الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دور الصحافة العربية:
وبهذا نرى أن الصحافة لعبت دوراً كبيراً في النهضة فلا بد من أن نقول عنها كلمة:
أن أول جريدة عربية صدرت لا عن مصدر حكومي (1) بل بمجهود صحافي جزائري حر هي جريدة "الجزائر" التي أصدرها الفنان الأستاذ عمر راسم سنة 1908 وصدرت جريدة "الحق" سنة 1911م في وهران وهي أول جريدة فتحت الاكتتاب للهلال الأحمر العثماني أيام حرب طرابلس (2) ثم "الفاروق" وصدرت في سنة 1331هـ (1913م) أسسها عمر بن قدور وهو مؤدب يقرىء القرآن الكريم، ويعتبر هذا الرجل من المدرسة الإصلاحية المتأثرة بمحمد عبده وبالمنار، فعزم على مقاومة الخرافات والبدع واستعمل هذه الصحيفة للقيام بمهمته وشعار صحيفته:
" قَلَمِي لِسَانِي ثَلَاثَةٌ بِفُؤَادِي
…
دِينِي وَوُجْدَانِي وَحُبُّ بِلَادِي "
ويستعين بما تنشره مجلة المنار فينقل بعض مقالاتها في هذه
(1) أول جريدة عربية صدرت عن الولاية العامة هي المبشر وكانت تنشر باللسانين الأوامر الإدارية والتشريعات وتحاول أن تبث الدعاية ضد الوطنيين الذين هم في نظرها شياطين مشوشون. صدرت في سبتمبر 1847 (5 شوال 1262هـ) ثم ملحق جريدة الأخبار الفرنسية 1903م (1320هـ) وكانت قبل ذلك تصدر بالفرنسية فقط ابتداء من 1839م (1255هـ) ويتولى ذلك فيكتور باروكان. ثم جريدة المغرب أصدرها مدير مطبعة فونتانا وهي راجعة إلى مصدر حكومي صدرت 1321هـ - (1903م) وجريدة كوكب إفريقيا أصدرها محمود كحول ومصدرها حكومي صدرت سنة 1903 وأصدر كذلك التقويم الجزائري مدة ثلاثة سنوات من 1329هـ (1911م) إلى 1331هـ (1913م) فيها آثار أدبية جزائرية لتلك الفترة.
(2)
أحمد توفيق المدني كتاب الجزائر ص 369.
الجريدة ويهتم بأخبار العالم الإسلامي. ولم تعش هذه طويلاً (1) وأبعد صاحبها إلى الأغواط سنة 1915م كتب فيها أحمد توفيق المدني مقالاً تحت عنوان: "القرآن الشريف وكيف يجب أن نتعلمه" سنة 1914م وهو أول مقال يكتبه في حياته.
ثم عاد الأستاذ الفنان عمر راسم وأصدر جريدة أخرى تحت إسم مستعار وهي "ذو الفقار"(2) وأسمى نفسه ابن المنصور الصنهاجي ووسم صحيفته المصورة بأنها "عمومية اشتراكية انتقادية " ونشر في هذه الصحيفة (في عددها الثالث) -صورة الأستاذ الشيخ محمد عبده وكتب عمر راسم تعليقاً عليها وهو أن الشيخ محمد عبده "مدير الجريدة الديني"(3).
والغريب أن مؤسسها هو الذي يحررها ويكتبها بخطه، ويرسم صورها الرمزية ويطبعها طبعاً حجرياً وحده، فمن صورها الرمزية في العدد الثالث فارس عربي على باب مدينة الجزائر وشمس مرسلة أشعتها مكتوب في وسط قرصها:"الإصلاح" وهذا يرمز إلى العودة إلى الدين والشخصية الجزائرية العربية، كما نشر في هذا العدد قصيدة حماسية لعنترة بن شداد ومقالاً بعنوان "الإسلام والمسلمون" مفاده أن سبب تأخر المسلمين يعود إلى انفصالهم عن الشريعة الإسلامية ومقالاً آخر نقله عن المنار يعالج مشكلة المقلدين للإفرنج وفسادهم الأخلاقي، ورسم صورة ترمز إلى رجل مقلد للغرب يطلب من زوجه أن تخلع
(1) لم تزد على عام وبضعة أشهر.
(2)
صدر أول عدد منها في ربيع الثاني (1331هـ) أفريل (1913)
(3)
سعد الدين ابن أبي شنب (النهضة العربية بالجزائر في النصف الأول من القرن الرابع عشر للهجرة) مجلة كلية الآداب العدد الأول 1964 ص 62 - 63 صورة الغلاف والتعليق عليها كانا في يوم الاحد 20 رجب 1332هـ 14جوان1914م، ص 8.
لباسها العربي لتتعلم الرقص ولتتمدن فأجابته بأن لباسها القومي لا يكون عائقاً لها عن التمدن (1). وبما أن اليوم الذي صدرت فيه الجريدة كان يوم 14 جوان فإنه كتب عن الحوادث المحلية: "في هذا اليوم نزل الجيش الفرنسي في شبه جزيرة سيدي فرج وفي هذه السنة (1914م) تشكلت جمعيات لإحياء هذا اليوم والإحتفال باستيلاء فرنسا على أكبر وأغنى مستعمراتها: الجزائر. سنذكر في العدد الآتي الأسباب التي أدت إلى الحرب وكيفية دخول الفرنسيس إلى عاصمة الجزائر"(2) وكانت هذه الصحيفة أول من نبه الناس إلى الخطر الصهيوني، وأول من اكتشفه (3) ولما جاءت الحرب العالمية الأولى، ألقي القبض على مديرها عمر راسم (4) بتهمة الإتصال بالعدو والإتفاق معه فحوكم عسكرياً وصدر ضده حكم بالأشغال الشاقة ثم بعد الحرب صدر العفو عنه (5).
وفي سنة 1919 أصدر الأمير خالد صحيفة "الإقدام" باللغتين كما أصدر الحزب المعارض له صحيفة "النصيح".
وفي السنة نفسها أصدر الشيخ عبد الحفيظ الهاشمي جريدة "النجاح" التي كانت حرة واشترك عبد الحميد بن باديس في تأسيسها ثم انفصل عنها، ثم انحرفت هذه الجريدة وارتبطت بالحكومة الفرنسية وأصبحت في سنة 1930 جريدة يومية يطبع منها 5000 نسخة في اليوم.
وفي سنة 1924 أصدر عمر بن قدور الجزائري جريدة "الفاروق" من جديد وكانت أسبوعية ثم اشترك مع محمد بن بكير في إصدار
(1) المصدر نفسه ص 63.
(2)
المصدر نفسه ص 64.
(3)
أحمد توفيق المدني كتاب الجزائر ص369.
(4)
توفي سنة 1379هـ وعمره 79 عاماً حافظ للقرآن مجود له.
(5)
المصدر السابق ص369.
المطبعة الجزائرية الإسلامية التي كانت تطبع جريدة ومجلة الشهاب، تأسست هذه المطبعة سنة 1343 - 1925 في نفس التاريخ الذي صدر فيه الشهاب. وتقع في نهج عبد الحميد بن باديس- قسنطينة.
ــ
جريدة "الصديق". وصدر "لسان الدين" جريدة أسبوعية دينية سياسية سنة 1923 أصدرها مصطفى حافظ وابن عبد العزيز حسن.
وفي سنة 1925 صدر "المنتقد"(1) فتوقف بعد صدور ثمانية عشر عدداً منه، ثم خلفه "الشهاب" في نفس السنة وكان أسبوعياً ثم انتقل في سنة 1929 إلى مجلة شهرية (2) ومؤسسها معاً هو الأستاذ
(1) جريدة تمثل لسان نخبة الشباب صدرت في يوم الخميس 11 ذي الحجة 1343هـ (2 جويلية 1925م).
وقد نقلت هذا من العدد الأول من المنتقد ولم تصدر في سنة 1924 ولا في سنة 1926 كما يذهب إلى ذلك البعض. أنظر كتاب الجزائر لأحمد توفيق المدنى ص 370 فإنه جعلها صادرة في سنة 1926م وتاريخ الجزائر المعاصر لروبير اجيرون ص 88 حيث جعل صدور الشهاب سنة 1924م.
(2)
بتاريخ رمضان 1347هـ فيفري 1929م.
عبد الحميد بن باديس واستمرت الشهاب في أداء رسالتها إلى الحرب العالمية الثانية فتوقفت في سبتمبر 1939 (1). وفي نفس السنة أصدر الشيخ محمد السعيد الزاهري جريدة "الجزائر" وعطلتها الحكومة.
وأصدر الشيخ العقبي والشيخ أحمد العابد جريدة "صدى الصحراء" ثم صدرت جريدة "البرق" سنة 1937 وأصدر العقبي أيضاً جريدة "الحق" في بسكرة سنة 1936م.
كما أصدر الشيخ العلامة الصحفي أبو اليقظان جريدة "وادي ميزاب" في سنة 1926 فعطلتها الحكومة بعد نحو عامين ونصف ثم أصدر بعدها جريدة "ميزاب" فصودرت، فأصدر من بعدها "المغرب" ثم "النور" ثم "النبراس" وأسس الشيخ العقبي كذلك جريدة "الإصلاح"(2) وفي هذه الأثناء أصدرت الزاوية العليوية جريدة "البلاغ الجزائري" معارضة بها حركات الإصلاح، ورغم كونها تقاوم بعض عادات المتصوفة، فإنها تدافع عن التصوف ولها مطبعة خاصة. ولم يكن في الجزائر قبل الحرب العالمية الأولى من المطابع إلا مطبعة رودوسي مراد، ثم وجدت فيها أربع مطابع أخرى: الطبعة الإسلامية وهي مطبعة الشهاب ومطبعة النجاح بقسنطينة، والمطبعة العربية لأبي اليقظان بالعاصمة، ومطبعة البلاغ الجزائري بعاصمة الجزائر أيضاً (3). والواقع أنه توجد هناك مطابع أخرى لكنها تابعة للفرنسيين كمطبعة فونتانا الشرقية (5) مثلاً.
(1) العدد الأخير الذي هو عدد سبتمبر لم نجد منه إلا ملزمة واحدة كتب فيها عبد الحميد مقالاً عنوانه (أولو الأمر) تعليقاً على مقال كتبه الشيخ الخضر الحسين شيخ الأزهر وصاحب مجلة الهداية الإسلامية.
(2)
أنظر أحمد توفيق المدني في كتاب الجزائر ص 371.
(3)
المصدر السابق ص 273.
(4)
تطبع باللسانين العربي والفرنسي.
- صورة -
إدارة الشهاب سابقاً واقعة في نهج الشيخ عبد الحميد بن باديس
ــ
وهذه الصحافة كلها تدل على النشاط الفكري، وعلى ظاهرة القلق التي هي علامة على اليقظة والوعي بالمسؤولية، وخطوة في سبيل تغيير المظاهر الإجتماعية، ومحاولة لإعادة المجتمع إلى أداء وظيفته التاريخية وإدراكه نفسه التي نسيت التاريخ أو نسيها التاريخ!!