الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شواهد "نعم وبئس" وما جرى مجراهما
الشاهد الحادي والسبعون بعد السبعمائة
(1)
،
(2)
صَبَّحَكِ اللهُ بِخَيْرٍ بَاكِرٍ
…
بِنِعْمَ طَيْرٍ وشَبَابٍ فَاخِرِ
أقول: لم أقف على اسم راجزه.
قوله: "باكر" أي: عاجل؛ يعني: خير سريع غير متأخر؛ من بكرت إذا أسرعت أيَّ وقت كان، قوله:"بنعم طير" أي: بخير طير، أراد: صبحك الله بكلمة نعم منسوبة إلى الطائر الميمون.
الإعراب:
قوله: "صبحك الله": جملة إنشائية دعائية في صورة الإخبار، والباء في:"بخير" تتعلق بصبحك، و "باكر" بالجر صفة خير، قوله:"بنعم طير": بدل من قوله: "بخير باكر"، قوله:"وشباب": عطف على ما قبله، و "فاخر": صفته.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بنعم طير" حيث أدخل حرف الجر على: "نعم"، وذلك لا يدل على اسمية نعم؛ لأن تأويله أنه نزل نعم منزلة خير، أي: بخير طائر كما ذكرناه، فجعل نعم اسمًا للخير وأضافها لطير، ولو كانت نعم هاهنا على أصلها لجاء بعدها اسم معرف، وقال ابن الناظم: وأما قوله: "بنعم طير" فهو على الحكاية، ونَقْل الكلمة عن الفعلية إلى جعلها اسمًا.
(1)
ابن الناظم (182).
(2)
بيتان من بحر الرجز المشطور، وقائلهما مجهول، وهما في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 5، 6)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 82)، وشوح الأشموني (3/ 27)، والدرر (5/ 195)، واللسان مادة:"نعم".
والمعنى: صبحك الله بكلمة [نعم]
(1)
منسوبة إلى الطائر الميمون
(2)
.
قلتُ: هذا تكلف، والأَوْلى حمله على الشذوذ
(3)
.
الشاهد الثاني والسبعون بعد السبعمائة
(4)
،
(5)
عَمْرُكَ مَا لَيْلِي بِنَامَ صَاحِبُهْ
…
وَلَا مُخَالِطَ اللَّيانِ جَانِبُهْ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الرجز المسدس، فإذا حركت الهاء يكون من مربع الكامل
(6)
.
و"الليان" بفتح اللام وتخفيف الياء آخر الحروف؛ مصدر من اللين، يقال: فلان في ليان من العيش، أي: لين الجانب، وكذلك فلان ملينه.
الإعراب:
قوله: "عمرك": قسم ويمين بدليل ما روي في رواية: والله ما ليلى بنام" صاحبه، وهو مبتدأ محذوف الخبر تقديره: عمرك قسمي أو يميني، وكلمة ما نافية بمعنى ليس، وقوله. "ليلى":
كلام إضافي اسمه.
وقوله: "بنام صاحبه": خبره بالتأويل، تقديره: ما ليلي بليل مقول فيه نام صاحبه؛ فلما حذف الخبر أقيم قوله: "نام صاحبه" مقامه، وأدخلت فيه الباء التي كانت في الخبر، قوله:"ولا مخالط الليان" عطف على المنفي قبله، وهو كلام إضافي، قوله:"جانبه" مرفوع لأنه اسم لا التي بمعنى
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
قال ابن الناظم: "وأما قوله: "بنعم طير" فهو على الحكاية ونقل الكلمة عن الفعلية إلى جعلها اسمًا للفظ كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "وأنهاكم عن قيل وقال": "والمعنى: صبحك الله بكلمة نعم منسوبة إلى الطائر الميمون". ينظر ابن الناظم (182).
(3)
ذهب البصريون والكسائي إلى أن نعم وبئس فعلان، وذهب الفراء وأكثر الكوفيين إلى أنهما اسمان واستدلوا على ذلك بدخول حرف الجر عليهما كقول بعض العرب عن ابنته:"واللَّه ما هي بنعم الولد" وكقول الشاعر في بيت الشاهد، وأوله البصريون كما ذكره العيني أو يحمل على الشذوذ. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 5)، وابن يعيش (7/ 127)، وتوضيح المقاصد (3/ 75).
(4)
ابن الناظم (182).
(5)
بيتان من بحر الرجز المشطور، أيضًا، وهما مجهولا القائل في أكثر المراجع، وقد نسبا في شرح أبيات سيبويه (2/ 416) لأبي خالد الفناني، وانظرهما بلا نسبة في أسرار العربية (99)، الإنصاف (112)، والخصائص (2/ 366)، والدرر (1/ 76)، (6/ 416)، وابن يعيش (3/ 62)، واللسان "نوم"، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 6)، (2/ 120).
(6)
في هامش الخزانة جاء قوله: "قول العيني يكون من مربع الكامل، هذا سهو كما هو ظاهر".
ليس، قوله:"ولا مخالط الليان" بالنصب مقدمًا خبره، تقديره: وليس جانبه مخالط الليان
(1)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بنام صاحبه" حيث أدخلت الباء على الفعل الماضي بالطريق الذي ذكرناه؛ فلا يدل ذلك على اسمية نام، فكذلك دخول حرف الجر على:"نعم وبئس" في قوله: "بنعم الولد
(2)
، وعلى بئس العير"
(3)
لا يدل على اسميتهما، وروى ابن سيده هذا البيت في المحكم:
بِالله مَا زَيْدٌ بِنَامَ صَاحِبُهْ
…
ولَا مُخَالِطَ اللِّيَانِ جَانِبُهْ
ثم قال: قيل إن: "نام صاحبه" علم رجل، وإذا كان كذلك جرى مجرى:
"شاب قرناها".
فإن قلتَ: فإن قوله: "ولا مخالط الليان جانبه" ليس علمًا وإنما هو صفة، وهو معطوف على نام صاحبه، فيجب أن يكون قوله:"نام صاحبه" -أيضًا- صفة.
قيل: قد يكون في الجمل إذا سمي بها معاني الأفعال؛ ألا ترى أن: "شاب قرناها"، تصر وتحلب هو اسم علم، وفيه مع ذلك معنى الذم، وإذا كان كذلك جاز أن يكون قوله:"ولا مخالط الليان جانبه" معطوفًا على ما في قوله: "نام صاحبه"، من معنى الفعل. فافهم
(4)
.
الشاهد الثالث والسبعون بعد السبعمائة
(5)
،
(6)
فنعْمَ ابنُ أخْتِ القَوْمِ غيرَ مُكَذِّبٍ
…
زُهَيْرٌ حسام مفرد مِنْ حَمَائِل
أقول: قائله هو أبو طالب، عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من قصيدة من الطويل تشتمل على اثنين
(1)
هذا إعراب خطأ، والصحيح أن مخالط الليان معطوف بالجر على ما قبله، وجانبه فاعل بمخالط.
(2)
هو قول لبعض العرب، وقد بشر ببنت فقال:"والله ما هي بنعم الولد، نصرها بكاء، وبرها سرقة". انظر شرح التصريح (2/ 75).
(3)
هو قول بعض العرب، وقد سار إلى محبوبته على حمار بطيء السير، فقال:"نعم السير على بئس العير".
انظر شرح التصريح (2/ 75).
(4)
ينظر ابن يعيش (3/ 62).
(5)
ابن الناظم (182)، وتوضيح المقاصد (3/ 79)، وأوضح المسالك (3/ 272).
(6)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة طويلة قالها أبو طالب في الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي مدحه، وكذا في أغراض كثيرة، وهي في الخزانة (2/ 59)، قال عنها البغدادي:"وقد أحببت أن أوردها هنا منتخبة مشروحة بشرح يوفي المعنى محبة في النبي صلى الله عليه وسلم" وانظر بيت الشاهد في ديوان أبي طالب (28)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 9)، وشرح الكافية الشافية (1105)، والأشموني (3/ 28)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 85)، والتصريح (2/ 95)، ومعجم الشواهد (307)، والخزانة (2/ 59، 75)، والدرر (5/ 200).
وثمانين بيتًا، وأولها هو قوله
(1)
:
1 -
لَمَّا رَأَيْتُ القَوْمَ لَا وُدَّ فِيهم
…
وَقَدْ قَطَعُوا كُلَّ العُرَى والوَسَائِلِ
2 -
وَقَدْ صَارَحُونَا بَالْعَدَاوَةِ والأَذَى
…
وقدْ طَاوَعُوا أَمْرَ العدو المزَايِلِ
3 -
وَقَدْ حَالفُوا قَوْمًا عَلَيْنَا أظِنَّةً
…
يَعضُّونَ غَيْظًا خلْفَنَا بالأَنَامِلِ
إلى أن قال:
4 -
فَكُلُّ صَدِيقٍ وابنُ أختٍ نَعُزُّهُ
…
لَعَمْرِي وجدنَا غبهُ غير طَائِلِ
5 -
سوَى أنّ رَهْطًا مِنْ كِلاب بْنِ مرَّةٍ
…
بَرَاءٌ إِلَيْنَا مِنْ مَعَقَّةِ خَاذِلِ
6 -
فنعْمَ ابنُ أخْتِ القَومِ ..........
…
................. إلى آخره
وفي أول البيت ثرم، وهو فعلن على ما لا يخفى على العروضي، و "العرى" بضم العين؛ جمع عروة، و"الوسائل": جمع وسيلة، قوله:"غبه" بكسر الغين المعجمة وتشديد الباء الموحدة؛ أي: عقيبه، قوله:"زهير" بضم الزاي؛ اسم رجل، و "الحسام": السيف، و "الحمائل": جمع حمالة السيف بالكسر.
الإعراب:
قوله: "فنعم" الفاء للعطف، ويروى: ونعم بالواو، ونعم من أفعال المدح كما علم، قوله:"ابن أخت القوم": كلام إضافي فاعله، وقوله:"غير مكذب": كلام إضافي منصوب على الحال، قوله:"زهير": مخصوص بالمدح، وارتفاعه على الابتداء، والجملة مقدمًا خبره، قوله:"حسام": صفة زهير
(2)
، وقوله:"مفرد من حمائل": صفة للحسام.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فنعم ابن أخت القوم" فإن فاعل نعم فيه مظهر مضاف إلى ما أضيف إلى المعرف بالألف واللام؛ وذلك لأن شرط الظاهر الذي هو فاعل نعم أن يكون معرفًا بأل، أو مضافًا إلى
(1)
قيل هذا أولها، وقيل أولها هو قوله:
خليلي ما أذني لأول عاذل
…
بصفواء في حق ولا عند باطل
وانظر الخزانة (2/ 59، 75)، وديوان أبي طالب (32)، إيران، قم.
(2)
قال البغدادي (الخزانة 2/ 72): "حسام منصوب على المدح بفعل محذوف، أي يشبه الحسام المسلول في المضاء، ورواه العيني: حسام مفرد، برفعهما، وقال: حسام صفة لزهير، ومفرد صفة لحسام، وهذا على تقدير صحة الرواية ضبط عشواء".
المعرف بها، أو إلى مضاف إلى المعرف [بها]
(1)
،
(2)
.
الشاهد الرابع والسبعون بعد السبعمائة
(3)
،
(4)
لَنِعْمَ مَوْئِلًا المَوْلَى إِذَا حُذِرَتْ
…
بَأْسَاءُ ذِي البَغْيِ وَاسْتِيلَاءُ ذِي الإِحَنِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.
قوله: "موئلًا" أي: ملجأ، و "البأداء": الشدة، و "البغي": الظلم والعدوان، و "الإحن" بكسر الهمزة وفتح الحاء المهملة؛ جمع إحنة وهي الحقد.
الإعراب:
قوله: "لنعم" اللام للتأكيد، ونعم من أفعال المدح، وفاعله مستتر فيه، وقد فسره التمييز الذي بعده وهو قوله:"موئلًا"، وقوله:"المولى": مخصوص بالمدح وهو مبتدأ، والجملة مقدمًا خبره، قوله:"إذا" للظرف، و "حذرت" على صيغة المجهول مسندًا إلى قوله:"بأداء"، وهو مضاف إلى:"ذي البغي"، ويجوز أن يكون إذا للشرط ويكون الجواب محذوفًا دل عليه الكلام السابق، قوله:"واستيلاء" بالرفع عطف على قوله: "بأساء".
الاستشهاد فيه:
[في قوله: "]
(5)
[لنعم]
(6)
" فإن فاعل نعم مستتر فيه مفسر بالتمييز وهو قوله: "موئلًا"، والتقدير: لنعم الموئلًا موئلًا المولى فافهم
(7)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
نعم وبئس فعلان جامدان وفاعلهما يكون مرفوعًا معرفًا بأل الجنسية لخروجهما عن المألوف في الأفعال من إفادتهما الحدث والزمان، ولزومهما إنشاء المدح والذم على سبيل المبالغة، والإنشاء من معاني الحروف نحو:"نعم العبد"، و "بئس الشراب"، وللفاعل الظاهر معهما أربعة أحوال وهي: أن يكون معرفا بأل نحو: {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} ، أو يكون مضافًا إلى ما فيه "أل" نحو:{وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} و {فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} ، أو يكون مضافًا إلى ما أضيف لما فيه أل كقول الشاعر:(البيت)، أو يكون مفسرًا مستترًا مفسرًا بتمييز ظاهر نحو:{بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} ينظر: شرح الأشموني بحاشية الصبان (3/ 28)، وشرح الكافية للرضي (2/ 312)، وارتشاف الضرب (3/ 20)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 8، 9)، وابن يعيش (7/ 130)، وشفاء العليل للسلسيلي (2/ 588).
(3)
ابن الناظم (182)، وشرح ابن عقيل (3/ 162).
(4)
البيت من بحر البسيط، وهو مجهول القائل، وانظره في شرح الكافية الشافية لابن مالك (2/ 1106)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 9)، وشرح شواهد الأشموني للعيني (3/ 32)، وشرح عمدة الحافظ (782).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(6)
ما بين المعقوفين زيادة للإيضاح.
(7)
قال أبو حيان: "وعلى أن في: (نعم وبئس مضمرًا هو فاعل بهما في نحو: نعم رجلًا زيد، معظم البصريين سيبويه =
الشاهد الخامس والسبعون بعد السبعمائة
(1)
،
(2)
وَالتَّغْلَبِيُّونَ بِئْسَ الفَحْلُ فَحْلُهُمُ
…
فَحْلًا وَأُمُّهُمُ زَلَّاءُ مِنْطِيقُ
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، يهجو الأخطل، وهو من البسيط.
قوله: "زلاء" بفتح الزاي المعجمة وتشديد اللام وبالمد، يقال: امرأة زلاء إذا كانت رسحاء، وهي اللاصقة العجز خفيفة الإلية، قوله:"منطيق" بكسر الميم؛ مبالغة ناطق، ويستوي فيه المذكر والمؤنث وهو البليغ، ولكن المراد به هاهنا المرأة التي تأتزر بحشية تعظم بها عجيزتها، والحشية: كساء غليظ خشن.
الإعراب:
قوله: "والتغلبيون": مبتدأ وهو جمع تغلبي بالغين العجمة وكسر اللام؛ نسبة إلى بني تغلب، قوم من نصارى العرب بقرب الروم، والأخطل منهم، والجملة أعني قوله:"بئس الفحل فحلهم" خبره، وقوله:"فحلهم": مخصوص بالذم مرفوع بالابتداء، و "بئس الفحل" مقدمًا خبر.
قوله: "فحلًا" نصب على التمييز ذكره على سبيل التأكيد، قوله:"وأمهم": كلام إضافي مبتدأ، و "زلاء": خبره، و "منطيق": خبر بعد خبر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فحلًا" حيث جمع بينه وهو تمييز وبين الفاعل الظاهر على سبيل التوكيد، وقد ذكرنا أن هذه مسألة فيها خلاف
(3)
، ..................................................
= وغيره" التذييل والتكميل (4/ 495).
(1)
ابن الناظم (183)، وتوضيح المقاصد (3/ 92)، وشرح ابن عقيل (3/ 164).
(2)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة لجرير يهجو فيها الفرزدق، والأخطل، وفيها يقول:
قل للأخيطل إذا جد الجراء بنا
…
أقصر فإنك بالتقصير محقوق
انظر القصيدة في الديوان (192)، ط. دار المعارف، وانظر بيت الشاهد في ديوانه (195) دار صعب بيروت، وشرح التصريح (2/ 98)، وشرح الأشموني (3/ 34)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 86)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 14، 15)، والدرر (5/ 208)، اللسان مادة:"نطق".
(3)
اختلف النحويون في حكم الجمع بين فاعل نعم الظاهر والتمييز على ثلاثة مذاهب: الأول: منع سيبويه والسيرافي الجمع بينهما مطلقًا، واختار هذا الرأي ابن جني وابن يعيش. الثاني: أجاز المبرد والفارسي الجمع بينهما مستدلين بالسماع ومنه ذلك المذكور، والثالث: أجاز ابن عصفور الجمع بينهما بشرط أن يفيد التمييز معنى لا يفيده الفاعل الظاهر، ينظر الكتاب لسيبويه (2/ 177)، والارتشاف (3/ 22)، والخصائص (1/ 396، 397)، وابن يعيش =
وقد ذهب بعضمهم إلى أن فحلًا حال مؤكدة فافهم
(1)
.
الشاهد السادس والسبعون بعد السبعمائة
(2)
،
(3)
وَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ دِينَ مُحَمَّدٍ
…
مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ البَرِيَّةِ دِينًا
أقول: قائله هو أبو طالب عم النبي عليه الصلاة والسلام.
وهو من الكامل، وقد احتجت به طائفة من الشيعة على إسلام أبي طالب، وجمهور أهل السنة على خلافه
(4)
.
المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "ولقد" الواو للعطف إن تقدمه شيء؛ هكذا قيل [وليس بصواب]
(5)
بل الواو للقسم، واللام للتأكيد، وقد للتحقيق، و "علمت": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"بأن دين محمد" الباء فيه زائدة، وأن مع اسمها وخبرها سد مسد مفعولي علمت.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "دينًا"[فإنه تمييز مؤكد، وقد استشهد به على كون فحلًا في البيت السابق تمييزًا مؤكدًا كما ذكرناه]
(6)
،
(7)
.
= (7/ 132)، والمقتضب (2/ 150)، والإيضاح بشرح المقتصد (1، 372)، وشرح المقرب (1/ 388، 389)، وشرح التصريح (2/ 96)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 86).
(1)
هو رأي الكسائي، قال أبو حيان بعد أن ذكر قوله:"نعم رجلًا زيد، والمنصوب عند الكسائي حال". الارتشاف (3/ 20).
(2)
ابن الناظم (183)، وتوضيح المقاصد (3/ 90).
(3)
البيت من بحر الكامل، من مقطوعة يمدح فيها أبو طالب الدين الإسلامي، يقول مخاطبًا النبي صلى الله عليه وسلم:
ودعوتني وزعمتَ أنك صادق
…
ولقد صدقتَ وكنت قبلُ أمينًا
وانظر البيت في ديوان أبي طالب (35)(إيران، قم)، وشواهد التوضيح والتصحيح لابن مالك (109) وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 15)، والخزانة (2/ 76)، وشرح التصريح (2/ 96)، وشرح شواهد المغني (687)،
واللسان: "كفر".
(4)
ينظر الأعلام (4/ 166).
(5)
في (ب): والصواب.
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): واستعنت بنسخة الخزانة في تصويبه.
(7)
ينظر الشاهد رقم (775).
الشاهد السابع والسبعون بعد السبعمائة
(1)
،
(2)
............................
…
لبئس الفَتَى المدْعُوُّ باللَّيْلِ حَاتمُ
أقول: قائله هو يزيد بن قنافة بن عبد شمس العدوي، وصدره:
لَعَمْرِي وَمَا عَمْرِي عَلَيَّ بِهَيِنِّ
…
..............................
وبعده
(3)
:
2 -
غَدَاةَ أَتَى كالثَّوْرِ أُحْرِجَ فاتَّقَى
…
بِجَبْهَتِهِ أَقْتَالهُ وَهُوَ قَائِمُ
3 -
كَأَنَّ بصَحْرَاءِ المُرَيْطِ نَعَامَةً
…
تُبَادِرُهَا جُنْحَ الظَّلَامِ نَعَائِمُ
4 -
أَعَارَتْكَ رِجْلَيْهَا وَهَا في لُبِّهَا
…
وَقَدْ جُرِّدَتْ بيضُ المتُونِ صَوَارِمُ
2 -
قوله: "أحرج": من الحرج، وهو من الإبل التي لا تركب ولا يضربها الفحل ليكون أسمن لها، إنما هي معدة لذلك، قوله:"أقتاله" بفتح الهمزة وسكون القاف، وهو جمع قتل بكسر القاف، وهو العدو.
3 -
و "صحراء المريط": موضع، قوله:"نعائم": جمع نعامة.
4 -
و "البيض" بكسر الباء؛ جمع أبيض، و "المتون": جمع متن السيف، و "الصوارم": القواطع، جمع صارم، مثل فوارس جمع فارس على غير القياس، وأصل الصرم القطع.
الإعراب:
قوله: "لعمري": مبتدأ، وخبره محذوف تقديره: لعمري يميني أو قسمي، قوله:"وما" للنفي، وقوله:"عمري": اسمه، وقوله:"بهين": خبره، والباء زائدة، "وعليَّ": يتعلق به، قوله:"لبئس": من أفعال الذم، و "الفتى": فاعله، و "المدعو بالليل": صفته، و "حاتم" هو المخصوص بالذم مرفوع على الابتداء، والجملة مقدمًا خبره.
(1)
توضيح المقاصد (3/ 86).
(2)
البيت من بحر الطويل، من مقطوعة ليزيد بن قنافة يهجو فيها حاتمًا الطائي، وقد هرب من أعداء له تحت جنح الظلام، وكأنه نعامة من شدة الخوف والجري، وانظر الشاهد في الخزانة (9/ 405، 407)، والدرر (5/ 203)، وهو بلا نسبة في همع الهوامع للسيوطي (2/ 85) وشرح الأشموني (3/ 31).
(3)
ينظر شرح ديوان الحماسة لأبي تمام شرح التبريزي (4/ 20)، وبشرح المرزوقي (3/ 1464) بتحقيق: أحمد أمين، وهارون.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لبئس" حيث دخلت عليه لام القسم الدال دخولها على فعلية أفعال المدح والذم
(1)
.
الشاهد الثامن والسبعون بعد السبعمائة
(2)
،
(3)
فَنِعْمَ أَخُو الْهَيْجَا وَنِعْمَ شَهَابُهَا
…
................................
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو شطر بيت من الطويل.
قوله: "أخو الهيجا" أي: صاحب الهيجاء، وهو كناية عن ملازمة الحرب وشدة مباشرتها، والهيجاء ممدود اسم للحرب وقصرت هنا للوزن، قوله:"ونعم شهابها" أي: شهاب الهيجاء، أراد: نار الحرب، وهو أيضًا كناية عن شدة حربه وغاية شجاعته فيها، وعدم توليه كالنار إذا قويت لا تولى عن شيء، وتحرق كل شيء أصابته.
الإعراب:
قوله: "أخو الهيجا": كلام إضافي مرفوع؛ لأنه فاعل نعم، وكذلك الكلام في قوله:"ونعم شهابها".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ونعم شهابها" حيث أضيف فاعل نعم إلى ضمير ما فيه الألف واللام، وقد استدل به البعض على جواز ذلك، والصحيح أنه لا ينقاس عليه لقلته
(4)
.
الشاهد التاسع والسبعون بعد السبعمائة
(5)
،
(6)
إِنِّي اعْتَمَدْتُكَ يَا يَزِيدُ
…
فَنِعْمَ معْتمدُ الوَسَائِلِ
أقول: قائله هو الطرماح، وهو من مربع الكامل وفيه الترفيل.
(1)
تدخل اللام الواقعة في جواب القسم على الفعل الماضي كقولك: واللَّه لكذب، وقد تدخل على قد كقوله تعالى:{قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} فدخول اللام على نعم وبئس دليل فعليتهما.
(2)
توضيح المقاصد (3/ 79).
(3)
شطر بيت من بحر الطويل مجهول القائل، ينظر همع الهوامع (2/ 85)، والأشموني بحاشية الصبان (3/ 28).
(4)
قال أبو حيان: "وأجاز بعض النحاة أن يكون الفاعل ما أضيف إلى ضمير ذي أل نحو (البيت)، والصحيح المنع، وهذا يحفظ ولا يقاس عليه". ارتشاف الضرب (3/ 20)، وينظر شرح الأشموني بحاشية الصبان (3/ 28).
(5)
ابن الناظم (184).
(6)
البيت من مجزوء الكامل، من قصيدة طويلة بلغت أكثر من مائة بيت، للطرماح بن حكيم (معاصر للفرزدق) =
المعنى ظاهر، وهو من قصيدة يمدح بها يزيد بن المهلب بن أبي صفرة
(1)
، وبعده
(2)
:
2 -
أَرْجُو نَوَافِلَ مِنْ يَدَيْـ
…
ـكَ وَأَنْتَ مَبْسْوطُ النَّوَافِلِ
الإعراب:
قوله: "إني" الضمير المتصل اسم إن، وقوله:"اعتمدتك": جملة من الفعل والفاعل والمفعول؛ خبرها، وقوله:"يا يزيد": منادى مفرد مبني على الضم، قوله:"فنعم": كلمة المدح، و "معتمد الوسائل": فاعله، والمخصوص بالمدح محذوف تقديره: نعم معتمد الوسائل أنت؛ كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ} [الصافات: 75] أي: نحن.
الاستشهاد فيه:
وهو حذف المخصوص بالمدح
(3)
فافهم.
الشاهد الثمانون بعد السبعمائة
(4)
،
(5)
أَلَا حَبَّذَا أَهْلُ المَلَا غيرَ أَنَّهُ
…
إِذَا ذُكِرَتْ مَيُّ فَلَا حَبَّذا هِيَا
أقول: قائلته هي أم شملة بن برد المنقري
(6)
، قالت ذلك في مية صاحبة ذي الرمة، وهو من قصيدة بائية، وهو أولها، وبعده
(7)
:
= يمدح بها يزيد بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي، ومما قاله في آخرها:
وبلغت أفضل ما تريد
…
من الفضائل والمكارم
والبيت بلا نسبة في شرح الكافية الشافية (1110)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 18).
(1)
هو يزيد بن المهلب بن أبي صفرة المتوفى (102 هـ). ينظر الأعلام (8/ 189).
(2)
ديوان الطرماح (374)، تحقيق: د. عمر حسن، دمشق (1968 م).
(3)
يحذف المخصوص بالمدح أو الذم إذا دل عليه دليل كقول اللَّه تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} وإن ذكر المخصوص وقدم فالكلام جملتان، وإن أخر قدر المخصوص مبتدأ مؤخرًا كقول اللَّه تعالى:{وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ} وقوله تعالى: {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} ومنه البيت المذكور، والتقدير في البيت: فنعم معتمد السائل أنت. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 18)، وتوضيح المقاصد (3/ 103)، وابن يعيش (7/ 135)، والارتشاف (3/ 24).
(4)
ابن الناظم (185)، وشرح ابن عقيل (3/ 169).
(5)
البيت من بحر الطويل، من مقطوعة نسبت في الحماسة لكنزة أم شملة المنقري، وقيل هي لذي الرمة يهجو بها صاحبته، وانظرها في ملحق ديوانه (292)، شرح أحمد حسن، والدرر (5/ 228)، وشرح الأشموني (3/ 30)، وشرح التصريح (2/ 99)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 69)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 22).
(6)
اسمها كنزة، وكانت أمة لبني منقر اشتراها برد فولدت له شملة، وهو من ولد قيس بن عاصم المنقرى الصحابي المخضرم.
(7)
ينظر المقطوعة في شرح ديوان الحماسة للتبريزي (4/ 53، 54)، وهي أيضًا في شرح المرزوقي (3/ 1542)، =
2 -
عَلَى وَجْهِ مَيٍّ مَسْحَةٌ مِنْ ملَاحَةٍ
…
وَتَحْتَ الثِّيَابِ الخِزْيُ لَوْ كانَ بَادِيَا
2 -
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الماءَ يخْلفُ طَعْمُهُ
…
وإنْ كانَ لَوْنُ الماءِ فيِ العَيِنْ صَافِيَا
3 -
إِذَا مَا أَتَاهُ وارِدٌ مِنْ ضَرُورَةٍ
…
تَوَلَّى بِأَضْعَافِ الَّذِي جَاءَ ظَامِيَا
4 -
كَذَلِكَ مَيٌّ فيِ الثِّيَابِ إِذَا بَدَتْ
…
وأَثْوَابُهَا يُخْفِينَ مِنْهَا المَخَازِيَا
5 -
فَلَوْ أَنَّ غَيْلَانَ الشَّقِيَّ بَدَتْ لَهُ
…
مُجَرَّدَةً يَوْمًا لما قَال ذَا لِيَا
6 -
كقولٍ مَضَى فِيهَا ولَكنْ لَرَدَّهُ
…
إِلَى غَيْرِ مَيٍّ أَوْ لأَصْبَحَ سَالِيَا
وهي من الطويل، قوله:"مي": ترخيم مية، وأرادت بغيلان ذي الرمة، فإن اسمه غيلان.
الإعراب:
قولها: "ألا": للتنبيه و "حبذا": فعل المدح، وهو جملة من الفعل والفاعل، وقولها:"أهل الملا": كلام إضافي مخصوص بالمدح مرفوع بالابتداء، والجملة مقدمًا خبره.
قولها: "غير": نصب على الاستثناء، والهاء في "أنه" ضمير الشأن، وهو اسم أن، والجملة بعدها خبرها، وكلمة "إذا" للشرط، و "ذكرت مي": جملة من الفعل والمفعول النائب عن الفاعل وقعت فعل الشرط، قولها:"فلا حبذا هيا": جواب الشرط وهي كناية عن مية، والألف فيه للإشباع لإقامة القافية.
الاستشهاد فيه:
في قولها: "فلا حبذا هيا" حيث صار حبذا هاهنا للذم بدخول حرف "لا" عليها.
الشاهد الحادي والثمانون بعد السبعمائة
(1)
،
(2)
..............................
…
فَنِعْمَ المَرْءُ مِنْ رَجُلٍ تِهَامِي
أقول: قائله هو أبو بكر بن الأسود المعروف بابن شعوب الليثي، وشعوب أم الأسود، وصدره
(3)
:
= وكذلك في ديوان ذي الرمة شرح أحمد حسن (292).
(1)
توضيح المقاصد (3/ 95)، وأوضح المسالك (3/ 278).
(2)
البيت من بحر الوافر من قصيدة لابن شعوب الليثي يرثي فيها هشام بن المغيرة المخزومي، وانظر بيت الشاهد في المقرب (1/ 69)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 86)، والأشموني (3/ 35)، والدرر (5/ 211)، وشرح التصريح (1/ 399، 2/ 96)، وابن يعيش (7/ 133)، والخزانة (9/ 395).
(3)
ينظر ابن يعيش (7/ 133).
تَخَيَّرَهُ وَلَمْ يَعْدِلْ سِوَاهُ
…
................................
وقبله:
1 -
فَذَرْنِي أَصْطَبِحْ يَا بَكْرُ إِنِّي
…
رَأَيْتُ الموتَ نَقَّبَ عَنْ هِشَامِ
وقال ابن دريد في كتاب الاشتقاق: قال أبو حاتم عن أبي عبيدة: قال: لما هلك هشام بن المغيرة
(1)
نادى مناد بمكة: اشهدوا جنازة ربكم، فقال بجير بن عبد اللَّه بن سلمة الخير بن قشير
(2)
يرثيه
(3)
:
1 -
فَدَعْنِي أَصْطَبِحْ يَا بَكْرُ إِنِّي
…
رَأَيْتُ المَوْتَ نَقَّبَ عَنْ هِشَامِ
2 -
تَعَمَّدْهُ وَلَمْ يعظمْ عليهِ
…
ونِعْمَ المرءُ مِنْ رَجلٍ تهَامِيّ
3 -
فَوَدَّ بنو المغُيرةِ لَوْ فَدَوْه
…
بألْفِ مُقَاتلٍ وبألفِ رَامِي
4 -
وَوَدَّ بنو المُغِيرةِ لَوْ فَدَوْهُ
…
بأَلْفٍ مِنْ رِجَالٍ أَوْ سَوَامِ
5 -
فبَكِيهِ ضِبَاع ولَا تَمَلِّي
…
هِشَامًا إِنَّهُ غَيْثُ الأَنَامِ
وهي من الوافر.
قوله: "فذرني" أي: دعني، و "أصطبح": من الصبوح، قوله:"نقَّبَ" بالنون والقاف المشددة، معناه: هجم عليه وقطع آثاره، وقد مر الكلام فيه مستوفًى في شواهد التمييز
(4)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "من رجل" فإنه فيه: "من" ليس بتمييز، وإنما هي مبعضة، فكأنه قال: ونعم المرء الذي هو بعض الحي التهامي؛ أي: جزء منه، ولا يقع تمييزًا لنعم وبئس شيء من الأشياء الموغلة في الإبهام نحو: شيء ومن وما إلا أن يخصص بالوصف، وأجازه بعضهم بغير وصف وهو قول أبي
(5)
موسى
(6)
.
(1)
هو هشام بن المغيرة بن عبد اللَّه المخزومي من سادات العرب في الجاهلية ومات قبل الإسلام. ينظر الأعلام (8/ 88).
(2)
هو بحير بن عبد اللَّه بن سلمة بن قشير جاهلي من فرسان العرب المشهورين ليست له سنة وفاة. الأعلام (2/ 46).
(3)
ينظر البيت الأول في الكامل للمبرد (2/ 143)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، والأعلام (2/ 46).
(4)
ينظر الشاهد رقم (540).
(5)
هو عيسى بن عبد العزيز أخذ عن الشلوبين وابن معطي، شرح أصول ابن السراج وله المقدمة الجزولية وغيرهما (ت 607 هـ)، بغية الوعاة (2/ 236).
(6)
لا يجوز الجمع بين فاعل نعم الظاهر والتمييز إلا إذا أفاد، وسبق الحديث عن هذه المسألة في الشاهد رقم (775) وهنا جاء فاعل نعم بأل، "ومن" هنا كما ذكر العيني للتبعيض، والتقدير: نعم المرء الذي هو بعض الحي التهامي أي جزء منه. وينظر رأي الجزولي في شرح المقدمة الجزولية الكبير للشلوبين (907).
الشاهد الثاني والثمانون بعد السبعمائة
(1)
،
(2)
حُبَّ بِالزَّوْرِ الذِي لَا يُرَى
…
................................
أقول: قائله هو الطرماح، وتمامه
(3)
:
................................
…
مِنْهُ إلا صَفْحَةٌ أَوْ لِمَامُ
وهو من المديد، وفيه الحذف.
قوله: "بالزور" بفتح الزاي وسكون الواو بمعنى الزائر، قال الجوهري: الزَّوْر: الزائرون، يقال: رجل زائر وتوم زَوْر
(4)
، وصفحة كل شيء: جانبه، و "اللمام" بكسر اللام وتخفيف الميم؛ جمع لمة بكسر اللام وتشديد الميم، وهو الشعر الذي يجاوز شحمة الأذن، فإذا بلغت المنكبين فهي جمة، وتجمع على لمم -أيضًا-.
الإعراب:
قوله: "حب بالزور" أصله: حبب الزور؛ جملة من الفعل والفاعل، فنقلت حركة الباء وهي الضمة إلى الحاء بعد سلب حركتها فصار:"حب"، وزيدت الباء في الفاعل أعني:"الزور"، قوله:"الذي": موصول، و "لا يرى": فعل مجهول، وقوله:"صفحة": مرفوع به، والجملة صلة الموصول، قوله:"أو لمام" بالرفع عطف على صفحة.
الاستشهاد فيه:
في زيادة الباء في حب، وأدغمت إحدى الباءين من حبب في الأخرى كما ذكرناه مستقصًى في موضعه.
(1)
أوضح المسالك (3/ 281)، والبيت بياض في (أ).
(2)
البيت من بحر المديد، من قصيدة للطرماح بن حكيم، طويلة يتحدث فيها عن النساء والغزل بهن، وفيها مخالفتان، النحويون يردونها بميم مرفوعة في القافية، وهي في الديوان ساكنة، والنحويون يردون البيت:"حب بالزور" على ما ذكر، وهو في الديوان: حبذا الزور، وانظر الديوان (392)، وتذكرة النحاة (687)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 89)، واللسان مادة:"زور"، وشرح الأشموني (3/ 39)، والدرر (5/ 232).
(3)
ينظر شرح الأشموني (3/ 39)، والديوان (392).
(4)
الصحاح مادة: "زور".
الشاهد الثالث والثمانون بعد السبعمائة
(1)
،
(2)
أَلَا حَبَّذَا عَاذِرِي فِي الهَوَى
…
وَلَا حَبَّذَا الجَاهلُ العَاذِلُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من المتقارب وفيه الحذف.
قوله: "عاذوي": من عذره فيما صنع، وضده: عذله إذا لامه فيما صنع.
الإعراب:
قوله: "ألا": للتنبيه، و "حبذا": كلمة المدح؛ جملة من الفعل والفاعل أعني: ذا، وقوله:"عاذري": كلام إضافي مخصوص بالمدح مرفوع على الابتداء، و "في الهوى"، يتعلق به، قوله:"ولا حبذا": بمنزلة بئس، و "الجاهل": مخصوص بالذم، و "العاذل": صفته.
الاستشهاد فيه:
أن حبذا التي للمدح تكون للذم إذا دخلت فيه لا كما ذكرناه
(3)
.
الشاهد الرابع والثمانون بعد السبعمائة
(4)
،
(5)
فَنِعْمَ صَاحِبُ قَوْمٍ لَا سِلَاحَ لَهُمْ
…
................................
أقول: قائله هو كثير بن عبد الله المعروف بابن الغريرة، قال أبو الفرج: الغريرة هي أم عبد اللَّه وكانت سبية من تغلب، وهو جاهلي إسلامي، قال أبو عبيد: أدرك معاوية رضي الله عنه
(6)
؛ كذا نسب هذا البيت أبو محمد بن السيرافي في شرحه لأبيات الإيضاح
(7)
، ونسبه صاحب الموعب في اللغة
(8)
(1)
أوضح المسالك (3/ 283)، وموضع البيت كله بياض في:(أ).
(2)
البيت من بحر المتقارب، وهو لقائل مجهول، وانظره في شرح عمدة الحافظ (802)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 26)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 89)، وشرح التصريح (2/ 99)، والدرر (5/ 227).
(3)
ينظر الشاهد رقم (780).
(4)
توضيح المقاصد (3/ 80)، وموضع البيت بياض في:(أ).
(5)
شطر بيت من بحر البسيط، ذكر الشارح عجزه، مع بيت آخر، وهما في رثاء عثمان بن عفان ووصف اعتداء الثوار عليه، وقد اختلف في قائلهما فقيل لحسان، وقيل لأوس بن مغراء، والصحيح أنهما لابن الغريرة كثير بن عبد اللَّه، وانظر الشاهد في المقرب (1/ 66)، والأشموني (3/ 18)، وشرح المقدمة الجزولية للشلوبين (904)، وابن يعيش (7/ 131)، والدرر (5/ 213)، والخزانة (9/ 415، 417).
(6)
الجملة الدعائية سقط في: (ب).
(7)
ينظر هامش ابن يعيش (7/ 131).
(8)
هو البياني تمام بن غالب بن عمر لغوي (ت 436 هـ) ينظر الأعلام (2/ 86).
لأوس بن مغراء، وكذا نسبه أبو حاتم في إصلاح المفسد
(1)
، وتمام البيت المذكور
(2)
:
................................
…
وَصَاحِبُ الركْبِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَا
وقبله:
1 -
ضَحُّوا بِأَشْمَطَ عُنْوَانُ السُّجُودِ بِهِ
…
يقطَّعُ الليلَ تَسْبِيحًا وَقُرْآنا
وهما من البسيط.
1 -
قوله: "بأشمط" أي: بأشيب، أشار بذلك إلى قلة غلبة الشيب عليه أو إلى أن قوته كانت لم تذهب ذهاب من بلغ مثل سنه، وكان سنه رضي الله عنه يوم قتل ستًّا وثمانين سنة.
قوله: "عنوان السجود به" أي: علامة السجود به ورونقه فيه، قوله:"فنعم صاحب قوم لا سلاح لهم": إشارة إلى فضل عثمان [رضي الله عنه]
(3)
، وأنه يغني يوم القيامة بالشفاعة غنى من دافع في الدنيا بسلاحه عن عزل الجماعة، وقد يكون السلاح أيضًا عبارة عن بذله لماله وتوسعته لصحبه فيه، فيكون ذلك أجدى من السلاح لحامله، والسلاح يذكر ويؤنث.
الإعراب:
قوله: "عنوان السجود": نصب على الحال من الضمير في يقطع الليل، ويجوز أن تكون مجرورة على النعت لأشمط؛ كأنه قال: ضحوا بأشمط ظاهر الخير، قال أبو الحجاج:"وقد يكون حالًا من أشمط وإن كان نكرة؛ لأنها مفهوم من يراد بها"
(4)
، وقد حكى سيبويه هذه مائة بيضاء
(5)
.
قوله: "قرآنًا": مصدر، يريد: وقراءة، قوله:"فنعم": من أفعال المدح، و "صاحب قوم": كلام إضافي فاعل نعم، قوله:"لا سلاح لهم" في محل الجر على أنها صفة لقوم، قوله:"وصاحب الركب": عطف على صاحب قوم، وقوله:"عثمان": مخصوص بالمدح، وارتفاعه بالابتداء، وقوله:"فنعم صاحب قوم" مقدمًا خبره.
(1)
لم أعثر على مؤلفه.
(2)
ينظر الخزانة (9/ 418).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
قال صاحب الخزانة (9/ 418) بعد أن نقل عن العيني ذلك: "وأقول: الحالية لا تجوز لا لفظًا ولا معنًى على الأول، ولا لفظًا على الثاني للتعريف".
(5)
الكتاب لسيبويه (2/ 112).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فنعم صاحب قوم" حيث رفع "فنعم""صاحب قوم"، وهو نكرة مضافة، وهذا لغة قوم من العرب حكاها الأخفش عنهم أنهم يرفعون بنعم النكرة مفردة ومضافة، ولذلك استشهد به أبو علي في الإيضاح على دخول نعم على مرفوع مضاف إلى ما لا ألف ولا لام فيه على الوجه الشاذ، وقال: هي لغة قوم من العرب فيما زعم الأخفش، يرفعون النكرة المضافة بنعم وبئس تشبيهًا لها بما أضيف إلى ما فيه الألف واللام
(1)
.
الشاهد الخامس والثمانون بعد السبعمائة
(2)
،
(3)
بِئْسَ قَوْمُ اللهِ قَوْمٌ طُرِقُوا
…
فَقَرَوْا جَارَهُمْ لَحْمًا وَحِرْ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وبعده:
2 -
وَسَقَوْهُ فِي إِنَاءٍ كَلِعٍ
…
لَبَنًا مِنْ درِّ مخْرَاطٍ فَئِرْ
وهما من الرمل.
قوله: "طُرقوا": من الطروق وهو إتيان الأهل ليلًا، قوله:"فقروا": من قري الضيف، وقوله:"وَحِر" بفتح الواو وكسر الحاء المهملة وفي آخره راء، وهو اللحم الذي تدب عليه الوحرة وهي دابة تشبه العظاية.
2 -
قوله: "كلع" بفتح الكاف وكسر اللام وفي آخره عين مهملة، يقال: إناء كلع إذا التبد عليه الوسخ، وسقاء كلع إذا تركب عليه تراب
(4)
.
قوله: "من در مخراط" أي: من لبن مخراط، يقال: شاة مخراط؛ من الخرط وهو داء يصيب الضرع فيخرج اللبن متعقدًا كقطع الأوتار، وقال ابن فارس: يقال: شاة مخراط بكسر
(1)
قال ابن يعيش (7/ 131): "وقد جاء نعم وبئس على غير المذهبين، قالوا: نعم غلام رجل زيد، فرفعوا بنعم النكرة المضافة إلى ما لا ألف ولا لام فيه، زعم الأخفش أن بعض العرب يقول ذلك وأنشد لحسان بن ثابت، وقيل: هو لكثير بن عبد الله النهشلي، ثم ذكر البيت، وقال: قال أبو علي: وذلك ليس بالشائع ولا يجوز ذلك على مذهب سيبويه؛ لأن المرفوع بنعم وبئس لا يكون إلا دالًّا على الجنس"، وقال الأشموني (3/ 28):"وأجاز الفراء أن يكون مضافًا إلى نكرة ثم ذكر البيت".
(2)
توضيح المقاصد (3/ 82)، وموضع البيت بياض في (أ).
(3)
البيت من بحر الرمل مجهول النسب، وانظره في الأشموني بحاشية الصبان (3/ 29)، والدرر (5/ 206، 217)، والارتشاف (3/ 19، 24)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 85).
(4)
نصه في الصحاح للجوهري مادة: "كلع".
الميم، فإذا كان عادة لها فهي مخراط بكسر الميم، قوله:"فئر" بفتح الفاء وكسر الهمزة، أي: سقطت فيه فأرة.
الإعراب:
قوله: "بئس": فعل الذم، وقوله:"قوم الله": كلام إضافي فاعله، قوله:"قوم": مخصوص بالذم مرفوع بالابتداء [والجملة]
(1)
مقدمًا خبره، قوله:"طرقوا" على صيغة المجهول في محل الرفع على أنها صفة لقوم.
قوله: "فقروا": جملة من الفعل والفاعل، و "جارهم": مفعول، قوله:"لحمًا": مفعول ثان؛ لأن قروا معناه أطعموا، قوله:"وحر": صفة اللحم، وأصله: وحرًا، فأسكنت الراء لضرورة الوزن.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بئس قوم الله" حيث أسند بئس إلى قوم أضيف إلى لفظة اللَّه، ومثل ذلك لا يجوز؛ لأن الشرط أن يكون فاعل بئس ونعم إذا كان ظاهرًا: أن يكون معرفًا بأل نحو: [قوله تعالى]
(2)
،
(3)
: {فَنِعْمَ الْمَوْلَى} [الحج: 78]، أو مضافًا إلى المعرف بالألف واللام نحو:
فَنِعْمَ ابْنُ أُختِ القَوْمِ
…
................. إلى آخره
وهاهنا ليس كذلك؛ لأن القوم ليس معرفًا بالألف واللام ولا مضافًا إلى ما عرف بهما؛ كما لا يجوز أن يقال: نعم عبد الله هذا؛ لأن عبد الله ليس معرفًا بالألف واللام ولا مضافًا إلى ما عرف بهما
(4)
خلافًا للجرمي، وإنما ذلك للضرورة
(5)
، والذي سهل ذلك كون قوم يقع على ما يقع عليه القوم معرفًا بالألف واللام، وهو مع ذلك مضاف في اللفظ إلى ما فيه الألف واللام، وإن لم [يكن]
(6)
تعريفه بهما
(7)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
ما بين المعقوفين زيادة للإيضاح.
(3)
وتمامها: {وَنِعْمَ النَّصِيرُ} .
(4)
راجع الكتاب (2/ 176) وما بعدها، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 8، 9)، وينظر التذييل والتكميل (4/ 495).
(5)
أجاز الجرمي إسناد "نعم وبئس" إلى العلم، وأوله النحويون ولم يوافقه أحد، قال ابن عقيل:"وظاهرها جواز كون فاعل هذا الباب مضافًا إلى علم أو علما، واختار الجرمي القياس على الأول فيقول: نعم عبد الله زيد، والصحيح قول عامة النحويين: المنع". المساعد لابن عقيل (2/ 132، 133)، وانظر شرح الأشموني بحاشية الصبان (3/ 29).
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(7)
ينظر التعليق على الشاهد (773).
الشاهد السادس والثمانون بعد السبعمائة
(1)
،
(2)
نِعْمَ الفَتَى المُرِّيُّ أَنْتَ إِذَا هُمُ
…
........................
أقول: قائله هو زهير بن أبي سلمى، وتمامه:
................................
…
حَضَرُوا لَدَى الحُجُرَاتِ نَارَ المَوْقدِ
وهو من قصيدة يمدح بها سنان بن أبي حارثة المري، وأولها
(3)
:
1 -
لِمَنِ الدِّيَارُ غشيتهَا بِالفَدْفَدِ
…
كَالوَحِي فيِ حجرِ المَسِيلِ المُخْلِدِ
2 -
دَارٌ لِسَلْمَى إِذْ هُم لَكَ جِيرَةٌ
…
وإخَالُ أَنْ قَدْ أَخْلَفَتْنِي مَوْعِدِي
3 -
إذ تَسْتَبِيكَ بِجِيدِ أُدْمٍ عَاقِدٍ
…
يَقْرُو طُلُوحَ الأنْعَمين فَثَهْمَدِ
4 -
وَمَؤْشر حِمْشُ اللِّثَاتِ كَأَنَّمَا
…
شَركتْ مَنَابِتُهُ رَضِيضَ الإثْمِدِ
5 -
دَعْهَا وَسَلِّ الْهَمَّ عَنْكَ بِجَسْرَةٍ
…
تَنْجُو نَجَاءَ الأخْدَرِيّ المُفْرَدِ
إلى أن قال:
6 -
نِعْمَ الفَتَى المُرِّيّ .......
…
................... إلى آخره
7 -
وَإلَى سِنَانٍ سَيْرُهَا ووشيجُهَا
…
حتَّى تُلَاقيهَا بطَلْقِ الأَسْعُدِ
8 -
خَلِطٌ أَلُوفٌ للجَمِيعِ بِبَيْتِهِ
…
إذ لَا يُحَلُّ بِحَيِّزِ المتُوَحِّدِ
وهي من الكامل.
1 -
قوله: "بالفدفد": هو المكان المرتفع فيه صلابة وحجارة، ويقال: هي أرض مستوية، قوله:"كالوحي" أي: كالكتاب، وإنما جعله في حجر المسيل لأنه أصلب له، و"المخلد": المقيم؛ من أخلد إذا أقام.
3 -
قوله: "أدم" بضم الهمزة وسكون الدال المهملة وفي آخره ميم؛ وهو من الظباء بيض يعلوهن جدد فيهن غبرة، تسكن الجبال، قوله:"عاقد": الذي يعقد عنقه، يعني: ظبيًا يثنيها، و "الطلوح": جمع طلح وهو شجر، قوله:"يقرو" يعني: يتبع ويرعى، "الأنعمين وثهمد": مكانان.
(1)
توضيح المقاصد (3/ 87)، وموضع البيت بياض في (أ).
(2)
البيت من بحر الكامل، وهو من قصيدة لزهير بن أبي سلمى، يمدح بها سنان بن حارثة المري، وهي في ديوانه (229)، وانظر بيت الشاهد في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 10)، والمساعد (2/ 128)، والمغني (587)، وشرح الأشموني (3/ 31)، والخزانة (9/ 404، 407، 408)، وشرح شواهد المغني (915).
(3)
انظر شعر زهير بن أبي سلمى، صنعة الأعلم الشنتمري (229)، تحقيق: فخر الدين قباوة، ط. دار الكتب العلمية.
4 -
قوله: "مؤشر" يعني: ثغر فيه تحزيز من الأشر وهو تحزيز في الأسنان، وإنما يكون في الصبي لأنه لم يكثر المضغ على أسنانه، قوله:"حمش اللثات" يعني: قليل اللحم دقيق، "كأنما شركت" أي: خالطت، "منابته": أصوله، قوله:"رضيض الإثمد": مارض منه، يقول في لثاتها سواد، إنما يريد أنها قليلة لحم اللثة.
5 -
قوله: "بجسرة" بالجيم، وهي الناقة السبطة الطويلة، والذكر جسر، قوله:"الأخدري": نسبة إلى أخدر، وهو فرس ضرب في الحمير فنسله معروف، و"المفرد": الفرد.
6 -
قوله: "لدى الحجرات": جمع حجرة وهي شدة الشتاء.
7 -
قوله: "وشيجها" بالجيم، وهو ضرب من السير، قوله:"بطلق الأسعد" الطلق: اليوم الذي لا برد فيه ولا أذى، و"الأسعد" هو اليمن؛ من السعود.
8 -
قوله: "خلط" يعني: يختلط بالناس، قوله:"ألوف للجميع" يعني: يجعل بيته في الجميع لا يتنحى تألفهم حتى ينزل ناحية، و"المتوحد": الذي ينزل وحده كي لا يضيف ولا يقري.
الإعراب:
قوله: "نعم الفتى": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"المري": نسبة إلى مرة وهو صفة للفتى، قوله:"أنت": مخصوص بالمدح مرفوع بالابتداء، والجملة قبله خبره.
قوله: "إذا" للمفاجأة، و"هم": مبتدأ، و"حضروا ": خبره
(1)
، و"لدى الحجرات": كلام إضافي نصب على الظرف، و"نار الموقد": كلام إضافي مفعول لقوله: "حضروا".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "المري" حيث اتصف به الفتى الذي هو فاعل نعم، فهذا حكم فيه خلاف، فالجمهور على منع نعته
(2)
.
وأجازه أبو الفتح، وفي شرح التسهيل: "وأما النعت فلا ينبغي أن يمنع على الإطلاق؛ بل يمنع إذا قصد به التخصيص مع إقامة الفاعل مقام الجنس؛ لأن تخصيصه حينئذ منافٍ لذلك القصد، وأما إذا تؤول بالجامع لأكمل الخصال فلا مانع من نعته حينئذ؛ لإمكان أن ينوي في
(1)
قوله: "إذا للمفاجأة، وهم مبتدأ .. إلخ، ليس المعنى على المفاجأة، وإنما إذا هنا شرطية، وهم فاعل لفعل محذوف تقديره: إذا حضروا، ثم حذف الفعل فانفصل الضمير، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبل الشرط". مع كتاب المقاصد النحوية (106).
(2)
قال ابن مالك: "ولا يؤكد فاعلهما توكيدًا معنويًّا باتفاق، وقد يوصف خلافًا لابن السراج والفارسي". التسهيل بشرحه لابن مالك (3/ 8).
النعت ما ينوي في المنعوت، وعلى هذا حمل قوله:
نِعْمَ الفَتَى المُرِّيُّ ..........
…
.................................
وحمل ابن السراج وأبو علي مثل هذا على البدل ومنعا أن يكون نعتًا، ولا حجة لهما في ذلك"
(1)
.
الشاهد السابع والثمانون بعد السبعمائة
(2)
،
(3)
أَلَا حَبَّذَا لَوْلَا الحَيَاءُ وَرُبَّمَا
…
مَنَحْتُ الهَوَى مَا لَيْسَ بِالْمُتَقَارِبِ
أقول: قائله هو مرار بن هماس الطائي، ويقال: مرداس بن هماس
(4)
، وقبله:
1 -
هَويْتُكِ حَتَّى كَادَ يَقْتُلُنِي الهَوَى
…
وَزُرْتُكِ حَتَّى لَامَنِي كلُّ صَاحِبِ
2 -
وَحَتَّى رَأَى مِنِّي أَعَادِيكِ رِقَّةً
…
عَلَيْكِ وَلَوْلَا أَنْتِ مَا لانَ جَانِبِي
3 -
ألا حَبَّذا ..................
…
.................... إلى آخره
4 -
بِأَهْلِي ظِبَاء مِنْ رَبيعَةَ عَامِرٍ
…
عِذَابُ الثَّنَايَا مُشْرِفَاتُ الحَقَائِبِ
وهي من الطويل.
3 -
قوله: "ألا حبذا" يريد: ألا حبذا حالي معك، يشير إلى هواه إياها وزيارته لها وما ترتب على ذلك في قوله قبل البيت:
هويتك ..................
…
...................... إلى آخره
قوله: "منحت الهوى" أي: أعطيت الهوى ما ليس بقريب.
الإعراب:
قوله: "ألا": للتنبيه، و"حبذا": كلمة المدح، وهي جملة من الفعل والفاعل؛ لأن حب فعل، و"ذا" فاعله، والمخصوص بالمدح محذوف تقديره: ألا حبذا حالي معك كما قلنا، وقال أبو العلاء: التقدير: ألا حبذا ذِكْر هذه النساء لولا أني أستحيي أن أذكرهن.
(1)
هذا نص ابن مالك في شرح التسهيل (3/ 10)، وشرح الأشموني (3/ 31).
(2)
ابن الناظم (185)، وموضع البيت بياض في (أ).
(3)
البيت من بحر الطويل، من مقطوعة نسبها الشارح لمرار بن هماس الطائي، وكذا لمرداس بن هماس، وانظر الشاهد في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 28)، والمغني (558)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 89)، والدرر (5/ 223)، وشرح شواهد المغني (898)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (111).
(4)
انظر المقطوعة (أربعة أبيات) في شرح الحماسة للمرزوقي (3/ 1408)، وشرح شواهد المغني (898).
قوله: "لولا" هي لربط امتناع الثانية بوجود الأولى، ويروى: لوما الحياء، فالحياء مرفوع بالابتداء، وخبره محذوف تقديره: لولا الحياء يمنعني، قوله:"وربما": رب دخلت عليها ما الكافة
(1)
.
و"منحت": جملة من الفعل والفاعل، و"الهوى": مفعوله الأول، وقوله:"ما ليس بالمتقارب": مفعول ثان، والمعنى: ربما منحت هواي ما لا يطمع في دنوه، ويروى: من ليس بالمتقارب؛ أي: ربما أحببت من لا ينصفني ولا مطمع فيه، وعلى كلا التقديرين كلمة من وما موصولة و"ليس بالمتقارب": جملة صلتها، واسم ليس مستتر فيه يعود إلى ما، و"بالمتقارب": خبره، والباء فيه زائدة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ألا حبذا" حيث حذف [فيه]
(2)
المخصوص بالمدح؛ كما ذكرناه
(3)
.
الشاهد الثامن والثمانون بعد السبعمائة
(4)
،
(5)
فَقُلْتُ اقْتُلُوهَا عَنْكُمْ بِمِزَاجِهَا
…
وَحُبَّ بِهَا مَقْتُولَةً حِينَ تُقْتَلُ
أقول: قائله هو الأخطل غوث بن غياث، وهو من قصيدة من الطويل، وأولها قوله
(6)
:
1 -
أَنَاخُوا فَجَرُّوا شَاصِيَّاتٍ كَأَنَّهَا
…
رِجَالٌ منَ السُّودَانِ لَمْ يَتَسربلُوا
2 -
وَجاؤوا ببَيْسَانِيَّةٍ هي بعدَ مَا
…
يَعُلُّ بِهَا السَّاقِي ألَذُّ وَأَسْهَلُ
3 -
تَمُرُّ بِهَا الأَيْدِي سَنِيحًا وَبَارحًا
…
وتُوضَعُ باللَّهُمَّ حَيّ وتُحْمَلُ
4 -
فقلتُ اصْبِحُونِي لا أَبًا لأَبِيكُمو
…
ومَا وَضَعُوا الأثْقَال إِلَّا لِيَفْعَلُوا
5 -
فَصَبُّوا عُقَارًا فيِ إِنَاءٍ كَأَنَّهَا
…
إِذَا لمحوهَا جُذْوَةٌ تتآكَلُ
6 -
تَدبُّ دَبِيبًا فيِ العِظَامِ كَأَنَّهُ
…
دَبِيبُ نِمَالِ فيِ نَقَا يَتَهَيَّلُ
(1)
قال ابن هشام: "وإذا زيدت ما بعدها فالغالب أن تكفها عن العمل وأن تهيئها للدخول على الجمل الفعلية". المغني (137).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(3)
يحذف المخصوص بالمدح في باب حبذا للعلم به قياسًا على حذفه في باب نعم والتقدير: ألا حبذا حالي معك أو التقدير: ألا حبذا ذكر هذه النساء لولا أن أستحيي أن أذكرهن، وهذا كما قدره العيني.
(4)
ابن الناظم (186)، وشرح ابن عقيل (3/ 172)، وموضع البيت بياض في (أ).
(5)
البيت من بحر الطويل، وهو للأخطل، من قصيدة طويلة بدأها بوصف الخمر؛ كما تبدأ القصائد العربية بوصف النساء، وبيت الشاهد في أسرار العربية (108)، وشرح شافية ابن الحاجب (1/ 43، 77)، وابن يعيش (7/ 129، 141)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 89)، والخزانة (9/ 427)، والدرر (5/ 229)، واللسان:"قتل، كفى".
(6)
الديوان (224) بشرح مهدي ناصر، و (152) شرح راجي الأسمر، ط. دار الكتاب العربي.
7 -
رَبَتْ وَرَبَا فيِ كَرَمِهَا ابنُ مَدِينَةٍ
…
يَظلُّ عَلَى مِسْحَاتِهِ يَتركَّلُ
8 -
فقلت ...................
…
........................... إلى آخره
1 -
قوله: "الشاصيات": جمع شاصية وهي الزقاق المملوءة الشائلة القوائم، وبه يصف الأخطل الزقاق؛ كذا قاله الجوهري
(1)
.
2 -
قوله: "ببيسانية" أي: بخمر بيسانية، نسبة إلى بيسان بلدة بغور الشام
(2)
ينسب إليها الخمر، قوله:"يعل بها الساقي": من العلل وهو الشرب الثاني.
5 -
قوله: "جذوة" بتثليث الجيم وسكون الذال المعجمة، وهي قطعة من النار، وهي الجمرة.
6 -
قوله: "نمال": جمع نمل، قوله:"نقا" بفتح النون مقصورًا، وهو الكثيب من الرمل، قوله:"يتهيل" أي: ينصب.
7 -
قوله: "ربت" أي: زادت، قوله:"يتركل": من الركل وهو الضرب بالرجل الواحدة، وقد ركله يركله من باب نصر ينصر ولو خبر يظل، والجملة خبر لقوله:"ابن مدينة".
8 -
قوله: "اقتلوها" أي: الخمر؛ من قولهم: قتلت الشراب إذا مزجته بالماء، قوله:"بمزاجها" بكسر الميم وتخفيف الزاي وكسر الجيم؛ من مزج الشراب إذا خلطه بغيره، ومزاج الشراب: ما يخلط به.
الإعراب:
قوله: "فقلت": جملة من الفعل والفاعل وقوله: "اقتلوها": مقول القول، والباء في:"بمزاجها": تتعلق باقتلوا، قوله:"وحب" بضم الحاء المهملة [للمدح]
(3)
كحبذا، قوله:"مقتولة" أي: ممزوجة، وانتصابها على التمييز، "وحين": منصوب على الظرف، قوله:"تقتل" أي: تمزج.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وحب بها" حيث جاء فاعل: "حب" الذي للمدح بالباء الزائدة، فإن قوله:"بها" في موضع الرفع بحب، ونقلت حركة عينه إلى فائه؛ وذلك لأن الأكثر أن حب يجيء مع غير "ذا" مضمومة الفاء بالنقل من حركة عينها
(4)
، وقد لا تضم كما في الرجز الآتي عقب هذا.
(1)
الصحاح مادة: "شصا".
(2)
ينظر معجم البلدان (1/ 625).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
(4)
ينظر الشاهد رقم (782).
الشاهد التاسع والثمانون بعد السبعمائة
(1)
،
(2)
بِاسْمِ الإلَهِ وبِهِ بَدِينَا
…
ولَوْ عَبَدْنَا غَيْرَهُ شَقِينَا
فَحَبَّذَا رَبًّا وحَبَّ دِينَا
أقول: قائله هو عبد الله بن رواحة الأنصاري الصحابي [رضي الله عنه]
(3)
.
قوله: "بدينا" بكسر الدال، بمعنى بدأنا، وهي لغة أهل المدينة.
الإعراب:
قوله: "باسم الإله" الباء تتعلق بمحذوف [أي: أبتدئ]
(4)
باسم الله، ومحلها النصب على المفعولية، قوله:"وبه" الباء فيه تتعلق بقوله: "بدينا"، وهذه الجملة تأكيد للجملة الأولى.
قوله: "ولو" للشرط، و"عبدنا": جملة من الفعل والفاعل، و"كيره": كلام إضافي مفعوله، والجملة فعل الشرط، قوله:"شقينا": جواب الشرط، قوله:"فحبذا": كلمة المدح، وإعرابه ظاهر، و"ربًّا": نصب على التمييز.
قوله: "وحب" بفتح الحاء للمدح مثل حبذا، وحذف فاعله، تقديره: حب عبادته، وإنما ذكر ضمير العبادة لتأولها بالدين، وقوله:"دينًا": نصب على التمييز؛ لأنه يفسر المحذوف.
والاستشهاد فيه:
في قوله: "حب" حيث جاء للمدح مفتوح الحاء مع غير ذا، وكان الأصل ضم حائه، وقد فتح هاهنا كما ذكرنا في البيت السابق
(5)
.
(1)
ابن الناظم (186).
(2)
الأبيات من بحر الرجز المشطور، وهي منسوبة في مراجعها إلى عبد الله بن رواحة، وانظرها في شرح عمدة الحافظ (802)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 24)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 88، 89)، والارتشاف (3/ 31)، والدرر (5/ 221)، واللسان:"بدا".
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
ما بين المعقوفين زيادة للإيضاح.
(5)
ينظر الشاهد رقم (782، 788).
الشاهد التسعون بعد السبعمائة
(1)
،
(2)
تَقُولُ عِرْسِي وَهيَ لِي فِي عَوْمَرَهْ
…
بِئْسَ امْرَأً وَإنَّنِي بِئْسَ المَرَهْ
أقول: لم أقف على اسم راجزه.
قوله: "عرسي" عرس الرجل: زوجته، وهي بكسر العين وسكون الراء وفي آخره سين كلها مهملات، قوله:"في عومره" قال ابن فارس: العومرة: الصخب والجلبة
(3)
.
الإعراب:
قوله: "تقول": فعل، و"عرسي": كلام إضافي فاعله، قوله:"وهي لي في عومره": [جملة حالية]
(4)
واللام في قوله: "لي" بمعنى مع، والمعنى: وهي معي في عومرة، قوله:"بئس امرأ": مقول القول، وفاعل بئس مضمر فيه، و"امرأ": نكرة منصوبة على التمييز، وقد فسر الفاعل المضمر، قوله:"وإنني": الضمير المتصل به اسم إن، وقوله:"بئس المره": خبره، أي: بئست المرأة، وفيه ثلاثة أشياء:
الأول: تذكير الفعل المسند إلى المؤنث
(5)
.
والثاني: تخفيف الهمزة من المرأة.
والثالث: تقديم المخصوص بالذم على بئس لدخول الناسخ عليه
(6)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بئس امرأً" حيث أضمر الفاعل فيه، وفسرته النكرة بعده المنصوبة على التمييز؛ كما ذكرناه
(7)
.
(1)
شرح ابن عقيل (3/ 162)، وموضع البيت بياض في (أ).
(2)
بيتان من بحر الرجز المشطور، وهما لقائل مجهول، يذكر أن امرأته تذمه وتذم تعسها لأنهما تزوجا، وانظرهما في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 13)، وشرح الأشموني (3/ 32).
(3)
ينظر مجمل اللغة: "عمر".
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(5)
من مواضع تأنيث الفعل جوازًا مع فاعله المؤنث الحقيقي إذا كان الفعل نعم وبئس. ينظر توضيح المقاصد (2/ 15).
(6)
يجوز تقديم المخصوص بالمدح أو الذم وحينئذ يجوز دخول نواسخ الابتداء عليه والمخصوص يعرب مبتدأ والجملة بعده من نعم وفاعلها هي الخبر والرابط هو العموم. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 16)، وتوضيح المقاصد (3/ 101).
(7)
ينظر الشاهد رقم (774).
الشاهد الحادي والتسعون بعد السبعمائة
(1)
،
(2)
تَزَوَّدْ مِثْلَ زَادِ أَبِيكَ فِينَا
…
فَنِعْمَ الزَّادُ زَادُ أَبِيكَ زَادَا
أقول: قائله هو جرير، وهو من قصيدة يمدح بها عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وقبله هو قوله
(3)
:
1 -
منْ عَبْدِ العَزِيزِ لَقِيتُ بَحْرًا
…
إِذَا نَقَصَ البُحُورُ المَدِّ زَادَا
2 -
فَسُدْتَ النَّاسَ قَبْلَ سِنِينَ عَشْرًا
…
كَذَاكَ أَبُوكَ قَبْلَ العَشْرِ سَادَا
3 -
وَثَبْتُ الفُرُوع فَهُنَّ خُضْرٌ
…
وَلَوْ لَمْ تُحْيِي أَصْلَهُمْ لَبَادَا
4 -
تزود مثل ...............
…
...................... إلى آخره
وبعده:
5 -
فَمَا كَعْبُ بْنُ مَامَةَ وابْنُ سعْدَى
…
بِأَجْوَدَ مِنْكَ يَا عُمَرَ الجَوَادَا
وهي من الوافر قوله: "تزود": أمر من تزود يتزود تزودًا، والباقي ظاهر.
الإعراب:
قوله: "تزود": جملة من الفعل والفاعل وهو أنت المستتر فيه، قوله:"مثل زاد": كلام إضافي نصب على أنه صفة لمصدر محذوف، أي: تزود تزودًا مثل زاد، و "أبيك" أيضًا؛ كلام إضافي مجرور بإضافة زاد إليه، ويقال:"مثل": نصب على الحال من زاد لأنه نعت نكرة تقدم عليها.
قوله: "فينا": يتعلق بقوله: "زادًا" لأنه في الأصل مصدر، قاله الفراء
(4)
، قوله:"فنعم الزاد": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"زاد أبيك": كلام إضافي مخصوص بالمدح وهو مبتدأ،
(1)
توضيح المقاصد (3/ 91)، وشرح ابن عقيل (3/ 164)، وموضع البيت بياض في (أ).
(2)
البيت من بحر الوافر، من قصيدة لجرير بن عطية يمدح بها عمر بن عبد العزيز (ديوانه (118) ط. دار المعارف) وانظر بيت الشاهد في الديوان بشرح مهدي ناصر (105) وبيت الشاهد فقط هو الذي في الديوان، وباقي الأبيات غير موجودة في نفس الصفحة، والمقتضب (2/ 150)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 15)، والمغني (462)، والخصائص (1/ 83، 396)، وشواهد التوضيح (109)، وابن يعيش (7/ 132)، وشرح شواهد المغني (75)، والخزانة (9/ 394، 399).
(3)
الديوان بشرح مهدي ناصر (105) وبيت الشاهد فقط هو الذي في الديوان وباقي الأبيات غير موجودة في الديوان، و (117) ط. دار المعارف، تحقيق: د. نعمان طه، وإن كانت الأبيات غير موجودة في ذلك الموضع لكنها في (1056).
(4)
قال ابن يعيش: "ويجوز أن يكون مصدرًا مؤكدًا محذوف الزوائد، والمراد: تزود تزودًا وهو قول الفراء". ينظر ابن يعيش (7/ 133).
وقوله: "فنعم الزاد": مقدمًا خبره، قوله:"زادًا" في نصبه ثلاثة أوجه:
الأول: أن يكون تمييزًا لمثل في قوله: "زاد أبيك" أي: مثل زاد أبيك زادًا، فيكون نحو قولهم: ما رأيت مثلهم رجلًا، أي: من الرجال، وقد اجتمع فيه التمييز والمميز على جهة التأكيد، وهو مذهب أبي علي وشيخه أبي بكر بن السراج، وقيل: هذا من ضرورة الشعر وإنه لا يحسن في النثر
(1)
.
والثاني: أن يكون مفعولًا لقوله تزود.
والثالث: أن يكون منصوبًا على المصدر المحذوف الزيادة، والتقدير: تزود مثل زاد أبيك فينا تزودًا، وذلك مبني على أن يكون الزاد مصدرًا كما قاله الفراء
(2)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فنعم الزاد إلى آخره" حيث جمع فيه بين الفاعل الظاهر والنكرة المفسرة تأكيدًا كما ذكرنا
(3)
.
الشاهد الثاني والتسعون بعد السبعمائة
(4)
،
(5)
نِعْمَ الفَتَاةُ فَتَاةً هِنْدُ لَوْ بَذَلَتْ
…
رَدّ التَّحِيَّةِ نُطْقًا أَوْ بِإِيمَاءِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.
الإعراب:
قوله: "نعم الفتاة": جملة من الفعل والفاعل، و"فتاة" بالنصب حال مؤكدة، قوله:"هند": مخصوص بالمدح مرفوع بالابتداء، والجملة قبله خبره، قوله:"لو" للشرط، و"بذلت": جملة فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف تقديره: لو بذلت فهي نعم الفتاة، قوله:"رد التحية": كلام إضافي مفعول بذلت، قوله:"نطقًا": نصب على التمييز، وقوله:"أو بإيماء": عطف عليه.
(1)
قال الفارسي: "وتقول: نعم الرجل رجلًا زيد، فإن لم تذكر رجلًا جاز، وإن ذكرته فتأكيد، قال جرير ثم ذكر البيت". الإيضاح بشرح المقتصد (372)، وينظر المساعد (2/ 130)، وشرح التصريح (2/ 95)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 15)، وقضايا الخلاف النحوية والصرفية في شفاء العليل للسلسيلي (527)(دكتوراه بالأزهر).
(2)
ينظر ابن يعيش (7/ 133).
(3)
ينظر الشاهد رقم (775).
(4)
توضيح المقاصد (3/ 93)، وأوضح المسالك (3/ 277) والبيت في موضعه بياض في (أ).
(5)
البيت من بحر البسيط، وهو في الغزل، لقائل مجهول، يرضي حبيبته باليسير وتقنع بالقليل، وانظره في الارتشاف (3/ 22)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 86)، وشواهد التوضيح لابن مالك (110)، والمغني (464)، وشرح التصريح (2/ 95)، وشرح شواهد المغني (862)، والخزانة (9/ 398)، والدرر (5/ 209).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "نعم الفتاة فتاة" حيث جمع فيه بين التمييز والفاعل الظاهر، وأجاز ذلك المبرد وابن السراج والفارسي محتجين به وبأمثاله
(1)
.
الشاهد الثالث والتسعون بعد السبعمائة
(2)
،
(3)
وَقَائِلَةٍ نِعْمَ الفَتَى أَنْتَ مِنْ فَتَى
…
...............................
أقول: قائله هو الكروس بن الحصن، وتمامه:
................................
…
إِذَا المُرْضِعُ العَوْجَاءُ جَال بَرِيمُهَا
وهي من الطويل.
و"المرضع": التي ترضع على تأويل: ذات إرضاع، و"جال": من الجولان، و"البريم" بفتح الباء الموحدة وكسر الراء بعدها ياء آخر الحروف ساكنة وفي آخره ميم، وهو الحبل المضفور، وقال أبو عبيدة: الحبل البريم: المفتول يكون فيه لونان، وربما شدته المرأة على وسطها وعضدها، وقد يعلق على الصبي تدفع به العين، وجولان البريم: كناية عن الهزال؛ لأنه إنما يجول بريمها في وسطها إذا أثر الهزال فيها.
الإعراب:
قوله: "وقائلة" أي: وامرأة قائلة، والواو فيه واو رب، وقوله:"نعم الفتى": مقول القول، وهي جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"أنت": مخصوص بالمدح في محل الرفع بالابتداء، والجملة مقدمًا خبره.
قوله: "من فتى": تمييز معناه: من متفت
(4)
؛ أي: كريم، قوله:"إذا المرضع العوجاء": ظرف لقوله: "نعم الفتى"، وارتفاع المرضع بفعل محذوف يدل عليه قوله:"جال بريمها" تقديره: إذا جال بريم المرضع، و"العوجاء": صفة للمرضع، و "بريمها": كلام إضافي مرفوع بقوله: "جال".
(1)
ينظر الشاهد رقم (775، 791).
(2)
توضيح المقاصد (3/ 95) والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
البيت من بحر الطويل، وهو بيت مفرد في الفخر بالكرم للكردس بن الحصن (شاعر)، اللسان مادة:"برم"، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني (3/ 35)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (885).
(4)
في (ب): من منعم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "من فتى" فإنه تمييز كما ذكرنا، وفيه جمع بين التمييز والفاعل الظاهر، وفيه ثلاثة مذاهب:
المنع: وهو مذهب سيبويه؛ إذ لا إبهام يرفعه التمييز
(1)
.
والجواز: وهو مذهب المبرد وابن السراج والفارسي، قال ابن مالك: وهو الصحيح
(2)
.
والمذهب الثالث: التفصيل: فإن أفاد التمييز معنى لا يفيده الفاعل جاز نحو: نعم الرجل رجلًا عالمًا، ومنه:
........ نِعْمَ الفَتَى أَنْتَ مِنْ فَتَى
…
................................
لأن المعنى: من متفت؛ كما ذكرنا، فأفاد معنى لا يفيده الفاعل فلذلك جاز، وإلا لم يجز، وصححه ابن عصفور رحمه الله
(3)
.
الشاهد الرابع والتسعون بعد السبعمائة
(4)
،
(5)
إِذَا أَرْسَلُونِي عِنْدَ تَعْذِيرِ حَاجَةٍ
…
أُمَارِسُ فِيهَا كُنْتُ نِعْمَ المُمَارِسُ
أقول: قائله هو يزيد بن الطثرية
(6)
.
وهو من الطويل، المعنى ظاهر.
(1)
قال سيبويه: "هذا باب ما لا يعمل في المعروف إلا مضمرًا .... وذلك قولهم: نعم رجلًا عبد اللَّه كأنك قلت: حسبك به رجلًا عبد الله، لأن المعنى واحد ...... فنعم تكون مرة عاملة في مضمر يفسره ما بعده فتكون هي وهو بمنزلة ويحه ومثله، ثم يعملان في الذي فسر المضمر عمل مثله وويحه إذا قلت: لي مثله عبدًا، وتكون مرة أخرى تعمل في مظهر لا تجاوزه فهي مرة بمنزلة: ربه رجلًا، ومرة بمنزلة: ذهب أخوه فتجري مجرى المضمر الذي قدم لما بعده من التفسير وسد مكانه لأنه قد بينه". الكتاب لسيبويه (2/ 177)، وينظر شرح التصريح (2/ 96)، والارتشاف (3/ 22)، والخصائص (1/ 296، 297).
(2)
قال ابن مالك: "وأجاز ذلك أبو العباس وقوله في هذا هو الصحيح". شرح التسهيل لابن مالك (3/ 14، 15)، وينظر المقتضب (2/ 150)، وشرح التصريح (2/ 95)، وشرح المقرب (1/ 383) وما بعدها (المرفوعات)، وشفاء العليل (2، 588/ 589).
(3)
ينظر شرح المقرب (المرفوعات)(388، 389)، وشرح التصريح (2/ 96)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 86).
(4)
توضيح المقاصد (3/ 102)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(5)
البيت من بحر الطويل، وهو ليزيد بن الطثرية (ديوانه (84) شرح: ناصر بن سعد الرشيد)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 17)، والخزانة (9/ 388)، وشرح أبيات سيبوبه (2/ 379)، وشرح الأشموني (3/ 28)، والدرر (5/ 218).
(6)
هو يزيد بن الطثرية من شعراء بني أمية قتل (126 هـ)، ينظر الأعلام (8/ 183).
الإعراب:
قوله: "إذا" للشرط، وقوله:"أرسلوني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقعت فعل الشرط، و "عند": نصب على الظرف، و "تعذير حاجة": كلام إضافي وقع مضافًا إليه.
قوله: "أمارس": جملة من الفعل والفاعل وقعت جوابًا للشرط، وقوله:"فيها" يتعلق بقوله "كنت"
(1)
والضمير المتصل به اسم كان، وخبره الجملة أعني قوله:"نعم الممارس".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كنت نعم الممارس" فإن نعم كلمة المدح، و"الممارس" بالرفع فاعل، والمخصوص بالمدح مقدم، وهو الضمير في كنت، قال ابن مالك: إذا دخل الناسخ على المخصوص يجوز تقديمه على نعم كقوله:
إذا أسلوني ............
…
............... إلى آخره
ويجوز تأخيره إلا في باب "إن" على ما يأتي الآن
(2)
، وقال ابن أم قاسم: يجوز دخول نواسخ الابتداء عليه؛ أي: فعل المدح، ثم أنشد البيت المذكور
(3)
.
الشاهد الخامس والتسعون بعد السبعمائة
(4)
،
(5)
إِنَّ ابْنَ عَبْدَ الله نِغـ
…
ـمَ أَخُو النَّدَى وابْنُ العَشِيرَهْ
أقول: قائله هو أبو دهبل
(6)
الجمحي، وأوله
(7)
:
1 -
يَا نَاقُ سِيرِي واشْرُقِي
…
بِدَمٍ إِذَا جِئْتُ المُغِيرَهْ
2 -
يَا نَاقُ ثُمَّ عَنَقتِ مِنْ
…
دَلجْي ومِنْ نَصّ الظّهيرَهْ
(1)
أما قوله: في جملة: "أمارس" إنها جواب الشرط، فليس بصحيح، بل هي حال من ياء المتكلم في أرسلوني، والمعنى: أرسلوني معالجًا لها مختالًا فيها، وأما قوله:"فيها" متعلق بليت فليس بصحيح، بل هو متعلق بأمارس.
(2)
شرح التسهيل لابن مالك (3/ 17).
(3)
توضيح المقاصد (3/ 101، 102).
(4)
توضيح المقاصد (3/ 1 - 3) والبيت موضعه بياض في (أ).
(5)
البيت من مجزوء الكامل، وهو لدهبل الجمحي، من قصيدة يمدح بها المغيرة بن عبد الله بن خالد، ديوانه (96)، وهو يخاطب ناقته أن تجد في السير لتصل إلى ممدوحه، ولا يهمه بعد ذلك أن تموت، فإن ممدوحه سيعوضه خيرًا منها، وانظر بيت الشاهد في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 18)، وشرح عمدة الحافظ (793)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 87)، والأشموني (3/ 28)، والدرر (5/ 317)، والخزانة (9/ 388).
(6)
هو وهب بن زمعة بن أسد من أشراف بني جمح بن غالب (ت 126 هـ) ينظر الأعلام (8/ 125).
(7)
ديوان أبي دهبل الجمحي، رواية أبي عمرو الشيباني (96)، تحقيق: عبد العظيم عبد المحسن (1962 م) بغداد.
3 -
سيُثيبني أُخْرَى سِوَا
…
كَ وَتِلْكَ لِي مِنْهُ يَسِيرَهْ
وهي من الكامل، وفيه الإضمار والترفيل.
قوله: "يا ناق": منادى مرخم، أصله: يا ناقة، قوله:"واشرقي بدم": من قولهم: شرق الدم إذا ظهر، قوله:"من دلجي" أي: من إدلاجي، أي: سيري في الظلمة، قوله:"نص الظهيرة": من نصصت ناقتي أنصها [إذا استخرجت]
(1)
أقصى ما عندها من السير، و "الظهيرة" وقت اشتداد الحر، قوله:"أخو الندى" بفتح النون وتخفيف الدال المقصورة؛ أي: صاحب الكرم والسخاء.
الإعراب:
قوله: "إن": حرف من الحروف المشبهة بالفعل، وقوله:"ابن عبد الله": كلام إضافي اسمه، قوله:"نعم أخو الفتى": جملة من الفعل والفاعل خبره، و"ابن العشيرة": عطف عليه.
والاستشهاد فيه:
في جواز دخول: "إن" على "نعم" وتقديم المخصوص، وقال ابن مالك: يجوز إدخال النواسخ على المخصوص، فإذا دخل يجوز تقديمه، ويجوز إبقاؤه مؤخرًا إلا "إن" فإنه إذا دخلت يجب تقديمه كقوله:
إن عبد الله ............
…
..................... إلى آخره
(2)
* * *
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
(2)
ينظر الشاهد رقم (794)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 17، 18).
شواهد أفعل التفضيل
الشاهد السادس والتسعون بعد السبعمائة
(1)
،
(2)
تَرَوَّحِي أَجْدَرَ أَنْ تَقِيلِي
…
غَدًا بِجَنْبَيْ بَارِدٍ ظَلِيلِ
أقول: قائله هو أحيحة بن الجلاح، [وقبله:
1 -
تَأَبَّرِي يَا خِيرَةَ الفَسِيلِ
…
تَأَبَّرِي مِنْ حَنَذٍ فَشُولِي
2 -
إِذْ ضَنَّ أَهْلُ النَّخْلِ بِالْفُحُولِ
…
]
(3)
..............................
وبعده:
4 -
وَمَشْرَبٍ يَشْرَبُهَا رَسِيلُ
…
لَا آجِنِ الطَّعم ولَا وبِيلِ
1 -
قوله: "تأبري" معناه: تلقحي، وتأبير النخل تلقيحه، و"الفسيل" بفتح الفاء وكسر السين المهملة، وهو الودي، وهو صغار النخل، [وكذلك الفسيلة، والجمع فسلان، قوله: "من حنذ" بفتح الحاء المهملة والنون وفي آخره ذال معجمة، وهي قرية أحيحة بن الجلاح، وقيل: ماء لبني سليم ومزينة، قوله: "فشولي": عطف على قوله: "تأبري"، معناه: ارتفعي؛ من شأل إِذا ارتفع]
(4)
.
3 -
قوله: "تروحي": أمر من تروح يتروح، [يقال: تروح النبت إذا طال، والمعنى: طولي
(1)
ابن الناظم (187)، وأوضح المسالك (3/ 291)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(2)
بيتان من الرجز لأحيحة بن الجلاح، وهما في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 57)، والتصريح (2/ 103)، والخزانة (5/ 57)، وشرح الأشموني (3/ 46)، والدرر (1/ 437)، وهمع الهوامع (1/ 203).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب)، وهو موجود في النسخة التي على هامش الخزانة.
(4)
ما بين المعقوفين زيادة في نسخة الخزانة.
يا فسيل، والخطاب للفسيل في قوله: يا خيرة الفسيل، وقد جعل كثير ممن يتعانى بتفسير الأبيات حتى الأفاضل منهم: الخطاب في قوله: "تروحي" للناقة، وقالوا معناه: اصبري على السير في وقت الرواح، وهو وقت العشي، وهو من زوال الشمس إلى الليل]
(1)
، والذي حملهم على ذلك عدم وقوفهم على ما قبل البيت، وغرهم لفظ تروحي حتى جعلوا الخطاب للناقة.
قوله: "أجدر" أي: أولى، قوله:"تقيلي": من قال يقيل قيلولة وقيلًا ومقيلًا وهو النوم في الظهيرة.
4 -
قوله: "رسيل" أي: سهل وهو صفة المشرب، و"الآجن": المتغير الطعم، و"الوبيل": بفتح الواو وكسر الباء الموحدة، معناه: الوخيم؛ من الوخامة؛ من وبل المرتع بالضم وبلًا.
الإعراب:
قوله: "تروحي": جملة من الفعل والفاعل، وهو الضمير المستتر فيه؛ أعني: أنت، قوله:"أجدر": نصب على أنه صفة لمنصوب محذوف، تقديره: تروحي وائتي مكانًا أجدر من غيره.
قوله: "أن تقيلي" بفتح الهمزة، أصله: بأن تقيلي فيه، وتقيلي منصوب بأن، وعلامة النصب سقوط النون [إذ أصله تقيلين، وأصله: أن تقيلي فيه، فحذف كلمة في فصار تقيليه، على الاتساع، ثم حذف الضمير أيضًا فصار: تقيلي، وقيل أصله: تروحي مكانًا أجدر بأن تقيلي فيه فحذف مكانًا الذي هو الموصوف فصار أجدر بأن تقيلي ثم حذف في، ثم الهاء كما ذكرنا]
(2)
.
قوله: "غدًا": نصب على الظرف، والباء في:"بجنبي" يتعلق بقوله: "تقيلي"، و"بارد": مجرور بالإضافة، و"ظليل": صفته.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أجدر" فإنه أفعل التفضيل واستعمل بغير ذكر: "من" لكونه صفة لمحذوف؛ إذ التقدير: وائتي مكانًا أجدر أن تقيلي فيه من غيره كما ذكرنا
(3)
.
(1)
و
(2)
ما بين المعقوفين مستكمل من نسخة الخزانة.
(3)
قد تحذف: "من" مع مجرورها لدلالة ما قبلها عليها، ويكثر الحذف إذا وقع أفعل التفضيل خبرًا؛ كقول الله تعالى:{أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} ويقل الحذف إذا وقع أفعل التفضيل حالًا أو صفة كما في البيت. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 56، 57)، وشرح الأشموني (3/ 45، 46)، وتوضيح المقاصد (3/ 116، 117).
الشاهد السابع والتسعون بعد السبعمائة
(1)
،
(2)
وَلَسْتَ بِالأَكْثَرِ مِنْهُمْ حَصًى
…
وَإنَّمَا العِزَّةُ لِلْكَاثِرِ
أقول: قائله هو الأعشى ميمون بن قيس، وهو من الرجز.
قوله: "حَصًى" أي: عددًا، و"الكاثر" بمعنى الكثير، يقال: عدد كاثر؛ أي: كثير.
الإعراب:
قوله: "ولست" التاء اسم ليس، وقوله:"بالأكثر": خبره، والباء فيه زائدة، و"حصى" نصب على التمييز، وبطل عمل إن بدخول ما الكافة عليها، و"العزة": مبتدأ، و"الكاثر": خبره.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بالأكثر منهم" فإنه جمع بين الألف واللام وكلمة من، وذلك ممتنع؛ لا يقال: زيد الأفضل من عمرو، وأجيب عنه بأربعة أوجه:
الأول: أن: "من" فيه ليست لابتداء الغاية بل لبيان الجنس كما يقال: أنت منهم الفارس الشجاع، أي: من بينهم.
الثاني: أن: "من" تتعلق بمحذوف تقديره: ولست بالأكثر بأكثر منهم، والمحذوف بدل من المذكور.
الثالث: أن: "أل" فيه زائدة فلذلك لم يمنع من دخول: "من".
الرابع: أن: "من" بمعنى في؛ أي: بالأكثر فيهم، ويقال: إن: "منهم" حال من التاء في: "لست"، والتقدير: ولست كائنًا منهم بالأكثر حصًى، وفيه نظر؛ لأن فيه فصلًا بين أفعل ومعموله وهو حصى، بأجنبي وهو معمول ليس، والذي أراه أن يكون حالًا من الضمير المستكن
(1)
ابن الناظم (187)، توضيح المقاصد (3/ 120)، وأوضح المسالك (3/ 295)، وشرح ابن عقيل (3/ 180)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(2)
البيت من بحر السريع، من قصيدة للأعشى يهجو فيها علقمة بن علاثة، ويمدح فيها عامر بن الطفيل في المنافرة التي جرت بينهما، وقد بدأها بالغزل، وهي طويلة، وفيها شواهد نحوية، ومن قوله وهو من أقزع الهجاء:
علقم لا تسفه ولا تجعلن
…
عرضك للوارد والصادر
والبيت في الديوان (96) دار الكاتب العربي، والشاهد في الخزانة (1/ 185)، والخصائص (1/ 185، 3/ 236)، وشرح التصريح (2/ 104)، وابن يعيش (6/ 100، 103)، واللسان:"كثر، سدف"، والمغني (572) وهو بلا نسب في ابن يعيش (3/ 6)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 85).
في الأكثر
(1)
، وقد وهم الجاحظ حيث قال: هذا البيت يبطل قول النحويين لا تجتمع من وأل في اسم التفضيل فجعل كلًّا من "أل" و"من" معتدًّا به جاريًا على ظاهره
(2)
.
الشاهد الثامن والتسعون بعد السبعمائة
(3)
،
(4)
تولى الضَّجِيعَ إِذَا تَنَبَّهَ مَوْهِنًا
…
كَالأُقْحُوَانِ مِنَ الرَّشَاشِ المُسْتَقِي
أقول: قائله هو القطامي
(5)
، واسمه عمير بن شييم، وهو من قصيدة قافية طويلة من الكامل، وأولها هو قوله
(6)
:
1 -
طَرَقَتْ جَنُوبُ رِحَالنَا مِنْ مَطْرَقِ
…
مَا كُنْتُ أَحْسَبُهَا قَرِيبَ المُعْنَقِ
2 -
قَطَعَتْ إِلَيْكَ بِمِثْلِ جِيدِ جَدَايَةٍ
…
حَسَن مُعَلَّق تُومَتَيْهِ مُطَوَّقِ
3 -
هَلَّا طَرَقْتِ إِذِ الحَيَاةَ لَذِيذَةٌ
…
وإذ الشَّبَابَ قَمِيصُهُ لَمْ يَخْلُقِ
[إلى أن قال:]
(7)
4 -
تُعْطِي الضَّجِيعَ إِذَا تَنَبَّهَ مَوْهنًا
…
مِنْهَا وَقَدْ أَمِنَتْ لَهُ مَنْ تَتَّقِي
5 -
عَذْبَ المَذَاقِ مفلجًا أَطْرَافهُ
…
كَالأُقْحُوَانِ منَ الرَّشَاشِ المُسْتَقِي
6 -
نَفَضَتْ أَعَاليَهُ الشَّمال تَهزُّهُ
…
وَغَدَتْ عَلَيْهِ غَدَاةَ يَوْمٍ مشْرِقِ
فعرفت من هذا أن البيت المذكور الذي استشهد به ابن الناظم مركب من صدر بيت وعجز بيت آخر، والصحيح ما ذكرناه كما نقلناه من ديوانه.
(1)
قال ابن مالك بعد أن ذكر البيت: "وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون من المعتاد وقوعها بعد العاري والألف واللام زائدتان، والثاني: أن تكون من متعلقة بأكثر مقدرًا مدلولًا عليه بالموجود المصاحب للألف واللام كأنه قال: ولست بالأكثر أكثر منهم حصى .... والثالث: أن تكون من للتبيين كأنه قال: ولست بالأكثر من بينهم فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه". شرح التسهيل لابن مالك (3/ 58)، وحاشية الصبان (3/ 47).
(2)
ينظر ابن يعيش (7/ 103، 104).
(3)
ابن الناظم (187).
(4)
البيت من بحر الكامل، وهو من قصيدة للقطامي بدأها بالغزل الصريح، وانظر الشاهد في شواهد التوضيح (59)، وحاشية يس (2/ 24)، والأغاني (11/ 27، 28).
(5)
هو عمير بن شييم التغلبي، شاعر إسلامي (ت 101 هـ).
(6)
انظر ديوان القطامي (251)، تحقيق: محمود الربيعي، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب، (2001 م)، والأغاني (11/ 27، 28).
(7)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
1 -
قوله: "جنوب" بفتح الجيم وضم النون وفي آخره باء موحدة، وهو اسم امرأة، قوله:"من مطرق" أي: من موضع بعيد يطرق منه، قوله:"المعنق" مفعل بضم الميم بمعنى الإعناق؛ من أعنق في المشي أو بمعنى: اسم الموضع الذي يفعل فيه.
2 -
قوله: "جيد جداية" الجيد -بكسر الجيم؛ العنق، والجداية -بفتح الجيم؛ الظبية لها ما بين ثلاثة أشهر إلى خمسة، والجداية من الظباء كالعناق من الغنم، وقال أبو عمرو: الجداية من الذكر والأنثى من الظباء سواء، وهي التي قد اشتدت رجلاها ومشت، قوله:"تومتيه" التومتان بضم التاء المثناة من فوق؛ الدرتان، قال ابن فارس: التومة: الحية
(1)
.
4 -
قوله: "موهنًا" بفتح الميم وسكون الواو وكسر الهاء بعدها النون، قال الأصمعي: الموهن: حين يدبر الليل
(2)
، قال الجوهري: الوهن: نحو من نصف الليل وكذا المَوهن
(3)
.
5 -
و"الأقحوان" بضم الهمزة على وزن أفعلان، وهو البابونج وهو نبت طيب الريح حواليه ورق أبيض ووسطه أصفر، قوله:"من الرشاش" بفتح الراء؛ من قولهم: أصابنا رشاش [المطر، وأصله من الرش]
(4)
، وهو ما ترشش من الدمع والدم ونحوهما.
الإعراب:
قوله: "تولى": من أولى إيلاء إذا أعطى، ويدل عليه رواية من روى: تعطي الضجيع، والضمير فيه يرجع إلى المرأة المذكورة في القصيدة، و"الضجيع": مفعوله، وضجيع الرجل: الذي يضاجعه، قوله:"إذا": ظرف، "تنبه": جملة من الفعل والفاعل و"موهنًا": نصب على الظرف، قوله:"كالأقحوان" الكاف للتشبيه والأقحوان مجرور بها.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "من الرشاش المستقي" إذ الألف واللام في الرشاش زائدتان، والتقدير: من رشاش المستقي، واستدل بها على زيادة أل في المضاف. فافهم
(5)
.
(1)
مجمل اللغة: "توم".
(2)
و
(3)
الصحاح مادة: "وهن".
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(5)
لا تدخل الألف واللام على المضاف، واغتفروا دخولها في بعض الأمور منها: أن يكون المضاف إليه فيه أل مثل على الحلو الشمائل، ومثل البيت الشاهد.
الشاهد التاسع والتسعون بعد السبعمائة
(1)
،
(2)
إِنَّ الذِي سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لَنا
…
بَيتًا دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطْوَلُ
أقول: قائله هو الفرزدق، وهو من قصيدة لامية من الكامل، وأولها هذا البيت، وبعده
(3)
:
2 -
بَيْتًا بَنَاهُ لَنَا الملَيكُ وَمَا بَنَى
…
مَلِكُ السَّمَاءِ فَإِنَّهُ لا يُنْقَلُ
3 -
بَيْتًا زُرَارَةُ مُحْتبٍ بِفَنَائِهِ
…
وَمُجَاشِعٌ وَأَبُو الفَوَارِسِ نَهْشَلُ
4 -
يَلجُونَ بَيْتَ مُجَاشِعٍ فَإذَا احْتَبَوْا
…
بَرَزُوا كَأَنَّهُمْ الجِبَالُ المُثَّلُ
وهي تزيد على مائة بيت.
قوله: "سمك": من سمك الله السماء سمكًا، أي: رفعها، وسمك الشيء سموكًا: ارتفع، وسنام سامك؛ أي: عال، والمسموكات السموات، قوله:"بيتًا" أراد به الكعبة المشرفة، و"الدعائم": جمع دعامة وهي الأسطوانة.
الإعراب:
قوله: "إن": حرف من الحروف المشبهة بالفعل، و "الذي": اسمه، وقوله:"بنى لنا": خبره، وقوله:"سمك السماء": جملة صلة الموصول، و"بيتًا": مفعول "بنى"، قوله:"دعائمه": كلام إضافي مبتدأ، و "أعز": خبره، و "أطول": عطف عليه، والجملة صفة للبيت في محل النصب.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أعز وأطول" فإنهما على أفعل التفضيل ولكن لم يقصد بهما تفضيل؛ فإنهما بمعنى: عزيزة وطويلة كما في قوله تعالى: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] يعني: وهو هين عليه
(4)
.
(1)
ابن الناظم (188)، وشرح ابن عقيل (3/ 182).
(2)
البيت من بحر الكامل، وهو مطلع قصيدة للفرزدق في الفخر وهجاء جرير، وهي في ديوانه (1/ 155)، ط. دار صادر، وبيت الشاهد في الديوان (489)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 60)، والخزانة (6/ 539، 8/ 242)، وابن يعيش (6/ 97، 99)، واللسان:"كبر عزز".
(3)
الديوان (489) و (2/ 155) ط. دار صادر.
(4)
يأتي أفعل التفضيل عاريًا عن معنى التفضيل ويراد به ثبوت الوصف بدرن زيادة أو نقصان؛ كقول الله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ} أي: عالم، وقوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} أي: هين، ومنه البيت المذكور. والشاهد سيأتي بعد قليل برقم (805).
الشاهد المتمم للثمانمائة
(1)
،
(2)
فَقَالتْ لَنَا أَهْلًا وَسَهْلًا وَزَوَّدَتْ
…
جَنَى النَّحْلِ بَلْ مَا زَوَّدَتْ مِنْهُ أَطْيَبُ
أقول: قائله هو الفرزدق، وهو من الطويل.
المعنى ظاهر، [وذكر في كتاب الضيفان لأبي عبيد: ضاف الفرزدق مية الضبية بالمعلى فلم تقره، ولم تحمله، ولم تزوده، فأتى عزيزة من بني ذهل بن ثعلبة فقرته وحملته وزودته، فقال في ذلك:
1 -
لأُخْتِ بَنِي ذُهْلٍ غَدَاةَ لَقِيتُهَا
…
عَزِيزَةٌ فِينَا مِنْك يَا مَيُّ أَرْغَبُ
2 -
أَتَيْنَا بِحَلْبِهَا وَأَفْقَرنَا ابْنهَا
…
مُروجًا بِرَحْلَيهَا تَجُولُ وَتَجْذُبُ
3 -
وقَالُوا لَنَا أَهْلًا وَسَهْلًا وزوَّدَتْ
…
جَنَى النَّحْلِ أَوْ مَا زوَّدَتْ هُوَ أَطْيَبُ
4 -
أَبُوهَا ابنُ عَمِّ الشَّعْثَمِيّ وَحَسْبُهَا
…
إِذَا كَانَ مِنْ أَشْيَاخِ ذُهْل لَهَا أَبُ
(3)
الإعراب:
قوله: "فقالت" الفاء للعطف على ما تقدمه، و"قالت": جملة من الفعل والفاعل، وهو الضمير المستتر فيه الراجع إلى محبوبته، وقوله:"لنا": جار ومجرور يتعلق بقالت.
وقوله: "أهلًا وسهلًا": منصوبان على أنهما مقولان للقول، والتقدير: قالت أتيت أهلًا فاستأنس ولا تستوحش وأتيت مكانًا سهلًا.
قوله: "وزودت": جملة من الفعل والفاعل، و"جنى النحل": كلام إضافي مفعوله، وهي في محل النصب على الحال، والماضي إذا وقع حالًا وكان مثبتًا وبالواو لم يحتج إلى قد، قوله:"أو" هاهنا بمعنى بل، والدليل عليه رواية من روى: بل ما زودت.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "منه أطيب" حيث تقدم المجرور بمن على أفعل التفضيل، والحال أنه غير الاستفهام، والتقدير: أطيب منه وهذا قليل
(4)
، وعلى ما ذكره أبو عبيد لا شاهد فيه.
(1)
ابن الناظم (189)، وتوضيح المقاصد (3/ 127)، وشرح ابن عقيل (3/ 184).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو في الغزل ونسب للفرزدق، وليس في ديوانه، وانظره في ابن يعيش (2/ 60)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 54)، وشرح عمدة الحافظ (766)، وتذكرة النحاة (47)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 104)، والخزانة (8/ 269)، والدرر (5/ 296).
(3)
والأبيات ليست في ديوان الفرزدق، وهي مع الخبر في الدرر (2/ 337).
(4)
لا يجوز تقدير من ومجرورها على أفعل التفضيل لأنها بمنزلة المضاف إليه، والمضاف إليه لا يتقدم على المضاف =
الشاهد الأول بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
ولَا عَيْبَ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ قَطُوفَهَا
…
سَرِيعٌ وَأَنْ لَا شَيءَ مِنْهُنَّ أَكْسَلُ
أقول: قائله هو ذو الرمة غيلان، وهو من قصيدة لامية طويلة من الطويل، وأولها هو قوله
(3)
:
1 -
أَللرَّبْعِ ظَلَّتْ عَيْنُكَ الماءَ تَهْمُلُ
…
رِشَاشًا كما اسْتَنَّ الجُمَانُ المُفَصَّلُ
2 -
لِعِرْفَانِ أَطْلَالٍ كَأنَّ رُسُومَهَا
…
بِوَهْبَيِنْ وَشْيٌ أَوْ رِدَاءٌ مُسَلْسَلُ
إلى أن قال:
3 -
قِصَارُ الخُطَا يَمْشِينَ هَوْنًا كَأَنَّهَا
…
دَبِيبُ القَطَا بَلْ هُنَّ فيِ الوَعْثِ أَوْحَلُ
4 -
إِذَا نَهَضَتْ أَعْجَازُهَا خَرَجَتْ بِهَا
…
بِمُبتَهِرَاتٍ غَيْرَ أَنْ لا تَخَزَّلُ
5 -
ولا عيب فيها .............
…
........................... إلى آخره
1 -
قوله: "تهمل" أي: تسيل، و"الرشاش" بالفتح؛ ما ترشش من الدمع ومن الدم -أيضًا-، قوله:"كما استن الجمان"، أي: كما تفرق بعد انقطاع سلكها، و"الجمان": جمع جمانة وهي حبة من فضة كالدرة.
2 -
و"الأطلال": جمع طلل الدار، وهو ما شخص من آثارها.
3 -
و"الوعث": المكان اللين.
4 -
و"مبتهرات": من البهر وهو العجب، قوله:"تخزل" بالخاء المعجمة والزاي المعجمة - أيضًا؛ من الخوزلى وهي مشية فيها تفكك.
5 -
قوله: "أن قطوفها" بفتح القاف، وهو المتقارب الخطو.
= ولكن يجب تقديم من ومجرورها على أفعل التفضيل إذا كان المجرور اسم استفهام أو مضافًا إلى اسم استفهام مثل: ممن أنت أشرف؟ ومن غلام أيهم أنت أحسن، وإن ورد تقديم من ومجرورها في غير ذلك كان شاذًّا أو نادرًا كالبيت. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 54)، وشرح الأشموني (3/ 51، 52)، وتوضيح المقاصد (3/ 126).
(1)
ابن الناظم (189)، وشرح ابن عقيل (3/ 185)، ورواية البيت في النسخة (أ).
.........................
…
سريعها قطوف ..............
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو في الغزل ووصف النساء، لذي الرمة، انظر ديوانه (3/ 1600)، تحقيق: عبد القدوس، وانظره في تذكرة النحاة (47)، وشرح عمدة الحافظ (765)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 54)، وشرح الأشموني (3/ 39).
(3)
ينظر الديوان (208).
والبيت المستشهد به هكذا وقع في نسخة ابن الناظم، وليس كذلك في ديوان ذي الرمة بل فيه:
.................... غير أن سريعها
…
قطوف ..........................
والمعنى عليه، فافهم.
الإعراب:
قوله: "ولا عيب" كلمة لا لنفي الجنس، و"عيب": مبني على الفتح اسمها، والخبر محذوف تقديره: ولا عيب حاصل فيها، والجار والمجرور يتعلق بالمحذوف، والضمير يرجع إلى النساء المذكورات في أول القصيدة، قوله:"غير": نصب على الاستثناء، و"قطوفها": كلام إضافي اسم إن، و"سريع": خبرها، وهذا من قبيل تأكيد المدح بما يشبه الذم نحو قوله
(1)
:
وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ
…
بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قرَاعِ الكَتَائِبِ
قوله: "وأن لا شيء": عطف على قوله: "أن قطوفها".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "منهن أكسل" حيث قدم المجرور بمن على أفعل التفضيل وهو أكسل، والتقدير: وأن لا شيء أكسل منهن، وارتفاع الأكسل على الخبرية
(2)
.
الشاهد الثاني بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
لَأُكْلَةٌ مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ
…
أَلْيَنُ مَسًّا فِي حَشَايَا البَطْنِ
مِنْ يَثْرِبيَّاتٍ قِذَاذٍ خُشْنِ
أقول: لم أقف على اسم راجزه، وأول الرجز
(5)
:
1 -
تعْلَمنْ يَا زَيْنُ يَا ابنَ زينٍ
…
لأُكلَةٌ مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ
(1)
البيت من بحر الطويل للنابغة الذبياني من قصيدة يمدح فيها عمرو بن الحارث الأعرج، في ديوانه (32) شرح عباس عبد الساتر، و (40) بتحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط. دار المعارف.
(2)
ينظر الشاهد رقم (800).
(3)
ابن الناظم (189)، وموضع البيت بياض في (أ).
(4)
أبيات من الرجز المشطور، مجهولة القائل، وهي في ابن يعيش (1/ 82)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 55)، والمساعد (2/ 170)، واللسان:"تقن وخشن"، وهمع الهوامع للسيوطي (763)، والصحاح للجوهري: مادة: "عكى"، واللسان مادة:"تقن، خشن".
(5)
ينظر اللسان: "تقن وخشن".
2 -
وشرْبَتَانٍ مِنْ عَكيّ الضَّأْنِ
…
ألْيَنُ فيِ حَشَايَا البَطْنِ
3 -
مِنْ يَثْرِبيَّات قِذَاذٍ خُشْنِ
وفي آخر الرجز قوله:
يَرْمي بِهَا أَرْمَى مِنْ ابنِ تِقْنِ
1 -
قوله: "لأكلة" بضم الهمزة وسكون الكاف، وهي اللقمة، تقول: أكلت أُكْلة؛ أي: لقمة، وأما الأكلة بفتح الهمزة فهي المرة من الأكل، و "الأقط" بفتح الهمزة وكسر القاف وفي آخره طاء مهملة، وربما تسكن القاف في الشعر، وهو شيء يتخذ من اللبن فيصير جبنًا معقودًا.
2 -
قوله: "في حشايا": جمع حشية بفتح الحاء المهملة وكسر الشين المعجمة وتشديد الياء آخر الحروف، ويروى: في حوايا البطن، وهو جمع حوية بفتح الحاء المهملة وكسر الواو وتشديد الياء آخر الحروف، وهي الأمعاء، قال الجوهري: حوية البطن وحاوية البطن وحاوياء البطن كله بمعنى
(1)
.
3 -
قوله: "من يثربيات" أي: من قذاذ يثربيات، يقال: قذ يثربي، ونصل يثربي، منسوب إلى يثرب مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام وإنما فتحوا الراء استيحاشًا لتوالي الكسرات.
قوله: "قذاذ" بكسر القاف وتخفيف الذال المعجمة؛ جمع قذ، بضم القاف وتشدد الذال المعجمة، وهو جمع أقذ على وزن أفعل، وهو السهم الذي لا ريش عليه، و "الخشن" بضم الخاء وسكون الشين المعجمتين؛ جمع أخشن بمعنى الخشن، قوله:"ابن تقن" بكسر التاء المثناة من فوق وسكون القاف، وهو رجل كان من الرماة الحذق يضرب به المثل.
الإعراب:
قوله: "لأكلة" اللام للتأكيد، وأكلة مرفوع بالابتداء، وتخصص بالصفة وهي قوله:"من أقط"، ومن فيه للبيان، والمعنى: لأكلة كائنة من أقط، و "سمن": عطف عليه، وقوله:"ألين": خبره، و "مسًّا": نصب على التمييز.
قوله: "حشايا" يتعلق بقوله: "ألين"، و "البطن": مجرور بالإضافة، قوله:"من يثربيات": صفة موصوفها محذوف تقديره: من قذاذ يثربيات، قوله:"قذاذ": مجرور؛ لأنه بيان لقوله: "يثربيات" أو بدل عنها، قوله:"خشن" بالجر صفة القذاذ.
(1)
الصحاح مادة: "حوا".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ألين مسًّا في حشايا البطن من يثربيات" حيث فصل فيه بين: "من" وأفعل التفضيل بشيئين أجنبيين، والأصل أن لا يفصل بينهما بأجنبي لشبه أفعل التفضيل مع:"من" بالمضاف والمضاف إليه
(1)
.
الشاهد الثالث بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
مَرَرْتُ عَلَى وَادِي السِّبَاعِ وَلَا أَرَى
…
كَوَادِي السِّبَاعِ حِينَ يُظْلمُ وَادِيًا
أَقَلَّ بهِ رَكْبٌ أَتوهُ تَئِيَّةً
…
وَأَخْوَفَ إِلَّا مَا وَقَى اللهُ سَارِيًا
أقول: قائلهما هو سحيم بن وثيل
(4)
، وهما من الطويل.
2 -
قوله: "ركب": اسم جنس وهم الركبان، وقيل: جمع راكب، قوله:"تئية" أي: مكثًا وتلبثًا، يقال: تأيَّا؛ أي: تمكث وتوقف، ويقال: ليس منزلكم هذا بمنزل تئية، أي: منزل تلبث وتحبس، ومادته: همزة وياء وألف.
الإعراب:
قوله: "مررت": جملة من الفعل والفاعل [و "على": صلة مررت، قوله: "ولا أرى": جملة من الفعل والفاعل]
(5)
ومحلها النصب على الحال، قوله:"واديًا": مفعول لأرى، والتقدير: ولا أرى واديًا مثل وادي السباع، و "حين": نصب على الظرف مضاف إلى الجملة أعني قوله: "يظلم"؛ من أظلم إظلامًا.
قوله: "أقل به" بالنصب لأنه صفة لواديًا في اللفظ، وهو في المعنى لمسبب له وهو الركب، و "ركب": مرفوع بأقل ارتفاع الكحل بأحسن في قولك: ما رأيت كعين زيد أحسن فيها الكحل.
(1)
لا يجوز الفصل بين أفعل التفضيل وبين "من" إلا بمعمول التفضيل، أو بلو وما اتصل بها لأنهما كالمضاف والمضاف إليه، كما سيأتي في الشاهد رقم (808)، ولا يجوز الفصل بغير ذلك، وهنا فصل بين أفعل التفضيل ومن بالتمييز والجار والمجرور.
(2)
ابن الناظم (189)، وشرح ابن عقيل (3/ 188)، والبيتان موضعهما بياض في (أ).
(3)
البيتان من بحر الطويل، وهما في وصف هذا المكان المخوف، وهو وادي السباع، وقائلهما: سحيم بن وثيل، وانظرهما في الكتاب لسيبويه (2/ 32، 33)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 66)، وشرح عمدة الحافظ (774، 775)، والخزانة (8/ 327).
(4)
من الشعراء المخضرمين، نافر غالبًا أبا الفرزدق في ذبح الإبل، الخزانة (1/ 266).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
والمعنى: أن ثبوت الركب في وادي السباع أقل من ثبوته في غيره من الأودية، والضمير في:"به" يرجع إلى الوادي.
قوله: "أتوه": جملة فعلية في موضع رفع صفة لركب، قوله:"تئية": نصب على أنه صفة لمصدر محذوف؛ أي إتيانًا تئية، أي: مكثًا وتلبثًا كما ذكرنا، ويجوز أن يكون نصبًا على المصدرية لأنه التئية مصدر، ولأن التلبث نوع من الإتيان، وقيل نصب على الحال؛ أي: أتوه متوقفين، أو ماكثين.
قوله: "وأخوف": عطف على قوله: "أقل" أو على: "تئية" إن جعلت حالًا، قوله:"إلا": استثناء مفرغ؛ أي: في كل وقت إلا وقت وقاية الله ساريًا، و "وقى": فعل، و"الله": فاعله، و"ساريًا" مفعوله.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أقل به ركب" حيث رفع أفعل التفضيل الذي هو أقل الاسم الظاهر الذي هو ركب لكونه قد ولي النفي ومرفوعه أجنبي، وذلك كما في قولك: ما رأيت رجلًا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد، وأصل التركيب: ولا أرى واديًا أقل به ركب أتوه منه بوادي السباع
(1)
.
الشاهد الرابع بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
دَنَوْتِ وَقَدْ خِلْنَاكِ كَالْبَدْرِ أَجْمَلا
…
فَظَلَّ فُؤَادِي فِي هَوَاكِ مُضَلَّلَا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
قوله: "دنوت" من الدنو [وهو القرب]
(4)
قوله: "خلناك" أي: ظنناك.
(1)
قال ابن مالك: "وقد يستغنى عن المفضول للعلم به ولا يقام مقامه شيء كقولك: ما رأيت كزيد رجلًا أبغض إليه الشر، والأصل: ما رأيت كزيد رجلًا أبغض إليه الشر منه إليه، فحذف "إليه" للعلم به، ثم أنشد البيتين، وقال: "فركب مرفوع بأقل كارتفاع الشر بأبغض، والأصل: ولا أرى واديًا أقل به ركب منه بوادي السباع، فحذف المفضول للعلم به ولم يقم مقامه شيء" ثم قال:"وقد يستغنى عن تقدير مضاف في: ما رأيت أحدًا أحسن في عينه الكحل من زيد بأن يقال: إن تقديره: ما رأيت أحدًا أحسن بالكحل من زيد، فأدخلوا "من" على زيد مع ارتفاع الكحل على أحد إدخالها عليه مع جره لأن المعنى واحد، وهذا وجه حسن لا تكلف فيه". ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 66).
(2)
أوضح المسالك (3/ 290)، وشرح ابن عقيل (3/ 177)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
البيت من بحر الطويل، وهو في الغزل، لقائل مجهول، وانظره في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 57)، وشرح الأشموني (3/ 35)، والمساعد (2/ 172)، وشرح التصريح (2/ 103).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
الإعراب:
قوله: "دنوت": جملة من الفعل والفاعل، وهو الضمير المستتر فيه، وهو أنت الذي هو خطاب للمؤنث.
قوله: "وقد" الواو للحال، وقد للتحقيق، و"خلناك": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، وقوله:"كالبدر": في محل النصب لأنه مفعول ثان، قوله:"أجملا": نصب على الحال، والعامل فيها: دنوت، والتقدير: دنوتِ حال كونكِ أجمل من البدر، والحال: إنا قد خلناك مثل البدر.
قوله: "فظل": فعل من الأفعال الناقصة، وقوله:"فؤادي": كلام إضافي اسمه، و "مضللا": خبره، و"في هواك": يتعلق بمضللا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أجملا" فإنه أفعل تفضيل، وحذفت منه:"من" والتقدير: دنوت أجمل من البدر، وقد خلناك كالبدر، وأكثر ما تحذف "من" في أفعل التفضيل إذا كان خبرًا كما في قوله تعالى:{أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} [الكهف: 34] أي: أعز منك، وحذفها في غير الخبر قليل كما في البيت المذكور
(1)
.
الشاهد الخامس بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
وَإنْ مُدَّتِ الأَيْدِي إِلَى الزَّادِ لَمْ أَكُنْ
…
بِأَعْجَلِهِمْ إِذْ أَجْشَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ
أقول: قائله هو الشنفرى الأزدي، وهو من قصيدة لامية مشهورة، وقد ذكرنا الكلام فيها مستوفًى في شواهد ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
(4)
.
و"الأجشع" بفتح الهمزة وسكون الجيم وفتح الشين المعجمة وفي آخره عين مهملة؛ أفعل
(1)
ينظر التعليق على الشاهد رقم (796).
(2)
شرح ابن عقيل (3/ 182)، والبيت موضعه بياض في النسخة (أ).
(3)
البيت من بحر الطويل، وقد سبق الاستشهاد به في الحروف العاملة عمل ليس، وهو في الفخر بالزهد، والقناعة، للشنفرى الأزدي، من قصدية طويلة، وانظرها في ديوانه (59) د. إميل بديع يعقوب، وتخليص الشواهد (285)، والخزانة (3/ 340)، والدرر (2/ 124)، وشرح التصريح (1/ 202)، والمغني (560)، وشرح شواهد المغني (899)، والجنى الداني (54)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 127).
(4)
ينظر الشاهد رقم (228).
من الجشع وهو الحرص على الأكل.
والاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "بأعجلهم" فإن وزنه أفعل ولكنه لغير التفضيل؛ إذ معناه: لم أكن بعجيلهم، فافهم
(1)
.
الشاهد السادس بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
إِذَا سَايَرَتْ أَسْمَاءُ يَوْمًا ظَعِينَةً
…
فَأَسْمَاءُ مِنْ تِلْكَ الظَّعِينَةِ أَمْلَحُ
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي التميمي، وهو من الطويل.
قوله: "سايرت": من المسايرة، و"أسماء": اسم امرأة، و"الظعينة": الهودج كانت فيه امرأة أو لم تكن، ثم سميت المرأة ظعينة ما دامت في الهودج، و"أملح": أفعل التفضيل من ملح الشيء بالضم يملح ملحًا وملوحةً وملاحة؛ أي: حسن فهو مليح وملاح بالضم والتخفيف.
الإعراب:
قوله: "إذا" للشرط، و"سايرت أسماء": جملة من الفعل والفاعل وقعت فعل الشرط، و "يومًا": نصب على الظرف، و"ظعينة": نصب على المفعولية، قوله:"فأسماء". مبتدأ، و"أملح": خبره، والجملة جواب الشرط فلذلك دخلت عليها الفاء.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "من تلك الظعينة أملح" حيث قدمت كلمة "من" فيه على أملح الذي هو أفعل التفضيل؛ إذ التقدير: فأسماء أملح من تلك الظعينة، وهذا شاذ؛ لأن محل ذلك في الاستفهام نحو: من أيهم أنت أفضل؟ فافهم
(4)
.
(1)
ينظر الشاهد رقم (799).
(2)
غير موجود بابن الناظم، وهو في أوضح المسالك (3/ 293)، وشرح ابن عقيل (3/ 186)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
البت من بحر الطويل، من قصيدة طويلة في النقائض لجرير يهجو فيها الفرزدق والأخطل بدأها بالغزل، ورواية البيت في الديوان:"تجمع ظعينة"، وانظر بيت الشاهد في الديوان (107)، طبعة: دار صعب بيروت، و (834) ط. دار المعارف، وهو في تذكرة النحاة (47)، وشرح التصريح (2/ 103)، وشرح عمدة الحافظ (766)، وشرح الأشموني (3/ 52).
(4)
ينظر الشاهد (801).
الشاهد السابع بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
كَأَنَّ صُغْرَى وَكُبْرَى مِنْ فَقَاقِعِهَا
…
حَصْبَاءُ دُرٍّ عَلَى أَرْضٍ مِنَ الذَّهَبِ
أقول: قائله هو أبو الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح المعروف بأبي نواس الحكمي الشاعر المشهور، وقد ذكرنا ترجمته مستوفاة فيما مضى في أوائل الكتاب.
وهو من البسيط.
قوله: "صغرى": تأنيث الأصغر، وكذلك "كبرى": تأنيث الأكبر، و "الفقاقع" بفتح الفاء والقاف وبعد الألف قاف مكسورة وفي آخره عين مهملة، وهي الانتفاخات التي ترتفع فوق الماء، و"الحصباء": الحصى.
الإعراب:
قوله: "كأن": من الحروف المشبهة بالفعل، وقوله:"صغرى": اسمها، و "كبرى": عطف عليه، قوله:"من فقاقعها": يتعلق بمحذوف؛ أي: كأن كبرى وصغرى الحاصلتين من فقاقعها.
قوله: "حصباء در": كلام إضافي خبر كأن، قوله:"على أرض" يتعلق بمحذوف، أي: در كائن على أرض، قوله:"من الذهب": جار ومجرور وقع صفة لأرض، و "من" للبيان.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "صغرى وكبرى" فإنه قد قيل: إنه لحن لأن اسم التفضيل إذا كان مجردًا من أل والإضافة يجب أن يكون مفردًا مذكرًا دائمًا؛ فتأنيثه لحن كما في البيت المذكور، وقد اعتذروا عن هذا بأن أفعل العادي إذا كان مجردًا عن معنى التفضيل جاز جمعه، فإذا جاز جمعه جاز تأنيثه
(3)
.
(1)
البيت غير موجود بابن الناظم، ولا في شرح ابن عقيل، وهو في توضيح المقاصد (3/ 124) والبيت موضعه بياض في (أ).
(2)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة لأبي نواس في وصف خمر وجارية ساقية، ومطلعها:
ساعٍ بكأس إلى ناس على طرب
…
كلاهما عجب في تنظر عجيب
فاتت تريني وأمر الليل مجتمع
…
صبحًا تولد بين الماء والعنب
وولاهما بيت الشاهد، وانظره في ديوان أبي نواس (72) تحقيق: أحمد الغزالي، الخزانة (8/ 277)، وابن يعيش (6/ 102)، وشرح الأشموني (3/ 52)، والمغني (380).
(3)
من أحوال اسم التفضيل أن يكون مجردًا من أل والإضافة، وحكمه في هذه الحالة وجوب إفراده وتذكيره والإتيان بعده بمن جارة للمفضول عليه لفظًا أو تقديرًا، وفي هذا البيت جاء اسم التفضيل مؤنثًا فلحن الشاعر، وقد اعتذروا عن هذا، قال ابن يعيش: "والاعتذار عنه أنه استعمل استعمال الأسماء لكثرة ما يجيء منه بغير تقدم موصوف نحو: صغيرة =
الشاهد الثامن بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
وَلَفُوكِ أَطْيَبُ لَوْ بَذَلْتِ لَنَا
…
مِنْ مَاءِ مَوْهَبَةٍ عَلَى خَمْرِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الكامل.
قوله: "موهبة" بفتح الميم وسكون الواو وفتح الهاء والباء الموحدة، وهي نقرة في الجبل يستنقع فيها الماء، والجمع مواهب، قوله:"على خمر" ويروى: على شهد.
الإعراب:
قوله: "ولفوك" الواو للعطف إن تقدمه شيء، واللام للتأكيد، و "فوك": كلام إضافي مبتدأ، و "أطيب": خبره، قوله:"لو" للشرط، و"بذلت": جملة من الفعل والفاعل فعل الشرط، والجواب محذوف دل عليه الكلام السابق، وقوله:"لنا": يتعلق ببذلت، قوله:"على خمر" في محل الجر على أنها صفة للماء تقديره: ماء مَوْهَبة حاصل على خمر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أطيب" فإنه أفعل التفضيل، وقد فصل بينه وبين "من" التي هي صلة بكلمة لو، وهي قوله:"لو بذلت لنا" والأصل: أن لا يفصل بينهما
(3)
.
الشاهد التاسع بعد الثمانمائة
(4)
،
(5)
نَحْنُ بِغَرْسِ الوَدِيِّ أَعْلَمُنَا
…
مِنَّا بِرَكْضِ الجِيَادِ فِي السَّدَفِ
أقول: قائله هو سعد القرقرة؛ قاله الجوهري
(6)
، وقال ابن عصفور: قيس بن الخطيم
= وكبيرة كالصاحب
…
فاستعمله نكرة، ويجوز أن يكون ليس فيه تفضيل بل معنى الفاعل
…
". ابن يعيش (6/ 103).
(1)
توضيح المقاصد (3/ 117) والبيت موضعه بياض في (أ).
(2)
البيت من بحر الكامل، وهو في شرح عمدة الحافظ (764)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 54)، والمساعد (2/ 169)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 54)، واللسان:"وهب"، وشرح الأشموني (3/ 46)، والدرر (5/ 297).
(3)
ينظر الشاهد (802).
(4)
توضيح المقاصد (3/ 119)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(5)
البيت من بحر المنسرح، وقد اختلف في قائله على ما قاله الشارح، وهو في ديوان قيس بن الخطيم (170)، تحقيق: ناصر بن الأسد، وهو في الصحاح مادة:"سدف"، وفيه منسوب إلى سعد بن القرقرة، وانظر شرح شواهد المغني للسيوطي (845)، وشرح الأشموني (3/ 47).
(6)
الصحاح مادة: "سدف".
الأنصاري
(1)
، والأصح ما قاله الجوهري، وذكر البكري في شرح الأمثال: قال: قال عبيد بن شربة: أتى النعمان بحمار وحش فدعى بسعد القرقرة فقال: احملوه على اليحموم وأعطوه مطردًا وخلوا عن هذا الحمار حتى يطلبه سعد فيصرعه فقال سعد: إني أصرع من هذا فما لي ولهذا، فقال النعمان: والله ليحملنه فحُمل على اليحموم ودفع إليه المطرد وخلى عن الحمار، فنظر سعد إلى بعض بنيه قائمًا في النظارة فقال: وا بأبي
(2)
وجوه اليتامى، فأرسلها مثلًا وركض الفرس، فألقى المطرد وتعلق بمعرفة الفرس فضحك به النعمان ثم أدرك فأنزل، فقال سعد في ذلك:
1 -
نحن بِغَرَس الودي .........
…
............................. إلى آخره
2 -
يا لهفَ نفسِي وَكَيْفَ أَطْعَنُهُ
…
مُسْتَمْسِكًا واليَدَانِ فِي العُرُفِ
3 -
قَدْ كُنْتُ أَدْرَكْتُهُ فَأَدْرَكنِي
…
لِلصَّيدِ عُرْفَ مِنْ معْشَرٍ عنف
وهي من المنسرح
(3)
.
قوله: "الوديّ" بفتح الواو وكسر الدال وتشديد الياء آخر الحروف على وزن فعيل؛ جمع ودية وهي النخلة الصغيرة، قال الجوهري: الوديّ: صغار الفسيل
(4)
، وقال: الفسيل: الودي وهو صغار النخل، والجمع الفسلان
(5)
.
قوله: "بركض" الركض: تحريك الرَّجل، يقال: ركضت الفرس برجلي إذا استحثثته ليعدو، و"الجياد" بكسر الجيم؛ جمع جواد وهو الذكر والأنثى من الخيل، ويجمع على أجياد وأجاويد -أيضًا-، قوله:"في السدف" بفتح السين والدال المهملتين وفي آخره فاء، وأراد به الصبح وإقباله.
الإعراب:
قوله: "نحن": مبتدأ، وخبره، قوله:"أعلمنا"، وقوله:"بغرس الودي" يتعلق بقوله: "أعلمنا"، قال أبو الفتح: إن: "نا" في "أعلمنا" مرفوع مؤكد للضمير في: أعلم وهو نائب عن نحن
(6)
، وإنما قال ذلك ليتخلص بذلك عن الجمع بين إضافة أفعل وكونه بمن، وهذا
(1)
ديوان قيس بن الخطيم (170)، تحقيق: ناصر الدين الأسد، دار العروبة بالقاهرة (1962 م).
(2)
في (أ): وابني.
(3)
في (أ، ب): الوافر، والصواب أنه من المنسرح.
(4)
الصحاح مادة: "ودي".
(5)
الصحاح مادة: "فسل".
(6)
الصحاح مادة: "ودي"، ولم نجده في كتب ابن جني التي بين أيدينا.
البيت: أشكل على أبي علي حتى جعله من تخليط الإعراب
(1)
.
قوله: "بركض الجياد": كلام إضافي، والباء فيه بمعنى:"عن" أي: عن ركض الجياد؛ كما في قوله تعالى: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد: 12] أي: عن أيمانهم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أعلمنا منا" حيث جمع الشاعر فيه بين الإضافة ومن، وأجيب عنه بأن التقدير: أعلم منا، والمضاف إليه في نية المطروح كاللام في: أرسلها العراك
(2)
.
الشاهد العاشر بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
إِذَا غَابَ عَنْكُمْ أَسْوَدُ العَيْنِ كُنْتُمْ
…
كِرَامًا وَأَنْتُمْ مَا أَقَامَ أَلَائِمُ
أقول: قائله هو الفرزدق، وهو من الطويل.
قوله: "أسود العين" قال الركني
(5)
في شرحه للكافية: هو اسم رجل، وهو غلط، والمعنى: ما قاله أبو بكر بن دريد: أسود العين: جبل، والجبل لا يغيب، يقول: أنتم لئام أبدًا، قوله:"ألائِم": جمع ألأم على وزن أفعل، بمعنى لئيم، واللئيم: الدنيء الأصل الشحيح النفس.
الإعراب:
قوله: "إذا": للشرط، و"غاب": فعل، و"أسود العين": فاعله، والجملة فعل الشرط، و "عنكم": يتعلق بغاب، قوله:"كنتم كرامًا": جواب الشرط، والضمير المتصل بكان هو اسمه، و"كرامًا": خبره، وهو جمع كريم.
قوله: "وأنتم": مبتدأ، وقوله:"ألائم": خبره، قوله:"ما أقام" أي: ما أقام أسود العين؛ أي: ما دام قائمًا، أي: مدة إقامته، وهذا كناية عن عدم إزالة البخل والشح عنهم؛ كما لا يزول أسود العين عن موضعه كما أشار إليه ابن دريد.
(1)
ولم نجده في كتب أبي علي الفارسي التي بين أيدينا.
(2)
من أحوال اسم التفضيل: أن يكون مضافًا، وحينئذ يمتنع اقترانه بمن، وما ورد بخلاف ذلك يؤول كما ذكر العيني في هذا البيت.
(3)
توضيح المقاصد (3/ 123)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(4)
البيت من بحر الطويل، وقد نسب في مراجعه إلى الفرزدق، ولكنه ليس في ديوانه، وينظر شرح التصريح (2/ 102)، وشرح شواهد المغني (799)، والخزانة (8/ 277)، واللسان:"عتم"، والمغني (381)، وشرح الأشموني (3/ 51).
(5)
هو ركن الدين حسن بن محمد الإستراباذي الحسني (ت 712 هـ) ينظر: كشف الظنون (2/ 1370).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ألائم" حيث جمع لأنه جمع ألأم كما، ذكرنا، وإنما يجمع أفعل إذا جرد عن معنى التفضيل وكان عاريًا عن اللام ومن، مؤولًا باسم الفاعل كما في قوله تعالى:{هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ} [النجم: 32].
والمعنى: عليم بكم، وكذلك هنا:"ألائم" بمعنى اللئيم
(1)
.
* * *
(1)
إذا جاء اسم التفضيل عاريًا عن معنى التفضيل فالمشهور فيه الإفراد والتذكير كقوله تعالى: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} وحينئذ يؤول؛ أي: هين عليه، وقد يجمع إذا كان ما هو له جمعًا كالبيت المذكور، قال ابن مالك بعد أن ذكر البيت:"أراد: وأنتم ما أقام لئام فألائم جمع ألأم بمعنى لئيم، فلذلك جمعه، إلا أن ترك جمعه أجود؛ لأن اللفظ المستقر له حكم إذا قصد به غير معناه على سبيل النيابة لا يغير حكمه". شرح التسهيل لابن مالك (3/ 61).
شواهد النعت
الشاهد الحادي عشر بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللئِيمِ يَسُبُّني
…
وأَعِفُّ ثُم أَقُولُ مَا يَعْنِينِي
أقول: قائله رجل من بني سلول لم يعين اسمه، وبعده بيت آخر، وهو
(3)
:
2 -
غضبَانَ مُمْتَلِئًا عليَّ إِهَابُهُ
…
إِنِّي وَرَبِّكَ سُخْطُهُ يُرضِيني
وهما من الكامل.
قوله: "على اللئيم" هو الدنيء الأصل الشحيح النفس، قوله:"وأعف"، ويروى:
..............................
…
فمضيت ثمة قلت لا يعنيني
أي: لا يقصدني، من عنى يعني إذا قصد.
الإعراب:
قوله: "ولقد" الواو للعطف إذا تقدمه شيء، والأَولى أن تكون للقسم، واللام للتأكيد، وقد للتحقيق، و "أمر": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"على اللئيم" يتعلق به، قوله:"يسبني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقعت صفة لقوله: "اللئيم"، والآية يجيء الكلام فيه، قوله:"وأعف": جملة من الفعل والفاعل، عطف على قوله:"يسبني"، قوله:"ثم أقول": عطف
(1)
ابن الناظم (192)، وتوضيح المقاصد (3/ 134)، وأوضح المسالك (3/ 396)، وشرح ابن عقيل (3/ 196)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(2)
البيت من بحر الكامل، وهو لرجل من سلول، وهو في الحكم، وانظره في الكتاب لسيبويه (3/ 24)، والخزانة (1/ 357، 358)، والدرر (1/ 82)، وشرح التصريح (2/ 11)، وشرح شواهد المغني (1/ 310).
(3)
ينظر الخزانة (1/ 358).
على قوله: "وأعف"، وقوله:"ما يعنيني": جملة وقعت مقولًا للقول.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يسبني" فإنها جملة وقعت صفة مع أنه معرف بالألف واللام، وقد ثبت أن النكرات لا تقع صفة للمعارف، ولكن لما كانت للئيم الألف واللام فيه للجنس قربت مسافته من التنكير فجاز نعته حينئذ بالنكرة، وذلك كما في قوله تعالى:{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: 37]، فإن قوله:"نسلخ" صفة لليل لكون الألف واللام فيه للجنس، ومع هذا لا يتعين أن يكون قوله:"يسبني" صفة لأنه يجوز أن تكون حالا، وكذلك قوله:"نسلخ" يجوز أن يكون حالا من المفعول. فافهم
(1)
.
الشاهد الثاني عشر بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
فمَا أَدْرِي أَغَيرَهُم تَنَاءٍ
…
وَطُولُ العَهْدِ أَم مَال أَصَابُوا
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، وهو من قصيدة من الوافر، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
ألا أبلِغْ مُعَاتِبَتِي وَقُولي
…
بَنِي عَمِّي فَقَدْ حَسُنَ العِتَابُ
2 -
وَسَلْ هَلْ كَانَ لِي ذَنْبٌ إِلَيهِم
…
هُمُ مِنْهُ فأَعْتَبَهُم غِضَابُ
3 -
كَتَبتُ إِلَيهِم كُتُبًا مِرَارًا
…
فَلَم يَرجِعْ إِليَّ لَهُم جَوَابُ
4 -
فَمَنْ يَكُ لَا يَدُومُ لَهُ وَفَاءٌ
…
وَفِيهِ حِينَ يَغْتَرِبُ انْقِلَابُ
5 -
فَعَهْدِي دَائِمٌ لَهُم وَوُدِّي
…
عَلَى حَالٍ إِذَا شَهِدُوا وَغَابُوا
ورأيت في نوادر أبي علي القالي
(5)
: حدث الأصمعي قال: خرج أعرابي إلى الشام فكتب إلى بني عمه فلم يجيبوه فكتب إليهم:
(1)
يوافق النعت منعوته إذا كان حقيقيًّا في الإعراب والعدد والنوع والتعريف والتنكير، ويستثنى من المعارف المعرف بلام الجنس، فإنه يجوز نعته بالنكرة المخصوصة كما في قوله تعالى:{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: 37]، ومنه البيت المذكور. ينظر توضيح المقاصد (3/ 133، 134)، وشرح الأشموني (3/ 60).
(2)
ابن الناظم (193)، وشرح ابن عقيل (3/ 197)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
البيت من بحر الوافر، من مقطوعة نسبت لجرير وللحارث بن كلدة، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (1/ 365)، والأزهية (137)، و (1/ 130)، وابن يعيش (8916).
(4)
ديوان جرير (1020)، والأمالي (2/ 134)، والحماسة البصرية (2/ 66).
(5)
انظر الأمالي لأبي علي القالي (2/ 134)، الهيئة المصرية العامة للكتاب.
ألَا بَلِّغْ مُعَاتبَتي وَقُولي
…
.......................
إلى آخر القصيدة.
قلت: يمكن أن يكون المراد من قوله: "الأعرابي" هو جريرًا، أو يكون الأعرابي قد كتب هذه الأبيات التي هي لجرير، ولم يكن هو الذي قالها، وذكر في الحماسة البصرية
(1)
أن قائل هذه القصيدة هو الحارث بن كلدة الثقفي، ويروى: لغيلان بن مسلمة الثقفي.
6 -
قوله: "تناء" أي: تباعد؛ من تنائى يتنائى تنائيًا، وأراد بالعهد الزمان.
الإعراب:
قوله: "فما أدري" الفاء للعطف، و "ما أدري": جملة من الفعل والفاعل دخل عليها حرف النفي، قوله:"أغيرهم" الهمزة للاستفهام، وغيرهم: فعل ومفعول، وقوله:"تناء": فاعله.
قوله: "وطول عهد": كلام إضافي عطف على تناء، قوله:"أم" متصلة، و "مال" بالرفع عطف على طول العهد، و "أصابوا": فعل وفاعل، والمفعول محذوف، والتقدير: أم مال أصابوه.
الاستشهاد فيه:
فإنه حذف الضمير الذي يربط الصفة بالموصوف وذلك؛ لأن أصابوا جملة وقعت صفة للمال، ولا بد في الجملة المنعوت بها من ضمير يربطها بالمنعوت؛ ليحصل بها تخصيصه كقولك: مررت برجل أبوه كريم، وقد يحذف للعلم به كما في هذا البيت
(2)
.
(1)
الحماسة البصرية (2/ 66) تحقيق: مختار الدين أحمد، ط. عالم الكتب.
(2)
يقع النعت جملة، وإذا كان كذلك فلها ثلاثة شروط: الأول في المنعوت وهو أن يكون نكرة، وآخران في الجملة، وهما أن تكون الجملة خبرية، وأن تكون مشتملة على ضمير يربطها بالمنعوت، وهذا الضمير إما ملفوظ به أو مقدر كما في البيت، وجاز حذف الضمير العائد هنا لأن النعت مع المنعوت كالصلة مع الموصول، والحذف في الصلة حسن فضارعها النعت فحسن الحذف فيه، والتقدير في البيت: أم مال أصابوه فحذف الهاء وهو يريدها. ينظر ابن يعيش (6/ 89)، وتوضيح المقاصد (3/ 140)، وشرح الأشموني (3/ 63)، والمغني:(503، 633).
الشاهد الثالث عشر بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
...............................
…
جَاؤُوا بَمُذقٍ هَلْ رَأَيْتَ الذِّئبَ قَط؟
أقول: ذكره المبرد ونسبه إلى راجز، ولم يعين اسمه، وقيل: هو العجاج، وأول هذا الرجز هو
(3)
:
1 -
بِتْنَا بِحَسَّانَ ومعْزَاه تَئطّ
…
مَا زِلْتُ أَسْعَى بَينَهُم وَأَغْتَبِطُ
2 -
حَتَّى إِذَا كَانَ الظلامُ يَخْتَلِطْ
…
جَاؤُوا بِمَذْقٍ هَلْ رَأيْتَ الذئْبَ قَط؟
1 -
قوله: "معزاه" المعزى -بكسر الميم- من الغنم خلاف الضأن، وهو اسم جنس، وكذلك المعز والعيز والأمعوز، وواحد المعز: ماعز كصحب وصاحب، والأنثى: ماعزة وهي العنز، والجمع مواعز، قوله:"تئط" أي: تصوّت، وأكثر ما يستعمل هذا في الإبل، وقال الجوهري: الأطيط: صوت الرحل والإبل من ثقل أحمالها
(4)
.
2 -
قوله: "حتى إذا كان الظلام"، ويروى:"حتى إذا جن الظلام واختلط"؛ من جن عليه [الليل يجن]
(5)
بالضم جنونًا، قوله:"بمذق" بفتح الميم وسكون الذال المعجمة وفي آخره قاف، وهو اللبن الممزوج بالماء فيقل بياضه بمزجه بالماء، فيشبه بلون الذئب.
والراجز يصف قومًا أضافوه وأطالوا عليه، ثم أتوه بلبن مخلوط بالماء حتى إن لونه في العشية لون الذئب.
الإعراب:
قوله: "حتى": حرف للانتهاء، و "إذا": ظرف، و "جن الظلام": جملة من الفعل
(1)
ابن الناظم (193)، وتوضيح المقاصد (3/ 144)، وأوضح المسالك (3/ 310)، وشرح ابن عقيل (3/ 199)، والبيت موضحه بياض في (أ).
(2)
بيت من بحر الرجز المشطور، من مقطوعة للعجاج في الديوان (404)، تحقيق: سعد صناع، وفيها يذكر أنه نزل ضيفًا على بعض الناس فلم يحسنوا ضيافته، وانظر بيت الشاهد في ابن يعيش (3/ 52، 53)، واللسان:"خضر"، والمحتسب (2/ 165)، والمغني (585)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 117)، وشرح التصريح (2/ 112)، والإنصاف (115)، والخزانة (2/ 109)، والدرر (6/ 10).
(3)
ديوان العجاج (404)، ط. دار صادر، وانظر الكامل للمبرد (3/ 149)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار نهضة مصر.
(4)
الصحاح مادة: "أطط"، ومعنى كلمة ألتبط المذكورة في الأبيات هو: العدو والوثوب.
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
والفاعل، قوله:"واختلط" عطف عليه، وفي رواية: كاد؛ فيكون "يختلط": خبر كاد واسمه: "الظلام، ويستعمل بدون أن كما عرفت.
قوله: "جاؤوا": جملة من الفعل والفاعل مظروف إذا، وقوله:"بمذق": في محل النصب لأنه مفعول جاءوا، وقوله:"هل" للاستفهام، و "رأيت" بمعنى أبصرت، و "الذئب": مفعوله، و"قط": تأكيد للماضي المنفي، والاستفهام في معنى النفي.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "هل رأيت الذئب قط" وذلك لأنها جملة إنشائية، وظاهرها يشبه أن يكون صفة لقوله:"بمذق" وليس كذلك؛ إذ لا توصف النكرة بالجملة الإنشائية بل إنما توصف بالجمل الخبرية فحينئذ يؤول هذا، والتقدير: جاؤوا بمذق مقول عند رؤيته: هل رأيت الذئب قط؟
(1)
.
وقال البعلي: وفي تخريج هذا وجهان: أن التقدير: جاؤوا بمذق مشابه لونه لون الذئب، والآخر: مثل ما ذكرنا.
الشاهد الرابع عشر بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
وَيَأْوي إِلَى نِسْوَةٍ عُطُلٍ
…
وَشُعْثًا مَرَاضِيعَ مِثْلَ السَّعَالِي
أقول: قائله هو أمية بن أبي عائذ الهذلي
(4)
، وهو من قصيدة لامية طويلة من التقارب، وأولها:
1 -
أَلَا يَا لَقَوْمِي لِطَيفِ الخيَالِ
…
يُؤرِقُ مِنْ نَازحٍ ذي دلَالِ
2 -
أَجَازَ إِلَينَا عَلَى بُعْدِهِ
…
مَهَاوي خَرقٍ مهَابٍ مَهَالِ
3 -
صَحارٍ تَغوَّلُ حِنَّانُهَا
…
وَأَحْدَابٍ طودٍ رَفِيعِ الجِبَالِ
(1)
من شروط الجملة الواقعة نعتًا: أن تكون خبرية أي محتملة الصدق والكذب فلا يجوز: مرر برجل اضربه، أو لا تهنه، فإن ورد ما ظاهره جملة طلبية فيؤول على إضمار القول كما في البيت المذكور، قال ابن يعيش بعد أن ذكر البيت:"وهو استفهام على الحكاية وإضمار القول كأنه قال: جاؤوا بمذق مقول فيه ذلك". ابن يعيش (3/ 53)، وينظر المغني (585)، والأشموني (3/ 64).
(2)
ابن الناظم (195)، وأوضح المسالك (3/ 317)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
البيت من بحر المتقارب، من قصيدة طويلة لأمية بن أبي عائد الهذلي، يصف فيها الصحراء والحن والليل، وقد بدأها بالغزل؛ كما ذكر الشارح، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (1/ 399، 2/ 66)، وشرح أبيات سيبويه (1/ 146)، وابن يعيش (2/ 18)، ورصف المباني (416)، والمقرب (1/ 225)، والخزانة (2/ 42، 432، 5/ 40)، وشرح أشعار الهذليين (2/ 507)، وشرح التصريح (2/ 117).
(4)
شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية، مدح بني مروان، وفد على عبد العزيز بن مروان، في مصر فأكرمه ووصله. انظر الأغاني (20/ 115) ط. بولاق.
إلى أن قال:
4 -
مُقِيتًا مُفِيدًا لِأكْل القَنيـ
…
ـصِ ذَا فَاقَة مُلْحِمًا للعِيَالِ
5 -
لَهُ نِسْوَةٌ عَاطِلَاتُ الصُّدُو
…
ر عُوجٌ مَرَاضيعُ مثل السّعَالِ
ويروى:
وَيَأْوي إِلَى نِسْوَة بَائساتٍ
…
وَشُعْثًا مَرَاضِيعَ مِثْلَ السَّعَالِي
1 -
قوله: "لطَيفِ الخيال": من طاف الخيال يطف طيفًا، قوله:"يؤرق" أي: يسهر، و "النازح" بالنون والزاي المعجمة؛ البعيد.
2 -
قوله: "أجاز إلينا": من أجاز الخيال؛ أي: قطع إلينا على بعده، مهاوي يعني: براضع يهوي فيها، قوله:"مهاب" يعني: موضع هيبة، و "مهال": موضع هول.
3 -
قوله: "تغول" أي: تلون، و "حنانها" بكسر الحاء المهملة، وهي طائفة من الجن، قال الجوهري: الحن بالكسر حي من الجن، ويقال: الحن: خلق بين الجن والإنس
(1)
، و "الأحداب": جمع حدب وهو ما ارتفع في الأرض، و "الطود": الجبل العظيم.
4 -
قوله: "مقيتًا" أي: مقتدرًا، و "القنيص": الصيد، قوله:"ملحمًا للعيال" أي: يطعمهم اللحم، يصفه بأنه يصيد الوحش ويغيب عن نسائه لأجل الصيد ثم يأوي إليهن ويجدهن في أسوأ حال، وهو معنى قوله:"وَيَأْوي إلَى نِسوَة عُطل" وهو بضم العين وبالطاء المهملتين، يقال: عطلت المرأة إذا خلا جيدها من القلائد فهي عطل بالضم، والمصدر: عَطَل بفتحتين، قال الجوهري: وقد يستعمل العطل في الخلو من الشيء، وإن كان أصله في الحلي
(2)
.
و"الشعث" بضم الشين المعجمة وسكون العين المهملة وفي آخره تاء مثلثة؛ جمع شعثاء وهي المغبرة الرأس، قوله:"مراضيع" أصله: مراضع بدون الياء؛ لأنه جمع مرضع فالمد لإشباع الكسرة، ويحتمل أن يكون جمع مرضاع، فالمدة قياسية؛ كمصابيح في جمع مصباح.
قوله: "مثل السعالي" بفتح السين المهملة؛ جمع سعلاة وهي أخبث الغيلان، قوله:"عوج" بضم العين المهملة؛ يعني: مهازيل، وهو جمع عوجاء وهي الناقة الضامرة، قوله:"بائسات"
(1)
الصحاح مادة: "حنن".
(2)
الصحاح مادة: "عطل"، يقال: عطل الرجل من المال والأدب فهو عَطِل وعَطَل مثل عَسِر وعَسَر، وقوس عطل: لا وتر عليها، والأعطال من الإبل التي لا أرسان عليها". وينظر ديوان الهذليين:(2/ 172)، دار الكتب، وخزانة الأدب (2/ 429) هارون.
بالباء الموحدة في أوله؛ أي: محتاجات.
الإعراب:
قوله: "ويأوي": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يعود إلى الصائد، قوله:"إلى نسوة" يتعلق به وهو في محل النصب لأنه مفعول يأوي، قوله:"عطل": صفة للنسوة.
قوله: "وشعثًا": نصب على الترحم، والمعنى: وارحم شعثًا على ما يجيء بيانه مفصلًا عن قريب -إن شاء الله تعالى-، قوله:"مراضيع" نصب لأنه صفة شعثًا، قوله:"مثل السعالي" بالنصب -أيضًا- صفة بعد صفة، والسعالي مجرور بالإضافة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وشعثًا" حيث جاء منصوبًا بفعل مضمر على الاختصاص ليبين أن هذا الضرب من النساء أسوأ حالًا من الضرب الأول الذي هو العطل منهن، تقديره: أعني شعثًا، ومثل هذا يسمى نصبًا على الترحم كما قلنا، وذلك أنه لما وصف النسوة التي هي نكرة بصفتين أتبع الأولى وهي قوله:"عطل"، وقطع الثانية وهي قوله:"وشعثًا" بتقدير: أترحم، ولو أتبعهما جاز بأن يقال: وشعثٍ بالجر؛ كما قد جاءت في رواية هكذا، ولو قطعهما لم يجز
(1)
.
الشاهد الخامس عشر بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
.............................
…
تَرمِي بِكَفي كَانَ مِنْ أَرْمَى البَشَر
أقول: لم أقف على اسم راجزه، وأوله
(4)
:
مَا لكَ عنْدِي غَيرَ سَهْمٍ وَحَجَرْ
…
وَغَيرَ كبدَاء شَدِيدَة الوَتَر
(1)
القطع في النعت إما بالرفع على إضمار مبتدأ، وإما بالنصب على إضمار فعل، ويجب الإتباع إذا اتحد العاملان في المعنى كأن تقول: جاء زيد وأتى عمرو العاقلان، ويجب القطع إذا اختلف العاملان في المعنى والعمل أو في أحدهما نحو: جاء زيد ورأت عمرًا العاقلان أو العاقلين، أما إذا كان المنعوت نكرة تعين في النعت الأول الإتباع، ولهذا جاء:"عطل" بالجر، وجاز في الباقي القطع وهي قوله:"وشعثًا" حيث نصب نصب بتقدير فعل محذوف تقديره: ارحم شعثًا، ويجوز الرفع على تقدير: وهن شعث، ويجوز الجر على الإتباع. ينظر ابن يعيش (2/ 18)، وشرح الأشموني (3/ 68، 69).
(2)
ابن الناظم (195).
(3)
البيت من بحر الرجز المشطور، مجهول القائل، وانظره في المقتضب (2/ 139)، وابن يعيش (3/ 62)، والإنصاف (114، 115)، والخزانة (5/ 65)، والخصائص (2/ 367)، والدرر (6/ 22)، وشرح التصريح (2/ 119)، والمغني (160).
(4)
ينظر ابن يعيش (3/ 62)، والخزانة (5/ 65)، والخصائص (2/ 367)، والدرر (6/ 22).
ترمي .......................
…
...................... إلى آخره
(1)
قوله: "غير كبداء" بفتح الكاف وسكون الباء الموحدة، وهي قوس واسعة المقبض، قوله:"ترمي" ويروى؛ جادت بكفي؛ أي: أحسنت.
الإعراب:
قوله: "ما لك" ما نافية، وقوله:"لك": في محل رفع على أنه خبر المبتدأ؛ أعني قوله: "غير سهم"، قوله:"وحجر": عطف عليه، وكذا قوله:"وغير كبداء"، وقوله:"شديدة الوتر": صفة كبداء، قوله:"كرمي": جملة من الفعل والفاعل.
قوله: "بكفي "أصله: بكفي رجل على ما يجيء الآن، قوله:"كان": من الأفعال الناقصة، واسمه مستتر فيه يرجع إلى رجل المقدر، وقوله:"من أرمى البشر": في محل [النصب على أنه خبر كان، و "أرمى": أفعل التفضيل من الرمي، وكمان مع اسمه وخبره في محل]
(2)
جر صفة للموصوف المحذوف؛ أعني: رجلًا المقدر في قوله: "بكفي "أي: بكفي رجل.
الاستشهاد فيه:
حيث حذف منه الموصوف وأقام الصفة مقامه؛ إذ التقدير: بكفي رجل كان من أرمى البشر، وهذا للضرورة؛ لأن النعت هاهنا لا يصلح لمباشرة العامل؛ كما قرره ابن الناظم
(3)
.
الشاهد السادس عشر بعد الثمانمائة
(4)
،
(5)
كَأنكَ مِنْ جمَالِ بَنِي أُقَيْشٍ
…
يُقَعقَعُ بَينَ رِجلَيهِ بِشَنِّ
أقول: قائله هو النابغة الذبياني، وقبله
(6)
:
1 -
أَتخْذِلُ نَاصِرِي وَتعِزُّ عَبسًا
…
أَيَربوع بِنَ غَيظِ لِلمِعَنِّ
(1)
هنا البيت سقط في (أ).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(3)
اشترط النحاة لحذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه أن يكون النعت صالحا لمباشرة العامل كقوله تعالى: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} أو كون المنعوت بعض اسم مخفوض بمن أو في كقولهم: منا طعن ومنا أقام، فإن لم يصلح مباشرة الحامل للنعت لم يجز حذف المنعوت إلا في ضرورة الشعر كما في البيت. ينظر الكتاب لسيبويه (2/ 345)، وابن يعيش (3/ 62)، وتوضيح المقاصد (3/ 154، 155)، والأشموني (3/ 70، 71).
(4)
ابن الناظم (195)، وغير موجود في توضيح المقاصد.
(5)
البيت من بحر الوافر، وهو من قصيدة للنابغة الذبياني، في ديوانه (126)، ط. دار المعارف، وانظر الكتاب لسيبويه (2/ 345)، وابن يعيش (3/ 59، 1/ 61)، واللسان مادة:"وقش"، و"قعع"، و"شنن"، والخزانة (5/ 67، 69).
(6)
الديوان شرح عباس عبد الساتر (137)، و (126) ط. دار المعارف، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم.
وهما من الوافر.
قوله: "أيربوع بن غيط": منادى منصوب، وهم رهط النابغة فاستغاث بهم لعيينة ودعاهم للتعجب منه؛ فقال: أيربوع بن غيط، والمعن بكسر الميم: العريض الذي يتعرض لك، والمعنى: يا عجبًا لعيينة المتعرض لما لا يعنيه ويعود عليه سوء مغبته، قوله:"بني أقيش" بضم الهمزة وفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره شين معجمة، وبنو أقيش: حيّ من عكل أو من أشجع أو من اليمن، ويقال: حي من الجن.
والأصل فيه أن عبسًا قتلت رجلًا من أسد، فقتلت أسد به اثنين من عبس، فأراد عيينة بن حصن الفزاري أن يعين عبسًا وينقض الحلف الذي بين ذبيان وأسد، فقال النابغة: كأنك لسرعة غضبك وشدة نفورك مما لا ينبغي لعاقل أن يتقرب منه كجمل من جمال بني أقيش، وإنما خص بني أقيش؛ لأن جمالهم وحشية مشهورة بالنفور. حتى قيل إن إبلهم كانت من الجن، قوله:"يقعقع" أي: يصوّت، و "بين رجليه بشن" بفتح الشين المعجمة وتشديد النون، وهي القربة اليابسة، وذلك أشد لنفورها.
الإعراب:
قوله: "كأنك" الكاف اسم كأن، وخبره محذوف، والتقدير: كأنك جمل من جمال بني أقيش، فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون الخبر قوله: "من جمال بني أقيش" فلِمَ احتاج إلى هذا التقدير؟ قلت: لولا هذا التقدير لم تجد للضمير في قوله: "بين رجليه" ما يعود عليه فافهم.
قوله: "يقعقع": جملة وقعت صفة للمحذوف؛ أعني جمل الذي قدرناه في قوله: كأنك جمل.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كأنك من جمال بني أقيش" حيث حذف منه الموصوف للضرورة؛ إذ الأصل: كأنك جمل من جمال بني أقيش، فحذف الموصوف للضرورة
(1)
.
الشاهد السابع عشر بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
وَقَدْ كُنْتُ فِي الحَرْبِ ذَا تُدْرإٍ
…
فَلَم أُعْطَ شَيئًا وَلَمْ أُمْنَعِ
أقول: قائله هو العباس بن مرداس عامر بن حارثة السلمي الصحابي رضي الله عنه، أسلم قبل فتح
(1)
ينظر الشاهد رقم (815).
(2)
ابن الناظم (195)، وتوضيح المقاصد (3/ 154)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
البيت من بحر المتقارب، من مقطوعة للعباس بن مرداس ذكر الشارح مناسبتها بالتفصيل، وانظر بيت الشاهد في =
مكة -شرفها الله تعالى- بيسير، وكان من المؤلفة قلوبهم وممن حسن إسلامهم، ولما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المؤلفة قلوبهم، وهم الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، وغيرهما من غنائم خيبر مائة من الإبل ونقص طائفة من المائة منهم عباس بن مرداس هذا قال
(1)
:
1 -
أَتَجْعَلُ نَهْبِي ونَهْبَ العُبيـ
…
ـد بَبنَ عُيَينَةَ والأَقْرع
2 -
فَمَا كَانَ حصْنْ وَلَا حابسٌ .... يَفُوقَانِ مرْدَاسَ في مَجْمَعِ
3 -
وَمَا كُنْتَ دُونَ امْرئٍ مِنْهُمَا .... وَمَنْ تَضَع اليَومَ لا يُرفَعِ
4 -
وَقَد كُنْتُ في الحَربِ .....
…
....................... إلى آخره
إلى غير ذلك من الأبيات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اذهبوا فاقطعوا عني لسانه" فأعطوه حتى رضي، وقيل: أتمها له مائة، وكان العباس هذا شاعرًا محسنًا وشجاعًا مشهورًا، وكان ممن حرم الخمر في الجاهلية، وكان ينزل البادية بالبصرة، وقيل: إنه قدم دمشق وابتنى بها دارًا، والله أعلم.
وهي من المتقارب.
قوله: "نهبي" بفتح النون وسكون الهاء، وهي الغنيمة، وتجمع على نهاب، و "العبيد" بضم العين المهملة، وهو اسم فرس العباس بن مرداس.
قوله: "تدرإ" بضم التاء المثناة من فوق وسكون الدال وفتح الراء وفي آخره همزة، وهو من قولهم: السلطان ذو تدرإ، أي: ذو عدة وقوة على دفع أعدائه من نفسه، وهو اسم موضع للدفع، والتاء فيه زائدة كما زيدت في: تنضب وتنفل.
الإعراب:
قوله: "وقد كنت" الواو للعطف على ما قبله، وقد للتحقيق، والتاء في كنت اسم كان، وقوله:"ذا تدرإ": كلام إضافي خبره، وقوله:"في الحرب": يتعلق به، ويروى:"وقد كنت في الحرب ذا تدرإ"، وقوله:"فلم أعط" على صيغة المجهول، والضمير فيه مفعول ناب عن الفاعل، و "شيئًا": مفعول ثان، وقوله:"ولم أمنع": معطوف
(2)
عليه.
= شرح التصريح (2/ 119)، واللسان"درأ"، والمغني (627)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 120)، وشرح الأشموني (3/ 71)، وشرح شواهد المغني (925)، والدرر (6/ 25).
(1)
ديوان العباس بن مرداس (84) تحقيق: يحيى الجبوري.
(2)
في (أ): عطف.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فلم أعط شيئًا" حيث حذف منه الصفة؛ إذ التقدير: فلم أعط شيئًا طائلًا، ولولا هذا التقدير لتناقض مع قوله:"ولم أمنع" فافهم
(1)
.
الشاهد الثامن عشر بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
لَوْ قُلْتَ مَا فِي قَوْمِهَا لَم تِيثَمِ
…
يَفْضُلُهَا حَسَبٍ وَمِيسَمِ
أقول: قائله هو أبو الأسود الحماني، كذا قاله ابن يعيش
(4)
، والشاعر يصف به امرأة، وهو من الرجز المسدس.
قوله: "لم تيثم" بكسر التاء، وهي لغة قوم؛ أي: لم تأثم؛ من الإثم وهو الخطيئة، قوله: "ميسم، بكسر الميم، وهو الجمال، يقال: امرأة ذات ميسم إذا كان عليها أثر الجمال، وهو من الواو، وإنما قلبوها ياء لكسرة ما قبلها؛ كأنه من قولهم: فلان وسيم؛ أي: حسن الوجه.
الإعراب:
قوله: "لو قلت" لو للشرط، "وقلت": جملة من الفعل والفاعل، فعل الشرط، وجوابه: قوله: "لم تيثم". وقوله "ما في قومها" ما: نافية، "وفي قومها": خبر مبتدأ محذوف تقديره: ما في قومها أحد، والضمير في قومها يرجع إلى المرأة الممدوحة.
قوله: "يفضلها": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى أحد المقدر، والمفعول وهو الضمير المنصوب البارز، وقعت صفه للمبتدأ المحذوف، قوله:"في حسب": يتعلق بقوله: "يفضلها"، و"وميسم": عطف عليه.
(1)
يجوز حذف النعت إذا علم كقول الله تعالى: {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} أي: سفينة صالحة، ومنه البيت المذكور، ولا يحسن هذا الحذف لأن الغرض من الصفة إما التخصيص وإما الثناء والمدح، وكلاهما من مقام الإطناب، والحذف من باب الإيجاز فلا يجتمعان لتدافعهما، وحذف النعت يكون على قلة وندرة وذلك عند قوة دلالة الحال عليه. ينظر ابن يعيش (3/ 63).
(2)
توضيح المقاصد (3/ 156)، وأوضح المسالك (3/ 320)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
بيتان من بحر الرجز، وقد اختلف في قائلهما، فقيل: لأبي الأسود الحماني، وقيل: لحكيم بن معية من بني ربيعة، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (2/ 345)، وشرح الأشموني (3/ 71)، وابن يعيش (3، 61)، وشرح التصريح (2/ 18).
(4)
انظر في شرح المفصل لابن يعيش (3/ 61).
الاستشهاد فيه:
في حذف الموصوف كما قلنا؛ إذ التقدير: ما في قومها أحد يفضلها، وقال ابن يعيش: المراد إنسان يفضلها، فحذف الموصوف الذي هو المبتدأ وأقام الجملة مقامه
(1)
.
الشاهد التاسع عشر بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
لَا يَبْعُدَنْ قَوْمِي الذِينَ هُمُ
…
سُمُّ العُدَاةِ وَآَفَةُ الجُزْرِ
النازِلِينَ بِكُل مُعْتَرَك .... والطيبُونَ مَعَاقِدَ الأُزْرِ
أقول: قائلته هي خرنق بنت هفان القيسية
(4)
، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الصفة المشبهة باسم الفاعل
(5)
.
الاستشهاد فيه هاهنا:
في قولها: "النازلين والطيبون" حيث جاء الأول بالقطع والثاني بالإتباع
(6)
، [ويروى: النازلون والطبين بإتباع الأول وقطع الثاني]
(7)
، ويروى: كلاهما بالرفع بإتباعهما، ويروى كلاهما بالنصب بقطعهما
(8)
.
الشاهد العشرون بعد الثمانمائة
(9)
،
(10)
................................
…
مُهَفْهَفَةٍ لَهَا فَرعٌ وَجِيدُ
أقول: قائله هو المرقش الأكبر، وصدره:
(1)
ينظر الشاهد (815)، وابن يعيش (3/ 61).
(2)
أوضح المسالك (3/ 314)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
البيتان من بحر الكامل، وقد سبق الحديث عنهما وعن قائلهما في الشاهد رقم (745)، وانظرهما في ديوان الخرنق بنت بدر (29)، تحقيق: حسين نصار.
(4)
ينظر الديوان (43) برواية أبي العلاء.
(5)
ينظر الشاهد (745).
(6)
قوله: "والثاني بالإتباع" نقد قوله الأول بالقطع، لا يجوز لأنه لا إتباع بعد القطع، وإنما النعتان مقطوعان.
(7)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(8)
إذا كثرت نعوت الاسم فله ثلاثة أحوال: أن يكون مفتقرًا إلى جميعها ولا يتميز فحينئذ يجب إتباع الجميع، وإن كان مفتقرًا إلى بعضها دون بعض وجب إتباع المفتقر، وجاز فيما سواه الإتباع والقطع، وإن كان متعينًا بدونها جاز فيه ثلاثة أوجه: إتباع الجميع وقطع الجميع وإتباع بعضها وقطع الآخر؛ كما في البيت المذكور. ينظر توضيح المقاصد (3/ 150)، وشرح الأشموني (3/ 68).
(9)
أوضح المسالك (3/ 325)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(10)
البيت من بحر الوافر، وهو في الغزل منسوب للمرقش الأكبر الجاهلي، وانظر الشاهد في شرح التصريح (2/ 119)، =
ورُب أَسِيلَةِ الخَديْنِ بِكْرٍ
…
................................
وهو من الوافر.
قوله: "أسيلة الخدين" أي: لينة الخدين طويلتهما، وكل مسترسل أسيل، قوله:"مهفهفة" أي: ضامرة البطن، قوله:"فرع" أي: شعر تام، و "الجيد" بكسر الجيم؛ العنق.
الإعراب:
قوله: "ورب" الواو للعطف ورب للتقليل هنا، و "أسيلة الخدين": مجرور بها، و "بكر": عطف بيان، وقوله:"مهفهفة" بالجر صفة لبكر، قوله:"لها فرع": جملة اسمية من المبتدأ وهو فرع وخبر وهو قوله: "لها"، قوله:"وجيد" بالرفع عطف على فرع.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لها فرع وجيد" إذ التقدير: لها فرع وافر وجيد طويل؛ فحذفت الصفة من كل واحد منهما لدلالة لفظ كل واحد منهما عليه
(1)
.
الشاهد الحادي والعشرون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
..........................
…
أَبَى ذَاكَ عمّيّ الأكرَمَانِ وَخَالِيَا
أقول: أقف على اسم قائله، وصدره:
ولَستُ مُقرًّا لِلرِّجَال ظُلَامَةً
…
................................
وهو من الطويل، المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "ولست" التاء اسم ليس، و"مقرًا": خبره، و"للرجال" يتعلق به، وقوله:"ظلامة": نصب على أنه مفعول: مقرًّا.
قوله: "أبي": فعل ماض، و "عمي": كلام إضافي فاعله، وقوله:"ذاك": مفعوله، وهو
= وشرح عمدة الحافظ (552)، وشرح الأشموني (3/ 71)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 324).
(1)
ينظر الشاهد رقم (817).
(2)
توضيح المقاصد (3/ 131)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
البيت من بحر الطويل، وهو في الفخر، لقائل مجهول، وانظره في المغني (617)، وشرح الأشموني (3/ 58)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 12)، والدرر (6/ 17).
إشارة إلى ما ذكر من قوله: "ظلامة"، قوله:"وخاليا": عطف على قوله: "عمي"، أصله: وخالي بسكون الياء، فلما حركت الياء لأجل الضرورة أشبعت ألفًا فصار: خاليا، وقوله:"الأكرمان": صفة لعمي وخاليا.
الاستشهاد فيه:
حيث قدم الصفة على أحد الموصوفين؛ فإن قوله: "الأكرمان" صفة لقوله: "عمي وخاليا"، وقد تقدمت على قوله:"وخاليا"، وذلك نحو قولك: قام زيد العاقلان وعمرو، ومنع ذلك جمهور النحاة
(1)
.
الشاهد الثاني والعشرون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
............................
…
في أَنْيَابِهَا السّم نَاقِعُ
أقول: قائله هو النابغة الذبياني، واسمه زياد بن عمرو، وتمامه
(4)
:
1 -
فَبِتُّ كَأنَي سَاوَرَتنِي ضَئِيلَةٌ .... مِنَ الرُّقْش في أَنْيَابِهَا السُّمُّ نَاقِعُ
2 -
يُسَهَّدُ مِنْ لَيلِ التِّمَامِ سَلِيمُهَا .... لحلي النسَاءِ في يَدَيْهِ قعَاقِعُ
3 -
تنَاذَرَهَا الرَّاقُونَ مِنْ سُوءِ سُمِّهَا ..... تُطَلقُه حِينًا وحِينًا تُرَاجِعُ
وهي من الطويل.
قوله: "ساورتني": من ساوره إذا واثبه، قوله:"ضئيلة" بفتح الضاد وكسر الهمزة وفتح اللام، وهي الحية الدقيقة، قد أتت عليها سنون كثيرة فقلّ لحمها واشتد سمها، قوله:"من الرقش "بضم الراء وسكون القاف وفي آخره شين معجمة؛ جمع رقشاء وهي حية فيها نقط سود وبيض.
(1)
يجب تقديم المتبوع على التابع فلا يقال: جاءني الفاهم محمد، وأجاز صاحب البديع تقديم الصفة على الموصوف إذا كانت لاثنين أو جماعة وتقدم أحد الموصوفين تقول: قام زيد العاقلان وعمرو، ولم يجز هذا الجمهور ينظر توضيح المقاصد (3/ 130)، وشرح الأشموني (3/ 57، 58).
(2)
توضيح المقاصد (3/ 136)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
عجز بيت من بحر الطويل، وقد أكمله الشارح، وهو من قصيدة مشهورة للنابغة يعتذر فيها للنعمان بن المنذر، ومنه البيت (فإنك كالليل الذي هو مدركي)، وانظر بيت الشاهد في: الكتاب لسيبويه (2/ 89)، واللسان مادة:"طور، نقع"، والمغني (571)، وشرح شواهد المغني (902)، وهمع الهوامع (2/ 117)، وارتشاف الضرب (2/ 356، 580)، والخزانة (2/ 457)، وديوان النابغة (54)، تحقيق: عبد الساتر.
(4)
ينظر الديوان (44)، تحقيق: عباس عبد الساتر، و (33) ط. دار المعارف، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم.
قوله: "ناقع"[بالنون والقاف، يقال: سم ناقع]
(1)
أي: بالغ، ويقال: دم ناقع، أي: طري، قوله:"من ليل التمام" بكسر التاء، وهو أطول ليالي الشتاء، وليل التمام -أيضًا- الذي يطول على من قاساه، وإن قصر، قوله:"سليمها" أي: لديغها، قوله: قعاقع ": جمع قعقعة، وهي حكاية صوت الحلي، وذلك أنهم كانوا يلبسون المنهوس حلي النساء ليمنعه حسه من النوم "تناذرها الراقون" أي: ينذر بعضهم بعضًا لأنها لا تجيب راقيًا لنكارتها وشدتها.
الإعراب:
قوله: "فبت" الفاء للعطف، و "بت": جملة من الفعل والفاعل وهو أنا المستتر فيه
(2)
، قوله:"كأني" الضمير المتصل به اسمه، و "ساورتني ضئيلة" جملة خبره، و "من" في قوله:"من الرقش" للبيان، وقوله:"السم" مبتدأ، وخبره مقدم وهو قوله:"في أنيابها"، والجملة في محل الرفع لأنها صفة لقوله:"ضئيلة".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ناقع" فإنه نكرة وقعت صفة لعرفة، وهو قوله:"السم"، قال أبو الحسين بن الطراوة: يجوز وصف المعرفة بالنكرة إذا كان الوصف خاصًّا لا يوصف به إلا ذلك الموصوف، وجعل من ذلك قول النابغة، ولا يجوز ذلك عند أحد من البصريين إلا ما روي عن الأخفش، ولا حجة في البيت السابق لأن قوله:"ناقع" خبر ثان
(3)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(2)
يشير إلى أن بات تامة، وقيل إنها ناقصة، وجملة كأني خبرها، والأمران جائزان.
(3)
لموافقة النعت للمنعوت مطلقًا (حقيقي أو سببي) في التعريف والتنكير ثلاثة أقوال نحوية وهي: مذهب الجمهور: وجوب المطابقة تعريفًا وتنكيرًا، وعلة ذلك أن المخالفة تجعل الشيء معينا وغير معين في وقت واحد، وهو قول سيبويه في الكتاب (1/ 421، 422)، وانظر معه ارتشاف الضرب لأبي حيان (2/ 579، 580)، والمساعد لابن عقيل (2/ 402).
ومذهب الكوفيين والأخفش، فقد أجازوا وصف النكرة بالمعرفة بشرط الفائدة؛ كأن تفيد مدحًا أو ذمًا، وذلك كقوله تعالى:{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ} . انظر ارتشاف الضرب (2/ 580)، ومعاني القرآن للأخفش (1/ 266).
مذهب بعض النحويين وابن الطراوة: أجاز بعض النحاة وصف المعرفة بالنكرة، وشرط ابن الطراوة كون الوصف لا يوصف به إلا ذلك الموصوف، وجعل منه:(البيت) ". المساعد (2/ 402). والمختار في ذلك مذهب الجمهور وجعل غيره مؤولًا لئلا يلتبس النعت بالحال ولا الحال بالنعت.
الشاهد الثالث والعشرون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
.......................
…
وَمَا شَيءٌ حَمَيتَ بمستَبَاحِ
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي وصدره
(3)
:
أَبَحْتَ حِمَى تِهَامَةَ بَعْدَ نَجْدٍ
…
................................
وهي من الوافر يمدح به يزيد بن عبد الملك بن مروان.
قوله: "حمى تهامة" يقال: هذا شيء حمى على وزن فعل، أي: محظور لا يقرب، وتهامة هي الناحية الجنوبية من الحجاز، ونجد هي الناحية التي بين الحجاز والعراق.
قال الواقدي: الحجاز من المدينة إلى تبوك ومن المدينة إلى طريق الكوفة، وما وراء ذلك إلى مشارف أرض البصرة فهو نجد، وما بين العراق وبين وجرة وغمرة الطائف نجد، وما كان وراء وجرة إلى البحر فهو تهامة، وما كان بين تهامة ونجد فهو حجاز.
الإعراب:
قوله: "أبحت": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"حمى تهامة": كلام إضافي منصوب لأنه مفعول أبحت، قوله:"بعد نجد": كلام إضافي منصوب على الظرفية، قوله:"وما" للنفي، و "شيء": اسمه، و "حميت": جملة من الفعل والفاعل وقعت صفة لشيء، وقوله:"بمستباح": خبر ما.
واعلم أن نصب شيء هاهنا ممتنع، فلا بد من تقدير الهاء في حميت، ووجه امتناع النصب فساد المعنى لأنه لو نصب لصار: وما شيئًا حميت مستباحًا [فيكون مستباحًا]
(4)
نعتًا لشيء، والباء الزائدة تمنع من جعله نعتًا؛ إذ لا تزاد فيه، وينقلب معنى المدح؛ إذ يصير تقديره: وما حميت شيئًا مستباحًا، فنفى عنه أن يحمي شيئًا مستباحًا، وإذا لم يحم شيئًا مستباحًا فقد حمى شيئًا محميًّا، والشيء المحمي لا يحتاج إلى الحماية، لعدم فائدة تحصيل الحاصل فيخرج عن
(1)
توضيح المقاصد (3/ 141).
(2)
البيت من بحر الوافر، وهو من قصيدة لجرير يمدح بها عبد الملك بن مروان، وليس يزيد كما ذكر الشارح، وفيها أمدح بيت قالته العرب، وهو قوله:
ألستم خير من ركب المطايا .... وأندى العالمين في بطون راح
وانظر بيت الشاهد في الديوان (99)، دار صعب، بيروت، و (87) ط. دار المعارف، والكتاب لسيبويه (1/ 87، 130)، والخزانة (6/ 42)، والمغني (503، 612، 633)، وشرح التصريح (2/ 112).
(3)
الديوان (99).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
المدح، فإذا كان كذلك فيكون شيء اسم ما [وحميت نعت له، ولذلك أدخل الباء في: مستباح؛ لأنه خبر ما، ولو نصبت شيئًا بحميت لبطل دخول الباء؛ إذ لا يجوز: ما رأيت رجلًا بقائم؛ فتدخل الباء على الصفة وأنت تريد: ما رأيت رجلًا قائمًا]
(1)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "حميت" فإنه جملة منعوت بها، والجملة المنعوت بها لا بد من اشتمالها على ضمير يربطها بالمنعوت، وحكمه في جواز الحذف للعلم به كحكم الخبرية، وقوله هذا من قبيل الحذف؛ إذ أصله: ما شيء حميته
(2)
.
الشاهد الرابع والعشرون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
فَوَافَينَاهُمُ مِنَّا بجَمعٍ .... كَأُسد الغَابِ مُردَانٍ وَشِيبِ
أقول: قائله هو حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، وهو من قصيدة طويلة من الوافر
(5)
، وأولها هو قوله
(6)
:
1 -
عَرَفْتُ دِيَارَ زَينبَ بِالْكَثيب
…
كَخَط الْوَحْي فيِ الوَرَق القَشيبِ
2 -
تَداوَلَهَا الريَاحُ وكُل جَوْن .... منَ الوَسْمي مُنْهَم سكُوب
3 -
فَأَمْسَى رَسمهَا خَلْقًا وَأَمْسَتْ
…
يبَابًا بَعْدَ ساكِنِهَا الحَبيب
4 -
فَدَع عَنكَ التذَكرَ كُل يوم .... وَرُدَّ حَزازَةَ الصَّدْر الكَئيب
5 -
وَخَبِّرْ بِالذِي لَا عَيب فيه .... بِصدْقٍ غَيرَ إِخْبَار الكذُوب
(7)
6 -
بِمَا صَنَع الملَيكُ غدَاةَ بَدْرٍ .... لَنا فيِ المشرِكِينَ مِنَ النصِيبِ
7 -
غَدَاةَ كَأَن جَمْعَهُمُ حِرَاءُ .... بَدَتْ أركَانهُ جُنْحَ الغُرُوبِ
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
ينظر الشاهد (812).
(3)
توضيح المقاصد (3/ 146)، والبيت موضحه بياض في (أ).
(4)
البيت من بحر الوافر، وهو لحسان بن ثابت، من قصيدة يذكر فيها يوم بدر، وقتلى كفار مكة في ذلك اليوم؛ ثم حمل المشركين على الاعتراف بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وانظر بيت الشاهد في الديوان بشرح البرقوقي (69)، ونوادر أبي زيد (22)، والإنصاف (102)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 316)، وشرح الأشموني (3/ 65).
(5)
القصيدة من الوافر، وقد نص العيني على أنها من الكامل،
(6)
ينظر القصيدة بكاملها في ديوان حسان بشرح البرقوقي (69)، وفي (134) ط. دار المعارف، بتحقيق: د. سيد حنفي.
(7)
هذا البيت سقط في (ب).
9 -
أَمَامَ مُحَمَّدٍ قَدْ آزَرُوهُ
…
عَلَى الأَعْدَاءِ فيِ لَفْحِ الحُرُوبِ
10 -
بِأَيدِيهِم صوَارِمُ مُرهَفَاتٌ .... وكُل مُجَرِّبٍ خَاظِي الكعُوبِ
11 -
بنُو الأوْسِ الغَطَارِفُ آزَرَتْهَا
…
بَنُو النجار في الدِّينِ الصَّلِيبِ
12 -
فغَادَرْنَا أَبَا جَهلٍ صَرِيعًا
…
وَعُتْبَةَ قَدْ تَرَكْنَا بِالجْبُوبِ
13 -
وَشَيبَةَ قَدْ تَرَكنَا في رِجَالِ .... ذَوي حَسَبٍ إِذَا نُسِبُوا حَسِيبِ
14 -
يُنَادِيهِم رَسُولُ الله لما
…
قَذَقنَاهُم كَبَاكِبَ في القَلِيبِ
15 -
أَلم تَجِدُوا كَلَامِي كَانَ حَقًّا
…
وَأَمْرُ الله يَأْخُذُ بالقُلُوبِ
16 -
فَمَا نَطَقُوا وَلَوْ نَطَقُوا لَقَالُوا
…
صَدَقْتَ وكُنْتَ ذَا رَأْي مُصِيبِ
1 -
قوله: "بالكثيب" بفتح الكاف وكسر الثاء المثلثة، وهو قطعة من الرمل، قوله:"كخط الوحي" أي: الكتاب، و"القشيب": الجديد.
2 -
و"الجون": السحاب، و"الوسمي": المطر الذي يأتي في الربيع، قوله:"منهمّ" أي: سائل.
3 -
و"اليباب": الخراب.
4 -
و "حزازة الصدر": ما حز فيه، وكل شيء حل في صدرك فقد حز، وأصله: من الحزاز، وهو وجع في القلب، و "الكئيب" الحزين.
8 -
قوله: "فوافيناهم" أي: أتيناهم، يقال: وفي فلان إذا أتى، قوله:"بجمع" بفتح الجيم وسكون الميم، وهو اسم لجماعات الناس، ويجمع على جموع، و "الأسد" بضم الهمزة وسكون السين؛ جمع أسد، و "الغاب" بالغين المعجمة؛ الآجام، وهو جمع غابة وهي الأجمة، يقال: ليث غابة، و "مردان" بضم الميم؛ جمع أمرد، و "شيب" بكسر الشين المعجمة؛ جمع أشيب وهو المبيض الرأس.
9 -
قوله: "قد آزروه" أي: أعانوه، و "لفح الحروب": شدتها.
10 -
و "الصوارم": السيوف القواطع، قوله:"مرهفات" من قولهم: أرهفت سيفي؛ أي: رققته، قوله:"خاظي" من خظى لحمه يخظو إذا اكتنز.
11 -
قوله: "الغطارف": جمع غطريف وهو السيد.
12 -
قوله: "فغادرنا" أي: تركنا، و "الجبوب" بفتح الجيم وضم الباء الموحدة، وهو وجه الأرض.
14 -
و "الكباكب": جمع كبكبة وهي الجماعة الكثيرة، و "القليب": البئر.
الإعراب:
قوله: "فوافيناهم" الفاء للعطف، ووافايناهم: جملة من الفعل والفاعل والمفعول، قوله:"بجمع": يتعلق بوافيناهم، وقوله:"منا": في محل الجر صفة لجمع، أي: بجمع كائنين منا، قوله:"كأسد الغاب" الكاف للتشبيه، وأسد مجرور بها وهو مضاف إلى الغاب، قوله:"مردان" بالجر صفة لجمع، و"شيب": عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "مردان وشيب" حيث فرق فيه النعت؛ كذا قاله ابن مالك، وقال أبو حيان: وليس هذا من المسألة
(1)
؛ لأنه قال: يفرق نعت غير الواحد بالعطف إذا اختلف، والمنعوت هنا ليس بمثنى ولا مجموع بل هو اسم مفرد وهو قوله:"بجمع" فلا يطلق عليه أنه غير الواحد بل هو مفرد وإن كان مدلوله كثيرًا؛ ولذلك صحت تثنيته في قوله تعالى: {يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [الأنفال: 41]
(2)
.
الشاهد الخامس والعشرون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
قَدْ سَالمَ الحَيَّاتِ منْهُ القَدَمَا
…
الأُفْعُوَانَ والشُّجَاعَ الشجْعَمَا
أقول: قائله هو أبو حيان الفقعسي، كذا قاله ابن هشام الحنبلي، وقال ابن هشام اللخمي: قائله: مساور العبسي، ويقال: العجاج والد رؤبة، وقال السيرافي: قائله الدبيري، وقال الصاغاني: قائله عبد بني عبس.
(1)
في (أ): وليس من هذه المسألة.
(2)
أجاز ابن مالك تفريق نعت غير الواحد إذا اختلف نحو: مررت برجلين كريم وبخيل، ومنه البيت المذكور، وأجاز جمعه إذا اتفق وائتلف؛ كقولك: مررت برجلين كريمين أو بخيلين، ورد عليه أبو حيان: بأنك إذا قلت: مررت برجلين كريم وبخيل، فالاختيار في النعت الثاني القطع. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 316، 317)، وتوضيح المقاصد (3/ 146)، وشرح الأشموني (3/ 67، 68)، والارتشاف (2/ 589، 590).
(3)
توضيح المقاصد (3/ 149)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(4)
بيتان من بحر الرجز المشطور، وقد اختلف في قائلهما، من قصيدة ذكرها الشارح، ولا ندري ما الذي دعاه إلى سردها وذكرها مع ما اشتملت عليه من كلمات صعبة عويصة، وقد شرح بعضها وترك الباقي، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (1/ 287)، والمقتضب (2/ 283)، والمغني (699)، والأشموني (3/ 67)، والخزانة (11/ 411 - 415)، وشرح شواهد المغني (973).
وهو من قصيدة مرجزة، وأولها هو قوله
(1)
:
1 -
عَيسِيَّةٌ لَم تَرْعَ قُفًّا أَدْرَمَا
…
وَلَم تُعْجم عُرفُطًا مُعَجمَا
2 -
كأن صوتَ شخبِهَا إِذَا هَمِيَ .... بينَ أكُفِّ الحَالِبَيِنْ كلمَا
3 -
شدَّ عليهِن البنانَ المحكَمَا
…
سحِيفُ أَفْعَى في حَشِي أَعْشَما
4 -
مِثْلَ القَنَابِيرِ مُلِئْن هَيثَمَا .... وَقدْ وطِئْنَ حيثُ كانتْ قيمَا
5 -
مَثْنَى الوطَابِ والوطَابَ المُذَمما
…
وَقَمَعًا يُكْسَى ثُمَالًا قَشْعَمَا
6 -
يحسبهُ الجاهلُ ما لم يَعْلَمَا
…
شيخًا عَلَى كُرسِيهِ مُعَمّمَا
7 -
لو أَنهُ أَبانَ أوْ تَكلمَا
…
لَكَانَ إِيَّاهُ وَلَكِنْ أَعْجَمَا
8 -
عِنْدَ كِرَامٍ لَم يكنْ مُكْرَمًا
…
عَذّبَهُ اللَّهُ بِهَا وَأَغْرَمَا
9 -
وُلَيدًا حتَّى عسى واعرَنْزَمَا
…
قَدْ سالمَ الحياتُ منهُ القدَمَا
10 -
الأُفْعُوَانَ والشجَاعَ الشَّجْعَمَا
…
وذَاتَ قَرنَيِنْ ضَمُوزًا ضِرزَمَا
11 -
يَبِتْنَ عندَ عَقِبَيهِ جُثَّمًا
…
حتى غَدَوْنَ وغَدَا مسلمَا
12 -
يتْبَعْنَ منهُ الدلجَات الرُّوَّما
…
يَعْرِفْنَ منهُ الزرَّ والثكَلمَا
1 -
قوله: "عيسية" أي: إبل بيض، و "القف" بضم القاف وتشديد الفاء؛ ما غلظ من الأرض، و "الأدرم": الذي لا نبات عليه، قوله:"عرفطًا" بضم العين المهملة وسكون الراء وضم الفاء، وهو ضرب من النبات.
2 -
و "الشخب" بفتح الشين وسكون الخاء المعجمتين وفي آخره باء موحدة، وهو خروج اللبن من الضرع، قوله:"إذا همي" أي: سال من باب ضرب يضرب.
3 -
و "السحيف" بفتح السين وكسر الحاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره فاء، وهو الصوت، وفي الأصل هو صوت الرحى، قوله:"الحشي" على وزن فعيل بالحاء المهملة والشين المعجمة المكسورة وتشديد الياء، وهو اليابس، و:"الأعشم" من العشم وهو الخبز اليابس.
4 -
و "القنابير" بالقاف في أوله ثم النون وبعد الألف باء موحدة، وفي آخره راء، وهو جمع قنبرة، وهو نوع من العصافير، و "الهيثم": فرخ العقاب.
(1)
انظر ملحق ديوان رؤبة (416)، تحقيق: سعدى ضناوي، وانظر شرح شواهد المغني (973، 974).
5 -
و "الوطاب": جمع وطب، وهو سقاء اللبن خاصة، وقال ابن السكيت: هو جلد الجذع فما فوقه. و "القمع": جمع قمعة، وهي رأس السنام، ويسمى الرأس أيضًا قمعًا، وقال أبو خيرة: القمع مثل العجاجة تنور في السماء، و"الثمال" بضم الثاء المثلثة؛ جمع ثمالة وهي الرغوة، و "القشع " من النسور والرجال: المسن.
9 -
قوله: "عسى": من عسى الشيخ يعسو عسًا إذا ولي وكبر، و "اعرنزم" أي: اجتمع.
10 -
و"الأفعوان" بضم الهمزة؛ ذكر الأفاعي، قوله "والشجاع": هو الحية، وكذا الشجعم، والميم فيه زائدة، و "ذات قرنين" صفة للحية، قوله:"ضموز" بفتح الضاد المعجمة وضم الميم وفي آخره زاي معجمة؛ من ضمز إذا سكت، و "الضرزم" بكسر الضاد المعجمة وسكون الراء بعدها الزاي المعجمة، يقال: أفعى ضرزم: شديدة النهش القبيحة.
11 -
قوله: "عقبيه" بفتح العين المهملة، وكسر القاف؛ تثنية عقب.
12 -
قوله: "الزر" بفتح الزاي المعجمة وتشديد الراء؛ العض.
الإعراب:
قوله: "قد سالم" قد للتحقيق، وسالم من المسالمة، وقوله:"الحيات": منصوب على المفعولية، وكذلك القدما منصوب، وذلك لأن كل واحد منهما فاعل ومفعول في المعنى، والتقدير: سالمت الحيات القدم، وسالمت القدم الحيات
(1)
؛ كما في قولك: ضارب زيد عمرًا، فإنه في التقدير: ضارب عمرو زيدًا.
وقال البغداديون: أصله: القدمان، فحذف النون، واستدلوا به على جواز حذف نون التثنية، وقالوا: القدما مرفوع؛ لأنه فاعل سالم، والحيات منصوبة به، والأفعوان وما بعده بدل منها
(2)
.
وقال ابن جني: هذه رواية لا يعرفها أصحابنا، والصحيح عندنا ما رواه سيبويه
(3)
:
قَدْ سالم الحياتُ منهَا القَدَمَا
…
...............................
برفع الحيات ونصب القدم، ثم نصب الأفعوان وما بعده بفعل مضمر دل عليه سالم؛ لأنه قد علم أنها مسالمة؛ كما أنها مسالمة، فكأنه قال فيما بعد: سالمت القدم الأفعوان والشجاع الشجعما
(4)
.
(1)
في (أ): سالمت القدم الحيات وسالمت الحيات القدم.
(2)
ينظر المغني (699)، وشرح شواهد المغني (974).
(3)
ينظر الكتاب لسيبويه (1/ 287).
(4)
ينظر الخصائص لابن جني (2/ 430)، والشاهد فيه: رفع الحيات ونصب القدما، ثم نصب الأفعوان وما بعده بفعل مضمر دل عليه سالم من المسالمة، أو يكون الحيات مفعوله وكذلك القدما؛ لأن كل واحد منهما فاعل ومفعول في المعنى، والتقدير: سالمت القدم الحيات وسالمت الحيات القدم. ينظر الأشموني (3/ 67).
الشاهد السادس والعشرون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
.....................
…
لَكُم قِبْصُةٌ مِنْ بَيِن أَثْرَى وَأَقْتَرَا
أقول: قائله هو الكميت يمدح به بني أمية، وصدره
(3)
:
لَكُم مَسجِدا لله المَزُورَانِ وَالحصَى
…
..............................
وهو من الطويل.
قوله: "لكم مسجدا لله" أراد: لكم مسجدان للَّه تعالى، وأراد بالمسجدين مسجد مكة ومسجد المدينة شرفهما الله، وأراد بالحصى العدد، والمعنى: لكم العدد الكثير من بين الناس المثري منهم والمقل.
قوله: "قبصة" القبص: بكسر القاف وسكون الباء الموحدة وفي آخره صاد مهملة، وهو العدد الكثير من الناس؛ قاله الجوهري ثم أنشد البيت المذكور
(4)
.
قوله: "أثرى": من قولهم أثرى الرجل -بالثاء المثلثة- إذا كر ماله، و "أقتر": من أقتر الرجل إذا افتقر، والمعنى: من بين من أثرى وأقتر، قال الجوهري: التقدير: من بين من أثرى ومن أقتر؛ من بين مثر ومقتر
(5)
.
الإعراب:
قوله: "مسجدا لله": كلام إضافي مبتدأ، وأصله: مسجدان لله؛ كما ذكرنا، [و"لكم": مقدمًا خبره، قوله:"المزوران": صفة للمسجدين، قوله:"والحصى": عطف على مسجدا اللَّه، أي: ولكم الحصى؛ أي: العدد، قوله:"لكم قبصه" أي: قبص الحصى، وهو مبتدأ، و "لكم": خبره]
(6)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "من بين أثرى وأقترا"؛ أي: من بين من أثرى، كما ذكرنا.
(1)
توضيح المقاصد (3/ 157)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو للكميت يمدح به بني أمية، وهو بيت مفرد في ديوانه (1/ 192)، تحقيق: داود سلوم، جامعة بنداد، وانظر بيت الشاهد في الإنصاف (721)، وشرح عمدة الحافظ (538)، واللسان:"قتر، سجد، قبص"، وشرح الأشموني (3/ 70).
(3)
و
(4)
ينظر الصحاح مادة: "قبص".
(5)
الصحاح مادة: "قتر".
(6)
ما بين المعقوفين سقط في النسخ (أ، ب).
و "من" اسم منكور، و"أثرى": صفة لموصوف محذوف
(1)
، وأقيمت الصفة مقامها، وكذلك:"من أقترا"، ولا يجوز أن يكون من بمعنى الذي؛ لأن حذف الموصول لا يجوزا، وحذف الموصوف يجوز. فافهم
(2)
.
الشاهد السابع والعشرون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
كَأَنَّ حَفِيفَ النَّبلِ مِنْ فَوْقِ عَجسِهَا
…
عَوَازِبُ نَحْلٍ أَخْطَأَ الغَارَ مُطْنِفُ
أقول: قائله هو الشنفرى عمرو بن براق، وهو من الطويل.
قوله: "حفيف النبل" بالحاء المهملة، وهو دوي ذهابه، وكذا حفيف الفرس: دوي جريه، وحفيف الطير: دوي جناحيه، و "النبل": السهم، قوله:"عجسها" أي: عجس القوس، وهم مقبضها، قال الجوهري: العَجْس والعُجْس والعجْس: مقبض القوس، وكذلك المعجس، مثل: المجلس، ومادته: عين مهملة وجيم وسين مهملة.
قوله: "عوازب": جمع عازبة؛ من عزبت الإبل إذا أبعدت في المرعى لا تروح، والنحل مشهور، قوله:"مطنف" بضم الميم وسكون الطاء المهملة وكسر النون وفي آخره فاء، قال الجوهري: الطنف بالتحريك: الحد من الجبل ورأس من رؤوسه، والمطنف: الذي يعلوه، ثم قال: قال الشنفرى: وأنشد البيت المذكور
(5)
.
الإعراب:
قوله: "كأن": من الحروف المشبهة بالفعل وهي للتشبيه، قوله:"حفيف النبل": كلام إضافي اسمها، وقوله:"عوازب نحل": كلام إضافي -أيضًا- خبرها، قوله:"من فوق عجسها" في محل النصب حال من النبل، قوله:"أخطأ": فعل ماض، وقوله:" مطنف"
(1)
في (أ، ب): صفة موصوف محذوف.
(2)
يكثر حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه بشرط أن يكون النعت صالحًا لمباشرة العامل، أو يكون المنعوت بعض اسم مخفوض بمن أو في، فإن لم يصلح ولم يكن المنعوت بعض ما قبله من مجرور بمن أو في، امتنع إقامة النعت مقام المنعوت إلا في الضرورة؛ كما في البيت المذكور؛ إذ التقدير: من بين أثري ومن أقترا فحذف الموصوف وأقام الصفة مقامه. ينظر توضيح المقاصد (3/ 154) وما بعدها، وشرح الأشموني (3/ 70).
(3)
توضيح المقاصد (3/ 141)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(4)
البيت من بحر الطويل، وهر من قصيدة للشنفرى الأزدي، في دورانه (54) بشرح إميل بديع يعقوب، وانظره في شرح الأشموني (3/ 63).
(5)
الصحاح مادة: "طنف".
بالرفع فاعله، وقوله:"الغار": مفعوله، والجملة وقعت صفة لنحل.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أخطأ الغار" فإن الألف واللام في الغار أغنت عن الضمير العائد إلى الموصوف، تقديره: أخطأ غارها فحذف الضمير وجعل الألف واللام عوضًا عنه
(1)
.
* * *
(1)
ينظر الشاهد رقم (812).
شواهد التوكيد
الشاهد الثامن والعشرون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
حَمَامَةَ بَطْنِ الْوَاديَين تَرَنمي .... سَقَاكِ مِنَ الغُرِّ الغَوَادِي مَطيرُهَا
أقول: قائله هو الشماخ بن ضرار
(3)
، وهو من قصيدة من الطويل، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
تُغَالبني نَفْسي عَلى تَبَعِ الهَوَى
…
وقَدْ جَاءَ نَفْسِي منْ هَوَاهَا نَذِيرُهَا
2 -
وَأَمر يُرَجِّي النفْسَ ليسَ بضائر
…
وتخْشَى عَلَيهَا ضَيرَة مَا يَصيرُهَا
3 -
وقد قلتُ للنفسِ اللجُوح نَصيحَة
…
مقال شفيقٍ لوْ يعيه ضميرُها
4 -
فأنْتأتهَا أَن الحَيَاةَ وأهَلَها
…
كعَاريَة أوْفَى بهَا مُستَعيرُها
5 -
إلى أهلهَا إن العَوَريَ حقُّهَا
…
أداءٌ بإحْسَانٍ إلى مَنْ يُعيرُهَا
6 -
قِفَا فَاسألا يَا صَاحبَي حمَامَةً
…
تُخَبرُنَا عَنْ أَهْلِهَا أَوْ نظِيرهَا
7 -
حمامة بطن ...............
…
....................... إلى آخره
[ويروى]
(5)
:
حَمَامَة دَار الجَارَتَين تكَلَّمي
…
سقَاكِ منَ الغُر الغَوَادي مَطيرُهَا
قوله: "ترنمي" أي: رجعي صوتك، يقال: ترنم إذا رجع صوته، ومنه: ترنم الطائر في هديرهها
(1)
ابن الناظم (196).
(2)
البيت من بحر الطويل، من مقطوعة للشماخ بن ضرار الذبياني يحكي حوارًا بينه وبين نفسه؛ كما نسب البيت لتوبة بن الحمير، وانظره في المقرب (2/ 129)، وشرح الأشموني (3/ 74)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 154). والأغاني (11/ 198)، والدرر (1/ 154).
(3)
ديوان الشماخ بن ضرار (439) تحقيق: صلاح الدين الهادي، ط. دار المعارف.
(4)
ينظر ملحق ديوان الشماخ (339، 440).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
قوله: "من الغر" بضم الغين المعجمة؛ جمع غراء؛ يعني: البيضاء، و "الغوادي": جمع غادية بالغين المعجمة، وهي السحابة التي تنشأ صباحًا، قوله:"مطيرها": من قولهم: ليلة مطرة [إذا كانت]
(1)
كثيرة المطر.
الإعراب:
قوله: "حمامة": منادى حذف منه حرف النداء، تقديره: يا حمامة، وهي مضافة إلى البطن والبطن إلى الواديين، قوله:"ترنمي": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"سقاك": فعل ومفعوله، وقوله:"مطيرها": كلام إضافي فاعله، قوله:"من الغر": جار ومجرور يتعلق بسقاك،
و"الغوادي": صفة الغر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بطن الوادايين" حيث أفرد البطن، وكان القياس أن يقال: بطي الواديين؛ بل لأحسن أن يقال: بطون الواديين، وقال أثير الدين
(2)
: ومن العرب من يضع المفرد موضع لاثنين، ووجه ذلك أنه لما أمن اللبس، وكره الجمع بين تتنيتين فيما هو كالكلمة الواحدة صرف لفظة التثنية الأولى إلى اللفظ المفرد؛ لأنه أخف من الجمع، وذلك قليل جدّا لا ينبغي أن يقاس عليه، ومنه قوله:"بطن الواديين" أراد: بطي الواديين فأفرد
(3)
.
الشاهد التاسع والعشرون بعد الثمانمائة
(4)
،
(5)
...............................
…
يَا أَشْبَهَ الناسِ كُلِّ النَّاسِ بالقمر
أقول: قائله هو كثير عزة، وصدره
(6)
:
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
ينظر الارتشاف (1/ 269).
(3)
صرح النحاة بأن كل مثنى في المعنى مضاف إلى متضمنه يجوز فيه الجمع والإفراد والتثنية، والمختار الجمع كقول الله تعالى:{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ، ورجح ابن مالك الإفراد على التثنية، ورجح غيره التثنية على الإفراد وكلاهما مسموع منه بيت الشاهد والشاهد الآتي، ينظر شرح الأشموني (3/ 74)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 289، 290).
(4)
توضيح المقاصد (3/ 162).
(5)
بيتان من بحر البسيط، وقد اختلف في قائلهما فقيل: لكثير عزة، وهما في ديوانه (531)، تحقيق: د. إحسان عباس، و (134)، شرح: عبدأ علي مهنا، وقيل: لعمر بن أبي ربيعة، وهما في ديوانه (143)، تحقيق: عبدأ علي مهنا، وانظر بيت الشاهد في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 292)، وشرح الأشموني (3/ 75)، والمغني (194)، وشرح شواهد المغني (518)، والدرر (6/ 33).
(6)
ديوان كثير (143) شرح عبدأ علي مهنا.
كَم قَدْ ذَكَرتُكِ لَو أُجْزَى بِذكْرِكُم
…
................................
وبعده:
2 -
إِني لأُجْذِلُ إِنْ أَمْشِي مُقَابِلَهُ
…
حُبًّا لِرُؤْيَةِ مَنْ أَشْبَهْتِ في الصورِ
وهما من البسيط، المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "كم": خبرية بمعنى كثير، والمعنى: كم وقت قد ذكرتك فيه، وكم في محل الرفع على الابتداء، وقوله:"قد ذكرتك": خبره، وهي جملة من الفعل والفاعل والمفعول.
قوله: "أجزى": على صيغة المجهول، والضمير الذي فيه مفعول ناب عن الفاعل، وقوله:"بذكركم" في محل النصب على أنه مفعول ثان، قوله:"يا أشبه الناس": منادى مضاف منصوب، قوله:"كل الناس": كلام إضافي مجرور؛ لأنه تأكيد للناس في قوله: "أشبه الناس" والباء في "بالقمر" تتعلق بأشبه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كل الناس" حيث أضيف فيه كل إلى اسم ظاهر، وقد علم أن كلًّا تجب إضافتها إلى اسم مضمر راجع إلى المؤكد إذا كان تأكيدًا لمعرفة نحو:{فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [ص: 73]، وقال ابن مالك: وقد يخلفه الظاهر كقوله:
كَم قَد ذَكَرْتُكِ ...............
…
....................... إلى آخره
(1)
وخالفه أبو حيان: وزعم أن كلًّا في البيت نعت مثلها في: "أطعمنا شاة كل شاة"، وليس توكيدًا
(2)
، وقال ابن هشام: وليس قوله بشيء؛ لأن التي ينعت بها دالة على الكمال لا علي عموم الأفراد
(3)
.
(1)
قال ابن مالك: "وقد يستغني بكليهما عن كلتيهما، وبكلهما عنهما، وبالإضافة إلى مثل الظاهر المؤكد بكل عن الإضافة إلى ضميره" تسهيل الفوائد (64)، ثم ذكر البيت في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 92)، وانظر المغني (194).
(2)
و
(3)
ينظر المغني (194).
الشاهد الثلاثون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
................................... ظَهْرَاهُمَا مِثْلُ ظُهُورِ التُّرسَينْ
أقول: قائله هو خطام المجاشعي؛ كذا في كتاب سيبويه، وقال أبو علي: هو لهميان بن قحافة، وقبله
(3)
:
وَمَهْمَهَينِ قَذَفَينِ مَرتَينِ
…
.................................
وبعدهما:
قَطَعْتُهُ بِالسَّمْتِ لا بِالسَّمْتَينِ
…
.............................
وهما من الرجز.
قوله: "مهمهين" تثنية مهمه، قال أبو عبيدة: المهمه: القفر، وقيل: المستوي من الأرض، وقال صاحب العين: المهمه: الخرق الواسع الأملس
(4)
، قوله:"قذفين" تثنية فذف بفتح القاف والذال المعجمة وفي آخره فاء، وهو المكان المرتفع الصلب، ويقال: القذف: البعيد، ويقال: قذف وقذيف وقذوف، وقذَف الجبل: ناحيته، ويروى: وفدفدين، والفدفد: الأرض المستوية، قاله الجوهري
(5)
.
قوله: "مَرْتين" تثنية مَرْت بفتح الميم وسكون الراء وفي آخره تاء مثناة من فوق، وهو المكان الذي لا نبات فيه، وقيل: ولا ماء، قوله:"ظهراهما" أي: ظهرا هذين المهمهين مثل الترسين في الاستواء والإملاس وعدم المرفق فيهما من نبت للراعية أو علم هادٍ للناس.
قوله: "بالسمت" بفتح السين المهملة وفي آخره تاء مثناة من فوق، قال الجوهري: السمت: السير بالحدس والظن
(6)
، وقال ابن يسعون: يريد بالسمت لا بالسمتين: بإشارة واحدة لم أحتج إلى تكرير النظر لحذقي ومعرفتي بالطريق وجراءتي ودربتي، وقال الجرمي: العرب تفتخر بهداية الطريق وتعير الجاهل به، وذكر في بعض شروح كتاب الزمخشري:
(1)
ابن الناظم (196).
(2)
البيت من بحر السريع، وليس من الرجز، كما ذكر الشارح، وفيه وفيما بعده يفتخر القائل أنه يعرف الطرق الطويلة ومطلعها ولا يضل، وانظر الشاهد في الكتاب لسيبويه (2/ 48) و (3/ 622)، وابن يعيش (4/ 156)، واللسان:"كرت"، والخزانة (7/ 544، 547)، وشرح شافية ابن الحاجب (1/ 194)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 40، 51).
(3)
ينظر ابن يعيش (4/ 156).
(4)
العين مادة: "هم" تحقيق: مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي.
(5)
الصحاح مادة: "فدد".
(6)
الصحاح مادة: "سمت".
قطعته بالنعب والنعبين
…
..............................
ثم قال: فرس نعب؛ أي: منتهٍ في الجري، ثم قال: رب مفازتين بهذه الصفات جبتهما بفرس لا بفرسين، قلت: هذا تخبيط وتخليط، والصواب ما ذكرناه.
الإعراب:
قوله: "ومهمهين" الواو فيه واو رب؛ أي: رب مهمهين، قوله:"قذفين": صفة، وكذا قوله:"مرتين" وكذا قوله: "ظهراهما" وهو كلام إِضافي مبتدأ، وخبره قوله:"مثل ظهور الترسين".
قوله: "قطعته": جواب رب، قال أبو علي: أفرد الضمير وهو يريد المهمهين كما قال تعالى: {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِه} [النحل: 66]، ويقال التقدير: قطعت ذلك، ويقال: إنما أفرد الضمير؛ لأنه أراد المهمه وإنما ثناه تنبيهًا على طوله واتصال المشي لراكبه؛ كما قال رؤبة
(1)
:
وَمَهْمَه أَطْرَافُهُ في مَهْمَهٍ
…
..............................
الاستشهاد فيه:
في قوله: "مثل ظهور الترسين" حيث جمع الظهور بعد ما ثنى، والجمع أفصح، ومنه قوله تعالى:{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، والتثنية هي الأصل، وهي مرجوحة، والإفراد جائز
(2)
.
الشاهد الحادي والثلاثون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
فَدَاكَ حَيُّ خَوْلَانْ .... جَميعُهُم وَهَمْذَان
وَكُلُّ آلِ قَحْطَانْ
…
وَالأكرَمُونَ عَدْنَانْ
أقول: هذا هزج قالته امرأة من العرب، وهي ترقص ابنها.
قولها: "فداك": من فداه يفديه، وقد أنشده بعضهم بالذال المعجمة ظنًّا منه أن الفاء فيه عاطفة، و "ذاك" إِشارة وخطاب، وهذا تحريف وخطأ؛ بل هو من الفداء بالدال المهملة كما
(1)
بيت من الرجز المشطور، من أرجوزة لرؤبة بن العجاج، في مجموع أشعار العرب (166)، وفيه يتحدث الشاعر عن نفسه، وبعد بيت الشاهد:
أعمى الهدى بالجاهلين العمة
…
.................................
(2)
ينظر الشاهد رقم (828).
(3)
ابن الناظم (197)، وأوضح المسالك (3/ 330)، وموضع البيت بياض في (أ).
(4)
بيتان من بحر الرجز وليسا من الهزج كما ذكر الشارح، وهما لامرأة تدلل ابنها قائلة له: ان العرب جميعًا فداء له: وانظر الشاهد في شرح التصريح (2/ 123)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 23)، والدرر (6/ 32).
ذكرنا، و "الحي": أحد أحياء العرب.
و"خولان": قبيلة من اليمن، و "همدان" بفتح الهاء وسكون الميم وبالدال المهملة أيضًا قبيلة من اليمن، وأما "همذان" بفتح الميم والذال المعجمة، فهي اسم مدينة في بلاد الجبل، وهي عراق العجم، وهي وسط بلاد الجبل، وهي مدينة كبيرة ولها أربعة أبواب، و "قحطان": أبو اليمن، وعدنان بن أد أبو معد، والعرب كلهم من عدنان وقحطان.
الإعراب:
قولها: "فداك": جملة من الفعل والمفعول وهو
(1)
الكاف، و "حي خولان": كلام إضافي فاعله، ويجوز فيه كسر الفاء بأن يكون الفدا اسمًا، ويكون فداك كلامًا إضافيًّا مبتدأ، وقولها:"حي خولان": خبره، أو بالعكس، وهذا الوجه هو الأظهر، وقولها:"جميعهم" بالرفع تأكيد لقولها: "حي خولان"، وهمدان عطف على حي خولان، وكذلك قولها:"كل آل قحطان"، وكل مضاف إلى آل، وآل مضاف إلى قحطان، قولها:"والأكرمون": عطف على قولها: "كل آل"، و "عدنان": عطف بيان من "الأكرمون".
الاستشهاد فيه:
في قولها: "جميعهم" فإنه تأكيد بمنزلة كل في المعنى والاستعمال؛ كما تقول: جاء الجيش كله، تقول: جاء الجيش جميعه
(2)
.
الشاهد الثاني والثلاثون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
يَا ليتَنِي كُنْتُ صَبِيًّا مُرضَعًا
…
تَحْمِلُنِي الذَّلْفَاءُ حَوْلًا أكتَعًا
إِذَا بكيتُ قَبَّلَتْنِي أَربَعًا .... إِذًا ظَللْتُ الدَّهرَ أَبْكِي أَجْمَعًا
أقول: قائله راجز من الرجاز، لم أقف على اسمه.
(1)
في (أ): وهي.
(2)
من أنواع التوكيد: التوكيد المعنوي، وهو المسوق لقصد الإحاطة والشمول، ومن ألفاظه: كل وجميع وكلا وكلتا، ولا يؤكد بهن إلا ما له أجزاء يصح وقوع بعضها موقعه؛ تقول: جاء الجيش كله أو جميعه، وقد صح ذلك لأنه يجوز أن تقول: جاء بعض الجيش. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 291)، وتوضيح المقاصد (3/ 60)، وشرح الأشموني (3/ 74، 75).
(3)
ابن الناظم (198)، وتوضيح المقاصد (3/ 167)، وشرح ابن عقيل (3/ 211)، والأبيات موضعها بياض في (أ).
(4)
الأبيات من بحر الرجز المشطور نسبت لأعرابي في شرح عمدة الحافظ (563)، واللسان "كتع"، والمقرب =
قوله: "الذلفاء" بفتح الذال المعجمة وبعد اللام الساكنة فاء، وهي اسم امرأة هاهنا ولكنه منقول من الذلف بتحريك اللام، وهو صغر الأنف واستواء الأرنبة، تقول: رجل أذلف بيِّن الذلف، وقد ذلف، وامرأة ذلفاء من نسوة ذُلْف بضم الذال وسكون اللام، قال الجوهري: ومنه سميت المرأة، قال الشاعر
(1)
:
إِنمَا الذلْفَاءُ يَاقُوتَةٌ
…
أُخرجَتْ مِنْ كيسِ دَهْقَانِ
(2)
قوله: "أكتعا" من ألفاظ التأكيد، مأخوذ من قوله:"أتى عليه حول أكتع"؛ أي: تام.
الإعراب:
قوله: "يا ليتني" يا حرف نداء، والمنادى محذوف تقديره: يا قوم ليتني، وقد يقال إن "يا" في مثل هذه المواضع تكون لمجرد التنبيه فلا يحتاج إلى تقدير منادى، و "ليت": كلمة تمن، والضمير المتصل به اسمه، والجملة أعني قوله:"كنت صبيًّا": خبره، وصبيًّا: خبر كان، واسمه الضمير المتصل به، و "مرضعًا": صفة لـ"صبيّا".
قوله: "تحملني": جملة من الفعل والمفعول، و "الذلفاء" هو الفاعل، و "حولًا" نصب على الظرف، و "أكتعًا " تأكيده، قوله:"إذا" للشرط، و "بكيت": فعل الشرط، وقوله:"قبلتني": جواب الشرط، و "أربعًا": صفة لمصدر محذوف تقديره: تقبيلًا أربعًا.
قوله: "إذًا": حرف مكافأة وجواب، إن قدمت على الفعل المستقبل نصبته غير إذا قال لك أحد: الليلة أزورك، تقول: إذن أكرمك، فإن أخرتها ألغيتها، فقلت: أكرمُك إذن، فإن كان الفعل بعدها فعل الحال لم تعمل فيها العوامل الناصبة
(3)
، وهاهنا إذًا جواب لشرط مقدر لأن الأكثر أن يكون جوابًا للشرط الظاهر أو المقدر تقديره: إن لم يكن الأمر كذا
(4)
، إذًا ظللت، وظللت من الأفعال الناقصة، والضمير المتصل به اسمه، و "أبكي": جملة خبره، و "الدهر": نصب على الظرف، و "أجمعًا": تأكيد للدهر.
= (1/ 240)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 123، 124)، وشرح الأشموني (3/ 76)، والخزانة (5/ 168)، والدرر (6/ 36).
(1)
البيت من بحر المديد، لقائل مجهول، يمدح امرأة تسمى الذلفاء بأنها مصونة جميلة، وهو في الصحاح مادة:"ذلف"، وساقه العيني لبيان المعنى اللغوي.
(2)
ينظر الصحاح مادة: "ذلف".
(3)
ينظر حروف المعاني للزجاجي (6)، ومعاني الحروف للرماني (116)، والمغني (21).
(4)
قال ابن هشام في حديثه عن إذن: "والأكثر أن تكون جوابًا لأن أو لو مقدرتين أو ظاهرتين ...... ". المغني (21).
الاستشهاد فيه:
هاهنا في مواضع:
الأول: في قوله: "أكتعًا" حيث أكد به وهو غير مسبوق بأجمع، وكان من شرطه أن يكون مسبوقًا بأجمع
(1)
.
والثاني: أنه أكد به النكرة وهي قوله: "حولًا"، وكان شرطه أن يؤكد به المعرفة
(2)
.
والثالث: في قوله: "أجمعًا" حيث أكد به الدهر، وهو غير مسبوق بكل، وكان من شرطه أن يكون مسبوقًا بكل
(3)
.
والرابع: أنه فصل بين المؤكِّد أعني أجمعًا والمؤكد أعني الدهر بقوله: "أبكي"
(4)
.
الشاهد الثالث والثلاثون بعد الثمانمائة
(5)
،
(6)
.............................
…
قدْ صرّتْ البكرةُ يَومًا أَجْمَعًا
أقول: قائله مجهول، وقال أبو البركات: هذا البيت مجهول لا يعرف قائله، فلا يستقيم الاحتجاج به
(7)
، وقيل: مصنوع لا يحتج به، والرواية الصحيحة:
..........................
…
قد صرت البكرة يوما أجمعَ
(1)
قد يتبع أجمع وأخواته بأكتع وكتعاء وأكتعين وكتع، وقد يتبع أكتع وأخواته بأبصع وبصعاء وأبصعين وبصع، وقد يؤكد بأكتع وأكتعين غير مسبوق بأجمع وأجمعين، ومنه البيت المذكور. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 294)، والأشموني (3/ 76). وقوله:"إن لم يكن الأمر كذا إذن ظلت" سهو، والصواب أن يكون التقدير: إن حدث هذا إذن ظلت.
(2)
أجاز الأخفش والكوفيون توكيد النكرة توكيدًا معنويًّا بشرط أن تفيد، وإذا لم تفد فلا يجوز، ومنع ذلك سيبويه والبصريون. ينظر ابن يعيش (3/ 44)، والارتشاف (2/ 612)، والكتاب لسيبويه (2/ 386، 396)، وشرح التصريح (2/ 124).
(3)
إذا أريد التوكيد بأجمع فلا بد أن تسبق كل كقول الله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} وهاهنا جاء التوكيد بأجمع دون كل، ومنه قوله تعالى:{وَلَأُغْويَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} .
(4)
الفصل بين المؤكد والمؤكد وقع في التنزيل في قوله تعالى: {وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} . ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 295)، وشرح الأشموني (3/ 77).
(5)
ابن الناظم (198)، وشرح ابن عقيل (3/ 211)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(6)
البيت من بحر الرجز المشطور، وهو بلا نسبة في أسرار العربية (291)، والإنصاف (455)، والخزانة (1/ 181)، والدرر (6/ 39)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 297)، وابن يعيش (3/ 44).
(7)
ينظر الإنصاف في مسائل الخلاف (456).
بلا تنوين، أراد: يومي أجمع؛ فالألف بدل من ياء الإضافة، وصدره
(1)
:
إنَّا إذَا خُطَّافُنَا تقَعْقَعَا
…
...............................
قوله: "صرت": من الصرير وهو التصويت، يقال: صر القلم والباب يصر صريرًا، وأراد بالبكرة بكرة البئر، وهي ما يستقى عليها، أي: صوتت بكرة البئر يومًا من أوله إلى آخره؛ يعني: لا ينقطع استقاء الماء من البئر بالبكرة.
الإعراب:
قوله: "قد" للتحقيق، و "صرت": فعل ماض، و "البكرة": فاعله، و "يومًا": نصب على الظرف، و"أجمعًا": تأكيده.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أجمعًا" فإنه أكد به النكرة المحدودة وهي قوله: "يومًا"، واستدل به الكوفيون على جواز توكيد النكرة المحدودة [وهي قوله:"يومًا"]
(2)
، والبصريون يمنعون ذلك، وأجابوا عن البيت بما ذكرناه الآن، وقطع الزمخشري في كتابه بعدم جواز تأكيد النكرة بكل وأجمع
(3)
.
الشاهد الرابع والثلاثون بعد الثمانمائة
(4)
،
(5)
لَكِنَّهُ شَاقَهُ أَنْ قِيلَ ذَا وَجَبُ
…
يَا ليتَ عِدَّةُ حَوْلٍ كُلِّهِ رَجَبُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.
قوله: "شاقه": من شاقني الشيء يشوقني فهو شائق، وأنا مشوق [والشوق]
(6)
نزاع النفس إلى الشيء.
(1)
ينظر الخزانة (1/ 182)، ونقده البغدادي بأن بيت الشاهد مستقل، وإذا جعل هذا صدرًا فلا بد من تقدير رابط، أي: صرت البكرة فيه، وتكون الجملة الشرطية خبر ان.
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(3)
ينظر التعليق على الشاهد رقم (832)، ومنع الزمخشري توكيد النكرة حيث يقول:(ولا يقع كل وأجمعون تأكيدين للنكرات لا تقول: رأيت قومًا كلهم ولا أجمعين". المفصل (113) ط. دار الجيل، وهو في هذا تابع للبصريين.
ينظر الكتاب لسيبويه (2/ 396)، وشرح التصريح (2/ 124)، والإنصاف (455)، وابن يعيش (3/ 44).
(4)
ابن الناظم (198)، وأوضح المسالك (3/ 332).
(5)
البيت من بحر البسيط، وهو لعبد اللَّه بن مسلم في شرح أشعار الهذليين (2/ 910)، وهو يتمنى أن تكون أيام العام كله شهور رجب لما فيه من الخير في الدين والدنيا، وانظر الشاهد في شرح أشعار الهذليين (2/ 910)، وأسرار العربية (190)، والإنصاف (450)، وتذكرة النحاة (640)، وشرح التصريح (2/ 125).
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
الإعراب:
قوله: "لكنه" لكن للاستدراك، والضمير المتصل به اسمه، و"شاقه": جملة خبره، قوله:"أن" بالفتح مصدرية في محل الرفع على أنه فاعل شاقه، والتقدير: شاقه قولهم: ذا رجب، وكلمة "ذا" إشارة إلى الشهر في محل الرفع على الابتداء، و "رجب": خبره.
قوله: "يا" حرف نداء ولكن هاهنا لمجرد التنبيه لأنها دخلت على ما لا يصلح للنداء، ويجوز أن يكون على أصله، ويكون المنادى محذوفًا تقديره: يا قوم ليت عدة حول، و "ليت": كلمة التمني، وقوله:"عدة حول": كلام إضافي اسم لليت، وقوله:"كله" بالجر تأكيد لقوله: "حول" مع أنه نكرة، قوله:"رجب" بالرفع خبر ليت.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "حول كله" حيث أكد: "حول" بلفظة كل، والحال أنه نكرة، وهذا مذهب الكوفيين، وقال البصريون: هذا وأمثاله من الشواذ
(1)
، وقول الكوفيين في ذلك أَوْلى بالصواب لصحة السماع بذلك، وكثير منهم ينشدون البيت المذكور:"يا ليت عدة شهر كله"، وهذا تحريف، والصواب: عدة حول، فافهم.
الشاهد الخامس والثلاثون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
أَيَا مَنْ لَستُ أَقْلَاهُ
…
ولَا فِي البُعْدِ أَنسَاهُ
لَكَ اللهُ عَلَى ذاك
…
لَكَ اللهُ لَكَ اللهُ
أقول: هذان بيتان من الهزج، وأصله في الدائرة: مفاعيلن ست مرات ولكن لا يستعمل إلا مجزوءًا.
قوله: "أقلاه": من قلاه يقليه قلًى وقلاء إذا أبغضه، ويقال: لغة طيئ: يقلاه، والبيت على لغة طيئ.
الإعراب:
قوله: "أيا": حرف نداء، و "من": في محل النصب منادى، و "لست أقلاه": جملة
(1)
ينظر الشاهد رقم (832)، ورقم (833).
(2)
ابن الناظم (199)، وتوضيح المقاصد (3/ 173)، والبيتان موضعهما بياض في (أ).
(3)
البيتان من بحر الهزج، وهما لقائل مجهول، وانظرهما في شرح عمدة الحافظ (573)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 302)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 125)، وشرح الأشموني (3/ 80)، والدرر (6/ 48).
وقعت صفة لمن لأن "من" نكرة هاهنا وصفت بالجملة، قوله:"ولا في البعد أنساه": عطف على المنفي قبله، قوله:"لَكَ اللهُ": جملة اسمية من المبتدأ والخبر، والباقي ظاهر.
الاستشهاد فيه:
في تأيد الجملة الاسمية بإعادة لفظها
(1)
.
الشاهد السادس والثلاثون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
فَأَينَ إلى أَيْنَ النَّجَاءُ بِبَغلَتِي .... أَتَاكِ اللاحِقُونَ احبِسِ احبِسِ
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد التنازع في العمل
(4)
.
والاستشهاد فيه:
هاهنا أنه أكد الفعل والمفعول بإعادة لفظهما
(5)
.
الشاهد السابع والثلاثون بعد الثمانمائة
(6)
،
(7)
وَقُلْنَ عَلَى الفِردوس أَوَّلُ مَشْرَبٍ
…
أَجَلْ جَيْرِ إن كَانَتْ أُبِيحَتْ دَعَاثِرُهْ
أقول: قائله هو مضرس بن ربعي، [وقبله]
(8)
:
1 -
تَحَمَّلْ مِنْ ذَاتِ التنَانِيرِ أَهْلُهَا
…
وقَلَّصَ عن نِهْيِ الدَّفِينَةِ حَاضِرُهْ
وقال الصغاني: قال طفيل بن عوف الغنوي
(9)
:
(1)
التوكيد اللفظي هو تكرار اللفظ الأول بعينه أو بمرادفه، ويكون في الاسم والفعل والحرف والجملة الاسمية والجملة الفعلية.
(2)
ابن الناظم (200)، وتوضيح المقاصد (3/ 172)، وغير موجود في أوضح المسالك، وشرح ابن عقيل (3/ 214)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
البيت من بحر الطويل، وهو لقائل مجهول، يطلب النجاة له ولبغلته ممن يطاردونه، وهو في الخصائص (3/ 103) وحاشية الصبان (2/ 98)، وشرح التسهيل لابن مالك (2/ 165)، وشرح التسهيل للمرادي (1/ 587)، والخزانة:(2/ 353)، وهمع الهوامع (2/ 111)، والدرر (2/ 45، 158).
(4)
ينظر الشاهد رقم (430).
(5)
ينظر الشاهد رقم (835).
(6)
ابن الناظم (200)، وتوضيح المقاصد (3/ 175) والبيت موضعه بياض في (أ).
(7)
البيت من الطويل، وقد اختلف في قائله على ما ذكر الشارح، وانظره في الجنى الداني (360)، وابن يعيش (8/ 122، 124)، واللسان:"جير"، والمغني (120)، وشرح شواهد المغني (362)، وبلا نسبة في شرح الأشموني (3/ 81)، وكتاب تغيير النحويين للشواهد (197)، د. علي فاخر.
(8)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(9)
البيتان من الطويل، ينظر ديوان طفيل الغنوي (84)، تحقيق: محمد عبد القادر أحمد (1968 م).
وقُلْنَ أَلَا الْبَرْدِي أَوَّلُ مَشْرَب
…
أَجَلْ جَيرِ إِنْ كَانَتْ رَوَاءً أَسَافِلُهْ
تَحَاثَثْنَ وَاسْتَعجَلْنَ كُلَّ مُوَاشِك
…
بِلؤمَتِهِ لَم يَعُدْ أَنْ شقَّ بَازِلُهْ
وقد غير النحاة هذا الشاهد وجعلوه خنثى، وأنشدوا:
وقُلْنَ عَلَى الفِردَوْسِ أَوَّلُ مَشْرَبٍ
…
................... إلى آخره
وهو مغير من شعر مضرس [بن ربعي وهو:
وقُلْنَ أَلَا الفِردَوْسُ أَوَّلُ مَشْرَبٍ
…
مِنَ الحَي إِنْ كَانَتْ أُثِيرَث دَعَاثِرُهْ
وهي من الطويل]
(1)
.
قوله: "ذات التنانير": عقبة بحذاء زبالة، وهو بضم الزاي المعجمة بعدها باء موحدة، منهل من مناهل طريق مكة -حرسها الله-، قوله:"وقلص" أي: ارتفع، و "النهْى" بكسر النون وسكون الهاء، هو الغدير، و "الدفينة": موضع.
قوله: "حاضره" من قولهم: فلان حاضر بموضع كذا؛ أي: مقيم به، ويقال على الماء: حاضر، قوله:"على الفردوس" أي: على البستان، وأراد بها هاهنا روضة دون اليمامة، وقيل: لبنى يربوع.
قوله: "دعاثره": جمع دعثور بضم الدال وسكون العين المهملة وضم الثاء المثلثة، وهو الحوض المنثلم، وقال ابن فارس: الدعثور: الحوض الذي لم يتنوق في صنعته ولم يوسع
(2)
، والضمير فيه يرجع إلى الفردوس.
[الإعراب]
(3)
:
قوله: "وقلن" الواو للعطف، وقلن: جملة من الفعل والفاعل، قوله:"على الفردوس": حال أي: حال كونهن نازلات على الفردوس، قوله:"أول مشرب": مقول القول، وهو كلام إضافي مرفوع بالابتداء، وخبره محذوف؛ أي: لنا أول مشرب، قوله؛ "أجل جير": مقول القول المقدر.
قوله: "إن" بكسر الهمزة للشرط، و "كانت": من الأفعال الناقصة، و "دعاثره": اسمه، و "أبيحت": جملة خبره مقدمًا، وجواب الشرط محذوف دل عليه الكلام السابق، ويجوز أن تفتح الهمزة وتكون مصدرية، والتقدير: لأن كانت؛ أي: لكون الدعاثر وهي الحياض مباحة.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وهو زيادة من نسخة الخزانة.
(2)
مجمل اللغة مادة: "دعثر".
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أجل جير" لأن كلتيهما بمعنى الإيجاب، وإنما ذكرا معًا لأجل التأكيد فكأنه قال: أجل أجل أو جير جير
(1)
.
الشاهد الثامن والثلاثون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
حَتى تَرَاهَا وَكَأَنَّ وَكَأَنْ
…
أَعْنَاقَهَا مُشَدَّدَاتٌ بِقَرَنْ
أقول: قائله هو خطام المجاشعي
(4)
، وقال ابن بري: رأيت بخط النيسابوري: قال الأغلب العجلي
(5)
:
1 -
إنا على التشوَاقِ منّا والحزنْ
…
مما عُد لِلْمَطِي المستَفَنْ
2 -
نَسُوقُهَا سِنًّا وبعْض السوق سنْ .... حَتى تَرَاهَا وكَأنُّ وكَأَن
3 -
أَعنَاقَهَا مُلَزَّزَاتٌ فيِ قرن
…
حتَّى إِذَا قَضوْا لُبَاناتِ الشَّجَنْ
4 -
وكلَ حَاجٍ لِفُلَانٍ أَوْ لَهُنّ
…
قَامُوا فَشَدُّوهَا لما تُشْفِي الأَرَنْ
5 -
وَرَحَلُوهَا رِحْلَةً فِيهَا رعَنْ
…
حتَّى أنَخْنَاهَا إِلَى مَنْ وَمَنْ
وهي من الرجز المسدس.
قوله: "بقرن" بفتح القاف والراء، وهو حبل يقرن به البعير، و "التشواق" على وزن تفعال مصدر كالشوق، قوله:"للمطي" وهو الظهر، و"المستفن": من الفن وهو الطرد.
[قوله: "]
(6)
سنًّا": من سننت الناقة: سيرتها سيرًا شديدًا، قوله: "ملززات" أي: مشدودات، "في قرن" أي: حبل قوي، و "اللبانات": جمع لبانة وهي الحاجة، و "الشجن": الحزن.
(1)
من أنواع التوكيد: التوكيد اللفظي، وهو تكرار اللفظ الأول بعينه أو بمرادفه، وذلك للاعتناء به نحو: قعد جلس محمد، وقد يكون التوكيد باسم الفعل ليؤكد فمله؛ كما سيأتي في الشاهد رقم (847).
(2)
ابن الناظم (200)، وتوضيح المقاصد (3/ 180)، وأوضح المسالك (3/ 342)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
بيتان من الرجز لخطام المجاشعي أو للأغلب العجلي، انظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 303)، وشرح التصريح (1/ 317)، (2/ 130)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 125)، وشرح الأشموني (3/ 83)، في الدرر (6/ 50).
(4)
هو خطام بن نصر بن رياح بن عياض بن مجاشع، وهو القائل:(وصاليات ككما يؤثفين) شاعر جاهلي، انظر المؤتلف والمختلف (142).
(5)
هو الأغلب بن عمرو بن عبيدة بن حارثة من بني عجل شاعر مخضرم بين الجاهلية والإسلام (ت 21 هـ)، ينظر الأعلام (1/ 335).
(6)
ما بين المعقوفين بياض في (ب).
قوله: "وكل حاج" الحاج: جمع حاجة، و "الأرن" بفتح الهمزة، وهو النشاط، قوله:"رعن" بفتح الراء والعين، وهو الاسترخاء.
الإعراب:
قوله: "حتى" للغاية، "تراها": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وهو الضمير العائد إلى المطي المذكورة في البيت السابق، قوله:"وكأن" للتشبيه، و "كأن"[الثاني]
(1)
تأكيد للأول.
وقوله: "أعناقها": كلام إضافي اسم كأن، قوله:"مشددات" بالرفع خبره، قوله:"بقرن": جار ومجرور يتعلق بقوله: "مشددات" في محل النصب على المفعولية.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وكأنّ وكأن" فإنه أكد الحرف قبل أن يتصل به معموله، والأكثر أن يقال: وكأن أعناقها وكأنها؛ فيؤتى مع الأول بمعموله، ويؤتى مع الثاني بضمير ذلك المعمول، ومثله: إن زيدًا إنه قائم، ويصح: إن إن زيدًا قائم، ويجوز: إن زيدًا إن زيدًا قائم، ولكن الأحسن أن يؤتى [مع]
(2)
الثاني بالضمير فافهم
(3)
.
الشاهد التاسع والثلاثون بعد الثمانمائة
(4)
،
(5)
فَلَا وَاللَّهِ لَا يُلْفَى لِما بِي
…
وَلَا لِلمَا بِهِم أَبَدًا دَوَاءُ
أقول: قائله هو بعض بني أسد؛ كذا قاله ابن عصفور رحمه الله
(6)
وقبله
(7)
:
(1)
ما بين المعفوفين سقط في (أ).
(2)
ما بين المعقوفين زيادة لإصلاح اللفظ.
(3)
إذا كان الحرف جوابيًّا وأريد توكيده فيكون بتكريره فقط نحو: هل نجح زيد؟ فتقول: نعم نعم، وإن كان الحرف غير جوابي فلا بد من إعادة ما اتصل به من الحروف، ويكون ذلك إما ظاهرًا وإما مضمرًا، أما تكرير الحرف دون ما اتصل به كهذا البيت فلا يجوز. ينظر الكتاب لسيبويه (2/ 125)، والأصول في النحو لابن السراج (2/ 19، 20)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 303)، وشفاء العليل (744).
(4)
ابن الناظم (201)، وأوضح المسالك (3/ 343).
(5)
البيت من بحر الوافر آخر بيت من قصيدة نسب لمسلم بن معبد الوالبي، شاعر إسلامي في الدولة الأموية، والقصيدة يعاتب فيها عمال الزكاة وقومًا له أعطاهم إبله وغدروا به، ومطعها:
بكت إبلي وحق لها البكاء
…
وفرقها المظالم والغداء
الإنصاف (571)، والجنى الداني (80، 345)، والخصائص (2/ 282)، والمغني (181)، والمقرب (1/ 338)، والخزانة (2/ 308)، والدرر (5/ 147)، وشرح شواهد المغني (505، 773).
(6)
المقرب (338).
(7)
ينظر القصيدة كاملة في الخزانة (2/ 308)، وينظر بعضها في شرح شواهد المغني (505، 506).
لَدَدْتُهُمُ النصِيحَةَ كُل لَدّ
…
فَمَجُّوا النصْحَ ثُم ثَنَوْا وَفَاؤوا
وبعدهما:
وكنتُ وهم كَدَاءِ البَطْنِ يخْشَى
…
وراءَ صحيحهِ داءٌ عَياءُ
وهي من الوافر
قوله: "لا يفى" أي: لا يوجد، قال تعالى:{وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: 25]: أي: وجداه، قوله:"لددتهم" أي: ألزمتهم النصيحة كل الإلزام فلم يقبلوا، وهذا معنى قوله:"فمجوا النصح".
قوله: "وفاؤوا": خبر مبتدأ محذوف؛ أي: وهم فاؤوا، والجملة حالية
(1)
، قوله:"عياء" بفتح العين وتخفيف الياء آخر الحروف، يقال: داء عياء إذا عجزت فيه الأطباء.
الإعراب:
قوله: "فلا واللَّه" الفاء للعطف ولا لتأكيد القسم، ولفظ "اللَّه" مجرور بواو القسم، قوله:"لا يلفى": جواب القسم وهو علي صيغة المجهول.
قوله: "دواء": مسند إلى قوله: "لا يلفى": مفعول قد ناب عن الفاعل، قوله:"لما بي" اللام تتعلق بقوله: "لا يلفى"، و"ما": موصولة، وقوله:"بي": صلتها، أي: للذي حصل بي من الداء، قوله:"ولا للمِا بهم": عطف على قوله: "لما بي"، واللام الثانية [فيه]
(2)
للتأكيد وهي حرف، وقوله:"أبدًا": نصب على الظرف.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ولا للما بهم": حيث كررت فيه اللام وهي حرف واحد، وهو على غاية الشذوذ والقلة، وذلك لأن مثل ذلك إنما يسهل إذا كان على أكثر من حرف واحد كما في البيت السابق
(3)
.
(1)
قال صاحب الخزانة (2/ 311): وقاءوا بالقاف من القيء، وصحف العيني تحريفًا فاحشًا، فقال قوله: وفاءوا خبر مبتدأ محذوف، أي: وهم فاءوا، والجملة حالية، وهذا مما لا يقضي منه العجب.
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
ينظر الشاهد رقم (838).
الشاهد الأربعون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
فَأَصْبَحْنَ لا يَسأَلْنَهُ عَنْ بِمَا بِهِ .... أَصَعدَ فِي عُلُو الهَوَى أَمْ تَصَوبَا
أقول: [قائله هو الأسود بن يعفر من قصيدة من الطويل، وأولها هو قوله:
1 -
صَحَا سُكُرٌ مِنْهُ طَويل بِزَيْنَبَا
…
تعَاقَبَهُ لما اسْتَبَانَ وجَربَا
2 -
وَأَحْكَمَهُ شَيبُ القَذَالِ عَنِ الصبَا
…
فَكَيفَ تُصَابِيهِ وَقَدْ صَارَ أَشْيَبَا
3 -
وكَانَ لَهُ فِيمَا أَفَادَ حلائل
…
عَجَلْنَ إِذَا لاقَينَهُ قُلْنَ مَرحَبَا
4 -
فَأصْبَحْنَ ...............
…
......................... إلى آخره
وبعده:
5 -
طَوَامِحُ بِالأَبْصَارِ عَنْهُ كَأنمَا
…
يرينَ عليهِ جل أَدْهَمَ أَجْرَبَا]
(3)
قوله: "أصعد" أي: ارتقى، قوله:"أم تصوب" أي قوله: أم نزل.
الإعراب:
قوله: "فأصبحن": جملة من الفعل والفاعل، وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى النسوة المذكورة فيما قبل البيت، قوله:"لا يسألنه": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وهو الضمير الذي ورجع إلى المبتلى بهن وقعت خبرًا لأصبحن: "عن بما به ": جار ومجرور، والباء زائدة للتأكيد، والهمزة في أصعد للاستفهام.
و"صعد": فعل، وفاعله مستتر فيه يرجع إلى ما يرجع إليه الضمير في بما به، والذي في يسألنه، قوله:"في علو الهوى" يتعلق بصعد، قوله:"أم تصوبا": عطف على قوله: "أصعد" والألف فيه للإطلاق.
(1)
ابن الناظم (201)، وأوضح المسالك (3/ 345).
(2)
البيت من بحر الطويل، قال صاحب الخزانة: لم أقف على قائله، ولا تتمة له، وكذا في نسختي (أ، ب): لم أقف على اسم قائله، ولكنه في نسخة دار صادر، وهو المطبوع على هامش الخزانة كان القائل والتتمة المذكورة، وانظر الشاهد في شرح التصريح (2/ 130)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 173)، والخزانة (9/ 527)، والمغني (354)، وشرح شواهد المغني (774)، واللسان مادة:"صعد"، وسر الصناعة (136)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 22، 30، 78).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "عن بما به" حيث أدخلت الباء بعد عن تأكيدًا؛ لما كانا يستعملان في معنى واحد فيقال: سألت به وسألت عنه
(1)
.
الشاهد الحادي والأربعون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
فَإنْ تَسأَلُوني بالنِّسَاءِ فَإننِي
…
خَبِيرٌ بِأَدْوَاءِ النسَاءِ طَبِيبُ
إِذَا شابَ رَأْسُ المَرْءِ أَو قَلَّ مَالُهُ
…
فَلَيسَ لَهُ مِنْ وُدِّهِن نَصِيبُ
أقول: قائلهما هو علقمة بن عبدة، وهما من قصيدة من الطويل، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
طَحَا بِكَ قَلْبٌ فيِ الحِسَانِ طَرُوبُ
…
بُعَيدَ الشَّبَابِ عَصْر حَانَ مَشِيبُ
2 -
تُكلِّفُنِي لَيلَى وَقَدْ شطَّ وَليُهَا
…
وَعَادَت عَوَاد بَينَنَا وخُطُوبُ
إلى أن قال:
فإن تسألوني ..............
…
.................... إلى آخره
وبعدهما:
5 -
يُرِدْنَ ثَرَاءَ الْمالِ حَيثُ عَلِمْنَهُ
…
وَشَرخُ الشَّبَابِ عندَهُن عَجِيبُ
4 -
قوله: "من ودهن" الود مثلث الواو: المودة والمحبة.
الإعراب:
قوله: "فإن تسألوني" الفاء للعطف، و "إن" للشرط، و "تسألوني": جملة وقعت فعل الشرط، و "بالنساء" يتعلق بها، قوله:"فإنني": جواب الشرط، و"خبير": مرفوع لأنه خبر إن، وقوله:"بأدواء": يتعلق بقوله: "طبيب" وهو جمع داء وهو المرض، و "طبيب"؛ مرفوع خبر بعد خبر.
(1)
إذا كان الحرف غير جوابي وأريد توكيده فإنه يعاد مع ما اتصل به وهنا توكيد الحرفين أخف من البيتين السابقين؛ لأن المؤكد على حرفين ولاختلاف اللفظين فهما مترادفان.
(2)
ابن الناظم (201) والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
البيتان من بحر الطويل، وهما لعلقمة بن عبدة الفحل المعاصر لامرئ القيس والمنافس له في الحب والشعر، وانظرهما في ديوانه (25)، والأزهية (284)، والجنى الداني (41)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 22)، وجواهر الأدب (49)، ورصف المباني (144)، والدرر (4/ 105).
(4)
ينظر الديوان (23) وما بعدها بشرح الأعلم الشنتمري، ط. دار الكتاب العربي.
قوله: "إذا" للشرط، قوله:"شاب": نعل ماض، و "رأس المرء": كلام إضافي فاعله، قوله:"أو قل ماله": جملة من الفعل والفاعل معطوفة على: شاب رأس المرء، قوله:"فليس": جواب إذا فلذلك دخلها الفاء، قوله:"نصيب": اسم ليس، وخبره الجار والمجرور؛ أعني قوله:"له" أي: للمرء، ومن فائدة تقديم الخبر هاهنا إقامة الوزن، و "من ودهن": في محل الرفع لأنها صفة لقوله: "نصيب"
(1)
أي: ليس نصيب كائن من ودهن حاصلًا له.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بالنساء" فإن الباء فيه بمعنى: عن، والمعنى: فإن تسألوني عن النساء؛ كما في قوله تعالى: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59] أي: فاسأل عنه، وقد قال بعضهم: إن هذا يختص بالسؤال كما في هذا المثال، والأصح أنه لا يختص به بدليل قوله تعالى:{يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد: 12]، والمعنى: وعن أيمانهم، وقوله تعالى:{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} [الفرقان: 25] أي: عن الغمام
(2)
.
الشاهد الثاني والأربعون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
يَمُتُّ بِقُربَى الزَّيْنَبَينِ كِلَيهِمَا
…
...............................
أقول: قائله هو هشام بن معاوية، وتمامه
(5)
:
..........................
…
إِلَيكَ وَقُربَى خَالدٍ وَحَبيبِ
وهو من الطويل.
قوله: "يمت": من المتّ بفتح الميم وتشديد التاء المثناة من فوق، وهو التوسل بقرابة، و"القربى": بمعنى القرابة، والمعنى: ينسب إليه بقرابة الزينبين وقرابة خالد وحبيب.
(1)
هذا ليس بصحيح؛ لأن الصفة إذا تقدمت على موصوفها صارت حالًا.
(2)
قال المرادي في حديثه عن الباء ومعانيها: "التاسع المجاوزة، وعبر بعضهم عن هذا بموافقة عن، وذلك كثير بعد السؤال نحو: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}، {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} وذكر البيت وقال: وقليل بعد غيره [أي السؤال] نحو: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} "أي: عن الغمام .... ". ينظر الجنى الداني (41، 42)، والمغني (104).
(3)
توضيح المقاصد (3/ 163)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(4)
البيت من بحر الطويل، وقد نسب لهشام بن معاوية في مراجعه، وانظره في شرح عمدة الحافظ (559)، والمقرب (1/ 239)، وشرح الأشموني (3/ 78)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 292).
(5)
ينظر تسهيل الفوائد (64)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 291)، والمقرب لابن عصفور (1/ 239).
الإعراب:
قوله: "يمت": جملة من الفعل [والفاعل]
(1)
والباء في: بقربى تتعلق بها، قوله:"كليهما": تأكيد للزينبين، قوله:"إليك": جار ومجرور يتعلق بقوله: "يمت"، قوله:"وقربى خالد ": كلام إضافي عطف على قوله: "بقربى الزينبين"، قوله:"وحبيب" بالجر عطف على خالد، والتقدير: وقربي حبيب.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كليهما" فإنه وقع موقع كلتيهما، قال ابن عصفور: فأما قول الشاعر وأنشد البيت فمن تذكير المؤنث حملًا على المعنى للضرورة، كأنه قال: بقربى الشخصين كليهما
(2)
.
الشاهد الثالث والأربعون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
إِنَّ إنَّ الكَرِيمَ يَحْلُمُ مَا لم
…
يَرَيْنَ مَنْ أَجَارَهُ قَدْ ضِيمَا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الخفيف، وفيه الشعث وهو إسقاط أحد متحركي الوتد فيصير: فاعاتن، أو فالاتن فيرد إلى مفعولن، فإن وزن قوله:"قد ضيما" مفعولن مشعث بالثاء المثلثة.
قوله: "يحلم" من حلم يحلم بضم اللام فيهما حِلمًا بكسر الحاء وهو الأناة، قوله:"قد ضيما": من الضيم وهو الظلم، وفيه ثلاث لغات: ضِيم وضُيم وضُوم كما في بيع.
الإعراب:
قوله: "إن": من الحروف المشبهة بالفعل تنصب الاسم وترفع الخبر، وقوله:"الكريم": اسمه، والجملة -أعني: قوله: "يحلم": خبره، و "إن" الثانية تأكيد على ما يجيء- إن شاء الله تعالى-.
(1)
ما بين المعقوفين زيادة لإصلاح اللفظ.
(2)
المقرب لابن عصفور (1/ 239)، تسهيل الفوائد (64)، وشرحه لابن مالك (3/ 291)، وشرح الأشموني (3/ 78).
(3)
توضيح المقاصد (3/ 179)، وأوضح المسالك (3/ 340)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(4)
البيت من بحر الخفيف، وهو لقائل مجهول، وانظره في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 303)، وشرح الأشموني (3/ 82)، وشرح التصريح (2/ 130)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 125)، والدرر (6/ 54).
قوله: "ما لم بين" كلمة "ما" هاهنا حرف مصدري زماني، والتقدير: يحلم الكريم مدة عدم رؤيته ضيم من أجاره، وقوله:"لم يرين": فعل مضارع دخلت عليه لم الجازمة، وأكد بنون التوكيد الخفيفة؛ فلذلك عادت إليه الياء التي كانت سقطت للجزم، وذلك لأن النون الساكنة تقتضي تحريك ما قبلها؛ كما تقول في: لم يضرب إذا أكدته: لم يضربن.
قوله: "من أجاره" من موصولة بمعنى الذي، وأجار صلته، والجملة في محل النصب؛ لأنها مفعول:"لم يرين"، وهو من رؤية البصر فلا يستدعي إلا مفعولًا واحدًا، وقوله:"قد ضيما" على صيغة المجهول، جملة في محل النصب لأنها صفة لقوله:"من"
(1)
، ويحتمل أن يكون حالًا، والألف واللام فيه للإطلاق.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "إنَّ إنَّ الكريم" حيث كررت إن هاهنا للتأكيد مع غير اللفظ الذي وصلت به، فلذلك حكم بشذوذ نحو هذا؛ وذلك لأن الحرف لا يعاد إلا مع ما اتصل به أو لا لكونه كالجزء منه نحو: إن زيدًا إن زيدًا قائم، وفي الدار في الدار زيد، ولا يعاد وحده إلا في الضرورة، نص عليه ابن السراج
(2)
.
وأجاز صاحب الكشاف ذلك من غير إعادة اللفظ المتصل، واحتج على ذلك بقول الشاعر المذكور، وتبعه على ذلك ابن هشام الخضراوي
(3)
.
ورد عليه ابن مالك في شرح التسهيل وقال: قوله مردود، لعدم إمام يستند إليه، وسماع يعتمد عليه
(4)
، وفيه نظر لا يخفى.
(1)
قوله في جملة "قد ضيما": إنها صفة لمن ليس بصحيح؛ لأن "من" معرفة، فالجملة بعدها حال، أو تكون الجملة مفعولًا ثانيًا على أن رأى علمية.
(2)
ينظر الأصول (2/ 19، 20) حيث يقول: "وأما الحروف فنحو قولك: في الدار زيد قائم فيها، فتعيد فيها توكيدًا، وفيك زيد راغب فيك، وقال الله عز وجل:{وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا} إلا أن الحرف إنما يكرر مع ما يتصل به لا سيما إذا كان عاملًا. وينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 303)، وشرح التصريح (2/ 130).
(3)
ينظر المفصل (112)، وشفاء العليل (744)، وقضايا الخلاف النحوية والصرفية في شفاء العليل (551، 552).
(4)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 303)، وينظر معه الشاهد رقم (838).
الشاهد الرابع والأربعون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
لَيتَ شعرِي هَلْ ثمَّ هَل آتيَتنهُم
…
................................
أقول: قائله هو الكميت بن معروف، وتمامه
(3)
:
............................
…
أَمْ يَحُولَنَّ دُون ذاكَ حِمَامُ
وهو من الخفيف، ويروى الشطر الثاني:
............................
…
أو يحولن من دون ذاك الردى
و"الردى" بفتح الراء وتخفيف الدال؛ الهلاك، و"الحمام" بكسر الحاء المهملة وتخفيف الميم؛ الموت.
الإعراب:
قوله: "ليت شعري" أي: ليت علمي، فشعري: اسم ليت، وخبره محذوف، أي: حاصل، قوله:"هل" للاستفهام، وقوله:"ثم هل": عطف عليه، "وآتينهم": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، والنون فيه ساكنة وهي نون التوكيد، قوله:"أم": منقطعة لأنها مسبوقة باستفهام بغير الهمزة؛ كما في قوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} [الرعد: 16]، ويجوز أن تكون متصلة بمعنى أن كائن على سبيل التقدير لحصول العلم بكون أحدهما.
قوله: "يحولن" بنون التوكيد الثقيلة، وهي معطوفة على الجملة التي قبلها، قوله:"دون ذاك": كلام إضافي منصوب على الظرف، و"ذاك": إشارة إلى الإتيان الذي يتضمنه قوله: "آتينهم" قوله: "حمام" بالرفع فاعل لقوله: "يحولن".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "هل ثم هل" حيث أكد هل الأولى بهل الثانية مع الفصل بينهما بحرف ثم، وقد
(1)
توضيح المقاصد (3/ 881)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(2)
البيت من بحر الخفيف، وقد نسب في مراجعه إلى الكميت بن معروف (شاعر أموي) وانظره في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 302)، وشرح الأشموني (3/ 83)، ورصف المباني (334، 406)، وسر الصناعة (684)، والمغني (350)، وشرح شواهد المغني. (771)، والدرر (5/ 26).
(3)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (2/ 303)، وشرح شواهد المغني (771).
ذكرنا في البيت السابق أن الحرف لا يعاد وحده، ولا يعاد إلا مع ما اتصل به أو بفاصل. فافهم
(1)
.
الشاهد الخامس والأربعون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
لَا يُنْسِكَ الأَسَى تأَسِّيًا فَمَا
…
مَا مِنْ حِمَامٍ أَحَدٌ مُعْتَصِمًا
أقول: قائله هو راجز من الرجاز لم أقف على اسمه، وهو من الرجز المسدس.
قوله: "الأسى" بفتح الهمزة والسين المهملة مقصورة وهو الحزن، قوله:"تأسًا" أراد به: الصبر والاقتداء بغيره من الصابرين، قوله:"من جمام" بكسر الحاء وتخفيف الميم، وهو الموت [فلا فائدة حينئذ للجزع]
(4)
.
والمعنى: لا ينسك الحزن على مَن مات منك حسن التأسي بالصابرين؛ لأن أحدًا لا يعتصم عن الموت، فلا فائدة حينئذ للجزع وترك التأسي بالصابرين.
الإعراب:
قوله: "لا ينسك": جملة من الفعل والمفعول وهو الكاف، وقوله:"الأسى": فاعله، وقوله:"تأسيًا": مفعول ثان لينسك، قوله:"فما" الفاء للتعليل، وكلمة:"ما لا بمعنى ليس، وقوله: "أحد": اسمه، و"معتصمًا": خبره، و "ما" الثانية كررت للتأكيد، وقوله: "من حمام" جار ومجرور يتعلق بقوله: "معتصمًا".
الاستشهاد فيه:
[في قوله: "]
(5)
فما ما" فإنه كرر الحرف الواحد للتأكيد، ولكن فصل بينهما الوقف، والظاهر أنه جائز اختيارًا فافهم
(6)
.
(1)
ينظر الشاهد رقم (838، 843).
(2)
توضيح المقاصد (3/ 182)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
البيتان من بحر الرجز المشطور، لم ينسبا لقائل، وهما في الموعظة والتذكير بالموت، وانظرهما في شرح التسهيل (3/ 304)، وشرح الأشموني (3/ 83)، والدرر (2/ 161).
(4)
و
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(6)
ينظر الشواهد الأربع السابقة.
الشاهد السادس والأربعون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
......................
…
فَحَتَّامَ حَتَّامَ العَنَاءُ المُطَوَّلُ
أقول: قائله هو الكميت، وصدره
(3)
:
فَتِلْكَ وُلَاةُ السُّوءِ قَدْ طَال ملكُهُم
…
...............................
وهو من الطويل.
قوله: "ولاة السوء" بضم الواو؛ جمع وال، وهو الذي يتولى أمور الناس، قوله:"العناء" بفتح العين وتخفيف النون، وهو المشقة والتعب.
الإعراب:
قوله: "فتلك": مبتدأ، وقوله:"ولاة السوء": كلام إضافي خبره، وقوله:"قد طال ملكهم": جملة من الفعل والفاعل في محل النصب على الحال.
قوله: "فحتام" الفاء للعطف، وحتى للغاية ودخلت عليها ما الاستفهامية، وحذفت ألفها اكتفاء بدلالة فتحة الميم عليها، و "حتام" الثانية جميد للأولى، وقوله:" [العناء": مبتدأ، و "المطول": صفته، والخبر محذوف تقديره:]
(4)
العناء المطول منهم، أو العناء المطول بين الناس ونحو ذلك
(5)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فحتام حتام" حيث كررت حتى للتأكيد
(6)
.
(1)
توضيح المقاصد (3/ 173) والبيت موضعه لياض في (أ).
(2)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة طويلة تقترب من مائة بيت، للكميت بن زيد يمدح فيها بني هاضم آل علي بن أبي طالب، ويهجو بني أمية، ومطلعها:
ألا هل عم في رأيه متأمل
…
وهل مدبر بعد الإساء مقبل
انظر الكميت بن زيد وقصائده الهاشميات (142) عبد المتعال الصعيدي، وهي في الارتشاف (2/ 616)، وشرح الأشموني (3/ 80)، واللسان:"لوم"، والمغني (298)، وهمع الهوامع للسيوطي (2، 125)، والدرر (6/ 46) وشرح شواهد المغني (709).
(3)
ينظر المغني (298)، وشرح شواهد المغني (709).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وهو منقول من نسخة الخزانة.
(5)
هذا الإعراب ليس بصحيح، وإنما العناء مبتدأ، وحتام خبره.
(6)
والتوكيد هنا توكيد لفظي فحتام الثانية توكيد للأولى.
الشاهد السابع والأربعون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
.........................
…
صَمِّي لما فَعَلَتْ يَهُودُ صَمَامِ
أقول: قائله هو الأسود بن يعفر، وصدره
(3)
:
فَرَّتْ يَهُودُ وَأَسلَمَتْ جِيرَانِهَا
…
...............................
وهو من الكامل.
قوله: "يهود": اسم قبيلة هاهنا، قوله:"صمي" أي: اخرسي، قوله:"صمام": اسم للداهية، [وفي المحكم قولهم:"صمي صمام": يضرب للرجل يأتي بالداهية، أي: اخرسي يا صمام، وقال الجوهري: يقال للداهية: صمي صمام، مثل: قطام، وهي الداهية، أي: زيدي]
(4)
.
الإعراب:
قوله: "فرت": فعل، و "يهود": فاعله، ولم ينصرف للعلمية والتأنيث، ولا يجوز إدخال الألف واللام عليها في مثل هذا اللَّهم إلا إذا كان يهود جمع يهودي فحينئذ يجوز أن تقول؛ اليهود كما تقول الروم.
قوله "وأسلمت": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"جيرانها": كلام إضافي مفعوله، قوله:"صمي": أمر [من صمم من باب علم يعلم، والصاد مفتوحة، وفاعله ضمير مستتر تقديره: صمي أنت
(5)
يخاطب به الداهية]
(6)
.
وقوله: "صمام": منادى مفرد تقديره: يا صمام صمي فحذف منه حرف النداء وهي مبنية على الكسر كحذام ونحوها.
وقال أبو علي الفارسي: هي اسم للفعل
(7)
، ويقال:"صمام" هي الحية، وقيل لها: صمام
(1)
توضيح المقاصد (3/ 174)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(2)
عجز بيت من بحر الكامل، ذكر الشارح صدره، وهو للأسود بن يعفر، وانظره في شرح شواهد الإيضاح (437)، وكتاب الشعر للفارسي (4)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 302)، والارتشاف (2/ 616)، واللسان:"هود، صمم".
(3)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 302).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وهو منقول من نسخة الخزانة.
(5)
وقوله: "وفاعله" ضمير مستتر كما هي عادته كثيرًا مع نون النسوة، وياء المخاطبة، وإلا فالفاعل هو الضمير البارز، وهو ياء المخاطبة.
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وهو منقول من نسخة الخزانة.
(7)
كتاب الشعر (3 - 7)، ذكره الفارسي تحت باب في تفسير الكلم التي سميت بها الأفعال.
لأنها لا تعمل فيها الرقى لخبثها فكأنها صماء فهي لا يمكن منها الجواب.
وقيل
(1)
: الضمير في صمي يعود إلى الأذن؛ أي: صمي يا أذن لما فعلت يهود، ويهود قبيلة وصمام اسم للفعل مثل نزال، وليس بنداء، واللام في:"لما فعلت" تتعلق بصمي.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "صمام" فإنه توكيد لفظي لقوله: "صمي"، وقد علم أن التوكيد اللفظي إعادة اللفظ أو تقويته بموافقه معنى، فالأل كقوله: ادرجي ادرجي، والثاني مثل قوله:"صمام" فإنه تقوية لمعنى صمي. فافهم
(2)
.
الشاهد الثامن والأربعون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
فَإيَّاكَ إيَّاكَ المِرَاءَ فَإنَّهُ
…
إلى الشرِّ دَعَّاءٌ وللشَّرِّ جَالِبُ
أقول: هذا أنشده سيبويه ولم يعزه إلى أحد، وهو من الطويل.
قوله: "إياك" تحذير، ومعناه: اتق، و"المراء" بكسر الميم وبالمد، هي المجادلة؛ من ماريتة مراء، [قوله: "]
(5)
دَعَّاء" على وزن فعال بالتشديد مبالغة داع.
الإعراب:
قوله: "فإياك" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، وإياك: تحذير بمعنى اتق، وهي جملة من الفعل والفاعل، و "إياك" الثاني جميد، وقوله:"المراء": مفعوله، وقال أبو الحسن:"المراء" بمعنى أن تماري، أي: إياك مخافة أن تماري.
وقال ابن يعيش: والمراد: والمراء بحرف العطف، أو من المراء بحذف حرف الجر
(6)
.
وسيبويه ينصب المراء بفعل غير الفعل الذي نصب إياك كأنه قال: إياك إياك اكتفى ثم قال
(1)
في (أ): ويقال.
(2)
ينظر الشاهد (837).
(3)
أوضح المسالك (3/ 336)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(4)
البيت من بحر الطويل، ثاني بيتين للفضل بن عبد الرحمن القرشي، يقولهما لابنه القاسم بن الفضل، وأولهما قوله:
ومن هذا الذي يرجو الأباعد نفعه
…
إذا هو لم يصلح عليه الأقارب
وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (1/ 279)، والمقتضب (3/ 213)، واللسان مادة:"أيا"، والمغني (679)، وشرح الأشموني (3/ 80)، وابن يعيش (2/ 25)، والخصائص (3/ 102)، ورصف المباني (216)، والخزانة (3/ 63).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(6)
انظر شرح المفصل لابن يعيش (2/ 25).
اتق المراء أو جانب المراء
(1)
، كأنه نهاه أولًا ثم أضمر قولًا كأنه قال: اتق اتق المراء يا فتى.
[والفاء في: "فإنه" للتعليل، والضمير المتصل به اسم إن، وخبره قوله: "دعاء"]
(2)
، وقوله:"إلى الشر": يتعلق بدعاء، قوله:"جالب": خبر بعد خبر، وقوله:"للشر": يتعلق به.
فإن قيل: كيف ذكر أحد الخبرين للمبالغة دون الآخر؟
قلت: دعاء بمعنى داع، وإنما ذكره على صيغة المبالغة لأجل الوزن، أو يكون هذا على أصله، ويكون "جالب" بمعنى: جلاب، ولكنه تركه للضرورة -أيضًا-.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فإياك إياك" حيث كرَّره مرتين للتأكيد، وقال أبو عثمان المازني: لما كرر "إياك" مرتين فكأن أحدهما عوض من الواو.
الشاهد التاسع والأربعون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
لَا لَا أَبُوحُ بِحُبِّ بَثْنَةَ إِنَّهَا
…
أَخَذَتْ عَلَيَّ مَوَاثقًا وعُهُودًا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الكامل.
قوله: "لا أبوح": من باح بسره إذا أظهره وأفشاه، و "بثنة" بفتح الباء الموحدة وسكون الثاء المثلثة وفتح النون وفي آخرها هاء؛ اسم محبوبته، والبثنة في اللغة: الأرض اللينة السهلة، قوله:"مواثقًا": جمع موثق بمعنى: الميثاق وهو العهد.
الإعراب:
قوله: "لا لا أبوح" كرر للتأكيد، و "أبوح": جملة من الفعل والفاعل، والباء في:"بحب بثنة" يتعلق به، وبثنة في محل جر بالإضافة، ومنعت من الصرف للعلمية والتأنيث.
قوله: "إنها" الضمير اسم إن، والجملة أعني قوله:"أخذت عليّ": خبرها، قوله:"مواثقًا": مفعول أخذت، و "عهودًا": عطف عليه.
(1)
ينظر: الكتاب لسيبويه (1/ 279).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(3)
أوضح المسالك (3/ 338)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(4)
البيت من بحر الكامل، وهو في الغزل، لجميل بثينة في ديوانه (58)، شرح: اميل بديع يعقوب، ط. دار الكتاب العربي، وانظره في شرح التصريح (2/ 129)، وشرح الأشموني (3/ 84)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 125)، والخزانة (5/ 159)، والدرر (6/ 47).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لا لا أبوح" حيث كرر فيه كلمة: "لا" التي للنفي لأجل التأكيد، وهو من أقسام التأكيدات اللفظية في الحروف، وهو يكون في المفرد والجملة، والمفرد يكون اسمًا ويكون فعلًا ويكون حرفًا، فالاسم نحو: زيد زيد قائم، والفعل نحو: ضرب ضرب زيد، والحرف كما في البيت المذكور
(1)
.
* * *
(1)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 303)، وشرح الأشموني (3/ 84).
شواهد عطف البيان
(1)
الشاهد الخمسون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
أَقْسَمَ بِاللَّهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرْ
…
................................
أقول: قائله أعرابي قد أتى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه واستحمله، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد العلم في أوائل الكتاب
(4)
.
الاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "عمر" فإنه مرفوع وقع عطف بيان عن قوله: "أبو حفص" وأنه وقع متبوعه معرفة فأوضحه، وفيه أنه قدم الكنية على الاسم فافهم
(5)
.
(1)
في (أ، ب): شواهد العطف.
(2)
ابن الناظم (201)، وأوضح المسالك (3/ 347)، وشرح ابن عقيل (3/ 219)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(3)
البيت من بحر الرجز المشطور لأعرابي مجهول، وهو في ابن يعيش (3/ 71)، والتصريح (1/ 121)، وحاشية الصبان (1/ 129)، واللسان مادة:"نقب"، واللسان مادة:(نقب)، والخزانة (5/ 154، 156)، وشرح شذور الذهب (561)، ومعاهد التنصيص (1/ 279)، والمعجم المفصل في شرح شواهد النحو الشعرية (1156).
(4)
ينظر الشاهد رقم (85).
(5)
عطف البيان هو تابع جار مجرى النعت في ظهور المتبوع، وفي التوضيح والتخصيص جامد أو بمنزلة الجامد، ويوافق متبوعه في الأفراد وضديه، وفي التذكير والتأنيث، والتعريف والتنكير مثل: جاء أخوك زيد، ومثله البيت المذكور. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 325)، والارتشاف (2/ 605)، وشرح الأشموني (3/ 85، 86).
الشاهد الحادي والخمسون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
..............................
…
لَقَائِل يَا نَصْرُ نَصْرٌ نَصْرًا
أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج [كذا قال سيبويه، وقال الصغاني: وليس لرؤبة، ومع ذلك فيه تصحيف، والرواية:
............................
…
يَا نَضْرُ نَضْرٌ نَضْرًا
بالضاد المعجمة على ما يأتي الأن،
(3)
، وأوله
(4)
:
إني وَأَسْطَارٍ سُطِرنَ سَطْرًا
…
...............................
[وبعده:
بَلغَكَ اللهُ فبلغَ نَصْرًا
…
نَصْرَ بن سَيَّار يثبني وَقْرًا]
(5)
قوله: "وأسطار" بفتح الهمزة؛ جمع سطر، وهو الخط والكتابة، قوله:"يا نصر" أراد: نصر بن سيار أمير خرسان، وقال أبو عبيدة: أراد بنصر الثاني حاجب نصر بن سيار، وقال أبو الحجاج بن يسعون: رأيت في عرض كتاب أبي إسحاق الزجاج بخط يده وهو أصله الذي قرأ فيه على أبي العباس المبرد: نضرًا الذي هو الحاجب بالضاد المعجمة
(6)
.
الإعراب:
قوله: "إني" إن: حرف ينصب ويرفع كما قد عرف، والضمير المتصل به اسمه، وقوله:"لقائل" بالرفع خبره، واللام فيه للتأكيد، وقوله:"وأسطار" الواو فيه للقسم، وأسطار مجرورة بها، وسطرن: على صيغة المجهول صفة للأسطار، وسطرًا: مفعول مطلق، والجملة معترضة بين اسم إن وخبرها، قوله:"يا نصر": منادى مفرد معرفة مبني على الضم وهو مقول القول.
(1)
ابن الناظم (202)، والبيت موضعه لياض في (أ).
(2)
البيت من بحر الرجز المشطور، وهو من مقطوعة لرؤبة في ملحق ديوانه (174)، والكتاب لسيبويه (2/ 185، 186)، والمقتضب (4/ 174، 209)، والخصائص (1/ 340)، وابن يعيش (2/ 3)، والمغني (174، 388)، والخزانة (2/ 219).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وهو منقول من نسخة الخزانة.
(4)
ينظر شرح شواهد المغني (812)، والارتشاف (607)، ومجموع أشعار العرب (174).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وهو منقول من نسخة الخزانة.
(6)
ينظر: شرح شواهد المغني (812).
قوله: "نصر نصرًا" يروى برفع نصر الثاني ونصبه؛ فالرفع عطف بيان على اللفظ، والنصب عطف بيان على موضع: يا نصر.
قال أبو حيان: ولا يجوز أن يكون مرفوعًا على أنه خبر مبتدأ مضمر، ولا نصبه على إضمار فعل لأن هذا النوع من القطع إنما تكلمت به العرب إذا قصدت البيان أو المدح أو الذم أو الترحم، ونصر لا يفهم منه شيء من ذلك، فإن لم يكن الثاني من لفظ الأول ساغ القطع لما في ذلك من البيان، ولا يجوز أن يكون توكيدًا لفظيًّا، قيل: لتنوينه، والأول ليس كذلك
(1)
.
ورد بأن هذا القدر من الاختلاف مغتفر في التأكيد اللفظي، وقيل: للاختلاف في التعريف: فيا نصر قد عُرِّف بالإقبال عليه لا بالعلمية.
والثاني: تُعَرّف بالعلمية؛ فكما لا يجوز جعل الثاني في: جاء الغلام غلام زيد تأكيدًا لفظيًّا؛ لاختلافهما في التعريف فكذلك هذا، ولا يجوز أن يكون بدلًا لأنه منون، ولا نعتًا لأنه علم، ويجوز في نصر الثاني أن يكون مصدرًا، أي: انصرني نصرًا، وعلى ذلك خرجه الأصمعي، وجعل نصرًا الثالث: تأكيدًا لنصر الثاني.
وقال الجرمي: النصر: العطية، قاله أبو عبيدة: فيريد: يا نصر عطية عطية، ويرد هذا التأويل في نصر الثاني أنه روي بالرفع، وزعم أبو عبيدة أن نصر الثاني هو حاجب نصر بن سيار كما ذكرنا آنفًا، وأن الشاعر نصبه على الإغراء يريد: عليك نصرًا
(2)
، ويرد هذا القول رواية الرفع فيه، ويروى: نصر نصرًا ببناء الثاني على أن يكون بدلًا.
الاستشهاد فيه:
أن "نصرًا" الثاني من التوكيد اللفظي أتبع أولًا على اللفظ، وثانيًا على الموضع، وقال ابن الناظم: يجوز أن يكون نصرًا المنصوب مصدرًا بمعنى الدعاء كسقيًا ورعيًا
(3)
، وقال القواس
(4)
: نصر الأخير ليس فيه إلا النصب؛ لأن القافية كذلك، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه عطف بيان على المحل كالوصف.
والثاني: أنه منصوب على المصدر.
وأما نصر الثاني فروي مرفوعًا ومنصوبًا ومضمومًا بغير تنوين، أما الرفع فلأنه عطف بيان
(1)
انظر كلام أبي حيان في هذا الموضع في التذييل والتكميل (4)، (تابع المنادى).
(2)
شرح شواهد المغني (812).
(3)
ينظر شرح الألفية لابن الناظم (202).
(4)
سبقت ترجمته في الشاهد (386).
على اللفظ، ولذلك نونه، ولو كان بدلًا لامتنع تنوينه، وأما النصب فعلى الوجهين المذكورين في نصر الأخير، وأما الضم فيحمل على البدل أو التأكيد اللفظي، وأما نصر الأول فليس فيه إلا الضم لكونه علمًا
(1)
.
الشاهد الثاني والخمسون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
أَيَا أَخَوَيْنَا عَبدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلَا
…
أُعِيذُكمَا بِالله أَنْ تُحْدِثَا حَرْبَا
أقول: قائله هو طالب بن أبي طالب، وهو من قصيدة من الطويل يمدح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبكي أصحاب القليب من قريش، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
أَلَا إِنَّ عَينِيَ أَنْفَدَتْ دَمْعَهَا سكبًا
…
تَبكِي عَلَى كَعْبٍ ومَا إِنْ ترى كَعْبَا
2 -
أَلَا إنَّ كَعْبًا فيِ الحُرُوبِ تَخَاذَلُوا
…
وَأَرْدَاهُمُ ذَا الدَّهْرُ واجْتَرَحُوا ذَنْبَا
3 -
وعَايز تَبكِي لِلْمُلِمَّات غدْوَةً
…
فيا ليتَ شعري هَلْ أَرَى لَهُمَا قُرْبَى
4 -
هُمَا أَخَوَايَ كَي يَعُدَّا لغيةً
…
تُعَدُّ ولَا يُسْتَامُ جَارُهُمَا غَصْبَا
5 -
أيا أخوينَا عبدَ شَمْسٍ ......
…
......................... إلى آخره
6 -
ولَا تَصْبحُوا منْ بَعْدِ وُدٍّ وأُلْفَةٍ
…
أَحَادِيثَ فِيهَا كُلُّكُم يَشْتَكِي النَّكَبَا
7 -
ألم تَعْلَمُوا مَا كانَ في حربِ داحسِ
…
وجيشِ أبِي يَكسُومَ إذْ بلَغُوا الشعْبَا
8 -
فلولَا دِفَاعُ الله لَا شَيءَ غيرَهُ
…
لأصبحْتُمُ لَا تَمْنَعُونَ لَكُم سِرْبَا
9 -
فَمَا إِنْ جَنَينَا فيِ قُرَيْشٍ عَظِيمَةَ
…
سِوَى أَنْ حَمَينَا خيرَ من وَطِيء التُرْبَا
10 -
أَخَا ثِقَةٍ فيِ النَّائِبَاتِ مُرَزَّأً
…
كَرِيمًا ثنَاهُ لَا بَخِيلًا ولَا ذَرْبَا
11 -
يَطِيفُ بِهِ العَافُونَ يَغْشَوْنَ بَابَهُ
…
يؤمُّون نَهْرًا لَا نُزُورًا ولَا صَرْبَا
12 -
فوالله لَا تنفكُّ نفسي حَزِينَةً
…
تُمَلْمِلُ حتَّى تَصْدُقُوا الخَزْرَجَ الضَّرْبَا
2 -
قوله: "اجترحوا" أي: اكتسبوا.
(1)
ينظر الكتاب (2/ 186).
(2)
ابن الناظم (203)، وأوضح المسالك (3/ 350).
(3)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة لطالب بن أبي طالب، عم النبي صلى الله عليه وسلم سرد منها الشارح بعض أبياتها، وانظر الشاهد في الارتشاف (7/ 702)، وشرح الأشموني (3/ 87)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 12)، وشرح التصريح (2/ 132)، والدرر (6/ 26).
(4)
انظر بعض هذه الأبيات في الحماسة الشجرية (1/ 61)، تحقيق: عبد المعين الملوحي، دمشق، (1970 م).
7 -
قوله: "حرب داحس" بكسر الحاء المهملة، وهو اسم فرس مشهور لقيس بن زهير بن جذيمة العبسي، وذلك أن قيسًا وحذيفة بن بدر الذبياني تراهنا على خطر عشرين بعيرًا وجعلا الغاية مائة غلوة، والمضمار أربعين ليلة، والمجرى من ذات الإصاد، فأجرى قيس داحسًا والغبراء، وأجري حذيفة الخطار والحنفاء، فوضعت بنو فزارة رهط حذيفة كمينًا على الطريق فردوا الغبراء ولطموها وكانت سابقة؛ فهاجت الحرب بين عبس وذبيان أربعين سنة.
قوله: "أبي يكسوم"؛ ملك من ملوك الحبشة، وأصله من كسم بمعنى كسب، وأنشد
(1)
:
وحامل القدر أبي يكسوم
8 -
قوله: "سربا" بفتح السين المهملة وسكون الراء، وهو الإبل وما رعى من المال.
10 -
قوله: "ولا ذربا" بفتح الذال المعجمة وسكون الراء، أي: ولا متفحشًا في كلامه.
11 -
قوله: "العافون" أي: السائلون، قوله؛ "ولا صربا" بالصاد المهملة، أراد: ولا مانعًا شياهه عن العافين.
الإعراب:
قوله: "أيا": حرف من حروف النداء، و "أخوينا": منادى مضاف منصوب، قوله:"عبد شمسٍ" بالنصب عطف بيان من أخوينا، قوله:"ونوفلا" بالنصب عطف بيان عن قوله: "أخوينا" [قوله: "ونوفلا" عطف على عبد شمس.
قوله: "أعيذكما": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، و "بالله": يتعلق به، ويروى:"سألتكما بالله لا تحدثا حربًا"، قوله:"أن تحدثا" أي: من أن تحدثا، وأن مصدرية، والتقدير: أعيذكما باللَّه من إحداثكما الحرب، وقوله:"حربًا": مفعول: تحدثا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "عبد شمس ونوفلًا" فإنهما بالنصب عطف بيان عن قوله: "أخوينا]
(2)
، ولا يجوز هاهنا البدل؛ لأن أحد المتعاطفين مفرد، وهما منصوبان، والبدل المجموع لا أحدهما، فلا يمكن تقدير حرف النداء، وكلاهما تابع لمنصوب لما يلزم من نصب أحدهما، وهو المضاف وبناء المفرد على الضم، والرواية بنصبهما فافهم [وقال النيلي: وروي: عبد شمس ونوفل بالرفع
(1)
بيت من الرجز غير منسوب في مراجعه، وانظره في لسان العرب، وتاج العروس (كسم).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وهو منقول من نسخة الخزانة.
على إضمار مبتدأ]
(1)
،
(2)
.
الشاهد الثالث والخمسون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
أَنَا ابْنُ التَّارِكِ البَكْرِيِّ بِشْرٍ
…
عَلَيهِ الطَّيرُ تَرْقُبُهُ وُقُوعًا
أقول: قائله هو المرار الأسدي، وهو من الوافر.
وأراد ببشر هو بشر بن عمرو، وكان قد جُرح ولم يعرف جارحه، يقول: أنا [ابن]
(5)
الذي ترك بشرًا بحيث تنتظر الطيور أن تقع عليه إذا مات، وذلك لأن الطير لا تتناوله ما دام به رمق الإعراب:
قوله: "أنا": مبتدأ، و"ابن التارك": كلام إضافي خبره، و"التارك البكري": كلام إضافي إضافة لفطة، قوله:"بشر" بالجر عطف بيان للبكري، قوله:"الطير": مبتدأ، والجملة أعني قوله "ترقبه": خبره، وقد وقعت حالًا عن البكري، والعامل فيها هو اسم الفاعل، قوله:"عليه": يتعلم بقوله: "وقوعًا"، و"وقوعًا" نصب على التعليل؛ أي: ترقبه الطير لأجل وقوعها عليه
(6)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بشر" فإنَّه عطف بيان عن البكري، ولا يجوز أن يكون بدلًا عنه؛ لأنه لو كان بدلًا -والبدل في حكم تنحية المبدل- لكان التارك في التقدير داخلًا على بشر، ولا يجوز "التارك بشر"؛ كما لا يجوز: الضارب زيد.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وهو منقول من نسخة الخزانة.
(2)
كل ما حكم عليه بأنه عطف بيان صالح لأن يكون بدلًا إلا في موضعين: الأول: إذا كان التابع مفردًا معرفة معرف ومتبوعه منادى فإنه ينصب بعد منصوب نحو: يا أخانا زيدًا، وينصب ويرفع بعد مضموم نحو: يا غلام زيدًا، أو زيد ومنه بيت الشاهد، فهذا ونحوه عطف بيان، ولا يجوز أن يكون بدلًا؛ إذ لو جعل بدلًا تعين بناؤه على الضم لأن البدل على نية تكرار العامل فيلزم تقدير حرف النداء معه بخلاف عطف البيان. الثاني: إذا كان التابع مجرورًا بإضافة صفة مقرونة بأل إليه وهو غير صالح لإضافتها إليه كالشاهد الآتي رقم (853)، ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 326 - 327)، والارتشاف (2/ 606)، وتوضيح المقاصد (3/ 186، 187)، وشرح الأشموني (3/ 87).
(3)
ابن الناظم (203)، وتوضيح المقاصد (3/ 187)، وأوضح المسالك (3/ 351)، وشرح ابن عقيل (3/ 222).
(4)
البيت من بحر الوافر، وقائله كما ذكر في الشرح لمرار الأسدي (جاهلي) وانظره في الكتاب لسيبويه (1/ 182) وابن يعيش (3/ 72، 73)، وشرح الأشموني (3/ 87)، وشرح عمدة الحافظ (554، 597)، والمقرب (1/ 248) وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 122)، والخزانة (4/ 225، 283).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(6)
هذا الإعراب ليس بصحيح، وإنما الصحيح أن الطير مبتدأ، وعليه خبره المقدم، وجملة ترقبه حال من البكري.
فإن قيل: ليس حكم التابع كحكم الأصل، فإنهم اتفقوا على جواز: كل شاة وسخلتها بدرهم، وعلى جواز: رب رجل وغلامه، مع أنهم اتفقوا على امتناع: كل سخلتها، ورب غلامه، فلا يلزم من امتناع التارك بشر تصريحًا امتناع التارك بشرًا تقديرًا.
قلت: البدل في حكم تكرير العامل في جميع المواضع بخلاف المعطوف، فإنه وإن كان في بعض المواضع في حكم التكرير، كما في: ما زيد وعمرو، بالضم؛ فليس في كل المواضع في حكم التكرير، فلا يلزم من جواز تابع ليس في حكم التكرير لعامله جواز تابع في حكم تكرير العامل
(1)
.
* * *
(1)
ينظر الشاهد رقم (852).
شواهد عطف النسق
الشاهد الرابع والخمسون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
أَيْنَ المَفَرُّ وَالإِلَهُ الطَّالِبُ
…
والأشْرَمُ المَغلُوبُ لَيسَ الغالِبُ
أقول: قائله هو نفيل بن حبيب، وأصل ذلك أن أبرهة لما أجمع على هدم البيت وتهيأ لدخول مكة -شرفها الله تعالى- وهيأ فيلة وعبأ جيشه، أقبل نفيل بن حبيب حتى قام إلى جنب الفيل ثم أخذ بأذنه، فقال له: ابرك محمودًا، وكان اسمه محمودًا، فإنك في بلد الله الحرام فبرك، فكلما عالجوه لم يقم، فوجهوه إلى اليمن فقام يهرول، ثم أرسل اللَّه عليهم طيرًا، فخرجوا هاربين ويسألون من نفيل بن حبيب الطريق، فقال نفيل حين رأى ما نزل بهم من نقمته:
أَيْنَ المَفَرُّ ...............
…
...................... إلى آخره
قوله: "والأشرم" هو لقب أبرهة، والأشرم في اللغة: المشقوق الأنف، ومنه قيل لأبرهة الأشرم.
الإعراب:
قوله: "أَيْنَ المفَرُّ": جملة اسمية من المبتدأ والخبر
(3)
، قوله:"والإله الطالب" جملة اسمية -أيضًا- وقعت حالًا، وكذلك قوله:"والأشرم المغلوب": جملة اسمية وقعت حالًا.
(1)
ابن الناظم (204).
(2)
البيتان من بحر الرجز، قائلهما نفيل بن حبيب، أحد الذين شهدوا عذاب الله وهو ينزل على أبرهة وجنده، وقد جاءوا لهدم الكعبة، وانظر بيت الشاهد في شرح الكافية الشافية لابن مالك (1433)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 346)، والجنى الداني (498)، والمغني (296)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 138)، والدرر (6/ 146)، وشرح شواهد المغني (705).
(3)
الصحيح أن أين خبر مقدم، والمفر مبتدأ مؤخر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ليس الغالب" فإن الكوفيين والبغداديين احتجوا بأن: "ليس" تجيء عاطفة بمنزلة "لا"، والتقدير: لا الغالب
(1)
، وأجيب عن ذلك بأن قوله:"الغالب" اسم ليس، والخبر محذوف تقديره: ليس الغالب إياه
(2)
.
وقال ابن مالك: وهو في الأصل ضمير متصل عائد على الأشرم؛ أي: ليسه الغالب؛ كقولك: الصديق كأنه زيد، ثم تحذف فتقول: الصديق كان زيد
(3)
، ومقتضى كلامه: أنه لولا تقديره متصلًا لم يجز حذفه، وفيه نظر فافهم
(4)
.
(1)
أجاز الكوفيون في "لي" أن تكون من حروف العطف نحو: قام زيد ليس عمرو، حكى هذا عنهم النحاس وابن بابشاذ، كما حكاه ابن عصفور عن البغداديين، واحتجوا في ذلك بقول الصديق أبي بكر رضي الله عنه:"بأبي شبيه بالنبي لا شبيه بعلي" كما احتجوا أيضًا برجز قاله نفيل بن حبيب. قال ابن مالك: "وأجاز الكوفيون استعمال (ليس) حرفًا عاطفًا فيقولون: قام زيد ليس عمرو؛ كما يقال: قام زيد لاعمرو، ومن أجودها ما يحتج لهم به قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه: (بأبي شيبه بالنبي لا شيبه بعلي)، ومما يحتج لهم به أيضًا قول الراجز: (البيت)، كما يقال: والأشرم المغلوب لا الغالب". شرح التسهيل لابن مالك (3/ 346)، وقال ابن عصفور: "وزاد البغداديون في حروف العطف (ليس) واستدلوا على ذلك بقوله:
وإذَا وُلِّيتَ قَرْضًا فَاجْزِهِ
…
إِنمَا يَجْزِي الفَتَى ليس الجَمَلْ
فالجمل عنده معطوف على الفتى بـ (ليس) كأنه قال: "الجمل". شرح جمل الزجاجي الكبير لابن عصفور (1/ 225)، وينظر ارتشاف الضرب (2/ 630، 631).
(2)
قال أبو حيان: "والعطف بليس عند البصريين خطأ، وقال ابن كيسان: قال الكسائي هي على بابها ترفع اسمًا وتنصب خبرًا وأجريت في النسق مجرى (لا) مضمرًا اسمها، فإذا قلت: رأيت زيدًا ليس عمرًا ففيها اسم مجهول وهو الأمر، ورأيت محذوفًا اكتفاء بالتي تقدمها، وعمرو محمول على المحذوف لا على العطف على ما قبله. قال ابن كيسان: وهذا الذي أذهب إليه، لأن ليس فعل، ولابد للفعل من اسم، فإذا عملت في اسم فلا بد من خبر، والخبر حذفه جائز. انتهى. وفي الحقيقة: ليست (ليس) عندهم أداة عطف؛ لأنهم أضمروا الخبر في قولهما: قام زيد ليس عمرو، وفي النصب والجر جعلوا الاسم ضمير المجهول وأضمروا الفعل بعدها، وذلك الفعل المضمر في موضع خبر ليس، هذا تحرير مذهبهم فليس لعطف مفرد على مفرد ما يفهم من كلام ابن عصفور وابن مالك وهشام وابن كيسان أعرف بتقدير مذهب الكوفيين منهما" ارتشاف الضرب (2/ 631).
(3)
شرح التسهيل لابن مالك (3/ 346)، وينظر شرح الكافية الشافية (1433)، والمغني (296)، والارتشاف (2/ 631).
(4)
ينظر المغني (296).
الشاهد الخامس والخمسون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
فَأَطعَمَنَا مِنْ لَحْمِهَا وسَنَامِهَا
…
شوَاءً وَخَيْرِ الخير مَا كَانَ عَاجِلُه
أقول: لم أقف على اسم قائله، وبعده:
2 -
طَعَامَين لا أَسطِيعُ بُخلًا عَلَيهِمَا
…
جَني النَّحْلِ والعَصُوبُ تَغْلِي مَرَاجلُه
وهما من الطويل.
قوله: "والعَصُوبُ" بفتح العين وضم الصاد المهملتين وفي آخره باء موحدة، يقال: ناقة عصوب لا تدر حتى تعصب، و"المراجل": جمع مرجل بكسر الميم وهو القدر من نحاس.
الإعراب:
قوله: "أطعمنا" الفاء للعطف إن تقدمه [شيء]
(3)
، "وأطعمنا": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه والمفعول وهو الضمير المتصل به، وقوله:"من لحمها": متعلق بأطعم؛ أي: من لحم الناقة، و"سنامها": عطف عليه، قوله:"شواء" بالنصب مفعول ثان لأطعمنا، قوله؛ "وخير الخير": كلام إضافي مبتدأ، وخبره قوله:"ما كان عاجله".
والاستشهاد فيه:
[في قوله: "ما كان عاجله"]
(4)
لأن التقدير: ما كأنه عاجله؛ فالهاء خبر كان، وعاجله اسمها، ذكر هذا استشهادًا لحذف الضمير في قوله:"ليس الغالب" في البيت السابق؛ إذ التقدير: ليسه الغالب كما ذكرنا، وقيل: يجوز أن تكون كان زائدة، ويكون التقدير: خير الخير هو عاجل الخير. فافهم
(5)
.
(1)
ابن الناظم (204).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو في المدح بالكرم، لقائل مجهول، وانظره في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 346).
(3)
ما بين المعقوفين بياض في (أ).
(4)
ما بين المعقوفين زيادة لبيان موطن الشاهد.
(5)
ينظر الشاهد (754)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 347).
الشاهد السادس والخمسون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
أَغْلي السِّبَاءَ بِكُلّ أَدْكَنَ عَاتقٍ
…
أَوْ جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتَامُهَا
أقول: قائله هو لبيد بن ربيعة العامري، وهو من قصيدة طويلة من الطويل، وأولها هو قوله
(3)
:
1 -
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحلهَا فَمُقَامُهَا
…
بمنًى تَأَبَّدَ غولُهَا فرِجَامُهَا
إلى أن قال:
2 -
قَدْ بِتُّ سَامرُهَا وَغَايَةُ تَاجِرٍ
…
عَاليت إِذْ رَفَعَتْ وعزَّ مُدَامُهَا
3 -
أَغلَى السِّبَاءَ .............
…
..................... إلى آخره
قوله: "عفت": دريست، من عفا يعفو عفوًا وعفاء، قوله:"محلها": حيث حلوا ونزلوا، و"المقام": حيث أقاموا، قوله:"بمنى" قال الأصمعي؛ منى: موضع ببلاد قيس قريب من طخفة في الشق الأيسر وأنت مصعد إلى مكة، وصرفه، لأنه ذكر، وكذلك منى الحرم مصروف، قوله:"تأبد" أي: توحش، و "الغول" بضم الغين المعجمة؛ مكان، وكذلك الرجام مكان وهو بكسر الراء وبالجيم، قوله:"وغاية تاجر" يقول: راية ينصبها التاجر صاحب الخمر ليشهر نفسه بها ويعرف.
قوله: "إذ رفعت" يعني الغاية، قوله:"عز مدامها" يعني: غلا الخمر، قوله:"أغلى السباء" أي: اشتري الخمر بالغلاء، والسباء بكسر السين المهملة؛ شراء الخمر؛ من سبأت الخمر سبأ وسباء ومسبأ إذا اشتريتها لتشربها، واستبأتها مثله، ولا يقال
(4)
ذلك إلا في الخمر خاصة والاسم: السباء على وزن فعال بكسر الفاء، ويسمون الخمار: سبّاء بتشديد الباء، وأما إذا اشتريتها لتحملها إلى بلد آخر قلت: سبيت الخمر بلا همز، و"الأدكن": زق قد صلح وجاد في لونه ورائحته لعتقه، قوله:"عاتق" أي: عتيق.
قوله: "أو جونة" بفتح الجيم وسكون الواو وفتح النون، وهي الخابية المطلية بالقار، قوله:
(1)
ابن الناظم (204).
(2)
البيت من بحر الكامل، وهو من معلقة لبيد بن ربيعة العامري المشهورة التي تمتلئ بالغريب من الألفاظ، وهو يتحدث فيها عن الصحراء وما فيها من حيوانات أنيسة أو وحشية، وانظر بيت الشاهد في أسرار العربية (303)، والخزانة (3/ 105، 3/ 11)، وسر الصناعة (2632)، وابن يعيش (8/ 92)، واللسان:"قدح، وعتق"، ورصف المباني (411).
(3)
ينظر ديوان لبيد بن ربيعة العامري (175) ط. دار صادر بيروت.
(4)
في (أ): يقول.
"قدحت" بالقاف؛ أي: غرف ما فيها، ومنه المقدحة وهي المغرفة، قوله:"وفض" بالفاء المضمومة؛ أي: كسر خاتمها وهو الطين الذي على رأسها.
وحاصل المعنى: أشتري الخمر للندماء غالية من كل زق أدكن وخابية سوداء قد فض ختامها وأغترف الخمر منها.
الإعراب:
قوله: "أغلي": جملة من الفعل والفاعل، و "السباء" بالنصب مفعوله، والباء في "بكل" تتعلق بقوله:"أغلي"، ولكن الباء بمعنى من؛ أي: من كل أدكن؛ كذا قيل
(1)
، وفيه نظر.
والصواب: أن تكون الباء بمعنى في، ويكون متعلقها محذوفًا، والجملة محلها النصب على الحال، والتقدير: السباء حال كونها في كل أدكن، "وأدكن": مجرور في التقدير بالإضافة، وإنما منع الجر لامتناعه من الصرف للعلمية ووزن الفعل، وقوله:"عاتق" بالجر صفة "أدكن"، قوله:"أو جونة"[بالجر]
(2)
عطف عليه، قوله:"قدحت" على صيغة المجهول صفة جونة وفُضَّ على صيغة المجهول أيضًا، و "ختامها": مفعول ناب عن الفاعل، والجملة عطف على قدحت.
الاستشهاد فيه:
[في قوله: "وفض ختامها" حيث]
(3)
أن الواو لا تدل على الترتيب؛ وذلك لأن فض الخاتم سابق على القدح، فإن ختامها يفض ثم يقدح، وهذا مذهب جمهور العلماء من النحاة وغيرهم، وقد قيل: إنها تجيء للترتيب، وليس بصحيح، وقد نسب هذا القول إلى الفراء، وليس بصحيح -أيضًا-
(4)
.
(1)
تأتي الباء بمعنى من أحيانًا كقول الله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} أي: منها، وأثبت هذا المعنى الكوفيون والأصمعي والفارصي والقتبي وابن مالك، ولكن هذا المعنى في البيت المذكور لا يتناسب، والأفضل أن تكون بمعنى: في هنا وهو الظرفية كقول الله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} أي: في بدر أو حالة كونكم في بدر. ينظر المغني (104، 105) والجنى الداني (43).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
ما بين المعقوفين زيادة لبيان موضع الشاهد.
(4)
اختلف النحويون في معنى الواو هل تفيد الترتيب أو لا، على رأيين، الكوفيون على أنها تفيد الترتيب، واحتجوا بالفصيح من كتاب الله. قال المالقي:"وعند الكوفيين أنها تعطي الترتيب كالفاء عند البصريين، واحتجوا بقوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالهَا} وبقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} ومعلوم أن إخراج الأثقال إنما هو بعد الزلزال، والسجود في الشرع لا يكون إلا بعد الركوع". رصف المباني للمالقي (411)، وينظر: شرح الكافية للرضي (2/ 364)، ونسبه للكسائي في همع الهوامع (2/ 129)، والمغني (2/ 31). وأما البصريون فقالوا: إن الواو ليست للترتيب بل هي لمطق الجمع، واحتجوا بوجوه: أن الواو في =
الشاهد السابع والخمسون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّى بِجَوْزِهِ
…
وَأَردَفَ أَعْجَازًا ونَاءَ بِكَلْكَلِ
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وهو من قصيدته المشهورة التي أولها:
(3)
قِفَا نَبْكِ .... إلى آخره.
وقد ذكرنا غالبها فيما مضى، قوله:"بجوزه" أي: بوسطه، وجوز كل شيء: وسطه، ويروى:(لما تمطى بصلبه).
و"الأعجاز" بفتح الهمزة؛ جمع عجز، والمراد بالأعجاز هاهنا العجز؛ ذكر الجمع وأراد الواحد، قوله:"وناء" بالنون، يقال: ناء ينوء ثوءًا إذا نهض بجهد ومشقة، وناء بمعنى سقط -أيضًا- وهو من الأضداد، و"الكلكل": الصدر.
[الإعراب]
(4)
:
قوله: "فقلت" الفاء للعطف، و"قلت": جملة من الفعل والفاعل، و "له": يتعلق به، والضمير فيه يرجع إلى المذكور في البيت السابق، وهو قوله:
وَلَيلٍ كَمَوْجِ البَحْر أَرْخى سدوله
…
عَلَيَّ بِأَنْوَاعِ الهُمُومِ لِيَبتَلِي
= عطف نظير التثنية والجمع إذا اختلفت الأسماء احتيج إلى الواو، وإذا اتفقت جرت على التثنية والجمع، تقول: جاءني زيد وعمرو لتعذر التثنية، فإذا اتفقت قلت: جاءني الزيدان والعمران، ثانيًا: أنها تستعمل في مواضع لا يسوغ فيها الترتيب نحو: اختصم زيد وعمرو، وتقاتل بكر وخالد، فالترتيب هنا ممتنع؛ لأن الحصام والقتال لا يكون من واحد، ولذلك لا يقع هاهنا من حروف العطف إلا الواو. ثالثًا: مما يدل على أنها للجمع المطلق من غير ترتيب قولك: جاءني زيد وعمرو بعده، فلو كانت للترتيب لكان قولك: بعده تكريرًا، ولكان إذا قلت: جاءني زيد اليوم وعمرو أمس متناقضًا؛ لأن الواو قد دلت على خلاف ما دلت عليه أمس؛ من قبل أن الواو تفيد ترتيب الثاني بعد الأول، وأمس تدل على تقدمه، ومن ذلك قوله تعالى في البقرة:{وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} وفي الأعراف: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} . ابن يعيش (7/ 91 - 93).
وقال الفراء: "فأما الواو فإن شئت جعلت الآخر هو الأول والأول الآخر، فإذا قلت: زرت عبد الله وزيدًا، فأيهما شئت كان هو المبتدأ بالزيارة". معاني القرآن للفراء (1/ 396). وينظر المغني حاشية الأمير (2/ 31)، وبلوغ الأرب في الواو في لغة العرب (227)، ونتائج الفكر للسهيلي (208 - 215).
(1)
ابن الناظم (205).
(2)
البيت من بحر الطويل، من معلقة امرئ القيس المشهورة التي كثرت منها الشواهد النحوية، وبيت الشاهد في اللسان:"كلل" وهو في الديوان (18)، ط. دار المعارف، و (117) ط. دار الكتب.
(3)
الديوان (110).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
ومقول القول هو البيت الثاني وهو قوله:
أَلَا أَيُّهَا الليلُ الطويلُ ألَا انْجَلِي
…
بِصُبحٍ وَمَا الإِصْبَاحُ مِنْكِ بِأَمْثَلِ
و"لما" بمعنى حين، و"تمطى": جملة من الفعل والفاعل، و "بجوزه": يتعلق به، قوله:"وأردف": عطف على تمطى، و"أعجازًا": مفعوله، تقديره وأردف أعجازه؛ أي: أواخره، قوله:"وناء بكلكل": عطف على ما قبله.
الاستشهاد فيه:
مثل ما قبله، وهو أن الواو لا تدل على الترتيب لأن البعير ينهض بكلكله أولًا، ثم بعجزه، ثم بجوزه وهو وسطه
(1)
.
الشاهد الثامن والخمسون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
حَتَّى إذا رَجَبٌ تَوَلَّى وَانْقَضَى
…
وجُمَادِيَانِ وَجَاءَ شَهْرٌ مُقْبِلٌ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الكامل.
قوله: "تولى" أي: أدبر، قوله:"وجماديان" بضم الجيم؛ تثنية جمادى الأولى وجمادى الآخرة، قال الفراء: الشهور كلها مذكرات إلا جماديين فإنهما مؤنثان، ويقال: هذا شهر كذا وشهر كذا، وهذه جمادى الأولى وجمادى الآخرة، فإن سمعت تذكير جمادى فإنما يذهب به إلى الشهر ويترك اللفظ، والجمع جماديات على القياس
(4)
.
ولو قيل: جماد لكان قياسًا مثل: كسالَى وكسالٍ، وإنما سميت جمادى لجمود الماء فيها، قلتُ: هذا باعتبار ما وقع في حال التسمية؛ فإنه صادق وقت جمود الماء، وإلا فقد يكون جمادى في شهور الصيف.
(1)
ينظر الشاهد رقم (856).
(2)
ابن الناظم (205).
(3)
البيت من بحر الكامل، ذكر الشارح أنه لم يقف على قائله، وهو منسوب لأبي العيال الهذلي في الدرر (1/ 125)، وشرح أشعار الهذليين (1/ 434)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 349)، وجواهر الأدب (171)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 42).
(4)
قال الفراء: "الشهور كلها مذكرة إلا جماديين فإنهما أنثيان، قال الشاعر:
إذا جمادى منعتْ قَطرَهَا
…
زانَ جَنَابي عَطَنٌ مُعْصِفُ
فإذا سمعتها في شعر مذكرة فإنما يذهب به إلى الشهر ويترك لفظها". ينظر المذكر والمؤنث للفراء (94).
الإعراب:
قوله: "حتى إذا رجب" حتى هذه جارة عند ابن مالك
(1)
، وإذا في موضع الجر بها وهو
(2)
قول الأخفش وغيره
(3)
.
وعند الجمهور: حتى في مثل هذه المواضع [حرف
(4)
ابتداء]
(5)
، و"إذا": في موضع نصب بشرطها أو جوابها، و "رجب": مرفوع بفعل محذوف يفسره الظاهر تقديره: حتى إذا تولى رجب، قوله:"وانقضى": جملة من الفعل والفاعل، عطفى على "تولى"، قوله:"وجماديان": عطف على رجب ولكن فيه تقديم وتأخير في المعنى؛ لأن رجب بعد الجماديين لا قبلهما.
قوله: "وجاء شهر": جملة من الفعل والفاعل عطف على ما قبلها، و"مقبل": صفة للشهر، وأراد به شهر شعبان أو شهر رمضان، وجواب إذا محذوف أو مذكور في البيت الثاني إن كان له شفع، ويقدر الجواب بحسب ما يليق بالمقام، وهو ظاهر لا يخفى.
الاستشهاد فيه:
[في قوله: "وجماديان]
(6)
مثل ما قبله وهو أن الواو لا تدل على الترتيب؛ لأن "رجب" بعد جماديين كما ذكرنا لا قبلهما
(7)
.
الشاهد التاسع والخمسون بعد الثمانمائة
(8)
،
(9)
............................
…
بِسِقْطِ اللّوَى بَينَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
أقول: قائله هو امرؤ القيس حجر الكندي، وصدره
(10)
:
قِفَا نَبكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنزِلِ
…
.............................
(1)
شرح التسهيل لابن مالك (4/ 87)، وينظر الكتاب (3/ 66).
(2)
في (أ): وهذا.
(3)
ينظر الجنى الداني للمرادي (371، 372).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وهو زيادة في نسخة الخزانة.
(5)
قال ابن هشام: "زعم أبو الحسن في حتى إذا جاؤوها أن إذا جر بحتى"، المغني (94).
(6)
ما بين المعقوفين زيادة لبيان موضع الشاهد.
(7)
ينظر الشاهد رقم (856)، ورقم (857).
(8)
ابن الناظم (205)، وأوضح المسالك (3/ 359).
(9)
البيت من بحر الطويل، وهو مطلع قصيدة امرئ لقيس المشهورة، وهي في الديوان (8)، ط. دار المعارف، والديوان (59)، طبعة دار صادر، وينظر الشاهد في الكتاب لسيبويه (4/ 205)، والمغني (161، 162)، والمنصف (1/ 224)، والجنى الداني (63، 64)، والخزانة (1/ 332)، (3/ 224)، وشرح شواهد المغني (463).
(10)
الديوان (110)، طبعة. دار الكتب العلمية.
وهو أول قصيدته المشهورة، قوله:"بسقط اللوى" بكسر السين المهملة ولممكون القاف، وهو ما تساقط من الرمل، و "اللوى" بكسر اللام؛ منقطع الرمل من حيفا يرقّ، و "الدخول وحومل": موضعان من منازل بني كلاب، وقال الكلابي: الدخول: ماء لعمرو لن كلاب فيه أبنية
(1)
.
الإعراب:
قوله: "قفا": خطاب للواحد بصيغة التثنية للتأكيد، كأنه قال: قف قف، وذلك كما في قوله تعالى:{أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [ق: 24] فإنه خطاب لمالك خازن النار، والمعنى: ألق ألق، وقد قيل: إنه خطاب لصاحبيه الاثنين، وكذا الخطاب في قوله: ألقيا للملكين.
قوله: "نبك": مجزوم لأنه جواب الأمر، قوله:"من ذكرى": يتعلق بقوله: "نبك"، وهو مصدر ذكر يذكر، أضيف إلى حبيب، و "منزل": عطف عليه، والباء في "اللوى" ظرف، أي: في سقط اللوى، و "بين": نصب على الظرف أضيف إلى الدخول، وقوله:"فحومل": عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
[في قوله: "فحومل"]
(2)
من حيث أنه أناب الفاء مناب الواو، والمعنى: بين الدخول وحومل، إذ لا يجوز أن يقال: زيد بين عمرو فخالد، بالفاء لأن بين إنما تقع معهما الواو؛ لأنك إذا قلت: المال بين زيد وعمرو فقد احتويا عليه، فهذا موضع الواو لأنها للاجتماع، وإن جئت بالفاء وقع التفريق فلم يجز، وعلى هذا كان الأصمعي يرويه: بين الدخول وحومل بالواو
(3)
.
وقال النحاس في شرحه: أما الاحتجاج لمن رواه بالفاء، فلأن هذا ليس كقولك: المال بين زيد وعمرو، لأن الدخول موضع يشتمل على مواضع، فلو قلت: عبد الله بين الدخول، تريد مواضع الدخول لتم الكلام؛ كما تقول: دربنا بين مصر تريد: بين أهل مصر، فعلى هذا قوله:"بين الدخول فحومل" أراد: بين مواضع الدخول وبين مواضع حومل، ولم يرد موضعًا بين الدخول وحومل. فافهم
(4)
.
(1)
ينظر معجم البلدان (2/ 373، 507).
(2)
ما بين المعقوفين زيادة لبيان موطن الشاهد.
(3)
ينظر المغني (162، 356)، وقد رد ابن هشام رواية الأصمعي بقوله:"وأجيب بأن التقدير: بين مواضع الدخول فمواضع حومل؛ كما يجوز: جلست بين العلماء فالزهاد".
(4)
تأتي الفاء بمعنى الواو أحيانًا وهو الترتيب، والترتيب هنا عطف لمجرد المشاركة في الحكم، وسمي هذا ترتيبًا في اللفظ وأن المراد وقوع الفعل بتلك المواضع وترتيب اللفظ واحدًا بعد الآخر بالفاء ترتيبًا لفظيًّا، وذهب بعض البغداديين أن الأصل ما بين فحذف ما دون بين، وقيل: الفاء نائبة عن إلى، قال ابن هشام بعد أن ذكر الرأي السابق: ويحتاج =
الشاهد الستون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
كَهَزِّ الرُّدَيْنِيُّ تَحْتَ العَجَاجِ
…
جَرَى فِي الأَنَابِيبِ ثُمَّ اضْطَرَبْ
أقول: قائله هو أبو دؤاد جارية بن الحجاج، وهو من قصيدة بائية من المتقارب، وأولها هو قوله
(3)
:
1 -
وَقَدْ أَغْتَدِي فيِ بَيَاضِ الصَّبَاحِ
…
وَأَعْجَازُ ليلٍ مُوَلَّى الذَّنَبْ
2 -
بِطِرْفٍ يُنَازِعُنِي مَرِسِنًا
…
سَلُوفِ المقَادَةِ مَحْضِ النَّسَبْ
3 -
غَدَوْنَا نُرِيدُ بِهِ الآبِدَاتِ
…
تُؤَيِّيهِ بَينِ هَالٍ وهَبْ
1 -
قوله: "أعجاز ليل": أواخره، و "الذنب" -أيضًا- آخره.
2 -
قوله: "بطرف" بكسر الطاء وسكون الراء المهملتين وفي آخره فاء، وهو الفرس الكريم، قوله:"سلوف المقادة" أي: متقدم طويل العنق،:"محض النسب" أي: خالص النسب لم يقارف الهجنة.
و"المرسن" بفتح الميم وسكون الراء وكسر السين؛ هو الأنف، وإنما قال: ينازعني مرسنًا؛ لأن الحبل ونحوه يقع على مرسنه، قوله:"كهز الرديني" أي: كهز الرمح الرديني، قال الجوهري: القناة الردينية والرمح الرديني زعموا أنه منسوب إلى امرأة سمهر تسمى ردينة، وكانا يقومان القنا بخط هجر
(4)
.
و"العجاج" بفتح العين وتخفيف الجيم؛ هو الغبار، و "الأنابيب": جمع أنبوبة وهي ما بين كل عقدتين من القصب، والأنبوبات -أيضًا- جمع.
3 -
و: "الآبدات": المتوحشات، "تؤييه": من التأييه وهو الدعاء، وقال أبو عبيدة:
= القول إلى أن يقال: وصحت إضافة "بين" إلى الدخول لاشتماله على مواضع أو لأن التقدير: بين مواضع لدخول وكون الفاء للغاية بمعنى إلى غريب". المغني (162)، وينظر الجنى الداني (64).
(1)
ابن الناظم (206)، وتوضيح المقاصد (3/ 197)، وأوضح المسالك (3/ 363).
(2)
البيت من بحر المتقارب نسب لأبي دؤاد، كما هنا، كما نسب إلى حميد بن ثور، وانظره في الجنى الداني (427)، والارتشاف (2/ 638)، والمغني (119)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 131)، والدرر (6/ 96)، وشرح التصريح (2/ 140)، وشرح شواهد المغني (358).
(3)
ينظر بعض هذه الأبيات في شرح شواهد المغني (358، 359)، وانظر القصيدة في ديوان حميد بن ثور (16) تحقيق: محمد يوسف نجم، ط. دار صادر، بيروت.
(4)
الصحاح مادة: "ردن".
التأييه أن تقول: آه ولا يدعى بها إلا ما بعد منهن، قوله:"هال": يستعمل في موضع نهي وإيعاد، ويجيء في موضع زجر، "وهب": تسكين، ويجيء في موضع زجر.
الإعراب:
قوله: "كهز الرديني" الكاف للتشبيه، والهز مصدر بمعنى الاهتزاز، والمعنى: كاهتزاز الرديني، فالمصدر مضاف إلى فاعله، وموضعها الرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف تقديره: هز الطرف تحتي كهز الرديني، واهتزازه كناية عن سرعة حركته وشدة جريه، وقوله:"تحت العجاج": كلام إضافي نصب على الظرف والعامل فيه المصدر.
قوله: "جرى": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الراجع إلى الهز، و "في الأنابيب": يتعلق به، والمعنى: جرى اهتزازه في أنابيبه، قوله. "ثم اضطرب" أي: فاضطرب.
الاستشهاد فيه:
وهو أن ثم في موضع الفاء، فإن الهز إذا جرى في الأنابيب اضطرب الرمح ولم يتراخ ذلك، وقال ابن مالك: عطف بثم عطف مفصل على مجمل؛ لأن جريان الهز في الأنابيب هو اضطراب المهزوز، ولكن في الاضطراب تفصيل، وفي الهز إجمال
(1)
.
الشاهد الحادي والستون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
أَلْقَى الصَّحِيفَةَ كَيْ يُخَفِّفَ
…
رَحْلَهُ وَالزادَ حَتَّى نَعْلَهُ أَلْقَاهَا
أقول: هذا البيت نسبه الناس إلى المتلمس، ولم يقع في ديوان شعره، وإنما هو لأبي مروان النحوي، قاله في قصة المتلصر حين فرَّ من عمرو بن هند، حكى ذلك الأخفش عن عيسى بن عمر فيما ذكره أبو علي الفارسي، وكان قد هجا عمرو بن هند، وهجاه -أيضًا- طرفة
(1)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 355)، ووقوع ثم موقع الفاء استشهد به ابن مالك لهذا المعنى بقوله تعالى:{وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} [الأنعام: 153، 154]، وبالبيت المذكور، ينظر المغني (162).
(2)
ابن الناظم (206)، وتوضيح المقاصد (3/ 201)، وأوضح المسالك (3/ 365).
(3)
البيت من بحر الكامل، وليس في ديوان المتلمس، ولا في ديوان أبي مروان النحوي، وانظره في الكتاب لسيبويه (1/ 97)، وأسرار العربية (269)، والجنى الداني (547، 553)، والخزانة (9/ 472)، ورصف المباني (182)، وابن يعيش (8/ 19)، والمغني (124، 130)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 24، 36)، وشرح شواهد المغني (370)، والخزانة (3/ 21، 42)، والدرر (4/ 113)، وشرح التصريح (2/ 141).
فقُتل طرفة وفر المتلمس، وبعد البيت المذكور
(1)
:
2 -
وَمَضَى يَظُنُّ بَرِيدَ عَمْرو خَلْفَهُ
…
خوفًا وفارقَ أرضَهُ وقَلَاهَا
وهما من الكامل.
قوله: "ألقى الصحيفة" أراد بها الكتاب، يعني أنه ألقاها في النهر وبالغ في الإلقاء بإلقاء الزاد والنعل ليخفف عن راحلته وينجو من عدوه المخاطب بقتله، ويروى: الحقيبة، وهي ما تأخر من مؤخر الرحل، ويروى: الحشية وهي البرذعة المحشوة، والرحل للناقة كالسرج للفرس.
الإعراب:
قوله: "ألقى": فعل ماض من الإلقاء وفاعله الضمير الذي استتر فيه الذي يرجع إلى المتلمس، قوله:"كي" للتعليل، و "أن" مضمرة، و"يخفف": منصوب بها، وهي جملة من الفعل والفاعل، و"رحله": كلام إضافي مفعوله، قوله:"والزاد" بالنصب عطف على رحله.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "حتى نعله ألقاها" وذلك لأن المعطوف بحتى لا يكون إلا بعضًا وغاية للمعطوف عليه، والنعل ليس بعض الزاد بل بينهما مباينة، ولكنه مؤول، وتقديره: ألقى ما يثقله حتى نعله
(2)
.
ويجوز في "نعله" ثلاثة أوجه:
النصب على العطف بالتأويل المذكور.
والرفع على الابتداء، وألقاها خبره، وتكون حتى حرف ابتداء ابتدأت بعدها الجملة.
والجر على أن تكون حتى جارة بمنزلة إلى، فإن قيل: الشرط فيه أن تكون قرينة تقتضي دخول ما بعدها فيما قبلها وهاهنا ليس كذلك، قلتُ: قد مر الجواب عن هذا بأنه مؤول فافهم
(3)
.
(1)
ينظر شرح شواهد المعني (371).
(2)
اشترط النحويون للعطف بحتى شروطًا: أن يكون المعطوف بها بعض ما قبلها أو كبعضه مثل: قدم الحجاج حتى المشاة، وأكلت السمكة حتى رأسها، ومنه البيت المذكور لأن المعنى: ألقى ما يثقله حتى نعله، وإن كان النعل ليس بعضا لما قبلها ولكنه بالتأويل بعض، وأن يكون المعطوف غاية لما قبلها في زيادة أو نقص، ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 357، 358) والجنى الداني (547، 548)، والمغني (123، 124)، والارتشاف (2/ 646).
(3)
ينظر شرح شواهد المغني (371) وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 358).
الشاهد الثاني والستون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
مَا أُبَالِي أَنَبَّ بالحَزْنِ تَيسٌ
…
أَمْ جَفَانِي بِظَهْرِ غَيبٍ لَئِيمُ
أقول: قائله هو حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، وهو من الخفيف.
قوله: "أنب" الهمزة فيه للاستفهام على ما نذكره، و "نب" بالنون وبالباء الموحدة؛ من نب التيس ينب من باب ضرب يضرب نبيبًا إذا صاح وهاج، و "الحزن" بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي، وهو في اللغة ما غلظ من الأرض وصلب، ولكن المراد هاهنا بلاد العرب فإن بلاد العرب تسمى حزنًا.
الإعراب:
[قوله: "]
(3)
ما أبالي": جملة من الفعل والفاعل وقد دخلها حرف النفي، قوله: "أنب": الهمزة للاستفهام، و "نب": فعل ماض، و "تيس": فاعله، والباء في بالحزن للظرف، قوله: "أم" متصلة، و"جفاني": جملة من الفعل والمفعول، و"لئيم": فاعله، والباء في بظهر غيب للظرف -أيضًا-.
الاستشهاد فيه:
أن "أم" متصلة وقعت بين جملتين فعليتين، والجملة في معنى المفرد، والتقدير: ما أبالي أكان من قيس نبيب أم من لئيم جفاء، فهذان فعلان لفاعلين، وقد يكونان لفاعل واحد، كما في قولك: أقام زيد أم قعد، والتقدير: أكان من زيد قيام أم قعود؟
(4)
.
(1)
ابن الناظم (206).
(2)
البيت من بحر الخفيف، وقائله حسان بن ثابت الأنصاري، وانظره في الديوان (431)، بشرح البرقوقي، والكتاب لسيبويه (3/ 181)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 141)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 360)، والمقتضب (3/ 298)، والخزانة (11/ 155، 157، 172).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(4)
أم المتصلة التي تسبقها همزة ويصلح موضعها لأي، تقول: أيهم ضربت أزيدًا أم عمرًا أم خالدًا، وسميت متصلة لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغني أحدهما عن الآخر، ولا يحصل الفاعل إلا بهما، ومصحوباها قد يكونان فعلين لفاعلين متباينين أو اسميتين كما سيأتي. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 359، 360)، والارتشاف (651)، والجنى الداني (204، 205).
الشاهد الثالث والستون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
وَلَسْتُ أَبَالِي بَعْدَ فَقْدِي مَالِكًا
…
أَمَوْتِي نَاءٍ أَمْ هُوَ الآنَ وَاقِعُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
قوله: "ناء" أي: بعيد؛ من نأى ينأى.
الإعراب:
قوله: "ولست" الواو للعطف إن تقدمه شيء، والضمير المتصل بليس اسمه، وخبره الجملة أعني قوله:"أبالي"، و "بعد" نصب على الظرف، و "فقدي" مصدر مضاف إلى فاعله، و "مالكًا": مفعوله، قوله:"أموتي" الهمزة للاستفهام، وموتي: كلام إضافي مبتدأ، وناء: خبره، قوله:"أم": متصلة، وقوله:"هو": مبتدأ، وخبره قوله:"واقع"، و "الآن": نصب على الظرف.
الاستشهاد فيه:
أن: "أم" المتصلة وقعت بين جملتين اسميتين، وذلك لأن:"أم" الواقعة بعد همزة التسوية لا تقع إلا بين جملتين، ولا يكونان معها إلا في تأويل المفردين؛ كما [ذكرنا]
(3)
في البيت السابق، ويكونان فعليتين كما مر، واسميتين كما في هذا البيت، ويكونان مختلفتين نحو:{سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} [الأعراف: 193]
(4)
.
الشاهد الرابع والستون بعد الثمانمائة
(5)
،
(6)
فَقُمْتُ للطَّيْفِ مُرْتَاعًا فَأَرَّقَنِي
…
فَقُلْتُ أَهْيَ سرَتْ أَمْ عَادَنِي حُلُمُ
أقول: قائله هو زياد بن حمل بن سعد بن عميرة بن حريث، وهو من قصيدة طويلة من
(1)
ابن الناظم (207)، وأوضح المسالك (3/ 368).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو لمتمم بن نويرة، في رثاء أخيه مالك، وانظره في المغني (41)، وشرح التصريح (2/ 142)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 142)، والدرر (6/ 97)، وشرح شواهد المغني (134).
(3)
ما بين المعقوقين سقط في (ب).
(4)
ينظر الشاهد السابق (862)، والمغني (41).
(5)
ابن الناظم (207)، وأوضح المسالك (3/ 370).
(6)
البيت من بحر البسيط، وهو من قصيدة طويلة لزياد بن منذر التميمي، ذكرها الشارح كما قال، ومطلعها:
ألا حبذا أنت يا صنعاء من بلد
…
ولا شعوب هوى فتى ولا نقم
وانظر بيت الشاهد في الخصائص (1/ 305)، (2/ 330)، والدرر (6/ 97)، وابن يعيش (9/ 39)، والمغني =
البسيط ذكرناها في شواهد المعرفة والنكرة
(1)
.
قوله: "للطيف" هو طيف الخيال وهو الذي يجيء في النوم، ويروى:
فقمت للزور ...............
…
....................................
و"مرتاعًا": من الروع وهو الخوف، قوله: " [
(2)
فأرقني" بتشديد الراء؛ أي: أسهرني، قوله: "حلم" بضم الحاء واللام، وهو ما يراه النائم في نومه، والمعنى: رأيت الحبيبة في المنام، وظننت أنها أتتني، ولما استيقظت قلت: أهي أتتني حقيقة أم أتاني خيالها في النوم.
الإعراب:
قوله: "فقمت" الفاء للعطف، وقمت: جملة من الفعل والفاعل، واللام في:"للطيف" للتعليل أي: لأجل الطيف، و "مرتاعًا": نصب على الحال، قوله:"فأرقني": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير الذي يرجع إلى الطيف، والمفعول وهو الضمير المتصل به، قوله:"فقلت": عطف على قوله: "فأرقني"، ["قوله: "]
(3)
أهي" الهمزة للاستفهام، و "هي": مبتدأ، و "سرت": خبره، و "أم": متصلة، و "عادني": جملة من الفعل والمفعول، و "حلم": فاعله.
الاستشهاد فيه:
أن: "أم" المتصلة وقعت بين جملتين فعليتين في معنى المفردين، والتقدير: فقلت أهي سارية أم عائد حلمها، أي: أفي هذين، وفيه استشهاد آخر وهو إسكان الهاء في قوله:"أهي" تشبيهًا بكيف
(4)
.
الشاهد الخامس والستون بعد الثمانمائة
(5)
،
(6)
لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي وَلَوْ كُنْتُ دَاريًا
…
شُعَيثُ ابْنُ سَهْمٍ أَمْ شُعَيثُ ابن مِنقِرِ
أقول: قائله هو الأسود بن يعفر التميمي، وهو من الطويل.
= (41)، والخزانة (5/ 244، 245)، وشرح التصريح (2/ 143)، وشرح شواهد المغني (134).
(1)
ينظر الشاهد رقم (49).
(2)
من هنا في نسخة (أ): سقط حتى منتصف الشاهد رقم (885).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
ينظر الشاهد رقم (862، 863).
(5)
ابن الناظم (207)، وروايته في (ب):(وإن كنت داريًا).
(6)
البيت من بحر الطويل، منسوب في مراجعه للأسود بن يعفر التميمي، وانظره في المقتضب (3/ 294)، والمحتسب (1/ 50)، والمغني (42)، وشرح التصريح (2/ 143)، وشرح شواهد المغني (138)، وهمع الهوامع=
قوله: "شعيث" في الموضعين بضم الشين المعجمة وفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره ثاء مثلثة، وكثير من الناس يصحفونه فيقرؤونه بالباء الموحدة.
الإعراب:
قوله: "لعمرك" اللام فيه للتأكيد، و "عمرك" بفتح العين مبتدأ، وخبره محذوف تقديره: لعمرك قسمي أو يميني، قوله:"ما أدري": جملة منفية ومفعولها هو قوله: "شعيث بن سهم"؛ إذ التقدير: أشعيث بن سهم على ما يجيء الآن -إن شاء الله تعالى-.
قوله: "ولو كنت داريًا"، [ويروى: وإن كنت داريًا، وهو عطف على مقدر تقديره: ما كنت داريًا وإن كنت داريًا]
(1)
، والمعنى: ما أدري أي النسبين هو الصحيح نسب شعيث بن سهم، أم نسب شعيث بن منقر.
قوله: "شعيث" أصله: أشعيث؛ حذف منه حرف الاستفهام، وهو مرفوع بالابتداء، وخبره قوله: "ابن سهم، أي: أشعيث هو ابن سهم، وهذا خبر ليس بصفة، وإنما حذف [التنوين]
(2)
للضرورة؛ كما قد حذف في قوله:
عَمْرُو الَّذي هَشَمَ الثَّريدَ .....
…
................................
على ما يجيء الآن عن قريب
(3)
، قوله:"أم" متصلة، و "شعيث" مبتدأ، و"ابن منقر": خبره، وليس بصفة كما في الذي قبله.
الاستشهاد ميه:
في أربعة مواضع:
الأول: هو الذي قصده ابن الناظم وهو وقوع أم المتصلة بين جملتين اسميتين
(4)
.
الثاني: فيه حذف الهمزة الاستفهامية من شعيث ابن سهم؛ إذ أصله: أشعيث ابن سهم.
الثالث: أن شعيثًا في الموضعين ليس موصوفًا بابن؛ بل هو مخبر عنه به؛ كما قررناه فافهم.
الرابع: فيه حذف التنوين من شعيث للضرورة
(5)
.
= للسيوطي (2/ 132)، والخزانة (11/ 122).
(1)
و
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
هو بيت لعبد الله بن الزبعري، وهو القادم برقم (866).
(4)
ينظر الشواهد الثلاثة السابقة عن هذا البيت.
(5)
قال ابن هشام بعد أن ذكر البيت: "الأصل: أشعيث بالهمزة في أوله والتنوين في آخره فحذفهما للضرورة، =
الشاهد السادس والستون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
عَمْرُو الَّذِي هَشمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ
…
وَرِجَالُ مَكةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ
أقول: قائله هو عبد الله بن الزبعرى السهمي، وهو من قصيدة من الكامل، وأولها هو قوله:
1 -
كَانَتْ قُرَيْشُ بيضةً فتفلقت
…
فَالمْخُّ خَالِصُهَا لِعَبدِ منَافِ
2 -
الخالِطِينَ فَقِيرَهُم بِغَنِيّهُم
…
والظَّاعِنِيَن لرِحْلَةِ الأَضْيَافِ
3 -
والرَّائِشين ولَيسَ يُوجَدُ رَائِشٌ
…
والقَائِلِينَ هَلُمَّ لِلأَضْيَافِ
4 -
عَمرُو الَّذِي هَشَمَ ...........
…
......................... إلى آخره
ويروى:
عَمْرُو العلا هَشَّمَ الثريد لضيفه
…
................................
ومدح بها ابن الزبعرى هاشم بن عبد مناف، واسمه:"عمرو"، وإنما سمي هاشمًا لهشمه الثريد لقومه، وكان سبب مدح ابن الزبعري، وهو سهمي لبني عبد مناف أنه كان قد هجا قُصَيًّا بشعر كتبه في أستار الكعبة
(3)
، أوله:
ألهى قصيًّا عَنِ المَجْدِ الأَسَاطِيرُ
…
ومِشْيَةً مِثْل مَا يَمْشِي الشَّقَاريرُ
فاستعدوا عليه بني سهم، فأسلموه إليهم فضربوه وحلقوا شعره وربطوه إلى صخرة بالحجون، فاستغاث قومه فلم يغيثوه، فجعل يمدح قصيًّا ويسترضيهم، فأطلقه بنو عبد مناف منهم وأكرموه فمدحهم بهذا الشعر.
قوله: "هشم الثريد" الهشم: كسر الشيء اليابس، يقال: هشم الثريد إذا كسر [الخبز اليابس ولته بمرق اللحم، وقيل: لا يكون ثريدًا حتى يكون فيه لحم]
(4)
.
= والمعنى: ما أدري أي النسبين هو الصحيح". المغني (42)، وقال ابن مالك أيضًا بعد أن ذكر البيت: "وابن سهم وابن منقر خبران لا صفتان وحذف التنوين من شعيث"، شرح التسهيل لابن مالك (3/ 360).
(1)
ابن الناظم (207).
(2)
البيت من بحر الكامل، وقد نسب في مراجعه لعبد الله بن الزبعرى، وانظره في المقتضب (2/ 316)، والمنصف (2/ 231)، والإنصاف (663)، ورصف المباني (358)، وابن يعيش (9/ 36)، واللسان مادة:"سنت وهشم".
(3)
السهمي نسبة إلى عدي بن سهم، وعبد الله أحد شعراء قريش المعدودين، أسلم يوم فتح مكة، وكان يهجو المسلمين قبل ذلك، انظر سمط اللآلئ (387)، والبيت من بحر البسيط، في ديوانه (37)، وطبقات فحول الشعراء (1/ 235).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
قوله: "مسنتون": من أسنت القوم: أجدبوا، وأصله من السنو
(1)
، قلبوا الواو تاء ليفرقوا بينه وبين قولهم: أسنى القوم إذا أقاموا سنة في موضع، قوله:"عجاف" بكسر العين، جمع عجفاء على غير قياس؛ لأن أفعل وفعلاء لا يجمعان على فعال، ولكنهم [بنوه]
(2)
على سمان، وهو من العجف بفتحتين، وهو الهزال.
الإعراب:
قوله: "عمرو": مرفوع بالابتداء، وحذف التنوين للضرورة، وخبره:"الَّذِي هَشَمَ الثريد" والتقدير: عمرو هو الذي هثم الثريد، واللام في "لقومه" للتعليل، قوله؛ "ورجال مكة": كلام إضافي مبتدأ، وخبره قوله:"مسنتون" والجملة وقعت حالًا، و "عجاف": خبر بعد خبر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "عمرو" حيث حذف منه التنوين لأجل الضرورة، استشهد به ابن الناظم على حذف التنوين من:"شعيث" في البيت السابق كما ذكرناه
(3)
.
الشاهد السابع والستون بعد الثمانمائة
(4)
،
(5)
فَلَا تَعْجَلِي يَا مَيُّ أَنْ تَتَبَيَّنِي
…
بِنصحٍ أَتَى الوَاشونَ أَمْ بِحُبُولِ
أقول: قائله هو كثير عزة [وهو من قصيدة طويلة من الطويل ذكرناها كلها في
(6)
شواهد الإضافة]
(7)
.
قوله: "الواشون": جمع واش وهو النمام، و "الحبول" بضم الحاء المهملة والباء الموحدة؛ جمع حِبل بكسر الحاء وسكون الباء، وهو الداهية.
(1)
في (أ): السنة.
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
وحذف التنوين من الضرائر الشعرية من ضرورة نقص الحرف، وحذف التنوين قد يكون من الاسم المنصرف وقد يكون الحذف لالتقاء الساكنين كما في البيت المذكور. ينظر أوزان الشعر وقوافيه من مسرحية كليوباترا (155).
(4)
ابن الناظم (207).
(5)
البيتين من بحر الطويل، من قصيدة طويلة في الغزل، لكثير عزة، وهما في ديوانه (108) بتحقيق: إحسان عباس، وانظر أيضًا الديوان بشرح مجيد طراد (178)، وانظر شرح شواهد المغني (581)، واللسان مادة:"حبل" وروايته في الديوان:
فلا تعجلي يا ليل أن تتفهمي
…
بنصح أتى الواشون أم بحبول
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(7)
ينظر الشاهد رقم (647).
الإعراب:
قوله: "فلا تعجلي"[الفاء للعطف على ما قبله، و"لا تعجلي":]
(1)
جملة من الفعل والفاعل، قوله:"يا مي" يا حرف نداء، ومي منادى [مرخم، أصله: مية، ويروى: يا عز، أصله: يا عزة.
قوله: "أن تتبيني"، ويروى: أن تتفهمي، وكلاهما بمعنى واحد]
(2)
، و "أن" هذه مصدرية، وأصله: لأن تتبيني.
والمعنى: فلا تعجلي إلى أن تتبيني، أبنصح أتى الواشون أم بغير نصح؟ والباء في:"بنصح" متعلق بأتى وهو فعل، و"الواشون": فاعله، قوله:"أم": متصلة، وقعت بين المفرد والجملة، فالمفرد هو قوله:"بنصح"، والجملة هي قوله:"بحبول" لأن تقديره: أم أتى بحبول
(3)
.
والاستشهاد فيه:
في حذف الهمزة؛ لأن التقدير: أبنصح أتى الواشون أم أتوا بحبول؟ فافهم
(4)
.
الشاهد الثامن والستون بعد الثمانمائة
(5)
،
(6)
لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي وَلَوْ كُنْتُ دَارِيًا
…
بِسَبْعٍ رَمَينَ الجَمْرَ أَمْ بِثَمَانٍ
أقول: قائله هو عمر بن أبي ربيعة، وهو من قصيدة نونية من الطويل، وقبله:
بَدَا لِي مِنْهَا مِعْصَمٌ حينَ جَمَّرَتْ
…
وكَفٌّ خَضِيبٌ زُيِّنَتْ بِبَنَانِ
(1)
و
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
هذا رأيه، وهو كون "أم" وقعت بين مفرد وجملة، وقيل: بل واقعة بين مفردين على أن يتعلق الجار والمجرور الاثنان بالفعل المذكور، وقيل: وقعت بين جملتين على أن يقدر فعل مثل المذكور يتعلق به (فبنصح).
(4)
قد تحذف همزة الاستفهام ويكتفى بظهور معناها قبل أم المتصلة كما في البيت المذكور والبيت الآتي بعده، ومنه قراءة ابن محيصن:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 361)، وشرح الأشموني (3/ 103، 104).
(5)
ابن الناظم (207)، وأوضح المسالك (3/ 376)، وينظر شرح ابن عقيل (3/ 230).
(6)
البيت من بحر الطويل من مقطوعة عدتها ستة أبيات لعمر بن أبي ربيعة، قالها في عائشة بنت طلحة، انظر ديوان عمر (399) ط. دار صادر، وانظر بيت الشاهد في الديوان (380)، الكتاب لسيبويه (3/ 175)، والمقتضب (3/ 294)، والمغني (14)، والجنى الداني (35)، ورصف المباني (45)، وابن يعيش (8/ 154)، والخزانة (11/ 122، 124، 127، 132) والدرر (6/ 100)، وشرح شواهد المغني (31)، ورواية بيت الشاهد في الديوان هكذا:
فوالله مَا أَدْرِي وَإني لحاسب
…
بسبع رميت الجمر .................
المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي وَلو كُنْتُ دَارِيًا" الكلام في هذا الشطر قد مر فيما قبله ببيتين
(1)
، وقوله:"بسبع" أصله: أبسبع، حذفت منه همزة الاستفهام، والباء تتعلق برمين، و "الجمر": مفعول رمين، وقوله:"أم": متصلة، والتقدير:[أم]
(2)
رمين بثمان جمرات.
الاستشهاد فيه:
في حذف حرف الاستفهام المتقدم على أم المتصلة وهو في قوله: "بسبع" وأصله: أبسبع كما قلنا
(3)
.
الشاهد التاسع والستون بعد الثمانمائة
(4)
،
(5)
وَلَيتَ سُلَيمَى فِي المَنَامِ ضَجِيعَتِي
…
هُنَالِكَ أَمْ في جَنَّة أمْ جَهَنَّمِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
و"سليمى" بضم السين المهملة، وهو اسم محبوبة الشاعر، و "ضجيعتي" أي: مضاجعتي.
الإعراب:
قوله: "وليت" الواو للعطف إن تقدمه شيء، وليت للتمني، و "سليمى": اسمه، و "ضجيعتي": كلام إضافي خبره، و "في المنام": يتعلق به، والرواية الصحيحة: في الممات بدليل قوله: "في جنة أم جهنم"؛ لأنه تمنى أن تكون سليمى معه بعد الموت سواء كان في الجنة
(1)
ينظر الشاهد رقم (865).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
ينظر الشاهد رقم (867).
(4)
ابن الناظم (208)، أوضح المسالك (3/ 376).
(5)
البيت من بحر الطويل، ثالث ثلاثة أبيات لعمر بن أبي ربيعة في الغزل، وهي قوله:
فيا ليت أني حين قد ترميني
…
شممت الذي ما بين عينيك والفم
وليت طهوري كان ريقك كله
…
وليت حنوطي من مشاشك والدم
وليت سليمى في المنام ضجيعتي
…
هنالك أم في جنة أم جهنم
وانظر الأبيات في ديوان عمر بن ربيعة (388)، ط. دار صادر، وانظر بيت الشاهد في التصريح (2/ 144)، وعمدة الحافظ (620)، وشرح الأشموني (3/ 105).
أو في النار، وهذا من باب الإغراق
(1)
.
وقوله: "هنالك": إشارة إلى المنام أو الممات، قوله:"أم في جنة": عطف على قوله: "في الممات" ثم أضرب عن ذلك بقوله: "أم جهنم" لأن أم هاهنا بمعنى بل، أي: بل في جهنم.
الاستشهاد فيه:
وهو مجيء أم المنقطعة بعد الخبر متجردة عن الاستفهام، لأن المعنى: بل في جهنم كما ذكرنا
(2)
.
الشاهد السبعون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
مَاذَا تَرَى فيِ عيالٍ قَدْ بَرِمْتُ بِهِمْ
…
لَم أُخصِ عدَّتَهُم إلا بِعَدَّادِ
كَانُوا ثَمَانِينَ أَوْ زَادُوا ثَمَانيَةً
…
لَوْلَا رَجَاؤُكَ قَدْ قَتَّلْتُ أَوْلَادِي
أقول: قائلهما هو جرير بن الخطفي يخاطب هشام بن عبد الملك، وهما من البسيط.
قوله: "برمت بهم": من برمت به
(5)
بكسر الراء إذا سئمه وضجر منه، وكذلك تبرم به وأبرمه إذا أضجره وأمله.
الإعراب:
قوله: "ما": مبتدأ، و"ذا ترى": خبره، وذا يجوز أن تكون إشارة
(6)
، ويجوز أن تكون موصولة، يعني: ما الذي ترى، قوله:"في عيال": مفعول ترى، لأن ترى ها هنا من رأى في الأمر إذا فكر فيه فلا يتعدى إلا إلى مفعول واحد.
(1)
الإغراق: هو أن يدعي المتكلم وصفًا ممكنًا عقلًا لا عادة. ينظر الإيضاح في علوم البلاغة للقزويني (376) طبعة دار الكتب العلمية، بيروت.
(2)
أم المنقطعة كثيرًا ما تقتضي استفهامًا حقيقيًّا أو إنكاريًّا وتكون بمعنى بل، وقد لا تقتضي استفهامًا وتتجرد عنه كقوله تعالى:{أَمْ هَلْ تَسْتَوي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} ومنه البيت المذكور، وسميت منقطعة لوقوعها بين جملتين مستقلتين.
(3)
ابن الناظم (208)، وشرح ابن عقيل (3/ 232، 233).
(4)
البيتان من بحر البسيط، من قصيدة طويلة لجرير يمدح بها معاوية بن هشام بن عبد الملك، ومما قاله قوله:
حتى أتتك ملوك الروم صاغرة
…
مقرنين بانحلال وأصفاد
وانظر القصيدة في ديوان جرير (742)، ط. دار المعارف، والديوان (156)، طبعة. دار صعب، والمغني (64، 272)، وتذكرة النحاة (121)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 134)، والدرر (6/ 116)، وشرح شواهد المغني (201).
(5)
في (أ): من برم بكسر الراء.
(6)
قوله: "وذا يجوز إن تكون إشارة" ليس بصحيح؛ لأن بعدها فعلًا، والصحيح أنها موصولة (مبتدأ وخبر) أو تكون ماذا كلمة واحدة، مفعولًا به مقدمًا.
قوله: "قد برمت بهم" في محل الجر لأنها صفة للعيال، وقوله:"لم أحص": جملة وقعت حالًا، والمضارع إذا وقع حالًا لا يحتاج إلى الواو سواء كان مثبتًا أو منفيًّا.
وقوله: "عدتهم": كلام إضافي مفعول لم أحص، والاستثناء من قوله:"لم أحص"، قوله:"كانوا" الضمير فيه اسم كان، وهو يرجع إلى العيال، وقوله:"ثمانين": خبره، قوله:"أو زادوا": عطف على قوله: "كانوا"، وقوله:"ثمانية": نصب على أنه مفعول زاد.
قوله: "لولا" لربط امتناع الثانية بوجود الأولى، "ورجاؤك": كلام إضافي مبتدأ، وخبره محذوف؛ أي: لولا رجاؤك موجود، قوله:"قد قتلت": جواب لولا، قوله:"أولادي": كلام إضافي مفعول قتلت.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أو زادوا" فإن "أو" فيه بمعنى بل الإضرابية، واحتج به الكوفيون وأبو علي وأبو الفتح وابن برهان أن "أو" تأتي للإضراب كبل مطلقًا
(1)
، وقال سيبويه: وإنما جاز ذلك بشرطين: تقدم نفي أو نهي وإعادة العامل
(2)
.
الشاهد الحادي والسبعون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
جَاءَ الخِلافَةَ أَوْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا
…
كَمَا أَتَى رَبَّه موسَى عَلَى قَدَرٍ
أقول: قائله هو جرير، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الفاعل
(5)
.
(1)
قال ابن هشام: "وقال الكوفيون وأبو علي وأبو الفتح وابن برهان تأتي للإضراب مطلقًا ثم ذكر قول جرير ثم قال: وقراءة أبي السمال: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ} [البقرة: 100] "بسكون أو". المغني (64)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 363)، والجنى الداني (229).
(2)
ينظر الكتاب لسيبويه (3/ 188)، والجنى الداني (229)، والمغني (64).
(3)
ابن الناظم (209)، وتوضيح المقاصد (3/ 211)، وشرح ابن عقيل (3/ 233).
(4)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة لجرير يمدح بها عمر بن عبد العزيز، ديوان جرير (1/ 412)، تحقيق د. نعمان طه، دار المعارف، وفيها يقول:
إنا لَنَرْجُو إِذَا ما الغَيثُ أَخْلَفَنَا
…
منَ الخلِيفَةِ مَا نَرْجُو منَ المَطَرِ
وانظر بيت الشاهد في الخزانة (11/ 69)، والدرر (6/ 118)، وشرح التصريح (1/ 383)، والمغني (62، 80)، والجنى الداني (230)، وشرح عمدة الحافظ (627)، وشرح قطر الندى (184)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 134).
(5)
ينظر الشاهد رقم (398).
والاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "أَو كَانَتْ لَهُ قَدَرًا" فإن "أو" فيه بمعنى الواو، وقد روي:
.............. إِذْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا
…
..............................
بكلمة إذ الحينية موضع "أو" فحينئذ لا استشهاد فيه
(1)
.
الشاهد الثاني والسبعون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
قَوْمٌ إذَا سَمِعُوا الصَّريخَ رَأَيْتَهُمْ
…
مَا بَينَ مُلْجم مُهْرِه أَوْ سَافِع
أقول: قائله هو حميد بن ثور الهلالي رضي الله عنه، وهو من الكامل.
قوله: "ملجم": من ألجمت الفرس، قوله:"أو سافع" بالسين المهملة وبالفاء؛ من سفعت بناصيته؛ أي: أخذت، ومنه قوله تعالى:{لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} [العلق: 15].
الإعراب:
قوله: "قوم": خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هم قوم، قوله:"إذا" للشرط، و "سمعوا الصريخ": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقعت فعل الشرط.
قوله: "رأيتهم": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقعت جواب الشرط، قوله:"ما بين ملجم مهره" في محل النصب على أنه مفعول ثان لرأيتهم، والتقدير: رأيتهم موصوفين بهذا الوصف، و "ملجم": اسم فاعل مضاف إلى مفعوله، قوله:"أو سافع": عطف على: " [ملجم]
(4)
مهره" أي: أو سافع مهره.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أو سافع" فإن "أو" فيه بمعنى الواو، والتقدير: ملجم مهره وسافع مهره
(5)
.
(1)
ذهب الكوفيون والجرمي إلى أن "أو" تأتي بمعنى الواو واحتجوا بهذا البيت. ينظر المغني (62)، والجني الداني (229، 230)، وقال ابن هشام بعد أن ذكر البيت: والذي رأيته في ديوان جرير إذ كانت". المغني (63).
(2)
ابن الناظم (209)، وأوضح المسالك (3/ 379).
(3)
البيت من بحر الكامل، وهو في المدح نسب في مراجعه إلى حميد بن ثور الهلالي، وهو بيت مفرد في الديوان، انظر ديوان حميد (63)، وانظر أيضًا شرح التسهيل لابن مالك (3/ 364)، والمغني (63)، وشرح أبيات المغني (2/ 51)، وشرح شواهد المغني (200).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
ينظر الشاهد رقم (871).
الشاهد الثالث والسبعون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
فَظَلَّ طُهَاةُ اللحْمِ مِنْ بَين مُنْضِجٍ
…
صَفِيفَ شوَاء أَوْ قَدِير مُعَجَّلِ
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وهو من قصيدته المشهورة التي أولها:
قِفَا نَبكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيب وَمَنْزِلِ
…
................................
قوله: "طهاة اللحم"[بضم الطاء المهملة]
(3)
، وهو جمع طاهٍ وهو الطباخ، قوله:"صفيف" بفتح الصاد المهملة وكسر الفاء، وهو الذي قد فرق وصف على الجمر، وهو شواء الأعراب، وهو الذي يقال له الكباب، "والقدير": بالراء المهملة في آخره، وهو ما طبخ في قدر، قال الأعلم: إنما جعله معجلًا لأنهم كانوا يستحسنون تعجيل ما كان من الصيد ويستطرفونه، وبهذا يصفونه في أشعارهم
(4)
.
الإعراب:
قوله: "فظل"، وفي ديوان امرئ القيس:"وظل" بالواو وكلاهما للعطف، "وظل" من الأفعال الناقصة، ومعناه: فعل بالنهار؛ كما أن بات معناه فعل بالليل.
وقوله: "طهاة اللحم": كلام إضافي اسم ظل، وقوله:"من بين منضج": خبره، والمنضج: اسم فاعل من أنضج اللحم، وقوله:"صفيف شواء": كلام إضافي منصوب، لأنه مفعول اسم الفاعل، وقوله:"أو قدير": عطف على شواء، و "معجل" بالجر صفته.
الاستشهاد فيه:
أن "أو" بمعنى الواو، وقال الأعلم: والمعنى: من بين منضج صفيف [شواء]
(5)
، أو طابخ قدير، والمعنى: وطابخ قدير
(6)
.
(1)
ابن الناظم (209).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو من معلقة امرئ القيس المشهورة، وانظره في الديوان (22)، ط. دار المعارف، و (58)، ط. دار صادر، وانظره في المغني (46)، والهمع (2/ 141)، والخزانة (11/ 47، 240) وشرح شواهد المغني (857)، واللسان مادة:"صفف وطها"، والدرر (6/ 161).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
النص في شرح الأعلم لهذا البيت في أشعار الستة الجاهليين (38).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(6)
ينظر الشاهد رقم (871)، ورقم (872).
الشاهد الرابع والسبعون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
وَقَدْ كَذَبَتْكَ نَفْسُكَ فَاكْذِبَنْهَا
…
فَإِنْ جَزْعًا وَإنْ إِجْمَال صَبْرِ
أقول: قائله هو دريد بن الصمة، أنشده سيبويه في كتابه
(3)
، وهو من الوافر.
قوله: "كذبتك" بالتخفيف، قوله:"إجمال صبر": من أجمل يجمل إجمالًا إذا أحسن.
الإعراب:
قوله: "وقد" الواو للعطف إن تقدمه شيء، و "قد" للتحقيق، و "كذبتك": جملة من الفعل والمفعول، [و"نفسك: كلام إضافي فاعله، قوله:"فاكذبنها": جملة من الفعل والفاعل والمفعول]
(4)
.
قوله: "فإن" في الموضعين ليست إن الشرطية؛ بل هي بمعنى: إما، والتقدير: فإما جزعًا وإما إجمال صبر، و "جزعًا" منصوب بفعل مضمر تقديره: فإما تجزع جزعًا، وكذلك التقدير في قوله:"إجمال" أي: وإما تجمل إجمال صبر.
وقال سيبويه: دخول الفاء منع أن تكون: "إن" جزاء؛ لأن الفاء إنما تكون للاستئناف، وتكون جوابًا لما قبلها فكيف يصير ما قبلها جوابًا لها على هذا
(5)
؟
وهذا الحكم إنما هو في الفاء وحدها، ولو كان بدل الفاء هاهنا واو لصلح أن يكون الجواب في:"وقد كذبتك نفسك"، وقد يجوز أن تجعل شرطًا وتحذف الجواب كقوله تعالى:{فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 35] فحذف الجواب، أي: فعلت، وكذلك البيت، أي: فإن تجزع جزعًا فعلت فحذف الجواب [وحذف الجواب]
(6)
قليل جدًّا، وحذف ما من إما قليل جدًّا]
(7)
، فعدل سيبويه عن حذف الجواب إلى حذف "ما" من "إما" لأنه أمثل قليلًا.
(1)
ابن الناظم (209)، وتوضيح المقاصد (3/ 219).
(2)
البيت من بحر الوافر، وقد نسب في مراجعه إلى دريد بن الصمة، وهو في ديوانه (110) ط. دار المعارف، تحقيق: د. عمر عبد الرسول، وانظره في الكتاب لسيبويه (1/ 266)، (3/ 332)، والمقتضب (3/ 28)، وهع الهوامع للسيوطي (2/ 135)، والجنى الداني (212، 534)، وابن يعيش (8/ 101، 104)، ورصف المباني (102)، والخزانة (11/ 109، 110)، والدرر (102).
(3)
ينظر الكتاب لسيبويه (1/ 266)، (3/ 332).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
الكتاب لسيبويه (1/ 266، 267).
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(7)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فإن، وإن" فإن أصلهما: فإما وإما فحذفت منهما "ما" كما ذكرنا فافهم
(1)
.
الشاهد الخامس والسبعون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ أَخِي بِصِدْقٍ
…
فَأَعْرِفَ مِنْكَ غَثِّي مِنْ سَمِينِي
وَإلَّا فَاطرِحْنِي واتَّخِذْنِي
…
عَدُوًّا أَتَّقِيكَ وَتَتَّقِينِي
أقول: قائلهما هو المثقب العبدي، ويقال: هو سحيم بن وثيل الرياحي، وهما من قصيدة نونية، وأولها هو قوله
(4)
:
أَفَاطِمَ قَبلَ بَينكِ مَتِّعِيني
…
ومَنعكِ مَا سَأَلْتُ كَأَنْ تَبِيني
وقد ذكرنا شيئًا منها في شواهد المعرب والمبني في أوائل الكتاب مع الخلاف فيه عند قوله
(5)
:
أكل الدهر حل وارتحال
…
................................
قوله: "غثي" بفتح الغين المعجمة وتشديد الثاء المثلثة؛ من غث اللحم يغِث ويغَث بكسر الغين وفتحها غثاثة وغثوثة فهو غث وغثيث إذا كان مهزولًا، وكذلك غث حديث القوم وأغث؛ أي: ردؤ وفسد، والمعنى هاهنا: أعرف منك ما يفسد مما يصلح.
الإعراب:
قوله: "فإما" الفاء للعطف وإما هاهنا للتفصيل؛ كما في قوله تعالى: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3]، ولكن استغنى عن ذكر إما الثانية بذكر ما يغني عنها وهو قوله:"والا فاطرحني"؛ كما في قولك: إما أن تتكلم بخير وإلا فاسكت.
(1)
قال ابن مالك: "وأصل إمَّا: إن، فزيدت عليها ما، وقد يستغنى في الشعر بإن" شرح التسهيل لابن مالك (3/ 367)، والجنى الداني (212).
(2)
ابن الناظم (209)، وتوضيح المقاصد (3/ 217).
(3)
البيتان من بحر الوافر، وهما من قصيدة طويلة نونية للمثقب العبدي بدأها بالغزل، ثم عتاب لابن عمه، ثم فخر، وانظر الشاهد في المغني (61)، ولم نجدهما في شعر بني تميم في العصر الجاهلي، وهما في الجنى الداني (532)، والمقرب (1/ 232)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 135)، الخزانة (7/ 489)، (11/ 6 / 129)، وشرح شواهد المغني (191، 190).
(4)
ينظر شرح شواهد المغني (190)،، فيه أبيات كثيرة من القصيدة، وانظر القصيدة كاملة في المفضليات للضبي (288)، تحقيق: هارون.
(5)
ينظر الشاهد رقم (33).
قوله: "أخي": كلام إضافي [خبر تكون، وقوله: "بصدق" في محل النصب؛ لأنه صفة لأخي]
(1)
، والتقدير: إما أن تكون أخًا لي صادقًا، قوله:"فأعرف" بالنصب عطفًا على قوله: "أن تكون"، وقوله:"غثي": كلام إضافي مفعول أعرف، وكلمة:"من" في: "من سميني" للبيان والتفصيل قوله: "وإلا" يعني: وإما؛ كما يجيء الآن.
قوله: "فاطرحني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، وكذلك:"اتخذني": جملة نحوها عطف عليها، قوله:"أتقيك": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقعت صفة لعدوًّا، قوله:"وتتقيني": عطف عليها.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وإلا فاطرحني" حيث أناب "إلا" مناب إما، فيقال على ذلك: اضرب إما زيدًا وإلا عمرًا، وهو شاذ
(2)
.
الشاهد السادس والسبعون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
نُهَاضُ بِدَارٍ قَدْ تَقَادَمَ عَهدُهَا
…
وَإمَّا بِأَمْوَاتٍ أَلَمَّ خَيَالُهَا
أقول: قائله هو ذو الرمة غيلان
(5)
، وقبله
(6)
:
وَكَيفَ بِنَفْسٍ كُلَّمَا قيلَ أَشْرَفَتْ
…
عَلَى البُرْءِ مِنْ حَوْصَاءَ هِيضَ انْدِمَالُهَا
وهما من الطويل.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب): وليس بصدق صفة لأخي كما ذكره بل هو حال؛ لأن أخي معرفة.
(2)
إما المكسورة المشددة قد تفتح همزتها وقد تبدل ميمها الأولى، وهي مركبة عند سيبويه، فإذا تكررت كانت الثانية عاطفة عند أكثرهم خلافًا ليونس والفارسي وابن كيسان وابن مالك، وذلك لملازمتها الواو العاطفة غالبًا، وقد يستغنى عن إما الثانية بذكر ما يغني عنها نحو: إما أن تتكلم بخير وإلا فاسكت، ومنه قول الشاعر المثقب العبدي:(الشاهد)، ينظر المغني (59 - 61).
(3)
ابن الناظم (209)، وتوضيح المقاصد (3/ 217).
(4)
البيت من بحر الطويل، وهو والذي بعده مطلع قصيدة للفرزدق، يمدح فيها سليمان بن عبد الملك، ويهجو الحجاج بن يوسف الثقفي، وانظر بيت الشاهد في ابن يعيش (8/ 102)، والمنصف (3/ 115)، والمغني (61)، والمقرب (1/ 132)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 135)، والجنى الداني (533)، ورصف المباني (102)، وشرح شواهد المغني (193)، وشرح عمدة الحافظ (642)، والخزانة (11/ 76، 78).
(5)
نسبة البيت لذي الرمة غير صحيحة، فليس في ديوانه. وانظره في ديوان الفرزدق (2/ 123) ط. دار الكتاب العربي.
(6)
شرح شواهد المغني (193).
قوله: "من حوصاء": فعلاء من الحوص بالتحريك، وهو ضيق في مؤخر العين، والرجل أحوص، قوله:"هيض": من الهيض وهو الكسر، وكذلك "نهاض" من الهيض؛ من هاض العظم يهيضه هيضًا، أي: كسره بعد الجبور فهو مهيض، واهتاضه- أيضًا، وكل وجع على وجع فهو هيض، والمعنى هاهنا: نكسر ونفرق إما بدار تُخَرَّب وإما بموت أموات، قوله:"ألم" ويروى: يلم من الإلمام.
الإعراب:
قوله: "نهاض" على صيغة المجهول، والضمير فيه هو المفعول النائب عن الفاعل، قوله:"بدار" أي: في دار
(1)
، قوله:"قد تقادم عهدها": جملة من الفعل والفاعل وقعت صفة لدار، قوله:"وإما بأموات" عطف على: "إما" المحذوفة على ما يجيء الآن، قوله:"ألَمَّ خيالها": جملة من الفعل والفاعل وقعت صفة لأموات.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بدار" أصلها: إما بدار قد تقادم عهدها، وإما بأموات، فحذفت إما الأولى اكتفاء بالثانية
(2)
.
الشاهد السابع والسبعون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
سَقَتْهُ الرَّوَاعِدُ مِن صَيِّفٍ
…
وَإِنْ مِنْ خَرِيفٍ فَلَنْ يُعْدَمَا
أقول: قائله هو النمر بن تولب العكلي
(5)
، وهو من قصيدة ميمية طويلة من المتقارب
(6)
،
(1)
ليس بصحيح، وإنما الباء في بأموات، والمعنى: تجرح هذه النفس بسبب الدار وبالأموات.
(2)
كما يستغنى عن: "إما" الثانية بذكر ما يغني عنها نحو: إما أن تتكلم بخير وإلا فاسكت، يستغني عن ما الأولى لفظًا؛ كما في بيت الشاهد هاهنا، وهو قياس عند الفراء فيجيز: زيد يقوم وإما يقعد، والتقدير: زيد إما يقوم وإما يقعد. ينظر المغني (61).
(3)
ابن الناظم (209)، وتوضيح المقاصد (3/ 220).
(4)
البيت من بحر المتقارب، من قصيدة للنمر بن تولب العكلي، فيها أبيات من الحكم منها:
فإن المنية من يخشها
…
فسوف تصادق أينما
وفي آخرها يحكي قصة لقمان الذي أنجبت منه أخته ولدًا .. فكان ابن أخت وابنما، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (1/ 267)، (3/ 141)، والخزانة (1/ 931، 95، 101، 110، 112)، والجنى الداني (212، 534)، وابن يعيش (8/ 102)، والمغني (59)، والمنصف (3/ 115)، وشرح شواهد المغني (180).
(5)
شاعر جاهلي أدرك الإسلام، ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم وقال له:
إنا أتيناك وقد طال السفر
…
....................................
من أجواد العرب ومن المعمرين، انظر الخزانة، شاهد (64).
(6)
في (ب): من الوافر، والصحيح أنه من المتقارب.
وأولها هو قوله
(1)
:
1 -
سَلَا عَنْ تَذَكرِهِ تَكتُّمًا
…
وكَانَ رَهِينًا بِهَا مُغْرِمَا
2 -
وَأقْصرَ عَنْهَا وآيَاتُهَا
…
تُذَكِّرُهُ دَاءَهُ الأَقْدَمَا
إلى أن قال:
3 -
تكُونُ لأَعْدَائِهِ مَجْهَلًا
…
مُضِلًّا وكَانَتْ لَهُ مَعْلَمَا
4 -
سَقَتْهُ الرَّوَاعِدُ .......
…
............................. إلخ
3 -
قوله: "لأعدائه" الضمير فيه يرجع إلى الوعل، أي: لأعدائه من الناس، وكذلك الضمير في قوله:"سَقَتْهُ الزوَاعِدُ"، وهو جمع راعدة، وهي السحابة الماطرة، قوله:"من صيف" بتشديد الياء، وهو المطر الذي يجيء في الصيف.
الإعراب:
قوله: "سقته": جملة من الفعل والمفعول، و "الرواعد": فاعله، "من صيف": متعلق بسقته، قوله:"وإن" بمعنى: إما، والتقدير: وإما من خريف.
والاستشهاد فيه:
فإنه حذف ما وأبقى إن، وعن هذا قال سيبويه
(2)
: إن "إما" مركبة من: "إن" و "ما" وقد يحذف "ما" ويبقى "إن" كما في البيت المذكور
(3)
.
وقال المبرد والأصمعي: "إن" في هذا البيت شرطية، والفاء فاء الجواب، والمعنى: وإن سقته من خريف فلن يعدم
(4)
الري، قيل: هذا ليس بشيء؛ لأن المراد وصف هذا الوعل بالري على كل حال، ومع الشرط لا يلزم ذلك
(5)
.
وقال أبو عبيدة: إن في البيت زائدة، والتقدير: ومن خريف، والألف في "فلن يعدما" للإشباع،
(1)
ينظر شرح شواهد المغني (180).
(2)
قال سيبويه: "والدليل أن ما مضمومة إلى إن قول الشاعر:
لقد كَذَبَتكَ نَفسُكَ فَاكذِبْهَا
…
فَإنْ جَزَعًا وَإِنْ إِجْمَال صَبْرِ
وإنما يريدون: "إما". الكتاب لسيبويه (3/ 331، 332).
(3)
ينظر الكتاب لسيبويه (1/ 266)، (3/ 141)، والمغني (59)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 367).
(4)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 367)، والمغني (59)، والجنى الداني (212، 535).
(5)
المغني (59)، والجنى الداني (212، 535).
أي: فلن يعدم الوعل، ومفعوله محذوف؛ كما قلنا: إن التقدير: فلن يعدم الري
(1)
فافهم.
الشاهد الثامن والسبعون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
يَا لَيتَمَا أُمَّنَا شَالتْ نَعَامَتُهَا
…
أَيْمَا إِلَى جَنَّةٍ أَيْمَا إِلى نَارِ
أقول: نسب هذا البيت إلى الأحوص وليس بصحيح، وإنما هو لسعد بن قرظ العبدي، وذكره أبو عبيدة هكذا في كتاب العققة، فقال: ومنهم؛ أي ومن العاقين سعد بن قرظ العبدي هجا أمه، فقال
(4)
:
يَا لَيتَمَا أُمَّنَا، ..............
…
................... إلى آخره
وبعده:
2 -
لَيسَتْ بِشَبْعَى ولَوْ أَنْزَلْتَهَا هَجَرًا
…
ولَا بِرَيًّا وَلوْ حَلَّتْ بِذِي قَارِ
3 -
خَرْقَاء بالخيرِ لَا تُهْدِي لِوجْهَتِهِ
…
وَهْيَ صَنَاعُ الأَذَى فيِ الأَهْلِ وَالجارِ
وهي من البسيط.
قوله: "شالت نعامتها" أي: ارتفعت جنازتها؛ أخذ من النعامة وهي الخشبة المعترضة على الزرنوقين [وهما تثنية زرنوق بضم الزاي المعجمة وسكون الراء وضم النون وفي آخره قاف، قال أبو عمرو: الزرنوقتان: منارتان تبنيان على رأس البئر فتوضع عليهما النعامة]
(5)
، ويقال للقوم إذا ارتحلوا عن منهلهم أو تفرقوا: شالت نعامتهم، والمعنى: يا ليت أمي ارتفعت جنازتها إما إلى الجنة وإما إلى النار.
الإعراب:
قوله: "يا ليتما" كلمة يا لمجرد التنبيه؛ لأنها دخلت على ما لا يصلح للنداء، هذا هو
(1)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 367)، والمغني (59).
(2)
ابن الناظم (209)، وتوضيح المقاصد (3/ 316)، وأوضح المسالك (3/ 382).
(3)
البيت من بحر البسيط، من مقطوعة عدتها ثلاثة أبيات، ذكرها الشارح وهي لسعد بن قرظ العبدي، قالها يهجو أمه وقد نهته عن الزواج بامرأة، انظر الحماسة للمرزوقي رقم (861)، وانظر بيت الشاهد في المحتسب (1/ 284)، (2/ 314)، وتذكرة النحاة (120)، وابن يعيش (6/ 75)، والمغني (59)، واللسان مادة:"أما"، والخزانة (11/ 86، 87، 88)، والدرر (6/ 122)، وشرح شواهد المغني (186)، والبيت قد نسب للأحوص في بعض المراجع وهو في ديوانه (87).
(4)
ينظر شرح شواهد المغني (186).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
التحقيق عند المحققين، ومنهم من يقدر منادى، والتقدير: يا قوم ليتما، و "ليت" للتمني دخلت عليها ما الزائدة، قوله:"أمنا": كلام إضافي نصب على أنه اسم ليت، وقوله:"شالت نعامتها": جملة من الفعل والفاعل في محل الرفع على الخبرية، [قوله: "]
(1)
أيما" أصله: [أما]
(2)
.
الاستشهاد فيه:
في مواضع:
الأول: إبدال الميم الأولى من: "إما" المكسورة ياء
(3)
.
والثاني: فتح همزته.
والثالث: حذف واو العطف في: "أيما" الثانية؛ إذ التقدير: إلى جنة وإما إلى نار
(4)
.
الشاهد التاسع والسبعون بعد الثمانمائة
(5)
،
(6)
كَأَنَّ دِثَارًا حَلَّقَتْ بِلَبُويه
…
عُقَابُ تَنُوفَى لَا عُقَابُ القَوَاعِلِ
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وهو من قصيدة لامية من الطويل، وقد قلنا إن في البيت الأول ثرمًا، وأولها هو قوله
(7)
:
1 -
دَعْ عَنْكَ نَهْبًا صِيحَ في حَجَرَاته
…
وَلَكنْ حَدِيثًا مَا حَدِيثُ الرَّوَاحِل
2 -
كَأَن دثَارًا ..................
…
........................ إلى آخره
2 -
قوله: "دثارًا" بكسر الدال وبالثاء المثلثة؛ اسم راع لامرئ القيس، وهو دثار بن فقعس بن طريف من بني أسد، قوله:"بلبونه" اللبون بفتح اللام الإبل التي لها ألبان، و "العقاب": هو الطائر المعروف، و"تنوفى" بضم التاء المثناة من فوق وضم النون وسكون الواو وفتح الفاء؛
(1)
و
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
بنو تميم هم الذين يبدلون الميم الأولى من إما المكسورة ياء وتبدل الميم التي تليها ياء. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 366)، والمغني (59).
(4)
الغالب في: "إما" العاطفة الثانية أن تلزمها الواو، وقد لا تلزمها، وهذا همع الهوامع للسيوطي: يغير الغالب. ينظر المغني (59)، والجنى الداني (533).
(5)
ابن الناظم (210)، وأوضح المسالك (3/ 388).
(6)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة لامرئ القيس قالها يوم أخذ بنو جديلة إبله ورواحله، قالها يهجو خالد السدوسي، وانظره في الديوان (146)، والجنى الداني (295)، والخزانة (11/ 177، 178)، والخصائص (3/ 191)، وشرح التصريح (2/ 150)، والمغني (242)، وشرح شواهد المغني (441، 616).
(7)
ينظر الديوان (146) ط. دار صادر بيروت.
اسم موضع مرتفع في جبل طيئ، و"القواعل" بالقاف والعين المهملة؛ جبل دون تنوفى، وقال ابن الكلبي: القواعل: جبل سلمى بموضع يقال له: القواعل، وبه تحالفت طيئٍ وأسد، ويقال -أيضًا-: أخبث العقبان ما أوى في الجبال المشرفة وهذا مثل، فأراد: كأن دثارًا ذهبت بلبونه داهية أي آفة، وأراد أنه أغير عليه من قبل تنوفى.
الإعراب:
قوله: "كأن" للتشبيه، و "دثارًا": اسمه، وقوله:"حلقت": فعل، وقوله:"عقاب تنوفى": كلام إضافي فاعله، وقوله:"بلبونه" في محل النصب مفعوله، وقوله:"لا عقاب القواعل": عطف على العقاب الأول، ومراده: كأن عقابًا من عقبان تنوفى ذهبت بهذه الإبل لا عقبان هذه الأجبل الصغار، وإنما يصف أن هذه الإبل لا يستطاع ردها، ولا يُطمع فيها كما لا يُطمع فيما نالته هذه العقاب.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لا عقاب القواعل" فإنه معطوف على معمول فعل ماض، وهو العقاب الأول، وفيه رد على أبي القاسم الزجاجي في منعه أن يعطف بلا بعد الفعل الماضي
(1)
.
(1)
"تأتي"لا" عاطفة بشرط أن يتقدمها إثبات، وألا تقترن بعاطف، وأن يتعاند متعاطفاها ولا يمتنع العطف بها على معمول الفعل الماضي؛ كما في البيت الشاهد، وخالف الزجاجي ومنع ذلك حيث يقول: إنما تنفي بها في المستقبل لا في الماضي، وذلك أن الماضي يوجب وجود الفعل لأنه قد كان ولا ينفي وجوده، ولا يكون النفي مع الوجود في الحال". حروف المعاني (31)، والمغني (242)، والجنى الداني (295) وقال ابن عصفور:"ومنهم من منع ذلك، وإليه ذهب أبو القاسم الزجاجي في معاني الحروف، واستدل على ذلك كأن "لا" لا ينفى بها الماضي، وإذا عطفت بها بعده كانت نافية له في المعنى، فلذلك لم يجز العطف بها بعد الماضي؛ لأنك إذا قلت: قام زيد لا عمرو، فكأنك قلت: لا قام عمرو، ولا قام عمرو لا يجوز فكذلك ما في معناه." شرح جمل الزجاجي "الكبير" لابن عصفور (1/ 240). وقد رد النحويون على الزجاجي بورود العطف على معمول الفعل الماضي في الشعر وممن ردوا عليه ابن عصفور وابن هشام وغيرهما. يقول ابن عصفور: "والذي يدل على فساد مذهبه
…
ومما ورد من العطف بها بعد الماضي قوله: (البيت) فعطف بلا بعد حلقت وهو ماضي". شرح جمل الزجاجي "الكبير" لابن عصفور (1/ 240). وقال ابن هشام: (ولا يمتنع العطف بها على معمول الفعل الماضي خلافا للزجاجي
…
وما منحه مسموع فمنعه مدفوع؛ قال امرؤ القيس: (البيت) دثارًا: اسم راع، وحلقت: ذهبت، واللبون: نوق ذوات لبن، وتنوفى: لبن عال، والقواعل: جبال صغار، وقوله: إن العامل مقدر بعد العاطف ولا يقال: لا قام عمرو، إلا على الدعاء مردود بأنه لو توقف صحة العطف على صحة تقدير العامل بعد العاطف لامتنع: ليس زيد قائمًا ولا قاعدًا". مغني اللبيب لابن هشام (2420)، تحقيق: محمد محيي الدين.
الشاهد الثمانون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
لَو اعْتصمَتْ بِنَا لَم تعْتَصِم بِعِدا
…
بَلْ أَوْلِيَاءٌ كُفَاةٌ غَير أَوْكَالِ
أقول: لم أقف على اسم قائله
(3)
، وهو من البسيط.
قوله: "بعدا" بكسر العين؛ جمع عدو، و "كفاة" بضم الكاف؛ جمع كاف، و "الأوكال" بفتح الهمزة؛ جمع وكل بفتحتين، يقال: رجل وكل؛ أي: عاجز، يكل أموه إلى غيره، ويتكل إلى غيره، ويروى: غير أوغاد، بفتح الهمزة جمع وغد بفتح الواو وسكون الغين المعجمة وفي آخره دال مهملة، وهو الرجل الذي يخدم بطعام بطنه.
الإعراب:
قوله: "لو" للشرط، و "اعتصمت"؛ جملة من الفعل والفاعل، و "بنا" في محل النصب مفعوله، والجملة فعل الشرط، قوله:"لم تعتصم بِعِدا": مثله؛ جملة وقعت جواب الشرط، قوله:"بل" للإضراب، وقوله:"أولياء": مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: نحن أولياء، و "كفاة" بالرفع صفته، وكذا قوله:"غير أوكال".
وقد علم أن "بل" إذا تلاها جملة يكون معنى الإضراب الإبطال؛ كما في قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: 26]، أي: بل هم عباد، قيل: وقد روي: أولياء بالنصب.
قلت: فعلى هذا تكون "بل" عطفة عطف أولياء على قوله: "بنا" في قوله: "لو اعتصمت بنا" فإنه منصوب كما ذكرنا.
الاستشهاد فيه:
أنه احتج على المبرد في تجويزه أن تكون بل ناقلة لحكم النفي أو النهي لما بعدها؛ فعلى مقتضى قوله إذا قال: لا تضرب زيدًا بل عمرًا يكون نهيًا عن ضرب كل واحد منهما، وإذا قال: ما له عليّ درهم بل درهمان، لا يلزمه شيء لأن الدرهم منفي صريحًا وعطف عليه
(1)
ابن الناظم (211).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو في الفخر، وانظره في: شرح عمدة الحافظ (631)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 368)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 136)، والدرر (6/ 133).
(3)
البيت بلا نسبة.
الدرهمان منقولًا النفي إليهما؛ فصار كأنه قال: ما له عليَّ درهم وما له عليّ درهمان
(1)
، وما قاله مخالف لاستعمال العرب؛ ألا ترى إلى قول الشاعر:
لو اعتصمت ...............
…
...................... إلى آخره
فإنه يرد عليه هذا القول على ما لا يخفى
(2)
.
الشاهد الحادي والثمانون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
وَمَا انْتَمَيتُ إِلَى خُورٍ ولَا كُشُفٍ
…
ولَا لِئَامٍ غَدَاةَ الرَّوْعِ أَوْزَاعِ
بَلْ ضَارِبينَ حَبِيكَ البِيضِ إِنْ لَحِقُوا
…
شُمّ العَرَانِيِن عندَ المَوْتِ لُذَّاعِ
أقول: قائلهما
(5)
هو ضرار بن خطاب، وهو من قصيدة من البسيط قالها يوم أحد، وأولها هو قوله
(6)
:
1 -
أَتَى وجَدِّكَ لَوْلَا مقدمِي فَرَسِي
…
إِذْ جَالتْ الخَيلُ بَينَ الجَزْعِ والقَاعِ
2 -
مَا زَال مِنْكُم بِجَنْبِ الجزعِ مِنْ أَحَدٍ
…
أَصْوَاتَ هَامٍ تَزَاقى أَمْرِهَا شَاعِ
3 -
وَفَارِسٍ قَدْ أَصَابَ السَّيفُ مَفْرِقَهُ
…
أَفْلَاقُ هَامتهُ كفَرْوَةِ الرَّاعِي
4 -
إِني وجدكَ لَا أَنْفَكُّ مُنْتَطِقًا
…
بِصَارِمٍ مثْل لَوْنِ المِلْحِ قطاعِ
5 -
عَلَى رِحَالةٍ ملواحٍ مُثَابَرَةٍ
…
نَحْو الصَّرِيخ إِذَا مَا ثَوَّبَ الدَّاعِي
6 -
وما انتميت ...............
…
............................. إلى آخره
7 -
شم بها ليل مسترخٍ حمائلُهُمْ
…
يَسْعَوْنَ لِلْمَوْتِ سعْيًا غير دَعْدَاعِ
(1)
ينظر المقتضب (1/ 12)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 368)، والمغني (112)، والجنى الداني (236).
(2)
تأتي بل حرف عطف، وشرطها أن يتقدمها نفي أو نهي وهي تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه وتثبت الحكم لما بعدها؛ أي أن ما قبلها منافٍ لما بعدها، وأجاز المبرد وأبو الحسن عبد الوارث أن تكون ناقلة معنى النفي والنهي إلى ما بعدها؛ وعلى قولهما يصح: ما زيد قائمًا بل قاعدًا وبل قاعد، ويختلف المعنى، وهذا خلاف الواقع في كلام العرب كما في البيت. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3، 368)، والجنى الداني (236)، والمغني (112).
(3)
ابن الناظم (211).
(4)
البيت من بحر البسيط، من مقطوعة لضرار بن الخطاب الفهري، قالها يوم أحد، وفيها يفتخر بالشجاعة وحرب الأعداء، وانظر بيت الشاهد في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 368)، وشرح الكافية الشافية لابن مالك (1235)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 136)، والدرر (6/ 134).
(5)
في (أ، ب): قائله.
(6)
انظر المقطوعة كاملة في السيوة النبوية لابن هشام (2/ 71) ط. دار الوفاء.
1 -
قوله: "الجزع" بفتح الجيم وسكون الزاي المعجمة؛ اسم لموضع بالقرب من جبل أحد، و"القاع": الأرض المستوية.
2 -
و "الهام": جمع هامة، وهي الرأس، و "الرحالة" بكسر الراء؛ السرج.
5 -
و "الملواح" بالحاء المهملة؛ الفرس الذي عطش من الجري.
6 -
قوله: "وما انتميت" أي: وما انتسبت، و"الخور" بضم الخاء المعجمة وسكون الواو وفي آخره راء؛ جمع خوّار على وزن "فُغال" بالتشديد؛ من الخور بفتحتين وهو الضعف، و "الكشف" بضم الكاف والشين المعجمة؛ جمع أكشف، والأكشف: الرجل الذي لا ترس له في الحرب، و "اللئام": جمع لئيم، وهو الدنيء النفس شحيحها، قوله:"غداة الروع" أي: يوم الفزع والحرب، [قوله: "]
(1)
أوزاع" بفتح الهمزة؛ أي: جماعات متفرقين.
7 -
قوله: "حبيك البيض" بكسر الباء، وهي السيوف، والحبيك بفتح الحاء المهملة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره كاف، وهو فعيل بمعنى مفعول، والمحبوك: القوي من كل شيء، يقال: فرس حبيك وسيف حبيك ونحو ذلك.
قوله: "شم العرانين" بضم الشين المعجمة وتشديد الميم؛ جمع أشم؛ والعرانين: جمع عرنين الأنف، وهو ما تحت مجتمع الحاجبين، وهو أول الأنف حيث يكون فيه الشمم، يقال: هم شم العرانين إذا كانوا أكابر سادات، قوله:"لذاع" بضم اللام وتشديد الذال المعجمة؛ جمع لاذع؛ من لذعته النار إذا أحرقته، ولذعه بلسانه إذا أوجعه بكلام، ويروى:"دفاع" بضم الدال؛ جمع دافع، و "الدعداع": من دعدعته فتدعدع؛ أي: فرقته فتفرق.
الإعراب:
قوله: "وما انتميت" الواو للعطف، "وانتميت": جملة من الفعل والفاعل، و "إلى خور": في محل النصب على المفعولية، قوله:"ولا كشف": عطف على خور.
وقوله: "ولا لئام" بالجر -أيضًا- عطف على كشف، قوله:"غداة الروع": كلام إضافي نصب على الظرفية، وقوله:"أوزاع": صفة للخور والكشف واللئام، قوله:"بل" للإضراب عطف به قوله: "ضاربين" على المجرورات قبله، والمعنى: بل انتميت إلى ضاربين، وقد علم أن بل إذا تلاها مفرد تكون للعطف.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
وقوله: "حبيك البيض": كلام إضافي مفعول اسم الفاعل، قوله:"إن لحقوا": جملة شرطية وجوابها محذوف دل عليه سياق الكلام، ومفعول لحقوا محذوف -أيضًا- تقديره: إن لحقوا الأعداء، قوله:"شم العرانين": كلام إضافي صفة لما قبله، وكذا قوله:"لذاع" صفة بعد صفة، وقوله:"عند الموت": كلام إضافي نصب على الظرفية.
الاستشهاد فيه:
مثل الاستشهاد في البيت السابق بعينه وهو أن بل هاهنا نقلت حكم النفي لما بعدها، وهو حجة على المبرد كما ذكرنا
(1)
.
الشاهد الثاني والثمانون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
وَرَجَا الأُخَيْطِلُ مِنْ سَفَاهَةِ رَأْيِهِ
…
مَا لَمْ يَكُن وَأَبٌ لَهُ لِيَنَالا
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي يهجو الأخطل، وهو من الكامل.
الإعراب:
قوله: "ورجا الأخيطل": جملة من الفعل والفاعل، وكلمة "من" في:"من سفاهة رأيه" للتعليل؛ أي: لأجل سفاهة [رأيه] قوله: "]
(4)
ما": في محل النصب على أنه مفعول لقوله: "ورجا"، والضمير في: "لم يكن" يرجع إلى الأخيطل، والمعنى: ما لم يكن الأخيطل وأبوه لينالا ذلك يعني: ما رجياه.
قوله: "وأب": عطف الضمير المستكن في: "لم يكن"، وقوله:"له": جاو ومجرور في محل الرفع صفة لأب، أي: وأب كائن له؛ أي: للأخيطل، قوله:"لينالا" اللام فيه للتعليل
(5)
، وينالا: منصوب بأن المقدرة بعد اللام، وألفه للتثنية.
(1)
ينظر الشاهد رقم (880).
(2)
ابن الناظم (212)، وأوضح المسالك (3/ 390).
(3)
البيت من بحر الكامل، من قصيدة لجرير يهجو بها الأخطل، وقبل الشاهد قوله:
والتغلبي إذا تنحنح للقرب
…
حك استه وتمثل الأمثالا
وانظر بيت الشاهد في ديوان جرير (57) ط. دار المعارف، وانظره أيضًا في الإنصاف (476)، والمقرب (2/ 234)، همع الهوامع للسيوطي (2/ 138)، وشرح الأشموني (3/ 114)، والدرر (6/ 149)، وشرح التصريح (2/ 151).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
ليس بصحيح، وإنما اللام للجحود لسبقها بكون ماض ناقص منفي.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وأب" حيث عطفه على الضمير المستكن في: "لم يكن" من غير توكيد ولا فصل، وهو شاذ
(1)
، وفيه نظر؛ لأنه ليس بمضطر إلى رفع أب لأنه كان يمكنه أن يقول:"وأبًا" بالنصب على أنه مفعول معه، وكيف يكون شاذًّا، وقد ورد في صحيح البخاري مثل ذلك، وهو ما روي عن علي رضي الله عنه
(2)
أنه قال: "كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كنت وأبو بكر وعمر، وفعلت وأبو بكر وعمر، وانطلقت وأبو بكر وعمر"
(3)
، وروي عن عمر رضي الله عنه قال:"كنت وجار لي من الأنصار".
الشاهد الثالث والثمانون بعد الثمانمائة
(4)
،
(5)
قُلْتُ إِذْ أَقْبَلَتْ وَزُهْرٌ تَهَادَى
…
كَنِعَاجِ الملَا تَعَسَّفْنَ رَمْلًا
أقول: قائله هو عمر بن أبي ربيعة
(6)
، وهو من الخفيف.
قوله: "زهر" بضم الزاي وسكون الهاء؛ جمع زهراء، قوله:"تهادى" أصله: تتهادى فحذفت إحدى التائين؛ كما في قوله تعالى: {نارًا تَلَظَّى} [الليل: 14] أصله: تتلظى، ومعناه: تتبختر، و "الملا" بفتح الميم، الصحراء، و "النعاج": جمع نعجة، وأراد بها نعاج الرمل وهي البقر، قوله:"تعسفن" أي: ملن عن الطرق وأخذن في غيرها.
وحاصل المعنى: قلت إذ أقبلت الحبيبة مع نسوة يتبخترن كنعاج الصحراء حين ملن عن الطريق وأخذن في الرمل.
(1)
إذا قصد العطف على ضمير الرفع المتصل لم يحسن إلا بعد توكيده بضمير منفصل كقوله تعالى: {قَال لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} [الأنياء: 54] أو فصل يقوم مقام التوكيد كقوله تعالى: {يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ} [الرعد: 23] وقد يرد العطف على الضمير المذكور بغير توكيد ولا فصل وهو ضعيف كهذا البيت، ومع كثرته في الشعر فهو شاذ. ينظر ابن يعيش (3/ 76)، وتوضيح المقاصد (3/ 227، 228)، وشرح الأشموني (3/ 113، 114).
(2)
في (ب): كرم الله وجهه.
(3)
انظر نصه في صحيح البخاري (5/ 12) ط. محمد علي صبيح.
(4)
ابن الناظم (212)، وتوضيح المقاصد (3/ 229)، وشرح ابن عقيل (3/ 238).
(5)
البيت من بحر الخفيف لعمر بن أبي ربيعة في الغزل من مقطوعة عدتها بيتان هذا أولهما، وانظرهما في ديوان عمر بن أبي ربيعة (34) ط. دار صادر، وانظر الشاهد في الكتاب لسيبويه (2/ 379)، وابن يعيش (3/ 76)، واللمع (184)، والإنصاف (79)، والخصائص (2/ 386).
(6)
الديوان (320)، طبعة دار الكتب العلمية (1986 م).
الإعراب:
قوله: "قلت": جملة من الفعل والفاعل، و "إذا": ظرف بمعنى حين، و "أقبلت": فعل وفاعله مستتر فيه يعود إلى الحبيبة، قوله:"وزهو". عطف على الضمير الذي في أقبلت، قوله:"تهادى": جملة في محل الوفع لكونها صفة لزهر، هذا على تقدير العطف.
وأما إذا قلنا: إن الواو في: "وزهو" للحال يكون زهر مبتدأ، والجملة أعني قوله. "تهادى" خبره، وتكون الجملة محلها النصب على الحال، قوله:"كنعاج الملا" الكاف للتشبيه، و"نعاج" مجرور به، ومضاف إلى الملا، قوله:"تعسفن": فعل وفاعله النون، والجملة حال من النعاج، والعامل فيها:"تهادى"، و "رملًا": نصب على الظرف؛ أي: في رمل.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وزهو" حيث عطف على الضمير المستتر المرفوع في "أقبلت" من غير توكيد ولا فصل، وقد جوز الكوفيون ذلك محتجين بالبيت المذكور وأمثاله، وأجيب عن هذا بأن الواو ليست بمتحضة للعطف
(1)
؛ لأنها أن تكون للحال كما ذكرنا، وقيل: إنه شاذ، وفيه نظر؛ لأنه لا ضرورة فيه؛ إذ كان أن يقول: وزهرًا على أنه مفعول معه
(2)
.
الشاهد الرابع والثمانون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
فاليومَ قرَّبت تَهجُونَا وَتَشْتِمُنَا
…
فاذهبْ فمَا بكَ والأيامِ من عجبٍ
أقول: هذا من أبيات الكتاب أنشده سيبويه ولم يعزه إلى أحد، وهو من البسيط. المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "فاليوم": نصب على الظرف، قوله:"قربت" بتشديد الراء؛ جملة من الفعل والفاعل وهو بمعنى قربت بالتخفيف، وقوله:"تهجونا": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقعت حالًا، ويقال: قربت هاهنا من أفعال المقاربة؛ فحينئذ تكون الجملة خبرًا، قوله:"وتشتمنا": عطف عليها.
(1)
في (أ): للعطفية.
(2)
ينظر الشاهد رقم (882).
(3)
ابن الناظم (212)، وتوضيح المقاصد (3/ 233)، وشرح ابن عقيل (3/ 240).
(4)
البيت من بحر البسيط، وهو مجهول القائل، وانظره في الكتاب (2/ 382)، والإنصاف (264)، وابن يعيش (3/ 78، 79)، والخرانة (5/ 123، 126)، واللمع (185)، والمقرب (1/ 234)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 139)، والدرر (2/ 81)، (6/ 151).
قوله: "فاذهب": جواب شرط محذوف، والتقدير: فإن فعلت ذلك فاذهب؛ فإن ذلك ليس بعجب من مثلك ومن مثل هذه الأيام، وكلمة:"من" في: "من عجب" زائدة، وهي الدالة على توكيد العموم
(1)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "والأيام" فإنه عطف على الضمير المجرور، أعني قوله:"بك" من غير إعادة الجار، وهذا جائز عند الكوفيين ووافقهم على ذلك يونس والأخفش وقطرب وأبو علي الشلويين وابن مالك رحمهم الله
(2)
، واحتجوا على ذلك بالبيت المذكور، وبأمثاله
(3)
.
والجواب عن ذلك: أن كل ما روي من ذلك في السماع محمول على شذوذ إضمار الجار، وفيه نظر لا يخفى
(4)
.
الشاهد الخامس والثمانون بعد الثمانمائة
(5)
،
(6)
نُعَلِّقُ في مِثْلِ السَّوَارِي سيُوفَنا
…
وَمَا بَينَهَا وَالكعْبِ غوطٌ نَفَانِفُ
أقول: أنشده الفراء ولم يعزه إلى أحد، [وقال الجاحظ في كتاب الحيوان: هو لمسكين
(1)
ينظر الكتاب (2/ 382)، والمغني (322)، وقد ذكر الدكتور سيد تقي الدين أنه لجرير من قصيدة له يهجو بها الأخطل، وقد فتشنا عنه في ديوان جرير فلم نجده، مع كتاب المقاصد النحوية (113).
(2)
الجملة الدعائية سقط في (ب).
(3)
يقول المرادي: "في العطف على الضمير المجرور ثلاثة مذاهب: الأول: مذهب جمهور البصريين أنه لا يجوز إلا بإعادة الجار إلا في الضرورة. والثاني: مذهب الكوفيين ويونس والأخفش أنه يجوز في الكلام واختاره المصنف والشلوبين. الثالث: أنه إن أكد الضمير جاز في الكلام وإلا فلا نحو: مررت بك أنت وزيد، وهو مذهب الجرمي والزيادي، وشبيه به ما أجازه الفراء من قولك: مررت به نفسه وزيد. والصحيح ما اختاره المصنف (ابن مالك) للقياس والسماع. أما القياس: فكما يجوز أن تبدل منه ويؤكد بغير إعادة الجار كذلك يعطف عليه. وأما السماع؛ فمن النثر قوله تعالى: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 217] و {تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [
…
النساء: 1] وتأويلهما على غير ذلك مرجوح؛ بل يتعين اطراحه لأنه عدول عن الظاهر، وقالت العرب: ما فيها غيره وفرسِه، ومن النظم ما أنشده سيبويه:(البيت) أي: وفي أبيات كثيرة لا نطول بإنشادها يرشد كثرتها إلى أن ذلك ليس من الضرورات". شرح التسهيل للمرادي (3/ 722 - 725).
(4)
ينظر الكتاب (2/ 382)، والإنصاف (264)، وابن يعيش (3/ 78، 79)، وارتشاف الضرب (2/ 658)، وابن الناظم (545، 546)، ومعاني القرآن للأخفش (1/ 224)، وشرح الكافية الشافية لابن مالك (3/ 1246 - 1254).
(5)
ابن الناظم (212).
(6)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة تبلغ عشرة أبيات لمسكين الدارمي، وهي في الفخر بالشجاعة والكرم، انظر =
الدارمي، وهو من قصيدة طويلة، وأولها هو قوله
(1)
:
1 -
لَقَدْ عَلِمَتْ قَيسٌ وخِنْدفُ أنَّني
…
بثَغْرهمُ مِنْ عَارِم الناس وَاقَفُ
2 -
وقدْ عَلمُوا أَنْ لَنْ نُبَقِّي عَدُوَّهُم
…
إذا قَذَفَتْهُ فِي يَديَّ القُوَاذِفُ
3 -
إِن أَبَانَا بَكْرُ آَدَمَ فَاعْلمُوا
…
وحواءَ قَرْمٌ ذُو عثَانِيَن شَارِفُ
4 -
كَأَن عَلَى خُرطُومِهِ مُتَهَافِتًا
…
منَ القُطْن هَاجَتْهُ الأكُف النوَادفُ
5 -
وَلِلصَّدَأ المُسْوَدُّ أَطْيَبُ عنْدَنَا
…
منَ المسك دَافَتْهُ الأكُف الدَّوَائفُ
6 -
نُعَلِّقُ في مثْلِ .............
…
......................... إلى آخره
وبعده:
7 -
وتضْحَك عِرْفَان الدُّرُوع جُلُودُنَا
…
إِذَا جَاءَ يَوْم مُظْلمُ اللَّوْنِ كَاسِفُ
8 -
وَإنَّا أُنَاسْ يملأُ البيضَ هَامُنَا
…
وَنَحْنُ حَوَاريُّونَ حينَ نُزَاحفُ
9 -
بكُل رُدَيْنِيٍّ كَأَنَّ كُعُوبَهُ
…
قَطَا سَابقٌ مُسْتَوْردُ الماء صَائِفُ
10 -
كَأَن هلَالًا لَاحَ فَوْقَ قَنَاتِهِ
…
جلَا الغيمَ عَنهُ والقَتَامَ الحَرَاجفُ]
(2)
وهي من الطويل.
و"السواري": جمع سارية وهي الأسطوانة، قوله:"والكعب"، ويروى: والأرض، و"الغوط" بضم الغين؛ جمع غائط وهو المطمئن من الأرض، و"النفانف" بنونين وفائين؛ جمع نفنف وهي]
(3)
المفازة، وفي دستور اللغة
(4)
: النفنف: الهواء الشديد، وهذا هو الأنسب؛ لأنه روي: وما بينها والكعب مهوى نفانف.
الإعراب:
قوله: "نعلق": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"سيوفنا": كلام إضافي بالنصب مفعوله، ويروى:"تعلق" على صيغة المجهول، و"سيوفنا" بالرفع مفعول ناب عن الفاعل، وقوله: "في
= ديوان مسكين الدارمي (53)، تحقيق: عبد الله الجبوري وصاحبه (1970) بغداد، وانظره في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 377)، والإنصاف (465)، وابن يعيش (3/ 79)، واللسان:"غوط"، وشرح عمدة الحافظ (663)، وشرح الأشموني (3/ 115).
(1)
ينظر الحيوان (6/ 493، 494)، تحقيق: عبد الله الجبوري وصاحبه (1970) بغداد.
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
من الشاهد (864) إلى هنا سقط في النسخة (أ).
(4)
دستور اللغة لبديع الزمان حسين بن إبراهيم النطنزي (ت 499 هـ) ينظر كشف الظنون (1/ 754).
مثل" متعلق بنعلق، قوله: "وما": مبتدأ، وقوله: "غوط": خبره، والجملة حالية، و "نفانف"؛ صفة للغوط.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "والكعب" فإنه عطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجر، والتقدير: وما بينها وبين الكعب إلا أنه حذف الظرف لتقدم ذكره وبقي عمله فافهم
(1)
.
الشاهد السادس والثمانون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
إِذَا أَوْقَدُوا نَارًا لِحَرْبِ عَدُوِّهم
…
فقد خَابَ مَنْ يَصْلَى بِهَا وَسَعِيرِهَا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل، المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "إذا" للشرط، و"أوقدوا": جملة من الفعل والفاعل، و "نارًا": مفعولها، والجملة فعل الشرط، واللام في:"لحرب" للتعليل، وهو مضاف إلى عدوهم، قوله:"فقد خاب": جواب الشرط، و "قد" للتحقيق، و "خاب": فعل ماض، و"من يصلى": فاعله، والباء في "بها" بمعنى: في، أي: فيها.
[الاستشهاد فيه]
(4)
:
في قوله: "وسعيرها" فإنه عطف على الضمير المجرور، أعني قوله:"بها" من غير إعادة الجار فافهم
(5)
.
الشاهد السابع والثمانون بعد الثمانمائة
(6)
،
(7)
بِنَا أَبَدًا لا غيرِنا يُدْرَكُ المُنَى
…
وتُكشَفُ غَمَّاءُ الخطوبِ الفوادحُ
أقول: احتج به الأخفش ولم ينسبه إلى أحد، وهو من الطويل.
(1)
ينظر الشاهد رقم (884).
(2)
ابن الناظم (212).
(3)
البيت من بحر الطويل مجهول النسبة، وانظره ابن الناظم (545)، وشرح عمدة الحافظ (663)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 377)، وشواهد التوضيح والتصحيح رقم (70).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
(5)
ينظر الشاهد رقم (884).
(6)
ابن الناظم (212).
(7)
البيت من بحر الطويل، وهو في الفخر لقائل مجهول، وانظره في شرح عمدة الحافظ (664)، ويروى فيه: (بنا أبدًا=
قوله: "المنى" بضم الميم؛ جمع منية، قوله:"غماء الخطوب" بفتح الغين المعجمة وتشديد الميم وبالمد؛ من غم على الشيء إذا ستره، و"الخطوب": جمع خطب وهو الأمر العظيم، و"الفوادح" بالفاء؛ جمع فادحة؛ من فدح الشيء إذا ثقل، وفدح - أيضًا: كسر، ويروى:"البوارح" بالباء الموحدة؛ من البرح وهو الشدة والأذى، وقيل بالقاف من القدح وهو الطعن، وليس بمروي وإن كان له معنى.
الإعراب:
قوله: "بنا" جار ومجرور يتعلق بقوله: "يدرك" تقديره: يدرك المنى بنا، وقوله:"أبدًا": نصب على الظرف، قوله:"لا غيرنا" بالجر عطف على قوله: "بنا"، قوله:"وتكشف": عطف على قوله: "يدرك"، و"غماء الخطوب": كلام إضافي مفعول ناب عن الفاعل، و:"الفوادح" بالجر صفة الخطوب.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لا غيرنا" فإنه عطف على الضمير المجرور؛ أعني قوله: "بنا" من غير إعادة الجار
(1)
.
الشاهد الثامن والثمانون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
فَمَا كَانَ بَينَ الخيرِ لَوْ جَاءَ سَالِمًا
…
أَبُو حُجُرٍ إلا لَيَالٍ قَلَائِلُ
أقول: قائله هو النابغة الذبياني، وهو من قصيدة يرثي بها النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
دَعَاكَ الهَوَى واستَجهَلَتْكَ المنَازِلُ
…
وكَيفَ تَصَابِي المرءِ والشَّيبُ شَامِلُ
2 -
وَقفْتُ بِرَبْعِ الدَّارِ قَدْ غَيَّرَ البِلَى
…
مَعَارِفَهَا والسَّارِيَاتُ الهَوَاطِلُ
3 -
أُسَائِلُ عَنْ سُعْدَى وَقَدْ مَرَّ بَعْدَنَا
…
عَلَى عَرَصَاتِ الدَّارِ سَبعٌ كَوَامِلُ
= لا غيرنا تبلغ المنى)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 377)، وشواهد التوضيح والتصحيح رقم (71).
(1)
ينظر الشاهد رقم (884).
(2)
ابن الناظم (214)، وأوضح المسالك (3/ 496).
(3)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة للنابغة يرثي فيها النعمان بن الحارث الغساني، وانظر بيت الشاهد في شرح عمدة الحافظ (648)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 379)، وشرح الأشموني (3/ 116)، وشرح التصريح (2/ 153).
(4)
انظر القصيدة في ديوان النابغة (115) ط. دار المعارف بتحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، والديوان (12 - 155) بشرح عباس عبد الساتر.
[إلى أن قال]
(1)
:
4 -
فَلا تَبْعُدَنَّ إنَّ المنَيَّةَ مَوْعدٌ
…
وَكُل امرئٍ يَوْمًا بهِ الحَالُ زَائِلُ
5 -
فما كان ...............
…
........................ إلى آخره
(2)
6 -
فَإن تَحْيَ لَا أَملَلْ حَيَاتِي وإنْ تَمُت
…
فَمَا في حَيَاةٍ بَعْدَ مَوْتكَ طَائلُ
وهو من الطويل.
1 -
قوله: "وكيف تصابي المرء" أي: كيف أخذه في حد الصبا والشوق والشيب قد شمل شعره وعمه؟
2 -
و"الربع": موضع نزولهم، و"البلى" بكسر الباء الموحدة؛ تقادم العهد، و"المعارف":[ما تعرف به الدار]
(3)
مثل النؤي والأثافي والوتد وما أشبه ذلك، و"الساريات": سحاب تمطر ليلًا، و"الهواطل": جمع هاطلة؛ من الهطل وهو مطر ليس بالشديد ولا باللين.
3 -
و"العرصات": جمع عرصة وهي كل فجوة ليس فيها بناء، وقوله:"سبع كوامل" أي: سبع سنين كوامل لم ينقص منهن شيء.
4 -
قوله: "فلا تبعدن" أي: فلا تهلكن؛ من بعد يبعد إذا هلك من باب علم يعلم، والمصدر بَعد وبُعد بضم الباء وفتحها، وأراد بالحال حال الموت، والحال تذكر وتؤنث، وقد يقال: حالة أيضًا-.
6 -
قوله: "لا أملل": من الملل، يعني: إذا حييت لا أملل الحياة لما أدركه بك من الخير والنعمة، وإن تمت فما في الحياة خير بعدك ولا نفع.
الإعراب:
قوله: "فما" الفاء للعطف، وما للنفي، و"كان": من الأفعال الناقصة، وقوله:"ليالٍ" اسمه، وقوله:"بين الخير" مقدمًا خبره، و"قلائل" بالرفع صفة لليالٍ.
وقوله: "لو" للشرط، و:"جاء": فعل، و"أبو حجر": فاعله، و"سالمًا": حال عنه، وأبو حجر: كنية النعمان بن الحارث، وهو بضم الحاء والجيم وفي آخره راء، وضمت الجيم للوزن، ويقرب من هذا البيت قول الحطيئة
(4)
:
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
هذا البيت سقط في (أ، ب).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة للحطيئة يرثي فيها علقمة بن علاثة، ديوانه (216) ط. دار صادر، وانظر =
فما كَانَ بَيني لَوْ لَقِيتُكَ سَالمًا
…
وبينَ الغِنَى إلَّا لَيالٍ قَلَائِلُ
وهو من قصيدة يرثي بها علقمة بن علاثة الكلابي.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بين الخير لو جاء سالمًا" حيث حذف فيه المعطوف بالواو؛ إذ التقدير: فما كان بين الخير وبيني لو جاء سالمًا
(1)
.
الشاهد التاسع والثمانون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
كَأنَّ الحَصَى منْ خَلْفِهَا وَأَمَامَهَا
…
إِذَا نَجَلَتْهُ رِجْلُهَا خَذْفٌ أَعْسَرَا
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وهو من قصيدة رائية من الطويل، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
سَمَا لَكَ شَوقٌ بَعْدَمَا كَانَ أَقْصَرَا
…
وحَلَّتْ سُلَيمَى بَطْنَ ظَبي فَعَرْعَرَا
2 -
تُطَايِرُ شذَّانَ الحَصَى بمَنَاسمٍ
…
صلَاب العُجَى ملثومها غيرُ أَمْعَرَا
كأن الحصى ...................
…
................. إلى آخره
1 -
قوله: "سما" أي: ارتفع، و"بطن ظبي": اسم موضع، ويروى: قرن ظبي، ويروى: بطن قو، و"عرعرا" -أيضًا- موضع.
2 -
قوله: "تطاير" بمعنى: تطير، أي: تبعد، و"شذان الحصى" بفتح الشين المعجمة وتشديد الذال المعجمة، وهو ما تطاير منه، و"المناسم": جمع منسم بكسر الميم، وهو ظفر
= أيضًا في ديوان الحطيئة بشرح ابن السكيت (183) د. حنا نصر الحتي، وجاء العيني بهذا البيت لبيان أنه قريب في المعنى من بيت الشاهد.
(1)
تختص الفاء والواو بجواز حذفهما مع معطوفهما لدليل كقوله تعالى: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ} [الأعراف: 160] أي فضرب فانبجست، ومثاله مع الواو قوله تعالى:{وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} [النحل: 81] أي تقيكم الحر والبرد، وقوله تعالى:{لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: 285] أي بين أحد وأحد، ومنه البيت المذكور.
(2)
ابن الناظم (214).
(3)
البيت من بحر الطويل، من راثية طويلة بليغة لامرئ القيس، وانظر بيت الشاهد في ديوانه (64) ط. دار المعارف، وأيضًا في ديوانه (63) طبعة دار الكتب العلمية، وينظر شرح عمدة الحافظ (647)، واللسان مادة:"حذف ونجل"، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 379).
(4)
ينظر القصيدة في ديوان امرئ القيس (56)، ط. دار المعارف، و (63) ط. دار الكتب العلمية.
البعير، و"العجى" بضم العين المهملة وتخفيف الجيم، وهو عصب يكون في اليدين والرجلين، وفي شرح النحاس: هو جمع عجاية على غير قياس، ويجمع على عجايا جمع الجمع، وهي النواشر تكون في يد البعير ورجله، وهي عصب مستبطن أوظفة البعير، ومنتهى الأرساغ، إذا قشرت الواحدة رأيت فيها أربعة أعظم في طرفها مما يلي الرسغ من باطنه، وهن ينشرن العصب، ومن قِبلهن يكون الانتشار.
قوله: "ملثومها": ما حول الحافر، وقد لثمته الحجارة لثمًا، قوله:"غير أمعرا": من أمعر ماله إذا ذهب، ويقال: ما أمعر حاج قط؛ أي: ما افتقر.
3 -
قوله: "إذا نجلته" بالجيم؛ أي: فرقته ورمت به كما يرمى الأعسر لا يذهب حذفه مستقيمًا، فهي تفعل كذلك ترمي به هكذا وهكذا، و"الخذف" بالخاء المعجمة والذال -أيضًا- هو الحذف بالحصى، وأما الحذف بالحاء المهملة والذال المعجمة فهو الحذف بالعصا.
الإعراب:
قوله: "كأن" للتشبيه، و"الحصى": اسمه، وقوله:"خذف أعسرا": خبره، وقوله:"من خلفها" أي: من خلف تلك الناقة الممدوحة فيما سبق من الأبيات، وهذه الجملة في محل النصب على الحال، و"أمامها": عطف عليه، قوله:"إذا" للظرف.
وقوله: "نجلته": جملة من الفعل والمفعول وهو الضمير الراجع إلى الحصى، وقوله:"رجلها" بالرفع فاعل لنجلته، والضمير يرجع إلى الناقة، و"أعسر" لا ينصرف لوزن الفعل والصفة وأشبعت فتحة الراء فصارت ألفًا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "إذا نجلته رجلها"، والتقدير: رجلها ويدها فحذف الواو مع العطف؛ كما في قوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] أي: والبرد، وهذا يسمى اكتفاء
(1)
.
(1)
ينظر الشاهد رقم (888).
الشاهد التسعون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
تَرَاهُ كَأنَّ الله يَجْدَعُ أَنْفَهُ
…
وَعَينَيهِ إِنْ مَوْلَاهُ ثَابَ لَهُ وَفْرُ
أقول: قائله هو الزبرقان بن بدر؛ قاله كراع، [ونسبه الجاحظ لخالد بن الطيفان
(3)
، وقبله
(4)
:
1 -
ومَوْلَى كَمَوْلَى الزِّبْرقَانِ دَمَلْتُهُ
…
كَمَا دَمَلَتْ سَاقٌ تُهَاضُ بِهَا كَسْرُ
2 -
إِذَا مَا أَحَالتْ وَالجْبَائِرُ فَوْقَهَا
…
مَضَى الحَوْلُ لَا بُرءٌ مبِينٌ وَلَا جَبرُ
وبعده:
4 -
تَرَى الشَّرَّ قَدْ أَفْنَى دَوَائِرَ وَجْهِهِ
…
كَضَبِّ الكُدَى أَفْنَى براثينه الحَفْرُ]
(5)
وهو من الطويل.
قوله: "يجدع" أي: يقطع أنفه، قوله:"مولاه" المولى يستعمل لمعان كثيرة، وقد ذكرناها في غير موضع في كتابنا هذا، والظاهر أن المراد به هنا الجار أو الصاحب، قوله:"ثاب" بالثاء المثلثة، أي: رجع من بعد ذهابه، و"الوفر" بفتح الواو وسكون الفاء وفي آخره راء، وهو المال الكثير، ويروى: دثر وهو بالمعنى الأول، وهذا في ذم شخص حاسد يحسد جاره أو صاحبه إذا رجع من سفره بمال كثير فيصير من شدة حسده كأن الله يجدع أنفه ويقلع عينيه.
الإعراب:
قوله: "تراه": جملة من الفعل والفاعل وهو أنت، والمفعول وهو الهاء التي ترجع إلى الشخص الذي يذمه الشاعر، ولفظة:"الله": اسم كان، قوله:"بجدع أنفه": جملة في محل الرفع على الخبرية، "وعينيه" عطف على أنفه الذي هو المفعول.
قوله: "إن مولاه" أصله: إن ثاب مولاه، حذف الفعل لدلالة الفعل الثاني عليه، قوله:"وفر":
(1)
ابن الناظم (214).
(2)
الأبيات من بحر الطويل، نسبت لخالد بن الطيفان في أكثر مراجعها، وهي في وصف رجل يخزن إذا اغتنى صاحبه، وانظر الإنصاف (515)، والخصائص (2/ 432)، واللسان:"جدع"، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 130)، والأشباه والنظائر (2/ 108)، والدرر (6/ 81)، والحيوان (6/ 39، 40)، تحقيق هارون، طبعة ثالثة (1969 م).
(3)
الطيفان: بفتح الطاء ثم ياء ساكنة وفاء، وهي أم الشاعر، اسمه خالد بن علقمة الدارمي شاعر فارس، المؤتلف (192)، دار الجيل.
(4)
انظر الحيوان (6/ 39، 40)، والمؤتلف (192).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
مرفوع بالابتداء، و"له" مقدمًا خبره، والجملة وقعت حالًا بدون الواو؛ كما في قولك: كلمته فوه إلى فيّ.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وعينيه" حيث حذف فيه العامل المعطوف باقيًا معموله؛ إذ التقدير: ويفقأ عينيه؛ كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر: 9] أي: واعتقدوا الإيمان
(1)
.
الشاهد الحادي والتسعون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
إذَا مَا الغَانِياتُ بَرَزْنَ يَوْمًا
…
وَزَجَّجْنَ الحَوَاجبَ وَالْعُيُونَا
أقول: قائله هو الراعي، وقد مر الكلام فيه مستوفًى في شواهد المفعول معه
(4)
.
الاستشهاد فيه هاهنا:
مثل الاستشهاد في البيت السابق، وذلك أنه حذف فيه -أيضًا- العامل المعطوف باقيًا معموله؛ إذ التقدير فيه: زججن الحواجب وكحلن العيونا؛ لأن العيون لا تزجج بل تكحل
(5)
.
الشاهد الثاني والتسعون بعد الثمانمائة
(6)
،
(7)
يَا رُبَّ بَيضاءَ مِنَ العوَاهِجِ
…
أُمّ صَبِيٍّ قَدْ حَبَا أوْ دَارج
أقول: أنشده المبرد ولم يعزه إلى راجزه، وقبله
(8)
:
(1)
انفردت الواو من بين حروف العطف بعطف عامل محذوف بقي معموله سواء أكان مرفوعًا كقوله تعالى: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] أي: وليسكن زوجك، أم منصوبًا كقوله تعالى:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ومثل بيت الشاهد، أم مجرورًا مثل: ما كل بيضاء شحمة ولا سوداء تمرة؛ أي: ولا كل سوداء. ينظر شرح الأشموني (3/ 117).
(2)
ابن الناظم (214)، وشرح ابن عقيل (3/ 242).
(3)
البيت من بحر الوافر، وقد سبق الحديث عنه مفصلًا في شواهد المفعول معه، وانظر الشاهد رقم (459) من شواهد هذا الكتاب.
(4)
ينظر الشاهد رقم (459).
(5)
انظر تفصيل ذلك في الشاهد رقم (890).
(6)
ابن الناظم (215)، وتوضيح المقاصد (3/ 245)، وأوضح المسالك (3/ 394).
(7)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وقد نسبا إلى جندب بن عمرو، وانظرهما في سر الصناعة (2/ 641)، وشرح التصريح (2/ 152)، واللسان:"كهج"، والأشموني (3/ 120)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 383)، والخزانة (4/ 238).
(8)
لم نجده في الكامل ولا المقتضب ولا في الكتب المطبوعة التي للمبرد.
يَا لَيتَنِي عَلِقْتُ غَيرَ خَارجٍ
…
قَبْلَ الصَّبَاح ذَاتَ خَلْقٍ بَارِجِ
قوله: "غير خارج" أي: غير آثم، و"بارج": من البروج وهو الظهور، و"العواهج": جمع عوهج وهي الطويلة العنق من الظباء والظلمان والنوق، وأراد بها هاهنا: المرأة التامة الخلق.
قوله: "حبا" بالحاء المهملة؛ من حبى الصبي على استه حبوًا إذا زحف، قوله:"دارج": من درج الصبي يدرج دروجًا ودرجانًا إذا قارب بين خطاه؛ لكونه طفلًا لم تستحكم قوته بعد فلا يقدر على العدو والمشي.
الإعراب:
قوله: "يا رب" كلمة يا لمجرد التنبيه فلا يحتاج إلى المنادى، ورب هاهنا للتكثير، و"بيضاء" مجرور به في التقدير، و"من العواهج": يتعلق بمحذوف؛ أي: حاصلة ونحوها، قوله:"أم صبي": عطف بيان لقوله: "بيضاء"، ويجوز أن تكون خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هي أم صبي حابٍ أو دارج.
قوله: "قد حبا": جملة فعلية وقعت صفة لصبي، قوله:"أو دارج": عطف على "قد حبا".
الاستشهاد فيه:
فإن فيه عطف الاسم على فعل هو الجملة، فإنه عطف الدارج الذي هو اسم على قوله:"قد حبا"، وهذا الباب فيه اختلاف أقوال
(1)
.
الشاهد الثالث والتسعون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
باتَ يُعَشِّيهَا بِعَضْبٍ بَاتِرٍ
…
يَقْصدُ في أَسْوُقهَا وَجَائرِ
أقول: لم أقف على اسم راجزه، وهو من الرجز المسدس.
قوله: "يعشيها" من العشا بفتح العين وهو الطعام الذي يؤكل وقت العشاء، و"العضب"
(1)
عطف الاسمية على الفعلية والعكس اختلف النحويون على ثلاثة أقوال: الأول: الجواز مطلقًا، والثاني: المنع مطلقًا، والثالث: أنه جوز في الواو فقط وهو رأي أبي علي الفارسي. ينظر المغني (458)، والصحيح أنه يجوز عطف الاسمية على الفعلية والعكس بالواو وهو ما ورد السماع به كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إلا الرَّحْمَنُ
…
} [الملك: 19]، وقوله تعالى:{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} [الأنعام: 95]، ومنه بيت الشاهد والبيت الآتي بعده.
(2)
ابن الناظم (215)، وشرح ابن عقيل (3/ 245).
(3)
البيتان من بحر الرجز المشطور، لم ينسبا في مراجعهما، وهما في الخزانة (5/ 140، 143)، واللسان مادة:"كهل، وعشا"، وشرح الأشموني (3/ 120)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (1166).
بفتح العين المهملة وسكون الضاد المعجمة وفي آخره باء موحدة، وهو السيف، ويروى: بسيف باتر، أي: قاطع من البتر وهو القطع؛ قال الجوهري: السيف الباتر: القاطع
(1)
.
وقوله: "يقصد": من القصد، وهو ضد الجور، قال الله تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} [النحل: 9]، قوله:"أسوقها": جمع ساق، ويروى:"في أسوقها" وليس بصحيح، قوله:"وجائر": من الجور وهو ضد العدل.
الإعراب:
قوله: "بات": من الأفعال الناقصة ويستعمل في من يفعل بالليل كما أن ظل يستعمل في من يفعل بالنهار، والضمير المستتر فيه اسمه، وقوله:"يعشيها": جملة من الفعل والفاعل والمفعول؛ خبره، والضمير فيه يرجع إلى المرأة التي يعاقبها زوجها بالسيف
(2)
، والباء في "بعضب" تتعلق بقوله:"يعشيها"، وقوله:"باتر" بالجر صفة لعضب.
قوله: "يقصد": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى ما يرجع إليه الضمير الذي في بات، ومحلها النصب على الحال
(3)
، وقوله:"في أسوقها" يتعلق بها.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وجائر" فإنه عطف على قوله: "يقصد"، وهو عطف الاسم على الفعل، والمسهل لذلك كون جائر بمعنى يجور فافهم
(4)
.
الشاهد الرابع والتسعون بعد الثمانمائة
(5)
،
(6)
فألْفَيتُهُ يَومًا يُبِيرُ عَدُوَّهُ
…
وَمُجْرٍ عَطَاءً يَستَجفُّ المَعَابِرَا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
(1)
الصحاح مادة: "بتر".
(2)
قال صاحب الخزانة (5/ 141): "وزعم العيني أن الضمير للمرأة التي عاقبها زوجها بالسيف ولا يخفى أن هذا غير مناسب لسياق الكلام".
(3)
قال صاحب الخزانة بعد أن نقل هذا المعنى وهذا الإعراب: "قال: وهذا فاسد؛ لأنه لو كان كما زعم لنصب جائز؛ لأنه معطوف عليه ولا جائز أن يكون منصوبًا أو مرفوعًا؛ لأن الشعر من الرجز الذي يجب توافق قوافيه، والقافيتان مضبوطتان بالجر، وكان قد ذكر أن جملة يقصد صفة لعضب.
(4)
ينظر الشاهد رقم (892).
(5)
شرح ابن عقيل (3/ 244).
(6)
البيت من بحر الطويل للنابغة الذيباني من قصيدة قالها يمدح النعمان ويعتذر إليه، في ديوانه (48)، شرح: عباس =
قوله: "فألفيته" أي: وجدته، قال الله تعالى:{وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: 25]، أي: وجداه، قوله:"يبير": من أبار إذا أهلك؛ من البوار وهو الهلاك، قوله:"ومجرٍ" من الإجراء، و:"العطاء" اسم للعطية، و"المعابر": جمع معبر وهو المركب.
الإعراب:
قوله: "فألفيته" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، "وألفيته": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، و"يومًا": نصب على الظرف، قوله:"يبير": جملة من الفعل والفاعل، و "عدوه": كلام إضافي مفعولها، والجملة حالية
(1)
، و"مجر": عطف على قوله: "يبير" كما يجيء بيانه الآن، وقوله:"عطاء": مفعول، قوله:"مجر"، قوله:"يستخف المعابر": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقعت صفة للعطاء، والألف في "معابرا" ألف الإشباع.
والاستشهاد فيه:
في قوله: "ومجر" فإنه اسم عُطف على الفعل، وهو قوله:"يبير"، والمسهل لذلك كون يبير بمعنى مبير؛ فيكون في التقدير عطف الاسم على الاسم
(2)
.
الشاهد الخامس والتسعون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
..........................
…
إِنمَا يَجْزِي الفَتَى ليسَ الجَمَلُ
أقول: قائله هو لبيد بن ربيعة العامري، وصدره
(5)
:
وَإذَا أُقرِضْتَ قَرضًا فَاجْزِه
…
...................................
= عبد الساتر، وأيضًا ديوانه (63) ط. دار صادر، وانظر بيت الشاهد في رصف المباني (411)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (310).
(1)
الصحيح أنها مفعول ثان لألفى، وليست حالًا؛ لأن ألفى تنصب المفعولين.
(2)
ينظر الشاهد رقم (892، 893)، وهذا كلام النحويين، ونعود إلى البيت في ديوان النابغة فوجدناه يطيح باستشهادهم حيث روايته:"وبحر عطاء".
(3)
أوضح المسالك (3/ 354).
(4)
البيت من بحر الرمل، وهو من قصيدة طويلة للبيد بن ربيعة العامري، يتحدث فيها عن أحواله ومواقفه ويأسى لفقد أخيه، وتمتلئ هذه القصيدة بالحكم ومطلعها قوله:
إن تقوى ربنا خير نفل
…
وبإذن ربنا ريثي والعجل
انظر ديوان لبيد (139)، ط. دار صادر، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (2/ 223)، وشرح التصريح (2/ 135)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 40)، والمقتضب (4/ 410)، والخزانة (9/ 296، 297، 300).
(5)
ديوان لبيد (139)، ط. دار صادر.
وبعده:
3 -
وإذَا رُمْتَ رَحيلًا فَارتحلْ
…
واعْصِ مَا يَأْمُرُ تَوصيمُ الكَسَلْ
4 -
واكْذِبِ النفْسَ إذَا حَدَّثْتَهَا
…
إن صِدْقَ النفسِ يُزْرِي بِالأمَلْ
وهي من الرمل
(1)
وفيه الخبن والحذف.
قوله: "وإذا أقرضت"، ويروى:"وإذا قورضت"، وفي كتاب ابن كيسان: وإذا جوزيت قرضًا، والكل بمعنى واحد، وقال أبو عبيدة: من أمثالهم في المكافأة
(2)
:
إنما يُجزي الفَتَى لَيسَ الجمَلُ.
قالها لبيد في شعره، وشعره هذا كله أمثال.
الإعراب:
قوله: "وإذا" للشرط، و "أُقْرِضَتَ" على صيغة المجهول فعل الشرط، و"قرضًا": مفعول مطلق، وقوله:"فاجزه": جواب الشرط فلذلك دخلته الفاء، قوله:"إنما يجزي" إن قد بطل عملها بدخول ما الكافة عليها، "ويجزي": جملة من الفعل والمفعول النائب عن الفاعل
(3)
، [قوله: "]
(4)
ليس الجمل" بمعنى: لا الجمل.
والاستشهاد فيه:
فإن البغداديين احتجوا به على أن "ليس" تكون عاطفة؛ كما تقول: قام زيد ليس عمرو، فعمرو معطوف على زيد بليس؛ كما تقول: قام زيد لا عمرو، وكذلك قول الشاعر:
..............................
…
................. ليس الجمل
[فَإن ليس فيه عاطفة بمعنى: لا الجمل]
(5)
، قال أبو حيان: وحكى النحاس وابن بابشاذ
(6)
هذا المذهب عن الكوفيين، وحكاه ابن عصفور عن البغداديين
(7)
، وأجابوا عن ذلك بأنه لا حجة لهم في هذا البيت لاحتمال أن يكون "الجمل" اسم ليس، وخبرها محذوف لفهم المعنى،
(1)
في (أ): من المديد، والصواب أنه من الرمل.
(2)
ينظر مجمع الأمثال للميداني (1/ 39).
(3)
قال صاحب الخزانة (9/ 300)"إنما يجزى الفتى .. إلخ" بالبناء للمعلوم، والفتى فاعله، وزعم العيني أنه بالبناء للمجهول والفتى نائب فاعل، وكأنه لم يتصور المعنى.
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(6)
ترجمته في الشاهد رقم (197).
(7)
ينظر الارتشاف (2/ 630)، والمغني (296).
والتقدير: ليس الجمل جازيًا، والعرب قد تحذف خبر ليس في الشعر، قال الشاعر
(1)
:
لَهْفِي عَلَيكَ للهْفَةٍ منْ خَائفٍ
…
يَبغي جوارَك حينَ ليسَ مُجيرُ
إلا أن ليس في هذا البيت لا تكون عاطفة باتفاق، ولا يتصور ذلك فيها، وأن خبرها محذوف لفهم المعنى؛ كأنه قال: حين ليس في الدنيا مجير
(2)
.
الشاهد السادس والتسعون بعد الثمانمائة
(3)
،
(4)
وإنسَانُ عَيني يَحْسرُ الماءُ تَارَةً
…
فَيَبدُو .........................
أقول: قائله هو ذو الرمة غيلان، وتمامه:
.............................
…
........ وَتَارَات يَجمُّ فَيغرَقُ
وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الابتداء
(5)
.
الاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "فيبدو" حيث عطفت الجملة بالفاء لاقتضائه التسبب فافهم
(6)
.
(1)
البيت من بحر الكامل لشمردل الليثي، وهو عبد الله بن أيوب شاعر تميمي، هكذا نسبه في شرح التصريح (1/ 200)، والبيت في أوضح المسالك (1/ 287)، وجواهر الأدب لعلاء الدين الأربلي (308).
والشاهد فيه في قوله: "ليس مجير" حيث حذف خبر ليس لفهم المعنى.
(2)
أجاز الكوفيون والبغداديون مجيء ليس حرفًا فيقولون: قام زيد ليس عمرو؛ كما يقال: قام زيد لا عمرو، واحتجوا بقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه بأبي: شبيه بالنبي ليس شبيه بعلي. وبهذا البيت، ورده المانعون بأن خبر ليس محذوف. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 346)، والمغني (296)، والارتشاف (2/ 630).
(3)
أوضح المسالك (3/ 362).
(4)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة طويلة لذي الرمة، كلها في الغزل، ومطلعها:
أَدَارًا بِحُزوَى هِجْتِ لِلعَيِن عَبرة
…
فَمَاءُ الهَوَى يَرفَضُّ أَو يتَرَقرَقُ
من قصيدة زادت على خمسين بيتًا في وصف الصحراء والناقة والظباء، وانظرها في (164) ط. دار الكتاب العربي، شرح التبريزي، تحقيق: مجيد طراد، و (456) تحقيق: عبد القدوس صالح.
(5)
ينظر الشاهد رقم (186).
(6)
تغلب السببية في الفاء إذا عطف بها صفة نحو: مررت بامرأة فيضحك زيد، أو خبر نحو: زيد يقوم فتقعد هند، ومنه البيت المذكور. ينظر الارتشاف (2/ 636)، والمغني (501)، والأشموني (3/ 96).
الشاهد السابع والتسعون بعد الثمانمائة
(1)
،
(2)
إِن ابْنَ وَرْقَاءَ لا تُخشَى بَوَادِرُهُ
…
لَكِنْ وَقَائِعُهُ فِي الحربِ تُنْتَظَرُ
أقول: قائله هو زهير بن أبي سلمى، وهو من قصيدة رائية من البسيط، وأولها هو قوله
(3)
:
1 -
أَبْلِغْ بَنِي نَوْفَلَ عَنِّي فقدْ بلَغت
…
مني الحفِيظَةُ لما جَاءَنِي الخبرُ
2 -
القائلِيَن يَسَارًا لا تُنَاظِرُه
…
غشًّا لسيِّدِهِم فيِ الأَمْرِ إِذْ أَمرُوا
3 -
إن ابنَ وَرْقَاءَ ............
…
...................... إلى آخره
و"ابن ورقاء" هو الحارث بن ورقاء الصيداوي، قوله:"بوادره": جمع بادرة وهي الحدة، ورأيت في ديوان زهير:"غوائله" وهي جمع غائلة، وهي ما يكون من شر وفساد، و"الوقائع": جمع وقيعة وهي القتال.
الإعراب:
قوله: "إن": حرف من الحروف المشبهة بالفعل، و"ابن ورقاء": كلام إضافي اسمه، وقوله:"لا تخشى بوادره": جملة خبره، و"لكن" للاستدراك، و"وقائعه": كلام إضافي مبتدأ، و"تنتظر" خبره، و"في الحرف": يتعلق به.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لكن وقائعه" وذلك أن لكن هاهنا حرف ابتداء؛ لأنه تلتها جملة وهي قوله: "وقائعه تنتظر"، وكذلك إذا تلت واوًا نحو:{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ} [الأحزاب: 40] أي: ولكن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
(4)
.
(1)
أوضح المسالك (3/ 385).
(2)
البيت من بحر البسيط، من مقطوعة لزهير بن أبي سلمى، يمدح بها الحارث بن ورقاء، وقد أمره قومه أن يقتل يسارًا غلام زهير، فأتى الحارث فقال يمدحه، وبعد بيت الشاهد قوله:
لولا ابن ورقاء والمجد التليد له
…
كانوا قليلًا فما غروا ولا كثروا
وانظر بيت الشاهد في الديوان (34)، دار صادر بيروت، والجنى الداني (589)، والدرر (6/ 144)، وشرح التصريح (2/ 147)، وشرح شواهد المغني (709)، واللمع (180)، والمغني (292)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 137).
(3)
الديوان (34)، دار صادر بيروت، وديوان شعر زهير بن أبي سلمى، صنعة الأعلم الشنتمري (94)، تحقيق: فخر الدين قباوة، ط. دار الكتب العلمية.
(4)
تستعمل لكن حرف عطف بشرطين: الأول: أن يتقدمها نفي أو نهي، والثاني: أن لا تقترن بالواو ويكون معطوفها مفردًا، واختلف في نحو: ما قام زيد ولكن عمرو، فذهب يونس إلى أنها عاطفة وتبعه ابن مالك، وذهب أكثر النحويين =
الشاهد الثامن والتسعون بعد الثمانمائة
(1)
سَوَاءٌ عَلَيكَ الفقر أَمْ بِتَّ لَيلَةً
…
................................
أقول: لم أقف على اسم قائله
(2)
، [وتمامه:
................................
…
بِأَهْلِ القِبَابِ منْ عُمَيرِ بِنِ عَامِرِ
وهو من الطويل، المعنى ظاهر]
(3)
.
الإعراب:
قوله: "سواء": مرفوع على أنه خبر عن المبتدأ المتأخر وهو قوله: "الفقر"، و"عليك" يتعلق به، قوله:"أم بِتّ" أم هاهنا بمعنى الواو، وعطف فعلًا على اسم؛ لأن الكلام في مذهب المصدر؛ كأنه قال: سواء عليك الفقر أم مبيت ليلة بأهل القباب؛ كذا في شرح الكتاب.
وقال ابن طاهر في حواشيه على الإيضاح لأبي علي: وأنشده بعضهم: "أو أنت بائت"، وجاز فيهما:"أو" لقوله: "الفقر" لأن المعنى جزاء؛ كما تقول: اضربه قام أو قعد، ويذهب إلى معنى العموم كذهاب الواو، وهذا يقوي خروج أم إلى باب أو، ووجه هذا أنه أوقع الفقر موقع الفعل، وذهب مذهب الحدث، وحمله على المعنى؛ كما توقع الفعل هاهنا موقعه في المستعمل فيحمل على المعنى، فكأنه قال: أفقرت أم بت، ولولا ظهور الرفع في لفظه لنصبه، قوله:"ليلة" نصب على الظرف، قوله:"بأهل القباب" يتعلق بقوله: "بت"، قوله:"من عمير بن عامر": بيان لأهل القباب.
الاستشهاد فيه:
أن "أم" عادلت بين جملة ومفرد في ذكر التسوية، وهذا خلاف الأصل؛ لأن الأصل أن التسوية لا يقع بعدها إلا الجملتان، وهاهنا قد وقعت بعدها جملة ومفرد، ولا يذكر بعد التسوية
= إلى أنها عاطفة بالشرطين السابقين، وذهب ابن عصفور إلى أنها عاطفة مع إفادتها الاستدراك والواو زائدة لازمة، فإذا سبقت لكن بإيجاب أو تلتها جملة فهي حرف ابتداء كما في البيت. ينظر المغني (293) وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 343)، والكتاب لسيبويه (1/ 435)، ومعاني القرآن للأخفش (2/ 443)، ومعاني القرآن للفراء (2/ 344)، والبحر المحيط (7/ 236)، والمقرب (255)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 238)، وبين ابن عصفور وابن هشام في النحو والصرف (294) وما بعدها (ماجستير بالأزهر).
(1)
توضيح المقاصد (3/ 206).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو بيت مفرد لقائل مجهول، وانظره في شرح الأشموني (3/ 100).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
إلا الفعلية، فلا يجوز أن يقال: سواء عليَّ أزيد قائم أم عمرو منطلق خلافًا للأخفش
(1)
.
الشاهد التاسع والتسعون بعد الثمانمائة
(2)
،
(3)
عَلَفْتُهَا تِبنًا وَمَاءً بَارِدًا
…
................................
أقول: أنشده الأصمعي وغيره، ولم أر أحدًا عزاه إلى قائله، وتمامه:
...............................
…
حتى شَتتْ هَمَالةً عيناها
وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد المفعول معه
(4)
.
الاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "وماءً باردًا" لأن الماء لا يعلف وإنما يسقى فافهم
(5)
.
(1)
قال الأشموني في حديثه عن أم: "وإذا عادلت بين جملتين في التسوية فقيل: لا يجوز أن يذكر بعدها إلا الفعلية ولا يجوز: سواء عليّ أزيد قائم أم عمرو منطق، فهذا لا يقوله العرب، وأجازه الأخفش قياسًا على الفعلية، وقد عادلت بين مفرد وجملة في قوله ثم ذكر البيت. ينظر شرح الأشموني (3/ 100)، وتوضيح المقاصد (3/ 205).
(2)
توضيح المقاصد (3/ 237).
(3)
البيتان من بحر الرجز المشطور بلا نسبة في الخصائص (2/ 431)، والدرر (6/ 79)، وشرح التصريح (1/ 346)، والإنصاف (357)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (1147)، وشرح شواهد المغني (1/ 58)، والمغني (632)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 130)، والخزانة (3/ 139)، ولهما رواية غير ذلك وهي:
لما حططت الرحل عنها واردًا
…
علفتها تبنًا وماءً باردًا
(4)
ينظر الشاهد رقم (463).
(5)
يجوز أن يحذف العامل المعطوف ويستغنى بمعموله كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: 9] أصله: واعتقدوا الإيمان، وفي البيت التقدير: وسقيتها، قال ابن هشام بعد أن ذكر البيت:"فقيل: التقدير: وسقيتها، وقيل: لا حذف بل ضمن علفتها معنى أنلتها أو أعطيتها وألزموا صحة نحو: علفتها ماء باردًا وتبنًا". المغني (632). وقال المرادي: "أي: وشيتها ماء فحذف العامل المعطوف واستغنى بمعموله، وأمثلة كثيرة نظمًا ونثرًا، وهذا مذهب جماعة من الكوفيين والبصريين منهم الفراء والفارسي، وذهب قوم منهم أبو عبيدة والحرمي والمازني إلى أن تالي الواو في ذلك معطوف على الأول عطف مفرد على مفرد لا عطف جملة على جملة، وأن العامل ضمن معنى ينظم المعطوف والمعطوف عليه، واختاره بعض المتأخرين، واحتج الأولون بأنه لو كان على التضمين لساغ: "علفتها ماء وتبنًا" ورد بأنه مسموع من كلام العرب كقوله:
..............................
…
لها سبب ترعى به الماء والشجر
واختلف أيضًا في هذا التضمين، والأكثرون على أنه ينقاس، وضابطه عندهم أن يكون الأول والثاني يجتمعان في معنى عام". ينظر توضيح المقاصد (3/ 237، 238).
الشاهد المتمم للتسعمائة
(1)
،
(2)
................................
…
لَهَا سبَبٌ تَرعَى بِه الماءَ والشَّجَر
أقول: قائله هو طرفة بن العبد، وصدره
(3)
:
أَعَمْرَ بْنَ هِندٍ مَا تَرَى رَأْيَ صِرمةٍ
…
..........................
وهو من الطويل.
قوله: "صرمة" بكسر الصاد وسكون الراء المهملتين وفتح الميم، وهو القطع من الإبل نحو الثلاثين.
الإعراب:
قوله: "أعمرو" الهمزة حرف نداء، وعمرو منادى مفرد مبني على الضم، و"ابن هند" بالرفع صفته، قوله:"ما ترى": جملة من الفعل والفاعل، وكلمة "ما" نافية أو استفهامية، وقوله:"رأي صرمة": كلام إضافي مفعول، قوله:"سبب" بالرفع مبتدأ، و"لها" مقدمًا خبره، والجملة صفة للصرمة.
قوله: "ترعى": فعل مضارع، وفاعله الضمير المستتر فيه الذي ورجع إلى الصرمة، وقوله:"الماء": مفعوله، و"الشجر" عطف عليه، والباء في "به" يتعلق بترعى، ويصلح أن تكون للاستعانة، والجملة بيان عن قوله:"لها سبب".
الاستشهاد فيه:
أن قوله: "تَرعَى بِه الماءَ والشجَر" يدل على صحة العطف في قول القائل: عَلَفْتُهَا تِبنًا وَمَاءً بَارِدًا، وأطعمته تمرًا ولبنًا خالصًا، ونحو ذلك.
وذهب أبو عبيدة والأصمعي واليزيدي إلى أن ما ورد من ذلك إنما هو من عطف المفردات، وتضمين العامل معنى ينظم المعطوف والمعطوف عليه، فحينئذ يقدر في قوله:"علفتها" أعطيتها تبنًا وماءً باردًا، وفي قوله: أطعمته تمرًا ولبنًا: ناولته تمرًا ولبنًا.
(1)
توضيح المقاصد (3/ 238).
(2)
البيت من بحر الطويل، من مقطوعة عدتها ثلاثة أبيات، لطرفة بن العبد قالها يخاطب عمرو بن هند في إبل له قد أخذت قهرًا عنه، ديوان طرفة (47)، وانظر بيت الشاهد في المغني (632)، وشرح شواهد المغني (929)، الخزانة (3/ 140).
(3)
الديوان (37) طبعة دار الكتب العلمية.
واختلف في هذا التضمين: هل يقتصر فيه على السماع أو يقاس؟ فالأكثرون على أنه ينقاس
(1)
.
الشاهد الأول بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
فَهَلْ لَكَ أَوْ منْ وَالدٍ لَكَ قَبلَنَا
…
................................
أقول: قائله هو أبو أمية الهذلي، وتمامه
(4)
:
...............................
…
يُوَشِّحُ أَوْلَادَ العِشَار وَيُفضِلُ
وهو من الطويل.
قوله: "يوشح": من التوشيح وهو التزيين، وقيل: هو يوشج بالجيم [من التوشيح]
(5)
من التوشيج وهو الإحكام، وقوله:"ويفضل" من الإفضال وهو الإحسان.
الإعراب:
"فهل" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، وهل للاستفهام، وقوله:"لك": خبر مبتدأ محذوف تقديره: هل لك أخ؟، وقوله:"أو من والد": عطف عليه، و"من" زائدة، والتقدير: أو والد لك.
الاستشهاد فيه:
حيث حذف فيه المعطوف عليه؛ إذ تقدير الكلام: فهل لك من أخ أو من والد؟ و"من" في الموضعين زائدة، وهذا نادر، وقد كثر ذلك مع الواو كقولك: بلى وزيدًا، لمن قال: ألم تضرب عمرًا؟ وقلَّ مع الفاء؛ كما في قوله تعالى: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} [الشعراء: 63]، والتقدير: فضرب فانفلق
(6)
، والله أعلم.
* * *
(1)
ينظر الشاهد رقم (899).
(2)
توضيح المقاصد (3/ 241).
(3)
البيت من بحر الطويل، وقد نسب في مراجعه إلى أبي أمية الهذلي، وانظره في شرح أشعار الهذليين (2/ 537)، وشرح عمدة الحافظ (670)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 382)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 140)، والأشموني (3/ 118)، والدرر (6/ 156).
(4)
ينظر في شرح أشعار الهذليين (2/ 537)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 382).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(6)
يجوز حذف المعطوف عليه عند ظهور المعنى ويستغنى بالعاطف والمعطوف نحو: بلى وزيدًا، لمن قال: ألم تضرب عمرًا؟ ومنه قول العرب: وبك وأهلًا وسهلًا، لمن قال: مرحبًا، وهذا كثير مع الواو، ويقل مع العطف بالفاء، ونادر مع "أو" كالبيت المذكور. ينظر توضيح المقاصد (3/ 239، 240).
شواهد البدل
الشاهد الثاني بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
وَذَكَرَتْ تَقْتُدَ بَرْدَ مَائِهَا
…
وَعَتَكُ البَوْلِ عَلَى أَنسَائهَا
أقول: قائله هو أبو وجزة السعدي، ويقال: جبر بن عبد الرحمن، وهو الصحيح، وقبله
(3)
:
1 -
تَربَّعَتْ بَلْوَى إِلَى رَهَائِهَا
…
حتى إذا مَا طارَ مِنْ عَفَائِهَا
2 -
وصَارَ كَالرّيْط عَلَى أَقرَائهَا
…
تتبَعُ صَات الهَدْر منْ أَثْنَائهَا
3 -
وَذَكَرَتْ تقتد .............
…
.................. إلى آخره
قوله: "رهائها" بفتح الراء، وهي الأرض الواسعة، و"العفاء" بفتح العين؛ التراب، قوله:"كالريط": جمع ريطة وهي الملاءة إذا كانت قطعة واحدة، و"الإقراء": جمع قري وهي مسايل الماء إلى الرياض، وهي القريان -أيضًا-، و"الهدر": من هدير الحمام.
قوله: "وذكرت" كذا في رواية سيبويه، وفي رواية غيره: تذكرت، قوله:"تقتد" بفتح التاء المثناة من فوق وسكون القاف وضم التاء الأخرى وفي آخره دال مهملة، وهو اسم موضع، وقال في المختلف والمؤتلف في أسماء البلدان: وهو ركية في ناحية الحجاز من مياه بني سعد بن بكر بن هوازن، وقال الصاغاني في العباب: هي قرية بالحجاز بينها وبين قلهي جبل يقال له أديمة، وبأعلى هذا الموضع رياض تسمى: الفلاج، جامعة للناس أيام الربيع، وبها مساك كثيرة لماء السماء يكتفون به صيفهم وربيعهم
(4)
.
(1)
ابن الناظم (216).
(2)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وقد اختلف في قائلهما على ما ذكره الشارح، وانظرهما في الكتاب لسيبويه (1/ 151)، وشرح أبيات سيبويه (1/ 285)، ومعجم البلدان (2/ 37).
(3)
الأبيات من الرجز، وانظرها في شرح أبيات سيبويه للسيرافي (296)، تحقيق: محمد الريح هاشم.
(4)
ينظر معجم البلدان (2/ 44).
قوله: "وعتك البول" بفتح العين المهملة والتاء المثناة من فوق وفي آخره كاف، قال النحاس في شرح أبيات الكتاب: العتك والعبك بالباء الموحدة -أيضًا- أثر البول.
قوله: "على أنسائها" جمع نسا بفتح النون والسين المهملة، على وزن [عصا]
(1)
وهو عرق مستبطن الفخذ، وقال ابن النحاس: النسا عرق، وجمعه أنساء، والاثنان نسيان
(2)
.
الإعراب:
قوله: "وذكرت": جملة من الفعل والفاعل، و"تقتد": مفعوله، وهو لا ينصرف للعلمية والتأنيث ووزن الفعل -أيضًا-، قوله:"برد مائها": كلام إضافي نصب على أنه بدل من تقتد بدل اشتمال، قوله:"وعتك البول": كلام إضافي مبتدأ، و"على أنسائها": خبره، والجملة حال، وقيل:"وعتك البول" بالنصب -أيضًا- عطف على تقتد على معنى: وذكرت عتك البول، وهو بعيد.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "برد مائها" فإنه بدل اشتمال من قوله: "تقتد" كما ذكرنا، ونظيره قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217]
(3)
.
الشاهد الثالث بعد التسعمائة
(4)
،
(5)
هَلْ تُدْنيَنَّكَ من أَجَارع وَاسطٍ
…
أَوبَاتُ يَعْمَلُةِ اليَدَيْنِ حِضَارِ
مِنْ خَالدٍ أَهلِ السَّمَاحَةِ والنَّدَى
…
ملك العِرَاقِ إِلَى رِمَالِ وَبَارِ
أقول: قائلهما
(6)
هو الطرماح، وهما من قصيدة من الكامل يمدح بها خالد بن عبد الله
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
مجمل اللغة مادة: نسي.
(3)
من أنواع البدل: بدل الاشتمال وهو بدل الشيء من الشيء يشتمل عامله على معناه بطريق الإجمال؛ كأعجبني زيد علمه، ويشترط فيه أن يكون به ضمير يعود على المبدل منه ويوافقه، وهو إما موجود كما في البيت، وإما مقدر كما في قوله تعالى:{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} [البروج: 4، 5]. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 335)، وشرح الأشموني (3/ 124).
(4)
ابن الناظم (216).
(5)
البيتان من بحر الكامل، وهما مطلع قصيدة طويلة للطرماح بن حكيم (معاصر للفرزدق) يمدح بهما خالد بن عبد الله القسري عامل هشام بن عبد الملك على العراق، وقد ناداه باسمه مرخمًا في بعض أبياتها، من ذلك قوله في آخرها:
يا خالد أنت سداد ما لو لم تكن
…
شقت بوائقها على الأمصار
وانظر ديوان الطرماح (223)، تحقيق: د. عزة حسين (1996 م).
(6)
في (أ، ب): قائله.
القشيري أمير العراق.
1 -
قوله: "من أجارع": جمع أجرع وهي رملة مستوية لا تنبت شيئًا، وكذلك الجرعاء والجرع، و"واسط": مدينة مشهورة بناها الحجاج بن يوسف، قوله:"أوبات": جمع أوبة وهي سرعة تقليب اليدين والرجلين في السير، ومنه يقال: ناقة أووب على فعول.
قوله: "يعملة اليدين" اليعملة بفتح الياء آخر الحروف وسكون العين المهملة، وهي الناقة النجيبة المطبوعة على العمل، قوله:"حضار" بكسر الحاء المهملة وتخفيف الضاد المعجمة، وهو الهجين من الإبل، واحده وجمعه سواء.
2 -
قوله: "والندى" بفتح النون مقصورًا وهو العطاء، قوله:"وبار" بفتح الواو وتخفيف الباء الموحدة على وزن قطام، وهي أرض كانت لعاد.
الإعراب:
قوله: "هل" للاستفهام، و "تدنينك": جملة من الفعل والمفعول مؤكدة بالنون، قوله:"من أجارع" يتعلق بها، قوله:"أوبات يعملة اليدين": كلام إضافي مرفوع بأنه فاعل لتدنينك.
قوله: "حضار" بالجر بدل من يعملة اليدين، أو عطف بيان، قوله:"من خالد": بدل اشتمال من أجارع واسط، قوله:"أهل السماحة": كلام إضافي صفة لخالد، قوله:"والندى": عطف على السماحة، قوله:"ملك العراق": كلام إضافي صفة بعد صفة، قوله:"إلى رمال": يتعلق بقوله: "ملك العراق" وأضيف رمال إلى وبار إضافة البيان.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "من خالد" حيث وقع بدلًا من قوله: "من أجارع واسط" بإعادة الجار وهو خالٍ عن ضمير المبدل منه، والغالب في بدل الاشتمال أو البعض مصاحبة ضمير عائد على المبدل منه، وقد يخلوان عنه؛ كما في قوله تعالى:{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} [البروج: 4، 5]
(1)
.
(1)
ينظر الشاهد رقم (902).
الشاهد الرابع بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
عَلَى حَالةٍ لَوْ أَنَّ في الْقَوْمِ حَاتِمًا
…
عَلَى جُودِهِ لَضَنَّ بالماء حَاتِمِ
أقول: قائله هو الفرزدق، وقبله
(3)
:
1 -
فَلَمَّا تَصَافنَّا الإداوةَ أجْهَشَت
…
إِلَيَّ غُضُون العَنْبَرِي الجُرَاضِمِ
2 -
فجاءَ بجُلْمُودٍ لهُ مثلَ رأسهِ
…
لِيَشْرَبَ مَاءَ القَوْمِ بينَ الصرائِمِ
3 -
على حالة ...............
…
..................... إلى آخره
وهي من الطويل.
1 -
قوله: "تصافنا": من تصافن القوم الماء: اقتسموه بالحصص، وذلك إنما يكون بالمقلة، يسقى الرجل بقدر ما يغمرها، و "الإداوة" بكسر الهمزة؛ المطهرة، والجمع الأداوى كالمطايا، قوله:"أجهشت": من الجهش وهو التسرع، يقال: أجهش بالبكاء، و"الغضون" بالغين والضاد المعجمتين المضمومتين، وهي مكاسر الجلد؛ جمع غضن بفتح الغين وسكون الضاد وفتحها، قوله:"العنبري": نسبة إلى بني عنبر قبيلة، و"الجراضم" بضم الجيم وبالضاد المعجمة، قال المبرد في الكامل:"الجراضم": الأحمر الممتلئ
(4)
، وقال الجوهري: الجرضم والجراضم: الأكول
(5)
.
2 -
قوله: "بجلمود" بضم الجيم، وهي الصخرة، قوله:"بين الصرائم" وهو جمع صريمة وهي معظم الرملة التي تتقطع من معظم الرمل.
3 -
قوله: "على حالة"، ويروى: على ساعة، قوله:"حاتمًا" أراد به حاتم بن عبد الله الطائي جواد العرب، وكان الفرزدق صافن رجلًا من بني العنبر بن عمرو بن تميم إداوة في وقت فرامه العنبري وسامه أن يؤثره، وكان الفرزدق جوادًا فلم تطب نفسه عن نفسه، فقال الفرزدق:
فَلَمَّا تَصَافنَّا الإدواةَ .........
…
.................. إلى آخره
(1)
ابن الناظم (217).
(2)
البيت من بحر الطويل، وقد نسب للفرزدق في مراجعه، وهو في ديوانه (2/ 297)، ط. دار صادر، وانظر بيت الشاهد في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 332)، وابن يعيش (3/ 69)، واللمع (174، 266)، وشرح شذور الذهب (317)، فاعور، واللسان:"حتم".
(3)
انظر الأبيات في ديوان الفرزدق (2/ 297)، ط. دار صادر، من قصيدة بعنوان: لؤم بين اللحى والعمائم، يهجو رجلًا ضل بهم وكان دليلًا.
(4)
الكامل (1/ 304).
(5)
الصحاح مادة: "جرضم".
الإعراب:
قوله: "على حالة" يتعلق بقوله: "فجاء" في البيت السابق، قوله:"لو" للشرط، و"أن" بالفتح في محل الرفع على الفاعلية؛ لأن التقدير: لو ثبت أن في القوم، وقوله:"حاتمًا": اسمه، و "في القوم": خبره مقدمًا، وقوله:"لضن بالماء": جواب، والضمير في "ضن" يرجع إلى حاتم، وقوله:"على جوده" على هاهنا بمعنى الاستدراك والإضراب؛ كما في قولك: فلان لا يدخل الجنة لسوء صنيعه على أنه لا ييأس من رحمة الله.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "حاتم" حيث جره على أنه بدل من الهاء التي في "جوده"، وذلك لأن القافية لما كانت مجرورة وأمكن البدل عدل إليه، ولو رفع على أنه فاعل لقوله:"لضن" لجاز، ولكن يكون فيه إقواء
(1)
، وهو من عيوب الشعر
(2)
.
الشاهد الخامس بعد التسعمائة
(3)
،
(4)
فَمَا بَرِحَتْ أَقْدَامُنَا فِي مَقَامِنَا
…
ثلاثَتِنا حتى أُزِيرُوا المنَائِيَا
أقول: قائله هو عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي، وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر سنين، وكان إسلامه قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم، وكان له قدر ومنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، قتل في وقعة بدر رضي الله عنه.
ويقال: كان عبيدة أمير المسلمين يوم بدر، فقطعت رجله، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه على ركبته، وعاد من بدر فتوفي بالصفراء، وكان عمره حين مات ثلاثًا وستين سنة
(5)
.
(1)
في (أ): أقوى.
(2)
يجوز إبدال الظاهر من الظاهر ويجوز -أيضًا- إبدال الظاهر من المضمر، سواء أكان ضمير غائب نحو: زيد ضربته أخاك، ومثل بيت الشاهد أم كان ضمير متكلم أو مخاطب وأفاد معنى الإحاطة كقوله تعالى:{تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} [المائدة: 114]، ومن البيت الآتي رقم (905). ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 332، 334)، والارتشاف (2/ 622)، وشرح الأشموني (3/ 128، 129).
(3)
ابن الناظم (218).
(4)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة لعبيدة بن الحارث قالها يوم بدر، في شجاعة المسلمين واقتصارهم، وانظر بيت الشاهد في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 334)، وشرح عمدة الحافظ (588)، وشرح الأشموني (3/ 129).
(5)
ينظر الإصابة في تمييز الصحابة (4/ 209، 210).
وهو من قصيدة من الطويل قالها يوم بدر في قطع رجله وفي مبارزته هو وحمزة وعلي -رضي الله تعالى عنهم- حين بارزوا عدوهم، وأولها هو قوله
(1)
:
1 -
سَتبلغُ عَنَّا أَهْلَ مَكةَ وقْعَةً
…
يَهُبُّ لهَا من كان عنْ ذَاكَ نَائيَا
2 -
بِعُتْبَةَ إِذْ ولى وَشيْبَه بَعْدَهُ
…
وَمَا كَانَ فيهَا كرُّ عتبة رَاضِيَا
3 -
فَإنْ تَقْطَعُوا رجْلِي فَإني مُسلمٌ
…
أرجي بهَا عيشًا منَ الله دَانِيَا
4 -
معَ الحُورِ أَمْثَال التمَاثيلِ أخلصَتْ
…
مَعَ الجنةِ العُلْيَا لِمَنْ كَانَ عَاليَا
(2)
5 -
وبِعْتُ بهَا عَيشًا تعرفت صَفْوَهُ
…
وعَالجتُ حَتى فَقَدْتَ الأَدَانِيَا
6 -
وأكَرَمَني الرحمَنُ مِن فَضل مَنِّهِ
…
بثَوبٍ منَ الإسْلامِ غَطَّى المسَاويَا
7 -
وَمَا كَانَ مَكْرُوهًا إِلَيَّ قِتَالُهُم
…
غَدَاةَ دَعَا الأكفَاءَ مَنْ كَانَ دَاعيَا
8 -
وَلم نبغ إِذْ سَالُوا النبيّ سواءنا
…
ثلاثتنا حَتى حَضَرنَا المنَادِيَا
9 -
لَقِينَاهُم كالأُسد نَخْطِرُ بالقَنَا
…
نقاتلُ فيِ الرحْمَن مَنْ كَانَ عَاصيَا
10 -
فما برحَتْ ..............
…
.......................... إلى آخره
المعنى ظاهر.
قوله: "ثلاثتنا" أراد به نفسه وعليًّا وحمزة رضي الله عنهم، قوله:"حتى أزيروا" بضم الهمزة وكسر الزاي؛ من مجهول أزار؛ من زار زيارة، و"المنائيا": جمع منية وهي الموت.
الإعراب:
قوله: "فما برحت" الفاء للعطف، وما برحت مثل ما زالت، و"أقدامنا": كلام إضافي اسمه، وقوله:"في مقامنا": خبره، والمعنى: أقدامنا ثابتة ومستمرة في مقامنا في الحرب ولم تتحرك خوفًا من القتل، قوله:"ثَلاثتنَا": كلام إضافي بدل من "نا" في قوله: "مقامنا".
قوله: "حتى" للغاية بمعنى إلى، يعني: إلى أن أزيروا المنايا، و"أُزيروا" على صيغة المجهول، والضمير المتصل
(3)
فيه مفعول ناب عن الفاعل، و"المنائِيا": مفعول ثان، وكان الأصل أن يقول: المنايا ولكن أظهر الياء المحذوفة للضرورة
(4)
.
(1)
تنظر القصيدة المذكورة في السيرة النبوية لابن هشام المعافري (2/ 271)، دار الوفاء بالمنصورة.
(2)
هذا البيت والذي يليه سقط في (ب).
(3)
في (أ، ب): المستتر.
(4)
ينظر توضيح المقاصد (6/ 20).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ثلاثتنَا" فإنه بدل وهو اسم ظاهر من ضمير الحاضر وهو: "نا" في قوله: "في مقامنا" بدل كل من كل، وإنما جاز هذا البدل وإن كان لا يبدل ضمير المتكلم والمخاطب بدل كل لإفادته فائدة التوكيد من الإحاطة والشمول فافهم
(1)
.
الشاهد السادس بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
أَوْعَدَني بالسِّجْن وَالأدَاهِمِ
…
رِجْلِي فَرجْلِي شَثْنَةُ المناسم
أقول: قائله هو العديل بن الفُرْخُ، وهو من الرجز المسدس.
و"الأداهم": جمع أدهم وهو القيد، قوله:"شثنة المناسم" أي: غليظة المناسم، قال ابن فارس: الشثن: الغليظ الأصابع، وكل ما غلظ من عضو فهو شثن، وقد شثُن وشثِن شثنًا
(4)
ومادته: شين معجمة وثاء مثلثة ونون، ويجوز أن يكون قوله:"شثنة المناسم" من شثنت مشافر البعير إذا غلظت من أكل الشوك، ومادته: شين معجمة ونون وثاء مثلثة، و"المناسم": جمع منسم بفتح الميم وكسر السين المهملة، وهو خف البعير فاستعير للإنسان.
الإعراب:
قوله: "أوعدني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، و"بالسجن" يتعلق بها، و"الأداهم" عطف عليه، والتقدير: أوعدني بالحبس في السجن، وأوعد رجلي بالأداهم، وإذا دخلت الباء على وعد جاء بالألف فيقال: أوعد" به، قوله: "رجلي": بدل من الياء في: "أوعدني"، وقال أبو حيان في تذكرته: قوله: "رجلي": منادى على طريق الاستهزاء بالموعد فافهم
(5)
، قوله:"فرجلي": كلام إضافي مبتدأ، و"شثنة المناسم": كلام إضافي -أيضًا- خبره، والفاء للعطف، وفي رواية [ابن السكيت:"ورجلي" بالواو، وهو الأصح
(6)
.
(1)
ينظر الشاهد السابق (904).
(2)
ابن الناظم (218)، وتوضيح المقاصد (3/ 257)، وشرح ابن عقيل (3/ 251).
(3)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وهما للعديل بن الفرج، وانظرهما في ابن يعيش (3/ 70)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 127)، والخزانة (5/ 188)، وشرخ الأشموني (3/ 129).
(4)
مجمل اللغة: "شثن".
(5)
قول أبي حيان ليس في التذكرة كما في ذكر الشارح، وإنما هو في كتابه الكبير: التذييل والتكميل، باب البدل في الجزء الرابع مخطوط.
(6)
انظر ذلك في تهذيب إصلاح المنطق (518، 634)، الخطيب التبريزي، تحقيق: فخر الدين قباوة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ورجلي" فإنه بدل بعض من]
(1)
الياء في قوله: "أوعدني" كما في قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: 21]، فلمن كان يرجو الله بدل من الضمير في:"لكم"، وأعيدت معه اللام تقوية
(2)
.
الشاهد السابع بعد التسعمائة
(3)
،
(4)
ذَرِينِي إِنَّ أَمْرَكِ لَنْ يُطَاعَا
…
ولا أَلْفَيتِنِي حِلْمِي مُضاعَا
أقول: قائله هو عدي بن زيد العبادي شاعر جاهلي، ويقال هو رجل من بني خثعم أو بجيلة.
وهو
(5)
من قصيدة من الوافر، وهذا البيت أولها، وبعده قوله
(6)
:
2 -
ألَا تِلْكَ الثعَالِبُ قَدْ تعَاوَتْ
…
عَلَيَّ وحَالفَتْ عُرجًا ضِبَاعَا
3 -
فَإنْ لَم تَنْدَمُوا فَثَكِلَتْ عَمْرًا
…
وهَاجَرتُ المروق والسِّمَاعًا
4 -
ولَا مَلَكَتْ يدَايَ عَنَانَ طرفٍ
…
ولَا أَبصرتْ مِنْ شَمْسٍ شُعَاعَا
5 -
وخُطَّة مَاجِدٍ كَلفتْ نَفسِي
…
إِذَا ضَافُوا رَحُبَتْ بهم ذِرَاعَا
2 -
قوله: "تعاوت". من تعاوى الكلب، قوله:"ضباعًا": جمع ضبع وهو الحيوان المعروف، وهذا الجمع للذكر والأنثى مثل سباع وسبع، قوله:"عوجًا" بفتح العين المهملة وكسر الراء وفي آخره جيم، وهي الإبل الكثيرة
(7)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وهو مستكمل من نسخة الخزانة.
(2)
لا يجوز أن يبدل الظاهر من المضمر إلا إذا كان الضمير لغائب أبدل منه الظاهر مطلقًا نحو: ضربته زيدًا، وإن كان الضمير لحاضر أبدل منه الظاهر بدل البعض كما في البيت السابق. ينظر توضيح المقاصد (3/ 157، 256) وشرح الأشموني (3/ 129).
(3)
ابن الناظم (218)، وتوضيح المقاصد (3/ 258)، وشرح ابن عقيل (3/ 251).
(4)
البيت من بحر الوافر، مطلع مقطوعة لعدي بن زيد خاطب امرأته في أمور شتى من الحياة، ديوانه (35)، تحقيق: محمد جبار، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (1/ 156)، وابن يعيش (3/ 65)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 127)، والخزانة (5/ 191، 192، 193، 204).
(5)
في (أ، ب): وهي.
(6)
انظر ديوان عدي بن زيد (35) تحقيق: محمد جبار، والخزانة (5/ 194)، والحماسة البصرية (1/ 65).
(7)
هذا ضبط خطأ، وصحته: بضم العين وسكون الراء، جمع عرجاء، وهو صفة قدمت على موصوفها، فصارت حالًا، وفي هذا الموضع سقط، في النسخ حوالي خمسة أسطر، وهذه الأسطر في نسخة خزانة الأدب، وفي الخزانة نفسها أيضًا (5/ 195) لكن البغدادي بعد أن نقل هذا السقط قال: هذا كلامه بحروفه، وأي فائدة من تسطيره، =
4 -
و"الطرف" بكسر الطاء وسكون الراء وفي آخره فاء، وهو الفرس الجيد.
6 -
قوله: "ذريني" أي: اتركيني؛ أمر من يذر بمعنى يدع، قوله:"ولا ألفيتني" أي: ولا وجدتني، وفي رواية سيبويه: وما ألفيتني
(1)
.
الإعراب:
قوله: "ذريني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، وقوله:"أمرك": كلام إضافي اسم إن، وقوله:"لن يطاعا": خبره، والألف فيه للإطلاق، قوله:"ولا ألفيتني": جملة معطوفة على ما قبله.
قوله: "حلمي": بدل من الياء في قوله: "ألفيتني"، قوله:"مضاعًا": مفعول ثان لألفى، ويقال: حال، وقال أبو حيان في التذكرة: ويجوز الرفع بالابتداء والخبر، والجملة مفعول ثان، والمعنى في الرفع والنصب واحد
(2)
، يريد: إن عاذلته تلومه على إتلاف ماله في المكرمات فردَّ عليها بأن العقل والحلم يأمرانه بإتلافه في اكتساب الحمد والثناء.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "حلمي" فإنه بدل اشتمال من النون والياء في قوله: "ألفيتني" كما ذكرنا
(3)
.
الشاهد الثامن بعد التسعمائة
(4)
،
(5)
بَلَغْنَا السَّمَاءَ مَجْدُنَا وسَنَاؤُنَا
…
وَإنَّا لَنَرجُو فوقَ ذلكَ مَظْهَرَا
أقول: قائله هو النابغة الجعدي، وقد اختلف في اسمه فقيل: قيس بن عبد الله، وقد ذكرنا ترجمته مستوفاة في شواهد: ما ولا وإن المشبهات بليس
(6)
، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وأنشده
= ولا يزاد الطالب منه إلا جهالة، وهذا علة عدم نقله في كتابنا.
(1)
الكتاب لسيبويه (1/ 156).
(2)
ليس في التذكرة كما ذكر أيضًا، وإنما هو في التذييل والتكميل (باب البدل- الجزء الرابع) وذكر أن الرفع أكثر، قال: ووجه الأكثرية أنه لا حذف فيه، وفي البدل تقدير الحذف؛ لأنه على الأصح، على تقدير تكرار العامل.
(3)
ينظر الشاهد رقم (904، 906) إلا أنه هنا أبدل الاسم الظاهر وهو حلمي من الضمير بدل اشتمال.
(4)
ابن الناظم (218)، وهو غير موجود في توضيح المقاصد، وينظر أوضح المسالك (3/ 406)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(5)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة طويلة للنابغة الجعدي، وفيها أحسن ما قيل من الشعر في الفخر بالشجاعة والكرم، وانظر الشاهد في ديوان النابغة الجعدي (60)، والخزانة (3/ 169)، (7/ 419)، وشرح التصريح (2/ 161)، واللسان مادة:"ظهر"، وشرح الأشموني (3/ 130)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (328).
(6)
ينظر الشاهد رقم (143، 235).
الرائية، ومنها
(1)
:
أَتَيتُ رسُولَ الله إذْ جَاءَ بالهُدَى
…
وَيَتْلُو كِتَابًا كالمجرَّةِ نَيِّرَا
وعن البغوي:
(2)
حدثنا داود
(3)
هو ابن رشيد حدثنا يعلى بن الأشدق، قال: سمعت النابغة يقول: أنشدت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بَلَغْنَا السَّمَاءَ مَجْدُنَا وَجُدُودُنَا
…
وإنا لَنَرجُو فوقَ ذلكَ مَظْهَرَا
فقال: "أين المظهر يا أبا ليلى؟ "، قلت: الجنة، قال:"أجل -إن شاء الله تعالى-"، ثم قال:"قل"، فقلت:
ولَا خَيرَ في حلْمٍ إذا لَم يَكُنْ لَهُ
…
بَوَادرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يكدرَا
ولَا خَيرَ فيِ جَهْلٍ إذَا لَم يَكُنْ لَهُ
…
حَليمٌ إذَا مَا أَوْرَدَ الأَمْرَ أَصْدَرَا
فقال: "أجدت، لا يفضض الله فاك"، قالها مرتين، والقصيدة من الطويل. المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "بلغنا": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، قوله:"مجدنا" بالرفع بدل من الضمير الذي في "بلغنا" بدل اشتمال، وقوله:"سناؤنا": عطف عليه، قوله:"وإنا" إن حرف من الحروف المشبهة بالفعل، والضمير المتصل به اسمه، وقوله:"لنرجو": خبره، واللام فيه للتأكيد، قوله:"فوق": نصب على الظرف، مضاف إلى ذلك
(4)
، قوله:"مظهرَا": مصدر ميمي نصب على أنه مفعول نرجو.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "مجدنا" بدل اشتمال من الضمير المرفوع في قوله: "بلغنا"
(5)
.
(1)
انظر القصيدة في ديوان النابغة الجعدي (60)، والخزانة (3/ 169)، ومطلعها في الديوان:
خليلي عوجا ساعة وتهجرا
…
ولوما على ما أحدث الدهر أو ذرا
(2)
هو علي بن عبد العزيز بن المرزبان شيخ الحرم، من حفاظ الحديث، له مسند (ت 286 هـ). ينظر الأعلام (4/ 300).
(3)
هو أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير السجستاني (ت 275 هـ) ينظر الأعلام (3/ 122).
(4)
قال الدكتور سيد تقي (117) في كتابه مع المقاصد النحوية: "بقي عليه أن يقول وهو متعلق بمحذوف منصوب على الحالية؛ لأنه كان وصفًا له فلما قدم صار حالًا".
(5)
ينظر الشواهد السابقة (904، 905، 906، 907).
الشاهد التاسع بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
وَشوْهَاءَ تَعْدُو بِي إِلَى صَارخِ الوَغَى
…
بِمُستَلْئِمٍ مِثْلَ الفَنِيقِ المُرَحَّلِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
قوله: "وشوهاء" على وزن فعلاء؛ من الشوه وهو قبح الخلقة، ولكنه وصف محمود في الفرس، يقال: فرس شوهاء إذا كان في رأسها طول، ويقال: يراد به سعة أشداقها.
قوله: "تعدو بي" أي: تجري بي، و "الوغى" بفتح الواو والغين المعجمة، الحرب، قوله:"بمستلئم" على وزن مستفعل، وهو لابس اللأمة وهي الدرع، و "الفنيق" بفتح الفاء وكسر النون وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره قاف، وهو الفحل المكرم لا يؤذى لكرامته.
قوله: "المرحل" بضم الميم وفتح الراء وتشديد الحاء المهملة؛ من رحلت البعير إذا ظعنته من مكانه وأرسلته؛ هكذا فسره في أكثر شروح تلخيص المفتاح، وذكر في بعض شروحه أن المرحل هو الذي لا يرسل في المرعى لعزه.
وضبطه البعلي في كتابه بضم الميم وفتح الدال وتشديد الجيم وفي آخره لام؛ من دجلت البعير إذا طليته بالقطران والبعير مدجل، ثم قال: المدجل: المهنوء بالقطران، ويروى: مثل الفنيق المكرم، وقال ابن هشام: المحفوظ المرجل.
الإعراب:
قوله: "وشوهاء": صفة موصوفها محذوف تقديره: وفرس شوهاء، وهي في تقدير الجر برب المضمرة، أي: رب فرس شوهاء.
قوله: "تعدو": جملة من الفعل والفاعل، و"بي": جار ومجرور في محل النصب على المفعولية، والجملة صفة لشوهاء، و"إلى صارخ الوغى": كلام إضافي يتعلق بتعدو، وقوله:"بمستلئم": بدل من قوله: "بي" على ما نذكره عن قريب، قوله:"مثل الفنيق": كلام إضافي منصوب بنزع الخافض؛ أي: كمثل الفنيق قوله: "المرحل" بالجر صفة الفنيق.
(1)
ابن الناظم (218).
(2)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة طويلة لذي الرمة، مطلعها:
قف العيس في أطلال مية فسأل
…
رسومًا كأخلاق الرداء المسلسل
وانظر ديوانه (3/ 1499)، عبد القدوس أبو صالح، وديوانه (233) شرح أحمد بسج، وشرح عمدة الحافظ (589)، واللسان مادة:"رجل"، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 335).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بمستلئم" فإن الأخفش والكوفيين استدلوا به على جواز إبدال الظاهر من ضمير الحاضر
(1)
، فإن قوله:"بمستلئم" ظاهر أبدل من قوله: "بي" وهو ضمير الحاضر؛ فعلى هذا يجوز أن يقال: قمت زيد، بأن يكون زيد بدلًا من الضمير الذي في قمت، ولا دليل فيه لجواز أن يكون هذا من باب التجريد كقوله تعالى:{لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} [فصلت: 28] فإن جهنم دار الخلد ولكن جرد منها دار أخرى، وجعلت النار هي دار الخلد مبالغة، فكذلك الياء في قوله:
"بي" هي نفس المستلئم، ولكنه جرد من نفسه ذاتًا وصفها بذلك.
فإن قلت: إذا كان الأمر كذلك فما يكون محل مستلئم من الإعراب؟
قلت: الحال من الضمير في "بي" فافهم.
والتجريد
(2)
: هو أن ينتزع من أمر ذي صفة أمر آخر مثله في تلك الصفة مبالغة في كمالها، وهو على أنواع منها نحو قولهم: لي من فلان صديق حميم، أي: بلغ من الصداقة حدًّا صح معه أن يستخلص منه صديق آخر، ومنها نحو قولهم: لئن سألت لتسألن به البحر، ونحو قوله تعالى:{لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} فإن جهنم هي دار الخلد؛ لكن انتزع منها مثلها وجعلها معدًّا للكفار تهويلًا لأمرها، ومنها مخاطبة الإنسان غيره وهو يريد نفسه كقول الأعشى
(3)
:
وَدِّعْ هَرَيْرَةَ إن الرَّكْبَ مُرتَحِلٌ
…
وَهَلْ تُطِيقُ وَدَاعًا أيُّهَا الرَّجُلُ
(4)
(1)
ينظر شرح الأشموني (3/ 129)، وتوضيح المقاصد (3/ 259، 260)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 334).
(2)
ينظر في هذا التعريف وأنواعه: كتاب الإيضاح في علوم البلاغة للقزويني (374، 375)، وجواهر البلاغة للسيد الهاشمي (298، 299).
(3)
البيت من البسيط، وهو مطلع قصيدة طويلة للأعشى قالها في يزيد بن مسهر الشيباني، وقد بدأها بالغزل، وهي في ديوانه (278) د. حنا الحتي، و (144) ط. دار صادر، والبيت أتى به العيني لبيان معنى بلاغي وهو التجريد وهنا يخاطب الشاعر غيره وهو يريد نفسه.
(4)
لا يجوز أن يبدل الظاهر من الضمير الذي للمتكلم أو المخاطب إلا إذا كان البدل بدل كل فيه معنى الإحاطة، فإن لم يكن فيه معنى الإحاطة فمنعه جمهور البصريين وأجازه الأخفش والكوفيون مستدلين بهذا البيت، وأجازه قطرب في الاستثناء.
الشاهد العاشر بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
بِنَزْوَةِ لِصٍّ بَعْدَمَا مَرَّ مُصْعَبٌ
…
بِأَشْعَثَ لَا يُفْلَى ولَا هُوَ يُقْمَلُ
أقول: قائله هو الأخطل غوث بن غياث، وهو من الطويل.
قوله: "بنزوة لص" اللص مثلث اللام هو السارق، و"النزوة" بفتح النون وسكون الزاي مصدر نزا ينزو، وقد أضيف إلى اللص، وهو اسم موضع هاهنا، وأراد بمصعب هذا مصعب [ابن الزبير]
(3)
.
قوله: "لا يفلى": من فلي الشعر وهو أخذ القمل منه، من باب: فلى يفلي كضرب يضرب [قوله: "يقمل": من الإقمال، والهمزة فيه للسلب والإزالة، أي: ولا هو يزال، وثلاثيه: قمل رأسه يقمل من باب علم يعلم]
(4)
، وأقمل؛ أي: أزال قمله.
الإعراب:
قوله: "بنزوة لص" الباء فيه تتعلق بما مر
(5)
، [و "بعد"]
(6)
نصب على الظرف، وكلمة ما مصدرية، والتقدير: بعد مرور مصعب بنزوة لص، وقوله:"مصعب": فاعل مر، قوله:"بأشعث": في محل الرفع لأنه بدل من قوله: "مصعب" بدل اشتمال.
قوله: "لا يفلى" على صيغة المجهول؛ جملة وقعت حالًا من مصعب، قوله:"ولا هو يقمل" -أيضًا على صيغة المجهول كما ذكرنا، وهي جملة اسمية عطفت على الجملة التي قبلها، وموضعها النصب على الحال -أيضًا-.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "مصعب بأشعث" فإن فيه شاهدًا على التجريد؛ وذلك لأن الأشعث هو نفس
(1)
ابن الناظم (218).
(2)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة طويلة للأخطل في وصف الخمر والصحراء، ديوان الأخطل (152)، وبيت الشاهد في (161)، تحقيق: رامي الأسمر، ط. دار الكتاب العربي، وانظر بيت الشاهد في المحتسب (1/ 41)، والخصائص (2/ 475).
(3)
ما بين المعقوفين بياض في (أ، ب).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
الصواب أنها تتعلق بالفعل يوصل، في البيت قبل هذا، وهو قوله:
فسائل بني مروان ما بال ذمة
…
رحيل ضعيف لا يزال يوصل
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (ب): وهذا كلامه، وبعضهم منع الاستشهاد والتجريد بانيًا كلامه أن الأشعث غير مصعب، انظر مع كتاب المقاصد النحوية (117).
المصعب، وقد ذكرنا الآن معنى التجريد
(1)
.
الشاهد الحادي عشر بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
...................... أم من
…
جَاءَ مِنهَا بطَائفِ الأَهْوَالِ
أقول: قائله هو الأعشى ميمون بن قيس، وهو من قصيدة لامية قد مر الكلام فيها مستوفى في شواهد ما ولا وإن المشبهات بليس
(4)
، وصدره:
لاتَ هنَّا ذكرى جبيرةَ أم من
…
جاء ........ إلى آخره
الاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "بطائف الأهوال" فإنه بدل عن الضمير في قوله: "منها"، والضمير يرجع إلى جبيرة، وهو اسم امرأة، قيل: هي امرأة أعشى، وإنما قيل: إنه بدل عن الضمير لأن نفسها هي طائف الأهوال، ومثل هذا يسمى التجريد فافهم
(5)
.
الشاهد الثاني عشر بعد التسعمائة
(6)
،
(7)
إِن عَلَيَّ الله أَنْ تبَايَعَا
…
تُؤْخَذَ كَرْهًا أَوْ تَجِيءَ طَائِعًا
أقول: لم أقف على اسم راجزه، وهو من الرجز المسدس.
معنى البيت: في شخص تقاعد عن مبايعة الملك فقال له هذا القول.
(1)
ينظر الشاهد رقم (909).
(2)
ابن الناظم (218).
(3)
البيت من بحر الخفيف، من قصيدة طويلة للأعشى يمدح بها الأسود بن المنذر اللخمي، وهي مشهورة في صدر الديوان، ومطلعها:(ما بكاء الكبير بالأطلال)، وديوان الأعشى (163) دار صادر، وتختتم بشاهد نحوي، وانظرها أيضًا في الديوان (47) تحقيق: محمد حسين، و (164) ط. دار الكاتب العربي، وبيت الشاهد في الخزانة (4/ 196)، والخصائص (2/ 474)، والدرر (2/ 118)، والتصريح (1/ 200)، وابن يعيش (3/ 17)، والمحتسب (2/ 39)، والإنصاف (1/ 289)، ورصف المباني (170)، واللسان مادة:(هنأ)، والمقرب (1/ 126).
(4)
ينظر الشاهد رقم (225)، والديوان (164)، دار الكاتب العربي بيروت.
(5)
ينظر الشاهد السابق (910).
(6)
ابن الناظم (218)، وشرح ابن عقيل (3/ 253).
(7)
البيتان من مشطور الرجز، بلا نسبة في الكتاب لسيبويه (1/ 156)، وشرح أبيات سيبويه (1/ 402)، والمقتضب (2/ 64)، وشرح التصريح (1/ 161)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 341)، وشرح الأشموني (3/ 131)، والخزانة (5/ 203، 294).
الإعراب:
قوله: "إن": حرف من الحروف المشبهة بالفعل، قوله:"أن تبايعا": اسمه، وأن مصدرية، والتقدير: إن مبايعتك، وخبره قوله:"علي"، ولفظة:"الله" منصوبة بنزع الخافض، وهو واو القسم، والتقدير: إن مبايعتك عليّ والله، وفي شرح الكتاب:"علي" متعلق باستقرار محذوف في موضع خبر "إن" كأنه قال: وجب علي اليمين بالله لأن هذا الكلام قسم، و"أن تبايعا" يتعلق بعلى؛ أعني بما فيه من معنى الاستقرار.
قوله: "تؤخذ" بنصب الذال بدل من قوله: "أن تبايعا" قوله: "كرهًا": نصب على أنه صفة لمصدر محذوف؛ أي: تؤخذ أخذًا كرهًا، ويجوز أن يكون نصبًا على الحال؛ أي: تؤخذ كارهًا لذلك، قوله:"أو تجيء" بالنصب عطف على قوله: "تؤخذ"؛ لأنه إن لم يبايع كرهًا أو طوعًا، قوله:"طائعًا": نصب على الحال من الضمير الذي في تجيء.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "تؤخذ" فإنه بدل من قوله: "أن تبايعا" بدل الجملة من الجملة، وهو من أقسام بدل الاشتمال
(1)
.
الشاهد الثالث عشر بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
أَقُولُ لَهُ ارحَلْ لَا تُقِيمَنَّ عِنْدَنَا
…
وإلا فَكُنْ فِي السِّرِّ وَالجهْر مُسْلِمًا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل، المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "أقول": جملة من الفعل والفاعل، و"له": جار ومجرور يتعلق به، وقوله:"ارحل": مقول القول، قوله:"لا تقيمن": جملة مؤكدة بالنون وقعت بدلًا من قوله: "ارحل"، قوله:"وإلا" يعني: وإن لم ترحل، والفاء جواب الشرط، قوله:"مسلمًا": نصب على أنه خبر كان.
(1)
يبدل الفعل من الفعل بدل كل من كل وبدل اشتمال كقول الله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} [الفرقان: 68، 69] ومنه البيت المذكور. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 340، 342)، والارتشاف (2/ 627)، وشرح الأشموني (3/ 131).
(2)
ابن الناظم (219)، وتوضيح المقاصد (3/ 263).
(3)
البيت من بحر الطويل، ولم تذكر مراجعه قائله، وهو في شرح التصريح (2/ 162)، والمغني (426)، الخزانة (5/ 207)، (8/ 463)، وشرح شواهد المغني (839).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لا تقيمن" فإنه جملة بدل عن جملة أخرى وهي قوله: "ارحل"، والثانية أظهر في إفادة المقصود
(1)
.
الشاهد الرابع عشر بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
إلى الله أَشكُو بِالْمَدينَة حَاجَةً
…
وبالشام أُخْرَى كَيفَ يَلْتَقِيَانِ
أقول: احتج به أبو الفتح وغيره ولم يعزه إلى أحد
(4)
، وقد قيل: إنه للفرزدق والله أعلم.
[وهو من الطويل. المعنى ظاهر]
(5)
.
الإعراب:
قوله: "إلى الله": جار ومجرو يتعلق بقوله: "أشكو"، والباء في:"بالمدينة" ظرف في محل النصب على أنه صفة لحاجة، والتقدير: أشكو حاجة كائنة في المدينة
(6)
، قوله:"وبالشام أخرى" أي: أشكو حاجة أخرى في الشام.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كيف يلتقيان" فإنه بدل من قوله: "حاجة وأخرى" كأنه قال: إلى الله أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقاؤهما، هكذا قدره أبو الفتح ابن جني
(7)
.
(1)
كما يبدل الفعل من الفعل تبدل الجملة من الجملة كقول الله تعالى: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ} [الشعراء: 132، 133] ومنه البيت المذكور.
(2)
توضيح المقاصد (3/ 265).
(3)
البيت من بحر الطويل، نسب في مراجعه إلى الفرزدق وليس في ديوانه، وانظره في المقتضب (2/ 329)، والمحتسب (2/ 165)، والمغني (27، 427)، وشرح التصريح (2/ 162)، وشرح شواهد المغني (557)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 128)، والخزانة (5/ 208).
(4)
المحتسب (2/ 165) بتحقيق: علي النجدي ناصف (المجلس الأعلى).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وهو في نسخة الخزانة.
(6)
هذا صحيح؛ لكن الصفة قدمت على موصوفها، فيجب أن تكون حالًا.
(7)
انظر المحتسب (2/ 166)، والأمر هو أن: تبدل الجملة من الجملة كما سبق، أما إبدالها من المفرد فقد أجازه الزمخشري وابن جني وابن مالك مستدلين بالبيت. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 340)، والمغني (426)، والأشموني (3/ 132)، والارتشاف (2/ 626، 627).
الشاهد الخامس عشر بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
كَأنِّي غَدَاةَ البَيِنْ يَوْمَ تَحَمَّلُوا
…
................................
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وتمامه
(3)
:
................................
…
لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ
وهو من قصيدته المشهورة التي أولها:
قِفَا نَبكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنزِلِ
…
.....................
قوله: "غداة البين" أي: الفراق.
قوله: "لدى": بمعنى عند، و "السمرات": جمع سمرة وهي شجرة الطلح، قوله:"ناقف" بالنون وبعد الألف قاف ثم فاء، قال ابن فارس: ناقف الحنظل: الذي يستخرج الهبيد، قلت: الهبيد بفتح الهاء وكسر الباء الموحدة وبعدها ياء آخر الحروف ساكنة وفي آخره دال مهملة، وهو حب الحنظل
(4)
.
والمعنى: إني أبكي كناقف الحنظل؛ لأن ناقف الحنظل تدمع عيناه لحرارته.
الإعراب:
قوله: "كأني" للتشبيه، والضمير المتصل به اسمه، وقوله:"ناقف حنظل": كلام إضافي خبره، و"غداة البين": نصب على الظرف، "ويوم" -أيضًا- نصب على الظرف، و "تحملوا": جملة من الفعل والفاعل في محل الجر بالإضافة، وقوله:"لدى" -أيضًا- ظرف مضاف إلى سمرات الحي.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يوم تحملوا" فإن البعض استدل به على أنه بدل كل من بعض، أعني أن قوله:"تحملوا" بدل من قوله: "غداة البين" ونفاه الآخرون وتأولوه
(5)
.
(1)
توضيح المقاصد (3/ 250).
(2)
البيت من بحر الطويل، من معلقة امرئ القيس المشهورة، وبيت الشاهد رابعها، وانظره في الديوان (9)، ط. دار المعارف، والخزانة (4/ 376، 377)، والدرر (6/ 60)، واللسان:"نقف"، وشرح الأشموني (3/ 126).
(3)
الديوان (30) ط. دار الكتب العلمية، و (9) ط. دار المعارف، وشرح الأشموني (3/ 126).
(4)
مجمل اللغة مادة: "نقف".
(5)
زاد النحويون نوعًا آخر من أنواع البدل وهو بدل كل من بعض مستدلين بهذا البيت ونفاه الجمهور وأولوا هذا =
الشاهد السادس عشر بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
لَمْيَاءُ في شَفَتَيهَا حُوُّةٌ لَعَسٌ
…
..........................................
أقول: قائله هو ذو الرمة غيلان، وتمامه
(3)
:
................................
…
وفي اللِّثَاتِ وفي أنيابهَا شَنَبُ
وهو من قصيدة طويلة بائية من البسيط، وأولها هو قوله:
ما بَالُ عَينَيك مِنهَا الماءُ يَنْسَكِبُ
…
كَأَنّهُ منْ كُلَى مُفْرِيَّة سَرَبُ
[قوله: "من كلى مفرية" بالفاء؛ أي: من كلى قربة مقطعة، و"السرب" بفتح السين والراء؛ الماء السائل من المزادة ونحوها، وقال أبو عبيدة: ويروى: بكسر الراء، تقول: منه سربت المزادة تسرب سربًا فهي سربة إذا
(4)
سالت]
(5)
.
قوله: "لمياء": فعلاء من اللمى وهو سمرة في باطن الشفة وهو مستحسن، يقال: امرأة لمياء وظل ألمى: كثيف أسود، قوله:"حوة" بضم الحاء المهملة وتشديد الواو، وهي -أيضًا- حمرة في الشفتين تضرب إلى السواد، قوله:"لعس" بفتح اللام والعين المهملة وفي آخره سين مهملة، وهو -أيضًا- سمرة في باطن الشفة، يقال: امرأة لعساء.
قوله: "وفي اللثات" بكسر اللام وتخفيف الثاء المثلثة؛ جمع لثة وهي معروفة، قوله:"شنب" بفتح الشين المعجمة والنون، قال الأصمعي: الشنب: برد وعذوبة في الأسنان، ويقال: هو تحديد الأسنان ودقتها.
= البيت بأن اليوم بمعنى الوقت فهو بدل الكل. ينفر الارتشاف (2/ 625)، وشرح الأشموني (3/ 126)، وحاشية الصبان (3/ 126).
(1)
توضيح المقاصد (3/ 252).
(2)
البيت من بحر البسيط، وهو لذي الرمة في وصف معشوقته مية، وهو في الديوان بشرح الخطيب التبريزي (26)، و (9) بتحقيق: د. عبد القدوس أبو صالح، وانظره في المقرب (1/ 144)، والخصائص (3/ 219)، والدرر (6/ 56)، واللسان مادة:"شنب، ولعس"، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 126)، وشرح الأشموني (3/ 127)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (76)، وينظر همع الهوامع (2/ 126).
(3)
ينظر الديوان (10) وما بعدها، ط. دار الكتاب العربي، و (9) بتحقيق د. عبد القدوس أبو صالح.
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وهو منقول من نسخة الخزانة.
(5)
ينصح الصحاح مادة: "سرب".
الإعراب:
قوله: "لمياء" بالرفع خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هي لمياء، قوله:"حوة": مبتدأ، و"في شفتيها": مقدمًا خبره، قوله:"لعس": بدل من حوة؛ بدل غلط، وذلك لأن الحوة السواد واللعس سواد تشوبه حمرة، قوله:"شنب": مبتدأ، و"في اللثات": خبره، و"في أنيابها": عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لعس" فإنه بدل غلط من قوله: "حوة" كما ذكرنا، وهذا حجة على المبرد حيث يدعي أن لا يوجد في كلام العرب بدل الغلط لا في النثر ولا في النظم، وإنما يقع في لفظ الغلاط
(1)
.
وأجاب بعضهم عن هذا بأن قوله: "لعس" مصدر وصفت به الحوة تقديره: "حوة لعساء" كما يقال: له حكم عدل، وقول فصل؛ أي: عادل وفاصل، ويقال: إن في البيت تقديمًا وتأخيرًا، التقدير: لمياء في شفتيها حوة، وفي اللثات لعس، وفي أنيابها شنب فافهم
(2)
.
(1)
وقال المبرد: "وللبدل موضع آخر وهو الذي يقال له بدل الغلط، وذلك قولك: مررت برجل حمار، أراد أن يقول: مررت بحمار، فإما أن يكون غلط في قوله: مررت برجل، فتدارك فوضع الذي جاء به وهو يريده في موضعه، أو يكون كأنه نسي فذكر، فهذا البدل لا يكون مثله في قرآن ولا شعر، ولكن إذا وقع مثله في الكلام غلطًا أو نسيانًا فهكذا إعرابه". المقتضب (1/ 28).
وقال أيضًا: المقتضب (4/ 297)"ووجه رابع لا يكون مثله في قرآن ولا شعر ولا كلام مستقيم، وإنما يأتي في لفظ الناسي أو الغالط، وذلك قولك: رأيت زيدًا داره، وكلمت زيدًا عمرًا، ومررت برجل حمار، أراد أن يقول: مررت بحمار فنسي ثم ذكر، فنحى الرجل، وأوصل المرور إلى ما قصد إليه، أو غلط ثم استدرك"، ينظر شرح الرضي على الكافية (2/ 386).
(2)
أجاز ابن السيد مجيء بدل الغلط سماعًا وقياسًا، فالسماع أورد فيه بيت ذي الرمة، وقد رد عليه النحويون، يقول السيوطي:"وقد عنيت بطلب ذلك في الكلام والشعر فلم أجده، وطلبت غيري به فلم يعرفه، وادعى أبو محمد بن السيد أنه وجده في قول ذي الرمة: (البيت) قال: فلعس: بدل غلط؛ لأن الحوة: السواد بعينه، واللعس: سواد مشرب بحمرة، ورد بأنه من باب التقديم والتأخير وتقديره: في شفتيها حوة وفي اللثات لعس، وفي أنيابها شنب". همع الهوامع (2/ 12، 126) وقال ابن عصفور: "ولا حجة فيه لاحتمال أن يكون اللعس صفة للحوة كأنه قال: حوة لعساء أي: حوة مشوبة بحمرة، كما قالوا: رجل عدل يريدون: عادل فيكون من باب الوصف بالمصدر". شرح جمل الزجاجي "الكبير"(1/ 283)، وقال أيضًا:"فأما قوله: (البيت) فيتخرج على أن يكون لعس مصدرًا وصف به حوة على حد قولهم: رجل عدل، أي: حوة لعساء، والحوة: السواد الخالص، واللعس: سواد تشوبه حمرة". المقرب (1/ 244)، وينظر حاشية الصبان (3/ 127).
الشاهد السابع عشر بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
وَكُنْتُ كَذِي رِجْلَيِنْ رِجْلٍ صحِيحَةٍ
…
وَرِجْلٍ رَمَى فِيِهَا الزَّمَانُ فَشلَّتِ
أقول: قائله هو كثير عزة، وهو من قصيدته التي قالها في عزة، وهي من منتخباته، والتزم فيها ما لا يلزم، وذلك هو اللام التي قبل حرف الروي اقتدارًا على الكلام، وقوة في الصناعة، وما خرم ذلك إلا في بيت واحد وهو:
فَمَا أَنْصَفت أمَّا النِّسَاء فَبغضَتْ
…
إلَيّ وَأَمَّا بالنَّوَالِ فَضَنَّتِ
وأول القصيدة هو هذا
(3)
:
1 -
خَلِيلَي هَذَا رَبْعُ عَزَّةَ فَاعْقِلَا
…
قُلُوصَيكُمَا ثُمَّ ابْكيَا حَيثُ حَلَّتِ
وقد ذكرنا منها أبياتًا كثيرة في شواهد ظن وأخواتها
(4)
.
وقد اختلف في معنى البيت المذكور، فقال الأعلم: تمنى أن تشل إحدى رجليه وهو عندها حتى لا يرتحل عنها، وقال ابن سيده: لما خانته عزة العهد فنزلت عن عهده وثبت هو على عهدها صار كذي رجلين؛ رجل صحيحة وهو ثباته على عهدها، وأخرى مريضة وهو زللها عن عهدها، وقال عبد الدايم: معنى البيت أنه بين خوف ورجاء وقرب وتناء
(5)
.
وقال غيرهم: تمنى أن تضيع قلوصه فيبقى في حي عزة؛ فيكون ببقائه في حيها كذي رجل صحيحة، ويكون في عدمه لقلوصه كذي رجل عليلة رمى فيها الزمان فأشلها، وقال ابن هشام اللخمي: هذا القول هو المختار والمعول عليه، وهو الذي يدل عليه ما قبل البيت
(6)
.
الإعراب:
قوله: "وكنت" الواو للعطف، والضمير المتصل به اسم كان، وقوله:"كذي رجلين":
(1)
توضيح المقاصد (3/ 256).
(2)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة في الغزل لكثير عزة، ذكر الشارح مطلعها، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (1/ 433)، والمقتضب (4/ 290)، وابن يعيش (3/ 68)، والمغني (472)، وشرح شواهد المغني (814)، والخزانة (5/ 211).
(3)
ينظر ديوان كثير (95)، تحقيق: د. إحسان عباس، دار الثقافة، بيروت (1971 م)، و (54) تحقيق: علي مهنا.
(4)
ينظر الشاهد رقم (350).
(5)
ينظر النقول الثلاثة في شرح شواهد المغني (814، 815).
(6)
ينظر شرح شواهد المغني (815).
خبره، قوله:"رجل" بالجر بدل من رجلين، و"صحيحة" بالجر صفتها، قوله:"ورجل" بالجر عطف على رجل الأولى، ويجوز نصب رجل في الموضعين على إضمار أعني، ويجوز رفعهما -أيضًا- على حذف المبتدأ، تقديره: إحداهما رجل صحيحة، والأخرى رجل رمى فيها الزمان.
قوله: "رمى": فعل، و "الزمان": فاعله، والجملة في محل الجر صفة لرِجْل، ومفعول "رمى" محذوف تقديره: رمى فيها الزمان داء، قوله:"فشلت": عطف على رمى.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "رجل صحيحة" فإن رجلًا نكرة وأبدلها من رجلين، وهي -أيضًا- نكرة، وعطف عليها الثانية، ولما جاء الثاني بلفظ الأول لم يكن بد من زيادة فائدة على ما تقدم، وهي الصفة، أعني: أن الرجل الأولى موصوفة بصحيحة، والرجل الثانية موصوفة بالجملة، ولما كان المبدل منه مثنى، وجب أن يؤتى باسمين حتى يستوفى حكمه، وكذلك الجمع -أيضًا- حكمه حكم هذا الحكم، تقول: جاءني أربعة محمد وعبد الله وجعفر وزيد على البدل، وهذا البدل يعرف ببدل المفصل من المجمل لأنك أجملت أولًا ثم فصلت آخرًا. فافهم
(1)
.
* * *
(1)
تبدل المعرفة من النكرة كقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: 52، 53] وتبدل النكرة من المعرفة كقوله تعالى: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ} [العلق: 15، 16] معنى هذا أنه لا يشترط في البدل التعريف والتنكير، وأما الإفراد والتذكير وأضدادهما فإن كان بدل كل وافق متبوعه فيها ما لم يمنع مانع من التثنية والجمع ككون أحدهما مصدرًا كقوله تعالى:{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ} [النبأ: 31، 32]. أو قصد التفصيل مثل: سألت عن أخويك زيد وعمرو، ومنه بيت الشاهد كما وضحه العيني، وإن كان غيره من أنواع البدل لم يلزم موافقته فيها. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 333)، والارتشاف (9/ 612، 620)، وتوضيح المقاصد (3/ 255، 256)، وشرح الأشموني (3/ 127، 128)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 648، 649).
شواهد النداء
الشاهد الثامن عشر بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
أَيَا رَاكِبًا إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلَّغَنْ
…
نَدَامَايِ مِن نَجْرَانَ أَنْ لَا تَلَاقِيَا
أقول: قائله هو عبد يغوث بن وقاص الحارثي، شاعر جاهلي من شعراء قحطان، وفارس من فرسان قومه بني الحارث، مسود فيهم، وهو قائد يوم الكلاب الثاني إلى بني تميم، وأسر في ذلك اليوم، أسرته تيم الرباب، وكانوا يطلبونه بدم رجل منهم يقال له: النعمان بن جساس فأيقن أنه مقتول، فقال هذا الشعر ينوح به على نفسه، وأول القصيدة
(3)
:
1 -
ألا لا تلومَانِي كفى اللوم ما بيا
…
فما لكما في اللَّومِ خير ولا ليا
2 -
ألم تَعْلَمَا أنَّ الملامَةَ نفعُهَا
…
قَليلٌ ومَا لومِي أخي مِن شمَالِيَا
3 -
فيا راكبًا ...............
…
............................. إلى آخره
4 -
أَبَا كَرِبٍ والأَيْهَمَيِنْ كِلَيهِمَا
…
وَقَيسًا بِأَعْلَى حَضْرَ مَوْت اليَمَانِيَا
وقال أبو الفرج: أسره فتى من بني عمير بن عبد شمس، وكان غلامًا أهوج، فانطلق به إلى أهله، فقالت له أم الغلام: من أنت؟ فقال: أنا سيد القوم، فضحكت وقالت: قبحك الله من
(1)
ابن الناظم (221)، وتوضيح المقاصد (3/ 280)، وأوضح المسالك (4/ 18)، وشرح ابن عقيل (3/ 260).
(2)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة لعبد يغوث الحارثي قالها وقد أسر وكان آسروه قد عزموا على قتله فقاله ينوح على نفسه، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (2/ 200)، والمقتضب (4/ 204)، واللسان مادة:"قصد"، والخزانة (1/ 413)، (9/ 223)، ورصف المباني (37)، وشرح شذور الذهب (145)، والخزانة (2/ 194، 195، 197)، وابن يعيش (1/ 128).
(3)
ينظر الأغاني (6/ 353)، ط. دار الكتب العلمية، وخزانة الأدب (2/ 197)، هارون.
سيد قوم حين أسرك هذا الأهوج، فقال في جملة قصيدته
(1)
:
وتَضحَكُ مِني شَيخَةٌ عَبشَميَّةٌ
…
كَأَنْ لَمْ تَرَيْ قَبلي أَسِيرًا يَمَانيًّا
وهي من الطويل.
قوله: "عرضت" أي: تعرضت؛ كذا فسره البعلي في شرح الجمل، وذكر بعض شراح أبيات المفصل أنه من عرض الرجل إذا أتى العروض وهي مكة والمدينة وما حولهما.
قوله: "نداماي": جمع ندمان، قال ابن فارس: النديم: شريب الرجل الذي ينادمه، وهو ندمانه من المنادمة، ويقال: هي مقلوبة من المدامنة، وذلك إدمان الشراب [وفيه نظر]
(2)
، وناس يقولون: كان الشربيان يكون من أحدهما بعض ما يندم عليه؛ فلذلك سميا نديمين
(3)
، قوله:"أبا كرب" أبو كرب، و"الأيهمان" رجال من اليمن، و"قيس" هو ابن معدي كرب، وأبو قيس ابن: الأشعث الكندي.
الإعراب:
قوله: "أيا راكبًا" ويروى: فيا راكبًا، وأيا: حرف نداء، وهي مثل يا إلا أنها لا تستعمل إلا والمنادى مذكور، "وراكبًا": منصوب به لأنه نكرة غير مضافة ولا شبيهة بالمضاف.
قوله: "إما عرضت" أصل "إما": إن ما، فإن حرف شرط، وما زائدة، أدغمت النون في الميم لقربهما في المخرج، وقوله:"عرضت": فعل الشرط جملة من الفعل والفاعل، والمفعول محذوف، أي: إن عرضت العروض؛ أي: بلغتها
(4)
.
قوله: "فبلغن" الفاء للجزاء، "وبلغن": فعل وفاعله مستتر فيه، وهو أنت، والنون نون التأكيد الخفيفة، قوله:"نداماي": كلام إضافي تقديره النصب على أنه مفعول فبلغن، قوله:"من نجران" المضاف فيه محذوف، أي: من أهل نجران، ومحله النصب على أنها صفة لنداماي
(5)
.
قوله: "ألا تلاقيا" ألا أصله: أن لا، فأن زائدة
(6)
، ولا لنفي الجنس أدغمت النون في اللام لقرب مخرجهما، و"تلاقيا": اسم لا وهو مبني على الفتح، وخبرها محذوف تقديره:
(1)
انظر المرجعين السابقين.
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
مجمل اللغة مادة "ندم".
(4)
نقده صاحب الكتاب مع المقاصد النحوية فقال (118): "الفعل عرض لازم، فكيف جعله متعديًّا، ومثل الفعل عرض أشأم وأعرق".
(5)
الصحيح أنه حال، وليس بصفة؛ لأن نداماي معرفة.
(6)
ليست زائدة، وإنما هي مخففة من الثقيلة أو مفسرة.
أن لا تلاقي لنا، وألفه للإطلاق، والجملة في محل النصب مفعول ثان لقوله:"فبلغن"، وقال البطليوسي
(1)
: أن مخففة من الثقيلة، واسمها مضمر فيها، وتقديره: أن لا تلاقي، فخبر لا التبرئة محذوف، والجملة في موضع خبر إن.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أيا راكبًا" حيث نصب راكبًا؛ لأنه منادى مفرد نكرة، وقال أبو عبيدة: أراد: أيا راكباه للندبة، فحذف الهاء؛ كقوله تعالى:{يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: 84]، ولا يجوز [يا راكبًا]
(2)
بالتنوين لأنه قصد به راكبًا بعينه
(3)
، وإنما جاز أن يقال: يا رجلًا بالتنوين إذا لم يقصد به رجل بعينه، وأريد به واحد ممن له هذا الاسم.
فإن قيل: حرف النداء يفيد التعريف بالاتفاق ومع ذلك كيف يدخل على المفرد النكرة ويبقى على تنكيره بعد دخوله؟ فيلزم من هذا أحد أمرين: إما خلو حرف النداء عن التعريف، وذلك خلاف الإجماع، وإما زوال التنكير بعد دخول حرف النداء، وذلك يستلزم: انتفاء كون المنادى مفردًا نكرة.
قلتُ: المنادى يبقى على تنكيره بعد دخول حرف النداء؛ كما أن تعريفه يزيل تعريف العلمية في: يا زيد على أحد التأويلين، وقولهم: حرف النداء يفيد التعريف محمول على عدم المعارض فافهم
(4)
.
(1)
عبد الله بن محمد بن السيد أبو محمد البطليوسي صنف: شرح آداب الكاتب، وإصلاح الخلل الواقع في الجمل، والحلل في شرح أبيات الجمل، والمسائل المنثورة في النحو، وغيرها (ت 521 هـ) ينظر بغية الوعاة (55، 56).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
من أنواع المنادى: المنادى المفرد النكرة غير المقصودة، وحكمها النصب كقول الأعمى: يا رجلًا خذ بيدي، ومثله هذا البيت، فالشاعر لم يقصد راكبًا بعينه وإنما أراد: راكبًا من الركبان يبلغ خبره، ولو أراد راكبًا بعينه لبناه على الضم وإنما قال هذا لأنه كان أسيرًا. ينظر ابن يعيش (1/ 128).
(4)
قال ابن مالك: "وادعى المبرد أن تعريف: يا زيد متجدد بالنداء بعد إزالة تعريف العلمية لأنه لا يجمع بين تعريفين، والصحيح أن تعريف العلمية مستدام كاستدامة تعريف الضمير واسم الإشارة الموصول في: يا إياك، ويا هذا ويا من حضر؛ ولأن النداء لا يلزم من دخوله على معرفة اجتماع تعريفين على أنه لو علم اجتماع تعريفين لجعل أحدهما مؤكدًا للآخر ومسوقًا لزيادة الوضوح؛ كما تساق الصفة لذلك، ويكون ذلك نطر اجتماع دليلي المبالغة في: علامة ودواري".
شرح التسهيل لابن مالك (3/ 392).
الشاهد التاسع عشر بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
يَا حَكَمَ بْنَ المنذِرِ بْنِ الجَارُود
…
سُرَادِقُ المجدِ عَلَيكَ مَمْدُودْ
أقول: قائله هو رؤبة، قال الجوهري
(3)
: والصحيح أنه راجز من بني الحرماز، وبعد الشطر الأول:
................................
…
أَنْتَ الجَوادُ ابنُ الجَوَادِ المحمُود
وهو من الرجز المسدس.
قوله: "سرادق المجد" أي: العز والعظمة، والسرادق بضم السين المهملة يسمى بالفارسية: سرايرده.
الإعراب:
قوله: "يا حكم" يا حرف نداء، و"حكم بن المنذر": منادى مفتوح، ويجوز فيه الضم على ما يجيء الآن، قوله:"ابن الجارود" بالجر لأنه صفة المنذر، قوله:"سرادق المجد": كلام إضافي مبتدأ، وخبره قوله:"ممدود"، و"عليك" يتعلق به.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا حكم بن المنذر" فإن حكم منادى علم موصوف بابن مضاف إلى علم، فيجوز فيه الضم على الأصل، والفتح على الاتباع والتخفيف؛ كما في قولك: يا زيدَ بنَ سعيد، يجوز فيه الوجهان، وقال المبرد: الضم أولى ثم أنشد البيت المذكور بالفتح، ثم قال: ولو قال: يا حكمُ بنُ المنذر يعني بالضم كان أجود
(4)
. ووافقه ابن مالك على ذلك
(5)
، وهذا مخالف لقول الجمهور من البصريين؛ فعندهم أن الفتح أرجح لأنه أخف
(6)
.
(1)
ابن الناظم (221)، وأوضح المسالك (4/ 22).
(2)
بيتان من بحر الرجز المشطور، في المدح من مقطوعة لرؤبة في ملحقات ديوانه (172)، وانظرهما في الكتاب لسيبويه (2/ 203)، وابن يعيش (2/ 169)، والصحاح مادة:"سردق".
(3)
الذي في الصحاح مادة: "سردق" أن قائلهما رؤبة دون شك، وأما القائل بأنه رجل من بني الحرماز هو سيبويه. الكتاب (2/ 203).
(4)
المقتضب (4/ 232)، وتوضيح المقاصد (3/ 283).
(5)
ينظر شرح الكافية الشافية لابن مالك (1298).
(6)
ذهب جمهور البصريين إلى أن المنادى إذا كان علمًا مفردًا موصوفًا بابن متصل به وأضيف إلى علم جاز فيه الضم والفتح، والفتح هو المختار، قال الأشموني:"والمختار عند البصريين غير المبرد الفتح". ينظر شرح الأشموني (3/ 141)، وتوضيح المقاصد (3/ 283).
الشاهد العشرون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
سَلامُ اللهِ يَا مَطَرٌ عَلَيهَا
…
وَلَيسَ عَلَيكَ يَا مَطَرُ السَّلَامُ
أقول: قائله هو الأحوص، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الكلام في أول الكتاب
(3)
.
والاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "يا مَطَرٌ" حيث نونه للضرورة، وقد علم أن المنادى المفرد المعرفة يستحق البناء على الضم، ثم إذا اضطر الشاعر إلى تنوينه جاز ذلك للضرورة، فإذا نونه فله أن يضمه وله أن ينصبه، وقد ضمه هاهنا كما نصبه الشاعر في البيت الآتي
(4)
.
الشاهد الحادي والعشرون بعد التسعمائة
(5)
،
(6)
ضَرَبَتْ صَدْوَهَا إِلَيَّ وَقَالت
…
يَا عَدِيًّا لَقَدْ وَقَتْكَ الأَوَاقِي
أقول: قائله هو المهلهل واسمه امرؤ القيس
(7)
، وكان أصل ذلك أن مهلهلًا أسره عمرو بن مالك، فطلبت أمه وخالته إلى عمرو في ذلك أن يدع مهلهلًا ففعل، ففي ذلك يقول مهلهل يتغزل في ابنة المجلل
(8)
:
(1)
ابن الناظم (222)، وأوضح المسالك (4/ 28)، وشرح ابن عقيل (3/ 262).
(2)
البيت من قصيدة ميمية للأحوص الأنصاري من بحر الوافر في شعر الأحوص الأنصاري (140) وما بعدها، تحقيق: عادل سليمان جمال، تقديم د. شوقي ضيف، ط. الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر (1970 م)، وانظر الديوان بشرح مجيد طراد سلسلة (شعراؤنا)(174، 175) نشر دار الكتاب العربي بيروت، ط. أولى لسنة (1994 م).
(3)
ينظر الشاهد رقم (9).
(4)
إذا اضطر الشاعر إلى تنوين المنادى جاز بقاء الضمة وهو الأكثر وجاز نصبه، واختار الخليل وسيبويه وابن مالك الضم، واختار يونس وعيسى بن عمر والجرمي النصب. ينظر الكتاب لسيبويه (2/ 202)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 396)، وشرح الأشموني (3/ 145).
(5)
ابن الناظم (222)، وشرح ابن عقيل (3/ 263).
(6)
البيت من بحر الخفيف، من مقطوعة ذكرها الشارح في الغزل لمهلهل بن ربيعة، وانظر بيت الشاهد في المقتضب (4/ 214)، وابن يعيش (10/ 10)، وشرح التصريح (2/ 270)، والمنصف (1/ 218)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 173)، ورصف المباني (177)، والخزانة (2/ 165)، والدرر (3/ 22)، واللسان:"وقى".
(7)
قيل: اسمه امرؤ القيس بن ربيعة، وقيل: اسمه عدي بن ربيعة، وبيت الشاهد ينبئ عن اسمه، وهو خال امرئ القيس بن حجر صاحب المعلقة، وهو أول من قال الشعر وهلهله أي جعله رقيقًا، وهو أخو كليب الذي هاجت بمقتله حرب البسوس، الخزانة (2/ 164).
(8)
انظر الأبيات في الأغاني لأبي الفرج (5/ 54، 55) ط. دار الكتب المصرية (1932 م).
1 -
طَفْلَةٌ مَا ابنَةُ المُجَلِّلِ بَيضا
…
ءُ لَعُوبٌ لَذِيذَةٌ فيِ العنَاقِ
2 -
ظَبيَة مِنْ ظِبَاءِ وَجْرَةَ تَعْطُو
…
ويَداهَا في ناضرِ الأَوْرَاقِ
3 -
ضرَبَتْ صَدْرَهَا .........
…
.......................... إلى آخره
4 -
ارحلِي ما إليكَ غَيرَ بَعيدٍ
…
لَا يُؤَاتي العنَاقُ مَنْ فيِ الوَثَاق
5 -
مَا أرجى فيِ العيشِ بَعْدَ ندامَى
…
قدْ أَراهُم سُقُوا بكَأْس حلَاقِ
6 -
بَعْدَ عَمْرو وَعَامِرٍ وحُيَيِّ
…
ورَبيع الصدوفِ وابْنَي عَنَاقِ
7 -
وَكُلَيبٍ سُمّ الفَوَارِسِ إذ عَيَّ
…
رُمَاةُ الكُمَاة بالإيفَاقِ
8 -
إنَّ تحتَ الأَحْجَارِ حَزْمًا وجُودًا
…
وَخَصِيمًا ألدَّ ذَا مِعْلَاقِ
9 -
حَيَّةٌ في الوَجَار أربدُ لا تنـ
…
ـفَعُ منهُ السليمَ نَفْثَةُ رَاق
وهي من الخفيف.
1 -
قوله: "طفلة" بفتح الطاء؛ أي: ناعمة، وقيل: رخصة اليدين، وقيل: رخصة على الإطلاق، وبكسر الطاء: صغيرة يقال: طِفْلةٌ طَفلةٌ.
2 -
قوله: "وجرة" بفتح الواو وسكون الجيم؛ اسم موضع، قوله:"تعطو" أي: تتناول.
3 -
قوله: "ضربت صدرها" يعني: متعجبة من حالي إلى هذه الغاية مع ما لقيت من الحروب والأسر والخروج عن الأهل، وهو من فعل النساء، قوله:"وقتك": من وقى يقي وقاية أي: حفظ، و"الأواقي": جمع واقية وهي الحافظة، والأصل: وواقي، فأبدلت الواو الأولى همزة فصار: أواقي
(1)
.
5 -
قوله: "ندامى": جمع ندمان بمعنى النديم، قوله:"حلاق" بكسر الحاء المهملة، وهي المنية لأنها تحلق من حلت به.
6 -
قوله: "والصدوف" بفتح الصاد المهملة وفي آخره فاء؛ اسم فرس الربيع الذي أضيف إليها، وقيل: اسم امرأة
(2)
.
7 -
قوله: "الكماة": جمع كام، وهو الكمي المتغطي بالسلاح، قوله:"بالإيفاق" بكسر الهمزة وسكون الياء آخر الحروف بعدها ألف وبعد الألف قاف، وهو إيتار السهم ليرمى به؛ من
(1)
قال ابن يعيش: "فأما إبدالها من الواو ففي الواقعة أولًا مشفوعة بأخرى لازمة نحو: أواصل وأواق، والأصل: وواصل ووواق". ينظر ابن يعيش (10/ 10)، وتوضيح المقاصد (6/ 2).
(2)
ينظر الصحاح مادة: "صدف" واللسان أيضًا.
أوفقت السهم إذا وضعته على فوقه.
8 -
قوله: "معلاق" بالعين المهملة، وهو اللسان البليغ، وبالمعجمة: الذي يغلق باب الحجة عن خصمه.
9 -
قوله: "في الوجار" بكسر الواو وفتحها وبالجيم؛ جحر الضبع، ويستعار لغيرها، قوله:"أربد" بالراء وبالباء الموحدة، يقال: حية أربد وهي التي يضرب لونها إلى السواد، و"السليم": اللديغ، و"الراقي": الذي يرقي.
الإعراب:
قوله: "ضربت": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى ابنة المجلل المذكورة في أول القصيدة، وقوله:"صدرها": كلام إضافي مفعوله، قوله:"إليَّ" يعني: لي، وهو في موضع النصب على الحال من الضمير الذي في ضربت، والتقدير: ضربت صدرها حال كونها مخاطبة لي، قوله:"وقالت": فعل وفاعل، وقوله:"يا عديًّا .... إلى آخره": مقول القول، قوله:"لقد وقتك" اللام للتأكيد، وقد للتحقيق، "ووقتك": جملة من الفعل والمفعول، و"الأواقي": فاعله.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا عديًّا" فإن الشاعر لما اضطر نون عديًّا الذي هو منادى مفرد معرفة، ثم لما نونه نصبه تشبيهًا بالمضاف
(1)
.
الشاهد الثاني والعشرون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
لَيتَ التحِيةَ كَانَتْ لِي فَأَشْكُرَهَا
…
مَكَانَ يَا جَمَلٌ حُيِّيتَ يَا رَجُلُ
أقول: قائله هو كثير عزة، وهو من قصيدة لامية من البسيط، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
حَيّتكَ عَزَّةُ بَعْدَ الهَجْرِ وانْصَرَفَتْ
…
فَحَي وَيْحَكَ مَن حَياكَ يَا جَمَلُ
الأصل فيه أن عزة هجرت كثيرًا وحلفت أن لا تكلمه، فلما تفرق الناس من مِنًى لقيته
(1)
ينظر الشاهد رقم (920).
(2)
ابن الناظم (222).
(3)
البيت من بحر البسيط، من مقطوعة عدتها خمسة أبيات قالها كثير في صاحبته، وقد ذكرها الشارح كلها، وانظرها في الديوان (453)، بتحقيق: د. إحسان عباس، و (163) بتحقيق: عبدأ علي مهنا، وانظر بيت الشاهد في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 397)، وشرح الأشموني (3/ 144)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 173)، والدرر (3/ 22).
(4)
الديوان (163).
فحيت الجمل ولم تحيه، فقال:"حَيَّتْكَ عَزَّةُ ....... إلى آخره".
وبعده:
2 -
لَوْ كُنْتَ حَييتَهَا مَا زِلْتَ ذَا مِقَةٍ
…
عِنْدِي ولا مَسَّكَ الإدْلَاج والعملُ
3 -
فَحَنَّ مِنْ وَلَهٍ إِذْ قُلْتُ ذَاكَ لَهُ
…
وظَلّ مُعْتَذِرًا قَدْ شَفَّهُ الخجَلُ
4 -
وَرَدَّ مِنْ جَزعٍ مَا كُنْتُ أَعْرِفُهَا
…
وَرَامَ تَكلِيمَهَا لَوْ تَنْطِقُ الإِبِلُ
(1)
5 -
لَيتَ التَّحِيَّةَ .................
…
..................... إلى آخره
[الإعراب:
قوله: "]
(2)
ليت": كلمة تمنّ تتعلق بالممكن والمستحيل، و"التحية" بالنصب اسمه، وقوله: "كانت لي": خبره، قوله: "فأشكرها" بنصب الراء لأنه جواب تمن؛ أي: فأن أشكرها، والفاء للجزاء، والتقدير: إن كان لي تحية فأشكرها، قوله: "مكان": نصب على الظرفية، والعامل فيه فعل محذوف، والتقدير: ليت التحية كانت لي فأشكرها، فعوضت مكان حييت يا جمل: حييت يا رجل، وحذف -أيضًا- حييت الأول لدلالة الثاني عليه، وقوله: "يا رجل" بالضم بلا تنوين لأنه منادى مفرد معرفة.
والاستشهاد فيه:
في قوله: "يا جمل" حيث نونه مضمومًا ويروى: يا جملًا بالنصب، والمشهور الضم
(3)
.
الشاهد الثالث والعشرون بعد التسعمائة
(4)
،
(5)
أعَبدًا حَلَّ في شُعَبَى غَرِيبًا
…
أَلُؤمًا لَا أَبَا لَكَ واغْتِرَابًا
أقول: قائله هو جرير، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد المفعول المطلق
(6)
.
(1)
هذا البيت سقط في (أ، ب): وهو منقول من نسخة الخزانة.
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
(3)
ينظر الشاهد رقم (921) وما بعده.
(4)
ابن الناظم (222)، وأوضح المسالك (4/ 29).
(5)
البيت من بحر الوافر من قصيدة لجرير يهجو فيها العباس بن يزيد الكندي كما في الديوان (649)، ط. دار المعارف، ومطلعها هو قوله:
أخالدَ عادَ وعدُكُمُ خِلابًا
…
ومَنَّيت المواعدَ والكذابَا
وانظر بيت الشاهد في الكتاب (1/ 339)، والأغاني (8/ 21)، والخزانة (2/ 183) وشرح أبيات سيبويه (1/ 98)، وشرح التصريح (1/ 331).
(6)
ينظر الشاهد رقم (444).
والاستشهاد فيه:
في قوله: "أعبدًا" فإنه نون عبدًا وهو منادى مفرد معرفة، نونه للضرورة ثم نصبه؛ كما في قوله:"يا عديًّا" في البيت المذكور آنفًا
(1)
.
الشاهد الرابع والعشرون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
فَيَا الغُلَامَان اللذَانِ فَرَّا
…
إيَّاكُمَا أَن تَكْسِبَانَا شَرًّا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الرجز وفيه الخبن والكسف بالسين المهملة.
الإعراب:
قوله: "فيا" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، ويا حرف نداء، و"الغلامان": منادى، قوله:"اللذان": موصول، و"فرا": صلته، والموصول مع صلته صفة للغلامان.
قوله: "إياكما": تحذير، أن تكسبانا" أي: من أن تكسبانا، و"أن" مصدرية، والتقدير: من كسبكما إيانا، وكسبه أفصح من أكسبه، قوله:"شرًّا": مفعول ثان لتكسبانا، ويروى: إياكما أن تكتمانا سرًّا بكسر السين المهملة وتشديد الراء.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "الغلامان" فإنه جمع فيه بين حرف النداء وبين الألف واللام للضرورة، وقال ابن يعيش: الصفة والموصوف كالشيء الواحد فصار حرف النداء كأنه باشر (اللذان)
(4)
.
(1)
ينظر الشاهد رقم (921) وما بعده.
(2)
ابن الناظم (222)، وتوضيح المقاصد (3/ 287)، وشرح ابن عقيل (3/ 264).
(3)
البيتان من بحر الرجز المشطور، قال عنهما صاحب الخزانة (2/ 194): وهذا البيت شائع في كتب النحو ولم يعرف له قائل، وانظره في المقتضب (4/ 243)، وأسرار العربية (230)، والإنصاف (336)، وابن يعيش (2/ 9)، والخزانة (2/ 294)، واللمع (196)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 174).
(4)
لا يجوز الجمع بين "يا" والمعرف بأل إلا في لفظ الجلالة وما سمي به من الجمل المصدرة بأل وهي الجمل المحكية نحو: يا ألله ويا المنطق زيد، وفي ضرورة الشعر كما في البيت، وأجاز الكوفيون والبغداديون وابن مالك نداء ما فيه أل مطلقًا. ينظر الكلاب لسيبويه (2/ 195)، وتوضيح المقاصد (3/ 287، 288)، والإنصاف (336)، وابن يعيش (2/ 9)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 398، 399) ، وشرح الأشموني (3/ 145).
الشاهد الخامس والعشرون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
إني إِذَا مَا حَدَثٌ ألَمَّا
…
أَقُولُ يا اللَّهُمَّ يَا اللَّهُمَّا
أقول: قائله هو أبو خراش الهذلي، وقبله:
إِنْ تَغْفِر اللَّهُمَّ تغْفِر جَمًّا
…
وَأَيُّ عَبدٍ لَكَ لَا ألَمَّا
وهي من الرجز المسدس.
قوله: "حدث" بفتحتين، وهو الأمر الذي يحدث من مكاره الدنيا، قوله:"ألما" أي: نزل، وأصله:"ألمَّ بي" من قولك: ألممت بالرجل إذا نزلت به، ومنه الملمة وهي النازلة من نوازل الدنيا.
الإعراب:
قوله: "إني" الضمير المتصل به اسم إن، وخبره قوله:"أقول"، قوله:"إذا" للظرف، والعامل فيه "أقول"، وما زائدة، "وحدث" مرفوع بفعل محذوف يفسره الظاهر تقديره: إذا ألم حدث أقول يا ألله يا ألله، قوله:"يا اللَّهم" يا حرف نداء، واللَّهم أصله: يا ألله؛ فعوضت الميم عن حرف النداء، ولا يجمع بينهما إلا في الضرورة كما في البيت، وقال الكوفيون: أصله: يا ألله أمنا بخير، وهذا لا يصح من وجوه:
الأول: أنه لو كان كذلك لكثر الجمع بينهما ولم يخص بالضرورة.
والثاني: أنه يصح أن يقع بعدها الاسم أمنا بخير.
والثالث: أنه لو كان كذلك لجاز أن يقال: يا ألله أمنا ارحمنا بغير عطف؛ كما يقال: اللهم ارحمنا.
الرابع: أنه لو كان كذلك لجاز باطراد أن يقال: اللهم وارحمنا بالعطف؛ كما يقال: اللهم أمنا بخير وارحمنا، قوله:"يا اللهما": تأكيد للأول
(3)
.
(1)
ابن الناظم (223)، وتوضيح المقاصد (3/ 289)، وأوضح المسالك (4/ 31)، وشرح ابن عقيل (3/ 265).
(2)
بيتان من الرجز المشطور، قال عنهما صاحب الخزانة (2/ 295):"هذا البيت من الأبيات المتداولة في كتب العربية، ولا يعرف قائله، ولا بقيته، وزعم العيني أنه لأبي خراش الهذلي، قال: وقبله: إن تغفر الله إلخ، وهذا خطأ فإن هذا البيت الذي يزعم أنه قبله بيت مفرد ولا قرين له، وليس هو لأبي خراش الهذلي، وإنما هو لأمية بن أبي الصلت، قاله عند موته، وانظر بيت الشاهد في المقتضب (4/ 242)، واللسان مادة: "أله"، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 178)، وشرح أشعار الهذليين (3/ 1346)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 401)، والخزانة (2/ 295)، والإنصاف (341).
(3)
ينظر الإنصاف رقم (336).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا اللَّهم" حيث جمع فيه بين العوض والمعوض للضرورة كما قلنا
(1)
.
الشاهد السادس والعشرون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
ألا أيُّهذا الباخعُ الوَجدُ نفسَهُ
…
لشيءٍ نَحَتْهُ مِنْ يَدَيْهِ المقَادِرُ
أقول: قائله هو ذو الرمة غيلان، وهو من قصيدة طويلة من الطويل يمدح بها بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري
(4)
رضي الله عنه، وأولها هو قوله
(5)
:
1 -
لِميَّةَ أَطلَالٌ بِحُزْوَى دَوَاثِرُ
…
عَفَتْهَا السَّوَافيِ بَعْدَنَا والمواطِرُ
2 -
كأَنَّ فُؤَادِي هَاض عِرفَانَ رَبْعِهَا
…
بِهِ وَعْيَ سَاقٍ أَسْلَمَتْهَا الجبائِرُ
إلى أن قال:
3 -
ألا أيّهذا الباخعُ ...............
…
................. إلى آخره
1 -
قوله: "أطلال": جمع طلل وهو ما شخص من آثار الدار، و"حزوى" بضم الحاء المهملة وسكون الزاي المعجمة، وهو اسم موضع، وقوله:"عفتها" أي: محتها ودرستها، و"السوافي "بالفاء؛ هي الرياح التي تسفي التراب، و"المواطر": جمع ماطرة.
2 -
قوله: "هاض" بالضاد المعجمة؛ من هاض العظم كسره، بعد جبر، قوله:"وعي ساقه" الوعي: الجبر، والجبائر: جمع جبيرة.
3 -
قوله: "الباخع" بالخاء المعجمة والعين المهملة، يقال: بخع إذا هلك.
و"الوجد": الحزن وشدة الشوق، قوله:"نحته" بالنون والحاء المهملة والتاء المثناة من فوق؛ أي: صرفته عن يديه، و"المقادر": جمع مقدرة، وأراد بها التقادير.
الإعراب:
قوله: "ألا": حرف تنبيه، و"أيهذا": منادى، وحرف النداء محذوف تقديره: ألا يا أيهذا،
(1)
ينظر الشاهد رقم (924).
(2)
ابن الناظم (224).
(3)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة طويلة لذي الرمة، يمدح بها بلال بن أبي بردة، وانظر الشاهد في الديوان (3/ 1037)، والمقتضب (4/ 259)، وابن يعيش (2/ 7)، واللسان:"بخع"، واللسان مادة:"نحا".
(4)
هو بلال بن أبي بردة عامر بن أبي موسى الأشعري (ت 126 هـ)، ينظر الأعلام (2/ 72).
(5)
الديوان (114) وما بعدها، و (3/ 1011) تحقيق: عبد القدوس أبو صالح.
وهذا في محل الرفع صفة المنادى.
قوله: "الباخع": رفع صفة، بعد صفة، والألف واللام فيه بمعنى الذي تقديره: يا أيها الذي بخع الوجد نفسه؛ فالوجد مرفوع لأنه فاعل اسم الفاعل؛ فلا ضمير في: الباخع نفسه حينئذ، ويروى: بنصب الوجد على التعليل، أي: الباخع بنفسه لأجل الوجد؛ فحينئذ يكون في الباخع ضمير مستتر هو فاعله تقديره: الباخع هو نفسه لأجل الوجد.
قوله: "لشيء": جار ومجرور يتعلق بقوله: "نحته"، والجملة أعني: قوله: "نحته المقادر" في محل الجر لأنها صفة لقوله "شيء"، وأصل المقادر: المقادير بالمد إلا أنها خففت بالحذف للتخفيف ورعاية للقافية.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ألا أيهذا" حيث وصف المبهم الذي هو أي باسم الإشارة فقال: أيهذا، ووصف اسم الإشارة بما فيه أل وهو قوله:"الباخع"
(1)
.
(1)
توصف أي في النداء بشيئين أحدهما: الألف واللام كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1]، والثاني: اسم الإشارة نحو: يا أيهذا الرجل؛ فذا صفة لأي كما وصفت بما فيه الألف واللام وجاز الوصف به لأنه مبهم مثله، والعلة في ذلك: أن ذا يوصف بما يوصف به أي من الجنس نحو الرجل فوصفوا به أيًّا في النداء تأكيدًا لمعنى الإشارة فقالوا: يا أيهذا الرجل، ومنه البيت المذكور. ينظر ابن يعيش (2/ 7)، شرح التسهيل لابن مالك (3/ 399) وقال ابن يعيش: "فلذلك لا تقول: رجل أقبل، ولا غلام تعال، ولا هذا هلم، وأنت تريد النداء حتى يظهر حرف النداء؛ لأن هذه الأشياء يجوز أن تكون نعوتًا لـ (أي) نحو: يا هذا الرجل، ويا أيها الغلام، ويا أيهذا لأن (أيا) مبهم، والمبهم ينعت بما فيه الألف واللام، أو بما كان مبهمًا مثله، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} [الحجرات: 13]، قال الشاعر:
يا أيُّها الرجلُ المعلِّمُ غيرَهُ
…
هلَّا لنفسِك كان ذا التعليمُ
وقال آخر: (البيت) فوصف (أيا) باسم الإشارة؛ كما وصفه بما فيه الألف واللام إذا كان مبهمًا مثله". ابن يعيش (2/ 15، 16)، وينظر: أسرار النداء (22)، وشرح الكافية للرضي (1/ 260)، وقال الرضي: "والكوفيون جوزوا حذف الحرف من اسم الإشارة اعتبارًا لكونه معرفة قبل النداء، واستشهادًا بقوله تعالى:{ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ} [البقرة: 85] ".
شرح الكافية للرضي (1/ 160)، وينظر أسرار النداء (23، 24)، والبيان للأنباري (1/ 103)، والتبيان للعكبري (1/ 48).
الشاهد السابع والعشرون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
يَا أيُّهَا الجَاهلُ ذُو التَّنَزِّيّ
…
................................
أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج، وتمامه:
................................
…
لَا تُوعدَنِّي حَيَّةً بالنَّكْزِ
قوله: "ذُو التَّنَزِّيّ" بفتح التاء المثناة من فوق والنون وتشديد الزاي المعجمة المكسورة، وهو نزع الإنسان إلى الشر، وأصله: من نزأت بين القوم إذا حرشت بينهم، قوله:"بالنكز" بفتح النون وسكون الكاف وفي آخره زاي معجمة؛ من نكزت الحية بأنفها، وقال ابن فارس: النكز بالشيء المحدود كالغرز
(3)
.
الإعراب:
قوله: "يا أيها الجاهل" يا حرف نداء، وأي منادى، وها تنبيه، والجاهل صفة، وها تنبيه، و"ذُو التَّنَزِّيّ": كلام إضافي صفة الجاهل.
الاستشهاد فيه:
أنه وصف: "أيا" بما فيه أل، ووصف ما فيه أل بمضاف إلى ما فيه أل
(4)
، وقال أبو حيان: رفع ذو التنزي لأنه تابع لصفة، فدل على أن الوصف للمفرد مرفوع لا مضموم؛ فانفصل عن ذلك.
وقال أبو الحسن: "الجاهل" صلة لأي، وليس بصفة، والتقدير عنده: يا أيها هو الجاهل ذو التنزي، فالحركة فيه ليست حركة إتباع، فيكون في موضع نصب؛ بل حركته إعراب لأنه خبر المبتدأ المحذوف، ونعت المرفوع مرفوع
(5)
.
(1)
ابن الناظم (224)، وتوضيح المقاصد (3/ 301).
(2)
البيت مطلع أرجوزة طويلة لرؤبة يمدح بها أبان بن الوليد البجلي، وهي مليئة بالغريب والعويص من الكلام، انظر ديوانه مجموع أشعار العرب (62)، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (2/ 192)، والمقتضب (4/ 218)، والأشباه والنظائر (5/ 169)، تحقيق: عبد العال مكرم، والأشموني (3/ 152)، وابن يعيش (6/ 138).
(3)
مجمل اللغة: "نكز".
(4)
إذا أريد نداء ما فيه أل جيء بأي متلوة بـ "ها" التنبيه تقول: يا أيها الرجل؛ فالرجل وصف لأي، ويجوز وصف ما فيه الألف واللام بمضاف إلى ما فيه أل.
(5)
ذهب الأخفش إلى أن المرفوع بعد أي خبر لمبتدأ محذوف وأي موصولة بالجملة. ينظر شرح الأشموني (3/ 151).
الشاهد الثامن والعشرون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
يَا زَيدُ زَيْدَ اليَعْمُلَاتِ الذُّبَّلِ
…
تَطَاوَلَ الليْلُ عَلَيكَ فَانْزِلِ
أقول: قائله هو بعض ولد جرير، وقال النحاس: قائله عبد الله بن رواحة الأنصاري رضي الله عنه
(3)
. وهو من الرجز المسدس.
وأراد بزيد زيد بن أرقم، و"اليعملات" بفتح الياء آخر الحروف وسكون العين المهملة؛ جمع يعملة وهي الناقة القوية الحمولة، وإنما أضاف زيدًا إلى اليعملات لأنه كان يحدو لها، ولهذا قال:
................................
…
تَطَاوَلَ الليْلُ عَلَيكَ فَانْزِلِ
أي: انزل عن ظهرها واحْدُ لها فقد تطاول الليل، و"الذبل" بضم الذال المعجمة وتشديد الباء الموحدة، جمع ذابل بمعنى الضامر؛ كرُكَّع جمع راكع.
الإعراب:
قوله: "يا": حرف نداء، قوله:"زيد" يجوز فيه الوجهان: النصب على تقدير: يا زيد اليعملات، لأنه يكون منادى مضاف، والضم لأنه منادى مفرد معرفة، وأما زيد الثاني فهو منصوب على الوجهين لأنه تأكيد للأول، وقوله:"الذبل" بالجر صفة اليعملات، قوله:"تطاول": فعل و"الليل": فاعله، قوله:"فأنزل": جملة من الفعل والفاعل معطوفة بالفاء على ما قبلها.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا زيد زيد" حيث وقع المنادى في حال الإضافة مكررًا، ويجوز في الأول الوجهان الضم والفتح، ويجب النصب في الثاني؛ كما بينا
(4)
.
(1)
ابن الناظم (225)، وشرح ابن عقيل (3/ 272).
(2)
البيتان من الرجز المشطور من مقطوعة عدتها أربعة أبيات، قالها عبد الله بن رواحة، يخاطب غلامه زيد بن أرقم أثناء سفره إلى مؤتة غازيًا، ديوان عبد الله بن رواحة (152)، تحقيق: وليد قصاب، وانظر الشاهد في الكتاب لسيبويه (2/ 206)، والخزانة (1/ 362)، وابن يعيش (2/ 10)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 122)، وشرح الأشموني (3/ 152).
(3)
الجملة الدعائية سقط في (ب).
(4)
إذا كرر المنادى في حال الإضافة ففيه وجهان: أن ينصب الاسمان معًا لأنه منادى مضاف وحذف من الأول لدلالة الثاني عليه، أو يبنى الأول على الضم لأنه منادى مفرد معرفة، وينصب الثاني لأنه منادى مضاف أو توكيد أو عطف لبيان أو بدلًا وبإضمار أعني. ينظر الكتاب لسيبويه (2/ 205، 206)، وابن يعيش (2/ 10)، وشرح الأشموني (3/ 154).
الشاهد التاسع والعشرون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
يَا ابْنَ أُمِّي وَيا شُقَيّقَ نَفْسِي
…
أَنْتَ خَلَّيتَنِي لدَهْرٍ شَدِيدِ
أقول: قائله هو أبو زبيد
(3)
، واسمه: حرملة بن المنذر
(4)
، وقد ترجمناه فيما مضى، وهذا البيت من شعر يرثي به أخاه، وأوله:
1 -
إِنَّ طُولَ الحياةِ غَيرُ سعُودِ
…
وَضَلَالٌ تَأْمِيلُ نَيلِ الخُلُودِ
2 -
عُلِّلَ المَرْءُ بِالرَّجَاءِ ويُضْحِي
…
غرَضًا للمَنُونِ نَصْبَ العُودِ
3 -
كلّ يَوْمٍ تَرْمِيهِ منهَا برَشْقٍ
…
فَمُصِيبٌ أَوْصَافَ غَيْرَ بَعِيدٍ
4 -
كُل مَيْتٍ قَدْ اغْتَفَرْتُ فَلَا
…
أوْجَعَ منْ والِدٍ ولَا مولودِ
5 -
غيرَ أَنَّ اللَّجْلَاجَ هَزَّ جَنَاحِي
…
يَوْمَ فَارَقْتُهُ بِأَعْلَى الصَّعِيدِ
6 -
عن يَمِيِن الطرِيقِ عِنْدَ صَدّى
…
حَرَّانَ يَدْعُو بالوَيلِ غيرَ مَقُودِ
7 -
صَاديًا يسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغَاثٍ
…
ولَقَدْ كَانَ عصْرَةَ المنْجُودِ
8 -
يا ابن أمي ................
…
........................ إلخ
وهي من الخفيف.
قوله: "شقيق": تصغير شقيق، تصغير ترخيم [معناه]
(5)
يا أخا نفسي، قوله:"لدهر" الدهر: الأمد الممدود، والمعنى: يا ابن أمي ويا أخا نفسي أنت خليتني لأمر شديد أكابده وحدي وقد كنت لي ظهرًا عليه وركنًا أستند إليه، فأوحشني فقدك وأتلف حالي بعدك.
الإعراب:
قوله: "يا ابن أمي" يا حرف نداء، و"ابن أمي": منادى مضاف، و "يا شقيق نفسي": عطف عليه، قوله:"أنت": مبتدأ و"خليتني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل
(1)
ابن الناظم (226)، وقافيته تروى فيه:"شديد"، وتوضيح المقاصد (3/ 313)، وأوضح المسالك (4/ 40).
(2)
البيت في الكتاب لسيبويه (2/ 213)، وابن يعيش (2/ 12)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 406)، وشرح التصريح (2/ 179)، وشرح الأشموني (3/ 157).
(3)
انظر القصيدة كاملة في ديوان أبي زبيد الطائي (42)، جمع وتحقيق: د. نوري القيسي، بغداد (1967 م)، وقوله يرثي أخاه، صحته: يرثي ابن أخته.
(4)
شاعر جاهلي من المعمرين، عاصر الخلفاء الراشدين الأربعة، ورثى عثمان وعليًّا.
(5)
ما بين المعقوفين زيادة عن (أ، ب): للتوضيح.
الرفع على الخبرية، قوله:"لدهر" يتعلق بها، و"شديد": صفة لدهر.
الاستشهاد فيه:
في إثبات الياء في "أمي"، والأصل هو إثبات الياء في المضاف إلى ياء المتكلم إذا نودي المضاف إلا في: يا ابن أمي، ويا ابن عمي، وذلك لكثرة الاستعمال فيهما خصا بالتخفيف بحذف الياء وبقاء الفتحة، وقد أثبتها الشاعر هنا لأجل الضرورة، وقد جوزوا في هذا خمسة أوجه:
الأول: أيا ابن أميَ بتحريك الياء.
والثاني: يا ابن أمي بتسكين الياء.
والثالث: يا ابن أما؛ على قلب الكسرة فتحة فتنقلب الياء ألفًا.
الرابع: يا ابن أم، على حذف الياء.
الخامس: يا ابن أم، على وجهين أحدهما: أن يكون الأصل: يا ابن أما، فحذفت الألف؛ كما تحذف الياء فبقي: يا ابن أم، والوجه الثاني: أن يبنى الاسمان على الفتح بناء خمسة عشر بعد أن ينوي الإفراد في كل واحد منهما، حتَّى كأنهما لم يكونا مضافين ثم يقع البناء بعد ذلك، وإنما جاز البناء فيهما لكثرة الاستعمال
(1)
.
الشاهد الثلاثون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
يَا ابْنَةَ عَمَّا لَا تَلُومِي وَاهْجَعِي
…
..........................................
أقول: قائله هو أبو النجم العجلي، وهو من قصيدة مرجزة، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
قَدْ أَصْبَحَتْ أُمِّ الخيَارِ تَدَّعِي
…
عَلَيَّ ذَنْبًا كُلُّهُ لَمْ أَصْنَعِ
(1)
قال سيبويه: "وقالوا: يا ابن أم ويا ابن عم؛ فجعلوا ذلك بمنزلة اسم واحد لأن هذا أكثر في كلامهم من يا ابن أبي ويا غلام غلامي، وقد قالوا -أيضًا- يا ابن أمي ويا ابن عمي؛ كأنهم جعلوا الأول والآخر اسمًا ثم أضافوا إلى الياء كقولك: يا أحد عشر أقبلوا، وإن شئت قلت: حذفوا الياء لكثرة هذا في كلامهم، وعلى هذا قال أبو النجم: ثم ذكر البيت". الكتاب لسيبويه (2/ 214)، وينظر هذه الأوجه في: يا ابن أمي ويا ابن عمي في ابن يعيش (3/ 12، 13)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 406).
(2)
ابن الناظم (226)، وتوضيح المقاصد (3/ 313)، وأوضح المسالك (4/ 41).
(3)
بيت من الرجز المشطور، من مقطوعة لأبي النجم العجلي، يخاطب فيها ابن عمه، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (1/ 85)، (1/ 127، 137)، والمقتضب (4/ 252)، وابن يعيش (6/ 90)، والمغني (201)، والخصائص (2/ 61)، وابن يعيش (2/ 30)، وتخليص الشواهد (281).
(4)
انظر ديوان أبي النجم العجلي (132)، ط. النادي الأدبي الرياض، تحقيق: علاء الدين أغا.
2 -
مِن أَنْ رَأَت رَأسِي كرَأْسِ الأَقْرَعِ
…
ميزْ عَنْهُ قُنْزُعًا عن قَنْزَغَ
3 -
جَذَبُ الليَالِي أبطئي أَوْ أَسْرِعِي
…
أَفْنَاهُ قيلَ اللهُ للشَّمْسِ اطْلُعِي
4 -
حَتَّى إِذَا واراك أُفقٍ فارجَعِي
…
حتَّى بدَا بَعْدَ السُّخَامِ الأَقْرَعِ
5 -
جَرّ بكِرْشِ الأخْرجِ الهَجَنَّعِ
…
يَمْشِي كَمَشْي الأَهْدَأ المُكَنَّعِ
6 -
يَا ابْنَةَ عَمَّا لَا تَلُومِي وَاهْجَعِي
…
لَا يَخْرِقُ اللومُ حجَابَ مسمعي
7 -
ألَمْ يَكُنْ يَبيَضُّ مَا لَمْ يَصْلَعِ
…
................................
1 -
قوله: "أم الخيار" اسم امرأته، وذكر في غالب شروح تلخيص المفتاح أن أم الخيار اسم محبوبته، وليس كذلك، قوله:"كله" يروى بالرفع والنصب؛ فالرفع مبتدأ، و"لم أصنع" خبره، والنصب مفعول لم أصنع.
2 -
قوله: "الأقرع"، ويروى: الأصلع، وكلاهما واحد، و"القنزع" والقنزعة: واحدة القنازع وهو شعر حوالي الرأس.
3 -
قوله: "قيل الله" أي: قول الله.
4 -
قوله: "السُّخَامِ" بضم السين المهملة وبالخاء المعجمة، يقال: شعر سخام إذا كان لينًا وهو من السخمة وهو السواد.
5 -
و"الأخرج": الَّذي له لونان من بياض وسواد، يقال: كبش أخرج وظليم أخرج، قوله:"الهجنع" بتشديد النون، وهو الطويل الضخم، و"الأهدأ" بالهمزة في آخره، يقال: رجل أهدأ؛ أي: أحدب، و"المكنع" بالنون من التكنيع وهو التقبض، و"الصلع": ذهاب شعر الرأس.
6 -
قوله: "يا ابنة عمّا" خاطب به امرأته أم الخيار المذكور فيما مضى وهي ابنة عمه، و"اهجعي": من الهجوع وهو النوم بالليل خاصة، يقول لها: يا ابنة عما دعي لومي على صلع رأسي فإنه كان يشيب لو لم يصلع.
الإعراب:
قوله: "يا": حرف نداء، و"ابنة عما": منادى مضاف، قوله:"لا تلومي": جملة من الفعل والفاعل، وحذف النون منه علامة للجزم، قوله:"واهجعي": أمر عطف على النهي.
الاستشهاد فيه:
في إثبات الألف في: "يا ابنة عما" وإبدالها من الياء؛ إذ أصله: يا ابنة عمي
(1)
.
الشاهد الحادي والثلاثون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
يَا أمَّتَا أَبْصَرَنِي رَاكِبٌ
…
يَسِيرُ في مُسْحَنْفِرٍ لَاحِبِ
فَقُمْتُ أخْشِي التربَ في وَجْهِهِ
…
عمدًا وأَحْمِي حَوْزَةَ الغَائِبِ
أقول: قالت هذا صبية من بنات العرب، وكان بعلها قد غاب عنها، فبينما هي إذ مر بها راكب فطمعت نفسه في الفجور بها، فكلمها في ذلك فحثت التراب في وجهه، وامتنعت عنه، ثم أخبرت بذلك أمها، وأنشدت البيتين، وقالت: (يا أمتا
…
) إلى آخره.
وهما من الرجز
(4)
، فردت عليها أمها، وقالت [من السريع]:
الحِصْنُ أدنى لوْ تَأييتهُ
…
من حثيكِ التربَ عَلَى الرَّاكِبِ
قول الأم: "الحصن": الحصانة، قولها:"لو تأييته" بالمد؛ أي: تعمدته.
قول البنت: "في مسحنفر" أي: طريق ماض ممتد، ومادته: ميم وسين مهملة وحاء ونون وفاء وراء، قولها:"لاحب" بالحاء المهملة؛ أي: بين واضح ظاهر، قولها:"أحثي": من حثى يحثي حثيًا، وكذلك: حثى يحثو حثوًا، و"الترب": التراب، وقولها:"وأحمي" أي: أحفظ حوزة الغائب، أي: ناحيته، قال ابن فارس: الحوز والحوزة: الناحية، ثم أنشد هذا البيت
(5)
، ويقال: فلان يحمي حوزة الغائب؛ أي: يمنع من يريده بسوء.
الإعراب:
قوله: "يا أمتا" يا حرف نداء، و"أمتا": منادى، قولها:"أبصرني": جملة من الفعل والمفعول، و"راكب": فاعله، قولها:"يسير في مسحنفر": جملة وقعت صفة لراكب، قولها:"لاحب" بالجر صفة لقولها: "مسحنفر".
قولها: "فقمت" ويروى: فظلت، قولها:"أحثي الترب": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقعت حالًا من الضمير الَّذي في "قمت"، قولها:"عمدًا" أي: قصدًا، نصب على
(1)
ينظر الشاهد السابق (929).
(2)
ابن الناظم (226).
(3)
البيتان من بحر السريع ذكر الشارح قائلهما ومناسبتهما، وانظرهما في اللسان مادة:"أيا"، والمحتسب (2/ 239).
(4)
ليس من الرجز كما ذكر العيني، وإنما هما من السريع؛ كما ذكرنا.
(5)
المجمل مادة: "حوز".
الحال بمعنى عامدة، قولها:"وأحمي": عطف على "أحثي"، و"حوزة الغائب": كلام إضافي مفعول أحمي.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا أمتا" حيث أبدلت تاء التأنيث من ياء المتكلم وأتت بالألف لمد الصوت
(1)
.
الشاهد الثاني والثلاثون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
في لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلَانًا عَن فُلِ
…
....................................
أقول: قائله هو أبو النجم العجلي، واسمه الفضل بن قدامة، وهي من قصيدة مرجزة طويلة، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
الحَمْدُ لله الوَهُوبِ المُجْزِلِ
…
أَعْطَى فَلَمْ يَبْخَلْ وَلَمْ يُبَخَّلِ
إلى أن قال:
2 -
تُثِيرُ أَيْدِيَهَا عَجَاجُ القَسْطَلِ
…
إذا عَصَبَتْ بالعَطَنِ المغَرْبِلِ
وقد ذكرنا أبياتًا كثيرة منها في أثناء الكتاب، يصف إبلًا أقبلت، وقد أثارت أيديها الغبار لكثرتها.
2 -
و"القسطل": الغبار.
3 -
قوله: "في لجة" اللجة -بفتح اللام- اختلاط الأصوات في الحرب، واللجة بالضم معظم الماء، والمراد هاهنا هو الأول، قوله:"عن فل" أي: عن فلان، وفلان كناية عن أسماء الأعلام نحو: زيد وعمرو؛ كما أن هناه كناية عن المنكرات، شبه تزاحم الإبل ومدافعة بعضها بعضًا بقوم شيوخ في لجة دفع بعضهم بعضًا، فيقال: أمسك فلانًا عن فلان؛ أي: أحجز بينهم، وخص الشيوخ لأن الشباب فيهم التسرع إلى القتال فلذلك قال:
(1)
يجوز أن يقال في: يا أبي ويا أمي: يا أبتِ ويا أمتِ كسر التاء، وهذا أكئر من فتحها، ويجوز يا أبتْ ويل أمتْ بإسكان التاء، وهنا أتى بالألف بعد التاء لمد الصوت. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (406)، وابن يعيش (2/ 12).
(2)
ابن الناظم (227)، وتوضيح المقاصد (4/ 9)، وأوضح المسالك (4/ 43)، وشرح ابن عقيل (278).
(3)
البيت من بحر الرجز المشطور لأبي النجم العجلي، من قصيدة طويلة يصف فيها أبو النجم الصحراء والليل، وبيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (2/ 248)، (3/ 452)، وشرح أبيات سيبويه (1/ 439)، والمقتضب (4/ 238)، والمقرب (1/ 182)، وابن يعيش (1/ 48)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 177)، الخزانة (2/ 389).
(4)
ينظر الأغاني (10/ 184)، وانظر ديوان أبي النجم (175)، ط. النادي الأدبي، لعلاء أغان الرياض.
تُدَافِعِ الشَّيبَ ولَمْ تُقَتَّلِ
…
...................................
أي: لم تقتل هذه الإبل وهي في ازدحام، ولا يقاتل كالشيوخ.
الإعراب:
قوله: "في لجة": جار ومجرور يتعلق بقوله: "تدافع الشيب" قوله: "أمسك فلانًا": جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل النصب على أنها مفعول لمحذوف تقديره: في لجة مقول فيها أمسك فلانًا، وقوله:"عن فل" أي: عن ذكر فلان، و "عن" للمجاوزة.
الاستشهاد فيه:
فإنه مرخم في غير النداء للضرورة
(1)
.
الشاهد الثالث والثلاثون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
أُطَوِّفُ مَا أُطَوِّفُ ثُمَّ آوي
…
إِلَى بَيْت قَعِيدتُهُ لَكَاعِ
أقول: قائله هو الحطيئة، واسمه جرول بن أوس، وقد تقدم الكلام فيه مستوفى في شواهد الموصول
(4)
.
والاستشهاد فيه هاهنا:
استعمال: "لكاع" في غير النداء للضرورة
(5)
.
(1)
يقال في النداء: يا فل للرجل والأصل: يا فلان، ويقال -أيضًا- يا فلة للمرأة، والأصل: يا فلانة، والحذف هنا للتخفيف وهو من تغيرات النداء، ولا يستعمل فل وفلة منقوصين في غير النداء إلا للضرورة كما في البيت. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 419)، وابن يعيش (1/ 48).
(2)
ابن الناظم (227)، وأوضح المسالك (4/ 39) طبعة دار المعرفة.
(3)
البيت من بحر الوافر للحطيئة، وهو في ديوانه (250) بشرح ورواية ابن السكيت، تحقيق دكتور حنا الحتي، وينظر الخزانة (2/ 404)، والكامل (338)، وشرح المفصل لابن يعيش (4/ 57)، والهمع (1/ 82).
(4)
ينظر الشاهد رقم (128).
(5)
من الألفاظ التي تستعمل في النداء لفظة: "لكاع وخباث" وهما لسب الأنثى، وقد يستعملان في غير النداء، وهذا في ضرورة الشعر.
الشاهد الرابع والثلاثون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
حُمِّلْتَ أَمْرًا عَظيمًا فَاصْطَبَرْتَ لَهُ
…
وقُمتَ فِيهِ بِأَمْرِ الله يَا عُمَرَا
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، يرثي به عمر بن عبد العزيز الأموي رضي الله عنه لما نعي، وأوله:
نَعَى النَّعَاةُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ لَنَا
…
يَا خَيرَ مَنْ حَجَّ بَيتَ الله واعْتَمَرَا
حُمَّلْتَ أَمْرًا عَظِيمًا فَاضْطَلَعْتَ لَهُ
…
...................... إلى آخره
هكذا روى المبرد هذا الشطر
(3)
، وبعده:
فالشَّمْسِ طَالِعَةٌ لَيسَتْ بِكَاسِفَةٍ
…
تَبْكِي عَلَيكَ نُجُومَ الليلِ والقَمَرَا
قوله: "النعاة" بضم النون؛ جمع ناعٍ وهو الَّذي يأتي بخبر الموت، قوله:"فاضطلعت به" من قولهم: فلان مضطلع بهذا الأمر؛ أي: قوي عليه، وهو مفتعل من الضلاعة، ولا يقال:"مطلع".
الإعراب:
قوله: "حملت" على صيغة المجهول، والتاء فيه مفعول ناب عن الفاعل، وقوله:"أمرًا" مفعول ثان، و"عظيمًا" صفته، قوله:"فاصطبرت" جملة معطوفة على الجملة الأولى ومحل "له" نصب على المفعولية، قوله:"وقمت": جملة -أيضًا- معطوفة، وكلمة:"في"، "والباء" كليهما يتعلق بقمت.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا عمرَا" فيا حرف نداء، وعمرا: منادى مندوب لأن الألف فيه للندبة، والهاء تزاد في الوقف لخفاء الألف، فإذا وصلت لم تزدها فقلت: يا عمرا ذا الفضل، فإذا وقفت، قلت: يا عمراه، وإنما حذف الشاعر الهاء لاستغنائه عنها
(4)
.
(1)
أوضح المسالك (4/ 9).
(2)
البيت من بحر البسيط من مقطوعة عدتها ثلاثة أبيات، وهي لجرير يرثي بها عمر بن عبد العزيز، وانظرها في ديوان جرير (736) ط. دار المعارف، وانظر الشاهد في المغني (372)، وشرح الأشموني (3/ 134)، 167)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 180)، والدرر (3/ 42)، وشرح التصريح (2/ 164)، وشرح شواهد المغني (792).
(3)
ينظر الكامل للمبرد (833)، تحقيق محمد الدالي.
(4)
المنادى المندوب هو المذكور بعد "يا" أو "وا" تفجعًا لفقده حقيقة أو حكمًا أو توجعًا لكونه ذا ألم، ومن المتفجع عليه حقيقة بيت الشاهد المذكور، ومن المتوجع منه نحو: وا مصيبتاه، ويجري على المنادى المندوب من الأحكام ما يجري على المنادى نحو: يا زيد أو يا أمير المؤمنين أو غير ذلك.
الشاهد الخامس والثلاثون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
ذَا ارْعِوَاءً فَلَيسَ بَعْدَ اشْتِعَالِ الرْ
…
أْسِ شَيبًا إلى الصِّبَا مِنْ سَبِيلِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الخفيف.
قوله: "ارعواء": من ارعوى عن القبيح إذا رجع، يقال: فلان حسن الرعو والرعوى، قوله:"اشتعال" بالعين المهملة؛ كما في قوله تعالى: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْئًا} [مريم: 4].
الإعراب:
قوله: "ذا": اسم إشارة منادى، وحرف النداء محذوف؛ أي: يا ذا ارعواء، و"ارعواء": نصب على المصدر، وتقديره: يا ذا ارعو ارعواءً، ويجوز أن يكون مفعولًا به، تقديره: يا ذا افعل ارعواء، ونحو ذلك.
قوله: "فليس" الفاء فيه للتعليل، واسم ليس هو قوله:"سبيل"، وكلمة "من" زائدة، تقديره: فليس سبيل بعد شيب الرأس إلى الصبا، [قوله:"إلى الصبا"]
(3)
خبره، و"بعد": نصب على الظرف، و"شيبًا": نصب على التمييز.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ذا ارعواء" حيث حذف منه حرف النداء، والمنادى اسم الإشارة، وأصله: يا ذا ارعواء كما ذكرنا، ونص البصريون على أن حذف حرف النداء مع اسم الإشارة لا يجوز، وقال الكوفيون: يجوز ذلك، واستدلوا بالبيت المذكور، وهو اختيار ابن مالك - أيضًا -
(4)
.
(1)
شرح ابن عقيل (3/ 257).
(2)
البيت من بحر الخفيف لم ينسب في مراجعه، وانظره في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 387)، وشرح الأشموني (3/ 136)، والمساعد (2/ 485)، وأسرار النداء (24).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
(4)
منع البصريون حذف أداة النداء إذا كان المنادى اسم إشارة، واعتمدوا في المنع على سببين: الأول: أن اسم الإشارة اسم مبهم، الأصل فيه أن يكون وصفًا لـ"أي" فالأصل في: يا هذا أقبل: يا أيهذا أقبل، فلما حذفت "أي" صار حرف النداء وكأنه بدل منها فلزم ذكره، وقد اعتمد الكوفيون في تجويزهم الحذف من المنادى المشار إليه على رأيين أيضًا: الأول: أن حق الحرف ألا يحذف مما تعرف بواسطة النداء حتَّى لا يظن بقاؤه على أصل التنكير، أما اسم الإشارة فمعرف قبل النداء لا بالنداء، فلا يضر حذف الحرف منه، الثاني: ورد هذا الحذف في فصيح النثر وفي الشعر، فقد جاء في القرآن الكريم:{ثُمْ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 85] إذ التقدير: يا هؤلاء، ومن وروده في الشعر قول ذي الرمة غيلان:
إِذَا هَمَلَت عَيْنِي لَهَا قَال صَاحِبِي
…
بِمِثْلِكَ هذا لَوْعَةً وغَرَامُ
وقول الآخر: (البيت)". ينظر أسرار النداء (24)، قال الرضي: "وليس في الآية: دليل؛ لأن (هؤلاء) خبر المبتدأ =
الشاهد السادس والثلاثون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
يا أَبْجَرَ بْنَ أَبْجَرٍ يَا أنْتَا
…
...................................
أقول: قائله هو الأحوص، وتمامه:
.............................
…
أَنْتَ الَّذِي طَلَّقْتَ عَامَ جُعْتا
قَدْ أَحْسَنَ اللهُ وَقَدْ أسَأْتَا
…
فَأَدّ رِزْقَهَا الَّذِي أَكَلْتَا
وهو من الرجز المسدس، والمعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "يا أبجر" يا حرف نداء، وأبجر: منادى، و"ابن أبجر": صفته، وقد علم أن المنادى إذا وصف بابن، والابن بين العلمين، بُني المنادى مع الابن علي الفتح؛ كما تقول: يا زيد بن عمرو، وهاهنا كذلك.
وإن لم يقع بين علمين ترك المنادى على ضمه ونصب الابن؛ كما تقول: يا زيدُ ابنَ أخينا.
الاستشهاد:
في قوله: "يا أنتا" فإن يا حرف نداء، وأنت منادى، وأنت ضمير رفع، وحق المنادى أن يكون منصوبًا؛ فلذلك حكم بشذوذه.
وقال أبو حيان
(3)
: وأما "يا أنتا" فشاذ؛ لأن الموضع موضع نصب، وأنت ضمير رفع، فحقه ألا يجوز؛ كما يجوز في: إياك، لكن بعض العرب قد جعل بعض الضمائر نائبًا عن غيره؛ كقولهم: رأيتك أنت، بمعنى: رأيتك إياك، فناب ضمير الرفع عن ضمير النصب، وكذلك قالوا: يا أنتا، والأصل: يا إياك، وقد يقال: إن يا في: يا أنتا حرف تنبيه، وأنت مبتدأ، وأنت الثانية!
= كما يجيء في الحروف". شرح الرضي على الكافية (1/ 160)، وينظر شرح الكافية الشافية لابن مالك (3/ 1290)، وأسرار النداء (23، 24)، والبيان للأنباري (1/ 103)، والتبيان للعكبري (1/ 48).
(1)
توضيح المقاصد (3/ 270)، وأوضح المسالك (4/ 12) ط. المكتبة العصرية.
(2)
الأبيات من بحر الرجز المشطور، نسبت للأحوص وهمًا وخطأ، وانظر سبب ذلك الوهم في الخزانة (2/ 140)، ومع ذلك وجد في ديوانه الأحوص (38)، تقديم مجيد طراد، ط. دار الكتاب العربي، أولى (1994 م)، وإنما هي لسالم بن دارة الغطفاني (منسوبة إلى أمه من الشعراء المخضرمين) وانظر بيت الشاهد في الإنصاف (325)، وابن يعيش (1/ 127)، والمقرب (1/ 76)، والهمع (1/ 174)، والتصريح (2/ 164)، والدرر (3/ 27).
(3)
ارتشاف الضرب (1/ 119)، وانظر أيضًا باب النداء في التذييل والتكميل.
تأكيد لفظي، والخبر هو الموصول، وهو قوله:"الَّذي طلقت عام جعتا"، وهذا أَوْلى من ادعاء نداء المضمر بصورة المرفوع وجعله شاذًّا.
وقال ابن عصفور: لا ينادى مضمر إلا نادرًا، والأسماء كلها تنادى إلا المضمرات، أما ضمير الغيبة وضمير التكلم فهما مناقضان لحرف النداء؛ لأن حرف النداء يقتضي الخطاب، ولم يجمع بين حرف النداء والضمير المخاطب؛ لأن أحدهما يغني عن الآخر؛ فلم يجمع بينهما إلا في الشعر مثل قوله:
يا أقْرَعُ بنُ حَابِسٍ يا أنتا
…
أنت الَّذي طَلَّقْتَ عَامَ جُعْتا
فمنهم من جعل يا تنبيهًا، وجعل أنت مبتدأ، وأنت الثاني إما توكيدًا أو مبتدأ أو فصلًا أو بدلًا. انتهى
(1)
.
وقال أبو حيان: دل كلامه على أن العرب لا تنادي ضمير المتكلم؛ فلا تقول: يا أنا، ولا ضمير الغائب، فلا تقول: يا إياه، ولا: يا هو، فكلام جهلة الصوفية في نداء الله تعالى: يا هو ليس جاريًا على كلام العرب
(2)
.
الشاهد السابع والثلاثون بعد التسعمائة
(3)
،
(4)
هَذِي بَرَزْتِ لنا فَهِجْتِ رَسِيسًا
…
..................................
أقول: قائله هو أبو الطيب [أحمد بن الحسين]
(5)
المتنبي، وهو من قصيدة طويلة يمدح بها أبا بكر بن محمد بن زريق الطرسوسي، وهو أول القصيدة وتمامه
(6)
:
...........................
…
ثمّ انْصَرَفتِ وما شفَيْتِ نَسِيسًا
(1)
قال ابن عصفور في المقرب: "والأسماء كلها يجوز نداؤها إلا المضمرات، والأسماء المعرفة بالألف واللام .... وقد ينادى المضمر المخاطب في نادر كلام أو ضرورة شعر، وتكون صيغته صيغة المنصوب نحو ما حكي من قول بعضهم: يا إياك قد كفيتك، وقد يكون كصيغة المرفوع نحو قوله:
يا أبجر بن أبجر يا أنتا
…
أنت الَّذي طلقت عام جعتا"
ينظر المقرب بشرحه د. علي فاخر (1022)(المنصوبات). وينظر شرح الجمل "الكبير"(2/ 87).
(2)
ارتشاف الضرب (1/ 119)، وانظر أيضًا باب النداء في التذييل والتكميل.
(3)
توضيح المقاصد (3/ 272).
(4)
البيت من بحر الكامل، مطلع قصيدة للمتنبي يمدح بها محمد بن زيد الطرسوسي، بدأها بالغزل، وفيها مبالغات كثيرة في المدح، وانظر الشاهد في المغني (641)، والمقرب (1/ 177)، والمعجم المفصل (461).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(6)
ديوان أبي الطيب المتنبي بشرح أبي البقاء العكبري (2/ 193).
وبعده:
2 -
وجعلتِ حَظِّي مِنْكِ حظِّي في الكَرَى
…
وتركْتنِي للفَرْقَدَيْن جَلِيسًا
3 -
قَطَّعْتِ ذَيَّاكِ الخُمَار بسَكْرَةٍ .... وأدَرْت منْ خمْرِ الفِرَاقِ كُؤُوسًا
وهي من الكامل.
قوله: "برزت" أي: ظهرت، قوله:"فهجت": من هاجه إذا أثاره، قوله:"وسيسًا" بفتح الراء وكسر السين المهملة، وهو مس الحمى أو الهم أو الوجد، قوله:"نسيسًا" بفتح النون وكسر السين المهملة الأولى، وهو بقية النفس.
الإعراب:
قوله: "هذي": منادى حذف منه حرف النداء، والتقدير: يا هذه، و"برزت": جملة من الفعل والفاعل، و"لنا" يتعلق به، قوله:"فهجت": جملة أيضًا عطف على برزت، و"رسيسًا": مفعوله.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "هذي" حيث حذف منه أبو الطيب حرف النداء، وحَذْف حرف النداء مع اسم الإشارة لا يجوز، نص على ذلك البصريون؛ فلذلك لحنوا أبا الطيب في ذلك.
وخرج على أن "هذي" إشارة إلى البرزة فهي مصدر؛ كقولهم: ظننت ذاك، فذاك إشارة إلى المصدر.
وأما الكوفيون فإنهم جوَّزوا هذا على ما ذكرنا؛ فلا وجه حينئذ إلى تلحين أبي الطيب
(1)
.
(1)
قال الرضي في شرح الكافية (1/ 159): "ويجوز حذف حرف النداء إلا مع اسم الجنس والإشارة .... وإنما لم يجز الحذف عند البصريين مع اسم الإشارة وإن كان معرفًا قبل النداء لما ذكرنا قبل من أنَّه موضوع في الأصل لما يشار إليه للمخاطب، وبين كون الاسم مشارًا إليه وكونه منادى أي: مخاطبًا تنافر ظاهر، فلما أخرج في النداء عن ذلك الأصل وجعل مخاطبًا احتيج إلى علامة ظاهرة تدل على تغييره وجعله مخاطبًا وهي حرف النداء.
والكوفيون جوزوا حذف الحرف من اسم الإشارة اعتبارًا بكونه صرفة قبل النداء، واستشهادًا بقوله تعالى:{ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ} [البقرة: 85]. وينظر حاشية الصبان (3/ 137)، وشرح الكافية الشافية لابن مالك (1291) وفيه يوافق الكوفيين في قولهم.
الشاهد الثامن والثلاثون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
.........................
…
بِمِثْلِكِ [هذا]
(3)
لَوْعَةٌ وَغَرَامُ
أقول: قائله هو ذو الرمة غيلان، وصدره
(4)
:
إذا هَمَلَتْ عَيْنِي لَها قَال صَاحبي
…
....................................
وهو من قصيدة ميمية، أولها هو قوله
(5)
:
1 -
عَلَيْكُنَّ يا أَطْلال مَيٍّ بشَارِعٍ
…
علَى ما مضَى منْ عهدِكُنَّ سلامُ
2 -
ولا زَال نَوْءُ الدَّلْو يَبْعَقُ وَدْقُهُ
…
بِكُنَّ ومِنْ نَوْءِ السماء غَمَامُ
إلى أن قال:
إذا هملت ....................
…
........................ إلخ
وهو
(6)
من الطويل.
قوله: "هملت" أي: همرت، يعني: صبت، قال ابن فارس: الهمْرُ: صبُّ الدمعِ والماء
(7)
، قوله:"وغرام": من أغرم بالشيء: أولع به، والغرام: اللازم في قوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان: 65].
الإعراب:
قوله: "إذا" للشرط، و"هملت عيني": فعل وفاعل، وقعت فعل الشرط، قوله:"لها" أي: لأجلها، قوله:"قال صاحبي": جملة من الفعل والفاعل وقعت جوابًا لإذا، قوله:"هذا" يعني: يا هذا؛ فحذف حرف النداء، قوله:"لوعة" بالرفع مبتدأ، وخبره قوله:"بمثلك"، و"غرام": عطف على لوعة.
(1)
توضيح المقاصد (3/ 272)، وأوضح المسالك (4/ 15).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو لذي الرمة في وصف الأطلال والصحراء، وانظره في ديوانه (3/ 159)، بتحقيق: عبد القدوس أبو صالح، وانظر بيت الشاهد في شرح عمدة الحافظ (297)، والمغني (641)، والدرر (3/ 24)، والتصريح (2/ 165)، والمعجم المفصل (847).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
ينظر الديوان (252)، ط. دار الكتاب العلمية، تقديم: أحمد حسن بسج، أولى (1995 م).
(5)
ينظر الديوان لذي الرمة (3/ 1591)، بتحقيق: عبد القدوس أبو صالح.
(6)
في (أ): وهي.
(7)
مجمل اللغة مادة: "همر".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "هذا" حيث حذف منه حرف النداء، والمنادى اسم إشارة، واستدل به الكوفيون على جواز حذف حرف النداء من اسم الإشارة، وقد مر الكلام فيه مستقصى
(1)
.
الشاهد التاسع والثلاثون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
أدارًا بِحُزْوَى هِجْتِ لِلْعَين عَبرَةً
…
.............................
أقول: قائله هو ذو الرمة غيلان، وتمامه
(4)
.
..............................
…
فَمَاءُ الهَوَى يَرْفَضُّ أو يَتَرَقْوَقُ
وهو من قصيدة قافية من الطويل، وأولها هذا البيت، وبعده:
كَمُسْتَعْبِري في رسمِ دارٍ كأنها
…
بوَعْسَاءَ تَنْضُوهَا الجماهيرُ مُهْرَقُ
وقفنا فسلَّمْنَا فكادت بِمُشْرِفٍ
…
لِعِرْفَان صوْتِي دِمْنَةُ الدَّارِ تَنْطِقُ
قوله: "بحزوى" بضم الحاء المهملة وسكون الزاي وفتح الواو؛ اسم موضع بعينه، قوله:"هجت" أي: حركت، وكذلك: هيجت بمعناه، و"العبرة": الدمع
(5)
.
قوله: "فماء الهوى" يعني: الدمع؛ لأنه يبعثه؛ فلذلك أضيف إليه، قوله:"يرفضَّ" أي. يسيل بعضه في إثر بعض، قال ابن فارس: إرْفَضّ دمعُ العيِن: سأل، وكلُّ متَفَرِّقٍ مُرْفَصٌّ، ومادته: راء وفاء وضاد معجمة
(6)
.
قوله: "أو يترقرق" بمعنى: يبقى في العين متحيرًا يجيء ويذهب، ورقراق السراب من ذلك، وحكى بعضهم أن معنى يترقرق هاهنا يتدفق.
الإعراب:
قوله: "أدارًا" الهمزة حرف النداء، يعني: يا دارًا، ودارًا منادى نكرة، قوله:"بحزوى": يتعلق بمحذوف، والتقدير: أدارًا مستقرة بحزوى، قوله:"هجت": فعل وفاعل، و"عبرة": مفعوله.
(1)
ينظر الشاهد رقم (937).
(2)
توضيح المقاصد (3/ 278).
(3)
البيت من بحر الطويل مطلع قصيدة لذي الرمة، ديوانه (1/ 456)، بتحقيق: د. عبد القدوس أبو صالح، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (2/ 199)، والمقتضب (4/ 203)، والخزانة (2/ 190)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (592).
(4)
الديوان (179) تقديم أحمد حسن بسبح، و (1/ 456) بتحقيق: عبد القدوس أبو صالح.
(5)
في (أ): الدمعة.
(6)
ينظر مجمل اللغة: "رفض".
و"للعين" يتعلق به، قوله:"فماء الهوى": كلام إضافي مبتدأ، وقوله:"يرفض": خبره، وقوله:"أو يترقرق": عطف عليه.
قال ابن هشام اللخمي: "أو" هاهنا للإباحة، ويجوز أن تكون بمعنى الواو.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أدارًا" حيث نصب وإن كان هو مقصودًا بالنداء، قال الأعلم
(1)
: هو منكور في اللفظ لاتصاله بالمجرور، ووقوعه موقع صفته، فكأنه قال: أدارًا مستقرة بحزوى، فجرى لفظة على التنكير وإن كان معرفة مقصودًا بالنداء ونظيره مما ينتصب، وهو معرفة، لأن ما بعده من صلته، فضارع المضاف نحو قولهم: يا خيرًا من زيد، وكذا ما نقل إلى النداء موصوفًا بما توصف به النكرة يجري عليه لفظ المنادى المنكور وإن كان في المعنى معرفة.
وقال الفراء
(2)
: النكرة [المقصودة
(3)
] الموصوفة المناداة تؤثر العرب نصبها، يقولون: يا رجلًا كريمًا [أقبل
(4)
] فإذا أفردوا رفعوا أكثر مما ينصبون.
وقال أبو حيان
(5)
: يؤيد ذلك ما روي من قوله عليه السلام في سجوده: "يا عظيمًا يرجى لكل عظيم"
(6)
.
وقال صاحب رؤوس المسائل: وإذا جئت بعد النكرة بفعل أو ظرف أو جملة وجب معها نصب المنادى عند البصريين قصدت به واحدًا بعينه أو لم تقصد، وأجاز [فيه]
(7)
الكسائي الرفع والنصب مطلقًا
(8)
.
(1)
انظر نص الأعلم الشنتمري في كتاب سيبويه (1/ 317)، ط. بولاق.
(2)
انظر نص الفراء في كتابه معاني القرآن للفراء (2/ 375)، عند تفسير قوله تعالى:{يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} [يس: 30].
(3)
و
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
قال أبو حيان: "ومذهب الفراء: التفصيل بين أن يكون فيه ضمير غيبة فيجب النصب نحو: يا رجلًا ضرب زيدًا، أو ضمير خطاب فيجب الرفع نحو: يا رجل ضربت زيدًا، ونقل ابن مالك عن الفراء أنَّه قال: النكرة المقصودة الموصوفة المناداة تؤثر العرب نصبها نحو: يا رجلًا كريمًا، فإذا أفردوا رفعوا أكثر مما ينصبون انتهى". الارتشاف (3/ 120).
(6)
ينظر الحديث في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (2/ 128)، بألفاظ متقاربة، وهو بتحرير الحافظين العراقي وابن حجر ط. ثانية (1967 م)، دار الكتاب العربي بيروت.
(7)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(8)
قال أبو حيان: "ومذهب الكسائي جواز الرفع والنصب فيها" الارتشاف (3/ 120).
الشاهد الأربعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
كَحِلْفَةٍ مِنْ أبِي رَبَاحٍ
…
يَسْمَعُهَا لَاهُمُ الكُبَارُ
أقول: قائله بعض العرب، أنشده الفراء، ولم يبين قائله
(3)
، وذكر بعض شراح الكتاب أن قائله هو الأعشى، وكذا قاله ابن جني في سر الصناعة
(4)
، وكذا الصاغاني في العباب، ولكن روايته:
....................
…
......... إلاهُهُ الكُبارُ
(5)
فعلى هذا لا استشهاد فيه.
قوله: "كحلفة" أي: كيمين من أبي رباح، وهو كنية رجل، و"الكبار" بضم الكاف وتخفيف الباء الموحدة؛ صيغة مبالغة للكبير؛ كما في قوله تعالى:{وَمَكْرُوا مَكْرًا كُبَّارًا} [نوح: 22] قرئ بالتخفيف والتشديد.
الإعراب:
قوله: "كحلفة" الكاف للتشبيه وتتعلق بمحذوف، تقديره: حلف كحلف أبي رباح، وقوله:"من أبي رباح" في محل الجر صفة للحلفة، تقديره؛ كحلفة كائنة أو صادرة من أبي رباح، قوله:"يسمعها": جملة من الفعل والمفعول وهو الضمير الَّذي يرجع إلى الحلفة، وقوله:"لا هم": فاعلهم
(6)
، و"الكبار" بالرفع صفته.
(1)
توضيح المقاصد (3/ 291).
(2)
البيت من مخلع البسيط، وهو للأعشى في ديوانه (319)، تحقيق: د. محمد حسين، ط. المكتب الشرقي، لبنان، وهو من قصيدة مطلعها:
ألم تروا إرمًا وعادًا
…
أودى بها الليل والنهارا
ومنها هذا الشاهد وهو قوله:
ومر حد على وبار
…
فهلكت جهرة وبار
وبيت الشاهد في سر الصناعة (430)، وابن يعيش (1/ 3)، وخزانة الأدب (2/ 266)، والدرر (3/ 39)، وهو في الديوان أصله: وإن يسمعها لاهه، وأصله إلاهه، محذوف الهمزة، والكبار: العظيم.
(3)
معاني القرآن للفراء (1/ 204).
(4)
سر صناعة الإعراب (1/ 430)، تحقيق: د. حسن هنداوي.
(5)
وهو في ديوان الأعشى ميمون (74) ط. دار الكاتب العربي، وروايته:
.........................
…
............... لاهه الكبار
(6)
في (أ): فاعلها.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لاهم" فإن فيه شذوذين:
أحدهما: استعماله في غير النداء؛ لأنه فاعل يسمعها.
والثاني: تخفيف ميمه، والأصل فيه التشديد؛ لأنه عوض في آخره من حرف النداء من أوله؛ ألا ترى أنَّه لا يجمع بينهما إلا في ضرورة الشعر، ولكن الأعشى خففها للضرورة
(1)
.
الشاهد الحادي والأربعون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
أَيُّهَذَانِ كُلَا زادكُمَا
…
...............................
أقول: لم أقف على اسم قائله، وتمامه:
............................
…
وَدَعَاني وَاغِلًا فيمن يَغِلْ
وهو من الرمل:
[قوله]
(4)
و"دعاني" أي: اتركاني، قوله:"واغلًا" بالغين المعجمة، وهو الَّذي يدخل على القوم يشربون ولم يُدْعَ، وذلك الشراب الوغل، قوله:"فيمن يغل" أصله: يوغل لأنه من وغل، حذفت الواو لوقوعها بين الياء والكسرة، ويروى: فيمن وغل.
الإعراب:
قوله: "أيهذان" أي: يا أيهذان، حذف منه حرف النداء، و"أي" هو المنادى وصف باسم الإشارة وهو هذان، قوله:"كُلا": جملة من الفعل والفاعل وهو أنتما المستكن فيه
(5)
، و"زادكما": كلام إضافي مفعوله، قوله:"ودعاني" -أيضًا- جملة من الفعل والفاعل والمفعول عطف على قوله: "كُلا"، قوله:"واغلًا": حال من الضمير المنصوب في: "دعاني"،
(1)
قال ابن جني: "وقد زيدت الميم آخرًا أيضًا، وذلك قولهم: الفهم، فالميم مشددة عوض في آخره من "يا" في أوله، ولا يجمع بينهما إلا في ضرورة الشعر قال ........ ، وخففها الأعشى فقال (البيت). سر الصناعة (1/ 430)، وينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 401).
(2)
توضيح المقاصد (3/ 297)، وروايته فيه:(فيمن وغل).
(3)
البيت من بحر الرمل، مجهول القائل، وهو في شرح عمدة الحافظ (281)، ومجالس ثعلب (52)، والهمع (1/ 175)، والدرر (3/ 33)، وشرح شذور الذهب (199)، ومنتهى الأدب بشرح شذور الذهب (154).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
ورد في هامش الخزانة "قوله: أنتما
…
إلخ سهو، والصواب: ألف التثنية".
قوله: "فيمن يغل" يتعلق بواغلًا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أيهذان" حيث وصف المنادى فيه باسم الإشارة؛ كما في قوله:
ألَا أَيُّهَذَا البَاخِعُ الوَجْد نَفْسَهُ
…
..................................
(1)
وقد مَرَّ بيانه.
الشاهد الثاني والأربعون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
يا تيمُ تيمَ عَدِيٍّ لَا أَبَا لكُمُ
…
.................................
أقول: قائله هو جرير بن عطية الخطفي، وتمامه
(4)
:
..............................
…
لا يُلْفِيَنَّكُمْ في سَوْأةٍ عُمَرُ
وهو من قصيدة يهجو بها عمرو بن لجأ التميمي، وقبله:
1 -
والتيمُ عبدٌ لِأقوامٍ يلُوذُ بِهِمْ
…
يُعْطَى المقُاداةَ إِنْ أَوْفَوْا وإنْ غَدَرُوا
2 -
أَتَبْتَغِي التيمُ عُذْرًا بعدَ ما غَدَرُوا
…
لا يَقْبَلُ اللهُ من تَيْمٍ إذَا اعْتَذَرُوا
3 -
يا تيمُ تيمَ عَدِيٍّ ..............
…
............................... إلخ
وهو من البسيط.
3 -
قوله: "يا تيمُ تيمَ عَدِيٍّ" إنما أضاف التيم إلى عدي ليفرق بينها، وبين تيم مرة في قريش، وتيم غالب بن فهر في قريش - أيضًا، وهم بنو الأدرم، وتيم قيس بن ثعلبة، وتيم شيبان، وتيم ضبة، وعدي الَّذي أضاف تيمًا إليه هو أخوه، وهما - تيم وعدي - ابنا عبد مناف بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، قوله:"لا أبا لكم" للغلظة في الخطاب، وأصله أن ينسب الخاطب إلى غير أب شتمًا له واحتقارًا، ثم كثر في الاستعمال حتَّى جعل في
(1)
ينظر الشاهد رقم (926).
(2)
توضيح المقاصد (3/ 303)، وشرح ابن عقيل (3/ 270).
(3)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة لجرير يهجو فيها عمرو بن لجأ، وكان هذا الأخير قد هجا جريرًا، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (1/ 53)، والمقتضب (4/ 229)، وابن يعيش (2/ 10)، والخصائص (1/ 345)، والأزهية (238)، والخزانة (2/ 298)، والدرر (6/ 29)، وشرح شواهد المغني (855).
(4)
انظر ديوان جرير (1/ 215)، ط. دار المعارف، تحقيق: د. نعمان طه، و (285) ط. دار صعب وروايته:(لا يوقعنكم).
كل خطاب يغلظ فيه على المخاطب.
وحكى علي أبو الحسن بن الأخضر
(1)
أن العرب كانت تستحسن. لا أبا لك، وتستقبح: لا أم لك؛ لأن الأم مشفقة ضانة، والأب جائر مالك، قوله:"لا يلفينكم": من ألفى إذا وجد، قال تعالى:{وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا الْبَابِ} [يوسف: 25]؛ أي: وجداه
(2)
.
قوله: "في سوأة" بفتح السين وسكون الواو وفتح الهمزة، وهي الفعلة القبيحة، والخطاب في ذلك إلى قومه، ويقول لهم: انْهَوْهُ عن شتمي ولا تساعدوه على ذلك، فإن لم تفعلوا ألفاكم في سوأة من هجوي إياكم، فلما توعّد جرير قوم عمرو بن لجأ في شعره التقدم أتَوْا بِهِ موثوقًا وحكموه فيه، فأعرض عن هجوهم.
الإعراب:
قوله: " [يا تيم]
(3)
يا: حرف نداء، وتيم: بالنصب منادى مضاف مع تأكيده، وحذف المضاف إليه من الأول لدلالة الثاني عليه، وتقديره: يا تيم عدي تيم عدي، قوله:"لا أبا لكم" لا لنفي الجنس، "وأبا لكم"، نصب اسمها تشبيهًا له بالمضاف، وقيل: إنه مضاف.
قوله: "لا يلفينكم" لا نهي، "ويلفينكم": في موضع جزم بالنهي لأنه مبني لدخول النون الثقيلة عليه، فلذلك حكم على الموضع بالجزم، والكاف والميم مفعول بهما، و"عمر": فاعله، والنهي في اللفظ واقع على عمر، وفي المعنى واقع عليهم، ويروى: لا يوقعنكم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا تيمُ تيمَ عدي" فمذهب سيبويه في هذا الباب إذا نصبهما جميعًا أن يكون الثاني مقحمًا، ويجوز أن يكون تيم الأول مضمومًا على أنَّه منادى علم، والثاني بدلًا من الأول، أو عطف بيان، أو منادى مضاف، وحذف المضاف إليه لدلالة الثاني عليه، والتقدير: يا تيم عدي يا تيم عدي؛ كما ذكرنا فحذف الأول، ويكون تيم الثاني على ما قدمنا من النداء أو البدل أو عطف البيان أو على إضمار: أعني
(4)
.
(1)
هو علي بن عبد الرحمن بن مهدي بن عمران أبو الحسن بن الأخضر الإشبيلي (ت 514 هـ) بغية الوعاة (2/ 174).
(2)
قال صاحب الخزانة (2/ 298): الرواية لا يلقينكم بالقاف، من الإلقاء، وهي الرمي، قال ابن سيده: من رواه بالفاء فقد صحَّف وحرَّف.
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
قال سيبويه: "وسمعنا من العرب من يقول ممن يوثق به: اجتمعت أهل اليمامة؛ لأنه يقول في كلامه: اجتمعت =
الشاهد الثالث والأربعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
رَضِيتُ بِكَ اللَّهُمَّ رَبًّا فَلَنْ أُرَى
…
أدِينُ إِلَهًا غَيْرَكَ اللهُ رَاضِيًا
أقول: قائله هو أمية بن أبي الصلت الثقفي، وهو من قصيدة من الطويل، وأولها هو قوله
(3)
:
1 -
إلَى الله أُهْدِي مِدْحَتِي وثَنَائِيَا
…
وقَوْلًا رَصِينًا لَا يَفي الدَّهْرَ بَاقِيَا
2 -
إلَى الملَكِ الأَعلَى الذِي لَيْسَ فَوقَهُ إِلَهٌ
…
ولَا رَبٌّ يَكُونُ مُدَانِيَا
3 -
ألا أيُّهَا الإِنْسَانُ إيَّاكَ والرَّدَى
…
فإنَّكَ لَا تَخْفَى مِنَ الله خَافِيَا
4 -
وإِيَّاكَ لا تَجْعَلْ مَعَ الله غَيرَهُ
…
فإن سبِيلَ الرُّشدِ أَصْبَحَ باديَا
5 -
حَنَانَيكَ إنَّ الجِنَّ كُنْتَ رَجَاءَهُمْ
…
وأَنتَ إِلَهِي رَبَّنَا ورَجَائِيَا
6 -
رضِيتُ بكَ اللَّهُمَّ .............
…
...................... إلخ
وأنتَ الذِي مِن فَضْلِ مَنٌّ ورَحْمَةٍ
…
بَعَثْتَ إلَى مُوسَى رَسُولًا مُنَادِيًا
قوله: "رصينًا" أي: محكمًا، قوله:"باقيًا" صفة لقوله: "رصينًا"، و"الدهر": نصب
= اليمامة، يعني: أهل اليمامة، فأنث الفعل في اللفظ؛ إذ جعله في اللفظ لليمامة، فترك اللفظ يكون على ما يكون عليه في سعة الكلام، ومثله في هذا: يا طلحة أقبل؛ لأن أكثر ما يدعو طلحة بالترخيم فترك الحاء على حالها، ويا تيم تيم عدي أقبل. وقال الشاعر:
يا تيمُ تيمَ عَدِيٍّ لا أبا لكُمُ
…
لا يُلقِيَنَّكُمْ في سَوْأةٍ عُمَرُ
وسترى هذا مبينًا في مواضعه". الكتاب (1/ 53)، وينظر (2/ 205، 206).
وقال المرادي: "والأول في نحو: يا تيم تيم عدي مضموم أو منصوب، والثاني منصوب لا غير، وجه ضم الأول أنَّه منادى مفرد، ونصب الثاني حينئذ على أنَّه منادى مضاف، أو بإضمار أعني، أو توكيدًا أو عطف لبيان أو بدل .... وأما نصب الأول ففيه أوجه: أحدها أن يكون مضافًا إلى ما أضيف إليه الثاني تقديرًا، والثاني على ما سبق، وهذا مذهب المبرد. الثاني: أن تجعل الاسمين اسمًا واحدًا بالتركيب؛ كما فعل في نحو: لا ماء ماء باردًا
…
وهذا مذهب الأعلم ففتحة الأول والثاني على هذا بناء. الثالث: أن تنوي إضافة الأول إلى الثالث ويجعل الثاني مقحمًا وهو مذهب سيبويه، قيل: وعلى مذهب سيبويه فنصب الثاني على التوكيد إذ هو مقحم .... ولا يجوز فيه البدل لأن الاسم لا يبدل منه إلا بعد كماله، ولا يكمل زيد إلا بما أضيف إليه، وكذلك عطف البيان". ينظر شرح التسهيل للمرادي (32 - 34)، باب النداء "دكتوراه" باسم: عبد الهادي أحمد فراج سليمان، وينظر المقتضب (4/ 227)، والأعلم وأثره في النحو مع تحقيق شرح أبيات الجمل: "دكتوراه" بالأزهر رقم (173)(1/ 270)، (2/ 147)، تحقيق د: محمد شعبان.
(1)
أوضح المسالك (4/ 13)، وقافيته فيه هي:(ثانيًا).
(2)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة في تسبيح الله وتمجيده، قالها أمية بن أبي الصلت، وقال غيرها قبل الإِسلام، وانظر بيت الشاهد في شرح التصريح (2/ 165)، وأوضح المسالك (4/ 12)، والمعجم المفصل (1077).
(3)
انظر ديوان أمية بن أبي الصلت (90)، تحقيق: سيف الدين الكاتب.
على الظرف، قوله:"مدانيًا" أي: مقاربًا، و"الردى": الهلاك، وأراد به العمل الَّذي يؤدي إلى الهلاك، قوله:"باديًا" أي: ظاهرًا.
قوله: "حنانيك": مصدر مثنى كلبيك، والمعنى: تحننًا بعد تحنن غير منقطع إليك، وقال ابن يعيش: التحنن: الرحمة والخير، وقد استعمل مفردًا -أيضًا -كما في قوله تعالى:{وَحَنَانًا مِنْ لَّدُنًا} [مريم: 13] أي: رحمة
(1)
.
قوله: "رسولًا مناديًا" أراد به جبريل الَّذي أنزله الله - تعالى - إلى موسى عليه السلام.
الإعراب:
قوله: "رضيت": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"بك": جار ومجرور في محل النصب على المفعولية، [وقوله]
(2)
"اللَّهم" أصله: يا الله كما علم، قوله:"ربًّا": منصوب على التمييز، والتمييز لان كان في الأصل أن يكون في المعنى فاعلًا فقد يكون مفعولًا -أيضًا-؛ كما في قوله تعالى:{وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوُنًا} [القمر: 12]، ويجوز أن يكون منصوبًا على المفعولية؛ لأن رضي إذا عدي بالباء يتعدى إلى مفعول آخر.
قوله: "فلن أرى" الفاء تصلح أن تكون للتفسير، وتصلح أن تكون جواب شرط محذوف، أي: إذا رضيت بك ربًّا فلن أرى، وهو من الرأي في الأمر، وقوله:"إلهًا"[منصوب]
(3)
بقوله: أدين، و"غيرك": كلام إضافي صفته.
قوله: "راضيًا" نصب على أنَّه مفعول: رضيت، وهذا من قبيل قولك: قمت قائمًا، أي: قيامًا، والمعنى هاهنا: رضيت رضًا بك ربًّا، يعني: قنعت بك واكتفيت بك ولم أطلب ربًّا غيرك، ويروى: ثانيًا في موضع راضيَا على أنَّه صفة لقوله: "إلهًا".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "اللهَ" حيث حذف منه حرف النداء؛ إذ أصله: يا ألله، وقد علم أن حرف النداء لا يحذف من اسم اللَّه إذا لم تعوض الميم، ولكن قد أجاز ذلك بعضهم بدون التعويض مستدلًا بالبيت المذكور
(4)
.
(1)
ابن يعيش (1/ 118).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
(4)
ينظر في ذلك الإنصاف مسألة (48)، وأسرار النداء في لغة القرآن الكريم د. إبراهيم حسن إبراهيم (85) وما بعدها، وساغ الجمع بين يا الندائية والميم التي هي عوض عنها في لفظ الجلالة:"الله" لكونها لازمة، فكأنها من نفس الكلمة، ويجوز الجمع بينهما في الاضطرار خلافًا للكوفيين حيث مذهبهم أن الميم ليست عوضًا. ينظر شرح =
الشاهد الرابع والأربعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
عَبَّاسُ يا المَلِكُ المُتَوَّجُ والذِي
…
عَرَفَتْ لَهُ بَيتَ العُلَا عَدْنَانُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الكامل.
قوله: "المتوج" هو الَّذي على رأسه تاج، و"عدنان": أبو العرب، وجميع العرب من عدنان وقحطان، فمن قحطان سبأ وحضر موت، ومن عدنان: ربيعة ومضر، ولما كان عباس المذكور من عرب عدنان عينه من شعره.
الإعراب:
قوله: "عباس": منادى مفرد معرفة حذف منه حرف النداء، والتقدير: يا عباس، قوله:"يا الملك" -أيضًا- منادى، و"المتوج" بالرفع صفته حملًا على اللفظ، ويجوز النصب حملًا على المحل، قوله:"والذي": عطف على ما قبله، وقوله:"عرفت": فعل، و"عدنان": فاعله، و"بيت العلا": كلام إضافي مفعول، وقوله:"له" يتعلق بقوله: "عرفت".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا الملك" فإن الكوفيين استدلوا به على جواز دخول حرف النداء على المعرف بالألف واللام، فأجازوا أن يقال: يا الغلام، ويا الَّذي قام، ويا الحرث، ويا الفرزدق، وحكى ذلك أيضًا أبو العباس عن البغداديين يقولون: يا الرجل أقبل، وأجيب عن ذلك بوجهين:
الأول: أن ذلك محمول على الضرورة.
والثاني: أن المنادى فيه محذوف تقديره: يا أيها الملك، وكذلك يقدر في الأمثلة المذكورة
(3)
.
= التسهيل للمرادي (27)، ومعاني القرآن للفراء (1/ 203).
(1)
أوضح المسالك (4/ 31).
(2)
البيت من بحر الكامل، غير منسوب في مراجعه، وهو في المدح، وانظره في التصريح (2/ 173)، والهمع (1/ 174)، والدرر (3/ 31).
(3)
ينظر المسألة (46) من الإنصاف حيث أجاز الكوفيون نداء ما فيه الألف واللام نحو: يا الرجل، ويا الغلام، ومنحه البصريون، فقال سيبويه: "وزعم الخليل رحمه الله أن الألف واللام إنما منعهما أن يدخلا في النداء من قبل أن كل اسم في النداء مرفوع معرفة، وذلك أنَّه إذا قال: يا رجل ويا فاسق، فمعناه كمعنى: يا أيها الفاسق ويا أيها الرجل، وصار معرفة لأنك أشرت إليه وقصدت قصده واكتفيت بها عن الألف واللام
…
" الكتاب (2/ 197)، والأشموني (3/ 145)، وفيه يقول: "وباضطرار خص جمع (يا) و (أل) في نحو: (البيت) .. ولا يجوز ذلك في الاختيار خلافًا للبغداديين في ذلك .. " وينظر ابن يعيش (2/ 8، 9)، والمقتضب (4/ 241 - 243)، وأصول النحو لابن السراج (1/ 372).
الشاهد الخامس والأربعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
دَرَسَ المَنَا بِمُتَالِعٍ فَأَبَانِ
…
........................................
أقول: قائله هو لبيد بن ربيعة العامري، وتمامه:
.............................
…
فتقادَمَتْ بالحبسِ والسُّوبَانِ
وهو من الكامل.
قوله: "درس المنا" أي: درس المنازل فحذف منه حرفين، يقال: درس المنزل إذا عفى، و"المُتالع" بضم الميم وبالتاء المثناة من فوق وفي آخره عين مهملة، وهو اسم موضع، وقال الجوهري: اسم جَبَل
(3)
.
وكذلك: "أبان" اسم موضع، ويقال: اسم جبل، وهو بفتح الباء والهمزة وتخفيف الباء الموحدة وفي آخره نون، قوله:"بالحبس" بفتح الحاء المهملة وكسرها وسكون الباء الموحدة وفي آخره سين مهملة، وهو اسم موضع، وقيل: جبل، "والسوبان"[بضم السين]
(4)
المهملة وبعد الواو الساكنة باء موحدة، وهو أيضًا اسم موضع.
الإعراب:
قوله: "درس": فعل، وقوله:"المنا": فاعله، والباء في "بمتالع" في محل الرفع على أنها صفة للمنازل، أي: المنازل الكائنة في متالع وأبان، والفاء بمعنى الواو؛ كما في قول امرئ القيس
(5)
:
..................
…
....... بين الدخول فحومل
(1)
أوضح المسالك (4/ 41).
(2)
البيت من بحر الكامل، وهو مطلع قصيدة نونية للبيد بن ربيعة العامري، تمتلئ بالغريب، بدأها بوصف الديار والأطلال والناقة والصحراء، ديوان لبيد (206)، ط. دار صادر، بيروت، وانظر الشاهد في شرح شواهد الشافية (397)، والهمع (2/ 156)، والصحاح مادة:"تلع"، وفيه خلاف في رواية عجزه، والدرر (6/ 208)، والتصريح (2/ 180)، والمعجم المفصل (1007).
(3)
الصحاح مادة: "تلع".
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
عجز بيت من بحر الطويل، وهو مطلع قصيدته المشهورة المعلقة، وبقيته:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ
…
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
ينظر الديوان (110)، ط. دار الكتب العلمية، وانظر الديوان (8) ط. دار المعارف.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "المنا" فإن أصله: المنازل؛ كما ذكرنا، وحذف منه الزاي واللام، وهو حذف قبيح
(1)
.
الشاهد السادس والأربعون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
.........................
…
إلى أُمّا ويُرْوينِي النَّقِيعُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وصدره
(4)
:
أُطَوِّفُ ما أُطَوَّفُ ثُمَّ آوي
…
...................................
وهو من الوافر.
قوله: "أطوف": من طوف تطويفًا وتطوافًا، والتشديد فيه للتكثير، ومعناه: أكثر من الديوان والطواف، قوله:"ثم آوي": من أوى الإنسان إلى منزله يأوى أويًّا، قوله:"النقيع" بفتح النون وكسر القاف وهو اللبن المحض يبرد.
الإعراب:
قوله: "أطوف": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"ما أطوف" كلمة ما مصدرية، والمعنى: أطوف الطواف الكثير، وهو من المصادر السادة مسد الظروف؛ كأنه قال: مدة طوافي، قوله:"ثم آوي": جملة من الفعل والفاعل عطف على قوله: "أطوف"، وقوله:"إلى" يتعلق بقوله: آوي، و"يرويني": جملة من الفعل والمفعول، و"النقيع": فاعله، والجملة حال مقدرة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "إلى أُمّا" إذ أصله: أمي، فقلبت الياء ألفًا، ومنه ما أجازه المازني من قوله: قام غلاما، أصله: غلامي
(5)
.
(1)
ينظر شرح التصريح بمضمون التوضيح (2/ 180).
(2)
توضيح المقاصد (3/ 308).
(3)
البيت من بحر الوافر، وقد نسب لنقيع بن جرموز جاهلي من عبد شمس، المؤتلف والمختلف (257) والبيت في شرح عمدة الحافظ (512)، واللسان:"نقع"، والمقرب (1/ 217)، والهمع (2/ 53)، ونوادر أبي زيد (19)، والدرر (5/ 45)، وينظر المعجم المفصل (546).
(4)
شرح عمدة الحافظ (512).
(5)
قال ابن يعيش: "متى أضافوا المنادى إلى ياء النفس ففيه لغات ....... اللغة الرابعة: أن تبدل من الياء ألفًا؛ لأنها أخف، وذلك أنهم استثقلوا الياء وقبلها كسرة فيما كثر استعماله وهو النداء فأبدلوا من الكسرة فتحة، وكانت الياء متحركة فانقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فقالوا: يا غلاما ويا زيدًا في: يا غلامي، ويا زيدي" ينظر ابن يعيش (2/ 11)، =
الشاهد السابع والأربعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
ولسْتُ برَاجعٍ ما فاتَ مِنِّي
…
بِلَهْفَ وَلَا بِلَيْتَ ولا لَوْ أَنِّي
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الوافر.
قوله: "بلهف": من لهف يلهف لهفًا إذا تحسر.
الإعراب:
قوله: "ولست" الواو للعطف إن تقدمه شيء، والتاء اسم ليس، وقوله:"براجع": خبره، والباء فيه زائدة، قوله:"ما": موصولة، و"فات مني": جملة صلتها، والموصول مع صلته في محل النصب على أنها مفعول لراجع، وراجع يتعدى ولا يتعدى.
قوله: "بلهف" أي: بقولي لهف، والباء تتعلق بقوله:"براجع"، قوله:"ولا بليت": عطف على ما قبله، والتقدير: ولا بقولي ليت التي هي كلمة التمني، قوله:"ولا لو أني" أي: ولا بقولي: لو أني فعلت، إن كان تحسره على عدم الفعل، أو لو أني تركت، إن كان تحسره على الفعل، والحاصل أن الأمر الَّذي فات لا يعود ولا يتلاقى، لا بكلمة التلهف، ولا بكلمة التمني ولا بكلمة لو التي تفتح أبوابًا من الشيطان.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بلهف" فإن أصله: لهفا بالألف، ولكنه حذف الألف واكتفى بالفتحة، وأصله؛ "يا لهفي "فحذف حرف النداء، ثم قلبت الياء ألفًا، ثم حذفت الألف اجتزاء بالكسرة
(3)
.
= وينظر قول المازني في الأصول (1/ 341)، ويراجع معاني القرآن للفراء (1/ 394)، والأشموني (3/ 157).
(1)
توضيح المقاصد (3/ 309)، وأوضح المسالك (4/ 36).
(2)
البيت من بحر الوافر لقائل مجهول، وهو في الإنصاف (390)، والخزانة (1/ 131)، ورصف المباني (288)، وسر الصناعة الإعراب (521)، والمحتسب (1/ 277)، والمقرب (1/ 181).
(3)
إذا أضيف الاسم المنادى إلى ياء المتكلم كان فيه لغات خمس هي:
الأولى: أن تقول: يا غلاميّ وهو الأصل، والثانية: أن تقول: يا غلامِي، والثالثة: أن تقول: يا غلامِ بحذف الياء والتعويض عنها بالكسرة، واللغة الرابعة: أن تقول: يا غلاما، والخامسة: أن تقول: يا غلامُ، فهذه خمس لغات، قال ابن عصفور:"وزعم أبو الحسن الأخفش أنَّه يجوز: يا غلامَ بالتعويض بالفتحة عن الألف، وهذا خارج عن القياس، ألا ترى أن الَّذي قال: يا غلاما إنما آثر ألا يحذف، فإذا حذف فقد تناقض مع أن الألف فيها من الخفة بحيث لا تحذف دائما يكون ذلك في الكسرة والياء، والذي غر -في هذا- الأخفش قول الشاعر: (البيت) فقد حكى قوله: يا لهف، ولو لم يكن على الحكاية لقال: بلهفِ ..... فالصحيح أنَّه ليس فيه إلا خمس لغات". شرح جمل الزجاجي الكبير لابن عصفور (2/ 99، 100) وينظر المحتسب (1/ 277)، والخصائص (3/ 135).
الشاهد الثامن والأربعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
..........................
…
............. وَإِنَّمَا أهْلَكْتُ مَالُ
أقول: قائله هو أوس بن غلفاء، وصدره:
ذَرِيْنِي إِنَّمَا خَطَئِي وَصَوبِي
…
عَلَيَّ ...............................
وقبله:
أَلَا قَالتْ أُمَامَةُ يَوْمَ غَوْلٍ
…
تقطع بابْنِ غَلْفَاءَ الحِبَالُ
وهما من الوافر.
قوله: "ذريني" أي: اتركيني، قوله:"صوبي" أي: صوابي، قوله:"أهلكت مال" أي: إِن الَّذي أهلكته مالي لا مال غيري.
الإعراب:
قوله: "ذريني": جمل من الفعل والفاعل والمفعول، وبطل عمل أن بدخول ما الكافة، وقوله:"خطي": كلام إضافي مبتدأ، و"صوبي": عطف عليه، وقوله:"عليَّ": خبره، قوله:"أهلكت": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"مال" مفعوله.
والاستشهاد فيه:
إذ أصله: "مالي" فحذف ياء الإضافة مبنية فظهر إعراب ما قبلها، قاله أبو عمرو، وخالفه البعض، وقال: إنما أراد: وإن الَّذي أهلكته مال لا عرض؛ فحينئذ لا شاهد فيه؛ لأن مال يكون مرفوعًا على أنَّه خبر إن، وهكذا قدره الصاغاني في العباب، وقال بعد أن أنشد البيتين المذكورين: أي: وإن الَّذي أهلكت إنما هو مال، وينبغي أن يكون الصواب هذا، لأن على التقدير الأول يكون في البيت إقواء، فافهم
(3)
.
(1)
توضيح المقاصد (3/ 309).
(2)
البيت من بحر الوافر، وهو ثاني بيتين ذكرهما الشارح لشاعر يدعى ابن غلفاء يعاتب زوجته لأنها لامته على إسرافه، فبين لها أن المال لا قيمة له عنده، وانظر بيت الشاهد في مجاز القرآن لأبي عبيدة (1/ 241)، وشرح جمل الزجاجي الكبير لابن عصفور (2/ 101)، والخزانة (3/ 515)، ونوادر أبي زيد (46)، والدرر (2/ 69).
(3)
قال ابن عصفور: "أما: غلامِ، وغُلامَا، وغلامُ فجائزات كلها فتقول: جاء غلامِ، وتجتزئ بالكسرة لكن قليلًا، وتقول: جاءني غلامُ فيجوز أيضًا على قلة، وأنشدوا قوله:(البيت) فهذا عند أبي عمرو جائز والمعنى عنده: وإنما أهلكت مالي، ورده أبو زيد الأنصاري، وقال: معناه إن الَّذي أهلكت مال لا عرض، والقول الأول أحب إلي، وسبب: =
الشاهد التاسع والأربعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
كُنْ لِي لا عليَّ يا ابنَ عمَّا
…
نَعِشْ عَزِيزَيْنِ ونكفي الهما
أقول: أنشده أبو الفتح ولم يعزه إلى قائله، وهو من الرجز المسدس، المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "كن": أمر، واسم كان الضمير الَّذي فيه، وقوله:"لي": جار ومجرور خبره، قوله:"لا عليّ": عطف على قوله: "لي"، أي: لا تكن عليَّ، وقوله:"يا ابن عما" كلمة يا حرف النداء، "وابن عما": كلام إضافي منادى، قوله:"نعش": فعل مجزوم جواب الأمر، قوله:"عزيزين": حال من الضمير الَّذي في نعش، قوله:"ونكفي الهما": جملة من الفعل والفاعل والمفعول عطف على الجملة الأولى.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا ابن عمَّا" حيث قلب الشاعر ياء الإضافة ألفًا، والألف في "الهما" للإطلاق
(3)
.
= ذلك أنَّه يكون مطابقًا للصدر؛ لأنه يقول لها: اتركيني فإن خطئي وصوابي علي وإنما أهلكت مالي فلا تلوميني، وإذا قلت: وإن الَّذي أهلكت مال لا عرض فهو يعتذر لها" شرح جمل الزجاجي الكبير لابن عصفور (2/ 100، 101)، وينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة (1/ 241)، والإقواء معناه: الانتقال من الضم إلى الكسر والعكس في حركة حرف الروي، وهو عيب كبير في الشعر.
(1)
البيت نسبه العيني لابن هشام ولم نجده فيه وإنما وجدته في توضيح المقاصد (3/ 314).
(2)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وهو في الاجتماعيات الجميلة، وانظرهما في شرح التسهيل لابن مالك (3/ 406)، وشرح التسهيل للمرادي (36):"دكتوراه بالأزهر" تحقيق: عبد الهادي سليمان، ورواية البيت فيه:"الذما" بدلًا من: "الهما"، وتعليق الفرائد (2/ 537)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (1258)، ولم أعثر عليه فيما بين يدي من مؤلفات لابن جني.
(3)
قال ابن مالك: "وإذا كان المضاف إليه الياء "أما" أو "عما" حذفت وأبقي كسر ما قبلها أو فتحه وهما لغتان فصيحتان
…
والأصل: يا ابن أمي ويا ابن أما بإبدال الياء ألفًا، لكن التزم غالبًا لكثرة الاستعمال حذف حرف اللين وربما ثبتا ..... ومن ثبوت الألف قول الآخر:(البيت). ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 406)، وشرح التسهيل للمرادي (36)، دكتوراه بالأزهر، تحقيق: عبد الهادي سليمان.
الشاهد الخمسون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
أَيَا أَبَتِي لَا زِلْتَ فِينَا فَإِنَّمَا
…
لَنَا أَمَلٌ في العَيْشِ ما دُمْتَ عَائِشًا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
الإعراب:
قوله: "أيا": حرف نداء، و"أبتي": منادى مضاف، وقوله:"لا زلت" الضمير فيه اسم لزال، وخبره قوله:"فينا"، والمعنى: لا زلت موجودًا فينا، قوله:"فإنما" الفاء للتعليل، وإِن أبطل عملها دخول ما الكافة، وقوله:"أمل": مبتدأ، وقوله:"لنا" مقدمًا خبره، و"في العيش" يتعلق بأمل، قوله:"ما دمت" كلمة ما مصدرية زمانية، والتقدير: مدة دوامك عائشًا، و"عائشًا" منصوب لأنه خبر ما دمت.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا أبتي" حيث جمع فيه بين العوض والمعوض، وهما التاء وياء المتكلم؛ لأن التاء عوض عن ياء المتكلم في قولنا: يا أبت، وهذا لا يجوز إلا عند الضرورة؛ كما في البيت المذكور، ومذهب البصريين أنَّه لا يجوز الجمع بينهما في الكلام، وأجازه كثير من الكوفيين
(3)
.
(1)
توضيح المقاصد (3/ 317)، وروايته:"يا أبتي".
(2)
البيت من بحر الطويل لقائل مجهول، وانظره في التصريح (2/ 178)، والمساعد (2/ 522)، وشرح التسهيل لابن مالك (7/ 403)، وشرح التسهيل للمرادي، تحقيق: عبد الهادي سليمان (36)، وتعليق الفرائد (2/ 538)، والأشموني (3/ 158)، والتاء مدخولاتها واستعمالاتها في الدراسات النحوية (168).
(3)
قال ابن مالك في شرح التسهيل (3/ 406): "وقالوا في: يا أبي ويا أمي: يا أمتِ ويا أبتِ ويا أبتْ ويا أمتْ، فجعلوا التاء عوضًا من الياء، ولذلك لم يجتمعا إلا في الضرورة كقول الشاعر ........... ومثله: (البيت). قال أبو الفتح في المحتسب: قرأ أبو جعفر: {يَا حَسْرَتَايَ} [الزمر: 56] فجمع بين العوض والمعوض منه لأن الألف عوض من ياء المتكلم، وجعل من ذلك: يا أبتا؛ لأن التاء عوض من ياء المتكلم"، وينظر المحتسب (2/ 237، 238) وينظر شرح جمل الزجاجي لابن عصفور (2/ 104)، وممن قال كذلك من الكوفيين الفراء في قوله تعالى حكاية عن سيدنا يوسف صلى الله عليه وسلم: {يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ
…
} [يوسف: 4]، حيث قال:"لا تقف عليها بالهاء" معاني القرآن للفراء (2/ 32).
الشاهد الحادي والخمسون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
.........................
…
يَا أَبَتَا عَلَّكَ أَوْ عَسَاكَنْ
أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج، وأوله:
تقولُ بِنْتِي قد آنى أَنَاكَا
…
.................................
قوله: "قد أنى أناك" أي: قد جاء وقتك وزمانك، يقال: أنى يأني أنًى، أي: حان، وأنى -أيضًا- أدرك، "وأناك" بفتح الهمزة وتخفيف النون أصله: أناؤك، والأناء على وزن فعال: اسم من الفعل المذكور، المعنى: تقول ابنتي: يا أبتي قد جاء زمن سفرك علك تجد رزقًا.
الإعراب:
قوله: "تقول": فعل، و"بنتي": كلام إضافي فاعله، "قد أنى": فعل ماض محقق بقد، و"أناك": كلام إضافي فاعله، قوله:"يا أبتا" يا حرف نداء، وأبتا: منادى مضاف إلى ياء المتكلم، والتاء والألف عوضان عن يائه، قوله:"علك": لغة في: لعلك
(3)
، والكاف اسم لعل، وخبره محذوف، تقديره: لعلك تجد رزقًا، قوله:"أو عساكن" عطف عليه، والكاف اسم عسى، وخبره محذوف، أي: أو عساك تجده.
والاستشهاد فيه:
في مواضع:
الأول: وقوع الضمير المتصل بعد عسى على اللغة القليلة، والكثير فيه: عسيت.
الثاني: دخول تنوين الترنم في عساكن.
(1)
توضيح المقاصد (3/ 317).
(2)
البيت من بحر الرجز المشطور، وهو لرؤبة بن العجاج، من مقطوعة عدتها أربعة أبيات هي كالآتي:
تقول بنتي قد أنى أناكا
…
يا أبتا علك أو عساكا
ورأي عيني الفتى إياكا
…
يعطي الجزيل فعليك ذاكا
وكلها شواهد للنحاة، وانظرها في ديوان رؤبة (181)، وانظر الشاهد في الكتاب (2/ 375)، والإنصاف (222)، والجنى الداني (446)، والخصائص (2/ 96)، والمقتضب (3/ 71)، والخزانة (5/ 362)، وشرح شواهد المغني (433)، وابن يعيش (7/ 123).
(3)
اللغات في لعل ينظر فيها الإنصاف مسألة (26)، وفي اللسان:"لعل" يقول: "وأصلها عل، واللام الأولى زائدة".
الثالث: في قوله: "أبتا" حيث جمع فيه بين العوض والمعوض؛ لأن الألف والتاء عوضان عن ياء المتكلم كما ذكرنا، وهذا هو محل الاستشهاد هاهنا
(1)
.
الشاهد الثاني والخمسون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
..........................
…
كَأَنَّكَ فِينَا يَا أَبَاتِ غَرِيبُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وصدره:
تقولُ ابْنَتِي لَمَّا رَأَتنِي شَاحِبًا
…
................................
وهو من الطويل.
قوله: "شاحبًا" بالشين المعجمة والحاء المهملة والباء المعجمة، من شحب لونه يشحب إذا تغير وهو شاحب، وكذا فسره ابن فارس ثم أنشد البيت المذكور
(4)
.
الإعراب:
قوله: "تقول": فعل، و"ابنتي": كلام إضافي فاعله، قوله:"لما": ظرف بمعنى حين، و"رأتني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، و"شاحبًا": مفعول ثان، قوله:"كأنك إلى آخره": مقول القول، وكأن للتشبيه، والكاف اسمه، قوله:"غريب": خبره، وقوله:"فينا" يتعلق بقوله: "غريب".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا أبات" حيث زاد فيه التاء؛ لأن أصله: يا أبا بالقصر، ولو لم يُعَوِّض لقال:
(1)
قال الأشموني (3/ 158): "منع الجمع بين التاء والياء لأنها عوض عنها، وبين التاء والألف لأن الألف بدل من الياء
…
وكذا قوله (البيت) وهو أهون من الجمع بين التاء والياء لذهاب صورة المعوض عنه، وقال في شرح الكافية: الألف فيه هي الألف التي يوصل بها آخر المنادى إذا كان بعيدًا أو مستغاثًا به أو مندوبًا وليست بدلًا من ياء المتكلم، وجوَّز الشارح الأمرين". ينظر شرح الأشموني (3/ 158)، وشرح الكافية الشافية لابن مالك (1327)، والتعويض وأثره في الدراسات النحوية واللغوية د. عبد الرحمن علي إسماعيل (89)، وشرح التصريح بمضمون التوضيح (2/ 178).
(2)
توضيح المقاصد (3/ 319).
(3)
عجز بيت من بحر الطويل، ذكر الشارح صدره، وهو البيت لأبي الحدرجان في نوادر أبي زيد (239)، والخصائص (1/ 340)، والدرر (1/ 233)، واللسان مادة:"أبي"، والهمع (2/ 157)، وشرح التسهيل للمرادي (37)، تحقيق: عبد الهادي سليمان، والتصريح (2/ 187)، وتعليق الفرائد (2/ 538).
(4)
ينظر نصه في معجم مقاييس اللغة لابن فارس (3/ 252)، بتحقيق: هارون، وللفعل:"شحب" بابان (فتح وكسر)، والخصائص (1/ 340).
يا أباي؛ كما يقال: يا فتاي
(1)
، وقال الفارسي: رد اللام وقلبها ألفًا كما تقلب في: قطاة ونحو ذلك
(2)
.
قال ابن سيده: وذهب أبو عثمان المازني في قراءة من قرأ: {يَا أَبَتِ} [مريم: 43] بفتح التاء إلى أنه أراد: يا أبتاه فحذف الألف، وقوله:"تقول ابنتي .. إلخ" أراد: يا أبتا، فقدم الألف وأخر الثاء
(3)
، وقال أبو حيان: وزعم بعض رواة اللغة من البغداديين أن قول الشاعر: (يا أبات) إنما أراد: يا أبتي فقلب، وهذا ممتنع بعيد؛ لأنه يلزم على هذا أن تكون تاء التأنيث قد لحقت بعد الياء التي هي اسم المتكلم، وهذا لا يجوز، ولم يوجد في موضع، ومع ذلك فإن التاء في: يا أبت في تقدير الإضافة، وقال أبو حيان: والأصل في مثل هذا البيت النادر تخريجه على الإشباع؛ كما قال: أعوذ بالله من العقراب، وقال سيبويه: لا يكادون يقولون يا أبات
(4)
.
الشاهد الثالث والخمسون بعد التسعمائة
(5)
،
(6)
.......................
…
............ يا عُمَرُ الْجَوَادَا
أقول: قائله هو جرير بن عطية الخطفي، وتمامه
(7)
:
فَمَا كَعْبُ بنُ مامَةَ وابنُ سُعْدَى
…
بأَكْرَمَ منكَ يا عُمَرُ الجَوَادَا
وهو من قصيدة يمدح بها جرير عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وقبله:
1 -
يعودُ الحِلمُ منك على قريشٍ
…
وتفرجُ عنْهمُ الكُرَبَ الشِّدَادَا
2 -
وقد أمَّنْتَ وَحْشَهُمُ برفقٍ
…
وَيُعْيي النَّاسَ وَحْشُكَ أن يُصَادا
(1)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 407).
(2)
قال الفارسي في شرح الأبيات المشكلة الإعراب (170): "ووجه آخر وهو أنَّه يجوز أن يكون رد لام المفعل مع التاء في المفرد كما ورد مع الهاء التي للجمع مثل أخوات، ونطر ذلك ما أنشد أبو زيد وأبو الحسن (البيت) فرد اللام مع تاء التأنيث".
(3)
ارتشاف الضرب (3/ 272)، قال بعد أن أنشد البيت:"أراد يا أبت، فأقحم الألف"، وانظر كلام المازني وتوجيهه للقراءة في لسان العرب:"أبو".
(4)
الكتاب (2/ 211)، ونصه:"لا يكادون يقولون يا أباه، وهي قليلة في كلامهم".
(5)
توضيح المقاصد (3/ 285)، وأوضح المسالك (4/ 23).
(6)
البيت من بحر الوافر، من قصيدة لجرير في مدح عمر بن عبد العزيز، ذكر الشارح بعض أبياتها، وقد سبق ذكرها وبعض أبياتها في الشاهد رقم (791)، وانظر بيت الشاهد في المقتضب (4/ 208)، والمغني (19)، والهمع (1/ 176)، والدرر (3/ 34)، والتصريح (2/ 169)، وشرح شواهد المغني (56).
(7)
انظر القصيدة في ديوان جرير (117)، تحقيق: د. نعمان طه، دار المعارف، والأبيات المذكورة متباعدة ومختلفة في بعض مفرداتها عن الديوان.
3 -
وتدعو اللهَ مجتهدًا ليرضى
…
وتذكُرُ في رعِيَّتك المَعَادا
4 -
فَمَا كَعْبُ بنُ مامَةَ .......
…
....................... إلخ
وهي من الوافر.
و"كعب بن مامة": هو الإيادي الَّذي آثر على نفسه بالماء حتَّى هلك عطشًا، وذلك أنَّه كان في رفقة فقل عنهم الماء، فكان كعب يؤثر بنصيبه حتَّى ضعفت قوته وقد قربوا من موضع الماء، فقيل له: رد فقد وصلت إلى الماء، فلم تكن به قوة وخر ميتًا، فقال في ذلك أبوه
(1)
:
أَوْفَى عَلَى المَاءِ كَعْبٌ ثُمَّ قِيلَ لَهُ
…
رِدْ كعب إنَّك وارِدٌ فَمَا وَرَدَا
وأما ابن سعدى فهو أوس بن حارثة بن لام الطائي، وسعدى أمه، وقد ذكره ابن أبي حازم الأسدي في قوله
(2)
:
1 -
إلى أوْسِ بنِ حارِثَةِ بنِ لَامٍ
…
ليَقْضِي حَاجَتي فِيمَنْ قَضَاهَا
2 -
وما وَطِئَ الثَّرَى مَثَلُ ابنِ سُعْدَى
…
ولَا لَبِسَ النِعَال ولَا احْتَذَاهَا
فأخبر جرير أنَّه ليس واحد من هذين الجوادين بأكرم من عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.
الإعراب:
قوله: "فما كعب" ما بمعنى ليس، وكعب اسمه، و"ابن مامة": صفته، ومامة لا ينصرف للتأنيث والعلمية، وقوله:"وابن سعدى": عطف على كعب، وقوله:"بأكرم منك": خبر ما، ومحله النصب، وقوله:"منك" يتعلق بأكرم، ولم ينصرف أكرم للصفة ووزن الفعل، وقوله:"يا عمرُ" منادى مفرد معرفة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "الجوادا" حيث نصبه الشاعر على النعت لعمر على الموضع، ولو رفع حملًا على اللفظ لجاز ولكن القوافي منصوبة
(3)
.
* * *
(1)
البيت من بحر البسيط، لأبي دؤاد الإيادي، في ديوانه (308)، وسمط اللآلئ (840).
(2)
البيتان من بحر الوافر، وهما في ديوان بشر بن أبي خازم (223)، وانظرهما في الحماسة البصرية:(1/ 120)، والكامل (1/ 303).
(3)
إذا كان المنادى علمًا موصوفًا بابن متصل مضاف إلى علم نحو: يا زيد بن عمرو جاز في المنادى مع الضم الفتح إتباعًا لحركة ابن؛ إذ بينهما ساكن وهو حاجز غير حصين، واختلف في الأجود فقال المبرد: الضم لأنه الأصل، وقال ابن كيسان: الفتح لأنه الأكثر في كلام العرب، ولو كان المنادى غير علم نحو: يا غلام بن زيد، أو علمًا بعده ابن، =
شواهد الاستغاثة
الشاهد الرابع والخمسون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
يَا لَقَوْمِي ويَا لأَمْثَال قَوْمِي
…
لِأُنَاسٍ عُتُوَّهُمْ في ازْديَادِ
أقول: أنشده الفراء ولم يعزه إلى قائله، وهو من الخفيف.
قوله: "عتوهم": من عتا يعتو عتوًّا إذا استكبر.
الإعراب:
قوله: "يا لقومي" يا حرف نداء، ولقومي: اللام فيه مفتوحة؛ لأنه مستغاث به وهو منادى، قوله:"ويا لأمثال قومي": عطف على ما قبله، واللام فيه -أيضًا- مفتوحة لتكرار حرف النداء، وأمثال: مضاف إلى قومي، قوله:"لأناس" اللام فيه مكسورة؛ لأنه مستغاث من أجله، قوله:"عتوهم": كلام إضافي مبتدأ، و"في ازدياد": خبره، والجملة محلها الجر لأنها صفة لأناس.
= لكنه غير صفة بل بدل أو عطف لبيان أو منادى أو مفعول بمقدر أو صفة لكنه غير متصل نحو: يا زيد الفاضل ابن عمرو أو متصل لكنه غير مضاف إلى علم نحو: يا زيد ابن أخينا، أو وصف بغير ابن نحو: يا زيد الكريم تعين الضم في هذه الصور كلها ولم يجز الفتح، وأجاز الكوفيون الفتح فيما إذا وصف بغير ابن نحو: يا زيد الفاضل مستدلين بشاهدنا هذا، وذلك على الرواية بالفتح للراء، وعلَّلوه بأن الاسم ونعته كالشيء الواحد؛ فلما طال النعت بالمنعوت حركوه بالفتح. ينظر الهمع (1/ 176).
(1)
ابن الناظم (28)، وتوضيح المقاصد (4/ 17)، وأوضح المسالك (4/ 44).
(2)
البيت من بحر الخفيف بلا نسبة في شرح التصريح (2/ 181)، وشرح قطر الندى (218)، والأشموني (3/ 164)، والمعجم المفصل (245).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ويا لأمثال قومي" حيث فتحت فيه اللام لتكرر حرف النداء
(1)
.
الشاهد الخامس والخمسون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
يُبْكِيْكَ نَاءٍ بَعيدُ الدَّارِ مُغْتَرِبٌ
…
يَا للْكهُولِ ولِلشُّبَّانِ للْعجبِ
أقول: قائله مجهول؛ كذا قال ابن هشام اللخمي، وهو من البسيط.
قوله: "يبكيك" أي: يبكي عليك، تقول: بكيت زيدًا، يعني: بكيت على زيد، وأبكيته إذا صنعت به ما يبكيه، قوله:"ناءٍ": اسم فاعل من نأى ينأى إذا بعد، و"مغترب": بمعنى غريب، و"الكهول": جمع كهل، و"الشبان": جمع شاب.
ومعنى البيت يقول: يا هذا المخاطب إذا متَّ في غربة بكاك النائي الغريب الَّذي هو مثلك في الاغتراب، فإذا ورد نعيك أقرباءك وبني عمك سروا بموتك، فيعجب من هذا ويستغيث يا للكهول وللشبان لهذا العجب العظيم، وقد يحتمل ألا يكون غريبًا ويكون قد مات في وطنه، فبكاه الغريب، وسر بموته القريب لأجل ما ورث منه.
الإعراب:
قوله: "يبكيك": جملة من الفعل والمفعول، و"ناء": فاعله، ولا يتبين فيه الإعراب؛ لأنه ناقص إلا في حال النصب، قوله:"بعيد الدار": صفة للنائي، وإضافته غير محضة، والنية بها الانفصال، فلذلك وقعت صفة للنكرة، والتقدير: بعيد داره، قوله:"مغترب" صفة أخرى.
قوله: "يا للكهول" يا حرف نداء، وللكهول بفتح اللام؛ لأنه منادى، والمنادى يحل محل المضمر ولذلك بني، ففتحت اللام معه كما تفتح مع المضمر في لك وله؛ إذ أصل اللام الفتح، والمضمر يرد الأشياء إلى أصولها، والعامل في اللام هو حرف النداء؛ كأنه تعدى إلى المنادى بزيادة اللام؛ لأن سيبويه قال في باب الجر: إذا قلت: يا لَبكر فقد جعلت ما يعمل في المنادى
(1)
يستثنى من وجوب فتح لام المستغاث حالتان تكسر فيهما: إحداهما: إذا كان المستغاث ياء المتكلم نحو: يا لي، الثانية: إذا كرر المستغاث بالعطف ولم تكرر معه: "يا" فإن تكررت "يا" فتحت اللام كما في هذا الشاهد. ينظر أسرار النداء. د. إبراهيم حسن إبراهيم (154، 155)، والتصريح (2/ 181)، والأشموني (3/ 164).
(2)
ابن الناظم (228)، وتوضيح المقاصد (4/ 18)، وأوضح المسالك (4/ 45).
(3)
البيت من بحر البسيط، قال عنه صاحب الخزانة: هو من شواهد جمل الزجاجي، ولم ينسبه أحد إلى قائله، وانظره في المقتضب (4/ 256)، والمقرب (1/ 184)، والهمع (1/ 180)، الخزانة (2/ 154)، والدرر (3/ 42)، ورصف المباني (220)، والتصريح (2/ 181)، وقطر الندى (219).
مضافًا إلى بكر باللام، وحرف الإضافة لا يكون زائدًا حتَّى يسلب عنه معنى الإضافة
(1)
.
قوله: "وللشبان" اللام فيه مكسورة على كل حال، والقياس أن تفتح حملًا على العطوف عليه، لكنه لما كان معلومًا جاز فيه الكسر -أيضًا- فإنه قد بعد من يا الموجبة لفتح لام المستغاث به، والعامل فيه محند قوم من النحاة حرف النداء -أيضًا- عدوه إلى مفعولين بحرفي الجر، وهو يتعلق بفعل محذوف عند المبرد، وتقديره: أدعوكم للشبان.
والظاهر من مذهب سيبويه: أن العامل في اللام المكسورة الحال المحذوفة، والتقدير: يا للكهول مدعوين للشبان
(2)
، قوله:"للعجب" اللام فيه مكسورة؛ لأنها لام المستغاث من أجله.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وللشبان" حيث كسرت فيه اللام، وإن كان القياس فتحها لكونها معطوفة على اللام الأولى، ولكن لما زال اللبس ولم يتكرر حرف النداء كسرت على ما حققناه الآن
(3)
.
الشاهد السادس والخمسون بعد التسعمائة
(4)
،
(5)
تكَنَّفَنِي الوُشَاةُ فَأَزْعَجُونِي
…
فَيَا لَلَّهِ لِلواشِي المُطَاعِ
أقول: قائله هو حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه كذا قاله شارح الجزولية
(6)
، وقال ابن هشام
(1)
الَّذي في الكتاب: "في باب ما ترده علامة الاضمار إلى أصله فمن ذلك قولك: لعبد الله مال ثم تقول: لك مال وله مال كفتح اللام، وذلك أن اللام لو فتحوها في الإضافة لالتبست بلام الابتداء إذا قال: إن هذا لعلي ولهذا أفضل منك، فأرادوا أن يميزوانهما، فلما أضمروا لم خافوا أن تلتبس بها لأن هذا الإضمار لا يكون للرفع ويكون للجر؛ ألا تراهم قالوا: يا لبكر حين نادوا؛ لأنهم قد علموا أن تلك اللام لا تدخل هاهنا". الكتاب (2/ 376، 377)، وينظر اللامات للزجاجي (87 - 89)، وشرح التسهيل للمرادي (42)، تحقيق: عبد الهادي سليمان.
(2)
قال سيبويه: "هذا باب ما تكون اللام فيه مكسورة له هاهنا وهو غير مدعوٍّ، وذلك قول بعض العرب: يا لِلعجب ويا لِلماء
…
كسروها لأن الاسم الَّذي عدها غير منادى فصار بمنزلته إذا قلت: هذا لِزيد، فاللام المفتوحة أضافت النداء إلى المنادى المخاطب، واللام المكسورة أضافت المدعوَّ إلى ما بعده لأنه صبب المدعو، وذلك أن المدعو إنما دعي من أجل ما بعده؛ لأنه مدعوّ له". ينظر الكتاب (2/ 218، 219).
(3)
وينظر اللامات للزجاجي (87 - 89)، وشرح التسهيل للمرادي (42)، تحقيق: عبد الهادي سليمان.
(4)
ابن الناظم (228).
(5)
البيت من بحر الوافر، من قصيدة في الغزل، لقيس بن ذريح صاحب لبنى، ونسبته لحسان غير صحيحة، فليس في ديوانه، وانظر ديوان قيس (61)، ط. دار الكتاب العربي، وانظره أيضًا في الكتاب (2/ 216، 219)، وشرح أبيات سيبويه (1/ 531)، والجنى الداني (103)، ورصف المباني (219)، وابن يعيش (1/ 131)، واللسان:"لوم"، والمقرب (1/ 183)، والأغاني (9/ 185)، والشعر والشعراء (2/ 633).
(6)
البيت ليس في شرح المقدمة الجزولية الكبير للشلوبين.
اللخمي في كتاب شرح أبيات الجمل: هذا البيت لقيس بن ذريح، وكذا قال النحاس في شرح أبيات الكتاب.
وهو من قصيدة طويلة من الوافر، قالها لما فراقته زوجته لبنى وخرج متوجهًا نحو الطريق الَّذي سلكته يتشمم روائحها، فسنحت له ظبية فقصدها فهربت، فقال:
1 -
أَلَا يَا شِبْهَ لبنى لَا تُرَاعِي
…
وَلَا تَتَيَمَّمِي قَلَلَ القِلَاعِ
2 -
فَوَاكَبدِي وَعَاوَدَنِي رَدَاعِي
…
وكان فِرَاقُ لُبْنَى كَالخِدَاع
3 -
تكنفني الوشاة ............
…
......................... إلخ
4 -
فَأَصْبَحْتُ الغَدَاةَ أَلُومُ نَفْسِي
…
عَلَى شَيْءٍ ولَيْسَ بِمُسْتَطَاع
5 -
بدَارٍ مَضِيعَةٍ تَرَكَتْكَ لُبْنَى
…
كَذَاكَ الحِينُ يُهْدَى للْمُضَاعِ
6 -
كَمَغْبُونٍ يَعُضُّ عَلَى يَدَيْهِ
…
تَبَيَّنَ غَبْنُهُ بَعْدَ البَياعِ
7 -
وَقَدْ عِشنَا نَلَذُّ العَيشَ حِينًا
…
لَوْ أَنَّ الدَّهْرَ للإنْسَانِ رَاعِي
8 -
ولَكِنَّ الجَمِيعَ إلَى افْترَاقٍ
…
وَأَسْبَابُ الحُتُوفِ لَهَا دَوَاعِي
وهو من الوافر.
3 -
قوله: "تكنفني" يعني: أحاطوا لي، والكنف الجانب، و"الوشاة" بضم الواو؛ جمع واشٍ وهو النمام، وأصله من الوشي وهو التزيين، والنمام لما كان يزن الباطل سمي به.
قوله: "أزعجوني" أي: روعوني وأوعدوني من الوعيد وهو التهديد والتخويف، وإنما يعني أبويه؛ لأنهما أمراه بطلاق زوجته.
قوله: "فيا لله" وفي أكثر الروايات: فيا للناس يدعوهم ويستغيث بهم لشر هذا الواشي المطاع الَّذي قد أطاعه فيما أمره به من طلاقها، وجعله مطاعًا لكونه أباه وأمه، ولو كان غيرهما لم يطعه، والألف واللام في الواشي للجنس، والدليل على ذلك قوله:"تكنفني الوشاة".
الإعراب:
قوله: "تكنفني": جملة من الفعل والمفعول، و"الوشاة": فاعله، قوله:"فأزعجوني" جملة من الفعل والفاعل والمفعول معطوفة على ما قبلها.
قوله: "فيا" الفاء رابطة، و"يا" حرف نداء، و"لله": المنادى، واللام فيه مفتوحة لأن، مستغاث به، و"للواشي": جار ومجرور، واللام لام المستغاث من أجله، و"المطاع" صفته
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لله للواشي" حيث فتحت لام المستغاث به وهو: لله، وكسرت لام المستغاث من أجله وهو للواشي
(1)
.
الشاهد السابع والخمسون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
يَا لَعْنَةُ الله والأقوامِ كُلِّهمُ
…
والصالحينَ على سِمْعَانَ من جارِ
أقول: أنشده سيبويه ولم يعزه إلى قائله
(4)
، وهو من البسيط.
قوله: "سمعان" بكسر السين المهملة؛ اسم رجل، قيل: الفتح فيه أكثر، وكلاهما قياس، فمن كسر كان كعمران وحطان، ومن فتح كان كقحطان ومروان، والمعنى: يا قوم لعنة الله ولعنة الأقوام كلهم ولعنة الصالحين على سمعان من جهة كونه جارًا.
الإعراب:
قوله: "يا": حرف نداء، والمنادى محذوف تقديره: يا قوم لعنة الله، و "لعنة اللَّه": كلام إضافي مبتدأ، و"الأقوام" بالجر عطف على المضاف إليه، تقديره: ولعنة الأقوام، قوله:"كلهم" بالجر تأكيد.
(1)
تفتح لام المستغاث وجوبًا مع المستغاث وتكسر مع المستغاث له، وإنما فتحت مع المستغاث لثلاثة أمور:
الأول: وقوع المستغاث موقع الضمير الَّذي تفتح لام الجر معه؛ إذ هو منادى، والمنادى وقع موقع ضمير الخطاب، وضمير الخطاب تفتح لام الجر معه نحو: لك.
الثاني: للفرق بينه وبين المستغاث له وذلك لأنه قد يلي "يا" ما هو مستغاث له والمستغاث محذوف نحو: يا للمظلوم، ويا للضعيف، أي: يا للقوم للمظلوم، ويا للقوم للضعيف، فلو كانت لام المستغاث مكسورة لالتبس المستغاث له بالمستغاث.
الثالث: لأن الفعل لا يظهر معها؛ إذ حرف النداء بدل من اللفظ به ويظهر مع لام المستغاث له. ينظر أسرار النداء (154، 155).
وفي هذا يقول الزجاجي: "واعلم أن أصل هذك اللامين الكسر؛ لأنهما اللام الخافضة في قولك: لزيد ولعمرو، وإنما فتحت لام المستغاث به فرقًا بينها وبين لام المستغاث من أجله، وكانت لام المستغاث من أجله أولى بالكسر ولأن تبقى على بابها؛ لأن المستغاث من أجله يجر إليه المستغاث ويطلب من أجله، ولم يجعل الفصل بينهما بالضم لتآخي الكسر والفتح وبُعد الضم منهما؛ لأن الضم أثقل الحركات، والفتح والكسر متآخيان .... " اللامات (88، 89).
(2)
ابن الناظم (228).
(3)
البيت من بحر البسيط، مجهول القائل، وهو بلا نسبة في الكتاب (2/ 219)، وأمالي ابن الحاجب (448)، والإنصاف (118)، والجنى الداني (359)، والمغني (373)، والهمع (1/ 174)، والدرر (3/ 25)، والخزانة (11/ 197).
(4)
الكتاب (2/ 219).
قوله: "والصالحين" يجوز فيه الوجهان: الرفع على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، تقديره: ولعنة الصالحين؛ كما ذكرنا، أو يكون معطوفًا على موضع الأقوام؛ إذ الأقوام فاعل اللعنة في المعنى، والجر عطفًا على لفظ الأقوام.
قوله: "على سمعان": جار ومجرور في موضع الرفع؛ لأنه خبر عن قوله: "لعنه الله"، قوله:"من جار": في محل النصب على التمييز عن الجملة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا لعنة اللَّه" حيث حذف منه النادى، والتقدير: يا قوم لعنة اللَّه كما ذكرنا
(1)
.
وفيه وجه آخر وهو أن يكون يا لمجرد التنبيه؛ كأنه نبه به الحاضرين على سبيل الاستعطاف لاستماع دعائه، ولو كانت اللعنة مناداة لنصبها؛ لأنها مضافة، قال سيبويه
(2)
: فيا لغير اللعنة، يشير إلى أن النادى محذوف.
الشاهد الثامن والخمسون بعد التسعمائة
(3)
،
(4)
يا يزيدَا لِآملٍ نيلَ عِزٍّ
…
وَغِنًى بَعْدَ فَاقَةٍ وَهَوَانٍ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الخفيف.
قوله: "لآمل": فاعل من الأمل وهو الرجاء، و"الفاقة": الفقر، و"الهوان": الذل والصغار.
الإعراب:
قوله: "يا زيدًا" يا حرف نداء، ويزيدا: منادى مستغاث به حذف منه لام الاستغاثة لأجل الألف في آخره، قوله:"لآمل" بكسر اللام لأنها لام المستغاث من أجله، قوله:"نيل عز": كلام إضافي مفعول لآمل، قوله: و"غنى": عطف على عز، و"بعد": نصب على الظرف، و"فاقة": مجرور بالإضافة، و"هوان": عطف عليه.
(1)
ينظر: الأمالي الشجرية: (2/ 69، 414).
(2)
ينظر الكتاب (2/ 220)، والجنى الداني (356).
(3)
ابن الناظم (228)، وأوضح المسالك (4/ 46).
(4)
البيت من بحر الخفيف، مجهول القائل، وهو بلا نسبة في الجنى الداني (177)، والدرر (4/ 126)، والتصريح (2/ 181)، والمغني (373)، وشرح شواهد المغني (791)، والمعجم المفصل (1026).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا يزيدا" حيث يعاقب لام الاستغاثة ألف في آخره فحذفت
(1)
، واعلم أن المستغاث يجوز استعماله على ثلاثة أوجه:
الأول: أن يكون مجرورًا باللام المفتوحة.
والثاني: أن يكون آخره ألفًا كقولك: يا زيدًا لعمرو، وتريد: يا لزيد لعمرو، ومنه البيت المذكور.
الثالث: أن يكون خاليًا منهما؛ كما في البيت الَّذي يأتي الآن - إن شاء الله تعالى -
(2)
.
الشاهد التاسع والخمسون بعد التسعمائة
(3)
،
(4)
ألا يا قومِ لِلعجَبِ العَجِيبِ
…
وَلِلْغَفَلاتِ تَعْرِضُ لِلأَرِيبِ
أقول: هذا من الوافر.
و"الأريب" بفتح الهمزة وكسر الراء، وهو العالم بالأمور، وكذلك "الأَرِب" بدون الياء.
الإعراب:
قوله: "ألا يا قوم" ألا حرف تنبيه، ويا حرف نداء، وقوم: منادى مضاف حذف منه ياء المتكلم اكتفاء بدلالة الكسرة عليها، قوله:"للعجب" اللام فيه مكسورة؛ لأنه لام المستغاث من أجله، و"العجيب" بالجر صفته، قوله:"وللغفلات" عطف عليه.
قوله: "تعرض": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الَّذي يرجع إلى الغفلات، وقوله:"للأريب": جملة في محل النصب على المفعولية.
الاستشهاد فيه:
أنَّه ترك لام المستغاث والألف جميعًا، وكان القياس أن يقول: ألا يا لَقومي للعجب العجيب، أو يقول: ألا يا قومًا للعجب العجيب. فافهم
(5)
.
(1)
ينظر شرح الأشموني (3/ 166).
(2)
ينظر شرح الأشموني (3/ 165، 166)، والهمع (1/ 180)، وتوضيح المقاصد (14).
(3)
ابن الناظم (228)، وأوضح المسالك (4/ 47).
(4)
البيت من بحر الوافر، مجهول القائل، ولم يشر إلى ذلك العيني، وهو في التصريح (2/ 181)، وشرح الأشموني (3/ 166).
(5)
ينظر شرح الأشموني (3/ 165، 166)، والهمع (1/ 180)، والتصريح (2/ 181).
الشاهد الستون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
وقد رابني قولُها يا هَنَاهُ
…
.................................
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وتمامه
(3)
:
..........................
…
ويحكَ ألحقتَ شرًّا بشر
وهو من قصيدة رائية، وأولها هو قوله
(4)
:
أحارَ بنَ عمرو كأني خَمِرْ
…
ويعْدُو على المرء ما يأتمرْ
إلى أن قال:
فَلَمْ يَرَنَا كَالِئ كَاشِحٌ
…
وَلَمْ يَفْش مِنَّا لَدَى الْبَيْت سِرْ
وقَدْ رَابَنِي قَوْلُهَا يَا هَنَاهُ
…
وَيْحَكَ أَلحْقتَ شرًّا بِشَرْ
وهي من المتقارب، وقد ذكرناها مستوفاة في شواهد الكلام
(5)
.
قوله: "رابني": من راب إذا وقع في الريبة بلا شك، وأراب يريب إذا لم يصرح بالريبة، وبعضهم يقول: هما بمعنى واحد، وأما في هذا البيت فهي ريبة: واضحة، والضمير في "قولها" يرجع إلى ابنة العامري المذكورة فيما تقدم من القصيدة.
قوله: "يا هناه" هناه: اسم من أسماء النداء لا يستعمل فيما سواه، وهو كناية عن رجل بمنزلة: يا رجل يا إنسان، وأكثر ما يستعمل عند الجفاء والغلظة، قوله:"ألحقتَ شرًّا بشرْ" معناه: كنت متهمًا فلما صرت إلينا ألحقت تهمة بتهمة؛ لأن التهمة شر، وتحقيقها شر منها.
الإعراب:
قوله: "وقد رابني" الواو للعطف، "وقد" للتحقيق، و "رابني": جملة من الفعل والمفعول، و "قولها": فاعل، قوله:"يا هناه": منادى مقصور، قوله:"ويحك": مصدر،
(1)
لم أعثر عليه في توضيح المقاصد، تحقيق: د. عبد الرحمن علي سليمان.
(2)
صدر بيت من بحر المتقارب، ذكر الشارح عجزه، وهو من قصيدة لامرئ القيس يحكي فيها إغارته على أعدائه وهزيمته لهم، وأسره لثعلبة بن مالك عدوه، وانظره في ابن يعيش (1/ 48)، (10/ 42)، والأمالي الشجرية (2/ 338)، والخزانة (1/ 375)، (7/ 275)، والمنصف (3/ 139)، وشرح التسهيل للمرادي (39)، تحقيق: د. عبد الهادي سليمان، والمقتصد (762).
(3)
في ديوان امرئ القيس (154)، ط. دار المعارف، و (68) ط. دار الكتب العلمية.
(4)
الديوان (68).
(5)
ينظر الشاهد رقم (7).
والكاف في محل خفض بالإضافة، و "ألحقت شرًّا": جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل النصب لأنها مقول القول، والباء في "بشر" تتعلق بألحقت.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا هناه" حيث بناه على فعال؛ لأن أصله الهاء، وأدخلت عليه الألف لمد الصوت في النداء، أو أصله الواو فقلبت ألفًا، ثم أدخلت الهاء للوقف، ثم كثر في كلامهم حتَّى صارت الهاء كأنها أصلية فحركت بالكسرة
(1)
، وقال ابن مالك: يجوز فيه الكسر والضم
(2)
، وقال أبو حيان: يحمل الكسر على أنَّه حرك به لالتقاء الساكنين، ويحمل الضم على أنَّه شبه هذه الهاء لما حركها بهاء الضمير، والذي حفظناه من الشيوخ ورويناه في هذا البيت الضم
(3)
.
الشاهد الحادي والستون بعد التسعمائة
(4)
،
(5)
فيَا شَوْقِ مَا أبْقَى ويَا لِي مِنَ النَّوَى
…
ويا دَمْعِ ما أجْرَى ويا قلبِ ما أصْبَى
أقول: قيل إنه من كلام المحدثين وهو الظاهر، قلت: إنه من قصيدة طويلة بائية قالها أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي، وأولها قوله:
1 -
فَدَيْنَاكَ مِنْ رَبْعٍ وَانْ زِدْتنَا كَربًا
…
فَإنَّكَ كُنْتَ الشَّرْقَ للشَمْسِ والغَرْبَا
وهي من الطويل.
و"النوى" بفتح النون والواو مقصورًا، وهو البعد، قال ابن فارس: النوى: التحوُّلُ من مكانٍ
(1)
قال ابن الشجري (2/ 338): "معنى: يا هناه: يا رجل، واختلف البصريون في أصل تركيب هذه الكلمة ووزنها، فذهب بعضهم إلى أن أصلها: هناوٌ فعال من هنوك، فأبدلوا من الواو الهاء، وقال آخرون: بل بدلت من الواو الهمزة لوقوع الواو طرفًا بعد ألف زائدة ثم أبدلت من الهمزة الهاء؛ كما قالوا في: إياك: هِيَّاك، وهذا عندي هو الصواب. وقال قوم منهم: إن الهاء أصلية وليست ببدل وجعلوها من الكلم التي جاءت لامها في لغة هاء وفي أخرى واوًا كسنة وعضة، وقال من رغب عن هذا المذهب: إن هذا القول ضعيف لأن باب سلس وقلق قليل فلا يقاس عليه".
(2)
قال ابن مالك في الشرح: "قولهم يا هناه بالكسر والضم، والأصل السكون لأنها هاء السكت، لكنها أجري الوصل بها وبأشباهها مجرى الوقف في الثبوت فحركت لسكونها في الأصل وسكون ما قبلها، فمن حركها بالضم شبهها بهاء الضمير، ومن حركها بالكسر فعلى أصل التقاء الساكنين، وفي كسرها حجة بينة على أنها هاء سكت لا بدل من لام الكلمة". شرح التسهيل لابن مالك (3/ 408).
(3)
الارتشاف (3/ 138)، والتذييل والتكميل: باب النداء.
(4)
توضيح المقاصد (4/ 14).
(5)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة للمتنبي يمدح بها سيف الدولة بدأها بالغزل ويخاطبه الأطلال، انظر ديوان المتنبي (1/ 56) بشرح العكبري، وانظر أيضًا ديوانه (2/ 87)، شرح ناصيف اليازجي، تقديم: ياسين الأيوني ط. دار الهلال أولى (1996 م)، والمغني (208)، وشرح الأشموني (3/ 163)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (41).
إلى مكان
(1)
، قوله:"أصبى": من صبا يصبو إذا مال، ومنه الصبي؛ لأنه يميل إلى كل شيء.
الإعراب:
قوله: "فيا شوق" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، "ويا": حرف نداء، والمنادى محذوف، أي: يا قوم شوقي ما أبقاه، أو تكون يا لمجرد التنبيه فلا تحتاج إلى تقدير المنادى، "وشوق": مبتدأ، وأصله: شوقي بياء التكلم فحذفت اكتفاء بالكسرة.
قوله: "ما أبقى" كلمة ما للتعجب في محل الرفع بالابتداء، وأبقى خبره، والجملة في محل الرفع على الخبرية، والعائد فيها محذوف تقديره: ما أبقاه، وكذلك الكلام في قوله:"ويا دمع ما أجرى" وفي قوله: "ويا قلب ما أصبى".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ويا لي من النوى" فإن اللام فيه لام الاستغاثة وهي مكسورة، وأجاز ابن جني أن يكون قوله:"يا لي" مستغاثًا به كأنه استغاث بنفسه من النوى، قال: ويمكن أن يكون استغاث لنفسه وحذف المستغاث به
(2)
.
وقال ابن عصفور
(3)
: والصحيح عندي أن: "يا لي" حيث وقع الضمير فيه مستغاثًا له، والمستغاث به محذوف؛ لأن العامل في المستغاث به إنما هو الفعل المضمر الَّذي قام حرف النداء مقامه.
وقد نصَّ على ذلك سيبويه في باب الجر فقال هناك: فإذا قلت: يا لبكر فإنما أردت أن تجعل ما يعمل في المنادى مضافًا إلى بكر باللام
(4)
.
فإذا جعلت الضمير من قولك: "يا لي" واقعًا على المستغاث به لزم أن يكون التقدير: يا أدعو لي، وذلك غير سائغ؛ لأنه يؤدي إلى تعدي فعل المضمر المتصل إلى ضميره المتصل: وذلك لا يجوز إلا في باب ظننت.
قال أبو حيان: هذا على ما اختاره من مذهب سيبويه، فأما على مذهب ابن جني فلا يلزم
(1)
مجمل اللغة: "نوى" وروايته فيه: "من دار إلى دار".
(2)
لم أعثر عليه في مؤلفات ابن جني التي بين يدي وهو موجود في شرح ديوان المتنبي لابن جني (مخطوط) بمعهد المخطوطات (القاهرة) رقم (526) أدب بدون ترقيم.
(3)
شرح المقرب لابن عصفور (الجزء الثاني - المنصوبات (1148) وهو بنصه، وشرح جمل الزجاجي "الكبير" لابن عصفور (2/ 110).
(4)
آخر نص سيبويه، وانظر الكتاب (1/ 421).
ذلك لأن اللام تتعلق بما في "يا" من معنى الفعل، ولا تجري "يا" مجرى صريح الفعل؛ لأنها لا تتحمل ضميرًا كما لم تتحمله ها التي للتنبيه، إذا عملت في الحال
(1)
. وأما على اختيار ابن خروف أن اللام زائدة فيصح رد ابن عصفور ومنعه.
الشاهد الثاني والستون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
يَا لَعِطَّافِنَا ويَا لَرِيَاحِ
…
...................................
أقول: أنشده سيبويه ولم يعزه إلى أحد، وتمامه
(4)
؛
.............................
…
وأبي الحَشْرَجِ الفتى النَفَّاحِ
وقبله:
1 -
يا لَقَوْمِي مَن لِلْعُلَا وَالمَسَاعِي
…
يَا لَقَوْمِي مَنْ لِلنَّدَى والسَّمَاحِ
[وهو من الخفيف.
"والمساعي"]
(5)
: جمع مسعاة في الكرم والجود، و"الندى" مقصور، وهو السخاء والسماح والجود والكرم، و "عطاف ورياح وأبو الحشرج": أسماء رجال؛ فالشاعر يرثي هؤلاء، ورياح بالياء آخر الحروف، والنفاح بالنون والفاء المشددة معناه: الكثير العطاء، يقال: نفحه بشيء إذا أعطاه، وقال ابن فارس: نفح بالمال نفخًا، ولا يزال لفلان نفحات من المعروف
(6)
.
الإعراب:
قوله: "يا لعطافنا" يا حرف نداء، واللام في:"يا لعطافنا" مفتوحة لأنه مستغاث به، وقوله:"يا لرياح": عطف عليه، واللام فيه -أيضًا- مفتوحة، وإنما تكسر اللام في المعطوف إذا لم يكرر حرف النداء، وهاهنا قد كرر فلذلك فتحت، قوله:"وأبي الحشرج": عطف على ما قبله، والتقدير: ويا لأبي الحشرج، ولا تلزم اللام في المعطوف، ويجوز أن يؤتى بها، ويجوز أن تترك، قوله:
"الفتي": بدل من أبي الحشرج، و "النفاح": صفته.
(1)
يراجع شرح الأشموني (3/ 163)، والارتشاف (3/ 141، 142).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 19).
(3)
البيت من بحر الخفيف، لقائل مجهول، وهو بلا نسبة في الكتاب (2/ 217)، والدرر (1/ 156)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 410).
(4)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 410).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب): واستكملته من نسخة الخزانة.
(6)
في مجمل اللغة: "نفح" ونفحه بالمال نفحًا، ولا تزال لفلان نفحات عن المعروف.
الاستشهاد فيه في موضعين:
الأول: في قوله: "ويا لرياح" حيث فتحت فيه اللام لتكرار: "يا" كما ذكرنا.
والثاني: ترك اللام في المعطوف؛ كما في قوله: "وأبي الحشرج" إذ أصله: ويا لأبي الحشرج.
فافهم
(1)
.
الشاهد الثالث والستون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
فَيَا لَكَ مِنْ لَيْلٍ كَأَنَّ نُجُومَهُ
…
....................................
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وتمامه:
............................
…
بكلّ مَغَارِ الفَتْلِ شُدَّتْ بِيَذْبُلِ
وهو من قصيدته المشهورة التي أولها
(4)
:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
…
................................
وقد ذكرنا غالبها، قوله:"مغار الفتل" أي: محكم الفتل، يقال: أغرت الحبل إغارة، قال الجوهري: يقال: حبل شديد الغارة، أي: شديد الفتل
(5)
، قوله:"بيذبل" بفتح الياء آخر الحروف وسكون الذال المعجمة وضم الباء الموحدة وفي آخره لام، وهو اسم جبل.
الإعراب:
قوله: "فيا لك" الفاء للعطف رابطة، ويا حرف نداء، واللام في "لك" للاستغاثة والتعجب، استغاث به منه لطوله؛ كأنه قال: يا ليل ما أطولك! قوله: "من ليل": مستغاث من أجله، وجر بمن لأن "من" تأتي للتعليل كما تأتي اللام، قوله:"كأن" للتشبيه، و"نجومه": اسمه، وخبره قوله:"شدت بيذبل".
(1)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 410)، وشرح الأشموني (3/ 165).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 20).
(3)
صدر بيت من بحر الطويل، ذكر الشارح عجزه، وهو في معلقة امرئ القيس، وانظر الشاهد في شرح عمدة الحافظ (303)، والخزانة (2/ 412)، ورصف المباني (220)، والمغني (215)، والدرر (4/ 166)، وشرح شواهد المغني (574).
(4)
الديوان (117) ط. دار الكتب العلمية، و (8)، ط. دار المعارف.
(5)
انظر الصحاح للجوهري مادة: "غور".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فيا لك" حيث جاءت اللام فيه للاستغاثة، وفتحت اللام فيه مع أنَّه مستغاث من أجله؛ لأن اللام إنما تكسر في المستغاث من أجله إذا كانت في الأسماء الظاهرة، فأما الضمير فتفتح معه اللام إلا مع الياء نحو: يا لزيد لك، وإذا قلت: يا لك، احتمل الأمرين.
وهاهنا استشهاد آخر وهو قوله: "من ليل" فإنه مستغاث من أجله، وقد جر بحرف من كما ذكرنا
(1)
.
الشاهد الرابع والستون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
يا لَلرِّجَالِ ذوي الألبابِ مِنْ نَفَرٍ
…
لَا يَبرَحُ السَّفَهُ المُرْدي لهمْ دينًا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.
قوله: "ذوي الألباب": جمع لب بضم اللام وهو العقل، و"النفر": الرجال من ثلاثة إلى عشرة، وكذلك: النفير والنفرة؛ حكاهما الفراء
(4)
، و"السفه": خفة العقل، و"المردي": فاعل من أردى من الرداءة
(5)
وهي الدناءة.
الإعراب:
قوله: "يا للرجال" يا حرف نداء، واللام في للرجال لام الاستغاثة وهي مفتوحة، والرجال مجرورة بها، قوله:"ذوي الألباب": كلام إضافي صفة للرجال، قوله:"من نفر": مستغاث من أجله، قوله:"لا يبرح" بمعنى: لا يزال، وقوله:"السفه": اسمه، و"المردي": صفته و"دينًا": خبره، والجملة في محل الجر لأنها صفة لنفر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "من نفر" حيث جر المستغاث من أجله بكلمة من، وذلك لما قلنا إن من للتعليل كاللام
(6)
.
(1)
ينظر اللامات للزجاجي (87) وما بعدها، وشرح عمدة الحافظ (303)، وشرح شواهد المغني (575).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 21).
(3)
البيت من بحر البسيط، لقائل مجهول، وهو في الهمع (1/ 180)، وشرح الأشموني (3/ 165)، والمعجم المفصل (982)، والدرر (3/ 44).
(4)
في اللسان: وقال الفراء: نفرة الرجل ونفرُهُ رهطه" مادة: نفر.
(5)
في هامش الخزانة: "قول العيني: من الرداءة، الصواب: من الإرداء".
(6)
قال الأشموني: "الرابع: قد يجر المستغاث من أجله بمن كقوله: "البيت"، وقال الصبان: "أي: إذا كان مستنصرًا =
الشاهد الخامس والستون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
يا لِأُنَاسٍ أَبَوْا إلَّا مُثَابَرَةً
…
عَلَى التَّوَغلِ في بَغْي وَعُدْوَانٍ
أقول: هذا -أيضًا- من البسيط.
قوله: "أبوا": من الإباء وهو الامتناع، و"المثابرة": المواظبة والمداومة، و"التوغل": بتشديد الغين المعجمة، وهو التعمق في الدخول، و"البغي": الظلم، وكذلك العدوان.
الإعراب:
قوله: "يا لأناس" يا حرف نداء، واللام في لأناس مكسورة وهو مستغاث له، والمستغاث به محذوف تقديره: يا لقومي لأناس، قوله:"أبوا": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه العائد على أناس، قوله:"مثابرة" منصوب بإلا
(3)
، و"على التوغل": يتعلق بمثابرة، قوله:"في بغي": جار ومجرور يتعلق بالتوغل، و"عدوان": عطف على بغي.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لأناس" فإنه مستغاث له اتصل بيا مجرورًا باللام المكسورة، وحذف [منه]
(4)
المستغاث به؛ كما ذكرنا
(5)
.
* * *
= عليه فإن كان مستنصرًا له تعين جره باللام، وإذا جر الأول بمن وجب تعلقها بفعل من مادة التخليص أو الإنصاف أو نحوهما، أفاده الدماميني وسكت عليه شيخنا والبعض، وفيه أنَّه لا مانع من تعلقه كفعل الدعاء وجعل من سببية"، شرح الأشموني وحاشية الصبان (3/ 165، 166).
(1)
توضيح المقاصد (4/ 22).
(2)
البيت من بحر البسيط، ولم ينسب فيما ورد من مراجع، وانظره في تعليق الفرائد (2/ 546)، والارتشاف (3/ 140)، والهمع (1/ 81)، وشرح الأشموني (3/ 166)، والدرر (3/ 45)، والمعجم المفصل (1024).
(3)
الصحيح أنَّه منصوب بالفعل أبوا، والاستثناء مفرغ.
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
وذلك لأنه قد حذف المستغاث به فيقع "يا" على المستغاث من أجله وذلك لكون المستغاث من أجله غير صالح لأن يكون مستغاثًا. ينظر شرح التسهيل للمرادي (3/ 44)، وشرح الأشموني (3/ 166، 167)، وتعليق الفرائد (2/ 546)، والارتشاف (3/ 140).
شواهد الندبة
الشاهد السادس والستون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
وافَقْعَسًا وَأَيْنَ مِنِّي فَقْعَسُ
…
........................................
أقول: لم أقف على اسم راجزه، وبعده:
أإبلي يَأْخُذُهَا كَرَوَّسُ
و"فقعس": اسم حي من أسد، و"كروس" بفتح الكاف الراء وتشديد الواو وفي آخره سين مهملة، اسم رجل، وفي الأصل: الكروس: الرجل الغليظ، وكان كروس أغار على إبل الشاعر؛ فلذلك ندب بقوله:
وا فقعسًا .................
…
.................... إلى آخره
الإعراب:
قوله: "وافقعسًا" كلمة "وا" للندبة، قوله:"وأين": استفهام عن المكان، قال ابن هشام:[استفهام]
(3)
استبعاد لأن من كان في التراب فهو في غاية البعد.
قلت: وإنما قال ذلك؛ لأنه فسر الفقعس باسم رجل وأنه قد مات فندبه الشاعر، ولكن الشطر الثاني من البيت يدل على أن المراد من الفقعس هاهنا هو الحي من أسد، وكان كروس
(1)
ابن الناظم (229)، وتوضيح المقاصد (4/ 27).
(2)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وهما لرجل من بني أسد، وانظرهما في رصف المباني (17)، والتصريح (2/ 182)، والمقرب (1/ 184)، والهمع (1/ 172، 179)، والدرر (3/ 17)، وشرح الأشموني (3/ 168)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (1179).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
أغار على إبله فندب باسم من فقده لغيبته؛ إذ لو كان فقعس هناك لم يجترئ كروس على الإغارة، ومحل "أين" رفع على الخبرية؛ لأن قوله:"فقعس": مبتدأ، وقوله:"مني" يتعلق بمحذوف تقديره: أين صار مني فقعس؟
قوله: "أإبلي" الهمزة فيه للاستفهام، وإبلي: كلام إضافي مبتدأ، والجملة أعني قوله:"يأخذها كروس": خبره.
الاستشهاد فيه:
على تنوين: "فقعسًا" فإنه لما اضطر الشاعر إلى تنوينه نونه بالنصب، ويجوز ضمه -أيضًا-، وقال ابن مالك: كذا روي بالنصب، ولو قيل بالضم جاز
(1)
.
الشاهد السابع والستون بعد التسعمائة
(2)
حُمِّلْتَ أَمْرًا عَظِيمًا فاصْطَبَرْتَ لَهُ
…
وقُمْتَ فِيهِ بِأَمْرِ الله يَا عُمَرَا
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد النداء
(3)
.
والاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "يا عمرا" حيث ألحق في آخره ألف الندبة؛ لأنه الَّذي انتهى به الاسم
(4)
.
الشاهد الثامن والستون بعد التسعمائة
(5)
،
(6)
ألا يَا عمرو عمرَاه
…
وعمرو بن الزبيراه
أقول: لم أقف على اسم [قائله، وهو من الهزج]
(7)
.
(1)
لا تثبت هاء الندبة في الوصل بل تحذف فإن وقف عليها ثبتت، وأما الألف فقد يعوض منها بتنوين في الشعر، وإن نون جاز فيه الرفع والنصب كما في هذا الشاهد. ينظر المقرب (1/ 184)، وشرح التصريح بمضمون التوضيح (2/ 182)، وشرح الأشموني (3/ 167، 168)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 414).
(2)
ابن الناظم (229).
(3)
ينظر الشاهد رقم (934).
(4)
لتنزيله منزلة المفقود كقول عمر -وقد أخبر بجدب أصاب بعض العرب-: "واعمراه واعمراه". شرح الأشموني (3/ 167).
(5)
ابن الناظم (230).
(6)
البيت من بحر الهزج، وهو لقائل مجهول، وقد نسبه العيني للرجز، والصحيح أنَّه من الهزج، وانظره في الدرر (3/ 42)، ورصف المباني (27)، والمقرب (1/ 184)، والمعجم المفصل (1069).
(7)
ما بين المعقوفين زيادة للإيضاح.
أراد بعمرو عمرو بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي.
الإعراب:
قوله: "ألا" للتنبيه، و"يا": حرف نداء، و"عمرو": منادى مفرد معرفة، و"عمراه": تأكيد للمنادى ومندوب، وقوله:"وعمرو بن الزبيراه": عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
في تحريك الهاء في "عمراه، وفي "الزبيراه" بالضم؛ وذلك لأن المندوب إذا وقف عليه لحقه بعد القلب هاء السكت نحو: وازيداه، ولا تثبت الهاء في الوصل إلا في الضرورة، والبيت من الضرورة
(1)
.
وقال ابن مالك: لحق الهاء في "عمراه" وهو توكيد مندوب، ولحقت في "الزبيراه" وهو مضاف إليه نعت معطوف على مندوب، فلحاقها نعت المندوب أولى بالجواز، وكذلك لحاقها المضاف إليه نعت المندوب
(2)
.
الشاهد التاسع والستون بعد التسعمائة
(3)
،
(4)
..........................
…
وتَقُولُ سَلْمَى وَارَزِيَّتِيَهْ
أقول: قائله هو عبد اللَّه بن قيس الرقيات، وصدره
(5)
:
(1)
إذا وقف على المندوب جاز زيادة هاء السكت بعد المد، سواء أكان ألفًا نحو: وامحمداه، أم ياء نحو: واغلامكيه أم واوًا نحو: واغلامهوه، ولا تثبت هاء السكت في الوصل اختيارًا خلافًا للفراء حيث أجاز إثباتها في الوصل اختيارًا مضمومة أو مكسورة، وربما ثبتت في الضرورة وصلًا مضمومة تشبيهًا لها بها الضمير ومكسورة لالتقاء الساكنين، ومن ثبوتها في الوصل شاهدنا هذا. ينظر شرح الأشموني (3/ 170، 171)، وأسرار النداء (166).
(2)
أقول: قال ابن مالك: "لا يجيز الخليل وسيبويه أن تلحق ألف الندبة آخر نعت المندوب، وأجاز ذلك يونس نحو أن يقول: وازيد البطلاه، ويؤيد قول يونس قول بعض العرب: واجمجمتي الشاميتيناه، وقول الشاعر (البيت) فلحقت في الشاميتيناه وهو نعت مندوب، ولحقت في عمراه وهو توكيد مندوب، ولحقت في الزبيراه وهو مضاف إليه نعت معطوف على مندوبًا. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 416)، والكتاب (2/ 225، 226).
(3)
توضيح المقاصد (4/ 25).
(4)
البيت من بحر الكامل، وهو من قصيدة لعبد الله بن قيس الرقيات يرثي فيها شهداء موقعة الحرة سنة (63 هـ)، التي قتل فيها كثير من قومه، وانظرها في ديوانه (97)، ط. دار صادر، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (2/ 221)، والمقتضب (4/ 272)، وشرح أبيات سيبويه (1/ 549)، وشرح التصريح (2/ 181)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (1069).
(5)
ديوان عبد الله بن قيس الرقيات (9) وما بعدها، تحقيق وشرح: د. محمد نجم، دار صادر، بيروت.
تَبْكِيهِمُ أَسْمَاءُ مُعْولَةً
…
....................................
وهو من قصيدة من الكامل، يرثي بها قومًا من قريش قُتلوا يوم الحرة بالمدينة في زمن يزيد بن معاوية، وأولها هو قوله:
1 -
ذهبَ الصِّبَا وَتَرَكْتُ غَيَّتِيَّهْ
…
وَرَأَى الغَوَانِي شَيْبَ لِمَّتِيَهْ
2 -
وهَجَرْنَنِي وهجرتُهُنَّ وقدْ
…
غَنيَتْ كَرَائِمُهَا يَطُفْنَ بيَهْ
3 -
سَدِمًا يعْزِينِي الصَّحِيحُ وَقَدْ
…
مَرْ المنُونُ عَلَى كريمتيه
إلى أن قال:
4 -
تبكيهم أسماء ..........
…
................... إلى آخره
5 -
كيف الرُّقَادُ وكُلَّما هَجَعَتْ
…
عَيْنِي ألمَّ خَيَالُ إِخْوَتِيَّهْ
6 -
تالله أبرحُ في مُقَدَّمَةِ
…
أهدي الجيوشَ إليَّ شِكَّتِيَّهْ
7 -
حتَّى أُفَجِّعَهُم بِإخْوَتهمْ
…
وأسوقُ نِسْوتَهمْ بِنِسْوَتِيَّهْ
قوله: "معولة": من أعولت المرأة إعوالًا؛ من العويل وهو الصياح، "وارزيتيه" الرزية: الصيبة، وكذلك الرزء.
قوله: "سدمًا" بفتح السين المهملة وكسر الدال، قال الجوهري: السدم: المغتاظ
(1)
، و"المنون": الموت، و"ألم": من الإلمام وهو النزول، وقوله:"على شكتيه": جملة اسمية وقعت حالًا بلا واو، و"الشكة" بكسر الشين؛ السلاح، ومنه: رجل شاك السلاح.
الإعراب:
قوله: "تبكيهم": جملة من الفعل والمفعول، والضمير يرجع إلى بني عبد المذكورين في القصيدة، قوله:"أسماء": فاعل تبكي، قوله:"معولة " بالنصب حال من أسماء.
قوله: "تقول سلمى": جملة من الفعل والفاعل، ويروى: تقول ليلى، قوله:"وارزيتيه": مقول القول، وكلمة:"وا" للندبة، والهاء فيه هاء السكت، وهي اللاحقة لبيان حركة أو حرف نحو:{مَا هِيَهْ} [القارعة: 10] ونحوها.
(1)
الصحاح مادة: "سدم".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وارزيتيه" حيث أغنى عن اسم المندوب ذكر لفظ الرزية، وذلك أن الأصل في الندبة أن تكون باسم علم أو مضاف إضافة يتضح بها المندوب، ولكن ربما يندب بلفظ الرزية ونحوها؛ كقولهم: وانقطاع ظهراه، وارزيتيه ونحو ذلك
(1)
.
* * *
(1)
ينظر شرح التصريح بمضمون التوضيح (2/ 181).
شواهد الترخيم
الشاهد السبعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
يَا حَارِ لَا أُرْميَنْ منكُمْ بِدَاهيَةٍ
…
لَمْ يلْقَهَا سُوقَةُ قَبْلِي ولا مَلِكُ
أقول: قائله زهير بن أبي سلمى، وهو من قصيدة يخاطب بها الحارث بن ورقاء الصيداوي أحد بني أسد بن خزيمة، وكان أغار علي بني عبد الله بن غطفان فغنم وأخذ إبل
(3)
زهير وراعيه يسارًا؛ فطالبهم بذلك ليردوا عليه ما أخذوه وتوعدهم بالهجاء، فأطالوا معه حتى هجاهم فردوا عليه غلامه وإبله، وقبل البيت المذكور
(4)
:
1 -
هلا سألت بني الصيداءِ كلَّهمُ
…
بأي حبلِ جوارٍ كنتُ أمتسكُ
2 -
فلَنْ يقُولُوا بحبلٍ واهنٍ خَلَقٍ
…
لو كان قومُكَ في أسبابه هَلَكوا
3 -
يا حار .................
…
.............. إلى آخره
4 -
ازدُدْ يسَارًا ولا تَعْنَفْ علَيهِ ولَا
…
تَمعَكْ بِعَرْضِكَ إنَّ الغَادِرَ المَعِكُ
وهي من البسيط.
(1)
ابن الناظم (231).
(2)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة لزهير بن أبي سلمى، قالها للحارث بن ورقاء وقومه حين أغاروا على إبل لزهير وأخذوها، وأخذوا راعيها يسارًا، وهي كافية، مدحها الأصمعي بقوله: ليس على الأرض كافية أجود منها، وانظر بيت الشاهد في ابن يعيش (2/ 22)، واللمع (198)، والهمع (1/ 184)، والدرر (3/ 56)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (622).
(3)
في (ب): غنم.
(4)
انظر القصيدة في الديوان (81)، شرح علي فاعور، ط. دار الكتب العلمية، ط. أولى (1988 م)، وديوان شعر زهير بن أبي سلمى، صنعة الأعلم الشنتمري (78)، تحقيق: فخر الدين قباوة، دار الكتب العلمية.
قوله: "بداهية" الداهية: النازلة بالقوم والخطب الشديد، قوله:"سوقة" بضم السين المهملة وسكون الواو وفتح القاف؛ واحدة السوق وهم أصحاب السوق، واحدهم سوقي، وقال اللخمي: السوقة: كل من كان دون الملك، وجمعها: سوق، وقيل: هم أوساط الناس، و "الملك": ذو الملك، وليس على الفعل، ولكنه على النسب، يقول: يا حارث لا تتعرض لإنزال هذه الداهية بي ولا تتمادى على ما فعلت منها، فإن فعلت رميت منك بداهية عظيمة.
الإعراب:
قوله: "يا حار" يا حرف نداء، وحار: مندى مرخم، وأصله: يا حارث، قوله:"لا أرمين": على صيغة المجهول مجزوم بالنهي، ويحتمل أن يكون دعاء، قوله:"بداهية": يتعلق به، قوله:"منكم" في محل الجر لأنها صفة لداهية، والتقدير: بداهية كائنة منكم
(1)
، قوله:"لم يلقها": فعل ومفعول و "سوقة": فاعله، والجملة في محل الجر لأنها صفة لداهية، والتقدير: بداهية غير لاقٍ لها قبلي سوقة ولا ملك.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا حار" حيث رخم على لغة من يحذف آخر الاسم ويبقي الباقي على ما كان عليه من كسر الراء. فافهم
(2)
.
الشاهد الحادي والسبعون بعد التسعمائة
(3)
،
(4)
جَارِيَ لا تَسْتَنْكْرِي عَذِيرِي
…
سَيْرِي وَإِشْفَاقِي على بَعِيرِي
أقول: قائله هو العجاج والد رؤبة، وبعده
(5)
:
(1)
قوله: "منكم" في محل جر صفة لداهية، ليس بصحيح، والصواب أنه حال لتقدمه.
(2)
خلاصة الأمر أنه يوجد في الاسم المرخم لغتان: الأولى: أن تنوي رد المحذوف فتبقي الاسم بعد الحذف منه على حركة آخر حرف قبل المحذوف من الاسم. الثانية: أن تغير حركة آخر حرف بعد المحذوف إلى الحكم الإعرابي الجديد وتسمى اللغة الأولى لغة من ينوي رد المحذوف، وتسمى الثانية: لغة من لم ينو رد المحذوف، وشاهدنا هنا على اللغة الأولى وهي لغة من ينوي رد المحذوف، وينظر في هاتين اللغتين: شرح التسهيل لابن مالك (3/ 424) وما بعدها، وشرح المقرب للدكتور علي فاخر (1214) من القسم الثاني (المنصوبات) وما بعدها.
(3)
ابن الناظم (231)، وتوضيح المقاصد (4/ 34)، وأوضح المسالك (4/ 55).
(4)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وهما مطلع أرجوزة طويلة للعجاج والد رؤبة يتحدث فيها عن أغراض شتى، ديوانه (184)، وانظر الشاهد في المقتضب (4/ 260)، والخزانة (2/ 125)، وابن يعيش (2/ 231)، وشرح التصريح (2/ 185).
(5)
ديوان العجاج (184)، تحقيق: سعدى ضناوي، ط. دار صادر بيروت.
2 -
وهَلْ يَرَدُّ مَا خَلَا تَخْبِيرِي
…
وكَثرَةُ الحَديثِ عَنْ شُقُورِي
3 -
مَعَ الجَلَا ولَائِح القَتِيرِي
…
وقذري ما ليس بالمقذوري
4 -
وحِفْظَةٍ أكنها ضميري
…
...........................
وهي من الرجز المسدس.
قوله: "عذيري" العذير بفتح العين المهملة وكسر الذال المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره راء، وهو الأمر الذي يحاوله الإنسان مما يعذر عليه إذا فعله، ويجمع على: عُذُر بضمتين.
والمعنى: يا جارية [لا تستنكري ما أحاوله معذورًا أنا فيه، وقال أبو عبيدة: معناه]
(1)
لا تنكري حالي من الهرم يا جارية، ولا كثرة ما أحدث به؛ يعني: مما تقدم في بالي من الأسرار، وذلك من أحوال الشيوخ المسنين وتهاتر الهرمى.
قوله: "عن شقوري" بضم الشين المعجمة والقاف، وهو الحاجة، وكان الأصمعي يقولها بفتح الشين، والأول أصح، قوله:"القتير" بفتح القاف وكسر التاء المثناة من فوق بعدها ياء آخر الحروف ساكنة، وهو الشيب.
قوله: "قذري" بفتح الذال المعجمة؛ من القذر وهو ضد النظافة، ومنه قوله: بالمقذور، قوله:"حفظة" بكسر الحاء المهملة وسكون الفاء وفتح الظاء المعجمة، وهي الحمية والغضب؛ كذا فسَّره في العباب، ثم أنشد البيت المذكور، قوله:"أكنها" أي: أخفاها، "ضميري" أي: قلبي.
الإعراب:
قوله: "جاري": منادى مرخم حذف منه حرف النداء، والتقدير: يا جارية، وإنما رخم فحذف منه تاء التأنيث وحذف أداة النداء ضرورة.
قوله: "لا تستنكري": جملة من الفعل والفاعل دخلت عليها لا الناهية، قوله:"عذيري": كلام إضافي مفعول، قوله:"سيري": بدل من قوله: "عذيري"، و "إشفاقي": عطف على سيري، ويجوز أن تكون الواو فيه بمعنى مع، قوله:"على بعيري" يتعلق بقوله: إشفاقي.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "جاري" حيث حذف [منه]
(1)
حرف النداء، ورخم بحذف تاء التأنيث للضرورة
(2)
.
الشاهد الثاني والسبعون بعد التسعمائة
(3)
،
(4)
يا علقم الخير قد طالت إقامتنا
…
..........................
أقول: [قائله هو]، وتمامه:[ .... ]
(5)
.
وهو من البسيط. المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: " [يا علقم الخير]
(6)
، أصله: يا علقمة الخير، وهو منادى منصوب مضاف، قوله:"قد" للتحقيق، و"طالت": فعل، وقوله:"إقامتنا": كلام إضافي فاعله.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا علقم الخير" فإن الشاعر قد رخم علقمة، والحال أنه مضاف إلى الخير كما ذكرنا، ومن شرط الترخيم ألا يكون المنادى مضافًا؛ فلا يجوز ترخيم نحو: طلحة الخير، فأما الذي ورد في هذا البيت فنادر، واعلم أن ترخيم المنادى المركب لا يخلو إما أن [يكون]
(7)
تركيبه على غير جهة الإسناد أو على جهة الإسناد؛ أما الأول فإن كان تركيب إضافة امتنع ترخيمه على الأصح، وإن لم يكن تركيب إضافة جاز مطلقًا، سواء كان تركيب اسمين جُعلا
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(2)
ينظر: ضرائر الشعر لابن عصفور (154)، وابن الشجري (2/ 315)، وهو من الشواهد التي استجيز ترخيمها من النكرات المقصود قصدها كل مؤنث بالتاء كقولك في: جارية وجالسة: يا جاري هلمي، ويا جالسَ قومي، ولم يأت ترخيم منكر قصد قصده إلا ترخيم "صاحب"، وذلك لكثرة استعماله وتشبيهه بالعلم من حيث وهنه النداء بالبناء فاستجازوا فيه: يا صاحُ لأن من يضم المنادى يجعله بعد الحذف كاسم قائم بنفسه لا دلالة فيه على المحذوف، فلم تحتمل النكرة أن يفعل بها هذا.
(3)
توضيح المقاصد (4/ 35).
(4)
شطر بيت من بحر البسيط، لم يعثر له على تتمة ولا قائل، وهو في شرح الأشموني (3/ 468).
(5)
ما بين المعقوفين بياض في الأصل (أ، ب).
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (أ): وفي (ب): [علقم أصله].
(7)
ما بين المعقوفين زيادة لإصلاح اللفظ.
اسمًا واحدًا؛ كمعدي كرب، أو اسم صوت كسيبويه، أو تركيب العدد كخمسة عشر، وأما الثاني: وهو تركيب على جهة الإسناد، نحو: تأبط شرًّا وبرق نحره، فلا يجوز ترخيمه على الأصح
(1)
.
الشاهد الثالث والسبعون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
لَنِعْمَ الفتَى تعشُو إِلَى ضوْءِ نارِهِ
…
طَرِيفُ بنُ مالٍ ليلةَ الجوعِ والخَصَرْ
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وبعده بيت آخر وهو
(4)
:
2 -
إذا البازِلُ الكَوْماءُ راحَتْ عَشِيَّةً
…
تُلاوذُ من صوتِ المُبِسِّينَ بالشَّجَرْ
وهما من الطويل.
قوله: "تعشو" أي: تسير في العشاء -وهو الظلام- إلى ضوء ناره، "والخصر" بفتح الخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة؛ شدة البرد، قوله:"إذا البازل .. إلخ": يصف شدة الزمان وبرده، وأن هذا الممدوح كريم في هذا الوقت، و "البازل": المسنة من الإبل، وهي أجلدها وأقواها،
(1)
ذكر ابن الضائع شروطًا لترخيم الاسم فقال: "وللترخيم شروط: أحدها أن يكون الاسم منادى. الثاني: أن يكون مفردًا. الثالث: أن يكون معرفة. الرابع: ألا يكون من المناديات التي يقصد فيها مد الصوت كالاستغاثة والندبة، هذه الشروط ذكرها شارح المقرب في جزء المنصوبات (1182) وهناك شروط أخرى وهي أن يكون المنادى غير مضاف فلا يرخم نحو: يا طلحة الخير لعدم التغيير بالنداء وعدم السماع، وعلل لذلك الرضي بقوله: "ويجوز أن يعلل امتناع ترخيم المضاف والمضاف إليه بأن المضاف إليه لم يمتزج بالمضاف امتزاجًا تامًّا بحيث يصح حذفه بأسره أو حذف آخره بدليل أن إعراب المضاف باقٍ، والإعراب لا يكون إلا في آخر الكلمة ولم يكن أيضًا منفصلًا عن المضاف بحيث يصح حذف آخر المضاف للترخيم بدليل حذف التنونين منه لأجل المضاف إليه فهو متصل بالمضاف بالنظر إلى سقوط التنوين من المضاف، منفصل عنه لبقاء الإعراب على المضاف كما كان؛ فلم يصح ترخيم أحدهما" شرح الكافية (1/ 150)، وعدم جواز ترخيم المضاف هو قول البصريين، وأما الكوفيون فأجازوا ذلك ويجعلون الحذف في آخر المضاف إليه ووافقهم في ذلك سماع. ينظر أسرار النداء (104، 105)، والإنصاف (437)، والأشموني (3/ 175، 176)، وفي ترخيم المركب بإسناد أو عدد أو غيره ينظر: شرح التسهيل للمرادي (3/ 66، 67)، تحقيق: عبد الهادي علي سليمان، دكتوراه بالأزهر.
(2)
ابن الناظم (234)، وتوضيح المقاصد (4/ 57)، وأوضح المسالك (4/ 65)، وشرح ابن عقيل (3/ 295) ط. صبيح.
(3)
البيت من بحر الطويل، وهو لامرئ القيس، وهو أيضًا أول بيتين قالهما امرؤ القيس في طريف بن مالك، وانظرهما في ديوانه (142)، بتحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، وأيضًا الديوان (81) ط. دار الكتب العلمية، والكتاب (2/ 254)، ورصف المباني (239)، وشرح الأشموني (3/ 184)، والهمع (1/ 181)، والتصريح (2/ 190)، وتذكرة النحاة (420)، والدرر (3/ 48).
(4)
الديوان (81) ط. دار الكتب العلمية.
و"الكوماء": العظيمة السنام لسمنها.
قوله: "تلاوذ" أي: تلوذ بالشجر وتروغ من الداعي لها للحلب، ويروى: بالسحر بمهملتين أي: تمتنع في السحر، وإنما تفعل ذلك لشدة البرد، وفي الإبل نوق لا تحلب حتى تطلع عليها الشمس وتدفأ، و "المبس": الذي يدعوها للحلب فيقول لها بس بس.
الإعراب:
قوله: "لنعم" اللام للتأكيد، ونعم كلمة المدح، و "الفتى": فاعله، والجملة في محل الرفع على أنها خبر عن قوله:"طريف بن مال"، وأصله: ابن مالك.
قوله: "تعشو": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه؛ أعني: أنت، وقوله:"إلى ضوء ناره": في محل النصب على المفعولية، قوله:"ليلة الجوع": كلام إضافي نصب على الظرف، و "الخصر": عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "طريف بن مال" فإن أصله: ابن مالك؛ رخمه في غير النداء للضرورة، والمبرد لا يجيز ذلك بل يوجب انتظار المحذوف
(1)
.
الشاهد الرابع والسبعون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
ألا أضحتْ حِبالُكمْ رِمَامًا
…
وأضْحَتْ منكَ شَاسِعَةً أُمامَا
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، وبعده
(4)
:
(1)
عبارته الأخيرة هذه خطأ، والصحيح أن المبرد يمنع ترخيم الاسم في غير النداء على لغة من ينتظر، والمجيز سيبويه، قال الأشموني في تنبيهه: "اقتضى كلامه -أي ابن مالك- أن هذا الترخيم جائز على اللغتين، وهو على لغة التمام إجماع كقوله:(البيت)، أراد: ابن مالك فحذف الكاف وجعل ما بقي من الاسم بمنزلة اسم لم يحذف منه شيء ولهذا نونه، وأما على لغة من ينتظر فأجازه سيبويه ومنعه المبرد
…
قال في شرح الكافية: والإنصاف يقتضي تقرير الروايتين ولا تدفع إحداهما بالأخرى". ينظر الأشموني (3/ 184)، والكتاب (2/ 254)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 77)، دكتوراه بالأزهر، والمقتضب للمبرد (4/ 251)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 429).
(2)
ابن الناظم (234)، وأوضح المسالك (4/ 66).
(3)
البيت من بحر الوافر، مطلع قصيدة طويلة يمدح بها هشام بن عبد الملك، ونصه في الديوان هكذا:
أأصبح حبل وصالكم رمامًا
…
وما عهد كعهدك يا أُماما
وانظر بيت الشاهد في الكتاب (2/ 270)، وشرح أبيات سيبويه (1/ 594)، والتصريح (2/ 190)، ونوادر أبي زيد (31)، والإنصاف (353)، وأسرار العربية (240)، والخزانة (2/ 365).
(4)
لم نعثر عليه في الديوان، ط. دار صعب، ولا في طبعة دار المعارف.
يَشُقُّ بِهَا العَسَاقِلَ مُوَجِذَاتٌ
…
وكُلُّ عَرَنْدَسٍ يَنْفِي اللُّغَامَا
وهما من الوافر.
قوله: "حبالكم": جمع حبل وهو العهد، قال الله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آل عمران: 103]؛ أي: بعهده، قوله:"رمامًا": جمع رمة، وهي القطعة البالية من الحبل، والرمة - أيضًا -بضم الراء؛ قاع بنجد، وأما الرمة بكسر الراء فهي العظم البالي، قال الله تعالى:{مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] والرمة -بفتح الراء- أخذ الشاة الحشيش بمرمتها، والمرمة والمقمة للشاة بمنزلة الشفة من الإنسان.
قوله: "شاسعة" أي: بعيدة، قوله:"أُمامَا" أي
(1)
: أمامة اسم امرأة.
ومعنى البيت: أنه يقول للمخاطبين: ما كان بيني وبينكم من أسباب التواصل قد انقطع ثم رجع إلى نفسه يخاطبها، فقال: وأضحت منك أمامة بعيدة؛ فليس للاجتماع بها مطمع.
قوله: "العساقل": ضرب من الكمأة، و"العرندس" من الإبل: الشديد، ولغام البعير بضم اللام وبالغين المعجمة؛ زبده.
الإعراب:
قوله: "ألا": حرف تنبيه، و "أضحت": من الأفعال الناقصة، و "حبالكم": كلام إضافي اسمه، و "رمامًا": خبره، قوله:"وأضحت": عطف على أضحت الأولى، قوله:"أماما": اسمه تقديره: وأضحت أمامة، و "شاسعة" خبره، و "منك": تتعلق بشاسعة.
الاستشهاد فيه:
في قوله "أمَامَا" حيث رخمت في غير النداء للضرورة، وقد روي هذا البيت
(2)
:
ألا أضْحْتْ حِبَالُكُم رمَامًا
…
ومَا عَهدِي كَعَهدِكِ يَا أُمامَا
فيكون: "يا أماما" منادى مرخمًا، ولا يكون في البيت حينئذ شاهد على هذه الرواية، وهذه الرواية أليق بنظم البيت؛ لأنه ذكر العهد في صدر البيت ثم رد العجز على الصدر، قال الله تعالى:{وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} [النساء: 38]، وهذه الرواية رواية المبرد [-رحمه اللَّه تعالى-]
(3)
.
(1)
في (أ): أصله.
(2)
ينظر شرح الأشموني (3/ 184)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 78).
(3)
أجمع النحاة على جواز مجيء ترخيم الضرورة على لغة التمام، وقد جاء شاهدنا (البيت) على لغة من لم ينو =
الشاهد الخامس والسبعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
إِنَّ ابْنَ حَارِثَ إِنْ أَشْتَقْ لِرُؤْيَتِهِ
…
أَوْ أَمْتَدِحْهُ فَإِنَّ النَّاسَ قد علِمُوا
أقول: قائله هو أوس بن حبناء التميمي، وهو من البسيط. المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "إن": من الحروف المشبهة بالفعل، وقوله:"ابن حارث": كلام إضافي اسم إن، وقوله:"إن أشتق" إن حرف شرط، وأشتق: جملة وقعت فعل الشرط، ولهذا حذف منه الألف لالتقاء الساكنين، وأصله: أشتاق، وقوله:"لرؤيته": يتعلق بأشتق، قوله:"أو أمتدحه": عطف على قوله أشتق، وقوله:"فإن الناس" الفاء جواب الشرط، والجملة خبر إن، والناس اسم إن، و "قد علموا": خبره، ومفعول علموا محذوف تقديره: قد علموا ذلك مني.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "حارث" فإن أصله: ابن حارثة، فإنه رخمه في غير النداء على نية الحذف لأجل الضرورة، والمبرد لا يجيز ذلك إلا على انتظار الحذف، والبيت حجة عليه.
ولما كان الترخيم في غير النداء مشابهًا للترخيم في النداء؛ ولذلك لا يجوز أن يرخم فيه إلا ما يجوز أن يرخم في النداء، ولما كان الترخيم في النداء على وجهين كان في غير النداء -أيضًا- على ذينك الوجهين من انتظار الحذف وعدم انتظاره.
وإنكار المبرد أن يكون على نية المحذوف مدفوع قياسًا، وهو ما ذكرناه، وسماعًا كقول الشاعر المذكور
(3)
.
= التمام فأجازه سيبويه مستدلًّا بالسماع -أعني البيت- ومنعه المبرد وروي:
...............................
…
وما عهدي كعهدك يا أماما
فعلى رواية سيبويه يكون الشاعر قد رخم أمامة وهو غير منادى على لغة من ينتظر للضرورة، وعلى رواية المبرد يكون قوله: يا أماما منادى مرخمًا فلا شاهد فيه لسيبويه. ينظر أسرار النداء (123)، والأمالي الشجرية (2/ 316، 317)، والتصريح (2/ 190)، وما بين المعقوفين سقط في (ب).
(1)
ابن الناظم (234)، وتوضيح المقاصد (4/ 58).
(2)
البيت من بحر البسيط، وقد نسبه الشارح، وانظره في الكتاب (2/ 272)، والتصريح (2/ 190)، وشرح أبيات سيبويه (1/ 527)، وأسرار العربية (241)، والإنصاف (354)، والمقرب (1/ 188)، والهمع (1/ 181)، والدرر (3/ 48)، وشرح المقرب: المنصوبات (1187).
(3)
ينظر الشاهد السابق (974)، وقال المرادي في شرحه للتسهيل (3/ 78) دكتوراه بالأزهر ما نصه: "احتج المبرد =
الشاهد السادس والسبعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
قواطنا مكة من ورق الحمى
…
...........................
أقول: قائله هو العجاج والد رؤبة، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد اسم الفاعل
(3)
.
الاستشهاد فيه:
هاهنا في قوله: "الحمى" فإن أصله الحمام، وقيل: إنه رخم للضرورة، ورد بأنه لا يصلح للضرورة؛ لكونه بأل، وإنما هو حذف لا على طريقة الترخيم
(4)
.
الشاهد السابع والسبعون بعد التسعمائة
(5)
،
(6)
لها بشَرٌ مِثْلُ الحَرِيرِ ومَنْطِقٌ
…
رَخِيمُ الحَوَاشي لا هُرَاءٌ ولا نَزْرُ
أقول: قائله هو ذو الرمة غيلان، وهو من قصيدة رائية من الطويل، وأولها هو قوله
(7)
:
1 -
ألا يا اسلمي يا دار مَيَّ على البِلَى
…
ولا زال مُنْهَلًّا بجرْعَائِكِ القطْرُ
= بأن من لا يغير الآخر لا يتصرف، والسعة شأنها التصرف وهي مراده في الشعر، واعترض بأن الشاعر قد يضطر إلى الحذف خاصة، ولو احتاج لشيء آخر توسع ويرد عليه القياس على الترخيم في النداء والسماع كقوله (البيت)، وقال ابن مالك في شرحه للكافية الشافية بعد ما أورد الشاهد السابق (1371):"والإنصاف يقتضي تقرير الروايتين ولا تدفع إحداهما بالأخرى"، وانظر الأمالي الشجرية (2/ 320).
(1)
ابن الناظم (234)، وتوضيح المقاصد (4/ 60).
(2)
البيتان من أرجوزة طويلة للعجاج، انظرهما في ديوانه (234)، ط. دار صادر، بيروت، ورواية الشاهد في الديوان: أوالفًا مكة .. إلخ.
(3)
ينظر الشاهد رقم (729).
(4)
إذا كان الاسم غير صالح للنداء نحو: الغلام والحمام من كل ما فيه أل فلا يسمى حذف آخره للضرورة ترخيمًا ولا يخضع لأحكام الترخيم ولا يأتي على لغة من لغتي الترخيم بل يأتي على حسب ما تقتضيه الضرورة الشعرية، وبيتنا الشاهد اقتطع فيه الشاعر من قوله:"ورق الحما" بعض المضاف إليه ضرورة فقيل: حذف الألف والميم الأخيرة لا على وجه الترخيم لعدم صلاحية الكلمة للنداء ثم كسر الميم الأولى لأجل القافية، وقيل: حذف الميم الثانية وقلب الألف ياء بعد كسر الميم الأولى. ينظر أسرار النداء (131، 132)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 77) دكتوراه بالأزهر.
(5)
شرح ابن عقيل (3/ 278).
(6)
البيت من بحر الطويل، وهو من قصيدة لذي الرمة في الهجاء؛ لكنه بدأها بالغزل الجميل، وانظر ديوانه (1/ 559) بتحقيق: عبد القدوس أبو صالح، وانظر بيت الشاهد في الخصائص (1/ 29)، (3/ 302)، وابن يعيش (1/ 16)، واللسان:"هرأ"، وتذكرة النحاة (45)، وشرح شافية ابن الحاجب (3/ 255)، وأساس البلاغة:"هرأ"، وشرح الأشموني (3/ 171).
(7)
ديوان ذي الرمة (1/ 559)، بتحقيق: عبد القدوس أبو صالح.
إلى أن قال:
2 -
جَرِى حينَ يُمْسِي أهلُهَا من فنائهمْ
…
صهيلُ الجِيَادِ الأعوجيات والهُدْرُ
3 -
لها بشر ..........
…
................... إلى آخره
وبعده:
4 -
وعينان قال الله كونا فكانتا
…
فَعُولِينَ بالألباب ما تفْعَلُ الخَمْرُ
3 -
قوله: "لها" أي: لمية بشر، وأراد به ظاهر جلدها، قوله:"رخيم الحواشي" بالخاء المعجمة؛ أي: لين نواحي الكلام، وقال ابن فارس: رخيم؛ أي: رقيق
(1)
، ويقال: الصوت الرخيم هو الشجي الطب النغمة، و "الحواشي": جمع حاشية وهي الناحية.
قوله: "لا هراء" بضم الهاء وتخفيف الراء، وهو الكلام الكثير الذي ليس له معنى، و "النزر" بفتح النون وسكون الزاي المعجمة، وهو بمعنى القليل؛ يعني: كلامها لا كثير بلا فائدة ولا قليل مخل بل بين ذلك، ويروى:"ولا هذر"، والهذر: الكثير، يقال: رجل مهذار إذا كان كثير الكلام.
الإعراب:
قوله: "بشر": مبتدأ، و "لها": مقدمًا خبره، وقوله:"مثل الحرير": كلام إضافي صفة للبشر، قوله:"ومنطق": عطف على قوله: "بشر"، قوله:"رخيم الحواشي": كلام إضافي صفة لمنطق، قوله:"لا هراء": عطف على قوله: "رخيم الحواشي"،:"ولا نزر": عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "رخيم الحواشي" فإن الترخيم بمعنى اللين والرقة، وبهذا المعنى يسمى الترخيم في النداء؛ لأن الاسم إذا حذف منه آخره نقص الصوت به وضعف، وقال الجوهري: الترخيم: التليين، ويقال: الحذف، ومنه ترخيم الاسم في النداء وهو أن يحذف من آخره حرف أو أكثر
(2)
.
(1)
مجمل اللغة مادة: "رخم".
(2)
ينظر الصحاح مادة: "رخم"، وقد عرفه الأشموني بقوله:"حذف بعض الكلمة على وجه مخصوص"(3/ 171)، وينظر حاشية الصبان.
الشاهد الثامن والسبعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
أبا عُرْوَ لا تبعَدْ فَكُلُّ ابنِ حُرَّةٍ
…
سيدعُوهُ دَاعِي مِيْتَةٍ فَيُجِيبُ
أقول: قائله مجهول؛ كذا قاله ابن يعيش وشارح الجزولية، وهو من الطويل.
قوله: "لا تبعد": من البعد بفتحتين وهو الهلاك، قوله:"ميتة" بكسر الميم بمعنى الموت.
الإعراب:
قوله: "أبا عرو": منادى مضاف مرخم حذف منه حرف النداء، والتقدير: يا أبا عروة، قوله:"لا تبعد": جملة من الفعل والفاعل دخلت عليها لا الناهية، قوله:"فكل ابن حرة": كلام إضافي مبتدأ، والفاء [فيه]
(3)
تصلح أن تكون للتعليل.
قوله: "سيدعوه داعي ميتة": جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل الرفع
(4)
على الخبرية، قوله:"فيجيب": عطف على قوله: "سيدعوه"، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: فهو يجيب.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أبا عرو" فإنه منادى مضاف حذف منه حرف النداء ودخله الترخيم، واستدل به الكوفيون على جواز ترخيم المنادى المضاف بحذف آخر المضاف إليه على ما يقتضيه القياس لو كان هو المنادى.
وذهب البصريون إلى منع ذلك، وعلتهم في المنع أن المضاف إليه ليس هو المنادى، ولا يرخم عندهم إلا المنادى، وأجابوا عن هذا وما هو مثله أنه محمول على الضرورة
(5)
.
(1)
أوضح المسالك (4/ 53).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو لقائل مجهول، وانظره في شرح ابن يعيش (2/ 20)، وليس في شرح المقدمة الجزولية الكبير لأبي علي الشلوبين، وأسرار العربية (239)، والإنصاف (38)، وخزانة الأدب (2/ 336، 337)، والتصريح (2/ 184).
(3)
ما بين المعقوفين زيادة لإصلاح اللفظ.
(4)
في (أ، ب): في محل الجر.
(5)
ينظر الإنصاف مسألة (48)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 432)، وأسرار العربية (239)، ومذهب البصريين أن ذلك ونحوه ضرورة، ومذهب الكوفيين إجازة ذلك، وجعل ابن مالك هذا الحذف كثيرًا، ومما استدل به من الأبيات هذا البيت.
الشاهد التاسع والسبعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
يا أسمُ صبرًا على ما كانَ مِنْ حَدَثٍ
…
إنَّ الحوادثَ ملْقِيٌّ ومنتَظَرُ
أقول: قائله هو أبو زبيد الطائي، واسمه حرملة بن المنذر؛ كذا قال اللخمي في شرح أبيات الجمل، ونسبه النحاس في شرح الكتاب إلى لبيد بن ربيعة العامري، [وقبله
(3)
]
(4)
:
1 -
تَرَى الكثِيرَ قلِيلًا حِينَ تَسْألُه
…
ولا تُخَالِجُهُ المَخْلُوجَةُ الكُثُرُ
2 -
يا أسمُ صبرًا على ما كانَ مِنْ حَدَثٍ
…
إنَّ الحوادثَ ملْقِيٌّ ومنتَظَرُ
3 -
صبرًا على حدثان الدهر وانقبضي
…
عن الدناءة إِنَّ الحُرَّ يَصْطَبِرُ
4 -
ولا تبيتَنَّ ذَا هَمٍّ تُكَابِدُهُ
…
كأَنْمَا النَّارُ في الأَحشَاءِ تَسْتَعِرُ
5 -
فَما رُزِقْتَ فإن اللهَ جَالِبُهُ
…
ومَا حُرِمْتَ فَمَا يَجْرِي بِهِ القَدَرُ
وهي من البسيط.
2 -
قوله: "من حدث" الحدث هو النائبة من نوائب الدهر، والجمع: أحداث، وكذلك: الحوادث هي النوائب -أيضًا- واحدتها: حادثة، يقول لها: يا أسماء اصبري صبرًا على هذا الحدث النازل؛ فالحوادث على الإنسان مترادفة والآفات متعاقبة، منها ما نزل وحل [ومنها]
(5)
ما ينتظر أن يحل.
الإعراب:
قوله: "يا اسم" يا حرف نداء، وأسم: منادى مرخم، والتقدير: يا أسماء، قوله:"صبرًا": مصدر، تقديره:[اصبري صبرًا].
قوله: "ملقي": مبتدأ، وخبره محذوف، وكذلك "منتظر"، والتقدير: إن الحوادث منها ملقي، ومنها منتظر، والجملتان في موضع خبر إن، فموضعهما رفع.
(1)
أوضح المسالك (4/ 59).
(2)
البيت من بحر البسيط، من مقطوعة عدتها ستة أبيات، اختلف في قائلها، فقيل للبيد بن ربيعة، وقيل لأبي زبيد الطائي، والصحيح الأول، وكان للبيد بنت تدعى أسماء خاطبها كثيرًا في شعره، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (2/ 258)، وشرح أبيات سيبويه (1/ 435)، والتصريح (2/ 186)، وشرح الأشموني (3/ 178).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
الأبيات المذكورة في ديوان لبيد بن ربيعة (233)، ط. دار صادر بيروت، وهي أيضًا في ديوان أبي زبيد الطائي (151)، بتحقيق: د. نوري حمودي القيسي، بغداد (1967 م).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
قوله: "على ما كان": جار ومجرور يتعلق بصبرًا، وكان ها هنا تامة بمعنى: حدث ووقع، وفاعلها مضمر فيها عائد على ما، وكان مع ما بعدها صلة ما، و "من حدث": يتعلق بكان.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا اسم" فإنه منادى مرخم فحذف الهمزة ثم حذف الألف التي قبلها لأنهما زائدتان، زيدتا معًا فحذفتا في الترخيم معًا؛ كما حذفتا في: مروان
(1)
.
الشاهد الثمانون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
أفاطمَ مهْلًا بعض هذا التَّدَلُّلِ
…
...........................
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وتمامه
(4)
:
........................
…
وإنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي
وهو من قصيدته المشهورة التي أولها:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
…
......................
قوله: "أفأطم" هي فاطمة بنت العبيد بن ثعلبة من عذرة، قوله:"أزمعت" أي: أحكمت عزمك، قوله:"صرمي" أي: قطعي، "فأجملي": من الإجمال وهو الإحسان.
الإعراب:
قوله: "أفاطم" الهمزة حرف نداء، و "فاطم": منادى مفرد؛ إذ أصله: فاطمة، قوله:"مهلًا": نصب بفعل محذوف؛ أي: أمهلي مهلًا، ومعناه: كفي، وقوله:"بعض هذا التدلل": كلام إضافي مفعوله، والمعنى: كفي بعض التدلل عني وأقلي منه.
(1)
أقول: إن العلم المشتمل على زيادتين يكون ترخيمه بحذف الزيادتين قياسًا على حذف تاء التأنيث فكلاهما زائد، وسواء كانت هذه الزيادة ألف التأنيث الممدودة كأسماء أو نجلاء أو ما شابههما، أو الألف والنون كمروان وعثمان أو علامتي التثنية والجمع كأبانين وعرفات أو ياء النسب كبختي فترخم هذه الأعلام بحذف هاتين الزيادتين. ينظر: شرح المقرب لابن عصفور د. علي فاخر (1205)(المنصوبات).
(2)
أوضح المسالك (4/ 62).
(3)
البيت من بحر الطويل، وهو في الغزل لامرئ القيس، من معلقته المشهورة التي كثير منها الشواهد النحوية والصرفية، وانظر البيت في الجنى الداني (35)، والخزانة (11/ 222)، ورصف المباني (52)، والمغني (13)، والهمع (1/ 172)، والدرر (3/ 16)، وشرح شواهد المغني (20).
(4)
الديوان (113) ط. دار الكتب العلمية.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أفاطم" فإنه [منادى]
(1)
مرخم كما قلنا، ولا تزول فتحة الميم لئلا يلتبس بنداء مذكر لا ترخيم فيه، وقد علم أن الفتحة لا تتغير في موضع الالتباس
(2)
.
الشاهد الحادي والثمانون بعد التسعمائة
(3)
،
(4)
خُذُوا حَظَّكُم يا آلَ عِكْرِمَ واعلموا
…
....................
أقول: قائله هو زهير بن أبي سلمى، وتمامه:
............................
…
أَوَاصِرَنَا والرّحْمُ بالغَيْبِ تُذْكَرُ
وهو من قصيدة رائية من الطويل، قالها زهير حيث بلغه أن بني سليم أرادوا الإغارة على بني غطفان، وأولها هو قوله
(5)
:
1 -
رأيتُ بنِي آلِ امرئِ القيسِ أصْفَقُوا
…
عَلَيْنَا وقالوا إنَّنَا نَحْنُ أكثرُ
2 -
سُلَيْمُ بنُ منصورٍ وأفناءُ عامرٍ
…
وسعدُ بنُ بكرٍ والنصورُ وَأَعْصُرُ
3 -
خذوا حظكم ............
…
................ إلى آخره
4 -
وإنَّا وإيَّاكُمْ إلى ما نسُومُكُمُ
…
لَمِثْلانِ أو أنتم إلى الصُّلْحِ أفقرُ
5 -
إذا ما سَمِعْنا صارخًا مَعَجَتْ بنا
…
إلى صوتِه وُرْقُ المَرَاكِلِ ضُمَّرُ
6 -
وإن شَلَّ رَيْعانُ الجميعِ مخافةً
…
نَقُولُ جهَارًا ويلَكُمْ لا تنفِرُوا
7 -
على رِسْلِكُمْ إِنَّا سنُعْدِي وراءكم
…
فتمنعُكُمْ أرْمَاحُنَا أو سنُعْذِرُ
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
هو مثال لما عدده أكثر من ثلاثة أحرف مما هو نحو طلحة وفاطمة، وترخيمه يكون بحذف التاء وضم ما قبلها على لغة من لا ينتظر رد المحذوف فيبني المنادى على الضم لكونه مفردًا معرفة، ويجوز فتح هذا النوع من الترخيم ويكون على لغة من ينتظر رد المحذوف. ينظر شرح مقرب ابن عصفور: د. علي فاخر (1202)، (المنصوبات) إلا أن العيني علل لفتح الميم بوجود الالتباس.
(3)
توضيح المقاصد (4/ 45).
(4)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة لزهير قالها في بني سليم حين أرادوا الإغارة على قبيلته غطفان، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (2/ 271)، وابن يعيش (2/ 20)، وأسرار العربية (139)، والإنصاف (347)، والخزانة (2/ 329)، واللسان:"فرد، عذر"، و "اللسان:"رحم"، "عكرم"، والهمع (1/ 181).
(5)
الديوان (57)، شرح علي فاعور، ط. دار الكتب العلمية، وانظر ديوان شعر زهير بن أبي سلمى، صنعة الأعلم الشنتمري (159)، تحقيق: فخر الدين قباوة، دار الكتب العلمية.
8 -
وإلا فإِنّا بالشَّرَبَّةِ فاللِّوى
…
نُعَقِّرُ أُمَّاتِ الرِّباع ونَيْسِرُ
1 -
قوله: "أصفقوا" أي: اجتمعوا علينا، وأراد "ببني آل امرئ القيس": هوازن وسليم.
2 -
و "الأفناء": القبائل، و "النصور": بنو نصر، و "أعصر": أبو غني وباهلة وسعد بن بكر بن هوازن الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام مسترضعًا فيهم.
3 -
وقوله: "خذوا حظكم" يعني: خذوا نصيبكم من ودنا يا آل عكرمة، و "الأواصر": القرابات، الواحد: الآصرة.
4 -
قوله: "نسومكم" أي: نعرض عليكم ونريدكم عليه، يقال: سامني الخسف، أي: طلب مني غير الحق.
5 -
قوله: "صارخًا" أي: مستغيثًا، قوله:"معجت بنا" أي: أسرعت بنا إلى صوته، و "الورق" بضم الواو؛ جمع أورق وهو الذي يكون لونه لون الرماد، و "المراكل": جمع مركل، ومركلا الفرس: موضعَا رِجْلَي الراكب من جنبه.
وفي شرح القصيدة: ورق المراكل: قد اسود مواضع أرجل الفرسان؛ لأن الشَّعْرَ تَحَاتَ عنها واسود موضعه لكثرة الركوب في الحرب، قوله:"ضمر": جمع ضامر؛ من ضمر الخيل ضمورًا، وذلك من خفة اللحم، ومنه تضمير الفرس.
6 -
و "الرعيان": جمع راع.
7 -
قوله: "على رسلكم" أي على هيئتكم، قوله:"سنعدي" أي: سنعدي الخيل وراءكم، ويقال: عدا الفرس وأعداه فارسه، قوله:"أو سنعذر" أي: الرماح، أي: يكون فيها ما تعذرون فيه.
8 -
قوله: "وإلا" أي: وإن لم يكن بيننا وبينكم قتال فنعدي الخيل وراءكم فإننا بِالشَّرِبَة، أي: منزلنا بالمكان الذي تعلمون، وهي بفتح الشين المعجمة وكسر الراء وفتح الباء الموحدة، و "اللِّوى" بكسر اللام، وهو منقطع الرمل، و "الأمات" أصله: الأمهات، و "الرباع" بكسر الراء؛ جمع ربع بكسر الراء، وهو ما نتج في الربيع، قوله:"ونيسر": من الميسر وهو الضرب بالقداح.
الإعراب:
قوله: "خذوا": جملة من الفعل والفاعل، و "حظكم": كلام إضافي مفعوله، قوله:"يا آل عكرم" أي: يا آل عكرمة، قوله:"واعلموا": عطف على قوله: "خذوا"، قوله:"أواصرنا":
كلام إضافي مفعول: "اعلموا"، والعلم بمعنى المعرفة؛ فلذلك اكتفى بمفعول واحد، و "الرحم": مبتدأ، و "تذكر": خبره، و "بالغيب" يتعلق به، والجملة حال.
والاستشهاد فيه:
في قوله: "يا آل عكرم" حيث رخم المضاف إليه من المنادى، وفيه خلاف بين البصريين والكوفيين، وقد حققناه عند قوله: أبا عرو، في هذا الباب
(1)
.
الشاهد الثاني والثمانون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
يا مروُ إن مطيَّتِي مَحْبُوسةٌ
…
تَرْجُو الحِبَاءَ وربُّها لم ييأسِ
أقول: قائله هو الفرزدق، وكان قدم المدينة مستجيرًا بسعيد بن العاص بن زياد بن أمية، فامتدح سعيدًا ومروان عنده قاعد، فقال
(4)
:
1 -
ترى الغُرَّ الحجاحِجَ مِن قُرَيْشٍ
…
إذا ما الأمْرُ بالمكرُوهِ عالا
2 -
قِيَامًا يَنْظُرُونَ إلى سعيدٍ
…
كأنهمُ يرَوْنَ بهِ هِلالا
فقال مروان: قعودًا يا غلام، فقال: لا واللَّه يا أبا عبد الملك إلا قيامًا فأغضب مروان، وكان معاوية رضي الله عنه يعادل بني مروان وبني سعيد، فلما ولي مروان كتب إلى واليه بضربَةٍ أن يعاقبه إذا حل وقال للفرزدق: إني كتبت لك بمائة دينار، فلما أخذ الكتاب وانصرف على أنه جائزته ندم مروان فكتب للفرزدق
(5)
:
1 -
قُلْ للفَرَزْدَقِ والسَّفَاهَةُ كاسْمِهَا
…
إنْ كُنتَ تَارِكَ مَا أَمَرْتُكَ فاجلسِ
2 -
ودَعِ المَدينَةَ إنَّهَا مَرْهُونَةٌ
…
واعْمَدْ لمَكّةَ أو لبَيتِ المَقْدِسِ
(1)
ينظر الشاهد رقم (978).
(2)
أوضح المسالك (4/ 58).
(3)
البيت من بحر الكامل، وهو للفرزدق، من مقطوعة عدتها ثلاثة أبيات، وقد ذكر الشارح قصتها كما ذكر الأبيات، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (2/ 257)، واللمع (199)، والتصريح (2/ 186)، والخزانة (6/ 347)، والأشموني (3/ 178)، وابن يعيش (2/ 22)، والمعجم المفصل (469).
(4)
انظر ديوان الفرزدق (2/ 70)، وهما بيتان من قصيدة طويلة من الوافر، يمدح بها سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية. والبيتان في الديوان غير متتاليين، ورواية البيت الأول في الديوان هكذا:
ترى الشحم الحجاحج من قريش
…
إذا ما الأمر في الحدثان عالا
والحجاحج: السادة الأشراف، وعال: فدح وعظم، والبيت لغير استشهاد نحوي.
(5)
انظر أبيات مروان وأبيات الفرزدق التي ردَّ عليه بها من القافية والروي، والوزن من بحر الكامل في ديوان الفرزدق (1/ 384).
3 -
وإن اجْتَنَبْتَ من الأمُورِ عظيمةً
…
فخُذَنْ لنفسِكَ بالرِّقاعِ الأكْيَسِ
ففطن الفرزدق ومزق الصحيفة، ورد عليه الفرزدق:
1 -
يا مروُ إن مطيَّتِي مَحْبُوسةٌ
…
تَرْجُو الحيَاءَ وربُّها لم ييأسِ
2 -
وحبَوْتَنِي بصَحِيفةٍ مختُومةٍ
…
يُخْشِى عليَّ بها حِبَاءُ النقْرَسِ
3 -
ألقِ الصحيفةَ يا فرزدقُ إِنَّهَا
…
نَكرَاءُ مثلُ صحيفةِ المتُلَمِّسِ
فكان الفرزدق لا يقرُبُ مروانَ في خلافته ولا عبدَ الملك ولا الوليدَ
(1)
.
الإعراب:
قوله: "يا مرو" يا حرف نداء، ومرو: منادى مرخم، أصله: بها مروان، قوله:"مطيتي": كلام إضافي اسم إن، و "محبوسة": خبرها.
قوله: "ترجو": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الراجع إلى المطية، وأسند الرَّجَاء لها وهو يريد نفسه مجازًا، قوله:"الحباء": مفعول ترجو، وهو بكسر الحاء وتخفيف الباء الموحدة وبالمد هو العطاء، والجملة محلها الرفع على أنها خبر ثان لأن قوله:"وربها": مبتدأ، و "لم ييأس": خبره، والتقدير: وصاحبها غير آيس من نوالك.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا مرو" حيث رخم، وحذف منه الألف والنون لزيادتهما، وبقي الاسم ثلاثيًّا بعد حذفهما فافهم
(2)
.
(1)
في (ب): ولا عبد مروان، الصحيح ما أثبته.
(2)
قال سيبويه: "هذا باب ما يحذف من آخره حرفان لأنهما زيادة واحدة بمنزلة حرف واحد زائد، وذلك قولك في عثمان: يا عثمَ أقبلْ، وفي مروان: يا مروَ أقبل، وفي أسماء: يا اسم أقبل، قال الفرزدق (البيت) وإنما كان هذان الحرفان بمنزلة زيادة واحدة من قبل أنك لم تلحق الحرف الآخر أربعة أحرف رابعهن الألف من قبل أن تزيد النون التي في مروان والألف التي في: فعلاء، ولكن الحرف الآخر الذي قبله زيدا معًا؛ كما أن ياءي الإضافة وقعتا معًا ولم تلحق الآخرة بعد ما كانت الأولى لازمة كما كانت ألف سلمى إنما لحقت ثلاثة أحرف ثالثها الميم لازمة ولكنهما زيادتان لحقتا معًا فحذفتا جميعًا كما لحقتا جميعًا". الكتاب (2/ 258).
الشاهد الثالث والثمانون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
يَا رِيحَ مِن نحو الشَّمالِ هُبِّي
…
..........................
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو شطر رجز، وقيل: هذا ليس بشعر.
الإعراب:
قوله: "يا" حرف نداء، و"رجح": منادى مفرد مفتوح، وقوله:"من نحو": جار ومجرور يتعلق بقوله: "هبي"، وهي جملة من الفعل والفاعل وهو أنت المستتر فيه
(3)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا ريح" فإنه منادى مفرد، وكان حقه أن يضم ولكنه مفتوح؛ لأن من العرب من يبني المنادى المفرد على الفتح، ويقولون: يا طلحةَ بفتح التاء، وكذلك: يا ريحَ على هذه اللغة بفتح الحاء
(4)
.
الشاهد الرابع والثمانون بعد التسعمائة
(5)
،
(6)
قِفِي قَبْلَ التفَرُّقِ يا ضُبَاعَا
…
............................
أقول: قائله هو القطامي، واسمه عمير بن شييم، وتمامه
(7)
:
............................
…
ولا يكُ موقِفٌ منكَ الودَاعا
(1)
توضيح المقاصد (4/ 38).
(2)
بيت من بحر الرجز المشطور، ليس له تتمة ولا قائل، وهو في شرح الأشموني (3/ 174)، والمعجم المفصل في شرح شواهد النحو الشعرية (1117).
(3)
ورد في هامش الخزانة: "قول العيني: وهو أنت المستتر، الصواب الياء لأن الريح مؤنثة؛ فهي من الأفعال الخمسة".
(4)
قال الأشموني: "منهم من يبني المنادى المفرد على الفتح لأنها حركة تشاكل حركة إعرابه لو أعرب فهو نظير: لا رجل في الدار وأنشد هذا القائل: (البيت) بالفتح". الأشموني بحاشية الصبان ومعه شرح الشواهد للعيني (3/ 174).
(5)
لم أعثر عليه في المؤلفات التي شرح شواهدها العيني.
(6)
البيت مطلع قصيدة طويلة بلغت السبعين بيتًا في مدح زفر بن الحارث، قالها القطامي لما أطلقه زفر بن الحارث من الأسر وأعطاه المال، ومنها البيت المشهور:
أكفرًا بعد رد الموت عني
…
وبعد عطائك المائة الرتاعا
وانظر بيت الشاهد في الكتاب (2/ 243)، والمقتضب (4/ 94)، والمغني (452)، وشرح شواهد المغني (849)، والدرر (3/ 57) والخزانة (2/ 367)، وابن يعيش (7/ 91)، والدرر (2/ 73).
(7)
ديوان القطامي (258) د. محمود الربيعي.
وهو أول قصيدة طويلة من الوافر يمدح بها القطامي زفر بن الحرث بن عبد عمرو بن معاذ بن يزيد بن عمرو بن خويلد، وأراد بقوله:"ضُباعَا": ضباعة بنت زفر بن الحرث.
الإعراب:
قوله: "قفي ": أمر من وقف يقف؛ جملة من الفعل والفاعل، و "قبل التفرق": كلام إضافي نصب على الظرف.
قوله: "يا ضباعا": منادى مفرد معرفة مرخم، وأصله: ضباعة، قوله:"ولا يك" أصله: ولا يكن، فحذفت النون للتخفيف، و "موقف": اسم يكن، و "الوداعا": خبره، وقد علم في باب الخبر أن المعرفة هي المبتدأ، والخبر هو النكرة، وكذلك اسم كان وخبرها لا فرق بينهما
(1)
.
وأما القطامي فإنه عكس وجعل النكرة اسمًا والمعرفة خبرًا ليستقيم الوزن، والمعنى لا يفسد بذلك؛ إذ قد علم مراده، وذلك أن موقفًا هنا اجتمعت فيه ثلاثة أشياء تقربه من المعرفة: أحدهما: أنه وصف بقوله: "منك" والوصف مخصص.
والثاني: أن موقفًا مصدر نكرة، ونكرة المصدر قريبة من المعرفة إذا كان المصدر حسيًّا؛ ألا ترى أنه لا فرق في المعنى بين أن تقول: خالط هذا الماء عسل أو العسل؛ لأنك تريد المعهود.
الثالث: أن الوداع مصدر معرفته قريب من نكرته؛ ألا ترى أنه لا يريد وداعًا معهودًا بل وداعًا عامًّا، فَبَانَ بهذه الوجوه سهولة جعل المرفوع نكرة والمنصوب معرفة، قوله:"منك" في محل الرفع لأنه صفة للموقف، والتقدير: موقف حاصل منك.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا ضباعا" حيث عوض الألف فيه عن الهاء، وقال ابن مالك: ولا يستغنى غالبًا في الوقف على المرخم بحذفها عن إعادتها، أو تعويض ألف منها، وأشار بالتعويض إلى قوله:"يا ضباعا"
(2)
.
(1)
ينظر مثلًا شرح ابن عقيل على الألفية (1/ 216).
(2)
قال ابن مالك: "ولا يستغنى غالبًا في الوقف على المرخم حذفها عن إعادتها أو تعويض ألف منها". التسهيل (189)، بتحقيق: بركات، وهو ما حمله سيبويه على الضرورة في قوله: واعلم أن الشعراء إذا اضطروا حذفوا هذه الهاء في الوقف، وذلك لأنهم يجعلون المدة التي تلحق القوافي بدلًا منها .. وقال القطامي:(البيت) الكتاب (2/ 243، 244).
الشاهد الخامس والثمانون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
أَحَارَ بنَ بدرٍ قدْ وَلِيتَ ولايةً
…
.........................
أقول: قائله هو أنس بن زنيم، يخاطب به الحارث بن بدر الغداني حين ولاه عبيد الله بن زياد سُرَّق، وتمامه
(3)
:
.........................
…
فكُنْ جُرَذًا فيهَا تَخُونُ وتَسْرِقُ
وبعده هو قوله
(4)
:
2 -
ولَا تَحْقِرَنْ يا حَارِ شَيئًا وَجَدتَهُ
…
فَحَظُّكَ مِنْ مُلْكِ العِرَاقَيِن سُرَّقُ
3 -
وَبَاهِ تَميمًا بالغِنَى إنَّ لِلغِنَى
…
لسَانًا به المَرءُ الهَيُوبةُ يَنْطِقُ
4 -
وإنَّ جَميعَ الناسِ إمَّا مُكَذِّبٌ
…
يَقولُ بِمَا يَهوَى وإمَّا مُصَدِّقُ
5 -
يقُولُونَ أقْوَالًا ولَا يُحْكِمُونَهَا
…
فَإِنْ قِيلَ يَوْمًا حَقِّقُوا لمْ يُحقِّقُوا
وكان من أصل هذا أن حارثة بن بدر الغداني كان رجل بني تميم في وقته، وكان أخص أصحاب زياد، وكان الشراب قد غلب عليه؛ فكلما تكلموا فيه عند زياد ليحطوه فلا يلتفت إلى ذلك حتى مات زياد، وتولى عِوَضَهُ أرض العراق عبيد اللَّه جفاه عبيد اللَّه فقال له: إنك شريب، فاختر من عملي ما شئت واذهب إليه، فقال: ولّنِي رَامَهُزمُزْ فإنها أرض غداة وسرق، فإن بها شرابًا وُصِفَ لي، فولاه إياها، فلما خرج شيعه الناس، فقال أنس بن أبي أنيس:
أحار بن بدر ...........
…
................. إلى آخره
وهي من الطويل.
قوله: "عذاة" بفتح العين المهملة والذال المعجمة، وهي الأرض الطيبة التربة، قوله:"وسرق": مثال ركع، إحدى كور الأهواز، ومدينتها دورق، قوله:"جرذ" بضم الجيم وفتح الراء وبالذال
(1)
توضيح المقاصد (4/ 41)، ويروى فيه:(أحار بن زيد .................... ).
(2)
البيت من بحر الطويل، من مقطوعة اختلف في قائلها على ما ذكره الشارح، والصحيح أنها لأبي الأسود الدؤلي، قالها لحارثة بن بدر حين ولاه عبد الله بن زياد ولاية سرق من أرض العراق وخرج الناس يودعونه؛ أما أبو الأسود فقال بيكته ويقول له: إنها أرض غنية فخذ منها ما تشاء، وانظر بيت الشاهد في العقد الفريد (3/ 60)، والهمع (1/ 183)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 76)، واللسان:"سرق"، والدرر (3/ 54).
(3)
ينظر شرح التسهيل للمرادي (3/ 76).
(4)
انظر ديوان أبي الأسود الدؤلي (243)، تحقيق: عبد الكريم الدجيلي، بغداد (1954)، وانظر الأبيات والقصة كاملة في العقد الفريد (3/ 60).
المعجمة، وهو ضرب من الفأر، ويجمع على جرذان.
الإعراب:
قوله: "أحار" الهمزة حرف نداء، وحار منادى مفرد معرفة مرخم، والتقدير: يا حارثة بن بدر، وابن بدر: كلام إضافي مبني على الفتح مع المنادى؛ لأن المنادى مبني على الفتح مع الابن الواقع بين علمين
(1)
.
قوله: "قد وليت": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"ولاية": نصب على المفعولية، قوله:"فكن": أمر من كان، واسمه الضمير المستتر فيه، و "جرذًا" خبره، قوله:"فيها" أي: في الولاية، قوله:"تخون": جملة من الفعل والفاعل وقعت صفة لجرذ، و "تسرق": عطف عليها.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أحار" حيث أريد به حارثة؛ رخمه أولًا بحذف الهاء على لغة من لم ينو [رد]
(2)
المحذوف، ثم رخمه ثانيًا بحذف الثاء على لغة من نوى رد المحذوف
(3)
.
الشاهد السادس والثمانون بعد التسعمائة
(4)
،
(5)
يا أرطَ إنك فاعل ما قُلْتَهُ
…
.............................
أقول: قائله هو زميل بن الحارث، يخاطب أرطاة بن سهية، وتمامه
(6)
:
(1)
انظر قول الشارح: وابن بدر كلام إضافي مبني على الفتح مع المنادى مع قول الأشموني: لا خلاف أن فتحة ابن فتحة إعراب، إذا ضم موصوفه، وأما إذا فتح فكذلك عند الجمهور. الأشموني (3/ 143).
(2)
ما بين المعقوفين زيادة لإصلاح اللفظ.
(3)
يرى سيبويه جواز ترخيم ما رخم بحذف الهاء إذا بقي بعد الترخيم الثاني على ثلاثة أحرف فصاعدًا. ينظر الكتاب (2/ 244، 245) وفي هذا ينص المرادي بفوله: "فرع: أجاز سيبويه ترخيم ما رخم بحذف الهاء إذا بقي بعد الترخيم الثاني على ثلاثة أحرف فصاعدًا كقول الشاعر: (البيت) ...... ومنع ذلك عامة النحويين، ويظهر الاتفاق على أن ذلك لا يجوز في غير المرخم بحذف التاء، قال الشيخ أثير الدين: ولو ذهب ذاهب إلى أن ذلك مما حذف فيه التاء والحرف الذي قبله دفعة واحدة لا على التوالي لكان مذهبًا لا تكلف فيه" ينظر شرح التسهيل للمرادي (3/ 76، 77) دكتوراه بالأزهر.
(4)
توضيح المقاصد (4/ 41).
(5)
البيت من بحر الكامل، وهو لذميل بن الحارث (جاهلي) يخاطب أرطاة بن بهية في ملاحاة بينهما، وجواب إن قوله:
فافعل كما فعل ابن دارة سالم
…
ثم امش هومك سادر لا تتق
وانظر بيت الشاهد في الأغاني (13/ 37)، والهمع (1/ 184)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 76)، والأشموني (3/ 175)، والدرر (3/ 55).
(6)
ينظر شرح التسهيل للمرادي (3/ 76).
.................
…
والمرءُ يستحيِي إذا لم يَصْدُقِ
وهو من الكامل. المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "يا أرط" يا حرف نداء، وأرط: منادى مفرد معرفة مرخم، قوله:"إنك" الكاف فيه اسم إن، و "فاعل": خبره، قوله:"ما قلته": مفعول فاعل، و "ما" موصولة.
و"قلته": جملة من الفعل والفاعل والمفعول صلتها، قوله:"والمرء": مبتدأ، و "يستحيي": خبره، قوله:"إذا" للشرط، و "لم يصدق": فعل الشرط، والجواب محذوف، والتقدير: إذا لم يصدق يستحيي؛ دل عليه الكلام الأول.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا أرط" حيث يريد به يا أرطاة؛ رخمه أولًا بحذف التاء على لغة من يرد
(1)
المحذوف، ثم رخمه ثانيًا بحذف الألف على لغة من نوى رد المحذوف وهو الألف
(2)
.
الشاهد السابع والثمانون بعد التسعمائة
(3)
،
(4)
يا عَبْدَ هَلْ تَذْكُرُنِي سَاعةً
…
............................
أقول: قائله هو عدي بن زيد، وتمامه.
...........................
…
في مَوْكِب أو رَايِدًا للقَنِيصِ
[والبيت من بحر السريع]
(5)
، وضربه موقوف مطوي.
قوله: "في موكب" بفتح الميم وسكون الواو وكسر الكاف، وهو نوع من السير، و"الموكب": القوم الركوب على الإبل، والجمع مواكب، قوله:"أو رايدًا": من الرود وهو الطلب، يقال:
(1)
في (أ): من لم ينو رد المحذوف.
(2)
ينظر الشاهد السابق (985).
(3)
توضيح المقاصد (4/ 45).
(4)
البيت من بحر السريع، من قصيدة لعدي بن زيد العبادي، خاطب عبد هند (مركب إضافي) بن لخم بن عمر اللخمي، وكانت تحته عمرة بنت امرئ القيس ومطلعها قوله:
أبلغ خليلي عبد هند فلا
…
زلت قريبًا من سواد لخصوص
وانظر القصيدة في ديوان عدي بن زيد العبادي (68)، تحقق: محمد جيار، وانظر بيت الشاهد في شرح التصريح (2/ 184)، والأشموني (3/ 176)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 432) وشرح التسهيل للمرادي (3/ 80).
(5)
سقط في (أ، ب).
بعثنا رايدًا ورود لنا الكلأ؛ أي: ينظر ويطلب، و "القنيص" بفتح القاف وكسر النون، وهو الصيد، قال ابن فارس: القانص الصائد، والقنص: الصيد، والقنص فعله، قال ابن دريد: القنيص: الصيد، والقنيص: الصائد أيضًا
(1)
.
الإعراب:
قوله: "يا عبد" يا حرف نداء، وعبد منادى مضاف مرخم؛ إذ أصله: عبد هند، يخاطب الشاعر به عبد هند اللخمي
(2)
، وعبد هند علم له، قوله:"هل": للاستفهام، وقوله:"تذكرني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، و "ساعة": نصب على الظرف، قوله:"في موكب": جار ومجرور في محل النصب على الحال من الضمير المرفوع في "تذكرني"، قوله:"أو رايدًا": نصب على الحال - أيضًا-، و "للقنيص": يتعلق به.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا عبد" فإنه منادى مضاف مرخم؛ لأن أصله: يا عبد هند؛ كما ذكرنا فرخمه بحذف المضاف إليه؛ كما رخم النحاة: معدي كرب بحذف ثانيه
(3)
.
الشاهد الثامن والثمانون بعد التسعمائة
(4)
،
(5)
..............................
…
أعامِ لكَ ابن صَعْصَعَةِ بنِ سَعْدِ
أقول: قائله هو الأحوص بن شريح الكلابي، وصدره:
تَمَنَّانِي لِيَلْقَانِي لَقِيطٌ
…
...................................
وهو من الوافر.
قوله: "تمناني" أي: بلاني من البلاء، و "لقيط": اسم رجل.
(1)
انظر جمهرة اللغة لابن دريد (3/ 85)، حيدر أباد الدكن.
(2)
هو عبد هند بن زيد التغلبي شاعر من شعراء الجاهلية، روى أبو تمام شيئًا من شعره في ديوان الحماسة. ينظر الأعلام (4/ 174).
(3)
رخم بعض النحويين المضاف بحذف المضاف إليه كما في هذا الشاهد وهو نادر. ينظر شرح التسهيل للمرادي، (3/ 80).
(4)
توضيح المقاصد (4/ 46).
(5)
البيت من بحر الوافر، وقد نسب للأحوص بن شريح الكلابي، جاهلي، وانظره في الكتاب (2/ 238)، والتصريح، (2/ 184)، والهمع (1/ 181)، والدرر (3/ 50).
الإعراب:
قوله: "تمناني": جملة من الفعل والمفعول، و "لقيط": فاعله، واللام في "ليلقاني" للتعليل.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أعام" فإنه منادى مستغاث به، وليس فيه لام الاستغاثة، وقد رخم إذ أصله: أعامر، وقد علم أن ترخيم المنادى إنما يصح إذا لم يكن مستغاثًا ولا مندوبًا؛ فإنهم نصوا على أنهما لا يرخمان، وأجاز ابن خروف ترخيم المستغاث به إذا لم يكن فيه لام الاستغاثة، واستدل بهذا البيت
(1)
.
وقال أبو حيان: قال شيخنا أبو الحسن بن الضائع: وهذا ضرورة، وفيه نداء المستغاث به بغير يا
(2)
، وقد تقدم منعه على أن مجوزه أن عامرًا مما كثر التسمية به عندهم ونداؤه؛ ولذلك أكثر ما ينادى مرخمًا، فصار كأنه لم يحذف منه شيء، فلا ينبغي أن يقاس عليه.
الشاهد التاسع والثمانون بعد التسعمائة
(3)
،
(4)
كُلَّمَا نَادَى مُنَادٍ منهمُ
…
يا لَتَيْمِ الله قلنا يا لَمَالِ
أقول: قائله هو مرة بن الرواغ من بني أسد، وهو من الرمل. المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "كلما": نصب على الظرفية، وناصبها الفعل الذي هو جواب وهو قوله:"قلنا"، وجاءتها الطرفية من جهة ما، فإنها محتملة لوجهين:
الأول: أن تكون حرفًا مصدريًّا، والجملة بعده صلة له؛ فلا محل لها، ويكون التقدير: كل وقت نادى منادٍ، ثم عبر عن معنى المصدر بما والفعل، ثم أنيبا عن الزمان، أي: كل وقت نداء.
(1)
قال ابن خروف: "وقد ينادى في الشعر في الاستغاثة بغير زيادة وبغير ياء من حروف النداء (البيت) فاستغاث بعامر من غير زيادة ورخمه ونادى بالهمزة وحرف الاستغاثة: يا". ينظر: شرح جمل الزجاجي لابن خروف، تحقيق د. سلوى محمد عمر (1419 م).
(2)
قال ابن خروف وقد أجاز المستغاث به إذا لم يزد فيه زيادة قال: وعليه قوله: (البيت) أراد: عامر، وهذه ضرورة وفيه نداء المستغاث به بغير يا، وقد تقدم منعه". شرح الجمل لابن الضائع (1/ 431).
(3)
توضيح المقاصد (4/ 47).
(4)
البيت من بحر الرمل، وهو لمرة بن الرواغ (جاهلي)، وانظره في تذكرة النحاة (164)، والأشموني (3/ 176)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 61) دكتوراه بالأزهر.
والثاني: أن تكون اسمًا نكرة بمعنى وقت؛ فلا يحتاج على هذا إلى تقدير وقت، والجملة بعده في موضع خفض على الصفة؛ فتحتاج إلى تقدير عائد منها، أي: كل وقت نادى فيه منادٍ منهم، قوله:"مناد": فاعل لقوله: "نادى"، قوله:"منهم" في محل الرفع على أنها صفة لقوله: "مناد"، قوله:"يا لتيم الله" يا حرف نداء، ولتيم الله: منادى مستغاث به، قوله:"قلنا": جملة وقعت جوابًا لقوله: "كلما"، قوله:"يا لمال"[يا حرف]
(1)
نداء، ولمال منادى مستغاث به مرخم.
والاستشهاد فيه:
[في قوله: "يا لمال"]
(2)
فإنه منادى مرخم مستغاث به وفيه اللام؛ إذ أصله يا لمالك، فرخم المستغاث به، وفيه اللام، وقد علم أن المنادى المستغاث به لا يرخم سواء كان فيه لام أو لم يكن، إلا ما ذهب إليه ابن خروف من جواز ترخيمه إذا لم يكن فيه لام؛ كما ذكرناه في البيت السابق، وهذا البيت فيه منادى مستغاث به وهو باللام وقد رخم، فهو ضرورة أو شاذ.
الشاهد التسعون بعد التسعمائة
(3)
،
(4)
........................
…
ومَا عَهْدِي كَعَهدِكِ يا أُمَامَا
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، وأوله:
ألا أضحتْ حِبالُكمْ رِمَامًا
…
...........................
وقد تقدم الكلام فيه مستوفى في هذا الباب فليعاود هناك
(5)
.
* * *
(1)
و
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
توضيح المقاصد (4/ 59).
(4)
البيت من بحر الوافر، مطلع قصيدة طويلة يمدح بها هشام بن عبد الملك، ونصه في الديوان هكذا:
أأصبح حبل وصلكم رمامًا
…
وما عهد كعهد يا أماما
وانظر بيت الشاهد في الكتاب (2/ 270)، وشرح أبيات سيبويه (1/ 594)، والتصريح (2/ 190)، ونوادر أبي زيد (31)، والإنصاف (353)، وأسرار العربية (240)، والخزانة (2/ 365)، وديوان جرير (221)، ط. المعارف.
(5)
ينظر الشاهد رقم (974) باب الترخيم.
شواهد باب الاختصاص
الشاهد الحادي والتسعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
بنَا تَمِيمًا يُكْشَفُ الضَّبَابُ
…
..........................
أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج.
و"الضباب" بفتح الضاد المعجمة وتخفيف الباء الموحدة وفي آخره باء أخرى، وهو شيء كالغبار يكون في أطراف السماء، ومن ذلك يقال: ضبب البلد إذا كثر ضبابه ويوم مضب.
الإعراب:
قوله: "بنا": جار ومجرور يتعلق بقوله: "يكشف" أي: يكشف بنا الضباب، "والضباب": مرفوع لأنه مفعول ليكشف ناب عن الفاعل.
والاستشهاد فيه:
في قوله: "تميمًا" فإنه منصوب على الاختصاص، والتقدير: نَخُصُّ تميمًا، والباعث على الاختصاص إما إظهار فخر أو إظهار تواضع أو زيادة بيان، وهاهنا أراد به إظهار فخره بكونه من تميم أو لزيادة البيان
(3)
.
(1)
توضيح المقاصد (4/ 63).
(2)
بيت من بحر الرجز لرؤبة، وقبله ديوانه (169)[راحت وراح كعصا السبساب]، ولا ثالث لهما، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (2/ 234)، والهمع (1/ 171)، والخزانة (2/ 413)، والدرر (3/ 15).
(3)
هذا البيت لا علاقة له بالباب.
الشاهد الثاني والتسعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
كِلِينِي لِهَمٍّ يا أُمَيْمَةَ ناصِبِ
…
...........................
أقول: قائله هو النابغة الذبياني زياد بن معاوية، وتمامه:
.............................
…
وليلٍ أُقَاسِيهِ بَطِيءِ الكَواكِبِ
وهو من قصيدة يمدح بها عمرو بن الحارث الأعرج بن الحارث الأكبر بن أبي شمر، ويقال: شمر بإسكان الميم حين هرب إلى الشام لما بلغه سعي مرة بن ربيعة فرفع به إلى النعمان وخافه، والبيت المذكور من أول قصيدة، وبعده
(3)
:
2 -
تطاولَ حتى قلتُ ليسَ بمُنْقَضٍ
…
وليس الذي يرعَى النُّجومَ بآيِبِ
3 -
وصدرٍ أزَاحَ الليلُ عازبَ همِّهِ
…
تضاعفَ فيه الحزنُ من كلِّ جانبِ
4 -
عليَّ لِعمرٍو نعمةٌ بعدَ نعمةٍ
…
لِوالدِهِ لَيستْ بذاتِ عقاربِ
5 -
حلَفْتُ يمينًا غيرَ ذِي مثْنَويَّةٍ
…
ولا عِلْمَ إلَّا حُسْنُ ظَنٍّ بصاحبِ
وهي من الطويل.
قوله: "كِليني" أي: دعيني، وأصله من وكل وكلًا ووكولًا، وهذا الأمر موكول إلى رأيك: و "أميمة": اسم امرأة، و "ناصب": بمعنى منصب من النصب وهو التعب، فجاء به على طرح الزائد، وحمله سيبويه على النسب؛ أي: ذي نصب
(4)
؛ كما يقال: طريق خائف؛ أي ذو خوف، قوله:"أقاسيه" أي: أكابده وأعالج دفع طوله، ومعناه: أنه يقول: دعيني لهذا الهم الناصب ومقاساة الليل البطيء الكواكب حتى كأن راعيها ليس بآيب.
الإعراب:
قوله: "كليني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، قوله:"لِهَمٍّ": جار ومجرور يتعلق به
(1)
توضيح المقاصد (4/ 37).
(2)
البيت من بحر الطويل، مطلع قصيدة للنابغة الذبياني ديوانه (40) يمدح بها عمر بن الحارث الأعرج، بدأها بالغزل وانظر الشاهد في الكتاب (2/ 207)، (3/ 382)، وشرح أبيات سيبويه (1/ 445)، وابن يعيش (2/ 107) ورصف المباني (161)، والدرر (3/ 57)، واللسان:"كوكب، ونصب، وشبع"، وجواهر الأدب (121).
(3)
انظر القصيدة كلها في ديوان النابغة الذبياني (40)، ط. دار المعارف، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، والديوان (29)، شرح: عباس عبد الساتر.
(4)
ينظر الكتاب (3/ 382).
و "ناصب" بالجر صفته، وقوله:"يا أميمة": معترض بين الصفة والموصوف، قوله:"وليل" بالجر معطوف على قوله: "لهمٍّ"، وقوله:"أقاسيه": جملة من الفعل والفاعل والمفعول في موضع الجر على أنها صفة لليل، وقوله:"بطيء الكواكب": كلام إضافي [مجرور]
(1)
؛ لأنه صفة لليل بعد صفة، وقدم النعت بالجملة على النعت بالمفرد وهو جائز، قال اللَّه تعالى:{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام: 155] فقدم الوصف بالجملة وهو {أَنْزَلْنَاهُ} على {مُبَارَكٌ} وهو مفرد.
فإن قيل: إن ليلًا نكرة، وبطيء الكواكب معرفة بإضافته إلى ما فيه الألف واللام.
قلت: تلك الإضافة في نية الانفصال لأنها من باب الحسن الوجه، والتقدير: بطيء كواكبه؛ كما تقول: مررت برجل حسن الوجه، والتقدير: حسن وجهه. فافهم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا أميمة" حيث جاءت بفتح التاء؛ كما يقال في طلحة: يا طلحةَ بفتح التاء، وذلك كله بعد الترخيم، والأصل فيه أن يقال: يا طلحَ بالفتح، وطلحُ بالضم، ويا طلحةُ بضم التاء، وقد سمع وجه رابع وهو: يا طلحةَ بالفتح، وعلى هذا جاء قول النابغة: يا أميمةَ بالفتح.
واختلفوا فيه فقيل: هو مقرر على أصل النادى ولم ينون لأنه غير منصرف
(2)
، وقيل: هو مبني على الفتح لأن منهم من يبني النادى المفرد على الفتح؛ لأنها حركة تشابه حركة الإعراب
(3)
فهو نظير: لا رجل في الدار
(4)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
قال سيبويه: "وزعم الخليل رحمه الله أن قولهم: يا طلحةَ أقبل يشبه: يا تيمَ تيمَ عدي من قبل أنهم قد علموا أنهم لو لم يجيئوا بالهاء لكان آخر الاسم مفتوحًا، فلما ألحقوا الهاء تركوا الاسم على حاله التي كان عليها قبل أن يلحقوا الهاء، وقال النابغة الذبياني: (البيت) فصار: يا تيمَ تيمَ عدي اسمًا واحدًا، وكان الثاني بمنزلة الهاء في: طلحة تحذف مرة ويجاء بها أخرى، والرفع في: طلحةُ ويا تيمُ تيم عدي القياس". الكتاب (2/ 207، 208).
(3)
في (أ، ب): إعرابه.
(4)
نص ابن مالك على ما قاله سيبويه في نصه السابق ثم اختار لنفسه مذهبًا آخر فقال: "نص سيبويه على أن نداء ما فيه هاء التأنيث بترخيم أكثر من ندائه دون ترخيم، وبعد نصه قال: "واعلم أن ناسًا من العرب يثبتون الهاء فيقولون يا سلمةُ أقبل، وبعض من يثبت يقول: يا سلمةَ يعني بفتح التاء، ومنه قول الشاعر:(البيت) وعلل سيبويه الفتح بأنه لما كان الأكثر في نداء ما هي فيه نداءه بحذفها قدر وهي ثابتة عاريًا منها فحركت بالفتح لأنها حركة ما وقعت موقعه وهو الحرف الذي قبلها، وأسهل من هذا عندي أن تكون فتحة التاء إتباعًا لفتحة ما قبلها؛ كما كانت فتحة المنعوت في نحو: يا زيد بن عمرو إتباعًا لفتحة: ابن، وإتباع الثاني الأول أحق بالجواز لا سيما من كلمة واحدة، ويرجح هذا الاعتبار على ما اعتبره سيبويه قوله:"وبعض من يثبت يقول: يا سلمةَ فنسب الفتح إلى بعض من يثبت، ولو كان الفتح على ما ادعى من تقدير حذف التاء لكان منسوبًا إلى من يحذف لا إلى من يثبت، وهذا بيِّن، والاعتراف برجحانه متعين". شرح التسهيل لابن مالك (3/ 428).
وذهب أكثرهم إلى أنه مرخم فصار في التقدير: يا أميم، ثم أدخلت فيها الهاء غير معتد بها، وفتحت لأنها وقعت موقع ما يستحق الفتح وهو ما قبل هاء التأنيث
(1)
، ولأبي علي هاهنا قولان:
أحدهما: أن الهاء زائدة ففتحت إتباعًا لحركة الميم.
والثاني: أنها أدخلت بين الميم وفتحها، فالفتحة التي في الهاء هي فتحة الميم، ثم فتحت الميم إتباعًا لحركة الهاء. فافهم
(2)
.
* * *
(1)
ينظر شرح التسهيل للمرادي (3/ 74، 75) دكتوراه بالأزهر، والهمع (1/ 185).
(2)
ينظر البغداديات (501 - 508).
شواهد التحذير والإغراء
الشاهد الثالث والتسعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
أَخَاكَ أَخَاكَ إِنَّ مَنْ لا أَخَا لهُ
…
كَسَاعٍ إِلَى الهَيْجَا بغَيْرِ سِلاحِ
أقول: قائله هو مسكين الدارمي؛ كذا قاله البكري
(3)
، وهو من قصيدة من الطويل
(4)
.
وأصلها أن مسكينًا دخل على معاوية فسأله أن يفرض له فأبى، فخرج وهو يقول: أخاك أخاك، وبعده:
2 -
وإن ابن عَمّ المرَءِ فاعلَمْ جناحُهُ
…
وهلْ يَنهَضُ البَازِيُّ بغَيرِ جنَاحِ
3 -
ومَا طَالِبُ الحَاجَاتِ إلا مُعَذّبًا
…
ومَا نَال شَيْئًا طَالِبٌ لِنَجَاحِ
4 -
لحا اللهُ مَن بَاعَ الصدِيقَ بغيرِهِ
…
ومَا كُلُّ بيعٍ بِعْتُهُ برَبَاحِ
5 -
كَمُفْسِدٍ أَدْنَاهُ ومُصْلِحٍ غَيرَهُ
…
ولَمْ يَأْتمِرْ فيِ ذاكَ غير صَلَاحِ
قوله: "إلى الهيجا" أي: إلى الحرب، يمد ويقصر في النثر، وها هنا مقصورة.
الإعراب:
قوله: "أَخَاكَ": نصب على الإغراء؛ أي: الزم أَخَاكَ، والتكرير للتأكيد، قوله:"إن": من الحروف المشبهة بالفعل، وقوله:"من": موصولة، و "لا أخا له": جملة صلتها، ومحلها النصب على أنها اسم إن، وقوله:"كساع": خبرها، والكاف للتشبيه؛ أي: كرجل ساعٍ،
(1)
ابن الناظم (236)، وتوضيح المقاصد (4/ 73)، وأوضح المسالك (4/ 74).
(2)
البيت مطلع أبيات خمسة لمسكين الدارمي، ديوانه (29)، تحقيق: الجبوري وصاحبه (1970 م)، بغداد، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (1/ 256)، والخصائص (2/ 480)، والخزانة (3/ 65، 67)، والدرر (3/ 11)، وتلخيص الشواهد (62)، والتصريح (2/ 195)، والأغاني (20/ 171، 173).
(3)
لم نجده في سمط اللآلئ لأبي عبيد البكري.
(4)
في (أ، ب): من الوافر والصواب أنه من الطويل.
و "إلى الهيجا": يتعلق به، قوله:"بغير سلاح": كلام إضافي، والباء تتعلق بساع -أيضًا-.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أخاك" فإنه نصب على الإغراء، وهو أمر المخاطب بلزوم أمر يحمد به، والإغراء كالتحذير ينصب بفعل مضمر، تقديره: الزم أخاك وحافظ عليه، وهذا الإضمار لازم، والتقدير في أخاك الثاني كذلك
(1)
.
الشاهد الرابع والتسعون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
إن قومًا منهم عميرُ وأشبها
…
هُ عميرٍ ومنهم السَّفَّاحُ
لجديرون بالوَفاءِ إذا قا
…
لَ أخُو النّجْدَةِ السلاحُ السلاحُ
أقول: لم أقف على اسم قائلهما، وهما من الخفيف.
قوله: "لجديرون" أي: لائقون، وحريون، قوله:"بالوفاء"، ويروى: باللقاء، وهو الأصوب، و "النجدة" بكسر النون؛ الشجاعة.
الإعراب:
قوله: "قومًا": اسم إن، وقوله:"عمير": مبتدأ، و "منهم": مقدمًا خبره، والجملة في محل النصب صفة لقومًا، قوله:"وأشباه" أي: أمثال عمير؛ كلام إضافي عطف على الجملة قوله: "ومنهم السفاح" جملة من المبتدأ والخبر معطوفة على الجملة التي قبلها، قوله:"لجديرون": خبر إن، واللام فيه للتأكيد، قوله:"بالوفاء" يتعلق بجديرون.
قوله: "إذا" للشرط، وقوله:"قال أخو النجدة": جملة من الفعل والفاعل؛ فعل الشرط، وجوابه محذوف دل عليه قوله:"لجديرون بالوفاء"، قوله:"السلاح": مقول القول.
والاستشهاد فيه:
إذ أصله: خذ السلاح لأن مقول القول يكون جملة، ثم رفع لأن العرب ترفع ما فيه معنى
(1)
ذكره سيبويه تحت باب ما جرى من الأمر والنهي على إضمار الفعل المستعمل إظهاره إذا علمت أن الرجل مستغن عن لفظك بالفعل، ينظر (1/ 256)، فالإغراء: هو تنبيه الخاطب على أمر محمود ليفعله وحكمه النصب بفعل محذوف. ينظر شرح التصريح بمضمون التوضيح (2/ 195).
(2)
ابن الناظم (236)، وتوضيح المقاصد (4/ 73).
(3)
البيتان من بحر الخفيف، لم ينسبا لقائل، وانظرهما في الخصائص (3/ 102)، ومعاني القرآن للفراء (3/ 269)، وشرح الأشموني بحاشية الصبان (3/ 193)، والهمع (1/ 170)، والدرر (1/ 146).
التحذير وإن كان حقه النصب؛ كما في قوله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: 13]، فنصب الناقة على التحذير، وكل محذر فهو منصوب، ولو رفع على إضمار هذه ناقة الله لجاز كما ذكرنا؛ كذا قاله الفراء ثم أنشد البيتين المذكورين
(1)
، وكأنه جعل الإغراء تحذيرًا من حيث المعن؛ لأن من أمرته بلزوم الأمر فقد حذرته من تركه. فافهم
(2)
.
الشاهد الخامس والتسعون بعد التسعمائة
(3)
،
(4)
خَلِّ الطَّرِيقَ لِمَنْ يَبْنِي المَنَارَ بِهِ
…
وابْرُزْ بِبَرْزَةَ حَيْثُ اصْطَرَّكَ القَدَرُ
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي
(5)
، وهو من البسيط.
قوله: "المنار" بفتح الميم وتخفيف النون على وزن مفعل؛ من الاستنارة، وأراد به هاهنا حدود الأرض، و "البرزة": الأرض الواسعة
(6)
.
الإعراب:
قوله: "خلِّ": جملة من الفعل والفاعل، و "الطريق": مفعوله، واللام في "لمن": تتعلق بخل، و "يبني المنار": جملة من الفعل والفاعل والمفعول صلة للموصول، قوله:"به" أي: فيه، أي: في الطريق.
قوله: "وابرز": عطف على قوله: "خل"، قوله:"ببرزة" أي: في برزة، وقوله:"اضطرك القدر": جملة من الفعل والمفعول والفاعل وهو القدر.
والاستشهاد فيه:
في قوله: "خل الطريق" حيث أظهر فيه الفعل الناصب.
(1)
قال الفراء: "نصبت الناقة على التحذير حذرهم إياها، وكل تحذير فهو نصب، ولو رفع على ضمير هذه ناقة الله فإن العرب قد ترفعه، وفيه معنى التحذير؛ ألا ترى أن العرب تقول: هذا العدو فاهربوا وفيه تحذير، وهذا الليل فارتحلوا فلو قرأ قارئ بالرفع كان مصيبًا، أنشدني بعضهم: (البيتين) فرفع، وفيه الأمر بلباس السلاح". ينظر معاني القرآن (3/ 268، 269).
(2)
راجع شرح الأشموني بحاشية الصبان (3/ 193).
(3)
أوضح المسالك (4/ 73).
(4)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة طويلة لجرير يهجو بها عمر بن لجأ، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (1/ 254)، والتصريح (2/ 195)، واللسان:"برز"، وابن يعيش (2/ 30)، وشرح الأشموني (3/ 191).
(5)
ينظر ديوانه (211) ط. دار الكتب العلمية بشرح مهدي محمد ناصر، وأيضًا ديوانه دار المعارف (211)، تحقيق: د. نعمان طه.
(6)
الصواب أن برزة هي أم عمر بن لجأ التميمي الذي هجاه جرير بهذه القصيدة، ودليل ذلك البيت الذي قبله هو قوله:
أنت ابن برزة منسوب إلى لجأ
…
عند العصارة والعيدان تعصر
قال سيبويه: إذا قلت: الطريق الطريق لم يحسن إظهار الفعل؛ لأن أحد الاسمين قام مقامه، فإن أفردت الطريق حسن الإظهار وأنشد: خل الطريق البيت
(1)
.
الشاهد السادس والتسعون بعد التسعمائة
(2)
فإياكَ إِيَّاكَ المرَاءَ فإنَّهُ
…
إلى الشَّرِّ دَعَّاءٌ وللشّرّ جَالِبُ
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد التوكيد
(3)
.
والاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "فإياك" فإنه تحذير، ومعناه: احذر، "وإيا" لا تضاف في هذا الباب إلا إلى ياء المتكلم وكاف الخطاب وهاء الغيبة وفروعها، فلذلك قالوا
(4)
: "فإياه وإيا الشواب" شاذ
(5)
، ولا يحذف العاطف بعد "إيا" إلا والمحذور منصوب بإضمار ناصب آخر أو مجرور بمن، مثاله: إياك الشر، فلا يجوز أن يكون الشر منصوبًا بما انتصب به إياك.
وقال سيبويه: لا يجوز: رأسك الجدار، حتى تقول: من الجدار، أو والجدار، وزعموا أن ابن أبي إسحاق أجاز في هذا البيت:
فإياكَ إِيَّاكَ المِرَاءَ فإنَّهُ
…
..............................
وكأنه قال إياك ثم أضمر بعد إياك فعلًا، فقال: اتق المراء
(6)
.
وقال ابن عصفور: إن حذفت الواولم يلزم إضمار الفعل، نحو قوله: فإياك إياك المراء، تقديره: دع المراء
(7)
.
* * *
(1)
ينظر الكتاب (1/ 253، 254)، وشرح الأشموني (3/ 191).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 70).
(3)
ينظر الشاهد رقم (848).
(4)
هو من أمثلة قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لتذك لكم الأسل والرماح وإياي وأن يحذف أحدكم الأرنب" ومعناه: يطلب الرحمة في الصيد والذبح ويحذر من الوحشية في رمي الحيوان الضعيف بحجر ونحوه.
(5)
قال الأشموني: "وإياه وما أشبهه من ضمائر الغيبة المنفصلة أشذ من إياي كما في قول بعضهم: إذا بلغ الرجل الستين: فإياه وإيا الشواب، والتقدير: فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب، وفيه شذوذان: مجيء التحذير فيه للغائب وإضافة إيا إلى ظاهر وهو الشواب، ولا يقاس على ذلك ..... ". شرح الأشموني (3/ 191، 192).
(6)
ينظر الكتاب (1/ 279).
(7)
ينظر شرح الجمل لابن عصفور (2/ 410، 411).
شواهد أسماء الأفعال والأصوات
الشاهد السابع والتسعون بعد التسعمائة
(1)
،
(2)
دَعَاهُنَّ رِدْفِي فارْعَوَيْنَ لِصَوْتِهِ
…
كَمَا رُعْتَ بِالحَوْبِ الظِّمَاءَ الصَّوَادِيَا
أقول: قائله عويف القوافي، قاله الصاغاني، وهو من الطويل.
قوله: "ردفي "بكسر الراء، وهو الذي يركب خلف الراكب، قوله:"ارعوين" أي: رجعن، يقال: فلان حسن الرعو؛ أي: الرجوع، قوله:"كما رعت": من راع إذا أعجب، أو من راعه إذا أفزعه، والمعنى الثاني أقرب هنا.
قوله: "بِالحَوْبِ" بفتح الحاء المهملة وسكون الواو وفي آخره باء موحدة، وهو لفظ تزجر به الإبل، وقيل: صوابه: بالجوت بالجيم وبالتاء المثناة في آخره
(3)
، قوله:"الظماء" بكسر الظاء المعجمة؛ جمع ظمأى من ظمئ يظمأ من باب علم يعلم إذا عطش، و "الصوادي": جمع صادية؛ من الصدى وهو العطش -أيضًا-.
الإعراب:
قوله: "دعاهن": جملة من الفعل والمفعول وهو الضمير الذي يرجع إلى النسوة، وقوله:"ردفي": كلام إضافي فاعله، قوله:"فارعوين": جملة من الفعل والفاعل، و"لصوته": يتعلق به، قوله:"كما" الكاف للتشبيه، وما مصدرية، و "الظماء" بالنصب مفعول رعت،
(1)
ابن الناظم (239).
(2)
البيت من بحر الطويل، وقد نسب في مراجعه إلى عويف القوافي (جاهلي)، وانظره في أمالي ابن الحاجب (317)، والخزانة (6/ 381، 388)، وابن يعيش (4/ 75، 82)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (1073).
(3)
الصحيح أن الحوب بالحاء المهملة والباء الموحدة لفظ تزجر به الإبل، أما الجوت بجيم معجمة وتاء مثناة لدعاء الإبل إلى الماء، وهو المناسب هنا.
قوله: "بالحوب" يتعلق برعت وفيه حذف، وتقديره: بقولك: حوب حوب.
والاستشهاد فيه.
حيث يجوز فيه الإعراب والبناء، وذلك لأنه وقع موقع المتمكن؛ فيجوز أن يعرب بالكسر، ويجوز أن يبنى على الفتح. فافهم
(1)
.
الشاهد الثامن والتسعون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
وَا بأبي أنتِ وفُوكِ الأشنبُ
…
...........................
أقول: قائله راجز من رجاز تيم، وتمامه
(4)
:
كأنَّمَا ذُرَّ عَلَيْهِ الزَّرْنَبُ
أوْ زَنْجَبِيلٌ وهو عِندِي أطْيَبُ
قوله: "وفوك" أي: فمك، و "الأشنب"[أفعل من الشنب]
(5)
بفتح الشين المعجمة والنون وفي آخره باء موحدة، وهو حدة الأسنان، ويقال: برد وعذوبة، يقال: امرأة شنباء بينة الشنب.
قوله: "ذر" بالذال المعجمة؛ من ذررت الحب ونحوه، و "الزرنب" بفتح الزاي المعجمة وسكون الراء وفتح النون على وزن فعلل؛ ضرب من النبت طيب الرائحة.
الإعراب:
قوله: "وا بأبي" وفي رواية الجوهري: يا بأبي
(6)
ولا استشهاد فيه على هذه الرواية، وكلمة:"وا" للتعجب، و "أنت": مبتدأ، و "بأبي": مقدمًا خبره، تقديره: أنت مفداة بأبي، قوله:"وفوك": كلام إضافي مبتدأ، و "الأشنب": صفته، وقوله:"كأنما ذر عليه الزرنب": خبره.
"وذر": على صيغة المجهول، "والزرنب": مفعول ناب عن الفاعل، قوله:"أو زنجبيل": عطف على الزرنب، [قوله]:["وهو"]
(7)
مبتدأ، و "أطيب": خبره، والجملة حال.
(1)
ينظر شرح المفصل لابن يعيش (4/ 75) وما بعدها إلى (84)، واسم الفعل في كلام العرب والقرآن الكريم (302) د. السيد محمد عبد المقصود درويش، ط. مطبعة الأمانة، أولى (1986 م).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 79)، وأوضح المسالك (4/ 78).
(3)
بيت من الرجز المشطور لقائل من تيم، وانظره في الجنى الداني (498)، والتصريح (2/ 197)، والمغني (369)، والهمع (2/ 106)، وشرح شواهد المغني (786)، والدرر (4/ 305).
(4)
ينظر شرح شواهد المغني (786).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(6)
الصحاح مادة: "زرنب".
(7)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وا بأبي" حيث جاءت فيه "وا" بمعنى التعجب كما ذكرنا، وأسماء التعجب هي: وي وواهًا، ووا، وقال ابن مالك: إن وي وواهًا أكثر من وا
(1)
.
الشاهد [التاسع]
[*]
والتسعون بعد التسعمائة
(2)
،
(3)
واهًا لِسَلْمَى ثُمَّ وَاهًا وَاهًا
…
يا لَيْتَ عيْنَاهَا لَنَا وَفَاهَا
بِثَمَنٍ نُرْضِي بِهِ أَبَاهَا
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد المعرب والمبني
(4)
، قوله:"واهًا": كلمة تعجب، معناه أعجب، قوله:"وفاها" أي: فمها.
والاستشهاد فيه:
هاهنا في قوله: "واهًا": فإن معناه أعجب
(5)
.
الشاهد المكمل الألف
(6)
،
(7)
فَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ العقِيقُ وأَهْلُه
…
وهَيْهَاتَ خِلٌّ بالعَقِيقِ تُحَاولُهْ
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في باب التنازع.
(1)
قال ابن مالك: "ومن مجيء "وا" بمعنى أعجب قول الراجز (البيت) ووي وواهًا أكثر من وا". شرح الكافية الشافية (1386).
[*] تعليق الشاملة: في المطبوع: «الثامن»
(2)
أوضح المسالك (4/ 79).
(3)
أبيات من بحر الرجز المشطور، نسبت لأبي النجم العجلي وهي في ديوانه على الموسوعة الشعرية (CD) نشر دولة الإمارات العربية المتحدة، ولرؤبة بن العجاج وليس في ديوانه مجموع أشعار العرب، وهي مذكورة في ديوانه على الموسوعة الشعرية، نشر دولة الإمارات العربية المتحدة، وانظره في الصحاح مادة:"ووه"، وشرح شواهد المغني للسيوطي (128)، وانظره في الخزانة الشاهد (26)، (58)، وشرح التصريح (2/ 197)، وشرح الأشموني (3/ 17)، وبعدها:
إِنَّ أَباها وَأَبا أَباها
…
قد بلغا في المجد غايتاها
(4)
ينظر الشاهد رقم (17).
(5)
ينظر شرح الكافية الشافية (1386)، واسم الفعل في كلام العرب والقرآن الكريم (129).
(6)
أوضح المسالك (2/ 23).
(7)
البيت من بحر الطويل، وقد اختلف في قائله على ما هو موجود في الشرح، وهو من قصيدة طويلة قاربت المائة بيت، لجرير يجيب على الفرزدق في هجائه له، ويفتخر عليه، انظر ديوان جرير (2/ 963)، تحقيق د. نعمان طه، ط. دار المعارف، وديوانه (479)، ط. دار صعب، وانظر بيت الشاهد في الإيضاح (165)، والخصائص (3/ 42)، والهمع (2/ 111)، والدرر (2/ 145)، والتصريح (1/ 318)، (2/ 199)، واللسان:"هيه".
والشاهد فيه:
في قوله: "هيهات" فإنه اسم فعل عمل عمل مسماه؛ كما تقول: هيهات نجدٌ، معناه: بعدتْ نجدٌ]
(1)
.
الشاهد الأول بعد الألف
(2)
،
(3)
يَا أيُّهَا المائِحُ دَلْوي دُونَكَا
…
إِنِّي رأيتُ الناسَ يحْمَدُونَكَا
أقول: قالت هذا جارية من بني مازن، وقصته ما روى البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على بئر ذمة فنزل فيها ستة ماحة، ونزل فيها ناجية بن جندب الأسلمي رضي الله عنه بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدلت جارية من بني مازن دلوها، وقالت:
1 -
يا أيُّهَا المائِحُ دَلْوِي دُونَكَا
…
إِنِّي رأيتُ الناسَ يحْمَدُونَكَا
2 -
يُثْنُونَ خيرًا ويُمَجِّدُونَكَا
…
خُذْهَا إليكَ اشْغلْ بِهَا يمِينَكَا
فأجابها ناجية
(4)
:
1 -
قد علمت جارية يَمَانِية
…
أنِّي أنَا المائحُ واسْمِي نَاجِيَةْ
2 -
وطَعنَةٍ ذاتِ رَشَاشٍ واهِيَةْ
…
طَعنْتُهَا تَحتَ صُدُورِ العَاديَة
كذا ذكره الصاغاني في العباب، وقوله:"بئر ذمة" أي: قليلة الماء، وكذا بئر ذميم.
الإعراب:
قوله: "يا أيها" أي: منادى مفرد معرفة والهاء مقحمة للتنبيه، و "المائح": صفة المنادى، وهو بالحاء المهملة؛ من الميح، يقال: ماح إذا انحدر في الركيّ فملأ الدلو وهو مائح، وقال الجوهري: المائِحُ: الذي يَنزِلُ البئرَ فيملَأُ الدلوَ إذا قلَّ ماؤُهَا، والجمعُ: ماحةٌ
(5)
.
(1)
الشاهد كله سقط في النسخ التي بين أيدينا، واستكملناه من النسخة التي ظهرت حديثًا.
(2)
أوضح المسالك (4/ 82).
(3)
البيتان من بحر الرجز المشطور وهما لراجز جاهلي، وانظر الشاهد في المغني (609)، والمقرب (1/ 137)، ونسبه ابن الشجري إلى رؤبة (3/ 140)، ونفاه صاحب الخزانة (6/ 207) نفيًا قاطعًا، والتصريح (2/ 200)، والدرر (5/ 301)، وأسرار العربية (165)، والإنصاف (228)، ومعجم ما استعجم (416).
(4)
انظر الأبيات المذكورة والإجابة عليها في خزانة الأدب (6/ 207).
(5)
الصحاح "ميح".
قوله: "دلوي" إما مبتدأ، ودونكا خبره، وإما معمول دونكا على الاختلاف على ما يجيء بيانه الآن مفصلًا.
قوله: "إني" الضمير المتصل اسم إن، و "رأيت الناس": خبرها، و "الناس": مفعول رأيت، و "يحمدونكا": جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل النصب على أنها مفعول ثان إذا كانت الرؤية قلبية، وإن كانت بصرية تكون في موضع الحال فافهم، والألف في:"يحمدونكا ودونكا" للإشباع.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "دلوي دونكا" حيث استدل به الكسائي على جواز تقديم معمول اسم الفعل عليه، فإن قوله:"دونكا" اسم فعل، ودلوي معموله مقدمًا، والتقدير:"دونك [دلوي"]
(1)
؛ كما في قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24] والتقدير عنده: عليكم كتاب الله
(2)
.
وتأول البصريون ذلك على أن يكون كتاب الله منصوبًا على المصدر؛ أي: كتب الله ذلك عليكم كتابًا، ويكون نحو قوله تعالى:{وَعْدَ اللَّهِ} [الروم: 6]، أو على أن يكون مفعولًا بفعل مضمر، أي: الزموا كتاب الله، وكذلك: دلوي دونكا، تأولوه على أن يكون مرفوعًا بالابتداء، ودونكا: خبره، أو يكون منصوبًا بفعل محذوف تقديره: تناول دلوي. فافهم
(3)
.
الشاهد الثاني بعد الألف
(4)
،
(5)
يا عَنْزُ هذا شَجَرٌ وَمَاءُ
…
عَاعَيْتُ لوْ يَنْفَعُنِي العَيْعَاءُ
أقول: أنشده ابن الشجري في الأمالي ولم يعزه إلى قائله، وقال
(6)
:
(1)
ما بين المعقوفين زيادة لتوضيح التقدير.
(2)
قال مكي: "وقال الكسائي -أي في {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} هو منصوب على الإغراء بعليكم وهو بعيد أن ما انتصب على الإغراء لا يتقدم على ما قام مقام الفعل وهو عليكم" ينظر مشكل إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب (1/ 186)، والإنصاف مسألة (27)، واختيارات المرادي في تراثه النحوي د. أحمد السوداني (906) وما بعدها دكتوراه بالأزهر، ومعاني القرآن للفراء (1/ 322، 323)، ودراسات لأسلوب القرآن الكريم: القسم الثالث (4/ 213)، ومعاني القرآن للكسائي (127، 128).
(3)
ينظر الإنصاف مسألة (27)، ومشكل إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب (1/ 186)، واختيارات المرادي في تراثه النحوي د. أحمد السوداني (888) وما بعدها (906).
(4)
أوضح المسالك (4/ 84).
(5)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وانظرهما في الأمالي الشجرية (1/ 417)، والتصريح (2/ 202).
(6)
ينظر الأمالي (1/ 417).
1 -
يا عَنْزُ هذا شَجَرٌ وَمَاءُ
…
وحُجْرَةٌ في جَوْفِهَا صِلاءُ
2 -
عَاعَيْتُ لَوْ يَنْفَعُنِي العِيْعَاءُ
…
وقبلَ ذاكَ ذهبَ الحِيحَاءُ
قوله: "يا عنز" العنز: واحدة المعزى، قاله ابن فارس
(1)
، وقال الجوهري: العنز: الماعزة، وهي الأنثَى من المَعِزِ
(2)
، قوله:"عاعيت": فعل بني من عاعى التي هي زجر للعنز، و "العيعاء":[مصدر]
(3)
منه، و "الحيحاء" أيضًا مصدر من حاحى.
الإعراب:
قوله: "يا عنز" يا حرف نداء، وعنز: منادى مفرد بني على الضم، قوله:"هذا": مبتدأ، و "شجر": خبره، و "ماء": عطف عليه، قوله:"عاعيت": جملة من الفعل والفاعل، والمفعول محذوف، تقديره: عاعيته.
وكلمة: "لو" للشرط
(4)
، و "ينفعني": جملة من الفعل والمفعول، و "العيعاء": فاعلها وقعت فعل الشرط، والجواب محذوف تقديره: لو ينفعني العيعاء عاعيت؛ فحذف لدلالة عاعيت عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "عاعيت"، "والعيعاء" حيث بني الأول للماضي، والثاني للمصدر من عاعى غير مهموزين التي هي زجر للغنم كما ذكرنا
(5)
.
الشاهد الثالث بعد الألف
(6)
،
(7)
عَدَسْ ما لِعَبَّاد علَيْكِ إِمَارَةٌ
…
...........................
أقول: قائله هو يزيد بن المفرغ الحِمْيَرِيّ، وتمامه:
(1)
مجمل اللغة مادة: "عنز".
(2)
الصحاح مادة: "عنز".
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
في (أ): شرطية.
(5)
قال المصرح: "وكقولهم في دعاء الضأن: حاحا، وفي دعاء المعز: عاعا بالحاء المهملة في الأول وبالعين المهملة في الثاني حال كونهما غير مهموزين، والفعل منهما: حاحيت وعاعيت ......... والمصدر حيحًا وعيعًا بكسر أولهما وأصلهما: حيحاي وعيعاي أبدلت الياء همزة لتطرفها إثر ألف زائدة، قال الراجز: وقد نطق بالفعل والمصدر جميعًا (البيت)، ينظر شرح التصريح (2/ 201، 202)، والأمالي الشجرية (1/ 417).
(6)
أوضح المسالك (4/ 85).
(7)
البيت مطلع قصيدة من ثمانية أبيات ليزيد بن مفرغ الحميري، قالها يذكر خلاصه من السجن الذي بلاه به =
...........
…
أمِنْتِ وَهَذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ
وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الموصول في أوائل الكتاب
(1)
.
والاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "عَدَس" فإنه بفتح العين والدال وبالسين المهملات، وهو في الأصل صوت يزجر به البغل، وقد سمي به البغل هاهنا
(2)
.
الشاهد الرابع بعد الألف
(3)
،
(4)
يا دَارَ مَيَّةَ بالْعَلْيَاءِ فالسَّنَدِ
…
أَقْوَتْ وَطَال عَلَيْهَا سَالِفُ الأَبَدِ
أقول: قائله هو النابغة الذبياني، وهو أول القصيدة التي يمدح بها النعمان بن المنذر ويعتذر إليه مما بلغه عنه فيما وشى به بنو قريع في أمر المتجردة، وبعده
(5)
:
2 -
وَقَفْتُ فِيهَا أُصيلانًا أُسَائِلُهَا
…
عَيَّتْ جَوَابا وَمَا بالرَّبْعِ من أحدِ
3 -
إلَّا الأَوارِيَّ لأْيًا ما أُبَيِّنُهَا
…
والنُّؤْيُ كالحَوْضِ بالمظْلومَةِ الجَلَدِ
وهي إحدى القصائد السبع المعلقات.
1 -
قوله: "يا دار مية" إنما قال هذا توجعًا منه لأنه كان معها مقيمًا بها في سرور ونعمة زمن مرتبعهم، ثم انقضى ذلك فجعل يخاطبها توجعًا منه لما رأى من تغيرها، وتذكرًا لما عهده فيها، و "العلياء": ما ارتفع من الأرض، و "السند" بفتح السين المهملة والنون، وهو سند الجبل وهو ارتفاعه حيث يسند فيه؛ أي: يصعد، وإنما جعل الدار بالعلياء والسند، لأنها إذا كانت في موضع مرتفع لم يضرها السيل ولا ينهال عليها الرمل، قوله:"أقوت" أي: خلت
= عبد بن زياد بن أبيه، وقد ذكر الشارح خمسة منها غير بيت الشاهد، وبيت الشاهد والقصيدة في كثير من كتب الأدب والنحو، ينظر الخزانة (6/ 43)، والحماسة البصرية (1/ 87).
(1)
ينظر الشاهد رقم (112).
(2)
ينظر اسم الفعل (298)، د. سيد محمد عبد المقصود درويش.
(3)
أوضح المسالك (4/ 85).
(4)
البيت من بحر البسيط، وهو مطلع قصيدة في ديوان النابغة الذبياني في مدح النعمان، وانظر الشاهد في الكتاب (2/ 321)، والمحتسب (1/ 251)، والدرر (1/ 274 - 326)، ورصف المباني (452)، والتصريح (1/ 140)، واللسان:"سند" قصد، جرا"، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (247)، والأغاني (11/ 27).
(5)
انظر ديوان النابغة الذبياني (14)، ط. دار المعارف، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، و (9) من ديوانه بشرح عباس عبد الساتر.
من الناس وأقفرت، وإنما لم يقل: أقويتِ بالخطاب؛ لأن من كلامهم أن يخاطبوا الشيء ثم يتركوا خطابه ويكنوا عنه؛ كما في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} [يونس: 22]، و "السالف": الماضي، و "الأبد": الدهر.
2 -
قوله: "وقفت فيها": وصف أنه مر بالديار عشيًّا فوقف عليها وسألها عن أهلها توجعًا منه وتذكرًا، و "الأصيلان": تصغير أصلان؛ جمع: أصيل، وهو العشي، وإنما صغره ليدل على قصر الوقت، قوله:"عيت" أي: عجزت فلم تجبني، و "الربع": منزل القوم.
3 -
و "الأواري" بفتح الهمزة؛ محابس الخيل ومرابطها، واحدها آري، قوله:"لأيًا" أي: بطأ، و "النؤي" بضم النون؛ حاجز من تراب حول الخباء لئلا يدخلها السيل، و "المظلومة": الأرض التي لم تمطر فجاءها السيل فجأة، و "الجلد": الأرض الصلبة، والمعنى: ليس في الدار شيء إلا محابس الخيل قد خفي أثرها فلا أتبينها إلا بعد بطئ وجهد.
الإعراب:
قوله: "يا دار مية" يا حرف نداء، ودار مية: منادى مضاف منصوب، قوله:"بالعلياء": محلها النصب على أنها صفة لدار مية، والتقدير: الكائنة بالعلياء، قوله:"فالسند": عطف على العلياء، والفاء بمعنى الواو، قوله:"أقوت": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى دار مية، ومحلها النصب على الحال بتقدير: قد؛ كما في قوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90] أي: قد حصرت.
قوله: "وطال": فعل، و "سالف الأبد": كلام إضافي فاعله، والجملة عطف على أقوت.
ولم يذكر ابن هشام هذا البيت لأجل الاستشهاد، وإنما ذكره للاحتراز في قوله: اسم الصوت: ما خوطب به ما لا يعقل مما يشبه اسم الفعل، فإن قوله: مما يشبه اسم الفعل احتراز من نحو قوله: "يا دار مية بالعلياء فالسند"
(1)
.
(1)
قال المصرح: "وقولنا: مما يشبه اسم الفعل احتراز من نحو قوله: وهو النابغة الذبياني (البيت) فإن قوله: يا دار مية خطاب لما لا يعقل، ولكنه لم يشبه اسم الفعل لكونه غير مكتفى به، ولذلك احتاج إلى قوله: أقوت، وخاطب الدار توجعًا منه لما رأى من تغيرها، وذهب الكوفيون إلى أن قوله يا دار مية اسم موصول، وبالعلياء صلته، والعلياء: ما ارتفع من الأرض
…
والفاء فيه بمعنى الواو
…
". ينظر التصريح بمضون التوضيح (2/ 202).
الشاهد الخامس بعد الألف
(1)
،
(2)
أَلَا أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّويلُ أَلَا انْجَلِي
…
.........................
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وتمامه
(3)
:
.........................
…
بِصُبْحٍ وَمَا الإِصْبَاحُ منْكَ بِأمْثَلِ
وهو من قصيدته المشهورة: قِفَا نَبْكِ ...... إلى آخره، وقد مر غالب أبياتها.
قوله: "انجلي": من الانجلاء وهو الانكشاف، والمعنى: أنا مغموم فالليل والنهار عليَّ سواء، ومعنى: وما الإصباح منك بأمثل إذا جاء الصبح فإني -أيضًا- مغموم.
الإعراب:
قوله: "ألا" للتنبيه، وقوله:"أيها": منادى قد حذفت منه حرف النداء، وأصله: يا أيها، والهاء مقحمة للتنبيه، و "الليل": مرفوع لأنه صفتها، و "الطويل": صفة الليل.
وقوله: "انجلي": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه وهو أنت، والخطاب لليل، والكلام فيه هاهنا أن هذا خطاب لما لا يعقل، وقد علم أن اسم الصوت -أيضًا- خطاب لما لا يعقل ولكنه مما يشبه اسم الفعل، فبهذا القيد حصل الاحتراز عن مثل قوله:
................ ألا انجلي
…
.........................
فافهم
(4)
.
الشاهد السادس بعد الألف
(5)
،
(6)
............................
…
قِيلُ الفَوَارِسِ وَيْك عَنْتَرَ أَقْدَمِ
أقول: قائله هو عنتر بن شداد العبسي، وأوله:
(1)
أوضح المسالك (4/ 86).
(2)
البيت من بحر الطويل، من معلقة امرئ القيس، ديوانه (18)، دار المعارف، وانظره في سر الصناعة (413)، والخزانة (2/ 326)، ورصف المباني (79).
(3)
الديوان (117)، ط. دار الكتب العلمية.
(4)
قال المصرح:: ألا أيها الليل: خطاب لما لا يعقل، ولكنه لم يشبه اسم الفعل لكونه غير مكتفى به؛ ولهذا احتاج إلى قوله انجلي". ينظر شرح التصريح بمضمون التوضيح (2/ 202).
(5)
توضيح المقاصد (4/ 80).
(6)
البيت من بحر الطويل، من معلقة عنترة بن شداد العبسي، وهو في الشجاعة، وانظره في المحتسب (1/ 16)، =
وَلَقَدْ شَفَا نَفْسِي وَأَبْرَأَ سُقْمَهَا
…
........................
وهو من قصيدته المشهورة التي أولها
(1)
:
هل غادرَ الشُّعَراءُ من متردّمِ
…
أمْ هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ؟
قوله: "قيل الفوارس" بكسر القاف؛ بمعنى القول، ويروى -أيضًا- قول الفوارس وهو الأصح.
الإعراب:
قوله: "ولقد شفا" اللام للتأكيد، و "قد" للتحقيق، و "شفا": فعل ماض، و "نفسي": كلام إضافي مفعوله، قوله:"وأبرأ": عطف على قوله شفا، و "سقمها": كلام إضافي مفعوله.
وقوله: "قيل الفوارس": كلام إضافي، وقد تنازع فيه الفعلان شفا وأبرأ، فأعمل الثاني وأضمر في الأول، قوله:"ويك" أصله: ويلك، قوله:"عنتر": منادى مرخم، أصله: يا عنترة، فحذف منه حرف النداء ورخم، وقوله:"أقدم": أمر من قدم يقدم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ويك" حيث دخلت على وي كاف الخطاب، استدل به الكسائي على أن ويك محذوفة من: ويلك، والكاف عنده مجرورة بالإضافة، ويريد الشاعر به ويلك، وقال غيره:"وي" كلمة تعجب، والكاف اللاحقة به للمخطاب، والمعنى: أتعجب
(2)
.
الشاهد السابع بعد الألف
(3)
،
(4)
........................
…
كذاكَ القولَ إِنّ عليكَ عينَا
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، وصدره:
= وابن يعيش (4/ 77)، والجنى الداني (353)، والخزانة (6/ 406)، والمغني (369)، وشرح شواهد المغني (481).
(1)
الديوان (147)، بشرح مجيد طراد، و (142، 154)، بشرح: عبد المنعم عبد الرؤوف شلبي، ط. دار الكتب العلمية، أولى (1980 م).
(2)
قول الكسائي هذا مذهب ذكره ابن يعيش في قوله: "ذهب الكسائي إلى أن الأصل: ويلك، فحذفت اللام تخفيفًا وهو بعيد وليس عليه دليل" ابن يعيش (4/ 78) وينظر اسم الفعل في كلام العرب والقرآن الكريم (389)، والصبان على شرح الأشموني (3/ 199)، وينظر ابن يعيش (4/ 77) في موضع الكاف.
(3)
توضيح المقاصد (4/ 82).
(4)
البيت من بحر الوافر من قصيدة يهجو بها جرير الفرزدق والبعيث يقول:
فقد أمسى البعيث سخين عين
…
وما أمسى الفرزدق قر عينَا =
يَقُلْنَ وقد تَلاحَقتِ المطَايا
…
............................
وهو من قصيدة يهجو بها الفرزدق، والبعيث بفتح الباء الموحدة وفي آخره ثاء مثلثة لقب شاعر من بني تميم، واسمه خداش بن بشير، وأولها هو قوله
(1)
:
1 -
عَفَا قَوٌّ وكان لنا محلًّا
…
إلى جَوَّى صلاصلَ مَنْ لُبَينَى
2 -
ألا نادِ الظعائِنَ لَوْ لَوينَا
…
ولولا مَنْ يُرَافِين ارعوينَا
3 -
يقلن ...............
…
.................... إلى آخره
وهي طويلة من الوافر.
قوله: "عفا" أي: اندرس، و "قوّ" بفتح القاف وتشديد الواو، وهو اسم موضع، وكذلك:"جوى صلاصل": اسم موضع، و "لبينا": اسم محبوبته، وهو بضم اللام وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره نون، و "الظعائن" جمع ظعينة وهي المرأة في الهودج، قوله:"لوينا": من اللي وهو الالتفات، قوله:"يرافين" بالفاء؛ من المرافاة وهي الاتفاق والالتحام، وأصله من رفوت الرجل إذا سكنت رعبه، قوله:"ارعوينا"، يقال: ارعوى عن فعلة القبيح إذا رجع عنه رجوعًا حسنًا.
الإعراب:
قوله: "يقلن": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"وقد تلاحقت": جملة من الفعل والفاعل في محل النصب على الحال، قوله:"كذاك": اسم فعل هاهنا على ما يجيء، وقوله:"القول": بالنصب مفعول كذاك، قوله:"عينًا": اسم إن، و "عليك": مقدمًا خبره.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كذاك" فإنه اسم فعل هاهنا، ومعناه: أمسك
(2)
.
= وانظر بيت الشاهد في الخصائص (3/ 39)، واللسان:"لحق"، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (986).
(1)
انظر القصيدة في الديوان لجرير (353)، ط. دار المعارف، تحقيق: د. نعمان طه.
(2)
"كذاك" اسم فعل أمر بمعنى أمسك وهو منقول من الجار والمجرور الذي هو اسم الإشارة: "ذا"، وقد اتصلت به كاف الخطاب، وهو ما استشهد به المرادي في توضيحه للمقاصد، وهذا على رواية نصب القول بعده، أما على رواية من رفع القول فلا. ينظر اسم الفعل في كلام العرب والقرآن الكريم (142، 143) وفي ذلك يقول ابن جني في الخصائص (3/ 39):) ومنه قوله (البيت) فهذا اسم أحفظ القول أو اتق القول".
الشاهد الثامن بعد الألف
(1)
،
(2)
رُوَيْد بَنِي شَيْبَانَ بَعْضَ وَعِيدِكُمْ
…
......................
أقول: قائله هو وداك بن ثميل المازني، وتمامه
(3)
:
...........................
…
تُلاقُوا غدًا خَيْلِي عَلَى سَفَوانِ
وهو من قصيدة نونية من الطويل، وبعده:
تُلاقُوا جِيَادًا لا تَحِيدُ عَنِ الوَغَى
…
إذَا مَا غَدَتْ في المأْزِقِ المُتَدَانِي
قوله: "سفوان" بفتح السين المهملة والفاء؛ اسم موضع، قوله:"لا تحيد": من الحيد وهو الميل، و "الجياد" على وزن فِعَال بكسر الفاء؛ جمع جائد، و "الوغى": الحرب، و "المأزق" بفتح الميم وسكون الهمزة وكسر الزاي المعجمة وفي آخره قاف، وهو المضيق.
الإعراب:
قوله: "رويد" معناه: أمهل، ومعناه هاهنا دع، أو اترك، جملة من الفعل والفاعل، [وقوله:"بني شيبان": كلام إضافي منادى منصوب حذف منه حرف النداء، وأصله: يا بني شيبان، وقوله:"بعض وعيدكم": كلام إضافي مفعول لقوله: رويد.
قوله: "تلاقوا": جملة من الفعل والفاعل، جواب الأمر، ولهذا جزم]
(4)
، وقوله:"خيلي": كلام إضافي مفعول تلاقوا، و "غدًا": نصب على الظرف، و "على سفوان": يتعلق بتلاقوا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "رويد بني شيبان" حيث جاء رويد من غير زيادة كلمة (ما) بعده؛ لأنه قد جاء (ما) في بعض هذه المواضع بعد: رويد زائدة؛ كما في قوله: لو أردت الدراهم لأعطيتك رويد ما الشعر، أي: فدع الشعر، وكلمة ما زائدة
(5)
.
(1)
توضيح المقاصد (4/ 84).
(2)
البيت من بحر الطويل، من مقطوعة في الشجاعة والقتال لوداك بن ثميل، شاعر جاهلي، وآخرها قوله:
إذا استجدوا لم يسألوا من دعاهم
…
لأنه حرب أم يأتي مكان
وانظر بيت الشاهد في ابن يعيش (4/ 41)، واللسان:"رود"، والمحتسب (1/ 150)، والمغني (456)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (1/ 127)، ومعجم ما استعجم (740)، وشرح شواهد المغني للسيوطي (853).
(3)
ينظر شرح شواهد المغني (853)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (1/ 127).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
انظر المفصل (152) وفي ذلك يقول الزمخشري: "في رويد أربعة أوجه هو في أحدها مبني وهو إذا كان اسمًا =
شواهد نوني التوكيد
الشاهد التاسع بعد الألف
(1)
،
(2)
هلَّا تَمُنِّنْ بوَعْدٍ غَيْرَ مُخْلِفَةٍ
…
كما عَهِدْتُكِ في أيامِ ذي سَلَمِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.
قوله: "هلا تمنن" بكسر النون الأولى وسكون الثانية؛ لأن أصله: تمنين خطاب للمؤنث، فلما دخلت عليه هلا التي للطلب سقطت النون، فصار: هلا تمني، ثم لما دخلت عليه نون التوكيد الخفيفة وهي ساكنة التقى ساكنان وهما النون والياء فحذفت الياء، فصار: هلا تمنن
(3)
، قوله:"ذي سلم" بفتح السين واللام، وهو اسم موضع بالحجاز، وقيل: اسم واديها.
الإعراب:
قوله: "هلا" للتحضيض والطلب، و "تمتن": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه، أعني: أنت للمؤنث، وقوله:"بوعد": يتعلق به، قوله:"غير مخلفة": كلام إضافي نصب على الحال، قوله:"كما عهدتك" الكاف للتشبيه، وما يجوز أن تكون مصدرية، والتقدير:
= للفعل، وعن بعض العرب: والله لو أردت الدراهم لأعطيتك رويد ما الشعر، وهو فيما عداه معرب وذلك أن يقع صفة كقولك: ساروا سيرًا رويدًا .......... ". وينظر شرح المقرب د. علي فاخر (267)(المنصوبات)، وشرح ابن يعيش (4/ 39 - 41).
(1)
ابن الناظم (139)، وأوضح المسالك (4/ 98)، ومعه مصباح السالك لبركات يوسف هبود. ط. دار المعرفة.
(2)
البيت من بحر البسيط، لقائل مجهول، وانظره في شرح التصريح (4/ 202)، والهمع (2/ 78)، والدرر (5/ 151).
(3)
ظاهر كلامه أن نون الرفع حذفت للجزم، وأن هلا هي الجازمة، وهو خطأ، وإنما النون حذفت لتوالي الأمثال، ثم حذفت ياء المؤنثة المخاطبة لالتقاء الساكنين.
كعهدي إياك في أيام ذي سلم
(1)
، فكأنها قد وافته في الأيام التي كانوا مربعين بذي سلم ثم شرعت تخلف؛ فلذلك خاطبها بهذا الخطاب.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "هلا تمنن" حيث أكد بنون التأكيد بعد حرف التحضيض
(2)
.
الشاهد العاشر بعد الألف
(3)
،
(4)
فليتَكِ يومَ الملتقَى تَرَيِنَّنِي
…
لكي تَعْلَمِي أنِّي امرُؤٌ بكِ هائِمُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
قوله: "يوم الملتقى" أي: يوم الالتقاء بك، و "الهائم": المتحير في العشق الغريق فيه.
الإعراب:
قوله: "فليتك" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، والكاف اسم ليت وقوله:"ترينني": خبرها، و "يوم الملتقى": كلام إضافي نصب على الظرف قوله: لكي" اللام فيه للتعليل، وكي هنا بمنزلة أن المصدرية معنًى وعملًا، وليست بحرف تعليل؛ إذ لو كانت حرف تعليل لم يدخل عليها حرف تعليل، وأن مقدرة بعدها فلذلك نصب تعلمي
(5)
.
[قوله: "أني" الياء اسم أن، و "امرؤ": خبرها، وأن مع اسمها وخبرها سدت مسد مفعولي تعلمي، ويروى: لكي تعلمي]
(6)
أي امرئ، فأي مبتدأ مضاف إلى امرئ، وقوله:"هائم": خبره، وعلى الوجه الأول:"هائم": صفة امرئ، وقوله:"بك": يتعلق بهائم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ترينني" حيث أكده بنون التأكيد الثقيلة لوقوع الفعل بعد التمني
(7)
.
(1)
والرأي الثاني في "ما" الذي أشار إليه هو أن تكون موصولة، أي كالذي عهدتك، أو كالعهد الذي عهدتك.
(2)
ينظر شرح التصريح (4/ 202).
(3)
ابن الناظم (239).
(4)
البيت من بحر الطويل، لقائل مجهول، وهو في التصريح (2/ 204)، والهمع (2/ 78)، والأشموني (3/ 213)، والدرر (5/ 151).
(5)
قوله: "أن مقدرة بعدها، لا داعي له لأن اللام للتحليل، وكي هي المصدرية الناصبة.
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(7)
ينظر شرح التصريح بمضمون التوضيح (2/ 204)، وهو من مواضع التوكيد بالنون جوازًا.
الشاهد الحادي عشر بعد الألف
(1)
،
(2)
فَهَلْ يَمْنَعَنِّي ارْتِيَادِي البلا
…
دَ مِنْ حَذَرِ المَوْتِ أنْ يَأْتِيَنْ
أقول: قائلة هو الأعشى ميمون بن قيس، وهو من قصيدة طويلة من المتقارب، وأولها هو قوله
(3)
:
1 -
لعَمْرُكَ مَا طُولُ هذا الزمنْ
…
على المرءِ إلَّا عَنَاءٌ مُعَنْ
2 -
يظلُّ رجيمًا لِرَيْبِ المَنُونِ
…
ولِلْهَمِّ في أهلِهِ والحزَنْ
3 -
وهالكِ أهْلٍ يُجِنُّونه
…
كآخرَ في قفْرَةٍ لم يُجَنْ
4 -
وما إنْ أَرَى الدهرَ في صرفِهِ
…
يغادر من شارخٍ أو يفنْ
5 -
فَهَلْ يَمْنَعَنِّي ..........
…
........................ إلخ
وقد مدح الأعشى بهذه القصيدة قيس بن معدي كرب الكندي، قال أبو عبيدة: وهي أول كلمة مدحه بها.
1 -
قوله: "عناء" أي: تعب ومشقة، قوله:"معن" أصله: معنّ بالتشديد؛ أي: متعب.
2 -
قوله: "رجيمًا" بالجيم؛ أي: المرجوم، أي: المرمي، يريد أن ريب الدهر يرجمه بأحداثه، قوله:"والهم" يروى بالجر والرفع، و "المنون": الموت.
3 -
قوله: "يجنونه" بالجيم؛ أي: يدفنونه، ومنه سمي القبر الجنين.
4 -
قوله: "يغادر" أي: يترك، و "الشارخ" بالشين والخاء المعجمتين؛ الشاب، و "اليفن" بالياء آخر الحروف والفاء؛ الشيخ الكبير.
5 -
قوله: "وهل يمنعني" وفي ديوان الأعشى: فهل بالفاء، قوله:"ارتيادي البلاد" أي: الطواف فيها؛ من راد يرود رودانًا.
(1)
ابن الناظم (140).
(2)
البيت من بحر المتقارب، من قصيدة طويلة للأعشى يمدح فيها قيس بن معدي كرب الكندي، ومما قاله وهو شاهد للنحاة:
وَأُنْبِئْتُ قَيْسًا ولَمْ أَبْلُهُ
…
كَمَا زَعَمُوا خَيْرَ أهْلِ اليَمَنِ
وقد مر هذا البيت في الشاهد رقم (370 / ظ)، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (3/ 513)، والمحتسب (1/ 349)، وابن يعيش (9/ 40، 86)، والدرر (5/ 151)، والهمع (2/ 78).
(3)
الديوان (206) ط. دار الكاتب العربي، شرح إبراهيم جزيني (1968 م)، و (51)، تحقيق: محمد حسين، ط. المكتب الشرقي بلبنان.
الإعراب:
قوله: "وهل" للاستفهام، و "يمنعني": جملة من الفعل والمفعول، وقوله:"ارتياد البلاد": كلام إضافي، والمصدر مضاف إلى مفعوله، وفي ديوان الأعشى: ارتيادي البلاد بإضافة ارتياد إلى ياء المتكلم، ونصب البلاد على المفعولية وهو الصحيح، قوله:"من حذر": يتعلق بقوله: "يمنعني".
قوله: "أن يأتين": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى الموت، و "أن" مصدرية تقديره: بأن يأتيني، أي: بإتيانه، أي: بإتيان الموت، وأصل التركيب: هل يمنعني ارتيادي في البلاد من حذر إتيان الموت؟
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فهل يمنعني" حيث أكده بنون التوكيد الثقيلة لوقوع الفعل بعد الاستفهام
(1)
.
الشاهد الثاني عشر بعد الألف
(2)
،
(3)
فأقبِلْ على رهْطِي وَرَهْطِكَ نبتَحِثْ
…
مساعينا حتَّى تَرَى كيفَ نَفْعَلا
أقول: ذكره ابن الطراوة وغيره، ولم أر أحدًا عزاه إلى قائله، وهو من الطويل.
و"الرهط": العصابة دون العشرة، ويقال: بل إلى الأربعين، قوله:"نبتحث" أي: نفتش، قال: بحث وابتحث إذا فتش، ولكنه يستعمل بكلمة عن، تقول: بحث عنه وابتحث عنه، وقد ترك الشاعر كلمة عن، وهي مقدرة تقديره: نبتحث عن مساعينا، أي: فضائلنا ومآثرنا.
الإعراب:
قوله: "فأقبل" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، وأقبل: أمر من الإقبال، وهو جملة من الفعل والفاعل، و "على رهطي": في محل النصب على المفعولية، قوله:"ورهطك": معطوف عليه.
(1)
قال سيبويه: "ومن مواضعها: الأفعال غير الواجبة التي بعد حروف الاستفهام، وذلك لأنك تريد: أعلمني إذا استفهمت، وهي أفعال غير واجبة فصارت بمنزلة أفعال الأمر والنهي، فإن شئت تركت النون، وإن شئت تركت؛ كما فعلت ذلك في الأمر والنهي، وذلك قولك: هل تقولن؟ وأتقولن ذاك؟ وكم تمكثن؟ وانظر ماذا تفعلن. وكذلك جميع حروف الاستفهام، وقال الأعشى: (البيت) ........... ". ينظر الكتاب (3/ 513).
(2)
ابن الناظم (240).
(3)
البيت من بحر الطويل، وهو للنابغة الجعدي في شرح أبيات سيبويه (2/ 251)، وليس في ديوانه وهو في الكتاب (3/ 513)، فهو من الأبيات الخمسين مجهولة القائل، والدرر (5/ 143)، والخزانة (4/ 558) والهمع (2/ 78).
قوله: "نبتحث": مجزوم لأنه جواب الأمر؛ قوله: "مساعينا": كلام إضافي مفعول نبتحث، و"حتى" للغاية، والمعنى: إلى أن ترى، و"ترى": جملة من الفعل والفاعل وهو المخاطب، وهو من الرأي الذي بمعنى الاجتهاد.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كيف نفعلا" أصله: نفعلن بنون التأكيد الخفيفة، أكده لوقوع الفعل بعد اسم الاستفهام وهو كيف؛ فأبدلت النون ألفًا لأجل القافية
(1)
، وقد قال ابن الطراوة قوله:"كيف نفعلا" على أنها نون الترنم أبدلها ألفًا في الوقف، وفيه نظر؛ لأن من شرط نون الترنم أن لا تغير حركة ما قبلها، وقد غيرت هاهنا لأن الفعل مرفوع
(2)
.
الشاهد الثالث عشر بعد الألف
(3)
،
(4)
فَإِمَّا تَرَيْنِي وَلِي لِمَّةٌ
…
فَإِنَّ الحَوَادِثَ أَوْدَى بهَا
أقول: قائله هو الأعشى، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الفاعل
(5)
:
الاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "فإما تريني" حيث ترك فيه نون التأكيد بعد إما الشرطية [وفيه رد على الزجاج حيث أوجب التأكيد بعد إما الشرطية]
(6)
، وليس بواجب بل هو جائز، يجوز توكيده ويجوز تركه
(7)
.
(1)
ينظر الشاهد السابق وبعد نصه هناك يقول: "وقال (البيت) .... فهذه الخفيفة، وزعم يونس أنك تقول: هلا تقولنَّ وألَّا تقولَنَّ، وهذا أقرب لأنك تعرض فكأنك قلت: افعل؛ لأنه استفهام فيه معنى العرض
…
". الكتاب (3/ 513، 514).
(2)
ينظر ابن يعيش (9/ 33).
(3)
ابن الناظم (240).
(4)
البيت من بحر المتقارب من قصيدة للأعشى ميمون يمدح بها رهط عبد المدان الحارثي، من سادة نجران، ومطلعها قوله:
ألَمْ تَنْهَ نَفْسَكَ عَمَّا بِهَا
…
بَلى عَادَهَا بَعْضُ أَطْرَابهَا
وانظر ديوان الأعشى (207)، تحقيق: محمد حسين، وانظر بيت الشاهد في الأشموني بحاشية الصبان وشرح شواهده للعيني (2/ 53)، (3/ 216). وينظر الشاهد (387) من هذا البحث.
(5)
ينظر الشاهد رقم (387) من هذا البحث.
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(7)
ذهب سيبويه والفارسي إلى أن تأكيد المضارع بعد إما قريب من الواجب، يقول سيبويه معللًا ذلك: "ومن مواضعها: حروف الجزاء إذا وقعت بينها وبين الفعل (ما) لتوكيد، وذلك لأنهم شبهوا (ما) باللام التي في:(لتفعلن) لما وقع التوكيد قبل الفعل ألزموا النون آخره كما ألزموا هذه اللام، وإن شئت لم تقحم النون؛ كما أنك إن شئت لم تجئ بها، فأما اللام فهي لازمة في اليمين، فشبهوا (ما) هذه إذا جاءت توكيدًا قبل الفعل بهذه اللام التي جاءت لإثبات النون، فمن ذلك قولك: إما تأتيني أتك، وتصديق ذلك قوله عز وجل:{وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ} [الإسراء: 28] وقال عز وجل: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} [مريم: 26]. ينظر الكتاب (3/ 514، 515). =
الشاهد الرابع عشر بعد الألف
(1)
،
(2)
لَئِنْ تَكُ قَدْ ضَاقَتْ عليكم بيوتكمْ
…
لَيَعْلَمَ رَبِّي أنَّ بَيتِيَ واسِعُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل، المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "لئن" اللام فيه للتأكيد، وإن للشرط، و"تك" أصله: تكن حذفت النون للخفة، وهذه زائدة هاهنا؛ لأن المعنى يتم بدونها، فإذا كان "تكون" زائدة لا تعمل شيئًا أو تكون تامة، والمعنى: لئن يكن الشأن قد ضاقت إلخ
(3)
.
قوله: "قد" للتحقيق، و"ضاقت": فعل، وقوله:"بيوتكم": كلام إضافي فاعله، وقوله:"عليكم": في محل النصب على المفعولية، قوله:"ليعلم ربي": جملة من الفعل والفاعل، واللام فيه للتأكيد، أعني: تأكيد القسم، قوله:"أن" مع اسمها وخبرها قد سدت مسد مفعولي يعلم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ليعلم" إذ أصله: ليعلمن بنون التأكيد فحذفها
(4)
.
= وأما الزجاج والمبرد فقد ذهبا إلى أن تأكيد المضارع بعد إما واجب، يقول الزجاج:"السبب الذي له دخلت النون الشرط في قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى} [البقرة: 38]-، {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} ، {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ} ونحو ذلك عند النحويين إنما هو لحاق (ما) أول الفعل بعد (إن) فلذلك صار موضعًا للنون بعد أن لم يكن لها موضع".
إعراب القرآن المنسوب للزجاج (2/ 605).
وليس في كلام الزجاج السابق ما يدل على وجوب توكيد المضارع بالنون إذا كان مسبوقًا بـ (إن) المدغمة في (ما) علمًا بأن النحاة نسبوا إليه ذلك، ونسب -أيضًا- إلى المبرد. وممن نسب إليهما ذلك أبو حيان في البحر المحيط (7/ 477)، والسيوطي في الهمع (2/ 78).
(1)
ابن الناظم (240).
(2)
البيت من بحر الطويل، ولم ينسبه العيني لكنه للكميت بن معروف في الخزانة (10/ 68، 70)، (11/ 331، 351)، ومعاني القرآن للفراء (1/ 66)، (2/ 131)، والتصريح (2/ 254)، وشرح الأشموني (3/ 215)، (4/ 30)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (527).
(3)
قوله في تك: إنها زائدة أو هي كان التامة كلام غير واضح، والصحيح أن تك ناقصة، واسمها ضمير الشأن، أو هو بيوتكم، وجملة قد ضاقت: الخبر.
(4)
جواب القسم إن كان مضارعًا مثبتًا مستقبلًا وجب توكيده باللام والنون معًا إن كان غير مقرون بحرف تنفيس ولا مقدم المعمول نحو: والله لأفعلن، وإلا فباللام نحو:{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5] فإن كان الجواب مضارعًا منفيًّا لم يؤكد، ولو كان بمعنى الحال أكد باللام دون النون لأنها مختصة بالمستقبل وذلك نحو: والله ليفعل: =
الشاهد الخامس عشر بعد الألف
(1)
،
(2)
قَلِيلًا بِهِ ما يحْمَدَنَّكَ وَارِثٌ
…
..............................
أقول: قائله هو حاتم الطائي وتمامه:
...........................
…
إذا نال مما كنت تجمع مغنمَا
وهو من قصيدة طويلة من الطويل، قد ذكرناها في شواهد المفعول له
(3)
.
الإعراب:
قوله: "قليلًا": نصب على أنه صفة لمصدر محذوف أي: حمدًا قليلًا، والضمير في "به" يرجع إلى المال في البيت الذي قبله، وهو قوله:
أهن للذي تهوى التلاد فإنه
…
إذا مت كان المال نهبًا مقسمًا
وكلمة ما زائدة، وقوله:"وارث": فاعل يحمدنك، والمعنى: يحمدنك وارثك بعد استيلائه على مالك حمدًا قليلًا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يحمدنك" حيث أكده الشاعر بالنون الثقيلة، والتأكيد في مثل هذا الموضع قليل، وهو أن يكون بعد ما الزائدة التي لم تسبق بإن
(4)
.
= زيد الآن، ولا يجوز ليفعلنّ. ومنع البصريون هذا الاستعمال استغناء عنه بالجملة الاسمية المصدرة بالمؤكد؛ كقولك: والله إن زيدًا ليفعل الآن، وأجازه الكوفيون ويشهد لهم قراءة ابن كثير في قوله تعالى:{لأقسم بيوم القيامة} [القيامة: 1]، وقول الشاعر:(البيت). ينظر شرح الألفية لابن الناظم (620، 621).
(1)
ابن الناظم (140)، وتوضيح المقاصد (4/ 97)، وأوضح المسالك (4/ 102).
(2)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة لحاتم الطائي، كلها في المواعظ والحكم الاجتماعية، ديوانه (84)، تحقيق: مفيد قميحة، وانظر بيت الشاهد في: شرح الأشموني (2/ 497)، والتصريح (2/ 205).
(3)
ينظر الشاهد رقم (453).
(4)
يؤكد المضارع بالنون إذا كان بعد ما الزائدة غير المقترنة بإن قليلًا، وقد عللوه بقولهم: وإنما كان لهذا التوكيد شيوع من قبل أن "ما" لما لازمت هذه المواضع أشبهت عندهم لام القسم فعاملوا الفعل بعدها معاملته بعد اللام، قال ابن يعيش: "وقد دخلت هذه النون في الخبر وإن لم يكن فيه طلب وهو قليل؛ قالوا: (بجهد ما تبلغن وبعين ما أرينك)، شبهوا دخول (ما) في هذه الأشياء بدخولها على الجزاء، وجعلوا كونه لا يبلغ إلا بجهد بمنزلة غير الواجب الذي لا يبلغ، وقوله: بعين ما أرينك، أي: أتحقق ذلك ولا شك فيه، فهو توكيد ودخلت (ما) لأجل التوكيد وشبهت باللام في ليفعلن، فأما قول الشاعر: ربما أوفيت .. إلخ، والذي حسن دخول النون زيادة (ما) مع (رب) =
الشاهد السادس عشر بعد الألف
(1)
،
(2)
رُبَّما أَوْفَيتُ في عَلَمٍ
…
تَرْفَعَنْ ثَوْبِي شمَالاتُ
أقول: قائله هو جذيمة الأبرش، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد حروف الجر
(3)
.
والاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "ترفعن" حيث أكده بالنون الخفيفة، ومثل هذا نادر؛ لأن كلمة ما إذا تقدمت عليها رب لم يؤكد الفعل بعدها إلا في النادر؛ كما في البيت المذكور
(4)
.
الشاهد السابع عشر بعد الألف
(5)
،
(6)
يحسبه الجاهلُ مَا لمْ يعلَمَا
…
شيْخًا على كُرْسِيِّهِ معممَا
أقول: قائله أبو حيان الفقعسي، وقد مر الكلام فيه مع الخلاف في قائله مستوفى في شواهد النعت
(7)
.
= و (ترفعن) من جملتها وصف أنه يحفظ أصحابه في رأس جبل إذا خافوا من عدو
…
". ابن يعيش (8/ 41، 42)،
(1)
ابن الناظم (241)، وتوضيح المقاصد (4/ 98).
(2)
البيت من بحر المديد، وقائله جذيمة بن الأبرش، وهو في الفخر بالحذر والشجاعة، وانظره في الكتاب (3/ 518) ، والمقتضب (3/ 15)، وابن يعيش (9/ 40)، وشرح المقدمة الجزولية الكبير (3/ 1102)، وشرح شواهد المغني (134، 345)، والتصريح (2/ 22، 206)، وهمع الهوامع (2/ 78).
(3)
انظر الشاهد رقم (602) من شواهد هذا الكتاب.
(4)
يري سيبويه أن توكيد المضارع بالنون إذا تقدمت عليه "رب" المقترنة بـ"ما" نادر، والعلة في ندرة ذلك أن "رب" تصير الفعل بعدها ماضي المعنى، وقد حكى سيبويه: ربما يقولَنّ ذلك، قال سيبويه: "وقال الشاعر جذيمة الأبرش:
رُبَّما أَوْفَيْتُ فِي عَلَمٍ
…
تَرْفَعَنْ ثَوْبِي شَمَالاتُ
وزعم يونس أنهم يقولون: ربما تقولنّ ذاك، وكثر ما تقولنّ ذاك؛ لأنه فعل غير واجب". الكتاب (3/ 517، 518).
(5)
ابن الناظم (241)، وتوضيح المقاصد (4/ 100)، وأوضح المسالك (4/ 103)، وشرح ابن عقيل، الشاهد رقم (317).
(6)
بيتان من بحر الرجز المشطور، وقد اختلف في قائلهما، من قصيدة ذكرها الشارح في الشاهد رقم (825)، من: شواهد هذا الكتاب، ولا ندري ما الذي دعاه إلى سردها وذكرها مع ما اشتملت عليه من كلمات صعبة عويصة، وقد شرح بعضها وترك الباقي، وهي في ملحق ديوان رؤبة (416)، تحقيق: سعدى ضناوي، وانظر شرح شواهد المغني (973، 974).
(7)
ينظر الشاهد رقم (825).
الإعراب:
قوله: "يحسبه": فعل ومفعول، و "الجاهل": فاعله، والضمير المنصوب في:"يحسبه" يرجع إلى الجبل لأنه يصف جبلًا قد عَمَّه الخصب وحفه النبات؛ كذا قاله الأعلم
(1)
، وقال ابن هشام اللخمي: وليس الأمر كذلك، وإنما شبه اللبن في القعب لما عليه من الرغوة حتى امتلأ بشيخ معمم فوق كرسي، وما قبله يدل على ما ذكرنا، وهو
(2)
:
1 -
كأَن صوتَ شخبِهَا إِذَا هَمِيَ
…
صَوتُ الأفَاعِي في خَشِيٍّ أعْشَمَا
2 -
يحسبهُ الجاهلُ ما لمْ يَعْلَمَا
…
شيْخًا عَلَى كُرْسِيِّهِ مُعَمَّمَا
3 -
لوْ أَنَّهُ أَبانَ أوْ تَكَلَّمَا
…
لَكَانَ إِيَّاهُ وَلَكِنْ أَعْجَمَا
قوله: "ما لم يعلما" أصله: ما لم يعلمن، وكلمة ما مصدرية زمانية، والتقدير: مدة عدم علمه، قوله:"شيخًا": مفعول ثان ليحسبه، قوله:"معممًا: صفته، و "على كرسيه": معترض بين الصفة والموصوف، وموضعها النصب على الحال.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ما لم يعلما" حيث أكده بنون التأكيد بعد مضي لم الجازمة النافية، وهذا نادر؛ لأنه مثل الواقع بعد ربما فيما مضى معناه
(3)
.
(1)
نصه كما في الكتاب بشرح الأعلم ط. بولاق (2/ 152)، يقول يصف جبلًا فدعمه الخصب وحفه النبات وعلاه، فجعله كشيخ مزمل في ثيابه، معصب بعمامته، وخص الشيخ لوقاره في مجلسه، وحاجته إلى الاستكثار من اللباس.
(2)
والرواية للأبيات اختلفت هنا عما في الشاهد رقم (825) من شواهد هذا الكتاب، وانظرها في الخزانة (11/ 410)، والخشي الأغشم: النبات اليابس.
(3)
قال أبو حيان: "وأما النفي بلا، أو بما، فمذهب الجمهور أنه لا يجوز أن تدخل في المضارع المنفي بهما، وأجاز ابن جني ذلك وأثبته ابن مالك ومثل بقوله تعالى:{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]، وجاء في الشعر نادرًا أو ضرورة:
قليلًا به ما يحمدنك وارث
…
..............................
والآية متأولة عند الجمهور، والذي في الشعر نادر أو ضرورة". ارتشاف الضرب (1/ 304، 305) وينظر شرح الكافية الشافية لابن مالك (3/ 1403، 1404)، والكتاب (3/ 517، 518).
الشاهد الثامن عشر بعد الألف
(1)
،
(2)
مَنْ تَثْقَفَنْ مِنْهُمْ فَلَيسَ بِآيِبٍ
…
أبَدًا وَقَتْلُ بَنِي قُتَيبَةَ شافِ
أقول: أنشده الفراء وسيبويه وغيرهما، ولم ينسبوه إلى قائله، وهو من الكامل.
قوله: "من تثقفن": من ثقف يثقف من باب علِم يعلَم إذا وجد، قال اللَّه تعالى:{فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ} [الأنفال: 57]، أي: فإما تجدنهم، و"بآيب": من باب آب يؤوب إذا رجع، و"بنو قتيبة" من باهلة وغيرها.
الإعراب:
قوله: "من" شرطية في محل الرفع على الابتداء
(3)
، و"تثقفن": جملة من الفعل والفاعل وقعت فعل الشرط، قوله:"منهم": في محل النصب على المفعولية، قوله:"فليس بآيب": جواب الشرط، واسم ليس مستتر فيه، وقوله:"بآيب" خبره، والباء فيه زائدة، قوله:"وقتل بني كعبة": كلام إضافي مبتدأ، وقوله:"شافِ": خبره.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "من تثقفن" حيث أكده بالنون الخفيفة، وهو فعل واقع شرطًا بغير إما، وهو قليل
(4)
.
(1)
ابن الناظم (241)، وتوضيح المقاصد (4/ 105)، وشرح ابن عقيل، الشاهد رقم (318).
(2)
البيت من بحر الكامل، وهو أحد ثلاثة أبيات قالتها بنت مرة بن عاهان في حادثة قتل باهلة لأبيها تقول:
إياد باهلة من أعصر بيننا
…
داء الضرائر بغضه وتقافي
مَنْ تَثْقَفَنْ مِنْهُمْ فَلَيْسَ بِآيِبٍ
…
أبَدًا وَقَتْل بَنِي قُتَيبَةَ شافِ
ذهبت قتيبة في اللقاء بفارس
…
لا طائش عش ولا قاف
وانظر بيت الشاهد في الكتاب (3/ 516)، والمقتضب (3/ 14)، والمقرب (2/ 74)، والهمع (2/ 79)، والتصريح (2/ 205)، والخزانة (11/ 399)، والدرر (5/ 163)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 262).
(3)
إعرابه من مبتدأ خطأ والصواب أنه مفعول مقدم لأن فعل الشرط متعد.
(4)
قال سيبويه: "وقد تدخل النون بغير ما في الجزاء وذلك قليل في الشعر شبهوه بالنهي حين كان مجزومًا غير واجب
…
وقال (البيت) ..... شبهه بالجزاء حيث كان مجزومًا وكان غير واجب وهذا لا يجوز إلا في اضطرار وهي في الجزاء أقوى". ينظر الكتاب (3/ 515، 516).
الشاهد التاسع عشر بعد الألف
(1)
،
(2)
فمهما تَشَأْ منه فزارةُ تُعْطِكُمْ
…
ومهما تَشَأْ منهُ فَزَارةُ تَمْنَعَا
أقول: قائله هو الكميت بن معروف، وقال ابن الأعرابي: هو الكميت بن ثعلبة الفقعسي، وقبله
(3)
:
1 -
أبَتْ أمُّ دِينَارٍ فَأَصْبَحَ فَرْجُهَا
…
حَصَانًا وقُلِّدْتُمْ قَلائِدَ قَوْزَعَا
2 -
خُذُوا العَقْلَ إنْ أَعْطَاكُمُ العَقلَ قَومُكُمْ
…
وكُونُوا كَمَنْ سِيمَ الهَوَانَ فَأَرْتَعَا
3 -
ولا تُكْثِرُوا فِيهِ الضِّجَاجَ فإنَّهُ
…
مَحَا السَّيفُ مَا قَال ابْنُ دَارَةَ أَجْمَعَا
4 -
فمهما تشأ ................
…
............................. إلخ
وهي من الطويل.
قوله: "أبت" أي: امتنعت، و "أم دينار": اسم امرأة، قوله:"قوزعا" بفتح القاف وسكون الواو وفتح الزاي المعجمة، وقال ابن الأعرابي: يقال: قلدتم قلائد قوزع معناه: طوقتم أطواقًا لا تفارقكم أبدًا، قوله:"العقل" أي: الدية، و"فزارة " بفتح الزاي من غطفان، وهو فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان، قال ابن دريد: هو من قولهم: فزرت الشيء إذا صدعته، والفزرة: القطعة
(4)
.
الإعراب:
قوله: "فمهما" الفاء للعطف، ومهما: اسم يتضمن معنى الشرط، ولهذا جزم قوله:"تشأ" في الموضعين، وتشأ: فعل، وفاعله هو فزارة، وقوله:"تعطكم": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الراجع إلى فزارة والمفعول وقعت جزاء، والكلام في الشطر الثاني مثل الكلام في الشطر الأول، والضمير في "منه" يرجع إلى ابن دارة المذكور في البيت الذي قبله
(5)
.
(1)
ابن الناظم (241).
(2)
البيت من بحر الطويل، من مقطوعة في الفخر، اختلف في قائلها، فضل: للكميت بن معروف وقيل: للكميت بن ثعلبة، وقيل: لعوف بن عطية بن الخرع وهو في الكتاب (3/ 515)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 272)، والخزانة (7/ 509، 510)، والخزانة (11/ 387، 388، 390)، والهمع (2/ 79)، والدرر (5/ 165).
(3)
انظر الأبيات المذكورة في الخزانة (11/ 388).
(4)
انظر جمهرة اللغة لابن دريد (2/ 323)، ونصه: "فزرت الشيء أفزره فزرًا إذا صدعته، مثل الثوب، ونحوه.
(5)
الصحيح أن الضمير يرجع إلى العقل، وهو دفع دية القتيل في البيت الذي قبله، وليس إلى ابن دارة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "تمنعا" أصله: تمنعن مؤكدًا بالنون الخفيفة، ثم أبدلت ألفًا للوقف، وإنما أكده لتوكيد الجزاء
(1)
.
الشاهد العشرون بعد الألف
(2)
،
(3)
ليتَ شِعْرِي وأشْعرَنَّ إذا ما
…
قرّبُوها منْشُورَةً ودُعِيتُ
ألِيَ الفَوْزُ أَمْ عَلَيَّ إذا حُو
…
سِبْتُ أَنِّي على الحسَابِ مقيتُ؟
أقول: قائله هو السموأل بن العادياء الغساني اليهودي، وهو من قصيدة تائية من الخفيف، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
نُطْفَةٌ مَا مُنِيتُ يَومَ مُنِيتُ
…
أُمِرَتْ أَمْرَهَا وفِيهَا بُرِيتُ
2 -
كَنَّها الله فيِ مَكَانٍ خَفِيٍّ
…
وخَفِيٍّ مَكَانُهَا لَوْ خَفِيتُ
3 -
ميتَ دَهْرٍ قدْ كُنتُ ثُمَّ حَييتُ
…
وَحَيَاتِي رَهْنٌ بِأَنْ سَأَمُوتُ
4 -
إِنَّ حِلْمِي إِنْ تَغَيَّبَ عَنِّي
…
فاعلمي أنني كثيرًا رُزِيتُ
5 -
ضَيِّقُ الصَّدرِ بالأمَانَةِ لا
…
يُفْجِعُ فَقْرِي أَمَانَتِي مَا بَقِيتُ
6 -
رُبُّ شَتْمٍ سَمِعْتُهُ فتَصَامَمْتُ
…
وغَيّ تَركْتُهُ فكُفِيتُ
7 -
ليت شعري .............
…
................ إلى آخره
1 -
قوله: "منيت" على صيغة المجهول؛ أي: قدّرت، قوله:"بريت" مجهول أيضًا معناه: خُلقت.
2 -
قوله: "كنها الله" أي: سترها الله.
4 -
قوله: "رُزيت" أي: أُصبت بمصيبة.
(1)
ينظر الشاهد السابق.
(2)
ابن الناظم (241)، وتوضيح المقاصد (4/ 107).
(3)
البيت من بحر الخفيف، من قصيدة للسموأل في الحكم والمواعظ، ديوانه (81)، وانظر البيت في الهمع (2/ 79)، والدرر (5/ 166)، واللسان:"قوت"، وشرح الأشموني (3/ 220)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (139).
(4)
انظر القصيدة في ديوان عروة بن الورد والسموأل (81)، ط. دار صادر بيروت، السموأل أخباره والشعر المنسوب إليه، مختار الغوث (127) وما بعدها.
6 -
قوله: "وغي" بالغين المعجمة، والغي: الضلالة والخيبة.
7 -
قوله: "قربوها" الضمير يرجع إلى صحيفة أعماله، و"الفوز": النجاة، ويروى: إلى الفضل، قوله:"مقيت" المقيت: المقتدر، والمقيت: الحافظ الشاهد، وهو المراد هاهنا، كما في قوله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء: 85] أي: شاهدًا.
الإعراب:
قوله: "ليت شعري" شعري: مصدر شعرت أشعر شعرًا إذا فطن وعلم؛ ولذلك سمي الشاعر شاعرًا لأنه فطن لما خفي على غيره، وهو مضاف إلى الفاعل، ومعنى ليت شعري: ليت علمي.
والمعنى: ليتني أشعر، وأشعر هو الخبر، وناب شعري الذي هو المصدر عن أشعر، ونابت الياء في: شعري عن اسم ليت التي في قولك: ليتني، قوله:"وأشعرن" بالنون الخفيفة؛ جملة من الفعل والفاعل
(1)
، و"أشعرن" من الأفعال المتعدية، وقد تعلق عن العمل؛ يعني: يبطل عمله في اللفظ ويعمل في المعنى فهاهنا كذلك، فإن قوله:"ألي الفوز أم عليَّ" استفهام في موضع النصب على المفعولية.
قوله: "إذا ما" إذا للظرف، وما زائدة، و"قربوها": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، و"منشورة": نصب على الحال، قوله:"ودعيت": على صيغة المجهول حال -أيضًا- بتقدير قد؛ أي: والحال أني قد دعيت إلى قراءة الصحيفة.
قوله: "ألي" الهمزة للاستفهام؛ كما ذكرنا، و"الفوز" مبتدأ، و"لي" مقدمًا خبره، و"أم علي": عطف عليه، قوله:"إذا حوسبت" إذا ظرف للمستقبل تضمن معنى الشرط فلذلك دخلت على الجملة الفعلية، قوله:"أني" الضمير المستتر اسم إن، والجملة خبره، أعني قوله:"على الحساب مقيت".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وأشعرن" حيث أكده بالنون الخفيفة وهو مثبت عارٍ عن معنى الطلب والشرط ونحوهما، وهذا في غاية الندرة
(2)
.
(1)
قول العيني: بالنون الخفيفة سهو، والصواب بالنون الثقيلة؛ لأنه لا يتزن إلا بالنون الثقيلة، وهكذا يقال في قوله الآتي حيث أكده بالنون الخفيفة. هامش الخزانة (4/ 333).
(2)
قال الأشموني: "الثاني جاء توكيد المضارع في غير ما ذكر وهو في غاية الندرة ولذلك لم يتعرض له ومنه قوله: (البيت) ". شرح الأشموني (3/ 221).
الشاهد الحادي والعشرون بعد الألف
(1)
،
(2)
...........................
…
أَرَيْتَ إِنْ جَاءَتْ بِهِ أملودا
مُرَجَّلًا وَيْلبَسُ البُرُودَا
…
أَقَائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُودَا
أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج، وقد مرَّ الكلام فيه مستوفى في شواهد الكلام في أوائل الكتاب
(3)
.
و"الأملود": الناعم.
والاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "أقائلن" حيث أدخلت فيه نون التوكيد، وهي مختصة
(4)
بفعل الأمر والمستقبل طلبًا أو شرطًا، وهذا اسم الفاعل، وقد أشبعنا الكلام فيه هناك
(5)
.
الشاهد الثاني والعشرون بعد الألف
(6)
،
(7)
لا تهِينَ الفقيرَ علَّكَ أنْ
…
تَرْكَعَ يَوْمًا والدَّهْرُ قَدْ رَفَعَهْ
أقول: قائله هو الأضبط بن قريع، وهو من قصيدة أولها هو قوله
(8)
:
1 -
قَدْ يَجمَعُ المال غيْرُ آكِلِهِ
…
ويَأكُلُ المال غيْرُ مَنْ جَمَعَهْ
2 -
فاقْبَلْ مِنَ الدَّهرِ ما أتَاكَ بَهِ
…
مَنْ قَرَّ عَينًا بِعَيشِهِ نَفَعَهْ
3 -
وصِلْ حِبال البَعيدِ إنْ وصَلَ الحَ
…
بْلَ وأَقصِ القَرِيبَ إنْ قَطَعَهْ
4 -
لا تُهينَ الفَقيرَ ................
…
....................... إلخ
(1)
ابن الناظم (241).
(2)
أبيات ثلاثة من بحر الرجز المشطور في ديوان رؤبة (173)، وقد استشهد بها العيني أكثر من مرة، وانظرها المحتسب (1/ 193)، وشرح التصريح (1/ 42)، والأشموني (1/ 42).
(3)
ينظر الشاهد رقم (11).
(4)
في (أ): ونون التوكيد مختصة.
(5)
يقصد في الشاهد رقم (11)، من هذا الكتاب.
(6)
ابن الناظم (241)، وتوضيح المقاصد (4/ 114)، وأوضح المسالك (4/ 109)، وشرح ابن عقيل، الشامي رقم (319).
(7)
البيت من بحر المنسرح، وهو للأضبط بن قريع، جاهلي قديم، وهي في الحكم، وانظر الشاهد في ابن يعيش (9/ 43، 44)، والمغني (155)، والمقرب (2/ 18)، والإنصاف (221)، ورصف المباني (249)، وشرح شامي ابن الحاجب (2/ 32)، والهمع (1/ 134)، (2/ 79). والخزانة (11/ 450، 452)، وشرح شواهد المغني (453).
(8)
انظر الأبيات في الأغاني (18/ 68)، وشرح شواهد المغني (453).
ويروى: لا تعادِ الفقير، فعلى هذا لا استشهاد فيه، ويقال: إن هذه القصيدة قيلت قبل الإسلام بدهر طويل، قوله:"لا تهين": من أهان يهين إهانة، قوله:"علك" أصله: لعلك، تقول. علك، ولعلك، وعنك، ولعنك، وفيها عشر لغات
(1)
.
قوله: "أن تركع": من الركوع، وهو الانحناء والميل؛ من ركعت النخلة إذا انحنت ومالت، وأراد به الانحطاط من الرتبة والسقوط من المنزلة.
الإعراب:
قوله: "لا تهين": جملة من الفعل والفاعل، قد دخلها لا الناهية، و"الفقير": مفعولها، قوله:"علك" الكاف اسمه، وقوله:"أن تركع": جملة خبره، و"يومًا": نصب على الظرف، قوله:"والدهر": مبتدأ، و "قد رفعه": خبره، والضمير فيه يرجع إلى الفقير، والجملة في موضع النصب على الحال.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لا تهين" بكسر الهاء وسكون الياء آخر الحروف وبالنون، وأصله:"لا تهينن" بنونين أولاهما مفتوحة، فحذف النون الخفيفة لما استقبلها ساكن
(2)
.
الشاهد الثالث والعشرون بعد الألف
(3)
،
(4)
فمنْ يك لَمْ يثأرْ بِأعْرَاضِ قومِهِ
…
فإنِّي وَرَبِّ الرَّاقصاتِ لأثْأَرَا
أقول: قائله هو النابغة الجعدي الصحابي، وهو من الطويل.
(1)
ينظر الإنصاف مسألة (26)، واللسان مادة:"علل".
(2)
قال ابن مالك: " (واحذف خفيفة لساكن ردف) فقال الأشموني: "أي تحذف النون الخفيفة وهي مرادة لأمرين: الأول: أن يليها ساكن نحو: اضرب الرجل، تريد: اضربن، ومنه (البيت) لأنها لما لم تصلح للحركة عوملت معاملة حرف المد فحذفت لالتقاء الساكنين .. ". شرح الأشموني (3/ 225).
(3)
ابن الناظم (244).
(4)
البيت من بحر الطويل، وهو آخر عشرة أبيات للنابغة الجعدي الصحابي، وكلها في الحكم وتجارب الزمان، وأولها:
وما طالب الحاجات في كل وجهة
…
من الناس إلا من أجد وشمرَا
ولا ترضى حن من عيش بدون ولا تنم
…
وكيف ينام الليل من بات معسرَا
إذا المرء لم يطلب معاشًا لنفسه
…
شكا الفقر أو لام الصديق فأكثرَا
فسر في بلاد الله والتمس الغنى
…
تعش ذا يسار أو تموت فتعذرا
انظر ديوان النابغة الجعدي (73)، دمشق (1964)، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (2/ 51)، وشرح أبيات الكتاب =
قوله: "لم يثأر": من ثأر مهموز العين يثأر ثأرًا، وأراد به هنا: فمن لم ينتصر لأعراض قومه بالهجو والذب عنهم فإني قد هجوت من هجاهم وانتصرت لهم حفظًا لأعراضهم، و"الأعراض": جمع عِرض الشخص بكسر العين، وهو ما يحميه من أن يثلب فيه، وأراد "بالراقصات": إبل الحجيج التي تهز أطرافها في مشيها كأنها ترقص.
الإعراب:
قوله: "فمن يك" الفاء للعطف، ومن شرطية، و"يك": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الراجع إلى من وهو اسم يكن، وخبره هو قوله:"لم يثأر" والباء في بأعراض يتعلق بلم يثأر، قوله:"فإني" الفاء واقعة في جواب الشرط، وياء المتكلم اسم إن، وخبرها هو قوله:"لأثأرا"، واللام للتأكيد، قوله:"ورب الراقصات": جملة قسمية معترضة بين اسم إن وخبرها.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لأثأرا" أصله: لأثأرن، فلما وقف عليها أبدلها ألفًا كما يقال: لنسفعًا في قوله تعالى: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} [العلق: 15]
(1)
.
= (2/ 250)، وابن يعيش (9/ 39)، والأشموني (3/ 215)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (301).
(1)
قال ابن مالك: وأبدلنها بعد فتح ألفا .. وقفًا ...... شرح الأشموني بحاشية الصبان (3/ 226) وأستطيع أن أقول لك: "إن النون الخفيفة في الفعل بمنزلة التنوين في الاسم فإذا كان ما قبلها مفتوحًا أبدلت منها الألف، وذلك نحو: والله لتضربن زيدًا، فإن وقفت عليها قلت: لتضربا كما قال تعالى: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} ولا تكتب بالألف إلا إن أمن اللبس ففي نحو: اضربن زيدًا لو كتبت بالألف التبس أمر الواحد بأمر الاثنين، وإنما كانت النون الخفيفة بمنزلة التنوين لأنهما من موضع واحد، وهما حرفان زائدان والنون الخفيفة ساكنة؛ كما أن التنوين ساكن وهي علامة توكيد كما أن التنوين علامة المتمكن، فلما كانت كذلك أجرت مجراه في الوقف، فإن كان ما قبل النون المتحركة مضمومًا أو مكسورًا كان الوقف بغير نون ولا يبدل منها؛ لأنك تقول في الأسماء في النصب: رأت زيدًا فتبدل من التنوين ألفًا، وتقول في الرفع: هذا زيد، بالسكون وفي الخفض: مررت بزيد، فلا يكون الوقف كالوصل، قال سيبويه: "وإذا وقفت عند النون الخفيفة في فعل مرتفع لجميع رددت النون التي تثبت في الرفع، وذلك قولك: وأنت تريد الخفيفة: هل تضربين؟ وهل تضربون؟، وهل تضربان؟ ". الكتاب (3/ 522)، وينظر المقتضب (3/ 17)، والوقف بين النحويين والقراء د. عبد المعطي سالم (113، 114).
الشاهد الرابع والعشرون بعد الألف
(1)
،
(2)
اضْرِبَ عَنْكَ الهُمُومَ طَارِقَهَا
…
ضَرْبَكَ بالسَّيْفِ قَوْنَسَ الفَرَسِ
أقول: قائله هو طرفة بن العبد، ويقال: إنه مصنوع عليه؛ كذا قاله ابن بري، وهو من المنسرح
(3)
.
قوله: "اضرب": من الضرب بالضاد المعجمة والباء الموحدة، وقد ضبطه بعضهم: اصرف من الصرف بالصاد المهملة وبالفاء، وليس بصحيح، والصحيح الأول، قوله:"طارقها": من طرق الرجل إذا أتى أهله ليلًا، قوله:"قونس الفرس" بفتح القاف وسكون الواو وفتح النون وفي آخره سين مهملة، وهو العظم الناتئ بين أذني الفرس، و"القونس" هو أعلى البيضة أيضًا.
الإعراب:
قوله: "اضرب" جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"الهموم": مفعولها، قوله:"طارقها": بالنصب بدل من الهموم، قوله:"ضربك": مصدر نوعي مضاف إلى فاعله وانتصابه بنزع الخافض، أي: كضربك بالسيف، والباء للاستعانة، قوله:"قونس الفرس": كلام إضافي مفعول المصدر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "اضرب" بفتح الباء، فإن أصله: اضربن بالنون الخفيفة؛ فحذفت النون وبقيت الفتحة قبلها للضرورة، وهذا من الشاذ؛ لأن نون التأكيد لا تحذف إلا إذا لقيها ساكن
(4)
.
(1)
ابن الناظم (244)، وتوضيح المقاصد (4/ 115).
(2)
البيت من بحر المنسرح، نسب في مراجعه لطرفة بن العبد لكنه ليس في ديوانه، وانظره في ابن يعيش (6/ 107)، (9/ 44)، والخصائص (1/ 126)، والإنصاف (565)، والمغني (643)، وشرح شواهد المغني (933)، والممتع (1/ 323)، والخزانة (11/ 450).
(3)
في (أ، ب): من الوافر، والصحيح أنه من المنسرح.
(4)
قال ابن عصفور: "ومنه حذف النون الخفيفة الداخلة على الفعل المضارع للتأكيد من غير أن يلقاها ساكن نحو قوله، أنشده أبو زيد في نوادره (البيت)، قال ابن خروف: إنما جعل ذلك على التقديم والتأخير فتوهم اتصال النون من: اضربن، بالساكن بعده، والصحيح أنه حذفها تخفيفًا لما كان حذفها لا يخل بالمعنى، وكانت الفتحة التي في الحرف قبلها دليلة عليها ........... ولا يجوز مثل هذا في سعة الكلام إلا شاذًّا". ضرائر الشعر لابن عصفور (111، 112).
الشاهد الخامس والعشرون بعد الألف
(1)
،
(2)
يمينًا لَأُبْغِضُ كُلَّ امرِئٍ
…
يُزَخْرِفُ قَوْلًا ولا يَفْعَلُ
أقول: لم أقف على اسم قائله وهو من المتقارب
(3)
.
قوله: "يزخرف" أي: يزين، أراد أنه يزين أقواله بالمواعيد ثم لا يفعل.
الإعراب:
قوله: "يمينًا" نصب بفعل محذوف تقديره: أقسم يمينًا أو أحلف يمينًا، قوله:"لأبغض": جواب القسم، وهي جملة من الفعل والفاعل وهو أنا المستتر فيه، و"كل امرئ": كلام إضافي مفعوله، واللام فيه للتأكيد.
قوله: "يزخرف": جملة من الفعل والفاعل، و"قولًا": مفعولها، والجملة في محل الجر لأنها صفة امرئ، قوله:"ولا يفعل": جملة معطوفة على: "يزخرف"، وعطف المنفي على المثبت جائز كما بالعكس، وفيه خلاف لا يعتد به.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لأبغض" فإنه جواب القسم، كما ذكرنا، وهو مضارع مثبت مقرون باللام، ولم تدخله نون التأكيد لأنه وقع حالًا
(4)
.
الشاهد السادس والعشرون بعد الألف
(5)
،
(6)
يا صاحِ إِمَّا تجدْنِي غيرَ ذي جِدَةٍ
…
فما التَّخَلِّي عن الخِلّانِ من شيمي
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.
(1)
أوضح المسالك (4/ 95).
(2)
البيت من بحر المتقارب وهو مجهول القائل، وانظره في التصريح (2/ 203)، وشرح الأشموني (3/ 215)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (698).
(3)
البيت نسبه العيني للوافر وهو من المتقارب وهو بلا نسبة في التصريح (2/ 203)، وشرح الأشموني (3/ 215)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (698).
(4)
يستشهد بهذا البيت على منع توكيد المضارع بالنون فأبغض في البيت معناها الحال لدخول اللام عليها، والسبب في المنع من التوكيد بالنون كون النون تخلص الفعل للاستقبال واللام تخلصه للحال فيكون هناك تناقض. ينظر التصريح (2/ 203).
(5)
ابن الناظم (240)، وأوضح المسالك (4/ 96).
(6)
البيت من بحر البسيط، وقائله مجهول، وانظره في بلا نسبة في الخزانة (11/ 431)، وشرح التصريح (4/ 202)، =
قوله: "جدة" بكسر الجيم وفتح الدال المخففة؛ من وجد في المال وجدًا ووَجدًا ووجدًا وجِدَةً أي: استغنى، ووجد في الحزن وَجدًا بفتح الواو، ووجد الشيء وجودًا ووجدانًا، ووجد عليه موجدة، و"الخلان": جمع خليل، و"الشيم" بكسر الشين المعجمة وفتح الياء آخر الحروف؛ جمع شيمة وهي الخلق والطبيعة.
الإعراب:
قوله: "يا صاح" يا حرف نداء، وصاح: منادى مفرد مرخم، وأصله: يا صاحب، قوله:"إما" أصله إن الشرطية، وما الزائدة، و"تجدني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول؛ فعل الشرط، قوله:"غير ذي جدة": كلام إضافي مفعول ثان لتجدني، قوله:"فما التخلي": جواب الشرط، و "ما" نافية، و "التخلي": مبتدأ، وقوله:"من شيمي": خبره، و "عن الخلان": يتعلق بالتخلي.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "إما تجدني" حيث ترك فيه التوكيد بالنون بعد وقوع الفعل بعد [إما الشرطية]
(1)
إما لضرورة وإما أنه قليل
(2)
.
الشاهد السابع والعشرون بعد الألف
(3)
،
(4)
...........................
…
أفَبَعْدَ كِنْدَةَ تَمْدَحَنَّ قَبِيلًا؟
أقول: أنشده ابن مالك وغيره، ولم ينسبه إلى قائله
(5)
، وهو من الكامل.
و"كندة" بكسر الكاف في كهلان، وهو ثور بن عفير بن عدي بن الحرث بن مرة، قيل: سمي
= وشرح الأشموني (3/ 216)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (951).
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
قال ابن مالك: "ثم بينت أن الفعل بعد إما يقل وقوعه بلا نون؛ ولذا لم يجئ في القرآن بعدها إلا مؤكدًا
…
وزعم بعضهم أن ذلك لازم .... وليس بصحيح بل هو جائز قليل .... وقال آخر: (البيت) ". شرح الكافية الشافية (1409، 1410).
(3)
ابن "الناظم (240)، وأوضح المسالك (4/ 99).
(4)
عجز بيت من بحر الكامل، وصدره هو (قالت فطيمة حل سقرك مدحه) ولم ينسب في مراجعه، ولكنه مططع قصيدة لامرئ القيس في ديوانه (358) ط. دار المعارف، و (138) ط. دار الكتب العلمية، وانظر الشاهد منسوبًا لمقنع في الكتاب (3/ 514)، وانظره في الخزانة (11/ 383)، والتصريح (2/ 204)، والهمع (2/ 78)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (663).
(5)
أنشده ابن مالك في شرح الكافية الشافية، باب نون التوكيد (3/ 1400)، تحقيق: عبد المنعم هريدي.
كندة لأنه من كند أباه، أي: عقَّ، وقيل: من كند نعمة الله؛ أي: كَفَرَهَا، والقبيل هو القبيلة.
الإعراب:
قوله: "أفبعد" الهمزة للاستفهام، وبعد: نصب على الظرف، وتقدير الكلام: أتمدحن بعد كندة؟ و: "تمدحن": جملة من الفعل والفاعل، و"قبيلًا": مفعولها.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "تمدحن" حيث دخلت نون التأكيد لوقوع الفعل بعد الاستفهام
(1)
.
الشاهد الثامن والعشرون بعد الألف
(2)
،
(3)
...............................
…
ولا تعبُدِ الشَّيطَانَ واللهَ فاعبُدَا
أقول: قائله هو الأعشى ميمون بن قيس، وأوله
(4)
:
وإياكَ والمَيْتَاتِ لا تَقْرَبَنَّهَا
…
...................................
وهو من قصيدته المشهورة التي أولها هو قوله:
1 -
ألَمْ تَغْتَمِضْ عَينَاكَ ليلَةَ أَرْمَدَا
…
وَعَادَكَ مَا عَادَ السَّلِيمَ المسهّدَا
2 -
وما ذاكَ منْ عِشْقِ النِّسَاءِ وإنَّمَا
…
تناسَيْتَ بعدَ اليَوْمِ خُلَّةَ مَهْدَدَا
إلى أن قال:
3 -
فإياك والميتات لا تُطْعِمَنَّهَا
…
ولا تأخذَنْ سَهْمًا حديدًا لتفصِدا
4 -
وذا النُّصُبِ المنصوبَ لا تنسُكَنَّهُ
…
لِعَافِيَةٍ والله ربك فاعبُدَا
(1)
قال سيبويه: "ومن مواضعها الأفعال غير الواجبة التي تكون بعد حروف الاستفهام، وذلك لأنك تريد أعلمني إذا استفهمت، وهي أفعال غير واجبة فصارت بمنزلة أفعال الأمر والنهي، فإن شئت أقحمت النون وإن شئت تركت كما فعلت ذلك في الأمر والنهي
…
وكذلك جميع حروف الاستفهام ....... وقال مقنع: (البيت) فهذه الخفيفة".
ينظر الكتاب (3/ 513، 514).
(2)
أوضح المسالك ومعه مصباح السالك (4/ 110).
(3)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة للأعشى أعدها ليمدح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن قريشًا صدته عن ذلك، ومعانيها كلها من القرآن، وانظر الشاهد في الكتاب (3/ 510)، والمقتضب (3/ 12)، والإنصاف (657)، وابن يعيش (9/ 39)، والمغني (372)، والممتع (1/ 40)، والهمع (2/ 78)، وتذكرة النحاة (72)، والتصريح (2/ 208)، وشرح شواهد المغني (577).
(4)
انظر الديوان (135 - 137) شرح محمد حسين، ط. المطبعة النموذجية، نشر مكتبة الآداب، والمكتب الشرقي بلبنان.
5 -
وصلِّ على حين العشيات والضحى
…
ولا تَحْمَدِ الشَّيْطَانَ واللهَ فاحْمَدَا
(1)
هكذا رتبه ابن حبيب حين دون شعر الأعشى، والمعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "وإياك": كلمة تحذير، وقوله:"والميتات" أي: اتق الميتات، وهي جمع ميتة وهي التي ماتت حتف أنفها أو ذبحت بغير تسمية، قوله:"لا تقربنها": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، دخلت عليها لا الناهية، وهي تأكيد في المعنى لما قبلها.
قوله: "ولا تعبد الشيطان" يعني: لا تطعه لأن معنى العبادة الطاعة، قوله:"والله" منصوب بقوله: "فاعبدا"، والتقدير: فاعبد الله، وأصله: فاعبدن بالنون الخفيفة المؤكدة.
فإن قلت: ما هذه الفاء؟
قلت: قيل هي جواب لأما مقدرة، وقيل: زائدة، وإليه ذهب أبو علي، وقيل: هي عاطفة، والتقدير: تنبه فاعبد الله، ثم حذف تنبه، وقدم المنصوب على الفاء إصلاحًا للفظ؛ كيلا تقع الفاء صدرًا فافهم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فاعبدا" إذ أصله فاعبدن بالنون الخفيفة؛ كما ذكرنا فأبدلت النون ألفًا للوقف
(2)
.
الشاهد التاسع والعشرون بعد الألف
(3)
دَامَنَّ سَعْدُكِ لَوْ رَحِمْتِ مُتَيَّمًا
…
...................................
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الكلام
(4)
.
والاستشهاد فيه:
في قوله: "دامنَّ" حيث دخلت نون التأكيد في الفعل الماضي، وهو شاذ لا يعتد به
(5)
.
(1)
هكذا في الديوان، ولكن النحويين اختصروه وركبوا بيتًا من بيتين.
(2)
ينظر البيت السابق رقم (1026) وما قبله.
(3)
توضيح المقاصد (4/ 91).
(4)
ينظر الشاهد رقم (12).
(5)
لا يجوز توكيد الخبر الذي يجوز فيه الصدق والكذب بالنون، ولا المضارع إذا أفاد الحال ولا الماضي، وساغ في بعض المواضع توكيد الماضي، ومنه ما ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:"فإما أدركن واحد منكم الدجال" ومنه: "البيت" وهذا التوكيد يكون شاذًّا وسوغه كون الماضي بمعنى المستقبل. ينظر المغني بحاشية الأمير (2/ 22)، والنون في اللغة العربية دراسة لغوية في ضوء القرآن الكريم د. مصطفى زكي التوني (76، 77) ضمن حوليات كلية الآداب جامعة الكويت (1996 م).
الشاهد الثلاثون بعد الألف
(1)
،
(2)
فلا الجارةُ الدُّنْيَا لَهَا تَلْحَيَنَّهَا
…
ولا الضَّيْفُ مِنْها إِنْ أنَاخَ مُحَوَّلُ
أقول: قائله هو النمر بن تولب، وهو من قصيدة لامية طويلة من الطويل، وأولها هو قوله
(3)
:
1 -
تأبّدَ مِنْ أَطْلالِ جَمْرَةَ مَأسَلُ
…
فَقَدْ أَقْفَرَتْ مِنْهَا شرَاءٌ فَيَذْبلُ
2 -
فبُرْقَةُ أرْمَامٍ فَجَنْبَا مُتَالِعٍ
…
فوَادِي الْمياهِ فالبَدِيُّ فأنجَلُ
إلى أن قال:
3 -
وفيِ جِسمِ رَاعِيهَا شُحُوبٌ كَأَنَّهُ
…
هُزَالٌ وَمَا مِنْ قِلَّةِ الطُّعْمِ يُهْزَلُ
4 -
فلا الجارة ..................
…
....................... إلخ
1 -
قوله: "تأبد" أي: توحش، يقال: تأبد المنزل إذا أقفر وألفته الوحوش، و"الأطلال": جمع طلل الدار وهو آثارها، و"جمرة" بالجيم؛ اسم محبوبته، و"مأسل" بفتح الميم وسكون الهمزة وفتح السين؛ اسم رملة، و"شراء" بفتح الشين والراء المهملتين وبالمد؛ اسم بلد، و"يذبل" بفتح الياء آخر الحروف وسكون الذال المعجمة وضم الباء الموحدة؛ اسم جبل.
2 -
و"البرقة" بضم الباء الموحدة وسكون الراء؛ اسم موضع وهي قطعة في الجبل يختلط بها رمل وحصى وطين، "وأرمام" بفتح الهمزة وسكون الراء؛ اسم موضع، و"متالع" بضم الميم وتخفيف التاء المثناة من فوق وكسر اللام وفي آخره عين مهملة، وهو اسم جبل، و"أنجل" بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الجيم؛ اسم موضع.
3 -
قوله: "شحوب" بضم الشين المعجمة والحاء المهملة؛ أي: هزال.
4 -
قوله: "فلا الجارة الدنيا" أي: القريبة، قوله:"تلحينها": من لحيته ألحاه لحيًا إذا لمته، ولاحيته ملاحاة إذا نازعته، قوله:"إن أناخ" أي: إذا برك راحلته، قوله:"محول" بضم الميم؛ من التحويل، يشير بهذا إلى كرم المدوحة بأن جارتها لا تلومها ولا تنازعها ولا هي تمنع ضيفها إذا نزل عندها.
(1)
ابن الناظم (624) ط. دار الجيل، وتوضيح المقاصد (4/ 102).
(2)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة للنمر بن تولب (شاعر مخضرم أسلم كبيرًا) في الحديث عن النفس والحكم وفيها شواهد نحوية يقول:(دعاني الغواني عمهن .. ). وانظر بيت الشاهد في المغني (247)، وشرح شواهد المغني (628)، والأشموني (3/ 318)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (717).
(3)
شرح شواهد المغني (628)، وجمهرة أشعار العرب في الجاهلية والإسلام للقرشي (2/ 550)، تحقيق: محمد علي الهاشمي، ط. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
الإعراب:
قوله: "فلا" الفاء للعطف على ما قبله، ولا للنفي، و"الجارة" بالرفع مبتدأ، و"الدنيا" صفة، و"لها": في محل النصب على الحال، أي: على حال كونها الجارة الدنيا الكائنة لها، أي: للجمرة المذكورة في أول القصيدة.
قوله: "تلحينها": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه العائد إلى الجارة والمفعول وهو الضمير المنصوب العائد إلى جمرة، والجملة في محل الرفع على الخبرية.
قوله: "ولا الضيف" الضيف مبتدأ، و"محول": خبره، والجمل معطوفة على الجملة الأولى، قوله:"منها" يتعلق بقوله: "محول"، أي: من الجمرة المذكورة، و"إن" للشرط، و"أناخ": جملة وقعت فعلًا للشرط، والتقدير: ولا الضيف محول عنها إن أناخ؛ أي: نزل؛ لأن إناخته مركوبه تكون للنزول.
وقوله: "محول" أغنى عن الشرط، أو يقدر له جواب، والتقدير: ولا الضيف محول عنها إن أناخ راحلته عندها، لا يتحول إِلى غيرها لحسن قيامها بالضيف.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "تلحينها" حيث أدخل الشاعر فيها نون التوكيد بعد لا النافية تشبيهًا لها في اللفظ بلا الناهية
(1)
.
الشاهد الحادي والثلاثون بعد الألف
(2)
،
(3)
..............................
…
حَدِيثًا متَى ما يأتِكَ الخيرُ يَنْفَعَا
أقول: قائله هو النجاشي، وصدره:
(1)
قال ابن مالك: "وقد يؤكد بإحدى النونين المضارع المنفي بـ"لا" تشبيهًا بالنهي كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] وقد زعم قوم أن هذا نهي وليس بصحيح، ومثله قول الشاعر: (البيت) إلا أن توكيد: تصيبن أحسن لاتصاله بـ"لا" فهو بذلك أشبه بالنهي كقوله تعالى: {لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} [الأعراف: 27] بخلاف قول الشاعر: تلحينها، فإنه غير متصل بلا فبعُد شبهه بالنهي، ومع ذلك فقد سوغت توكيده لا وإن كانت منفصلة فتوكيد تصيبن لاتصاله أحق وأولى". شرح الكافية الشافية (1403، 1404)، وينظر شرح الأشموني (3/ 218).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 105).
(3)
البيت من بحر الطويل، قاله النجاشي، (شاعر إسلامي جلده علي بن أبي طالب لفطره في شهر رمضان) وانظر بيت الشاهد في الكتاب (3/ 515)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 308)، والهمع (2/ 78)، والأشموني (3/ 220)، وشرح الكافية الشافية (1405)، والخزانة (11/ 387، 395، 397)، والدرر (5/ 156).
ثُبتُمْ ثَبَاتَ الخَيزُرَانِيِّ في الوغى
…
............................
وقد ذكره الجاحظ في فخر قحطان على عدنان في شعر كله مخفوض وهو
(1)
:
1 -
أيَا رَاكِبًا إمَّا عَرضْتَ فَبَلِّغَنْ
…
بَنِي عَامرَ عَنّي وَأَبْنَاءَ صَعْصَعِ
2 -
ثُبْتُمْ ثَبَاتَ الخَيْزُرَانِيِّ في الوغى
…
حَدِيثًا متَى مَا يأتِكَ الخيرُ يَنْفَعِ
وهما من الطويل.
قوله: "في الوغى" بفتح الواو وبالغين المعجمة، وهي الحرب، وفي رواية الجاحظ: في الثرى بالثاء المثلثة وهي الأرض.
الإعراب:
قوله: "ثبتم": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"ثبات الخيزراني": كلام إضافي منصوب بنزع الخافض، والتقدير: كثبات، قوله:"حديثًا": منصوب بفعل محذوف تقديره: حدث حديثًا، و"متى" للشرط، وكلمة:"ما" زائدة، و"يأتك الخير": جملة من الفعل والمفعول وهو الكاف والفاعل وهو الخير وقعت فعل الشرط، قوله:"ينفعا": جملة وقعت جواب الشرط؛ كما ذكرنا.
والاستشهاد فيه:
حيث دخلت فيه نون التأكيد وهو جواب الشرط؛ كما ذكرنا
(2)
.
(1)
انظر خزانة الأدب للبغدادي (11/ 397)، نقلًا عن العقد الفريد (5/ 391).
(2)
ينظر الكتاب (3/ 515)، وفيه يقول:"وقد تدخل النون بغير ما في الجزاء وذلك قليل، شبهوه بالنهي حين كان مجزومًا غير واجب وقال الشاعر: (البيت) ........ شبهه بالجزاء حيث كان مجزومًا وكان غير واجب، وهذا لا يجوز إلا في اضطرار وهي في الجزاء أقوى". وشرح الكافية الشافية لابن مالك (1405): وهو من التوكيد القليل لكونه بعد غير إما من طوالب الجزاء. وفيه يقول الأشموني في شرحه للألفية: "مقتضى كلامه أن ذلك جائز في الاختيار وبه صرح في التسهيل فقال: وقد تلحق جواب الشرط اختيارًا، وذهب غيره إلى أن دخولها في غير شرط إما وجواب الشرط مطلقًا ضرورة. ينظر (3/ 220، 221).
الشاهد الثاني والثلاثون بعد الألف
(1)
،
(2)
................................
…
كما قيلَ قَبْلَ اليَوْمِ خالِفَ تُذْكَرَا
أقول: أنشده الجاحظ في البيان، ولم يعزه إلى قائله، وأوله
(3)
:
خِلافًا لِقَوْلِي مِنْ فَيَالة رَأْيِهِ
…
..............................
وهو من الطويل.
قوله: "من فيالة" بفتح الفاء والياء آخر الحروف واللام، أي: من ضعف رأيه، وقال الجوهري: رجل قال الرأي، أي: ضعيف الرأي مخطئ الفراسة، وقال الرأي يفيل فيولة، وفيّل رأيه تفييلًا، أي: ضعفه فهو فيل الرأي
(4)
.
الإعراب:
قوله: "خلافًا": منصوب بفعل محذوف تقديره: خالف خلافًا، وقوله:"لقولي": يتعلق بذلك المحذوف، وكلمة "من" في من فيالة للتعليل، أي: لأجل فيالة رأيه، و"كما قيل" يجوز أن تكون الكاف فيه للتعليل وما مصدرية، والمعنى: خالف لأجل ما قيل له؛ أي: لأجل القول الذي قيل له قبل اليوم بما فيه خير وصلاح له.
وقوله: "خالف" أي: خالفَ قول أهل الرأيِ السديدِ لرأيك الضعيف حتى يذكر ذلك؛ يعني: حتى يظهر لك سوء عاقبته، والأظهر أن الكاف للتشبيه وما مصدرية.
والمعنى: خالف قول من ضعف رأيه وسيظهر له ذلك، فحاله هذا كالقول في أمثال الناس خالف تذكر ذلك في الأخير، فهذا وإن كان أمرًا في الظاهر ولكن معناه: نهي من قبيل قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]، وهذا يسمى أمر تهديد ووعيد
(5)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "خالف" حيث حذف منه نون التأكيد ففتح الفاء؛ إذ أصله: خالفن، قوله:
(1)
توضيح المقاصد (4/ 116).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو مجهول القائل في مراجعه، وانظره في شرح الأشموني (3/ 227)، وينظر البيان والتبيين (2/ 187)، تحقيق عبد السلام هارون، ط. دار الجيل، والحيوان (7/ 84).
(3)
ينظر الكتاب المذكور وهو البيان والتبيين (2/ 187).
(4)
النص غير موجود في الصحاح: في مادة: "فيل، أو فلا".
(5)
ينظر شروح التلخيص: السعد وآخرون (2/ 314).
"تذكّر" بتشديد الكاف، أصله: تتذكر لأنه مضارع من باب تفعّل، فحذف إحدى التاءين للتخفيف
(1)
؛ كما في قوله تعالى: {نَارًا تَلَظَّى} [الليل: 14]، إذ أصله: تتلظى، والألف في آخره مبدلة من نون التأكيد.
والمعنى: إن خالفت تذكرت ذلك، يعني: رأيت بعد ذلك سوء المخالفة أو جوزيت به
(2)
.
(1)
ما قاله الشارح في تذكر لا يأتي إلا على تسكين الفاء من: "خالف"، وهو غير مقصود؛ لأن الشاهد هو فتح الفاء من خالف، على اعتبار أنه مؤكد.
(2)
يندر حذف النون لغير ساكن ولا وقف، واستشهد بالبيت على ذلك. ينظر شرح الأشموني بحاشية الصبان (3/ 226، 227).
شواهد ما لا ينصرف
الشاهد الثالث والثلاثون بعد الألف
(1)
،
(2)
كَأَنَّ العُقَيْلِيَّينَ يَوْمَ لَقِيتهمِ
…
فِرَاخُ القَطَا لاقَيْنَ أَجْدَلَ بَازِيَا
أقول: قائله هو القطامي، واسمه: عمير بن شييم، وهو من قصيدة من الطويل.
[وقبله
(3)
، وهو أولها
(4)
:
1 -
ألَا لَا أُبَالِي بَعدَ يَومٍ بِسَحْبَلٍ
…
إذا لَمْ أُعَذَّبْ أنْ يَجِيءَ حِمَامِيَا
2 -
تَركْتُ بجَنْبَيْ سَحْبَلٍ وتِلَاعِهِ
…
مُراقَ دَمٍ لا يَبرَحُ الدَّهرَ ثَاويَا
3 -
إِذَا مَا أَتَيتَ الحَارِثِيَّاتِ فانْعَنِي
…
لَهُنَّ وخَبِّرْهُنَّ أَنْ لَا تَلَاقِيَا
4 -
وَقَوِّدْ قُلُوصِي بَينَهُنَّ فإنَّهَا
…
سَتُضْحِك مَسْرُورًا وتُبكِي بواكيَا
5 -
فَلَيسَت وَرَائِي حَاجَةٌ غَيْرَ أَنَّنِي
…
ودِدْتُ مُعَاذًا كَانَ فِيمنْ أتانيَا
6 -
فَتصدقَهُ النَّفْسُ الكَذُوبَة بالتِي
…
ويَعْلَمُ بِالعَشْوَاءِ أَنْ قَدْ رَآنِيَا
7 -
كَأَنَّ العُقَيلِيَّينَ ..............
…
................... إلخ
(1)
ابن الناظم (248)، وأوضح المسالك (4/ 117).
(2)
البيت من بحر الطويل، للقطامي، يشبه بني عقيل بالقطا، وهو في ديوان القطامي (182)، وشواهد الخصائص (2/ 222)، (3/ 118)، وشرح التصريح (2/ 214)، وشرح الأشموني (3/ 237)، وينظر المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (1076).
(3)
من أول هنا إلى قوله: ينسى التقاضيا سقط من النسخ التي بين أيدينا (أ، ب): وهو من نسخة الخزانة، والأبيات كلها وزيادة عليها في الأغاني (3/ 427) بمناسبة جعفر بن علبة وعلي بن جعدب يغيران علي بني عقيل.
(4)
ديوان القطامي (405)، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب، ولم يرو إلا هذا البيت.
قال هذه الأبيات يخاطب معاذًا أعشى بني عقيل فأجابه بهذه الأبيات
(1)
:
1 -
تمنيتَ أن تَلقَى مُعَاذًا بِسَحْبَلٍ
…
سَتَلْقَى مُعَاذًا والقَضِيبَ اليَمَانِيَا
2 -
سَنقتُلُ منْكُمْ بالقَتِيلِ ثَلاثَةً
…
ونَغلِي وقَدْ كَانَتْ دِمَاءً غَوالِيَا
3 -
وَلَا تَحسَبنَّ الدِّينُ يا عَلْبُ مَنْظَرًا
…
ولا الثَّائِرَ الحرانَ ينْسَى التَّقَاضِيَا
قوله: "كَأَنَّ العُقَيْلِيينَ يَوْمَ لَقِيتهمِ"، ويروى:
كَأنَّ بَنِي الدَّغْمَاءَ إذْ لَحِقُوا بِنَا
…
فَرَاخُ ................ إلخ
و"الفراخ": جمع فرخ، وهو ولد الطائر، والأنثى فرخةٌ، قال الجوهري: وجمع القلة: أفرُخٌ وأفراخ، والكثر: فِرَاخ
(2)
، و "القطا": جمع قطاة وهي طائر مشهور، و"الأجدل": الصقر: قوله: "بازيَا": من بزا عليه يبزو إذا تطاول عليه.
الإعراب:
قوله: "كَأَنَّ" للتشبيه، وقوله:"العُقَيْلِيينَ": اسمها، وقوله:"فراخ القطا": كلام إضافي خبرها، قوله:"يوم": نصب على الظرف، وأضيف إلى الجملة، قوله:"لاقين": جملة من الفعل والفاعل صفة الفراخ، قوله:"أجدل": مفعول لاقين، و "بازيَا": صفته.
ويجوز أن يكون بازيًا هو الطير الجارح المشهور، ويكون عطفًا على أجدل، وحذف العاطف للضرورة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أجدل" حيث منع من الصرف لوزن الفعل ولمح الصفة، وذلك لأنه مأخوذ من الجدل وهو الشد، وأكثر العرب يصرفه لخلوه عن أصالة الوصفية
(3)
.
(1)
الأبيات من بحر الطويل لمعاذ أعشى بني عقيل، وهي في الأغاني (3/ 430) أخبار العجير السلولي ونسبه.
(2)
الصحاح مادة: "فرخ".
(3)
يرى النحاة أن بعض الكلمات العربية تستخدم في وضعها الأصلي اسمًا فتصرف، وقد تمنع من الصرف إذا لوحظ معنى الصفة فيها أو تخيل هذا المعنى فيها مع الاسمية، ومن هذه الكلمات: أجدل للصقر، وأخيل لطائر فيه نقط تخالف في لونها سائر البدن وغيرهما، وعلى أساس هذا الملحظ منع قول القطامي من الصرف، وفي ذلك يقول سيبويه: "هذا باب ما كان من أفعل صفة في بعض اللغات واسمًا في أكثر الكلام، وذلك أجدل وأخيل وأفعى، فأجود ذلك أن يكون اسمًا، وقد جعله بعضهم صفة؛ وذلك لأن الجدل شدة الخلق، قصار أجدل عندهم بمنزلة: شديد
…
وعلى هذا المثال جاء أفعى؛ كأنه صار عندهم صفة وإن لم يكن له فعل ولا مصدر". الكتاب (3/ 200، 201)، وانظر المقتضب (3/ 339 - 341)، وابن يعيش (1/ 61)، والممنوع من الصرف بين مذاهب النحاة والواقع اللغوي، د. إميل بديع يعقوب (96، 97).
الشاهد الرابع والثلاثون بعد الألف
(1)
،
(2)
ذَرينِي وَعِلْمي بالأُمُورِ وَشِيمَتي
…
فَمَا طَائِرِي يَوْمًا عليكِ بِأخْيَلَا
أقول: قائله حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، وهو من قصيدة من الطويل، وأولها هو قوله
(3)
:
1 -
لكِ الخيرُ غُضِّي اللَّوْمَ عنِّي فإنني
…
أُحِبُّ من الأخلاق ما كان أجْمَلَا
2 -
ذريني .......................
…
.................... إلى آخره
3 -
فإنْ كُنْتِ لَا مِنِّي ولَا منْ خَلِيقَتي
…
فَمِنْكَ الّذِي أَمْسَى عَنْ الخَيْرِ مَعْزِلَا
4 -
ألَمْ تَعْلَمي أَنِّي أَرَى البُخْلَ سُبَّةً
…
وأُبْغِضُ ذا اللَّوْنَينِ والمتُنَقِّلَا
5 -
إذا انْصَرَفَتْ نَفْسِي عَنِ الشَّيْءِ مَرَّةً
…
فلسْتُ عَلَيهِ آخرَ الدَّهْرِ مُقبِلَا
2 -
قوله: "ذريني" أي: دعيني واتركيني، قوله:"وشيمتي" الشيمة -بكسر الشين المعجمة- الخلق والطبيعة، و"الأخيل": طائر فيه خيلان، ويقال: الأخيل: الشقراق، والعرب تتشاءم به، ويقال: هو أشأم من أخيل
(4)
، ويجمع على أخايل، وقال أبو حاتم: الأخيل: الصرد، ويقال له: الأخطب والسميط، وهو طائر أبقع ضخم الرأس والمنقار، له برثن وهو نحو القارية، ويسمى مجوفًا لبياض جوفه وبُقَعُهُ نصفان، ويقال له: أخطب لخضرة ظهره، وأخيل لاختلاف لونه، ولا يكاد يُرَى إلا في شعبة أو شجرة، ولا يقدر عليه بشيء [وصيده العصافير وصغار الطير، وربما تشوئم به، قال أبو عبيد: القارية: هذا الطائر القصير الرجل، الطويل المنقار، الأخضر الظهر، تحبه الأعراب وتتيمن به، ويشبهون الرجل السخي به، وهي مخففة، والجمع القواري، والعامة تقول قاريَّة بالتشديد]
(5)
.
(1)
ابن الناظم (248)، وأوضح المسالك (4/ 118).
(2)
البيت من بحر الطويل من قصيدة طويلة لحسان بن ثابت زادت على الأربعين بيتًا، وكلها في الفخر، وقد ختمها بقوله:
نجير فلا نخشى البوادر جارنا
…
ولا في الغنى في دورنا فتحولا
وانظر بيت الشاهد في التصريح (2/ 214)، وشرح الأشموني (3/ 237)، واللسان: خيل، والممنوع من الصرف (97).
(3)
انظر ديوان حسان بن ثابت الأنصاري (271)، ط. دار المعارف، تحقيق: د. سيد حنفي حسنين، والديوان (401، 402) بشرح البرقوقي، ط. دار الكتاب العربي.
(4)
مثل من الأمثال العربية ينظر معجم الأمثال للميداني (1/ 383)، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، مكتبة السنة المحمدية (1955 م) وروايته: أشأم من الأخيل. وهو شاهد على أن أخيل ممنوع من الصرف وجر بالفتحة لأنه ضمن معنى الوصفية. ينظر التصريح (2/ 214).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في النسخ.
الإعراب:
قوله: "ذريني" الخطاب للمرأة، وهي جملة من الفعل والفاعل والمفعول، قوله:"وعلمي": الواو بمعنى مع، و"بالأمور" يتعلق بعلمي، قوله:"وشيمتي": عطف على علمي، قوله:"فما طائري": كلمة ما بمعنى ليس، "وطائري": كلام إضافي اسمه، وقوله:"بأخلا": خبره، والباء فيه زائدة، قوله:"يومًا": نصب على الظرف، قوله:"عليك": يتعلق بأخيلا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بأخيلا" حيث منع الصرف لوزن الفعل ولمح الصفة؛ لأنه مأخوذ من المخيول وهو الكثير الخيلان
(1)
.
الشاهد الخامس والثلاثون بعد الألف
(2)
،
(3)
ولكنَّمَا أَهْلِي بوادٍ أنيسُهُ
…
ذِئَابٌ تَبَغَّى الناسَ مثْنَى ومَوْحَدُ
أقول: قائله هو ساعدة بن جؤية الهذلي، وهو من قصيدة من الطويل، وأوله هو قوله
(4)
:
1 -
ألا باتَ مَنْ حَوْلِي نِيَامًا وَرُقَّدَا
…
وَعَاوَدَنِي حُزْنِي الذي يتجدّدُ
2 -
وعاوَدَنِي دَينِي فَبِتُّ كَأنَّما
…
خِلال ضُلُوعِ الصدرِ شِرْعٌ مُمَدَّدُ
3 -
بِأَوْبِ يَدَي صَنَّاجَةٍ عِنْدَ مُدْمِنٍ
…
غَويٍّ إِذَا ما يَنْتَشِي يَتَغَرَّدُ
4 -
ولو أنه إذْ كَان ما حُمَّ واقعًا
…
بجانبِ مَنْ يَحْفَى ومَنْ يَتَوَدَّدُ
5 -
ولكنما أهلي ............
…
....................... إلخ
1 -
قوله: "نيامًا": جمع نائم.
2 -
و"الشرع" بكسر الشين؛ الوتر الذي يمد في الملاهي، والمعنى: كأن حنيني ضرب عود في أضلاعي.
3 -
قوله: "بأوب يدي صناجة" أوبها: رجعها وترديدها في الضرب، "عند مدمن" أي:
(1)
ينظر الشاهد السابق (1032).
(2)
ابن الناظم (249).
(3)
البيت من قصيدة طويلة من بحر الطويل، لساعدة بن جؤية الهذلي، وفي ديوان الهذلي قالها يرثي ابن أبي سفيان، وانظره في الكتاب (3/ 225، 226)، والمقتضب (3/ 381)، واللسان:"شرع"، والجنى الداني (619)، وابن يعيش (1/ 62)، (8/ 57)، واللمع (238)، وشرح شواهد المغني (942).
(4)
انظر ديوان الهذليين (236)، ط. دار الكتب المصرية، وشرح أشعار الهذليين (1165، 1166).
عند رجل مدمن الخمر، قوله:"غوي" أي: جاهل، قوله:"ينتشي" أي: يسكر، قوله:"يتغرد" أي: يتطرب في غنائه، والتطريب: مد الصوت.
4 -
قوله: "ما حم" أي: ما قدر، قوله:"من يحفى" بالحاء المهملة؛ يقال: حفى به حفاوة إذا أكرمه وألطفه.
5 -
قوله: "ذئاب": جمع ذئب، ويروى: سباع جمع سبع، وهكذا وقع في ديوانه، قوله:"تبغى": على وزن تفعل، وأصله تتبغى بتاءين، فحذفت إحداهما؛ كما في قوله تعالى:{نَارًا تَلَظَّى} [الليل: 14] يقال: تبغيته إذا طلبته وبغيته.
الإعراب:
قوله: "ولكنما" الواو للعطف، ولكن للاستدراك؛ لأنه لما قال:
ولو أنه إذْ كَان ما حُمَّ واقعًا
…
....................... إلخ
استدرك عن ذلك، والمعنى: لو كان ما أصابني إلى جانب من يحفى ويتودد، ولكنما أنا بجانب من لا يبالي لي، وأهلي بوادٍ أنيسه سباع وذئاب. وبطل عمل لكن بدخول ما الكافة.
و"أهلي": كلام إضافي مبتدأ، و"بواد": خبره، والباء تتعلق بمحذوف تقديره: أهلي نازلون بواد وكائنون أو مقيمون ونحو ذلك، قوله:"أنيسه": كلام إضافي مبتدأ، و"ذئاب": خبره، والجملة صفة واد.
قوله: "تبغَّى الناس": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، والجملة صفة لذئاب، قوله:"مثنى": خبر مبتدأ محذوف، أي: بعضهم مثنى وبعضهم موحد، ومعنى مثنى: اثنان اثنان، وهو غير مصروف للعدل والصفة، وكذلك موحد -بفتح الحاء - بمعنى واحد واحد، وهو -أيضًا- غير مصروف لما ذكرنا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "مثنى وموحد" حيث وقعا نعتين لذئاب، والأولى أن يكونا خبرين لمبتدأين محذوفين كما ذكرنا، وقيل: هما بدلان من ذئاب، ولا يصح ذلك، قال أبو حيان: لا يقال إنها تكون بدلًا مما قبلها لقلة ولايتها العوامل، والأبدال إنما تكون بالأسماء التي بابها أن تلي العوامل
(1)
.
(1)
انظر التذييل والتكميل، الجزء الخامس (مخطوط) باب المنع من الصرف.
الشاهد السادس والثلاثون بعد الألف
(1)
،
(2)
يَحْدُو ثمانيَ مُولَعًا بِلَقَاحِهَا
…
حتى هَمَمْنَ بِرِبْقَةِ الإرْتاجِ
أقول: قائله هو أعرابي؛ قاله أبو الخطاب ولم ينسبه، [ونسبه السيرافي لابن ميادة، وأنشد قبله:
1 -
وكَأَنَّ أَصْلَ رَحِيلِهَا وَحِبَالهَا
…
عُلِّقْنَ فَوقَ قُوَيْرِحٍ شَحَّاجِ
2 -
يحدو ................
…
...................... إلخ
وهما من الكامل.
1 -
قوله: "قويرح": تصغير قارح، وهو الذي جاوز خمس سنين، قال السيرافي: شبه ناقته لسرعتها بحمار وحشي قارح يحدو ثماني أتن، أي: يسوقها مولعًا بلقاحها حتى تحمل وهي لا تمكنه؛ لأن الأنثى غير الآدميات لا تمكن الفعل إذا حملت]
(3)
.
قوله: "يحدو": من الحدو وهو سوق الإبل والغناء لها، وقد حدوت الإبل حدوًا وحِداءً، قوله:"مولعًا" بفتح اللام؛ من أولع بالشيء فهو مولع به؛ أي: مغرى به، و"اللقاح" بفتح اللام هو ماء الفحل، وهو المراد هنا، وأما اللقاح بكسر اللام فهو جمع لقوح، وهي الناقة التي تحلب.
قوله: "هممن": من هم بالأمر إذا قصده، قوله:"بربقة الإرتاج" قد ضبط بعضهم الربقة بكسر الراء وسكون الباء الموحدة وبالقاف، وهو الحبل، و"الإرتاج" بكسر الهمزة وسكون الراء بعدها تاء مثناة من فوق وفي آخره جيم؛ من أرتجت الناقة إذا أغلقت رحمها على الماء وحملت؛ لأنها إذا عقدت على ماء الفحل انسد فم الرحم فلم يدخله كأنها أغلقته على مائه.
والمعنى: من شدة طربهن لِحَدْو حادِيها قصدْنَ قطْع ربقة الإرتاج، يعني: ارتخين وانحللن حتى لا يكدن يجمعن أرحامهن على الماء، وضبطه بعضهم: بزيغة الإرتاج بالزاي المعجمة والياء آخر الحروف الساكنة والغين المعجمة، وعليه الأكثر، والمعنى على هذا: هممن بالميل عن
(1)
ابن الناظم (251).
(2)
البيت من بحر الكامل، نسب في بعض مراجعه لابن ميادة (أدرك الدولة الأموية والعباسية وقد نسب إلى أمه) ديوانه (91)، وهو في الكتاب (3/ 231)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 297)، وسر الصناعة (164)، والخزانة (1/ 157)، واللسان:"ثمن"، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (156).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في النسخ.
الإرتاج؛ لأن الزيغة من زاغ إذا مال، وحاصل المعنيين واحد فافهم.
الإعراب:
قوله: "يحدو": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه، قوله:"ثماني" بفتح الياء أصله: ثمانيًا بالتنوين فمنع صرفه للضرورة؛ كما يجيء الآن - إن شاء الله تعالى -، قوله:"مولعًا": حال من الضمير الذي في يحدو، والباء في بلقاحها يتعلق به، قوله:"حتى" للغاية، "وهمن": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى اللقاح، وقوله:"بربقة الإرتاج" في محل النصب على المفعولية، و"الربقة" مضاف إلى الإرتاج.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ثماني" حيث منع صرفه للضرورة تشبيهًا بمساجد؛ لأنه على وزنه، ويدل على متعدد ولكنه ليس بجمع، وقال أبو حيان: فكأنه جمع ثمنية كحذرية، والمعروف الصرف، وذكر في كتاب أبي الفضل البطليوسي في ثماني لغات الصرف لأنه ليس بجمع وإنما هو اسم عدد ومنع الصرف كما قال:"تَحْدُو ثَمَانِيَ" لأنه صار عنده جمعًا من جهة معناه؛ لأنه عدد يقع للجمع بخلاف يمان وشآم لأنه غير جمع
(1)
.
وقال الجوهري: ثمانية رجال وثماني نسوة
(2)
، وهو في الأصل منسوب إلى الثمن لأنه الجزء الذي صير السبعة ثمانية فهو ثمنها، ثم فتحوا أوله لأنهم يغيرون في النسب، كما قالوا: دهري وسهلي، وحذفوا منه إحدى يائي النسب وعوضوا منها الألف كما فعلوا في المنسوب إلى اليمن فثبتت ياؤه عند الإضافة؛ كما ثبتت ياء القاضي، فتقول: ثماني نسوة وثماني مائة؛ كما تقول: قاضي عبد الله، وتسقط مع التنوين عند الرفع والجر، وتثبت عند النصب؛ لأنه ليس بجمع فيجري مجرى: جوارٍ وغواشٍ في ترك الصرف، وما جاء في الشعر غير مصروف فهو على التوهم أنه جمع. فافهم
(3)
.
(1)
التذييل والتكميل، باب المنع من الصرف، الجزء الخامس (مخطوط).
(2)
انظر نصه في الصحاح: "ثمن".
(3)
آخر نص الجوهري مادة: "ثمن".
الشاهد السابع والثلاثون بعد الألف
(1)
،
(2)
عليه مِن اللُّؤْمِ سِرْوَالةٌ
…
فليسَ يَرِقُّ لِمُسْتَعْطِفِ
أقول: قائله مجهول، وقيل البيت مصنوع، وهو من المتقارب.
قوله: "من اللؤم" وهو [بضم اللام وهو الدناءة في الأصل والخساسة في الفعل، وبالفتح]
(3)
العذل
(4)
، و"المستعطف": طالب العطف وهو الشفقة.
الإعراب:
قوله: "سروالة": مرفوع بالابتداء، وخبره هو قوله:"عليه" مقدمًا، أي على ذلك المذموم، و "من اللؤم" يتعلق بمحذوف، وكذلك:"عليه"، والتقدير: سروالة كائنة عليه من اللؤم، و "من اللؤم": صفة لسروالة فيكون محلها الرفع
(5)
، قوله:"فليس" الفاء تصلح للتفسير وللتعليل، وهو الظاهر، والضمير المستتر فيه اسم ليس، و "يرق": جملة خبره، و "لمستعطف": يتعلق به.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "سروالة" حيث احتج به من قال إن سراويل جمع: سروالة، وأن سراويل منع من الصرف لكونها جمعًا، وقال سيبويه: سراويل واحد وهو أعجمي أعرب؛ كما أعرب الآخر، إلا أن سراويل يشبه من كلامهم ما لا ينصرف في معرفة ولا نكرة [كما أشبه بَقَّمَ الفعل ولم يكن له نظير في الأسماء
(6)
، فسيبويه يرى أنه لا ينصرف في معرفة ولا نكرة]
(7)
.
وقال أبو الحسن: بعضهم يجعلها اسمًا مفردًا فهي مصروفة عنده في النكرة على هذا المذهب، قال: ومن العرب من يراها جمعًا وواحدها سروالة، وأنشد البيت المذكور؛ فعلى هذا لا ينصرف في معرفة ولا نكرة، وهذا نقل الأخفش عن العرب وإنما علينا اتباعهم.
(1)
ابن الناظم (253)، وتوضيح المقاصد (4/ 135).
(2)
البيت من بحر المتقارب، وهو مجهول القائل، وانظره في المقتضب (3/ 346)، والهمع (1/ 25)، وشرح شافية ابن الحاجب (1/ 270)، وشرح شواهدها (100)، والتصريح (2/ 212)، والدرر (1/ 88)، والخزانة (1/ 233).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وهو مزيد من الخزانة.
(4)
جاء في هامش نسخة الخزانة (4/ 354)، قوله:"وبالفتح العذل يتبادر منه أنه بهذا المعنى مع همز عينه، وإنما هو بهذا مع عدم همزها، فهما مادتان". انتهى. مصححه.
(5)
قال صاحب الخزانة (4/ 354)، قوله:"من اللؤم كان في الأصل صفة لسروالة، فلما قدم عليه صار حالًا منه، هذا هو المقرر، وقال العيني: ومن اللوَّم صفة لسروالة، فيكون في محل الرفع، وهذا خطأ".
(6)
ينظر الكتاب (3/ 229)، والمقتضب (3/ 345، 346).
(7)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
قال أبو حيان: ولعل سيبويه لم يسم من صرف لقلتها ولم يتقرر عنده أن سراويل جمع سروالة بل هو اعتقاده؛ ألا ترى أنه يقول: هو واحد وهو أعجمي، وقال ابن الحاجب: وسراويل إذا لم يصرف فقد قيل إنه أعجمي حمل على موازنه.
وقيل: عربي جمع سروالة تقديرًا، فإذا صرف فلا إشكال
(1)
، وقال النيلي
(2)
: في سراويل ثلاثة أقوال
(3)
: أما سيبويه فيقول: سراويل اسم مفرد أعجمي نكرة، ولا ينصرف لأنه وافق بناؤه بناء ما لا ينصرف من العربي نحو قناديل.
الثاني: أنه جمع سروالة في التقدير، وليس فيه عجمة بل هو عربي.
الثالث: قيل: بل هو جمع محقق وأنشد البيت المذكور، وقال السيرافي: سروالة لغة في السراويل؛ إذ ليس مراد الشاعر عليه [من اللؤم]
(4)
قطعة من جزء السراويل.
الشاهد الثامن والثلاثون بعد الألف
(5)
،
(6)
أَنَا ابنُ جَلَا وَطَلَّاعُ الثَّنَايَا
…
متَى أَضَعِ الْعمَامَةَ تَعْرِفُونِي
أقول: قائله هو سحيم بن وثيل الرياحي
(7)
، وقيل: المثقب العبدي، وقيل: أبو زبيد، ونسبه بعضهم إلى الحجاج بن يوسف الثقفي، وليس بصحيح، وإنما هو أنشده على المنبر لما قدم الكوفة واليًا عليها، وقيل: إنه من قصيدة سحيم التي أولها:
1 -
أَفَاطِمَ قبل بينِكِ متِّعِينِي
…
ومنعك ما سألت كأن تبيني
وهو من قصيدة طويلة، وقد ذكرنا طرفًا منها في شواهد المعرب والمبني
(8)
.
(1)
انظر الإيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب (1/ 143)، ونصه يقول:"أما سراويل فمنهم من يقول هو أعجمي منصرف، ومنهم من يقول هو أعجمي غير منصرف، ولما أشبه كلام العرب الممتنع من الصرف أجري مجراه، ومنهم من يقول عربي منصرف".
(2)
هو تقي الدين إبراهيم بن الحسين المعروف بالنيلي، من علماء القرن السابع الهجري، من مؤلفاته: الصفوة الصفية في شرح الدرة الألفية، مطبوع، جامعة أم القرى.
(3)
لم أجدها في كتابه المطبوع الصفوة الصفية في شرح الدرة الألفية، تحقيق: محسن سالم الغميري، جامعة أم القرى.
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
ابن الناظم (256)، وتوضيح المقاصد (4/ 151)، وأوضح المسالك (4/ 126).
(6)
البيت من بحر الوافر، من قصيدة طويلة اختلف في قائلها على ما ذكره الشارح، وقد رجح صاحب الخزانة (1/ 255)، أنها لسحيم، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (3/ 207)، وابن يعيش (3/ 62)، والدرر (1/ 99)، والأمالي الحاجبية (456)، وشرح شواهد المغني (749).
(7)
شاعر شريف مشهور الذكر في الجاهلية والإسلام، له أخبار مع زياد بن أبيه، الخزانة (1/ 266).
(8)
الشاهد رقم (33) من هذا البحث، وقد خطأه صاحب الخزانة، وذكر أن هذا البيت للمثقب العبدي.
قوله: "وطلاع الثنايا": مبالغة طالع من طلع القمر، يقال: رجل طلاع الثنايا إذا كان ساميًا لمعالي الأمور؛ كما يقال: طلاع أنجد، و"الثنايا": جمع ثنية وهي السن المشهورة
(1)
.
الإعراب:
قوله: "أنا": مبتدأ، و"ابن جلا": كلام إضافي خبره، قوله:"وطلاع الثنايا": كلام إضافي -أيضًا- معطوف على الخبر.
قوله: "متى": اسم شرط هاهنا، و"أضع": جملة مت الفعل والفاعل، و"العمامة": مفعوله، وقوله:"تعرفوني": جواب الشرط؛ ولهذا جزم به، وعلامة الجزم سقوط النون من: تعرفوني؛ إذ أصله: تعرفونني.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أنا ابن جَلَا" فإن عيسى بن عمر استدل به على أنه إذا سمي بنحو: ضرب ودحرج منع الصرف، وأنه ليس من باب الحكاية، وليس فيه ضمير، ولكنه سماه بلفظ الفعل فامتنع الصرف وإن كان وزنًا مشتركًا
(2)
.
وردّ بأنه سمي بجلا من قولك: زيد جلا، ففيه ضمير مستتر فيه؛ فهو من التسمية بالفعل المحكي فقط، وأيضًا فلا نسلم أنه اسم بالكلية، بل هو صفة لمحذوف تقديره: أنا ابن رجل جلا
(3)
؛ كما في
(1)
قال صاحب الخزانة (1/ 260): "وقال العيني: والثنايا جمع ثنية، وهي السن المشهورة، وهذا غير لائق به، ثم فسر الثنية بأنها الطريق في الجبل، والطريق في الرمل، والمعنى أنه جلد يطع الثنايا في ارتفاعها وصعوبتها".
(2)
قال سيبويه: "هذا باب ما ينصرف من الأفعال إذا سميت به رجلًا: زعم يونس أنك إذا سميت رجلًا بضارب من قولك: ضاربْ وأنت تأمر فهو مصروف، وكذلك إذا سميته: ضَارَبَ، وكذلك ضَرَبَ وهو قول أبي عمرو والخليل، وذلك لأنها حيث صارت اسمًا وصارت في موضع الاسم المجرور والمنصوب والمرفوع ولم تجئ في أوائلها الزوائد التي ليس في الأصل عندهم أن تكون في أوائل الأسماء إذا كانت علي بناء الفعل غلبت الأسماء عليها إذا أشبهتها في البناء وصارت أوائلها الأوائل التي هي في الأصل للأسماء فصارت بمنزلة: ضارب الذي هو بمنزلة حَجَر وتابِل؛ كما أن يزيد وتغلب يصيران بمنزلة: تنضب ويعمَل إذا صارت اسمًا، وأما عيسى فكان لا يصرف ذلك وهو خلاف قول العرب، سمعناهم يصرفون الرجل يسمى: كَعْسَبًا وهو العدو الشديد مع تداني الخُطَا، والعرب تنشد هذا البيت لسحيم بن وثيل اليربوعي: (البيت) ولا نراه على قول عيسى ولكنه على الحكاية". الكتاب (3/ 206، 207).
(3)
قال المصرح: "وقال عيسى بن عمر الثقفي شيخ الخليل وسيبويه إلا أن يكونا منقولين من الفعل فإنهما يؤثران فالأول كالأمر من ضارب بفتح الراء والثاني كضرب ودحرج أعلامًا، وظاهر كلام الشاطبي تبعًا للتسهيل أن خلاف عيسى بن عمر إنما هو في المشترك ونصه، وخالف في ذلك عيسى فكان لا يصرف الوزن المشترك المنقول من فعل ويقول: كل فعل ماض سمي به فإنه لا ينصرف إلا إذا كان فارغًا من فاعله، واحتج على ذلك بقوله وهو سحيم بن وثيل اليربوعي:(البيت) وجه الحجة منه أن جلا فعل ماض خال من فاعل، وهو علم ممنوع من الصرف بدليل عدم تنوينه، وأجيب عنه بأنه يحتمل أن يكون سمي بجلا من قولك: زيد جلا أي هو ففيه ضمير مستتر يعود على زيد، =
قول الآخر
(1)
:
والله مَا زَيدٌ بِنَامَ صَاحِبُهْ
…
...................................
يريد: برجل نام صاحبه، ومع هذه الاحتمالات لا يكون في الاستشهاد بهذا البيت حجة.
الشاهد التاسع والثلاثون بعد الألف
(2)
،
(3)
على حِينَ عاتبتُ المَشيبَ عَلى الصِّبا
…
...................................
أقول: قائله هو النابغة الذبياني، وتمامه:
.................................
…
وقلتُ أَلمَّا أَصْحُ والشَّيْبُ وازِعُ؟
وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الإضافة
(4)
.
والاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "على [حين] "
(5)
؛ حيث جاز فيه الإعراب والبناء على الفتح على ما تقدم ذكره
(6)
.
الشاهد الأربعون بعد الألف
(7)
،
(8)
لقدْ رَأَيْتُ عَجَبًا مُذْ أَمْسًا
…
عَجَائِزًا مِثْلَ السَّعَالِي خَمْسًا
أقول: قائله مجهول لا يعرف، وبعده
(9)
:
= وهو من باب المحكيات فهو وفاعله جملة محكية ..... وحتمل أن يكون ليس بعلم بل هو وفاعله جملة في موضع خفض صفة لمحذوف أي أنا ابن رجل جلا الأمور أي كشفها، وفي كلا الاحتمالين نظر، أما الأول فلأن الأصل عدم استتار الضمير، وأما الثاني فلأنه لا يحذف الموصوف بالجملة إلا إذا كان بعض اسم مقدر مخفوض بمن أو في كما تقدم في باب النعت هذا .. ". التصريح (2/ 221، 222)، وينظر الممنوع من الصرف (182، 183).
(1)
تمامه: "ولا مُخالِطِ اللِّيانِ جانِبُهْ"، والبيتان من بحر الرجز المشطور، غير منسوبين، وانظرهما في شرح المفصل (3/ 62)، والإنصاف (68)، والأشموني (3/ 27)، واللسان مادة:"نوم".
(2)
ابن الناظم (257).
(3)
صدر بيت من بحر الطويل ذكر الشارح عجزه، وهو من قصيدة للنابغة يمدح فيها النعمان ويعتذر إليه، ديوان النابغة (30)، ط. دار المعارف.
(4)
ينظر الشاهد رقم (648) من هذا البحث.
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(6)
ينظر الشاهد رقم (648) من هذا البحث.
(7)
ابن الناظم (258)، وتوضيح المقاصد (4/ 159)، وأوضح المسالك (4/ 132).
(8)
بيتان من بحر الرجز المشطور، قيل للعجاج، وليسا في ديوانه، وهما وما بعدهما في وصف عجائز نهمات للطعام، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (3/ 284)، وابن يعيش (4/ 106، 107)، وأسرار العربية (32)، والهمع (1/ 209)، واللسان:"أمس"، والخزانة (7/ 167)، والدرر (3/ 108).
(9)
انظر الأبيات المذكورة والشاهد في خزانة الأدب (7/ 167) وما بعدها.
2 -
يأكُلْنَ ما في رَحْلِهِنَّ هَمْسًا
…
ولا لَقِينَ الدَّهرَ إلَّا تَعْسًا
3 -
فيهَا عَجُوزٌ لا تُسَاوي فِلْسًا
…
لَا تَأكُلُ الزُّبدَةَ إلَّا نَهْسًا
4 -
لا تَرَكَ الله لَهُنَّ ضِرْسًا
…
........................
[وهي من الرجز المسدس]
(1)
.
و"العجائز": جمع عجوز، و"السعالي": جمع سعلاة بكسر السين المهملة، وهي أخبث الغيلان، وقيل: هي ساحرة الجن، و"الهمس": الصوت الخفي، و"النهس": أخذ اللحم بمقدم الأسنان، يقال: نهست اللحم وأنهسته
(2)
بمعنى واحد.
الإعراب:
قوله: "لقد" اللام جواب قسم محذوف تقديره: والله لقد رأيت عجبًا، و"رأيت" بمعنى أبصرت؛ فلذلك اكتفى بمفعول واحد وهو قوله:"عجبًا"، و"مذ أمسًا": جار ومجرور، ومذ هاهنا حرف وهي بمنزلة في؛ كأنه قال: في أمس، والعامل فيها: رأيت، والفتحة فتحة إعراب وهي علامة الجر؛ كما في باب ما لا ينصرف، قوله:"عجائزا": بدل من قوله: "عجبًا"، وقوله:"مثل السعالي": صفته، قوله:"خمسًا": صفة بعد صفة أو عطف بيان أو بدل له.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "مذ أمسًا" حيث أعرب إعراب ما لا ينصرف على لغة بني تميم؛ ولهذا جر بالفتحة، والألف فيه للإطلاق
(3)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
في (أ): (وانتهسته).
(3)
قال سيبويه: "وسألته عن أمس اسمَ رجل؟ فقال: مصروف لأن أمس ليس هاهنا على الحد ولكنه لما كثر في كلامهم وكان من الظروف تركوه على حال واحدة كما فعلوا ذلك بأنى وكسروه كما كسروا غاق؛ إذ كانت الحركة تدخله لغير إعراب؛ كما أن حركة غاق لغير إعراب، فإذا صار اسمًا لرجل انصرف لأنك قد نقلته إلى غير ذلك الموضع؛ كما أنك إذا سميت بغاق صرفته فهذا يجري مجرى هذا كما جرى ذا مجرى لا، واعلم أن بني تميم يقولون في موضع الرفع ذهب أمسُ بما فيه وما رأيته مذ أمسَ فلا يصرفون في الرفع لأنهم عدلوه عن الأصل الذي هو عليه في الكلام لا عن ما ينبغي له أن يكون عليه في القياس؛ ألا ترى أن أهل الحجاز يكسرونه في كل المواضع وبنو تميم يكسرونه في أكثر المواضع في النصب والجر، فلما عدلوه عن أصله في الكلام ومجراه تركوا صرفه كما تركوا صرف آخر .... وإن سميت رجلًا بأمس في هذا المكان صرفته لأنه لا بد لك من أن تصرفه في الجر والنصب لأنه في الجر والنصب مكسور في لغتهم، فإذا انصرف في هذين الموضعين انصرف في الرفع؛ لأنك تدخله في الرفع وقد جرى له الصرف في القياس في الجر والنصب؛ لأنك لم تعدله عن أصله في الكلام مخالفًا للقياس، ولا يكون أبدًا في الكلام اسم منصرف في الجر والنصب ولا ينصرف في الرفع
…
وقد فتح قوم أمسَ في مذ لما رفعوا وكانت في الجر هي التي ترفع شبهوها بها قال: (البيت) وهذا قليل". الكتاب (3/ 283 - 285).
الشاهد الحادي والأربعون بعد الألف
(1)
،
(2)
ألم تَرَوْا إِرْمًا وَعَادًا
…
أَوْدَى بِهَا الليلُ والنَّهَارُ
ومرَّ دَهْرٌ على وَبَارِ
…
فَهَلَكَتْ جَهْرَةً وبارُ
أقول: قائله هو الأعشى ميمون بن قيس، وهما من قصيدة من الوافر
(3)
.
قوله: "إرمًا" بكسر الهمزة، وهو اسم قبيلة عاد، أو اسم بلدتهم، قوله:"أودى بها" أي: أهلكها الليل والنهار، [قوله:"بها" صلة أودى]
(4)
قوله: "وبار" بفتح الواو وتخفيف الباء الموحدة على وزن قطام، وهي أرض كانت لعاد.
الإعراب:
قوله: "ألم تروا" الهمزة للاستفهام، "ولم تروا": جملة من الفعل والفاعل، وهي [من]
(5)
رؤية العين فلذلك اكتفى بمفعول واحد، وهو قوله:"إرمًا"، قوله:"وعادًا": عطف عليه.
قوله: "أودى": فعل، و"الليل": فاعله، و"النهار": عطف عليه؛ أي: أهلكها مرور الليل والنهار، قوله:"بها": صلة أودى، قوله:"ومر دهر": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"على وبار" في محل النصب على المفعولية، و"وبار": مبني على الكسر.
قوله: "فهلكت": فعل، وقوله:"وبار" بالرفع فاعله، وإعرابه إعراب ما لا ينصرف لأن القوافي مرفوعة، [و "جهرة": نصب على الحال]
(6)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وبار" حيث جمع فيه بين اللغتين: إحداهما البناء على الكسر وذلك في قوله: "على وبار"، والأخرى: هي الإعراب كإعراب ما لا ينصرف، وذلك في قوله:"جهرة وبار" فرفع وبار بهلكت
(7)
.
(1)
ابن الناظم (258)، وتوضيح المقاصد (4/ 160)، وأوضح المسالك (4/ 130).
(2)
البيتان من مخلع البسيط (المجزوء) من قصيدة طويلة للأعشى قالها فيما كان بينه وبين بني جحدر، والبيتان ليسا متجاورين بينهما سبعة أبيات، وانظر ديوان الأعشى (281)، بشرح محمد حسين، و (ص 71)، ط. دار صادر، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (3/ 279)، والمقتضب (3/ 50، 376) وابن يعيش (4/ 64)، وأمالي ابن الشجري (2/ 361)، والهمع (1/ 29)، والتصريح (2/ 225).
(3)
قول العيني من الوافر ليس بصحيح، وإنما هي من مخلع البسيط.
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(5)
و
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(7)
ما كان علمًا لمؤنث على وزن: "فعال" نحو: رقاش وحذام وقطام أعلام نساء، فللعرب فيه لغتان: الأولى: لغة =
وقال أبو حيان: ويحتمل وجهًا آخر من الإعراب؛ فلا يكون جمعًا بين اللغتين بل يكون بناه في البيت، ويكون وبار فعلًا ماضيًا؛ لأن المعنى أن الدهر أهلك أهل وبار، ولا يريد بذلك المكان وإنما المراد أهله، وأعاد الضمير في هلكت مؤنثًا على وبار مراعاة للفظ وبار، ثم أعاد الضمير جمعًا على الأهل المحذوف؛ أي: وبار أهلها، أي: هلكوا؛ على جهة التأكيد من حيث المعنى، ونظيره قوله تعالى:{وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} [الأعراف: 4] فأهلكناها نطره: فهلكت، و"هم" نظير وبار.
ويحتمل أن يكون الضمير في: "وبار" لا يعود على محذوف بل على ما علم من سابق الكلام وهم أهل وبار، فيكون قد أخبر بأن البلد هلك بخرابه وهلك أهله بموتهم وفنائهم
(1)
.
الشاهد الثاني والأربعون بعد الألف
(2)
،
(3)
قدْ عَجِبَتْ مِنِّي ومِنْ يُعَيْلِيَا
…
لما رأتني خَلقًا مُقْلَوْلِيا
أقول: أنشده سيبويه ولم يعزه إلى قائله
(4)
، وهو من الرجز المسدس.
قوله: "يعيليا" بضم الياء آخر الحروف وفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وكسر اللام وتخفيف الياء آخر الحروف، وهو مصغر يعلى؛ اسم رجل.
قوله: "خلقًا" بفتح الخاء واللام وبالقاف، يقال: ثوب خلق، إذا كان عتيقًا جدًّا، وأراد:
= أهل الحجاز، وهؤلاء يبنونه على الكسر مطلقًا، وشاهدهم (إذا قالت حذامِ)، والثانية: لغة تمنعه من الصرف بشرط ألا يكون مختومًا بالراء وهي لغة تميم، وقد اختلف في علة منعه من الصرف على هذه اللغة؛ فقيل: إن سبب المنع هو العلمية والعدل، وقيل: إن سبب المنع هو العلمية والتأنيث المعنوي كالشأن في: زينب وسعاد وغيرهما، أما إن كانت صيغة فعال مختومة بالراء مثل: وبار علم قبيلة عربية -اللسان: وبر- فأكثر التميمين يبنيه على الكسر، وقد اجتمعت اللغتان -أي الإعراب مع عدم الصرف والبناء- في قول الأعشى (البيت) وفي هذا يقول سيبويه: "فأما ما آخره راء فإن أهل الحجاز وبني تميم فيه متفقون، ويختار بنو تميم فيه لغة أهل الحجاز؛ كما اتفقوا في يرى، والحجازية هي اللغة الأولى القُدْمَى، فزعم الخليل أن إجناح الألف أخف عليهم -يعني الإمالة- ليكون العمل من وجه واحد، فكرهوا ترك الخفة وعلموا أنهم إن كسروا الراء وصلوا إلى ذلك وأنهم إن رفعوا لم يصلوا، وقد يجوز أن ترفع وتنصب ما كان في آخره الراء. قال الأعشى (البيت) والقوافي مرفوعة
…
". الكتاب (3/ 278، 279)، وينظر الأمالي الشجرية (361)، والممنوع من الصرف (137، 138).
(1)
التذييل والتكميل: الجزء الخامس، باب منع الصرف.
(2)
ابن الناظم (259)، وتوضيح المقاصد (4/ 168)، وأوضح المسالك (4/ 138).
(3)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وقد نسبا للفرزدق، ولكنهما ليسا في ديوانه، وانظرهما في الكتاب (3/ 315)، والخصائص (1/ 6)، والمقتضب (1/ 142)، والممتع (557)، والمنصف (2/ 68)، وشرح التصريح (2/ 228)، والدرر (1/ 102)، وشرح الأشموني (3/ 273)، واللسان مادة:"علا".
(4)
انظر الشاهد المذكور في الكتاب (3/ 315)(هارون).
رثاثة الهيئة، ودمامة الخلقة، قوله:"مقلوليا" بضم الميم وسكون القاف وفتح اللام وسكون الواو وكسر اللام وبالياء آخر الحروف؛ من اقلولى إذا ارتفع، و"المقلولي": المتجافي المستوفز، ويقال: اقلولى الرجل في أمره إذا انكمش، وهذا أظهر هنا.
الإعراب:
قوله: "قد" للتحقيق، و"عجبت": جملة من الفعل والفاعل، و"مني": يتعلق به، قوله:"ومن يعيليا": عطف عليه، قوله:"لما": ظرف بمعنى حين، والعامل فيه عجبت، و"رأتني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، و"خلقًا": مفعول ثان، و"مقلوليَا": عطف عليه في التقدير وحذف العاطف.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يعيليا" حيث حرك الياء للضرورة؛ لأنه ردّه إلى أصله، وأصل الياءات الحركة، وإنما لم ينون لأنه لا ينصرف، واستدل به يونس فيما ذهب إليه من أن الفتحة تظهر في حالة الجر كما تظهر في حالة النصب، فتقول في "جوارٍ" إذا سميت بها في حالة الرفع [قام جواري، ورأيت جواريَ، ومررت بحواريَ فلا ينون مطلقًا لا رفعًا ولا نصبًا ولا جرًّا
(1)
، ووافقه]
(2)
على ذلك أبو زيد والكسائي والبغداديون.
وحجتهم في ذلك: أن انصراف جوارٍ قبل أن يسمى به إنما سببه نقصان البناء، فإذا سميت به رجلًا امتنع الصرف للعلمية ووجود شبه العجمة، فإذا سميت به امرأة امتنع للتأنيث والتعريف، وإذا امتنع صرفه يجب أن يذهب علم الصرف وهو التنوين، وإذا ذهب عادت الياء التي كانت حذفت بسببه، وكذلك يعيليا منع الصرف في حال الجر للتعريف ووزن الفعل، وحرك الياء بالفتح لخفتها
(3)
، وذهب سيبويه والبصريون إلى أنه ينون رفعًا وجرًّا وتحذف ياؤه فيهما ويتم في النصب ولا ينون
(4)
.
(1)
ينظر الكتاب بالتفصيل وفيه حديث مطول (3/ 310 - 315).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
ينظر التصريح (2/ 228)، وفيه يقول:"خلافًا ليونس وعيسى بن عمر من البصريين والكسائي وأبي زيد والبغداديين فإنهم يثبتون الياء ساكنة رفعًا ومفتوحة جرًّا فيقولون في الرفع: جاءني جواريْ وأعيميْ وقاضيْ ويرميْ بإثبات الياء ساكنة فيهن مقدرًا فيها الضمة ويقولون في الجر: مررت بجواريَ وأعيميَ وقاضيَ ويرميَ بفتح الياء فيهن كما تفتح في النصب احتجاجًا بقوله وهو الفرزدق (البيت) بفتح الياء من يعيليا مصغر يعلى علم رجل ولم ينونه لأنه لا ينصرف للعلمية ووزن الفعل .... ".
(4)
ينظر الكتاب بالتفصيل وفيه حديث مطول (3/ 310 - 315) والممنوع من الصرف (209 - 211).
الشاهد الثالث والأربعون بعد الألف
(1)
،
(2)
يرى الرَّاؤُونَ بالشَّفَرَاتِ منها
…
وُقُودَ أبِي حُبَاحِبَ والظُّبِينَا
أقول: قائله هو الكميت بن زيد الأسدي، وهو من قصيدة أولها هو قوله
(3)
1 -
وآل مزيقياء غَدَاةَ لاقَوْا
…
بَنِي سَعدَ بْنَ ضَبَّةَ مُؤْلِفِينَا
2 -
وأضْحَكَتِ الضِّباعُ سُيوفَ سَعْدٍ
…
بقَتلِي مَا دُفِنَّ ولا وُدِينَا
3 -
سُيوفٌ ما تَزالُ خلال قَومٍ
…
يُهتِّكنَ البُيوتَ ويستبينا
4 -
يرَى الرَّاؤونَ ...........
…
...................... إلخ
وهي من الوافر، وهذه القصيدة يفخر فيها الكميت بالعدنانية، ويجلب مناقبها، ويسب القحطانية ويطلب مثالبها.
4 -
قوله: "بالشفرات" بفتح الشين المعجمة والفاء؛ جمع شفرة السيف وهي حَدُّهُ، قوله:"وقود أبي حباحب" ويروى: "كنار أبي حباحب"، و"الوقود" بضم الواو؛ الإيقاد، وبالفتح الحطب، والأول هو المراد، وفي التيجان: الحباحب: رجل من قضاعة وهو أول من قدح بالزناد فأورى نارًا.
وقال ابن الأعرابي: نار الحباحب: ما يخرج من الحجر عند ضرب الحافر، وهو -أيضًا- نار أبي الحباحب
(4)
، وقال الجاحظ: نار الحباحب ونار أبي الحباحب واحد، وقد ذكرهما الشعراء كثيرًا، قال: وكل نار تراها العين ولا حقيقة لها عند التماسها فهي نار أبي الحباحب، قال: ولم أسمع في أبي حباحب نفسه شيئًا
(5)
، وقال أبو حنيفة: لا يعرف حباحب ولا أبو حباحب
(6)
.
قوله: "والظبينا" بضم الظاء المعجمة وكسر الباء الموحدة؛ جمع ظبة وهي طرف النصل،
(1)
ابن الناظم (259).
(2)
البيت من بحر الوافر، وهو للكميت بن زيد الأسدي، من قصيدة طويلة في الفخر، ديوانه (109)، الجزء الثاني، تحقيق: سلام، وانظر الشاهد في الخزانة (7/ 151)، واللسان:"شفر"، و"حبحب"، و"ظبا"، والضرائر الشعرية لابن عصفور (104)، والصاحبي في فقه اللغة لابن فارس (250)، والمخصص (11/ 28)، والأمالي الشجرية (2/ 268).
(3)
انظر شعر الكميت بن زيد الأسدي (2/ 109)، جمع وتقديم: داود سلام، بغداد (1969 م).
(4)
انظر لسان العرب مادة: "حبحب".
(5)
انظر نصه في الحيوان للجاحظ تحقيق: هارون (4/ 486) ط. دار الكتاب العربي.
(6)
انظر لسان العرب مادة: "حبحب".
المعنى: إن سيوفهم مذكرات توقد النار عند الضرب بها من جميع الجهات.
الإعراب:
قوله: "يرى": فعل، و"الراؤون": فاعله، قوله:"بالشفرات" أي: في الشفرات، ويروى: -أيضًا- هكذا، قوله:"منها" أي: من سيوفهم، وهي في محل الجر لأنها صفة للشفرات، أي: في الشفرات الكائنة من سيوفهم، قوله:"وقود أبي حباحب": كلام إضافي مفعول ليرى، قوله:"والظبينا": عطف على قوله: "بالشفرات".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أبي حباحب" حيث منع صرفه للضرورة
(1)
، ويقال: جعله الشاعر اسمًا مؤنثًا فلذلك لم يصرفه، وفيه نظر؛ لأنه لو كان تركه الصرف للتأنيث والتعريف لم تدخل عليه الألف واللام؛ كما لا تدخلان على ما وضع علمًا للمؤنث؛ كزينب وجيئل ونحوهما فافهم.
الشاهد الرابع والأربعون بعد الألف
(2)
،
(3)
طَلَبَ الأزارِقَ بالكتائب إذْ هَوَتْ
…
بِشَبِيبَ غائلةُ النُّفُوسِ غَدُورُ
أقول: قائله هو الأخطل، وهو من قصيدة من الوافر، يذكر فيها الأخطل ما جرى بين سفيان بن الأبرد نائب الحجاج بن يوسف زوج ابنته، وبين شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس بن عمرو بن الصلت بن قيس بن شراحيل بن مرة بن ذهل بن شيبان رأس الخوارج الأزارقة الذي كان ادعى الخلافة وتسمى بأمير المؤمنين، وكانت زوجته غزالة -أيضًا- خارجية، وكانت شديدة البأس، وكان الحجاج مع هيبته يخاف منها.
(1)
اختلف النحاة في ترك صرف ما ينصرف في ضرورة الشعر؛ فقد أجازه الكوفيون وبعض البصريين، ومنعه أكثر البصريين، وابن مالك من المجيزين، وبين الفريقين خلاف مطول، يراجع الإنصاف (2/ 493)، وابن يعيش (1/ 37، 38)، وغيرهما، والبيت الذي معنا قال فيه ابن عصفور في الضرائر (105)"ألا ترى أن أبا حباحب في موضع خفض وهي مع ذلك مفتوحة غير منونة، ووجه منعها الصرف اعتدادهم فيها بعلة واحدة من العلل المانعة للصرف وهي العلمية تشبيهًا لها بالعلة التي تمنع الصرف وحدها".
(2)
ابن الناظم (259)، وأوضح المسالك (4/ 138).
(3)
البيت من بحر الكامل، وهو من قصيدة طويلة للأخطل يمدح فيها عبد الملك بن مروان الخليفة، وفيها أيضًا يمدح الحجاج بن يوسف واليه على العراق، مبينًا إخلاصه للخليفة، ومنها هذا البيت المشهور، وهو قوله:
فعليك بالحجاج لا تعدل به
…
أجلًا إذا نزلت عليك الأمور
وانظر القصيدة في ديوان الأخطل (193)، تحقيق: إيليا سليم الحاوي، دار الثقافة بيروت، وانظر بيت الشاهد في =
قوله: "الأزارق" أصله الأزارقة بالهاء؛ فحذفها الشاعر للضرورة، وهم طائفة من الخوارج ينسبون إلى أبي راشد نافع بن الأزرق، و"الكتائب": جمع منيبة وهي الجيش، قوله:"هوت" يقال: هوى به الأمر إذا أطمعه وغرَّه، ويقال: المعنى هاهنا أسقطه ورماه؛ من هوى يهوي هويًا من باب ضرب يضرب، والهوي السقوط، قوله:"بشبيب" بفتح الشين المعجمة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره باء أخرى موحدة، وهو شبيب بن يزيد الذي ذكرناه الآن، و"غائلة النفوس": شرها، يقال: فلان قليل الغائلة؛ أي: الشر.
[الإعراب]
(1)
:
قوله: "طلب": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الراجع إلى سفيان بن الأبرد الذي ذكرناه، و"الأزارق" بالنصب مفعوله، وقوله:"بالكتائب" يتعلق بقوله: "طلب"، وقوله:"إذ": ظرف بمعنى حين، والعامل فيه قوله:"طلب".
قوله: "هوت": فعل، و"غائلة النفوس": كلام إضافي فاعله، وقوله:"بشبيب": صلة هوت في محل النصب على المفعولية، قوله:"غدور" على وزن فعول بفتح الفاء كصبور، مبالغة من الغدر وهو نقض العهد والإغراء والغش، وارتفاعه على أنه بدل من الغائلة؛ لأن غائلة النفوس هي الغادرة -أيضًا- وهو من غال إذا هلك، وقيل: إنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هو غدور، أي: شبيب والأول أظهر.
الاستشهاد فيه.
في قوله: "بشبيب" حيث منعه من الصرف، وهو اسم مصروف للضرورة
(2)
.
الشاهد الخامس والأربعون بعد الألف
(3)
،
(4)
ومِمَّنْ وَلَدُوا عَامِـ
…
ـــرُ ذو الطُّول وذو العرضِ
أقول: قائله هو ذو الأصبع حُرْثان بن الحرث شاعر جاهلي، وهو من قصيدة من الهزج وفيه
=: الإنصاف (493)، والتصريح (2/ 228)، وشرح الأشموني (3/ 275)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (384).
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
ينظر الشاهد السابق (1042).
(3)
ابن الناظم (60)، وشرح ابن عقيل (3/ 340).
(4)
البيت من بحر الهزج، لذي الأصبع العدواني، من قصيدة يحكي فيها اقتتال قبيلته واعتداء بعضهم على بعض، وانظر القصيدة في الأغاني (3/ 88)، وابن يعيش (1/ 68)، والإنصاف (501)، واللسان:"عرب، عمر" والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (483، 484).
الكف، وأولها هو قوله
(1)
:
1 -
ولَيسَ الأمْرُ فِي شَيءٍ
…
مِنَ الإبْرَامِ والنَّقضِ
2 -
إذَا أبْرَمَ أمْرًا خَا
…
لَهُ يَقْضِي ومَا يَقْضِي
3 -
يَقُولُ اليَومَ أُمْضِيهِ
…
ولَا يَميكُ ما يُمضِي
4 -
عَذِيرُ الحَيّ مِن عَدْوَا
…
ن كَانُوا حَيَّةَ الأرْضِ
5 -
بَغَى بَعضُهُمُ بَعضًا
…
فَلَمْ يُبْقُوا عَلَى بَعضِ
6 -
ومِنهُمْ كانت السَّادَا
…
تُ والمُوفُونَ بالقَرْضِ
7 -
ومِنهُمْ حَكَمٌ يَقضِي
…
فَلا يُنقَضُ مَا يَقضِي
8 -
ومنهُم مَنْ يُجيزُ النَّا
…
سَ بالسّنة والفَرضِ
9 -
وممن ولدوا عامر
…
ذو الطول وذو العرض
9 -
قوله: "ذو الطول وذو العرض": كناية عن عظم الجسم وبسطته وقوته.
الإعراب:
قوله: "وممن" الواو للعطف، ومن حرف جر، و"مَن" موصولة، و"ولدوا": جملة صلتها، والعائد محذوف تقديره: وممن ولدوهم، قوله:"عامر" بضم الراء بلا تنوين: مبتدأ، وخبره قوله:"ممن ولدوا"، قوله:"ذو الطول": كلام إضافي صفته، قوله:"وذو العرض": عطف عليه.
والاستشهاد فيه:
في قوله: "عامر" حيث منعه من الصرف وهو اسم مصروف للضرورة
(2)
.
الشاهد السادس والأربعون بعد الألف
(3)
،
(4)
فما كانَ حِصْنٌ ولَا حَابِسٌ
…
يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي مَجْمَعِ
أقول: قائله عباس بن مرداس الصحابي رضي الله عنه، وهو من قصيدة قالها يوم أَعْطَى النبي صلى الله عليه وسلم المؤلفة
(1)
انظر هذه الأبيات وغيرها في الأغاني (3/ 89 - 93)، بيروت، طبعة مصورة عن دار الكتب المصرية.
(2)
ينظر الشاهد رقم (1042) من هذا البحث.
(3)
ابن الناظم (260)، وتوضيح المقاصد (4/ 171).
(4)
البيت من بحر المتقارب، من مقطوعة للعباس بن مرداس ذكر الشارح مناسبتها بالتفصيل، في الشاهد رقم (817) من شواهد هذا الكتاب.
قلوبهم من سبي حنين مائة من الإبل فأعطى أبا سفيان بن حرب بن أمية مائة، وأعطى صفوان بن أمية مائة، وأعطى عيينة بن حصن مائة، وأعطى الأقرع بن حابس مائة، وأعطى علقمة بن علاثة مائة، وأعطى مالك بن عوف مائة، وأعطى عباس بن مرداس دون المائة ولم يبلغ به أولئك، فأنشأ يقول
(1)
:
1 -
أَتَجعلُ نَهبِي ونَهبَ العُبيـ
…
ـدِ بينَ عُيَينةَ والأقْرَعِ
2 -
وَما كَانَ حِصنٌ ........
…
........... إلى آخره
3 -
وما كنتُ دُونَ امْرِيِء مِنهُمَا
…
ومَنْ تَضعِ اليَومَ لا يُرفَعِ
4 -
وقد كنتُ فيِ القَومِ ذا تُدْرَأ
…
فَلمْ أُعْطَ شيئًا ولمْ أُمنَعِ
5 -
إلّا أَقائِلُ أَعْطيتَهَا
…
عدِيدَ قَوَائِمِهِ الأَرْبَعِ
6 -
فكانَتْ نِهَابًا تَلافَيْتُها
…
بِكَرِّي على المهر في الأجرع
7 -
وإيقَاظِي القَومَ أنْ يَرقُدُوا
…
إذَا هَجَعَ القَومُ لمْ أهْجَعِ
قال سفيان بن عيينة: فأتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة، وحصن والد عيينة، وحابس والد الأقرع، وهي من المتقارب، وفيه الثلم، وهو في قوله:"إلا أفائل" وهو جمع أفيلة، وهي بنت المخاض وبنت اللبون، والمذكر أفيل، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد النعت
(2)
.
الإعراب:
قوله: "فما" للعطف، وما نافية، و"حصن": اسم كان، و"حابس": عطف عليه، قوله:"يفوقان": خبر كان، قوله:"مرداس": مفعول يفوقان، و"في مجمع": يتعلق بيفوقان.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "مرداس" حيث منعه من الصرف وهو اسم مصروف للضرورة
(3)
.
(1)
ديوان العباس بن مرداس (84) تحقيق: يحيى الجبوري، بغداد، وخزانة الأدب (1/ 153).
(2)
انظر الشاهد رقم (817) من هذا البحث.
(3)
قال ابن عصفور: "ومنه ترك صرف ما ينصرف وفيه خلاف؛ فأجازه الكوفيون وبعض البصريين، ومنعه سيبويه وأكثر البصريين، واحتج المانعون له بأنه إخراج الاسم عن أصله لأن الأسماء المعربة الأصل فيها أن تكون منصرفة، قالوا: وإنما يجوز في الضرورة رد الكلمة إلى أصلها لا إخراجها عن ذلك، وزعموا أن ما أنشده الكوفيون شاهدًا على منع صرف ما ينصرف على غير ما أولوه أو ينشد على غير ما أنشدوه؛ ألا ترى أنهم استدلوا بقول عباس (البيت) فلم يصرف مرداسًا وهو أبوه وليس بقبيلة
…
". الضرائر (101، 102).
الشاهد السابع والأربعون بعد الألف
(1)
،
(2)
وقائِلَةٍ ما بالُ دَوْسَرَ بَعْدَنَا
…
صَحَا قَلْبُهُ عَنْ آلِ لَيْلَى وعن هِنْدِ
أقول: قائله هو دوسر بن دهبل القريعي
(3)
، قال ابن عصفور: والجيد الصحيح عندنا في هذا البيت: وقائلة ما للقريعي بعدنا
(4)
.
وهو من الطويل، والمعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "وقائلة" مجرور بواو رب، أي: رب امرأة قائلة، قوله:"ما بال دوسر": مقول القول، و"ما" استفهامية، و"بال دوسر": كلام إضافي مبتدأ، و"بعدنا": نصب على الظرف، قوله:"صحا قلبه" جملة من الفعل والفاعل؛ خبر المبتدأ، وقوله:"عن آل ليلى": يتعلق بقوله: "صحا" وأراد به: عن ليلى، ولفظة: آل مقحمة، قوله:"وعن هند": عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "دوسر" حيث منعه من الصرف وهو اسم مصروف للضرورة
(5)
.
الشاهد الثامن والأربعون بعد الألف
(6)
،
(7)
أؤمِّلُ أنْ أعيشَ وأنَّ يَوْمِي
…
بأوَّلَ أوْ بِأَهْوَنَ أو جُبَارِ
أو التالي دُبَارَ فإِنْ أَفُتْهُ
…
فمُوْنِسَ أوْ عَرُوبةَ أو شِيَارِ
أقول: قائله بعض شعراء الجاهلية، كذا قاله الجوهري وأبو حيان في التذكرة ولم ينسباه
(8)
،
(1)
ابن الناظم (260).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو لدوسر بن ذهل القريعي، في الغزل، وانظره في الإنصاف (500) والتصريح (2/ 119)، والهمع (1/ 37)، والأشموني (3/ 275)، والخزانه (1/ 149، 150)، وجواهر الأدب (237)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (277).
(3)
لم نعثر له على ترجمة في الأعلام ولا الشعر والشعراء، ولا طبقات الشعراء.
(4)
الضرائر لابن عصفور (102)، ونصه: "والجيد الصحيح عندنا في إنشاد بيت دوسر: (وقائلة ما للقريعي بعدنا).
(5)
انظر الضرائر (102) وما بعدها.
(6)
ابن الناظم (260).
(7)
البيتان من بحر الوافر، وهما لقائل مجهول من آل الجاهلية، وانظرهما في الإنصاف (497)، وشرح الكافية الشافية (1511)، واللسان:"عرب، جبر، ربر، شير"، والهمع (1/ 37)، والدرر (1/ 103).
(8)
انظر البيتين في الصحاح للجوهري مادة: (هون)، وانظرهما أيضًا في التذكرة لأبي حيان (425، 426)، تحقيق: د. عفت عبد الرحمن.
وهما من الوافر.
1 -
قوله: "بأول" هو اسم يوم الأحد في أسمائهم القديمة، قوله:"بأهون" بفتح الهمزة، وهو اسم يوم الاثنين في أسمائهم القديمة، قوله:"أو جبار" بضم الجيم وتخفيف الباء الموحدة، وهو اسم يوم الثلاثاء في أسمائهم القديمة.
2 -
قوله: "دبار" بضم الدال المهملة وتخفيف الباء الموحدة، وهو اسم يوم الأربعاء في أسمائهم القديمة، قوله:"فمونس" بضم الميم وسكون الواو وكسر النون وفي آخره سين مهملة، وهو اسم يوم الخميس في أسمائهم القديمة.
قوله: "أو عَرُوبة" بفتح العين المهملة وضم الراء وفتح الباء الموحدة، وهو اسم يوم الجمعة في أسمائهم القديمة، قوله:"أو شيار" بكسر الشين المعجمة وتخفيف الياء آخر الحروف، وهو اسم يوم السبت [في أسمائهم القديمة]
(1)
.
الإعراب:
قوله: "أؤمل": من التأميل من الأمل وهو الرجاء، وهي جملة من الفعل والفاعل، قوله:"أن أعيش": في محل النصب على المفعولية، وأن مصدرية، والتقدير: آمل العيش.
قوله: "وأن يومي" الواو للحال، ويومي: كلام إضافي اسم أن، وخبره:"بأول"، والباء بمعنى في، والمعنى: أرجو العيش والحال أن يوم موتي في أول، أي: في يوم الأحد.
قوله: "أو بأهون": عطف عليه، أي: والحال أن يوم موتي بأهون؛ أي: في أهون، أي في يوم الاثنين، قوله:"أو جبار" بالجر عطف على ما قبله؛ أي: والحال أن موتي بجبار أي: في جبار؛ أي: في يوم الثلاثاء، وإنما دخله الجر لأنه منصرف، قوله:"أو التالي" أي: التابع لجبار وهو دبار، وهو عطف على قوله:"أو جبار" والتقدير: والحال أن يوم موتي في التالي جبار وهو دبار، وهو يوم الأربعاء كما ذكرنا.
وقوله: "دبار" بدل من قوله: "أو التالي"، وإنما لم يدخله الجر لكون الشاعر منعه من الصرف، قوله:"فإن أفته" أي: فإن أفت الدبار، وإن للشرط، وأفته جملة من الفعل والفاعل والمفعول؛ فعل الشرط، قوله:"فمونس": جواب الشرط، ومنع من الصرف -أيضًا- للضرورة، قوله:"أو عروبة": عطف على قوله: "فمونس"، وهو غير منصرف للتأنيث والعلمية، قوله:"أو شيار": عطف عليه وهو منصرف فلذلك ظهر فيه الجر.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "دبار، ومونس" فإنهما مصروفان، وقد ترك الشاعر صرفهما للضرورة، وفيه خلاف قد بين في موضعه
(1)
.
الشاهد التاسع والأربعون بعد الألف
(2)
،
(3)
تَبَصَّرْ خليلي هَلْ تَرَى من ظعائنٍ
…
..............................
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وتمامه:
............................
…
سَوَالِكَ نَقبًا بَينَ حَزْمَيْ شَعَبْعَبِ
وهو من قصيدة طويلة من الطويل أولها هو قوله
(4)
:
1 -
خليليَّ مرَّا بي على أمِّ جُنْدُبٍ
…
نُقَضِّي لُبانَات الفُؤَادِ المُعَذَّبِ
2 -
فإنَّكُمَا إِنْ تنْظُرَانِي سَاعَةً
…
مِنَ الدَّهْرِ تَنفَعُنِي لدَى أُمِّ جُندُبِ
إلى أن قال:
3 -
تبصر .................
…
.................. إلخ
4 -
عَلَوْنَ بأنطاكيّة فوق عِقمَة
…
كجرمة نخلٍ أو كجنة يثربِ
1 -
قوله: "لبانات": جمع لبانة وهي الحاجة.
2 -
قوله: "إن تنظراني" أي: تنتظراني، والمعنى: إن تنتظراني ساعة حتى أعرج إليها وأسلم عليها ينفعني ذلك عندها أو تنفعني ساعة انتظاركما.
3 -
قوله: "من ظعائن" وهي النساء في الهوادج، و"السوالك": جمع سالكة، و"النقب" بالنون المفتوحة؛ الطريق في الجبل، قوله:"لين حزمي": تثنية حزم بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي المعجمة، وهو ما غلظ من الأرض، و"شعبعب": اسم ماء، معناه: هذه الظعائن سلكن هذا الطريق بين هذين الموضعين المحيطين بشعبعب، قوله:"علون بأنطاكية" أي: علون الخدور بثياب عملت بأنطاكية، وتلك الثياب فوق عقمة، وهي ضرب من الوشي.
(1)
ينظر ما قيل في الشاهد السابق.
(2)
شرح ابن عقيل (3/ 339).
(3)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة جيدة لامرئ القيس بعد المعلقة، تكثر منها الشواهد النحوية والبلاغية، انظرها في ديوانه (41)، ط. دار المعارف، وتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الديوان (30)، ط. دار الكتب العلمية، وانظر الشاهد في شرح الأشموني (3/ 274).
(4)
ينظر الديوان (30)، ط. دار الكتب العلمية، وشرح الأشموني (3/ 274).
4 -
و"جرمة النخل" بكسر الجيم، وهي ما يصرم من البسر، فشبه ما على الهوادج من ألوان الوشي والعهون بالبسر الأحمر والأصفر مع خضرة النخل، و"الجنة": البستان، وخص يثرب وهي مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام لأنها كثيرة النخل.
الإعراب:
قوله: "تبصر": جملة من الفعل والفاعل وهو أنت المستكن فيه، وتبصر هاهنا بمعنى: انظر؛ ولهذا عدوه في التعليق، ولكن الأظهر هاهنا أنه من الإبصار بالعين، قوله:"خليلي": منادى مضاف حذف منه حرف النداء، والتقدير: يا خليلي.
و"هل" للاستفهام، و "ترى": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"من ظعائن": كلمة من للغاية؛ كما تقول: رأيته من ذاك الموضع فجعلته غاية لرؤيتك؛ أي: محلًّا للابتداء والانتهاء، ويقال: من في هذه المواضع للمجاوزة، والظاهر أنها للابتداء؛ لأن الرأي ابتدأ من عنده وانتهى إليه. فافهم.
قوله: "سوالك": صفة الظعائن، ومنع الصرف لكونه على صيغة منتهى الجموع، قوله:"نقبًا": منصوب بسوالك، و "بين": نصب على الظرف مضاف إلى حزمي الذي هو مضاف إلى شعبعب.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "من ظعائنٍ" حيث صرفه الشاعر وهو غير مصروف؛ لأنه مثل مساجد ففيه العلة التي تقوم مقام العلتين، وإنما صرفه للضرورة
(1)
.
الشاهد الخمسون بعد الألف
(2)
،
(3)
نُبِّئْتُ أَخْوَالِي بَنِي يَزِيدُ
…
...........................
أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج، وتمامه:
..............................
…
ظُلْمًا عَلَينَا لَهُمْ فَدِيدُ
وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد العلم
(4)
.
(1)
يجوز للضرورة صرف ما لا ينصرف بلا خلاف بين النحويين وهو كثير ومنه شاهدنا. ينظر شرح الأشموني وحاشية الصبان (3/ 273، 274)، وحاشية الخضري على شرح ابن عقيل (2/ 109).
(2)
أوضح المسالك ومعه مصباح السالك (4/ 127).
(3)
بيت من الرجز المشطور لرؤبة بن العجاج، انظره في ديوانه مجموع أشعار العرب (173) تصحيح وليم بن الورد.
(4)
ينظر الشاهد رقم (83) من هذا البحث.
والاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "بني يزيد" فإنه من المحكيات
(1)
.
الشاهد الحادي والخمسون بعد الألف
(2)
،
(3)
إذا قالت حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا
…
فإنَّ القوْلَ ما قالتْ حَذَامِ
أقول: قائله هو لجيم بن صعب والد حنيفة وعجل ابني لجيم، وكانت حذام امرأته، وقاله لجيم فيها، وهو من الوافر.
قوله: "حذام" وهي أم عجل وأم حنيفة البرشاء، سميت حذام لأن ضُرَّتَها البرشاء حذمت يدها بشفرة وصبت عليها حذام جمرًا فبرشت فسميت البرشاء، وقال ابن كرشم الكلبي: حذام هي بنت الريان بن جسر بن تميم بن يقدم بن عنزة، وهي أم عجل بن لجيم.
وكان عاطس بن الجلاح الحِمْيَرِيّ قد سار إلى الريان في جموع من خثعم وجعفى وهمدان؛ فلقيهم الريان في عشرين حيًّا من أحياء ربيعة ومضر؛ فاقتتلوا وصبروا لا يولي أحد منهم دبره، ثم إن القيل الحميري رجع إلى معسكره وهرب الريان تحت ليلته [فسار ليلته]
(4)
، ومن الغد ونزل الليلة الثانية، فلما أصبح عاطس الحميري ورأى خلاء معسكرهم أتبعهم جمْلةٌ من سُمَاةِ رِجَالِهِ وأهل الغِنَاء منهم فجدوا في اتباعهم، فانتبه القطَا في إسرائهم من وقع دوابهم، فمرت على الريان وأصحابه عُرفًا عُرفًا فخرجت حذام بنت الريان إلى قومها فقالت
(5)
:
ألا يَا قَومَنَا ارْتَحِلُوا فسِيرُوا
…
فَلَوْ تُركَ القَطَا لَيلًا لَنَامَا
فقال ديسم بن ظالم [الأعصري]
(6)
:
إذَا قالت حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا
…
فإنَّ القوْلَ ما قالت حَذَامِ
(1)
يقصد أن إعراب هذا النوع من الجمل المحكية بعد صيرورته علمًا فإنه يبقى على صورته اللفظية قبل التسمية فلا يدخله تغيير مطلقًا ويعرب حسب موقعه من الجملة ولكن إعرابه يكون مقدرًا على آخره بسبب وجود علامة الحكاية ويظل آخره على حاله ملتزمًا علامته الأولى قبل العملية مهما تغيرت الجملة. ينظر الممنوع من الصرف (123)، وينظر شرح الأشموني (3/ 260).
(2)
أوضح المسالك (4/ 131).
(3)
البيت من بحر الوافر، وهو للجيم بن صعب، زوج حذام، قاله يأمر قومه أن يسمعوا كلام حذام، وأن يصدقوها فهي حكيمة، وانظر الشاهد في الخصائص (2/ 178)، واين يعيش (4/ 64)، والمغني (1/ 220)، وشرح التصريح (2/ 225)، وشرح شواهد المغني (596)، واللسان:"رقش".
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
ينظر شرح شواهد المغني (596، 597).
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
فارتحلوا حتى اعتصموا بالجبل ويئس منهم أصحاب عاطس فرجعوا عنهم.
[قلت: الحذم بالحاء المهملة والذال المعجمة، وهو القطع، وحذمه يحذمه حذمًا من باب ضرب يضرب، و"البرش" بفتح الباء الموحدة وفي آخره شين معجمة وهو في شعر الفرس نكت صغار تخالف سائر لونه، ومنه الأبرش، قال الخليل: سمي الأبرش لحرق أصابعه، وبقي إثره نقطًا، قوله: "عرفًا" بضم العين وسكون الراء وفي آخره فاء، ومعناه متتابعات، وهو مستعار من عرف الفرس، ومنه قوله تعالى: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} [المرسلات: 1]]
(1)
.
الإعراب:
قوله: "إذا" للشرط، و"قالت حذام": جملة من الفعل والفاعل؛ فعل الشرط، وقوله:"فصدقوها": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقعت جواب الشرط، قوله:"فإن القول" الفاء للتعليل، والقول اسم إن، وقوله:"ما قالت حذام": خبره، و"ما" موصولة، و"قالت حذام" صلتها، والعائد محذوف تقديره: ما قالته.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "حذام" فإنه فاعل في الموضعين، وحقة الرفع، ولكنه بني على الكسر تشبيهًا له بنزالِ، وهو مذهب أهل الحجاز
(2)
.
الشاهد الثاني والخمسون بعد الألف
(3)
،
(4)
اعتصمْ بالرّجاء إِنْ عَنَّ بأْسُ
…
وتناسَ الذي تضمَّنَ أمسُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الخفيف.
قوله: "إن عنّ": من عن يُعْنُّ بضم العين في المستقبل وكسرها عننًا إذا اعترض وعرض،
(1)
ما بين المعقوفين سقط من النسخ.
(2)
لفعال لغة تبنيه على الكسر سواء كان علمًا مؤنثًا مختومًا بالراء أم غير مختوم بها، وذلك تشبيهًا له بنزال في التعريف والعدل والوزن والتأنيث، وهذه اللغة هي لغة الحجازين، وبيتنا هذا من شواهدها، وإذا سمي بباب حذام مذكر زال موجب البناء عند النحاة وهو التشبيه بنزال لأنه ليس الآن مؤنثًا معدولًا فيعرب غير منصرف، ومن العرب من يصرفه. ينظر التصريح (2/ 225)، وابن يعيش (4/ 64).
(3)
أوضح المسالك (4/ 133).
(4)
البيت من بحر الخفيف وهو بلا نسبة في التصريح (2/ 226)، والهمع (1/ 209)، وشرح الأشموني (3/ 268)، والدرر (3/ 107)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (465).
ويروى: "عز" بالزاي المعجمة؛ أي: غلب، قوله:"وتناس": أمر من المناساة، وهو أن يرى من نفسه أنه نسيه.
الإعراب:
قوله: "اعتصم": جملة من الفعل والفاعل، و"بالرجاء": جار ومجرور في محل النصب على المفعولية، قوله:"إن" للشرط، و"عن": فعل، و"بأس": فاعله، والجملة وقعت فعل الشرط، والجواب محذوف دل عليه الكلام الأول، قوله:"وتناس": عطف على قوله: "اعتصم"، قوله:"الذي": صفة لموصوف محذوف، والتقدير فيه: وتناس الأمر الذي، وقوله:"تضمن أمس": جملة من الفعل والفاعل وقعت صلة للموصول.
والاستشهاد فيه:
في قوله: "أمس" حيث جاء معربًا في حالة الرفع إعراب ما لا ينصرف؛ هذه لغة نقلها سيبويه عن بني تميم، واعلم أن في "أمس" ثلاث لغات:
الأولى: لغة الحجازين: أنه يبنى على الكسر [مطلقًا في موضع الرفع والنصب والجر.
الثانية: أنه يبنى على الكسر]
(1)
في حالتي النصب والجر، ويعرب في حالة الرفع إعراب ما لا ينصرف، فتقول: ذهب أمسُ واستحسنت أمسِ وما رأيته مذ أمسِ، وعليه قول الشاعر.
والثالثة: أنه يعرب إعراب ما لا ينصرف في الأحوال الثلاثة
(2)
.
الشاهد الثالث والخمسون بعد الألف
(3)
،
(4)
...............................
…
ومَضَى بَفَضلِ قَضَائِهِ أمْسِ
أقول: قائله أسقف نجران، ويقال: قائله هو تبع بن الأقرن، ونسبه أبو علي القالي في ذيل النوادر إلى روح بن زنباع
(5)
، وقال: أنشده روح عند عبد الملك بن مروان لما قال لجلسائه:
(1)
ما بين المعقوفين سقط في النسخ.
(2)
أمس الذي يراد به اليوم الذي قبل يومك ولم يضف ولم يقرن بالألف واللام ولم يقع ظرفًا فإن بعض بني تميم تمنع صرفه مطلقًا لأنه معدول عن الأمس، وجمهورهم يخص ذلك بحالة الرفع فقط ومنه شاهدنا، والحجازيون يبنونه على الكسر مطلقًا على تقديره مضمنًا معنى اللام. ينظر أوضح المسالك ومعه مصباح السالك (4/ 132 - 134).
(3)
أوضح المسالك (4/ 134).
(4)
البيت من بحر الكامل، وقد اختلف في قائله على ما ذكره الشارح، وانظره في الحيوان (3/ 88)، واللسان:"أمس"، والتصريح (2/ 226)، والصناعتين (201)، والهمع (1/ 209)، والدرر (3/ 106).
(5)
انظر الكتاب المذكور (ذيل الأمالي والنوادر)، (29، 30)، ط. دار الكتب المصرية (1926 م).
أنشدوني أكرم أربعة أبيات قالتها العرب، وقبله
(1)
:
1 -
مَنَعَ البَقَاءَ تَصَرُّفُ الشّمسِ
…
وطُلُوعُهَا مِنْ حَيثُ لا تُمسِي
2 -
وطُلُوعُهَا حَمرَاءَ صَافِيةً
…
وغُرُوبُهَا صَفرَاءَ كَالوَرسِ
3 -
تَجرِي علَى كَبدِ السَّماءِ كَمَا
…
يَجرِي حِمامُ الموتِ بالنَّفسِ
4 -
اليومُ أَجْهَلُ ما يجيءُ به
…
ومَضَى بِفَضْلِ قضائِهِ أمسِ
ويروى: منع الحياة تقلب الشمس، وكذا روي: اليوم أعلم ما يجيء به والأول أظهر وهي من الكامل.
الإعراب:
قوله: "ومضى": فعل ماض، وفاعله هو قوله:"أمس" على ما نذكره، [والجملة معطوفة على ما قبلها، والباء في قوله: "بفضل" تتعلق بقوله: "مضى"، والضمير في قضائه يرجع إلى اليوم في قوله: "اليوم أجهل ما يجيء به"]
(2)
، وهو مصدر مضاف إلى فاعله، والمفعول متروك.
الاستشهاد فيه هاهنا:
أن: "أمس" مبنية على الكسر مع أنها في موضع رفع؛ لأنها فاعل لقوله: "مضى" كما ذكرنا، وهذا شاهد لقول أهل الحجاز: إنها مبنية لتضمنها لام التعريف، والكسرة فيها لالتقاء الساكنين
(3)
.
الشاهد الرابع والخمسون بعد الألف
(4)
،
(5)
ويومَ دخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عَنِيزَةٍ
…
فقالتْ لَكَ الوَيْلاتُ إِنك مُرْجِلِي
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وهو من قصيدته المشهورة التي أولها هو قوله:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
…
...............................
(1)
انظر الأبيات المذكورة في الحيوان للجاحظ (3/ 88)، وذيل الأمالي (29، 30).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في النسخ.
(3)
ينظر الشاهد السابق. (1051).
(4)
أوضح المسالك (4/ 137).
(5)
البيت من بحر الطويل، من معلقة امرئ القيس المشهورة، ديوان امرئ القيس (8)، ط. دار المعارف، و (ص 112) ط. دار الكتب العلمية، وانظر بيت الشاهد في المغني (2/ 343)، وشرح الأشموني (274)، وشرح شواهد المغني (766)، والخزانة (9/ 345)، والتصريح (2/ 227).
قوله: "الخدر" بكسر الخاء المعجمة وسكون الدال، وهو الستر، وقال الأعلم: هو الهودج وهو من مراكب النساء
(1)
، و "عنيزة" بضم العين المهملة وفتح النون وكسر الياء آخر الحروف وكسر الزاي، وهو اسم امرأة، قوله:"مرجلي": تاركي راجلة أمشي.
الإعراب:
قوله: "ويوم": نصب على الظرف وعطف على ما قبله، و"دخلت الخدر": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، قوله:"خدر عنيزة" بالنصب بدل من الخدر، قوله:"فقالت": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر الذي يرجع إلى عنيزة، قوله:"الويلات" بالرفع مبتدأ، و "لك" مقدمًا خبره، وهي جملة معترضة بين القول ومقوله وهي قوله:"إنك مرلجي".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "عنيزة" حيث صرفه الشاعر مع أنه غير منصرف للعلمية والتأنيث وذلك لأجل الضرورة
(2)
.
الشاهد الخامس والخمسون بعد الألف
(3)
،
(4)
.............................
…
ولكنَّ عَبْدَ اللَّه مَوْلَى موَالِيَا
أقول: قائله هو الفرزدق يهجو به عبد اللَّه بن أبي إسحاق الحضرمي النحوي
(5)
، وكان مولى الحضرميين وهم حلفاء بني عبد شمس بن مناف، والحليف عند العرب مولى، وإنما هجاه لأنه كان يطعن عليه في شعره، فقال الفرزدق:
فلَوْ كَانَ عَبْدُ الله مَوْلًى هجوتُهُ
…
ولكنَّ عبدَ الله مولى مواليا
فقال عبد الله بن أبي إسحاق: لقد لحنت -أيضًا- في قولك: "مولى مواليا"، وكان ينبغي أن يقال: مولى موالٍ، وإنما قال: مواليا فنصبه لأنه رده إلى أصله للضرورة، وإنما لم ينون؛ لأنه جعله بمنزلة غير المعتل الذي لا ينصرف.
(1)
أشعار الشعراء الستة الجاهليين (1/ 31)، (منشورات دار الآفاق الجديدة).
(2)
ينظر الشاهد رقم (1048).
(3)
أوضح المسالك (4/ 140).
(4)
عجز بيت من بحر الطويل، ذكر الشارح صدره، ونسبته للفرزدق مشهورة في كانب النحو والنقد والأدب، ولكنه ليس في ديوانه؛ لأنه مفرد، وانظره في الكتاب (3/ 313)، والمقتضب (1/ 143)، وابن يعيش (1/ 64)، والخزانة (1/ 235)، والدرر (1/ 101)، والتصريح (2/ 229)، وشرح الأشموني (3/ 273).
(5)
انظر القصيدة كاملة في طبقات النحويين واللغويين للزبيدي (32).
وهذا البيت من الطويل.
الإعراب:
قوله: "فلو" الفاء للعطف، ولو للشرط، وقوله:"كان عبد الله مولى": جملة وقعت فعل الشرط، و "مولى": منصوب لأنه خبر كان، وأراد به المولى الأعلى، وقوله:"هجوته": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقعت جواب الشرط، قوله:"ولكن" للاستدراك، و "عبد الله" اسمه، و "مولى مواليا": كلام إضافي خبره.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "مواليا" وقد ذكرناه الآن
(1)
.
الشاهد السادس والخمسون بعد الألف
(2)
،
(3)
إنِّي مُقَسِّمُ ما مَلَكْتُ فَجَاعِلٌ
…
أَجْرًا لآخِرَتِي ودُنْيًا تَنْفَعُ
أقول: قائله هو المثلم بن رياح بن ظالم المري
(4)
، وهو من قصيدة من الكامل، وأولها هو قوله
(5)
:
1 -
بَكَرَ العَوَاذِلُ بالسَّوَادِ يَلُمْنَنِي
…
جَهلًا يَقُلنَ ألَا تَرَى مَا تَصنعُ
2 -
أفْنَيتَ مالكَ في السَّفَاهِ وإنَّمَا
…
أمْرُ السَّفَاهَةِ ما أَمَرْنَكَ أجْمَعُ
3 -
وقَتُودُ ناجِيةٍ وَضَعْتُ بِقَفرَةٍ
…
والطيرُ غَاشِيَةُ العَوَافيِ وُقَّع
4 -
بِمُهَنَّدٍ ذِي حِلْيَةٍ جَرَّدْتُهُ
…
يَبرِي الأصَمَّ منَ العِظَامِ ويَقطَعُ
5 -
لِتَنُوبَ نائبة فَتَعلَمَ أنني
…
ممَّنْ يُغَزُّ عَن الثَّناءِ فَيُخْدَعُ
6 -
إنِّي مُقَسِّمٌ ..........
…
.................... إلى آخره
1 -
قوله: "العواذل": جمع عاذلة من العذل وهو اللوم.
(1)
ينظر شرح البيت في الشاهد رقم (1041).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 170).
(3)
البيت من بحر الكامل من مقطوعة في الفخر بالكرم، نسبها الشاعر لقائلها، وانظر الشاهد في ضرائر الشعر لابن عصفور (25)، والخزانة (8/ 297)، وشرح الأشموني (3/ 274)، والحماسة للمرزوقي (1675)، والممنوع من الصرف (218).
(4)
شاعر جاهلي له مساجلات شعرية بينه وبين سنان بن أبي حارثة، معجم الشواهد للمرزباني (386).
(5)
انظر المقطوعة كاملة في ديوان الحماسة للمرزوقي (1675)، نشر عبد السلام هارون.
3 -
قوله: "وقتود": جمع قتد وهو خشب الرّحْل.
4 -
قوله: "بمهند" وهو السيف المطبوع من حديد الهند، قوله:"يبري الأصم من العظام" أراد به العظم الذي به قوام العضو.
الإعراب:
قوله: "إني" الياء اسم إن، وقوله:"مقسم": خبره، وهو مضاف إلى قوله:"ما ملكت""وما" موصولة، وقوله:"ملكت": جملة صلتها، والعائد محذوف تقديره: ما ملكته.
قوله: "فجاعل" الفاء فيه لعطف المفصل على المجمل، وارتفاعه على الابتداء، والخبر محذوف تقديره: فمنه جاعل أجرًا، و "أجرًا": منصوب بجاعل، وقوله:"لآخرتي": يتعلق بمحذوف، تقديره: أجرًا كائنًا لآخرتي [فيكون محل لآخرتي من الإعراب النصب، قوله: "ودنيًا" عطف على أجرًا]
(1)
، ولكن فيه حذف تقديره: ومنه جاعل دنيا، قوله:"ينفع": جملة في محل النصب على أنها صفة لدنيا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ودنيا" حيث نونه الشاعر، وفيه رد على من يقول: إن ما فيه ألف التأنيث المقصورة يمنع صرفه للضرورة؛ لأنه لا فائدة فيه؛ إذ يزيد بقدر ما ينقص، وقد رد عليه بهذا البيت؛ فإن ابن الأعرابي أنشده بتنوين دنيا. فافهم
(2)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في النسخ.
(2)
قال ابن عصفور في الضرائر (24، 25): "وصرف ما لا ينصرف في الشعر أكثر من أن يحصى، وزعم الكسائي والفراء: أنه جائز في كل ما لا ينصرف إلا أفعل منك نحو: أفضل من زيد، وزعما أن (من) هي التي منعته الصرف، وذلك باطل بدليل أنهم صرفوا: خيرًا من عمرو، وشرًّا من بكر مع وجود "من" فيهما فثبت بذلك أن المانع لصرفه كونه صفة على وزن: "أفعل" بمنزلة: أحمر؛ فكما أن "أحمر" يجوز صرفه في الضرورة فكذلك: أفعل من". وذهب بعض البصريين إلى أن كل ما لا ينصرف يجوز صرفه إلا أن يكون آخره ألفًا؛ فإن ذلك لا يجوز فيه؛ لأن صرفه لا يقام له قافية ولا يصحح به وزن، والصحيح أن صرفه جائز لما بيناه قبل من أن الشعر فد يسوغ فيه ما لا يسوغ في الكلام وأن لم يضطر إلى ذلك الشاعر، وأيضًا فإن السماع قد ورد بصرف ما في آخره ألف، قال المثلم بن رياح المُرِّي:(البيت) رواه ابن الأعرابي بصرف: دنيا، فإن قلت كيف جعلت صرف ما لا ينصرف من قبيل الضرائر، وقد زعم أبو الحسن الأخفش في الكبير له أنه سمع من العرب من يصرف في الكلام جميع ما لا ينصرف؟ وحكى الزجاجي أيضًا في نوادره مثل ذلك؟ فالجواب: أن صرف ما لا ينصرف في الكلام إنما هو لغة لبعض العرب، قال أبو الحسن: فكأن ذلك لغة الشعراء لأنهم اضطروا إليه في الشعر فصرفوه فجرت ألسنتهم على ذلك، وأما سائر العرب فلا يجيزون صرف شيء منه في الكلام؛ فلذلك جعل من قبيل ما يختص بالشعر". وينظر الإنصاف للأنباري مسألة (69)، وحاشية الخضري على شرح ابن عقيل (2/ 109).
الشاهد السابع والخمسون بعد الألف
(1)
،
(2)
وأتاهَا أُحَيْمِرٌ كأخي السّهْـ
…
ـمِ بِعَضْب فقال كُونِي عقيرًا
أقول: قائله هو أمية بن أبي الصلت الثقفي شاعر جاهلي، وقد ترجمناه فيما مضى، وهو من الخفيف. والضمير في "أتاها" يرجع إلى ناقة صالح عليه السلام، وأراد بأحيمر الذي عقر الناقة، واسمه: قدار بن سالف، وكان أحمر أزرق أصهب، وكان ولد زنية، ولد على فراش سالف وهو من رجل يقال له: صبيّان.
وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه "ألا أحدثك بأشقى الناس" قال: بلى، قال:"رجلان: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك على هذا -يعني قرنه- حتى تبتل منه هذه -يعني لحيته" رواه ابن أبي حاتم
(3)
، و "االعضب" بفتح العين المهملة وسكون الضاد المعجمة وفي آخره باء موحدة، وهو السيف القاطع.
الإعراب:
قوله: "وأتاها": جملة من الفعل والمفعول، وقوله:"أحيمر": فاعلها، قوله:"بعضب": يتعلق بقوله: "وأتاها"، وقوله:"كأخي السهم" الكاف للتشبيه، والتقدير: أتاها مثل السهم بعضب، وقيل: التقدير: أتاها بعضب كأخي السهم، أي: كمثل السهم، فعلى الأول: محل الكاف النصب، وعلى الثاني: الجر على ما لا يخفى على الفطن.
قوله: "فقال": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الراجع إلى أحيمر، وقوله:"كوني عقيرًا": الجملة وقعت مقول القول، و "كوني" خطاب للناقة، والياء اسم كان، وعقيرًا خبره، وهو على وزن فعيل، وفعيل إذا كان بمعنى المفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث؛
(1)
توضيح المقاصد (4/ 169).
(2)
البيت من بحر الخفيف، من قصيدة طويلة لأمية بن أبي الصلت، وكلها في الدعوة إلى توحيد الله، وكان ذلك في الجاهلية، مطلعها قوله:
مجدوا الله فهو للمجد أهل
…
ربنا في السماء أمسى كبيرًا
ديوان أمية بن أبي الصلت (41)، تحقيق: سيف الدين الكاتب، وانظر بيت الشاهد في المقرب (2/ 202)، وشرح الأشموني (3/ 274)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (333).
(3)
انظر مسند أحمد بن حنبل (4/ 263)، وهو في الكامل للمبرد (3/ 242)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم.
كما في قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]
(1)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أحيمر" حيث نونه مع أنه يستحق المنع، وذلك لأجل الضرورة.
فإن قيل: قد علم أن كل ما لا ينصرف مكبرًا يصرف مصغرًا، وأحيمر مصغر أحمر فينبغي أن يكون صرفه لذلك لا للضرورة.
قلت: هذا له شروط منها: أن لا يكون له شبه بالفعل المضارع سابق على التصغير، فأحمر يمنع من الصرف مكبرًا ومصغرًا؛ لأن شبه الفعل المضارع فيه سابق على التصغير، وكذلك الكلام في: أحمد. فافهم.
* * *
(1)
ينظر حاشية الصبان على شرح الأشموني (3/ 274).
شواهد إعراب الفعل
الشاهد الثامن والخمسون بعد الألف
(1)
،
(2)
كَيْ تَجْنَحُونَ إلى سِلْمٍ وما ثُئِرتْ
…
قَتْلاكُمُ ولظَى الهَيْجَاءِ تَضْطَرِمُ
أقول: أنشده سيبويه ولم يعزه إلى قائله، وهو من البسيط.
قوله: "تجنحون": من جنح إذا مال يجنَح ويجنُح بفتح العين وضمها جنوحًا واجتنح مثله، و "السِلم" بكسر السين؛ الصلح.
قوله: "ومما ثئرت": صيغة مجهول من ثأرت القتيل وبالقتيل ثأرًا وثؤرة؛ أي: قتلت قاتله، قوله:"ولظى الهيجاء" اللظى: النار، والهيجاء: الحرب يمد ويقصر، وهاهنا ممدودة، قوله:"تضطرم" أي: تلتهب؛ من الضرام بالكسر وهو اشتعال النار في الحلفاء ونحوها.
الإعراب:
قوله: "كي تجنحون" أي: كيف تجنحون، وكي لغة في كيف وهو للاستفهام
(3)
، وتجنحون: جملة من الفعل والفاعل، و "إلى سلم": يتعلق [به]
(4)
، قوله:"وما ثئرت قتلاكم": جملة حالية، وما نافية، وثئرت على صيغة المجهول، وقتلاكم: كلام إضافي مفعول ثئرت ناب عن الفاعل، قوله:"ولظى الهيجاء": كلام إضافي مبتدأ، و "تضطرم": خبره، والجملة وقعت حالًا -أيضًا-.
(1)
ابن الناظم (261)، وتوضيح المقاصد (4/ 175).
(2)
البيت من بحر البسيط، غير منسوب في مراجعه لقائل، وقد ذكر الشارح أن سيبويه أنشده في كتابه، وهو غير دقيق، والبيت ليس في الكتاب، وانظره في المغني (1/ 182)، والجنى الداني (265)، والخزانة (7/ 106)، والدرر (3/ 135)، وشرح شواهد المغني (507)، والهمع (1/ 214).
(3)
ينظر معاني القرآن للفراء (3/ 274)، وإعراب القرآن للنحاس (5/ 250).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كي" فإنه بمعنى: كيف؛ [كما يقال: سوْ، في: سوف]
(1)
، وهو اسم لا شك فيه ككيف لدخول حرف الجر عليه
(2)
.
الشاهد التاسع والخمسون بعد الألف
(3)
،
(4)
إِذَا أنت لم تَنْفَعْ فضر
…
فإنَّمَا يُرَادُ الفَتَى كَيمَا يَضُرَّ ويَنفَعَا
أقول: قائله هو النابغة، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد حروف الجر
(5)
.
الاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "كيما" حيث دخلت عليها (ما) المصدرية، والمعنى: إنما يرجى الفتى للنفع والضر
(6)
.
الشاهد الستون بعد الألف
(7)
،
(8)
فقَالتْ أَكُلَّ النَّاسِ أَصْبَحْتَ مَانِحًا
…
لِسَانَكَ كَيمَا أنْ تَغُرَّ وتَخْدَعَا
أقول: قائله هو جميل بن معمر؛ كذا قال أبو حيان في شرحه
(9)
، وقال غيره: هو حسان بن ثابت رضي الله عنه، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد حروف الجر
(10)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وصحح من نسخة الخزانة.
(2)
قال المرادي: "الثالث -أي من معاني كي- أن تكون بمعنى كيف وهذه: اسم يرتفع الفعل بعدها؛ كما يرتفع بعد كيف لأنها محذوفة منها كقول الشاعر: (البيت) أراد كيف تجنحون، فحذف الفاء. الجنى الدانى (265).
(3)
ابن الناظم (261)، وتوضيح المقاصد (4/ 175).
(4)
البيت من بحر الطويل، وقد اختلف في قائله، والصحيح أنه لقيس بن الخطيم، ملحق ديوانه (235)، وانظر الشاهد في الخزانة (8/ 498)، والتصريح (2/ 3)، والأشموني (3/ 279)، والهمع (1/ 31).
(5)
ينظر الشاهد رقم (549).
(6)
ينظر الجنى الداني (262)، وقال الأخفش:"وقد سمعنا من العرب من وضع بعد كيما وأنشد (البيت) فهذا جعل ما اسمًا، وجعل يضر وينفع من صلته، وجعله اسمًا للفعل وأوقع كي عليه، وجعل كي بمنزلة اللام" معاني القرآن للأخفش (124).
(7)
ابن الناظم (262)، وأوضح المسالك (4/ 145).
(8)
البيت من بحر الطويل، من مقطوعة عدتها ثمانية أبيات، تحت عنوان:"حوار لجميل بثينة"، ديوان جميل (125)، تحقيق: د. حسين نصار.
(9)
التذييل والتكميل، مخطوط، الجزء الخامس، باب إعراب الفعل، نواصب المضارع، دون نسبة.
(10)
ينظر الشاهد (548).
والاستشهاد فيه:
في قوله: "كيما أن" حيث جمع فيه بين "كي"، "وما"، ولا يجوز ذلك إلا في الضرورة
(1)
، وعن الأخفش أن "كي" جارة دائمًا وأنّ النصب بعدها بأن ظاهرة أو مضمرة
(2)
، ويرده نحو
(3)
[قوله تعالى]: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23].
الشاهد الحادي والستون بعد الألف
(4)
،
(5)
كَيْ لِتَقْضَيِني رُقَيَّةُ مَا
…
وَعَدَتْنِي غَيْرَ مُخْتَلَسِ
أقول: قائله هو عبيد الله بن قيس الرقيات، وقبله هو قوله
(6)
:
1 -
يا ل فهر عادَ لي نُكْسِي
…
مِنْ عِدَاة البُدَّنِ الشُّمْسِ
2 -
ليتَنِي أَلْقَى رُقَيَّةَ في
…
خَلْوَةٍ من غيرِ مَا بَئْسِ
3 -
كَيْ لِتَقْضِيني في رُقَيَّةَ ما
…
......... إِلى آخره
وبعده:
4 -
حُلْوَةٌ إِذَا تُكَلِّمُهَا
…
تَمْنَعُ الماعونَ بِاللقْسِ
[وهي من المديد، وفيه الخبن، والحذف والكف]
(7)
.
1 -
قوله: "يال فهر" أصله: يا آل فهر، قوله:"نكسي" بضم النون وهو عود المرض بعد النقه، والنكس بالكسر؛ الرجل الضعيف، [والبدن بضم الباء الموحدة وتشديد الدال؛ جمع بادنة، وهي السمينة، و"الشمس" بضم الشين؛ جمع شمساء، وهي البيضاء]
(8)
.
3 -
قوله: "كي لتقضيني" أي: لتوفيني، قوله:"غير مختلس" بفتح اللام؛ مصدر ميمي
(1)
قال ابن عصفور: "وأما قول حسان (البيت) فأن فيه ناصبة لا زائدة أظهرت للضرورة، لأن كيما إذا لم تدخل عليها اللام كان الفعل بعدها منتصبًا بإضمار أن ولا يجوز إظهارها في فصيح الكلام". الضرائر (60).
(2)
قال الأخفش: "قوله: {لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} [البقرة: 79]- فهذه اللام إذا كانت في معنى: (كي) كان ما بعدها نصبًا على ضمير: (أن) وكذلك المنتصب بكي هو أيضًا على ضمير (أن) كأنه يقول: للاشتراء، فيشتروا لا يكون اسمًا إلا بأن، فأن مضمرة وهي الناصبة وهي في موضع جر باللام، وكذلك: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} [الحشر: 7] أن مضرة وقد جرتها كي". معاني القرآن (119، 120).
(3)
ما بين المعقوفين زيادة لإيضاح الآية.
(4)
أوضح المسالك (4/ 144).
(5)
البيت من بحر المديد من مقطوعة عدتها أربعة أبيات في الغزل، لعبيد الله بن قيس الرقيات، ديوانه (160)، ط. دار صادر، وانظر الشاهد في الخزانة (8/ 488، 490)، والتصريح (2/ 231)، والهمع (1/ 53) والدرر (1/ 170).
(6)
انظر الأبيات في ديوان عبيد الله بن قيس الرقيات (160)، ط. دار صادر.
(7)
و
(8)
ما بين المعقوفين سقط في النسخ.
بمعنى الاختلاس؛ من اختلست الشيء إذا استلبته وكذلك خَلَسته.
4 -
قوله: "الماعون" أراد به الطاعة هاهنا، و "اللقس" من قولهم: فلان لقس؛ أي: عسر.
الإعراب:
قوله: "كي" للتعليل، وقوله:"لتقضيني": جملة من الفعل والمفعول، و "رقية": فاعله، قوله:"ما وعدتني": مفعول ثان لتقضيني، و "ما" يجوز أن تكون موصولة، والجملة صلتها والعائد محذوف تقديره: الذي وعدتني إياه، ويجوز أن يكون "ما" مصدرية تقديره: لتقضيني رقية وعدها لي، قوله:"غير مختلس": نصب على أنه صفة لمصدر محذوف تقديره: لتقضيني ما وعدتني قضاء غير مختلس.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كي لتقضيني" فإن كي فيه تعليلية لتأخر اللام عنها
(1)
، وقال أبو علي في التذكرة: إن كي هاهنا بمعنى: "أن"، ولا تكون الجارة؛ لأن حروف الجر لا تعلق، وإذا كانت الأخرى كانت زائدة كالتي في قوله
(2)
:
.....................
…
كأن ظبية تعطو ...............
وقال النيلي
(3)
: ويحتمل أن تكون لكي تقضينني فقدم وأخر.
الشاهد الثاني والستون بعد الألف
(4)
،
(5)
أَنْ تَقْرَآنِ عَلَى أَسْمَاءَ وَيْحَكُمَا
…
مِنِّي السلامَ وأنْ لا تُشْعِرَا أحَدًا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وقبله
(6)
:
1 -
يَا صَاحِبَيّ فَدَتْ نَفْسِي نُفُوسَكُمَا
…
وحَيثُمَا كُنتُمَا لاقيتُمَا رَشدَا
2 -
إِنْ تَقْضِيَا حَاجَةً لِي خَفَّ مَحمَلُهَا
…
تَسْتَوجِبَا نِعْمَةً عِندِي بِهَا ويَدَا
(1)
ينظر التصريح (2/ 231).
(2)
ينظر الشاهد رقم (292).
(3)
لم نجده في كتابه المطبوع الصفوة الصفية في شرح الدرة الألفية، تحقيق: محسن العميري، جامعة أم القرى.
(4)
ابن الناظم (262)، وتوضيح المقاصد (4/ 186)، وأوضح المسالك (4/ 147).
(5)
البيت من بحر البسيط، ومع وفرة مراجعه فلم ينسب في واحد منها، وانظره في الخصائص (1/ 390)، وابن يعيش (7/ 15)، والمغني (30)، والمنصف (1/ 287)، والإنصاف (563)، وابن الداني (220)، والخزانة (8/ 420، 421، 423)، واللسان:"أنن"، وشرح شواهد المغني (100).
(6)
انظر الأبيات في شرح شواهد المغني (100)، والخزانة (8/ 420، 421، 423).
3 -
أن تقرآن على أسماء ........
…
............... إلخ
وهي من البسيط. المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "أن" بفتح الهمزة أهملت عن العمل، و "تقرآن": جملة من الفعل والفاعل وهو أنتما المستتر فيه.
فإن قلت: ما محل أن هذه؟
قلت: إما نصبٌ بدلًا من حاجة، أو رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هي أن تقرآن مني السلام على هذه المرأة، قوله:"على أسماء": يتعلق به، قوله:"ويحكما": خطاب لصاحبيه اللذين خاطبهما في أول القصيدة، وهي كلمة ترحم بخلاف لفظة: ويل
(1)
، قوله:"مني" يتعلق بمحذوف، و "السلام" بالنصب مفعول تقرآن، تقديره: السلام الكائن مني، قوله:"وأن" بالفتح عطف على أن الأولى، و "لا تشعرا": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"أحدًا": مفعوله.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أن تقرآن" حيث أهملت فيه أن عن العمل حملًا لها على أختها ما المصدرية، وهذا من قبيل قراءة
(2)
ابن محيصن: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233] برفع الميم
(3)
، وزعم الكوفيون أن:"أن" هذه هي المخففة من الثقيلة شذ اتصالها بالفعل
(4)
.
الشاهد الثالث والستون بعد الألف
(5)
،
(6)
إذا مِتُّ فَادْفِنِّي إلَى جَنْبِ كِرْمَةٍ
…
تُرَوّي عِظَامِي في الممات عُرُوقُهَا
وَلَا تَدْفِنَنِّي فِي الفَلاةِ فَإنَّنِي
…
أخافُ إِذَا مَا مِتُّ أنْ لَا أَذُوقُهَا
أقول: قائله هو أبو محجن بن حبيب بن عمرو بن عمير بن عقدة بن غيرة الثقفي، أسلم
(1)
ينظر اللسان: "ويح"، و "ويل".
(2)
محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي (ت 123 هـ)، ينظر طبقات القراء (2/ 167).
(3)
وقرأ الجمهور: {أَنْ يُتِمَّ} [البقرة: 233] بضم الياء وفتح الميم وتسمية الفاعل ونصب الرضاعة على أن تكون أن مصدرية عاملة، وتقرأ بالتاء مفتوحة ورفع الرضاعة، والجيد فتح الراء في الرضاعة، وكسرها جائز، وقد قرئ به. ينظر التبيان في إعراب القرآن للعكبري (1/ 97)، والجامع لأحكام القرآن الكريم (2/ 970).
(4)
ينظر شرح التسهيل للمرادي (3/ 298)، وفي المنصف (1/ 278)، أن هذا مذهب أبي علي الفارسي.
(5)
ابن الناظم (262).
(6)
البيتان من بحر الطويل، وهما مطلع قصيدة لأبي محجن الثقفي (صحابي) في الخمر وحبها والولع بها، ولكن =
حين أسلمت ثقيف، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه، وكان من أهل البأس والنجدة، وكان شاعرًا مطبوعًا، وكان منهمكًا في الشراب، ذكر عبد الرزاق عن ابن جُريج، قال: بلغني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حدَّ أبا محجن سبع مرات، ولولعه بالخمر له فيها أشعار كثيرة.
وقال ابن حبيب: اختلف في اسمه فقيل: مالك، وقيل: عبد اللَّه، وقيل: اسمه كنيته، وضبط عن أبي عمرو: حُبَيْب مصغرًا، وبعد البيتين بيتان آخران وهما
(1)
:
3 -
أُبَاكِرُهَا عِندَ الشُّرُوقِ وتَارَةً
…
يُعَاجِلُنِي عِندَ المَسَاءِ غَبُوقُهَا
4 -
وللكَأسِ والصَّهْبَاءِ حَقٌّ مُعَظَّمُ
…
فمِنْ حَقِّهَا أنْ لا تُضَاعَ حُقُوقُهَا
وهي من الطويل، والمعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "إذا مت" إذا ظرف يتضمن معنى الشرط، و "مت": جملة من الفعل والفاعل؛ فعل الشرط، قوله:"فادفني": جواب إذا، وقوله:"إلى جنب كرمة": يتعلق بالجواب.
قوله: "تروّي" بتشديد الواو فعل مضارع، وقوله:"عروقها": فاعله، و "عظامي": كلام إضافي مفعوله، والجملة في محل الجر لأنها صفة كرمة، قوله:"في الممات" يعني: في حالة الممات، والممات مصدر ميمي، والألف واللام فيه بدل عن المضاف إليه.
قوله: "ولا تدفنني": جملة معطوفة على قوله: "فادفني"، و "في الفلاة" يتعلق بها، قوله:"فإنني" الفاء فيه للتعليل، والضمير المتصل اسم إن، وخبره قوله:"أخاف"، وهو جملة من الفعل والفاعل.
قوله: "إذا ما مِتُّ" إذا ظرف، وما زائدة، ومِتُّ: جملة من الفعل والفاعل، قوله:"أن لا أذوقها" أن مصدرية [وهي ومدخولها]
(2)
في محل النصب على أنها مفعول أخاف، والتقدير: أخاف عدم ذوق الكرمة، أي: من عروقها.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أن لا أذوقها" حيث أهملت أن ولم تعمل في قوله: "لا أذوقها"، هكذا زعم
= ذلك كان قبل الإسلام، وانظر الشاهد في معاني القرآن للفراء (1/ 14)، وشرح الكافية الشافية (614)، والأشموني (3/ 283)، والمغني (30)، والخزانة (8/ 398)، والدرر (4/ 57)، وشرح شواهد المغني (101).
(1)
انظر الأبيات المذكورة في خزانة الأدب (8/ 402)، وشرح شواهد المغني (101).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
بعضهم
(1)
، والصحيح، أن:"أن" هاهنا مخففة من الثقيلة، والتقدير: أخاف إذا ما مت أنه لا أذوقها؛ لأن أخاف هاهنا بمعنى: أتيقن وأعلم
(2)
.
الشاهد الرابع والستون بعد الألف
(3)
،
(4)
لَئِنْ عَادَ لِي عَبْدُ العَزِيزِ بِمِثْلِهَا
…
وَأَمْكنَنِي مِنْهَا إذن لا أُقِيلُها
أقول: قائله هو كثير عزة، وهو من قصيدة يمدح بها عبد العزيز بن مروان، وهي طويلة من الطويل، وأولها هو قوله
(5)
:
1 -
عَجِبْتُ لِتَرْكِي خُطَّةَ الرُّشْدِ بَعْدَمَا
…
بَدَا لِي مِنْ عَبْدِ العَزِيزِ قَبُولُهَا
2 -
حَلَفْتُ بِربِّ الرَّاقِصَاتِ إِلَى مِنًى
…
يُغُولُ البِلادَ نَصُّهَا وذَمِيلُهَا
3 -
لئن عاد لي ..............
…
................... إلخ
1 -
قوله: " [خطة الرشد]
(6)
بضم الخاء المعجمة، وأراد بها: خصلة الهداية.
2 -
والمراد: "بالراقصات" إبل الحجيج التي تتبخترن في مشيهن كأنهن يرقصن، قوله:"يغولُ" أي: يجوبها ويقطعها، قوله:"نصها" النص: السير الشديد، و "ذميلها" بفتح الذال
(1)
يقصد به المبرد، يقول في المقتضب للمبرد (3/ 8):"وزعم سيبويه أنه يجوز: خفت أن لا تقوم يا فتى، إذا خاف شيئًا كالمستقر عنده وهذا بعيد، وأجاز أن تقول: ما أعلم إلا أن تقومَ إذا لم يرد علمًا واقعًا، وكان هذا القول جاريًا على باب الإشارة أي: أرى من الرأي، وهذا في البعد كالذي ذكرنا قبل، وجملة الباب تدور على ما شرحت لك من التبيين والتوقع"، وقال سيبويه:"ولو قال رجل: أخشى أن لا تفعلُ يريد أن يخبر أنه يخشى أمرًا قد استقر عنده أنه كائن جاز وليس وجه الكلام". الكتاب (3/ 167).
(2)
قال سيبويه: "فأما ظننت وحسبت وخلت ورأيت فإن "أن" تكون فيها وجهين على أن تكون أن التي تنصب الفعل وتكون أن الثقيلة، فإذا رفعت قلت: قد حسبت أن لا يقول .... " الكتاب (3/ 166)، وينظر المسألة بالتوضيح في شرح التسهيل للمرادي (3/ 301، 302).
(3)
ابن الناظم (263)، وأوضح المسالك (4/ 154).
(4)
البيت من بحر الطويل، من مقطوعة لكثير عزة، يمدح بها عبد العزيز بن مروان، وانظر الشاهد في الكتاب (3/ 15)، وسر الصناعة (397)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 144)، ورصف المباني (66)، وابن يعيش (8/ 22)، وشرح شواهد المغني (63)، والخزانة (8/ 473)، والدرر (4/ 71)، والتصريح (2/ 234)، واختيارات المرادي في تراثه النحوي (دكتوراه) باسم: أحمد السوداني، جامعة الأزهر (1086).
(5)
ديوان كثير (171) سلسلة شعراؤنا، و (304)، بتحقيق: د. إحسان عباس، وأول القصيدة هو:
إذا ابتدر الناس المكارم بذهم
…
عراضة أخلاق ابن ليلى وطولها
والبيتان اللذان ذكرهما العيني هما الثالث والخامس في القصيدة في الديوان.
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
المعجمة وكسر الميم، وهو نوع من السير.
3 -
قوله: "لا أقيلها": من أقال إقالة، والمعنى: لا أتركها.
الإعراب:
قوله: "لئن عاد" اللام فيه لام [التوطئة]
(1)
للإيذان بالقسم، وتسمى -أيضًا- لام التلقي، وإن شرط، وعاد: في موضع جزم بالشرط، وقوله:"لا أقيلها" في موضع جزم على جواب الشرط، وعملت إن في الموضع دون اللفظ
(2)
، قوله:"عبد العزيز": فاعل عاد، قوله:"بمثلها" يتعلق بعاد، والضمير يرجع إلى خطة الرشد المذكور في البيت السابق، والتقدير: لئن عاد لي عبد العزيز بمثل تلك الخصلة الحميدة الحسنة التي كانت ظهرت لي منه لا أتركها أبدًا، قوله:"وأمكنني": جملة معطوفة على قوله: "عاد لي"، قوله:"منها": يتعلق بأمكنني.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "إذن" حيث ألغيت عن العمل لوقوعها بين القسم والجواب، فالقسم قوله في البيت الذي قبله:"حلفت برب الراقصات إلى مِنًى"، وجواب القسم:"لا أقيلها" والتقدير: حلفت برب الراقصات لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها لا أقيلها إذن
(3)
.
الشاهد الخامس والستون بعد الألف
(4)
،
(5)
لا تَتْرُكَنِّي فيهُمُ شطيرًا
…
إِنِّي إذنْ أَهْلِكَ أو أطِيرَا
أقول: لم أقف على اسم راجزه.
(1)
زيادة للإيضاح.
(2)
هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأنه عند اجتماع القسم والشرط فالجواب للمتقدم، وهنا المتقدم القسم، فالجواب له، وقد جاء مرفوعًا على الفاعلية، هو منفي فلم يؤكد، وانظر هذا الذي قلناه، وغيره في الخزانة (8/ 474، 475).
(3)
قال ابن عصفور: "ويجوز الفصل بينها وبين معمولها بالقسم والظرف والمجرور نحو قولك: إذن والله أكرمَك، وإذن في الدار آتيَك". المقرب (1/ 262)، وينظر شرح التسهيل لابن مالك (4/ 22)، وما ذهب إليه ابن عصفور من جواز نصب المضارع بعد "إذن" إذا فصل بينهما بالقسم هو رأي سيبويه حيث يقول:"هذا باب: (إذن). اعلم أن (إذن) إذا كانت جوابًا وكانت مبتدأة عملت في الفعل عمل: أرى في الاسم إذا كانت مبتدأ وذلك قولك: إذن أجيئَك، وإذن آتيَك، ومن ذلك -أيضًا- قولك: إذن والله أجيئك، والقسم هاهنا بمنزلته في: أرى، إذا قلت: أرى والله زيدًا فاعلًا". الكتاب (3/ 12)، وينظر الأصول في النحو لابن السراج (2/ 154).
(4)
ابن الناظم (263)، وتوضيح المقاصد (4/ 188)، وأوضح المسالك (4/ 155).
(5)
البيتان من بحر الرجز المشطور، ولم ينسبا لقائل، وهما في ابن يعيش (7/ 17)، والمغني (22)، والمقرب (1/ 261)، والإنصاف (177)، والجنى الداني (362)، والخزانة (8/ 456)، ورصف المباني (66)، والتصريح (2/ 234)، =
قوله: "شطيرًا" بفتح الشين المعجمة وكسر الطاء المهملة، قال الأصمعي: الشطير: البعيد، يقال: بلد شطير، وشطر عني فلان؛ أي: نأى عني، قال الجوهري: والشطر أيضًا الغريب، قال الشاعر:
لا تَتْرُكَنِّي فيهُمُ شطيرًا
…
...........................
(1)
الإعراب:
قوله: "لا تتركني" لا ناهية، و "تتركني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول أكدت بنون التأكيد، قوله:"فيهم" يتعلق بشطيرًا، و "شطيرًا": نصب على الحال، والتقدير: لا تتركني حال كوني شطرًا كائنًا فيهم، قوله:"إني" الضمير اسم إن، وخبره قوله:"أهلك"، قوله:"أو أطيرا": عطف عليه، والألف فيه للإشباع.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "إذن" حيث أعملها الشاعر مع أنها معترضة بين إن وخبرها، وهو ضرورة
(2)
خلافًا للفراء
(3)
، وقد أول على حذف خبر إن، أي: إني لا أقدر على ذلك ثم استأنف ما بعده
(4)
.
الشاهد السادس والستون بعد الألف
(5)
،
(6)
............................
…
كَأَنْ ظَبْيَةٍ تعطُو إلَى وارق السلمِ
أقول: قائله هو علباء بن أرقم اليشكري، وصدره:
وَيَومًا تُوَافِينَا بوَجْهٍ مُقَسَّمٍ
…
...........................
وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد إن وأخواتها
(7)
.
قوله: "تعطو" أي: تتناول وتأخذ، قوله:"إلى وارق السلم"[أي: إلى مورق السلم]
(8)
، وهو بفتح السين واللام؛ شجر من شجر العضاة، واحدتها
(9)
سلمة.
= وشرح شواهد المغني (70).
(1)
الصحاح مادة: "شطر".
(2)
انظر المقرب (1/ 261، 262)، والمغني (22).
(3)
انظر معاني القرآن للفراء (1/ 274).
(4)
انظر شرح التسهيل للمرادي (4/ 313).
(5)
توضيح المقاصد (4/ 181)، وأوضح المسالك (4/ 150).
(6)
البيت من بحر الطويل، لعلباء بن أرتم، وقد سبق الحديث عنه في شواهد إن وأخواتها، وانظره في الإنصاف (247)، ومعاني القرآن للفراء (2/ 86)، وشرح الأشموني (3/ 286).
(7)
ينظر الشاهد رقم (292).
(8)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(9)
في (أ): واحدها.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كأن ظبية" على رواية من جر ظبية حيث وقعت فيه أن زائدة بين الكاف ومجرورها، وهو قوله:"ظبية" فلم تعمل شيئًا، وروي: ظبيةً بالنصب على أن: "أن" خففت من الثقيلة، وحذف اسمها وجاء خبرها مفردًا، وقد ذكرناها في شواهد إن مستوفى، والله أعلم.
الشاهد السابع والستون بعد الألف
(1)
،
(2)
لأستسهِلَنَّ الصَّعْبَ أَوْ أُدْرِكَ المُنَى
…
فَمَا انْقَادَت الآمالُ إلا لصابرٍ
أقول: قائله لم أعرفه، وهو من الطويل.
قوله: "لأستسهلن" من قولهم: فلان استسهل أمره، أي: عده سهلًا، و "المنى" بضم الميم وتخفيف النون؛ جمع منية، و "الآمال" بالمد؛ جمع أمل وهو الرجاء.
الإعراب:
قوله: "لأستسهلن" اللام فيه للتأكيد، "وأستسهلن": جملة من الفعل والفاعل أكدت بالنون الثقيلة، و "الصعب": مفعوله، قوله:"أو": بمعنى إلى، و "أدرك": فعل وفاعل، و "المنى": مفعوله، قوله:"فما انقادت" الفاء للتعليل، وما نافية، وانقادت فعل، و "الآمال": فاعله، والاستثناء من النفي.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أو أدرك المنى" حيث جاءت أو فيه بمعنى إلى، وانتصب الفعل بعدها بأن مضمرة؛ كما في قولك: لألزمنك أو تقضيني حقي، وكذلك التقدير هاهنا: إلى أن أدرك المنى
(3)
.
(1)
ابن الناظم (264)، وأوضح المسالك (4/ 159)، وشرح ابن عقيل (4/ 9).
(2)
البيت بلا نسبة في مراجعه، وهو في المغني (67)، والهمع (2/ 10)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 320)، والدرر (4/ 77)، وشرح شواهد المغني (206)، وقد نسب للنابغة وليس في ديوانه.
(3)
"أو" حرف عطف معناه الشك والإيهام، ويليه المضارع على وجهين: أحدهما: أن يكون مخالفًا فيكون هو على الشك والفعل الذي قبل، أو على اليقين فلا يتبعه في الإعراب، لأنه لم يشاركه في حكمه، بل ينتصب بل بـ:"أن" لازمة الإضمار؛ إلا أن تقدر بناء الفعل على مبتدأ محذوف فيرفع، وعلامة مخالفة ما بعد:"أو كما قبلها: وقوعها موقع: "إلى أن"؛ كقولك: لأسيرن أو تغرب الشمس، ونحو قول الشاعر: (البيت)، أو موقع: "إلا أن"؛ كقولك: لأقتلن الكافر أو يسلم، ونحو قول زياد الأعجم في الشاهد التالي مباشرة رقم (1067) من هذا البحث - وكل ما يصلح فيه تقدير: (أو) بـ (إلى أن) يصلح فيه تقديرها بـ (إلا أن) من غير عكس، ولذلك لم يذكر سيبويه إلا تقديرها بـ"إلا أن" فقيل: هو الصواب. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (4/ 25)، والكتاب (47، 48).
الشاهد الثامن والستون بعد الألف
(1)
،
(2)
وَكُنْتُ إذَا غَمَزْتُ قَنَاةَ قَوْمٍ
…
كَسَرْتُ كُعُوبَهُا أو تَسْتَقِيمَا
أقول: قائله هو زياد الأعجم، وهو من الوافر.
قوله: "غمزت": من غمزت الشيء بيدي، و "القناة": الرمح، ويجمع على قنى وقنوات وقناء، قوله:"كعوبها": جمع كعب، وكعوب الرمح: النواشز في أطراف الأنابيب، والمعنى: هجوت القوم إلا من يستقيم أو يترك هجائي.
الإعراب:
قوله: "وكنت" الواو للعطف إن تقدمه شيء، والضمير المتصل اسم كان، وقوله:"كسرت كعوبها": خبره، قوله:"إذا": ظرف يتضمن معنى الشرط، و "غمزت": فعل وفاعل، و "قناة قوم": كلام إضافي مفعوله.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أو تستقيما" حيث جاءت فيه "أو" بمعنى إلا في الاستثناء، فانتصب المضارع بعدها بإضمار أن؛ كما في قوله: لأقتلنه أو يسلم؛ أي: إلا أن يسلم، والتقدير: إلا أن تستقيما
(3)
.
(1)
ابن الناظم (264)، وأوضح المسالك (4/ 160)، وشرح ابن عقيل (4/ 9).
(2)
البيت من بحر الوافر من مقطوعة عدتها ثمانية أبيات يهجو بها زياد الأعجم، إسلامي (ت 100 هـ) المغثرة بن جنباء التميمي، ديوان زياد الأعجم (100)، تحقيق: يوسف بكار، والبيت وقافيته المنصوبه فيه كلام كثير، انظره في كتابنا تغيير النحويين للشواهد (248)، وانظره الشاهد في الكتاب (3/ 48)، والمقتضب (2/ 92)، والمقرب لابن عصفور (1/ 263)، وشرح شذور الذهب (299)، والقطر رقم (17)، والتصريح (2/ 237)، وابن يعيش (5/ 15)، وشرح التسهيل لابن مالك (4/ 25)، وشرح أبيات المغني للبغدادى (2/ 68).
(3)
قال سيبويه: "اعلم أن ما انتصب بعد (أو) فإنه ينتصب على إضمار أن كما انتصب في الفاء والواو على إضمارها ولا يستعمل إظهارها؛ كما لم يستعمل في الفاء والواو، ثم قال: "تقول: لألزمنك أو تقضيني، ولأسبقنك أو تسبقني، فالمعنى: لألزمنك إلا أن تقضيني، ولأسبقنك إلا أن تسبقني، هذا معنى النصب، قال امرؤ القيس:
فقلت له: لا تبك عينك إنما
…
نحاول ملكًا، أو نموت فنعذرا
والقوافي منصوبة فالتمثيل على ما ذكرت لك، والمعنى على: إلا أن نموت فنعذرا، وإلا أن تعطيني كما كان تمثيل الفاء على ما ذكرت لك". الكتاب (3/ 46، 47)، وينظر (48، 49).
الشاهد التاسع والستون بعد الألف
(1)
،
(2)
لأُجْدِلَنَّكَ أو تملِك فِتْيَتِي
…
بِيَدِي صَغَارٍ طَارِفًا وتَلِيدَا
أقول: أنشده سيبويه ولم ينسبه إلى أحد، وهو من الكامل.
قوله: "لأجدلنك" من قولهم: طعنه فجدّله بتشديد الدال، [أي]
(3)
: رماه بالأرض، قوله:"فتيتي" بكسر الفاء وسكون التاء؛ جمع فتى، وأراد بهم غلمانه وخدامه، قوله:"صغار" بفتح الصاد المهملة والغين المعجمة، وهو الذلة والهوان، و "الطارف" والطريف من المال: المستحدث، وهو خلاف التالد والتليد وهو المال القديم الأصلي الذي ولد عندك، والتاء فيه مبدلة من الواو، تقول منه: تلد المال يَتْلَد ويتلُدُ تلودًا، وأتلد الرجل إذا اتخذ مالًا.
الإعراب:
قوله: "لأجدلنك" اللام للتأكيد، وأجدلنك: جملة من الفعل والفاعل والفعول، قوله:"أو تملك" أي: إلا أن تملك، قوله:"فتيتي": كلام إضافي مفعوله، قوله:"بيدي صغار": كلام إضافي في محل النصب على الحال من الضمير الذي في تملك، قوله:"طارفًا": مفعول ثان لتملك؛ كما تقول: ملكت زيدًا عبدي، أو داري، قوله:"وتليدًا" عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أو تملك" فإدن أو فيه بمعنى إلا، تقديره: إلا أن تملك فتيتي فافهم
(4)
.
الشاهد السبعون بعد الألف
(5)
،
(6)
فَمَا زَالت القَتْلَى تَمُجُّ دِمَاءهَا
…
بِدِجْلَةَ حَتَّى ماءُ دِجْلَةَ أَشْكَلُ
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، من قصيدة يهجو بها الأخطل، وهي طويلة من الطويل،
(1)
ابن الناظم (264).
(2)
البيت من بحر الكامل، لقائل مجهول، يطب المال غصبًا وقهرًا، ولا مراجع للبيت إلا ما ذكر هاهنا. ولم نعثر عليه في نسخة الكتاب التي بين يدي، وهو بلا نسبة في المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (210).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
ينظر الشاهد (1067) من هذا البحث.
(5)
ابن الناظم (265)، وتوضيح المقاصد (4/ 201).
(6)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة لجرير يهجو بها الأخطل، ديوانه (367)، دار صادر، بيروت، وانظره في الأزهية (216)، والجنى الداني (552)، وابن يعيش (8/ 18)، واللمع (134)، وتاج العروس ولسان العرب مادة:"شكل"، وأسرار العربية (267)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 348)، (2/ 24)، والخزانة (4/ 142)، والدرر اللوامع (4/ 32)، وشرح شواهد المغني (1/ 377).
وأولها هو قوله:
1 -
أَجِدَّكَ لا يَصْحُو الفُؤَادُ المُعَلَّلُ
…
وقد لاحَ مِنْ شَيْبٍ عِذَارٌ وَمِسْحَلُ
2 -
ألا لَيْتَ أن الظَّاعِنيَن بذِي الغَضَا
…
أَقَامُوا وَبَعْضَ الآخَرِينَ تَحَمَّلُوا
قوله: "القتلى": جمع قتيل، قوله:"تمج" أي: ترمي وتقذف، و "دجلة" بكسر الدال؛ نهر العراق، قوله:"أشكل" يقال: ماء أشكل إذا خالطه الدم، والأشكل: الذي تخالطه حمرة، وعين شكلاء إذا خالط بياضها حمرة، فإن كان سوادها يضرب إلى الخضرة فهي الزرقاء.
الإعراب:
قوله: "فما زالت القتلى" الفاء للعطف، و "القتلى": اسم ما زالت، و "تمج دماءها": جملة من الفعل والفاعل والمفعول؛ خبرها، قوله:"بدجلة" الباء ظرفية، أي: في دجلة، قوله:"حتى" حرف ابتداء، وقوله:"ماء دجلة": كلام إضافي مبتدأ، و "أشكل": خبره.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "حتى" حيث دخلت على الجملة الاسمية لأنها ابتدائية؛ يعني: حرف تبتدئ بعده الجمل أي تستأنف. فافهم
(1)
.
الشاهد الحادي والسبعون بعد الألف
(2)
،
(3)
يا ناقَ سِيرِي عَنَقًا فسِيحًا
…
إلى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيحَا
أقول: قائله هو أبو النجم العجلي، واسمه الفضل بن قدامة، وهو من الرجز المسدس.
(1)
اختلف في الجملة الواقعة بعد "حتى" الابتدائية وموقعها من الإعراب فاختار الزجاج وابن درستويه أن تكون هذه الجملة لها موضعها من الإعراب وموضعها هو موضع جر. معاني القرآن وإعرابه للزجاج (1/ 286).
واختار الجمهور في الجملة بعد "حتى" أن تكون لا موضع لها من الإعراب وممن نص على ذلك الأنباري وابن هشام وغيرهما، والحجة أن ما له موضع إعرابي هو ما يقع موقع المفرد بخلاف هنا، قال الأنباري:"فإن قيل: فهل يكون للجملة بعدها موضع من الإعراب؟ قيل: لا يكون للجملة بعدها موضع من الإعراب؛ لأن الجملة إنما يحكم لها بموضع من الإعراب إذا وقعت موقع المفرد يجوز أن تقع وصفًا نحو: مررت برجل يكتب، أو حالًا نحو: جاءني زيد يضحك، أو خبر مبتدأ نحو: زيد يذهب، وإذا لم تقع هاهنا موقع المفرد فينبغي ألا يحكم لها بموضع من الإعراب" أسرار العربية (267، 268)، وينظر مغني اللبيب بحاشية الأمير (1/ 116).
(2)
ابن الناظم (266)، وأوضح المسالك (4/ 165)، وشرح ابن عقيل (4/ 12).
(3)
البيت من بحر الرجز، مطلع أرجوزة لأبي النجم العجلي يمدح فيها سليمان بن عبد الملك، وفيها يصف الناقة والحمار الوحشي، ديوان أبي النجم (82)، علاء الدين أغا، وانظرهما في الكتاب (3/ 35)، والمقتضب (2/ 14)، وابن يعيش (7/ 26)، والتصريح (2/ 239)، والهمع (182)، والدرر (3/ 52)، (4/ 35).
قوله: "عنقًا" بفتح العين المهملة وبالنون والقاف، وهو ضرب من سير الدابة، وهو سير مسبطر، و "الفسيح" بفتح الفاء وكسر السين المهملة بعدها الياء آخر الحروف ساكنة وفي آخره حاء مهملة، ومعناه: الواسع منه، ومكان فسيح ومجلس فسيح.
الإعراب:
قوله: "يا ناق" يا حرف نداء، "وناق" بفتح القاف منادى مرخم أصله: يا ناقة، ويجوز فيه ضم القاف؛ كما في: يا حار يجوز الوجهان، وكسر القاف لحن
(1)
، قوله:"سيري": خطاب للناقة؛ جملة من الفعل والفاعل، و "عنقًا" نصب على أنه ناب عن المصدر أو صفة مصدر محذوف، أي: سيرًا عنقًا، وقوله:"فسيحًا": نعت لعنقًا، قوله:"إلى سليمان": يتعلق بسيري، وأراد به سليمان بن عبد الملك بن مروان.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فنستريحا" حيث جاء منصوبًا؛ لأنه جواب الأمر بالفاء، ولا خلاف في نصب الفعل جوابًا للأمر إلا ما نقل عن العلاء بن سيابة، وهو معلم الفراء أنه كان لا يجيز ذلك، وهو محجوج بثبوته عن العرب؛ كما في البيت المذكور، وله أن يقول: هذا نصب على الضرورة.
فافهم
(2)
.
الشاهد الثاني والسبعون بعد الألف
(3)
،
(4)
رَبِّ وَفِّقْنِي فَلَا أَعْدِلَ عَنْ
…
سَنَنِ السَّاعِينَ في خَيْرِ سَنَنِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الرمل.
قوله: "فلا أعدل" أي: فلا أميل عن سنن الساعين، و "السنن" بفتح السين والنون الطريقة، يقال: استقام فلان على سنن واحد، وقال الجوهري: يقال: تنح عن سَنَنِ الطريق وسُنَنِه وسِنَنِه ثلاث لغات
(5)
.
(1)
وذلك لأن فتح القاف يكون على لغة من ينتظر، وضمها على لغة من لا ينتظر. ينظر الترخيم في بابه.
(2)
ينظر الكتاب (3/ 35)، والمقتضب (2/ 13).
(3)
ابن الناظم (266)، وشرح ابن عقيل (4/ 12).
(4)
البيت من بحر الرمل، وقائله مجهول، وفيه دعاء إلى الله لطلب التوفيق منه، وانظره في الدرر (4/ 80)، وشرح شذور الذهب (396)، وشرح قطر الندى (72)، وشرح الأشموني (3/ 302).
(5)
الصحاح مادة: "سنن" وبعده: (وجاءت الريح سَنائِنَ، إذا جاءت على طريقة واحدةٍ لا تختلف).
الإعراب:
قوله: "رب": منادى حذف منه حرف النداء، تقديره: يا رب، قوله:"وفقني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وهي جملة دعائية، قوله:"فلا أعدل" بالنصب لأنه جواب الدعاء، قوله:"عن سنن" يتعلق بقوله: "لا أعدل"، قوله:"في خير" يتعلق بقوله: "الساعين".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فلا أعدل" حيث جاء بالنصب لأنه جواب الدعاء كما ذكرنا، والفاء فيه فاء السبب في الجواب عن الدعاء بفعل أصيل، واحترزنا بالفعل من أن يكون الدعاء بالاسم نحو: سقيًا لك ورعيًا، وبقولنا: أصيل من الدعاء المدلول عليه بلفظ الخبر نحو: رحم اللَّه زيدًا فيدخله الجنة
(1)
.
الشاهد الثالث والسبعون بعد الألف
(2)
،
(3)
هَل تَعْرِفُونَ لُبَاناتِي فأرجُوَ أنْ
…
تُقْضَى فيرتدَّ بعضُ الروحِ في الجسدِ
أقول: أنشده الفراء
(4)
، ولم ينسبه إلى أحد، وهو من البسيط.
قوله: "لباناتي": جمع لبانة بضم اللام وتخفيف الباء الموحدة وبعد الألف نون مفتوحة، وهي الحاجة.
الإعراب:
قوله: "هل" للاستفهام، و "تعرفون": جملة من الفعل والفاعل، و "لباناتي": كلام إضافي مفعوله، قوله:"فأرجوَ" بفتح الواو لأنه جواب الاستفهام، قوله:"أن تقضى" في محل النصب على أنها مفعول أرجو، و "أن" مصدرية تقديره: فأرجو القضاء، قوله:"فيرتدَّ": عطف على تقضى، و "بعض الروح": كلام إضافي فاعل ليرتد، و "في الجسد" يتعلق بقوله:"يرتد".
(1)
ينظر شرح شذور الذهب (396)، وشرح قطر الندى (72).
(2)
ابن الناظم (266).
(3)
البيت من بحر البسيط، لقائل مجهول، يطلب من يقضي له حاجته فيحيا بعد الموت، وانظر الشاهد في شرح الأشموني (3/ 302)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (258).
(4)
لم نعثر على البيت في معاني القرآن للفراء ولا في كتبه الأخرى.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فأرجوَ" حيث نصب لأنه جواب الاستفهام؛ كما في قوله تعالى: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} [الأعراف: 53]
(1)
.
الشاهد الرابع والسبعون بعد الألف
(2)
،
(3)
يا ابنَ الكِرَامِ ألا تَدْنُو فتُبْصِرَ ما
…
قَدْ حدَثُوكَ فَمَا رَاءٍ كمنْ سَمِعَا
أقول: هو من البسيط.
و"الكرام": جمع كريم، قوله:"تدنو": من دنا يدنو إذا قرب.
الإعراب:
قوله: "يا ابن الكرام" يا حرف نداء، و "ابن الكرام": منادى مضاف، قوله:"ألا" للعرض، و "تدنو": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"فتبصر" بنصب الراء، لأنه جواب العرض.
قوله: "ما قد حدثوك" مفعول: تبصر، وما موصولة، وقد حدثوك صلتها، والعائد محذوف تقديره: الذي قد حدثوك به، قوله:"فما راء" ما بمعنى ليس، وقوله:"راءٍ": اسمه، وأصله رائي فاعل [أعل]
(4)
إعلال قاض، وقوله:"كمن سمعا": خبره، والكاف للتشبيه، ومَن موصولة، و "سمعا": جملة من الفعل والفاعل صلتها، والعائد محذوف تقديره: سمعه
(5)
والألف فيه للإطلاق.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فتبصرَ" حيث نصب لأنه جواب العرض وهو قوله: "ألا"، والفاء فيه هي الفاء التي تدخل الجملة بعد العرض
(6)
.
(1)
انظر شرح التسهيل للمرادي (3/ 324).
(2)
ابن الناظم (266)، وشرح ابن عقيل (4/ 13).
(3)
البيت من بحر البسيط، وهو لقائل مجهول، في الحكم، وانظره في تمهيد القواعد (5/ 556)، وشرح التصريح (2/ 239)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 326)، وشرح شذرر الذهب (308)، وشرح الأشموني (3/ 302)، والهمع (2/ 12)، والدرر (2/ 8).
(4)
زيادة للإيضاح.
(5)
لا يحتاج إلى عائد محذوف؛ لأن المعنى ليس الرائي كالسامع.
(6)
ينظر الكتاب (3/ 34)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 326).
الشاهد الخامس والسبعون بعد الألف
(1)
،
(2)
يا ليت أم خُلَيْدٍ واعدَتْ فَوَفَتْ
…
وَدَامَ لي ولها عمْرٌ فَنَصْطَحِبَا
أقول: هو من البسيط -أيضًا- المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "يا ليت" يا لمجرد التنبيه فلا يحتاج إلى المنادى، وإما النداء على حقيقته والمنادى محذوف تقديره: يا قوم ليت أم خليد، و "أم خليد": كلام إضافي اسم ليت، قوله:"واعدت": جملة خبره، قوله:"فوفت": عطف عليها، قوله:"ودام": فعل، و "عمر": فاعله، واللام في:"لي ولها" يتعلق بدام.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فنصطحبا" حيث نصب لأنه جواب التمني وهو قوله: "ليت"، والفاء دخلت لذلك، والألف فيه ألف الإطلاق
(3)
.
الشاهد السادس والسبعون بعد الألف
(4)
،
(5)
سَأَتْرُكُ مَنْزِلِي لِبَنِي تَمِيمٍ
…
وأَلْحَقُ بالحجازِ فأستريحَا
أقول: قائله هو المغيرة بن حنباء بن عمرو التيمي الحنظلي
(6)
، وهو من الوافر. المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "سأترك": جملة من الفعل والفاعل، و "منزلي": كلام إضافي مفعوله، و "لبني تميم"
(1)
ابن الناظم (266).
(2)
البيت من بحر البسيط، لم ينسب في مراجعه، وهو في النزاع، وطلب الوصال، وانظره في شرح الأشموني (3/ 303)، والمعجم المفصل (37).
(3)
ينظر الكتاب (3/ 36)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 326، 327).
(4)
ابن الناظم (266).
(5)
البيت من بحر الوافر نسب في مراجعه إلى المغيرة بن جنباء (إسلامي أموي) وهو بيت مفرد، وانظره في الكتاب (3/ 3، 92)، والمقتضب (2/ 24)، والمغني (175)، وابن يعيش (7/ 55)، الخزانة (8/ 522)، والدرر (11/ 240)، وشرح شواهد المغني (497)، وقال صاحب الخزانة:"ورجعت إلى ديوان المغيرة وهو صغير فلم أجد الشاهد".
(6)
هو المغيرة بن حبناء التيمي شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية، وغالب شعره هجو في أخيه صخر، الخزانة (8/ 524).
يتعلق بسأترك، قوله:"وألحق" عطف على قوله: "سأترك"، و "بالحجاز" في محل النصب على أنها مفعول.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فأستريحا" حيث جاء منصوبًا بعد الفاء، وهو غير مسبوق بنفي أو طلب، وهذا ضرورة
(1)
.
الشاهد السابع والسبعون بعد الألف
(2)
،
(3)
وما قامَ مِنَّا قائمٌ في نَدِيِّنَا
…
فينطِقُ إلَّا بالتي هي أعرفُ
أقول: قائله هو الفرزدق، وهو من قصيدة طويلة من الطويل، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
ومُسْتَنْفِراتٍ للقُلُوبِ كأنها
…
مَهًا حولَ منتوجاتِهِ تتصرّفُ
2 -
إذا هُنّ سَاقَطْنَ الحديثَ كأنهُ
…
جنَي النحْلِ أو أبكارُ كرمٍ تُقَطَّفُ
3 -
وإنِّي لمِنْ قَومٍ بِهِمْ يُتَّقَى العِدَا
…
ورَأبُ الثأي والجَانِبُ المتُخَوّفُ
4 -
ومَا حُلَّ مِنْ جَهلٍ حِبَى حُلَمَائِنَا
…
ولا قائل المعروف فينا يُعَنَّفُ
5 -
وما قام ..........
…
.......................... إلخ
(1)
قال ابن عصفور: "ومن الضرائر انتصاب الفعل المضارع بعد الفاء في غير الأجوبة الثمانية وهي الأمر والنهي والاستفهام والتمني والعرض والتحضيض والدعاء ونحو ذلك قوله: (البيت) .... ألا ترى أن الأفعال الواقعة بعد الفاء في جميع ذلك منصوبة من غير أن يتقدم الفاء شيء من الأجوبة الثمانية، وكان حكمها أن تكون مرفوعة؛ لأن الأفعال التي قبلها مرفوعة وهي معطوفة عليها وداخلة في معناها إلا أنه لما اضطر إلى استعمال النصب بدل الرفع حكم لها بحكم الأفعال الواقعة بعد الفاء في الأجوبة الثمانية، فنصب بإضمار أن وتؤولت الأفعال التي قبلها تأويلًا يوجب النصب فحكم لقوله:(وألحق بالحجاز) بحكم ويكون مني لحاق بالحجاز
…
وجعلت مع الفعل معطوفة بالفاء على ذلك المصدر المتوهم". ضرائر الشعر (284، 285).
(2)
ابن الناظم (267)، وتوضيح المقاصد (4/ 208).
(3)
البيت من بحر الطويل، وهو من قصيدة طويلة بلغت المائة بيت، وهي للفرزدق في الفخر وهجاء جرير، منها قوله مفاخرًا:
ترب الناس ما سرنا يسيرون خلفنا
…
وأن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا
وانظر بيت الشاهد في الكتاب (3/ 32)، والأصول في النحو (2/ 184)، والأشموني (3/ 304)، وحاشية الخضري (2/ 115).
(4)
ديوان الفرزدق (551)، تحقيق: عبد الله إسماعيل الصاوي، وليس أولها ما ذكره الشارح؛ بل هو السادس من أبياتها، وديوانه (383 - 394) شرح علي فاعور، ط. دار الكتب العلمية أولى (1997 م).
1 -
قوله: "ومستنفرات" أي: رب نساء مستنفرات، قوله:"مها" بفتح الميم؛ جمع مهاة وهي البقرة الوحشية.
3 -
قوله: "ورأب الثأي" أي: وإصلاح الفساد، قال القالي: الثأي: الفساد يقع بين القوم، وهو بالثاء المثلثة
(1)
.
4 -
قوله: "وما حل": من الحل الذي هو ضد العقد، قوله:"حبى" بكسر الحاء المهملة وتخفيف الباء الموحدة؛ جمع حبوة، وهي اسم؛ من احتبى الرجل إذا جمع ظهره وساقيه بعمامته، ومنه يقال: حل حبوته.
5 -
قوله: "في ندينا" بفتح النون وكسر الدال وتشديد الياء آخر الحروف على وزن فعيل، وهو مجلس القوم ومتحدثهم، قوله:"إلا بالتي هي أعرف" أي: إلا بالأشياء التي هي معروفة، أي: التي فيها عرف.
الإعراب:
قوله: "وما قام": عطف على ما قبله، وقام فعل و "قائم" فاعله، ويروى: قائل، وقوله:"منا" في محل الرفع على أنه صفة لقائم، تقديره: وما قام قائم كائن منا، والأحسن أن يكون منا نصبًا على الحال، قوله:"في ندينا" يتعلق بمحذوف، أي: كائن في ندينا، أو كائنًا على الحال.
قوله: "فينطق" بالرفع عطفًا على قوله: "قام" وإنما لم ينصب لأن النفي ليس بخالص على ما يجيء الآن بيانه، قوله:"إلا بالتي" استثناء من النفي فيكون إثباتًا، والتي: موصولة صفة لمحذوف؛ أي بالأشياء التي، قوله:"هي" مبتدأ، و "أعرف" خبره، والجملة صلة للموصول.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فينطق" حيث رفعه الشاعر؛ لأن من شرط النصب بعد النفي أن يكون خالصًا، وها هنا ليس كذلك، ونظيره: ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا، وما تزال تأتينا فتحدثنا، وما قام زيد فيأكل إلا طعامَه، كذا ذكره ابن مالك
(2)
.
(1)
لم نعثر عليه في الأمالي، وهو في اللسان بفتح الثاء والهمزة، وفتح الثاء وتسكين الهمزة (ثأى).
(2)
ينظر شرح الكافية الشافية لابن مالك (1547).
الشاهد الثامن والسبعون بعد الألف
(1)
،
(2)
فقلتُ ادعِي وأدعوَ إنَّ أندَى
…
لِصوتٍ أنْ يُنادي داعيانِ
أقول: قائله هو الأعشى، ويقال: الحطيئة؛ كذا قاله ابن يعيش
(3)
، وعزاه الزمخشري
(4)
إلى ربيعة بن جشم، وقال ابن بري: هو لدثار بن شيبان النمري
(5)
، وقبله
(6)
:
1 -
تقولُ حلِيلَتِي لمَّا اشتَكينا
…
سَيُدْرِكُنَا بنُو القَرْمِ الهِجَانِ
وهما من الوافر.
قوله: "أندى" أفعل التفضيل من الندى بفتح النون والدال مقصورًا وهو بعد ذهاب الصوت، يقال: فلان أندى صوتًا من فلان إذا كان بعيد الصوت، والمعنى: قلت لتلك المرأة ينبغي أن يجتمع دعائي ودعاؤك فإن أرفع صوتٍ صوتُ دعاء داعيين.
الإعراب:
قوله: "فقلت": جملة من الفعل والفاعل عطف على قوله: "تقول"، وقوله:"ادعي": مقول القول، وهي جملة من الفعل والفاعل وهو أنتِ بكسر التاء المستتر فيه.
قوله: "وأدعو" بالنصب بتقدير أن، وهي -أيضًا- جملة من الفعل والفاعل وهو أنا المستتر فيه.
قوله: "إن" حرف مشبه بالفعل، و "أندى": اسم إن، وقوله:"لصوت" في محل النصب على أنه صفة لأندى، قوله:"أن ينادي" خبرها، و "أن" مصدرية، و "داعيان": فاعل ينادي، والتقدير: مناداة داعيين.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وأدعو" حيث نصبت الفعل فيه بتقدير أن بعد واو الجمع تقديره: وأن أدعو
(7)
،
(1)
ابن الناظم (267)، وأوضح المسالك (4/ 165)، وشرح ابن عقيل (4/ 15).
(2)
البيت من بحر الوافر، وقد اختلف في قائله على ما ذكره الشارح، وانظره في الكتاب (3/ 45)، والأغاني (2/ 159)، وابن يعيش (7/ 35)، والتصريح (2/ 239)، والدرر (4/ 85).
(3)
انظر شرح المفصل (7/ 35).
(4)
المفصل للزمخشري (248)، دار الجيل.
(5)
لسان العرب مادة: "ندى".
(6)
البيت في ديوان الحطيئة (257)(شعراؤنا) بشرح ابن السكيت، ثاني بيتين نسبا إليه.
(7)
انظر شرح الكافية الشافية لابن مالك (1548).
وقال ابن يعيش: المعنى: ليكن منك أن تدعي وأدعو، ويروى: وادع على الأمر بحذف اللام
(1)
.
الشاهد التاسع والسبعون بعد الألف
(2)
،
(3)
لا تنهَ عن خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مثلَهُ
…
عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
أقول: قائله هو أبو الأسود الدؤلي، ويقال: الأخطل وليس بصحيح
(4)
، وحكى أبو عبيد القاسم بن سلام أنه للمتوكل الكناني ثم الليثي
(5)
.
وكذا حكى الأصبهاني -أيضًا-
(6)
، وذكر بإسناده أن الأخطل قدم الكوفة فنزل على قبيصة بن والق، فقال المتوكل بن عبد الله الليثي لرجل من قومه: انطلق بنا إلى الأخطل نستنشده ونسمع منه، فأتياه فقالا له: أنشدنا يا أبا مالك، فقال: إني لخائر يومي هذا، فقال له المتوكل: أنشدنا أيها الرجل، فو الله لا تنشدني قصيدة إلا أنشدتك مثلها أو أشعر منها، فقال: ومن أنت؟ فقال: أنا المتوكل، قال: ويحك أنشدني من شعرك فأنشده
(7)
:
1 -
للعَانِياتِ بذِي المَجَازِ رُسُومُ
…
فبِبَطنِ مَكَّةَ عَهْدُهُنَّ قَدِيمُ
2 -
فبمِنْحَرِ البُدْنِ المقُلَّدِ مِنْ مِنَى
…
حِلَلٌ تَلُوحُ كَأنَّهُنَّ نُجُومُ
3 -
لا تنهَ عن خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مثلَهُ
…
عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
4 -
والْهَمُّ إنْ لم تُمضِهِ لسَبيلهِ
…
دَاءٌ تَضَمَّنَهُ الضُّلُوعُ قَديمُ
5 -
قدْ يكثر النِّكسُ المقُصِّرُ هِمّةً
…
ويَقِلُّ مَالُ المَرءِ وهْوَ كَريمُ
وقال ابن يسعون: هذا البيت أعني: "لا تنهَ عن خُلُقٍ" نسبه أبو علي الحاتمي لسابق البربري
(8)
، والصحيح عندي كونه للمتوكل، أو لأبي الأسود، وهما كنايتان، وقد رأيته في شعر كل واحد منهما إلا أنه لم يثبت في شعر أبي الأسود المشهور عند الرواة.
(1)
ابن يعيش (6/ 35)، وقال معلق على نسخة الخزانة:"قوله وادع على الأمر انظر كيف تزن البيت على هذه الرواية" أقول البيت مكسور.
(2)
ابن الناظم (267)، وأوضح المسالك (4/ 164)، وشرح ابن عقيل (4/ 15).
(3)
البيت من بحر الكامل وهو لأبي الأسود الدؤلي كما سيذكره الشارح، وانظره في المقتضب للمبرد (2/ 26)، والأزهية (234)، والتصريح (2/ 238)، وشرح شذور الذهب (310)، والهمع (2/ 13)، وابن يعيش (7/ 24)، والمعجم المفصل في شواهد العربية (7/ 247).
(4)
ليس في ديوانه طبعة دار الكتب العلمية.
(5)
طبقات فحول الشعراء (684)، دار المدني، جدة.
(6)
و
(7)
ينظر الأغاني (12/ 159)، وهو بنصه، طبعة دار الكتب.
(8)
هو سابق بن عبد الله البربري أبو سعيد (ت 100 هـ)، ينظر الأعلام (3/ 68).
وقال ابن هشام اللخمي في شرح أبيات الجمل: والصحيح أنه لأبي الأسود واسمه: ظالم بن عمرو بن جندل بن سفيان بن عبد مناة بن كنانة من قصيدته التي أولها
(1)
:
1 -
تَلْقَى اللبِيبَ مِحُسَّدًا لَمْ يَجْتَرِمْ
…
شَتمَ الرِّجَالِ وعِرضُهُ مَشتُومُ
2 -
حَسَدُوا الفَتَى إذْ لَمْ يَنَالُوا سَعيَهُ
…
فَالنَّاسُ أعداءٌ لَهُ وخصُومُ
3 -
كضَرائِرِ الحَسْنَاءِ قِلْنَ لِزَوجِهَا
…
حَسَدًا وبَغْيًا إنهُ لَدَمِيمُ
ثم مشى في القصيدة فقال:
4 -
وإذا عَتَبْتَ عَلَى الصَّدِيقِ ولُمتَهُ
…
في مِثلِ ما تَأتِي فأنْتَ مُلِيمُ
5 -
وابْدَأْ بِنَفِسِكَ فانْهَهَا عَنْ غِيِّهَا
…
فَإِذَا انتهَتْ عَنْه فَأَنْتَ حَكِيمُ
6 -
لا تنهَ عن خُلُقٍ ...........
…
.................. إلخ
7 -
لا تُكْلِمَنْ عِرْضَ ابنِ عَمِّكَ ظَالِمًا
…
فإذَا فَعَلْتَ فعِرْضُكَ المكْلُومُ
8 -
وإذَا طلَبتَ إلَى كَرِيمٍ حَاجةً
…
فلقَاؤُهُ يُغنِيكَ والتَّسلِيمُ
9 -
فإذَا رَآكَ مُسَلِّمًا ذَكرَ الذِي
…
كَلَّمتهُ فَكَأَنَّهُ مَلزُومُ
10 -
ورَأى عَواقِبَ حَمدَ ذاكَ وذَمَّهُ
…
للمَرءِ يَبْقَى والعِظَامُ رَمِيمُ
11 -
وإذا طلبتَ إلَى لئِيمٍ حَاجَةً
…
فألحّ فيِ رِفقٍ وأنْتَ مُدِيمُ
12 -
والزَمْ قُبالةَ بَيتِهِ وفِنَائِهِ
…
بأشَدّ مَا لَزمَ الغَرِيمَ غَريمُ
13 -
وعجِبتُ للدّنيَا وحُرقَة أهْلِهَا
…
والرِّزقُ فيمَا بينَهمْ مَقْسُومُ
14 -
ثمَّ انقَضَى عَجَبِي لعِلْمِي أنَّهُ
…
رزْقٌ مُوافٍ وقْتُهُ معْلُومُ
ثم قال ابن هشام اللخمي: فإن صح ما ذكر عن المتوكل فإنه أخذ البيت من شعر أبي الأسود، والشعراء كثيرًا ما تفعل ذلك، ومعنى البيت المذكور يقول للمخاطب: أن من العار العظيم أن تنهى عن شيء تصنع مثله، ونحو من هذا قوله تعالى:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44]، وقال الحاتمي: وهو أشرد بيت قيل في تجنب إتيان ما نهي عنه.
الإعراب:
قوله: "لا تنهَ": جملة من الفعل والفاعل دخلت عليها لا الناهية، وقوله:"عن خلق":
(1)
انظر القصيدة كاملة في ديوان أبي الأسود الدؤلي (231 - 236)، تحقيق: عبد الكريم الدجيلي (بغداد)، ولم يأت منها إلا بالقليل، والأغاني (12/ 159).
يتعلق بها، قوله:"وتأتي" بنصب الياء، قوله:"عار" مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: ذلك عار عليك، أي: نهيك عنه وإتيانك مثله عار عليك، وقوله:"عظيم" صفة للعار، وقوله:"إذا فعلت" معترض بين الصفة والموصوف، وجواب إذا محذوف سد ما قبلها مسده، والتقدير: إذا فعلته فعلت عارًا عظيمًا؛ ففعلت الثانية جواب إذا والعامل فيها.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وتأتي مثله" حيث نصب الياء في تأتي بالواو في جواب النهي، والنصب في الحقيقة إنما هو بأن مقدرة؛ لأنه أراد: لا تجمع بين الإتيان والنهي، أي لا يكن منك أن تنهي وتأتي
(1)
.
وأنشد المبرد هذا البيت بالنصب، ثم قال: ولو جزمت لكان المعنى فاسدًا
(2)
، وهذا الفساد إنما هو من طريق الشرع؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على من جعل الله تعالى ذلك عليه، قال الله تعالى:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41].
ويجوز الرفع في: "تأتي" على أن يكون خبر مبتدأ محذوف، وتكون الجملة في موضع نصب على الحال من الضمير في تنه، والتقدير: لا تنه عن خلق وأنت تأتي مثله، و "مثله": مفعول تأتي، فحذف الموصوف وأقام صفته مقامه وهو مثل، والتقدير: وتأتي خلقًا مثله. فافهم.
الشاهد الثمانون بعد الألف
(3)
،
(4)
عَلَّ صُروفَ الدَّهْرِ أو دُوْلاتِهَا
…
يُدِلْنَنَا اللَّمَّةَ مِن لَمَّاتِهَا
فَتَسْتَرِيحَ النَّفسُ مِنْ زَفْرَاتِها
…
..........................
أقول: أنشده الفراء
(5)
، ولم ينسبه إلى راجزه.
(1)
هو قول سيبويه في بيان المعنى: "واعلم أن الواو وإن جرت هذا المجرى فإن معناها ومعنى الفاء مختلفان؛ ألا ترى الأخطل قال: (البيت)، فلو دخلت الفاء هاهنا لأفسدت المعنى، وإنما أراد: لا يجتمعن النهي والإتيان فصار: (تأتي) على إضمار: (أن)، ومما يدلك -أيضًا- على أن الفاء ليست كالواو قولك: مررت بزيد وعمرو، ومررت بزيد فعمرو، تريد أن تعلم بالفاء أن الآخر مر به بعد الأول، وتقول: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، فلو دخلت الفاء هاهنا فسد المعنى".
الكتاب (3/ 41، 42)، والإنصاف في مسائل الخلاف للأنباري (2/ 555) وما بعدها، والحروف العاملة في القرآن الكريم (591)، وشرح التسهيل لابن مالك (4/ 48)، وبلوغ الأرب في الواو في لغة العرب (258).
(2)
ينظر المقتضب (2/ 26).
(3)
ابن الناظم (269).
(4)
البيت من بحر الرجز، وهو لقائل مجهول، وانظره في اللامات للزجاجي (135)، والإنصاف في مسائل الخلاف للأنباري (220)، والخزانة (2/ 441)، والخصائص (1/ 317)، والأشموني (3/ 312).
(5)
ينظر معاني القرآن للفراء (3/ 9، 235).
قوله: "عل" أصله لعل، قوله:"أو دولاتها" بضم الدال، جمع دولة، ويقال: الدّولة بالضم في المال، والدولة بالفتح في الحرب، قال أبو عبيدة: الدولة بالضم: اسم الشيء الذي يتداول به بعينه، والدولة بالفتح الفعل، وقال بعضهم: الدَّولة والدُّولة بالفتح والضم لغتان بمعنى واحد
(1)
.
قوله: "يدلننا" من أدالنا الله تعالى من عدونا من الدولة، والإدالة: الغلبة، يقال: اللَّهم أدلني على فلان وانصرني عليه، و "اللمة" بفتح اللام وتشديد الميم؛ الشدة، وتجمع على لمات، قوله:"من زفراتها" بفتح الزاي وسكون الفاء؛ جمع زفرة وهي الشدة، وتجمع على زفرات بفتح الفاء ولكنها سكنت للضرورة
(2)
.
الإعراب:
قوله: "عل" حرف من الحروف المشبهة بالفعل، و "صروف الدهر": كلام إضافي اسمه، وقوله:"أو دولاتها": عطف عليه، قوله:"يدلننا": جملة من الفعل والفاعل والمفعول خبر لعل.
وقوله: "اللمة". بالنصب مفعول ثانٍ ليدلننا، قوله:"من لماتها": جار ومجرور في محل النصب لأنه صفة لقولهم اللمة، تقديره: اللمة الكائنة من لماتها، قوله:"فتستريح" بالنصب بتقدير أن، و "النفس" فاعله، و "من زفراتها" يتعلق بتستريح.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فتستريح" حيث نصب الفعل بعد أداة الترجي وهو قول الفراء
(3)
[
(4)
وجواز النصب بعد لعل هو الصحيح لثبوت ذلك في النظم والنثر، قال تعالى:{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} [عبس: 3، 4]
(5)
، وقال تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ
(1)
ينظر اللسان مادة: "دول".
(2)
كلمة: زفرة تجمع على زفَرات بفتح الفاء، وتحمع بتسكين الفاء ضرورة، وهي ضرورة حسنة، ومنه قول عروة بن حزام العذري في محبوبته عفراء:
وحملت زفرات الضحى فأطقتها
…
ومالي بزفْرات العشي يدان
ينظر الفيصل في ألوان الجموع (22)، عباس أبو السعود، ط. دار المعارف.
(3)
ينظار معاني القرآن للفراء (3/ 9، 235).
(4)
من هنا إلى قوله الأعراب في الشاهد رقم (1081) سقط في النسخة: (أ).
(5)
القراءة بالنصب هي قراءة عاصم وابن أبي إسحاق وعيسى، قال القرطبي: "وقرأ عاصم وابن أبي إسحاق وعيسى (فتنفعَه) نصبًا وهي قراءة السلمي وزر بن حبيش على جواب لعل لأنه غير موجب كقوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} ثم قال {فَأَطَّلِعَ} . القرطبي (7005).
السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [غافر: 36، 37] في قراءة من نصب فيهما
(1)
، وأما النظم فهو البيت المذكور.
الشاهد الحادي والثمانون بعد الألف
(2)
،
(3)
لَلُبسُ عَبَاءةٍ وَتَقَرَّ عَينِي
…
أَحَبُّ إِلَيَّ مِن لُبس الشفوفِ
أقول: قائلته ميسون بنت بحدل الكلبية زوج معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما وأم ابنه يزيد، وكانت بدوية الأصل، فضاقت نفسها لما تسرى عليها، فعذلها على ذلك معاوية، وقال: أنت في ملك عظيم وما تدرين قدره، وكنت قبل اليوم في العباءة فقالت:
لَلُبسُ عَبَاءةٍ ............
…
.................... إلخ.
وقبله
(4)
:
1 -
لَبَيْتٌ تَخْفُقُ الأرْوَاحُ فيهِ
…
أحَبُّ إلَيَّ مِنْ قَصْرٍ مُنِيفِ
2 -
وبَكْرٌ يَتْبَعُ الأظعان صعب
…
أَحَبُّ إليَّ مِنْ بَغْلٍ زَفُوفِ
3 -
وكَلْبٌ يَنْبَحُ الطَّرَّاقَ عَنِّي
…
أَحَبُّ إلَيّ مِنْ قِطٍّ أَلُوفِ
4 -
ولبس عباءة ........
…
...........................
[وبعده]
(5)
:
5 -
وخَرْقٌ مِنْ بَنِي عَمِّي نَحِيفٌ
…
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عِلْجٍ عَلِيفِ
6 -
خُشُونَةٌ عَيْشِتي في البَدْو أشْهَى
…
إلَى نَفسِي مِنَ العَيشِ الطَّرِيفِ
(6)
(1)
هي قراءة الأعرج والسُّلمي وعيسى وحفص. ينظر القرطبي (5759) ط. دار الشعب، قال القرطبي بعد أن سرد أصحاب القراءة:(فأطلعَ) بالنصب، قال أبو عبيدة: على جواب لعل بالفاء. النحاس: ومعنى النصب خلاف معنى الرفع؛ لأن معنى النصب: متى بلغت الأسباب اطلعت، ومعنى الرفع: لعلي أبلغ الأسباب ثم لعلي أطلع بعد ذلك إلا أن ثم أشد تراخيًا من الفاء" القرطبي (5759)، وينظر شرح الكافية الشافية (626)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 327)، والخصائص (1/ 317).
(2)
ابن الناظم (269)، وتوضيح المقاصد (4/ 218)، وأوضح المسالك (4/ 175)، وشرح ابن عقيل (4/ 20).
(3)
البيت من بحر الوافر من مقطوعة لميسون بنت بحدل الكلبية، وذكر الشارح مناسبتها، وانظر الشاهد في المقتضب للمبرد (2/ 27)، والحزانة (3/ 593)، والمحتسب (1/ 326)، وسر صناعة الإعراب (273)، وابن يعيش (7/ 25)، وشرح التصريح (2/ 244)، والأشموني (3/ 313).
(4)
انظر الأبيات المذكورة في حماسة ابن الشجري (573)، تحقيق: عبد المعين الملوحي، دمشق (1970 م)، وخزانة الأدب (8/ 503، 504).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(6)
في (ب): في البيد.
7 -
فما أبْغِي سِوَى وَطَنِي بَدِيلًا
…
فحَسبِي ذَاكَ مِنْ وَطَنٍ شَرِيفِ
وهي من الوافر.
1 -
قولها: "منيف" أي: عال، قولها:"وبكر" بفتح الباء، وهو الفتى من الإبل.
2 -
و "الأظعان": جمع ظعينة وهي المرأة ما دامت في الهودج، قولها:"بغل زفوف" أي: مسرع، وهو بفتح الزاي المعجمة وضم الفاء الأولى.
4 -
قولها: "عباءة" بفتح العين المهملة والباء الموحدة وهمزة بعد الألف، وهي جبة من الصوف، قولها:"تقر" من قولهم: عين قريرة؛ أي: باردة؛ من البرد الذي هو النوم، وقيل: هو من البرد الذي هو ضد الحر، قولها:"الشفوف" بضم الشين المعجمة وضم الفاء الأولى، وهي الثياب الرقاق سميت بذلك لأنها تستشف ما وراءها، أي: تبصر، والواحد شَف، وشِف بفتح الشين وكسرها.
5 -
[قولها: "وخرق" بكسر الخاء المعجمة؛ هو السخي الكريم، و "النجيب" بفتح النون، يقال: رجل نجيب أي: كريم بين النجابة]
(1)
، قولها: "جلف
(2)
غليف" أرادت به: معاوية، ويروى: من علج غليف، قال أبو الحجاج: تعني بالعلج الغليف: معاوية لقوته وشدته مع سمنه ونعمته؛ فقد حكى ابن دريد أن العلج الصلب الشديد، وبه سمي حمار الوحش علجًا
(3)
، وقد يحتمل أن تريد أن الأمرد القصيف أحب إليها من ذي اللحية الغليف، وقد حكى أبو زيد أنه يقال لكل ذي لحية علج، ولا يقال للغلام إذا كان أمرد علج، يقال: استعلج الرجل: إذا خرجت لحيته
(4)
.
و"الغليف" بفتح الغين المعجمة؛ هو الذي يغلف لحيته بالغالية، قلت: يجوز أن يكون بالعين المهملة -أيضًا- بمعنى المعلوف وهو السمين.
الإعراب:
قولها: "للبس عباءة" اللام فيه للتأكيد، والصحيح أنه "ولبس عباءة" بواو العطف، وقال ابن هشام اللخمي: ولبس عباءة بالواو أصح من رواية من روى: للبس عباءة باللام؛ لأن قولها:
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
يروى وارة (جلف) وأخرى (علج)، فانتبه إلى ذلك.
(3)
انظر نصه في جمهرة اللغة لابن دريد (2/ 102)، وبقية كلامه:"وجمع علج أعلاج وعلوج".
(4)
انظر نصه في كتاب النوادر في اللغة لأبي زيد (545)، ط. دار الشروق.
ولبس عباءة عطف جملة على جملة في البيت المتقدم، وهو قولها:"لبيت تخفق الأرواح فيه" فافهم، وهو كلام إضافي مبتدأ، وخبره قولها:"أحب إلي"، وقولها:"من لبس الشفوف" يتعلق بأحب.
الاستشهاد فيه:
في قولها: "وتقر عيني" حيث نصب الراء فيه بأن مضمرة؛ لأنه لما تقدم في أول البيت مصدر وهو قولها: "لبس" أضمرت أن ونصبت بها تقر ليعطف مصدر على مصدر، والتقدير: ولبس عباءة وقرة عيني، ولو رفعت "وتقر عيني" لجاز على أن ينزل [الفعل منزلة المصدر؛ على نحو قولهم في المثل: تسمع بالمعيدي لا أن تراه
(1)
؛ فتسمع منزل]
(2)
منزلة: سماعك
(3)
.
الشاهد الثاني والثمانون بعد الألف
(4)
،
(5)
لولا توقُّع مُعْتَرٍّ فَأُرْضِيَهُ
…
ما كُنْتُ أُوثِرُ أتْرَابًا على تَرَبِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.
قوله: "معتر" بتشديد الراء، وهو المعترض للمعروف، قوله:"أترابًا": جمع ترب بكسر التاء المثناة من فوق وسكون الراء، وترب الرجل: لدته، وهو الذي يولد في الوقت الذي ولد فيه
(6)
.
الإعراب:
قوله: "لولا" لامتناع الثاني لوجود الأول؛ نحو قولك: لولا زيد لهلك عمرو؛ فإن هلاك عمرو منتفٍ لوجود زيد، قوله:"توقع معتر": كلام إضافي مبتدأ، خبره محذوف تقديره: لولا]
(7)
توقع
(1)
من أمثلة النحويين، وينظر مجمع الأمثال للميداني (1/ 129)، رقم (655).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
ينظر ابن يعيش (7/ 25)، وهو شاهد على أنه لو كان الأول مصدرًا صريحًا لجاز لك أن تظهر "أن" في الثاني كبيت الشاهد، فلو قال: وأن تقر عيني لجاز لأن الأول مصدر، وهو من المواضع التي يطرد فيها نصب المضارع بإضمار أن جائزة الإظهار، وهو أن يكون الفعل معطوفًا على اسم صريح.
(4)
ابن الناظم (269)، وتوضيح المقاصد (4/ 220)، وأوضح المسالك (4/ 176)، وشرح ابن عقيل (4/ 22).
(5)
البيت من بحر البسيط، وهو لقائل مجهول يرغب في الغنى ليوزع ماله على الفقراء والمساكين، وانظر بيت الشاهد في شرح شذور الذهب (405)، والهمع (2/ 17)، والدرر (4/ 92)، والتصريح (2/ 244)، والأشموني (3/ 314).
(6)
قال الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد في حاشيته على أوضح المسالك (4/ 194): "أتراب مصدر أترب الرجل إذا استغنى وصارت أمواله كالتراب، والترب بفتح التاء والراء هو النقر، قال: وقرأه العيني بكسر التاء وسكون الراء، وفسره بلَّدة الرجل، ومن يكون في سنه، وتبع الصبان، والشيخ خالد، وليس من الصواب في قليل ولا كثير.
(7)
إلى هنا نهاية السقط في النسخة (أ).
معتر موجود، قوله:"فأرضيه": عطف على قوله: "توقع معتر"، قوله:"ما كنت": جواب لولا، والضمير المتصل اسم كان، وقوله:"أوثر": جملة من الفعل والفاعل؛ خبره، وقوله:"أترابًا": مفعول لقوله: "أوثر"، و "على ترب" متعلق بقوله:"أوثر".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فأرضيه" حيث نصب الفعل بعد الفاء التي عطف بها على اسم غير شبيه بالفعل
(1)
.
الشاهد الثالث والثمانون بعد الألف
(2)
،
(3)
إِني وَقَتْلِي سُلَيْكًا ثُمَّ أَعْقِلَهُ
…
كالثَّوْرِ يُضْرَبُ لَمَّا عَافَتِ البَقَرُ
أقول: قائله هو أنس بن مدركة الخثعمي.
وهو من البسيط.
قوله: "سليكًا" بضم السين المهملة؛ اسم رجل، وسبب هذا أن سليكًا مر في بعض غزواته ببيت من خثعم وأهله خلوف فرأى فيهن امرأة بضة شابة فاعتلا بها، فأُخبر أنس بن مدركة بذلك فأدركه فقتله، ثم أنشد:
إني وقتلي سليكًا .............
…
.................. إلخ
قوله: "ثم أعقله": من عقلت القتيل إذا أعطيت ديته، قوله:"عافت البقر": من عاف الرجل الطعام والشرب يعافه عيافًا، أي: كرهه فلم يشربه فهو عائف، والمعنى: أن البقر إذا امتنعت من شروعها في الماء لا تضرب لأنها ذات لبن، وإنما يضرب الثور لتفزع هي فتشرب.
الإعراب:
قوله: "إني" الياء اسم إن، قوله:"وقتلي": مصدر مضاف إلى فاعله، و "سليكًا" مفعوله، والجملة عطف على اسم إن
(4)
، قوله:"كالثور": خبر إن، قوله:"يضرب" على صيغة
(1)
هو شاهد لاطراد نصب المضارع بإضمار أن جائزة الإظهار وبيان أنه لا يختص بالواو بل يجوز في المعطوف بغيرها كالفاء وثم، وأو. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (4/ 48، 49).
(2)
ابن الناظم (269)، وتوضيح المقاصد (4/ 221)، وأوضح المسالك (4/ 177)، وشرح ابن عقيل (4/ 22).
(3)
البيت من بحر البسيط، وقد نسبه الشارح وذكر معناه، وانظره في الخزانة (2/ 462)، وشرح شذور الذهب (406)، والهمع (2/ 17)، والتصريح (2/ 244)، واللسان:"ثور"، و "وجع"، والأغاني (20/ 357)، والحيوان (1/ 18)، ط. هارون، والدرر (4/ 93).
(4)
عطف المصدر ومعموله على ما قبله لا يسمى عطف جملة.
المجهول؛ جملة وقعت حالًا عن الثور، قوله:"لما" بمعنى: حين، و "عافت البقر": جملة من الفعل والفاعل.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ثم أعقله" حيث نصب الفعل بعد ثم التي عطف بها على اسم غير شبيه بالفعل
(1)
.
الشاهد الرابع والثمانون بعد الألف
(2)
،
(3)
وما رَاعَنِي إلا يَسِيرُ بِشُرْطَةٍ
…
وعهدِي به قَينًا يِفَشُّ بِكِيرٍ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
قوله: "بشرطة" بضم الشين المعجمة وسكون الراء وفتح الطاء، وهي واحدة الشرط؛ من أشرط فلان نفسه لأمر كذا؛ أي: أعلمها وأعدها، وسمي الشرط؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها، قال الجوهري: واحد الشُّرْط: شُرْطة وشُرْطِيٌّ
(4)
.
قوله: "قينًا" بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وبعدها نون، وهو الحداد، قوله:"يفش": من فش الكير إذا أخرج ما فيه من الريح، و "الكير" بكسر الكاف وسكون الياء آخر الحروف، وهو كير الحداد، وهو زق، أو جلد غليظ ذو حافات، المعنى: أتعجب منه، وقد كان أمس حدادًا ينفخ بالكير، واليوم رأيته والى الشرطة، وهذا من عجب الزمان.
الإعراب:
قوله: "وما" الواو للعطف إن تقدمه شيء، وما نافية، و "راعني": جملة من الفعل والمفعول، وقوله:"يسير": فاعل راعني بالتأويل؛ على ما يجيء الآن، قوله:"بشرطة": يتعلق بيسير.
قوله: "وعهدي": مصدر مضاف إلى فاعله مرفوع بالابتداء، و "به" يتعلق به، تعلق المفعول بالفاعل، والضمير يرجع إلى ما يرجع إليه الضمير الذي في يسير، وهو الشخص الذي يذمه، وقوله:"قينًا": نصب على الحال، والواو في "وعهدي" للحال.
(1)
ينظر الشاهد رقم (1081، 1082).
(2)
ابن الناظم (270).
(3)
البيت من بحر الطويل، ولم ينسب في مراجعه، وانظره في الخصائص (2/ 434)، وابن يعيش (4/ 27)، والمغني (428).
(4)
الصحاح مادة: "شرط".
قوله: "يفش": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الراجع إلى ما يرجع إليه الضمير الذي في "به"، وهذه الجملة في محل الرفع على أنها خبر للمبتدأ، وقوله:"بكير" يتعلق بيفش.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "إلا يسير" برفع الراء، والتقدير فيه: إلا أن يسير، وأن مصدرية والتقدير: وما راعني إلا سيره، فلما حذفت أن بقي الفعل مرفوعًا على أصله، وذلك كما في قولهم
(1)
: تسمعُ بالمعيدي خير من أن تراه، وأصله: وأن تسمع؛ أي: وسماعك به خير من رؤيتك إياه
(2)
.
الشاهد الخامس والثمانون بعد الألف
(3)
،
(4)
فلم أَرَ مثلَها خُباسَةَ واحدٍ
…
ونَهْنَهْتُ نفسي بعدَ ما كدتُ أفعلَهْ
أقول: قائله هو عامر بن جؤين الطائي، وهو من الطويل.
قوله: "خباسة" بضم الخاء المعجمة وتخفيف الباء الموحدة وبعد الألف سين مهملة، قال الجوهري: الخباسة بالضم؛ المغنم
(5)
، قوله:"ونهنهت نفسي" أي: زجرتها وكففتها، يقال نهنهت الرجل عن الشيء فتنهنه، أي: كففته وزجرته، ونهنهت السبع إذا صحت به لتكفه.
الإعراب:
قوله: "فلم أر مثلها" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، "ولم أر" تحتمل وجهين: إن جلت الرؤية من العلم كان قوله: "مثلها" في موضع المفعول الثاني، وإن جعلتها من رؤية البصر جاز
(1)
مثل قالته العرب لمن مخبره أحسن من منظره، وأول من قاله: المنذر بن ماء السماء. مجمع الأمثال (655).
(2)
هو موضع لحذف "أن" قبل المضارع في غير المواضع المطردة، وفي هذه الحالة يلغى عملها غالبًا لضعفها بالحذف على غير قياس. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (4/ 50).
(3)
ابن الناظم (270)، وتوضيح المقاصد (4/ 223).
(4)
البيت من بحر الطويل، وهو لعامر بن جؤين الطائي على الصحيح، قاله يصف مظلمة هم بها ثم صرف نفسه عنها، ووروى البيت هكذا:
فكم للسعيد من هجائه مؤيلة
…
تسير ضحا حاذات قيد ومرسله
أردت بها فتكًا فلم أرتضي له
…
ونهنهت نفسي ............ إلخ
وانظر الكتاب (1/ 307)، وشواهد التوضيح والتصحيح لابن مالك (101)، والأغاني (9/ 93)، والإنصاف (561)، وشرح الأشموني (3/ 315)، وشرح شواهد المغني (931).
(5)
الصحاح مادة: "خبس".
لك فيه وجهان -أيضًا-:
أحدهما: أن يكون مفعولًا، وقوله:"خباسة واحد": كلام إضافي بدل من مثلها.
[والآخر: أن يكون مثلها]
(1)
صفة خباسة واحد، ولكنه لما تقدم عليها انتصب على الحال، قوله:"ونهنهت": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"نفسي": كلام إضافي مفعوله، وقوله:"بعد": نصب على الظرف، وكلمة "ما" مصدرية، والتقدير: بعد قربي من الفعل، والتاء اسم كاد، وقوله:"أفعله" خبره.
والاستشهاد فيه:
حيث نصب اللام، قال سيبويه: لأن أصله: أن أفعله، فحذت أن، وبقي عمله وهو النصب
(2)
، وقال غيره: أصله: لأن أفعله ثم حذت ليكون مفعولًا من أجله مثل: عسيت أن أقوم، أي: للقيام
(3)
.
الشاهد السادس والثمانون بعد الألف
(4)
،
(5)
ألا أيُّهَذَا الزَّاجِرِيُّ أحضُرَ الوَغَى
…
وأن أشهدَ اللذَّات هل أنت مُخْلِدِي؟
أقرل: قائله هو طرفة بن العبد البكري، وهو من قصيدته المشهورة التيِ أولها هو قوله:
1 -
لِخَوْلَةَ أَطْلالٌ بِبَرْقَةِ ثَهْمَدِ
…
ظللت بها أبكي وأبكي إلى الغد
2 -
وُقُوفًا بِها صحبي عَلَى مطيِّهمْ
…
يَقُولُونَ لَا تَهْلَكْ أَسًى وَتَجَلَّدِ
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
قال سيبويه (1/ 306، 307): "ومثله لعامر بن جؤين الطائي (البيت) فحملوه على "أنْ" لأن الشعراء قد يستعملون أنْ هاهنا مضطرين كثيرًا". وانظر التصريح بمضمون التوضيح للأزهري (2/ 245)، والإنصاف (562، 563)، وقضية الشبه في النحو العربي (206)، وابن يعيش (7/ 15).
(3)
قال ابن مالك: "وقد لا يلغون فينصبون بها المضارع كقوله (البيت) قال سيبويه: أراد: بعد ما كدت أن أفعله، وهو قليل لا يقاس عليه، ورآه الكوفيون مقيسًا ورووا: خذ اللص قبل يأخذَك، وأنشدوا:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى
…
.......................
بالنصب". شرح التسهيل لابن مالك (4/ 50).
(4)
شرح ابن عقيل (4/ 24).
(5)
البيت من بحر الطويل، من معلقة طرفة المشهورة التي يعاتب فيها أهله، والتي جاءت فيها بعض الحكم، ديوانه (19)، والشاهد (32)، ط. دار صادر، ومطلعها:
لخولة أطلال ببرقة ثهمد
…
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
وانظر الشاهد رقم (93) من شواهد هذا الكتاب.
إلى أن قال:
3 -
رَأَيْتُ بَنِي غَبْرَاءَ لَا يُنْكِرُونَنِي
…
وَلَا أَهلُ هَذَاكَ الطِّرَافِ المُمَدَّدِ
4 -
ألا أيهذا ...........
…
........................ إلخ
وقد ذكرناها في شواهد اسم الإشارة
(1)
، وهي من الطويل.
1 -
قوله: "ظللت بها أبكي وأبكي إلى الغد" رواية، والأشهر من الرواية "تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد".
4 -
قوله: "الوغى" بفتح الواو والغين المعجمة؛ الحرب، وأصله: الصوت في الحرب ثم يكنى به عن الحرب نفسها، يقول: يا من يلومني أن أحضر الحرب وأن أنفق في الخمر وغيرها من أبواب الفتوة واللذة، هل في وسعك أن تخلدني فأكف عن ذلك؟
الإعراب:
قوله: "ألا" للتنبيه، و "أي": منادى حذف منه حرف النداء، والتقدير: يا أيهذا الزاجري، وإنما حذف لأن الاسم الذي فيه اللام لا تدخله "يا" لأنه للتعريف، ويمتنع اجتماع [يا، وأل]
(2)
التي للتعريف؛ ولهذا جعل أي منادى ليفصل بين حرف النداء وبين الذي فيه اللام.
وقوله: "هذا": صفة لأي، وقوله:"الزاجري": بدل من هذا، وفي الحقيقة هو المنادى، ولكن جيء بأي كما ذكرنا، والألف واللام فيه بمعنى الذي تقديره: يا أيهذا الذي يزجرني، فلذلك أضيف إلى ياء المتكلم، قوله:"أحضر الوغى" أصله: أن أحضر الوغى، وهي مصدرية، تقديره: الذي يزجرني عن حضور الحرب، قوله:"وأن أشهد": عطف على أحضر الوغى، وقوله:"اللذات": مفعول أشهد، و "هل" للاستفهام، و "أنت" مبتدأ، و "مخلدي": كلام إضافي خبره.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أحضر الوغى" على رواية من نصب الراء على إضمار أن، وهو شاذ، والأصل أن "أن" إذا حذف أن يبقى الفعل مرفوعًا؛ فالحاصل أنه يجوز فيه الوجهان: الرفع وهو الأصل، والنصب على الشذوذ، فافهم
(3)
.
(1)
ينظر الشاهد رقم (93).
(2)
ما بين المعقوفين زيادة يحتاج إليها المقام.
(3)
حذف "أن" وبقاء عملها هو مذهب كوفي ويجيزون أيضًا الرفع، والنصب مع الحذف شاذ عند البصريين، ينظر ارتشاف الضرب لأبي حيان (2/ 423)، والإنصاف (560 - 562)، والتصريح بمضمون التوضيح (2/ 245)، وشرح الرضي على الكافية (4/ 80)، وتسهيل الفوائد لابن مالك (233)، وينظر الشاهد السابق (1084).
الشاهد السابع والثمانون بعد الألف
(1)
،
(2)
ألَمْ تَسْأَلِ الرَّبْعَ القَوَاءَ فَيَنْطِقُ
…
...........................
أقول: قائله هو جميل بن عبد الله صاحب بثينة بنت الحبي، وتمامه:
................................
…
وهل يُخبِرَنْكَ اليومَ بَيْدَاءُ سَمْلَقُ
وهو من قصيدة من الطويل، والبيت المذكور أولها، وبعده قوله
(3)
:
2 -
بمختلَفِ الأرْوَاح بين سُوَيْقَةٍ
…
وأحْدَبَ كادتْ بعدَ عَهْدِك تَخْلَقُ
3 -
أَضَرَّتْ بها النَّكْبَاءُ كل عَشِيَّةٍ
…
ونفْخُ الصَّبَا والوابلُ المتُبَعِّقُ
4 -
وقفتُ بها حتى تجلَّتْ عَمَايَتي
…
ومَلَّ الوُقُوفَ العَنْتَرِيسُ المُنَوَّقُ
5 -
وقال خليلي إنَّ ذا الصبابة
…
ألا تَزْجُرُ القلبَ اللَّجُوجَ فَيَلْحَقُ
6 -
تَعَزَّ وإنْ كَانَتْ عليكَ كريمةً
…
لعلكَ مِنْ أسباب بَثْنَةَ تُعْتَقُ
7 -
فقلتُ لهُ إنَّ البِعَادَ يشُوقُنِي
…
وبَعْضُ بِعَادِ البَيْنِ والنَّأْيِ أشفق
1 -
قوله: "الربع" هو الدار بعينها حيث ما كانت، والجمع: أربع وربوع ورباع، والمربع: المنزل في الربيع خاصة، قوله:"القواء" بفتح القاف؛ القفر، يقال: ربع قواء ودار قواء؛ أي: خلاء، قوله:"بيداء" بفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف، وهو القفر الذي يبيد من سلك فيه، أي: يهلك، قوله:"سملق" بفتح السين المهملة وسكون الميم وفتح اللام، وهي الأرض التي لا تنبت، وهي المستوية السهلة.
والمعنى: يقول ألم تسأل الربع فيخبرك عن أهله ويشفيك من خبره، ثم رجع وقال: وهل يخبرنْكَ قفر لا نبات فيه؟
2 -
قوله: "سويقة" بضم السين؛ اسم موضع.
(1)
أوضح المسالك (4/ 167).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو مطلع قصيدة طويلة لجميل بثينة في الغزل، وقد ذكر الشارح بعض أبياتها، ديوان جميل بثينة (144)، د. حسين نصار، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (3/ 37)، والمغني (1/ 168)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 201)، وشرح التصريح (2/ 240)، وشرح شواهد المغني (474)، والأغاني (8/ 146)، والخزانة (8/ 524).
(3)
انظر الأبيات والقصيدة في ديوان جميل بثينة (144)، د. حسين نصار، و (137) سلسلة شعراؤنا، وانظرها في الأغاني (8/ 146)، والخزانة (8/ 524).
3 -
وكذلك "أحدب" موضع، و "الوابل": المطر العظيم القطر، و "المتبعق" بالعين المهملة، يقال: تبعقت المزن إذا مطرت بشدة، وكذلك انبعقت.
4 -
و "الغيابة"
(1)
بالغين المعجمة، وهي كل شيء أظل الإنسان من فوق رأسه مثل: السحابة والغبرة والظلمة ونحوها، و "العنتريس": الناقة الصلبة الشديدة، والنون زائدة، قوله:"المنوق": من قولهم بعير منوق، أي: مذلل مروض.
الإعراب:
قوله: "ألم تسأل" الهمزة للاستفهام، والمراد به: التقرير، "ولم تسأل": جملة من الفعل والفاعل، و "الربع": مفعوله، والمفعول الثاني لتسأل محذوف، والتقدير: ألم تسأل الربع القواء عن أهله؟ قوله: "القواء" بالنصب صفة للربع.
قوله: "وهل يخبرنك": فعل ومفعول، و "بيداء": فاعله، و "سملق": نعت لها، ويروى: تخبرنك بالتاء المثناة من فوق وبالياء آخر الحروف، فمن روى بالمثناة من فوق فلأن البيداء مؤنثة لأن الهمزة في آخرها للتأنيث، ومن رواه بالياء آخر الحروف حمله على التذكير لأن تأنيثها غير حقيقي.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فينطق" حيث رفع على أنه انقطع [عن]
(2)
ما قبله وجعله خبر مبتدأ مضمر، أي: فهو ينطق، وهو أحد وجهي الرفع في قولك: ما تأتينا فتحدثنا، ولو نصب لجاز، ولكن القوافي مرفوعة
(3)
، وقال ابن هشام: الفاء فيه للاستئناف عند بعضهم، والتقدير: فهو ينطق؛ لأنها لو كانت للعطف لجزم ما بعدها، ولو كانت للسببية لنصب، ومنه قوله تعالى:{فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [مريم: 35] بالرفع، أي: فهو يكون حينئذ
(4)
.
(1)
في الأبيات: "عمايتي" وشرحها هنا بغمايتي.
(2)
ما بين المعقوفين زيادة للإيضاح.
(3)
قال ابن مالك: "وكل موضع يدخل فيه الاستفهام على النفي فنصبه جائز على هذا المعنى، ولك فيه الجزم بالعطف على معنى: ألم تأتنا فلم تحدثنا، والرفع على الاستئناف وإضمار مبتدأ كما قال: (البيت) كأنه قال: فهو ينطق". شرح التسهيل لابن مالك (4/ 31).
(4)
قال ابن هشام: "وقوله: (البيت) فإنها - أي الفاء - للاستئناف؛ إذ العطف يقتضي الجزم، والسببية تقتضي النصب"، أوضح المسالك (4/ 167، 168)، وقال المصرح في علة ذلك:"لأنه في جواب الاستفهام، وقيل: إن الفاء هنا للعطف، والمعتبر بالعطف الجملة لا الفعل وحده". ينظر التصريح (2/ 241).
الشاهد الثامن والثمانون بعد الألف
(1)
،
(2)
أَرَدْتَ لِكَيْمَا أَنْ تطِيرَ بِقِرْبَتِي
…
وتَتْرُكَهَا شَنًّا بِبَيْدَاءَ بلْقَعِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
قوله: "شنًّا" بفتح الشين المعجمة وتشديد النون، وهي القربة الخلق البالي، وكذلك الشنة، و "البيداء": المفازة، ويجمع على بيد بكسر الباء، و "بلقع" بفتح الباء الموحدة وسكون اللام وفتح القاف وفي آخره عين مهملة، قال الجوهري: البلقعُ والبلقعة: الأرض القفر التي لا شيء بها، يقال: منزل بلقعٌ بغير الهاء إذا كان نعتًا، فإن كان اسمًا قلتَ: انتهينا إلى بلقعة ملساء
(3)
.
الإعراب:
قوله: "أردت": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"لكيما" يجوز أن تكون كي تعليلية أو مصدرية؛ على ما نذكره، وقوله:"تطير" منصوب بأن، و "بقربتي" صلة تمر، يقال: طار به إذا ذهب به سريعًا، قوله:"وتتركها" بالنصب عطف على قوله: "أن تطير"، قوله:"شنًّا": نصب على الحال بتأويل: مشنة؛ من التشن، وهو اليبس في الجلد، والباء في "ببيداء" تتعلق بمحذوف تقديره: شنا كائنة ببيداء، و "بلقع": صفة بيداء.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لكيما أن تطير" فإنه يجوز فيه الوجهان:
أحدهما: أن تكون تعليلية مؤكدة باللام.
والآخر: أن تكون مصدرية مؤكدة بأن، وأن فيه زائدة غير عاملة لأن كيما تنصب الفعل بنفسها، ولا يجوز إدخال ناصب على ناصب. فافهم.
(1)
توضيح المقاصد (4/ 177)، أوضح المسالك (4/ 145).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو بلا نسبة في الإنصاف (580)، والجنى الداني (265)، وابن يعيش (9/ 16)، (7/ 19)، والمغني (182)، والخزانة (1/ 16)، ورصف المباني (216)، والتصريح (2/ 231)، وشرح شواهد المغني (508).
(3)
الصحاح مادة: "بلقع".
الشاهد التاسع والثمانون بعد الألف
(1)
،
(2)
فَأَوْقَدْتُ نارًا كَيْ ليُبْصِرَ ضوءَها
…
........................
أقول: قائله هو حاتم بن عدي أحد كرماء العرب المشهورين، وتمامه
(3)
؛
...........................
…
وأخرجْتُ كَلْبِي وهو في البيت داخِلُهْ
وهو من الطويل، المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "فأوقدت" الفاء للعطف، وأوقدت: جملة من الفعل والفاعل، و "نارًا" مفعوله، ويروى ناري بياء الإضافة، قوله:"كي" للتعليل، قوله:"ليبصر" اللام للتعليل -أيضًا- ويبصر بالنصب بإضمار أن بعد اللام، وهو فعل، وفاعله الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى الضيف، و "ضوءها": كلام إضافي مفعول يبصر، قوله:"وأخرجت": جملة من الفعل والفاعل عطف على قوله: "فأوقدت"، قوله:"كلبي": كلام إضافي مفعول أخرجت، قوله:"وهو في البيت داخله": جملة حالية.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كي ليبصر ضوءها" فإن كي هاهنا يتعين أن يكون حرفًا جارًّا للتعليل بمعنى اللام لظهور اللام بعدها، وإنما جمع بينهما للتأكيد، وهذا تركيب نادر.
الشاهد التسعون بعد الألف
(4)
،
(5)
إذن واللهِ نرميَهم بحربٍ
…
يُشِيبُ الطِّفلَ مِنْ قَبْلِ المَشِيبِ
أقول: قيل إن قائله هو حسان بن ثابت رضي الله عنه، ولم أجده في ديوانه، وهو من الوافر، المعنى ظاهر.
(1)
توضيح المقاصد (4/ 176).
(2)
البيت من بحر الطويل، وقد اختلف في قائله، فقيل لحاتم الطائي، وقيل لغيره، وهو من قصيدة في الكرم، ودعوة الضيوف للعطاء والجود، وانظر الشاهد في المغني (1/ 183)، ومجالس ثعلب (349)، وشرح شواهد المغني (509)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (1697).
(3)
ديوان حاتم (136)(شعراؤنا)، وروايته في ديوان الحماسة هكذا:(فأوقدت ناري ثم اتقيت ضوءها) وعلى ذلك فلا شاهد فيه.
(4)
أوضح المسالك (4/ 157).
(5)
البيت من بحر الوافر، وهو في الفخر بالشجاعة والحرب، وهو بيت مفرد قاله حسان بن ثابت، وهو في ديوانه =
الإعراب:
قوله: "إذن" حرف أو اسم على الاختلاف، والأكثر أن يكون جوابًا لإِنْ، أو لو ظاهرتين، أو مقدرتين، وقد مرَّ قبله واحد منهما، قوله:"والله" مجرور بواو القسم.
قوله: "نرميهم": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، و "بحرب" يتعلق به في محل النصب على المفعولية، قوله:"تشيب الطفل": جملة من الفعل والفاعل هو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى الحرب، والمفعول وهو الطفل، والجملة في محل الجر على أنها صفة لحرب، قوله:"من قبل" يتعلق بقوله: تشيب.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "إذن والله نرميهم" حيث نصب نرميهم؛ لكنه فصل بينها وبين إذن بالقسم، وقد علم أن شرط إعمال إذن أربعة: كونها جوابًا، والتصدير، وكون الفعل مستقبلًا، واتصالها بالفعل، والفصل بينهما بالقسم لا يضر؛ كما لا يضر الفصل بين المضاف والمضاف إليه؛ كما في قول بعض العرب: هذا غلام والله زيد
(1)
، وقال ابن عصفور: ويجوز الفصل بينهما أيضًا بالظرف وحرف الجر نحو: إذن في الدار أكرمَك بالنصب
(2)
.
الشاهد الحادي والتسعون بعد الألف
(3)
،
(4)
وطَرْفُكَ إمَّا جِئْتَنَا فَاصْرِفَنَّه
…
كَمَا يَحْسَبُوا أنَّ الهَوَى حَيْثُ تَنْظُرُ
أقول: قائله هو جميل بن معمر العذري، وهو من قصيدة من الطويل، .....................
= (371)، ط. دار المعارف، تحقيق: د. سيد حنفي حسنين، وانظر بيت الشاهد في المغني (693)، وشرح شذور الذهب (376)، والتصريح (2/ 235)، والهمع (2/ 7)، والدرر (4/ 70)، وشرح شواهد المغني (97)، وشرح الأشموني (3/ 289).
(1)
قال سيبويه: "هذا باب (إذن): اعلم أن (إذن) إذا كانت جوابًا وكانت مبتدأة عملت في الفعل عمل: أرى في الاسم إذا كانت مبتدأ، وذلك قولك: وإذن أجيئَك، وإذن آتيَك، ومن ذلك -أيضًا- قولك: إذن والله أجيئك، والقسم هاهنا بمنزلته في: أرى، إذا قلت: أرى والله زيدًا فاعلًا". الكتاب (3/ 12)، وينظر الأصول في النحو لابن السراج (2/ 154).
(2)
قال ابن عصفور: "ويجوز الفصل بينها وبين معمولها بالقسم والظرف الجار والمجرور نحو قولك "إذن والله أكرمَك، وإذن في الدار آتيَك" المقرب لابن عصفور (1/ 262).
(3)
توضيح المقاصد (4/ 179).
(4)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة طويلة لجميل بثينة في الغزل، ديوانه (90)، د. حسين نصار، وهو أيضًا في ديوان عمر بن أبي ربيعة (124)، ط. دار الكتب العلمية، (101) بشرح الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، =
وأولها هو قوله
(1)
:
1 -
أَعَادٍ أَخِي مِنْ آلِ سَلْمَى فَمُبْكِرُ
…
أَبِنْ لِي أغَادٍ أنْتَ أمْ مُتَهَجِّرُ
2 -
وآخِرُ عَهْدٍ لِي بِهَا يَومَ ودَّعَتْ
…
وَلَاحَ لَهَا خَدٌّ مَليحٌ وَمَحْجِرُ
3 -
عَشِيَّةَ قَالتْ لا تُضَيِّعَنَّ سِرَّنَا
…
إذَا غِبتَ عَنَّا وَارْعَهُ حِينَ تُدبرُ
4 -
وأَعْرِضْ إِذَا لاقَيتَ عَينًا تَخَافُهَا
…
وظَاهِرُ بِبُغْضٍ إنَّ ذَلكَ أَسْتَرُ
5 -
فإنَّكَ إنْ عَرَّضْتَ بِي فيِ مَقَالةٍ
…
يَزِدْ فيِ الذِي قَدْ قُلتَ وَاشٍ ويُكثِرُ
6 -
ويَنشُرُ سِرًّا فيِ الصَّدِيقِ وغيرِهِ
…
يَعِزُّ عَلينَا نَشرُهُ حينَ يُنشَرُ
7 -
ومَا زِلتَ فيِ إعْمَالِ طَرفِكَ نَحوَنَا
…
إذَا جِئتَ حَتَّى كَادَ حُبُّكَ يَظْهَرُ
8 -
وما قُلتُ هذَا فَاعْلَمَنَّ تجنبًا
…
لِصَرمٍ ولَا هذَا بِسَاعَةَ تُقصِرُ
9 -
ولكِنَّنِي أَهْلِي فدَاؤُكَ أتَّقِي
…
عَليكَ عُيُونَ الكَاشِحِينَ وأَحْذَرُ
10 -
وأخْشَى بَنِي عَمِّي عَليكَ وإنما
…
يَخَافُ ويتقى عِرْضَهُ المتُفَكِّرُ
11 -
وأنْتَ امرُؤٌ مِنْ أهْلِ نَجدٍ وأَهلُنَا
…
تَهامُ وما النَّجدِيُّ والمتُغَوِّرُ
12 -
وطَرفُكَ إمَّا ..............
…
................ إلخ
1 -
قوله: "أغاد" أي: أرائح، قوله:"أبِن لي": من أبان يبين، أي: أظهر، قوله:"متهجر": من التهجير وهو السير في الهاجرة.
2 -
قوله: "محجر" على وزن مجلس، قال في العباب: هو الحديقة، ومحجر العين -أيضًا- ما يبدو من النقاب، وحجر القمر إذا استدار بخط دقيق من غير أن يغلظ، وكذا إذا صارت حوله دارة من الغيم.
5 -
قوله: "واشٍ" أي: حاسد يمشي بالنميمة.
8 -
قوله: "لصرام" أي: لانقطاع.
9 -
قوله: "الكاشحين" بالحاء المهملة؛ أي: الحاسدين.
= ومع ذلك كله فهو عند النحاة مغير عن أصله، انظر كتابنا تغيير النحويين للشواهد (233)، وانظره في الإنصاف (586)، والمغني (177)، والجنى الدانى (483)، ومجالس ثعلب (127)، والخزانة (8/ 502)، (10/ 224)، ورصف المباني (214)، والهمع (2/ 6).
(1)
انظر الأبيات المذكورة في فصيدة جميل بثينة في ديوانه (90 - 92)، تحقيق: د. حسين نصار - (1967 م)، مكتبة مصر.
11 -
قوله: "والمتغور": من الغور وهو تهامة وما يلي اليمن والحجاز.
12 -
قوله: "وطرفك" بفتح الطاء المهملة، والطّرف: العين، والمعنى: وعينك.
الإعراب:
قوله: "وطرفك": كلام إضافي مبتدأ، وقوله:"إما جئتنا" أصله: إن جئتنا، وإن للشرط، وما زائدة، قوله:"فاصرفنَّه": جواب الشرط، فلذلك دخلت الفاء، والضمير المنصوب يرجع إلى الطرف، والجملة كلها في موضع الرفع على الخبرية، قوله:"أن الهوى" بفتح همزة أن لأنه مفعول، فإن قيل: حسب يقتضي مفعولين، قلت: أن مع اسمها وخبرها سد مسد المفعولين، فقوله:"الهوى": اسمه، وقوله:"حيث تنظر": خبره.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كما يحسبوا" استدل به الكوفيون والمبرد على أن كما تنصب بنفسها بمعنى كيما؛ ألا ترى كيف نصب هاهنا: "يحسبوا" فعلامة النصب فيه سقوط النون من يحسبون، والصحيح ما ذهب إليه البصريون من أنه لا يثبت حرف ناصب بمحتمل قليل، ولو كانت كما ناصبة مثل كيما لكثر ذلك في كلام العرب نظمًا ونثرًا؛ كما كثر النصب بغيرها من النواصب.
والبيت المذكور يحتمل أن تكون النون في قوله: "يحسبوا" حذفت للضرورة، أو يكون الأصل فيه: كيما فحذفت الياء ضرورة؛ كذا قاله الفارسي
(1)
، وقال ابن مالك: الكاف فيه للتشبيه كفت بما، ودخلها معنى التعليل فنصبت، وذلك قليل
(2)
.
الشاهد الثاني والتسعون بعد الألف
(3)
،
(4)
لا تشتُمِ الناسَ كَمَا لا تُشْتَمُ
أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج؛ قاله النحاس
(5)
.
(1)
عقب عليه ابن مالك قائلًا: "وهذه دعوى لا دليل عليها أي النصب بكما وأصلها كيما. شرح الكافية الشافية (820)، وشرح التسهيل (3/ 173).
(2)
انظر شرح التسهيل (3/ 173)، وشرح الكافية (1535).
(3)
توضيح المقاصد (4/ 180).
(4)
بيت من بحر الرجز قاله رؤبة من أرجوزة عدتها عشرة أبيات هذا آخرها، ملحق ديوانه (182)، وانظر الشاهد في الكتاب (3/ 116)، والجنى الداني (484)، ورصف المباني (214)، واللمع (58، 59، 154)، والهمع (2/ 38)، والدرر (4/ 211).
(5)
ليس في كتاب إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس.
والمعنى: لعلك لا تشتم، وما هاهنا هي الكافة، ولما كفت غيرت المعنى؛ كما أن لم لما كفت بما تغيرت عما كانت عليه، والمعنى: أنك إن شَتمت شُتمت وإذا لم تَشتم لا تُشتم، ولعلك إن لم تَشتم لا تُشتم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كما لا تشتم" حيث رفع الفعل بعد قوله: "كما" ولم ينصب، فقال الكوفيون: لأنها لم تكن بمعنى كيما، فلذلك لم تنصب، وقال البصريون: هذا على أصله؛ لأن كما ليست من النواصب؛ كما ذكرنا في البيت السابق
(1)
.
الشاهد الثالث والتسعون بعد الألف
(2)
،
(3)
أما واللهِ أن لو كنْتَ حرًّا
…
..............................
أقول: أنشده سيبويه ولم يعزه إلى أحد، وتمامه:
...........................
…
وما بالحر أنت ولا العَتِيقِ
وهو من الوافر، والمعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "أما" بفتح الهمزة وتخفيف الميم؛ حرف استفتاح بمنزلة: ألا، وتكثر قبل القسم نحو:"والله" فإنه قسم، قوله:"أن لو" فأن رابطة أو زائدة على ما نذكره الآن، ولو للشرط، و "كنت حرًّا": جملة من اسم كان وخبره وقعت فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أن لو كنت" فإِن أَنْ فيه جُعل حرفًا يربط جملة القسم بجملة المقسم عليه، والذي ذهب إليه سيبويه أنها زائدة، وقال في كتابه وقد ذكر أقسام أن: فأما الوجه الذي تكون
(1)
انظر المسألة بالتفصيل في كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف للأنباري (585) تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد.
(2)
توضيح المقاصد (4/ 181).
(3)
البيت من بحر الوافر لم ينسب لأحد في مراجعه، وقد ذكر الشارح أن سيبويه أنشده في كتابه، وهذا الكلام غير صحيح، وانظر الشاهد في الإنصاف (121)، والمغني (1/ 33)، والمقرب (1/ 205)، والخزانة (4/ 141)، والجنى الداني (222)، والدرر (4/ 96)، ورصف المباني (116)، والتصريح (2/ 233)، وشرح شواهد المغني (111)، كما يروى البيت برواية ليس فيها الشاهد، وانظر ذلك في كتابنا تغيير النحويين للشواهد (240).
فيه لغوًا فنحو قولك: لما أن جاء، وأما والله أن لو فعلت
(1)
.
الشاهد الرابع والتسعون بعد الألف
(2)
،
(3)
ربَّيتُهُ حتى إذا تَمَعْدَدَا
…
كان جزائي بالعصا أنْ أُجْلَدَا
أقول: لم أقف على اسم راجزه، وبعد الشطر الأول هو قوله:
وصَارَ نَهْدًا كَالحِصَانِ أَجْرَدَا
…
كَانَ جَزَائِي ................
قوله: "تمعددَا" معناه: غلُظَ وشبَّ، ويقال: تمعدد الرجل إذا تزيَّا بِزِيِّ معد وعيشهم، وكانوا أهل قشف وغلظ في المعاش، ومنه قيل للغلام إذا شب وغلظ: تمعدد [وذكره الجوهري في باب (عد) ليدل على أن ميمه زائدة
(4)
]
(5)
.
الإعراب:
قوله: "ربيته": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، و "حتى": حرف ابتداء ابتدئت بعدها الجملة الفعلية الماضية وهي قوله: "إذا تمعددا".
وقال ابن مالك في مثل هذا الموضع: إن حتى جارة وإن إذا في موضع جر بها؛ كما في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ} [آل عمران: 152]، وقد روي ذلك عن الأخفش
(6)
، والجمهور على خلافه، وأنها حرف ابتداء، وإذا في موضع نصب بشرطها أو جوابها، وهاهنا قوله:"تمعددا" في موضع الشرط، وقوله:"كان جزائي" في موضع الجواب
(7)
، وقوله:"جزائي": كلام إضافي اسم كان، وقوله:"أن أجلدا": خبره، والألف في أجلدا وتمعددا للإطلاق.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بالعصا أن أجلدا" فإن قوله: بالعصا يتعلق بأجلدا، وأجلدا معمول أن وصلتها،
(1)
انظر الكتاب (3/ 152).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 184).
(3)
البيتان من بحر الرجز المشطور غير منسوبين في مراجعهما، وانظرهما في المنصف (1/ 129)، والمحتسب (2/ 310)، وابن يعيش (9/ 151)، وشرح شافية ابن الحاجب (2/ 336)، والهمع (1/ 88، 112)، والخزانة (9/ 428، 430).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
الصحاح مادة: "عدد".
(6)
قال ابن مالك في شرح التسهيل (3/ 210): "وانفردت إذا بدخول حتى الجارة عليها كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا} [الزمر: 71] وأما ما روي عن الأخفش فلم أعثر عليه في معاني القرآن له، وهو في مغني اللبيب (94)، تحقيق: محمد محيي الدين.
(7)
انظر رأي الجمهور والأخفش في "حتى" الداخلة على "إذا" في مغني اللبيب (94).
وقوله: بالعصا معمول معمول أن، واستدل به الفراء على جواز تقديم معمول معمول أن عليها.
وقال الجمهور: "أن" حرف مصدري، ومعمولها صلة لها، ومعمول معمولها من تمام صلتها، فكما لا تتقدم صلتها عليها، كذلك لا يتقدم معمول صلتها، وأجابوا عن البيت بأنه نادر لا يقاس عليه لقلته وبعده عن القياس، وأولوه -أيضًا- بأن التقدير: كان جزائي أن أجلد بالعصا أن أجلد، فحذف العامل الأول لدلالة الثاني عليه
(1)
.
الشاهد الخامس والتسعون بعد الألف
(2)
،
(3)
ولولا رجالٌ مِنْ رِزَامٍ أَعِزَّةِ
…
وآلُ سُبَيْعٍ أو أسوءك عَلْقَمَا
أقول: قائله هو الحصين بن حمام المري
(4)
، وهو من الطويل.
قوله: "أعزة": جمع عزيز، قوله:"من رزام" بكسر الراء وتخفيف الزاي، هو أبو حي من تميم، وهو رزام بن مالك بن عمرو بن تميم.
الإعراب:
قوله: "ولولا" الواو للعطف، ولولا لربط امتناع الثانية بوجود الأولى، وقوله:"رجال": مبتدأ وتخصص بالصفة وهو قوله: "من رزام"، والتقدير: ولولا رجال كائنون من رزام، وقوله:"أعزة": صفة أخرى، قوله:"وآل سبيع": كلام إضافي عطف [عليه]
(5)
، والخبر محذوف تقديره: موجودون، كما في قولك: لولا زيد، أي: لولا زيد موجود، قوله:"أو أسؤك" بالنصب بتقدير: أن، قوله:"علقمًا": منادى مرخم تقديره: يا علقمة فحذف حرف النداء فصار علقمة ثم رخمه فصار علقم بفتح الميم على ما كان ثم أشبع الفتحة ألفًا.
(1)
انظر رأي الجمهور والفراء والرد على الفراء في شرح التسهيل (4/ 12)، والأشموني وحاشية الصبان (3/ 284)، وقال ابن مالك في شرح التسهيل في حديث عن أن:"ولا يتقدم معمولها عليها خلافًا للفراء، ولا حجة فيما استشهد به لندوره وإمكان تقدير عامل مضمر".
(2)
توضيح المقاصد (4/ 200).
(3)
البيت من بحر الطويل نسبه الشارح، وانظره في سر الصناعة (1/ 272)، والمحتسب (1/ 326)، وابن يعيش (3/ 50)، والخزانة (3/ 324)، والدرر (4/ 78)، والتصريح (2/ 244).
(4)
شاعر فارسي جاهلي كان سيد بني سهم بن مرة، في شعره حكمة، وقد نبذ عبادة الأصنام، وقد مات قبل ظهور الإسلام سنة (10 ق. هـ). الأعلام (2/ 262).
(5)
بياض في الأصل (أ، ب): والتكملة من نسخة الخزانة (4/ 411).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أو أسوءك" حيث نصب الفعل بعد كلمة "أو" بتقدير أن، واعلم أن "أو" هذه ليست واقعة موقع:"إلى أن" أو "إلا أن"، ولكن هذا عطف في التقدير على اسم لولا بإضمار أن، والتقدير: أو أن أسوءك علقما، فهذا عطف على قوله:"رجال"، وإضمار أن بعد "أو" هذه ليس بلازم بخلاف أو التي بمعنى إلى أن، أو إلا أن فافهم.
الشاهد السادس والتسعون بعد الألف
(1)
،
(2)
ليس العطاءُ مِنَ الفُضُولِ سَمَاحَةً
…
حَتَّى تَجُودَ وَمَا لَدَيْكَ قَليلُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الكامل. المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "ليس" من الأفعال الناقصة، و "العطاء" اسمه، و "سماحة" خبره، قوله:"من الفضول": جار ومجرور في محل الرفع على أنها صفة للعطاء، والتقدير: ليس العطاء الحاصل من فضول المال سماحة وجودًا، قوله:"حتى تجود" حتى للغاية، وتجود نصب بتقدير أن، قوله:"وما لديك قليل": جملة [حالية، وما موصولة، "ولديك قليل": جملة صلته]
(3)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "حتى تجود" فإن حتى فيه بمعنى: "إلا أن"؛ فحتى هاهنا بمعنى الاستثناء.
الشاهد السابع والتسعون بعد الألف
(4)
،
(5)
ألا رَسُولَ لَنَا مِنّا فيُخْبرَنَا
…
..............................
أقول: قائله هو أمية بن أبي الصلت الثقفي، وتمامه:
(1)
توضيح المقاصد (4/ 203).
(2)
البيت من بحر الكامل، للمقنع الكندي، وهو في الجنى الداني (555)، والمغني (1/ 125)، والخزانة (3/ 370)، والدر (4/ 75)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (1734)، وشرح شواهد المغني (372)، والأشموني (3/ 297).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
لم يرد البيت في توضيح المقاصد كما ذكر العيني.
(5)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة لأمية بن أبي الصلت تمتلئ بالمعاني الدينية والموت ووحدانية الله، ومطلعها (الحمد لله ممسانا ومصبحنا) وهي ديوان أمية (79)، تحقيق: سيف الدين الكاتب، وانظر الشاهد في الكتاب (3/ 33)، والأغاني (4/ 132)، وخزانة الأدب (1/ 248)، والرد على النحاة (125).
................
…
ما بعد غَايَتِنَا مِنْ رَأسِ مُجْرَانَا
وهو من البسيط، المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "ألا" هاهنا للتمني، ولذلك نصب جوابه المقرون بالفاء وهو قوله:"فيخبرنا"، ويجيء -أيضًا- للعرض والتحضيض، ومعناهما: طلب الشيء، ولكن العرض طلب بلين، والتحضيض طلب بحثّ، وكل تحضيض عرض من غير عكس، وإذا كان ألا للعرض يكون مختصًّا بالفعلية، وأما التي للتمني فتختص بالاسمية.
قوله: "رسول": مبني على الفتح، لأن ألا تعمل عمل لا التبرئة، ولكن تختص التي للتمني بأنها لا خبر لها لفظًا ولا تقديرًا، وبأنها لا يجوز مراعاة محلها مع اسمها، وأنها لا يجوز إلغاؤها ولو تكررت
(1)
، قوله:"لنا منا" كل منهما جار ومجرور، فمحل الأول النصب على الصفة، ومحل الثاني النصب على الحال.
قوله: "فيخبرنا" بالنصب جواب التمني، فلذلك دخله الفاء، والضمير المرفوع فيه يرجع إلى الرسول، قوله:"ما بعد غايتنا" في محل النصب لأنه مفعول ثان ليخبرنا، فما مبتدأ، وبعد غايتنا كلام إضافي خبره، قوله:"من رأس مجرانا": حال من الغاية، والتقدير: ما بعد غايتنا حال كونها من رأس مجرانا، ومجرانا بضم الميم مصدر ميمي بمعنى الإجراء أضيف إلى نون المتكلم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فيخبرنا" حيث جاء منصوبًا بالفاء؛ لأنه جواب التمني، والنصب بتقدير: أن.
الشاهد الثامن والتسعون بعد الألف
(2)
،
(3)
.......................
…
........ لوْ نُعَانُ فَنَنْهَدَا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وصدره:
سَرَيْنَا إِلَيهِمْ فِي جُمُوعٍ كَأَنَّهَا
…
جِبَالُ شَرَوْرَى ...........
وهو من الطويل.
(1)
انظر نصه في شرح الأشموني (2/ 15).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 206).
(3)
البيت من بحر الطويل؛ لقائل مجهول وهو في الفخر، انظر الأشموني (4/ 33)، وسيأتي مرة أخرى برقم (1146).
قوله: "جموع": جمع جمع وهو الجماعة، و "شرورى" بالشين المعجمة؛ اسم جبل لبني سليم، قوله:"نعان" على صيغة المجهول من العون، قوله:"فننهدا": من نهد إلى العدو ينهد بالفتح فيهما، أي: نهض، ومنه المناهدة في الحرب وهي المناهضة.
الإعراب:
قوله: "سرينا": جملة من الفعل والفاعل، و "إليهم": في محل النصب على المفعولية، قوله:"في جموع": في محل النصب على الحال، والتقدير: سرينا إلى هؤلاء القوم ونحن في جماعة أو نحن مجتمعون، قوله:"كأنها جبال شرورى": جملة في محل الجر على أنها صفة لقوله: "في جموع".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لو نعان" فإن لو هاهنا للتمني، ونصب الفعل بعدها بإضمار أن، وهو قوله:"فننهدا" أي: فأن ننهدا، ومنع ابن مالك كون لو للتمني وقدرها هاهنا [وودنا]
(1)
لو تعان، فهو جواب بمعنى إنشائي كجواب ليت، فحذف فعل التمني لدلالة لو عليه، فأشبهت ليت في الإشعار بمعنى التمني دون لفظه، فكان لها جواب كجواب ليت، وقال -أيضًا-: ولك أن تقول: ليس هذا من باب الجواب بالفاء بل من باب العطف على المصدر؛ لأن لو والفعل في تأويل مصدر. فافهم
(2)
.
الشاهد التاسع والتسعون بعد الألف
(3)
،
(4)
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزلٍ
…
......................
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وتمامه:
.............................
…
بسِقْطِ اللِّوَى بينَ الدُّخُولِ فحَوْمَلِ
وهو من قصيدته المشهورة، وقد ذكرنا غالبها في مواضع شتى من الكتاب.
قوله: "بسقط اللوى" بكسر السين وسكون القاف، وهو منقطع الرمل، و "اللوى" بكسر
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
انظر نصه في شرح التسهيل (1/ 229).
(3)
توضيح المقاصد (4/ 212).
(4)
البيت مطلع معلقة امرئ القيس المشهورة التي كثرت منها الشواهد النحوية والبلاغية، انظرها في الديوان (8)، ط. دار المعارف، و (110)، ط. دار الكتب العلمية، وانظر بيت الشاهد في الجنى الداني (63)، والخزانة (1/ 332)، والدرر (6/ 71).
اللام؛ حيث يلتوي الرمل ويرق، وإنما خص منقطع الرمل وملتواه؛ لأنهم كانوا لا ينزلون إلَّا في صلابة من الأرض ليكون ذلك أثبت لأوتاد الأبنية وأمكن لحفر النؤي، وإنما تكون الصلابة؛ حيث ينقطع الرمل ويلتوي ويرق، و"الدخول وحومل" بلدان.
الإعراب:
قوله: "قفا": أمر للاثنين وأريد به الواحد لأن من عادتهم أن يخاطبوا الواحد بصيغة الاثنين؛ كما في قوله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [ق: 24] والمخاطب هو مالك خازن النَّار، وقيل معناه: قف قف كرر للتأكيد، وكذلك المراد: ألق ألق، قوله:"نبك": مجزوم لأنه جواب الأمر، قوله:"من ذكرى" أي: لأجل ذكرى حبيب وذكر منزل، وكلمة من للتعليل، والباء في "بسقط اللوى" في محل الجر لأنه صفة المنزل، والتقدير: ومنزل كائن في سقط اللوى، وكذلك محل "بين الدخول" الجر لأنه صفة لسقط اللوى، والتقدير: بسقط اللوى الكائن بين الدخول فحومل.
واستدل الجرمي بقوله: "فحومل" أن الفاء لا تفيد الترتيب في البقاع
(1)
، وأجيب عن هذا أن الفاء ها هنا بمعنى الواو، والتقدير: بين الدخول وحومل، ولهذا زعم الأصمعيّ أن الصواب روايته بالواو لأنه لا يجوز: جلست بين زيد فعمرو، ويجاب عن هذا بأن المراد بين مواضع الدخول فمواضع حومل؛ كما يجوز: جلست بين العلماء فالزهاد
(2)
.
وقال بعضهم: الأصل ما بين الدخول، فحذف ما دون بين، والفاء نائبة عن إلى، والتقدير: ما بين الدخول إلى حومل، ومحتاج على هذا القول إلى أن يقال: وصحت إضافة بين إلى الدخول لاشتماله على مواضع، أو لأن التقدير: بين مواضع الدخول، وكون الفاء للغاية بمنزلة "إلى" غريب
(3)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "نبك" فإنَّه جواب الأمر فلذلك جزم؛ لأنه قد علم أن جواب غير النفي إذا خلا من الفاء وقصد الجزاء أن يجزم؛ لأنه جواب شرط دل عليه الطلب المذكور لقربه من الطلب،
(1)
انظر رأي الجرمي في مغني اللبيب (الفاء المفردة)(161)، تحقيق: محمَّد محيي الدين عبد الحميد، ونصه:"أن الفاء لا تفيد الترتيب في البقاع ولا في الأمطار".
(2)
انظر رأي الأصمعيّ في أوضح المسالك لابن هشام (أول باب عطف النسق)، وكذلك في المغني (الفاء المفردة).
(3)
انظر نص هذا الرأي مسندًا للبغداديين في المغني لابن هشام: (الفاء المفردة)(162).
ولشبهه به في احتمال الوقوع وعدمه؛ فصلح أن يدل على الشرط ويجزم بعده الجواب بخلاف النفي.
الشاهد المتمم للمائة بعد الألف
(1)
،
(2)
........................
…
مَكَانَكِ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيحِي
أقول: قائله عمرو بن الإطنابة الأنصاري، وصدره
(3)
:
وَقَوْلِي كُلَّمَا جَشَأَتْ وجاشَتْ
…
...........................
وهو من قصيدة من الوافر، وأولها هو قوله:
1 -
أبَتْ لِي عِفَّتِي وَأَبَى بَلَائِي
…
وأخْذِي الحَمدَ بالثَّمَنِ الرَّبِيحِ
2 -
وإقْدَامِي عَلَى المَكرُوهِ نَفْسِي
…
وضَربِي هَامَةَ البَطَلِ المُشِيحِ
3 -
وقَولِي كُلَّمَا ................
…
................... إلخ
4 -
لأكْسِبَهَا مَآثِرَ صَالِحاتٍ
…
وأَحْمِيَ بَعدُ عَنْ عِرْضٍ صَحِيحِ
5 -
بِذِي شَطْبٍ كَمثْلِ الْمِلْحِ صَافٍ
…
ونَفْسِ مَا تَقَرُّ عَلَى القَبيحِ
وكان معاوية رضي الله عنه ينشد هذه الأبيات يوم صفين ويستشهد بها، وقال: كنت على فرس أغر محجل فما حملني على الإقامة إلا أبيات عمرو بن الإطنابة، وهي أجود ما قيل في الصبر في مواطن الحرب، وقال: يجب على الرجل تأديب ولده وأن يرويه من الشعر.
2 -
قوله: "البطل" بفتح الباء الموحدة والطاء، وهو الرجل الشجاع، و"المشيح ": المجد في الأمر، من أشاح يشيح.
3 -
قوله: "جشأت" بالجيم والشين المعجمة، يقال: جشأت نفسي جشوءًا إذا نهضت إليك، وجشأت من حزن أو فزع، وهو مهموز اللام، قوله:"وجاشت": من الجيش، يقال: جاشت نفسي إذا لقست ولقست بمعنى غثت، وكذا غانت ورانت
(4)
.
(1)
توضيح المقاصد (4/ 216).
(2)
البيت من بحر الوافر، من مقطوعة لعمرو بن الإطنابة منسوب إلى أمه، والمقطوعة في الشجاعة والثبات في الحرب، وبيت الشاهد منتشر في كتب النحو، وانظره في الخصائص (3/ 53)، وابن يعيش (4/ 74)، والمغني (203)، والخزانة (2/ 428)، والدرر (4/ 84)، والتصريح (2/ 243)، وشرح شواهد المغني (546).
(3)
انظر المقطوعة في كثير من كتب الأدب وشرح شواهد النحو، وهي في الحيوان (6/ 425)، والأمالي (1/ 258)، وعيون الأخبار (1/ 126)، والخزانة (2/ 428، 435)، وشرح شواهد المغني (546).
(4)
في الصحاح مادة: "لقس" يقول: "لَقِسَتْ نفسي من الشيء تَلْقَسُ لَقَسًا، أي: غَثَتْ وخبُثت".
5 -
قوله: "بذي شطب" أراد به السيف له شطب؛ أي: طرائق في وجهه وهو جمع شطة.
الإعراب:
قوله: "وقولي": كلام إضافي عطف على قوله: "وأخذي الحمد" قوله: "كما جشأت" أي: نفسي، وهو جملة من الفعل والفاعل، و"جاشت": جملة -أَيضًا- عطف عليه.
قوله: "مكانك": اسمم فعل بمعنى اثبتي؛ كما في قوله تعالى: {مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ} [يونس: 28] وهو مقول القول، قوله:"تحمدي" على صيغة المجهول؛ جملة من الفعل والمفعول النائب عن الفاعل، وجزم لأنه جواب الأمر، وذلك لأن قوله:"مكانك" بمعنى: اثبتي كما ذكرنا؛ كأنه قال: اثبتي تحمدي، قوله:"أو تستريحي": عطف على تحمدي، والمعنى: أنَّه يخاطب نفسه بأن تباشر الثبات والإقامة على مواطن الحرب؛ لأنها إما تحمد على ذلك أو تستريح.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "تحمدي" حيث جزم لوقوعه بعد الطلب باسم فعل وهو قوله: "مكانك" فإن معناه: اثبتي؛ كما قلنا، وقد سقطت منه الفاء، وقد بين أن الفاء إذا سقطت بعد الطلب وقصد معنى الجزاء يجزم الفعل بعده جوابًا لشرط مقدر لتضمنه معنى الشرط لا لأجل الطلب، كما في قوله تعالى
(1)
: {أَتْلُ} [الأنعام: 151] والتقدير: إن تأتوا أتْل.
الشاهد الأول بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
ألم أكُ جارَكمْ ويكونَ بيني
…
وبينَكُمُ المودةُ والإخاءُ؟
أقول: قائله هو الحطيئة، واسمه جرول بن أوس، وهو من قصيدة طويلة من الوافر، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
ألا أبْلِغْ بَنِي عَوْفِ بنِ كَعبِ
…
وَهَلْ قومٌ عَلَى خلُقٍ سواءُ
2 -
عُطَارِدَها وبَهْدَلَةَ بنَ عَوْفٍ
…
فَهَل يَشفِي صُدُووَكُمُ الشِّفَاءُ
(1)
وأولها قوله تعالى: {قُلْ تَعَالوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 151].
(2)
ابن الناظم (267)، وشرح ابن عقيل (4/ 16).
(3)
البيت من بحر الوافر من قصيدة طويلة بلغت (40 بيتًا) يعاتب فيها الزبرقان بن بدر ويمدح بغيض بن عامر، ديوانه (98)، تحقيق: نعمان طه، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (3/ 43)، والمقتضب للمبرد (2/ 27)، شرح أبيات الكتاب (2/ 73)، والمغني (669)، ورصف المباني للمالقي (47)، وشرح القطر لابن هشام (76)، وجواهر الأدب (168)، وشرح شواهد المغني (950).
(4)
ديوان الحطيئة (54)، ط. دار صادر، بيروت، و (98) تحقيق: نعمان طه، ط. الحلبي.
3 -
ألَم أكُ نائِيًا فدَعَوْتُمُونِي
…
فَجَاءَ بِي الموَاعِدُ والدُّعاءُ
4 -
ألم أكُ جَارَكُمْ فَتَرَكْتُمُونِي
…
لِكلْبي فيِ دِيَارِكُمُ عُواءُ
5 -
ولمَّا كُنْتُ جَارَكمُ أبيتُمْ
…
وشَرُّ مَوَاطِنِ الحَسَبِ الإباءُ
6 -
ولمَّا كُنْتُ جَارَهُمُ حَبَوني
…
وفيكمْ كان لَوْ شئْتُمْ حِبَاءُ
7 -
ولمَّا أنْ مَدَحْتُ القومَ قُلْتُمْ
…
هَجَوْتَ ومَا يحلُّ لكَ الهجاءُ
8 -
ألَمْ أكُ جَارَكُمْ ............
…
................ إلى آخره
وفي ديوان الحطيئة وقع البيت المذكور هكذا:
ألَمْ أكُ مُحْرِمًا وَيَكُونُ بَينِي
…
وبَينَكُمُ المَوَدَّةُ والإخَاءُ
ويروى: ألم أك مسلمًا، والمحرم: المسالم الذي يحرم عليك دمه ودمك عليه، و"المحل"؛ العدو الذي يستحل دمك وتستحل دمه.
الإعراب:
قوله: "ألم أك" الهمزة للاستفهام، "ولم أك": أصله لم أكن فحذفت النُّون تخفيفًا، والضمير الذي فيه اسم كان، و"جاركم": كلام إضافي خبره، قوله:"ويكون" بالنصب كما يجيء فإنه عن قريب، قوله:"المودة" بالرفع اسم يكون، و"الإخاء": عطف عليه، وقوله:"بيني": خبر يكون، و"بينكم" عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ويكون" حيث نصب بتقدير "أن" لوقوع الفعل بعد واو المصاحبة الواقعة بعد الاستفهام
(1)
.
(1)
ينصب المضارع بعد واو المعية إذا كانت مسبوقة بنفي محض أو طلب محض، والطلب يشمل: الأمر والنهي والتحضيض والتمني والترجي والدعاء والاستفهام والعرض، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى:{وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142] وقوله: {يَاليْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام: 27] ومن وقوعه بعد الأمر قول الشَّاعر: (البيت)، ينظر شرح قطر الندى (71 - 79).
الشاهد الثاني بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
فَأُقْسِمُ أَنْ لَو الْتَقَينَا وَأنتمُ
…
لكانَ لكُمْ يَوْمٌ من الشَّرِّ مُظلِمُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطَّويل.
الإعراب:
قوله: "فأقسم" الفاء للعطف، وأقسم: جملة من الفعل والفاعل، وكلمة "أن" وقعت بين القسم ولو، وهي زائدة.
وقوله: "لو" للشرط، و"التقينا": جملة من الفعل والفاعل؛ فعل الشرط، وقوله:"لكان لكم": جواب الشرط، وقوله:"وأنتم": عطف على الضمير المرفوع في قوله: "التقينا"، وقد علم أن العطف على الضمير المتصل من غير توكيد ولا طول يقوم مقامه قبيح، ولكن الضرورة ها هنا أوجبت حذف الضمير المؤكد؛ إذ أصله: لو التقينا نحن وأنتم، وفي هذه المسألة خلاف بين البصريين والكوفيين
(3)
.
قوله: "يوم": اسم كان، وقوله:"مظلم" بالرفع صفة اليوم، وقوله:"من الشر" معترض بين الصفة والموصوف، ومحلها النصب على الحال من مظلم، وقوله:"لكم" خبر كان.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فأقسم أن لو" حيث وقعت أن زائدة بين القسم وكلمة لو كما ذكرنا
(4)
.
* * *
(1)
أوضح المسالك (4/ 150).
(2)
البيت من بحر الطَّويل، وهو في الشر وتهديد الآخرين بالحرب، وقد نسب للمسيب بن علس، ينظر الكتاب (3/ 107)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 185)، وابن يعيش (9/ 54)، والمغني (1/ 33)، والخزانة (4/ 145)، وشرح شواهد المغني (109)، والتصريح (2/ 233).
(3)
انظر الإنصاف (447) تحقيق: محمَّد محيي الدين عبد الحميد (المسألة 62). وهي: هل يجوز العطف على الضمير المرفوع من غير توكيد (الكوفيون إلى الجواز، والبصريون في الضرورة فقط).
(4)
انظر مواضع زيادة "أن" في شرح الأشموني (3/ 286).
شواهد عوامل الجزم
الشاهد الثالث بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
محمدُ تَفْدِ نفسَك كُلُّ نفسٍ
…
إذا ما خِفْتَ من شَيءٍ تَبَالًا
أقول: قائله مجهول
(3)
؛ كذا قاله أبو العباس
(4)
، ولكن هو من أبيات الكتاب، أنشده سيبويه
(5)
، ولو لم يكن محتجًّا به لما أنشده، وكونه مجهولًا عند أبي العباس لا يمنع أن يكون معلومًا عند غيره، ويجيء الآن مزيد الكلام فيه إن شاء الله تعالى، وهو من الوافر.
قوله: "تبالًا" بفتح الفوقية
(6)
، وتخفيف الباء الموحدة، وهو الفساد؛ كذا قاله بعض شراح كتاب الزمخشري، وقال الجوهري: التبل: الترة، والذحل بالذال المعجمة والحاء المهملة، ثم فسر الذحل بالحقد والعداوة
(7)
.
الإعراب:
قوله: "محمَّد": منادى مبني على الضم حذف منه حرف النداء، والتقدير: يَا محمَّد، قوله:"تفد": أمر حذف منه اللام، وأصله: لتفد، و"نفسك": كلام إضافي مفعول، والفاعل هو قوله:"كل نفس"، و"إذا": ظرف بمعنى حين، وكلمة "ما" زائدة، و"خفت": جملة
(1)
ابن الناظم (270)، وتوضيح المقاصد (4/ 231).
(2)
البيت من بحر الوافر، وهو في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نسب لعمه أبي طالب في بعض مراجعه وليس في ديوانه، كما نسب لحسان بن ثابت وليس في ديوانه، كما نسب للأعشى، وقد ورد في عدة مراجع منها الكتاب (3/ 8)، والمقتضب (2/ 132)، والمقرب (1/ 272)، وأسرار العربية (319)، وسر الصناعة (391)، وابن يعيش (7/ 35)، وشرح شواهد المغني (597)، وشذور الذهب (275)، والخزانة (9/ 11)، والدرر (5/ 61).
(3)
البيت لأبي طالب في شرح شواهد سيبويه.
(4)
المقتضب (2/ 132).
(5)
الكتاب (3/ 8).
(6)
في (أ): التاء المثناة من فوق.
(7)
الصحاح: مادة (ذحل).
من الفعل والفاعل، و"من شيء" يتعلق به، و"تبالًا": مفعول خفت.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "تفد" حيث حذف منه لام الأمر؛ إذ أصله: لتفد كما ذكرنا، وبعد الحذف لم يذهب عمله، وحذف لام الأمر وإبقاء عملها لا يجوز في الشعر، سواء تقدمه أمر بالقول أو قول غير أمر، أم لم يتقدمه قول، وهذا هو الصحيح
(1)
، وقال النحاس: قال سيبويه: فإنما أراد: لتفد، سمعت سليمان بن عليّ يقول: سمعت محمَّد بن يزيد ينشد هذا البيت ويلحِّن قائله ولا يحتج به، ولا يُجَوِّزُ مثله في شعر ولا في غيره؛ لأن الجازم لا يضمر، ولو جاز هذا لجاز: يقم زيد، بمعنى: لم يقم زيد.
وحروف الجزم لا تضمر لأنها أضعف من حروف الجر، وحروف
(2)
الجر لا تضمر، فبعد أن حكى أبو سليمان هذه الحكاية وجدت هذا البيت في كتاب سيبويه يقول فيه: وحدثني أبو الخَطَّاب أنَّه سمع هذا البيت ممن قاله، قال أبو إسحاق احتجاجًا لسيبويه بهذا البيت: هذا حذف [أي: لتفد، قال:]
(3)
وإنما سماه إضمارًا لأنه بمنزلته
(4)
.
(1)
يقول ابن مالك: "وتلزم لام الأمر في النثر فعل غير الفاعل المخاطب وهو فعل الفاعل الغائب أو المتكلم وحده أو مشاركًا وفعل ما لم يسم فاعله مطلقًا كقولك: ليقم زيد، وقوله صلى الله عليه وسلم: "قوموا فلأصل لكم" وقوله تعالى: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: 12] وقولهم: لتُعْنَ بحاجتي وليزه زيد علينا، فاللام في كل هذه واجبة الذكر" شرح التسهيل لابن مالك (4/ 59).
(2)
في (أ): وحرف الجر لا يضمر، وقصة هذه اللام أن سيبويه يجيز حذفها في الشعر وبقاء عملها، وأما المبرد فلا يجيزه، يقول المبرد: "وتقول: يَا زيد ليقم إليك عمرو، ويا زيد لتدع بني عمرو. والنحويون يجيزون إضمار هذه اللام للشاعر إذا اضطر ويستشهدون على ذلك بقول متمم بن نُوَيْرَة:
على مِثْلِ أصْحَاب البَعُوضَةِ فاخمشِي
…
لك الويل- حرَّ الوجْهِ أو يبكِ من بَكَى
يريد: أو ليبك من بكى، وقول الآخر:(البيت)، فلا أرى ذلك على ما قالوا؛ لأن عوامل الأفعال لا تضمر وأضعفها الجازمة؛ لأن الجزم في الأفعال نظير الخفض من الأسماء، ولكن بيت متمم حمل على المعنى؛ لأنه إذا قال: فاخمشي فهو في موضع: فلتخمشي، فعطف الثاني على المعنى، وأما هذا البيت الأخير فليس بمعروف على أنَّه في كتاب سيبويه على ما ذكرتُ لك. وتقول: ليقم زيد ويقعدْ خالد وينطلقْ عبد الله لأنك عطفت على اللام، ولو قلت: يقم ويقعد زيد، لم يجز الجزم في الكلام ولكن لو اضطر شاعر فحمله على موضع الأول لأنه مما كان حقه اللام كان على ما وصفت لك: المقتضب (2/ 132، 133).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(4)
ينظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج (1/ 100، 101)، (3/ 162، 163)، وإعراب القرآن المنسوب له (1/ 139)، والحروف العاملة في القرآن الكريم (631) وما بعدها، وإعراب ثلاثين سورة لابن خالويه (77، 89، 90، 124)، وأما نص سيبويه الذي يجيز فيه حذف هذه اللام وبقاء عملها في الشعر فهو قوله: يقول سيبويه: "واعلم أن هذه اللام قد يجوز حذفها في الشعر وتعمل مضمرة كأنهم شبهوها بأن إذا أعملوها مضمرة وقال الشَّاعر: (البيت)، وإنما أراد: لتَفْدِ، وقال=
وقال أبو حيان
(1)
: وإنما جاز حذف لام الأمر في الشعر وإبقاء عملها حملًا على حذف بعض حروف الجر كواو القسم ورُبَّ، وقد اضطرب [رأي]
(2)
ابن عصفور في حذف هذه اللام؛ فمرة قال: يجوز حذفها وإبقاء عملها بخلاف "لا" في النهي، ومرة قال: لا يجوز في الكلام وإنما يجوز ذلك في الشعر، قال: وهو مع ذلك قليل بحيث لا يقاس عليه
(3)
، وقد اعتل بعضهم لجواز حذف لام الأمر وامتناع حذف [لا في النهي]
(4)
بأن النهي نفي في المعنى، والنفي لا يكون إلَّا بحرف، والأمر إيجاب في المعنى، والإيجاب يكون بحرف وبغير حرف فافهم.
الشاهد الرابع بعد المائة والألف
(5)
،
(6)
فلا تستطِلْ مِنِّي بَقَائي ومُدَّتِي
…
ولكن يكن للخَيرِ مِنكَ نَصِيبُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطَّويل كخاطب به الشَّاعر ابنه لا تمني موته.
الإعراب:
قوله: "فلا تستطل" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، و"لا تستطل": جملة من الفعل
= متمم بن نويرة:
على مثل أصحاب البعوضة فاخمُشِي
…
لَك الْوَيْلُ حُرَّ الوَجْهِ أو يبكِ مَنْ بَكى
أراد: ليبك، وقال أحيحة بن الجُلاح:
فَمَنْ نَال الغِنَى فَلْيَصْطَنِعْهُ
…
صَنِيعَتَهُ ويَجْهَدْ كُلَّ جَهْدِ
واعلم أن حروف الجزم لا تجزم إلَّا الأفعال، ولا يكون الجزم إلَّا في هذه الأفعال المضارعة للأسماء؛ كما أن الجر لا يكون إلَّا في الأسماء، والجزم في الأفعال نظير الجر في الأسماء فليس للاسم في الجزم نصيب وليس للفعل في الجر نصيب، فمن ثم لم يضمروا الجازم كما لم يضمروا الجار وقد أضمره الشَّاعر، شبهه بإضمارهم: رب وواو القسم في كلام بعضهم". الكتاب (3/ 8، 9)، وينظر اللامات (96)، والارتشاف (2/ 542).
(1)
هذا القول لأبي حيان في التذييل والتكميل مخطوط (جـ 5) باب عوامل الجزم.
(2)
ما بين المعقوفين زيادة للإيضاح.
(3)
قال ابن عصفور: "واعلم أنَّه لا يجوز حذف الجازم وإبقاء عمله إلَّا في لام الأمر خاصة، وذلك ضرورة كقوله: (البيت) يريد: لتفد". شرح الجمل لابن عصفور (2/ 189)، وينظر (/ 2/ 149)، والمقرب (1/ 271، 272)، ولم يشر إلى الرأي الأول الذي ذكره أبو حيان منسوبًا إليه. والضرائر (149، 150).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(5)
ابن الناظم (271)، وتوضيح المقاصد (4/ 233).
(6)
البيت من بحر الطَّويل، لقائل مجهول، قاله أب يعاتب ابنه العاق، وهو في معاني القرآن للفراء (1/ 159)، وشرح أبيات مغني اللبيب (4/ 333)، ومجالس ثعلب (456)، وسر الصناعة (390)، والمغني (224)، وتخليص الشواهد (112)، والجنى الداني (114)، ورصف المباني (328)، وشرح شواهد المغني (597)، وشرح التسهيل لابن مالك (4/ 56)، وشرح الأشموني (3/ 5).
والفاعل، و"مني" يتعلق بها، وقوله:"بقائي": كلام إضافي مفعول تستطل، و"مدتي": عطف عليه، وقيل: إن بقائي بيان لقوله: "مني" أو بدل منه، قوله:"ولكن" للاستدراك.
قوله: "يكن" أصله: ليكن على ما يجئ، قوله:"نصيب" اسم يكن، و"للخير": خبره، قوله:"منك" في موضع نصب على الحال من نصيب، والتقدير: حال كون النصيب منك، ويجوز أن يكون في محل الرفع على أنَّه صفة لنصيب، والتقدير: ليكن نصيب كائن منك لأجل الخير.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يكن" حيث حذف لام الأمر وأبقى عمله؛ لأن الأصل: ليكن كما ذكرنا، وإنما كان الحذف ها هنا للضرورة
(1)
.
الشاهد الخامس بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
إذا ما خرجنَا مِن دِمَشْقَ فَلَا نَعُدْ
…
لَهَا أَبَدًا مما دامَ فِيهَا الجُرَاضِمُ
أقول: قائله الفرزدق؛ كذا قاله ابن هشام في مغنيه
(4)
، وفسر الجراضم بقوله:"أي: عظيم البطن"، وقال أبو عبد الله بن المفجع
(5)
في كتابه المسمى بالمنقذ: قاله الوليد بن عقبة
(6)
يعرض بمعاوية رضي الله عنه: إذا ما خرجنا، وبعده بيت آخر وهو:
2 -
بَصِيرٌ بما في الطَّبلِ بالبقْلِ عالمٌ
…
جروزٌ لِمَا التَفَّتْ عَلَيهِ اللهَازِمُ
قال ذلك حين وقد على معاوية في دمشق في أيام خلافته، وأراد بالجراضم معاوية؛ لأنه كان كثير الأكل جدًّا، ومع هذا ما كان يشبع؛ وذلك لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أرسل إليه أنس بن مالك يدعوه، وكان يأكل فتمادى حتَّى أرسله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثاني مرة فتمادى فيه، فسأله عن ذلك فقال:
(1)
ينظر الشاهد رقم (1102).
(2)
ليس في ابن الناظم، وهو في أوضح المسالك (4/ 181).
(3)
البيت من بحر الطَّويل، وقد اختلف في قائله، فقيل للفرزدق، وليس في ديوانه على طبعاته المختلفة، وقيل هو للوليد بن عقبة يهجو عنه معاوية، وانظره في المغني (247)، والأزهية (150)، والتصريح (2/ 246)، وشرح شواهد المغني (633)، وشرح الأشموني (4/ 3).
(4)
انظر المغني لابن هشام (247)، تحقيق: محمَّد محيي الدين عبد الحميد.
(5)
هو محمَّد بن أَحْمد بن عبد الله البَصْرِيّ شاعر عالم بالأدب من غلاة الشيعة من أهل البصرة كانت بينه وبين ابن دريد مهاجاة له كتب فيها الترجمان في الشعر ومعانيه والمنقذ على نسق الملاحن لابن دريد، (ت 320 هـ). الأعلام (5/ 308).
(6)
هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط الأُموي القُرشيّ (ت 61 هـ)، ينظر الأعلام (8/ 122).
هو في الأكل، فقال عليه السلام:"لا أشبع الله بطنه"
(1)
فمن ذلك اليوم ما تلذذ معاوية بالأكل، وكان يأكل ما تأكله العشرة والعشرون من القوم ولا يشبع، و"الجراضم" بضم الجيم؛ الأكول الواسع البطن، وكذلك الجرضم.
2 -
قوله: "بما في الطبل" هي السلة التي يجعل فيها الطعام، قوله:"جروز" بالجيم المفتوحة وبالزاي المعجمة في آخره، ومعناه: آكل لما بين يديه، و"اللهازم": جمع لهزمة وهي الأشداق.
الإعراب:
قوله: "إذا" للشرط، وكلمة:"ما" زائدة، و"خرجنا": جملة من الفعل والفاعل وقعت فعل الشرط، و"من دمشق": يتعلق بخرجنا، و"دمشق" لا ينصرف للعلمية والتأنيث.
قوله: "فلا نعد": جواب الشرط، قوله:"لها" أي؛ لدمشق، يقال: عاد إليه إذا رجع وعاد له بعد ما كان أعرض عنه، قوله:"أبدًا" نصب على الظرف، قوله:"ما دام" كلمة ما مصدرية زمانية، ودام فعل، و"الجراضم": فاعله، والتقدير: مدة دوام الجراضم فيها؛ أي: في دمشق.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فلا نعد" فإن لا ناهية، وجزم بها قوله:"نعد" وهو للمتكلم مع غيره، وهو قليل؛ لأن المتكلم لا ينهي نفسه إلَّا على سبيل المجاز وتنزيلها منزلة الأجنبي
(2)
.
الشاهد السادس بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
.........................
…
ولكنْ متى يَسْتَرْفِدِ القومُ أَرْفدِ
أقول: قائله هو طرفة بن العبد البكري، وصدره
(5)
:
ولستُ بحلَّالِ التِّلاعِ مخافةً
…
...........................
(1)
ينظر موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف (7/ 16)، إعداد محمَّد السعيد زغلول، ط. دار الكتب العلمية، وصحيح مسلم (16/ 155، 156) وهو جزء من حديث طويل مروي باللفظ عن ابن المثني، وقد حدث به -أيضًا- ابن بشار عن ابن عباس، وكذا -أيضًا- حدث به إسحاق بن منصور عن النضر بن شميل عن أبي حمزة سماعًا عن ابن عباس.
(2)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (4/ 63).
(3)
ابن الناظم (272).
(4)
عجز بيت من بحر الطَّويل، ذكر الشارح صدره، وهو لطرفة بن العبد من معلقته المشهورة التي وصف فيها حياته، ولهوه وجده، ديوانه (24)، والشاهد (ص 29) ط. دار صادر، وانظر الشاهد في الكتاب (3/ 78)، والمغني (606)، وشرح شذور الذهب (435)، والخزانة (9/ 66، 67، 471).
(5)
الديوان (24).
وهو من قصيدته المشهورة التي أولها:
1 -
لِخَوْلَةَ أَطْلَالٌ ببَرْقَةِ ثَهْمَدِ
…
ظَلِلتُ بهَا أَبْكِي وَأَبْكِي إلَى الغَدِ
إلى أن قال:
3 -
فَذَالتْ كَمَا ذَالتْ وليدة مجلسٍ
…
تُرَى ربّها أذْيَال سَحْلٍ مُمَدَّدِ
4 -
ولَستَ بحَلَّالِ ..............
…
......................... إلخ
وقد ذكرنا منها طرفًا جيدًا في شواهد اسم الإشارة
(1)
، وفي شواهد إعراب الفعل عن قريب
(2)
.
4 -
قوله: "بحلال" فعَّال بالتشديد من حلّ يحُلّ بالضم إذا نزل، وأنشده أبو حيان في شرحه للتسهيل:
ولسْتَ بِمحْلَالِ التِّلَاعِ ...........
…
.....................
بكسر الميم؛ من قولهم: مكان محلال إذا كان يحل به النَّاس كثيرًا
(3)
، وضبطه بعضهم: بجلال التلاع، بالجيم ثم فسره بقوله: لست ممن يستتر في التلاع مخافة الضيف، و"التلاع" بكسر التاء المثناة من فوق وتخفيف اللام، وهو جمع تلعة، قال أبو عبيدة: التلعة: ما ارتفع من الأرض وما انهبط منها -أَيضًا، وهو عنده من الأضداد، قال أبو عمرو
(4)
: التلاع: مجاري أعلى الأرض إلى بطون الأودية، قوله:"متى يسترفد" أي: متى يطلب الرفد وهو العطية، وقيل: المعونة.
قوله: "فذالت" أي: ماست في مشيها وتبخترت، وأصله من جر الذيل اختيالًا، والسحل بالحاء المهملة ثوب أبيض.
الإعراب:
قوله: "ولست" الواو للعطف، والتاء اسم ليس، وخبره قوله:"بحلال التلاع"، والباء فيه زائدة، قوله:"مخافة": نصب على التعليل، أي: لأجل مخافة الضيف، أو مخافة الإعطاء، و"مخافة": مصدر ميمي بمعنى الخوف، قوله:"ولكن" استدراك، وقوله:"متى" شرطية، وقوله:"يسترفد القوم": جملة من الفعل والفاعل؛ فعل الشرط، وقوله:"أرفد": جواب الشرط.
(1)
ينظر الشاهد رقم (93).
(2)
ينظر الشاهد رقم (1085).
(3)
انظر التذييل والتكميل الجزء الخامس مخطوط باب الجوازم.
(4)
الصحاح مادة: "تلع".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "متى" حيث جزم الفعلين وهما قوله: "يسترفد" وقوله: "أرفد" لأنها ها هنا جازمة، وهي ظرف زمان لتعميم الأزمنة، ولا تفارق الظرفية، وقد تكون شرطية كما في البيت المذكور، واستفهامية نحو قول الشَّاعر
(1)
:
مَتَى كَانَ الخِيَامُ بذِي طُلُوحٍ
…
..........................
وإذا كانت استفهامًا وقعت خبرًا نحو: متى القتال؟ ووليها الماضي نحو: متى كان الخيام؟ والمستقبل نحو: متى يقوم؟ ولا يجيء بعدها ما، وإذا كانت شرطًا جاز أن يجيء بعدها نحو: متى ما تقم أقم.
وقال الكوفيون: وتجيء متى بمعنى: وسط -أَيضًا-، وزعموا أن ذلك لغة هذيل، يقولون: جعلته في متى كيس، أي: في وسطه، وزعموا -أَيضًا- أنها تكون حرف جر بمعنى: من؛ كما في قوله
(2)
:
شَرِبْنَ بِمَاءِ البَحْرِ ثُمَّ تَرَفَّعَتْ
…
متى لُجَجٍ خُضْرٍ لهن نَئِيجُ
(3)
الشاهد السابع بعد المائة والألف
(4)
،
(5)
أيَّانَ نُؤْمِتكَ تَأمَنْ غَيرَنَا وإذا
…
لم تدركْ الأَمْنَ منَّا لم تَزَلْ حَذِرَا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.
و"الحذر" بفتح الحاء وكسر الذال المعجمة؛ صفة مشبهة من الحذر بفتحتين.
(1)
البيت من الوافر من قصيدة طويلة بعنوان: "لا يصاهرهم كريم" وتمامه:
.....................
…
سقيت الغيث أيتها الخيامُ
والبيت في الكتاب (4/ 206)، وشرح أبيات المغني (6/ 141)، ودوران جرير (416) ط. دار صادر، وشرح التسهيل لابن مالك (4/ 71).
الاستشهاد في البيت: استشهد بالبيت على دخول متى على الزمان الماضي للاستفهام.
(2)
ينظر الشاهد رقم (552).
(3)
البيت من بحر الطَّويل، من قصيدة لأبي ذؤيب، وانظرها في ديوان الهذليين (50)، ط. دار الكتب المصرية، والمغني (105) تحقيق: محمَّد محيي الدين عبد الحميد.
(4)
ابن الناظم (272)، وشرح ابن عقيل (4/ 28).
(5)
البيت من بحر البسيط، وهو لقائل مجهول، في الفخر بالقوة وحماية النَّاس، وانظره في شرح التسهيل لابن مالك (4/ 71)، وشرح شذور الذهب (436)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 361)، والأشموني (4/ 10).
الإعراب:
قوله: "أيان" يستفهم به عن زمان مستقبل؛ كقوله تعالى: {أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل: 65] ولكنها ها هنا جازمة فلذلك جزمت نؤمنك، و"نؤمنك": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، قوله:"تأمن" أَيضًا مجزوم؛ لأنه جواب، وهي -أَيضًا- جملة من الفعل والفاعل.
وقوله: "غيرنا": كلام إضافي مفعول تأمن، قوله:"وإذا": ظرف يتضمن معنى الشرط، و"لم تدرك": جملة من الفعل والفاعل؛ فعل الشرط، و"الأمن" بالنصب مفعول لم تدرك، وقوله:"منا": جار ومجرور في محل النصب على الحال من الأمن، قوله:"لم تزل حذرا": جواب الشرط، والضمير المستتر في: لم تزل اسمه، و"حذرا": خبره.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أيان" حيث جاءت جازمة ها هنا فجزمت قوله: "نؤمنك"، قال أبو حيان: وزعم بعض شيوخنا أن الجزم بأيان غير محفوظ، قال: لكن القياس يقتضي جواز ذلك؛ لأن معنى أيان ومتى واحد
(1)
، وما زعمه ليس بصحيح بدليل هذا البيت. فافهم
(2)
.
الشاهد الثامن بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
صَعْدَةٌ نَابتَةٌ في حَايِرٍ
…
أينَمَا الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ
أقول: قائله هو الحسام بن ضرار الكلبي
(5)
كذا قاله الجوهري
(6)
، ويقال: قائله هو كعب بن جعيل
(7)
يصف امرأة، شبه قدها بالقناة، وقبله:
1 -
فإذا قَامَتْ إلَى جَارَاتِهَا
…
لَاحَتِ السَّاقُ بخَلخَالٍ زَجِلْ
قوله: "صعدة" بفتح الصاد وسكون العين وفتح الدال المهملات، وهي قناة مستوية لا تنبت
(1)
انظر التذييل والتكميل (5) باب عوامل الجوم (مخطوط).
(2)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (4/ 71).
(3)
ابن الناظم (272)، وشرح ابن عقيل (4/ 29).
(4)
البيت من بحر الرمل نسب إلى شاعرين كما في الشرح، وانظره في الكتاب (3/ 113)، والمقتضب (2/ 75)، والخزانة (3/ 47)، والدرر (5/ 79)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 196)، والإنصاف (618).
(5)
كان أميرًا على الأندلس من قبل هشام بن عبد الملك، وكان شجاعًا فصيحًا شاعرًا مات مقتولًا (130 هـ) لتعصبه لليمانية. الأعلام (2/ 175).
(6)
البيت في الصحاح للجوهري مادة: "صعد" لكنه لم ينسبه كما قال العيني، وليس في مادة:"حوى أو حيي".
(7)
شاعر تغلب مخضرم عرف في الجاهلية والإِسلام وشهد صفين مع معاوية وكان يمدحه ويمدح أهل الشَّام، (ت 55 هـ). الأعلام (5/ 225).
إلَّا كذلك فلا تحتاج إلى تثقيف، قوله:"في حاير" بالحاء المهملة وبعد الألف ياء آخر الحروف ساكنة وفي آخره راء، وهو مجتمع الماء، ويجمع على حيران وحوران.
الإعراب:
قوله: "صعدة": خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هي صعدة، شبهها بالصعدة وهي القناة المستوية كما ذكرنا، ثم حذف أداة التشبيه للمبالغة؛ كما تقول: زيد أسد للمبالغة، قوله:"نابتة" بالرفع صفة لصعدة، و"في حاير" يتعلق بنابتة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أينما الريح تميلها تمل" حيث جزم بأينما؛ فإن أين -أَيضًا- من أدوات الشرط، وقد جزم بها الفعلان جميعًا في قوله:"تميلها تمل"
(1)
، وفيه استشهاد آخر وهو تقدم الاسم على فعل الشرط وهو قوله:"الريح" على قوله: "تميلها"، وذلك للضرورة، والحاصل أن إِنْ التي للشرط يتقدم الاسم معها في الكلام، وأما غيرها من الأدوات فلا يتقدم الاسم إلَّا اضطرارًا
(2)
.
الشاهد التاسع بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
وإنكَ إذْ ما تأتِ ما أَنْتَ آمرٌ
…
بهِ تُلْفِ مَن إِيَّاهُ تَأْمُرُ آتيًا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطَّويل.
قوله: "تأت" من الإتيان، وكذلك قوله:"آتيًا"، ووقع في بعض النسخ: آبيًا من الإباء وهو الامتناع، وهذا غير صحيح لأنه ينعكس المعنى، فإذا قرئ آبيًا من الإباء ينبغي أن يقرأ قوله: إذ ما تأت: إذا ما تأب، بالباء الموحدة من الغباء ليستقيم المعنى؛ لأنك إذا أبيت أمرًا، يعني: امتنعت منه ثم أمرت غيرك به فإنَّه لا يمتثل، بل يأباه كما أبيته، فالحاصل أنَّه يجب أن يكون في الموضعين مادة الإتيان أو مادة الإباء، وقد أنشد هذا أبو حيان في شرحه على هذا الوجه
(5)
:
(1)
قال المرادي في قول ابن مالك: "وقل ما يجازى بها" يعني أيان، ولقلته لم يحفظه سيبويه .... وقال آخر:(البيت) وبهذين البيتين يرد على من قال لم يسمع". شرح التسهيل للمرادي (3/ 361)، وشرح الرضي (2/ 116).
(2)
قال ابن مالك: "ولا يتقدم الاسم الفعل على الإضمار المذكور مع غير إنْ من أدوات الشرط إلَّا في الضرورة
…
وقوله (البيت) ". ينظر شرح التسهيل لابن مالك (4/ 74، 75).
(3)
ابن الناظم (272)، وشرح ابن عقيل (4/ 29).
(4)
البيت من بحر الطَّويل، لقائل مجهول يدعو من يأمر بالمعروف أن يكون متصفًا وآتيًا به أولًا، وهو من قوله تعالى:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44] ، وانظر البيت في شرح عمدة الحافظ (365)، وشرح الكافية الشافية (639)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 363)، وشرح قطر الندى (89)، والأشموني (4/ 11).
(5)
التذييل والتكميل: الجزء الخامس، باب عوامل الجزم، مخطوط.
وإنَّكَ إِذْ مَا تَأبَ مَا أنْتَ آمِرٌ
…
بِهِ لَا تَجِدْ مَنْ أَنْتَ تَأمُرُ فَاعِلًا
قوله: "تلف": من ألفى إذا وجد.
الإعراب:
قوله: "وإنك" الواو للعطف إن تقدمه شيء، والكاف اسم إن، والجملة بعدها خبرها، قوله:"إذ ما" للشرط، وقوله:"تأت": جملة من الفعل والفاعل؛ فعل الشرط، قوله:"ما أَنْتَ آمر به" في محل النصب على أنَّه مفعول تأت، و"ما" موصولة، و"أَنْتَ": مبتدأ، و"آمر به": خبره، والجملة صلة الموصول، وقوله:"تلف": مجزوم لأنه جواب الشرط، قوله:"من أياه": مفعول تلف، وقوله:"أياه": مفعول تأمر، والجملة صلة الموصول؛ أعني: من، وقوله:"آتيًا": حال من: "مَنْ".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "إذ ما" حيث جزم الفعلين وهما قوله: "تأت"، وقوله:"تلف" لأنها للشرط كما ذكرنا
(1)
.
الشاهد العاشر بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
حيثُما تستقمْ يقدِّرْ لكَ الله
…
نجاحًا في غابرِ الأزْمانِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الخفيف.
قوله: "نجاحًا" أي: فوزًا ونجاة، قوله:"في غابر الأزمان" أي: في باقي الأزمان؛ من غير إذا بقي وغبر إذا مضى -أَيضًا-، وهو من الأضداد، ومادته: غين معجمة وباء موحدة وراء.
الإعراب:
قوله: "حيثما" للشرط، و"تستقم": جملة من الفعل والفاعل؛ مجزوم لأنه فعل الشرط، قوله:"يقدر" -أَيضًا- مجزوم لأنه جواب الشرط وهو فعل، وفاعله هو قوله:"الله"،
(1)
ينظر الكتاب (3/ 57، 58)، وأسلوب "إذ" في ضوء الدراسات القرآنية والنحوية (81) عبد العال سالم مكرم مؤسسة الرسالة، وشرح الرضي (2/ 253).
(2)
ابن الناظم (272)، وشرح ابن عقيل (4/ 30).
(3)
البيت من بحر الخفيف لقائل مجهول يدعو فيه إلى الاستقامة والسير في طريق الرشاد ففي ذلك النجاح والفلاح، وانظره في شرح عمدة الحافظ (365)، والمغني (133)، وتذكرة النحاة (736)، والخزانة (7/ 20)، وشرح شواهد المغني (391).
وقوله: "نجاحًا" مفعوله، قوله:"في غابر الأزمان" يتعلق بقوله: "نجاحًا".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "حيثما" حيث جزم الفعلين وهما قوله: "تستقم"، وقوله:"يقدر" لأنها للشرط كما ذكرنا
(1)
.
الشاهد الحادي عشر بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
خَلِيلَيَّ أنَّى تَأْتِيَانِي تأْتِيَا
…
أَخًا غَيرَ ما يُرْضِيكمَا لا يُحَاولُ
أقول: هو من الطَّويل.
قوله: "لا يحاول": من حاولت الشيء إذا أردته، والمعنى: لا يريد شيئًا غير ما يرضيكما.
الإعراب:
قوله: "خليلي": منادى مضاف قد حذف منه حرف النداء، تقديره: يَا خليلي، وأصله: يَا خليلان لي؛ فلما أضيف خليلان إلى ياء المتكلم سقطت النُّون ثم انقلبت الألف ياء علامة للنصب، وأدغمت الياء في الياء فصار خليلي.
قوله: "أنَّى" شرطية، وقوله:"تأتياني": مجزوم لأنه فعل الشرط، وقوله:"تأتيا" أَيضًا مجزوم لأنه جواب الشرط، وهي جملة من الفعل والفاعل، قوله:"أخًا" مفعول تأتيا، قوله:"غير" منصوب بقوله: "لا يحاول"، ومضاف إلى قوله:"ما يرضيكما"، والجملة في محل النصب لأنها صفة لقوله:"أخًا"، وكلمة "ما" موصولة، و"يرضيكما": جملة من الفعل والفاعل والمفعول صلتها، والعائد محذوف تقديره: يرضيكما به، ويجوز أن تكون مصدرية، والتقدير: غير رضاكما، يعني: لا يحاول شيئًا غير رضاكما؛ أي: غير مرضي لكما فافهم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أنَّى" حيث جزم الفعلين وهما قوله: "تأتياني"، وقوله:"تأتيا"، وذلك لأنه للشرط ها هنا، وتكون أنى -أَيضًا- استفهامية بمعنى: متى، وتكون -أَيضًا- بمعنى: أين،
(1)
ينظر شرح التسهيل للمرادي (3/ 363)، وشرح التصريح بمضون التوضيح (2/ 39).
(2)
ابن الناظم (272)، وشرح ابن عقيل (4/ 31).
(3)
البيت من بحر الطَّويل، لم ينسب لقائله، وهو إقرار بحسن الصحبة، وانظره في شرح شذور الذهب (437)، وشرح الأشموني (4/ 11).
وتكون -أَيضًا- بمعنى: كيف؛ ذكره الأعلم في المخترع، وقال في قوله تعالى:{أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ} [البقرة: 259] إن معناه: كيف يحيي؟ وقيل ذلك -أَيضًا- في قوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]
(1)
، وقال الضحاك
(2)
: معناه: متى شئتم
(3)
.
الشاهد الثاني عشر بعد المائة والألف
(4)
،
(5)
مَنْ يَكَدْني بسيئٍ كنتَ منهُ
…
كالشَّجا بَينَ حَلْقِهِ وَالْوَريدِ
أقول: قائله هو أبو زيد؛ كذا قاله أبو زيد
(6)
، وهو من الخفيف.
قوله: "من يكدني": من كاده يكيده كيدًا ومكيدةً، والكيد: المكر، وربما سمي الحرب كيدًا، قوله:"بسيئٍ": من السوء، وأصله: من ساءه يسوءه سوءًا بالفتح نقيض سرّه، قوله:"كنت" بفتح التاء؛ لأنه يمدح بذلك شخصًا، قوله:"كالشجا" بفتح الشين المعجمة، وهو ما نشب
(7)
في الحلق من عظم أو غيره، قوله:"والوريد" بفتح الواو وكسر الراء، وهو عِرْق غليظ في العنق، قال الجوهري: حبل الوريد: عرق تزعم العرب أنَّه من الوتين، وهما وريدان مكتنفان صفحتي العنق مما يلي مقدمه غليظان
(8)
.
الإعراب:
قوله: "من" شرطية، و"يكدني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول؛ فعل الشرط، قوله:"بسيئ" يتعلق بيكدني، قوله:"كنت منه": جواب الشرط، والتاء اسم كان، وقوله:"كالشجا": خبره، والكاف للتشبيه، و"بين" نصب على الظرف مضاف إلى حلقه، و"الوريد": عطف على حلقه، أي: بين حلقه وبين الوريد.
(1)
قال الآلوسي: "و {أَنَّى} نصب على الظرفية إن كانت بمعنى متى، وعلى الحالية من هذه إن كانت بمعنى كيف، والعامل فيه على أي حال {يُحْيِي} ". روح المعاني (2/ 334).
(2)
محمَّد بن محمَّد بن الضحاك أبو الحسن المقرئ البغدادي، لم تذكر وفاته. طبقات القراء (2/ 240).
(3)
ينظر القرطبي (901)، ط. دار الشعب، والكتاب (3/ 56)، (4/ 235).
(4)
ابن الناظم (273)، وشرح ابن عقيل (4/ 33).
(5)
البيت من بحر الخفيف من قصيدة لأبي زبيد الطَّائيّ، طويلة يرثي بها الجلاح بن أخته وقد مات عطشًا في طريق مكة، وكان من أحب النَّاس إليه، وقد سبق الاستشهاد من هذه القصيدة في باب المنادى، وانظر القصيدة في ديوان أبي زبيد (42)، والشاهد (52) تحقيق: د. نوري القيسي، وانظره في المقتضب (2/ 59)، ونوادر أبي زيد (68)، والمقرب (1/ 275)، وخزانة الأدب (9/ 76)، ورصف المباني (105).
(6)
انظر النوادر في اللغة لأبي زيد الأَنْصَارِيّ (68).
(7)
في (أ): ينشب.
(8)
الصحاح مادة: "ورد".
الاستشهاد فيه:
على كون فعل الشرط مضارعًا وهو قوله: "يكدني" وجواب الشرط ماضيًا وهو قوله: "كنت منه"، والنحويون يستضعفون ذلك حتَّى يراه بعضهم مخصوصًا بالضرورة
(1)
، قال ابن مالك: والصحيح الحكم بجوازه لثبوته في كلام أفصح الفصحاء، قال صلى الله عليه وسلم
(2)
: "من يقم ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"
(3)
.
الشاهد الثالث عشر بعد المائة والألف
(4)
،
(5)
إنْ تَصْرِمُونَا وَصَلْنَاكُم وإنْ تَصِلُوا
…
ملأْتم أنفسَ الأعداءِ إِرْهَابَا
أقول: أنشده ابن جني وغيره ولم ينسبه أحد إلى قائله، وهو من البسيط.
قوله: "إن تصرمونا": من الصرم وهو القطع، و"الأعداء": جمع عدو، و"الإرهاب" بكسر الهمزة؛ مصدر أرهب، يقال: أرهبه واسترهبه إذا أخافه.
الإعراب:
قوله: "إن" للشرط، و"تصرمونا": فعل الشرط فلذلك جزم، وقوله:"وصلنا": جواب الشرط، وكذا قوله:"وإن تصلوا" فعل الشرط، وقوله:"ملأتم": جواب الشرط، قوله:"أنفس الأعداء": كلام إضافي مفعول لقوله: "ملأتم"، وقوله:"إرهابًا": مفعول ثان
(6)
.
والاستشهاد فيه:
في موضعين: الأول في قوله: "إن تصرمونا وصلناكم" حيث وقع فعل الشرط مضارعًا
(1)
المقتضب للمبرد (2/ 59)، وابن الناظم (697)، وشرح الأشموني وشواهده للعيني (4/ 16، 17)، والخزانة (3/ 654).
(2)
الحديث في البُخَارِيّ، كتاب الإيمان، ط. دار الشعب (1/ 15)، وفي مسلم: كتاب المسافرين (1/ 524)، وسنن النَّسائيّ (4/ 128)، وهو في شواهد التوضيح والتصحيح (14).
(3)
ينظر شواهد التصحيح والتوضيح لابن مالك (14)، وفيه استشهد بثمانية أبيات من الشعر العربي الفصيح وأساليب نثرية إضافة إلى القياس النَّحويّ، وفيه كلام مطول، وانظر أَيضًا شرح التسهيل للمرادي (3/ 389).
(4)
ابن الناظم (273).
(5)
البيت من بحر البسيط، لقائل مجهول، فيه خلق الإِسلام، وهو وصل من قطع، وانظره في شواهد التوضيح (16)، وشرح الكافية الشافية (641)، وشرح التسهيل للمرادي (3/ 389)، وشرح الأشموني (4/ 17)، والهمع (2/ 59)، ولم أعثر عليه في كتب ابن جني التي بين يدي.
(6)
الصحيح أنَّه تمييز.
والجواب ماضيًا، والثاني في قوله:"وإن تصلوا ملأتم" كذلك وقع الشرط مضارعًا والجواب ماضيًا
(1)
.
الشاهد الرابع عشر بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
وإنْ أَتَاهُ خَلِيلٌ يومَ مسْألةٍ
…
يقول لا غائبٌ مالي ولا حَرِمٌ
أقول: قائله هو زهير بن أبي سلمى، وهو من قصيدة من البسيط يمدح بها هرم بن سنان، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
قفْ بالدِّيَارِ التي لَم يَعْفُها القِدَمُ
…
بَلَى وغَيَّرَهَا الأَرْوَاحُ والدِّيَمُ
2 -
لا الدَّارُ غيَّرَها بُعْدُ الأنِيسِ ولا
…
بالدَّارِ لَوْ كَلَّمَتْ ذَا حَاجَةٍ صَمَمُ
إلى أن قال:
3 -
هُوَ الجَوَادُ الذِي يُعطِيكَ نَائِلَهُ
…
عَفْوًا ويُظْلَمُ أَحْيَانًا فَيظَّلِمُ
4 -
وإنْ أتَاهُ ................
…
..................... إلخ
قوله: "خليل" أي: فقير، قوله:"يوم مسألة" ويروى: يوم مسغبة، أي: مجاعة، قوله:"ولا حرم" بفتح الحاء وكسر الراء، أي: ولا ممنوع، قال أبو عبيدة: حرام إذا كان يمنع ولا يعطي منه، وعن أبي عمرو: حرِم وحرَم بكسر الراء وفتحها، ورواية الأصمعيّ: بالكسر، وقال أبو عمرو: حرِم من الحرام، أي: ليس بحرام.
الإعراب:
قوله: "وإن" الواو للعطف، وإن للشرط، وقوله:"أتاه": جملة من الفعل والمفعول وهو الضمير المنصوب الذي يرجع إلى هرم بن سنان، و"خليل": فاعله، والجملة فعل الشرط، قوله:"يقول": جواب الشرط، قوله:"لا غائب" لا بمعنى ليس، وغائب اسمها، وقوله:
(1)
ينظر الشاهد السابق (1111).
(2)
ابن الناظم (273)، وتوضيح المقاصد (4/ 246)، وأوضح المسالك (4/ 189)، وشرح ابن عقيل (4/ 35).
(3)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة طويلة لزهير بن أبي سلمى، يمدح فيها هرم بن سنان المري، وانظر الشاهد في الديوان (101)، تحقيق: قباوة، وهو في الكتاب (3/ 66)، والمقتضب (2/ 10)، والمحتسب (2/ 65)، والمغني (422)، والإنصاف (625)، والخزانة (9/ 48)، والدرر (5/ 82)، ورصف المباني (104)، والتصريح (2/ 249)، وشرح شواهد المغني (838).
(4)
انظر القصيدة في ديوان زهير بن أبي سلمى (96)، تحقيق: فخر الدين قباوة، ط. حلب (1970 م)، و (113 - 115)، ط. دار الكتب العلمية.
"مالي": خبرها، قوله:"ولا حرم": عطف على اسم ليس
(1)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يقول" فإنَّه مضارع وقع جزاء الشرط وهو مرفوع غير مجزوم، وقد علم أن الشرط إذا كان ماضيًا والجزاء مضارعًا يجوز فيه الرفع
(2)
.
الشاهد الخامس عشر بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
يا أقرعَ بنَ حابسٍ يَا أقرعُ
…
إنكَ إنْ يُصْرعْ أخوكَ تُصْرَعُ
أقول: قائله هو جرير بن عبد الله البَجَليّ
(5)
، وقال الصاغاني: قائله عمرو بن خَثَارِم البَجَليّ
(6)
، وهو من الرجز المسدس، وأصله هكذا
(7)
:
1 -
يَا أَقْرَعَ بنَ حابسٍ يَا أقْرَعُ
…
إِنِّي أَخُوكَ فَانْظُرَن مَا تَصْنَعُ
2 -
إنك إِنْ يُصْرَعْ أَخُوكَ تُصْرَعُ
…
إِنِّي أَنَا الدَّاعِي نِزَار فَاسَمَعُوا
3 -
في بَاذِخٍ مِنْ عِزِّ مُجِدٍّ يُفرَعُ
…
بِهِ يُضَرُّ قَادِرٌ وَيَنْفَعُ
4 -
وَأَدْفَعُ الضَّيْمَ غدًا وَأَمْنَعُ
…
عِزٌّ أَلدُّ شَامِخٌ لا يُقْمَعُ
(1)
الإعراب الذي أعربه في قوله: "لا غائب مالي ولا حرم" بعيد؛ "فلا" مهملة لتقدم الخبر، وعليه "فغائب" خبر مقدم و"مالي" مبتدأ مؤخر، و"حرم" معطوف على الخبر المقدم.
(2)
ينظر شرح التسهيل للمرادي (3/ 370)، وشرح الأشموني (4/ 17)، وقال فيه الأشموني:"ورفعه عند سيبويه على تقدير تقديمه وكون الجواب محذوفًا، وذهب الكوفيون والمبرد إلى أنَّه على تقدير الفاء، وذهب قوم إلى أنَّه ليس على التقديم والتأخير ولا على حذف الفاء بل لما لم يظهر لأداة الشرط تأثير في فعل الشرط لكونه ماضيًا ضعفت عن العمل في الجواب".
(3)
ابن الناظم (273)، وتوضيح المقاصد (4/ 247)، وشرح ابن عقيل (4/ 36).
(4)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وقد اختلف في قائلهما على ما ذكره الشارح، وهما من مقطوعة سردها الشارح أَيضًا وذكر مناسبتها، وانظر الشاهد في الكتاب (3/ 7)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 121)، والمقتضب (2/ 72)، وابن يعيش (8/ 158)، والمغني (553)، والإنصاف (623)، والخزانة (8/ 20، 23، 28)، وشرح شواهد المغني (897).
(5)
صحابي جليل شهد حروب الردة وموقعة القادسية سماه عمر يوسف هذه الأمة لجماله (ت 54 هـ)، الخزانة (8/ 22).
(6)
شاعر جاهلي، الخزانة (8/ 23).
(7)
انظر الأبيات المذكورة في خزانة الأدب (8/ 20، 23، 28)، وفي شرح أبيات مغني اللبيب (7/ 180، 181)، وانظرها في فرحة الأديب للغندجاني (111).
5 -
تَتْبَعُهُ النَّاسُ ولَا يُسْتتْبَعُ
…
هَلْ هُوَ إِلَّ ذَنْبٌ وَأَكرَعُ
6 -
وزمع مؤتشب مُجَمَّعُ
وقال ابن الأعرابي: كان جرير بن عبد الله البَجَليّ ينافر هو وخالد بن أرطأة الكلبي إلى الأقرع بن حابس، وكان عالم العرب في زمانه، والمنافرة: المحاكمة؛ مأخوذة من النفر؛ لأن العرب كانوا إذا تنازع الرجلان منهم وادعى كل واحد منهم أنَّه أعز من صاحبه تحاكما إلى العلامة، فمن فضل منهما قدم نفره عليه، أي فضل نفره على نفره، فقال الأقرع: ما عندك يَا خالد؟ فقال: ننزل البراح ونطعن بالرماح ونحن فتيان الصباح، فقال: ما عندك يَا جرير؟ فقال: نحن أهل الدهن الذهب الأصفر والأحمر المعصفر نخيف ولا نخاف، ونطعم ولا نستطعم، ونحن حي الفلاح، نطعم ما هبت الرياح، نطعم الشهر ونصوم الدهر، ونحن ملوك القيصر، فقال الأقرع: واللات والعزى لو نافرت قيصر ملك الروم، وكسرى عظيم الفرس، والنعمان ملك العرب لنفرت عليهم، فقال عمرو بن ختام البَجَليّ هذه الأرجوزة في تلك المنافرة، ومن جملة ما وقع من المنافرة على اختلاف الروايات أن بجيلة قالت:(ونحن أخوة نزار).
الإعراب:
قوله: "يَا أقرع" يَا حرف نداء، وأقرع: منادى مبني على الفتح لكونه وصف بالابن، والابن بني معه لوقوعه بين العلمين، قوله:"يَا أقرع": منادى بني على الضم لأنه مفرد معرفة مثل: يَا زيد.
قوله: "إنك" الكاف اسم إن، قوله:"إن يصرع لا إن للشرط، ويصرع مجزوم لأنه فعل الشرط، وقوله: "أخوك": مفعول يصرع ناب عن الفاعل، قوله: "تصرع" بالرفع خبر إن، والتقدير: إنك تصرع إِنْ يصرع أخوك، ووقع الشرط حشوًا بين إن وخبرها.
الاستشهاد فيه:
في [قوله]
(1)
: "تصرع" الثاني؛ حيث رفع وهو ساد مسد جواب الشرط، وذلك أن فعل الشرط والجزاء إذا كانا مضارعين يجوز رفع الجزاء في الضرورة، ولكن المشهور أن يجزما معًا.
ومن قبيل البيت قراءة طلحة بن سليمان
(2)
: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78]
(3)
(1)
ما بين المعقوفين زيادة.
(2)
هو طلحة بن سليمان مقرئ مصدر، له شواذ تروى، ولم تذكر وفاته، ينظر طبقات القراء (1/ 341).
(3)
ينظر مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه (33) مكتبة المتنبي.
بضم الكافين؛ حكاها ابن جني في المحتسب، وقال: لعمري هو ضعيف في العربية، وبابه الشعر والضرورة إلَّا أنَّه ليس بمردود؛ لأنه قد جاء عنهم، وذلك أنَّه على حذف الفاء، كأنه قال: فيدرككم الموت
(1)
.
الشاهد السادس عشر بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
فقلتُ تحمَّلْ فوقَ طوقكَ إنها
…
مُطَبعَةٌ مَنْ يأتِهَا لا يضيرُها
أقول: قائله هو أبو ذؤيب الهذلي
(4)
، وهو من قصيدة من الطَّويل، وأولها هو قوله:
1 -
مَا حُمِّلَ البُخْتِيُّ عَامَ غِيَارِهِ
…
عَلَيهِ الوُسُوقُ بُرُّهَا وشَعِيرُهَا
2 -
أَتَى قَريَةً كَانَتْ كَثِيرًا طَعَامُهَا
…
كَرَفْغِ التُّرَابِ كُل شَيء يَمِيرُهَا
3 -
فقلتُ تحمل .............
…
................ إلخ
4 -
بأكْثَرَ مِمَّا كُنتُ حَمَّلتُ خَالِدًا
…
وبَعضُ أمَانَاتِ الرِّجالِ غُرُورُهَا
5 -
ولَوْ أننِي حَمَّلْتُها البُزْلَ مَا مَشَت
…
بهَ البُزْلُ حَتَّى بها تَتْلَئب بِهَا صُدُورُهَا
1 -
قوله: "عام غياره" أي: عام ميرته، يقال: غارهم يغيرهم إذا مارهم، قوله:"الوسوق": جمع وسن وهو حمل البعير.
2 -
قوله: "أتى قرية" أي: أتى هذا البختي قرية كثيرة الطعام، قوله:"كرفغ التُّراب" بفتح الراء وسكون الفاء وبالغين المعجمة، وأراد به الكثرة، وأصل الرفع اللين والسهولة.
3 -
قوله: "فقلت تحمل"، ويروى: فقيل تحمل، أي: فقلت للبختي تحمل فوق طوقك، أي: طاقتك، قوله:"إنها" أي: إن القرية مطبعة؛ أي: مملوءة من الطعام، قوله:"لا يضيرها" أي: لا يضرها.
4 -
قوله: "خالدًا" أراد به خالد بن زهير، وكان أبو ذؤيب خلفه على أم عمرو، وكان قد
(1)
ينظر المحتسب (1/ 193)، وفيه:"ومن ذلك قراءة طلحة بن سليمان: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} برفع الكافين، قال ابن مجاهد، وهذا مردود في العربية، قال أبو الفتح: هو لعمري ضعيف في العربية؛ وبابه الشعر والضرورة إلَّا أنَّه ليس بمردود لأنه قد جاء عنهم، ولو قال: مردود في القرآن لكان أصح معنى، وذلك أنَّه على حذف الفاء كأنه قال: فيدركُكُم الموت ...... ".
(2)
ابن الناظم (273)، وأوضح المسالك (4/ 190).
(3)
البيت من بحر الطَّويل، وهو ثالث أبيات من قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي، وانظر الشاهد في الكتاب (3/ 70)، والمقتضب (2/ 72)، وابن يعيش (8/ 158)، والخزانة (9/ 52، 57، 71)، وشرح أشعار الهذليين (1/ 208).
(4)
ديوان الهذليين (154)، ط. دار الكتب المصرية، وشرح أشعار الهذليين (1/ 208).
أخذها من أبي عويمر بن مالك، فكان أبو عويمر قبل ذلك يرسل إليها أَبا ذؤيب، فكان أبو ذؤيب يرسل إليها خالدًا، فلما كبر أبو ذؤيب أخذها خالد، فقال أبو ذؤيب: ما حمل البختي إلى آخر القصيدة.
الإعراب:
قوله: "فقلت": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"تحمل": مقول القول وهو خطاب للبختي المذكور في أول القصيدة، قوله:"فوق" نصب على الظرف.
قوله: "إنها" أي: لأنها؛ أي: لأن القرية، وقد ذكرت في البيت الذي قبله، والضمير اسم إن، وقوله:"مطبعة": خبرها، قوله:"من" شرطية، و"يأتها": جملة وقعت فعل الشرط، وقوله:"لا يضيرها": جملة وقعت جواب الشرط.
والاستشهاد فيه:
حيث جاء مرفوعًا وهو جواب الشرط، وقد ذكرنا تحقيقه في البيت السابق
(1)
.
الشاهد السابع عشر بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
مَن يَفْعَلِ الحَسَنَاتِ الله يَشْكُرُهَا
…
والشرُّ بِالشَّرِّ عند الله مثلانِ
أقول: قائله هو عبد الرَّحْمَن بن حسان بن ثابت رضي الله عنهما، وهو من البسيط. المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "من" شرطية، و"يفعل": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الراجع إلى من وقعت فعل الشرط، و"الحسنات": مفعول يفعل، وقوله:"الله": مبتدأ، و"يشكرها": خبره، والجملة جواب الشرط، قوله:"والشر": مبتدأ، والباء في "بالشر" للمقابلة، كما في
(1)
ينظر الشاهد رقم (1114).
(2)
ابن الناظم (27)، وتوضيح المقاصد (4/ 251)، وأوضح المسالك (4/ 194).
(3)
البيت من بحر البسيط، نسب لعبد الرَّحْمَن بن حسان ولحسان، ولكعب بن مالك، وهي في ديوان كعب (288)، وفي ديوان عبد الرَّحْمَن بن حسان (61)، وهو من شواهد الكتاب (3/ 65، 114)، والمقتضب (2/ 72)، وأمالي الزجاجي (432)، والمنصف (3/ 118)، والمحتسب (1/ 931)، وابن يعيش (9/ 2، 3)، وابن الناظم (701)، وبعد بيت الشاهد:
إن سلم المرء من قتل ومن مرض
…
في لذة العيش أبلاه الجديدان
وإنما هذه الدنيا وزينتها
…
كالزاد لا بد يومًا أنَّه فان
قولك: كافأت إحسانه بضعفه، وقوله:"عند الله": نصب على الظرف، وقوله:"مثلان": خبر المبتدأ.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "الله يشكرها" فإن هذه جملة وقعت جوابًا للشرط، وقد حذف منها الفاء، وأصلها: فالله يشكرها، وذلك للضرورة
(1)
، وعن المبرد: أنَّه منع ذلك حتَّى في الشعر، وزعم أن الرواية: من يفعل الخير فالرحمن يشكره
(2)
، وعن الأخفش: أن ذلك واقع في النثر الفصيح، وأن منه قوله تعالى
(3)
: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180]، قال ابن مالك: يجوز في النثر نادرًا، ومنه حديث اللقطة
(4)
، "فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها"
(5)
.
الشاهد الثامن عشر بعد المائة والألف
(6)
،
(7)
وَمَن لم يزَلْ ينقادُ للغَيِّ والهَوَى
…
سيُلْفَى على طول السَّلامةِ نادمَا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطَّويل.
قوله: "للغي" وهو الضلال، قوله:"والهوى" وهي ويروى: والصبا، قوله:"سيلفى" أي: سيوجده
(1)
إذا لم يصلح الجواب أن يقع شرطًا وذلك إذا كان جملة اسمية أو فعلية طلبية أو فعلًا غير متصرف أو مقرونًا بالسين أو سوف، أو قد، أو منفيًّا بما أو لن أو إن، فإنَّه يجب اقترانه بالفاء نحو قوله تعالى:{إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ} [الحج: 5] فالفاء في مثل هذا مما لا يصلح أن يجعل شرطًا واجبة الذكر ولا يجوز تركها إلَّا في ضرورة أو ندور، فحذفها في الضرورة؛ قول الشَّاعر:(البيت)، وحذفها في الندور كما أخرجه البُخَارِيّ من قوله: صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب: "فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها". ينظر المغني بحاشية الأمير (1/ 140).
(2)
قال المبرد: "وأما قول عبد الرَّحْمَن بن حسان: (البيت) فلا خلاف بين النحويين في أنَّه على إرادة الفاء لأن التقديم فيه لا يصلح" المقتضب (2/ 73).
(3)
نصه في معاني القرآن للأخفش (1/ 168) يقول: "فالوصية على الاستئناف كأنه -والله أعلم- إن ترك خيرًا فالوصية للوالدين".
(4)
أخرجه البُخَارِيّ في كتاب اللقطة، باب: هل يأخذ اللقطة ولا يدعها تضيع حتَّى لا يأخذها من لا يستحق؟ (45)، وينظر صحيح مسلم بشرح النووي (12/ 26، 27)، وروايته:"فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها"، ط. المطبعة المصرية.
(5)
ينظر شواهد التوضيح والتصحيح لابن مالك (133).
(6)
ابن الناظم (274)، وأوضح المسالك (4/ 195).
(7)
البيت من بحر الطَّويل، وهو مجهول النسب في مراجعه، انظر التصريح (2/ 250)، والأشموني وشرح شواهده للعيني (4/ 21)، ويروى:
ومن لا يزل ينقاد للغي والصبا
…
.....................
الإعراب:
قوله: "ومن" الواو للعطف إن تقدمه شيء، ومن شرطية، وقوله:"لم يزل ينقاد" فعل الشرط، ويروى: ومن لا يزل ينقاد، والضمير المستتر في لم يزل اسمه، وينقال: جملة خبره، و"للغي"؛ جار ومجرور يتعلق بينقاد، و"الهوى": عطف عليه، قوله:"سيلفى": جواب الشرط، والضمير المستتر فيه مفعول ناب عن الفاعل، وقوله:"نادمًا": مفعول ثان، والأظهر أن يكون حالًا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "سيلفى" فإنَّها جملة وقعت جزاء الشرط، وقد حذف منها الفاء، والتقدير: فسيلفى، فحذفها للضرورة
(1)
.
الشاهد التاسع عشر بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
فإن يَهْلِكْ أبُو قَابُوسَ يَهْلِكْ
…
ربيعُ النَّاسِ والبلدُ الحرامُ
ونأخُذُ بعدَهُ بِذِنَابِ عَيشٍ
…
أَجَبِّ الظَّهْرِ ليسَ لَهُ سَنَامُ
أقول: قائله هو النابغة الذبياني، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الصفة المشبهة باسم الفاعل
(4)
.
و"أبو قابوس": كنية النُّعمان بن الحارث، و"الذناب" بكسر الذال المعجمة؛ عقب كل شيء، وقوله:"أجب الظهر" أي؛ مقطوع السنام كأن سنامه قد جب، أي: قطع من أصله.
الاستشهاد فيه ها هنا:
في قوله: "ونأخذ" فإنَّه يجوز فيه الرفع والنصب والجزم، أما الرفع فعلى الاستئناف، ويكون التقدير: ونحن نأخذ، وأما النصب فبتقدير: أن، وأما الجزم فبالعطف على الجزاء وهو قوله:"يهلك" فافهم
(5)
.
(1)
ينظر الشاهد السابق (1116) من شواهد هذا الكتاب.
(2)
ابن الناظم (275)، وشرح ابن عقيل (4/ 39).
(3)
البيتان من بحر الوافر من مقطوعة عدتها أربعة أبيات للنابغة يخاطب بها النُّعمان، وقد بلغه أنَّه مريض، ديوان النابغة الذبياني (105)، ط. دار المعارف.
(4)
ينظر الشاهد رقم (740) من شواهد هذا الكتاب.
(5)
ينظر ابن الناظم (275)، وشرح التسهيل لابن مالك (4/ 45، 46)، وذكر أن النصب بعد استكمال الجواب ضعيف.
الشاهد العشرون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
ومَنْ يَقْتَرِبْ مِنَّا ويَخْضَعَ نُؤْوهِ
…
ولَا يَخْشَ ظلْمًا ما أقامَ ولا هَضْمًا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطَّويل.
قوله: "نؤوه": من آواه يؤويه إيواءً إذا أنزله به، قوله:"هضمًا" أي: ظلمًا؛ من قولهم: رجل هضيم ومهتضم، ويروى: ولا ضيمًا وهو بمعناه.
الإعراب:
قوله: "ومن" الواو للعطف إن تقدمه شيء، ومن للشرط، و"يقترب": جملة من الفعل والفاعل؛ فعل الشرط، قوله:"منا": جار ومجرور يتعلق به، قوله:"ويخضع" بالنصب بإضمار أن، قوله:"نؤوه": جواب الشرط، قوله:"ولا يخش": جملة من الفعل والفاعل دخلت عليها لا النافية، و"ظلمًا": مفعوله، قوله:"ما أقام" أي: مدة إقامته، وكلمة ما مصدرية زمانية، قوله:"ولا هضمًا": عطف على قوله: "ظلمًا".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ويخضع" حيث جاء بالنصب بتقدير أن، والعطف على الشرط قبل الجواب بالفاء، والواو يجوز فيه وجهان: الجزم عطفًا على الشرط، والنصب بإضمار أن، وها هنا يتعين النصب للوزن
(3)
.
(1)
ابن الناظم (275)، وأوضح المسالك (4/ 198)، وشرح ابن عقيل (4/ 41).
(2)
البيت من بحر الطَّويل، وهو لقائل مجهول، ومعناه في المروءة وحسن الجوار، وانظره في شرح عمدة الحافظ (361)، والمغني (566)، وشرح شواهده (401)، وشرح شذور الذهب (454)، والتصريح (2/ 251).
(3)
قال ابن مالك: "يجوز في الاختيار إضمار "أن" الناصبة بعد الواو والفاء الواقعتين بين مجزومي أداة شرط أو بعدهما أو بعد حصر بإنما، مثال الأول: إن تأتني فتحدثَني أكرمْك فتنصب ما بعد الفاء لأن الشرط غير واجب فيجوز أن يلحق بالنفي، قال سيبويه: وسألت الخليل عن قوله: إن تأتني وتحدثني، وإن تأتني وتحدثني أحدثْك؟ فقال: هذا يجوز، والجزم الوجه، ووجه نصبه أنَّه حمل الآخر على الاسم كأنه أراد أن يقول: إن يكن إتيان فحديث أحدثك، فلما قبح أن ررد الفعل على الاسم نوي أنْ؛ لأن الفعل معها اسم، وإنما الجزم الوجه لأنه إذا نصب كان المعنى معنى الجزم فيما أراد من الحديث وأنشد الشيخ رحمه الله (البيت) .... فنصب يثبت؛ لأن الفعل المتقدم على الفاء منفي، وجراب النفي النصب في مجازاة وغيرها". شرح التسهيل لابن مالك (4/ 44، 45).
الشاهد الحادي والعشرون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
فَطَلِّقْهَا فلستَ لَهَا بكُفْءٍ
…
وإلَّا يَعْلُ مَفْرِقَكَ الحسَامُ
أقول: قائله هو الأحوص محمَّد بن عبد الله بن عاصم الأَنْصَارِيّ، وهو من قصيدة ميمية، ذكرنا منها أكثرها في شواهد الكلام في أول الكتاب.
قوله: "فطلقها" خطاب لمطر في قوله:
سَلَامُ الله يَا مَطَرٌ عَلَيها
…
وَلَيسَ عَلَيك يَا مَطَرُ السَّلَامُ
والضمير المنصوب فيه يرجع إلى امرأة مطر، وكانت جميلة، وكان مطر ذميم الخلق، فلهذا قال: فلست لها بكفء، أي: بمعادل لها ومناسب لزوجيتها، قوله:"وإلا" يعني: وإن لم تطلقها، "يعل" أي: يفوق على، "مفرقك" أي: رأسك، و"الحسام" أي: السيف.
الإعراب:
قوله: "فطلقها" الفاء للعطف على ما قبله، وطلقها: جملة من الفعل والفاعل والمفعول، قوله:"فلست" الفاء للتعليل، والضمير المتصل به اسم ليس، وقوله:"بكفء": خبره، والباء فيه زائدة، قوله:"وإلا" أصله: وإن لم، وليست هي إلَّا الاستثنائية، فالشرط فيه محذوف تقديره: وإن لم تطلقها، قوله:"يعل": جواب الشرط، وقوله:"مفرقك": كلام إضافي مفعول يعل، وقوله:"الحسام" بالرفع فاعل يعل.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وإلا يعل" حيث حذف فيه فعل الشرط، والتقدير
(3)
: وإن لم تطلقها كما ذكرنا
(4)
.
(1)
ابن الناظم (275)، وتوضيح المقاصد (4/ 256)، وأوضح المسالك (4/ 200)، وشرح ابن عقيل (4/ 42).
(2)
البيت من قصيدة ميمية من قصيدة مشهورة في الغزل، للأحوص الأَنْصَارِيّ، ثم زواج صاحبته من غريمه مطر ثم طلاقها من زوجها، وهي من بحر الوافر في شعر الأحوص الأَنْصَارِيّ (140) وما بعدها، تحقيق: عادل سليمان جمال، تقديم د. شوقي ضيف، ط. الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر (1970 م)، وانظر الديوان بشرح مجيد طراد، سلسلة (شعراؤنا)(174، 175) نشر دار الكتاب العربي بيروت، ط. أولى لسنة (1994 م)، وانظر الشاهد رقم (9) من شواهد هذا الكتاب.
(3)
في (أ): إذ التقدير.
(4)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (4/ 80)، وشرحه للمرادي (3/ 382)، والإنصاف (72).
الشاهد الثاني والعشرون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
متى تُؤْخَذُوا قَسْرًا بِظَنَّةِ عامرٍ
…
وَلَا ينجُ إلَّا في الصِّفَادِ يزيدُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطَّويل.
قوله: "قسرًا" بفتح القاف وسكون السين المهملة، أي: قهرًا وغصبًا، قوله:"بظنة" بكسر الظاء وتشديد النُّون؛ أي: بتهمة عامر، قوله:"في الصفاد" بكسر الصاد المهملة وتخفيف الفاء، وهو ما يوثق به الأسير من قيد وغل.
الإعراب:
قوله: "متى" للشرط، وقوله:"تؤخذوا": جواب الشرط، وفعل الشرط محذوف كما نذكره عن قريب، قوله:"قسرًا" نصب على التمييز، قوله:"بظنة عامر": كلام إضافي يتعلق بقوله: "تؤخذوا".
قوله: "ولا ينج إلَّا في الصفاد يزيد" التقدير: ولا ينج يزيد إلا وهو في الصفاد، أراد الشَّاعر تحذير هؤلاء القوم الذين عامر كبيرهم حيث يقول: متى أخذتم لا ينج أحد منكم غير يزيد فإنَّه -أَيضًا يقيد في الصفاد.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "متى تؤخذوا" حيث حذف فعل الشرط؛ إذ أصله: متى تثقفوا تؤخذوا
(3)
.
الشاهد الثالث والعشرون بعد المائة والألف
(4)
،
(5)
قالتْ بناتُ العمِّ يَا سلمى وإنْ
…
كَانَ فقيرًا معدمًا، قالتْ وإنْ
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الكلام في أول الكتاب
(6)
.
(1)
ابن الناظم (275)، وتوضيح المقاصد (4/ 275).
(2)
البيت من بحر الطَّويل، لقائل مجهول، وقد ذكر الشارح معناه وهو يعرب البيت، وانظره في الكتاب (4/ 222)، وابن يعيش (8/ 130)، والمقرب (1/ 97)، والمغني (25)، وشرح شواهده (85، 706)، والجنى الداني (211)، والتصريح (2/ 252).
(3)
ينظر الشاهد السابق (1120) من شواهد هذا الكتاب.
(4)
ابن الناظم (276)، وتوضيح المقاصد (4/ 259).
(5)
البيتان من بحر الرجز المشطور، نسبا لرؤبة بن العجاج، وهما في ملحق ديوانه (186)، وانظرهما في المغني (649)، والأشموني (4/ 16)، والخزانة (9/ 14)، والتصريح (1/ 30).
(6)
ينظر الشاهد رقم (8).
الاستشهاد فيه ها هنا:
في قوله: "قالت وإن" حيث حذف فيه الشرط والجزاء معًا؛ لأن التقدير: وإن كان فقيرًا [معدمًا]
(1)
قبلته، وقال الشيخ أبو حيان: وإن كان كما تصفنه تزوجته
(2)
.
ونص ابن مالك على أن حذف الشرط والجزاء بعد إن مختص بالضرورة
(3)
، وتبع في ذلك ابن عصفور؛ فإنَّه ذكر أنَّه إذا لم يكن بتعويض فلا يجيء إلَّا في الشعر، ولم ينص غيرهما على أن ذلك ضرورة؛ بل قالوا: ويجوز حذف فعل الشرط والجزاء إذا فهم المعنى
(4)
.
الشاهد الرابع والعشرون بعد المائة والألف
(5)
،
(6)
لَئِنْ مُنيتَ بِنَا عَنْ غِبٍّ مَعْرَكَةٍ
…
لا تُلْفِنَا عن دِماءِ القومِ نَنْتَفِلُ
أقول: قائله هو الأَعشى ميمون بن قيس، وهو من قصيدته المشهورة التي أولها هو قوله
(7)
:
1 -
ودِّعْ هُريرةَ إِن الرَّكْبَ مُرْتَحِلٌ
…
وهلْ تُطِيقُ وَدَاعًا أَيُّهَا الرَّجُلُ
إلى أن قال:
2 -
لئنْ قتلتُمْ عَمِيدًا لم يَكُنْ صدَدًا
…
لنَقْتُلَنْ مِثْلَهُ مِنْكُمْ فَنَمْتَثِلُ
3 -
لئنْ مُنيتَ بِنَا عنْ غِبٍّ مَعْرَكَةٍ
…
..................... إلخ
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(2)
الذي في الارتشاف (2/ 561): "وأما حذف فعل الشرط وفعل الجزاء معًا وإبقاء "إن" فقيل هو مختص بالضرورة".
(3)
قال ابن مالك في التسهيل: "ويحذفان بعد "إن" في الضرورة"(239). وقال في شرح الكافية الشافية: "ومثال حذف الشرط والجزاء معًا قول الراجز (البيت) أي قالت: وإن كان فقيرًا معدمًا هويته ورضيته، وقال السيرافي: ويقول القائل: لا آتي الأمير لأنه جائر فيقال: إيته وإن، يراد بذلك: وإن كان جائرًا فأْته، وهذا -أعني حذف الجزأين معًا- لا يجوز مع غير إن وهو مما يدل على أصالتها في باب المجازاة" شرح الكافية الشافية (1610).
(4)
قال ابن عصفور في الضرائر: "ومنه حذف فعلي الشرط والجواب بعد "إن" نحو قول امرأة من العرب (البيت ومعه عدة أبيات) تريد وإن كان فقيرًا معدمًا فزوجينيه، ولم يجيء ذلك في غير"إن" من أدوات الشرط، وسبب ذلك أنها أم أدوات الشرط فجاز فيها من التصرف ما لم يجز في غيرها". (184، 185) وقال في المقرب (1/ 277): "يجوز حذفهما أَيضًا في الشعر إذا كان في الكلام ما يدل على ذلك، ثم أنشد البيت".
(5)
ابن الناظم (276)، وتوضيح المقاصد (4/ 262)، وشرح ابن عقيل (4/ 45).
(6)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة طويلة للأعشى قالها ليزيد بن مسهر الشَّيبانِيّ، وفيها أكثر من خمسة شواهد نحوية، انظر ديوان الأَعشى (149)، ط. دار صادر، وانظر تزييف الشاهد في كتابنا تغيير النحويين للشواهد (265).
(7)
ديوان الأَعشى (150)، دار الكاتب العربي، و (91) شرح وتعليق: د. محمَّد محمَّد حسين، جامعة الإسكندرية، المكتب الشرقي بيروت، و (144) ط. دار صادر بيروت.
وهي من البسيط، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد حروف الجر
(1)
.
الاستشهاد فيه:
في أنَّه قد اجتمع فيه الشرط والقسم، أما الشرط فقوله:"لئن"، وأما القسم فإنَّه يدل عليه اللام لأنها موطئة لقسم محذوف تقديره: والله لئن، وكل منهما يستدعي جوابًا، وقد ترجح الشرط على القسم ها هنا حيث قال: لا تلفنا بالجزم، وعلامة الجزم سقوط الياء؛ لأن أصله: لا تلفينا، وحذف جواب القسم لدلالة جواب الشرط عليه، ولو كان "لا تلفنا" جواب القسم لقال لا تلفينا بإثبات الياء لأنه مرفوع
(2)
.
الشاهد الخامس والعشرون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
لَئِن كان ما حُدِّثْتُهُ اليوْمَ صادقًا
…
أَصُمْ في نَهَارِ القَيظِ للشَّمْسِ باديَا
وَأَرْكَبْ حِمَارًا بَينَ سَرجٍ وَفَرْوَةٍ
…
وأُعِرْ منَ الخَاتَامِ صُغْرَى شمَالِيَا
أقول: قالت هذين البيتين امرأة فصيحة من عقيل، وهما من الطَّويل.
و"القيظ" بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره ظاء معجمة، وهو شدة الحُر، قال الجوهري: القيظُ: حمارة الصيف
(5)
، قال في العباب: بتخفيف الميم وتشديد الراء وربما خفف في الشعر، قوله:"باديَا": من بدا إذا ظهر، ويروى:"ضاحيا"، أي: بارزًا للشمس، ومنه ضاحٍ إذا كان بارزًا للشمس.
(1)
ينظر الشاهد رقم (575)، من شواهد هذا الكتاب.
(2)
قال ابن يعيش: "وإذا اجتمع الجزاء والقسم فأيهما سبق الآخر وتصدر كان الجواب له. مثال تصدر الشرط قولك: إن تقم والله أقم، جزمت الحواب بحرف الجزاء لتصدره، وألغيت القسم لأنه حشو، ومثال تصدر القسم قولك: والله لئن أتيتني لآتينَّكَ، فاللام الأولى موطئة، والثانية جواب القسم، واعتماد القسم عليه لا عمل للشرط فيه، يدل على ذلك قوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ} [الحشر: 12].- الجواب للقسم المحذوف، والشرط ملغى بدليل ثبوت النُّون في الفعل المنفي؛ إذ لو كان جوابًا للشرط لكان مجزومًا فكانت النُّون محذوفة". ابن يعيش (8/ 22)، وينظر الارتشاف (2/ 489).
(3)
ابن الناظم (276).
(4)
البيتان من بحر الطويل، وهما لامرأة من بني عقيل تعتذر لحبيبها على أن ما بلغه عنها ليس بصدق، وإذا ظهر خلاف ذلك فإنَّها ستعاقب نفسها بالصوم وغيره، وانظر الشاهد في معاني القرآن للفراء (2/ 130)، وشرح الكافية الشافية لأن مالك (1616)، والخزانة (11/ 328)، والمغني (236)، والهمع (2/ 43)، والدرر (4/ 237)، والتصريح (2/ 254)، وشرح شواهد المغني (610).
(5)
الصحاح مادة: "قيظ".
2 -
قوله: "من الخاتام" أي: من الخاتم، وفيه أربع لغات: خاتَم بفتح التاء، وخاتم بكسرها، وخاتام، وخيتام
(1)
.
الإعراب:
قوله: "لئن" اللام فيه اللام الموطئة للقسم عند الكوفيين، وعند البصريين زائدة على ما يأتي الآن بيانه، و"إن" للشرط.
وقوله: "كان ما حدثته": فعل الشرط، وما حدثته: اسم كان، وخبره قوله:"صادقًا"، وما موصولة، وحدثته صلتها وهو على صيغة المجهول من التحديث، والضمير المستتر فيه مفعول ناب عن الفاعل، والهاء مفعول ثان يرجع إلى ما، وقوله:"اليوم" نصب على الظرف.
قوله: "أصم" بالجزم جواب الشرط، وقوله:"في نهار القيظ" يتعلق بأصم، قوله:"باديَا": حال من الضمير الذي في أصم، قوله:"وأركب" بالجزم -أَيضًا- عطف على قوله: "أصم"، و"حمارًا": مفعوله، و"بين" نصب على الظرف، و"سرج" مجرور بالإضافة، و"فروة": عطف عليه.
قوله: "وأعر" بالجزم -أَيضًا- عطف على قوله: "وأركب"، وقوله:"من الخاتام" يتعلق به، قوله:"صغرى": مفعول أعر، وهو مضاف إلى شماليا، وأصله: صغرى شمالي، فحركت الياء بالفتحة وأشبعت بالألف للوزن.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أصم" فإنَّه جواب الشرط، وقد اكتفى به عن جواب القسم المقدر؛ لأن التقدير ها هنا: والله لئن كان ما حدثته اليوم صادقًا أصم؛ لأن اللام هي الموطئة التي يقدر قبلها القسم، وهذا مذهب بعض الكوفيين منهم الفراء
(2)
، وأما البصريون فقد أوَّلوا مثل هذا، وقالوا: اللام فيه زائدة، كما زادوها في قراءة من قرأ:{إلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ} [الفرقان: 20]
(3)
بفتح الهمزة، وفي خبر المبتدأ في قوله
(4)
:
أُمُّ الحُلَيسٍ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ
…
....................
(5)
(1)
اللسان مادة: "ختم".
(2)
ينظر معاني القرآن للفراء (1/ 65 - 69) وفيه كلام مطول فليراجعه من أراده. وهو قول ابن مالك في التسهيل.
(3)
ينظر القرطبي (4729)، ط. دار الشعب، وإعراب القرآن للنحاس (3/ 150).
(4)
بيت من الرجز المشطور، وقد سبق الحديث عنه والاستشهاد به في الشاهد رقم (160) من شواهد هذا الكتاب.
(5)
انظر هذا الموضوع في المغني (236)، والكتاب (3/ 84)، وابن يعيش (9/ 22)، وأسلوب القسم واجتماعه =
الشاهد السادس والعشرون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
متَى تَأْتِهِ تعشُو إِلَى ضؤء نَارِه
…
تَجِدْ خيرَ نَارٍ عندها خيرُ موقدِ
أقول: قائله هو الحطيئة، واسمه: جرول بن أوس العبسي، وهو من قصيدة أولها هو قوله
(3)
:
1 -
آثرتُ إِدْلاجِي على ليلِ حُرَّةٍ
…
هَضِيمِ الحَشَا حُسَّانَةِ المتُجَرِّدِ
2 -
إذا النَّومُ ألْهَاهَا فَي الزَّادِ خِلْتهَا
…
بُعَيدَ الكَرَى باتتْ على طيِّ مجْسِدِ
إلى أن قال:
3 -
فَمَا زَالتْ العَوْجَاءُ تَجْرِي ضفورها
…
إِلَيكَ ابْنَ شمَاسِ تَرُوحُ وتَغْتَدِي
4 -
تَزُورُ امْرَأً يؤتِي عَلَى الحَمْدِ مَالهُ
…
ومَنْ يُؤْتَ أثمان المحَامِدِ يُحْمَدِ
5 -
يَرَى البُخْلَ لَا يُبْقِي عَلَى المَرْء مَالهُ
…
ويَعلَمُ أَن البُخلَ غَيرُ مُخَلَّدِ
6 -
كَسُوبٌ ومِتلَافٌ إذَا مَا سَأَلتَهُ
…
تَهَلَّلَ واهْتَزَّ اهْتزَازَ المهنَّدِ
7 -
مَتَى تَأْتِهْ ...................
…
...................... إلخ
8 -
وذاكَ امرُؤٌ إنْ يعطِكَ اليومَ نائلًا
…
بكفَّيْهِ لا يمْنَعْكَ من نائلِ الغدِ
9 -
هُوَ الوَاهِبُ الكُومَ الصَّفايا لجاره
…
يَرُوحُ بهَا العِبدَانُ في غَارِبٍ ندِي
وهي من الطَّويل، وفيه الكف والثلم، وهو قوله:"آثرت إدلاجي" فإن "آثر" مكفوف أثلم
(4)
.
1 -
"والإدلاج": سير الليل، و"الحرة": الكريمة، و"هضيم الحشا" أراد به دقيق الخصر، و"حسانة المتجرد" أي: حسنة العرية، وهو بضم الحاء وفتح السين المهملتين.
2 -
وقوله: "على طي مجسد" بضم الميم وسكون الجيم وفتح السين المهملة، معناه: على طي ثوب مجسد وهو المصبوغ بالزعفران، شبه عكنها وانطواء بطنها بطي ثوب مجسد.
= مع الشرط في رحاب القرآن الكريم (257) لعلي أبو القاسم عون، منشورات جامعة الفاتح (1992 م).
(1)
شرح ابن عقيل (4/ 27).
(2)
البيت من بحر الطَّويل، من قصيدة طويلة بلنت (35 بيتًا) للحطيئة يمدح فيه ابن بغيض بن عامر بدأها بالغزل، وانظر الشاهد في الكتاب (3/ 86)، والمقتضب (2/ 65)، واللسان:"عشا"، والخزانة (5/ 210)، وشرح عمدة الحافظ (363)، وابن يعيش (2/ 66).
(3)
انظر ديوان الحطيئة (77)(شعراؤنا) بشرح ابن السكيت، و (62) بشرح يوسف عبيد، ط. دار الجيل أولى (1992 م)، و (161) ط. الحلبي، و (45) ط. دار صادر.
(4)
قوله: "مكفوف أثلم" غير صحيح لأن الكف حذف السابع الساكن؛ لكن حذف أول الوتد المجموع: "عولن" يسمى خرمًا وهو المراد هنا كما يسمى ثلمًا.
3 -
و"العوجاء": الناقة الضامرة، و"ضفورها": أنساعها، وقوله:"ابن شماس" أي: يَا ابن شماس، وهو بغيض بن شماس السعدي.
6 -
و"المهند": السيف المطبوع من حديد الهند.
7 -
وقوله: "تعشو": من عشى إذا أتى نارًا يرجو عندها خيرًا أو هدى، وهو بالعين المهملة من باب نصر ينصر.
9 -
و"الكوم" بضم الكاف؛ جمع كوماء وهي الناقة العظيمة السنام، وقوله:"العبدان" بكسر العين المهملة وسكون الباء الموحدة؛ جمع عبد، يقال: عبد وأعبد وعبيد وعِبدَان وعُبَدَاء ومعبدة ومعبوداء، و"الغارب" بالغين المعجمة والراء؛ ما بين السنام والعنق.
الإعراب:
قوله: "متى": ظرف زمان ومعناه الشرط، والعامل فيه تأته، و"تأته" مجزوم بالشرط، وقوله:"تعشو": مرفوع في موضع الحال تقديره: متى تأته عاشيًا، فعاشيًا حال من الضمير في تأته، وقوله:"إلى ضوء" يتعلق بتعشو، وقوله:"تجد" بالجزم لأنه جواب الشرط، قوله:"خير نار": كلام إضافي مفعول تجد، وهو من وجدت الضالة، وقوله:"خير موقد": كلام إضافي مبتدأ، وخبره الظرف المقدم عليه أعني قوله:"عندها"، والجملة في محل الجر لأنها صفة للنار، والتقدير: تجد خير نار كائن عندها خير موقد، ويجوز أن يكون ارتفاع خير موقد بالاستقرار على مذهب الأخفش وسيبويه
(1)
؛ لأن الظرف قد اعتمد بكونه صفة لموصوف وهي النَّار.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "متى" حيث جزم الفعلين وهما قوله: "تأته وتجد"، وفيه استشهاد آخر وهو قوله:"تعشو" حيث رفع لأنه في موضع الحال كما ذكرنا
(2)
.
(1)
الكتاب (3/ 86).
(2)
قال الأعلم في هامش الكتاب (1/ 446): "ولو أمكنه رفعه على تقدير الحال لجاز". وقال ابن عصفور في شرح الجمل (2/ 302): "وإذا وقع بين فعل الشرط وفعل الجزاء فعل آخر فلا يخلو أن يكون في معنى الفعل الأول أو لا يكون، فإن كان في معنى الأول جاز فيه وجهان ..... فإن لم يكن في المعنى الأول لم يجز إلَّا الرفع على الحال كقول الحطيئة (البيت).
الشاهد السابع والعشرون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
لا أَعْرِفَنْ رَبْرَبًا حُورًا مَدَامعُها
…
مُرَدَّفاتٍ على أَعْقَابِ أَكوَارِ
أقول: قائله هو النابغة الذبياني، وهو من قصيدة من البسيط، وأولها هو قوله
(3)
:
1 -
لقد نَهَيتُ بَنِي ذُبْيَانَ عن أُقُرٍ
…
وَعَنْ تربُّعِهِمْ في كل أَصْفارِ
2 -
وقلتُ يَا قومُ إن الليثَ مُنْقَبِضٌ
…
على براثِنِهِ لِوَثْبَةِ الضاري
3 -
لا أعْرِفَنْ رَبْرَبًا حُورًا مَدَامِعُها
…
كأن أبكارَهَا نِعَاجُ دُوَّارِ
4 -
يَنظرْنَ شزرًا إلَى مَنْ جَاءَ عَنْ عُرُضٍ
…
بأوْجُهٍ مُنْكَراتٍ الرِّقِّ أحرارٍ
1 -
قوله: "أقر" بضم الهمزة والقاف وفي آخره راء، وهو واد مملوء حمضًا ومياهًا، وكان النُّعمان بن الحارث الأصغر الغساني قد احتماه فاحتماه النَّاس فتربعه بنو ذبيان فنهاهم النُّعمان عن ذلك وحذرهم وخوفهم إغارة الملك فتربعوه، ولما مات النُّعمان رثاه النابغة وكان منقطعًا إليه، ثم انقطع إلى عمرو بن الحارث أخي النُّعمان بن الحارث فوجه إليهم خيلًا فأصابوهم، ففي ذلك قال النابغة هذه القصيدة [هي تسعة عشر بيتًا]
(4)
، قوله:"وعن تربعهم" أي: حلولهم فيه زمن الرَّبيع وإنما قال: "في كل أصفار" لأن صفر يومئذ كان في الرَّبيع، وقيل: معناه: حين يتصفر الماء ويتربل الشجر
(5)
ويبرد الليل، وذلك آخر الصيف.
2 -
قوله: "إن الليث منقبض" أي: مجتمع متهيئ للوثوب و"البراثن": المخالب، و"الضاري": من صفة الليث، ومعناه: المتعود أكل النَّاس، وضرب هذا مثلًا للملك الذي حذر قومه منه.
3 -
و"الربرب": القطع من البقر، شبه النساء به في حسن العيون وسكون المشي، قوله:"حورًا" بضم الحاء المهملة، جمع حوراء؛ من الحور وهي شدة بياض العين في شدة سوادها، يقال: امرأة حوراء؛ أي: بينة الحور، قال الأصمعيّ: ما أدري ما الحور في العين؟ وقال أبو عمرو:
(1)
ابن الناظم (271)، وتوضيح المقاصد (4/ 226)، وأوضح المسالك (4/ 180).
(2)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة للنابغة ينهى فيها قومه عن إخلاص الود للنعمان بن المنذر، وهي في ديوانه (75)، وبيت الشاهد في الكتاب (3/ 511)، والتصريح (2/ 245)، والمغني (246)، وشرح الأشموني (4/ 3).
(3)
ديوان النابغة (75)، ط. دار المعارف، تحقيق: محمَّد أبو الفضل إبراهيم.
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
قال الجوهري في الصحاح: "وتَرَبَّلَتِ الأرض، أي: اخضرَّتْ بعد اليُبس عند إقبال الخريف".
الحور أن تسود العين كلها مثل أعين الظباء والبقر، قال: وليس في بني آدم حور، وإنما قيل للنساء حور العيون؛ لأنهن شبهن بالظباء والبقر
(1)
.
و"المدامع": العيون وهي مواضع الدمع، قوله:"كأن أبكارها نعاج دُوَّار" هكذا وقع هذا الشطر في ديوان النابغة، و"النعاج": أناث البقر، قوله:"دوار" بضم الدال وتشديد الواو، وهو اسم موضع وهو شجر اليمامة.
قوله: "مردفات": جمع مردفة بالتشديد؛ من ردفه إذا تبعه، وأراد به مترادفات؛ أي: متتابعات.
قوله: "على أعقاب أكوار" ويروى: على أحناء أكوار، و"الأعقاب": جمع عقب، وعقب كل شيء: آخره، و"الأحناء" جمع حِنو السرج بكسر الحاء وسكون النُّون، و"الأكوار" جمع كور بضم الكاف، وهو الرحل بأداته.
الإعراب:
قوله: "لا" ناهية كما يجيء، و"أعرفن": جملة من الفعل والفاعل مؤكدة بالنُّون الخفيفة، وقوله:"ربربًا": مفعوله، قوله:"حورًا": نصب على أنَّه صفة لربربًا، و" مدامعها": مرفوع بقوله: "حورًا"، قوله:"مردفات": نصب على الحال من ربرب، وقوله:"على أعقاب أكوار" يتعلق بها.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لا أعرفَنْ" فإن لا ناهية، وهو نهي للمتكلم، وهو قليل جدًّا فإن المتكلم لا ينهي نفسه إلَّا على نوع من التجوز وتنزيلها منزلة أجنبي حتَّى ينهاها، وحاصل الكلام في هذا الباب أن الفعل إذا كان مبنيًّا للمفعول جاز دخول لا الناهية عليه مطلقًا، سواء كان متكلمًا أم مخاطبًا أم غائبًا نحو: لا أخرج ولا تخرج ولا يخرج زيد، وإن كان مبنيًّا للفاعل فالأكثر أن يكون للمخاطب نحو: لا تذهب، ويضعف للمتكلم والغائب. فافهم
(2)
.
(1)
الصحاح مادة: "حور".
(2)
ينظر شرح الأشموني (4/ 2، 3)، وشرح التسهيل لابن مالك (4/ 63).
الشاهد الثامن والعشرون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
احفظ وَدِيعَتَكَ التي اسْتَودعْتَهَا
…
يَوْمَ الأعَازِبِ إنْ وَصَلَتْ وإنْ لمِ
أقول: قائله هو إبراهيم بن عليّ بن محمَّد بن سلمة بن عامر بن هرمة
(3)
وشهرته بنسبته إلى جده هرمة، يقال له: ابن هرمة القُرشيّ، وهو من الكامل. المعنى ظاهر.
و"يوم الأعازب": يوم معهود بينهم.
الإعراب:
قوله: "احفظ": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه وهو أَنْتَ، قوله:"وديعتك": كلام إضافي مفعول: احفظ، قوله:"التي" موصولة، و"استودعتها" على صيغة المجهول جملة من الفعل والمفعولين أحدهما التاء نابت عن الفاعل، والثاني: الضمير المنصوب.
قوله: "يوم الأعازب": كلام إضافي نصب على الظرف، قوله:"إن وصلت" إن للشرط ووصلت: جملة وقعت فعل الشرط، والجواب محذوف دل عليه قوله:"احفظ".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وإن لم" حيث حذف منه الفعل الذي دخلت عليه: لم؛ إذ التقدير: وإن لم تصل، كذا قدره أبو حيان على صيغة المعلوم
(4)
، وقدره أبو الفتح البعلي على صيغة المجهول، فعلى التقدير الأول يكون قوله: إن وصلت على صيغة المعلوم -أَيضًا-، وعلى التقدير الثاني: يكون على صيغة المجهول، والصواب مع البعلي. فافهم
(5)
.
(1)
توضيح المقاصد (4/ 234)، وأوضح المسالك (4/ 185).
(2)
البيت من بحر الكامل وإبراهيم بن هرمة، وهو في المغني (280)، والجنى الداني (269)، والخزانة (9/ 8 - 10)، وشرح شواهد المغني (682)، والهمع (2/ 56)، والدرر (5/ 66).
(3)
من شعراء الدولتين كان مولعًا بالشراب ومدح أَبا جعفر المنصور فاستحسن شعره، ومما قاله في الكلب:
يكاد إذا ما أبصر الضيف مقبلًا
…
يكلمه من حبسه وهو أعجم
الشعر والشعراء (753).
(4)
التذييل والتكميل، الجزء الخامس، باب عوامل الجزم (مخطوط).
(5)
شرح شواهد المغني (682).
الشاهد التاسع والعشرون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
قلتُ لِبَوَّابٍ لَدَيْهِ دارُها
…
تِئْذَنْ فَإنِّي حَمُهَا وجَارُهَا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وقبله:
جاريةً بسفَوَانَ دَارُهَا لَم تَدْرِ
…
مَا الدَّهْنَا ولَا تَعْشَارُهَا
قَدْ اعْصَرَتْ أوقددنا أعصارها
…
تَمْشِي الهُوَيْنَى مَائِلًا خِمَارُهَا
يَسْقُطُ مِنْ غِلْمَتِهَا إزارها
…
قَلْتُ لبَوَّابٍ ..................
وهي من الرجز المسدس. المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "قلت": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"لبواب" يتعلق به، قوله:"لديه" في محل الرفع لأنه خبر مبتدأ مؤخر، وهو قوله:"دارها"، والجملة في محل الجر لأنها صفة لبواب، قوله:"تئذن": مقول القول، وهو بكسر التاء المثناة من فوق، قوله:"فإنِّي" الفاء للتعليل، والضمير المتصل به اسم إن، وقوله:"حمها": كلام إضافي خبرها، قوله:"وجارها": عطف على الخبر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "تئذن" إذ أصله: لتأذن؛ فحذف اللام وأبقى عملها، وليس هذا بضرورة لتمكنه من أن يقول: إيذن، قال أبو حيان: وليس لقائل أن يقول: إن هذا من تسكين المتحرك على أن يكون مرفوعًا فسكن اضطرارًا؛ لأن الراجز لو قصد الرفع لتوصل إليه باستغنائه عن الفاء فكان يقول: تيذن إنِّي حمها. فافهم
(3)
.
(1)
توضيح المقاصد (4/ 232).
(2)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وقد نسبا لمنظور بن مرثد الأسدي في بعض المراجع، والحم: كل من كان من قِبل الزوج مثل الأخ والأب، وفيه أربع لغات: حمء بالهمز، وحما، مثل: قفا، وحمو، مثل: أبو، وحم مثل أب، والجمع أسماء، وانظر الشاهد في المغني (225)، والجنى الداني (114)، والخزانة (9/ 13)، واللسان:"حمأ ولوم وأذن"، والدرر (5/ 62)، وشرح شواهد المغني (600)، والصحاح مادة:"حمء"، والأشموني (4/ 4).
(3)
التذييل والتكميل، الجزء الخامس، باب عوامل الجزم (مخطوط).
الشاهد الثلاثون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
......................
…
..... ولا ذا حقَّ قومِكَ تَظْلِمِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطَّويل، وصدره:
وقالوا أخانا لا تَخَشَّعْ لِظالمٍ
…
عزيزٍ ......................
قوله: "تخشع" بتشديد الشين.
الإعراب:
قوله: "وقالوا": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"أخانا": منادى حذف منه حرف النداء، والتقدير: يَا أخانا، وهو كلام إضافي، قوله:"لا تخشع": جملة من الفعل والفاعل وقعت مقول القول، و"لظالم" يتعلق به، وقوله:"عزيز" صفة لظالم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ولا ذا حق قومك تظلم" حيث فصل الشَّاعر بين لا الجازمة وبين مجزومها بفضلة هي معمول المجزوم، وذلك أن قوله:"لا" جازمة، و"تظلم" مجزوم بها، وقد فصل بينهما بقوله:"ذا حق قومك"، وهو مفعول، والمفعول فضلة في الكلام، وإنما قيدنا بالفضلة؛ لأنه إذا كان عمدة لا يجوز نحو: لا يضرب زيد، فإنَّه لا يجوز أن يقال: لا زيد يضرب، وظاهر كلام ابن مالك أن ذلك يجوز على قلة في الكلام؛ إذ لم يخص ذلك بالضرورة
(3)
.
وقد قال في شرح الكافية الشافية: وقد فصل بين لا ومجزومها في الضرورة، وأنشد البيت المذكور، وقال:[وهذا رديء]
(4)
؛ لأنه شبيه بالفصل بين الجار والمجرور
(5)
.
(1)
توضيح المقاصد (4/ 228).
(2)
البيت من حر الطَّويل، وهو غير منسوب في مراجعه، وانظره في الهمع (2/ 56)، وشرح الأشموني (4/ 4)، والدرر (5/ 63).
(3)
قال ابن مالك في شرحه للتسهيل (4/ 62): وقد يليها مجزومها كقول الشَّاعر "البيت".
(4)
ما بين المعقوفين وجدته في نسخ الأصل: روي، وصححته من شرح الكافية الشافية لابن مالك.
(5)
ينظر شرح الكافية الشافية (1578).
الشاهد الحادي والثلاثون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
.....................
…
كأنْ لم سِوَى أَهْلٍ مِنَ الوَحْشِ تُؤْهَلِ
أقول: قائله هو ذو الرمة غيلان، وصدره:
فأضْحَتْ مَغَانِيها قِفَارًا رُسُومُهَا
…
...........................
وهو من قصيدة طويلة من الطَّويل، وأولها هو قوله
(3)
:
1 -
قفِ العيسَ في أَطْلَالِ ميَّةَ فاسألِ
…
رسومًا كأخلاقِ الرِّدَاءِ المُسلسلِ
2 -
أظنُّ الذي يُجْدِي عليك سُؤَالُهَا
…
دموعًا كَتَبْذِيرِ الجُمَانِ المفصَّلِ
إلى أن قال:
3 -
فيا كرمَ السَّكْنِ الَّذينَ تَحَمَّلُوا
…
عَنْ الدَّارِ والمُسْتَخْلِفِ المتبدِّلِ
4 -
فَأَضْحَت ................
…
...................... إلى آخره
1 -
قوله: "العيس" بكسر العين؛ جمع عيساء وهي الناقة التي يخالطها شقرة، و"الأطلال": جمع طلل الدار وهو ما شخص من آثارها، و"الرسوم": جمع رسم الدار وهو ما تعلم به الدار.
2 -
و"الجمان": لؤلؤ مفصل بخرز.
3 -
و"السكن": جمع ساكن.
4 -
قوله: "مغانيها": جمع مغنى بالغين المعجمة وهو المنزل، وفي ديوان ذي الرمة: فأضحت مباديها، قال في شرحه: مباديها حيث تبدو، و"القفار" بكسر القاف؛ جمع قفر وهو الأرض الخالية، وقوله:"يؤهل من أهل الدار": نزلها من باب ضرب يضرب.
الإعراب:
قوله: "فأضحت" الفاء للعطف، و"أضحت" من الأفعال الناقصة، وقوله:"مغانيها": كلام إضافي اسمه، وقوله:"قفارًا": خبره، قوله:"رسومها" بالرفع بدل من قوله: "مغانيها"،
(1)
توضيح المقاصد (4/ 235).
(2)
عجز بيت من بحر الطَّويل، ذكر الشارح صدره وهو من قصيدة طويلة بلغت تسعين بيتًا لذي الرمة يصف فيها المرأة والناقة والصحراء، وانظر الشاهد في ديوان ذي الرمة (3/ 1465)، والخصائص (2/ 410)، والجنى الداني (269)، والمغني (278)، والهمع (2/ 56)، والدرر (5/ 63)، وشرح شواهد المغني (678)، والخزانة (9/ 5).
(3)
ديوان ذي الرمة (3/ 1451)، تحقيق: د. عبد القدوس أبو صالح، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة.
قوله: "كأن" مخففة [من الثقيلة]
(1)
من كأن التي للتشبيه، و"لم" جازمة، ومجزومها هو قوله:"تؤهل" والتقدير: كأن لم تؤهل الدار سوى أهل من الوحش.
والاستشهاد فيه:
حيث فصل بين لم وبين مجزومها بالظرف للضرورة، فإن"لم" جازمة، وقوله:"تؤهل" مجزوم بها، وقد فصل بينهما بقوله:"سوى أهل من الوحش"، ومن هذه بيانية
(2)
.
الشاهد الثاني والثلاثون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
لولا فوارسُ مِنْ ذُهْلٍ وأسرتُهُمْ
…
يومَ الصُّلَيفَاء لمْ يوفونَ بالجارِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.
و"الفوارس": [جمع فارس]
(5)
على غير قياس، قال الجوهري: وهو شاذ لا يقاس عليه؛ لأن فواعل إنما هو جمع فاعلة، مثل: ضاربة وضوارب، أو جمع فاعل إذا كان صفة للمؤنث مثل: حائض وحوائض، أو ما كان لغير الآدميين مثل: جمل بازل، وجمال بوازل، فأما مذكر ما يعقل فلا يجمع عليه إلَّا فوارس وهوالك ونواكس
(6)
.
قوله: "من ذهل" بضم الذال المعجمة، وهو حي من بكر، وهما ذهلان كلاهما من ربيعة، أحدهما: ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكانة، والآخر: ذهل بن ثعلبة بن عكابة، قوله:"وأسرتهم" أسرة الرّجل -بضم الهمزة- رهطه؛ لأنه يقوى بهم.
قوله: "يوم الصليفاء" بضم الصاد المهملة وفتح اللام وسكون الياء آخر الحروف وبالفاء والمد، وهو اسم موضع، وفي الأصل هو تصغير: صلفاء وهي الأرض الصلبة.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(2)
ينظر: شرح الأشموني (4/ 5)، وهو مما تنفرد به لم عن لما.
(3)
توضيح المقاصد (4/ 237).
(4)
البيت من بحر البسيط، لم ينسب في مراجعه وهو في ابن يعيش (7/ 8)، والمحتسب (2/ 42)، والمغني (277، 339)، والجنى الداني (226)، والهمع (2/ 56)، والخزانة (11/ 205)، (9/ 3)، (11/ 431)، وشرح شواهد المغني (674).
(5)
ما بين المعقوفين زيادة للإيضاح.
(6)
ينظر الصحاح مادة: "فرس" قال الجوهري: "الفَرَسُ يقع على الذكر والأنثى، ولا يقال للأنثى فَرَسَةٌ. وتصغير الفَرَسِ فُرَيْسٌ، لأن أردت الأنثى خاصَّة لم تقل إلَّا فُرَيْسَةٌ بالهاء. والجمع أفْراسٌ. وراكبه فارِسٌ، أي: صاحب فرس. ويجمع على فوارِسَ، وهو شاذٌّ لا يقاس عليه".
الإعراب:
قوله: "لولا" لربط امتناع الثَّانية لوجود الأولى، و"فوارس": مبتدأ مخصص بالصفة، وهي قوله:"من ذهل"، والخبر محذوف تقديره لولا فوارس كائنون من ذهل موجودون.
قوله: "وأسرتهم" بالرفع عطف على فوارس، ويروى: لكن فوارس من جرم وأسرتها، قوله:"يوم الصليفاء": كلام إضافي نصب على الظرف، قوله:"لم يوفون بالجار": جواب لولا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لم يوفون" حيث لم يجزم يوفون بلم؛ إذ قد أثبت النُّون، وظاهر كلام ابن مالك جواز ذلك على قلة وأنه لا يختص بالضرورة
(1)
.
وقال أبو حيان: وإنما أنشده الفارسيّ على أنَّه وقع ذلك في الشعر على سبيل الضرورة، وقد ذكر ابن جني في سر الصناعة هذا على تشبيه لم بلا
(2)
. فافهم.
الشاهد الثالث والثلاثون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
في أيِّ يومي من الموت أفرّ
…
أيَوْمَ لم يُقْدَرَ أَمْ يَوْمَ قُدِرْ؟
أقول: قائله هو علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- كذا قال البحتري في الحماسة
(5)
، وقال ابن الأعرابي: هو للحرث بن المنذر الجرمي وليس لعلي رضي الله عنه ولكنه تمثل به. وهو من الرجز.
(1)
قال ابن مالك: "ثم بينت أن لم قد تهمل فيليها الفعل مرفوعًا كقول الشَّاعر: (البيت) ". شرح الكافية الشافية لابن مالك (1574)، وينظر الارتشاف (2/ 246).
(2)
التذييل والتكميل (مخطوط) الجزء الخامس / باب عوامل الجزم، وقال ابن جني:"فأما ما أنشده أبو الحسن من قول الشَّاعر: (البيت) فشاذ وإنما جاز على تشبيه لم بلا". ينظر سر الصناعة (448).
(3)
توضيح المقاصد (4/ 239).
(4)
البيت من بحر الرمل، نسب لعلي بن أبي طالب، وهو في ديوانه (80) تحقيق: عبد العزيز سعيد الأهل، ط. دار صادر، وبعده:
يوم يقدر لا أرهبه
…
ومن المقدور لا ينجو المحذور
وانظر بيت الشاهد في المحتسب (2/ 366)، وسر الصناعة (75).
(5)
الحماسة، تأليف: أبي عبادة البحتري (37)، تحقيق: الأب لويس شيخو اليسوعي، وقد روي البيت هكذا (من الرجز):
في أيِّ يومي من الموت أفرّ
…
أيَوْمَ لم يقدَرَ أَمْ يَوْمَ قُدِرْ؟
الإعراب:
قوله: "في أي" يتعلق بقوله: "أفر"، وكذلك قوله:"من الموت" و"أي": مضاف إلى مثنى، ويوم مضاف إلى ياء المتكلم، قوله:"أيوم" الهمزة للاستفهام، ويوم نصب على الظرف.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لم يقدر" بنصب الراء، وذلك لغة بعض العرب أنَّهم ينصبون بكلمة لم، وعليه قراءة بعضهم:{أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح: 1] بفتح الحاء
(1)
؛ كذا زعمه اللحياني
(2)
، وخرّج على أن الأصل: نشرحن ويقدرن، ثم حذفت نون التوكيد الخفيفة وبقيت الفتحة دليلًا عليها، وفي هذا شذوذان: توكيد المنفي بلم، وحذف النون لغير وقف ولا ساكنين.
وقال أبو الفتح: الأصل يقدر بالسكون، ثم تجاورت الهمزة المفتوحة والراء الساكنة، وقد أجرى العرب الساكن المجاور للمحرك مجرى المحرك، والمحرك مجرى الساكن إعطاء للجار [حكم]
(3)
مجاوره، أبدلوا الهمزة المحركة ألفًا كما تبدل الهمزة الساكنة بعد الفتحة، ولزم حينئذ فتح ما قبلها؛ إذ لا تقع الألف إلَّا بعد فتحة
(4)
.
الشاهد الرابع والثلاثون بعد المائة والألف
(5)
،
(6)
....................
…
بني ثُعْلٍ مَنْ يَنْكَعِ العنزَ ظالمُ
أقول: قائله هو فلان الأسدي، وصدره:
(1)
هي قراءة أبي جعفر المنصور، ينظر المحتسب (2/ 366)، والتوجيهات والآثار النحوية والصرفية للقراءات الثلاثة بعد السبعة، د. علي فاخر (268)، ط. أولى (1999 م).
(2)
لعله أَحْمد بن الحسن بن أَحْمد بن عليّ أبو بكر المعروف بابن اللحياني، ولم تذكر وفاته. ينظر طبقات القراء (1/ 48)، أو هو عبيد الله بن محمَّد أبو الحسن التَّمِيمِيّ الإشبيلي (ت 580 هـ) ينظر طبقات القراء (2/ 493).
(3)
ما بين المعقوفين زيادة للإيضاح.
(4)
قال ابن جني في تعليقه على آية الشرح بعد أن حكى قول مجاهد أن هذا غير جائز، قال:"ظاهر الأمر ومألوف الاستعمال ما ذكره مجاهد غير أنَّه قد جاء مثل هذا سواء في الشعر، قرأت على أبي علي في نوادر أبي زيد (البيت) قيل: أراد لم يقدرا بالنُّون الخفيفة، وحذفها، وهذا عندنا غير جائز؛ وذلك لأن هذه النُّون للتوكيد، والتوكيد أشبه شيء به الإسهاب والإطناب لا الإيجاز والاختصار لكن فيه قول ذو صنعة". ينظر المحتسب (2/ 366)، وسر الصناعة (75).
(5)
توضيح المقاصد (4/ 252).
(6)
عجز بيت من بحر الطَّويل، ذكر الشارح صدره ولم ينسب فيما ورد من مراجع إلَّا لرجل من بني أسد، وانظره في الكتاب (3/ 65)، والمحتسب (1/ 122)، والأشموني (4/ 21)، وشواهد التصحيح والتوضيح (134)، واللسان مادة:"نكع".
بَني ثُعَلٍ لا تَنْكَعُوا العَنْزَ شِرْبَها
…
.............................
وهو من الطَّويل.
قوله: "بني ثعل" بضم الثاء المثلثة وفتح العين وفي آخره لام، وبنو ثعل قبيلة في طيئ، وهو ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيئ، قوله:"من ينكع العنز" من قولهم: نكعت الناقة: جهدتها حلبًا، ومادته: نون وكاف وعين مهملة، والعنز: الماعزة وهي الأنثى من المعز، قوله:"شربها" بكسر الشين، وهو الحظ من الماء.
الإعراب:
قوله: "بني ثعل": منادى مضاف منصوب، وحذف منه حرف النداء، والتقدير: يا بني ثعل، قوله:"من ينكع" من شرطية، وينكع: جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير الذي يرجع إلى من، وقعت فعل الشرط، و"العنز": مفعولها، قوله:"ظالم": مرفوع على أنَّه خبر مبتدأ محذوف، أي: فهو ظالم.
والاستشهاد فيه:
حيث حذف فيه المبتدأ مع الفاء التي هي جواب الشرط؛ لأن التقدير: فهو ظالم؛ كما ذكرنا، والذي حسن الحذف هو أن لا من لا الشرطية ها هنا قريبة من "مَن" الموصولة؛ فكأنه توهم أن:"من" موصولة وإن كان قد استعملها شرطًا؛ ألا ترى أنها لو كانت موصولة لما احتاج إلى تقدير حذف؛ إذ كانت "من" تكون مبتدأ، وظالم خبرها
(1)
.
الشاهد الخامس والثلاثون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
وَإنْسَانُ عَينِي يَحْسِرُ الماءُ تَارَةً
…
فَيَبْدُو .........................
أقول: قائله هو ذو الرمة غيلان، وتمامه:
(1)
جواب الشرط ان كان جملة اسمية أو فعلية طلبية أو فعلًا غير متصرف أو مقرونًا بالسين أو سوف أو قد أو منفيًّا بما أو لن أو إن أو يكون قسمًا أو مقرونًا برب، فهذه الأجوبة تلزمها الفاء لأنها لا يصح جعلها شرطًا ولا يجوز حذف هذه الفاء في غير الضرورة، وقد جاء حذفها وحذف المبتدأ في الشاهد، وتقدير الكلام: فهو ظالم. ينظر شرح التسهيل للمرادي (3/ 368، 369)، وشرح الكافية الشافية لابن مالك (1596) وما بعدها.
(2)
توضيح المقاصد (4/ 260).
(3)
البيت من قصيدة طويلة لذي الرمة يصف فيها ناقته والصحراء وحبيبته مي، ومطلعها:
أَدَارًا بِحُزوَى هِجْتِ لِلْعَيْنِ عَبْرةً
…
فَمَاءُ الهَوَى يَرْفَضُ أَوْ يَتَرَقْرَقُ
ديوان ذي الرمة (1/ 456)، تحقيق: عبد القدوس أبو صالح.
..........
…
....... وتَارَاتٍ يَجِمّ فَيَغْرَقُ
وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الابتداء، وفي شواهد عطف النسق -أَيضًا-
(1)
.
والاستشهاد فيه ها هنا:
في قوله: "يحسر الماء" حيث حذف منه إن؛ إذ أصله: إن يحسر الماء، فلما حذف ارتفع الفعل، وإنما قدروا (إن) فيه محذوفة، وأن تقديره: وإنسان عيني إن يحسر الماء تارة فيبدو؛ لأن قوله: "وإنسان عيني" مبتدأ، و"يحسر الماء تارة": جملة في موضع الخبر، ولا رابط فيه لهذه الجملة بالمبتدأ، فلما عدم الرابط ذهب من ذهب إلى أن أصلها جملة شرطية؛ لأنه لا يشترط في الشرط إذا وقع خبرًا أن يكون الرابط في جملة الشرط؛ بل قد يكون في جملة الجزاء نحو: زيد إن تقم هند يغضب.
وقال أبو حيان
(2)
: ولا ضرورة إلى تكلف إضمار أداة الشرط؛ لأن في الروابط ما تقع الجملة خالية عن الرابط فيعطف عليها بالفاء وحدها من بين سائر حروف العطف جملة فيها رابط فيكتفي به لانتظام الجملتين من حيث العطف بالفاء في نظم جملة واحدة.
ومن هذا القبيل بيت ذي الرمة على أنَّه يحتمل أن يخرّج على تخريجين آخرين:
أحدهما: أن تكون الألف واللام أغنت عن الرابط وقامت مقام الضمير على مذهب من يرى ذلك؛ فيكون المعنى: وإنسان عيني يحسر ماؤه تارة فيبدو، ولا يريد بالماء مطلق الماء ولا عموم الماء، وإنما يريد ماء إنسان عينه.
والثاني: أن يكون الضمير محذوفًا لدلالة المعنى عليه، أي: يحسر الماء عنه تارة فيبدو.
الشاهد السادس والثلاثون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
فأقسمُ لو أَبْدَى النَّديّ سوادهُ
…
لَمَا مسحَتْ تلكَ المُسالاتِ عامرُ
أقول: أنشده الجوهري وغيره ولم يعزه إلى قائله، وهو من الطَّويل، وفي رواية الجوهري هكذا
(5)
:
(1)
ينظر الشاهد رقم (186، 896).
(2)
التذييل والتكميل، الجزء الخامس / باب عوامل الجزم (مخطوط).
(3)
توضيح المقاصد (4/ 263).
(4)
البيت من بحر الطَّويل، ولم يوقف على قائله ولا على قصيدته، وانظره في شرح الأشموني (3/ 28)، واللسان:"سيل"، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (376).
(5)
الصحاح مادة: (سيل).
فلَوْ كَانَ في الحَيِّ النَّجِيِّ سَوَادُهُ
…
لَمَا مَسَحَتْ تلكَ المُسالاتِ عَامِرُ
قوله: "لو أبدى الندي" من ندى يندي من النداوة من باب علم يعلم، و"الندي" بفتح النُّون وكسر الدال وتشديد الياء على وزن فعيل، وهو مجلس القوم ومتحدثهم.
قوله: "سواده" أي: شخصه، والضمير فيه يرجع إلى الممدوح، قوله:"المسالات" بضم الميم وتخفيف السين المهملة، وهو جمع مسألة، قال الجوهري: مسالا الرَّجل: جانبا لحيته، الواحد مسال وأنشد البيت المذكور
(1)
.
قوله: "عامر" أراد به القبيلة، وهي في قريش: عامر بن لؤي، وفي كنانة: عامر بن عبد مناة بن كنانة بطن، وكانوا أشد حي في كنانة بأسًا، وفي قضاعة: عامر بن عوف، وفي قيس غيلان: عامر بن صعصعة، وفي عبد القيس: عامر بن الحارث بن أغار، المعنى: أن الشَّاعر يحلف أن الممدوح لو حضر المجلس لما قدر عامر أن يمسح شواربهم من هيبته وسطوته على النَّاس وشدة بأسه وشجاعته.
وقوله: "لما مسحت تلك المسالات عامر": كناية في الحقيقة عن عدم مقاومتهم الممدوح وعن ضعف ملاقاتهم إياه؛ فحالهم معه حال من لا يقدر على مسح شاربه عند من يخاف منه.
الإعراب:
قوله: "فأقسم" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، و"أقسم": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"لو" للشرط، و"أبدى": فعل، و"الندي" فاعله، وقوله:"سواده": كلام إضافي مفعوله، والجملة وقعت فعل الشرط، وقوله:"لما مسحت": جواب القسم والشرط، وقوله:"عامر": فاعل مسحت، و"تلك المسالات": مفعوله.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لما" على الاكتفاء بجواب واحد لقسم وشرط، فإن قوله:"أقسم" يقتضي جوابًا، وقوله:"لو" كذلك، فاكتفى بجواب لو عن جواب القسم، وسواء في ذلك تقدم لو على القسم أو تأخرها عنه، وكذلك لولا، وهذا هو الصحيح
(2)
، وذهب ابن عصفور إلى
(1)
السابق نفسه.
(2)
قال ابن مالك: "فلو كانت أداة الشرط "لو" أو"لولا" استغني بجوابها عن جواب القسم مطلقًا نحو: والله لو فعلت لفعلت، ولو فعلت والله لفعلت، وكذا لو تقدم عليهما ذو خبر أو كان بدل لو لولا، ومن أَجل هذا قلت: "وأداة شرط غير امتناعي". شرح التسهيل لابن مالك (3/ 216، 217).
أن الجواب في ذلك للقسم لتقدمه
(1)
.
الشاهد السابع والثلاثون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
والله لولا الله ما اهتدينا
…
.....................
أقول: قائله هو عامر بن الأكوع رضي الله عنه، وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقوله يوم الخندق على ما روينا بإسنادنا الصحيح عن البُخَارِيّ قال: حَدَّثَنَا مسلم بن إبراهيم قال: حَدَّثَنَا شعبة عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال: كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ينقل التُّراب يوم الخندق حتَّى أغمر بطنه، أو أغبر بطنه، ويقول:
1 -
والله لَوْلَا الله مَا اهْتَدَينَا
…
ولَا تَصَدَّقْنَا ولَا صَلَّينَا
2 -
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَينَا
…
وثَبِّتِ الأقَدَامَ إِنْ لاقَينَا
3 -
إن الألى قَدْ بَغَوْا عَلَينَا
…
إذَا أرَادُوا فِتْنةً أَبَينَا
ورفع بهما صوته: أبينا أبينا
(4)
، وهو من الرجز المسدس.
الإعراب:
قوله: "والله": مجرور بواو القسم، وقوله:"لولا" لربط امتناع الثَّانية بوجود الأولى، وقوله:"الله": مرفوع بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: لولا الله موجود، وقوله:"ما اهتدينا": جواب للقسم ولولا.
(1)
ينظر شرح الجمل الكبير لابن عصفور (2/ 199)، قال ابن عصفور:"وإذا اجتمع القسم والشرط بني الجواب على المتقدم منهما وحذف جواب الآخر لدلالة ما تقدم عليه، ولا يكون فعل الشرط إذا تقدم القسم إلَّا ماضيًا؛ لأن جواب الشرط لا يحذف؛ إلَّا إذا كان فعله ماضيًا نحو قولك: والله إن قام زيد ليقومَنَّ عمرو". المقرب لابن عصفور (1/ 208) وينظر: شرح جمل الزجاجي "الكبير" لابن عصفور (1/ 529، 530). وقال الأشموني: "وأما الشرط الامتناعي نحو: لو ولولا فإنَّه يتعين الاستغناء بجوابه تقدم القسم أو تأخر كقوله (البيت) .... نص على ذلك في الكافية والتسهيل وهو الصحيح، وذهب ابن عصفور إلى أن الجواب في ذلك للقسم لتقدمه ولزوم كونه ماضيًا، لأنه مغنٍ عن جواب لو ولولا وجوابهما لا يكون إلَّا ماضيًا". شرح الأشموني (4/ 28).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 264).
(3)
بيت من بحر الرجز من مقطوعة في مناجاة الله يوم حفر الخندق، قيل: لعبد الله بن رواحة، وقيل: لعامر بن الأكوع، وانظر الشاهد في ابن يعيش (3/ 118)، والهمع (2/ 43)، وشرح الأشموني (4/ 28)، والأزهية (167)، والدرر (4/ 236)، وشرح شواهد المغني (287).
(4)
أخرجه البُخَارِيّ في كتاب الجهاد برقم (2682)(4/ 31) ط. محمَّد علي صبيح.
والاستشهاد فيه:
حيث اكتفى فيه بجواب واحد لقسم وشرط؛ لأن كلًّا منهما يقتضي جوابًا فاكتفى بقوله: "ما اهتدينا" عن جواب الاثنين، ولا يجوز ها هنا حذف جواب القسم؛ لأن الجواب منفي، وقد بين أن الفعل الواقع جوابًا إذا كان منفيًّا لم يحذف جواب القسم
(1)
.
الشاهد الثامن والثلاثون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
إن يستغيثوا بنا إن يُذعَرُوا يَجِدُوا
…
منَّا مَعَاقِلَ عِزٍّ زانَهَا كرمُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.
قوله: "إن يستغيثوا" من الإغاثة
(4)
، يقال: استغاثني فلان فأغثته، والاسم الغياث، قوله:"إن يذعروا" على صيغة المجهول؛ من الذعر وهو الفزع والخوف، قوله:"معاقل": جمع معقل وهو الملجأ.
الإعراب:
قوله: "إن" للشرط، و"يستغيثوا": مجزوم لأنه فعل الشرط، وقوله:"بنا" يتعلق به، قوله:"إن" أَيضًا للشرط، و"يذعروا": مجزوم لأنه فعله، قوله:"يجدوا": جواب الشرطين، فلهذا جزم، قوله:"معاقل عز": كلام إضافي مفعول يجدوا، قوله:"زانها": فعل ومفعول، و"كرم": فاعله، والجملة في محل النصب لأنه صفة لمعاقل.
الاستشهاد فيه:
على الاكتفاء بجواب واحد لشرطين، وذلك قوله:"إن يستغيثوا" وقوله: "إن يذعروا"، واكتفى بجواب السابق عن جواب الثاني مقيدًا للأول كتقييده بحال واقعة موقعه، والتقدير: إن يستغيثوا بنا مذعورين يجدوا
(5)
، ومنهم من جعل الشرط الثاني ها هنا متقدمًا في التقدير وإن كان متأخرًا في اللفظ، فكأنه قال: إن يذعروا وإن يستغيثوا بنا يجدوا معاقل عز؛ فيكون
(1)
انظر شرح الأشموني (4/ 28)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 216، 217)، وأسلوب القسم واجتماعه مع الشرط في رحاب القرآن الكريم (273).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 267).
(3)
البيت من بحر البسيط، بلا نسبة في المغني (4/ 6)، والهمع (2/ 63)، والخزانة (11/ 358)، والدرر (5/ 90)، والتصريح (2/ 254).
(4)
في (أ): الاستغاثة.
(5)
شرح التسهيل للمرادي (3/ 383).
الشرطان بالعطف، وقد علم أن الشرطين إذا كانا بالعطف يكتفى بجواب واحد
(1)
.
قال ابن مالك: وإن توالى شرطان أو قسم وشرط استغني بجواب سابقهما، وربما استغني بجواب الشرط عن جواب قسم سابق، ويتعين ذلك إن تقدمهما ذو خبر أو كان حرف الشرط لو ولولا. انتهى
(2)
.
والحاصل: أن الأصل أن يكون فعل الشرط المتأخر ماضيًا؛ لأنه قد بين أن جواب الشرط لا يحذف في فصيح الكلام حتَّى يكون فعله ماضيًا
(3)
، والشرط الثاني في البيت المذكور مضارع، فحينئذ يحمل هذا على الندرة والقلة، فالجواب الواحد يكون جوابًا لهما، كما في قوله تعالى:{وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ} [محمد: 36]
(4)
.
* * *
(1)
انظر المرجع السابق.
(2)
تسهيل الفوائد (239).
(3)
أسلوب القسم واجتماعه مع الشرط في رحاب القرآن الكريم (263) وما بعدها.
(4)
قال المرادي عند شرحه قول ابن مالك: "وإن توالى شرطان أو قسم وشرط استغني بجواب سابقهما": "مثال توالي الشرطين قول الشَّاعر: (البيت) فقوله: تجدوا جواب عن الشرط الأول، وجواب الثاني محذوف لدلالة الشرط الأول وجوابه عليه، ويلزم أن يكون فعله ماضيًا لأنه محذوف الجواب نحو: من أجابني إن دعوته أحسنت إليه، وقد جاء مضارعًا وهو قليل كالبيت السابق، والشرط الثاني عند المصنف مقيد للأول تقييده بالحال الواقع موقعه فكأنه قال في البيت: إن تستغيثوا بنا مذعورين، وجعله بعضهم مؤخرًا في التقدير فكأنه قال: إن تستغيثوا بنا تجدوا منا معاقل عز إن تذعروا، وما قبله دليل الجواب، فهو على هذا مقدم في المعنى". شرح التسهيل للمرادي (3/ 383)، وانظر أسلوب القسم واجتماعه مع الشرط في رحاب القرآن الكريم (263) وما بعدها.
شواهد "لو"
الشاهد التاسع والثلاثون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
ولو أنَّ ليلى الأخيليةَ سلَّمَتْ
…
عليَّ وَدُونِي جَنْدَلٌ وصفائِحُ
لسلَّمْتُ تسليمَ البشاشَةِ أو زقَا
…
إليهَا صدًى مِن جانِبِ القبرِ صَائِحُ
أقول: قائله هو توبة بن الحمير، وبعدهما:
3 -
وأُغْبِطُ مِن لَيلَى بِمَا لا أُنَالُهُ
…
بَلَى كُلُّ مَا قَرَّتْ بِهِ العَينُ صَالِحُ
1 -
قوله: "جندل" بفتح الجيم وسكون النُّون، وهي الحجارة، ويروى: ودوني تربة، أي: تراب، والتراب فيه لغات وهي: توراب، وتورب، وتيرب، وترب، وتربة، وترباء، وجمع تراب أتربة وتربان
(3)
، و"الصفائح": الحجارة العراض [تكون على القبور]
(4)
، وهي جمع صفيحة وهي الحجر العريض.
2 -
قوله: "أو زقا" بالزاي المعجمة والقاف، يقال: زقى الصدى يزقو زقًا؛ أي: صاح، وكل صائح زاق، والمصدر الزقو والزقاء، و"الصدى" بفتح الصاد المهملة؛ هو الذي يجيبك بمثل صوتك في الجبال وغيرها.
(1)
ابن الناظم (277)، وتوضيح المقاصد (4/ 275)، وشرح ابن عقيل (4/ 48).
(2)
البيتان من بحر الطويل، وهما من قصيدة طويلة لتوبة بن الحمير قالها في معشوقته ليلى الأخيلية، وانظر القصيدة والشاهد في الأغاني (11/ 229)، والحماسة البصرية (2/ 108)، والمغني (261)، وشرح شواهد المغني (644)، وقد نسبا لرؤبة في الهمع (2/ 64)، وليسا في ديوانه، وانظرهما في الجنى الداني (286)، وشرح الأشموني (4/ 38).
(3)
قال ابن منظور: "التربُ والتراب والتَّرْباء والتَّرْباء والتُّرَباءُ والتورب والتيرب والتوارب والتيراب والترْيَبُ والترِيب (الأخيرة عن كراع) كله واحد". اللسان مادة: "ترب".
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
الإعراب:
قوله: "ولو" الواو للعطف إن تقدمه شيء، ولو للشرط، و"أن" من الحروف المشبهة بالفعل، وهي ومعمولها في محل الرفع فاعل لفعل محذوف، تقديره: ولو ثبت أن ليلى الأخيلية، وقوله:"ليلى" اسم لأن، والأخيلية بالنصب صفة ليلى.
قوله: "سلمت": جملة من الفعل والفاعل خبر أن، وقوله:"عليَّ" يتعلق بسلمت في محل النصب على المفعولية، قوله:"ودوني": مبتدأ، و"جندل": خبره، و"صفائح": عطف عليه، والجملة وقعت حالًا.
قوله: "لسلمت": جواب لو، وهي جملة من الفعل والفاعل، قوله:"تسليم البشاشة": كلام إضافي منصوب على المصدرية، قوله:"أو زقا" كلمة "أو" بمعنى: إلى أن.
والمعنى: لرددت السلام بالصياح إلى أن زقا إليها صدى، وقوله:"زقا": فعل ماض، وقوله:"صدى": فاعله، وقوله:"إليها" أي: إلى ليلى [وهو]
(1)
يتعلق بزقا، قوله:"من جانب القبر": جملة في محل الرفع على أنها صفة لصدى، والتقدير: صدى كائن من جانب القبر، قوله:"صائح" بالرفع صفة لقوله: "صدى".
الاستشهاد فيه:
على وقوع "لو" للتعليق في المستقبل إلَّا أنها لا تجزم، وقد احتج به جماعة من النحويين على ذلك، ولا حجة لهم فيه لصحة حمله على المضي. فافهم
(2)
.
الشاهد الأربعون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
لَوْ بِغَيرِ المَاءِ حَلْقِي شَرِقٌ
…
كنتُ كالغصَّانِ بالماءِ اعْتِصَارِي
أقول: قائله هو عدي بن زيد بن حمار التَّيْميّ، وهو من قصيدة رائية من الرمل، وأولها
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
قال الأشموني: "وإذا وليها حينئذ ماض أوّل بالمستقبل نحو: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا} [النساء: 9] وقوله (البيت) وإن تلاه مضارع تخلص للاستقبال كما أن "إن" الشرطية كذلك، وأنكر ابن الحاج في نقده على المقرب مجيء "لو" للتعليق في المستقبل، وكذلك أنكره الشارح وتأول ما احتجوا به من نحو: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا} الآية وقوله (البيت) وقال: لا حجة فيه لصحة حمله على المضي، وما قاله لا يمكن في جميع المواضع المحتج بها". شرح الأشمونى (4/ 38).
(3)
ابن الناظم (278)، وتوضيح المقاصد (4/ 277).
(4)
البيت من بحر الرمل، قاله عدي بن زيد العبادي يخاطب النُّعمان بن المنذر من أبيات لها قصة مشهورة، ينظر الشاهد في الكتاب (3/ 121)، والأبيات مع الشاهد في الأغاني (2/ 94)، وشرح الكافية الشافية لابن مالك =
هو قوله
(1)
:
1 -
أَبلِغِ النُّعمَانَ عَنِّي مَأْلُكًا
…
أَنَّهُ قَدْ طَال حَبسِي وانْتِظَارِي
2 -
لَوْ بَغَيرِ المَاءِ ............
…
......................
3 -
لَيتَ شِعْرِي عَنْ دَخِيلٍ يَعتَرِي
…
حَيثُ مَا أَدْرَكَ لَيلي أَوْ نَهَارِي
4 -
قَاعِدًا يَكْرُبُ نَفسِي بَثُّهَا
…
وحَرَامًا كَانَ سِجْنِي واحْتِصَارِي
1 -
[قوله]
(2)
: "أبلغ النعمان" أراد به النعمان بن المنذر وأنه قد كان حبس عديًّا هذا، فأرسل بهذه القصيدة إليه ليستعطفه ويسترضيه، قوله:"مألكا" أي: رسالة، وكذلك الألوكة.
3 -
قوله: "عن دخيل" بفتح الدال وكسر الخاء المعجمة، وهو ما في باطن الرجل من أمره، قوله:"بثها" بفتح الباء وتشديد الثاء المثلثة، وهو الإظهار.
2 -
قوله: "شرق" بفتح الشين المعجمة وكسر الراء وفي آخره قاف، وهو صيغة الصفة المشبهة من قولهم: شرق بريقه بكسر عين الفعل إذا غص، والمصدر: الشَّرَق بفتحتين، قوله:"كالغصان" بفتح الغين المعجمة وتشديد الصاد المهملة؛ من قولهم: غصصت يا رجل تغص بكسر عين الفعل في الماضي وفتحها في المستقبل، فأنت غاص بالطعام وغصان، وأغصصته أنا، والمصدر: غصص بفتحتين.
قوله: "اعتصاري" أي: نجاتي وملجئي، قال أبو عبيد: الاعتصار: الملجأ، والمعنى: لو شرقت بغير الماء أسغت شرقي بالماء، فإذا غصصت بالماء فبم أسيغه؟
(3)
، وقال الجوهري: الاعتصار: أن يَغَصَّ الإنسان بالطعام فيعتصر بالماء وهو أن يشربه قليلًا ليسيغه، ثم أنشد البيت المذكور
(4)
.
الإعراب:
قوله: "لو" للشرط، وقد علم أنها مخصوصة بالفعل؛ ولكن قد يليها اسم مرفوع معمول لمحذوف يفسره الظاهر أو اسم منصوب كذلك، أو خبر لكان محذوفة، أو اسم هو في الظاهر مبتدأ وما بعده خبره، وقوله:"لو بغير الماء" من هذا القبيل.
قوله: "حلقي": مبتدأ، و "شرق": خبره، والباء في "بغير" يتعلق به، قوله:"كنت":
= (1636)، واللسان:(عصر)، والهمع (2/ 66)، وشرح شواهد المغني (225)، والخزانة (3/ 594)، (4/ 460، 524).
(1)
ديوان عدي بن زيد العبادي (93)، تحقيق: محمد جيار، وانظر شرح شواهد المغني (658).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
ينظر الصحاح مادة: "عصر".
(4)
الصحاح مادة: "عصر".
جواب لو، والتاء اسم كان، وقوله:"كالغصان": خبره، قوله:"اعتصاري": كلام إضافي مبتدأ، وقوله:"بالماء": خبره.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لو بغير الماء" وذلك أن "لو" شرطها أن تكون مختصة بالفعل، وليس كذلك هاهنا، وقد اختلف في تخريجه، فقال أبو علي الفارسي: تقديره: لو شرق بغير الماء حلقي هو شرق، فقوله:"هو شرق" جملة مفسرة للفعل المضمر
(1)
.
وقال ابن الناظم: كان الشأنية مضمرة فيه، والجملة المذكورة بعد "لو" خبر لها، تقديره: لو كان الشأن بغير الماء حلقي شرق، فقوله:"حلقي شرق": جملة اسمية في موضع النصب على أنها خبر كان
(2)
، ويقال: هو محمول على ظاهره، وإن الجملة الاسمية وليتها شذوذًا، والحاصل أن هنا ثلاثة مذاهب:
فعلى المذهب الأول: يكون "حلقي شرق" مبتدأ وخبرًا، ولا موضع للجملة من الإعراب.
وعلى المذهب الثاني: تكون الجملة في محل النصب لأنها خبر كان الشأنية.
وعلى المذهب الثالث: لا محل للجملة أيضًا.
الشاهد الحادي والأربعون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
...........................
…
............ فَهَلَّا نَفْسُ لَيلَى شَفِيعُهَا
أقول: قائله هو قيس بن الملوح، ويقال: غيره، وقد ذكرنا ما فيه الكفاية مستوفى في شواهد
(1)
قال الفارسي: "وقوله: "بغير الماء" يتعلق الجار فيه بالفعل الرافع لحلقي كأنه قال: لو شرق بغير الماء حلقي هو شرق؛ لأن "هو شرق" قد وقع موقع شرق، وهو أسهل من أن تعلقه بشرق هذا الظاهر، وهذا ما يدل أن هذه الأشياء على فعل مضمر يفسره المظهر، ألا ترى أنك إن لم تقدر هذا المضمر لزم أن يكون "لو" قد ابتدئ بعدها الاسم فإذن ثبت في هذا الموضع إضمار الفعل فحكم سائر ما أشبهه مثله". كتاب الشعر (544).
(2)
قال ابن الناظم (712): "وأسهل من هذا التخريج عندي أن يحمل البيت على إضمار كان الشأنية وتجعل الجملة المذكورة بعد لو خبرًا لها كما فعل مثل ذلك في قول الشاعر:
ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة
…
إليّ فهلا نفس ليلى شفهعها".
(3)
ابن الناظم (278).
(4)
عجز بيت من بحر الطويل، ذكر الشارح صدره، وهو أول بيتين لقيس بن الملوح، ديوان مجنون ليلى (195)، عبد الستار فراج، وثانيهما:
أأكرم من ليلى علي فتبتغي
…
به الجاه أم كنت امرأً لا أطيعها
الإضافة، وصدره:
ونُبِّئْتُ لَيلَى أَرْسَلَتْ بِشَفَاعَةٍ
…
إليّ ............ إلخ
(1)
والاستشهاد فيه هاهنا:
على تقدير كان الشأنية، أي: هلا كان نفس ليلى شفيعها، فقوله:"نفس ليلى شفيعها" جملة اسمية في محل النصب على أنها خبر كان فافهم
(2)
.
الشاهد الثاني والأربعون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
وَلَوْ أَن ما أَبْقَيتِ مِنِّي مُعَلَّقٌ
…
بِعَوْدِ ثُمَامٍ ما تَأَوَّدَ عُودُها
أقول: قائله هو أبو العوام بن عقبة بن كعب بن زهير بن أبي سلمى
(5)
، ويقال: قائله هو الحسين بن مطر
(6)
، ويقال: كثير عزة، والأول أصح، وهو من قصيدة طويلة من الطويل، وأولها هو قوله
(7)
:
1 -
وخُبِّرتُ لَيلَى بِالعِرَاقِ مَرِيضَةً
…
فَأَقبَلْتُ مِنْ مِصرَ إلَيهَا أَعُودُهَا
2 -
فَوَالله مَا أَدرِي إذَا أَنَا جِئْتُهَا
…
أأُبْرِئُهَا مِنْ دَائِهَا أمْ أَزِيدُهَا؟
3 -
ألا ليْتَ شِعْرِي بَعْدَنا هَلْ تَغَيَّرَتْ
…
مَلاحَةُ عَينَيْ أُمِّ عَمرٍو وَجِيدُهَا
إلى أن قال:
4 -
رَفَعتُ عَنِ الدُّنيَا المُنَى غَيرَ وَجهِهَا
…
فَلَا أَسأَلُ الدُّنيَا ولَا أسْتَزِيدُهَا
5 -
ولو أَنَّ ...................
…
........................ إلى آخره
وهذا البيت آخر أبيات القصيدة.
5 -
قوله: "ثمام" بضم الثاء المثلثة وتخفيف الميم، وهو نبت ضعيف له خوص أو شبيه
(1)
ينظر الشاهد رقم (653) من هذا البحث.
(2)
ينظر الشاهد السابق.
(3)
ابن الناظم (278).
(4)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة اختلف في قائلها على ما ذكره الشارح، والسبب في ذلك أن كل شاعر له قصيدة على هذا الوزن والروي وفي المعنى نفسه وهو الغزل، وانظر بيت الشاهد في شرح الكافية الشافية (1638)، والأشموني (4/ 42)، وسمط اللآلئ (881)، والخزانة (11/ 369)، ورصف المباني (290)، واللسان:"ثمم".
(5)
شاعر مقل من شعراء الحجاز سمط اللآلئ (373).
(6)
شاعر من شعراء الدولتين وله أماديح في رجالهم. الأعلام (2/ 260).
(7)
انظر الأبيات في ديوان كثير عزة (204)، وديوان مجنون ليلى (107)، وانظرها أيضًا في الخزانة (11/ 396)، وهي مبعثرة في سمط اللآلئ (883)، منسوبة للشعراء الثلاثة.
بالخوص، وربما حشي به وشد به خصاص البيوت، الواحدة ثمامة، وبه سمي الرجل ثمامة، يصف الشاعر به ضعف الثمام مخاطبًا لمحبوبته مدعيًا بأنها لم تبق منه إلا شيئًا يسيرًا لو علق بعود ثمام ما اعوج مع ضعفه لكون ذلك الشيء حقيرًا جدًّا، وهذا كناية عن غاية فنائه في محبتها وأنه لم يبق فيه شيء ينتفع به، قوله:"ما تأود " أي: ما تعوج، وأصله من أود الشيء بالكسر يأود أودًا إذا اعوج.
الإعراب:
قوله: "ولو أن" الواو للعطف، ولو للشرط، وأن: من الحروف المشبهة بالفعل، وقوله:"ما أبقيت مني" اسمه، وقوله:"معلق": خبره، والجملة في محل الرفع على الفاعلية لأن تقدير الكلام: ولو ثبت أن ما أبقيت مني معلق، وقوله:"ما" يجوز أن تكون موصولة، والعائد محذوف تقديره: ما أبقيته مني، و "مني": في موضع الحال من الضمير، ويجوز أن تكون مصدرية، والتقدير: ولو ثبت أن بقائي الذي أبقيته معلق، قوله:"بعود" يتعلق بقوله "معلق"، وهو مضاف إلى ثمام، وقوله:"ما تأود عودها": جملة من الفعل والفاعل وقعت جوابًا للو.
الاستشهاد فيه:
في وقوع خبر "أن" بعد "لو" اسمًا، وبه رد ابن الناظم على الزمخشري بقوله: وزعم الزمخشري أن خبر "أن" بعد "لو" لا يكون إلا فعلًا
(1)
، وهو باطل بنحو قوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} [لقمان: 27]، وبنحو قول الشاعر:
ولَوْ أَنَّ مَا أبْقَيتِ ........
…
........................ إلخ
(2)
ووافقه على ذلك ابن الحاجب
(3)
، وقال: إنما ذلك في الخبر المشتق لا الجامد كالذي في الآية، وفي قوله
(4)
:
(1)
قال الزمخشري في المفصل (323)، ط. دار الجيل: "ولا بد من أن يليها الفعل، ونحو قوله تعالى:{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ} [الإسراء: 100]، و {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} [النساء: 176]، على إضمار فعل يفسره هذا الظاهر، ولذلك لم يجز: لو زيد ذاهب، ولا: إنْ عمرو خارج، لطلبهما الفعل وجب في أنّ الواقعة بعد لو أن يكون خبرها فعلًا كقولك: لو أن زيدًا جاءني لأكرمته
…
ولو قلت: لو أن زيدًا حاضري لأكرمته لم يجز".
(2)
ينظر ابن الناظم (712، 713).
(3)
ينظر شرح الرضي على الكافية (4/ 453)، تصحيح يوسف حسن عمر، والأمالي النحوية لابن الحاجب (4/ 157).
(4)
البيت من بحر البسيط في الأشموني (4/ 41)، دون نسب، والمغني (270) بتحقيق: محمد محيي الدين، ونص كلامه:"إن للاستقبال، ولو للمضي، ويلزمان الفعل لفظًا أو تقديرًا، ومن ثم قيل: لو أنك بالفتح؛ لأنه فاعل، وانطلقت بالفعل موضع منطلق ليكون كالعوض، وإن كان جامدًا جاز لتعذره".
ما أطْيَبَ العَيشَ لَوْ أَنَّ الفَتَى حَجَرٌ
…
تَنبُو الحَوَادِثُ عَنهُ وهْوَ مَلْمُومُ
وقوله
(1)
:
وَلَوْ أَنَّهَا عُصْفُورَةٌ لَحَسِبتَهَا
…
مُسَوَّمَةً تَدْعُو عُبَيدًا وَأَزْنَما
وقال ابن مالك رادًّا عليه، وقد جاء اسمًا مشتقًّا في قوله
(2)
:
ولَوْ أَنَّ حَيًّا مُدْرِكَ الفَلَاحِ
…
أَدْرَكَهُ مُلَاعِبُ الرِّمَاحِ
(3)
وقال ابن هشام: وقد وجدت آية في التنزيل وقع فيها الخبر اسمًا مشتقًّا ولم يتنبه لها الزمخشري كما لم يتنبه لآية لقمان، ولا ابن الحاجب، وإلا لما منع من ذلك، ولا ابن مالك، وإلا لما استدل بالشعر، وهي قوله تعالى:{يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ} [الأحزاب: 20]
(4)
.
وقد رُد على ابن هشام بأن هذه الآية ليست من هذا الباب؛ لأن ابن الحاجب قد ذكر في منظومته أن لو في قوله تعالى: {يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ} للتمني وليست للشرط، وإنما هي بمثابة الزائد.
والمعنى: يودون أنهم بَادُونَ نحو: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال: 7]،
(1)
البيت من بحر الطويل للعوام بن شوذب الشيباني، وانظره في شرح الكافية الشافية (1639)، والمغني (270)، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، ومسومة: خيولًا معلمة، أزنما: بطن من بني يربوع، يصف الشاعر مخاطبه بغاية الجبن، وشاهده:"لو أنها عصفورة" حيث وقعت (أن) بعد "لو" وهو كثير.
(2)
البيت من قصيدة طويلة للبيد، ديوانه (42)، وانظره في شرح الكافية الشافية لابن مالك (1637)، والمغني (270)، ملاعب الرماح: هو ملاعب الأسنة عامر بن مالك بن جعفر من الفرسان الذين يضرب بهم المثل في الشجاعة والإقدام، وشاهده:"ولو أن حيًّا" واستشهد به ابن مالك على شيوع ورود "أن" بعد "لو" مشتقًّا خلافًا لقول الزمخشري.
(3)
قال ابن مالك: "ثم نبهت على أنها في الاختصاص بالفعل كـ (أن) وذكرت ما تنفرد به من مباشرة أن نحو: لو أن زيدًا قام لقُمْتُ، وزعم الزمخشري أن بين لَوْ وَأَنَّ (ثبت) مقدر، وهو خلاف ما ذهب إليه سيبويه، فإن سيبويه شبهها في مباشرة (أنَّ) على سبيل الشذوذ بانتصاب غُدْوة بعد: لدن، فـ (أنّ) الواقعة بعد (لو) في موضع رفع بالابتداء، وإن كانت لا تدخل على مبتدأ غيرها؛ كما أن غدْوَة بعد لدن تنتصب وإن كان غيرها بعدها يجب جره. على أنه قد ولي (لو) اسم صريح مرفوع بالابتداء في قول الشاعر:
لَوْ بغَيرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ
…
كنتُ كالغصَّانِ بالماءِ اعْتِصَارِي
ولذلك وجه من النظر، وهو أن (لو) لما لم تصحب غالبًا إلا فعلًا ماضيًا وهو لازم البناء لم تكن عاملة، ولما لم تكن عاملة لم يسلك بها سبيل (إنْ) في الاختصاص بالفعل أبدًا. فنبه على ذلك بمباشرتها (أنّ) كثيرًا وبمباشرتها غيرها قليلًا" ثم أنشد الأبيات المذكورة وغيرها. شرح الكافية الشافية لابن مالك (1635 - 1639)، تحقيق: عبد المنعم هريدي، وانظر الكتاب (2/ 373).
(4)
المغني (271).
فمن ذلك لم يلتزم فيها ما التزم في الشرطية
(1)
.
الشاهد الثالث والأربعون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
وَلَوْ أَنَّ حيًّا فائِتُ المَوْتِ فَاتَهُ
…
أخو الحَرْبِ فَوْقَ الْقَارِحِ العَدوَانِ
أقول: قائله هو صخر بن عمرو
(4)
، وهو من قصيدة من الطويل، وأولها هو قوله
(5)
:
1 -
أرَى أمَّ صَخْرٍ مَا تَمَلُّ عِيَادَتِي
…
ومَلَّتْ سُلَيمَى مَضْجَعِي ومَكَانِي
2 -
ومَا كُنتُ أَخْشَى أَنْ أَكُونَ جِنَازَةً
…
عَلَيك ومَنْ يَغتَرُّ بالحَدَثَانِ
3 -
لعَمرِي لقَدْ نَبَّهتِ مَنْ كَانَ نَائِمًا
…
وأسْمَعتِ مَنْ كَانَتْ لهُ أُذُنَانِ
4 -
أَهُمُّ بأمْرِ الحَزْمِ لَوْ أَستَطِيعُهُ
…
وقَدْ حِيلَ بَينَ العَيرِ والنَّزَوَانِ
5 -
فأيُّ امرِئٍ سَاوَى بِأُمِّ حَلِيلَةٍ
…
فلا عَاشَ إلا في شَقَى وهَوَانِ
6 -
وحَيٍّ حَرِيدٍ قَدْ صَبَحْتُ بغارة
…
كَرِجْلِ جَرَاد أوْ دَبَا كُتُفَانِ
7 -
ولو أن حيًّا .............
…
............................. إلخ
2 -
قوله: "جنازة " بكسر الجيم؛ اسم السرير الذي يحمل عليه الميت.
(1)
الذي رد على ابن هشام هو الدماميني حيث يقول: "هوَّل المصنف بقصور نظر هؤلاء الأئمة، وتبجّج بالاهتداء إلى ما لم يهتدوا إليه، ثم إن ما اهتدى إليه دونهم ليس بشيء، وذلك أن "لو" في هذه الآية ليست مما الكلام فيه، لأنها مصدرية أو للتمني، والكلام إنما هو في "لو" الشرطية .. الخزانة (11/ 305).
(2)
ابن الناظم (713) بتحقيق: عبد الحميد السيد.
(3)
البيت من بحر الطويل لصخر بن عمرو أخي الخنساء، من قصيدة قالها ردًّا على امرأته التي ملت طول مرضه، حيث قالت لسائلة عنه: كيف بعلك؟ فقالت: لا حي فيرجى، ولا ميت فينعى، لعينًا منه الأمرين، وانظر بيت الشاهد في شرح الكافية الشافية لابن مالك (1638) واللسان (عدا)، وتذكرة النحاة (73)، وشرح الأشموني (4/ 42)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (1042).
(4)
صخر بن عمر بن الحارث بن الشريد الرياحي السلمي، من بني سليم بن منصور، من قيس عيلان: أخو الخنساء الشاعرة، كان من فرسان بني سليم وغزاتهم، جرح في غزوة له علي بني أسد بن خزيمة، ومرض قريبًا من الحول، وله في ذلك أبيات أولها:
(أرى أم صخر لا تمل عيادتي
…
وملت سليمى مضجعي ومكاني)
وسليمي زوجته، ثم نتأت قطعة من جنبه، فأزيلت، فمات، ولأخته (الخنساء) شعر كثير في رثائه ورثاء أخيه معاوية المقتول قبله، ومما قالت فيه:
(وإنَّ صَخْرًا لَتَأْتَمُّ الهُدَاةُ بِهِ
…
كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأسِهِ نَارٌ)
وتوفي نحو سنة عشرة قبل الهجرة الشريفة، انظر الأعلام (3/ 301)، والخزانة (1/ 435)، والشعر والشعراء (345).
(5)
انظر الأبيات في الأغاني (15/ 78)، وخزانة الأدب (1/ 436)، والشعر والشعراء (345).
4 -
و "العير" بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره راء، وهو حمار الوحش.
6 -
و "الدبا" بفتح الدال وتخفيف الباء الموحدة؛ صغار الجراد، قوله:"كتفان" بضم الكاف والتاء المثناة من فوق وبالفاء، وهو الذي يكتف في المشي
(1)
.
7 -
و "القارح" بالقاف؛ من قرح الحافر قروحًا إذا انتهت أسنانه، وإنما تنتهي في خمس سنين؛ لأنه في السنة الأولى حولي ثم جذع ثم ثني ثم رباع ثم قارح، ويقال: أجذع المهر وأثنى وأربع وقرح، هذه وحدها بلا ألف، والفرس قارح، والجمع قرّاح بضم القاف وتشديد الراء، قوله:"العدوان" بفتح العين المهملة والدال؛ بمعنى: شديد العدو، وذئب عدوان؛ أي: يعدو على الناس، ومنه قولهم: السلطان ذو عدوان وذو يدان، وعدوان بتسكين الدال اسم قبيلة.
الإعراب:
قوله: "ولو أن حيًّا" الواو للعطف، ولو للشرط، وحيًّا: اسم أن، وخبره قوله:"فائت الموت"، قوله:"فاته أخو الحرب": جواب لو، و "فاته": جملة من الفعل والمفعول وهو الضمير الذي يرجع إلى الموت، و "أخو الحرب": كلام إضافي فاعله، وأراد به صاحب الحرب، وإنما يذكر لفظ الأخ في أمر يكون صاحبه لا يزال يباشره ولا يفارقه كأنهما أخوان لا يفترقان، قوله:"فوق القارح": كلام إضافي وقع حالًا من: "أخو الحرب"، و "القارح": صفة موصوفها محذوف، أي: الفرس القارح، قوله:"العدوان": صفة بعد صفة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فائت الموت" حيث وقع خبرًا لأن بعد "لو" وهو اسم، وفيه رد على من اشترط أن يكون خبر "أن" بعد "لو" فعلًا كما ذكرناه في البيت السابق
(2)
.
(1)
في الصحاح للجوهري، مادة:"كتف": "الكُتفانُ: الجراد أول ما يطير منه، الواحدة: كُنْفانَةٌ. والكَتْفُ: المشيُ الرويد. وقد كَتَفتِ الخيل وتَكَتَّفَتْ، إذا ارتفعت فروعُ أكتافِها في المشي".
(2)
ينظر الشاهد رقم (1141).
الشاهد الرابع والأربعون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
لو يسمعونَ كما سَمِعْتُ حَدِيثَهَا
…
خَرُّوا لِعَزَّةَ رُكَّعًا وَسُجُودًا
أقول: قائله هو كثير عزة، وقد ذكر في شرح ابن عقيل قبله بيت آخر، وهو قوله
(3)
:
1 -
رُهْبَانُ مَدْيَنَ والذينَ عَهِدْتُهُم
…
يَبْكُونَ مِنْ حَذَرِ العَذَابِ قُعُودًا
وهما من الكامل.
1 -
و "الرهبان": جمع راهب، و "مدين": بلدة مشهورة بساحل بحر الطور.
2 -
وقوله: "خروا": من الخرور وهو السقوط، و "عزة": اسم محبوبة كثير التي كان يتشبب بها، و "الركع" بضم الراء، جمع راكع، و "السجود" بضم السين، جمع ساجد.
الإعراب:
قوله: "لو يسمعون" كلمة لو للشرط، ويسمعون: جملة من الفعل والفاعل، فعل الشرط، وقوله:"كما سمعت" الكاف للتشبيه، وما مصدرية، وسمعت: جملة من الفعل والفاعل، و "حديثها": كلام إضافي مفعوله، والتقدير: كسماعي حديثها، والضمير يرجع إلى عزة المذكورة في البيت السابق، قوله:"خروا": جملة من الفعل والفاعل وقعت جوابًا للو، قوله:"لعزة" يتعلق بخروا، وكان القياس أن يقال: خروا لها، ولكنه ذكرها بالتصريح للاستلذاذ ولإقامة الوزن، قوله:"ركعًا": حال من الضمير في: "خروا"، و "سجودًا " كذلك حال.
الاستشهاد فيه:
على أن المضارع هو الذي وقع بعد "لو" وصرف معناه إلى المضي؛ لأن الغالب دخول "لو" التي للتعليق على الفعل الماضي الذي هو مبني؛ ألا ترى أنه إذا دخل على الفعل المضارع لا يعمل فيه شيئًا
(4)
.
(1)
ينظر ابن الناظم (278)، وتوضيح المقاصد (4/ 281)، وشرح ابن عقيل (4/ 51).
(2)
البيت من بحر الكامل، من مقطوعة عدتها سبعة أبيات في الغزل، وهي لكثير عزة في ديوانه (441)، تحقيق: د. حسين نصار، وانظر بيت الشاهد في الخصائص (1/ 27)، واللسان:"كلم"، والجنى الداني (283)، وشرح الأشموني (4/ 42).
(3)
ينظر ديوان كثير (441)، تحقيق: د. حسين نصار، وأيضًا ديوانه (76)، بشرح: مجيد طراد، وشرح ابن عقيل (4/ 51).
(4)
قال ابن مالك في شان "لو" الامتناعية ودخولها على المضارع: =
الشاهد الخامس والأربعون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
إِنْ يكُنْ طِبُّكَ الدَّلال فلوْ فِي
…
سَالِفِ الدَّهْرِ والسِّنِينَ الخَوالِي
أقول: أنشده أبو الحسن
(3)
، ولم يعزه إلى أحد، [ونسبه ابن جني لعبيد بن الأبرص، ولكن يثبت في ديوانه، ووجد في بعض مجاميعه التي اختارها أبيات منه، وهي
(4)
:
1 -
لَيسَ رَسمٌ عَلَى الدَّفِينِ ببالِ
…
فَلِوَى ذِرْوَةٍ فَجَنْبَي أَثَالِ
2 -
فَالمَرَوْرَاتُ فَالصَّفِيحَةُ قَفْرٌ
…
كُلُّ وَادٍ وَرَوْضَةٍ مِحْلَالِ
3 -
دَارُ حَيٍّ أَصَابَهُمْ سَالِفُ الدَّهـ
…
ـرِ فَأَضْحَتْ دِيَارُهُمْ كالخِلَالِ
4 -
مُقْفَرَاتٍ إلا رَمَادًا عَفِيًّا
…
وبَقَايَا مِنْ دِمْنَةِ الأطْلَالِ
5 -
وَأَوَارِيُّ قَدْ عَفَتْ ونُؤْيًا
…
ورُسُومًا غيَّرْنَ عَنْ أَحْوَالِ
6 -
تِلكَ عِرْسِي غضبى تُرِيدُ زِيَالِي
…
ألِبَيْنٍ تَقُولُهُ أَمْ دَلَالِ
7 -
إنْ يَكُن طِبُّكَ الفِرَاقَ فلَا أحْـ
…
فِلُ أَنْ تَعْطِفِي صُدُورَ الجِمَالِ
8 -
أَوْ يَكُنْ طِبُّكَ الدَّلَال ......
…
....................... إلخ
9 -
إِذ أَرَاهَا مِثْلَ المَهَاةِ وإذْ أَغْـ
…
دُو كَجَذْلَان مُرْخِيًا أَذْيَالِي
10 -
فَدَعِي مَطَّ حَاجِبَيْكِ وعِيشِي
…
مَعَنَا بالرَّجَاءِ والتَّأْمَالِ
11 -
واتْرُكِي صَرْمَة عَلَى آلِ زَيْدٍ
…
بِالْقُطَيبَاتِ كُنَّ مِنْ أَوْرَالِ
12 -
لَمْ تَكُنْ غَزْوَةَ الجِيَادِ وَلَمْ يُنْ
…
سَبْ بِآثَارِهَا صُدُورَ النِّعَالِ
13 -
زَعَمْتَ أَنِّي قَدْ كَبِرْتُ وَأَني قَلَّ
…
مَالِي وضَنَّ عَني الموَالِي
= وإن مضارع تلاها صرفا
…
إلى المضي نحو: لو يفي كفى
ينظر الأشموني بحاشية الصبان (4/ 42)، والجنى الداني (283).
(1)
ابن الناظم (279)، والبيت ليس موجودًا في توضيح المقاصد، ولا في أوضح المسالك كما أشارت إليه رموز الشارح.
(2)
البيت من بحر الخفيف، وهو من قصيدة في الغزل لعبيد بن الأبرص في ديوانه (112 - 116)، ط. دار صادر، وانظر بيت الشاهد في تذكرة النحاة (84)، والمغني (649)، وشرح شواهد المغني (937).
(3)
انظر البيت في معاني القرآن للأخفش (1/ 165، 298)، تحقيق: د. هدى قراعة، وقد استشهد به الأخفش في الموضعين للشاهد هنا.
(4)
انظر الأبيات في ديوان عبيد بن الأبرص (112)، ط. دار صادر، بيروت، وكثير منها في شرح شواهد المغني للسيوطي (937).
14 -
وَصَحَا بَطِلِي وَأَصْبَحْتُ شَيْخًا
…
لا يُوَاتِي أَمْثَالهَا أَمْثَالِي]
(1)
وهي من الخفيف.
قوله: "طبك" بكسر الطاء المهملة وتشديد الباء الموحدة، أي: إن يكن عادتك الدلال، فلو كان هذا فيما مضى لاحتملناه، و "الطب": العادة؛ كما في قول الشاعر
(2)
:
فما إنْ طِبُّنَا جُبنٌ ولكِنْ
…
منَايَانَا ودَوْلَةٌ آخرينا
و"الدلال" بفتح الدال وتخفيف" اللام؛ هو التحاشي والتمانع على المحب، وهو من دَلّ يَدِلُّ من باب ضرب يضرب، قوله: "الخوالي" يعني: المواضي؛ جمع خالية من خلى إذا مضى.
الإعراب:
قوله: "إن": حرف شرط، و "يكن طبك": جملة وقعت فعل الشرط، وجواب الشرط هو قوله:"فلو في سالف الدهر"، وقوله:"الدلال": منصوب لأنه خبر يكن.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فلو في سالف الدهر" حيث حذف فيه فعل الشرط للو، وجوابه؛ فإن تقدير قوله:"فلو في سالف الدهر والسنين الخوالي"[والأصل]
(3)
: فلو كان ذلك في سالف الدهر لكان كذا، وقد قلنا إن المعنى: فلو كان هذا فيما مضى لاحتملناه، وشبه "لو" في هذا البيت بإن، فكما جاز حذف فعل الشرط والجواب بعد "إن" كذلك جاز بعد "لو"، ولكن ذلك في "إن" كان لدلالة المعنى جائز، وفي "لو" نادر. فافهم
(4)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): ونقل من نسخة الخزانة.
(2)
البيت من بحر الوافر وهو لفروة بن مسيك بن الحارث بن سلمة المرادي (صحابي مخضرم)، وهو في الخزانة (2/ 121)، والكامل (295)، والارتشاف (2/ 575)، وشرح شواهد المغني (81).
(3)
ما بين المعقوفين زيادة للإيضاح.
(4)
قال أبو حيان: "وقد جاء في الشعر حذف الفعل بعد "لو" .... وحذفه وحذف الجواب قال (البيت) تقديره: فلو كان في سالف الدهر لاحتملنا دلالك". الارتشاف (2/ 575، 576)، وينظر شرح الكافية الشافية (1641).
الشاهد السادس والأربعون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
فلوْ نُبِشَ المَقابرُ عن كُلَيبٍ
…
فَيُخْبَرَ بالذنائبِ أيُّ زِيرٍ
بيومِ الشَّعْثَمَيِنْ لَقَرَّ عَينًا
…
وكيف لِقَاءُ منْ تَحْت القبورِ؟
أقول: قائلهما هو مهلهل بن ربيعة الجشمي شاعر جاهلي، واسمه امرؤ القيس، وهما من قصيدة طويلة من الوافر، وأولها هو قوله
(3)
:
1 -
ألَيلَتَنَا بِذِي حُسَمٍ أَنِيرِي
…
إذَا أنْتِ انْقَضَيتِ فَلا تَحُورِى
2 -
فإنْ يَكُ بالذَّنَائِبِ طَال لَيلِي
…
فقَدْ أَبْكِي مِنَ اللَّيلِ القَصِيرِ
إلى أن قال:
3 -
كواكب ليلَة طَالت وعَمَّت
…
فهذَا الصُّبحُ صاعِرة فَغُورِي
4 -
فلو نُبِشَ المَقَابِر ........
…
..................... إلخ
6 -
وإني قَدْ تَرَكْتُ بِوَارِدَاتٍ
…
بُجَيرًا فيِ دَمٍ مِثْل العَبِيرِ
7 -
هَتَكْتُ بِهِ بُيوتَ بَنِي عُبَادٍ
…
وبَعضُ القَتْلِ أشْفَى لِلصُّدُور
8 -
وهَمَّامُ بنُ مُرَّةَ قَدْ تَرَكْنَا
…
عَلَيهِ القَشْعَمَانِ مِنَ النُّسُورِ
قال مهلهل هذا الشعر لما أدرك بثأر أخيه كليب واسمه كليب، وائل، وكنيته: أبو الماجدة، وإنما لقب كليبًا بالجرْو الذي أعده، فقال: فلو نبش المقابر عن كليب، وأراد بكليب أخاه.
قوله: "فيخبر بالذنائب أي زير" قال القالي: تقديره: فيخبر بالذنائب أي زير أنا، و "الزير": بكسر الزاي المعجمة وسكون الياء آخر الحروف، يقال: رجل زير نساء إذا كان يكثر زيارتهن، وكذلك يقال: هذا حِدْث نساء وهو الذي يكثر التحدث إلى النساء، وذلك أن كليبًا كان يعيره فيقول: إنما أنت زير نساء، وأراد بـ:"الشعْثمين " شعثمًا وشعيثًا ابني معاوية بن عمرو بن هقل بن ثعلب، واسم شعثم حارثة.
(1)
توضيح المقاصد (4/ 270).
(2)
البيتان من بحر الوافر، من قصيدة قالها مهلهل بن ربيعة مفتخرًا لما أدرك ثأر أخيه كليب، وانظر الشاهد في تذكرة النحاة (72)، والخزانة (11/ 305)، واللسان:"ذنب"، والجنى الداني (289)، والمغني (267)، والارتشاف (2/ 576)، وشرح أبيات المغني (5/ 67)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (447).
(3)
انظر الأبيات منسوبة لقائلها ومناسبتها بالتفصيل في كتاب الأغاني لأبي الفرج (5/ 53 - 59) نسخة دار الكتب، وكذا في الخزانة (11/ 305).
قوله: "بالذنائب" بفتح الذال المعجمة، ثلاث هضبات بنجد، وبها قبر كليب وائل المذكور.
1 -
قوله: "بذي حُسَمٍ" بضم الحاء وفتح السين المهملتين، وهو اسم موضع، قوله:"أنيري": من الإنارة، قوله:(فلا تحوري): من حار إذا رجع.
3 -
قوله: "صاعرة" بالمهملتين، من الصعر بفتحتين وهو الميل، قاله الصاغاني في العباب.
قوله: "فغوري" بالغين المعجمة، من غار النجم إذا غاب.
6 -
قوله: "بواردات" على وزن فاعلات، اسم موضع، قوله:"العبير" بفتح العين المهملة وكسر الباء الموحدة، اسم قبيلة.
8 -
و "القشعمان": تثنية قشعم وهو النسر، وأراد نسرين من النسور.
الإعراب:
قوله: "فلو نبش" الفاء للعطف، ولو للشرط، وقوله:"نبش" على صيغة المجهول، و "المقابر": مفعول ناب عن الفاعل، قوله:"عن كليب": صلة لنبش، قوله:"فيخبر" بنصب الراء، جواب لو بتقدير أن، قوله:"بالذنائب" أي: فيها، قوله:"أي زير": كلام إضافي مرفوع على أنه مبتدأ محذوف الخبر تقديره: أي زير أنا، ويجوز أن يكون أنا مبتدأ، وأي زير مقدمًا خبره، والباء في:"بيوم الشعثمين" في موضع النصب على الحال من أنا المحذوف، قوله:"لقر": جواب لو بعد جواب آخر بالفاء، وهي جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الراجع إلى كليب، و "عينًا" نصب على التمييز.
قوله: "وكيف" للاستفهام ولكنه أخرج مخرج التعجب؛ كما في قوله تعالى: {كَيفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ} {البقرة: 28} ومحله الرفع على أنه خبر لقوله: "لقاء من تحت القبور" فإن لقاء مرفوع بالابتداء مضاف إلى من، وهي موصولة، وقوله:"تحت القبور": جملة محذوفة الصدر، تقديره: لقاء من هو تحت القبور، فقولك:"هو "مبتدأ، و "تحت القبور": خبره، والجملة صلة الموصول
(1)
.
قوله: "القشعمان" في البيت الأخير مرفوع بالابتداء، وخبره قوله:"عليه" مقدمًا، والجملة في موضع النصب على الحال، وتقديره: وعليه، فحذف الواو؛ لأن الهاء في:"عليه" تربط الكلام بأوله، ويروى: عليه القشعمين بالنصب فوجهه أن يكون منصوبًا بقوله: "تركنا" فافهم.
(1)
تكلف لا داعي له؛ فشبه الجملة صالح لوقوعه صلة دون تكلف ضمير مبتدأ محذوف.
الاستشهاد فيه:
على أن جواب "لو" قد جاء باللام بعد جوابها بالفاء وهو قوله: "فيخبر"، وأما اللام فهو قوله:"لقر عينًا"، وقال ابن مالك:"إن لو هاهنا مصدرية أغنت عن التمني فلذلك نصب بعدها الفعل مقرونًا بالفاء وهو قوله: "فيخبر" أي: فأن يخبر
(1)
، ومثَّل لذلك الشيخ أبو حيان بقوله تعالى:{لَو أنَّ لَنَا كَرةَ فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ} {البقرة: 167}
(2)
.
الشاهد السابع والأربعون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
سرينَا إليهم في جُمُوعٍ كَأنَّهَا
…
جبالُ شَرَورَى لوْ نُعَانُ فننْهَدَا
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد إعراب الفعل
(5)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فننهدا" حيث نصب بتقدير أن، أي: فأن ننهدا، وقال ابن مالك: لو هنا مصدرية، فلذلك نصب الفعل بعدها مقرونًا بالفاء
(6)
.
(1)
ينظر الأشموني بحاشية الصبان (4/ 32).
(2)
قال أبو حيان: "وإذا أشربت "لو" معنى التمني فنص شيخنا ابن الضائع وأبو مروان بن هشام على أنها لا جواب لها كجواب "لو" الامتناعية، ويجوز أن تجاب بالفاء، قال تعالى: {لَوْ أَنَّ لنَا كَرَّةً فَنَتَبرَّأَ مِنْهُمْ} وهي إذ ذاك قسم برأسه والصحيح أنها الامتناعية، ويجوز أن تجاب بالفاء، وقد جاء جوابها باللام بعد جوابها بالفاء في قوله (البيتين) ".
الارتشاف (2/ 576).
(3)
توضيح المقاصد (4/ 271).
(4)
البيت من بحر الطويل، وقد سبق الاستشهاد به قريبًا في الشاهد رقم (1097)، وانظر في شرح الأشموني (4/ 33).
(5)
ينظر الشاهد رقم (1097).
(6)
قال ابن مالك: "وأشرت بقولي: وتغني عن التمني فينصب بعدها الفعل مقرونا بالفاء إلى نحو قول الشاعر (البيت) فلك في نصب ننهد أن تقول: نصب لأنه جواب تمن إنشائي كجواب ليت لأن الأصل: وددنا لو نعان بحذف فعل التمني لدلالة "لو" عليه، فأشبهت ليت في الإشعار بمعنى التمني دون لفظه، فكان لها جواب كجواب ليت، وهذا عندي هو المختار، ولك أن تقول: ليس هذا من الجواب بالفاء، بل من باب العطف على المصدر، لأن "لو" والفعل في تأويل مصدر". شرح التسهيل لابن مالك (1/ 229)، وينظر شرح الأشموني بحاشية الصبان (4/ 33).
الشاهد الثامن والأربعون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
أخلَّايَ لوْ غيرُ الحِمَام أصابكم
…
عَتبْتُ ولَكِن ما على الدهر مَعْتبُ
أقول: قائله هو الغطمش
(3)
، وهو من قصيدة من الطويل، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
ألَا رُبَّ مَنْ يغْتَابني وَدّ أَنَّنِي
…
أَبُوهُ الذي يُدْعَى إليه وينسَبُ
2 -
عَلَى رِشدَة منْ أُمِّه أوْ لغَيَّةٍ
…
فَيغْلِبُهَا فَحْلٌ عَلَى النَّسْلِ مُنجِبُ
3 -
فَبِالخَيرِ لا بالشَّرِّ فَارجُ مَوَدَّتي
…
وأَيُّ امرِئٍ يُقْتَالُ مِنهُ التَّرَهُّبُ
4 -
أقُولُ وقَدْ فَاضَتْ بِعَيني عَبرَةٌ
…
أَرَي الأرضَ تَبقَي وَالأخِلَّاءُ تذهَبُ
(5)
5 -
أخلايَ ....................
…
...................... إلخ
5 -
و "الأَخلاء": جمع خليل، و"الحمام" بكسر الحاء المهملة وتخفيف الميم، وهو الموت، قوله:"معتب" بفتح الميم وسكون العين، مصدر بمعنى العتاب، يقال: عتب عليه أي: وجد عليه يعتُب ويعتِب بضم عين الفعل وكسرها عتبًا ومعتبًا.
الإعراب:
قوله: "أخلاي": منادى مضاف حذف منه حرف النداء تقديره: يا أخلاي، قوله:"لو" للشرط، و"غير الحمام": كلام إضافي مرفوع بالابتداء، وخبره قوله:"أصابكم"، وهي جملة من الفعل والفاعل والمفعول، قوله:"عتبت": جواب لو، وقوله:"ولكن" للاستدراك، قوله:"معتب" مرفوع بالابتداء، وقوله:"ما على الدهر" مقدمًا خبره.
(1)
توضيح المقاصد (4/ 276).
(2)
البيت من بحر الطويل، من مقطوعة نسبها الشارح، وانظر الشاهد في تذكرة النحاة (40)، والجنى الداني (279)، والأشموني (4/ 39)، وأوضح المسالك (4/ 210) ، والتصريح (2/ 259).
(3)
في لسان العرب مادة (غطمش)"الغَطْمِشةُ: الأخذ قهرًا، وتَغَطْمَشَ فلان علينا تَغَطْمُشًا: ظلَمنا، وبه سمي الرجل غَطَمَّشًا، والغَطَمّشُ: العينُ الكَلِيلةُ النظر، ورجل غَطَمّش: كَلِيلُ البصر، وغطَمَّشٌ اسم شاعر من ذلك هو من بني شَقِرَةَ بن كعب بن ثعلبة بن ضبَّة وهو الغَطَمَّشُ الضّبّي".
(4)
انظر الأبيات المذكورة في شرح الحماسة للمرزوقي (893، 1036)، تحقيق: هارون.
(5)
جاء صدر هذا البيت في الحماسة مرتين مرة بالشطر المذكور (893)، والأخرى هكذا (1036):(إلى اللَّه أشكو لا إلى الناس أنني).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لو غير الحمام" حيث ولي "لو" غير الفعل، وقد علم أن "لو" لا يليها إلا فعل أو معمول فعل مضمر يفسره الظاهر، وهذا محمول على الضرورة
(1)
.
الشاهد التاسع والأربعون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
لَوْ أَنَّ حَيًّا مُدْرِكُ الفَلَاحِ
…
.................................
أقول: قائله هو لبيد بن عامر العامري، وتمامه:
........................
…
أَدْرَكَهُ مُلَاعِبُ الرِّمَاحِ
وهو من الرجز المسدس.
و"الفلاح": النجاة والفوز والبقاء، قوله:"ملاعب الرماح" أراد به أبا براء بن عامر بن جعفر بن كلاب الذي يقال له: ملاعب الأسنة، وإنما قال له لبيد: ملاعب الرماح لضرورة القافية.
الإعراب:
"لو" للشرط، و "أن": حرف من الحروف المشبهة بالفعل، و "حيا" اسمها، و "مدرك
(1)
في الأشموني (4/ 39): "والظاهر أن ذلك لا يختص بالضرورة، والنادر لا يكون في صحيح الكلام، كقوله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي} [الإسراء: 100]. وقال صاحب التصريح (2/ 259) بعد أن ذكر أن لو تختص بالفعل: "ويجوز أن يليها قليلًا اسم مرفوع محمول لفعل محذوف وجوبًا يفسره ما بعده، أو اسم منصوب كذلك، أو خبر لكان محذوفة، أو اسمًا هو في الظاهر مبتدأ ما بعده خبره، فالأول؛ كقول عمر لأبي عبيدة رضي الله عنهما: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة. كقوله وهو الغطمش: (البيت)، فـ (غير): فاعل بفعل محذوف يفسره: أصابكم. والتقدير: لو أصابكم غير الحمام .. وقولهم في المثل: لو ذات سوار لطمتني .. والتقدير: لو لطمتني ذات سوار .. وجواب "لو" محذوف تقديره لهان عليّ ذلك، والثاني: لو زيدًا رأيته أكرمته، والثالث نحو: التمس ولو خاتمًا من حديد، والرابع كقوله:
لَوْ بِغَير المَاءِ حَلْقِي شَرِقٌ
…
كنتُ كالغصَّانِ بالماء اعْتِصَارِي"
وينظر الكتاب (3/ 121)، وشرح الكافية الشافية (1636) وما بعدها، واللامات للزجاجي (127، 128)، والمقتضب (3/ 76، 77).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 279).
(3)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وهما للبيد بن ربيعة في عمه أبي براء مالك بن عامر، ملاعب الأسنة، وكان عمه قد كبر وشرب الخمر حتى كل نفسه، وانظرهما في ديوان لبيد (41)، ط. دار صادر، وكذا في شرح الكافية الشافية لابن مالك (1637)، والمغني (270)، والخزانة (11/ 304)، واللسان:"لعب"، والجنى الداني (282)، والهمع (1/ 138)، والدرر (2/ 181)، وشرح شواهد المغني (663)، وشرح الأشموني (3/ 41).
الفلاح": كلام إضافي خبره، قوله: "أدركه": جملة من الفعل والمفعول وقعت جوابًا للو، والضمير فيه يرجع إلى الفلاح، قوله: "ملاعب الرماح": كلام إضافي فاعل لقوله: أدركه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "مدرك الفلاح" حيث وقع خبرًا لأن الواقعة بعد لو، والحال أنه اسم، وفيه رد على من اشترط أن يكون خبر أن بعد "لو" فعلًا؛ كما ذكرناه فيما مضى
(1)
.
الشاهد الخمسون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
وَلَوْ أَنَّهَا عُصْفُورَةٌ لحَسِبتُهَا
…
................................
أقول: قائله هو العوام بن شوذب
(4)
الشيباني، وتمامه
(5)
:
..........................
…
مُسَوَّمَةً تَدْعُو عُبَيدًا وَأَزْنَما
وهو من قصيدة من الطويل [قالها العوَّام بن شَوْذب الشيباني في أسر بِسْطام بن قيس وأصحابه، يجيبه بها في يوم العظالي، وهي آخر وقعة كانت بين بكر بن وائل وبين تميم في الجاهلية، وأولها هو قوله
(6)
:
1 -
وإنْ يَكُ فيِ يوم الغَبِيط مَلامَة
…
فيومُ العُظَالِي كَان أَخزَى وأَلْأَمَا
2 -
أناخوا يَريدُونَ الصَّباحَ فصَبَّحوا
…
وكَانوا علَى الغازينَ دَعْوة أَشْأَمَا
3 -
فَرَرتُمْ ولم تُلْوُوا على مُجْحِريكُمُ
…
لَو الحَارثُ الحَرّابُ يُدْعَى لأَقْدَمَا
(1)
قال ابن هشام: "وذهب المبرد والزجاج والكوفيون إلى أنه مرفوع على الفاعلية، والفعل بعدها مقدر، أي: ولو ثبت أنهم آمنوا، ورجح بأن فيه إبقاء "لو" على الاختصاص بالفعل، قال الزمخشري: ويجب كون خبر أن فعلًا ليكون عوضًا من الفعل المحذوف". المغني بحاشية الأمير (1/ 214)، وينظر الكشاف (8/ 4) ط. دار المعرفة، والمقتضب (3/ 78)، والأمالي النحوية لابن الحاجب (1/ 62، 63)، والكافية وشرح الرضي (4/ 452، 453). وينظر الشاهد رقم (1141).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 280).
(3)
البيت من بحر الطويل للعوام بن شوذب الشيباني، انظره في شرح الكافية الشافية (1639)، والعقد الفريد (5/ 195)، واللسان:"زنم"، وهو لجرير في شرح شواهد المغني (662)، وانظره في الجنى الداني (281)، والمغني (270).
(4)
شاعر جاهلي من الفرسان من بني الحارث كان حيًّا قبل الإسلام بنحو عشرين سنة، وقد سجل في شعره أسر عتيبة بن الحارث لأبي الصهباء حيث يقول، الأعلام (5/ 93):
وقر أبو الصهباء غذ حمي الوغى
…
وألقى بأبدان السلاح وسلما
(5)
انظر الأبيات المذكورة في العقد الفريد (5/ 195، 196)، والنقائض لجرير والفرزدق (585)، (1907).
(6)
ينظر شرح شواهد المغني (662).
4 -
وَمَا يُجْمَعُ الغَزْوُ الشَّرِيعُ نَقِيرُهُ
…
وَأَنْ تُحْرِمُوا يَوْمَ اللِّقَاءِ القَنَا الدَّمَا
5 -
ولو أنّ بِسْطامًا أُطيع لأمره
…
لأدّى إلى الأحياء بالحِنْو مَغْنمَا
6 -
وَلَكِن مَفْرُوقَ القَفَا وَابْنَ خَالِدٍ
…
أَلَامَا فليمًا يَوْمَ ذَاكَ وَشُوَّمَا
7 -
فَفَرّ أبُو الصَّهبَاءِ إذْ حَمِي الوغَى
…
وألقَى بأَبْدَان السِّلاح وسَلّما
8 -
وأَيقن أنَّ الحيلَ إنْ تَلْتبس به
…
تَتِمْ عِرْسُهُ أو تَملأ البَيتَ مَأْتمَا
9 -
ولو أنها عُصفورة ..........
…
.................... إلخ
10 -
أبَى لك قَيد بالغِبِيط لقاءَهُمْ
…
ويومُ العُظالِي إنْ نَجَوْتَ مُكلَّمَا
11 -
فأفلتَ بسْطَامِ جَريضًا بنَفسه
…
وغادَرَ أَتْرَاسًا وَلُدْنًا مُقوَّمَا
12 -
وفاظَ أَسِيرًا هَانِئٌ وكأنَّمَا
…
مَفَارِقُ مَفْروقِ تَغشَّين عَنْدَما
والعظالي بضم العين المهملة وبالظاء المعجمة؛ سمي ذلك اليوم به لأن الناس فيه ركب بعضهم بعضًا، أو لتعاطلهم على الرياسة، وهو الاجتماع والاشتباك، وقيل: بل لأنه ركب الاثنان والثلاثة الدابة الواحدة]
(1)
.
قوله: "عصفورة " بضم العين، ويقال لها النفارة
(2)
، والذكر عصفور، فالذكر أسود الرأس والعنق، وسائره إلى الورقة، وفي جناحيه حمرة، والأنثى لونها يضرب إلى الصفرة والبياض، وفي العباب: ولم يحسن أبو الدقيش صفة الذكر، ثم قال: ويقال للأنثى: نفارة، وأنشد العوام بن شوذب:
ولو أنها عصفورة .........
…
.................... إلخ
قوله: "لحسبتها" أي: لظننتها.
قوله: "مسومة" أي: خيولًا مسومة، وهي الخيول المعلمة بعلامة تعرف بها، قوله:"عبيد" بضم العين وفتح الباء الموحدة؛ بطن من الأوس، وهو عبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك ابن الأوس، وفي الخزرج -أيضًا- عبيد الله بن عدي بن غنم.
وفي الأزد: عبيد بن غيرة بن زهران، وفي قضاعة أيضًا: عبيد بن عامر بن بكر، وفي خولان: عبيد بن سعد، وفي همدان: عبيد بن عمرو بن كثير بن مالك، قوله:"وأزنما" بفتح الهمزة وسكون الزاي المعجمة وفتح النون وفي آخره ميم؛ بطن من بني يربوع، وهو أزنم بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع، تنسب إليهم الإبل الأزنمية [والشاعر يذم بهذا البيت شخصًا ويصفه بشدة
(1)
ما بين المعقوفين سقط في النسخ التي بين أيدينا.
(2)
في (أ): النقازة.
الجبن والخوف، ويقول: لو طارت عصفورة لحسبتها من جبنك خيلًا مسومة قصدت هاتين القبيلتين، وهذا كقول الآخر
(1)
:
ما زِلْتَ تَحْسِبُ كُلَّ شَيءٍ بَعْدَهُم
…
خَيْلًا تَكُرُ عَلَيكمُ وَرِجَالًا
وكقول الآخر
(2)
:
إذا صَرَّتِ العُصْفُورُ طَارَ فُؤَادهُ
…
................................
ومن هذا القبيل قوله تعالى: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ} [المنافقون: 4] ونزلت في المنافقين دالة على جبنهم ورعبهم]
(3)
.
الإعراب:
قوله: "ولو" الواو للعطف، ولو للشرط، والضمير المتصل بأن اسمها، و "عصفورة": خبرها، قيل: يرجع الضمير في: "أنها" إلى القبيلة التي يمدحها الشاعر، وقيل: الضمير يرجع إلى فرسه السمينة التي يمدحها، فعلى هذا يكون المراد من قوله:"عبيد" هي الفرس المشهورة، وكذلك:"الأزنم" الفرس المشهورة، والأول أصح وأشهر، وقوله:"لحسبتها": جواب لو، والضمير المنصوب فيها مفعول أول لحسبت، قوله:"مسومة" بالنصب حال من الضمير الذي في حسبتها، أعني: الضمير المنصوب.
قوله: "تدعو": جملة من الفعل والفاعل في محل النصب على أنها مفعول ثانٍ لحسبتها، وقوله:"عبيد" مفعولها، وقد منع من الصرف للعلمية والتأنيث، و "أزنما": عطف عليه، والألف فيه ألف الإشباع لأجل القافية.
(1)
البيت من بحر الكامل، وهو لجرير من قصيدة طويلة يهجو بها الأخطل وهي في ديوانه (1/ 47)، أول الديوان، ط. دار المعارف، ومما قاله:
والتغلبي إذا تنحنح للقرى
…
حك استه وتمثل الأمثالا
وقد ذكر البيت مرتين في الحيوان للجاحظ (5/ 240)، (6/ 429)، في تصوير الفزع والجبن.
(2)
صدر بيت من بحر الطويل، قائله حرثان بن عمرو يهجو به أمية بن عبد الله بن أسيد، وعجزه قوله:
............................
…
وليث حديد الناب عند الترائد
وهو من أقزع الهجاء حتى إن ابن عبد الملك بن مروان سأل المهجو يومًا لما هجاك صاحبك، فقال له: يا أمير المؤمنين، وجب عليه حد فأقمته، فقال له الخليفة: هل درأت عنه الشبهات، فقال: كان الحد أبين، انظر القصة في الأمالي (1/ 157).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في النسخ التي بين أيدينا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "عصفورة" حيث وقع خبرًا لأن الواقعة بعد لو، وهي اسم جامد، وفيه ردّ على من شرط كون الخبر فعلًا، أعني خبر أن الواقعة بعد "لو" كما ذكرنا
(1)
.
الشاهد الحادي والخمسون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
لا يُلْفِكَ الرَّاجُونَ إلا مُظْهِرًا
…
خُلُقَ الكِرَامِ ولوْ تَكُونُ عَدِيمًا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الكامل.
قوله: "لا يلفك" بالفاء؛ أي: لا يجدك؛ من ألفى يلفي إذا وجد، و "الكرام": جمع كريم، و "العديم": المعدم، وهو الذي لا يملك شيئًا يمدح به الشاعر شخصًا، يقول: لا يجدك أحد من السائلين إلا وأنت تظهر لهم خلقًا جميلًا مثل أخلاق الكرماء، ولو كنت حالتئذ لا تملك شيئًا.
الإعراب:
قوله: "لا يلفك": جملة من الفعل والمفعول، و "الراجون": فاعلها
(4)
، وقوله:"مظهرًا" نصب على أنه مفعول ثان لقوله: "لا يلفك"، وقوله:"خلق الكرام": كلام إضافي نصب بقوله: "مظهرًا".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ولو تكون عديمًا" فإن "لو" فيه حرف شرط في المستقبل مع أنه لم يجزم؛ لأن "لو" الذي بمعنى "إن" لا يجزم، لكنه إذا دخل على الماضي يصرفه إلى المستقبل، وإذا وقع بعده مضارع فهو مستقبل المعنى، وقوله:"عديمًا" نصب لأنه خبر تكون
(5)
.
(1)
ينظر الشاهد رقم (1148)، وشرح الكافية الشافية لابن مالك (1635 - 1639)، والكتاب (2/ 373).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 282).
(3)
البيت من بحر الكامل، وهو في المدح بالكرم والجود، وقائله مجهول، وانظر الشاهد في الجنى الداني (285)، وشرح التصريح (2/ 256)، والمغني (261)، وشرح الأشموني (4/ 38) وشرح شواهد المغني (646).
(4)
روي: الراجون، والراجوك، والراجيك؛ إلا أن الجمع المضاف أفضل من المفرد المضاف.
(5)
ينظر الارتشاف (2/ 573)، وقال الأشموني:"ويقل إيلاؤه مستقبلًا لكن قُبِلْ، أي: يقل إيلاء لو فعلًا مستقبل المعنى، وما كان من حقها أن يليها، لكن ورد السماع به فوجب قبوله، وهي حينئذ بمعنى "إن" كما تقدم إلا أنها لا تجزم، من ذلك قوله
…
وقوله: (البيت) ". شرح الأشموني بحاشية الصبان (4/ 37، 38).
الشاهد الثاني والخمسون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
ولوْ تَلْتَقِي أصْدَاؤُنَا بعْدَ موْتِنَا
…
ومِنْ دُونِ رَمْسَينَا مِنَ الأرْضِ سَنسَبُ
لظلَّ صدَى صوْتِي وإنْ كنتُ رِمَّةً
…
لِصَوْتِ صَدَى ليلَى يَهَشُّ ويطْرَبُ
أقول: قائلهما هو قيس بن الملوح المجنون، وهما من الطويل.
1 -
قوله: "أصداؤنا": جمع صدى، وهو الذي يجيبك بمثل صوتك في الجبال وغيرها، ويقال: صم صداه وأصم الله صداه، أي: أهلكه؛ لأن الرجل إذا مات لم يسمع الصدى منه شيئًا فيجيبه، ويروى:
ولَوْ تَلْتَقِي في المَوتِ رُوحِي وروحُهَا
…
ومِنْ بَينِ رَمْسَينَا مِنَ الأرْضِ مَنكِبُ
قوله: "رمسينا": تثنية رمس، وهو تراب القبر، وهو في الأصل مصدر، والمرمس: موضع القبر، قوله:"سبسب" بسينين مهملتين مفتوحتين وباءين موحدتين أولاهما ساكنة، وهي المفازة.
2 -
قوله: "رمة" بكسر الراء وتشديد الميم؛ العظام البالية، والجمع رمم ورمام، تقول منه: رمّ العظم يرم بالكسر رمة، أي: بلي فهو رميم، قوله:"يهش": من الهشاشة وهي الارتياح والخفة للمعروف، وقد هششت لفلان بالكسر أهش هشاشة إذا ارتحت له.
الإعراب:
قوله: "ولو" الواو للعطف إن تقدمه شيء، ولو للشرط، وقوله:"تلتقي": فعل، و"أصداؤنا" كلام إضافي فاعله، و "بعد موتنا": كلام إضافي نصب على الظرف، قوله:"سبسب" مرفوع بالابتداء، وخبره قوله:"من دون رمسينا"، والجملة حالية فلذلك دخلتها الواو، وكلمة:"من" في "من الأرض" بيانية.
قوله: "لظل": جواب لو، وهي من الأفعال الناقصة، وقوله:"صدى صوتي": كلام إضافي اسمه، وقوله:"يهش": خبره، و" يطرب": عطف عليه، وقوله:"لصوت" يتعلق بقوله: "يهش"، وهو مضاف إلى صدى، وصدى مضاف إلى ليلى اسم محبوبته التي كان المجنون يتشبب بها.
(1)
أوضح المسالك (4/ 207).
(2)
البيتان من بحر الطويل، من قصيدة قصيرة لمجنون ليلى في حبيبته، وانظرهما في ديوانه (46)، بشرح عبد الستار فراج، و (ص 67) بشرح يوسف فرحات، وانظر بيت الشاهد في المغني (261)، والتصريح (2/ 255)، وشرح الأشموني (4/ 37)، وشرح شواهد المغني (261)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (66).
قوله: "وإن كنت" إن هاهنا واصلة بما قبلها، وكنت: جملة فعلية فعل الشرط، والجواب محذوف دل عليه جواب لو، وقوله:"رمة": نصب على أنه خبر كان.
فإن قيل: هذه الجملة معطوفة على ماذا؟
قلت: مثل هذه الجملة تعطف على مقدر، تقدير الكلام: إن لم أكن رمة وإن كنت رمة، فافهم.
الاستشهاد فيه:
أن "لو" هاهنا للتعليق في المستقبل ولهذا رادفت "إن"
(1)
.
الشاهد الثالث والخمسون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
ما كان ضَرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ
…
وَرُبَّمَا مَنَّ الفَتَى وهو المَغِيظُ المُحْنَقُ
أقول: قائلته هو قتيلة بنت الحرث ترثي به أخاها النضر بن الحرث بن كلدة أحد بني عبد الدار، وكان النبي عليه السلام
(4)
أمر عليًّا أن يضرب عنقه لما أقبل من بدر فضرب عنقه بالصفراء، وهو من قصيدة قافية من الكامل، وأولها هو قوله
(5)
:
1 -
يَا رَاكِبًا إنَّ الأثيلَ مَظِنَّةٌ
…
مِن صبحِ خامسَة وأنتَ مُوَفَّقُ
2 -
بلِّغ بهِ ميِّتًا فإنَّ تَحِيَّةً
…
ما إنْ تَزَالُ بها الرَّكَائِبُ تخْفُقُ
3 -
مني إليك وَعَبرَةً مسفوحةً
…
جَادَتْ لِمانِحِهَا وأُخرَى تَخْفِقُ
4 -
هَلْ يَسْمَعَنِّي النَّضْرُ إن ناديتُهُ
…
إنْ كَانَ يَسْمَعُ ميِّتٌ أو يَنْطِقُ
5 -
ظلتْ سيُوفُ بَنِي أَبِيهِ تَنُوشُهُ
…
لِلَّهِ أرْحَامٌ هناكَ تُشَقَّقُ
6 -
أمُحَمَّدٌ ولأنتَ نَجْلُ نجيبةٍ
…
في قَومِهَا والفَحْلُ فَحْلٌ معرقُ
(1)
هو شاهد على مجيء "لو" بمعنى إن. ينظر شرح الأشموني (4/ 37).
(2)
أوضح المسالك (4/ 205).
(3)
البيت من بحر الكامل، من قصيدة لقتيلة بنت الحارث ترثي أخاها النضر، أو لليلى بنت النضر ترثي أباها، وانظر الشاهد في المغني (265)، والجنى الداني (288)، والخزانة (11/ 239)، والدرر (1/ 250)، والتصريح (2/ 254)، وشرح شواهد المغني (648)، والهمع (1/ 81)، وشرح شواهد الشافية (251).
(4)
في (أ): " صلى الله عليه وسلم ".
(5)
انظر الأبيات في كثير من كتب الأدب والسيرة، ومنها الحماسة للبحتري (276)، والبيان والتبيين للجاحظ (4/ 44)، والأغاني (1/ 20)، وخزانة الأدب (11/ 239)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (966)، وشرح شواهد المغني (648، 649).
7 -
ما كان ضرَّكَ ...............
…
........................ إلخ
8 -
لَوْ كُنْتَ قَابِلَ فِدْيَةٍ فلتَأْتِينَ
…
بِأَعَزِّ مَا يَغْلُو لَديكَ ويُنفِقُ
9 -
فالنضرُ أَقْرَبُ مَنْ أَصَبتَ وَسِيلَةً
…
وَأَحَقُّهُمْ إِنْ كانَ عِتْقٌ يُعْتقُ
ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
(1)
: "لو سمعت هذا قبل أن أقتله ما قتلته"، ويقال: إن شعرها أكرم شعر موتورة وأعفه وأكرمه، والموتورة: التي قتل لها قتيل ولم تدرك ثأرها، وكذلك رجل موتور من وتره حقه؛ أي: نقصه، وهو بالتاء المثناة من فوق.
قولها: "الأثيل" بضم الهمزة وفتح الثاء المثلثة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره لام؛ مصغر: أثل، وهو نوع من الطرفاء، والواحدة أثلة، و"مظنة الشيء": موضعه.
قولها: "المغيظ" بفتح الميم؛ من غاظه إذا أغضبه، والغيظ: غضب كامن للعاجز، وقال ابن دريد: الغيظ فوق الغضب، وقيل: الغيظ: سورة الغضب وأوله، و "المحنق" بضم الميم وسكون الحاء المهملة وفتح النون، وهو الذي يكمن في قلبه الغيظ والعداوة.
الإعراب:
قولها: "ما" استفهامية، ومعناها: أي شيء ضرك؟ وهي في محل الرفع على الابتداء، و "كان ضرك": جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل الرفع على الخبرية، واسم كان مستتر فيه، وضرك خبره، و "لو" للشرط، وقولها:"مننت": جملة من الفعل والفاعل، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وصدر الكلام أغنى عن جواب لو.
قولها: "وربما" رب حرف للتقليل غالبًا، ودخول ما كفَّها عن العمل وهيأها للدخول على الجملة الفعلية، والشرط أن يكون الفعل ماضيًا لفظًا ومعنًى، وهاهنا كذلك وهو قولها:"من الفتى"، وهو جملة من الفعل والفاعل، قولها:"وهو "مبتدأ، و "المغيظ" خبره، و "المحنق": خبر بعد خبر، والجملة موضعها النصب على الحال.
الاستشهاد فيه:
أن "لو" هاهنا مصدرية، فإذا كانت مصدرية فالشرط فيها أن ترادف "أن" بمعنى أن يصلح
(1)
قال أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني (1/ 20): "في كل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر لعقبة بن أبي معيط صبرًا: أمر عاصم بن ثابت فضرب عنقه، ثم أقبل من بدر حتى إذا كان بـ "الصفراء" قتل النضر بن الحارث بن كلدة أحد بني عبد الدار، أمر عليًّا أن يضرب عنقه، قال عمر بن شبة في حديثه بـ "الأثيل"، فقالت أخته قتيلة بنت الحارث ترثيه: (الأبيات)، فبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو سمعت هذا قبل أن أقتله ما قتلته". ولم نعثر على هذا الحديث في غالب كتب شروح الحديث التي بين أيدينا.
موضعها أن المصدرية، ولكن أكثر وقوعها بعد "ود"، نحو قوله تعالى:{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} [القلم: 9]، والذي وقع في البيت قليل.
فإن قيل: إذا كانت مصدرية كيف يكون التقدير؟
قلت: التقدير: وما كان ضرك المن عليه؛ أي: على النضر بن الحرث كما ذكرنا
(1)
.
الشاهد الرابع والخمسون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
كذبتُ وبيتِ الله لوْ كنتُ صادقًا
…
لمَا سَبَقَتْنِي بالبُكَاء الحَمَائِمُ
أقول: قائله هو مجنون بني عامر، وعن أبي عمرو الشيباني أن المجنون كان ذات ليلة جالسًا مع أصحاب له من بني عمه وهو والهٌ يتلظَّى ويتململ وهم يعظونه ويحادثونه حتى هتفت حمامة من سرحة كانت قريبة بإزائهم فوثب قائمًا، وقال
(4)
:
1 -
لَقَدْ غَرَّدَتْ في جُنحِ لَيلٍ حَمَامَةٌ
…
عَلَى إلْفِهَا تَبكِي وإِنِّي لَنَائِمُ
2 -
فَقُلْتُ اعْتذَارًا عِندَ ذَاكَ وإنَّنِي
…
لِنفْسي فيمَا قَدْ رَأَيتُ لَلائِمُ
3 -
أَأَزْعُمُ أنِّي عَاشِقٌ ذُو صَبابَةٍ
…
بليلِي ولَا أبْكِي وتَبكِي البَهَائم
4 -
كَذَبتُ ................
…
............................. إلخ
وهي من الطويل.
قوله: "غرَّدت" أي: صاحت، قوله:"لو كنت صادقًا" ويروى: لو كنت عاشقًا، قوله:"حمائم": جمع حمامة.
الإعراب:
قوله: "كذبت": جملة من الفعل والفاعل، أراد في دعواي عشق ليلى، قوله:"وبيت الله"
(1)
من أنواع "لو" المصدرية، وهذه تكون بمنزلة "أن" إلا أنها لا تنصب وتقع كثيرًا بعد ودّ أو يودّ، وهذا الشاهد من وقوعها بدون ودّ، وغالب النحويين لم يثبت ورود "لو" بمعنى أن؛ أي مصدرية. ينظر شرح الأشموني بحاشية الصبان (4/ 34)، والتصريح (2/ 254).
(2)
توضيح المقاصد (4/ 283).
(3)
البيت من بحر الطويل، آخر أربعة أبيات ذكرها الشارح نسبت للمجنون ولغيره، ديوانه (238) عبد الستار فراج، وانظر الشاهد في الجنى الداني (284).
(4)
انظر الأبيات المذكورة في ديوان مجنون ليلى (238)، عبد الستار فراج، و (164) يوسف فرحات، وانظر الأول والرابع منها في الأغاني (2/ 62)، وانظرها كاملة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي (1289)، وقد نسبت فيه لنصيب الأكبر.
قسم، قوله:"لو "للشرط، و "كنت صادقًا": جملة من اسم كان وخبرها، وقعت فعل الشرط، وقوله:"لما سبقتني": جواب الشرط، والباء في "بالبكاء" تتعلق بسبقتني، و "الحمائم": مرفوع لأنه فاعل سبقتني.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لما سبقتني" فإنه جواب لو، وقد صحب اللام فيه حرف النفي، والأكثر في الماضي المثبت أن يكون باللام بدون اقتران حرف النفي، وقد تحذف اللام -أيضًا-كما في قوله تعالى:{لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} [الواقعة: 70]، فافهم
(1)
.
* * *
(1)
ينظر الجنى الداني (284)، وقال ابن هشام:"جواب "لو" إما مضارع منفي بلم نحو: لو لم يخف الله لم يعصه، أو ماض مثبت أو منفي بما، والغالب على المثبت دخول اللام عليه نحو: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} ومن تجرده منها {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} والغالب على المنفي تجرده منها .. ". المغني بحاشية الأمير (1/ 214، 215).
شواهد "أما ولولا ولوما"
الشاهد الخامس والخمسون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
فأَمَّا القِتَالُ لا قِتَال لديكُمُ
…
ولكِنَّ سيرًا في عِرَاضِ المَوَاكِبِ
أقول: قائله قديم في الجاهلية هجا به بني أسد بن أبي العيص حتى قال بعضهم: إنه قيل قبل الإسلام بخمسمائة سنة، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الابتداء
(3)
.
الاستشهاد فيه هاهنا:
في ذكر حذف الفاء من الجملة الواقعة جوابًا لأما وهو قوله: "لا قتال لديكم"، وكان القياس أن يقال: فلا قتال لكنه حذفها للضرورة
(4)
.
(1)
ابن الناظم (279)، وتوضيح المقاصد (4/ 286)، وأوضح المسالك (4/ 217)، وشرح ابن عقيل (4/ 53).
(2)
البيت من بحر الطويل، وقد اختلف في قائله، فقيل للحارث بن خالد المخزومي، وقيل لغيره، وانظره في المقتضب (2/ 71)، وسر الصناعة (267)، والأشموني (1/ 196)، (4/ 45)، والهمع (2/ 67).
(3)
ينظر الشاهد رقم (185) من شواهد هذا الكتاب.
(4)
هذا البيت شاهد على حذف الفاء في جواب أما، وفيه يقول ابن مالك:"أما" حرف قام مقام أداة الشرط والفعل الذي يليها، ولذلك يقدرها النحويون بمهما يكن من شيء، وحق المتصل بالمتصل بها أن تصحبه الفاء
…
ولا تحذف هذه الفاء غالبًا إلا في شعر، أو في قول أغنى عنه مقوله
…
ومن حذفها في الشعر قول الشاعر (البيت) أرد: فلا قتال لديكم، فحذف الفاء لإقامة الوزن، وقد خولفت القاعدة في هذه الأحاديث -أي التي ذكرها ابن مالك- فعلم بتحقيق عدم التضييق، وإن من خصه بالشعر أو بالصورة المعينة من النثر مقصر في فتواه، عاجز عن نصرة دعواه". شواهد التوضيح والتصحيح (137، 138).
الشاهد السادس والخمسون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
الآن بعدَ لَجَاجَتِي تلْحُونَنِي
…
هَلَّا التقدُّمُ والقُلُوبُ صِحَاحُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الكامل.
قوله: "بعد لجاجتي" أي: بعد غضبي، من لججت ألج من باب علم يعلم، والمعنى: أنكم تلومونني بعد أن وقع بيني وبينه، فهلا كان ذلك والقلوب عامرة ليس فيها غضب، قوله:"تلحونني": من لحيت الرجل ألحاه لحيًا إذا لمته فهو ملحي، قوله:"صحاح" جمع صحيح.
الإعراب:
قوله: "ألآن" بفتح الهمزة واللام والنون، وأصله: ألآن، حذفت الهمزة وأعطيت حركتها لما قبلها، وهو نصب على الظرف
(3)
، وكذلك:"بعد" نصب على الظرف مضاف إلى اللجاجة الذي هو مصدر، وهو مضاف إلى ياء المتكلم إضافة المصدر إلى فاعله، والتقدير: الآن تلحونني بعد لجاجتي، وقوله:"تلحونني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وهو العامل في الظرفين، قوله:"والقلوب": مبتدأ، و"صحاح": خبره، والجملة حالية.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "هلَّا التقدم" حيث حذف الفعل بعد حرف التحضيض؛ لأن التقدير فيه: هلا كان التقدم باللَّحْي؛ وذلك لأن التحضيض لا يدخل إلا على الفعل، وارتفاع التقدم بكان المقدرة
(4)
.
الشاهد السابع والخمسون بعد المائة والألف
(5)
،
(6)
أتيتَ بعبدِ الله في القِدِّ مُوثَقًا
…
فهلَّا سعيدًا ذا الخيانة والغدْرِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
(1)
ابن الناظم (280).
(2)
البيت من بحر الكامل ولم ينسب في مراجعه إلى أحد، وهو في الجنى الداني (614)، ورصف المباني (408)، ومجالس ثعلب (75)، ومعاني القرآن للفراء (1/ 198).
(3)
قوله: "ألان" بفتح الهمزة واللام والنون وأصله الآن، حذفت الهمزة .. الخ" كل هذا لا داعي له، فالبيت من بحر الكامل، ويتكسر بالضبط الذي ذكره الشارح، وجب نطقه بالهمز وسكون اللام ثم الهمز.
(4)
ينظر الجنى الداني (613).
(5)
ابن الناظم (280).
(6)
البيت من بحر الطويل، وهو لقائل مجهول، وانظره في معاني القرآن للفراء (1/ 196)، وشرح الكافية الشافية (673)، وشرح التسهيل للمرادي (5/ 413)، وشرح الأشموني (4/ 51).
قوله: "في القد" بكسر القاف وتشديد الدال، وهو سير يقد من جلد غير مدبوغ، والقدة أخص منه، والجمع أقدة.
الإعراب:
قوله: "أتيت": جملة من الفعل [والفاعل]
(1)
، و "بعبد الله" في محل النصب على المفعولية، قوله:"في القد" يتعلق بقوله: "موثقًا"، و "موثقًا" نصب على الحال من عبد الله، قوله:"فهلّا" للتحضيض، قوله:"سعيدًا" نصب بفعل محذوف تقديره: فهلَّا أسرت سعيدًا، أو قيدت، أوثقت ونحوها، قوله:"ذا الخيانة": كلام إضافي صفة لسعيد، قوله:"والغدر" بالجر عطف على الخيانة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "سعيدًا " حيث جاء منصوبًا بعد حرف التحضيض بتقدير العامل؛ إذ التقدير: فهلا أسرت سعيدًا كما ذكرنا، وذلك لأن التحضيض لا يدخل إلا على الفعل كما بين في موضعه
(2)
.
الشاهد الثامن والخمسون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ أفْضَلَ مَجْدِكُم
…
بني ضَوْطَرَى لولَا الكَميّ المُقَنَّعَا
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، وهو من قصيدة يهجو بها الفرزدق، وقبله
(5)
:
1 -
فلَن تَذكُروا جرّ الفُقَيمِيّ غَالِبًا
…
ولَا الفَقْرَ عندَ المنقَرِيّ المُضَيّعَا
2 -
سأذكُرُ مَا لَمْ تَذكُرُوا عِندَ مِنقَرٍ
…
وأثْنِي بِعَارٍ مِنْ حُمَيدَةَ أشنَعَا
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
قال ابن مالك في التسهيل: "ولا يليهن -أي حروف التحضيض؛ إلا فعل ظاهر أو معمول فعل مضمر مدلول عليه". وقال المرادي: "فمثال المدلول عليه بلفظ: هلا زيادًا ضربته، والمدلول عليه معنى هلا زيدًا غضبت عليه، وكقوله (البيت) أي: فهلا أسرت سعيدًا .... ". ينظر التسهيل وشرحه للمرادي (3/ 415).
(3)
ابن الناظم (280)، وشرح ابن عقيل (4/ 58).
(4)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة طويلة لجرير يهجو بها الفرزدق، وانظر بيت الشاهد في الخصائص (2/ 45)، وابن يعيش (2/ 38)، (8/ 144)، (2/ 101)، واللسان:"أما، ضطر" ورصف المباني (293)، والمغني (274)، وشرح شواهد المغني (669)، وتخليص الشواهد (431)، والخزانة (3/ 55)، (57، 60)، والهمع (1/ 148).
(5)
ينظر الديوان (253) وما بعدها، شرح مهدي محمد ناصر، (93)، ط. دار المعارف، و (265)، ط. دار صادر، والبيت (فلن تذكروا) غير موجود بالديوان.
وهو من الطويل.
1 -
قوله: "فلَنْ تَذكُرُوا جرَّ الفُقَيمِيِّ غَالِبًا " بالجيم وتشديد الراء؛ مصدر مضاف إلى فاعله، وغالبًا مفعوله، وهو أبو الفرزدق، وكان بين الفقيمي وغالب أمور كثيرة، وكان الفقيمي قد أنزله وأرجله وأذله، يعرض به جرير للفرزدق ما جعل لأبيه من الإهانة والذلة.
2 -
قوله: "عقر النيب": من عقرت الناقة إذا عرقبتها لئلا تبرح لما يرام من نحرها، و "النيب" بكسر النون وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره باء موحدة، وهو جمع ناب، وهي الناقة التي نصفت سنها، وهي أحمد ما يكون لكثرة رسلها وتتابع نسلها.
وقال الجوهري
(1)
: "النابُ: "المُسنَّةُ من النُّوقِ، والجمع: النّيب وهو فُعْل كأسد وأُسْد، وإنما كسروا النون لتسلم الياء، والتصغير: نُيُيْبٌ، ويقال: سميت لطول نابها فهي كالصفة؛ فلذلك لم تدخلها الهاء لأن الهاء لا تلحق تصغير الصفات، تقول: نِيَّبَتِ الناقة، أي: صارت هَرِمَة، ولا يقال للجمل ناب، وقال سيبويه: من العرب من يقول في تصغير ناب: نويب، فيجيء بالواو لأن هذه الألف يكثر انقلابها من الواو
(2)
.
وقال ابن السراج: هذا غلط منه
(3)
.
قلت: ظاهر كلام الجوهري أن ابن السراج هو الذي غلط سيبويه وليس كذلك، بل المراد أن الغلط من العرب الذين يقولون ذلك، والتغليط من سيبويه لهؤلاء، فحكى ابن السراج كلام سيبويه مع تغليطه كلامهم لا أنه غلّط سيبويه
(4)
.
وحاصل المعنى: أن جريرًا قصد الذم من كلامه هذا، فزعم أنهم إنما يعقرون النيب لأنها نِيبَتْ وأسنت فلا يرجون نسلها ولا رسلها.
3 -
قوله: "بني ضوطرى" بفتح الضاد المعجمة وسكون الواو وفتح الطاء والراء المهملتين، والضوطر والضيطر والضوطرى: الضخم الذي لا غناء عنده، وقال ابن يسعون في شرح أبيات
(1)
الصحاح مادة: "نيب"، وآخر كلام الجوهري:"قوله" وقال ابن السراج: "هذا غلط منه".
(2)
الصحاح مادة: "نيب"، وينظر ابن السراج (3/ 38).
(3)
ينظر الأصول (3/ 38)، وهامش الصحاح مادة:"نيب".
(4)
وقال سيبويه: "هذا باب تحقير ما كانت الألف بدلًا من عينه إن كانت بدلًا من واو ثم حقرته رددت الواو، وإن كانت بدلًا من ياء رددت الياء؛ كما أنك لو كسّرته رددت الواو إن كانت عينه واوًا، والياء إن كانت عينه ياء، وذلك قولك في: باب بويب؛ كما تقول: أبواب وناب نييب؛ كما تقول أنياب وأنيب، فإذا حقرت ناب الإبل فكذلك لأنك تقول: أنياب .... ومن العرب من يقول في ناب: نويب، فيجيء بالواو لأن هذه الألف مبدلة من الواو أكثر، وهو غلط منهم". الكتاب (3/ 461، 462)، وانظر الأصول لابن السراج (3/ 38)، وهامش الصحاح مادة:"نيب".
الإيضاح: "الضوطرى: المرأة الحمقى، وزنها: فوعلى كالخوزلى، وبني ضوطرى رماهم بالحمق لأن أمهم محمقة، والمحمقة بضم الميم الأولى وكسر الثانية هي المرأة التي تلد الحمقى، وكذلك يقال: رجل محمق.
وحكى كراع عن يعقوب: الضوطرى: الكثير اللحم، وهو قريب من المعنى الذي ذكرناه، قوله:"الكمي" بفتح الكاف وكسر الميم وتشديد الياء آخر الحروف، وقال ابن قتيبة: هو من كمي الشيء إذا ستره، وجعله فعيلًا بمعنى مفعول؛ لأنه مكمي أي: مستور؛ كأن الله يستره بحفظه إياه، وقيل: هو فعيل لفظًا ومعنى، أي: يخفي شجاعته فلا يظهرها إلا عند الحاجة أو يخفي نفسه في السلاح.
وقال ثعلب
(1)
: واشتقاقه من كمى يكمي إذا قصد إلى القتل؛ فهو على هذا فعيل أو فعول على الخلاف فيه، وقد أشار إليه أبو علي حيث قال في تكسير الصفات: وزعم أبو زيد أنهم قالوا: كمي وأكماء، قال: وزعم غيره أن مثله عدوّ وأعداء
(2)
، وهذا الجمع على اعتقاد حذف الزيادة منه، ومن قال في جمعه كماة شبَّه فعيلًا بفاعل.
قوله: "المقنعا" بضم الميم وفتح القاف وتشديد النون بعدها عين مهملة، وهو الذي عليه مغفر أو بيضة.
الإعراب:
قوله: "تعدون": جملة من الفعل والفاعل وهو بمعنى: تحسبون فيقتضي مفعولين؛ لأنه من جهة الاعتقاد لا من جهة الأعداد، والمفعول الأول هو قوله:"عقر النيب"، والثاني: هو قوله: "أفضل مجدكم"، ويجوز أن يكون من العدّ، ويكون أفضل مجدكم مفعولًا ثانيًا بإسقاط حرف الجر؛ أي: تعدون ذلك من أفضل مجدكم، قوله:"بني ضوطرى": منادى حذف منه حرف النداء، تقديره: يا بني ضوطرى.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لولا الكمي المقنعا" حيث نصب الكمي بالفعل المقدر بعد لولا؛ لأن تقديره: لولا تلقون الكمي أو تبارزون أو نحو ذلك
(3)
.
(1)
انظر مجالس ثعلب (2/ 463)، ونصه يقول: يقال: تكميت الرجل إذا قصدته لتقتله.
(2)
آخر كلام أبي علي الفارسي وهو في التكملة (477)، تحقيق: كاظم بحر المرجان ونصه يقول: "وقد كسر شيء منه (من فعيل) على أفعال كما كسر فاعل عليه في نحو أصحاب وأشهاد، وذلك يتيم وأيتام وشريف وأشراف، وزعم أبو زيد .. إلخ".
(3)
قال الفارسي: "باب من الحروف التي يحذف بعدها الفعل وغيره، قال الشاعر (البيت) فالناصب للكمي الفعل =
وقال ابن يسعون: يجوز عندي أن يكون الفعل المراد بعد لولا تعدون لتقدم ذكره، والتقدير: هلا تعدون قتل الكمي المقنع أفضل مجدكم؛ فحذف المضاف لأنه لا يُشْكل لتقدم ذكره، وقال ابن مالك: التقدير: لولا تعدون عقر الكمي أو قتله؛ فحذف الفعل المضاف وأقام المضاف إليه مقامه
(1)
.
الشاهد التاسع والخمسون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
ونُبِّئْتُ لَيلَى أَرسَلَتْ بشَفَاعةٍ
…
إليّ فَهَلَّا نَفسُ لَيلَى شَفِيعُهَا
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الإضافة، وفي شواهد لو -أيضًا- عن قريب
(4)
.
الاستشهاد فيه هاهنا:
على حذف الفعل بعد هلَّا التي للتحضيض، والتقدير: فهلا كان الشأن نفس ليلى شفيعها، وقال أبو حيان: قد تأول أصحابنا هذا البيت على أن نفسًا فاعل بفعل محذوف، والتقدير: فهلَّا شفعت نفس ليلى، ويكون شفيعها خبر مبتدأ محذوف؛ التقدير: هي شفيعها، أي: نفسها شفيعها، وتأوله أبو بكر بن طاهر على إضمار كان التي يضمر فيها الأمر والشأن، وتكون الجملة في موضع نصب خبرها
(5)
، وذهب بعض النحويين إلى جواز مجيء جملة الابتداء بعد هذه الحروف مستدلًا بهذا البيت
(6)
، واللَّه أعلم.
* * *
= المراد بعد لولا، وتقديره: لولا تلقون الكمي، أو تبادرون، أو نحو ذلك إلا أن الفعل حذف بعدها لدلالتها عليه".
كتاب الشعر (57)، وينظر المسائل العسكريات (111، 112).
(1)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (4/ 114)، وزاد على ما ذكره العيني:"اعتمادًا على دلالة الكلام".
(2)
ابن الناظم (280)، وتوضيح المقاصد (4/ 290).
(3)
البيت من بحر الطويل، وقد اختلف في قائله على ما ذكره الشارح، وانظر بيت الشاهد في المغني (74)، وشرح شواهد المغني (221)، والخزانة (3/ 60)، والدرر (5/ 106)، والأغاني (11/ 314)، وتخليص الشواهد (320)، وشرح التصريح (2/ 41)، والحماسة للمرزوقي (1220)، وشرح الأشموني (2/ 259).
(4)
ينظر الشاهد رقم (653، 1140).
(5)
ينظر شرح التسهيل للمرادي (3/ 416)، والتذييل والتكميل (5/ 192).
(6)
منهم ابن جني في إعراب الحماسة، ذكره في الخزانة (1/ 463) وابن مالك في شرحه للتسهيل إلا أنه جعله شاذًّا يقول:"وقد تلي حروف التحضيض جملة اسمية كقول الشاعر (البيت) وهو شاذ نادر، ويمكن تخريجه على إضمار كان الشأنية وجعل الجملة المذكورة خبرها، والتقدير: فهلا كان الأمر والشأن نفس ليلى شفيعها" شرح التسهيل (4/ 114).
شواهد الإخبار بالذي الألف اللام
الشاهد الستون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
فَكَأَنَّمَا نَظَرُوا إلى قَمَرٍ
…
أوْ حَيثُ عَلَّقَ قَوْسَهُ قُزَحُ
أقول: قائله شقيق بن سليك الأسدي
(3)
، وهو من الكامل، المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "فكأنما" الفاء للعطف؛ لأن قبله أبياتًا ذكرها صاحب الحماسة
(4)
، و "كأن" بطل عملها بما الكافة، و "نظروا": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"إلى قمر" يتعلق بها في محل النصب على المفعولية، قوله:"أو حيث": عطف على قوله: "إلى قمر"، قوله:"علق": فعل، وقوله:"قزح" فاعله، و"قوسه" مفعوله.
(1)
توضيح المقاصد (4/ 299).
(2)
البيت من بحر الكامل، وقد نسب للحكم بن عبدل (شاعر أموي هجاء له عصا مشهورة يطلب بها عطاياه من الملوك مكتوبة على العصا) والبيت ثالث أبيات في شرح الحماسة للمرزوقي (1784)، وهي كالآتي:
بيتًا همو بالظهر قد جلسوا
…
يومًا بحيث ينزع الذبح
فإن ابن بشر في مواكبه
…
تهوى به خطارة سرح
فكأنما نظروا .........
…
.........................
وقد ذكرناها قريب، وانظر بيت الشاهد في الهمع (2/ 146)، والدرر (6/ 194)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (172).
(3)
شاعر إسلامي له شعر مختار في الحماسة (177) بشرح المرزوقي.
(4)
انظر الحماسة (1784) وقد ذكرناها عن قريب.
الاستشهاد فيه:
على أن المازني احتج به على جواز الإخبار عن الاسم الذي ليس تحته معنى
(1)
، وقال الجمهور: الاسم الذي ليس تحته معنى لا يمكن أن يصير خبرًا عن شيء؛ نحو: الأسماء المضافة في الكنى وغيرها من الأعلام المضافة؛ نحو: بكر من قولهم: أبو بكر، فلو أخبرنا عن ذلك لم تكن استفادة؛ لأن ذلك يكون كذبًا، وأجابوا عن ذلك بأن قُزَح اسم للشيطان، فكأن العرب قد وضعت قوسًا للشيطان فيكون ذلك من أكاذيبها، وروي في بعض الآثار: لا تقولوا قوس قزح، فإن قزح من أسماء الشيطان
(2)
.
الشاهد الحادي والستون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
مَا المُسْتَفِزُّ الهَوَى مَحْمُودَ عَاقِبَةٍ
…
................................
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الموصول
(5)
.
والاستشهاد فيه هاهنا:
في حذف العائد إلى الألف واللام التي بمعنى الذي، ولا يجوز ذلك إلا في الضرورة؛ كما في هذا البيت؛ لأن التقدير: ما الذي استفزه الهوى
(6)
.
(1)
قال المرادي: "وذهب المازني إلى جواز الإخبار عن الاسم الذي ليس تحته معنى، واستدل بقول الشاعر (البيت) ورد بأن قزح اسم للشيطان". ينظر شرح التسهيل للمرادي (3/ 456، 457)، وشرح جمل الزجاجي لابن عصفور (2/ 497)، وقال ابن عصفور في كتابه هذا:"وأما امتناع الإخبار عن الاسم الذي ليس تحته معنى كبكر بن أبي بكر فلأن ذلك يكون كذبا؛ إذ ليس بكر موجودًا فتخبر عنه، ومن النحويين من أجاز الإخبار عن الاسم الذي ليس تحته معنى واستدل على ذلك بقول الشاعر (البيت) فأخبر عن قزح من قوله: قوس قزح، وقد قيل: إن قزح اسم للشيطان، وكأن العرب قد وضعت قوسًا للشيطان ويكون هذا من أكاذيبها، وقزح طريق في السماء ذو ألوان، فعلى هذا ليس لمن أجاز الإخبار عن الاسم الذي ليس تحته معنى دليل في قوله (البيت) لأن قُزَح قد قيل إنه اسم الشيطان فلم يك قط في هذا البيت إخبار عما ليس تحته معنى". ينظر شرح الجمل (2/ 497)، وإمكان الاستفادة هو شرط من شروط الاسم الخبر عنه في هذا الباب، والإخبار عن اسم ليس تحته معنى لا يمكن أن يكون خبرًا عن شيء.
(2)
ينظر شرح التسهيل للمرادي (3/ 456، 457).
(3)
أوضح المسالك (4/ 229).
(4)
البيت من بحر البسيط، لقائل مجهول، وهو في التصريح (1/ 146)، والهمع (1/ 189)، والدرر (1/ 68)، والأشموني (1/ 170).
(5)
ينظر الشاهد رقم (116) من هذا البحث.
(6)
ينظر مصباح السالك إلى أوضح المسالك (4/ 229).
شواهد العدد
الشاهد الثاني والستون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
ثلاثُ مِئِيَن لِلْمُلُوكِ وَفَى بها
…
رِدَائِي وَجَلَّتْ عنْ وُجُوهِ الأَهاتِمِ
أقول: قائله الفرزدق، وهو من الطويل، ويروى:
فِدًى لسُيُوفٍ من تَميمٍ وَفَى بِهَا
…
ردَائِي .............................
فعلى هذا لا استشهاد فيه، قوله:"ردائي" أراد به السيف؛ كما قال الآخر
(3)
:
ينَازِعُنِي رِدَائِي عَبدُ عَمرٍو
…
رُويدًا يا أخَا سَعدِ بنِ بَكرِ
والرداء يجيء بمعنى العطاء، قال كثير
(4)
:
غَمْرُ الرِّداءِ إذَا تَبَسَّمَ ضاحِكًا
…
غَلِقَتْ لِضَحْكَتِهِ رِقَابُ المالِ
والرداء: الدَّيْن -أيضًا-، ومنه قول حكيم العرب: فليخفف الرداء، والرداء: الثياب -أيضًا- قال الشاعر
(5)
:
(1)
ابن الناظم (284)، وتوضيح المقاصد (4/ 308)، وأوضح المسالك (4/ 239).
(2)
البيت من بحر الطويل من قصيدة طويلة للفرزدق وعددها (159 بيتًا) يمدح فيها سليمان بن عبد الملك ويهجو جريرًا وقيسًا، ديوانه (851) بتحقيق: عبد الله إسماعيل الصاوي، والعجيب بعد هذا كله وبعد انتشار بيت الشاهد في كتب النحو للشاهد المذكور، وهو في الديوان غير هذا، وهو بالرواية التي رواها الشارح، فما أعجب النحاة، وانظر بيت الشاهد في المقتضب (2/ 170)، وشرح عمدة الحافظ (518)، وابن يعيش (6/ 21)، والخزانة (7/ 370)، والتصريح (2/ 272)، واللسان:"ردي"، وشرح الأشموني (4/ 65)، وأمالي ابن الشجري (2/ 24، 64).
(3)
من الطويل في اللسان غير منسوب لأحد مادة: "ردي".
(4)
البيت من الكامل من قصيدة يمدح بها عبد العزيز بن مروان في الديوان (288) تحقيق: إحسان عباس، و (187) شرح مجيد طراد، وينظر اللسان:"ردي".
(5)
صدر بيت من الطويل وهو للأسود بن يعفر، وعجزه:(ليسلبني نفس أمال بن حنظل) وهو شاهد عند النحويين =
وهَذَا رِدَائِي عِندَهُ يَسْتَعِيرُهُ
…
................................
قال ابن الأعرابي: أبوك رداؤك، وبنوك رداؤك، وكل ما زينك فهو رداؤك، ويقال: الرداء هاهنا على حقيقته، والشاعر يفتخر بذلك حيث رهن رداءه بالديات الثلاث [وأصل ذلك أن ثلاثة من الملوك قتلوا في المعركة، وكانت دياتهم ثلاثمائة بعير، فرهن رداءه بالديات الثلاث]
(1)
قوله: "وجلت عن وجوه الأهاتم" أراد بالأهاتم بني الأهتم سنان بن سمي، وإنما سمي بذلك لأنه كسرت ثنيته يوم الكُلَابِ، والهتم: كسر الثنايا من أصلها.
الإعراب:
قوله: "ثلاث مئين": كلام إضافي مرفوع بالابتداء، قوله:"وفى بها": جملة من الفعل والمفعول، وقوله:"ردائي": كلام إضافي فاعلها، والجملة في محل الرفع على الخبرية، وقوله:"للملوك": جار ومجرور [في محل الرفع]
(2)
على أنه صفة لما قبله، والتقدير: ثلاث مئين من البعير الكائنة ديات للملوك، قوله:"وجلت"؛ جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى الرداء، ومعنى جلّت بالتشديد جلت بالتخفيف؛ من جل القوم عن البلد يجلون بالضم إذا جلوا وخرجوا والمعنى: كشفت ردائي حين وفت بديات الملوك الثلاثة همّ ذلك وتمادي الحروب عن أعيان الأهاتم وكبرائهم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ثلاث مئين" حيث قال: مئين بلفظ الجمع مع أنها تمييز الثلاث، وتمييز الثلاثة وأخواتها بالمائة لا يجمع إلا في الشذوذ
(3)
، وقال ابن مالك: إذا كان مفسر الثلاثة وأخواتها مائة فيفرد نحو: ثلاث مائة، وكان القياس أن يجمع فيقال: ثلاث مئات أو مئين إلا أن العرب لا تجمع المائة إذا أضيف إليها عدد إلا قليلًا كقوله:
ثلاث مئين ...........
…
............. إلى آخره
(4)
= على كثرة ترخيم مالك، وانظره في الكتاب (2/ 246)، (3/ 68)، ونوادر أبي زيد (159)، والتصريح (2/ 190)، واللسان مادة:"ردي".
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
يراجع المفصل وشرحه لابن يعيش (6/ 21 - 23)، وفيه كلام مطول.
(4)
ينظر شرح التسهيل لابن مالك (2/ 394)، والتصريح (2/ 273).
الشاهد الثالث والستون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
إذا عاشَ الفَتَى مائَتَينِ عَامًا
…
فقدْ ذَهَبَ اللذاذةُ والفتَاءُ
أقول: قائله هو الربيع بن ضبع الفزاري، وكان من المعمرين
(3)
، وهو من قصيدة أولها هو قوله
(4)
:
1 -
ألَا أبْلِغْ بَنِيَّ بَنِي ربِيع
…
فَأَشْرَارُ البَنِينَ لَهُمْ فِداءُ
2 -
بِأَنِّي قَدْ كبُرْتُ ورَقَّ عَظْمِي
…
فَلا يَشْغَلْكُمْ عَنِّي النِّسَاءُ
3 -
وإنَّ كَنَائِنِي لَنِسَاءُ صِدقٍ
…
ومَا أَشكُو بَنِيَّ فمَا أساءوا
4 -
إذا كَانَ الشتَاءُ فَأَدْفِئُونِي
…
فَإن الشَّيخَ يَهدِمُهُ الشتَاءُ
5 -
وأمَّا حِينَ يَذهَبُ كُلُّ قُرٍّ
…
فَسرْبَال خَفِيفٌ أو رِدَاءُ
6 -
إذا عاش ..............
…
........................... إلخ
وهي من الوافر.
قوله: "اللذاذة" بفتح اللام؛ من لذذت الشيء بالكسر لذاذة ولذاذًا إذا وجدته لذيذًا، ويروى: فقد ذهب المسرة والفتاء، و "الفتاء" بالمد من فتي بالكسر يفتي فتيًا فهو فتى السني بيّن الفتاء، وقد ولد له في فتاء سنه أولاد.
الإعراب:
قوله: "إذا" للشرط، و "عاش الفتى": جملة من الفعل والفاعل؛ فعل الشرط، قوله:"مائتين": نصب على المفعولية، تقديره: مقدار مائتين ونحوه، و "عامًا" نصب على التمييز، قوله:"فقد ذهب اللذاذة": جملة من الفعل والفاعل وقعت جوابًا للشرط، قوله:"والفتاء": عطف على اللذاذة.
(1)
ابن الناظم (286)، وتوضيح المقاصد (4/ 310)، وأوضح المسالك (4/ 242).
(2)
البيت من بحر الوافر، من مقطوع في الشكوى من طول الدهر والعمر للربيع بن ضبيع الفزاري (قيل بالتصغير وقيل بالتكبير في الاسمين) وانظر بيت الشاهد في الكتاب (1/ 208)، (2/ 162)، والمقتضب (2/ 169)، وابن يعيش (6/ 21)، والتصريح (2/ 273)، والهمع (1/ 35)، والخزانة (7/ 379).
(3)
عاش ثلاثمائة وأربعين، وبلغ الإسلام ولم يسلم.
(4)
انظر المقطوعة في كتاب "المعمرون والوصايا" لأبي حاتم السجستاني، تحقيق: عبد المنعم عامر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "مائتين عامًا" وذلك لأن القياس فيه إضافة المائتين إلى العام، وهذا شاذ لا يقاس عليه
(1)
.
الشاهد الرابع والستون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
تَوَهَّمتُ آيات لها فَعَرَفْتُهَا
…
لسِتَّة أَعْوَامٍ وذا العامُ سابعُ
أقول: قائله هو النابغة الذيباني، وهو من قصيدته المشهورة التي أولها هو قوله
(4)
:
1 -
عفَا ذو حُسَا من فَرْتَنِي فَالفَوَارِعُ
…
فَجَنْبا أريكٍ فالتِّلاعُ الدَّوافِعُ
2 -
فمُجْتَمَعُ الأشرَاجِ غيَّرَ رَسْمَهَا
…
مَصَايِفُ مرَّتْ بعدَنا ومَرَابِعُ
3 -
تَوَهَّمْتُ آياتٍ ..............
…
........................ إلخ
وهي من الطويل.
وقد فسرنا الأبيات المذكورة غير مرة، قوله:"آيات" أراد بها علامات الدار التي تعرف بها، قوله:"لستة أعوام" أي: بعد ستة أعوام؛ كما في: كتبت لستة خلت من الشهر، أي: بعد ستة.
الإعراب:
قوله: "توهمت": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"آيات" مفعول، قوله:"لها" أي: لفرتني، والجار والمجرور في محل النصب على أنه صفة لآيات، والتقدير: آيات كائنة لها.
قوله: "فعرفتها": عطف على قوله: "توهمت"، وهي جملة من الفعل والفاعل والمفعول وهو الضمير المنصوب الذي يرجع إلى الآيات، قوله:"لستة أعوام" يتعلق بقوله: "فعرفتها"، قوله:"وذا العام سابع": جملة من المبتدأ والخبر.
(1)
ينظر الكتاب (1/ 208)، وفيه يقول:"وقد جاء في الشعر بعض هذا منونًا؛ قال الربيع بن ضبيع الفزاري (البيت) .. ". وينظر شرح التسهيل لابن مالك (2/ 395)، وابن يعيش (6/ 23)، وفيه يقول:"فالشاهد فيه إثبات النون في مائتين ضرورة، ونصب ما بعدها على التمييز وهو عام شبهه بعشرين وثلاثين، وكان الوجه حذفها وخفض ما بعدها".
(2)
أوضح المسالك (4/ 249).
(3)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة للنابغة الذيباني، يمدح فيها النعمان ويعتذر إليه، انظرها في الخزانة (2/ 453)، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (2/ 86)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 447)، والمقتضب (4/ 322)، والمقرب (1/ 147)، واللسان:"عشر"، والتصريح (2/ 276).
(4)
الديوان بشرح عباس عبد الساتر (52)، و (30) بتحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وذا العام سابع"[فإنه استعمل سابع]
(1)
مفردًا ليفيد الاتصاف بمعناه مجردًا، وهذا بخلاف ما يستعمله الشخص مع أصله ليفيد أن الموصوف به بعض العدد المعين نحو: سابع سبعة، وثامن ثمانية، ونحوهما
(2)
.
الشاهد الخامس والستون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
فكَانَ مِجَنِّي دون مَنْ كُنْتُ أَتَّقِي
…
ثلاثُ شُخُوصٍ كاعبانِ ومُعْصِرُ
أقول: قائله هو عمر بن أبي ربيعة المخزومي
(5)
، وهو من قصيدة طويلة من الطويل.
قوله: "مجني" بكسر الميم وفتح الجيم وتشديد النون، وهو الترس، وتجمع على مِجَانَّ، ويروى: فكان نصيري دون من كنت أتقي، ومعناه: مانعي وساتري دون من كنت، ويروى: بصيري بالباء الموحدة؛ جمعُ بَصِيرة وهي التّرْسُ؛ حكاه أبو عبيدة
(6)
.
وقال ابن سيده: يؤيده رواية من روى: فكان مجني، قال: وأكثر الناس يروونه: نصيري بالنون وهو تصحيف.
وقال أبو الحجاج: هذا القول فيه إفراط، ورواية النون غير بعيدة من الصواب، وإن كان رواية الباء أظهر لقوله "دون"، ولم يقل على المستعملة مع النصر في مثل هذا النحو، قوله:"كاعبان": تثنيةُ كاعب وهي التي نَهَضَ ثديُها.
وقال الجوهري: الكاعب: الجارية حين يبدو ثديها للنُّهُودِ، وقد كَعِبَتْ تكْعُبُ بالضم كُعُوبًا
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
قال سيبويه في هذا البيت: "هذا باب ما يرتفع فيه الخبر لأنه مبني على مبتدأ أو ينتصب فيه الخبر لأنه حال لمعروف مبني على مبتدأ، فأما الرفع فقولك: هذا الرجل منطلق، فالرجل صفة لهذا، وهما بمنزلة اسم واحد؛ كأنك قلت: هذا منطلق، قال النابغة:(البيت) كأنه قال: وهذا سابغ
…
". ينظر الكتاب (2/ 86)، فالبيت شاهد على أن رفع سابع خبر لذا، فالعام عند سيبويه صفة وإن صح أن يكون بدلا أو عطف بيان وهو بخلاف، ويقصد بقوله: سابع سبعة وثامن ثمانية بالعدد المشتق من اثنين فما فوقها إلى عشرة على وزن فاعل. ينظر الهمع (2/ 151)، والتصريح (2/ 276).
(3)
ابن الناظم (285)، وتوضيح المقاصد (4/ 304)، وأوضح المسالك (4/ 135).
(4)
البيت من بحر الطويل، وهو في الغزل، من قصيدة مشهورة في الغزل (أمن آل نعم) لعمر بن أبي ربيعة، وهي في ديوانه (84)، بشرح الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، وبيت الشاهد (ص 92)، وانظره في الكتاب (3/ 566)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 366)، والمقتضب (2/ 148)، والمقرب (1/ 307)، والإنصاف (770)، والتصريح (2/ 275)، واللسان:"شخص"، وظاهرة التركيب في النحو العربي (200)، د. أحمد السوداني، أولى (2005 م).
(5)
انظر الديوان (84)، والأغاني (1/ 90).
(6)
ينظر الصحاح مادة: "بصر".
وكعَّبَتْ بالتشديد مثله
(1)
، قوله:"معصر" بضم الميم وسكون العين وكسر الصاد المهملتين، وهي الجارية أوَّلُ ما أدركتْ وحاضَتْ، يقال: قد أعصرت كأنها دخلت في عَصْرِ شَبَابها وبلغتْهُ.
الإعراب:
قوله: "فكان" الفاء للعطف، و "مجني": كلام إضافي اسم كان، وخبره قوله:"ثلاث شخوص"، قوله:"دون" نصب على الظرف، ومضاف إلى قوله:"من كنت"، ومن موصولة، و"كنت أتقي": صلتها، والعائد محذوف، أي: أتقيه، والضمير المتصل اسم كان، وأتقي: جملة في محل النصب خبره، قوله:"كاعبان": خبر مبتدأ محذوف تقديره: هن كاعبان ومعصر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ثلاث شخوص" فإن القياس فيه: ثلاثة شخوص، ولكنه كنى بالشخوص عن النساء ثم بيَّن ذلك بقوله:"كاعبان ومعصر"
(2)
.
الشاهد السادس والستون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
وإنَّ كِلابًا هذه عشرُ أَبْطُن
…
وأنتَ بريء منْ قَبَائِلِهَا العشْرِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
قوله: "أبطن": جمع بطن وهو دون القبيلة وهم بنو أب واحد، ويجمع على قبائل، وأصلها من قبائل الرأس وهي القطع المشعوب بعضها إلى بعض تصل بها الشؤون.
الإعراب:
قوله: "وإن كلابًا" الواو للعطف إن تقدمه شيء، و"كلابًا": اسم إن، و "هذه": إشارة إلى كلابًا، وقوله:"عشر أبطن": كلام إضافي خبر إن، قوله:"وأنت": مبتدأ، و "بريء": خبره، و "من قبائلها" يتعلق به، و "العشر" بالجر صفة لقبائلها.
(1)
الصحاح: "كعب".
(2)
قال سيويه: "وقال عمر بن أبي ربيعة: (البيت) فأنث الشخص إذ كان في معنى أنثى" الكتاب (3/ 566)، والتصريح (2/ 275).
(3)
ابن الناظم (285).
(4)
البيت من بحر الطويل، وهو للنواح الكلابي، وانظره في الكتاب (3/ 565)، والمقتضب (2/ 148)، والإنصاف (769)، والخصائص (2/ 17)، والهمع (2/ 149)، واللسان:"كلب"، والدرر (6/ 196)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (431).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "عشر أبطن"[حيث قال: عشر أبطن]
(1)
، وكان القياس: عشرة أبطن؛ لأن البطن مذكر، لكنه كنى بالبطن عن القبائل بدليل قوله:"من قبائلها العشر"
(2)
.
الشاهد السابع والستون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
ثلاثةُ أنْفُسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ
…
لقدْ جارَ الزَّمانُ علَى عِيالِي
أقول: قائله أعرابي من أهل البادية، أنشده حين عم الغلاء ببلادهم، وهو من الوافر، وفي رواية المفضل
(5)
:
ثلاثةُ أعْبُدٍ وثَلَاثُ آمٍ
…
لقَدْ جَارَ الزَّمَانُ عَلَى عِيالِي
و"الآم": جمع أمة، ويجمع -أيضًا- على إماء، وأميّ، وأموان، وحكي أميات -أيضًا- وليس بالمعروف، قوله:"ذود" بفتح الذال المعجمة وسكون الواو وفي آخره دال مهملة، وهي الإبل ما بين الثلاث إلى العشر، وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها، والكثير أذواد، وفي المثل: الذود إلى الذود إبل
(6)
، قوله:"جار": من الجور وهو الحيف والظلم.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
قال سيبويه "وزعم يونس عن رؤبة أنه قال: ثلاث أنفس على تأنيث النفس؛ كما يقال: ثلاث أعين للعين من الناس، وكما قالوا: ثلاث أشخص في النساء، وقال الشاعر وهو رجل من بني كلاب (البيت) .... فأنث أبطنًا؛ إذ كان معناها القبائل". ينظر الكتاب (3/ 465).
(3)
ابن الناظم (285)، وتوضيح المقاصد (4/ 304).
(4)
البيت من بحر الوافر من بيتين للحطيئة قالهما في سفر وقد فقد ناقة له من ثلاث، وكانت معه ابنته وامرأته فقال يحكي ذلك:
أذئب القفر أم ذئب أنيس
…
أصاب البكر أم حدث الليالي
ونحن ثلاثة وثلاث ذود
…
لقد جار الزمان على عيالي
انظر ديوانه (270)، ط. دار صادر، و (187)، ط. دار الجيل، وانظر الشاهد في الكتاب (3/ 565)، والإنصاف (771)، والخزانة (7/ 367)، والخصائص (2/ 412)، والتصريح (2/ 270)، ومجالس ثعلب (1/ 304)، والهمع (1/ 253)، والأغاني (2/ 144)، والدرر (4/ 40).
(5)
لم أعثر عليه في المفصل للزمخشري؛ كما ذكر الشارح، ولا في ابن يعيش الجزء السادس.
(6)
المثل في مجمع الأمثال (1/ 277) تحقيق محمد محمد الدين، مطبعة السنة المحمدية، وروايته فيه: الذود إلى الذود وهو مثل يضرب في اجتماع القليل إلى القليل حتى يؤدي إلى الكثير.
الإعراب:
[قوله:]
(1)
"ثلاثة أنفس": كلام إضافي مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: نحن ثلاثة أنفس، وقوله:"ثلاث ذود" بالرفع عطف على ثلاثة أنفس، والتقدير: ولنا ثلاث ذود، قوله:"لقد" اللام للتأكيد، وقد للتحقيق، و "جار الزمان": جملة من الفعل والفاعل، و "على عيالي" في محل النصب على المفعولية.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ثلاثة أنفس" حيث قال: ثلاثة بالتاء، وكان القياس: ثلاث أنفس؛ لأن النفس مؤنث، ولكن لما كثر في كلامهم إطلاق النفس على الشخص صار كأنه قيل: ثلاثة أشخاص، قوله:"وثلاث ذود" كان القياس فيه: ثلاثة من الذود [لأن الذود]
(2)
اسم جمع، وإنما قياس العدد أن لا يضاف إلى الجمع
(3)
.
الشاهد الثامن والستون بعد المائة والألف
(4)
،
(5)
................................
…
ظرفُ عَجُوزٍ فيه ثِنْتَا حَنْظَلِ
أقول: قائله هو جندل بن المثنى، وفي شرح الفصيح قال ابن السيرافي: قالته سلمى الهذلية، وصدره:
كَأَنَّ خُصْيَيْه منَ التَّدَلْدُلِ
…
................................
وقبله
(6)
:
1 -
تِقولُ يَا رَبَّاهُ يَا رَبُّ هَلِ
…
أَنْتَ مِنْ هَذَا مُنَجٍ أَحْبُلِي
2 -
إمَّا بِتَطْلِيقٍ وإمَّا بِارْحَلِي
…
أوَارِمُ فيِ وَجْعَائِهِ بِدُمَّلِ
(1)
ما بين المعقوفين زيادة للإيضاح.
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
ينظر الكتاب (3/ 565)، والشاهدان السابقان (1164، 1165)، والتصريح (2/ 270).
(4)
ابن الناظم (285).
(5)
البيت من بحر الرجز المشطور، وقد اختلف في قائله، فقيل هو لخطام المجاشعي أو لجندل بن المثنى أو لسلمى الهذلية أو لشماء الهذلية، وانظره في الكتاب (3/ 569، 624)، والمقتضب (2/ 156)، وتصحيح الفصيح وشرحه لابن درستويه (462)، ط. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، تحقيق محمد بدوي المختون، ورمضان عبد التواب، والخزانة (7/ 400، 404)، والدرر (4/ 38)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 361).
(6)
انظر الأبيات المذكورة في الخزانة (7/ 400، 404)، والدرر (4/ 38)، وفرحة الأديب (158).
وهي من مشطور الرجز، والقافية متدارك.
قوله: "وجعائه" بفتح الواو وسكون الجيم وبالمد، وهو الاست، و "التدلدل": الاضطراب، قوله:"ظرف عجوز " ويروى:
سَحْقُ جِرَابٍ فِيهِ ثِنتَا حَنظَلِ
و"السحق": الخلق، و "الحنظل": جمع حنظلة وهي مشهورة، ويقال لها: العلقم، وروي عن أبي حاتم أنه قال: الحنظل هاهنا الثوم؛ شبه خصيتيه في استرخاء صفنهما حين شاخ واسترخت جلدة استه بظرف عجوز فيه حنظلتان
(1)
، وخص العجوز لأنها لا تستعمل الطيب ولا تتزين للرجال فيكون في ظرفها ما تتزين به، ولكنها تدخر الحنظل ونحوه من الأدوية، و "ظرف العجوز" هو مزودها الذي تخزن فيه متاعها.
وقال النميري
(2)
: هذا يجوز أن يكون مدحًا وأن يكون ذمًّا؛ لأن البطل يوصف بطول الخصية وقلة ثقلها. ورد عليه أبو محمد
(3)
، وأورد الأرجوزة التي فيها الثنتا حنظل في الذم.
وقال الأعلم
(4)
: يحتمل أن يكون الشعر مدحًا في وصف شجاع لا يجبن في الحرب فتقتلص خصيتاه، ويحتمل أن يكون هجوًا، ووجهه أنه يصف شخصًا قد كبر وأسن؛ ولذلك قال: ظرف عجوز، لأن ظرف العجوز خلق منقبض فيه تشنج لقدمه، فلذلك شبه جلد الخصية به للغضون التي فيه، والأولى أن يكون هجوًا لذكره العجوز والحنظلتين مع تصريحه بذكر الخصيتين، ومثل هذا لا يصلح للمدح.
الإعراب:
[قوله: "] كأن": حرف من الحروف المشبهة [بالفعل]
(5)
، وقوله:"خصييه"؛ اسمه، وخبره قوله:"ظرف عجوز"، وكلمة من في قوله:"من التدلدل" للتعليل، قوله:"ثنتا حنظل": كلام إضافي مرفوع بالابتداء، وخبره قوله:"فيه"، والضمير يرجع إلى الظرف.
(1)
في الصحاح للجوهري: "صفن" الصفن بالتحريك: جلدة بيضة الأسنان، والجمع: أصفان.
(2)
لعله السيرافي: يوسف بن الحسن بن عبد الله أبو محمد، أديب لغوي، صنف شرح أبيات سيبويه، إصلاح المنطق (385).
(3)
هو أبو محمد الأعرابي الملقب بالأسود الغندجاني، والرد في كتابه فرحة الأديب (158).
(4)
لم نجد النص في النكت له (944)، ولا في شرح أبيات الكتاب (2/ 177)(بولاق).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ثنتا حنظل" حيث جمع فيه بين العدد والمعدود ضرورة، وكان حقه أن يقول: حنظلتان، وفي صدر البيت استشهاد آخر، وهو قوله:"خصييه" فإن القياس فيه إثبات التاء، أعني: يقال خصيتيه ولكنه حذفها للضرورة
(1)
، وقد استشهد به الزمخشري في كتابه
(2)
.
الشاهد التاسع والستون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
فيهَا اثنتَانِ وأَرْبَعُونَ حَلُوبَةً
…
سودًا كَخَافِيَةِ الغُرَابِ الأسْحَمِ
أقول: قائله هو عنترة بن شداد العبسي، وهو من قصيدته المشهورة التي أولها هو قوله
(5)
:
1 -
أَعْياك رَسْمُ الدَّارِ لم يتكلّمِ
…
حتى تكلَّمَ كالأصمِّ الأَعْجَمِ
إلى أن قال:
2 -
إنْ كُنْتِ أَزْمَعْتِ الفراقَ فإنما
…
زمتْ ركابكُمْ بليلٍ مظلِمِ
3 -
مَا رَاعَنِي إلَّا حمولةُ أَهْلِهَا
…
وسْط الدِّيارِ تَسَفُّ حبّ القرطُمِ
4 -
فيها اثنتان ............
…
.......................... إلخ
(1)
في تصحيح الفصيح لابن درستويه (462)(المجلس الأعلى) يقول: "وأما قوله: تقول هما الخُصيان، فإذا أفردت الواحدة أدخلت الهاء فقلت: خُصْيَة كما قال الراجز: (الشاهد) فإن العامة تقول: الخُصْوَة والخُصْوتان بالواو وهو خطأ، وأما قوله: إذا أفردت الواحدة أدخلت الهاء، وإذا ثنيت أخرجت منها الهاء فغلط منه؛ لأن الخُصَى بغير تأنيث إنما هو جلدُ الخُصية، فأما الخُصْية بالهاء فلا يراد بها الجلد دون البيضة، وإنما غلط لقول الراجز (كأن خصييه من التدلدل) ولم يتأمل البيت الثاني حيث يقول: (ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل) وإنما شبه الراجز جلد الخصيين بجراب فيه حنطتان ولم يشبه البيضتين بالجراب لأن هذا محال من التشبيه وخطأ ........... ".
(2)
قال الزمخشري: "وما عداها من أسامي العدد فمتشعب منها وعامتها تشفع بأسماء المعدودات لتدل على الأجناس ومقاديرها .... ما خلا الواحد والاثنين؛ فإنك لا تقول فيها: واحد رجال ولا اثنا دراهم بل تلفظ باسم الجنس مفردًا وبه مثنى؛ كقولك: رجل ورجلان، كمحصل لك الدلالتان معًا بلفظة واحدة، وقد عمل على القياس المرفوض من قال (البيت) ". ينظر المفصل (262)، دار الكتب العلمية، وشرح ابن يعيش (6/ 16)، والتصريح (2/ 270).
(3)
توضيح المقاصد (4/ 315).
(4)
البيت من بحر الكامل من معلقة عنترة العبسي المشهورة والتي كثر منها الشواهد النحوية وغيرها شأنه شأن المعلقات السبع أو العشر، وانظر بيت الشاهد في ابن يعيش (3/ 55)، (6/ 24)، والخزانة (7/ 390)، وشرح شذور الذهب (325).
(5)
ديوان عنترة (15)، ط. دار صادر، و (142) وما بعدها، دار الكتب العلمية، والعجيب أن المطلع الذي ذكره الشارح ليس في الديوان، وإنما المطلع في الديوان هكذا:
هل غادر الشعراء من متردم
…
أم هل عرفت الدار بعد توهم
وهي من الكامل.
4 -
قوله: "فيها" أي: في الركاب، قوله:"حلوبة" بفتح الحاء المهملة وضم اللام وسكون الواو وفتح الباء الموحدة، وهي ما تحلب، وكذلك: الحلوب، وإنما جاء بالهاء، لأنك تريد الشيء الذي يحلب؛ أي الشيء الذي اتخذوه ليحلبوه، وليس لتكثير الفعل، وكذلك القول في الركوبة والقتوبة وأشباههما، وهو بالقاف والتاء الثناة من فوق، وهي الإبل التي تقتبها بالقتب، وفي الحديث:"لا صدقة في الإبل المقتوبة"، والمعنى: ليس في الإبل العوامل صدقة، إنما الصدقة في السوائم، ويروى: خلية بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام وتشديد الياء آخر الحروف، وهي الناقة تعطف مع أخرى على ولد واحد فيدران عليه ويتخلى أهل البيت بواحدة يحلبونها.
قوله: "كخافية الغراب" بالخاء المعجمة، ويجمع على: خوافٍ، قال الأصمعي: هو ما دون الريشات العشر من مقدم الجناح، قوله:"الأسحم" بالحاء المهملة؛ أي: الأسود؛ من السحمة وهي السواد.
الإعراب:
قوله: "فيها اثنتان" مبتدأ وخبر، وقوله:"حلوبة": نصب [على التمييز، قوله: "سودًا": بضم السين جمع سوداء]
(1)
نصب على أنه صفة لحلوبة، قوله:"كخافية" الكاف للتشبيه، والخافية مجرورة بها، وهي مضافة إلى الغراب، قوله:"الأسحم" بالجر صفة للغراب.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "سودًا" فإنها وقعت نعتًا لقوله: "حلوبة"، وروعي فيها اللفظ، ويجوز في هذا الباب رعاية اللفظ ورعاية المعنى، تقول: عندي عشرون درهمًا وازنًا على اللفظ، وعشرون درهمًا وازنة على المعنى
(2)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
قال ابن يعيش: "وذلك أنه جاء في التمييز: سودًا وهو جمع لأن الصفة والموصوف شيء واحد". ينظر ابن يعيش (6/ 24، 25).
الشاهد السبعون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
كُلِّفَ مِنْ عَنَائِهِ وشِقْوَتِهِ
…
بنتَ ثمانِي عشْرَةٍ مِنْ حِجَّتِهْ
أقول: [ذكر الجاحظ في كتاب الحيوان
(3)
: أنشدني أبو الرديني الدليهم بن شهاب أحد بني عوف بن كنانة من عكل قال: أنشدني نفيع بن طارق في تشبيه رَكَب المرأة
(4)
إذا جمم بجلد القنفذ
(5)
:
1 -
عُلِّقَ مِنْ عَنَائِهِ وشِقْوَتِهْ
…
وقَدْ رأيتَ هَدَجًا فيِ مِشْيَتِهْ
2 -
وقَدْ حَكَى الشَّيبُ عِذَارَ لِحيَتِهْ
…
بِنْتَ ثَمَانِ عَشْرة من حِجَّتِهْ
3 -
يَظُنُّهَا ظنًّا بِغَيرِ رؤْيَتِهْ
…
تَمْشِي بِجَهْمٍ ضِيقُهُ فيِ هِمَّتِهْ
4 -
لمْ يُخْزِهِ اللهُ بِرُحْبِ سَعَتِهْ
…
حمحم بَعْدَ حَلْقِهِ ونَوْرَتِهْ
5 -
كقُنفُذِ القف اخْتَفَى فيِ فَرْوَتِهْ
…
لا يقنع الأيرُ بِنَزْغِ زهرته
6 -
ولا يَكرُّ رَاجِعًا بِكَرَّتِهْ
…
كأنَّ فيه وَهَجًا مِنْ مِلَّتِهْ]
(6)
قوله: "من عنائه" بفتح العين المهملة، وهو من عني بالكسر يعني عناءً؛ أي: تعب ونصب، و "الشقوة" بكسر الشين المعجمة؛ نقيض السعادة، وكذلك الشقاء والشقاوة بالفتح، وقراءة قتادة
(7)
: {شِقوَتُنَا} [المؤمنون: 106] بالكسر
(8)
، ......................
(1)
توضيح المقاصد (4/ 314)، وأوضح المسالك (4/ 247).
(2)
بيتان من بحر الرجز المشطور، من مقطوعة لقائل مجهول، يصف فيها رجلًا ورفع بيتًا صغيرة، وانظر بيت الشاهد في الإنصاف (309)، والمخصص (14/ 92)، وشرح التسهيل لابن مالك (2/ 402)، وخزانة الأدب (6/ 430)، والبحر المحيط (6/ 423)، والهمع (2/ 149)، والدرر (2/ 205)، والتصريح (2/ 275).
(3)
انظر الكتاب المذكور (6/ 463، 464)، بتحقيق: هارون.
(4)
قال ابن منظور في اللسان مادة: "ركب": "والرَّكَبُ بالتحريك: العانة؛ وقيل: مَنْبِتُها، وقيل: هو ما انحدرَ عن البطنِ فكان تحتَ الثُّنَّةِ، وفوقَ الفَرْجِ كلُّ ذلك مذكَّرٌ صرَّح به اللحياني، وقيل: الرَّكَبانِ: أصْلا الفَخِذَين اللذانِ عليهما لحم الفرج من الرجُل والمرأة، وقيل: الرَّكَبُ: ظاهرُ الفَرْج، وقيل: هو الفَرْج نَفْسُه".
(5)
انظر الأبيات المذكورة كتاب الحيوان للجاحظ (6/ 463)، وأيضًا في خزانة الأدب للبغدادي (6/ 432، 433)، مع شرح مختصر لها.
(6)
ما بين المعقوفين سقط في النسخ.
(7)
أولها قوله: {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} .
(8)
ينظر حجة القراءات لأبي زرعة (491)، وهي قراءة حمزة والكسائي بالألف وفتح الشين، وينظر إعراب القرآن للنحاس (3/ 123)، والقرطبي (4545)، ط. دار الشعب، ولم أعثر على قراءة قتادة فيما بين يدي من كتب قراءات على حد قول الجوهري، إنها لغة إلا ما رواه أبو حيان من قوله: وقرأ عبد الله والحسن وقتادة وحمزة والكسائي والمفضل عن عاصم وأبان والزعفراني وابن مقسم: شقاوتنا بوزن السعادة، وهي لغة فاشية، وقتادة -أيضًا- والحسن=
وهي لغة
(1)
، و "الحجة "؛ السنة والعام، ويجمع على حجج.
الإعراب:
قوله: "كلف" على صيغة المجهول، والضمير المستتر فيه مفعول ناب عن الفاعل، وكلمة:"من" للتعليل، و "شقوته": عطف على عنائه، قوله:"بنت" بالنصب مفعول ثان لقوله: "كلف".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ثماني عشرة " حيث أضاف صدره إلى عجزه بدون إضافة عشرة إلى شيء آخر، وهذا لا يجوز بالإجماع إلا في ضرورة الشعر؛ كذا ادعى ابن مالك الإجماع فيه
(2)
، وهذه الدعوى ليست بصحيحة لأن غيره حكى عن الكوفيين أنهم أجازوا ذلك مطلقًا في الشعر وغيره
(3)
.
* * *
= في رواية خالد بن حوشب عنه كذلك إلا أنه بكسر السين، وباقي السبعة الجمهور بكسر الشين وسكون القاف، وهي لغة كثيرة في الحجاز". البحر المحيط (6/ 422، 423).
(1)
ينظر الصحاح مادة: "شقا".
(2)
ينظر تسهيل الفوائد (118).
(3)
قال المصرح: "وقول ابن مالك في التسهيل: ولا يجوز بإجماع ثماني عشرة إلا في الشعر مردود؛ فإن الكوفيين أجازوا ذلك مطلقًا في الشعر وغيره كما قال الموضح فليس نقل الإجماع بصحيح". ينظر التصريح (2/ 276)، كما أن صاحب كتاب الإنصاف قد عقد في كتابه مسألة لهذا الأمر، وهو جواز إضافة النيف إلى العشرة في الأعداد عند الكوفيين وعدم جوازه عند البصريين، الإنصاف (1/ 309).
شواهد "كم وكأين وكذا"
الشاهد الحادي والسبعون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
كمْ عمَّةٍ لكَ يا جريرُ وخالةٍ
…
فدْعاءَ قد حلبتْ عليَّ عشَارِي
أقول: قائله هو الفرزدق، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الابتداء
(3)
.
والاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "كم عمة" حيث روي بالجر على اللغة المشهورة على أن كم خبرية، وبالنصب على أنها استفهامية، وتميم قد يُجْرُونَ كم الخبرية مجرى كم الاستفهامية وينصبون مميزها وإن كان جمعًا، وبالرفع على أن المميز محذوف، والتقدير: كم مرة أو كم وقت، ويكون ارتفاع عمة على الابتداء لأنه وُصِف
(4)
.
الشاهد الثاني والسبعون بعد المائة والألف
(5)
،
(6)
عَلَى أَنَّنِي بَعْدَ مَا قَدْ مضَى
…
ثَلاثُونَ لِلْهَجْرِ حَوْلًا كَمِيلًا
يُذَكِّرُنِيكِ حَنِينُ العَجُولِ
…
وَنَوْحُ الحَمَامَةِ تَدْعُو هَديلًا
أقول: قائلهما هو العباس بن مرداس السلمي كذا في الموعب، وهما من المتقارب.
(1)
ابن الناظم (291)، وأوضح المسالك (4/ 256).
(2)
البيت من بحر الكامل من قصيدة للفرزدق من النقائض يهجو بها جريرًا، وانظر الديوان (448)، تحقيق: عبد الله إسماعيل الصاوي، والنقائض (324)(ليدن)، تحقيق: يحيى الجبوري بغداد.
(3)
انظر الشاهد رقم (170) من هذا البحث.
(4)
انظر التصريح (2/ 280)، وابن يعيش (4/ 133)، والمقتضب (3/ 85)، والشاهد (170) من هذا البحث.
(5)
ابن الناظم (291).
(6)
البيتان من بحر المتقارب، وهما للعباس ولا ثالث لهما في الديوان، انظر ديوانه (136) تحقيق: يحيى الجبوري =
2 -
قوله: "حنين العجول" أي: طربها وارتياحها، و "العجول" بفتح العين المهملة وسكون الواو وفي آخره لام، وهي الناقة التي قد ذبح [ولدها]
(1)
أو مات أو وهب؛ قاله الأصمعي، وقال غيره:"العجول": الناقة التي تلقي ولدها قبل أن يتم بشهر أو شهرين، وذلك لأنها أعجلته عن ولدها.
قوله: "هديلًا" بفتح الهاء وكسر الدال، وهو الذكر من الحمام، ويقال: الهديل: الحمام الوحشي كالقماري والدباسي، وقيل: الهديل: الفرخ؛ قاله صاحب العين، وقال: هكذا يزعم الأعراب.
وقال الجاحظ
(2)
: يقال في الحمام الوحشي من القماري والفواخت والدباسي وما أشبه ذلك: هدل يهدل، ويقال في الحمام: هدر يهدر، قال أبو زيد: الجمل يهدر، ولا يقال باللام، وقال الجاحظ: الحمام يهدل، وربما كان بالراء
(3)
، قوله:"كميلًا" فعيل بمعنى فاعل بمعنى كامل.
الإعراب:
قوله: "على أنني" يتعلق بما قبله من أبيات القصيدة، وضمير المتكلم اسم أن، وخبرها هو قوله:"يذكرنيك" على ما يجيء، قوله:"بعد" نصب على الظرف مضاف إلى قوله: "ما قد مضى"، وقد للتحقيق، ومضى: فعل، و"ثلاثون": فاعله، و "للهجر" معترض بين ثلاثون ومميزه وهو: حولًا، قوله:"كميلًا" صفة لقوله: "حولًا".
قوله: "يذكرنيك": جملة من الفعل والمفعولين أحدهما قوله: "في"والآخر: الكاف، وموضعها الرفع على أنه خبر أن، قوله:"حنين العجول": كلام إضافي فاعله، قوله:"ونوح الحمامة": عطف على الفاعل.
قوله: "تدعو": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه العائد إلى الحمامة، قوله:"هديلًا": مفعول به لأن المعنى: تناديه ليسفدها الذكر، وإن كان المراد من الهديل الفرخ على ما زعمه بعض الأعراب، فكذلك هو مفعول به، وتكون تدعو في معنى: تبكي وترثي، وإن كان المراد من الهديل: الصوت، فيكون انتصاب هديلًا على المصدر، وإما على فعل مقدر من لفظه دل عليه قوله:"تدعو" أي: تهدل هديلًا، وإما بتدعو لأن معناه كمعنى تهدل، ويجوز أن تنصب
= بغداد، وانظره في الكتاب (2/ 158)، والمقتضب (3/ 55)، ومجالس ثعلب (2/ 492)، وابن يعيش (4/ 130)، والمغني (572)، والمساعد (2/ 108)، الأساس:"كمل"، والخزانة (3/ 299).
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
انظر كتاب الحيوان للجاحظ (3/ 243).
(3)
انظر السابق نفسه (هارون).
على الحال من الضمير في "تدعو"، أي: تدعو هادلة، ومفعول تدعو على هذين الوجهين محذوف، أي: تدعو صاحبها.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ثلاثون للهجر حولًا كميلًا" حيث فصل بين "ثلاثون" وبين مميزه، أعني: حولًا بالجار والمجرور، وذلك للضرورة
(1)
.
الشاهد الثالث والسبعون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
تَؤُمُّ سِنَانًا وكَمْ دُونَهُ
…
مِنَ الأَرْضِ مُحْدَوْدِبًا غَارُهَا
أقول: قائله هو زهير بن أبي سلمى، وقيل: ابنه كعب، وليس بموجود في ديوانهما، وهو من المتقارب
(4)
.
قوله: "تؤم" أي: تقصد سنانًا، وأراد به سنان بن أبي حارثة المري، قوله:"محدودبًا": من الحدب وهو ما ارتفع من الأرض، يقال: حدب ظهره واحدودب، قوله:"غارها" بالغين المعجمة، أصله: غائرها فحذف عين الفعل؛ كما حذف في قولهم: رجل شاك، أي: شائك، و "الغار" من الأرض؛ الغائر المطمئن
(5)
.
الإعراب:
قوله: "تؤم": جملة من الفعل والفاعل وهو هي المستتر فيه الراجع إلى الناقة، قوله:"سنانًا": مفعوله، قوله:"وكم" الواو للحال، وكم خبرية، وقوله:"دونه" نصب على الظرف.
(1)
ينظر الكتاب (2/ 158، 159) وقال ابن مالك: "ولا يجوز الفصل بين العدد ومميزه إلا في ضرورة كقول الشاعر (البيت) ولو استعمل هذا في غير ضرورة لم يجز بخلاف كم، فلك أن تفصل بينها وبين مميزها دون ضرورة".
شرح التسهيل لابن مالك (2/ 419)، والإنصاف (309).
(2)
ابن الناظم (291)، وتوضيح المقاصد (4/ 332).
(3)
البيت من بحر المتقارب ونسب لأكثر من شاعر فقيل لزهير، وقيل لابنه كعب، وقيل للأعشى، ومع ذلك ليس في ديوان واحد من هؤلاء الثلاثة، وانظره في الكتاب (2/ 165)، والمحتسب (1/ 138)، وابن يعيش (4/ 129، 131)، والإنصاف (306).
(4)
في (أ، ب): من الوافر والصواب ما أثبتناه.
(5)
قوله: "غارها" أصله غائرها، فحذف عين الفعل .. إلخ، أراه قد أبعد في الأمر، الغار وهو الكهف داخل الجبل، وزنه الفعل بالفتح وهو بمعنى الغائر أيضًا.
قوله: "من الأرض" يتعلق بمحذوف؛ قاله أبو علي
(1)
، ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال من غارها، والعامل فيه محذوف، ويجوز أن يكون حالًا مما في دونه الذي هو خبر كم، ويكون متعلقًا بمحذوف؛ قاله أبو الحجاج، وتقديره: معترض أو كائن دونه حاضرًا من الأرض، والعامل في "حاضر" الذي هو حال الخبر الذي هو كائن ونحوه مما يتعلق به الظرف الذي هو دونه، قوله:"غارها" مرفوع بمحدودبًا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وكم دونه من الأرض محدودبًا" حيث فصل بين كم ومميزها وهو قوله: "محدودبًا" بالظرف وهو قوله: "دونه" والمجرور وهو قوله: "من الأرض"، وفي مثل هذه الصورة يجوز نصب المميز ويجوز بقاء جره، والمختار نصبه في مثل هذا
(2)
.
الشاهد الرابع والسبعون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
كمْ فيِ بَنِي بكرِ بنِ سعْدٍ سيِّدٍ
…
ضَخْمِ الدَّسيعَةِ مَاجِدٍ نَفَّاعٍ
أقول: قائله هو الفرزدق، وهو من الكامل.
قوله: "ضخم الدسيعة" أي: العطية، يقال: فلان ضخم الدسيعة، أي: عطم العطية، وهي بفتح الدال وكسر السين المهملتين بعدها ياء آخر الحروف ساكنة وعين مهملة، قوله:"ماجد": من مجد إذا شرف، و "نفاع": مبالغة نافع.
(1)
الإيضاح للفارسي بشرح المقتصد (743).
(2)
قال الأنباري: "إذا فصل بين كم الخبرية وتمييزها فهل يبقى التمييز مجرورًا؟ ذهب الكوفيون إلى أنه إذا فصل بين كم في الخبر وبين الاسم بالظرف وحرف الجر كان مخفوضًا نحو: كم عندك رجلٍ، وكم في الدار غلامٍ، وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز فيه الجر ويجب أن يكون منصوبًا ..... ". الإنصاف (303 - 309)، وقال الفارسي:"وقد تجعل كم في الخبر بمنزلة عشرين فينصب ما بعدها، ويختار ذلك إذا وقع الفصل بين المضاف والمضاف إليه، وذلك كقوله (البيت) اعلم أنهم يقولون في الخبر: كم في الدار رجلًا، فينصبون تنكبًا للفصل بين الجار والمجرور؛ إذ لو قالوا: كم في الدار رجل كان قولك: في الدار فاصلًا بين الجار الذي هو "كم" وبين المجرور الذي هو: "رجل"، فقوله: وكم دونه من الأرض محدودبًا غارها، الأصل كم محدودب غارها من الأرض، ثم لما أوقع قوله: "دونه" بعد كم نصب فقال: محدودبًا؛ إذ لو جر لكان قوله: دونه من الأرض، فاصلًا بين كم ومحدودب المجرور به". الإيضاح ومعه المقتصد (742، 743)، وينظر ابن يعيش (4/ 131).
(3)
ابن الناظم (291).
(4)
البيت من بحر الكامل، وهو في المدح وليس للفرزدق كما ذكر الشارح فقد فتشنا في ديوانه على اختلاف طبعاته ولم نجده فيه، وانظره في الكتاب (2/ 168)، والمقتضب (3/ 62)، واللمع (229)، وابن يعيش (4/ 130، 132)، والإنصاف (304)، والخزانة (6/ 476)، والأشموني (4/ 82).
الإعراب:
قوله: "كم": خبرية مرفوع بالابتداء، وقوله:"في بني بكر بن سعد": ظرف في محل الرفع على الخبرية، وقوله:"سيد" مميز كم، و "ضخم الدسيعة": كلام إضافي صفته، و"ماجد": صفة أخرى، وكذلك "نفاع" صفة بعد صفة.
الاستشهاد فيه:
على أنه فصل بين كم الخبرية وبين مميزها وهو قوله: "سيد" بالظرف وهو قوله: "في بني [بكر ابن]
(1)
سعد"، وأبقى الجر في المميز، والمختار نصبه في هذه الصورة كما علم في موضعه
(2)
.
الشاهد الخامس والسبعون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
كمْ بِجُودٍ مُقْرِفٍ نَال العُلا
…
وكريمٍ بُخْلُهُ قَدْ وَضَعَهْ
أقول: قائله هو أنس بن زنيم، وهو من قصيدة قالها لعبيد الله بن زياد، وأولها هو قوله
(5)
:
1 -
سَلْ أَمِيرِي مَا الذِي غَيَّرَهْ
…
عَنْ وصَالِي اليَومَ حَتَّى وَدَّعَهْ
2 -
لا تَهنِّي بَعْدَ أنْ أَكْرَمْتَنِي
…
فشَدِيدٌ عَادَةٌ مُنْتَزَعَهْ
3 -
لا يَكُنْ وَعدُكَ بَرقًا خُلَّبًا
…
إنَّ خَيرَ البَرْقِ مَا المَاءُ مَعَهْ
(6)
وهي من المديد.
3 -
قوله: "خلبًا" بضم الخاء المعجمة وفتح اللام المشددة وفي آخره باء موحدة، وهو البرق الذي لا يكون معه مطر.
4 -
قوله: "بجود" بضم الجيم؛ أي: بكرم وسخاوة، قوله:"مقرف" بضم الميم وسكون القاف وكسر الراء وفي آخره فاء، وأراد به الرجل الذي ليس له أصالة من جهة الأب؛ وذلك لأن المقرف هو الذي دانى الهجنة من الفرس وغيره الذي أمه عربية وأبوه ليس كذلك، لأن
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(2)
ينظر الشاهد السابق، وابن يعيش (4/ 131).
(3)
ابن الناظم (291)، وتوضيح المقاصد (4/ 329) وغير موجود في كنايات العدد في أوضح المسالك.
(4)
البيت من بحر الرمل، وقد نسبه الشارح إلى المديد، وهو آخر خمسة أبيات قالها أنس بن زنيم الصحابي يخاطب بها عبيد الله بن زياد، وانظر الشاهد في الكتاب (2/ 167)، والمقتضب (3/ 61)، والإنصاف (303)، وابن يعيش (4/ 132)، والمقرب (3/ 311)، والهمع (1/ 156).
(5)
انظر الأبيات في الحماسة البصرية (2/ 10)، والخزانة (6/ 471).
(6)
في (أ): ما الغيث معه.
الإقراف إنما هو من قبل الفحل، والهجنة من قبل الأم.
قوله: "نال العلا" أي: بلغ المنزلة العالية، قوله:"وكريم" أراد به الأصيل من الطرفين، قوله:"وضعه": من الوضيع وهو الدّني من الناس، يقال: في حسبه ضعة وضعه، والهاء عوض من الواو.
الإعراب:
قوله: "كم" خبرية، قوله:"بجود": جار ومجرور فصل به بين كم ومميزه، وهو قوله:"مقرف"، قوله:"نال العلا": جملة من الفعل والفاعل في محل الجر على أنها خبر عن كم، قوله:"وكريم"[أي: وكم كريم]
(1)
، قوله:"بخله": كلام إضافي مبتدأ، وقوله:"قد وضعه": خبر، والجملة خبر لكم المحذوفة.
الاستشهاد فيه:
على أنه فصل بين كم وبين مميزه بالمجرور كما ذكرنا
(2)
.
الشاهد السادس والسبعون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
كمْ نَالني منهم فَضْلًا على عَدَمٍ
…
إذْ لَا أكَادُ منَ الإقْتَارِ أَجْتَمِلُ
أقول: قائله هو القطامي، وهو من البسيط.
قوله: "من الإقتار" من أقتر الرجل إذا افتقر، قوله:"أجتمل" بالجيم؛ من اجتملت الشحم جَمْلًا إذا أذبته، وكذا جملته أجْمُلُه جَملًا، وربما قالوا: أجملته؛ حكاه أبو عبيد، ورأيت في بعض الحواشي أنه روي: أحتمل بالحاء المهملة من الاحتمال، وما أظنه صحيحًا
(5)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
ينظر الشاهد رقم (1172).
(3)
ابن الناظم (291)، وتوضيح المقاصد (4/ 330).
(4)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة طويلة للقطامي (شاعر إسلامي أموي) يمدح بها عبد الواحد بن سليمان والي المدينة لمروان بن مجد، مطلعها ديوان لقطامي (191) ط. الهيئة العامة:
(إنا محيوك فاسلم أيها الطل) وقد وردت فيها أبيات تحمل الحكمة منها قوله:
والناس من يلق خيرًا قائلون له
…
ما يشتهي ولأم المخطي الهبل
قد يدرك المتأني بعض حاجته
…
وقد يكون مع المستعجل الزلل
وانظر الشاهد في الكتاب (2/ 165)، والمقتضب (3/ 60)، وابن يعيش (4/ 131)، والأمالي الحاجبية (1/ 283)، والإنصاف (305)، والهمع (1/ 255)، والخزانة (6/ 477)، والدرر (4/ 49)، وديوان القطامي (200).
(5)
رواية الحاء هي الصحيحة، ومعناها: لم يكن لي حمولة (بالفتح) أحتمل عليها. الخزانة (6/ 479).
الإعراب:
قوله: "كم" خبرية؛ ظرف زمان تقديره: كم مرة أو كم يومًا، وقوله:"نالني منهم": جملة معترضة بين كم وبين مميزها وهو قوله: "فضلًا"
(1)
.
قوله: "فضلًا" يروى بالأوجه الثلاثة، أما النصب فلأجل الفصل على الأظهر، وأما الجر فعلى لغة من جر مع الفصل، وأما الرفع فلأنه فاعل نالني، قوله:"على عدم" يتعلق بقوله: "نالني"
(2)
.
قوله: "إذ": ظرف بمعنى حين، وقوله:"لا أكاد" من أفعال المقاربة، والضمير المستتر فيه هو اسمه، و"أجتمل" خبره، و "من الإقتار" يتعلق بأجتمل.
الاستشهاد فيه هاهنا:
على أنه فصل بين كم وبين مميزها، وهو قوله:"فضلًا" بالجملة وهي قوله: "نالني منهم"، ونصب المميز لأن النصب في مثل هذا الموضع واجب، وكذا إذا فصل بالظرف والمجرور معًا، فإن فصل بأحدهما لم يجب
(3)
.
الشاهد السابع والسبعون بعد المائة والألف
(4)
،
(5)
اطْرُدِ اليَأْسَ بالرَّجَا فكَأَيِّنْ
…
آلِمًا حُمَّ يُسْرُهُ بَعْدَ عُسْرٍ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الخفيف.
قوله: "اليأس" أي: القنوط، قوله:"آلمًا": اسم فاعل من ألم يألم، قوله:"حم" أي: قدر.
(1)
نقده صاحب الخزانة (6/ 478) في ذلك كله قائلًا: "وزعم العيني أن "كم" مع النصب ظرف زمان، تقديره: كم مرة أو كم يومًا، وجملة "نالني منهم" جملة معترضة بين كم ومميزها، وهو فضلًا. هذا كلامه. ولا يخفى فساده؛ إذ جعل المميز محذوفًا مع أنه مذكور. ولا يصح جعل جملة نالني اعتراضية؛ إذ لا فاعل للفعل حينئذ".
(2)
قال صاحب الخزانة (6/ 478): "وقوله: على عدم، أي: مع عدم، متعلق بمحذوف على أنه حال من الياء. كذا قال ابن الحاجب في أماليه عن ابن برهان. وزعم العيني أنه متعلق بنالني. وهو فاسدٌ يدرك بالتأمل".
(3)
ينظر الشاهد رقم (1172) وما بعده، والإنصاف (303) وما بعدها.
(4)
أوضح المسالك (4/ 260).
(5)
البيت من بحر الخفيف، وفيه دعوة للأمل وعدم اليأس، وقائله مجهول، وانظره في المغني (186)، وشرح شواهد المغني (513).
الإعراب:
قوله: "اطرد": جملة من الفعل والفاعل وهو أنت المستتر، و "اليأس" بالنصب مفعوله، قوله:"بالرجا" يتعلق باطرد، قوله:"فكأين" الفاء للتعليل، و "كأين" مثل كم في الإبهام، والافتقار إلى التمييز، والبناء، ولزوم التصدير، وإفادة التكثير في الغالب، ويكون مميزها مجرورًا بمن غالبًا حتى زعم ابن عصفور لزوم ذلك
(1)
، ويرده قول سيبويه: وكأين رجل رأيت
(2)
، ومن الغالب قوله تعالى:{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ} [آل عمران: 146]، و {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ} [العنكبوت: 60]، ومن النصب هذا البيت، وقول الآخر
(3)
:
وَكَائِنْ لنا فَضْلًا عليكم وَمِنَّةً
…
قَدِيمًا ولا تَدْرُونَ ما مَنَّ منعمُ
قوله: "آلمًا" منصوب على أنه مميز كأين كما ذكرنا، قوله:"حم" على صيغة المجهول أسند إليه قوله: "يسره"، والجملة في محل النصب على أنها صفة لآلمًا، وقوله:"بعد عسر" نصب على الظرف.
الاستشهاد فيه:
في مجيء مميز "كأين" منصوبًا، وقد ذكرناه محققًا الآن
(4)
.
الشاهد الثامن والسبعون بعد المائة والألف
(5)
،
(6)
كَمْ ملُوكٍ بَادَ ملكُهُمُ
…
وَنَعِيمٍ سُوْقَةٍ بَادُوا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من المديد.
(1)
قال ابن عصفور: "ومما يجري مجرى" كم" في الخبر كأيّن ويلزم تمييزها "من"، ويجوز الفصل بينها وبين تمييزها بالجمل فتقول: كأين جاءك من رجل تريد: كم من رجل جاءك". شرح الجمل (الكبير) لابن عصفور (2/ 51، 52).
(2)
قال سيبويه: "هذا باب ما جرى مجرى "كم" في الاستفهام، وكذلك كأين رجلًا قد رأيت زعم ذلك يونس، وكأين قد أتاني رجلًا إلا أن أكثر العرب إنما يتكلمون بها مع من". الكتاب (2/ 170)، وينظر الارتشاف (1/ 385)، وابن يعيش (4/ 136)، والمغني (1/ 186).
(3)
البيت من بحر الطويل بلا نسبة في الارتشاف (1/ 386)، والمغني (1/ 187)، وشرح شواهده (514)، وشرح الأشموني (4/ 85)، والعوامل المائة للجرجاني (238).
الشاهد فيه: في قوله: "وكائن لنا فضلًا" حيث جاء تمييز كأين منصوبًا.
(4)
ينظر في ذلك -أيضًا- "مسألة مجيء تمييز كأين منصوبًا" في: "بين ابن عصفور الإشبيلي وابن هشام الأنصاري (ماجستير بالأزهر) د. عبد العزيز فاخر".
(5)
توضيح المقاصد (4/ 326).
(6)
البيت من بحر المديد، وهو في العظة والاعتبار لقائل مجهول، وانظره في المغني (1/ 185)، وشرح شواهده =
قوله: "باد" أي: هلك؛ من باد يبيد بيدودة، و "السوقة" بضم السين المهملة وسكون الواو وفتح القاف، وهم ما دون الملك، وقيل: السوقة: جمع سوقي وهم أهل السوق، والمعنى الأول هو الأظهر هاهنا.
الإعراب:
قوله: "كم" خبرية، و "ملوك" بالجر مميزه، وقوله:"باد" فعل ماض، و"ملكهم": كلام إضافي فاعله، والجملة في محل الرفع على أنها خبر للمبتدأ، أعني قوله:"كم"، قوله:"ونعيم" بالجر عطفًا على ملوك تقديره: وكم نعيم سوقة، والتقدير: وكم باد نعيم سوقة، وقوله:"بادوا": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى السوقة، وهي في محل الجر لأنها صفة لسوقة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: " [كم ملوك" فإن مميز"كم" فيه مجموع مجرور؛ لأنه استعمل استعمال عشرة، وقد تستعمل استعمال مائة فيكون تمييزه مفردًا نحو: كم مرة
(1)
.
الشاهد التاسع والسبعون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
وَكَمْ لَيْلَةٍ قَدْ بِتُّهَا غَيْرَ آثِمٍ
…
.............................
أقول: لم أقف على اسم قائله، وتمامه:
............................
…
بنَاجِيَةِ الحِجْلَيْنِ مُنَعَّمَة القَلْبِ
وهو من الطويل.
قوله: "آثم": فاعل من أثم يأثم.
الإعراب:
قوله: "وكم" الواو للعطف إن تقدمه شيء، وكم خبرية، وقوله:"ليلة" بالجر مميز "كم"،
= (511)، والهمع (1/ 254)، والدرر (4/ 47)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (211).
(1)
قال أبو حيان: "وقوله: فمميزها كمميز عشرة أو مائة يعني أنه يكون جمعًا مجرورًا كمميز عشرة، ومفردًا مجرورًا كمميز مائة، فمن الجمع قول الشاعر (البيت) ". التذييل والتكميل (4/ 358)، تحقيق د. الشربيني أبو طالب.
(2)
توضيح المقاصد (4/ 328).
(3)
البيت من بحر الطويل، وهو في الغزل، لقائل مجهول، وانظره في شرح الأشموني (4/ 80)، وينظر المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (125).
قوله: "قد بتها" أي: قد بت فيها، وهي جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل الجر؛ صفة لليلة.
قوله: "غير آثم": كلام إضافي منصوب على الحال من الضمير المرفوع الذي في بتها، قوله:"بناحية الحجلين" يتعلق بقوله: "بتها"، وأظنه اسم موضع، قوله:"منعمة القلب": كلام إضافي حال -أيضًا-.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "
(1)
كم ليلة" حيث جاء التمييز فيها مفردًا مجرورًا
(2)
.
الشاهد الثمانون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
كَمْ دونَ مَيَّةَ مَوْمَاةٍ يَهَالُ لَهَا
…
إذا تَيَمَّمَهَا الخرِّيتُ ذُو الجَلَدِ
أقول: قيل: إن قائله ذو الرمة، ولم أجده في ديوانه، وهو من البسيط.
قوله: "مية": اسم محبوبته، قوله:"موماة" بفتح الميم وسكون الواو، وهي المفازة، قوله:"يهال": من هاله يهوده هولًا أفزعه، والمكان مهال، قوله:"إذا تيممها" أي: إذا قصدها، و "الخريت" بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء المكسورة وفي آخره تاء مثناة من فوق قبلها ياء آخر الحروف، وهو الدليل الماهر الحاذق، قوله:"ذو الجلد" بفتح الجيم واللام؛ أي: ذو القوة.
الإعراب:
قوله: "كم" خبرية، و "دون مية": كلام إضافي نصب على الظرف، وقوله:"موماة" بالجر مميز "كم"، قوله:"يهال": فعل مضارع، وقوله:"الخريت": فاعله، وقوله:"لها" أي: للموماة؛ أي؛ لأجلها، وتكون اللام بمعني من أو في، قوله:"إذا": ظرف يتضمن معنى الشرط.
وقوله: "تيممها": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): واستعنت بنسخة الخزانة في توثيقه.
(2)
ينظر التذييل والتكميل (4/ 358، 359) تحقيق د. الشربيني أبو طالب.
(3)
توضيح المقاصد (4/ 328) ورواية العيني فيه: تيممتها.
(4)
البيت من بحر البسيط، وقد نسب في مراجعه إلى ذي الرمة لكنه ليس في ديوانه مع أن لذي الرمة قصيدة على هذا الروي ديوانه (1/ 166) وانظر الشاهد في التذييل والتكميل (4/ 371)، والأشموني (4/ 81).
الخريت، والمفعول وهو الضمير المنصوب الذي يرجع إلى الموماة، وليس هذا بإضمار قبل الذكر؛ لأن التقدير: يهال منها الخريت إذا تيممها؛ أي: قصدها، وجواب إذا محذوف دل عليه صدر الكلام فافهم، قوله:"ذو الجلد": كلام إضافي بالرفع صفة للخريت.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كم دون مية موماة" حيث فصل بين "كم" وبين مميزه المجرور بالظرف وهو قوله: "دون مية"، وكان الواجب هاهنا نصب المميز حملًا لكم الخبرية على كم الاستفهامية، وهذا شاذ كما ذكرناه
(1)
.
الشاهد الحادي والثمانون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
عِدِ النَّفْسَ نُعْمَى بَعْدَ بُؤْسَاكَ ذاكِرًا
…
كذَا وكَذَا لُطْفًا به نُسِيَ الجَهْدُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
قوله: "نعمى" بضم النون؛ النعمة، وقال الأصمعي: تقول: له عليَّ نعمى ونعماء ونعمة، و"بؤسَى" بضم الباء الموحدة؛ الشدة مثلُ البأساء، و "الجهد" بفتح الجيم؛ الطاقة، وبالضم؛ المشقة، وقيل: لا فرق بينهما، والأول أصح، و "نسي": من النسيان الذي هو ضد التذكر، ويجوز أن يكون بمعنى الترك.
الإعراب:
قوله: "عد": أمر من وعد يعد؛ جملة من الفعل والفاعل، و "النفس" بالنصب مفعوله، وقوله:"نعمى": مفعول ثان بنزع الخافض تقديره: بنعمى، وقوله:"بعد" نصب على الظرف، و "بؤساك": كلام إضافي مجرور بالإضافة، قوله:"ذاكرًا": حال من الضمير الذي في عد.
(1)
البيت مثال للفصل بالظرف بين "كم" وبين معمولها في الشعر، وهي مسألة قال أبو حيان إن فيها مذاهب:"أحدها: ما ذهب إليه الكوفيون من أنه يجوز ذلك في الكلام لأن الخفض عندهم هو على إضمار "من". المذهب الثاني: أنه لا يجوز إلا في الشعر وهو مذهب جمهور البصريين، سواء أكان الظرف أو المجرور تامًّا أم ناقصًا. المذهب الثالث: أنه يجوز في الشعر إذا كان الظرف أو المجرور ناقصًا ولا يجوز إذا كان تامًّا وهو مذهب يونس وهو باطل؛ لأن العرب لم تفرق بين الظرف التام والناقص في الفصل بل تجريهما مجرى واحدًا، قال الشاعر ........ وقال الآخر: (البيت) فصل بالظرف التام بين "كم" و "موماة" "ودون" ظرف تام". التذييل والتكميل (4/ 369 - 371) مختصر.
(2)
توضيح المقاصد (4/ 337).
(3)
البيت من بحر الطويل، مجهول القائل وهو في المغني (188)، والهمع (1/ 256)، والدرر (4/ 54)، وشرح الأشموني (4/ 86)، وشرح شواهد المغني (514)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (221).
وقوله: "كذا": مفعول لذاكرًا، والثاني عطفًا عليه، و "لطفًا" نصب على التمييز، وقوله:"به نسي الجهد": جملة في محل النصب على أنها صفة لقوله "لطفًا"، و "الجهد": مرفوع لأنه مفعول نسي ناب عن الفاعل، والباء في "به" تتعلق بنسي، والضمير فيه يرجع إلى لطفًا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كذا وكذا" وذلك أن "كذا" إذا كانت كناية عن العدد لا تستعمل إلا مكررة بالعطف؛ كما في قوله: كذا وكذا، وقال ابن مالك: وقد ورد كذا مفردًا ومكررًا بلا واو، ولم يذكر لهما شاهدًا
(1)
، وابن خروف أنكر استعماله مفردًا
(2)
.
* * *
(1)
قال ابن مالك: "واستعمال كذا دون تكرار قليل، وكذا استعماله مكررًا بلا عطف". شرح التسهيل لابن مالك (2/ 424).
(2)
قال أبو حيان: "فإذا كانت كناية عن عدد فاختلف النحويون في ذلك، فمذهب البصريين أن تمييزها يكون مفردًا سواء أكانت مفردة أم معطوفة وأريد بها عدد قليل أو عدد كثير، فتقول: له عندي كذا درهمًا، وله عندي كذا وكذا درهمًا، وبه قال ابن طاهر وابن خروف، وقد نازع ابن خروف في إفرادها في العدد فزعم أنه غير مستعمل في كلام العرب". التذييل والتكميل (4/ 426).
شواهد الحكاية
الشاهد الثاني والثمانون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
أَتَوْا نَارِي فَقُلْتُ مَنُونَ أنتُم؟
…
فَقَالُوا الجنُّ قلتُ عِمُوا ظَلَامَا
أقول: قائله هو جذع بن سنان الغساني على رواية من روى: "عِمُوا صَبَاحًا"، وأما على رواية من روى:"عِمُوا ظَلامًا" فإنه ينسب إلى شمير بن الحارث الضبي، وكذا وقع في رواية الجوهري؛ لأنه رواه: عِمُوا ظَلامًا
(3)
، وقال أبو القاسم
(4)
: إن الناس يغلطون في هذا الشعر فيروونه: عموا صباحًا
(5)
، وجعل دليله على ذلك ما رواه عن ابن دريد عن أبي حاتم عن أبي زيد ثم أنشد
(6)
:
(1)
ابن الناظم (292)، وتوضيح المقاصد (4/ 344)، وأوضح المسالك (4/ 265)، وشرح ابن عقيل (4/ 88).
(2)
البيت من بحر الوافر، نسب إلى أكثر من شاعر، وسبب ذلك أن البيت بقافيتين، فمن رواه بقافية: عموا ظلامًا فهو من مقطوعة عدتها خمسة أبيات ذكرها الشارح، وهي منسوبة لشمير (بالتصغير) بن الحارث الضبي، (شاعر جاهلي)، ومن رواه بقافية (عموا صباحًا) فهو منسوب إلى جذع بن سنان الغساني (شاعر جاهلي قديم) وهو من قصيدة عدتها ستة عشر بيتًا، ذكرها الشارح وهكذا، وأما بيت الشاهد فهو في عدة مراجع نذكر منها الكتاب (2/ 411)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 183)، والمقتضب (2/ 307)، والمقرب (1/ 300)، وشرح شواهد الشافية (295)، وابن يعيش (4/ 16)، والأمالي الحاجبية (1/ 462)، والخصائص (1/ 128)، والتصريح (2/ 283)، والخزانة (6/ 167)، والدرر (6/ 246).
(3)
الصحاح للجوهري مادة: "منن".
(4)
الزجاجي عبد الرحمن بن إسحاق النهاوندي الزجاجي، أبو القاسم: شيخ العربية في عصره، توفي في طبرية (من بلاد الشام)(337 هـ / 949 م)، له كتاب الجمل الكبرى، والإيضاح في علل النحو، والزاهر في اللغة وغيرها. الأعلام (3/ 299).
(5)
النص المذكور في كتاب الجمل في النحو (336، 337)، تحقيق: علي توفيق الحمد.
(6)
انظر الأبيات المذكورة في النوادر لأبي زيد (380)، مطبعة الشروق، والجمل (337)، والخزانة (6/ 170).
1 -
ونَارٍ قَدْ حَضَأْتُ بُعَيدَ وَهْنٍ
…
بِدَارٍ مَا أُرِيدُ بِهَا مُقَامَا
2 -
سِوَى تَرْحِيلِ رَاحِلَةٍ وعَيْرٍ
…
أُكَالِئُهَا مَخَافَةَ أنْ تَنَامَا
3 -
أَتَوْا نَارِي فَقُلْتُ مَنُونَ أنتُمْ؟
…
فَقَالُوا الجنُّ قلتُ عِمُوا ظَلَامَا
4 -
فقُلتُ إلَى الطَّعَامِ فَقَال مِنهُم
…
زَعِيمٌ يَحسُدُ الأنَسَ الطَّعَامَا
5 -
لقَدْ فُضِّلْتُمُ بِالأكْلِ فِينَا
…
ولكِنْ ذَاكَ يُعقِبُكُم سقَامَا
وقال ابن السيد
(1)
: لقد صدق أبو القاسم فيما حكاه عن ابن دريد، ولكنه أخطأ في تخطئته رواية من روى: عِمُوا صَبَاحًا؛ لأن هذا الشعر الذي أنكره وقع في كتاب سد مأرب.
ونسبه واضع الكتاب إلى جذع بن سنان الغساني في حكاية طويلة زعم أنها جرت له مع الجن، وَكِلا الشعرين أكذوبة من أكاذيب العرب لم تقع قط، فمنهم من يرويه على الصفة التي ذكرها أبو القاسم، ومنهم من رويه على ما وقع في كتاب السد، والشعر الذي على قافية الميم ينسب إلى شمير بن الحارث الضبي وينسب إلى تأبط شرًّا، وأما الشعر الذي وقع على قافية الحاء فلا أعلم خلافًا في أنه نسب إلى جذع بن سنان الغساني وهو
(2)
:
1 -
أَتَوْا نَارِي فَقُلْتُ مَنُونَ أنتُمْ؟
…
فَقَالُوا الجنُّ قلتُ عِمُوا صَبَاحَا
2 -
نَزَلْتُ بِشِعْبِ وَادِي الجِنِّ لمّا
…
رأيتُ الليلَ قَدْ نَشرَ الجَنَاحَا
3 -
أَتَيتُهُم وللأقْدَارِ حَتمٌ
…
تُلاقِي المَرءَ صُبحًا أَوْ رَوَاحَا
4 -
أتَيتُهُمُ غَرِيبًا مُستَضِيفًا
…
رَأَوْا قَتلِي إِذَا فَعَلُوا جُنَاحَا
5 -
أتَوْنِي سَافِرِينَ فقُلتُ أهْلًا
…
رأَيْتُ وُجُوهَهُمْ وُسْمًا صِباحَا
6 -
نَحَرْتُ لهُمْ وقُلْتُ ألَا هَلُمُّوا
…
كُلُوا مِمَّا طَهَيتُ لَكُمْ سَمَاحَا
7 -
أتَانِي قَاشِرٌ وبَنُو أبِيهِ
…
وقَدْ جَنَّ الدُّجَى والنَّجْمِ لَاحَا
8 -
فنازَعَنِي الزُّجَاجَةَ بَعْدَ وهْنٍ
…
مَزَجتُ لهم بها عَسَلًا وَرَاحَا
9 -
وحَذَّرَنِي أُمُورًا سَوْفَ تأْتِي
…
أَهُزُّ لهَا الصَّوارم والرّماحَا
10 -
سأَمْضِي للَّذِي قَالُوا بِعَزْمٍ
…
ولَا أبْغِي لذلكم قِدَاحَا
11 -
أسَأْتُ الظَّنَّ فيهِ ومَنْ أساه
…
بكلِّ النَّاسِ قَد لَاقَى نَجَاحَا!
(1)
انظر كتاب الحلل في شرح أبيات الجمل لابن السيد البطليوسي (391)، تحقيق: د. مصطفى إمام (1979 م).
(2)
انظر القصيدة المذكورة في خزانة الأدب للبغدادي (6/ 177، 178)، وكتاب الحلل في شرح أبيات الجمل (392)، تحقيق: د. مصطفى إمام.
12 -
وقدْ تأتي إلى المرْء المنايَا
…
بأبْوَابِ الأمانِ سُدًى صُرَاحَا
13 -
سَيُبقي حُكْمُ هذا الدَّهْرِ قومًا
…
ويهْلِك آخرون به ذُبَاحَا!
14 -
أَثعلبةَ بنَ عمرو ليس هذا
…
أوانُ السَّيْر فاعتدَّ السِّلاحَا!
15 -
ألم تعلمْ بأن الذلَّ موتٌ
…
يتيحُ لِمَنْ أَلَمَّ بِهِ اجْتِيَاحَا
16 -
ولا يبقى نعيمُ الدَّهْرِ إلَّا
…
لِقرْم ماجِدٍ صَدَق الكفاحَا!
والقصيدتان من الوافر.
[شرح القصيدة الميمية]
1 -
قوله: "قد حضأت
(1)
" أي: أَشْعَلَتُ وسَعَّرْتُ؛ من حضأ بالحاء المهملة والضاد العجمة وفي آخره همزة، قال الجوهري: يهمز ولا يهمز، والعود الذي تحرك به النار مِحْضَأ على مفعل، وإذا لم يهمز فالعود مِحْضَاءُ على مفعال
(2)
، قوله:"وهن" بفتح الواو وسكون الهاء وفي آخره نون، قال ابن سيده: الوهن والموهن: نحو من نصف الليل.
2 -
قوله: "ترحيل راحلة" وهي الناقة التي تتخذ للركوب في السفر، وترحيلها إزالة الرحل عن ظهرها، والرحل للإبل كالسرج للخيل، قوله:"وعير أُكالئها" أي: أحرسها وأحفظها لئلا تنام، من كلأه اللَّه كِلاءة بالكسر؛ أي: حفظه وحرسه، يقال منه: أذهب في كلاءة اللَّه، ويروى: وعير بفتح العين وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخره راء، قال الجوهري: وعَيْرُ العين: جفنُها. ومنه قولهم: فعلت ذاك قبل عَيْرٍ وما جرى، أي: قبل لحظ العيِن.
3 -
قوله: "منون أنتم فقالوا الجن" ويروى "منون قالوا: سراة الجن" بفتح السين والراء المهملتين، أي: أشرافهم، والواحد سري.
قوله: "عموا" أي: انعموا، يقال: عموا صباحًا بكسر العين وفتحها، ويقال: وَعَم يعم على مثال وعد يعد، وذهب قوم إلى أن يعم محذوف من نعِم ينعِم
(3)
، قالوا: فإذا قيل: عَموا بفتح العين فهو محذوف من أنعم مفتوح العين، وإذا قيل: عِموا بكسر العين فهو محذوف من أنعم بكسرِ العين، قال أبو عمرو بن العلاء: هو من نعم المطر إذا كثر كأنه يدعو بكثرة الخير، وقال الأصمعي: هو دعاء بالنعيم والأهل
(4)
.
(1)
قوله قد حضأت هو شرح للقصيدة الميمية.
(2)
الصحاح مادة: "نعم".
(3)
و
(4)
الصحاح مادة: "نعم".
4 -
قوله: "زعيم" زعيم القوم: رئيسهم؛ من الزعامة وهي الرياسة، قوله:"يحسد الإنس" بفتح الهمزة والنون، وهي لغة في الإنس بكسر الهمزة وسكون النون، قوله:"بالأكل فينا" أي: علينا.
[أول شرح القصيدة الحائية]
2 -
قوله: "بشعب وادي الجن" أي: بوادي الجن، والشعب بفتح الشين في الأصل هو الطريق في الجبل.
3 -
قوله: "والأقدار": جمع قدر، "حتم" أي: واجب.
5 -
قوله: "سافرين": من سفر وجهه إذا كشفه، يقال: سفرت المرأة إذا كشفت عن وجهها فهي سافر، قوله:"وُسُمًا" بضم الواو والسين المهملة، وهو جمع وسيم، وهو الذي عليه سمة الجمال، قوله:"صِباحًا" بكسر الصاد؛ جمع صبيح.
6 -
قوله: "هلموا" أي: أسرعوا، قوله:"مما طهيت" أي: طبخت، يقال: طهيت اللحم وطهوته، ومنه سمي الطباخ طاهيًا.
7 -
قوله: "قاشر"[بالقاف وبالشين المعجمة وفي آخره راء]
(1)
اسم جني، قوله:"الدجى" أي: الظلمة، قوله:"لاح" أي: ظهر.
8 -
قوله: "بعد وهن" وقد ذكرنا أنه [نحو من نصف الليل، قوله:"وراحًا" أي: خمرًا.
10 -
قوله: "ولا أبغي" أي: ولا أطلب، و "القداح": جمع قدح]
(2)
بكسر القاف وسكون الدال، والمعنى: لا أطلب ضرب القدح؛ لأنهم كانوا إذا أرادوا فعل شيء ضربوا بالقداح فإن خرج المكتوب عليه لا تفعل لا يفعلون، وإن خرج افعل يفعلون.
11 -
قوله: "أسأت الظن فيه" يقول: أسأت الظن بضرب القدح والتعويل على ما يأمر به وينهى عنه وأن ما أمرتني به الجن أحرى بأن يعول عليه.
12 -
قوله: "المنايا": جمع منية وهي الموت، قوله:"سدى" بضم السين المهملة؛ التي لم يردها أحد، قوله:"صُراحًا" بضم الصاد المهملة؛ بمعنى الظاهر.
13 -
قوله: "ذباحًا" بضم الذال المعجمة وتخفيف الباء الموحدة، وهو نبت يقتل من أكله ويسمى: الذُّبَح -أيضًا- بضم الذال- وفتح الباء الموحدة، وقال الجوهري: الذُّبَحُ مثل الهُبَعُ؛
(1)
و
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
نبت تأكله النعام
(1)
.
15 -
قوله: "يتيح" أي: يقدر؛ من أتاح اللَّه لك كذا؛ أي: قدره، قوله:"لمن ألم به" أي: نزل به، و "الاجتياح" بالجيم في أوله؛ الاستئصال.
16 -
قوله: "القرم" بفتح القاف وسكون الراء، وهو السيد، وأصله: الفحل من الإبل، قوله:"الكفاحا" بكسر الكاف، وهو ملاقاة الأعداء
(2)
.
الإعراب:
قوله: "أتوا": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الراجع إلى الجن، قوله:"ناري": كلام إضافي مفعوله، قوله:"فقلت": جملة من الفعل والفاعل عطف على: "أتوا".
قوله: "منون": مبتدأ، وأنتم خبره، والجملة مقول القول في محل النصب، قوله:"فقالوا": عطف على قوله: "فقلت"، قوله:"الجن": مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: نحن الجن، والجملة مقول القول، قوله:"عموا" أي: أنعموا كما قلنا، قوله:"ظلامًا أو صباحًا": نصب على الظرف أو على التمييز.
فإن قلت: كيف يجوز له أن يقول لهم عموا صباحًا وهم في الليل؟ وإنما يليق هذا الدعاء لمن لقي في الصباح؟
قلت: الرجل إذا قلت له: عم صباحًا: ليس المراد أن ينعم في الصباح دون المساء؛ كما إذا قيل له: أرغم الله أنفه وحيَّا اللَّه وجهه، ليس المراد الأنف والوجه دون سائر الجسم، وهذه الألفاظ ظاهرها الخصوص وباطنها العموم، أو معنى هذا الكلام: أطلع اللَّه عليك كل صباح بالنعيم؛ لأن الصباح والظلام نوعان والنوع يسمى كل جزء فيه بما تسمى جملته.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "منون أنتم" فإن فيه شذوذين:
الأول: إلحاق الواو والنون بها في الوصل.
والثاني: تحريك النون وهي تكون ساكنة، وقال ابن الناظم: فيه شذوذان:
أحدهما: أنه حكي مقدرًا غير مذكور.
(1)
الصحاح مادة: "ذبح".
(2)
انظر أكثر هذا الشرح في كتاب الحلل في شرح أبيات الجمل لابن السيد البطليوسي (392)، وما بعدها.
والثاني: أنه أثبت العلامة في الوصل وحقها ألا تثبت إلا في الوقف. انتهى
(1)
.
وحكى يونس أن هذا مذهب لبعض العرب فإنهم يثبتون الزوائد وصلًا في الحكاية بمن فيقولون: منو يا فتى غير منون، وكذا منا ومني، ويكسرون نون المثنى ويفتحون نون الجمع ومنه قوله:
فقلت منون أنتم .........
…
....................
(2)
الشاهد الثالث والثمانون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
فأجبتُ قَائِلَ كيفَ أَنْتَ بِصَالِحٌ
…
حَتَّى مَلِلْتُ وملَّنِي عُوَّادِي
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الكامل.
قوله: "مللت": من الملالة وهي السآمة، و "العواد" بضم العين؛ جمع عائد [المريض]
(5)
، وهو الزائر الذي يزور المريض ويسأل عن حاله.
الإعراب:
قوله: "فأجبت" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، وأجبت: جملة من الفعل والفاعل، قوله:"قائل" بالنصب مفعولها، وقد أضيف إلى الجملة من المبتدأ والخبر، أعني: قوله: "كيف أنت"، والتقدير: فأجبت قول قائل يقول: كيف أنت؟
قوله: "بصالح" يتعلق بقوله: "فأجبت"، والتقدير: فأجبت له بقولي؛ أنا صالح؛ على ما يجيء الآن، قوله:"حتى" للغاية، و "مللت": جملة من الفعل والفاعل، أراد أن المرض طال عليه حتى ملّ من كثرة قول الزوار: كيف أنت؟ وملت الزوار -أيضًا- من كثرة الزيارة.
قوله: "وملني": جملة من الفعل والمفعول، والتقدير: وملّ منِّي، قوله:"عوادي": كلام إضافي فاعل.
(1)
ينظر ابن الناظم (748)، ط. دار الجيل.
(2)
قال السيوطي: "وأجاز يونس الحكاية بمن في الوصل والحاق الزيادات بها حينئذ تقول: منو يا فتى ومنا يا هذا ومني يا هند ولا تنون ....... ". الهمع (2/ 153).
(3)
ابن الناظم (294).
(4)
البيت من بحر الكامل، لقائل مجهول، وهو في الشكوى من طول العمر ولزوم المرض، وانظره في المغني (422)، والهمع (1/ 157)، والدرر (2/ 271)، وشرح شواهد المغني (837).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بصالح" فإنه بالرفع حكاية على ما كان عليه قبل الباء، والتقدير: فأجبت بأنا صالح، ثم حذف المبتدأ وبقي الخبر على ما كان يستحقه من الرفع، وروي: بصالحٍ بالجر على قصد حكاية الاسم المفرد؛ كأنه قال: فأجبت قائلًا: كيف أنت بهذه اللفظة؟ ولا يجوز أن يقال: بصالحًا؛ كما لا يجوز أن يقال: قلت زيدًا لمن قال: من في الدار؟ قلت: وإنما يقال: زيد بالرفع؛ لأنه مبتدأ محذوف الخبر. فافهم
(1)
.
* * *
(1)
انظر في شرح الألفية لابن الناظم (750)، ط. دار الجيل.
شواهد التأنيث
الشاهد الرابع والثمانون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
أَرْمِي عَلَيْهَا وَهْيَ فَرْعٌ أجْمَعُ
…
وَهْيَ ثَلَاثُ أَذْرُعٍ وَإصْبَعُ
أقول: قائله هو حميد الأرقط، وبعده:
2 -
وهْيَ إذا أنْبَضْتَ فِيهَا تَسْجَعُ
…
تَرَنُّمَ النَّحْلِ أبَى لَا يَهْجَعُ
وهي من الرجز المسدس.
1 -
قوله: "أرمي عليها" أي: على القوس؛ لأنه يصف قوسًا عربية، قوله:"وهي" أي: القوس فرع، يقال: قوس فرع إذا عملت من رأس القضيب وليست بفلق، قوله:"وإصبع" لم يرد به حقيقة مقدار الإصبع ولكنه أشار بذلك إلى كمال القوس واستيفائها الثلاث الأذرع
(3)
المعلومة في ذات الكمال من القسي العربية، وهذا كما تقول: الثوب سبع أذرع وزائد، تريد أنها موفاة هذا العدد، وقيل: إن الإصبع على وجهه وإن القوس العربية الكاملة كذلك، وقيل: بل الأصبع هاهنا دهنها وحسن القيام عليها، وكذلك رواه بعضهم.
و"الإصبع" معرفًا إما إشارة إلى زيادة القدر المعلوم للكاملة من القسي، وإما إلى الأثر الحسن بها، واعلم أن في الإصبع سبع لغات أفصحها وأعلاها: إصْبَعٌ بكسر الهمزة وفتح الباء ولم يعرف الأصمعي غيرها، وهي مؤنثة، ويقال: أَصبع بفتح الهمزة وضم الباء، وإصبع بكسر
(1)
أوضح المسالك (4/ 268).
(2)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وهما في وصف قوس عربية يرمي بها الشاعر، وانظرهما في الخصائص (2/ 309)، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب، وشرح شواهد الإيضاح (341)، واللسان:"ذرع، وفرغ، رمى"، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (1199).
(3)
في الأصل: لثلاث الأذرع.
الهمزة والباء، وأُصبُعٌ بضم الهمزة والباء، وأَصْبعٌ بفتح الهمزة وكسر الباء، وأُصْبوع بضم الهمزة وبالواو الساكنة بعد الباء المضمومة
(1)
.
2 -
قوله: "إذا أنبضت" أي: ملأت وترها بإصبعي ثم أرسلته فصوتت، ويقال: أنبض وأنضب بمعنى، قوله:"تسجع" أي: تصوت في اعتدال، والسجع: موالاة الصوت على جهة واحدة واستواء.
الإعراب:
قوله: "أرمي": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"عليها" يتعلق بأرمي في محل النصب على المفعولية، قوله:"وهي": مبتدأ، و "فرع": خبره، و "أجمع": تأكيد له، والجملة في محل النصب على الحال، قوله:"وهي": مبتدأ -أيضًا-، و "ثلاث أذرع": كلام إضافي خبره، و "إصبع": عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ثلاث أذرع" فإن سقوط الهاء في ثلاث يدل على تأنيث الذراع، قال الأصمعي وغيره: الذراع مؤنثة
(2)
، وقال أبو حاتم: الغالب عليها التأنيث وقد تذكر ونحوه، قال أبو زيد وأنشد هذا البيت وقال يصف قوسًا عربية، وقال الذراء: الذراع أنثى فيجمع ويقال: ثلاث أذرع، وأنشد
(3)
:
مَا لَكَ لا تَرْمِي وأَنْتَ أَنْزَعْ
…
وهْيَ ثلَاثُ أذْرُعٍ وأَصْبَعُ
وبعض عكل يقول: هذا ذراع فيذكره، قال: وينبغي أن يجمع على أذرعة ولا أراهم سموا أذرعات إلا بجمعه مذكرًا، والسماع الفاشي الكثير في الذراع التأنيث
(4)
.
وفيه استشهاد آخر: وهو تأكيد المؤنث بالمذكر في قوله: "فرع أجمع" حملًا على المعنى
(1)
الصحاح مادة: "صبع".
(2)
قال الجوهري في الصحاح: "ذراع اليد يذكر ويؤنث، وما أسنده لأبي زيد ليس في كتابه النوادر في اللغة.
(3)
المذكر والمؤنث للفراء، ط. دار التراث (68)، تحقيق د. رمضان عبد التواب، وفيه يقول: "والذراع أنثى، وقد ذكر الذراع بعض بني عكل، وتصغيرها: ذريعة، وربما قالوا: ذُرَيِّع، والهاء في التصغير أجود وأكثر، ويقال: ثلاث أذرع، وقال الشاعر:
أرمي عليها وهي فرع أجمع
…
وهي ثلاث أذرع والإصبع
وهي إذا انبضت عنها تسجع"
(4)
انظر البلغة في الفرق بين المذكر والمؤنث لأبي البركات الأنباري (70)، تحقيق د. رمضان عبد التواب، مطبعة دار الكتب.
ضرورة، وذلك أنه رد قوله:"أجمع" على المضمر الذي في قوله: "فرع" لأنه في معنى مجتمع. فافهم.
الشاهد الخامس والثمانون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
أعبْدًا حلَّ فِي شُعَبَى غرِيبًا
…
............................
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، وتمامه:
..............................
…
ألُؤْمًا لا أَبَا لَكَ واغْتِرَابًا
وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد المفعول المطلق
(3)
.
والاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "شعبى" فإنه على وزن فُعَلَى بضم الفاء وفتح العين، زعم ابن قتيبة أنه لا يجيء على هذا الوزن إلا ثلاثة أسماء وهي: أُرَبَى وأُدَمَى وشُعَبَى
(4)
، وقد رد عليه بمجيء أمثلة أخرى على هذا الوزن كما قد بين في موضعه.
قلت: أرنى بضم الهمزة وفتح الراء والنون؛ وهو حَبُّ بقلٍ يطرح على اللبن فيثخنه ويجبنه، وأُدَمَى بضم الهمزة وفتح الدال والميم وهو اسم موضع، وكذلك شُعَبَى موضع، والذي جاء على هذا الوزن من الكلمات: أربى اسم من أسماء الداهية، وجُنَفَى بالجيم والنون والفاء اسم موضع، وجُعَبَى بالجيم والعين المهملة والباء الموحدة، وهي عظام النمل اللائي يَعْضَضْنَ ولهن أفْوَاهٌ واسعة.
* * *
(1)
أوضح المسالك (4/ 271).
(2)
البيت من بحر الوافر من قصيدة لجرير يهجو بها العباس بن يزيد الكندي، وكان قد تعرض لقبيلة جرير، انظر القصيدة في ديوان جرير (649)، ط. دار المعارف، و (55)، ط. دار صادر.
(3)
ينظر الشاهد رقم (444) من هذا البحث.
(4)
أدب الكاتب (593)، تحقيق: محمد الدالي.
شواهد المقصور والممدود
الشاهد السادس والثمانون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
يَا لك منْ تَمْرٍ ومنْ شِيشَاء
…
يَنْشُبُ فِي المَسْعَلِ واللَّهَاءِ
أقول: قائله أعرابي من أهل البادية؛ قاله الفراء ولم يسمه، وقبله
(3)
:
1 -
قَدْ عَلِمَتْ أُخْتُ بَنِي السِّعْلَاءِ
…
وعَلِمَتْ ذَاكَ منَ الجَرَاء
وهي من الرجز المسدس.
2 -
قوله: "شيشاء" بشينين معجمتين أولاهما مكسورة بينهما ياء آخر الحروف ساكنة وبالمد، وهو الشيص، وهو التمر الذي لم يشتد نواه، وكذلك: الشيصاء، وإنما يتشيص إذا لم يلقح، وقيل: الشيصاء رديء التمر، وقال ابن فارس: الشيص: أردأ البسر
(4)
، وقال الجوهري: الشيشُ والشيشاءُ لغة في الشيص والشيصاءِ
(5)
.
قوله: "ينشب" أي: يتعلق في المسعل، من نَشِب الشيء [في الشيء]
(6)
بالكسر نشوبًا إذا علق به، ومادته نون وشين معجمة وباء موحدة، و "المسعل" بفتح الميم وسكون السّين وفتح العين المهملتين وفي آخره لام، وهو موضع السعال من الحلق.
(1)
البيتان ليسا في ابن الناظم، وهما في توضيح المقاصد (5/ 18).
(2)
البيتان من بحر الرجز المشطور لأبي مقدام، وهما في الخصائص (2/ 231، 318)، والإنصاف (746)، وضرائر الشعر لابن عصفور (39)، وشرح الكافية الشافية (1768)، والهمع (2/ 157)، وشرح الأشموني (4/ 110)، والدرر (6/ 222)، واللسان:"شيش".
(3)
ينظر ضرائر الشعر لابن عصفور (39)، والمقصور والممدود للفراء (38 - 45).
(4)
انظر لسان العرب مادة: "شيص".
(5)
الصحاح مادة: "شيش".
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
قوله: "واللهاء" بفتح اللام وبالمد، وأصله: لهى بالقصر لأنه جمع لهاة، وهي الهنة المطبقة في أقصى سقف الفم، ويروى: بكسر اللام، قال أبو عبيدة: وهو جمع لهى مثل الأضاء جمع أضى، والأضى جمع أضاة.
1 -
قوله: "بني السعلاء" السعلى بكسر السين مقصور؛ ذكر الغيلان، والأنثى سعلاة، ولكن مُدّ هاهنا للضرورة، وتجمع السعلاة على سِعَالي، و "الجراء" [من قولهم: جارية بينة الجرء بفتح الجيم؛ من الجراءة وهي الشجاعة]
(1)
.
الإعراب:
قوله: "يا": حرف نداء ولكن لم يقصد به النداء هاهنا بل هي لمجرد التنبيه، قوله:"لك": جار ومجرور في محل الرفع على الخبرية عن مبتدأ محذوف تقديره: يا لك شيء من تمر، وكلمة:"من" للبيان، وقيل:"من" زائدة، و "تمر": مبتدأ، و "لك" مقدمًا خبره وفي زيادة:"من" في الإثبات خلاف
(2)
، قوله:"ومن شيشاء": عطف عليه قوله: "ينشب": جملة من الفعل والفاعل في محل الجر على الوصفية، وقوله:"في المسعل" في محل النصب على المفعولية.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "واللهاء" حيث مده للضرورة، وإلا فأصله: اللهى بالقصر كما ذكرناه، ويروى: اللهاء جمع لهى، قال أبو بكر بن الأعرابي: قد قصر الشاعر: "الشيشاء" للضرورة، وأنشد لأعرابي من السريع وفيه الصلم
(3)
:
يَا لك منْ تَمْرٍ ومنْ شِيشَا
…
يَنْشُبُ فِي المَسْعَلِ واللَّهَا
أنشب من مآشر حِداءِ
…
..........................
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
قال ابن مالك: "ولا يكون المجرور بها عند سيبويه إلا نكرة بعد نفي أو نهي أو استفهام
…
وأجاز أبو الحسن الأخفش وقوعها في الإيجاب وجرها المعرفة، وبقوله أقول لثبوت السماع بذلك نظمًا ونثرًا .... وممن رأى زيادة "من" في الإيجاب الكسائي وحمل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون" فقال: أراد إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون ........ ". ينظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 138) وما بعدها.
(3)
الصلم: هو حذف الوتد المفروق من مفعولات فتصير "مفعو"، ثم يدخلها الخبن وهو حذف الثاني الساكن فتصير "معو" كالشاهد المذكور.
فقصر الشيشاء واللهاء وهما ممدودان
(1)
، وقال: أراد حدادًا فأسقط الدال، قال: ومن العرب من يفعل هذا، قال الراجز
(2)
:
قَوَاطِنًا مَكةَ مِنْ وُرْقِ الحمِي
…
............................
أصله: من ورق الحمام، فحذف الميم الأخيرة وكسر الأولى فصار الألف ياء، وقد مر الكلام فيه فيما مضى
(3)
.
الشاهد السابع والثمانون بعد المائة والألف
(4)
،
(5)
إِذَا قُلْتُ مَهْلًا غَارَتِ العَيْنُ بِالبُكَا
…
غِرَاءً ومَدَّتْهَا مَدَامِعُ نُهَّلُ
أقول: قائله هو كثير عزة، وهو من الطويل.
قوله: "مهلًا" بمعنى أمهل، ويروى:
إذا قلت أسلو غارت العين
…
.........................
و"غارت" بالغين المعجمة والراء؛ من غار الغيث الأرض يغيرها؛ أي: سقاها، ويقال: غارت عينه تغور غورًا وغؤورًا إذا دخلت في الرأس، وغارت تغار لغة فيه، والأُوْلى أنسب بدليل ما روي في بعض الروايات:
إذا قلت أسلو فاضت العين بالبكا
…
..............................
قوله: "غراء"[بكسر الغين المعجمة وبالراء بعدها ألف ممدودة؛ من غاريت بين الشيئين غراء]
(6)
،
(1)
ينظر المنقوص والممدود للفراء (45)، ط. دار المعارف ثالثة، تحقيق: عبد العزيز الراجكوتي، والمقصور والممدود للفراء (72) تحقيق: ماجد الذهبي، ط. مؤسسة الرسالة أولى (1983 م).
(2)
ينظر الشاهد رقم (729) من هذا البحث.
(3)
ينظر مد المقصور في شرح الجمل لابن عصفور (2/ 557)، وابن يعيش (6/ 38)، والإنصاف (750)، والارتشاف (1/ 237)، والتصريح (2/ 293)، ومد المقصور هذا هو قول الكوفيين وأبي الحسن الأخفش، ومنعه هو قول البصريين.
(4)
أوضح المسالك (4/ 278).
(5)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة لكثير عزة يمدح فيها عبد الملك بن مروان، وقد بدأها الشاعر بالغزل ومنها قوله (أيادي سبا يا عز ما كنت بعدكم) وانظر بيت الشاهد في ابن يعيش (6/ 39)، وشرح الأشموني (4/ 106)، شرح التصريح (2/ 292)، وروايته في الديوان (255)، بتحقيق: د. إحسان عباس، و (195) (شعراؤنا):
إذا قلت أسلو غارت العين بالبكا
…
غراء ومدتها مدامع حفل
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
إذا واليت؛ كذا قال أبو عبيد ثم أنشد الشعر المذكور
(1)
، وقال أبو عبيدة: هو من غَرِيتُ بالشيء أَغْرَى به وغَرِيَ فلانٌ إذا تمادى في غضبه
(2)
، قوله:"نهل" بضم النون وتشديد الهاء؛ بمعنى: كثيرة شائعة بدليل ما روي في رواية: "مدامع حفل" بضم الحاء المهملة وتشديد الفاء بمعنى ممتلئة.
الإعراب:
قوله: "إذا" للشرط، و "قلت": جملة من الفعل والفاعل، و "مهلًا": مقول القول، منصوب على الفعولية تقديره: أمهل مهلًا؛ يعني: إذا قلت لنفسي أمسك عن المحبوبة ولازم التسلي غارت العين، وهي جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"بالبكا" في محل النصب على الفعولية، والجملة جواب الشرط، قوله:"غراء" نصب على الحال بمعنى: مغايرة؛ من غاريت بين الشيئين إذا واليت بينهما كما ذكرناه الآن.
قوله: "ومدتها": جملة من الفعل والمفعول وهو الضمير الذي يرجع إلى العين، وقوله:"مدامع"؛ [فاعل]
(3)
، والجملة معطوفة على قوله:"غارت العين"، قوله:"نهل" صفة للمدامع.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "غراء" فإنه مصدر غرى، والقياس فيه القصر، والمد فيه شاذ، قلت: هذا على قول أبي عبيدة
(4)
واضح، وأما على قول أبي عبيد
(5)
فليس بشاذ؛ لأنه مصدر غاريت بين الشيئين
(1)
ينظر الصحاح مادة: "غرا".
(2)
الصحاح مادة: "غرا". وشرح الأشموني بحاشية الصبان (4/ 106).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
أبو عبيدة بالتأنيث فهو معمر بن المثنى التيمي بالولاء، البصري، أبو عبيدة النحوي: من أئمة العلم بالأدب واللغة، مولده ووفاته في البصرة، استقدمه هارون الرشيد إلى بغداد (سنة 188 هـ)، وقرأ عليه أشياء من كتبه، قال الجاحظ: لم يكن في الأرض أعلم بجميع العلوم منه، وكان إباضيًّا، شعوبيًّا، من حفاظ الحديث، قال ابن قتيبة: كان يبغض العرب وصنف في مثالبهم كتبًا، ولما مات لم يحضر جنازته أحد، لشدة نقده معاصريه، له نحو 200 مؤلف، منها: نقائض جرير والفرزدق، ومجاز القرآن، جزآن، وإعراب القرآن وغيرها (ت 209 هـ)، الأعلام (7/ 272).
(5)
أما أبو عبيد بالتذكير فهو القاسم بن سلام الهروي الأزدي البغدادي من كبار العلماء بالأدب والحديث والفقه، من مؤلفاته "الغريب المصنف" مجلدان، في غريب الحديث، ألفه في نحو أربعين سنة، وهو أول من صنف في هذا الفن، و "الطهور" في الحديث، و"الأجناس من كلام العرب" و "أدب القاضي" و "فضائل القرآن" و"الأمثال" و"المذكر والمؤنث" و "المقصور والممدود" في القراءات، وغير ذلك، قال فيه الجاحظ: لم يكتب الناس أصح من كتبه ولا أكثر فائدة، توفي في مكة (224 هـ)، الأعلام (5/ 176).
كما ذكرنا فتأمل
(1)
.
الشاهد الثامن والثمانون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
في لَيْلَةٍ منْ جُمَادَى ذَاتِ أَنْدِيَةٍ
…
...........................
أقول: قائله هو مرة بن محكان التميمي، وتمامه
(4)
:
...........................
…
لا يُبْصِرُ الكلْبُ مِنْ ظَلْمَائِهَا الطُّنُبَا
وهو من قصيدة طويلة من البسيط، وأولها هو قوله:
1 -
أقُولُ والضَّيفُ مَخْشِيٌّ زِمَامَتُهُ
…
علَى الكَرِيمِ وحَقٌّ الضَّيفِ قَدْ وَجَبَا
2 -
يا رَبَّةَ البَيْتِ قُومِي غَيرَ صَاغِرَةٍ
…
ضُمِّي إليكِ رِحَال القَومِ والقُرُبَا
3 -
في ليلة ....................
…
.................... إلخ
4 -
لا ينْبَحُ الكلْبُ فِيهَا غَيرَ وَاحِدَةٍ
…
حَتَّى يَلُفُّ علَى خَيشُومِهِ الذَّنَبَا
3 -
قوله: "من جمادى" بضم الجيم وفتح الدال، وهو اسم من أسماء الشهور، وهو فعالى من الجمد، ويجمع على جماديات، قوله:"ذات أندية" بالنون بعد الألف والياء آخر الحروف بعد الدال، وهو جمع ندى وهو المطر، قال الجوهري: جَمْعُ النَّدَى أَنْدَاءُ، وقد جُمِع على أنديةٍ ثم أنشد الشعر المذكور ثم قال: وهو شاذ لأنه جمع ما كان ممدودًا ككساء وأكسية
(5)
، قوله:"الطنبا" بضم الطاء والنون، وهو حبل الجباء، والجمع: أطناب.
الإعراب:
قوله: "في ليلة" يتعلق بقوله: "ضمي" في البيت السابق، قوله:"من جمادى" في محل الجر لأنها صفة لليلة، وكلمة:"من" للبيان، قوله:"ذات أندية": كلام إضافي صفة لليلة، قوله:"لا يبصر الكلب": جملة من الفعل والفاعل، و"الطنبا": مفعوله، وكلمة:"من" في
(1)
ينظر حاشية الصبان على شرح الأشموني (4/ 106، 107).
(2)
ينظر أوضح المسالك (4/ 280).
(3)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة لمرة بن محكان التميمي، وهي في الكرم والسخاء، وانظر بيت الشاهد في المقتضب (3/ 81)، والخصائص (3/ 52، 237)، وسر الصناعة (620)، وابن يعيش (1/ 170)، والأغاني (3/ 318)، واللسان:"ندى".
(4)
ينظر الأبيات وغيرها في شرح الحماسة للمرزوقي (1/ 1562)، والأغاني (3/ 105)، ط. دار صعب بيروت (20/ 9 - 11)، دار صعب أيضًا.
(5)
الصحاح مادة: "ندا".
"من ظلمائها" للتعليل.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أندية" فإنها جمع ندى، والندى لا يجمع إلا على أنداء، وجمعه أندية شاذ كما ذكرناه
(1)
.
الشاهد التاسع والثمانون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
لا بُدَّ مِنْ صَنْعَا وإنْ طَال السَّفَرْ
…
.........................
أقول: ذكره الرياشي
(4)
، ولم يعزه إلى راجزه، وعجزه هو قوله:
............................
…
وإنْ تَحَنَّى كُلُّ عَوْدٍ وَدَبِرْ
قوله: "وإن تحنى" يعني: وإن انحنى؛ من حني ظهره إذا احدودب، ومنه أحنى الظهر، والمرأة حنياء [أي: في ظهرها احديداب، و "العود" بفتح العين المهملة وسكون الواو وفي آخره دال مهملة]
(5)
، وهو المسن من الإبل، وهو الذي قد جاوز في السن البازل والمخلف، وجمعه عودة بكسر العين وفتح الواو، والناقة عودة بفتح العين -أيضًا- وفي آخره هاء، قوله:"ودبر": من دبر البعير بالكسر يدبر دبرة ودبرًا إذا عقر ظهره.
الإعراب:
قوله: "لا بد" لا للنفي، "وبد" اسمه، وخبره محذوف تقديره: لا بد حاصل، أي: لا فراق ولا مفارقة من السفر إلى صنعاء بلدة في اليمن وإن طال السفر، قوله:"وإن" للشرط، "وطال السفر": جملة من الفعل والفاعل وقعت فعل الشرط، والجواب محذوف تقديره: وإن طال السفر لا بد من السفر، وهو معطوف على مقدر تقديره: إن لم يطل السفر وإن طال
(1)
ينظر شرح الأشموني (4/ 108)، وشرح شافية ابن الحاجب (2/ 329)، وشرح الجمل لابن هشام (356)، والتصريح (2/ 292).
(2)
أوضح المسالك (4/ 296).
(3)
البيت من بحر الرجز المشطور لقائل مجهول، وقد ذكر الشارح معه بيتًا آخر، وانظرهما في المنقوص والممدود للفراء (28)، وهمع الهوامع (2/ 156)، والدرر (6/ 219)، والتصريح (2/ 293)، وشرح الأشموني (4/ 109)، والتبيان في تصريف الأسماء (114)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (1151).
(4)
هو العباس بن الفرج أبو الفضل الرياشي البصري لغوي راوية عارف بأيام الحرب، له كتاب الخيل، وكتاب الإبل، وغير ذلك. الأعلام (3/ 264).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
السفر، قوله:"وإن تحنى": عطف على وإن طال، و "كل عود": كلام إضافي فاعل لقوله: "وإن تحنى"، قوله:"ودبر": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى عود عطف على الجملة السابقة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "من صنعا" حيث قصرها وهي ممدودة
(1)
.
الشاهد التسعون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
فَهُمْ مَثَلُ الناسِ الذي يعْرِفُونَهُ
…
وأَهْلُ الوَفَا منْ حَادِثٍ وَقَدِيمِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
قوله: "فهم مثل الناس" يريد بهذا الكلام أن هؤلاء القوم الذين مدحهم مثل للناس يضربون بهم الأمثال في كل حسن وفي كل نوع من أنواع الخير وأنهم مع هذا أهل الوفاء بالعهود من حادث متجدد وقديم ماض.
الإعراب:
قوله: "فهم" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، وقوله:"هم" مبتدأ، و "مثل الناس": كلام إضافي خبره، قوله:"الذي": موصول، و "يعرفونه": جملة صلته، والموصول مع صلته صفة لمثل، قوله:"وأهل الوفا" بالرفع عطف على قوله: "فهم مثل الناس"، والتقدير: وهم أهل الوفاء، قوله:"من حادث" أي: من زمن حادث وزمن قديم، أراد بذلك أن وفاءهم مستمر لا يتغير بتغير الزمان.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وأهل الوفا" حيث قصره وهو ممدود
(4)
.
(1)
ينظر المنقوص والممدود للفراء (28).
(2)
أوضح المسالك (4/ 282).
(3)
البيت من بحر الطويل، وهو في المدح لقائل مجهول، وانظره في الهمع (2/ 156)، والدرر (6/ 260)، والتصريح (2/ 293)، والأشموني (4/ 109)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (951).
(4)
ينظر شرح الأشموني (4/ 109).
الشاهد الحادي والتسعون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
سيُغْنِينِي الذي أَغْنَاكَ عَنِّي
…
فلا فَقْرٌ يَدُومُ ولا غِنَاءُ
أقول: ذكره أبو علي القالي في كتاب المقصور والممدود ولم يعزه إلى قائله، وهو من الوافر. المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "سيغنيني": جملة من الفعل والمفعول، قيل: السين في هذا الموضع وإن كان للاستقبال ولكنه يدل على معنى التأكيد، وقوله:"الذي أغناك": موصول مع صلته في محل الرفع على الفاعلية، وقوله:"عني" يتعلق بقوله: "أغناك".
قوله: "فلا فقر" الفاء تصلح للتعليل، وكلمة لا بمعنى ليس، و "فقر" اسمه، وخبره قوله:"يدوم"، قوله:"ولا غناء": جملة معطوفة على ما قبلها، والخبر فيها محذوف تقديره: ولا غناء يدوم، حذف لدلالة سياق الكلام عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ولا غناء" حيث مده الشاعر وهو مقصور، وليس المراد هاهنا مصدر غانيته إذا فاخرته بالغنى عنه لأنه قرنه بالفقر؛ فدل ذلك على أنه يريد السعة في المال لا المفاخرة بالغنى عنه.
وقال أبو بكر بن الأنباري: أنشد بعض الناس: "فلا فقر يدوم ولا غناء" بفتح الغين، وقال: الغناء: الاستغناء ممدودة، وقال: هذا خطأ عندنا من وجهين: وذلك أنه لم يرو أحد من الأئمة بفتح الغين؛ لأن الشعر سبيله أن يحكى عن الأئمة كما يحكى باللغة، ولا تبطل رواية الأئمة بالظن والحدس، والحجة الأخرى: أن الغناء المدافعة، يقال: ما عند فلان [غناء، أي:]
(3)
مدافعة، ولا يقال نسأل الله الغناء على معنى الغنى.
(1)
أوضح المسالك (4/ 283).
(2)
البيت من بحر الوافر وهو لقائل مجهول في الفقر والاستغناء عن الناس، وانظره في الإنصاف (747)، وتذكرة النحاة (509)، والدرر (6/ 222)، والتصريح (2/ 293)، واللسان:"غنا"، وشرح الأشموني بحاشية الصبان (4/ 110)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (20).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
الشاهد الثاني والتسعون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
والمَرْءُ يُبْلِيهِ بِلاءَ السِّرْبالْ
…
تعَاقُبُ الإِهْلالِ بَعْدَ الإهْلالْ
أقول: قائله هو العجاج الراجز وهو من السريع.
قوله: "يبليه" من بلِي الثَّوْبُ يَبْلَى إذا خَلق، وقال ابن يسعون: معنى يبليه هاهنا يمتحنه ويخلقه؛ لأنه يتلف جِدَّتَهُ [ويضعف حِدَّتَهُ]
(3)
، قوله:"بلاء السربال" قال الجوهري: بَليَ الثوب بلًى بكسر الباء، فإنْ فتحتها مدَدْتَ، قال العجاج:
والمَرْءُ يُبليهِ بَلاءَ السِّربَالْ
…
كرُّ الليالِي واخْتلَافُ الأَحوَالْ
(4)
وقال ابن يسعون: هو مصدر بلاه اللَّه يبلوه بلاة في معنى أبلاه بلاء، فجاء على غير فعله لتقارب اللفظين واتفاق المعنيين، قوله:"تعاقب الإهلال" أي: توارده، وهو من أهل الشهر إهلالًا.
الإعراب:
قوله: "والمرء": مبتدأ، وخبره الجملة التي بعده وهي قوله:"يبليه"، وهي جملة من الفعل والمفعول، والفاعل هو قوله:(تعاقب الإهلال)، قوله:"بلاء السربال": كلام إضافي، وانتصابه على المصدرية، والمعنى: يبليه بلاء كبلاء السربال، وفي الحقيقة هو منصوب بنزع الخافض، والجملة صفة للمصدر المحذوف.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بلاء السربال" حيث مد بلاء وهو مقصور، واعلم أن الاستشهاد به إنما يصح إذا قرئ: بِلاء السربال بكسر الباء، وأما إذا فتحتها فلا استشهاد على ما لا يخفى عليك من كلام الجوهري.
(1)
توضيح المقاصد (5/ 17).
(2)
بيتان من بحر الواسع المشطور نسبا للعجاج وليسا في ديوانه، وانظرهما في الصحاح للجوهري:"بلي"، وكتاب التكملة للفارسي (361)، واللسان:"بلا".
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
الصحاح مادة: "بلا".
الشاهد الثالث والتسعون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
ولَهَا كَبِدٌ مَلْسَاءُ ذَاتُ أَسِرَّةٍ
…
وكشْحَانِ لمْ يَنْقُضْ طَوَاءَهُمَا الحَبَلْ
أقول: قائله هو طرفة بن العبد البكري، وهو من قصيدة طويلة من الطويل، وأولها هو قوله
(3)
:
1 -
لحَوْلَةَ بالأجْرَاعِ مِنْ إِضَمٍ طَلَلْ
…
وبالسَّفْحِ من قوٍّ مُقامٌ ومُحْتَمَلْ
وقد ذكرنا تمامها عند قوله
(4)
:
[13 - أَلَا إِنَّنِي شَرِبْتُ أَسْوَدَ حَالِكًا]
…
أَلَا بَجَلِي مِنَ الشَّرَابِ أَلَا بَجَلْ
في أول الكتاب.
قوله: "كبد" أي: وسط، ومنه كبد القوس وهو مقبضها، وقوله:"ملساء": تأنيث أملس وهو اللين؛ من الملاسة وهي ضد الخشونة، قوله:"أسرة" أراد بها المخطوط التي تكون على البطن كما تكون في الكف والجبهة، واحدها: سرر بكسر السين وفتح الراء، وأراد بها: العكن، وقال الجوهري
(5)
: السَّرَرُ: واحد أسرار الكفّ والجبهة، وهي خطُوطُها، وجمع الجمع أسارير، وفي الحديث
(6)
: "تبرق أسارير وجهه"، وكذلك السِّرَارُ لغة في السَّرَرِ، وجمعه: أسرّة؛ مثل: خمار وأخمرة
(7)
قوله: "وكشحان": تثنية كشح وهو ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف، وقال الأعلم: الكشحان: ما انضمت عليه الأضلاع من الجنبين، ويقال: هما الخصران
(8)
، قوله:"لم ينقض طواءهما" أراد أنها خميصة البطن ليست بمفاضة؛ من قولهم: رجل طاوٍ وطيان إذا كان ضامر البطن، ورجل حبلان إذا كان عظيم البطن، وامرأة حَبلَى وحَبْلانة، وأصل الحبل الامتلاء، ومنه قيل للحامل: حُبلَى.
(1)
توضيح المقاصد (5/ 18).
(2)
البيت من بحر الطويل من قصيدة لطرفة بن العبد في الغزل، ومنها هذا البيت:
10 -
فَقُلْ لِخَيَالِ الْحَنْظَلِيَّةِ يَنْقَلِبْ
…
إلَيْهَا فإِنِّي وَاصِلٌ حَبْلَ مَنْ وَصَلْ
وقد سردها الشارح كلها في الشاهد رفم (80) من هذا الكتاب، وانظرها في ديوان طرفة (74) دار صادر، و (61) بشرح مهدي ناصر، وأشعار الستة الجاهليين للأعلم (2/ 83)، وانظر الشاهد في اللسان:"طوى".
(3)
ينظر الديوان (61) بشرح مهدي محمد ناصر.
(4)
ينظر الشاهد رقم (80) من هذا البحث.
(5)
الصحاح مادة: "سرر".
(6)
النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 359)، وقال ابن الأثير:"الأسارير: الخطوط التي تجمع في الجبهة وتتكسر، واحدها سرو، وجمعها أسارير".
(7)
هذا آخر كلام الجوهري في الصحاح مادة: "سرر".
(8)
لم نجد هذا التفسير في شرح الأعلم للقصيدة (أشعار الشعراء الستة الجاهليين).
الإعراب:
قوله: "لها كبد": جملة من المبتدأ والخبر، و"ملساء": صفة لكبد، وقوله:"ذات أسرة": كلام إضافي مرفوع على أنه صفة بعد صفة أخرى، قوله:"وكشحان" عطف على قوله: "كبد" أي: لها كشحان، قوله:"لم ينقض": فعل، وفاعله الحبل، وقوله:"طواءهما": كلام إضافي مفعول، والجملة صفة لكشحان.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "طواءهما" حيث مد الطواء، والمعروف فيه القصر، وإنما مد للضرورة، ويقال: الد فيه لغة، فإذا كان المد لغة لا يكون فيه استشهاد فافهم.
الشاهد الرابع والتسعون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
فقُلْتُ لوْ باكَرْتِ مَشْمُولةً
…
صَفْرَا كَلَوْنِ الفَرَسِ الأشْقَرِ
أقول: قائله هو الأقيشر، واسمه المغيرة بن عبد اللَّه، وقبله
(3)
:
1 -
تقول يا شيخُ ألا تسْتَحي
…
مِنْ شُرْبِكَ الخمرَ عَلَى المَكبِرِ
2 -
فقلتُ ...............
…
....................... إلخ
وبعده:
3 -
رُحْتِ وفيِ رِجْلَيكِ مَا فِيهِمَا
…
وقَدْ بَدَا هَنكِ مِنَ المئزَرِ
وهي من السريع، وفيه الطي والكف،
وأصل ذلك أنه سكر فبدت عورته فضحكت منه امرأة فقال: تقول يا شيخ إلى آخره.
1 -
قوله: "على المكبر" بفتح الميم، وهو مصدر ميمي بمعنى الكبر.
2 -
قوله: "لو باكرت" يعني: لو بادرت وأسرعت، قوله:"مشمولة" أراد بها الخمر إذا كانت باردة الطعم، ومنه: غدير مشمول إذا ضربه ريح الشمال حتى يبرد، والنار مشمولة إذا
(1)
توضيح المقاصد (5/ 19).
(2)
البيت من السريع وقد نسب في مراجعه للأقيشر الأسدي، وانظره في تذكرة النحاة (448)، والحماسة البصرية (2/ 368)، والهمع (2/ 156)، والدرر (6/ 221)، والتصريح (2/ 293)، وشرح الأشموني (4/ 109)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (436).
(3)
انظر الأبيات الثلاثة في الحماسة البصرية للبصري (2/ 368)، عالم الكتب (بيروت).
هبت عليها ريح الشمال، قوله:"صفرا" ويروى: صهبا.
3 -
قوله: "هنك" أي: فرجك.
الإعراب:
قوله: "فقلت": عطف على قوله: "تقول" في البيت السابق، وهي جملة من الفعل والفاعل، [قوله]
(1)
: "لو باكرت" لو للشرط، وباكرت: جملة من الفعل والفاعل المستتر فيه، قوله:"مشمولة": مفعوله، وقوله:"صفرا": صفة لمشمولة، وقوله:"كلون" الكاف للتشبيه، [قوله]
(2)
: "الأشقر": صفة للفرس، وجواب "لو" هو قوله:"رحت وفي رجليك".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "صفرا" حيث قصرها وهي ممدودة
(3)
.
* * *
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
قال الأشموني: "منع الفراء قصر ما له قياس يوجب مده نحو فعلاء أفعل؛ فقول المصنف: وقصر ذي المد اضطرارًا مجمع عليه يعني في الجملة، ويرد مذهب الفراء قوله (البيت) ". ينظر شرح الأشموني (4/ 109).
شواهد جمع اسم المؤنث
الشاهد الخامس والتسعون بعد المائة والألف
(1)
،
(2)
.........................
…
فتَسْتَرِيحُ النَّفْسُ مِنْ زَفْرَاتِهَا
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد إعراب الفعل.
الاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "زفراتها" حيث سكن الفاء فيها لإقامة الوزن، والقياس تحريكها
(3)
.
الشاهد السادس والتسعون بعد المائة والألف
(4)
،
(5)
أَخُو بَيَضَاتٍ رَائِحٌ متأوِّبٌ
…
رفِيقٌ بمَسْحِ المنكَبَيِنْ سَبُوحُ
أقول: قائله هو شاعر هذلي، وهو من الطويل.
(1)
ابن الناظم (301، 302)، وتوضيح المقاصد (5/ 31).
(2)
البيت من بحر الرجز، وهو لقائل مجهول، وهو ثالث ثلاثة أبيات هي:
عَلَّ صُروفَ الدَّهْرِ أو دُوْلاتِهَا
…
تُدِلْنَنَا اللَّمَّةِ مِن لَمَّاتهَا
فَتَسْتَرِيحَ النَّفسُ مِنْ زَفْرَاتِها
…
..............................
وانظره في اللامات للزجاجي (135)، والإنصاف في مسائل الخلاف للأنباري (220)، والخزانة (2/ 441)، والخصائص (1/ 317)، والأشموني (3/ 312)، وقد سبق الاستشهاد به في الشاهد رقم (1079) من هذا البحث.
(3)
ينظر الضرائر (84 - 87)، والفيصل في ألوان الجموع (22).
(4)
ابن الناظم (302)، وتوضيح المقاصد (5/ 32)، وأوضح المسالك (4/ 293).
(5)
البيت من بحر الطويل، لقائل من هذيل لكنه غير معين، ولا يوجد في ديوان الهذليين، قال صاحب الخزانة (8/ 104):"والبيت مع كثرة وجوده في كتب النحو والصرف لم أطلع على قائله"، وانظر الشاهد في ابن يعيش (30/ 5)، وأسرار =
قوله: "أخو بيضات" أي: صاحب بيضات، وهي جمع بيضة الطير، قوله:"رائح" من راح إذا ذهب وسار بالليل، و "المتأوب": اسم فاعل من قولهم: تأوب إذا جاء أول الليل، وأصله: من الأوب وهو الرجوع.
قوله: "رفيق بمسح المنكبين" أراد أنه عالم بتحريك المنكبين في السير، والمنكب مجتمع ما بين العضد والكتف، قوله:"سبوح" بفتح السين المهملة، معناه: حسن الجري، ويقال: اللَّين اليدين في الجري، وفسره بعض شراح أبيات المفصل للزمخشري بأن السبوح هو المتصرف في معاشه، ثم قال: معناه: يذهب ويجيء ويتصرف في معاشه، وهذا التفسير غلط هاهنا، وقال فخر الدين الجارَبُرْدِي
(1)
، قال قائلهم: أي قائل هذيل في صفة النعامة:
أخو بيضات .............
…
.......................... إلخ
وهذا أيضًا غلط لأن البيت في مدح جمله، شبهه بالظليم فيقول: جملي في سرعة سيره كالظليم الذي له بيضات يسير في الظلام ليلًا ونهارًا ليصل إليها، والظليم إذا كانت له بيضات يسرع في السير، وهو في نفسه سريع في السير، فإذا كانت له بيضات يكون أسرع
(2)
.
الإعراب:
قوله: "أخو بيضات": كلام إضافي مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو أخو بيضات، وهو تشبيه بليغ، والتقدير: هو كأخي بيضات، قوله:"رائح" بالرفع صفته، و "متأوب": صفة أخرى، و "رفيق بمسح المنكبين": صفة بعد صفة، و "سبوح" -أيضًا- صفة أخرى.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بَيَضَات" حيث جاءت مفتوحة العين في جمع بيضة، وهو معتل العين، والقياس فيه تسكين العين، ولكنه جاء بالفتح على لغة هذيل، وهذيل بن مدركة يجرون المعتل مجرى الصحيح في الأسماء، وغيرهم يسكنونها؛ لأن تحريك الياء بعد فتحة موجب لإبدالها ألفًا،
= العربية (355)، والمحتسب (1/ 58)، والمنصف (1/ 343)، والخصائص (3/ 184)، واللسان:"بيض"، والهمع (1/ 23)، والدرر (1/ 184)، والتصريح (2/ 229).
(1)
هو أحمد بن الحسن الحاربُرْدي الشيخ فخر الدين، صنف شرح الشافية وشرح الكشاف وغيرهما (ت 746 هـ) ينظر بغية الوعاة (1/ 303).
(2)
قال صاحب الخزانة (8/ 105): "وقد خطّأ العيني فخر الدك الجاربردي في قوله: البيت في صفة النعامة، بأن البيت في مدح جمله شبهه بالظليم. والتخطئة لا وجه لها، وكونه في وصف نعامة أو ظليم أمرٌ سهل مع أنه متوقف على الوقوف على ما قبل هذا البيت".
وهذيل لم تلتفت إلى هذا لأنه تحريك عارض
(1)
.
الشاهد السابع والتسعون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
باللَّه يا ظَبَيَاتِ القَاعِ قُلْنَ لَنَا
…
لَيْلَايَ منْكُنَّ أَمْ لَيْلَى منَ البَشَرِ
أقول: قائله هو عبد اللَّه بن عمرو العرجي
(4)
، وهو من قصيدة من البسيط، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد اسم الإشارة
(5)
.
قوله: "باللَّه" بالباء الموحدة التي هي للقسم [ويروى: بالتاء المثناة من فوق، وهي -أيضًا- للقسم، و"القاع": المستوي من الأرض، والجمع أقواع]
(6)
، وأقوع وقيعان؛ أصله: قوعان قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، والقيعة مثل القاع.
الإعراب:
قوله: "بالله": جار ومجرور يتعلق بمحذوف تقديره: أنشدكن باللَّه يا ظبيات القاع، وهو كلام إضافي منصوب على النداء، قوله:"قلن": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه؛ أعني: أنتن
(7)
، و "لنا" يتعلق بها، قوله:"ليلاي": كلام إضافي مرفوع بالابتداء، وخبره قوله:"منكن" قوله: "أم ليلى": عطف على الجملة التي قبلها، والتقدير: أم هي ليلى
(8)
، قوله:"من البشر": جار ومجرور وقعت صفة لليلى.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يا ظبيات" حيث حرك الياء فيها؛ وذلك لأن الجمع [بالألف والتاء]
(9)
إذا كان
(1)
ينظر شرح الشافية للرضي (2/ 112، 113)، والمنصف (1/ 343).
(2)
أوضح المسالك (4/ 290).
(3)
البيت من بحر البسيط، من مقطوعة في الغزل نسبت لأكثر من شاعر، وهي في ديوان مجنون ليلى (168)، عبد الستار فراج، وفي ديوان العرجي (182) تحقيق: خضر الطائي، بغداد، وانظر عجز الشاهد في الشاهد رقم (95) من شواهد هذا الكتاب.
(4)
شاعر إسلامي ينسب إلى عثمان بن عفان (ت 120 هـ)، الأعلام (4/ 109).
(5)
ينظر الشاهد رقم (95).
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب): وهو مستكمل من نسخة الخزانة.
(7)
قوله: "أنتن" لا معنى له وإنما الفاعل هو نون النسوة.
(8)
قوله: "والتقدير أم هي ليلى" لا معنى له، وإنما جملة "ليلى من البشر" معطوفة على ما قبلها.
(9)
زيادة للإيضاح، ففي النسخة (ب): قوله [لأن الجمع الألف].
من الثلاثي الساكن العين غير معتلها ولا مدغمها وكانت فاؤه مفتوحة لزم فتح عينه
(1)
.
الشاهد الثامن والتسعون بعد المائة والألف
(2)
،
(3)
وحُمِّلْتُ زَفْرَاتِ الضُّحَى فَأطَقْتُهَا
…
وَمَا لِي بِزَفْرَاتِ العَشِيِّ يَدَانِ
أقول: قائله هو أعرابي من بني عذرة، وهو من قصيدة طويلة من الطويل، وأولها هو قوله
(4)
:
جَعَلْتُ لِعَرَّافِ اليَمَامَةِ حُكمَهُ
…
وعَرَّافِ نَجْدِ إِنْ هُمَا شَفَيَانِي
قوله: "زفرات الضحى": جمع زفرة؛ من زفر يزفر إذا أخرَج نفَسَه بأنين، وهو من باب ضرب يضرب، وإنما أضاف الزفرات إلى وقتين أولهما: أول النهار، وآخرهما: آخر النهار؛ لأن من عادة المتيم أن يقوى الهيام فيه في هذين الوقتين [ولهذا ينقطع عن الأكل لأن الأكل يكون غالبًا في هذين الوقتين]
(5)
.
قوله: "فأطقتها" من الإطاقة وهي القدرة، وأراد بقوله:"يدان" القوة لأن اليد يعبر بها عن القوة في كثير من المواضع، والتثنية للتأكيد ولإقامة القافية؛ لأنها نونية.
الإعراب:
قوله: "وحملت" على صيغة المجهول، أراد: كلفت، وهي جملة من الفعل والمفعول النائب عن الفاعل، قوله:"زفرات الضحى": كلام إضافي منصوب على المفعولية.
قوله: "فأطقتها": جملة من الفعل والفاعل والمفعول معطوفة على قوله: "حملت"، وقوله:"وما" بمعنى ليس، وقوله:"يدان" اسمها، وقوله:"لي" مقدمًا خبرها.
وقوله: "بزفرات العشي" يتعلق بمحذوف تقديره؛ وليس لي يدان مطيقتان بزفرات العشي، وإنما اعترف بإطاقة زفرات الضحى دون زفرات العشي؛ لأن وقت العشي أول وقت من الأوقات المستقبلة لليل التي يحصل فيها الهدوء والسكن واجتماع الأفكار والانقطاع عن
(1)
ينظر شرح الشافية للرضي (2/ 112، 113).
(2)
أوضح المسالك (4/ 291).
(3)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة طويلة قاربة المائة بيت، وهي لعروة بن حزام العذري في الغزل والهيام والشوق لصاحبته لبنى (انظرها كاملة في كتاب النوادر لأبي علي القالي (157 - 162)، ط. دار الكتب، وانظر بيت الشاهد في الخزانة (3/ 380)، وشرح التصريح (2/ 298)، والهمع (1/ 24)، والدرر (1/ 86)، وشرح الأشموني (3/ 118).
(4)
انظر القصيدة كاملة في النوادر لأبي علي القالي (157 - 162)، والخزانة للبغدادي (3/ 376 - 381)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (1010).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
الناس؛ فيشتد حال المتيم في مثل هذا الوقت لذلك [ولا يتحمل شيئًا من ذلك]
(1)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "زفرات" حيث سكنت الفاء فيها للضرورة، وهذه ضرورة حسنة؛ لأن العين قد تسكن لأجل الضرورة مع الإفراد والتذكير ففي الجمع أولى على ما يأتي الآن
(2)
.
الشاهد التاسع والتسعون بعد المائة والألف
(3)
،
(4)
يا عَمْرُو يَا ابنَ الأكْرَمِينَ نسْبًا
أقول: هذا شطر من الرجز، وأراد بعمرو هو عمرو بن [ .... ]
(5)
. المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "يا عمرو" يا حرف نداء، و"عمرو": منادى مفرد مبني على الضم، وقوله:"يا ابن الأكرمين": جملة ندائية، وأراد به: الأكرم من جهة الأب والأكرم من جهة الأم، قوله:"نسبًا" نصب على التمييز.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "نسبًا" حيث سكنت السين للضرورة والحال أنه مفرد
(6)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
ينظر الضرائر (84 - 87).
(3)
أوضح المسالك (4/ 293).
(4)
الرجز مجهول القائل وهو في التصريح (2/ 298)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (1109)، وتمامه:(قد نحب المجد عليك نحبًا).
(5)
ما بين المعقوفين بياض في (أ، ب): وفي نسخة الخزانة.
(6)
ينظر شرح التصريح (2/ 298)، وإنما سكنت السين في (نسبًا) لسكون الحاء في (نحبًا) في البيت الذي بعده.
شواهد جمع التكسير
الشاهد المتمم للمائتين بعد الألف
(1)
،
(2)
أَبْصَارُهُنَّ إِلَى الشُّبَّانِ مَائِلَةٌ
…
وَقَدْ أَرَاهُنَّ عَنِّي غَيْرَ صُدَّادِ
أقول: قائله هو القطامي من قصيدة من البسيط، وأولها هو قوله:
1 -
ما اعْتَادَ حُبّ سُليمَى حِيَن مُعتَادِ
…
ولَا تُقْضَى بَوَادِي دينه الطَّادِي
وقبل بيت الشاهد:
2 -
مَا للكَوَاعِبِ وَدَّعْنَ الحياةَ كَمَا
…
وَدَّعَتنِي واتَّخَذْنَ البَيْتَ مِيقَادِي
قوله: "أبصارهن" الأبصار: جمع بصر وهو حاسة الرؤية، و "الشبان": جمع شاب، و "الصداد" بضم الصاد المهملة وتشديد الدال؛ جمع صادة هاهنا على ما يجيء؛ من صد عنه إذا أعرض.
الإعراب:
قوله: "أبصارهن": كلام إضافي مبتدأ، و"مائلة": خبره، و"إلى الشبان" يتعلق به، قوله:"وقد أراهن": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وهو الضمير الراجع إلى النسوة، والواو للحال، وقوله:"غير صداد": مفعول ثان لأراهن، قوله:"عني" يتعلق بصداد.
(1)
ابن الناظم (305)، وتوضيح المقاصد (5/ 53)، وأوضح المسالك (4/ 304).
(2)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة للقطامي طويلة بلغت ستين بيتًا، يمدح فيها زفر بن الحارث، وقد بدأها بالغزل، ديوان القطامي (204)، ط. الهيئة المصرية العامة، وانظر الشاهد في التصريح (2/ 308)، والأشموني (4/ 133).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "صداد" فإنه جمع صادة وهو نادر؛ لأن فعالًا بضم الفاء وتشديد العين يجيء جمع فاعل؛ كصوّام جمع صائم، وقوام جمع قائم، ويمكن أن يكون: صداد جمع صاد للمذكر لا جمع صادة، ويكون الضمير في قوله:"أراهن" راجعًا للأبصار لا للنسوة، لأنه يقال: بصر صاد كما يقال: بصر حاد وأبصار حداد. فافهم
(1)
.
الشاهد الأول بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
لكلِّ دَهْرِ قَدْ لَبِسْتُ أَثْوُبًا
أقول: قائله هو معروف بن عبد الرحمن الراجز، ويقال: قائله هو حميد بن ثور، وهو من قصيدة أولها هو قوله:
1 -
إنْ يُمسِ هَذا الدِّهْرُ بِي تَقَلَّبَا
…
أوْ يُعْقِبَ الدَّهْرُ لِدَهْرٍ عَقَبَا
2 -
وأُمسِ شَيخًا كالعَرِيِشِ أَحدَبَا
…
إذَا مَشَيتُ أَتَشَكَّى الأَصْلُبَا
3 -
تَضَوُّرَ العَوْدِ أشتَكي أنْ يُركَبَا
…
فقد أُناغِي الرَّشَأ المُرَبَّبَا
4 -
ذا الرَّعَشَاتِ البَادِنَ المُخَضَّبَا
…
خُودًا ضناكًا لاتمد العُقُبَا
5 -
يَهْتَزُّ مَتْنَاهَا إذَا ما اضَّطَرَبَا
…
كهَزّ نَشْوَانٍ قَضِيبَ السَّبسَبَا
6 -
لِكُلِّ دَهْرٍ قَدْ لَبسْتُ أثْؤُبًا
…
مِنْ رَيْطَةٍ وَاليُمنَةَ المُعْصَّبا
7 -
حتَّى اكْتَسَى الرأسُ قِنَاعًا أشْيَبَا
…
أمْلَحَ لا لَذًّا ولا محببا
8 -
أكْرَهَ جِلْبَابٍ إذَا تَجَلْبَبَا
…
......................
2 -
قوله: "كالعريش" أراد به خيمة من خشب وثمام.
3 -
قوله: "العود" بفتح العين المهملة وفي آخره دال مهملة -أيضًا-، وهو المسن من الإبل، قوله:"أناغي" أي: أناجي، و"الرشأ" بالتحريك؛ ولد الظبي، و "المربب": المربى بأحسن التربية.
(1)
ينظر شرح الأشموني (4/ 133).
(2)
أوضح المسالك (4/ 296).
(3)
البيت من بحر الرجز المشطور من أرجوزة في ديوان حميد بن ثور في حديث عن الشاعر وما يلاقيه في زمنه، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (3/ 588)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 390)، والمقتضب (1/ 29، 132)، (2/ 199)، وسر الصناعة (804)، والمنصف (1/ 284)، (3/ 47)، والممتع (336)، والتصريح (2/ 301)، وفي اللسان:"ثوب، وملح".
4 -
قوله: "ذا الرعثات" أي: صاحب الرعثات، وهو جمع رعثة وهي القرط، و"الخود" بفتح الخاء المعجمة وفي آخره دال مهملة، وهي المرأة الناعمة الجسد، قوله:"ضناكًا بفتح الضاد المعجمة وكسرها، وهي المرأة المكتنزة، و"العقب" بضمتين؛ العاقبة.
5 -
و "السبسب": المفازة.
6 -
و"الرياط" بكسر الراء؛ الملاءة من قطعة واحدة، وفي رواية الصاغاني:
مِن رَيْطَةٍ وَاليُمنَةَ المُعَصَّبَا
وذكر أبو عمرو الشيباني في كتاب الجيم:
لِكُلِّ عَصْرٍ قَدْ لَبسْتُ أثْؤُبًا
…
رَيطًا وبُرْدًا عَصَبَ المنُشَّبَا
(1)
و"العصب" بفتح العين وسكون الصاد المهملتين؛ ضرب من برود اليمن.
7 -
و"المنشب" بضم الميم وفتح النون وتشديد الشين المعجمة، يقال: برد منشب؛ أي: موشى على صورة النشاب؛ كما يقال: برد مسهم.
الإعراب:
قوله: "لكل دهر" اللام تتعلق بقوله: "قد لبست"، ولفظة كل مضاف إلى دهر، وأراد به الزمان المؤبد، و "لبست": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"أثوبا": مفعوله، وقوله:"ربطًا إلخ": بدل منه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أثوبًا" فإنه جمع ثوب وهو شاذ؛ لأن القياس فيه أثواب أو ثياب، قال الجوهري: الثوب واحد الأثواب والثياب، ويجمع في القلة على أثوب، وبعض العرب يقول: أثؤب، فيهمز لأن الضمة على الواو تستثقل والهمزة أقوى على احتمالها، وكذلك: دار وأدؤر وساق وأسؤق، وجميع ما جاء على هذا المثال، قال الراجز:
لِكُلِّ دهر ............
…
................ إلى آخره
(2)
(1)
انظر الكتاب المذكور (3/ 273).
(2)
الصحاح مادة (ثوب)، وينظر: شرح التصريح (2/ 301).
الشاهد الثاني بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
كأنهمْ أَسْيُفٌ بِيضٌ يمانيةٌ
…
عَضْبٌ مَضَارِبُهَا بَاقٍ بِهَا الأثَرُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.
قوله: "بيض" بكسر الباء؛ جمع أبيض، قوله:"يمانية" نسبة إلى يمان، قوله:"عضب" بفتح العين وسكون الضاد المعجمة؛ من عضبه إذا قطعه، ومنه العضب وهو السيف القاطع.
قوله: "مضاربها": جمع مضرب السيف وهو نحو شبر من طرفه، وكذلك مضربة السيف، قوله:"الأثر" بفتح الهمزة
(3)
، والثاء المثلثة، وهو أثر الجُرْح يبقى بعد البُرْء، قال الجوهري: وفي الناس مَنْ يحمل هذا على الفِرِنْدِ
(4)
.
الإعراب:
قوله: "كأنهم" كأن للتشبيه، والضمير المتصل بها اسمها، وقوله:"أسيف": خبرها، وقوله:"بيض": صفة لأسيف، وكذلك قوله:"يمانية"، فوله:"عضب مضاربها" -أيضًا- صفة، ومضاربها مرفوع بعضب، وكذا قوله:"باق بها الأثر" صفة أخرى، وقوله:"الأثر": مرفوع باسم الفاعل وهو باق.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أسيف" فإنه جمع سيف وهو شاذ، والقياس: سيوف أو أسياف"
(5)
.
الشاهد الثالث بعد المائتين والألف
(6)
،
(7)
مَاذَا تَقُولُ لأَفْرَاخٍ بذِي مَرَخٍ
…
زُغْبُ الحَواصِلِ لا ماءٌ ولا شَجَرٌ
أقول: قائله هو الحطيئة، واسمه جرول .....................................
(1)
أوضح المسالك (4/ 297).
(2)
البيت من بحر البسيط، وهو مجهول القائل في مراجعه، وانظره في التصريح (2/ 301)، واللسان:"أثر، سيف"، وشرح الأشموني (4/ 123).
(3)
في (أ): بضم الهمزة.
(4)
الصحاح مادة: "أثر".
(5)
ينظر شرح التصريح (2/ 301).
(6)
أوضح المسالك (4/ 299).
(7)
البيت من بحر البسيط، أول أربعة أبيات ذكرها الشارح، قالها الحطيئة يخاطب بها عمر بن الخطاب ويرجوه إطلاق سراحه، وكان عمر قد حبسه لأنه هجا الزبرقان بن بدر، وانظر الشاهد في المقتضب (2/ 196)، والخصائص (3/ 59)، وابن يعيش (5/ 16)، والتصريح (2/ 302)، واللسان:"طلح"، والخزانة (3/ 294)، والأغاني (2/ 156).
ابن أوس الغطفاني، وبعده
(1)
:
2 -
ألقيتَ كاسِبَهُمْ في قعْر مُظْلِمَةٍ
…
فاغْفِرْ عليكَ سلامُ اللَّه يا عمرُ
3 -
أنتَ الأمينُ الذي مِنْ بَعْدِ صاحبهِ
…
ألقتْ إِلَيكَ مقاليدَ النُّهَى البَشَرُ
4 -
لمْ يُؤْثِرُوكَ بِها إذ قدَّمُوكَ لها
…
لَكِنْ لأَنْفُسِهِمْ كَانَتْ بِهَا الخِيَرُ
وهي من البسيط.
وأصل ذلك أن الزبرقان
(2)
استعدى عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وزعم أنه هجاه، فلما أنشد عمر رضي الله عنه
(3)
:
.......................
…
واقعد فإنكَ أَنْتَ الطاعمُ الكاسِي
قال: ما أراه قال لك بأسًا، فقال الزبرقان: سل ابن الفريعة، يعني: حسان بن ثابت رضي الله عنه، فإن لم يكن هجاني فلا سبيل عليه، فأرسل إلى حسان فسأله: هل هجاه بقوله:
.....................
…
واقعد فإنكَ أَنْتَ الطاعمُ الكاسِي
قال: قد هجاه وأقبح به فحبسه، فقال الحطيئة وهو محبوس هذه الأبيات، وكانت السجون آبارًا، فأول من بنى السجن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
(4)
،
(5)
.
قوله: "لأفراخ": جمع فرخ، وأراد بها الأولاد، قوله:"بذي مرخ" بفتح الميم والراء وبالخاء المعجمة، وهو واد كمير الشجر قريب من فدك، وهو -أيضًا- واد باليمامة، قوله:"زغب الحواصل" بضم الزاي المعجمة وسكون الغين العجمة؛ من الزغب وهي الشعيرات الصفر على ريش الفرخ، والفراخ زُغْبٌ، ويروى: حمر الحواصل، وهو جمع حوصلة الطير.
2 -
قوله: "كاسبهم" أراد به نفسه لأنه هو الذي يكسب لأجل أولاده، قوله:"في قعر مظلمة" أي: بئر مظلمة، وقد قلنا إن السجون كانت آبارًا.
(1)
انظر المقطوعة في الديوان (208)، ط. الحلبي، تحقيق: نعمان طه، و (164)، ط. دار صادر، و (153) شرح ابن السكيت (شعراؤنا).
(2)
هو الزبرقان بن بدر التميمي السعدي، لقب بذلك لحسن وجهه، صحابي ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات قومه، وكان فصيحًا شاعرًا فيه جفاء الأعراب (ت 45 هـ)، الأعلام (3/ 41).
(3)
هو عجز بيت للحطيئة في ديوانه (117)، ط. دار الجيل شرح: يوسف عبيد، وصدره:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها
…
................................
(4)
في (أ): كرم اللَّه وجهه.
(5)
ينظر شرح التصريح (2/ 302)، ومقدمة القصيدة في الديوان (114)، ط. دار الجيل، وحاشية الصبان (4/ 125).
3 -
قوله: "من بعد صاحبه" أراد بالصاحب أبا بكر رضي الله عنه فإن عمر تولى الخلافة من بعد أبي بكر، قوله:"مقاليد النهي" بضم النون؛ جمع نهية وهي العقل.
4 -
قوله: "الخير" بكسر الخاء وفتح الياء آخر الحروف؛ جمع خيرة وهي الفاضلة من كل شيء.
الإعراب:
قوله: "ماذا" مبتدأ، وخبره:"تقول"[وهي]
(1)
جملة من الفعل والفاعل، والخطاب فيه لعمر [رضي الله عنه]
(2)
، قوله:"لأفراخ" يتعلق بتقول، قوله:"بذي مرخ" في محل الجر صفة لأفراخ، والتقدير: لأفراخ كائنين بذي مرخ؛ أي: مقيمين هناك.
قوله: "زغب الحواصل": كلام إضافي مجرور بالوصفية، قوله:"لا ماء" كلمة لا بمعنى ليس، وماء بالرفع اسمه، وخبره محذوف تقديره؛ لا ماء هناك، [قوله:"ولا شجر"]
(3)
عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لأفراخ" فإنه جمع فرخ وهو شاذ؛ لأن القياس فراخ وأفرخ، قال الجوهري: الفرخ ولد الطائر، والأنثى فرخة، وجمع القلة: أفْرُخ، وأفراخ، والكثير: فِراخ
(4)
.
الشاهد الرابع بعد المائتين والألف
(5)
،
(6)
وُجِدْتَ إِذَا اصْطَلَحُوا خَيرَهُمْ
…
وزَنْدُكَ أَثْقَبُ أَزْنَادِهَا
أقول: أنشده الرياشي ولم يعزه إلى قائله، وهو من المتقارب
(7)
.
و"الزند" بفتح الزاي وسكون النون، وهو العود الذي تقدح به النار وهو العود الأعلى، والزندة هي السفلى وهي الأنثى، فإذا اجتمعا قيل: الزندان، ولا يقال: الزندتان فافهم، قوله:
(1)
ما بين المعقوفين زيادة للإيضاح.
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
ينظر الصحاح مادة: "فرخ"، والتصريح (2/ 302، 303).
(5)
أوضح المسالك (4/ 300).
(6)
البيت من بحر المتقارب، من قصيدة طويلة للأعشى من قصيدة يمدح بها سلامة ذا فائش، ومطلعها:
أجدك لم نغتمض ليلة
…
فتر قدها مع رقادها
انظر ديوان الأعشى (61)، ط. دار صادر، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (3/ 568)، والمقتضب (2/ 196)، والتصريح (2/ 303)، وابن يعيش (5/ 16).
(7)
البيت في (أ): من الوافر، والصواب أنه من المتقارب.
"أثقب": أفعل من ثقب النجم إذا أضاء، قال تعالى:{النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق: 3] أي: المضيء.
الإعراب:
قوله: "وجدت" على صيغة المجهول، جملة من الفعل والمفعول النائب عن الفاعل، قوله:"إذا" للظرف، و "اصطلحوا": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى القوم، قوله:"خيرهم": كلام إضافي مفعول ثان لوجدت، قوله:"وزندك": كلام إضافي مبتدأ، وقوله:"أثقب أزنادها" خبره، وأراد بهذا الكلام الكناية عن سرعة مبادرته إلى الخير، والضمير يرجع إلى القوم الذين كان هذا الممدوح خيرهم.
فإن قلت: ما الواو في: وزندك؟
قلت: الظاهر أنه للحال.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أزنادها" فإنه جمع زند، وكان القياس فيه أن يجمع على: زناد؛ لأن فَعْلًا بالتسكين يجمع على: فِعال بكسر الفاء، وقد جمع على أفعال تشبيهًا بِفَعَل بفتح العين؛ إذ ليس بين فعل بالفتح وفعْل بالتسكين إلا فتح العين، فيكون هذا من التداخل، وإليه أشار ابن جني
(1)
، ويقال: إنهم حملوا زندًا على عود فجمعوه على أزناد؛ كما جمعوا عودًا على أعواد
(2)
.
الشاهد الخامس بعد المائتين والألف
(3)
،
(4)
لنَا الجَفَنَاتُ الغُرُّ يَلْمَعْنَ بالضحى
…
وَأَسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَةٍ دَمَا
أقول: قائله هو حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، حكى ابن قتيبة أن حسانًا فاخر النابغة الذبياني في خبر مستفيض، وقال له النابغة: إنك شاعر لولا أن بيتك معيب من ثلاثة أوجه؛ لأنك قلت:
(1)
لم أعثر عليه في مؤلفات ابن جني التي بين يدي: الخصائص، سر الصناعة، اللمع، المحتسب، المنصف، وقال المصرح بعد أن ذكر البيت (2/ 303):"فجمع زند على أزناد وقياسه أزند".
(2)
ينظر شرح الأشموني بحاشية الصبان (4/ 125) وفيه يقول بعد أن ذكر البيت: "فجمع: زند على أزناد ومذهب الجمهور أنه لا ينقاس، وعليه مشي في التسهيل". وقال الفارسي: "وقد جمعوا فَعْلًا في العدد القليل على أفعال وذلك قولهم
…
وزند وأزناد وفرخ وأفراخ وفرد وأفراد، وذلك قليل لا يقاس عليه". التكملة (399).
(3)
توضيح المقاصد (5/ 36).
(4)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة طويلة لحسان بن ثابت في الفخر، ديوان حسان (126)، تحقيق: د. سيد حنفي، و (424) بشرح البرقوقي، وانظر الشاهد في الكتاب (3/ 578)، والمقتضب (2/ 188)، والخصائص (2/ 209)، ط. الهيئة المصرية، والمحتسب (1/ 187، 188)، وابن يعيش (5/ 10)، وشرح الأشموني (4/ 121).
جفنات وأسياف ويقطرن، ولم تقل: جفان وسيوف ويجرين، وفخرت بمن ولدت ولم تفخر بمن ولدك، وقلت: يلمعن بالضحى ولم تقل: يبرقن في الدجى، ولو قلت كان أبلغ في المدح لأن؛ الضيف بالليل أكثر.
وقد زيد في هذا البيت نقد في أربعة مواضع أخر هي قوله. "الغر" ولم يقل البيض لأن الغرة؛ يسيرة، و "يلمعن" ولم يقل يشرقن ونحو ذلك مما يقتضي بياض الشحوم، و "بالضحى" ولم يقل: وبالضحاء؛ لأنه أوسع وقتًا وقال: "دمًا" ولم يقل دماء.
وقال الأعلم: هذا كله تكلف وتعسف، وقد حكى أبو الفتح عن أبي علي أنه طعن في هذه الحكاية عن النابغة
(1)
.
وقال ابن يسعون: نقد هذا البيت من جهة اللفظ ساقط لأن الجمع في: "الجفنات" نظير قوله تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37]، وأما "الغر" هاهنا ليس بجمع غرة كما تقدم، وإنما الغر البيض المشرفات من كثرة الشحوم وبياض اللحوم، وهي جمع غراء هاهنا، ويجوز أن يريد بالغر المشهوره المنصوبة للقرى.
وكذلك قوله: "يلمعن" هو المستعمل في هذا النحو الذي يدل على البياض؛ كما تقول: لمع السراب ولمع البرق، وكذلك: الضحى والضحياء في ذلك لأنهما بمعنى واحد عند جماعة من العلماء على أن الضحى أدل على تعجيلهم القرى.
وأما قوله: "يبرقن في الدجى" أبلغ في المدح فساقط -أيضًا- لأنه إنما أراد هنا أن طعامهم موصول وقراهم في كل وقت مبذول؛ لأنه قد وصف قبل هذا قراهم بالليل حيث قال:
وإنَّا لَنقْرِي الضَّيفَ إنْ جاءَ طَارقًا
…
مِنَ الشَّحمِ مَا أضْحَى صَحيحًا مُسَلَّمَا
ويروى: ما أمسى، وأما قوله:"يقطرن" فهو المستعمل في مثل هذا، يقال: سيفه يقطر دمًا ولم تجر العادة أن يقال: سيفه يسيل دمًا أو يجري دمًا مع أن يقطر أمدح لأنه يدل على مضاء السيف وسرعة خروجه عن الضربة حتى لا يكاد يعلق به دم.
والبيت المذكور من الطويل، وبعده
(2)
:
(1)
قال ابن جني في المحتسب (1/ 187): "وكان أبو علي ينكر الحكاية المروية عن النابغة، وقد عرض حسان شعرًا وأنه لما صار إلى قوله (البيت) قال له النابغة: لقد قللت جفانك وسيوفك، قال أبو علي: هذا خبر مجهول لا أصل لها لأن الله تعالى يقول: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37] ولا يجوز أن تكون الغرف كلها في الجنة من الثلاث إلي العشرة، وعذر ذلك عندي أنه قد كثر عنهم وقوع الواحد على معنى الجمع جنسًا
…
". وينظر الكتاب (3/ 278).
(2)
انظر ديوان حسان (130)، ط. دار المعارف، تحقيق د. سيد حنفي و (426) بشرح البرقوقي.
2 -
ولدْنَا بَنِي العَنْقَاءِ وابْنَيْ مُحَرِّقٍ
…
فَأكْرِمْ بِنَا خالًا وأكرمْ بنا ابنمَا
3 -
متى ما تَزُرْنَا مِنْ مَعَدٍّ بعُصْبَةٍ
…
وغسّان نمنعْ حَوْضَنَا أنْ يُهَدَّمَا
4 -
بكلِّ فَتًى عارِي الأشَاجِعِ لَاحَهُ
…
قرَاعُ الكُمَاةِ يَرْشَحُ المسكَ والدَّمَا
5 -
أبَى فِعْلُنَا المعروفُ أنْ ننطِقَ الخَنَا
…
وقائلُنا بالعُرْفِ إلا تكلُّمَا
1 -
قوله: "الجفنات": جمع جفنة وهي القصعة، قوله:"الغر" بضم الغين المعجمة؛ جمع غراء وهي البيضاء، قوله:"يلمعن": من لمع البرق إذا أضاء، قوله:"من نجدة" أي: من شجاعة وشدة.
الإعراب:
قوله: "لنا الجفنات" مبتدأ وخبر، و "الغر": صفة الجفنات، قوله:"يلمعن": جملة من الفعل والفاعل في محل النصب على الحال من الجفنات، قوله:"بالضحى" الباء فيه ظرفية، أي: في الضحى، قوله:"وأسيافنا": كلام إضافي مبتدأ، وقوله:"يقطرن" خبره، قوله:"من نجدة": كلمة من هاهنا للبيان والتبعيض، قوله:"دمًا": واحد وضع موضع الجمع لأنه جنس، وقد يكون مصدر دمى يدمي [دمًا]
(1)
، فوقع موقع العين وإن كان حدثًا فيكون حينئذ للكثرة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "الجفنات" حيث جمعت بالألف والتاء في القلة، وأما في التكثير فقد اطرد جمع مثل هذا البناء في الكثرة على: فِعال كالجفان ونحو ذلك
(2)
، وقال ابن أم قاسم: الاستشهاد في الجفنات وأسيافنا فإن المراد بهما التكئير
(3)
.
وقال الركني: القياس: الجفان والسيوف؛ لأنه مدح، واعُتِذَر بأن كل [واحد]
(4)
منهما بستعمل موضع الآخر على سبيل الاستعارة، بأن جعلت جمع القلة كالكثرة مرادًا منهما وبالعكس ادعاء، سواء وجد صيغته الأصلية كقوله تعالى:{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقره: 228] موضع قراء، أو لا كثلاثة رجال؛ إذ لم يوجد من لفظه جمع قلة، قال تعالى:{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37] مع أن في الجنة غرفًا كثيرة
(5)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
ينظر شرح الأشموني وحاشية الصبان (4/ 121).
(3)
هو ما قاله سيبويه في قوله: "وقد يجمعون بالتاء وهم يريدون الكثير، وقال الشاعر وهو حسان بن ثابت (البيت) لم يرد أدنى العدد". الكتاب (3/ 578).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(5)
ينظر التكملة للفارسي (414).
الشاهد السادس بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
.........................
…
وَأَنْكَرَتْنِي ذَوَاتُ الأَعْيُنِ النُّجُلِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وصدره:
طَوَى الجَدِيدَانِ مَا قَدْ كنْتُ أَنْشُرُهُ
…
.......................
وهو من البسيط.
و"الجديدان": الليل والنهار، و "الأعين": جمع عين، و "النجل" بضم النون؛ جمع نجلاء؛ من النجل وهو سعة شق العين، والرجل أنجل، والأنثى نجلاء، ومنه يقال: طعنة نجلاء؛ أي: واسعة.
الإعراب:
قوله: "طوى": فعل، و "الجديدان": فاعله، قوله:"ما قد كنت أنشره" في محل النصب على المفعولية، وما موصولة، وقد كنت أنشره: صلتها، قوله:"وأنكرتني": جملة من الفعل والمفعول، قوله:"ذوات الأعين": كلام إضافي فاعله، و "النجل" بالجر صفته.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "النجل" فإنه بضم النون والجيم، وذلك للضرورة؛ لأن الأصل في مثل هذا الجمع سكون العين
(3)
.
الشاهد السابع بعد المائتين والألف
(4)
،
(5)
أَغَرُّ الثَّنَايَا أَحَمُّ اللِّثَاتِ
…
تُحَسِّنُهَا سُوُكُ الإِسْحِلِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من المتقارب.
(1)
غير موجود في توضيح المقاصد، تحقيق: عبد الرحمن علي سليمان -يرحمه اللَّه-.
(2)
عجز بيت من بحر الطويل، وقد ذكر الشارح صدره، مجهول القائل، وقيل: هو لأبي سعيد المخزومي، وانظره في الهمع (2/ 175)، وشرح الأشموني (4/ 128)، والدرر (6/ 275).
(3)
قال الأشموني في حديث عن وزن فُعْل بضم الفاء وسكرن العين: "يجوز في الشعر ضم عينه بثلاثة شروط: صحة عينه وصحة لامه وعدم التضعيف كقول: (البيت) وهو كثير".شرح الأشموني (4/ 128).
(4)
توضيح المقاصد (5/ 46).
(5)
البيت من بحر المتقارب من قصيدة لعبد الرحمن بن حسان قالها في وصف الخيل، ديوانه (48)، تحقيق: سامي العاني، وانظره في المقتضب (3/ 111)، والممتع (467)، والمنصف (1/ 338)، اللسان:"سوك"، وابن يعيش (10/ 84).
قوله: "أغر" أي: أبيض، وقوله:"الثنايا": جمع ثنية وهي الأسنان الأربعة التي تليها الرباعيات، وتلي الرباعيات الأنياب ثم تليها الضواحك ثم تليها الأضراس.
قوله: "أحم": من الحمة وهي لون بين الدهمة والكمتة، و "اللثات": جمع لثة وهي اللحمة الركبة فيها الأسنان، و "السوك": جمع سواك، و "الإِسحِل" بكسر الهمزة وسكون السين وكسر الحاء المهملتين وفي آخره لام، وهو شجر يتخذ منه المساويك، قال المفضل: وتتخذ المساويك من الأراك والبشام والإسحل والضرو وهو شجر حبة الخضراء والعتم وهو الزيتون.
الإعراب:
قوله: "أغر الثنايا": كلام إضافي مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هي أغر الثنايا، وقوله:"أحم اللثات" -أيضًا- كلام إضافي خبر بعد خبر، قوله؛ "تحسنها": جملة من الفعل والمفعول الراجع إلى الثنايا واللثات، ومعناه: تُجَمِّلُهَا وتزيد في صفائها، قوله:"سوك الإسحل": كلام إضافي مرفوع لأنه فاعل للفعل المذكور.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "سوك الإسحل". حيث ضم الواو فيه للضرورة، والقياس تسكينها؛ كما يقال في جمع سوار: سُور، وفي خوان: خُوْن. فافهم
(1)
.
الشاهد الثامن بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
أهْلًا بِأَهْلٍ وَبَيتًا مثلَ بَيْتِكُمْ
…
وبالأناسينِ أَبْدَالِ الأناسينِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.
فقائل هذا يسلي شخصًا مصابًا بأهله نازحًا عن داره ووطنه الذين فقدهم وأصيب بهم، وقدم على قوم أحسنوا إليه غاية الإحسان حتى كأنه اجتمع بأهله في وطنه ولم يفقد أحدًا منهم.
(1)
ينظر تصريف المازني والمنصف معًا (1/ 338، 339)، وقال ابن يعيش بعد أن ذكر البيت:"واستعمال الأصل الذي هو الضم هاهنا من ضرورات الشعر عند سيبويه، وهو عند أبي العباس جائز في غير الشعر .. ". ابن يعيش (10/ 84، 85)، والأشموني (4/ 130).
(2)
توضيح المقاصد (5/ 72).
(3)
البيت من بحر البسيط مجهول القائل، ولا مراجع له إلا المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (1042).
الإعراب:
قوله: "أهلًا بأهل": منصوب بفعل محذوف تقديره: أتيت أهلًا، والباء في قوله:"بأهل" للمقابله؛ كما في قولك: هذا بذاك، أي: أتيت أهلًا عوضًا عن أهلك، قوله:"وبيتًا": عطف على أهلًا، أي: وأتيت بيتًا مثل بيتكم؛ أي: عوضه، قوله:"وبالأناسين": عطف علي قوله: "بأهل"، والمعنى: وعوضت [عوضه]
(1)
بالأناسين.
وقوله: "أبدال الأناسين" يجوز بالجر على أنه صفة للأناسين الأول، وبالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هم أبدال الأناسين، والجر أظهر، و"الأبدال": جمع بدل، وأراد به العوض، وأراد بالأناسين [الأول]
(2)
الأناسين الذين قدم عندهم وبالثاني الأناسين الذين فقدهم وأصيب بهم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بالأناسين" فإنه جمع إنسان، وتبدل من النون الياء، فيقال: أناسيّ، وهذا إبدال غير لازم، وبه يرد على ابن عصفور؛ حيث ادعى بلزوم هذا البدل؛ إذ لو كان لازمًا لما جاء في الشعر هكذا
(3)
.
الشاهد التاسع بعد المائتين والألف
(4)
،
(5)
وَلَسْتَ لإنْسِيٍّ ولكن لِمَلْأَكٍ
…
تَنَزَّل مِنْ جَوِّ السَّماء يَصُوبُ
أقول: قائله هو رجل من عبد القيس يمدح به النعمان بن المنذر، وقيل: قائله هو أبو وجزة
(1)
و
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(3)
إبدال الياء من النون في كلمة إنسان على ضربين: الأول: هو إبدال من النون الأولى، والثاني: أن يكون من النون
الثانية، أما النون الأولى فإبدال الياء منها فهو عند ابن عصفور على غير لزوم فقالوا في كلمة: إنسان: إيسان، واستشهد ابن عصفور على ذلك بقول عامر بن جؤين:
فيا ليتني من بعد ما طاف أهلها
…
هلكت ولم أسمع بها صوت إيسان
وفي الجمع يقال: أياسين بالياء والنون، والأصل النون، والأصل عنده النون لأن إنسانًا وأناسي بالنون أكثر منه بالياء، أما النون الثانية وإبدالها عنده ياء فهو على اللزوم، فقالوا فيها في الجمع: أناسي. ينظر الممتع لابن عصفور (1/ 371، 372)، وخالفه الرضي في النون الثانية فقال:"قوله: أناسيّ يجوز أن يكون جمع إنْسِيّ فلا تكون الياء بدلًا من النون، كذا قال المبرد، وأن يكون جمع إنسان والأصل أناسين وقد يستعمل -أيضًا-". شرح الشافية للرضي (3/ 211، 212).
(4)
توضيح المقاصد (5/ 73).
(5)
البيت من بحر الطويل، من مقطوعة لعلقمة بن عبدة الفحل، ديوانه (118)، تحقيق: لطفي الصقال، ودرية الخطيب، وقد نسب إلى غير علقمة كما ذكره الشارح، وانظره في الكتاب (4/ 380)، والأصول (3/ 339)، =
يمدح به عبد اللَّه بن الزبير رضي الله عنه، ويقال: قائله هو علقمة بن عبدة، وقبله
(1)
:
1 -
تَعَاليتَ أَنْ تُعزَى إلَى الإنْسِ خُلَّةً
…
وللإنْسِ مَن يَعزُوكَ فَهْوَ كَذُوبُ
وهما من الطويل.
قوله: "تعاليت" يعني: تعاظمت، "أن تعزى" أي: تنسب، قوله:"خلة" أي: خصلة، وهو نصب على التمييز، قوله:"لملأَكٍ" بالهمزة؛ لأن الشاعر أخرجه على الأصل؛ لأن أصل ملك: ملأك، حذفت منه الهمزة للتخفيف، ولكن الهمزة كانت قبل اللام؛ لأنه من الألوكة وهي الرسالة
(2)
، فأخرت بعد اللام ليكون طريقًا إلى حذفها؛ لأن الهمزة متى سكن ما قبلها جاز حذفها وإلقاء حركتها على ما قبلها
(3)
، قوله:"يصوب" بمعنى: ينزل؛ كذا قاله الجوهري والأعلم واللخمي والواحدي وغيرهم
(4)
من صاب يصوب صوبًا، أصل صاب صوب قلبت الواو ألفًا، ويقال معناه: يقصد من صاب إذا قصد؛ لأن على التفسير الأول يلزم التكرار فافهم.
الإعراب:
قوله: "ولست": عطف على ما قبله من البيت المذكور، والتاء اسم ليس، وخبره محذوف تقديره: ولست معزوًّا لإنسي، وحرف الجر يتعلق بالمحذوف، قوله:"ولكن" للاستدراك، وقوله:"لملأك" يتعلق بمحذوف تقديره: ولكن أنت معزو لملأك، قوله:"تنزل": جملة من الفعل والفاعل وقعت صفة لملأك، و "من جو السماء" يتعلق به، قوله:"يصوب": جملة وقعت حالًا من ملأك.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لإنسي" فإن بعضهم احتج به على أن الياء في أناسيّ ليست بدلًا من النون كما ذكرنا في البيت السابق، وإنما الأناسي جمع إنسي، والأناسين بالنون جمع إنسان، والقول بهذا أحسن من الذهاب إلى أن الأناسي أصله: الأناسين، وأن الياء مبدلة من النون، وأن هذا البدل لازم أو غير لازم، وفيه نظر، وذلك لأنه لو كان الأناسي جمع إنسي لكان يجوز أن يقال في
= ومعاني القرآن للزجاج (1/ 112)، وابن الشجري (2/ 203)، وشرح شافية ابن الحاجب (2/ 346)، واللسان:"صوب، ألك، ولأك"، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (80).
(1)
شرح أشعار الهذليين (1/ 222)، والأزهية (260).
(2)
ينظر الأمالي الشجرية (2/ 203).
(3)
ينظر شرح شافية ابن الحاجب للرضي (2/ 346، 347)، والمنصف (2/ 102).
(4)
ينظر الصحاح مادة: "صوب".
جمع جني: جناني، وفي جمع تركي: تراكي. فافهم
(1)
.
الشاهد العاشر بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
.....................
…
سوابيغُ بيضٌ لا يُخَرِّقُهَا النَّبْلُ
أقول: قائله هو زهير بن أبي سلمى، وصدره:
عليها أُسُودٌ ضَارِيَاتٌ لَبُوسُهُمْ
…
..........................
وهو من قصيدة طويلة من الطويل، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
صَحَا القَلْبُ عَنْ سَلْمَى وقَدْ كَانَ لا يَسْلُو
…
وأقف من سَلْمَى التَّعَانِيقُ فالثقل
2 -
وقد كُنتُ مِنْ سَلْمَى سِنِينَ ثَمَانِيًا
…
علَى صِيرِ أمْرٍ ما يُمِرُّ ومَا يَحْلُو
إلى أن قال:
3 -
وإنْ يُقتَلُوا فَيُشْتَفَى بدِمَائِهِمْ
…
وكَانُوا قَدِيمًا مِنْ مَنَايَاهُمُ القَتلُ
4 -
عليها ...................
…
.................... إلخ
5 -
إذا لَقِحَتْ حَربٌ عَوَانٌ مُضِرَّةٌ
…
ضَرُوسٌ تُهِرُّ النَّاسَ أنْيَابُهَا عُصْل
1 -
قوله: "وأقفر" بتقديم القاف، أي: خلا التعانيق والثقل، وهما موضعان.
2 -
قوله: "على صير" أي: على طرف أمر ومنتهاه وما يصير إليه، يقال: أنا في حاجتي على صير، أي: على طرف منها وإشراف على قضائها، قوله:"ما يمر" بضم الياء؛ من الإمرار
(1)
راجع التذييل والتكميل وتوضيح المقاصد (5/ 73)، وقال المصرح:"ويحفظ فعلي في إنسان وظربان فإنهم قالوا في جمعها: أناسي وظرابي، ولما كان أناسي يتبادر إلى الفهم أنه جمع إنسي حتى قال به بعضهم، أشار إلى جوابه بقوله: وأما أناسي فجمع إنسان لا جمع إنسي، لأن إنسيًّا آخره ياء النسب، وتقدم أن ما ختم بياء النسب لا يجمع على فعالي، وأناسي أصله: أناسين، فأبدلوا النون ياء وأدغموا الياء المبدلة من ألف إنسان فيها، كما قالوا: ظربان وظرابي وأصله: ظرابين فأبدلوا النون ياء، بدليل أن العرب نطقت بذلك على الأصل فقالت أناسين وظرابين، وبهذا تبين أن إبدال النون ياء فيهما ليس بلازم كما توهم ابن عصفور، ولو كان أناسي جمع إنسي لقيل في جمع جني: جناني وفي جمع تركي: تراكي، قاله ابن مالك في شرح الكافية، زاد ابنه: وهذا لا يقول به أحد. انتهى". ينظر التصريح بمضمون التوضيح (2/ 315)، وينظر شرح الكافية الشافية لابن مالك (1869) وما بعدها.
(2)
توضيح المقاصد (5/ 82).
(3)
البيت من لامية طويلة لزهير بن أبي سلمى، يمدح فيها سنان بن أبي حارثة المري، وهي في ديوانه (27)، تحقيق: فخر الدين قباوة، وانظر بيت الشاهد في الهمع (2/ 182)، والدرر (2/ 280)، وشرح الأشموني (4/ 152)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (681).
(4)
انظر شرح زهير بن أبي سلمى، صنعة الأعلم الشنتمري (27)، تحقيق: فخر الدين قباوة (84) نشر دار الكتب العلمية.
من المُرِّ نقيض الحلو.
3 -
قوله: "وكانوا قديمًا من مناياهم القتل" أراد أنهم أهل حرب فلا يموتون على فرشهم حتف أنوفهم.
4 -
قوله: "عليها" أي: على الخيل أسود، وهو جمع أسد، و "الضاريات": جمع ضارية في الجرأة وشدة الحملة، و "اللبوس" ما يلبسه الإنسان، وهو فعول في معنى مفعول، وأراد به الدروع، و "السوابغ": الكاملة، وأراد بالبيض أنها صقيلة لم تصدأ، و "النبل": السهم.
5 -
قوله: "إذا لقحت" بالقاف والحاء المهملة؛ أي: إذا اشتدت وقويت، وجواب إذا قوله:
تَجدهم على ما خَلَّيْتَهُمْ إزاءَ مَا
…
وإنْ أَفسدَ المال الجماعاتُ والأزلُ
وضرب اللقاح مثلًا لكمالها وشدتها، قوله:"عوان" أراد بها الحرب التي ليست بأولى، وهي الحرب التي قوتل فيها مرة بعد مرة، "الضروس" بالفتح؛ العضوض السيئة الخلق، قوله:"تهر الناس" أي: تصيرهم يهرونها، و "العصل" بضم العين وسكون الصاد المهملتين، وأراد بها الكالحة المعوجة
(1)
، وضربها مثلًا لقوة الحرب وقدمها لأن ناب البعير إنما يعصل إذا أسن فاعلم ذلك.
الإعراب:
قوله: "أسود" مبتدأ، و "عليها" مقدمًا خبره، و "ضاريات" صفة لأسود، قوله:"لبوسهم": كلام إضافي مبتدأ، وخبره قوله:"سوابيغ"، وقوله:"بيض" صفة لسوابيغ والموصوف مع صفته صفة للبوس في الحقيقة، وقوله:"لا يخرقها النبل": جملة من الفعل والمفعول وهو الضمير، والفاعل وهو قوله:"النبل"، وقعت صفة أخرى.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "سوابيغ" فإنه شاذ، والقياس فيه: سوابغ بدون الياء، فإن فاعلة يجمع على فواعل لا فواعيل ولكن زاد الياء فيه للضرورة
(2)
.
* * *
(1)
المعنى: تخيفهم وتجعلهم يهرون منها؛ من هرّ الكلب: صوّت دون نباح من شدة البرد.
(2)
ينظر البناء السابع عشر من أبنية جموع الكثرة في التصريح وفيه يقول (2/ 312): "ويطرد في ألفاظ سبعة ثانيها ألف زائدة أو واو غير ملحقة بخماسي، وذلك في فاعلة اسمًا كانت أو صفة كناصية وكاذبة وخاطئة، فناصية اسم وكاذبة وخاطئة صفة فيقال في جمعها: نواص وكواذب وخواطئ".
شواهد التصغير
الشاهد الحادي عشر بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
أوْ تَحْلِفِي بِرَبِّكِ العَلِيِّ
…
أَنِّي أَبُو ذيَّالِك الصّبِيِّ
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد إن وأخواتها
(3)
.
والاستشهاد فيه هاهنا:
في قوله: "ذيالك" فإنه مصغر "ذلك"
(4)
.
الشاهد الثاني عشر بعد المائتين والألف
(5)
،
(6)
............................
…
دُوَيْهِيَةٌ تَصْفَرُّ مِنْهَا الأَنَامِلُ
أقول: قائله هو لبيد بن ربيعة بن عامر العامري، وصدره:
وَكُلُّ أُنَاسٍ سوفَ تَدْخُلُ بَينَهُمْ
…
.........................
(1)
ابن الناظم (793) ط. دار الجيل.
(2)
الأبيات من بحر الرجز المشطور، وهي في ملحق ديوان رؤبة (188) وانظرها في شرح التصريح (1/ 219)، والجنى الداني (413)، وشرح عمدة الحافظ (231)، واللسان (ذا)، واللمع (304).
(3)
ينظر الشاهد رقم (268).
(4)
هو شاهد على تصغير الأسماء المبهمة (الإشارة) فإذا صغرت شيئًا من هذه الأسماء لم تضم أوائلها كما تضم أوائل سائر الأسماء ولكن تترك على حركتها وتلحق أواخرها الألف. ينظر التكملة للفارسي (505، 506) وينظر شرح الكافية الشافية لابن مالك (1923) وما بعدها.
(5)
توضيح المقاصد (5/ 89).
(6)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة طويلة للبيد يرثي فيها النعمان بن المنذر، انظر الديوان (131)، دار صادر، وانظر الشاهد في شرح الشافية (1/ 191)، وشرح المفصل (5/ 114)، والمغني (1/ 48، 150)، والخزانة (6/ 159).
وهو من قصيدة لامية ذكرناها في أول شواهد الكلام
(1)
.
قوله: "دويهية" تصغير داهية، وهي الأمر العظيم، ودواهي الدهر: ما يصيب الناس من عطيم نوبه.
الإعراب:
قوله: "وكل أناس": كلام إضافي مبتدأ، وقوله:"سوف تدخل بينهم" خبره، وقوله:"دويهية": فاعل تدخل، قوله:"تصفر منها الأنامل": جملة من الفعل والفاعل في محل الرفع على أنها صفة لدويهية.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "دويهية" فإن الكوفيين احتجوا بها على أن التصغير قد يأتي للتعظيم، فإن دويهية [تصغير]
(2)
داهية، والمراد بها الموت، والمعنى: دويهية عظيمة، وأجيب عن هذا بأن الداهية وإن كانت عظيمة في نفسها ولكنها سريعة الوصول؛ فبالنظر إلى هذا المعنى صغر الداهية إشارة إلى تقليل المدة وتحقيرها، وفيه نظر لا يخفى
(3)
.
الشاهد الثالث عشر بعد المائتين والألف
(4)
،
(5)
صُبَيَّةً على الدُّخَانِ رُمْكًا
…
ما إنْ عَدَا أَصْغَرُهُمْ أَنْ زَكَّا
أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج الراجز.
قوله: "ومكًا" بضم الراء المهملة وسكون الميم؛ جمع أرمك من الرمكة وهي لون كلون الرماد، وصف رؤبة بهذا صبيةً صغارًا قد اغبروا وتشعثوا لشدة الزمان وكلب الشتاء والبرد، قوله:"أن زكا" ويروى: قد زكا، ويقال: زك زكيكًا إذا دب، وقال ابن دريد: يقال: زك يزك
(1)
ينظر الشاهد رقم (1) من هذا البحث.
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(3)
ينظر شرح الشافية (1/ 191)، وقال الأشموني (4/ 157):"وزاد الكوفيون معنى خامسًا وهو التعظيم كقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ابن مسعود: "كنيف ملئ علمًا" وقول بعض العرب: أنا جُذَيْلُهَا المحكك وعُذّيْقُهَا المرجّب، وقوله (البيت)
…
ورد البصريون ذلك بالتأويل إلى تصغير التحقير".
(4)
توضيح المقاصد (5/ 96).
(5)
بيتان من بحر الرجز المشطور، قالهما رؤبة من أرجوزة طويلة يعتذر فيها إلى مولاه ويلوم حساده، مطلعها:
كيف إذا مولاك لم يصلكا
…
وقطع الأرحام قطعًا بتكًا
وانظر بيت الشاهد في الكتاب (3/ 486)، والمقتضب (2/ 212)، واللسان؛ "غلم"، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (1220).
زكًّا وزكيكًا، وقال أبو زيد: زكزك؛ أي: مشى متقارب الخطو، ومادته: زاي معجمة وكاف
(1)
.
الإعراب:
قوله: "صبية" منصوب بفعل مقدر تقديره: ترك صبية، وقوله:"على الدخان" حال، وقوله:"رمكا": صفة لصبية، قوله:"ما إن عدا" كلمة ما للنفي، وإن زائدة، وعدا بمعنى: جاوز.
قال الأعلم: وقع في الكتاب: "ما أن عدا أصغرهم"
(2)
، [والصواب: ما إن عدا أكبرهم أن يدب صغرًا وضعفًا، فكيف صغيرهم؟! قلت: هذا قول المبرد، فإنه قال الصواب: أن عدا أكبرهم، فإنك إذا قلت: أصغرهم]
(3)
ما إن عدا أن زكا؛ أي: قارب الخطو؛ فأكبرهم إذن يمشي، أو على حالة أخرى أحسن من حال الصغير، ولا فائدة لهذا الذم لأنه يريد أن يذمهم
(4)
.
قيل: هذا أوجه، ولكن الأحسن ما رواه سيبويه وإن ضعفه المبرد
(5)
؛ لأن هذا الشاعر إنما يريد أن يقول إن أصغرهم ما إن عدا أن زك، فكيف كبر من كبرت آفته وهمه؟ فكبيرهم أشد من صغيرهم، وصغيرهم ما عدا أن زك، وهذا أبلغ في المعنى.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "صُبَيَّة" فإنها تصغير: صبية بكسر الصاد وسكون الباء الموحدة وفتح الياء آخر الحروف، وهو جمع صبية بفتح الصاد وكسر [الباء الموحدة وتشديد]
(6)
الياء آخر الحروف، وهذا التصغير هو القياس، وقد جاء [شاذًّا]
(7)
أُصَيْبِيَة، ورؤبة بن العجاج أخرجها على القياس
(8)
.
(1)
انظر نص ابن دريد ومعنى الكلمة في جمهرة اللغة (1/ 91)، وفي اللسان مادة:"زكك" يقول: "أَبو زيد زَكْزَكَ زَكْزَكة وزَوْزَى زَوْزَاةً ووزْوَزَ وَزْوَزَةً وزَاك يَزُوك زَيْكًا كله مشي متقارب الخطو مع حركة الجسد وزّكُّ الفاختة فرخُها والزَّكّ المهزول"، ولم نعثر عليه في نوادر أبي زيد.
(2)
ينظر الكتاب (3/ 486).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(4)
ينظر الكتاب (2/ 139)، ط. بولاق، وبهامشه شرح شواهد الأعلم.
(5)
قال المبرد: "فإذا حقرت غِلمة فالأجود أن تردّه إلى بنائه فتقول: أُغَيْلِمة، وكذلك صِبْيَة، ولو قلت: صُبَيَّةَ وغُلَيمَة على اللفظ كان جيدًا حسنا كما قال:
صبية على الدخان رمكًا
…
ما إن عدا أكبرهم أن زكا
يقال: زكا زكيكًا إذا درج". المقتضب (2/ 211، 212).
(6)
و
(7)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(8)
ينظر الكتاب (3/ 486) وفيه يقول: "ومن ذلك قولهم في صِبْيَة: أُصَيبِيَة، وفي غِلمَة: أُغَيْلِمَة كأنهم حقروا: أغلمة وأصبِية، وذلك أن أفعلة يجمع على: فُعال وفَعيل، فلما حقروه جاءوا به على بناء قد يكون لفُعال وفَعيل، فإذا سميت به امرأة أو رجلًا حقرته على القياس، ومن العرب من يجريه على القياس فيقول: صُبَيّة وغُلَيْمة، قال الراجز (البيت) ".
الشاهد الرابع عشر بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
حِمًى لَا يُحَلُّ الدهرَ إلَّا بِإذْنِنَا
…
ولا نَسْألِ الأقْوَامَ عقدَ الميَاثِقِ
أقول: قائله هو عياض بن أم درة الطائي شاعر جاهلي
(3)
، وقبله:
وكُنَّا إذَا الدِّينُ الغُلُبَّى بَرَى لَنَا
…
إذَا مَا حَلَلْنَاهُ مَصَابَ البَوَارِقِ
وهما من الطويل.
قوله: "وكنا إذا الدين" أراد به الطاعة، و "الغلبى" بضم الغين المعجمة واللام وتشديد الباء الموحدة [مصدر بمعنى المغالبة، قوله: "برى لنا" بالباء الموحدة]
(4)
، ومعناه: عرض لنا، و "الحمى" بكسر الحاء، هو الموضع الذي يحميه الإمام ولا يقربه أحد؛ من حمى المكان وأحماه، قوله:"لا يحل": من الإحلال.
الإعراب:
قوله: "حمى": خبر مبتدأ محذوف، أي: حمانا حمى، أو نحو ذلك مما يناسب المقام، قوله:"لا يُحَلُّ" على صيغة المجهول؛ جملة من الفعل والمفعول النائب عن الفاعل في موضع الرفع على أنها صفة لحمى، وقوله:"الدهر" نصب على الظرف، قوله:"ولا نسأل": جملة معطوفة على ما قبلها، و "الأقوام": مفعول لا نسأل.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "عقد المياثق" فإن القياس فيه: المواثق لأنه جمع ميثاق، والواجب في جمع التكسير رده إلى أصله؛ كما تقول في باب: أبواب، وفي ناب: أنياب، ورأيت في نوادر أبي زيد:"عقد المواثق" على الأصل، فعلى هذا لا استشهاد فيه
(5)
.
(1)
لم أعثر عليه في توضيح المقاصد.
(2)
البيت من بحر الطويل، وقد ذكر الشارح قائله، وعرف به، وهو في الفخر، وانظر الشاهد في الخصائص (3/ 157)، وشرح الشافية (1/ 210)، وشرح شواهدها (95)، ونوادر أبي زيد (65)، وابن يعيش (5/ 122)، ويروى البيت هكذا:
حمًى لا يحل الدهرُ إلا بأمرنا
…
ولا نسأل الأقوام عهدَ المياثق
(3)
انظر البيت المذكور في مراجع الشاهد، ويروى بمعنى: انبرى، ومصاب بفتح الميم اسم مكان؛ من صابه المطر إذا مطر، والصواب: نزول المطر، والبوارق: جمع بارقة، وهي سحابة ذات برق.
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
انظر النوادر في اللغة (271)، ط. دار الشروق، وشرح شواهد الشافية للرضي (95، 96)، وفيه قال =
شواهد النسب
الشاهد الخامس عشر بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
وَكيفَ لَنَا بِالشُّرْبِ إِن لم تَكُنْ لَنَا .. دَرَاهِمُ عندَ الحَانَويّ ولا نَقْدُ
أقول: قائله هو الفرزدق؛ قاله ثعلب، وقال غيره: هو لأعرابي، وقيل: قائله مجهول، وهو من قصيدة دالية من الطويل، وبعده
(3)
:
2 -
أندانُ أم نَعْتَانِ أم يَنْبَرِي لَنَا
…
فَتًى مِثلُ نَصْلِ السَّيفِ شِيمَتُهُ المَجْدُ
3 -
فمَا حَرَّمَ الرَّحْمَنُ تَمْرًا قَنيتهُ
…
وَمَاء سَقَانَا مِنْ ركيته سَعْدُ
4 -
إذَا طُرِحَا فيِ الدَّنِّ صَرَّحَ منهُمَا
…
شَرَابٌ إذَا مَا صُبَّ في صَحْنِهِ الوَردُ
5 -
نُبَاكِرُ حَدَّ الرَّاحِ حَتَّى كَأَنَّمَا
…
نَرَى بالضُّحَى أطْنَابَ مَنْ قَبْلَنَا بَعْدُ
قوله: "دراهم" ويروى: دنانير، ويروى: دوانيق.
قوله: "أندان" من الاستدانة، قوله "نعتان": من اعتون القوم إذا أعان بعضهم بعضًا، قوله:"ينبري": من قولهم: انبرى له؛ أي: اعترض، والركية: البئر التي لم تطو، قوله:"حد الراح" قال في العباب: حد الشراب: سورته وصلابته.
= البغدادي: "وفي عهد الميثاق شذوذان: عدم رجوع الواو وحذف الياء بعد المثلثة".
(1)
ابن الناظم (316)، وتوضيح المقاصد (5/ 128).
(2)
البيت من بحر الطويل نسب لابن مقبل، ذيل الديوان رقم (19)، تحقيق: د. عزة حسن، كما نسب لذي الرمة، ملحق ديوانه (1862)، تحقيق: عبد القدوس، وانظره في الكتاب (3/ 341)، وأساس البلاغة:"عين"، وابن يعيش (5/ 151)، والمحتسب (1/ 134)، (2/ 236)، والتصريح (2/ 329).
(3)
انظر بعض هذه الأبيات في ديوان ابن مقبل، ذيل الديوان (19)، وديوان ذي الرمة، ملحق الديوان (1862).
الإعراب:
قوله: "وكيف" للتعجب هاهنا وإن كان فيه معنى الاستفهام، قوله:"لنا": خبر مبتدأ محذوف تقديره: وكيف لنا التلذذ بالشراب، والباء تتعلق بذلك المقدر، قوله:"إن" للشرط، و "لم تكن لنا دراهم": جملة وقعت فعل الشرط، والجواب محذوف دل عليه الكلام السابق، وقوله:"دراهم": اسم لم تكن، وقوله:"لنا" مقدمًا خبره، وقوله:"عند الحانوي": كلام إضافي نصب على الظرف، قوله:"ولا نقد" بالرفع عطف على قوله "دراهم".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "الحانوي" فإنها نسبة إلى الحانية تقديرًا، وقلبت الياء فيه واوًا؛ كما يقال في النسبة إلى القاضي: قاضوي، والأصل فيه أن الياء إذا وقعت رابعة تحذف، وقد تقلب واوًا ويفتح ما قبلها كما في المثال المذكور.
قال النحاس: قال سيبويه [والوجه: الحاني، وإنما صار الوجه ما قال سيبويه]
(1)
؛ لأنه منسوب إلى الحانة، والحانة بيت الخمار، وإنما جاز أن يقال: حانوي لأنه بني واحده على فاعلة؛ من حنى يحنو إذا عطف
(2)
، قال الشيخ أثير الدين: قياس كل منقوص زائد على ثلاثة أحرف حَذْف يائه، فإذا كان رباعيًّا نحو: قاضٍ ومُغْزٍ اسم رجل فإنه قيل: يجوز فيه الحذف، وهو القياس، واختير فيه وجه ثان وهو أن يقال: قاضوي ومغزوي، قال الشاعر:
فكيف لنا بالشُّربِ ......
…
................... إلخ
الشاهد السادس عشر بعد المائتين والألف
(3)
،
(4)
وليس بِذِي رُمْحٍ فيطعنَنِي به
…
وليس بذِي سَيفٍ وليس بنبَّال
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وهو من قصيدة طويلة من الطويل، ذكرناها
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
قال سيبويه: "وقال الخليل من قال في: يثرب يثربي، وفي تغلب تغلبي ففتح مغيرًا، فإنه إن غير مثل يرمي على ذا الحد قال: يرموي كأنه أضاف إلى يرمَى، ونظير ذلك قول الشاعر (البيت) والوجه: الحاني". الكتاب (3/ 340، 341)، وينظر شرحه للرماني (87 - 89)، تحفيق د. رمضان الدميري (صرف).
(3)
ينظر ابن الناظم (804)، ط. دار الجيل، وتوضيح المقاصد (5/ 152)، وأوضح المسالك ومعه مصباح السالك (4/ 341).
(4)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة لامرئ القيس تعدل المعلقة في الجودة وكثرة الشواهد النحوية والبلاغية، وانظرها في الديوان (27)، ط. دار المعارف، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (3/ 383)، والمقتضب (3/ 162)، =
فيما مضى، أولها هو قوله
(1)
:
ألا عِمْ صَبَاحًا أَيُّهَا الطَّلَلُ الْبَالِي
…
وَهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كَانَ فيِ العُصُرِ الخَالِي
إلى أن قال:
أيَقْتُلُنِي وَالْمَشْرَفِيُّ مُضَاجِعِي
…
وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأَنْيَابِ أَغْوَالِ
وليس بذي رمحٍ ...........
…
...................... إلخ
أراد بقوله: "وليس بذي رمح" ليس بفارس، وقوله:"وليس بذي سيف" أي: بصاحب سيف؛ يعني: ليس بنافع لا فارسًا ولا راجلًا، قوله:"وليس بنبال" أي: ليس برامي النبل.
قال الرياشي: النبال هاهنا ليس بجيد؛ لأن النبال هو الذي يعمل النبل أو يبيعها، والذي رمي بها هو النابل
(2)
، وقال أبو حاتم: قد يجيء مثل هذا؛ كقولهم: سياف؛ أي: يضرب بالسيف، وزراق، أي: يزرق بالمزراق
(3)
.
الإعراب:
قوله
(4)
: "وليس" الضمير المستتر فيه اسمه، وقوله:"بذي رمح" خبره، والباء فيه زائدة، قوله:"فيطعنني" بالنصب لأنه جواب النفي، وهو جملة من الفعل والفاعل والمفعول.
قوله: "به": جار ومجرور في محل النصب على المفعولية، والباء فيه للاستعانة، قوله:"وليس بذي سيف": عطف على قوله: "وليس بذي رمح"، وإعرابه كإعرابه، وكذلك قوله:"وليس بنبال".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "وليس بنبال" فإنه على وزن فعَّال بالتشديد، بمعنى: صاحب نبل، فاستغنى بهذا الوزن عن ياء النسب، وبهذا يجاب عن قوله تعالى:{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]، فإن ظلام هاهنا بمعنى: ذي ظلم، وليست الصيغة للمبالغة هاهنا؛ إذ لا يلزم من نفي الظلام نفي
= وشرح المفصل (6/ 14)، وشرح الأشموني (4/ 200).
(1)
ينظر الشاهد رقم (34).
(2)
قال الرماني: "فهذا بين في أنه يريد معنى: نابل؛ إلا أنه وضع نبّالًا موضع نابل -وما تقدم من الكلام يقتضيه- كأنه قال: ليس بذي سيف، وليس بذي نبل". شرح كتاب سيبويه (1/ 261)، تحقيق: الدميري (صرف)، وينظر النسب في العربية (143)، د. أمين سالم.
(3)
ينظر شرح الشافية (2/ 84) وما بعدها.
(4)
سقط في (ب).
الظالم. فافهم
(1)
.
الشاهد السابع عشر بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
لَسْتُ بِليْلِيٍّ ولكني نَهِرْ
…
لا أُدْلِجُ الليلَ ولكن أبتكِرْ
أقول: أنشده سيبويه ولم يعزه لأحد، وبعده
(4)
:
متى أرى الصبح فإني أنتشر
…
..............................
قوله: "لست بليليّ" أي: لست بعامل في الليل، وفي رواية الجوهري:
إِنْ كُنتَ لَيْلِيًّا فَإِنِّي نَهِرْ
…
........................
(5)
و"نهر" بفتح النون وكسر الهاء؛ أي: صاحب نهار، أي: عامل بالنهار.
قوله: "لا أدلج": من أدلج القوم إذا ساروا من أول الليل، والاسم: الدَّلَج بالتحريك، والدُّلجة، والدَّلجة مثل: بُرْهة من الدهر، وبَرهة، فإن ساروا من آخر الليل يقال: ادّلجوا بتشديد الدال، قوله:"أبتكر": من الابتكار وهو الأخذ بأول الأشياء.
الإعراب:
قوله: "بليليٍّ": خبر ليس، واسمه الضمير المتصل به، و "لكني نهر": جملة معطوفة على الجملة الأولى، قوله:"لا أدلج الليل": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، وهي في الحقيقة
(1)
قال ابن الحاجب: "وكثر مجيء: فعّال في الحِرَف كبتَّات، وعوَّاج، وثوَّاب، وجمَّال". الشافية بشرح الرضي (2/ 84).
(2)
ابن الناظم (805)، وتوضيح المقاصد (5/ 154)، وأوضح المسالك ومعه مصباح السالك (4/ 342)، وشرح ابن عقيل (4/ 168).
(3)
البيت من بحر الرجز المشطور، وهو دون نسبة في الكتاب (3/ 384)، والمقرب (2/ 55)، والتصريح (2/ 337).
(4)
الصحاح مادة: "نهر"، وروايته:
متى أرى الصبحَ فلا أنتظرْ
…
................................
(5)
الصحاح مادة: (نهر)، وفي اللسان مادة:"نهر"، ورجل نهر: صاحب نهار على النسب؛ كما قالوا: عمِل، وطعِم، وسَتِةَ، قال:(لست بليلي ولكني نهر) قال سيبويه: "قوله: بليلي يدل على أن نهِرًا على النسب حتى كأنه قال: نهاري، ورجل نهر، أي؛ صاحب نهار يغير فيه، قال الأزهري: وسمعت العرب تنشد:
إن تك ليليًّا فإني نَهِر
…
متى أرى الصبح فلا أنتظر
قال: ومعنى نهر، أي: صاحب نهار لست بصاحب ليل، وهذا الرجز أورده الجوهري: إن كنت ليليًّا فإني نهر، "قال ابن بري: البيت مغير، قال: وصوابه على ما أنشده سيبويه:
لست بليلي ولكني نهر
…
لا أدلج الليل ولكن أبتكر".
تكشف معنى الجملة الأولى، فتكون من الصفات الكاشفة، قوله:"ولكن أبتكر" أصله: ولكني أبتكر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "نهر" فإنه استغنى بهذا الوزن عن ياء النسب، لأنه يستغنى عن ياء النسب بفَعِل بمعنى: صاحب؛ كما يقال: رجل طَعِم؛ أي: ذو طعام، ومنه قوله تعالى:{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] أي: بذي ظلم
(1)
.
الشاهد الثامن عشر بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
أَلا يا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعان
…
أَمَلَّ عليها بالبِلَى المَلَوَانِ
أقول: قائله هو تميم بن مقبل
(4)
شاعر مجيد فائق، ونسبه ابن هشام إلى خلف الأحمر
(5)
، وهو غير صحيح، وبعده
(6)
:
2 -
أَلَا يَا دِيَارَ الحَيِّ لَا هَجْرَ بَيْنَنَا
…
ولَكِنَّ رَوْعَاتٌ مِنَ الحدثَانِ
3 -
نَهَارٌ ولَيلٌ دَائِبٌ مَلَوَاهُمَا
…
عَلَى كُلِّ حَالِ النَّاسِ مُخْتَلِفَانِ
وهي من الطويل، وعروضه محذوفة لكونه مصرعًا.
قوله: "بالسبعان" بفتح السين المهملة وضم الباء الموحدة، وهو اسم موضع، قوله "أملَّ" من أمللت الكتاب، قال الجوهري: أمليت الكتاب أملي وأمللته أمله، جيدتان جاء بهما القرآن الكريم
(7)
، و"البِلَى" بكسر الباء الموحدة، مصدر بلي الثوب إذا خلق، و "الملوان": الليل والنهار.
(1)
ينظر الكتاب (3/ 284)، والتصريح بمضمون التوضيح (2/ 337)، والأشموني (4/ 201).
(2)
أوضح المسالك وبحاشيته مصباح السالك (4/ 331).
(3)
البيت من بحر الطويل، مطلع قصيدة لمتمم بن مقبل، يورد فيها قصة النجاشي في الفخر، انظر ديوان ابن مقبل (335)، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (4/ 259)، وشرح أبيات سيبويه (2/ 422)، والتصريح (2/ 329)، ونسب لابن أحمر في شرح الأشموني بحاشية الصبان (4/ 309)، والخزانة (7/ 302).
(4)
هو تميم بن مقبل، من الشعراء المخضرمين الذين عاشوا في الجاهلية والإسلام، وكان شاعرًا مطبوعًا، عمر طويلًا، (ت 37 هـ).
(5)
الذي في أوضح المسالك دون نسبة.
(6)
البيت لابن مقبل في ديوانه (335) تحقيق: د. عزة حسين، دمشق (1992 م)، وانظر الخزانة (7/ 304).
(7)
قال اللَّه تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: 282]، وقال:{فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282]، وقال أيضًا:{فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرتان: 5].
الإعراب:
قوله: "ألا" للتنبيه، وقوله:"يا ديار الحي" يا: حرف نداء، وديار الحي؛ منادى مضاف منصوب، والنداء في الحقيقة لأهل الدار الذين رحلوا ومضوا، وقوله:"بالسبعان" في محل النصب على الصفة؛ أي: الكائنة بالسبعان، قوله:"أَمَلَّ" فعل، وقوله:"الملوان": فاعله، و"عليها" في محل النصب مفعوله، وقوله:"بالبلى" يتعلق بأمل، والجملة حالية بتقدير: قد.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بالسبعان" فإنه في الأصل تثنية: سبع، والشاعر أجراه مجرى سلمان؛ إذ لو أجراه مجرى التثنية لقال: بالسبعين
(1)
.
الشاهد التاسع عشر بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
ولستُ بنحويٍّ يلُوكُ لسانَهُ
…
ولكنْ سَلِيقِيٌّ أقولُ فأُعْرِبُ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
قوله: "بنحويّ" أي: منسوب إلى علم النحو، قوله:"يلوك": من لاك يلوك، يقال: لكت الشيء في فمي إذا علكته، قوله:"سليقي": نسبة إلى السليقة، وهي الطبيعة، يقال: فلان يتكلم بالسليقة؛ أي: بطبعه لا عن تعلم، فالسليقي من يتكلم بسليقته معربًا من غير تعلم.
الإعراب:
قوله: "ولست" التاء فيه اسم ليس، وقوله:"بنحوي" خبره، والباء زائدة للتأكيد، قوله:"يلوك": جملة من الفعل والفاعل، و "لسانه": مفعوله، والجملة في محل الجر على الوصفية.
قوله: "ولكن سليقيّ" لكن للاستدراك، وسليقي: خبر مبتدأ محذوف، أي: ولكن أنا سليقي، قوله:"أقول": جملة وقوله: "فأعرب": جملة أخرى عطف عليها، والجملتان كاشفتان معنى:"سليقي".
(1)
ذكر البيتَ الأشموني ضمن مسائل تبدل فيها الياء واوًا لانضمام ما قبلها، فقال: "والثالثة: أن تكون لام اسم مختوم بالألف والنون؛ كأن تبنى من الرمي مثل سبعان اسم الموضع الذي يقول فيه ابن أحمر (البيت) ينظر (4/ 309) وينظر معه: الكتاب (4/ 259).
(2)
توضيح المقاصد (5/ 135).
(3)
البيت من بحر الطويل، لقائل مجهول، وهو في الفخر بالكلام والفصاحة، وانظره في شرح التصريح (2/ 331)، وشرح شافية ابن الحاجب (2/ 28).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "سليقي" فإن القياس فيه: سلَقِيّ بدون الياء، فإنه نسبة إلى: سليقة، وهي فعيلة، وفي النسبة إلى: فَعِيلة، وفُعَيْلة تحذف الياء والهاء؛ كما تقول في حنيفة: حَنَفِيّ، وفي جُهَيْنة: جُهَنِيّ، ولكنه جاء على غير القياس
(1)
.
* * *
(1)
قال الرماني في شرح الكتاب: "الذي يجوز في النسب إلى: فَعيلة، وفُعَيلة حذف الياء وتغييره إلى: فَعَلِيّ وفُعَليّ؛ لأنك إذا حذفت الياء بقيت العين مكسورة في زنة: فَعِل، فصار مثل النمر، ولزمه ما لزم فعِل من الفتح على قياس مطرد .... والنسب إلى ربيعة: ربَعي، وإلى حنيفة: حَنَفِيّ
…
وإلى جُهَيْنة: جُهَنِيّ .... فهذا القياس المطرد وما خرج عنه فهو شاذ". (1/ 73، 74)(صرف).
شواهد الوقف
الشاهد العشرون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
ألَا حَبَّذَا غُنْمٌ وحُسْنُ حديثها
…
لقد تَركتْ قلبي بها هائِمًا دَنِفْ
أقول: هو من الطويل.
قوله: "غنم" بضم الغين المعجمة وسكون النون، وهو اسم امرأة، و"الهائم": من هام على وجهه يهيم هيمًا وهيمانًا من العشق، أو غيره، و"دنف" بفتح الدال وكسر النون؛ صفة مشبهة من الدنف بفتح النون وهو المرض الملازم.
الإعراب:
قوله: "ألا" للتنبيه، و "حبذا" كلمة مدح؛ فحبَّ فعل، وذا فاعله، و "غنم" هو المخصوص بالمدح، وقد اختلف في إعرابه، فقيل: حبذا مبتدأ، وغنم خبره، قلت: هذا لا يتمشى إلا على قول من يقول: إن الغالب على حبذا الاسمية
(3)
.
وقيل: "غنم" بدل من"ذا"؛ كأنه قال: حب غنم، وقيل: غنم خبر مبتدأ محذوف؛ كأنه قيل: لما قيل حبذا من المحبوب، فقيل: غنم، أي: هي غنم، وقيل: غنم مبتدأ، وحبذا مقدمًا خبره، وقد أغنى اسم الإشارة غناء الضمير فيمن جعله جملة، وفيمن جعله اسمًا مفردًا فلا إشكال.
(1)
ابن الناظم (808).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو في الغزل والعشق، وهو لقائل مجهول، وانظره في شرح قطر الندى (328)، والهمع (2/ 205)، والدرر (6/ 296)، والمعجم المفصل (563) وروايته:"وحسن حديثها".
(3)
هي مسألة خلاف بين البصريين والكوفيين ذكرها الأنباري مطولة في الإنصاف مسألة (14)، وينظر معه شرح ألفية ابن معطٍ (967) للدكتور: علي موسى الشوملي؛ نشر مكتبة الخريجي.
قوله: "وحسن حديثها": كلام إضافي عطف على ما قبله، قوله:"لقد تركت": جملة فعلية من الفعل والفاعل، وهو الضمير المستتر الراجع إلى غنم، وكل واحدة من اللام وقد للتأكيد، قوله:"قلبي": كلام إضافي مفعول تركت، قوله:"بها" يتعلق بقوله: "هائمًا"، والباء للسببية، أي: هائمًا بسببها، و "هائمًا ودنفًا": حالان من قلبي إما متداخلان، وإما مترادفان.
الشاهد فيه:
في قوله: "دنف" فإنه بسكون الفاء، والقياس فيه: دنفًا، ولكن ربيعة يقولون في الوقف: رأيت زيد، بالتسكين
(1)
.
الشاهد الحادي والعشرون بعد المائتين وألف
(2)
،
(3)
يا رُبّ يومٍ لي لا أُظَلِّلُهْ
…
أُرْمِض مِن تحتُ وأُضْحَى من عَلُهْ
أقول: قائله هو أبو ثروان، وهو من الرجز المسدس.
قوله: "لا أظلَّله" على صيغة المجهول؛ من الظل، والمعنى: رب يوم لا أجعل في ظل فيه أصير كذا وكذا.
قوله: "أرمض" على صيغة المجهول؛ من رمضت قدمه إذا احترقت من شدة الرمضاء، وهي الأرض التي تقع عليها شدة حرارة الشمس، قوله:"وأضحى" على صيغة المجهول -أيضًا- من ضحيت الشمس ضحاء ممدودًا إذا برزت، وضحيت بالفتح ضحاء مثله، والمستقبل أضحى في اللغتين جميعًا.
الإعراب:
قوله: "يا رب يوم" كلمة: [يا]
(4)
للمناداة، والمنادى محذوف تقديره: يا قوم رب يوم،
(1)
قال الرضي: "ويجوز في كل متحرك إلا المنصوب المنون، فإن اللغة الفاشية فيه قلب التنوين ألفًا، وربيعة يجيزون إجراءه مجرى المرفرع والمجرور". شرح الشافية (2/ 272)، وينظر الوقف بين النحويين والقراء، د. عبد المعطي سالم (68) وما بعدها.
(2)
ابن الناظم (812)، وتوضيح المقاصد (5/ 182).
(3)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وقد اختلف في قائلهما، فقيل: لأبي ثروان، وقيل: لأبي الهجنجل، وانظرهما في ابن يعيش (4/ 87)، والمغني (1/ 154)، وأمالي ثعلب (498)، والتصريح (2/ 346)، وشرح شواهد المغني (1/ 448)، والدرر (3/ 97).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
وإما للتنبيه؛ لأنها دخلت على ما لا يصلح للنداء، ويوم مجرور برب، وقوله:"لي" في محل الجر صفة ليوم.
قوله: "لا أظلله" أي: لا أظلل فيه، وهي جملة من الفعل والمفعول النائب عن الفاعل
(1)
في موضع النصب على الحال، قوله:"أرمض" فعل، والمضمر فيه مفعول ناب عن الفاعل، قوله:"من تحت" أصله: من تحتي بالإضافة إلى ياء المتكلم، فلما قطع عن الإضافة بني على الضم
(2)
.
قوله: "وأضحى" كذلك فعل، والضمير فيه ناب عن الفاعل، قوله:"من عله" بفتح العين وضم اللام وسكون الهاء.
قال أبو علي: الهاء في: "من عله" مشكلة؛ لأنها لا تخلو من أن تكون ضميرًا أو هاء سكت، فلو كانت هاء الضمير لوجب أن يقال: من علِه بالجر؛ لأن الظرف لا يبنى في حال إضافته، ولا تكون هاء السكت؛ لأن هاء السكت لا تدخل معها ولا يبنى بها حركة بناء تشبه حركة المعرب؛ ولذلك لا تدخل على الماضي لمضارعته المضارع، وحركة هذا الضرب من المبنيات تجري مجرى حركة المعرب
(3)
.
وأجاب ابن الخشاب فقال: الهاء بدل من الواو، والأصل: علو، فأبدلوا الواو هاء؛ كما أبدلوا الواو هاء في: يا هناه، والأصل: يا هناو، ولأنه فعال من: هنوك، ومنه قولهم: عاملته مساناة ومسانهة؛ فالهاء في مسانهة بدل من الواو؛ لأن مساناة لامه واو؛ كقولهم: سنوات
(4)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لا أظلله"، والقياس فيه: لا أظلل فيه، فحذف الجار توسعًا؛ هذا ما ذكره ابن الناظم
(5)
، وأما ابن هشام وابن أم قاسم فإنهما استشهدا بالشطر الأخير في قوله "من عله" فإن هاء السكت دخل فيه، والحال أن بناءه عارض.
(1)
في الأصل (أ، ب): جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقد سبق في الشرح أن الفعل على صيغة المجهول.
(2)
ينظر ابن الناظم (401، 402).
(3)
ينظر شرح شواهد المغني (448).
(4)
السابق نفسه (449).
(5)
ينظر شرح الأشموني (4/ 218).
الشاهد الثاني والعشرون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
إنك يا ابنَ جَعْفَرٍ نِعْمَ الفتى
…
..........................
أقول: قائله هو الشماخ، واسمه معقل بن ضرار، وبعده
(3)
:
2 -
...........................
…
ونِعمَ مَأْوَى طارق إذَا أَتَى
3 -
وَرُبَّ ضَيْفٍ طَرَقَ الحيَّ سُرَى
…
صادفَ زادًا وحديثًا ما اشْتَهَى
4 -
إن الحديثَ طرفٌ مِن القِرَى
…
ثم اللَّحَافُ بَعْدَ ذَاكَ فِي الذَّرَى
وهو من مشطور الرجز، والقافية هنا تجمع بين المتراكب والمترادف والمتكاوس
(4)
.
قوله: "إنك يا ابن جعفر" يخاطب به عبد اللَّه بن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهم، قوله:"طرق الحي سرى" أي: ليلًا؛ لأن السَّرى لا يكون إلا ليلًا، قوله:"في الذرى" بفتح الذال المعجمة، وهو الكنف.
الإعراب:
قوله: "إنك" الكاف اسم إن، قوله:"نعم الفتى" خبره، وقوله:"يا ابن جعفر": جملة ندائية معترضة، قوله:"سرى": موضع ظرف، واسم الزمان محذوف معه، وهو كقولك: جئتك مقدم الحاج، أي: وقت قدوم الحاج.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "نعم الفتى" فإن الفتى قبل دخول الألف واللام عليه منون، وهو مقصور، والمنون المقصور يوقف عليه بالألف نحو: رأيت فتى، وفي هذه الألف ثلاثة مذاهب
(5)
:
الأول: أنها بدل من التنوين في الأحوال الثلاثة، وهو مذهب أبي الحسن
(6)
، والفراء والمازني.
(1)
توضيح المقاصد (5/ 257).
(2)
البيت من الرجز المشطور، من مقطوعة عدتها ستة أبيات، للشماخ بن ضرار، في مدح عبد اللَّه بن جعفر الصادق، ديوانه (464)، ط. دار المعارف، وانظر الشاهد في شرح الأشموني (4/ 205).
(3)
ديوان الشماخ (465)، تحقيق: صلاح الدين الهادي، دار المعارف، بمصر، وانظرها أيضًا في شرح الحماسة للمرزوقي (4/ 1750).
(4)
المتكاوس: كل قافية وجد بين ساكنيها أربع متحركات (متعلن)، والمتراكب: هو كل قافية وجد بين ساكنيها ثلاث متحركات (مستعلن)، والمترادف: كل قافية التقى ساكناها.
(5)
راجع شرح الأشموني (4/ 204).
(6)
جاء في معاني القرآن للأخفش (1/ 79)، تحقيق: هدى قراعة: "فأما قوله: {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} [الأحزاب: 67]، =
والثاني: أنها الألف المنقلبة في الأحوال الثلاثة، وأن التنوين حذف، فلما حذف عادت الألف، وهو مذهب الكوفيين، وروي عن أبي عمرو والكسائي، وإليه ذهب السيرافي وابن كيسان وابن مالك في الكافية، وقال في شرحها: ويقوي هذا المذهب ثبوت الرواية بإمالة الألف وقفًا والاعتداد بها رويًّا
(1)
، وقال ابن أم قاسم: مثال الاعتداد بها قول الراجز:
إِنَّكَ يَا ابْنَ جَعْفَرٍ نِعْمَ الفَتَى
…
.........................
(2)
إلى قوله:
وَرُبَّ ضَيفٍ طَرَقَ الحَيَّ سُرَى
…
..........................
الثالث: اعتباره كالصحيح؛ فالألف في النصب بدل من التنوين، وفي الرفع والجر بدل من لام الكلمة، وهو مذهب سيبويه
(3)
، ومعظم النحاة، وإليه ذهب أبو علي الفارسي -رحمه اللَّه تعالى-
(4)
.
الشاهد الثالث والعشرون بعد المائتين والألف
(5)
،
(6)
ألا أَذِّنْ فما أَذْكَرْتَ ناسي
…
...............................
أقول: قائله هو أحمد بن الحسين المتنبي، وتمامه:
.........................
…
ولَا لَيَّنْتَ قَلْبًا وَهُوَ قاسي
وبعده:
وَلَا شُغِلَ الأَمِيرُ عَنِ المَعَالِي
…
ولَا عَنْ حَقِّ خَالِقِهِ بِكَاسِي
وكان سيف الدولة بن حمدان يشرب فأذن المؤذن، فوضع سيف الدولة القدح من يده، وقال المتنبي البيتين المذكورين، وهما من الوافر. المعنى ظاهر.
= فثبتت فيه الألف لأنها رأس آية؛ لأن قومًا من العرب يجعلون أواخر القوافي إذا سكتوا على مثل حالها إذا وصلوها، وهم أهل الحجاز".
(1)
شرح الكافية الشافية لابن مالك (1983).
(2)
انظر شرح الألفية للمرادي (5/ 157).
(3)
الكتاب (4/ 181) وما بعدها.
(4)
شرح الشافية للرضي (2/ 283) وما بعدها.
(5)
توضيح المقاصد (5/ 161).
(6)
البيتان من بحر الوافر، وهما للمتنبي، قالهما في المناسبة التي ذكرها الشارح، ولا ثالث لهما، وانظرهما في شرح ديوان المتنبي للعكبري (2/ 185)، مصطفى الحلبي (1956 م).
الإعراب:
قوله: "ألا" للتنبيه، وقوله:"أذن": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"فما أذكرت" الفاء لربط الجواب، و"فما أذكرت": جملة من الفعل والفاعل، وقد دخل عليها حرف النفي، وقوله:"ناسي" مفعول: أذكرت.
والاستشهاد فيه:
في قوله: "ناسي" لأن القياس فيه: ناسيًا، وهذا للتمثيل، وإلا فالمتنبي لا يحتج به
(1)
.
الشاهد الرابع والعشرون بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
.......................
…
رهطُ مَرْجومٍ ورهْطُ ابنِ المُعَل
أقول: قائله هو لبيد بن ربيعة العامري، وصدره:
وَقَبِيلٌ من لُكَيْزٍ حاضِرٌ
…
............................
وهو من الرمل.
قوله: "قبيل" أي: قبيلة، [وقوله]"من لكيز" بضم اللام وفتح الكاف وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره زاي معجمة، وهو: لكيز بن أقصى بن عبد القيس.
قوله: "حاضر" أي: شاهد، ويروى هكذا أيضًا، قوله:"رهط مرجوم" بالجيم، قال أبو عبيدة: سمي بذلك؛ لأنه فاخر رجلًا عند النعمان، فقال له النعمان: رجمك بالشرف، فسمي مرجومًا، واسمه فلان، وأما الذي ورد في شعر خالد بن معاوية بن سنان السعدي
(4)
:
دُومُوا بَنِي غُنْمٍ ولَنْ تَدُومُوا
…
لَنَا ولَا سَيِّدُكُمْ مَرْحُومُ
فإنما هو بالحاء المهملة على أنه قال: ما أدري صحته.
(1)
انظر الكلام الذي يستشهد به في خزانة الأدب (1/ 6)، ط. هارون.
(2)
توضيح المقاصد (5/ 164).
(3)
هو عجز بيت من بحر الرمل، ذكر الشارح صدره، وهو للبيد بن ربيعة العامري، من قصيدة في الحكم، والموعظة، ومطلعها:
إن تقوى ربنا خير نفل
…
وتأذن الله ريثي والعجل
وانظر بيت الشاهد في الكتاب (4/ 188)، وشرح شواهد الشافية (207)، والممتع (622)، والمحتسب (1/ 342) والمقرب (2/ 29)، والخصائص (2/ 293)، والدرر (6/ 245)، وديوانه (134)، بشرح الطوسي، سلسلة (شعراؤنا) و (199) د. إحسان عباس.
(4)
البيت من بحر الرجز، وهو لخالد بن معاوية بن سنان السعدي؛ كما ذكره الشارح.
الإعراب:
قوله: "وقبيل" مبتدأ، و"من لكيز" صفته، أي: قبيل كائن من لكيز، و"حاضر" خبره، وقوله:"رهط مرجوم" بالرفع بدل من قبيل، أو عطف بيان، قوله:"رهط ابن المعل": عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ابن المعل" حيث حذف التشديد والألف فيه في الوقف؛ لأن أصله: المعلى، وهذا شاذ؛ لأن المقصور غير المنون إذا وقف عليه لم تحذف ألفه ولم يغير، وقد حذف الشاعر هنا للضرورة وهو شاذ.
(1)
.
الشاهد الخامس والعشرون بعد الماتئين والألف
(2)
،
(3)
لَقَدْ خَشِيتُ أنْ أرى جَدَبَّا
…
مثلَ الحريق وافَقَ القصبَّا
أقول: قائله هو رؤبة على ما ذكره في الكتاب، وليس بموجود في ديوانه، ونسبه أبو حاتم في كتاب الطير لأعرابي، وقال ابن يسعون: هذا لربيعة بن صبح فيما زعم الجرمي، وهو من قصيدة مرجزة، وأولها هو قوله
(4)
:
1 -
لقد خشيتُ أَنْ أَرَى جَدَبَّا
…
في عَامِنَا ذَا بَعْدَمَا أخْصَبَّا
2 -
إنَّ الدَّبا فوقَ المتون دبَّا
…
وَهَبَّتِ الرِّيحُ بِمُورٍ هَبَّا
3 -
تَتْرُكُ مَا أبْقَى الدَّبَّا سَبْسَبَّا
…
كَأَنَّهُ السَّيْلُ إذَا اسْلَحَبَّا
4 -
أوْ كالحَرِيقِ وَافَقَ القَصَبَّا
…
والتِّبْنَ والحَلْفَاءَ فالْتَهَبَّا
5 -
حَتَّى تَرَى البُوَيزلَ الأَرْزَبَّا
…
مِنْ عَدَمِ المَرْعَى قَدْ اقْرَعَبَّا
6 -
تبًّا لأَصْحَابِ الشَّويِّ تَبَّا
(1)
شرح الأشموني (4/ 204).
(2)
ابن الناظم (813)، وتوضيح المقاصد (5/ 168)، وأوضح المسالك (4/ 360) وبهامشه مصباح السالك.
(3)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وقد نسبا إلى رؤبة وإلى غيره، ولكنهما في ديوان رؤبة (169)، وانظرهما في شرح شافية ابن الحاجب (2/ 318)، والتصريح (2/ 346)، والخزانة (6/ 138)، وابن يعيش (3/ 94).
(4)
انظر الأبيات المذكورة في ديوان رؤبة بن العجاج، مجموع أشعار العرب (169)، وهي فيه أبيات مفردة نسبت له ولغيره، تحقيق: وليم بن الورد، بغداد.
1 -
قوله: "جدبّا" بتشديد الباء، وهو نقيض الخصب، وقوله:"أخصبا" بتشديد الباء؛ ماضٍ من الخصب.
2 -
و "الدّبّا" بفتح [الدال]
(1)
والباء الموحدة، وهي صغار الجراد، وأراد بـ "المتون": ظهور الأرض، قوله:"دبّا": من الدبيب، والألف فيه للإطلاق، قوله:"بمور" بضم الميم وسكون الواو وفي آخره راء، وهو الريح والغبار.
3 -
قوله: "سبسبَّا" بسينين مهملتين بين بائين موحدتين، وهو القفر الذي لا شيء فيه، قوله:"اسلحبَّا": من اسلحباب النار، وهو انتشارها في القصب، أو الحلفاء، أو التبن.
5 -
قوله: "البويزل": مصغر بازل وهو من الإبل ما فطر نابه، و "الأرْزَبّ" بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الزاي، ومعناه: الشديد، قوله:"اقرعبّا" معناه: تقبض من الهزال
(2)
.
قوله: "تبًّا" أي: خسرانًا وهلاكًا لأصحاب الشويّ، أراد: أصحاب الشاء؛ لأنها أقل احتمالًا للشدة.
الإعراب:
قوله: "لقد" اللام للتأكيد، وقد للتحقيق، و "خشيت": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"أن أرى" في محل النصب على المفعولية، وأرى من رؤية البصر، فلهذا اقتصر به على مفعول واحد، وهو قوله:"جدبَّا"، قوله:"مثل الحريق" هكذا هو في رواية [لسيبويه.
وفي رواية أبي علي: "أو كالحريق" بالعطف على ما ذكرنا، وانتصاب مثل هذا على رواية]
(3)
سيبويه على أنه حال من ضمير السيل الذي في: اسلحب، أي: هذا الجراد في انتشاره وسرعة مرِّه كالسيل إذا امتد وانتشر سريعًا مثل الحريق، أي: النار في القصب والتبن والحلفا.
ويجوز أن يكون انتصابه على أنه صفة لمصدر محذوف، أي: اسلحب اسلحبابًا مثلَ الحريق، أي: مثل اسلحباب الحريق في الأشياء المذكورة، قوله:"وافق القصبا": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقعت حالًا من الحريق.
الاستشهاد فيه:
في تضعيف الباء في: "جدبَّا"، وكان القياس أن يقال: جدبًا، لكنه لا اضطر شددها، وللتضعيف في مثل هذا شروط:
(1)
سقط في (ب).
(2)
في (أ): نقيض من الهزال.
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
الأول: ألا يكون في آخره همزة.
والثاني: ألا يكون معتلًّا.
والثالث: أن يكون بعد متحرك.
والرابع: أن لا يكون منصوبًا منونًا.
فلذلك قيل: إن قوله: "جدبَّا" ضرورة، وأما قوله:"القصبَّا" فالقياس فيه أن يقال: القصب؛ لكنه اضطر فحرك في الوصل ما كان ساكنًا، وترك التضعيف على حاله في الوقف تشبيهًا للوصل بالوقف في حكم التضعيف. فافهم.
الشاهد السادس والعشرون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
فلوْ أَنَّ الأطِبَّا كانُ حَوْلِي
…
............................
أقول: ذكره ابن عصفور
(3)
، وغيره
(4)
، ولم أر أحدًا عزاه إلى قائله، وتمامه:
......................
…
وكان مع الأطبَّاءِ الأُساة
وبعده بيت آخر وهو:
إذًا مَا أَذْهَبُوا وَجْدًا بقَلْبِي
…
وإِنْ قيلَ الأُسَاةُ هُمُ الشُّفَاةُ
وهما من الوافر.
قوله: "الأطباء": جمع طبيب، و "الأساةُ" بضم الهمزة؛ جمع: آسٍ، وهو الجراح، قال الجوهري: الآسي: الطبيب، والجمع: أساة مثل: رام ورماة
(5)
.
الإعراب:
قوله: "فلو أن" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، ولو للشرط، و "أن" في محل الرفع على
(1)
توضيح المقاصد (5/ 173).
(2)
البيت مع تمامه من بحر الوافر، ومع قدمه وكثرة الاستشهاد به لكنه غير منسوب لأحد، وانظره في مجالس ثعلب (109)، ومعاني القرآن للفراء (1/ 89)، والإنصاف (385)، وابن يعيش (7/ 5)، وأسرار العربية (317)، وخزانة الأدب (5/ 229).
(3)
ضرائر الشعر لابن عصفور (119 - 127).
(4)
انظر معاني القرآن للفراء (1/ 89)، وتفسير الكشاف للزمخشري: عند قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1].
(5)
الصحاح للجوهري مادة: "أسا".
الفاعلية؛ لأن التقدير: لو ثبت أن الأطباء، و "الأطبا": اسم أن، وخبرها هو قوله:"كانُ بضم النون، أصله: كانوا، وقوله: "حولي": كلام إضافي ظرف، قوله: "وكان" عطف علي قوله: "كانُ"، وقوله: "الأساة": اسمه، و "مع الأطباء": خبره، وقوله: "إذًا ما أذْهبُوا" جواب لو فافهم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كانُ" بضم النون، فإن أصله: كانوا حولي، فحذفت الواو اكتفاء بضم النون وفيها استشهاد آخر وهو أنه قصر الممدود وهو قوله:"الأطبا"، فإن أصله: الأطباء بالهمزة لأنه جمع طبيب، وفعيل يجمع على أفعلاء كما بين في موضعه.
الشاهد السابع والعشرون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
مَنْ يأُتمِرْ لَلْخير فيما قصَدُهْ
…
يُحْمَدْ مَسَاعِيهِ ويُعْلَمْ رَشَدُهْ
أقول: لم أقف على اسم راجزه.
قوله: "من يأتمر" أي: من يباشر الخير فيما قصده تحمد مساعيه، وهو جمع مسعى بمعنى السعي، و "الرشد" بفتحتين؛ التهدي إلى طريق الصواب.
الإعراب:
[قوله]
(3)
"من" شرطية، و "يأتمر": جملة وقعت فعل الشرط، وقوله:"يحمد مساعيه جواب الشرط فلذلك جزم، وقوله: "للخير" يتعلق بقوله: "يأتمر"، و"ما" في: "فيما موصولة، و "قصده" جملة صلتها.
[قوله]
(4)
: "ويعلم" بالجزم -أيضًا- عطف على يحمد، وكلاهما مجهول، وقول "مساعيه، ورشده" كلامان إضافيان وقعا مفعولين نائبين عن الفاعل.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فيما قصدُهْ" بضم الدال؛ فإن قصده في الأصل بفتح الدال؛ لأنه فعل ماض.
(1)
توضيح المقاصد (5/ 173).
(2)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وهما لقائل مجهول، وهما في الحكم، وانظرهما في الهمع (2/ 208)، والدرر (6/ 304)، والمعجم المفصل (1146).
(3)
و
(4)
سقط في (ب).
قصد يقصد قصدًا، ولكنه لما وقف عليه نقل حركة الهاء إلى الدال وهي متحركة، وقد أجيب عن هذا بأنه يحتمل أن يكون أصله: قصدوه بواو الجمع حملًا على معنى من، ثم حذف الواو اكتفاء بالكسرة؛ كما في قوله:
................ كانُ حولي
…
..................
في البيت السابق
(1)
.
الشاهد الثامن والعشرون بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
ألامَ يقولُ الناعيانِ ألا مَهْ
…
ألا فَانْدُبَا أَهْلَ النَّدا والكَرَامَهْ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل، والبيت مصرع.
قوله: "الناعيان": تثنية ناعٍ وهو الذي يأتي بخبر الميت، وأراد بـ" الندا" الفضل والعطاء.
الإعراب:
قوله: "ألا" للتنبيه، قوله:"م" أصلها: ما، وهي في محل الرفع على الابتداء، واعلم أنه لا ضرورة في حذف الألف هاهنا؛ لأن بقاءها لا يضر الوزن على ما لا يخفى، ولا هي مجرورة بحرف الجر حتى تحذف.
وقوله: "يقول" فعل، و "الناعيان": فاعله، والجملة في محل الرفع على الخبرية، وقوله:"ألا" أيضًا للتنبيه، وقوله:"فاندبا": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"أهل الندا": كلام إضافي مفعوله، وقوله:"والكرامة": عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ألا مه" فإن الألف فيه قد حذفت في "ما" الاستفهامية مع أنها غير مجرورة، وذلك لأجل الضرورة؛ لأنه أراد أن يصرع البيت، فلم يمكنه ذلك إلا بإدخال هاء السكت في آخرها.
وقد علم أنه إنما يجب حذف ألف "ما" الاستفهامية إذا جرت، وتبقى الفتحة دليلًا عليها؛ كما في قولك: فيمَ وإلامَ، ومنه قوله تعالى:{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] أصله: عن ما يتساءلون، فأدغمت
(1)
ينظر الشاهد السابق (1225).
(2)
توضيح المقاصد (5/ 179).
(3)
البيت من بحر الطويل، وهو مطلع قصيدة لكن القصيدة وصاحبها مجهولان، وانظره في شرح الأشموني (4/ 216)، وهمع الهوامع (2/ 217)، والدرر اللوامع (6/ 318).
النون في الميم وحذفت الألف فصار: عمّ، وعلة حذف الألف: الفرق بين الاستفهام والخبر.
فلهذا حذفت في نحو: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات: 43]، {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 35]، {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2]، وثبتت في:{لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 14]، {يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [البقرة: 4]، {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75].
فإن قيل: قد قرأ عكرمة، وعيسى
(1)
: (عمَّا يتساءلون).
قلت: هذا نادر
(2)
.
الشاهد التاسع والعشرون بعد المائتين والألف
(3)
،
(4)
عَلَى ما قامَ يَشْتِمُنِي لئيمٌ
…
كخِنْزيرٍ تَمَرَّغَ في رَمادِ
أقول: قائله هو حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، يقوله لبني عائذ بن عمرو بن مخزوم، ونسبه بعضهم لجرير وهو غلط، وهو من قصيدة دالية، من الوافر، وأولها هو قوله
(5)
:
1 -
فإنْ تَصْلُحْ فإنكَ عائِذِيٌّ
…
وصُلحُ العائذِي إلى فسادِ
2 -
وإنْ تَفْسُدْ فما أُلْفِيتَ إلَّا
…
بَعِيدًا مَا عَلِمْتَ منَ السَّدادِ
3 -
وتَلْقَاهُ على ما كان فِيهِ
…
مِنَ الهَفَوَاتِ أوْ نُوكِ الفُؤَادِ
4 -
مُبِينَ الغَيِّ لا يَعْيَا عليهِ
…
ويَعْيَا بَعْدُ عنْ سُبُلِ الرَّشَادِ
(1)
هو عيسى بن عمر أبو عمر الثقفي النحوي البصري معلم النحو ومؤلف الجامع والإكمال (ت 149 هـ)، ينظر طبقات القراء (1/ 613).
(2)
قال ابن جني: "وقرأ عكرمة وعيسى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}، بإثبات الألف، وهذا أضعف اللغتين، أعني إثبات الألف، في: "ما" الاستفهامية إذا دخل عليها حرف جر" ثم قال: وورد بيت عن قطرب لحسان يقول:
علاما قام يشتمني لئيم
…
كخنزير تمرغ في رماد
المحتسب (2/ 347).
(3)
توضيح المقاصد (5/ 180).
(4)
البيت من بحر الوافر، من مقطوعة لحسان بن ثابت الأنصاري، عدتها تسعة أبيات، يهجو فيها عابد بن عمرو بن مخزوم، انظرها في الديوان (324) ط. دار المعارف، وانظر الشاهد في ابن يعيش (4/ 9)، وشرح شواهد الشافية (224)، والمحتسب (2/ 347)، وشرح شواهد المغني (709)، وتخليص الشواهد (404)، والأزهية (86)، والخزانة (5/ 130)، والدرر (6/ 314)، والتصريح (2/ 345).
(5)
ديوان حسان بن ثابت (195)، بشرح البرقوقي، نشر دار الكتاب العربي، و (324)، ط. دار المعارف، بتحقيق: سيد حنفي حسنين.
5 -
على ما قام .........
…
................. إلى آخره
ويروى: "ففيم تقول يشتمني لئيم"، قوله:"كخنزير" تعريض بكفره، أو بقبح منظره، فلذلك خص الخنزير، لأنه مسيخ قبيح المنظر سمج الخلق أكّال للعذرات، قوله:"تمرغ في رماد": تتميم لذمه لأنه يُدَلِّكُ خلْقَه بالشجر، ثم يأتي للطين والحمأة فيتلطخ بهما، وكلما تساقط منه عاد فيهما.
قال الجاحظ: والعين تكره الخنزير دون سائر المسوخ، لأن القرد وإن كان مسيخًا فهو مستملح، وأما الفيل فهو عجيب ظريف نبيل بهي، وإن كان سمجًا قبيحًا
(1)
، ويروى:"في دمان" موضع رماد.
قال أبو الحجاج؛ وقد غلط في هذا البيت قوم من منتحلي الأدب فروى بعضهم: في دمال، وبعضهم: في دمان، مكان "رماد" لما جهلوا ما يتصل به
(2)
.
قوله: "أو نوك الفؤاد" بضم النون وسكون الواو وفي آخره كاف، وهو الحمق.
الإعراب:
قوله: "على ما قام" كلمة "على" هاهنا للتعليل؛ يعني: لأجل أي شيء يشتمني لئيم؛ كما في قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] أي: لهداية اللَّه إياكم.
وكلمة: "ما" استفهامية؛ لأن المعنى: لأي شيء كما ذكرنا، وقال ابن جني: لفظة: "قام" هاهنا زائدة، والتقدير: على ما يشتمني لئيم، وقال ابن يسعون: وليس كذلك عندي؛ لأنها تقتضي النهوض بالشتم والتشمير له والجد فيه.
وقوله: "يشتمني": جملة من الفعل والمفعول، وقوله:"لئيم" فاعله، قوله:"كخنزير" الكاف للتشبيه، وخنزير مجرور به، قوله:"تمرغ": جملة من [الفعل والفاعل]
(3)
في محل الجر؛ لأنها صفة لخنزير، وقوله:"في رماد" يتعلق بتمرغ.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "على ما قام" حيث أثبت ألف "ما" الاستفهامية المجرورة غير المركبة؛ لأجل الضرورة، ومن ذلك عد بعضهم قوله تعالى:{بِمَا غَفَرَ لِي رَبِي} [يس: 27].
(1)
الحيوان للجاحظ (7/ 39)، هارون، بتصرف.
(2)
السابق نفسه.
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
الشاهد الثلاثون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
يَا أسَدِيًّا لِمْ أَكَلْتَهُ لِمَهْ
…
.............................
[أقول: لم أقف على اسم راجزه، قال أبو الفتح في شرح ديوان المتنبي: يقال: لمَ فعلت؟ ولم فعلت؟ قال الراجز:
يا فَقْعَسِي لِمْ أكلته لِمَهْ
…
لو خافك اللَّه عليه حرمه
وذكر بعض الفضلاء أن الضمير المنصوب في قوله: "لم أكلته" يرجع إلى الكلب؛ يعني كلبًا أكله هذا الإنسان، فقال: لو خافك اللَّه، فأجاز على اللَّه -سبحانه الخوف- تعالى اللَّه عن ذلك-، وعلى هذا عادة الجهلاء من العرب مما يجوزون أن يوصف به اللَّه -تعالى- مما لا يجوز أن يوصف به؛ كما قال قائلهم
(3)
:
لا هُمَّ إن كنتَ الذي كَعَهْدِي
…
ولمْ تُغَيّرْكَ الأُمورُ بعدي
فجعله -تعالى- مما يجوز عليه التغير وتعاقب الأمور -تعالى اللَّه عن ذلك-، ومنهم من خرجه تخريجًا حسنًا يسلم هذا الشاعر من هذه الغلطة، وهو أنه يخاطب الفقعسي ثم عدل عن خطابه إلى خطاب اللَّه تعالى على عادة لهم في ذلك مشهورة، فقال: لو خافك اللَّه، وأراد: يا أللَّه، فحذف حرف النداء؛ كما في قوله تعالى:{يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} [يوسف: 46] أي: يا يوسف.
والمعنى: لو خافك يا أللَّه على نفسه من أن تعاقبه على جرمه لحرم هذا المأكول الذي حرمته ولم يقربه، وضمير الهاء في:"عليه" يرجع إلى الفقعسي؛ كما يقال: أخاف فلانًا على نفسي، وضمير الهاء في "حرمه" يرجع إلى المأكول؛ فالضميران مختلفان وباختلافهما يتم المعنى الذي قصده، ووقع في كتاب ابن أم القاسم: يا أسديًّا، والأسدي: المنسوب إلى بني أسد، والفقعسي: المنسوب إلى بني فقعس.
وإعرابه ظاهر]
(4)
.
(1)
توضيح المقاصد (5/ 181).
(2)
البيت من بحر الرجز نسب لسالم بن داره، وهو في اللسان:(روح)، والإنصاف (229)، والأشموني (4/ 217) وينظر المعجم المفصل (1257)، وجاء بعده في اللسان:(فما أكلت لحمه ولا دمه).
(3)
البيت في لسان العرب مادة: "روح"، وهو من جفاء العرب؛ كما قال ابن منظور، ونصه:
لا هم إن كنت الذي كعهدي
…
ولم تغيرك السنون بعدي
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب)، وتممته من نسخة الخزانة.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لم أكلته" حيث جاءت ميم "لَمَ" ساكنة، وأصلها: لما، "وما" استفهامية دخل عليها حرف الجر فحذفت الألف؛ لما مر في الأبيات السابقة، ثم سكنت الميم للضرورة.
الشاهد الحادي والثلاثون بعد المائتين والألف
(1)
أتوا ناري فقلت منون أنتم
…
..............................
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الحكاية
(2)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "منون أنتم" حيث ألحق الواو والنون بها في الوصل، وهو شاذ، وقد مر الكلام فيه هناك بتحقيق، واللَّه أعلم
(3)
.
الشاهد الثاني والثلاثون بعد المائتين والألف
(4)
،
(5)
ومهمهٍ مُغْبَرَّةٍ أرْجَاؤُهُ
…
كأنَّ لَوْنَ أَرْضِهِ سماؤُهُ
أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج، وهو من الرجز المسدس.
قوله: "ومهمه" أي: مفازة، ويجمع على: مهامه، قوله:"مغبرة": من اغبر الشيء إذا تلون بالغبرة، وهو لون شبيه بالغبار، قوله:"أرجاؤه" أي: أطرافه؛ جمع رجا بالقصر، قوله:"كأنَّ لَوْنَ أَرْضِهِ سماؤُهُ".
وأراد: كأن لونَ سمائه من غبرتها لون أرضه، فعكس التشبيه للمبالغة، وهي الاعتبار اللطيف.
الإعراب:
قوله: "ومهمه" أي: رب مهمه؛ يصف مفازة، قوله:"مغبرة" بالجر صفة مهمه، وإنما أنث الصفة وإن كان الموصوف مذكرًا باعتبار تأنيث فاعله، وذلك لأن أرجاءه فاعل لمغبرة.
(1)
توضيح المقاصد (5/ 185).
(2)
ينظر الشاهد رقم (1181).
(3)
توضيح المقاصد (4/ 345).
(4)
أوضح المسالك (4/ 342).
(5)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وهما من أرجوزة طويلة لرؤبة بن الحجاج في وصف المفازة والسراب؛ إلا أن البيت الأول هكذا (وبلد عامية أعماؤه)، ديوان رؤبة (3)، وانظر بيت الشاهد في سر الصناعة (636)، وابن يعيش (2/ 118)، والمغني (695)، والإنصاف (259)، وأمالي ابن الشجري (1/ 366)، والخزانة (6/ 458)، والتصريح (2/ 339)، وشرح شواهد المغني (971).
قوله: "كأن" من الحروف المشبهة بالفعل وضعت للتشبيه، وقوله:"لون أرضه": كلام إضافي اسمه، قوله:"سماؤه" بالرفع خبره، وقد قلنا إنه من عكس التشبيه، والتقدير: كأن لون سمائه لون أرضه.
الاستشهاد فيه:
في ثبوت صلة الضمير في قوله: "أرجاؤه وسماؤه" وهي الواو التي تلفظ بعد الهاء، وذلك لأجل الضرورة في الوزن، وإلا فالأصل في الوقف على هاء الضمير إذا كانت مضمومة
(1)
، أو مكسورة أن تحذف صلتها؛ كما قد علم في موضعه.
الشاهد الثالث والثلاثون بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
واللَّهَ أَنْجَال بِكفَّيْ مَسْلَمَتْ
…
.............................
أقول: لم أقف على اسم قائله، وبعده
(4)
:
............................
…
مِنْ بَعْدِ مَا وبعدِ ما وبعْدمَتْ
صَارَتْ نُفُوسُ القَوْمِ عند الغَلْصَمَتْ
…
وَكَادَتِ الحُرَّةُ أن تُدْعَى أَمَتْ
قوله: "بعدمت" أي: بعد ما، فأبدل من الألف هاء، ثم أبدل الهاء تاء لتوافق بقية القوافي، و "الغلصمت": رأس الحلقوم، وهو الموضع الناتئ في الحلق.
الإعراب:
قوله: "واللَّه": مبتدأ، و "أنجاك": جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل الرفع على الخبرية، والباء في "بكفي" يتعلق بها.
(1)
في (ب): "إذا كانت مفتوحة أو مكسورة" والصحيح ما أثبته. ينظر أوضح المسالك (4/ 345).
(2)
أوضح المسالك (4/ 353).
(3)
بيت من الرجز المشطور؛ لأبي النجم العجلي، وهو أول أربعة أبيات، يذكر أن اللَّه نجاه من حرب شديدة كادت تقضي على كل شيء بسبب هذا القائد مسلمة، وانظر بيت الشاهد في سر الصناعة (1/ 160)، وشرح الشافية (2/ 289)، وابن يعيش (5/ 89)، والتذييل والتكميل لأبي حيان: الجزء السادس، مخطوط، باب الإبدال، والتصريح (2/ 344)، والخزانة (4/ 177)، ورصف المباني (162)، والدرر (6/ 230)، والتاء وأثرها في بنية الكلمة العربية (199)، د. أحمد السوداني، أولى (2004 م).
(4)
انظر الأبيات الأربعة في ديوان أبي النجم العجلي (76)، بتحقيق: علاء الدين أغا، الرياض (1980 م).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "مسلمت" حيث وقف عليها بالتاء، والقياس بالهاء.
الشاهد الرابع والثلاثون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
تَجَاوَزْتُ هِنْدًا رَغْبَةً عنْ قِتالِه
…
إلى مَلِكٍ أعشُو إلى ضَوْء نارِهِ
أقول: [لم أقف على اسم قائله]
(3)
، وقد أنشد الإمام ناصر الدين شارح الألفية لابن معطٍ هذا البيت هكذا
(4)
:
1 -
تَجَاوَزْتُ هِنْدًا رَغْبَةً عنْ قِتالِهِ
…
إِلَى مَلِكٍ أعْشُو إِلَى ذِكْرِ مَالِكِ
2 -
وَأَيْقَنْتُ أنِّي عِنْدَ ذَلِكَ ثَائِدٌ
…
غَدَاةَ إذَنْ أَوْ هَالِكٌ فيِ الْهَوَالِكِ
وهما من الطويل.
1 -
قوله: "هندًا" أراد به: اسم رجل فلذلك صرفه، وأعاد الضمير إليه بالتذكير، قوله:"أعشو" بالعين المهملة؛ من عشا يعشو عشوًا، وهو أن يستضيء ببصر ضعيف أو بضوء ضعيف في ظلمة.
وقال ابن دريد: العشو: مصدر عشوت إلى ضوئك أعشو عشوًا إذا قصدتك بليل ثم صار كل قاصد شيئًا عاشيًا
(5)
.
وقال صاحب كتاب العين: العشو إتيانك نارًا ترجو عندها هدي أو خيرًا
(6)
، وقال ابن الأعرابي: فلان يعشو إلى فلان إذا أتى يطلب ما عنده.
(1)
أوضح المسالك (4/ 346).
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو لقائل مجهول، وانظره في شرح التصريح (2/ 339)، وابن يعيش (5/ 93)، واللسان مادة:"هلك"، والمعجم المفصل (413)، والشواهد النحوية المجهولة القائل في الأمالي الشجرية (94)، د. أحمد السوداني، أولى (2006 م).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
(4)
لم نعثر على شرح الألفية للإمام ناصر الدين، والمطبوع من شرح الألفية لابن معطٍ هو شرح ابن جمعة الموصلي، وانظر البيت المذكور فيه (480).
(5)
انظر نصه في جمهرة اللغة لابن دريد (3/ 62).
(6)
قال الخليل مادة عشو، وعشي "العَشْوُ: إتيانك نارًا ترجو عندها خيرًا وهدى. عَشَوْتُها أَعْشُوها عَشْوًا وعُشُوًّا. قال الحطيئة:
متى تأتِهِ تعشو إلى ضَوْءِ نارِه
…
تَجِدْ خَيْرَ نارٍ عندها خيرُ مُوقِدِ".
الإعراب:
قوله: "تجاوزت": جملة من الفعل والفاعل، و "هندًا": مفعوله، و "رغبة": نصب على التعليل، قوله:"إلى ملك" يتعلق بقوله: "تجاوزت"، قوله:"أعشو": جملة وقعت حالًا، قوله:"إلى ضوء" يتعلق بأعشو.
الاستشهاد فيه:
في ثبوت الهاء في قوله: "قتاله" وقوله: "ناره" عند الوقف؛ لأجل الضرورة، وإلا فالأصل أن هاء الضمير إذا وقف عليها وكانت مكسورة أو مضمومة أن تحذف صلتها؛ كما تقول: مررت به.
الشاهد الخامس والثلاثون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
أَنَا ابنُ ماويَّةَ إِذْ جَدَّ النَّقُرْ
…
..........................
أقول: قائله هو بعض السعديين؛ كذا قاله سيبويه
(3)
، وقال الصاغاني في العباب: قائله فدكي بن أعبد المنقري، ويقال: هو لعبيد اللَّه بن ماوية الطائي
(4)
، وكذا قاله الجوهري
(5)
، وبعده
(6)
:
.........................
…
وَجَاءَتِ الخَيْلُ أَثَابيَّ زُمَرْ
وهو من الرجز.
قوله: "أنا ابن ماوية"[ماوية]
(7)
اسم امرأة، ويمكن أن يجعل لقبًا تنبيهًا على نقاء عرضها وكرم أصلها؛ لأن الماوية: المرآة الصافية، وقيل: حجر البلور.
قوله: "إذ جد النقر" بفتح النون وضم القاف، وهو صوت اللسان؛ قال صاحب العين: وهو إلصاق طرفه بمخرج النون ثم يصوت به فينقر الدابة لتسير، قال: ولتسكن أيضًا
(8)
، قال الجوهري: قدْ نقَرْتُ بالفرس نقرًا، وهو صُوَيْت تُزْعِجُهُ به، وذلك أن تُلْصِقَ لسانك بحَنَكِكَ ثم
(1)
أوضح المسالك (4/ 350).
(2)
البيت من بحر الرجز المشطور، وقد اختلف في قائله على ما ذكره الشارح، وانظره في الكتاب (4/ 173)، والإنصاف (732)، والهمع (107، 108)، وشرح شاهد المغني (843، 844)، والتصريح (2/ 341).
(3)
انظر الكتاب (4/ 173).
(4)
ينظر اللسان: "نقر".
(5)
ينظر الصحاح: "نقر".
(6)
ينظر شرح شواهد المغني (843، 844).
(7)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(8)
كتاب العين للخليل بن أحمد، مادة: نقر.
تفتح
(1)
، وقال كراع: والنقر أيضًا أن تحتفر الخيل بحوافرها، وقال ابن يسعون
(2)
: وروى غير سيبويه: إذا جد النفر بفتح النون والفاء، قوله:"أثابي" بفتح الهمزة والثاء المثلثة وكسر الباء الموحدة؛ جمع ثبة، وهي الجماعة، وهو منصوب على الحال.
الإعراب:
قوله: "أنا" مبتدأ، وخبره قوله:"ابن ماوية"، قوله:"إذ" ظرف بمعنى حين، قوله:"جد النقر": جملة من الفعل والفاعل.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "جد النقر" فإن القياس فيه: النَقْر، بفتح النون وسكون القاف، ولكن لما وقف نقل حركة الراء إلى القاف؛ إذ كان ساكنًا؛ ليعلم السامع أنها حركة الوقف في الوصل؛ كما تقول: هذا بكر ومررت ببكر، ولا يكون ذلك في النصب، قال ابن يسعون: أراد النقر بالوقف فالتقى ساكنان وحرك القاف بالحركة التي هي الضمة الواجبة له في حال الوصل، وإنما فعلوا ذلك لوجهين:
أحدهما: الخوف على حركة الإعراب أن يستهلكها الوقف.
والوجه الآخر: الاستراحة من اجتماع ساكنين.
الشاهد السادس والثلاثون بعد المائتين والألف
(3)
،
(4)
إذا ما تَرَعْرَعَ فينا الغُلامُ
…
فما إِنْ يُقَالُ لهُ مَنْ هُوَهْ
أقول: قائله هو حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، حكى ابن الكلبي عمن حدثه من أشياخ الأنصار أن السِّعلاة لقِيَتْ حسانَ بنَ ثابت رضي الله عنه في بعض أزِقَّة المدينة فَصَرَعَتْهُ وقعدتْ على
(1)
الصحاح: "نقر".
(2)
هو أبو الحجاج يوسف بن بقي بن يسعون التحجيبي الباجلي، مات في حدود (540 هـ)، ومن مؤلفاته: المصباح في شرح ما أعتم من شواهد الإيضاح (مفقود). ينظر البغية، الترجمة رقم (2199).
(3)
أوضح المسالك (4/ 357).
(4)
البيت من بحر المتقارب التام، وهو لحسان بن ثابت الأنصاري، شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفخر، وهو أول أبيات ثلاثة ذكرها الشارح، وذكر قصتها، وانظر الأبيات في ديوان حسان (397)، ط. دار المعارف، وانظره أيضًا في الديوان بشرح البرقوقي (475)، نشر دار الكتاب العربي، والخزانة (2/ 428)، والتصريح (2/ 345)، ورصف المباني (399)، وابن يعيش (9/ 84).
صدره، وقالت: أنت الذي يؤمل قومُكَ أن تكون شاعرَهم، قال: نعم، قالت: والله لا يُنْجِيكَ منِّي إلا أن تقولَ ثلاثة أبيات على رويٍّ واحد، فقال حسان:
إذَا مَا تَرَعْرَعَ .........
…
........................ إلخ
قالت: ثَنِّه، فقال:
إذَا لَمْ يَسُدْ قبل شَدِّ الإزارِ
…
فذَلِكَ فِينَا الَّذِي لَا هُوَهْ
فقالت: ثلِّثه، فقال:
وَلِيَ صاحبٌ مِنْ بني الشَّيْصَبَانِ
…
فحينًا أَقول وحينًا هُوَهْ
(1)
وهي من المتقارب وفيه الحذف.
وقال الأثرم: أخبرني علماء الأنصار أن حسان بن ثابت بعد ما ضُرَّ بصرُهُ مرَّ بابن الزِّبَعْرَى وعبد اللَّه بن أبي طلحة بن سهل بن الأسود بن حَرَام ومعه ولدُه يقوده، فصاح به ابن الزِّبَعْرَى بعد ما ولى: يا أبا الوليد من هذا الغلام؟ فقال حسان بنُ ثابت الأبيات الثلاثة.
وهي من الوافر
(2)
.
قوله: "ترعرع" أي: قارب الحلم، قال الأصمعي: إذا احتلم الصبي، قيل: محتلم وحالم، وعند ذلك يقال: قد ترعرع، وهو غلام رعرع، وقال بعضهم: الحزَوّر واليافع والمترعرع واحد، قوله:"الشيصبان": هي قبيلة من الجن.
الإعراب:
قوله: "إذا" للشرط، وكلمة:"ما" زائدة، و "ترعرع": فعل ماض، و "الغلام": فاعله، والجملة وقعت فعل الشرط، قوله:"فينا" أي: بيننا، قوله:"فما إن يقال": جواب الشرط، وكلمة:"ما" نافية، و "إن" زائدة؛ كما في قوله:
فَمَا إِنْ طِبُّنَا جُبْنٌ .....
…
....................... إلخ
وقوله: "من": مبتدأ، و "هو": خبره، والجملة مقول القول.
(1)
روايته في ديوان حسان (476)، وكذا في طبعاته المختلفة، هكذا:
...........................
…
فطورًا أقول وطورًا هوه
والقصة في ديوانه بشرح البرقوقي (475)، نشر دار الكتاب العربي، وكذا في الحيوان للجاحظ (6/ 231)، ولسان الرب مادة:"شصب".
(2)
قوله من الوافر خطأ، وإنما الأبيات من بحر المتقارب التام.
[الاستشهاد فيه:
في قوله: "هوه"]
(1)
؛ حيث أدخل الشاعر فيه هاء السكت؛ كما في قوله تعالى: {مَا هِيَهْ} [القارعة: 10]، {مَالِيَه} [الحاقة: 28]، {سُلطَانِيَهْ} [الحاقة: 29].
الشاهد السابع والثلاثون بعد المائتين والألف
(2)
كَمْ بِهِ مِنْ مَكْو وحَشِيَّةٍ
…
قِيظ فِي مُنْتَثلِ أَوْ شِيَامْ
(3)
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(2)
البيت غير موجود في شرح المرادي، ولا في الشروح الأخرى، وهو للطرماح في ديوانه (228)، وانظره في لسان العرب مادة:"شيم"، وابن يعيش (9/ 63)، وروايته في اللسان:
كَمْ به من مَكْءٍ وَحْشيَّةٍ
…
قِيضَ في مُنْتَشَلٍ أو شيام
وفي اللسان مادة شيم: "قوله: "من مكء إلخ" كذا بالأصل كالتكملة بهمزة بعد الكاف، والذي في الصحاح والتهذيب من مكو بواو بدلها، ولعله روي بهما؛ إذ كل منهما صحيح، وقبله كما في التكلمة:
منزل كان لنا مرة
…
وطنًا نحتله كل عام
مُنْتَثَل: مكان كان محفورًا فاندفن ثم نظف، وقال الخليل: شِيامٌ حفرة، وقيل: أرض رِخْوة التراب، وقال الأصمعي: الشيام الكِناسُ سمي بذلك لانْشِيامه فيه أي دخوله والشِّيمةُ: التراب يُحْفَر من الأرض، وشامَ يَشِيمُ إذا غَبَّرَ رجليه من الشيام وهو التراب، قال أبو سعيد: سمعت أبا عمرو ينشد بيت الطرماح: أو شَيام بفتح الشين، وقال: هي الأرض السهلة، قال أبو سعيد: وهو عندي شِيام بكسر الشين وهو الكِناسُ سمي شِيامًا لأن الوحش يَنْشامُ فيه أي يدخل، فال: والمُنْتَثَلُ: الذي كان اندفَن فاحتاج الثورُ إلى انْتِثاله أي استخراج ترابه، والشِّيامُ: الذي لم يَنْدَفِنْ ولا يحتاج إلى انْتِثاله فهو يَنْشامُ فيه كما يقال لا يلبس".
(3)
البيت كله سقط في النسخ التي بين أيدينا، واستكملناه من النسخة التي ظهرت حديثًا.
شواهد التصريف
الشاهد الثامن والثلاثون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
جاءوا بِجَيْشٍ لَوْ قِيسَ مُعْرَسُهُ
…
ما كان إلا كَمُعْرَسِ الدُّئِلِ
أقول: قائله هو كعب بن مالك الأنصاري
(3)
، يصف به جيش أبي سفيان حين غزا المدينة بالقلة والحقارة.
قوله: "لو قيس" أي: لو قدر؛ من قاس يقيس، قوله:"معرسه" بضم الميم وسكون العين المهملة وفتح الراء وبالسين المهملة، وهو المنزل الذي ينزل به الجيش.
والمعنى: لو قدر مكانه عند تعريسهم كان كمكان الدئل عند تعريسها، و "الدئل" بضم الدال وكسر الهمزة وفي آخره لام، وهي دويبة صغيرة شبيهة بابن عرس.
الإعراب:
قوله: "جاءوا": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"بجيش": جار ومجرور في محل النصب على المفعولية، قوله:"لو قيس" لو: كلمة الشرط، "وقيس": فعل مجهول، و "معرسه": مفعول ناب عن الفاعل، والجملة فعل الشرط، قوله:"ما كان إلا" جواب الشرط.
(1)
توضيح المقاصد (5/ 216).
(2)
البيت من بحر المنسرح، من مقطوعة عدتها أربعة أبيات، وهي لكعب بن مالك الأنصاري، ديوانه (251)، بغداد، قالها يجيب أبا سفيان حين حرض قريشًا على غزو المسلمين، وهو في بيت الشاهد يصف الجيش بالقلة، وانظر بيت الشاهد في شرح شواهد الشافية (12)، وشرح شافية ابن الحاجب للرضي (1/ 37)، والمنصف (1/ 20)، وشرح الأشموني بحاشية الصبان (4/ 239).
(3)
شاعر إسلامي سجل تاريخ المسلمين في أشعاره (ت 50 هـ).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "الدئل" فإنه بضم الدال وكسر الهمزة، وذهب الجمهور إلى أن هذا الوزن مهمل؛ لاستثقال الانتقال من ضم إلى كسر، وإن كان أخف من عكسه
(1)
، وذهب جماعة إلى أنه مستعمل لكنه قليل، واحتجوا بالبيت المذكور
(2)
.
الشاهد التاسع والثلاثون بعد المائتين والألف
(3)
،
(4)
ألا مَنْ مُبْلِغُ حَسَّانَ عنِّي
…
مُغَلْغَلةً تَدُبُّ إِلى عُكَاظِ
أقول: قائله هو أمية بن خلف الخزاعي، يهجو حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، وبعده:
1 -
أليس أبوك فينا كان قَيْنًا
…
لدى القَيْنَاتِ فسَلًا في الحِفَاظِ
2 -
يمَانِيًّا يظَلُّ يشُدُّ كِيرًا
…
وينفُخُ دائبًا لهَبَ الشُّواظِ
فأجابه حسان رضي الله عنه
(5)
:
1 -
أتانِي عنْ أُمَيَّةَ ذَرْوُ قَوْلٍ
…
وما هُوَ بالمَغِيبِ بذِي حِفَاظِ
2 -
سأنشُرُ إنْ بَقِيتُ لكم كلامًا
…
يُنَشَّرُ في المَجامعِ مِنْ عُكاظِ
3 -
قوافَي كالسِّلامِ إذا استَمَرَّتْ
…
مِنَ الصُّمِّ المعجْرَفَةِ الغِلاظِ
4 -
تَزُورُكَ إنْ شتَوْتَ بكل أرضٍ
…
وتَرْضَخُ في محلِّك بالمَقَاظِ
5 -
بَنَيْتُ عليكَ أبْيَاتًا صِلابًا
…
كأمر الوسْقِ يقفص بالشِّظاظِ
6 -
مُجَلِّلَةً تعممه شَنَارًا
…
مُضَرَّمَةً تأجَّجُ كالشِّواظِ
7 -
كهَمْزَةِ ضَيْغَمٍ يَحْمِي عَرِينًا
…
شَدِيدِ مَغَازِرِ الأَضْلاعِ خَاظِي
(1)
قال الأشموني: "والذي جاء منه: دئل، اسم دويبة سميت بها قبيلة من كنانة، وهي التي ينسب إليها أبو الأسود الدؤلي، وأنشد الأخفش لكعب بن مالك الأنصاري: (البيت)، والرُّئِم: اسم للاست، والوُعِل لغة في: الوَعْلِ، حكاه الخليل فثبت في هذه الألفاظ أن هذا البناء ليس بمهمل خلافًا لمن زعم ذلك، نعم: هو قليل كما ذكر". شرح الأشموني (4/ 239).
(2)
ينظر الأشموني (4/ 239).
(3)
توضيح المقاصد (5/ 254).
(4)
البيت من بحر الوافر، وهو أول أبيات ثلاثة قالها أمية بن خلف الخزاعي يهجو حسان، وقد سردها الشارح، وانظرها في ديوان حسان بن ثابت (227)، بشرح يوسف عبيد، قافية الظاء تحت عنوان: قواف كالسلام، وانظر بيت الشاهد في شرح الأشموني (4/ 265)، والمعجم المفصل (488)، واللسان مادة:"شوط".
(5)
ديوان حسان (228، 229) بشرح يوسف عبيد، و (197) تحقيق: د. سيد حنفي حسنين، ط. دار المعارف.
8 -
تَغُضُّ الطّرْفَ أنْ ألقَاكَ دُونِي
…
وتَرْمِي حينَ أُدْبِرُ باللِّحاظِ
(1)
[شرح أبيات أمية]
1 -
قوله: "مغلغلة" بضم الميم وفتح الغينين المعجمتين وباللامين أولاهما ساكنة، يقال: رسالة مغلغلة إذا كانت محمولة من بلد إلى بلد، قوله:"تدب": من دب على الأرض يدب دبيبًا، و "عكاظ" بضم العين المهملة وتخفيف الكاف، وهو اسم سوق من أسواق الجاهلية، وكانت قبائل العرب تجتمع بها كل سنة ويتفاخرون ويتناشدون.
2 -
و "القين" بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره نون، وهو الحداد، و "الفسل" بفتح الفاء وسكون السين المهملة، وهو الرذل من الرجال، وكذلك المفسول.
3 -
و: "الشواظ" بضم الشين وكسرها؛ اللهب الذي لا دخان فيه.
[شرح أبيات حسان]
1 -
قوله: "ذرو قول" أي: طرف منه ولم يتكامل، وهو بفتح الذال المعجمة وسكون الراء وفي آخره واو، و "الحفاظ" بكسر الحاء؛ المحافظة على العهد والوفاء بالعفو والتمسك بالود.
3 -
قوله: "كالسلام" بكسر السين، وهو الحجارة، و "المعجرفة": الشديدة الغليظة.
4 -
قوله: "شتوت" أي: دخلت في الشتاء، قوله:"ترضخ" أي: تعطي، و "المقاظ" بفتح الميم؛ موضع القيظ، وهو شدة حر الصيف.
5 -
و "الوسق" بفتح الواو؛ هو حمل البعير أو الحمار، قوله:"يقفص" أي: يشد، ومادته: قاف وفاء وصاد مهملة، وأصله: من قفصت الظبي إذا شددت قوائمه وجمعتها، و "الشظاظ" بكسر الشين المعجمة؛ خشبة عقفاء محددة الطرف تجعل في عروتي الجوالقين إذا عكما على البعير، وهما شظاظان.
6 -
قوله: "شنارًا" بفتح الشين المعجمة والنون، أي: عيبًا وعارًا، قوله:"مضرمة" من ضرمت النار تضرم ضرمًا، وهو التهابها سريعًا، قوله:"تأجج": من أججت النار إذا اشتد حرها وتوهجها.
7 -
و "الهمزة" بالزاي؛ العضة، و "الضيغم": الأسد، قوله:"يحمي" أي: يحرس،
(1)
لم يشرحها العيني في نسختيه (أ، ب): وقد نقلناها من النسخة التي بهامش الخزانة، بولاق.
و"العرين": مأوى الأسد الذي فيه أولاده، قوله:"خاظي" بالمعجمتين؛ من خظي لحمه أي اكتنز.
الإعراب:
قوله: "ألا" للتنبيه، قوله:"مَنْ" استفهامية في محل الرفع على الابتداء، و "مبلغ": خبره، و"حسان" منصوب على الفعولية، و "عني" يتعلق بمبلغ، و "مغلغلة": مفعول مبلغ أيضًا، قوله:"تدب": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى مغلغلة، و "إلى عكاظ" يتعلق بها، والجملة في محل النصب على أنها صفة لمغلغلة]
(1)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "حسان" فإن الشاعر منعه من الصرف، وذلك يدل على زيادة نونه
(2)
.
الشاهد الأربعون بعد المائتين والألف
(3)
،
(4)
أمهتي خِنْدِفٌ وإلياسُ أَبِي
…
................................
أقول: قائله هو قصي بن كلاب بن مرة أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم، وقبله:
إِنِّي لَدَى الحَرْبِ رَخِيُّ اللَّبَبِ
…
عِنْدَ تَنَادِيهِمْ بِهَالِ وَهَبِى
وبعده:
حَيْدَةُ خَالِي ولَقِيطٌ وعَلِي
…
وحَاتِمُ الطائِيُّ وَهَّابُ المِئِي
(5)
(1)
ما بين المعقوفين سقط في النسخ التي بين أيدينا، واستكملناه من النسخة التي ظهرت حديثًا.
(2)
تزاد النون فيما يتوسط فيه بين الألف والفاء حرف مشدد نحو: حسان، ورمان، أو حرف لين نحو: عقيان، وعنوان، وهذا الإطلاق على وفق ما ذهب إليه الجمهور، فإنهم يحكمون بزيادة النون في مثل ذلك إلا أن يدل دليل على أصالتها، أما ابن مالك فقد ذهب في الكافية والتسهيل إلى أن النون في ذلك كالهمزة في تساوي الاحتمالين، فلا يلغى أحدهما إلا بدليل. ينظر شرح الأشموني (4/ 265)، وشرح الكافية الشافية (2044).
(3)
توضيح المقاصد (5/ 261).
(4)
بيت من الرجز المشطور، وهو أول أبيات ثلاثة قالها قصي بن كلاب، أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم يفتخر بالشجاعة والانتساب، وقد ذكرها الشارح، وانظر الأبيات في المحتسب (2/ 224)، وشواهد الشافية (301)، والخزانة (7/ 379)، وابن يعيش (3/ 10)، والممتع (217).
(5)
نقده البغدادي في هذا البيت قائلًا: "وهذا لا أصل له، فإن الرجز عنده لقصي بن كلاب، أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف يكون حاتم الطائي أبًا لقصي مع أنه بعده لمدة طويلة، وقافية الرجز أيضًا تأباه، وليس في هذا اشتباه". خزانة الأدب (7/ 679).
قوله: "خندف" بكسر الخاء المعجمة وسكون النون وكسر الدال وفي آخره فاء، وهي أم مدركة زوجة إلياس، واسمها ليلى بنت حلوان بن عمران بن الحارث
(1)
بن قضاعة، واشتقاق خندف من الخندفة، وهو مشي فيه سرعة وتقارب خطى، والنون زائدة، وعن الخليل: أن الخندفة مشي كالهرولة للنساء خاصة دون الرجال
(2)
، وإلياس هو ابن مضر بن نزار، وهو بفتح الياء آخر الحروف وبالهمزة، ويقال: إلياس بكسر الهمزة موافقًا لاسم إلياس النبي عليه السلام.
وقال السهيلي: ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تسبوا إلياس فإنه كان مؤمنًا"
(3)
، وذكر أنه كان يسمع في صلبه تلبية النبي صلى الله عليه وسلم بالحج.
الإعراب:
قوله: "إني" الضمير المتصل اسم إن، وخبره قوله:"رخي اللبب"، وقوله:"لدى الحرب": كلام إضافي ظرف، قوله:"أمهتي" مبتدأ، وخبره قوله:"خندف"، وكذلك قوله:"وإلياس" مبتدأ، وخبره قوله:"أبي".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أمهتي" حيث أظهر فيه الهاء، وهو على الأصل، وذلك لأن أصل أم: أمهة، ولذلك يجمع على: أمهات، ويقال: الأمهات للناس، والأُمَّات للبهائم
(4)
.
(1)
في: (أ، ب): ابن الحاق.
(2)
قال الخليل في العين مادة الخاء والدال: "خندف: الخَنْدَفَةُ: مشية كالهرولة للنساء والرجال، قالت ليلى القضاعية لزوجها إلياس بن مضر بن نزار: ما زلت أُخَنْدِفُ في أثركم، فقال لها: خِنْدِف، فصار اسمها إلى اليوم".
(3)
قال السهيلي في الروض الأنف (1/ 28): "روي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: "لَا تَسُبّوا إلْيَاسَ فَإِنّهُ كَانَ مُؤْمِنًا" وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ فيِ صُلْبِهِ تَلْبِيَةَ النبِيّ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجّ. يَنْظُرُ في كِتَابِ الْمَوْلِدِ لِلْوَاقِدِيّ. وَإلْيَاسُ أَوّلُ مَنْ أَهْدَى الْبُدْنَ لِلْبَيْت".
(4)
قال الرضي: "على أن الهاء في: "أمهتي" زائدة، قال ابن جني في سر الصناعة: كان أبو العباس يخرج الهاء من حروف الزيادة، ويذهب إلى أنها إنما تلحق في الوقف في نحو: اخشه، وارمه، وهُنَهْ ولكنهْ، وتأتي بعد تمام الكلمة، وهذه مخالفة منه للجماعة وغير مرضي عندنا؛ وذلك لأن الدلالة قد قامت على زيادة الهاء في غير ما ذكره، فمما زيدت فيه الهاء قولهم: أمهات، ووزنه: فعلهات، والهاء زائدة؛ لأنه بمعنى؛ الأم، والواحدة: أمهة، قال: (البيت) أي: أمي" ينظر شرح شواهد الشافية (302)، وسر الصناعة (563، 564).
الشاهد الحادي والأربعون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
إذا جَاوَزَ الإثْنَيْن سِرٌّ فَإِنَّهُ
…
...........................
أقول: قائله هو قيس بن الخطيم، وتمامه
(3)
:
.......................
…
بنشرٍ وإفشاء الحديث قمينُ
ويروى:
........................
…
بِنَثٍّ وتَكْثِيرُ الحَدِيثِ قَمِينُ
وبعده:
2 -
وإنْ ضَيَّعَ الإخْوانُ سِرًّا فإنَّنِي
…
كَتُومٌ لأسْرَارِ العَشِيرِ أمِينُ
3 -
يَكُونُ لَهُ عِندِي إذَا مَا ضَمِنْتُهُ
…
مَكَانٌ بِسَوْدَاءِ الفُؤَادِ مَكينُ
[وهي من الطويل]
(4)
.
قوله: "وإفشاء"، أي: إظهار الحديث، قوله:"قمين" أي: جدير بذلك، يقال: قمين وقمن، أي: خليق بذلك وحري، قوله:"نثيث" بفتح النون وكسر الثاء المثلثة بعدها ياء آخر الحروف ساكنة وفي آخره ثاء مثلثة -أيضًا- ويروى: "بِنَثٍّ" بالباء الجارة وفتح النون وتشديد الثاء المثلثة؛ من نث الحديث ينثه بالضم نثًّا إذا أفشاه.
الإعراب:
قوله: "إذا" للشرط، وقوله:"جاوز" فعل، و "سر": فاعله، و "الإثنين" مفعوله، والجملة وقعت فعل الشرط، قوله:"فإنه": جملة وقعت جواب الشرط، والضمير يرجع إلى السر، وهو اسم إن، وخبره هو قوله:"قمين"، وقوله:"بنشر" يتعلق به، قوله:"وإفشاء الحديث"[كلام إضافي]
(5)
عطف عليه.
(1)
توضيح المقاصد (5/ 267).
(2)
البيت من بحر الطويل، مطلع قصيدة لقيس بن الخطيم (جاهلي) في الفخر بكتمان الأسرار للأصحاب، ديوانه (105)، وانظر الشاهد في شرح شواهد الشافية (183)، وسر صناعة الإعراب (342)، وشرح شافية ابن الحاجب (1/ 265)، وابن يعيش (9/ 19، 137)، والهمع (2/ 211)، الدرر (6/ 312).
(3)
ينظر ديوان قيس بن الخطيم، عند ابن السكيت وغيره (105)، تحقيق: ناصر الدين الأسد، ط. الأولى (1962)، وشرح شواهد الشافية (183).
(4)
و
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
الاستشهاد فيه:
في إثبات همزة الوصل في الدرج للضرورة؛ لأن ذلك لا يجوز في حالة الاختيار. فافهم
(1)
.
الشاهد الثاني والأربعون بعد المائتين والألف
(2)
لا نسب اليوم ولا خلة
…
إتسع الخرق على الراقع
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد "لا" التي لنفي الجنس
(3)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "إتسع" حيث أثبت فيه همزة الوصل في الدرج للضرورة، ومثل هذا يقع كثيرًا في أوائل أنصاف الأبيات
(4)
.
الشاهد الثالث والأربعون بعد المائتين والألف
(5)
،
(6)
وهلْ لِي أُمٌّ غيرُها إنْ ذكرْتُهَا
…
أَبَى اللَّهُ إلَّا أنْ أكونَ لها ابْنَمَا
أقول: قائله هو المتلمس
(7)
، واسمه جرير بن عبد المسيح، وهو من قصيدة ميمية من الطويل، وأولها هو قوله
(8)
:
(1)
قال ابن عصفور: "ومن الضرائر قطع ألف الوصل في الدرج إجراء لها مجراها في حال الابتداء بها، وأكثر ما يكون ذلك في أول النصف الثاني من البيت لتقدير الوقف على الأنصاف التي هي الصدور .. وقد يقطع في حشو البت، وذلك قليل، ومنه قول قيس بن الخطيم:(البيت)
…
ألا ترى أن الألف من (اثنين) مقطوع في جميع ذلك وهي ألف وصل". ضرائر الشعر (53 - 55)، وانظر شرح شواهد الشافية (183) وما بعدها.
(2)
توضيح المقاصد (5/ 267).
(3)
ينظر الشاهد رقم (316).
(4)
ينظر تحقيق البيت السابق، والضرائر (53)، وقال ابن يعيش في شرح المفصل (9/ 138) في حكم الهمزة في أول الشطر الثاني:"وهو هنا أسهل لأنه في أول النصف الثاني، فالعرب قد تسكت على أنصاف الأبيات وتبتدئ بالنصف الثاني فكأن الهمزة وقعت أولًا".
(5)
توضيح المقاصد (5/ 272).
(6)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة عدتها عشرون بيتًا للمتلمس الضبعي يدافع فيها عن نسبه، وعن أمه، وقبل بيت الشاهد قوله:
ولو غير أخوالي أرادوا نقمصتي
…
جعلت لهم فوق العرانين ميسمَا
وانظر بيت الشاهد في المقتضب (2/ 93)، والخصائص (2/ 182)، وسر الصناعة (115)، وابن يعيش (9/ 133)، والمنصف (1/ 58)، والخزانة (10، 58).
(7)
شاعر جاهلي خال طرفة بن العبد، وهو وطرفة صاحبا الصحيفة المشهورة (ت 96 هـ)، الأعلام (2/ 119).
(8)
ديوان المتلمس الضبعي (14)، تحقيق: حسن كامل الصيرفي (1970)، معهد المخطوطات، بالقاهره، وانظرهما =
1 -
يُعَيِّرُنِي أُمِّي رِجَالٌ وَلَا أَرَى
…
أخَا كَرَمٍ إلَّا بِأَنْ يَتَكَرَّمَا
قوله: "أبى اللَّه" أي: منع أن لا أكون إلا ابنًا لها.
الإعراب:
[قوله: "وهل" الواو للعطف، وهل للاستفهام، وقوله: "لي أم": جملة من المبتدأ والخبر، قوله: "غيرها" بالرفع صفة لأم، قوله: "إن" للشرط، و "ذكرتها": جملة فعل الشرط، والجواب محذوف، دل عليه الكلام السابق، قوله: "أبى اللَّه" فعل وفاعل، و "أن" مصدرية، والتقدير: إلا كوني ابنًا لها؛ أي: لأمي، و "ابنما": منصوب لأنه خبر لأكون]
(1)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ابنما" فإن أصله: ابن، زيدت فيه الميم للمبالغة؛ كما زيدت في: زرقم، وشجعم
(2)
.
الشاهد الرابع والأربعون بعد المائتين والألف
(3)
،
(4)
عَلَّمَنَا إِخْوَانُنَا بَنُو عِجلْ
…
شُرْبَ النَّبِيذِ واصطِفَافًا بالرِّجِلْ
أقول: لم أقف عل اسم راجزه، وقال أبو عمرو: سمعت أبا سوار الغنوي ينشد:
عَلَّمَنَا إِخْوَانُنَا بَنُو عِجلْ
…
الشَّغْزَبَي ثُمَّ اعْتِقَالًا بالرِّجْلْ
قلت: "الشغزبي": ضرب من الصراع، و "الاعتقال": أن يدخل رجله بين رجلي صاحبه حتى يصرعه، و "الاصطفاق" بالقاف في آخره، الرقص.
الإعراب:
قوله: "علمنا": فعل ومفعول، و "إخواننا": كلام إضافي فاعله، وقوله:"بنو عجل": كلام إضافي عطف بيان أو بدل، وقوله:"شرب النبيذ": كلام إضافي نصب على أنه مفعول
= أيضًا في المفضليات (244).
(1)
ما بين المعقوفين سقط في النسخ التي بين أيدينا واستكملناه من النسخة التي ظهرت حديثًا.
(2)
قال ابن يعيش: "وأما (ابنم) فهو ابن زيدت عليه الميم للمبالغة والتوكيد؛ كما زيدت في: زرقم، وشجعم .. قال الشاعر: (البيت) "(9/ 133).
(3)
توضيح المقاصد (5/ 220).
(4)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وهما لقائل مجهول، وانظرهما في الخصائص (2/ 337)، نوادر أبي زيد (30)، والإنصاف (734)، واللسان:"عجل"، وروايته في الخصائص كالآتي:
علمنا أخوالنا بنو عجل
…
الشغزبي واعتقالًا بالرجل
ثان لعلمنا، قوله:"واصطفاقًا": عطف على شرب النبيذ، و "بالرجل" يتعلق به.
الاستشهاد فيه:
في: "عجل، الرجل" فإن الشاعر حرك الجيم فيهما للضرورة
(1)
، وبنو عجل قبيلة تنسب إلى عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أقصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة.
الشاهد الخامس والأربعون بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
أَأَلْحَقُ إنْ دارُ الرَّبَابِ تباعدَتْ
…
أو انْبَتَّ حَبْلٌ أنّ قلبَكَ طائِرٌ
أقول: قائله هو حسان بن يسار التغلبي، وبعده:
2 -
أَمِتْ ذِكْرَهَا وَاجْعَلْ قَدِيمَ وِصَالِهَا
…
وَعِشْرَتهَا كَبَعْضِ مَنْ لَا تُعَاشِرُ
3 -
وَهَبْهَا كَشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَنَازِحٍ
…
بهِ الدَّارُ أَوْ مَنْ غَيَّبَتْهُ المقَابِرُ
وهي من الطويل.
قوله: "الرباب" بفتح الراء بعدها باء موحدة وفي آخره باء أخرى، وهو اسم امرأة، قوله:"انبتّ" أي: انقطع؛ من البت وهو القطع، وأراد بـ "الحبل" حبل المودة، وهو الوصلة التي كانت بينهما.
الإعراب:
قوله: "أَأَلحق" بهمزتين:
(1)
مذهب الكوفيين في نقل الحركة على المنصوب المحلى بأل الساكن ما قبل آخره هو الجواز، فيجوز أن يقال عندهم: رأيت البكَرْ، ومذهب البصريين هو منع ذلك، واتفق المذهبان في حالتي الرفع والجر بالضم والكسر، فيقال في الرفع: هذا البكُرْ، وفي الجر: مررت بالبكِرْ، وهذا الشاهد احتج به الكوفيون على قولهم ووافقهم الأنباري، وجعله البصريون ضرورة. ينظر الإنصاف مسألة (106)، وقال الأشموني:"وأما قوله: (البيت) فهو من النقل للوقف، أو من الإتباع فليس بأصل". الأشموني (4/ 240)، وينظر القول نفسه في الخصائص (2/ 337).
(2)
توضيح المقاصد (5/ 276)، وأوضح المسالك (4/ 191).
(3)
البيت من بحر الطويل، ولحسن معناه في الغزل ادعاه كثير من الشعراء لعمر بن أبي ربيعة، وقيل: لكثير عزة، وقيل: لجميل بثينة، ونسب هنا لحسان بن يسار، وقد وجد في دواوين هؤلاء الشعراء جميعًا؛ كما وجد منسوبًا لكثير في الأغاني (1/ 127)، وانظره في الكتاب (3/ 136)، وينظر الديوان (101)، والتصريح (2/ 366)، والأشموني (4/ 278)، والخزانة (10/ 277).
الأولى: همزة الاستفهام.
والثانية: همزة أداة التعريف، وارتفاع الحق على أنه مبتدأ، وخبره الجملة، أعني قوله:"أن قلبك طائر"، والعائد محذوف تقديره: أن قلبك طائر له، أي: لأجله، أي: لأجل بعد دار الرباب، قوله:"إن" للشرط، وفعل الشرط محذوف تقديره: إن تباعدت دار الرباب، و "تباعدت" المذكورة مفسرة لها، وقوله:"أو انبت حبل": جملة من الفعل والفاعل عطف على الجملة الأولى.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أألحق" فإنه سهل الهمزة الثانية بين بين، والأَوْلى إبدال الثانية ألفًا، وقد قرئ بالوجهين قوله تعالى:{قُلْءَآلذَّكَرَيْنِ} [الأنعام: 144]
(1)
.
الشاهد السادس والأربعون بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
ألَا لَا أرى إثنين أحسنَ شِيمَةً
…
على حَدَثَانِ الدَّهْرِ منِّي ومِنْ جُمْلِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
و"الشيمة" بكسر الشين المعجمة؛ الخلق والطبيعة، و "حدثان الدهر": الذي يحدث فيه من النوائب والنوازل، قوله:"جمل" بضم الجيم وسكون الميم وفي آخره لام، وهو اسم امرأة.
الإعراب:
قوله: "ألا" للتنبيه، و "لا أرى": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"إثنين" مفعوله الأول، وقوله:"أحسن" مفعوله الثاني، و"شيمة" نصب على التمييز، قوله:"على حدثان" يتعلق
(1)
قال الأشموني: "ويبدل همز الوصل المفتوح مدًّا في الاستفهام وهو الأرجح، أو يسهل بين الهمزة والألف مع القصر ولا يحذف؛ كما يحذف المضموم من نحو قولك: أضطر الرجل، وكما يحذف المكسور في نحو:{أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} [ص: 63] .. لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر، ولا يحقق لأن همز الوصل لا يثبت في الدرج إلا لضرورة كما مر، فتقول: آلحسن عندك، وآيمن الله يمينك
…
وبالتسهيل مرجوحًا، ومنه قوله:(البيت) وقد قرئ بالوجهين في مواضع من القرآن نحو: {ءَآلذَّكَرَيْنِ} ، {ءَآلْئَانِ} ". ينظر شرح الأشموني بمضمون الألفية (4/ 277، 278)، وينظر سر الصناعة (340).
(2)
أوضح المسالك (4/ 390).
(3)
البيت من بحر الطويل، لجميل بثينة وليس في ديوانه:(شعراؤنا)، وينظر المحتسب (1/ 248)، والأغاني (21/ 255)، والخزانة (7/ 202)، ورصف المباني (41)، وسر الصناعة (341)، والتصريح (2/ 366)، وابن يعيش (9/ 19).
[بقوله: "أحسن]
(1)
شيمة"، قوله: "مني" صفة لقوله: "شيمة" فإنه أفعل التفضيل فلا بد له من أحد الأمور الثلاثة، أحدها: "من" كما عرف في موضعه
(2)
، قوله:"ومن جمل": عطف على قوله: "مني".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "إثنين" حيث لم يدرج همزة الوصل فيها للضرورة، وقد علم أن همزة الوصل لا تثبت في الدرج
(3)
.
* * *
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
(2)
والثاني إضافته إلى معرفة، أو نكرة، والثالث: اقترانه بأل.
(3)
أثبت الشاعر همزة: "اثنين" التي من حقها أن تسقط في الدرج، وقد أثبتها لإقامة الوزن ضرورة. ينظر ابن يعيش (9/ 19).
شواهد الإبدال
الشاهد السابع والأربعون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
يا ربِّ إنْ كُنْتَ قَبِلْتَ حَجَّتِجْ
…
فلا يَزَالُ شَاحِجٌ يأتيك بِجْ
أقْمَرُ نَهَّاتٌ تنزي وفرتِجْ
أقول: قائله هو رجل من اليمانيين، وقال المفضل: أنشدني أبو الغول هذه الأبيات لبعض أهل اليمن
(3)
، وهو من الرجز المسدس.
قوله: "يا رب" كذا أنشده ابن مالك في شرح الشافية
(4)
، وأنشده الزمخشري:"لا هم إن كنت"
(5)
، قوله:"شاحج" بالشين المعجمة وبعد الألف حاء وجيم وهو البغل، وللجاحظ كتاب سماه: الصاهل والشاحج، يتكلم فيه على لساني الفرس والبغل، قوله:"أقمر" أي: أبيض، قوله:"نهات" بفتح النون وتشديد الهاء وفي آخره تاء مثناة من فوق، ومعناه: النهاق، قوله:"تنزي"، أي: تحرك، و "الوفرة": الشعر إلى شحمة الأذن ثم الجمة ثم اللمة، وهي التي ألمت بالمنكبين.
الإعراب:
قوله: "يا رب" يا حرف نداء، ورب: أصله: ربي حذفت الياء واكتفي بكسرة الباء، وهو
(1)
ابن الناظم (837)، وأوضح المسالك (4/ 395).
(2)
الأبيات من بحر الرجز المشطور، لقائل مجهول، وهي في سر الصناعة (177)، والتصريح (2/ 367)، وشرح الشافية (2/ 277)، وشواهدها (215)، وابن يعيش (9/ 75)، (10/ 50)، والممتع (1/ 355)، الدرر (3/ 40).
(3)
لم نستطع العثور عليه في المفضليات للضبي.
(4)
انظر شرح الكافية الشافية (2078).
(5)
انظر المفصل في صناعة الإعراب (490)، دار الكتب العلمية، وشرح ابن يعيش (10/ 50).
منادى مضاف، قوله:"إن" للشرط، قوله:"كنت قلبت حجتج": جملة وقعت فعل الشرط، وقوله:"فلا يزال": [جواب الشرط]
(1)
، و"شاحج" اسم لا يزال، وقوله:"يأتيك": جملة خبرها، وقوله:"بج": جار ومجرور في محل النصب على المفعولية، قوله:"أقمر" بالرفع لأنه صفة شاحج، وقوله:"نهات" صفة أخرى.
وقوله: "تنزي": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى شاحج، وقوله:"وفرتج": كلام إضافي مفعوله، والجملة في محل الرفع على أنها صفة أخرى لشاحج.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "حجتج، وبج، ووفرتج"، فإن أصلها: حجتي، وبي، ووفرتي، فأبدل من الياءات جيمًا، وقوله:"بج" بتخفيف الجيم، ومن شدد فقد غلط
(2)
.
الشاهد الثامن والأربعون بعد المائتين والألف
(3)
صَعْدَةٌ نَابِتَةٌ في حائِرٍ
…
أينما الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد عوامل الجزم
(4)
.
الاستشهاد فيه:
هاهنا في قوله: "حائر" فإنه على وزن فاعل، وهو اسم للبستان وليس باسم فاعل، فيجوز فيه إبدال الياء همزة؛ كما يجوز في فاعل الذي هو اسم فاعل
(5)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(2)
قال ابن مالك: "وأما الجيم فإن قومًا من العرب يبدلونها من الياء المشددة في الوقف باطراد، وربما أبدلت دون وقف كقولهم في: "الأيّل والأجَّل" ودون تشديد كقوله: (الأبيات)، وهذا النوع من الإبدال جدير بأن يذكر في كتب اللغة لا كتب التصريف" ينظر شرح الكافية الشافية (2078، 2079).
(3)
توضيح المقاصد (6/ 12)، وروايته:"جائز".
(4)
ينظر الشاهد رقم (1106).
(5)
قال الأشموني: "تنبيهات: الأول هذا الإبدال جار فيما كان على فاعل وفاعلة ولم يكن اسم فاعل؛ كقولهم: جائر، وهو البستان، قال: (البيت)، وكقولهم: جائزة وهي خشبة تجعل في وسط السقف". ينظر (4/ 288)، ويقصد بالإبدال هنا إبدال الواو والياء همزة إذا وقعتا عينًا لاسم فاعل أعلت عين فعله نحو: قائل، وبائع.
الشاهد التاسع والأربعون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
....................
…
وكَحَّل العَيْنَيْنِ بالعوَاورِ
أقول: قائله هو جندل بن المثنى الطهوي، وأوله هو قوله
(3)
:
1 -
غرَّكِ أنْ تَقَارَبَتْ أبَاعِرِي
…
وَأَنْ رَأَيْتَ الدَّهْرَ ذَا الدَّوَائِرِ
2 -
حَنَّى عِظَامِي وَأَرَاهُ ثَاغِرِي
…
وَكَحَّلَ العَيْنَيْنِ بالعَوَاورِ
ويروى:
وَكَاحِلًا عَيْنَيَّ بالعَوَاورِ
وهي من الرجز المسدس.
قوله: "وكَحَّل العَينَيِنْ بالعوَاورِ" أي: جعل فيهما ما يقوم مقام الكحل لهما، وهذا على المجاز والاتساع، و "العواور": جمع عوار بضم العين وتخفيف الواو، وهو الرمد الشديد، وقيل: هو كالقذا والطعن يجده الإنسان في عينه، قوله:"أن تقاربت أباعري" يريد أن إبله قد تقاربت، أي: قربت من الدناءة؛ من قولك: شيء مقارب إذا كان دونًا، وكذلك: رجل مقارب، قيل: إنما المعنى: قرب بعضها من بعض، قوله:"حنى عظامي" أي: قوسها، قوله:"ثاغري" بالثاء المثلثة والغين المعجمة؛ من ثغرته إذا كسرت ثغرته.
الإعراب:
قوله: "وكحل": فعل ماض، وفاعله الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى الدهر، و "العينين": مفعوله، والباء تتعلق بكحل في محل النصب على أنه مفعول ثانٍ.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "العواور" فإن أصله: العواوير، فلذلك صحت الواو لبعدها من الطرف ثم حذفت
(1)
ابن الناظم (840)، وروايته:(بالقوادر)، وتوضيح المقاصد (6/ 17)، وأوضح المسالك (4/ 399).
(2)
البيت من الرجز المشطور، وسيذكر الشارح عدة أبيات معه، وقد نسبت لجندل بن المثنى الطهوي، وانظر الشاهد في الكتاب (4/ 370)، والممتع (1/ 339)، والمنصف (2/ 49)، (3/ 50)، وابن يعيش (5/ 70)، (10/ 91)، والخصائص (3/ 326)، والإنصاف (785)، وسر الصناعة (771)، وشرح الشافية (3/ 131)، والتصريح (2/ 396)، وشواهد الشافية (374).
(3)
ينظر شرح شواهد الشافية (374).
الياء وبقي التصحيح بحاله؛ لأن حذف الياء عارض
(1)
.
الشاهد الخمسون بعد المائتين والألف
(2)
فما برِحَتْ أقْدَامُنَا في مقامِنَا
…
ثَلاثَتِنَا حتى أُزِيرُوا المَنَائِيَا
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد البدل
(3)
.
والاستشهاد فيه:
[في قوله]
(4)
: ["المنائيا" حيث أثبت فيه حرف العلة في الموضع الذي يجب حذفه فيه في سعة في الكلام، إجراء للمعتل مجرى الصحيح، وكان الوجه أن يقول: المنايا، ولكنه أظهر الياء للضرورة]
(5)
.
الشاهد الحادي والخمسون بعد المائتين والألف
(6)
،
(7)
إنَّ الخليطَ أجَدُّوا البيْنَ فَانْجَرَدُوا
…
وأَخْلَفُوكَ عِدَ الأمْرَ الذي وعدوا
أقول: قائله هو أمية الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب
(8)
، وقد روي الشطر الأول من هذا البيت على وجوه كثيرة لأناس متعددة، فقال بسامة بن الغدير
(9)
:
إنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَينَ وابْتَكَرُوا
…
لِبَنِينَا ثُمَّ مَا عَادُوا ولا انْتظَرُوا
وقال نهشل بن حري
(10)
:
(1)
استشهد بهذا البيت على منع إبدال الواو همزة وتصحيحها مع أنها وقعت ثاني حرفين لينين بينهما ألف مفاعل لأن شر ذلك: الاتصال بالطرف، فلو انفصل من الطرف يمتنع الإبدال، وكذا لو كان الاتصال بالطرف عارضًا كالبيت؛ لأنه أراد بالعواوير جمع عوار، فنوى الياء المحذوفة. ينظر شواهد الشافية (374)، وشرح الكافية الشافية (286، 2085).
(2)
ابن الناظم (841)، وتوضيح المقاصد (6/ 20).
(3)
ينظر الشاهد رقم (905).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(6)
ابن الناظم (861)، وتوضيح المقاصد (6/ 64).
(7)
البيت من بحر البسيط، وهو مطلع قصيدة نسبها الشارح، وانظر الشاهد في شرح شواهد الشافية (64)، والخصائص (3/ 171)، وشرح شافية ابن الحاجب (1/ 158)، وشرح عمدة الحافظ (486)، والتصريح (2/ 396).
(8)
شاعر من فصحاء بني هاشم، كان معاصرًا للفرزدق، والأحوص (ت 95 هـ)، الأعلام (5/ 150).
(9)
البيت من بحر البسيط، انظره في لسان العرب، مادة:"خلط".
(10)
البيت من بحر البسيط، انظره في لسان العرب، مادة:"خلط".
إنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَينَ فابْتَدَرُوا
…
وامْتَاحَ شَوْقَكَ أجْدَاجٌ لَهَا زُمَرْ
وقال ابن ميادة
(1)
:
إنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَينَ فانْدَفَعُوا
…
ومَا رَبُوا قَدْرَ الأمْرِ الذِي صَنَعُوا
(2)
وقال الحسين بن مطير
(3)
:
إنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَينَ فانْقَذَفُوا
…
وأمْتَعُونِي بِشَوقٍ أيَّةَ انْصَرَفُوا
وقال مرة بن الرقاع
(4)
:
إنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَينَ فادّلجوا
…
وهُمْ لِذَلكَ في آثَارِهِمْ لَجَجُوا
وقال جرير بن عطية
(5)
:
إنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَينَ يَوْمَ غَدَوْا
…
منْ دَارَةِ الجَأْبِ إذ أحْدَاجُهُمْ زُمَرُ
وقال نصيب
(6)
:
إنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَينَ فَاحْتَمَلُوا
…
...........................
وقال عمر بن أبي ربيعة
(7)
:
......................
…
إنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَينَ فَاحْتَمَلُوا
قوله: "الخليط" بفتح الخاء المعجمة؛ صاحب الرجل الذي يخالطه في جميع أموره، ويستوي فيه الواحد والجمع، و "البين" بفتح الباء؛ الفراق والانقطاع، قوله:"فانجردوا" [أي:
(1)
البيت من بحر البسيط، انظره في لسان العرب، مادة:"خلط".
(2)
هذا البيت سقط في (ب).
(3)
البيت من بحر البسيط، انظره في لسان العرب، مادة:"خلط".
(4)
البيت من بحر البسيط، انظره في لسان العرب، مادة:"خلط".
(5)
البيت من بحر الطويل لجرير من قصيدة يهجو بها الأخطل، وهي في ديوانه (197)، ط. دار صادر، والديوان بشرح مهدي محمد ناصر (192)، ط. دار الكتب العلمية، و (ص 110) بتحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد.
(6)
البيت من بحر البسيط، انظره في لسان العرب، مادة:"خلط".
(7)
البيت من بحر البسيط، وصدره:
فقال لي الربع لما أن وقفت به
…
.............................
انظر ديوان عمر بن أبي ربيعة (299)، ط. دار الكتب العلمية، و (357)، بتحقيق: الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، وروايته في الديوان (138)، ط. دار الكتب العلمية:
إن الخليط الذي تهوَى قد ائتَمَرُوا
…
بالبين ثمَّ أُجِدُّوا البينَ فابتَكَرُوا
اندفعوا، يقال: انجردت عنهم، أي: تركتهم وفارقتهم]
(1)
.
الإعراب:
قوله: "الخليط" اسم إن، وقوله:"أجدوا": فعل وفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى الخليط، وقد قلنا: إن الخليط يستوي فيه الواحد والجمع، وقوله:"البين" بالنصب مفعوله، والجملة خبر إن، قوله:"فانجردوا": جملة معطوفة على الجملة التي قبلها.
قوله: "وأخلفوك": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، وقوله:"عِدَ الأمر": كلام إضافي مفعوله، و "الذي" موصول، وقوله:"وعدوا" صلته، والعائد محذوف تقديره: الذي وعدوه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "عِدَ الأمر"، فإن أصله: وعدة الأمر، وذلك لأنه مصدر من وعد يعد وعدًا، فلما حذف الواو تبعًا لحذفها في الفعل عوض عنها التاء، فصار: عدة، ثم حذف الشاعر التاء في حال الإضافة، وهذا كثير؛ كما في قوله تعالى:{وَإِقَامِ الصَّلَاةِ} [النور: 37]، أصله: وإقامة الصلاة، ولا يختص ذلك بالنظم
(2)
.
(1)
ما بين المعقوفين بياض في (أ).
(2)
مصدر الرباعي الذي على وزن: "أفعل" قياسه أن يكون على وزن: "إفعال" متى كان إلا إن اعتلت عينه فمصدره كذلك، ويجب إعلال عينه بالتسكين ونقل حركتها إلى الفاء وقلبها ألفًا ثم الحذف ثم التعريض عن المحذوف وذلك نحو: إقامة، وإعانة، وغيرهما مما هو معتل الحين من هذا الوزن، ومذهب سيبويه والخليل في الألفين -المنقلبة عن العين والزائدة- أن المحذوف هي الثانية منهما، ووافقهما ابن مالك في الألفية وذلك لزيادتها، وقربها من الطرف الذي هو محل التغيير، ولأن الثقل حصل بها، ويرى الفراء والأخفش أن المحذوفة الأولى، ووافقهما على ذلك الزمخشري في المفصل -ينظر المفصل (275)، ط. دار الكتب العلمية، وابن يعيش (6/ 58)، وذلك عملًا بقاعدة التخلص من التقاء الساكنين إذا كان أولهما مدًّا، ولوجود التاء في المصدر عوضًا، على أنه ليس لهذا الخلاف أثر في الكلمة، وإنما يظهر في ميزانها، إذ على الأول يكون وزنها: إفعلة، والثاني: إفالة، وأيًّا ما كان المحذوف هو الأول أو الثاني فيعوض عنه التاء، إلا أن سيبويه أجاز هذا الحذف مطلقًا إذ يقول:"وإن شئت لم تعوض وتركت الحروف على الأصل، قال اللَّه عز وجل: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} [النور: 37] .. وقالوا أريته إراء، مثل: أقمته إقامًا؛ لأن من كلام العرب أَن يحذفوا ولا يعوضوا". ينظر الكتاب (4/ 83) وتصريف الأسماء: محمد الطنطاوي: (60)، ط. وادي الملوك خامسة (1955 م).
الشاهد الثاني والخمسون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
وكَأَنَّهَا تفّاحَةٌ مَطْيُوبَةٌ
…
............................
أقول: قائله شاعر تميمي
(3)
، وتمامه
(4)
:
المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "وكأنها" الواو للعطف على ما قبله، والضمير يرجع إلى الخمر، و "تفاحة": خبر كأن، و "مطيوبة": صفتها.
والاستشهاد فيه:
في قوله: "مطيوبة" حيث أخرجه الشاعر عن الأصل، والقياس فيه: مطيبة؛ كما في مبيوع، فإنه يقال فيه: مبيع بالإعلال على ما بين في موضعه
(5)
.
الشاهد الثالث والخمسون بعد المائتين والألف
(6)
،
(7)
قَدْ كَانَ قَوْمُكَ يَحْسبُونَكَ سيِّدًا
…
وأخالُ أنكَ سيدٌ معْيُونُ
أقول: قائله هو العباس بن مرداس، وكان فارسًا سيدًا، وقيل: إن أمه الخنساء، وهذا قول
(1)
ابن الناظم (862)، وتوضيح المقاصد (6/ 68).
(2)
صدر بيت من بحر الكامل مجهول القائل، والعجز، وهو في وصف الخمر، وانظره في المقتضب (1/ 101)، والخصائص (1/ 261)، وابن يعيش (10/ 10)، وشرح الأشموني (4/ 324).
(3)
هو شاعر تميمي لم أجد من عينه.
(4)
فراغ في نسخ العيني، وفي نسخته التي على هامش الخزانة.
(5)
مما يعل بالنقل والحذف صيغة: "مفعول"، ويجب في ذوات الياء مما هو نحو:"مبيع" الحذف وقلب الضمة كسرة لئلا تقلب الياء واوًا فتلتبس ذوات الياء بذوات الواو، فأصل: مبيع: مبيوع نقلت حركة العين إلى ما قبلها فالتقى ساكنان فحذفت واو مفعول عند سيبويه، ثم كسر ما قبل الياء لئلا ينقلب واوًا فيلتبس بالواوي وحذفت عين الكلمة عند الأخفش ثم قلبت الضمة كسرة لتقلب الواو ياء لئلا يلتبس بالراوي، ومذهب سيبويه أولى؛ لأن التقاء الساكنين إنما يحصل عند الثاني، ولأن قلب الضمة إلى الكسرة خلاف قياسهم، وبنو تميم يصححون اليائي دون الراوي؛ لأن الياء أخف عليهم من الواو وذلك مطرد عندهم، ومنه شاهدنا، ومثله قول العباس بن مرداس:
قد كان قومك يحسبونك سيدًا
…
وإخال أنك سيد معيون
وكان القياس فيه أن يقول: معين، ولكنه أتى به "معيون" على الأصل. ينظر شرح التصريح بمضمون التوضيح (2/ 395).
(6)
ابن الناظم (862).
(7)
البيت من بحر الكامل، من مقطوعة للعباس بن مرداس السلمي، يحذر فيها من الظلم والظالمين، حيث نهب من =
الأصفهاني
(1)
، وأنكر ذلك الكلبي، وذكر القتبي أولادها من المرداس وغيره ولم يذكر العباس، وقال الأصفهاني: لما انصرف حرب بن أمية ومرداس من حرب عكاظ مرا بالقُرَيَّةَ وهي غيضة فاشتركا فيها وأضرما فيها النار على أن يزرعاها، فسمع من الغيضة أنين وضجيج وطارت منها حيّات بيض، ولم يلبثا إلا قليلًا وماتا، وادعى كليب بن عييمة السلمي القرية فقال العباس
(2)
:
1 -
أكُلَيبُ ما لَكَ كلَّ يومٍ ظَالِمًا
…
والظلمُ أنكدُ وجهُهُ ملعُونُ
2 -
افعل بقومك ما أرادَ بوَائِلٍ
…
يَوْمَ الغَدِيرِ سَمِيُّكُ المَطْعُونُ
3 -
وإخَالُ أَنَّكَ سَوفَ تَلْقَى مثلَها
…
فيِ صَفْحَتَيهِ سِنَانُهَا مَسْنُونُ
4 -
قَدْ كَانَ قَومُكَ .........
…
...........................
وهي من الكامل.
قوله: "وأخال" بمعنى: أظن، والقياس فيه فتح الهمزة، ولكن يحكى عن بني أسد كسر همزته، قوله:"معيون" بالعين المهملة؛ من عنت الرجل بعيني فأنا عائن، وهو معين على النقص، ومعيون على التمام.
الإعراب:
قوله: "قد" للتحقيق، و "كان" من الأفعال الناقصة، و "قومك": كلام إضافي اسمه، وقوله:"يحسبونك": جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل النصب على أنها خبر كان، قوله:"سيدًا" مفعول ثان ليحسبونك، قوله:"وأخال": جملة من الفعل والفاعل.
وقوله: "أنك" أن مع اسمه وخبره سد مسد مفعولي أخال، فالكاف اسم أن، و "سيد" خبره، وقوله:"معيون": خبر بعد خبر أو صفة لسيد، وأصله: سيود لأنه من ساد يسود، فأبدلت الواو [ياء]
(3)
، وأدغمت الياء في الياء.
= أقاربه حق أبيه في الميراث، ديوانه (108)، وانظر بيت الشاهد في المقتضب (1/ 102)، وشرح شواهد الشافية (387)، والخصائص (1/ 261)، والتصريح (2/ 395).
(1)
الأغاني (6/ 302).
(2)
انظر الأغاني (6/ 92، 521)، ط. دار إحياء التراث العربي بيروت، والحماسة البصرية (1/ 10)، وديوان العباس (108).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "معيون" فإن القياس فيه: معين، ولكنه أخرجه على الأصل والتمام كما ذكرنا
(1)
.
الشاهد الرابع والخمسون بعد الماتين والألف
(2)
،
(3)
................................
…
يومُ رذَاذٍ عليه الدجْنُ مَغيُومُ
أقول: قائله هو علقمة بن عبدة التميمي، وصدره
(4)
:
حَتى تَذَكَّرَ بَيضَاتٍ وَهَيجَهُ
…
................................
وهو من قصيدة طويلة من البسيط، وأولها هو قوله:
1 -
هل ما علِمتَ ومَا استودِعْتَ مكتومُ
…
أمْ حَبلُهَا إذْ نَأَتْكَ اليوم مَصْرُومُ؟
2 -
أمْ هلْ كَبِيرٌ بكَى لم يقضِ عَبرَتَهُ
…
إثْرَ الأحِبَّةِ يومَ البينِ مَشْكُومُ
إلى أن قال:
3 -
يَظَل في الحَنْظَلِ الخُطْبَان يَنْقُفُهُ
…
ومَا اسْتَطَفَّ مِنَ التنومِ مخْدومُ
4 -
فُوهٌ كشِقِّ العَصَا لأْيًا تَبَينهُ
…
أسَكُّ ما يَسمَعُ الأصْوَاتَ مَصلُومُ
5 -
حتى تذكر ...............
…
.................. إلى آخره
6 -
فلا تَزيدُهُ في مَشْيِه نَفِقٌ
…
ولا الزفِيفُ دُوَين الشدِّ مسؤُومُ
1 -
[قوله]
(5)
: "هل ما علمت إلى آخره" أي: من حبها مكتوم عندها أم منتشر؟ و"حبلها": وصلها، قوله:"نأتك" أي: بعدت منك، و:"مصروم" أي: منقطع.
2 -
قوله: "لم يقض عبرته" أي: لم يشتف من البكاء لأن في ذلك راحة، و"العَبرة":
(1)
ينظر الشاهد رقم (1250).
(2)
ابن الناظم (862)، وتوضيح المقاصد (6/ 68)، ورواية ابن الناظم:
حتى تذكر بيضات وهيجه
…
يومٌ رذاذٌ عليه الدجنُ مغيوم
(3)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة طويلة لعلقمة بن عبدة الفحل، تجاوزت الخمسين بيتًا، وقد اشتملت على أغراض شتى، ففيها الغزل، وفيها الوصف للنساء، وذكر النعام والأصحاب، وانظر بيت الشاهد في المقتضب (1/ 101)، والممتع (460)، والمنصف (1/ 286)، (3/ 47)، والخصائص (1/ 261)، وابن يعيش (10/ 78)، والخزانة (11/ 295).
(4)
انظر القصيدة في ديوان علقمة بن عبدة الفحل (50)، تحقيق: لطفي الصقال، والديوان (33 - 40) بشرح الأعلم، سلسلة:"شعراؤنا".
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
الدمعة، وأراد بالكبير قيس بن الخطم، قوله:"إثر الأحبة" أي: عند فراق الأحبة، و "البين" الفراق، و "مشكوم" بالشين المعجمة، معناه: مثاب مكافأ.
3 -
قوله: "يظل" أي: الظليم يظل في الحنظل الخطان، قال الأصمعي: إذا صار للحنظل خطوط تضرب إلى السواد ولم يدخله بياض ولا صفرة فهو الخطان، والواحدة: خطبانة
(1)
.
قوله: "ينقفه" أي: يستخرج حبه، يقال: نقفت الحنظل أنقفه إذا كسرته واستخرجت حبه ومادته: نون وقاف وفاء.
4 -
قوله: "فوه" أي: فمه، قوله:"كشق العصا" أي: لاصق ليس بمفتوح ولا تكاد ترى شدته.
قوله: "لأيًا" أي: بطئًا، قوله:"أسك" أي: ما يسمع، و "المصلوم": مقطوع الأذنين.
5 -
قوله: "حتى تذكر" أي: هذا الظليم كان يرعى الخطان حتى تذكر بيضات له، وهو جمع بيضة، قوله:"هيجه": من التهييج، وثلاثيه: هاج إذا ثار يتعدى ولا يتعدى، و "الرذاذ" بفتح الراء وبذالين معجمتين [بينهما ألف]
(2)
، وهو المطر الخفيف. وهو فوق القطط، يقال: أرذت السماء وأرض مرذة، ولا يقال: مرذوذة، ويقال: يوم مرذ، أي: ذو رذاذ، و "الدجن" بفتح الدال المعجمة وسكون الجيم وفي آخره نون، وهو إلباس الغيم السماء، وقد دجن يومنا يدجن دجنًا ودجونًا، وأدجنت السماء: دام مطرها، يقال للمطر الكثير: دجن أيضًا.
قوله: "مغيوم" بالغين المعجمة؛ من الغيم وهو السحاب، يقال: غامت السماء تغيم.
6 -
قوله: "فلا تزيده" التزيد: المشي في العنق، و "النفق" بفتح النون وكسر الفاء وفي آخره قاف، وهو السريع الذهاب، و"الزفيف" دون الشد قليلًا، و"مسؤوم": من سئمت سأمًا؛ أي: مللت ملالة.
الإعراب:
قوله: "حتى" للغاية، و "تذكر": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى الظليم وهو ذكر النعام، قوله:"بيضات" مفعوله.
قوله: "وهيجه": جملة من الفعل والمفعول وهو الضمير المنصوب الراجع إلى الظليم، وقوله:"يوم رذاذ": كلام إضافي مرفوع بالفاعلية، قوله:"عليه الدجن": جملة من المبتدأ والخبر وقعت صفة ليوم، قوله:"مغيوم" بالرفع صفة أخرى ليوم.
(1)
اللسان والصحاح مادة: "خطب".
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "مغيوم" فإنه جاء على أصله بدون إعلال، والقياس فيه: مغيم
(1)
.
الشاهد الخامس والخمسون بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
........................
…
وَمَا أرّقَ النُّيَّامَ إلَّا كَلَامُهَا
أقول: قائله هو أبو الغمر الكلابي، وصدره:
ألا طَرَقَتنَا مَيَّةُ ابنَةُ مُنْذِرٍ
…
................................
وهو من الطويل:
قوله: "طرقتنا": من الطروق من طرق إذا أتى أهله ليلًا.
الإعراب:
قوله: "ألا" للتنبيه، و "طرقتنا": جملة من الفعل والفعول، و "مية": فاعلها، و "ابنة منذر": كلام إضافي صفة لمية، قوله:"وما" للنفي، و "أرق": فعل؛ أي: أسهر، و "النيام": مفعوله، قوله:"إلا كلامها" بالرفع فاعله.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "النيام" فإن أصله: النوّام بضم النون جمع نائم، وأصله: النيوام، قلبت الياء واوًا وأدغمت الواو في الواو فصار النوّام
(4)
، وقلب الواو ياء، وإدغام الياء في الياء شاذ
(5)
.
(1)
ينظر الشاهدان السابقان (1250، 1251).
(2)
ابن الناظم (864)، وتوضيح المقاصد (4/ 75)، وأوضح المسالك (4/ 422).
(3)
البيت من بحر الطويل، نسب في بعض مراجعه لذي الرمة، غير أنه ليس في ديوانه، وأما الذي في ديوان ذي الرمة فهو قرله:(صحبت فما نفر التقويم إلا سلامها)، انظر الديوان (2/ 1003)، وانظر بيت الشاهد في الخزانة (3/ 419)، وشرح شواهد الشافية (381)، وابن يعيش (10/ 93)، والمنصف (2/ 5)، والتصريح (2/ 383)، وشرح شافية ابن الحاجب (3/ 143)، والممتع (2/ 498).
(4)
هذا كلام لا معنى له؛ فالنيام، أصله النوام، والنوام لا أصل له، وإنما يقال: وقعت الواو عينًا لنوام لفظًا جمعًا فقلبت ياء.
(5)
تبدل الواو من الياء في عشرة مسائل منها: أن تكون عينًا لفُعل جمعًا صحيح اللام؛ بشرط عدم وجود الفاصل بين العين واللام نحو: صُيَّم، ونُيَّم، والأكثر فيه التصحيح فتقول: صوَّم، ونوم، ويجب التصحيح إن اعتلت اللام لئلا يتوالى إعلالان نحو: شوى، وغُوّى جمعي: شاو، وغاو، أو فصلت من العين نحو: صوام، ونوّام لبعدها حينئذ من الطرف، ومن هنا شذ في قوله:"النيام" لأنه جمع: نائم، وأصله ناوم، وأصل الجمع على هذا: نوام، فقلبت الواو ياء في الجمع فحكم مثل هذا الشذوذ لوجود الألف قبل اللام، وقياسه: نيام بالتصحيح. ينظر: التصريح بمضمون التوضيح (2/ 383).
الشاهد السادس والخمسون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
................................
…
فإنه أهْلٌ لأَنْ يُؤَكْرَمَا
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد النعت، وفي شواهد نوني التوكيد
(3)
.
الشاهد فيه:
هاهنا في قوله: "يؤكرما" حيث أخرجه على الأصل للضرورة، والقياس فيه:"يكرما" بحذف الهمزة
(4)
.
الشاهد السابع والخمسون بعد المائتين والألف
(5)
،
(6)
وَقَفْتُ فيهَا أُصَيلالًا أُسَائلُهَا
…
عَيَّتْ جَوَابًا وما بِالربْع من أحَدٍ
أقول: قائله هو النابغة الذبياني، وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد أسماء الأفعال والأصوات
(7)
.
(1)
ابن الناظم (868)، وأوضح المسالك (4/ 443).
(2)
بيت من بحر الرجز المشطور، ولا ثاني له، نسب لأبي حبان الفقعسي في بعض مراجعه، وانظره في المقتضب (2/ 98)، والإنصاف (2/ 285)، والخزانة (2/ 316)، وشرح الأشموني (4/ 343).
(3)
ليس في باب النعت ولا في باب التوكيد.
(4)
قال ابن جني في المنصف: "ومثل: يعد قولهم: أنا أُكرِم، فحذفوا الهمزة التي كانت في: أكرم؛ لئلا يلتقي همزتان؛ لأنه كان يلزم: أنا أؤكرم فحذفوا الثانية كراهة اجتماع همزتين، ثم قالوا: نُكرِم، وتكرم، ويكرم، فحذفوا الهمزة وإن كانوا لو جاءوا بها لما اجتمع همزتان، ولكنهم أرادوا المماثلة، وكرهوا أن يختلف المضارع فيكون مرة بهمزة وأخرى بغير همزة محافظة على التجنيس في كلامهم، وإذا كانوا قد حذفوا الهمزة الأصلية المفردة في نحو: خذ، وكل، فهم بأن حذفوا الزائدة إذا كانت معها أخرى زائدة أجدر، وقد جاء في كلامهم: يؤفعل، أنشدوا:
............................
…
فإنه أهل لأن يؤكرما
فجاء على الأصل ضرورة". ينظر المنصف (1/ 191، 192)، والمخصص (16/ 108)، ونزهة الطرف في علم الصرف لابن هشام (167)، تحقيق: أحمد عبد المجيد هريدي.
(5)
أوضح المسالك (4/ 394).
(6)
البيت من بحر البسيط، وهو من معلقة النابغة الذبياني التي يمدح بها النعمان بن المنذر، ويعتذر إليه، والتي مطلعها:
يا دار مية بالعلياء فالسند
…
أقوت وطال عليها سالف الأمد
وبيت الشاهد ثاني أبياتها، ديوان النابغة (14) ط. دار المعارف.
(7)
نظر الشاهد رقم (1103).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أصيلالًا" فإنه تصغير: أصيل على غير قياس، وإبدال اللام فيه من النون، وهذا إبدال غير شائع، والأحرف التي تبدل من غيرها إبدالًا شائعًا تسعة يجمعها قوله: "هدأت موطيًا
(1)
.
الشاهد الثامن والخمسون بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
أدارًا بِحُزْوَى هِجْتِ لِلْعَينِ عَبرَةً
…
................................
أقول: قائله هو ذو الرمة غيلان، وتمامه:
................................
…
فماء الهوى يرفض أو يترقرق
وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد النداء
(4)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بحزوى" فإن حزوى على وزن فُعْلَى بضم الفاء وهو اسم لموضع؛ لذلك لم يتغير، وإلا فالأصل في "فُعْلَى" إذا كان صفة تقلب فيه الواو ياء؛ كما في: الدنيا والعليا، وقولهم ناقة قصوى شاذ.
الشاهد التاسع والخمسون بعد المائتين والألف
(5)
،
(6)
ألا يَا دِيَارَ الحَيِّ بالسَّبُعَانِ
…
أَمَلَّ عَلَيهَا بالبِلَى المَلَوَانِ
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد النسب
(7)
.
(1)
ينظر نزهة الطرف في علم الصرف لابن هشام (149) وقد عدها تسعة أحرف في قوله: "هدأت موطيا"، وفي الإبدال من اللام يقول سيبويه:"وقد أبدلوا اللام من النون وذلك قليل جدا، قالوا: أصيلال، وإنما هو أصيلان" الكتاب (4/ 240)، وقد عد سيبويه حروف الإبدال أحد عشر حرفا في قوله:"هذا باب حروف البدل في غير أن تدغم حرفا في حرف وترفع لسانك من موضع واحد وهي ثمانية أحرف من الحرف الأول، وثلاثة من غيرها". ينظر الكتاب (4/ 237).
(2)
أوضح المسالك (4/ 416).
(3)
البيت مطلع قصيدة لذي الرمة في الغزل ووصف الصحراء، وهي في ديوانه (1/ 456)، تحقيق: عبد القدوس أبو صالح.
(4)
ينظر الشاهد رقم (939).
(5)
البيت مطلع قصيدة لتميم بن مقبل، وهي في الفخر، وانظره في ديوانه (335).
(6)
أوضح المسالك (4/ 333).
(7)
ينظر الشاهد رقم (1217).
الاستشهاد هاهنا:
أنه إذا أريد أن يبنى من الرمي مثل: سبعان الذي هو اسم موضع يقال فيه: رموان بالواو المبدلة من الياء وضم الميم، وتحقيقه في كتاب من أخرج البيت.
الشاهد الستون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
فإنْ تَتَّعِدْنِي أَتَّعِدكَ بِمِثْلِهَا
…
وَسَوْفَ أريدُ البَاقِيَاتِ القَوَارصَا
أقول: قائله هو الأعشى ميمون بن قيس، يهجو علقمة بن علاثة، وبعده
(3)
:
2 -
قوافيَ أمثالًا يُوَسِّعْنَ جِلْدَهُ
…
كما زدتَ في عَرضِ القميصِ الدَّخارِصَا
3 -
أتوعِدُنِي أنْ جَاش بَحْرُ ابنِ عمكُم
…
وَبَحْرُكَ سَاجٍ لا يُوَارِي الدَّعَامِصَا
وهي من الطويل.
قوله: "القوارصا": جمع قارصة، وهي الكلمة المؤذية، ومنه: قرص البراغيث وهو لسعها.
و"الدخارص": جمع دخريص
(4)
، [قوله:"أن جاش": من جاشت النفس تجيش جيشًا وجيشانًا إذا غلت، قال الخليل: وكذلك كل شيء يغلي فهو يجيش حتى الهم والغصة في الصدر، والبئر إذا نبع ماؤها، والوادي إذا زخر، قوله:"وبحرك ساج" أي: ساكن، من سجا يسجو سجوًا إذا سكن ودام، والبحر في الموضعين بالباء الموحدة، قوله:"لا يواري" أي: لا يستر]
(5)
، و "الدعامص": جمع دعموص، وهي دويبة تغوص في الماء، وقد عدها بعضهم من الممسوخات؛ كالقرد والخنزير والفيل، وهو بالعين والصاد المهملتين.
الإعراب:
قوله: "فإن" الفاء عاطفة، وإن للشرط، و "تتعدني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول
(1)
أوضح المسالك (4/ 396).
(2)
البيت من قصيدة طويلة للأعشى يهجو فيها علقمة بن علاثة، وهي تحت عنوان: هل كنتم إلا عبدًا؟، وانظر ديوان الأعشى (99)، ط. دار صادر، وانظر الشاهد في سر الصناعة (147)، والتصريح (2/ 390)، وابن يعيش (1/ 37)، والممتع (2/ 386)، والخزانة (1/ 141)، والتاء وأثرها في بنية الكلمة العربية (142)، د. أحمد السوداني، أولى (2004 م).
(3)
الديوان (102)، ط. دار الكاتب العربي، و (99)، ط. دار صادر بيروت.
(4)
في الصحاح للجوهري: "الدخريص: واحد دخاريص القميص".
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
وقعت فعل الشرط، قوله:"أتعدك" جملة مثلها وقعت جواب الشرط، والباء في:"بمثلها" تتعلق بأتعدك، والباقي ظاهر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فإن تتعدني" وفي قوله: "أتعدك" فإن أصلهما: توتعدني، وأوتعدك؛ لأنه من الفعل الواوي الفاء، فأبدلت الواو تاء، وأدغمت التاء في التاء كما علم في موضعه
(1)
.
الشاهد الحادي والستون بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
يا هال ذاتَ المنطق التمتام
…
وكفِّكِ المُخَضَّبِ البنام
أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج، وهو من الرجز المسدس.
قوله: "هال" أصله: هالة وهو اسم امرأة، والهالة في الأصل: دارة القمر، و"التمتام": الذي فيه تمتمة، وهو الذي يتردد في التاء، ووزنه: فعلال، فافهم، و"المخضب": الذي استعمل فيه الخضاب.
[الإعراب]
(4)
:
قوله: "يا" حرف نداء، و "هال": منادى مرخم، وأصله: يا هالة، قوله:"ذات المنطق": كلام إضافي يجوز فيه الوجهان
(5)
، [الرفع حملًا على اللفظ، والنصب حملًا على المحل،
(1)
تبدل التاء من الواو باطراد في الافتعال وما تصرف منه إذا كانت فاؤه واوًا نحو: اتعد، والسبب في هذا القلب: أنهم لو لم يفعلوا ذلك لوجب أن يقلبوها ياء إذا انكسر ما قبلها فيقولوا: ايتعد، وإذا انضم ما قبلها ردت للواو فيقولون: موتعد، وإذا انفتح ما قبلها قلبت ألفًا فيقولون ياتعد، فأبدلوا منها التاء؛ لأنها حرف جلد لا يتغير لما قبله، وهي مع ذلك قريبة المخرج من الواو؛ لأنها من أصول الثنايا والواو من الشفة، ومن العرب من يجريها على القلب ولا يبدلها تاء. ينظر الممتع (1/ 386، 387).
(2)
توضيح المقاصد (6/ 58)، وأوضح المسالك (4/ 401).
(3)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وهما من أبيات خمسة منسوبة لرؤبة، وبعدهما قوله:
فإن يكن سوائق الحمام .... ساقتهم للبلد الشآم
فبالسلام تمت السلام
ديوان رؤبة (183)، وانظر بيت الشاهد في سر الصناعة (422)، وشرح التصريح (2/ 392)، وشرح شافية ابن الحاجب (3/ 16)، وشرح شواهدها (455)، وابن يعيش (10/ 33، 35).
(4)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(5)
قوله: "الوجهان" ليس بصحيح، فتابع المنادى المضاف ليس فيه إلا النصب، وأما ذو الوجهين فهو المفرد.
قوله: "التمتام": بالجر صفة المنطق، قوله:"وكفك" الكاف فيه لخطاب المؤنث، ويجوز أن يكون مرفوعًا على الابتداء، وخبره في البيت الآتي أو محذوف، قوله:"المخضب البنان": صفة للكف]
(1)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "البنام" فإن أصله: البنان، فأبدل الميم من النون؛ كما يقال في عنبر: وعمبر، وفي حنظل: وحمظل، وغير ذلك
(2)
.
الشاهد الثاني والستون بعد المائتين والألف
(3)
،
(4)
فإن القوافي يتلجن موالجًا
…
................................
أقول: قائله هو طرفة بن العبد البكري، وتمامه:
..............................
…
تَضَايَقَ عَنهَا أنْ تَوَلَّجَهَا الإبر
وهي من الطويل.
قوله: "فإن القوافي "جمع قافية، وهي اللفظ الأخير من البيت الذي يكمل البيت، ولكن أراد بها القصيدة لاشتمال القافية عليها، قوله:"يتلجن" أي: يدخلن؛ من الولوج وهو الدخول، و "الوالج": جمع مولج، وهو موضع الولوج، و "الإبر": جمع إبرة الخياط.
الإعراب:
قوله: "فإن" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، وإن للتحقيق، و "القوافي ": اسمه، و "يتلجن": خبره، و "موالجًا": مفعول يتلجن، قوله:"تضايق": فعل ماض، وقوله:"أن تولجها": فاعله، وأن مصدرية، وقوله:"الإبر": فاعل تولجها، والتقدير: تضايق عنها تولج الإبر.
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
(2)
ينظر الممتع (1/ 392).
(3)
أوضح المسالك (4/ 430).
(4)
البيت من بحر الطويل، ذكر الشارح عجزه، وهو ثالث أبيات ثلاثة لطرفة بن العبد يشكو ضياع إبله لعمرو بن هند يقول:
أعمرو بن هند ما ترى رأي صرمة
…
لها سبب ترعى الماء والشجر
وكان لها باران قابوس منهما ..... وعمرو ولم أسترعها الشمس والقمر
وانظر بيت الشاهد في الخصائص (1/ 15)، وابن يعيش (10/ 37)، والتصريح (2/ 390).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "يتلجن" فإن أصله يوتلجن؛ لأنه من ولج؛ كما ذكرنا، فأبدلت الواو تاء، وأدغمت التاء في التاء
(1)
.
الشاهد الثالث والستون بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
هُوَ الجَوَادُ الذي يعْطِيكَ نائلَهُ
…
عَفْوًا ويُظْلَمُ أَحْيَانًا فيَظّلِم
أقول: قائله هو زهير بن أبي سلمى، وهو من قصيدة طويلة من البسيط يمدح بها هرم بن سنان، وأولها
(4)
:
1 -
قِفْ بالديارِ التي لم يعفُها القِدَمُ .... بِلًى وَغَيَّرَهَا الأَروَاحُ والديَمُ
إلى أن قال:
هُوَ الجَوَادُ ...............
…
.................... إلخ
وبعده:
وإنْ أتَاهُ خَليلٌ يَومَ مَسأَلَةٍ
…
يَقُولُ لَا غَائب مَالِي ولَا حَرَمُ
قوله: "لم يعفها" أي: لم يدرسها ولم يمح أثرها تقادم عهدها، و "الأرواح": جمع ريح، و "الديم" بكسر الدال؛ الأمطار الدائمة مع سكون.
قوله: "نائله" أي: عطاؤه، قوله:"عفوًا" أي: سهلًا بلا مطل ولا تعب، و "الخليل": الفقير، و "الحرم" بفتح الحاء وكسر الراء، وهو الممنوع.
الإعراب:
قوله: "هو" مبتدأ، وأراد به هرم بن سنان، و "الجواد" خبره، وقوله:"الذي" موصول، و "يعطيك": فعل وفاعل ومفعول، و "نائله": كلام إضافي مفعول ثان، والجملة صلة للموصول.
(1)
انظر التعليق الأخير في الشاهد رقم (1258)، وانظر ابن يعيش (10/ 37)، والممتع (1/ 384).
(2)
توضيح المقاصد (6/ 82)، وأوضح المسالك (4/ 432).
(3)
البيت من بحر البسيط، من قصيدة لزهير بن أبي سلمى، يمدح بها هرم بن سنان، وقد سبق الحديث عنها في الشاهد رقم (1113)، وانظر الشاهد المذكور في الكتاب (4/ 468)، وابن يعيش (10/ 47)، وسر الصناعة (219)، والتصريح (2/ 391)، وشرح شواهد الشافية (493)، وشرح شافية ابن الحاجب (3/ 189)، والتاء وأثرها في بنية الكلمة العربية (181)، د. أحمد السوداني.
(4)
الديوان (113) شرح علي فاعور، ط. دار الكتب العلمية، و (96)، تحقيق: فخر الدين قباوة.
قوله: "غفوًا" نصب على المصدرية كسهلًا
(1)
، قوله:"ويظلم" على صيغة المجهول؛ جملة من الفعل والمفعول النائب عن الفاعل، و"أحيانًا" نصب على الظرفية، قوله:"فيظلم": عطف
على قوله: "ويظلم"، وهو على صيغة المعلوم، ومعناه: يحتمل الظلم.
والاستشهاد فيه:
في قوله: "فيظلم" فإن أصله: يظتلم، وهو يفتعل من الظلم، قلبت التاء طاء لمجاورتها الظاء، فإذا أدغم فمنهم من بقلب الطاء ظاء ثم يدغم الظاء في الظاء فيصير: يظلم [بظاء معجمة مشددة، ومنهم من يقلب الظاء طاء ثم بدغم الطاء في الطاء على القياس فيصير: يطلم]
(2)
بطاء مهملة مشددة، والبيت يروى على الوجهين
(3)
.
وقال ابن هشام: وقد يروى بثلاثة أوجه: الإظهار، والإدغام مع إبدال الأول من جنس الثاني، ومع عكسه
(4)
.
الشاهد الرابع والستون بعد المائتين والألف
(5)
،
(6)
لها أشاريرُ من لحمٍ تُتَمِّرُهُ
…
من الثعَالِي ووخْزٌ من أرانيها
أقول: قائله هو أبو كاهل النمر بن تولب اليشكري، يصف فرخة عقاب تسمى غُبة كانت لبني يشكر، وهو بالغين المعجمة المضمومة، وفتح الباء الموحدة المشددة، وفي آخره هاء.
وهو من البسيط.
قوله: "أشارير" هي قطع قديد من اللحم، قوله:"تتمره": من تمرت اللحم والتمر بالتاء المثناة من فوق
(7)
، وتشديد الميم إذا جففتهما، قال الجوهري: تتمير اللحم، والتمر بتجفيفهما، ثم أنشد البيت المذكور
(8)
، قوله:"ووخز" بالخاء والزاي المعجمتين، معناه: شيء قليل.
(1)
ينظر المفعول المطلق في ابن يعيش (1/ 113، 114).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(3)
ينظر الممتع (360)، والمنصف (2/ 329)، وابن يعيش (4/ 10، 149).
(4)
ينظر أوضح المسالك (4/ 432).
(5)
توضيح المقاصد (6/ 7).
(6)
البيت من بحر البسيط، نسب في مراجعه إلى النمر بن تولب؛ لكنه غير موجود في ديوانه ط. العراق، تحقيق: نوري القيسي، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (2/ 273)، والمقتضب (1/ 247)، والممتع (1/ 369)، وابن يعيش (10/ 24)، والدرر (3/ 47)، وشرح شواهد الشافية (443).
(7)
في (أ): بالتاء المثناة من فوق.
(8)
ينظر الصحاح مادة: "تمر".
الإعراب:
قوله: "لها" أي: للفرخة، أعني: فرخة العقاب التي يصفها بهذا البيت، وهي في محل الرفع؛ لأنها خبر للمبتدأ، أعني قوله:"أشارير"، وكلمة:"من" في: "من لحم" للبيان، وقوله:"تتمره": جملة من الفعل والفاعل وهو "هي" المستكن فيه العائد إلى الفرخة، والمفعول وهو الضمير المنصوب الذي يرجع إلى اللحم، وهي في محل الجر لأنها صفة اللحم، قوله:"من الثعالي": جار ومجرور في محل الرفع على [أنها]
(1)
صفة لقوله: "أشارير"، قوله:"ووخز" بالرفع عطف على قوله: "أشارير"، قوله:"من أرانيها" في محل الرفع على أنها صفة لقوله: "ووخز".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "من الثعالي"، [وقوله]
(2)
"أرانيها" فإن أصله: من الثعالب، [والأرانب: جمع ثعلب]
(3)
، وأرنب، فأبدلت الباء الموحدة فيهما ياء آخر الحروف
(4)
.
الشاهد الخامس والستون بعد الماتين والألف
(5)
،
(6)
...............................
…
مَال إِلَى أرطَاةِ حِقْفٍ فالطَّجَعْ
أقول: قاله منظور بن حية الأسدي، وصدره
(7)
:
لما رأى ألا دَعَهْ ولَا شِبَعْ
…
................................
وقبله:
يا رُبَّ أبَّازٍ مِنَ العُفْر صَدَعْ
…
تَقَبَّضَ الذئْبُ إليهِ واجْتَمَعْ
قوله: "ألا دعه" أي: أن لا دعه، أي: لا راحة، قال الجوهري: الدعة: الخفض، والهاء
(1)
و
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
(4)
قال ابن عصفور: "وأبدلت -أي: الياء- من الباء على غير لزوم في جمع: ثعلب وأرنب في الضرورة، أنشد سيبويه (البيت) أراد الثعالب، وأرانب فلم يمكنه أن يسكن الباء فأبدل منها" الممتع (1/ 369).
(5)
توضيح المقاصد (6/ 82)، وأوضح المسالك (4/ 395).
(6)
البيت من بحر الرجز، وقد نسب لمنظور بن حية الأسدي وهو في وصف ذئب يطارد فريسة، وانظره في الخصائص (1/ 63)، وسر الصناعة (321)، وشرح الشافية (3/ 324)، وشرح شواهدها (274)، وابن يعيش (9/ 82)، والممتع (1/ 403)، والمنصف (2/ 329)، والتصرح (2/ 367).
(7)
شرح شواهد شرح الشافية (274)، وقد روي الشاهد في ضرائر الشعر لابن عصفور (300) هكذا:
لما رأى لا دعة ولا شبع
…
مال إلى أرطاة حقف واضطجع
عوض من الواو، تقول منه: ودع الرجل بالضم فهو وديع، أي: ساكن، ووادع أيضًا
(1)
.
قوله: "ولا شبع" بكسر الشين المعجمة وفتح الباء الموحدة، وهو مصدر من شبع يشبع، وهو من مصادر الطبائع، قوله:"أباز" بفتح الهمزة وتشديد الباء الموحدة، وفي آخره زاي، وهو الذي يقفز، قوله:"من العفر" بضم العين المهملة، وسكون الفاء، وهي من الظاء التي يعلو لونها حمرة.
قوله: "تقبض" يعني: جمع قوائمه ليشب على الظبي، قوله:"لما رأى" أي: الذئب، يعني: لما رأى أنه لا يشبع من الظبي ولا يدركه وأنه قد تعب في طلبه مال إلى أرطاة، قوله:"مال": من الميل.
قوله: "إلى أرطاة حقف" الأرطاة: شجرة من شجر الرمل، ويجمع على أرطى، و "الحقف" بكسر الحاء المهملة وسكون القاف بعدها فاء، وهو من الرمل المعوج، والجمع: حقاف وأحقاف.
الإعراب:
قوله: "لما" ظرف بمعنى حين، و "رأى": فعل، وفاعله الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى الذئب؛ لأنه في وصف الذئب، قوله:"ألا دعه" في محل النصب على المفعولية، وأصله: أن لا دعة كما ذكرنا، ولا لنفي الجنس، ودعه اسمه، وخبره محذوف.
قوله: "ولا شبع" عطف عليه، أصله: ولا شبع بفتح العين، وإنما سكنت لأجل السجع، قوله:"مال" جواب لما، والضمير فيه -سجع إلى الذئب -أيضًا-، قوله:"إلى أرطاة" يتعلق به، قوله:"فالطجع" عطف على قوله: مال.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فالطجع" فإن أصله: اضطجع، فأبدلت الضاد فيه لامًا وهو شاذ، وقد روي: فاضطجع، وروي فاطجع، ويروى: فاضجع، هكذا ذكر أبو الفتح في سر الصناعة
(2)
.
الشاهد السادس والستون بعد المائتين والألف
(3)
،
(4)
خالي عُوَيْفٌ وَأبو علِجّ
…
................................
أقول: قائله أعرابي من أهل البادية، ................................
(1)
انظر الصحاح للجوهري: "ودع".
(2)
ينظر سر الصناعة (321).
(3)
أوضح المسالك (4/ 395).
(4)
البيت من بحر الرجز المشطور، وهو وما بعده في المدح بالكرم وإطعام اللحم والتمر، وانظر الشاهد في: الكتاب=
وتمامه
(1)
:
.............................
…
المُطْعِمَانِ اللحمَ بالعَشِجِّ
وبالغَدَاةِ كُتَلَ البزنج
…
تُقْلَعُ بالوَد وبالصيصجِّ
[قوله]
(2)
: "كتل البرنج"، ويروى: كيس البرنج، والكتل: بضم الكاف وفتح التاء الثناة من فوق؛ جمع كتلة، وهي القطعة المجتمعة، و "البرنج": ضرب من التمر، قوله:"بالود" أصله: بالوتد فقلبت التاء دالًا وأدغمت الدال في الدال، و [الصيصج: الصيصي، وهو]
(3)
قرن البقرة.
الإعراب:
قوله: "خالي": كلام إضافي مبتدأ، و "أبو عويف": خبره، و "أبو علج": عطف عليه، قوله:"المطعمان": صفة عويف، وأبو علج، والألف واللام فيه بمعنى الذي، أي: اللذان يطعمان اللحم.
قوله: "اللحم" ويروى: الشحم؛ مفعول، قوله:"وبالغداة" أي: فيها، والجملة عطف على المفعول، قوله:"تقلع" على صيغة المجهول؛ جملة وقعت صفة البرني، قوله:"وبالصيصج": عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أبو علج" فإن أصله: أبو علي، فأبدل الجيم من الياء المشددة، وكذا الكلام في العشج، والبرنج، وبالصيصج، فإن أصلها العشي، والبرني، والصيصي
(4)
.
= (4/ 182)، والمحتسب (1/ 75)، والممتع (1/ 353)، والمنصف (2/ 178)، (3/ 79)، وسر الصناعة (175)، والتصريح (2/ 367)، وشرح الشافية (2/ 287)، وشرح شواهدها (212)، وابن يعيش (9/ 74)، (10/ 55).
(1)
ينظر الأبيات في المنصف (3/ 79)، وشرح شواهد الشافية (212).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
(4)
ينظر تفصيل ذلك في المنصف (3/ 79)، والتصريح (2/ 367)، وحاشية الصبان (4/ 281)، وسر الصناعة (175، 176).
الشاهد السابع والستون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
........................
…
فيها عيائيلُ أسودٍ ونُمُرْ
أقول: قائله هو حكيم بن معية الربعي
(3)
، وقبله
(4)
:
1 -
أحمي قناةً صلْبَةً لم تنكسِر
…
صمَّاءَ تَمتْ في نِيَاف مشْمَخِر
2 -
حُفَّتْ بِأطْوَاد عِظام وسَمُر
…
في أشِبِ الغيطَانِ مُلْتَف الحُظُر
وصف قناة تنبت في موضع محفوف بالجبال والشجر.
2 -
[قوله: "حفت"]
(5)
يعني القناة، أراد: حف موضع هذه القناة [التي تنبت فيها بأطواد الجبال وبالسمر، وهو جمع سمرة، وهي شجرة عظيمة.
قوله: "في أشب الغيطان" الأشب: المكان الملتف النبت المتداخل، و"الغيطان": جمع غائط وهو المنخفض من الأرض، و "الحظر" بضم الحاء المهملة والظاء المعجمة؛ جمع حظيرة.
3 -
قوله: "عيائيل"]
(6)
، قال الصاغاني في العباب: واحد العيال: عيل، والجمع: عيائل، مثل: جيد وجياد وجيائد، وقد جاء عيائيل
(7)
، وأنشد سيبويه لحكيم بن معية:
.......................
…
فيها عياييلُ أسود ونمُر
(8)
قال ابن السيرافي
(9)
: كأنه قال: فيها متبخترات أسود، ولم يجعلها جمع عيل، لكن جعلها جمع: [عيّال
(10)
بالفتح والتشديد]
(11)
، وقال أبو محمد بن الأعرابي
(12)
: صحف ابن السيرافي، والصواب: غيائيل بالغين المعجمة، جمع: غيل على غير قياس.
(1)
توضيح المقاصد (6/ 18)، وأوضح المسالك (4/ 400).
(2)
البيت من مشطور الرجز، وقد ذكر الشارح قائله، وما قيل فيه، وهو من شواهد المقتضب (2/ 203)، وابن يعيش (5/ 18)، (10/ 91)، والمقرب (94، 108)، وشرح شواهد الشافية (376)، وشرح التصريح (2/ 310)، واللسان:"عيل".
(3)
هو حكيم بن معية بالتصغير في اسمه، واسم أبيه، راجز إسلامي معاصر للعجاج، وحميد الأرقط، انظر شرح شواهد الشافية (381).
(4)
شرح شواهد الشافية (380)، وفرحة الأديب (153)، للغندجاني.
(5)
و
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(7)
ينظر شرح شواهد الشافية (377).
(8)
الكتاب (3/ 574).
(9)
شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي (2/ 340)، تحقيق: محمد علي، وانظر شرح شواهد الشافية (377).
(10)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(11)
ينظر شرح شواهد الشافية (377).
(12)
فرحة الأديب للغندجاني (153)، تحقيق: محمد علي سلطاني، وانظر أيضًا شرح شواهد شرح الشافية (379).
[قلت: الغيل بالكسر؛ الأجمة، وموضع الأسد غيل مثل: خيس، ولا تدخله الهاء]
(1)
، قوله:"ونمر" بضم النون والميم؛ جمع نمر.
الإعراب:
قوله: "عيائيل أسود": كلام إضافي مبتدأ، [وهو من إضافة الصفة إلى موصوفها على قول ابن السيرافي، وعلى قول ابن الأعرابي تكون الإضافة مثل الإضافة في: دار زيد، وبيت عمرو]
(2)
، وقوله:"فيها" مقدمًا خبره، قوله:"ونمر" عطف على: عيائيل.
الاستشهاد فيه:
في قوله: [عيائيل]
(3)
حيث أبدلت الهمزة من ياء فعاييل، قال ابن هشام: لأن أصله: فعايل؛ لأن عيائيل جمع عيل -بكسر الياء- واحد العيال، والياء زائدة للإشباع
(4)
.
الشاهد الثامن والستون بعد المائتين والألف
(5)
.......................
…
.......... تنقاد الصياريف
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد [إعمال المصدر]
(6)
، وتمامه:
تنفي يداها الحصى في كل هاجرة
…
نفي الدراهيم تنقاد الصياريف
(7)
.
والاستشهاد فيه:
هاهنا في قوله: "الصياريف" حيث زاد الشاعر ياء قبل الفاء للإشباع
(8)
.
(1)
و
(2)
و
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(4)
أوضح المسالك (4/ 400)، وقال البغدادي:"على أن أصله: عيائل بهمزة مكسورة، والياء حصلت من إشباع كسرتها لضرورة الشعر كياء الصيارف فلم يعتد بها فصارت الياء بعد الألف في الحكم مجاورة للطرف فهمزت لذلك" شرح شواهد الشافية (376، 377).
(5)
أوضح المسالك (4/ 400).
(6)
ما بين المعقوفين بياض في (أ).
(7)
ينظر الشاهد رقم (713).
(8)
ينظر ما قيل في الشاهد السابق، وينظر معه أوضح المسالك (4/ 400)، والتصريح (2/ 370)، والمقتضب (2/ 258)، والمحتسب (1/ 69).
الشاهد التاسع والستون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
ويومَ عقَرتُ للعذَارَى مَطِيَّتِي
…
................................
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وتمامه
(3)
:
............................
…
فيا عجبا مِنْ رحْلِهَا المتُحَملِ
وهو من قصيدته المشهورة التي أولها هو قوله:
قِفَا نَبكِ مِنْ ذِكرَى حَبِيبٍ ومَنزِلِ
…
بسِقطِ اللّوَى بَينَ الدُّخُولِ فحَوملِ
وقد ذكرنا غالبها في أثناء الكتاب.
قوله: "عقرت": من العقر وهو الجرح، و "العذارى": جمع عَذْرَاء وهي البكر، ويقال في جمعه: عذارَى بفتح الراء، وعذارِي بكسرها، وعذراوات؛ كما يقال في الصحراء
(4)
، و "المطية": الراحلة، ويجمع على مطايا؛ إنما سميت مطية؛ لأنه يركب مطاها، أي؛ ظهرها، ويقال: لأنه يمتطى عليها في السير، أي: يمد.
الإعراب:
قوله: "ويوم" في موضع خفض عطفًا على "يوم" الذي يلي سيما في قوله:
.......................
…
ولَا سيَّما يَومًا بِدَارَةَ جُلجُلِ
ومن رفع فقال: ولا سيما يومٌ، فموضع يوم الثاني أيضًا رفع، وإنما فتح لأنه جعل يومًا وعقرت بمنزلة اسم واحد.
وكذا ظروف الزمان إذا أضيفت إلى الأفعال الماضية، أو إلى اسم غير متمكن بنيت معها؛ كقولك: أعجبني يومَ خرج زيد، وكما في قوله تعالى:{وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} [هود: 66] فيوم في موضع خفض، وقد قرئ بالخفض
(5)
، ويجوز أن يكون منصوبًا معربًا؛ كأنه قال:
(1)
أوضح المسالك (4/ 404).
(2)
البيت من بحر الطويل، من معلقة امرئ القيس المشهورة التي كثرت منها الشواهد النحوية والبلاغية، وانظر بيت الشاهد في رصف المباني (349)، والمنغني (1/ 209)، وشرح شواهد المغني (558).
(3)
الديوان (112)، ط. دار الكتب العلمية، و (11)، ط. دار المعارف.
(4)
في ذلك يقول ابن مالك:
وبالفعالي والفعالى جُمِعا
…
صحراءُ والعذراءُ والقيس اتبَعَا
(5)
في مشكل إعراب القرآن (1/ 407)، "من فتح الميم بنى "يومًا" على الفتح لإضافته إلى غير متمكن، وهو: =
اذكر يوم عقرت
(1)
.
قوله: "مطيتي": كلام إضافي مفعول لقوله: "عقرت"، قوله:"فيا عجبا" الألف في: عجبا، بدل من الياء؛ كما تقول: يا غلاما أقبل، تريد: يا غلامي أقبل.
فإن قلت: كيف ينادي العجب، وهو مما لا يجيب ولا يفهم؟
قلت: العرب إذا أرادت أن تعظم أمر الخبر جعلته نداء، قال سيبويه: إذا قلت: يا عجباه، فكأنك قلت: تعال يا عجب، فإن هذا من أزمانك، فإن هذا أبلغ من قولك: تعجبت، والتقدير هاهنا؛ يا قوم انتهوا للعجب
(2)
.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "للعذارى" إذ أصله عذارئ بالهمزة في آخره؛ لأنه جمع: عذراء، فقلبت ياء؛ لأن الهمزة المتطرفة شأنها ذلك كما علم في موضعه، فصار: عذاري بكسر الراء، ثم أبدلت من الكسرة فتحة للتخفيف فصار: عذارى
(3)
.
الشاهد السبعون بعد المائتين والألف
(4)
،
(5)
.............................
…
تَضِلُّ المَدَارَي في مثنَّى ومرسَلِ
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وصدره:
= "إذ"، ومن كسر الميم وخفض لإضافة الخزي إلى اليوم ولم يبنه". والقراءة بالفتح لنافع وأبي جعفر والكسائي، والقراءة بالكسر للباقين. ينظر النشر (2/ 278)، والتيسير (125)، والإتحاف (257)، والقرطبي (3289)، ط. دار الشعب، وانظر بالتفصيل توجيه القراءتين في كتابنا التوجيهات (264، 265).
(1)
يجوز في الزمان إذا أضيف إلى جملة الإعراب على الأصل في الأسماء والبناء على الفتح حملًا على إذ وإذا لأنهما مبنيان لشبه الحرف في الافتقار المتأصل إلى جملة، فإن ولي الظرف فعلًا مبنيًّا بناء أصليًّا أو عارضًا فالبناء أرجح، وفي ذلك يقول ابن مالك:
واختر بنا متلو فعل بنيا
…
...............................
ينظر شرح التصريح بمضمون التوضيح (2/ 42).
(2)
قال سيبويه: "وزعم الخليل رحمه الله أن هذه اللام بدل من الزيادة التي تكون في آخر الاسم إذا أضفت، نحو قولك: يا عجباهْ، ويا بكراهْ، إذا استغثت أو تعجبت فصار كل واحد منهما يعاقب صاحبه". الكتاب (2/ 218).
(3)
ينظر الممتع (1/ 329 - 331).
(4)
أوضح المسالك (4/ 405).
(5)
عجز بيت من بحر الطويل، ذكر الشارح صدره، وهو من معلقة امرئ القيس المشهور، وهو في وصف امرأة بغزارة الشعر، وانظر الشاهد في الديوان (115)، ط. دار الكتب العلمية، و (17)، ط. دار العارف، شرح التصريح (2/ 371)، ومعاهد التنصيص (1/ 4).
غدَائِرُهُ مُستَشْزَرَات إلى العلا
…
............................
وهو أيضًا من القصيدة المذكورة آنفا.
قوله: "غدائره" أي: ذوائبه [وهي جمع]
(1)
غديرة، وهي الذؤابة، قوله:" مُشتَشْزَرَاتٍ" بفتح الزاي، أي: مفتولات، شزرًا، أي: على غير جهة لكثرتها، ووروى: مستشزرات بالكسر؛ أي: مرتفعات، قوله:"إلى العلا" أي: إلى ما فوقها.
قوله: "تضل" من الضلال، و "المداوي" بفتح الميم؛ جمع مدرى بكسر الميم، وهو مثل الشوكة تحك به المرأة رأسها، وإنما تضل المداري من كثافة شعرها، ويروى: تضل العقاص، بكسر العين جمع عقصة، وهي ما جمع من الشعر ففتل تحت الذوائب.
قوله: "في مثنى ومرسل" أراد أن وفور شعرها وكثرته بحيث يستر بعضه بعضًا، والحاصل أن المثنى هو المفتول؛ لأنه ثني بالفتل، و "المرسل": المسرح من غير فتل.
الإعراب:
قوله: "غدائره" مبتدأ، وخبره:"مُستَشْزَرَات"، والضمير يرجع إلى الفرع في البيت الذي قبله:[وهو قوله]
(2)
.
وفرع يزِينُ المُتْنَ أسوَدَ فَاحِمٍ
…
أثيتٍ كَقِنو النخلَةِ المُتَعَثْكلِ
قوله: "تضل المداوي": جملة من الفعل والفاعل، وقوله:"في مثنى" في محل النصب على المفعولية، وقوله:"ومرسل": عطف عليه، والتقدير: في مثنى منه ومرسل منه؛ أي: من الفرع.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "المداوي"، والكلام فيه كالكلام في: العذاري؛ كما ذكرناه الآن
(3)
.
الشاهد الحادي والسبعون بعد المائتين والألف
(4)
،
(5)
...........................
…
وأنَّ أَعِزَّاءَ الرِّجالِ طِيَالُها
أقول: لم أقف على اسم قائله، وصدره:
تبيَّنَ لِيَ أن القَماءَةَ ذِلَّةٌ
…
.....................................
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
ينظر الشاهد رقم (1267).
(4)
توضيح المقاصد (6/ 35).
(5)
البيت من بحر الطويل، وقد ذكر الشارح صدره، وهو لأنيف بن زبَّان النهشلي، وقبله بيت آخر وهو قوله: =
وهو من الطويل.
قوله: "أن القماءة" قال القالي: القمأ من القماءة وهو الصغر؛ كذا قال أبو بكر بن الأنباري على فَعَل، قال الشاعر:
تبين لِيَ أن القَماءَةَ ذِلة
…
.....................
(1)
وقال أبو زيد: قمؤ الرجل قماءة إذا صغر
(2)
، والحاصل أن مصدر قمؤ على قمأ على وزن فعل بالتحريك، وقمأة بالتاء، وإنما مد في الشعر المذكور للضرورة، قوله:"طيالها" الطيال: جمع طويل.
والاستشهاد فيه:
فإنه جاء بالياء، والقياس فيه: طوالها
(3)
، وقد رواه القالي: طوالها على القياس
(4)
، وقد ترى إعراب البيت لظهوره.
الشاهد الثاني والسبعون بعد المائتين والألف
(5)
،
(6)
وكنتُ إذا جارِي دعا لِمضُوفَةٍ
…
أُشَمِّرُ حتى يبلغ الساقَ مِئْزَرِي
أقول: قائله هو أبو جندب الهُذَلي، وهو من الطويل.
= ولما التقى الصفان واشتجر القنا
…
تهالا واستاب المنايا نهالا
وانظرهما في الحماسة البصرية (1/ 35)، وشرح شواهد الشافية (385 - 387)، والخزانة (9/ 488)، والتصريح (2/ 389)، وابن يعيش (5/ 45)، (10/ 88)، والمحتسب (1/ 184)، والممتع (2/ 497)، والمنصف (1/ 342).
(1)
ينظر شرح شواهد الشافية (385، 386).
(2)
نصه في الأضداد (400)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، يقول أبو بكر بن الأنباري "قمؤت الإبل قموءً وقماءةً إذا سمنت، وقمؤ الرجل إذا صغر جسمه فهو قمئ قماءة، ثم أنشد البيت".
(3)
طيالها شاذ قياسًا واستعمالًا، والقياس: طوالها وهو الكثير المستعمل، وهذا القياس علله ابن الحاجب بصحة الواو في المفرد، وعلله الرضي بتحركها في المفرد، فلو كانت ساكنة عنده لأعلت، وذكر الرضي ردّا على ابن الحاجب أنه لو كانت صحة العين في المفرد سببًا لصجتها في الجمع لما أعل، نحو: حياض، وثياب، وسياط. ينظر: شرح شواهد الشافية (385، 386).
(4)
ينظر السابق نفسه.
(5)
توضيح المقاصد (6/ 39).
(6)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة لأبي جندب الهذلي عدتها عشرة أبيات، وهي في الشهامة والدفاع عن الجار، ولا شيء في ذلك إلا أن قوله:
أبى الناس إلا الشر مني فدعهم
…
وإياه ما جاءوا إلي بمنكر =
قوله: "لمضُوفَةٍ" بفتح الميم وضم الضاد المعجمة وسكون الواو وفتح الفاء، قال الأصمعي: هو الأمر الذي يشفق منه، وقال أبو سعيد: هذا البيت يروى على ثلاثة أوجه: على المَضُوفَة، والمضيفة، والمضافة
(1)
.
وقال ابن يعيش: المراد من المضوفة هاهنا ما ينزل من حوادث الدهر ونوائب الزمان، أي: إذا جاري دعاني لهذا الأمر شمرت عن ساقي وقمت في نصرته
(2)
، قوله:"حتى يبلغ الساق"، ويروى: حتى ينصف الساق
(3)
.
الإعراب:
قوله: "وكنت" الواو للعطف إن تقدمه شيء، والضمير المتصل به اسم كان، وخبره قوله:"أشمر، وجعل الجوهري "كان" هاهنا زائدة، وقال: لأنه يخبر عن حاله وليس يخبر بكنت عما مضى من فعله
(4)
، وفيه نظر؛ لأن "كان" لا تقع زائدة أولًا إذا رفعت الاسم ونصبت الخبر، بل تقع زائدة إذا وقعت حشوًا كما في قوله
(5)
:
........................
…
على كان المسومة العراب
قوله: "إذا جاري" تقديره: إذا دعا جاري، فقوله:"جاري": كلام إضافي مرفوع بفعل محذوف يفسره الظاهر، ومفعول "دعا" محذوف تقديره: دعاني، واللام في لِمَضُوفَةٍ تتعلق بـ:"دعا"، قوله:"حتى" للغاية، و "أن" بعدها مضمرة، و "يبلغ" منصوب به [والساق مفعول]
(6)
، و "مئزري": كلام إضافي فاعل يبلغ، وهذا الكلام كناية عن شدة قيامه واهتمامه في نصرة جاره عند حلول النوائب؛ كما ذكرنا.
= غير مرغوب منه لأن فيه شرّا
…
...............................
وانظر الشاهد في شرح شواهد الشافية (383)، وشرح أشعار الهذليين (1/ 588)، والممتع (2/ 470)، والمنصف (1/ 301).
(1)
الصحاح مادة: "ضيف".
(2)
ينظر ابن يعيش (10/ 82).
(3)
ينظر الممتع (2/ 470).
(4)
ليس في الصحاح مادة: "ضيف"، وهي في الصحاح مادة:"كون" وقد أنشد بيت أبي جندب وعلق عليه بما ذكره الشارح؛ كما ذكر قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} .
(5)
ينظر الشاهد رقم (201)، وهو عجز بيت من الوافر، وصدره:(سراة بني أبي بكر تسامى)، وقائله مجهول، وانظره في التصريح (1/ 192)، والأشموني (1/ 241).
(6)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لِمَضُوفَةٍ" فإن القياس فيه: مضيفة، وهذا البيت عند سيبويه شاذ في القياس والاستعمال، فهو في الشذوذ كالقود والقصوى، فإن القياس فيهما: قاد والقصيا، فافهم
(1)
.
الشاهد الثالث والسبعون بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
إذا لم يَكُنْ فِيكُنْ ظِلٌّ ولا جنى
…
فأبْعَدَكُن اللهُ منْ شيرات
أقول: أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
قوله: "ولا جنى" بفتح الجيم، وهو ما يجتنى من الشجر.
الإعراب:
قوله: "إذا" للشرط، وقوله:"لم يكن فيكن ظل": جملة وقعت فعل الشرط، و "ظل": مرفوع لأنه اسم كان، و "فيكن" مقدمًا خبره، وقوله:"ولا جنى": عطف على ظل، والخطاب هاهنا للأشجار التي لا ظل لها ولا ثمرة، قوله:"فأبعدكن الله": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقعت جوابًا للشرط.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "من شيرات" بفتح الشين المعجمة والياء آخر الحروف، فإن أصلها شجرات فأبدلت الياء من الجيم، فلذلك لم تعل هذه الياء لأنها بدل
(4)
.
(1)
قال ابن يعيش: "وأما قول الشاعر (البيت) ففيه تقوية لمذهب أبي الحسن؛ لأنه جارٍ على قياسه، ومضوفة هاهنا من صفقة إذا نزلت عنده، والمراد هاهنا ما ينزل من حوادث الدهر ونوائب الزمان، أي: إذا جاري دعاني لهذا الأمر شمرت عن ساقي وقمت في نصرته، وهذ البيت عند سيبويه شاذ في القياس والاستعمال، وهو في الشذوذ كالقود والقصوى، لأن القود شاذ والقياس: قاد كباب، والقصوى أيضًا شاذ، والقياس: القصيا كالدنيا، وكان القياس في المضوفة: المضيفة فاعرفه". شرح المفصل (10/ 81، 82)، وانظر الحديث عن هذا الأمر في الكتاب لسيبويه (4/ 348)، وإن كان لم ينشد البيت ولم يذكر الكلمة، وقال ابن عصفور:"وأما قوله (البيت) فقلب الياء من "مضوفة"، واوًا وأقر الضمة مع كون الياء تلي الطرف؛ لأن الأصل مَضْيُفة، لأنه من ضاف يضيف ثم نقلت الضمة إلى الساكن قبلها فصار: "مَضُيفة" فجاءت الياء ساكنة بعد ضمة ثم قلبت الياء واوًا فشاذ لا يعرج عليه" الممتع (470).
(2)
توضيح المقاصد (6/ 54).
(3)
البيت من بحر الطويل، وقد نسب في مراجعه لشاعر يدعى جعثنة البطائي، وهو في سمط اللآلئ (834)، والأشموني (4/ 318).
(4)
قال الرضي: "وقد تبدل الياء من الجيم، يقال: شيرة، وشييرة، في شجرة، وشجيرة". شرح الشافية (3/ 213).
الشاهد الرابع والسبعون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
وقد علِمَتْ عرسي مُلِيكةٌ أنني
…
أنا الليثُ مَعْدِيًّا عليه وعَاديًا
أقول: قائله هو عبد يغوث بن وقاص الحارثي، وهو من الكامل.
قوله: "عرسي" العرس بكسر العين المهملة وسكون الراء [وفي آخره]
(3)
سين مهملة، وهي امرأة الرجل، والمعنى: قد علمت زوجي مليكة أني بمنزلة الأسد، فمن ظلمني فكأنه ظلم الأسد فلا بد أن أهلكه.
وهكذا وقع في نسخ ابن أم قاسم: "معديًا عليه وعاديًا" بالعين والدال المهملتين
(4)
، ووقع في كتاب الزمخشري:"مغزيًّا عليه وغازيًا" بالغين والزاي المعجمتين حيث قال: "قالوا: عتوّ ومغزوّ، وقد قالوا: عتيّ ومغزيّ، قال:
وقد علِمَت عرسي مُليكةٌ أنني
…
أنا الليثُ مَغزِيًّا عليه وغَازِيًا
(5)
والأصح ما قاله الزمخشري
(6)
:
إذا قالتْ حَذَامِ فصَدِّقُوهَا .... فإن القَولَ مَا قَالتْ حَذَامِ
الإعراب:
قوله: "وقد علمت" الواو للعطف إن تقدمه شيء، وقد للتحقيق، وعلمت فعل، و "عرسي":
(1)
توضيح المقاصد (6/ 71).
(2)
البيت من بحر الطويل، من قصيدة تبلغ عشرين بيتًا لعبد يغوث بن وقاص الحارثي، وفيها أكثر من شاهد نحوي وصرفي وهي في أكثر من مرجع من كتب الأدب، وانظر الشاهد في الكتاب (4/ 385)، والأمالي الحاجبية (331)، وشرح شواهد الشافية (400)، والممتع (550)، والمنصف (1/ 11)، وسر الصناعة (691)، والخزانة (2/ 197).
(3)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(4)
توضيح المقاصد (6/ 71).
(5)
قال الزمخشري في المفصل (390) ط. دار الجيل وغيرها: "وقالوا: عتي وجثى وعصي ففعلوا بالواو المتطرفة بعد الضمة في فعول مع حجز المدة بينهما ما فعلوا بها في أدل وقلنس؛ كما فعلوا في الكساء نحو فعلهم في العصا، وهذا الصنيع مستمر فيما كان جمعًا إلا ما شذ من قول بعضهم: إنك لتنظر في نحو كثيرة، ولم يستمر فيما ليس بجمع، قالوا: عتو ومغزو، وقد قالوا: عتي ومغزي قال:
وقد علِمَتْ عرسي مَليكةٌ أنني
…
أنا الليثُ مَغزيًّا عليه وغازِيًا
وقالوا: أرض مسنية ومرضي، وقالوا: مرضو على القياس، قال سيبويه: والوجه في هذا النحو الواو، والأخرى عربية كثيرة، والوجه في الجمع الياء". المفصل بشرح ابن يعيش (10/ 22، 110)، وفي نسخ المفصل: "معديًّا عليه وعاديًا" وهو تحريف عما قصده الزمخشري، أو أن الرواية معدي وهو ينطق على مغزي الذي مثل به.
(6)
البيت من بحر الوافر ذكره العيني للتمثيل فقط، وليس للاستشهاد، وقد سبق الحديث عنه آخر باب الممنوع من الصرف.
كلام إضافي فاعله، وقوله:"مليكة" بضم الميم؛ عطف بيان على عرسي، أو بدل منه.
قوله: "أنني" بفتح الهمزة، فأن مع اسمها وخبرها سدت مسد مفعولي: علمت، والضمير المتصل بأن هو اسمها، وخبرها هو قوله:"الليث"، قوله:"أنا" ضمير الفصل فلا موضع له على الأصل، قوله:"معديًّا عليّ": حال من الليث، والعامل فيها ما في أن من معنى ثبت وتحقق، قوله:"وعاديًا" عطف عليه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "معديًّا" حيث جاء على الإعلال، فإن أصله: معدوو على وزن مفعول، قلبت الواو الأخيرة ياء استثقالًا فصار: معدوي، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء فصار معديًّا بضم الدال، ثم أبدلت ضمة الدال كسرة للتناسب، فصار معديًّا بكسر الدال، وروي: معدوّا على الأصل
(1)
.
الشاهد الخامس والسبعون بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
وقدْ تَخِذَتْ رِجْلِي لدى جَنبِ غِرزِهَا
…
نَسِيفًا كأُقحُوص القَطَاة المُطَرِّق
أقول: قائله هو الممزق العبدي، واسمه: شاس بن نهار العبدي، وهو من قصيدة طويلة من الطويل، منها قوله
(4)
:
(1)
كل جمع على وزن: "فعول" ولامه واو فإن اللام تقلب ياء، فتجتمع الياء مع الواو والأول منهما ساكن متأصل ذاتا فتقلب الواو ياء وتدغم في الياء الأخرى على حد القول في نحو: طي، والعلة في ذلك أن الواو الأولى مدة زائدة فلم يعتد بها كالألف في كساء، فصارت الواو التي هي لام الكلمة كأنها وليت الضمة، فقلبوا الواو ياء على حد قلبها في أحق وأدل، وانضاف إلى ذلك كون الكلمة جمعًا والجمع مستثقل فصار عصيًّا، ومنهم من يتبع ضمة الفاء العين ويكسرها ويقول: عصي يكسر العين والصاد ليكون العمل من وجه واحد، ولو كان المثال: عصوًا اسمًا واحدًا غير جمع لم يجب القلب لخفة الواحد؛ ألا تراك تقول: مغزو ومدعو، وعتو مصدر عتا يعتو فيقر الواو هذا هو الوجه، ويجوز القلب فتقول: مغزي، ومدعي.
(2)
توضيح المقاصد (6/ 79).
(3)
البيت من قصيدة من بحر الطويل، قالها الممزق العبدي يستعطف بها عمر بن هند، وكان الأخير قد هم بغزو عبد القيس قبيلة الممزق، ومطلعها الأصمعيات (164)، هارون:
أزفت فلم تخدع بعيني وسنه ..... ومن يلق ما لاقيت لا بد يأرق
وانظر الشاهد في الخصائص (2/ 289)، والصحاح: "طرق، وشرح شواهد المغني (680)، وتذكرة النحاة (146)، والأصمعيات (165)، والعقد الفريد (3/ 357).
(4)
شرح شواهد المغني (680).
فإن كنت مأكولًا فكن أنت آكلي
…
وإلا فأدركني ولما أمزق
وبهذا البيت سمي الممزق.
قوله: "تخذت" بمعنى: اتخذت، قوله:"لدى جنب" ويروى: إلى جنب غرزها، و "الغرز" بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وفي آخره زاي معجمة، وهو ركاب الرجل من جلد، وإذا كان من خشب أو حديد فهو ركاب، قوله:"نسيفًا" بفتح النون وكسر السين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره فاء، وهو أثر ركض الرجل بجنبي البعير إذا انحسر عنه الوبر.
قوله: "كأفحوص" بضم الهمزة وسكون الفاء وضم الحاء المهملة وسكون الواو وفي آخره صاد مهملة، وهو مجثم القطاة، أي: مبيتها، وسمي بذلك لأنها تفحصه، من فحص المطر التراب، أي: قلبه.
و"القطاة": طائر مشهور، و "المطرق" بضم الميم وفتح الطاء وتشديد الراء المكسورة، من طوقَتِ القَطَاةُ إذا حان وقتُ خروج بيضِهَا، قال أبو عبيد: لا يقال ذلك في غير القطاة
(1)
.
قلت: فيه نظر، لأن أوسًا تقول
(2)
:
لنَا صَرخَةٌ ثُم إسكَاتةٌ
…
كمَا طَرَّقَتْ لِنِفَاسٍ بكرْ
وقع في المفضليات: المطرق بفتح الراء، وفسره بالمعدل، يقال: طرق بمعنى: عدل
(3)
.
الإعراب:
قوله: "وقد تخذت" قد للتحقيق، وتخذت فعل ماض، و "رجلي": كلام إضافي فاعله، وقوله:"نسيفًا" مفعوله، قوله:"لدى" نصب على الظرف مضاف إلى جنب، وجنب مضاف إلى غرزها، قوله:"كأفحوص" الكاف للتشبيه، والأفحوص مجرور بها مضاف إلى القطاة.
قوله: "المطرق" بالجر صفة القطاة، وإنما ذكر مع أن القطاة مؤنث، لأنه لا يقال ذلك في غير القطاة على رأي أبي عبيدة، وأما على رأي غيره فيكون على إرادة النسبة، والتقدير: ذات التطريق، وأما على رواية من رواه بفتح الراء فيكون صفة للأفحوص بمعنى المعدل.
(1)
الصحاح مادة: "طرق"، وشرح شواهد المغني (681).
(2)
البيت من بحر المتقارب، قاله أوس بن حجر ديوانه (31)، وهو في اللسان:"نفس- طرق".
(3)
القصيدة ليست في المفضليات وإنما هي في الأصمعيات (164 - 166)(هارون).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "تخذت" فإن أصله: اتخذت، ولكن لما كثر استعماله على لفظ الافتعال توهموا أن التاء أصلية فبنوا منه فعِل يفعِل، قالوا: تخذ يتخذ، وقرئ قوله تعالى
(1)
: (لتَخذت عليه أجرًا)
(2)
.
الشاهد السادس والسبعون بعد المائتين والألف
(3)
،
(4)
فقلت لصاحبي لا تَحْبِسَنَّا
…
بنَزْعِ أُصُولِهِ واجْدَزَّ شِيحَا
أقول: قائله هو يزيد بن الطثرية؛ كذا قاله الجوهري
(5)
، وقال ابن بري: هو لمضرس بن ربعي الأسدي.
وقبله
(6)
:
1 -
وفِتيَانِ شَوَيْتُ لهم شواءً
…
سريعَ الشِّيِّ كنتُ به نَجِيحَا
2 -
فطِرتُ بمُنْصُلي في يعمَلاتٍ .... دوَامِي الأيْدِ يَخْبطْنَ السريحَا
وهي من الوافر.
(1)
هذه القراءة لعبد الله والحسن وقتادة وأبو بحرية وابن محيصن وأبو عمرو. ينظر روح المعاني للآلوسي (16/ 7)، والإتحاف (2/ 223)، والنشر (2/ 15)، والبيان للأنباري (2/ 114)، والبحر المحيط (6/ 152)، وشرح الشافية للرضي (3/ 79، 80).
(2)
في القراءة المذكورة وبيت الشاهد توجيهات ثلاثة في: "تَخِذَ"، قال سيبويه:"التاء مبدلة من الواو"، الكتاب (4/ 334) وينظر الواو دراسة نحوية وصرفية، د. عبد المعطي سالم (30)، وجعل سيبويه واويتها الأصلية شرطًا لإبدال من التاء في الافتعال، فإن كانت واويتها عارضة أو مبدلة من همزة بقيت على حالها دون إبدال أو إدغام في الافتعال. ينظر شرح الشافية للرضي (3/ 83)، والمنهج الصرفي، د. إبراهيم البسيوني (109)، وقيل: التاء مبدلة من همزة أخذ، وهو مذهب الزجاج والجوهري من الهمزة، ويرى ابن جني أن التاء أصلية فقال: "فأما قولهم: اتخذت فليست تاؤه بدلًا من شيء بل هي فاء أصلية بمنزلة: اتبعت من تبع، يدل على ذلك ما أنشده الأصمعي من قوله:
وقد تخذت رجلي إلى جنب غرزها ..... نسيفا كأفحوص القطاة المطرق
وعليه قول الله سبحانه: {قَال لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف: 77] الخصائص (2/ 289).
(3)
توضيح المقاصد (6/ 84).
(4)
البيت من بحر الوافر، وهو ليزيد بن الطثرية في أكثر مراجعة، وهو في الفخر بالكرم، وانظر مراجع الشاهد سر الصناعة (187)، والممتع (1/ 357)، والمقرب (2/ 166)، وشرح شواهد الشافية (481)، وابن يعيش (10/ 79)، والصحاح، واللسان:"جزر".
(5)
الصحاح مادة: "جزر".
(6)
ديوان يزيد بن الطثرية (60)، وشرح شواهد الشافية (483).
قوله: "لا تحبسنا": من الحبس، وفي رواية الجوهري: لا تحبسانا، ثم قال: وربما خاطبتْ العربُ الواحد بلفظ الاثنين؛ كما قال سويد
(1)
بن كراع العكلي
(2)
:
فإن تَزجُرَاني يا ابنَ عَفَّانَ أنزَجر
…
وإن تدَعَاني أَحمِ عِرضَا ممنعًا
يعني: لا تحبسنا عن شيّ اللحم بأن تقلع أصول الشجر بل تأخذ ما تيسر من قضبانه وعيدانه وأسرع لنا في الشيّ، قوله:"واجدز" أصله: جزّ بالجيم والزاي المشددة؛ من جززت الصوف ونحوه، ثم نقل إلى باب الافتعال، فصار: اجتز، ثم قلبت التاء دالًا فصار: اجدز.
و"الشيح" بكسر الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره حاء مهملة، وهو نبت مشهور يقال له بالفارسية: درمنه، وبالتركية: يوشان.
الإعراب:
قوله: "فقلت": جملة من الفعل والفاعل، و"لصاحبي": يتعلق بها، وقوله:"لا تحبسنا": مقول القول، قوله:"بنزع" يتعلق به، والضمير في:"أصوله" يرجع إلى الكلأ، قوله:"واجدز": أمر من جز يجز كما ذكرنا، وفاعله مستتر فيه، وقوله:"شيحَا" مفعوله.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "واجدز" فإن أصله: اجتز، فقلبت التاء دالًا؛ كما ذكرنا
(3)
.
(1)
شاعر فارس مقدم من شعراء الدولة الأموية، وكان في آخر أيام جرير والفرزدق، وكان شاعرا محكمًا، وكان ذا رأي في بني عك.
(2)
البيت من بحر الطويل، وقد نسبه الشارح لقائله، وهو في اللسان، والصحاح مادة:"جزز"، قال ابن منظور: "أَنشد ثعلب والكسائِي ليزيد بن الطثرِية (البيت) ويروى: واجدز، وذكر الجوهري أَن البيت ليزيد بن الِطثرية وذكره ابن سيده ولم ينسبه لأحد بل قال: وأنشد ثعلب قال ابن بري: ليس هو ليزيد وإنما هو لمُضَرِّسِ بن رِبعي الأسدي وقبله:
وفتيان شَوَيْتُ لهم شِواء .... سريعَ الشيِّ كنت به نجِيحَا
فَطِرتُ بِمُنصُلٍ في يَعمَلاتٍ
…
دَوامي الأَيدِ يخبطنَ السريحَا".
(3)
قال ابن عصفور: "وقد قلبت تاء افتعل دالًا بغير اطراد مع الجيم في: اجتمعوا، واجتز، فقالوا: اجدمعوا، واجدز والأكثر التاء، قال:(البيت) يريد: اجتمعوا واجتز، ولا يقاس على ذلك
…
" الممتع (357).
الشاهد السابع والسبعون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
يا ابنَ الزبَيرِ طَالما عَصَيكَا
أقول: قائله راجز من حِمير؛ كذا في نوادر أبي زيد
(3)
، وتمامه
(4)
:
وطالما عنَّيتَنَا إليكَا .... لنضرِبَنْ بِسَيفِنَا قفيكَا
وأراد بابن الزبير: عبد اللَّه بن الزبيري رضي الله عنهما.
المعنى والإعراب ظاهران.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "عصيكا" فإن أصله: عصيت، فأبدل الكاف من التاء؛ لأنها أختها في الهمس، وكان سحيم إذا أنشد شعرًا، قال: أحسنك واللَّه، يريد: أحسنت
(5)
.
الشاهد الثامن والسبعون بعد المائتين والألف
(6)
،
(7)
لو شئْتِ قد نقَعَ الفؤَاد بشربَةٍ .... تدَع الصَّوَادِيَ لا يَجُدْنَ غَلِيلًا
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، وهو من قصيدة طويلة من الكامل يهجو بها الفرزدق، وأولها هو قوله
(8)
:
(1)
توضيح المقاصد (6/ 88).
(2)
البيت من بحر الرجز المشطور، قاله راجز من حمير، وقد ذكر الشارح بيتين بعده، وانظر الشاهد في الخزانة (4/ 428)، وشرح شافية ابن الحاجب (3/ 202)، وشرح شواهد الشافية (425)، وشرح شواهد المغني (446)، والممتع (414)، والجنى الداني (468).
(3)
انظر النوادر في اللغة لأبي زيد الأنصاري (105).
(4)
ينظر شرح شواهد الشافية (425).
(5)
هذا إبدال لم يذكره سيبويه ولا ابن السكيت في كتابه القلب والإبدال لقلته جدا في بعض لغات العرب، ينظر الممتع (414، 415)، وشرح شواهد الشافية (424، 425).
(6)
توضيح المقاصد (6/ 96).
(7)
البيت من بحر الكامل، من قصيدة لجرير يهجو بها الفرزدق، ديوانه (364)، دار صادر، وانظر الشاهد في سر الصناعة (296)، وابن يعيش (10/ 60)، والممتع (1/ 177)، والمنصف (1/ 187)، والهمع (2/ 66)، والمقرب (2/ 184)، وشرح الشافية (1/ 32)، وشرح شواهد الشافية (53)، والدرر (5/ 103).
(8)
الديوان (453)، ط. دار صعب، وكذا في (364)، ط. دار صادر، ورواية الشاهد هكذا:
لو شئت قد نقع الفؤاد بمشرب
…
يدع الحوائم لا يجدن غليلًا
لَم أَرَ مثلَكِ يَا أُمَامَ خَلِيلًا
…
أنأى بحَاجَتنا وأحسنَ قيلًا
لو شئتِ ...............
…
.................. إلخ
قوله: "يا أمام" ترخيم أمامة، قوله:"أنأى بحاجتنا" من قولهم: ناء به الحمل إذا أثقله، قوله:"قد نقع" بالنون والقاف والعين المهملة؛ من نقعت بالماء إذا رويت، يقال: شرب حتى نقع، أي: شفى غليله.
قوله: "بشربة"، ويروى: بمشرب، قوله:"تدع"، أي: تترك، و "الصوادي": جمع صادية من الصدى وهو العطش، قوله:"غليلًا" بالغين المعجمة، بمعنى الغلة وهي حرارة العطش.
الإعراب:
قوله: "لو" للشرط، و "شئت": جملة من الفعل والفاعل، وقعت فعل الشرط، قوله:"قد نقع الفؤاد": جملة من الفعل والفاعل وقعت جواب الشرط، ووقوع جواب لو بكلمة "قد" نادر
(1)
.
قوله: "بشرية" يتعلق بقوله: "نقع"، قوله:"تدع": فعل مضارع، والضمير المستتر فيه فاعله يعود إلى الشربة، وقوله:"الصوادي": مفعوله، والجملة في محل الجر؛ لأنها صفة لقوله:"بشربة".
قوله: "لا يجدن" أي؛ لا يصبن، ولهذا اقتصر على مفعول واحد وهو قوله:"غليلًا"، والجملة في محل النصب على الحال من الصوادي.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لا يجُدن" بضم الجيم فإنه لغة بني عامر
(2)
.
(1)
قال السيوطي: "وندر كونه -أي الجواب- مصدرًا برب أو بالفاء
…
أو قد كقوله:
لو شئتِ قد نقَعَ الفؤَاد شربَةٍ
…
تدَعُ الصَّوَاديَ لا يجُدْنَ غليلًا"
ينظر الهمع (2/ 66).
(2)
هو شاهد على أن باب: فعَل يفعِل، المثال لا يأتي منه المضارع على: فعَل يفعُل، وحينما ورد شاهدنا هذا على فعَل يفعُل كان شاذًّا وهو لغة لبني عامر، وفي ذلك يقول ابن جني في المنصف (1/ 187):"قيل لأنهم أرادوا أن تخالف حركة العين في المضارع حركتها في الماضي، لأن كل واحد منهما بناء على حياله فجعلوا مضارع فعِل يفعَل، ومضارع فعَل في أكثر الأمر يفعِل؛ لمقاربة الكسرة الفتحة واجتماعهما في مواضع كثيرة وإمالة كل واحدة إلى صاحبتها نحو قولك: مررت بعمر وضربت عمرًا، ونحو قولك: ضربت الهندات، ومررت بالهندات، وغير ذلك مما يطول ذكره، فهذا ونحوه يدل على مناسبة الكسرة للفتحة فلذلك تعاقبتا في: فعِل يفعَل، وفعَل يفعِل، فأما قول الشاعر: (البيت) فشاذ، والضمة عارضة، ولذلك حذفت الفاء كما حذفت في يقع ويزع، وإن كانت الفتحة هناك لأن الكسر هو الأصل، وإنما الفتح عارض".
الشاهد التاسع والسبعون بعد المائتين والألف
(1)
،
(2)
........................
…
وصَالِيَات كَكمَا يُؤثفَينْ
أقول: قائله هو خطام المجاشعي، وأوله
(3)
:
لم يبق من آي بها يُحَلَّيْنْ .... غيرَ حُطامٍ وَرَمَادٍ كِنْفَينْ
وصَالِيَات كَكَمَا يُؤثفَينْ
…
وغيرَ وَدٍّ جاذلٍ أوْ ودَّيْنْ
وهي من الرجز المسدس.
وقوله: "من آي بها" أي: بدار المحبوبة، والآي: جمع آية وهي العلامة، قوله:"يحلين" بالحاء المهملة، وهي من الحلية، قوله:"حطام" بضم الحاء المهملة، وهو ما تكسر من اليبيس.
قوله: "كنفين": تثنية كِنف بكسر الكاف وسكون [النون]
(4)
، وهو وعاء يجعل فيه الراعي أداته، قوله:"وصالات": جمع صالية؛ من صلي النار [بالكسر]
(5)
يصلي صليًّا إذا احترق بها، قال تعالى:{هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا} [مريم: 70]، أراد: أثافي صاليات، يعني: مسودات من آثار النار، وصف أنها على حالها التي وضعها عليها أهل الدار، فإن قرب آثارهم أجلب للشوق والتذكار.
قوله: "يؤثفين": من أثفيت القدر: جعلت لها أثافي، ويقال: ثفيت القدر تثفية، أي: وضعتها على الأثافي وأثفيتها، والأثافي: جمع أثفية القدر، ووزنها: أفعولة، ويجوز في ياء الأثافي التشديد والتخفيف.
الإعراب:
قوله: "وصاليات" بالجر عطف على قوله: "غير حطام ورماد"، أي: غير صاليات وهي صفة موصوفها محذوف، أي: وأثافي صاليات، قوله:"ككما" الكاف الأولى حرف جر،
(1)
توضيح المقاصد (6/ 99).
(2)
بيت من بحر الرجز المشطور، هو وما ذكر معه في وصف أطلال لخطام المجاشعي، وانظر الشاهد في الكتاب (1/ 38، 32، 408)، والخزانة (1/ 367)، (2/ 353)، (4/ 573)، وشرح شواهد الشافية (59)، وشرح شواهد المغني (172) واختيارات المرادي في تراثه النحوي: د. أحمد السوداني (607)(دكتوراه بالأزهر).
(3)
شرح شواهد الشافية (59).
(4)
ما بين المعقوفين بياض في (ب).
(5)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
والثانية اسم لدخول حرف الجر عليها؛ كما في قوله
(1)
:
فَصُيّرُوا مثلَ كَعَصْف مَأكُولْ
…
................................
لأن الاسم لا يضاف إلى الحرف، وكلمة:"ما" مصدرية، والتقدير: كإثفائها، قال ابن يسعون: هذا التقدير عند من جعل الهمزة زائدة؛ يعني في: يؤثفين، وأما من جعل الهمزة أصلية فالتقدير: كإثفائها؛ لأنها كالسلقاة في مصدر سلقيت؛ لأنه كالدحرجة، ومن قال: دحراجًا قال: إثفاء، فوزنه الآن فعلال، وفي الوجه الأول: إفعال كالإحرام
(2)
.
والاستشهاد فيه:
في قوله: "يؤثفين" فإن الهمزة فيه يجوز أن تكون زائدة جاءت على القياس المرفوض؛ لأن قولك: أكرم يكرم، الأصل فيه: يؤكرم، فاستمر حذفها في مضارع الباب كراهة اجتماع همزتين في قولك: أنا أأكرم، ثم أتبع حذفها مع سائر حروف المضارعة.
قال ابن يسعون: ولهذا قال أبو علي فيمن جعلها من: أثفيت
(3)
، فوزنها على هذا يؤفعلن، والدليل على كونها زائدة قول بعضهم: ثفيت القدر، قال المازني
(4)
: فأثفية عند هؤلاء أفعولة مثل: أكرومة، قال: وسمعت الأصمعي ينشد
(5)
:
وذاكَ صنيعٌ لم تُثَفَّ لَهُ قِدْرُ
وقال أبو الفتح: من جعلها أفعولة فلامها واو، وكان قياسها: أثفوة؛ إلا أنه قلب الواو إلى ياء تخفيفًا؛ والدليل على ذلك ما جاء عن ابن الأعرابي أنه قال: جاء يثفوه ويثفيه
(6)
.
(1)
رجز لحميد الأرقط، ينظر الخزانة (4/ 270)، وهمع الهوامع (2/ 150)، ونسب في الخزانة وشرح شواهد المغني (503)، نقلًا عن العيني إلى رؤبة، وهو في ملحقات ديوانه (181).
والمعنى: وصف قومًا استؤصلت شأفتهم فصاروا كالعصف، وهو التبن أو الزرع الذي أكل حبه، وموطن الشاهد:"مثل كعصف" وهو شاهد على دخول مثل على الكاف، لأن الكاف بمعنى مثل والتقدير: مثل مثل عصف.
(2)
ينظر التكملة للفارسي (516).
(3)
التكملة للفارسي (515، 516)، وفيه يقول:"وربما جاء في الشعر على الأصل كقوله "البيت" فيمن جعله من أثفيت".
(4)
قال المازني: "وأما أُثْفِيَّة فإن بعض العرب يجعلها: فُعلِية فيقول: أثفْتُ القدر، فيجعلها: فَعلْتُ، ويجعل الهمزة موضع الفاء، قال الشاعر:(وصَالياتٍ كَكَمَا يؤثفَين). المنصف (1/ 193).
(5)
شطر بيت من الطويل، وهو في لسان العرب مادة:"ثفا" وفي أساس البلاغة مادة: "أثف"، وانظر التصريف الملوكي بشرح المنصف (2/ 184).
(6)
قال ابن جني: "وأما من جعلها: "أفعولة" فلامها عنده واو، وكان قياسها: أُثْفُوَّة؛ إلا أنه قلب الواو إلى الياء تخفيفًا" المنصف (2/ 185).
وقال أبو علي: قولهم: يثفيه لا يكون إلا من الواو، ويريد أنه يكون بمنزلة يَعِد؛ لأن الواو هي التي استمر حذفها في هذا النحو دون الفاء، قال: إلا أن اللام قدمت إلى موضع الفاء كأنه كان: ثفوت، ثم صار: وثفت، ويجوز أن يكونا أصليين، قال: ومثله على هذا الأصل قول الآخر
(1)
:
.........................
…
فإنه أهلٌ لأنْ يُؤَكْرَمَا
وقال أبو علي: وأن يكون يؤثفين يفعلين كيسلقين أولى من يؤفعلن؛ لأنه لا ضرورة فيه على من جعل الهمزة أصلًا.
قال المازني: وبعض العرب بجعل أثفية فعلية، فيقول: أثفت القدر، وقال أبو الفتح؛ أي: أصلحت تحتها الأثافي، واجتمعت العرب على تخفيف الأثافي جمع أثفية فافهم
(2)
، فإنه مبحث دقيق.
* * *
(1)
المنصف (2/ 185، 186).
(2)
المرجع السابق.
شواهد الإدغام
الشاهد الثمانون بعد المائتين والألف
(1)
وقَال نَبِيُّ المسلمِينَ تَقَدَّمُوا
…
وأحْبِبْ [إلينا]
(2)
أنْ تكُونَ المُقَدَّمَا
أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد التعجب
(3)
.
والاستشهاد فيه:
هاهنا في قوله: "وأحبب" حيث جاء بلا إدغام مع وجود موجب الإدغام وهو اجتماع الحرفين المتماثلين
(4)
.
الشاهد الحادي والثمانون بعد المائتين والألف
(5)
،
(6)
فغُضّ الطرفَ إنكَ من نُمَيْرٍ
…
................................
أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، وتمامه:
..........................
…
فلا كعبًا بلَغْتَ ولا كلابًا
وهو من قصيدة من الوافر، أولها هو قوله
(7)
:
(1)
توضيح المقاصد (6/ 118).
(2)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(3)
ينظر الشاهد رقم (764).
(4)
يجب الإدغام عند التقاء المتماثلين مع سكون الأول منهما، سواء كانا في كلمة واحدة كالشد والمد، أو في كلمتين متصلتين نحو: اسمع عِلمًا. ينظر شرح الشافية (3/ 236)، وابن يعيش (10/ 121).
(5)
أوضح المسالك (4/ 453).
(6)
البيت من بحر الوافر، من قصيدة لجرير يهجو بها الراعي النميري، ديوانه (58)، ط. دار صادر، وانظر الشاهد في الكتاب (3/ 533)، والمقتضب (1/ 185)، وابن يعيش (9/ 128)، والخزانة (1/ 72)، والدرر (6/ 322).
(7)
انظر القصيدة في ديوان جرير (58)، ط. دار صادر، وديوانه (75)، ط. دار صعب، و (813)، ط. دار =
1 -
لَنَا حَوْضُ الحَجِيجِ وَساقيَاهُ .... ومَنْ وَرَثَ النُّبُوَّةَ والكتَابَا
2 -
ألَسنَا أكْثَرَ الثَّقَلَيِن حيًّا
…
بِبَطنِ مِنًى وأكثَرَهُم قبَابَا
3 -
إذا غَضِبَتْ عَلَيكَ بَنُو تَمِيمٍ
…
حَسِبتَ الناسَ كُلَّهُمُ غِضَابَا
4 -
فَلَا وأبيكَ مَا لَاقَيتُ حيًّا
…
كيَربُوعٍ إذَا رَفَعُوا العُقَابَا
5 -
فغُضَّ ..............
…
.................. إلى آخره
1 -
قوله: "الحجيج": جمع حاج، وأراد بحوض الحجيج بئر زمزم -شرفه الله تعالى-.
2 -
و "القباب": جمع قبة، وهي التي تعمل من جلد أو لبد.
3 -
و "بنو تميم" في مضر تنسب إلى تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر.
4 -
ويربوع في تميم، وهو يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وفي غطفان: ربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان.
5 -
و "نمير" بضم النون في قيس غيلان ينسب إلى نمير بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، قال أبو محمد: بنو نمير من أشراف بيوت قيس غيلان، وكان الرجل منهم ذا قيل له: ممن أنت؟ قال: نميري؛ كما ترى إدلالًا بنسبه وافتخارًا بمنصبه، حتى قال جرير بن الخطفي لعبيد بن حصين الراعي أحد بني نمير:
فغض الطرف ............
…
................ إلى آخره
و"كعب وكلاب" ابنا ربيعة بن عامر بن صعصعة، فصار الرجل منهم إذا قيل له: ممن أنت؟ قال: عامري، ويكني عن نميري.
الإعراب:
قوله: "فغض": جملة من الفعل والفاعل، وهو أنت الضمير المستتر فيه، والخطاب لعبيد الراعي كما ذكرناه، و "الطرف" مفعول، وأراد به العين، قوله:"إنك من نمير": جملة مؤكدة في موضع التعليل.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فغض" فإنه يجوز فيه الأوجه الأربعة: الفتح لخفته، والضم إتباعًا للغين، والكسر
= المعارف، ومطلعها في الديوان:
أقللي اللوم عاذل والعتابا
…
وقولي إن أصبت لقد أصابا
لأن الأصل في تحريك اللسان أن يحرك بالكسر والفك؛ كما في قوله تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمان: 19]، وبنو تميم يشددونه فلذلك قال جرير: فغض، بالتشديد
(1)
.
الشاهد الثاني والثمانون بعد المائتين والألف
(2)
،
(3)
الحَمدُ للهِ العليّ الأجْلَلِ .... الواسع الفضل الوهوب المجزِلِ
أقول: قائله هو أبو النجم العجلي، واسمه: الفضل بن قدامة، وبعده
(4)
:
2 -
أَعطَى فلَم يَبخَلْ ولَم يُبَخّلْ
…
...........................
وهو من الرجز المسدس.
قوله: "الوهوب": صيغة مبالغة في الواهب، و "المجزل" من أجزل إذا أعطى إعطاء كثيرًا الإعراب ظاهر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "الأجلل" حيث فكَّ الإدغام فيه للضرورة مع أنه واجب في مثل هذا، ولهذا قال علماء المعاني: إن الفصاحة في المفرد: خلوصه من تنافر الحروف، والغرابة، ومخالفة القياس، ثم قالوا: ومخالفة القياس نحو:
الحَمْدُ لله العليّ الأجْلَلِ
…
..............................
والقياس: الأجل بالإدغام
(5)
.
* * *
(1)
انظر ابن يعيش (9/ 128)، وذلك لكون الفعل فعل أمر جاز فيه لغتان: الإدغام وهو لغة تميم كما في قول جرير، والفك وهو لغة الحجازيين وبه نزل الفصيح من كتاب رب العالمين. ينظر أوضح المسالك (4/ 453)، والإدغام بين النحويين والقراء: د. عبد المعطي سالم (86).
(2)
أوضح المسالك (4/ 456).
(3)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وهما في ديوان أبي النجم بيت واحد هكذا:
الحمد لله الوهوب المجزل
وعلى ذلك فليس فيهما الشاهد، وقد بحثت عن كلمة الأجلل، وهي موضع الشاهد في القصيدة كلها على طولها (194 بيت) فلم أجدها، وانظر الديوان (175)، وانظر الشاهد في المقتضب (1/ 142، 253)، والمنصف (1/ 339)، والخصائص (3/ 89، 95)، ومعاهد التنصيص (1/ 7)، والتصريح (2/ 403).
(4)
ديوان أبي النجم العجلي (175)، الرياض، علاء أغا.
(5)
فك الإدغام في: "الأجلل" لضرورة الشعر، والقياس أن يأتي الأجل مدغمًا ينظر: حاشية الصبان (4/ 349) والتصريح (2/ 403)، وشرح شواهد الشافية (591)، والمنصف (1/ 339).
[خاتمة الكتاب]
وهذا آخر ما جمعناه من الشواهد الشوارد، ومنتهى ما نظمناه من الفرائد في القلائد، إيضاحًا لما فيها من الفوائد والعوائد، وكشفًا لقناع ما فيها من الخود والخرائد، فجاء بحمد الله تعالى مبرئًا للعليل ومرويًا للغليل، وليس الري من التشاف؛ كما أن العي من الاعتساف، والمأمول من الناظر فيه ألا يكون من الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا من الذين يصحفون في مبادئه ومقاطعه، فكم من متصرف في المهذب بالزيادة والنقصان، ومن مفوق نحوه أسهم الذم والطعان جزاء سنمار حين بنى الخورنق للنعمان، وهل هذا إلا من حسد ركب في الأجساد؟ ولأنهم عزل عما تكمى أهل الفضل والاجتهاد؛ فلذلك تراهم يخرطون القتاد، فهذا وإني قد بذلت فيه طاقتي حسب الإمكان، بترك ما تستلذه نفس الإنسان مع تجرع الغصص من مكايدة أهل هذا الزمان، وتحصيل كتب كثيرة فيما يتعلق بهذا الشان، حتى إني جمعت من الدواوين للشعراء المتقدمين الذين احتج بهم نحاة الأولين والآخرين ما يُنَيّف على مائة في عدد مبين، وهي:
ديوان امرئ القيس الكندي، وديوان النابغة الذبياني، وديوان علقمة بن عبدة التميمي، وديوان زهير بن أبي سلمى المزني، وديوان طرفة بن العبد البكري الوائلي، وديوان عنترة بن شداد العبسي، وديوان الأعشى ميمون، وديوان الحطيئة، وديوان جرير، وديوان أبي دؤاد، وديوان كعب بن زهير، وديوان الفرزدق، وديوان رؤبة بن العجاج، وديوان لبيد العامري، وديوان الشنفرى، وديوان عمر بن أبي ربيعة، وديوان ذي الرمة، وديوان الحارث بن حلزة، وديوان أبي ذؤيب الهزلي، وديوان أبي كبير الهذلي، وديوان ساعدة بن جؤية الهذلي، وديوان أبي خراش الهذلي، وديوان أبي المثلم، وديوان صخر الغي، وديوان المتنخل، وديوان أبي العيال، وديوان أسامة بن الحارث، وديوان الأعلم بن عبد الله، وديوان بريق بن خويلد، وديوان ساعدة بن العجلان، وديوان خالد الخزاعي، وديوان السموأل بن عادياء، وديوان حنظلة بن الشرقي، وديوان سحيم عبد بني الحسحاس، وديوان أبي حلحلة الفزاري، وديوان حارثة بن بدر الغداني، وديوان وضاح اليمن، وديوان نهار بن توسعة، وديوان توسعة بن تميم، وديوان الحادرة [الذبياني]
(1)
، وديوان عمرو بن قميئة، وديوان عمرو بن كلثوم، وديوان النعمان بن بشير الأنصاري، وديوان مزاحم العقيلي، وديوان الشماخ، وديوان القطامي، وديوان أوس بن حجر، وديوان عبيد الله بن قيس الرقيات، [وديوان النمر بن تولب، وديوان جران العود، وديوان راشد بن سهاب بالسين
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (أ).
المهملة،
(1)
، وديوان كعب بن سعد الغنوي، وديوان أبي الطمحان القيني، وديوان رافع بن هريم، وديوان خفاف بن ندبة، وديوان حسان بن ثابت، وديوان حميد بن ثور، وديوان أبي طالب، وديوان ابن الدمينة، وديوان قيس بن الذريح، وديوان جابر بن زيد، وديوان عائذ بن سعد، وديوان حرملة بن جنادة، وديوان عبد الله بن جلهمة، وديوان شهم بن مرة، وديوان أبي رهدم، وديوان الهيثم بن معاوية، وديوان زهير بن جعدة، وديوان عبد الرحمن بن سيحان، وديوان عبيد بن ريحان، وديوان عامر بن قثير الخصفي، وديوان صخر بن الجعد، وديوان كميت، وديوان الأخطل، وديوان زفر بن أنس، وديوان نزال بن واقد، وديوان حنظلة بن ذؤيب، وديوان كثير عزة، وديوان مرار الأسدي، وديوان قيس المجنون، وديوان الأحوص، وديوان أمية بن أبي الصلت. وديوان جميل، وديوان ربيعة بن مقروم، وديوان ابن ميادة، وديوان زياد الأعجم، وديوان الصمت بن عبد الله، وديوان القلاح، وديوان العرجي، وديوان أبي أمية الهذلي، وديوان المتلمس، وديوان ذي الأصبع حرثان، وديوان توبة بن الحمير، وديوان كعب بن مالك الأنصاري، وديوان المهلهل وديوان امرئ القيس، وديوان المزرد، وديوان الراعي، وديوان زفر بن حنان، وديوان الطرماح وديوان خرنق بنت هفان، وديوان جنوب أخت عمرو ذي الكلب، وديوان ليلى، وديوان عاتكة.
ومن دواوين المحدثين الذين تذكر أشعارهم لأجل التمثيل: وديوان أبي العتاهية، وديوان عطية السندي، وديوان أبي نواس، وديوان المعري، وديوان المتنبي، وديوان بشار بن برد، وديوان أبي الوليد الأنصاري، وديوان البحتري.
ومن الحماسات: حماسة أبي تمام، والحماسة البصرية، والحماسة العسكرية.
ومن النوادر: نوادر ابن دريد، ونوادر القالي، ونوادر اللحياني، ونوادر الأصمعي، ونوادر أبي زيد الأنصاري.
ومن كتب اللغة: العباب للصاغاني، والصحاح للجوهري، والمحكم لابن سيده، ودستور الله للنطنزي، والمجمل لابن فارس، والكفاية للأجداني، والجمهرة لابن دريد، والأفعال لابن قوطية والمنظم لكراع.
ومن كتب الأدب: كتاب الغررة، وكتاب العققة، وكتاب الضيفان، وكتاب المعمرين وكتاب أولاد السراري، وكتاب الأغاني الكبير، ومختصر الأغاني، وكتاب الزينة لأبي حاتم وكتاب خلق الإنسان، وكتاب الخيل، وكتاب الحيوان، وكتاب تثقيف اللسان، وكتاب الكامل
(1)
ما بين المعقوفين سقط في (ب).
المبرد، وكتاب الكمال لأبي عبيد، وسؤالات المبرد، وهيتيات أبي علي، وكتاب سر الصناعة، والمختار من أشعار القبائل، وكتاب الإصلاح، وكتاب المنقذ، وكتاب الاقتضاب، وكتاب أدب الكاتب، وكتاب الأمثال السائرة، وكتاب التأويلات، وكتاب تحفة العرب، وكتاب تقويم اللسان، وكتاب المقصور والممدود للأنباري، والمقصور والممدود للقالي، وكتاب الطرر لابن ماهر، وكتاب درة الغواص، وكتاب الطير لأبي حاتم، وكتاب الفصيح، وكتاب اليوم والليلة، وكتاب المشترك، وكتاب الأدواء، وكتاب المؤتلف والمختلف في أسماء الأماكن، والمؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء، وطبقات الشعراء، وطبقات النحاة، وشرح أبيات الإيضاح، وشرح أبيات الكتاب للنحاس، وشرح أبيات الإصلاح، وشرح أبيات كتاب الزمخشري، وتذكرة النحاة لأبي علي الفارسي، وتذكرة الشيخ أثير الدين، وتذكرة ابن هشام، وتذكرة ابن الصائغ.
غير ما تصفحت من كتب النحو وشروحها من تصانيف العرب والعجم من مؤلفات السلف والخلف من الأم وغير ما وقفت عليه من فوائد الأجلاء من المشايخ والأساتذة، ومن حركات الأفاضل الأماثل الجهابذة، وغير ما قدحته أفكاري من فيض الخالق الباري، وغير ما أنتجه تصوري وولده تفكري، ومع هذا كله ينتبز ذو حسد من الجهلة اللئام، ومن الطاعنين ومما تعبت فيه أفاضل الأنام متصديًا للأعراض، متمنيًا قرض أثره بالمقراض لينال بذلك إلى المفاسد من الأغراض، ولكن من له دين قويم، أو طبع سليم يستنكف عن نبش المعايب، ولا يرضى لدينه بث المثالب مذعنًا فيما ظهرت آياته إلى القبول ومتجنبًا فيما قامت بيناته عن النكول، فنسأل الله تعالى أن يعصمنا عن الأباطيل، ويهدينا إلى سواء السبيل، وأن الفضل بيده يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليمًا كثيرًا، والحمد لله رب العالمين. آمين.
قدَ نجز بحمد الله تعالى هذا الكتاب الميمون المحتوي على كل در مكنون برسم سيدنا ومولانا ربيب حجر السعادة، ورضيع ثدي السيادة، نتيجة الدهر والأوان، ونخبة الأماجد والأقران، كاوي صنوف الآداب بتمامها، ومستخرج زهرات الفضائل من أكمامها، ذي المجد الأثيل والفخر الجليل والأعراق الطاهرة، والشيم الفاخرة، سامي المجد والهمم، حاوي الغر والكرم، فرع الشجرة الذكية، وطراز العصابة الهاشمية، جناب حضرة السيد محمد أفندي الكيلاني، نجل حضرة سيدنا ومولانا: السيد عبد القادر أفندي الكيلاني الحسني الحسيني -أدام الله رفعته وحرس بهجته، وأبقى بيتهم الطاهر عالي العماد، ثابت الأركان والأوتاد، من غير تغيير ولا انثلام، ولا زالوا ملجأ للخاص والعام، ما دامت الليالي والأيام، والحمد لله على التمام على يد الفقير إليه سبحانه وتعالى محمد الرساني -عفا اللَّه عنه- تحريرًا في شهر شعبان المبارك من شهور سنة اثنين وأربعين ومائة وألف.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون. وسلام على المرسلين.
والحمد لله رب العالين.
آمين.
* * *
فهرس المراجع
حَرفُ الهمزةِ
1 -
أبنية الصرف في كتاب سيبويه، د. خديجة الحديثي.
2 -
إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر، المسمى منتهى الأماني والمسرات في علوم القراءات للشيخ أحمد محمد البنا، تحقيق: د. شعبان محمد إسماعيل. ط. عالم الكتب ومكتبة الكليات الأزهرية، أولى لسنة (1987 م).
3 -
أخبار النحويين البصريين لأبي سعيد السيرافي، تحقيق: د. محمد إبراهيم البنا، ط. دار الاعتصام، أولى لسنة (1985 م).
4 -
أدب الكاتب، تحقيق: محمد الدالي.
5 -
ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي، تحقيق د: مصطفى أحمد النماس، ط. مطبعة المدني، أولى لسنة (1984 م).
6 -
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب العزيز لأبي السعود. ط. دار الفكر.
7 -
الأزهية في علم الحروف لعلي بن محمد الهروي -تحقيق: عبد المعين الملوحي، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق لسنة (1982 م).
8 -
أساس البلاغة للإمام جار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري، ط. مطبعة دار التنوير العربي. بيروت رابعة لسنة (1984 م)، وأخرى ط. دار صادر بيروت (1979 م).
9 -
أساليب التوكيد في القرآن الكريم لعبد الرحمن المطردي، ط. الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع، أولى لسنة (1986 م).
10 -
أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير أبي الحسن علي بن محمد الجزري، ط. دار الفكر العربي، أولى لسنة (1989 م).
11 -
أسرار العربية لأبي البركات الأنباري، تحقيق: محمد بهجة البيطار، مطبعة الترقي بدمشق (1957 م).
12 -
أسرار النداء في لغة القرآن الكريم د. إبراهيم حسن إبراهيم حسن، ط. مطبعة الفجالة.
13 -
أسلوب القسم واجتماعه مع الشرط في رحاب القرآن الكريم، لعلي أبو القاسم عون، منشورات جامعة الفاتح (1992 م).
14 -
إشارة التعيين في تراجم النحاة واللغويين لعبد الباقي اليماني، تحقيق: عبد المجيد دياب، ط. أولى (1986 م).
15 -
الأشباه والنظائر في النحو للحافظ جلال الدين السيوطي. ط. دار الكتب العلمية. بيروت.
16 -
كتاب الاشتقاق لابن دريد، تحقيق (هارون)، ط. دار الجيل، بيروت، أولى (1991 م).
17 -
أشعار بني تميم في العصر الجاهلي، جمع: عبد الحميد محمود المعيني.
18 -
أشعار الستة الجاهليين للأعلم الشنتمري: نشر دار الآفاق الجديدة، أولى (1979 م).
19 -
الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، ط. دار الكتب العلمية.
20 -
إصلاح المنطق لابن السكيت، ط. دار المعارف، تحقيق عبد السلام هارون، خامسة، وأخرى تحقيق: فخر الدين قباوة.
21 -
أصول الأملاء لعبد اللطيف الخطيب، ط. أولى وثانية، طبعة دار التراث، الكويت.
22 -
الأصول في النحو لأبي بكر بن السراج، تحقيق: عبد المحسن الفتلي. ط. مؤسسة الرسالة، بيروت، أولى لسنة (1985 م).
23 -
الأضداد، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم.
24 -
إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم لأبي عبد الله الحسين بن خالويه، مكتبة المتنبي، القاهرة.
25 -
إعراب الجمل وأشباه الجمل. د. فخر الدين قباوة، ط. مطبعة دار القلم العربي بحلب، خامسة لسنة (1989 م).
26 -
إعراب القرآن لأبي جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس. تحقيق: د. زهير غازي زاهد، ط. عالم الكتب ومكتبة النهضة العربية، ثالثة لسنة (1988 م).
27 -
الأعلام؛ قاموس تراجم لأشهر تراجم الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين لخير الدين الزركلي. ط. دار العلم بيروت. مختلفة الطبعات.
28 -
الأعلم وأثره في النحو مع تحقيق شرح أبيات الجمل: "دكتوراه" بالأزهر رقم (173)، تحقيق د: محمد شعبان.
29 -
الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، تحقيق: سمير جابر، ط. دار الكتب العلمية، ثانية (1992 م)، وأخرى ط. دار إحياء التراث العربي بيروت، وثالثة: ط. دار صعب بيروت، ورابعة ط. بولاق، وخامسة ط. بيروت، ط. مصورة عن دار الكتب المصرية، وسادسة شرح: عبدأ علي مهنا، ط. ثانية (1992 م).
30 -
الاقتضاب في شرح أدب الكتاب لأبي محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي. تحقيق أ. مصطفى السقا، ود. حامد عبد المجيد، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب لسنة (1982 م).
31 -
أمالي السهيلي أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الأندلسي في النحو واللغة والحديث والفقه، تحقيق: محمد إبراهيم البنا.
32 -
الأمالي النحوية "أمالي القرآن الكريم" لابن الحاجب. تحقيق: هادي حسن حمودي. ط. عالم الكتب ومكتبة النهضة العربية، أولى لسنة (1985 م).
33 -
الأمالي الشجرية لضياء الدين أبي السعادات هبة الله بن علي بن حمزة العلوي المعروف بابن الشجري، طبعات مختلفة، تحقيق محمود الطناحي وآخرين.
34 -
الأمالي النحوية لابن الحاجب، تحقيق د. فخر الدين قباوة، وأخرى تحقيق: حسن هادي حمودي.
35 -
إنباه الرواة على أنباه النحاة لجمال الدين علي بن يوسف القفطي، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، من دار الكتب المصرية لسنة (1952 م).
36 -
الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين لكمال الدين أبي البركات عبد الرحمن محمد ابن أبي سعيد الأنباري النحوي ومعه: الانتصاف من الإنصاف لمحمد محيي الدين عبد الحميد. ط. المكتبة المصرية بيروت لسنة (1987 م).
37 -
الأنموذج في النحو للزمخشري بشرح الأردبيلي، تحقيق: حسني عبد الجليل يوسف، نشر مكتبة الآداب.
38 -
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي وحاشية الشهاب الخفاجي، ضبط الشيخ عبد الرازق مهدي، نشر: محمد علي بيضون، ط. دار الكتب العلمية، أولى (1997 م).
39 -
أمثلة المبالغة بين القياس والسماع دراسة نحوية من خلال الأسلوب العربي، دكتور: عادل الطنطاوي، مجلة كلية اللغة العربية بالمنصورة، فرع جامعة الأزهر الشريف، العدد الثامن عشر.
40 -
أهدى سبيل إلى علمي الخليل (العروض والقافية) لمحمود مصطفى، ط. مصطفى الحلبي (1936 م).
41 -
أوزان الشعر وقوافيه من مسرحية كليوباترا، د. علي فاخر.
42 -
أوضح المسالك بمصباح السالك، تحقيق: ووصف الشيخ، ومحمد البقاعي، دار المعرفة (1994 م).
43 -
أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك لأبي محمد عبد الله جمال الدين بن هشام الأنصاري ومعه كتاب بغية السالك إلى أوضح المسالك لعبد المتعال الصعيدي. ط. مطبعة صبيح رابعة لسنة (1968 م).
44 -
أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك لابن هشام ومعه مصباح السالك إلى أوضح المسالك، تأليف بركات يوسف هبود. ط. دار المعرفة لسنة (1994 م).
45 -
الإيضاح العضدي لأبي علي الفارسي، تحقيق د. حسن شاذلي فرهود.
46 -
الإيضاح في شرح المفصل لأبي عمرو عثمان بن عمر المعروف بابن الحاجب. تحقيق د. موسى بناي العليلي. ط. مطبعة بغداد، لجنة إحياء التراث الإسلامي.
47 -
الإيضاح في علل النحو لأبي القاسم الزجاجي، تحقيق د. مازن المبارك، ط. دار النفائس، أولى لسنة (1974 م).
48 -
الإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني، ط. دار الكتب العلمية بيروت، أولى (1985 م).
49 -
إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون للبغدادي. ط. مطبعة المثنى بغداد.
حَرْفُ البَاء
50 -
التفسير الكبير المسمى "البحر المحيط" لأبي عبد الله محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الأندلسي الشهير بأبي حيان وبهامشه النهر الماد من البحر المحيط وكتاب الدر اللقيط من البحر المحيط. ط. دار إحياء التراث العربي. بيروت، ثانية لسنة (1990 م).
51 -
بحوث ومقالات في اللغة، د. رمضان عبد التواب، ط. الخانجي، أولى (1982 م).
52 -
بدائع الفوائد لابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، أولى (1969 م).
53 -
البداية والنهاية لابن كثير، تحقيق: أحمد عبد الوهاب فتيح، ط. دار الحديث، خامسة (1998 م).
54 -
البرهان في علوم القرآن للزركشي، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، ط. مكتبة دار التراث، ودار المعرفة بيروت، ثانية (1972 م)، وغيرها.
55 -
البرهان في علوم القرآن للزركشي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، ط. دار الفكر، أولى (1988 م).
56 -
بغية الإيضاح لعبد المتعال الصعيدي، ط. مكتبة العلوم والحكم.
57 -
بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي، ط. دار الفكر، ثانية (1979 م)، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، وأخرى ط. المكتبة العصرية بيروت.
58 -
البلغة في الفرق بين المذكر والمؤنث لأبي البركات الأنباري، تحقيق د. رمضان عبد التواب، مطبعة دار الكتب.
59 -
بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للحافظ جلال الدين السيوطي، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، ط. دار الفكر، ثانية (1979 م)، وأخرى ط. المكتبة العصرية بيروت.
60 -
بلوغ الأرب في الواو في لغة العرب، د. عبد الحميد السيد محمد عبد الحميد.
61 -
البيان في غريب إعراب القرآن لأبي البركات الأنباري. تحقيق: د. طه عبد الحميد طه، ومراجعة: مصطفى السقا، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب لسنة (1980 م).
62 -
البيان والتبيين للجاحظ، تحقيق: هارون، دار الجيل، بيروت.
63 -
ابن عصفور وابن هشام في النحو والصرف، ماجستير بجامعة الأزهر، إعداد. عبد العزيز فاخر (1995 م).
حَرْفُ التَّاء
64 -
تاج العروس للإمام اللغوي: محمد مرتضى الزبيدي، المطبعة الخيرية، المنشأة الجمالية مصر المحمية، أولى لسنة (1306 هـ). وأخرى تحقيق: علي شيري. ط دار الفكر لسنة (1994 م)، وأخرى تحقيق د. حسين نصار ط. دار إحياء التراث العربي بيروت.
65 -
التأنيث في اللغة العربية، د. إبرهيم إبراهيم بركات، ط. دار الوفاء لسنة (1988 م).
66 -
تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي القاهرة (1931 م).
67 -
التبصرة في القراءات السبع لمكي بن أبي طالب.
68 -
التبيان في إعراب القرآن لأبي البقاء العكبري، ط. المكتبة التوفيقية، أولى، لسنة (1979 م).
69 -
تحصيل عين الذهب د. زهير سلطان.
70 -
التذكرة لأبي حيان، تحقيق: د. عفت عبد الرحمن.
71 -
التذييل والتكميل لأبي حيان الأندلسي شرح كتاب التسهيل لابن مالك، تحقيق د. حسن هنداوي، ط. دار القلم بيروت أولى لسنة (1997 م).
72 -
التذييل والتكميل لأبي حيان، د. الشربيني، دكتوراه بكلية اللغة العربية بالقاهرة. جامعة الأزهر.
73 -
التذييل والتكميل شرح تسهيل الفوائد لأبي حيان الأندلسي، مخطوط.
74 -
التذييل والتكميل لأبي حيان، رسالة دكتوراه بالأزهر، تحقيق: د. السيد تقي.
75 -
تصحيح الفصيح وشرحه لابن درستويه، ط. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، تحقيق: محمد بدوي المختون، ود. رمضان عبد التواب.
76 -
التصريف لأبي عثمان المازني بشرح المنصف لأبي الفتح بن جني، تحقيق: إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين، ط. وزارة المعارف أولى لسنة (1954 م).
77 -
تطبيقات نحوية وبلاغية د. عبد العال سالم مكرم، ط. مؤسسة الرسالة، بيروت، ثانية (1992 م).
78 -
تعليق الفرائد على تسهيل الفوائد للدماميني، تحقيق: محمد عبد الرحمن المفدى، ط. أولى (1989 م).
79 -
التعويض وأثره في الدراسات النحوية واللغوية. د. عبد الرحمن محمد إسماعيل. جامعة أم القرى ط. أولى لسنة (1982 م).
80 -
تغيير النحويين للشواهد، د. علي محمد فاخر.
81 -
التفسير والمفسرون بحث تفصيلي عن نشأة التفسير وتطوره وأنواعه ومذاهبه، د. محمد حسين الذهبي، نشر مكتبة وهبه، خامسة لسنة (1992 م).
82 -
تهذيب إصلاح المنطق، الخطيب التبريزي، تحقيق: فخر الدين قباوة.
83 -
تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري، تحقيق: البردوني.
84 -
التوجيهات والآثار النحوية والصرفية للقراءات الثلاثة بعد السبعة، د. علي فاخر، ط. أولى (1999 م).
85 -
توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك للمرادي، تحقيق: د. عبد الرحمن علي سليمان، مكتبة الكليات الأزهرية.
86 -
التوطئة لأبي علي الشلوبين، دراسة وتحقيق: يوسف أحمد المطوع، لسنة (1981 م).
حَرْفُ الجيم
87 -
جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري، دار الكتب العلمية بيروت، أولى (1992 م)، وأخرى: تحقيق: أحمد محمد شاكر، نشر مؤسسة الرسالة، أولى (1420 هـ).
88 -
الجامع الصحيح للترمذي أبي عسى محمد بن عيسى بن سورة. تحقيق: أحمد محمد شاكر.
89 -
الجامع الصغير في النحو لأبي محمد جمال الدين بن هشام الأنصاري، تحقيق د. أحمد محمود الهرميل، نشر مكتبة الخانجي لسنة (1980 م).
90 -
الجامع لأحكام القرآن الكريم لأبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي. ط. بيروت، أولى لسنة (1988 م)، وأخرى: ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت (1985 م).
91 -
الجامع المفهرس لأطراف الأحاديث النبوية للألباني، تأيف سليم بن عيد الهلالي، دار ابن الجوزي، ط. (1989 م).
92 -
جمل الزجاجي، تحقيق: ابن أبي شنب، طبعة (1926 م).
93 -
الجمل في النحو للزجاجي، بتحقيق: علي توفيق الحمد (1984 م)، ط. أولى.
94 -
كتاب الجمل في النحو للخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق: د. فخر الدين قباوة، ط. مؤسسة الرسالة، ثانية لسنة (1987 م).
95 -
جمهرة أشعار العرب في الجاهلية والإسلام للقرشي، تحقيق: محمد علي الهاشمي، ط. جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية، وأخرى ط. دار صادر.
96 -
جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، وعبد المجيد قطامش، ط. دار الجيل، ودار الفكر، ثانية (1988 م).
97 -
جمهرة اللغة لابن دريد، تصوير عن حيدر أباد الدكن.
98 -
الجنى الداني في حروف المعاني للحسن ابن أم قاسم المرادي، تحقيق: د. فخر الدين قباوة، ومحمد فاضل نديم، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، أولى، لسنة (1992 م).
99 -
جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، تأليف أحمد الهاشمي.
حرفُ الحَاء
100 -
حاشية الخضري للشيخ محمد الدمياطي الشافعي على شرح عبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل لألفية ابن مالك وبهامشه شرح ابن عقيل. ط. مصطفى الحلبي. لسنة (1940 م).
101 -
حاشية الشهاب الخفاجي على تفسير البيضاوي أنوار التنزيل وأسرار التأويل.
102 -
حاشية الشيخ محمد الأمير على مغني اللبيب لابن هشام، ط. دار إحياء الكتب العربية، عيسى الحلبي.
103 -
حاشية العلامة يس العليمي على شرح التصريح بمضمون التوضيح للشيخ خالد الأزهري على ألفية ابن مالك في النحو والصرف للشيخ جمال الدين بن هشام الأنصاري. ط. دار إحياء الكتب العربية. عيسى الحلبي.
104 -
الحجة في القراءات السبع لابن خالويه، تحقيق: عبد العال سالم، ط. مؤسسة الرسالة، خامسة لسنة (1990 م).
105 -
حجة القراءات لأبي زرعة، تحقيق: سعيد الأفغاني، ط. مؤسسة الرسالة (1973 م).
106 -
الحجة في القراءات السبع لابن خالويه، تحقيق: عبد العال سالم مكرم، ط. رابعة (1401 هـ)، نشر دار الشروق بيروت.
107 -
الحروف العاملة في القرآن الكريم بين النحويين والبلاغيين، إعداد هادي عطية مطر، ط. عالم الكتب، أولى (1986 م).
108 -
حروف المعاني لأبي القاسم الزجاجي تحقيق: علي توفيق الحمد. ط. بيروت.
109 -
حروف المعاني لعبد الحي علي كمال، المطبعة السلفية (1392 هـ)، أولى.
110 -
الحلل في شرح أبيات الجمل لابن السيد البطليوسي، تحقيق: د. مصطفى إمام (1979 م).
111 -
حماسة البحتري، تحقيق: الأب لويس سنحودن.
112 -
الحماسة البصرية، تحقيق: مختار الدين أحمد (عالم الكتب).
113 -
حماسة ابن الشجري، تحقيق: عبد المعين الملوحي، دمشق (1970 م).
114 -
حماسة أبي تمام بشرح الخطيب التبريزي، طبعة عالم الكتب.
115 -
الحيوان للجاحظ، طبعة المجمع العلمي العربي الإسلامي، تحقيق: هارون، ثالثة (1969 م).
حَرْفُ الخَاء
116 -
اختيارات المرادي في تراثه النحوي د. أحمد السوداني، دكتوراه بالأزهر (1999 م).
117 -
خزانة الأدب للبغدادي، تحقيق: هارون، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب، ثانية لسنة (1979 م).
118 -
خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب على شواهد شرح الكافية للبغدادي. وبهامشه المقاصد النحوية في شرح شروح الألفية المزرى بفرائد العقود المشهور بشرح الشواهد الكبرى للعيني. ط. دار صادر بيروت، وأخرى نشر مكتبة الخانجي بالقاهرة ودار الرفاعي بالرياض. أولى لسنة (1401 هـ).
119 -
الخصائص لأبي الفتح عثمان بن جني، تحقيق: محمد علي النجار، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب، ثالثة، لسنة (1986 م).
120 -
الخصائص الكبرى للسيوطي، دار الكتب العلمية، أولى (1985 م).
حَرْفُ الدَّال
121 -
دراسات لأسلوب القرآن الكريم للشيخ محمد عبد الخالق عضيمة، ط. دار الحديث، القاهرة.
122 -
دراسات نحوية وصرفية في شعر ذي الرمة، د. علي محمد فاخر، ط. أولى (1996 م).
123 -
دراسة في النحو الكوفي من خلال معاني القرآن للفراء، للمختار أحمد ديرة، ط. دار قتيبة، أولى (1991 م).
124 -
درة الغواص في أوهام الخواص للحريري، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، دار نهضة مصر.
125 -
الدرر اللوامع شرح شواهد همع الهوامع تأليف: أحمد بن الأمين الشنقيطي، تحقيق: عبد العال سالم مكرم، ط. أولى لدار البحوث العلمية الكويت لسنة (1983 م).
126 -
دلائل الإعجاز للجرجاني، تحقيق: محمود شاكر، طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب، وأخرى مكتبة الأسرة مصورة عن الهيئة العامة للكتاب، لسنة (2000 م).
حَرْفُ الذَّال
127 -
ذيل الأمالي والنوادر، ط. دار الكتب المصرية (1926 م).
حَرْفُ الرَّاء
128 -
ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي، تحقيق: مصطفى أحمد النماس، ط. مطبعة المدني أولى (1984 م).
129 -
رجال المعلقات العشر للغلاييني -عبيد بن الأبرص (ت 555) قبل الهجرة، ط. أولى (1414 هـ).
130 -
الرد على النحاة لابن مضاء القرطبي، تحقيق: د. شوقي ضيف، ط. دار المعارف، ثانية.
131 -
رصف المباني شرح حروف المعاني للمالقي، تحقيق: أحمد محمد الخراط، ط. مجمع اللغة العربية بدمشق.
132 -
روح المعاني للآلوسي، ط. دار إحياء التراث العربي بيروت.
133 -
الروض الأنف للسهيلي.
حَرْفُ السِّين
134 -
السبعة في القراءات.
135 -
سر صناعة الإعراب، لأبي الفتح بن جني، تحقيق: د. حسن هنداوي، ط. دار القلم، ثانية (1993 م).
136 -
سمط اللآليء، تحقيق عبد العزيز الميمني.
137 -
السموأل أخباره والشعر المنسوب إليه (مختار الغوث).
138 -
اسم الفعل في كلام العرب والقرآن الكريم، د. سيد محمد عبد المقصود درويش.
139 -
سنن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، ط. دار الحديث، القاهرة، لسنة (1988 م).
140 -
سنن ابن ماجه.
141 -
سنن الدارمي، تحقيق: فواز أحمد زمزلي، وخالد السبع العلمي، ط. دار الريان للتراث بالقاهرة، أولى (1987 م).
142 -
سنن النسائي الحديث بشرح الحافظ السيوطي وحاشية السندي، ط. دار الحديث (1987 م).
143 -
السيرة النبوية لابن هشام، تعليق طه عبد الرءوف سعد، ط. دار الجيل، وط. مكتبة الكليات الأزهرية.
144 -
السيرة النبوية لابن هشام، تحقيق د. محمد فهمي السرجاني، المكتبة التوفيقية، بدون.
145 -
السيرة النبوية لابن هشام، طبعة دار إحياء التراث، تحقيق مصطفى السقا.
146 -
السيرة النبوية لابن هشام، ط. دار الوفاء.
حرفُ الشِّين
147 -
الاشتقاق لابن دريد.
148 -
شذا العرف في فن الصرف للشيخ أحمد الحملاوي، المكتبة الثقافية، بيروت.
149 -
شذرات الذهب في أخبار من ذهب لأبي الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي، ط. دار الآفاق، بيروت.
150 -
شرح أبيات الإيضاح لابن بري.
151 -
شرح أبيات سيبويه للسيرافي، تحقيق: محمد علي الريح هاشم، ط. دار الفكر (1974 م).
152 -
شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي، تحقيق: محمد علي.
153 -
شرح أبيات سيبويه للنحاس، تحقيق: زهير غازي (البصرة)، وأخرى د. وهبة متولي.
154 -
شرح أشعار الهذليين، تحقيق: عبد الستار فراج ومحمود شاكر.
155 -
شرح أشعار الهذليين، ط. دار العروبة وبعناية محمود شاكر.
156 -
شرح الأبيات المشكلة الإعراب لأبي علي الفارسي. تحقيق: د. محمود محمد الطناحي، ط. مطبعة المدني، أولى لسنة (1988 م).
157 -
شرح أبيات مغني اللبيب لعبد القادر البغدادي. تحقيق عبد العزيز رباح وأحمد يوسف الدقاق، ط. دار المأمون للتراث، ثانية لسنة (1988 م).
158 -
شرح الأشموني على ألفية ابن مالك ومعه حاشية الصبان وشرح الشواهد للعيني، ط. دار إحياء الكتب العربية، عيسى الحلبي.
159 -
شرح ألفية ابن مالك لابن الناظم، ط. دار الجيل، تحقيق: عبد الحميد السيد.
160 -
شرح الألفية لابن الناظم، منشورات ناصر خسرو، إيران.
161 -
شرح الألفية لابن الناظم، ط. دار السرور بيروت، تصحيح: محمد بن سليم اللبابيدي.
162 -
شرح بهاء الدين بن عقيل على ألفية ابن مالك ومعه منحة الجليل بتحقيق شرح ابن عقيل لمحمد محي الدين عبد الحميد، ط. المكتبة العصرية وأخرى لدار الاتحاد العربي، لسنة (1975 م)، وأخرى ط. صبيح، وأخرى ط. دار الفكر.
163 -
شرح ألفية ابن معطٍ، للدكتور: علي موسى الشوملي، نشر مكتبة الخريجي.
164 -
شرح التسهيل لجمال الدين محمد بن مالك. تحقيق: عبد الرحمن السيد ومحمد المختون، ط. هجر للطباعة والنشر، أولى لسنة (1990 م).
165 -
شرح التسهيل للمرادي، دكتوراه بالأزهر باسم: عبد الهادي أحمد فراج سليمان.
166 -
شرح التسهيل للمرادي، تحقيق د. أحمد محمد عبد الله يوسف (دكتوراه بالأزهر).
167 -
شرح التسهيل لناظر الجيش، تحقيق د. علي فاخر، دكتوراه بالأزهر.
168 -
شرح التصريح بمضمون التوضيح للشيخ خالد الأزهري على ألفية ابن مالك وبهامشه حاشية العلامة يس العليمي، ط. دار إحياء الكتب العربية. عيسى الحلبي.
69 -
شرح الجمل لابن خروف، ط. أم القرى، معهد البحوث العلمية، تحقيق: د. سلوى محمد عمر، ط. أولى (1419 هـ).
170 -
شرح جمل الزجاجي لابن هشام، تحقيق علي محسن عيسى مال الله، ط. عالم الكتب، أولى (1985 م).
171 -
شرح ديوان الحماسة للمرزوقي، تحقيق أحمد أمين، وعبد السلام هارون، دار الجيل- بيروت.
172 -
شرح ديوان الحماسة لأبي تمام التبريزي.
173 -
شرح الحماسة البصرية، تحقيق: مختار الدين أحمد.
174 -
شرح ديوان زهير بن أبي سلمى صنعة أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب، دار الكتب المصرية (1944 م).
175 -
شرح ديوان زهير بن أبي سلمى، صنعة الأعلم الشنتمري، تحقيق: فخر الدين قباوة.
176 -
شرح ديوان المتنبي لابن جني (مخطوط) بمعهد المخطوطات. (القاهرة) رقم (526) أدب بدون ترقيم.
177 -
شرح ديوان المتنبي للعكبري، مصطفى الحلبي (1956 م).
178 -
شرح شافية ابن الحاجب لرضي الدين الأستراباذي محمد بن الحسن مع شرح شواهده لعبد القادر البغدادي، تحقيق محمد نور الحسن وآخران، ط. دار الكتب العلمية بيروت لسنة (1982 م).
179 -
شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب لجمال الدين بن هشام الأنصاري ومعه منتهى الأرب بتحقيق شرح شذور الذهب لمحمد محيي الدين عبد الحميد.
180 -
شرح شواهد شرح شافية ابن الحاجب للرضي بتحقيق محمد نور الحسن وآخرَين لعبد القادر البغدادي. ط. دار الكتب العلمية بيروت. لسنة (1982 م).
181 -
شرح شواهد مغني اللبيب لجلال الدين السيوطي. منشورات مكتبة الحياة بيروت.
182 -
شرح شواهد ابن عقيل للجرجاني، ط. الحلبي.
183 -
شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ لجمال الدين محمد بن مالك. تحقيق: عدنان عبد الرحمن الدوري. ط. مطبعة العاني بغداد. لسنة (1977 م).
184 -
شرح القصائد العشر للتبريزي، تحقيق: د. فخر الدين قباوة، ط. دار الآفاق الجديدة، ثالثة، بيروت (1979 م).
185 -
شرح قطر الندى وبل الصدى لابن هشام ومعه سبيل الهدى بتحقيق شرح قطر الندى لمحمد محيي الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة. ط. الحادية عشرة لسنة (1963 م).
186 -
شرح الكافية للرضي تعليق: يوسف حسن عمر. جامعة قاريونس.
187 -
شرح الكافية الشافية لابن مالك تحقيق: عبد المنعم هريدي. ط. دار المأمون للتراث.
188 -
شرح اللمع لابن برهان ط. الكويت.
189 -
شرح المعلقات السبع للزوزني، ط. مكتبة المتنبي.
190 -
شرح المعلقات السبع للتبريزي، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
191 -
شرح المعلقات السبع للزوزني، ط. دار الكتب العلمية، وأخرى ط. مكتبة المتنبي.
192 -
شرح المعلقات العشر للشنقيطي.
193 -
شرح المعلقات العشر لمفيد قميحة.
194 -
شرح المفصل في صنعة الإعراب الموسوم بالتخمير، ط. دار الغرب الإسلامي.
195 -
شرح المفصل لموفق الدين بن يعيش النحوي. ط. عالم الكتب بيروت.
196 -
شرح المفضليات للتبريزي، تحقيق د. فخر الدين قباوة.
197 -
شرح المقدمة الجزولية الكبير للأستاذ أبي علي الشلوبين، تحقيق: تركي بن سهو بن نزال العتيبي، ط. مؤسسة الرسالة، ثانية لسنة (1994 م).
198 -
شرح المقرب لابن عصفور الإشبيلي الأندلسي، المرفوعات والمنصوبات د. علي محمد فاخر، ط. مطبعة السعادة، أولى لسنة (1990 م).
199 -
شعر الأحوص الأنصاري، تحقيق: عادل سليمان جمال، تقديم د. شوقي ضيف، ط. الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر (1970 م).
200 -
شعر بني تميم في العصر الجاهلي (286) جمع وتحقيق د. عبد الحميد محمود المعيني، نشر نادي القصيم
الأدبي، ط. سابعة (1982 م).
201 -
شعر الخوارج، جمع وتقديم د. إحسان عباس، الطبعة الثالثة، دار الثقافة بيروت.
202 -
شعر زهير بن أبي سلمى، صنعة الأعلم الشنتمري، تحقيق: د. فخر الدين قباوة، ط. دار الكتب العلمية.
203 -
شعر عمرو بن أحمر الباهلي، تحقيق د. حسين عطوان، دمشق.
204 -
الشعر والشعراء، عالم الكتب- ط. الثالثة.
205 -
الشعر والشعراء لابن قتيبة، تحقيق د. مفيد قميحة ومراجعة: نعيم زرزور، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، ثانية (1985 م).
206 -
شعب الإيمان للبيهقي.
207 -
شعر بني تميم في العصر الحاهلي، جمع وتحقيق د. عبد الحميد محمود المعيني، نشر نادي القصيم الأدلي، ط. سابعة (1982 م).
208 -
شعر الكلحبة اليربوعي ضمن كتاب: شعر بني تميم في العصر الجاهلي، جمع وتحقيق د. عبد الحميد المعيني.
209 -
شعر الكميت بن زيد الأسدي، جمع وتقديم: داود سلام، بغداد (1969 م).
210 -
شعر النعمان بن بشير الأنصاري، تحقيق: د. يحيى الجبوري، العراق.
211 -
شعر هدبة بن خشرم العذري، تحقيق: يحيى الجبوري، دار القلم، الكويت (1986 م).
212 -
شفاء العليل في إيضاح التسهيل لأبي عبد الله السلسيلي، تحقيق الشريف عبد الله الحسيني البركاتي، مكة المكرمة، ط. أولى (1406 - 1983 م).
213 -
شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح لجمال الدين بن مالك، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ط. دار الكتب العلمية بيروت.
حَرْفُ الصَّاد
214 -
الصحاح: تاج اللغة وصحاح العربية لإسماعيل بن حماد الجوهري. تحقيق: أحمد عبد الغفور، ط. دار العلم للملايين، بيروت، أولى (1956 م).
215 -
صحيح البخاري، طبعة دار الشعب.
216 -
صحيح البخاري بشرح فتح الباري لابن حجر، دار المعارف، بيروت.
217 -
صحيح البخاري بفتح الباري، ط. دار المعرفة، تحقيق: عبد العزيز بن باز وآخرين.
218 -
صحيح البخاري، ط. النسخة الأميرية (1314 هـ).
219 -
صحيح البخاري، ط. محمد علي صبيح.
220 -
صحيح ابن حبان بشرح الإحسان، تأليف: علاء الدين علي بن بلبان الفارسي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، طبعة أولى (1991 م).
221 -
صحيح مسلم بشرح النووي، ط. أولى، المطبعة المصرية بالأزهر (1930 م).
222 -
صحيح مسلم، ط. دار الفتح الإسلامي، وط. دار الشعب.
223 -
الصفوة الصفية في شرح الدرة الألفية، تحقيق: محسن سالم الغميري، جامعة أم القرى.
حَرْفُ الضَّاد
224 -
ضرائر الشعر لابن عصفور، (خليل عمران المنصور).
225 -
ضرائر الشعر لابن عصفور الإشبيلي تحقيق: السيد إبراهيم محمد. دار الأندلس للطباعة والنشر.
226 -
الضوء اللامع لأهالي القرن التاسع لشمس الدين السخاوي.
حَرْف الطَّاء
227 -
طبقات الشعراء لابن سلام، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت.
228 -
طبقات فحول الشعراء، لابن سلام، شرح: محمود محمد شاكر، ط. دار المدني بجدة.
229 -
طبقات المفسرين للحافظ شمس الدين محمد بن علي بن أحمد الداودي. ط. دار الكتب العلمية بيروت، أولى لسنة (1983 م).
230 -
طبقات النحويين واللغويين لأبي بكر الزبيدي، تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم، ط. دار المعارف. ثانية.
حَرفُ الظَّاء
231 -
ظاهرة التركيب في النحو العربي، د. أحمد السوداني، ط. أولى (2005 م).
حَرْفُ العَين
232 -
عبيد بن الأبرص حياته وشعره، عبد الله علي الصويفي، جامعة الفاتح (1992 م).
233 -
اعتراضات العيني على النحاة، واختياراته من خلال كتابه فرائد القلائد، ماجستير -الأزهر- سيد أبو المعاطي.
234 -
العروض الواضح لمحمود حقي، ط. مكتبة دار الحياة (1984 م)، السادسة عشر.
235 -
العقد الفريد، طبعة دار الكتب العلمية.
236 -
العقد الفريد لأحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي، تحقيق: محمد سعيد العريان، ط. دار الفكر.
237 -
علل التثنية لابن جني، تحقيق: صبيح التميمي، ومراجعة: د. رمضان عبد التواب، ط. مكتبة الثقافة الدينية (1992 م).
238 -
علم البيان، د. عبد العزيز عتيق.
239 -
علم العروض والقافية، د. عبد العزيز عتيق، ط. دار النهضة العربية بيروت (1987 م).
240 -
عمدة القاري في شرح صحيح البخاري، ط. دار الفكر.
241 -
عون المعبود شرح سنن أبي داود.
242 -
العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق: مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي.
حَرْفُ الغَين
243 -
غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري، نشر: ج. برجستراسر، ط. مكتبة المتنبي، القاهرة.
حَرْفُ الفَاء
244 -
الفاخر في شرح جمل عبد القاهر للبعلي، تحقيق: ممدوح محمد خسارة، الكويت (2002 م).
245 -
فرحة الأديب للغندجاني، تحقيق: محمد علي سلطاني.
246 -
الفصول الخمسون لابن معط (238)، تحقيق: محمود الطناحي.
247 -
فوات الوفيات، تحقيق: د. إحسان عباس، ط. دار صادر بيروت.
حَرفُ القَاف
248 -
القاموس المحيط لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي. ط. الحلبي.
249 -
قضايا الخلاف النحوية والصرفية في كتاب شفاء العليل للسلسيلي، (دكتوراه) بالأزهر، إعداد: عبد العزيز فاخر (2000 م).
250 -
القضايا النحوية والصرفية في الجزء السادس عشر من كتاب روح المعاني للآلوسي، من أول قوله تعالى:{قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75)} [الكهف: 75] إلى آخر سورة طه. ماجستير بالأزهر، إعداد: أحمد السوداني (1996 م).
حَرْفُ الكَاف
251 -
الكافي في العروض والقوافي للتبريزي تحقيق الحساني حسن عبد الله، ط. المدني (1969 م).
252 -
كتاب الكافية في النحو لأبي عمر عثمان بن الحاجب بشرح رضي الدين الإستراباذي، ط. دار الكتب العلمية، بيروت لسنة (1979 م).
253 -
الكامل في اللغة والأدب لأبي العباس المبرد محمد بن يزيد، نشر مؤسسة المعارف بيروت.
254 -
الكامل في التاريخ لابن الأثير الجزري المعروف بعز الدين، تحقيق أبي الفداء عبد الله القاضي، ط. دار الكتب العلمية، أولى (1987 م).
255 -
الكامل في اللغة والأدب للمبرد، تحقيق: حنا الفاخوري، دار الجيل، بيروت، وأخرى تحقيق: محمد أحمد الدالي، مؤسسة الرسالة، وثالثة: تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، نهضة مصر.
256 -
كتاب التكملة لأبي علي الفارسي، رسالة ماجستير، كجامعة القاهرة، وأخرى تحقيق: كاظم بحر المرجان، ط. عالم الكتب.
257 -
كتاب الافتتاح في سنن النسائي.
258 -
كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب، تحقيق: مصطفى السقا وزميله، ط. الهيئة العامة للكتاب (1981 م).
259 -
كتاب سيبويه، ط. بولاق.
260 -
كتاب سيبويه لأبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر. تحقيق: عبد السلام محمد هارون. نشر مكتبة الخانجي. ط. الثالثة لسنة (1988 م).
261 -
كتاب منتهى الطلب من أشعار العرب لابن ميمون، ط. دار الكتب المصرية (1990 م).
262 -
الكشاف عن حقائق غواص التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل لجار الله الزمخشري، ط. دار الريان للتراث الثالثة (1987 م). وأخرى لدار المعرفة.
263 -
كشف الظنون عن أسماء الكتب والفنون، لحاجي خليفة، مكتبة المتنبي، بيروت.
264 -
كمال الأعلام بتثليث الكلام طبع بتحقيق: سعد الغامدي، بجامعة أم القرى (مجلدان).
265 -
الكميت بن زيد شاعر العصر الروائي وقصائده الهاشميات، تأليف: عبد المتعال الصعيدي، نشر دار الفكر العربي.
حرفُ اللَّام
266 -
لامية العرب للشنفرى، منشورات: مكتبة الحياة.
267 -
لا النافية بين الحذف والزيادة، د، علي محمد فاخر، مطبعة السعادة (1990 م).
268 -
اللامات لأبي القاسم عبد الرحمن بن إِسحاق الزجاجي، تحقيق: مازن المبارك، ط. دار الفكر، ثانية (1985 م).
269 -
لسان العرب لابن منظور، ط. دار المعارف.
270 -
اللمع لابن جني، تحقيق: حامد المؤمن، طبعة عالم الكتب، ومكتبة النهضة العربية، ثانية (1985 م).
271 -
"لو" أنواعها وأحكامها دراسة نحوية تطبيقية في كتاب الله والشعر العربي، د. أحمد السوداني، بحث منشور بمجلة جامعة الأزهر (2007 م).
حَرْفُ المِيمِ
272 -
ما يشترك بين الاسمية والحرفية دكتور: عبد الحميد الوكيل، مطبعة الأمانة.
273 -
المؤتلف والمختلف.
274 -
المبسوط في القراءت الشعر.
275 -
مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى. تحقيق: محمد فؤاد.
276 -
مجالس ثعلب لأبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب تحقيق عبد السلام محمد هارون، ط. دار المعارف، رابعة لسنة (1980 م).
277 -
مجمع الأمثال للميداني، تحقيق محمد محيي الدين، طبعة مطبعة السعادة. وأخرى ط. مكتبة السنة المحمدية (1955 م)، وثالثة تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم، ط. الحلبي.
278 -
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، وهو بتحرير الحافظين العراقي وابن حجر، ط. ثانية (1967 م)، دار الكتاب العربي، بيروت.
279 -
المجمل في اللغة لابن فارس، تحقيق: زهير عبد المحسن سلطان، ط. مؤسسة الرسالة، ثانية (1986 م).
280 -
المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات لأبي الفتح عثمان بن جني، تحقيق علي النجدي ناصف وآخرين، ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
281 -
المحرر الوجيز لابن عطية، ط. دار الكتاب الإسلامي، القاهرة (1411 هـ-1991 م).
282 -
المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده، تحقتق: مصطفى السقا، وحسين نصار، ط. أولى (1958 م)، لمعهد المخطوطات بجامعة الدول.
283 -
المذكر والمؤنث لابن الأنباري.
284 -
مختصر شواذ القرآن من كتاب البديع لابن خالويه. ط. مكتبة المتنبي القاهرة.
285 -
مختار الشعر الجاهلي لمصطفى السقا، ط. المكتبة الشعبية، ثالثة (1969 م).
286 -
مختصر في العروض لابن جنى، تحقيق: د. إمام حسن الجبوري، ط. ثانية (1987 م).
287 -
المخصص لابن سيده، طبعة: دار إحياء التراث العربي، بيروت، أولى (1996 م).
288 -
المدارس النحوية، شوقي ضيف، ط. دار المعارف، ثانية.
289 -
المذكر والمؤنث للفراء، تحقيق: د. رمضان عبد التواب، مكتبة دار التراث، بدون.
290 -
مراتب النحويين لأبي الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي، تحقيق محمد أبي الفصل إبراهيم. ط. مكتبة نهضة مصر.
291 -
المزهر في علوم اللغة وأنواعها لجلال الدين السيوطي، شرح محمد أبي الفضل إبراهيم وآخرين، ط. مطابع
المختار الإسلامي، ثالثة.
292 -
المسائل البصريات لأبي علي الفارسي. تحقيق: د. محمد الشاطر أحمد محمد، ط. مطبعة المدني أولى لسنة (1405 هـ).
293 -
المسائل الحلبيات لأبي علي الفارسي، تحقيق: د. حسن هنداوي.
294 -
المسائل العسكريات لأبي علي الفارسي، تحقيق د. محمد الشاطر أحمد محمد، ط. المدني لسنة (1982 م).
295 -
المساعد على تسهيل الفوائد شرح للإمام: بهاء الدين بن عقيل على تسهيل الفوائد لابن مالك تحقيق د. محمد كامل بركات، ط. دار الفكر لسنة (1980 م).
296 -
مشكل إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب، تحقيق حاتم الضامن، ط. مؤسسة الرسالة، رابعة (1988 م).
297 -
مشكل إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب القيسي تحقيق ياسين محمد السواس، ط. دار المأمون للتراث.
298 -
مصباح السالك إلى أوضح المسالك تأليف بركات يوسف هبود، ط. دار المعرفة لسنة (1994 م).
299 -
المصباح المنير.
300 -
مصنف ابن أبي شيبة.
301 -
معاني الحروف لأبي الحسن علي بن عيسى الرماني. تحقيق د. عيسى عبد الفتاح شلبي، ط. دار نهضة مصر.
302 -
معاني القرآن لأبي زكرياء الفراء، تحقيق يوسف نجاتي وآخرين ومراجعة علي النجدي ناصف، ط. الدار المصرية للتأليف والترجمة.
303 -
معاني القرآن للأخفش الأوسط، تحقيق فارز فارس، ط. دار البشير ودار الأمل، ثانية لسنة (1981 م). وأخرى تحقيق: د. هدى قراعة.
304 -
معاني القرآن وإعرابه للزجاج، تحقيق د. عبد الجليل شلبي، ط. دار الحديث، أولى لسنة (1994 م).
305 -
معاني القرآن للكسائي، جمع عيسى شحاتة عيسى، دار قباء للطباعة (1998 م).
306 -
معجم البلدان، رضا عمر كحالة، تحقيق: فريد عبد العزيز الجندي، ط. دار الكتب العلمية، أولى (1990 م).
307 -
معجم البلدان، تحقيق: فريد عبد العزيز الجندي، ط. دار الكتب العلمية، أولى (1990 م).
308 -
معجم الشعراء للمرزباني.
309 -
معجم شواهد العربية للأستاذ عبد السلام هارون، ط. الخانجي بالقاهرة (1982 م).
310 -
معجم المؤلفين تراجم مصنفي الكتب العربية لعمر رضا كحالة، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
311 -
معجم مصطلحات النحو والصرف والعروض والقافية، د. محمد إبراهيم عبادة، ط. دار المعارف.
312 -
المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية، إميل بديع يعقوب.
313 -
معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175 هـ).
314 -
معجم قبائل العرب القديمة والحديثة، لرضا عمر كحالة.
315 -
المعجم الكبير للحافظ أبي القادم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق: أحمد عبد المجيد السلفي، ط. مكتبة ابن تيمية.
316 -
معجم مقاييس اللغة لابن فارس، تحقيق: عبد السلام هارون، ط. دار الجيل، أولى (1991 م).
317 -
معجم النساء الشاعرات، دار الكتب العلمية (1990)، إعداد: عبدأ علي مهنا.
318 -
المعرب من الكلام الأعجمي لأبي منصور الجواليقي، تحقيق د. عبد الرحيم، دار القلم، دمشق.
319 -
كتاب المعمرون والوصايا لأبي حاتم السجستاني، تحقيق: عبد المنعم عامر.
320 -
مغني اللبيب لابن هشام، بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، ط. المكتبة العصرية بيروت، لسنة (1987 م).
321 -
مغني اللبيب ومعه حاشية الأمير، ط. الحلبي.
322 -
مفتاح العلوم لأبي يعقوب السكاكي وهامشه إتمام الدراية للسيوطي، ط. دار الكتب العلمية.
323 -
المفصل للزمخشري بشرح ابن يعيش. ط. عالم الكتب بيروت.
324 -
المفصل في العروض والقافية وفنون الشعر: عدنان حقي، ط. مؤسسة الإيمان، بيروت، أولى (1987 م).
325 -
المفضليات بتحقيق: عبد السلام هارون، ط. دار المعارف.
326 -
المفضليات للضبي، بشرح التبريزي، تحقيق د. فخر الدين قباوة.
327 -
المقتصد في شرح الإيضاح لعبد القاهر الجرجاني، تحقيق كاظم بحر المرجان.
328 -
المقتضب لأبي العباس المبرد. تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة، ط. عالم الكتب بيروت.
329 -
المقرب ومعه مثل المقرب، ط. دار الكتب العلمية بيروت.
330 -
المقرب لابن عصفور تحقيق أحمد عبد الستار الجواني وآخر، ط. العاني بغداد.
331 -
المقصور والممدود للفراء، تحقيق: ماجد الذهبي، ط. مؤسسة الرسالة، أولى (1983 م).
332 -
المنقوص والممدود للفراء، ط. دار المعارف ثالثة، تحقيق: عبد العزيز الراجكوتي.
333 -
الممتع في التصريف لابن عصفور الإشبيلي، تحقيق: د. فخر الدين قباوة، ط. دار المعرفة أولى (1987 م).
334 -
الممنوع في النحو، د. عبد العزيز محمد فاخر.
335 -
المنصف شرح تصريف المازني لابن جني أبي الفتح، تحقيق: إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين، ط. وزارة العمومية، أولى لسنة (1954 م).
336 -
المنهج الصرفي، د. إبراهيم عبد الرازق البسيوني.
337 -
موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف، إعداد محمد السعيد زغلول، ط. دار الكتب العلمية.
338 -
موسوعة شعراء صدر الإسلام.
339 -
موسوعة شعراء العرب.
340 -
موسوعة شعراء العصر الجاهلي.
341 -
موطأ الإمام مالك بشرح الزرقاني، ط. بيروت.
342 -
ميزان الذهب في صناعة شعر العرب للسيد أحمد الهاشمي، ط. ثانية (1995 م) لمؤسسة الكتب الثقافية.
حَرفُ النُّون
343 -
النابغة الجعدي حياته وشعره (225)، د. خليل إبراهيم، ط. دار العلم، دمشق.
344 -
نتائج الفكر للسهيلي، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وآخر، ط. دار الكتب العلمية بيروت لسنة (1992 م).
345 -
النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لابن تغري بردي.
346 -
النحو الوافي د. عباس حسن، ط. دار المعارف.
347 -
نزهة الطرف في علم الصرف لابن هشام، تحقيق: أحمد عبد المجيد هريدي.
348 -
نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة للشيخ محمد الطنطاوي، مطبعة وادي الملوك، رابعة لسنة (1954 م).
349 -
النشر في القراءات العشر لأبي الخير محمد الدمشقي الشهير بابن الجزري، تصحيح: علي محمد الضباع. ط. دار الفكر.
350 -
نظرات بلاغية في أذكار الصلاة الفرضية د. رفعت السوداني، ط. مطبعة التركي.
351 -
النقائض (ليدن)، تحقيق: يحيى الجبوري، بغداد.
352 -
النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، تحقيق: طاهر الزاوي، ومحمود الطناحي، ط. دار الفكر.
353 -
نتائج الفكر للسهيلي، تحقيق: أحمد عادل عبد الموجود وآخر، ط. دار الكتب العلمية بيروت (1992 م).
354 -
كتاب النوادر لأبي علي القالي، ط. دار الكتب.
355 -
النوادر لأبي زيد الأنصاري، تحقيق د. محمد عبد القادر أحمد، ط. دار الشروق.
حَرفُ الهَاءَ
356 -
همع الهوامع شرح جمع الجوامع للسيوطي، ط. مكتبة الكليات الأزهرية.
حَرْفُ الوَاو
357 -
الوافي في العروض والقوافي للخطيب التبريزي، تحقيق: د. فخر الدين قباوة، دار الفكر سوريا، ط. رابعة (1986 م).
358 -
وفيات الأعيان، ط. دار صادر، تحقيق: إحسان عباس.
* * *
فهرس الدواوين
- ديوان أبي دؤاد الإيادي.
- ديوان أبي دهبل الجمحي، رواية أبي عمرو الشيباني، تحقيق: عبد العظيم عبد المحسن (1962 م) بغداد.
- ديوان أبي النجم العجلي والمقطوعة -الموسوعة الشعرية (CD)- نشر دولة الإمارات العربية المتحدة.
- ديوان أبي النجم العجلي، بتحقيق: علاء الدين أغا، الرياض (1980 م).
- ديوان أبي نواس، تحقيق: أحمد الغزالي.
- ديوان أبي الأسود الدؤلي، تحقيق: عبد الكريم الدجيلي، بغداد (1954 م).
- ديوان أبي العلاء المعري، المسمى سقط الزند، ط. دار صادر.
- ديوان أبي العلاء المعري، شرح أحمد شمس الدين (دار الكتب العلمية).
- ديوان الأحوص الأنصاري بشرح مجيد طراد سلسلة (شعراؤنا)، نشر دار الكتاب العربي، بيروت، ط. أولى لسنة (1994 م).
- ديوان الأخطل بشرح إيليا سليم الحاوي، دار الثقافة بيروت، وينظر الخزانة (3/ 387).
- ديوان الأخطل، شرح مهدي محمد ناصر، ط. دار الكتب العلمية، أولى (1986 م).
- ديوان الأعشى ميمون، ط. دار الكاتب العربي شرح إبراهيم جزيني (1968 م).
- ديوان الأعشى، سلسلة شعراؤنا، طبعة دار الكتاب العربي، ثانية (1994 م).
- ديوان الأعشى، طبعة المطبعة النموذجية، بشرح محمد حسين.
- ديوان الأعشى تحقيق د. محمد محمد حسين، المكتب الشرقي، بيروت، لبنان.
- ديوان الأغلب الراجز، طبعة دار الكاتب العربي أولى (1968 م) بشرح إبراهيم جزيني.
- ديوان الإمام الشافعي، المكتبة التوفيقية.
- ديوان الإمام الشافعي شرح د. إميل بديع يعقوب، طبعة دار الكتاب العربي، بيروت.
- ديوان الإمام علي، ط. دار الكتب العلمية.
- ديوان أمية بن أبي الصلت، تحقيق: سيف الدين الكاتب.
- ديوان أمية بن أبي الصلت، تحقيق: عبد الحفيظ السطلي.
- ديوان أوس بن حجر، تحقيق د. محمد نجم، ط. دار صادر.
- ديوان أبي زبيد الطائي، بتحقيق: د. نوري حمودي القيسي، بغداد (1967 م).
- ديوان أبي طالب، إيران، قم.
- ديوان تأبط شرًّا وأخباره، تحقيق علي ذو الفقار شاكر (دار الغرب الإسلامي).
- ديوان بشر بن أبي خازم الأسدي، تحقيق: د. عزة حسن، دمشق (1960 م).
- ديوان ابن مقبل، تحقيق: د. عزة حسن، دمشق (1992 م).
- ديوان جران العود، ط. دار الكتب.
- ديوان جرير، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت.
- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب، تحقيق د. نعمان محمد طه، ط. دار المعارف.
- ديوان جرير، ط. دار صادر.
- ديوان جرير، شرح مهدي ناصر.
- ديوان جرير، بشرح محمد إسماعيل الصاوي، ط. دار صعب بيروت.
- ديوان جرير، تحقيق د. نعمان طه، دار المعارف.
- ديوان جرير، ط. دار الكتاب اللبناني ضبط: إيليا الحاوي.
- ديوان جميل بثينة، بشرح إميل بديع يعقوب.
- ديوان جميل بثينة، تحقيق: د. حسين نصار، مكتبة مطر (1967 م).
- ديوان جميل بثينة، ط. دار الكتاب العربي، أولى (1992 م)، وط. دار صادر.
- ديوان حاتم الطائي، شرح يحيى بن مدرك الطائي، تحقيق د. حنا نصر الحتي، ط. دار الكتاب العربي، أولى (1994 م).
- ديوان حسان، ط. الهيئة العامة للكتاب، تحقيق د. سيد حسنين.
- ديوان حسان بن ثابت، ط. دار الكتب العلمية، أولى (1986 م).
- ديوان حسان بن ثابت، شرح: عبدأ مهنا.
- ديوان حسان بن ثابت الأنصاري بشرح يوسف عبيد، ط. دار الجيل.
- ديوان حسان بن ثابت، ط. دار المعارف، تحقيق د. سيد حنفي.
- ديوان حسين بن مطر الأسدي.
- ديوان الحطيئة، بشرح ورواية ابن السكيت تحقيق دكتور: حنا نصر الحتي.
- ديوان الحطيئة (شعراؤنا) بشرح ابن السكيت.
- ديوان الحطيئة شرح يوسف عبيد، ط. دار الجيل، أولى (1992 م).
- ديوان الحطيئة، بشرح ابن السكيت والسكري، تحقيق: نعمان طه (ط. الحلبي).
- ديوان الحطيئة، ط. دار صادر.
- ديوان الحماسة للمرزوقي، نشر عبد السلام هارون، وأحمد أمين.
- ديوان الحماسة للمرزوقي، ط. دار الجيل بيروت.
- ديوان حميد بن ثور، تحقيق: محمد يوسف نجم، ط. دار صادر، بيروت.
- ديوان الخرنق بنت بدر برواية أبي عمرو بن العلاء، دار الكتب، بيروت.
- ديوان الخرنق بنت بدر، تحقيق: د. حسين نصار، ط. دار الكتب المصرية.
- ديوان دريد بن الصمة، وهو في ديوانه، ط. دار المعارف، تحقيق: د. عمر عبد الرسول.
- ديوان ذي الرمة بشرح أحمد حسن.
- ديوان ذي الرمة بشرح أبي نصر حاتم الباهلي، صاحب رواية أبي العباس ثعلب، تحقيق: عبد القدوس أبو صالح، مؤسسة الإيمان، بيروت، طبعة ثانية (1982 م).
- ديوان زياد الأعجم، د. يوسف بكار، دار المسيرة.
- ديوان الراعي النميري، تحقيق نوري حمودي القيسي، وهلال ناجي.
- ديوان رؤبة، تحقيق: سعدى ضناوي.
- ديوان رؤبة بن العجاج المسمى بمجموع أشعار العرب، تحقيق: وليم بن الورد.
- ديوان رؤبة بن العجاج، مجموع أشعار العرب، على الموسوعة الشعرية (CD) نشر دولة الإمارات العربية المتحدة.
- ديوان الراعي النميري، بتحقيق د. نوري القيسي، المجمع العلمي العراقي (1980 م).
- ديوان زهير بن أبي سلمى، دار بيروت.
- ديوان زهير بن أبي سلمى، صنعة أبي العباس ثعلب، ط. دار الكتب المصرية.
- ديوان زهير بن أبي سلمى، تحقيق: د. فخر الدين قباوة، ط. حلب (1970 م).
- ديوان زهير بن أبي سلمى، شرح علي فاعور، ط. دار الكتب العلمية، ط. أولى (1988 م).
- ديوان زهير بن أبي سلمى، صنعة الأعلم الشنتمري، تحقيق: د. فخر الدين قباوة، دار الكتب العلمية.
- ديوان زياد الأعجم، تحقيق: يوسف بكار.
- ديوان زيد الخير، تحقيق: د. نور حمود القيسي (العراق).
- ديوان زيد الخير، تحقيق: أحمد البرزة.
- ديوان زهير بن أبي سلمى، بشرح الإمام أبي العباس ثعلب، نسخة دار الكتب المصرية (1964 م).
- ديوان سحيم، تحقيق: عبد العزيز الميمني، ط. دار الكتب المصرية (1950 م).
- ديوان سلامة بن جندل، صنعة محمد بن الحسن وقدم له: راجي الأسمر، نشر دار الكتاب العربي (بيروت).
- ديوان السموأل، ط. دار صادر.
- ديوان الشماخ بن ضرار، تحقيق: صلاح الدين الهادي، ط. دار المعارف، بمصر.
- ديوان الشنفرى، تحقيق د. إميل بديع يعقوب.
- ديوان طرفة بن العبد، ط. دار صادر.
- ديوان طرفة، شرح: مهدي ناصر، طبعة دار الكتب العلمية.
- ديوان الطرماح بن حكيم، تحقيق: د. عزة حسن، ط. وزارة الثقافة بدمشق (1968 م).
- ديوان الطرماح بن حكيم، تحقيق: د. عمر حسن، دمشق (1968 م).
- ديوان الطرماح بن حكيم، تحقيق: د. عزة حسين (1996 م).
- ديوان الطفيل الغنوي، تحقيق: محمد عبد القادر أحمد (1968 م).
- ديوان عامر بن الطفيل، ط. دار صادر.
- ديوان العباس بن مرداس، بتحقيق الجبوري.
- ديوان العباس بن مرداس السلمي، تحقيق: د. يحيى الجبوري، وزارة الثقافة، بغداد.
- ديوان عبد الرحمن بن حسان، تحقيق: سامي العاني.
- ديوان عبد الله بن الزبير الأسدي، تحقيق د. يحيى الجبوري (العراق).
- ديوان عبيد بن الأبرص، ط. دار صادر، بيروت.
- ديوان عبد الله بن رواحة، تحقيق: وليد قصاب.
- ديوان عبيد الله بن قيس الرقيات، ط. دار صادر بيروت، تحقيق: د. محمد يوسف نجم.
- ديوان العجاج، تحقيق: د. عبد الحفيظ السطلي، مكتبة أطلس، دمشق.
- ديوان العجاج بن رؤبة التميمي، تحقيق عبد الحفيظ السطلي (دمشق).
- ديوان العجاج، بتحقيق سعد حناوي، دار صادر.
- ديوان عدي بن زيد العبادي، بتحقيق محمد جبار (العراق).
- ديوان العرجي، تحقيق: خضر الطائي، بغداد.
- ديوان عروة بن الورد (شعراؤنا).
- ديوان عروة والسمؤال، ط. دار صادر، بيروت.
- ديوان علقمة بن عبدة التميمي، بتحقيق السيد أحمد صقر.
- ديوان علقمة بن عبدة التميمي، بشرح الأعلم الشنتمري، رواية الأصمعي، سلسلة شعراؤنا.
- ديوان علقمة الفحل، ط. دار الكتاب العربي بحلب (1969 م)، تحقيق: لطفي العسال، درية الخطيب.
- ديوان علقمة، شرح الأعلم وتقديم حنا نصر الحِتِّي، نشر دار الكتاب العربي، ط. أولى (1993 م).
- ديوان عمر بن أبي ربيعة، بتحقيق وشرح: محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة المدني (1965 م).
- ديوان عمر بن أبي ربيعة، ط. دار صادر.
- ديوان عمر بن أبي ربيعة، طبعة دار الكتب العلمية، تحقيق: عبدأ علي مهنا.
- ديوان عمر بن أبي ربيعة، نشر دار الكتاب العربي، تحقيق د. فائز محمد.
- ديوان عمر بن أبي ربيعة، بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة (1960 م).
- ديوان عمرو بن معدي كرب الزبيدي تحقيق مطاع الطرابيشي دمشق (1974 م).
- ديوان عنترة بن شداد، تحقيق: محمد سعيد (المكتب الإسلامي).
- ديوان عنترة بن شداد، تحقيق: عبد المنعم شلبي.
- ديوان عنترة ط. دار صادر بيروت.
- ديوان عنترة، دار الكتب العلمية (1985 م).
- ديوان عنترة بشرح الخطيب التبريزي، تحقيق: مجيد طراد، نشر دار الكتاب العربي (1994 م).
- ديوان الفرزدق، دار صادر.
- ديوان الفرزدق، تحقيق: عبد الله إسماعيل الصاوي.
- ديوان الفرزدق، بشرح مجيد طراد، ط. دار الكتاب العربي.
- ديوان الفرزدق، شرح علي فاعور، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، أولى (1987 م).
- ديوان القطامي، تحقيق: محمود الربيعي، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب (2001 م).
- ديوان قيس بن الخطيم، عن ابن السكيت وغيره، تحقيق: ناصر الدين الأسد، دار العروبة أولى، بالقاهرة (1962 م).
- ديوان قيس بن الخطيم، تحقيق: إبراهيم السامرائي.
- ديوان قيس بن الخطيم، ط. دار صادر.
- ديوان قيس بن الخطيم، تحقيق: أحمد مطلوب، والدكتور: إبراهيم السامرائي.
- ديوان قيس بن ذريح، ط. دار الكتاب العربي.
- ديوان كثير، ط. دار الكتاب العربي، شرح: مجيد طراد، أولى (1993 م).
- ديوان كثير، تحقيق: د. إحسان عباس، دار الثقافة، بيروت (1971 م).
- ديوان كثير، بتحقيق: علي مهنا.
- ديوان كعب بن زهير، ط. دار الكتب العلمية شرح علي فاعور (1997 م).
- ديوان كعب بن زهير، بشرح أبي سعيد الحسن العسكري شرح. حنا نصر الحتي، نشر دار الكتاب العربي، أولى (1994 م).
- ديوان كعب بن زهير، (نشر دار الشواف).
- ديوان كعب بن زهير، طبعة دار الكتب المصرية.
- ديوان كعب بن زهير، طبعة دار الأرقم اللبنانية.
- ديوان الكميت، تحقيق: داود سلوم، جامعة بغداد.
- ديوان الكميت بن زيد الأسدي، ط. العراق.
- ديوان لبيد بشرح الطوسي.
- ديوان لبيد، سلسلة شعراؤنا.
- ديوان لبيد، ط. دار صادر.
- ديوان لبيد بن ربيعة العامري، ط. دار صادر بيروت.
- ديوان ليلى الأخيلية، تحقيق: واضح الغمد (دار صادر).
- ديوان ليلى الأخيلية، ط. دار صادر.
- ديوان متمم بن نويرة.
- ديوان المتنبي بشرح العكبري.
- ديوان المثقب العبدي.
- ديوان مجنون ليلى، عبد الستار فراج.
- ديوان مجنون ليلى، يوسف فرحات.
- ديوان مجنون ليلى، ط. دار الكتاب العربي.
- ديوان امرئ القيس بن حجر الكندي، ط. دار صادر.
- ديوان امرئ القيس بن حجر، ط. دار الكتب العلمية.
- ديوان امرئ القيس، ط. دار المعارف، بتحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم.
- ديوان مسكين الدارمي، تحقيق: عبد الله الجبوري، وصاحبه (1970 م)، بغداد.
- ديوان النابغة الذبياني، ط. دار الكتاب العربي.
- ديوان امرئ القيس، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم (دار المعارف).
- ديوان الهذليين.
- ديوان المتلمس الضبعي، تحقيق: حسن كامل الصيرفي (1970)، معهد المخطوطات، بالقاهرة.
- ديوان المتلمس، رواية الأثرم وأبي عبيدة عن الأصمعي، طبعة: جامعة الدول العربية.
- ديوان المتنبي بشرح العكبري.
- ديوان المتنبي، شرح ناصيف اليازجي، تقديم: ياسين الأيوني، ط. دار الهلال، أولى (1996 م).
- ديوان المتنبي، شرح مصطفى سبيتي، طبعة دار الكتب العلمية.
- ديوان المتنبي، تحقيق مصطفى السقا، ط. الحلبي (1971 م).
- ديوان مجنون ليلى، تحقيق: عبد الستار فراج، مكتبة مصر، الفجالة.
- ديوان النابغة الجعدي منشورات، المكتب الإسلامي بدمشق (1964 م).
- ديوان النابغة الذبياني، بتحقيق: سيف الدين الكاتب.
- ديوان النابغة الذبياني شرح عباس عبد الساتر.
- ديوان النابغة الذبياني، طبعات ديوانه ط. دار صادر بيروت.
- ديوان النابغة الذبياني، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، ط. دار المعارف.
- ديوان النمر بن تولب.
- ديوان هدبة، تحقيق د. يحيى الجبوري.
- ديوان الهذليين، نسخة دار الكتب المصرية (1965 م).
- ديوان يزيد بن الطثرية، شرح: ناصر بن سعد الرشيد.
- ديوان يزيد بن معاوية القرشي، ضمن دواوين الموسوعة الشعرية (CD) نشر دولة الإمارات العربية المتحدة.
* * *
السير الذاتية للمحققين
1 - أ. د. علي محمد فاخر
ولد بقرية ميت غزال، مركز السنطة، محافظة الغربية سنة (1947 م).
والتحق بكتّاب القرية، وحفظ القرآن الكريم، ودخل الأزهر الشريف فحصل على الإعدادية سنة (1965 م)، والثانوية سنة (1970 م).
ثم التحق بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة، وحصل على الليسانس سنة (1974 م) بتقدير جيد جدًّا مع مرتبة الشرف، ثم حصل على الماجستير (سنة 1979 م) والدكتوراه سنة (1985 م) بمرتبة الشرف الأولى.
عُيِّن معيدًا لكلية اللغة العربية بأسيوط، ثم انتقل إلى المنصورة وترقى إلى أن وصل إلى درجة أستاذ في النحو والصرف، وعمل بكلية اللغة العربية بالرياض -جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- مدة عشر سنوات.
أشرف على عدة رسائل ماجستير ودكتوراه، كما ناقش عدة رسائل أخرى في كليات اللغة العربية بفروع جامعة الأزهر.
- له منجزات علمية كثيرة، أهمها:
1 -
شرح المقرب لابن عصفور (عدة أجزاء).
2 -
التوجيهات النحوية والصرفية للقراءات الثلاثة بعد السبعة (جزآن).
3 -
دراسات نحوية وصرفية في شعر ذي الرمة (جزء واحد).
4 -
تحقيق المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية للعيني (أربعة أجزاء)(ضمن ثلاثة محققين) وهو الذي بين يديك.
5 -
أخطاء المتنبي النحوية والصرفية (رسالة الماجستير).
6 -
ديوان شعر كبير (تحت الطبع).
7 -
أوزان الشعر وقوافيه من مسرحيات شوقي (جزآن).
8 -
تغيير النحويين للشواهد.
9 -
تحقيق شرح التسهيل لناظر الجيش ضمن ستة أعضاء حققوا الكتاب المذكور (طبعة دار السلام بالقاهرة سنة 2007 م).
* * *
2 - أ. د. أحمد محمد توفيق السوداني
الميلاد: 8/ 8/ 1964 م، مصري، يعمل بجامعة الأزهر، حصل على جائزة وزارة الأوقاف في حفظ القرآن الكريم سنة (1975 م)، وليسانس اللغة العربية، جامعة الأزهر (1988 م)، بتقدير: جيد جدًّا، وماجستير اللغة العربية، جامعة الأزهر (1996 م) بتقدير: جيد جدًّا، والدكتوراه في اللغة العربية، جامعة الأزهر (1999 م) بتقدير: مرتبة الشرف الأولى، ودرجة أستاذ مساعد بجامعة الأزهر (2007 م).
- الخبرات العلمية:
أولًا: التدريس بالمعاهد الأزهرية [بنين وبنات] من: 11/ 2/ 1989 م حتى: 30/ 11/ 2002 م، وكانت مواد التدريس جميع مواد اللغة العربية التي تدرس بالأزهر.
ثانيًا: التدريس بكلية اللغة العربية، والتربية، بجامعة الملك فيصل بجمهورية تشاد في الفترة ما بين: 26/ 9/ 2001 م و: 8/ 11 / 2002 م. [مرحلة الدراسات العليا - والإشراف على رسائل ماجستير، والإشراف على بحوث التخرج بالجامعة].
ثلاثًا: العمل بجامعة الأزهر من: 9/ 10/ 2002 م حتى: 8/ 12/ 2006 م، كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين بالشرقية [لغة عربية- أصول الدين- شريعة إسلامية] إضافة إلى ما ينسب إليّ من أعمال في كلية الدراسات بنات بالشرقية.
رابعًا: الالتحاق بجامعة الجوف في المدة 8/ 12/ 2006 م وحتى الآن.
- الخبرات العلمية:
- القضايا النحوية والصرفية في الجزء السادس من كتاب روح المعاني للآلوسي، من أول قوله تعالى:{قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67)} [الكهف: 67] ماجستير].
- "اختيارات المرادي في تراثه النحوي"[دكتوراه].
- التاء مدخولاتها واستعمالاتها في الدراسات النحوية.
- التاء وأثرها في بنية الكلمة العربية.
- الآراء النحوية والصرفية لعيسى بن عمر في كتاب سيبويه جمعًا ودراسة.
- ظاهرة التركيب في النحو العربي.
- الشواهد النحوية المجهولة القائل في الآمالي الشجرية جمعًا ودراسة.
- الضرورة الشعرية في المقاصد النحوية جمعًا وتصنيفًا.
- "لو" أنواعها وأحكامها دراسة نحوية تطبيقية في كتاب اللَّه والشعر العربي.
- اختيارات المرادي في تراثه الصرفي.
* * *
3 - د. عبد العزيز محمد فاخر
تاريخ الميلاد: 22/ 3 / 1965 م.
محل الميلاد: قرية ميت غزال -السنطة- محافظة الغربية.
حفظت القرآن الكريم بكتّاب القرية -ثم التحقت بالأزهر الشريف فحصلت على الإعدادية ثم الثانوية من المعهد الأحمدي بطنطا، وكان ترتيبي الثالث على مستوى المعهد.
ثم التحقت بكلية اللغة العربية وحصلت على الليسانس عام (1987 م) من جامعة الأزهر، ثم كانت مرحلة الدراسات العليا والماجستير (قسم اللغويات) عام (1995 م) ثم حصلت على شهادة العالمية الدكتوراه (قسم اللغويات) عام (2000 م) من جامعة الأزهر بتقدير "مرتبة الشرف الأولى".
الوظيفة: عملت مدرسًا بمعهد طنطا الثانوي حتى عام (2001 م) ثم معارًا من قِبل الأزهر الشريف للتدريس بجامعة الملك فيصل -كلية اللغة العربية- بتشاد بإفريقيا ثم عميدًا لهذه الكلية بالجامعة نفسها حتى الآن، وهذا بفضل الله عز وجل ثم رضا ودعاء الوالدين والأهل والمحبين.
كما قمت خلال إعارتي -وما زلت- بالإشراف والمناقشة للعديد من أبحاث الدراسات العليا ورسائل الماجستير والدكتوراه بالجامعة المذكورة حفظها الله من كل سوء.
- أهم المنجزات العلمية:
1 -
الباء دراسة نحوية صرفية.
2 -
الحروف النحوية الزائدة وقيمتها في اللغة.
3 -
الممنوع في النحو.
4 -
الزيادي وآراؤه النحوية.
5 -
الشاهد النحوي في شعر النابغة الذبياني.
6 -
الشواهد النحوية في شعر عمر بن أبي ربيعة- دراسة وتحليلًا.
أسأل الله العلي القدير أن ينفع بها طلاب العلم ومحبي اللغة العربية إنه نعم المولى ونعم النصير.
* * *