو، صاحب العراق وفارس، ابن السلطان حسن بن بويه الدَّيلمي، كان شيعياً مغالياً، بنى للمدينة سوراً نحو عام 360 هـ، في خلافة الطائع لله بن المطيع لله، مات سنة 372 هـ ببغداد، ونقل فدفن بمشهد النجف، وله 48 سنة. سير أعلام النبلاء 16/ 249، التعريف ص 73.
(4)
علَّق السمهودي على أنًّ باني السور الأول للمدينة هو عضد الدولة، بقوله: وهومخالف لما في (الروض المعطار في أخبار الأقطار) من أن إسحاق بن محمد الجعدي، بنى سور المدينة المعروف عليها اليوم، أي: في زمنه سنة ثلاثة وستين ومائتين
…
ولعل المنسوب لابن بويه إنما هو تجديده، أو سورٌ غيره. خلاصة الوفا 2/ 148، الروض المعطار في أخبار الأقطار لمحمد بن عبد المنعم الحميري ص 401.
كما يوجد تعليق في الحاشية، عند كلام المصنِّف على (السور) في الباب الخامس، فلينظر هناك.
هذه المكرمة لكفاه فخراً، فكيف وقد صابت
(1)
صدقاته بحور الأرض شرقاً وغرباً وبراً وبحراً.
وأما شدة عنايته بحال أهل الحرمين فكانت عظيمة.
قال ابن الأثير
(2)
: حكى لي بعض الصوفية ممن كان يصحب الشيخ عمر النسائي شيخ شيوخ الموصل، قال: أحضرني الشيخ فقال لي: انطلق إلى مسجد الوزير -وهو بظاهر الموصل- واقعد هناك، فإذا أتاك شيء فاحفظه إلى أن أحضر عندك، ففعلت، وإذا قد أقبل جمع كثير من الحمالين يحملون أحمالاً من النصافي والخام
(3)
، وإذا نائب جمال الدين قد جاء مع الشيخ، ومعهما قماش كثير، وثمانية عشر ألف دينار، وعدة كثيرة من الجمال، فقال: تأخذ هذه الأحمال وتسير الى الرحبة، وتوصل هذه الرزمة وهذا الكتاب الى متوليها فلان، فإذا أحضر لك فلاناً العربي، فتوصل إليه هذه الرزمة الأخرى، وهذا الكتاب، وتسير معه، فإذا أوصلك إلى فلان العربي، توصل إليه هذه الرزمة، وهكذا الكتاب، وهكذا إلى المدينة على ساكنها الصلاة والسلام، توصل إلى وكيلي فلان هذه الأحمال، وهذه الكسوات، والمال الذي عليه اسم المدينة ليخرجها بمقتضى هذه الجريدة
(4)
، ثم تأخذ الباقي الذي عليه اسم مكة وتسير إليها، فيتصدق به وكيلي بموجب الجريدة الأخرى.
فسرنا كذلك إلى وادي القُرَى، فرأينا هنالك جمالاً كثيرة تحمل الطعام
(1)
صابت: نزلت. اللسان (صوب) 1/ 534.
(2)
لم أجده في الكامل في التاريخ لابن الأثير.
(3)
النصيف: الخمار والعمامة وكل ماغطى الرأس. القاموس (نصف) ص 856.
…
الخام: ثياب من القطن الأبيض. القاموس (خيم) ص 1105، (كربس) ص 570.
(4)
دفتر فيه أرزاق الجيش. المعجم الوسيط (جرد) 1/ 116.
إلى المدينة، وقد منعهم خوف الطريق، فلما رأونا ساروا معنا إليها، فوصلناها والحنطة بها كل صاعين بدينار مصري، والصاع خمسة عشر رطلاً بالبغدادي، فلما رأوا الطعام والمال اشتروا كل سبعة آصع بدينار، فانقلبت المدينة بالدعاء له.
قال: وحكى لي جماعة عن الشيخ أبي القاسم الصوفي -رجل من الصالحين كان يتولى خدمة جمال الدين في حبسه- قال: لم يزل الجمال مشغولاً بأمر آخرته مدة حبسه، وكان يقول: كنت أخشى أن أُنقل من الدَّسْتِ
(1)
إلى القبر. قال: فلما مرض، قال لي بعض الأيام: يا أبا القاسم، إن بيني وبين أسد الدين شيركوه
(2)
عهداً، من مات قبل صاحبه حمله صاحبه الحي إلى المدينة -على ساكنها الصلاة والسلام- فدفنه بِها، في التربة التي عملها، فإن أنا مت فامض إليه، وَذَكِّرْهُ. فلما توفي سار الشيخ إلى أسد الدين في هذا المعنى، /181 فأعطاه مالاً صالحاً ليحمله به إلى مكة والمدينة، على ساكنها الصلاة السلام، وأمر أن يحج معه جماعة من الصوفية، ومن يقرأ بين يدي تابوته عند النُّزول والرحيل وقدوم مدينةٍ تكون في الطريق، وينادون في البلاد: الصلاة على فلان، ففعلوا ذلك، وكان المصلي عليه في كل بلدة خلق كثير، فلما كان في الحلة، اجتمع الناس للصلاة عليه، فإذا شاب قد ارتفع على موضعٍ عالٍ، ونادى بأعلى صوته:
سَرَى نعشه فوق الرقابِ وطالما
…
سَرَى جودُهُ
(3)
فوق الرِّكاب ونائِلُهْ
(1)
الدَّست: صدر المجلس. ودست الوزارة: منصبها. المعجم الوسيط (دست) 1/ 282.
(2)
الملك المنصور، فاتح الديار المصرية، أسد الدين شيركوه بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُّويني الكردي، ولد بدوين بأذربيجان، ونشأ بتكريت، ثم قدم الشام، وصار من أكبر أمراء نور الدين زنكي، توفي في جمادى الآخرة، سنة 564 هـ. سير أعلام النبلاء 20/ 587.
(3)
في الروضتين 1/ 428: بِرُّهُ.
يَمُرُّ على الوادي فَتُثْنِي رمالُه
…
عليه وبالنادي فَتُثْنِي
(1)
أرامله
فلم يُرَ أكثر باكياً من ذلك اليوم، ثم وصلوا به إلى مكة، فطافوا به حول الكعبة، وصَلُّوا عليه بالحرم، وحملوه إلى المدينة، فصلوا عليه، ودفنوه بالرباط الذي أنشأه بها، بينه وبين قبر النبي صلى الله عليه وسلم خمسة عشر ذراعاً. هكذا قال ابن الأثير، ولعله أراد بين جدار حائطه وبين حائط الحرم الشريف، لا نفس القبر.
ومن أعماله الحسنة تجديدُ بناء مسجد الخِيف، وبناءُ الحجر الشريف، وترخيمُ جدار الحُجْرَةِ الشريفة النبوية، وبناءُ مسجد عرفات الذي على الجبل، وعملُ الدرج التي يُصعد فيها إليه، وكان الناس يلقون شدةً في صعودهم.
ومن أعظم هذه الحسنات إجراء الماء من بطن نَعْمَان
(2)
إلى عرفات تحت الجبل، مبنية بالكلس، فوجد الناس بذلك يوم الوقوف راحة عظيمة، فرحم الله روحه، ووَالى إليه من فضله فتوحه.
وفيه يقول أبو الفوارس، سعد بن محمد المعروف بِحَيْصَ بَيْص
(3)
:
يا للصَّوارمِ والرماحِ الذُّبَّلِ
…
نَصْراً ومن أنجدتما لم يُخذلِ
لوشئتُما و مشيئةٌ بِمشيئةٍ
…
جادَ الزمانُ وبالعُلا لم يبخلِ
فاقني فخارك يا مُجاشع واعلمي
…
أني لكم من هِمَّتِي في جَحفلِ
أنا فارسُ اليومينِ يومِ مقالةٍ
…
ووغىً أصولُ بصارمي والمقولِ
(1)
في الروضتين 1/ 428: وفي النادي فتبكي.
(2)
نَعْمَان: وادٍ بين مكة والطائف، وقيل: وادٍ لهذيل على بعد ليلتين من عرفات. معجم البلدان 5/ 293.
(3)
هوسعد بن محمد بن سعد، الصيفي التميمي، الملقب شهاب الدين، تفقه في صِغَرِهِ، ثم غلب عليه الأدب والشعر، سُمِّيَ بحيص بيص لأنه رأى الناس يوماً في حركة مزعجة وأمر شديد، فقال: ما للناس في حيص بيص، فبقي عليه هذا اللقب، توفي ببغداد سنة 574 هـ. وفيات الأعيان 2/ 362، البداية والنهاية 6/ 321.
ظَلَمَتْ فضائليَ المقاولُ مثل ما
…
ظلمت جمالَ الدين مأوى العُيَّلِ
مدحُوه كي يحووا مناقبَ نفسِهِ
…
فَطَمَتْ، فسالتْ بالمدائحِ من عَلِ
فأتيتُ أبذلُ ما استطعتُ ومن يُرِد
…
نَقْلَ الخِضَمِّ إلى المزَادَةِ
(1)
يَخجلِ
شمسٌ من الإحسانِ عمَّ ضِياؤها
…
بل آيةٌ جاءت بحُجَّة مُرسَلِ
/182 يُعطي الجزيلَ لسائلي معروفهِ
…
ويَجودُ بالنُعمى إذا لم يُسألِ
و تزيدُه شوسُ
(2)
الخُطُوب طلاقةً
…
فيكون [أبسمَ]
(3)
مايُرَى في المُعْضِلِ
ثَقُلَتْ به الأعناقُ من مِنَنِ النَّدى
…
فالهامُ مُطرِقَةٌ لذاك المُثْقِلِ
من سمرقندَ إلى تِهامةَ شاهدٌ
…
فَضْلَ الجَمالِ على الحَيَا المُتَهَلِّلِ
السُّحْبُ تُمْطِرُ ماتُظِلُّ و جُودُهُ
…
يَسْري ودارُ مُقامه بالموصِلِ
وتَقَرُّ عينُ محمدٍ بِمحمدٍ
…
مُحيي دَرِيسَيْ عِلْمِهِ والمَنْزِلِ
معمارُ مَرْقَدِهِ وحافظُ دينهِ
…
ومعينُ أُمَّتِهِ بِجودٍ مُسْبِلِ
جَعَلَ المدينةَ مِصرَ رَبْعَاً
(4)
آهلاً
…
نشوانَ يَمرح بالنَّعيمِ المُخْضَلِ
فكأنَّها بالخِصب من قُرُبَاتِهِ
…
بَلَدٌ على شَطِّ الفُرَاتِ السَّلْسَلِ
فلو أنه في عَصْرِهِ نَزَلَتْ بِهِ
…
في مَدْحِهِ سُوَرُ الكتابِ المنْزَلِ
وفيه يقول أحمد بن منير
(5)
:
كَسَا الحرمينِ لِبْسَةَ عبدِ شمسٍ
…
وهاشم غُرَّتي نسلِ الخليلِ
وللبلدِ الأمينِ أجدَّ أمناً
…
تكنَّفَ مِثْلَه جَدَث الرسولِ
عَشَيْتُم يا ولاةَ الأمرِ عمَّا
…
أُتيحَ له من الأثرِ الجميلِ
(1)
المزادة: الراوية، أو الظرف الذي يحمل فيه الماء. القاموس (زود) ص 286.
(2)
الشوس: جمع أشوس، وهو: الجريءُ على القتال، الشديد. اللسان (شوس) 6/ 116.
(3)
في الأصل: (باسم)، والتصحيح من الروضتين 1/ 423.
(4)
الرَّبْعُ: المحلة والمنْزْل. القاموس (ربع) ص 718.
(5)
هو أبو الحسين، أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح الطرابلسي، ولد بطرابلس سنة 473 هـ، حفظ القرآن، وتعلم اللغة والأدب، سكن دمشق، كان رافضياً، كثير الهجاء، خبيث اللسان، توفي في سنة 548 هـ، ودفن بجبل جَوْشَن. تاريخ ابن عساكر 6/ 32. وفيات الأعيان 1/ 156، الوافي بالوفيات 8/ 193.
وطار لها
(1)
فشُيّدت وأشفقتم فشدَّ الـ
…
ـيدين على عرى المجدِ الأثيلِ
بيوتٌ بالحجاز مقدساتٌ
…
رماها الدهرُ بالخطبِ الجليلِ
وكان أذىً لَهُنَّ فصار صوناً
…
لمن آوته من وَلَدِ البَتُولِ
مآثرُ باقياتٌ يوم يُجنَى الـ
…
ـمقال ويُشترى طيبُ المقيلِ
وفيه يقول أبو المجد بن قسيم
(2)
:
أغَرُّ تبصرُ منه الناسَ في رَجُلٍ
…
والليثَ في بشرٍ والبدرَ في غَضَنِ
(3)
سما بِهِمَّتِهِ في المكْرُمَاتِ إلى
…
عَلياءَ تقصرُ عنها هِمَّةُ الزمنِ
يلقاك واضحَ ليل الفكر راجِحَ نيـ
…
ـل الكفِّ طاهرَ ذيل السِّرِّ والعَلَنِ
ماضي العزيمةِ ميمون النقيبة
…
ريبال
(4)
الكتيبةِ عَيْنُ القائلِ اللَّسِنِ
إذا تكلَّم واسْتَجْلَيْتَ غُرَّتَهُ
…
في محفلٍ رُحتَ حَالي العينِ والأذنِ
كأن في الدَّسْتِ منه حين تنظره
…
شمسَ النهار وصوتَ العارِضِ الهتنِ
(5)
صَانَ المدينةَ تسويراً وصوَّرَها
…
في الحُسْنِ [غَادَةَ]
(6)
مُلكِ الشامِ واليمنِ
وصَانَ بالمالِ أهليها فما بقيت
…
هَزْلاءَ إلا تَشَكَّتْ كَثْرَةَ السّمَنِ
/183 ومن ذلك أنه كان في المحراب القِبلي جَزْعَة
(7)
مركبة
(8)
في الجدار فوق
(1)
في الأصل بزيادة لفظ (غميم) والصواب حذفها.
(2)
هو المسلم بن الخضر بن المسلم بن قسيم، أبو المجد التنوخي الحموي، شاعر، قدم دمشق ومدح الأتابك زنكي بن آق سنقر، نصير أمير المؤمنين، صاحب الشام، والملك العادل أبا القاسم محمود بن زنكي. مختصر تاريخ دمشق 24/ 280.
(3)
الغَضَن: الدرع. اللسان (غضن). ويُشبِّه الشاعرُ الوزيرَ الممدوحَ -وهو في درعه- بالبدر في جماله.
(4)
الريبال: الأسد. القاموس (ربل) ص 1003.
(5)
العارض: السحاب المعترض الأُفق. والهتن: المطر الضعيف الدائم، أو مطر ساعة ثم يفتر، ثم يعود. القاموس (عرض) ص 645 (هتن) ص 1239.
(6)
كلمة غير مقروءة، وما أثبتناه يناسب السياق.
(7)
الجَزْعة: الخرزة. القاموس (جزع) ص 916.
(8)
التعريف ص 32، تحقيق النصرة ص 62.
المحراب، وهي الجَزَعَة التي ذكرها الشيخ أبو حامد
(1)
بقوله: إذا وقف المصلي في مقام النبي صلى الله عليه وسلم تكون رمانة المنبر حذو منكبه الأيمن، ويجعل الجزعة التي في المحراب بين عينيه، فيكون واقفاً في مصلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الشيخ جمال الدين المطري: وذلك قَبْلَ حريق المسجد، وقَبْلَ أن يُجعل هذا اللوح القائم في قِبْلَةِ مصلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما جُعل هذا اللوح بعد حريق المسجد.
وكان يحصل بتلك الجزعة فتنة كبيرة وتشويش على من يكون بالروضة الشريفة من المصلين وغيرهم، وذلك أنه كان يجتمع إليها النِّساءُ والرِّجَالُ، ويَزْعُمُونَ أن هذه خرزة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت عالية لا تنال بالأيدي، قتقف المرأة لصاحبتها حتى ترقى على ظهرها وكتفيها حتى تصل إليها، فربما وقعت المرأة وانكشفت عورتها، وربما وقعتا معاً
(2)
، فيشاهد الناظر من ذلك ما يدعوه إلى العجب في هذا المكان، من وقوع مثل هذه المنكرات في هذا المحل المتعين التوقير.
فلما كان عام أحد وسبعمائة جاور الصاحب زين الدين أحمد بن محمد بن علي بن محمد المعروف بابن حنا
(3)
، فرأى ذلك فاستعظمه، وأمر بقلع الجزعة المذكورة فقلعت وهي الآن في حاصل الحرم الشريف.
وقال ابن جبير
(4)
: سافرت في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، فرأيت
(1)
أبو حامد الغزالي. انظر: إحياء علوم الدين 1/ 306.
(2)
التعريف ص 32.
(3)
كان فقيهاً ديناً، جاور في مكة والمدينة، وقضى على كثير من البدع التي أُحدثت فيهما، توفي بمصر سنة 704 هـ. الدرر الكامنة 1/ 283، التحفة اللطيفة 1/ 241.
(4)
رحلة ابن جبير ص 172.
على المحراب مسماراً مثبتاً في جداره، فيه شبه حُقٍّ
(1)
صغير لا يعرف من أي شيء هو، يزعمون أنه كأس كسرى. وشاهدتُ على رأس المحراب حجراً مربعاً أصفر، قدر شبرٍ في شبرٍ، ظاهر البريق والبصيص، يقال: إنه مرآة كسرى، والله أعلم بحقيقة ذلك كله.
ومن ذلك
…
(2)
السلطان السعيد صلاح الدين يوسف بن أيوب
…
(3)
ومن ذلك ما رواه ابن النجار
(4)
أن في سنة أربع و [خمسين]
(5)
وخمسمائة في أيام الأمير قاسم المذكور، وجد من داخل الحجرة الشريفة رائحة متغيرة، فذكروا ذلك للأمير قاسم المذكور /184 فأمرهم بالنزول إلى هنالك، فأُنزل بيان الخادم -أحد خدام الحجرة الشريفة- ونزل معه الصفي الموصلي، متولي عمارة المسجد الشريف، ونزل معهما هارون الشادي الصوفي، بعد أن سأل الأمير في ذلك وراجعه، وبذل جملة من المال، فوجدوا هراً قد سقط من الشباك الذي في أعلى الحائز، بين الحائز وبيت النبي صلى الله عليه وسلم، وجُيِّفَ، فأخرجوه، وطيَّبوا مكانه، وكان نزولهم يوم السبت الحادي عشر من ربيع الآخر، ومن ذلك التاريخ إلى يومنا هذا لم ينْزِل هناك أحدٌ، فاعلم ذلك.
ومن ذلك ما قاله الشيخ جمال الدين المطري
(6)
: إنه لما حج السلطان الملك الظاهر في سنة سبع وستين وستمائة اقتضى رأيه أن يدير على الحجرة الشريفة درابزيناً من خشب، فقاس ما حولها بيده، وقدَّره بحبال، وحملها
(1)
الحُقُّ وعاء من خشب. القاموس (حقق) ص 875.
(2)
كلمة غير واضحة في الأصل.
(3)
خمسة أسطر مطموسة.
(4)
الدرة الثمينة ص 217، التعريف 38، تحقيق النصرة 83.
(5)
في الأصل: (وعشرين)، والتصحيح من الدرة الثمينة ص 217، التعريف ص 38.
(6)
التعريف 39. تحقيق النصرة 84.
معه، وعمل الدرابزين، وأرسله في سنة ثمان وستين، وأداره عليها، وعمل له ثلاثة أبواب، قِبلياً، وشرقياً، وغربياً، ونصبه ما بين الأساطين التي تلي الحجرة الشريفة، إلا من ناحية الشمال، فإنه زاد فيه إلى متهجد النبي صلى الله عليه وسلم، وظن أن ذلك زيادة حرمة للحجرة المقدسة، فحجز طائفة من الروضة الكريمة مما يلي بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ومنع الصلاة فيها، مع ما ثبت من فضلها، فلو عكس ما حجزه، وجعله من الناحية الشرقية، وألصق الدرابزين بالحجرة مما يلي الروضة لكان أخف، إذ الناحية الشرقية ليست من الروضة، ولا من المسجد المشار إليه، بل مما زيد في أيام الوليد.
قال: ولم يبلغني أن أحداً من أهل العلم والصلاح ممن حضر ولا ممن رآه بعد حجزه أنكر ذلك، أو فَطِنَ له وألقى له بالاً، وهذا من أهم ما ينظر فيه، والله أعلم. انتهى.
والذي ذكره موجَّهٌ، غير أن أحد الأبواب مفتوح دائما لمن قصد الدخول والزيارة فيه، ولمن أراد الصلاة والدخول والوقوف مع الصف الأول في الروضة، ولا يخفى أن في تقريب الدرابزين من الحجرة إخراجاً للبناء عن وضعه اللائق.
وأيضاً فيه تضييقٌ عظيمٌ على الزائرين، لا سيَّما عند زحام المواسم، فإنه مع هذا الاتساع ينخنق المكان بالخلق، فكيف لو ضيَّق بحيث يتصل الدرابزين بجدار الحجرة.
لا يقال: إنه كان في جهة الشرق متسعاً للزائرين، لأن الناس إنما يقصدون هذه الجهة
(1)
لكون الرأس الشريف هناك، وليكون الابتداء بالتسليم
(1)
يقصد الجهة الغربية.
على النبي صلى الله عليه وسلم دون أن يتخطوا الشيخين رضي الله عنهما، فتأمل ذلك، فإنه صحيح.
وهذه الكيفية لا مزيد عليها في الحسن، وشيء من الروضة غير متعطل بسبب ذلك، بل بسبب كسل المصلين، والله أعلم. وقد رأيت من الخدام /185 الصقالبة
(1)
جماعات يصلون داخل الدرابزين في أيام الجمعات.
ومن ذلك أنه لما كان تاريخ سنة ست وسبعين وخمسمائة، أمر الإمام الناصر لدين الله ببناء قبة
(2)
في صحن الحرم الشريف لتكون خزانة تحفظ فيها حواصل الحرم وذخائره؛ مثل المصحف الكريم العثماني، وعدة صناديق كبار متقدمة التاريخ، ولما احترق المسجد الشريف، سَلَّمَ الله تعالى ما فيها عن الحريق ببركة المصحف الكريم العثماني.
والمصحف العثماني وما بين الصناديق والمصاحف والذخائر فيها سالمة إلى يومنا هذا، ولله الحمد.
ومن ذلك أنه في تاريخ تسع وعشرين وسبعمائة أمر السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون بزيادة رواقين من جهة القبلة فاتَّسع بهما ظل المسقف القِبلي، وعمَّ نفعهما.
ومن ذلك أن الأسطوانة التي في قِبلي الكرسي
(3)
الموضوع عن يمين
(1)
ينسبون إلى جزيرة صقلية، وهي جزيرة في حوض البحر الأبيض المتوسط، ساهم موقعها المتميز بكونها تسيطر على مدخل القارة الأوربية في جنوب إيطاليا، بنقل الحضارة الإسلامية من الشمال الإفريقي إلى أوربا.
(2)
التعريف ص 39. تحقيق النصرة ص 85.
(3)
تحقيق النصرة ص 62.
الإمام لوضع الشمع عليه كان فيها خشبة ظاهرة مثبتة بالرصاص، وكان يعتقد الناس عامة أن هذا الجذع هوالجذع الذي حنَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يُزدحم على زيارتها والتمسح بها ازدحاماً فاحشاً، فظن بعض الفقهاء أن هذا من المنكر الذي يتعين إزالته، وصرح بهذا في كتبه، إلى أن وافق على ذلك شيخنا أبو عمر عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن جماعة، فأمر بإخفائها أحسن الله عاقبته - وذلك عند مجاورته.
وفي عام خمس وخمسين وسبعمائة رأى جماعة أن إزالتها كان وهماً منهم، وذلك أن إتقان هذه الخشبة وترصيصها بين حجارة الأسطوانة وإبرازها لم يكن سدى، وإنما شاهد الحال يشهد بأنه كان من عمل عمر بن عبد العزيز، رحمة الله عليه، فالظاهر أنه كان من الجذع، والله أعلم.
وكان موضع الخشبة من الأسطوانة على مقدار ذراعين من الأرض ارتفاعاً، وقد طلي بالقصة، ولا عين منه ولا أثر.
ومن ذلك أنه لما كان عام ثمان وسبعين وستمائة أمر السلطان الملك المنصور قلاون الصالحي، والد السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون ببناء قبة
(1)
على الحجرة الشريفة، ولم يكن قبل هذا التاريخ عليها قبة، ولا بناءٌ مرتفع، وإنما كان حظير كبير على الحجرة الشريفة فوق سطح المسجد، وكان مبنياً بالآجر مقدار نصف قامة بحيث يُمَيَّزُ سطح الحجرة الشريفة عن سطح المسجد، فعملت هذه القبة الموجودة اليوم وهي أخشاب، أقيمت وسُمِّرت عليها ألواح من خشب، وسُمِّر على ألواح الخشب ألواح من الرصاص، وعمل مكان الحظير من الآجُرِّ /186 شُبَّاك خشب، وتحته أيضاً بين السقفين شباك خشب يحاكيه، وعلى سقف الحجرة الشريفة بين السقفين ألواح قد سُمِّر بعضها
(1)
التعريف ص 37، تحقيق النصرة ص 81.
إلى بعض، وسُمِّر عليها ثوب مشمع، وفيها طابق مقفل إذا فتح كان النُّزول منه إلى ما بين حائط النبي صلى الله عليه وسلم، وبين الحائز الذي بناه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وباب بيت النبي صلى الله عليه وسلم من جهة الشام، هكذا نقل أهل السير.
وكانت أُم المؤمنين عائشة رضي عنها قد بنت بعد موت عمر رضي الله عنه ودفنه حائطاً بينها وبين القبور، ثم بقيت في بقية البيت من جهة الشام، وقالت: إنما كان أبي وزوجي. فلما دفن عمر رضي الله عنه تحفظت في لباسها، ثم بنت الحائط بينها وبين القبور.
(1)
والقبور
…
(2)
* * *
(1)
الدرة الثمينة ص 211، التعريف ص 38.
(2)
طمس بمقدار أربعة أسطر.
ظهور نار الحجاز
(1)
ومن الحوادث العظيمة التي [حدثت، أنه في يوم] الأربعاء ثالث شهر جمادى الآخرة من سنة
(2)
أربع وخمسين وستمائة حَدَثَ بالمدينةالشريفة في الثلث الأخير من الليل زلزلة عظيمة، ورجفة قوية، أشفق الناس منها، ووجِلت القلوب من صدمتها، وانزعجت الخلائق لهيبتها، وبقيت إلى الليل، واستمرت إلى يوم الجمعة، ولها دوي مثل دوي الرعد القاصف، ثم ظهرت نار عظيمة مثل المدينة العظيمة من وادِ، يقال له: وادي الأُحَيليين، بضم الهمزة، وفتح الحاء المهملة، وسكون الياء، وكسر اللام، وفتح الياء، وسكون ياء ثالثة وآخره نون، في الحرة الشرقية.
وسارت هذه النار من مظهرها إلى جهة الشمال، فخاف أهل المدينة، واستولى عليهم الوجل، وأيقنوا أن العذاب قد أحاط بهم، فرجع أميرهم
(3)
إلى الله تعالى بالتوبة والإنابة، وأعتق جميع مماليكه، وشرع في رد المظالم إلى أربابها، وهبط من القلعة مع القاضي وأعيان البلد، والتجأوا إلى الحجرة المقدسة، وباتوا بالمسجد الشريف جميعهم رجالهم ونساؤهم وأولادهم، بحيث لم يبق أحد لا في النخيل ولا في داخل المدينة إلا قد حضر عند النبي صلى الله عليه وسلم.
187/ وأبصر هذه النار أهل مكة، وأهل الفلوات في بواديهم، ثم سال
(1)
الذيل على الروضتين 190، التعريف 60، تحقيق النصرة 69، 190.
(2)
كتب فوق كلمة (سنة) كلمة (عام) في الأصل.
(3)
كان أمير المدينة حينئذ: عز الدين منيف بن شيحة، تأتي ترجمته في الباب السادس.
منها نُهير من نار، وأخذ في وادي أحيليين المتقدم ذكره، وأهل المدينة يبصرونها من دورهم كأنها عندهم، وبين أيديهم، وأهل ينبع يبصرونها من بلدهم، وهي ترمي بأمثال الجبال حجارة من نار، تذكرهم قول الله تعالى:{إنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالقَصْرِ كَأنَّهُ جِمَلَتٌ صُفْرٌ}
(1)
، وبقيت مدة ثلاثة أشهر تَدُبُّ في الوادي دبيب النَّمل، تأكل كل ما مرت عليه من جبل أو حجر، ولا تأكل الحشيش ولا الشجر، والشمسُ والقمرُ في المدة التي ظهرت فيها هذه النار ما يطلعان إلا كاسفين.
وعجائب هذه النار وعظمتها يَكلُّ عن وصفها اللسان والأقلام، و يَخلُّ عن أن يحيط بشرحها البيان والكلام، وفي هذا المعنى يقول قائلهم:
يا كاشف الضُّرِّ صفحاً عن جرائمنا
…
لقد أحاطتْ بنا ياربُّ بأساءُ
نشكو إليك خُطُوباً لانُطيق لها
…
حملاً ونحن بها حقاً أحقاءُ
أقام سبعاً يرج الأرض فانصدعت
…
وكيف تقوى على الزلزال شمَّاءُ
زلازلٌ تخشع الصُمُّ الصلابُ لها
…
عن منظرٍ منه عينُ الشمسِ غبراءُ
ترى لها شرراً كالقصر طائشة
…
كأنَّها دِيمة
(2)
تنصبُّ هطلاءُ
تنشقُّ منها بيوت الصخر إن زَفَرَتْ
…
رعباً وترعد مثل الشعف
(3)
أضواءُ
منها تكاثف في الجوِّ الدخان إلى
…
أن عادت الشمسُ منه وهي دهماءُ
(4)
قد أثَّرتْ سفعة
(5)
في البدر لفحتها
…
فليلة التِّمِّ
(6)
بعد النور ليلاءُ
تُحَدِّثُ النيرات السبع ألسُنَها
…
بما تلاقي بها تحت الثرى الماءُ
(1)
المرسلات:32 - 33.
(2)
الدِّيمَةُ، بالكسر: مطر يدوم في سكون بلا رعد وبرق. القاموس (دوم) ص 1108.
(3)
جمع شعفة وهي رأس الجبل. القاموس (شعف) ص 824، وفي الذيل على الروضتين ص 193 (السيف).
(4)
دهماء: سوداء. القاموس (دهم) ص 1109.
(5)
السفعة: الضربة. القاموس ص 940 (سفع).
(6)
ليلة التِّمِّ: أطول ليالي الشتاء. القاموس (تمم) ص 1083.
وقد أحاط لظاها بالبروج إلى
…
أن صار يلفحها
(1)
بالأرض أهواءُ
فباسمك الأعظم المكنون إن عظمت
…
منا الذنوب وساء القلب أسواءُ
فاسمح وهب وتفضل وامح واعف
…
وارحم فكُلٌّ لفرط الجهل خَطَّاءُ
فقوم يونس لما آمنوا كشف الـ
…
ـعذاب عنهم وعَمَّ القومَ نعماءُ
(2)
ونحن أمة هذا المصطفى ولنا
…
منه الى عفوك المرجو دعاءُ
هذا الرسول الذي لولاه ماسلكت
…
مَحَجَّةٌ
(3)
في سبيل الله بيضاءُ
فارحم وصَلِّ على المختار ماخَطَبَتْ
…
على علا منبر الأوراق ورقاءُ
(4)
ونَظَمَ بعضهم في هذه النار وفي غرق العراق، فإنهما كانا في عام واحد:
سبحان من أصبحتْ مشيئتُهُ
…
جاريةً في الوادي بمقدارِ
في سنة أغرقَ العراقَ وقد
…
أحرقَ أهلَ الحجازِ بالنارِ
(5)
188/وفيه يقول أبو شامة:
بعد سِتٍّ من المائين وخمسين
…
لدى أربعٍ جرى في العامِ
نارُ أرضِ الحجازِ مع حرقِ الـ
…
ـمسجدِ معه تغريق دارِ السَّلامِ
ثم أخْذِ التتارِ بغدادَ في
…
أوَّلِ عامٍ من بعد ذاك بعامِ
لم يُعَنْ أهلها، والكفرُ أعـ
…
ـوانٌ عليهم يا ضَعْفَةَ الإسلامِ
وانقضت دولةُ الخلافة فيها
…
صار مستعصمٌ بغير اعتصامِ
(6)
(1)
في الأصل: (يلحفها)، والتصحيح من الذيل على الروضتين 193.
(2)
إشارة إلى قول الله تعالى: {فَلَولا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إيمَانُهَا إلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُم عَذَابَ الخِزْيِ في الحيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعنَاهُمْ إلى حِينٍ} سورة (يونس) آية رقم:98.
(3)
المحجة: الطريق. اللسان (حجج) 2/ 228.
(4)
الورقاء: الحمامة. القاموس (ورق)928. والقصيدة مذكورة في الذيل على الروضتين ص 193.
(5)
البيت الثاني لأبي شامة، وأصل البيت:
أغْرَقَ بغدادَ بالمياهِ كما أحْرَقَ أرضَ الحجازِ بالنَّارِ
يقول أبو شامة: كان ينبغي أن ينبه على أن الأمرين في سنة واحدة، وإلا فالإغراق والإحراق يقعان كثيراً. الذيل على الروضتين 193.
(6)
الذيل على الروضتين ص 194.
واستمرت هذه النار تأكل الأحجار والجبال، وتسيل سيلاً ذريعاً في وادٍ يكون طول مقداره أربعة فراسخ، وعرضه أربعة أميال، وعمقه قامة ونصف، وهي تجري على وجه الأرض، والصخرُ يذوب حتى يبقى مثل الآنُك
(1)
، فإذا جمد صار أسود، وقبل الجمود لونه أحمر.
ولم يزل يجتمع من هذه الحجارة المذابة في آخر الوادي عند منتهى الحرة حتى قُطِعَتْ في وسط وادي الشظاة إلى جهة جبل وَعِيرَة
(2)
، فسَدَّت الوادي المذكور بسد عظيم من الحجر المسبوك بالنار، ولا كَسَدِّ ذي القرنين، يعجز عن وصفه بيان الواصف، ويرجع القلم وله من شرحه في كلِّ قدمٍ قاصف
(3)
، فانقطع وادي الشظاة بسببه، وصار السيل إذا سال ينحبس خلف السد المذكور، وهو واد عظيم، فيكثر، وتعظم المياهُ المجتمعةُ حتى تصير بحراً مدّ البصر طولاً وعرضاً، كأنه أرض مصرَ عند زيادة النيل، فانخرق هذا السد من تحته في سنة تسعين وستمائة لتكاثر الماء من خلفه، فجرى في الوادي المذكور سنتين كاملتين. أما السنة الأولى سيلاً يملأ ما بين جانبي الوادي. وأما السنة الثانية فدون ذلك.
ثم انْخَرَقَ مرة أخرى في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، وكان ذلك بعد تواتر أمطار عظيمة في الحجاز، فكثر الماء وعلا من جانبي السد ومن دونه مما يلي جبل وعيرة وتلك النواحي، فجاء سيل طام لا يوصف، ومجراه على مشهد حمزة رضي الله عنه، وحفر وادياً آخرَ قِبلي الوادي، ومشهد حمزة رضي الله عنه، وقِبلي جبل عينين
(4)
، وبقي مشهد حمزة رضي الله عنه وجبل عينين في
(1)
الآنك: الرصاص: اللسان (أنك) 10/ 394.
(2)
يأتي في الباب الخامس (قسم المواضع).
(3)
قاصف: متكسر. القاموس (قصف) ص 845.
(4)
وهو جبل الرماة، القريب من جبل أُحد. يأتي ذكره في الباب الخامس.
وسط السيل أربعة أشهر أو نحوها، لا يقدر أحد على الوصول إلى قبر حمزة رضي الله عنه، ولا إلى جبل عينين إلا بمشقة، ولو زاد قدر ذراع على الارتفاع لوصل الماء إلى المدينة الشريفة، وكان أهل المدينة يقفون خارج باب البقيع على التل الذي هناك فيشاهدونه ويسمعون خريراً، تَوْجَلُ القلوب دونه.
189/ قال الشيخ جمال الدين المطري
(1)
: أخبرني علم الدين سنجر العزي -من عتقاء الأمير عز الدين منيف بن شيحة صاحب المدينة رحمه الله قال: أرسلني مولاي الأمير عز الدين بعد ظهور هذه النار بأيام، ومعي شخص من العرب اسمه حطيب بن سنان، وقال لنا -ونحن فارسان-: اقْرُبا من هذه النار، وانظرا هل يقدر أحد على القرب منها، فإن الناس يهابونها لعظمها، فخرجتُ أنا وصاحبي إلى أن قربنا منها، فلم نجد لها حراً، فَنَزَلْتُ عن فرسي، وسرت إلى أن وصلت إليها، وهي تأكل الصخر والحجر، فأخذت سهماً من كنانتي، ومددت به يدي إلى أن وصل النَّصْلُ إليها فلم أجد لذلك ألماً ولاحرَّاً، فحرق النَّصْلُ ولم يحرق العود، فأدرت السهم وأدخلت فيها الريش، فاحترق الريش ولم يؤثر في العود.
قال
(2)
: وأخبرني بعض من أدركها من النساء، أنهن كنّ يغزلن على ضوئها بالليل على أسطحة البيوت بالمدينة، وظهرت بظهورها معجزة عظيمة من معجزات سيدنارسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومما يناسب هذه الواقعة ويضاهيها، ما حكاه الفقيه أبو الحسين، محمد بن أبي جعفر بن جبير الكناني الأندلسي البلقيني أنه رأى في بحر
(1)
في كتابه التعريف ص 60.
(2)
المطري في التعريف 61.
رُومِيَة
(1)
جزيرتين يخرج منهما النار دائماً، قال: وأبصرنا الدخان صاعداً منهما، وتظهر بالليل نارٌ حمراء ذات ألسُنٍ تصعد في الجو، قال: وأُعلمنا أن خروجها من مَنَافِسَ في جبلين يصعد منهما نَفَسٌ ناريٌّ شديدٌ تكون عنه النار، وربما قُذِفَ فيها الحجر اللين فتلقي به مسوداً إلى الهواء بقوة ذلك النَّفَس، وتمنعه من الاستقرار ومن الانتهاء إلى القعر. قال: وهذا من أعجب المسموعات الصحيحة.
قال: وأما الجبل الشامخ الذي بالجزيرة، المعروف بجبل النار
(2)
، فشأنه أيضاً عجيب، وذلك أن ناراً تخرج منه في بعض السنين كالسيل العَرِم، فلا تمر بشيء إلا أحرقته حتى تنتهي إلى البحر، فتركت ثبجه
(3)
طائرة على صفحه حتى تغوص فيه، فسبحان المبدع في عجائب مخلوقاته لا إله سواه
(4)
.
ومن ذلك ما نقله جماعة من مشايخ المدينة وعلمائها، أن السلطان الملك السعيد نور الدين الشهيد محمود بن زنكي بن آق سنقر لما كان في عام سبع وخمسين وخمسمائة رأى النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات في المنام في ليلة واحدة
(5)
،
(1)
بحر رومية: هو البحر الأبيض المتوسط، وقد رأى المؤلف هذه الجزر عند مغادرته صقلية.
(2)
الجبل الشامخ: بركان إتنا.
(3)
الثبج: معظم الشيء، وثبج البحر: معظمه. القاموس (ثبج) ص 182.
(4)
رحلة ابن جبير، ص 1 - 3.
(5)
ذكر المطري المتوفى سنة 741 هـ هذه الحادثة نقلاً عن كبار مشايخ المدينة، ويمكننا التشكيك بصحة هذه القصة نظراً لضعف السند الذي اعتمد عليه، سيَّما أن بين تاريخ حدوثها، وتاريخ أول ذكرها ما يزيد عن القرن والنصف.
من جهة أُخرى فإن المؤرخين المعاصرين لنور الدين زنكي؛ كابن كثير (المتوفى سنة 630 هـ) أو الذين ألَّفوا كتب خاصة عنه من المتقدمين؛ كأبي شامة، صاحب الروضتين (المتوفى سنة 665 هـ)، لم يتطرقوا للقصة، بل لم يذكروا قصة رحلته إلى الحجاز في تلك السنة.
والقصة مذكورة في التعريف ص 73، الكواكب الدرية في السيرة النورية ص 72. وتحقيق النصرة ص 146.
وهو يقول له في كل مرة: يامحمود أنقذني من هذين؛ لشخصين أشقرين تجاهه. فاستحضر وزيره قبل الصبح، فذكر له ذلك، فقال له: هذا أمر حدث في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ليس له غيرك، فتجهز وخرج على عجل، /190 ومعه ألف راحلة وما يتبعها من خيل وغير ذلك، حتى دخل المدينة على غفلة من أهلها، والوزير معه، وزار، وجلس في المسجد لايدري مايصنع، فقال له الوزير: أتعرف الشخصين إذا رأيتهما؟ قال: نعم، فطلب الناس عامة للصدقة، وفرَّقَ عليهم ذهباً كثيراً وفضة، وقال: لايبقين بالمدينة أحد إلا جاء، فلم يَبْقَ إلا رجلان مجاوران من أهل الأندلس، نازلان في الناحية التي تلي قبلة حجرة النبي صلى الله عليه وسلم من خارج المسجد، عند دار آل عمر بن الخطاب رضي الله عنهم التي تعرف اليوم بدار العشرة، فطلبهما للصدقة فامتنعا، وقالا: نحن على كفاية، مانقبل شيئاً، فجَدَّ في طلبهما فجيء بهما، فلما رآهما قال للوزير: هما هذان، فسألهما عن حالهما، وماجاء بهما؟ فقالا: لمجاورة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اصدقاني، وتكرر السؤال حتى أفضى إلى عقوبتهما، فأقَرَّا أنهما من النصارى، وأنهما وصلا لكي يَنْقُلا النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الحجرة الشريفة المقدسة باتفاق من ملوكهم، ووجدهما قد حفرا نقباً تحت الأرض من تحت حائط المسجد القِبلي، وهما قاصدان إلى جهة الحجرة الشريفة، ويجعلان التراب في بئر عندهما في البيت الذي هما فيه، فضرب أعناقهما عند الشباك الذي في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم خارج المسجد، ثم أُحرقا بالنار آخر النهار، وركب متوجهاً إلى الشام.
وحدث في الحرم حوادث أُخر ذكرناها في تراجم وافقت ذكرها:
فمنها أنباء المأذنة الرابعة بباب السلام، في ترجمة كافور
(1)
.
(1)
كافور المظفري، الحريري، شبل الدولة، تأتي ترجمته في الباب السادس.
ومنها انتزاع الخطابة والقضاء من الإمامية، في ترجمة عمر القاضي سراج الدين
(1)
.
ومنها نَهب المدينة، في ترجمة طفيل
(2)
.
ومنها تطويف الفوانيس بعد العِشاء، في ترجمة كافور أيضاً.
ومنها غراس النخل في المسجد، في ترجمة عزيز الدولة
(3)
.
[ومنها أن القاضي شرف الدين الشهير بابن الأميوطي
(4)
أراد رفع]
(5)
ما انخفض من المقام، فعانده في ذلك الخدام، وطال في ذلك الجدال والخصام، حتى استعان عليه الخدام بالأشراف، فما أمكنه بعد اجتماع كلمتهم على هذا الخلاف، إلا التلبس بالانصراف، والتكفي بالانكفاف، غير أنه انتقل عن المحرمات، واعترض عن الخصام والحِرَات
(6)
، وصار يصلي بالناس الفرض المعهود، إلى الأسطوانة المقابلة لأسطوانة الوفود، ولم يبرح على ذلك سالكاً أحسن المسالك، حتى أدركه الأجل المحتوم الذي هو سبيل كل هالك.
وهذا المقام المذكور هو شبه حوض مربع مُرَخَّمٍ طوله ستة أشبار، وعرضه أقل من ذلك بنحو شبر، وفي قِبلته محراب خشبي قد أنتج الصناع فيه نتائج مبدعة من /191 صنعة النجارة، وفيه شبه حفرة صغيرة مكتوب من داخلها بنقر في الخشب قبل وجه الإمام بعد البسملة آية الكرسي، وقد قنطر
(1)
عمر بن أحمد الأنصاري الخزرجي، القاضي سراج الدين، تأتي ترجمته في الباب السادس.
(2)
طفيل بن منصور بن جماز بن شيحة، تأتي ترجمته في الباب السادس.
(3)
عزيز الدولة العزيزي، تأتي ترجمته في الباب السادس.
(4)
هو: محمد بن محمد، القاضي شرف الدين، أبو الفتح، الشهير بابن الأميوطي، تأتي ترجمته في الباب السادس.
(5)
سقط في الأصل، والمثبت من وفاء الوفا 1/ 375.
(6)
حَرِتَ: سَاءَ خُلُقُهُ. (القاموس)(حرت) ص 150.
على بابها
…
(1)
مكتوب عليه بعد البسملة: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ في السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}
(2)
الآية. وهذه الكتابات والتزينات في هذا المحل أيضاً مما يشغل الخاطر، ويذهل الناظر، ويفرق القلب الحاضر، إلهاءلخواطر المسلمين إلى قراءته، [إذ لاقلب أجمع وأعلى وأرفع من قلب]
(3)
سيد الأنام عليه الصلاة والسلام، وقد ألهته عن صلاته خميصة فقال: «اذهبوا بِخَمِيصَتي
(4)
هذه إلى أبي جهم
(5)
، وائتوني بأنبِجانِيَّةِ
(6)
أبي جهم، فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي»
(7)
فإن قيل: قد زخرفت المساجد في الأعصر الأولى
…
فما أنكر عليهم أهل زمانهم ومن بعدهم.
روى الزبير أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لما فرغ من بنيان المسجد
(1)
سطر غير تام في الأصل.
(2)
سورة (البقرة) آية رقم: 144.
(3)
ومابين المعقوفين طمس في الأصل والمثبت من وفاء الوفا 1/ 377.
(4)
كساء أسود مربع له علمان. القاموس (خمص) ص 618.
(5)
أبو جهم بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي. قيل: اسمه عامر. وقيل عبيد بن حذيفة. أسلم عام الفتح، كان مقدماً في قريش، عالماً بالنسب، أحد الذين دفنوا عثمان رضي الله عنه، توفي في آخر خلافة معاوية. أسد الغابة 6/ 58، الإصابة 4/ 35.
(6)
أنبجانية: كساء يُتَّخذ من الصوف له خمل ولا علم له، وهي من أدون الثياب الغليظة، منسوبة إلى منبج، المدينة المعروفة، وقيل: إنها منسوبة إلى موضع اسمه أنبِجان. اللسان (نبج) 2/ 372.
(7)
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: اذهبوا بخميصتي
…
الحديث.
…
أخرجه البخاري، في الصلاة، باب إذا صلّى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها، رقم:373،1/ 575. ومسلم، في المساجد، باب كراهة الصلاة في ثوب له أعلام، رقم:556، 1/ 391.
أرسل إلى عمرو بن عثمان رضي الله عنهما فحمل في كساء خز حتى انتهى به إليه
(1)
فقال له: بناؤنا أحسن أم بناؤكم؟ فقال: قد بنيناه بناء المساجد، وبنيتموه بناء الكنائس، ولم ينكر عليه عمر كلامه ذلك.
وقال مالك فيما نقله عنه صاحب التبصرة: كره الناس ما فعل في قبلة المسجد بالمدينة من التزاويق، لأنه يشغل الناس في صلاتهم، وأرى أن يزال كل ما يشغل الناس عن الصلاة، وإن عظم ما كان أنفق فيه
(2)
.... النبي المصطفى
…
هادية إلى الصراط المستقيم
…
من الضلال القديم
…
صفة الروضة المقدسة، والمحراب الكريم، فإن
…
الخشبية اتصلت في المحراب إلى الدرابزين المحيط بالروضة، وارتفع من وراء المحراب شبه التاج العظيم، عالياً عن المحراب
…
القناديل
…
التاج
…
إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً.
وعلى قبلي الروضة المقدسة
…
من فوق بإزاء القناديل دائر من الخشب المتقن الصنعة فيه مغارز البراقات، وقد يربط عليه دائر آخر من جريد النخيل بأعواد محددة الرؤوس كأنها /192
…
قول سيبويه لمن أجابه عن سؤاله
…
قال القاضي أبو بكر بن العربي: /193 ينبغي أن لا يصلي خلف الإمام إلا من يصلح للاستخلاف
…
من خلف الإمام إلى من يستخلفه في صلاته
…
من غلطاته، أو يصلح
…
في ما يعتريه في حالاته.
قال: فإن قلت: ما المراد بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أولي الأحلام والنهى بأن يلوه؟
قلت: يحتمل أن يكون المراد
…
…
من الإمام.
(1)
عدة كلمات مطموسة.
(2)
من هنا حتى لوحة 195 طمس شديد، والكلمات المثبتة هي الواضحة.
ويحتمل أن يكون المراد من ..... أولي النهى أعرف بمراد الشارع
…
إذا أتى أحدكم الصلاة فليأتها وعليه السكينة
…
…
وتزرع في القلوب العداوة والبغضاء .. الهلاك والشقاوة بعضهم بعضاً فهي قربة منكوسة وحسنة في الصورة، والمعنى مقلوبة معكوسة، ولو فتح صاحب النور الباب الأول فالأول
…
لأزال شدة
…
العظيمة عنهم وربح ثوابهم وأوضح صوابهم /195 من تقييد هذه الأحرف، فقرأتها على بعض من يعده الأغنياء من الأذكياء، فقال: أما مسألة المبادرين إلى الروضة فقد قال الله تعالى فيها وفي أمثالها: {وَسَارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأرَضُ}
(1)
، والصلاة من أعظم أسباب المغفرة، والروضة النبوية من أشرف رياض الجنة، فالمسارعة إليها متعينة لاسيَّما إلى الصف الأول الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم وفي المسابقة إليه:«ثم لايجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه»
(2)
.
وأما الثانية فإن الصف المقطوع ليس كالصف الموصول.
فقلت له: لقد حكيت ولكن فاتك السبب، لاتظن أنك وجدت تمرة الغُراب
(3)
، أو سبق الهجين
(4)
العراب
(5)
، اصغ إلى مايكشف عن سمتك
(1)
سورة (آل عمران) آية رقم: 133.
(2)
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لو يعلم الناس مافي النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا» .
…
أخرجه البخاري، في الآذان، باب الاستهام في الأذان، رقم:615،2/ 114. ومسلم، في الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، رقم:437،1/ 325.
(3)
قال ابن منظور: يقولون: وجد تمرة الغُراب؛ وذلك أنه يتّبع أجود التمر فينتقيه. اللسان (غرب) 1/ 645.
(4)
الهجين من الخيل: ماتلده برِذَونة من حصان عربي. المعجم الوسيط 2/ 975.
(5)
العراب: جمع معرب، والمعرب من الخيل: الذي ليس فيه عرق هجين. انظر اللسان (عرب) 1/ 589.
القناع، وتفهم لما يطرق من الحكم الإلهية منك الأسماع.
أما الأولى: فقد ثبت بنص التنْزِيل استحباب المسارعة إلى الخيرات، والمسابقة إلى المبرَّات والطاعات، قال تعالى:{أولَئِكَ يُسَارِعُونَ في الخَيْرَاتِ}
(1)
وقال عز وجل: {وَسَارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأرَضُ}
(2)
. وثبت بصريح قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحيح حديث من لاينطق عن الهوى؛ استحباب السكينة والوقار و الندب الى الحكم والتأني والاصطبار، كما تقدم من الحديث المتفق على صحته:«إذا أتى أحدكم إلى الصلاة فليأتها وعليه السكينة والوقار»
(3)
.
وقال صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة رضي الله عنه لما دبَّ وهو راكع حتى دخل الصف: «زادَكَ اللهُ حِرْصاً، ولا تَعُدْ»
(4)
فإذا تبين ذلك تعين بيان وجه الجمع بين الكتاب والسنة بما يزيح التعارض ويزيل التضادد والتناقض، فنقول: المراد بالمسارعة المشروعة، وهي التأهب المعتاد قبل دخول وقتها، فيأتيها بسكينة ووقار، فيكون قد جمع بين المسارعة والسكينة، وأنما أمر العبد بالمسارعة إلى الخيرات لتصرفه في المباحات ليس غير
(5)
. فمن كانت حالته أن لايتصرف في مباح، فهو في خير وعبادة على كل حال، ونحن أمرنا بالمسارعة إلى الجنات وبالمسارعة في الخيراتِ، والمغفرةُ لاتصح إلا بعد حصول فعل الخير الموجب
(1)
سورة (المؤمنون) آية رقم: 61.
(2)
سورة (آل عمران) آية رقم: 133.
(3)
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار ولاتسرعوا، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» . أخرجه البخاري، في الصلاة، باب لايسعى إلى الصلاة، وليأت بالسكينة والوقار، رقم:636، 2/ 138. ومسلم، في المساجد، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، رقم: 602،1/ 420.
(4)
أخرجه البخاري في الأذان، باب إذا ركع دون الصف، رقم: 783،2/ 312.
(5)
رسمت في الأصل: (غيرته) وعليها حرف (ط) صغير.
لها، فنحن نسارع في الخيرات إلى المغفرة، فكأن المسارَعُ فيه عينُ المسارَعِ إليه، فالعبدُ إذا كان تصرفه في غير المباح فلابد أن يكون في مندوب أو واجب، فإن كان في مندوب واستشعر بحصول وقت واجب سارع إليه في مندوبه بإقامة /196 أسبابه التي لايصح ذلك الواجب إلا بها.
ومعنى المسارعة هي المبادرة إلى الأفعال، التي هي شرط في صحة ذلك الواجب، فمن رأى الجماعة واجبة، وقال بإتمام الصفوف ووجوبه، فهو في خير، فإذا سمع الإقامة وتوجه إلى الصلاة فقد أمره الشارع أن يأتي إليها وعليه وقار وسكينة. وسبب ذلك أن الحق لايتقيد بالأحوال، وأن الآتي إلى الصلاة في صلاة مادام يأتي إليها أو ينتظرها. ونفس الإسراع المشروع قد حصل.
وأما الإسراع بالحركة فإنه يقتضي سوء الأدب و تقييد الحق، ولهذا قال- صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة رضي الله عنه:«ولاتعد» ، أي لاتعد إلى إسراع الحركة، وقال:«زادك الله حرصا» ، ولم يقل إسراعاً، فإن الحرص أوجب له الإسراع، فنبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الحرص على الخير هو المطلوب، وهو الإسراع المطلوب لله تعالى من العبد، لاحركة الأقدام، فإن ذلك يؤذن تحديد الله تعالى، والله عز وجل مع العبد حيث كان، وقد وقع لك التفريط أولاً بتأخرك، فهنالك كان ينبغي الإسراع بالتأهب. كما حُكِيَ عن بعضهم أنه ما دخل عليه منذ أربعين سنة وقت صلاة إلا وهو في المسجد، وعن جماعة من الأخيار مثل ذلك كثير.
وقوله: «بوقار» ، يشير ألى أنه ينبغي للعبد أن يقابل الله في نفسه بما يستحقه من الجلال و الهيبة، فإن هذه الأحوال تؤثر في الجوارح، فينبغي أن تقع حركة العبد مع الله تعالى كما أمره الله عز وجل بخضوع وخنوع، وهو السكينة المطلوبة، كما قال:«لوخشع قلبه لخشعت جوارحه»
(1)
يعني لسرى ذلك في
(1)
ذكره السيوطي في الجامع الصغير من رواية الحكيم عن أبي هريرة. قال المناوي في فيض القدير: رواه الحكيم في النوادر، قال الزين العراقي: وفيه سليمان بن عمرو متفق على ضعفه.
…
قال الألباني في إرواء الغليل 2/ 92 - 93: لايصح مرفوعاً ولاموقوفاً والمرفوع أشد ضعفاً، بل هو موضوع. انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/ 227.
جوارحه، فإن السرعة بالأقدام لاتكون إلا ممن همته متعلقة بالجهة التي يسارع إليها من أجل الله لا بالله.
وينبغي للعبد أن تكون همته متعلقة بالله، فيكون المشهود له الحق تعالى، ومن كان بهذه المثابة كان شأنه السكون والهيبة والوقار، فلايسمع إلا همساً، قال تعالى:{وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إلا هَمْسَاً}
(1)
.
ولما كان الشارع مراعياً لوارد الوقت، ووارد وقت الآتي إلى الصلاة مشاهدة المقصود بها، فشرع له السكينة والوقار، والإتيان دون سرعة الأقدام
…
(2)
لحرمة الوقت واستيفاءً لحقه، فاعلم ذلك إن شاء الله تعالى.
وأما قولك: إن الصف المقطوع ليس كالصف المتصل.
فنقول: إذا عرفت معنى الأمر باتصال الصفوف، والتراص فيها، وفهمت السر في ذلك، أزال شبهتك إن شاء الله تعالى، /197 فاعلم أن التراص في الصف هو [أن] لا يكون بين الإنسان وبين الذي يليه خلل من أول الصف إلى آخره، وسبب ذلك أن الشياطين تسد ذلك الخلل بأنفسها، والمصلون في محل القربة من الله تعالى، فينبغي أن يكونوا في القرب بعضهم من بعض، بحيث أن لايبقى بينهم خلل يؤدي إلى بعد كل واحد من صاحبه، فتكون المعاملة فيما بينهم من أجل الخلل، مقتض مادعوا إليه من صفة القربة، فتخلل تلك الخلل والفرج البعداء من الله لمناسبة البعد الذي بين الرجلين في الصف، فينقصهم من
(1)
سورة (طه) آية رقم: 108.
(2)
كلمة غير واضحة في الأصل.
رحمة القرب الذي للمصلي بقدر الخلل، وبمرتبة ذلك الشيطان من البعد عن الله تعالى، فإذا لزقت المناكب بعضاً ببعض، انسد الخلل ولم تجد صفة البعد عن الله تعالى محلا تقوم به، لأن الشيطان الذي هو محل البعد عن الله تعالى ليس هناك، وإنما تقصد الشياطين خلل الصف، وتدخل فيه، لما ترى من شمول الرحمة التي يعطي الله تعالى المصلي فتزاحمهم في تلك الفرج لينالهم من تلك الرحمة شيء بحكم المجاورة من غير منة، لمعرفتهم بأنهم البعداء عند الله تعالى، وماهم هؤلاء الشياطين الذين يوسوسون في الصلاة، فإن أولئك محلهم القلوب، فهم على أبواب القلوب مع الملائكة تلقي إلى النفس وتنكث في القلب مايشغله عمَّا دعي إليه، ومن جملة مايلقى إليه أن لايسد الخلل في الصف بينه وبين صاحبه لوجهين:
الأول: ليتصف بالمخالفة فيؤديه إلى البعد عن الله تعالى، فإن الشيطان إنما كان سبب بعده عن الله عز وجل المخالفة لأمر الله عز وجل.
الوجه الثاني: ليخلوا ذلك الخلل، فيصير محلاً لأصحابهم من الشياطين فيتخللوه، فتصيبهم رحمة المصلين، وإذا اتضح ذلك أن تَمَكُّن الشياطين من التخلل في الصفوف، إنما يكون بسبب تقصير المصلين واختيارهم البعد بعضهم عن بعض، تعيَّن أن لايكون لهم مدخل في انقطاع لا يكون بسبب تقصيرهم، بل لحائل وبنيان، أو عدم إمكان من ضيق مكان ونحو ذلك، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
ولقد أحسن القائل:
وكم من مُصَلٍّ مَا لَهُ من صلاتِهِ
…
سوى رؤية المحراب والكدِّ والعَنَا
…
(1)
بالمناجات دائما
…
وإن كان قد صلى الفريضة وابتدا
(1)
كلمتان غير واضحتين في الأصل.
وكيف وستر الحق كان إمامهُ
…
وإن كان مأموماً فقد بلغ المدى
فتحريُمها التكبير إن كنت كابراً
…
وإلا فَحِلُّ المرء أو حرمُهً سَوا
/198 وتحليلُهَا التسليم إن كنت تابعاً
…
لرجعة العليا في ليلة النحرى
ومابين هذين المقامين غاية
…
وأسرار غيب لا تُحس ولا تُرى
فإن كنت للصَّف المقدَّمِ آتيا
…
كما أمر الرحمن فانشر لك الهنا
وإن كنت للإسراع في السَّبْقِ فاعلاً
…
خلاف رسول الله فالويل والعنا
وفي الصَّفِّ سِرُّالرَّصِّ إن كنت فاهماً
…
فبشراه إذ من مقصد للقرب قد دنا
وتحقيق معنى البشر و
…
(1)
من درى
…
تسامىإلى سرٍّ سني له سنا
وفي الروضةِ الزهراءِ من كان جالساً
…
ويفهم منها ما النبي بها عنا
فذاك خليق بالجنان وروضها
…
وأن في ذُرى بَحْبُوحَةِ الخُلد سُكَّنَا
فيا طالباً ترب النبي وقُرْبِهِ تمتـ
…
ـع بروضات الجنان فهي هنا
ومنبره محرابه جوف روضة تباهي
…
السَّما في رفعة القدر والسَّنَا
فإذ أنت وفيت الزيارة حقَّهَا
…
وحقَّ جوار المصطفى بالغ الأنا
وقيل من الراقي
…
(2)
مجده
…
إلى ذروةِ المجدِ المؤثَّلِ قل أنا
وإن قرارا تاريخ طيبة اذ ثوى بها
…
خير خلق الله والمسجدَ ابتنى
ومن حَلَّها من ناصر ومهاجر
…
والكرام زينوا الدين والدُّنا
فَطِبْ عندها نفساً لطيبة طيبة
…
فسمعها يُزري على الزَّمرِ والغِنَا
فإن قلت: إن كان في السر في التراص ماذكرت، فما معنى قوله صلى الله عليه وسلم:«فإن الملائكة يتراصون في الصف» ؟
(3)
ولا شك أن ما ثَمَّ شيطان يدخل في الخلل الحاصل إن كان.
قلت: الصفوف في الأصل إنما شرعت في الصلاة ليتذكر بها الإنسان وقوفه بين يدي الله عز وجل يوم القيامة، في ذلك الموطن المهول، والشفعاء
(1)
كلمة غير واضحة في الأصل وقد وضع عليها الناسخ علامة توقف.
(2)
كلمة غير واضحة في الأصل.
(3)
من حديث جابرة بن سمرة، أخرجه مسلم، في الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة برقم: 430، 1/ 322. بلفظ:«يتمون الصفوف الأُول، ويتراصون في الصف» .
من الأنبياء والمؤمنين والملائكة بِمنْزِلة الأئمة في الصلاة، يتقدمون الصفوف، فكم شخص يكون هاهنا مأموماً من أهل الصفوف، يكون غداً إماماً أمام الصفوف، ويكون إمامه الذي كان يصلي به في الدنيا مأموماً، فيالها من حسرة، وصفوفهم أيضاً كصفوف المصلين، قال تعالى:{وَالمَلَكُ صَفَّاً صَفَّاً}
(1)
، وقال عز وجل:{وَالمَلائِكَةُ صَفَّاً لايَتَكَلَّمُونَ إلا مَنْ أذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ}
(2)
، وأمرنا الحق تعالى أن نَصُفَّ في الصلاة كما تصف الملائكة يتراصون في الصف، وإن كانت الملائكة لايلزم من خلل صفها -لو اتفق- أن يدخلها خلل -أعني ملائكة السماء- دخول /199 الشياطين، لأن السماء ليست بمحل للشياطين، وإنما يتراصون لتناسب الأنوار حتى يتصل بعضها ببعض، فتنْزل متصلة الى صفوف المصلين، فتعمهم تلك الأنوار، فإن كان في صف المصلين خلل دخلت فيه الشياطين، أحرقتهم تلك الأنوار، فكذلك يكونون في الكثيب في الزور العام، يَصُفُّونَ كما يَصُفُّونَ في الصلاة، فمن وجد خللاً في صفه هنا، وكان قادراً على سده بنفسه، ولم يفعل، حُرِمَ هنالك في ذلك الموطن بَرَكَتَهُ، وإن لم يقدر على سده لِعَارِضٍ مما ذكرنا من ربوة أو حفرة أو غير ذلك من الموانع عمَّتْهُ البركة هنالك، لأنه غير مُقَصِّرٍ ولامفرطِ فيما طُلب منه، وكل مُصَلٍّ بين رجلين فإنه ينضم إلى أحدهما، ولاينضم إلا إلى الذي يلي جانب الإمام، ولايأثم بجذب الآخر إليه، فإن انجذب إليه كان، وإن لم ينجذب، كان الإثم على ذاك، ثم إن القربات إلى الله تعالى لاتعلم إلا من عند الله عز وجل، ليس للعقل فيها حكم بوجه من الوجوه، فاعلم ذلك إن شاء الله.
* * *
(1)
سورة (الفجر) آية رقم: 22.
(2)
سورة (النبأ) آية رقم: 38.
ذكرُ منبرِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
ومحرابه الكريم
ـ رَوَى البخاري من حديث جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ الله ألا أَجْعَلُ لَكَ شَيْئاً تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِي غُلاماً نَجَّاراً. قَالَ صلى الله عليه وسلم: إِنْ شِئْتِ، فَعَمِلَتِ الْمِنْبَرَ
(1)
.
ـ ورَوَى من حديث سَهْلٍ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى امْرَأَةٍ مُرِي غُلامَكِ النَّجَّارَ يَعْمَلْ لِي أَعْوَاداً أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ
(2)
.
ـ ورواه أيضاً؛ وزاد فَذَهَبَ الغلامُ فَقَطَعَ مِنَ الطَّرْفَاءِ فَصَنَعَ مِنْبَرًا فَلَمَّا قَضَاهُ أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَضَاهُ قَالَ: أَرْسِلِي بِهِ إِلَيَّ، فَاحْتَمَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَهُ حَيْثُ تَرَوْنَ
(3)
.
ـ وفي لفظ: إنَّ رِجَالاً أَتَوْا سَهْلاً رضي الله عنه وَقَدِ امْتَرَوْا فِي الْمِنْبَرِ مِمَّ عُودُهُ فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَالله إِنِّي لأَعْرِفُ مِمَّ هُوَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ، وَأَوَّلَ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، أَرْسَلَ إِلَى فُلانَة -سَمَّاهَا سَهْلٌ- مُرِي غُلامَكِ
(4)
.
رواه البخاري.
(1)
أخرجه البخاري في الصلاة، باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد رقم:449، 1/ 647، وفي البيوع، باب النجار رقم 2095، 4/ 373.
(2)
أخرجه البخاري في الصلاة، باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد، رقم: 448، 1/ 647.
(3)
أخرجه البخاري في الهبة، باب من استوهب من أصحابه شيئاً، رقم: 2569،5/ 200.
(4)
أخرجه البخاري في الجمعة، باب الخطبة على المنبر، رقم 917، 1/ 461، مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، رقم: 544، 1/ 386.
وعند مسلم: فَعَمِلَ لَهُ هَذِهِ الثَّلاثَ دَرَجَاتٍ
(1)
.
-وفي الاستيعاب: عن باقوم الرومي
(2)
قال: صَنَعتُ لرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنْبَرًا من طرْفَاء له ثَلاثُ دَرَجَاتٍ؛ القِعْدَةِ، ودرجتيه
(3)
.
قال أبو عمر: إسناده ليس بالقائم
(4)
.
-وفي طبقات ابن سعد: أن الصحابة رضي الله عنهم قالوا: يَا رَسُولَ الله إن النَّاسَ قد كَثُروا، فَلَوْ اتخذت شَيْئاً تَقُومُ عليهِ إذا خَطبتَ، قالَ صلى الله عليه وسلم:«مَا شِئتُم» ، قال سهل رضي الله عنه: ولم يَكن بالْمَدينَةِ إلا نَجَّارٌ وَاحدٌ،/200 فذهبت أنا وذاك النَّجَّار إلى الغابتين فقطعنا هذا المنبر من أَثْلَة
(5)
.
-وفي لفظٍ: وحَمَلَ سهلٌ منهن خشبة.
إسنادهما صحيح
(6)
.
(1)
أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، رقم:544،1/ 386.
(2)
باقوم، ويقال: باقول. مولى بني أمية. الإصابة 1/ 136، تجريد أسماء الصحابة 1/ 42.
(3)
أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة 3/ 190 - 191 من طريق محمد بن سلمان بن مسمول عن أبي بكر بن عبدالله السبري عن صالح مولى التوأمة عن باقوم.
قال الحافظ ابن حجر في الإصابة 1/ 136 بعد أن ذكر هذا الطريق: هكذا أورده موصولاً وهو ضعيف.
وأخرجه عبدالرزاق في المصنف 3/ 182 - 183 عن رجل من أسلم عن صالح مولى التأمة أن باقوم
…
الحديث.
قال الحافظ في الفتح 2/ 462: رواه عبدالرزاق بإسناد ضعيف منقطع.
(4)
الاستيعاب 1/ 268.
(5)
أخرجه ابن سعد 1/ 250 من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، وفي سنده سعد بن سعيد ابن قيس: صدوق سيء الحفظ.
(6)
أخرجه ابن سعد 1/ 251 من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، وفي سنده عبد المهيمن بن عباس: ضعيف.
والحديثان بمجموعهما يرتقيان إلى الحسن لغيره، والله أعلم.
-وعنده أيضاً من حديث أبي هريرة وغيره رضي الله عنهم قالوا: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جذع فقال صلى الله عليه وسلم إن القيام قد شق علي، فقال له تميم الداري رضي الله عنه: ألا أعمل لك منبراً كما رأيته بالشام؟ فشاور النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المسلمين، فرأوا أن يتخذه، فقال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: إن لي غلاماً يقال له كلاب أَعْمَلُ الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مُرْهُ أن يَعْمَلَهُ، فعملَهُ درجتين ومقعداً، ثم جاء به فوضعَهُ في مَوضعِه اليوم
(1)
*.
وذكر الحاكم في الإكليل
(2)
عن يزيد بن رومان
(3)
قال: كان المنبر ثَلاثَ دَرَجَاتٍ فزاد معاوية رضي الله عنه فيه لعله قال ست درجات، وحَوَّلَهُ عن
(1)
أخرجه ابن سعد 1/ 249 - 250.
قال الحافظ في الفتح 2/ 463: رجاله ثقات إلا الواقدي.
* اختلف في اسم صانع المنبر على عدة أقوال ذكرها الحافظ في الفتح 2/ 462 - 463، وخلاصتها:
الأول: ميمون. الثاني: إبراهيم. الثالث: باقول أو باقوم. الرابع: صُباح. الخامس: قبيصة. السادس: كلاب. السابع: تميم الداري. الثامن: ميناء.
ثم قال: وأشبه الأقوال بالصواب قول من قال: هو ميمون، لكون الإسناد من طريق سهل بن سعد، أيضاً، وأما الأقوال الأخرى فلا اعتداد بها لوهائها، ويبعد أن يجمع بينها بأن النجار كانت له أسماء متعددة، وأما احتمال كون الجميع اشتركوا في عمله فيمنع منه قوله في كثير من الروايات السابقة:«لم يكن بالمدينة إلا نجار واحد» إلا إن كان يحمل على أن المراد بالواحد الماهر في صناعته والبقية أعوانه فيمكن، والله أعلم. أهـ.
ورجح أبو نعيم في معرفة الصحابة 3/ 190، والسمهودي في الوفاء 2/ 396 - 397، والخلاصة 2/ 49 أن اسمه باقوم. قال السمهودي في الخلاصة والوفاء: أشهر الأقوال أن الذي صنع المنبر باقوم. زاد في الوفا: فقد يشتهر الواهي.
(2)
من كتب الحاكم المفقودة، والله أعلم.
(3)
يزيد بن رومان المدني، أبو روح مولى آل الزبير. تقريب التهذيب 601، ص 7712
مكانه، فكسفت الشمس يومئذ
(1)
.
قال الحاكم: وقد أُحرق المنبر الذي عمله معاوية رضي الله عنه ورد منبر
النبي صلى الله عليه وسلم إلى الموضع الذي وضعه فيه
(2)
.
وعند الدارمي: عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، فَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ قِيَامُهُ، فَأُتِيَ بِجِذْعِ نَخْلَةٍ فَحُفِرَ لَهُ وَأُقِيمَ إِلَى جَنْبِهِ قَائِماً لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ فَطَالَ الْقِيَامُ عَلَيْهِ، اسْتَنَدَ [إليه]، فَاتَّكَأَ عَلَيْه، فَبَصُرَ بِهِ رَجُلٌ كَانَ وَرَدَ الْمَدِينَةَ فَرَآهُ قَائِماً إِلَى جَنْبِ ذَلِكَ الْجِذْعِ، فَقَالَ لِمَنْ يَلِيهِ مِنَ النَّاسِ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّداً يَحْمَدُنِي فِي شَيْءٍ يَرْفُقُ بِهِ، لَصَنَعْتُ لَهُ مَجْلِساً يَقُومُ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَاءَ جَلَسَ مَا شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ قَامَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ائْتُونِي بِهِ، فَأَتَوْهُ بِهِ، فَأمَرَهُ أَنْ يَصْنَعَ لَهُ هَذِهِ الْمَرَاقِيَ الثَّلاثَ أَوِ الأرْبَعَ، هِيَ الآنَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، فَوَجَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ رَاحَةً، فَلَمَّا فَارَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْجِذْعَ، وَعَمَدَ إِلَى هَذِهِ الَّتِي صُنِعَتْ
(3)
لَهُ، جَزِعَ الْجِذْعُ، فَحَنَّ كَمَا تَحِنُّ النَّاقَةُ حِينَ فَارَقَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
فَزَعَمَ ابْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَمِعَ حَنِينَ الْجِذْعِ رَجَعَ إِلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: اخْتَرْ أَنْ أَغْرِسَكَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ فَتَكُونَ كَمَا كُنْتَ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أَغْرِسَكَ فِي الْجَنَّةِ فَتَشْرَبَ مِنْ أَنْهَارِهَا وَعُيُونِهَا، فَيَحْسُن
(1)
أخرجه يحيى بن الحسن بن جعفر العلوي عن ابن أبي الزناد.
ابن النجار 132، وفاء الوفا 2/ 398.
وأخرج نحوه الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن ابن زبالة بسنده إلى حميد بن عبدالرحمن. كما ذكر الحافظ في فتح الباري 2/ 463 - 464، والسمهودي في وفاء الوفا 2/ 399 - 400.
(2)
انظر: ابن النجار 132 - 133، وفاء الوفا 2/ 399 - 400.
(3)
في الأصل: (صنع).
نَبْتُكَ
(1)
وَتُثْمِر، فَيَأْكُلَ أَوْلِيَاءُ الله مِنْ ثَمَرَتِكَ وَنَخْلِكَ فَعَلْتُ. /201 فَزَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: نَعَمْ قَدْ فَعَلْتُ
مَرَّتَيْنِ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: اخْتَارَ أَنْ أَغْرِسَهُ فِي الْجَنَّةِ
(2)
.
ولفظه عند عياض: «إن شِئتَ أرُدُّكَ إلى الحائطِ الذي كُنتَ فيه، تَنبتُ لك عُرُوقُكَ وَيَكْمُلُ خَلْقُكَ، ويُجَدَّدُ لكَ خُوصٌ وَثَمَرةٌ، وإن شئت أغْرِسْكَ في الجنةِ، فيأكُلَ أولياءُ اللهِ من ثَمَرِكَ» ، ثم أصغَى له النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يستمع ما يقولُ، فقالَ: بل تَغْرِسُني في الجَنَّةِ فيأكُلُ مني أولياءُ الله، وأكونُ في مكان لا أبلى فيه. فسمعه من يليه. قال صلى الله عليه وسلم:«قد فَعلتُ» . ثم قال: «اختارَ دارَ البقاءِ على دَارِ الفَنَاءِ» .
فكان الحسنُ إذا حَدَّثَ بهذا بَكَى وقال: يَا عبادَ الله؛ الخشبةُ تَحِنُّ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم شوقاً إليه لمكانه فأنتم أحق أن تَشتَاقوا إلى لِقَائه
(3)
.
وفي لفظ عند ابن عبد البر: فَلَمَّا جَاوَزَهُ خَارَ الْجِذْعُ حَتَّى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ، فَرَجَعَ إليه رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ حَتَّى سَكَنَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَرِ. قال: فَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَّى إِلَيْهِ فَلَمَّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ أَخَذَ ذَلِكَ الْجِذْعَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى أَكَلَتْهُ الأرَضَةُ وَعَادَ رُفَاتاً
(4)
.
وفي حديث [ابن] بُرَيدَة عن عَائِشَة رضي الله عنها قالت: إن رَسُولَ الله
(1)
في الأصل: (فتحسن زينتك) بدل: (فيحسن نبتك).
(2)
أخرجه الدارمي رقم 32، 1/ 17، وفي سنده صالح بن حيان: ضعيف، وللحديث شواهد كثيرة سيأتي الحديث عنها، ترقى به إلى الحسن.
(3)
الشفا 1/ 304 - 305.
(4)
أخرجه بنحوه من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه: ابن ماجه، في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ماجاء في بدء شأن المنبر، رقم: 1414، 1/ 454. وأحمد 5/ 138، والدارمي، رقم: 36، 1/ 18، وأبو نعيم في دلائل النبوة 401، والبيهقي في دلائل النبوة 6/ 67.
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لما وضع يده على الجذع وسكنَّه غار الجذع فذهب. وفي لفظ: فضمه إليه فسكن فأمر به أن يحفر ويدفن
(1)
.
وفي لفظ من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَخَارَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
(2)
».
وفي لفظ: فصنع له صلى الله عليه وسلم منبراً له درجتان ويقعد على الثالثة فلما قعد نبي الله صلى الله عليه وسلم عَلَى ذلك الْمِنْبَر خَارَ الْجِذْعُ خوار الثور حزناً على رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى ارتجَّ الْمَسْجِدُ فَنزلَ إليهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فالتَزَمَهُ وهو يَخُورُ فلَمَّا التزمَهُ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أما والذي نفس محمد بيده لَوْ لَمْ ألتزمه لما زال هكذا حتى يَوْمِ الْقِيَامَةِ حزناً على رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فأمر به رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فدفن»
(3)
.
وفي طبقات ابن سعد: قَالَ كَانَ بَيْنَه وَبَيْنَ الْحَائِطِ مَمَرُّ الشَّاةِ
(4)
.
(1)
أخرجه الطبراني في الأوسط 3/ 34 - 35، وأبو نعيم في دلائل النبوة 403، كلاهما من حديث صالح بن حيان عن عبدالله بن بريدة، عن عائشة، به.
قال الهيثمي: فيه صالح بن حبان، وهو ضعيف. مجمع الزوائد 20/ 182.
لكنه يرتقي بشواهده الكثيرة.
(2)
أخرجه ابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ماجاء في بدء شأن المنبر، رقم: 1415، 1/ 454، والطبراني في الكبير 12/ 187، والبيهقي في دلائل النبوة 2/ 558، وفيها: لحنَّ إلى يوم القيامة، وابن أبي شيبة 11/ 484.
(3)
أخرجه من حديث أبيّ: ابن ماجه في إقامة الصلاة، باب ما جاء في بدء شأن المنبر،1414، 1/ 454. والشافعي في الأم 1/ 176، المسند 65. وأحمد 20298، والدارمي، رقم: 36، 1/ 18. وأبو نعيم 401، والبيهقي في دلائل النبوة 6/ 67.
(4)
أخرج هذه القطعة من حديث سَلَمَةَ بنِ الأكْوَعِ: البخاري، في الصلاة، باب قدر كم ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة، رقم: 496، 1/ 684. ومسلم، في الصلاة، باب دنو المصلي من السترة، رقم: 786. وأبو داود، واللفظ له، في الصلاة، باب موضع المنبر، رقم: 1075، 2/ 100.
قال عياض: حديث حنين الجذع مشهور منتشر، والخبر به متواتر، أخرجه أهل الصحيح، ورواه من الصحابة رضي الله عنهم بضعة عشر، منهم: أبي ابن كعب، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر، وعبد الله /202 ابن عباس، وسهل بن سعد، وأبو سعيد الخدري، وبريدة، وأم سلمة، والمطلب بن أبي وداعة، رضي الله عنهم
(1)
.
وعند أبي داود: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَدُنَ
(2)
قَالَ لَهُ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ الله ألا تَتَّخِذُ
(3)
لَكَ مِنْبَرًا يَحْمِلُ أَوْ يَجْمَعُ
(4)
عِظَامَكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم: بَلَى. فَاتَّخَذَ
(5)
مِنْبَرًا، مِرْقَاتَيْنِ
(6)
.
فإن قلت: اختلفت الروايات في كونه على ثلاث درجات ودرجتين، فكيف طريق الجمع بينهما؟ قلت: الذي يظهر في ذلك أن الذي ذكر درجتين كأنه لم يعتبر المقعد، والذي روى ثلاثاً اعتبره
(7)
(1)
الشفا 1/ 427. وقال الحافظ ابن حجر: إن حنين الجذع وانشقاق القمر نُقِلَ كلٌ منهما نقلاً مستفيضاً يفيد القطع عند من يطلع على طرق ذلك من أئمة الحديث، فتح الباري 6/ 592.
(2)
قال ابن الأثير: بَدَّنَ الرجل بالتشديد: إذا كَبِرَ، وبالتخفيف وبضم الدال: إذا سمن. جامع الأصول 11/ 188.
(3)
في سنن أبي داود: أَتَّخِذُ.
(4)
في سنن أبي داود: يَجْمَعُ أَوْ يَحْمِلُ.
(5)
في سنن أبي داود: فَاتَّخَذَ لَهُ.
(6)
أخرجه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أبو داود، في الصلاة، باب اتخاذ المنبر، رقم: 1074، 2/ 99. وإسناده حسن.
(7)
وهذا ظاهر في حديث كعب بن عُجْرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احضروا المنبر فحضرنا، فلما ارتقى درجة قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثانية قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال: آمين .. الحديث.
أخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 170، والطبراني في الكبير 19/ 649. كلاهما من حديث كعب بن عجرة. صححه الحاكم، وأقره الذهبي.
يؤيد هذا التوجيه حديث باقوم: صَنَعتُ مِنْبَرًا له ثَلاثُ دَرَجَاتٍ؛ القعدة، ودرجتيه.
وعند ابن ماجه: له درجتان، ويقعد في الثالثة.
وفي تاريخ الواقدي: أراد معاوية رضي الله عنه تحويل منبر رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى دمشق، فكسفت الشمس يومئذ، وكلّمه أبو هريرة رضي الله عنه فيه، فتركه، فلما كان عبد الملك أراد ذلك فكلمه قبيصة، فتركه، فلما كان الوليد [أراد ذلك]
(1)
فأرسل سعيد إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فكلمه فيه، فتركه، فلما كان سليمان قيل له في تحويله، قال: لا، ها الله، أخذنا الدنيا ونعمد إلى علم من أعلام الإسلام نريد تحويله؟، ذاك شيء لا أفعله؛ ولا أريد أن ينسب بثَلَم إلى عبد الملك أيضاً.
وكان طول منبر رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أذرع ونصف ذراع مرتفعاً في السماء مع الخشب الذي عمل مروان، وكان طول منبر رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم خاصة ذراعين في السماء وعرضه ذراعاً في ذراع، وعدد درج منبر رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مع ما عمل مروان تسع درجات، وعدد درج منبر النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ثلاث درجات بالمقعدة، هكذا كان في حياة رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة رضي الله عنهم، فلما حج معاوية رضي الله عنه في أيامه كساهُ قُبْطية، ثم كتب إلى مروان أن ارفع المنبر عن الأرض فرفعه، وزاد من أسفله ست درجات، ورفعوه عليها فصار تسع درجات بالمجلس، وكان فيه مما يلي ظهره صلى الله عليه وسلم إذا قعد ثلاثة أعواد تدور ذهب أحدها، وانقلع أحدها في سنة ثمان وتسعين ومائة، فأمر به داود بن عيسى فأعيد
(2)
.
(1)
سقط في الأصل، والمثبت من وفاء الوفا 2/ 399.
(2)
الدرة الثمينة ص 132 - 133، وفاء الوفا 2/ 401 - 402.
ومما كان عمل مروان في حائط المنبر الخشب عشرة أعواد لا يتحركن، وفي المنبر من أسفله / 203 إلى أعلاه كُوىً مُستديرة من جوانبه الثلاث، وفي الخشب الذي عمل مروان من قبل المشرق ثماني عشرة كُوَّة مُستديرة شبه المربعة، ومن المغرب كذلك، وفي منبر رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم خاصة خمسة أعواد من جوانبها الثلاثة
(1)
.
ولما حج المهدي قال للإمام مالك: أريد أن أعيد منبر النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلى حاله الأول قال له مالك: إنما هو من طرفاء وقد شد إلى هذه العيدان وسمر فمتى نزعته خفت أن يتهافت فلا أرى تغييره فتركه على حاله
(2)
.
وذكر الشيخ جمال الدين المطري عن بعض المجاورين أن هذا المنبر تهافت على مر السنين فجدده بعض الخلفاء العباسيين واتخذ من بقايا أعواد منبر النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أمشاطاً للتبرك بها
(3)
.
وهذا المنبر الذي جدده هذا الخليفة هو الذي ذكره الفقيه أبو الحسين محمد بن أبي جُبَير
(4)
. فإنه قال: رأيت منبر المدينة الشريفة في عام ثمان وسبعين وخمسمائة
(5)
وارتفاعه من الأرض نحو القامة أو أزيد، وسعته خمسة أشبار، وطوله خمس خطوات، وأدراجه ثمانية، وله باب على هيئة الشباك مقفل يُفتح يوم الجمعة، وطوله أربعة أشبار ونصف شبر.
(1)
وفاء الوفا 2/ 401،402.
(2)
رواه ابن شبة 1/ 18 عن محمد بن يحيى عن ابن أبي فديك، ورواه ابن النجار ص 132 - 133 عن ابن أبي الزناد.
(3)
ذكره المطري ص 27 عن يعقوب بن أبي بكر الفراش المحترق.
(4)
في الأصل: (جعفر) والمثبت هو الصواب.
(5)
التاريخ المذكور لبدء الرحلة، لكنه لم يصل المدينة الشريفة إلا في مستهل سنة ثمانين وخمسمائة. رحلة ابن جبير ص 166.
والمنبر مغشى بعود الآبنوس، ومقعد رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم من أعلاه ظاهر قد طبق عليه لوح من الآبنوس غير متصل به يصونه من القعود عليه، فَيُدخِل الناس أيديهم إليه ويمسحونه بها تبركاً بلمس ذلك المقعد الكريم.
وعلى رأس رِجل المنبر الأيمن حيث يضع الخطيب يده إذا خطب حلقة فضة مجوفة مستطيلة تشبه حلقة الخياط التي يضعها في إصبَعه صفة لا صغراً لأنها أكبر منها، وهي لاعبة تستدير في موضعها، يزعمون أنها كانت لُعبة للحسن والحسين رضي الله عنهما، في حال خُطبة جدهما صلوات الله وسلامه عليهم
(1)
.
وهذا المنبر احترق ليلة حريق المسجد الشريف في جملة ما احترق من السقوف والأخشاب كما ذكرنا في ذكر الحوادث التي حدثت في المسجد الشريف
(2)
، وذلك في سنة أربع وخمسين وستمائة، فأرسل الملك المظفر صاحب اليمن في سنة ست وخمسين بعد الحريق بقليل منبراً رمانتاه من الصَّندَل، فنُصبَ في موضع منبر النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يزل يخطب عليه عشر سنين، فلما كان في سنة ست وستين وستمائة / 204 أرسل الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري هذا المنبر الموجود اليوم، فقلع منبر صاحب اليمن وحمل إلى حاصل الحرم، وهو باق فيه اليوم ونصب هذا المنبر مكانه، وطوله أربع أذرع في السماء، ومن رأسه إلى عتبته سبعة أذرع يزيد قليلاً، وعدد درجاته سبع
(3)
بالمقعد
(4)
.
(1)
رحلة ابن جبير ص 170.
(2)
تقدم ص 455.
(3)
هكذا في الأصل، والتعريف بما آنست الهجرة ص 29، أما في المطبوعة من وفاء الوفا 2/ 407: تسع.
(4)
التعريف ص 29، وفاء الوفا 2/ 407.
وفي جانبه الشرقي تجاه الحجرة الشريفة طاقة صغيرة مفتوحة مثمنة، دورها يزيد على ذراع، يقال: إنه مثال لطاقة كانت في المنبر الذي كان عيناً لمنبر النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كان الزائرون يدخلون أيديهم من تلك الطاقة، فيتمسحون بالمنبر الشريف من داخله كما تقدم آنفاً.
وللمنبر باب بمصراعين، في كل مصراع رمانة من فضة، وتاريخ المنبر مكتوب في عتبة الباب، بنقر في الخشب صورته: في سنة ست وستين وستمائة، وكتب على جانبه الأيسر اسم صانعه (أبو بكر بن يوسف النجار) وكان من أكابر الصالحين الأخيار، وهو الذي قدم بالمنبر إلى المدينة، فوضعه في موضعه، فأحسن وضعه، وأتقن نجارته وصنعه، ثم انقطع في المدينة مما ذكرناه في المجاورين
(1)
.
ويحمل للمنبر في كل سبعة أعوام أو نحوها من الديار المصرية كسوة معظمة ملوكية يُكسَاهَا من الجمعة إلى الجمعة، ورايتان سَوْدَاوان يُنسجان أبدع نسيج يرفعان أمام وجه الخطيب جانبي المنبر قريباً من الباب.
وذرع مابين المنبر والقبر الشريف ثلاثة وخمسون ذراعاً وشبر.
ومحراب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه بالناس إلى أن قبضه الله تعالى على يمين الخطيب، بينه وبين المنبر أربعة عشر ذراعاً وشبر.
وحكى ابن النجار أن الإجماع على أن هذا مصلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لم يغير بتقديم وتأخير، وإنما غيرت هيئته في هذا العصر الأخير، بجعل المصلى شبه حفير أو حوض صغير، حتى إذا وقف فيه الإمام يكون نازلاً عن مواقف المأمومين بما يقارب ذراعاً، ويصير جانب استحباب مساواة
(2)
موقفي الإمام
(1)
الباب السادس ص 1285.
(2)
في الأصل: (مواساة).
والمأموم غير مرعي. ولم يبرح أئمة العلم وأزمة الدين عن ذلك يتحرجون، وفي لجج أقاويل العلماء واختلافهم في ذلك يتموجون، فمن قائل بالجواز وتسهيل المجاور، ومن مستعمل في تفقهِهِ الفطانة والفراهة مصرحاً في المسألة بعقد الإجماع على الكراهة، ومن متمسك بالغريب من أقاويل الأعلام، ناقل فيها نصوصهم ببطلان صلاة المأموم والإمام، مورعاً
(1)
بنص الأوزاعي
(2)
/205 بالبطلان، وازعاً
(3)
من ارتكب ذلك باليد واللسان، ومن قائل بثبوت الكراهة، حاكم بزوالها لما يحصل من قرب آراب المصلي من مجال آراب النبي وحوالها. وقد نحا هذا القائل مقالة كوفية، ونزع في تمويه الأمور الشرعية نزعة صوفية، والذي يعتمده في ذلك ويستضيء به في ديجوره الحالك أن يقال: لاخلاف بين أهل التاريخ والسيرة ولا نزاع بين علماء الحديث والأثر بأن موقف رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لم يكن أعلى ولا أخفض من موقف المأمومين، بل كان صلى الله عليه وسلم في الموقف سواء مع المقتدين، وقصة حَدْر
(4)
أبي مسعود البدري حذيفة
(5)
(1)
الموارعة: المناطقة والمكالمة. القاموس (ورع) ص 770.
(2)
قال في المغني: فإن صلى الإمام أعلى من المأمومين؛ قال ابن حامد: لاتصح صلاتهم وهو قول الأوزاعي. وقال النووي في المجموع: قال أصحابنا: يكره أن يكون موضع الإمام أو المأموم أعلى من موضع الآخر .. إلى أن قال: وحكى الشيخ أبو حامد عن الأوزاعي أنه قال: تبطل به الصلاة. المجموع 4/ 187، المغني 2/ 211.
(3)
أي: ناهياً ومانعاً.
(4)
الحَدْرُ: الحط من علو إلى سفل. القاموس (حدر)373.
(5)
عن همام أنَّ حُذَيْفَةَ أَمَّ النَّاسَ بِالْمَدَائِنِ عَلَى دُكَّانٍ فَأَخَذَ أَبُو مَسْعُودٍ بِقَمِيصِهِ فَجَبَذَهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ قَالَ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ بَلَى قَدْ ذَكَرْتُ حِينَ مَدَدْتَنِي.
أخرجه الشافعي في الأم 1/ 152، وأبو داود في الصلاة، باب الإمام يقوم مكاناً أرفع من مكان القوم، رقم:597،1/ 432، والحاكم 1/ 210.
من طرق عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
لما خالف في الموقف صحيحة، وكونها في استحباب مساواة الموقفين صريحة، فمخالفة رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في السنة الواضحة، ومؤالفة العوام الجهلة واستمالة قلوبهم بالبدعة الفاضحة، لاسيما في حضرته المنيفة وبحبوح روضته الشريفة مما يستحل على فاعلها بالطغيان ويحكم على المتمادي فيها من غير عذر بالبغي والعدوان.
وقول المتصوف إن القُرْبَ من أماكن الأعضاء الشريفة قربة، وإن الدنوَ من تلك التربة المقدسة يزيح الكربة؛ كلام مُوِّهَ ظاهره بنظارِ
(1)
مناظرةٍ عوراء لكن شُوِّهَ باطنه بمخالفة ماثبت من السنة الغراء.
وأخبرني فيما كتب إلي بعض أشياخ الحرم، أنه كان يرى دائماً شيوخ أهل الخير في آن من الأيام ينقصون الرمل من الروضة، وينسفونها بالمساحي، حتى لا يعلو ما حول المحراب من الرخام، محافظة على قرب مقام المأموم في العلو من الإمام، حتى إنهم بالغوا في الحفر مرة يقصدون ما ذكرنا من المساواة ويعنونه، فوجدوا في الروضة يد إنسان مكفنة مدفونة، فحملوا على أنها يد مظلوم، تظلم أو شكى، وظن بجهله أنه يكون ذلك لإشكاتِهِ أوشكا. وأخبر أن جماعة من الحكام العلماء العاملين -ممن شاهدهم وعاصرهم وساعدهم التوفيق في مثل ذلك وناصرهم- كانوا يرفعون مقام الإمام بشيء من الحصا، حتى ترتفع عصا الخلاف ممنْ أطاع ومَنْ عصى، وأن بعض الحكام في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة أراد رفع ما انخفض
(2)
.
(1)
النظَّار: الشديد النظر. المعجم الوسيط (نظر) 2/ 932.
(2)
بياض في الأصل بمقدار سطرين ونصف.
فصل في ذكر مقبرة البقيع بالمدينة وما ورد في فضلها وتسميةالمشاهد المعروفة بها وتعيين مواضعها وأهلها
ـ عن أمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا كَانَ لَيْلَتِي الَّتِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِيهَا عِنْدِي، انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءهُ، وَخَلَعَ نَعْلَيْه، فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، فَاضْطَجَعَ. فَلَمْ يَلْبَثْ إلا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ، فَأَخَذَ رِدَاءهُ رُوَيْداً، وَانْتَعَلَ رُوَيْداً، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ. ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْداً. فَجَعَلْتُ
(1)
دِرْعِي فِي رَأْسِي، وَاخْتَمَرْتُ، وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي. ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ. حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَقَامَ. فَأَطَالَ الْقِيَامَ. ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ. فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ. فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ. فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ. فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ. فَلَيْسَ إلا أَنِ اضْطَجَعْتُ [فدخل]
(2)
فَقَالَ: «مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً؟!»
(3)
قَالَتْ: قُلْتُ: لا شَيْءَ. قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! فَأَخْبَرْتُهُ. قَالَ صلى الله عليه وسلم: «فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟» قُلْتُ: نَعَمْ. فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً
(4)
أَوْجَعَتْنِي. ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟» قَالَتْ:
(1)
في الأصل: (وجعلت).
(2)
الزيادة من صحيح مسلم.
(3)
حشيا رابية: أي مالك قد وقع عليك الحشا، وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه، والمحتد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره. النهاية (حشا) 1/ 392.
(4)
في الأصل: (فلهزني لهزة في صدري). والمثبت من صحيح مسلم والنسائي، واللهد: الدفع الشديد في الصدر، أما اللهز: فهو الضرب بجُمع الكف في الصدر. النهاية 4/ 281.
مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ. قَالَ صلى الله عليه وسلم نَعَمْ قال: «فَإِنَّ جِبْرِيلَ عليه الصلاة والسلام أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ. فَنَادَانِي. فَأَخْفَاهُ مِنْكِ. [فَأَجَبْتُهُ]
(1)
فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ. وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ. وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ. فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ. وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي. فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ» قَالَتْ: قُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ صلى الله عليه وسلم: «قُولِي: السَّلامُ عَلَيْكُم أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ»
(2)
.
رواه مسلم في صحيحه، والنسائي.
ـ وفي رواية أخرى لمسلم: قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتي مِنْهُ يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى الْبَقِيعِ فَيَقُولُ: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ. وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ غَدًا. مُؤَجَّلُونَ. وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ اللَّهُمَّ: اغْفِرْ لأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ»
(3)
.
وخرجه مالك في الموطأ مختصراً فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَبِسَ ثِيَابَهُ، ثُمَّ خَرَجَ. فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي بَرِيرَةَ تَتْبَعُهُ فَتَبِعَتْهُ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَوَقَفَ فِي / 207 أَدْنَاهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقِفَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَسَبَقَتْهُ فَأَخْبَرَتْنِي. فَلَمْ أَذْكُرْ لَهُ شَيْئاً. حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ لأصَلِّيَ عَلَيْهِمْ»
(4)
.
(1)
الزيادة من صحيح مسلم.
(2)
أخرجه مسلم، في الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، رقم: 974، 2/ 669. والنسائي، في الجنائز، باب الأمر بالاستغفار للمؤمنين رقم: 2037، 4/ 91.
(3)
أخرجه مسلم، في الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، رقم:974، 2/ 669. والنسائي، في الجنائز، باب الأمر بالاستغفار للمؤمنين رقم: 2039، 4/ 93.
(4)
أخرجه مالك، في الجنائز، باب جامع الجنائز، رقم: 55، 1/ 242. والنسائي، في الجنائز، باب الأمر بالاستغفار للمؤمنين، رقم: 2038، 4/ 93.
وأخرجه النسائي أيضاً.
وله أيضاً في رواية: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا وَإِيَّاكُمْ مُتَوَاعِدُونَ غَدًا أَوْ مُوَاكِلُونَ
(1)
»
(2)
.
ـ وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ إن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقُبُورِ أهلِ الْمَدِينَةِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ أَنْتُمْ لنا سَلَف
(3)
وَنَحْنُ بِالأثَرِ»
(4)
.
خَرَّجَهُ الترمذي في جامعه.
ـ وروى الزبير الزبيري بسنده عن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا وَقَبْرٌ يُحْفَرُ بِالْمَدِينَةِ. فَاطَّلَعَ رَجُلٌ فِي الْقَبْرِ فَقَالَ: بِئْسَ مَضْجَعُ الْمُؤْمِنيْن. فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «بِئْسَ مَا قُلْتَ» قَالَ: إِنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا إِنَّمَا أَرَدْتُ الْقَتْلَ فِي سَبِيلِ الله. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا مِثْلَ ولا شبهَ لِلْقَتْلِ فِي سَبِيلِ الله مَا عَلَى الأرْضِ بُقْعَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ قَبْرِي فيِهَا مِنْهَا» . يُرَجِّعُها ثَلاثَ مَرَّاتٍ
(5)
.
ـ وعن الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ حَنْطَبٍ
(6)
رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا مَاتَ
(1)
مواكلون: أي متكل بعضهم على بعض، في الشفاعة. القاموس (وكل) ص 1069.
(2)
أخرجه النسائي، في الجنائز، باب الأمر بالاستغفار للمؤمنين، رقم: 2039، 4/ 94.
(3)
في الترمذي: أنتم سلفنا.
(4)
أخرجه الترمذي، في الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، رقم: 1053، 3/ 360. وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
(5)
أخرجه بنحوه الإمام مالك، في الجهاد، باب الشهداء في سبيل الله، رقم: 33، 2/ 462. وهو معضل.
(6)
في الأصل: (الْمُطَّلِب بن أبي وداعة)، وهو خطأ. والصواب: الْمُطَّلِب بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ حَنْطَبٍ. التهذيب: 5/ 459 - 460.
عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ رضي الله عنه وهو أولُ مَن مَاتَ بالْمَدِينَةِ من المهاجرين ـ فَلمَّا دُفِنَ أَمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَجُلاً أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ فيعلم قبرَهُ بهِ، فَأخَذَ حَجَرَاً ضَعُفَ عَن حَمْلِهِ. فَقَامَ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ ثُمَّ حَمَلَهُ فَوَضَعَهُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ: «أَعْلمُ
(1)
بِهِ قَبْرَ أَخِي وَأَدْفِنُ عنده مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي»
(2)
.
أخرجه أبو داود، ورزين.
ـ ورواه الزبير عن إبراهيم بن قدامة عن أبيه وفي آخره: فلما توفي ابنه إبراهيم قالوا: يا رسول الله، أين نحفر له؟ قال صلى الله عليه وسلم: عند فَرَطِنا
(3)
عثمان بن مظعون
(4)
والحديث صحيح السند.
(1)
في سنن أبي داود: أتعلم.
(2)
أخرجه بنحوه أبو داود، في الجنائز، باب في الرجل يجمع موتاه في مقبرة، والقبر يعلم، رقم: 3198، 4/ 57، عن المطلب وهو من التابعين، لكنه يروي الحديث عن صحابي، فإنه قال:(قال الذي يخبرني ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجهالة الصحابي لاتضر. أخرجه البيهقي في السنن 3/ 412، ورزين في تجريد الصحاح (جامع الأصول 11/ 146 - 147). له شاهد عن أنس رضي الله عنه:
…
أخرجه مختصراً ابن ماجه، في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في العلامة في القبر، رقم: 1561، 1/ 498. والحديث بمجموع الروايات حسن الإسناد.
(3)
فَرَطَ الرجل القوم: سبقهم وتقدمهم. القاموس (فرط) ص 681.
(4)
رواه ابن زبالة، عن قدامة بن موسى. كما في وفاء الوفا 3/ 891 - 892.
وقد ورد في حديث البراء رضي الله عنه قال: مات إبراهيم وهو ابن ستة عشر شهراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ادفنوه في البقيع» .
أخرجه ابن شبة 1/ 97، وسنده جيد.
وعن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب قال: أول من دفن بالبقيع عثمان بن مظعون، ثم اتبعه إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أشار بيده يخبرني أن قبر إبراهيم إذا انتهيت إلى البقيع فجزت أقصى دار عن يسارك تحت الكبا الذي خلف الدار.
أخرجه ابن سعد 1/ 141، وفيه: محمد بن عمر بن علي، صدوق، روايته عن جده مرسلة.
ـ وروي عن سعيد المَقْبُري قال: قدم مصعب بن الزبير رضي الله عنه حاجاً أو معتمراً ومعه ابن رأس الجالوت فدخل المدينة من نحو البقيع، فلما مر بالمقبرة قال ابن رأس الجالوت: إنها لهي، قال مصعب: وما هي؟ قال: إنا نجد في كتاب الله تعالى صِفَةَ مقبرة شرقيها نخل وغربيها بيوت يبعث منها سبعون ألفاً كلهم على صورة القمر ليلة البدر، وقد طُفْتُ مقابرَ الأرض فلم أر تلك الصفة حتى رأيت هذه المقبرة
(1)
.
ـ وفي لفظ: لما أشرف ابن رأس الجالوت على البقيع قال: هذه التي نجد في كتاب الله كَفْتَة
(2)
لا أطؤها، قال: فانصرف عنها إجلالاً لها
(3)
.
ـ وروي عن محمد بن كعب القرظي قال: إن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «من دفناه في مقبرتنا هذه شفعنا له أو شهدنا له»
(4)
.
-وروى ابن النجار بسنده عن أم / 208 قيس بنت محصن أنها قالت لمولى لسعد بن زياد: لو رأيتني ورَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم آخذ بيدي في سكة المدينة حتى انتهى البقيع، بقيع الغرقد، فقال صلى الله عليه وسلم: «يا أم قيس، قلت: لبيك يا رسول الله
(1)
رواه ابن النجار في الدرة ص 230، عن محمد بن الحسن بن زبالة، عن محمد بن إسماعيل، عن داود بن خالد، عن سعيد المقبري، فذكره.
في سنده: محمد بن الحسن بن زبالة: كذبوه.
(2)
كَفْتة: اسم بقيع الغرقد، لأنها تكفت الناس، أو لأنها تأكل المدفون سريعاً، لأنها سبخة. القاموس (كفتة) ص 159.
(3)
رواه ابن النجار في الدرة ص 230، عن محمد بن الحسن بن زبالة، عن العلاء بن إسماعيل، عن عبدالحميد بن جعفر، عن أبيه. في سنده: ابن زبالة.
(4)
رواه ابن شبه 1/ 97، وابن زبالة (كما في الدرة ص 230، والتعريف ص 42).
كلاهما من طريق محمد بن كعب، به.
ومحمد بن كعب القرظي من ثقات التابعين. التقريب 504 برقم 6257، روايته مرسلة، فسنده ضعيف.
وسعديك، قال صلى الله عليه وسلم: ترينَ هذه المقبرة؟ قلت: نعم يا رسول الله. قال صلى الله عليه وسلم: يُبعثُ منها يومَ القيامَةِ سبعون ألفاً على صورة القمرِ ليلةَ البدر، يدخلون الجنةَ بغيرِ حساب»
(1)
.
-وروى بسند له عن أبي هريرة رضي الله عنه قال إنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنا أول من تنشق عنه الأرض، فأكون أول من يبعث، فأخرج أنا وأبو بكر وعمر إلى البقيع، فيبعثون، ثم يبعث أهل مكة، فأحشر بين الحرمين»
(2)
(1)
رواه الطيالسي ص 227، وابن شبة 1/ 91 - 92، والطبراني في الكبير 25/ 181، والحاكم في المستدرك 4/ 68، وابن النجار ص 228. كلهم من طريق أبي عاصم سعد ابن زياد عن نافع مولى حمنة بنت شجاع، عن أم قيس، به. ووقع في رواية ابن النجار: نافع مولى ابن عمر، وهو وهم. قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، وفيه من لم أعرفه. مجمع 4/ 13. وأبو عاصم سعد بن معاذ: يكتب حديثه وليس بالمتين. الجرح 4/ 83. فإسناده ضعيف.
(2)
رواه ابن النجار ص 229، من طريق محمد عثمان، ثنا أبي، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة، به.
في إسناده عثمان بن خالد، أبو عفان المدني: متروك الحديث. التقريب 383، برقم 4464. قال ابن حبان: لايحل الاحتجاج بخبره. المجروحين 2/ 102.
فإسناده ضعيف جداً. وله شاهد بلفظه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما:
رواه الترمذي، في المناقب، باب مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، رقم 3692، 5/ 622، و عبدالله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة لأبيه رقم:283،1/ 231، وابن حبان 9/ 24، والحاكم 2/ 465 - 466، و 3/ 68.
كلهم من حديث عاصم بن عمر العمري، عن ابن دينار، عن ابن عمر به.
قال الترمذي: هذا حديث غريب، وعاصم بن عمر ليس بالحافظ عند أهل الحديث.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
تعقبه الذهبي فقال: عاصم هو أخو عبدالله ضعفوه.
قال في التقريب ص 286 برقم 3068: عاصم بن عمرو العمري: ضعيف. فإسناده ضعيف لضعف عاصم بن عمرو العمري. يضاف إلى ذلك: اضطراب عاصم في إسناده. فضائل المدينة للرفاعي ص 609 - 610.
وقد روى أول الحديث أبو هريرة رضي الله عنه بلفظ: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع» .
رواه مسلم في الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق، رقم 2278، 4/ 1782.
-وروى الزبير بسند له عن كعب الحبر قال: نجدها في التوراة كَفتة محفوفة بالنخيل، وموكل بها ملائكة، كلما امتلأت أخذوا بأطرافها فكفؤوها في الجنة
(1)
.
-وروي عن عيسى بن عبد الله عن أبيه قال: مَرَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بموضع حمام عبيد الله بن الحسين الذي اشترى محمد بن زيد، فقدمه إلى البقيع قليلاً وقال: نعم موضع الحمام
(2)
.
-وروي عن خالد بن عَوْسجة قال: كنت أدعو ليلة إلى زاوية دار عقيل بن أبي طالب التي تلي باب الدار، فمر بي جعفر بن محمد رحمه الله يريد العريض ومعه أهله، فقال لي: أعن أثرٍ وقفت ها هنا؟ قلت: لا، قال: هذا موقفُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بالليل إذ جاء يستغفر لأهل البقيع
(3)
.
-وروي بسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أبعث يوم القيامة بين أبي بكر وعمر ثم آتي البقيع فيبعث معي أهله ثم أنتظر أهل مكة حتى يأتوني فأبعث بين الحرمين أهل مكة وأهل المدينة»
(4)
.
-وروي بسند عن المطلب بن حَنْطب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يُحشر من
(1)
رواه الزبير بن بكار عن ابن زبالة، بسنده عن كعب، كما في الدرة الثمينة ص 229.
قال ابن النجار: يعني البقيع. وابن زبالة كذبوه.
(2)
رواه ابن زبالة من طريقه كما في وفاء الوفا 3/ 897.
(3)
رواه ابن زبالة كما في الدرة 237 - 238، ووفاء الوفا 3/ 890، عن خالد بن عوسجة.
(4)
تقدم تخريجه في الصفحة السابقة، وهو ضعيف.
مَقبرة المدينة -يعني البقيع- سبعون ألفاً لا حساب عليهم، تضيء وجوهُهم غُمدَان
(1)
اليمن
(2)
».
-وروى الزبير بسند إلى أبي عبد الله حكام الشامي عن أبي عبد الملك أنه حدثه حديثاً يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مقبرتان تضيئآن لأهل السماء كما يضيء الشمس والقمر لأهل الدنيا: مقبرتنا بالبقيع -بقيع المدينة- ومقبرة بعسقلان»
(3)
.
وروي بسند عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُبْعثُ من هذه المقبرة واسمها كَفْتة مائةُ ألفٍ، كلهم على صورة القمرِ ليلة البدر، لا يَسترقون، ولا يرقون، ولا يتداوون، وعلى ربهم يتوكلون»
(4)
.
-وروينا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ /209 قَالَ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأهْلِ الْبَقِيعِ، فَانْطَلِقْ مَعِي. فخرج وخرجت معه حتى أتى البقيع فاستغفر لأهله طويلاً ثم قال: لِيَهْنِكم مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ فيه، أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ بعضها بعضاً يتبع آخِرُهَا أَوَّلَهَا، الْآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الْأُولَى، ثم قَالَ صلى الله عليه وسلم:
(1)
غُمدان: بضم أوله، وسكون ثانيه، وآخره نون، قصر مشهور باليمن. معجم البلدان 4/ 210 - 211.
له مكانة معروف بجوار جامع صنعاء الكبير. فضائل المدينة للرفاعي ص 607، هامش:5.
(2)
رواه ابن زبالة كما في وفاء الوفا 3/ 887.
والمطلب بن حنطب: صدوق كثير التدليس والإرسال من الرابعة. التقريب 534 برقم 6710. إسناده مرسل، وفيه ابن زبالة، كذبوه.
(3)
رواه ابن النجار، من طريق الزبير بن بكار، ثنا ابن زبالة، عن محمد بن إسماعيل، عن حكام، به (229)، وفيه ابن زبالة، كذبوه.
(4)
رواه ابن زبالة كما في وفاء الوفا 3/ 887.
يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أعطيت خَزَائِنَ الدُّنْيَا وَالْخُلْدَ [فِيهَا] ثُمَّ الْجَنَّةَ، فخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي. وَالْجَنَّةِ فقُلْتُ: بِأَبِي أنت وَأُمِّي فَخُذْ خزائن الدُّنْيَا وَالْخُلْدَ، ثُمَّ الْجَنَّةَ فقَالَ صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ قَدِ اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي وَالْجَنَّةَ. فلما انْصَرَفَ صلى الله عليه وسلم ابتدأ به وَجَعُهُ فقبضه الله تعالى صلى الله عليه وسلم
(1)
.
(1)
رواه أحمد 3/ 488، والدارمي 78، 1/ 30، وابن شبة 1/ 86 - 87، وحماد بن إسحق في تركة النبي صلى الله عليه وسلم 51، والطبراني في الكبير 22/ 346،347، والحاكم 3/ 55 - 56، والبيهقي في دلائل النبوة 7/ 162 - 163، وابن عبدالبر في التمهيد 20/ 111. كلهم من طريق ابن إسحق، عن عبدالله بن عمر العبلي، عن عبيد ابن جبير مولى الحكم بن أبي العاص، عن عبدالله بن عمرو بن العاص، عن أبي مويهبة، به. والحديث ذكره الهيثمي وعزاه لأحمد والبزار، ثم قال: وإسناد أحمد والبزار كلاهما ضعيف. مجمع الزوائد 3/ 59.
وأعاده في 9/ 24 وذكر خلاف الحكم السابق، والصواب قوله الأول.
قال د. صالح الرفاعي في فضائل المدينة ص 603:
وهذه الأسانيد المتقدمة كلها ضعيفة، لكن يقوي بعضها بعضاً، وللحديث شواهد أيضاً، منها حديث أم المؤمنين عائشة المتقدم في الاستغفار لأهل البقيع، فالحديث حسن بمجموع طرقه، وشواهده، وقد حسّنه ابن عبدالبر في التمهيد 20/ 111.
ذكرُ المشاهدِ المعروفةِ المعينةِ بالبَقيع
لا شك أن هذه المقبرة المقدسة محشوة مملوءة بالجماء الغفير من سادات الأمة من المهاجرين والأنصار، غير أن اجتناب السلف الصالح من المبالغة في تعظيم القبور وتجصيصها أفضى إلى انطماس آثار أكثرهم، فلأجل ذلك لا يعرف موضع قبر معين منهم، إلا أفراداً معدودة نشير إلى شيء منها.
فمنها: روضة في قبلي قبة عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه، تشمل قبور أمهات المؤمنين الطاهرات أزواج سيد الكائنات وأشرف المخلوقين وأفضل البريات، سوى خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فإنها بمكة، وميمونة رضي الله عنها فإنها بسَرِف، وقبورهن رضي الله عنهن في هذه الروضة غير متميزة ولا معينة شخصاً شخصاً.
ومنها روضة تحوي العَبَّاسَ بن عبد المطلب عَمّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، والحسن بن علي رضي الله عنهما، وعليهما قبة شامخة في الهواء، حالية الوضع
(1)
عالية البناء، بناها الخليفة الناصر أحمد بن المستضيء
(2)
.
ورأس الحسن إلى رجلي العباس رضي الله عنهما، وسائر من في هذه
(1)
حالية الوضع، أي: يحسن بالعين مرآها. القاموس (حول) ص 989.
(2)
قاله المطري في التعريف ص 43. قال السمهودي: وفيه نظر، وفاء الوفا 3/ 916. وقال ابن النجار: وهذه القبة قديمة البناء، الدرة الثمينة ص 232.
المستضيء: هو الناصر لدين الله أحمد أبو العباس بن الحسن المستضيء بويع بالخلافة عام خمسة وسبعين وخمسمائة، كان فصيح اللسان، شجاعاً، شهماً إلا أنه كان رديء السيرة في الرعية، يميل إلى التشيع. توفي سنة 622 هـ. التاريخ الإسلامي 6/ 313 - 314، البداية والنهاية 13/ 114.
القبة من أهل البيت يأتي ذكرهم آنفاً إن شاء الله تعالى، وقبران هما مرتفعان من الأرض، متسعان، مُغَشَّيَانِ بألواح ملصقة أبدع إلصاق، مُصَفَّحَةٍ بصفائح الصُّفْر، مكوكبةٍ بمسامير، على أبدع صفة وأجمل منظر.
وعلى هذه الصفة قبر سيدنا وابن سيدنا، إبراهيم ابن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وعليه قبة، وفيها شباك من جهة القبلة، وموضع تربته يعرف ببيت الحزن، يقال: إنه البيت الذي أوت إليه فاطمة رضي الله عنها والتزمت الحزن فيه بعد وفاة أبيها، سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم /210، وهو مدفون إلى جنب عُثمان بن مَظعون رضي الله عنه، كما تقدم في أحاديث الفضائل آنفاً.
وورد أيضاً أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لما احتضر أرسلت إليه عائشة رضي الله عنها تقول له: هلم إلى أصحابك، يعني النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال لها: لست بمضَيِّقٍ عليك بيتك، إني كنت قد عاهدت ابن مظعون رضي الله عنه أينا مات دفن إلى جنب صاحبه، ادفنوني إلى جانب عثمان، فدفن إلى جانبه، فيزاران معاً إذ ذاك
(1)
.
-وورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان القائم يقوم عند قبر عثمان بن مظعون رضي الله عنه، فيرى بيت النبي صلى الله عليه وسلم ليس دونه حجاب
(2)
.
-ومنها مشهد صفية عمة رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، أم الزبير بن العوام رضي الله عنهما، وقبرها أول ما تلقى على يسارك عند خروجك من باب البقيع، وأمام
(1)
رواه ابن زبالة عن سليمان بن سالم، عن عبدالرحمن بن حميد، عن أبيه. (ابن النجار ص 236).
ورواه ابن شبة 1/ 115، من طريق عبدالعزيز بن عمران بسنده إلى حفص بن عمر بن عبدالرحمن. وعبد العزيز بن عمران: متروك.
(2)
رواه ابن زبالة، من طريق عائشة بنت قدامة، به. (ذكره ابن النجار ص 236).
هذه البرية قبر مالك بن أنس الإمام المدني، وعليه قبة صغيرة مختصرة.
-ومنها قبر فاطمة بنت رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو داخل قبة العباس إلى جانب ابنها الحسن رضي الله عنهم، لما ورد أن الحسن بن علي رضي الله عنهما حين أحس بالموت قال: ادفنوني حيث أمي فاطمة
(1)
. وذلك بعد أن مُنِعَ من عند جده صلى الله عليه وسلم.
وجاء من طريق آخر أن قبرَ فَاطِمَة رضي الله عنها في بَيتهَا الذي أدخَلهُ عُمَرُ بن عَبدِالعَزيزِ رضي الله عنه في المسجدِ، والله أعلم
(2)
.
وروينا أن الشيخ العارف أبا العباس المرسي قدّس الله سره، كان إذا أراد البقيع وقف أمام قبلة قبة العباس رضي الله عنه وسلم على فاطمة رضي الله عنها، وكان يذكر أنه كشف له عن قبرها هناك
(3)
. والله أعلم.
(1)
رواه ابن شبة 1/ 106 - 107 في خبر طويل من طريق مولى عبادل، عن عبيد الله بن علي، عمن مضى من أهل بيته. أبهم بعض رجاله. وفيه أيضاً: عبيد الله بن علي: لين الحديث، التقريب 373، برقم 4322.
قال السمهودي في الخلاصة 2/ 372: إنها بالبقيع على الأرجح، ثم قال 2/ 375: هي قرب قبر الحسن. ونقل عن المسعودي قوله: إن هناك رخامة مكتوب فيها هذا قبر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء العالمين، وقبر الحسن بن علي، ذكره في سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة. ويؤيده مارواه ابن شبة 1/ 105 من حديث عكرمة بن مصعب أن قبر فاطمة زاوية دار عقيل اليمانية الشارعة في البقيع.
(2)
رواه ابن شبة 1/ 106، عن عبدالعزيز بن عمران، عن حماد بن عيسى، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، به. وعبدالعزيز بن عمران: متروك.
(3)
ذكره المحب الطبري في ذخائر العقبى في فضائل ذوي القربى، عن أخ في الله عن أبي العباس. التعريف 43، المراغي في تحقيق النصرة 126.
الأمور الغيبية لاتثبت إلا بما ورد بالقرآن الكريم، أو السنة النبوية المطهرة.
ولا يركن في ذلك على الكشف والمنامات وغيرها.
ولابأس أن يقول عند السلام على فاطمة رضي الله عنها: السلام عليك يا بنت سيد المرسلين، السلام عليك يا خير من ولدت البنات والبنين، السلام عليك يا أم سَيِّدَي شباب أهل الجنة أجمعين، السلام عليك يا سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا حَليلة حامي حوزة الدين، السلام عليك يا من أجلها الله وأسماها، السلام عليك يا من فطمها عن شهوات الدنيا وبفاطمة سماها، السلام عليك يا من علا على كل طيب شذاها، السلام عليك يا من سما قدرها على كل قدر وتناهى، السلام عليك يا من قال في حقها سيد الخلق ومولاها:«فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا» ، السلام عليك ورحمة الله وبركاته
(1)
.
ومنها قبور السادة القادة: علي بن الحسين زين العابدين، وابنه محمد الباقر، وابنه /211 جعفر بن محمد الصادق، وثلاثتهم في قبة العباس المتقدم ذكرها رضوان الله عليهم أجمعين.
ومنها قبر عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه، وإلى جانبه قبر ابن أخيه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وعليهما قبة معروفة على يمينك وأنت قاصد صوب مشهد عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ومنها روضة بقربه يقال فيها ثلاثة من أولاد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
ومنها مشهدُ أميرِ المؤمنينَ عُثمَان بن عَفَّان رضي الله عنه شَرقي البقيعِ، خَارجاً عن البقيعِ، في مَوضعٍ يُعرَفُ بحش كوكب، وعليه قبة سامية ابتناها
(1)
السلام على فاطمة رضي الله عنها بهذه الصيغة لم يرد عن أحد من السلف. أما قوله صلى الله عليه وسلم: «فاطمة بضعة مني» فقد رواه الْمِسْوَرُ بْنَ مَخْرَمَةَ في حديث طويل: أخرجه البخاري، في النكاح، باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف، رقم: 5230، 9/ 238. ومسلم، في فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم: 2449، 4/ 1902.
أسامة ابن سنان الصلاحي، أحد أمراء السلطان السعيد صلاح الدين يوسف بن أيوب، في سنة إحدى وستمائة.
ولا بأس أن يقول عند زيارته: السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا ثالث الخلفاء الراشدين، السلام عليك يا مجهز جيش العسرة عند الإعدام
(1)
، السلام عليك يا من سفك دمه لصلة الأرحام، السلام عليك يا شهيد الدار، السلام عليك يا صبوراً على تجرع الأكدار، السلام عليك يا من صاهر النبي على الابنتين، السلام عليك يا من هاجر في الله ورسوله الهجرتين، السلام عليك يا من اختص بجمع القرآن بين الدفتين، وطالما ختمه في ركعة أو ركعتين، وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه في بيعة الرضوان بإحدى يديه فكان خيراً له من بيعتين
(2)
، السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
ومنها قبر أم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهي فاطمة بنت أسد بن هاشم رضي الله عنه وعَنهَا، وهي في آخر المقابر شمالي قبة عثمان رضي الله عنه، في موضع يعرف بالحمام، وقد قدمنا في أحاديث الفضائل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: نعم موضع الحمام. وعلى قبرها مكتوب ماضمّ قبرٌ أمَّ أحد كفاطمة بنت أسد، رضي الله عنها وعن بَنيها.
(1)
الإعدام: الفقر. القاموس (عدم)1136.
(2)
يشير إلى ما أخرجه الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِبَيْعَةِ الرِّضْوَانِ كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَسُولَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ فَبَايَعَ النَّاسَ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ عُثْمَانَ فِي حَاجَةِ الله وَحَاجَةِ رَسُولِهِ فَضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأخْرَى فَكَانَتْ يَدُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لِعُثْمَانَ خَيْرًا مِنْ أَيْدِيهِمْ لأنْفُسِهِمْ» .
أخرجه الترمذي، في المناقب، باب في مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه، رقم: 3702، 5/ 626 وقَال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.
ومنها قبر إسماعيل بن جعفر الصادق، في مشهد كبير مبيض غربي قبة العباس رضي الله عنه، وهو ركنُ سور المدينة اليوم من جهة القبلة والمشرق، وبابه من داخل المدينة، بناه بعض ملوك مصر العبيديين، ويقال: إن هذه العرصة التي فيها هذا المشهد وما حولها من جهة الشمال إلى الباب هي كانت دار زين العابدين بن علي ابن الحسين رضي الله عنهم، وبين الباب الأول وباب المشهد قبر منسوبة إلى زين العابدين رضي الله عنه، وكذلك بجانب المشهد الغربي مسجد صغير مهجور يقال: إنه مسجد زين العابدين رضي الله عنه أيضاً.
/ 212 وروى الزبير عن حسن بن علي بن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن الحسين بن علي
(1)
رضي الله عنهم أنه هدم منزله في دار علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال فأخرجنا حجراً مكتوباً فيه: هذا قبر رملة بنت صخر، فسألنا عنه فائداً مولى عبادل فقال: هذا قبر أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما
(2)
وروي عن محمد بن الحسن بن زبالة عن إبراهيم بن علي الرافعي قال: حفر لسالم البانكي مولى محمد بن علي قال: فأخرجوا حجراً طويلاً فإذا فيه
(1)
في الأصل: (حسن بن علي بن محمد بن عبيدالله بن عمر بن علي)، والمثبت هو الصواب. ابن النجار ص 234، وفاء الوفا 3/ 912، لباب الأنساب لأبي الحسن علي البيهقي 1/ 360.
(2)
ذكره ابن النجار ص 234، وفاء الوفا 3/ 912.
ويعارضه حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها أوصت عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما: لاتدفني معهم، وادفني مع صواحبي بالبقيع.
أخرجه البخاري، في الجنائز، باب ماجاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، رقم 1391، 3/ 301.
قال الآقشهري: أزواج النبي صلى الله عليه وسلم جميعهن بالبقيع ماخلا خديجة رضوان الله عليها فإنها بالحجون، وكذلك ميمونة بنت الحارث بسرف. الروضة الفردوسية 45/أ.
مكتوب هذا قبر أم سلمة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو مقابل خوخة آل نبيه بن وهب، قال: فأهيل عليه التراب وحفر لسالم في موضع آخر
(1)
.
وروي عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، قال: ابتاع عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه من زيد بن علي وأخته خديجة رضي الله عنهما دارهما بالبقيع، بألف وخمسمائة دينار، ونقضها وزادها في البقيع، فهي مقبرة آل عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، وهي الدار التي كانت لآل ضرار الثقفيين
(2)
.
وروي عن مالك قال: توفيت زينب بنت جحش رضي الله عنها في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال أزواج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من يدخل في قبرها؟ فقال: من كان يراها في حياتها
(3)
.
قال: ودفنها عمر رضي الله عنه بالبقيع، وضرب على قبرها فسطاطاً ثلاثاً
(4)
.
-وعن محمد بن عبيد الله قال: قبور أزواج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من خوخة نُبَيْه إلى
(1)
رواه ابن النجار ص 235، به.
وفيه ابن زبالة: كذبوه. وروى نحوه ابن شبة 1/ 120. وانظر الحاشية السابقة في تعيين مكان قبور أمهات المؤمنين بالبقيع.
(2)
رواه ابن النجار، من حديث ابن زبالة، عن عيسى، به ص 237.
(3)
ذكره ابن النجار من رواية مالك بن أنس، ص 234.
وروى نحوه ابن سعد من طرق كثيرة عن عبدالرحمن بن أبزى رضي الله عنه 8/ 110،11، وإسناده صحيح.
…
ورواه الحاكم في المستدرك 4/ 25 - 26 في حديث طويل، من طريق الواقدي، والواقدي: متروك.
(4)
رواه ابن سعد 8/ 112 من حديث محمد بن المنكدر، وهو معضل.
وروي أيضاً من طريق الواقدي. أخرجه ابن سعد 8/ 113، والحاكم في المستدرك 4/ 25 - 26. والواقدي متروك.
الزقاق الذي يخرج إلى البقال مستطيرة
(1)
.
-وروى فائد مولى عبادل قال: حدثني منقذ الحفار، أنه حفر قبراً فوجد قبراً على سبعة أذرع من خوخة نُبَيْه مشرفاً، عليه لوح مكتوب: هذا قبر فاطمة ابنة رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وروي عنه أنه قال قبر فاطمة ابنة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مواجه الخوخة التي في دار نُبَيْه بن وهب، طريق الناس بين قبر فاطمة وبينها، قال: وأظن أن الطريق سبعة أذرع
(2)
.
وروي عن سعيد بن محمد بن جبير قال: رأيت قبر الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما عند فَمِّ الزقاقِ الذي بين دَارِ نُبَيْه وبين دَارِ عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه، وقيل: دفن عند قبر أمه.
قال: ورأيت قبر إبراهيم ابن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عند الزوراء
(3)
.
قال عبد العزيز بن محمد وهي الدار التي صارت لمحمد بن زيد بن علي رضي الله عنهم.
قال أبو عبد الله: هذا أثبت شيء في هذا.
وروي عن محمد بن موسى بن أبي عبد الله قال: كان قبر صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها عند زاوية دار المغيرة بن شعبة، وكان الوضوء عليه، فلما بنى المغيرة داره وأراد أن يقيم المطمر
(4)
عليه قال الزبير: لا والله لا تبني
(1)
استطار: إذا امتد وطال، يعني ممتدة ومنتشرة. القاموس (طير)432.
وقد رواه ابن زبالة، عن محمد بن عبيد الله، به (وفاء الوفا 3/ 911).
(2)
رواه ابن شبة 1/ 106 - 107 في خبر طويل، من طريق فائد مولى عبادل، عن عبيد الله بن علي عمن مضى من أهل بيته. وقد تقدم تخريجه والكلام عليه قبل قليل.
(3)
رواه ابن زبالة عن سعيد بن جبير، به. ساقه السمهودي في وفاء الوفا 3/ 893.
(4)
المِطْمَر: خيط للبناء يمد أفقياً ليعلم استقامة البناء. القاموس (طمر) ص 431. والمراد هنا جعل البناء مستقيماً لا التواء فيه.
على قبر أمي، فكف عنه
(1)
.
/213 وأما المشاهد التي بظاهر المدينة وليست في البقيع فثلاثة ظاهرة فيها متعينة، منها: مشهد سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، عم رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه، ومعه في قبره ابن أخته عبد الله بن جحش، وعليه قبة عالية، وعمارة حسنة متقنة، وله باب مصفح بالحديد أشبه شيء بالحصون، بنته أم الخليفة الناصر لدين الله أبي العباس أحمد بن المستضيء في سنة تسعين وخمسمائة.
وعند رِجل حمزة رضي الله عنه قبر ظاهر يظن الدخيل أنه قبر بعض الشهداء، وليس كذلك، لكنه قبر بعض السعداء من عامة الناس أكرمه الله بهذا الجوار الكريم، وهو رجل تركي اسمه سنقر، وكان متولياً لعمارة هذا المشهد المقدس، فمات فدفن هناك.
وكذلك في صحن البقعة إلى جهة الباب قبر غير ظاهر الإشراف يكاد يندفن، وهو قبر بعض الأشراف العلويين من أمراء المدينة الشريفة فليعلم.
ومنها مقابر الشهداء شمالي مشهد حمزة رضي الله عنه وعنهم، وقبورهم مرصوفة بالحجارة غير معينة أصحابها.
وفي الجملة فإن زيارتهم والتسليم عليهم والترضية عنهم مندوبة مستحبة، وقد ورد عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه لما انصرف من أحد، مر على مصعب بن عمير رضي الله عنه وهو مقتول، فوقف عليه ودعا له ثم قرأ:{من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}
(2)
الآية ثم قال: إن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يشهد
(1)
رواه ابن زبالة، عن محمد بن موسى، به. كما في وفاء الوفا 3/ 910 وروى ابن شبة نحوه 1/ 126 - 127 عن عبدالعزيز بن عمران. وعبدالعزيز: متروك.
(2)
سورة الأحزاب الآية: 23.
أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فأتوهم وزوروهم وسلموا عليهم، فو الذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردُّوا عليه
(1)
رواه الثعلبي في التفسير.
وعن أبي إسحق ابن شعبان قال: كان رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يأتيهم كل عام يرفع صوته ويقول: {سلامٌ عَليكم بما صَبَرْتُم}
(2)
الآية وفَعَلَهُ الثلاثة بعده، وحج معاوية رضي الله عنه فأتاهم وفعل ذلك
(3)
.
(1)
من مسند عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
رواه الطبراني في الكبير 20/ 364، والأوسط 4262 من طريق أبي بلال الأشعري، ثنا يحيى بن العلاء الرازي، عن عبد الأعلى بن عبدالله بن أبي فروة، عن قطن بن وهب، عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وقال: لايروى هذا الحديث عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو بلال، قال الهيثمي 3/ 60: رواه الطبراني في الكبير وفيه أبو بلال الأشعري ضعفه الدارقطني. وفيه: يحيى بن العلاء رمي بالوضع. التقريب 595، برقم 7618، وقطن بن وهب لم يسمع من ابن عمر. فإسناده واه، والله أعلم.
وهو في مستدرك الحاكم 2/ 271 برقم: 2977 عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظه، ومن طريقه أخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 284.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
وتعقبه الذهبي فقال: أنا أحسبه موضوعاً، وقطن لم يرد له في البخاري، وعبدالأعلى لم يخرجا له.
وقد ورد في فضل زيارة قبور الشهداء حديث طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد قبور الشهداء حتى إذا أشرفنا على حرة واقم
…
…
…
أخرجه أبودواد، في المناسك، باب زيارة القبور رقم 1747، وأحمد رقم: 1/ 161. وابن شبة 1/ 133، والبيهقي في السنن الكبرى 5/ 249، وابن عبدالبر في التمهيد 20/ 245،246 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد.
(2)
سورة (الرعد) آية 24.
(3)
رواه ابن شبة 1/ 132 عن أبي غسان، عن عبدالعزيز بن عمران، عن موسى بن يعقوب الزمعي، عن عباد بن أبي صالح يرفعه.
وفيه: عبدالعزيز بن عمران، متروك، فإسناده واه جداً.
رواه ابن الحاج في مناسكه.
وروي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن ناساً من المسلمين احتملوا قتلاهم من أحد إلى المدينة فدفنوهم بها أنه نهاهم عن ذلك وقال: «ادفنوهم حيث صرعوا»
(1)
.
وبظاهر المدينة مشهد مبارك، يقال إنه تربة السيد الكريم ذي النفس الزكية، محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، قتل في أيام أبي جعفر المنصور، عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، وهو شرقي جبل سَلْع
(2)
، وعليه عمارة مختصرة مبنية بحجارة الحرة قصدوا أن يبنوا عليه قبة وعمارة عظيمة فلم يتفق ذلك، وهو اليوم داخل مسجد مهجور، عليه باب شبه شباك / 214 وعليه ضبة ومفتاح، وفي قبلة المسجد منهل من عين الأزرق الخارجة من المدينة، وعليه بناء مُدَرَّجٌ بدَرَج من جهة الشرق والغرب، والعين في وسطه تجري إلى مفيضها من البركة التي ينزلها الحاج عند ورودهم وصدورهم.
* * *
(1)
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قال كُنَّا حَمَلْنَا الْقَتْلَى يَوْمَ أُحُدٍ لِنَدْفِنَهُمْ فَجَاءَ مُنَادِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَدْفِنُوا الْقَتْلَى فِي مَضَاجِعِهِمْ فَرَدَدْنَاهُمْ. أخرجه أبو داود، في الجنائز، باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض، رقم: 3157، 4/ 39. وأخرج نحوه الترمذي، في الجهاد، باب ما جاء في دفن القتيل في مقتله، رقم: 1717، 4/ 215، وقال: حديث حسن صحيح. وابن ماجه، في الجنائز، باب ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم، رقم: 1516، 1/ 486.
(2)
روى ابن جرير الطبري 7/ 600 (سنة 145) أن أخت محمد وابنته دفنتاه بالبقيع. وفي رواية أخرى 7/ 600 أن أصحاب محمد صلبوا ثم دفنوا قرب سلع في مقبرة اليهود.
ذكر سائر المساجد التي صلى فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة وأعراصها
ونبدأ بالمعروف المشهور من ذلك لكون الحاجة إلى معرفتها أمس، فمنها:
مسجد قباء
وهو أشهرها بعد المسجد المقدس، وقد ذكرنا في باب فصل القاف من الباب الخامس
(1)
في ترجمة قباء ومسجدها ما فيه كفاية إن شاء الله تعالى، ولم يزل مسجد قباء على ما بناه رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى أن بناه عمر بن عبد العزيز على ما هو عليه اليوم عند بنائه مسجد المدينة ومساجد في المواضع التي صلى فيها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم.
قال أبو غسان: قال لي غير واحد من أهل العلم: إن كل مسجد من مساجد المدينة ونواحيها مبني بالحجارة المنقوشة المطابقة فقد صلى فيها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، وذلك أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حين بنى مسجد المدينة سأل - والناس يومئذ متوافرون - عن المساجد التي صلى فيها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ثم بناها بالحجارة المطابقة
(2)
.
ولم يزل مسجد قُباء على ما بناه عمر بن عبد العزيز إلى أن شعث بتكرر الأعصار وممر السنين، وتهدم كثير منه، فجدده الجواد جمال الدين الأصفهاني
(1)
في الأصل: (الثالث) وهو خطأ.
(2)
رواه ابن شبة 1/ 74 عن أبي غسان الكناني من أصحاب مالك، به. وذكره الحافظ في الفتح 1/ 680 وسكت عنه.
محمد ابن علي بن أبي منصور
(1)
المدفون من جانب قدم النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في رباطه المعروف بإنشائه قبالة باب عثمان رضي الله عنه، المعروف بباب جبريل عليه السلام، وسيذكر في الأربطة مشروحاً إن شاء الله تعالى.
ومنها
مسجد الجمعة،
ويسمى مسجد الوادي أيضاً.
قال ابن النجار: والمسجد اسمه الغبيب
(2)
.
وهو مسجد على يمين السالك إلى مسجد قباء، شماليه أطم خراب، يقال له: المزدلف، أطم عتبان بن مالك، وهو في بطن الوادي، وهو مسجد صغير جداً مبني بحجارة قدر نصف القامة، وهو الذي كان يحول السَّيْلُ بينه وبين عتبان بن مالك إذا سال، لأن منازل بني سالم بن عوف كانت غربي هذا الوادي على طرف الحرة، وآثارهم باقية هناك، فسأل عتبان رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته مكاناً يتخذه مصلى، /215 ففعل صلى الله عليه وسلم
(3)
.
وقد تقدم
(4)
أنه أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة في بني سالم ابن عوف، فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي، وادي رانونا، وكانت أول جمعة صلاها بالمدينة، القصة.
وذرعته يوم تقييدي لهذه الأحرف بعد أداء صلاة العصر فيه أنا وجماعة، فكان طوله من داخل المسجد ثلاثة وثلاثون شبراً، وعرضه ستة وعشرون شبراً
(1)
تقدمت ترجمته في الباب الأول.
(2)
لم أقف عليه في النسخ المطبوعة من كتاب ابن النجار: الدرة الثمينة.
(3)
أخرجه البخاري، في الصلاة، باب المساجد في البيوت، رقم: 425، 1/ 618. ومسلم، في الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً، رقم: 33، 1/ 61. وأبو داود، في الصلاة، رقم:1202. وابن ماجه، في الطهارة وسننها، رقم: 652.
(4)
في الباب الثاني ص 216.
وشارك فتياننا بتنظيفه وكنسه وإصلاح بعض ثغوره برمم من الحجارة، تقبل الله منا ومنهم صالح الأعمال.
ومنها:
مسجد الفَضيخ،
بفتح الفاء وكسر الضاد المعجمة بعدها مثناة تحتية وخاء معجمة، وهذا المسجد يعرف بمسجد الشمس اليوم، وهو شرقي مسجد قباء على شفير الوادي، على نَشْزٍ
(1)
من الأرض، مَرْضُوم
(2)
بحجارة سود، وهو مسجد صغير.
وإنما سمي بمسجد الفضيخ لأن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لما حاصر بني النضير ضرب قبته في موضع هذا المسجد وأقام بها ستاً، فجاء تحريم الخمر
(3)
وأبو أيوب رضي الله عنه في نفر من أصحاب رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في موضعه معهم راوية خمر من فضيخ
(4)
أي بُسْرٍ مفضوخ فأمر أبو أيوب رضي الله عنه بعَزْلاء الراوية
(5)
ففتحت فسال الفضيخ فيه فسمي مسجد الفضيخ
(6)
(1)
النَشزُ: المكان المرتفع. القاموس (نشز) ص 527.
(2)
المرضوم: البناء بالصخر. القاموس (رضم) ص 1114.
(3)
قال الحافظ في الفتح 10/ 34: كان تحريم الخمر في عام الفتح قبل الفتح، وذُكِرَ أنه كان في واقعة بني النضير، وهي بعد أحد، أي سنة أربع، وفيه نظر، لأن أنساً كما ورد في رواية عند البخاري كان الساقي يوم حرمت، وأنه لما سمع المنادي بتحريمها بادر فأراقها، فلو كان ذلك سنة أربع لكان أنس يصغر عن ذلك. ا هـ.
(4)
الفضيخ: شراب يتخذ من بُسرٍ مفضوخ. والبُسر: التمر قبل أن ينتهي نضجه. القاموس (فضخ) ص 257، (بسر) ص 350.
(5)
عزلاء الراوية: مصب الماء من الراوية ونحوها. القاموس (عزل) ص 1031.
(6)
رواه ابن زبالة، عن جابر بن عبدالله. كما في تحقيق النصرة للمراغي ص 137.
وروى ابن شبة 1/ 69 من طريق عبدالعزيز بن عمران، بسنده، عن جابر رضي الله عنه أنه قال: حاصر النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير فضرب قبته قريباً من مسجد الفضيخ، وكان يصلي في موضع الفضيخ ست ليال، فلما حرمت الخمر خرج إلى أبي أيوب ونفر من الأنصار وهم يشربون فيه فضيخاً، فحلوا وكاء السقاء فهراقوه فيه، فبذلك سمي مسجد الفضيخ.
وفيه: عبدالعزيز بن عمران متروك.
والراجح كما تقدم أن تحريم الخمر كانت سنة ثمان في عام الفتح قبل الفتح، فلا يعتد بهاتين الروايتين في سبب تسمية المسجد، ولعل الأولى في ذلك ما رواه أحمد 2/ 106، وأبو يعلى 5/ 285 - 286، واللفظ له، من حديث عبدالله بن نافع مولى ابن عمر، عن أبيه، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجرِّ فضيخٍ يَنِشُّ (يغلي) وهو في مسجد الفضيخ فشربه فلذلك سمي مسجد الفضيخ، وهذا قبل تحريم الخمر.
وعبدالله بن نافع مولى ابن عمر المدني ضعيف. التقريب 326 برقم 3661، إلا أن روايته مقدمة على رواية ابن زبالة، وعبدالعزيز بن عمران.
ولا أدري لم اشتهر بمسجد الشمس ولعله لكونه واقع في شرقي مسجد قباء على مكان عال أول ما تطلع الشمس عليه، ولا يظن ظان أنه المكان الذي أعيدت الشمسُ [فيه] بعد الغروب لعلي رضي الله عنه، لأن ذلك كان إنما كان بالصَّهْبَاء من خيبر.
قال القاضي عياض في الشفاء: كان رأس النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في حجر علي رضي الله عنه وهو يوحى إليه فغربت الشمس، ولم يكن علي رضي الله عنه صلى العصر، فقال صلى الله عليه وسلم: أصليت يا علي؟ قال: لا، فقال: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس، قالت أسماء رضي الله عنها: فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعدما غربت ووقعت على الجبال والأرض، وذلك
(1)
بالصهباء في خيبر.
صرح ابن حزم بأن الحديث موضوع، وقصة رد الشمس على علي رضي الله عنه باطلة بإجماع العلماء، وسفه قائليه، والله أعلم.
فدعا له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فطلعت بعد غروبها. قال القاضي عياض: خرجه
(1)
في الأصل: (وكذلك).
الطحاوي في مشكل الحديث. وقال إن أحمد بن صالح كان يقول: لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء لأنه من علامات النبوة
(1)
.
/216 قلت: فهذا المكان أجدر بتسميته بمسجد الشمس دون ما سواه، والله أعلم.
ومنها:
مسجد بني قريظة،
وهو مسجد شرقي مسجد الفضيخ المشتهر بمسجد الشمس، بعيد عنه، بالقرب من الحرة الشرقية، على باب حديقة تعرف الآن بحاجزة، هي وقف للفقراء بين أبيات خراب هي بعض دور بني قريظة شمالي باب الحديقة، وحوله أناس نزول من أهل العالية، وكان بناؤه مليحاً على شكل بناء مسجد قباء، وطوله نحو من خمسة وأربعين ذراعاً، وعرضه كذلك، وكان فيه أساطين وعقود ومنارة في مثل موضع منارة قباء
(2)
.
وقد ذرعته بنفسي فوجدت طوله ينيف على عرضه بنحو ثلاثة أذرع، وعلى يمين الداخل على منتهى الجدار أطم من الحجارة وهي أثر منارة كانت هنالك.
حكى الشيخ جمال الدين المطري عن ابن النجار قال: كان فيه نحو من ستة عشر أسطوانة، فتهدم على طول الزمان، ووقعت منارته، وأثرها اليوم باق يعرف به، وأخذت أحجاره جميعاً
(3)
.
قال الشيخ جمال الدين: وبقي أثره إلى العشر الأول بعد السبعمائة، فجدد وبني عليه حظير مقدار نصف قامة، وكان قد نسي، فمن ذلك التاريخ عرف مكانه.
(1)
وفاء الوفا 822/ 823، خلاصة الوفا 2/ 290 - 291، ورسالة علي بن حسن الحلبي للشوكاني وفيها حديث حول هذه القصة. ويراجع: تخريج أحاديث الشفا للسيوطي.
(2)
التعريف ص 48.
(3)
الدرة ص 180، التعريف 48 - 49.
قال: وكان الذي بناه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
(1)
[و] هو الذي بنى جميع المساجد التي صلى فيها رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم.
قال الزبير بن بكار: بسند عن محمد بن عقبة بن أبي مالك قال: صلى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في بيت امرأة من الخضر من بني قريظة، فأدخل الوليد بن عبد الملك ذلك البيت في المسجد حين بناه
(2)
.
وذكر ابن النجار
(3)
عن علي بن رفاعة، عن أشياخ من قومه، أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صلى في بيت امرأة من بني قريظة، فأدخل ذلك البيت في مسجد بني قريظة
(4)
.
ومنها:
مسجد البغلة،
وهو مسجد بني ظَفَر من الأوس، وهو شرقي البقيع طرف الحرة الشرقية، واشتهر بمسجد البغلة لما يذكر أن بغلة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم
(1)
التعريف ص 48.
(2)
رواه الزبير عن ابن زبالة، بسنده عن محمد بن عقبة، به. كما في التعريف للمطري ص 49.
(3)
ابن النجار ص 180.
(4)
رواه ابن شبة 1/ 70، عن ابن أبي يحيى، عن محمد بن عقبة، عن أبي مالك عن علي بن رفاعة، به. تحرّف اسم علي بن رفاعة في المطبوع من ابن شبة إلى علي بن رافع. الجرح 6/ 185، الإصابة 2/ 507.
ذهب السمهودي إلى أن مسجد بني قريظة هو المذكور في حديث الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فأتى على حمار، فلما دنا قريباً من المسجد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى سيدكم
…
الحديث.
ثم قال: فقوله: قريباً من المسجد ليس المراد به مسجد المدينة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن به حينئذ. الوفاء 3/ 824.
قال الحافظ في الفتح 7/ 476: لكن كلام ابن إسحق يدل على أنه كان مقيماً في مسجد المدينة حين بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم في بني قريظة.
ربطت هناك وأثرت حوافرها في حجر هناك والله أعلم بصحته
(1)
.
وذكر الزبير بن بكار بسنده أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم جلس على الحجر الذي في مسجد بني ظفر، وأن زياد بن عبيد الله أمر بقلعه، حتى جاءته مشيخة بني ظفر فأعلموه أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم جلس عليه، فرده، فقل امرأة نَزُرَ
(2)
ولدها تجلس عليه إلا حملت
(3)
.
وتسميه / 217 عامة الزائرين حجر الذرية لأجل ذلك، وعنده آثار في الحرة يقال إنها أثر حافر بغلة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من جهة القبلة، وفي غربيه أثر على حجر كأنه أثر مرفق يذكر أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم اتكأ عليه ووضع مرفقه عليه، وعلى حجر آخر أثر أصابع
(4)
.
وهذا المسجد مسجد صغير، غير مسقف، وإنما هو أربع حيطان قائمة، ومحراب صغير.
ومنها:
مسجد الإجابة،
وهو مسجد بني معاوية بن مالك بن النجار
(5)
،
(1)
الدرة الثمينة ص 181.
وقد ثبتت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد بما رواه الطبراني في الكبير 19/ 244، من حديث فضالة الظفري، وكان ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد بني ظفر، فجلس على الصخرة التي في مسجد بني ظفر اليوم، ومعه عبدالله بن مسعود ومعاذ بن جبل وأناس من أصحابه
…
الحديث. قال في مجمع الزوائد 7/ 4: رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
(2)
امرأة نَزِرَةُ: قليلة الأولاد، وهي نَزُور. القاموس (نزر) ص 481.
(3)
رواه الزبير، عن ابن زبالة، بسنده إلى فضالة الظفري، به. ساقه المطري في التعريف ص 49 - 50. . وقصة حجر الذرية محض افتراء، لاأصل له.
(4)
قال السمهودي: لم أقف في ذلك على أصل. وفاء الوفا 3/ 828.
(5)
ذكر ذلك المطري في التعريف ص 50، وتبعه من جاء بعده ومنهم الفيروزابادي.
والصواب ماذكره السمهودي في الوفا 828 - 829 فإنه قال: وهو مسجد بني معاوية ابن مالك بن عوف من الأوس. وليس مسجد بني مالك بن النجار من الخزرج.
الاستبصار في أنساب الأنصار 302، نهاية الأرب ص 423.
وروينا في صحيح مسلم بن الحجاج من حديث عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قال: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْعَالِيَةِ حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلاً ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا فَقَالَ: «سَأَلْتُ رَبِّي ثَلاثًا. فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً. سَأَلْتُ [رَبِّي] أَنْ لا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ
(1)
فَأَعْطَانِيهَا. وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا. وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيها»
(2)
.
فلهذا سمي مسجد الإجابة.
وهذا المسجد على يسار السالك إلى قبة عثمان بن عفان رضي الله عنه على نَشْزٍ من الأرض، وهو غير مسقف، وإنما هو أربعة جدران، ومحراب صغير، وله باب صغير، وحواليه كانت آثار قرية بني معاوية بين تلول هناك.
وعن عَتِيكٍ بن الحارث قَالَ جَاءَنَا عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ فِي بَنِي مُعَاوِيَةَ، وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الأنْصَارِ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ مَسْجِدِكُمْ هَذَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَأَشَرْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْهُ، قال: فهَلْ تَدْرِي مَا الثَّلاثُ الَّتِي دَعَا بِهِنَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي بِهِنَّ، قُلْتُ:«دَعَا صلى الله عليه وسلم أَنْ لا يَظْهَرَ عَلَيْهِمْ عَدُوٌ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأُعْطِيَهَا وَأن لا يُهْلِكَهُمْ بِالسِّنِينَ، فَأُعْطِيَهَا وأن لا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، فَمُنِعَهَا» ، قَالَ: عَبْدُالله بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: صَدَقْتَ، فَلَنْ يَزَالَ
(1)
السنة: الجدب والقحط. الفائق (سنة) 2/ 202.
(2)
أخرجه مسلم، في الفتن وأشراط الساعة، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض، رقم: 2890، 4/ 2216.
الْهَرْجُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
(1)
.
خرّجَهُ مالك في موطئه، غير أن نسخ الموطأ اختلفت في سنده اختلافاً ليس باليسير
(2)
.
ومنها
مسجد الفتح
وهو مسجد على قطعة من جبل سلع من جهة الغرب، وغربيه وادي بُطحان، وفيه عيون تجري بعضها، وبعضها لا ماء فيه، وهذا الموضع يعرف بالسيح، مصدر سَاحَ يَسيحُ سَيْحاً، ويصعد إلى هذا المسجد من درجتين طويلتين إحداهما شمالية والأخرى شرقية، وكان فيه ثلاث أسطوانات قبل هذا البناء الذي هو عليه اليوم من يوم بناه عمر بن عبد العزيز، فتهدم على ممر السنين، إلى أن جدد بناءه الأمير /218 سيف الدين الحسين بن أبي الهيجاء أحد وزراء العبيديين بمصر في سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وكذلك جدد بناء المسجدين اللذين بقربه على وجه الأرض من جهة قبلة مسجد الفتح، ويعرف الأول بمسجد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والثاني يلي الشمال ويعرف بمسجد سلمان الفارسي رضي الله عنه، جدد بناء هذين المسجدين في سنة سبع وسبعين وخمسمائة.
(1)
أخرجه مالك، في كتاب القرآن، باب ما جاء في الدعاء، رقم: 35، 1/ 216، وابن شبة 1/ 67، كلاهما من رواية عبدالله بن عبدالله بن جابر بن عتيك، عن ابن عمر.
ورواه أحمد 5/ 445 من رواية جابر بن عتيك عن ابن عمر.
(2)
قال ابن عبدالبر في التجريد 91: رواه يحيى بن يحيى من طريق عبدالله بن عبدالله بن جابر بن عتيك، عن ابن عمر رضي الله عنهما، كذا هو الصحيح في إسناد هذا الحديث في رواية يحيى بن يحيى، وكذا رواه ابن وهب، وابن بُكير، ومعنُ بن عيسى، والقعنبي - على اختلاف عنه - وأبو المصعب، عن مالك عن شيخه عبدالله -هذا- عن ابن عمر، ليس بينهما أحد.
وجعله ابن وضاح، عن يحيى بن يحيى، عن مالك، عن عبدالله بن عبدالله بن جابر بن عتيك، عن عتيك بن الحارث عن عتيك، عن ابن عمر.
وذكر ابن النجار أنه كان هناك مسجد رابع خراب، وقد أخذت أحجاره وتهدم، فهذا لم يبق له أثر
(1)
.
وروي من حديث معاذ بن سعد رضي الله عنه أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد الفتح، وفي المساجد التي حوله، وفي مسجد القبلتين
(2)
.
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث جَابِر رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا فِي مَسْجِدِ الْفَتْحِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الثّلاثَاءِ وَيَوْمَ الأرْبِعَاءِ، فَاسْتُجِيبَ لَهُ يَوْمَ الأرْبِعَاءِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فَعُرِفَ الْبِشْرُ فِي وَجْهِهِ
(3)
.
وعند الزبير من حديث جَابِر رضي الله عنه قال: «دَعَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي هذا المسجد مَسْجِدِ الْفَتْحِ يَوْمَ الاثنين وَيَوْمَ الثّلاثَاءِ وَيَوْمَ الأرْبِعَاءِ، فَاسْتُجِيبَ لَهُ بَيْنَ الصَّلَاتيْنِ يَوْمَ الأرْبِعَاءِ. قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: فَلَمْ يَنزلْ بِي أَمْرٌ مُهِمٌّ قط فدعوت الله تعالى بين الصلاتين يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ في تِلْكَ السَّاعَةِ إلا عرفت الإجَابَةَ»
(4)
.
قال بعض العلماء
(5)
: وذلك مجرب فيه.
وروي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه: «أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ
(1)
الدرة الثمينة ص 178.
(2)
رواه ابن زبالة، من حديث معاذ بن سعد رضي الله عنه، ذكره السمهودي في الخلاصة 2/ 305.
(3)
رواه أحمد 3/ 332، وابن شبة 1/ 58 - 59.
وزاد أحمد في روايته: قال جابر: فلم ينزل بي أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإجابة.
قال في مجمع الزوائد: 4/ 12: ورجال أحمد ثقات.
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
على هامش النسخة ما نصه: هو أبو إسحق بن شعبان.
بمسجد الفتح الذي على الجبل وقد حضر صلاة العصر فَرَقِيَ فصَلَّى فيه صلاة العصر»
(1)
.
وروى هارون بن كثير عن أبيه عن جده «أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم الخندق على الأحزاب في موضع الأسطوانة الوسطى من مسجد الفتح الذي على الجبل» .
قد قدمنا أنه كان فيه ثلاث أسطوانات قبل هذا البناء الذي هو عليه اليوم
(2)
.
وأما تسميته بمسجد الفتح، فيحتمل أنه سمي به لأنه أجيبت فيه دعوة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم على الأحزاب، فكان فتحاً في الإسلام. أو نزل عليه صلى الله عليه وسلم سورة الفتح هناك، والله أعلم
(3)
.
وعن عمر بن الحكم بن ثَوْبَان قال: أخبرني من صلى وراء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في مسجد الفتح ثم دعا فقال: «اللهم لك الحمد هديتني من الضلالة، فلا مُكرمَ لمن أهنت، ولا مُهينَ لمن أكرمت، ولا مُعِزَّ لمن أذللت، ولا مُذِلَّ لمن
(1)
رواه ابن زبالة، ومن طريقه يحيى بن الحسن بن جعفر العلوي، بسنده إلى جابر، كما في وفاء الوفا 3/ 831. ورواه ابن النجار من طريق معاذ بن سعيد السلمي، عن أبيه، عن جابر. ومعاذ بن سعيد مجهول. التقريب 536، برقم 6734.
(2)
رواه يحيى بن الحسن بن جعفر العلوي، عن هارون، به.
وهارون بن كثير: مجهول. التاريخ الكبير 8/ 226، الجرح 9/ 94.
وروى ابن شبة 1/ 60 عن أبي غسان، قال: سمعت غير واحد ممن يوثق به: يذكر أن الموضع الذي دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجبل هو اليوم إلى الأسطوانة الوسطى الشارعة في رحبة المسجد الأعلى. وفي سنده ضعف لجهالة بعض رواته.
(3)
الراجح أن سورة الفتح من أولها إلى آخرها نزلت بين مكة والمدينة في شأن الحديبية.
الدر المنثور 6/ 57.
أعززت، ولا ناصر لمن خذلت، ولا خاذِلَ / 219 لمن نَصَرت، ولا مُعطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا رازِقَ لمن حَرَمت، ولا حارم لمن رَزَقت، ولا رافع لمن خفضت، ولا خافض لمن رفعت، ولا خارق لما سترت، ولا ساتر لما خرقت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مباعد لما قربت»
(1)
فينبغي للمصلي بمسجد الفتح أن يدعو بدعاء رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم هناك.
-وعن كثير عن المطلب قال: إن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم دعا في مسجد الفتح يوم الأحزاب حين ذهبت الظهر وذهبت العصر وذهبت المغرب ولم يصل منهن شيئاً ثم صلاهن جمعاً بعد المغرب
(2)
.
(1)
رواه ابن زبالة، من طريق عمر بن الحكم بن ثوبان، به. ساقه السمهودي في وفاء الوفا 3/ 832.
وعمر بن الحكم بن ثوبان، توفي سنة سبع عشرة ومائة. التقريب 411، برقم 4882، فسنده معضل. وروى البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن أبي أوفى قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب على المشركين فقال: «اللَّهُمَّ مُنزلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ اللَّهُمَّ اهْزِمِ الأَحْزَابَ اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ» . رواه البخاري في المغازي، غزوة الخندق، وهي الأحزاب، رقم: 4115، 7/ 469.
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ أَعَزَّ جُنْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ فَلا شَيْءَ بَعْدَهُ» . رواه البخاري في المغازي، باب غزوة الخندق، وهي الأحزاب، رقم 4114، 7/ 469. ومسلم، في الذكر والدعاء، باب التعوذ من شرما عمل، رقم: 2724، 4/ 2089، ولعل هذه الصيغة هي الأولى بالدعاء.
(2)
رواه ابن زبالة، عن المطلب، مرسلاً. ذكره السمهودي في الوفا 3/ 831.
لكن يوافقه مارواه أبو سعيد رضي الله عنه قَالَ: شَغَلَنَا الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ صَلاةِ الظُّهْرِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنزلَ فِي الْقِتَالِ مَا نزلَ، فَأَنزلَ اللَّهُ عز وجل:{وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلالاً فَأَقَامَ لِصَلاةِ الظُّهْرِ فَصَلاّهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا لِوَقْتِهَا ثُمَّ أَقَامَ لِلْعَصْرِ فَصَلاّهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا ثُمَّ أَذَّنَ لِلْمَغْرِبِ فَصَلاَّهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا.
أخرجه النسائي في الأذان، باب الأذان للفائت من الصلوات، رقم 661، 2/ 17، وأحمد: 3/ 25، وفي الموطأ من طريق أخرى أن الذي فاتهم الظهر والعصر.
أخرجه مالك في صلاة الخوف، باب صلاة الخوف، رقم: 4، 1/ 184. وفي رواية علي أن الذي فاتهم هو العصر. أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة، باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت، رقم: 596، 2/ 82. ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، رقم: 631، 1/ 438. ويجمع بينها بأن الخندق كانت وقعته أياماً فكان ذلك في أوقات مختلفة في تلك الأيام، قال الحافظ: وهذا أولى. فتح الباري 2/ 83. وهذا قبل صلاة الخوف.
-وعن جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله عنهما «أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم دخل مسجدَ الفتح فَخَطا خطوة ثم الخطوة الثانية، ثم قام ورفع يديه إلى الله تعالى حتى رؤي بياض إبطيه - وكان صلى الله عليه وسلم أعفر الإبطين - فدعا حتى سقط رداؤه عن ظهره، فلم يرفعه حتى دعا دعاءً كثيراً، ثم انصرف»
(1)
.
-وعن جابر رضي الله عنه قال «إن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مر بمسجد الفتح الذي على الجبل وقد حضرت صلاة العصر، فرقي فصلى فيه»
(2)
.
-وعن معاوية بن عبد الله رضي الله عنه قال: «إن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الذي بأصل مسجد الفتح»
(3)
.
وعن جابر رضي الله عنه قال: «إن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صلى من وراء مسجد الفتح من نحو المغرب»
(4)
.
(1)
رواه ابن زبالة، عن جعفر بن محمد، وساق سنده، كما في وفاء الوفا 3/ 831.
(2)
تقدم تخريجه قبل قليل في هذا الباب.
(3)
رواه ابن زبالة عن معاوية بن عبدالله بن زيد، به، ذكره السمهودي في الوفا 3/ 836 وسنده معضل. وروى نحوه ابن شبة 1/ 58، من طريق أسيد بن أبي أسيد، عن أشياخهم، مرفوعاً. وفي سنده ضعف لجهالة بعض رواته.
(4)
رواه ابن شبة 1/ 59، عن ابن أبي يحيى، عن الفضل بن مبشر، عن جابر.
في سنده: الفضل بن مبشر: فيه لين. التقريب 447 برقم 5416، وفي سنده انقطاع.
ومنها:
مسجد القبلتين،
وهو مسجد بني حرام من بني سلمة، وهذا المسجد على مقربة من بئر رومة، وهو على شفير وادي العقيق، على رابية ليست بتلك العالية، وهو غير مسقف، إنما هو جدران ومحراب.
-وفي طبقات ابن سعد: صلّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في مسجده الظهر بالمسلمين، ثم أمر أن يوجه إلى المسجد الحرام.
قال: ويقال: إنه زار أم مبشر بن البراء بن معرور في بني سلمة فصنعت له طعاماً وحانت الظهر فصلى بأصحابه ركعتين ثم أمر أن يوجه إلى الكعبة فاستداروا إلى الكعبة واستقبل الميزاب فسمي المسجد مسجد القبلتين وذلك يوم الاثنين للنصف من رجب على رأس سبعة عشر شهراً. قال: وهذا أثبت عندنا.
-وفي السير لابن حبان حولت بعد سبعة عشر شهراً وثلاثة أيام
(1)
.
-وقال الشيخ شرف الدين الدمياطي: نصف رجب بعد خمسة عشر شهراً ونصف.
وقال ابن حبيب في المحبر: حولت للنصف من شعبان في الركعة الثانية. وقيل: في صلاة العصر.
وعند النحاس بعد بضعة عشر شهراً.
وعن عبد الرحمن / 220 بن عبد الله بن كعب بن مالك صرفت في جمادى. قال: وهو أولى الأقوال بالصواب.
-وقال ابن جرير عن معاذ بعد ثلاثة عشر شهراً من مقدمه المدينة. قال: وعن أنس رضي الله عنه عشرة أو تسعة أشهر.
(1)
السيرة النبوية لابن حبان، وهي جزء من كتاب الثقات 1/ 157.
وفي صحيح مسلم
(1)
وصحيح ابن خزيمة: سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا من غير شك. قيل: واعتماده أولى.
-وعند أبي القاسم القشيري في لطائف التفسير: صلى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس بعد قدومه المدينة مهاجراً ستة عشر شهراً، عن قتادة، وقيل سبعة عشر شهراً عن ابن عباس رضي الله عنهما.
- وقال أنس رضي الله عنه: كان تسعة أشهر أو عشرة أشهر.
-وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه ثلاثة عشر شهراً استمالة لقلوب اليهود أن يصلي إلى قبلتهم، ربما يرغبون في دينه، ثم إنه صلى الله عليه وسلم كره موافقتهم في أمر القبلة لما قالوا: لولا أن ديننا حق لما صلى إلى قبلتنا ولما استن بسنتنا، فقال صلى الله عليه وسلم لجبريل:«وددت أن ربي صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها، فقال جبريل عليه الصلاة والسلام إنما أنا مَلَكٌ عبدٌ لا أملك شيئاً فسل ربك، فصعد جبريل عليه الصلاة والسلام السماء، وخرج رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الصحراء نحو أحد، يصلي هاهنا ركعتين، وهاهنا ركعتين ويدعو الله تعالى أن يجيز له في ذلك، فلم يزل كذلك يديم النظر إلى السماء حتى دخل ناحية أحد، فأنزل الله تعالى في رجب بعد زوال الشمس قبل الظهر: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية، وصرفت القبلة، وذلك قبل بدر بشهرين» .
-قال الربيع: وكان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في ابتداء الهجرة مخيراً في التوجه إلى بيت المقدس أو الكعبة، إلا أنه اختار بيت المقدس، وكان التوجه إليه فرضاً وإن كان مخيراً فيه، كالمخير في كفارة اليمين أي واحد اختار فهو فرض عليه.
(1)
أخرجه مسلم، في المساجد ومواضع الصلاة، باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، رقم: 525، 1/ 374.
-وقال ابن عباس رضي الله عنهما: بل كان الفرض التوجه إلى بيت المقدس ونسخ.
-وعند الزمخشري: صرفت القبلة ورَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في مسجد بني سلمة، يعني مسجد القبلتين، وقد صلى بأصحابه ركعتين من صلاة الظهر، فتحول في الصلاة، واستقبل الميزاب، وتحول الرجال مكان النساء، والنساء مكان الرجال.
-وروى الزبير عن محمد بن جابر أنه قال: صرفت القبلة ونفر من بني سلمة يصلون الظهر في المسجد الذي / 221 يقال له مسجد القبلتين، فأتاهم آت، فأخبرهم وقد صلوا ركعتين، فاستداروا حتى جعلوا وجوههم إلى الكعبة بذلك سمي مسجد القبلتين.
قلت: فعلى هذا كان مسجد قباء أولى بهذه التسمية، لما ثبت في الصحيحين من حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهمْ آتٍ فَقَالَ: «قَدْ أُنزلَ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّيْلَةَ قرآن وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقبلةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ فَاسْتَدَارُوا
إِلَى الْكَعْبَةِ»
(1)
.
وفي لفظ: كانوا رُكُوعاً فِي صَلاةِ الصبح
(2)
.
-قال ابن العربي وغيره: نسخت القبلة مرتين، والله أعلم.
-قال الشيخ جمال الدين المطري: وفي هذا المسجد -وهو مسجد بني سلمة- رأى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم النخامة، فحكها بعرجون كان في يده، ثم دعا
(1)
أخرجه البخاري، في تفسير القرآن، باب: ومن حيث خرجت، رقم: 4493، 4494، 8/ 24. ومسلم، في المساجد ومواضع الصلاة، باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، رقم: 526، 1،375.
(2)
أخرجه مسلم، رقم: 527، 1/ 375.
بخلوق فجعله على رأس العرجون، ثم جعله على موضع النخامة، فكان أول مسجد خلق
(1)
.
قلت: اختلفت الروايات فمنها ما يدل على أنها كانت في مسجد المدينة، ومنها ما يدل على أنها كانت في مسجد بني حرام من بني سلمة، وهو الأكثر.
فمن الأول ما رواه أبو داود عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمًا إِذْ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَتَغَيَّظَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ حَكَّهَا فَأَحْسَبُهُ قَالَ فَدَعَا بِزَعْفَرَانٍ فَلَطَّخَهُ بِهِ وَقَالَ: «إِنَّ الله تعالى قِبَلَ وَجْهِ أَحَدِكُمْ [إِذَا صَلَّى] فلا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ»
(2)
.
ومن الثاني ما رواه أبو داود أيضاً من حديث جَابِرٍ رضي الله عنه قال: أَتَانَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجِدِنَا هَذَا وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابنِ طَابٍ
(3)
فَنَظَرَ فَرَأَى فِي
(1)
التعريف ص 51.
(2)
أخرجه أبو داود، في الصلاة، باب في كراهية البزاق في المسجد، رقم: 480، 1/ 378. وأخرجه مختصراً: البخاري، في الصلاة، باب حك البزاق باليد من المسجد، رقم: 406، 1/ 606. وفي الجمعة، باب ما يجوز من البصاق، رقم: 1137. ومسلم، في المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها، رقم: 547، 1/ 388. والنسائي، في المساجد، باب النهي عن أن يتنخم الرجل في قبلة المسجد، 724، 2/ 51. وابن ماجه، في المساجد والجماعات، باب كراهية النخامة في المسجد، رقم: 763، 1/ 251.
(3)
في الأصل: (كرطاب)، والمثبت من سنن أبي داود، وهو الصواب.
ابن طاب: رجل من أهل المدينة، ينسب إليه نوع من التمر، يقال: عذق ابن طاب، ورطب ابن طاب، وتمر ابن طاب. النهاية 3/ 149.
ومنه: عرجون ابن طاب. النهاية:3/ 150.
والعرجون: العِذق، أو إذا يبس واعوج. القاموس (عرجن) ص 1215.
قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا فَحَتَّهَا بِالْعُرْجُونِ ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ الله عَنْهُ [بِوَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ] إِنَّ أَحَدَكُمْ
…
وفي آخره: فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا وَوَضَعَهُ عَلَى فِيهِ ثُمَّ دَلَكَهُ [ثُمَّ قَالَ] أَرُونِي عَبِيراً فَقَامَ فَتىً مِنَ الْحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحَتِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ» فقَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمُ الْخَلُوقَ فِي مَسَاجِدِكُمْ
(1)
.
وعَنْ أَبِي سَهْلَةَ السَّائِبِ بْنِ خَلاَّدٍ قال إنَّ رَجُلاً أَمَّ قَوْمًا فَبَصَقَ فِي الْقِبْلَةِ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حِينَ فَرَغَ: «لا يُصَلِّي لَكُمْ فَأَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ لَهُمْ فَمَنَعُوهُ وَأَخْبَرُوهُ بِقَوْلِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: نَعَمْ وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ / 222: إِنَّكَ آذَيْتَ الله تعالى وَرَسُولَهُ» .
(2)
صلى الله عليه وسلم.
ورواه ابن جالويه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لما رأى النخامة في المحراب قال: «من إمام هذا المسجد قالوا: فلان، قال صلى الله عليه وسلم: قد عزلته» ، فقالت امرأته: لم عزلك النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الإمامة فقال: رأى نخامة في المسجد، فعمدت إلى خلوق طيب فخلقت به المحراب فاجتاز صلى الله عليه وسلم بالمسجد فقال: من فعل هذا قالوا امرأة الإمام قال صلى الله عليه وسلم: «قد وهبت ذنبه لامرأته ورددته إلى الإمامة» .
وعند الزبير من حديث جابر رضي الله عنه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني حرام بالقاع وأنه رأى في قبلته نخامة وكان لا يفارقه عرجون يتخصر به فحكه ثم دعا بخلوق فجعله على رأس العرجون ثم جعله على موضع النخامة، وكان أول مسجد خلق. قال وكان السيل يحول بينهم وبين مسجد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فنقلهم أبو بكر أو عمر رضي الله عنهما إلى الشعب وكلم قوماً كانوا فيه من أهل
(1)
أخرجه أبو داود، في الصلاة، باب في كراهية البزاق في المسجد، رقم: 482، 1/ 379.
(2)
أخرجه أبو داود، في الصلاة، باب في كراهية البزاق في المسجد، رقم: 483، 1/ 380.
اليمن يقال لهم بنوا ناعضة فانتقلوا إلى الشعب الذي تحت مسجد الفتح فآثارهم هنالك.
قالوا: واشترت بنو حرام غلاماً رومياً من أعطياتهم وكان ينقل الحجارة من الحرة وينقشها فبنوا مسجدهم الذي بالشعب وسقفوه بخشب وجريد وكان عمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه زاد مدماكين من أعلاه وطابق سقفه وجعل فيه ذنب مسجد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. والذنب: الساج الذي يظهر على الحائط.
وعند ابن نعيم بينما النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ رأى نخامة فحكها بيده لما قضى صلاته.
قال البخاري: وفي هذا تصريح أنه حكها بيده. ويؤيده ما رواه النسائي بسند صحيح رَأَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ وهو يُصَلِّي فَحَتَّهَا ثمَّ قَالَ حينَ انصرف.
وفي جميع روايات البخاري مع كثرتها أنه رَأَى نُخَامَةً
(1)
، وفي لفظ: رَأَى بُصَاقًا
(2)
، وفي لفظ: رَأَى مُخَاطًا
(3)
، وفي لفظ: أَبْصَرَ نُخَامَةً فَحَكَّهَا
(4)
أو فَحَتَّهَا
(5)
.
وليس في شيء منها أنه كان في الصلاة أم لا
(6)
.
(1)
البخاري، في الصلاة، باب حك البزاق باليد من المسجد، رقم: 405، 1/ 605.
(2)
البخاري، في الصلاة، باب حك البزاق باليد من المسجد، رقم: 406، 1/ 606.
(3)
البخاري، في الصلاة، باب حك البزاق باليد من المسجد، رقم: 407، 1/ 607.
(4)
البخاري، في الصلاة، باب حك البزاق باليد من المسجد، رقم: 414، 1/ 609.
(5)
البخاري، في الصلاة، باب حك البزاق باليد من المسجد، رقم: 410، 411، 1/ 609.
(6)
في حديث ابن عمر أَنَّهُ قَالَ رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُصَلِّي بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ فَحَتَّهَا. أخرجه البخاري، في الأذان، باب هل يلتفت لأمر ينزل به أويرى شيئاً أو بصاقاً في القبلة، 753، 2/ 275.
وفي سنن المِلَنْجِي
(1)
عن أبي رافع رضي الله عنه قال إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فأمرني فحتتها.
وعند ابن خزيمة: فجاء الرجل الذي تنخع فحكها ثم طلا مكانها بالزعفران.
ووجه الجمع بين الروايات أنها كانت في غير ما واقعة إنما كانت في واقعتين أو وقائع، ويحتمل أن الراوي سمى الخطبة صلاة، والله سبحانه أعلم.
/ 223 وهذا المسجد اليوم حوله خراب عتيق على الحرة يعرف موضعه بالقاع، وحوله آبار ومزارع، يعرف بالمعرِّس
(2)
بالكسر، في قبلته مزارع الجرف المعروف، والمسجد المذكور في قرية بني سلمة، وهذه القرية يقال لها خُربى بضم الخاء المعجمة وسكون الراء بعدها باء ثاني الحروف، والله أعلم.
مسجد المصلى: أعني مُصلى العيد، وهو مصلى أهل المدينة في الأعياد اليوم، وهو آخر المواضع التي صلى فيها رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاة العيد، ولا يعرف من المساجد التي ذكر لصلاة العيد إلا هذا الذي يصلى فيه اليوم، والطريق العظمى هي طريق الناس اليوم من باب المدينة إلى مسجد المصلى، والمصلى عليه باب مغلق بمفتاح يستريح عليها الفقراء والمجردون.
-روى الزبير بن بكار عن شيخ من أهل المدينة مسن، أن أول عيد صلاّه رَسُولُ الله صَلَّىالله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حارة
(3)
الدوس عند بيت ابن أبي الجنوب، ثم صلى العيد
(1)
هو سليمان بن إبراهيم الأصبهاني أبو مسعود الملنجي. توفي سنة 486 هـ. سير أعلام النبلاء 19/ 21 - 25.
(2)
ضبطه في الباب الخامس فقال: بالضم، ثم بالفتح، وتشديد الراء المفتوحة، وسين مهملة (المُعَرَّس). ا. هـ وهكذا ضبطه السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1309. وهو الصواب.
(3)
في الأصل: (دارة)، والمثبت هو الصواب. التعريف ص 51.
الثاني بفناء دار حكيم بن العداء عند دار جفرة داخلاً في البيت الذي بفنائه المسجد، ثم صلى العيد الثالث عند دار عبد الله بن درة المزني
(1)
داخلاً بين الدارين؛ دار معاوية، ودار كثير ابن الصلت، ثم صلى العيد الرابع عند أحجار كانت عند الحناطين
(2)
بالمصلى، ثم صلى داخلاً في منزل محمد بن عبد الله بن كثير بن الصلت، ثم صلى حيث يصلي الناس اليوم
(3)
-وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أول فطر أو أضحى جمع فيه رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بفناء دار حكيم بن العداء عند أصحاب المحامل
(4)
.
-روي عن إبراهيم بن أبي أمية قال: أدركنا مسجداً في زمان عثمان رضي الله عنه عند حرف زاوية دار أبي يسار
(5)
عند أصحاب المحامل، وليس ثَمَّ مسجد اليوم غيره، وذلك المسجد هو الذي صلى فيه رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يوم أضحى، وضحى هنالك هو وأصحابه حتى احتملت ضحاياهم من عنده.
(1)
في الأصل (المازني)، والصواب: المزني. ابن شبة 1/ 135.
(2)
الحناطون: جمع حناط، وهم بائعوا الحنطة، أي البر. القاموس (حنط) ص 663.
(3)
رواه الزبير، عن ابن زبالة، بسنده، عن شيخ من أهل المدينة مسن، به.
كما ساقه المطري في التعريف ص 51 - 52، والسمهودي في وفاء الوفا 3/ 780.
وروى ابن شبة 1/ 133 - 134 من طريق عبدالعزيز بن عمران، بسنده إلى ابن باكية قال: صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد عند دار الشفاء، ثم صلى في حارة الدوس، ثم صلى في المصلى، فثبت يصلي فيه حتى توفاه الله. وروى أيضاً 1/ 134 - 135 عن عبدالعزيز بن عمران، بسنده إلى ابن شهاب قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم العيد في موضع آل درة، وهم حي من مزينة، ثم صلى دون ذلك في مكان أطم بني زريق عند أذنه اليسرى. وفيهما: عبدالعزيز بن عمران: متروك.
(4)
رواه ابن شبة 1/ 134 من طريق عبدالرحمن بن عمرو بن قيس، عن أبي هريرة.
ورواه الزبير بن بكار، عن ابن زبالة، عن ابن أبي فديك، وساق سنده، كما في التعريف للمطري ص 51 - 52.
(5)
في الأصل: (سيار)، والمثبت من وفاء الوفا 3/ 780، وهو الصواب.
قال: وأخبرني من رأى الأنصار يحملون ضحاياهم من هنالك
(1)
.
-وروى عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فَرْوَة أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صلى في ذلك المسجد وهو خلف المجزرة التي بفناء دار العداء بن خالد، ويقال لها: دار أبي سيار
(2)
.
-وعن أبي عادية
(3)
قال: إن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يسلك إلى المصلى للعيدين من الطريق العظمى على أصحاب الفساطيط ويرجع من الطريق الأخرى على دار عمار بن ياسر رضي الله عنه
(4)
-وروي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: إن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا بَيْنَ مَسْجِدِي إلى المصلى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ»
(5)
.
(1)
رواه ابن زبالة، من طريق إبراهيم بن أمية، وساق سنده كما في وفاء الوفا 3/ 780.
(2)
رواه ابن زبالة، من طريق عبد الأعلى بن أبي فروة، ذكره السمهودي في وفاء الوفا 3/ 780. وابن أبي فروة ثقة فقيه، من كبار أتباع التابعين. التقريب (331)، برقم 3733. سنده معضل.
(3)
محمد بن عمار بن ياسر.
(4)
رواه ابن زبالة، عن محمد بن عمار بن ياسر، كما في التعريف ص 52.
ومحمد بن عمار بن ياسر: العنسي مولى بني مخزوم، مقبول. التقريب 498، برقم 6166. وروى الشافعي في الأم 1/ 233 من طريق المطلب بن عبدالله بن حنطب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغدو يوم العيد إلى المصلى من الطريق الأعظم ويرجع من الطريق الآخر. وسنده مرسل، فهو ضعيف.
والصحيح مارواه جابر رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يومُ عيد خالفَ الطريقَ» .
أخرجه البخاري، في العيدين، باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد، رقم: 986، 2/ 547.
قال الحافظ في الفتح 2/ 548: لايلزم من مواظبته على مخالفته الطريق المواظبة على طريق منها معين.
(5)
رواه البخاري في التاريخ الكبير 2/ 245، من طريق صالح بن حسين بن صالح عن أبيه، عن جناح مولى بنت سهل عن عائشة بنت سعد، عن أبيها سعد رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ: مابين بيتي - أو قال: مسجدي- وبين مصلاي روضة من رياض الجنة.
قال أبو حاتم الرازي في الجرح 3/ 55: حسين بن صالح شيخ مجهول، وابنه مجهول، وجناح أيضاً مجهول، ونفس الحديث منكر.
ورواه ابن شبة 1/ 138 من طريق عبدالعزيز بن عمران، عن أبي إبراهيم صالح النجار، عن جناح النجار قال:
خرجت مع عائشة بنت سعد بن أبي وقاص إلى مكة فقالت لي: أين منزلك؟ فقلت لها: بالبلاط. فقالت لي: تمسك به، فإني سمعت أبي يقول، فذكرته بلفظه مرفوعاً.
وفيه عبدالعزيز بن عمران: متروك. ورواه ابن زبالة، بسنده، عن عائشة بنت سعد، مقتصراً على المرفوع. كما في التعريف للمطري ص 52.
-وعن يحيى بن محمد أنه بلغه أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى دار عبد الله بن درة / 224 يجعل أطم بني زريق إلى شحمة أذنه اليسرى
(1)
.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: إن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يذبح أضحيته بيده إذا انصرف من المصلى على ناحية الطريق التي كان ينصرف منها، وتلك الطريق والمكان الذي يذبح فيه مقابل المغرب مما يلي طريق بني زريق
(2)
وإذا ثبت بما رويناه أن المصلى الموجود هو مصلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في
(1)
رواه ابن شبة 1/ 134 - 135، عن عبدالعزيز بن عمران، بسنده إلى ابن شهاب.
وعبدالعزيز متروك.
(2)
رواه ابن زبالة، بسنده، عن عائشة. كما في التعريف ص 52.
وقد روى الشافعي في الأم 1/ 233 طريقاً ثانية للرجوع من المصلى، رواه عن إبراهيم حدثني معاذ بن عبدالرحمن التيمي، عن أبيه، عن جده، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجع من المصلى يوم العيد، فسلك على التمارين من أسفل السوق، حتى إذا كان عند مسجد الأعرج الذي هو عند موضع البركة التي بالسوق، فقام فاستقبل فج أسلم، فدعا، ثم انصرف.
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 3/ 309 من طريق الشافعي.
إبراهيم، هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، أبو إسحق المدني، متروك. التقريب ص 93 برقم:241.
الأعياد، فالصلاة فيه تزداد فضلاً ومزية على كل مصلى أي ازدياد، ويُخَص الفائزون بالصلاة فيه من الله تعالى بأسبغ نِعَمٍ وأياد، وَيُمنَح الحائزون فضل الحضور إليها فواضل قصرت عنها معالي مَعَدٍّ وأيادي إياد.
أنشدني أبو عمر عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم الحموي كتابة عن أبي البركات أيمن بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد الغرناطي لنفسه:
إنَّ عِيْدَاً بطَيبة وصَلاةً
…
بمُصَلَّى الرسولِ في يومِ عيدِ
نِعَمٌ ضَاقَ واسِعُ الشُّكرِ عَنها
…
فهي بُشرَى لكل عَبدٍ سعيدٍ
كم تَمنيتُهَا فَنِلتُ التَّمَنِّي
…
آخرَ العمرِ من مَكانٍ بَعيدٍ
وإذا كان في البقيع ضَريحي
…
وتوسَّدتُ طيبَ ذاك الصعيدِ
فاشهَدُوا لي بكُلِّ خَيرٍ وبِشرٍ
…
عند ربي ومُبْدئي ومُعيدي
وأما
مسجد ضرار:
وهو المسجد المذكور في التنزيل في قوله تعالى: {والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله
(1)
} بنته اليهود
(2)
في مدة غيبة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلى تبوك لغزو الروم فلما رجع وجدهم قد بنوا مسجد الضرار فبعث إليه صلى الله عليه وسلم جماعة وأمرهم بهدمه فهدموه.
قال ابن جبير: وهذا المسجد مما كان يتقرب الناس إلى الله تعالى برجمه وهدمه وكان مكانه بفناء عارض به اليهود مسجد قباء وهو اليوم عديم الأثر ذاهب الخبر
(3)
.
(1)
سورة (التوبة) آية: 107.
(2)
الراجح أن الذين بنوا مسجد الضرار هم فئة من المنافقين. سيرة ابن هشام 4/ 134، تفسير الطبري 11/ 24 - 33، دلائل النبوة للبيهقي 5/ 256 - 264، والدر المنثور 4/ 284.
(3)
لم أقف على هذا النص في رحلة ابن جبير المطبوعة، ونقلها عنه أيضاً السمهودي في الوفا 3/ 818.
قال الشيخ جمال الدين المطري: وأما مسجد الضرار فلا أثر له، ولا يعرف له مكان، فيما حول مسجد قباء، ولا غير ذلك.
قال: وما ذكره الشيخ محب الدين ابن النجار من أنه موجود قريب من مسجد قباء وهو كبير وحيطانه عالية وكان بناؤه عالياً فهذا وهم لا أصل له، والله أعلم، انتهى كلام المطري
(1)
.
قال مؤلفه الملتجئ إلى حرم الله تعالى محمد الفيروزآبادي سدد الله أقواله وهداه من دلائل الحق إلى ما هو أقوى له: توهيم الشيخ محب الدين رحمه الله غير سديد، ورمي بالكلام على عواهنِهِ، وذلك لأنه لم ينفرد عن الناس بهذا القول، /225 وإنما تبع غيره إن لم يشاهده بعينه، فهذا البشاري
(2)
يقول: وبقباء مسجد الضرار يتطوع العوام بهدمه
(3)
. وتبعه ياقوت في معجمه، وأبو الحسين بن جبير في رحلته، وابن النجار في درته
(4)
. ولا يلزم من وجوده زمان ابن النجار استمراره وبقاؤه دهر الداهرين، فقول المطري: إنه وهم لا أصل له، وهم لا أصل له، والله أعلم.
وروينا أن أصحاب مسجد الضرار أتوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا: يا رَسُولَ الله إنا قد بنينا مسجداً لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة الشاتية، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي بنا فيه، فقال صلى الله عليه وسلم: إني على جناح سفر وحال شغل، ولو قدمنا إن شاء الله لأتيناكم، فصلينا لكم فيه، فلما رجع صلى الله عليه وسلم من
(1)
التعريف ص 47.
(2)
أبو عبدالله محمد بن أحمد بن البناء البشاري المقدسي، صاحب كتاب: أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، توفي سنة 375 هـ. هدية العارفين 2/ 62، الأعلام 5/ 312.
(3)
أحسن التقاسيم ص 83.
(4)
معجم البلدان 4/ 302، ابن النجار ص 183.
تبوك ونزل بذي أَوان
(1)
جاءه خبر المسجد من السماء، فدعا مالك بن الدُّخْشُم ومعن بن عدي، وقال انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه، واحرقاه، فخرجا سَرِيعين حتى أتيا بني سالم بن عوف، وهم رهط مالك بن الدُّخشم، فقال مالك لمعن: أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي، فدخل إلى أهله، فأخذ سعفاً من النخل، فأشعل فيه ناراً، ثم خرجا يشتدَّان حتى دخلاه
(2)
وفيه أهله، فحَّرقَاه وهدماه، فتفرقوا عنه وأنزل الله تعالى:{والذين اتخذوا مسجداً ضراراً} إلى آخر القصة
(3)
.
وذكر ابن إسحق أن الذين بنوه كانوا اثني عشر رجلاً، منهم: ثعلبة بن حَاطب.
وزاد الدارمي
(4)
: هم أناس من الأنصار ابتنوا مسجداً فقال لهم أبو عامر: ابنوا مسجدكم، واستمدُّوا ما استطعتم من قوةٍ ومن سلاحٍ، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم، فآتي بجند من الروم فأخرج محمداً وأصحابه، فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وسألوه أن يصلي فيه ويدعو بالبركة، فأنزل الله عز وجل:{لا تقم فيه أبداً لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه} إلى آخر الآية
(5)
.
(1)
ذي أَوان: موضع بطريق الشام. معجم البلدان 1/ 275. وزاد في المرصع ص 81: بينه وبين المدينة ساعة من نهار.
(2)
في الأصل: (دخلا).
(3)
رواه ابن إسحق (ابن هشام 4/ 172)، ومن طريقه الطبري 11/ 17 - 18، والبيهقي في الدلائل 5/ 259 - 260، وغيرهما وإسناده حسن، ورواه ابن مردويه بلفظه كما في الدر المنثور 3/ 495.
(4)
عثمان بن سعيد الدارمي أحد رواة هذا الحديث عند البيهقي وهو: عثمان بن سعيد الدارمي أبو سعيد، توفي سنة 280 هـ. طبقات الشافية 2/ 302، اللباب 1/ 484، وليس المقصود الإمام الدارمي صاحب السنن.
(5)
رواه علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
أخرجه الطبري 11/ 18 من طريق المثنى، ثنا عبدالله بن صالح، ثنا معاوية بن صالح، عن علي، به.
ورواه البيهقي في الدلائل 5/ 262 - 263 من طريق عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا عبدالله بن صالح، فذكره.
فمداره في الطريقين على عبدالله بن صالح، وهو أبوصالح المصري، كاتب الليث، صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابته. التقريب 308، برقم 3388.
وتتقوى هذه الرواية لأنها رواية نسخة صحيفة علي بن أبي طلحة.
وإسناد الصحيفة حسن، كما هو مشهور عند أهل العلم وليس هناك انقطاع بين علي ابن أبي طلحة وابن عباس لأن الواسطة بينهما قد عرف وهو مجاهد. وذكر السيوطي هذه الرواية وعزاها لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه أيضاً، الدر المنثور 4/ 494.
وروى الزبير عن [عتبة بن]
(1)
عويم بن ساعدة عن أمه عن جده قال: إن سعد بن عبيد كان يصلي في مسجد قباء في عهد رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه فلما كان عمر رضي الله عنه أمر مجمع بن حارثة أن يصلي بهم بعد أن رده وقال له: كنت إمام مسجد الضرار فقال: يا أمير المؤمنين كنت غلاماً حدثاً، وكنت أرى أن أمرهم على أحسن ذلك، وقدموني لما معي من القرآن
(2)
.
ومنها
مسجد المُقَمّل
بضم الميم وفتح القاف والميم المشددة. روى الزبير عن عبيد ابن مراوح قال نزل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالنقيع على مقمل فصلى وصليت معه. /226 وقال: حمى النقيع، نِعْمَ مرتع الأفراس، يحمى لهن، ويجاهد
(1)
سقطت من الأصل والمثبت من الإصابة 2/ 31، والتقريب 381، برقم 4437، وقد ذكر في الإصابة السند والمتن.
(2)
رواه الزبير، عن عتبة بن عويم، به.
وعتبة بن عويم بن ساعدة الأنصاري، في إسناد حديثه اضطراب. التقريب 381 رقم 4437 ورواه الحافظ من طريق الزبير في الإصابة 2/ 31.
ورواه ابن زبالة، عن عويم بن ساعدة، كما في وفاء الوفا للسمهودي 3/ 805.
بهن في سبيل الله
(1)
.
وهذا المسجد على رابية وسط النقيع، وقد ذكرت ذلك في حرف الميم من الباب الخامس بأكمل من هذا فلينظر.
ومنها
مسجد أحد،
وهو مسجد صغير تحت جبل أحد من جهة القبلة لاصقاً بالجبل، وقد تهدم بناؤه، يقال: إن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صلى فيه الظهر والعصر يوم أحد بعد انقضاء القتال
(2)
، و في جهة القبلة من هذا المسجد موضع منقور في الجبل على قدر رأس الإنسان؛ يقال إن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جلس على الصخرة التي تحته، وكذلك شمالي المسجد غار في الجبل يقول عوام الناس إن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دخله، ولا يصح ذلك
(3)
.
(1)
أخرجه ابن قانع في الصحابة، من طريق عبد بن عبيد بن مراوح، عن أبيه، وأخرجه الزبير في الموفقيات عن العوام بن عمارة بن عمران المزني حدثه يحيى بن جهم المزني حدثني أبي، حدثني عبد بن عبيد بن مرواح فذكره.
ذكرهما الحافظ في الإصابة 2/ 446. ولم أقف عليه في الجزء الموجود من الموفقيات.
(2)
روى ابن شبة 1/ 57 عن شيخه أبي غسان الكناني، عن ابن أبي يحيى، عن محمد بن إبراهيم، عن رافع بن خديج: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الصغير الذي بأحد في شعب الجرار على يمينك لازقاً بالجبل.
وسنده جيد. لكن ليس فيه أنه صلى بعد انقضاء القتال يوم أحد.
والمشهور في كتب السير والمغازي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم أحد قاعداً من الجراح التي أصابته وصلى المسلمون خلفه قعوداً. سيرة ابن هشام 3/ 50.
وروى ابن شبة 1/ 70، عن ابن أبي يحيى، عمن سمع كبشة بنت الحارث تخبر عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم أحد على عينين، الظرب الذي بأحد عند القنطرة. وفيه انقطاع.
(3)
روى الإمام أحمد عن سلمان بن داود، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: وجال المسلمون جولة نحو الجبل ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغار إنما كانوا تحت المهراس.
أحمد 1/ 288، ورجاله ثقات إلا ابن أبي الزناد: صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد.
وقد ذكرنا في ترجمة أحد
(1)
عن المطلب بن عبد الله أنه أنكر ذلك.
وهناك مسجدان آخران صغيران على نسق واحد أحدهما لاصق بعَيْنِين والآخر وراءه بنحو رمية حجر، وهما مبنيان بالحجارة المنقوشة، وقد تقدم أن عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه هو الذي تتبع المواضع التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنى عليها مساجد بالحجارة المنقوشة، فعلى هذا ينبغي اغتنام الصلاة في هذين المسجدين؛ لأنهما لم يبنيا إلا عَلَماً للزائرين، ومشهداً للقاصدين.
وقول من قال إن المسجد الأول طعن مكانُهُ حمزةُ رضي الله عنه والثاني صرع فيه، وأنه مشى بطعنته إلى هنالك فوقع لم يثبت فيه أثر، وإنما هو قول مستفيض.
وعلى كل تقدير فإنه ينبغي اغتنام ركعتين في كل منهما والدعاء، وقد ذكرت في ترجمة عَينين
(2)
بأبسط من هذا، وبالله التوفيق.
ويذكر بعض الناس أن المسجد الأول كُسِرَ في مكانه ثَنِيَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكان ما كان من ابتلاء الله عز وجل صفيه وخليله صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك مقالات يذكرها أهل المدينة ولم يرد بها نقل، والله أعلم.
ومنها
مسجد أم إبراهيم،
الذي يقال له مَشْرَبَةُ
(3)
أم إبراهيم وهو مسجد بقباء شمالي مسجد بني قريظة، قريب من الحرة الشرقية في موضع يعرف بالدشت، بين نخل تعرف بالأشراف القواسم، من بني قاسم بن إدريس بن جعفر أخي الحسن العسكري لأن آل شعيب بن جماز منهم.
وعن يحيى بن إبراهيم وقيل عن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن محمد بن
(1)
في حرف الألف من الباب الخامس.
(2)
في العين من الباب الخامس.
(3)
المَشْرَبةُ -وتضم الراء -: أرض لينة دائمة النبات. القاموس (شرب) ص 100.
ثابت أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صلى في مشربة أم إبراهيم عليه السلام
(1)
.
قلت: ذرعته بطيلسان وكان طوله نحو عشرة أذرع وعرضه أقل منه بنحو ذراع، وليس عليه بناء / 227 ولا جدار، وإنما هو عُرَيصة صغيرة على رُوَيبية بين تلك النخيل، وقد حُوِّط عليها برضم لطيف من الحجارة السود، وعلى شمالي المشربة دار متهدمة لم يبق من معانيها سوى بعض الجدران، ويظن بعض الناس أنه من بقايا دار [أبي] سيف القين، أو مبنى في مكان داره فيبادرون إلى الصلاة في بعض نواحيها، والله عز شأنه ينفعهم في ذلك بحسن النية والاعتقاد
(2)
إنه الكريم المنان الجواد، والذي يغلب على ظني أن ذلك بقايا أطم بني زعوراء الذي تقدم ذكره في باب تاريخ المدينة وآطامها
(3)
، فإن الزبير قال ما نصه: وكان بنو زعوراء عند مشربة أم إبراهيم، ولهم الأطم الذي عندها. وبنوا زعوراء من قبائل اليهود الذين كانوا باقين حين نزل عليهم الأوس والخزرج.
* * *
(1)
رواه ابن زبالة، وابن شبة 1/ 69 ورواه يحيى بن جعفر من طريق ابن زبالة، كلهم عن يحيى بن إبراهيم، وقيل إبراهيم بن محمد، به. ذكر السمهودي رواية ابن زبالة، ويحيى 3/ 825. وسنده منقطع.
(2)
لاتثبت الفضيلة لأي عمل بمجرد حسن النية والاعتقاد، بل لابد من موافقته لما جاء به الشرع. والأخذ بالنص مقدم على الاستنباط.
(3)
تقدم ذكره في الباب الثاني ص 176.
وأما المساجد والمواضع التي روي أنه صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرف اليوم أعيانها فكثيرة
منها:
مسجد أُبي في بني حُدَيلة
ـ بضم الحاء المهملة ـ عن يحيى بن سعيد قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يختلف إلى مسجد أُبي، فيصلي فيه غير مرة ولا مرتين، وقال: لولا أن يميل الناس إليه لأكثرت الصلاة فيه
(1)
وعن يحيى بن النضر قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى في مسجد أبي ابن كعب، موضعه وراء سور المدينة، اليوم عند بير حا في بني حديلة.
قلت: حديلة اسم محلة معروفة نسبت إلى بني حديلة قال ابن إسحاق: بنو عمر بن مالك بن النجار هم بنو حديلة. وقيل: حديلة لقب معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار
(2)
.
ومنها
مسجد بني زريق
ـ بتقديم الزاي ـ قال الزبير: وهم من الخزرج.
(1)
رواه ابن شبة 1/ 64 من طريق عبدالعزيز بن عمران، بسنده إلى يحيى بن سعيد.
وعبدالعزيز بن عمران متروك الحديث.
وروى ابن زبالة عن يوسف الأعرج وربيعة بن عثمان، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني حديلة وهو مسجد أبي بن كعب.
وروى ابن شبة 1/ 64 من طريق يحيى بن النضر الأنصاري قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في مسجد ما في جَوبة المدينة، إلا في مسجد أُبيّ، وذكر عدة مساجد.
يحيى بن النضر ثقة من الطبقة الوسطى من التابعين. التقريب 597 رقم 7659.
فسنده معضل.
(2)
بنو حديلة: بضم الحاء وفتح الدال، هم بنو معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار.
جمهرة أنساب العرب ص 348، نهاية الأرب 212.
يقال: إن مسجدهم أول مسجد قرئ فيه القرآن بالمدينة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وإن رافع بن مالك الزُّرَقي لما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة أعطاه ما كان قد نزل من القرآن بمكة إلى تلك الليلة
(1)
.
وقرية بني زريق ذكرت في باب الزاي من الباب الخامس.
وقيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ في مسجد بني زريق ولم يصل. وعجبَ
(2)
من اعتدال قبلته
(3)
.
ومنها:
مسجد جُهَينة وبَلِيّ.
روى الزبير بسنده عن خارجة بن الحارث بن رافع بن مكيث الجهني عن أبيه عن جده قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود رجلاً من أصحابه من بني الربعة /228 من جهينة يقال له أبو مريم، فعاده بين منزل بني القيس العطار الذي كان فيه الأراكة وبين منزلهم الآخر الذي يلي دار الأنصار، فصلى في المنزل، فقال نفر من جهينة لأبي مريم: لو لحقت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته أن يخط لنا مسجداً، فقال: احملوني، فحملوه، فلحق النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما لك يا أبا مريم؟ فقال: يا رسول الله لو خططت لنا مسجداً، قال: فجاء إلى مسجد جهينة وفيه خيام لبلي، فأخذ ضلعاً
(4)
أو محجناً
(5)
فخط لهم
(6)
.
(1)
رواه ابن زبالة، عن عمر بن حنظلة.
ذكره المطري في التعريف ص 72، والسمهودي في وفاء الوفا 3/ 857.
(2)
في الأصل: (وعجبت)، والمثبت هو الصواب.
(3)
رواه ابن شبة 1/ 77 من حديث معاذ بن رفاعة، يرفعه.
ومعاذ بن رفاعة: الأنصاري الزرقي المدني، من طبقة تلي الطبقة الوسطى من التابعين.
التقريب 536، رقم 6730، فإسناده معضل.
(4)
في الأصل: (طلعاً) والمثبت من مصادر التخريج، وهو الصواب.
(5)
المحجن: العصا المعوجة. القاموس (حجن) ص 1158.
(6)
رواه المطري في التعريف ص 73، والحافظ في الإصابة 4/ 178، والسمهودي في وفاء الوفا 3/ 855 - 856. كلهم من طريق الزبير بن بكار، عن ابن زبالة، بسنده، عن خارجة. وفيه: ابن زبالة: كذبوه.
فالمنزل لبلى والخطة لجهينة.
وهذه الناحية اليوم معروفة غربي حصن صاحب المدينة، والسور القديم بينها وبين جبل سلع، وعندها أثر باب من أبواب المدينة خراب، ويعرف بدرب جهينة، والناحية من داخل السور بينه وبين حصن صاحب المدينة.
ومنها: مسجد دار النابغة ومسجد بني عدي بن النجار.
روى الزبير بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد دار النابغة، وصلى في مسجد بني عدي بن النجار
(1)
.
قال مؤرخو المدينة: هذه الدار غربي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي دار بني عدي بن النجار، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يليه من جهة المشرق؛ دار بني غنم بن مالك بن النجار.
ودور بني النجار بالمدينة وما حولها من الشمال إلى مسجد الإجابة، وهم: بنو غنم بن مالك ابن النجار، وبنو عدي بن النجار، وبنو مازن بن النجار، وبنو دينار بن النجار، وبنو معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار أخي غنم بن مالك
(2)
.
وفيهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد
(1)
رواه الزبير عن ابن زبالة، ذكره المطري في الترتيب ص 74 وابن زبالة: كذبوه.
…
وروى ابن شبة 1/ 65 من طريق يحيى بن عمارة المازني، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في دار النابغة، واغتسل في مسجد بني عدي.
…
ويحيى بن عمارة: ثقة، من الطبقة الوسطى من التابعين. التقريب 594، رقم:7612.
(2)
جمهرة أنساب العرب ص 347 - 353.
الأشهل. الحديث
(1)
.
ومنها: مسجد بني خُدْرَة ـ بضم الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة ـ روى عمر
(2)
بن شبه في تاريخ المدينة عن عمرو بن شُرَحْبيل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى في مسجد بني خُدْرَة
(3)
.
وهو حي من الأنصار رهط أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
(4)
.
وروى الزبير عن هشام بن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في
مسجد بني خُدْرة
(5)
.
وروى أيضاً عن يعقوب بن محمد بن أبي صعصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في بعض منازل بني خُدْرَة، فهو المسجد الصغير الذي في بني خُدْرة مقابل بيت الحية
(6)
.
(1)
من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: أخرجه البخاري في حديث طويل في الزكاة، باب خرص التمر، رقم: 1481، 3/ 402. وأخرجه مسلم من رواية أبي أسيد في فضائل الصحابة، باب خير دور الأنصار رضي الله عنهم، رقم: 2511، 4/ 1949.
(2)
في الأصل: (عمرو)، والمثبت هو الصواب.
(3)
رواه ابن شبة 1/ 160 من طريق عمرو بن شرحبيل الأنصاري، به.
وعمرو بن شرحبيل من الطبقة التي عاصرت الطبقة الوسطى من التابعين. التقريب ص 422، برقم 5048، فإسناده معضل. وروى نحوه 1/ 60 عن شيخ من الأنصار، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفيه ضعف لجهالة بعض رواته.
(4)
انظر: جمهرة أنساب العرب ص 362.
(5)
رواه الزبير عن ابن زبالة، من طريق القاسم بن عبيد الله، عن أبي بكر بن عمر، عن هشام. ذكره المطري في التعريف ص 74، وفيه: ابن زبالة: كذبوه، وهشام بن عروة من صغار التابعين. التقريب ص 573 - 7302. فإسناده معضل.
(6)
رواه الزبير، عن ابن زبالة، من طريق يعقوب بن محمد بن أبي صعصعة.
ذكره المطري ص 74. ويعقوب بن محمد بن أبي صعصعة حفيد التابعي عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي صعصعة المدني. التقريب 311 برقم 3431. فإسناده معضل أيضاً.
قال الشيخ جمال الدين المطري: إن بني خدرة عند بئر البصة وعندها أطم مالك بن سنان أبو أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وأثره باقٍ إلى اليوم
(1)
.
ومنها:
مسجد بني دينار بن النجار.
ذكر ابن بكار بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني دينار عند الغسالين.
وأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه تزوج امرأة من بني دينار بن النجار، فاشتكى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده، فكلموه أن / 229 يصلي لهم في مكان يصلون فيه، فصلى في المسجد الذي في بني دينار عند الغسالين
(2)
.
ودار بني دينار بن النجار بين دار بني حُديلة ودار بني معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار أهل مسجد الإجابة المتقدم ذكرهم.
ومنها: مسجد بني عُذرَة روى الزبير عن المهلب بن عبد الرحمن بن عبيرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل في قرية بني عذرة، مخرجه إلى تبوك، وصلى في مسجدها، وأطعم بني عريض وُسوقاً من تمر وشعير، وأطعم بني دجاجة من بني عذرة، وأطعم بني حمزة
(3)
بن النعمان وبني ربعي بن لبيد أو لبيد بن ربعي العذريين
(4)
.
(1)
التعريف ص 74.
(2)
رواه الزبير، عن ابن زبالة، عن أيوب بن صالح الديناري. كما في التعريف للمطري ص 75، والسمهودي في وفاء الوفا 3/ 866.
وروى ابن شبة 1/ 64 من طريق يحيى بن النضر الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم صّلى في مسجد بني دينار.
يحيى بن النضر الأنصاري، ثقة من الطبقة الوسطى من التابعين. التقريب 597، رقم 7659 فإسناده منقطع.
(3)
نبه الحافظ في الإصابة 1/ 243 على أن حمزة- بالحاء- تصحيف، والصواب: جمرة: بالجيم.
(4)
جمهرة أنساب العرب ص 448 - 450.
و
مسجد المنارتين
يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الذي بأصل المنارتين من طريق العقيق الكبرى
(1)
. وهذا المسجد لا يعرف اليوم.
ومسجد بني حارثة. ودار بني حارثة بيثرب قرب أحد، وقد ذكر بيثرب في موضعه
(2)
.
يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني حارثة بن الأوس، وقضى فيه في شأن عبد الرحمن بن سهل؛ أخي عبد الله بن سهل، ابني عم حُوَيِّصَة ومُحَيِّصَة، المقتول بخيبر
(3)
و
مسجد بني عبد الأشهل،
ودار بني عبد الأشهل قبلي دار بني ظفر مع طرف الحرة الشرقية، وتعرف بحرة واقم، وذكرت في الحاء
(4)
.
في سنن أبي داود والنسائي، عن كَعْب بن عُجْرَة رضي الله عنه، أن رسول الله صلىالله عليه وسلم أتى مسجد بني عبد الأشهل، فصلى فيه المغرب، فلما قضوا صلاتهم رآهم يسبحون بعدها، فقال: هذه صلاة البيوت.
(1)
رواه ابن زبالة، ويحيى من طريقه، عن حرام بن سعد بن مُحَيصة.
كما في التعريف للمطري ص 75، والسمهودي في الوفا 3/ 878.
وحرام بن سعد الأنصاري، من الطبقة الوسطى من التابعين. التقريب ص 155، برقم 1163.
(2)
في حرف الثاء من الباب الثالث.
(3)
رواه ابن زبالة من طريقه كما ذكره المطري في التعريف ص 75.
وروى ابن شبة 1/ 66 من طريق الحارث بن سعيد بن عبيد الحارثي: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني حارثة.
ولم أقف على ترجمة الحارث.
وتفصيل قصة حويصة ومحيصة في صحيح البخاري، كتاب الجزية والموادعة، باب الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال وغيره، رقم:3173.
وانظر ترجمة حويصة ومحيصة في جمهرة أنساب العرب 342، الإصابة 4/ 414.
(4)
في حرف الحاء من الباب الخامس.
وفي لفظ: عليكم بهذه الصلاة في البيوت
(1)
.
قوله: يسبحون، أي: يصلون النافلة.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني عبد الأشهل؛ رهط سعد ابن معاذ وأُسَيد بن حُضَير رضي الله عنهما، وأن أم عامر بنت يزيد بن السكن أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعَرْقٍ
(2)
فتعرقه وهو في مسجد بني عبد الأشهل، ثم قام فصلى ولم يتوضأ
(3)
.
وفي لفظ: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني عبد الأشهل، أو بني ظفر، وهم بنو عم بني عبد الأشهل، فأتي بخبز ولحم، فأكل صلى الله عليه وسلم ثم صلى ولم يتوضأ
(4)
.
(1)
أخرجه أبوداود، في الصلاة، باب ركعتي المغرب أين تصليان، رقم:1294، 2/ 196، والترمذي في أبواب الصلاة، باب الصلاة بعد المغرب في البيت أفضل، رقم: 604، 2/ 500، والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار، باب الحث على الصلاة في البيوت، رقم:1600،3/ 198.
كلهم من حديث سعد بن إسحق بن كعب بن عجرة، عن أبيه عن جده، مرفوعاً. وفي رواية أبي داود:«هذه صلاة البيوت» ، وفي الترمذي والنسائي:«عليكم بهذه الصلاة في البيوت» .
قال الترمذي: هذا حديث غريب من حديث كعب بن عجرة لانعرفه إلا من هذا الوجه. ا. هـ.
وفيه: إسحق بن كعب بن عجرة: مجهول الحال. التقريب 102 برقم: 380.
وله شاهد من حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبدالأشهل فصلى بهم المغرب فلما سلّم؛ قال: اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم. رواه أحمد 5/ 428.
قال الهيثمي 2/ 229، رواه أحمد ورجاله ثقات.
وحسنه الألباني. صحيح سنن الترمذي 1/ 187 برقم:419، صحيح سنن ابن ماجه 1/ 192 برقم:956.
(2)
العَرْقُ: العظم بلحمه، فإذا أكل لحمه فَعُراق. القاموس (عرق) ص 908.
(3)
رواه ابن شبة 1/ 66 من حديث داود بن الحصين وعبدالرحمن بن عبدالرحمن، عن أم عامر، وذكره المطري في التعريف ص 75.
(4)
رواه ابن زبالة كما في التعريف ص 75. وابن زبالة: كذبوه، وروى ابن شبة نحوه 1/ 66 بإسناد فيه انقطاع.
و
مسجد بني الحُبْلى
(1)
، ودار بني الحبلى بين قباء وبين دار بني الحارث بن الخزرج، ودار بني الحارث شرقي وادي بطحان وشرقي صُعَيب.
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى في مسجد بني الحبلى، وهم رَهْطُ عبدالله ابن أبي بن سَلول
(2)
.
ومسجد بني أمية بن زيد بالعوالي في الكَبَّا
(3)
، عند مال نَهيك بن أبي نَهيك، ودارهم/230 شرقي دار بني الحارث بن الخزرج، وفيهم كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه نازلاً بامرأته الأنصارية أم عاصم بنت أو أخت عاصم بن ثابت بن الأفلح رضي الله عنه حين كان يتناوب النزول إلى المدينة هو وجاره من الأنصار
(4)
كما جاء في الصحيح
(5)
.
(1)
بنو الحُبلى: هم ولد سالم بن غَنْم بن عوف بن الخزرج لقب بالحبلى لعظم بطنه.
جمهرة أنساب العرب 354.
(2)
رواه ابن زبالة. التعريف ص 76، ابن شبة 1/ 64، كلاهما عن هشام بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهشام بن عمرو من الطبقة الصغرى من أتباع التابعين. التقريب ص 573، رقم 7304. فإسناده معضل.
ورواه ابن شبة أيضاً عن سعد بن إسحق بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وسعد توفي بعد سنة مائة وأربعين. التقريب ص 230 برقم:2229، إسناده معضل أيضاً.
(3)
كبَّا: بالفتح والتشديد مقصور كحتى، موضع ببطحان. يأتي ذكره في حرف الكاف من الباب الخامس.
(4)
قال الحافظ في الفتح 1/ 223: هذا الجار هو عتبان بن مالك، أفاده ابن القسطلاني، لكن لم يذكر دليله. ا. هـ.
ثم قال في الفتح 9/ 344: وأما ماتقدم في العلم عمن قال: إنه عتبان بن مالك فهذا من تركيب ابن بشكوال فإنه جوز أن يكون الجار المذكور عتبان لأن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بينه وبين عمر، لكن لايلزم من الإخاء أن يتجاورا.
(5)
خبر عمر رضي الله عنه في التناوب بالنزول إلى المدينة: أخرجه البخاري، في العلم، باب التناوب في العلم، رقم: 89، 1/ 223، وفي المظالم، باب الغرفة والعلية المشرفة وغير المشرفة في السطوح وغيرها، رقم: 2468، 5/ 114، وفيهما: في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة.
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني أمية بن زيد
(1)
.
و
مسجد بني خُدَارَة
إخوة بني خُدْرة
(2)
، ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني خُدَارَة عند الأُطم الذي بِجِرارِ سعد
(3)
ووضع يده صلى الله عليه وسلم على الحجر الذي في أطم سعد بن عبادة رضي الله عنه
(4)
. وهذه الدار قبلي دار بني ساعدة وبئر بُضَاعة مما يلي سوق المدينة، وكان [سوق المدينة عرضه]
(5)
ما بين المصلى إلى جرار سعد المذكورة، وهي جرار كان يسقي الناس فيها الماء كما ورد عنه بعد وفاة أمه.
و
مسجد النور،
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه
(6)
ولا يعلم اليوم مكانه. ومسجد بني واقف، وهو موضع بالعوالي، كانت فيه منازل بني واقف من الأوس رهط هلال بن أمية الواقفي رضي الله عنه، أحد الثلاثة الذين تاب الله
(1)
رواه ابن شبة 1/ 61 عن محمد بن عمر بن قتادة، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعمر ابن قتادة هو الظَفَري الأنصاري المدني، من الطبقة الوسطى من التابعين. التقريب ص 416، برقم:4957.
(2)
ولد عوف بن الحارث بن الخزرج: خدارة، وخدرة. جمهرة أنساب العرب ص 362.
(3)
في الأصل: (بجوار)، والمثبت هو الصواب.
(4)
رواه ابن شبة 1/ 60 عن عمرو بن شرحبيل الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعمرو من الطبقة التي عاصرت الطبقة الصغرى من التابعين، التقريب ص 422 رقم 5047. ورواه ابن زبالة. التعريف ص 76.
(5)
في الأصل: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم. بدل: وكان سوق المدينة عرضه.
والمثبت هو الصواب. التعريف ص 76، وفاء الوفا 2/ 748.
(6)
روى ابن زبالة كما في وفاء الوفا 3/ 877 عن محمد بن فضالة، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في موضع مسجد النور.
وابن زبالة: كذبوه.
عليهم في تخلفهم عن غزوة تبوك، ولا يعرف مكان دارهم بعينه اليوم
(1)
إلا أنه بالعوالي.
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد المذكور
(2)
.
و
مسجد سعد
رضي الله عنه، روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الذي في دار [سعد بن]
(3)
خيثمة رضي الله عنه بقباء، وجلس فيه
(4)
.
وبيت سعد بن خيثمة أحد الدور التي
(5)
قبلي مسجد قباء يدخلها الناس إذا زاروا مسجد قباء، ويصلون فيها وينزلون بها.
و
مسجد التوبة،
بالعَصْبَة عند بئر هَجم
(6)
ذكرنا العصبة في باب العين
(7)
وأنها على مثال صخرة
(8)
، وهي منازل بني جَحْجَبَا بن كُلْفة بطن من الأوس، وذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في هذا المسجد
(9)
وهو غير معروف اليوم.
و
مسجد بني أُنيف،
بضم الهمزة تصغير أنف، وهم بطن من
(1)
بل دارهم عند مسجد الفضيخ من جهة القبلة. وفاء الوفا 3/ 875.
(2)
روى ابن زبالة، عن الحارث بن الفضل، أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى مسجد واقف. ذكره السمهودي في الوفا 3/ 874.
(3)
سقط في الأصل، والمثبت من: التعريف ص 76، وفاء الوفا 3/ 875.
(4)
رواه ابن زبالة من طريقه ساقه المطري في التعريف ص 76.
(5)
في الأصل: (الذي).
(6)
قال السمهودي في الوفا 4/ 1144: بئر الهجيم كما في كتاب ابن زبالة ويحيى، وقال فيها المطري: بئر هجم. تحقيق النصرة ص 154.
(7)
في حرف العين من الباب الخامس.
(8)
ضبطها هنا على وزن صخرة، وضبطها في باب العين (عُصَبة) على وزن هُمَزَة مثل الضُحكَة للكثير الضحك. قال السمهودي: العصبة: بإسكان الصاد المهملة واختلف في أوله: فقيل بالضم، وقيل بالفتح، وضبطه بعضهم بفتح العين والصاد معاً. وفاء الوفا 4/ 1267.
(9)
رواه ابن زبالة: حدثنا محمد بن فضالة، عن أبيه، فذكره. وفاء الوفا 3/ 877.
الأوس
(1)
، ودار بني أنيف بين قرية بني عمرو بن عوف وبين العصبة بقباء، روي أن أشياخاً من بني أنيف قالوا: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان يعود طلحة بن البراء رضي الله عنه قريباً من أطمهم. قال عاصم: قال أبي: فأدركتهم يرشون ذلك المكان ويتعاهدونه، ثم بنوه بعد؛ فهو مسجد بني أُنيف بقباء
(2)
.
/ 231 ومسجد الشيخين، والشيخان موضع معروف من المدينة وجبل أحد، وقد ذكرناه في حرف الشين من الباب الخامس. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى بالمسجد الذي عند الشيخين
(3)
.
و
مسجد بني بَيَاضة،
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فيه
(4)
.
(1)
قال السمهودي في الوفا 3/ 785: كان حليفاً للأوس.
ترجم له ابن عبدالبر في الاستيعاب 3/ 321 وقال: قال الواقدي: ليس بحليف الأنصار، ولكنه من أنفسهم، وقال ابن سعد: طلبت اسمه في نسب الأنصار فلم أجده.
وانظر المغازي للواقدي 3/ 1029.
(2)
رواه ابن زبالة، عن عاصم بن سويد، عن أبيه. التعريف ص 77، وفاء الوفا 3/ 875.
(3)
رواه ابن شبة من ثلاث طرق، 1/ 72:
الأولى: من طريق المطلب بن عبدالله بن المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والثانية: من طريق عبدالعزيز بن عمران، عن أبي بن العباس بن سهل بن سعد عن سعد.
والثالثة: من طريق: عبدالعزيز بن عمران بسنده عن أم سلمة.
الرواية الأولى: مرسلة، وفيها: المطلب: كثير التدليس والإرسال. التقريب 534، رقم 6710.
والثانية: إسنادها منقطع، وفيها: أبي بن العباس: ضعيف. التقريب ص 96 رقم 281 وعبدالعزيز بن عمران: متروك. التقريب 358، رقم:4114.
والثالثة: إسنادها منقطع، وفيها: عبدالعزيز بن عمران: متروك.
ورواه ابن زبالة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه وفاء الوفا 3/ 865.
ورواه يحيى من طريق ابن زبالة أيضاً. وفاء الوفا 3/ 865.
(4)
رواه ابن شبة 1/ 64، وابن زبالة كما في التعريف ص 77، كلاهما من طريق سعد بن إسحق بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وسعد من طبقة صغار التابعين، فإسناده معضل.
وبنو بياضة هم قوم من الخزرج، وكانت دارهم فيما بين دار بني سالم بن عوف بن الخزرج بوادي رانوناء عند مسجد الجمعة إلى وادي بطحان قبلي دار بني مازن بن النجار، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى الجمعة في بني سالم بن عوف برانوناء ركب راحلته فانطلقت به حتى وازنَتْ دار بني بَيَاضة تلقاه زياد
(1)
بن لَبِيد وفروة ابن عمرو في رجال بني بياضة
(2)
.
وفي سنن أبي داود عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: كنت قائد أبي كعب بن مالك حين ذهب بصره فكنت إذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان بها، صلى على أبي أمامة أسعد بن زرارة رضي الله عنه فمكث حيناً على ذلك لا يسمع الأذان للجمعة إلا صلى عليه واستغفرله. فقلت في نفسي: والله إن هذا أبي لعجز أن لا أسأله ماله إذا سمع الأذان يوم الجمعة صلى على أبي أمامة أسعد بن زرارة رضي الله عنه. قال: فخرجت به في يوم الجمعة كما كنت أخرج فلما سمع الأذان بالجمعة صلى عليه واستغفر له. قال: فقلت له: يا أبت مالك إذا سمعت الأذان بالجمعة صليت على أبي أمامة، فقال: أي بني كان أول من جَمَّعَ بنا في المدينة في هَزْم
(3)
بني النَّبِيت
(4)
من حَرَّة بني بَيَاضَة
(5)
بموضع يقال له نقيع الخَضِمَات
(6)
قال: قلت: وكم كنتم؟ قال رضي الله عنه: أربعون رجلاً
(7)
(1)
في الأصل: (زيد)، والمثبت هو الصواب. جمهرة أنساب العرب ص 356.
(2)
ابن إسحق (ابن هشام) 2/ 136.
(3)
الهَزْم: ما اطمأن من الأرض. القاموس (هزم) ص 1170.
(4)
بنو النبيت: هم بنو عمرو بن مالك بن الأوس. جمهرة أنساب العرب ص 470 - 471.
(5)
بنو بياضة: بطن من الخزرج. جمهرة أنساب العرب ص 356.
(6)
بفتح الخاء المعجمة، وكسر الضاد المعجمة.
ونقيع الخضمات: موضع قرب المدينة. يأتي في حرف النون من الباب الخامس.
(7)
أخرجه أبو داود، في الصلاة، باب الجمعة في القرى، رقم:1062،2/ 94.
وابن ماجه، في إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في فرض الجمعة، رقم:1082،1/ 342، والدارقطني 164 - 165، والحاكم 1/ 581.
كلهم من طريق محمد بن إسحق، عن محمد بن أبي أمامة بن سهل عن أبيه، عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك.
إسناده حسن. تلخيص الحبير 1/ 133، وصحيح ابن ماجه للألباني 1/ 187.
و
مسجد فيفاء الخَباَر
(1)
، صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن إسحق: سلك رسول الله صلى الله عليه وسلم على نَقْب بني دينار، ثم على فيفاء الخبار، فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر يقال لها: ذات الساق، فصلى عندها فَثَمَّ مسجده، وصُنعَ له طعام فأكل منه، وأكل الناس معه، وموضع أَثافيِّ البُرْمَة معلوم هناك، واستقي له من ماء يقال له المشيرب
(2)
. وفيفاء الخبار في حرف الخاء من الباب الخامس.
و
مسجد البرود،
روى الزبير بسند له أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل في موضع المسجد بالبرود من مضيق الفُرْع وصلى فيه
(3)
.
ومسجدان آخران بالفرع ذكرتهما في ترجمة الفرع
(4)
.
و
مسجد الضيقة،
عن سليمان بن عاصم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم / 232 صلى في مسجد الضيقة مخرجه من ذات حُمَّاط
(5)
.
و
مسجد بصعيد قُرْح
عن سليم بن عثير قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في
(1)
الخَبَار: كسحاب: ما لان من الأرض واسترخى، وموضع بنواحي عقيق المدينة. القاموس. (خبر) ص 382.
(2)
ابن إسحق (ابن هشام 2/ 241).
(3)
رواه ابن زبالة، عن عبدالله بن مكرم الأسلمي، وساق سنده، كما في وفاء الوفا 3/ 1026.
(4)
في حرف الفاء من الباب الخامس.
(5)
رواه ابن زبالة، عن أبي بكر بن الحجاج، وسليمان بن عاصم.
ذكره السمهودي في وفاء الوفا 3/ 1027، من طريق ابن زبالة.
المسجد الذي بصعيد قُرْح من الوادي وتعلمنا مصلاه بأصحابه [بأحجار]
(1)
وعظم فهو المسجد الذي يجمع فيه أهل الوادي
(2)
.
* * *
(1)
سقطت في الأصل، والمثبت من وفاء الوفا 3/ 1031.
(2)
ساقه السمهودي في وفاء الوفا 3/ 1031، من طريق ابن زبالة.
وأما المساجد التي صلى فيها ر سول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره وغزواته.
فنذكر شيئاً منها لتكميل الفائدة وتعميم العائدة إن شاء الله تعالى وبالله التوفيق.
منها:
مسجد عِصْر،
وعصر ذكر في العين
(1)
، وأنه على مرحلة من المدينة صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم عند خروجه إلى خيبر
(2)
.
و
مسجد بالصَّهْبَاء،
وهي من أدنى خيبر. روى مالك عن سُويَد بن النُّعْمان رضي الله عنه، أنه خرجَ مع رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر، حتى إذا كانوا بالصَّهْباء- وهي من أدنى خيبر -[نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم]
(3)
فصلى العصر، ثم دعا بالأزْوَادِ، فلم يُؤتَ إلا بالسَّويق، لأ فأمرَ به فَثُرِّي
(4)
فأكل وأكلنا، ثم قام إلى المغرب فَمَضْمَضَ ومضمضنا، ثم صلى ولم يتوضأ
(5)
. ومسجده بها معروف.
و
مسجد الصفراء،
عن طلحة بن أبي جدير رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد الصفراء
(6)
.
(1)
ذكر في حرف العين من الباب الخامس.
(2)
ابن إسحق (ابن هشام 2/ 278).
(3)
سقط في الأصل، والمثبت من الموطأ.
(4)
ثري: بل بالماء. القاموس (ثرى) 1267 ..
(5)
.
…
أخرجه بلفظه:
…
…
البخاري، في الوضوء، باب من مضمض من السويق ولم يتوضأ، رقم:206،1/ 373. ومالك في الطهارة، باب ترك الوضوء مما مسته النار، رقم:20،1/ 26.
(6)
رواه ابن زبالة، عن طلحة، به. وفاء الوفا 3/ 1025.
وعن محمد بن فضالة أنه صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بذات أجدال من مضيق الصفراء، وصلى بمسجد بذنب ذَفِرَان المقبل الذي يصب في الصفراء قال: فحُفِرَت هنالك بئر في موضع جبهته صلى الله عليه وسلم ولمائها فضل من العذوبة
(1)
.
مسجد بدر،
مسجد كان عند العريش الذي بني لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وهو معروف اليوم ببدر يُصَلَّى فيه ببطن الوادي بين النخيل والعين قريبة منه.
مسجد العشيرة، مسجد كبير ببطن ينبع معروف، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه [أن النبي صلى الله عليه وسلم]
(2)
صلى في مسجد ينبع بعين بولا
(3)
.
وهذا المسجد اليوم من المساجد المقصودة المشهورة والمعاهد المشهودة المذكورة، تحمل إليه النذور، ويُتَقرب إلى الله تعالى بالزيارة له والحضور
(4)
.
يذكر التجار أنهم جربوا النذر له في تلاطم الأمواج، وأنه ترياق مجرب
(5)
من سم العواصف ذوات الاعوجاج، فقل ما أرسيت سفينة بساحل ينبع إلا وهي مصحوبة بنذره، محمولة بما استخرج من بركاته وبحره ولا يخفى على النفس المؤمنة /233 روح ظاهر على ذلك المكان، وأنس يشهد له بأنه حضرة سيد الإنس والجان.
* * *
(1)
رواه ابن زبالة، عن ابن فضالة، به. وفاء الوفا 3/ 1024.
(2)
سقط في الأصل والمثبت من وفاء الوفا 3/ 1026.
(3)
رواه ابن زبالة، عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفاء الوفا 3/ 1026.
(4)
لايتقرب إلى الله سبحانه وتعالى إلا بماشرع وثبت به الدليل فنحن أمة اتباع، أما زيارة هذا المسجد فلا تثبت بأمثال هذه الأحاديث الواهية.
(5)
النافع والضار هو الله سبحانه تعالى، ولايجوز إضافة ذلك ونسبته إلى غير الله عز وجل، أما النذر فلا يقدم شيئاً ولايؤخر.
ذكر المساجد
التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم
بين مكة والمدينة
قال البخاري رحمه الله: باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّي فِيهَا وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّي فِيهَا وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ.
قال: وحَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ وَسَأَلْتُ سَالِماً رضي الله عنه فَلا أَعْلَمُهُ إِلاَّ وَافَقَ نَافِعاً فِي الأَمْكِنَةِ كُلِّهَا إِلاَّ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مَسْجِدٍ بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ
(1)
.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنزلُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ [حِينَ يَعْتَمِرُ وَفِي حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ تَحْتَ سَمُرَةٍ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ]
(2)
وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوٍ
(3)
كَانَ فِي تِلْكَ
(1)
أخرجه البخاري، كتاب الصلاة باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صّلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم. رقم: 483، 1/ 676.
(2)
سقط في الأصل، والمثبت من صحيح البخاري.
(3)
في الأصل: (غزوة)، والمثبت من صحيح البخاري.
الطَّرِيقِ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ [مِنْ]
(1)
بَطْنِ وَادٍ فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي الشَّرْقِيَّةِ فَعَرَّسَ [ثَمَّ حَتَّى يُصْبِحَ لَيْسَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِحِجَارَةٍ وَلا عَلَى الأَكَمَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَسْجِدُ، كَانَ]
(2)
ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّي عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَهُ فِي بَطْنِهِ كُثُبٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(3)
ثَمَّ يُصَلِّي، فَدَحَا فيه السَّيْلُ بِالْبَطْحَاءِ حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي فِيهِ.
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى حَيْثُ الْمَسْجِدُ الصَّغِيرُ الَّذِي دُونَ [الْمَسْجِدِ]
(4)
الَّذِي بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه يَعْلَمُ الْمَكَانَ الَّذِي فيه صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ثَمَّ عَنْ يَمِينِكَ حِينَ
(5)
تَقُومُ فِي الْمَسْجِدِ تُصَلِّي وَذَلِكَ [الْمَسْجِدُ]
(6)
عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ الْيُمْنَى وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ الأَكْبَرِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ.
وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يُصَلِّي إِلَى الْعِرْقِ الَّذِي عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ وَذَلِكَ الْعِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَّةِ الطَّرِيقِ دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْصَرَفِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ وَقَدِ ابْتُنِيَ ثَمَّ مَسْجِدٌ فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءِهُ وَيُصَلِّي أَمَامَهُ إِلَى الْعِرْقِ نَفْسِهِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه يَرُوحُ مِنَ الرَّوْحَاءِ فَلا يُصَلِّي الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَيُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْحَ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رضي الله عنه حَدَّثَهُ أَنَّ
(1)
سقط في الأصل، والمثبت من صحيح البخاري.
(2)
سقط في الأصل، والمثبت من صحيح البخاري.
(3)
في الأصل [يصلي] وهي زائدة.
(4)
سقط في الأصل، والمثبت من صحيح البخاري.
(5)
في الأصل: (حتى). والمثبت من صحيح البخاري.
(6)
سقط في الأصل، والمثبت من صحيح البخاري.
رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنزلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ دُونَ الرُّوَيْثَةِ عَنْ يمين/234 الطَّرِيقِ [وَ]
(1)
وِجَاهَ الطَّرِيقِ فِي مَكَانٍ بَطْحٍ سَهْلٍ حَتَّى يُفْضِيَ [مِنْ أَكَمَةٍ]
(2)
دُوَيْنَ بَرِيدِ الرُّوَيْثَةِ بِمِيلَيْنِ وَقَدِ انْكَسَرَ أَعْلاهَا فَانْثَنَى فِي جَوْفِهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقه وَفِي سَاقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٌ.
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي طَرَفِ تَلْعَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْعَرْجِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ قَبْرَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ عَلَى الْقُبُورِ رَضَمٌ مِنْ حِجَارَةٍ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ عِنْدَ سَلَمَاتِ الطَّرِيقِ بَيْنَ أُولَئِكَ السَّلَمَاتِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه يَرُوحُ مِنَ الْعَرْجِ بَعْدَ أَنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بِالْهَاجِرَةِ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نزلَ عِنْدَ سَرَحَاتٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ فِي مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى ذَلِكَ الْمَسِيلُ لَاصِقٌ بِكُرَاعِ هَرْشَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ مِنْ غَلْوَةٍ وَكَانَ عَبْدُاللَّهِ بن عمر رضي الله عنهما يُصَلِّي إِلَى سَرْحَةٍ هِيَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ إِلَى الطَّرِيقِ وَهِيَ أَطْوَلُهُنَّ.
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنزلُ فِي الْمَسِيلِ الَّذِي فِي أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرَانِ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ يَهْبِطُ مِنَ الصَّفْرَاوَاتِ
(3)
يَنزلُ فِي بَطْنِ ذَلِكَ الْمَسِيلِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ لَيْسَ بَيْنَ مَنزلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الطَّرِيقِ إِلاَّ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ.
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنزلُ بِذِي طُوى وَيَبِيتُ حَتَّى يُصْبِحَ يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
سقط في الأصل، والمثبت من صحيح البخاري.
(2)
سقط في الأصل، والمثبت من صحيح البخاري.
(3)
في الأصل: (الصفرات)، والمثبت من صحيح البخاري.
[ذَلِكَ] عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ [لَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ وَلَكِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ] وَأَنَّ عَبْدَاللَّهِ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيِ الْجَبَلِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَبَلِ الطَّوِيلِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ فَجَعَلَ الْمَسْجِدَ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ يَسَارَ الْمَسْجِدِ بِطَرَفِ الأَكَمَةِ وَمُصَلَّى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَسْفَلَ مِنْهُ عَلَى الأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ تَدَعُ مِنَ الأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا ثُمَّ تُصَلِّي مُسْتَقْبِلَ الْفُرْضَتَيْنِ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ
(1)
.
انتهى ما رواه البخاري في الباب بنصه.
فجملة ما ذكره البخاري في الباب:
مسجد ذي الحليفة،
وهو مَحْرم الحاج، وميقات أهل المدينة ومن مر بها من أهل الشام وغيرهم، ويعرف اليوم ببير علي رضي الله عنه، ومسجده معروف ظاهر يصلي فيه من أراد الإحرام، وهو خراب متهدم لم يبق منه إلا بعض الجدران وحجارة متراكمة، وكان فيه عقود في قبلته، ومنارة في ركنه الغربي الشمالي لكنه تهدم على مر الأعصارِ وتكررِ الأزمان، وهو مبني في موضع الشجرة التي كانت هنالك وبها سمي مسجد الشجرة.
/ 235 وروى الزبير بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الشجرة إلى جهة الأسطوانة الوسطى، فاستقبلها، وكان موضع الشجرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى إليها
(2)
.
وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أَهَلَّ فقال: لبيك اللهم لبيك،
(1)
أخرجه البخاري بلفظه، في كتاب الصلاة، باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، من رقم:484 حتى 492، 1/ 676 - 677.
(2)
رواه الزبير، عن ابن زبالة كما في التعريف للمطري ص 67.
لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك
(1)
.
وفي لفظ: أن عبد الله رضي الله عنه كان يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهلَّ بهؤلاء الكلمات
(2)
.
وينبغي لقاصدي الإحرام إذا وصلوا ذا الحليفة أن لا يتجاوزوا هذا المكان وينزلوا حوالي المسجد من القِبلة أو من الغرب أو الشام بحيث لا يبعد عن المسجد المذكور في الجملة، فإن كثيراً من جهلة الحجاج يتعدون المسجد وما حوله إلى جهة الغرب ويصعدون إلى البيداء، فيتجاوزون الميقات بيقين. وما روي أنه صلى الله عليه وسلم أحرم من ذي الحليفة فلما علت به راحلته على البيداء أَهلَّ
(3)
.
ولذلك قال عبد الله رضي الله عنه: بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد يعني ذا الحليفة
(4)
. كل ذلك يريد أن لا يتعدى الحاج المسجد وما حوله. قال ابن عمر رضي الله عنهما وكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم من حج أو عمرة وكان بذي الحليفة هبط بطن الوادي؛ وادي العقيق، وإذا ظهر من بطن الوادي أناخ بالبطحاء التي على شفير الوادي الشرقية عَرَّسَ ثَمَّ حتى يصبح، فيصلي الصبح ليس عند المسجد الذي هناك ولا على الأكَمَةِ التي عليها المسجد، كان ثَمَّ خَليجٌ يُصلي عنده عبد الله في بَطنهِ كُثُبٌ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ثَمَّ فدحا السيل فيه بالبَطحاء حتى دَفَنَ ذلك المكان الذي
(1)
أخرجه مسلم، في الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها، رقم:1184، 2/ 842.
(2)
أخرجه مسلم، في الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها، رقم: 1184، 2/ 843.
(3)
أخرجه مسلم، في الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: 1218، 2/ 887.
(4)
أخرجه مسلم، في الحج، باب أمر أهل المدينة بالإحرام من عند مسجد ذي الحليفة، رقم: 1186، 2/ 843.
كان عبدالله يُصلي فيه
(1)
.
وروى الزبير عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بذي يَنْزِلُ بذي الحليفة حين يعتمر، وفي حجته حين حج تحت سَمُرَة في موضع المسجد الذي بذي الحليفة
(2)
.
وفي قبلة هذا المسجد الكبير مسجد آخر صغير، ولا يبعد أن يكون صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً، بينهما مقدار غَلْوَة
(3)
أو أكثر بقليل.
ومنها:
مسجد بشَرَفِ الرَّوْحاءِ،
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرف الروحاء عن يمين الطريق وأنت ذاهب إلى مكة، وعن يسارها وأنت مقبل / 236 من مكة
(4)
.
(1)
أخرجه البخاري، في الصلاة، باب المساجد التي على طريق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: 484، 1/ 676. ومسلم مختصراً في الحج، باب التعريس بذي الحليفة والصلاة بها، رقم: 1257 - 1346، 2/ 981.
(2)
أخرجه البخاري في حديث طويل، في كتاب الصلاة، باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: 484، 1/ 676. من طريق نافع، عن ابن عمر.
(3)
غلا السهم غَلْواً وغُلُواً: ارتفع في ذهابه وجاوز المدى. غلا بالسهم: رفع به يديه، يريد أن يبلغ به أقصى الغلو. القاموس (غلا) ص 1318.
والَغْلَوَةُ: مقدار رمية سهم، وتقدر بـ 300 إلى 400 ذراع.
(4)
رواه بهذا اللفظ الزبير بن بكار، عن ابن زبالة، بسنده كما في التعريف للمطري ص 69.
وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما في الصلاة، باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، رقم:485، 1/ 676: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى حيث المسجد الصغير الذي دون المسجد الذي بشرف الروحاء، وقد كان عبدالله يعلم المكان الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ثم عن يمينك حين تقوم في المسجد تصلي، وذلك المسجد على حافة الطريق اليمنى وأنت ذاهب إلى مكة، بينه وبين المسجد الأكبر رمية بحجر، أو نحو ذلك.
وشَرَف
(1)
الروحاء هو آخر السيالة [وأنت متوجه إلى مكة، وأول السيالة]
(2)
إذا قطعت فرش ملل ثم تهبط في وادي الروحاء مستقبل القبلة، وتعرف اليوم بوادي بني سالم، بطن من حربٍ عربِ الحجاز، فتمشي مستقبل القبلة وشعب علي رضي الله عنه على يسارك، إلى أن تدورَ الطريقُ بك إلى المغرب وأنت مع أصل الجبل الذي على يمينك [فأول مايلقاك مسجد على يمينك]
(3)
كان فيه قبور كثيرة في قبلته، فتهدم على طول الزمان، صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعرف ذلك المكان بعِرْقِ الظُّبْية
(4)
ويصير جبل ورقان على يسارك.
وفي المسجد الآن حجر قد نقش عليه بالخط الكوفي عند عمارتِهِ: الميل الفلاني من البريد الفلاني.
وروى غير واحد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل المسجد الذي ببطن الروحاء عند عِرْقِ الظُّبْية قال: «هذا وادٍ من أودية الجنة»
(5)
.
وفي لفظ عن عمرو بن عوف قال: أول غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه غزوة الأبواء حتى إذا كان بالرَّوْحَاء عند عرق الظُّبية قال: أتدرون ما اسم هذا الجبل؟ يعني وُرقان هذا حَمْتَ اللهم بارك فيه وبارك لأهله فيه، أتدرون ما اسم هذا الوادي؟ يعني وادي الرَّوْحَاء، هذا سَجَاسِج لقد صلى في هذا المسجد
(1)
في الأصل: (شرف)، والمثبت هو الصواب.
(2)
سقط في الأصل، والمثبت من التعريف ص 69، والوفا 3/ 1008.
(3)
سقط في الأصل، والمثبت من التعريف ص 69.
(4)
الظُّبية: بالضم، وعرق الظبية: بعد الروحاء للمتجه إلى مكة بما يقارب الميلين، وهو بينها وبين المنصرف (المعروف الآن باسم المسيجيد). المناسك للحريري ص 443 حاشية 4.
(5)
رواه ابن شبة 1/ 80 من طريق كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده. وكثير بن عبدالله ضعيف. التقريب ص 460، رقم 5617.
قبلي سبعون نبياً ولقد مر بها -يعني الروحاء -موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام في سبعين ألفاً من بني إسرائيل عليه عباءتان قَطَوَانيتان على ناقة له ورقاء، ولا تقوم الساعة حتى يمر بها عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام حاجاً أو معتمراً، أو يجمع الله تبارك وتعالى له ذلك
(1)
.
و
مسجد الغزالة،
وهو مسجد في وادي الروحاء أيضاً، مع طرف الجبل على يسارك، وأنت ذاهب إلى مكة، لم يبق منه اليوم إلا عِقْدُ الباب، صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وعن يمين الطريق إذا كنت بهذا المسجد وأنت مستقبل النازية
(2)
موضع كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ينزل فيه، ويقول: هذا منزل رسول الله صلىالله عليه وسلم وكان ثم شجرة، كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا نزل هذا المنزل وتوضأ صب فضلَ وضوئه في أصل الشجرة، ويقول: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، وورد أنه كان يدور بالشجرة أيضاً، ثم يصب الماء في أصلها اتباعاً للسنة
(3)
(1)
رواه ابن شبة 1/ 80، والطبراني في المعجم الكبير 17/ 16 رقم:12 - 13 كلاهما من طريق كثير بن عبدالله المزني، عن أبيه، عن جده.
قال الهيثمي في المجمع 6/ 68: وفيه كثير بن عبدالله المزني، وهو ضعيف عند الجمهور. وقد حسّن الترمذي حديثه وبقية رجاله ثقات.
وأما الترمذي فلم أهتد إليه في السنن، وراجعت تحفة الأشراف فلم يذكره في مسند عمرو بن عوف المزني.
(2)
النازية: على وزن فاعلة من نزا ينزو: موضع. معجم ما استعجم 2/ 1287، سيأتي ذكره في حرف النون من الباب الخامس.
(3)
ذكره المطري في التعريف ص 69 - 70.
وروى البخاري في الصلاة، باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم رقم: 486، 1/ 676 وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يُصَلِّي إِلَى الْعِرْقِ الَّذِي عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ وَذَلِكَ الْعِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَّةِ الطَّرِيقِ دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْصَرَفِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ وَقَدِ ابْتُنِيَ ثَمَّ مَسْجِدٌ فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءِهُ وَيُصَلِّي أَمَامَهُ إِلَى الْعِرْقِ نَفْسِهِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه يَرُوحُ مِنَ الرَّوْحَاءِ فَلا يُصَلِّي الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَيُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْحَ.
قال السمهودي: توهم بعضهم أن المراد عرق الظبية، وليس كذلك؛ لتغاير المحلين، ورأيت بخط بعضهم هنا: العرق جبل صغير. وفاء الوفا 3/ 1011.
وليس اليوم بطريق مكة مسجد يعرف غير هذه الثلاث مساجد، وإذا كان الإنسان عند هذا المسجد المعروف بمسجد الغزالة، كانت طريق النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة على يسار مستقبل القبلة، وهي الطريق المعهودة من قديم الزمان، تمر على بئر يقال لها: السقيا، ثم على ثننية هَرْشَى
(1)
، وهي طريق الأنبياء / 237 عليهم الصلاة والسلام، والطريق اليوم من طرف الروحاء على النازية إلى مضيق الصفراء، هذه المساجد الثلاثة معروفة معلومة اليوم، وأما المساجد الباقية التي ذكرها البخاري وغيره بين مكة والمدينة فلا يعرف منها شيء اليوم وهي:
مسجد الرُّوَيثَة،
وهو مسجد كان عن يمين الطريق المذكورة في مكان سهل بطحاء، تجده حين تفضي من أَكَمَةَ دون الرويثة بميلين تحت سَرحةٍ ضخمة قد انكسر أعلاها وانثنى في جوفها، وهي قائمة على ساق
(2)
، وذكرنا الرويثة في
الراء
(3)
.
(1)
هَرْشَى: بفتح أوله، وإسكان ثانيه، بعده شين معجمة، مقصور على وزن فعلى.
ثنية بطريق مكة بين بدر وودان.
معجم ما استعجم 2/ 1350، وسيأتي ذكرها في حرف الهاء من الباب الخامس.
(2)
رواه البخاري في الصلاة، باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: 487، 1/ 677.
(3)
في حرف الراء، من الباب الخامس.
و
مسجد العَرْج،
وهو مسجد بطرف
(1)
تَلْعةٍ من وراء العَرْج، وأنت ذاهب إلى مكة عن يمين الطريق، على رأس خمسة أميال من العرج إلى هضبة هناك، عندها ثلاثة أقبر ورَضْمٌ من حجارة بين سَلِمَاتٍ هناك، كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يروح من العَرْج بعد أن تميل الشمس بالهاجِرَةِ فيصلي الظهرَ في هذا المسجد
(2)
.
و
مسجد هَرْشَى،
وهو مسجد عن يسار الطريق وأنت ذاهب إلى مكة في مَسِيل دون ثنية هرشى إلى سَرْحة
(3)
هي أقرب السرحات إلى الطريق، وهي أطولهن
(4)
.
وهَرْشَى ذكر في الهاء
(5)
.
و
مسجد الأَثاية
بفتح الهمزة بعدها مثلثة وألف ثم مثناة تحتية وهاء، من أثيت به إذا وَشَيْت
(6)
، ويقال: أثاية يأثو ويأثي أثاوة وأثاية. وكذلك رواه بعضهم بكسر الهمزة، وقيل بضم الهمزة، واقتصر الصَّغَاني على الضم ولم يحك غيرها، وقال: هو الصواب. ورواه بعضهم بثاء أخرى، وأثان بنون أيضاً، وكلاهما خطأ، والصحيح الأول أثاية بالمثناة وتثليث أوله
(7)
، وهو
(1)
في الأصل (بطريق)، وهو تصحيف. والمثبت من صحيح البخاري.
(2)
رواه البخاري، في الصلاة، باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، برقم: 488، 1/ 677.
(3)
السرح: الشجر العظام، أو كل شجر لاشوك فيه. القاموس (سرح) ص 223.
(4)
رواه البخاري، في الصلاة، باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: 489، 1/ 677.
(5)
في حرف الهاء من الباب الخامس.
(6)
في الأصل: (رسيت)، والمثبت هو الصواب.
(7)
القاموس: (أثى) ص 1258، قال السمهودي 4/ 1119: وهو مثلث الهمزة.
موضع في طريق الجحفة، بينه وبين المدينة خمسة وعشرون فرسخاً، وفيه بئر، وعليها المسجد المذكور، وعندها أبيات وشجر أراك، وهو منتهى حد الحجاز، وبه وجد النبي صلى الله عليه وسلم [الظبي الحاقف
(1)
]
(2)
.
(3)
و
مسجد بطن مرو،
وهو مسجد في المسيل الذي بوادي مَرَّ الظهران، حين تهبط من الصفراوات عن يسار الطريق وأنت ذاهب إلى مكة وليس يُعرف هناك اليوم
(4)
.
ومسجد ذِي طُوى، ووادي طوى معروف بمكة بين الثنيتين.
ومصلى النبي صلى الله عليه وسلم تقدم بيانه فيما رواه البخاري في صحيحه آنفاً.
وذكر الزبير مسجد تِعْهِن فروى عن صخر بن مالك بن إياس، عن أبيه، عن جده قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بمدلجة تعهن، وبنى بها مسجداً، وصلى في ثنية ركوبة، وبنى بها مسجداً
(5)
.
وذكر الزبير بن بكار، ومحمد بن إسحاق، والحافظ عبد الغني وغيرهم مساجد رسول الله صلى الله عليه وسلم التي في طريق تبوك، وهي:
مسجد التوبة،
وهو / 238 مسجد تبوك يصلى فيه اليوم، وقد دخلته غير
(1)
حَقَفَ الظبي: أي ربض أو نام على الأرض وانطوى بعضه على بعض واستدار، فهو حاقف. القاموس (الحقف) ص 801.
(2)
سقطت من مكانها، وأثبتها الناسخ خطأ بعد سطرين.
(3)
أخرجه النسائي في مناسك الحج، باب مايجوز للمحرم أكله من الصيد، رقم: 2818، 5/ 183، ومالك، في الحج، باب مايجوز للمحرم أكله من الصيد رقم: 79، 1/ 351.
(4)
رواه البخاري، في الصلاة، باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم رقم: 490، 1/ 677.
(5)
رواه الزبير، عن ابن زبالة، كما في وفاء الوفا 3/ 1016.
مرة، وصليت فيه، وهو عقود مبنية بحجارة بناه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ورحمه.
و
مسجد مَدِران
-بكسر الدال المهملة -تلقاء تبوك.
و
مسجد ذات الزِراب
- بكسر الزاي بعدها راء -على مرحلتين من تبوك.
ومسجد بالأخضر، على أربع مراحل من تبوك.
ومسجد بذات الخَطْمى، على خمس مراحل من تبوك، وقال الصاغاني: مسجد ذات الخطمى.
و
مسجد بَأَلَى،
على نحو خمس مراحل من تبوك أيضاً.
و
مسجد بطرف البترا
من ذنب كواكب.
ومسجد بشق تَاراء. ومسجد بذي الحليفة، هكذا قاله الزبير وجماعة، فإن صحت اللفظة فذو الحليفة اسم لمكان بين المدينة وتبوك أيضاً، وهو غريب، لأن أصحاب البلدان لم يذكروا فما بلغنا ذلك، وإنما ذكروه اسماً للميقات المدني، لموضع قرب ذات عرق فلينظر ذلك.
و
مسجد بالشوشق،
ومسجد بصدر حَوْضَى، ومسجد بالحِجْر، ومسجد بالصعيد؛ صعيد قُرْح، ومسجد بوادي القُرى، ومسجد بني عُذْرَة، لم يذكروها، وهو من مساجده صلى الله عليه وسلم في طريق تبوك وقد ذكرتها قبل خمسة أوراق، ومسجد بالرَّقْعة، ومسجد بذي المَرْوَة، ومسجد بالفَيَفاء؛ فيفاء الفَحلتين، ومسجد بذي خُشُب على مرحلة من المدينة والله أعلم.
وأسماء هذه المواضع التي أضيفت إلى المساجد مذكورة مضبوطة في أماكنها من الباب الخامس فلتنظر، وأما مساجد النبي صلى الله عليه وسلم بمكة والطائف ومخاليفها والحديبية والجعرانة ونحوها فذكرها في كتابنا تاريخ
مكة
(1)
شرفها الله تعالى أمسُّ وأنسبُ إن شاء الله تعالى.
روى الزبير، عن محمد بن الحسن، عن (عوف) بن مكين بن الوليد البلوي، عن لبيد، عن جده، وغيره من أهل العلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى تحت الدومة التي في حائط عبيد الله بن مروان بذي خُشُب، فهنالك يُجمَّعون.
وصلّى صلى الله عليه وسلم في مسجد بفيفاء الفحلتين، ومسجد بذي المروة، ومسجد بالسقيا، ومسجدان
(2)
بوادي القرى؛ أحدهما في سوقها، والآخر في قرية بني عذرة، ومسجد بالعلى، ومسجد بالحجر، ومسجد بذنب حويضى، ومسجد بشق تاراء، ومسجد بذات الزراب، ومسجد بثنية مدران، ومسجد تبوك، يقال له: مسجد التوبة
(3)
.
(1)
المسمى: مهيج الغرام إلى البلد الحرام ..
(2)
في الأصل: (ومسجد). والمثبت هو الصواب.
(3)
رواه الزبير عن ابن زبالة كما في وفاء الوفا ا 3/ 1031.
الباب الخامس: في ذكر أماكن المدينة، ومساكنها، وقُرَاها، وذُرَاها
(1)
، ومعاهدها
(2)
، ومشاهدها، ودُورِها، وقصورها، ومناظرها، ومقابرها، ومزارعها، ومواضعها، وجبالها، وتلالها، وسِباخها
(3)
، ورمالها، وطَساسِيجها
(4)
، وأعمالها، وعِراصها
(5)
، وأخصاصها
(6)
، وغياضها
(7)
، وأعراضها
(8)
، وآطامها
(9)
، وآكامها
(10)
، ومعالمها، وأعلامها، وأوديتها، وأنديتها،
(1)
. ذُرى الشيء - بالضم -: أعاليه، الواحدة: ذُروة بالضم والكسر. القاموس (ذرا)1284.
(2)
المعاهد: جمع معهد، وهو المنزل الذي لا يزال القوم إذا انتأوا عنه رجعوا إليه. الصحاح (عهد) 2/ 515 - 516.
(3)
السباخ: جمع سبَخَة وسَبْخَة، وهي أرض ذات نز وملح. والنز: ما يَتَحلَّبُ من الأرض من الماء. القاموس (سبخ) ص 252، (نزز)527.
(4)
الطساسيج: جمع طَسُّوج، جاء في القاموس (طسج) ص 197: الطَّسُّوج-كسَفُّود: الناحية. . . معرب.
(5)
العِراص: جمع عَرْصة، وهي كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء. القاموس (عرص) ص 623.
(6)
الأخصاص جمع: خُصّ، وهو بيت من شجر أو قصب. القاموس (خصص)617.
(7)
الغياض جمع غيضة، وهي: مجتمع الشجر في مغيض ماء. القاموس (غيض) ص 650.
(8)
الأعراض جمع عِرض، وهو كل وادٍ فيه شجر، ويقال: أعراض المدينة: قراها التي في أوديتها. لسان العرب (عرض) 7/ 172 - 173. وسيأتي كلام المصنف عنها موسعاً في حرف العين.
(9)
الآطام جمع أُطم، وهو القصر، وكلُّ حصن مبني بحجارة، وكل بيت مُربَّع مُسَطَّح. القاموس (أطم) ص 1076.
(10)
الآكام جمع أكمة، وهي دون الجبال، أو: هي الموضع يكون أشد ارتفاعاً مما حوله. القاموس (أكم) ص 1076.
وعيونها، وضُبُونها
(1)
، وقَنَواتها
(2)
، وصَنَواتها
(3)
، وأَنْهارها، وآبارها، وتِلاعها
(4)
، وقِلاعها، ومراحلها
(5)
، ومَنَاهلها
(6)
، ومساحاتها، ومسافاتها، مستوفياً كلَّ ذلك على ترتيب حروف الهجاء، وبالله العون والتأييد، ومنه التوفيق لذلك والتسديد.
(1)
الضبن بالكسر: الماء المشفوف لافضل فيه. القاموس (ضبن) ص 1211.
(2)
القنوات: جمع قناة، وهي مجرى للماء ضيق أو واسع. المعجم الوسيط 2/ 764.
(3)
الصَّنْو: الماء القليل بين الجبلين. القاموس (صنا) ص 1304.
(4)
التِّلاع جمع تَلْعة، وهي ما ارتفع من الأرض وما انهبط منها-ضِدٌّ- ومسيل الماء، وما اتَّسَع من فُوَّهة الوادي، والقطعة المرتفعة من الأرض. القاموس (تلع) ص 707.
(5)
المرحلة: المسافة يقطعها السائر في نحو يوم. أو: ما بين المنزلين. المعجم الوسيط (رحل) 1/ 335.
(6)
المنهل: الموضع الذي فيه المشرب. القاموس (نهل) ص 1066.
باب الألف
آرام،
كأنه جَمْعُ إِرَم، وهو: حجارة تُنصب كالعَلم: اسم جبل قرب المدينة
(1)
، وفيه يقول القائل:
ألا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَغيَّرَ بَعْدَنا
…
أَرُومٌ، فآرامٌ، فَشَابةُ، فالحَضَرْ
(2)
وهل تركَتْ أُبْلَى سَوَادَ جِبَالِهَا
…
وهلْ زَال بَعْدي عن قُنَيْنته الحَجَرْ؟
(3)
قال أبو زيادٍ
(4)
: ومن جبال الضباب: ذاتُ آرامٍ، قُنَّةٌ سوداء، فيها يَقولُ القائِلُ:
خَلَت ذاتُ آرامٍ ولم تَخْلُ عن عصر
…
وأقفَرها من حَلَّها سالِفَ الدَّهْرِ
وفاض اللِئامُ، والكرام تَغَيَّضوا
…
فذلك بالُ الدَّهْرِ، إن كُنتَ لا تدري
(5)
(1)
كذا قال المصنف هنا، وعبارته في القاموس (أرم) ص 1075: آرام: جبل بين الحرمين، ونحوه عند ياقوت في معجم البلدان 1/ 52، ولم يذكرا قربه من المدينة. وهذا الجبل يقع في قبلة الربذة، كما في كتاب (أبو علي الهجري وأبحاثه في تحديد المواضع) ص 243.
(2)
جاء في كتاب (أبو علي الهجري وأبحاثه في تحديد المواضع) ص 243: جبلان يقال لأحدهما: أروم، وللآخر: آرام، وهما في قبلة الربذة، بأرض بني سليم، والحضائر بناحيتها. انتهى. وشابة والحضر سيأتي التعريف بهما في حرف الشين والحاء.
(3)
البيتان في الأماكن للحازمي 1/ 37، معجم البلدان 1/ 78، كلاهما في مادة (أبلى)، ولم يُسْنَدا فيهما لقائل أيضاً، و (أبلى) سيعرف بها المصنف بعد موضعين.
(4)
هو يزيد بن عبد الله بن الحر بن همام، أبو زياد الكلابي، من بني عامر بن كلاب، عالم بالأدب وشاعر، له عدة مؤلفات، منها:(خلق الإنسان) و (الإبل)، و (النوادر) الذي قال عنه البغدادي: كبير، فيه فوائد كثيرة. وقال ياقوت: ذكر في نوادره-من الأماكن العربية والمنازل البدوية- صدراً صالحاً، وقفت على أكثره. توفي أبو زياد ببغداد في حدود سنة 200 هـ. خزانة الأدب للبغدادي 3/ 118، الفهرست لابن النديم ص 67، معجم البلدان 1/ 11.
(5)
البيتان في معجم البلدان 1/ 52، وتحرف فيه: تغيضوا إلى: تفيضوا، ومعنى (والكرام تغيضوا): نقصوا.
آرة:
جبلٌ قُربَ المدينة، يقابل قُدْساً
(1)
، من أشمخ ما يكون من الجبال، أحمر، تَخِرُّ من جوانبه عيون، على كل عين قرية، فمنها: الفُرْع، وأمُّ العيال
(2)
، والمَضِيقُ، والمَحْضةُ، والوَبْرَةُ، والفَغْوة
(3)
، تكتنف آرةَ من جميع جوانبه، وفي كل هذه القرى نخيل
(4)
، وهي من السُّقْيا
(5)
على ثلاث مراحل، من عن يسارها مطلع الشَّمسِ، وواديها يصُبُّ في الأبواء،، ثم في ودَّان
(6)
. وجميع هذه المواضع مذكورة في الأخبار والسير
(7)
.
الأبطَن:
وادٍ بِجنب السَّوارِقيَّة، أهلها يَسْتَعْذِبُون [منه]
(8)
الماءَ الطيب.
أُبْلىَ
-على زِنَةِ حُبْلى-: جبال قرب المدينة
(9)
.
قال عَرَّام
(10)
: تمضي من المدينة مُصْعِداً إلى مكة، فتميل إلى وادٍ يقال
(1)
سيأتي التعريف به في حرف القاف.
(2)
ذكر السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1130 عن عَرَّام أن أم العيال صدقة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وأنها عين عليها قرية هناك. وقال ابن حزم: هي عين لجعفر بن طلحة ابن عبد الله التيمي، أنفق عليها مئتي ألف دينار، وكانت تسقي أزيد من عشرين ألف نخلة.
(3)
هذه الأماكن الستة عرف بها المصنف في مواضعها.
(4)
في الأماكن للحازمي 1/ 34، و معجم البلدان 1/ 52:(نخيل وزروع).
(5)
سيعرف بها المصنف في حرف السين.
(6)
الأبواء: سيأتي بعد موضعين، ووَدّان: في حرف الواو.
(7)
ما تقدم في هذه المادة في الأماكن 1/ 33 - 34، معجم البلدان 1/ 52.
(8)
في الأصل: (منها)، والصواب ما أثبته، معجم البلدان مادة (السوارقية) 3/ 276.
(9)
عبارته في القاموس (بلي) ص 1264: موضع بالمدينة.
(10)
هو عرَّام بن الأصبغ السلمي، أعرابي، ثقة في معرفة جبال تهامة وقراها وأشجارها ومياهها وساكنيها، وله رسالة بعنوان كتاب أسماء جبال تهامة وسكانها وما فيها من القرى وما ينبت عليها من الأشجار وما فيها من المياه طبعت في كتاب نوادر المخطوطات بتحقيق: عبد السلام هارون. وهذا النص موجود فيه 2/ 428 - 429. الأعلام للزركلي 4/ 223، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 6/ 275.
له:
عُرَيفِطَان [مَعْن]
(1)
ليس به ماءٌ ولا مرعى، وحِذاؤهُ جبال يقال لها: أُبلى، فيها مياهٌ منها: بئر مَعُونَة، وذو ساعدة، وذو جماجم أو حماحم، والوَسْبَاء، وهذه لبني سُلَيم، وهي قِنانٌ متصلة بعضها ببعض، وقد تقدَّم آنفاً شاهدُها في آرام.
وعن الزُّهْرِيِّ
(2)
: بَعَثَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قِبَلَ أرض بني سُليم
وهو يومئذٍ/240 ببئر مَعُونة بِجُرُف أبلى، بين الأَرْحَضِيَّة
(3)
، وقُرَّان، كذا ضبطه أبو نُعَيْم
(4)
الأَبْواء،
بالفتح، وسكونِ المُوَحَّدةِ تحتُ، وفتحِ الواوِ، وبعده ألفٌ ممدودةٌ، فعْلاءُ، من الأبوَّةِ. أو: أفعال، جمع بَوٍّ: الجلد يُحْشَى لِتَرْأَمَهُ الناقةُ، فتَدِرَّ عليه إذا ماتَ ولدُها. أو جمع بُوىً، إلا أن تسمية الأسماء بالمفرد أولى؛ ليكون مساوياً لما سُمِّي به، ففعلاء أشبه، مع أنك لو جعلته جمعاً لاحتجت إلى
(1)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والاستدراك من رسالة عرام.
(2)
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، أبو بكر القرشي الزهري المدني، نزيل الشام، أحد فقهاء المحدثين، وأعلام التابعين بالمدينة، وأول من دون الحديث، وكان حافظ زمانه، وروى عنه جماعة من الأئمة من أمثال الإمام مالك، والسفيانين. توفي سنة 124 هـ. وفيات الأعيان 4/ 177 - 179، سير أعلام النبلاء 5/ 326 - 350.
(3)
الأرحضية: سيأتي التعريف بها.
(4)
أي: قُرَّان بالقاف المضمومة، وذكره ياقوت في حرف القاف أيضاً 4/ 318 ومضعِّفاً له، فقال: وقيل: قُرّان بين مكة والمدينة بلصق أبلى. مع أنه قال في حرف الفاء 4/ 245: فَران: بفتح أوله، وتخفيف ثانيه، وآخره نون: ماء لبني سليم، يقال له: معد فَران، به ناس كثيرة.
وأبو نعيم هو: الفضل بن دكين-واسم دكين: عمرو- بن حماد بن زهير التيمي الطلحي القرشي مولاهم، الكوفي الملائي، الأحول، الحافظ الكبير، والمحدث الشهير، الثقة الثبت، من كبار شيوخ الإمام البخاري، ولد سنة 130 هـ، وتوفي سنة 218 هـ، وقيل في التي بعدها. تاريخ بغداد 12/ 346 - 357، سير أعلام النبلاء 10/ 142 - 157.
تقدير واحده
(1)
.
وسُئل كُثَيِّرٌ الشاعرُ
(2)
: لم سُمِّيَتْ الأبواءُ الأبْوَاءَ؟ فقال: لأنهم تَبَوَّؤُوها
منْزلاً
(3)
.
وهي قرية من أعمال الفُرْع
(4)
، من المدينة، بينها وبين الجُحْفة
(5)
مما يلي المدينة ثلاثةٌ وعشرون ميلاً، فتكون الأبواء على خمسةِ أيام من المدينة.
وقيل: الأبواء جبل عن يمين آرة، ويمين الطريق للمُصْعِد إلى مكة من المدينة، وهناك بلدٌ ينسب إلى هذا الجبل، وقد جاءَ ذكره في حديث الصَّعْب بن جَثَّامة
(6)
،
وغيره.
(1)
معجم البلدان 1/ 79 مختصراً.
(2)
هو كُثيِّر بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر الخزاعي، أبو صخر المدني، الشاعر الغزلي المشهور، وهو صاحب عَزَّة بنت جميل، وأكثر شعره فيها، وله شعر في مديح عبد الملك ابن مروان وبعض الأمويين. توفي بالمدينة سنة 105 هـ، وقيل: 107 هـ. وفيات الأعيان 4/ 106 - 113، سير أعلام النبلاء 5/ 152. وله ديوان شعر مطبوع.
(3)
وقيل: سمي به لوبائه على القلب، وقيل: لأن السيول تتبوؤه، أي: تحلُّه. وفاء الوفا 4/ 1118.
(4)
سيأتي التعريف بالفرع في حرف الفاء.
(5)
الجحفة: آثار باقية، بني مؤخراً عليها مسجد مسلح يزوره السياح، شرق رابغ مع ميل إلى الجنوب على 22 كيلاً، وليست هناك مساكن دائمة، وكل السكان بَوادٍ رُحَّل، وتتبع الحجفة إمارة رابغ. معجم معالم الحجاز للمقدم عاتق بن غيث البلادي 2/ 122.
(6)
أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث الصَّعْب بن جَثَّامة رضي الله عنه أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً وهو بالأبواء-أو: بودَّان- فردَّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليه، فلما رأى ما في وجهه قال صلى الله عليه وسلم:«إنَّا لم نَرُدَّه عليك إلا أنَّا حُرُم» . البخاري، في جزاء الصيد، باب إذا أهدي للمحرم حماراً وحشياً
حياً لم يقبل، رقم:(1825)، 4/ 38. ومسلم: في الحج، باب تحريم الصيد للمحرم، رقم:(1193)، 2/ 850.
وقال السُّكَّري
(1)
: الأبواء جبل شامخ ليس به شيء من النبات غير الخَزَم والبَشَام، وهو لخُزَاعة وضَمْرة.
قال ابنُ قيْسِ الرُّقيَّات
(2)
:
فَمِنىً فالجِمارُ منْ عبدِ شَمْسٍ
…
مُقْفِرَاتٌ، فَبَلْدَحٌ
(3)
، فَحِراءُ
فالخيامُ التي بِعُسْفان أقْوَتْ
…
من سُلَيْمَى، فالقَاعُ، فالأبْواءُ
(4)
وبالأبواءِ قبرُ آمنة بنتِ وَهْب، أُمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
(5)
.
وكان السبب في مدفنها هناك: أن عبد الله والدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كان خرج إلى المدينة يمتار
(6)
تمراً، فمات بالمدينة، وكانت زوجته آمنةُ بنْتُ وَهْب ابنِ عبد مناف بن زُهْرة بن كلاب بن مُرَّةَ بن كعب بن لؤي بن غالب تخرج في كل
(1)
هو الحسن بن الحسين بن عبد الله، أبو سعيد الأزدي المهلبي السكري، النحوي، شيخ الأدب، جمع دواوين عدد من شعراء العرب، وألف كتاباً في النبات، وآخر في الوحوش، ولد سنة 212 هـ، وتوفي سنة 275 هـ. تاريخ بغداد 7/ 296 - 297،
سير أعلام النبلاء 13/ 126 - 127.
(2)
هو عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك بن ربيعة، من بني لؤي بن غالب القرشي، شاعر قريش في عهد بني أمية، كان مقيماً بالمدينة، وأكثر شعره في الغزل والنسيب، ولقب بابن قيس الرقيات لأنه كان يتغزل بثلاث نسوة سُمِّين رقية. توفي في حدود 85 هـ. الأغاني 5/ 80 - 110، الشعر والشعراء ص 361، والبيتان في ديوانه ص 8.
(3)
الجمار: موضع الجمرات الثلاث بمنى. وبلدح: وادٍ قبل مكة من جهة المغرب. معجم البلدان 2/ 159، 1/ 480.
(4)
الخيام أقوت: خلَتْ. القاموس (قوى) ص 1327. عسفان بين مكة والمدينة، وهي من مكة على مرحلتين. معجم البلدان 4/ 122. والقاع: منزل بطريق مكة بعد العقبة لمن يتوجه إلى مكة، ويوم القاع من أيام العرب. المرجع السابق 4/ 298.
(5)
ولا زال معروفاً هناك إلى الآن.
(6)
المِيرة _ بالكسر_ جلب الطعام، مار عياله يمير مَيْراً، وأمارهم، وامتار لهم. القاموس (مير) ص 478.
عام إلى المدينة، تزور قبره، فلما أتى لرسول الله صلى الله عليه وسلم سِتُّ سنين خرجَتْ زائرةً لقبره، معها عبد المطلب، وأُمُّ أيمن حاضنةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صارت بالأبواء منصرفة إلى مكة ماتت بها.
ويقال: إن أبا طالب زار أخواله بني النجار بالمدينة، وحمل معه آمنةَ بنت وهب أُمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رجع منصرفاً إلى مكة ماتت آمنةُ بالأَبْواء
(1)
.
الأُثَيْفية،
بضم أوله، وفتح المثلثة، وسكون المثناة تحت، وكسر الفاءِ، وفتح الياء مخففة: مَوْضعٌ بعقيقِ المدينة. قاله الصاغاني
(2)
في العُباب
(3)
.
وأُثَيْفِيَة أيضاً: قرية باليمامة
(4)
، وهي غير أُثَيْفِياتٍ، لاسم جبالٍ
(1)
انظر قصة وفاة آمنة أُمِّ النبي صلى الله عليه وسلم في سبل الهدى الرشاد 2/ 120 وما بعدها. قال الشيخ حمد الجاسر في (المغانم المطابة ص 6): والأبواء لا تزال معروفة، تقع شرق بلدة مستورة الواقعة على الطريق بين مكة والمدينة-الطريق القديم- وتبعد عنها بما يقارب 25 كيلاً، شرقها بميل نحو الجنوب.
(2)
هو الحسن بن محمد بن الحسن، رضي الدين، العدوي العمري، الصاغاني والصغاني، الحنفي المحدث، إمام اللغة، ولد سنة 577 هـ، وتوفي سنة 650 هـ. سير أعلام النبلاء 23/ 282، معجم الأدباء 9/ 189.
(3)
اسم الكتاب كاملاً: العباب الزاخر واللباب الفاخر، يزيد على عشرين مجلداً، توفي الصاغاني ولم يكمله، وقد طبع قسم منه بتحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين سنة 1977 م، وقسم بتحقيق الدكتور مير محمد حسن سنة 1978 م. والنقل المذكور في القسم الذي حققه الشيخ آل ياسين في مادة (أثف)، وفيه:(ذو أثيفية) وليس (الأثيفية)، ومثله في الكتاب الآخر للصاغاني التكملة والذيل والصلة 4/ 434، معجم البلدان 1/ 93، القاموس (أثف) ص 791، وحذف (ذو) هنا لم أر من سبق المصنف إليه.
…
ثم إن وضع هذه المادة هنا غير دقيق، والترتيب الهجائي الذي اتبعه المصنف يقتضي ذكرها بعد (الأثاية).
(4)
أفاد ياقوت في معجم البلدان 1/ 93، والمصنف في القاموس (أثف) ص 791: أن هذه القرية لأولاد جرير بن الخَطَفي الشاعر. زاد ياقوت عن محمد بن إدريس بن أبي حفصة: وبها كان جرير، وبها له مال، وبها منزل عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير. وعن نصر: أثيفية: حصن من منازل تميم. ونقل الأستاذ عبد الله بن محمد بن خميس في كتابه المجاز بين اليمامة والحجاز ص 54 - 55 عن ابن بليهد: أن هذه القرية لا تزال تحتفظ بشيء من لهجة تميم، فهم يبدلون السين شيناً، وقال: وفي أوائل القرن الثاني عشر كان أمراء هذه القرية قوماً من تميم يدعون العزاعيز. وقال أيضاً: ولأثيفية هذه نصيب من اسمها، فهي واقعة بين ثلاث أكيمات متناوحات تشبه أثافي القِدْر تماماً.
معروفة
(1)
.
الأُثَايَةُ،
بالضَّم والكسر
(2)
: موضع بين الحرمين، بطريق الجُحْفَةِ إلى مكة
(3)
مُشْتَقٌّ من/241 الأَثْي، وهو: الوَشْي، ومنه: حديث أبي الحارث الأَزْديّ وغريمه: لآتِينَّ علياً
(4)
فلأَثِيَنَّ بك. أي: لأَشِيَنَّ، أَثَوْتُه وأَثَيْتُه، وأَثَوْتُ به، وأَثَيْتُ به، أي: وشيْتُ
(5)
.
الأُثَيْل،
تصغير الأَثْل
(6)
: موضع قرب المدينة، وهناك عينُ ماءٍ لآل
(1)
كذا قال المصنف هنا، وتردد في القاموس فقال: وأُثَيْفِيَات: موضع، أو جبال صغار. أما ياقوت فقد جزم بعكس ما ذكر المصنف هنا، فقال_ 1/ 93_: أُثَيفْية، وأُثيفِيات، وأُثيفات، وذاتُ الأًثافي: كله واحد.
(2)
والفتح أيضاً، كما في: معجم البلدان 1/ 90، القاموس (أثو) ص 1258.
(3)
قوله: بطريق الجحفة إلى مكة. فيه نظر، فقد ذكر البكري في معجم ما استعجم 2/ 954 في رسم العقيق أن الطريق إلى مكة: من المدينة إلى ذي الحليفة، ثم إلى الحفين أو: الحفير، ثم إلى ملل، ثم إلى السَّيَّالة، ثم إلى الرَّوحاء، ثم إلى الرُّوَيْثة، ثم إلى الأثاية، ثم إلى العرج، ثم إلى السقيا، ثم إلى الأبواء، ثم إلى الجحفة. . . وأخرج مالك وغيره خبر خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة وهو محرم، وفيه:(حتى إذا كان بالأثاية بين الرُّوَيثة والعَرْج إذا ظبي حاقف في ظل. . .) الحديثَ. الموطأ -كتاب الحج-ما يجوز للمحرم أكله من الصيد- حديث (80). فـ الأثاية بين الرويثة والعرج، والثلاثة بين المدينة والجحفة، لا كما ذكر المصنف.
(4)
في الأصل: (عليها)، والتصويب من النهاية لابن الأثير 1/ 24.
(5)
المرجع السابق.
(6)
الأثل: شجر، واحدته: أَثْلَة. القاموس (أثل) ص 960.
جَعْفر بن أبي طالب، بين بدرٍ ووادي الصَّفْراء
(1)
، ويقال له: ذو أثيل.
وقال ابن السِّكِّيت
(2)
: هو بتشديد الياء.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قتلَ عنده النَّضْرَ بن الحارث بن كَلَدة
(3)
مُنْصَرَفُه عن بَدْرِ.
فقالت قُتَيلة بنت النَّضْر
(4)
، ترثي أباها وتمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
يا راكباً إنَّ الأُثَيْلَ مَظِنَّةٌ
…
من صُبْحِ خَامسَةٍ، وأنتَ مُوَفَّقُ
بَلِّغْ به مَيتاً فإن تحيّةً
…
ما إن تَزالُ بِها الركائِبُ تَخْفِقُ
(5)
مِنّي إليه، وعَبْرَةً مسفوحةً
(6)
…
جادت لمائِحِها
(7)
، وأخرى تَخْنُقُ
فليسْمَعنَّ النضرُ إن ناديتُه
…
إن كان يسمع ميِّتٌ أو ينطقُ
(1)
سيأتي التعريف بوادي الصفراء لاحقاً.
(2)
هو يعقوب بن إسحاق، أبو يوسف، المعروف بابن السكيت، إمام في اللغة والأدب، ولد سنة 186 هـ، وتوفي سنة 244 هـ. من تصانيفه (القلب والإبدال)، و (الألفاظ)، و (إصلاح المنطق) وغيرها. تاريخ بغداد 14/ 273 - 274، وفيات الأعيان 6/ 395 - 401 سير أعلام النبلاء 12/ 16 - 19.
(3)
هو النضر بن الحارث بن علقمة ببن كَلَدة بن عبد مناف بن عبد الدار، أبو قائد، كان من شجعان قريش ووجوهها، وكان ينظر في كتب الفرس، ويخالط اليهود والنصارى، ولما ظهر الإسلام كان أشد قريش في تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم والأذى له ولأصحابه، وهو الذي حمل لواء المشركين يوم بدر، وفي المعركة أسره المقداد رضي الله عنه، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقه، فقتله علي رضي الله عنه بالأُثيل. الكامل لابن الأثير 2/ 49، نهاية الأرب للنويري 16/ 219 - 220، 271 - 272.
(4)
هي قُتيلة بنت النَّضر بن الحارث بن علقمة القرشية الشاعرة، كانت زوج عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر. قال ابن حجر: لم أر التصريح بإسلامها، لكنها إن عاشت إلى الفتح فهي من جملة الصحابيات. الإصابة 4/ 389 - 390، الروض الأنف 3/ 135.
(5)
تَخْفِق: تسرع. سبل الهدى والرشاد 4/ 158.
(6)
عبرة مسفوحة: جارية. المرجع نفسه.
(7)
في الاستيعاب 4/ 390، سبل الهدى والرشاد 4/ 63: جاءت بواكفها والواكف: السائل. المرجع السابق 4/ 158.
ظلَّتْ سيوفُ بني أبيه تَنوشُهُ
…
لِلهِ أرحامٌ هناك تُشَقَّقُ
(1)
أمحمدٌ ولأنت نجلُ نجيبةٍ
(2)
…
من قومِها، والفحلُ فحلٌ مُعْرِقُ
(3)
ما كان ضَرَّك لو منَنْتَ، ورُبَّما
…
مَنَّ الفتى وهو المَغِيظُ المُحْنَقُ
(4)
والنَّضْرُ أقربُ مَنْ أصَبْتَ وسيلةً
(5)
…
وأحقُّهم إن كان عِتْقٌ يُعْتَقُ
فلما سمع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شِعْرَها رقَّ لها وقال: «لو سمعت شِعْرَها قبل قتله لوهبتهُ لها»
(6)
.
والأُثَيل أيضاً: موضعٌ آخر في ذلك الصُّقْع، أكثرُه لبني ضَمْرة، من كِنانة
(7)
.
الأَجردُ:
أُطُمٌ بالمدينة، ابتناه بنو الأبجر بن عوف بن الحارث بن الخزرج، وهم بنو خُدْرة. وهو الأُطُم الذي يقال لبئره: البُصة
(8)
، كان لمالك بن سنان، أبي أبي سعيدٍ الخُدْري رضي الله عنه
(9)
.
(1)
تنوشه: تتناوله، القاموس (نوش) ص 608، وتُشَقَّقُ: تُقَطَّع. سبل الهدى والرشاد 4/ 159.
(2)
في سبل الهدى والرشاد 4/ 63: أمحمد يا خير ضِنْءِ كريمة والضنء: الأصل، والولد. المرجع السابق 4/ 158.
(3)
المُعْرِق: الكريم. سبل الهدى والرشاد.
(4)
المَغِيظ: هو بمعنى المُحنق: الشديد الغيظ، المرجع السابق.
(5)
في سبل الهدى والرشاد 4/ 63: (فالنضر أقرب من وصلت قرابة).
(6)
ذكر هذه الأبيات ابن عبد البر في الاستيعاب 4/ 390، وياقوت في معجم البلدان 1/ 94، وابن كثير في البداية والنهاية 3/ 306 - 307، وابن حجر في الإصابة 4/ 389، والصالحي في سبل الهدى والرشاد 4/ 63، وغيرهم. ونقل بعضهم عن الزبير بن بكار قوله: سمعت بعض أهل العلم يغمز هذه الأبيات ويقول: إنها مصنوعة. وقال الحازمي في الأماكن 1/ 43: هي أبيات مصنوعة، لا يصح لها سند.
(7)
جميع ما تقدم في هذه المادة ذكره ياقوت في معجم البلدان 1/ 94.
(8)
سيأتي التعريف بها في حرف الباء.
(9)
هو مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر-وهو خُدْرة- بن عوف بن الحارث ابن الخزرج الأنصاري الخزرجي الخُدْري، والد أبي سعيد رضي الله تعالى عنهما، شهد أحداً، واستشهد بها، وهو الذي مَصَّ الدم عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم ثم ابتلعه. أسد الغابة 5/ 27، الإصابة 3/ 345 - 346.
أَجَشُّ
- بفتح الهمزة والجيم، وتشديد الشين المعجمة وهو في اللغة: الغليظ الصوت -: اسم أُطُمٍ من آطام المدينة، أو: هو قصر كان لبني أنيف البلويين، عند البئر التي يقال لها: لاوة
(1)
.
أُجُم
- بضم أوله وثانيه-: واحد الآجام، وآجام المدينة وآطامها: حصونها وقصورها، وهي كثيرة، لها ذكر في الأخبار.
وقال ابنُ السِّكِّيت: أُجُمٌ: حصن بناه أهل المدينة من حجارة، وقال: كلُّ بيتٍ مربعٍ مُسطَّح أجُمٌ
(2)
.
أجرب
- مثال أحمد-: موضع من منازل جهينة بناحية المدينة
(3)
.
وأجربُ: موضع آخر بنجد.
قال أوس بن قَتَادة
(4)
:
(1)
معجم البلدان 1/ 102، وعبارة السمهودي في الوفا 4/ 1121: أجش: أطم لبني أنيف بقباء.
(2)
معجم البلدان 1/ 103، وأضاف السمهودي في (الوفا) 4/ 1121: أُجُم بني ساعدة: أطم كان لهم قرب ذُباب.
(3)
معجم البلدان 1/ 101، قال الشيخ حمد الجاسر في (المغانم المطابة ص 9): والظاهر أنه تصحف على ياقوت، وأن الصواب (الأجرد) بالدال، الذي هو من منازل جهينة المشهورة؛ إذ ياقوت زاد على ما ذكره المؤلف قوله: اسم موضع يذكر مع الأشعر، والذي يذكر مع (الأشعر) هو (الأجرد) انتهى، وانظر: معجم ما استعجم (الأجرد) 1/ 112، معجم البلدان (الأشعر) 1/ 198، ويبدو أن التصحيف أقدم من ياقوت، فقد تصحف على الحازمي في الأماكن 1/ 50.
(4)
هو أوس بن قتادة بن عمرو بن الأحوص، كما في: معجم البلدان 1/ 101، وذكر له هذين البيتين.
/242 أفدي ابنَ فاختة المقيمَ بأجرب
…
بعدَ الطِّعانِ وكثرةِ التَّرْحال
خَفيت منيته، ولو ظهَرَتْ له
…
لوجَدْتَ صاحبَ جُرْأةٍ وقتال
أحباب
-جمع حبيب -: بلد في جنب السَّوارِقية
(1)
من نواحي المدينة، ثم من ديار بني سُليم
(2)
.
أحجار الزيت
- بالزاي-: وهو موضعٌ بالمدينة، قريبٌ من الزَّوْراء
(3)
، وهو موضع صلاة الاستسقاء
(4)
.
قال ابن جُبَير
(5)
: يقال: إن الزَّيت رَشَح للنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك الحجر الذي هنالك
(6)
.
أُحُد
- بضمتين-: جبل نورانيٌّ، على ثلاثة أميال من المدينة
(7)
، سمي به لتوحُّدِه، وانقطاعه عن جبال أُخر هنالك.
قال فيه صلى الله عليه وسلم: «أُحُدٌ جبلٌ يُحبنا ونُحبه»
(8)
قيل: أراد أهله، وهم الأنصار.
(1)
سيأتي التعريف بها في حرف السين.
(2)
الأماكن للحازمي ص 59، و معجم البلدان 1/ 108.
(3)
سيأتي التعريف بها في حرف الزاي.
(4)
أخرج أبو داود، من حديث عمير مولى بني آبي اللحم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريباً من الزوراء قائماً يدعو يستسقي. . . الحديث. سنن أبي داود في الصلاة، باب رفع اليدين في الاستسقاء رقم: 1161، 2/ 131.
(5)
رحلة ابن جبير ص 176، ولم أجده عند غيره، ولا يخفى ما في التعبير بـ (يقال) صيغةِ التمريض والتضعيف، والله أعلم.
(6)
هذا الموضع أصبح في منطقة التوسعة الغربية للمسجد النبوي الشريف، انظر: تاريخ معالم المدينة المنورة مع التعليق عليه ص 104.
(7)
ما سيأتي في هذه المادة نقله المصنف عن السهيلي في الروض الأنف 3/ 158 - 159، بتصرف يسير، ولم يشر إلى ذلك، وما بين المعقوفين استدركته منه.
(8)
من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: أخرجه البخاري: في المغازي-باب (81) - رقم: 4422، 7/ 731، ومسلم: في الحج، باب أحد جبل يحبنا ونحبه رقم: 1392، 2/ 1011.
وقيل: أراد أنه كان يُبَشِّرُهُ إذا رآه عند القدوم من أسفاره بالقرب من أهله ولقائهم، وذلك فعل المحب. وقيل: بل حبُّه حقيقة، وُضِعَ الحُبُّ فيه كما وُضع التسبيحُ في الجبال المُسَبِّحة مع داود عليه السلام
(1)
، والخشيةُ في الحجارة التي قال تعالى فيها:{وإِنَّ مِنْها لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ}
(2)
.
وفي الآثار المسندة أن أُحُداً يوم القيامة عند باب الجنة من داخلها، ويروى أنه رُكنٌ لباب الجنة، كذا في تفسير ابن سَلاَّم
(3)
.
وفي المسند من طريق أبي عَبْسٍ، يرفعه:«أُحد جبل يحبنا ونحبه، وهو على باب [من أبواب] الجنة، وعَيْرٌ يبغضنا ونبغضه، وهو على باب من أبواب النار»
(4)
.
(1)
قال الله تعالى: {وسَخَّرْنا مع داود الجبالَ يُسَبِّحن والطيرَ وكنَّا فاعلين} . سورة (الأنبياء) آية رقم:79. وقال سبحانه: {إنَّا سَخَّرْنا الجبالَ معه يُسَبِّحْن بالعَشِيِّ والإشراق}. سورة (ص) آية رقم: (18).
(2)
سورة (البقرة) آية رقم: 74. قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم 9/ 163: والصحيح أن الحديث على ظاهره، وأن معناه يحبنا هو بنفسه، وقد جعل الله فيه تمييزاً.
(3)
هو يحيى بن سَلاَّم بن أبي ثعلبة، أبو زكريا البصري، نزيل المغرب بإفريقية، الإمام العلامة صاحب التفسير، له اختيار في القراءة من طريق الآثار، وتفسيره ليس لأحد من المتقدمين مثله، ولد سنة 124 هـ، وتوفي سنة 200 هـ. سير أعلام النبلاء 9/ 396، غاية النهاية 2/ 373، وانظر للآثار المشار إليها وغيرها: تاريخ المدينة المنورة لابن شبة، ما جاء في جبل أحد 1/ 79 - 86، ووفاء الوفا الفصل السابع من الباب الخامس 3/ 925 وما بعدها.
(4)
أخرجه البزار-كما في كشف الأستار 2/ 58 (1199) -، والطبراني في (الأوسط) 6/ 396 (6505)، و (الكبير) -كما في مجمع الزوائد 4/ 13 - من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فُديك، عن عثمان بن إسحاق، عن عبد المجيد بن أبي عَبْس، عن أبيه، عن جده أبي عَبْس بن جَبْر، به. وما بين المعقوفين ساقط من الأصل. قال الهيثمي في المجمع 4/ 13: رواه البزار والطبراني في الكبير و الأوسط، وفيه: عبد المجيد بن أبي عبس، ليَّنه أبو حاتم، وفيه من لم أعرفه انتهى. وجبل عير: سيأتي في حرف العين.
ويُقويه قوله صلى الله عليه وسلم: «المرء مع من أحب»
(1)
، مع قوله ?:«يحبنا ونحبه» ، فتناسب بهذه الآثارُ بعضُها بعضاً
(2)
.
وكان صلى الله عليه وسلم يحب [الاسم] الحسن، ولا أحسن من [اسم] مشتق من الأحدية
(3)
.
وقد سمى الله تعالى هذا الجبل بهذا الاسم تقدمة
(4)
لما أراد سبحانه وتعالى
(من) مشاكلة اسمه، بمعنى إذ أهله-وهم الأنصار- نصروا التوحيد، والمتدينين بدين التوحيد، عنده [استقر] حياً وميتاً.
وكان صلى الله عليه وسلم [من عادته] أن يستعمل الوتر
(5)
، ويحبه في شأنه كُلِّه؛ استشعاراً للأحدية، فوافق اسم هذا [الجبل] لأغراضه
(6)
ومقاصده في الأسماء، مع أنه مشتق من الأحد، فحركاته
(7)
الرفع، وذلك يشعر بارتفاع دين الأحد وعُلُوِّ [هِ، فَـ] تَعلَّقَ الحبُّ من النبي صلى الله عليه وسلم به اسماً ومُسمّى، فخُصَّ من بين
(1)
أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب المرء مع من أحب رقم:2640، 4/ 2034 عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله، كيف ترى في رجل أحبَّ قوماً ولَمَّا يَلْحقْ بهم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
الحديث.
(2)
في الروض الأنف 3/ 159: فتناسب هذه الآثار، وشد بعضها بعضاً.
(3)
تحرفت في الأصل إلى: (الآخرة)، والمثبت من الروض الأنف 1/ 159، فالفيروزابادي لخص كلام السهيلي عن أحد، ومنه صححنا معظم العبارات الواردة في هذا المقطع.
(4)
تحرفت في الأصل إلى: (يقال)، والتصويب من الروض الأنف 3/ 159.
(5)
في الأصل: (وإن مسه الربر) وعليها علامة توقف، تدل على أنها في الأصل المنقول عنه كذلك، وما أثبته من المرجع السابق.
(6)
جاء في الأصل بعد كلمة (لأغراضه): (ممن سببه) لكن عليها علامة توقف، ولا وجود لها في (الروض الأنف)، كما أن المعنى لا يستقيم بها، لذا حذفتها.
(7)
في المرجع السابق: (فحركات حروفه).
هذه الجبال بأن يكون معه في الجنة إذا بُسَّتِ الجبالُ بَسّاً
(1)
.
وفي أُحُدٍ قبر هارون أخي موسى عليهما الصلاة السلام، وفيه قُبِضَ
(2)
، وثَمَّ واراه /243 موسى عليه السلام، وكانا قد مَرَّا بأحُدٍ حاجَّيْنِ أو مُعْتَمِرَيْن. رواه الزُّبَير بن بَكَّار، عن النبي صلى الله عليه وسلم مُسْنَداً
(3)
.
وغزْوَةُ أُحُدٍ معروفةٌ، قُتِل فيها حَمْزَةُ عمُّه صلى الله عليه وسلم، وسَبْعُونَ من المسلمين، وكُسِرَتُ رَباعِيَتُه صلى الله عليه وسلم، وشُجَّ وَجْهُه، وكُلِمَتْ شَفَتُه، وكان يَوْمَ بَلاءٍ وتمحيصِ.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خير الجبال أُحُدٌ، والأَشْعَرُ، وَوَرِقَان
(4)
.
قال محمد بن عبد الملك
(5)
:
(1)
في الأصل: (بُسَّت به الجبال بساً) بإقحام (به)، ولا وجود لها في (الروض).
(2)
في الأصل: (قبر)، وهو تكرار مع الجملة الأولى:(وفي أحد قبر هارون)، وما أثبته من (الروض).
(3)
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 7/ 401: وسند الزبير بن بكار في ذلك ضعيف جداً من جهة شيخه محمد بن الحسن بن زَبَالة، ومنقطع أيضاً، وليس بمرفوع. انتهى. قلت: ورواه مسنداً أيضاً ابن النجار في تاريخ المدينة 1/ 85، وفي إسناده راو لم يسم، وروى أبو إسحاق الحربي في المناسك ص 418 بإسناده إلى عبد الله بن جَبْر بن عَتيِك أن قبر هارون النبي في أحد، انتهى. وهذا حديث مقطوع. وقال السمهودي في الوفا 3/ 930: بأحد شعب يعرف بشعب هارون، يزعمون أن قبر هارون عليه السلام في أعلاه، وهو بعيد حساً ومعنى، وليس ثم ما يصلح للحفر وإخراج التراب.
(4)
ذكره ياقوت في معجم البلدان 1/ 198 موقوفاً على أبي هريرة.
…
وذكره مرفوعاً: ياقوت 1/ 109، والسمهودي في وفاء الوفا 3/ 927: الأشعر وورقان سيأتي التعريف بهما.
(5)
قال ابن النديم في الفهرست ص 73: محمد بن عبد الملك الأسدي الفقعسي، راوية بني أسد، وصاحب مآثرها وأخبارها، وكان شاعراً، أدرك المنصور ومن بعده، وعنه أخذ العلماء مآثر بني أسد. . . وله من الكتب المصنفة: كتاب مآثر بني أسد وأشعارها. وترجم له الزركلي في الأعلام 6/ 248، وذكر أن وفاته نحو سنة 210 هـ. وأبياته هذه ذكرها ابن شبة في تاريخ المدينة 1/ 294، وفي سببها قال ياقوت في معجم البلدان مادة (أحد) 1/ 109: ورد محمد بن عبد الملك الفقعسي إلى بغداد، فحَنَّ إلى وطنه، وذكر أُحُداً وغيره من نواحي المدينة، فقال:
…
. وانظر أشعاراً أخرى له في جمهرة نسب قريش وأخبارها للزبير بن بكار رقم (157 - 158 - 276 - 289).
نَفَى النَّوْمَ عني، فالفؤادُ كَئِيبُ،
…
نوائبُ هَمٍّ، ما تزالُ تَنُوبُ
وأَحْراضُ أمْراضٍ ببَغْدادَ جُمِّعتْ
…
عليَّ، وأَنْهارٌ لهُنَّ قَسِيب
(1)
وظلَّتْ دموعُ العَين تَمْري غُروبَهَا
…
من الماء دَرْءَاتٍ لهنَّ شُعوبُ
(2)
وما جَزَعٌ من خشيةِ الموتِ أَخْضَلَتْ
…
دُمُوعٌ
(3)
، ولكن الغَرِيبَ غَرِيبُ
ألا ليتَ شِعري، هل أَبيتَنَّ ليْلةً
…
بسَلْعٍ، ولم تُغْلَقْ عليَّ دُرُوبُ؟
وهل أُحُدٌ بادٍ لَنَا وكأنَّه
…
حِصانٌ أمَامَ المُقْرَباتِ جَنِيبُ؟
يَخُبُّ السَّرابُ الضَّحْلُ بيني وبينه
…
فَيَبْدُو لِعَيْنِي تارَةً ويَغِيبُ
وإنَّ شفَائي نَظْرَة لو نَظَرْتُهَا
…
إلى أُحُدٍ، والحَرَّتَانِ قَرِيبُ
وإني لأرعى النَّجْمَ حتى كأنني
…
على كلِّ نجم في السماءِ رقيبُ
وأشتاق للبرق اليمانيِّ إن بدا
…
وأزداد شوقاً أن تَهُبَّ جَنُوبُ
وعن المطلب بن عبد الله رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل الغار الذي بالجبل
(4)
.
ورُوِّينا من حديث أنس رضي الله عنه، يرفعه: «لما تجلَّى تبارك وتعالى
(1)
وأحراض أمراض قال في القاموس (حرض) ص 639: الحَرَض: الفساد في البدن. وقوله (وأنهار لهن قسيب) أي: (جَرْي، وصوت). المرجع السابق (قسب) ص 124.
(2)
تمري: تمسح، قال في القاموس:(مرى) ص 1334: مَرَى الناقة يَمْريها: مسح ضَرْعَها. ومعنى (من الماء درءات لهن شعوب) أي: جريان مندفع في طرق يسيل فيها. القاموس (درأ) ص 40، شعب ص 101.
(3)
في معجم البلدان 1/ 109: أخضلت دموعي.
(4)
أخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة 1/ 76، ويؤيده ما جاء في التعريف للمطري ص 45: تقول عوام الناس: إن النبي صلى الله عليه وسلم دخله، ولا يصح ذلك، ولم يرد به نقل، فلا يعتمد عليه.
لطور سَيْناءَ تَشظَّى منه شظايا، فَنَزلت بمكة ثلاثة: حراء، وثَبِير، وثور، وبالمدينة
ثلاثة: أُحد، وعَير، ووَرِقان»
(1)
.
الأحزاب،
جمع حِزْب، مسجد الأحزاب
(2)
: من المساجد المعروفة بالمدينة التي بنيت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
(3)
(1)
أخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة 1/ 79، والحربي في المناسك ص 406، والخطيب في تاريخ بغداد 10/ 441، وابن حبان في المجروحين 1/ 211 وقال: موضوع لا أصل له. وابن الجوزي في الموضوعات 1/ 120 - 121 وحكم بوضعه أيضاً، وتعقبه السيوطي في اللآلئ 1/ 24 - 25 بما لا طائل تحته، فانظره في تنزيه الشريعة لابن عراق 1/ 143 - 144، وذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره عند الآية (143) من سورة (الأعراف) 2/ 246، ثم قال: هذا حديث غريب، بل منكر.
(2)
سمي بذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا فيه يوم الخندق على الأحزاب، فقال:«اللهم مُنزل الكتاب، سريع الحساب، اللهم اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم» أخرجه البخاري، من حديث عبدالله بن أبي أوفى في الجهاد والسير، باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة. رقم: 2933، 6/ 124، ويسمى أيضاً: مسجد الفتح، لما أخرج أحمد في (مسنده) 3/ 332 من حديث جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا في مسجد الفتح ثلاثاً: يوم الاثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين، فعُرِف البِشْرُ في وجهه. قال جابر: فلم ينزل بي أمر مهم غليظ إلا توخَّيْتُ تلك الساعة، فأدعو فيها، فأعرف الإجابة. قال الهيثمي في (المجمع) 4/ 12:(رجال أحمد ثقات)، وعزاه للبزار أيضاً. كما يقال لهذا المسجد أيضاً: المسجد الأعلى، وقد ورد هذا في عدة أخبار. تاريخ المدينة لابن شبة 1/ 58 وما بعدها.
(3)
كذا هنا تبعاً لياقوت في معجم البلدان 1/ 111، وتفيد المصادر التي وقفت عليها أن البناء الأول لمسجد الفتح كان على عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله، انظر: التعريف للمطري ص 50 - 51، و تحقيق النصرة للمراغي ص 140، وقال اللواء إبراهيم رفعت باشا في مرآة الحرمين 1/ 416:(وهذا المسجد عمره عمر بن عبد العزيز، وكان رواقاً واحداً ذا أعمدة ثلاث، ولكنه تخرب، فجدده في سنة 575 هـ الأمير سيف الدين الحسين ابن أبي الهيجاء أحد وزراء العبيديين ملوك مصر، وجعله رواقاً واحداً ذا عقود ثلاثة، وقباه قبواً محكماً، وطوله من الشمال إلى الجنوب عشرون ذراعاً تنقص يسيراً، ومن الشرق إلى الغرب سبعة عشر ذراعاً). انتهى. وقد جدد هذا المسجد عام 1270 هـ في عهد السلطان العثماني عبد المجيد الأول، ثم رُمِّمَ ترميماً شاملاً وجُدِّد عام 1411 هـ في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود. انظر (المساجد الأثرية في المدينة النبوية) لمحمد إلياس عبد الغني ص 139 - 140.
والأصل في الأحزاب: كلُّ قوم تشاكلَتْ قلوبُهم وأعمالُهم فهم أحزاب
(1)
.
وقال الزُّبير بن بَكَّار: لما ولي الحسن بن زيد رضي الله عنهما المدينة، منع عبدالله بن مسلم بن جندب الهذلي
(2)
أَن يَؤُمَّ بالناس في مسجد الأحزاب، فقال له: أصلح الله الأمير، لم منعتني مقامي ومقام آبائي وأجدادي قبلي؟! قال: ما منعك منه إلا يوم الأربعاء، يريد قوله
(3)
:
يا لَلرجالِ ليوم الأربعاء، أما
…
ينفك يحدث لي بعد النُّهَى طَرَبا!
244/إذ لا يزال غزالٌ فيه يفتنني
…
يأتي إلي مسجد الأحزاب منتقبا
يُخَبِّرُ النَّاسَ أنَّ الأجرَ هِمَّتُه
…
وما أتى طالباً للأجر محتسبا
لو كان يَطلُبُ أجْراً ما أتى ظُهُراً
…
مُضَمَّخاً بِفتيت المِسْك مُخْتَضِبا
(4)
فإنَّ فيه لمنْ يَبْغِي فواضِلَهُ
…
فَضْلاً، وللطالبِ المُرْتَادِ مُطَّلَبا
كم حُرَّةٍ دُرَّةٍ قد كُنْتُ آلَفُها
…
تَسُدُّ مِنْ دونِها الأبوابَ والحُجُبَا
قد سَاغَ فيه لَها مَشي النَّهَارِ كما
…
سَاغ الشَّرَابُ [لِعطْشَان] إذا شرِبا
(5)
(1)
معجم البلدان 1/ 111.
(2)
هو عبد الله بن مسلم بن جندب الهذلي المدني المقرئ، روى عن أبيه، وعيسى بن طلحة ابن عبيد الله. وروى عنه محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، وغيره. وروى له الترمذي حديثاً واحداً. تهذيب الكمال 16/ 128 (3565)، التحفة اللطيفة 2/ 417 (2263).
(3)
قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم المطابة 12): (نسب صاحب كتاب (منازل الأحباب) إنشاد الأبيات الأربعة لعتبة بن الحباب بن المنذر بن الجموح، ولعل نسبتها لعبد الله بن مسلم أصح، أو أن عتبة أنشدها).
(4)
جاء بعد هذا البيت في (معجم البلدان):
لكنه شاقه أن قيل: ذا رجَبٌ
…
ياليت عِدَّة حولي كله رجبا
(5)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والاستدراك من معجم البلدان 1/ 111.
اخرُجْنَ فيه، ولا تَرهْبنَ، ذا كذب
…
قد أبْطَلَ الله فيهِ قوْلَ من كذبا
أخزَم،
(1)
-بزِنَةِ أحْمَد-: اسمُ جبل بقرب المدينة، بين ناحية مَلَلٍ والرَّوْحَاءِ
(2)
، له ذِكْرٌ في الأخبار، قال إبراهيم بن هَرْمَة:
ألَا مَا لِرَسْم الدارِ لا يَتَكلَّمُ
…
وقد عاجَ أصْحَابي عليه فسَلَّموا؟
بأخْزمَ أو بِالمُنْحَنى من سُوَيْقَةٍ
…
ألا رُبمَّا أهْدَى لك الشَّوقَ أخزَمُ
وَغيَّرها العَصْرانِ، حتى كأنَّها
…
على قِدَمِ الأيَّامِ بُرْدٌ مُسَهَّمُ
والأخزَمُ في كلام العربَ: الحيَّةُ الذَّكرُ.
وأخزم أيضاً: جبل نجدي
(3)
.
أَذْبَل
- مِثالُ أحمد، والذَّال معجمة-: أُطُمٌ من آطامِ المدينة ابتناه سالم وغَنْم ابنا عوف بن عَمرو بن عوفٍ عند الأراكة التي كانت لبني سالم بن مالك بن سالم
(4)
.
أُرابن
- بالضم، وبعد الألف موحدةٌ مكسورة، ثم نون-: اسم منزل على قُفِّ مبرك
(5)
، ينحدر من جبل جهينة
(6)
على مضيق الصفراء
(7)
قرب
(1)
قال السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1123: (يعرف اليوم بخزيم).
(2)
سيأتي التعريف بملل والروحاء، وانظر حرف الميم والراء.
(3)
معجم البلدان 1/ 121.
(4)
قال السمهودي في وفاء الوفا 1/ 199 - 200: (نزل سالم وغَنْم ابنا عوف بن عمرو بن عوف ابن الخزرج الأكبر الدار التي يقال لها: دار بني سالم، على طرف الحرة الغربية، غربي الوادي الذي به مسجد الجمعة ببطن رانوناء، وابتنوا آطاماً. . . والدار المعروفة بهم بين قباء وبين دار بني الحارث ابن الخزرج التي شرقي وادي بُطحان وصُعيب).
(5)
قُفّ مبرك) كذا في الأصل، وفي وفاء الوفا 4/ 1123:(قفا مبرك)، وفي معجم البلدان 1/ 134:(نقا مبرك).
(6)
رجح السمهودي أن المراد بجبل جهينة أحد الجبلين اللذين في غربي مسجد الفتح. وفاء الوفا 2/ 763، تاريخ المدينة لابن شبة 1/ 266.
(7)
سيأتي التعريف بالصفراء في حرف الصاد.
المدينة، قال كُثَيِّرٌ
(1)
:
لما وقَفْتُ بِها القَلُوصَ تبادرَتْ
…
حَبَبُ الدُّموع كأنَّهن عَزَالي
(2)
وذكرتُ عَزَّةَ إذ تصاقبَ دارُها
…
بِرُحَيِّبٍ، فأُرَابنٍ، فنُخَالِ
(3)
أرثد
(4)
-بزنة أحمد، بالراء والمثلثة والدال المهملة-: اسم وادٍ قرب المدينة، وهو وادي الأبواء
(5)
.
وفي قصةٍ لمعاوية رواها جابر رضي الله عنه في يوم بدر، قال: فأين مَقِيلك؟ قال: بالهضبات من أرثد
(6)
. قال كُثَيِّر
(7)
:
وإن شفائي نظرة إن نظرتُها
…
إلى ثافِلٍ يوماً وخلفي شنائِكُ
(8)
وأن تَبْرُزَ الخيمات من بطن أرثدٍ
…
لنا وجبالُ المَرْخَتَينِ الدّكادِكُ
(9)
(1)
ديوانه ص 285.
(2)
القَلُوص من الإبل: الشابة، وقيل غير ذلك. و (عزالي) جمع: العَزْلاء، وهي:(مَصَبُّ الماء من الراوية ونحوها). القاموس (قلص) ص 628، و (عزل)1031.
(3)
تصاقب دارها أي: دنَتْ. القاموس (صقب) ص 105. ورُحَيِّب ونُخال: موضعان سيعرّف بهما المصنف.
(4)
كذا هنا، ومثله في معجم ما استعجم 1/ 136، الأماكن للحازمي 1/ 69، معجم البلدان 1/ 142، وفاء الوفا 4/ 1124، وغيرها، وقال عرّام بن الأصبغ في (رسالته) ص 401:(يرثد) بالياء المثناة التحتية في أوله بدل الهمزة، وهو ظاهر صنيع المصنف في القاموس (رثد) ص 282 حيث قال:(وكيمنع: واد) وكرره ياقوت في حرف الياء (يرثد) وهماً، أو ظناً منه أنهما اثنان.
(5)
تقدم التعريف بالأبواء أوائل هذا الحرف.
(6)
معجم البلدان 1/ 142.
(7)
ديوان كثيّر ص 348، معجم البلدان 1/ 142.
(8)
ثافل: هما ثافلان: ثافل الأكبر، وثافل الأصغر، والمقصود هنا: الأكبر، قال عرام في (رسالته) ص 401:(وفي ثافل الأكبر عدة آبار في بطن واد يقال له: يرثد. . .) وقال في (شنائك) ص 412: أجبال ثلاثة صغار منفردات من الجبال يقال لهن: شنائك، وهي لخزاعة.
(9)
وجبال المرختين: قال ياقوت: (المرختان: تثنية المرخة-بالخاء المعجمة-وهي واحدة المَرْخ، شجر كثير النار) ثم ذكر المرختين: المرخة القصوى اليمانية، و المرخة الشامية.
و (الدكادك) جمع: الدَّكْدَك، والدكداك، وهو: ما تكبَّس من الرمل واستوى، أو: ما التبد منه بالأرض، أو: هي أرض فيها غلظ، ويقال في جمعها أيضاً: دكاديك. القاموس (دكك) ص 939.
وقال آخر
(1)
:
/245 ألم تسأل الخيماتِ من بطن أرثد
…
إلى النَّخل من وَدَّانَ
(2)
ما فعلَتْ نُعْمُ؟
تُشوّقني بالعَرْج منها منازلٌ
…
وبالخَيْف من أعلى منازلها رَسْمُ
(3)
فإن يكُ حربٌ بين قومي وقومها
…
فإني لها في كل ثائرة سِلْمُ
أُسائِلُ عنها كلَّ رَكْبٍ لَقِيتُه
…
ومالي بها من بعد مكنتنا عِلْمُ
أرْجام:
جَبلٌ قرب المدينة
(4)
.
الأرْحضيَّةُ - بالضاد المعجمة والياء المشددة، والحاء المهملة-: موضع قرب أُبْلى وبئر مَعُونة
(5)
.
…
(6)
. . ابن صخر التي صارت لإسماعيل بن عطية بن أنيس كان لحسين بن
(1)
هو نُصَيب، صرَّح باسمه الحربي في المناسك ص 455، والبكري في معجم ما استعجم 1/ 136،2/ 1374، ثم نقل البكري في الموضع الثاني عن إسحاق الموصلي أن هذا الشعر إنما هو لعبد الله أبي شجرة السلمي، يشبب برملة بنت الزبير بن العوام، وفيه زيادة.
(2)
سيأتي التعريف بودان في حرف الواو.
(3)
العَرْج) سيأتي في حرف العين. و (الخيف): (ما انحدر عن غلظ الجبل، وارتفع عن مسيل الماء، وكل هبوط وارتقاء في سفح جبل). القاموس (خيف) ص 809.
(4)
كذا هنا، ومثله عند السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1124، وذكر هذا الموضع ياقوت في معجم البلدان 1/ 142، والمصنف في القاموس (رجم) ص 1111 واقتصرا على قولهما:(جبل)، ولم يذكرا قربه من المدينة، زاد ياقوت: قال جبيهاء الأشجعي:
إن المدينة لا مدينة، فالزمي
…
أرض الستار وقُنَّة الأرجام
…
قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 14): (والبيت لا يدل على أنه قرب المدينة).
(5)
معجم البلدان 1/ 144 وتتمته: (بين مكة والمدينة).
(6)
كذا في الأصل، ولا ريب أن في بداية الجملة سقطاً، وكأن الكلام في وصف أحد آطام بني عبيد بن عدي بن غَنْم، وانظر ما سيرد بعد قليل في (الأشنف).
صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد.
أعمادُ:
أربعة آطامٍ بالمدينة فيما بين المذاد والدُّويخل
(1)
، منها أطمان في المزرعة التي صارت لعبد الله بن كثير بن أبي قطيمة، وهذه الأعماد بعضها لبني حرام، وبعضها لبني عُبيد، ولا يُدْرَى أَمِنْها أُطُمُ عمرو بن حرام، وأطم ثعلبة، أم لا؟
(2)
.
أَرْوَى
- مثل: سَلْمى-: اسمُ ماءٍ لِفَزارة بقرب العقيق، عند الحاجر
(3)
، يسمى: مثلَّثة أَرْوَى، وفيه يقول شاعرهم:
وإنَّ بأَرْوَى مَعْدِناً لو حفرتَهُ
…
لأصبحتَ غُنْياناً كثيرَ الدَّراهم
وهو في الأصل: جمع أُرْوِيَّة
(4)
لأنثى الوُعول، وهو أفعولة، إلا أنَّهم قلبوا الواو الثانية ياء، وأدغموها في التي بعدها، وكسروا الأولى لتسلم الياء، وثلاثُ أَراوِيّ، فإذا كثرت فهي: الأَرْوَى، على أَفعْلَ، بغير قياس، وبه سميت المرأة
(5)
.
وأروى أيضاً: قرية بمرو، منها: أبو العباس أحمد بن محمد بن عميرة الأَرْوَاوِيُّ
(6)
.
(1)
المذاد) سيأتي في حرف الميم. و (الدويخل): أحد الجبلين الصغيرين غربي وادي بُطْحان ومساجد الفتح. كما في وفاء الوفا 4/ 1214.
(2)
انظر كلاماً مفصلاً حول هذه الآطام ص 176.
(3)
سيأتي في حرف الحاء.
(4)
أو: اسم جمع، كما في القاموس (روى) ص 1290.
(5)
معجم البلدان 1/ 164.
(6)
الأرواوي) كذا في معجم البلدان والقاموس، وجاء في الأنساب للسمعاني 1/ 117، واللباب لابن الأثير 1/ 45، ولب اللباب للسيوطي ص 11: الأَرْوابي: (بفتح الألف، وسكون الراء، وفتح الواو، وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها). وأبو العباس الأروايي المروزي، كان فاضلاً عالماً، رحل إلى العراق والحجاز، وكتب الحديث الكثير، وكان له حظ من الأدب واللغة، من كتبه (السمير والنديم). الأنساب 1/ 117 - 118.
أُرَيْكَةُ
-كجُهينة-: موضع قريب من المدينة غربي حمى ضَرِيَّة
(1)
، وهي أول ما ينزل عليه مُصَدِّقُ المدينة
(2)
.
الأسواف
- بالفتح -: موضع بالمدينة الشريفة، قال في العباب
(3)
، وهو بالسين المهملة.
الأشنَفُ:
أُطُمٌ بالمدينة يواجه مسجد الخَرِبة
(4)
، ابتناه بنو عُبيد بن عَدِي بن
غَنْم، كان للبراء بن معرور بن صخر بن خنساء بن سِنان بن عُبَيد
(5)
.
الأَطْوَلُ:
أُطُم أيضاً من بناء بني عبيد
(6)
: موضعٌ في مسجد الخَرِبة، أو
(1)
سيأتي الكلام عنها مفصلاً في حرف الضاد.
(2)
معجم البلدان 1/ 116، و (مُصَدِّق المدينة: آخذ صدقاتها). القاموس (صدق) ص 900، وهو الموظف المتولي جباية الصدقات من أرباب الأموال.
(3)
العباب (سوف) ص 297، وزاد ياقوت في معجم البلدان 1/ 191:(بناحية البقيع، وهو موضع صدقة زيد بن ثابت، وهو من حرم المدينة. وذكر قبله قولاً آخر، وهو أن (الأسواف) اسم حرم المدينة.
(4)
ذكره السمهودي في وفاء الوفا 3/ 854 - 855 ضمن المساجد التي علمت جهتها ولم تعلم عينها بالمدينة الشريفة، فقال: (مسجد الخربة لبني عبيد من بني سلمة، ومنازلهم كانت عند مسجدهم هذا إلى الجبل الذي يقال له: جبل الدُّويخل، جبل بني عبيد، وذلك قرب منازل بني حرام في المغرب، والقاصد إلى مسجد القبلتين من جهة مساجد الفتح يمر بمنازلهما.
(5)
صحابي جليل، يكنى أبا بشر، وأمه: الرَّباب بنت النعمان بن امرئ القيس، كان كبير الأنصار وسيدهم، وأحد النقباء ليلة العقبة، وأول من استقبل الكعبة بالصلاة إليها، وأول من أوصى بثلث ماله، وأول من بايع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، ومات قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ بشهر، فلما قدم المدينةَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أتى قبره فكبَّر عليه وصلَّى. الاستيعاب بحاشية الإصابة 1/ 136، أسد الغابة 1/ 207، الإصابة 1/ 144.
(6)
جاء بعدها في الأصل كلمة (كان) أو (مكان) ثم ضرب الناسخ عليها لإلغائها، وهذا الأطم والذي قبله تقدم ذكرهما في ص 200، ونحوه عند السمهودي في وفاء الوفا 1/ 202.
عن يسار القبلة شيئاً مما يلي أرض عَقِيل بن النعمان بن جُبير
(1)
.
الأَشْعَرُ:
جبل جهينة ينحدر على ينبع
(2)
.
وقال نصر: الأشعر والأبيض جبلان يشرفان على حنين
(3)
، وتمامه في
وَرِقان
(4)
.
أُفْيعِيَة
-بالضم، ثم الفتح، وكسر العين المهملة-: منهل لسُليم، من أعمال المدينة في الطريق النجدي إلى مكة
(5)
.
أَشاقر:
جبال بين المدينة ومكة، قال جِران العَوْد:
[عُقابٌ عَقَنْباةٌ، تَرى من حِذارها
…
ثعالبَ أهوى، أو أَشَاقر، تَضْبَحُ]
(6)
الأَغْلَبُ - بالغين المعجمة-: أُطُمٌ من آطامِ المدينة، ابتناه بنو سوادِ بن
(1)
لم أقف له على ترجمة، وفي الطبقات الكبرى لابن سعد 8/ 407: النعمان بن جبير بن صخر بن أمية بن خنساء، تزوج سُميكة بنت جبار بن صخر بن أمية بن خنساء، فلعل عقيلاً المذكور ولدهما.
(2)
قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 16): (والأشعر يسمى به جبلان: جبل جهينة: هو عبارة عن سلسلة جبلية مجاورة لينبع النخل من غربيه، وقد وصفه البكري وصفاً كاملاً، نقلاً عن الهجري، وإن لم يصرح بذلك، ولكن هذا يفهم من كلام السمهودي الذي نقل بعض كلام الهجري، والجبل الثاني مشرف على وادي سبوحة، الوادي الواقع بعد قرية الزيمة للمتجه إلى مكة).
(3)
في معجم البلدان 1/ 198: (على سبوحة وحنين).
(4)
أي: تمام الكلام عليه سيأتي في مادة (ورقان) من حرف الواو.
(5)
معجم البلدان 1/ 233، وانظر شرحاً مفصلاً عن (الأفيعية) عند الحربي في المناسك ص 341 وما بعدها، وجاء رسم هذا الموضع عند السمهودي:(الأُفاعية).
(6)
ما بين معقوفتين بياض في الأصل، والمثبت من معجم البلدان 1/ 195. وقوله:(عُقَاب عَقَنْباةٌ) أي: (ذات مخالب حداد). القاموس (عقب) ص 117. والضَّبْح والضُّبَاح: صوت يصدر من أفواه الخيل ليس بصهيل ولا حمحمة. القاموس (ضبح) ص 230.
غَنْم ابن كعب، كان على النهد
(1)
الذي عليه الأحجار التي يستريح عليها السقَّاؤون حين يُفيضون بِزُقاق رُومة إلى بُطْحان
(2)
، كان لعمرو بن عباد بن عمرو بن سواد، أبي أبي اليَسَر
(3)
.
ألاب
- بزنة شراب-: شعبةٌ واسعة قرب المدينة، وهي من ديار مزينة
(4)
.
أَلْهان:
موضع بالمدينة
(5)
، وفسَّره الصاغاني في مجمع البحرين
(6)
.
وأَلْهانُ أيضاً: مِخْلافٌ باليمن
(7)
.
أعظُم
- بضم الظاء المعجمة، جمع عَظْم
(8)
-: جبل كبيرٌ على شمالي
(1)
جاء في القاموس (نهد) ص 323: (النَّهْد: الشيء المرتفع)، وفي وفاء الوفا 1/ 201:(المهد): بالميم، ومن معانيه:(النَّشَزُ من الأرض) كما في القاموس (مهد) ص 320.
(2)
ونحوه في وفاء الوفا 1/ 201.
(3)
اسم أبي اليَسَر: كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن سواد بن غَنْم بن كعب بن سلمة. وقيل: كعب بن عمرو بن غَنْم بن كعب ببن سلمة. وقيل: كعب بن عمرو بن غَنْم بن شداد بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السَّلَمي، صحابي جليل، شهد العقبة وبدراً، ومات بالمدينة سنة خمس وخمسين. الإصابة 4/ 219،221. وأبوه (عمرو) هو صاحب الأُطم المذكور كما قال المصنف.
(4)
قال السمهودي 4/ 1129: هو وادٍ معروف، عده الهجري في أودية الأشعر، وقال: يلتقي مع مضيق الصفراء، أسفل من عين العلا.
(5)
عبارة ياقوت: موضع قرب المدينة كان لبني قريظة. معجم البلدان 1/ 248.
(6)
هو كتاب في اللغة مخطوط، يقع في اثني عشر مجلداً، ذكر الصاغاني فيه أنه جمع بين كتاب (تاج اللغة) و (صحاح العربية) كلاهما للجوهري، وبين كتاب (التكملة والذل والصلة) من تأليفه هو. كشف الظنون 2/ 1599.
(7)
قال ياقوت 1/ 248: (أَلْهان: هو أخو هَمْدان، وسمي باسمه مِخْلاف باليمن). انتهى. والمِخْلاف: الكُورة، كما في (القاموس)(خلف) ص 807، وجاء في (المعجم الوسيط) (خلف) 1/ 252:(وهي كالمديرية والمحافظة بالاصطلاح الحديث).
(8)
كذا هنا، وذكر السمهودي في (الوفا) 4/ 1128 نقلاً عن خط المراغي:(بفتح الهمزة والظاء معاً). أي: أَعْظَم. وقال البكري في معجم ما استعجم 1/ 171، وياقوت في معجم البلدان 1/ 222: أعظام، بوزن: أفعال. وقال فيه بعضهم: عَظَم-بفتحتين- ذكره المراغي في تحقيق النصرة ص 200، والسمهودي في (الوفا)، وتحرف في كتاب المراغي إلى: عظيم. قال السمهودي: -وعَظَم- هو المعروف بين أهل المدينة.
ذات الجيش
(1)
.
وقد جاء في حديث مرفوع: «ما نزلت السماءُ على أعظُم إلا استهلت»
(2)
. ويقال: إن في أعلاه نبياً مدفوناً، أو رجلاً صالحاً.
وهو جبل كبير
(3)
مُسطَّح غير شاهق، وإذا مُطر حصل بعشبه لأهل المدينة رفق كثير
(4)
.
أعْوَص
- بالعين والصاد المهملتين-: موضع بالمدينة، ذكره ياقوت
(5)
.
أعوَاف:
موضع بالمدينة، كان فيه مال لأهل المدينة
(6)
، وله ذكر في الحديث عن عثمان بن كعب قال: طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم سارقاً فهرب منه، فنَكَبَه
(1)
قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 17): (لا يزال معروفاً يشاهده القادم إلى المدينة من طريق مكة على يساره بعيداً، عندما تبدو له المدينة.
(2)
في تحقيق النصرة ص 200، وفاء الوفا 4/ 1128: ما برقت السماء. . . إلى آخره، وليس فيهما أنه حديث مرفوع، بل صرح السمهودي أنه من قول أشياخ محمد بن قليع.
(3)
في الأصل: (لبنى) محرفة، والتصويب من تحقيق النصرة ص 200.
(4)
قال السمهودي 4/ 1128: فقلما أصابنا مطر إلا كان عَظَم أسعد جبالنا به، وأوفرها حظاً.
(5)
معجم البلدان 1/ 223، وفيه:(موضع قرب المدينة، جاء ذكره في المغازي. قال ابن إسحاق: خرج الناس يوم أحد حتى بلغوا المُنَقَّى دون الأعوص، وهي على أميال من المدينة يسيرة). وقال البكري 1/ 173: موضع بشرقي المدينة على بضعة عشر ميلاً منها. وانظر المناسك للحربي ص 524 - 525.
(6)
جاء في تحقيق النصرة ص 188: العواف، ويقال: الأعواف، وهو بالعالية. . . وانظر أيضاً وفاء الوفا 3/ 949،988.
الحجرُ
(1)
الذي وُضِع بين الأعواف صدقةِ النبي صلى الله عليه وسلم والشّطيبة
(2)
. قال ابن عتبة: فوقع السارقُ، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، وبَرَّك صلى الله عليه وسلم في الحَجَر ومسَّه ودعا له، فهو الحجر الذي بين الأعواف والشَّطيبة
(3)
.
إِضَم
- بكسر وفتح المعجمة-: اسم الوادي الذي فيه المدينة
(4)
.
أَمَج - بالجيم، وفتح أوله وثانيه-: من أعراض المدينة
(5)
، منها حُمَيد الأَمَجي
(6)
الذي يقول:
شربت المُدَامَ، فلم أُقلعِ
…
وعُوتبت فيها فلم أسمعِ
حُمَيدُ الذي أَمَجٌ دارُه
…
أخو الخمر، ذو الشيبة الأَصْلَعِ
(7)
(1)
نكبه: أصابه. القاموس (نكب) ص 140.
(2)
سيأتي التعريف بها في حرف الشين.
(3)
هذا الخبر ذكره السمهودي في (وفاء الوفا) 3/ 949 من رواية ابن زبالة، قال الحافظ ابن حجر في التقريب (5815):(محمد بن الحسن بن زبالة. . . كذبوه).
(4)
قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 18): والصواب: الذي تجتمع فيه أودية المدينة، وانظر تعريفه في وفاء الوفا 4/ 1127 وقد نبه السمهودي على ما في عبارة المصنف من الإبهام مع أنه في القاموس قال ما هو الصواب. القاموس ص 1076، معجم البلدان 1/ 214، وفيه: ويسمى من عند المدينة: القناة، ومن أعلى منها عند السد يسمى: الشظاة، ومن عند الشظاة إلى أسفل يسمى: إضماً إلى البحر.
(5)
كذا قال المصنف تبعاً لياقوت 1/ 249، لكن في المناسك للحربي ص 461 - 463 ما يفيد أن أمج بجهة مكة، عند الكديد وعسفان وخليص، وقال السمهودي 4/ 1130:(ذكر الأسدي أن أمج بعد خليص بجهة مكة بميلين). وبناءً على هذا فأمج من أعراض مكة لا المدينة. قال الحربي في المناسك ص 461: (وبأمج نحو من عشرين بئراً يزرع عليها، وهي لخزاعة، وفيه جماعة منها، وأمج كثيرة المزارع والنخل).
(6)
ورد على عمر بن عبد العزيز. انظر طرفاً من أخباره في معجم ما استعجم (أمج) 1/ 190 - 192، وفاء الوفا 4/ 1130.
(7)
الأصلع كذا بالجر للإتباع، والخمر تحرفت في الأصل إلى:(الحمى)، والتصويب من معجم البلدان 1/ 249، 250.
/247 علاه المشيبُ على حُبِّها
…
وكان كريماً، فلم يَنْزَعِ
وقال جعفر بن الزبير بن العَوَّام
(1)
، وقيل: عبيد الله بن [قيس
(2)
] الرقيات:
هل بادّكار الحبيب من حَرَج
…
أم هل لهمِّ الفؤاد من فَرَجِ؟
ولست أنسى مسيَرنا ظهراً
…
حين حلَلْنا بالسَّفْح من أَمَجِ
حين يقول الرسولُ: قد أَذِنَتْ
…
فَأْتِ على غير رِقْبةٍ، فَلِجِ
(3)
أقبلتُ أسعى إلى رحالهم
…
لنفحةٍ نحوَ ريحها الأَرِجِ
(4)
وقال أبو المنذر هشام بن محمد
(5)
: أمج، وغُرَان
(6)
، واديان يأخذان من حرَّة بني سُليم، ويفرغان في البحر
(7)
.
قال الوليد بن العباس القرشي: خرجت من مكة في طلب عبد لي أَبَق، فسرت سيراً شديداً حتى وردت أمج في اليوم الثالث غدوة فتعبت، فحططت
(1)
هو جعفر بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشي الأسدي، ولد بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بمدة، وهو أصغر من أخيه عروة، وكان قد كبر، وبقي حتى مات في آخر خلافة سليمان بن عبدالملك. الطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 184، الإصابة 1/ 268 في القسم الرابع فيمن ذكر من الصحابة غلطاً.
(2)
في الأصل: (العوام)، وهو خطأ، وابن قيس الرقيات تقدمت ترجمته قريباً.
(3)
الفَلْج: الظفر والفوز. القاموس (فلج) ص 202. وقوله (على غير رِقْبة أي: انتظار).
(4)
الأبيات في معجم ما استعجم 1/ 192، معجم البلدان 1/ 249.
(5)
هو هشام بن محمد بن السائب بن بشر، أبو المنذر الكلبي الكوفي الشيعي، العلامة الأخباري النسابة، عده الحفاظ من المتروكين كأبيه، وتصانيفه جمة، منها: الجمهرة في النسب، حلف الفضول، ملوك كندة، الكنى، ملوك الطائف، وغيرها. يقال: بلغت تصانيفه مئة وخمسين، قال الذهبي: كان أبوه مفسراً، ولكنه لا يوثق به أيضاً، وفيه رفض كابنه. توفي صاحب الترجمة على الصحيح سنة 204 هـ. تاريخ بغداد 14/ 45 - 46، سير أعلام النبلاء 10/ 101 - 103.
(6)
سيأتي التعريف بـ (غران) في حرف الغين.
(7)
معجم البلدان 1/ 250.
رَحْلي، واستلقيت على ظهري، واندفعت أُغَنِّي:
يا من على الأرض من غادٍ ومُدَّلِجِ
…
أَقْري السلامَ على الأبيات من أَمَج
أقري السلامَ على ظَبْيٍ كَلِفْتُ به
…
فيها أغنَّ غضيضِ الطَّرْف من دَعَجِ
من لا يُبلِّغُه عني تحيتَه
…
ذاق الحِمامَ وعاش الدّهر في حَرَجِ
قال: فلم أدر إلا وشيخ كبير [يتوكأ] على عصا يَهْدِجُ
(1)
إليَّ، فقال: يا فتى،
أنشدك [الله] إلا رددت إلي الشعر! فقلت: بلحنه؟ فقال: بلحنه. ففعلت، فجعل يتطرب، فلما فرغت قال: أتدري من القائل لهذا الشعر؟. قلت: لا. قال: أنا والله قائله منذ ثمانين سنة، وإذا الشيخُ من أهل أَمَج
(2)
.
الأنعَم
- بفتح العين- جبل ببطن عاقل
(3)
، بين اليمامة والمدينة عند مَنْعِج
(4)
وخزاز
(5)
.
وهو الجبل الذي بَنَى عليه المُزني وجابر بن علي الرَّبَعي
(6)
، وفيه يقول الشاعر:
لِمنِ الديارُ غَشِيتُها بالأنعَمِ
…
درَسَتْ، وعهدُ جديدها لم يَقْدُمِ
(7)
(1)
الهَدَجان والهُدَاج: مِشْية الشيخ. القاموس (هدج) ص 210.
(2)
معجم البلدان 1/ 250، وما بين المعقوفين سقط من الأصل، واستدركته منه.
(3)
قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 19): (بطن عاقل: وادٍ بقرب بلدة الرس في القصيم، من روافد وادي الرمة، وفيه مزارع لأهل الرس، ولا يزال معروفاً باسم: العاقلي).
(4)
سيأتي التعريف به في حرف الميم.
(5)
قال الحازمي: (الزاي الأولى مخففة، جبل بين منعج وعاق، بإزاء حمى ضَرِيَّة). الأماكن 1/ 400.
(6)
تعقبه السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1132 بأن الجبل الذي بنى عليه المزني وجابر بن علي الرَّبعي إنما هو: الأَنْعُم-بضم العين- جبل بالمدينة، وسيأتي عقب هذا. قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 20):(والجبل الذي ببطن عاقل قرب حمى ضرية-أي: في نجد- بعيد عن المدينة مسافات شاسعة).
(7)
البيت في معجم ما استعجم 1/ 200، ونسبه لبشر بن أبي خازم. وجاء عجز البيت فيه:(تبدو معالمها كلون الأرقم).
وعن عبد الله بن البُولا
(1)
قال: إن أربعة رَهْطٍ من المهاجرين الأولين كلهم يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الجبل الأحمر الذي بين المنارتين-واسم الجبل: الأنعم- فإذا بشاة ميتة قد أنتنت، فأمسكوا على آنافهم، فقال صلى الله عليه وسلم:«ما ترون كرامة هذه الشاة على أهلها؟» قالوا: ما تكرم هذه على أحد. فقال صلى الله عليه وسلم: «الدنيا أهون على الله تعالى من هذه على أهلها»
(2)
.
وهناك جبل آخر قريب منه يقال له: الأنعمان
(3)
.
الأَنْعُم
-بضم العين -: موضع بالعالية.
وقال نصر: هو جبل بالمدينة عليه بعض بيوتها.
/248 جَرِير:
حيِّ الديارَ بعاقلٍ فالأنعُم
(4)
…
كالوحي في رَقِّ الزَّبُورِ المُعْجَمِ
(1)
البولا) كذا في الأصل بأل في أوله والباء غير منقوطة، وقد ترجم له البخاري في التاريخ الكبير 5/ 50 (108) فقال:(عبد الله بن بولى. . . ويقال: ابن تولى). وذكره ثانية 5/ 57 (130) فقال: (عبد الله بن تولى. . . ويقال: ابن بولى). وقال ابن ماكولا في الإكمال 1/ 370: وكأن الأشبه بباء معجمة بواحدة. وهو بضم أوله على الوجهين. توضيح المشتبه لابن ناصر الدين 1/ 666. وعبد الله بن بُولا: تابعي، روى عن عمر وعثمان وغيرهما، وروى عنه: أبو حازم سلمة بن دينار، وعبد الرحمن بن إسحاق المدني.
(2)
الحديث من رواية ابن زبالة كما في وفاء الوفا 3/ 878، لكن روي من طرق أخرى.
…
وقد نبه السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1132 على وهم المصنف في ذكر هذا الحديث في (الأنعم) الذي يبطن عاقل، وحقُّه في (الأنعم) الآتي موضع بالعالية.
(3)
معجم البلدان 1/ 271.
(4)
اقتصر السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1132 على نقل هذا الشطر، ثم قال:(كذا قال المجد-يعني المصنف-، والصواب أن الذي عناه جرير جبل ببطن عاقل، قرب حمى ضرية). انتهى. وهو الأَنْعم بفتح العين، المتقدم قبل هذا، والمصنف لهذا الوهم ناقل لا قائل، انظر معجم البلدان 1/ 271.
طَللٌ تجر به الرياحُ سوافياً
(1)
…
والمُدْجِنات من الشمال المرزم
(2)
ذو أَوان - بفتح الهمزة، بلفظ الأوان: الحين- موضع بطريق الشام، بينه وبين المدينة ساعة من نهار، نزله النبي صلى الله عليه وسلم في مصدره من غزوة تبوك
(3)
.
إِهاب
-ككتاب-: موضع قرب المدينة، ذكره في خبر الدجال في صحيح مسلم
(4)
قال: بينهما كذا وكذا، يعني: من المدينة
(5)
. كذا جاءت الرواية فيه عن مسلم على الشك: (أو: يِهاب) بكسر الياء عند الشيوخ كافة
(6)
، وبعض الرواة قال:(نهاب) بالنون
(7)
، ولا يعرف هذا الحرف في غير هذا الحديث.
أَيْد:
بلفظ الأَيْد للقوة والاشتداد، من قولهم: آدَ يَئِيدُ أَيْداً، إذا اشتد
(1)
سفت الريحُ الترابَ تَسْفِيه: ذرَتْه أو حملَتْه. القاموس (سفى) ص 1295.
(2)
أرزم الرعد: اشتد صوته. . . وأرزمت الريح في الجوف: صاتت. المرجع السابق (رزم) ص 1113.
(3)
معجم البلدان 1/ 275، وانظر خبر نزوله صلى الله عليه وسلم بذي أوان في (المغازي) للواقدي 3/ 1045 وما بعدها.
(4)
مسلم: في الفتن وأشراط الساعة، باب في سكنى المدينة وعمارتها قبل الساعة، رقم: 2903، 4/ 2228 من طريق زهير، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تبلغ المساكن إهاب أو يهاب» . قال زهير: قلت لسهيل: فكم ذلك من المدينة؟ قال: كذا وكذا ميلاً.
(5)
يريد جواب سهيل لزهير، وقد تقدم في التعليق السابق.
(6)
كذا قال المصنف تبعاً لياقوت، وقال الإمام النووي في (شرح صحيح مسلم) 18/ 30: أما (إهاب) فبكسر الهمزة، وأما (يهاب) فبياء مثناة تحت مفتوحة ومكسورة.
(7)
حكاه القاضي عياض في (إكمال المُعلم) 8/ 446 عن ابن عيسى أحد رواة صحيح مسلم، لكن قال الإمام النووي في (شرحه) 18/ 31:(والمشهور الأول)، يعني: إهاب.
وقوي
(1)
. قال الصَّغَاني في (العباب)
(2)
: الأيد: اسم موضع على مقربة من المدينة الشريفة
(3)
.
(1)
القاموس (أيد) ص 266.
(2)
ليس في القسم المطبوع منه.
(3)
جاء في معجم ما استعجم 1/ 214: (أيد: وادٍ في بلاد مزينة). وفي معجم البلدان 1/ 288: (موضع في بلاد مزينة). قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 21): (ومعروف أن بلادهم بقرب المدينة).
باب الباء
بئر أَرْما
-بفتح الهمزة، وسكون الراء، وميمٍ بعده ألف مقصورة- وهي: بئر على ثلاثة أميال من المدينة، عندها كانت غزوة ذاتِ الرِّقاع
(1)
.
بئرُ أرِيس
-بفتح الهمزة، و [كسر]
(2)
الراء، وسكون المثناة تحت، آخره سين مهملة-: بئرٌ أمام مسجد قباء على غربيه، في حديقة الأشراف الكبراء من بني الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، نسبت إلى رجل من اليهود كان يقال له: أريس، وعليها كان مالٌ لعثمان بن عفان رضي الله عنه.
وفيها سقط خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من يد عثمان بن عفان رضي الله عنه في السنة السادسة من خلافته، واجتهد ثلاثة أيام في استخراجه بكل ما وَجَد سبيلاً، فلم يوجد إلى هذه الغاية
(3)
.
وقيل: سقط من يد معيقيب
(4)
، والصواب الأول، وإن صح هذا فوجه
(1)
كذا هنا، ومثله في معجم البلدان 1/ 298، ومن قبلهما نقل البيهقي في دلائل النبوة 3/ 371 عن الواقدي قوله:(وذات الرقاع قريبة من النخيل بين السَّعد والشُّقْرة وبئر أرما، على ثلاثة أميال من المدينة، وهي بئر جاهلية). انتهى، ولم يرتضه السمهودي في الوفا 4/ 1319 وقال:(صوابه ثلاثة أيام؛ لقوله: بين السعد والشقرة)، وقال أيضاً في (السَّعْد) 4/ 1233:(وبه يعلم خطأ من قال: إنه على ثلاثة أميال من المدينة).
(2)
تحرف في الأصل إلى: (سكون)، والتصويب من معجم البلدان 1/ 298.
(3)
الطبقات الكبرى لابن سعد 1/ 476 - 477، صحيح البخاري في اللباس، باب خاتم الفضة، رقم: 5866، 10/ 330 - 331، صحيح مسلم في اللباس والزينة، باب لبس النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من ورق، رقم: 2091، 3/ 1656.
(4)
نَصُّ حديث ابن عمر رضي الله عنهما: وهو الذي سقط من مُعَيقيب في بئر أريس أخرجه مسلم في: اللباس والزينة، باب لبس النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من ورق، رقم: 2091، 3/ 1656.
…
ومعيقيب-ويقال: مُعَيْقِب- بن أبي فاطمة الدَّوْسي حليف بني أمية، وقيل: حليف بني عبد شمس، أسلم بمكة، وشهد المشاهد، وكان على بيت المال لعمر بن الخطاب، ثم كان على خاتم عثمان، ومات في خلافته، وقيل: عاش إلى ما بعد الأربعين. الاستيعاب بحاشية الإصابة 3/ 476، الإصابة 3/ 451.
الجمع لا يخفى
(1)
.
واستدلوا بعدمه على حادث في الإسلام عظيم، قالوا: ومن ذلك اليوم حصل في خلافته من اختلاف الأمر لفوات بركة الخاتم.
وقالوا: إن عثمان رضي الله عنه لما مال عن سيرة الشيخين أول ما عوقب به ذهابُ خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من يده، وقد كان قبله في يد أبي بكر، ثم في يد عمر رضي الله عنهما، ثم بقي في يد عثمان رضي الله عنه
(2)
.
والأَرِيس في لغة أهل الشام: الفَلاَّح، وهو الأَكَّار، وجمعه: أَرِيسونَ، وأرارِسة، وأرارِسُ
(3)
/249 وهما في الأصل جمعا إِرِّيسٍ كَسِكِّيت مشدَّدة الراء
(4)
.
رُوِّينا في صحيح مسلم
(5)
من حديث سعيد بن المسيب قال: أخبرني أبو
(1)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح 10/ 332: (ذِكْرُ مُعَيْقِيب يدل على أن نسبة سقوطه إلى عثمان نسبة مجازية، أو بالعكس، وأن عثمان طلبه من معيقيب فختم به شيئاً، واستمر في يده وهو مفكر في شيء يعبث به، فسقط في البئر، أو ردَّه إليه، فسقط منه-قال:- والأول هو الموافق لحديث أنس). انتهى. وحديث أنس جاء فيه: (فلما كان عثمان جلس على بئر أريس قال: فأخرج الخاتم، فجعل يعبث به، فسقط). أخرجه البخاري: في اللباس، باب هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر، رقم: 5879، 10/ 341.
(2)
البخاري: في اللباس، باب خاتم الفضة، رقم: 5866، 10/ 330 - 331، ومسلم: في اللباس والزينة، باب لبس النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من ورق، رقم: 2091، 3/ 1656.
(3)
وكذلك (إرِّيسون، وأَرَاريس) كما في القاموس (أرس) ص 530.
(4)
جملة (وهما في الأصل. . .) إلى آخره، جاءت في معجم البلدان 1/ 298 هكذا:(في الأصل جمع إِرّيس-بتشديد الراء-) وهذه أوضح. وفي القاموس (أرس) ص 530: وإِرِّيس (كسِكِّيت: الأمير).
(5)
مسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه 4/ 1868، حديث (29). وأخرجه أيضاً البخاري: في فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لو كنت متخذاً خليلاً» ، رقم: 3674، 7/ 25.
موسى الأشعري رضي الله عنه أنه توضأ في بيته ثم خرج، فقال: لأَلزمَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ولأَكوننَّ معه يومي هذا، فجاء إلى المسجد، فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: خرج وَجَّهَ ها هنا
(1)
. قال: فخرجت على أَثَرِه أسأل عنه صلى الله عليه وسلم، حتى دخل بئر أَرِيس، قال: فجلست عند الباب، وبابها من جريدٍ، حتى قضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حاجتَه وتوضأ، فقمت إليه، فإذا هو قد جلس على بئر أريس، وتوسَّط قُفَّها
(2)
، وكشف عن ساقيه، ودَلاَّهما في البئر، قال: فسلَّمْتُ عليه، ثم انصرفت فجلست عند الباب، فقلت: لأَكونَنَّ بوَّابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم اليوم.
فجاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فدفع البابَ، فقلت: من هذا؟ فقال: أبو بكر. قلت: على رِسْلِك
(3)
، قال: ثم ذهبتُ فقلت: يا رسول الله، هذا أبو بكر يستأذن؟ فقال صلى الله عليه وسلم:«ائذن له، وبشره بالجنة» . قال: فأقبلت حتى قلت لأبي بكر رضي الله عنه: ادخل، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة. قال: فدخل أبو بكر رضي الله عنه، وجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القُفِّ، ودَلَّى رجليه في البئر، كما صنع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وكشف عن ساقَيْه.
ثم رجعتُ فجلستُ، وقد تركتُ أخي يتوضأ ويلحقني، فقلت: إن يُرِدِ اللهُ تعالى بفلانٍ خيراً يَأْتِ به. فإذا إنسانٌ يحرِّك الباب، فقلت: من هذا. فقال: عمر بن الخطاب. فقلت: على رِسْلِكَ، ثم جئتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فسلَّمْتُ عليه،
(1)
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم 15/ 171: (المشهور في الرواية: وَجَّه، بتشديد الجيم، وضبطه بعضهم بإسكانها، وحكى القاضي الوجهين، ونقل الأول عن الجمهور، ورجح الثاني لوجود: خرج، أي: قصد هذه الجهة).
(2)
القُفُّ-بضم القاف-: حافَّة البئر. المرجع السابق.
(3)
على رِسْلِك أي: تمهل وتأنَّ. المرجع السابق.
وقلت: هذا عمرُ يستأذن؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «ائذن له، وبشره بالجنة» . قال: فجئت عمرَ رضي الله عنه فقلت: ادخل، ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة. قال: فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القُفِّ عن يساره، ودَلَّى رجليه في البئر.
ثم رجعتُ فجلستُ، فقلتُ: إِنْ يُرِدِ اللهُ تعالى بفلانٍ خيراً يَأْتِ به- يعني: أخاه-فجاء إنسانٌ فحرَّك البابَ، فقلتُ: من هذا؟ فقال: عثمان بن عفان. فقلت: على رِسْلِكَ. قال: وجئتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه، فقال:«ائذن له، وبشره بالجنة مع بَلْوَى تُصِيبه» . فجئت فقلت: ادخل، ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، مع بلوى تصيبك. قال: فدخل فوجد القُفَّ قد مُلِئَ، فجلس وجاههم من الشق الآخر.
قال شَرِيك: فقال سعيد بن المسيب: فأَوَّلْتُها قبورَهم.
قال ابن النجار
(1)
: ذرعت طولها فكانت أربعة عشر ذراعاً وشبراً، منها ذراعان ونصف ماء، وعرضها خمسة أذرع، وطول قُفِّها الذي جلس / 250 فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه ثلاثةُ أذرع تَشِفُّ كفاً
(2)
.
وهذه
(3)
البئر تحت أُطُمٍ من آطام المدينة، قد خَرِبَت وتَهدَّمت، وبُني بأعلاها سكنٌ لمن يقوم بالحديقة ويخدم مسجد قُباء، وحولها دور الأنصار وآثارهم رضي الله عنهم
(4)
.
قال بعض مشايخ المدينة
(5)
: قد جدَّد الشيخُ صَفِيُّ الدين أبو بكر بن
(1)
الدرة الثمينة لابن النجار ص 77.
(2)
تشف: تزيد أو تنقص، من الأضداد. القاموس (شفف) ص 825. وكأن المراد هنا الزيادة.
(3)
في الأصل: وهذا، وهو خطأ؛ فالبئر مؤنثة لا غير.
(4)
التعريف) للمطري ص 54.
(5)
هو المطري في التعريف ص 54.
أحمد السَّلاَّميُّ
(1)
لها درجاً ينزل إليها منه
(2)
الزوار، وقاصدو الوضوء والشُّرب، وعلى الدرج قبوٌ، وعليها تجاه الداخل لوح مكتوب عليه تاريخ عمارة البئر
(3)
.
وقال آخرون
(4)
: إن الذي أنشأ هذه الدرجة الموجودة اليوم نجم الدين يوسف
الرومي وزير طفيل
(5)
، وكان الجماعة الفقراء الصلحاء الخرازون قد ابتدؤوا في عمارتها، فسألهم أن يتركوا ذلك له ليفوز بثوابِها، وكان الحامل لهم على ذلك أنَّهم كانوا إذا جاؤوا إلى مسجد قُباءَ لا يجدون ماءً للوضوء والشُّرب إلا من الحديقة الجعفرية، فكانوا يتحرجون من دخولها؛ لما كان قد بلغهم أنها مغصوبة من مُلاَّكِها.
والظاهر أن نجم الدين المذكور أنشأ الدَّرج وتشعَّثَتْ، فأصلحها صفيُّ الدين وجدَّدها
(6)
، والله أعلم.
(1)
ترجم له المؤلف في الباب السادس ص 1261.
(2)
في الأصل: (منها)، والتصويب من التعريف.
(3)
وذلك في سنة أربع عشرة وسبع مئة. المرجع السابق.
(4)
هو ابن فرحون في نصيحة المشاور ص 202.
(5)
ترجم المصنف للأمير طفيل ص 1328، وأما نجم الدين سيف الرومي فقد وصفه البدر ابن فرحون بالعقل والسياسة والرئاسة، وقال: كان وزيراً للأمير طفيل، وأرخ وفاته سنة خمس وثلاثين وسبع مئة، وقال:(هو الذي أنشأ الدرجة الموجودة اليوم لبئر أريس بقباء، عمرها في سنة أربع عشرة وسبع مئة). نصيحة المشاور ص 202.
(6)
يخالف السمهودي المؤلف، ويذهب إلى أن صفي الدين بدأ بإنشائها، حيث أمدّ الخرازين بالمال لبنائها، وأن نجم الدين أتم بناءها. يقول في وفاء الوفا 3/ 949: والذي يظهر أن جماعة الخرازين-كما ترجمهم به البدر-كانوا يسعون في عمارة المسجد وغيرها، وكانوا فقراء، فيعينهم الخدم وأهل الخير، وكان صفي الدين له دنيا عظيمة فتخلى عنها، وله معروف، فكأنه هو المُمِدُّ للخرازين بما صرفوا على عمارة الدرج، وكان المَطَري يصحب الجميع، فالظاهر أنه اطلع على ذلك، ثم أتمَّ نجم الدين عمارة تلك الدرجة، والله أعلم.
ومما يُذكر في فضل بئر أَرِيس: ما رُوِّيناه عن زيد بن خارجة أنه عاش بعد الموت، وذكر أموراً، منها مايدل على فضل هذه البئر، وسياق الخبر: ما رَوَى شَرِيك عن إبراهيم بن مُهاجِر، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بَشِير قال: لما توفي زيد بن خارجة انتُظِر به خروجُ عثمان رضي الله عنه، فكشف الثوبَ عن وجهه، فقال: السلام عليكم، السلام عليكم، قال: وأهل البيت [يتكلمون]، وأنا أصلي ركعتين فقلت [وأنا في الصلاة]: سبحان الله [مرتين]
(1)
، فقال: أنصتوا، أنصتوا، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان ذلك في الكتاب الأول، صدق، صدق، صدق أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ضعيفٌ في جسده، قوي في أمر الله، كان ذلك في الكتاب الأول، صدق، صدق، صدق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قوي في جسده، قوي في أمر الله، كان ذلك في الكتاب الأول، صدق، صدق، صدق عثمان بن عفان رضي الله عنه، مضت اثنتان، وبقيَ أربعٌ، وأبيحت الأحماءُ، بئرُ أَرِيس، وما بئر أَرِيس، السلام عليكَ عبدَ الله بن رواحة، هل أحسستَ لي خارجة وسَعْداً؟.
قال شَرِيك: هما أبوه وأخوه.
وقد رويت هذه القصة من وجوه، عن النعمان بن بَشِير وغيرِه رضي الله عنهم، ذكره الذهبي في التذهيب
(2)
.
(1)
تحرفت في الأصل إلى: (ركعتين)، وجاء في مصادر التخريج:(فقلت وأنا في الصلاة: سبحان الله، سبحان الله). كرر التسبيح مرتين.
(2)
هو (تذهيب الكمال في معرفة الرجال) للحافظ الذهبي، أضاف فيه لأصله (تهذيب الكمال) إضافات نفيسة. الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الإسلام للدكتور بشار عواد معروف ص 219 - 221. والحديث الذي عزاه المصنف للذهبي في (التذهيب) ذكره الحافظ المِزِّي في (تهذيب الكمال) ترجمة زيد بن خارجة الأنصاري 10/ 61 - 62 وما بين المعقوفين منه، وللخبر طرق أخرى في معرفة الصحابة للحافظ أبي نعيم، ترجمة خارجةبن زيد 2/ 970 - 971، وقد أشار الإمام ابن الأثير في أسد الغابة ترجمة زيد بن خارجة 2/ 284 إلى هذه القصة وقال: (وأما كلام زيد: فإنه أغمي عليه قبل موته، فظنوه ميتاً، فسَجَّوْا عليه ثوبه، ثم راجعَتْه نفسُه فتكلم بكلام حُفِظ عنه في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ثم مات.
وفي الإحياء
(1)
للغزالي أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَفَل في بئر أريس، ولم أجد ذلك عند غيره
(2)
، والله أعلم.
بئر أَلْيَة - بلفظ ألية الشاة: بئر في حَزْم بني عُوال
(3)
، بينهما وبين المدينة نيف وأربعون ميلاً
(4)
.
/251 وقيل: أَلْيَة وادٍ بفسح الحبابية
(5)
، والفسح وادٍ بجانب عرية، وعرية
(6)
روضة بواد مما كان يحمى للخيول في الجاهلية والإسلام، بأسفلها قَلَهى
(7)
.
(1)
إحياء علوم الدين للغزالي 1/ 260.
(2)
قال الحافظ العراقي في المغني عن حمل الأسفار: حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم تفل في بئر أريس: لم أقف له على أصل، وإنما ورد أنه تفل في بئر البُصَّة، وبئر غرس، انتهى. وقد حدد الأستاذ عبيد الله محمد أمين كردي موقع بئر أريس في تعليقاته على تاريخ معالم المدينة المنورة للخياري ص 181 فقال: وموقعها الآن مقابل الباب الغربي الأوسط لمسجد قباء، على بعد خمسين متراً تقريباً، تحت الرصيف المتوسط بين جانبي خط الإسفلت.
(3)
قاله عرام في رسالته ص 424.
(4)
جاء في معجم البلدان 1/ 248 نقلاً عن نصر: وألية الشاة: ناحية قرب الطَّرَف، وبين الطَّرَف والمدينة نيف وأربعون ميلاً.
(5)
الحبابية) كذا في الأصل، وفي معجم البلدان 1/ 249: الجابية، ولم يذكر في رسم (الجابية) 2/ 91 سوى القرية القريبة من دمشق، وقال في رسم الحُبابية 2/ 210:(اسم لقريتين بمصر)، والموضع المذكور غير هذه.
(6)
عرية، وعرية) كذا في الأصل، وفي معجم البلدان: عرنة، وعرنة. وأراهما تصحيفاً عن: عَرَبِيَّة-بفتح العين والراء، والباء الموحدة، وياء مشددة-أو عُرَيْنَة- كجهينة-: قرى بالمدينة، انظر حرف العين.
(7)
زاد في معجم البلدان 1/ 249: وهي ماء لبني جَذِيمة بن مالك. وقَلَهى: سيعرف بها المصنف في حرف القاف.
بئر إهَاب:
بئر بالحَرَّة
(1)
.
عن محمد بن عبد الرحمن
(2)
، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بئرإهاب بالحَرَّة، وهي يومئذ لسعد بن عثمان
(3)
فوجد [ابنه] عبادة بن سعد
(4)
مربوطاً بين القرنين
(5)
يَفْتِلُ، فانصرف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلم يلبث سعدٌ أن جاء، فقال لابنه: هل جاءك أحد؟ قال: نعم، ووصف له صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحلَّه وقال: الحقه، فخرج عُبادة، حتى لَحِقَ برسول الله صلى الله عليه وسلم [فمسح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على رأس عُبادة، وبَرَّك فيه. قال:] فمات وهو ابن ثمانين [وما شاب]
(6)
، قال: وبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في بئرها.
قال: وقال سعد بن عثمان [لولده]: لو أعلم أنكم لا تبيعونَها لقُبرت فيها، فاشترى نصفها إسماعيل بن الوليد بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة، وابتنى عليها قصره الذي
(7)
بالحرة مقابل حوض ابن هشام،
(1)
قال السمهودي في الوفا 3/ 952: وهي بالحرة الغربية بئر، غير أنها لا تعرف اليوم بهذا الاسم، إلا أن حوض ابن هشام الذي في مقابلتها كان عند فاطمة بنت الحسين التي رجَّح المطري أنها المسماة اليوم بزمزم. انتهى. وبئر إهاب: ورد ذكرها في حديثين تقدما تعليقاً عند (إهاب) في حرف الألف.
(2)
هو محمد بن عبد الرحمن بن سعد، كما في الإصابة ترجمة سعد بن عثمان 2/ 31. وفي الرواة: محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، فإن كان هو ذا فالإسناد منقطع.
(3)
هو سعد بن عثمان بن خلدة بن مخلد الأنصاري الزرقي، أبو عبادة، شهد بدراً، وكان ممن فر يوم أحد. أسد الغابة 2/ 360، الإصابة 2/ 31.
(4)
هو عبادة بن سعد بن عثمان الزرقي، له صحبة، والقصة التي أوردها المصنف تدل على ذلك. الإصابة 2/ 270.
(5)
في القاموس (قرن) ص 1223: القَرْن: المِيلُ على فم البئر للبَكْرة إذا كان من حجارة.
(6)
في الأصل: (ومائتان)، والتصويب من المصادر التي أوردت الخبر.
(7)
في الأصل: (التي).
وابتاع النصفَ الآخر إسماعيلُ بن أيوب بن سلمة بن هشام، وتصدّق بها
(1)
.
بئر أُنا:
بضم الهمزة، وتخفيف النون، كهُنا. وقيل: بالفتح والتشديد، كحَتَّى. وقيل: أَنِّي، بالفتح، وكسر النون المشددة بعده ياء
(2)
.
قال ابن إسحاق
(3)
: لما أتى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة نزل على بئر من آبارها وتلاحق به الناس، وهي بئر أنا
(4)
.
بئر البُصَّة:
بضم الباء، وفتح الصاد المشددة، بعدها هاء، كأنَّها من بَصَّ الماءُ بَصّاً: رشح. وإن رُوي بالتخفيف فمن: وَبَصَ يَبِص وَبْصاً وَبِصَةً، كوَعَد يَعِدُ وَعْداً وعِدَةً، إذا لمع. أو: مِن وَبَّصَ لي بشيء من المال، أي: أعطانيه
(5)
.
وهي بئر قريبة من البقيع، على يسار السالك إلى قباء
(6)
.
(1)
هذا الخبر أورده السمهودي في الوفا 3/ 952 من رواية ابن زبالة، وقد تقدم غير مرة أن الأئمة كذبوه.
(2)
وفي ضبطها وجه رابع: أَبَّى-بفتح الهمزة، وتشديد الباء الموحدة، على وزن: حَتىَّ. ذكره ابن الأثير في النهاية 1/ 20، والمصنف في القاموس (أبي) ص 1257، والصالحي في سبل الهدى والرشاد 5/ 22، وغيرهم.
(3)
نقله ابن هشام في السيرة النبوية 3/ 185.
(4)
قال السمهودي 3/ 952: وهي غير معروفة اليوم.
(5)
على حاشية المخطوط ما نصُّه: (البضة: بالضاد المنقوطة المعجمة). كذا! ولعله زيادة من الناسخ، ولم أجد ما يؤيد هذا الضبط. وجميع المعاني التي أوردها المصنف-على اختلاف اشتقاق الاسم-فإنما هي مع الصاد المهملة. القاموس (بصص) ص 613 و (وبص) ص 634، وقد نصَّ على إهمال الصاد جماعة من المؤلفين، منهم: السيد محمد كبريت في الجواهر الثمينة في محاسن المدينة ص 107، وأحمد ياسين الخياري في تاريخ معالم المدينة المنورة ص 187، والدائر على ألسنة أهل المدينة:(البُوصة)، بإثبات واو بعد الباء المضمومة، وتخفيف الصاد المهملة، كما في كتاب الخياري.
(6)
أقامت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف على أرضها والأرض المجاورة لها (بستان النشير) مبنىً تجارياً وسكنياً.
روى الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي الشهداء وأبناءهم، ويتعاهد عيالاتهم، فجاء يوماً إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:«هل عندك من سِدْرٍ أغسل به رأسي، فإن اليوم الجمعة؟» . قال: نعم، فأخرج له سِدْراً، وخرج معه إلى البُصة فغسل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رأسه، وصبَّ غُسالة رأسه ومُراقة شعره
(1)
في البُصة
(2)
.
وهذه البئر في حديقة كبيرة محوطة، وعندها في الحديقة بئر أخرى صغيرة، واختلفوا أيتهما البُصة، والذي صحَّحه مشايخ المدينة ومؤرخوها أنها الكبرى منهما القبلية
(3)
.
وذكر ابن النجار
(4)
أن عَرْضَها تسعة أذرع، /252 وطولها أحد عشر ذراعاً
(5)
، والصُّغرى: عَرْضُها ستة أذرع، وهي التي تلي أُطُم مالِك بن سِنان والد أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه
(6)
.
وكان الفقيه الصالح العارف أحمد بن موسى بن عُجيل
(7)
وغيْرُه من
(1)
المُرَاقة: ما سقط من الشعر. لسان العرب (مرق) 10/ 341.
(2)
أخرجه ابن النجار في الدرة الثمينة ص 81 من طريق الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن موسى، عن سعيد بن أبي زيد، عن ابن عبد الرحمن، أن أبا سعيد الخدري قال. . . وذكره. ومحمد بن الحسن هو: ابن زَبالة.
(3)
التعريف ص 55، لكن رجح السمهودي أنها الصغرى. وفاء الوفا 2/ 955.
(4)
الدرة الثمينة ص 81.
(5)
تتمة كلام ابن النجار: منها ذراعان ماء. . . وهي مبنية، ولون مائها إذا انفصل منها أبيض وطعمه حلو، إلا أن الأجون غلب عليه، وذكر لي الثقة أن أهل المدينة كانوا يستقون منها قبل أن يطمسها السيل. المصدر السابق.
(6)
راجع ماتقدم في (الأجرد) من حرف الهمزة.
(7)
جاء في أكثر من مصدر: أحمد بن موسى بن علي الحدادي، فاضل، عالم بالفرائض، وفاته سنة 792 هـ، فلعله هو الذي ذكره المصنف. الدرر الكامنة 1/ 322، إنباء الغمر 3/ 37، شذرات الذهب 6/ 322.
صلحاء اليمن، إذا زاروا لا يقصدون إلا الكبرى القِبْليَّة.
والحديقة والبئر وقف على الفقراء الواردين والصادرين للزيارة، وقفها شيخ الخُدَّام بالحضرة الشريفة النبوية عزيزُ الدولة ريحان البدري الشهابي
(1)
، قبل وفاته بعامين أو ثلاثة، في سنة سبع وتسعين وست مئة.
بئر بُضاعة
-بضم الباء الموحدة وبكسرها، وبفتح الضاد المعجمة والعينِ المهملة، بعدها هاء.
وبُضاعة: هي دار بني ساعدة بالمدينة، وبئرها معروفة وراء بيرحا بنحو غَلْوةِ سَهْمٍ سَبْقيٍّ
(2)
. وبيرحا وراء سور المدينة. وهي في جانب حديقة شمالي السور، وغربي بيرحا إلى جهة الشمال، يستقي منها أهل الحديقة، والحديقة في قبلي البئر، ويستقي منها أهل حديقة أخرى شمالي البئر مِلك صاحب المدينة، والبئر وسط بينهما
(3)
، وهي بئر مليحة، طيبة الماء
(4)
، شربت منها
(1)
الشهابي) لم أجده عند غير المصنف، سوى عند الخياري في تاريخ معالم المدينة المنورة ص 188، وكأنه نقلها عن المصنف دون تحقيق. وأما (البدري) فأراها محرفة عن: العزيزي، وعزيز الدولة العزيزي ستأتي ترجمته ص 1351. وأورده السخاوي في التحفة اللطيفة 2/ 72 رقم: 1293 وذكر أن اسمه ريحاناً، وأحال في ترجمته إلى الأنساب والألقاب، وهو من القسم المفقود من الكتاب.
(2)
جاء في القاموس (غلو) ص 1319: غلا السهم: ارتفع في ذهابه، وجاوز المدى، وكل مَرْماة غَلْوة.
(3)
تقع بئر بضاعة شمال المسجد النبوي، وقد أزيلت وتحولت المزرعة التي تقع فيها إلى حي سكني، ثم أزيل الحي مع سائر الأحياء المجاورة مؤخراً، وتم إنشاء وحدات سكنية ضخمة، ضمن مشروع المنطقة المركزية.
(4)
من قوله: وهي في جانب حديقة
…
إلى هنا: نقله المصنف عن التعريف ص 56، دون أدنى إشارة!.
بعد الحلاوة فلم نُطِقْ لها.
وفي هذه البئر-أعني: بئر بُضاعة- أفتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيها بأن الماء طهورٌ، ما لم يتغير
(1)
، وبِها مالٌ لأهل المدينة
(2)
، وفي كتاب البخاري: بُضاعةُ نَخْلٌ بالمدينة
(3)
.
وفي الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بئر بُضاعة فتوضأ من الدلو، وردَّها إلى البئر، وبصق فيها، وشرب من مائها
(4)
.
وكان إذا مرض المريضُ في أيامه يقول: اغسلوني من بئر بُضاعة، فيغسل، فكأنما نَشِط من عِقال.
وقالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: كنا نغسل المرضى من بئر بُضاعة ثلاثة أيام، فيعافون
(5)
.
(1)
سيأتي الحديث بعد قليل.
(2)
مراده بالمال: البستان. قاله الحافظ ابن حجر في الفتح 11/ 34.
(3)
البخاري في الاستئذان، باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال حديث رقم:6248، 11/ 35 عن سَهْل رضي الله عنه قال: كنا نفرح يوم الجمعة. كانت لنا عجوز ترسل إلى بضاعة-نخل بالمدينة-فتأخذ من أصول السِّلْق، فتطرحه في قِدْر، وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا، ونسلم عليها، فتقدمه إلينا، فنفرح من أجله، وما كنا نَقِيل ولا نَتغدَّى إلا بعد الجمعة، انتهى. وقوله (تكركر) أي: تطحن، وجملة (نخل بالمدينة) في تفسير (بضاعة): قال ابن حجر في (الفتح) 11/ 36. (القائل هو عبد الله بن مسلمة شيخ البخاري في هذا الحديث، وهو القعنبي. . . والمراد بالنخل: البستان، ولذلك كان يؤتى منها بالسلق). انتهى. وقد تقدم هذا الحديث عند البخاري، في الجمعة، باب قول الله تعالى:{فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} ، رقم: 938، 2/ 494، وفيه ما يدل على أن هذا البستان كان للمرأة المذكورة.
(4)
سيأتي قريباً تخريج أحاديث بصاقه صلى الله عليه وسلم وشربه من بضاعة.
(5)
هذا الخبر وما قبله لم أقف على سند لهما، وأوردهما السمهودي في (الوفا) 3/ 957 نقلاً عن المصنف.
وروى الزبير بسنده، عن أم محمد بن [أبي] يحيى، قالت: دخلنا على سهل بن سعد في نسوة، فقال: لو أنني سقيتكن من بئر بُضاعة لكرهتن ذلك، وقد -والله- سقيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بيدي منها
(1)
.
وعند أبي داود، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقال له: إنه يُسْتَقى لك من بئر بُضاعة، وهي بئر تلقى فيها لحومُ الكلاب والمحايضُ وعِذَرُ الناس؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الماء طهور لا ينجّسه شيء» ورواه الإمام أحمد، وصحّحه الدارقطني، والنسائي، والترمذي وحسَّنه
(2)
.
وروى الزبير بسنده، أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لبئر بضاعة
(3)
.
ورُوي/253 عن عبد المُهَيْمِنِ بن عباسِ بن سَهْل بن سَعْد، عن أبيه، عن جده. ورُوِي من حديث أبي هُريرة. وسهل بن سعد. وجابر أيضاً رضي الله
(1)
أخرجه ابن شبة 1/ 157، وابن النجار ص 77، والدارقطني في (السنن) 1/ 32 (17) والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 259، وقال: هذا إسناد حسن موصول. وما بين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدركته من مصادر التخريج.
(2)
مسند أحمد 3/ 15 - 16، سنن أبي داود في الطهارة، باب ما جاء في بئر بضاعة، رقم: 67، 1/ 180، سنن الترمذي في أبواب الطهارة، باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء، رقم: 66، 1/ 95، سنن النسائي في المياه، باب ذكر بئر بضاعة، رقم: 326، 1/ 174، سنن الدارقطني 1/ 29 - 32 (10 - 16)، السنن الكبرى للبيهقي 1/ 257 - 258، تاريخ المدينة لابن شبة 1/ 156، وغيرهم. قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال ابن حجر في التلخيص الحبير 1/ 12 - 13: وقد جوّده أبو أسامة، وصححه أحمد ابن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو محمد بن حزم، ونقل ابن الجوزي أن الدارقطني قال: إنه ليس بثابت، ولم نر ذلك في (العلل) له، ولا في (السنن).
(3)
أخرجه ابن النجار في الدرة الثمينة ص 78، وفي إسناده: محمد بن الحسن بن زبالة، وقد تقدم بيان حاله.
عنهم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم «بصق في بئر بُضاعة»
(1)
.
قال الماوردي
(2)
في الحاوي: ومن الدليل على أبي حنيفة
(3)
: ما رواه الشافعيُّ عن إبراهيم بن محمد، عن أيوب، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: إنك تتوضأ من بئر بُضاعة، وهي يُطرح فيها المحايض، ولحوم الكلاب، وما يُنْجِي الناسُ؟ فقال صلى الله عليه وسلم:«الماء لا ينجّسه شيء» . فلم يجعل لاختلاط النجاسة بالماء تأثيراً في نجاسته، وهذا نصٌّ يدفع قول أبي حنيفة.
قلت: ورواه الإمام أحمد، وقال: حديث بئر بُضاعة صحيح
(4)
.
وعند ابن ماجه
(5)
(1)
وقفت على حديثين منها: الأول: حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، أخرجه ابن النجار في الدرة الثمينة ص 78 من طريق محمد بن الحسن، عن عبد المهيمن بن عباس، به. وأخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة 1/ 157 من طريق محمد بن يحيى، عن ابن أبي يحيى، عن يحيى بن عبد الله بن يسار، عن سهل بن سعد، به.
…
والحديث الثاني: عن أبي أُسَيد الساعدي رضي الله عنه، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير رقم:585، 19/ 263، وقال الهيثمي في المجمع 6/ 323: رجاله وثقوا كلهم، وفي بعضهم ضعف.
(2)
هو علي بن محمد بن حبيب، أبو الحسن الماوردي، البصري، الشافعي. ولد سنة 364 هـ، وتوفي سنة 450 هـ. كان فقيهاً أصولياً مفسراً محدثاً أديباً شاعراً، ومن أهم كتبه في الفقه الشافعي: الحاوي الكبير والأحكام السلطانية. سير أعلام النبلاء 18/ 64 - 67، طبقات الشافعية للإسنوي 2/ 206 - 207، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 267 - 285.
(3)
ذهب الحنفية إلى أنه إذا وقع في البئر نجاسة أفسدت ماءها، ووجب نزحها مطلقاً، لافرق بين أن يكون ماؤها قليلاً أو كثيراً. فتح القدير لابن الهمام 1/ 103 وما بعدها.
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
أخرجه ابن ماجه، في الطهارة وسننها، باب الحياض، رقم: 521، 1/ 174 عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الماء لا ينجسه شيء
…
» الحديث.
فيحمل المطلق على المُقَيَّد به، انتهى.
اعترضوا على هذا الحديث بأمرين:
أحدهما: أن بئر بُضاعة عين جارية إلى بساتين، يُشرب منها، والماء الجاري لا تثبت فيه نجاسة.
والجواب عنه: أن بئر بُضاعة أشهر حالاً من أن يعترضوا عليها بهذا الباطل، وفي العيان ما يُغني عن البيان، قال أبو داود في سننه
(1)
: قدَّرْتُ بئر بُضاعة بردائي، مددته عليها، ثم ذرعته، فإذا عرضه ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي البستان، وأدخلني إليها: هل غُيِّر بناؤها عمَّا كانت عليه؟ فقال: لا. ورأيت فيها ماءً متغير اللَّون.
ومعلوم أن الماء الجاري لا يبقى متغير اللون.
قال أبو داود
(2)
: وسمعت قتيبة بن سعيد يقول: سألت قَيِّمَ بئر بضاعة عن عمقها؟ فقال: أكثر ما يكون الماء فيها إلى العانة. قلت: إذا نقص؟ قال: دون العورة.
قال مؤلف هذا الكتاب: وأنا ذرعتها بيدي فوجدت قريباً من ذلك، طول البئر إحدى عشر ذراعاً بذراع اليد، وعمقها نحو ذراع وثلثي ذراع.
الأمر الثاني: إن قالوا: لا يجوز أن يضاف إلى الصحابة رضي الله عنهم أن يلقوا في بئر ماء يتوضأ فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المحايضَ، ولحوم الكلاب، بل ذلك مستحيل عليهم، وهم بصيانة وَضُوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى، فدل على ضعف هذا الحديث.
(1)
أخرجه أبو داود، في الطهارة، باب ما جاء في بئر بضاعة، رقم:67، 1/ 180.
(2)
المرجع السابق.
والجوابُ عنه: أن الصحابة رضي الله عنهم لا يصح إضافة ذلك إليهم، ولا رُوِّينا أَنَّهم فعلوا ذلك، وإنَّما كانت بئر بضاعة قرب مواضع الجِيَفِ والأنجاس، وكانت تحت الريح، وكانت الريح تُلْقي ذلك فيها.
ثم الدليل عليه من طريق المعنى: أنه ماء كثير، فوجب أن لا ينجس /254 بوقوع نجاسة لا تغيره، قياساً على البعرة، انتهى كلام الماوردي.
وإنَّما أثبت هذا الفصل هنا لأن كتابتي لهذا المحل وافقَتْ يوماً قصَدْتُ فيه زيارة بئر حا وبئر بضاعة، ومعنا شخص من أئمة الحنفية، وهو من أخص أصحابنا، فتذاكرنا شيئاً مما تقدم، وأجبته، فأعرض عن الجدال، ووافق في المقال، والحق أحقُّ أن يُتَّبع.
ثم نزيد الجواب على ما حكيناه عن الماوردي أموراً:
أحدُها: أنه لو كانت ماءً جارياً لما صلح أن يقول فيه المريض: اغسلوني من ماء بضاعة؛ لأنه غير ثابت، وإنَّما يتخذ ماؤه كل حين، وفي الجرية الأولى قد سارت عنها بَصْقَةُ النبي صلى الله عليه وسلم وما يرجى من بركتها.
وأيضاً: لو كانت قناةً جارية وانسدت، لما خَفِي آثارُ مجاريها المنسدة علينا اليوم.
وأيضاً: أهل المدينة ينقلون كابراً عن كابر: أنَّها بئر مطوية، ولم يعرفوا أنَّها كانت قناة جارية أبداً.
وأيضاً: لو كانت جارية لما قالت أسماء رضي الله عنها: كنا نغسل المرضى من بئر بضاعة ثلاثة أيام فيُعافَوْن.
فإن قيل: البركة تحصل في النهر كله.
قلنا: فلا معنى إذاً لتخصيص بئر بضاعة بالاستشفاء، بل يعم جميعَ فُقُرِ العَيْن
(1)
.
وأيضاً: لو كان الماء جارياً لما كان لقولهم: أيتوضأ من بئر بُضاعة-وهي بئر يُلْقَى فيها المحايض، وكذا، وكذا-وسؤالِهم عنه معنى وفائدة؛ لأن الماء الجاري لا يقف حتى تؤثر فيه المطروحات المذكورة وتسلبه الطهورية، وإنما يتصور ذلك في الماء الدائم فقط.
وأيضاً هذه البئر-بحمد الله- باقيةٌ معمورةٌ، وبين أهل المدينة مذكورة مشهورة، وسألنا عنها وسأل عنها مَنْ قَبْلَنا، فلم يذكر أحد أنه بلغه ذلك عن أهل المدينة، وهذه كافية في دفع شبهة من قال: إنها كانت جارية.
وأما الأمر الثاني: فلا يلزم من حصول رمي الجيف في البئر المذكورة نسبةُ الرمي إلى الصحابة رضي الله عنهم، بل قد يحصل من سِفْلة الناس كالعبيد والجواري وجَهَلَةِ الصبايا والصبيان، كما هو مشاهد ومعلوم في غيرها من الآبار، في جميع الأزمان والأعصار، أو: كانت البئر في مجرى مياه تسيل من أعلاها، فتأتي إليها بالجيف والمحايض وغيرها
(2)
.
بئر جُشَم
- بضم الجيم، وفتح الشين المعجمة-: بئر بالمدينة
(3)
.
بئر جَمَل
- بالجيم، بلفظ الجمل من الإبل-: بئر معروفة بناحية الجُرْف،
(1)
فقر العين: آبارها التي ينفذ بعضها إلى بعض. القاموس (فقر) ص 457.
(2)
للدكتور محمد حسن قنديل (حديث بئر بضاعة وفقهه، دراسة مقارنة) انظر مجلة مركز بحوث السنة والسيرة بقطر، العدد 6 سنة 1413 هـ، ص 301 - 347.
(3)
معجم البلدان 1/ 299، وقال ابن شبة 1/ 168 في وصف مجرى سيل رانوناء:. . . ثم يفترق فرقتين، فتمر فرقة على بئر جشم، تصب في سكة الخليج، حتى يفرغ في وادي بطحان، وتصب الأخرى في وادي بطحان. وقال السمهودي في الوفا 3/ 1073: وأما بئر جشم فغير معروفة اليوم، ولعلها مضافة إلى جشم بن الخزرج الأكبر.
في آخر العقيق، وعليها مالٌ من أموال أهل المدينة، يحتمل أنها سميت بجمل مات فيها، أو برجل اسمه: جمل، حفرها
(1)
.
بَيْرُحا:
بئر وبستان شمالي سور المدينة من جهة الشرق، وقد صارت بيرحا لأبي بن كعب
(2)
وحسان بن ثابت
(3)
رضي الله عنهما، حين دفعها إليهما أبو طلحة
(4)
رضي الله عنه كما ورد في الصحيحين
(5)
وغيرهما.
واختلف الناس في ضبط هذه الكلمة، قال صاحب النهاية
(6)
: يقولون:
(1)
أخرج البخاري في التيمم، باب التيمم في الحضر، حديث رقم: 337 من حديث أبي الجهيم قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلّم عليه
…
الحديث. قال السمهودي 3/ 960: وبئر جمل غير معروفة اليوم، ولم أر من سبق المجد لكونها بالجرف غير ياقوت وليس في كتاب ياقوت ما ذكره السمهودي. معجم البلدان (جمل) 1/ 299، (لحي جمل) 5/ 15.
(2)
هو أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد الأنصاري النجاري، أبو المنذر وأبو الطفيل، سيد القراء، من أصحاب العقبة الثانية، وشهد بدراً والمشاهد كلها، قيل: توفي في خلافة عثمان، وقيل: في خلافة عمر. الاستيعاب 1/ 47 - 52، الإصابة 1/ 19 - 20.
(3)
هو حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري النجاري، أبو الوليد، شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه قال:«إن روح القدس مع حسان مادام ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم» ، والجمهور على أنه عاش مئة وعشرين سنة، قال ابن سعد: في الجاهلية ستين، وفي الإسلام ستين. الاستيعاب 1/ 335 - 343، الإصابة 1/ 326.
(4)
هو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاري البخاري، أبو طلحة من فضلاء الصحابة، شهد العقبة وبدراً وأحداً، وهو الذي كان يرمي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، توفي سنة خمسين أو إحدى وخمسين، وقيل قبلها. الاستيعاب 1/ 549 - 551، الإصابة 1/ 566 - 567.
(5)
أخرجه البخاري: في الوصايا، باب من تصدّق إلى وكيله، رقم: 2758، 5/ 387، ومسلم: في الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين
…
رقم: 998، 2/ 693.
(6)
النهاية 1/ 114.
بيرحا بفتح الباء وكسرها، وبفتح الراء وضمها، وبالمد فيهما، وبفتحهما والقصر
(1)
.
قال الزَّمَخْشَرِيّ
(2)
: بيرحا: اسم أرض كانت لأبي طلحة رضي الله عنه، وكأنها فَيْعَلَى، من البَراح، وهي الأرض المنكشفة الظاهرة.
وقال مرة: رأيت محدثي مكة يقولون: بيرُحاءٍ، على الإضافة، وحاءٌ: من أسماء القبائل، وقيل: اسم رجل، وعلى هذا يكون منوناً.
قال ياقوت
(3)
: بوزن خَيْزَلَى
(4)
، وقيل: بِئْرُ حاءٍ، مضاف إليه ممدود. قال: ورواية المغاربة قاطبةً الإضافةُ وإعرابُ [الراء] بالرفع والجر والنصب، وحاءٌ: على لفظ الحاء من حروف المعجم.
قال أبو بكر الباجي: وأنكر أبو بكر الأَصم الإعرابَ في الراء
(5)
، وقال:
(1)
فهذه خمسة أوجه: بَيْرَحاء، بَيْرُحاء، بِيْرَحاء، بِيْرُحاء، بَيْرَحا-بدون همز آخره- ورجح الأخير جماعة، فتح الباري 3/ 382 حديث (1461)، وفيها أوجه أخرى ستأتي.
(2)
لم أقف على كلام الزمخشري في الفائق، ونقل هذا النص بحرفه السمهودي في وفاء الوفا 3/ 965.
(3)
معجم البلدان مادة (بيرحا) 1/ 524 - 525، وما بين المعقوفين منه.
(4)
أي: بَيْرَحا، وهذا أحد أربعة أوجه ذكرها ياقوت، والثلاثة الباقية: بَيْرَحاء، بئر حاء، بَرِيحا. والخَيْزَلى: المشية في تثاقل. القاموس (خزل) ص 992.
(5)
كذا هنا، تبعاً لما في (معجم البلدان)!، وفي العبارة أخطاء وتحريف! وصوابها: قال أبو الوليد الباجي: وأنكر أبو ذر الضم والإعراب في الراء. مشارق الأنوار للقاضي عياض 1/ 116.
…
والباجي هو: سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب، أبو الوليد التُّجِيبي الأندلسي القرطبي الباجي المالكي الإمام العلامة الحافظ القاضي، ولد سنة 403 هـ، وتوفي سنة 474 هـ، ومن تصانيفه (المنتقى) في الفقه، (المعاني) في شرح (الموطأ)، (إحكام الفصول في أحكام الأصول)، (سبل المهتدين)، وغيرها. وفيات الأعيان 2/ 408 - 409، سير أعلام النبلاء 18/ 535 - 543.
…
وأبو ذر هو: عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، أبو ذر الأنصاري الخراساني الهروي المالكي، الحافظ الإمام، شيخ الحرم، وراوي (الصحيح) عن المستملي والحموي والكُشْمِيهَني، ولد سنة 355 أو 356 هـ، وتوفي سنة 434 هـ، ومن تصانيفه: كتاب (السنة)، و (دلائل النبوة)، و (فضائل مالك)، و (كرامات الأولياء)، وغيرها. تاريخ بغداد 11/ 141، سير أعلام النبلاء 17/ 554 - 563.
إنَّما هو بفتح الراء على كل حال، قال: وعليه أدركت أهل العلم بالمشرق.
وقال أبو عبد الله الصُّوري
(1)
: إنَّما هو بفتح الباء والراء في كل حال، يعني أنه كلمة واحدة.
قال القاضي عياض
(2)
: وعلى رواية الأندلسيين ضبطنا هذا الحرف عن [ابن] أبي جعفر
(3)
في كتاب مسلم.
[و] بكسر الباء وفتح الراء
(4)
، وبكسر الراء وفتح الباء
(5)
، والقصرِ، ضبطناه في الموطأ عن ابن عَتَّاب
(6)
وابن
(1)
هو محمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن رحيم، أبو عبد الله الشامي الساحلي الصُّوري، الإمام الحافظ الحجة، ولد سنة 376 أو 377 هـ، وتوفي سنة 441 هـ. قال أبو الوليد الباجي: الصوري أحفظ من رأيناه. وقال الخطيب: كان صدوقاً، كتبت عنه، وكتب عني. تاريخ بغداد 3/ 103، سير أعلام النبلاء 17/ 627 - 631.
(2)
مشارق الأنوار 1/ 116.
(3)
هو عبد الله بن أبي جعفر، أبو محمد الخشني المرسي، الحافظ الفقيه، قرأ عليه القاضي عياض (صحيح مسلم) رواية القلانسي، ورواية ابن سفيان، وقال فيه: حاز بالأندلس الرئاسة في وقته في المسائل والحديث، ورحل إليه، وطال عمره بعد أصحابه فاحتيج إليه، توفي سنة 527 هـ. ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك للقاضي عياض 8/ 194 - 195، مشارق الأنوار 1/ 10 - 11، وما بين المعقوفين ساقط عند المصنف وعند ياقوت في معجم البلدان!.
(4)
أي: بِيرحا، بالقصر كما سيأتي.
(5)
أي: بَيرِحا، وهذه الجملة ليست في المشارق، وثابتة في معجم البلدان.
(6)
هو عبد الرحمن بن محمد بن عتَّاب بن محسن، أبو محمد القرطبي، العلامة المحدث مسند الأندلس، ولد سنة 433 هـ، وتوفي سنة 520 هـ. كان جليل القدر، حسن السمت، رحل إليه الناس من كل قطر، وسمع منه القاضي عياض وجماعة. ترتيب المدارك 8/ 192 - 193، سير أعلام النبلاء 19/ 514 - 515.
حَمْدين
(1)
، وغيرِهما، وبضم الراء وفتحها معاً، قيدناه عن الأَصِيلي
(2)
.
وقد رواه مسلم
(3)
من طريق حماد بن سلمَة
(4)
(بَرِيحا) هكذا ضبطناه عن [الخُشَني]
(5)
والأسدي
(6)
، والصَّدَفي
(7)
فيما قيدوه عن
(1)
هو محمد بن علي بن محمد بن عبد العزيز، أبو عبد الله ابن حَمْدين، الأندلسي المالكي، قاضي الجماعة، وكان حامل فقه وأدب وعلوم جمة، روى عنه القاضي عياض وعظَّمه، توفي سنة 508 هـ. ترتيب المدارك 8/ 193، سير أعلام النبلاء 19/ 422.
(2)
هو عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جعفر، أبو محمد الأصيلي، شيخ المالكية، وعالم الأندلس. قال الدارقطني: لم أر مثله. وقال عياض: كان من حفاظ مذهب مالك، ومن العالمين بالحديث وعلله ورجاله، توفي سنة 392 هـ. ترتيب المدارك 7/ 135 - 145، سير أعلام النبلاء 16/ 560.
(3)
أخرجه مسلم في الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين. . . رقم: 998، 2/ 694.
(4)
هو حماد بن سلمة بن دينار، أبو سلمة البصري، من رواة الحديث الأثبات، الإمام الحافظ شيخ الإسلام، أخرج حديثه الستة، وتوفي سنة 167 هـ وهو يصلي. تهذيب الكمال 7/ 253 - 269، سير أعلام النبلاء 7/ 444 - 456.
(5)
تحرف في الأصل إلى: (الختني). والخشني هو: عبد الله بن أبي جعفر، تقدمت ترجمته قريباً.
(6)
هو سفيان بن العاص بن أحمد بن العاص بن سفيان بن عيسى الأسدي المُرْبَيْطِري نزيل قرطبة، أبو بحر، الإمام المتقن، كان من جلة العلماء، وكبار الأدباء، صدوقاً، سمع الموطأ من أبي عمر بن عبد البر، روى عنه ابن بشكوال وغيره، وتوفي سنة 520 هـ. سير أعلام النبلاء 19/ 515 - 516، شذرات الذهب 4/ 61.
(7)
هو الحسين بن محمد بن فيرّه بن حَيُّون بن سُكرَّة، أبو علي الصَّدَفي الأندلسي السَّرَقُسْطِي، الإمام الحافظ القاضي، روى عنه القاضي عياض صحيح مسلم، برع في الحديث، مع الضبط وحسن الخط وحسن التأليف، والفقه والأدب مع الدين والخير والتواضع، واستشهد سنة 514 هـ وهو من أبناء الستين. سير أعلام النبلاء 19/ 376 - 378، شذرات الذهب 4/ 43.
العُذْري
(1)
، والسَّمَرْقَنْدي
(2)
، وغيرهما. ولم أسمع فيه خلافاً، إلا أني وجدت الحُمَيدِيَّ
(3)
ذكر عن حماد بن سلمة: بيرحا، كما قال الصُّوري
(4)
، وروايةُ الرازي
(5)
في صحيح مسلم من حديث مالك بن أنس (بَرِيحا) وهْمٌ، إنما هذا في حديث حماد، وأما في حديث مالك فهو (بَيْرَحا)
(6)
كما قيد الجميعُ على اختلافهم.
وذكر أبو داود في مُصَنَّفه
(7)
هذا الحديث بخلاف ما تقدم، فقال: جعلت
(1)
هو أحمد بن عمر بن أنس بن دِلْهاث بن أنس، أبو العباس العُذْري الأندلسي، الإمام الحافظ الثقة، ولد سنة 393 هـ، وتوفي سنة 478 هـ، حدث عنه: أبو علي الصَّدَفي، وأبو بحر الأسدي، وعِدَّة، وصنف (دلائل النبوة)، وكتاب (المسالك والممالك) وغير ذلك. سير أعلام النبلاء 18/ 567 - 568، شذرات الذهب 3/ 357.
(2)
هو نصر بن الحسن بن القاسم، أبو الفتح التركي الشاشي نزيل سمرقند، الشيخ المحدث الثقة، ولد سنة 406 هـ، وتوفي سنة 486 هـ، سمع من ابن دِلْهاث العُذْري، والخطيب البغدادي، وغيرهما، وروى عنه أبو القاسم السمرقندي، وروى (الصحيح) بالأندلس، وكان ديناً ورعاً ورئيساً متصدقاً. سير أعلام النبلاء 19/ 90 - 91، شذرات الذهب 3/ 379.
(3)
هو محمد بن فُتُوح بن عبد الله بن فُتُوح بن حميد، أبو عبد الله بن أبي نصر الأزدي الحميدي الأندلس الظاهري، الإمام الحافظ شيخ المحدثين، ولد سنة 420 هـ، وتوفي سنة 488 هـ، ومن تصانيفه:(الجمع بين الصحيحين) ورتبه أحسن ترتيب، و (جمل تاريخ الإسلام)، و (الذهب المسبوك في وعظ الملوك) وغيرها. سير أعلام النبلاء 19/ 120 - 127، شذرات الذهب 3/ 392.
(4)
هو أبو عبد الله، تقدمت ترجمته قريباً.
(5)
هو أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة، أبو العباس الرازي، ثم المصري، المحدث الصادق، ولد سنة 268 هـ وتوفي سنة 357 هـ. سير أعلام النبلاء 16/ 113، شذرات الذهب 3/ 22.
(6)
صحيح مسلم في الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة والأقربين
…
رقم: 998، 2/ 693 - 694.
(7)
سنن أبي داود في الزكاة، باب في صلة الرحم، رقم: 1686، 2/ 385.
أرضي بأريحاء وهذا كله يدل على أنها ليست ببئر.
وقيل: هي أرض لأبي طلحة رضي الله عنه.
وقيل: هو موضع بقرب المسجد، يعرف بقصر بني حُديلة
(1)
.
وذكر ابن إسحاق أن حسان بن ثابت رضي الله عنه لما تكلم في الإفك بما تكلم به، ونزل القرآن ببراءة عائشة رضي الله عنها، عدا صفوان بن المُعَطِّل
(2)
على حسان رضي الله عنه فضربه بالسيف، فاشتكت الأنصار إلى رسول الله/256 صلى الله عليه وسلم فِعْل صفوان، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عِوضاً عن ضربته بيرحاء، و [هو] قصر بني حُدَيْلة اليوم بالمدينة، وكان مالاً لأبي طلحة بن سهل، تصدَّق [به] إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حسَّاناً، وأعطاه شِيرين أمَةً قِبْطية، فولَدَتْ له عبد الرحمن بن حسان
(3)
.
وفي الصحيح
(4)
أن أبا طلحة رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أحبَّ أموالي إليَّ بيرحا، وإنها صدقة لله، أرجو بِرَّها وذُخْرَها عند الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بخ ذاك مال رابح» أو قال: «رائح» ، ورابح أي: ذو ربح،
(1)
حُدَيلة): بضم الحاء، وفتح الدال، هم بنو معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار، وحُديلة: أمهم. (الإيناس) للوزير المغربي، مخطوط دار الكتب المصرية. نقلاً عن تعليقات الشيخ حمد الجاسر، وجاء في مشارق الأنوار للقاضي عياض 1/ 116: حُديلة: بحاء مهملة مضمومة.
(2)
هو صفوان بن المُعطِّل بن رُبَيْعَة بن خُزاعِي السُّلَمي ثم الذكواني، صحابي سكن المدينة، وشهد الخندق والمشاهد، وقيل: أول مشاهده المُرَيْسِيع، وجرى ذكره في حديث الإفك المشهور، واستشهد في أرض الروم، قيل: سنة 19 هـ، وقيل: سنة 58 أو 60 هـ. الاستيعاب 2/ 187 - 188، الإصابة 2/ 190 - 191.
(3)
نقله المصنف بحروفه عن ياقوت في معجم البلدان مادة (بيرحا) 1/ 524 - 525، ومابين المعقوفين منه، وخبر الإفك بطوله في السيرة النبوية لابن هشام 3/ 243 - 253.
(4)
البخاري: في الزكاة، باب الزكاة على الأقارب، رقم: 1461، 3/ 381، ومسلم: في الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين
…
، رقم: 998، 2/ 693.
كقولهم: هَمٌّ ناصبٌ، أي: ذو نصب. ورائح، أي: قريب المسافة، يروح خيره، أي: يصل إليك في الرواح ولا يَعْزُب
(1)
، قال:
سأطلب مالاً بالمدينة، إنني
…
أَرى عازِبَ الأموال قلّتْ فواضله
وقد أفرد بعض المحدثين لتحقيق ضبط كلمة بيرحا مُصنَّفاً، وهذه الأسطر تشتمل على زبدته، إن شاء الله تعالى.
وفي بيرحا بئر قريبة الرِّشاء، ضيقة الفِناء، طيبة الماء، وأمامها إلى القبلة مسجد صغير في وسط الحديقة، وهي اليوم وقف على الفقراء والمساكين، ونخيلها مضمونة، وأهل المدينة يفضلون النخيل المضمونة على المسقوية، لا تمْرَها على تمْرِها، وإنما يَفضُل لكونها تؤتي أُكُلَها إلى مالكها ....
(2)
غير ....
(3)
دون مُعانَاةٍ وكدٍّ
(4)
.
بئر خَارِجة
- بكسر الراء، وفتح الجيم-: بئر في المدينة، كانت في بعض حدائق الأنصار، وهي المذكورة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم
(5)
قال: كنا قُعُوداً حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج من بين أظهرنا، فأبطأ علينا، وخشينا أن يُقْتَطَعَ دونَنا
(6)
، وفَزِعْنا
(7)
فقمنا، فكنتُ أولَ مَنْ فَزِع،
(1)
شرح صحيح مسلم للنووي 7/ 85 - 86، فتح الباري 3/ 325 - 326.
(2)
بياض في الأصل بمقدار كلمة.
(3)
بياض في الأصل بمقدار كلمتين.
(4)
هذا الوصف لـ (بيرحا) على عهد المصنف، في بداية القرن التاسع الهجري، وأما اليوم فقد دخلت في نطاق التوسعة الشمالية للمسجد النبوي الشريف.
(5)
صحيح مسلم: في الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً، رقم: 31، 1/ 59.
(6)
أي: يُصابَ بمكروه من عدو، إما بأسر وإما بغيره. شرح صحيح مسلم للنووي 1/ 235.
(7)
فزعنا: ذُعِرنا لاحتباس النبي صلى الله عليه وسلم عنا. المرجع السابق.
فخرجت أبتغي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، حتى أتيتُ حائطاً
(1)
للأنصار لبني النجار، فدُرْتُ به هل أجد له باباً، فلم أجد، فإذا ربيعٌ
(2)
يدخل في جوف حائطٍ من بئرِ خارجةٍ
(3)
، فاحْتفَزْتُ [كما يَحْتَفِزُ الثعلبُ]
(4)
فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم
(5)
.
ويروى: خارجَهُ أي: خارج البستان. وبئرٍ خارجةٍ: على النعت
(6)
، والصواب الأول، صرح به صاحب التحرير
(7)
، قال: وخارجة: اسم رجل أضيفت إليه البئر، قاله النووي في شرح مسلم
(8)
.
(1)
حائطاً: بستاناً، وسمي بذلك لأنه حائط لا سقف له. المرجع السابق.
(2)
الربيع: الجدول، كما جاء تفسيره في الرواية، والجدول هو: النهر الصغير.
(3)
بإضافة (بئر) إلى (خارجة)، وفي ضبطه وجهان آخران سيأتي ذكرهما.
(4)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل. وقوله: (فاحتفزت كما يحتفز الثعلب) قال النووي 1/ 236: روي بالزاي، وروي بالراء-والأول-هو الصواب، ومعناه: تضاممت ليسعني المدخل.
(5)
للحديث تتمة طويلة عند مسلم، واقتصر المصنف على موضع الشاهد منه.
(6)
هذان هما الوجهان الآخران في ضبط بئر خارجة الأول منهما: بتنوين (بئر) وبهاء في آخر (خارجَهُ) مضمومة، تعود على الحائط. والوجه الآخر: بالتنوين فيهما: (من بئر خارجة) على أن (خارجة) صفة لـ (بئر).
(7)
هو الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني الشافعي ولد سنة 500، وتوفي سنة 526 هـ، واسم كتابه (التحرير في شرح صحيح مسلم). تذكرة الحفاظ 4/ 1280، شذرات الذهب 4/ 106، شرح صحيح مسلم 1/ 145 - 146.
(8)
شرح صحيح مسلم للنووي 1/ 235، وما صوبه المصنف هنا مقلداً به صاحب التحرير لم يرتضه الإمام النووي، وعده مما لا يوافق عليه قائله، وقال:(ضبطناه بالتنوين في (بئر) وفي (خارجة) على أن (خارجة) صفة لـ (بئر)، وكذا نقله الشيخ أبو عمرو بن الصلاح عن الأصل الذي هو بخط الحافظ أبي عامر العبدري، والأصل المأخوذ عن الجُلُودي
…
-وهذا الوجه- هو المشهور الظاهر) انتهى.
…
وبناء على ما رجحه النووي فلا تذكر هذه البئر بهذا الاسم في قسم المواضع، كما أنني لم أر من سبق المصنف إلى ذكرها.
قلت: هو خارجة بن حمزة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن العوَّام
(1)
، صاحب قصر خارجة بالعَرْصَة
(2)
.
/257 بئر الخَصِيّ: في الخاء.
بئر خَطْمَة: بئر بالمدينة في دار بني خَطْمةَ: عبد الله بن جُشَم
(3)
، وكان يقال [لها: بئر] ذَرْع
(4)
.
قال الزبير: قال الشريف أبو جعفر: وهي التي بصق فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
(5)
.
بئر الدُّرَيْك
- كأنه تصغير دَرْك-: وهي بئر بالمدينة، ويقال فيها: بئر الدُّرَيق. قال قيس بن الخَطِيم
(6)
:
(1)
في نسب قريش للزبيري ص 235: (خارجة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن العوام) لم يذكر في نسبه (حمزة)، وقال: قتل مع ابن الزبير بمكة، وأمه: أم عمرو بن مُعتب بن أبي لهب بن عبد المطلب.
(2)
وفاء الوفا للسمهودي 3/ 1054.
(3)
هو خَطْمة بن جُشَم بن مالك بن الأوس، واسم خَطْمة: عبد الله. الاستبصار في نسب الصحابة من الأنصار لابن قدامة ص 267.
(4)
ما بين المعقوفين زيادة على الأصل لتستقيم العبارة، و (بئر ذَرْع) سيكررها المصنف بعد (بئر الدُّرَيْك) الآتي.
(5)
انظر الأحاديث الواردة في بصاقه صلى الله عليه وسلم في هذه البئر، عند ابن شبة في تاريخ المدينة 1/ 161، والسمهودي في وفاء الوفا 3/ 966 - 967، وغيرهما.
(6)
هو قيس بن الخطيم بن عدي الأوسي، أبو زيد، شاعر الأوس، وأحد صناديدها في الجاهلية، وله في وقعة بُعاث أشعار كثيرة، قدم مكة فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وتلا عليه القرآن، فقال: إني لأسمع كلاماً عجباً، فدعني أنظر في أمري هذه السنة ثم أعود إليك، فمات قبل الحول، وكان ذلك قبل هجرته صلى الله عليه وسلم بنحو سنتين تقريباً. الأغاني 3/ 3 - 27، الإصابة القسم الرابع فيمن ذكر في الصحابة على سبيل الغلط 3/ 281، ولصاحب الترجمة ديوان شعر طبع أكثر من مرة.
كأنّا وقد أُجلوا لنا عن نسائهم
…
أسودٌ لها في غِيلِ بِيشَةَ أَشْبُلُ
ببئر الدُّرَيكِ، فاستعِدوا لمثلها
…
وأَصْغُوا لها آذانَكم وتأمَّلوا
(1)
بئر ذَرْع: بئر بالمدينة، بصق فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وهي بئر بني خَطْمة، وقد تقدمت آنفاً.
بئر ذَرْوانَ
- بفتح الذال المعجمة، وسكون الراء
(2)
-: هكذا يقول رواة البخاري كافة، وكذا روي عن ابن الحذّاء
(3)
. وفي كتاب الدعوات من كتاب البخاري
(4)
: وهي بئر في منازل بني زُرَيْق
(5)
بالمدينة.
قال الجُرْجاني
(6)
: و رواه مسلم كافة: بئر ذي أَرْوَان
(7)
.
وقال الأَصِيلي: ذو أروان: موضع آخر على ساعة من المدينة، وفيه بُني مسجد الضِّرار
(8)
.
(1)
البيتان في ديوانه ص 140.
(2)
انظر ضبط (ذروان) في: مشارق الأنوار 1/ 117، معجم البلدان 1/ 299،
النهاية لابن الأثير 2/ 160، شرح صحيح مسلم للنووي 14/ 177، فتح الباري 10/ 240.
(3)
هو محمد بن يحيى، أبو عبد الله التميمي القرطبي المالكي، ابن الحذاء، العلامة المحدث، الفقيه، ولد سنة 347 هـ، وتوفي سنة 416 هـ، كان بصيراً بالفقه والحديث وولي القضاء، ومن تصانيفه:(الإنباه في أسماء الله (، و (البشرى في عبارة الرؤيا (، و (الاستنباط لمعاني السنن والأحكام من أحاديث الموطأ) وغيرها. وابنه هو القاضي أحمد، أبو عمر ابن الحذاء. ترتيب المدارك 8/ 5 - 8، سير أعلام النبلاء 17/ 444، وترجم للابن في 18/ 344.
(4)
البخاري في الدعوات، باب تكرير الدعاء، رقم: 6391، 11/ 196.
(5)
بنو زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج. نقلاً عن تعليقات الشيخ حمد الجاسر (المغانم 40)، وهو في الاستبصار ص 170 بدون ذكر مالك.
(6)
هو محمد بن محمد بن يوسف، أبو أحمد الجرجاني، يروي صحيح البخاري عن الفِرَبْري. مشارق الأنوار 1/ 9.
(7)
صحيح مسلم في السلام، باب السحر، رقم: 2189، 4/ 1720.
(8)
كذا هنا تبعاً لياقوت، وهو وهم، فقد جاء في المشارق 1/ 117، فتح الباري 10/ 240 أن الموضع الذي بني فيه مسجد الضرار هو: ذو أوان، بغير راء.
قال الأصمعي
(1)
: وبعضهم يخطئ فيقول: بئر ذَرْوَان، والذي صحَّحه ابن قُتيبة
(2)
: ذو أَرَوان، بالتحريك
(3)
.
وحديثُ سِحْرِ لَبِيد بن الأعصم
(4)
رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، في مُشْطٍ،
ومُشَاطة
(5)
، وجُفِّ طَلْعَةِ ذكرٍ
(6)
، ووضعه في بئر ذَرْوان تحت
(1)
هو عبد الملك بن قُرَيب بن علي بن أصمع الباهلي، أبو سعيد الأصمعي، ولد سنة 122 هـ، وتوفي سنة 216 هـ، أحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان، وكان راوية العرب، ومن تصانيفه:(الفرق) و (الأضداد) وهما مطبوعان. تاريخ بغداد 10/ 410 - 420، تاريخ أصبهان لأبي نعيم 2/ 130، وجاءت وفاته في الأخير سنة 212 هـ.
(2)
هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة، أبو محمد الدينوري، اللغوي الأخباري الأديب، ولد سنة 213 هـ، وتوفي سنة 276 هـ، ومن تصانيفه:(تأويل مختلف الحديث)، (المعارف)، (عيون الأخبار)، وغيرها. تاريخ بغداد 10/ 170، وفيات الأعيان 3/ 42، تذكرة الحفاظ 2/ 633.
(3)
وحكى ابن التين أيضاً فتح الراء، وأنه قرأه كذلك، قال:(ولكنه بالسكون أشبه) أي: ذو أرْوان. نقلاً عن الفتح 10/ 240. ودعوى خطأ (ذروان) وصحة (ذي أروان) لم يرتضها الإمام النووي في شرح صحيح مسلم 14/ 177 حيث عبر عن رأي ابن قتيبة بقوله: (وادعى. . .) ونص على صحة اللفظين مع الترجيح بينهما، فقال: في جميع نسخ مسلم: ذي أروان، وكذا وقع في بعض روايات البخاري، وفي معظمها: ذروان، وكلاهما صحيح، والأول أجود وأصح. وللحافظ ابن حجر في الفتح 10/ 240 جمع لطيف بين الروايتين، فيقول: ويجمع بينهما بأن الأصل: بئر ذي أروان، ثم لكثرة الاستعمال سهلت الهمزة، فصارت: ذروان. وهذا جمع حسن.
(4)
وقع في بعض الروايات أن لبيد بن الأعصم يهودي من يهود بني زريق، وفي رواية أخرى: أنه رجل من بني زريق حليف اليهود وكان منافقاً، قال ابن حجر في الفتح 10/ 237: من أطلق أنه يهودي نظر إلى ما في نفس الأمر، ومن أطلق عليه منافقاً نظر إلى ظاهر أمره، وقال ابن الجوزي: هذا يدل على أنه كان أسلم نفاقاً، وهو واضح.
(5)
المُشْط: الآلة المعروفة التي يسرح بها الشعر. والمُشَاطة: ما يخرج من الشعر إذا مُشِطَ. صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 10/ 239،242.
(6)
الجُفُّ: وعاء طلع النخل، وهو الغشاء الذي يكون عليه، ويطلق على الذكر والأنثى، فلهذا قيده في الحديث بقوله:(طلعة ذكر). شرح صحيح مسلم للنووي 14/ 177.
راعوفتها
(1)
، معروفٌ، وسيذكر في الذال إن شاء الله تعالى
(2)
.
بئر رُوْمَةَ
- بضم الراء، وسكون الواو، وفتح الميم، بعدها هاءٌ- وقيل: رُؤْمة- بعد الراء همزة ساكنة-وهي: بئر في عقيق المدينة.
رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «نِعْمَ القَلِيبُ قليب المزني» ، وهي التي اشتراها عثمان بن عفان رضي الله عنه فتصدَّق بها
(3)
.
وفي صحيح البخاري
(4)
عن عثمان رضي الله عنه، يرفعه:«من حفر بئر رُومةَ فله الجنة» .
وعنه أيضاً، يرفعه:«من يشتري بئر رومة فيكون دَلوهُ فيها كدلاء المسلمين؟» فاشتراها عثمان رضي الله عنه
(5)
.
(1)
الراعوفة: (حجر يوضع على رأس البئر لا يستطاع قلعه، ويقوم عليه المستقي، وقد يكون في أسفل البئر، قال أبو عبيد: هي صخرة تترك في أسفل البئر إذا حفرت، يجلس عليه الذي ينظف البئر، وهو حجر يوجد صلباً لا يستطاع نزعه فيترك). (فتح الباري) 10/ 245.
(2)
قال السيد أحمد ياسين الخياري في كتابه تاريخ معالم المدينة المنورة ص 191: (وذروان: اسم محلة مشهورة بالمدينة، وهي من قبل منازل بني زريق، وتبدأ منازلهم من قبلة المسجد، فحارة ذروان، وتنتهي بالمصلى. . . والبئر معروفة في موضع مزبلة، قرب السور، في محلة معروفة بدرب الجنائز) وقد علق عليه الأستاذ عبيدالله محمد أمين كردي بقوله: (هي الآن في الميدان الجنوبي للمحكمة الشرعية القديمة، مقابل مبنى الدوائر الشرعية قيد الإنشاء في منطقة الصافية).
(3)
معجم البلدان 1/ 299، ونصُّ الحديث عند السمهودي 3/ 967:(نعم القليب قليب المزني، فاشترِها ياعثمان فتصدَّقْ بها) وهو من رواية ابن زبالة، وله شواهد تقوّيه ستأتي.
(4)
أخرجه البخاري في الوصايا، باب إذا وقف أرضاً أو بئراً
…
رقم: 2778، 5/ 407.
(5)
أخرجه البخاري في المساقاة، باب من رأى صدقة الماء وهبته ووصيته جائزة، 5/ 29 تعليقاً، ووصله الترمذي في المناقب، باب في مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه، رقم: 3703، 5/ 627، والنسائي في الأحباس، باب وقف المساجد، رقم: 3608، 6/ 235. وقال الترمذي:(هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن عثمان).
وروى مسلم بن طلحة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نعم الحفير
(1)
حفير المزني» يعني رومة، فلما سمع ذلك عثمان رضي الله عنه ابتاع نصفها بمئة بَكْرةٍ
(2)
، وتصدق بها على المسلمين، فجعل الناس يستقون منها، فلما رأى صاحبها أن قد امتنع منه ماكان يصيب منها، باع النصفَ الآخر من عثمان رضي الله عنه بشيء يسير، فتصدَّق بها كلَّها
(3)
.
/258 وقال أبو عبدالله ابن مَنده
(4)
: رُوَمةُ الغِفاريُّ صاحب بئر رومة
(5)
رَوَى حديثَه عبدُالله بن عمر بن أبان، عن عبدالرحمن المحاربيِّ
(6)
، عن أبي
(1)
كذا هنا، ومثله في معجم البلدان 1/ 299، وفي الدرة الثمينة لابن النجار ص 82:(نعم الحفيرة).
(2)
قال ابن الأثير: البَكْر-بالفتح-الفَتِيُّ من الإبل، بمنزلة الغلام من الناس، والأنثى: بَكْرة. النهاية 1/ 149.
(3)
أخرجه ابن النجار في الدرة الثمينة ص 82، وفي سنده: محمد بن الحسن، وهو: ابن زَبالة.
(4)
هو محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده، أبو عبدالله العبدي الأصبهاني، الإمام الحافظ، هو وأبوه وجده من علماء الحديث وحفاظه، ولد سنة 310 أو 311 هـ، وتوفي سنة 395 هـ، ومن تصانيفه:(معرفة الصحابة)، (الإيمان)، (التوحيد) وغير ذلك. سير أعلام النبلاء 17/ 28، شذرات الذهب 3/ 146.
(5)
زاد ابن منده: يقال: إنه أسلم، وأورده ابن حجر في الإصابة 1/ 540 في القسم الرابع الذي أعده لمن ذكر في الصحابة على سبيل الوهم والغلط، وقال:(تعلق ابن منده _ في جعله صحابياً _ على قوله: أتجعل لي مثل الذي جعلتَ لرومة؟ ظناً منه أن المراد به صاحب البئر، وليس كذلك؛ لأن في صدر الحديث أن رومة اسم البئر، وإنما المراد بقوله: جعلت لرومة، أي: لصاحب رومة، أو نحو ذلك).
(6)
في الأصل: (عبدالله بن عمر بن أبان بن عبدالله المحاربي)، وفي معجم البلدان 1/ 299:(عبدالله بن عمر بن أبان بن عبدالرحمن المحاربي)، والصواب ماأثبتُّه. تهذيب الكمال 15/ 345 رقم الترجمة (3444) و 17/ 386 رقم الترجمة (3949).
مسعود
(1)
، عن أبي سلمة، عن بِشْر بن بَشِير الأسلمي، عن أبيه، قال: لما قدم المهاجرون المدينة، استنكروا الماء، وكان لرجل من بني غفار بئر، يقال لها: روُمة، كان يبيع منها القِرْبةَ بالمُدِّ. وفي رواية الكلبي: يبيع القِرْبةَ بالدرهم. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بعنيها بعين في الجنة» . فقال: يارسول الله، ليس لي ولعيالي غيرُها، لاأستطيع ذلك، فبلغ ذلك عثمانَ رضي الله عنه، فاشتراها، ثم أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: أتجعلُ لي مثلَ الذي جعلت له عَيناً في الجنة إن اشتريتُها؟، قال:«نعم» . قال: قد
اشتريتها وجعلتُها للمسلمين. وكان اشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم
(2)
.
كذا قال: رُومة الغفاري، ثم قال: عينٌ يقال لها: رُومة
(3)
.
قال مصعب بن عبدالله الزبيري
(4)
يذكر رُومة ويتشوَّقُها وهو بالعراق:
أقول لثابت والعينُ تَهْمي
…
دموعاً ماأُنَهْنِهُها انحدارا
أعِرني نظرةً بقُرى دُجَيْلٍ
…
نخايلها ظلاماً أو نهارا
فقال: أرَى بِرُومَة أو بسَلْعٍ
…
منازلها مُعَطَّلَةً قِفَارَا
(5)
وقال أهل السير
(6)
: لما قَدِم تُبّعٌ المدينةَ وكان منزله بقُباء، واحتفر البئر
(1)
تحرّف في معجم البلدان 1/ 299 إلى: ابن مسعود، فيصحح.
(2)
أسد الغابة 2/ 239، الإصابة 1/ 540.
(3)
انظر رد الحافظ ابن حجر على دعوى ابن منده في هوامش الصفحة السابقة.
(4)
هو مصعب بن عبدالله بن مصعب بن ثابت بن عبدالله بن الزبير بن العوام، أبو عبدالله القرشي الأسدي الزبيري المدني، الإمام العلامة النسّابة، ولد بالمدينة سنة 156، وتوفي ببغداد سنة 236 هـ، كان وجيهاً في قريش، ثقة في الحديث، شاعراً، ومن تصانيفه:(نسب قريش)، (النسب الكبير) وغيرهما. تاريخ بغداد 13/ 112 - 114، سير أعلام النبلاء 11/ 30 - 32.
(5)
الأبيات في معجم البلدان 1/ 300 مع اختلاف يسير.
(6)
أورد هذا الخبر السمهودي 3/ 970 - 971 وقال: (رواه ابن زبالة عن غير واحد من أهل العلم) انتهى، والنص هنا نقله المصنف عن معجم البلدان 1/ 300.
التي يقال لها: بئر الملك
(1)
، وبه سُمِّيت، فاجتوى ماءَها، فدخلت عليه امرأة من بني زريق، يقال لها: فَكِهة، فشكا إليها وباء بئره، فانطلقت فاستقت له من بئر رومة، ثم جاءته به فشربه، فأعجبه، فقال لها: زيدي! وكانت تصير إليه مُدّة مُقامه بالماء من بئر رُومة، فلما ارتحل قال لها: يافَكِهة، مامعنا من الصفراء ولاالبيضاء شيءٌ، ولكن ماتركنا من أزوادنا ومتاعنا فهو لك، فلما سار نقلَتْ جميعَ ذلك، فيقال: إنها وأولادها أكثرُ بني زريق مالاً، حتى جاء الإسلام.
وقال عبدالله بن الزَّبِير الأسدي
(2)
، يرثي يعقوب بن طلحة بن عبيد الله
(3)
ومن قُتل معه بالحرَّة:
لعَمْرِي لقد جاء الكَرَوَّسُ كاظِماً
…
على خَبرٍ للمسلمين وَجيعِ
شبابٌ كيعقوبَ بنِ طلحة أقفرَتْ
…
منازِلُهُم من رُومَةٍ وبَقِيعِ
(4)
وبئر رُومة: طولها ثمانية عشر ذراعاً، كانت قد تهدمت جوانبها، وسقطت أطواؤها في السنين الماضية، ولم تزل كذلك إلى عصرنا هذا، فَوَرَدَ قاضي مكةَ المقدَّسةِ شهابُ الدين /259 أبو العباس أحمدُ بنُ محمد بن محمد
(1)
سيأتي ذكرها عند المصنف قريباً.
(2)
هو عبدالله بن الزَّبِير _ بفتح الزاي وكسر الموحدة_ بن الأشيم بن الأعشى بن بَجَرة_ بفتح الباء الموحدة والجيم _ من بني أسد بن خزيمة، من شعراء الدولة الأموية، توفي في خلافة عبدالملك بن مروان حوالي سنة 75 هـ. الأغاني 14/ 215 ومابعدها، خزانة الأدب 2/ 264 ومابعدها.
(3)
هو يعقوب بن طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو، من بني تيم بن مرة، كان سخياً جواداً، قتل يوم الحرة في ذي الحجة سنة 63 هـ. الطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 165، مختصر تاريخ دمشق 28/ 48.
(4)
القصيدة من تسع أبيات في المصدرين السابقين، جاء في آخرها:
فوالله ماهذا بعيشٍ فيُشتهى هنيءٍ، ولاموتٍ يُرِيح سريعِ
الطبريُّ
(1)
إلى المدينة الشريفة زائراً في حدود الخمسين [وسبعمائة
(2)
] فاحتفل لعمارتها من صميم ماله، فِعْلَ مَنْ يَقْصِدُ بفعله ذات الله، ويُقْرِضُه قرضاً حسناً، فاستفرغ الوُسْعَ، وتأنَّق، وبذل المجهود وطواها، وشيّد أركانها، فجاءت في نهاية من الحسن والرضاية
(3)
، تكفل الله به في انقلابه، وأجزال ثوابه.
وعند البئر بناء عال شِبْهُ حصن متهدم، يقال: إنه كان ديراً لليهود
(4)
، وفي أطراف هذه البئر آبار أُخَرُ كثيرةٌ ومزارعُ، وهي قبلي الجُرْف
(5)
.
بئر رِئَاب- بكسر الراء، وهمزة، وألف، وموحدة -: بئر بالمدينة، قال:
اُسْلُ عَمَّن سَلا وِصالكَ عَمْداً
…
وتصابىَ وما به مِن تَصابي
ثم لا تَنْسَها على ذاكَ حتّى
…
يسكنَ الحيُّ عند بئر رئابِ
(6)
بئر زمزم:
في الزاي.
بئر زياد:
في ترجمة عيون الحسين
(7)
.
بئر السُّقْيا:
في السين.
بئر سُمَيْحَة:
في السين أيضاً.
(1)
هو أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبدالله، شهابُ الدين الطبَّرَي المكي القاضي الشافعي، ولد سنة 718 هـ، وتوفي سنة 760 هـ، من أهل العلم والقضاء والرئاسة والحديث. الدرر الكامنة 1/ 297 - 298، شذرات الذهب 6/ 188.
(2)
في الأصل: (وسبعين) والخبر أورده المراغي في (تحقيق النصرة) ص 175 - 176 والتصويب منه.
(3)
الرضاية) كذا في الأصل، ولعلها تحرفت عن: الرصانة.
(4)
الدرة الثمينة ص 48.
(5)
لازالت (بئر رومة) موجودة على ضفة وادي العقيق مما يلي المدينة في أرض المشتل الزراعي وإدارتها العامة، ويعرف الحي الذي تقع فيه بحي الأزهري.
(6)
البيتان في معجم البلدان 1/ 300، ولم يعزهما لقائل.
(7)
ص 1041.
بئر عائشة:
بالمدينة، منسوبةٌ إلى عائشةَ بنِ نُميَر بن واقف، رجلٍ من الأوس، وليس عائشةُ هنا اسمَ امرأة
(1)
.
بئر عُروة: من ياقوت
(2)
: بئر معروفة بعقيق المدينة تنسب إلى عروة بن الزبير ابن العوام.
قال علي بن الجهم
(3)
:
هذا العقيقُ فعَدِّ أيـ
…
ـدي العيس عن غُلْوائها
وإذا أطَفْتَ ببئر عُرْ
…
وةَ فاسقِني من مائها
إنّا - وعَيْشِكِ-ما ذَمَمْـ
…
ـنا العيشَ في أفنائها
(4)
قال الزبير بن بَكَّار: كان مَن يخرج من مكة وغيرها إذا مرَّ بالعقيق تزوَّد من ماء بئر عروة، وكانوا يُهدونه إلى أهاليهم، ويشربونه في منازلهم
(5)
.
قال الزبير: ورأيت أبي
(6)
يأمر به فيُغلى، ثم يجعله في القوارير، ويُهْديه
(1)
معجم البلدان 1/ 300، زاد السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1139:(كان له أطم عليها، ومنازلهم في جهة قبلة مسجد الفضيخ).
(2)
معجم البلدان 1/ 300، قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 43):(هو في جُلِّ ماذكر في تحديد المواضع ينقل عن ياقوت، ولايصرح اكتفاء بما ذكر في المقدمة، فما الذي دعاه إلى التصريح؟).
(3)
هو علي بن الجهم بن بدر بن الجهم بن مسعود، أبو الحسن القرشي السامي الشاعر الأديب، أحد الشعراء المجيدين، وله ديوان شعر مطبوع، وكان متديناً فاضلاً، توفي سنة 249 هـ متأثراً بجراح أصابته إثر خروجه بجماعة يريد الغزو. تاريخ بغداد 11/ 367 - 369، وفيات الأعيان 3/ 355 - 358.
(4)
الأبيات في معجم البلدان 1/ 300.
(5)
المرجع السابق.
(6)
هو بَكَّار بن عبدالله بن مصعب الزُّبيري، من أشراف مكة في صدر الدولة العباسية، كان جواداً مُمدَّحاً نبيلاً، ولاه الرشيد إمارة المدينة اثنتي عشرة سنة وأشهراً، وكان مُعظَّماً عنده، توفي سنة 195 هـ، قال الذهبي وقد طَوَّل الزبير ترجمة أبيه، وبالغ فيه. تاريخ الإسلام للذهبي، حوادث 191 - 200 هـ، ص 130 - 131، النجوم الزاهرة 2/ 148، جمهرة نسب قريش للزبير بن بكار ص 163 - 197.
إلى الرشيد
(1)
وهو بالرقة
(2)
.
قال السَّريُّ بن عبدالرحمن الأنصاري:
كفِّنوني، إن متُّ في درع أروى
…
واغسِلوني، من بئر عروةَ ماءِ
/260 سخنةٌ في الشتاء، باردة في الصيـ
…
ـف، سراج في الليلة الظلماء
(3)
سألتُ عنها أهل المدينة فلم يُعَيِّنوها، وإنما ذكروا لي بئراً عند قصر عروة رجماً بالغيب، ورمياً للكلام على عواهنه، قيل: كأنها طُمَّت، فقد ذكر أهل التاريخ أنَّ والي المدينة
(4)
لما خَرَّب قصر عروة وآبارها، أمر بجملٍ مطلّي بالقطران، يُطرَح في بئر عروة.
قلت: أُمر بإصلاحها وردِّها إلى ماكانت عليه، ففعلت، كما ذكرتها في قصّة ....
(5)
.
وذكر الزبير عن عبدالعزيز بن محمد قال: سمعت ابن مالاه
(6)
يقول لهشام بن عروة: رأيت أن عيناً من الجنة تصب ببئر عروة.
بئر ذات العَلَم
-محركة-: بئر بين المدينة والصَّفْراء، تجاه
(1)
هو هارون الرشيد بن محمد المهدي بن المنصور، أبو جعفر العباسي، خامس الخلفاء العباسيين، ولد سنة 148 هـ وقيل بعدها، وتوفي سنة 193 هـ. تاريخ بغداد 14/ 5 - 13، سير أعلام النبلاء 9/ 286 - 295.
(2)
الرقة: إحدى المدن السورية الواقعة على نهر الفرات، فيها آثار قصر ينسب لهارون الرشيد.
(3)
البيتان في معجم البلدان 1/ 301.
(4)
هو إبراهيم بن هشام، كان والي المدينة لهشام بن عبدالملك. انظر ماسيأتي ص 1125 في (قصر عروة).
(5)
بياض بمقدار كلمتين في الأصل، والمراد قصة قصر عروة، وانظرها هناك ص 1125.
(6)
في وفاء الوفا 3/ 1048: مرزوق بن والاه؟.
الرَّوْحاء
(1)
، يقال: إنَّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه قاتل الجنَّ بها، وهي بئر متناهيةُ بُعْدِ الرِّشاء، يكاد لايلحق قَعْرُها
(2)
.
بئر العَقَبَةِ:
ذكرها رَزِين العَبْدَرِيُّ
(3)
في آبار المدينة قال: وهي البئر التي أدلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمرُ رضي الله عنهما أرجلهم فيها، ولم يُعَيّن لها مَوْضِعاً، والمعروف أنَّ هذه القِصّة إنما كانت في بئر أَرِيس
(4)
.
بئر العِهْنِ -بكسر العين المهملة، وسكون الهاء، ونونٍ -: بئرٌ معروفةٌ بالعالية، في وسط حديقة غنّاء، وعندها سدرة حسناء، وهي غزيرة جداً لاتكاد تَنْزِف
(5)
.
بئر أبي عِنَبَةَ
- بلفظ واحدةِ العِنَب -: بينها وبين المدينة مقدارُ ميل، وهناك اعترض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أصحابَه عند مسيره إلى بدرٍ
(6)
، وقد جاء ذكرها
(1)
الصفراء) و (الروحاء) سيعرف بهما المصنف في الصاد والراء.
(2)
نقله السمهودي 4/ 1139 عن المصنف، وتحرف (الرشاء) في مطبوعة (الوفا) إلى: هرشى.
(3)
هو رَزِين بن معاوية بن عمار، أبو الحسن العَبْدَري الأندلسي السَّرَقُسْطي، الإمام المحدث الشهير، جاور بمكة دهراً، وتوفي بها سنة 535 هـ، ألف كتاب (تجريد الصحاح)، و (أخبار مكة)، و (أخبار دار الهجرة). سير أعلام النبلاء 0/ 204 - 206، العقد الثمين 4/ 399، تحقيق النصرة ص 23.
(4)
علق السمهودي 3/ 976 على ماذكره المصنف بقوله: (والذي رأيته في كتاب رزين في تعداد الآبار المعروفة بالمدينة مالفظه: وبئر العين: سقط فيها الخاتم، وبئر القُفِّ التي أدلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر أرجلهم فيها، انتهى. وقد قدمنا في بئر أريس مايقتضي تعدد الواقعة).
(5)
التعريف للمطري ص 59، تحقيق النصرة ص 179.
(6)
الطبقات الكبرى لابن سعد 2/ 12، ونقل المراغي في تحقيق النصرة ص 180 عن الحافظ عبدالغني: أنه عليه الصلاة والسلام عرض جيشه على (بئر أبي عنبة) بالحرة، فوق هذه البئر إلى المغرب، وذكر أنها على ميل من المدينة، انتهى. قال السمهودي 3/ 977:(لعل هذه البئر هي المعروفة اليوم ببئر ودي).
في غير ماحديث
(1)
.
بئر غَدَق
- بفتح الغين المعجمة، والدال المهملة، آخره قاف، من قولهم: غَدِقَتِ العَيْنُ والبئرُ، فهي غَدِقةٌ أي: عَذْبة، وماءٌ غَدَقٌ، أي: عَذْبٌ
(2)
، وهي: بئر بالمدينة [وعندها
(3)
] أُطُم الَبلَوِييّن الذي يقال له: القاع
(4)
.
بئر غَرْسٍ
- بفتح الغين، وسكون الراء، وسين مهملة
(5)
- والغَرْسُ: الفَسِيلُ، أو الشجرُ الذي يُغْرس لينبت
(6)
، والغَرْس: مصدر غرسَ الشجرَ.
(1)
منها: ماروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأنا قاعد عنده، فقالت: يارسول الله، إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبي عنبة وقد نفعني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«استهما عليه» وفيه: قال صلى الله عليه وسلم للغلام: «هذا أبوك وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت؟» فأخذ بيد أمه، فانطلقَتْ به. أخرجه أبو داود: في الطلاق، باب من أحق بالولد، رقم: 2271، 3/ 111، والنسائي: في الطلاق، باب إسلام أحد الزوجين وتخيير الولد، رقم: 3496، 6/ 185، وأخرجه الترمذي، في الأحكام، باب ما جاء في تخيير الغلام بين أبويه إذا افترقا، رقم: 1357، 3/ 629. وابن ماجه (2351) مختصراً، وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح).
(2)
جاء على حاشية الأصل مانصُّه: (حاشية: قول المؤلف: إن معنى غَدَق عَذْب، غيرُ معروف في كتب اللغة، والذي ذكره الجوهري والصاغاني والمؤلف - في (قاموسه)(غدق) ص 914 - : أن الغدق: الكثير، وماء غدق، أي: كثير، ولعل أنه _ كذا_ سهو من المؤلف، والله أعلم). ثم رأيت في (تنقيح البلاغة) أن الغَدَق: الكثير العذب) انتهى.
وما ذهب إليه المؤلف منقول من ياقوت في معجم البلدان 1/ 301، ويؤيده قول ابن منظور في لسان العرب (غدق) 10/ 282 - 283:(غَدِقَت العين غَدَقاً، فهي غَدِقَةٌ، واغدودقَتْ: غَزُرَتْ وعَذُبَتْ).
(3)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من معجم البلدان 1/ 301.
(4)
سيأتي التعريف به في حرف القاف.
(5)
هذا مانص عليه ياقوت في معجم البلدان 4/ 193، واعتمده المصنف هنا، وفي ضبطها أوجه أخرى ستأتي.
(6)
وفي القاموس (غرس) ص 561: (غَرَس الشجر يَغْرِسُه: أثبته في الأرض .... والغَرِيسة: النخلة أول ماتنبت، أو: الفَسِيلة ساعةَ توضع حتى تَعْلَقَ).
وهي بئر بقباء على منازل بني النَّضِير، وحولها مقابرُ بني حنظلة
(1)
، وهي شرقيُّ مسجد قباء، على نصف ميل إلى جهة الشمال، وهي بين النَّخِيل، ويعرف مكانها اليوم وماحولها بالغَرْس، وهي اليوم مِلك لبعض أهل المدينة، وكانت قد خربت فجُدِّدَتْ بعد السبعمائة، وهي غزيرة طيبة عذبة
(2)
.
ذرعتها بذراع /261 فكان من شفيرها إلى الماء ستة أذرع، ودورها
…
(3)
.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستطيب ماءَها، ويبارك فيها
(4)
.
وقال لعلي رضي الله عنه حين حضرته الوفاة: «إذا أنا مُتُّ فاغسلني من بئر غَرْسٍ بسَبْعِ قِرَب»
(5)
.
وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه بصق فيها، وقال:«إن فيها عيناً من عيون الجنة»
(6)
.
وعن سعيد بن عبدالرحمن بن رُقَيش قال: جاءنا أنس رضي الله عنه بقُباء، فقال: أين بئركم هذه- يعني: بئر غرس -؟ فدللناه عليها، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءها وإنها لَتَسْنَى على حمار
(7)
، فدعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِدَلوٍ من مائها
(1)
قال السمهودي 3/ 978: (أظنه تصحيفاً، والمذكور في جهتها بنو خَطْمة).
(2)
قاله المطري في التعريف ص 54.
(3)
هكذا انقطع الكلام، وظهر بياض في الأصل بمقدار سطر ونصف.
(4)
هذا النص في معجم البلدان 4/ 193، وأخرج ابن شبة 1/ 161 - 162 بأسانيد مختلفة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُسْتَعذب له من بئر غرس، وكان يشرب ويتوضأ منها.
(5)
أخرجه ابن ماجه: في الجنائز، باب ماجاء في غَسْل النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: 1468، 1/ 471. قال في الزوائد: هذا إسناد ضعيف.
(6)
كذا في معجم البلدان 4/ 193، وستأتي الأحاديث الدالة على ذلك.
(7)
سَنَت الدابةُ تَسْنى: استُقِي عليها. القاموس (سني) ص 1297.
فتوضأ منه، ثم سكبه فيها، فما نَزَفَتْ بعد سنين
(1)
.
وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد على شفير غرس: ° «رأيت الليلة كأني جالس على عين من عيون الجنة» يعني: بئر غرس
(2)
.
وعن عاصم بن سويد، عن أبيه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بمنٍّ
(3)
فشرب منه، وأخذ منه شيئاً فقال: «هذا
(4)
لِبئري، بئرِ غرس» ثم صبَّه فيها، ثم إنه بصق فيها، وغُسِّل منها حين مات
(5)
.
وضبطه بعض الناس بالتحريك، مثال: جَبَلٍ، وشَجَرٍ
(6)
، وسمعت كثيراً من أهل المدينة يَضُمّون الغين
(7)
، والصواب الذي لامَحِيد عنه
(1)
أخرجه ابن النجار في الدرة الثمينة ص 79، وفي سنده:(محمد بن الحسن)، وهو ابن زَبالة، وكلمة (سنين) آخر الحديث عليها علامة توقف في الأصل، وليست من الحديث عند ابن النجار.
(2)
ذكره ياقوت في معجم البلدان 4/ 193، ونقله السمهودي 3/ 980 عن المصنف دون إسناده.
…
وأخرج ابن النجار ص 45 - 46 والمطري ص 54 بسند منقطع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رأيت الليلة أني أصبحت على بئر من الجنة» ، فأصبح على بئر غرس فتوضأ منها، وبصق فيها، وغُسِّل منها حين توفي صلى الله عليه وسلم.
(3)
المَنُّ: كل طَلٍّ ينزل من السماء على شجر أو حجر، ويحلو، وينعقد عسلاً. القاموس (منن) ص 1235، وهذا الحديث نقله السمهودي 3/ 980 عن المصنف، وجاءت اللفظة عنده:(بعسل)، فلعل إحداهما تحرفت عن الأخرى، والله أعلم.
(4)
الإشارة للقَدْر الذي أخذه النبي صلى الله عليه وسلم من المَنِّ وصبَّه في بئر غرس، ولايصح عودها إلى (البئر) لأن البئر مؤنثة لاغير.
(5)
نقله السمهودي 3/ 980 عن المصنف، دون إسناد.
(6)
أي: غَرَس.
(7)
هذا الوجه صدَّر به السمهودي 3/ 978 وقال: (رأيته في خط الزين المراغي، وهو الدائر على ألسنة أهل المدينة).
ماذكرتُه بادِي بَدَاءٍ
(1)
.
بئر مَرْقٍ
- بفتح الميم، وسكون الراء وفتحها، لغتان مشهورتان، بعدها قاف_ وهي: بئر بالمدينة، لها ذكر في حديث الهِجْرَة
(2)
، قاله في النهاية
(3)
، وفي العُباب
(4)
، نحوه
(5)
.
بئر مِدْرَى
- بلفظ المِدْرَى الذي يُحكُّ به
(6)
_: من آبار المدينة المعروفة بالغزارة والطِّيب
(7)
.
قال الزبير: خطب رجل من بني قريظة امرأة من بلحارث بن الخزرج، فقالت: أله مال على بئر مِدْرَى، أو هامات، أو ذي وشيع، أو الشَّطِيبة، أو على بئر فَجَّار - وهي في بئر أريس-؟
(8)
.
(1)
جاء في القاموس (بدأ) ص 34: (وبادي بَدَاءٍ، أي: أول كل شيء)، انتهى. ومراده ماذكره أولاً: بئر غَرْس _ بفتح الغين، وسكون الراء_، وفي ضبطها وجه رابع، وهو: الأغرس، كما جاء في بعض الروايات عند ابن شبة 1/ 161، وتقع هذه البئر الآن أمام معهد دار الهجرة، يفصل بينها وبين المعهد الشارع المفتوح بين قربان والعوالي.
(2)
في قصة إسلام سعد بن معاذ وأُسَيد بن حُضَير على يد مصعب بن عُمَير رضي الله عنهم. السيرة النبوية المطبوع مع (الروض الأنف) 2/ 186، وفاء الوفا 1/ 225 - 226، مجمع الزوائد 6/ 40 - 42، وتحرّف في الأخير اسم البئر إلى: بئر مري.
(3)
النهاية 4/ 321، معجم البلدان 1/ 301.
(4)
المادة ليست في القسم المطبوع من الكتاب.
(5)
قال السمهودي 4/ 1141: (هناك بناحية مسجد الإجابة نخيل تعرف بالمرقية، فالظاهر أنها منسوبة لها).
(6)
في القاموس (دري) ص 1282: (دَرَى رأسَه: حكَّه بالمِدْرَى، وهو: المُشْط والقَرْن).
(7)
قال ابن شبة في تاريخ المدينة 1/ 169: (وقد كان مهزور سال في ولاية عثمان رضي الله عنه سيلاً عظيماً خِيف على المدينة منه الغرق، فعمل عثمان رضي الله عنه الرَّدم الذي عند بئر مِدْرى؛ لِيَرُدَّ به السيلَ عن المسجد وعن المدينة).
(8)
علّق السمهودي 4/ 1141 على هذا الخبر قائلاً: (هذا الخبر إنما سبق في ذكر الشَّطِيبة
…
فقوله (وهي في بئر أريس): إن ما أراد ما سيق له، فهو: الشَّطِيبة، لابئر مدرى، وتقدم حينئذ فيما عليه الناس من أن بئر أريس بقباء، وكذا إن أراد جميع هذه الآبار؛ إذ منها الشَّطِيبة، وهي بجانب الأعواف، كما سبق في بئر الأعواف، وإن أراد به بئر فَجَّار، فهي غير معروفة).
بئر مُطَّلِب
- بضم الميم، وفتح الطاءِ المشدّدة، وكسر اللام-: وهي بئر على سبعة أميال من المدينة، منسوبةٌ إلى المُطَّلب بن عبدالله بن حُنْظُبِ بن الحارث بن عُبيد [بن عمر] بن مخزوم
(1)
.
هكذا يقول النسابون: حُنْظُب: بضم الحاء المهملة، والظاء المعجمة. والمحدثون يفتحون الحاء، ويهملون الطاء
(2)
.
قدم صخر بن الجعد المحاربي
(3)
إلى المدينة فأتى تاجراً يقال له: سَيّار، فابتاع منه بُرّاً، وقال له: تأتيني غُدوة فأقضيك، فركب من تحت ليلته، وخرج إلى البادية، فلما أصبح /262 سَيَّارٌ سأل عنه؟ فعرف خبره، فركب في أثره في جماعة من أصحابه، حتى أتوا بئر مُطّلب - وهي على سبعة أميال من المدينة - وقد جَهِدوا من الحَرّ، فنزلوا عليها، وأكلوا تمراً كان معهم، وأراحوا دوابَّهم وسقَوْها، حتى إذا راحوا انصرفوا راجعين، وبلغ الخبرُ صخراً فقال:
(1)
القرشي المخزومي المدني التابعي، وفد على الخليفة هشام فوصله بسبعة عشر ألف دينار، كان حياً في حدود سنة عشرين ومئة، وروى حديثه أصحاب السنن الأربعة، وثّقه بعضهم، وتكلّم فيه آخرون لكثرة إرساله. تهذيب الكمال 28/ 81 - 85، سير أعلام النبلاء 5/ 317.
(2)
نقله المصنف عن معجم البلدان 1/ 301، لكن جاء في اللسان (حنطب) 1/ 336 عن ابن بري أن من قال: حنظب_ بالظاء المعجمة_ فقد صحّف وغلط، ونقل عن أبي علي ابن رشيق قوله: حنطب هذا بحاء مهملة، وطاء غير معجمة انتهى. وهو الذي اعتمده المصنف في القاموس (حنطب) ص 77 ولم يذكر سواه.
(3)
شاعر فصيح من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، انظر نسبه وأخباره في (الأغاني) 22/ 36 - 47، وقد روى القصة التي ذكرها المصنف 2/ 43 - 44.
أَهْوِنْ عليَّ بسَيَّارٍ وصفوته
…
إذا جعلتُ صِراراً
(1)
دون سَيَّارِ
إن القضاءَ
(2)
سيأتي دونه زمنٌ
…
فَاطْوِ الصحيفة، واحفظها من الفار
يسائل الناس: هل أحسستم أحَداً
…
محاربياً أتى من دون أظفار؟
وما جلَبْتُ إليهم غيرَ راحلة
…
وغيرَ قوس، وسيفٍ جَفْنُه عار
وما أريتهم إلا ليدفعهم
…
عني ويخرجني نقضي وإمراري
حتى استغاثوا بألوى
(3)
بئر مُطَّلِبٍ
(4)
…
وقد تَحرَّقَ منهم كلُّ تَمَّار
وقال أولهم نصحاً لآخرهم:
…
ألاارجعوا، واتركوا الأعرابَ في النار
بئر مَعُونَةَ
- بفتح الميم، وضم العين، ثم واو، ونون مفتوحة، وهاء_، وقد تتصحف ببئر معاوية التي بين عُسفان ومكة، وليست بها؛ فإن تلك بالياء وضم أوله، وأما هذه التي بالنون، فبئر بين جبال يقال لها: أُبْلى في طريق المُصْعِد من المدينة إلى مكة، وهي لبني سُلَيم
(5)
.
وقال أبو عُبيدة
(6)
في كتاب (مقاتل الفرسان): بئر مَعُونة ماء لبني عامر بن صعصعة.
(1)
صِرار: موضع، سيعرف به المصنف في حرف الصاد.
(2)
يعني قضاءه ثمن البُرّ والعطر.
(3)
بألوى) كذا في الأصل، ومثله معجم البلدان 1/ 302، وفاء الوفا 4/ 1142، وفي الأغاني 22/ 44: بأروى، وفي المواضع (أروى) تقدم في حرف الألف.
(4)
قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 49): (تعرف الآن هذه البئر ببئر القزاز، في طريق المتوجه إلى الحناكية).
(5)
عزاه ياقوت في معجم البلدان 1/ 302 لعرام، وانظر (رسالته) ص 428 - 429.
(6)
هو مَعْمرُ بن المثنى، أبو عُبيدة التيمي ولاء، البصري، إمام في النحو والأدب، ولد سنة 110 هـ، وتوفي سنة 209 أو 210 هـ، قال ابن قتيبة: كان الغريب وأيام العرب أغلب عليه، كان مع معرفته ربما لم يقم البيت إذا أنشده حتى يكسره، وكان يخطئ إذا قرأ القرآن نظراً، وكان يبغض العرب، وألف في مثالبها كتباً، وكان يرى رأي الخوارج، ولم يزل يصنف حتى مات، وتصانيفه تقارب المئتين، منها:(غريب الحديث)، (مجاز القرآن الكريم)، (مقاتل الفرسان) وغيرها. وفيات الأعيان 5/ 235 - 243، سير أعلام النبلاء 9/ 445 - 447.
وقال الواقدي
(1)
: بئر معونة في أرض بني سُلَيم وأرض بني كلاب، وعندها كانت قصة الرَّجِيع
(2)
.
وكان أصحاب بئر معونة سبعين رجلاً، وقول ابن إسحاق: كانوا أربعين وهْمٌ
(3)
، والله الموفق.
بئر الملك
- بكسر اللام، بعده كاف-: بئر بالمدينة، منسوبةٌ إلى تُبَّعٍ؛ لأنه حفرها أول ماقدم المدينة فاجتواها، فاستُقِي له من بئر رُومة، وقد ذكرناها هنالك،
فلتنظر إن شاء الله
(4)
.
(1)
هو محمد بن عمر بن واقد أبو عبدالله الأسلمي بالولاء الواقدي المدني، ولد سنة 130 هـ، وتوفي سنة 207 هـ، وكان إماماً عالماً مؤرخاً، قال الذهبي: أحد أوعية العلم على ضعفه المتفق عليه، ومن تصانيفه:(المغازي) و (فتح مصر والإسكندرية) و (فتح العجم) و (فتح إفريقية) وكلها مطبوعة، وله غير ذلك. وفيات الأعيان 4/ 348 - 351، سير أعلام النبلاء 9/ 454 - 469.
(2)
كذا في معجم البلدان 1/ 302، والمصنف ناقل عن الواقدي بواسطته، وقد رجعت إلى المغازي 1/ 347 فرأيت مغايرة لما نقلا عنه، فقد جاءت عبارته هكذا:(بئر معونة: ماء من مياه بني سُليم، وهو بين أرض بني عامر وبني سُليم، وكلا البلدين يعد منه) انتهى، ليس فيه:(وعندها كانت قصة الرَّجيع) بل إن الواقدي _ كغيره من المؤرخين وأهل السير_قد فرق بين (غزوة بئر مَعُونة) و (غزوة الرَّجيع)، فقد ذكر أن الأولى قبل نجد 1/ 346، والثانية قريب من الهدة 1/ 355، وهي بين عسفان ومكة، وماحصل للمصنف هنا سببه النقل بالواسطة، وعدم الرجوع إلى المصدر المنقول عنه.
(3)
قال السهيلي في (الروض الأنف) 3/ 238: (خبر بئر معونة: قال ابن إسحاق: وكانوا أربعين رجلاً، والصحيح أنهم كانوا سبعين، كما روى البخاري ومسلم.
…
أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان
…
رقم: 4088، 7/ 445، مسلم في المساجد، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة، رقم: 677، 1/ 469.
(4)
راجع (بئر رومة) في حرف الباء. وأفاد ابن شبة في (تاريخ المدينة) 1/ 223 أن بئر الملك بقناة، وأنه كان من صدقات علي رضي الله تعالى عنه، وسبق عند المصنف في (فصل في ذكر نبذ من تاريخ المدينة ص 172) أن تبعاً كان منزله بقناة.
البَجَرات
-: بفتح الباء والجيم- ويقال فيه: البُجَيرات- بالتصغير-: وهي مياه كثيرة من مياه السماء في جبل شَوْران المطل على عقيق المدينة.
والبَجَرُ: عِظَمُ البطن
(1)
.
بُجْدان
(2)
: جبل على ليلة من المدينة، فيما ذكره صاحب (النهاية)
(3)
.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان على بُجدان، فقال:«سيروا هذا بُجْدَان، سبق المُفرِّدون» الحديث
(4)
.
كذا رواه الأزهري
(5)
، وأكثر الناس يروونه: جُمدان- بالجيم والميم، وسيعاد ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.
(1)
معجم البلدان 1/ 340، وعبارة عرام ص 425_ 426: (ويحيط بالمدينة من الجبال: عَيْر، جبلان أحمران من عن يمينك وأنت ببطن العقيق تريد مكة، ومن عن يسارك: شَوْران، وهو جبل يطل على السد، كبير مرتفع .. ليس على هذه نبت ولا ماء غير شَوْران، فإن فيه مياه سماء كثيرة، يقال لها: البجرات
…
).
(2)
لم يضبطه المصنف جرياً على عادته في ضبط المواقع، و في معجم البلدان 1/ 340: بالضم، ثم السكون.
(3)
النهاية 1/ 292، وظاهر صنيع المصنف أن ابن الأثير ذكر (بجدان) وليس كذلك، بل ذكر (جمدان) فقط، والذي ذكر (بجدان) بالباء في أوله هو الأزهري في (تهذيب اللغة).
(4)
أخرجه مسلم في الذكر والدعاء، باب الحث على ذكر الله تعالى، رقم: 2676، 4/ 2062 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة، فمرَّ على جبل يقال له: جُمْدان، فقال:«سيروا، هذا جُمْدان، سبق المُفرِّدون» قالوا: وما المفَرِّدون يارسول الله؟ قال: «الذاكرون الله كثيراً والذاكرات» . قال عياض في (المشارق) 1/ 169: (جمدان - بفتح الجيم، وبدال مهملة، وآخره نون - منزل من منازل أسلم بين قديد وعسفان، وصحفه يزيد بن هارون - أحد الرواة- فقال فيه: جندان -بالنون -، وصحفه بعض رواة مسلم فقال فيه: حمدان).
(5)
هو محمد بن أحمد بن الأزهر، وإليه نسبته، أبو منصور الهروي الخراساني، ولد سنة 282 هـ، وتوفي سنة 370 هـ، كان إماماً في اللغة والأدب، وكتابه (تهذيب اللغة) مطبوع مشهور. وفيات الأعيان 4/ 334، سير أعلام النبلاء 16/ 315.
بُحْرَان
-بالضم، وسكون الحاء المهملة، بعدها راءٌ وألف ونون-: موضع بناحية الفُرع
(1)
.
قال ابن إسحاق
(2)
: هو مَعْدِنٌ بالحجاز في ناحية الفُرع، وذلك المَعْدِنُ للحجاج بن عِلَاط البَهْزي
(3)
.
قال ابن إسحاق في سرية عبدالله بن جحش
(4)
: فسلك على طريق الحجاز، حتى إذا كان بمعدن فوق الفُرع يقال له: بُحْران أضلَّ سعدُ بن أبي وقاص
(5)
،
(1)
معجم البلدان 1/ 341، والفُرع سيعرف به المصنف في حرف الفاء.
(2)
نقله عنه ابن هشام في (غزوة الفُرع) السيرة النبوية المطبوع مع الروض الأنف 3/ 137.
(3)
هو الحجاج بن عِلاط بن خالد بن ثويرة بن هلال السلمي ثم البَهْزي، أبو كلاب، وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو عبدالله، أسلم وحسن إسلامه، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة خيبر، وسكن المدينة، وهو معدود من أهلها، وبنى بها مسجداً وداراً تعرف به، اختلف في سنة وفاته، فقيل: توفي في خلافة عمر، وقيل: في خلافة علي. الاستيعاب 1/ 344 - 346، أسد الغابة 1/ 456 - 458، الإصابة 1/ 313.
(4)
السيرة النبوية لابن هشام 2/ 244، وعبدالله بن جحش هو: ابن رياب بن يعمر، أبومحمد الأسدي. وأمه: أميمة بنت عبدالمطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخته: زينب أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها. أسلم عبدالله قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر الهجرتين إلى بلاد الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة، وهو أول أمير أمّره الرسول صلى الله عليه وسلم على سرية، وشهد بدراً وأحداً، وقتل يوم أحد شهيداً في السنة الثالثة، ودفن هو وحمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم في قبر واحد، وكان له يوم قتل نيف وأربعون سنة. الاستيعاب 2/ 272 - 275، أسد الغابة 3/ 194 - 196، الإصابة 2/ 286 - 287.
(5)
هو سعد بن مالك _ أبي وقاص_ بن وهيب _ وقيل: أهيب_ بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، أبو إسحاق القرشي الزهري، من المسلمين الأوائل، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى، شهد بدراً والمشاهد بعدها، وهو أول من رمى بسهم، وأول من أراق دماً في سبيل الله، توفي بالعقيق سنة 55، وقيل:54، وقيل: 58 هـ وحمل على أعناق الرجال إلى المدينة، ودفن بالبقيع، وهو آخر المهاجرين موتاً، رضي الله تعالى عنه. الاستيعاب 2/ 18 - 27، أسد الغابة 2/ 366 - 370، الإصابة 2/ 33 - 34.
وعتبةُ بن غزوان
(1)
بعيراً لهما كانا يعتقبانه
(2)
، وذكر القصة.
هكذا قيده ابن الفُرَات
(3)
بفتح الباء [هاهنا
(4)
] وقيده في مواضع بضمها، وهو المشهور
(5)
.
بَحْرَجُ
(6)
: أُطم بالمدينة، بناه بنو عمرو بن عوف، بين مجلس ابن المولى، وبين الحمام بقباء، وكان لبني عزيز بن مالك.
بَدْر
- بالفتح، ثم السكون -: اسم بئر احتفرها رجل من غفار، ثم من بني
(1)
هو عتبة بن غزوان بن جابر، أبو عبدالله، وقيل: أبو غزوان، المازني، حليف بني عبد شمس، أو بني نوفل، هاجر إلى الحبشة، ثم رجع مهاجراً إلى المدينة رفيقاً للمقداد، شهد بدراً ومابعدها، وتوفي في خلافة عمر سنة سبع عشرة، وقيل غير ذلك، وعاش سبعاً وخمسين سنة. الاستيعاب 3/ 113 - 116، أسد الغابة 3/ 565 - 567، الإصابة 2/ 455.
(2)
قوله (يعتقبانه) أي: يتناوبان على ركوبه.
(3)
هو محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن الفرات، أبو الحسن البغدادي الحافظ، ولد سنة 319 هـ، وتوفي سنة 384 هـ، قال الخطيب: كان ثقة، كتب الكثير، وجمع مالم يجمعه أحد في وقته
…
وإنه كتب مئة تفسير، ومئة تاريخ، ولم يخرج عنه إلا شيء يسير. وقال ابن الأثير: خطه حجة في صحة النقل، وجودة الضبط. تاريخ بغداد 3/ 122 - 123، الكامل 7/ 166 وتحرف فيه (الفرات) إلى: القزاز، تاريخ الإسلام حوادث سنة 381 - 400 هـ ص 84 - 85.
(4)
مابين المعقوفين سقط من الأصل، وأثبته من معجم البلدان 1/ 341.
(5)
وممن قيده بالضم أيضاً: الصالحي في سبل الهدى والرشاد 6/ 20، وممن قيده بالفتح فقط: العمراني، والزمخشري، كما في معجم البلدان 1/ 341، وكذلك البكري في معجم ما استعجم 1/ 228، وممن قيده بالوجهين على السواء: ابن الأثير في النهاية 1/ 100، وقال المصنف في القاموس (بحر) ص 347:(وبَحْران، ويضم: موضع بناحية الفرع).
(6)
وضع الناسخ تحت الحاء في (بحرج) حاء صغيرة، تنبيهاً على أنها حاء مهملة.
النار منهم
(1)
، [اسمه
(2)
] بدر بن قريش بن يَخْلُدَ بن النضر بن كنانة
(3)
، وقيل: هو رجلٌ من بني ضَمْرَة، سكن هذا الموضع فنسب إليه، ثم غلب اسمه عليه
(4)
.
وقال الزبير بن بكاّر
(5)
: قريش بن الحارث بن يَخْلُد، ويقال: يَخْلُد بن النضر بن كنانة، به سميت قريش قريشاً، فغلب عليها؛ لأنه كان دليلَها وصاحب مِيرتِها، وكانوا يقولون: جاءت عير قريش، وخرجت عير قريش. قال: وابنه بدر ابن قريش، به سميت بدر التي كانت به الوقعة المباركة، لأنه كان احتفرها.
فأظهر الله تعالى ببدر الإسلام، وفرّق بين الحق والباطل
(6)
. وبدر الموعد، وبدر القتال، وبدر الأولى، وبدر الثانية: كلُّه موضع واحد
(7)
.
(1)
الروض الأنف 3/ 43.
(2)
في الأصل: (اسم)، وما أثبته من الروض الأنف، 3/ 43، وفاء الوفا 4/ 1145.
(3)
عبارة السهيلي: (اسمه بدر، وقد ذكرنا في هذا الكتاب قول من قال: هو بدر بن قريش ابن يخلد، الذي سميت قريش به) انتهى. قلت: هذا يوضح أن بدراً الذي هو رجل من بني غفار غير بدر المنسوب إلى قريش، كما هو الحال، وبه تحصل قولان فيمن نسبت بدر إليه، وقد عدهما المصنف شخصاً واحداً؟ وهل هو: بدر بن قريش. أو: قريش بن بدر؟ قولان، ذكرهما أبو عبدالله الزبير بن بكار في (أنساب قريش) ونقلهما عنه السهيلي في الروض الأنف 1/ 116، واقتصر على القول الثاني: مصعب الزبيري في نسب قريش ص 12، وأبو محمد بن حزم في (جمهرة أنساب العرب) ص 11 - 12، وغيرهما.
(4)
معجم البلدان 1/ 357، وحكى الواقدي إنكار ذلك كله عن غير واحد من شيوخ غفار، قالوا: إنما هي ماؤنا ومنازلنا، وماملكها أحد قط يقال له: بدر، وإنما هو علم عليها كغيرها من البلاد. ذكره السمهودي 4/ 1145.
(5)
نقله عنه أيضاً السهيلي في الروض الأنف 1/ 116.
(6)
معجم البلدان 1/ 357 - 358.
(7)
المرجع السابق، وكتاب الأمكنة والمياه والجبال للزمخشري ص 36.
وقد نسب إلى بدر جميعُ مَنْ شهدها من الصحابة رضي الله عنهم، ونسب إلى سكنى الموضع: أبو مسعود البدري
(1)
رضي الله عنه ولم يشهد بدراً، كذا في كتاب الفضائل
(2)
، وقال ابن الكلبي
(3)
: شهد بدراً والعقبة.
وبدر أيضاً: جبل في بلاد باهلة.
وبدر أيضاً: مخلاف باليمن
(4)
.
بِرَاقُ
[ثَجْرٍ
(5)
]: موضع قرب وادي القرى
(6)
.
بِرَاق حَوْرَة
- بفتح الحاء المهملة والراء-: موضع بناحية القَبَلِيَّة
(7)
.
(1)
هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة، من بني الحارث بن الخزرج، أبو مسعود الأنصاري البدري مشهور بكنيته، ولم يشهد بدراً وإنما سكن بدراً، وشهد العقبة الثانية، وأحداً ومابعدها من الغزوات، وقال البخاري وغيره: إنه شهد بدراً، والقول الأول هو الذي صححه العلماء، توفي أبو مسعود سنة إحدى_ أو اثنتين _ وأربعين للهجرة. الاستيعاب 3/ 105، أسد الغابة 4/ 57، الإصابة 2/ 490 - 491.
(2)
الفضائل) كذا هنا، وجاء في معجم البلدان 1/ 358:(الفيصل)، أما الأول: فقد ألف في (فضائل الصحابة) أكثر من إمام، انظر (كشف الظنون) 2/ 1276، وأما (الفيصل) فهو لأبي المجد إسماعيل بن هبة الله الموصلي، واسم كتابه كاملاً:(الفيصل في مشتبه أسماء البلدان) اشتمل على ضبط الأسماء فقط، المرجع السابق 2/ 1304، ولاريب أن أحد الاسمين تحرّف عن الآخر.
(3)
نسب معد واليمن الكبير) 1/ 410، وفيه:(شهد العقبة) فقط، ولم يذكر بدراً.
(4)
علّق عليه الشيخ حمد الجاسر (المغانم 52) بقوله: (معدود من نجران، لايزال معروفاً هناك).
(5)
في الأصل: (شجره)، وماأثبتُّه من معجم البلدان 1/ 365، وهو المناسب للترتيب.
(6)
سيعرف المصنف بوادي القرى في حرف الواو.
(7)
عبارة السمهودي 4/ 1146 (موضع من أودية الأشعر بناحية القَبَلية) والقبلية: سيعرّف بها المصنف في حرف القاف.
قال الأحوص
(1)
:
فذو السَّرْحِ أَقْوَى فالبِراقُ كأنها
…
بِحَوْرَة لم يَحْلُلْ بهن عريبُ
(2)
بِراق خَبْت
- بفتح الخاء المعجمة، وسكون الباء الموحدة، بعدها مثناة_: صحراء قرب المدينة من ناحية مكة
(3)
.
وقيل: خَبْت: ماء لكلب
(4)
.
قال بِشر
(5)
:
فأودية اللِّوى
(6)
، فبِراقُ خَبْت
…
عفَتْها العاصفاتُ من الرياح
(7)
(1)
هو عبدالله بن محمد بن عبدالله بن عاصم الأنصاري، من بني ضبيعة، لقب بالأحوص لضيق في مؤخرة عينيه، شاعر هجاء معاصر لجرير والفرزدق، وهو من سكان المدينة، توفي سنة 105 هـ بدمشق. الشعر والشعراء لابن قتيبة ص 351 - 353، سير أعلام النبلاء 4/ 593. له ديوان شعر مطبوع، والبيت في ديوانه ص 97، طبعة عادل سليمان جمال.
(2)
ذو السَّرْح): موضع يأتي التعريف به في حرف السين، و (أقوى): أقفر وخلا من ساكنيه. و (عَرِيب): أَحَد. القاموس (قوو) ص 1327، (عرب) ص 113.
(3)
عبارة السمهودي 4/ 1146: (صحراء يمر بها المصعد من بدر إلى مكة). انتهى وقال الشيخ حمد الجاسر في تعليقه على (الأماكن) للحازمي 1/ 394: (ولايزال اسم الخَبْت يطلق على الصحراء الممتدة بمحاذاة ساحل البحر بين جُدّة حتى مفيض وادي الصفراء أسفل بدر، يمر بها الطريق إلى المدينة).
(4)
معجم البلدان 1/ 365، معجم مااستعجم 1/ 486.
(5)
هو بشر بن أبي خازم عمرو بن عوف، أبو نوفل الأسدي، شاعر جاهلي قديم، شهد حرب أسد وطيء، وقتل في معركة أغار بها على بني صعصعة بن معاوية، وذلك نحو سنة 22 قبل الهجرة. الشعر والشعراء لابن قتيبة ص 168_169، خزانة الأدب للبغدادي 4/ 441 - 445. له (ديوان شعر) مطبوع بتحقيق: د. عزة حسن.
(6)
سيأتي التعريف به في حرف اللام.
(7)
ص 43 مع اختلاف يسير. معجم البلدان 1/ 365.
/264 وقال أيضاً
(1)
:
أتعرفُ من هُنيدة
(2)
رسمَ دارٍ
…
بأعلى ذِروة وإلى لِواها
ومنها منزل ببِراق خَبْتٍ
…
عفَتْ حِقَباً وغيرَّها بِلاها
بَرام- بفتح أوله وبكسره
(3)
-: جبل عند الحرة، من ناحية النقيع
(4)
.
وذكر الزبير بن بكار
(5)
أوديةَ العقيق فقال: ثم تلعة بِرام، وفيها يقول المُحرِّق المُزَني
(6)
:
وإني لأَهْوى مِنْ هَوَى بَعْضِ أهله
…
بِراماً وأجزاعاً بِهِنّ بِرَامُ
وقيل: هو على عشرين فرسخاً من المدينة
(7)
.
(1)
البيتان من قصيدة يمدح فيها أوس بن حارثة الطائي. (ديوان بشر) ص 219.
(2)
هُنَيدة: حصن باليمن بناه سليمان عليه السلام، وقد تفاخرت الروم وفارس بالبنيان، وتنافست فيه فعجزوا عن مثل هنيدة. مختصر كتاب البلدان لأبي بكر بن الفقيه ص 37، معجم البلدان 5/ 419.
(3)
اقتصر البكري في معجم ما استعجم 1/ 238 على الفتح فقط.
(4)
عزاه ياقوت 1/ 366 لنصر، وزاد:(في بلاد بني سليم)، ومثله عند الحازمي في الأماكن 1/ 115، وانظر (أبو علي الهجري وأبحاثه في تحديد المواضع)(حمى النقيع) ص 286،380.
(5)
للزبير بن بكار (كتاب العقيق وأخباره) ذكره ياقوت في معجم الأدباء 11/ 164، وكأن النقل هنا عنه، ومثله في معجم البلدان 1/ 366.
(6)
هو ابن أخت معن بن أوس المزني، كما في معجم البلدان، وذكر في القاموس (حرق) ص 874 جماعة ممن لُقِّب بـ (المُحَرِّق)، ومنهم: عُمارة بن عبد الشاعر المدني، قال الزَّبيدي في التاج 6/ 313: الصواب: (المُزَني).
(7)
الأماكن للحازمي 1/ 115، والفرسخ: ثلاثة أميال هاشمية، كما في القاموس (فرسخ) ص 257، والميل: بري وبحري، فالبري يقدر الآن بما يساوي 1609 من الأمتار، والبحري بما يساوي 1852 من الأمتار. المعجم الوسيط (ميل) 2/ 894.
وقال أبو قَطِيفة
(1)
:
ليت شعري، وأين منّي ليتُ
…
أعلى العَهْدِ يَلْبَنٌ فَبِرَامُ
وتمام القصيدة في بقيع
(2)
.
بَرْثان - بالفتح
(3)
-: واد بين مَلَل وأولات الجيش
(4)
، كان عليه طريق النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر، وبه كان أحد منازله
(5)
، ولعله تصحيف تُرْبان الآتي ذكره
(6)
.
بَرَج
- بفتح الباء والراء-: أطُمٌ من آطامِ المدينة لبني النَّضِير
(7)
.
بَرْق
- بلفظ البَرْق الذي يلمع من السحاب-: قرية قرب خيبر
(8)
، وأظنُّ أنَّ ابن أَرْطاة
(9)
إياها عَنَى بقوله:
(1)
هو عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيط، أبو قطيفة الأموي القرشي، كان شاعراً رقيق الشعر، جلي المعاني، وكان يقيم بالمدينة، توفي نحو سنة 70 هـ. الأغاني 1/ 15 ومابعدها.
(2)
سيعرف المصنف بـ (بقيع) بعد قليل.
(3)
معجم البلدان 1/ 372، وزاد:(ثم السكون، والثاء المثلثة، وألف ونون).
(4)
موضعان سيعرّف بهما المصنف في حرفي الميم والجيم.
(5)
معجم البلدان 1/ 372، ومن قبله الحازمي في الأماكن 1/ 119 وانظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 217،383، سبل الهدى والرشاد للصالحي 4/ 25،136.
(6)
تربان) سيأتي في حرف التاء فانظره، ونقل السمهودي في الوفا 4/ 1146 كلام المصنف هنا، وعلّق عليه بقوله:(وهو كما ظن) انتهى، لكن رجح الحازمي في الأماكن 1/ 119 أن الموضع اسمه (بَرْثان) واعتمد فيه على ضبط ابن الفرات، ولم يرتضه الشيخ حمد الجاسر، وعلق عليه قائلاً:(وادي تُربان لايزال معروفاً، يمر به الطريق إلى المدينة، وتُرْبان هذا بلاد عروة بن أُذينة الشاعر، ولهذا فلا عبرة بضبط ابن الفرات لهذا الاسم).
(7)
معجم البلدان 1/ 374، وزاد:(لبني القمعة منهم).
(8)
في الأصل: (حنين)، وعليها علامة توقف، والتصويب من معجم البلدان 1/ 388، و (خيبر) سيعرّف بها المصنف في حرف الخاء.
(9)
هو عبد الرحمن بن أرطاة، وقيل: عبدالرحمن بن سيحان بن أرطاة المحاربي، كان شاعراً مقلاً إسلامياً، ليس من الفحول المشهورين، ولكنه كان يقول في الشراب والغَزَل والفخر، ومدح أحلافه من بني أمية، ولد في أطراف المدينة، وتوفي فيها حوالي سنة 50 هـ. الأغاني 2/ 236 - 255. والأبيات التي ذكرها المصنف من قصيدة مذكورة فيه.
لاتبعدنّ إداوةً مطروحةً
…
كانت حديثاً للشراب العاتق
حنَّت إلى بَرْقٍ فقلت لها: قِرِي
…
بعضَ الحنين فإنَّ وَجْدَك شائقي
(1)
بأبي الوليدُ وأُمِّ نفسي كلما
…
بدتِ النُّجُومُ وذرَّ قَرْنُ الشارقِ
ويومَ بَرق
(2)
: من أيامهم.
بُرقَة
- بالضم- موضعٌ بالمدينة، من الأموال التي كانت صدقاتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضُ نفقاته على أهله منها
(3)
.
وقيل: إن ذلك من أموال بني النَّضِير
(4)
.
وقد رواه بعضهم بفتح أوله
(5)
.
بِرْك
- بالكسر-: موضع قرب المدينة
(6)
.
(1)
في الأغاني 2/ 240: (فإن شجوك شائقي) وهذا آخر بيت في القصيدة.
(2)
كذا هنا تبعاً لياقوت في معجم البلدان 1/ 388، والمعروف: يوم بارق، وكان بين بني تَغْلِب والنَّمِر بن قاسط وبين ناس من تميم، اقتتلوا حتى نزلوا ناحية بارق، وهي من أرض السواد، انظر الخبر في (الكامل) لابن الأثير 1/ 396، وفي القاموس (برق) ص 866: (والبارق
…
موضع بالكوفة) وهذا يؤكد صحة تسمية اليوم بـ (يوم بارق) لا (يوم برق).
(3)
النهاية لابن الأثير 1/ 120، معجم البلدان 1/ 390.
(4)
وقيل: هي من بقايا بني قينقاع، أوصى بها مُخَيْريق اليهودي، حيث شهد أحداً مع النبي صلى الله عليه وسلم فقتل فيها، وأسماء أمواله التي صارت للنبي صلى الله عليه وسلم: الدلال، وبرقة، والأعواف، والصافية، والميثب، وحسنى، ومشربة أم إبراهيم. وقال بعضهم: هي أموال بني قريظة وبني النضير، وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحوائط السبعة سنة سبع من الهجرة، وقيل غير ذلك. انظر البحث مفصلاً في تاريخ المدينة لابن شبة 1/ 173 - 176.
(5)
الأماكن 1/ 116، معجم البلدان 1/ 390.
(6)
معجم البلدان 1/ 401.
قال عَرَّام
(1)
: بحذاء شُواحِط من نواحي المدينة والسَّوارِقيَّة
(2)
وادٍ يقال له: بِرْك، كثيرُ النبات من السَّلَم والعُرْفُطِ، وبه مياه.
قال ابن السِّكِّيت في قول كُثَيّر
(3)
:
فقد جعلَتْ أشْجَانَ بِرْكٍ يمينَها
…
وذاتَ الشِّمال من مُرَيخةَ
(4)
أشأما
/265 الأشجان
(5)
: مسايل الماء، وبِرْكٌ هاهنا: نَقْبٌ
(6)
يخرج من ينبع إلى المدينة، عرضه نحوٌ من أربعة أميال أو خمسة، وكان يسمى: مَبْرَكاً فدعا له النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
بِرْمَة
- بكسر أوله-: عِرْضٌ من أعراض المدينة
(7)
قرب بَلاكِثَ
(8)
، عيونٌ ونخلٌ لقريش، بين خيبر ووادي القرى، قال الراجز:
ببطن وادي بِرمة المستنجل
(9)
بُزْرَة
- بضم الباء، وسكون الزاي، وفتح الراء، بعدها هاء: ناحية على
(1)
رسالة عرام ص 434 بتصرف، والمصنف ينقل عن عرام بواسطة (معجم البلدان) والنص فيه 1/ 401.
(2)
شواحط) و (السوارقية) سيعرّف بهما المصنف في حرف الشين والسين.
(3)
ديوان كثير ص 135.
(4)
مريخة) موضع سيعرّف به المصنف في حرف الميم.
(5)
الأشجان) تحرّفت في الأصل هنا وفي البيت إلى: الأشجار. وفي القاموس (شجن) ص 1208: الشَّجْن: الطريق في الوادي أو في أعلاه.
(6)
النَّقْب: الطريق في الجبل. القاموس (نقب) ص 139.
(7)
تقدم أول هذا الباب أن أعراض المدينة: قراها التي في أوديتها، وقيل: العِرْض: كل واد فيه شجر.
(8)
سيعرّف المصنف بـ (بلاكث) قريباً.
(9)
جميع ماذكر في هذه المادة سوى قوله (عيون ونخل لقريش) نقله ياقوت في معجم البلدان 1/ 403 عن ابن حبيب.
ثلاثة [أيام
(1)
] من المدينة، بينها وبين الرُّوَيثة
(2)
، عن نصر.
الَبزْواء:
بلدة بيضاء قرب المدينة، مرتفعة من الساحل، بين الجار ووَدَّان وغَيْقَة
(3)
، من أشد بلاد الله حَرّاً، يسكنها بنو ضَمْرة بن بكر بن عبد مَناة بن كِنانة
(4)
رَهْطُ عَزَّةَ
(5)
صاحبةِ كُثَيِّرٍ، قال كُثَيِّر يهجو بني ضَمْرة
(6)
:
لابأس بالبَزْواء أرضاً لو اْنها
…
تُطَهَّرُ من آثارهمْ فَتَطِيْبُ
إذا مَدَح البَكْرِيُّ عندك نفْسَهُ
…
فقُل: كذَبَ البكريُّ، وهوكذوب
هو التَّيْسُ لؤماً، وهو إِنْ راءَ غفلةً
(7)
…
من الجار أو بعضِ الصحابة ذيب
(1)
في الأصل: (أميال)، ومابين المعقوفين من معجم البلدان 1/ 410 نقلاً عن نصر، ومن وفاء الوفا 4/ 1147 نقلاً عن المصنف هنا، وبناء على هذا فما جاء في الأصل فهو من تحريفات النساخ.
(2)
سيأتي في حرف الراء أن (الرويثة): (موضع على ليلة من المدينة)، فكيف تكون (بُزْرة) التي بين المدينة والرويثة على ثلاثة أيام منها؟! وقد علّق السمهودي في (الوفا) في مادة (بُزْرَة) 4/ 1147 على قول المصنف (ثلاثة أيام) بقوله:(وفيه نظر، لما سيأتي في الرُّويثة)، وعلّق في مادة (الرويثة) 4/ 1225 على قوله (وهي على ليلة من المدينة) بقوله:(كذا قال المجد، وصوابه: ليلتين؛ لأنها بعد وادي الروحاء ببضعة عشر ميلاً، ولذا قال الأسدي: إنها على ستين ميلاً من المدينة).
(3)
الجار) عرَّف به المصنف في (السُّرَير) من حرف السين، و (وَدّان) في حرف الواو و (غَيْقة) في الغين المعجمة.
(4)
جمهرة النسب للكلبي ص 152 ومابعدها، و جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 186.
(5)
هي عَزَّة بنت حُمَيل _ بالحاء المهملة، مصغراً، وقيل: جَمِيل _ بن حفص بن إياس بن عبدالعُزَّى بن حاجب بن غفار بن مُلَيل بن ضَمْرة
…
انظر المصدرين السابقين، و (توضيح المشتبه) لابن ناصر الدين الدمشقي 3/ 6، ماتت عَزّة بمصر أيام عبدالعزيز بن مروان، انظر ترجمتها وأخبارها في تاريخ دمشق لابن عساكر 69/ 278 - 287.
(6)
ديوان كثير ص 77، معجم البلدان 1/ 411.
(7)
راءَ غفلة: أي: رأى، قال المصنف في القاموس (ريأ) ص 42: وراءَ لغةٌ في: رأى، والاسم: الرِّيءُ.
وقال أبو دهبل الجُمَحي
(1)
:
وجازَتْ على البَزْوَاء والليلُ كاسر
…
جناحيه بالبَزْواء وَرْداً وأدهما
(2)
بُصَّة:
بئر بالمدينة، تقدمت في الآبار قريباً.
بُطْحان:
بالضم، والسكون، كذا يقوله المحدّثون قاطبة، وحكى أهل اللغة بَطِحان: بفتح أوله، وكسر ثانيه
(3)
، كذا قيّده أبو علي القالي
(4)
في البارع وغيرُه
(5)
. وقال: لايجوز غيره
(6)
.
قال ياقوت
(7)
: وقرأت بخط أبي الطيب أحمد بن أحمد ابن أخي
(1)
هو وهب بن زمعة بن أسد، من بني جُمَح بن لؤي بن غالب القرشي المكي، كان رجلاً جميلاً شاعراً، له أخبار كثيرة مع عَمْرة الجُمحية، وعاتكة بنت معاوية، ومدح معاوية وعبدالله بن الزبير، وولاه ابن الزبير بعض أعمال اليمن. الأغاني 7/ 129 - 162، وله ديوان شعر مطبوع.
(2)
هذا البيت واحد من خمسة أبيات ذكرها الأصفهاني، الأغاني 7/ 157، وذكرها ياقوت في معجم البلدان مادة (ألملم) 1/ 246 باختلاف غير يسير، قال ياقوت: في مادة (البَزْواء) 1/ 411: (وأما قول أبي دَهْبل
…
_ وذكره _ فما أُراه أراد غير الأولى؛ لأنه وصف مسيره إلى اليمن
…
). وكان قد ذكر أولاً أن (البَزْواء): (موضع في طريق مكة قريب من الجُحفْة).
(3)
مشارق الأنوار لعياض 1/ 115، معجم البلدان 1/ 446، القاموس (بطح) ص 213، سبل الهدى والرشاد 4/ 410.
(4)
هو إسماعيل بن القاسم بن هارون، أبو علي القالي البغدادي، العلامة اللغوي، ولد سنة 280 هـ، وتوفي سنة 356 هـ، صاحب كتاب (الأمالي) في الأدب و (البارع) في اللغة في بضعة عشر مجلداً، و (المقصور والممدود)، وغيرها، كان أحفظ أهل زمانه للّغة والشعر ونحو البصريين. وفيات الأعيان 1/ 226 - 228، سير أعلام النبلاء 16/ 45 - 47.
(5)
كأبي حاتم، وأبي عبيد البكري. المشارق 1/ 115، معجم مااستعجم 1/ 258.
(6)
القائل هو أبو عبيد البكري في معجم مااستعجم 1/ 258، وانظر عبارة ياقوت في معجم البلدان 1/ 446 التي اختصرها المصنف هنا.
(7)
معجم البلدان 1/ 446.
الشافعي
(1)
، وخطُّهُ حُجَّةٌ: بَطْحان، بفتح أوله، وسكون ثانيه
(2)
.
وهو: وادٍ بالمدينة، وهو أحد أوديتها الثلاثة، وهي: العَقيق، وبُطْحان، وقَناة
(3)
.
روى الزُّبَير بن بكاَّر بسنده، عن عروة بن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بُطحان على تُرعةٍ من تُرَعِ الجنة
(4)
».
(1)
ترجم له ياقوت في معجم الأدباء 2/ 137 فقال: (هو رجل من أهل الأدب، رأيت جماعة من أعيان العلماء يفتخرون بالنقل من خطه، ورأيت خطه، وليس بجيد المنظر، لكنه متقن الضبط، ولم أر أحداً ذكر شيئاً من خبره، لكني وجدت خطه في آخر كتاب، وقد قال فيه: كتبه أحمد بن أحمد المعروف بابن أخي الشافعي، وَرّاق ابن عبدوس الجَهْشَيَاري) انتهى. وابن عبدوس هذا اسمه: محمد بن عبدوس بن عبدالله، كان فاضلاً مداخلاً للدول، وصنف (كتاب الوزراء)، مات ببغداد سنة 331 هـ. الوافي بالوفيات 3/ 205، قال ابن النديم في (الفهرست) المقالة الثامنة ص 423:(ابتدأ أبو عبدالله محمد ابن عبدوس الجَهْشَياري صاحب (كتاب الوزراء) بتأليف كتاب اختار فيه ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم وغيرهم
…
ورأيت من ذلك عدة أجزاء بخط أبي الطيب أخي الشافعي) كذا جاء الاسم عنده.
(2)
وقال ابن الأثير في النهاية 1/ 135: (بَطْحان _ بفتح الباء _ اسم وادي المدينة، وأكثرهم يضمون الباء، ولعله الأصح).
(3)
سيعرّف المصنف بـ (العقيق) و (قناة)، في حرفي العين والقاف.
(4)
هذا حديث مرسل، وقد أخرجه موصولاً البخاري في التاريخ الكبير 2/ 51 - 52، ترجمة (الأحنف من آل أبي المعلى)، (1652)، وابن شبة في تاريخ المدينة 1/ 167، والبزار في مسنده، كما في (كشف الأستار) للهيثمي 2/ 58 (1200) من طرق عن الجعيد بن عبدالرحمن، عن الأحنف رجل من آل أبي المُعلَّى، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، مرفوعاً، به. ولفظ البزار:(بُطْحان على بركة من برك الجنة) وهذا الحديث إسناده ضعيف لجهالة الأحنف، وجاء في رواية ابن شبة:(عن رجل من آل أبي المعلى)، وعند البزار:(عن رجل أحسبه من آل المعلى) لذا قال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 14: (رواه البزار، وفيه راو لم يسم)، وتحرف (المعلى) في مطبوعة ابن شبة إلى: العلاء، وسقط من سنده:(الجعيد بن عبدالرحمن).
قال أهل السِّيَر
(1)
: لما قدِم اليهودُ المدينةَ نزلوا السافلة، فاستوخموها، فأتوا العالية، فنزل بنو النَّضِير بُطْحان، ونزلت بنو قُريظة مَهزوراً، وهما واديان يهبطان من حَرَّةٍ هناك، ينصب منها مياه عذبة، فاتخذ بها بنو النَّضِير الحدائق والآطام، وأقاموا بها إلى أن غزاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجهم منها-كما نذكره في النَّضِير- قال الشاعر
(2)
:
/266 أبا سعيدٍ لم أزل بَعدكم
…
في كُرَبٍ للشوق تغشاني
كم مجلس ولىَّ بلذَّاته
…
لم يَهْننَي، إذ غاب نُدْماني
سقياً لِسَلْعٍ ولساحاتها
…
والعيش في أكناف بُطْحان
أمسيتُ من شوق إلى أهلها
…
أدفعُ أحزاناً بأحزان
وقال ابن مُقْبِل
(3)
:
عَفا بَطِحَانٌ من سُلَيْمَى فَيَثْرِبُ
…
فملقى الرحال من مِنَى، فالمُحَصَّبُ
وقال أبو زياد: بُطْحان من مياه الضِّباب
(4)
.
بَطْنُ نَخْلٍ
- جمع نخلة-: قرية قريبة من المدينة، على طريق البصرة،
(1)
الدرة الثمينة لابن النجار ص 29 - 31، الأغاني أخبار أوس ونسب اليهود النازلين بيثرب وأخبارهم 22/ 111 ومابعدها، معجم البلدان 1/ 446، والنقل عن الأخير.
(2)
قال ياقوت في المرجع السابق بعدها: وهو_ أي: هذا الشعر_ يقوي رواية من سكَّن الطاء.
(3)
عبارة ياقوت في المرجع السابق: (وقال ابن مقبل في قول من كسر الطاء
…
) وابن مُقْبل هو: تميم بن مقبل بن عوف بن حنيف بن قتيبة بن العجلان بن عامر بن صعصعة، أبو كعب، شاعر جاهلي، أدرك الإسلام ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم بعد ذلك، فكان يبكي أهل الجاهلية، وبلغ مئة وعشرين سنة. ترجم له الحافظ في (الإصابة) في القسم الثالث فيمن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره 1/ 187، ولابن مقبل (ديوان شعر) طبع بتحقيق د. عزة حسن.
(4)
معجم البلدان 1/ 447، قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 57):(هذا في عالية نجد، بعيد عن المدينة).
بينهما الطَّرَف
(1)
، على الطريق، وهو بعد أبرقِ العَزّاف
(2)
للقاصد إلى المدينة
(3)
.
البُطيَحاء
- تصغير البطحاء-: رَحْبة مرتفعة نحو الذراع، بناها عمر رضي الله عنه خارج المسجد بالمدينة
(4)
.
بُعَاث
- مثلثة الأول -: موضع من ضواحي المدينة، كانت به وقائع بين الأوس والخزرج في الجاهلية.
وحكاه صاحب العين
(5)
بالغين المعجمة، ولم يُسمع من
غيره
(6)
.
(1)
من المدينة إلى الطَّرَف 25 ميلاً، ومن الطَّرَف إلى بطن نَخْل 20 ميلاً، ذكره السمهودي في الوفا 4/ 1149 نقلاً عن الأسدي، وسيأتي عند المصنف في مادة (الطَّرَف) من حرف الطاء مايخالف هذا. وقال ابن سعد في الطبقات الكبرى 2/ 86: وبطن نخل من المدينة على أربعة بُرُد.
(2)
انظر (العَزَّاف) من حرف العين.
(3)
معجم البلدان 1/ 449 - 450، وفي وفاء الوفا 4/ 1149 نقلاً عن الأسدي: وبطن نخل لبني فزارة من قيس، وبها أكثر من ثلاث مئة بئر، كلها طيبة، وبها يلتقي طريق الرَّبَذة، وهي من الرَّبَذة على خمسة وأربعين ميلاً. قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 57):
(ويرى أحد المتأخرين أنها المعروفة الآن بالحناكية).
(4)
اتخذ عمر رضي الله عنه (البطيحاء) للمتحدثين، وقال:«من أراد أن يلغط، أو يرفع صوتاً، أو ينشد شعراً، فليخرج إلى هذه الرَّحْبة» ، ثم أدخلت بعد ذلك في المسجد. وفاء الوفا 2/ 497 - 500.
(5)
العين 4/ 402، للخليل بن أحمد الفراهيدي أبي عبدالرحمن، إمام في اللغة والأدب، ومنشئ علم العروض، أخذ عنه سيبويه النحو، ديناً ورعاً متواضعاً، ولد سنة 100 هـ، وتوفي سنة بضع وستين ومئة، وقيل: سنة 170 هـ، وقيل بعدها. وفيات الأعيان 2/ 244 - 248، سير أعلام النبلاء 7/ 429 - 431.
(6)
نقل ابن منظور في لسان العرب (بعث) 2/ 117 عن الأزهري قوله: ماكان الخليل رحمه الله ليخفى عليه يوم بعاث؛ لأنه من مشاهير أيام العرب، وإنما صحَّفه الليث، وعزاه إلى الخليل نفسه، وجاء في معجم الأدباء لياقوت 17/ 43 ترجمة (الليث بن المُظفَّر) عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي الفقيه - وهو: ابن راهويه - أنه قال: مات الخليل ولم يفرغ من كتاب (العين)، فأحب الليث -بن المُظفَّر - أن يَنْفُق الكتابُ كلُّه. فسَمَّى لسانَه الخليلَ، فإذا رأيت في الكتاب (سألت الخليل) أو (أخبرني الخليل) فإنه يعني الخليلَ نفسَه، وإذا قال:(قال الخليل) فإنما يعني لسانَ نَفْسِه، قال: وإنما وقع الاضطراب فيه- أي: في الكتاب- من خليل الليث. أي: من الليث الذي سمى نفسَه خليلاً، وليس من الخليل بن أحمد الفراهيدي.
وقال أبو أحمد [العسكري
(1)
]: هو تصحيف
(2)
.
وقال صاحب المطالع
(3)
والمشارق
(4)
: بُعاث: بضم أوله، وعين مهملة، وهو المشهور فيه، وقيده الأصِيليُّ
(5)
(1)
في الأصل: (السكري)، ومثله في معجم البلدان 1/ 451، قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 57):(والصواب: العسكري). وأبو أحمد العسكري هو: الحسن بن عبدالله بن سعيد، الإمام المحدث الأديب، صاحب التصانيف، ولد سنة 293 هـ، وتوفي سنة 382 هـ. وفيات الأعيان 2/ 83 - 85، سير أعلام النبلاء 16/ 413 - 415. ومن تصانيفه:(تصحيفات المحدثين) و (شرح مايقع فيه التصحيف والتحريف) و (تصحيح الوجوه والنظائر) و (مالحن فيه الخواص من العلماء) وغيرها.
(2)
ومثله قول ابن الأثير في النهاية 1/ 139، ومن قبله أبو موسى المديني في (ذيل الغريب). فتح الباري 2/ 511.
(3)
صاحب (المطالع) هو: إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم بن عبدالله بن باديس بن القائد، أبو إسحاق الحَمْزي الوَهْراني، المعروف بابن قُرْقُول، ولد سنة 505 هـ، وتوفي سنة 569 هـ، كان من الأفاضل، ومن أوعية العلم، وكتابه (مطالع الأنوار) وضعه على مثال كتاب (مشارق الأنوار) للقاضي عياض. وفيات الأعيان 1/ 62 - 63، سير أعلام النبلاء 20/ 520 - 521.
(4)
مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي عياض 1/ 116.
(5)
هو عبد الله بن إبراهيم، أبو محمد الأَصِيلي الإمام، عالم الأندلس، شيخ المالكية، ولد سنة 324 هـ، وتوفي سنة 392 هـ، كان من حفاظ مذهب مالك، ومن العالمين بالحديث وعلله ورجاله، ومن تصانيفه: كتاب (الدلائل) في اختلاف مالك وأبي حنيفة والشافعي، الرد على ماشذ فيه الأندلسيون، نوادر حديثية في خمسة أجزاء، وغيرها. ترتيب المدارك 7/ 135 - 145، سير أعلام النبلاء 16/ 560 - 561.
بالوجهين
(1)
، وهو عند القابسي
(2)
بغين معجمة، وآخره ثاء مثلثة بلا خلاف، وهو موضع على ليلتين من المدينة
(3)
.
وقال قيس بن الخَطِيم:
ويوم بُعاثٍ أسلَمْتنا سيوفُنا
…
إلى نسَبٍ من جذْم غسان ثاقب
(4)
وكان الرئيسَ في بعض حروبِ بُعاث حُضَيرٌ الكتائبُ، أبو أُسَيْد بنُ حُضَير
(5)
.
فقال خُفَافٌ ابنُ نُدْبَة
(6)
يَرثي حُضَيراً، وكان مات من جراحه:
(1)
أي: بعاث، وبغاث.
(2)
هو علي بن محمد بن خلف، أبو الحسن المَعَافِري الَقَروي القابسي المالكي، الإمام الحافظ الفقيه، عالم المغرب، رفيق الإمام أبي محمد الأَصيِلي الذي تقدمت ترجمته، ولد سنة 324 هـ، وتوفي سنة 403 هـ، كان عارفاً بالعلل والرجال والفقه والأصول والكلام، ومن تصانيفه:(الممهد) في الفقه، و (ملخص الموطأ) و (الاعتقادات) وغيرها. ترتيب المدارك 7/ 92 - 100، سير أعلام النبلاء 17/ 158 - 162.
(3)
معجم مااستعجم 1/ 259، مشارق الأنوار 1/ 116، معجم البلدان 1/ 451.
(4)
ديوان ابن الخطيم ص 89.
(5)
هو حُضَير بن سِماك بن عَتِيك بن امرئ القيس بن زيد بن عبدالأشهل، يلقب بالكتائب، كان على الأوس يوم بُعاث، ركز الرمح في قدمه، ثم قال
…
أتروني أَفِرُّ؟ فقتل يومئذ. جمهرة النسب ص 634 - 635، نسب معد واليمن الكبير 1/ 376 - 377.
(6)
هو خُفَاف بن عمير بن الحارث بن الشريد، ابن عم صخر وخنساء ومعاوية أولاد عمرو ابن الحارث بن الشريد، ونُدْبة - بضم النون وفتحها -: أمه، وهي: ندبة بنت أبان بن الشيطان من بني الحارث بن كعب، كان خفاف أسود حالكاً، وهو أحد فرسان قيس وشعرائها، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة، وشهد حنيناً والطائف، وهو ممن ثبت على إسلامه في الردة، وبقي إلى زمن عمر رضي الله عنه. الاستيعاب 1/ 434 - 437، أسد الغابة 2/ 138 - 139، الإصابة 1/ 452 - 453. وللدكتور نوري حمودي القيسي (شعر خفاف ابن ندبة) جمع وتحقيق، وهو مطبوع. الأعلام للزركلي 2/ 309.
فلو كان حيٌّ ناجياً من حِمامِه
…
لكان حُضَيرٌ يومَ أغلق واقما
أطاف به، حتى إذا الليل جنَّه
…
تبوأ منه منزلاً متناعما
(1)
وقال بعضهم
(2)
: بُعاث: من أموال بني قريظة، فيها مزرعة يقال لها: قَوْرَى
(3)
.
قال كُثَيِّر
(4)
:
كأنَّ حدائجَ أظعانها
(5)
…
بغَيْقةَ
(6)
لما هبَطْنَ البِراثا
(7)
نواعُم عُمٌّ على مِيثَبٍ
(8)
…
عظامُ الجذوعِ، أُحِلَّتْ بُعاثا
267/كدُهْمِ الرِّكاب، بأثقالها
…
غَدَتْ من سماهيجَ أومن جُواثا
(9)
وقال آخر
(10)
:
أرِقْتُ فلم تنَمْ عيني حِثاثا
(11)
…
ولم أَهْجَعْ بها إلا امتلاثا
(12)
(1)
البيتان في معجم البلدان 1/ 451.
(2)
هو أبو الفرج الأصفهاني في (الأغاني) ترجمة (أبي قيس بن الأسلت وأخباره) 17/ 127.
(3)
قَوْرَى) جاء رسمها في الأصل هكذا: (قورا)، وآثرت كتابتها كما ترى، لما جاء في القاموس (قور) ص 467:(وكَسَكْرى: موضع بالمدينة).
(4)
الأبيات في ديوان كثير ص 211، معجم البلدان 1/ 451.
(5)
حدائج أظعانها: مراكب نسائها اللاتي في الهوادج. القاموس (حدج) ص 183، (ظعن) ص 1213.
(6)
موضع سيأتي التعريف به ص 1061.
(7)
البِراث جمع: بَرْث، وهو:(الأرض السهلة، أو: الحبل من الرمل السهل، أو: أسهل الأرض وأحسنها). القاموس (برث) ص 165.
(8)
المِثيب: الأرض السهلة .. وما ارتفع من الأرض. السابق (وثب) ص 141.
(9)
قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 58): (سماهيج: طرف جزيرة في البحرين معروفة الآن. وجُواثى: كانت من أشهر قرى الأحساء، وقد درست ولم يبق سوى أطلالها، وتقع شرق بلدة المبرّز بميل نحو الشمال، بقرب قرية تدعى: الكلابية - على وشك الدروس-.
(10)
معجم البلدان 1/ 452.
(11)
يقال: (مااكتحل حَثِاثاً - بالفتح وبالكسر-: مانام). القاموس (حثث) ص 167.
(12)
المَلْثُ:
…
أول سواد الليل، ويُحرَّك أي: المَلَث. السابق (ملث) ص 176.
فإن يَكُ بالحجاز هَوىً دعاني
…
وأرَّقني ببطن مِنىً ثلاثا
فلا أنسى العراقَ وساكنيه
…
ولو جاوزتُ سَلْعاً أو بُعاثا
بُعْبُع
- بالضم، وبإهمال العينين -: أُطُم بالمدينة، بناه بنو عمرو بن عوف
(1)
، وكان موضعه في دار أبي وديعة بن خِذَام
(2)
، وكان لبني عُبيد بن زيد
(3)
.
بُغَيْبِغَة
- تصغيرُ البُغْبُغِ- وهي: البئر القريبة الرِّشاء
(4)
، وقيل: ماكانت قامةً أو نحوَها
(5)
، قال الراجز:
يارُبَّ مالٍ لكَ بالأجبالِ
…
بُغيبغٍ يُنزعُ بالعقال
أجبالِ طيِّ الشُّمَّخِ الطِّوال
…
طامٍ عليه وَرَقُ الهَدَالِ
(6)
(1)
تقدم ص 193 (أن بني عمرو بن عوف نزلوا قباء
…
وابتنوا البُعْبُع) انتهى. وهم: بنو عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس. الاستبصار ص 276.
(2)
صحابي، اختلف في اسمه، فقيل: خذام بن خالد والد الخنساء، وقيل خذام بن وديعة، وكنيته: أبو وديعة، وقيل: وديعة بن خذام. أسد الغابة 2/ 125، 5/ 443،6/ 327، الإصابة 1/ 421، 3/ 631 - 632.
(3)
هم: بنو عبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس. الاستبصار ص 293.
(4)
القاموس (بغبغ) ص 779.
(5)
نقله ياقوت في معجم البلدان 1/ 469 عن ابن الأعرابي. وقال أبو عبيد البكري في معجم مااستعجم 1/ 262: (اشتقاقها من قولهم: بئر بغبغ: إذا كانت قريبةَ المنزع بالعقال) ثم ذكر قول الراجز.
(6)
الهَدَال: جمع هَدَالة، وهي: شجرة تنبت في السَّمُر، وليست منه. القاموس (هدل) ص 1070. و (السَّمُر): ضرب من شجر الطَّلْح. القاموس (سمر) ص 410، كما في المعجم الوسيط 1/ 448. والبيتان في معجم البلدان 1/ 469.
قال المُبَرَّد
(1)
في كامله
(2)
: روَوْا أن علياً رضي الله عنه لما أوصى إلى ابنه الحسن
(3)
رضي الله عنه، في وقف أمواله، وأن يجعل فيها ثلاثةً من مواليه، وقف فيها عينَ أبي نَيْزَر
(4)
، والبغيبغة
(5)
.
وهي قرية بالمدينة، وقيل هي عَينٌ كثيرة النخل، غزيرة الماء
(6)
.
وذكر أهل السِّير
(7)
: أن معاوية رضي الله عنه، كتب إلى مروان بن الحكم
(8)
، وهو والي المدينة:
أما بعد، فإن أمير المؤمنين قد أحبَّ أن يَرُدَّ الأُلفة، ويَسُلَّ السَّخِيمةَ،
(1)
هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر، أبو العباس الأَزدي البصري النحوي الأخباري، المعروف بالمُبَرَّد، ولد سنة 210 هـ، وتوفي سنة 286 هـ، كان إماماً، علامة، جميلاً وسيماً، فصيحاً، مُفوَّهاً، مُوثَّقاً، صاحب نوادر وطُرَف، وتصانيفه كثيرة، منها:(الكامل) و (الروضة) و (المقتضب) وغيرها. وفيات الأعيان 4/ 313 - 322، سير أعلام النبلاء 13/ 576 - 577.
(2)
الكامل 3/ 206.
(3)
هو الحسن بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي، أبو محمد، وأمه: فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أكبر أولادها، سيد شباب أهل الجنة، وريحانة النبي صلى الله عليه وسلم وشبيهه. ولد سنة 3 هـ، توفي سنة 50 هـ. الاستيعاب 1/ 369 - 378، أسد الغابة 2/ 10 - 16، الإصابة 1/ 328 - 331.
(4)
سيعرّف بها المصنف في حرف العين.
(5)
جاء بعدها في الكامل 3/ 206: فهذا غلط؛ لأن وقفه هذين الموضعين لسنتين من خلافته.
(6)
قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 291): بغيبغة والبغيبغات: كانت في ينبع النخل، وقد درست عيونها، ودثر نخيلها، وبقي اسمها يطلق على أرض خلاء هناك.
(7)
هذا الخبر نقله المصنف عن معجم البلدان لياقوت 1/ 469، نقلاً عن الكامل للمُبَرَّد 3/ 208، وقد ذكره مختصراً مصعب الزبيري في كتاب نسب قريش ص 82.
(8)
هو مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو عبدالملك القرشي الأموي، ولد بمكة في السنة الثانية للهجرة، توفي سنة 65 هـ. الطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 35 - 43، سير أعلام النبلاء 3/ 476 - 479.
ويَصِلَ الرَّحِم، فإذا وصل إليك كتابي، فاخطُبْ إلى عبدالله بن جعفر
(1)
ابنته أمَّ كُلْثوم
(2)
، على يزيد
(3)
ابنِ أميرِ المؤمنين، وأَرْغِبْ له في الصَّداق.
فوجّهَ مروانُ إلى عبدالله بن جعفر، فقرأ عليه كتابَ معاوية، وعرَّفه مافي الأُلفة من إصلاح ذاتِ البين.
فقال عبدالله: إن خالها الحسين
(4)
بِيَنْبُعَ، وليس ممن يُفْتَأت عليه
(5)
، فأَنْظِرني إلى أن يَقْدَم، وكانت أمها زينب
(6)
بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.
فلما قدم الحسين ذكر له ذلك، فقام من عنده، ودخل على الجارية وقال: إن ابن عمك القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب
(7)
أحقُّ بك،
(1)
هو عبدالله بن جعفر بن أبي طالب بن عبدالمطلب، أبو جعفر القرشي الهاشمي، ولد بأرض الحبشة لما هاجر أبواه إليها، واستشهد أبوه يوم مؤتة فكفله النبي صلى الله عليه وسلم ونشأ في حجره، مات بالمدينة سنة 80 هـ، وقيل غير ذلك. أسد الغابة 3/ 198 - 200، الإصابة 2/ 289 - 290.
(2)
هي أم كلثوم بنت عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، وأمها: زينب بنت علي بن أبي طالب، وجدتها: فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم. نسب قريش للزبيري ص 82 - 83.
(3)
هو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، أبو خالد القرشي الأموي الدمشقي، ولد سنة 25 هـ، وولي الخلافة بعد والده سنة 60 هـ، وتوفي سنة 64 هـ. تاريخ دمشق لابن عساكر 65/ 394 - 410، سير أعلام النبلاء 4/ 35 - 40.
(4)
هو الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي، أبو عبدالله، وأمه: فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، السبط الشهيد، سيد شباب أهل الجنة، ولد في السنة الرابعة للهجرة، ونشأ في بيت النبوة، واستشهد سنة 61 للهجرة. أسد الغابة 2/ 18 - 23 الإصابة 1/ 332 - 335.
(5)
افتأت عليَّ الباطل: اختلقه، و-افتأت - برأيه: استبدَّ. القاموس (افتأت) ص 156.
(6)
هي زينب بنت علي بن أبي طالب القرشية الهاشمية، أمها فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخت الحسن والحسين، أدركت النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت عاقلة لبيبة. طبقات ابن سعد 8/ 465، أسد الغابة 7/ 132 - 133، الإصابة 4/ 321.
(7)
له ذكر في كتاب نسب قريش لمصعب الزبيري ص 82.
ولعلَّكِ ترغبين في كثرة الصَّداق، وقد نَحلْتُكِ البُغَيبغات.
فلما حضر القومُ للإملاك تكلّم مروانُ، فذكر معاويةَ وماقصدَهُ من صِلَةِ الرَّحِم، وجَمْع الكلمة، فتكلم الحسين رضي الله عنه، وزوَّجَها من القاسم بن محمد.
فقال له مروان: أغدراً ياحسين؟!
فقال: أنت بدأت! خطب أبو محمد الحسنُ بن علي
(1)
عائشةَ بنت عثمان بن عفان
(2)
واجتمعا لذلك /268 فتكلَّمتَ أنتَ، وزوَّجْتَها من عبدالله بن الزبير
(3)
.
فقال مروان: ماكان ذاك.
فالتفت الحسين إلى محمد بن حاطب
(4)
وقال: أنشدك الله أكان ذاك؟
قال: اللهم نعم.
فلم تزل هذه الضَّيعة في أيدي [ذرية] عبدالله بن جعفر من ناحية أم
(1)
هو السبط أخو الحسين رضي الله عنهما.
(2)
لها ذكر في كتاب (نسب قريش) لمصعب الزبيري ص 104، وأفاد أن أمها: رملة بنت شيبة بن ربيعة بن عبد شمس.
(3)
هو عبدالله بن الزبير بن العَوَّام، أبو بكر القرشي الأسدي، وأمه: أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين، وهو أول مولود للمهاجرين في المدينة، بويع بالخلافة سنة 64 هـ عقب موت يزيد بن معاوية، وكانت له مع الأمويين وقائع هائلة، انتهت بمقتله بمكة سنة 73 هـ. أسد الغابة 3/ 242 - 245، الإصابة 2/ 309 - 311.
(4)
هو محمد بن حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب القرشي الجُمَحي، أبو القاسم، ولد بأرض الحبشة وكان أبواه مهاجرين إليها، وهو أول من سمي في الإسلام محمداً، له صحبة، توفي أيام عبدالملك بن مروان سنة 74 هـ بمكة. أسد الغابة 5/ 85 - 86، الإصابة 3/ 372 - 373.
كلثوم، يتوارثونها، حتى استُخْلِفَ المأمون
(1)
، فذُكِر ذلك له، فقال: كلا، هذه وقفُ علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، على ولد فاطمة رضي الله عنهم، فانتزعها من أيديهم، وعوَّضهم عنها، وردَّها إلى ماكانت عليه.
بَقّال
- بفتح الموحدة، وتشديد القاف-: موضع بالمدينة
(2)
.
قال الزبير بن بَكَّار
(3)
في ذكر طلحة بن عبدالرحمن القرشي من ولد البَخْتَري ابن هشام
(4)
: وكان في صحابة أبي العباس السَّفَّاح
(5)
، قال: وداره بالمدينة إلى جنب بَقيع الزُّبير بالبَقَّال
(6)
.
(1)
هو عبدالله بن هارون الرشيد بن محمد بن المهدي بن أبي جعفر المنصور العباسي، أبو العباس، المأمون الخليفة، ولد سنة 170 هـ، بويع بالخلافة سنة 198 هـ، وكان من رجال بني العباس حزماً وعزماً ورأياً وعقلاً وهيبة وحلماً، ومحاسنه كثيرة في الجملة، مات في رجب سنة 218 هـ، وله ثمان وأربعون سنة. تاريخ بغداد 10/ 183 - 192، سير أعلام النبلاء 10/ 272 - 290.
(2)
معجم البلدان 1/ 470.
(3)
في كتاب جمهرة نسب قريش وأخبارها 1/ 461.
(4)
هو طلحة بن عبدالرحمن بن عبدالله بن الأسود بن أبي البختري بن هشام، ينتهي نسبه إلى قصي بن كلاب، كان من أشراف قريش وأفاضلهم. نسب قريش للزبيري ص 216 ومابعدها، جمهرة نسب قريش وأخبارها للزبير بن بكار 1/ 457 ومابعدها، تاريخ بغداد 9/ 347.
(5)
هو عبدالله بن محمد بن علي بن حبر الأمة عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب بن هاشم، الخليفة أبو العباس السَّفَّاح القرشي الهاشمي، أول خلفاء بني العباس، ولد سنة 105 هـ، وبويع بالخلافة سنة 132 هـ، ولقّب بالسفّاح لكثرة ماسفح من الدماء، وكان يوصف بالفصاحة والعلم والأدب، ولم تطل أيامه، فمات في ذي الحجة سنة 136 هـ. تاريخ بغداد 10/ 46 - 53، سير أعلام النبلاء 6/ 77 - 80.
(6)
قال الخطيب في تاريخ بغداد 9/ 347: (البقال: موضع)، وذكر السمهودي في الوفا 4/ 1152 أن قبور أمهات المؤمنين من خوخة بيته - يعني الزبير- إلى الزقاق الذي يخرج على البَقَّال، وأن دار أبي رافع التي أخذها من سعد بالبَقَّال مجاورة لسقيفة محمد بن زيد ابن - زين العابدين - علي بن حسين بالبقيع، وأن مشهد إسماعيل بن جعفر هو دار زين العابدين علي بن حسين، قال:(فالبَقَّال هناك).
بَقْعاء:
بالمدِّ، وأوله مفتوح، من قولهم: سَنةٌ بَقْعاء، أي: مُجْدِبة
(1)
.
وهو اسم موضع على أربعة وعشرين ميلاً من المدينة، خرج إليه أبو بكر لتجهيز المسلمين لقتال أهل الردة
(2)
.
وهي أيضاً: اسم قرية باليمامة
(3)
.
يحكى أن امرأة من بني عَبْس، تزوجت في بني أسد، ونقلها زوجها إلى ماء لهم يقال له: لِينة
(4)
، وهو موصوف بالعذوبة والطِّيب، وكان زوجها عِنيّناً ففرِكَته
(5)
، واجتوت الماء
(6)
، فاختلعت منه، وتزوجها رجل من أهل بقعاء
(7)
، فأرضاها. فقالت:
من يُهْدِ لي من ماءِ بَقْعاءَ شربةً
…
فإنَّ له من ماءِ لِينة أربعاً
لقد زادني وَجْداً ببقعاءَ أنني
…
وجَدْتُ مطايانا بلينةَ ظُلَّعا
(8)
(1)
القاموس (بقع) ص 704.
(2)
معجم البلدان 1/ 471 وزاد: (وهو تلقاء نجد). ونقل عن الواقدي قوله: (وبقعاء هو ذو القَصَّة) انتهى. (وذو القصة) سيعرف به المصنف في حرف القاف.
(3)
المرجع السابق.
(4)
قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 61): (لايزال معروفاً، وهو الآن بلدة عند مركز من مراكز حدود المملكة السعودية الشرقية الشمالية) وانظر المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية شمال المملكة 3/ 1167 - 1173.
(5)
فركته: أبغضَتْه. القاموس (فرك) ص 950، والعِنِّين: من لا يأتي النساء عجزاً، أو لايريدهن. المرجع السابق (عنن) ص 1216.
(6)
اجتوت: كرهت. المرجع السابق (جوى) ص 1271.
(7)
بقعاء: ماء مُرٌّ لبني عبس، وقيل: لبني سَلِيط، كما في معجم البلدان 1/ 471، قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 61): بقعاء: قرية الآن من قرى جبل شمّر، المعروف قديماً باسم جبل طيء، تقع شرقي حائل، وانظر تحديدها في المعجم الجغرافي- شمال نجد 1/ 220 - 221.
(8)
الظُّلَاع: داء في قوائم الدابة، لا من سير ولا من تعب. القاموس (ظلع) ص 745.
فمَنْ مُبلغٌ بالرَّمْل تِرْبيَ أنني
…
بكيتُ فلم أترك لعيني مَدْمَعَا
بُقْع
- بالضم
(1)
-: اسم بئر بالمدينة
(2)
.
قال الواقدي
(3)
: البُقْع- بالضم-: السُّقْيا التي بنَقْبِ
(4)
بني دينار.
بَقيِعُ الغَرْقد:
أصل البقيع في اللغة: كل مكان فيه أُرُومُ الشجر من ضروب شتى، وبه سمي بقيع الغرقد
(5)
. والغرقد: كبار العَوْسَج
(6)
.
قال الخَطِيم العُكلي
(7)
:
أواعِسُ في بَرْثٍ
(8)
من الأرض طيّبٍ
…
وأوديةٌ يُنْبِتْنَ سِدْراً وغَرْقدا
(9)
وهو مقبرة أهل المدينة، وكان داخلَ المدينة، واليوم خارج عن السور
(10)
.
(1)
وسكون القاف، كما في النهاية لابن الأثير 1/ 146.
(2)
الأماكن للحازمي 1/ 132، النهاية لابن الأثير 1/ 146، معجم البلدان 1/ 472، القاموس (بقع) ص 704.
(3)
المغازي 1/ 21 وعبارته: ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبُقْع، وهي بيوت السُّقيا، البُقْع: نَقْب بني دينار بالمدينة، والسُّقيا: متصل ببيوت المدينة.
(4)
النَّقب: الطريق في الجبل. القاموس (نقب) ص 139.
(5)
القاموس (بقع) ص 704، و (غرقد) ص 304، النهاية لابن الأثير 1/ 146.
(6)
العوسج: جمع عوسجة: شوك. القاموس (عسج) ص 198.
(7)
هو الخَطِيم بن نويرة العَبْشَمي المُحْرِزي العُكْلي، شاعر أموي، من سكان البادية ومن لصوصها، أدرك جريراً والفرزدق ولم يلقهما، وأدرك ولاية سليمان بن عبدالملك، وتوفي حوالي سنة 100 هـ. قال الأستاذ خير الدين الزِّرِكْلي:(جمع الدكتور حمودي القيسي بعض أخباره وأشعاره، في صفحات نشرها في مجلة (المورد) العراقية). الأعلام 2/ 308.
(8)
الوَعْسَاء: رابيةٌ من رمل لينةٌ، تنبت أحرار البقول
…
ومكان أَوْعَسُ، وأمكنة وُعْسٌ وأواعِسُ و البَرْث: الأرض السهلة، أو: الجبل من الرمل السهل، أو: أسهل الأرض وأحسنها. القاموس (وعس) ص 580، (برث) ص 165.
(9)
البيت في معجم البلدان 1/ 473.
(10)
هدمت أسوار المدينة سنة 1370 هـ تقريباً، وبعد توسعة خادم الحرمين الشريفين للمسجد النبوي الشريف 1405 - 1414 هـ لم يبق بين سور البقيع وسور المسجد فاصل سوى شارع مخصص لمرور المشاة.
وقال عمرو بن النعمان البَيَاضي
(1)
يرثي قومَه، وكانوا دخلوا حديقةً من حدائقهم في بعض حروبهم، وأغلقوا بابها عليهم، ثم اقتتلوا، فلم يفتح الباب حتى قتل بعضُهم بعضاً:
/269 خَلَتِ الديارُ فسُدت غيرَ مُسَوَّدِ
…
ومنَ العناءِ تفَرُّدي بالسُّؤدُدِ
أين الذين عَهدْتُهُمْ في غِبْطةٍ
…
بين العقيق إلى بقيع الغرقد؟
كانت لهم أنهابُ
(2)
كلِّ قبيلة
…
وسلاحُ كلّ مُدَرَّبٍ
(3)
مستنجِد
نفسي الفداءُ لفتيةٍ مِنْ عامرٍ
(4)
…
شربوا المنيَّة في مَقامٍ أنكدِ
قومٌ هُموا سَفَكوا دماءَ سَرَاتِهم
(5)
…
بعضٌ ببعضٍ فِعْلَ مَنْ لم يَرْشُدِ
يا للرجال لعثرةٍ من دهرهم
…
تُرِكَتْ منازلهم كأن لم تُعْهَدِ
ونسبه الحماسيُّ
(6)
إلى رجل من خَثْعَم، وزاد في أوله زيادة
(7)
.
وقال الزبير بن بَكَّار: أعلى أودية العقيق: البقيع. هكذا قاله ياقوت في
(1)
هو عمرو بن النعمان بن خلدة بن عمرو بن أمية بن عامر بن بياضة، رأس الخزرج يوم بُعاث، وابنه: النعمان بن عمرو الأنصاري البياضي، كان مع المسلمين يوم أحد. نسب معد واليمن الكبير 1/ 422، الطبقات لابن سعد 8/ 387، أسد الغابة 5/ 337 الإصابة 3/ 563.
(2)
أنهاب: غنائم. القاموس (نهب) ص 140.
(3)
كدرب: مُجرَّب. المرجع السابق (درب) ص 83.
(4)
هم بنو عامر بن بياضة، كما تقدم في نسب الشاعر قريباً.
(5)
السَّرِيُّ: ذو المروءة في شَرَف. القاموس (سرو) ص 1295.
(6)
هو صاحب كتاب (الحماسة) حبيب بن أوس بن الحارث، أبو تمام الطائي الشاعر الأديب، أحد أمراء البيان، ولد سنة 188 هـ، وتوفي سنة 231 هـ، من تصانيفه: فحول الشعراء، نقائض جرير والأخطل (ديوان شعر)، ديوان الحماسة وغيرها. وفيات الأعيان 2/ 11 - 26، سير أعلام النبلاء 11/ 63 - 69.
(7)
معجم البلدان 1/ 473.
باب الباء
(1)
، وهو خطأ، والصواب: النّقيع- بالنون- وتصحف على ياقوت، والذي ذكره الزبير بالنون، وأنشد لأبي قَطِيفة عمرو بن الوليد، وكان عبدالله بن الزبير قد نفاه من المدينة فيمن نفاه من بني أميّة، فلحق بالشام، فقال يتشوّق إلى المدينة
(2)
:
ليْتَ شِعري وأينَ مني ليْت
…
أعلى العَهْد يَلْبَنٌ فبِرامُ
أم كعهدي العقيق
(3)
أم غيرته
…
بعدي المُعْصِرات
(4)
والأيام
(5)
ولحي بين العُريضِ وسَلْعٍ
…
حيث أرسى عَمُودَهُ الإسلام
كان أشهى إليَّ قُرْبَ جِوارٍ
…
من نصارى في دورها الأصنام
يضربون الناقوس في كل فَجْرٍ
…
ببِلاد تنتابها الأسْقَامُ
وبقومي
(6)
بُدِّلْتُ عَكّا ولَخْماً
…
وجُذاماً، وأين مني جُذام؟
وتبدَّلتُ من مساكن
(7)
قومي
…
والنخيل
(8)
التي بها الآطامُ
كلّ قصرٍ مُشّيدٍ ذي أَواسٍ
(9)
…
تتغنى على ذُرَاهُ الحَمامُ
(1)
المرجع السابق.
(2)
المرجع السابق، الأغاني 1/ 34 - 35.
(3)
في الأصل: (البقيع)، وعلى الحاشية:(العقيق)، مصححاً عليها، وهو الموافق لما في المرجعين السابقين.
(4)
المعصرات) كذا على حاشية الأصل مصححاً عليها، وفي صلب النسخة والمرجعين السابقين:(الحادثات).
(5)
زاد الشيخ حمد الجاسر بعده (المغانم 62):
منزل كنت أشتهي أن أراه ما إليه لمن بحمص مرام
ولم يذكر مصدره.
(6)
في الأغاني 1/ 34: (وبأهلي).
(7)
في الأصل: (منازل)، وعلى الحاشية:(مساكن)، مصححاً عليها، وهو الموافق لما في الأغاني.
(8)
والنخيل كذا على حاشية المخطوط مصححاً عليها، وفي صلب النسخة و الأغاني والقصور.
(9)
جاء على حاشية النسخة الخطية مانصُّه: (حاشية: الأواسي: السواري والأعمدة) انتهى. وقال أبوالفرج الأصفهاني في الأغاني 1/ 35 (في رواية ابن عمار: ذي أواش - بالشين المعجمة - كأنه أراد به أن هذه القصور موشية، أي: منقوشة، ورواه ابن إسحاق: أواس- بالسين غير معجمة -وقال واحدها: أُسٌّ، وهو الأصل، قال: ويقال: فلان في أُسِّه، أي: في أصله، والأُسُّ والأساس واحد.
أَقْرِ مني السلامَ
(1)
إن جئت قومي
…
وقليلٌ لهم لديَّ السَّلامُ
أقطعُ الليلَ كلَّه باكتئاب
…
وزفيرٍ، فما أكادُ أنَامُ
نحوَ قومي إذ فرَّقَتْ بيننا الدا
…
رُ، وحادَتْ عن قصدها الأحلام
خشية أن يصيبهم عَنَتُ الدَّهْ
…
رِ وحَرْبٌ يَشِيب مِنها الغُلامُ
ولقد حان أن يكونَ لهذا البُعْـ
…
ـدِ عنّا، تباعُدٌ وانصرام
فبلغ عبدالله بن الزبير شعره فقال: حَنَّ أبو قَطِيفة، ألا مَنْ رآه فليبلغه أني قد أمَّنتُه؛ /270 فليرجع، فمات قبل أن يبلغ المدينة.
و
بَقِيعُ الزُّبير:
أيضاً بالمدينة، فيه دُورٌ ومنازل، بجنب البقَّال
(2)
.
و
بَقِيع الخَيْل:
بالمدينة أيضاً
(3)
، وهي موضع عند دار زيد بن ثابت
(4)
رضي الله عنه.
(1)
على حاشية النسخة مانصُّه: حاشية: (اقرأى السلام) والمثبت من صلب النسخة، وهو موافق لما في الأغاني 1/ 34.
(2)
انظر ماتقدم قريباً في (البقال)، وقال السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1153: بقيع الزبير: يجاور منازل بني غَنم، وشرقي منازل بني زريق، وإلى جانبه في المشرق البقَّال، ولعل الرحبة التي بحارة الخدم بطريق بقيع الغرقد منه.
(3)
قال السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1153: (بقيع الخيل: موضع سوق المدينة المجاور للمصلى) وكلمة (سوق) تحرّفت في المطبوع إلى: شرقي، والتصويب من الشيخ حمد الجاسر (المغانم 63).
(4)
هو زيد بن ثابت بن الضحاك، الأنصاري الخزرجي ثم النجاري، يكنى أبا سعيد، وقيل: أبا عبدالرحمن، وقيل: أبا خارجة، ولد في المدينة سنة 11 قبل الهجرة، ونشأ بمكة، وهاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن 11 سنة، وتعلّم وتفقه في الدين، فكان رأساً بالمدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض، توفي سنة 45 هـ، وقيل غير ذلك. أسد الغابة 2/ 278 - 279، الإصابة 1/ 561 - 562.
و
بَقِيعُ الخَبْجَبَة
-بفتح الخاء المعجمة، والباء الموحدة، وفتح الجيم والباء بعدها: هكذا ذكره أبو داود في سننه
(1)
.
والخبجبة: شجر عُرِف به هذا الموضع، قاله السُّهَيلي
(2)
في الروض
(3)
، وهو غريب، وسائر الرواة ذكروه بجيمين
(4)
(1)
الذي في مطبوعة السنن: خبخبة، بخاءين. سنن أبي داود: في الخراج والإمارة والفيء، باب ماجاء في الركاز، رقم: 3081، 3/ 516.
(2)
هو عبدالرحمن بن عبدالله بن أحمد، أبو القاسم وأبو زيد وأبو الحسن السُّهَيلي، الإمام الحافظ، ولد سنة 508 هـ، وتوفي سنة 581 هـ، صاحب (الروض الأنف) قال الذهبي:(أجاد وأفاد، وذكر أنه استخرجه من مئة وعشرين مصنفاً)! وله (الإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام) و (كتاب الفرائض) وغير ذلك. تذكرة الحفاظ 4/ 1348 - 1350، وفيات الأعيان 3/ 143 - 144، إنباه الرواة 2/ 162 - 164، وفيه: عبدالرحمن بن عبيد الله.
(3)
لم أقف عليه في (الروض الأنف)، ومانقله المصنف عن السهيلي هنا متابعاً لياقوت في معجم البلدان 1/ 474، خالفه في القاموس (خبخب) ص 78 حيث نقله عن السهيلي بخاءين!
(4)
كذا هنا تبعاً لما في معجم البلدان 1/ 474، واقتصر البكري في معجم مااستعجم 1/ 265 على الوجه الأول فقط (خبجبة)، ومثله في تحقيق النصرة ص 44 (خَبْجَبة) هكذا بضبط القلم، أما المصنف في القاموس (خبخب) ص 78 فقد ذكر وجهاً ثالثاً، فقال: الخَبْخبة: شجر، عن السُّهَيلي، ومنه: بقيع الخبخبة بالمدينة، لأنه كان منبتها). قال:(أو هو بجيمين) فتحصل مما تقدم ثلاثة أوجه: خَبْجَبة، وجَبجَبة، وخَبْخَبة، ذكرها السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1152 - 1153، وزاد: ورأيته بخط الآقْشِهْري بجيمين أولاهما مضمومة)، لكن ابن الأثير في النهاية 2/ 6 اقتصر على (خَبْخَبة) فقال:(هو بفتح الخاءين، وسكون الباء الأولى)، وهو الثابت في طبعة سنن أبي داود 3/ 463 حديث (3087)، الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 397، وقال الأستاذ إبراهيم بن علي العياشي في كتابه المدينة بين الماضي والحاضر ص 145: وعندي أنها بخائين، سمعته من بعض البادية هكذا، وهو شجيرة صغيرة تستدير في ارتفاعها، لها ورق يشبه ورق الدوش الذي نستعمله في الشاي، ويقول له المغاربة: مرد الدوش، وبين كل ورقتين منه شوكة، ويستعملونه مجففاً للجراح بعد حرق الشجرة، وسحق المحروق، فيبرأ الجرح. وأما عن موقع بقيع الخبخبة: فيقول المراغي في تحقيق النصرة ص 44: هو عن يسار بقيع الغرقد، عند بئر أبي أيوب بالمناصع
…
ولايعرف اليوم ذلك، وانظر تحديداً دقيقاً له عن الأستاذ العياشي في كتابه المدينة بين الماضي والحاضر ص 145 - 146، مع أنني وجدت نصاً عند ابن سعد في الطبقات الكبرى 3/ 397 لايفرق بين (بقيع الغرقد) و (بقيع الخبخبة)، جاء فيه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتاد لأصحابه مقبرة يدفنون فيها
…
ثم قال: (أمرت بهذا الموضع) يعني البقيع، وكان يقال له: بقيع الخبخبة، وكان أكثر نباته الغرقد
…
فكان أول من قبر هناك عثمان بن مظعون.
البَلَاط
- كسَحَابٍ، وكِتاب، لغتان-: موضع بالمدينة، بين المسجد المقدس، وسوق البلد، وهو مُبَلَّط بالحجارة
(1)
.
ويقال: هو الخطُّ الممتد من سوق العطارين إلى أبيات الأشراف الحُسَيْنيين، ولاةِ المدينة اليوم
(2)
.
وهو المذكور في حديث عثمان رضي الله عنه أنه أُتي بماء فتوضأ بالبَلاط
(3)
.
ويروى عن سعيد بن عائشة
(4)
قال: خرجت امرأة من [بني] زُهْرَة في حق
(5)
فرآها رجل من بني عبد شمس، من أهل الشام، فأعجبته، فسأل عنها
(1)
معجم مااستعجم 1/ 271، مشارق الأنوار 1/ 116، النهاية 1/ 152، معجم البلدان 1/ 477، القاموس (بلط) ص 660.
(2)
تحدث السمهودي في وفاء الوفا 2/ 734 - 747 عن مكان البلاط، والدور المطيفة به.
(3)
أخرج أحمد في (المسند) 1/ 57 بإسناد رجاله ثقات، أن عثمان رضي الله عنه توضأ على البَلاط ثم قال: لأحدثنّكم حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لولا آية في كتاب الله ماحدثتكموه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ فأحسن الوضوء، ثم دخل فصلى، غُفِر له مابينه وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها.
(4)
هو مولى آل المطلب بن عبد مناف، كما في الأغاني 1/ 36، معجم البلدان 1/ 477، والقصة فيها، ومابين المعقوفين فيما سيأتي منهما.
(5)
حق) كذا هنا تبعاً لما في معجم البلدان 1/ 477، وجاء في الأغاني 1/ 36 (خِفٍّ)، قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 64):(ولعلها أقرب إلى الصواب، أي: خرجت خروجاً خفيفاً).
فنُسِبَتْ له، فخطبها إلى أهلها، فزوجوه على كُرْهٍ منها، وخرج بها إلى الشام مُكْرَهَةً، فسمِعَتْ منشداً ينشد قولَ أبي قَطِيفة:
ألا ليت شعري هل تغير بعدنا
…
جنوبُ
(1)
المُصَلَّى أم كعهد [ي] القرائِن؟ !
وهل أَدْوُرٌ حول البَلاطِ عَوَامرٌ
…
من الحي، أم هل بالمدينة ساكن
إذا برَقَتْ نحوَ الحِجَاز سَحَابة
…
دَعا الشوقَ مني بَرقُها المتيامِنُ
فلم أتركْها
(2)
رَغبَةً عن بلادها بلادها
…
ولكنّهُ ما قدَّرَ اللهُ كائِن
أحِنُّ إلى تلك الوجوه صَبابةً
…
كأني أسِيرٌ في السَّلاسِل رَاهِن!
قال: فتنفَّسَتْ بين النساء، ووقعَتْ، فإذا هي ميتة!.
قال سعيد: فحدَّثْتُ به عبدَالعزيز بن [أبي] ثابت الأعرج
(3)
فقال: أتعرفها؟ قلت: لا! قال: هي والله عمتي حُمَيْدَة بنت عمر
(4)
بن عبدالرحمن بن عَوْف.
بَلاكِث
- بالفتح، وكسر الكاف، بعدها مثلثة-: بجنب بِرْمة، وبِرْمة: هو
(5)
عِرْضٌ عظيم من أعراض المدينة
(6)
.
(1)
جنوب) كذا في الأصل منقوطة واضحة، وفي معجم البلدان 1/ 477، و الأغاني 1/ 36:(جَبُوب)، وفي القاموس (جبب) ص 65: الجَبُوب: موضع بالمدينة. وقال السمهودي في الوفا 4/ 1173: الجَبُوب- بالفتح، وموحدتين من تحت، بينهما واو: الأرض الغليظة، وجَبُوب المُصلَّى: بالمدينة في قول أبي قطيفة: جبوب المصلى أم كعهدي القرائن. قاله ياقوت.
(2)
كذا في الأصل، ومثله في معجم البلدان 1/ 478، وجاءت في الأغاني 1/ 36: أتركنها.
(3)
هو عبدالعزيز بن عمران بن عبدالعزيز بن عمر بن عبدالرحمن بن عوف الزهري المدني الأعرج، المعروف بابن أبي ثابت، قال ابن حجر: متروك، احترقت كتبه فحدّث من حفظه، فاشتد غلطه، وكان عارفاً بالأنساب. نسب قريش للزبيري ص 271، تهذيب الكمال 18/ 178 - 181، التقريب ص 358 رقم الترجمة (4114).
(4)
في الأصل: (عمرو)، والتصويب من نسب قريش ص 271.
(5)
في الأصل: (وهو) بإقحام الواو قبل (هو)، و (بِرْمة) تقدمت قريباً.
(6)
معجم البلدان 1/ 478.
وقال يعقوب
(1)
: بَلْكَثةُ: قارَة
(2)
عظيمة، بين ذي خُشُبٍ وذي المَرْوة، ببطنِ إضَم
(3)
. قال كُثَيِّر:
نظرت وقد حالت بلاكِث دونهم
…
وبُطْنان وادي بِرْمَةٍ، وظهورُها
(4)
/271 وقال:
بينما نحن بالبَلاكِث فالقَا
…
ع سِرَاعاً، والعِيسُ تَهْوِي هويّا
خطرَتْ خَطْرةٌ على القلب من ذكـ
…
ـراكِ وَهنْاً، فما استطعت مُضِيَّا
قلت: لبيّك إذ دعاني لكِ الشو
…
قُ، وللحادِيَين: [حُثَّا
(5)
] المَطِيَّا
(6)
بُلْدُود
- بضم أوله، وقد يُفْتَح -: موضع بنواحي المدينة، وضبطه الصاغاني بفتحتين، كَقَرَبُوسٍ
(7)
. قال ابن هَرْمة:
هل مامضى منكِ ياأسماءُ مردودُ
…
أم هل تقضَّتْ مع الوصل المواعيد؟
أم هل لياليك ذات البين عائدةٌ
…
أيام يجمعنا خَلْصٌ، فبلدود
(8)
؟
خَلْص: موضع بآرَة
(9)
.
(1)
تقدمت ترجمته.
(2)
القارة: الصخرة العظيمة، أو الأرض ذات الحجارة السود، أو الصخرة السوداء. القاموس (قور) ص 467.
(3)
إضم) تقدم في حرف الهمزة و (ذو خشب)، و (ذو المروة): انظرهما في حرفي الخاء والميم.
(4)
ديوان كثير ص 314، معجم البلدان 1/ 478.
(5)
في الأصل: (كرا)، والمثبت من معجم البلدان 1/ 478.
(6)
ذكر البكري في معجم مااستعجم 1/ 176 البيتين الأولين، ثم بين أن المراد ببلاكث التي ورد ذكرها هنا (هي بلاكث التي بين غَزَّة ومدين) وليس الموضع القريب من المدينة.
(7)
ذكره ياقوت في معجم البلدان 1/ 482 دون ضبط، واقتصر المصنف في القاموس (بلد) ص 269 على الضبط الثاني، وذكر السمهودي في الوفا 4/ 1155 الوجهين.
(8)
شعر إبراهيم بن هرمة القرشي) ص 100.
(9)
سيأتي في حرف الخاء.
بُلَيد
- بزنة زُبَير-: ناحية قرب المدينة، له وادٍ يدفع في ينبع
(1)
.
قال كُثيِّر:
وقد حال من حزم الحماتين دونهم
…
وأعرضَ من وادي ا لبُلَيد شجون
(2)
وقال أيضاً:
نزولٌ بأعلى ذي البُلَيد كأنها
…
صَرِيمةُ نخلٍ مُغْضئلٍّ شَكِيرُها
(3)
اغْضالَّ واخْضالَّ بمعنىً [واحد]، وذلك إذا نَدِي الشيءُ حتى يُترشَّفَ نَداه
(4)
.
البُوَيرة:
تصغير البئر التي يستقى منها الماء.
والبويرة: موضع منازل بني النَّضِير الذي غزاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعد أُحُد بستة أشهر، فأحرق نخلهم، وقطع زرعهم وشجرهم
(5)
، فقال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
(1)
الأماكن للحازمي 1/ 139، النهاية لابن الأثير 1/ 151، معجم البلدان 1/ 493.
(2)
ديوان كثير ص 172، البيت في معجم البلدان 1/ 493. والحماتان: موضع بنواحي المدينة، يأتي ذكره في الباب الخامس.
(3)
البيت في ديوانه ص 312، الأماكن للحازمي 1/ 139، معجم البلدان 1/ 493.
وقوله (كأنها صَرِيمة نخل) جاء في القاموس (صرم) ص 1129: صَرَم النخلَ والشجرَ: جزَّه. الشَّكِير: ماينبت في أصول الشجرالكبار. القاموس (شكر) 419 و (مغضئل) سيشرحها المصنف.
(4)
القاموس (خضل) ص 993، وعبارته:(الخَضِل، والخاضل: كل شيء ندٍ يُتَرشَّفُ نداه، خَضِلَ، واخْضَلَّ، واخْضَالَّ، وأخضله: بلَّه، فخَضِل، وأخَضْلَ، واخْضَلَّ، واخْضوضَل) انتهى. لكن الأقرب منه من حيث المعنى قوله في (غضل) ص 1038: (اغْضَأَلَّتِ الشجرةُ: اخضألَّتْ) وسبق أن قال في (خضل) ص 993: (اخْضَأَلَّ الشجرُ واخْضَالَّ: كثرت أغصانها وأوراقها). وجاء بدل (مغضئل) في الأماكن للحازمي 1/ 139، ومعجم البلدان 1/ 493:(مغطئل) بالطاء المهملة، وهو بمعنى الشجر الكثير الملتف. القاموس (غطل) ص 1039.
(5)
أخرج البخاري في المغازي، باب حديث بني النَّضِير، رقم: 4031، 7/ 383. ومسلم في الجهاد والسير، باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها، رقم: 1746، 3/ 1365 من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حَرَّق نخل بني النضير وقطَع، وهي البُويرة، فنزلت: {ماقطَعْتُم مِنْ لِينةٍ أو تركتموها قائمةً على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين} ثم أخرج البخاري 4032، 7/ 383. ومسلم، رقم: 1746، 3/ 1365 من حديث ابن عمر أيضاً، مثلَه، وذكرا بيت الشعر الذي قاله حسان بن ثابت، وزاد البخاري فذكر البيتين: أدام الله ذلكم .. لكن عزاهما لأبي سفيان بن الحارث، وانظر ماسيأتي تعليقاً بعد يسير. وللتوسع في غزوة بني النَّضير انظر: المغازي للواقدي 1/ 363 - 383، الطبقات لابن سعد 2/ 57 - 59، السيرة النبوية لابن هشام، مع الروض الأنف للسهيلي 3/ 240 - 246، 250 - 253، سبل الهدى والرشاد للصالحي 4/ 317 - 336.
لَهَانَ
(1)
على سَراة بني لُؤَيٍّ
…
حريقٌ بالبويرة مستطيرُ
وفيه نزلت: {ما قطَعْتُم من لِينَةٍ أو تركتموها قائمةً على أُصولِها فبإذن الله وَلِيُخْزِيَ الفاسقين
(2)
}.
فقال أبو سفيان بن الحارث
(3)
:
يَعِزُّ على سَرَاةِ بني لؤَيٍّ
…
حريقٌ بالبويرة مستطيرُ
(4)
(1)
رواية الصحيحين: (وهان)، لكن أفاد الحافظ ابن حجر في فتح الباري 7/ 387: أن الكُشْمِيهَني - أحد رواة صحيح البخاري-جاء في روايته: (لهان)، باللام. و (سَراة): بفتح السين المهملة وتخفيف الراء، جمع: سَرِي، وهو: الرئيس، المرجع السابق.
(2)
سورة (الحشر) آية رقم (5).
(3)
هو أبو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاع، ولما أظهر النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة إلى الإسلام عاداه أبو سفيان بن الحارث، وهجاه وهجا أصحابه، واستمر على ذلك إلى أن شرح الله صدره للإسلام، وذلك قبيل فتح مكة، وحسن إسلامه، وشهد فتح مكة وحنيناً مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأبلى بلاءً حسناً، توفي بالمدينة سنة 20 هـ، وصلى عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه. أسد الغابة 6/ 144 - 147، الإصابة 4/ 90 - 91.
(4)
هذا البيت ليس في الصحيحين، وسبق أن الذي فيهما البيت السابق، معزواً لحسان كما هنا، وزاد البخاري ذكر البيتين الآتيين وعزاهما لأبي سفيان بن الحارث مجيباً بهما عن بيت حسان السابق، والمصنف فيما ذكره هنا متابع لياقوت في معجم البلدان 1/ 512، ونحو هذا ماوقع عند أبي الفتح ابن سيد الناس في (عيون الأثر)، وذكره ابن حجر في الفتح 7/ 387، وعقب عليه بقوله: والذي يظهر أن الذي في الصحيح أصح: وذكر كلاماً طويلاً يؤيد رواية الصحيح.
فأجابه حسان بن ثابت رضي الله عنه:
أدام الله ذلكمُ حريقاً
…
وضرَّم في طوائفها السعير
هُمُ أوتوا الكتاب فضيَّعوه
…
وهُمْ عميٌ عن التوراة بور
(1)
وقال [جبل] الثعلبي
(2)
:
وأوحشتِ البويرة من سلامٍ،
…
وسعدٍ، وابنِ أَخْطَبَ فهي بُورَ
(3)
/272 والبويرة أيضاً: موضع قرب وادي القرى
(4)
، بينه وبين بُسيطة
(5)
.
وبُسيطة: أرض مستوية، فيها حصى منقوش أحسن مايكون، ليس بها ماءٌ ولامرعى، أبعدُ أرض الله من السكان، سلكها المتنبي
(6)
لما هرب من مصر،
(1)
معجم البلدان 1/ 512 - 513، رواية صحيح البخاري، رقم: 4032، 7/ 383:
أدام الله ذلك من صنيع وحرَّق في نواحيها السعيرُ
ستعلم أينا منها بِنُزْهٍ وتعلم أيَّ أرضينا تَضِيرُ
وعزاهما لأبي سفيان بن الحارث.
(2)
جبل) جاء في الأصل: حمل، وهو تحريف، وما أثبته من كتب الصحابة: أسد الغابة 1/ 318، الإصابة 1/ 222، وهو جَبَل بن جَوَّال بن صفوان بن بلال بن أصرم الذبياني ثم الثعلبي، كان يهودياً، ورثى حُيي بن أخطب اليهودي، أسلم جَمَلٌ، وله صحبة. المرجعين السابقين.
(3)
معجم البلدان 1/ 513، قال السمهودي عن بويرة بني النضير 4/ 1157: الذي يتحرر أن البُوَيرة المتعلقة بقُباء، بل بمنازل بني النَّضيِر المتقدمة في محلها، وسبق أن بعض منازلهم كانت بناحية الغرس، فيطابق أنها بقرب تربة صعيب وبَلْحارث.
(4)
سيعرف به المصنف في حرف الواو.
(5)
قال الحازمي في الأماكن 1/ 142: وفي حديث العُسّ العذري الوافد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستقطعه أرضاً بوادي القرى، فأقطعه، فهي إلى اليوم تسمى:(بويرة عُسّ).
(6)
هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكندي الكوفي، أبو الطيب المتنبي الشاعر المشهور، ولد سنة 303 هـ، وتوفي سنة 354 هـ. وفيات الأعيان 1/ 120 - 125، سير أعلام النبلاء 16/ 199 - 201، الأعلام للزركلي 1/ 115.
[ولها
(1)
] ذكر في شعره
(2)
البيداء:
اسم أرض قريبة من المدينة، من ناحية مكة
(3)
.
وفي الحديث
(4)
: إن قوماً يغزون البيت، فإذا نزلوا بالبيداء بعث الله تعالى جبريل عليه السلام فيقول: يابيداء أبيديهم.
حكى الأصمعيُّ عن بعضهم قال: كانت امرأة تأتينا، ومعها ولد [ان] لها
(1)
في الأصل: (وله).
(2)
هو قوله:
بُسَيْطَةُ مَهْلاً سُقِيتِ القِطارا
…
تَرَكْتِ عيونَ عبيدي حَيارَى
فظَنُّوا النَّعامَ عليكِ النخيلَ
…
وظَنُّوا الصِّوارَ عليك المنَارا
فأمسك صحبي بأكوارهم
…
وقد قصَدَ الضِّحكُ منهم وجارا
شرح ديوان المتنبي لعبدالرحمن البرقوقي 2/ 252، معجم البلدان 1/ 423 - 424. وقال المتنبي أيضاً في قصيدته التي يصف فيها خروجه من مصر، وفيها ذكرَ البُسَيطة والبُوَيرة:
روامي الكفاف، وكبد الوهاد
…
وجار البويرة وادي الغضى
وجابت بُسيطة جَوْب الردا
…
ءِ بين النَّعام وبين المها
شرح ديوان المتنبي 1/ 163.
(3)
عبارة ياقوت في معجم البلدان 1/ 523: البيداء: اسم لأرض ملساء بين مكة والمدينة، وهي إلى مكة أقرب، تُعدُّ من الشَّرَف أمام ذي الحليفة. وقال البكري في معجم مااستعجم 1/ 290: البيداء: أدنى إلى مكة من ذي الحليفة. وقال السمهودي في الوفا 4/ 1157 - 1158: كأن البيداء مابين ذي الحليفة وذات الجيش. وقال أيضاً:
أول البيداء عند آخر ذي الحليفة.
(4)
كذا هنا! ولم أجد حديثاً بهذا النص، وجاء في معجم البلدان 1/ 523: وفي قول بعضهم
…
وذكره، لكن أخرج أبو داود حديثاً آخر جاء فيه ذكر البيداء: في المهدي، باب في ذكر المهدي، رقم: 4285، 5/ 32 عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يكون اختلافٌ عند موت خليفة، فيخرج رجلٌ من أهل المدينة هارباً إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويُبعث إليه من أهل الشام فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة
…
الحديث.
كالفهدين، فدخلتُ بعض المقابر، فرأيتها جالسةً بين قبرين، فسألتها عن ولديها؟ فقالت: قضَيا نَحْبَهما، وهناك والله قبراهما، وأنشأت تقول:
فلله جاراي اللذَيْن أراهما
…
قريبين مني، والمَزار بعيدُ!
مُقِيمَيْن بالبيداء، لا يبرحانها
…
ولايسألان الركبَ أين يريد؟!
أَمُرُّ فأستقري القبور فلا أرى
…
سوى رَمْسِ أحجارٍ عليه لُبود
كواتم أسرار تَضُمَّنَّ أعظُماً
…
بَلِين رُفاتاً، حُبُّهُنَّ جَدِيد
(1)
!
قال مؤرخو المدينة
(2)
: البيداء هي التي إذا رحل الحجاج بعد الإحرام من ذي الحُليفة استقبلوها مُصْعِدين إلى جهة الغرب، وهي التي جاء في
(3)
حديث عائشة رضي الله عنها: حتى إذا كنا بالبَيْداء، أو بذات الجيش، وفي البيداء نزلت آية التَّيَمُّمِ
(4)
.
بير حاءٍ
(5)
: تقدم ذكره في أوائل الباء.
بيسان
- بالفتح، وسكون المثناة تحت، بعدها سين مهملة وألف ونون: موضع في جهة خيبر قريب من المدينة، وإياه أراد كُثَيِّر بقوله
(6)
:
فقلت ولم أملك سوابقَ عَبْرةٍ
…
[سقى] أهلَ بيسان الدِّجانُ الهواضِبُ
(1)
القصة والأبيات في معجم البلدان 1/ 523، ومابين المعقوفين منه.
(2)
يعني أبا بكر المراغي في تحقيق النصرة ص 200، وكان معاصراً للمصنف.
(3)
في الأصل: (فيه).
(4)
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عِقْدٌ لي، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء
…
الحديث، وفيه: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم، فتيمموا
…
ثم قالت عائشة: فبعثنا البعيرَ الذي كنت عليه، فأصبنا العقد تحته. أخرجه البخاري: في التيمم، باب (1)، رقم: 334، 1/ 514، ومسلم: في الحيض، باب التيمم، رقم: 367، 1/ 279.
(5)
الكسرتان من النسخة الخطية، وفي ضبطها أوجه أخرى تقدمت أوائل حرف الباء.
(6)
ديوان كثير ص 153.
وفي الحديث
(1)
: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل في غزاة ذي قَرَد على ماء يقال له: بَيْسان، فسأل عن اسمه؟ [فقيل:] اسمه يا رسول الله بَيسان، وهو مِلْحٌ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بل هو نعمان، وهو طيب» . فغيّر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الاسم، وغير الله الماء، فاشتراه طلحة رضي الله عنه، وتصدّق به، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره به. فقال?:«ماأنت ياطلحة إلا فيَّاضٌ» فسمي: طلحة الفياض، قاله الزُّبير بن بكار.
/273 وبَيْسان أيضاً: موضع باليمامة
(2)
.
وقريةٌ بَمْرو الشاهِجان
(3)
.
وبلدٌ بالأُرْدُنِّ بالغَوْر
(4)
، يقال: هي لسان الأرض، وفيه: عين الفلوش
(5)
، من عيون الجنة، نُسِب إليه جماعة من الأعيان
(6)
.
* * *
(1)
ذكره البكري في معجم مااستعجم 1/ 292، وياقوت في معجم البلدان 1/ 527، والحميري في الروض المعطار في خبر الأقطار ص 120، والصالحي في سبل الهدى والرشاد 5/ 103، وهذا حديث مرسل؛ لأنه من رواية محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما بين المعقوفين من المصادر المذكورة.
(2)
عبارة ياقوت 1/ 527: موضع معروف بأرض اليمامة، والذي أراه أن هذا الموضع هو الموصوف بكثرة النخل. ثم ذكر شاهده من شعر أبي دؤاد الإيادي.
(3)
قال ياقوت في معجم البلدان 5/ 112: هذه مرو العظمى، أشهر مدن خراسان .... وقال المصنف في القاموس (بيس) ص 534: بَيْسان: قرية بمرو.
(4)
قال ياقوت 4/ 217: غور الأردن بالشام بين البيت المقدّس ودمشق، وهو منخفض عن أرض دمشق وأرض بيت المقدس، ولذلك سمي: الغور ....
(5)
كذا في الأصل بالشين المعجمة، وفي معجم البلدان 1/ 527: عين الفلوس، بالسين المهملة، ولم يفردها ياقوت بالضبط والتعريف، والله أعلم.
(6)
منهم: سارية البَيْساني، وعبدالوارث بن الحسن بن عمر القرشي، يعرف بالترجمان البيساني، والقاضي الفاضل أبو علي عبدالرحيم بن علي البيساني. معجم البلدان 1/ 527.
حرف
(1)
التاء
تارَاء
- بالمَدّ-: موضع بين المدينة وتبوك، فيه مسجد للنبي صلى الله عليه وسلم
(2)
.
قال ابن إسحاق
(3)
وهو يذكر مساجدَ النبي صلى الله عليه وسلم التي صلى فيها بين المدينة وتبوك- فقال: ومسجد التلّ، تلِّ تاراء
(4)
.
وقال نصر: تاراء: موضع بالشام
(5)
.
تبوك- بالفتح، ثم الضم، و واو ساكنة، وكاف-: ليس ذكره من شرط هذا الكتاب؛ لبعده من المدينة، لكن لكثرة ذكره في الأحاديث وتكراره، زاغ بذكره القلم.
وهو: موضع بين وادي القرى والشام، قيل: اسمُ بِركةٍ
(6)
لأبناء سعدٍ، من بني عُذْرَة.
وقال أبو زيد
(7)
: تبوك بين الحِجر وأول الشام، على أربعة مراحل من الحِجر، نحو نصف طريق الشام، وهو حصن به عين ونخل، وحائط ينسب إلى
(1)
كذا هنا، وعادة المصنف فيما تقدم، وكذلك فيما سيأتي أن يقول:(باب) بدل (حرف).
(2)
عبارة المصنف في القاموس (تور) ص 357: تاراء: موضع بالشام قرب تبوك، ومنه: مسجد تاراء لرسول الله صلى الله عليه وسلم. معجم مااستعجم 1/ 300، معجم البلدان 2/ 6.
(3)
وعنه ابن هشام في السيرة النبوية 4/ 172.
(4)
كذا في الأصل، وجاء في السيرة النبوية 4/ 172 و مثله في معجم البلدان 2/ 6: ومسجد بالشق، شق تاراء.
(5)
نقله عن نصر ياقوت في معجم البلدان 2/ 6.
(6)
وفي الأصل: (اسمه بركة)، والتصويب من معجم البلدان 2/ 6، وفاء الوفا 4/ 1159.
(7)
هو أحمد بن سهل، أبو زيد البَلْخي، من علماء الإسلام الكبار، ولد سنة 235 هـ، وتوفي سنة 322 هـ، وتصانيفه كثيرة، منها: شرائع الأديان، عصمة الأنبياء، صور الأقاليم الإسلامية، وغيرها. الوافي بالوفيات للصفدي 6/ 409 - 413، معجم الأدباء لياقوت 3/ 64 - 86.
النبي صلى الله عليه وسلم ويقال: إن أصحاب الأيكة الذين بُعث إليهم شعيب فيها كانوا، ولم يكن شعيب منهم، وإنما كان من مَدْيَن.
ومَدْيَنُ: على بحر القُلْزُم
(1)
، على نحو ست مراحل من تبوك، وتبوك: على ثنتي عشرة مرحلة من المدينة
(2)
.
قال أهل السِّيَر
(3)
: توجه النبي صلى الله عليه وسلم في سنة تسع إلى تبوك من أرض الشام، وهي آخر غزواته؛ لغزوِ من انتهى إليه أنه قد تجمع من الروم، وعاملة، ولَخْم، وجُذام، فوجدهم قد تفرّقوا، فلم يَلْقَ كَيداً.
ونزلوا على عين، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لايمس أحدٌ من مائها، فسبق إليها رجلان، وهي تبِضُّ
(4)
بشيء من ماء، فجعلا يدخلان فيها سهمين؛ ليكثر ماؤها، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:(مازلتما تبوكانها منذ اليوم)، فبذلك سميت تبوك
(5)
.
(1)
هو البحر الأحمر.
(2)
جميع ماتقدم عن معجم البلدان 2/ 14 - 15.
(3)
عبارة معجم البلدان 2/ 14: قال أحمد بن يحيى بن جابر وهو البَلاذُرِي توفي 279 هـ صاحب فتوح البلدان، والنص فيه ص 79.
(4)
يقال: بَضَّ الماء إذا قطر وسال. النهاية 1/ 132.
(5)
معجم البلدان 2/ 15، وحديث نزوله صلى الله عليه وسلم بتبوك ومافعل الرجلان لعين الماء أخرجه مسلم، في الفضائل، باب معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، رقم:706،4/ 1784. ومالك في (الموطأ): في قصر الصلاة في السفر، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر، رقم: 2، 1/ 143. عن معاذ بن جبل رضي الله عنه. وأخرجه أحمد في (المسند) 5/ 237 - 238 عن حذيفة رضي الله عنه، دون قوله: فجعلا يدخلان فيها سهمين إلى آخره، وجاء فيه: ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلاً قليلاً حتى اجتمع في شيء، قال: وغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يديه ووجهه، ثم أعاده فيها، فجرت العينُ بماء منهمر- أو قال: غزير- حتى استقى الناس ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: «يوشك يامعاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما هاهنا قد مُلئ جِناناً» .
والبَوْك: إدخال اليد في الشيء، وتحريكُه
(1)
.
وركز النبي صلى الله عليه وسلم عنزته فيها ثلاث ركزات، فجاشت ثلاث أعيُنٍ، فهي ترمي بالماء إلى الآن
(2)
.
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك أياماً حتى صالحه أهلها
(3)
.
وأنفذ خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى دُومة الجندل، وقال له:«ستجد صاحبَها يصيد البقر» فكان كما قال صلى الله عليه وسلم، فأسره، وقدم به على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بُجَير بن بَجْرة الطائي
(4)
يذكر ذلك:
تبارك
(5)
سائق البقرات إني
…
رأيتُ اللهَ يهدي كلَّ هادي
/274 فمن يكُ حائداً عن ذي تبوك
…
فإناَّ قد أُمِرْنا بالجهاد
(6)
وكان ابن غَريض اليهودي
(7)
قد طوى بئر تبوك، لأنها كانت تنطمُّ في كل
(1)
معجم البلدان 1/ 15، معجم مااستعجم 1/ 303، وقال ابن الأثير في النهاية 1/ 162: البَوْك: تثوير الماء بعود ونحوه ليخرج من الأرض، وبه سميت غزوة تبوك.
(2)
معجم البلدان 1/ 15، ولم أقف على هذا في كتب الحديث.
(3)
معجم البلدان 1/ 15، ومدة إقامته بتبوك عشرون ليلة، على مارواه ابن سعد في الطبقات 2/ 166، وقال ابن عقبة وابن إسحاق: بضع عشرة ليلة. السيرة النبوية لابن هشام 4/ 167، سبل الهدى والرشاد للصالحي 5/ 463 - 464.
(4)
صحابي، قال ابن عبدالبر في الاستيعاب 1/ 168:(لاأعلم له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وله في خلافة أبي بكر في قتال أهل الردة آثار وأشعار) انتهى. وذكروا أنه استشهد زمن عمر بالقادسية. أسد الغابة 1/ 196، الإصابة 1/ 137 - 138.
(5)
في الأصل: (تبارك الله)، والمثبت هو الصواب.
(6)
معجم البلدان 2/ 15، وانظر خبر بعث خالد إلى دومة الجندل في السيرة النبوية لابن هشام 4/ 166 - 167.
(7)
هو: سَعْية_ وقيل: سَعْنَة_ بن غَرِيض بن عاديا التَّيماوي، نسبة إلى تيماء التي بين الحجاز والشام، وهو ابن أخي السموأل بن عاديا اليهودي الذي يضرب به المثل في الوفاء، أدرك الجاهلية والإسلام، مذكور في المخضرمين، وقيل: له صحبة، مات في آخر خلافة معاوية. الإصابة 2/ 43،53،113.
وقت، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمره بذلك
(1)
.
تَخْنِمُ
-بضم النون وبكسرها
(2)
-: جبل بالمدينة كأنه من الخَنَمة، وهي: ضيق
يحصل في النفَس عند التنخم
(3)
.
وقيل: تُخْتُمِ، بتاءين، الثانية تكسر وتضم
(4)
.
قال طُفَيل [الحارثي
(5)
]:
فرُحْتُ رَواحاً من أَياءٍ
(6)
عشيةً
…
إلى أن طرقتُ الحيَّ في رأس تَخْتِم
(7)
تُرَن- كزُفَر- ناحية بين المدينة
(8)
ومكة، ويليها [مَوْزَع
(9)
].
(1)
معجم البلدان 2/ 15.
(2)
فيه أمران: الأول: في قوله (بضم النون) مع أنه لم يذكر في القاموس (خنم) ص 1105 إلا الكسر فقط، وأما ياقوت في معجم البلدان 2/ 16 فلم يضبط النون أصلاً. الأمر الثاني: لم يتعرض لضبط الحرف الأول هنا، وضبطه في (القاموس) _ الموضع المذكور_ بالفتح، فقال:(وتَخْنِم _ كتَضرِب_ موضع، أوجبل بالمدينة).
(3)
القاموس (خنم) ص 1105.
(4)
معجم البلدان 2/ 16، وأهمل المصنف ضبط التاء الأولى، وضبطها ياقوت بالضم.
(5)
تحرّف في الأصل إلى: (الحدثي)، وهو طفيل بن يزيد بن عبد يغوث بن صلاءة بن المعقل، شاعر جاهلي يماني، وكان فارساً شريفاً. نسب معد واليمن الكبير 1/ 279، وذكره البغدادي في خزانة الأدب 2/ 202 في ترجمة جده (عبد يغوث).
(6)
قال ياقوت: (أَياء_ بالفتح والمد_: ناحية أحسبها يمانية) وذكر هذا البيت. معجم البلدان 1/ 287.
(7)
لعل (تَخْنِم) المذكور في البيت جبل في بلاد بلحارث بن كعب، انظر المرجع السابق.
(8)
ذِكْر (المدينة) هنا وهم، قلده فيه السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1161، وصوابه:(عدن) كما في معجم البلدان 2/ 27 وزاد: وهو المنزل الخامس لحاج عدن. وقال المصنف في القاموس ص 1183: تُرَن_ كزُفر_ موضع باليمن. وبناءً على ماتقدم لايعد هذا من مواضع المدينة التي جمعها المصنف هنا.
(9)
تحرف في الأصل إلى: (بوزع)، والتصويب من معجم البلدان 5/ 221، وقال: بفتح الزاي
…
موضع باليمن، وهو المنزل السادس لحاج عدن، ودونها تُرَن، وقال ابن الحائك: فمن مدن تهائم اليمن: مَوْزَع.
تُرْبان
- بالضم، ثم السكون- قرية من مَلَل، على ليلة من المدينة
(1)
.
قال كُثَيّر
(2)
:
ألم يحزنكَ يوم غدَتْ حُدوجُ
…
لِعزَّة، قد أجدَّ بها الحدوج
تُضَاهي النَّقْبَ، حين ظهرن منه
…
وخلف متون ساقَيها الخليج
رأيت جِمالها تعلو الثنايا
…
كأنَّ ذُرى هوادجها البروج
وقد مَرَّتْ على تربان يحدى
…
لها بالجزع من مللٍ وَشِيجُ
(3)
قال أبو زياد: تُربان واد بين ذات الجيش ومَلل والسَّيَالة
(4)
على المحجة نفسها، فيه مياهٌ كثيرةٌ مَريّةٌ، [نزلها
(5)
] رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر
(6)
، وبها كان ينزل عُروة بن أُذَينة
(7)
.
(1)
معجم البلدان 2/ 20، وقال ابن الأثير في النهاية 1/ 186:(هو موضع كثير المياه، بينه وبين المدينة نحو خمسة فراسخ) انتهى. وقال الشيخ حمد الجاسر (المغانم:74): (وتربان: واد لايزال معروفاً يمر به طريق المدينة الحديث بعد الفرش والفريش، للمتوجه إلى المدينة).
(2)
في الأصل: (قال كثير بن مقبل) كذا! وفي معجم البلدان 2/ 20 (قال كثير) وذكر له هذه الأبيات الأربعة، ثم قال:(قال ابن مقبل) وذكر له بيتاً آخر، فلا أدري كيف حصل هذا التداخل للمصنف!! و (كُثَيّر) هو: كُثيّر بن عبد الرحمن صاحب عَزَّة، و (ابن مقبل) هو: تميم بن أبي مقبل، تقدمت.
(3)
الأبيات في ديوان كثير ص 189.
(4)
هذه المواضع سيعرف بها المصنف، انظر في حرف الجيم والميم والسين.
(5)
مَرِيَّةٌ): غزيرة. القاموس (مرى) ص 1334، ومابين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدركته من معجم البلدان 2/ 20.
(6)
المغازي للواقدي 1/ 26، سبل الهدى والرشاد للصالحي 4/ 25،136.
(7)
هو عروة بن يحيى _ ولقب يحيى: أُذَينة_ بن مالك بن الحارث الليثي الشاعر الحجازي المدني، كانت وفاته في حدود 130 هـ، وهو معدود من الفقهاء والمحدثين، روى عنه مالك في (الموطأ) لكن الشعر أغلب عليه، وهو معدود من فحولهم، وجمع الدكتور يحيى الجبوري ماوجد من شعره في (ديوان) طبعه. الأغاني 18/ 330 - 345، فوات الوفيات 2/ 451 - 452.
تِرْيَم
- كحِذْيَم-: واد بين المضايق، ووادي ينبع
(1)
.
قال كُثَيِّر:
أقول وقد جاوزت من صحن رابغٍ
…
مهَامِهَ غُبْراً يفرع الأُكْمَ آلها
أألحي أم صيران دومٍ تَنَاوَحَتْ
…
بتِرْيَم قصراً واستحثَّت شمالها
(2)
تُضَارُع:
بضم أوله، وبضم الراء، ولانظير له في الأبنية. وقد روي بكسر الراء أيضاً. ويقال: بفتح التاء، وضم الراء
(3)
.
وهو جبل بعقيق المدينة
(4)
.
وفي الحديث النبوي: «إذا سال تُضارع فهو عام ربيع»
(5)
.
(1)
معجم البلدان 2/ 28، وعن المصنف: السمهودي في الوفا 4/ 1161، قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 74):(لم يحدد ياقوت (المضايق) وتِرْيَم: واد لايزال معروفاً بين ضبا والمويلح، وهو بعيد عن ينبع، ولعل كلمة (ينبع) تصحيف (يديع) وهو واد يقع شرق تريم، فيما بينه وبين حرة خيبر). ولهذا الموضع ذكر في (معجم مااستعجم) رسم (المُضَيّح) 2/ 1236.
(2)
ديوان كثير ص 357، معجم البلدان 2/ 28.
(3)
ومثله في القاموس (ضرع) ص 741 نقلاً عن (المُوعَب) لأبي غالب ابن التَّيَّاني الإمام اللغوي المتوفى سنة 436 هـ، واقتصر ياقوت في معجم البلدان 2/ 32 على الضبطين الأولين، والبكري في معجم مااستعجم 1/ 312 على الضبط الثاني فقط.
(4)
نقله ياقوت في معجم البلدان 2/ 32 عن الواقدي، وقال ابن شبة في كتابه (تاريخ المدينة المنورة) 1/ 149: (تضارع
…
جبل على ثلاثة أميال من المدينة، على يمين من ذهب إلى مكة). وقال السمهودي في الوفا 3/ 1064:(هذا الجبل هو الذي يقابلك وأنت بالمدرج تريد مكة، فإذا استبطنت العقيق صار عن يمينك، والجبل المعروف بمكيمن الجماء متصل به، آخذ منه على يمين الذاهب أيضاً).
(5)
ومثله في معجم البلدان 2/ 32، ومعجم مااستعجم 1/ 312، وجاء في الثاني بدل (عام ربيع):(عام خصب)، والخبر في وفاء الوفا 3/ 1063 عن محمد بن إبراهيم، مرفوعاً، به. وأخرج ابن شبة في كتابه تاريخ المدينة 1/ 148 - 149 بسنده إلى كعب بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لايسيل تضارع إلا في عام ربيع» ، وفي إسناده (عبدالعزيزبن عمران) متروك، احترقت كتبه فحدّث من حفظه فاشتد غلطه ص 358.
وقال الزبير بن بكار: الجمَّاوات ثلاث: فمنها: جَمَّاء تُضارع التي [تسيلَ
(1)
]
على قصر عاصم وبئر عروة وما والى ذلك، وفيها يقول أُحَيحة بن الجُلاح
(2)
:
إني والمشعر الحَرامِ وما
…
حَجَّتْ قريش له وماشعروا
لاآخذ الخُطَّة الدنيَّة ما
…
دام يُرى من تُضارُعٍ حَجَرُ
(3)
/275 وتُضارع
(4)
أيضاً: جبل بتهامة لبني كنانة.
وقال الصاغاني: جبل بنجد
(5)
.
[تِعارُ
(6)
]- بالكسر، ويروى بالغين المعجمة، والصحيح الإهمال: جبل من أعمال المدينة
(7)
.
(1)
في الأصل (تسير).
(2)
هو أُحيحة بن الجُلاح بن الحريش، أبو عمرو الأوسي الشاعر الجاهلي، كان سيد يثرب (المدينة) وكان له فيها حصون ومزارع ومال وفير، ونخيل كثير، وكان مرابياً، وهو من دهاة العرب وشجعانهم، وأما شعره فالباقي منه قليل. الأغاني 15/ 36 - 53، خزانة الأدب 3/ 357 ومابعدها.
(3)
سيكررهما المصنف في حرف الجيم، وفيه:(ومانحروا)، بدل:(ماشعروا)، والمثبت هنا موافق لما في (معجم البلدان) 2/ 32، والمثبت هناك موافق لما في الكتاب نفسه 2/ 159، ومن هنا يظهر مدى تقليد المصنف في هذا الباب لياقوت!
(4)
كذا في الأصل، والذي في معجم البلدان 2/ 32 - 33:(تَضْرُع - بفتح أوله، وسكون ثانيه، وضم الراء_ ورواه بعضهم: تِضْرَع_ بكسر أوله، وفتح رائه_ وهو جبل لكنانة قرب مكة) وذكر شاهده من قول كُثَيِّر: ومنهم طريقٌ سالكٌ حزمُ تَضْرُعِ.
(5)
ومثله في القاموس (ضرع) ص 741 عن (الموُعَب).
(6)
تحرف في الأصل إلى: (تعان) _ بالنون_ والتصويب من معجم مااستعجم 1/ 313 ومعجم البلدان 2/ 33.
(7)
معجم البلدان 2/ 33 وفيه - كما عند المصنف في القاموس (تعر) ص 356 - : تِعَار_ ككتاب_ جبل ببلاد قيس.
قال عَرَّام
(1)
: قِبلي أُبْلى جبل يقال له: يرمرم
(2)
، وجبل يقال له: [تِعار
(3)
]، وهما جبلان عاليان لاينبتان شيئاً، فيهما النُّمْران
(4)
كثيرة، وليس قرب تِعار ماء.
قال لبيد
(5)
:
إن يكن في الحياة خيرٌ فقد أُنْـ
…
ـظِرْتُ، لو كان ينفع الإنظارُ
عشتُ دهراً، ولا يَعيش مع الأيـ
…
ـام إلا يَرَمْرَمٌ وتِعارُ
والنجُومُ التي تَتَابعُ بالليـ
…
ـل، وفيها عَنِ اليَمِين ازْوِرَارُ
(6)
التعانيقُ-بالفتح، وبعد الألف نون مكسورة، وياء ساكنة، وقاف-: موضع [في] شق العالية
(7)
، قال زهير
(8)
:
(1)
رسالة عرام 2/ 430.
(2)
يرمرم) كذا في الأصل، وجاء في رسالة عرام. المصدر السابق، وعنه ياقوت في معجم البلدان) 2/ 33:(بُرثُم)، وقال المصنف في القاموس (برثم) ص 1079:(بُرْثُم_كقُنْفُذ: اسم جبل) لكن سيأتي في شعر لبيد: (يرمرم)، وقال ياقوت في معجم البلدان 5/ 433:(يرمرم: جبل في بلاد قيس).
(3)
انظر التعليقة الأولى على هذه المادة.
(4)
قال الأستاذ عبدالسلام هارون في تعليقه على رسالة عرام 2/ 430: النمران، جمع: نمر، ومثله: ذئب وذؤبان. ولم أجد هذا الجمع للنمر في كتب اللغة.
(5)
هو لَبيد بن ربيعة بن مالك، أبو عقيل العامري الكلابي، الشاعر المشهور، كان فارساً شجاعاً شاعراً سخياً، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ويعد من الصحابة، قال الشعر في الجاهلية دهراً، وهو أحد أصحاب المعلقات. وسكن الكوفة، وعاش عمراً طويلاً، وتوفي سنة 41 هـ. أسد الغابة 4/ 514 - 517، الإصابة 3/ 326 - 327.
(6)
معجم البلدان 2/ 33.
(7)
معجم البلدان 2/ 33، ومابين المعقوفين منه.
(8)
هو زهير بن ربيعة_ أبي سُلْمى_ بن رباح المزني، من مُضَر، حكيم الشعراء في الجاهلية، وهو أحد أصحاب المعلقات، وديوان شعره مشهور مطبوع مراراً، توفي سنة 13 قبل الهجرة، ولم يشهد الإسلام. انظر نسبه وأخباره في (الأغاني) 10/ 336 - 365، الأعلام 3/ 52.
صحا القلبُ عن سلمى، وقد كاد لا يسلو
…
وأقفر من سلمى التعانيقُ والثُّجْلُ
(1)
تُعاهِن: بالضم، وكسر الهاء. ويقال فيه: تِعْهِن، بكسرهما، وقيل: مثلثة الثاء، مكسورة الهاء. وقيل: تُعَهِن - مضمومة التاء، مفتوحة العين مكسورة الهاء
(2)
.
وهي: عين بين القاحة والسُّقْيا
(3)
، قال ابن قيس الرُّقَيَّات:
أقفرَتْ بعدَ عبد شمس كَداء
…
فكُدَيٌّ، فالرُّكْنُ، فالبطحاءُ
مُوحِشَاتٌ إلى تُعاهِن فالسُّقيـ
…
ـيا قِفارٌ من عَبْدِ شمسٍ خَلاءُ
(4)
وقيل: تعهن، كان اسمَ عين ماءٍ، ثم سُمي به الموضع
(5)
.
قال السُّهيلي
(6)
: وبتعهن صخرة يقال لها: أُمُّ عقى، روي أن امرأة كانت تسكن تعهن كان يقال لها: أُمُّ عقى، فحين مرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم استسقاها، فلم تسقه، فدعا عليها، فمسخت صخرة، فهي تلك الصخرة.
تَمنِّي
- بفتحتين، وتشديد النون المكسورة -: أرض تطؤها إذا انحدرتَ من ثنية هَرْشى
(7)
، تريد المدينة، وبها جبال يقال:
(1)
رواية (الديوان) ص 83: (فالثقل) بدل: (والثُّجْلُ)، قال محققه:(الثقل: موضع بعينه، ويروى: الثجل، وهو موضع في شق العالية أيضاً).
(2)
معجم مااستعجم 1/ 315، مشارق الأنوار 1/ 126، النهاية 1/ 190، معجم البلدان 2/ 33 - 34،35، وزاد صاحب النهاية وجهاً نقله عن أبي موسى المديني، وهو:(تُعُهُّن)، بضم التاء والعين وتشديد الهاء.
(3)
زاد البكري 1/ 315: (في طريق مكة من المدينة)، وقال القاضي عياض 1/ 126 (عين ماء، سمي به الموضع على ثلاثة أميال من السقيا بطريق مكة). و (القاحة) و (السقيا) سيعرّف بهما المصنف في القاف والسين.
(4)
معجم البلدان 2/ 33 - 34.
(5)
معجم البلدان 2/ 35، وتقدم تعليقاً نحوُه عن عياض.
(6)
الروض الأنف 2/ 244.
(7)
ثنية هرشى) سيعرّف بها المصنف في حرف الهاء.
بيض
(1)
، قال كُثَيِّر:
كأن دموع العين لما تحلَّلتْ
…
مَخَارمَ بيضاً من تَمِنِّي جِمالُها
(2)
تُنَاضِب
- بضم أوله، وكسر الضاد
(3)
-: شعبة من شعب الدَّوداء
(4)
، وهي: واد يدفع في عقيق المدينة
(5)
.
وأما التَّنَاضُِبُ- بالفتح، وكسر الضاد
(6)
وضمها -: موضع بين مكة والمدينة
(7)
.
وفي حديث عمر رضي الله عنه: لما أردتُ الهجرة إلى المدينة، أنا وعيّاش بن أبي ربيعة
(8)
/276 وهشام بن العاصي
(9)
، أتيت التناضُِبَ
(10)
من
(1)
قاله ابن السِّكيِّت في تفسير بيت كُثَيّر الآتي، معجم البلدان 2/ 46.
(2)
ديوان كثير ص 357، معجم البلدان 2/ 46.
(3)
أي: المعجمة، كما يقتضيه الترتيب في معجم البلدان 2/ 47، ونص عليها البكري في معجم مااستعجم 1/ 32، والسمهودي في الوفا 4/ 1163.
(4)
الدَّوداء) سيعرف بها المصنف في حرف الدال.
(5)
معجم مااستعجم 1/ 320، معجم البلدان 2/ 47.
(6)
أي المعجمة، كما في معجم البلدان 2/ 47.
(7)
وفي القاموس (نضب) ص 138: (قرية قرب مكة).
(8)
هو عيّاش بن عمرو_ أبي ربيعة_ بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي أبو عبدالرحمن، وهو أخو أبي جهل لأمه، وابن عمه، وأخو عبدالله بن أبي ربيعة، توفي سنة 15 بالشام، وقيل: استشهد يوم اليرموك، وقيل: باليمامة، وقيل: مات بمكة. أسد الغابة 4/ 320 - 321، الإصابة 3/ 47.
(9)
هو هشام بن العاصي بن هشام بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، وهو ابن أخي أبي جهل بن هشام، وأبوه العاصي قتل يوم بدر كافراً، جاء هشام إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، ووضع يده على خاتم النبوة، فأزال رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، وضرب صدره ثلاثاً، وقال:«اللهم أذهب عنه الغلَّ والحسد» . أسد الغابة 5/ 403، الإصابة 3/ 605.
(10)
قال السهيلي في (الروض الأنف) 2/ 226: كأنه جمع تنضب، وهو ضرب من الشجر تألفه الحرباء
…
ويقال لثمره: الممتع
…
وتتخذ من هذا الشجر القِسِيّ.
أضاة بني
غِفار
(1)
، فوق سَرِف، وقلنا: أَيُّنا لم يصبح عندها فقد حُبِسَ، فليَمْضِ صاحباه.
قال: فأصبحت أنا وعيّاش عند التَّناضُِب، وحُبِسَ هشام، وفُتِنَ فافتتن، وقدمنا المدينة. وذكر الحديث
(2)
.
تَهْمَلُ
- بفتح التاء والميم-: موضع قرب المدينة
(3)
، ويروى بالمثلثة.
تَيس
- بلفظ فحل المِعْزَى-: أُطُمٌ بالمدينة، كان خارج البيوت، وكان لآل صُهَيب بن كُرْز، ابتناه بنو عِنَان بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج
(4)
.
تَيَم -بفتح المثناة تحت -: جبل شرقي المدينة
(5)
، له ذكر في حدود حرم المدينة
(6)
.
[قلت
(7)
: هذا تحريف، وهذه الكلمة وقعت في الكتاب الذي نقل منه
(1)
أضاة بني غفار): على عشرة أميال من مكة، والأضاة: الغدير المرجع السابق.
(2)
الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 271، السيرة النبوية لابن هشام 2/ 115.
(3)
زاد في معجم البلدان 2/ 64: (ممايلي الشام).
(4)
تقدم ذكر هذا الأطم ص 209.
(5)
عبارة المطري قي (التعريف) ص 66: تَيَم: جبل كبير شرقي المدينة، وهو أبعد جهات الحرم.
(6)
التعريف ص 66 - 67، تحقيق النصرة 198 - 199.
(7)
قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 77): (مابين المعقوفين يظهر أنه زيادة لأحد النساخ، ولم يورد ياقوت هذا الاسم، ويتيب: سيأتي تحديده، وأقول: هذا الاسم وقع في نوادر الهجري (تيب) و (ثيأب)، ويبدو أن المصنف اعتمد على ابن النجار، الذي روى في (الدرة الثمينة) ص 67 بسنده إلى كعب بن مالك رضي الله عنه قال: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الشجر بالمدينة بريداً في بريد
…
) وذكر فيه: تَيَم، قال السمهودي في (الوفا) 1/ 97:(ورواه ابن زبالة بهذا اللفظ، إلا أنه أبدل (تَيَم) بثيب) انتهى. وابن زبالة: كذبوه، كما تقدم غير مرة، ورواية ابن النجار، وهي على مافيها من ضعف، أقوى من رواية ابن زبالة؟، وقد ذكر الشيخ حمد الجاسر (المغانم 77) بأنه قيل له:(إن في شرقي المدينة جبلاً عظيماً يشاهد من سد العاقول يدعى (تيما) فلعله هو ماذكر المصنف).
الشيخ رحمه الله محرّفة مضروباً عليها فاستبهمت، قال الشيخ جمال الدين المطري رحمه الله: والصواب: يثيب، بلفظ مضارع: ثاب، إذا رجع. والله أعلم].
باب الثاء
ثِبَارٌ
(1)
، ككتاب، آخرُه راءٌ: موضعٌ على ستة أميالٍ من خيبر. هناك قَتلَ عبدُالله بن أُنيسٍ أُسَيرَ بن رِزَامَ اليهوديَّ
(2)
. ويُروى: بفتح أوَّله، وليس بشيء.
وأمَّا الثِّبَار بالكسر. فهو جمعُ ثَبْرَةٍ، وهي الأرضُ السَّهلةُ.
ثُجْل،
بالضَّمِّ: اسمُ موضعٍ في شِقِّ
(3)
العالية. قال زهير
(4)
:
صحا القَلبُ عن سلمى وقد كان لا يسلو
وأَقْفَرَ من سلمى التَّعانيقُ والثُّجْلُ
ثِرَا، بالكسر والقصر: موضعٌ بين الرُّويثة والصفراء
(5)
أسفل وادي الجِيِّ، ولا يُفتح أوَّلُه.
ثُعَال،
كغُراب: شُعبةٌ
(6)
بين الرَّوحاء والرُّويثة
(7)
(1)
تحرّفت في الأصل إلى: (ثبان).
(2)
في الأصل: (أمير)، وفوقها علامة توقُّف، والصحيحُ: المُثبتُ. هو أُسير بضم الهمزة، ويقال: يُسير. قتله عبد الله بن أنيس في سرية عبد الله بن رواحة. وقَتْلُه كان بِقَرْقَرة ثِبَار المذكورة. وابن أُنيس من أهل العقبة، شهد بدراً وأُحداً وما بعدهما. توفي سنة 54 هـ. أسد الغابة 3/ 75، الإصابة 2/ 278، سيرة ابن هشام 4/ 265، وسيلة الخليل إلى بعوث صاحب الإكليل ص 90.
(3)
الشِّقُّ بكسر الشِّين: الجانبُ. القاموس (شقق) ص 898.
(4)
تقدم البيت قريباً، وفي الديوان: وقد كاد.
(5)
الصفراء قرية تبعد عن المدينة 150 كلم، قريبة من بدر، والرُّويثة تقع في وادي خلص تبعد عن المسيجيد 17 كم في طريق بدر من المدينة. المعالم الأثيرة ص 131.
(6)
الشُّعبة: المسيلُ في الرَّمل. القاموس (شعب) ص 101.
(7)
وزاد الشيخ حمد الجاسر (المغانم 79): (والرُّويثة: مُعشَّى بين العرج والرَّوحاء.
قال كُثَيِّر:
أيام أهلونا جميعاً جِيرةٌ
…
بِكُتانةٍ، فَفُرَاقدٍ فَثُعَالِ)
والرَّوحاء سيأتي الكلام عليها في حرف الرَّاء.
والبيت الذي أورده لكُثَيِّر من قصيدةٍ له يمدح عبد العزيز بن مروان الأموي، ومطلعها:
اربَعْ فحيِّ معارف الأطلالِ
…
بالجَزْعِ من حُرُضٍ فهنَّ بَوَالِ
حُرُض: وادٍ بالمدينة، وبَوَالٍ جمع بالية. ديوان كُثَيِّر ص 285.
ثُغْرَةُ،
بالضَّمِّ وإعجامِ الغين ثم راء وهاء: ناحيةٌ من أعراض المدينة
(1)
.
ثُمَامَةُ،
بالضَّمِّ والتَّخفيف. يقال: صُخيرات الثُّمَامة إحدى مراحل النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى بدر. وهي بين السَّيالة وفَرش
(2)
.
ويقال: صخيرات الثُّمَام. ورواهُ المغاربة: صُخيرات اليمام، بالياء آخِرِ الحروف.
ثَمْغٌ،
بالفتح، والغين معجمة: موضعٌ بخيبر، وكان مالاً لعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وفي البخاريِّ
(3)
أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تصدَّق بِمال يقال له: ثَمْغٌ وكان نخلاً. فقال: يا رسول الله، إني استفدتُ مالاً، وهو عندي نفيسٌ، فأردت أن أتصدَّق به، فقال صلى الله عليه وسلم:/277 «تصدَّقْ بأصله، لا يباع ولا يُوهَب، ولا يُورث، ولكن يُنْفَقُ ثَمره» . فتصدَّق به عمر رضي الله عنه-الحديثَ.
ثَنِيَّةُ مِدْرَان،
بكسر الميم: وهي موضعٌ في طريق تبوك من المدينة، بنى النبي صلى الله عليه وسلم فيه مسجداً في مسيره إلى تبوك.
(1)
الأعراض: جمع عِرْض، وهو كلُّ وادٍ فيه شجر، كذا فسّره المؤلف، وسيأتي كلام المصنف موسعاً عليها في حرف العين.
(2)
سيأتي ذكرهما في موضعهما.
(3)
أخرجه في الوصايا، باب: وما للوصيِّ أن يعمل في مال اليتيم، رقم: 2764، 5/ 392.
ثَنِيَّةُ الوَدَاع
(1)
، بفتح الواو، [وهو]
(2)
اسمٌ من التَّوديع
(3)
، وهي ثَنِيَّةٌ مُشرفةٌ على المدينة، يطؤها مَنْ يريد مكة، وقيل: مَنْ يريد الشام.
واختُلف في تسميتها بذلك، فقيل: لأنَّها موضع وداع المسافرين من المدينة إلى مكة.
وقيل: لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ودَّع بها بعض من خلَّف بالمدينة في آخر خرجاته، وقيل: في بعض سراياه المبعوثة عنه
(4)
. وقيل: الوداع اسم وادٍ بالمدينة. والصَّحيحُ: أنَّه اسمٌ قديمٌ جاهليٌّ، سُمِّي لتوديع المسافرين.
هكذا قال أهل السِّيَر والتاريخ، وأصحاب المسالك: إِنَّها من جهة مكة. وأهل المدينة اليوم يظنُّونها من جهة الشَّام، وكأنهم اعتمدوا قول ابن قَيِّم الجوزية في (هَدْيه)
(5)
فإنه قال: من جهة الشَّام ثنيَّات الوداع، ولا يطؤها
(1)
تقع شمال المدينة في أول طريق أبي بكر الصديق من جهة اليمين حالياً.
(2)
في الأصل: (واسمٌ)، ولفظ (هو) مأخوذ من معجم البلدان 2/ 86، أو يحتمل أن الواو تكررت من الناسخ سهواً.
(3)
تحرّفت في الأصل إلى: (الوديع).
(4)
سبب تسميتها بذلك ما رواه الطبراني في المعجم الأوسط 1/ 510 (942) عن جابر قال: خرجنا ومعنا النِّساء اللاتي استمتعنا بِهنَّ حتى أتينا ثنية الرِّكاب، فقلنا: يا رسول الله، هؤلاء النِّسوة اللاتي استمتعنا بِهنَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هنَّ حرامٌ إلى يوم القيامة» ، فوَدَّعْنَنا عند ذلك، فَسُمِّيت بذلك ثنيةَ الوداع، وما كانت قبل ذلك إلا ثنية الرِّكاب.
قال في مجمع الزوائد 4/ 264: فيه صدقة بن عبد الله، وثَّقه أبو حاتم وغيره، وضعَّفه أحمدُ وجماعةٌ، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وأخرج البخاريُّ في المغازي، باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر، رقم: 4426، 7/ 733 عن السَّائب بن يزيد يقول: أذكر أني خرجت مع الغِلمان إلى ثنية الوداع نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان، وكان ذلك في غزوة تبوك.
ولتسميتها بذلك سببٌ آخرُ ذكره ابن شبَّة في تاريخ المدينة 1/ 269.
(5)
زاد المعاد في هدي خير العباد 3/ 482، وابن القَيِّم هو شمس الدين محمد بن أبي بكر، لازم الإمام ابن تيميَّة وانتفع به، له مؤلفات قيمة منها (بدائع الفوائد)، (زاد المعاد) وغيرهما. توفي سنة 751 هـ. الدرر الكامنة 3/ 400، ذيل طبقات الحنابلة 2/ 447، طبقات المفسرين 2/ 94.
القادم من مكة البتةَ.
ووجه الجمع: أنَّ كلتا الثَّنيتين تسمَّى ثنيات الوداع، والله أعلم
(1)
.
ثَوْر، بلفظ الثَّورِ، فَحلِ البقر: جبلٌ صغيرٌ حذاء أُحد، جانحاً إلى ورائه.
وقال بعض الحفَّاظ
(2)
: إنَّ خلف أحد من شماليه جبلاً صغيراً مُدوَّراً يسمَّى ثوراً، يعرفه أهل المدينة، خلفاً عن سلف. وفيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم، «أنه حرَّم ما بين عَيْرٍ إلى ثور»
(3)
.
ولمَّا لم يصل علمُ هذا الجبل إلى أبي عُبيد
(4)
، ولم يُحطْ بِخُبره خُبراً اعتذر عن هذا الحديث، وقال
(5)
: أهل المدينة لا يعرفون بالمدينة جبلاً يقال له: ثور
(6)
، وإنما ثورٌ بمكة. قال: فيرى أهل الحديث أنَّه حرَّم ما بين عير إلى أُحُد.
(1)
والثنية الثانية مشرفة على العقيق، وللمزيد عن هذه الثنية ينظر وفاء الوفا 4/ 1167،
و المدينة المنورة معالم وحضارة ص 161.
(2)
الكلام بطوله منقول من معجم البلدان 2/ 86 مع بعض التقديم والتأخير والتصرف.
(3)
…
أخرجه البخاري في الفرائض، باب: إثم من تبرأ من مواليه، رقم: 6755، 12/ 42. ومسلم في الحج، باب فضل المدينة، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة، رقم: 1370، 2/ 995.
(4)
هو القاسم بن سَلاَّم، أحد الأئمة الأعلام الذين فسروا غريب الحديث، ولولاه اقتحم الناس الخطأ، أخذ عن أبي عبيدة والأصمعي والكسائي، له (الغريب المصنف)، (غريب الحديث) وغير ذلك. مولده سنة 157 هـ، ووفاته 244 هـ. تاريخ بغداد 12/ 403، معجم الأدباء 16/ 238، طبقات الشافعية لابن السبكي 2/ 153.
(5)
في غريب الحديث 1/ 315. قلتُ: كونه لا يعرفه ليس بِحجَّةٍ؛ لأنَّه ليس من أهل المدينة.
(6)
أهلُ الخبرة بالمدينة قديماً وحديثاً يعرفون هذا الجبل ومكانه، وقد أكثر الناس فيه وفي موضعه.
…
أما موضعه فيقع على جوانب وادي النَّقمى، يحدُّه الوادي من الشمال، وطريق الخليل من الغرب، ويسمِّيه بعض العوام حالياً جبل الدَّقَّاقات. وقد نُشِرَ بذلك بحث في جريدة المدينة، ملحق التراث عدد (8329) بتاريخ 4/ 8/1410 هـ اشترك بكتابته والتعريف به الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله، والدكتور عبد العزيز القاري، والشيخ عمر فلاته، والدكتور مرزوق الزهراني، من أعيان أهل المدينة.
…
ولا التفات لمن أنكره ولم يعرفه، لأنَّ مَنْ يَعرفُ حجةٌ على مَنْ لا يعرف.
وتكلَّف غيرُه فقال: (إلى) بمعنى (مع) كأنَّه جعل المدينة مضافةً إلى مكة في التَّحريم.
وترك بعض الرُّواة موضع (ثور) بياضاً؛ ليبين الوهم، وضرب آخرون عليه.
وقال بعض الرُّواة: من عير إلى كذا
(1)
، وفي رواية ابن سلاَّم
(2)
: من عيرٍ إلى أُحُد. والأول أشهرُ وأسدُّ.
ولا أدري كيف وقعت المسارعة من هؤلاء الأعلام إلى إثبات وهم في الحديث الصَّحيح المتَّفَق على صِحَّتِه بمجرَّد دعوى أنَّ أهل المدينة لا يعرفون بها جبلاً يسمى ثوراً؟.
وغايةُ مثال هؤلاء القائلين أنَّهم سألوا جماعة من أهل المدينة ـ ولا يلزم أن يكون كلَّهم-بعد مضيِّ أعصارٍ
(3)
متطاولة، وسنين متكاثرة، فلم يعرفوه.
والعلمُ القطعيُّ حاصلٌ من طريق العِيان المشاهَد، بطروق التَّغير والاختلاف والنِّسيان على أسماء الأمكنة والبلدان باعتبار /278 أسبابٍ تحدث، وأمور تتجدَّد، فيُلقَّب ذلك المكان باعتبار ما تجدَّد فيه، ويُهجَر الاسم
(1)
أخرج البخاري في الاعتصام، باب: إثم من آوى محدثاً، رقم: 7306، 13/ 295: حدثنا عاصم قال: قلت لأنس: أَحرَّمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؟ قال: نعم ما بين كذا إلى كذا.
(2)
هو أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه غريب الحديث 1/ 315.
وقد وردت رواية بذلك لكنها ضعيفة، وينظر في ذلك الأحاديث الواردة في فضائل المدينة للرفاعي ص 101.
(3)
في الهامش: أعوام.
القديم الأصليُّ، ويتركُ العَلَم الموضوع الأوَّل، حين
(1)
يكون نَسْياً.
أين سقيفةُ بني ساعدة؟ أين ذو الحُليفة
(2)
الذي لا يُعرف اليوم إلا ببئر علي؟ ولو سمَّاه أحد ذا الحُليفة لكان كالمخترعِ له اسماً، والمُغَيِّر له لقباً ورسماً.
وأَغْرَبُ من ذلك أني سألتُ جماعاتٍ من أشراف المدينة الأمراءِ بها، ومن الفقهاء والسُّوقة عن (فَدَك)
(3)
ومكانِها، فكلُّهم عن بَوَاءٍ واحدٍ
(4)
أجابوا: بأنه لا يُعرف في بلادنا موضعاً يدعى فَدَك.
وهذه القريةُ لم تبرح في أيدي الأشراف والخلفاء يتداولونَها ناسٌ عن ناس إلى أواخر الدولة العباسية، فكيف بجبلٍ صغيرٍ واقعٍ في طرفِ أُحُدٍ، لا يتعلَّق به كبيرُ أمرٍ؟
هذا وإنَّ قُزَح
(5)
، مشعرٌ من مشاعر الله تعالى يتعلَّق به مَنْسكٌ من المناسك، لو أراد مريدٌ تعيين مكانه، والوصولَ إلى عِيانه، لأعياه الحال، ولما شفى غليلَه بجواب عنه بعد ألف سؤال؟ دع هذا. أين المُحَصَّب ومحلُّه؟ أين الأبطحُ ومكانه؟ أين بُطحان مَنْزِلُ ذلك الحلفاء؟ أين بئر عُروةَ التي كان يحمل من مائها إلى الخلفاء؟
وأمَّا ثورٌ الذي وقع النِّزاع فيه، فبحمدِ الله معروف بين أهل العلم في
(1)
قوله: (حين) هكذا وقع، ولعلَّ صوابه:(حتى).
(2)
هذه الأماكن اليوم معروفة في المدينة. وقد تحول موضع السقيفة إلى حديقة عامة سميت باسمها.
(3)
سيأتي الكلام عليها في موضعها.
(4)
يقال: أجابوا عن بواءٍ واحدٍ، أي: بجوابٍ واحدٍ. القاموس (بوأ) ص 34.
(5)
تصحَّف في الأصل إلى: (قزع). وقُزَحُ في المزدلفة من مشاعر الحج. معجم ما استعجم 1/ 393.
المدينة، لا يجهل ذلك إلا من كانت هِمَّتُه في دينه غير بَدينة. وقد قيل: إنَّ بمكة أيضاً جبلاً اسمه عَيْر، ويشهد لذلك بيتُ أبي طالب
(1)
، حين يقول
(2)
:
أعوذُ بربِّ النَّاسِ من كلِّ طاعنٍ
…
علينا بِشَرٍّ، أو مُحقِّقِ باطلِ
ومِنْ كَاشحٍ يسعى لنا بمعيبةٍ
…
ومن مُفْتَرٍ في الدِّين، ما لم نحاولِ
وثورٍ، ومَنْ أرسى ثَبيراً مكانَه
…
وعَيرٍ، ورَاقٍ في حراءَ ونازلِ
فيكون المعنى أنَّ حَرَمَ المدينة مقدارُ ما بين عَير إلى ثور.
وكلُّ هذا تعسُّفاتٌ وتخرُّصاتٌ مِمَّنْ لم يبلغهم علم ثور الموجود بالمدينة، والله أعلم.
وقولُ الزمخشريِّ
(3)
: ثورُ أطحلَ: جبلٌ بمكة بالمَفْجَر
(4)
خلفَ مكة على طريق اليمن، غيرُ جيدٍ؛ لأنَّ إضافةَ ثورٍ إلى أطحلَ إذا أريد به اسمُ الجبل غلطٌ فاضح؛ لأنَّ ثورَ أطحلَ اسمُ رجل. وهو ثور بن [عبد] مَناةَ بن أُدِّ بن طابخة
(5)
.
وأطحلُ جبلٌ بمكَّةَ، وحَلَّ
(6)
ثور بن عبد مناة عنده، فَنُسِبَ ثور بن عبد مناة إليه، فإن اعتقد أنَّ أطحل يُسَّمى ثوراً باسم ثور بن عبد مناة لم يجز، لأنَّه
(1)
عمُّ النبي صلى الله عليه وسلم، اسمه عبد مناف بن عبد المطلب، توفي بمكة قبيل الهجرة، ولم يسلم. جمهرة النسب للكلبي ص 28 - 30.
(2)
الأبيات في معجم البلدان 2/ 86، و (عمدة الأخبار) ص 286، الثالث في (سيرة ابن هشام) 1/ 218. وعجزه:(وراقٍ ليرقى في حراءَ ونازلِ) وهو أصحُّ.
(3)
في كتابه (الأمكنة والمياه والجبال) ص 42، وانظر: معجم البلدان 2/ 86.
والزمخشريُّ هو محمود بن عمر، يضرب به المثل في علم الأدب والنحو واللغة. كان معتزلي الاعتقاد، من كتبه (المُفصَّل) في النحو، وتفسير (الكشاف). توفي سنة 538 هـ. إنباه الرُّواة 3/ 265، وفيات الأعيان 5/ 168، بغية الوعاة 2/ 279.
(4)
المَفْجَرُ: موضعٌ بمكَّة ما بين الثَّنية التي يقال لها: الخضراء إلى خلف دار يزيد بن منصور. معجم البلدان 5/ 163.
(5)
جمهرة النسب للكلبي ص 286.
(6)
في معجم البلدان: وُلِد. الصحاح (طحل) 5/ 1750.
يكون من إضافة الشيء إلى نفسه، ولا يسوغه إلا أنْ يُقال: إنَّ ثوراً المسمَّى بثور بن عبد مناة شعبةٌ من شُعَب أطحل، أو قُنَّةٌ من قُنَنِهِ
(1)
.
وأمَّا اسمُ الجبل الذي بمكَّة وفيه الغار المذكور فهو ثورٌ
(2)
غير مضاف إلى شيء.
/279 وثورٌ أيضاً: وادٍ في بلاد مزينة. وثورُ الشِّبَاك
(3)
: موضعٌ آخر.
* * *
(1)
القُنَّة: الجبل الصغير. القاموس (قنن) ص 1226.
(2)
ثور: جبل ضخم جنوب مكة، وفيه غار ثور الذي اختبأ فيه النبي صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر لما هاجرا إلى المدينة. وأقاما فيه ثلاثاً. السيرة النبوية 2/ 127.
(3)
معجم البلدان 2/ 87، القاموس (ثور) ص 360، (شبك) ص 944، عمدة
الأخبار ص 286.
باب الجيم
جَاعِس،
بكسر العين المهملة، بعدها سين مهملة: أُطُمٌ
(1)
بالمدينة، ابتناه بنو حرام بن كعب بن غَنْم بن كعب بن سَلِمة. وكان موضعه في السَّهل بين الأرض
(2)
التي كانت لجابر بن عَتيك
(3)
، فصارت لحرام بن عثمان
(4)
، وبين العين التي عملها معاوية بن أبي سفيان
(5)
، كان لعمرو بن الجموح بن زيد بن حرام
(6)
.
الجُثَا،
بالضَّمِّ، وتخفيف الثَّاء المثلَّثة والقصر: موضعٌ بين فَدَك وخيبر. قال بشير أبو النعمان بن بشير
(7)
:
(1)
الأطم: القصر، وكلُّ حصن مبني بحجارة. القاموس (أطم) ص 1076.
وذكر السمهودي 4/ 1173 أنها غربي مساجد الفتح.
(2)
وقال السمهودي 1/ 202: وكانوا بين مقبرة بني سلمة إلى المذاد. وقال العياشي ص 53: مقبرة بني سلمة كانت عند مسجدهم الكبير في غربيِّ سلع، والمذاد هو المنطقة التي تعرف اليوم بجزع السيح. وأُطُم جاعس لم يبق له أثر.
(3)
صحابي أنصاري من الأوس، شهد بدراً والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت معه راية بني معاوية عام الفتح، توفي سنة 61 هـ. الاستيعاب 1/ 223، أسد الغابة 1/ 309.
(4)
الأنصاري، أحد بني سلمة، كان كثير الحديث، ضعيفاً، مات بالمدينة سنة 150 هـ. الطبقات الكبرى القسم المتمم ص 411، الضعفاء الصغير ص 38.
(5)
صحابي جليل، أسلم عام الفتح، وشهد غزوة حنين، وهو أول خلفاء بني أمية. توفي سنة 60 هـ، وأوصى أن يكفن في قميص كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كساه إياه. الاستيعاب 3/ 433، أسد الغابة 4/ 333.
(6)
صحابي أنصاري من سادات الأنصار، وكان آخر الأنصار إسلاماً، من الخزرج، استشهد يوم أحد، وكان أعرج. الاستيعاب 2/ 503، أسد الغابة 3/ 702.
(7)
هو بشير بن سعد، الخزرجي، الأنصاري، شهد العقبة الثانية، وبدراً وما بعدها. استشهد يوم عين التمر مع خالد بن الوليد بعد انصرافه من اليمامة سنة اثنتي عشرة. الاستيعاب 1/ 149، أسد الغابة 1/ 231.
لَعمرُك بالبطحاء بين معرَّفٍ
…
وبين النِّطاقِ مسكنٌ ومَحاضرُ
لَعمري لحيُّ بين دار مُزاحمٍ
…
وبين الجُثا، لا يجشم الصبر حاضرُ
(1)
والجُثا: الحجارةُ المجتمعة.
الجَثْجاثة:
موضعٌ قرب المدينة بوادي العقيق
(2)
.
روى الزُّبير قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدٍ بين
(3)
الجثجاثة، وبين بئر شدّاد في تلعة
(4)
هناك. وكان عبد الله بن سعد بن ثابت
(5)
قد اقتطع قريباً منه وبناه.
والجَثْجاثة أيضاً: ماءٌ لِغَنيٍّ
(6)
بجانب حِمَى ضَريَّة
(7)
.
الجَدَاجِدُ،
جمعُ جَدْجَدٍ، وهي الأرض المستوية: اسمُ موضعٍ قُرَيبَ المدينة، مرَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر.
وفي حديث الهجرة: أنَّ دليلهما تبطّن ذا كُشُب
(8)
، ثم أخذ بهما على
(1)
البيتان في معجم البلدان 2/ 110. جشم: تكلَّف. القاموس: (جشم) ص 1088.
(2)
وفاء الوفا 3/ 880، و 4/ 1174.
(3)
في الأصل: (بني)، وهو تحريف.
(4)
التَّلعة: ما اتَّسعَ من فوهة الوادي، والقطعة المرتفعة من الأرض. القاموس (تلع) ص 707.
…
وحدَّد السمهودي الجثجاثة أنها عند العقيق عند التلعة من ناحية البيداء. وفاء الوفاء 3/ 880، 4/ 1174.
(5)
لم أجد من ترجم له.
(6)
غنيٌّ: حيٌّ من غطفان. القاموس (غني) ص 1319، وانظر نسبه في (أنساب الأشراف) للبلاذري 13/ 249.
(7)
في الأصل: (ضرب)، وهو تصحيف.
والحِمى: الموضع الذي فيه كلأ يُحمى ممن يرعاه. وسيأتي الكلام عليه في حرف الحاء.
(8)
بوزن كُتُب. آخره باء معجمة. القاموس (كشب) ص 131، وفاء الوفا 4/ 1295.
الجَداجد وكأنها آبار، لأنَّ في الحديث أيضاً
(1)
: أتينا على بئرٍ جَدْجَدٍ.
قال أبو عبيد
(2)
: الصَّوابُ: بئرٌ جُدٌّ أي: قديمة. ويقال: بِئرٌ جَدْجَدٌ أيضاً، كما يقال في الكُمِّ: كُمْكُم، وفي الرَّفِّ: رَفْرَفٌ.
جُدُّ الأَثَافِي،
بالضَّمِّ والتَّشديد: البئر القديمة، والأثافي: جمعُ أُثْفِيَّةٍ، وهي الحجارةُ التي يوضع عليها القِدْر، وهو موضعٌ بعقيق المدينة.
جُدُّ الموَالي:
بالعقيق أيضاً، وقول الأخضر بن هُبيرة
(3)
:
.......................
…
لقد نَهِلَتْ من ماءِ جُدٍّ وعَلَّتِ
يريد به: ماءً يعرف بالجُدِّ في ديار بني عبس.
جَدْرٌ،
بسكون الدَّال لغةٌ في الجدار، وذو جَدْر: مَسْرَحٌ على ستة أميالٍ
/280 من المدينة
(4)
ناحيةَ قُباء، كانت فيها لِقَاح
(5)
رسول الله صلى الله عليه وسلم تروح عليه إلى أن أُغير عليها وأُخذت. والقصة مشهورة
(6)
.
(1)
سيرة ابن هشام 2/ 133.
(2)
في غريب الحديث 4/ 494.
(3)
شاعر جاهلي، فارس، من بني ضبة، وهو عجز بيت له، وصدره:
فلو أنَّها كانت لِقاحي كثيرةً
…
..........................
من أبيات له يهجو فيها بني عبس. معجم الشعراء ص 34. لسان العرب (جدد) 3/ 114، معجم البلدان 2/ 113.
(4)
قال السمهودي 4/ 1174: وسيل بُطحان يأخذ من ذي الجَدْر. وحدَّده العياشي في كتابه (المدينة بين الماضي والحاضر) ص 497 فقال: الجدْرُ: قاعٌ منخفض في الحرَّة في الجنوب الشرقي من المدينة، وهو يبعد عن مسجد المصلَّى بتسعة كيلو مترات تماماً عن طريق مسجد قباء ثم الحرة جنوباً، ويُترك قصر كعب بن الأشرف على يسار الذاهب، ويتجه جنوباً شرقياً حتى يصل إلى القاع المذكور، فيتم الكيلو التاسع عند الجبل الذي هو ذو الجدر.
(5)
اللَّقاح: جمعُ لَقُوح، وهي الإبل. القاموس (لقح) ص 239.
(6)
رواها البخاري من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه:
…
في المغازي، باب غزوة ذات القَرَد، رقم:4194. وانظر: سيرة ابن هشام 3/ 227.
جُذْمَان،
مثال عثمان، والذَّال معجمة: موضعٌ فيه أُطُمٌ من آطام المدينة سُمِّي بذلك؛ لأنَّ تُبَّعاً
(1)
كان قد قطع نخله لما غزا يثرب، والجَذْمُ: القَطْعُ. قال قيس بن الخطيم
(2)
:
كأنَّ رؤوسَ الخَزْرَجِيِّينَ إذ بدَتْ
…
كتائبنُا تَتْرَى مع الصُّبح، حَنْظَلُ
ولا تقربوا جُذْمان إنَّ حِرَارَه
…
وجنَّتَه تأذَى بكم فتحمَّلوا
أَذِيَ يأذَى بمعنى: تأذّى يتأذّى.
الجُرْفُ،
بالضَّمِّ ثمَّ السُّكون
(3)
: موضعٌ على ثلاثة أميالٍ من المدينة، من جهة الشام كانت بِها
(4)
أموالٌ لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولأهل المدينة، وفيها بئرُ جُشَم، وبئر جمل.
قالوا: سُمِّي الجُرف؛ لأنَّ تُبَّعاً مرَّ به فقال: هذا جرف الأرض، وكان يسمى العِرْض
(5)
قبل ذلك، وفيه قال كعب بن مالك
(6)
:
إذا ما هبطنا العِرْضَ قال سَراتُنا:
…
عَلامَ إذا لم نمنع العِرضَ نزرعُ؟
(1)
تُبَّع بن حسان: ملكٌ من ملوك اليمن، وهو أوَّل من كسا الكعبة، ورد ذكره في القرآن الكريم. انظر بعض أخباره في سيرة ابن هشام 1/ 35 - 41، المعارف ص 634.
(2)
ديوانه ص 138 من قصيدة له لما انتصر الأوس على الخزرج يوم بُعاث، وفيه:(إنَّ حَمامَه). وقيسٌ شاعرٌ مُجِيدٌ، فحلٌ، أدرك الإسلام، ولم يسلم. معجم الشعراء ص 321.
(3)
وبضم الجيم والراء أيضاً. وفاء الوفا 4/ 1175، وهو على بعد ثلاثة أميال من المدينة في الطريق إلى تبوك، عنده المشفى العام الآن، وهو حيٌّ من أحياء المدينة.
(4)
أي: بالبقعة والمنطقة.
(5)
في الأصل: (العرف)، وهو تصحيف.
(6)
صحابي جليل، شهد بيعة العقبة، وهو من الخزرج، كان شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، وتخلف عن غزوة تبوك، مات في خلافة علي رضي الله عنه. أسد الغابة 4/ 187، الاستيعاب 3/ 286.
والبيت من قصيدة له قالها يوم أُحد يردُّ على هبيرة بن أبي وهب، وهو في ديوانه ص 223، سيرة ابن هشام 3/ 95، معجم البلدان 2/ 128، معجم ما استعجم 1/ 377 أنساب الأشراف 5/ 255، وتحرّف في الأصل إلى:(جنطنا).
وله ذِكرٌ في غير ما حديث. قال كعبُ بن الأشرف اليهوديُّ
(1)
:
ولنا بئرٌ رِوَاءٌ جَمّةٌ
…
مَنْ يَرِدْها بِإنَاءٍ يَغْترِفْ
تُدْلجُ الجَرْفَ
(2)
على أكنَافِها
…
بِدِلاءٍ ذاتِ أمراسٍ صُدُفْ
كلُّ حاجاتي [بها]
(3)
قضَّيتُها
…
غيرَ حاجاتي على بَطْن الجُرُفْ
قال الزُّبير: بعث تُبَّعٌ رائداً ينظر إلى مزارع المدينة، فأتاه فقال: قد نظرتُ، فأما قَناةُ
(4)
فحَبٌّ بلا تِبْنٌ، وأما الحرارُ فلا حَبٌّ ولا تِبنٌ، وأمَّا الجُرُف فالحبُّ والتِّبن.
قال: وذكر أهلُ العلم أنَّ الجرف ما بين محجَّة الشَّام
(5)
إلى القصَّاصين
(6)
.
ورُوي أنَّ عثمان بن عفان
(7)
رضي الله عنه-أنه خلَجَ خليجاً حتى صبَّه
(1)
من شعراء اليهود في المدينة، كان له حصن مشهور، أصله من طيء، وأمه من بني النضير. كان يُحرِّض المشركين بعد بدر على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه رسول الله محمد بن مَسلمة فاستنزله من حصنه وقتله. نسب معد 1/ 378. وانظر خبر ذلك في سيرة ابن هشام 3/ 12 - 18. والأبيات في معجم البلدان 2/ 128.
رِوَاءٌ: كثيرٌ مُرْوٍ. القاموس (روى) ص 129. جمة: عظيمة. القاموس (جمم) ص 1089.
الحرف: الناقة. القاموس (حرف) ص 799، وتحرفت في الأصل إلى:(الجرف). الأمراس: الحبال، جمع مرسة. القاموس (مرس).
(2)
هكذا في الأصل، وفي معجم البلدان: الجون.
(3)
مابين معقوفين من معجم البلدان 2/ 128.
(4)
وادٍ في المدينة، سيأتي ذكره في حرف القاف.
(5)
هو الطريق الذي كان يسلكه الحاجُّ الشاميُّ، حين كانت الركوب والقوافل، وهو يأتي من وادي مخيض، وقبله البوير، ثمَّ يُنيخ الركب الشاميُّ في آخر منطقة الجرف، مما يلي غرابات وغراب الضائلة (جبل الحبشة اليوم). المدينة بين الماضي والحاضر ص 454.
(6)
هم صناع القَصَّة، وهي الجِصُّ.
(7)
صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من السابقين للإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة. وثالث الخلفاء الراشدين. استشهد سنة 35 هـ. أسد الغابة 3/ 480، الإصابة 2/ 462، الرياض النضرة 3/ 5.
في باطن بُكُر
(1)
من
الجُرف،
وجعله لبناته من نائلة بنت الفُرافصة
(2)
، وكان قد جيء بسبي من بعض الأعاجم، ثلاثة آلاف رجل فطرحهم فيه يعملون، فلما طال على المسلمين ذلك جاؤوه فكلموه في سبيهم، فقالوا: اقسم علينا سهامنا. فأبى عليهم، ثم جاؤوه فكلموه فأبى عليهم، فلما أكثروا عليه قال: من أحبَّ أن يأخذ فليذهب فليبذل بذلهم.
والجُرفُ أيضاً: موضعٌ قربَ مكة، به كانت وقعةٌ بين هُذَيل وسُليم.
والجُرفُ/281: موضعٌ بالحيرة.
والجُرفُ: موضعٌ باليمامة.
والجُرفُ: موضعٌ باليمن.
والجُرفُ لغةً: ما تَجْرِفُه السُّيول فأكلته من الأرض. وقيل: الجُرفُ: عُرْضُ الجبل الأملس، وقيل: جُرفُ الوادي ونحوه من أسناد
(3)
المسايل، إذا نجخ
(4)
الماء في أصله فاحتفره، وصار كالدَّحْل
(5)
وأشرف أعلاه، فاذا انصدع أعلاه فهو هارٍ.
جُلَيَّة،
بلفظ تصغير الجَلِيِّ، وهو الواضح: موضعٌ قرب وادي القرى
(6)
من وراء بَدَا وشَغْبٍ
(7)
.
(1)
بُكُر: جمع مبكار، وهي الأرض السريعة الإنبات. القاموس (بكر) ص 354.
(2)
كانت من التابعين. روت عن عائشة رضي الله عنها. الطبقات الكبرى 8/ 483.
(3)
الأسناد جمع سَنَد، وهو ما قابلك من الجبل. وعلا عن السفح. القاموس (سند) ص 290.
(4)
يقال: نجخ السيل: دفع في سند الوادي فحذفه في وسط الماء. القاموس (نجخ) ص 261.
(5)
الدَّحل: المصنع يجمع الماء. القاموس (دحل) ص 998.
(6)
يبعد عن المدينة 350 كم، ويعرف اليوم بوادي العُلا. المعالم الأثيرة ص 224.
(7)
بدا وشغب مكانان تابعان لمحافظة الوجه، وسيأتي الكلام عليهما في مادة (الحجاز).
جَرُّ هشام:
هي سقايةٌ اصطنعها هشام بن إسماعيل
(1)
بالرَّائعِ
(2)
، كانت توضع فيها جِرارٌ كبار يستقي منهن الناس.
مرَّ هشام بن عبد الملك
(3)
عليها فقيل له: يا أمير المؤمنين، هذه جِرارُ جدِّك هشام، فأمر بمصلَحِتها
(4)
وما يُقيمها من بيت المال، فكانت توضع هنالك جرار يستقي بهن الناس.
جِفَاف،
بالكسر وبفاءين: موضعٌ أمام العوالي
(5)
.
قال الزُّبير: وأمَّا مهزورٌ فيأتي من بني قُرَيظة، وأما بُطحان فيأتي من صدور جِفاف.
الجَمَّاء،
بالفتح وتشديد الميم، وبالمدّ: الملساء، والجَمَّاءُ أيضاً: المرأةُ التي كَثُرَ اللَّحم على عظامها، وشاةٌ جمَّاءُ: لا قَرْنَ لها.
والجمَّاء: جبلٌ بالمدينة، على ثلاثة أميال من ناحية العقيق، إلى الجُرف.
قال الزَّمخشريُّ
(6)
: الجمَّاءُ: جبلٌ بالمدينة، سميت بذلك لأن هنالك
(1)
هشام بن إسماعيل المخزومي، من أهل العلم والرواية. ولي المدينة لعبد الملك بن مروان سنة 82 هـ. وهو من الطبقة الثانية من التابعين. الطبقات الكبرى 5/ 244، وله أخبارٌ في شرح الحماسة للتبريزي 1/ 113، الكامل لابن الأثير 4/ 476 وما بعدها.
(2)
الرائع، بالهمزة، وتبدل ياء، ثم بعدها عين مهملة: موضع بالعقيق. وفاء الوفا 4/ 1215.
(3)
الخليفة الأموي، استخلف سنة 105 إلى أن مات سنة 125 هـ. كان عاقلاً، حازماً، سائساً، فيه ظلم وعدل. مروج الذهب 2/ 142، الكامل 5/ 261،
سير أعلام النبلاء 5/ 351.
(4)
تحرّفت في الأصل إلى: (بمصلحها).
(5)
عند السمهودي: معروف بالعالية. وبيَّن العياشي في كتابه (المدينة بين الماضي والحاضر) ص 412 أن المقصود هو منطقة قربان، وقال ص 413: أما صدرُ جِفاف فالمقصود به حرَّة قربان التي فيها أمّ أعشر، وأمّ أربع، وحصن كعب بن الأشرف.
(6)
في كتاب (الجبال) ص 50.
جبلين هي أقصرهما، فكأنَّها جمَّاء.
وقال أبو الحسن المهلبيُّ
(1)
: هما جمَّاوان، وهما هضبتان عن يمين الطريق، للخارج من المدينة إلى مكة.
قال حسَّان
(2)
:
وكنَّا بأكناف العقيقِ وئِيدَه
(3)
…
نخطُّ من الجمَّاء رُكنا يلملما
وعن عمرو بن سليم الزُّرَقي
(4)
قال: وجدتُ حجرين طويلين على رأس
الجمَّاء على قبر إِرَميٍّ
(5)
، قال: فعرضناهما على أهل الكتب: التوراةِ والإنجيلِ وغيرهما فلم يعرفوهما، فأتانا رجلان من أهل ماه
(6)
، فعرضناهما عليهما فقالا: مكتوب في أحد الحجرين: أنا عبد الله الأسود رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم عيسى ابن مريم إلى أهل قرى عربية
(7)
. قال: وقالا: كنَّا سُكَّانها في
(1)
علي بن أحمد، كان إماماً في النحو واللغة، ورواية الأخبار. أخذ عن أبي إسحاق النَّجيرمي، وكان له اختصاصٌ بالمعزّ الفاطمي في مصر، والعزيز كذلك. مات سنة 385 هـ. معجم الأدباء 12/ 224، إنباه الرواة 4/ 464.
(2)
حسان بن ثابت، شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الأنصار الخزرج، عُمِّر، فقد جاوز المائة وتوفي قبل سنة أربعين في خلافة عليّ بن أبي طالب. أسد الغابة 1/ 383، الإصابة 1/ 326.
والبيت في ديوانه ص 421، وروايته فيه:
وكادَ بأكنافِ العقيقِ وَئيدُه
…
يحطُّ من الجمَّاء رُكناً مُلَمْلَما
(3)
في الأصل: (ومدّه)، وهو تصحيف، وصوابه: وئيده، وهو شدة صوت الرعد.
(4)
من الخزرج، تابعيٌّ. روى عن عمر بن الخطاب، وقد راهق الاحتلام، وعن أبي قتادة، وأبي حميد الساعدي، وكان ثقة قليل الحديث. طبقات ابن سعد 5/ 72.
(5)
في الأصل: (أرميا) وأرميا نبيٌّ من أنبياء بني إسرائيل، تصحّف عن إرميّ.
(6)
عليها في الأصل علامة توقف، واللفظة صحيحة لا إشكال فيها. قال الزمخشري: ماه وجور: اسما بلدتين بأرض فارس، وأهل البصرة يسمون العقبة بماه، فيقولون: ماه البصرة، وماه الكوفة، كما يقولون: قصبة البصرة، وقصبة الكوفة. معجم البلدان 5/ 49.
(7)
في تاريخ ابن شبَّة 1/ 149، و الدرة الثمينة لابن النجار ص 70: إلى أهل هذه القرية، وهو أصحُّ.
أُسِّ
(1)
الزمان.
وفي لفظ: وجدوا قبراً إِرَميا
(2)
على رأس جمَّاءِ أمِّ خالد مكتوب عليه: أنا أسود ابن سوادة رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل هذه القرية.
وفي لفظ: وجدوا قبراً بالجمَّاء عليه مكتوب
(3)
، فهبط بالحجر، فقرأه رجل من أهل اليمن فإذا فيه: أنا عبد الله رسولُ رسولِ الله سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام إلى أهل يثرب، وأنا يومئذ على الشمال.
وفي الحديث: «لا تقوم الساعة حتى يقتتل رجلان في موضع فسطاطيهما في قُبُل الجمّاء»
(4)
.
/282 وفي كتاب أحمد بن يحيى
(5)
: الجمّاوات ثلاثةٌ بالمدينة، منها: جمَّاء تُضَارِعَ التي تسيل إلى قصر أم عاصم، وبئر عروة، وما والى ذلك، وفيها يقول أُحيحة
(6)
:
(1)
يقال: كان ذلك على أسِّ الدهر، أي: على قِدمه ووجهه. القاموس (أسّ) ص 530.
(2)
أي: منسوباً إلى إِرَم، بلدةِ قوم عادٍ. وفي الأصل:(قبر أرميا).
(3)
فوقها علامة التوقف (ط)، فلو قدِّر اللفظ:(شيءٌ مكتوبٌ)، لاستقام المعنى، فيكون مكتوب صفةً لموصوفٍ محذوف.
(4)
وفي الأصل هنا اختلاط فبعد: وقبل الجماء،:(التي تسيل على قصر محمد بن عيسى الجعفري، وماوالى ذلك، إني والمشعر الحرام وماحجت حمير وما نحروا). وليس له معنى هكذا؟!، وسيأتي الكلام عليه بعد حاشيتين. والحديث نسبه السمهودي 3/ 1065 لابن زبالة، والأحاديث التي ينفرد بها لا تقوم بها حُجَّة.
(5)
أحمد بن يحيى البلاذري، المؤرخ، والأديب، له (فتوح البلدان)، جالس الخليفة المتوكل، واختلط آخر عمره. توفي بعد 270 هـ. سير أعلام النبلاء 13/ 16، فوات الوفيات 10/ 155، الوافي بالوفيات 8/ 239.
(6)
أُحيحة بن الجُلاح، شاعر جاهلي، وهو سيد الأوس في زمانه. الأغاني 13/ 114، والبيتان في معجم البلدان 2/ 159، وفاء الوفا 3/ 1063.
والبيت الأول جاء قبل أسطر في غير محله مع بعض السقط في الأصل. كما ذكرنا في الحاشية (1).
[إني-والمشعرِ الحرام، وما
…
حجَّتْ قريشٌ له، وما نحروا]
لا آخذُ الخطَّةَ الدَّنِيةَ ما
…
دام يُرى من تُضَارِعٍ حَجَرُ
ومنه مَكْمَن
(1)
الجمَّاء، وفيه يقول سعيد بن عبد الرحمن بن حسان
(2)
:
عفا مَكمنُ الجمَّاءِ من أمِّ عامر
…
فسلعٌ عفا عنها فحَّرةُ واقمِ
والجمَّاء الثانية: جماء أُمّ خالد [التي تسيل على قصر محمد بن عيسى الجعفري،
وما والاه، وفي أصلها]
(3)
بيوت الأشعث، من أهل المدينة، وقصر يزيد بن عبدالملك النوفلي، وفَيْفَاء الخبار من جمَّاء أم خالد
(4)
.
والجمّاء الثالثة: جمّاء العاقل
(5)
، بينها وبين جمّاء أُم خالد فسحةٌ، وهي تسيل على قصور جعفر بن سليمان
(6)
، وما
(1)
هكذا في الأصل، ويؤيده البيت بعد، لكن ضبطها في (القاموس): مُكَيْمِن، كَمُعَيْقِل (كمن) ص 1228.
(2)
حفيد حسان بن ثابت، كان شاعراً، قليل الحديث، جالس خلفاء بني أمية. الطبقات الكبرى القسم المتمم ص 131، الأغاني 2/ 168، و 7/ 158. والبيت في معجم البلدان 2/ 159، وسيأتي ثانية في مادة: (مكمن).
(3)
ما بين المعقوفين تقدَّم موضوعاً في غير محلِّه، وهنا محلُّه الصحيح، وفاء الوفا 3/ 1064. ومابين المعقوفين زيادة ضرورية من وفاء الوفا.
(4)
قال العياشي ص 452: جماء أمُّ خالد، وتعرف قديماً وحديثاً بالوسطى، وهي من الصخر الغرانيتي الأحمر القاني، وتُشكِّلُ جبلاً قليل الرُّؤوس طوله في مثل عرصة يُطلُّ على الجُرف من شماله، كما يُطلُّ على البيداء من المغرب، ويُطلُّ على العقيق مما يلي قصر عروة من مشرقه، وفي شماله يقع جبيل سُفَر ناحية الجامعة الإسلامية اليوم.
(5)
قال السمهودي 3/ 1065: جمَّاء العاقر، بالرَّاء، كما في كتاب ابن شبَّة وغيره، وفي بعض نسخ ابن زبالة والهَجَريّ و (معارف العقيق) للزبير: باللاَّم: العاقل.
(6)
جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس. سيد بني هاشم في زمنه، ولي المدينة سنة 146 هـ، ثم مكة معها، ثم عزل فولي البصرة للرشيد، مات سنة 174 هـ. تاريخ خليفة ص 422، سير أعلام النبلاء 8/ 239.
والاها
(1)
، وإحدى هذه الجماوات أراد أبو قَطيفة
(2)
بقوله
(3)
:
القصرُ والنّخلُ والجَّماءُ بينهما
…
أشهى إلى القلب من أبوابِ جيرونِ
(4)
إلى البَلاطِ، فما جازت قرائنُه
…
ذَودٌ نَزَحْنَ عن الفحشاءِ والهُونِ
قد يكتم النَّاسُ أسراراً وأَعلمُها
…
وليس يدرون طول الدْهرِ مكنوني
جُمْدَانُ،
بالضمِّ ثمَّ السُّكون، وإهمال الدَّال تثنية جُمْدٍ، والجُمْد: قارةٌ
(5)
ليست بطويلة في السماء، وهي غليظةٌ تغلظ مرة وتلين أخرى تُنبت الشجر، سميت جُمداً من جُمودها ويبسها، والجُمْد: أضعف
(6)
الآكام، يكون مستديراً صغيراً، والقارة مستديرة صغيرة طويلةٌ في السماء، لا ينقادان في الأرض، وكلاهما غليظ الرأس، ويُسمَّيان جميعاً أَكَمَة
(7)
.
وجُمْدان ها هنا كأنه تثنية جُمْدٍ، يدلُّ عليه قول جرير
(8)
لما أضافه إلى
(1)
وهذه الجمَّاوات الثلاثة هضاب سودٌ كبار، قائمة بطرف العقيق على شفيره الغربي، وما زالت موجودة، وأقربها إلى المدينة جمَّاء تضارع، وبحذائها غرباً بشمال جمَّاء أم خالد، فجمَّاء العاقر. آثار المدينة المنورة للأنصاري ص 222. ووقع في الأصل:(وماوالى واحد منها)؟! ولا تستقيم.
(2)
عمرو بن الوليد، شاعر أموي، كثير الحنين إلى وطنه بالمدينة لما أخرجه ابن الزبير عنها مع من أخرج من بني أمية، ونفاهم إلى الشام. معجم الشعراء ص 240.
(3)
الأبيات في تاريخ ابن شبة 1/ 298، معجم الشعراء ص 240، معجم البلدان 2/ 159، عمدة الأخبار ص 290.
(4)
أي: دمشق، فهي فيها. والقرائن: الدُّور يستقبل بعضها بعضا. القاموس (قرن) ص 1224. الذُّود: الإبل. القاموس (ذود) ص 281. نَزحْنَ: بَعُدْنَ. القاموس: (نزح) ص 244.
(5)
القارة: الجُبيل الصغير المنقطع عن الجبال. اللسان (قور) 5/ 121.
(6)
هكذا في الأصل، وفي التهذيب: أصغر، وهو أصحُّ.
(7)
المادة اللغوية منقولة من تهذيب اللغة للأزهري 10/ 678.
(8)
جرير بن عطية، من فحول الشعراء في العصر الأموي، له مهاجاة كثيرة مع الفرزدق. توفي سنة 110 هـ. الشعر والشعراء ص 304، سير أعلام النبلاء 4/ 590.
نعامة أسقط النُّون فقال
(1)
:
طرِبتُ وهاجَ الشَّوقَ مَنْزلةٌ قَفْرُ
…
تُرَاوحَها عصرٌ خلا دونَه عَصرُ
أقول لعمروٍ، يوم جُمدي نعامةٍ:
…
بك اليوم بأسٌ لا عزاءٌ ولا صبرُ
هذا إن كان جرير أراد الموضع الذي في الحديث، وإلا فمراده أكمتا أو قارتا نعامة، فيكون وصفاً لا عَلَماً.
فأمَّا الذي في الحديث فقد صحَّفه يزيد بن هارون
(2)
، فجعل بعد الجيم نوناً.
وصحَّفه بعضُ رُواة مسلم فقال: حُمران بالحاء والراء، وهو من منازل أسلم بين قُدَيد وعُسْفان
(3)
. قال أبو بكر بن موسى
(4)
: جُمْدانُ: جبلٌ بين ينبع والعِيص، على ليلة من المدينة
(5)
.
وقيل: جُمدان: وادٍ بين ثنية غزال وأمج. وأَمَج من أعراض المدينة
(6)
.
(1)
البيتان في ديوانه ص 196 من قصيدة يهجو بها بني ربيعة، معجم البلدان 2/ 161.
(2)
أبو خالد السُّلمي، شيخ الإسلام، كان رأساً في العلم والعمل، ثقةً، حُجَّةً. سمع من عاصم الأحول، وسليمان التيمي، وروى عنه أبو بكر ابن أبي شيبة وغيره. توفي سنة 206 هـ. طبقات ابن سعد 7/ 314، سير أعلام النبلاء 9/ 358، معجم مااستعجم 1/ 392.
(3)
قُديد بين مكة والمدينة، تبعد عن المدينة 300 كلم. وتبعد عسفان عن مكة 75 كلم.
(4)
محمد بن موسى الحازمي، الإمام الحافظ، النَّسابة البارع، سمع من أبي الوقت السجزي، تفقه في مذهب الشافعي. له كتاب (الناسخ والمنسوخ) و (المؤتلف والمختلف في أسماء البلدان). توفي سنة 584 هـ. وفيات الأعيان 4/ 294، طبقات الشافعية الكبرى 7/ 13، سير أعلام النبلاء 21/ 167.
(5)
ما اتفق لفظه 1/ 410.
(6)
نقل السمهودي عن الأسدي أنَّ أمج بعد خليص، بجهة مكة بميلين. وذكر أولاً أنَّ أمج من أعراض المدينة. وفاء الوفا 4/ 1130.
وفي الحديث
(1)
: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على جُمدان، فقال:«(سيروا، هذا جُمدان، سبق المُفَرِّدون» .
وقال الأزهريُّ
(2)
: قال أبو هريرة /283 رضي الله عنه: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم في طريق مكة على جبلٍ يقال له: بُجدان
(3)
. هكذا عنده بالباء، وغيرُه رواه كما تقدم.
قال ياقوت
(4)
: وأنا لا أدري ما الجامع بين سبق المفردين ورؤية جمدان؟ ومعلومٌ أن الذاكرين كثيراً والذاكرات سابقون، وإن لم ير جمدان، ولم أر أحداً ممن فسر الحديث ذكر في ذلك شيئاً.
قال مؤلِّفه الملتجئُ إلى حرم الله تعالى محمد الفيروزآبادي: يحتمل أن يقال: لا يخلو أن يصحح أنَّ جُمدان وادٍ، كما ذكره أبو بكر بن موسى عن بعضهم، أو جبل كما قاله الأكثرون. وعلى التقديرين فالسُّنَّة في صعود الجبل التكبير، وفي الهبوط في الأودية ونحوها: التسبيح، فلمَّا أشرف صلى الله عليه وسلم على محل ذكر الله تعالى، نَبَّههم على ذلك، بقوله صلى الله عليه وسلم:«سبق المفردون» وأشار به إلى أنَّ
(1)
عن أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه: أخرجه مسلم في الذكر والدعاء، باب الحث على ذكر الله تعالى، رقم: 2676، 4/ 2062. فقالوا: يا رسول الله: ومن المُفَرِّدون؟ قال: «الذَّاكرون الله كثيراً والذَّاكرات» . قال النووي في شرح مسلم 17/ 4: هكذا الرواية فيه: المُفَرِّدون، بفتح الفاء وكسر الرَّاء المشددة، وهكذا نقله عياض عن متقني شيوخهم، وذكر غيره أنه روي بتخفيفها وإسكان الفاء.
(2)
أبو منصور محمد بن أحمد. من كبار علماء العربية، قرأ على ابن السراج، وروى عنه أبو عبيد الهروي، أَسَرَتْهُ الأعرابُ مُدَّةً، فاستفاد لغتهم، من مؤلفاته (تهذيب اللغة). توفي سنة 370 هـ. معجم الأدباء 17/ 164، بغية الوعاة 1/ 19.
(3)
ليس في (تهذيب اللغة) مادة (بجد).
(4)
في معجم البلدان 2/ 161.
الإكثار من ذكر الله عز وجل في كلِّ حال لا سيما في المواضع المندوبة إليه شيمةُ أهل التحقيق، ومن موجبات التقدم والسبق في مسالك الطريق.
ويحتمل أن يقال: لما كانت الجبال من بين سائر الجمادات قد خُصَّت بالأمر بالتَّسبيح والذِّكْر في قوله تعالى
(1)
: {يا جبالُ أَوِّبي معه والطَّير} ، وقال زيد بن عمرو العدوي، أو ورقة بن نوفل
(2)
:
سبحانَ ذي العرش سُبحاناً يدومُ له
…
وقبلنا سبَّح الجوديُّ والجُمُدُ
و [لما
(3)
] نظر صلى الله عليه وسلم إلى جُمدان ذَكَرَ ذِكْرَ الجُمُد وتسبيحَه في القديم من الأزمان فذكرهم بذلك، وأنّ هذا تثنية الجُمد المذكور في أشعار الجاهلية بتسبيح الله تعالى وذِكْرِه، مع كونه جماداً، فأنتم أولى بذلك وأحرى، لأن ذلك سببُ السبق والتَّقدم في الأولى والأخرى.
جَمَلٌ، بالتَّحريك بلفظ الجمل للبعير: بئرُ جَملٍ بالمدينة، وقد تقدَّم ذكره.
ولَحْيُ جَمَل: موضعٌ بين مكة والمدينة، وهو إلى المدينة أقرب، وهناك احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع
(4)
.
(1)
سورة (سبأ) آية رقم: 10.
(2)
البيت في الأغاني 3/ 15، وذكر تتمة الأبيات وأنه قالها في تعذيب بلال، وذكرها في معجم البلدان 2/ 161، مع ذكر الخلاف في نسبته، و وفاء الوفا 3/ 1178، ونسبه في اللسان (جمد) 3/ 132، لأمية بن أبي الصلت. وزيد بن عمرو، وورقة بن نوفل من الحنفاء في الجاهلية الذين لم يعبدوا الأصنام. المعارف ص 245 - 59.
(3)
زيادة لابدّ منها لتمام المعنى.
(4)
عن ابن بحينة رضي الله عنه: قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم بِلَحْي جَمَل. أخرجه البخاري، في جزاء الصيد، باب الحجامة للمحرم، رقم:1836.
…
ومسلم، في الحج، باب جواز الحجامة للمحرم، رقم:1203.
ولَحْيُ جَمَلٍ أيضاً: بين المدينة وَفْيد
(1)
على طريق الجادَّة بينه وبين فيد عشرة فراسخ.
ولَحْيُ جَمَلٍ أيضاً: موضعٌ بين نجران وتَثْلِيث
(2)
.
ولحيا جمل بالتثَّنية: جبلان بالمدينة
(3)
من ديار قُشير.
وعين جمل: ماءٌ قرب الكوفة.
وجَمل: موضعٌ في رمل عَالج.
الجَمُومُ،
بالفتح: ماءٌ بين قباء
(4)
ومَرَّان على جهة طريق البصرة.
والجَمُوم أيضاً: أرضٌ لبني سُليم، وبها كانت إحدى غزوات النبيِّ صلى الله عليه وسلم أرسل إليها زيد بن حارثة رضي الله عنه غازياً
(5)
.
الجِنَابُ،
بالكسر: موضع بِعَراض
(6)
خيبر.
وقيل: هو من منازل بني مازن.
(1)
قال ياقوت 4/ 282، فَيْد: بُليدةٌ في نصف طريق مكة من الكوفة، عامرة إلى الآن، يُودعُ الحاج فيها أزوادهم وما يثقل من أمتعتهم عند أهلها.
(2)
موضع بالحجاز قرب مكة. معجم البلدان 2/ 15.
(3)
هكذا في الأصل، وفي وفاء الوفا 4/ 1296، وصوابه: جبلان باليمامة، كما نصَّ عليه المؤلف في القاموس (جمل) ص 979، وكذا في معجم البلدان 1/ 162، عمدة الأخبار ص 292.
(4)
ليس المراد بها قباء التي بالمدينة، بل على طريق البصرة، كما نبَّه على ذلك السمهودي في (وفاء الوفا) 4/ 1178، والعباسي في (عمدة الأخبار) ص 292. ومَرَّان بفتح الميم: يبعد عن مكة ثمانية عشر ميلاً بجهة البصرة. معجم البلدان 4/ 94.
(5)
انظر خبر هذه السرية في (السيرة النبوية) لابن هشام 4/ 258، وسيلة الخليل إلى بعوث صاحب الإكليل للشنقيطي ص 68.
(6)
العِرَاضُ جمع عُرْض، وهو النَّاحية. القاموس (عرض) ص 645.
وقال نصرٌ /284: الجِنَابُ: من ديار بني فزارة بين المدينة وفَيْد، قال ابن هَرْمةَ
(1)
:
فاضت على إِثرهم عيناك دمعُهما
…
كما تتابعَ يجري اللُّؤلؤُ النَّسَقُ
فاستبقِ عينيك لا يُودِي البكا بهما
…
واكففْ بوادرَ دمعٍ منك يستبقُ
ليس الشُّؤونُ وإنْ جادَتْ بباقيةٍ
…
ولا الجفونُ على هذا ولا الحَدَقُ
بانوا بأدماءَ من وحش الجَنابِ لها
…
أحوى أُخينسُ في أَرْطاته حَزَقُ
وقال سُحيم بن وَثيل الرِّياحيُّ
(2)
:
تُذكِّرني قيساً أمورٌ كثيرةٌ
…
وما اللَّيلُ ما لم ألقَ قيساً بنائمِ
تحمَّلَ من وادي الجِنابِ فناشني
…
بأجمادِ جوٍّ من وراءِ الخَضَارِم
وجِنَابُ الحنظل: موضعٌ باليمن.
جُنَفاءُ،
بالتحريك والمدِّ والقصر، وبضمِّ أوَّله أيضاً في الحالتين، وكأنَّ أصله من الجَنَف، وهو الميل. قال زبَّان بن سيَّار الفزاريُّ
(3)
:
(1)
إبراهيم بن هرمة، شاعر عباسيّ، مات بالمدينة ودفن بالبقيع، وكان مُغرماً بشرب النبيذ. الشعر والشعراء ص 507، الأغاني 4/ 101. والأبيات في ديوانه ص 152، معجم البلدان 2/ 164، الأغاني 5/ 168 من قصيدة يمدح بها عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، وقيل: هي لطُريح الثقفي يمدح بها الوليد بن يزيد، الحماسة البصرية 2/ 145، شرح الحماسة للتبريزي 3/ 125.
(2)
شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام، كان رئيس قومه، جرت بينه وبين غالب بن صعصعة جد الفرزدق منافرة، ومعاقرة للإبل. وفيات الأعيان 6/ 86 - 87، الإصابة 2/ 110. والبيتان في معجم البلدان 2/ 164. والأول في وفاء الوفا 4/ 1179. الخضارم: موضعٌ من ناحية اليمامة. كما في المعجم.
(3)
شاعر جاهلي، من سادات بني فزارة، كان زمن النعمان بن المنذر، وأحد أصحاب المفضليات والأصمعيات. الأغاني 11/ 52.
والبيتان في معجم البلدان 2/ 172، شرح أبيات سبويه 2/ 412، فرحة الأديب ص 153، والأول في (العباب). لسان العرب (جنف) 9/ 34، معجم ما استعجم 1/ 398، ونسبه لابن مُقبل، ولم يُصب في ذلك. طوَّح: تَاهَ.
فإنَّ قلائصاً طوَّحْنَ شهراً
…
ضلالاً ما رحلْنَ إلى ضلالِ
رحلتُ إليك من جَنَفاءَ حتى
…
أنخْتُ حيالَ بيتك بالمطالي
وأنشدوا على المقصور قولَ الرَّاجز
(1)
:
إذا بلغْتِ جَنفا فنامي
…
واستكثري ثَمَّ من الأحلامِ
وذكر موسى بن عقبة
(2)
، عن ابن شهاب
(3)
قال: كانت بنو فزارة ممَّن قدم على أهل خيبر ليعينونهم، فراسلهم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يعينوهم، وسألهم
(4)
أن يخرجوا عنهم، ولكم من خيبر كذا وكذا. فأبوا، فلما فتح الله خيبر أتاه من كان هنالك من بني فزارة فقال: حظَّنَا والذي
(5)
وعدتنا. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حظّكم» أو قال: «لكم ذو الرُّقيبة»
(6)
لجبلٍ من جبال خيبر.
فقالوا: إذن نقاتلك؟ فقال: «موعدكم جَنَفاء» ، فلما سمعوا بذلك خرجوا هاربين
(7)
.
والجَنَفاء أيضاً: موضعٌ بين خيبر وفيد.
(1)
الرَّجز في فرحة الأديب ص 156، معجم البلدان 2/ 172.
(2)
من صغار التابعين، أدرك عبد الله بن عمر وجابر رضي الله عنهم، كان ثقة، قليل الحديث، كان بصيراً بالمغازي النبوية. وهو أوَّلُ مَنْ صنف فيها، روى عنه الإمام مالك، وتوفي سنة 141 هـ. طبقات خليفة 267، الجرح والتعديل 8/ 154، سير أعلام النبلاء 6/ 114.
(3)
محمد بن مسلم بن شهاب الزُّهري، حافظ زمانه، من أئمة التابعين الصغار. روى عن سهل بن سعد وأنس بن مالك، وروى عنه عطاء بن أبي رباح، وعمر بن عبد العزيز. توفي سنة 124 هـ. طبقات خليفة 261، الجرح والتعديل 8/ 71، سير أعلام النبلاء 5/ 326.
(4)
تحرَّفت في الأصل إلى: (وسألوهم).
(5)
تحرَّفت في الأصل إلى: (والتي).
(6)
ذكر الشيخ حمد الجاسر (المغانم 95): أنه جبل مطلّ على خيبر من الناحية القرية الشمالية، يسمى الآن أم رقبة، يقع شمال عطوة.
(7)
انظر: الواقدي 2/ 639، وابن هشام 3/ 461 - 462.
و
ضِلَعُ الجَنَفاء:
موضعٌ بين الرَّبذة
(1)
وضرَّيةَ، من ديار مُحارب، على جادَّة اليمامة إلى المدينة.
الجُنَيْنَة،
تصغيرُ جَنَّة، وهي الحديقة والبستان: وهي من منازل عقيق المدينة. قال خُفَاف ابنُ نُدْبةَ
(2)
:
/285 فأبدى بشيرُ الحجِّ منها مَعاصماً
…
ونحراً متى يحللْ به الطيبُ يُشْرَقِ
وغُرَّ الثنايا خيَّفَ الظَّلْم بينها
…
وسُنَّة ريمٍ بالجُنينةِ، موثقِ
والجُنينة أيضاً: موضعٌ قربَ وادي القرى.
و
وَجْهُ الجُنينة:
روضةٌ نجدية بين ضرَّيةَ وحزن بني يربوع.
والجُنينة أيضاً: صحراءٌ باليمامة.
وروى الأصمعيُّ
(3)
قال: بلغني أنَّ رجلاً من أهل نجد، قدم على
(1)
تقع شرق جنوب المدينة، وسيأتي الكلام عليها في حرف الراء. وضريةُ على نحو سبع مراحل من المدينة. وفاء الوفا 3/ 1093 وسيأتي كلام المؤلف عليها موسعاً.
(2)
شاعرٌ مُجيد، من فرسان العرب المعدودين، مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام، فأسلم وشهد فتح مكة، وبقي حياً إلى خلافة عمر. ونُدبة: اسم أمه، واسم أبيه عمير، له قصائد في (الأصمعيات). معجم الشعراء ص 108، الأغاني 16/ 134، الإصابة 1/ 452. والبيتان من (أصمعيته) التي مطلعها:
ألا طرقَتْ أسماءُ في غير مَطْرَقِ
…
وأنَّى إذا حلَّتْ بنجران نلتقي
وهما في (الأصمعيات) ص 22، مع بعض الاختلاف، وفي (شعر خفاف) ص 454 ضمن كتاب (شعراء إسلاميون)، وفي معجم البلدان 2/ 173. خيَّفَ: وزَّع. القاموس (خيف) ص 809. الظَّلْم: ماء الأسنان. اللسان (ظلم) 12/ 379.
(3)
عبد الملك بن قُريب، أحد كبار علماء اللغة ورواتها، كان يحفظ ستة عشر ألف أرجوزة. روى عن أبي عمرو بن العلاء وشعبة، جمع (الأصمعيات) قصائد شعرية. مات سنة 216 هـ. طبقات النحويين للزُّبيدي ص 67، بغية الوعاة 2/ 112.
الوليد بن عبدالملك
(1)
، فأرسل فرساً له أعرابية
(2)
. فسبق عليها النَّاس بدمشق، فقال له الوليد:
أعطنيها. فقال: إنَّ لها حقاً، وإنَّها لقديمة الصحبة، ولكني أحملك على مُهر لها، سبق النَّاس عاماً أول وهو رابض
(3)
. فعجب الناس من قوله، وسأَلوه معنى كلامه فقال: إنَّ حُزْمَة-وهو اسمُ فرسه-سبقت الخيل عاماً أول وهو في بطنها ابن عشرة أشهر.
قال ومرض الأعرابيُّ عند الوليد، فجاءه الأطباء فقالوا له: ما تشتهي؟ فأنشأ يقول
(4)
:
قال الأطباءُ: ما يشفيكَ؟ قلتُ لهم
…
دخانُ رِمْثٍ من التَّسرير يشفيني
ممَّا يَجرُّ إلى عمران حاطبُه
…
من الجُنينة جزلاً غيرَ مَمنونِ
فبعث إليه أهله سليخة من رِمْثٍ فألفوه قد مات.
الجِوَاءُ،
بالكسر والمدّ: ماءٌ بحمَى ضَرِيَّة
(5)
.
(1)
الخليفة الأموي، هو الذي أنشأ الجامع الأموي في دمشق، ووسع المسجد النبوي، وزخرفه زادت في عهده الفتوحات. توفي سنة 156 هـ. مروج الذهب 3/ 365، و سير أعلام النبلاء 4/ 347.
(2)
هكذا في الأصل.
(3)
وقع في الأصل: (رايض)، وهو تحريف. قال الغندجاني: والفرس إذا أتتْ عليه عشرة أشهر وهو في بطن أمه ربض، وكذلك البعير إلا أن يبرك.
(4)
البيتان في معجم البلدان 2/ 173، مع القصة. معجم ما استعجم 1/ 399، ورواها: الجُنَيْبَة. بالباء بدل النون دون نسبة، وهما مع القصة في كتاب (أسماء خيل العرب وأنسابها) للأسود الغندجاني ص 76، نقلاً عن الأصمعيِّ، وذكر لهما ثالثاً. وقال أبو محمد الأعرابي (المؤلف): سألت أبا الندى عن اسم هذا الأعرابي ونسبه؟ فقال: هو الأصمُّ حكيم بن مالك بن جناب النميري. ونقل عن الجوهري: سليخة الرّمث: التي ليس فيها مرعى، وإنما هي خشب، والرمث: شجر. القاموس (رمث) ص 170، جزل: غليظ. القاموس (جزل) ص 976.
(5)
تأتي في حرف الحاء.
الجَوّانِيّة،
بالفتح وتشديد ثانيه، وكسر النُّون وياء مشددة: موضعٌ، وقيل:
قرية قرب المدينة
(1)
إليها ينسب بنو الجوَّاني العلويون، منهم: أسعد بن علي
(2)
يُعرف بالنَّحوي، وكان بمصر، وابنه محمد بن أسعد النسَّابة.
الجِيَارُ،
بالكسر ككتاب: موضعٌ من أرض خيبر. قاله الزمخشري
(3)
.
الجَيْشُ،
بالفتح ثمَّ السكون، وذاتُ الجيش: موضعٌ بعقيق المدينة
(4)
. قاله ياقوت
(5)
.
وقال الشَّيخُ جمال الدِّين المطريُّ
(6)
: وأمَّا ذاتُ الجيش فَنَقبُ ثنيَّة
(1)
نقل السَّمهودي 4/ 1180 عن النووي أنها موضعٌ قرب أُحدٍ، وصوَّبه، وكذا ذكره السيوطي في بغية الوعاة 1/ 441، وذكر العياشي أنها تنفصل عن منطقة صرار (العريض) بِنُتوء الحرَّة الهابط إلى وادي قناة مسافة تزيد عن 2 كلم. المدينة بين الماضي والحاضر ص 341.
(2)
أسعد بن علي، كنيته أبو البركات، حدَّث بمصر عن ابن القطاع، وعنه ولده محمد. وكان أديباً فاضلاً، أدرك أيام الوزير الصالح بن رُزِّيك ومدحه. وكان الصالح قُتل سنة 556 هـ. إنباه الرواة 1/ 265، بغية الوعاة 1/ 441.
وابنه محمد ذُكر في المراجع تبعاً له. وذكره الذهبي في (السير) 21/ 229، فيمن مات سنة 588 هـ. وأصله من الموصل، واستوطن أبوه أو جدُّه مصر، كان نقيباً في الأيام المصرية. وكان أكثر زمانه منقطعاً في داره إلى التصنيف في علم الأنساب. ترجمه القفطي في (المحمدون من الشعراء) ص 206، وصاحب (الخريدة) في شعراء مصر 1/ 117، والتكملة لوفيات النقلة 1/ 177.
(3)
كتاب الجبال ص 57.
(4)
تُعرف اليوم بالمفرحات، وحدَّدها العياشي فقال: إذا بدأنا ونحن نتجه إلى المدينة من وادي تربان على الكيلو الرابع والعشرين شرقاً، يكون هناك تربان عند قهوة المفرحات، وهي أول ذات الجيش من الغرب، ثم الحفيرة، وهي بئر سمهان. المدينة بين الماضي والحاضر ص 417.
(5)
في معجم البلدان 2/ 200. أي: بقرب العقيق.
(6)
اسمه محمد بن أحمد بن خلف، توفي سنة 741 هـ، وقد ترجمه المؤلف في الباب السادس. والنقل من كتابه: التعريف ص 65.
الحفيرة من طريق مكة والمدينة. قال عُروة بن أُذينة
(1)
:
كاد الهوى يومَ ذاتِ الجيشِ يقتُلني
…
لمنْزلٍ لم يَهِجْ للشَّوقِ من صَقبِ
ويقال: إنَّ قبر نزار بن مَعَدٍّ، وقبرَ أبيه ربيعةَ بن نزارٍ
(2)
بذات الجيش
(3)
.
وقال بعضهم: وأولاتُ الجيش: موضعٌ قرب المدينة، وهو وادٍ بين ذي الحليفة وتُرْبان
(4)
/286 وهو أحد منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، وأحدُ مراحله عند منصرفه من غزاة بني المصطلق، وهناك حُبس رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابتغاء عقد عائشة رضي الله عنها، ونزلت آية التّيمُّم.
ومنه حديث عائشة رضي الله عنها: حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش
(5)
،
وقال جعفر بن الزبير بن العّوام
(6)
:
(1)
كان عالماً، ناسكاً، شاعراً، كثير القناعة، وفد على هشام بن عبد الملك، روى عنه الإمام مالك في (الموطأ) حديثاً واحداً. معجم الشعراء ص 54، الأغاني 18/ 240، وفيات الأعيان 2/ 395.
والبيت في ديوانه ص 308، معجم البلدان 2/ 200، وفاء الوفا 4/ 1180. والصَّقب: القُرب.
(2)
أحد أجداد النبي القدماء. انظر نسبه في جمهرة النسب ص 18.
(3)
قال العباسيُّ في عمدة الأخبار ص 293: قلت: بعقيق المدينة: ذو الحليفة، وبعدها البيداء، ثم صلصل، ثمَّ ذات الجيش، بينها وبين العقيق ستة أميال أخرى من ذلك الطريق. وأقرب العقيق ثلاثة أميال.
(4)
تقدم في حرف التاء.
(5)
جزء من حديث طويل أخرجه البخاريُّ في أول التيمم، رقم: 334، 1/ 514. ومسلم، في الحيض، باب التيمم، رقم: 367. وقال العياشي ص 419: ويَفْصل بين البيداء وذات الجيش جبل يُعرف بضلع النوم؛ نسبةً لنوم عائشة رضي الله عنها أسفله في قصة الإفك.
(6)
من التابعين من أهل المدينة، وأمُّه زينب بنت مرشد، عُمِّرَ حتى مات في آخر خلافة سليمان بن عبد الملك، روت عنه ابنته أم عروة، وابن أبي ذئب. طبقات ابن سعد 5/ 184، جمهرة نسب قريش للزبير ص 348 وما بعدها، الثقات 4/ 105.
والأبيات في معجم البلدان 2/ 201، وفاء الوفا 4/ 1181.
لِمَنْ رَبْعٌ بذاتِ الجيـ
…
ـشِ أمسى دَارساً خَلَقا
كَلِفْتُ بِهم غداةَ غدوا
…
ومرَّت عِيسُهم خِزقَا
(1)
تنكَّرَ بعد ساكنِه
…
فأمسى أهلُه فِرقَا
عَلونا ظاهِرَ البيدا
…
ءِ والمَحْزُون مَنْ قَلِقا
الجِيفُة،
بالكسر. وذو الجيفة: موضعٌ بين المدينة وتبوك، بنى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عنده مسجداً في مسيره إلى تبوك.
جِيٌّ،
بالكسر وتشديد الياء: اسم وادٍ عند الرُّويثة بين مكة والمدينة
(2)
.
ويقال له: المُتعشِّي، وهناك ينتهي طرف وَرِقان
(3)
وهو في ناحية سفح الجبل الذي سال بأهله وهم نيام، فذهبوا
(4)
.
* * *
(1)
يقال: ناقة خزوق: تخزق الأرض بمناسمها. القاموس (خزق) ص 879.
(2)
الجيّ هي الرحبة الواسعة، ومكان على نحو 90 كلم من المدينة جدة، وفي الجيّ من جهة الشمال للشرق طرق ورقان الغربي الجنوبي، ويليه من الجنوب قليلاً القدسين: الأبيض والأسود. المدينة بين الماضي والحاضر ص 469.
(3)
الرُّويثة، وورقان، سيأتي الكلام عليهما في موضعهما.
قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 98): والجِيُّ لا يزال معروفاً، وادٍ عظيمٌ يمتدُّ من طرف وَرِقان وسفوحه، ثمَّ ينحدر مُشتملاً مغرِّباً، حتى يجتمع مع رُحْقَان والنازية، ثمَّ تفيض تلك الأودية في الصفراء.
(4)
سيأتي خبره في مادة (غران).
باب الحاء
حاجر
(1)
، قال اللُّغَوِيُّون: الحَاجِرُ: الأرضُ المرتفعةُ التي وسطُها منخفضٌ، والحَاجِرُ أيضاً: ما يمسك الماء من شَفَة الوادي.
وهو موضعٌ بالمدينة
(2)
غَرْبي النَّقا
(3)
، إلى منتهى حَرَّة الوَبْرَة من وادي العقيق، وهو المذكور في الأشعار، لا حاجرٌ الذي هو منْزلٌ من منازل الحاجِّ بالبادية، وإلى هذا الثَّاني يُنسب الحاجريُّ
(4)
الشَّاعر
(5)
.
حَاطِبٌ،
بكسر الطَّاءِ: اسمُ طريقٍ بين المدينة وخيبر، وله حديثٌ يأتي ذكرُه إن شاء الله تعالى في (مرحب) من باب الميم.
حَالَةُ،
واحدةُ الحال: موضعٌ عند حرَّة الرَّجلاء.
حائطُ بني المَدَاش،
بفتح الميم والدَّال المهملة، وألفٍ وشينٍ معجمة: موضعٌ
بوادي القرى
(6)
أقطعهم إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم فَنُسب إليهم.
(1)
تحرفت في الأصل إلى: (حاجز).
(2)
تحرفت في الأصل إلى: (بالمد من).
(3)
النَّقا يقع غربيِّ المصلَّى إلى منزلة الحاج غربيّ بُطحان. والوادي يفصل بين المصلَّى والنَّقا، والمصلى عند مسجد الغمامة. وحدَّده العياشي في كتابه (المدينة بين الماضي والحاضر) ص 521 قرب العنبرية عند محطة القطار الحديدي.
(4)
عيسى بن سنجر، الملقب حسام الدين، جنديٌّ من أولاد الأجناد، له ديوان شعر تغلب عليه الرِّقَّة. توفي سنة 632 هـ. وفيات الأعيان 3/ 501، شذرات الذهب 5/ 156، النجوم الزاهرة 6/ 290.
(5)
في الأصل: (الشاعري).
(6)
في الأصل: (بوادي الوادي)، وعليها علامة توقف والصحيح المثبت، كما في معجم البلدان 2/ 209، وفاء الوفا 4/ 1181، عمدة الأخبار ص 296.
حِبْرَةُ،
بالكسر: أُطمٌ بالمدينة. قاله الصَّاغاني
(1)
، وأمَّا حِبْرَةُ بنت أبي ضَيْغَم
(2)
فشاعرةٌ معروفةٌ.
/287 حُبْسٌ، بالضَّمِّ ثمَّ السُّكون، وإهمال السِّين، كأنه جمع الحَبيس: وهو يقعُ على كلِّ شيءٍ وقفه مالكه، وحبسه وقفاً محرَّماً.
قال الزَّمخشريُّ
(3)
: حُبْسٌ بالضَّمِّ: جبلٌ لبني مُرَّةَ.
وقال غيره: الحُبسُ: بين حَرَّة بني سُليم والسَّوارقية. وفي حديث عبد الله بن حُبْشي
(4)
: تخرج نارٌ من حُبْس سَيلٍ
(5)
.
وقال نصر: حَبْس سَيلٍ بالفتح: إحدى حَرَّتي بني سُليم، وهما حَرَّتان بينهما
(6)
فضاء، كلتاهما أقلُّ من الميلين.
وقال الأصمعيُّ: الحُبْسُ: جبلٌ مُشرفٌ على الثَّلْماء
(7)
لو انقلب لوقع
(1)
في كتابه (التكملة والذيل والصلة) مادة: حبر، 2/ 462.
(2)
قال الزَّبيديُّ: شاعرة تابعية. (تاج العروس)(حبر)، وهي بَلَوِيَّةٌ، تكنى أمَّ ضَيْغم، كانت تهوى ابن عمٍّ لها، فعلم بذلك قومها فحجبوها، ولها شعرٌ عفيفٌ. أمالي القالي 2/ 83،
الجليس الصالح الكافي 1/ 391، وقد تصحفت فيهما إلى خيرة؟ وذكر محقق (الجليس الصالح) أنها في الأصل حبرة، فصحفها إلى خيرة، وتصحيحه يحتاج إلى تصحيح.
(3)
في كتاب (الجبال) ص 63.
(4)
صحابي جليل، سكن مكة، روى عنه عبيد بن عمير، ومحمد بن جبير بن مطعم. أخرج حديثه أبو داود والنسائي. أسد الغابة 3/ 104، الإصابة 2/ 294.
(5)
الحديث في المجموع المغيث 1/ 389.
(6)
في الأصل: (فيهما)، والتصويب من معجم البلدان 2/ 213، عمدة الأخبار ص 296.
(7)
الثَّلماء: ماءٌ لبني قرَّة من بني أسد، وهي في عرض القنَّة، في عطف الحُبس، أي: بلزقه. معجم البلدان 2/ 83.
عليهم وأنشد
(1)
:
سقى الحُبْسَ وسَمِيُّ السَّحاب ولا يزلْ
…
عليه روايا المُزْنِ والدِّيَمُ الهُطْلُ
ولولا ابنةُ الوهبيِّ ريدةُ لم أُبل
…
طوالَ الليالي أنْ يُحَالِفَهُ المَحْلُ
الحُتُّ،
بالضَّمِّ، قال الزَّمخشريُّ
(2)
: الحُتُّ: من جبال القَبَلية لبني عرك من جُهينة. عن عَلِي
(3)
.
حِثَاثُ، بالكسر وثائين مُثلَّثتين، كأنَّه جمعُ حثيثٍ للسَّريع، وهو عِرْضٌ من أعراض المدينة.
الحِجَاز،
بكسر الحاء. قال الأصمعيُّ: الحجاز اثنا عشر داراً: المدينة، وخيبر، وفَدَك، وذو المروة، ودار بَلِيٍّ، ودار أشجع، ودار مُزينة، ودار جُهينة، ونفر من هوازن، وجُلُّ سليم
(4)
، وجلُّ هلال، وظهر حرّة ليلى، ومما يلي الشام شَغَب
(5)
وبدا
(6)
.
وقال في موضعٍ آخر من كتابه: الحجازُ من تُخوم صنعاء من العبلاء وتبالة إلى تُخوم الشام.
قال الشَّافعيُّ
(7)
رضي الله عنه: هو مكَّة والمدينة، واليمامة
(1)
البيتان في معجم البلدان 2/ 213، و الأول في وفاء الوفا 4/ 1182.
(2)
في كتاب الجبال ص 188.
(3)
في الكلام انقطاع، فما ذكره المؤلف منقول عن معجم البلدان 2/ 217، وبعده: عن علي بن أزيد في طعنة طعنها آبي اللّحم الغفاري، ثم ذكر شعراً.
(4)
في الأصل: (جل سالم)، وهو خطأ من الناسخ، والصواب المثبت، كما في معجم البلدان 2/ 29، وفاء الوفا 4/ 1182، عمدة الأخبار ص 296.
(5)
شَغْبٌ: ضَيعةٌ خلف وادي القرى. معجم البلدان 3/ 352.
(6)
بدا: وادٍ قرب أيلة من ساحل البحر، وقيل: بوادي القرى. معجم البلدان 1/ 356.
(7)
هو محمد بن إدريس، أحد الأئمة المجتهدين. فاق في الرمي، والعربية، والفقه. قرأ على
جمعٍ منهم مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكة، والإمام مالك، وصنف التصانيف النافعة، أُفردت سيرته بكتب. مولده 150 هـ، ووفاته سنة 204 هـ. وفيات الأعيان 4/ 163، الوافي بالوفيات 2/ 171.
ومَخاليفُها
(1)
. وهكذا فسَّره أصحابنا، كما فسَّره الإمام الشَّافعيُّ رضي الله عنه.
وقال الأصمعيُّ: إنَّما سُمِّي حجازاً؛ لأنَّه حجز بين تِهامةَ ونجد. فمكَّةُ تِهاميةٌ، والمدينةُ حجازيةٌ، والطَّائف حجازيةٌ.
وقال غيره: حدُّ الحجاز من معدن النُّقرة
(2)
إلى المدينة، فنصفُ المدينة حجازيٌّ، ونصفها شاميٌّ.
وقال ابن شبَّةَ
(3)
: المدينة حجازية.
قلتُ: ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الدِّين ليأرِزُ إلى المدينة كما تأرزُ الحية إلى جُحرها، ولَيعقلِنَّ الدِّينُ من الحجاز معقل الأُرْوية من رأس الجبل، إنَّ الدِّينَ بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء، وهم الذين يُصلحون ما أفسدَ النَّاسُ من سُنَّتي» . رواه الترمذيُّ
(4)
في جامعه من حديث عمرو بن عوف
(5)
.
(1)
قال الصاغاني في (العباب): خلف ص 164: والمِخْلاف لأهل اليمن، واحد المخاليف، وهو كُوَرُها، ولكلِّ مِخلافٍ منها اسمٌ يُعرف، ثمَّ ذكرها كلها.
(2)
سيأتي تعريفه في حرف الميم.
(3)
هو أبو زيد، عمر بن شبَّة، المحدِّث، المؤرّخ. روى عن يزيد بن هارون، ويحيى القطان، وروى عنه أبو بكر بن أبي الدنيا، وابن ماجة، و غيرهم. له كتابه الشهير (تاريخ المدينة). توفي سنة 262 هـ. تاريخ بغداد 11/ 208، وفيات الأعيان 3/ 440، معجم الأدباء 16/ 60.
(4)
كتاب الإيمان، باب ما جاء أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، رقم: 2630، 5/ 18. وفيه:«ويرجع غريباً» ، وفيه:«يُصلحون ما أفسد النَّاس من بعدي من سُنَّتي» .
الأُرْوِيَّة: أنثى الوعول. القاموس (روي) ص 1291.
(5)
عمرو بن عوف بن زيد، أبو عبد الله المزني، صحابي جليل، أحد البكائين، كان قديم الإسلام، أول غزوة شهدها الأبواء. مات في خلافة معاوية بن أبي سفيان. أسد الغابة 3/ 756، الإصابة 3/ 9.
وقال الأصمعيُّ مرَّةً أخرى: حَرَّة شَوْران
(1)
، وحَرَّة سليم، وحَرَّة ليلى، وحَرَّة واقم
(2)
، وحَرَّة النَّار، وعامَّةُ منازل بني سليم إلى المدينة، كلُّه حجاز.
وقال أبو المنذر
(3)
: الحجازُ ما بين جبلي طَيٍّ إلى طريق العراق، لمن يريد مكة، سُمِّي به لأنَّه حجز بين تِهامة ونجد، أو لأنَّه /288 حجز بين الغور والشَّام، وبين السَّراة ونجد.
وقال هشام بن [محمد] أبو المنذر الكلبيُّ
(4)
قولاً أحسن وأبلغ وأتقن من كلِّ ذلك. حدَّد جزيرة العرب ثمَّ قال:
فصارت بلاد العرب من هذه الجزيرة التي نزلوها وتوالدوا فيها على خمسة أقسام عند العرب، وفي أشعارها: تهامة، والحجاز، ونجد، والعروض، واليمن. وذلك أنَّ جبل السَّراة-وهو أعظم جبال العرب، وأذكرها-أقبل من قعر اليمن حتى بلغ أطراف الشَّام، فسمَّته العرب حجازاً لأنه حجز بين الغور وهو هابط، وبين نجد، وهو ظاهر.
فصار ما خلف ذلك الجبل في غربيِّه، إلى أسياف
(5)
البحر من بلاد
(1)
وهي حرَّة ميطان، وهي حرَّة مُتَّسعة. فالحَرَّةُ الجنوبية من المدينة تنقسم إلى قسمين: حرَّة معصم العليا، وهي كلُّ ما في جنوب قُربان. وحرَّة شوران، وفيها ميطان. (المدينة بين الماضي والحاضر) ص 414.
(2)
وهي الحرة الشرقية، وكان سكانها بنو عبد الأشهل.
(3)
هو الكلبي، وستأتي ترجمته قريباً.
(4)
في الأصل: (هشام بن أبي المنذر الكلبي). وهو خطأ. وهو أبو المنذر هشام بن محمد السائب، وكنية أبيه أبو النضر، كان علامة بالأخبار، نسَّابة، أمَّا في الحديث فهو ضعيف. قال عنه الإمام أحمد: إنما كان صاحب سَمَرٍ ونَسَبٍ ما ظننتُ أنَّ أحداً يحدِّث عنه. توفي سنة 204 هـ. وفيات الأعيان 6/ 82، لسان الميزان 6/ 196.
(5)
الأسيافُ جمع سِيْف، وهو ساحل البحر. القاموس (سيف) ص 822.
الأشعريين وعُكٍّ وكنانة ودونها إلى ذاتِ عِرْقٍ والجُحفة وما صاقبها
(1)
وغار من أرضها غور تِهامة، وتِهامةُ تجمعُ ذلك كلَّه.
وصار ما دون ذلك الجبل في شرقيه من صحارى نجد إلى أطراف العراق والسَّماوة
(2)
وما يليها [نجداً
(3)
]، ونجدٌ تجمعُ ذلك كلَّه.
وصار الجبلُ نفسهُ سراته وهو الحجاز، وما احتجز به في شرقيه من الجبال،
وانحدر إلى ناحية فيد، والجبلين إلى المدينة، ومن بلاد مَذْحج: تثليث
(4)
وما دونها إلى ناحية فيد حجازاً، والعرب تسمِّيه نجداً، وجَلْساً، وحجازاً، والحجازُ يجمعُ ذلك كلَّهُ.
وصارت بلاد اليمامة والبحرين وما والاهما: العَروض، وفيها نجد وغور، لقربها من البحار، وانخفاضِ مواضع منها ومسايل أودية فيها، والعَروض تجمع ذلك كله.
وصار ما خلف تثليث وما قاربها إلى صنعاء، وما والاها من البلاد إلى حضرموت، والشَّحْر، وعُمان، وما بينهما: اليمن، وفيها التَّهائم والنُّجُد، واليمنُ يجمعُ ذلك كلَّه.
وعن سعيد بن المسيِّب
(5)
أنَّه قال: إنَّ الله تعالى لما خلق الأرض مادت
(1)
صاقبها: واجَهها. القاموس (صقب) ص 105.
(2)
بادية السَّماوة: هي التي بين الكوفة والشام. معجم البلدان 3/ 245.
(3)
مابين معقوفين من معجم البلدان 2/ 219.
(4)
موضع بالحجاز قرب مكة. معجم البلدان 2/ 15.
(5)
سيد التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، روى عن أبي هريرة، وسعد بن أبي وقاص، وروى عنه مكحول والزُّهري. جمع بين الحديث والفقه، والزهد والعبادة والورع. توفي بالمدينة سنة 91 هـ. طبقات ابن سعد 5/ 119، وفيات الأعيان 2/ 375، حلية الأولياء 2/ 161.
فضربَها بِهذا الجبل-يعني السَّراة-وهو أعظم جباله وأذكرها، فإنَّه أقبل من ثغرة
(1)
اليمن، حتى بلغ أطرافَ بَوَادي الشام فسمَّته العرب حجازاً؛ لأنَّه حجز بين الغور، وهو هابط، وبين نجد وهو ظاهر، ومبدؤه من اليمن، حتى بلغ الشام فقطعته الأودية حتى بلغ ناحية نخلة فكان منها حَيْضٌ ويَسومُ، وهما جبلان بنخلة، وحَيْضٌ يمتد إلى الطائف، ثمَّ طلعت الجبال بعد منه، فكان منها الأبيض جبل العَرْج، وقدْسُ، وآرَةُ، والأشعَرُ، والأجرد
(2)
.
وقد أكثر الشعراء ذكر الحجاز في أشعارهم. ومن ذلك [قول
(3)
] أشجعَ بن عمروٍ السُلمي
(4)
:
بأكنافِ الحجازِ هوىً دفينُ
…
يُؤرِّقُني، إذا هَدَتِ العيونُ
أَحِنُّ إلى الحجَازِ، وساكنيه
…
حنينَ الإلْفِ فارقَهُ القرينُ
وأبكي حينَ ترقدُ كلُّ عينٍ
…
بكاءً بينَ زفْرتِه أَنَينُ
/289 أمرَّ عليَّ طيبَ العيش نأيٌ
…
خَلوجٌ بالهوى الأدنى شَطونُ
فإنْ بَعُدَ الهوى وبَعُدْتُ عنه
…
وفي بُعْدِ الهوى تبدو شُجونُ
فأعْذَرُ مَنْ رأيتُ على بكاءٍ
…
غريبٌ عن أحِبَّتِهِ حزينُ
(1)
كذا في الأصل و معجم البلدان 2/ 220، ووقع في وفاء الوفا 4/ 1183: قعر اليمن، ومعناهما متقارب. قال ابن منظور: الثَّغْرُ والثَّغرة: كلُّ فرجةٍ في جبل، أو بطن وادٍ، أو طريق مسلوك. لسان العرب (ثغر) 4/ 103.
(2)
تحرَّفت في الأصل إلى: (الأبجد)، وانظر موضعي (معجم البلدان) و (وفاء الوفا) السابقتين.
(3)
مابين معقوفين ساقط من الأصل.
(4)
شاعر عباسيّ، كان يأخذ عن بشار بن برد ويعظِّمه، دخل على الخليفة الرشيد والمهدي، عُدَّ في الفحول. خبره في (الأغاني) 3/ 137 - 17/ 30، وله ترجمة موسعة مع ذكر أشعاره في كتاب (الأوراق) للصولي، قسم الشعراء المحدثين ص 115.
والأبيات من قصيدة له في مدح جعفر بن يحيى البرمكي، وهي في (الأوراق) ص 115، ومعجم البلدان 2/ 220، والوفا 4/ 1184، ونسبها صاحب (الحماسة البصرية) 2/ 182 ليزيد بن الطثرية، ولم يُصب. شطون: بعيد. القاموس (شطن) ص 1209.
يموت الصَّبرُ والكتمانُ عنه
…
إذا حَسُنَ التَّذكُّرُ والحنينُ
وقال أعرابيٌّ
(1)
:
كفى حَزَناً أني ببغدادَ نازلٌ
…
وقلبي بأكنافِ الحجازِ رهينُ
إذا عَنَّ ذكرٌ للحجاز استفزَّني
…
إلى مَنْ بأكنافِ الحجازِ حنينُ
فواللهِ ما فارقتهم قالياً لهم
…
ولكنَّ ما يُقضَى فسوفَ يكونُ
وقال أعرابيٌّ آخرُ
(2)
:
سرى البرقُ من أرضِ الحجازِ فشاقني
…
وكلُّ حجازيٍّ له البَرقُ شائقُ
فَوَاكبدي مِمَّا أُلاقي من الهوى
…
إذا جنَّ ليلٌ أو تألَّق بارقُ
حِجْرٌ،
بكسر الحاء وسكون الجيم بعدها راء. وعوامُّ المدينة يفتحون الحاء، والصَّوابُ الكسرُ. قال عَرَّامُ بن الأصبغ، عند ذكره لنواحي المدينة وذكر الأَرْحَضِيّة
(3)
، ثمَّ قال: وحذاؤها قريةٌ يقال لها: الحِجْرُ، وبِها عيونٌ وآبارٌ لبني سُليم خاصَّةً، وحذاؤها جبلٌ ليس بالشامخ، يقال له: قُنَّة الحِجْر
(4)
.
والحِجْرُ بالكسر أيضاً: قريةٌ على يوم من وادي القرى بين جبالٍ، وبها
(1)
الأبيات في معجم البلدان 2/ 220، والثالث من شواهد النحويين، ونسبه الشنقيطي في الدرر اللوامع 1/ 80 للأفوه الأودي، وليست الأبيات في ديوانه. وهو في شرح الكافية لابن مالك 1/ 377، و شرح التسهيل للسَّلْسبيلي 1/ 303، وقطر الندى ص 149، وذكره القالي في أماليه 1/ 99 مع بيتين قبله غير المذكورين هنا.
(2)
البيتان في معجم البلدان 2/ 220.
(3)
موضع بين مكة والمدينة. معجم البلدان 1/ 144.
(4)
قال السمهودي 4/ 1184 بعد ذكر ما تقدم هاهنا: قاله المجد، ظناً منه أنَّ عَرَّاماً أراد القرية المعروفة اليوم قرب الفُرع بِحَجْر، بالفتح، كَحَجْر الإنسان، وعرَّام لم يُردها إذ ليست بجهة الأرحضية، وبقرب الأرحضية اليوم موضعٌ يُعرف بالحِجْرية، بالكسر، فيه آبار ومزارعُ، فهو الذي أراد عرَّام، وكذا ياقوت حيث قال: حِجْرٌ، بالكسر، ويروى بالفتح أيضاً: قرية من ديار بني سُليم بالقرب من قَلَهى وذي رولان.
كانت منازل ثمود
(1)
. بيوتها في أضعاف جبال تسمى الأثالث، إذا رآها الرائي من بُعد ظنَّها متصلة فإذا توسَّطها رأى كلَّ قطعةٍ منها منفردة بنفسها، يطوف بكلِّ قطعةٍ منها الطائف، وحواليها رملٌ لا يكادُ يُرتقى إلا بمشقة شديدة، وهناك بئر ثمود التي قال الله تعالى فيها وفي الناقة:{لها شِرْبٌ ولكم شِرْبُ يومٍ معلوم}
(2)
.
قال جميل
(3)
:
أقولُ لداعي الحبِّ والحِجرُ بيننا
…
ووادي القرى: لبَّيكَ لما دعانيا
فما أحدثَ النَّأْيُ المفرِّق بيننا
…
سُلُوًّا، ولا طولُ اجتماعٍ تقاليا
حُدَيْلةُ،
بدالٍ مهملة مثال جُهينة: محلَّةٌ بالمدينة
(4)
، كان بها دار لعبد الملك بن مروان.
وحُدَيْلةُ أيضاً: مدينة باليمن، سُمِّيت بحُديلة
(5)
، لقب معاوية بن عمرو بن
مالك بن النَّجار
(6)
.
حَرْبَى:
كان اسم أرضٍ بالمدينة بين مسجد القبلتين إلى المذاد، فغيَّرَ
(1)
وتعرف الآن بمدائن صالح. تبعد عن المدينة 422 كم باتجاه طريق تبوك.
(2)
سورة (الشعراء) آية رقم: 155.
(3)
جميل بن معمر العُذري، أحد عشَّاق العرب المشهورين، صاحب بُثينة، خطبها فَرُفِض، قدم مصر ومدح عبد العزيز بن مروان. توفي سنة 82 هـ. الأغاني 8/ 90، وفيات الأعيان 1/ 366.
والبيتان في ديوانه ص 138 - 139، وبينهما أبيات، و معجم البلدان 2/ 21، ونسبها صاحب (الحماسة البصرية) 2/ 183 لعبد الله بن الدمينة، والأول أصح.
(4)
وهي قريبةٌ من البقيع. المدينة بين الماضي والحاضر ص 162.
(5)
في معجم البلدان 2/ 32.
(6)
في نسب معد واليمن الكبير 1/ 391: فولدَ عمرو بن مالك بن النجار معاوية. أمُّه حديلة بنت مالك بن زيد، وبها يعرفون. مختصراً.
هذا هو الصحيح. ونقل في معجم البلدان 2/ 32 عدة أقوال منها يوافق ما ذكرناه.
اسمها
رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماها صُلْحَة
(1)
، ويُعاد ذكرها بالصاد إن شاء الله تعالى.
/290 وفيها يقول كعب بن مالك
(2)
:
فلولا ابنَةُ العَبْسيِّ لم تلقَ ناقتي
…
كَلَالاً، ولم تُوضِعْ إلى غيرِ مُوضَعِ
فتلك التي إنْ تُمسِ بالجوفِ دارُها
…
وأُمْسِ بحَرْبا تُمْسِ ذِكْرتُها معي
حُرُض،
بضمتين كَعُنُقٍ، وقد تفتح الراء، كَصُرَد وزُفَر، كأنه معدول عن حارض، للمريض الفاسد. ومَنْ رواه بالضَّمِّ فهو الأُشنان
(3)
، وحُرُضٌ أو حُرَضٌ: وادٍ بالمدينة عند أُحُدٍ، له ذِكْرٌ.
قال حكيم بن عكرمة الديلي
(4)
يتشَّوقُ المدينة:
لعمريَ لَلْبَلاطُ وجانباهُ
…
وحَرَّةُ واقِمٍ، ذاتُ المنَارِ
فجَمّاءُ العَقيقِ فَعرْصتاهُ
…
فمفضى السَّيلِ من تلك الحِرَارِ
إلى أُحُدٍ، فذي حُرُضٍ فمبنى
…
قبابِ الحيِّ، من كنَفَيْ صِرارِ
أًحَبُّ إليَّ من فَجٍّ ببُصرى
…
بلا شكٍّ هناك ولا ائتمار
ومن قُريَّات حمصَ، وبَعْلَبكٍّ
…
لو أني كنتُ أُجعلُ بالخِيارِ
ولمَّا استولى اليهود في الزَّمن القديم على المدينة، وتغلَّبوا عليها، كان
(1)
يوجد خلاف في الاسم، والصواب أنَّ اسمها: خُزْبى، كما ذكره المراغي في تحقيق النصرة ص 142، ونصَّ عليه المؤلف في (قاموسه)(خزب) ص 79، والبكري في معجم ما استعجم ص 498، وضبطها بفتح الخاء.
(2)
البيتان في ديوانه ص 232، وفيه خزبى بالزاي و معجم ما استعجم 2/ 498.
(3)
الأُشْنان: شجر ينبت في الأرض الرملية، يستعمل هو أو رماده في غسل الثياب والأيدي. معجم البلدان 1/ 19.
(4)
ذكره الأصفهاني في الأغاني 18/ 95، وسمَّاه الحكم، والصحيح المثبت، وهو شاعر عباسيٌّ كان يقذف أعراض الناس يهجوهم، وذكره ابن قتيبة في المعارف ص 304.
والأبيات في معجم البلدان 2/ 242.
لهم ملك
يقال له: الفِطْيون
(1)
، وقد سَنَّ فيهم أن لا تُدْخَل امرأةٌ على زوجها حتى يكون هو الذي يَفتضُّها قبله، فبلغ ذلك أبا جُبَيلة
(2)
أحدَ ملوك اليمن، فقصد المدينة، وأوقع باليهود، بذي حُرُضٍ، وقتلهم، فقالت سارة القُرَظية
(3)
:
بأهلي أُمَّةٌ لم تُغنِ شيئاً
…
بذي حُرُضٍ تُعَفّيها الرِّياحُ
كهولٌ من قريظةَ أتلفتهمْ
…
سيوفُ الخزرجيةِ والرِّماحُ
ولو أَرِبوا بِحربِهمُ لحالَتْ
…
هنالك دونَهمْ حربٌ رَدَاحُ
(4)
وقال ابنُ السِّكِّيت
(5)
في قول كُثَيِّر
(6)
:
اِرْبَعْ فحيِّ معارفَ الأطلالِ
…
بالجَزْعِ من حُرُضٍ فهنَّ بَوالي
حُرَضٌ هنا:
وادٍ من وادي قناة من المدينة على ميلين
(7)
.
(1)
الفطيون بن عامر اليهودي، كان رجل سوء فاجراً، تدين له اليهود، قتله مالك بن العجلان الخزرجي. غيرة على أخته سلمى ليلة عرسها. نسب معد 1/ 436، الاشتقاق ص 436، النسب لأبي عبيد ص 269.
(2)
اسمه عبيد بن سالم، وليس هو من ملوك اليمن، بل من ملوك غسان في الشام، لجأ إليه مالك بن العجلان لما قتل الفطيون، ثم دخل المدينة وقتل اليهود. انظر خبر ذلك في الكامل لابن الأثير 1/ 656.
(3)
الأبيات في الأغاني 19/ 96، معجم البلدان 2/ 242. والأول في وفاء الوفا /1185 وتصحف (أمة) إلى:(رمة).
(4)
أي: واسعة. رواية البيت الأخير في الأغاني:
ولو أربوا بأمرهم لحالَتْ
…
هنالك دونهم جأوى رَداحُ
أََرِبوا: احتالوا. القاموس (أرب) ص 58. وكتيبة جأواء: يعلوها لون السواد لكثرة الدروع. اللسان (جأى) 14/ 128.
(5)
يعقوب بن إسحاق، أحد أئمة اللغة والأدب، كان ينادم الخليفة المتوكل، من مؤلفاته إصلاح المنطق. توفي سنة 244 هـ. طبقات النحويين ص 202، إنباه الرواة 4/ 56.
(6)
تقدَّم البيت في حرف الجيم.
(7)
قال العياشي: هو سيل صغير في أرض الزبير بن العوام، وهو يسيل من بعض جبال الضُّليعات الحمر والدقاقات حيث يصبُّ في قناة. المدينة بين الماضي والحاضر ص 458.
و
ذو حُرض:
وادٍ عند النَّقرة لبني عبد الله بن غطفان
(1)
، بينه وبين معدن النَّقرة خمسة أميال، وإياه أراد زهيرٌ فقال
(2)
:
أَمِنْ آل سلمى عرفتَ الطُّلولا
…
بذي حُرضٍ مَاثلاتٍ مُثولا
بَلِيْنَ وتَحسِبُ آثارهنْ
…
عن فَرْطِ حولين رَقَّاً مُحيلا
(3)
حَرَّةُ حَقْلٍ:
قرب المدينة؛ لأنَّ حقلاً اسمٌ لوادي آرة
(4)
، ويومُ حرَّةِ حقلٍ من أيام العرب.
/291 حَرَّةُ الرَّجْلاء: حَرَّةٌ في ديار بني القَين بن جسر، بين المدينة والشَّام. قال الرَّاعي
(5)
:
يا أهلِ ما بالُ هذا اللَّيلِ في صَفَرِ
…
يزدادُ طولاً ولا يزدادُ من قِصَرِ
في إثْرِ مَنْ قُطِّعَتْ مني قرينتُه
…
يومَ الحَدَالى بأسبابٍ من القَدَرِ
كأنَّما شُقَّ قلبي يومَ فارقَهم
…
قسمينِ، بين أخي نجدٍ ومُنحَدِرِ
همُ الأحبَّةُ، أبكي اليومَ إِثرَهُمُ
…
وكنتُ أطربُ نحو الجِيرةِ الشُّطُرِ
فقلتُ والحَرَّةُ الرَّجلاءُ دُونَهمُ
…
وبطنُ لجَّانَ لما اعتادني ذِكَرِي
صلَّى على عَزَّةَ الرَّحمنُ
(6)
وابنتِها
…
ليلى وصلَّى على جاراتِها الأُخَرِ
هنَّ الحرائرُ، لا ربَّاتُ أخمرةٍ
…
سودِ المَحاجرِ، لا يَقرأْنَ بالسُّوَرِ
(1)
من أعيان العرب في الجاهلية. راجع نسبه وأولاده في جمهرة النسب ص 455.
(2)
ديوان زهير بن أبي سلمى ص 52 من قصيدة يمدح بها سنان بن أبي حارثة.
(3)
فَرْط: مُضِي وتقدُّم. القاموس (فرط) ص 681. الرَّق: الجلد يُكتب عليه. القاموس (رقق) ص 887. مُحيلاً: أتى عليه حول. اللسان 11/ 184.
(4)
تقدم في حرف الهمزة.
(5)
الرَّاعي النُّميري، اسمه عبيد بن حصين، أحد كبار شعراء العصر الأموي. توفي قبيل المائة الأولى. طبقات فحول الشعراء ص 435، الشعر والشعراء ص 265.
والأبيات في ديوانه ص 121، معجم البلدان 2/ 246.
(6)
في الأصل: (الرجلاء)، والتصحيح من الديوان.
حَرَّةُ شَوْرَانَ،
بفتح الشين المعجمة، وسكون الواو، وراءٍ وألفٍ ونون: جبلان أحمران، عن يمينك، وأنت ببطن العقيق
(1)
تريد مكة، وعن يسارك شَوْران، وهو جبلٌ مُطِلٌّ على السَّدِّ.
حَرَّةُ عَبَّادٍ:
حَرَّةٌ دون المدينة. قال عُبيد [الله] بن ربيع
(2)
:
إلى الله أشكو أنَّ عثمانَ جائرٌ
…
عليَّ ولم يعلمْ بذلك خالدُ
أَبيتُ كأني من حذارِ قضائِه
…
بِحرَّة عَبَّادٍ، سليمُ الأساودِ
تكلَّفْتُ أجوازَ الفلاةِ وبعدها
…
إليك، وعظمي خشيةَ الموتِ باردُ
حَرَّةُ قبا
(3)
: قِبلي المدينة، لها ذكر في الحديث
(4)
.
حَرَّةُ ليلى:
لبني مُرَّة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان
(5)
، يطؤها الحاجُّ
(6)
في طريقهم إلى المدينة صلَّى الله على ساكنها وسلَّم تسليماً.
وعن بعضهم أَنَّ حَرَّة ليلى من وراء وادي القرى من جهة المدينة، فيها نخل وعيون.
(1)
ذكر عرَّامٌ في رسالته ص 425: ويحيط بالمدينة من الجبال عَيْرٌ، جبلان أحمران من عن يمينك وأنت ببطن العقيق تريد مكة. ومن عن يسارك شَوْرَان، وهو جبلٌ يطِلُّ على السَّدِّ كبيرٌ، مرتفع.
(2)
الأبيات في معجم البلدان 2/ 247، والثاني في وفاء الوفا 4/ 1187. وفيها إقواء.
(3)
تحرفت في الأصل إلى: (وقا).
(4)
أخرجه البخاريُّ في حديث طويل، عن عروة بن الزبير في مناقب الأنصار، باب هجرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، رقم: 3906، 7/ 281، 282، وفيه:(فتلقَّوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحَرَّة، فعدلَ بِهم ذات اليمين، حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف). وانظر: سيرة ابن هشام 2/ 134 - 136.
(5)
جمهرة النسب للكلبي ص 416،424.
(6)
الحاج الشامي. كما في وفاء الوفا 4/ 1187.
وقال السُّكريُّ
(1)
: حَرَّةُ ليلى: معروفةٌ في بلاد بني كلاب.
بعث الوليد
(2)
بن يزيد بن عبد الملك إلى الرَّمَّاح بن أبرد المُرِّيّ يُعرف بابن مَيَّادةَ
(3)
، حين استُخلف فأتاه فمدحه، فأمره بالمقام عنده، فأقام ثمَّ اشتاق إلى وطنه، فقال
(4)
:
ألا ليتَ شِعري هل أبيتنَّ ليلةً
…
بحرَّةِ ليلى حيثُ ربَّيْنَني أهلي؟
بلادٌ بِها نِيطَتْ عليَّ تمائمي
…
وقُطِّعْن عني حينَ أدركني عقلي
وهل أسمَعَنَّ الدَّهرَ أصواتَ هَجْمَةٍ
…
تُطالعُ من هَجْلٍ خَصيبٍ إلى هَجْلِ
(5)
/292 تحِنُّ فأبكي كلمَّا ذرَّ شارقٌ
…
وذاك على المشتاقِ قتلٌ من القتلِ
فإنْ كنتَ عن تلكَ المواطنِ حابسي
…
فأفشِ عليَّ الرِّزقَ، واجمعْ إذن شملي
فقال الوليد: اشتاق الشَّيخُ إلى وطنه؟ فكتب له إلى مُصدِّق كلب: أن يعطيَه مائةَ ناقةٍ دُهْماً جُعْداً
(6)
، فأتى المصدِّق، فطلب إليه
(1)
أبو سعيد السُّكّري، الحسن بن الحسين، كان حسن المعرفة باللغة والأنساب. ثقةً ديِّناً. سمع يحيى بن معين وأبا حاتم السجستاني، من كتبه (المناهل و القُرى)، وجمع عدة أشعارٍ ودَوَّنَها لشعراء العرب. توفي سنة 275 هـ. إنباه الرواة 1/ 326، معجم الأدباء 8/ 94.
(2)
الخليفة الأمويُّ، كان سيئ السيرة، حكم سنة وثلاثة أشهر. ثم قُتل سنة 126 هـ. مروج الذهب 2/ 145، سير أعلام النبلاء 5/ 370.
(3)
شاعرٌ، محسنٌ، مدح في الدولتين الأموية والعباسية، وميَّادة اسم أمّه. توفي سنة 139 هـ. الشعر والشعراء ص 520، معجم الشعراء ص 124.
(4)
الأبيات في ديوانه ص 199، الشعر والشعراء ص 520، معجم البلدان 2/ 248، والأولان في وفاء الوفا 4/ 1187، ونسبها صاحب (الحماسة البصرية) 2/ 130 لمنظور بن عبيد، وقال: وتروى لابن ميادة. وفي الديوان: ربَّتني: وكذا في (أساس البلاغة) ربت 1/ 313، وفسره بأن تضرب المرأة بيدها على جنب الصبي لينام. ووقع في الأصل:(وقطع) بدل: (وقُطِّعْنَ) ولايستقيم المعنى بذلك.
(5)
الهَجْمَةُ من الإبل أوَّلها أربعون إلى ما زادت. القاموس (هجم) ص 1168. الهَجْل: المطمئنُّ من الأرض. القاموس (هجل) ص 1070.
(6)
الدُّهم: السُّود، والبعير الجَعْد: كثير الوبر. القاموس (جعد) ص 273، (دهم) ص 1109.
المُصَدِّقُ
(1)
أن يعفيه من الجعودة، ويأخذها دُهماً. فكتب الرمَّاحُ إلى الوليد
(2)
:
ألم تعلم بأنَّ الحيَّ كلباً
…
أرادوا في عطيَّتِكَ ارتدادا
فكتب الوليد إلى المصدِّق: أن يعطيه مائةً دُهْماً جِعاداً، ومائةً صهباً، فأخذ المائتين، وذهب بِها إلى أهله. قال: فجعلَتْ تضيء هذه من جانب، وتظلم هذه من جانب، حتى أوردها حوض البَرَدانِ فجعل يرتجز ويقول
(3)
:
ظلَّتْ بحوض البَرَدانِ تغتسلْ
…
تشربُ منها نَهلاتٍ وتَعِلّْ
وقال بِشر بن أبي خازم
(4)
:
عَفَتْ من سُليمى رَامةٌ فكَثيبُها
…
وشطَّتْ بها عنك النَّوى وشُعوبُها
وغيَّرها ما غيَّرَ النَّاسَ بَعدَها
…
فبانَتْ وحاجاتُ النُّفوسِ نصيبها
مُعَاليةً لا هَمَّ إلا مُحَجَّرٌ
…
وحرَّةُ ليلى، السَّهلُ منها، فَلُوبُها
أي: وبانت معاليةً، أي: مرتفعةً إلى الأرض العالية، وليس لها هَمٌّ إلا
(1)
المُصَدِّق، كَمُحَدِّث: آخذ الصدقات، والمُتصدِّق: مُعطيها. القاموس (صدق) ص 900.
(2)
البيت في ديوانه ص 109، معجم البلدان 2/ 248، وبعده:
(وقالوا: إنَّها صُهْبٌ وَوُرْقٌ
…
وقد أعطيتَها دُهماً جِعادا).
وفي الديوان: (ألمْ يبلغْك أنَّ الحيَّ .. ).
والصُّهْبُ من الإبل: التي يعلو شعرها حُمرةٌ، وأصوله سود. والوُرْقُ جمع أورق، وهو سوادٌ في غُبرة. (شرح الديوان). وفي القاموس (ورق) ص 928، والأورق من الإبل: ما في لونه بياضٌ إلى سواد، وهو من أطيب الإبل لحماً، لا سيراً وعملاً.
(3)
الرَّجز في ديوانه ص 219، والقصة في معجم البلدان 2/ 248.
والبَردان: جبلٌ مشرف على وادي نخلة قرب مكة. معجم البلدان 1/ 375.
(4)
شاعرٌ جاهليٌّ من بني أسد، أدرك حرب الفجار التي اشترك بها النبي صلى الله عليه وسلم وهو شابٌ. الأغاني 13/ 95، الحيوان للجاحظ 6/ 275. والأبيات في ديوانه ص 13، المفضليات ص 330، معجم البلدان 2/ 248. رامةُ: قرية من قرى بيت المقدس. معجم البلدان 3/ 18. اللُّوبُ جمع لُوبة، وهي الحَرَّة. القاموس (لوب) ص 135.
أن تأتي محجّراً بناحية اليمامة.
حَرَّةُ مَيْطَانَ،
ميطانُ: جبلٌ يقابل شَوْرَانَ من ناحية المدينة
(1)
، قال
(2)
:
تذكُّرٌ، قد عفا منها، فمطلوبُ
…
فالسَّفْحُ من حَرَّتي مَيْطَانَ فاللُّوبُ
حَرَّةُ النَّارِ،
بلفظ النَّار المحرقة: قريبةٌ من حرَّة ليلى قربَ المدينة.
وقيل: هي حَرَّةٌ لبني سليم.
وقيل: هي منازل جُذامٍ، وبَليٍّ
(3)
، وبَلْقَيْن
(4)
، وعُذرة.
وقال عياضٌ القاضي: حرَّة النَّار المذكورة في حديث عمر
(5)
رضي الله عنه هي من بلاد بني سليم، بناحية خيبر، قال
(6)
:
ما إنْ لمُرَّةَ من سهلٍ تحلُّ به
…
ولا من الحَزْنِ إلا حَرَّةُ النَّارِ
وفي كتاب نصر: حَرَّةُ النَّار: بين وادي القرى وتَيماء، من ديار غطفان، وسُكّانُها اليوم عُنيزة
(7)
، وبِها معدن البُورق، وهي مسيرةُ أيام
(8)
. قال أبو
(1)
قال في وفاء الوفا 4/ 1187: وهو جبلٌ شرقي بني قريظة، وهي أحد قسمي الحرة الجنوبية. وقد ذكر العياشي أن الحرة الجنوبية تنقسم إلى قسمين: حرة معصم العليا، وهي كلُّ ما في جنوب قربان، وحرة شوران، وفيها مَيْطان وحلاءة قريظة. وعلى كلٍّ فالجبال المحيطة بالمنطقة الحلاءة الكبار، وجبل ميطان. المدينة بين الماضي والحاضر ص 414.
(2)
البيت في معجم البلدان 2/ 48.
(3)
تحرفت في الأصل إلى: (طي).
(4)
قبيلة بني القين بن جسر، تقدم ذكرها. وانظر نسبه في (نسب معد) 2/ 647.
(5)
الحديث سيذكره المؤلف قريباً. سير أعلام النبلاء 20/ 222، الديباج المذهب ص 172.
(6)
البيت في معجم البلدان 2/ 248.
(7)
تحرّفت في الأصل إلى: (غيرهم)، وراجع معجم البلدان 2/ 248.
(8)
قال العياشي: إن مصدر حَرَّةِ النَّار من الجنوب الشرقي من حلاءة قريظة، ومن الشمال الغربي مما يلي جبل ميطان، ومن شرقي الحلاءة الكبار، ولا تصل إلى الحلاءة الكبار ولا ميطان، إنما هي شرقي حلاءة قريظة، يفصل بينهما مجرى وادٍ ينصرف إلى المبعوث ثم إلى العريض. المدينة بين الماضي والحاضر ص 465.
المهند الفزاريُّ
(1)
:
كانتْ لنا أجبالُ حسمَى فاللّوى
…
وحَرَّةُ النَّارِ فهذا المُستَوى
/293 ومن تَميمٍ قد لقينَا باللِّوى
…
يومَ النِّسَارِ
(2)
وسقيناهم رِوى
وقال النَّابغة
(3)
:
فإنْ عصيتُ فإني غيرُ مُنْفَلتٍ
…
مني اللِّصابُ فَجَنْبَا حرَّةِ النَّارِ
تُدافِعُ النَّاسَ عنَّا حين نركبُها
…
من المظالمِ تُدعى أمَّ صبَّارِ
قال: وأمُ صَبَّارٍ اسمُ الحَرَّة.
وفي الحديث
(4)
أنَّ رجلاً أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال له عمر رضي الله عنه: ما اسمُك؟ قال جمرةُ. قال: ابنُ مَنْ؟ قال: ابنُ شهابٍ. قال: مِمَّنْ أنت؟ قال: من الحُرْقَة. قال: أين تسكُن؟ قال: حَرَّةُ النَّار. قال:
(1)
الأبيات في معجم البلدان 2/ 249، وفاء الوفا 4/ 1188، وأبو المهند ذكره الصاغاني في التكملة:(بزر)، نقلاً عن ابن الأعرابيِّ. أنشد لرجلٍ من بني فزارة يقال له: أبو المهند، وذكر بيتاً من هذه القصيدة.
(2)
تحرفت في الأصل إلى: (الستار)، وراجع (معجم البلدان) 2/ 248.
…
ويوم النسار من أيام العرب في الجاهلية، سببه جدب حلّ بأرض مضر، وخصب أصاب بلاد سعد والرباب، فأقبلت عامر بن صعصعة ومن معهم من هوازن إلى بني سعد يسألونهم أن يرعوهم ومن معهم من هوازن ففعلوا، ثم وقع الشر بينهم ووقعت الحرب وهزمت بنو عامر. نقائض جرير والفرزدق 1/ 175، العمدة 2/ 210، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 5/ 376.
(3)
النابغة الذُّبياني، أحد فحول الشعراء الجاهليين، وأصحاب المعلقات، مدح النعمان بن المنذر. الشعر والشعراء ص 83، الأغاني 9/ 139.
والبيتان في ديوانه ص 56، اللِّصاب جمع لِصْبٍ، وهو الشِّعْبُ الصغير في الجبل. القاموس (لصب) ص 134.
(4)
أخرجه مالك في (الموطأ)، في الاستئذان، باب ما يكره من الأسماء، رقم: 25، 2/ 973.
أيُّها الحِرَارُ؟ قال: ذاتُ اللَّظى. فقال عمر رضي الله عنه: أدركْ الحيَّ لا يحترقوا.
قيل: إنَّ الرجل رجع إلى أهله فوجد النَّارَ قد أحاطت بِهم.
حَرَّةُ وَاقِم:
من إحدى حَرَّتي المدينة على ساكنها الصلاة والسلام، وهي الشَّرقية
(1)
، سُمِّيت برجل من العمالقة اسمه واقم، وقد كان نزلها في الدَّهر الأول.
وقيل: واقم: اسمُ أُطُمٍ من آطام المدينة إليه تُضاف الحَرَّة، وهو من قولهم: وَقمْتُ الرَّجل عن حاجته: إذا رددْتَه، فأنت واقمٌ.
وقال المرَّارُ
(2)
:
بِحَرَّةِ واقمٍ والعِيسُ صُعْرٌ
…
ترى لِلُحَى جماجِمها تَبيعا
عن إبراهيم بن محمد عن أبيه قال: مَطرت السَّماءُ على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال لأصحابه: هل لكم نبأٌ في هذا الماء الحديث العهدِ بالعرش لنتبرَّك به، ولنشرب منه، فلو جاء من مجيئه راكبٌ لتمسَّحْنا به؟ فخرجوا حتى أتوا حَرَّة واقمٍ، وشِراجُها
(3)
تَطردُ، فشربوا منها وتوضؤوا. فقال
(1)
حرَّة واقم هي الحرة الكائنة شرقي المدينة، وتحُدُّ حَرَمَ المدينة شرقاً، وحدُّه الغربي: حرَّةُ الوبرة، فهما اللاَّبتان المقصودتان في الحديث النبوي الذي حدَّد حرم المدينة. (آثار المدينة) ص 206.
(2)
المرَّار بن منقذ العدوي، شاعر مشهورٌ إسلامي، أمويٌّ، كان قصيراً مفرط القصر، وكان معاصراً لجرير، وتهاجى معه. معجم الشعراء ص 176، الشعر والشعراء ص 465،
الأغاني 9/ 151، والبيت في معجم البلدان 2/ 49.
العِيْس: الإبل يخالط بياضها شقرة. القاموس (عيس) ص 560.
صُعْرٌ: مريضة، والصَّعَرُ داءٌ في البعير يلوي عُنقه منه. القاموس (صعر) ص 424.
(3)
الشِّراج: مسايل الماء من الحرَّة إلى السهل. القاموس (شرج) ص 195.
كعبٌ
(1)
: أما والله يا أمير المؤمنين، لتسيلَنَّ هذه الشِّراجُ بدماء الناس كما تسيل بهذا الماء. فقال عمر رضي الله عنه: إيهاً الآن، دعنا من أحاديثك؟ فدنا منه ابنُ الزُّبير
(2)
فقال: يا أبا إسحاق
ومتى ذلك؟ فقال: إياك يا عبيس أن تكون على رجلك أو يدك
(3)
.
وبِهذه الحَرَّةِ كانت وقعةُ الحَرَّةِ المشهورة، في أيام يزيد بن معاوية
(4)
في سنة ثلاث وستين، وأميرُ الجيش من قبل يزيد: مسلم بن عقبة المُرِّي
(5)
، وسَمَّوه مُسْرِفاً قدم المدينة، فَنَزل حَرَّةَ واقم، فخرج أهلُ المدينة يحاربونه، فكسرهم، وقتل من الموالي ثلاثة آلاف وخمسمائة رجل، من الأنصار ألفاً وأربعمائة، ومن قريش ألفاً وثلاثمائة، ودخل جنده المدينة، فَنَهبوا الأموال، وسبوا الذُّرِّية، واستباحوا الفروج، وحبلت منهم ثمانمائة حُرَّةٍ، وقيل: ألف، وولدْنَ، وكان يقال لأولئك الأولاد: أولاد الحرة، ثم أحضر الأعيان لمبايعة يزيد بن معاوية /294 فلم يرض إلا أن يبايعوه على أنهم عبيد يزيد بن معاوية،
(1)
كعب الأحبار، ستأتي ترجمته قريباً.
(2)
عبد الله بن الزبير بن العوام، أول مولود للمهاجرين بالمدينة، من صغار الصحابة، لكنه كبير في العلم والجهاد والعبادة، روى عن أبيه، وجدِّه لأمه أبي بكر الصديق. بويع له بالخلافة عند موت يزيد سنة 64 هـ وحكم على الحجاز ومصر واليمن والعراق، حاربه
عبد الملك بن مروان فانتصر عليه. قتل سنة 73 هـ. المعرفة والتاريخ 1/ 243، أسد الغابة 3/ 242، سير أعلام النبلاء 3/ 363.
(3)
ذكره السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1189.
(4)
الخليفة الأموي، عقد له أبوه بولاية العهد من بعده، وكانت دولته أقل من أربع سنين. توفي سنة 64 هـ، قال الذهبيُّ: له على هناته حسنة، وهي غزو القسطنطينية، وكان أمير ذلك الجيش وفيهم مثلُ أبي أيوب الأنصاري. الكامل لابن الأثير 4/ 126، سير أعلام النبلاء 4/ 35.
(5)
كان قائد الجيش لقتال عبد الله بن الزبير. فنزل المدينة أولاً وأباحها ثلاثة أيام، ثم سار إلى مكة فتوفي بالطريق، ودفن بقديد. المعارف ص 351، وفيات الأعيان 6/ 76.
فمَنْ تلكَّأَ أمر بضرب عنقه، وجاءوا بعليِّ ابن عبدالله بن عباس
(1)
رضي الله عنهم فقال الحصين بن نمير
(2)
: يا معاشر اليمن عليكم ابنَ أختكم؟. فقام معه أربعة آلاف رجل فقال لهم مُسرِفٌ: مه، أخلعتم أيديكم من الطاعة؟ فقالوا: أمَّا فيه فنعم. فبايعه
على أنه ابن عمِّ يزيد بن معاوية، ثم انصرف نحو مكة وهو مريض مدنف فمات بعد أيام، وأوصى إلى الحصين بن نمير، وفي قصة الحَرَّة طولٌ ذكرتها بأطول من هذا في الباب الثاني
(3)
.
وعن كعب الأحبار
(4)
: إنا نجد في كتاب الله تعالى حَرَّةً بشرقيِّ المدينة يُقتل بِها مقتلة تضيء وجوههم يوم القيامة كما يضيء القمر ليلة البدر
(5)
.
قلت: هي حَرَّةُ واقِم.
وكانت وقعة الحَرَّة وقتل الحسين
(6)
رضي الله عنه ورمي الكعبة
(1)
كان يدعى السَّجَّاد لكثرة صلاته، وكان أجمل قرشي على وجه الأرض، عظيم المحلِّ عند أهل الحجاز، توفي سنة 117 هـ. طبقات ابن سعد 5/ 312، وفيات الأعيان 3/ 74.
(2)
تولى قيادة الجيش بعد مسلم بن عقبة، فمضى لمكة وحاصر عبد الله بن الزبير، وأحرقت الكعبة حتى انهدم جدارها، فجاء الخبر بموت يزيد بن معاوية، فرجع بجيشه إلى الشام. المعارف ص 351، وفيات الأعيان 6/ 276.
(3)
انظر أخبار هذه الوقعة: في مروج الذهب 3/ 78، الكامل 4/ 560، المحن للتميمي ص 158، أنساب الأشراف 6/ 337. وقد حقق الأستاذ حمد محمد العرينان القضية وناقش الروايات وتتبع أصولها وخرج بنتيجة تبين كذبها في كتابه (إباحة المدينة وحريق الكعبة في عهد يزيد بن معاوية بين المصادر القديمة والحديثة) ط 2. مكتبة ابن تيمية - الكويت 1408 هـ.
(4)
كعب بن ماتع، مخضرم أدرك عهد النبي ولم يره. كان من أهل اليمن فسكن الشام، ثقة. أسلم في خلافة عمر، ومات في آخر خلافة عثمان. أسد الغابة 4/ 187، تقريب التهذيب ص 461.
(5)
هذا من الإسرائيليات التي لا يؤيدها ما يصدِّقها. وذكره المطري في التعريف ص 75.
(6)
الحسين بن علي بن أبي طالب، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وريحانته من الدنيا. حدَّث عن أبيه، وعمر بن الخطاب، وعنه عكرمة، والشعبي، لم يبايع ليزيد بن معاوية، وخرج عليه، وذهب للعراق؛ فقتل بكربلاء سنة 61 هـ. أسد الغابة 2/ 18، مروج الذهب 3/ 248، سير أعلام النبلاء 3/ 280.
بالمنجنيق من أشنع شيءٍ جرى في أيام يزيد.
وقال محمد بن بجرة السَّاعديُّ
(1)
:
فإنْ تقتلونا يومَ حَرَّةِ واقمٍ
…
فنحنُ على الإسلام أَوَّلُ مَنْ قُتِلْ
ونحنُ تركناكم ببدرٍ، أذِلةً
…
وأُبْنا بأسيافٍ لنا منكمُ نَفَلْ
فإنْ ينجُ منكم عائذُ البيتِ سالماً
…
فما نالنا
(2)
منكم وإن شفَّنا جَلَلْ
عائذ البيت: عبد الله بن الزُّبير رضي الله عنهما.
وقال عُبيد الله بن قيس الرُّقَيَّات
(3)
:
(1)
هو محمد بن أسلم بن بجرة، الأنصاري، أخو بني الحارث بن الخزرج، رأى رسول الله صلى الله عيله وسلم، ولأبيه صحبة، روى عنه أبو بكر بن عمرو بن حزم. التاريخ الكبير 1/ 1/41، أسد الغابة 4/ 302. وفي وفاء الوفا 4/ 1189؛ محمد بن وجرة الساعدي وهو تحريف، وقد اختلف في نسبة هذه الأبيات اختلافٌ كبيرٌ، ليس هنا محل ذكره والأرجح ما ذكره المؤلف. والأبيات في مروج الذهب 3/ 79، معجم البلدان 2/ 49، أنساب الأشراف 6/ 1351، المحمدون من الشعراء ص 207، التكملة لوفيات النقلة 1/ 177.
(2)
تحرفت في الأصل إلى: (إن لنا).
(3)
شاعر إسلامي، أموي، لُقِّبَ الرُّقَيَّات؛ لأنه كان يُشبِّب بثلاث نسوة يقال لهن جميعاً: رُقيَّة. توفي سنة 75 هـ. الشعر والشعراء ص 361، الأغاني 4/ 157.
والأبيات في ديوانه ص 129، معجم البلدان 2/ 249.
ورواية عجز البيت الثاني في الديوان:
ورواية عجز البيت الرابع:
ورواية عجز البيت الأخير:
وعهدك أضغاناً كَلِفْنَ بِشَانِكَا
قد اوْرَوا بها عوداً من المجدِ تَامِكا
وعادَتْ روايا الحلمِ بعدُ رَكَائِكا
القُروم: السَّادة. القاموس (قرم) ص 1148. زَوت: أمسكت وجمعت. القاموس (زوى) ص 1292. تامكاً: مرتفعاً. القاموس (تمك) ص 935. البكابك: المزدحمة. القاموس (بك) ص 934. والركائك: الضعاف. القاموس (ركّ) ص 941.
وقالتْ: لو أنَّا نستطيعُ لزاركُمْ
…
طبيبان [منَّا]
(1)
عالمان بدائِكَا
ولكنَّ قومي أحدثُوا بعد عهدِنا
…
وعهدِكَ أضغاناً كبعضِ نِسائِكَا
تُذكِّرني قتَلَى بحرَّةِ واقِمٍ
…
أُصِبْنَ وأرحاماً قُطِعْنَ شَوَابِكَا
وقد كان قومي قبلَ ذاكَ وقومُها
…
قُروماً زَوَتْ عَوْداً من المجدِ تَامِكَا
فَقُطِّعَ أرحامٌ وفُضَّتْ جماعةٌ
…
وغَارتَ روايا الحِلمِ بعدُ بَكابِكا
حَرَّةُ الوَبَرَةِ،
مُحرَّكة، وبعضهم جَوَّز تسكين الباء: وهي حَرَّةٌ على ثلاثة أميال من المدينة، لها ذكرٌ في حديث أُهبان
(2)
في أعلام النبوة.
حَزْنٌ،
بالفتح ضدُّ سهل: اسمٌ لطريق بين المدينة وخيبر، عُرِضَ على النبي صلى الله عليه وسلم فامتنع من سلوكها، وسلك مرحبا، وسيأتي في الميم إن شاء الله تعالى.
حَسْنَى،
بالفتح ثمَّ السُّكون ونونٍ وألف مقصورة. وكَتْبُه بالياء أولى لأنَّه رباعيٌّ. قال ابن حبيبٍ
(3)
: حَسْنى: جبلٌ قرب ينبع
(4)
. قال
(1)
ما بين معقوفين ساقط من الأصل، وقد أثبتناه من الديوان.
(2)
أهبان بن أوس الأسلمي، الصحابي، الملقب مكلِّم الذئب، وحديثه: (كان يسكن يَيْنَ، وهي بلاد أسلم، فبينا هو يرعى غنماً له بحرَّة الوبرة، فعدا الذِّئب على شاةٍ منها فأخذها، فتنحَّى الذِّئب فأقعى على ذنبه وقال: ويحك، لم تمنع مني رزقاً رزقنيه الله؟ فجعل أُهبان الأسلميُّ يصفق بيديه ويقول: تالله، ما رأيت أعجب من هذا، فقال الذئب: إنَّ أعجب من هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين هذه النخلات، وأومأ إلى المدينة، فحدر أُهبان غنمه إلى المدينة وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدَّثه، فعجب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك وأمره إذا صلى العصر أن يحدِّث به أصحابه، ففعل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«صدق في آيات تكون قبل الساعة» . أخرجه ابن سعد 4/ 309، والبيهقي في دلائل النبوة 6/ 42.
(3)
أبو جعفر محمد بن حبيب، العلاَّمة، الأنصاريُّ النسَّابة، له كتاب (المحبّر)، و (المنمق)، توفي سنة 245 هـ، ترجمته في الفهرست ص 155، تاريخ بغداد 2/ 277، معجم الأدباء 6/ 473.
(4)
قال العياشي: حسنى يسقيها مهزور، وهي بالقف، وتُعرف اليوم بالحسينية. المدينة بين الماضي والحاضر ص 391.
كُثَيِّر
(1)
:
عفَا مَيْثُ كُلْفَى بعدنا فالأجاولُ
…
فأَثْمَادُ حَسْنى، فالبراقُ القَوابلُ
/295 كأنْ لم تكن سُعدى بأفناءِ غَيْقَةٍ
…
ولم تُرَ من سُعدى بِهنَّ منازلُ
وقال أيضاً
(2)
:
عفَتْ غَيْقَةٌ من أهلها فحريمُها
…
فَبَرْقَةُ حَسْنى قاعُها فَصريمُها
ويروى ها هنا: حِسْمى
(3)
.
وقال الأسلميُّ
(4)
: بل حَسْنَى، لأنَّه إذا ذَكرْتَ غَيْقَةَ فليس معها إلا حَسْنى، وإذا ذكرتَ طريق الشام فهي حِسْمَى.
وحَسْنى أيضاً: صحراءُ بين العُذيبة وبين الجار تنبت الحَيْهَل
(5)
.
حُسَيْكَةُ،
تصغير حَسَكة، لواحد حَسَك السَّعْدان
(6)
له شُعَبٌ مُحَدَّدة: اسمُ موضعٍ بالمدينة، في طرف ذُبَاب، وذُبَاب: جبلٌ في طرف
(1)
الأبيات في ديوانه ص 275، معجم البلدان 2/ 259.
الميث: الأرض السهلة. القاموس (ميث) ص 176. كُلْفى: رملة بجنب غَيقة مُكلفة بحجارة، أي: بها كُلْفة لِلَون الحجارة، وسائرها سهل ليس بذي حجارة. معجم البلدان 4/ 476.
الأجاول: منطقة قريبة من كُلفى. معجم البلدان 1/ 100. الأثماد: جمع ثَمْدٍ، وهو الماء القليل. القاموس (ثمد) ص 270. غَيْقَة: موضعٌ بظهر حَرَّة النار لبني ثعلبة. معجم البلدان 4/ 222.
(2)
ديوانه ص 14. الصريم: القطعة المنقطعة من معظم الرمل. القاموس (صرم) ص 1129.
(3)
وهي رواية الديوان.
(4)
قوله في (ديوان كثير) ص 140. ونسب هذا القول ابن سيده في (المحكم) 3/ 156 لابن الأعرابي.
(5)
الحَيْهل: شجرةٌ قصيرة من دِقِّ الحمض، لا ورق لها. القاموس (حيهل) ص 990.
(6)
السَّعْدان: نبتٌ من أفضل مراعي الإبل، ومنه:(مَرْعَى ولا كالسَّعدان) وله شوك تُشَبَّه به حَلَمة الثدي. القاموس (سعد) ص 288.
المدينة
(1)
، وكان بحُسيكة يهودٌ، ولهم بِها منازل. قاله الواقديُّ
(2)
.
وقال الإسكندريُّ
(3)
: حُسَيكة: موضعٌ بالمدينة، بين ذُباب، ومسجدِ الفتح،
وله ذكرٌ في شعر كعب بن مالك
(4)
.
الحَشَا،
بلفظ الحشا الذي تنضمُّ عليه الضُّلوع. وهو اسمُ موضعٍ عن يمين آرة.
قال أبو جُندب الهذليُّ
(5)
:
بَغَيْتُهُم ما بينَ حَدّاءَ والحَشَا
…
وأَوردْتُهم ماءَ الأُثيلِ، فعَاصِما
(1)
ويعرف اليوم بالقرين التحتاني. تقع شمال جبل سلع، بين ذباب ومساجد الفتح. المدينة بين الماضي والحاضر ص 516.
(2)
محمد بن عمر الأسلمي، أحد أوعية العلم على ضعفه في الحديث، جمع فأوعى، وخلط الغثَّ بالسَّمين. حدَّث عن محمد بن عجلان وابن جريج، ولي القضاء للمأمون أربع سنين، سارت بكتبه الرُّكبان في فنون العلم من المغازي والسِّير والطبقات. توفي سنة 207 هـ. تاريخ بغداد 3/ 3، سير أعلام النبلاء 9/ 454.
(3)
نصر بن عبد الرحمن الفزاري الإسكندري النحوي، كان ذا معرفة تامَّة بالأدب، حدَّث عن الحافظ أبي القاسم ابن عساكر، وقرأ على ابن الخشاب، له كتاب في (أسماء البلدان والأمكنة) كبير مليح. مات بعد سنة 561 هـ. أكثر ياقوت النقل عنه في معجمه. إنباه الرواة 3/ 345، بغية الوعاة 2/ 314. وكثيراً ما يذكره المؤلف باسمه نصر.
(4)
لم أجدها في ديوانه، لكن ذكر فيها السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1191 البيتين التاليين:
…
…
صفحناهم بالسفح يوم حسيكة صفائح بصري والردينية السُّمرا
…
…
فما قام منهم قائمٌ لقراعنا ولا ناهبونا يوم نزجرهم زجرا
…
ولم ينسبهما لقائل.
(5)
شاعرٌ جاهلي، من الدُّهاة، أخباره في (أشعار الهذليين). والبيت فيه 1/ 353. وفي معجم البلدان 2/ 261، معجم ما استعجم 2/ 449. حَدَّاء: واد بين مكة وجدة. معجم البلدان 2/ 226. الأُثيل: موضع في بلاد هذيل. معجم البلدان 1/ 94. وعاصم: موضع. معجم البلدان 4/ 67.
قال أبو الفتح الإسكندرنيُّ: الحشا: وادٍ بالحجاز.
والحَشَا: جبلُ الأبواء، بين مكَّة والمدينة.
والحَشَا أيضاً: موضعٌ بديار طيءٍ.
حِشَّان،
بالكسر: جمع حَشٍّ، وهو البستان، مثل ضَيْفٍ وضِيفان. وهو أُطُمٌ من آطام المدينة، كان لليهود على يمين الطريق من قبور الشُّهداء.
حِصَان، بالكسر للحاء: جبلٌ من بِرْمَة
(1)
، من أعراض المدينة، وقيل: هي قارةٌ
(2)
هناك، ويروى بفتح الحاء وآخره راء.
حَضَر،
بالتحريك: موضعٌ على أيام من المدينة. قال:.
(3)
. . . . . . . . .
حِضْوَة،
بالكسر ثم السكون، وفتح الواو وبعدها هاء، يقال: حَضَوْتُ النَّار حَضْوةً: إذا سَعَّرتها: اسمُ موضعٍ قرب المدينة. وقيل: على ثلاث مراحل من المدينة. وكان اسمها عَفوة، فسماها النبي صلى الله عليه وسلم حِضْوَة.
وفي الحديث: شكا قومٌ من أهل حِضْوَة، إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وباء أرضهم، فقال: لو تركتموها؟ فقالوا: معاشنا ومعاش /296 إبلنا ووطننا. فقال عمر رضي الله عنه للحارث بن كَلَدَة
(4)
: ما عندك في هذا؟ فقال
(1)
تقع بين خيبر ووادي القرى. معجم البلدان 1/ 403.
(2)
القارةُ: الجبيل الصغير المنقطع عن الجبال، أو الأرض ذات الحجارة السود. القاموس (قور) ص 467.
(3)
بياضٌ بالأصل بمقدار سطر، ذكره ياقوت في المعجم 2/ 267، ولم يذكر أنه بالمدينة، ولعله الحضير الآتي. أو مصحَّف من حَفَر، وهو ماءٌ في حمى ضرية. معجم ما استعجم 2/ 457.
(4)
طبيب العرب، اختلف في صحبته. وتوفي في خلافة عمر رضي الله عنه. المعارف ص 288، أسد الغابة 2/ 413، الإصابة 1/ 288.
الحارث: البلاد الوبائية ذاتُ الأدغال والبعوض، وهي عُشُّ الوباء، ولكن ليخرج أهلها إلى ما يقاربها من الأرض العذبة، إلى مرتفع النَّجم، وليأكلوا البصل
(1)
والكُرَّاث، ويباكروا السَّمن العربي فيشربوه، وليمسكوا الطيب، ولا يمشوا حفاةً، ولا يناموا بالنهار، فإني أرجو أن يسلموا، فأمرهم عمر رضي الله عنه بذلك.
حَضِير،
بالفتح كأمير: قاعٌ فيه آبارٌ ومزارعُ، يفيض عليها سيل النَّقيع
(2)
، وبين
النقيع والمدينة عشرون ميلاً، وقيل: فرسخاً. قال أبو زياد
(3)
:
ألم تَرَ أنِّي والهِزَبْرَ، وعامِراً
…
وثورةَ، عشنا من لحوم الطَّرائِدِ
يقولون لمّا أقلع الغيثُ عنهمُ:
…
ألا هل ليالٍ بالحَضيِر عوائدِ؟
حَفْيَاء،
بالفتح والسكون، وياء وألف ممدودة: موضعٌ قرب المدينة
(4)
، أجرى منه رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل في السباق، قاله الحازميُّ
(5)
، ورواه غيره بالقصر، وضبطه بعضهم بالضم والقصر وهو خطأ، ورواه بعضهم: حيفا، بتقديم الياء على الفاء.
(1)
في الأصل: (السمن)، وهو خطأ؛ لأن السمن مذكور بعدها، والتصويب من معجم البلدان 2/ 272، والوفا 4/ 1191.
(2)
قال في وفاء الوفا 4/ 1192: إليه ينتهي النقيع، ويبتدئ العقيق.
(3)
البيتان في معجم البلدان 2/ 273.
…
أبو زياد الكلابي: يزيد بن عبد الله بن الحرِّ، أعرابيٌّ، بدويٌّ، قدم من البادية أيام المهدي حين أصابت الناس المجاعة، كان لغويّاً، شاعراً، فصيحاً، له كتاب (النوادر) كثير الفائدة، وذكر فيه كثيراً من الأمكنة، واعتمد عليه ياقوت في معجمه. مراتب النحويين ص 87، إنباه الرواة 4/ 127.
(4)
وهي اليوم خيف الشنيبلية، تبعد عن المدينة 9 كلم، وفي غرب جبل أحد وشمال شرق جبل مخيض. المدينة بين الماضي والحاضر ص 481،483.
(5)
في كتابه (ما اتفق لفظه وافترق مسمَّاه من الأمكنة) 1/ 371.
وقال البخاريُّ
(1)
: قال سفيان
(2)
: بين
(3)
الحَفْياء إلى الثَّنيَّة خمسة أميال، أو ستة.
وقال ابن عُقبة
(4)
: ستة أو سبعة.
وأراني بعض أهل المدينة من فقهائهم موضعاً بظاهر المدينة، خارج السور، قريب مسجد الراية، وقال: هذه الحفيا، وليس كما قال؛ فإنَّ الحفيا على مقربة من البِركَة، فيما يغلب على ظنّي.
حَفِير،
كأمير، فعيلٌ من ال
حفر:
اسمُ موضعٍ بين مكَّة والمدينة.
وحَفْر: موضعٌ آخر بجنبه.
الحِلَاء،
بالكسر والمدِّ، ويفتح، واحدها حِلاءة
(5)
. وهو اسمٌ لجبالٍ كبارٍ شواهقَ، تقابل مَيْطَان، لا تُنبت شيئاً، ولا ينتفع بها إلا ما يُقطع للأرحاء
(6)
ويحمل إلى المدينة، وما حواليها.
وأنشد الزمخشريُّ
(7)
لعديِّ بن الرِّقاع
(8)
:
(1)
أخرجه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، في الجهاد، باب السبق بين الخيل، رقم: 2868، 6/ 83، وانظر: فتح الباري 6/ 84.
(2)
سفيان بن سعيد الثوري، إمام الحفاظ في زمانه، سمع من أيوب السختياني، وحبيب بن أبي ثابت وبلغ عدد شيوخه 600. وحدَّث عنه الأوزاعي، وعبد الله بن المبارك، وغيرهما؛ كان قوي الحافظة، زاهداً في الدنيا. توفي سنة 161 هـ. طبقات ابن سعد 6/ 371، حلية الأولياء 6/ 356، سير أعلام النبلاء 7/ 229.
(3)
في الأصل: (من)، والتصويب من صحيح البخاري.
(4)
هو موسى بن عقبة، وقد تقدمت ترجمته.
(5)
الحلاءة، كسحابة: الأرض الكثيرة الشجر، وموضع، ويكسر. القاموس (حلأ) ص 38.
(6)
الأرحاء، جمع رحى. القاموس ص 1287.
(7)
في كتاب الجبال ص 77.
(8)
شاعر أموي، هاجى جريراً، وكان أبرص، ومدح عمر بن عبد العزيز. معجم الشعراء ص 253، و (الأغاني) 9/ 343. والبيت في ديوانه ص 55، معجم البلدان 2/ 281، الأمرار: مياه بالبادية. معجم البلدان 1/ 252.
كانت تَحُلُّ إذا ما الغيثُ أصبحَها
…
بطنَ الحِلاءَةِ فالأمرارَ فالسِّرَرا
وقال طُفَيلٌ الغَنويُّ
(1)
:
ولو سألَتْ عنَّا فزارةُ نُبِّئَتْ
…
بطعنٍ لنا يومَ الحِلاءَةِ صائبِ
حَلائَيْ صَعْبٍ:
واديان أو جبلان على سبعة أميال من المدينة
(2)
، أو نحو ذلك. قاله الزُّبير بن بكَّار.
/297
الحَلائِق،
كأنَّه جمعُ حَلِيقَةٍ أو حالق. وهو اسمُ موضعٍ له ذكرٌ في غزوة ذات العُشيرة.
قال ابنُ إسحاق
(3)
: ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطحاء ابن أزهر فترك الحلائق يساراً
(4)
.
ورواها بعضهم: الخلائق، بالخاء المعجمة، وهي الآبار التي لا ماء فيها.
(1)
طفيل بن عوف الغنوي، شاعر جاهلي، يلقب طفيل الخيل، كان يقال له في الجاهلية المحبَّر لحسن شعره. معجم الشعراء ص 147، الشعر والشعراء ص 295.
والبيت في معجم البلدان 2/ 281.
(2)
ذكر العياشي أنهما يقعان في الجانب الغربي من حوض العاقول، وبينهما ما يقارب اثني عشر كيلو متراً من شرقي المدينة. المدينة بين الماضي والحاضر ص 472.
(3)
سيرة ابن هشام 2/ 177، نقلاً عن ابن إسحاق، وابن إسحاق اسمه محمد، كان من أعلم الناس بالمغازي والسير، سمع من أبناء الصحابة وكبار التابعين بالمدينة، ضعفه الإمام مالك، ثم رحل إلى بغداد وصنف المغازي، لأبي جعفر المنصور بطلب من ابنه المهدي. توفي سنة 150 هـ. طبقات خليفة 1/ 402، تاريخ بغداد 1/ 216 وفيات الأعيان 4/ 277.
(4)
قال العياشي ص 432: والحلائق المقصودة هنا يُذهب إليها من ناحية الجامعة الإسلامية غرباً من جهة الشمال، من بين جمَّاء أمِّ خالد.
الحُلَيفُ،
مصغَّر الحِلْف: موضعٌ بنجد.
قال أبو زياد: يخرج عامل بني كلاب من المدينة، فأوَّلُ منْزلٍ يصدِّق عليه الأريكةُ، ثمَّ العناقة
(1)
، ثمَّ مِدْعا، ثمَّ المصلوق
(2)
، ثمَّ الرَّنْيَة
(3)
، ثمَّ يرد الحُليف لبني أبي بكر بن كلاب، ثمَّ الدخول، ثمَّ الحصاء
(4)
، ثمَّ يرد الحَوْأَب، ثمَّ سجا
(5)
، ثمَّ الجَديلة
(6)
. ثمَّ ينصرف إلى المدينة، ويصدق على الحُليف بطوناً من بطون أبي بكر ابن عبد الله بن كلاب.
الحُلَيْفَةُ،
بالتصغير كَجُهَينة: قريةٌ بينها وبين المدينة ستة أميال، وهي ذو الحليفة وميقات أهل المدينة
(7)
.
وهو مياهُ بني جُشَم، بينهم وبين بني خفاجة من عقيل.
وذو الحُليفة أيضاً: موضعٌ بين حاذةَ وذاتِ عِرْقٍ. ومنه حديث رافع بن
(1)
تحرفت في الأصل إلى: (العاق).
(2)
تحرفت في الأصل إلى: (المصدق)، والصواب المثبت، كما في معجم البلدان 2/ 295 - 5/ 143.
(3)
في الأصل: (المدينة)، وهو تصحيف، وانظر (المعجم) في الموضعين السابقين. وفسّرها 3/ 74: بأنها قرية من حد تبالة.
(4)
قال أبو محمد الأسود: الحَصَّاء: جبال مطرحةٌ يرى بعضها من بعض، وهي لبعض بني أبي بكر بن كلاب. معجم البلدان 2/ 262.
(5)
قال العامريّ: سجَا: ماءٌ لبني الأضبط بن كلاب، وهي في شعب جبلٍ عالٍ. معجم البلدان 3/ 189.
(6)
الجديلة: من مياه بني وبر بن الأضبط بن كلاب. معجم البلدان 2/ 115.
(7)
تعرف الآن بآبار علي، وتبعد عن المدينة 10 كم. ورد اسمها هكذا في الباب الأول عندما احتج الكاتب بعدم معرفة أسماء المواقع القديمة.
خَديج
(1)
رضي الله عنه، قال
(2)
: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة من تهامة فأصبنا نَهب غنم.
الحَمَاتان:
موضعٌ بنواحي المدينة. قال كُثَيِّر عَزَّةَ
(3)
:
وقد حالَ من حزْم الحماتين دونهم
…
وأعرضَ عن وادي البُليدِ شُجونُ
حُمَام،
بالضَّمِّ والتَّخفيف، وذاتُ الحُمَام: موضعٌ بين مكة والمدينة.
وغَمِيس الحَمَام: موضعٌ بين مَلَل وصُخيرات اليمام
(4)
، اجتاز به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدرٍ
(5)
.
حَمْرَاءُ الأسَدِ،
بالمدِّ والإضافة، والأسدُ: الليثُ: موضعٌ على ثمانية أميال من المدينة
(6)
، إليه انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحُدٍ في طلب المشركين
(7)
، والحمراءُ اسمٌ لمواضعَ كثيرةٍ.
الحُمَيْرَاء،
تصغيرُ حمراء: موضعٌ من نواحي المدينة، ذو نخلٍ. قال ابن
(1)
صحابيٌّ، أنصاريٌّ، أوسيٌّ، أسلم وهو صغير، وردَّه النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر لصغره، وأجازه يوم أحد، روى عنه ابن عمر، ومحمود بن لبيد. شهد صفين مع عليٍّ. مات سنة 74 هـ. أسد الغابة 2/ 38، الإصابة 1/ 495.
(2)
أخرجه أحمد في المسند 4/ 140.
(3)
ديوانه ص 172، وفيه: دونهم، بدل: عندهم. معجم البلدان 2/ 298، معجم ما استعجم 1/ 158.
(4)
مازال باسمه إلى اليوم، يأخذ من التلال الواقعة غرب بلدة الفريش، ثم يتجه شرقاً حتى يجتمع بوادي الفريش. المعالم الأثيرة ص 210.
(5)
السيرة النبوية لابن هشام 2/ 187.
(6)
قال العياشي: أرضٌ فسيحة، تقع في طرف عير الصادر، الذي يقول له السُّكان: الضلع الأسمر، في طرفه الشمالي الشرقي، وقاس مسافتها، فذكر أنها تبعد عن مسجد الغمامة 16 كم. المدينة بين الماضي والحاضر ص 430.
(7)
السيرة النبوية 3/ 58، الدرر في اختصار المغازي والسّير لابن عبدالبر ص 158.
هَرْمةَ
(1)
:
ألا إنَّ سلمى اليومَ جَذَّتْ قُوى الحبلِ
…
وأرضَتْ بنا الأعداءَ من غيرِ ما ذَحْلِ
كأنْ لم تجاورْنا بأكنافِ مَثْعَرٍ
…
وأخزمَ أو خَيفِ الحُميراء، ذي النَّخلِ
الحِمَى،
بالكسر والقصر. وأصله في اللغة: الموضع الذي فيه كلأٌ يُحمى من النَّاس أن يرعوه، والحِمَى يُمدُّ ويقصر، فمَنْ مدَّه جعله مِنْ: حَامَى، يُحامي، مُحاماةً، وحِمَاءً.
قال ابنُ خالويه
(2)
: حجَّةُ مَنْ مدَّه قولهم: نفسي لك الفِداءُ والحِماءُ.
ويكتب المقصور بالياء والألف، لأنَّه حُكي في تثنيته: حِمَوان، وهو شاذٌّ. قال الأصمعيُّ: الحِمى حِمَيان: حِمَى ضَرِيَّةَ، وحِمَى الرَّبَذة.
/298 قال صاحب (المعجم)
(3)
: ووجدتُ أنا: حِمى فَيْد، وحِمى النِّير، وحِمَى ذي الشَّرى، وحمى النَّقيع.
فأمَّا حِمى ضَرِيَّةَ فهو أشهَرُها وأسيرُها ذِكراً. وهو كان حِمى كُليب بن وائل
(4)
، فيما زعم لي بعض [أهل] بادية طي. قال: وذلك مشهورٌ عندنا بالبادية، يرويه كابرنا عن كابر.
(1)
ديوانه ص 178، الزهرة 1/ 241، معجم البلدان 2/ 306.
مَثْعر: وادٍ من أودية القبلية، وهو ماءٌ لجهينة. معجم البلدان 4/ 54.
(2)
الحسن بن أحمد، أحد أئمة اللغة، قرأ على أبي سعيد السيرافي، وصحب سيف الدولة الحمداني. وأدَّب بعض أولاده، من كتبه (إعراب ثلاثين سورة من القرآن)، و (ليس في كلام العرب). توفي سنة 370 هـ بحلب. معجم الأدباء 9/ 200، إنباه الرواة 1/ 359، بغية الوعاة 1/ 529.
(3)
هو ياقوت الحموي. معجم البلدان 2/ 308.
(4)
كليب بن ربيعة، وهو كليب وائل. قاد ربيعة ومضر وقضاعة يوم خزارى إلى اليمن. كان يضرب به المثل في العز في الجاهلية. المحبر ص 249، المعارف ص 96.
قال: وفي ناحيةٍ منه قبرُ كُليب أيضاً معروفٌ إلى الآن.
وهو سهلُ الموطئ، كثير الخُلَّة
(1)
، وأرضُه صلبة، ونباته مسمنة، وبه كانت ترعى إبل الملوك.
وحِمَى الرَّبَذة: أرادَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «لنِعمَ المنْزلُ الحِمى لولا كثرةُ حيَّاتِه»
(2)
وهو غليظ الموطئ، كثير الحُموض
(3)
، تطول عنه الأوبار، وتتفتق الخواصر، ويرهل اللَّحم.
وحِمْى فَيد: قال ثعلب
(4)
: الحِمَى حِمَى فَيْد إذا كان في أشعار أسد وطيء، فأمَّا في أشعار كلب، فهو في أحماء بلادهم، قريبٌ من المدينة.
قال أعرابيٌّ
(5)
:
سقى الله حَيّاً بين صارةَ والحِمى
…
حِمَى فَيْدَ صوبَ المُدجِناتِ المواطرِ
أَمين، وردَّ الله مَنْ كان منهمُ
…
إليهم، ووقَّاهمْ صروفَ المقادرِ
(1)
الخُلَّة بالضَّمِّ: ما حَلا من النبت. يقال: الخُلَّةُ خبزُ الإبل. والحمضُ فاكهتها. الصحاح (خلل) 4/ 1687.
(2)
لم أقف عليه بهذا اللفظ، لكن روى الطبراني في الكبير 12/ 284 عن ابن عمر رضي الله
…
عنهما قال: حمى النبي صلى الله عليه وسلم الربذة لأهل الصدقة.
…
قال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 158: ورجاله رجال الصحيح.
…
وفي كتاب أبي علي الهجري بحث مطول عن حمى الربذة.
(3)
الحُموض: جمع حَمْض، وهو ما مَلُحَ وأَمَرَّ من النبات. القاموس (حمض) ص 640.
(4)
أحمد بن يحيى، إمام الكوفيين في النحو واللغة، لازم ابن الأعرابي، وسمع من محمد بن سلاَّم. وروى عنه نِفْطَويه، وأبو عمر الزاهد. كان ثقة متقناً. من كُتبه (الفصيح) ط، (مجالس ثعلب) ط. توفي سنة 291 هـ. معجم الأدباء 5/ 149، إنباه الرواة 1/ 173،
بغية الوعاة 1/ 396.
(5)
البيتان لمحمد بن عبد الملك الفقعسي، وهما في (المدخل لعلم التفسير) ص 102، أمالي القالي 1/ 183، معجم البلدان 2/ 308 - 3/ 188، معجم ما استعجم 3/ 1035.
وحِمَى النِّير بكسر النُّون.
وحِمَى النَّقيع يُذكر في النَّقيع، وهو قرب المدينة.
قال الشَّافعيُّ
(1)
رضي الله عنه في تفسير قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لا حِمَى إلا لله ورسوله»
(2)
: كان الشريف من العرب في الجاهلية إذا نزل بلداً في عشيرته استعوى كلباً لخاصة مدى عوائه، فلم يَرْعَهُ معه أحدٌ، وكان شريكاً في سائر المرابع حوله. قال: فنهى أن يحمى على الناس حمى، كما كان في الجاهلية، وقوله:«إلا لله ورسوله» يقول: لا يحمى إلا لخيل المسلمين وركابهم المرصدة للجهاد، كما حمى عمر رضي الله عنه النقيع لِنَعم الصَّدقة، والخيل المُعَدَّة في سبيل الله تعالى.
وللعرب في الحمى أشعار كثيرة. قال أعرابيٌّ
(3)
:
ألا تسألانِ اللهَ أن يسقيَ الحِمَى
…
بَلى فسقَى اللهُ الحِمَى والمَطَاليا
وإنِّي لأستسقي لِثِنْتَينِ في الحِمَى
…
ولو يملكانِ البحرَ ما سقتانيا
وأسألُ مَنْ لا قيتُ هل مُطِرَ الحِمَى؟
…
فهل يَسألَنْ أهلُ الحِمَى كيف حاليا؟
/299 وقال آخر
(4)
:
(1)
الأمُّ 3/ 260.
(2)
جزء من حديث الصعب بن جثامة رضي الله عنه: أخرجه البخاريُّ في الجهاد، باب أهل الدَّار يُبيِّتون فيصاب الولدان والذراري، رقم: 3012، 6/ 170.
(3)
الأبيات في (أمالي القالي) 1/ 191، وذكر أنها لرجلٍ طلَّق امرأتين من أهل الحِمَى،
ونسبها صاحب الأغاني 5/ 125 للصمّة القشيري. معجم البلدان 2/ 308. والمطالي: موضعٌ بنجران. معجم البلدان 5/ 147.
(4)
الأبيات في معجم البلدان 2/ 308، اللسان (غرض) 7/ 195، ونسبها للكلبي، فرحة الأديب ص 71 وقال: لأعرابيٍّ من بني كلاب، ونسبها في (الحماسة البصرية) 2/ 167 لعروة بن حزام العذري، صاحب عفراء فله قصيدة من هذا الوزن، ويروى الأول:(فمَنْ يك لم يَغْرَض فإني وناقتي) والأول أصح. والقصيدة طويلة، أكثرها في (ذيل أمالي القالي) 3/ 158. غَرِضَ يَغْرَضُ: اشتاق.
ومَنْ كان لم يَغْرَضْ فإنِّي وناقتي
…
بنجدٍ إلى أهل الحِمَى غَرِضَانِ
أليفا هوىً مِثْلانِ، في سرِّ بيننا
…
ولكنَّنا في الجهْرِ مختلفانِ
تَحِنُّ فَتُبدي ما بِها من صَبَابةٍ
…
وأُخفي الذي لولا الأسى لقضاني
وقال
(1)
:
خليليَّ ما في العيشِ عَيبٌ لو أننا
…
وجَدْنا لأيام الحِمى مَنْ يُعيدُها
لياليَ أثوابُ الصِّبا جُددٌ لنا
…
فقد أَبْهجَتْ هَذِي عليَّ جديدُها
الحَنَان،
بالفتح والتَّخفيف، لغةً: الرَّحمة. قال الزَّمخشريُّ
(2)
: الحنَانُ كثيبٌ كبير كالجبل.
وقال نصرٌ: الحَنَّان: بالتشديد، مع فتح أوَّله: رملٌ بين مكة والمدينة، قرب بدر، وهو كثيب عظيم كالجبل.
قال ابن إسحاق
(3)
-في مسير النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر: فسلك على ثنايا يقال لها: الأصافر
(4)
، ثمَّ انحطَّ منها إلى بلدٍ يقال له: الدَّبَّة
(5)
، وترك الحَنان يميناً وهو كثيب عظيم كالجبل، ثمَّ نزل قريباً من بدر.
فمعنى الحنَّان بالتَّشديد إذن: ذو الرَّحمة، ويقال أيضاً: طريقٌ حَنانٌ، أي: واضحٌ.
حَنَذ،
بإعجام الذَّال: قريةٌ لأُحيحة بن الجُلاح
(6)
من أعراض المدينة فيها
(1)
البيتان في معجم البلدان 2/ 309.
(2)
كتاب الجبال ص 75.
(3)
السيرة النبوية 2/ 258.
(4)
في الأصل: (الأصافن)، والصواب المثبت، كما في معجم البلدان 1/ 206، والقاموس (صفر) ص 425.
(5)
في الأصل: (المذبة)، والصواب المثبت. كما في السيرة، ومعجم البلدان 1/ 438.
(6)
شاعرٌ جاهليٌّ قديم، كان سيد الأوس، كان زمن تُبَّع الأصغر، وتقاتل معه. الأغاني 13/ 114، وسيأتي زيادة كلام عليه.
نخل، وأنشد ابنُ السِّكِّيت لأُحيحة، يصف النَّخل، بأنه بحذاء حَنَذ، وأنه يتأبَّرُ منها دون أن يُؤبَّر فقال
(1)
:
تأبَّري يا خيرةَ الفَسيلِ
…
تأبَّري من حَنَذٍ، وشُولي
إذ ضنَّ أهل النَّخلِ بالفُحولِ
حَوْصَاءُ،
بالفتح والمدِّ: موضعٌ بين وادي القرى وتبوك، نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سار إلى تبوك، وهناك مسجدٌ في مكان مصلاَّه في ذَنَب حوصاء، ومسجدٌ آخر في ذي الجيفة، من صدر حَوْصاء.
وقال ابنُ إسحاق: اسمُ الموضع حَوْضَا، بالضَّاد المعجمة والقصر. كذلك وُجد
مضبوطاً بخط ابن الفُرات
(2)
. قال: وبنى به مسجداً.
حَوْض عَمْرو:
بالمدينة. قال مصعبٌ الزُّبيريُّ
(3)
: هو منسوبٌ إلى عمرو بن الزبير بن العوام
(4)
.
(1)
الرَّجز في معجم البلدان 2/ 311، معجم ما استعجم 1/ 471، لسان العرب (شول) 11/ 374. شُولي: ارتفعي وطولي.
(2)
أبو الحسن محمد بن العباس، سمع أبا عبد الله المحاملي، ومحمد بن مخلد، وكان غاية في ضبطه حجة في نقله، كتب مائة تفسير، ومائة تاريخ. توفي سنة 384 هـ. تاريخ بغداد 3/ 122، سير أعلام النبلاء 16/ 495.
(3)
مصعب بن عبد الله الزبيري، ولد بالمدينة المنورة، وسمع من الإمام مالك، وغيره، روى عنه ابن أبي خيثمة، كان عالماً بالأنساب، من كتبه (نسب قريش) ط. توفي سنة 236 هـ. طبقات ابن سعد 5/ 325، تاريخ بغداد 10/ 173.
(4)
عمرو بن الزبير بن العوام، كان ضمن الجيش الذي بعثه عمرو بن سعيد لمحاربة أخيه عبدالله بن الزبير، فهزم الجيش، وأسر عمرو، ثم مات في سجن أخيه عبد الله. طبقات ابن سعد 5/ 137، نسب قريش ص 178، جمهرة نسب قريش ص 344.
وأمَّا حفص بن عمر الحوضي
(1)
، شيخُ البخاريِّ فمنسوب إلى الحوض، موضعٍ بالبصرة.
حَيْفَا،
ويقال: حَفْيا بتقديم الفاء
(2)
، ومنه أَجرى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الخيل للسِّباق
(3)
.
حَوض مروان:
بالعقيق. قال الزُّبير: كانت بنو أُميَّةَ تجري في الدِّيوان رزقاً على مَنْ يقوم على حوض مروان بالعقيق، في مصلحته، وفيما يصلح بئر المغيرة
(4)
من عُلُقها
(5)
ودِلائها
(6)
.
* * *
(1)
كان إماماً حافظاً، حدث عن هشام الدستوائي. وشعبة، وعنه البخاريُّ وأبو داود، قال ابن المديني: اجتمع أهل البصرة على عدالة أبي عمر الحوضي. توفي سنة 225 هـ. طبقات ابن سعد 7/ 306، التاريخ الكبير للبخاري 6/ 366، سير أعلام النبلاء 10/ 354.
(2)
وهو الصحيح كما ورد في صحيح البخاري في الحاشية التالية.
(3)
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سابق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل التي قد ضُمِّرت، فأرسلها من الحفياء، وكان أمدُها ثنية الوداع. أخرجه البخاري في الجهاد، باب غاية السباق للخيل المضمرة، رقم: 2870،6/ 84
(4)
في الأصل: (بين الغنزة). وهو تحريف.
(5)
العُلُق جمع عَلاقة، وهي التي تُعلَّق به البَكَرة، أو الرِّشاء والغَرْب والمحِور جميعاً. القاموس (علق) ص 910.
(6)
انظر وفاء الوفا 3/ 1050.
باب الخاء
خَاخ،
بخائين معجمتين: موضعٌ بين الحرمين، يُقال له: روضةُ خاخ
(1)
، وهو بقرب حمراءِ الأسد، من المدينة. وروي عن عليٍّ رضي الله عنه أنَّه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم [أنا]
(2)
والزُّبيرَ، والمقدادَ
(3)
رضي الله عنهما فقال: «انطلقوا حتى تأتوا روضةَ خاخٍ، فإنَّ بِها ظعينةً معها كتاب فخذوه، فأتوني به»
(4)
.
قالوا: وخاخٌ مشترك بين جماعة، فيه منازل لمحمد بن جعفر بن محمد
(5)
، وعلي
ابن موسى الرِّضا
(6)
، وغيرهم من النَّاس.
وقد أكثرت الشُّعراء من ذِكْره.
(1)
قال العياشي ص 429: تقع في الجنوب الغربي من عير الصادر، المسمى اليوم بالضلع الأسمر، وقد قستُ ما بين مسجد الغمامة إلى طرف الضلع الأسمر الشرقي الجنوبي. فكان 18 كلم.
(2)
ما بين معقوفين ساقط من الأصل، وهو مستدرك من صحيح البخاري.
(3)
المقداد بن عمرو، وهو: ابن الأسود، صحابي قديم الإسلام، هاجر إلى الحبشة ثم المدينة، شهد بدراً وما بعدها من المشاهد. روى عنه ابن عباس والمسور بن شداد. توفي بالمدينة في خلافة عثمان سنة 33 هـ، وكان عمره سبعين سنة. أسد الغابة 4/ 475، الإصابة 3/ 454.
(4)
أخرجه البخاري في الجهاد، باب الجاسوس، رقم: 3007، 6/ 166.
(5)
محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، كان فاضلاً مقدَّماً في أهله. مات سنة 203 هـ. مقاتل الطالبيين ص 537، تاريخ بغداد 2/ 113، الكامل 6/ 311.
(6)
علي الرضا بن موسى الكاظم، أحد أئمة أهل البيت، سمع من أبيه وأعمامه، وكان من العلم والدين والسؤدد بمكان، صيّره المأمون وليَّ عهده، لكنه مات في أيامه سنة 203 هـ. الكامل 6/ 326، وفيات الأعيان 3/ 269، سير أعلام النبلاء 9/ 387.
قال مصعبٌ الزُّبيريُّ: حدَّثني عبد الرْحمن
(1)
بن عبد الله بن حفص بن عاصم ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: لمَّا قال الأحوص
(2)
:
يا مُوقِدَ النَّارِ بالعلياءِ من إِضَمِ
…
أَوْقِدْ فقد هِجْتَ شوقاً غيرَ مُضْطَرِمِ
يامُوقِدَ النَّارِ، أوْقِدْها، فإنَّ لها
…
سَناً يهيجُ فؤادَ العاشقِ السَّدِمِ
نارٌ يضيءُ سناها إذ تُشَبُّ لنا
…
سَعْدِيةٌ، دَلُّها يَشفي من السَّقَمِ
وما طربتَ لشجوٍ أنت نائلُهُ
…
ولا تنوَّرتَ تلك النَّارَ من أَمَمِ
ليستْ لياليكَ في خَاخٍ بعائدةٍ
…
كما عَهِدْتَ، ولا أيامُ ذي سَلَمِ
غَنَّى فيه مَعْبَدٌ
(3)
، وشاع الشِّعر بالمدينة، فأُنشِدَتْ سُكينة
(4)
، وقيل: عائشة
بنت أبي وقاص
(5)
قول الشَّاعر في خاخ، فقالت: قد أكثر الشُّعراء في خاخ ووَصْفِه. لا واللهِ، ما أنتهي حتى أنظرَ إليه، فبعثَتْ إلى غلامها فِنْدٍ، فحملته على بغلة، وألبسته ثياب خَزّ من ثيابِها، وقالت: امضِ بنا نقف على
(1)
هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم، ولي قضاء المدينة لأمير المؤمنين هارون الرشيد، وأمه حفصة بنت أبي بكر بن عمر. نسب قريش ص 362.
(2)
اسمه عبد الله بن محمد، ولُقِّب الأحوص لحَوَص في عينيه، وهو ضيق يعتري مؤخر العين، شاعر أموي سيئ السيرة. توفي سنة 105 هـ. الشعر والشعراء ص 345، الأغاني 4/ 224. والأبيات في (ديوانه) ص 154 من قصيدة يمدح بها يزيد بن عبد الملك، معجم البلدان 2/ 335. السَّدِمُ: شديد العشق. القاموس (سدم) ص 1120. دلُّها: حُسْنُ منظرِها. القاموس (دلل) ص 1000. الأمَمُ: القُرب. القاموس (أمم) ص 1077. في الديوان غير منصرم، وهو أصحُّ.
(3)
معبد بن وهب، مولى العاص بن وابصة المخزومي، اشتهر بالغناء في المدينة، رحل إلى الشام واتصل بالأمويين، توفي سنة 126 هـ. الأغاني 1/ 18.
(4)
سُكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، كانت بديعة الجمال. تزوجها مصعب بن الزبير، ثم قتل، فتزوجت بعده أزواجاً ماتوا عنها. توفيت سنة 117 هـ. الطبقات الكبرى 8/ 475، المعارف ص 214، سير أعلام النبلاء 5/ 262.
(5)
عائشة بنت سعد بن أبي وقاص. روت عن أبيها، وعدة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، لم تدرك النبي صلى الله عليه وسلم. وروى عنها الإمام مالك. طبقات ابن سعد 8/ 467، تقريب التهذيب ص 750 (8634).
خاخ، فمضى بِها، فلمَّا رأته قالت: ما هو إلا ما؟
(1)
قال: ما هو إلا هذا. فقالت: واللهِ، لا أرِيمُ
(2)
حتى أُوتى بِمَنْ يهجوه. فجعلوا يتذاكرون شاعراً قريباً، لكي يرسلوا إليه إلى أن قال فندٌ: والله أنا أهجوه. قالت: أنت؟ قال: أنا. قالت: قل. فقال: خاخ، خاخ، خاخ، أخ. ثمَّ تفل عليه كأنه يتنخَّع. فقالت: هجوتَه، وربِّ الكعبة؟ لك البغلةُ وما عليك من الثياب.
وذكر ابن الفقيه
(3)
: خاخ في حدود العقيق، وقال: هو بين الشَّوْطى والنَّاصفة
(4)
، وأنشد للأحوص
(5)
:
طَرِبْتَ وكيف تَطْرَبُ أم تَصَابى
…
ورأسُك قد توشَّعَ
(6)
بالقتير؟
لِغَانيةٍ تَحُلُّ هِضابَ خَاخٍ
…
فأسْقُفَ فالدَّوافِعَ من حَضير
وروى أبو عَوانة
(7)
عن البخاريِّ: خاج بالجيم في آخره،
(1)
في معجم البلدان 2/ 335: (ما هو إلا ما قال).
(2)
لا أريم: لا أبرح. القاموس (ريم) ص 1116.
(3)
قال ابن النديم: اسمه أحمد من أهل الأدب لا يعرف من أمره أكثر من هذا، وله من الكتب: كتاب البلدان، أخذه من كتب الناس. الفهرست ص 219.
(4)
الشَّوطى من عقيق المدينة. معجم البلدان 3/ 372. والناصفة: من أودية العقيق، وسيأتي في كلام المصنف عليهما في موضعه. وتحرفت الناصفة في الأصل إلى: (الناصعة).
(5)
البيتان في ديوانه ص 134، معجم البلدان 2/ 336.
الدوافع: جمع دافعة، وهي التِّلْعة من مسايل الماء. القاموس (تلع) ص 715، وأسقف: موضع بالبادية، معجم البلدان 1/ 181، وحضير: موضع تقدَّم. ووقع في الأصل: حصير - بالصاد- وهو تحريف؛ لأن حصيراً حصن باليمن من أبنية ملوكهم القدماء. معجم البلدان 2/ 267. أما حضير فقاعٌ فيه آبار ومزارع يفيض عليها سيل النقيع. وانظر (شرح ديوان الأحوص) ص 134.
(6)
في الأصل: (توشَّح) وهو تحريف. يقال: وشَّعَه الشَّيب توشيعاً: علاه، وتوشَّعَ به: تكثَّر به. القاموس (وشع) ص 771. القتير: الشَّيب. القاموس (قتر) ص 459.
(7)
يعقوب بن إسحاق، الإمام الحافظ الكبير، الجوال، سمع بالحرمين، والشام، ومصر، واليمن، والعراق، وأكثر الترحال، وبرع في علم الحديث، له (المسند الصحيح) الذي خرجه على صحيح مسلم. توفي سنة 316 هـ. وفيات الأعيان 6/ 393، سير أعلام النبلاء 14/ 417.
وهو سهوٌ بلا شكَّ
(1)
.
وقيل: إنَّه موضعٌ /301 قريب من مكَّة، وهو غلطٌ أيضاً.
خَبْءٌ،
بسكون الباء بعدها همزة: وادٍ بالمدينة، إلى جنب قُبَاء.
وقيل: خُبءٌ بالضَّمِّ: وادٍ ينحدر من الكاثِب
(2)
، ثمَّ يأخذ ظهر حَرَّة كشب، ثمَّ يصير إلى قاع الجَموح لأسفل من قباء.
والخبء أيضاً: موضعٌ بنجد.
الخَبَارُ
(3)
، كسَحابٍ، لغةً: الأرضُ الرَّخْوة ذاتُ حجارةٍ، وهو موضعٌ قريبٌ من المدينة، وكان على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج يريد قريشاً قبل وقعة بدر، ويقال فيه: فَيْف الخَبار وفَيْفَاء الخبار، هكذا ذكروه في نواحي عقيق المدينة.
والصَّحيحُ أنَّه الأجبل التي في غربي وادي العقيق
(4)
.
وقال ابن شهاب
(5)
: كان قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم نَفَرٌ من عُرينة، كانوا
(1)
فتح الباري 8/ 503.
(2)
الكاثب: موضع، ولم يحدد. معجم البلدان 4/ 427، وله ذكر في شعر أوس بن حجر. انظر (ديوانه) ص 11.
…
وحرة كشب تقدمت.
(3)
تحرفت في الأصل إلى: (الخبان).
(4)
قال العياشيُّ: فيفاء الخبار هي من عَرْصة الماء، ممايلي الجامعة الإسلامية، أي: في جنوب الجامعة الإسلامية. المدينة بين الماضي والحاضر ص 423.
(5)
ابن شهاب الزُّهري، محمد بن مسلم، الإمام العلم، حافظ زمانه، من أئمة التابعين، روى عن ابن عمر وجابر قليلاً، وعن سهل بن سعد وأنس بن مالك. وروى عنه الإمام مالك، وعطاء بن أبي رباح، له نحو من ألفي حديث. توفي سنة 134 هـ. طبقات خليفة ص 261، الجرح والتعديل 8/ 71، سير أعلام النبلاء 5/ 326.
مجهودين، مضرورين، فأنزلهم عنده، وسألوه أن يُنحِّيهم من المدينة فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لقاح له بفَيف الخَبار وراء الحِمَى.
وقال ابن إسحاق
(1)
: وفي جمادى الأولى، غزا رسول الله صلى الله عليه قريشاً فسلك على نقب بني دينار من بني النجار، ثم على فيفاء الخبار.
وقال الحازميُّ
(2)
: هكذا وجدته مضبوطاً مقيداً بخط أبي الحسن بن الفرات بالحاء المهملة، والياء المشددة، والمشهور الأول.
وهو الصَّوابُ إن شاء الله تعالى.
وقال ابن إسحاق في غزوة العُشيرة
(3)
: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سلك على نقب بني دينار، ثم على فَيفاء الخبار، فَنَزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهَر، يقال لها: ذات السَّاق، فصلّى عندها فَثَمَّ مسجُده، وصُنع له طعام عندها فأكل منه وأكل النَّاس معه. فموضع أثافي البُرْمَة
(4)
معلومٌ هناك، واستقيَ له من ماءٍ يقال له: المشترب.
خَبَّانُ،
كقَبَّان: جبلٌ بين معدن النَّقِرَة
(5)
وفَدَك
(6)
.
خَبْتٌ:
علَمٌ لصحراء
(7)
، بين مكة والمدينة.
(1)
سيرة ابن هشام 2/ 241.
(2)
في كتابه ما اتفق لفظه وافترق مسماه 1/ 393.
(3)
سيرة ابن هشام 2/ 241، حرفياً.
(4)
الأثافي جمع أُثفية، وهو الحجر يُوضع عليه القِدْر. القاموس (أثف) ص 791.
…
والبُرْمة: هي قِدْرٌ من الحجارة. القاموس (برم) ص 1079.
(5)
موضعٌ بطريق مكة. وهو من منازل حاج الكوفة. معجم البلدان 5/ 298.
(6)
فدك تقع بين خيبر وحائل، وسيأتي كلام المصنف عليها موسعاً في الباب الخامس.
(7)
في الأصل: (بصحراء)، والصواب المثبت، كما في عمدة الأخبار ص 310.
خَبراء العِذْقِ،
قاعٌ بناجية
(1)
معروف بناحية الصمَّان
(2)
.
وقال بعضهم: خبراء صائف بين مكة والمدينة، قال معن
(3)
:
فَفَدفدُ عبُّودٍ فخَبراءُ صائفٍ
…
فذو الحِفر أقوى منهم ففدافدُه
(4)
خُبْزةُ، على لفظ واحدة الخبز المأكول: حِصنٌ من أعمال ينبع.
الخَرَّارُ
(5)
، بالفتح والتَّشديد: وادٍ من أودية المدينة، وقيل: ماءٌ بالمدينة، وقيل: موضعٌ بخيبر. /302 وقيل: موضعٌ بالحجاز، وقيل: موضعٌ بالجُحْفَة.
قال ابن إسحاق
(6)
: وفي سنة إحدى ـ وقيل: سنة اثنتين ـ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص
(7)
رضي الله عنه في ثمانية رهط من المهاجرين، فخرج حتى بلغ الخرَّار من أرض الحجاز، ثمَّ رجع ولم يلق كيداً.
خَرِبٌ،
بفتح أوَّله وكسر ثانيه، آخرُه موحَّدة: موضعٌ بين فَيْد وجبل السَّعد
(8)
سَالكٌ إلى المدينة.
الخَرْماء،
تأنيث الأخرم للمشقوق الشَّفة، وهي اسمُ عين ماءٍ بوادي
(1)
معجم البلدان 5/ 250 و 1/ 89.
(2)
وقع في الأصل: الضمان - بالضاد المعجمة - وهو تحريف. القاموس (خبر) ص 382.
(3)
في الأصل: (مسعر). وهو تصحيف.
وهو معن بن أوس المزني، شاعر مجيد، فحل. من مخضرمي الجاهلية والإسلام. معجم الشعراء ص 399، الأغاني 10/ 156، الإصابة 3/ 499. والبيت في معجم البلدان 2/ 344.
(4)
الفدافد جمع فدفد، وهو الأرض المستوية. القاموس (فدد) ص 305.
(5)
تحرفت في الأصل إلى: (الخرّان).
(6)
السيرة النبوية 2/ 242.
(7)
ترجمته في مادة (العالية).
(8)
موضع قريب من المدينة، بينهما ثلاثة أميال. معجم البلدان 3/ 221.
الصَّفراء. قال كثيِّر
(1)
:
كأنَّ حُمولَهم لمَّا تولَّتْ
…
شوارعُ في ثرى الخَرْماء ليستْ
بِيَلْيَلَ، والنَّوى ذاتُ انفتالِ
…
بجاذيةِ الجذوعِ ولا رِقالِ
وقال أبو محمد الأسود
(2)
: الخرماء: أرضٌ لبني عبْس من عدوان.
خَرِيقٌ،
كأمير: وادٍ عند الجار
(3)
يتَّصل بينبع.
خُرَيم،
كزُبير: ثَنيَّةٌ بين جبلين، بين المدينة والجار، وقيل: بين المدينة والرَّوحاء. وكان عليها طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم عند منصرفه من بدر.
قال كُثيِّر
(4)
:
فأجمعْنَ بَيْنَاً عاجلاً، وتركْنَني
…
بفيْفا خُرَيْمٍ، قائماً أتَبَلّدُ
الخَزَّامِيْن،
بفتح أوَّله، وتشديد ثانيه، جمع خَزَّام: الصانعُ حبال الخزم
(5)
، وسوق الخزَّامين في المدينة الشريفة سوقٌ مشهور
(6)
، وقد تركوا إعرابه، ولزموا فيه طريقةً واحدةً لكثرة استعماله.
(1)
ديوانه ص 227 - 228، معجم البلدان 2/ 361. يَلْيَلُ: اسم قرية قرب قرى وادي الصفراء. معجم البلدان 15/ 441. شوارع: واردة للماء. يعني: نخلاً. جاذية: دانية من الأرض. الرِّقال: النخل التي تفوت اليد. القاموس (رقل) ص 1007.
(2)
أبو محمد الأعرابي، المعروف بالغُندجاني الأسود. اسمه الحسن بن أحمد كان علامة نسابة، عارفاً بأيام العرب وأشعارها، له ردود على كبار العلماء، وله كتاب (أسماء الأماكن) توفي بعد 428 هـ. معجم الأدباء 7/ 261، بغية الوعاة 1/ 499.
(3)
الجار: مدينة على ساحل البحر الأحمر (بحر القلزم) بينها وبين المدينة يوم وليلة. معجم البلدان 2/ 92.
(4)
ديوانه ص 439، وفيه:(قائماً أتلدَّدُ) أي: أذهب هنا وهناك حيرة. وفي معجم البلدان 2/ 364.
(5)
الخَزْمُ: شجرٌ يُتَّخذ من لحائه الحبال. اللسان (خزم) 12/ 176. معجم البلدان 2/ 367.
(6)
كان موجوداً زمن المؤلف ولا يعرف الآن.
خَشَاش،
كَسَحَاب: وهما خَشَاشان، وهما جبلان من الفُرع من أراضي المدينة قرب العمق، وله شاهدٌ في العمق.
والخَشَاشُ لغةً: حيَّةُ الجبل، والأفعى حيَّة السهل.
وقيل: الخَشَاش: ما لا دماغ له من دوابِّ الأرض والطير.
خُشُب،
بضمتين، آخرُه باءٌ مُوحَّدة: وادٍ على ليلةٍ من المدينة
(1)
. له ذكر في الحديث والمغازي.
قال الشَّاعر
(2)
:
أَبَتْ عيني بذي خُشُبٍ تنامُ
…
وأبْكَتْهَا المنازلُ والخِيامُ
وأرَّقَني حَمَامٌ باتَ يدعو
…
على فَنَنٍ، تُجاوبُهُ حَمَامُ
ألا يا صاحبيَّ دعَا ملامي
…
فإنَّ القلبَ يُغريه المَلامُ
/303 وعُوجا تُخبرا عن آل ليلى
…
ألا إني بِلَيْلى مُسْتَهَامُ
الخَشْرَمَةُ:
وادٍ قرب ينبع يصبُّ في البحر.
خُشَين،
تصغير خشنٍ: جبلٌ. قال ابن إسحاق
(3)
- وعدَّد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وغزاةَ زيد بن حارثة
(4)
، جِذام من أرض خشينٍ.
(1)
أفاد الشيخ حمد الجاسر (المغانم 129): وحول الوادي جبال تدعى أبا خُشُب، على يمين المسافر بعد جبل أحد، وفي (المعالم الأثيرة): على مسافة 35 كم من المدينة على ضفة وادي الحمض الشرقية.
(2)
الأبيات في معجم البلدان 2/ 372.
(3)
السيرة النبوية لابن هشام 4/ 258، ثم قال ابن هشام: والشافعيُّ عن عمرو بن حبيب عن ابن إسحاق: من أرض حِسْمَى.
(4)
زيد بن حارثة بن شراحيل، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحِبُّه. كان يقال له زيد بن محمد، حتى حَرُمَ التبني. آخاه الرسول صلى الله عليه وسلم مع حمزة، وزوَّجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولاته أم أيمن فولدت له أسامة، قالت عائشة: ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في سرية إلا أَمَّره عليها. استشهد يوم مؤتة سنة 8 هـ. طبقات ابن سعد 3/ 40، أسد الغابة 2/ 29، الإصابة 1/ 563.
وفي المثَل: إنَّ خشيناً من أخشن، وهما جبلان أحدهما أصغر من الآخر.
الخَصِيُّ،
فَعيلٌ مِنْ خصاه: نزع خصيته: اسم أُطُمٍ بالمدينة، بناه بنو عمرو بن عوفٍ، قريباً من أُطُمِ واقم، يقال له: وقار، لبني جَحْجَبَا، أو لبني السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس، ثمَّ صار بعدُ لبني عبد المنذر في دية جدِّهم.
قال الزُّبير: ابتنى بنو السلم: الخصيَّ، شرقي مسجد قُبَاء، والأسطوان الذي على يسارك في آخر الصف الأول من أساطين مسجد قباء وضعت على فم بئر الخصي.
خَضِرةُ،
بفتح أوَّله وكسر ما يليه: أرضٌ لمحاربٍ بنجد. وقيل: بتهامة. وعلى كلِّ حالٍ فهي من أعمال المدينة.
ذات الخِطْمي
(1)
: موضعٌ فيه مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بناه في مسيره إلى تبوك من المدينة.
خَفَيْنَن،
بفتح أوله وثانيه، ثمَّ مُثنَّاةٍ تَحتيةٍ ساكنة، ونونان الأولى مفتوحة: وهو وادٍ بين ينبع والمدينة. قال كُثيِّر عزَّة
(2)
:
وهاجَ الهوى أظعانَ عَزَّةَ غُدوةً
…
وقد جعلَتْ أقرابُهُنْ تَبِينُ
فلمَّا استقلَّت من مناخٍ جِمالُها
…
وأشرفْنَ بالأحمال قُلن: سَفِينُ
تأطَّرنَ بالميثاءِ ثمَّ تركْنَهُ
…
وقد لاحَ من أثقالهنَّ شُجونُ
(1)
بكسر الخاء، كما في القاموس. (خطم) ص 1104.
(2)
ديوانه ص 170، معجم البلدان 2/ 380.
أقرابهن: خواصرهن. اللسان 1/ 668، ورواية الديوان:(أقرانهن) أي: حبالُهن. القاموس (قرن) ص 1223، الميثاء: الأرض السهلة. القاموس (ميث) ص 176، ورواية الديوان:(الميناء).
فأَتبعتُهم عَينيَّ حتى تلاحمت
…
عليها قِنانٌ من خَفَيْنَن جونُ
وقيل: خَفَيْنَن: قرية بين ينبع والمدينة، وهما شعبتان: واحدة تدفع في ينبع، والأخرى تدفع في الخَشْرَمَةِ، والخَشْرَمَةُ تدفع في البحر.
خَفِيَّة،
بفتح أوله وكسر ثانيه، وياء مفتوحة مشددة: موضع بأرض عقيق المدينة.
قال
(1)
:
وينْزلُ من خَفيَّةَ كُلُّ وادٍ
…
إذا ضاقَتْ بِمَنْزله النعيمُ
وخَفِيَّةُ أيضاً: موضعٌ باليمامة. وموضعٌ بالكوفة.
/304
الخلائق:
أرض بنواحي المدينةكانت لعبد الله بن [أبي] أحمد بن جحش
(2)
. قال صخر بن الجعد
(3)
:
كفا حَزَناً لو يعلمُ النَّاسُ أنني
…
أُدافعُ كأساً عند أبواب طارقِ
أتنسين أياماً لنا بسويقةٍ
…
وأيامنا بالجزع جزعِ الخلائقِ؟
لياليَ لا نخشى انصداعاً من الهوى
…
وأيام حزمٍ عندنا غيرَ لائقٍ
حزم:
رجل كان يعاديه ويشي به.
وقال الدِّيليُّ
(4)
:
(1)
البيت في معجم البلدان 2/ 380 دون نسبة.
(2)
هكذا ذكره الهجري في (كتابه) ص 292، وهو الصواب، وهو صحابيٌ له رؤية للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي سماه عبد الله، روى عن علي بن أبي طالب. طبقات ابن سعد 5/ 62، الإصابة 3/ 57.
(3)
هو أبو الصموت صخر بن الجعد الخضري، شاعرٌ فصيحٌ من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، رام المهاجاة مع ابن ميادة، فترفَّع عنه. وكان مغرماً بامرأة اسمها كأس بنت بجير. الأغاني 19/ 65. والأبيات في الأغاني 19/ 66، معجم البلدان 2/ 381. وطارق كان أمير المدينة. وهو مولى عثمان.
(4)
القائل هو الحزين الديلي الكناني، كما في (المعجم) واسمه عمرو بن عبد وهيب، كان شاعراً محسناً من شعراء الدولة الأموية، ليس من فحول طبقته، وكان هجَّاءً خبيث اللسان. معجم الشعراء ص 88، الأغاني 14/ 74. والأبيات في معجم البلدان 2/ 381.
أيهات، لغة في هيهات. القاموس (إيه) ص 1242. البَلْقَع: الأرض القفر. القاموس (بلقع) ص 705. الشَّنار: أقبح العيب. القاموس (شنر) ص 420. وفي المعجم: (أَطَرْتَ شرارها).
لا تزرعَنَّ من الخلائق جدولاً
…
أيهاتَ إنْ رُبِعَتْ وإنْ لم تُرْبِعِ
أمَّا إذا جادَ الربيعُ لبئرها
…
نُزِحَتْ وإلا فهي قاعٌ بلقع
هذه الخلائقُ قد أطَرْتَ شَنَارَهَا
…
فلئن سَلِمْتُ لأفْزَعَنَّ لينبعِ
خُلائِل،
بالضَّمِّ: موضعٌ بالمدينة. قال ابن هَرْمَةَ
(1)
:
احبس على طَللٍ ورسْمِ منازلِ
…
أَقْوَيْنَ بين شُواحِطٍ وخُلائِلِ
خَلْصٌ،
بالفتحِ وسكون اللاَّم، وصادٍ مهملة: موضعٌ قرب المدينة بآرةَ
(2)
.
وقيل: هو وادٍ فيه قرى ونخل. قال الشَّاعر
(3)
:
فإنَّ بخَلْصٍ فالبُريراء فالحشا
…
فَوكْدٍ إلى النِّهيين من وبَعَانِ
جواريَ من حَيٍّ عِداءٍ كأنَّها
…
مَهَا الرَّملِ، ذي الأزواجِ غيرُ عَوانِ
جُنِنَّ جنوناً من بُعولٍ كأنَّها
…
قُرودٌ تَنازى في رِياطِ يَمانِي
(1)
البيت في (ديوانه) ص 172، معجم البلدان 2/ 381.
(2)
آرةُ: جبلٌ يُطلُّ على وادي الفرع، يبعد عن المدينة حوالي 200 كلم. المعالم الأثيرة ص 15.
(3)
الأبيات نسبها أبو عليٍّ الهَجَري في كتابه ص 347 لغزلان الثُّمامي يقولها في نساءٍ مُزَنيات، وذكر الأول منها فقط، وهي في (معجم ما استعجم) ص 450، ونسبها لأبي المزاحم السعدي، وفي (أسماء جبال تهامة) لعرَّام ص 406 دون نسبة. وفي الأصل تحريف كثير في الأبيات.
البُريراء: من أسماء جبال بني سليم. معجم البلدان 1/ 406. والحشا: واد بالحجاز، والحشا جبل الأبواء بين مكة والمدينة. معجم البلدان 2/ 261، ووَكْدُ: موضع بين مكة والمدينة، معجم البلدان 5/ 382، ووبعان: اسم قرية على أكناف آرة، معجم البلدان 5/ 359.
ووصف الرمل بأنه ذو أزواج، يعني: أزواج الوحش من البقر والظباء ونحوها. والعواني جمع عان وعانية: وهو الأسير. القاموس (عنى) ص 1315. تنازى: تَثِبُ. القاموس (نزا) ص 1338. الرِّياط جمع رَيطة: وهي مُلاءة. القاموس (ريط) ص 668.
الخَلُّ:
موضعٌ بين مكة والمدينة، قرب مَرْجِح
(1)
.
خَلِيقَة،
بالقاف كسَفينةٍ وقبيلة: منْزلٌ على اثني عشر ميلاً من المدينة، بينها وبين ديار سُلَيم.
خَمَّرٌ،
شِعْبٌ من أعراض المدينة، وهو مُلْحقٌ في الوزن ببَقَّمَ، وشَلَّمَ، وخَضَّمَ، وبَذَّرَ.
خُمٌّ:
اسمُ رجل صبّاغ أُضيف إليه الغدير الذي بين مكة والمدينة، أو اسم غيضة هناك، أو اسم وادٍ.
وذِكرُه مستوفى في كتاب مكة
(2)
، إن شاء الله تعالى.
الخنْدَقُ،
حفيرٌ حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب، لما بلغه قدوم بني النضير من اليهود على قريش، ومظاهرتهم لهم، ومحالفتهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وذلك بعد إجلائهم من المدينة، فقدموا للحرب، ثمَّ سعى حُيَيُّ بن أخطب
(3)
حتى قطع الحِلْف الذي كان بين قريظة والنبي صلى الله عليه وسلم، واشتدَّ الحصار على المسلمين /305 ونجم النِّفاق. قال تعالى
(4)
: {إِذْ جَاءُوكُم مِن فَوقِكُمْ} يعني قريظة {ومِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ} يعني أسداً وغطَفان، وكانوا نازلين ما بين طرف وادي النَّقَمى
(5)
إلى آخره. وقريش وكنانة يرون، فحفر صلى الله عليه وسلم طولاً من
(1)
موضعٌ سلكه النبي صلى الله عليه وسلم مع الدليل في هجرته. السيرة النبوية 2/ 133.
(2)
يريد كتاب (مهيج الغرام إلى البلد الحرام)، وخُمٌّ يعرف هذا الموقع اليوم باسم الغُرَبة، ويقع شرق الجحفة، على 8 كم. المعالم الأثيرة ص 109.
(3)
قائد اليهود، قتل في غزوة بني قريظة، ثم تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته صفية. السيرة النبوية 3/ 190 - 191، تاريخ الطبري 2/ 588.
(4)
سورة (الأحزاب) آية رقم: 10.
(5)
قال العياشيُّ: هذا الوادي يتجمَّع ماؤه ممّا يسيل من جبال حمرٍ وشهب في شمال منطقة موقع المطار اليوم، ويمرُّ بين جبلي وَعيرة وَوُعيرة جنوباً. المدينة بين الماضي والحاضر ص 457.
أعلى وادي بُطحان غربي الوادي، مع الحرَّة إلى غربي المُصلَّى يوم العيد؛ ثمَّ إلى مسجد الفتح ثم إلى الجبلين الصغيرين
(1)
غربي الوادي، وجعل المسلمون ظهورهم إلى جبل سلع، وضرب صلى الله عليه وسلم قبته على موضع مسجد الفتح اليوم، والخندق بينهم وبين المشركين، وفرغ من حفره بعد ستة أيام، وعمل فيه جميع المسلمين وهم يومئذ ثلاثة آلاف، وأقام [في غزوة]
(2)
الخندق خمسة عشر يوماً، وقيل: أربعة وعشرين يوماً، ورجع إلى المدينة.
والخندق قد عفا أثره اليوم، ولم يبق منه شيء يُعرف إلا ناحيته، لأنَّ وادي بُطحان استولى على موضع الخندق، وصار سيله في موضع الخندق.
الخَوْعُ،
بفتح أوَّله، وسكون ثانيه، والعين مهملة: جبلٌ أو موضعٌ قرب خيبر.
والخَوْعُ لغةً: مُنْعَرجُ الوادي، يقال: جاء السَّيل فخوَّع الوادي.
والخَوْعُ جبل أيضاً. قال رُؤبةُ
(3)
يصف ثوراً:
كما يلوحُ الخَوْعُ بينَ الأَجْبُلِ
خَيْبَر:
اسم ولاية مشتملة على حصون ومزارع
(4)
، ونخل كثير.
وأسماء حصونها:
(1)
تحرّفت في الأصل إلى (الضغرا). وفاء الوفا 4/ 1204.
(2)
زيادة لتمام المعنى، ووقع في عمدة الأخبار ص 314: وأقام في الخندق.
(3)
هو رؤبة بن العجَّاج، راجز مشهور، أدرك الدولتين الأموية والعباسية، كان مولعاً بالغريب كأبيه. الشعر والشعراء ص 394، معجم الشعراء ص 121، الأغاني 18/ 122 وما بعدها. والرجز في (ديوانه) ص 95، معجم البلدان 2/ 406. وتحرّف (الأجبل) في الأصل إلى:(الأجبال).
(4)
وهي في طريق المدينة إلى الشام، وتبعد عن المدينة 165 كم.
حِصن ناعم، وعنده قُتل محمود بن مسلمة أُلقيت عليه رحاً
(1)
.
والقَمُوص: حِصن أبي الحُقيق. والشَّقُّ. والنَّطاةُ. والسُّلالم. والوطيحُ. وكَتِيبة.
والخيبر بلسان اليهود: الحصن، ولكون هذه البقعة تشتمل على هذه الحصون، سمَّوه خيابر. فتحها النبي صلى الله عليه وسلم كلَّها في سنة سبع للهجرة، وقيل: ثمان، عَنْوةً، نازلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قريباً من شهر، ثمَّ صالحوه على حقن دمائهم وتَرْكِ الذُّرية على أن يُخَلُّوا بين المسلمين وبين الأرض، والصفراء، والبيضاء، والبِزَّة
(2)
، إلا ما كان منها على الأجساد، وأن لا يكتموه شيئاً. قالوا: يا رسول الله، إنَّ لنا بالعمارة والقيام على النَّخل عِلماً، فأَقِرَّنا. فأقرهم، وعاملهم على الشطر من التمر والحَبّ. فقال:«أُقِرُّكم ما أقرَّكم الله»
(3)
، فلما كانت خلافةُ عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ظهر فيهم الزِّنا وتعبثوا بالمسلمين، فأجلاهم إلى الشام، وقسم خيبر بين من كان له فيها سهم من المسلمين، وجعل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فيها نصيباً. وقال: أيتكنَّ شاءت أخذت الضيعة وكانت لها ولعقبها.
وإنما فعل عمر رضي الله عنه ذلك لأنَّه سمع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب»
(4)
. فأجلاهم.
(1)
انظر خبر ذلك في السيرة النبوية لابن هشام 3/ 278.
…
ومحمود بن مسلمة، صحابيٌّ، أنصاريٌّ، شهد أحداً والخندق، وخيبر، وقُتل فيها، وذلك سنة 6 هـ. أسد الغابة 4/ 342، الإصابة 3/ 387، نسب معد 1/ 381.
…
(2)
الصفراء: الذهب. القاموس (صفر) ص 425، والبيضاء: الفضة. القاموس (بيض) ص 683، والبزة: الثياب. القاموس (بزز) ص 503.
(3)
جزء من حديث طويل عن ابن عمر رضي الله عنهما: أخرجه البخاري في الشروط، باب إذا اشترط في المزارعة:(إذا شِئتُ أَخْرَجتُكَ)، رقم: 2730، 5/ 327.
(4)
أخرجه مالك في (الموطأ) في الجامع، باب ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة، رقم: 3007، 2/ 893.
ولمَّا /306 فتح النبي النبي صلى الله عليه وسلم خيبر قسمها على ستةٍ وثلاثين سهماً، وجعل كلَّ سهمٍ مائةَ سهم، فعزل نصفها لنوائبه، وما ينْزل به، وقسم الباقي بين المسلمين
(1)
[وكان فيما وقف على المسلمين]
(2)
الكتيبة والسُّلالم
(3)
.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن رواحة
(4)
رضي الله عنه إلى خيبر ليخرص عليهم، فقال: إنْ شئتم خرصتُ وخيَّرتكم، وإنْ شئتم خرصتم وخيرتموني. فأعجبهم ذلك وقالوا: هذا هو العدل، هذا هو العدل؟ هذا هو القسط، وبه قامت السموات والأرض
(5)
.
وقال أبو القاسم الزَّجَّاجيُّ
(6)
: سميت خيبر بخيبر بن قانية بن مهليل بن رام بن عبيل، وعبيل هو أخو عاد
(7)
بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، وهو عمُّ الرَّبَذَة وزرود، والشقرة أخي يثرب، وكان أول من نزل بهذا الموضع.
(1)
أخرجه أبو داود في الخراج، باب ما جاء في حكم أرض خيبر، رقم: 3004، 3/ 475. وابن شبَّة في تاريخ المدينة 1/ 181.
(2)
مابين المعقوفين ساقط من الأصل، وهو مستدرك من معجم البلدان 2/ 410.
(3)
أخرجه أبو داود في الخراج، باب ماجاء في حكم أرض خيبر، رقم:3007،3/ 476 - 477.
(4)
صحابيٌّ، خزرجيٌّ، شهد بيعة العقبة، وحضر بدراً وما بعدها. وهو أحد شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم. استشهد يوم مؤتة، وكان أحد القُوَّاد فيها. طبقات ابن سعد 3/ 525، أسد الغابة 3/ 130، الإصابة 2/ 326.
(5)
أخرجه بنحوه أبو داود في البيوع، باب في المساقاة، رقم:3403،4/ 149. وابن شبَّة في تاريخ المدينة 1/ 179.
(6)
عبد الرحمن بن إسحاق، لازم الزَّجَّاج، فَنُسب إليه. أحد أئمة النحو، أخذ عن ابن دريد ونفطويه، من كتبه (الجمل) في النحو، و (الإيضاح). توفي سنة 337 هـ. طبقات النحويين للزُّبيدي ص 119، بغية الوعاة 2/ 77.
(7)
تحرفت في الأصل إلى: (عباد).
وخيبر بلادٌ موصوفةٌ بالحُمَّى، قدم أعرابيٌّ خيبر بعياله فقال
(1)
:
قلتُ لحُمَّى خيبرَ: استعدِّي
…
هَاكِ عيالي، فاجهدي وجُدِّي
وباكرِي بصالبٍ ووِرْدِ
…
أعانَكِ اللهُ على ذا الجندِ
فحُمَّ ومات، وبقي عياله.
وهي أيضاً موصوفةٌ بكثرة النَّخل والتَّمر، قال حسَّان بن ثابت
(2)
رضي الله عنه:
أَتفخَرُ بالكَتَّان لمَّا لبِسْتَه
…
وقد يلبس الأَنباطُ رَيْطاً مُقصَّرا
فإنَّا ومَنْ يُهدي القصائد نَحوَنا
…
كَمُسْتَبضعٍ تمراً إلى أرض خيبرا
وخيبر على ثلاثة أيام من المدينة
(3)
. وقيل: على ثلاث بُرُدٍ، على يسار خارج الشَّام.
وروى الزُّبير، عن إبراهيم بن جعفر، عن أبيه
(4)
قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، ودليلهُ رجل من أشجع، فسلك بهم طريق صدور الأودية، فأدركَتْه الصَّلاةُ بالقرقرة، فلم يُصَلِّ حتى خرج منها، فنزل بين أهل الشَّقِّ وأهل النَّطاة، وصلى إلى عوسجةٍ
(5)
هنالك، وجعل حوله أحجاراً.
وعن إبراهيم، عن أبيه قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ميلان في ميل من خيبر مقدَّس»
(6)
.
(1)
البيتان في معجم البلدان 2/ 410.
(2)
ديوانه) ص 245.
(3)
بينها وبين المدينة 165 كم، من طريق الشام.
(4)
ترجمته هو وأبوه في مادة (سمران).
(5)
العوسجة: شجرة شوك. القاموس (عسج) ص 198.
(6)
رواه ابن زبالة في تاريخ المدينة، كما في وفاء الوفا 4/ 1210، هو وما بعده. وفيهما ابن زبالة: كذبوه. وإبراهيم بن جعفر قال عنه الدارقطني: مجهول. لسان الميزان 1/ 44. ووقع في الأصل: (ميلان في ميلان في ميل).
وعن سعيد بن المسيب، يرفعه:«خيبر مقدسة، والسُّوارقية مؤتفكة» .
وعن سليمان بن صخر، يرفعه:«نِعْمَ القريةُ في سُنَيَّاتِ المسيح خيبرُ» يعني: زمان الدَّجَّال
(1)
.
خَيْط،
بلفظ خيط واحد الخيوط: أُطُمٌ بالمدينة ابتناه بنو سواد بن غَنْم، كان موضعه في شرقي مسجد القبلتين على شرف الحرَّة عند منقطع السيل، من أرض /307 بني سَلِمَة، كان لسهل
(2)
بن قيس بن أبي كعب بن القَيْن بن كعب بن سواد.
* * *
(1)
نقله السمهودي في (وفاء الوفا) 4/ 1210 عن ابن زبالة.
(2)
صحابي، أوسي، شهد بدراً، وأحداً، وقتل يوم أحد شهيداً. طبقات ابن سعد 3/ 581، أسد الغابة 2/ 324.
باب الدال
دار القضاء،
هي دار مروان بن الحكم
(1)
بالمدينة، وكانت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فبيعت في قضاء دينه، بعد موته.
وقد زعم بعضُهم أنَّها دار الإمارة، وهو محتملٌ؛ لأنَّها صارت لأمير المدينة.
دار نَخلةَ،
مضافةٌ إلى واحدة النَّخل. جاء ذكره في الحديث
(2)
، وهو موضع سوق المدينة.
الدَّبَّةُ،
بفتح أوَّله
(3)
وتشديد ثانيه، بلفظ دَبَّة
(4)
الدُّهن، وقد يُخَفَّف: بلدٌ بين أُصافر وبدر، وعليه سلك النبي صلى الله عليه وسلم لما سار إلى بدر. قاله ابن إسحاق
(5)
. وضبطه ابن الفُرات في غير موضع. وقال قومٌ: الدَّبَّة: بين الرَّوحاء والصفراء.
قال نصرٌ: كذا يقوله أهل الحديث، يعني بالتَّخفيف. والصَّواب الدَّبَّة؛ لأنَّ معناه: مُجتمَع الرَّمل، وقد جاء دِبَابُ ودَبَاب
(6)
في أسماء مواضع.
(1)
الخليفة الأموي، كان أمير المدينة لمعاوية، وقبله كان كاتباً لعثمان بن عفان، كان ذا شهامة وشجاعة ومكر ودهاء، وكان من الفقهاء. مات سنة 65 هـ. طبقات ابن سعد 5/ 35، طبقات خليفة ص 259، سير أعلام النبلاء 3/ 476. ذكر ابن شبة 1/ 256: أنها من الدور الشارعة على مسجد النبي، فهي الآن دخلت في المسجد بعد توسعاته.
(2)
وفاء الوفا 2/ 750.
(3)
ضبطها في القاموس (دبب) ص 82 بالضم.
(4)
قال المؤلف في القاموس (دبب) ص 82: دَبْةَ بالفتح: ظرف للبزر والزَّيت.
(5)
السيرة النبوية 2/ 258.
(6)
قال في القاموس (دبب) ص 83: كسحاب: جبل لطيئ، وككتاب موضع بالحجاز كثير الرمل.
دَرٌّ
(1)
، بفتح الدَّال، وتشديد الرَّاء: غديرٌ في ديار سُليم، بأعلى النَّقيع، يغنى
(2)
ماؤه الربيع كله، وهي كثيرة السَّلَم
(3)
، بأسفل حَرَّة بني سليم.
قال كُثَيِّر
(4)
:
فأرْوَى جنوبَ الدَّوْنَكينِ فضاجعٍ
…
فدَرٍّ، فأبلى صادقَ الرعد أسحما
الدُّفُّ،
بلفظ الدُّفِّ الذي يُنْقَرُ به: موضعٌ في جُمْدان، من نواحي المدينة، من ناحية عُسفان
(5)
.
الدِّمَاخ،
بكسر أوَّله، وآخره خاء معجمة: جبالٌ ضخامٌ في حمى ضَريَّة، ويقال: أثقلُ من دَمْخِ الدِّماخ؛ لأنَّ الدِّماخَ جبالٌ، وأعظمها سمَّي دَمْخاً
(6)
.
الدَّوْدَاء،
بالمدِّ: موضعٌ قرب المدينة
(7)
.
دُوْمَةُ الجَنْدَل،
بضمِّ أوَّله وفتحه، وأنكر ابن دريد
(8)
(1)
تحرّفت في الأصل إلى: (دره). انظر القاموس (درر) ص 391.
(2)
غَنِيَ يَغْنَى: بقي. القاموس (غنى) ص 1319.
(3)
السَّلَم: نوع من الشجر. القاموس (سلم) ص 1121.
(4)
ديوانه ص 132، وفيه:(فأبلى صادق الوبل أسحما). معجم البلدان 2/ 450. الدَّونكان: واديان في ديار بني سليم. معجم البلدان 2/ 489. الأسحم: السحاب الأسود لتكاثفه وكثرة مائه. القاموس (سحم) ص 1119.
(5)
تقدم ذكر جمدان وأنه قريب من المدينة، بينما عسفان قرب مكة تبعد عنها حوالي 75 كم وليست قرب المدينة.
(6)
ذكر الشيخ حمد الجاسر (المغانم 139): أنه جنوب حمى ضرية، ولا يزال معروفاً.
(7)
قريب من جبل ورقان. وفاء الوفا 4/ 1212.
(8)
محمد بن الحسن بن دريد، أحد أئمة اللغة، انتهت إليه لغة البصريين، وتصدر في العلم ستين سنة، روى عن أبي حاتم السَّجِسْتاني، وأبي الفضل الرياشي. له عدّة مؤلفات، أهمها: جمهرة اللغة. توفي سنة 321 هـ. تاريخ بغداد 2/ 196، إنباه الرواة 3/ 95، بغية الوعاة 1/ 76.
الفتح
(1)
، وقد جاء في حديث دوما الجندل، وعدَّها ابن الفقيه من أعمال المدينة، سُمّيَتْ بدُوم بن إسماعيل. وقال الزَّجَّاجيُّ: دومان بن إسماعيل، وقيل: كان لإسماعيل ولد اسمه دُما، ولعله مغيَّر منه. وقال ابن الكلبيِّ: دوماء بن إسماعيل. قال: ولما كثر ولد إسماعيل بتهامةَ، خرج دُوماء بن إسماعيل، حتى نزل موضعه دُومة، وبنى به حصناً، فقيل: دوماء، ونُسِبَ الحصنُ إليه.
وقال أبو عبيدٍ
(2)
: دُومة الجندل: حصنٌ وقرى بين الشَّام والمدينة قرب جبلي طيءٍ /308 قال: ودومة من القُرَيَّات
(3)
، من وادي القرى والقُرَيَّات: دومة، وسكاكة، وذو القارة، فأمَّا دُومة فعليها سور منيع، وفي داخله حصن حصين يقال له: مارد، وهو حصن أكيدرٍ الملك ابن عبد الملك بن عبد الحي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وجَّه إليه خالد بن الوليد
(4)
رضي الله عنه من تبوك، وقال له
(5)
: «ستلقاه يصيد الوحش» ، وجاءت بقرة وحشية فحكت قرونها بحصنه، فنزل
(1)
وعبارته في (جمهرة اللغة) 2/ 684: (ودُومة الجندل بضمِّ الدَّال: موضعٌ. هكذا يقول بعض أهل اللغة، وأصحاب الحديث يقولون: دَومة الجندل: بفتح الدال، وذلك خطأ).
(2)
هو السَّكوني، كما نصَّ عليه ياقوت في معجم البلدان 3/ 487، واسمه عمرو بن بشر، له كتاب (في جبال تهامة ومحالها). يروي عن أبي الأشعث عبد الرحمن بن محمد بن عبدالملك الكندي. معجم ما استعجم 1/ 4.
(3)
القُريات بلدة تبعد عن المدينة 700 كم باتجاه الشمال الشرقي. على مقربة من الحدود السعودية الأردنية.
(4)
سيفُ الله، كانت لُبابةُ أمُّه أختَ ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم. أحد الأبطال. شهد مع كفار قريش الحروب إلى عمرة الحديبية، ثم أسلم سنة سبع، شهد فتح مكة وحنيناً والطائف، وكانت له اليد الطولى في حروب الردَّة والفتوحات الإسلامية. توفي بحمص سنة 21 هـ. طبقات ابن سعد 4/ 252، أسد الغابة 1/ 586، الإصابة 1/ 413.
(5)
تفصيل ذلك في سيرة ابن هشام 4/ 166، الروض الأُنف 4/ 196.
إليها ليلاً ليصيدها، فهجم عليه خالد رضي الله عنه، فأسره، وقتل أخاه حسان بن عبدالملك، وافتتح دومة عَنْوَةً وذلك في سنة تسع، ثم إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صالح أُكيدر على دومة، وأمَّنه وقرَّر عليه وعلى أهله الجزية، وكان نصرانياً وأسلم أخوه حُريث فقرَّره النبي صلى الله عليه وسلم على ما في يده، ونقض أُكيدر الصُّلح بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فأجلاه عمر رضي الله عنه من دومة في مَنْ أجلى من مخالفي دين الإسلام إلى الحِيْرَة، فنزل في موضع منها قرب عين التَّمر، وبنى به منازل،
وسمَّاه دُومة، باسم حصنه بوادي القرى، فهو قائمٌ يُعرف إلا أنَّه خَرِبٌ. ولمَّا صالحه رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب له ولأهل دومة كتاباً نسخته
(1)
:
الضَّاحي: البارز الظاهر، والضّحْل: الماء القليل، والبُور: الأرض التي [لم] تستخرج، والمعامي: أغفال الأرض
(2)
. والحلْقة: الدُّروع، والحافر: الخيل، والبراذين، والبغال، والحمير، والحصن: دومة الجندل. الضَّامنة: النَّخل الذي معهم في الحصن، والمعَين: الظَّاهر من الماء الدائم، وقوله: لا تعدل سارحتكم، أي: لا يُصدِّقها المُصدِّق إلا في مراعيها أومواضعها. وقوله
(1)
الخبر في فتوح البلدان للبلاذري ص 82، الأموال لأبي عبيد ص 508، ابن سعد 1/ 362.
(2)
أغفال الأرض: ما لا أثر لهم فيه من عمارة أو نحوها. كذا في (الروض).
صلى الله عليه وسلم: «لا تُعَدُّ فاردتكم» ، أي: لا تُضمُّ الفارد إلى غيرها، ثمَّ يؤخذ منه الصَّدقة فتجمع بين متفرِّقٍ الصَّدقةُ.
ثم عاد أُكيدر إلى دومة، فلمَّا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم منع أُكيدر الصَّدقة، وخرج من دومة الجندل، ولحق بنواحي الحيرة وابتنى/309 قرب عين التَّمر بناءً، وسمَّاهُ دُوْمَة.
وأسلم أخوه حُريث بن عبد الملك
(1)
على ما في يده، فسَلم له ذلك، فقال سويد الكلبيُّ
(2)
:
فلا يأمنَنْ قومٌ زوالَ جُدودهم
…
كما زالَ عن خَبْتٍ ظعائنُ أَكدرا
وتزوَّج يزيدُ بن معاوية
(3)
ابنةَ حُريث
(4)
.
وقيل: إنَّ خالداً لما انصرف من العراق إلى الشام، مرَّ بدومة الجندل، التي غزاها أولاً بعينها وفتحها وقتَل أُكيدر.
قال: وقد رُوي أنَّ أُكيدر كان منْزله أولاً بدومة الحيرة، وهي كانت منازله، وكانوا يزورون أخوالهم من كلب، وإنَّه لمعهم وقد خرجوا للصيد إذ رفعت لهم مدينةٌ متهدِّمةٌ لم يبق إلا حيطانها، وهي مبنية بالجندل، فأعادوا بناءها، وغرسوا فيها الزَّيتون وغيره، وسموها دومة الجندل، تفرقة بينها وبين دومة الحيرة، وكان أكيدر يتردد بينها وبين دومة الحيرة فهذا يزيل الاختلاف.
(1)
ذكره ابن حجر في الإصابة 1/ 376، في القسم الثالث، وزاد أن يزيد بن معاوية تزوج بنت حريث، كما ذكره المؤلف بعد نقلاً عن ياقوت في معجم البلدان 2/ 488.
(2)
والبيت في فتوح البلدان للبلاذري ص 83، معجم البلدان 2/ 488، وقائله: سويد بن شبيب، ومابين معقوفين زيادة من (المعجم).
(3)
يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، الخليفة الأموي. تقدمت ترجمته.
(4)
من هنا بداية الطمس في الأصل ومقداره صفحتان في الأصل.
وقد ذهب بعض الرُّواة إلى أنَّ التحكيم بين عليٍّ ومعاوية كان بدومة الجندل.
وأكثر الرُّواة على أنه كان بأذرح
(1)
، وقد أَكثر الشُّعراء في ذكر أذرح، وأنَّ التحكيم كان بِها، ولم يبلغني شيءٌ من الشعر في دومة، إلا قولُ الأعورِ الشَّنيِّ
(2)
،
وإن كان الوزن يستقيم بأذرح، وهو هذا
(3)
:
رضينا بحكمِ الله في كلِّ موطنٍ
…
وعمروٌ وعبدُ الله مختلفان
وليس بِهادي أُمَّةٍ من ضلالةٍ
…
بدومةَ، شيخاً فتنةٍ عَمِيَانِ
وفي كتاب الخوارج: قال حدَّثنا محمد بن قُلامة بن إسماعيل عن محمد بن زياد قال: حدَّثنا محمد بن عون قال: حدَّثنا عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال: مررتُ مع أبي موسى
(4)
بدُومة الجندل فقال: حدثني حبيبي أنَّه «حُكم في بني إسرائيل في هذا الموضع حكمان بالجور، وأنَّه يحكم في أُمَّتي في هذا المكان حكمان بالجور»
(5)
، فقال: فما ذهبَتْ إلا أيام حتى حكم هو وعمرو بن العاص
(6)
بما حكما، قال: فلقيتهُ فقلتُ له: يا أبا
(1)
وكذا ذكره البلاذري في أنساب الأشراف 3/ 117، وأذرح: بلدة في الأردن، ومازالت باسمها إلى اليوم.
(2)
اسمه بشر بن منقذ، كان شاعراً محسناً، وكان مع علي بن أبي طالب يوم الجمل. معجم الشعراء ص 38، الشعر الشعراء ص 425.
(3)
البيتان في معجم البلدان 4/ 489.
(4)
أبو موسى الأشعري، اسمه عبد الله بن قيس، هاجر إلى المدينة، وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم حين فتح خيبر، ولاَّه النبي صلى الله عليه وسلم على زبيد وعدن، واستعمله عمر على البصرة، كان مع علي في حربه مع معاوية. توفي سنة 42 هـ. طبقات ابن سعد 2/ 344، أسد الغابة 3/ 263، الإصابة 2/ 359.
(5)
لم أقف على تخريجه، ولا على كتاب الخوارج.
(6)
من دُهاة قريش، أسلم عام خيبر، بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية ذات السلاسل، شارك في فتوح الشام ومصر، ولاَّه عمر على فلسطين، شهد صفين مع معاوية. واستعمله معاوية على مصر إلى أن مات سنة 43 هـ. طبقات ابن سعد 4/ 254، أسد الغابة 3/ 741، الإصابة 3/ 2.
موسى، قد حدَّثتني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
بما حدَّثتني، فقال: والله المستعان.
دَهماءُ مَرْضوض، موضعٌ في بلاد مُزينة، من نواحي المدينة.
قال معن بن أوس المُزَني
(2)
:
تأَبَّدَ لأيٌ [منهمُ] فَعُتَائِدُه
…
فذاتُ الحَماط، خَرْجُها فطلُولُها
فدهماءُ مرضوضٍ، كأنَّ عِراصها
…
فذو سَلَمٍ أنشاجُهُ فسواعدُه
فبطنُ النقيع، قاعُه فمَرابِدُه
…
بِها نِضوُ محذوفٍ جميلٌ محافدُه
الدَّهْناء،
بفتح أوَّله، وسكون ثانيه، ونونٍ، وألف ممدودة، ويُقصر، وقيل: هي عند البصريين مقصورة، وعند الكوفيين بالقصر، ويُمدُّ: اسمُ موضعٍ بين المدينة وينبع، سُمِّيت /310 بذلك لاختلاف
(3)
النبت والأزهار في عِرَاصها، مشتَّقٌ من الدِّهان، وهو الأديم الأحمر.
(1)
نهاية النص المطموس، والمادة كلها مأخوذة من معجم البلدان حرفياً 2/ 488.
(2)
تقدَّمت ترجمته، والأبيات في معجم البلدان 2/ 493، ومابين المعقوفين منه.
اللاَّيُ من أودية العقيق. وفاء الوفا 4/ 1296. ذو سَلم: موضع من بطن مدلجة تعهن، له ذكر في سفر الهجرة. وفاء الوفا 4/ 1236، وذاتُ الحماط: موضع. معجم البلدان 2/ 298. النقيع: واد قرب المدينة، وهو كل موضع يستنقع فيه الماء وبه سمى هذا الوادي. معجم البلدان 5/ 301. دهماء مرضوض: موضع بنواحي حمى البقيع لمزينة. معجم البلدان 2/ 492.
الأنشاج: جمع نَشَج، وهو مجرى الماء. القاموس (نشج) ص 207. والسواعد: مجاري الماء إلى النهر. القاموس، (سعد) ص 288. المرابد جمع مِرْبد، وهو الجَرين الذي يجفف فيه التمر. اللسان (ربد) 3/ 171. عقائد: موضع. القاموس (عقد) ص 297 وتقدّم برواية: فقتائده. النِّضو: المهزول من الإبل. القاموس (نضو) ص 1339. المحافد جمع مَحْفِد: وهو أصل السَّنام. القاموس (حفد) ص 277.
(3)
من هنا طمس آخر إلى: ذات الجيش، والمثبت من طبعة الشيخ حمد الجاسر ص 143. معجم البلدان 2/ 493 مختصراً.
قال تعالى
(1)
: {فكانت وَرْدَةً كالدِّهان} . شبَّهها باختلاف ألوانِها من الفزعِ الأكبر بالأديم في اختلاف ألوانه، أو بالدُّهْن واختلاف ألوانه.
وعن ابن الفرات: الدَّهناء موضع دار الإمارة بالبصرة.
والدَّهناء أيضاً من ديار بني تَميم.
وقد أكثر الشعراء من ذكر الدَّهناء، فمن ذلك قول أعرابيٍّ حُبِسَ بحَجْر اليمامة
(2)
:
ألا حبذا الدَّهنا وطِيبُ ترابِها
…
وأرضٌ خَلاءٌ، يصدحُ اللَّيلَ هامُها
قال أبو منصور
(3)
: الدَّهناء من ديار بني تَميم، معروفة، تُقصر وتُمدُّ، والنِّسبةُ إليها دهناويُّ. قال ذو الرُّمَّة
(4)
:
أقول لدهناويَّةٍ
(5)
...........................
قال: وهي سبعة أحبل
(6)
من الرَّمل، في عرضها، بين كلِّ حبلين
(1)
سورة (الرحمن) آية رقم: 37.
(2)
البيت في معجم البلدان 2/ 493.
(3)
هو الأزهريُّ، وتقدمت ترجمته، وهذا النقل من كتابه تهذيب اللغة 6/ 209، والبيت ليس عنده.
(4)
اسمه غيلان بن عقبة، شاعر فصيح حوى ديوانه ثلث اللغة، وهو أحد عشاق العرب المشهورين، وصاحبته ميَّه. الشعر والشعراء ص 350.
(5)
البيت بتمامه: (أقول لدهناويةٍ عَوْهَجٍ جرَتْ
…
لنا بين أعلى عُرْفَةٍ بالصرائمِ)
وهو في (ديوانه) ص 700، والعَوْهَج: طويلة العنق. الصرائم: الرمال.
(6)
في التهذيب) أجبل، بالجيم، وهو تصحيف، والصواب المثبت، والحَبْلُ: الرمل المستطيل، كما في القاموس (حبل) ص 981، كما نصَّ السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1212، أنها بالحاء.
شَقِيقة
(1)
، وطولها من حَزْن ينسوعة إلى رمل يَبْرين، وهي من أكثر بلاد الله كلأً، مع قلة أعدَاد
(2)
المياه، وإذا أخصبت الدَّهناء ربَّعت العرب جمعاء، لِسَعَتِها وكثرة شجرها، وهي عَذَاةٌ
(3)
مكرَمةٌ نَزِهة، مَنْ سكنها لا يعرف الحُمَّى، لطيب تربتها وهوائها.
وقال غيره: إذا كان المصعد بالينسوعة ـ وهو منزلٌ بطريق مكَّة من البصرة ـ صبَّحت به أقماع
(4)
الدَّهناء من جانبه الأيسر، واتصلت أقماعها بعجمتها
(5)
، وتفرَّعت حبالها من عجمتها، وقد جعلوا رمل الدهناء بمنْزلة بعير، وجعلوا أقماعها التي شخصت من عجمتها نحو الينسوعة، ثَفِنَاً كَثَفِنِ
(6)
البعير، وهي خمسة أحبل على عدد الثَّفِنَات، فالحبل الأعلى منها الأدنى إلى حفر بني سعد، واسمه خَشَاخش، لكثرة ما يسمع من خشخشة أموالهم فيه.
والحَبْل الثاني: يسمى حماطان. والثالث: حبل الرِّمث. والرابع: مُعَبِّر. والخامس: حبل حُزْوى.
وقال الهيثمُ بن عديٍّ
(7)
: الوادي الذي في بلاد بني تميم من بادية
(1)
الشَّقيقة: الفرجة بين الجبلين، تنبت العشب. القاموس (شقق) ص 898.
(2)
الأعداد جمع عِدٍّ، وهو الماء الجاري الذي له مادة لا تنقطع، كماء العين. القاموس (عدد) ص 297.
(3)
العَذَاة: الأرض الطيبة التربة، الكريمة المنبت. تهذيب اللغة 3/ 149.
(4)
الأقماع جمعه قَمَعَة، وهي ماء وروضة باليمامة. معجم البلدان 4/ 397.
(5)
العجمة: ما تعقد من الرمل. (القاموس)(عجم) ص 1135.
(6)
الثَّفِنة: كلُّ ما ولي الأرض من كل ذي أربع إذا برك، أو ربض، والجمعُ: ثَفِنٌ وثَفِنَات، والكِرْكِرة إحدى الثَّفنات، وهي خمسٌ بها. لسان العرب (ثفن) 13/ 78.
(7)
كان أخبارياً مؤرخاً، علامة في هذا. غير مرضيٍّ في الحديث، وهو من بابة الواقدي وأمثاله. روى عن هشام بن عروة، ومجالد. توفي سنة 207 هـ. تاريخ بغداد 14/ 52،
معجم الأدباء 19/ 304، سير أعلام النبلاء 10/ 103.
البصرة، في أرض بني سعد يسمُّونه الدَّهناء، يَمرُّ في بلاد بني أسد فيسمُّونه مَنْعِج، ثمَّ في [بلاد] غطفان، فيسمُّونه الرُّمَّة، وهو بطن الرُّمَّة الذي في طريق فَيْد إلى المدينة، وهو وادي الحاجر، ثمَّ يَمرُّ في بلاد طيء، فيسمُّونه حائل، ثمَّ يَمرُّ في بلاد كلب فيسمُّونه قُراقِر، ثمَّ يَمرُّ في بلاد تغلب فيسمُّونه سُوى، وإذا انتهى إليهم عطف إلى بلاد كلب، فيصير إلى النيل، ولا يَمرُّ في بلاد قومٍ إلا انصبَّ إليهم. هذا قول الهيثم
(1)
.
وقالت العَيُّوفُ بنت مسعود
(2)
أخي ذي الرُّمة
(3)
:
خَلِيْلَيَّ قُوما فارفعا الطَّرْفَ وانظرا
…
لصاحِب شَوقٍ مَنْظراً مُتَراخيا
عسى أن نرى ـ واللهُ ما شاءَ فاعلُ
…
بأكثبةِ الدَّهنا من الحيِّ باديا
وإنْ حال عَرْضُ الرَّملِ والبُعدُ دونَهم
…
فقد يطلبُ الإنسانُ ما ليس رائيا
يرى اللهُ أنَّ القلبَ أضحى ضميرُه
…
لما قابل الرَّوحاء والعَرْجَ قاليا
* * *
(1)
ذكر العلامة حمد الجاسر (المغانم 144): أن في كلام الهيثم تخليطاً، فقال: قد جمع بين أودية بلاد العرب وخلطها، وأضاف إليها مواضع ليس أودية.
(2)
ترجمة أبيها في معجم الشعراء ص 376، وهي شاعرة أموية أعرابية، وأخبار أبيها في أنساب الأشراف 11/ 289.
(3)
الأبيات في معجم البلدان 2/ 493.
باب الذال
ذَاتُ الجَيْشِ،
تقدَّمت في الجيم.
ذَاتُ النُّصُب،
بضمِّ النُّون والصَّاد المهملة، وباءٍ مُوحَّدة: موضعٌ بمعدن القبَلِية أقطعها النبي صلى الله عليه وسلم لبلال بن الحارث
(1)
، بينه وبين المدينة أربعة أميال
(2)
.
ذُبَابٌ،
كغُراب وكتاب، لغتان: جبل بالمدينة
(3)
. وروضات الذباب موضع آخر.
ذَرْعٌ:
اسم بئر [بني]
(4)
خطمة، وقد تقدَّمت.
ذَرْوَانُ:
تقدَّم ذكره في بئر ذروان، وهي بئر لبني زُريق بالمدينة
(5)
، وفي الحديث
(6)
: سُحِرَ النبي صلى الله عليه وسلم بِمُشاطة رأسه وعِدَّة أسنانٍ من مشطه، ثمَّ دُسَّ في بئرٍ لبني زريق يقال لها ذروان. وتولَّى ذلك لبيد بن الأعصم اليهوديُّ رجلٌ من
(1)
بلال بن الحارث المزني، أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم العقيق، وكان صاحب لواء مزينة يوم الفتح، وأحاديثه في السنن وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان. توفي سنة 60 هـ. أسد الغابة 1/ 242، الإصابة 1/ 164.
(2)
تابع المؤلف في ذلك ياقوتاً، والصواب: أربعة برد، فقد ذكر الإمام مالك في (موطئه) 1/ 147 (12) أن عبدالله بن عمر ركب إلى ذات النُّصب، فقصر الصلاة في مسيره ذلك. قال مالك:(وبين ذات النصب والمدينة أربعةُ بُرُدٍ). وأربعة بُرد تعادل 80 كم تقريباً. الموسوعة العربية الميسرة 2/ 1767، القاموس (برد) ص 267.
(3)
عليه الآن مسجد الراية، وهو شمال ثنية الوداع، وشرقي محطة البنزين التي تعرف بمحطة الزغيبي في أول طريق سلطانة (أبي بكر الصديق). المدينة المنورة معالم وحضارة ص 50.
(4)
ما بين معقوفين زيادة من وفاء الوفا 4/ 1214، ولم يذكره ياقوت.
(5)
قال السمهودي 4/ 1214: قبلي الدُّور التي في جهة قبلة المسجد وما إلى ذلك.
(6)
سيأتي ذكر رواياته.
بني زريق، حليف ليهود، وكان منافقاً ـ لعنه الله ـ.
وفي لفظٍ في الصحيح
(1)
: أنَّ لبيد بن أعصم السحولي سحر النبي صلى الله عليه وسلم، فأثَّر السِّحرُ فيه، حتى كان يُخيَّل إليه أنه أتى بعض نسائه، ولم يكن أتاها، وقيل: إنَّ هذا من أشد السحر، فدعا يوماً وابتهل إلى الله تعالى، وتغشَّى بثوبه ونام، فلمَّا انتبه قال:(يا عائشة؟ ألم تعلمي أنَّ الله تعالى أفتاني فيما استفتيته؟. أتاني ملكان فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي، أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي: ما وَجعُ الرَّجل؟ فقال: مطبوب. قال: مَنْ طبَّه؟ قال: لبيد بن الأعصم. قال: فبماذا؟. قال: في مُشطٍ ومُشاطة، في جُفِّ طَلْعةِ ذكَر. قال: فأين هو؟ قال: تحت راعوفةٍ في بئر ذي أروان). فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليها، وكأن ماءها نُقاعة الحِنَّاء، وكأن نخلَها رؤوسُ الشياطين، فاستُخرج السِّحرُ وحُلَّ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم مما هو فيه، كأنما أنشط من عقال.
ووقع عند بعض المُحدِّثين: أعصم بن لبيد، وهو غلط.
وفي لفظ
(2)
: فذهب النبي صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه، إلى البئر فنظر إليها وقال:(هذه البئر التي أُريتها). فرجع إلى عائشة رضي الله عنها قالت: فقلت يا رسول الله: أفأخرجته؟ وفي لفظٍ: أفلا أخرجته؟ قال: (لا، أمَّا أنا فقد
(1)
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
…
أخرجه البخاريُّ في الطب، باب: هل يُستخرج السحر، رقم: 5765،10/ 243، ومسلم في السلام، باب السحر، رقم: 2189، 4/ 1719. الجُفُّ: وعاء الطلع. القاموس (جفف) ص 797. راعوفة البئر: صخرة تترك في أسفل البئر إذا احتفرت، تكون هناك ليجلس المستقي عليها حين التَّنقية. القاموس (رعف)814.
(2)
أخرجه البخاري في الطب، باب السحر، رقم: 5766، 10/ 246.
عافاني الله، وكرهتُ أن أُثيرَ على النَّاس شرَّاً فأمرتُ بِها فَدُفنت). هذه روايات الصَّحيحين.
وعند النَّسائيِّ
(1)
قال: سَحَر النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ من اليهود، فاشتكى لذلك أياماً، فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فقال: إنَّ رجلاً من اليهود سحَرَك، عَقَدَ لك عُقَداً في بئر كذا وكذا، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستخرجها فحلَّها، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نُشط من عِقال، فما ذكر ذلك لذلك اليهوديِّ، ولا رآه في وجهه قط.
ذَفِرَانُ،
بفتح أوَّله وكسر ثانيه، ثمَّ راءٍ مهملة وآخره نون: وادٍ قرب الصفراء.
قال ابنُ إسحاق
(2)
في مسير النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدرٍ: استقبل الصفراء وهي قرية بين جبلين /312، ترك الصفراء يساراً وسلك ذات اليمين، على وادٍ يقال له: ذَفِرَان.
والذَّفَرُ: كلُّ ريحٍ ذكيَّةٍ
(3)
من طِيْبٍ أو نَتْنٍ.
(1)
في كتاب تحريم الدم، باب سحرة أهل الكتاب 7/ 113.
(2)
السيرة النبوية لابن هشام 2/ 257.
(3)
ذكية: ساطعة منتشرة. القاموس (ذكى) ص 1285.
باب الراء
رَائِعٌ،
يقال: فرسٌ رائِعٌ، أي: جَوادٌ، وشيءٌ رائِعٌ، أي: حسنٌ، كأنه يروع لحسنه، أي: يَبْهَت ويشغل عن غيره: وهو فِناء من أفنية المدينة. ذكره ياقوت
(1)
بلفظه.
رَابِغٌ:
وادٍ من الجحفة
(2)
ويذكر في كتاب مكَّة
(3)
.
رَاتِجٌ،
بعد الألف تاء مُثنَّاة فوقية، وجيم: اسم أُطمٍ من آطام المدينة وتُسمَّى النَّاحية به
(4)
، وهي كانت لليهود.
قال ابنُ حبيب
(5)
: الشَّرعبيُّ، وراتجٌ، ومُزاحمٌ آطام بالمدينة، وهي لبني جشم ابن الحارث بن الخزرج بن عمرو.
قال قيس
(6)
:
(1)
في معجم البلدان 3/ 22.
(2)
بين مكة والمدينة، وهو أقرب إلى مكة، يبعد عنها حوالي 115 كم. وكان اسمها مهيعة، وإنما سميت بالجحفة لأن السيل اجتحفها وحمل أهلها في بعض الأعوام. انظر: معجم معالم الحجاز للبلادي 2/ 123.
(3)
مهيج الغرام إلى البلد الحرام) للمؤلف.
(4)
ويقع شرقي جبل ذباب الذي فيه مسجد الراية. وفاء الوفا 2/ 861.
(5)
أبو جعفر محمد بن حبيب بن أمية بن عمرو الهاشمي الأخباري، وحبيب اسم أمه، ولا يعرف له أب. من علماء بغداد بالأنساب واللغة والشعر والقبائل. توفي سنة 245 هـ. الفهرست ص 155، تاريخ بغداد 2/ 277، معجم الأدباء 6/ 474.
(6)
هو قيس بن الخطيم، شاعر جاهلي فارسي، من الخزرج، أدرك الإسلام ولم يسلم، قتل قبل الهجرة. معجم الشعراء ص 112، الأغاني 3/ 1.
والبيت في ديوانه ص 125، قالها في يوم السرارة، وهو من أيام العرب جرت فيها معارك بين الأوس والخزرج. ما اتفق لفظه للحازمي 1/ 451، معجم البلدان 3/ 12.
تخذيم: تقطيع. القاموس (خذم) ص 1100. السيال: شجر له شوك أبيض. القاموس (سال) ص 1017. المعضد: المقطع. القاموس (عضد) ص 299.
ألا إنَّ بين الشَّرعبيِّ وراتجٍ
…
ضِرَاباً
(1)
كتَخْذِيم السَّيال المُعضَّدِ
وقال الشَّيخُ جمال الدِّين المطريُّ
(2)
: راتج جُبيلٌ صغير غربي وادي بطحان، وبجنبه جبيل آخر صغير، يقال له: جبل بني عبيد
(3)
.
والمَراتِجُ: الطُّرقُ الضَّيقة، وأَرتجَ الباب: أغلقه، والرِّتاج: البابُ المغلق، واسم للكعبة شرَّفها الله تعالى.
رَاذَانُ:
قرية بنواحي المدينة. وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه
(4)
: بِرَاذَان ما بِرَاذَان أربع، وبالمدينة ما بالمدينة.
وقال مُرَّةُ بن عبد الله النَّهدي
(5)
في راذان المدينة
(6)
:
(1)
في الأصل: (ضراب)، والصواب ما أثبتناه.
(2)
التعريف ص 62، وقد تقدمت ترجمته.
(3)
قال العياشيُّ: هو في المنطقة المعروفة اليوم بالمصانع، وهي شمال شرق القُرين التحتاني، وعندي أنّ القُرين التحتاني هو راتج. المدينة بن الماضي والحاضر ص 333 بتصرُّف.
(4)
في حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تتخذوا الضيْعة فترغبوا في الدنيا» قال ابن مسعود: بِرَاذَانَ ما براذان، أربعاً، وبالمدينة ما بالمدينة. أي: لا سيما إن اتخذتم الضيعة بِرَاذَان أو بالمدينة، خصهما لنفاستهما، وكثرة الرغبة فيهما. أخرجه الترمذي في الزهد 4/ 489 (2328) وحسنه، وفاء الوفا 4/ 1216، وابن أبي شيبة 13/ 241، وأحمد رقم:2589، والحاكم 4/ 222. وإسناده صحيح.
(5)
شاعر إسلامي، خطب ابنة عمه فلم يزوجوه بها، فكان لا يخطبها غيره إلا هجاه. أخباره في الأغاني 20/ 61، وفي الأصل (الهذلي) بدل (النهدي)، وهو تصحيف.
والبيت في الأغاني 20/ 61، معجم البلدان 3/ 12. وبعده بياض في الأصل بمقدار سطرين.
(6)
الصواب أنه راذان الكوفة، كما في الأغاني.
أيا بيتَ ليلى إنَّ ليلى مريضةٌ
…
بِرَاذانَ لا خالٌ لديها ولا عَمْ
(1)
وراذان أيضاً: قريتان ببغداد عليا وسفلى.
وإلى راذان المدينة نُسب الوليد بن كثير بن سنان المدني الرَّاذانيُّ
(2)
. روى عن ربيعة بن [أبي
(3)
] عبد الرحمن
(4)
، وعنه زكريا بن عدي
(5)
.
رَانُوناء،
بنونين ممدودة، مثال عاشوراء، وتاسوعاء، قال ابنُ إسحاق في السِّيرة
(6)
: لما قدم النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينة أقام بقُباء أربعة أيام، وأسس مسجده على التَّقوى، وخرج منها يوم الجمعة فأدركَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم الجمعةُ في بني سالم بن عوف، وصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي، وادي رانوناء فكانت أوَّلَ جمعة صلاها بالمدينة
(7)
.
(1)
في الأصل (ولا أب) وهو خطأ، والقافية ميمية، والتصويب من الأغاني ومعجم البلدان، وبعد البيت بيتان لعلهما البياض الذي حصل في الأصل وهما:
ويا بيت ليلى لو شهدتُكَ أعولَتْ
…
عليك رجالٌ من فصيحٍ ومن عَجَمْ
ويا بيت ليلى لا يبسْتَ ولا تزل
…
بلادُك سُقياها من الواكف الدِّيَمْ
(2)
ترجمته في الثقات لابن حبان 9/ 222، الأنساب 3/ 21، تقريب التهذيب ص 583 (7451). وهو من أهل الكوفة. قال عنه ابن حجر: من الطبقة الثامنة.
(3)
مابين معقوفين ساقط من الأصل.
(4)
ربيعة بن أبي عبد الرحمن، المعروف بربيعة الرأي، مفتي المدينة، وعالم وقته، روى عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب والقاسم بن محمد، وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وشُعبة ومالك. أنفق على إخوانه أربعين ألف دينار. توفي سنة 136 هـ. تاريخ خليفة ص 286، تاريخ بغداد 8/ 420، سير أعلام النبلاء 6/ 89.
(5)
كان إماماً حافظاً ورعاً، متقشفاً، من أهل الكوفة، نزل بغداد، حدَّث عن حماد بن زيد وأبي الأحوص، وعنه إسحاق بن راهويه، والبخاري. توفي في بغداد سنة 212 هـ. طبقات ابن سعد 6/ 407، تاريخ بغداد 8/ 455، سير أعلام النبلاء 10/ 442.
(6)
السيرة النبوية لابن هشام 2/ 136.
(7)
وادي رانوناء بين قباء والمسجد النبوي الشريف. معجم معالم الحجاز 4/ 14.
هكذا قال ابن إسحاق. وغيرهُ يقول: صلَّى بِهم في بطن الوادي في بني سالم.
/313 رَبَاب، كسَحَاب: جبلٌ قرب المدينة من ناحية فَيْد على طريق الحاج، كان يسلك قديماً يذكر مع جبل آخر يقال له: خولة مقابل له، وهما عن يمين الطريق ويساره.
الرُّبا،
بضمِّ أوَّله وفتح ثانيه مُخفَّفة، وبالقصر: جمعُ ربْوةَ: اسمُ موضعٍ بين الأبواء
(1)
والسُّقيا من طريق الجادَّة بين مكة والمدينة. قال كثيرُ عزَّة
(2)
:
وكيف تُرجِّيها ومن دون أرضِها
…
جبالُ الرُّبا تلك الطِّوالُ البَواسقُ
الرَّبَذة،
بالتَّحريك، وإعجام الذَّال: قرية من قرى المدينة على ثلاثة أيام قريبة من ذات عِرْق
(3)
على طريق الحجاز، إذا رحلت من فيد تريد مكة.
وبِهذه القرية قبر أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله عنه، واسمه جندب [بن جنادة]
(4)
ابن السكن، وكان خرج إليها مغاضباً لعثمان رضي الله عنه، فأقام بِها إلى أن مات، سنة اثنتين وثلاثين
(5)
.
وفي تاريخ عبيد الله بن عبد المجيد الأهوازيِّ
(6)
: وفي سنة تسع عشرة وثلاثمائة خربت الرَّبذة باتصال الحروب بين أهلها وبين ضَرِيَّة، ثمَّ استأمن أهل ضَرِيَّة إلى القرامطة، فاستنجدوهم عليهم، فارتحل عن الرَّبَذة أهلها، فخربت.
(1)
الأبواء يبعد عن رابغ 43 كم، وتقدم. المعالم الأثيرة ص 17.
(2)
ديوانه ص 415، معجم البلدان 3/ 22. البواسق: جمع باسق، وهو المرتفع في علوه. اللسان (بسق) 10/ 20.
(3)
وهو ميقات أهل العراق.
(4)
مابين معقوفين ساقط من الأصل، وهو من الإصابة.
(5)
أسد الغابة 1/ 357، الاستيعاب 4/ 61، الإصابة 4/ 62.
(6)
ذكره ياقوت في معجم البلدان، ولم أجد من ترجمه.
وكانت من أحسن منزل في طريق مكة.
وقال الأصمعيُّ يذكر نجداً قال: والشَّرفُ كَبِد نجد، وفي الشَّرف الرَّبَذة وهي الحمى الأيمن. وقال نصرٌ: الرَّبَذة من منازل الحاج بين السليلة والعمق
(1)
.
ويُنسب إلى الرَّبَذة جماعةٌ، منهم: أبو عبد العزيز موسى بن عُبيدة
(2)
الرَّبذي وأخواه محمد وعبد الله وغيرهم
(3)
.
الرَّبِيْعُ،
بلفظ الأزمنة: موضعٌ بنواحي المدينة. قال ابن السِّكيِّت
(4)
: ويوم الربيع من أيام الأوس والخزرج، قال قيس بن الخطيم
(5)
:
ونحن الفوارسُ يومَ الرَّبيـ
…
ـع قد علموا كيفَ فرسانُها
الرِّجامُ
(6)
، ككتاب لغةً: حجارة
(7)
صغار دون الرِّضام، وهو: اسم جبل
(1)
بين الربذة والسليلة 23 ميلاً، وبين السليلة والعمق 13 ميلاً، أفاده الشيخ حمد الجاسر، (المغانم 151) وفي الأصل (والعقيق) بدل العمق، وهو تحريف.
(2)
وقع في الأصل: (عبد العزيز بن موسى)، وهذا خطأ.
وموسى بن عبيدة، من صغار الطبقة السادسة من رواة الحديث، وهو ضعيف، ولا سيما في عبد الله بن دينار. توفي سنة 153 هـ. طبقات ابن سعد 6/ 407، الكامل لابن عدي 6/ 2333، تقريب التهذيب ص 552 (6989).
(3)
أخوه عبد الله، كان ثقة، من الرابعة. قتله الخوارج بقُديد سنة 130 هـ. طبقات ابن سعد 5/ 326، معجم البلدان 3/ 25، تقريب التهذيب ص 313 (3458).
(4)
تقدمت ترجمته.
(5)
ديوانه ص 65، معجم البلدان 3/ 26. وفي يوم الربيع اقتتلت الأوس والخزرج قتالاً شديداً حتى كادوا يتفانون. التقوا بالبقيع وحصَّنوا الذَّراري في الآطام، وعَظُمَ الشَّرُّ بينهم حتى ما يُلفى رجل خارج من داره ولا نخله إلا قتل.
(6)
قال في الصحاح 5/ 1928: الرجام حجارة ضخام دون الرضام. وكذا في اللسان 12/ 228 (رجم). معجم البلدان 3/ 27.
(7)
تصحفت في الأصل إلى: حجازية.
طويل أحمر، وفي أعراضه نزل جيش أبي بكر أيام الرِّدة
(1)
.
أنشد الأصمعيُّ
(2)
:
وغَوْلٌ والرِّجام، وكان قلبي
…
يُحب الرَّاكزين إلى الرِّجامِ
الرَّاكزون:
الذين هم نزول، ثم يركزون أرماحهم.
وقال العامريُّ
(3)
: الرِّجَامُ هضباتٌ حمر من بلادنا نسمِّيها الرجام، وليست بجبلٍ واحد.
وقال الأصمعيُّ: آخر الرِّجام جبالٌ بقارعة الحِمَى حِمَى ضَرِيَّةَ.
قال لبيدٌ
(4)
:
عَفَتِ الدِّيارُ محلُّها فمُقَامُها
…
بِمنىً، تأبَّد غَوْلُها فَرِجَامُها
الرَّجلاء،
تقدَّم في حرَّة الرجلاء.
الرَّجِيع،
كأمير: موضعٌ قرب خيبر. قال ابن إسحاق في غزوة خيبر
(5)
: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى خيبر فسلك على عصر، فبنى له فيها مسجداً، ثمَّ
(1)
ذكر الهجري في كتابه ص 277 أن الرِّجام بناحية طخفة، وبينه وبين ضرية 13 ميلاً. وأفاد الشيخ حمد الجاسر في تعليقه على (ما اتفق لفظه) للحازمي 1/ 462: أنه يسمى الآن الشِّعب جنوب الطخفة بقرب خط العرض 24.50 ْ، وخط الطول 43.07 ْ.
(2)
البيت في معجم البلدان 3/ 27.
(3)
أحد الأعراب، ذكره ياقوت في المعجم 3/ 27.
(4)
لبيد بن ربيعة العامري، من فحول شعراء الجاهلية، وأصحاب المُعلَّقات، أدرك الإسلام وأسلم. توفي في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان.
معجم الشعراء ص 174، الشعر والشعراء ص 167، أسد الغابة 4/ 214.
والبيت هو مطلع معلقته، وهو في (ديوانه) ص 163، و (شرح القصائد السبع الطوال) لابن الأنباري ص 517.
منى: موضع قريب من طخفة، وليس الذي بمكة. الغَوْل: جبلٌ.
(5)
السيرة النبوية لابن هشام 3/ 278.
على الصهباء، ثمَّ أقبل حتى نزل بوادٍ يقال له: الرجيع، فنزل بينهم وبين غطفان ليحول بينهم وبين أن يمدُّوا أهل خيبر فعسكر به، وكان يراوح لقتال خيبر منه، وخلف الثَّقَلَ
(1)
والنِّساء والجرحى بالرجيع.
والرَّجيعُ أيضاً: موضعٌ غدرت فيه عضل والقارة السبعة
(2)
الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم، منهم: عاصم بن ثابت حميُّ الدَّبَر
(3)
، وهذا الموضع بين مكة والطائف
(4)
. ويذكر في موضعه (من كتاب مكة).
قال حسان بن ثابت رضي الله عنه في رجيع خيبر والطائف
(5)
:
أَبلغْ بني عمروٍ بأنَّ أخاهمُ
…
شراهُ امرؤٌ قد كان للشَّرِّ لازما
شراهُ زهيرُ بن الأغرِّ وجامعٌ
…
وكانا قديماً يركبان المحارما
أجرتُمْ فلمَّا أنْ أجرتُمْ غَدرْتُمُ
…
وكنتمْ بأكناف الرجيع لَهاذِما
فليتَ خُبيباً لم تخنه أمانةٌ
…
وليتَ خُبيباً كان بالقوم عالماً
الرِّحْضيَّة،
بالكسر ثمَّ السكون، وضادٍ مُعجمةٍ مكسورةٍ، وياء مشدَّدة:
(1)
الثَّقَلُ: متاع المسافر وحشمه، وكلُّ شيءٍ نفيس مصون. القاموس (ثقل) ص 972.
(2)
في البخاري أنهم عشرة: (قتلوا عاصماً في سبعة نفر بالنبل، وبقي خبيب، وزيد ورجل آخر). كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع رقم:(4086)،7/ 437.
وزيد هو ابن الدَّثنة، والرجل الآخر: عبد الله بن طارق. السيرة النبوية 3/ 123 - 124
فتح الباري 7/ 441.
(3)
صحابيٌّ أنصاريٌّ من الأوس، شهد بدراً، وقتل فيها عقبة بن أبي معيط. قتله المشركون يوم الرجيع بعد أن غدروا بأصحابه، وبعث الله عليه مثل الظُّلَة من الدَّبْر-النَّحل والزَّنابير- فحمته من المشركين الذين أرادوا أن يُمثِّلوا به، فلما أعجزهم ذلك قالوا: إنَّ الدَّبر سيذهبُ إذا جاء الليل. فبعث الله مطراً، فجاء سيل فحمله فلم يوجد. أسد الغابة 3/ 7، الإصابة 2/ 244.
(4)
الصواب كما في حديث البخاري السابق (بين عُسفان ومكة) وليست قرب الطائف.
(5)
الأبيات في ديوانه ص 453، والسيرة النبوية 3/ 133.
اللَّهاذم: السيوف القاطعة، وقال ابن هشام: زهير بن الأغر، وجامع؛ الهذليان اللذان باعا خبيباً.
قريةٌ من نواحي المدينة للأنصار، وبني سليم من نجد، وبها آبار عليها زرعٌ كثيرٌ ونخيل
(1)
.
وقال الصَّاغانيُّ في (العباب)
(2)
: الرِّحضية: قريةٌ للأنصار، وحذاؤها قرية يقال لها: الحِجر
(3)
.
رُحْقَانُ،
بالضَّمِّ ثم السُّكون، وقافٍ آخره نونٌ: موضعٌ
(4)
سلكه النبي صلى الله عليه وسلم في غَزاة بدر
(5)
.
الرُّحَيِّبُ، تصغير رُحَيب كَزُبير: موضعٌ من نواحي المدينة
(6)
. قال كُثيِّر
(7)
:
وذكرْتُ عزَّةَ إذ تُصاقِبُ دارُها
…
بُرحَيِّبٍ فأُرَابنٍ فَنُخَالِ
رُحيَّة،
تصغير رَحَى: بئر بين المدينة والجُحْفَة.
الرَّسُّ،
بالفتح: من أودية القَبلية من أعمال المدينة. قاله الزمخشريُّ
(8)
.
وقال غيره: الرَّسُّ ماءٌ لبني منقذ من بني أسد. قال زهيرٌ
(9)
:
(1)
المادة مأخوذة من (أسماء جبال تهامة) لعرَّام ص 427.
(2)
العباب: (رحض).
(3)
ما زالت إلى اليوم بهذا الاسم، وهي قرب أُبلى، من الشمال على الطريق من المهد إلى المدينة. المعالم الأثيرة ص 125.
(4)
أفاد الشيخ حمد الجاسر (المغانم 154): أنه قريب من قرية المسيجيد، عند أول الصفراء.
(5)
السيرة النبوية 2/ 257، وقال ابن هشام: رُحقان: بين النازية وبين مضيق الصفراء.
(6)
قريب من أُرابن التي هي عند مضيق الصفراء. معجم البلدان 1/ 134، وفاء الوفا 4/ 1218.
(7)
البيت في ديوانه ص 100، معجم البلدان 3/ 37. رحيب وأرابن ونخال: مواضع.
(8)
المادة منقولة من معجم البلدان 3/ 44 وفيه: وقال الزمخشري: قال عليٌّ: الرسُّ: من أودية القبلية. وقال غيره: الرسُّ: ماء لبني منقذ بن أعياء من بني أسد. والذي في كتاب الزمخشري ص 104 القول الثاني.
(9)
البيت لزهير بن أبي سلمى في (ديوانه) ص 64 وفيه: عافٍ منازله، ومعجم البلدان 3/ 44.
الرَّسُّ والرُّسيس ماءان لبني أسد. معجم البلدان 3/ 43 - 44. وعافٍ: دارسٍ متغير، وعاقل: جبل. معجم البلدان 4/ 68.
لمَنْ طَلَلٌ كالوحي عافت منازلهُ
…
عفَا الرَّسُّ منه فالرُّسيسُ فعَاقِلُه
وقال زهيرٌ أيضاً
(1)
:
/315 بَكرْنَ بُكوراً واستحرْنَ بِسُحْرَةٍ
…
فهنَّ ووادي الرَّسِّ كاليدِ للفم
وقال ابن دُريدٍ
(2)
: الرَّسُّ، والرُّسيس: واديان بنجد أو موضعان.
وقيل: الرَّسُّ لبني منقذ: والرُّسيس لبني كاهل.
والرَّسُّ أيضاً: قرية باليمامة.
والرَّسُّ المذكور في التَّنزيل
(3)
: قيل: وادي أذربيجان، وكان على الرَّسِّ ألف مدينة، فبعث الله إليهم نبياً يقال له: موسى، وليس ابن عمران، فدعاهم إلى الله تعالى، فكذَّبوه وجحدوه، وعصوا أمره، فدعا عليهم فحوَّلَ الله عز وجل الحارث والحويرث من الطائف وهما جبلان عظيمان كانا بالطائف فأرسلهما عليهم، فهم تحت هذين الجبلين
(4)
.
والرَّسُّ هذا وادٍ عجيبٌ فيه من السَّمك أصنافٌ كثيرة، وزعموا أنَّه يأتيه في كلِّ شهرٍ جنسٌ من السمك لم يكن من قبل، وعليه [رُمَّان]
(5)
عجيبٌ لم ير مثله في غيره، وزبيبها يجفَّف في التنانير، لأنَّه لا شمس عندهم لكثرة الضَّباب،
(1)
البيت من معلقته، وهو في (ديوانه) ص 77، و (شرح القصائد السبع الطوال) ص 250. كاليد للفم، أي: دخلن فيه كما تدخل اليد في الفم. وفي الأصل: بوادي.
(2)
في الجمهرة 1/ 120.
(3)
في قوله تعالى: {وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَاب الرَّسِّ وقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً} سورة (الفرقان) آية رقم: 38.
(4)
نقله المؤلف عن معجم البلدان 3/ 44، وهذا من الإسرائليات الباطلة التي تسرَّبت إلى كتب التفاسير.
(5)
مابين معقوفين ساقط من الأصل، وهو في معجم البلدان 3/ 44.
ولم تصحَّ السماء عندهم قطُّ.
ونهر الرَّسِّ يخرج إلى صحراء البلاسجان، وفي هذه الصحراء خمسة آلاف قرية أكثرها خراب إلا أنَّ حيطانَها وأبنيتها باقية لجودة التربة
(1)
.
ذَاتُ الرَّضَم، مُحرَّكةٌ وتُسكَّن: موضعٌ على ستة أميال من وادي القرى.
قال عمرو بن الأهتم
(2)
:
قِفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ وأطلالِ
…
بذي الرَّضْم فالرُّمَّانتين فأوعالِ
الرَّضَمَةُ، مُحرَّكة، وتُسكَّن: موضعٌ من نواحي المدينة. قال ابنُ هَرمةَ
(3)
:
سلكوا على صَفَرٍ كأنَّ حمولَهم
…
بالرَّضمتين ذُرى سَفينٍ عُوَّمِ
رَضْوى،
بفتح أوَّله كسَكْرَى: اسمُ جبلٍ بالمدينة، والنِّسبة إليه رَضَويُّ. ورَضْويٌّ، بالفتح والتحريك.
(1)
قال الشيخ حمد الجاسر معلقاً على المؤلف (المغانم 155): الرس على ماذكر المؤلف أربعة مواضع:
1 -
واد من أودية القبلية، الجبال الواقعة بين ينبع والمدينة، فما أقبل من أوديتها إلى جهة المدينة يسمى القبلية، وما اتجه نحو البحر يسمى الغورية.
2 -
واد في بلاد بني أسد وهو الرسيس، وفيه الآن مدينة، وهو في غرب القصيم، ولايزال معروفاً.
3 -
في اليمامة في الأفلاج، على رأي بعض المفسرين.
4 -
وادي أذربيجان، وماساقه ياقوت- وتابعه المؤلف- عن هذا الوادي من الخرافات مما لايصدقه العقل.
(2)
شاعرٌ مخضرم، من سادات بني تميم، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم مع وفد بني تميم وأسلم. كان من فصحاء قومه، شارك في فتح بلاد فارس. وتوفي سنة 57 هـ.
معجم الشعراء ص 212، الشعر والشعراء ص 420، أسد الغابة 4/ 196.
والبيت في ديوانه ص 96، معجم البلدان 3/ 51، وفاء الوفا 4/ 1218.
(3)
البيت في ديوانه ص 199، معجم البلدان 3/ 51. وصفر موضع سيأتي.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
قال عرَّامٌ
(2)
: رضوى جبل من عمل ينبع، على مسيرة يوم، [و] من المدينة [على سبع مراحل]
(3)
ميامنة طريق مكة
(4)
، ومياسرة طريق البُريراء، لمن كان مصعداً إلى مكة.
ووادي الصفراء منه من ناحية مطلع الشمس، على يوم واحد.
وقال ابنُ السِّكِّيت: رضوى: قفاه حجاز، وبطنه غور، وهو جبل عند ينبع لجهينة.
وقال أبو زيد
(5)
: وقرب ينبع جبل رضوى، وهو جبلٌ منيفٌ ذو شِعابٍ واودية، ورأيته من ينبع أخضر، وأخبرني /316 منْ طاف في شعابه: أنَّ به مياهاً كثيرة وأشجاراً، وهو الجبل الذي تزعم الكيسانية
(6)
أنَّ محمد بن
(1)
الحديث ذكره ياقوت في معجم البلدان 3/ 51، والسمهودي في وفاء الوفا 4/ 1219، ولم أقف على إسناده، وعلامات الوضع تلوح عليه.
(2)
رسالة عرام ص 396، ووقع في الأصل:(من عمل ينبع على مسيرة يوم من المدينة) وفيه سقط.
(3)
سقط في الأصل، والمثبت في هذا النص من رسالة عرام ص 396.
(4)
في رسالة عرام: طريق المدينة. المصدر السابق.
(5)
أبو زيد الأنصاري، سعيد بن أوس، أحد أئمة اللغة والنوادر والغريب، قيل: كان يحفظ ثلثي اللغة، روى عن أبي عمرو بن العلاء وغيره، وروى عنه سيبويه وأبو عبيد، له كتاب (النوادر). توفي سنة 215 هـ. أخبار النحويين للسيرافي ص 48، إنباه الرواة 2/ 30، بغية الوعاة 1/ 583.
(6)
الكيسانية فرقة من الشيعة، سموا كذلك لأن المختار بن أبي عبيد الذي خرج وطلب بدم الحسين بن علي، ودعا إلى محمد بن الحنفية كان يقال له: كيسان. وانقسمت الكيسانية إحدى عشرة فرقة، مُحصَّلها يرجع إلى فرقتين: إحداهما تزعم أن محمد بن الحنفية حيٌّ لم يمت، وهم على انتظاره، ويزعمون أنه المهدي المنتظر. والفرقة الثانية منهم يُقرون بإمامته في وقته وبموته، وينقلون الإمامة إلى غيره. مقالات الإسلاميين 1/ 91، الفَرْق بين الفِرَق ص 23.
الحنفية
(1)
به مقيم حيٌّ يُرزق.
ومن رضوى يقطع حجر المسانِّ
(2)
ويحمل إلى الدُّنيا كلها.
الرِّعْل،
بالكسر، وإهمال العين: أُطُمٌ بالمدينة، ابتناه بنو عبد الأشهل، وهو الأُطُم الذي في المال المسمى بِواسط، وكان لضمرة
(3)
بنت مرٍّ بن ظَفرَ، أُم بني عبد الأشهل، وله يقول كعب بن مالك
(4)
:
منعنا الرِّعْلَ إذ أسلمتموهُ
…
بفتيانٍ ملاوثة جِلادِ
قال الزُّبير: كانت الحرب بين بني حارثة، وبين بني عبد الأشهل، وكانت بنو ظفر مواليةً لبني عبد الأشهل، فهزمتهم بنو حارثة، وقتلوا سماك بن رافع،
(1)
محمد بن الحنفية: هو محمد بن علي بن أبي طالب، والحنفية أمه واسمها خولة، كانت من سبي اليمامة، روى عن أبيه وأبي هريرة، وحدث عنه سالم بن أبي الجعد، وعمرو بن دينار، وفد على معاوية، وعلى عبدالملك بن مروان فأكرمه. توفي سنة 81 هـ. طبقات ابن سعد 5/ 91، أنساب الأشراف 3/ 463، (1971)، سير أعلام النبلاء 4/ 110، وأطال الذهبي في ترجمته.
(2)
المسان: جمع مسن، وهو كل مايُسَنُّ به أو عليه، يقال: سنَّنه، إذا أحده وصقله. القاموس (سنَّ) ص 1207.
(3)
في نسب معد للكلبي 1/ 375: صخرة بنت ظفر. ولعله تصحيف. وهي زوج جشم ابن الحارث بن الخزرج، وأولادها: عبد الأشهل، وزعوارا، وعمرو، وحُريش.
(4)
البيت في لسان العرب (لوث) 2/ 188.
…
الملاوثة: جمع مِلْوثَ، وهو الشريف. القاموس (لوث) ص 176، وجِلاد: جمع جَلْد، وهو القوي. القاموس (جلد) ص 273.
…
وكعب بن مالك صحابيٌّ خزرجيٌّ، من أهل العقبة، لم يشهد بدراً ولا تبوك، شهد أحداً وجُرح فيها إحدى عشرة جراحة، كان أحد شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم. ذهب بصره في آخر عمره، وتوفي زمن خلافة معاوية. أسد الغابة 4/ 187، الإصابة 3/ 302.
وكان باغياً. وكان يقول: لو شئتُ لم يبقَ بيثرب بيتٌ إلا أدخلته رجلاً. فأنِفَ من ذلك مسعود
(1)
أبو محيصة فقتله، فوقعت الحرب بينهم، فظفرت بهم بنو حارثة وأجلوهم، فلحقوا بأرض بني سليم، فقال حضير
(2)
بن سماك يوماً: ارفعوني أنظرْ إلى الرِّعْل. فقال إسافُ بن عدي
(3)
:
فلا وبناتِ خالك، لا تراهُ
…
سَجيسَ الدَّهرِ، ما نطقَ الحَمامُ
فإنّ الرِّعل إذ أسلمتموهُ
…
بساحةِ واقمٍ منكم حرامُ
الرِّقَاع،
ككتاب: جمعُ رُقْعَةٍ. قال الواقديُّ: ذات الرِّقاع: قريبة من النُّخَيل، على ثلاثة أميال من المدينة، وهي بئرٌ جاهليةٌ، وإنَّما سُمِّيت بذات الرِّقاع؛ لأنَّه كان في تلك الأرض بقع بيضٌ وحمرٌ وسود.
وقال [ابن] إسحاق: رقَّعوا راياتِهم
(4)
، ذوات الرقاع.
وقيل: سُمِّيت باسم شجرة
(5)
كانت في موضع الغزو.
(1)
هو مسعود بن كعب الأنصاري الأوسي، ثم الحارثي جاهلي، وابنه مسعود صحابي، شهد أحداً والخندق، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل فدك يدعوهم إلى الإسلام. الاستيعاب 3/ 398، أسد الغابة 4/ 343.
(2)
تحرفت في الأصل إلى: حضين، والتصحيح من جمهرة النسب للكلبي ص 634.
(3)
إساف بن عدي بن جثم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج الحارثي، شاعر جاهلي. والبيتان في معجم ما استعجم 2/ 661، الوفا 4/ 1219.
سجيس الدهر، أي: أبداً. القاموس (سجس) ص 550. وهذه المادة مما زاد المؤلف على كتاب ياقوت.
(4)
قال ابن هشام في السيرة 3/ 156، وإنما قيل لها غزوة ذات الرقاع؛ لأنهم رقعوا فيها راياتهم، ويقال: ذات الرقاع: شجرة بذلك الموضع يقال لها: ذات الرقاع. وهي غزوة سنة أربع من الهجرة لنجدٍ، يريد بها بني محارب وبني ثعلبة من غطفان.
(5)
قال المؤلف في القاموس (رقع) ص 722: وكهمزة: شجرة عظيمة ساقها كالدلب وورقها كورق القرع، وثمرها كالتين. جمعها: كصرد.
وقيل: لأنَّ أقدامهم نقبت من المشي، فلفُّوا عليها الخرق
(1)
، قاله مسلم في (صحيحه)
(2)
.
وقيل: بل سُمِّيت برقاعٍ كانت في ألويتهم.
وقيل: ذاتُ الرِّقاع: جبلٌ فيه سوادٌ وبياضٌ وحمرةٌ، فكأنَّها رِقاعٌ في الجبل.
الرَّقْعَة،
بالفتح ثمَّ السُّكون: موضعٌ قربَ وادي القرى، من الشُّقَّة شُقَّة بني عُذرة، فيه مسجدٌ للنبي صلى الله عليه وسلم عَمَّرَه في طريقه إلى تبوك، سنة تسع للهجرة.
الرَّقمَتَانِ:
موضعٌ قربَ المدينة، وهما نِهْيان
(3)
من أنَهاءِ الحرَّة.
قال الأصمعيُّ: الرَّقمتان: إحداهما قُرب المدينة، والأخرى قرب البصرة.
وقال العمرانيُّ
(4)
: إحداهما بالبصرة، والأخرى بنجد.
وأمَّا التي في شعر زهير
(5)
:
ديار لها بالرقمتين .................
(1)
في الأصل: (الخروق)، ونصّ في القاموس (خرق) ص 878: أن جمعها كعنب، والتصويب من صحيح مسلم.
(2)
في الجهاد والسير، باب غزوة ذات الرقاع، رقم:1816،3/ 1449. وكذا ذكره البخاري في المغازي، باب غزوة ذات الرقاع، رقم:4128،7/ 481، وهو أصحُّ شيء.
(3)
النِّهْي بالكسر والفتح: الغدير. القاموس (نهى) ص 1341.
(4)
أبو الحسن العمراني، علي بن محمد، الخوارزمي، يلقب حجة الأفاضل وفخر المشايخ، قرأ على الزمخشري له كتاب (المواضع والبلدان) لم يطبع. توفي في نحو سنة 560 هـ. معجم الأدباء 15/ 61، بغية الوعاة 2/ 195.
(5)
زهير بن أبي سلمى، والبيت بتمامه:
ودارٌ لها بالرقمتين كأنَّها
…
مراجيعُ وَشْمٍ في نواشِرِ مِعْصمِ
وهو من معلقته، في ديوانه ص 74، شرح القصائد السبع الطوال ص 138، وفيه (ديار لها) كما هنا، كما في قول الأصمعي.
مراجيع: معاطف، والنواشر: عصب الذِّراع من ظاهرها وباطنها. القاموس (نشر) ص 482.
فبأرض بني أسد.
والرَّقمتان أيضاً: في أرض بني حنظلة.
والرَّقمتان: روضتان في بلاد بني العنبر.
/317 رَقَمٌ، محركة وقد تُسكَّن قافه موضع بالمدينة يُنسب إليها السِّهام الرَّقَميات.
وقال نصرٌ: الرَّقَمَ: جبالٌ بدار غطفان، وماء عندها، والسِّهامُ الرَّقَميات منسوبةٌ إلى هذا الموضع، صُنعت ثَمَّة.
ويومُ الرَّقم من أيامهم معروف، لغطفان على عامر
(1)
، وربما رُوي بسكون القاف، منها كان حزام بن هشام الخُزاعيُّ القُدَيديُّ الرَّقميُّ
(2)
.
الرُّقَيْبَةُ،
تصغير رَقَبة، وقال نصرٌ: بفتح أوَّله مثال سَكِينة وحَبيبة: جبلٌ مُطِلٌّ على خيبر
(3)
، له ذكرٌ في قصةٍ لعيينة بن حصن الفزاريّ
(4)
. وأنشد راوي
(1)
انظر خبره في الكامل لابن الأثير 1/ 642، العقد الفريد 3/ 318، أيام العرب في الجاهلية ص 278.
(2)
قال ابن حبان: من أهل الرَّقم - موضع بالبادية- يروي عن أبيه عن جيش بن خالد، روى عنه هاشم بن القاسم ومحرز بن المهدي، كان من الثقات. (الثقات) لابن حبان 6/ 247، و (التاريخ الكبير) 2/ 1/108. ووقع في الأصل:(حرام) بالراء محرّفاً.
(3)
أفاد الشيخ حمد الجاسر (المغانم 159): أنه يسمى الآن جبل أبا رقبة.
(4)
صحابي، كان من المؤلفة قلوبهم، أسلم قبل فتح مكة، وشهدها، ثم ارتدَّ في عهد أبي بكر كان يلقب الأحمق المطاع، ثم رجع إلى الإسلام. ومات في خلافة عثمان بن عفان. أسد الغابة 4/ 31، الإصابة 3/ 53.
والقصة المشار إليها: كانت بنو فزارة ممن قدم على أهل خيبر ليعينوهم، فراسلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يعينوهم، وسألهم أن يخرجوا عنهم، ولكم من خيبر كذا وكذا، فأبوا، فلما فتح الله خيبر أتاه من كان هناك من بني فزارة، فقالوا: أعطنا حظنا والذي وعدتنا، فقال لهم رسول الله: لكم ذو الرقيبة، فقالوا: إذاً نقاتلك. فقال: موعدكم جنفاء، فلما سمعوا ذلك خرجوا هاربين.
نقلها ياقوت عن موسى بن عقبة في (معجمه) 2/ 172 مادة (جنفاء).
التَّصغير
قولَ الشَّاعر
(1)
:
وكأنَّما انتقَلت بأسفل معتبٍ
…
من ذي الرُّقيبةِ أو قِعاسَ وعولُ
الرِّكابِيَّةُ، بالكسر منسوب [إلى] الرِّكاب، وهي الإبل خاصَّةً: وهو موضعٌ منه إلى المدينة عشرةُ أميال.
وقد ذهب بعضهم إلى أنَّ الزَّيت الركابيَّ منسوبٌ إلى هذا الموضع. قال ياقوت
(2)
: وأُراه وَهْماً؛ لأنَّ تلك النواحي قليلة الزَّيت. إنَّما يُجلب إليها من الشَّام على الرَّكائب، فهو منسوبٌ إلى الركابِ، الإبلِ.
رَكَبَانُ،
بالتَّحريك: قرب وادي القرى.
رَكُوبَةُ،
بفتح أوله، وبعد الواو باءٌ مُوحَّدة، والرَّكوب والرَّكوبة ما يُركب: وهي اسم ثنيَّةٍ بين مكة والمدينة عند العرج، صعبةٌ شاقَّة، يُضرب بصعوبتها المثل، سلكها النبي صلى الله عليه وسلم عند مهاجره إلى المدينة، قرب جبل ورقان، وقدس الأبيض. وكان معه ذو البِجَادين
(3)
فحدا به، وجعل يقول
(4)
:
تعرَّضي مدارجاً وسُومي
…
تعرُّضَ الجوزاءِ للنُّجوم
هذا أبو القاسم فاستقيمي
وقال بشر بن أبي خازم
(5)
:
(1)
البيت في معجم البلدان 3/ 60.
(2)
في معجم البلدان 3/ 63.
(3)
اسمه عبد الله بن عبد نهم، نشأ يتيماً في حجر عمه، فلما أسلم نزع منه عمه كل شيء أعطاه حتى جرَّده من ثوبه، فأتى أمه فقطعت له بجاداً لها باثنتين، فاتَّزر نصفاً وارتدى نصفاً، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنت عبد الله ذو البجادين. مات في غزوة تبوك. سيرة ابن هشام 4/ 168، الإصابة 2/ 338. والبجاد: الكساء المخطط. القاموس (بجد) ص 266.
(4)
الرَّجز في تهذيب اللغة 1/ 462، وفاء الوفا 4/ 1221، تاريخ ابن شبَّة 1/ 122، معجم مااستعجم 2/ 671.
(5)
البيتان في ديوانه ص 81، معجم البلدان 3/ 64.
ورواية الثاني في الديوان:
هي العيشُ لو أنَّ النَّوى أسعفَتْ بِها
…
ولكنَّ كَرَّاً في رَكُوبةَ أعصرُ
المعُصِر: الجارية التي بلغَتْ. القاموس ص 441. أصقبت: دنت. القاموس (صقب) ص 105.
سَبَتْهُ، ولم يَخشَ الذي فعلَتْ به
…
مُنعَّمةٌ من نَشْءِ أسلمَ مُعْصِرُ
هي الوهم لو أنَّ الهوى أَصقبتْ بها
…
ولكنَّ كرَّاً في رَكوُبةَ أعسرُ
قالوا في تفسير رَكوبة: ثَنيَّةٌ شاقَّةٌ شديدة المرتقى، يقول: طلب
(1)
هذه المرأة كالكَرِّ في رَكوبة، والكرُّ: الرُّجوع.
وقال الأصمعيُّ في موضع آخر: رَكُوبةُ عَقَبةٌ عند العَرْج، سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
، وكان دليلَه إليها عبدُ الله ذو البجادين، فيقول: مثل هذه المرأة لمن أرادها مثل ركوبة، فمن يستطيع أن يعود إلى رَكُوبة؟.
/318
رُوَاوَةُ،
بضمِّ أوَّله، وتكرير الواو، بوزن زُرارة: موضعٌ قرب المدينة. قال ابن السِّكّيت: رواوة، والمنتضى، وذو السلاسل: أودية بين الفُرع والمدينة. وقال كُثير عزَّة
(3)
:
وغيَّرَ آياتٍ ببرقِ رُوَاوةٍ
…
تنائي اللَّيالي والمدى المتطاولُ
ظللْتَ بِها تُغضي على حدِّ عَبْرَةٍ
…
كأنك من تجريبِكَ الدَّهرَ جاهلُ
وقال ابنُ هرمةَ
(4)
:
حيِّ الدِّيارَ بِمنشدٍ فالمنتضى
…
فالهضبِ هضبِ رُواوتين إلى لأَى
(1)
في الأصل: (طعت).
(2)
لا تزال ركوبة معروفة.
(3)
البيتان في ديوانه ص 455، معجم البلدان 3/ 75.
(4)
البيت في ديوانه ص 61 من قصيدة يمدح بها محمد بن عمران الطلحي، معجم البلدان 3/ 75.
الرَّوحاء:
موضع قربَ المدينة، من أعمال الفُرع، على نحو من أربعين ميلاً من المدينة.
وفي (صحيح مسلم بن الحجاج)
(1)
: على ستة وثلاثين ميلاً.
وفي كتاب ابن أبي شيبة
(2)
: على ثلاثين ميلاً.
وقال أبو عبيد البكري
(3)
: قبر مضر بن نزار
(4)
بالروحاء، على ليلتين من المدينة [بينهما أحد]
(5)
وأربعون ميلاً.
قال ابن الكلبي: لما رجع تُبَّعٌ من قتال أهل المدينة
(6)
يريد مكة، نزل بالروحاء، فأقام بها وأراح فسماها الروحاء
(7)
.
وسئل كُثَيِّر: لم سميت الروحاء الروحاء؟ قال: لا نفتاحها، وروحها.
(1)
في حديث جابر قال: سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة، ذهب حتى يكون مكان الروحاء» . قال سليمان: فسألته عن الروحاء؟ فقال: هي من المدينة ستة وثلاثون ميلاً. أخرجه مسلم في الصلاة، باب فضل الأذان، وهرب الشيطان عند سماعه 1/ 290 (388).
(2)
مصنف ابن أبي شيبة 1/ 207 (2373).
(3)
معجم ما استعجم ص 681 - 683.
(4)
أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم وإليه وإلى ربيعة ينسب ولد نزار، وهم الصريح من ولد إسماعيل عليه السلام. المعارف لابن قتيبة ص 64.
(5)
ما بين معقوفين ساقط من الأصل، استدركناه من المعجم ومن وفاء الوفا 4/ 1222.
(6)
راجع خبر ذلك في سيرة ابن هشام 1/ 35.
(7)
قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 161): جلّ المواضع التي بين مكة والمدينة قد تمحل ابن الكلبي، فنسب تسميتها إلى تبع الملك اليمني الذي ذكر أنه غزا المدينة قبل الإسلام، مثل (العرج) و (الرويثة) و (حلل) وغيرها. وابن الكلبي لايعتمد عليه في تحديد المواضع. وفي تعليل أسمائها وماقاله هنا وأمثاله لايستقيم لغة ولايصح نقلاً.
وبقعة روحاء: أي طيبة ذات رائحة
(1)
. وقد بسطنا الكلام في شرف الرَّوحاء في أبواب المساجد، فلينظر هناك إن شاء الله تعالى.
قالت أعرابية
(2)
:
فإن حال عَرضُ الرمل يا صَاحِ دونهم
…
فقد يطلبُ الإنسانُ ما ليس لا قيا
يرى اللهُ أنَّ القلبَ أضحى ضميُره
…
لمَّا قابلَ الرَّوحاء والعَرْجَ قاليا
والنِّسبةُ إليها رَوْحاوي.
قال ابن الرَّضيَّة
(3)
:
أفي كلِّ يومٍ أنت رامٍ بلادهَا
…
بعينين، إنساناهما غَرِقَانِ
إذا اغرورقَتْ عينايَ قال صحابتي:
…
لقد أُولِعَتْ عيناكَ بالهمَلانِ
ألا فاحملاني بارَكَ اللهُ فيكما
…
إلى حاضرِ الرَّوحاءِ ثمَّ ذَرَاني
والرَّوحاءُ أيضاً: قريةٌ ببغداد، على نهر عيسى.
والرَّوحاءُ أيضاً: قريةٌ من قرى الرَّحْبَة، وتُقْصَر.
رَوْضَةُ الأجاول:
بنواحي وَدَّان، منازل نُصَيْب
(4)
. وفيها يقول
(5)
:
عفَا الحُبُجُ الأعلى فروضُ الأجاولِ
…
فَمِيثُ الرُّبا، من بَيضِ ذاتِ الخمائلِ
(1)
في الأصل: ذات راحة.
(2)
البيتان في معجم البلدان 3/ 76، 2/ 494. ونسبهما ياقوت لعيوف بنت مسعود أخي ذي الرمة. وقد تقدَّما منسوبين إليها في مادة (الدَّهناء). وفي الأصل:(عرض المال).
(3)
رجلٌ من الأعراب كما ذكر ياقوت.
والبيتان في معجم البلدان 3/ 76، وفاء الوفا 4/ 1223.
(4)
نصيب بن رباح، مولى عبد العزيز بن مروان، كان شاعراً فحلاً فصيحاً مُقدَّماً في النسيب والمديح، ولم يكن له حظٌّ في الهجاء، وكان عفيفاً، من شعراء العصر الأموي. الشعر والشعراء ص 260، الأغاني 1/ 125.
(5)
البيت في ديوانه ص 120، معجم البلدان 3/ 84. الحُبج، ومِيْث: موضعان، والميث أيضاً جمع ميثاء، وهي الأرض السهلة. القاموس (ميث) ص 177.
رَوْضَةُ الأجْدَادِ:
قرب المدينة ببلاد غطفان وهي جمع جُدَّةٍ، وهي البئر الجيدة الموضع من الكلأ.
وقال ابنُ الأعرابيِّ
(1)
: الأجدادُ: حدائقُ تكونُ فيها المياه، أو آبار مما حَفرت عاد.
/319 قال مرداس بن خشيش
(2)
:
إنَّ الدِّيارَ بروضةِ الأجدادِ
…
عفَّت سوارِ رسمها وغوادي
من كلِّ ساريةٍ وغادٍ مُدجنٍ
…
حنقِ البوارقِ، مونقِ الرُّوادِ
وهي قريبةٌ من وادي القصيبة قبلي عرض خيبر، وشرقيّ وادي عصر
(3)
.
قال الهيثمُ بنُ عديٍّ: خرج عروة الصعاليك
(4)
وأصحابه إلى خيبر يمتارون منها فعشّروا، وهو أنَّهم كان يرون أنَّهم إذا خافوا وباء مدينةٍ، وأرادوا دخول مدينة [وقفوا على بابِها]
(5)
وعشروا كما تُعشر الحمير، والتَّعشير: نُهاق الحمير
(6)
، فيرون أنَّه يصرف عنهم وباءها. قال: فعشَّروا خوفاً من وباء خيبر،
(1)
محمد بن زياد، كان نسابة، نحوياً كثير السماع، راويةً لأشعار القبائل، سمع من المفضَّل الضبيِّ، وأخذ عنه ثعلب. من كتبه النوادر. توفي سنة 231 هـ. طبقات النحويين للزبيدي ص 195، معجم الأدباء 18/ 189، بغية الوعاة 1/ 105.
(2)
البيتان في معجم البلدان 3/ 84. والمرداس شاعر من بني تغلب، كما نسبه ياقوت.
(3)
قال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 162): تدعى الآن: الروض، وفيها قرية كبيرة، تقع في
الضغن أسفل أودية حَرَّة فَدَكَ شرقي عرض خيبر، لا قبليه.
(4)
عروة بن الورد، شاعرٌ جاهليٌ، من الصعاليك، من بني عبس، لُقِّب بذلك لجمعه إياهم وقيامه بأمرهم إذ أخفقوا في غزواتهم. قتله رجل من بني طُهيَّة. الشعر والشعراء ص 449، الأغاني 2/ 184.
(5)
مابين معقوفين زيادة من معجم البلدان 3/ 84.
(6)
كانوا ينهقون عشر مرَّات. القاموس (عشر) ص 440.
وأبى عروة أن يُعشِّر، وقال
(1)
:
وقالوا اُجْثُ، وانْهقْ لا تضرُّك خيبرُ
…
وذلك من دين اليهودِ ولُوعُ
لعمري لئنْ عشَّرتُ من خشية الردَّى
…
نُهَاقَ الحمير إنِّني لجَزُوعُ
فلا وَألَتْ تلك النُّفوسُ ولا أتت
…
على روضة الأجدادِ وهي جميعُ
فكيفُ وقد ذكَّيتُ، واشتدَّ جانبي
…
سليمى، وعندي سامعٌ ومطيعُ
لسانٌ وسيفٌ صارمٌ، وحفيظةٌ
…
ورأيٌ لآراء الرجال صَروعُ
تُخَوِّفُني رَيْبَ المنونِ، وقد مضى
…
لنا سلفَاً قيسٌ معاً وربيعُ
قال: فدخلوا وامتاروا ورجعوا، فلمَّا بلغوا روضة الأجداد ماتوا إلا عروة.
رَوْضَةُ أَلْجَام،
بفتح الألف، وسكون اللام، وجيم وألف وميم. ويقال: روضة آجام: نحوُ النَّقيعِ.
قاله ابن السِّكّيت في قول كُثيِّر
(2)
:
فروضةُ أَلجامٍ تُهيجُ ليَ البُكا
…
وروضاتُ شَوْطى عهدُهنَّ قديمُ
رَوْضَةُ خاخ،
بخائين معجمتين: تقدَّم في خاخ. قال
(3)
:
ولها مَرْبَعٌ بروضة خاخٍ
…
ومَصِيفٌ بالقصر، قصرِ قُباءِ
روضة الخُرْج،
بضم الخاء، وسكون الراء، بعدها جيم: من نواحي المدينة. قال حِصْن بن مُدْلج الخَثعميُّ
(4)
:
ولم أنسَ منها نظرةً أسرَتْ بِها
…
بروضة خُرجٍ قلبَ صبٍّ مُتيَّم
رَوْضَةُ الخُرْجَين،
تثنية الذي قبله: ولعلَّه الذي قبله بعينه:
(1)
الأبيات في ديوانه ص 46، معجم البلدان 3/ 85، وفاء الوفا 4/ 1223.
وفي الديوان: (أُحْبُ). وألتْ: نجت، وقيس هو ابن زهير، والربيع هو ابن زياد العَبْسِيان.
(2)
ديوانه ص 126، وفيه قول ابن السِّكّيت، معجم البلدان 3/ 84، وفاء الوفا 4/ 1223.
(3)
البيت لِنُصيب في ديوانه ص 72، كتاب الهجري ص 296، معجم البلدان 3/ 88.
(4)
البيت في معجم البلدان 3/ 89.
بروضة الخُرْجين من مهجورِ
…
تربَّعْت في غَاربٍ نضير
(1)
/320 ومهجور: ماءٌ بنواحي المدينة.
رَوْضَةُ الخزرج،
بلفظ القبيلة من الأنصار: موضع بنواحي المدينة. قال حفصٌ الأمويُّ
(2)
:
فالْمَحْ بطرْفِكَ هل ترى أظعانَهم
…
بالبارقيَّةِ أو بروضِ الخَزرجِ؟
رَوْضَةُ ذات الحَماط،
بالفتح: في نواحي المدينة
(3)
. أنشد الزُّبير بن بكار، لبعض المدنيين
(4)
:
وحَلَّتْ بروضةِ ذات الحَما
…
طِ وغُدْرَانُها فائضاتُ الجمامِ
رَوْضَةُ ذاتُ كهفٍ:
روضة بنواحي المدينة. قال جبلة بن حُرَيث
(5)
:
وقلتُ لهم بروضةِ ذاتِ كهفٍ
…
أقيموا اليومَ ليس أوان سَيْرِ
رَوْضَةُ ذي الغَصن
(6)
، بفتح الغين المعجمة: روضة بنواحي المدينة ذكرها الزُّبير بن بكار في كتاب (العقيق). قال كُثيِّر
(7)
:
(1)
البيت في معجم البلدان 3/ 89 منسوب إلى أبي العباس أحمد ثعلب، وفاء الوفا 4/ 1224.
(2)
حفص الأموي، راويةُ شِعْرِ كُثَيِّر، عُمِّر حتى أدرك الدولة العباسية. كان هجَّاءاً لبني هاشم. معجم الأدباء 10/ 209.
(3)
قال السمهودي في 4/ 1224: من أودية العقيق.
(4)
البيت في معجم البلدان 4/ 89.
(5)
جبلة بن حريث العذري، وبعضهم يقلبه خطأ فيقول: حريث بن جبلة، شاعرٌ جاهلي، صاحب الأبيات المشهورة التي يقول فيها:
فاستقدر الله خيراً وارضينَّ به
…
فبينما العسرُ إذ دارتْ مياسيرُ
وله قصة طريفة، انظرها في كتاب (المعمرون) ص 40، وشرح أبيات سيبويه 1/ 36، عيون الأخبار 2/ 305.
(6)
ضبطها السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1224 بضم الغين، حيث قال: بلفظ غصن الشجرة. وهو الصواب، وانظر القاموس (غصن) ص 1220.
(7)
البيت في ديوانه ص 164، وهو مطلع قصيدة له، الأغاني 11/ 50، معجم البلدان 3/ 90.
لعزَّةَ من أيامِ ذي الغُصْنِ هاجَني
…
بضاحي قَرارِ الرَّوضتين رُسومُ
رَوْضَةُ الصُّها،
بضمِّ الصَّاد المهلمة، وبهاء وبالقصر: وهي على رأس وادي سَبَخة، في شمالي المدينة، بينهما ثلاثة أيام.
والصُّها: جمعُ صَهْوَةٍ، وهي أجبالٌ هناك، في قُلَّةكلُّ واحدٍ ثَنَّيةٌ قديمة، وربمَّا سمَّوها رياضَ الصُّها.
رَوْضَةُ عُرَيْنَة:
بوادٍ من أودية المدينة ممَّا كان يُحمى للخيول، في الجاهلية والإسلام، بأسفلها قَلَهى، وهي ماءٌ لبني جذيمة بن مالك.
رَوْضَةُ الفِلاج،
بكسر الفاء وآخره جيم: قرب المدينة. قال أبو وجزة
(1)
:
بذي خَلِفِ، فالروضِ روضِ فلاجه
…
فأجزاعهُ من كلِّ عِيضٍ وغَيْطَل
رَوْضَةُ مَرَخٍ،
بالتَّحريك والخاء المعجمة: بالمدينة. قال ابن المولى المدنيُّ
(2)
:
هل تَذْكُرينَ بجنبِ الرَّوضِ من مَرَخٍ
…
يا أملحَ النَّاس، وعداً شفَّني كَمَدا
رَوْضَةُ نَسْرٍ،
بفتح النون وسكون السِّين المهملةَ، آخرهُ راءٌ: بنواحي المدينة. قال أبو وجزةَ السَّعديِّ
(3)
:
بأجمادِ العقيق، إلى مُراخٍ
…
فَنَعْفُ سويقةَ فرياضُ نَسرِ
(1)
أبو وجزة السعدي، يزيد بن عبيد، كان شاعراً مجيداً، راوية للحديث. توفي بالمدينة سنة 130 هـ. الشعر والشعراء ص 469، الأغاني 11/ 75.
والبيت في معجم البلدان 3/ 93. العيص: الشجر الكثير الملتفُّ. القاموس (عيص) ص 624، وكذا الغيطل.
(2)
محمد بن عبد الله، مولى الأنصار، شاعر متقدم مجيد، من مخضرمي الدولتين، ومدَّاحي أهلهما، قدم على المهدي، وامتدحه بعدة قصائد، فوصله بصلات سنية، كان ظريفاً، عفيفاً، حسن الهيئة. الأغاني 3/ 85.
والبيت في معجم البلدان 3/ 95، وفاء الوفا 4/ 1224.
(3)
البيت في معجم البلدان 3/ 96. ونعف سويقة: موضعٌ.
الرُّويثة،
بضمِّ الرَّاء، وفتح الواو، وسكون المثُنَّاة، وفتح المُثلَّثة آخرهُ هاءٌ: موضعٌ على ليلة من المدينة
(1)
.
وقال ابنُ السِّكِّيت: [الرُّويثة معشَّى بين العرج والرَّوحاء. وقال الأزهريُّ
(2)
: رويثة]
(3)
: منهلٌ من المناهل، بين المسجدين. يعني الحرمين.
قال ابنُ الكلبيِّ: لمَّا رجع تُبَّعٌ من قتال أهل المدينة يريد مكة، نزل الرُّويثة، /321 وقد أبطأ في مسيره، فسمَّاها الرُّويثة، مِنْ: راث يريثُ: إذا أبطأ، وهي على ليلة من المدينة.
رُهَاط،
كَغُراب، والطَّاءُ مهملةٌ: موضعٌ بأرض ينبع.
قال ابنُ الكلبيِّ: اتَّخذت هُذيل سواعاً بِرُهاط من أرض ينبع، قال: وينبع عِرْضٌ من أَعراض المدينة.
وقال عَرَّام
(4)
: وفيما يطيف بشمنصير،-وهو جبل-، قريةٌ [كبيرة] يقال لها: رُهَاط [وهي بوادٍ يسمَّى غُرَان]، بقرب مكة، على طريق المدينة. قال: وبقرب وادي رهاط: الحديبية، هي قرية ليست كبيرة، وهذه المواضع لبني سعد
(5)
، وبني مسروح، وهم الذين نشأ فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يُنسب إليها سُهيل بن عمرو الرُّهَاطي
(6)
، التَّابعيُّ.
(1)
في طريق بدرٍ جنوب المسيجيد. المعالم الأثيرة ص 131.
(2)
تهذيب اللغة 5/ 125.
(3)
ما بين معقوفين ساقط من الأصل، وهو ساقط أيضاً من وفاء الوفا. واستدركناه من معجم البلدان 3/ 105.
(4)
أسماء جبال تهامة ص 409، وقوله أصحُّ من قول ابن الكلبي المتقدِّم، واختصر المؤلف عبارة عرَّام. وما بين معقوفين من رسالة عرَّام.
(5)
وهي تابعة اليوم للطائف.
(6)
تابعيٌّ روى عن عائشة، وروى حديثه أبو عاصم عن يزيد بن عمرو التيمي، ذكر ذلك ياقوت في معجم البلدان 3/ 107.
الرَّيان،
ضد العطشان: اسمُ أُطُمٍ من آطام المدينة. قال
(1)
:
لعلَّ صِرَاراً أن تَجيشَ بياره
…
وتسمعَ بالرَّيانِ تُبنى مَشاربُه
والرَّيان أيضاً: وادٍ بِحمى ضَرِيَّة، وضَرِيَّةُ من أعمال المدينة ـ وستذكر إن شاء الله تعالى ـ وأعلى الرَّيان لبني الضِباب، وأسفلهُ لبني جعفر، وفيه قالت أعرابية
(2)
:
ألا قاتلَ اللهُ اللِّوى من محلَّةٍ
…
وقاتل دُنيانا بها كيف ولَّتِ
غَنينا زماناً بالحِمى ثمَّ أصبحَتْ
…
براق الحمى مَنْ أهله قد تخلَّتِ
ألا ما لعين لا ترى قُللَ الحِمَى
…
ولا جبلَ الرَّيان إلا استهلَّتِ
والرَّيَّان أيضاً: جبلٌ ببلاد بني عامر.
والرّيان أيضاً: موضعٌ بمعدن بني سُليم، كان الرَّشيد
(3)
ينزله إذا حجّ، به قصور.
قال الشَّريفُ الرَّضيُّ في أحد هذه المواضع
(4)
:
(1)
البيت في معجم البلدان 3/ 110 - 398. وصرار: موضعٌ على ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق. ووقع في الأصل: بالضاد المعجمة، وهو تحريف كما تحرفت (تجيش) إلى (تغيش). يقال: جاش البحر والقدر وغيرهما يجيش: غلى. القاموس (جيش) مختصراً ص 588.
(2)
الأبيات في معجم البلدان 3/ 110، ونسبها الهجري لمضاء بن المضرحي القشيري. وتحرفت في الأصل من أهله إلى:(قد أهله).
(3)
الخليفة العباسي هارون الرشيد، ولي الخلافة سنة 170 هـ، كان من أنبل الخلفاء، وأحشم الملوك، ذا حجٍّ وجهاد، غزا الروم سنة 190 هـ، فافتتح هرقلة. توفي سنة 192 هـ بطوس، كان محباً للعلماء مُعظِّماً لحرمات الدين. المعارف ص 381، تاريخ بغداد 14/ 5، سير أعلام النبلاء 9/ 286.
(4)
البيتان في (ديوانه) 2/ 570، من قصيدة بديعة قالها عند توجَّه الناس للحج سنة 400 هـ، معجم البلدان 3/ 111.
أيا جبلُ الرَّيان إنْ تَعْرَ منهمُ
…
فإنيِّ سأكسوكَ الدُّموع الجواريا
ويا قُربَ ما أنكرتُمُ العهد بيننا
…
نسيتُمْ وما استودعتُمُ السرَّ ناسيا
فيا ليتني لم أعلُ نَشْزاً إليكمُ
…
حَرَاما، ولم أهبطْ من الأرضِ واديا
وقال جرير
(1)
:
يا حَبَّذا جبلُ الرَّيَّان من جَبلٍ
…
وحبَّذا ساكنُ الرَّيَّان مَنْ كانا
وحبَّذا نفحاتٌ من يمانيةٍ
…
يأتينَ من جبلِ الرَّيَّان أحياناً
رِئْمُ، بكسر أوَّله، وسكون الهمز، جمعهُ آرامُ، وقيل: ريم بالياء غير مهموز، والجمع آرام، وهي الظِّباءُ الخالصة البياض: وهو اسم وادٍ قرب المدينة
(2)
، لمُزينة يصبُّ فيه وَرِقان.
وقيل: بطنُ ريم على أربعة أبراد من المدينة. وقال مالكٌ
(3)
: على ثلاثين ميلاً.
وفي (مصنف عبد الرزاق)
(4)
: على ثلاثة بُرُدٍ.
(1)
جرير بن عطية، من فحول الشعراء في العصر الأموي، له مناقضات مع الفرزدق والأخطل، كان عفيفاً، رقيق الشعر. عُمِّر حتى نَيَّفَ على الثمانين، ومات باليمامة. معجم الشعراء ص 71، الشعر والشعراء ص 304.
والبيتان في ديوانه ص 167، وكتاب الهجري ص 260، معجم البلدان 3/ 411، وفاء الوفا 4/ 1226. وفي الديوان (تأتيك). بدل (يأتين).
(2)
ما زال إلى اليوم باسمه في طريق مكة والمدينة، ويبعد عن المدينة 60 كلم. المعالم الأثيرة ص 131.
(3)
في الموطأ في قصر الصلاة في السفر، باب ما يجب فيه قصر الصلاة 1/ 147، عن عبد الله ابن عمر أنه ركب إلى ريم فقصر الصلاة في مسيره ذلك. قال مالك: وذلك نحو من أربعة برد.
…
قلت: البريد= 20 كم، وأربعة برد= 80 كم.
(4)
أخرج عبد الرزاق في مصنفه 2/ 525 (4301) عن سالم أن ابن عمر سافر إلى ريم فقصر الصلاة وهي مسيرة ثلاثين ميلاً.
…
وعبد الرزاق هو ابن همام الصنعاني، الحافظ الكبير، ارتحل إلى الحجاز والشام والعراق. توفي سنة 211 هـ. طبقات خليفة (2673)، سير أعلام النبلاء 6/ 38، الجرح والتعديل 9/ 563.
قال حسَّانُ رضي الله عنه
(1)
:
لسنا بريمٍ، ولا حَمْتٍ ولا صَوَرَى
…
لكن بِمَرْخٍ من الجَولان مغروسِ
يُغدَى علينا براووقٍ ومُسْمِعَةٍ
…
إنَّ الحجازَ رضيعُ الجوعِ والبوسِ
ريِمَةُ، على وزن ديمة: وادٍ لبني شيبة قرب المدينة، بأعلاه نخل لهم. قال كُثيِّر
(2)
:
اربعْ فحيِّ معالمَ الأطلالِ
…
بالجَزْعِ من حُرُضٍ فهنَّ بَوالي
فَشِراجِ ريمةَ قد تقادَمَ عهدُها
…
بالسَّفْحِ بين أُثيِّلٍ فَبِعَالِ
/322 ذو رِيْشُ، بلفظ ريش الطائر: من أودية المدينة.
* * *
(1)
البيتان ليسا في ديوانه، وقد نسبهما له ياقوت في معجمه 3/ 114، والسمهودي في وفاء الوفا 4/ 1226 وذكر الأول فقط. وهذه الأبيات تُشعر بأنه قالها في الجاهلية إن ثبتت نسبتها له، ولها قصة انظرها في تاريخ ابن شبة 1/ 287.
حمْت: عقبةٌ قرب رَكوبِة قدس. رسالة عرام ص 403.
صَورى: ماء قرب المدينة. معجم البلدان 3/ 432.
الجولان: قرية جنوب دمشق.
والمَرْخ: شجر سريع الوري. القاموس (مرخ) ص 260.
(2)
ديوانه ص 284، وقد تقدَّما. وبَعال: جبل.
باب الزاي
زُبَالة:
موضعٌ بالمدينة
(1)
.
الزُّجُّ،
بضمِّ أوَّله، وتشديد الجيم: موضعٌ بناحية ضَرِيَّة.
وقال نصرٌ: زُجُّ لاوة: موضعٌ نجديٌّ.
وفي المغازي: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الأصيد بن سلمة
(2)
بن قرط، مع الضحاك
(3)
بن سليمان بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب إلى القرطاء، وهم قرط وقريط بنو عبد بن أبي بكر بن كلاب، يدعوهم إلى الإسلام، فدعوهم فأبوا فقاتلوهم فهزموهم، فلحق الأصيدُ أباه سلمةَ بزجِّ [لاوَة] بناحية ضَرِيَّة.
والزُّجُّ أيضاً: ماءٌ
(4)
أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم العَدَاء بن
خالد
(5)
، من بني
(1)
سمَّاها السمهودي: زُبالة الزَّج، وقال: إنَّها شمالي المدينة. الوفا 4/ 1227. وتصحفت في الأصل إلى (زبانة).
(2)
قال ابن حجر في الإصابة 1/ 53: بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أي: الأصيد ـ في جيش مع الضحاك بن سفيان الكلابي إلى قومه، فلما صافوهم دعا الأصيد أباه إلى الإسلام، فأبى، فحمل عليه الأصيد، فعرقب فرسه، فسقط سلمة وتوكأ على رمحه، وأمسك أصيد عنه تأدُّباً، فلحقه المسلمون فقتلوه، وذلك في شهر ربيع الأول سنة تسع.
(3)
كذا في الأصل، وصوابه: الضحاك بن سفيان، كان من الشجعان، يُعَدُّ بمائة فارس، وكان والياً على من أسلم من قومه. طبقات ابن سعد 4/ 274، أسد الغابة 2/ 429، الإصابة 2/ 206.
(4)
وجعله الحربيُّ: الزَّجيج، وقال: جبلٌ رأسه محدَّدٌ، كأنه رأسُ زُجِّ. ويبعد الزجيج عن فلجة سبعة أميال. المناسك ص 598. وجعله ابن سيد الناس الزُّخ، وابن حجر: الزُّخيخ، بخائين، كما في الإصابة 2/ 466 في ترجمة العداء.
(5)
العداء بوزن عطاء، أسلم بعد حنين مع أبيه، وعداده في أعراب البصرة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فأقطعه مياهاً كانت لبني عامر يقال لها: الزُّخيخ، وكان ينزل بها. وقد عُمِّر إلى سنة 101 هـ. طبقات ابن سعد 7/ 51، الإصابة 2/ 466.
ربيعة
(1)
بن عامر.
الزِّرَابُ،
كَكِتاب: موضعٌ فيه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بناه في مسيره من المدينة إلى تبوك، ويقال له: ذات الزِّراب. قاله صاحب (العباب)
(2)
.
زَرَنْد، كَمَرَنْد: قريةٌ من أعمال المدينة على نحو أربعين ميلاً منها، من جهة الشَّام، أخبرني بِها أبو عبد الله محمد بن يوسف الزَّرندي
(3)
، مُحدِّث
(4)
حرمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم علينا بمدينة شيراز سنة أربع وأربعين وسبعمائة، ولم أسمع من غيره، ولم أجده في كتاب، وهو ثقةٌ.
وزَرْنَد أيضاً: قريةٌ بأصفهان قرب ساوه، بين الرَّي وساوه
(5)
.
زُرَيْق،
تصغير أزرق
(6)
: سِكَّةُ بني زُريق، ويقال: قرية بني زريق بالمدينة، وهي قِبَل سور المدينة اليوم، وقِبْليَّ المصلَّى، وبعضها كان من داخل السُّور اليوم، بالموضع المعروف بذَرْوَان أو ببئر ذي أروان.
وبنو زريق قبيلة من الأنصار، وهو زُريق بن حارثة بن مالك
(7)
.
(1)
تحرفت في الأصل إلى: (زمعة) وربيعة بن عامر هو أنف الناقة، وليس هو أنف الناقة الذي مدح الحطيئة قبيلته. أسد الغابة 3/ 500.
(2)
هو الإمام رضي الدين الصاغاني. وقد تقدَّمت ترجمته.
(3)
ترجمه المؤلف ترجمة وافية في قسم التراجم من الكتاب، وهو من زرند التي بأصفهان.
(4)
تصحفت في الأصل إلى: (محمد بن).
(5)
مدينة بين الرَّي وهمذان. معجم البلدان 3/ 179. والرَّي في بلاد إيران. وانظر القاموس (زرد) ص 285.
(6)
ويسمَّى في النحو تصغير التَّرخيم. ووقع في الأصل: (زرق).
(7)
صوابه زُريق بن عبد حارثة. انظر نسبه في نسب معدِّ للكلبي 1/ 421.
زَغَابَة،
مثال سحابة، والغين معجمة: موضعٌ قريبٌ من المدينة له ذِكْرٌ.
قال ابن إسحاق
(1)
: لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق، أقبلت قريش حتى نزلت مجتمع الأسيال من رومة، بين الجُرف وزَغَابة، في عشرة آلاف من أحابيشهم.
ورواه أبو عبيد البكري
(2)
فقال: زُعابة، بالضَّمِّ وإهمال العين.
وقال محمد بن جرير
(3)
: بين الجرف والغابة
(4)
، قال: هذه الرِّواية الجيِّدة، لأن زغابة لا تُعرف.
قال ياقوت
(5)
: وليس الأمر كذلك، فإنَّه قد رُوى في الحديث المسند
(6)
أنه صلى الله عليه وسلم قال في ناقة أهداها إليه أعرابي، فكافأه بستِّ بكَرَات
(7)
، فلم يرض فقال صلى الله عليه وسلم: «ألا تعجبون لهذا الأعرابي؟ أهدى إليَّ ناقتي، أعرفها بعيني ذهبت مني يوم
(1)
السيرة النبوية 3/ 171.
(2)
معجم ما استعجم 1/ 698. وهو أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز البكري، كان رأساً في اللغة وأيام الناس، وكان من أوعية الفضائل. توفي سنة 487 هـ. قلائد العقيان لابن خاقان ص 191، الصلة 1/ 287، سير أعلام النبلاء 19/ 35.
(3)
محمد بن جرير الطبري، شيخ المؤرخين، وشيخ المفسرين، كان من أفراد الدهر علماً وذكاءً، كان من كبار أئمة الاجتهاد، روى عن عمرو بن علي الفلاَّس، ويعقوب الدورقي، وخلقٍ غيرهم. توفي سنة 310 هـ. تاريخ بغداد 2/ 162، معجم الأدباء 18/ 40، سير أعلام النبلاء 14/ 267.
(4)
تاريخ الطبري 2/ 570.
(5)
معجم البلدان 3/ 141.
(6)
الحديث أخرجه ابن جرير، كما ذكر ياقوت في المعجم 3/ 141.
(7)
البكرات هكذا، وصوابه: البُكران جمع بَكْر، وهو الفَتيُّ من ولد الناقة. القاموس (بكر) ص 354.
زغابة، وقد كافأته بست فسخط» الحديث.
وقد جاء ذكر زَغَابة في حديث آخر، فكيف لا تكون تُعرف؟ فالأعرف إذاً عندنا زَغَابة، والغين معجمة.
زَمْزَمُ:
بئرٌ بالمدينة، على يمين السَّالك إلى بئر عليٍّ رضي الله عنه، المحرم، بعيدة عن الجادَّة قليلاً في سَنَدٍ
(1)
من الحَرَّة، وحُوِّط حولها ببناء مُجَّصص، وكان على شفيرها حوض من حجارة تكسَّرَ، لم يزل أهل المدينة ينزلون بها، وينقل منها إلى الآفاق، كما ينقل من زمزم مكَّةَ، ولا يعرف فيها أثر، وهي بالقرب من البئر التي تعرف بِسُقيا سعد.
قال الشيخ جمال الدين المطريُّ
(2)
: ولا تعرف أهي السُّقيا الأولى لقربها من الطَّريق، أم هذه؟ لتواتر التَّبرُّك بها. قال: ولعلَّها البئرُ التي احتفرتها فاطمة بنت الحسين بن علي
(3)
، زوج الحسن بن الحسن بن علي، حين خرجت من بيت جدِّتها فاطمة الكبرى
(4)
في أيام الوليد
(5)
، لما أمر بإدخال الحجرات وبيت فاطمة في المسجد، فإنَّها بنَتْ دارها بالحرَّة وأمرت بحفر بئر فيها، فطلع لهم جبل وأَكْدَوا
(6)
، فذكروا لها، فتوضَّأت وصلَّت ودعت، ورشَّت موضع البئر
(1)
السَّند: ما قابلك من الجبل، وعلا عن السفح. القاموس (سند) ص 290.
(2)
في كتابه (التعريف) ص 59.
(3)
وأمُّها أمُّ إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله، وولدت للحسن، ثم مات عنها وتزوجها بعده عبد الله بن عمرو بن عثمان، فولدت له. انظر أخبارها مع زوجها في نسب قريش ص 59، المعارف ص 213 - 233، المردفات من قريش ص 69.
(4)
هي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونَسْلُ رسول الله منها، توفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر، وكان عمرها تسعاً وعشرين سنة. أسد الغابة 6/ 220، الإصابة 4/ 377.
(5)
الوليد بن عبد الملك، وقد تقدمت ترجمته.
(6)
يقال: حفر فأكدى، أي: بلغ الكُدْية، وهي الصخرة العظيمة الشديدة. القاموس (كدا) ص 1327.
بفضل وَضوئها، وأمرتهم فحفروا فبلغوا الماء بسرعة، فالظاهر أنها هذه السقيا الأولى. والله أعلم.
زَوْرٌ،
بالفتح، آخره راء: جبل بالحجاز شاهده في مَنْوَرٍ
(1)
.
الزَّوْرَاءُ،
بالفتح: موضعٌ قرب سوق المدينة مرتفع، وقيل: اسم لسوق المدينة
(2)
.
والزَّوْرَاءُ أيضاً: اسم دار عثمان بن عفان رضي الله عنه
(3)
.
زُهْرَةُ:
موضعٌ بالمدينة، بين الحرَّة والسَّافلة.
قال الزُّبير: كانت زُهرةُ أعظمَ قرية بالمدينة، وكان بِها جُمَّاعٌ
(4)
من اليهود، وقد بادوا، وكان فيها ثلاث مائة صائغ.
الزَّيْتُ،
بلفظ الزَّيت: الدُّهن المعروف: قال ياقوت
(5)
: أحجار الزَّيت: بالمدينة، موضعٌ كان فيه أحجار علت عليها الطريق فاندفنت.
وقد تقدَّم في أحجار الزَّيت عن ابن جبير
(6)
أنَّه حجرٌ موجودٌ يزار، وأنه رشح للنبيِّ صلى الله عليه وسلم من ذلك الحجرِ الزَّيتُ، وبه سُمِّي.
و
قصر الزَّيت:
بالبصرة.
(1)
لم يذكره المؤلف تبعاً لياقوت.
(2)
وقد دخل الآن في الحرم بعد توسعته الكبرى.
(3)
روى البخاري، في الجمعة، باب الأذان يوم الجمعة (912) 2/ 457 عن السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما كان عثمان رضي الله عنه، وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء.
(4)
جُمَّاع: أخلاط. القاموس (جمع) ص 710.
(5)
معجم البلدان 3/ 163.
(6)
راجع حرف الهمزة (أحجار الزيت).
و
جبال الزَّيت:
في شعر الفضل بن عباس اللَّهبي
(1)
.
الزَّين، بلفظ الزَّين، ضدُّ الشَّين: موضعٌ قرب المدينة، ومن مزدرعاتها.
وروى الزُّبير أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ازدرع المزرعة التي يُقال لها: الزَّين، بالجرف.
* * *
(1)
وهو قوله:
…
فوارعُ من جبال الزَّيت مدَّت بسافنها وأحمأت الجبابا.
…
وهو حفيد أبي لهب عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، كان شاعراً، وكان شديد الأُدمة، يتردد على الوليد بن عبدالملك، وقد فرض له فريضة يُعطاها كل سنة. نسب قريش ص 90، الأغاني 15/ 2.
باب السين
سَائِرٌ،
على وزن صابر: ناحيةٌ من نواحي المدينة. قال ابن هَرْمَةَ
(1)
:
عفا سائرٌ منها فَهضْبُ كُتَافةَ
…
فدارٌ بأعلى عاقرٍ أو مُحسِّرِ
ومنها بشرقيِّ المذاهبِ دِمْنَةٌ
…
مُعَطَّلةٌ آثارُها لم تغيَّرِ
سَاية،
مثال آية، وغاية، وطاية، ويجري في الشُّذوذ مَجرى هذه الألفاظ، وذلك أنَّ قياس أمثاله أن تنقلب لامه همزةً، لكنَّهم تجنَّبوا ذلك، لأنهم لو همزوها لكان يجتمع [على] الحرف: اعتلال العين واللام، وذلك إجحافٌ وإن كان قد جاء نادراً، كماءٍ وشاء.
وسايةُ: وادٍ من أعمال المدينة، ووَاليها لم يزلْ من قبل صاحب المدينة، إلا أن في زماننا هذا، فقد انفردت عن حكمها، واستقلَّت كسائر أعراضها، وفيها نخيلٌ، ومزارعٌ، وموزٌ، ورمَّان، وعِنَب، وأصلُها لولد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم. وفيها من أفناء
(2)
النَّاس، وتجار من كلِّ بلدٍ، قاله عَرَّام
(3)
.
وقال ابن جِنِّيٍّ
(4)
: شمنصيرُ: جبلٌ، وسايةُ وادٍ عظيمٌ، به أكثر من سبعين
(1)
البيت في ديوانه ص 132، معجم البلدان 3/ 180.
(2)
الأفناء: الأخلاط، جمع فِنْو. لسان العرب (فني) 15/ 165.
(3)
رسالة عرام ص 414، ونقله البكريُّ في معجم ما استعجم 3/ 787.
(4)
أبو الفتح عثمان بن جني، أحد عباقرة النحو، أخذ عن أبي عليٍّ الفارسي، كانت بينه وبين المتنبي صحبة ومودة، وجالس عضد الدولة البويهي. من كتبه سر صناعة الإعراب، و الخصائص. توفي سنة 392 هـ. معجم الأدباء 12/ 83، إنباه الرواة 2/ 335، بغية الوعاة 2/ 132. والنقل عنه من كتاب هذيل.
عيناً، وهو وادي أمج.
وقال مالك بن خالد الهُذَليُّ
(1)
:
بِوَدِّكِ أصحابي فلا تَزْدَهيهمُ
…
بسايةَ، إذ مَدَّت علينا الحلائب
وقال المُعَطَّل
(2)
الهُذَليُّ:
أَلا أصبحَتْ ظمْياءُ قد نزحَتْ بِها
…
نَوىً خَيتعُورٌ طَرْحُها وشَتاتُها
وقالتْ: تعلمْ أنَّ ما بينَ سايةٍ
…
وبينَ دُفَاقٍ روحةٌ وغَدَاتُها
سَبِّر،
بالفتح وتشديد الباء المكسورة: كثيبٌ بين بدرٍ والمدينة. هناك قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم بدرٍ، عن نصر.
السِّتار،
بالكسر، والمثنَّاة فوقُ ثمَّ ألفٍ وراءٍ: جبلٌ من جبال ضَرِيَّة بينه وبين إمرةَ /325 خمسةُ أميال. والسِّتار أيضاً: جبلٌ بالعالية في ديار سُليم.
والسِّتارُ أيضاً: أجبلٌ سودٌ بينها وبين ينبع ثلاثة أيام.
والسِّتارُ لغةً: جبالٌ مستطيلةٌ طولاً في الأرض، ولم تطل في السَّماء، وهي مُطَّرحة في البلاد.
(1)
البيت مطلع قصيدة له في (شرح أشعار الهذليين) 1/ 455 قالها يوم شعب بني سليم، وهو يوم ساية.
بودَّك أصحابي، أي: مثلهم، وتزدهيهم: تستخفهم. القاموس (زهى) ص 1293، والحلائب: الجماعات. القاموس (حلب) ص 76.
ومالك بن خالد شاعر جاهلي من هذيل.
(2)
في الأصل: (ابن المعطَّل)، وهو خطأ، وهو شاعرٌ هُذلي، جاهلي. والبيتان مطلع قصيدة له قالها يوم وَكَفِ الرِّماء، وهو يوم المَرْخة، من أيامهم في الجاهلية، وهما في شرح أشعار الهذليين 2/ 634.
…
وخيتعور: السيئة الخلق. القاموس ص 383. طَرْحُها: بُعدها. القاموس (طرح) ص 231. روحة وغداتها، أي: مسيرة يوم إلى الليل. القاموس (روح) ص 221.
ووقع في المطبوعة: (روضة وعذاتها)، وهو تصحيف.
والسِّتارُ أيضاً: ثنايا وأنشازٌ فوق أنصاب الحرم المكي، سُمِّيت بها لأنَّها سترةٌ بين الحلِّ والحرم.
والسِّتار: جبلٌ بأَجَأ
(1)
، وناحيةٌ بالبحرين، وجبالٌ سودٌ لبني أبي بكر بن كلاب
(2)
.
السُّدُّ،
بضمِّ أوَّله، وهو الجبلُ الحاجز بين شيئين. قال عَرَّام
(3)
: السُّدُّ: ماءُ سماءٍ. جبلُ شَوْران مُطِلٌّ عليه، أمَر رسول الله صلى الله عليه وسلم بِسّدِه، ومن السُّدِّ قناةٌ إلى قُباء.
وقال الحازميُّ
(4)
: السُّدُّ: ماءُ سماءٍ في حَزْمِ بني عَوَالٍ.
والسُّدُّ: حِصنٌ باليمن. وقريةٌ بالرَّي
(5)
.
ذو السَّرْح،
بفتح السِّين وسكون الرَّاء، بعده حاءٌ مُهْمَلةٌ: وادٍ بين المدينة ومكة، قرب مَللٍ
(6)
. قال الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب
(7)
:
(1)
أَجَأ: أحد جبلي طيء والآخر سلمى. وهما بمدينة حائل.
(2)
انظر نسبه في كتاب النسب لأبي عبيد ص 260.
(3)
رسالة عرام ص 425.
(4)
ما اتفق لفظه وافترق مسماه 1/ 531.
أفاد الشيخ حمد الجاسر في تعليقه على كلام الحازمي: بأن حزم بني عوال يعرف الآن باسم حَرَّةِ الهرمة، والهرمةُ: بئر كانت فيه، بين المدينة والمهد.
(5)
الرَّي مدينة تبعد عن قزوين سبعة وعشرين فرسخاً. معجم البلدان 3/ 116. قلت: والفرسخ = 5 كلم، وهي الآن في بلاد إيران.
(6)
تحرفت في الأصل إلى: ملك.
(7)
البيتان في معجم البلدان 3/ 208.
جزعن: قطعن. القاموس (جزع) ص 709، متع: ارتفع. القاموس (متع) ص 762، الموَّار: الجاري على وجه الأرض. القاموس (مار) ص 477.
غُران: واد، وسيأتي في حرف الغين.
تأمَّلْ خليليْ هل ترى من ظعائنٍ
…
بذي السَّرحِ، أو وادي الغُرَانِ المصوَّبِ؟
جَزَعْنَ غُراناً بعدما مَتَعَ الضُّحى
…
على كلِّ موَّارِ المِلاط، مُدرَّبِ
سَرَغٌ،
بالفتح وإعجام الغين: قريةٌ بوادي تبوك على ثلاثة عشرة
(1)
مرحلة من المدينة.
وهي آخر أعمال المدينة، هناك لقي عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه مَنْ أخبره
بطاعون الشَّام
(2)
، فرجع إلى المدينة، وبِها مات ثابتُ بن عبد الله بن الزُّبير بن العوَّام
(3)
.
السُّرَيرُ،
مثال زُبير: وادٍ قريب من المدينة. قال كُثيِّر
(4)
:
حين ورَّكْنَ دَوَّةً بيَمينٍ
…
وسُرْيرَ البُضيعِ ذاتَ الشِّمالِ
والسُّرير أيضاً: موضعٌ بقرب الجار، وهي فُرْضَةُ
(5)
أهل السُّفن الواردة من مصر والحبشة على المدينة، والجار بينه وبين المدينة يومٌ وليلة.
والسُّرير أيضاً: وادٍ بخيبر، وبخيبر واديان أحدهما: السُّرير
(6)
،
(1)
في الأصل (ثلاثة عشر)، وهو خطأ.
(2)
وحديثه أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب الطاعون والطّيرة، رقم: 2219، 4/ 1740.
(3)
كان لسان آل الزبير جَلَداً وفصاحة وبياناً. جمع القرآن في ثمانية أشهر، كان شديد القتال مع أبيه، ويبارز بين يديه، ثم وفد على عبدالملك بن مروان فأكرمه، ومن أحفاده الزبير بن عبد الله بن مصعب بن ثابت، عامل هارون الرشيد على المدينة واليمن. مات ثابت وقد جاوز السبعين. أخباره في نسب قريش ص 48 - 240، المعارف ص 226، جمهرة نسب قريش للزبير بن بكار 1/ 80.
(4)
البيت في (ديوانه) ص 397، ما اتفق لفظه للحازمي 1/ 532، معجم البلدان 3/ 219.
ورَّكْنَ: جعلْنَ حيال وَرِكها. القاموس (ورك) ص 956، دوَّة: موضعٌ تلقاء البُضيع من وراء الجحفة بستة أميال. معجم البلدان 2/ 490.
(5)
الفُرْضة: مَحطُّ السُّفن. القاموس (فرض) ص 650.
(6)
تحرفت في الأصل إلى: (السرين).
والآخر خاص
(1)
.
سَعْدٌ،
بفتح أوَّله، وسكون العين المهملة، آخرهُ دالٌ مهملة: موضعٌ معروف بقرب المدينة بينهما ثلاثة أميال
(2)
، كانت غزوة ذات الرقاع قريبةً منه.
قال نصرٌ: سعدٌ: جبلٌ بالحجاز، بينه وبين الكَديد ثلاثون ميلاً، وعنده قصرٌ ومنازلُ، وسوقٌ وماءٌ عَذْبٌ، على جادَّة طريق كان يُسلك من فَيْد إلى المدينة. والكُديد
(3)
: على ثلاثة أميال من المدينة. قال نُصيبٌ
(4)
:
/326 وهل مثلُ أيامٍ بنَعْفِ سُويقةٍ
…
عوائدُ أيامٍ، كما كنَّ بالسَّعدِ؟
تمنَّيْتُ أنّا من أولئك، والمنى
…
على عهد عادٍ ما تُعيدُ وما تُبدي
سَفا،
على وزن قَفَا: موضعٌ من نواحي المدينة. قال ابنَ هَرْمةَ
(5)
:
أقصَرْتُ عن جهليَ الأدنى وحَلَّمَنِي
…
زرعٌ من الشَّيب، بالفَوْدَيْنِ، مَنْقُودُ
حتى لقيتُ ابنةَ السعديِّ يومَ سَفا
…
وقد يزيد صبايَ البُدَّنُ الغِيدُ
واستوقفَتْني، وأبدَتْ وجهها ضَيِئاً
…
بِها، وقالت لقُنَّاصِ الصِّبا: صيدوا؟
إنَّ الغوانيَ لا تنفكُّ غانيةٌ
…
منهنَّ يعتادُني من حبِّها عِيدُ
سَفَوَانُ،
محرَّكة: وادٍ من ناحية بدر.
قال ابنُ إسحاق
(6)
: لما أغارَ كُرْزُ بن
(1)
معجم البلدان 2/ 338. وقال السهيلي في الروض الأنف 4/ 61: وذكر وادي خاص من أرض خيبر، وقال أبو الوليد: إنما هو وادي خلص، باللام، والأول تصحيف. وقال البكري: هو خلص باللام.
(2)
قال الحربي في المناسك ص 520: (ومن السَّعد إلى النُّخيل خمسة وعشرون ميلاً)، وتبعد النُّخيل عن المدينة حوالي 125 كم، وبهذا يتبين وهم المؤلف بأنه يبعد عن المدينة ثلاثة أميال.
(3)
الكديد يعرف اليوم باسم (الحَمْض)، بين عسفان وخليص، على مسافة 90 كلم من مكة المكرمة، على طريق المدينة المنورة. المعالم الأثيرة ص 231.
(4)
الأبيات في ديوانه ص 95، معجم البلدان 3/ 223.
(5)
الأبيات في ديوانه ص 101، معجم البلدان 3/ 223.
(6)
السيرة النبوية 2/ 243.
جابر
(1)
الفِهريُّ
(2)
على لِقاح
(3)
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى سَرْح المدينة، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم [حتى بلغ]
(4)
وادياً يقال له: سَفَوَان من ناحية بدرٍ، ففاته كُرْز ولم يدركه، وهي غزاة بدرٍ الأولى، في جمادى الأولى سنة اثنتين.
أنشد أعرابيٌّ
(5)
:
جاريةٌ بسفَوان دَارُها
…
تمشي الهُوينَا مائلٌ خِمارُها
ينحلُّ من غُلْمَتِها إزارُها
وقال النابغةُ الجعديُّ
(6)
:
فظلَّ لنسوة النُّعمان منَّا
…
على سَفَوانَ يومٌ أَرْوَناني
فأردفْنَا حليلتهُ وجئنا
…
بما قد كان جمَّع من هِجَانِ
وسفوانُ أيضاً: ماءٌ على مرحلةٍ من البصرة.
السُّقْيا،
بالضَّمِّ، وسكون ثانيه: اسمٌ مِنْ: سَقَاه الغيثَ، وأسقاه. وهو
(1)
ووقع في الأصل: من إسحاق، وهو خطأ جليّ.
(2)
ثم أسلم بعدُ، وصارت له صحبةٌ، ووَّلاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الجيش الذي بعثه في أثر العُرنيين الذين قتلوا راعيه، ثم قتل كُرْزٌ يوم الفتح، سنة ثمان من الهجرة. أنساب الأشراف للبلاذري 11/ 60، أسد الغابة 4/ 168، الإصابة 3/ 290.
(3)
اللِّقاح جمعُ لَقُوح، وهي الناقة الحلوب. القاموس (لقح) ص 239.
(4)
زيادة من (السيرة).
(5)
الرَّجز لمنظور بن مَرْثَد الأسدي، وهو في العين 1/ 295، جمهرة اللغة 2/ 739،
لسان العرب (عصر) 4/ 576، معجم البلدان 3/ 225.
الغُلْمة: الشهوة. القاموس (غلم) ص 1143.
(6)
ديوانه ص 163، معجم البلدان 3/ 225.
يومُ أرونان: صعب. القاموس (رون) ص 1202.
والنابغة الجعدي شاعر مخضرم، أدرك الإسلام وأسلم، وعُمِّرَ حتى أدرك زمن عبد الله بن الزبير، ووفد عليه، وهو ممن أنكر الخمر، واجتنب الأوثان في الجاهلية. أخباره في معجم الشعراء ص 195، أسد الغابة 4/ 515، الإصابة 3/ 537.
اسمٌ لقريةٍ جامعة من عمل الفُرع، على يومين من المدينة.
وروينا من حديث عبد العزيز بن محمد الدَّراورديِّ
(1)
، عن هشام بن عروة
(2)
، عن أبيه
(3)
، عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستقي الماء العذب من بيوت السُّقيا
(4)
.
وفي حديث آخر
(5)
: كان يستعذب الماء العذب من بيوت السُّقيا.
وفي (النّهاية)
(6)
: السُّقيا: مَنْزلٌ بين مكَّة والمدينة، قيل: هي على يومين من المدينة، ومنه الحديث: أنه كان يستعذب له الماء من بيوت السُّقيا.
وقول أبي بكر ابن موسى
(7)
: السُّقيا: بئرٌ بالمدينة، منها كان يُستقى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، محمول على هذا، لأنَّ الفرع من عمل المدينة.
وأمَّا البئرُ التي على باب المدينة، بينها وبين ثنيَّة الوداع، على يسار السالك إلى ذي الحُلَيْفة، ويظنُّها أهل المدينة أنَّها هي /327 السُّقيا المذكورة في الحديث، والظَّاهر أنه وَهْمٌ.
(1)
الإمام المحدِّث، حدَّث عن صفوان بن سُليم، وجعفر الصادق، وروى عنه شعبة وإسحاق ابن راهويه، صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ. توفي بالمدينة سنة 187 هـ. طبقات خليفة ص 276، سير أعلام النبلاء 8/ 366، التقريب رقم:4119، ص 358.
(2)
الإمام الثقة، شيخ الإسلام، روى عن ابن المنكدر، وعمرو بن شعيب، وحدَّث عنه مالك والثوري، وخلق كثير، وفد على أبي جعفر المنصور فأكرمه. مات ببغداد سنة 146 هـ. تاريخ البخاري 4/ 193، تاريخ بغداد 14/ 47، سير أعلام النبلاء 6/ 34.
(3)
عروة بن الزبير. وقد تقدَّم.
(4)
أخرجه أحمد في المسند 6/ 100 بهذا السند، وفيه:(يستقى له).
(5)
أخرجه أبو داود في الأشربة، باب في إيكاء الآنية، رقم: 3728، 4/ 273.
(6)
النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 2/ 382.
(7)
هو الحازمي في كتابه ما اتفق لفظه وافترق مسماه 1/ 583.
وممَّا يُؤكِّد ذلك قولُه في الحديث: (من بُيوت السُّقيا)، ولم يكن عند هذه البئر بيوتٌ في وقت، ولم يُنقل ذلك. وأيضاً إنَّما استعذب له الماء من السُّقيا لما استوخموا مياه آبار المدينة، وهذه البئر التي ذكرناها كانت لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فيما حكاه الشيخ جمال الدين المَطَريُّ
(1)
. قال: ونُقل أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عرض جيش بدر
(2)
بالسُّقيا التي كانت لسعد، وصلى في مسجدها، ودعا هنالك لأهل المدينة أن يبارك لهم في مُدِّهم وصاعهم، وأن يأتيهم بالرِّزق من هاهنا، وهاهنا، وهاهنا وشرب صلى الله عليه وسلم من بئرها، ويقال لأرضها: الفُلجان، بضمِّ الفاء وبالجيم، وهي اليوم معطلَّة، وكانت مطمومةً، فأصلحها بعض فقراء العجم، في هذه السنين.
وقال ابنُ الفقيه
(3)
: [السُّقيا: من أسافل أودية تهامة، وقال ابنُ الكلبيِّ:]
(4)
لما رجع تُبَّعٌ من المدينة يريد مكة، نزل السُّقيا، وقد عطش فأصابه بِها مَطَرٌ، فسماها السقيا.
وقال الخُوارزميُّ
(5)
: السُّقيا: قريةٌ عظيمةٌ قريبة من البحر على مسيرة يوم وليلة.
وقال الأصمعيُّ: السُّقيا: المسيلُ الذي يفرغ في عرفة ومسجد إبراهيم.
(1)
التعريف ص 59.
(2)
في الأصل: (جيش سعد)، وعليها علامة توقف. والمثبت من التعريف.
(3)
تقدَّمت ترجمته.
(4)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، وهو مأخوذ من معجم البلدان 3/ 228.
(5)
محمد بن أحمد البيروني، الخوارزمي، كان لغوياً، أديباً، مؤرخاً، له في الرياضيات والنجوم اليد الطولى. توفي في حدود سنة 440 هـ. له (تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن) ط. معجم الأدباء 6/ 308، بغية الوعاة 1/ 50.
وفي كتاب أبي عبيد السكوني: السُّقيا: بِركةٌ وأحساءٌ
(1)
غليظة دون سميراء للمُصْعِدِ إلى مكة.
والسُّقيا أيضاً: قريةٌ على باب مَنبِجَ
(2)
ذات بساتين ومياه جارية.
وسُقيا [الجزْل]
(3)
: من بلاد عُذْرَة قريبة من وادي القرى.
والسُّقيا أيضاً: من أسماء زمزم.
سقَيفة بني ساعدة:
بالمدينة، وهي ظُلَّةٌ كانوا يجلسون تحتها عند بئر بُضاعة.
وقال رزينٌ
(4)
: موضعُ سقيفةِ بني ساعدة معروفٌ بقُباء
(5)
ـ وموضع البُويرية أيضاً هناك ـ فيها بويع أبو بكر الصِّديقُ رضي الله عنه.
(1)
الأحساء: جمع الحسي، وهو سهل من الأرض يستنقع فيه الماء، أو غِلَظ فوقه رملٌ يجمع ماء المطر. القاموس (حسا) ص 1274.
(2)
منبج: مدينة شمال سورية، تابعة لمحافظة حلب.
(3)
ما بين المعقوفين من (المعجم).
(4)
رزين بن معاوية العبدري الأندلسي، جاور بمكة دهراً، وسمع بها صحيح البخاري من عيسى بن أبي ذر، وصحيح مسلم من أبي عبد الله الطبري، وحدَّث عنه قاضي الحرم أبو المظفر محمد بن علي الطبري، والحافظ أبو موسى المديني، كان إمام المالكيين بالحرم، له كتاب تجريد الصحاح. توفي بمكة سنة 535 هـ. الصلة لابن بشكوال 1/ 186،
مقدمة جامع الأصول لابن الأثير الجزري 1/ 48، سير أعلام النبلاء 20/ 204.
(5)
وهو وهمٌ واضح، ونبه على هذا الوهم السمهودي في وفاء الوفا 39/ 860، والسقيفة معروفة قريبة من الحرم في جهته الشمالية الغربية، أنشئت في محلها مؤخراً حديقة سميت: حديقة السقيفة.
…
قال الشنقيطي في الدر الثمين ص 226: ويقع مكان السقيفة اليوم في نهاية شارع السحيمي، وعلى يسار المتجه غرباً، حيث صارت حديقة جميلة في مكان السقيفة. وانظر: المعالم الأثيرة في السنة والسيرة ص 141.
قال الأزهريُّ
(1)
: السقيفة كلُّ بناءٍ سقف به صُفَّةٌ أو شبهُ صُفَّةٍ ممَّا يكون بارزاً.
وأمَّا بنو ساعدة الذين أُضيفت إليهم السَّقيفة فهم حيٌّ من الأنصار، وهم بنو ساعدة بن كعب بنِ الخزرج بنِ حارثة بن ثعلبةَ بن عمرو.
منهم سعد بن عبادة
(2)
بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة، وهو القائل يوم السَّقيفة: منا أميرٌ، ومنكم أمير. ولم يبايع أبا بكر رضي الله عنه، ولا أحداً، وقتلته الجنُّ بحوران
(3)
فيما يقال، وسبق عمرُ رضي الله عنه النَّاسَ وبايعه، ثمَّ وثب أهل السَّقيفة يبتدرون البيعة، وفيه يقول أبو عزَّة الجُمحيُّ
(4)
:
شكراً لمَنْ هو بالثَّناء خليقُ
…
ذهبَ اللِّجاجُ وبُويعَ الصِّدِّيقُ
من بعدِ ما دحضَتْ بسعْدٍ نَعْلُهُ
…
ورجا رجَاءً دونه العَيُّوقُ
جاءت به الأنصارُ عاصِبَ رأسهِ
…
فأتاهمُ الصديقُ والفاروقُ
/328 وأبو عُبيدة، والذين إليهم
…
نفسُ المؤمِّل للبقاء تتوق
كنا نقول: لها عَلِيٌّ والرضا
…
عُمَرُ وأَوْلاهم بتلك عَتِيقُ
فدَعَتْ قريشٌ باسمه فأجابها
…
إن المنَوَّهَ باسمهِ الموثوق
(1)
تهذيب اللغة 8/ 413 نقلاً عن الليث.
(2)
من سادات الخزرج، وهو صاحب راية الأنصار في المشاهد كلها، توفي بالشام سنة 15 هـ. أسد الغابة 2/ 204، الإصابة 2/ 30.
(3)
منطقة جنوب دمشق تبعد عنها حوالي 90 كم.
(4)
هكذا ورد اسم الشاعر في الأصل، وهو تصحيف، لأنَّ أبا عزَّة الجُمَحي شاعر قريش هجا المسلمين في بدر، وقتله النبي صلى الله عليه وسلم في يوم أحد، وورد اسم القائل مع الأبيات في الموفَّقيات للزبير بن بكار، القسم الضائع المستدرك ص 579، شرح نهج البلاغة 2/ 73، وسماه: ابن أبي عبرة القرشي.
العيُّوق: نجم أحمر مضيءٌ في طرف المجرَّة الأيمن. القاموس (عيق) ص 913.
قال الشيخ جمال الدين
(1)
: قرية بني ساعدة عند بئر بضاعة، والبئر وسط بيوتهم، وشمالي البئر إلى جهة الغرب بقية أُطم من آطام المدينة.
سَكابِ،
بزنة قَطَام: جبلٌ من جبال القَبَلِية، عن أبي القاسم الزمخشريِّ
(2)
.
سَلَاحِ، بزنة قَطَامِ: موضعٌ أسفل خيبر، وكان بشير بن سعد الأنصاريُّ
(3)
لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى يمن وجبار
(4)
في سرية للإيقاع بجمع من غطفان لقيهم بِسَلاحِ.
وسَلاحِ أيضاً: ماءٌ لبني كلاب مِلحٌ، لا يشرب منه أحدٌ إلا سَلح
(5)
.
السَّلاسِل،
بلفظ جمع سِلْسَلة: ماءٌ بأرض جُذام، وبه سُمِّيت غزوة ذات السَّلاسل.
وقال ابنُ إسحاق
(6)
: اسمُ الماء سلسل، وبه سُمِّيت ذات السَّلاسل. قال جِرَانُ العَوْد
(7)
:
(1)
هو المطري في كتابه التعريف ص 76.
(2)
كتاب الجبال ص 88.
(3)
من الخزرج، شهد العقبة الثانية وبدراً وأحداً وما بعدها. قُتل يوم عين التمر مع خالد بن الوليد بعد اليمامة سنة 12 هـ. روى عنه ابنه النعمان، وجابر بن عبد الله. أسد الغابة 1/ 231، الإصابة 1/ 158.
(4)
انظر خبر ذلك في وسيلة الخليل إلى بعوث صاحب الإكليل ص 111.
(5)
سلح: تغوَّط. القاموس (سلح) ص 224.
(6)
السيرة النبوية 2/ 270.
(7)
الأبيات في ديوانه ص 55، معجم البلدان 3/ 233.
القَرْقَفُ: الخمر. القاموس (قرقف) ص 844، الظليم: ذكر النعام. القاموس (ظلم) ص 1134، الهَجنَّفُ: الطويل العريض. القاموس (هجنف) ص 861، العَلْقى: نبتٌ يُتخذ منه المكانس. القاموس (علق) ص 911، مؤنَّف: مُحدَّد. القاموس (أنف) ص 794.
وجِرَانُ العَوْدِ اسمه عامر بن الحارث بن كلفة، لقِّب بذلك لبيت قاله، وهو شاعر جاهلي أدرك الإسلام برع في الوصف والتشبيه. الشعر والشعراء ص 480، ومقدمة ديوانه ص 7.
كأنَّ ثناياها العِذابَ وريقَها
…
ونشوةَ فيها خالطتْهُنَّ قَرْقَفُ
يُشبَهها الرَّائي المشبّه بيضةً
…
غدا في النَّدى عنها الظَّليمُ الهَجَنَّفُ
بوَعْساءَ من ذاتِ السَّلاسل يلتقي
…
عليها من العَلقى نباتٌ مؤنَّفُ
قال ابن حبَّان
(1)
في (التقاسيم والأنواع)
(2)
: غزوة السلاسل كانت في أيام [معاوية، وغزوة ذات السلاسل كانت في أيام] النبي صلى الله عليه وسلم.
السُّلالِم،
بضمِّ أوَّله، مثال عُلابِط: حصنٌ بخيبر، وكان من أحصنها وآخرها فتحاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الفضل بن عباس اللهبيُّ
(3)
:
ألم يأتِ سلمى نأْيُنَا ومُقامُنا ببطنِ دُفاق في ظلالِ سُلالمِ؟
السَّلايل،
قال ابنُ السِّكِّيت: ذو السلائل: وادٍ بين الفرع والمدينة.
قال لبيدٌ
(4)
:
كُبيشَةُ حلَّتْ بعد عهدِكَ عاقلا
…
وكانتْ له شُغلا من النَّأي شاغلا
تربَّعتِ الأشرافَ ثمَّ تصيَّفتْ
…
حَسَاءَ البُطاحِ، وانتجعْنَ السَّلايلا
(1)
أبو حاتم محمد بن حبان، الحافظ المجود، شيخ خراسان، كتب عن حوالي ألفين من الشيوخ، كان من فقهاء الدين، وحفاظ الآثار، وأحد أوعية العلم. توفي سنة 354 هـ. الكامل لابن الأثير 8/ 566، سير أعلام النبلاء 16/ 92، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 131.
(2)
واسمه: المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع، المعروف بصحيح ابن حبان، طبع بترتيب ابن بلبان.
(3)
البيت في معجم البلدان 3/ 233.
(4)
الأبيات في ديوانه ص 183، معجم البلدان 3/ 235.
عاقل: جبل. معجم البلدان 4/ 68. الأشراف: موضع. القاموس (شرف) ص 823، الحساء: جمع الحسي وهو سهل من الأرض يستنقع فيه الماء، وقيل: غلظ فوقه رمل يجتمع فيه ماء السماء. اللسان (حسا) 14/ 177، القاموس (حسا) ص 1274. الرِّجام: موضع. معجم البلدان 3/ 27، البطاح: ماء لبني أسد. معجم البلدان 1/ 445.
تَخيَّرُ ما بين الرِّجامِ وواسطٍ
…
إلى سِدْرةِ الرَّسَّينِ ترعى السَّوائلا
سَلع:
جُبَيل بسوق المدينة.
وقال الأزهريُّ
(1)
: موضعٌ بقرب المدينة.
والسَّلعُ لغة: واحد السُّلوع، وهي شقوقٌ وطرقٌ في الجبال، وهو أن يصعد الإنسانُ في الشِّعْب وهو بين الجبلين، حتى يبلغ أعلى الوادي، ثم يمضي فيشتدُّ في الجبل حتى يطلع، فيشرف على وادٍ /329 آخر يفصل بينهما هذا المسند الذي سند فيه، ثم ينحدر حينئذٍ في الوادي الآخر، حتى يخرج من الجبل، منحدراً في فضاء الأرض، فذاك الرأس الذي أشرف من الواديين السّلع ولا يعلوه إلا راجل.
قال الأصمعيُّ: غنَّت حَبَابة جاريةُ يزيدَ بن عبد الملك، وكانت من أحسن النَّاس وجهاً ومسموعاً، وكان شديد الكَلَف بِها، وكان منشأها المدينة بسلع
(2)
:
لعمرُكَ إنني لأحِبُّ سَلْعاً
…
لرؤيته، ومن أكناف سَلعِ
تَقَرُّ بقربه عيني وإني
…
لأخشى أن يكونَ يريدُ بَخْعِي
حلفتُ بربِّ مكَّةَ والمُصَلّى
…
وأيدي السَّابحات غداةَ جَمْعِ
لأنتِ على التَّنائي فاعلَمِيهِ
…
أحَبُّ إليَّ من بَصَري وسمعي
والشِّعرُ لقيس بن ذَرِيح
(3)
، ثمَّ تنفَّسَت
(1)
تهذيب اللغة 2/ 99.
(2)
الأبيات في ديوان قيس صاحب لُبنى ص 107، معجم البلدان 3/ 237، معجم الشعراء ص 63، ونسبها لِبُقيلة الأصغر.
…
البَخْع: القتل. القاموس (بخع) ص 702. جَمْعٌ: المزدلفة.
(3)
صاحب لُبْنَى، أحد عشاق العرب المشهورين، وكان تزوَّجها ثم طلقها، فاشتَّد وجده بها، وزوجها أبوها بعده، وشكاه إلى معاوية بن أبي سفيان. الشعر والشعراء ص 417، الأغاني 8/ 107.
الصُّعَداء
(1)
فقال لها: لمَ تنفَّسَين؟ والله لو أرَدْتِهِ لنقلتهُ إليكِ حجراً حجراً. فقالت: وما أصنع به؟ إنَّما أردتُ ساكنيه؟
وحكى أنَّ إبراهيم بن عرَبيٍّ
(2)
والي اليمامة لما قُبِض عليه، وحُمِلَ إلى المدينة مأسوراً أُمِرَّ به على سلع فقال
(3)
:
لعمرُكَ إنِّي يومَ سلعٍ للائمٌ
…
لنفسي، ولكن ما يَرُدُّ التَّلوُّمُ
أأمكنتُ من نفسي عدوّيَ ضِلَّةً
…
ألهفاً على ما فات لو كنتُ أعلمُ
لو أنَّ صدورَ الأمر يُبدينَ للفتى
…
كأعقابهِ، لمْ تَلْقَه يَتَنَدَّمُ
وسَلْع أيضاً: جبلٌ بديار هُذَيْل. قال البُرَيقُ الهُذَليُّ
(4)
:
سقى الرَّحمنُ حَزْمَ نُبايعاتٍ
…
من الجوزاءِ أَنْواءً غِزَارا
بِمُرْتَجزٍ كأنَّ على ذُراهُ
…
ركابَ الشَّأْمِ، يحملْنَ البُهارا
يَحُطُّ العُصْمَ من أكنافِ شِعْرٍ
…
ولم يترُكْ بذي سَلْعٍ حمارا
(1)
الصُّعَدَاء: تنفُّسٌ طويل. القاموس (صعد) ص 293.
(2)
قَلَبَ المؤلف القصة، وإنما هو ابن البيلماني شاعر نجران واسمه عبدالرحمن، مولى عمر، كان شاعراً مُجيداً وفد على الوليد فأجزل له الحباء، ومات في ولايته. قبض عليه إبراهيم ابن عربي. كما في معجم البلدان 3/ 237، وذكره الهمذاني في صفة جزيرة العرب ص 79 - 99، وترجمته في تهذيب التهذيب 3/ 345 (4352).
…
أما إبراهيم بن عربي، فله قصة طريفة مع هشام بن عبدالملك حيث طلب منه خيلاً من نسل الحرون. انظر خبر ذلك في نسب الخيل لابن الكلبي ص 66 وثمَّ آخر يسمى إبراهيم بن عربي، كان قاضي مرو، روى عنه أبو طيبة الجرجاني واسمه عيسى بن سليمان. تصحيفات المحدثين 3/ 1108.
(3)
الأبيات في معجم البلدان 3/ 237.
(4)
البُريق بن عياض الخناعي الهذلي، شاعر جاهلي، فصيح. والأبيات في شرح أشعار الهذليين 2/ 742 من قصيدة يرثي فيها أخاه، وفي معجم البلدان 3/ 237.
الحزْم: ما غلُظ من الأرض. القاموس (حزم) ص 1093، نُبائعات: اسم بلدة. معجم البلدان 5/ 257 مرتجز: ترجز الرعد: صات، والمراد: مرتعد. القاموس (رجز) ص 511، البُهار: متاع البحر. القاموس (بهر) ص 355، شِعْر: جبلٌ. معجم البلدان 3/ 349.
ذو سَلَمٍ،
بالتَّحريك: وادٍ بالحجاز، عن أبي موسى
(1)
.
قال الشَّاعرُ
(2)
:
وهل تعودَنْ ليَيْلاتي بذي سَلَمٍ
…
كما عهدتُ، وأيامي بِها الأُوَلُ
أيامَ ليلى كَعَابٌ غيرُ عانسةٍ
…
وأنتَ أمردُ معروفاً لك الغَزَلُ
وقال الرَّضيُّ
(3)
:
أقولُ والشَّوقُ قد عادَتْ عوائدُه
…
لذكر عهدِ هوىً ولَّى ولم يَدُم
يا ظبيةَ الأنُسِ هل أُنْسٌ أَلَذُّ به
…
من الغَداة فأشفى من جَوى الأَلم؟
وهل أراكِ على وادي الأَراكِ وهل
…
يعودُ تسليمنا يوماً بذي سَلَمِ؟
/330 سُليع، تصغير سلع، وقد تقدَّم ذكره ومعناه، وهو جبلٌ بالمدينة يقال له: عثعث، عليه بيوت أسلم بن أفصى، عن الحازميِّ
(4)
.
وسُليع أيضاً: ناحية بِزَبيد.
ووادي السُّليع: باليمامة.
السَّليلُ،
كأمير: اسمُ العَرصة
(5)
التي بعقيق المدينة. قال عبد الرَّحمن بن حسان ابن ثابت
(6)
:
(1)
أبو موسى المديني الأصفهاني، محمد بن أبي بكر، صاحب المجموع المغيث في غريب الحديث روى عن أبي علي الحداد، وغيره، كان حافظ المشرق في زمانه. توفي سنة 581 هـ. وفيات الأعيان 4/ 286، سير أعلام النبلاء 21/ 152، طبقات الشافعية للسبكي 6/ 160.
(2)
البيتان في معجم البلدان 3/ 240، دون نسبة. وهما لنصيب، كما في اللسان غنا، والثاني في شرح السبع الطوال ص 340. والكعاب: التي بدأ ظهور ثدييها.
(3)
الأبيات في معجم البلدان 3/ 240، للشريف الرَّضي، وقد تقدم ذكره، ولم أجدها في ديوانه.
(4)
لم أجدها في كتابه.
(5)
العَرْصةُ: كلُّ بقعة بين الدُّور واسعةٍ، ليس فيها بناء، والعرصتان كبرى وصغرى، بعقيق المدينة. القاموس (عرص) ص 623.
(6)
البيتان في معجم البلدان 3/ 243.
تطاول ليلي من همومٍ فبعضُها
…
قديمٌ ومنها حادثٌ مُترشِّحُ
تحنُّ إلى عرق الحَجون وأهلُها
…
منازلُهم منَّا سليلٌ وأَبطحُ
السّليلة:
موضعٌ من الرَّبذة
(1)
.
قال جريرٌ
(2)
:
سألناها السقاء فما سقتنا
…
ومَنَّتْنَا المواعد والخِلابا
لَشَتَّانَ المجاورُ دارَ أروى
…
ومَنْ سكَنَ السَّليلة والجِنَابا
السُّليم،
مُصغَّر سَلَم: من منازل عقيق المدينة. قال موسى شهوات
(3)
:
تراءَتْ له يومَ ذاتِ السُّليـ
…
ـمِ عمداً لتردعَ قلباً كَلِيما
وادي السَّمَك: [قال أبو بكر بن موسى
(4)
: حجازيٌّ، من ناحية وادي الصفراء، يسلكه الحاج أحياناً.
سَمْران،
بفتح السِّين وسكون الميم:]
(5)
جبلٌ بخيبر، والعامَّةُ تقول: مَسْمَرَان.
وعن إبراهيم بن جعفر
(6)
، عن أبيه
(1)
لا زال إلى الآن بهذا الاسم، وقال الحربيُّ في المناسك ص 327: ومن الرَّبذة إلى السليلة ثلاثة وعشرون ميلاً ونصف.
(2)
البيتان في (ديوانه) ص 58، معجم البلدان 3/ 343. وفي الديوان:
(سألناها الشِّفاء فما شفتنا). الخلاب: الإخلاف في الوعد. القاموس (خلب) ص 81.
(3)
شاعر أموي، معاصر للخليفة سليمان بن عبد الملك، لُقِّب شهواتٍ؛ لأن عبد الله بن جعفر كان يتشهَّى عليه الأشياء، فيشتريها له موسى، ويتربح عليه. الشعر والشعراء ص 383، الأغاني 3/ 114. والبيت في معجم البلدان 3/ 242. كليم: جريح.
(4)
ما اتفق لفظه 1/ 589.
(5)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدرك من معجم البلدان، وفي الأصل هنا اضطراب من تقديم وتأخير.
(6)
إبراهيم بن جعفر بن محمود بن محمد بن مسلمة الأنصاري، مدني، عدَّه ابن حبان من الثقات، يروي عن أبيه عن جابر بن عبد الله، روى عنه ابن أبي أويس، والحجبي. التاريخ الكبير للبخاري 1/ 1/278، الثقات 6/ 7.
قال
(1)
: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس جبل بخيبر، يقال له: سَمْران. وضبطه بعضهم بالشين المعجمة.
سُمْنَة،
بضمِّ أوَّله، وسكون ثانيه، ثمَّ نون مفتوحة، وهاءٍ: ماءٌ قرب وادي القُرى.
وسُمْنة أيضاً: ناحيةٌ بجَرَش.
سُمَيْحَة،
مُصغَّر سمحة، بالحاء المهملة: بئرٌ بالمدينة.
وقيل: بئرٌ بناحية قُديد.
وقيل: عينٌ معروفة.
وقال نصر: بئرٌ قديمةٌ، غزيرة الماء، بالمدينة. قال كُثيِّر
(2)
:
كأنِّي أكُفُّ وقد أمعنَتْ
…
بِها من سُميحةَ غَرْبَاً سَجيلا
وقال يعقوب
(3)
: سميحة بئر بالمدينة، عليها نخل لعبيد الله بن موسى
(4)
.
قال كُثيِّر
(5)
:
(1)
الحديث منقطع. ورواه ابن زبالة، كما في وفاء الوفا 4/ 1226.
(2)
ديوانه ص 391، معجم البلدان 3/ 255. أمعنت: يقال: أمعن الماء إذا جرى، والمراد هنا اشتداد دمع العين. القاموس (معن) ص 1235، سجيلاً: ممتلئاً. القاموس ص 1013 وتحرفت في الأصل إلى: كأن الأكفّ.
(3)
يعقوب هو ابن السكيت، وقد تقدمت ترجمته.
(4)
لم أجده.
(5)
البيتان في ديوانه ص 357، معجم البلدان 3/ 255.
تحللت: قطعت. القاموس (حلل) ص 986، وجمالها آخر البيت هو الفاعل، مخارم: الطرق في الغلظ وأوائل الليل. القاموس (خرم) ص 1100، تمني: بلدة قرب ثنية هرشى،. معجم البلدان 2/ 46. الغروب: الدلاء العظيمة. القاموس (غرب) ص 119، السواني: الإبل النواضح. القاموس (سنى) ص 1297، المحال: البكرة العظيمة. القاموس (محل) ص 1056، وجملة (قبلن غروباً) خبر (كأن) في البيت الأول. ومخارم مفعول به لتحللت.
كأنَّ دموعَ العين لمَّا تحلَّلَتْ
…
مَخارِمَ بيضاً مِن تمنِّي جِمالُها
قَبِلنَ غُروباً من سُميحةَ أنزعَتْ
…
بِهنَّ السَّواني، واستدارَ مَحالُها
القابل: الذي يتلَّقَى الدلو حين يَخرج من البئر، فيصبها في الحوض. وفي شعر هُذَيل
(1)
:
إلى أيٍّ نُساقُ وقد بلغنا
…
ظِماءً، عن سميحة ماءِ بَثْرِ
/331 قال السُّكَّريُّ
(2)
: يُروى: سُميحة، وسَمِيحة، ومَسِيحة.
سُنْح،
بضمِّ أوَّله، وسكون ثانيه، محلَّةٌ من محالِّ المدينة، كان بِها منْزل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حين تزوَّج مليكة، وقيل: حبيبة
(3)
بنت خارجة بن زيد بن [أبي]
(4)
زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، من الأنصار، وهي في طرفٍ من أطراف المدينة، وهي منازل بني الحارث بن الخزرج من الأنصار، بعوالي المدينة، وبينها وبين منْزل النبي صلى الله عليه وسلم ميل.
قال الزُّبير: خرج جُشَمُ
(5)
وزيد ابنا الحارث بن الخزرج، وهما التوأمان
(1)
البيت لأبي جندب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1/ 369. بثر: ماء بذات عرق. معجم البلدان 1/ 338.
(2)
في شرح أشعار الهذليين 1/ 17.
(3)
مليكة بنت خارجة، وقيل: حبيبة بنت خارجة، اختلف في اسمها، وهي: زوج أبي بكر الصديق، وهي التي قال فيها في مرض موته: إن ذا بطن بنت خارجة جارية، ثم تزوجها بعده طلحة بن عبيد الله، فولدت له زكريا وعائشة. طبقات ابن سعد 8/ 360، أسد الغابة 6/ 60، الإصابة 4/ 269.
(4)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل. وهو ثابت في المراجع كأسد الغابة.
(5)
جشم بن الحارث من بني عمرو بن مالك، ومن أولاده عبد الأشهل. نسب معدّ 1/ 375.
حتى سكنا السُّنح، وابتنوا أطماً يقال له: السُّنح، وبه سُمِّيت تلك الناحية السُّنح.
ولما قُبض النبي صلى الله عليه وسلم ارتفعت الرَّنة
(1)
وسجى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم الملائكةُ، دَهِشَ النَّاس، وطاشت عقولهم، وأُفحموا واختلطوا، فمنهم من خُبل، ومنهم من أُصمت، ومنهم من أُقعد إلى الأرض، فكان عمر رضي الله عنه ممن خُبل، وجعل يصيح ويحلف: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، وكان ممن أُخرس عثمان رضي الله عنه، حتى جعل يُذهب به ويجاء، ولا يستطيع كلاماً، وكان ممن أُقعد عليٌّ رضي الله عنه، فلم يستطع حراكاً، وبلغ الخبر أبا بكر رضي الله عنه، وهو بالسُّنح، فجاء، وعيناه تهملان، وزَفَراته تتردَّد في صدره، وغصصه ترتفع لقطع الجَرَّة
(2)
، وهو في ذلك جَلْدُ العقل والمقالة، حتى دخل عليه صلى الله عليه وسلم فأكبَّ عليه، وكشف عن وجهه ومسحه، وقبَّل جبينه، وجعل يبكي، ويقول: بأبي أنت وأمي، طبتَ حيَّاً وميتاً، وانقطع لموتك ما لم ينقطع لموت أحدٍ من الأنبياء من النبوة، فَعَظُمْتَ عن الصفة، وجلَلْتَ عن البكاء، وخصصت حتى صرتَ مسلاةً، وعممت حتى صرنا فيك سواءً، ولو أن موتك كان اختياراً لجدْنا لموتك بالنفوس، ولولا أنَّك نَهيت عن البكاء لأنفدنا فيك ماء الشُّؤون
(3)
، فأما مالا نستطيع نفيه فكمد وإدناف
(4)
يتحالفان لا يبرحان، اللهُم فأبلغه عنَّا؟ اذكرنا يا محمدُ عند ربِّك، ولنكن من بالك، فلولا ما خَلَفت من السكينة لم نقم لما خلَّفت من الوحشة. اللهم أبلغ نبيك عنَّا واحفظه فينا. ثم خرج
(5)
.
(1)
الرَّنة: الصوت. القاموس (رنّ) ص 1201.
(2)
الجرة: اللُّقمة. القاموس (جرر) ص 363. ووقع في الأصل: بالحاء.
(3)
جمع شأن، وهو مجرى الدمع إلى العين. القاموس (شأن) ص 1208.
(4)
الدَّنف: المرض. القاموس (دنف) ص 810.
(5)
انظر: البخاري، المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته،
…
رقم:4435،4436،4437،4438،4440،4452،4453،4454،4455.
يُنْسَبَ إليها: أبو الحارث خُبيب بن عبد الرحمن بن خُبيب بن يساف،
الأنصاري المدني السُّنحي
(1)
شيخ مالك بن أنس، وشعبة بن الحجَّاج
(2)
، وغيرهما.
والسُّنح أيضاً: موضعٌ قرب جبل طي، نزله خالد رضي الله عنه في حرب الرِّدَّة، فجاء عديُّ بن حاتم
(3)
بإسلام طي وحُسْنِ طاعتهم.
/332 سَنْحَة، هي المرة
(4)
الواحدة من: سنح السانح
(5)
، إذا ولاّك ميامنه: اسمُ موضع بالمدينة
(6)
.
السِّنُّ،
بالكسر: جبلٌ بالمدينة قرب جبل أحد.
وموضعٌ بالعراق.
(1)
يروي عن أبيه، وحفص بن عاصم، وهو خال عبيد الله بن عمر العمري، كان من الثقات. مات سنة 132 هـ. الثقات لابن حبان 6/ 274، الأنساب 3/ 319، تقريب التهذيب ص 192 (1702).
(2)
أمير المؤمنين في الحديث، له حوالي ألف شيخ، كان من أوعية العلم، لا يتقدمه أحد في الحديث في زمانه حدث عنه أيوب السختياني، وسفيان الثوري، وهو أول من جرح وعدَّل. مات سنة 160 هـ. طبقات ابن سعد 7/ 280، الجرح والتعديل 1/ 126، سير أعلام النبلاء 7/ 202.
(3)
عدي بن حاتم الطائي، صحابي جليل، تأخر إسلامه إلى سنة تسع، حيث وفد فيها على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم شهد فتوح العراق ووقعة القادسية وغيرها، وشهد صفين مع علي. توفي سنة 67 هـ. الاستيعاب 3/ 141، أسد الغابة 3/ 505، الإصابة 2/ 468.
(4)
تحرفت في الأصل إلى: (المرأة).
(5)
السانح: ما أتاك عن يمينك من ظبي أو طائر أو غير ذلك، والبارح: ما أتاك من ذلك عن يسارك، والسانح أحسن حالاً عندهم في التيمّن من البارح. لسان العرب (سنح) 2/ 490.
(6)
اسمه سنحة الجر، كما في معجم البلدان 3/ 265.
وموضعٌ بالرَّيِّ.
وقلعةٌ بالجزيرة
(1)
.
وجبل وراء قَرْمِيسِين
(2)
.
السُّواج
(3)
، بالضمِّ وآخره جيم: جبلٌ من جبال ضَرِيَّة تأوي فيه الجنُّ، وهو لغَنيّ
(4)
، ويقال له: سُواج طِخْفَةَ.
سُوارق:
وادٍ قرب السُّوارقية، من نواحي المدينة.
السُّوارقية، بفتح أوَّله وضمه، وبعد الرَّاء قافٌ، وياء النسبة، ويقال له: السُّويرقية مصغَّرة: قريةُ أبي بكر الصديق رضي الله عنه، بين مكة والمدينة
(5)
، وهي نجدية، وكانت لبني سُليم، فلقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يدخلها فسأله؟ فقال: اسمها معيصم?. فقال: هي كذلك [معيصم]
(6)
فهي كذلك، لا يُنال منها إلا الشيء اليسير من النَّخل والزَّرع.
وقال عرَّامٌ
(7)
: السوارقية قرية غنّاءُ كبيرة
(8)
، كثيرة الأهل، فيها مسجدٌ ومنبر، وسوق، يأتيها التجار من الأقطار، لبني سُليم خاصة، ولكل بني سليم
(1)
هي جزيرة أقور، بين دجلة والفرات. معجم البلدان 2/ 134.
(2)
قَرْمِيسين: بلد بينه وبين همذان ثلاثون فرسخاً. معجم البلدان 4/ 330.
(3)
أفاد الشيخ حمد الجاسر (المغانم 189): أن الجبل لايزال معروفاً، ويسمى (سواج الخيل) أيضاً، جبل أسود عظيم، يشاهده المتوجه من طريق القصيم إلى مكة بعد إمرة، عن بعد، وهناك سواج المردمة جبل آخر جنوب النير.
(4)
غنيٌّ: قبيلة، منسوبة إلى غني بن أعصر. انظر نسبه في أنساب الأشراف 13/ 249.
(5)
وهي ما زالت معروفة بهذا الاسم. وانظر: كتاب الأماكن ص 339.
(6)
سقط في الأصل، والمثبت من معجم البلدان 3/ 276.
(7)
في رسالته ص 431.
(8)
قوله: كبيرة، ليس في رسالة عرام، ولعلَّه من نسخة أخرى.
فيها شيء، وفي مائها بعض الملوحة، ويستعذبون من آبار في واد يقال له: سُوارق، ووادٍ يقال له: الأبطن ماء خفيفاً عذباً، ولهم مزارع، ونخيل كثيرة، وموز وعنب، وتين ورمان، وسفرجل وخوخ، ولهم إبل، وخيل، وشاء [كثير
(1)
] وكبراؤهم بادية إلا من ولد بها فإنهم تانئون
(2)
بها، والآخرون بادون حولها، ويميرون طريق الحجاز ونجد في طريقي
(3)
الحاج، والحدُّ
(4)
ضَرِيَّة، وإليها ينتهي حدُّهم إلى سبع مراحل، ولهم قرى حواليهم، تذكر في أماكنها إن شاء الله تعالى.
وقد نَسَبَ إليها المُحدِّثون أبا بكر محمد بن عتيق السُّوارقي البكريُّ
(5)
، فقيهٌ شريفٌ، شاعر توفي بطوس.
السُّور:
سور المدينة الشريفة، بناه
(6)
أولاً عضد الدَّولة ابن بُوَيه
(7)
، بعد الستين
(8)
وثلاث مائة، في خلافة الطائع
(1)
ما بين المعقوفين ليس في الأصل، واستدركناه من رسالة عرام ص 431 - 432.
(2)
تانئون: ماكثون. القاموس (تنأ) ص 305.
(3)
طريق حجاج الكوفة، وطريق حجاج البصرة.
(4)
في الأصل: (وإلى حدِّ).
(5)
قال عنه السمعاني في الأنساب 3/ 329: وكان كريماً سخي النفس، حسن الصداقة لقيته بمرو، ثم بنيسابور. توفي بطوس سنة 538 هـ. ونقل شيئاً من ترجمته هذه ياقوت في معجم البلدان 3/ 276.
(6)
النقل من كتاب التعريف للمطري ص 73، وهو مأخوذٌ من وفيات الأعيان لابن خلكان 5/ 144.
(7)
السلطان أبو شجاع، عضد الدولة، صاحب العراق وفارس، ابن السلطان ركن الدولة حسن بن بويه الديلمي، كان بطلاً شجاعاً، مَهِيباً، نحوياً، أدبياً، عالماً، جباراً، كان شيعياً. مات سنة 372 هـ. المنتظم لابن الجوزي 7/ 113، وفيات الأعيان 4/ 50، سير أعلام النبلاء 16/ 249.
(8)
في هامش الأصل: (قول المصنِّف في أوَّل مَنْ بنى سور المدينة الشريفة عضد الدولة
…
بعد الستين وثلاثمائة، ليس كذلك، فقد رأيت في تاريخ أبي بكر الصُّولي المسمَّى بـ (الأوراق) ـ وهو في عدَّة أجزاء ـ أنَّه في سنة ثلاثٍ وستين ومائتين أغارت بنو كلاب على مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فقتلوا رجالاً وسبوا نساءً وصبياناً، فجاء صريخهم إلى بغداد في. . . . للنفقة على تحصينها، ووجه المال إليهم، وتحصنوا، فدل على أنَّ المدينة الشريفة سوِّرت قبل تاريخ وجود عضد الدولة، والله أعلم).
لله
(1)
ابن المطيع لله.
ثمَّ تهدَّم على طول الزَّمان وخَرِبَ لخراب المدينة، ولم يبق إلا آثاره ورسمه، حتى جدَّد الجواد جمالُ الدِّين محمد بن علي بن أبي منصور الأصبهانيُّ
(2)
للمدينة سوراً محكماً حول مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك على رأس الأربعين وخمسمائة.
ثمَّ كَثُرَ النَّاس من خارج السور، ووصل السلطان نور الدِّين الشَّهيد
(3)
إلى المدينة، لسبب ذكرناه في فصل الحوادث، فصاح به من كان /333 خارج السور، واستغاثوا وطلبوا أن يبني عليهم سوراً، لحفظ أبنائهم، وماشيتهم، فأمر ببناء هذا السور المجدد اليوم، فبني في سنة ثمان وخمسين وكتب اسمه
(1)
الخليفة العباسي أبو بكر عبد الكريم المطيع لله، كان الحلَّ والعقد في زمانه لعضد الدولة ابن بويه. استمرت خلافته ثماني عشرة سنة، ثم عزل. ومات سنة 393 هـ. تاريخ بغداد 11/ 79، المنتظم 7/ 66، سير أعلام النبلاء 15/ 118.
(2)
كان وزير صاحب الموصل زنكي الأتابك، وكان كريماً، نبيلاً، محبَّباً إلى الرعية، يرسل في السنة إلى الحرمين ما يكفي الفقراء، وأجرى الماء إلى عرفات أيام الموسم، وأنشأ مدرسة بالمدينة. توفي سنة 559 هـ. المنتظم 10/ 209، وفيات الأعيان 5/ 143، سير أعلام النبلاء 20/ 349.
(3)
الملك العادل نور الدين محمود بن الأتابك، صاحب الشام، كان حامل رايتي العدل والجهاد، افتتح حصوناً كثيرة، وبنى المدارس والجوامع، وأنشأ المارستان (المستشفى)، ودار الحديث، وأبطل المكوس. توفي سنة 569 هـ. ترجمته موسعة في (الروضتين) لأبي شامة 1/ 48، مفرِّج الكروب لابن واصل 1/ 109، سير أعلام النبلاء 20/ 531.
على باب البقيع، وهو باق إلى اليوم، لكن تهدَّم منه شيء كثير فجُدِّد في أيام الملك الناصر الصالح بن الملك محمد بن قلاون
(1)
سنة خمس وخمسين وسبعمائة.
سُوقة
(2)
أهوى، مثال أحوى: بالرَّبذة من نواحي المدينة. قال ابن هرمة
(3)
:
قفا ساعةً واستنطقا الرَّبعَ ينطقِ
…
بسُوقَةِ أهوى أو ببُرقةِ عَوْهَقِ
تماشَتْ عليه الرِّيحُ حتى كأنَّه
…
عصائبُ ملبوسٍ من العَصْبِ مُخْلَقِ
السُّويداء، تصغير سوداء: موضعٌ على ليلتين من المدينة من ناحية الشام. قال
غيلان بن سلمة
(4)
:
اُسْلُ عن سلمى علاك المشيبُ
…
وتصابي الشَّيخ شيءٌ عجيبُ
وإذا كان النَّسيبُ بسلمى
…
لذَّ في سلمى، وطاب النسيبُ
إنَّني فاعلمْ وإنْ عزَّ أهلي
…
بالسُّويداء الغداةَ غريبُ
والسُّويداء أيضاً: بلدةٌ بديار مضر، وقرية بحوران من نواحي دمشق
(5)
، منها:
(1)
اسمه حسن بن محمد بن قلاون، الملك الناصر بن الناصر بن المنصور، ولد سنة 735 هـ، وولي السلطنة سنة 748 هـ، ثم خلع سنة 752 هـ، وأعيد سنة 755 هـ. توفي سنة 762 هـ. الدرر الكامنة 2/ 38.
(2)
في الأصل: سوق، ونقله وفاء الوفا 4/ 1238، والتصويب من معجم البلدان 3/ 285 كما في الشاهد.
(3)
البيتان في (ديوانه) ص 157، من قصيدة يمدح بها عبدالله بن معاوية. معجم البلدان 3/ 285.
(4)
غيلان بن سلمة الثقفي، شاعر محسن، لكن ليس من الفحول، له صحبة، أسلم بعد فتح الطائف، وفد على كسرى. توفي في آخر خلافة عمر. الأغاني 12/ 43، أسد الغابة 4/ 43.
والأبيات في معجم البلدان 3/ 286، منسوبة إلى الشاعر وفيه:(وإذا كان في سليمى نسيبي)، والأخير في معجم ما استعجم غير منسوب 3/ 767.
(5)
وهي الآن مدينة جنوبي دمشق، تبعد عنها حوالي 100 كم.
عامر بن دغش، السُّويدائي الفقيه المحدِّث
(1)
.
سويد:
أُطم بالمدينة ابتناه بنو مالك بن عامر بن بياضة، وهو الأطم الأسود المتهدِّم في شاميِّ الحائط الذي يقال له: الحماضة، كان لغنَّام
(2)
بن أوس بن عمرو ابن مالك بن عامر بن بياضة، وله كانت الحماضة.
سويقة،
تصغير ساق: موضعٌ قرب المدينة، يسكنه آل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وكان محمد بن صالح
(3)
بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم خرج على المتوكلِّ
(4)
، فأنفذ إليه أبا الساج
(5)
، في جيش ضخم، فظفر به، وبجماعة من أهله، فأخذهم وقيَّدهم، وقتل بعضهم، وأخرب سويقة، وعقربها نخلاً كثيراً، وعقر منازلهم،
(1)
ترجمه السمعاني في الأنساب 3/ 338، وزاد: كان شيخاً صالحاً، ورد بغداد، وتفقه بها على أبي حامد الغزالي، وسمع الحديث من أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الطيوري. توفي في حدود سنة 530 هـ بدمشق.
(2)
صحابي خزرجي، شهد بدراً. أسد الغابة 4/ 42، الإصابة 3/ 188.
(3)
ولي المدينة للواثق العباسي سنة 229 هـ وعزله المتوكل فخرج عليه، ثم أمسكه وسجنه بسامراء ثلاث سنوات، وأطلقه فأقام فيها إلى أن مات، شاعر حجازي، صالح الشعر، من شعراء أهل بيته المتقدمين، كان حلو اللسان، ظريفاً، أديباً. وترجمته مع الخبر الذي ذكره المؤلف في الأغاني 15/ 85، الأعلام 6/ 162، معجم الشعراء ص 339، مقاتل الطالبيين ص 600 - 614.
(4)
الخليفة العباسي. وقد تقدمت ترجمته.
(5)
اسمه ديوداد بن يوسف، من القواد الكبار. تولى البحرين أيام الرشيد واستمر في خدمة الخلفاء العباسيين، عقد له المتوكل على طريق مكة، وحارب الزنج. توفي سنة 266 هـ. بجنديسابور. مقاتل الطالبيين ص 600،625، الكامل ص 168،233.
وحمل محمد بن صالح إلى سامرا
(1)
، وما أفلحت سويقة بعد ذلك
(2)
.
وكانت من جملة صدقات علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقال نُصيبٌ
(3)
:
وقد كانَ في أيامِنا بسويقةٍ
…
وليلاتِنا بالجزعِ ذي الطَّلْح مَذْهَبُ
إذ العيشُ لم يمرر علينا ولم يحلْ
…
بنا بعد حينٍ ورِدُهُ المتقلِّبُ
/334 وسويقة أيضاً: جبلٌ بين ينبع والمدينة.
وسويقة أيضاً: هضبةٌ طويلةٌ بالحِمى حِمى ضَرِيَّة ببطن الرَّيان، وإياها عنى ذو الرُّمة
(4)
:
أقولُ بذي الأرطى عشيَّةَ أَبلغَتْ
…
إليَّ نبا صوت الظباءِ الخواذلِ
لأُدمانةٍ من بين وحش سويقةٍ
…
وبين الطوالِ الغُفْرِ ذاتِ السَّلاسلِ
أرى فيكِ من خرقاءَ يا ظبيةَ اللِّوى
…
مَشابهَ من حيث اعتلاقُ الحبائلِ
فعيناكِ عيناها وجِيدُكِ جيدُها
…
ولونُك إلا أنَّه غيرُ عاطلِ
الأُدْمَانة بالضَّم: الأَدماء.
وسويقةُ هذه [هضبةٌ]
(5)
طويلةٌ مُصَعلكة
(6)
دقيقةٌ، وهي أعلى جبال نجد.
(1)
مدينة بالعراق على شاطئ دجلة، كانت تسمى سُرَّ من رأى، بناها المعتصم العباسي. معجم البلدان 3/ 173.
(2)
وما زالت إلى الآن محافظة على اسمها.
(3)
البيتان في ديوانه ص 579 - 580، معجم البلدان 3/ 286.
(4)
الأبيات في (ديوانه) ص 192 مع بعض التغيير، و معجم البلدان 3/ 286، والأول فيه: أقولُ بذي الأرطى عشيةَ أتلعَتْ
…
إلى الرَّكبِ أعناقُ الظباءِ الخواذلِ
…
أتلعت: مدَّت أعناقها متطاولة. القاموس (تلع) ص 707. الخواذل: المتخلِّفات. القاموس (خذل) ص 992. العاطل: الذي لا حَليَ فيه. القاموس (عطل) ص 1033.
(5)
ما بين المعقوفين من معجم البلدان 3/ 286.
(6)
لها رأس، يقال: صَعَلك الثريدة: جعل لها رأساً. القاموس (صعلك) ص 946.
وسويقة أيضاً: قريبُ السَّيالة. قالت تُماضر بنت مسعود
(1)
:
لعمري لأَصخَابُ المكاكيِّ بالضُّحى
…
وصوتُ صَباً في مَجْمعِ الرِّمْثِ والرَّمْلِ
وصوتُ شمالٍ هيَّجَتْ بسويقةٍ
…
ألاءً وأسباطاً وأرطى من الحبْلِ
أحبُّ إلينا من صياحِ دجاجةٍ
…
وديكٍ وصوتِ الرِّيحِ في سَعَفِ النَّخلِ
وقالت أيضاً وقد زُوِّجت في مصرٍ من الأمصار، وحنَّت إلى وطنها
(2)
:
لعمري لجوٌّ من جِواءِ سويقةٍ
…
أو الرَّمل قد جُرَّت عليها سيولُها
أحبُّ إلينا من جداولِ قريةٍ
…
يُعوِّض من روض الفَلاةِ فَسِيلُها
ألا ليتَ شعري لِمْ حُبِسْتُ بقريةٍ
…
بقيةَ عمرٍ قد أتاها سبيلُها
سُوَيْمِرةُ،
مصغر سومرة: موضعٌ بنواحي المدينة، قال ابن هَرْمةَ
(3)
:
لكن بمَدْيَنَ من مفضى سُوَيمرةٍ
…
مَنْ لا يُذَمُّ، ولا يُثنى له خُلُقُ
السَّيَالَة، مُخفَّفة، مثال سحَابة: أوَّل مرحلةٍ لأهل المدينة إذا أرادوا مكة.
قال ابنُ الكلبيِّ: مَرّ تُبَّعٌ بِها، بعد رجوعه من قتال أهل المدينة، وبِها وادٍ يسيل، فسمَّاها السَّيَالة.
وأوَّلُ السَّيالة إذا قطعت فرش مَلَل، وأنت مغرِّب، وكانت الصُّخيرات، صخيراتُ [اليَمام]
(4)
عن يمينك، وهبطت من مَلَل، ثمَّ رجعت على يسارك،
(1)
تقدمت ترجمتها، والأبيات في معجم البلدان 3/ 287.
المكاكيّ: جمع مكُّوك، وهو طاسٌ يُشرب به، ومكيالٌ يسع صاعاً ونصفاً. القاموس (مكك) ص 954. الرِّمْث: شجرةٌ يشبه الغضى. القاموس (رمث) ص 170.
(2)
الأبيات في معجم البلدان 3/ 287.
الجواء: الواسع من الأودية، وهو موضع. القاموس (جوى) ص 1271، الفسيل: النخلة الصغيرة المغروسة. القاموس (فسل)1044.
(3)
البيت في ديوانه ص 154، من قصيدة يمدح بها عبدالواحد بن سليمان بن عبدالملك والي المدينة، معجم البلدان 3/ 288، الأغاني 6/ 102.
(4)
ما بين المعقوفين من معجم ما استعجم 3/ 945.
واستقبلت القبلة، فهذه السَّيالة
(1)
.
وكانت قد تجدَّد فيها بعد النبي صلى الله عليه وسلم عيونٌ وسُكَّان.
وكان لها والٍ من جهة المدينة، ولأهلها أخبار وأشعار، وبها آثار البناء والأسواق وآخرها الشرَف المذكور والمسجد عنده، وعنده قبور قديمة، كانت مدفن أهل السيالة.
سَيَرٌ،
بفتح السين، والمثناة تحت، مثال جبل: كثيبٌ بين المدينة وبدر، يقال: /335 هناك قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم بدر.
قال أبو بكر بن موسى
(2)
: وقد يُخالف في لفظه.
قال ابن إسحاق
(3)
: ثمَّ أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر، حتى إذا خرج من مضيق الصفراء نزل على كثيب بين المضيق وبين النَّازِيَة، يقال له: سَيَر، فقسم هناك النَّفَل
(4)
.
* * *
(1)
قال الحربيُّ في المناسك ص 441: ومن ملل إلى السَّيَالة سبعةُ أميال، ومن المدينة إلى السَّيالة ثلاثةٌ وعشرون ميلاً.
(2)
ما اتفق لفظه 1/ 593، وضبطه يتشديد الياء.
(3)
السيرة النبوية 2/ 285، وتصحفت في الأصل إلى: أبو إسحق.
(4)
النَّفَل: الغنيمة، وجمعها أنفال. القاموس (نفل) ص 1064.
قال ابن هشام 2/ 285: واحتمل رسول الله صلى الله عليه وسلم معه النَّفل الذي أُصيب من المشركين، وجعل على النَّفل عبد الله بن كعب.
باب الشين
شَابَةُ،
بالباء الموحَّدة مخفَّفةً: جبلٌ بين الرَّبْذَة والسَّليلة، من نواحي المدينة. قال القَتَّالُ الكِلابيُّ
(1)
:
تركتُ ابن هَبَّارٍ لدى الباب مُسنداً
…
وأصبح دوني شَابةٌ فَأَرُومُها
بسيفِ امرئٍ لا أُخبرُ النَّاس ما اسمُه
…
وإنْ حفزَتْ نفسي إليَّ همومُها
شَاسٌ:
أُطُمٌ بِقُباء ابتناه بنو عطية بن زيد بن قيس بن عامر
(2)
، وهو الذي على يسارك في رحبة مسجد قُباء مستقبل القِبلة. كان لشاس بن قيس، أخي بني عطية بن زيد.
الشَّبَا،
بوزن العصا جَمْعُ شَباةٍ؛ وهي حدُّ كلِّ شيءٍ: اسمُ وادٍ بالأُثيل
(3)
، من أعراض المدينة، فيه عينٌ يقال لها: خَيْفُ الشَّبا لبني جعفر بن إبراهيم، من بني جعفر ابن أبي طالب.
قال كُثيِّر
(4)
:
(1)
اسمه عبد الله بن مجيب، ولقب القتَّال لتمردُّه وفتكه، شاعر جاهلي مخضرم، فارس، شجاع. معجم الشعراء ص 167، أسماء المغتالين ص 203، و (المحبَّر) لابن حبيب ص 213.
والبيتان في ديوانه ص 86 مع بعض الاختلاف، أسماء المغتالين 203، معجم البلدان 3/ 304.
وابن هبار اسمه إسماعيل، كان صاحب السجن في المدينة الذي فيه القتَّال.
(2)
بنو عطية بن زيد هم من بني مرة بن مالك بن الأوس. وشأس بن زيد، كان من أشراف الأوس في الجاهلية، وكان قد تهوَّد، وكان رأساً فيهم. جمهرة النسب للكلبي ص 648،
نسب معد واليمن الكبير 1/ 389.
(3)
وهو بين بدرٍ والصفراء، كما ذكره المؤلف في القاموس (أثل) ص 960.
(4)
الأبيات في ديوانه ص 128 - 129، معجم البلدان 3/ 316. تريمُ: تنتقل من مكانها. القاموس (ريم) ص 1116.
تمرُّ السِّنونُ الخالياتُ ولا أرى
…
بصحنِ الشَّبا أطلالَهنَّ تريمُ
يُذكِّرُنيها كلُّ ريحٍ مريضةٍ
…
لها بالتِّلاعِ القاوياتِ نَسيمُ
ولستُ ابنةَ الضَّمريِّ منكِ بناقمٍ
…
ذنوبَ العِدى، إني إذاً لظلومُ
وإني لذو وَجْدٍ لئن عادَ وصلُها
…
وإني على ربيّ إذاً لكريمُ
وقال خليلي: ما لها إذ لقيتَها
…
غداةَ الشَّبا فيها عليك وُجومُ؟
فقلتُ له: إنَّ المودَّةَ بيننا
…
على غير فُحشٍ، والصَّفاءُ قديمُ
وإني وإنْ أعرضتُ عنها تجلُّداً
…
على العهد فيما بيننا لمقيمُ
وإنَّ زماناً فرَّقَ الدهر بيننا
…
وبينكم في صرفه لمشومُ
أفي الدَّهر هذا، أنَّ قلبكِ سالمٌ
…
صحيحٌ، وقلبي من هواك سليمُ؟
والشَّبا أيضاً: موضعٌ بمصر.
وأيضاً مدينة بأوال
(1)
، أرضِ هَجَر والبحرين.
الشِّبَاكُ
؛ كَحِبَال، جمعُ شَبَكةٍ: وهو اسمُ موضعٍ في بلاد غنيِّ بن أعصر بين المدينة وأبرق العزَّاف
(2)
.
والشِّبَاكُ أيضاً: موضعٌ قريبٌ من سَفَوان
(3)
.
قال أبو نُواسٍ
(4)
:
حيِّ الدِّيارَ إذ الزَّمانُ زمانُ
…
وإذ الشِّبَاكُ لنا حرىً ومكانُ
/336 يا حبذا سَفَوانُ من متربَّعٍ
…
إذ كان مجتمعَ الهوى سَفَوانُ
(1)
أوال: هي البحرين حالياً. أفاده الشيخ حمد الجاسر (المغانم 198).
(2)
تحرفت في الأصل إلى: (العراق).
(3)
سفوان: ماء قريب من البصرة. معجم البلدان 3/ 225.
(4)
اسمه الحسن بن هانئ، شاعر عباسيٌّ، من شعراء المجون، أكثر من وصف الخمر وما في معناها، أحبَّ جارية تدعى جِنان، حباً شديداً، وكتب فيها أشعاراً. توفي سنة 199 هـ. الشعر والشعراء ص 538. والبيتان ليسا في ديوانه، وهما في معجم البلدان 3/ 317.
و
شِبَاك بني الكذَّاب:
ناحيةٌ من نواحي المدينة. قال ابنُ هرمةَ
(1)
:
فأصبحَ رسمُ الدَّار قد حلَّ أهلُه
…
شِباكَ بني الكذَّاب أو واديَ الغَمْرِ
فبدَّلهم من دارهم بعد غبطةٍ
…
نضوب الرَّوايا والبقايا من القطرِ
الشَّبعان، بلفظ ضدِّ الجائع: أُطُمٌ من آطام المدينة، في ديار أُسيد بن معاوية
(2)
.
والشَّبعان أيضاً: جبلٌ بالبحرين يُتبرَّد بكهوفه. قال عديُّ بن زيدٍ
(3)
:
تزوَّد من الشَّبعانِ خلفَك نظرةً
…
فإنَّ بلادَ الجوع حيث تميمُ
شِتَارٌ
(4)
؛ ككتاب: موضعٌ قرب المدينة بينها وبين البلقاء، ويقال له: نقب شِتَار. قاله الصَّاغاني في (العُبَاب)
(5)
.
الشَّجَرةُ
؛ بلفظ واحد الشَّجر: هي التي وَلَدَتْ عندها أسماءُ
(6)
بذي
(1)
ديوانه ص 129، معجم البلدان 3/ 317. نضوب: غَوَرَان. نضب الماء: غارَ. القاموس (نضب) ص 138، وتحرفت في الأصل الروايا إلى:(الرواة).
(2)
هو أسيد بن معاوية بن عامر بن ربيعة. جمهرة النسب للكلبي ص 366.
(3)
عدي بن زيد العبادي، شاعر جاهلي نصراني، نشأ في الحيرة، والتحق بديوان كسرى، وعاصر المنذر، وابنه النعمان ملك الحيرة. معجم الشعراء ص 249، الشعر والشعراء ص 130، الأغاني 2/ 16.
والبيت في (ديوانه) ص 167، معجم البلدان 3/ 321. وفي الأصل:(فإنَّ بلاد الجوع حيث بهم ابن ثمامة)؟.
(4)
في الأصل: (شبار)، وهو تحريف.
(5)
العباب: (شتر)، من القسم الأصل وكذا ذكره في التكملة والذيل (شتر) 3/ 41، وانظر عمدة الأخبار ص 346.
(6)
أسماءُ بنت عُميس، زوج أبي بكر الصديق، وَلَدتْ محمد بن أبي بكر بذي الحليفة، كما في حديث عائشة رضي الله عنها: أخرجه مسلم، في الحج، باب إحرام النفساء، رقم:1209،2/ 869، ومالك في الموطأ، كتاب الحج، باب الغسل للإهلال، رقم: 2، 1/ 322.
الحُليفة، وكانت سَمُرَةً وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم ينزلها من المدينة، ويحرم منها، وهي على ستة أميال من المدينة.
وإليها يُنسب إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عَبّاد بن هانئ الشَّجريُّ المدنيُّ
(1)
.
والشَّجرةُ التي سُرَّ تحتها الأنبياء: على أربعة أميال من مكة
(2)
.
والشَّجرةُ المذكورة في القرآن {يبايعونكَ تحت الشَّجرة}
(3)
بالحُديبية، أمر بقطعها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لمَّا أكثرَ النَّاسُ من زيارتها والتَّمسُّح
(4)
بِها، خوفاً من أن تُعبَد من دون الله، فأصبح النَّاس فلم يروا لها أثراً
(5)
.
والشَّجرةُ أيضاً: أُطمٌ من آطام بني قريظة، كان لكعب بن أسد القُرَظي
(6)
.
الشَّرَبَّة،
بثلاث فَتَحاتٍ، والباء موحَّدة، مشدَّدة، مثال
(1)
كان ليِّن الحديث، أخرج له الترمذي، وهو من الطبقة العاشرة، روى عن أبيه وعن محمد ابن إسحاق، وروى عنه محمد بن يحيى الذهلي. الثقات لابن حبان 8/ 66،
الأنساب 3/ 404، تقريب التهذيب ص 95 (268).
(2)
عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كنت بين الأخشبين من منى فإن هناك وادياً يقال له: السُّرَرُ. به شجرةٌ سُرَّ تحتها سبعون نبيا» ) أخرجه مالك في (الموطأ) في الحج، باب جامع الحج، رقم: 249، 1/ 424. و النسائي، في مناسك الحج، باب ما ذكر في منى، رقم: 2995، 5/ 249. سُرَّ: قُطعت سُرَّته.
(3)
سورة (الفتح) آية رقم: 18.
(4)
تحرفت في الأصل إلى: (التمسّن).
(5)
انظر فتح الباري 4/ 448.
(6)
كان من جملة من قتل في غزوة بني قريظة هو وحيي بن أخطب. الدرر في اختصار المغازي والسير ص 181.
جَرَبَّة
(1)
، وما لهما ثالثٌ في الكلام: وهي كلُّ أرضٍ مُعشِبةٍ، لا شجر بِها.
وقال الأزهريُّ
(2)
: كلُّ نحيزة من الشجر شَرَبَّة، والنَّحيزة: طريقةٌ سوداءُ في الأرض كأنها خطٌّ، مستوية لا يكون عرضها ذراعين، يكون ذلك من جبل وشجر وغير ذلك، وما زال فلان على شَرَبَّة واحدة، أَيْ: طريقةٍ واحدة، وأمر واحد.
والشَّرَبَّة: موضعٌ قرب المدينة، بين السَّليلة والرَّبذة، وقيل: إذا جاوزت النَّقرة وماوان
(3)
، تريد مكَّة وقعت في الشَّرَبَّة.
وقيل: الشَّرَبَّة: ما بين الزبَّاء
(4)
والنَّطُوف
(5)
، وفيها هرشى
(6)
، وهي هضبة دون المدينة، وهي مرتفعةٌ كادت تكون فيما بين هضب القليب إلى الرَّبذة، وتنقطع عند أعالي الجريب، والشَّرَبَة أشدُ بلاد نجد قُرّاً
(7)
.
وقيل: الشَّرَبَّة فيما بين نخل
(8)
ومعدن بني سليم، وهذه الأقاويل وإن اختلفت 337/ عباراتها فالمعنى واحد.
وحكى المدائنيُّ
(9)
قال: زعم بعض أصحابنا أنَّ هشام بن عبد الملك،
(1)
انظر: القاموس (شرب) ص 100.
(2)
تهذيب اللغة 11/ 355.
(3)
سيأتي الكلام عليها في موضعها. قال المؤلف في القاموس (نقر) ص 487، والنقرة، ويقال: معدن النقرة: وقد تكسر قافهما: منزل لحاج العراق بين أضاخ وماوان.
(4)
الزّبّاء: ماءةٌ لطهيّة. معجم البلدان 3/ 129، القاموس (زبب) ص 93.
(5)
قال ياقوت: هو اسم ماء للعرب. قال أبو زياد: النطوف: ركيّة لبني كلاب. معجم البلدان 5/ 292.
(6)
في القاموس (هرش) ص 610: وهرشى كسكرى: ثنية قرب الجُحفة.
(7)
القُرُّ: البرد. القاموس (قرر) ص 460.
(8)
نخل: على يومين من المدينة. وفاء الوفا 4/ 1319.
(9)
أبو الحسن علي بن محمد المدائني، العلامة الأخباري، كان عجباً في معرفة السير والمغازي، والأنساب، وأيام العرب، مصدَّقا فيما ينقله، عالي الإسناد. توفي سنة 224 هـ. تاريخ بغداد 12/ 54، معجم الأدباء 14/ 124، سير أعلام النبلاء 10/ 400.
استعمل الأسْوَد بن هلال
(1)
المحاربيَّ على البحر، يعني: بحر الشَّام، فقدم عليه أعرابيُّ من قومه، فعرض له، وأغزاه بالبحر، فلمَّا أصابته أهوال البحر قال
(2)
:
أقولُ وقد لاحَ السَّفينُ مُلَجَّجاً
…
وقد بَعُدَتْ بعد التَّقرُّبِ صُورُ
وقد عصفَتْ ريحٌ، وللموجِ قاصفٌ،
…
وللبحرِ من تحتِ السَّفينِ هديرُ:
ألا ليتَ أجري، والعَطاءُ صفَا لهم
…
وحَظِّي حَطوطٌ في الزِّمامِ وكورُ
فللَّهِ رأيٌ قادَني لسفينةٍ
…
وأخضرَ موَّارِ الشَّرارِ يمورُ
ترى مَتْنَه سهلاً إذا الرِّيحُ أقلعَتْ
…
وإنْ عصفَتْ فالسَّهلُ منه وعورُ
فيا بنَ هِلالٍ للضلالِ دعوتَني
…
وما كان مثلي في الضَّلال يسيرُ
لئن وقعتْ رجلاي في الأرضِ مرَّةً
…
وحانَ لأصحابِ السَّفينِ كرورُ
وسُلِّمْتُ من موجٍ كأنَّ متونَه
…
حِراءٌ بدَتْ أركانُه وثَبِيرُ
ليعترضَنَّ اسمي لدى العرض حلقة
…
وذلك إن كانَ الإيابُ يسيرُ
وقد كان لي حولَ الشُّجيرة مقعدٌ
…
لذيذٌ وعيشٌ بالحديث غزيرُ
ألا ليتَ شعري هل أقولُ لفتيةٍ
…
وقد حانَ من شمس النَّهار ذرورُ؟
دعوا العِيسَ تدنو للشَّرَبَّة قافلاً
…
له بينَ أمواجِ البحارِ وُكورُ
شَرْجٌ،
بالفتح، ثمَّ السُّكون، آخرهُ جيمٌ: موضعٌ قرب المدينة، ويعرف بشرج العجوز، وله [ذكر في] حديث كعب بن الأشرف
(3)
.
وشَرْجٌ أيضاً: ماء بنجد العالية.
(1)
من التابعين، روى عن عمر، ومعاذ بن جبل، وتوفي في زمن الحجاج، بعد وقعة دير الجماجم. طبقات ابن سعد 6/ 119، سير أعلام النبلاء 4/ 257.
(2)
الأبيات في معجم البلدان 3/ 333.
(3)
السيرة النبوية لابن هشام 3/ 17، وفيها شعب العجوز، وتقدمت ترجمة كعب. ومابين معقوفين من معجم البلدان 3/ 334.
وجبلٌ في ديار [غَنيٍّ]
(1)
.
وماء أو وادٍ لفزارة، به بئرٌ.
ومنه المثلُ: أشبَهَ شرجٌ شَرْجاً لو أن أُسيمراً. قاله لُقيم بن لقمان
(2)
، وذلك أنَّه وأبَاه نزلا منزلاً يقال له: شَرْجٌ، فذهب لُقيمٌ يُعشيّ إبله، وقد كان لقمان حسد ابنَه لقيماً فأراد هلاكه فحفر له خندقاً، وقطع كلَّ ما هنالكَ [من السَّمُر]، ثمَّ ملأ به الخندق، وأوقد عليه، ليقع فيه لُقيمٌ، فلمَّا عرف المكان، وأنكر ذهاب السَّمُر قال: أشبهَ شرجٌ شرجاً لو أن [في] شَرجٍ أُسيمراً. فذهبت مثلاًـ وأُسيمر تصغير أسمُر، وأسمُر: جمعُ سَمُرٍ.
قالت امرأةٌ من كلبٍ
(3)
:
سقى اللهُ المنازلَ بين شَرْجٍ
…
وبين نوادر دِيَماً رِهَاما
وأوساطَ الشَّقيقِ شقيق عَبْسٍ
…
سقى ربيِّ أجارعَهُ الغَماما
/338 فلو كنا نُطاع إذا أمرنا
…
أطلنا في ديارهمُ المُقَامَا
وقال الحسينُ بن مُطير الأسديُّ
(4)
:
(1)
الزيادة من معجم البلدان 3/ 334.
(2)
المثل في (فصل المقال) ص 225، وذكر قصته مطوَّلة، أمثال الضَّبيَّ ص 70، معجم البلدان 3/ 334، وكانت العرب تُعَظِّم شأن لقمان بن عاد الأكبر، والأصغر لقيم بن لقمان، في النباهة والقدر، وفي العلم والحكم. وهو قبل الإسلام بقرون متطاولة. انظر خبره في البيان والتبيين 1/ 184، خزانة الأدب 11/ 107. وما بين المعقوفين زيادة من المعجم.
(3)
الأبيات في معجم البلدان 3/ 334. وتحرفت في المطبوعة (نوادر) إلى: نواظر؟، وانظر معجم البلدان 5/ 306.
الدِّيَمُ جمع دِيمةٍ، وهي مطر يدوم في سكون بلا رعد وبرق. القاموس (دوم) ص 1108.
الرِّهام جمعُ رِهْمة، وهي المطر الضعيف الدائم. القاموس (رهم) ص 1116.
الأجارع جمع جَرْعة، وهي الرملة الطيبة المنبت. القاموس (جرع) ص 709.
(4)
مولى بني أسد من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، شاعرٌ، مقدَّمٌ في القصيد والرجز، فصيح، كلامه يشبه مذاهب الأعراب وأهل البادية. الأغاني 14/ 110.
…
والبيتان في معجم البلدان 3/ 334.
عرفْتُ منازلاً بشِعَابِ شَرْجٍ
…
فحيَّيْتُ المنازلَ والشِّعابا
منازلَ هيَّجَتْ للقلبِ شوقاً
…
وللعينين دَمْعاً واكتئابا
الشَّرْعَبيُّ،
بفتح أوَّله، وسكون ثانيه، وفتح العين المهملة، وكسر الموحدة، آخرهُ ياءُ النِّسبة: أُطُمٌ من آطام المدينة كانت لليهود، لعلَّهم نسبوه إلى شرعب، لكونه طويلاً، والشَّرْعَب: الطويل
(1)
، وبنوا الأُطم الذي دون ذُبَاب، وقد صار لبني جُشَم بن الحارث بن الخزرج. قال قيس بن الخطيم
(2)
:
ألا إنَّ بين الشَّرعبيِّ وراتجٍ
…
ضراباً كتَخذيم السَّيالِ المُعضَّدِ
الشَّرَفُ،
محرَّكةً، للمكان العالي: موضعٌ بين مَلَلٍ
(3)
والرَّوحاء بقرب المدينة.
وفي حديث عائشة رضي الله عنها
(4)
: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحد بملل
(5)
، على ليلة من المدينة، ثمَّ راح فتعشَّى بشرف السيَّالة، وصلَّى الصُّبح بعرق الظُّبْيَة.
والشَّرَفُ أيضاً: كَبِدُ نجد، وفيه الرَّبذة، وفيه حمى ضرِيَّة، والشُّرَيفُ إلى جنبها، يفصل بينهما التَّسرير، فما كان مُشَرِّقاً فهو الشُّريف، وما كان مُغَرِّباً فهو الشَّرَف.
(1)
القاموس (شرعب) ص 101.
(2)
تقدم في راتج.
(3)
تحرفت في الأصل إلى: (ملك).
(4)
أخرجه الحربي في غريب الحديث 1/ 335، وكان هذا في ذهابه إلى غزوة بدر، كما ذكره ابن هشام في السيرة النبوية 2/ 256.
(5)
تحرفت في الأصل إلى: (بملك)، وملك: وادٍ بمكة، وقيل: باليمامة. معجم البلدان 5/ 194.
وقال بعضُهم: الشَّرَفُ: الحِمى الذي حماه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وقيل: الشَّرَفُ من قرى العرب: ما دنا من الشُّريف، وهي: مثل خيبر، ودومة الجندل، وذي المَرْوَة
(1)
.
وقال نصرٌ: الشَّرف: كَبِدُ نجد.
وقيل: وادٍ عظيمٍ تكتنفه جبال حِمَى ضَرِيَّة.
قال الأصمعيُّ: كان يقال: مَن تصيَّف الشَّرَفَ، وتربَّع الحَزْنَ، وتشتَّى الصمّان، فقد أصاب المرعى.
والشَّرَف أيضاً: جبلٌ بِزَبيد، فيه قلعةٌ حصينة باليمن، لا يُوصل إليها إلا في مضيق لا يسع إلا رجلاً، مسيرة يوم ونصف يوم.
وبلدٌ بإشبيلية.
وموضعٌ بالشَّام.
وموضعٌ بمصر.
شُرَيْق،
تصغير شرق: موضعٌ قرب المدينة، في وادي العقيق، قال أبو وجزة
(2)
:
إذا تربَّعَْت ما بين الشُّرَيق إلى
…
روضِ الفِلاج أُلاتِ السَّرح والعُبَبِ
ورُوي: الشُّريف.
(1)
في الأصل: ذي المرعى، وهو تصحيف، والتصويب من معجم البلدان 3/ 336.
وذو المروة: قرية بوادي القرى. معجم البلدان 5/ 116.
(2)
أبو وجزة السعدي. تقدم. والبيت في معجم البلدان 3/ 341.
روض الفلاج: تقع بأعلى وادي رولان، وهي من ناحية المدينة. معجم البلدان 4/ 270. والعُبب: نبت يعرف بعنب الثعلب. القاموس (عبب) ص 111.
الشُّطْآن،
بضمِّ أوَّله، وسكون الطَّاء المهملة، ثمَّ همزةٍ بعدها ألف، ونون: وادٍ من أودية المدينة. قال كُثيِّر
(1)
:
/339 مغاني ديارٍ لا تزالُ كأنَّها
…
بأفْنِيَة الشُّطْآن رَيْطٌ مُضلَّعُ
وأخرى حَبَسْتَ الرَّكْبَ يومَ سُويقةٍ
…
بِها واقفاً أنْ هاجَكَ المُتربَّعُ
[الشَّطِيْبَةُ
(2)
]: موضعٌ بالمدينة، نخلُها من أحسن النَّخل، وأرضُها معروفةٌ بالجودة.
شُعَبى، بالضَّمِّ وفتح العين، والمُوحَّدة مقصورة، كأُرَبى، وأُدَمى، ولا رابع لها: جبلٌ بِحمى ضَرِيَّة، قرب المدينة، قال جريرٌ
(3)
يهجو العبَّاس بن يزيد الكنديَّ
(4)
:
سَتطلُع من ذُرى شُعَبى قَوافٍ
…
على الكِنديِّ، تلتهبُ التهابا
أعبدٌ حلَّ في شُعَبَى غربياً
…
ألُؤماً لا أبا لك، واغترابا؟
قال السِّيرافيُّ
(5)
: يقول: أنت من أهل شُعَبى، ولستَ بكِنديِّ، أنت دَعِيٌّ فيهم، حملَتْ بك أمُّك في شُعَبى.
(1)
البيتان في ديوانه ص 402، معجم البلدان 3/ 343.
الرَّيط: المُلاءة. القاموس (ريط) ص 668، المضلَّع: المُخطط. القاموس (ضلع) ص 742، المتربَّع: المكان الذي يحلُّه النَّاس. القاموس (ربع) ص 718.
(2)
سقط مابين المعقوفين من الأصل، والمثبت من وفاء الوفا 4/ 1243.
(3)
البيت في ديوانه ص 56، فُرحة الأديب ص 163، معجم البلدان 3/ 346، معجم ما استعجم 3/ 799.
(4)
العبَّاس الكندي؛ شاعرٌ أموي هاجى جريراً. معجم الشعراء ص 263.
(5)
كلام السيرافي منقول من معجم البلدان، وقصة جرير مع العباس في الأغاني 7/ 43، والسيرافي هو يوسف بن أبي سعيد، أخذ عن أبيه، كان متخصصاً بشرح أبيات الشعر؛ فله شرح أبيات سيبويه و شرح أبيات المجاز لأبي عبيدة، وغيرها توفي سنة 385 هـ. وفيات الأعيان 6/ 70، معجم الأدباء 20/ 60، بغية الوعاة 2/ 355.
وقال آخرُ: شُعَبى: جبالٌ منيعةٌ مُتدانية، بين أيسر الشَّمال وبين مَغيب الشمس، من ضَرِيَّة قريبٌ على ثمانية أميال.
وقال آخرُ: شُعَبى: جبالٌ واسعةٌ مسيرة يوم وزيادة، قال
(1)
:
إذا شُعَبى لاحتْ ذُراها كأنَّها
…
فوالجُ بُختٍ أو مُجلَّلةٌ دُهْمُ
تذكَّرْتُ عيشاً قد مضى ليس راجعاً
…
علينا، وأياماً تَذَكُّرُها السُّقْمُ
شِعْبُ العجوز:
بظاهر المدينة، معروفٌ، قُتل عنده كعب بن الأشرف اليهودي، بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
شُعْبٌ،
بضمِّ أوَّله، وسكون ثانيه، جمعُ أَشْعَبَ، من قولهم: تيسٌ أَشْعَبُ: إذا تباعد ما بين قرنيه جِدَّاً: وهو اسمُ وادٍ يصبُّ في وادي الصفراء قرب المدينة.
شُعْبَةُ، بالضَّمِّ، وسكون العين: واحدة الشُّعَبِ، وهي من الجبال رؤوسها، ومن الشَّجر أغصانُها: وهو موضعٌ قريبٌ من المدينة عند يَلْيَل
(3)
.
قال ابنُ إسحاقَ: وفي جُمادى الأولى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد قريشاً
(4)
، وسلك شُعْبةً يقال لها: شُعْبَة عبد الله، وذلك اسمها إلى اليوم، وسار على اليسار حتى هبط يَلْيَلَ.
شُعْثٌ،
بالضَّمِّ وسكون العين، جمع أشعثَ، بالثَّاء المُثلَّثة للمُغْبَرِّ الرأس: موضعٌ بين السُّوارقية ومَعْدِن بني سليم، قرب المدينة. وقيل: الشُّعْثُ
(1)
البيتان في معجم البلدان 3/ 346 دون نسبة. الفوالج جمع فالج، وهو: الجمل الضّخم ذو السنامين. القاموس (فلج) ص 202. الدّهم: السود. القاموس (دهم) ص 1109.
(2)
تقدم في (شرج العجوز)، وأن ابن هشام ذكره في السيرة شعب العجوز 3/ 17.
(3)
يَلْيَل: قرية قرب وادي الصفراء، كما سيذكرها المؤلف في حرف الياء.
(4)
وذلك في غزوة العُشيرة، في أول السنة الثانية من الهجرة، انظر: السيرة النبوية لابن هشام 2/ 241.
وعُنيزات: قرنان
(1)
صغيران هنالك.
شَعْر،
بلفظ شعر الرَّأس: جبلٌ ضخمٌ مُشْرِفٌ على معدن الماوان، قبل الربذة بأميال، لمن كان مُصْعِداً.
/340 شَغْبَى، بالفتح، وسكون الغين المعجمة، وفتح المُوحَّدة. مثال سَكْرَى، مِنْ: شَغَبَ: إذا هيَّج الشَّرَّ، وهو اسمُ قرية بين المدينة وأَيْلة، وكذلك بَدَا، قريةٌ بكلٍّ منهما منبرٌ وسوقٌ.
قال كُثيِّر
(2)
:
وأنتِ التي حَبَّبْتِ شَغْبَى إلى بَدَا
…
إليَّ، وأوطاني بلادٌ سواهُما
إذا ذرَفَتْ عينايَ أَعتَلُّ بالقَذَى
…
وعَزَّةُ ـ لو يدري الطَّبيبُ ـ قَذاهُما
فلو تُذريانِ الدَّمعَ منذُ استهلَّتا
…
على إثْر جازي نعمةٍ قد جزاهُما
حَللْتِ بِهذا حَلَّةً ثمَّ حَلَّةً
…
بِهذا، فطابَ الواديانِ كلاهُما
قال إسماعيل بن أويس
(3)
: أرسل الحسن بن زيد الطالبي
(4)
، إلى أبيالسائب المخزومي
(5)
بصحفة هريسة في شهر رمضان، فوضعها أبو السائب
(1)
القرن: الجبل الصغير، أو: قطعة تنفرد من الجبل. القاموس (قرن) ص 1223.
(2)
الأبيات في ديوانه ص 363، شرح الحماسة للتبريزي 3/ 141، معجم البلدان 3/ 351. وقال الشيخ حمد الجاسر (المغانم 206): شَغْبٌ وبدا: واديان تابعان لبلدة الوجه، فيما بينها وبين ضُبا. ووقع في الأصل:(وأنت الذي)، وهو خطأ.
(3)
هو الإمام الحافظ الصدوق، قرأ القرآن وجوَّده على نافع، وحدَّث عن أبيه، وعن خاله الإمام مالك، وحدَّث عنه البخاري ومسلم، كان عالم أهل المدينة ومحدِّثهم في زمانه. توفي سنة 226 هـ. التاريخ الكبير للبخاري 1/ 364، الجرح والتعديل 2/ 180،
سير أعلام النبلاء 10/ 391.
(4)
الحسن بن زيد بن علي بن أبي طالب، أحد الأجواد، روى عنه محمد بن إسحاق، والإمام مالك، كان والي المدينة للمنصور العباسي، ثم عزله وحبسه، ووالي الأنبار قبلها لأبي العباس السفاح. مات في الحاجر سنة 168 هـ. تاريخ بغداد 7/ 309، مقاتل الطالبيين ص 398، وتحرَّف في الأصل (الحسن) إلى:(الحسين)، و (الطالبي) إلى:(الطائي).
(5)
اسمه عبد الله بن السائب، المخزومي، المديني، قدم الأنبار على أبي العباس السفَّاح. قال: كان جدِّي في الجاهلية يكنى أبا السائب، وبه اكتنيت، وكان خليطاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم روى عن أبيه، كان ذا فضل، وكان مشغوفاً بالسماع والغزل، روى عنه هشام الكلبي. المنمق لابن حبيب ص 38، وانظر الأغاني 5/ 131، وترجمه الخطيب في (تاريخ بغداد) 6/ 460 بتوسع.
بين يدي أبيه
(1)
، وهو ينشد
(2)
:
فلمَّا عَلَوْا شَغْبَى تبيَّنْتُ أنَّهُ
…
تقطَّعَ من أهل الحجازِ علائقي
فلازِلْنَ دَبْرى ظُلَّعاً لا حَمَلْنَها
…
إلى بلدٍ ناءٍ قليلِ الأصادقِ
فقال: [على]
(3)
أُمّك الطَّلاقُ، إن أفطرنا الليلة أو تسحرَّنا بغير هذين البيتين؟.
وشَغْبَى، وقيل: شَغْبُ: قريةُ محمد بن شهاب الزُّهْريِّ
(4)
، وقيل: هما واحدة.
شُفَرُ، مثال زُفَر، يجوز أن يكون جمعَ شَفير الوادي، أو شَفْرَة
(5)
السَّيف، على غير قياس: جبلٌ بالمدينة، في أصل جمَّاءِ أمِّ خالد، يهبط إلى بطن العقيق، كان يُرعى به سرْح المدينة، يوم أغار كُرز بن جابر الفِهْريُّ
(6)
، فخرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم في طلبه حتى وردَ بدراً.
شُقَر،
مثال زُفَر، وصُرَد: ماءٌ بالرَّبَذة، عند جبل سَنام.
(1)
تصحف في الأصل لفظة (أبيه) إلى لفظة (الله) ثم زاد الناسخ: (تعالى)، وهذا من أسوأ التصحيفات.
(2)
البيتان في تاريخ بغداد 9/ 462، مع القصة، معجم البلدان 3/ 351، وفي معجم ما استعجم 3/ 803 الأول لعبدالله بن السائب، والثاني لابنه، الظُّلَّع جمع ظالع: وهو المتهم والمائل. القاموس (ظلع) ص 745.
(3)
ما بين المعقوفين زيادة من معجم البلدان 3/ 351.
(4)
تقدمت ترجمته.
(5)
حَدُّ السيف. القاموس (شفر) ص 418. ووقع في الأصل: (أو شفيرة السيف) وهو تحريف.
(6)
وذلك في غزوة بدر الأولى. السيرة النبوية 2/ 243، ثم أسلم بعد، واستشهد يوم فتح مكة. الإصابة 3/ 291.
شَقٌّ،
بالفتح، عن الزَّمخشريِّ
(1)
، وقيل: بالكسر
(2)
: حِصنٌ من حصون خيبر. قال
(3)
:
رُمِيَتْ نَطاةُ مِنَ الرَّسولِ بِفَيْلَقٍ
…
شهباءَ، ذاتِ مناكبٍ وفَقار
صَبَحوا بني عمرو بن زُرعة غدوَةً
…
والشَّقُّ أظلَمَ ليلُهُ بنهارِ
وقيل: شَقٌّ: قريةٌ من قرى فَدَك، تُعمل فيها اللُّجُم
(4)
، قال ابنُ مُقبلٍ
(5)
:
يُنازِعُ شَقِّيَّاً كأنَّ عِنَانَهُ
…
يفوتُ به الإقْداعَ جِذْعٌ مُنَقَّحُ
وقال أبو النَّدى
(6)
:
من عجوة الشَّقِّ يَطوف بالودَكْ
…
ليسَتْ من الوادي، ولكنْ من فَدَكْ
/341 شُقَّةُ بني عُذرة: موضعٌ قرب وادي القرى، مرَّ به النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة تبوك. وبنى
(7)
مسجداً في موضع منه يقال له: الرُّقعة
(8)
.
الشَّقِيقة،
بقافين مثال سفينة: اسمُ بئر في ناحية أُبلى من نواحي المدينة،
(1)
في كتابه الأمكنة والمياه والجبال ص 140. وقال السهيلي في الروض الأنف 4/ 61: وشق: بالفتح أعرف عند أهل اللغة.
(2)
كذا قاله البكري في معجمه 3/ 805.
(3)
البيتان لابن لُقيَمْ العبسي، كما ذكره ابن هشام في السيرة النبوية 3/ 290، وهما في معجم البلدان 3/ 355 دون نسبة. الفَيلَق: الجيش. القاموس (فلق) ص 919، الفقار جمع فِقْرَة. وتحرفت في الأصل إلى:(قفار).
(4)
اللجم: جمع لجام: للدابة. القاموس (لجم) ص 1157.
(5)
البيت في ديوانه ص 36، معجم البلدان 3/ 355.
الشَّقِّيُّ: اللِّجام منسوب إلى شق. الإقداع: كبح الفرس ليكف بعض جريه. القاموس (قدع) ص 749. الجذع المنقح: المقشور. القاموس (قشر) ص 245.
(6)
الرجز في معجم البلدان 3/ 355.
(7)
تحرفت في الأصل إلى: (وهي).
(8)
في الأصل: (الرقع). معجم البلدان 3/ 356، وفاء الوفا 3/ 1031.
عن يمينه من قبل القِبلة جبلٌ يقال له: بُرُثم
(1)
. قال ابن مُقبلٍ
(2)
:
فَغِياضُ ذي بَقَرٍ فَحَزْمُ شَقيقةٍ
…
قَفْرٌ، وقد يَغْنَيْنَ غيرَ قِفَارِ
شَلُولٌ،
بلام، مثال صَبور: موضعٌ بنواحي المدينة.
قال ابنُ هرمة
(3)
:
أتذكرُ عهدَ ذي العهدِ المُحيلِ
…
وعصرَك بالأعارفِ والشَّلولِ
وتعريجَ المَطيَّةِ يومَ شَوْطَى
…
على العَرصَاتِ، والدِّمَنِ الحُلولِ
شَمَّاءُ، بالشَّدِّ
(4)
والمدِّ: هضبةٌ عاليةٌ في حِمى ضَرِيَّة. قال الحارث بن حِلِّزةَ
(5)
:
بعد عهدٍ لنا بِبُرْقةِ شَما
…
ءَ فأدنى دِيارِها الخَلْصَاءُ
الشَّمَّاخُ،
بالفتح والتَّشديد، وإعجام الخاء، وهو العالي العظيم الارتفاع: اسمُ أُطُمٍ بالمدينة خارج بيوت بني سالم، ممَّا يلي القِبلة. كان لبني أُمية
(6)
بن زيد بن سالم، ابتناه سالم وغنم
(7)
ابنا عوف بن عمرو بن
(1)
رسالة عرام ص 430.
(2)
البيت في ديوانه ص 119، وفيه:(فَرِياضُ)، معجم البلدان 3/ 356. ذو بقر: وادٍ، الحزم: ما غلظ من الأرض.
(3)
ديوانه ص 180، معجم البلدان 3/ 360. الأعارف: جبال باليمامة. معجم البلدان 1/ 220، ووقع في الأصل بالزاي، وهو تصحيف.
(4)
تحرفت في الأصل إلى: (بالبد).
(5)
شاعر جاهلي من الفحول، وأحد أصحاب المعلقات، وقد ارتجل معلقته بين يدي الملك عمرو بن هند. الشعر والشعراء ص 111، معجم الشعراء ص 90.
والبيت في شرح القصائد السبع الطوال ص 434، معجم ما استعجم 3/ 809، معجم البلدان 3/ 360. برقة شماء:(هضبة) معجم البلدان 1/ 395.
(6)
في الأصل: (مية).
(7)
وكان غنم يلقب قوقل، لأن الرجل كان إذا نزل المدينة قيل له: قوقل حيث شئت، أي: انزل. وأم سالم وغنم هي نُعْم بنت مالك بن النجار. نسب معد 1/ 414.
عوف بن الخزرج.
شَمَنْصِيرُ،
بفتحتين، ثمَّ نون ساكنةٍ، وصادٍ مُهملةٍ مكسورة، ثمَّ مُثنَّاةٍ تحتية وراءٍ: اسمُ جبلٍ بِسَايةَ، وسايةُ وادٍ عظيمٌ، ذُكِرَ في السِّين.
قال أبو صخر الهُذليُّ
(1)
يرثي ولده تَلِيداً:
وذكَّرَني بُكايَ على تَليدٍ
…
حمامةُ مَرٍّ، جاوبتِ الحَمامَا
تُرجِّعُ مَنطِقاً عَجَباً وأوفَتْ
…
كنائحةٍ أتَتْ نَوْحاً قِيامَا
تُنادي ساقَ حُرٍّ وظِلْتُ أدعو
…
تَليداً لا تُبِين به الكَلَاما
لعلَّك هالِكٌ إمَّا غلامٌ
…
تبوَّأَ من شَمَنْصِيرٍ مُقامَا
يخاطب نفسه
(2)
.
وقال ساعدة بن جُؤَيَّةَ الهذليُّ
(3)
:
(1)
أبو صخر الهذلي اسمه عبد الله بن سلمة، شاعرٌ إسلامي من شعراء الدولة الأموية، له مدائح في عبد الملك بن مروان، حبسه عبد الله بن الزبير. الأغاني 21/ 94.
وفي نسبتها لأبي صخر الهذلي وهم، وقع فيه ياقوت، وتابعه المصنف، والصواب أنها لصخر الغي الهذلي، كما في شرح أشعار الهذليين 1/ 292 - 3/ 1332، ومطلع القصيدة:
أَرِقْتُ فَبِتُّ لم أذقِ المناما
وليلي لا أُحِسُّ له انصراما
والأبيات في معجم البلدان 3/ 364، والأخيرُ في معجم ما استعجم 3/ 811، ونسبه لصخر الغي، على الصواب. ومرٌّ، هي مرُّ الظهران، النَّوْح: نائحات. القاموس (نوح) ص 246، سمَّاهنَّ بالمصدر، وقال الأصمعيُّ: ظنَّ أنَّ (ساق حرٍّ) ولدها، وإنما هو صوتها.
(2)
قال السُّكَّريُّ في شرح أشعار هذيل 2/ 292: يخاطب نفسه يقول: لعلك تموت إن مات غلام.
(3)
شاعر محسن جاهلي، شعره محشو بالغريب والمعاني الغامضة، وليس له من الملح ما يصلح للمذاكرة معجم الشعراء ص 83.
والأبيات في شرح أشعار الهذليين 3/ 1173، معجم البلدان 3/ 364، والأول في اللسان: حَلَجَ، والثاني فيه: شمصر، وفي معجم ما استعجم 3/ 811.
أَخْيَلَ برقاً: رأى خلاقة مطر. القاموس (خيل) ص 996، الحابي: السحاب المرتفع. القاموس (حبا) ص 1272، التوماض: اللمعُ الضعيف من البرق. القاموس (ومض) ص 657، حلج: أمطر. اللسان (حلج) 2/ 239، مستأرض: ثابت بالأرض. القاموس (أرض) ص 636، اللِّيث: موضع. معجم البلدان 5/ 28. مَعِجٌ: سريع. القاموس (معج) ص 205.
أَخْيَلَ بَرْقاً متى حَاب له زَجَلٌ
…
إذا يُفتِّرُ عن تَوْمَاضِه حَلَجَا
مُستأرِضاً بين بطنِ اللِّيثِ أَيمنُهُ
…
إلى شَمَنْصيرَ، غَيْثاً مُرسلاً مَعِجَا
شَنَاصِيرُ:
من نواحي المدينة.
قال ابنُ هرمة
(1)
:
لو عَاجَ صحبُكَ شيئاً من رواحلهم
…
بذي شناصيرَ أو بالنَّعْفِ من عُظُمِ
/342 حتى يروا رَبْرَباً حُوراً مدامعهم
…
وبالهُوينا كصادِ الوحشِ من أَمَمِ
شَنُوْكَةُ، بالفتح، ثمَّ بالضَّمِّ وسكون الواو، وفتح الكاف، بعده هاءٌ: جبلٌ بين مكَّة والمدينة
(2)
، له ذكرٌ في غزوة بدر.
قال ابنُ إسحاقَ
(3)
: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على السَّيَالة، ثمَّ على فَجِّ الرَّوحاءِ، ثمَّ على شَنُوكة، حتى إذا كان بِعِرْقِ الظُّبية
…
قال كُثيِّر
(4)
:
فأخلَفْنَ ميعادي وخُنَّ أمانتي
…
وليس لمَنْ خانَ الأمانةَ دينُ
كذبْنَ صفاءَ الوُدِّ، يوم شَنُوكةٍ
…
وأدرَكني من عهدِهنَّ وُهونُ
الشُّنَيْفُ،
مثال زُبَير، مُصغَّر شَنْفٍ للقُرْط: اسمُ أُطُمٍ بقُباءٍ بناه بنو عمرو بن عوف، عند دار أبي سفيان بن الحارث، بين أحجارِ المراء وبين مجلس بني المولى، الذي كان لبني ضُبيعة بن زيد.
(1)
ديوانه ص 287، معجم البلدان 3/ 366.
(2)
أفاد الشيخ حمد الجاسر (المغانم 209): أنه مازال معروفاً باسمه إلى الآن في طريق بدر، شمال المسيجيد.
(3)
السيرة النبوية 2/ 256.
(4)
ديوانه) ص 172، معجم البلدان 3/ 369. الوهون: الضعف.
قال كعبُ بنُ مالكٍ الأنصاري
(1)
:
فلا تتهدَّدْ بالوعيد سفاهةً
…
وأوعد شُنيفاً-إن غضبْتَ-ووَاقِما
شُوَاحِطٌ،
بالضَّمِّ، وبعد الألف حاءٌ مهملة مكسورة، وطاءٌ مهملة: اسمُ جبلٍ مشهورٍ قرب المدينة، ثمَّ قرب السُّوارقية، كثير النُّمور والأَراوي
(2)
، وفيه أوشالٌ تنبت الغَضْوَر
(3)
والثَّغام
(4)
.
ويوم شُوَاحِط، من أيام العرب مشهور
(5)
.
شَوْرَانُ،
بالفتح: جبلٌ عن يسارك، وأنت ببطن العقيق تريد مكَّة، يُطلُّ على السَّدِّ، مرتفعٌ، وفيه مياهٌ كثيرة يقال لها: البَجَيرات، وعن يمينك حينئذٍ عَيْرٌ
(6)
.
وروى الزُّبير بسندٍ عن محمد بن عبد الرحمن قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إبلاً في السوق فأعجبه سمنها. فقال: «أين كانت ترعى هذه؟» قالوا: بِحرَّةِ شوران، فقال: «[بارك]
(7)
الله في شَوْرَان»
(8)
.
(1)
البيت في ديوانه ص 235، وفاء الوفا 4/ 1246.
(2)
الأراوي جمع أُروية، وهي أنثى الوعول. القاموس (روى) ص 1291.
(3)
الغَضْوَر: نوع من الشجر. القاموس (غضر) ص 451. الثَّغام: نبت. القاموس (ثغم) ص 1084.
(4)
المادة منقولة من رسالة عرّام ص 434. الأوشال جمع وَشَل، وهو الماء القليل يُتحلَّب من جبل أو صخرةٍ، ولا يتصل قطره. القاموس (وشل) ص 1068.
(5)
ويقال له: يوم شويحط، وهو يوم كان بين تميم ومضر في الجاهلية، وكان رئيس بني تميم يومها زرارة بن عُدُس. المعارف ص 605، الاشتقاق ص 235.
(6)
رسالة عرّام ص 425 - 426. وتصحفت (عير) في الأصل إلى: (عين).
(7)
ساقط من الأصل، وهي في وفاء الوفا 4/ 1247.
(8)
أخرجه الزبير بن بكار في تاريخ المدينة ولم أجده لغيره. وذكره السمهودي في وفاء الوفا 4/ 1247.
وقال عرَّامٌ
(1)
: ليس في جبال المدينة نبتٌ ولا ماءٌ غير شوران، فإنَّ فيه مياه سماءٍ كثيرة، وفي كلِّها سمكٌ أسودُ مقدار الذراع وما دون ذلك، أطيب سمك يكون.
وقال نصرٌ: شَوْرَانُ: وادٍ في ديار بني سُليم، يفرغ في الغابة، وهي من المدينة على ثلاثة أميال.
يحتمل أنه مشتقٌّ مِنْ: شُرْتَ الدَّابة شَوْراً: إذا عرضتَها على البيع، ولعلَّ هذا الموضع قد كان تُعرض فيه الدَّوابُّ.
وحِذاءَ شَوْران جبلٌ يقال له: مَيْطَان. كانت البَغُوم
(2)
صاحبة ريحان الخُضري
(3)
نذرت أن تمشي من شَوْران حتى تدخل من أبواب المسجد كلِّها، مزمومةً بِزِمامٍ من ذَهب فقال
(4)
:
يا ليتني كنتُ فيهم يوم صَبّحهم
…
من نَقْبِ شَوْرَانَ ذو قُرْطين مَزْمومُ
/343 تمشي على نَجْشٍ، تدمَى أناملُها
…
وحولها القُبْطرياتُ العَيْاهيمُ
فباتَ أهلُ بقيعِ الدَّار يَفْعَمُهم
…
مسكٌ ذَكِيٌّ، ويمشى بينهم ريمُ
شَوْطٌ،
بالفتح ثمَّ السُّكون، وطاء مهملة، وهو العَدْوُ لغةً، وبه سُمِّي بستانٌ في المدينة، معروفٌ مذكورٌ في التواريخ.
(1)
في رسالته ص 426 مع بعض التصرُّف.
(2)
لم أجد لها ترجمة.
(3)
لم أجد له ترجمة.
(4)
الأبيات في معجم البلدان 3/ 371، وفاء الوفا 4/ 1248.
النَجْشُ: السرعة. القاموس (نجش) ص 606، القُبْطريات: ثياب كَتَّان بيض. القاموس (قبطر) ص 459، العياهيم جمع عَيْهَم، وهي الناقة السريعة. القاموس (عهم) ص 1141، يفعمهم: يطيبهم. القاموس (فعم) ص 1145، الريم: الظبي. القاموس (ريم) ص 1116.
قال ابنُ إسحاقَ
(1)
: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أُحد، حتى إذا كان بالشَّوْطِ بين المدينة وأُحُد، انخزل عبد الله بن أُبيٍّ
(2)
ورجع إلى المدينة.
وفيه يقول
(3)
:
وقد علموا أنَّما فَلَّهُمْ
…
حَديدُ النَّبِيت وأعْيانُها
وبالشَّوْطِ من يثرب أعبدٌ
…
ستَهْلِكُ في الخمرِ أَثمانُها
يهونُ على الأوس إتلافُهم
…
إذا راحَ يَخْطِرُ نَشْوانُها
قال النَّضر بنُ شُميل
(4)
: الشَّوطُ: مكانٌ بين شَرَفين من الأرض، يأخذ فيه الماء والناس كأنه طريق، ودخولُه في الأرض أن يواريَ البعير وراكبه، ولا يكون إلا في سهول الأرض.
شَوْطَى،
مقصورةً كَرَضْوَى، وسَكْرى بحروف الذي قبله: موضعٌ بعقيق المدينة، وفيها يقول المُزنيُّ لغلامٍ اشتراه بالمدينة
(5)
:
تَرَوَّحْ يا سِنانُ فإنَّ شَوْطى
…
وتُرْبَانيْن، بعدَ غدٍ مَقِيلُ
بلادٌ لا تُحِسُّ الموتَ فيها
…
ولكنَّ الغذاءَ بِها قليلُ
(1)
السيرة النبوية 3/ 27.
(2)
عبد الله بن أُبي بن سلول، رأس المنافقين. انظر قصة تخلفه عن النبي صلى الله عليه وسلم في السيرة 3/ 552، الإصابة 2/ 335.
(3)
الأبيات لقيس بن الخطيم في (ديوانه) ص 73، قالها بعد يوم الربيع الذي اقتتل فيه الأوس والخزرج قتالاً شديداً. وفي معجم البلدان 3/ 372.
فلَّهم: هزمهم. النَّبيت: هم بنو عمرو بن مالك بن أوس.
(4)
أحد أئمة اللغة والحديث، كان عالماً بفنون من العلم، أخذ عن الخليل بن أحمد، وهشام ابن عروة، روى عنه يحيى بن معين وعلي بن المديني، وفد على المأمون. وتوفي سنة 203 هـ. طبقات النحويين للزبيدي ص 29، إنباه الرواة 3/ 348، بغية الوعاة 2/ 316.
(5)
الأبيات في معجم البلدان 3/ 372، وفاء الوفا 4/ 1249.
وشَوْطَى أيضاً: موضعٌ من حرَّة بني سُليم. قال ابنُ مُقبلٍ
(1)
:
ولو تَأَلَّفُ مَوْشِيَاً أكارِعُهُ
…
من فَدْرِ شَوْطى بأدنى دَلِّها أَلِفا
فَدْر: جمع فادر كصَحْب جمعُ صاحب، وهو المُسِنُّ من الوعول.
شَيْخَان، بلفظ تثنية شيخ: موضعٌ بالمدينة، يقال له: ثَنيَّة شيخان، كان فيه معسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة خرج لقتال المشركين بأُحد، وهناك عرض النَّاسَ فأجاز من رأى، وردَّ من رأى. قال أبو سعيد الخُدْريُّ
(2)
رضي الله عنه: كنتُ ممَّنْ رُدَّ من الشَّيخين يوم أُحد، وقيل: هما أُطُمان سُمِّيا به، لأنَّ شيخاً وشيخة كانا يتحدَّثان هناك.
قال المطريُّ
(3)
: هو موضعٌ بين المدينة وبين جبل أُحد، على الطريق الشرقية مع الحَرَّة، إلى جبل أُحد. وذكر أنه من هناك غدا صلى الله عليه وسلم إلى أُحد يوم أُحد، لأنَّ نزول قريش يوم أُحد بالمدينة كان يوم الجمعة.
وقال ابن إسحاق
(4)
: يوم الأربعاء /344 فنزلوا برومة، من وادي العقيق، وصلى [رسول الله] صلى الله عليه وسلم الجمعة بالمدينة، ثم لبس لأْمته
(5)
، وخرج هو وأصحابه على الحَرَّة الشرقية، حَرَّةِ واقمٍ، وبات بالشَّيخين، وغدا صبح يوم السبت إلى أُحد، وكان بالشيخين مسجدٌ بُنِيَ على مصلَّى النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
* * *
(1)
ديوانه ص 183، معجم البلدان 3/ 373.
يريد بقوله: موشياً أكارعه، الثور الوحشي. القاموس (كرع) ص 758، والموشي: الذي من قوائمه بياض. القاموس (وشى) ص 1343، الدَّلُّ: تدلُّل المرأة. القاموس (دلل) ص 1000.
(2)
ما اتفق لفظه للحازمي 1/ 561. وأبو سعيد الخدري، صحابيٌّ خزرجيٌّ، اسمه سعد بن مالك، أول مشاهده الخندق، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة، وروى عنه ابن عباس وابن عمر وبسر بن سعيد. مات سنة 74 هـ ودفن بالبقيع. أسدالغابة 2/ 213، الإصابة 2/ 35.
(3)
التعريف ص 77.
(4)
في السيرة النبوية 3/ 27، قال ابن إسحاق: كان يومُ أُحدٍ يومَ السبت النصفُ من شوال.
(5)
اللأمَة: الدرع. القاموس (لأم) ص 1156.
باب الصاد
صاحَة،
الصَّاحَةُ من الأرض: التي لا تُنبت شيئاً أبداً، وهي اسمٌ لهضباتٍ حُمْرٍ لباهلة، بقرب عقيق المدينة، وهي أحد أوديتها الثَّلاثة. قال بشر بن أبي خازم
(1)
:
ليالي تستبيكَ بذي غُروبٍ
…
كأنَّ رُضابَهُ وهناً، مُدَامُ
وأبلَجَ مشُرقِ الخدَّين، فَحْمٍ
…
يُسَنُّ على مراغِمه القَسَامُ
تعرُّضَ جأبة المِدْرَى خَذُولٍ
…
بِصاحةَ، في أَسِرَّتِها السَّلامُ
وصاحُبها غضيضُ الطَّرْفِ أحوَى
…
يضوعُ فؤادَها منه بُغَامُ
صَارَةُ:
جبلٌ بين تيماءَ ووادي القرى. قال
(2)
:
سَقَى الله حَيّاً بينَ صارةَ والحمِى
…
حِمَى فَيْدَ صوبَ المُدْجِنَاتِ المَواطرِ
أمينَ، وردَّ اللهُ مَن كان منهم
…
إليهم، ووَقّاهُمْ صُروفَ المقادرِ
صَارِي،
بكسر الرَّاء، وتخفيف الياء: جبلٌ في قِبلي المدينة، ليس عليه شيءٌ من النَّبات والماء
(3)
. والصَّاري بلغة المصريين: شِراعُ السَّفينة.
(1)
ديوانه ص 202، المفضليات 334، معجم البلدان 3/ 388.
…
الغروب: أشر في الأسنان. القاموس (غرب) ص 119، الرُّضاب: الرِّيق. القاموس (رضب) ص 89، الوهن: الساعة من الليل. القاموس (وهن) ص 1239، المدام: الخمر. القاموس (دوم) ص 1108، أبلج: واضح حسن. القاموس (بلج) ص 181، يُسَنُّ: يُصَبُّ. القاموس (سنن) ص 1207، المراغم: الأنف وما حوله. القاموس (رغم) ص 1114، القَسَام: الجمال والحُسْن. القاموس (قسم) ص 1149، الجأب: الغليظ. القاموس (جأب) ص 64، المِدْرى: القرن. القاموس (درى) ص 1282، الأحوى: أسود ليس شديد السواد. القاموس (حوى) ص 1277، يضوع فؤادها: يروع قلبَها ويذهب بِه. القاموس (ضوع) ص 742، البُغَام: صوت الظبي. القاموس (بغم) ص 1080.
(2)
الأبيات لمحمد بن عبد الملك الفقعسي، وقد تقدمت في (حمى فيد).
(3)
رسالة عرّام 8/ 425.
وقال الجوهريُّ
(1)
: الصَّاري: المَلاَّح.
صَايِفٌ: موضع بنواحي المدينة. قال أُمَيَّة بن أبي عائذ
(2)
:
لمَنِ الدِّيارُ بِعَلْيَ، فالأَخْرَاصِ
…
فالسُّوْدَتين، فَمَجْمَعِ الأَبواصِ
فَضَهَاءِ أَظْلمَ فالنُّطوفِ فصَائفٍ
…
فالنُّمْرِ فالبُرقَاتِ فالأنحاصِ
أَنحاصِ مُسرِعَة التي حازَتْ إلى
…
هَضْبِ الصَّفا المُتزحلفِ الدَّلاَّصِ
صُبْح،
بالضَّمِّ ثمَّ السُّكون، بلفظ أوَّل النَّهار. قال ياقوتٌ
(3)
: صُبْح وصُباح: ماءان من جبال نَملى لبني قُرَيط، ونَمَلَى بقرب المدينة. قال أعرابيٌّ يتشوَّقُها
(4)
:
ألا هل إلى أجبالِ صُبْحٍ بذي الغَضَا
…
غَضَا الأَثْل، من قبل المماتِ مَعادُ؟
بلادٌ بِها كنَّا، وكنَّا نحبُّها
…
إذ الأهلُ أهلٌ والبلادُ بلادُ
وجبالُ صُبح: في بلاد بني فَزارةَ. اجتَزْتُ عليها في مسيري إلى المدينة
(5)
من مكَّة، فذكر/345 لي بعض عرب تلك الناحية أن اليوم على متن
(1)
في الصحاح: (صرى) 6/ 2400.
(2)
شاعر هذلي، إسلامي من شعراء الدولة الأموية، كان أحد مدَّاحي بني مروان، وله في عبد الملك و عبد العزيز ابني مروان قصائد مشهورة. وقد وفد لمصر قاصداً عبد العزيز. الأغاني 20/ 115.
والأبيات مطلع قصيدة له في شرح أشعار الهذليين 2/ 487.
عَلْيُ: موضع في جبال هذيل معجم البلدان 4/ 149. والأخراص: اسم موضع. معجم البلدان 1/ 110، والسُّودتين: اسم موضع. معجم البلدان 3/ 277، ومجمع الأبواص: مكان. معجم البلدان 1/ 80، وضهاء أظلم، والنطوف: اسم ماء للعرب. معجم البلدان 5/ 292 كلها أمكنة. المتزحلف: الليِّن الأملس. اللسان (زحلف) 9/ 130، الدَّلاص: الأملس البراق. القاموس (دلص) ص 620. وفي الأصل بعض التحريفات.
(3)
معجم البلدان 3/ 391.
(4)
البيتان في معجم البلدان 3/ 391، و الأول في وفاء الوفا 4/ 1250.
(5)
أفاد الشيخ حمد الجاسر (المغانم 215) أن هذه الجبال ماتزال إلى اليوم باسمها نسبة إلى عشيرة كبيرة تعد الآن في قبيلة حرب تسمى بهذا الاسم وتسكن تلك الجهات منذ القرن الهجري الثاني.
جبال صُبحٍ نخيلاً كثيرة ومزارع.
وأمَّا أرض صُبْحٍ باليمامة فَسُمِّيت برجلٍ من العماليق.
صَحْنٌ،
بلفظ صحن الدَّار
(1)
: جبلٌ قرب المدينة فوق السُّوارقية، عن أبي الأشعث
(2)
قال: وفيه ماء يقال له: الهَباءة، وهي أفواهُ آبار كثيرة، مخرقة الأسافل، يفرغ بعضها في بعض الماء العذب الطيّب، يُزرع عليها الحنطة والشعير وما أشبهه. قال
(3)
:
جلبْنَا من جنوب الصَّحْنِ جُرْداً
…
فوافينا بِها يَوْمَي حُنينٍ
عِتاقاً شُرَّباً نسلاً لِنَسْلٍ
…
رسولَ الله، جِدّاً غيرَ هَزلِ
صُخَيراتُ الثُّمَام،
بالثَّاء المثلَّثة [المضمومة]
(4)
، وقيل: الثُّمامة، بلفظ واحدة الثُّمام. وهو نبتٌ معروف: اسم منْزل من منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى بدرٍ، وهو بين السَّيَالة وفَرْشٍ.
وفي المغازي: صخيرات اليمام بالمثناة التحتية.
(1)
ضبطه البكري في (معجمه) 3/ 826، بضمِّ أوَّله، وإسكان ثانيه.
(2)
أبو الأشعث الكندي، عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك، راوي رسالة عرام عنه مباشرة. وروى عن أبي الأشعث عبد الله بن عمرو الوراق المعروف بابن أبي سعد. مقدمة رسالة عرام ص 395. والنقل من رسالته ص 435.
(3)
البيتان في رسالة عرّام ص 435، معجم ما استعجم 3/ 814، معجم البلدان 3/ 395، وفاء الوفا 4/ 1251. وضبطه البكري الصُّحن بالضم. معجم ما استعجم 3/ 826.
جرد جمع أجرد، وهو الفرس القصير الشَّعر. القاموس (جرد) ص 272. الشُّرب جمع شَروب، وهي التي تشتهي الفحل. القاموس (شرب) ص 100. وتصحف: شُرَّباً في الأصل إلى: شرها. العتاق جمع عتيق، وهو الفرس النجيب. القاموس (عتق) ص 906.
(4)
زيادة من معجم البلدان 3/ 395.
قال ابنُ إسحاق: مرَّ صلى الله عليه وسلم على تربان، ثمَّ على مَلَل، ثمَّ على غميس الحمام من مرِّين
(1)
، ثمَّ على صُخيرات اليمام، ثمَّ على السَّيَالة
(2)
.
صُدارٌ، كَغُراب، كأنه فُعَالٌ من الصَّدَر ضد الوِرْد: اسمُ موضعٍ بنواحي المدينة.
صِرَارٌ،
بالكسر، ككتاب: موضعٌ على ثلاثة أميال من المدينة، على طريق العراق. قاله الخطابيُّ
(3)
. قال
(4)
:
لعلَّ صِراراً أَنْ تجيشَ بِئارُها .....................
وقال نصرٌ: ماءٌ قرب المدينة محتفَرٌ جاهليٌّ، له ذِكْرٌ كثيرٌ، وهو على سمت العراق.
وقيل: صِرَارٌ: أُطم لبني عبد الأشهل، له ذِكْرٌ في أيام العرب وأشعارها.
وإليه يُنسب محمد بن عبد الله الصِّراري
(5)
.
(1)
تحرفت في الأصل إلى: (مرتين).
(2)
تقدم ذلك في حرف الثاء (الثُّمام).
(3)
حمد بن محمد، أحد كبار أئمة الشافعية والحديث، سمع الحديث من أبي سعد بن الأعرابي، والحسن بن محمد الزعفراني، وأبو بكر بن داسه، وعنه أبو حامد الإسفراييني، وأبو أحمد الحاكم. توفي سنة 388 هـ، له معالم السنن، أعلام الحديث.
الأنساب للسمعاني 1/ 349، معجم الأدباء 10/ 268، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 282. وقول الخطابي في كتابه غريب الحديث 2/ 54.
(4)
صدر بيت وعجزه: (وتسمع بالريان تبنى مشاربه) وهو لنُهَيْك بن يساف، وقد تقدم في مادة (الريان).
(5)
من أهل الحديث الثقات، يروي عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين، وروى عنه يزيد بن عبد الله بن الهاد، وبكر بن مُضَر.
ترجمته في التاريخ الكبير للبخاري 1/ 1/129، الثقات لابن حبان 9/ 32، الأنساب 3/ 532.
وقال العمرانيُّ
(1)
: صِرارٌ: اسم جبل. أنشدني جار الله
(2)
العلامة للأفطس العلوي
(3)
، وفي الأغاني
(4)
لأيمن بن خُريم
(5)
:
كأنَّ بني أُميَّةَ يوم راحوا
…
وعُرِّيَ من منازِلهمْ صِرارُ
شماريخُ السَّحابِ إذا تردَّتْ
…
بزينتِها وجَادَ بِها القِطَارُ
وقال: هو من جبال القَبَلِية.
قال: وصِرَارٌ أيضاً: بئرٌ قديمةٌ على ثلاثة أميالٍ من المدينة على طريق العراق.
وقيل: صِرَارٌ: موضعٌ بالمدينة.
صَفَاصِف:
موضعٌ بالمدينة.
صُعَيْبٌ،
تصغيرُ صَعْب، للشَّديد العَسِر، وقيل: صُعَين ـ بالنون، تصغير صَعْن /346 للصغير الرَّأس: موضعٌ في بطن وادي بُطحان مع ركن الماجشونية الشَّرقي، وهو على مقربة من دار بني الحارث بن الخزرج، التي كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه نازلاً فيها، بزوجته حبيبة بنت خارجة؛ وقيل: مُليكة
(1)
علي بن محمد بن علي العمراني الخوارزمي، يلقب حجة الأفاضل وفخر المشايخ، قرأ على الزمخشري، فصار أكبر أصحابه، له: المواضع والبلدان واشتقاق الأسماء، توفي في حدود 560 هـ معجم الأدباء 14/ 153، بغية الوعاة 2/ 195.
(2)
هو الزمخشري، وتقدمت ترجمته.
(3)
اسمه الحسن بن علي بن علي بن الحسين، وزوجه أم عبد الله بنت الحسن بن علي. المعارف ص 216، نسب قريش ص 72 - 73.
(4)
أيمن بن خُريم بن فاتك الأسدي، لأبيه صحبة، وأيمن شاعر أموي، كان يدخل على عبد الملك بن مروان. الأغاني 21/ 5، الشعر والشعراء ص 363.
(5)
البيتان في معجم البلدان 3/ 398، والأول في وفاء الوفا 4/ 1252.
الشماريخ: جمع شمروخ، وهو أعالي السحاب ورأس الجبل. القاموس (شمرخ) ص 254.
أخت زيد بن خارجة
(1)
المتكلم بعد الموت
(2)
.
وفي صُعيب هذا حفرةٌ في بطن الوادي المذكور، يُؤخذ من ترابها فيجعل في الماء ويغتسل به من الحُمَّى.
روينا عن الزُّبير بسنده، عن إبراهيم بن الجهم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بلحارث بن الخزرج فإذا هم رَوْبَى. فقال:«ما لكم يا بني الحارث رَوْبَى؟» قالوا: نعم يا رسول الله، أصابتنا هذه الحُمَّى، قال:«فأين أنتم عن صُعيب؟» قالوا: يا رسول الله ما نصنع به؟. قال صلى الله عليه وسلم: «تأخذون من ترابه فتجعلونه في ماء، ثمَّ يتفل فيه أحدكم ويقول: بسم الله تراب أرضنا، بريق بعضنا، شفاءٌ لمريضنا، بإذن ربِّنا» . ففعلوا فتركتهم الحُمَّى
(3)
(1)
صحابي أنصاريُّ خزرجيُّ، شهد بدراً توفي في خلافة عثمان. أسد الغابة 2/ 132، الإصابة 2/ 565.
(2)
مجمع الزوائد 5/ 183، حياة الصحابة 3/ 588.
وقال ابن الأثير: وأمّا كلام زيد، فإنه أغمي عليه قبل موته، فظنُّوه ميتاً، فسجُّوا عليه ثوبه، ثمَّ راجعته نفسه، فتكلَّم بكلام حُفظ عنه في أبي بكر، وعمر، وعثمان، ثم مات. أسد الغابة 2/ 132.
(3)
رواه الزبير بن بكار كما في الدرة ص 52، ويحيى بن الحسن بن جعفر العلوي كما في وفاء الوفا 1/ 68، وابن النجار ص 52.
…
كلهم من طريق ابن زبالة، عن محمد بن فضالة، عن إبراهيم بن الجهم، به.
…
وفيه: ابن زبالة: كذبوه، وإبراهيم بن الجهم: ضعيف.
الرَّوبى جمع روبان، وهم الذين أثخنهم السفر والوجع، فاستثقلوا نوماً. لسان العرب (روب) 1/ 441.
لكن ورد بمعناه عند البخاري في الطب، باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم (5746) عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الرقية: «بسم الله، تربة أرضنا، وريقة بعضنا، يشفى سقيمنا، بإذن ربنا» وأخرجه مسلم أيضاً في السلام، باب استحباب الرقية 4/ 1724 (2194).
قال ابنُ النَّجَّار
(1)
: رأيتُ هذه الحفرة اليومَ والنَّاسُ يأخذون منها، وذكروا أنَّهم قد جرَّبوه فوجدوه صحيحاً. قال: وأنا أخذتُ منها أيضاً
(2)
.
الصَّفراء،
تأنيث الأصفر: وادٍ قرب المدينة
(3)
، كثير النَّخل والزَّرع والخير، يُجلب منه التَّمر إلى المدينة، وإلى ينبع لِحُسْن تمره، وهي في طريق الحاجِّ، وسلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرَّة، وبينه وبين بدر مرحلة.
قال عرَّام بن الأصبغ السُّلمي
(4)
: الصَّفراءُ قريةٌ كثيرةُ النَّخل والمزارع، وماؤها عيونٌ كلُّها، وهي فوق ينبع، مما يلي المدينة، وماؤها يجري إلى ينبع، وهي لجهينة والأنصار ولبني فهر، وحوالي الصفراء قِنَانٌ وضَعَاضعُ صغارٌ.
الصَّفْراوات:
يذكر في كتاب مكَّة.
صَفَر،
مُحرَّكة: جبلٌ أحمرٌ من جبال مَلَل قرب المدينة. وقيل: جبل بفرش ملل، كان منْزل أبي عبيدة
(5)
[بن] عبد الله بن زمعة بن الأسود بن
(1)
محمد بن محمود البغدادي، مؤرخ عصره، سمع من أبي الفرج ابن الجوزي، وتلا بالقراءات العشر على عبد الوهاب بن سكينة، ورحل لبلاد كثيرة، له ذيل تاريخ بغداد الدرة الثمينة في أخبار المدينة. توفي سنة 643 هـ. معجم البلدان 19/ 49، سير أعلام النبلاء 23/ 131، الوافي 5/ 9.
(2)
الدرة الثمينة ص 53.
(3)
يبعد عنها حوالي 140 كم بطريق مكة. وفي المعالم الأثيرة ص 159: (على مسافة واحدٍ وخمسين كيلاً من المدينة من طريق بدر)، وهو خطأ، لأن بدراً تبعد عن المدينة 150 كم، والصفراء تبعد عنها 10 كم.
(4)
رسالة عرّام ص 398. وقال عرام: القنان واحدها قُنَّة، وضعاضع واحدها: ضَعْضَاع، والقنان والضعاضع جبالٌ صغارٌ لا تُسمَّى.
(5)
وكان زمعة جدُّه أحد أزواد الركب، وأبو عبيدة كان كثير الطعام، كثير الضيافة، نزل الفَرْش، وكان عبد الملك بن مروان قد تزوج ابنته هنداً ثم طلقها. نسب قريش لمصعب ص 22 - 227، الأغاني 24/ 144. وما بين المعقوفين من نسب قريشٍ.
المطلب عنده، وبه صخرات تُعْرَف بصخرات أبي عبيدة.
قال محمد بن بشير الخارجيُّ
(1)
:
إذا ما ابنُ زادِ الرَّكْبِ لم يُمْسَ نازلا
…
قَفَا صَفَرٍ، لم يَقْرَبِ الفَرْشَ زائِرُ
وصَفَرٌ أيضاً: جبلٌ بنجد، في ديار بني أسد.
الصُّفَّة،
بالضَّمِّ، وفتح الفاء المشددة، قال الدَّارقطنيُّ
(2)
: هي ظلَّةٌ كان المسجد في مُؤخَّرتِها.
وذكر ابنُ جُبَير في (رحلته)
(3)
عند ذكر قُباء قال: وفي آخر القرية تَلٌّ مشرفٌ، يُعرف بعرفات، يُدخل إليه على دار الصُّفَّة، حيث كان عمّار، وسلمان
(4)
وأصحابهما المعروفون بأهل الصُّفَّة/347 وكأن هذا وهم، والله أعلم.
صَفْنَةُ،
بالفتح ثمَّ السُّكون، ونون وهاء: موضعٌ بالمدينة، وقيل: بقُبَا.
وهي في اللُّغة: السُّفرة التي يُجمع رأسها بالخيط.
(1)
في الأصل: (بشر)، وهو تصحيف. وهو منسوب لبني خارجة بطن من عدوان، لا إلى الخوارج، وهو شاعر فصيح حجازي من شعراء الدولة الأموية، أكثر من مدح أبي عبيدة المذكور لأنه كان يكفيه مؤنته، وكان يقيم في بوادي المدينة. معجم الشعراء ص 412، الأغاني 24/ 142.
والبيت في نسب قريش ص 222، معجم ما استعجم 4/ 1258، معجم البلدان 3/ 413، وفاء الوفا 4/ 1253.
(2)
أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، الإمام الحافظ، شيخ الإسلام، انتهى إليه الحفظ، ومعرفة علل الحديث ورجاله. توفي سنة 335 هـ. له كتاب (السنن) و (العلل). تاريخ بغداد 12/ 34، وفيات الأعيان 3/ 297، سير أعلام النبلاء 16/ 449.
(3)
رحلة ابن جبير ص 175.
(4)
عمار بن ياسر، وسلمان الفارسي من فقراء الصحابة، كانوا يجلسون في صفة آخر المسجد النبوي، وللسخاوي كتاب في أهل الصفة اسمه (رجحان الكفة) ط.
وقيل: صَفْنَةُ: في المدينة بين عَمْروٍ بن عوف وبين الحُبْلَى
(1)
في السَّبخة.
وروى الزُّبير بسندٍ عن مشيخة من الأنصار، أنَّهم قالوا: إنَّما سُمِّيَت صَفْنةُ صفنةَ لأنَّها ارتفعت عن السُّيول، فلم تشرب بشيء منها.
وكان صَفْنَةُ منْزلاً لبني عطيَّة بن زيد بن قيس بن عامر بن مرّة بن مالك بن الأوس، وابتنوا فيها أُطُماً
(2)
اسمه شاس.
صَفِينةُ،
كَسَفِينة: موضعٌ بالمدينة، بين بني سالم وقُباء. قاله نصر.
ذو صُلْب
(3)
، بالضَّمِّ: موضعٌ بالمدينة قرب رانونا
(4)
.
[صُلْحَةُ]
(5)
، بالضَّمِّ ثمَّ السُّكون: موضعٌ بالمدينة وهو ما بين مسجد القبلتين إلى المذاد، في سَنَد تلك الحَرَّة، كانت داراً لبني سلمة بن علي بن أسد
(6)
، وكانت تُسَمَّى حَرْباً
(7)
، فسماها النبي صلى الله عليه وسلم صلحة.
صُلْصُل،
بالضَّمِّ والتكرير: موضعٌ بنواحي المدينة على سبعة أميال، فيها
(1)
قال الكلبي: وولد غَنْم بن غَنْم بن عوف بن الخزرج سالماً، وهو الحبلى. (نسب معد) 1/ 416، وقال ابن دريد في (الاشتقاق) ص 458: ومنهم بنو الحبلى، سُمِّي بذلك لعظم بطنه.
(2)
الأُطُمُ: كلُّ حصنٍ مبنيٍّ بحجارة. القاموس: (أطم) ص 1076.
(3)
خلط الناسخ بينه وبين (صلحة) وصلصل، ثلاث مواد متداخلة، وأسقط لفظ (صلحة) فصارت مادة (صلحة) لذي صلب. والتصويب هكذا من عمدة الأخبار ص 355. ووقع هاهنا في الأصل:(صلصل)، وهو خطأ.
(4)
تقدم في حرف الراء.
(5)
جعلها في الأصل: ذو (صلب).
(6)
تحرفت في الأصل إلى: (راشد)، والتصويب من جمهرة أنساب العرب ص 358.
(7)
تقدم أنه بالخاء، انظر (خربى) بالخاء والراء أو بالخاء والزاي. وكونه بالحاء أرجح؛ لمقابلة الحرب بالصلح.
نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خرج من المدينة إلى مكَّةَ عام الفتح.
ولذلك قال عبد الله بن مصعب الزُّبيريُّ
(1)
يذكر العَرْصتين والعقيق [وصُلْصُلاً]
(2)
:
أَشْرِفْ على ظهرِ القديمة هل تَرى
…
بَرْقاً سَرى في عارضٍ مُتهلِّل
نَضحَ العقيقَ فبطنَ طيبةَ مُوهِناً
…
مَّ استمرَّ يؤمُّ قصدَ الصُلصُلِ
وكأنَّما ولعَتْ مخايلُ بَرْقهِ
…
بِمعالمِ الأحبابِ، ليسَتْ تأتلي
بالعَرْصتين يَسُحُّ سَحَّاً، فالرُّبى
…
من بطنِ خاخٍ ذي المحلِّ الأسهلِ
الصُّلْصُلة،
بزيادة هاءٍ: ماءٌ قرب المدينة، لمحارب، بين مَاوان
(3)
والرَّبَذَة.
الصَّلْعَاءُ: موضعٌ قربَ ماوان.
الصَّمْدُ: بسكون الميم، وإهمال الدَّال: ماءٌ قرب المدينة، له يوم مشهور
(4)
.
وقيل: ويوم الصَّمد يوم جوِّ طويلع، ويوم ذي طلوح، ويوم بلقاء، ويوم أُوْد، كلها واحد.
وقال بعضُ القُرَشيين
(5)
:
أيَا أخَوَيَّ، بالمدينةِ أشْرِفَا
…
بيَ الصَّمْدَ أنظرْ نظرةً هل نرى نَجداً؟
/347 فقال المدينيان: أنتَ مكلَّفٌ
…
بداعي الهوى، لا تستطيعُ له ردَّا
(1)
شاعر فصيح، خطيب، ذو عارضة وبيان واعتبار من الرجال، نادم أوائل الخلفاء من بني العباس وتولى لهم أعمالاً. انظر: الأغاني 20/ 180.
(2)
الأبيات في معجم البلدان 3/ 421.
(3)
تحرفت في الأصل إلى: (ماان).
(4)
كان بين بكر وتميم، انظر خبره في العمدة لابن رشيق 2/ 201، الكامل لابن الأثير 1/ 637.
(5)
البيتان في معجم البلدان 3/ 424.
وقال عبد الله بن عَنَمَة الضَّبيُّ
(1)
يمدح مُتَمِّم بن نويرة
(2)
:
جزى اللهُ رَبُّ النَّاسِ عَنّي مُتمِّماً
…
بخير جزاءٍ ما أَعَفَّ وأحمدَا
كأني غداةَ الصَّمْدِ يومَ لقيتُهُ
…
تفرَّعتُ حِصْناً لا يُرامُ مُمرَّدا
الصَّمْغَة،
بالغين المعجمة: أرضٌ قربَ أُحد، من المدينة.
قال ابنُ إسحاق
(3)
: لما نزل أبو سفيان بأُحُد سرَّحت قريش الظَّهْرَ والكُرَاع في زروع كانت بالصَّمغة من قناة للمسلمين.
صُوَار
(4)
، بضمِّ الصَّاد، بعده واوٌ وألفٌ وراءٌ: موضعٌ بالمدينة. قال الشَّاعر
(5)
:
فَمحِيصٌ فواقِمٌ فَصُوارُ
…
فإلى ما يلي حَجَاجَ غُرَابِ
ـ في أبيات ـ
صَوَرَى،
كجَمَزَى وبَشَكَى: موضعٌ، أو ماء قرب المدينة، عن الجَرْميِّ
(6)
.
(1)
شاعر إسلامي مخضرم، شهد القادسية، وهو أحد شعراء المفضليات، له مرثية في بسطام ابن قيس الشيباني الذي أغار على بني ضبَّة فقتلوه. المفضليات ص 379، الاختيارين ص 391، الإصابة 2/ 355.
(2)
شاعر مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، من فرسان قومه، حسن إسلامه، كان أعور، واستفرغ شعره في مراثي أخيه مالك، الذي قتله خالد بن الوليد في حروب أهل الردة باليمامة. معجم الشعراء ص 466، الإصابة 3/ 361.
والبيتان في النقائض 1/ 48، معجم البلدان 3/ 424، الكامل لابن الأثير مع القصة 1/ 638.
(3)
السيرة النبوية 3/ 29.
(4)
تحرفت في الأصل إلى: (صوال)، والمثبت من معجم البلدان 3/ 432.
(5)
البيت في معجم البلدان 3/ 432، و ذكر أبياتاً بعده في 5/ 67، وفاء الوفا 4/ 1255.
(6)
أبو عمر الجرمي، صالح بن إسحاق، أحد أئمة النحو، أخذ عن الأخفش، وأبي عبيدة، وكان ذا دين وورع، خبيراً بكتاب سيبويه. توفي سنة 225 هـ. تاريخ بغداد 9/ 313، إنباه الرواة 2/ 80، بغية الوعاة 2/ 8.
وقال ابنُ الأعرابيِّ: صَوَرَى: وادٍ في بلاد مُزَينة، قريب من المدينة.
قال المتنبيُّ
(1)
:
ولاح لها صَوَرٌ والصَّبَاحْ
…
ولاحَ الشَّغُورُ لها والضُّحى
قال الواحديُّ
(2)
: الصوابُ صَوَرَى.
الصَّوْرَان،
تثنية الصَّور
(3)
: موضعٌ بالنَّقيع.
قال عمر بن أبي ربيعة
(4)
:
(1)
البيت في ديوانه 1/ 40 من قصيدة له قالها في خروجه من مصر وما لقي، ويهجو كافور الأخشيدي، ومطلعها:
ألا كلُّ ماشيةِ الخَيْزَلى
…
فِدا كلِّ ماشيةِ الهَيْدَبَى
وهو في معجم البلدان 3/ 432.
يقول: إن صور هو ما لاح لها مع الصباح، فالصباح منصوب على أنه مفعول معه. والشغور: موضعٌ بالعراق. شرح الديوان لعبدالرحمن البرقوقي 1/ 164.
(2)
أبو الحسن علي بن أحمد، أستاذ عصره في علم التفسير، قرأ على أبي إسحاق الثعالبي، وأبي عمران الفاسي، وغيرهما، وعنه عبد الجبار الخُواري، وأبو نصر الأُرغياني، له (تفسير الوجيز) و (الوسيط)، و (البسيط). توفي سنة 468 هـ. المنتخب من السياق ص 387، معجم الأدباء 12/ 257، وفيات الأعيان 2/ 464.
(3)
هو النخل المجتمع الصغير. وقوله هذا في شرحه لديوان المتنبي. كما ذكره ياقوت 3/ 432، نقلاً عن الجرمي.
(4)
شاعر الغزل في عصره، ولد يوم مات عمر بن الخطاب، كان لا يمدح الرجال بل يمدح النساء. سيَّره عمر بن عبد العزيز إلى جزيرة الدهلك، لمجونه، غزا في البحر فأحرقوا سفينته فاحترق. أخباره في الشعر والشعراء ص 371، الأغاني 1/ 28، سير أعلام النبلاء 4/ 379، 5/ 149.
البيتان في (ديوانه) ص 109. ومعجم ما استعجم 3/ 487، ومعجم البلدان 3/ 432. المناصف: الخدَّام.
قد حلفَتْ ليلةَ الصَّوْرَين، جاهدةً
…
وما على المرءِ إلا الصَّبرُ مُجتهدا
لِتِرْبِهَا، ولأخْرَى مِنْ مَنَاصِفَها
…
لقد وجَدْتُ به فوقَ الذي وَجَدَا
وقال مالك بن أنس: كنت آتي نافعاً
(1)
مولى ابن عمر رضي الله عنهما، نصف النهار، ما يُظِلُّني شيءٌ من الشَّمس، وكان منْزلهُ بالنَّقيع بالصَّورين.
وقال ابن إسحاق
(2)
: لمَّا توجَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة، مَرَّ بنفر من أصحابه بالصَّورين، قبل أن يصل إلى بني قريظة
(3)
.
صَوَّر،
بفتح الصَّاد والواو المشددة، بعدها راء: موضعٌ من أعمال المدينة. قال ابنُ هَرْمة
(4)
:
حوائمُ في عُشِّ النَّعيم كأنَّما
…
رأينا بهنَّ العِينَ من وَحشِ صوَّرا
ذو صُوَيْر،
مثال زُبَيْر: موضعٌ بعقيق المدينة، قريب الصَّوران، المتقدِّم ذكره،
هكذا قاله صاحب (العُباب)
(5)
فيه، وفي (التكملة)
(6)
و (مجمع البحرين)
(7)
كذلك.
صُهَى،
بالضَّمِّ، جمعُ صَهْوَة، كَرَبْوَة ورُبَى: وهي عِدَّة قُلَلٍ في جبلٍ بين المدينة ووادي القرى، يقال لكلِّ واحدة منها: صَهْوة.
(1)
نافع مولى ابن عمر، الإمام الثبت، عالم المدينة، روى عن مولاه وعائشة وأبي هريرة، وروى عنه الزهري وحميد الطويل والإمام مالك، توفي سنة 117 هـ. تاريخ خليفة ص 206، الجرح والتعديل 8/ 451، سير أعلام النبلاء 5/ 95.
(2)
السيرة النبوية 3/ 183.
(3)
وقع في الأصل خطأ: (قبل أن يصل بالصورين قريظة).
(4)
ديوانه ص 105، معجم البلدان 3/ 434.
(5)
هو الصاغاني. وانظر مخطوطِة (العُباب) صَوَر.
(6)
التكملة): صور. وهو كتاب التكملة والذيل والصلة للصاغاني. كمَّل فيه وذيَّل ما فات الجوهري في (صحاحه).
(7)
كتاب كبير للصاغاني في اللغة، جمع فيه بين الصحاح للجوهري، التكملة لنفسه.
الصَّهْبَاء،
بلفظ اسم الخمر: موضعٌ بين المدينة وخيبر، وبين الصَّهباء وخيبر رَوْحةٌ.
الصَّهْوَة:
موضعٌ بنواحي المدينة، وهو في جبل جُهَينة صدقةُ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
(1)
.
الصَّيَاصي:
أربعة عشر أُطُماً كانت في رَحْبة بني زيد بن مالك بن عوف بن عمرو
(2)
. وكان أهلها يتعاطون
(3)
النِّيران بينهم من قربها.
(1)
نقل السمهودي عن ابن شبة. وفاء الوفاء 4/ 1255 قال: وتصدق عبد الله بن عباس رضي الله عنه بماله بالصهوة. وهو موضع بين (يَيْنٍ) وبين حورة، على ليلة من المدينة، وتلك الصدقة بيد الخليفة يوكِّل بها. وانظر كتاب الهجري ص 196.
(2)
قال العباسي: أطمٌ بقباء. عمدة الأخبار ص 357.
(3)
الكلمة غير واضحة في الأصل. وعليها علامة توقف. والتقريب من وفاء الوفا 4/ 1256. وعبارته: يتعاطى أهلها النيراة.
باب الضاد
ضاحِكٌ،
بلفظ اسم الفاعل، من: ضَحِك: جبلٌ من أعراض المدينة، بينه وبين ضُوَيْحِك وادٍ يقال له: يَيْنٌ. قال كُثيِّر
(1)
:
سَقى أُمَّ كلثومٍ على نأيِ دارها
…
ونسوتَها جَوْنُ الحَيا ثَمَّ باكرُ
بذي هَيْدَبٍ جَونٍ تُنَجِّزُهُ الصَّبا
…
وتدفعه دفعَ الطَّلا، وهو حاسرُ
وَسُيِّلَ أكنافُ المرابدِ غُدوَةً
…
وسُيِّلَ منه ضاحكٌ، والعواقِرُ
وضاحكٌ أيضاً في غير هذا: ماء لِبَلْقَيْن.
وضاحك أيضاً: وادٍ باليمامة.
ضَاس،
مثل ناس: اسمُ موضع بين المدينة وينبع. قال كُثيِّر
(2)
:
لعينكَ تلك العيرُ حتى تغيّبَتْ
…
وحتى أتى من دونها الخَبْتُ أجمعُ
وحتى أجازت بطنَ ضاسٍ، ودونها
…
رِعانٌ فهضْبا ذي النَّجيل فينبُعُ
وأعرضَ من رَضْوى مع الليل دونها
…
هضابٌ تردُّ العينَ عمنْ يشَيِّع
إذا أتبَعَتْهُمْ طَرْفَها حال دونها
…
رذاذٌ على إنسانها يتريَّعُ
(1)
الأبيات في (ديوانه) ص 372، معجم البلدان 3/ 449. ووقع في الأصل:(جون الحناتم)، وهو تحريف.
الجون: الأسود. القاموس (جون) ص 1187. والمراد: السحاب الأسود، الحيا: المطر. القاموس ص 1278، الهيدب: ما يظهر كالخيوط عند انصباب المطر. القاموس ص 143. الطَّلا: ولد الظبية. اللسان 15/ 12. الحاسر: من لامغفر له ولادرع. القاموس ص 375 والمراد هنا المتعب. المرابد: موضع بعقيق المدينة. معجم البلدان 5/ 91.
(2)
الأبيات في (ديوانه) ص 403. ريحان: موضع. معجم البلدان 3/ 110. يتريع: يتكاثر. القاموس ص 724. ووقع في الأصل: (لعينيك)، والصواب: المثبت. وفي الديوان: ومن دونها الخبّ، وهو اسم موضعٍ بالعقيق، وهو أصحّ.
الضَّبُع،
بسكون الباء، وضمِّها: موضعٌ بين مكة والمدينة. قال أعرابيٌّ
(1)
:
خليليَّ ذُمَا العيشَ إلا لياليَا
…
بذي ضَبُعٍ، سُقياً لهُنَّ لياليَا
وليلةَ ليلى ذي القرين فإنَّها
…
صفتْ ليَ، لو أنَّ الزمان صَفَا ليا
على أنَّها لم يلبَثِ اللَّيلُ أنْ مضى
…
وأنْ طلعَ النَّجمُ الذي كان تاليَا
ألا هل إلى رَيّا سبيلٌ وساعة
…
تكلِّمُني فيها من الدَّهر خاليا؟
فأشفيَ نفسي من تباريحِ ما بِها
…
فإن كلامِيْهَا شفاءٌ لما بيَا
ضَبُوعَة،
بالفتح كحَلُوبة، فَعُولة من ضَبَعَتِ الإبل: إذا مدَّت ضَبْعَها
(2)
/350 وهي اسمُ منزلٍ قرب المدينة، عند يَليَل
(3)
. قال ابنُ إسحاقَ
(4)
: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غَزاة ذات العُشَيرة، حتى هبط يليلَ، فنزل بمجتمعه ومجتمع الضَّبوعة، واستقُي له من بئر الضَّبوعة.
قال الشيخُ جمال الدِّين المطري
(5)
: وأمَّا مُشيرب
(6)
فما بين جبالٍ في شاميِّ ذات الجيش، بينها وبين جبال خلائق الضَّبوعة.
ضَحْيَان،
بالفتح، وسكون الحاء المهملة، ومُثنَّاة تحتية، وألف ونون، قَفَل بنو جحجبا
(7)
من قباء، حتى قتلوا رفاعة بن
(1)
الأبيات في معجم البلدان 3/ 452. التباريح: توهُّج الشوق. القاموس (برح) ص 213.
(2)
الضَّبْع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه. القاموس (ضبع) ص 740.
(3)
قال ياقوت: يليل: اسم قرية قرب وادي الصفراء، من أعمال المدينة. معجم البلدان 5/ 441.
(4)
السيرة النبوية 2/ 241.
(5)
التعريف ص 65.
(6)
تحرفت في الأصل إلى: (المشيرف).
(7)
جحجبا بن كلفة بن عوف، من بني عوف من الأوس، له من الأولاد: الحريش، والأصرم، ومجدعة، وكعب، وعامر، وعمرو. منهم أحيحة بن الجُلاح بن الحريش، كان سيد الأوس في الجاهلية. نسب معد 1/ 371.
زَنْبَر
(1)
وغُنْما أخَوَي بني عمرو بن عوف، فسكنوا العُصْبة
(2)
، فابتنى أُحَيحة بن الجُلاح بِهما أُطما يقال له: الضَّحيان، وهو الأُطُم الأسود الذي بالعُصبة، وكان عرضه قريباً من طوله، وكان يُرى من المكان البعيد، وله يقول أُحيحة
(3)
:
وقد أعددتُ للحَدَثَان حِصْناً
…
لو أنَّ المرءَ ينفعُه العُقولُ
طويلَ الرَّأسِ أبيضَ مُشْمَخِرّاً
…
يلوحُ كأنَّه سيفٌ صقيلٌ
وقال أيضاً
(4)
:
إني بَنَيْتُ واقِماً والضَّاحيا
…
بَنيتُه بِغُرَّةٍ منْ مالِيَا
والشرُّ مما يألف العواصيا
…
أخشى رُجَيْلاً ورُكيباً عاديا
ضَرْعَا:
قريةٌ قربَ جبل شمنصير، فيها قصورٌ ومِنبر وحصون
(5)
، يَشْرَك
(6)
بني
الحارث فيها هذيلٌ وغاضرة
(7)
بنُ صعصعة.
ضَرِيَّة،
قال نصرٌ: ضَرِيَّةُ: صُقْعٌ واسعٌ بنجد، يُنسب إليه حِمَى ضَرِيَّة، يليه أمراء المدينة، وينْزل به حاجُّ البصرة. وقال أبو عبيد السَّكوني: ضرية إلى عامل المدينة، ومن ورائها رُميلة اللوى، واختلف في اشتقاقها؛ يحتمل أن يكون من الضَّرَاء، وهو ما وَارَاك من شجر، وقيل: الضَّرَاء: البَرازُ والفَضاء والمستوي مِن الأرض، أو يكون مِنْ: ضَرِيَ به: إذا اعتاده، يقال: عِرْقٌ
(1)
تصحف في الأصل إلى: (زبير)، وقد تقدَّمت ترجمته.
(2)
تحرّفت في الأصل إلى: (العقبة).
(3)
البيتان في الأغاني 13/ 119 مع قصتها، الجليس الصالح الكافي للنهرواني 1/ 446، الكامل لابن الأثير 1/ 661. مُشْمَخِرَّاً: عالياً. القاموس (شمخر) ص 420.
(4)
البيتان في الأغاني 13/ 118.
(5)
نقلها المؤلف من رسالة عرام ص 408.
(6)
في الأصل: (يشترك)، وهو تحريف.
(7)
في الأصل: (عامر)، والصواب المثبت، كما في رسالة عرام، وغاضرة: قبيلة من أسد وحيٌّ من صعصعة. القاموس (غضر) ص 451.
ضَرِيٌّ: إذا كان لا ينقطع دمه
(1)
، وقال بعضهم: ضريةُ: قريةٌ عامرة قديمة، على وجه الدَّهر، في طريق مكَّة من البصرة، وهي إلى مكة أقرب من حيث المسافة، غير أنَّها معدودة في أعمال المدينة يحكم عليها واليها.
قال الأصمعيُّ: الشَّرَفُ كَبِدُ نجد، وفيها حِمَى ضَرِية، وضريةُ بِئرٌ.
وقال ابنُ الكَلبيِّ: سُمِّيت ضَرِيةُ بضَرِيَّةَ بنتِ نزار، وهي أم حلوان [بن] عمران ابن الحاف بن قضاعة
(2)
.
وقال أبو محمد الهَمْداني
(3)
: أمُّ خولان وإخوته بني عمرو بن الحاف بن قضاعة، ضرية بنت ربيعة /351 بن نزار. وقيل: هي لبني كلاب، والنسبة إليها ضَرَويٌّ، فعلوا ذلك هرباً من اجتماع أربع ياءآت، كما قالوا في قُصيِّ: قُصَويٌّ، وفي غَنيٍّ: غَنَويٌّ، وفي أُمَية: أمويٌّ، كأنَّهم ردُّوه إلى الأصل وهو الضَّرو، وهو العادة.
وماءُ ضَريةَ عَذْبٌ طيِّب. قال
(4)
:
ألا يا حبّذا لبنُ الخلايا
…
بماء ضَرَّيةَ العذْبِ الزُّلالِ
قال الأصمعيُّ
(5)
: خرجتُ حاجاً فنزلت ضَرية، ووافق يومَ جمعةٍ، فإذا
(1)
تهذيب اللغة (ضري) 12/ 56، لسان العرب (ضري) 14/ 484.
(2)
معجم البلدان 3/ 457، معجم ما استعجم 3/ 598. وما بين معقوفين من معجم البلدان.
(3)
اسمه الحسن بن أحمد بن يعقوب، لم يعرف في اليمن مثله علماً وفهماً، وإحاطةً بعلوم العرب، والأنساب، والسير. له كتاب (الإكليل للسان اليمن)، و (صفة جزيرة العرب). سجنه الملك الناصر لدين الله أحمد بن يحيى الهادي في صنعاء عدة سنوات، ثم أطلقه. توفي في حدود سنة 334 هـ. إنباه الرواة 1/ 279، بغية الوعاة 1/ 498. ومقدمة الإكليل. وهذا النقل من كتاب الإكليل 1/ 199.
(4)
البيت في معجم البلدان 3/ 458، وفاء الوفا 3/ 1093. الخلايا جمع خلية، قال المؤلف: والخلية من الإبل: المُخلاّة للحلب. القاموس (خلا) ص 1280.
(5)
الخطبة في أمالي القالي 1/ 253، لبعض الأعراب في قومه، وقد ولاَّه جعفر بن سليمان بعض مياههم، وفي الموفقيات ص 73.
أعرابيٌّ قد كوَّرَ عِمامته، وتنكَّب قوسه، ورقي المنبر، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، وصلى على نبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قال: أيُّها النَّاس، اعلموا أنَّ الدُّنيا دارُ ممرٍّ، والآخرة دار مقرّ، فخذوا من مَمرِّكم لمقرِّكم، ولا تهتكوا أستاركم عند مَنْ يعلم أسراركم، فإنَّما الدُّنيا سُمٌّ أكَلَهُ مَنْ لا يعرفه، أمّا بعد؛ فإنّ أمس موعظة، واليومَ غنيمة، وغداً لا يُدْرى مَن أهله، فاستصلحوا ما تَقدَمون عليه بما تظعنَون عنه. واعلموا أنه لا مهرب من الله إلا إليه، وكيف يَهربُ مَنْ يتقلَّب في يدي طالبه؟ فـ {كلُّ نفسٍ ذائقةُ الموت، وإنَّما تُوفَّون أجورَكم}
(1)
ـ الآية ـ ثمَّ قال: المخطوب له مَنْ قد عرفتموه. ثمَّ نزل.
وقال نُصَيْب
(2)
:
ألا يا عُقابَ الوَكْرِ، وَكْرِ ضَرِيَّةٍ
…
تمرُّ الليالي ما مررنَ ولا أَرى
سقَتْك الغوادي من عُقَابٍ ومن وَكْرِ
…
ممرَّ اللَّيالي يُنسياني ابنةَ النضْرِ
وحكى ابنُ جنيٍّ في كتاب النَّوادر الممتعة بسنده، عن الفضل بن إسحاق
(3)
قال ـ أو قال بعض المشيخة ـ قال: لقيتُ أعرابياً فقلت: ممنّ الرَّجل؟ فقال: من بني أسد. فقلتُ: فمن أين أقبلتَ؟ قال: من هذه البادية. قلت: فأين مسكنُك منها؟ فقال: مساقط الحِمى حِمى ضَرِيَّة، بأرضٍ ـ ها لَعَمْرُ الله ـ ما نريد بِها بدلاً عنها ولا حِوَلاً، قد نفحتها الغَدَوات، وحفَّتها الفَلَوات، فلا يملولح ترابُها، ولا يمْعَرُ
(4)
جنابها، ليس فيها أذى ولا قذى،
(1)
سورة (آل عمرآن) آية رقم: 185.
(2)
البيتان في فرحة الأديب ص 126، معجم ما استعجم 3/ 874، معجم البلدان 3/ 458.
(3)
لم أجده، وفي وفاء الوفا 3/ 1101: المفضل.
(4)
لايمعر: لا يفنى زادها ومرعاها. القاموس (معر) ص 477.
ولا دَعَك
(1)
، ولا مُومٌ
(2)
، ولا حمَّى، فنحن فيها بأرفه عيش، وأرغد معيشة.
قلتُ: وما طعامكم؟ قال: بَخٍ، بخ، عيشُنا واللهِ عيشٌ يُعلِّل جاذيَه
(3)
، وطعامنا أطيب طعام وأمرأُهُ وأهنأه: الفَثُّ، والهبيد، والفَطْس، والصَّليبُ، والَعْنكَثُ، والعِلْهِز، والذَّآنين، والطَّراثيث، والحِسَلة، والضِّباب.
وربما ـ والله ـ أكلنا القِدَّ، واشتوينا الجلد، فما نرى أنَّ أحداً أحسنُ منَّا حالاً، ولا أخصبُ جَناباً، ولا أرخى
(4)
بالاً.
فالحمد لله على ما بسط علينا من النِّعمة، ورزق من حُسن الدَّعة
(5)
. أو ما سمعت بقول قائلنا
(6)
؟:
/352 إذا ما أصبنا كلَّ يومٍ مُذَيقةً
…
وخَمسَ تُمَيْرَاتٍ صغارٍ كوانِزِ
فنحنُ ملوكُ النَّاسِ شرقاً ومَغْرباً
…
ونحنُ أُسودُ الناسِ عندَ الهَزَاهِزِ
وكم مُتَمَنٍّ عَيشنا لا ينالُهُ
…
ولو نالَهُ أضحى به جِدُّ فائِز
قلتُ: فما أقدَمكَ هذه البلدة؟ قال: بُغيةٌ لِيَهْ. قلتُ: وما بغيتك؟
قال: بكرات أضللتُهنَّ. قلتُ: وما بَكَراتك؟ قال: بكراتٌ أَنِقَات
(7)
، عَرِصات هَبِصات، أرِناتٌ أواتٍ، عِيْطٌ عوائطُ، كُومٌ فَواسحُ، أَعْزَبْتُهُنَّ قَفَا الرَّحبة، رحبةِ الخرجاء، بين الشَّقيقة
(8)
(1)
الدَّعَك: الحُمق والرعونة. القاموس (دعك)939.
(2)
المُوم: عِلَّة يهذى فيها، وهي البِرسام. القاموس (موم) ص 1161، (برسم) ص 1079.
(3)
الجاذي: القائم على أطراف أصابعه. القاموس (جذا) ص 1269.
(4)
أرخى: أمن واطمأن. القاموس (رخى) ص 1287.
(5)
الدَّعة: السَّعة في العيش. القاموس (ودع) ص 769.
(6)
الأبيات مع القصة في معجم البلدان 3/ 458، وفاء الوفا 3/ 1101.
الهَزاهز: تحريك البلايا والحروب والناس. القاموس (هزز) ص 529.
(7)
شيءٌ أنيق: حسن معجبٌ. القاموس (أنق) ص 865.
(8)
الشَّقيقة: اسم بئر في ناحية أبلى من نواحي المدينة. معجم البلدان 3/ 356.
والوَعْسَاء
(1)
، ضجعن مني فحمة العِشاء الأولى، فما شعرتُ بِهنَّ إلى أن ترجَّل الضُّحَى، فقفوتُهنَّ شهراً، ما أُحِسُّ لهنَّ أثراً، ولا أسمعَنْ لهنَّ خبراً، فهل عندك جالية عين
(2)
، أو جائبة خَبر، لقِّيتَ المرَاشِد، وكُفيتَ المفاسد؟
الفَثُّ: حَبٌّ معروف يُعالَجُ ويطحن ويختبز ويؤكل في الجدب.
والهَبِيد: حَبُّ الحنظل، يُنقع في الماء، ويعالج، حتى يحلو قليلاً، ويطبخ ويؤكل.
والفَطْسُ: حَبُّ الآس.
والصَّلِيب: الوَدَكُ، يستخرج من العظام، يؤتدم به.
والعَنكَثُ: نبْتٌ خشن شائك، يعالجه الضبُّ بذنَبه، حتى يتحاتَّ ويلين، ثم يأكله.
والعِلْهِز: دمٌ ووبر، يُلبَك
(3)
ليؤكل في الجدْب.
والذَّآنين: جمعُ ذُؤْنُون: نبْتٌ معروف.
والطَّراثيث، جمعُ طُرْثُوث: نبتٌ آخر.
والحِسَلة، كقِرَدَة: جمعُ حِسْل: وهو ولدُ الضَّبِّ.
والعَرَصُ والهَبَص والأرَنُ: النشاط.
وأواتٍ: جمع آتِيَة، وهي التي ضُرِبَتْ فلم تُلقِح.
وعِيْطٌ عوائط: بمعناها، وعاطت واعتاطت، وتعيَّطت: إذا لم تحمل.
(1)
الوعساء: موضع على جادة الحاج. معجم البلدان 5/ 379.
(2)
جالية عين: بصيرة. اللسان (جلا) 14/ 150.
(3)
يلبك: يخلط. القاموس (لبك) ص 952.
وكومٌ، وفواسح
(1)
: سمان.
وأعزْبتُهن: بتُّ بِهنَّ عازباً عن الحيِّ.
وقَفَا الرَّحبة: خلفها.
والخرجاء: أرضٌ فيها سواد وبياض.
وضجعنَ مني: عَدَلن مني، ومِلْنَ، وضجعتُ فلاناً إليَّ: أي ميَّلتُه.
وهل من جائبة خبر؟ أي: طريفة خارقة
(2)
.
ضُرَيٌّ، كسُمَيّ: بئرٌ من حَفْر عادٍ، بِضَرِيَّة.
ضَعْ ذَرْع:
أُطُمٌ بالمدينة، ابتناه بنو خَطْمة
(3)
، شبه الحصن، ليس فيه بيوت، وإنَّما هو حصنٌ يُتحصَّن به للقتال، وكان لخَطْمةَ كلها
(4)
. وإنَّما سُمِّي ضعْ ذرع، لأنَّه كان عند بئر بني خَطْمَةَ، التي يقال لها: ذرع، وهي التي بصق فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ضُغَاضِغ
(5)
، بضادين، وغينين، معجمات: جبلٌ بقرب شَمنصير
(6)
، وعنده حِبْسٌ كبير يجتمع فيه الماء، والحِبْسُ: حجارةٌ مجتمعة، يوضع بعضها على بعض
(7)
. قال
(8)
:
(1)
تحرّفت في الأصل إلى: (فوارسج).
(2)
جاء في هامش القاموس: طريفة أي: نادرة حادثة تخرق الأسماع. (القاموس)(جوب) ص 70.
(3)
بنو خطمة من الأوس، كان يقال لهم في الجاهلية: أوس اللات. نسب معدٍّ 1/ 364،
النسب لأبي عبيد ص 270.
(4)
ومحلُّه في العالية، المعروفة اليوم بقُربان. المدينة بين الماضي والحاضر ص 360.
(5)
جعلها ياقوت بالعين المهملة.
(6)
تقدَّم في حرف الشين.
(7)
النقل من رسالة عرام ص 410.
(8)
البيت في رسالة عرام ص 410، معجم ما استعجم 3/ 810، وفيه: عُيْنَيَّ الصّبا، وهو تحريف، معجم البلدان 3/ 459. الظُّبا: وادٍ بتهامة.
وإنَّ التفاتي نحو حِبْسِ ضُغَاضغٍ
…
وإقبالَ عَينيَّ الظُّبَا، لطويلُ
/353 وهناك قرى لبني سعد بن بكر، أظآر
(1)
النبي صلى الله عليه وسلم.
ضِغْن،
بالكسر، وسكون الغين المعجمة، بعدها نون: ماءٌ لفزارة، بين خيبر، وفَيْد
(2)
.
ضَفْوَى،
بالفتح، وسكون الفاء، وفتح الواو، كسَكْرَى، مِنْ: ضَفَا الحوض، يضفو: إذا فاض امتلاءً، والضَّفْوُ أيضاً: السَّعةُ والخِصْب.
وهو اسمُ مكان بالمدينة.
وضبطه بعضُهم
(3)
بالتَّحريك، مثال جَمَزَى، وبَشَكَى
(4)
.
قال زهير
(5)
:
ضَفَوى أولاتِ الضّالِ والسِّدْر
(1)
الظِّئرُ: المُرضع. القاموس (ظأر) ص 432.
(2)
أفاد الشيخ حمد الجاسر (المغانم 232): أن الضغن يعرف الآن، وهو ما أسهل من أطراف الحرار الشرقية وليس ماءً.
(3)
وهو ابن دريد في جمهرة اللغة، باب فَعَلَى، من الأسماء والصفات 2/ 1181. وذكر لها كثيراً من النظائر، وكذا البكري في معجم ما استعجم 3/ 880.
(4)
الجَمَزَى: مشيٌ سريع. القاموس (جمز) ص 506. بَشَكى: خفيفة سريعة. القاموس (بشك) ص 933.
(5)
هو ابن أبي سلمى، هذا عجز بيت في (ديوانه) ص 27، وصدره (قَفْراً بِمُندفَعِ النَّحائت من) وهو من قصيدة يمدح فيها هرم بن سنان. جمهرة اللغة الموضع السابق، معجم البلدان 3/ 459.
النحائت: آبار في موضع يقال لها: النحائت. معجم البلدان 5/ 274. الضال: السِّدْر البري. القاموس (ضيل) ص 1024.
ضَفِيرَة،
وهي لغةً: الحِقْف
(1)
من الرَّمل، والمُسنَّاة
(2)
المستطيلة في الأرض، فيها خشب وحجارة: اسمُ أرضٍ بوادي العقيق، كانت للمغيرة بن الأخنس
(3)
.
قال الزُّبير بن بكَّار: وأقطع مروانُ بن الحكمِ عبدَ الله بن عباس بن علقمة العامري القرشي
(4)
، ما بين الميل الرابع من المدينة إلى ضفيرة، وهي أرض المغيرة بن
أخنس
(5)
، التي في وادي العقيق، إلى الجبل الأحمر
(6)
الذي يُطلعك على قباء.
ضِلَعُ بني مالك،
وضِلَع بني الشَّيصبان: جبلان في حِمى ضَرِيَّة، وقد تقدَّم أن ضرية من أعمال المدينة.
وبنو مالك: بطنٌ من الجنِّ مسلمون، وبنو شَيْصُبان: بطنٌ من الجنِّ كفار
(7)
، وبين الجبلين مسيرةُ يوم، وبينهما وادٍ يقال له: التَّسْرير
(8)
.
(1)
الحقف: المعوج من الرمل. القاموس (حقف) ص 801.
(2)
المسناة: مجتمع الرمل، وتسمى العرِم. القاموس (عرم) ص 1136، (سنى) ص 1297.
(3)
المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي، حليف بني زهرة، صحابي جليل، هجا الزبير بن العوام فوثب عليه المنذر بن الزبير فضربه، فغضب عثمان لذلك. قتل المغيرة يوم الدار مع عثمان بن عفان وأبلى يومئذ بلاءً حسناً، وقاتل قتالاً شديداً. معجم الشعراء ص 369،
أسد الغابة 4/ 469، الإصابة 3/ 452، نسب الأشراف 13/ 437.
(4)
هو صهر الزبير بن العوَّام، تزوج ابنته حبيبة بعد يعلى بن مُنية. المحبر ص 67. ولأبيه عباس صحبة، ومات قبل الفتح. الإصابة 3/ 57. ووقع في الأصل: (بن عياش)، وهو تحريف.
(5)
تحرّفت في الأصل إلى: (أخينس).
(6)
تحرَّفت في الأصل إلى: (لحبل أحمر). انظر معجم البلدان 3/ 460، عمدة الأخبار ص 359.
(7)
انظر (الحيوان) للجاحظ 6/ 230.
(8)
تحرّفت في الأصل إلى: (السرير).
فأمَّا ضِلَع بني مالك، فيحلُّ به النَّاس، ويصطادون صيدها، ويختلُّ
(1)
بِها، ويرعى كلأها.
وأمَّا
ضِلَع بني شيصبان:
فلا يُصطاد صيدها، ولا يختلُّ بِها، ولا يرعى كلأها، وربما مَرَّ عليها مَنْ لا يعرفها فأصابوا من كلأها فأصابهم شر.
ولم يزل النَّاس يذكرون كفر هؤلاء، وإسلام هؤلاء.
قال أبو زياد
(2)
: وكان من جملة ما تبيَّن لنا من ذلك، أنه أخبرنا رجل من غَنيٍّ، ولغنيٍّ ماءٌ إلى جنب ضِلَع بني مالك-قال: بينما نحن-بعد ما غابت الشمس-مجتمعون في مسجدٍ لنا، صلَّينا فيه على الماء، فإذا جماعةٌ من رجالٍ، ثيابُهم البياض، قد انحدروا علينا من قبل ضلع بني مالك، حتى أتوا وسلموا علينا، فوالله ما ننكرُ من حال الإنس شيئاً، فيهم كهولٌ قد خضبوا لحاهم بالحِنَّاء، وشبابٌ، وبين ذلك، قال: فتقدَّموا فجلسوا فنسبناهم، وما نشكُّ أنَّهم سائرةٌ مرَّتْ من الناس. قال: فقالوا حين نسبناهم: لا ننكر عليكم، نحن جيرانكم بنو مالك، أهل هذا الضِّلَع. قال: فقلنا: مرحباً بكم وأهلاً، فقالوا: إنَّا قد فزعنا إليكم، وأردنا أن تدخلوا معنا في هذا الجهاد، إنَّ هذه الكفَّار من بني شيصبان لم نزل نغزوهم منذ كان الإسلام، ثمَّ قد بلغنا أنَّهم قد جمعوا لنا، وأنَّهم يريدون غزونا في بلادنا /354 ونحن نبادرهم قبل أن يقعوا ببلادنا، ويقعوا فيها، وقد أتيناكم لتعينونا، وتشركوا ما معنا في الجهاد والأجر، قال: فقال رجلنا وهو مِحْجنٌ-قال أبو زياد: قد رأيتُه وأنا غلام-قال: استعينونا على ما أحببتم وعلى ما تعرفون أنا مُغنون فيه عنكم شيئاً، فنحن معكم. فقال:
(1)
الخُلّة: ما فيه حلاوة من النبت، وإبلٌ خليّةٌ ومخلّةٌ ومختلّة: ترعاها، وأخلّوا: رعتها إبلهم. القاموس (خلل) ص 994.
(2)
أبو زياد الكلابي، في (نوادره) وقد تقدمت ترجمته.
أعينونا بسلاحكم، فلا نريد غيره. قال مِحْجنٌ: نعم وكرامة؟ قال: فأخذ كلُّ رجلٍ منَّا كأنه يأمر ليؤُتى بسيفه أو رمحه، أو نبله. قال: فقالوا: لا، ائذنوا لنا في سلاحكم، ثم دعوها على حالها. قالوا: فأمَّا الرُّمحُ فمركوزٌ أمام البيت، وأمَّا النَّبْلُ وجَفيرها
(1)
وقوسها، فمعلَّقٌ بالعمود الواسط من البيت، وأمَّا كلُّ سيفٍ فمحجوزٌ في العِكْم
(2)
. فقال مِحْجنٌ: أين ترجون أن تلقوهم غداً؟ قالوا: أُخبرنا أنَّ
جيوشهم قد أمست بالصحراء، بين ضِلَع ابن الشيصبان وبين الحرامية
(3)
، والحرامية ماءٌ.
قال أبو زياد: قد رأيتُ تلك الصحراء التي بين الحرامية وبين ضلع بني الشيصبان-فقال المالكيون: نحن مُدْلِجون إن شاء الله تعالى، فمبادروهم فادْعوا الله لنا، ثمَّ انصرف القوم بأجمعهم، ما أعطيناهم شيئاً أكثر من أنَّا قد أذِنَّا لهم فيها، قال: فلا واللهِ ما أصبح فينا سيف، ولا نبل، ولا رمح إلا قد أخذ كلُّه. فقال مِحْجنٌ: لأركبنَّ اليوم، عسى أن أرى من هذا الأمر أثراً يتحدَّثه الناس بعدي، قال: فركب جملاً نجيباً، ثم مضى حتى أتانا بعد العصر، فأخبرنا أنه بلغ الصحراء التي بين الحرامية وضلع بني شيصبان، حين امتدَّ النهار قبل القائلة في نهار الصيف، ولم يدخل القيظ. قال: فلمَّا كنتُ بِها رأيتُ غباراً كثيراً من ورائي ومن قُدَّامي، في ساعةٍ ليس فيها ريح. قال: قلتُ: اليومَ وربِّ الكعبة يصطدمون. قال: فوقفتُ وتلك الأعاصير تجيء من قبل ضلع بني شيصبان. قال: فإذا دخلتُ في جماعة الغبار الكثير الذي أرى فلا أدري ما يصنع. قال: تخرج تلك الأعاصير من ذلك الغبار، وترجع فيه. قال: فوقفتُ قدَر فُوَاق
(1)
الجفير: جعبة من جلودٍ لا خشب فيها. القاموس (جفر) ص 367.
(2)
العِكْم: ما يُشدُّ به الشَّيء. القاموس (عكم) ص 1139.
(3)
الحرامية: ماءٌ لبني زنباع، من بني عمرو بن كلاب. معجم البلدان 2/ 235.
…
وتحرّفت الراء إلى الزاي في الأصل.
ناقة.-قال: والفُوَاقُ: ما بين صلاة الظهر إلى صلاة العصر-قال: وأنا أرى تلك الأعاصير ينقلب بعضها فوق بعض؛ ثمَّ انكشف الغبار، والأعاصير تقصد ضلع بني شيصبان، قال: فقلتُ: هُزِمَ أعداء الله. قال: فوالله ما زال ذلك حتى سنّدت الأعاصير في ضلع بني شيصبان، ثمَّ رجعت أعاصير كثيرة عن شمال ويمين، ذاهبة قِبَل ضِلَع بني مالك. قال: فلم أشكَّ أنَّهم أصحابي، قال: فسرتُ قصداً حيث كنتُ أرى الغبار والأعاصير، فرأيتُ من الحيَّات القتلى أكثر من الكثير، قال: ثمَّ تبعتُ مجرى /355 الغُبار حيثُ رأيته يعلو نحو ضِلَع بني شيصبان. قال: فوالله ما زلتُ أرى
الحيات من مقتولٍ وآخر به حياةٌ حتى انتهيتُ ورجعتُ، ثمَّ انصرفتُ فلحقت بأصحابي قبل أن تغيب الشَّمس.
فلمَّا كانت الساعة التي أتونا البارحة إذا القومُ منحدرون من حيث انحدروا البارحة حتى جاؤوا فسلَّموا، ثم قالوا: أبشروا فقد أظفر الله على أعدائه، لا واللهِ ما قتلناهم منذ كان الإسلام أشدَّ من قتلٍ قتلناهم اليوم، وانفلتت شِرْذِمةٌ قليلةٌ منهم إلى جبلهم، وقد ردَّ الله عليكم سلاحكم ما زاغ منه شيء، وجزونا خيراً، ودعوا لنا، ثمَّ انصرفوا وما أتونا بسلاحٍ ولا رأيناه معهم.
قال: فأصبح -واللهِ- كلُّ شيءٍ من السِّلاح على حاله الذي كان البارحة. هذا آخرُ ما ذكر أبو زياد، والله أعلم.
ضُوَيحكٌ:
جبلٌ وراء المدينة يُناوح
(1)
ضاحكاً
(2)
، وبينهما وادٍ يقال له: يَيْن
(3)
.
(1)
يناوح: يُقابل. القاموس (نوح)246.
(2)
ضاحك وضويحك جبلان بأسفل الفرش. كتاب الهجري ص 392.
(3)
تقدم الكلام عليه، وسيأتي ذكره موسعاً في حرف الياء.
باب الطاء
طَرَفٌ،
بالتَّحريك وآخُره فاءٌ: على ستةٍ وثلاثين ميلاً من المدينة.
قال الواقديُّ: الطَّرَفُ: ما قَرُبَ من المرفى
(1)
، دون النَّخيل.
وقال محمدُ بن إسحاق: الطَّرَفُ من ناحية العراق. له ذكرٌ في المغازي.
قال عرَّام
(2)
: بطنُ نخل، ثمَّ الأسود، ثمَّ الطَّرَف لمنَ أَمَّ المدينة تكتنفه
(3)
أجبال ثلاثة: عُوَال، وظَلِمُ، وحَزْم بني عُوال.
طَيْخٌ
؛ أو طَيْخَةُ؛ بزيادة هاء: موضعٌ بأسافل ذي المروة بين ذي خُشُب ووادي القرى، وقيل: إنَّما هي طَيْحةٌ، بالحاء المهملة.
طَيْبَة،
وطيِّبة، وطابة: من أسماء المدينة. ذُكرت في الباب الثالث
(4)
.
طُويلع:
في ألسنة العامة أنَّه موضعٌ بالمدينة، وليس كذلك، وإنَّما هو موضعٌ بنجد. وقيل: طُويلع: ماءٌ لبني تميم، ثمَّ لبني يربوع، وقيل: هو رَكِيَّةٌ
(5)
عاديةٌ بالشَّواجن
(6)
عذبةُ الماء قريبة الرِّشاء. وقيل: وادٍ في طريق البصرة إلى اليمامة.
(1)
في الأصل: (ماء قرب من المرفى)، وهو تصحيف. والتصحيح من كتاب الحازمي (ما اتفق لفظه) 2/ 636 حيث ذكر العبارة نفسها. وذكر الشيخ حمد الجاسر في تعليقه على كلام الحازمي: أن الطرف تسمى الآن الصويدرة، وتبعد عن النخيل 38 كلم، وتبعد عن المدينة 48 كلم.
(2)
رسالة عرام ص 425.
(3)
في الأصل: (سقه)، وعليها علامة توقّف.
(4)
في الأصل: (الثاني) وهو خطأ.
(5)
الرَّكيَّة: البئر. القاموس (ركى) ص 1290.
(6)
الشَّواجن: وادٍ في ديار ضبَّة. معجم البلدان 3/ 369.
طَيْخَة،
بسكون المثنَّاة التَّحتية، وإعجام الخاء، وقيل بإهماله
(1)
: موضعٌ وراء المدينة، من أسافل ذي المروة بين ذي خُشب ووادي القرى. ويقال فيه: طيخ بلا هاء
(2)
.
قال كُثيِّر
(3)
:
فوالله ما أدري أطيخاً تواعدوا
…
لِتَمٍّ ظَمٍ أَمْ ماءَ حَيْدَةَ أوْرَدُوا
* * *
(1)
في الأصل: (باسماله)، وعليها علامة توقّف. انظر معجم البلدان 4/ 54.
(2)
تقدمت قريباً.
(3)
البيت في ديوانه ص 439، معجم البلدان 4/ 54، معجم ما استعجم 3/ 1038.
تِمّ: تمام. القاموس (تمّ) ص 1083، و ظَمٍ مخففة ظمء: مابين الشربتين. القاموس (ظمأ) ص 47، وهي الفترة التي تستطيع فيها تحمُّل الظمأ.
باب الظاء
ظَبْيَةُ
؛ بلفظ واحد الظِّباء: موضعٌ قرب المدينة، بديار جُهينة، وفي حديث عمرو بن حزم
(1)
قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا ما أعطى محمدٌ النبي صلى الله عليه وسلم عوسجةَ بن حرملة الجهني من ذي المروةِ إلى الظَّبية إلى الجَعَلات إلى جبل القَبلية لا يُحاقُّه فيه أحدٌ، فمَنْ حاقَّه فلا حقَّ له، وحقُّه حقٌّ»
(2)
. وكتب العلاء بن عقبة
(3)
.
وظَبية أيضاً: موضعٌ بين ينبع وَغَيْقَة بساحل البحر، وقد يقال: ذو ظبية. قال كُثيِّر
(4)
:
تمرُّ السنون الخالياتُ ولا أرى
…
بصَحْنِ الشَّبا أطلالهنَّ تبيدُ
فَغَيْقَةُ فالأكفالُ أكفالُ ظَبْيةٍ
…
تظلُّ بِها أُدْمُ الظِّباءِ تَرُودُ
وظبية أيضاً: ماءةٌ لبني سُحيم.
(1)
في الأصل: (ابن جزء)، وهو تصحيف، وعمرو بن حزم صحابي أنصاري خزرجي شهد الخندق وما بعدها، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على نجران. مات بعد الخمسين. أسد الغابة 3/ 711، الإصابة 2/ 532.
(2)
لم أجده مسنداً. وعوسجة صحابي، عقد له النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ألفٍ، وأعجب به وقال له: سلني أعطك. طبقات ابن سعد 4/ 352، أسد الغابة 4/ 8، الإصابة 3/ 41.
(3)
صحابي جليل، كان هو والأرقم يكتبان بين الناس المداينات والعهود والمعاملات. كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعثه في دور الأنصار. أسد الغابة 3/ 574، الإصابة 2/ 498.
(4)
البيتان في ديوانه ص 194، من قصيدة يمدح بها أبا بكر بن عبد العزيز بن مروان.
معجم البلدان 3/ 573. قال أبو محمد الأسود: إذا أتاك عيقة في شعر هذيل فهو بالعين المهملة، وإذا أتاك في شعر كثيّر فهو بالغين المعجمة. معجم البلدان 4/ 222. ووقع في الأصل: (أظلافهن تبيد)، وهو تحريف.
وماءةٌ أخرى لبني أبي بكر بن كلاب.
ظُبْيَة،
بالضَّمِّ، عَلَمٌ مرتجلٌ لا يظهر له معنى، وهو عِرْقُ الظُّبية.
قال الواقديُّ
(1)
: هو من الرَّوحاء على ثلاثة أميال مما يلي المدينة، وبعِرْق الظُّبية مسجدٌ للنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن إسحاق في غزوة بدر
(2)
: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على السَّيالة، ثمَّ على فَجِّ الرَّوحاء، ثمَّ على شَنُوكة، وهي الطَّريقُ المعتدلة، حتى إذا كان بِعرْقِ الظُّبية.
قال السُّهيليُّ
(3)
: الظُّبية: شجرةٌ تُشبه القتادة، يُستظلُّ بِها، وجمعُها ظُبيان. على غير قياس
(4)
.
وقال نصرٌ: عِرْقُ الظُّبية: بين مكَّةَ والمدينة، قرب الرَّوحاء.
وقيل: هو الرَّوحاءُ نفسُها.
ظَلِمٌ،
بفتح أوله وكسر ثانيه، كَكَتِف يكون مأخوذاً من الظُّلمة، أو من الظُّلم، أو مقصوراً من الظَّليمِ، ذَكَرِ النَّعام، وهو وادٍ من أودية القَبَلِيَّة.
قال النَّابغة الجعديُّ
(5)
:
(1)
تصحف في الأصل إلى: (الواحدي). وانظر ما اتفق لفظه 2/ 642.
(2)
السيرة النبوية 2/ 256.
(3)
في الروض الأنف 3/ 44.
والسُّهيليُّ هو أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الأندلسي (508 - 581 هـ) كان عالماً بالعربية والقراءات، والتفسير وصناعة الحديث، حافظاً للرجال والأنساب. أخذ عن ابن العربي، وابن الطراوة، وعنه الرَّنْدِيُّ، وأبو الحسن الغافقي. الديباج المذهب ص 150، بغية الوعاة 2/ 81.
(4)
هذه العبارة ليست في كتابه.
(5)
البيتان في ديوانه ص 158، معجم البلدان 4/ 62، معجم ما استعجم 3/ 906.
والنابغة الجعدي اسمه قيس بن عبد الله، صحابي مخضرم، تقدمت ترجمته. ووقع في الأصل محرّفاً:(من يك).
إن يكُ قد ضاعَ ما حَمَلْتُ فقد
…
حُمِّلْتُ إثماً كالطَّود من ظَلِمِ
أمانةُ الله وهي أعظمُ مِن
…
هَضْبِ شَرُورى والرُّكن من خِيَمِ
وقال الأصمعيُّ: ظَلِمٌ: جبلٌ أسود لعمرو بن عبد [بن] كلاب
(1)
، وهو وَخَوٌّ
(2)
في حافتي بلاد بني أبي بكر بن كلاب، فبلادُ أبي بكر بينهما ظَلِمٌ ممَّا يلي مكة.
وقال نصرٌ: ظَلِمٌ: جبل بالحجاز، بين إِضم وجبل جُهينة.
الظِّهار،
ككتاب: حِصنٌ من حصون خيبر.
* * *
(1)
في النسب لأبي عبيد ص 259: عبيد بن كلاب. وينظر في معجم البلدان 4/ 62.
(2)
خوٌّ: وادٍ في ديار بني أسد، يُفرَغ ماؤه في ذي العُشيرة. معجم البلدان 2/ 407. ووقع في الأصل:(جوّ)، بالجيم، وهو تصحيف.