الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فإن علم الحديث من أجل العلوم وأشرفها فهو المفسر للقرآن والمبين له قال الله تعالى: { .. وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ .. (44)} [النحل: 44]، وهو دليل العلماء فمنه يستنبطون الأحكام ويستدلون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وعمله وقوله.
وأصحاب الحديث باختلاف طبقاتهم من رواة وشيوخ وأئمة وحفاظ ونقادهم الذين حفظوا لهذه الأمة سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وهديه وسمته ومشاهده ومغازيه وما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أخبار وقصص الأمم السابقة وما سيكون بعده، ثم حفظوا بعد ذلك هدي أصحابه صلى الله عليه وسلم وأقوالهم وفتاويهم وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون الذين أوصى
رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباعهم في قوله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين» .
مفهوم العلة والوهم:
العلة في اللغة: المرض، واصطلاحاً: خبر ظاهرة السلامة، اطلع فيه بعد التفتيش على قادح
(1)
وهذا القادح يشمل الإسناد والمتن.
والوهم: هو ما يخطئ فيه المرء وهو يظنه الصواب وتجد هذه اللفظة في كتب الرجال والعلل فيقولون: (في حديثه وهم) أي غلط أو (في حديثه أوهام)، ويقولون في نقد الراوي:(صدوق يَهِمُ) أو (له أوهام).
وإنما آثر المحدثون هذه اللفظة في التخطئة لأنها ألطف جرحاً وآدب نقداً من غيرها.
طريق معرفة العلة:
جمع طرق الحديث، والنظر في اختلاف رواته، لأن جمع الروايات من حيث اتفاقها واختلافها هو مفتاح بيان الوهم واكتشافه.
قال يحيى بن معين: لو لم نكتب الحديث من خمسين وجهاً ما عرفناه
(2)
.
وقال ابن المبارك: إذا أردت أن يصح لك الحديث فاضرب بعضه ببعض
(3)
، أي: قارن بين طرقه وألفاظه.
(1)
فتح المغيث (1/ 227).
(2)
المجروحين لابن حبان (1/ 33)، والجامع للخطيب (2/ 202).
(3)
الجامع (2/ 296).
قال علي بن المديني: الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه
(1)
.
قال الخطيب: السبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع طرقه وينظر في اختلاف رواته ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط
(2)
.
وقد قال قبل هؤلاء كلهم أيوب السختياني حاثاً على كثرة السماع لتميز الروايات: إذا أردت أن تعرف خطأ معلمك فجالس غيره
(3)
.
أقسام العلة:
العلة تقع في الإسناد وهو الأكثر، وقد تقع في المتن وهو كالتالي:
1 ما وقعت العلة فيه في الإسناد ولم تقدح فيه، كإبدال راو ثقة بمثله أو زيادة ذكر راو ثقة في الإسناد.
2 ما وقعت العلة فيه في الإسناد وقدحت فيه، كإبدال راو ضعيف براو ثقة أو يحذف من الإسناد أحد الضعفاء أو يدلسه ونحو ذلك فهذا يقدح في الإسناد والمتن معاً، إلا أن يجيء المتن من طرق أخرى غير معلولة.
3 ما وقعت العلة في المتن ولا تقدح فيه ولا في الإسناد لإختلاف ألفاظ المتن، أو قد تقدح في لفظة من المتن لا جميعه كأن تكون فيه لفظة شاذة أو منكرة، أو تكون اللفظة صحيحة لكن من غير
(1)
الجامع (2/ 212).
(2)
الجامع (2/ 295).
(3)
سنن الدارمي (1/ 153).
هذا الوجه كأن تكون وردت بإسناد آخر فأدرجها الراوي في هذا المتن.
4 ما وقعت العلة في المتن وقدحت فيه كاختصار أخل بالمعنى، أو رواية بالمعنى غيرته.
أقسام الوهم:
قسمها الحافظ أبو الحجاج المزي إلى ثلاثة أقسام فقال: «الوهم يكون تارة في الحفظ وتارة في القول وتارة في الكتابة»
(1)
.
أسباب اختيار هذا الموضوع:
أولاً: محبتي للحديث وأهله، فأردت أن أشارك في خدمة هذا العلم الشريف عسى الله أن يحشرني مع أهله.
ثانياً: في قراءتي لكتب الحديث والرجال ذكروا أن الإمام شعبة بن الحجاج كانت أوهامه في أسماء الرواة، فعقدت العزم على تتبع أوهامه فجعلت أتتبع ذلك من مظانه في كتب الحديث والعلل والشروح والتاريخ وغيرها، وكنت حريصاً أثناء ذلك في تدوين كل ما أجده من أوهام للمحدثين ثم بعد ذلك بدأت بفرز أوهام كل راو على حدة، بدأت بدراسة أوهام شعبة، فلما فرغت منها ودفعتها للصف استوقفني قول الإمام عثمان بن سعيد الدارمي من لم يجمع حديث شعبة وسفيان ومالك وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة فهو مفلس في الحديث
(2)
.
وعلق عليه الذهبي بقوله: (وبلا ريب أن من جمع علم هؤلاء
(1)
الأطراف (3/ 343).
(2)
رواه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (2/ 1978).
الخمسة وأحاط بسائر حديثهم، وكتبه عالياً ونازلاً وفهم علله فقد أحاط بشطر السنَّة النبوية بل بأكثر من ذلك، وقد عدم في زماننا من ينهض بهذا وببعضه، فنسأل الله المغفرة)
(1)
.
فاستعنت بالله وعزمت على دراسة كل ما وقفت عليه من أوهام المحدثين الثقات من رجال الشيخين، ومما شجعني على هذا البحث مع صعوبته أنه لم يسبق إليه فيما أعلم
(2)
.
وحتى تعلم ثمرة هذا البحث قال ابن عدي في «الكامل» بعد أن ذكر حديثاً وهم فيه الإمام يحيى بن سعيد القطان: «لا يعرف ليحيى بن سعيد خطأ غيره، وليس الأمر كما قاله، فقد أوردت في بابه اثنا عشر حديثاً»
(3)
.
نعم، قد كانت هناك فكرة للإمام أبي زرعة الرازي في إخراج أوهام سفيان الثوري إلا أنها لم تعد الفكرة.
قال ابن حاتم: اعتل أبو زرعة الرازي فمضيت مع أبي لعيادته فسأله أبي عن سبب هذه العلة، فقال: بتُّ وأنا في عافية فوقع في نفسي أني إذا أصبحت أخرجت من الحديث ما أخطأ فيه الثوري، فلمّا أصبحت خرجت إلى الصلاة، وفي دربنا كلب ما نبحني قط ولا رأيته عدا على أحد، فعدا عليَّ وعقرني فحممت فوقع في نفسي أنَّ هذا عقوبة لما وضعت في نفسي، فأضربت عن ذلك الرأي
(4)
.
وعدَّ الإمام أحمد في مذاكرته مع علي بن المديني ثمانية عشر
(1)
سير أعلام النبلاء (13/ 323).
(2)
انظر ص 15 المصنفات في العلل.
(3)
ونحو ذلك قيل في ابن علية وستجد في بابه تسع أحاديث.
(4)
تاريخ بغداد (12/ 320).
وهماً لسفيان بن عيينة على الزهري، ثم قال الإمام أحمد: ثم رجعت فنظرت فيما أخطأ فيه ابن عيينة يعني على الزهري فإذا هي أكثر من عشرين حديثاً
(1)
.
وذكر الخطيب عن مسعود بن ناصر السجزي أنه ذكر في تصانيف ابن حبان: علل أوهام المؤرخين، علل مناقب الزهري، علل حديث مالك، علل ما أسند أبو حنيفة، ما خالف فيه سفيان شعبة، وما خالف فيه شعبة سفيان
(2)
، وللإمام مسلم كتاب أوهام المحدثين.
خطوات البحث:
بدأت بالأئمة المكثرين الحفاظ المتقنين كشعبة، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، ومالك، ومعمر، والأوزاعي وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وابن جريج، ووكيع، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطان، وأبي معاوية، وعبد الرزاق، وألحقت معهم إمام المغازي محمد بن إسحاق وختمت بأبي داود الطيالسي، وهذا هو القسم الأول.
ثم أوردت أوهام الأئمة والثقات من رجال الشيخين المتفق عليهما حسب الطبقات مقلداً في ذلك الحافظ ابن حجر في تقريبه في الترتيب، فكان هناك واحداً في الطبقة الثانية وهو عبد الرحمن بن أبي ليلى فأوردت حديثه ضمن الطبقة الثالثة، ثم أوردت أحاديث بقية الطبقات حتى الطبقة الحادية عشر حسب ترتيب الأحرف الهجائية (إلا أني قدمت في حرف العين من اسمه عبد الله) وهذا هو القسم الثاني.
(1)
انظره في خاتمة الأحاديث التي انتقد فيها سفيان بن عيينة.
(2)
سير أعلام النبلاء (16/ 95).
ثم أوردت أوهام رجال الإمام البخاري ثم رجال الإمام مسلم حسب ترتيب الأحرف الهجائية دون اعتبار الطبقات، وهذا هو القسم الثالث.
ثم ختمت الكتاب بأوهام وقعت في كتب الأئمة أصحاب الكتب الستة وهذا هو القسم الرابع.
وقد قدمت لهؤلاء الثقات ترجمة يسيرة أغلبها من التهذيب وسير أعلام النبلاء والجرح والتعديل.
ولا شك أنَّ الوهم لا يسلم منه أحد إلا أنهم متفاوتون في ذلك. ذكر ابن عبد البر حديث سهو النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الصلاة ثم قال: وفي هذا الحديث بيان أنَّ أحداً لا يسلم من الوهم والنسيان لأنه إذا اعترى ذلك الأنبياء فغيرهم بذلك أحرى
(1)
.
وقال الإمام مالك: مَنْ ذا الذي لا يخطاء
(2)
.
وقال مهنا للإمام أحمد: كان غندر يغلط؟ قال: أليس هو من الناس!
(3)
.
وقال: حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: ما رأيت أحداً أقل خطأ من يحيى بن سعيد يعني القطان وقد أخطأ في أحاديث.
قال أبو عبد الله: ومَن ذا يُعرى من الخطأ والتصحيف
(4)
.
(1)
الاستذكار (1/ 521).
(2)
الآداب الشرعية (2/ 142).
(3)
الآداب الشرعية (2/ 142).
(4)
المصدر السابق.
بل قال يحيى بن معين: مَنْ لا يخطاء في الحديث فهو كذاب
(1)
.
وقال أيضاً: لست أعجب ممن يخطاء، إنما العجب ممن يحدِّث فيصيب
(2)
.
وقال الترمذي: وإنما يتفاضل أهل العلم بالحفظ والإتقان والتثبت عند السماع مع أنه لم يسلم من الخطأ والغلط كثير من الأئمة مع حفظهم
(3)
.
وليس الغرض من هذا البحث هو البحث عن أوهام الأئمة وأخطائهم، إذ لم يدَّع أحدٌ منهم العصمة وعدم الخطأ، بل المراد من معرفة هذه الأوهام، معرفة علتها وأثرها، وهل بُنِيَ حكم عليها وتبرئة شيخه أو تلميذه من الوهم إذ وقفت على بعض الأحاديث ينسب الوهم فيها إلى مَنْ هو بريء منه، ومعرفة الأتقن في بعض الشيوخ مما اختلف فيه بعض أهل العلم، والأهم من ذلك كله تنقية الأحاديث النبوية مما أُلحق بها من أوهام في المتن والسند، وغير ذلك من الفوائد العديدة التي سيجدها القاراء والباحث في هذا الكتاب. وسأذكر أمثلة لما تقدم:
روى الإمام البخاري في صحيحه (2934) قال: حدثنا عبد الله بن أبي شيبة، حدثنا جعفر بن عون، حدثنا سفيان عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله يعني ابن مسعود. وذكر حديثاً فيه
(1)
من تاريخه (2682).
(2)
المصدر السابق (52).
(3)
العلل الصغير (1/ 431).
فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهم عليك بقريش لأبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأُبيّ بن خلف
…
». قال عبد الله: فلقد رأيتهم في قليب بدر قتلى.
ثم قال البخاري: وقال يوسف بن إسحاق عن أبي إسحاق أمية بن خلف وقال شعبة: أمية أو أُبيّ. والصحيح أمية. اه.
فظاهر قول الإمام البخاري أنَّ سفيان الثوري أخطأ في قوله (أُبي بن خلف) لكن الصحيح أنَّ الوهم ليس من سفيان، فقد رواه مسلم في صحيحه (1794) عن ابن أبي شيبة هذا بنفس إسناد البخاري فقال (أمية بن خلف)، وكذلك رواه زيد بن حباب وأبو الأحوص عن الثوري فسلم من الوهم، وكذلك رواه خمسة من الثقات عن جعفر بن عون. فبقي أن يكون الوهم من ابن أبي شيبة، لكن ذكرنا أنَّ مسلماً رواه عنه على الصحيح وكذلك هو في مصنفه ومسنده. فبقي أن يكون الوهم من الإمام البخاري، إلا أنه بذكره الخلاف عقب الحديث وأنَّ الصحيح هو أمية بن خلف يرجح أن يكون الوهم هو من أبي بكر بن أبي شيبة لما حدّث الإمام البخاري وإن كان في كتابه خلاف ذلك، وانظر «الفتح» (1/ 351). لذا أوردت هذا الحديث في باب أبي بكر بن أبي شيبة.
مثال آخر:
روى أبو داود (4578) عن عباس بن عبد العظيم، عن عبيد الله بن موسى، عن يوسف بن صهيب، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه أنَّ امرأة خذفت امرأة فأسقطت فرُفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل في ولدها خمسمائة شاة ونهى يومئذ عن الخذف.
قال أبو داود: هكذا قال عباس وهو وهم. اه.
ظاهر قول أبي داود أنَّ عباس هو الواهم في قوله: (خمسمائة) والصحيح هو (مائة) لكن لم ينفرد به عباس بل تابعه ثقتان هما إبراهيم بن يعقوب بن إبراهيم وإبراهيم بن يونس بن محمد وحديثهما عند النسائي (8/ 146). وكذلك عبيد الله بن موسى تابعه أبو نعيم فرواه عن يوسف بن صهيب عن عبد الله بن بريدة مرسلاً فقال: (مائة). فسلم عباس وعبيد الله من الوهم فيكون الوهم إنما هو من يوسف بن صهيب وهو ثقة لكنه ليس على شرطنا وهو أن يكون من رجال الصحيح فلم أُخرِجه في كتابي هذا؛ وعلة وهمه أنَّ الشعبي كان يقول: الغرة خمسمائة درهم فوهم يوسف فقال: (خمسمائة شاة). والله أعلم.
حمل ابن خزيمة في صحيحه (2766) الوهم فيه على ابن عيينة، والصحيح أنَّ الوهم من عبد الجبار بن العلاء، فقد رواه الحميدي وعمرو الناقد وغيرهما عن سفيان على الوجه الصحيح، لذا أوردناه في باب عبد الجبار وليس سفيان كما قال ابن خزيمة.
حمل الألباني في كتابه «صفة صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم» (3/ 901) في حديث رواه البيهقي (2/ 140) من طريق أحمد بن منصور الرمادي عن معمر عن قتادة، الوهم في هذا على معمر فقال: (وأخشى أن تكون هذه الرواية وهماً لأنه تفرد بها معمر دون أصحاب قتادة
…
).
قلت: رواه عبد الرزاق (3065) عن معمر مثل رواية الجماعة فسلم معمر من الوهم والحمل فيه على أحمد بن منصور أو من دونه في الإسناد وهم ليسوا على شرط كتابنا هذا فلم أخرجه فيه.
ابن جريج كان يروي حديثاً أحياناً على التوهم فرواه عنه هكذا يحيى القطان، وحمل البيهقي الوهم فيه على يحيى إذ خالفه غيره، لكن نقل الإمام أحمد عن يحيى أنه كان ينكره على ابن جريج ويراجعه فيه فيأبى؛ لذا أوردته في بابه وليس في باب يحيى القطان.
ذكر الدارقطني والبيهقي في حديث صلاة الفطر ركعتان والأضحى ركعتان والسفر ركعتان أنَّ أصحاب الثوري رووه عنه عن زبير عن ابن أبي ليلى عن عمر، ولم يجعلوا بينهما أحداً.
ورواه يحيى القطان عن الثوري فجعل بينهما رجلاً وذكروا حديثه. قلت: ليس هذا من يحيى إنما رواه عنه القواريري هكذا؛ لذا جعلته في باب القواريري ورواه غيره عن يحيى على الصواب.
وحمل الدارقطني الوهم في حديث على الليث بن سعد، والصحيح أنَّ الوهم إنما هو من الراوي عنه حجين بن المثنى إذ خالفه غيره من أصحاب الليث؛ لذا أوردناه في بابه وليس في باب الليث.
روى النسائي في «المجتبى» (8/ 276) وفي «الكبرى» (7946)(7947) حديثاً من طريق شعبة عن يعلى بن عطاء قال: سمعت أبا علقمة يحدِّث عن أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث
(1)
.
ثم قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن أبيه كذا قال عن أبي علقمة به.
(1)
مسلم (1835).
ثم قال عقبه في «الكبرى» : هذا خطأ، والصواب يعلى بن عطاء عن أبي علقمة، أي ليس بينهما والد يعلى، فقد صرَّح بسماعه من أبي علقمة شعبة. وظاهره أنَّ الوهم من أبي عوانة وضاح اليشكري.
لكن أبا كامل الجحدري
(1)
وعفان بن مسلم وبهز بن أسد
(2)
قد رووه عن أبي عوانة كرواية شعبة، وقد أورده مسلم في صحيحه.
فسلم أبو عوانة من الوهم. فيكون الوهم ممن دونه في الإسناد ذلك أنَّ عبد بن حميد
(3)
قد رواه عن أبي الوليد الطيالسي على الصحيح وأنَّ أبا عوانة الإسفرائيني
(4)
قد رواه عن أبي داود الحراني على الصحيح فيكون الوهم ظاهره من الإمام النسائي، إلا أنه قد نبّه عليه فيكون الوهم من أبي داود الحراني لما حدَّث به النسائي، وهو ليس على شرط كتابنا فلم أورده في كتابي، والله أعلم.
معرفة الأتقن:
أما معرفة الأتقن في بعض الشيوخ، فقد أظهر هذا البحث بعد سبر أحاديث المقدَّمين في الزهري أتقنهم وأعلمهم به خلافاً لما ذكره بعض أئمة الحديث ونقاده، فقد اختلف بعض أهل الحديث في الأتقن من أصحاب الزهري فقدَّم يحيى القطان ابن عيينة على معمر.
وقدَّم علي بن المديني ابن عيينة على مالك ومعمر ويونس.
(1)
مسلم (1835).
(2)
أحمد (2/ 416).
(3)
في مسنده (1460).
(4)
في مسنده (8088).
وقدَّم أحمد بن حنبل مالك وابن عيينة في حديث الزهري في الاتقان، ويونس بن يزيد ومعمر في الكثرة.
وقدَّم أبو حاتم مالك وابن عيينة على أصحاب الزهري.
وقدَّم يحيى بن معين مالك ومعمر على ابن عيينة.
وقدَّم أحمد بن صالح المصري (وهو من أعرف الناس بحديث الزهري كما قال الإمام أحمد) يونس بن يزيد على جميع أصحاب الزهري
(1)
.
وبالنظر إلى ما وقفت عليه من أوهام هؤلاء الأئمة الأثبات مالك ومعمر وسفيان بن عيينة ويونس بن يزيد.
نجد أنَّ يونس يتقدم أصحاب الزهري في الاتقان والكثرة، فقد وهم سفيان على الزهري في عشرين حديثاً، كان القول فيها قول يونس في سبعة عشر حديثاً، ومعمر في ستة عشر حديثاً، ومالك في أحد عشر حديثاً.
ووهم معمر على الزهري في ثمانية عشر حديثاً كان القول فيها قول يونس في ستة عشر حديثاً وسفيان ومالك كلاهما في ستة أحاديث.
ووهم مالك على الزهري في ستة أحاديث كان القول فيها كلها ليونس، ومعمر في خمسة، وسفيان في حديثين.
ووهم يونس على الزهري في ثلاثة أحاديث كان القول فيها قول مالك ومعمر وسفيان في حديث واحد منها.
(1)
انظر: في خاتمة باب سفيان بن عيينة.
وذلك لكون يونس يكتب الحديث ولطول ملازمته للزهري فقد لازمه أربع عشرة سنة مع كونه دونهم في الحفظ والإتقان.
وانظر الخاتمة في الأحاديث التي خولف فيها سفيان الثوري وشعبة والمقارنة بينهما، فإنَّ شعبة قد خالفه في أحاديث بعضها لشيوخ من بلد سفيان كان القول فيها لشعبة خلاف ما ذكره يحيى القطان وغيره من أنه ما خالف أحد سفيان إلا كان القول قول سفيان حتى وإن كان شعبة.
كما أظهرت الدراسة أنَّ أوثق الناس في أبي إسحاق السبيعي هو شعبة وإن كان أبو إسحاق من بلد الثوري.
ومن فوائد هذا البحث أني وقفت على علل لأحاديث كثيرة لم يذكرها الدارقطني وابن أبي حاتم في كتابيهما وهما أوسع وأشمل مَنْ كتب في هذا الفن.
ففي كتاب شعبة هناك ثلاثة وعشرون حديثاً لم أقف عليها عندهما.
وفي كتاب الثوري هناك خمسة عشر حديثاً لم أقف عليها عندهما من أصل اثنين وثلاثين حديثاً في بابه.
وفي كتاب ابن عيينة هناك خمسة وثلاثون حديثاً لم أقف عليها عندهما من أصل ستة وستين حديثاً وهم فيها، مما يضفي على الكتاب أهمية ويجعل له مكاناً بين كتب العلل بحول الله وتوفيقه.
المصنفات في علم العلل:
بما أنَّ علم العلل من أجلِّ العلوم التي لا يعرفها إلا جهابذة العلماء والنقاد وقد صُنِّفت فيه مصنفات عديدة أتى على ذكرها بعض المعاصرين في كتبهم، منها ما ذكره الدكتور محفوظ زين الله في مقدمة تحقيقه ل «علل الدارقطني» ، والدكتور همام سعيد في مقدمة تحقيقه ل «شرح علل الترمذي» ، والدكتور وصي الله عباس في مقدمة تحقيقه ل «العلل» للإمام أحمد برواية ابنه عبد الله، والدكتور عبد الكريم الوريكات في كتابه «الوهم في روايات مختلفي الأمصار» ، والشيخ إبراهيم بن الصديق في كتابه «علم علل الحديث» من خلال كتابه «بيان الوهم والإيهام» ، والدكتور سعد الحميد في تحقيقه كتاب «العلل لابن أبي حاتم» ، والدكتور علي بن عبد الله الصياح في كتابه «جهود المحدِّثين في بيان علل الأحاديث» .
وذكر بعضاً من هذه الدكتور ماهر الفحل في «الجامع في العلل والفوائد» ، وزاد أن ذكر المصنفات الحديثة من تأليف وتحقيق وجمع لبعض المعاصرين، فيكتفي بما ذكره الأفاضل حيث لا مزيد عندي في هذا، لكن هنا أورد طريقة هذه المصنفات
(1)
:
الطريقة الأولى:
وعليها كُتُب العلل الأولى وغالبها تساؤلات للأئمة دوَّنها أصحابهم تشمل طبقات الرواة ووفياتهم والجرح والتعديل، وذكر سماع راوٍ من شيخ أو نفي سماع حديثه أو بعض حديثه وبيان علل بعض
(1)
انظر للمزيد: «معرفة مدار الإسناد» للأستاذ محمد مجير الخطيب (1/ 234 - 247).
الأحاديث والحكم على آخر. إضافة إلى كثير من الفوائد والنوادر في شتى مجال الفنون من أدب وتاريخ ولغة وغيرها.
من أمثلة هذه الكتب: كتب «العلل» المنقولة عن علي بن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل.
الطريقة الثانية:
كتب أصول التعليل وهي التي اعتنت ببيان أسباب قبول الروايات وردّها، وذكرت لذلك أمثلة لبعض الأحاديث، ومن أهمها:
1 كتاب «التمييز» للإمام مسلم صاحب «الصحيح» .
2 كتاب «العلل الصغير» للإمام الترمذي.
الطريقة الثالثة: ترتيب الأحاديث المعلّة على الأبواب:
ومن أهم هذه الكتب وأشهرها:
1 كتاب «علل الحديث» لابن أبي حاتم الرازي المتوفى سنة 327 هـ.
2 كتاب «العلل» لأبي عيسى الترمذي هو «العلل الكبير» ، قال ابن رجب:(أوله مرتب وآخره غير مرتب). وقد رتبه أبو طالب القاضي على «أبواب الجامع» .
3 «العلل» لأبي بكر أحمد بن محمد الخلال المتوفى سنة 311 هـ وهو في عدة مجلدات، وقد انتخب منه ابن قدامة، وطبع منه
الجزء العاشر والحادي عشر بتحقيق الأستاذ طارق بن عوض الله.
4 «العلل المتناهية في الأحاديث الواهية» لابن الجوزي المتوفى سنة 597 هـ، طبع في مجلدين.
الطريقة الرابعة: ترتيب الأحاديث المُعلّة على المسانيد:
ومن أعظم وأبرز كتب هذه الطريقة كتاب «العلل الواردة في الأحاديث النبوية» للدارقطني المتوفى سنة 385 هـ.
ويعتبر هذا الكتاب أجمع كتاب في العلل وأنفعها حتى قيل: لم يؤلَّف مثله وأعجز مَنْ بعده أن يأتي بمثله.
الطريقة الخامسة: المسانيد المعللة:
وهذه الطريقة بأن يجمع المصنف مسنداً على أسماء الصحابة، ثم يجمع من كل حديث طرقه واختلاف الرواة فيه.
قال أبو القاسم: عبيد الله بن أحمد الأزهري المتوفى سنة 435 هـ: سمعت الشيوخ يقولون: إنه لم يتمّ مسند معلل قط
(1)
.
ومنها:
1 «مسند يعقوب بن شيبة السدوسي البصري» المتوفى سنة 262 هـ، وهو مسند ضخم لم يكمل، قال الذهبي في ترجمة صاحبه:(صاحب المسند الكبير العديم النظير المعلل الذي تمَّ من مسانيده نحو من ثلاثين مجلداً، ولو كمل لجاء في مائة مجلد)
(2)
.
(1)
تاريخ بغداد (14/ 281).
(2)
سير أعلام النبلاء (12/ 476).
يقول الذهبي عن هذا المسند: (يخرج العالي والنازل ويذكر أولاً سيرة الصحابي مستوفاة ثم يذكر ما رواه ويوضح علل الأحاديث ويتكلم على الرجال ويجرح ويعدل بكلام مفيد عذب شافٍ بحيث أنَّ الناظر في مسنده لا يملّ منه).
ولم يوجد من هذا المسند إلا قطعة صغيرة منه من مسند الفاروق رضي الله عنه.
2 «المسند الكبير المعلل» (مسند البزار) المسمى ب «البحر الزخار» لأبي بكر أحمد بن عمرو البزار المتوفى سنة 292 هـ.
وقد طبع منه تسعة مجلدات بتحقيق الدكتور محفوظ الرحمن.
الطريقة السادسة: المؤلفات في علل أحاديث كتب مخصوصة:
ومن أهمها ما تعرضت لبعض أحاديث الصحيحين منها:
1 «التتبع» للدارقطني.
2 جزء في علل أحاديث في كتاب «الصحيح» لمسلم لأبي الفضل محمد بن أبي الحسين بن عمار الشهيد.
3 جزء بيان أحاديث أودعها البخاري كتابه «الصحيح» ، أيضاً للدارقطني وهو غير كتابه السابق.
ومنها ما تعرض لبيان علل كتاب مثل:
القطان الفاسي المتوفى سنة 628 هـ تتبع فيه أحاديث كتاب «الأحكام» لعبد الحق الإشبيلي المتوفى سنة 581 هـ.
الطريقة السابعة: المؤلفات في علل حديث راوٍ ما:
ومن أهمها:
1 «علل حديث ابن شهاب الزهري» لمحمد بن يحيى الذهلي المتوفى سنة 258 هـ.
2 «علل حديث الزهري» لابن حبان.
3 «علل حديث مالك» لابن حبان أيضاً.
الطريقة الثامنة: الكتب الجامعة لرواة أو راوٍ ما:
وهي على قسمين: الأول الخاص بالضعفاء من الرواة، ومن أمثلتها:
1 «الكامل في معرفة ضعفاء المحدِّثين وعلل الحديث» لابن عدي المتوفى سنة 365 هـ.
2 «الضعفاء» للعقيلي.
وهذان الكتابان كما هو واضح من اسميهما خاصان بالضعفاء وذكر بعض ما يروونه من حديث وبيان علته أو نكارته.
وملحق بهما كتاب «المجروحين» لابن حبان.
والثاني الخاص بأحاديث الثقات، ومنها:
1 «الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس» للإمام الدارقطني. وهو يذكر الأحاديث التي خولف فيها الإمام مالك سواء كان الحق والصواب معه أو مع مَنْ خالفه، أو كان الصواب مع كليهما.
2 كتابي هذا الخاص بأوهام الثقات من رجال الشيخين.
وهناك كتب أُلِّفت في فنون أخرى لكنها مليئة بذكر العلل منها:
1 كتب أُلِّفت للرواية، مثل:«سنن أبي داود» ، و «سنن الترمذي» ، و «سنن النسائي» خاصة «الكبير» ، و «سنن البيهقي» ، و «معجم الطبراني الأوسط» و «الصغير» فإنهما أصل في الحكم بالتفرد.
2 كتب أُلِّفت في التاريخ، مثل:«التاريخ الكبير» و «الأوسط» كلاهما للإمام البخاري، و «المعرفة والتاريخ» للفسوي، و «تاريخ أبي زرعة الرازي» ، و «تاريخ بغداد» للخطيب، و «تاريخ دمشق» لابن عساكر.
3 كتب في شرح الحديث، مثل:«التمهيد» لابن عبد البر، و «فتح الباري» للحافظ ابن رجب، و «فتح الباري» للحافظ ابن حجر، وفيهم إعلالات كثيرة.
منهجي في الكتاب:
1 أذكر الحديث بسند رجاله رجال الصحيح غالباً إلى الراوي الذي حمل عليه الوهم.
2 أُخرِّج الحديث لمعرفة الرواة الذين تابعوا الراوي عن الشيخ الواهم وأبيِّن اختلافهم إذا حصل.
3 الحكم على الرواة وذلك من كتاب «التقريب» للحافظ ابن حجر. ولمّا كان كتابي هذا خاصاً برجال الشيخين فأكتفي بذكر الشيخين عمَّن سواهما من أصحاب الكتب الستة إذا كان الراوي من رجالهما.
4 الحرص على حشد أكبر قدر ممكن من أقوال الأئمة النقاد بنصِّها خاصة المتقدمين منهم لما في عباراتهم من جزالة وفائدة.
5 إذا كان الحديث في الصحيحين اكتفيت بذلك حتى لا تبلغ الحواشي ضعف حجم الكتاب، وإن كان في غيرهما ذكرت ما وقفت عليه من مصادر التخريج.
6 أذكر أحياناً علة الوهم، وإذا لم يتبين لي سبب وجيه للوهم لا أذكره وأغلب الأوهام من التحديث من غير كتاب اعتماداً على الحفظ.
7 اكتفيت بتراجم رجال إسناد الحديث، ولم أترجم لكل مَنْ ورد اسمه في البحث حتى لا يتضاعف حجم الكتاب.
8 إذا كان الحديث الذي وقع فيه الوهم له دلالة فقهية أو حديثية أذكر من استدل به مع أنه لا يصلح للاستدلال.
أسباب وقوع العلة (أو الوهم):
إنَّ أوهام الثقات من أئمة وحفَّاظ لها أسباب كثيرة وهي كالتالي:
1 - النسيان:
وهو من الأسباب الرئيسة في وقوع الوهم ولا يكاد يسلم منه إنسان، وقد قال ابن عبد البر تعقيباً على حديث سهو النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الصلاة: في هذا الحديث بيان أنَّ أحداً لا يسلم من الوهم والنسيان؛ لأنه إذا اعترى ذلك الأنبياء فغيرهم بذلك أحرى.
وكان قتادة يُضرب به المثل في الحفظ، فقال يوماً محدِّثاً عن قوة حفظه: ما نسيت شيئاً. ثم قال لغلامه: ناولني نعلي. قال الغلام: نعلك في رجلك
(1)
.
وقد نسي عمر بن الخطاب رضي الله عنه حديث التيمم حتى ذاكره فيه عمار بن ياسر رضي الله عنهما.
وقد يكون النسيان من كبر السن والمرض أو قدم عهده بالحديث.
قيل لسفيان بن عيينة: أبو معاوية يحدِّث عنك بشيء لست تحفظه ووكيع يحدِّث عنك بشيء لست تحفظه. فقال: صدِّقهم، فإني كنت قبل اليوم أحفظ مني اليوم
(2)
.
(1)
سير أعلام النبلاء (5/ 279).
(2)
الكفاية للخطيب ص 383.
وقال الأعمش: سمعت من أبي صالح ألف حديث ثم مرضت مرضة فنسيت بعضها.
بل إنَّ بعض المحدِّثين ربما حدَّث بالحديث ثم نسيه وأنكر أن يكون حدَّث به، وقد جمعت ذلك في رسالة «مَنْ حدَّث حديثاً ثم نسي» ، منها أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه حدَّث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة»
(1)
. ثم أنكر أن يكون حدَّث به. قال أبو سلمة بن عبد الرحمن الراوي عن أبي هريرة: قد حدَّث به وما سمعت أبا هريرة نسي حديثاً غيره قط.
وروى الفضل بن حسن بن عمرو بن أمية الضمري عن أبيه، قال: تحدثت عند أبي هريرة بحديث فأنكره، فقلت: إني قد سمعته منك. قال: إن كنت سمعته مني فهو مكتوب عندي. فأخذ بيدي إلى بيته فأرانا كتباً كثيرة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد ذلك الحديث ..
(2)
.
وروى عمرو بن دينار عن أبي معبد مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير.
قال عمرو: فذكرت ذلك لأبي معبد فأنكره وقال: لم أحدِّثك به. قال عمرو: وقد أخبرنيه قبل ذلك
(3)
.
(1)
البخاري (5707)(5757)، ومسلم (2321)، وأبو داود (3911)، وغيره.
(2)
ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (1/ 324)، وانظر تعليقه عليه.
(3)
مسلم (583)، وأخرجه البخاري (842) دون ذكر إنكار أبي معبد، والشافعي في الأم (1/ 126) وقال الشافعي: كان قد نسيه بعدما حدَّثه إياه.
وحصل مثل ذلك للزهري والأعمش وابن عيينة والشافعي وأحمد بن حنبل حتى إنَّ الإمام الشافعي نهى تلميذه عن الحديث عن الأحياء. قال محمد بن عبد الله بن الحكم: كان الشافعي متحرياً فذاكرته يوماً بحديث وأنا غلام، فقال: مَنْ حدَّثك؟ فقلت له: أنت. قال: في أيِّ كتاب؟ قلت له: في كتاب كذا وكذا. فقال: ما حدَّثتك به من شيء فهو كما حدَّثتك وإياك والرواية عن الأحياء.
وفي رواية قال له: يا محمد، لا تحدِّث عن حيٍّ فإنَّ الحيَّ لا يؤمَن عليه النسيان.
وقد أنكرت أمّ المؤمنين عائشة على بعض الصحابة نسيانهم، وذلك أنها أمرت أن يمرّ بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد فتصلِّي عليه، فأنكر الناس عليها ذلك، فقالت: ما أسرع (تعني ما نسي الناس)، ما صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد
(1)
.
2 - الخطأ والزلل:
فالإنسان معرَّض للخطأ والزلل والوهم لأنه بشر إلا أنه متفاوت بين الناس.
وحفّاظ الحديث أخطاؤهم في الحديث قليلة مقارنة بما حفظوه ورووه، إلا أنَّ خطأهم مع قلته وندرته تُعَدُّ عليهم.
قال الإمام الشعبي: والله لو أصبت تسعاً وتسعين مرة
(1)
رواه مسلم (973).
وأخطأت مرة لعدّوا عليَّ تلك الواحدة
(1)
.
قال الإمام مالك: ومَن ذا الذي لا يخطاء
(2)
.
وقال ابن معين: لست أعجب ممَّن يحدِّث ويخطاء، إنما العجب ممَّن يحدِّث فيصيب.
بل قال أيضاً: مَنْ لا يخطاء في الحديث فهو كذاب
(3)
.
وقال الترمذي: لم يسلم من الخطأ والغلط كثيرٌ من الأئمة مع حفظهم
(4)
.
وهو كما قال الترمذي، بل لم يسلم من الخطأ بعض الصحابة رضي الله عنهم وقد استدركت عائشة رضي الله عنها على بعضهم أحاديث ووهَّمتهم فيها، وقد جمع ذلك الزركشي في جزء أسماه «الإجابة لما استدركته عائشة على الصحابة»؛ لذا قال ابن المبارك: ومَن يسلم من الوهم، وقد وهَّمت عائشة جماعة من الصحابة في رواياتهم للحديث
(5)
.
3 - عدم كتابة الحديث حال سماعه:
وذلك أنَّ كثيراً من المحدِّثين كانوا يكرهون الكتابة ويحضُّون تلاميذهم على الحفظ.
روى الإمام أحمد بسنده عن أبي نضرة قال: قلت لأبي سعيد (يعني الخدري) رضي الله عنه: إنك تحدثنا أحاديث عجيبة وإنا نخاف أن نزيد
(1)
تذكرة الحفَّاظ (1/ 82).
(2)
الآداب الشرعية (2/ 140).
(3)
تاريخ ابن معين برواية الدوري (52).
(4)
علل الترمذي الصغير آخر الجامع (6/ 240).
(5)
«شرح علل الترمذي» (1/ 159).
أو ننقص، فلو كتبنا؟ فقال: لن نكتبه ولن نجعله قرآناً، احفظوا كما حفظنا
(1)
.
وقال طاووس: كنا عند ابن عباس وسعيد بن جبير يكتب فقال له بعضهم: إنهم يكتبون. فقال: يكتبون. وكان أحسن مني خلقاً فقام
(2)
.
أي أنه كره فعلهم فامتنع عن التحديث حال كتابتهم لذا عمد كثير من أهل الحديث إلى عدم الكتابة عند شيوخهم بل يكتبونه إذا عادوا إلى بيوتهم.
قال أحمد بن حنبل: إنَّ سفيان الثوري يحدِّث بالكوفة ثلاثمائة حديث في اليوم من حفظه ولم يكن له كتاب فكان الحفّاظ يحفظون ثم يقومون فيكتبون
(3)
.
وقال الحميدي: ثنا سفيان قال: وسمعت عمرو بن دينار قال له رجل من أهل مكة: إنَّ سفيان بن عيينة إذا ذهب البيت يكتب عنك. فاستلقى عمرو على فراشه في المسجد فبكى فقال: أحرج بالله على كل مسلم يكتب عني شيئاً. وقال لي عمرو: يا غلام، أنا حين كنت مثلك لا أنسى شيئاً أسمعه
(4)
.
بل أنَّ بعض الحفّاظ ربما كتب الحديث بعد سماعه بشهور.
(1)
العلل ومعرفة الرجال (2/ 392).
(2)
المصدر السابق (2/ 387).
(3)
الجرح والتعديل (1/ 163).
(4)
المعرفة والتاريخ (2/ 11 - 12).
قال الإمام البخاري: رُبَّ حديث سمعته بالشام فكتبته بمصر ورُبَّ حديث سمعته بالبصرة فكتبته بخراسان.
وذلك لأن البخاري صنف كتابه «الجامع الصحيح» في رحلته، معتمداً على حافظته القوية وهو ممَّن يرى جواز الرواية بالمعنى لذا حصل له اختلاف في حديث أو حديثين.
فقد أورد في صحيحه
(1)
قال: حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:«مثل الذي يذكر ربَّه والذي لا يذكر ربَّه مثل الحي والميت» .
وخالفه مسلم صاحب «الصحيح»
(2)
، وأبو يعلى الموصلي
(3)
، وإسحاق بن إبراهيم المنجنيقي
(4)
فرووه عن محمد بن العلاء بهذا الإسناد فقالوا: «مثل البيت الذي يُذكر الله فيه والبيت الذي لا يُذكر الله فيه مثل الحي والميت» .
وكذلك رواه جماعة عن أبي أسامة حماد بن أسامة بهذا اللفظ منهم: عبد الله بن براد
(5)
، وأحمد بن عبد الحميد
(6)
، وأبو سعيد
(1)
صحيح البخاري (6407).
(2)
في صحيحه (779).
(3)
في مسنده (7306)، وابن حبان (854)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1771)، وغيرهم.
(4)
الدارقطني في أربعون حديثاً من مسند بريدة (54).
(5)
مسلم (1771).
(6)
أبو عوانة (3910)، والبيهقي في شعب الإيمان (536)، والدعوات الكبير (8).
عبد الله بن سعيد الأشج
(1)
، ويوسف بن موسى القطان
(2)
، وإبراهيم بن سعيد الجوهري
(3)
، والقاسم بن زكريا، وموسى بن عبد الرحمن
(4)
، والقاسم بن زكريا
(5)
، وأبو عبيدة أحمد بن عبد الله بن أبي السفر
(6)
، ومحمد بن سعيد الأصبهاني
(7)
.
قال ابن حجر: (انفراد البخاري باللفظ المذكور دون بقية أصحاب أبي كريب وأصحاب أبي أسامة يشعر بأنه رواه من حفظه أو تجوز في روايته بالمعنى).
لذا كان أهل الحديث إذا اختلفوا جعلوا كتاب مَنْ يكتب هو الحكم.
قال عبد الله بن المبارك: إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر (يعني محمد بن جعفر) حكم بينهم.
فكانوا يقدِّمونه على مَنْ هو أحفظ وأعلم في شعبة، فقدَّمه علي ابن المديني على عبد الرحمن بن مهدي في شعبة.
قال أحمد بن حنبل: سمعت غندراً يقول: لزمت شعبة عشرين سنة وكنت إذا كتبت عنه عرضته عليه. قال أحمد: أحسبه من بلادته كان يفعل هذا.
(1)
الروياني في مسنده (473).
(2)
الإسماعيلي في مستخرجه كما في الفتح (11/ 210)، والدارقطني في الأربعين (53)، وابن البخاري في مشيخته (1169).
(3)
الإسماعيلي في مستخرجه (11/ 240 فتح الباري).
(4)
المصدر السابق.
(5)
المصدر السابق.
(6)
ابن البخاري في مشيخته (1169).
(7)
الدارقطني في أربعون حديثاً (55).
وقال ابن حجر: ثقة صحيح الكتاب إلا أنَّ فيه غفلة.
قلت: ومع هذا يقدِّمونه على غيره من الثقات الأثبات في شعبة لأنه كان يكتب عنه ويعرضه عليه.
وكذلك يونس بن يزيد إنما قدِّم في الزهري لكونه كان الزهري يملي عليه الحديث وقد استُقْصِيت أحاديث الثقات عن الزهري (مالك، ومعمر، وسفيان، ويونس) فإذا أكثرهم حديثاً عنه وأثبتهم فيه يونس كما تجده في خاتمة الأحاديث التي خولف فيها سفيان بن عيينة.
4 - التحديث من غير كتاب:
قال الإمام أحمد ممتدحاً ومثنياً على الذي يحدِّث من كتاب: ما أقل سقطاً من ابن المبارك، كان رجلاً يحدِّث من كتاب ومَن حدِّث من كتاب لا يكاد له سقط كثير شيء، وكان وكيع يحدِّث من حفظه ولم يكن ينظر في كتاب وكان له سقط. كم يكون حفظ الرجل
(1)
.
وقال علي بن المديني: عهدي بأصحابنا وأحفظهم أحمد بن حنبل فلمّا احتاج أن يحدِّث لا يكاد يحدِّث إلا من كتاب
(2)
.
وقال أيضاً: قال لي أحمد: لا تحدثني إلا من كتاب
(3)
.
لذا قال الخطيب: الاحتياط للمحدِّث والأولى به أن يروي من كتابه ليسلم من الوهم والغلط ويكون جديراً بالبعد عن الزلل
(4)
.
(1)
المعرفة والتاريخ (2/ 197).
(2)
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 10).
(3)
المصدر السابق.
(4)
المصدر السابق.
5 - التصحيف:
وهو تغيير الكلمة إلى كلمة أخرى وغالباً ما تكون مشابهة لها في الرسم ويكون في الأسماء وفي المتون. وأكثر ما يكون التصحيف من الذي يحدِّث من كتابه، فقد يختلط عليه رسم الكلمات. وأكثر ما يكون ذلك في الأسماء وقد وقع مثل ذلك لكبار الأئمة.
ومن أمثلة ذلك ما ذكره أبو زرعة الرازي، ذكر عبد الرحمن بن مهدي وأطنب في مدحه، وذكر من أوهامه في هذا أنه قال عن شهاب بن شرنقة وإنما هو شهاب بن شرهة، وصحَّف عائد بن نصلة فقال ابن بطة، وقال عن قيس بن جبير وإنما هو قيس بن حبتر
(1)
.
لذا قال الإمام أحمد: ابن مهدي أكثر تصحيفاً من وكيع، ووكيع أكثر خطأ منه، ووكيع قليل التصحيف
(2)
.
وذكر أحمد أنَّ عبد الله بن المبارك (وقد تقدم أنه يحدِّث من كتاب). صحَّف في حديث ابن عمر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الماء وما ينوبه من الدواب، وقال ابن المبارك:(وما يثوبه) وصحَّف فيه
(3)
.
بل هناك من التصحيف ما يثير العجب والضحك. قال أبو حاتم الرازي لأبي زرعة: حفظ الله أخانا صالح بن محمد البغدادي لا يزال يضحكنا شاهداً وغائباً، كتب إليَّ يذكر أنه لمّا مات محمد بن يحيى الذهلي أُجلس للتحديث شيخ لهم يُعرف بمحمش فحدَّث أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«يا أبا عمير، ما فعل البعير؟» . وأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصحب
(1)
سؤالات البردعي (1/ 326 - 327).
(2)
تهذيب الكمال (7290) في ترجمة وكيع.
(3)
العلل ومعرفة الرجال (2/ 429).
الملائكة رفقة فيها فرس». ذكره الحاكم
(1)
.
وممّا ذكره أيضاً أنَّ أبا النضر كان يقرأ على الإمام ابن خزيمة كتاب «المختصر» للمزني فقال: وتوضأ عمر من ماء في حر نصرانية، فضحك الناس.
وقال محمد بن عبدوس المقراء قال: قصدنا لشيخ لنسمع منه وكان في كتابه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ادهنوا غبا» . فقرأه: اذهبوا عنا.
وذُكر عن بعضهم أنه كان بعدن اليمن وأعرابي يذاكرهم فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى نصب بين يديه شاة فأنكرت ذلك عليه، فجاء بكتابه مستدلاً لقوله، فقلت: أخطأت، إنما هو عنزة، أي عصا.
وسيأتي في باب شعبة أنه صحَّف كلمة (ذرَّه)، وصحَّف (أبي الثورين) فقال:(أبي السوار)، وهذا كما قيل أنه لم يفهم الكلمة من عمرو بن دينار وكانت قد ذهبت أسنانه.
وصحَّف سفيان الثوري (النقيع) إلى (البقيع)، فإذا حصل مثل هذا لكبار الأئمة فما بالك بغيرهم
(2)
.
وصحَّف يحيى بنُ معين العوام بن مراجم فقال: (العوام بن مزاحم)
(3)
.
لذا أفرد بعض العلماء ذكر ما وقع للمحدِّثين من تصحيف في أجزاء مفردة، منها:«تصحيفات المحدِّثين» لأبي أحمد العسكري،
(1)
معرفة علوم الحديث (1/ 148).
(2)
انظره في بابه (ح رقم 10).
(3)
العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد (2/ 540 رقم 3564)(مزاحم) بالزاي والحاء المهملة والصحيح ب (الراء والجيم).
و «إصلاح خطأ المحدِّثين» للخطابي، و «التظريف في التصحيف» للسيوطي. وأكثر ما يقع التصحيف في الأسماء؛ لذا تجد كثيراً من المصنفين يجتهدون في دفع هذا الوهم بإلحاق الكلمة بتوضيح لها كما ذكرناه في ابن مزاحم وابن مراجم.
وهناك مؤلفات لضبط هذه الأسماء ورفع اللبس والوهم، منها:«المؤتلف والمختلف» للدارقطني، و «تلخيص المتشابه» للخطيب البغدادي، و «الإكمال» لابن ماكولا، و «توضيح المشتبه» لابن ناصر الدين الدمشقي، و «تبصير المنتبه» لابن حجر العسقلاني.
6 - اختصار الحديث:
جوَّز أهل العلم اختصار الحديث وجعلوا لذلك شروطاً منها أن لا يكون الاختصار مخلاً بالمعنى مفسداً له، وأن يكون القائم بذلك عالماً بالمعاني.
ومن أمثلة الاختصار المخل بالمعنى ما وقع لأمير المؤمنين في الحديث شعبة في حديثه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن التزعفر والصحيح كما في مسلم وغيره أنَّ هذا النهي خاصاً بالرجال وليس عاماً. ولفظه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزغفر الرجل
(1)
.
وقوله في الحديث الآخر: «لا وضوء إلا من صوت أو ريح» فحصر نواقض الوضوء في هذا، والصحيح هو ما رواه الآخرون:«إذا وجد أحدكم من بطنه شيئاً فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتاً أو ريحاً»
(2)
.
(1)
ح رقم (79).
(2)
ح رقم (47).
ومن أمثلته ما رواه ابن عيينة مرفوعاً قال: (رخص للرماة أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً). والصحيح أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يرخص لهم بترك الرمي كلية في يوم، إنما رخص للرماة أن يتعاقبوا فيرموا يوم النحر ثم يؤجلوا رمي أول أيام التشريق إلى اليوم الذي يليه
(1)
.
ومن أمثلته أيضاً ما رواه شعبة
(2)
أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى خلف أبي بكر، والصحيح أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إماماً وأبو بكر يأتمّ به والناس يأتمّون بأبي بكر.
ومن أمثلته ما وقع لإسحاق بن راهويه
(3)
، وهو إمام حافظ ثقة ثبت، فقد روى عن شبابة بن سوار، عن ليث بن سعد، عن عقيل، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فزالت الشمس صلَّى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل.
خالفه عمرو الناقد وجماعة فرووه عن شبابة بهذا الإسناد فقالوا: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر أخَّر الظهر حتى يدخل أوَّل وقت العصر ثم يجمع بينهما، وإذا زاغت قبل أن يرتحل صلَّى الظهر ثم ركب.
وكذلك رواه عبد الله بن صالح كاتب الليث عن الليث.
قال الذهبي: وهذا على نبل رواته منكر، فقد رواه مسلم عن الناقد، عن شبابة،
…
(4)
إلخ. ثم قال: ولا ريب أنَّ إسحاق كان
(1)
ح رقم (102).
(2)
ح رقم (81).
(3)
ح رقم (1054).
(4)
ميزان الاعتدال (1/ 180) وتهذيب التهذيب (1/ 91).
يحدِّث الناس من حفظه ولعله اشتبه عليه
(1)
.
لذا ذهب بعض أهل العلم إلى كراهة اختصار الحديث. فقد نقل الخطيب من طريق إسحاق بن راهويه، عن النضر بن شميل قال: سمعت الخليل بن أحمد يقول: لا يحلّ اختصار حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم لقوله: رحم الله امرأً سمع منا حديثاً فبلَّغه كما سمعه
(2)
.
وعن يعقوب بن شيبة قال: كان مالك لا يرى أن يختصر الحديث إذا كان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقل عن أبي عاصم النبيل أنه كان يكره الاختصار في الحديث لأنهم يخطئون المعنى
(3)
.
ونقل ابن رجب عن أبي بكر الخلال قال: إنما أنكر أحمد مثل هذا الاختصار المخل بالمعنى لا أصل اختصار الحديث، قال: وابن أبي شيبة في مصنفاته يختصر مثل هذا الاختصار بالمعنى
(4)
.
وقال عنبسة: قلت لابن المبارك: علمت أنَّ حماد بن سلمة كان يريد أن يختصر الحديث فيقلب معناه فقال لي: أوَفطنت له؟
(5)
.
ومن المبرزين في الاختصار سفيان الثوري، قال ابن المبارك: علمنا سفيان اختصار الحديث
(6)
.
(1)
انظر ح (1096).
(2)
الترمذي (2657)، والدارمي (230)، وابن حبان (68)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وتتمة الحديث:«فرُبَّ مُبلَّغٍ أوعى من سامع» .
(3)
الكفاية (1/ 191 - 192).
(4)
فتح الباري (2/ 105).
(5)
الكفاية (1/ 192).
(6)
مسند ابن الجعد (1823) والكفاية (1/ 192).
ومع إمامته وتقدمه فقد حصل له وهم بسبب الاختصار كما قال أبو داود وابن حبان فانظره في بابه الحديث الحادي عشر.
والله تعالى أعلم.
7 - الرواية بالمعنى:
وهو مثل اختصار الحديث، جوَّزه أهل العلم لمَن كان فقيهاً عالماً بالمعاني غير مُخلٍّ في اختصاره، غير متعمد ذلك إنما اضطر إليه لغياب اللفظ النبوي عنه. قال الحافظ: والحامل لأكثرهم على ذلك أنهم كانوا لا يكتبون ويطول الزمان فيتعلق المعنى بالذهن فيرتسم فيه ولا يُسْتَحضر اللفظ فيحدِّث بالمعنى لمصلحة التبليغ ثم يظهر من سياق مَنْ هو أحفظ منه أنه لم يوف بالمعنى
(1)
.
ومن أمثلته ما وقع للإمام يحيى بن سعيد القطان، وهو إمام متقن حافظ، فقد روى عن شعبة حدثني عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن صفوان بن عسال، قال: قال رجل من اليهود لآخر: انطلق بنا إلى هذا النبي. قال: لا تفعل هذا، فإنه لو سمعها كان له أربع أعين. قال: فانطلقا إليه فسألاه عن هذه الآية: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} . قال: «لا تشركوا بالله شيئاً ولا تقتلوا النفس التي حَرَّم الله إلا بالحق
…
» الحديث. فقالا: نشهد أنك لَرسول الله
(2)
.
(1)
فتح الباري (13/ 248) عقب الحديث (7274).
(2)
أحمد (4/ 240).
وخالفه اثنا عشر من أصحاب شعبة فقالوا: (نشهد أنك نبي).
قال الإمام أحمد: خالف يحيى بن سعيد غير واحد قالوا: «نشهد أنك نبي» . قال أحمد: لو قالوا: نشهد أنك رسول الله، كانا قد أسلما، ولكن يحيى أخطأ فيه خطأً قبيحاً
(1)
.
ومثل ذلك حصل لإمام المحدِّثين البخاري فإنه كان يرى جواز الرواية بالمعنى إلا أنه لم يأت بلفظ ينكر بالمعنى، وقد تقدم ذلك:
قال الإمام البخاري (6407): حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله، عن أبي بريدة، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مثَل الذي يذكر ربَّه والذي لا يذكر ربَّه مثل الحي والميت» (وقد تقدم ذلك).
وروى الإمام البخاري (722): قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا شعبة عن قتادة، عن أنس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:«سووا صفوفكم فإنَّ تسوية الصفوف من إقامة الصلاة» .
وخالفه أبو داود، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبو خليفة الفضل بن الحباب، فرووه عن أبي الوليد بهذا الإسناد، فقالوا:«من تمام الصلاة» .
وبهذا اللفظ: «من تمام الصلاة» رواه جمع من أصحاب شعبة لم
(1)
العلل ومعرفة الرجال (3/ 83 - 84)، وانظره: في باب يحيى القطان ح رقم (373).
يختلفوا عليه، منهم: يحيى القطان، ومحمد بن جعفر، وأبو داود الطيالسي، ووكيع، وسليمان بن حرب، وعلي بن نصر الجهضمي، وسعيد بن عامر الضبعي، وخالد بن الحارث، وأبو عامر العقدي، وعبد الرحمن بن مهدي، وحجاج، وبهز، وعفان، وأبو النضر، وأسد بن موسى، ويزيد بن زريع، وغيرهم.
وكذلك رواه معمر، ومسعر بن كدام عن قتادة.
قال ابن حجر: (هكذا ذكره البخاري عن أبي الوليد وذكره غيره بلفظ «من تمام الصلاة» . واستدل ابن حزم
(1)
بقوله: «إقامة الصلاة» على وجوب تسوية الصفوف، قال: لأن إقامة الصلاة واجبة وكل شيء من الواجب واجب. ولا يخفى ما فيه ولا سيما أنَّ الرواة لم يتفقوا على هذه العبارة)
(2)
.
قال الحافظ وهو يعدد بعض الأوجه التي فضل المغاربة «صحيح مسلم» : (أنَّ البخاري كان يرى جواز الرواية بالمعنى وجواز تقطيع الحديث من غير تنصيص على اختصاره بخلاف مسلم، والسبب في ذلك أمران: أحدهما أنَّ البخاري صنَّف كتابه في طول رحلته فقد روينا عنه أنه قال: رُبَّ حديث سمعته بالشام فكتبته بمصر ورُبَّ حديث سمعته بالبصرة فكتبته بخراسان. فكان لأجل هذا ربما كتب الحديث من حفظه فلا يسوق ألفاظه برمّتها بل يتصرف فيه ويسوقه بمعناه، وصنَّف مسلم كتابه في بلده بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه فكان يتحرى في الألفاظ
(1)
المحلى (4/ 55).
(2)
فتح الباري (2/ 209)، انظر ح (1334).
ويتحرى السياق)
(1)
.
ومن أمثلته أيضاً ما رواه ابن عيينة من حديث كعب بن مالك مرفوعاً فقال: «إنَّ أرواح الشهداء في طير خضر تعلق في شجر الجنة» والصحيح «إنّ نسمة المؤمن
…
» فجعل الثواب خاصاً للشهداء بينما هو عام لكل مؤمن
(2)
.
8 - تشابه الأسانيد والأسماء:
وإنَّ من أسباب الوهم أيضاً طول الأسانيد وتشابه الأسماء والألقاب، وإليك هذه القصة لتعلم صعوبة حفظ الأسماء:
لمّا قدم أبو الفضل الهمذاني نيسابور تعصبوا له ولقبوه بديع الزمان فأُعجب بنفسه إذ كان يحفظ المائة بيت إذا أُنشدت مرة وينشدها من آخرها إلى أولها مقلوبة، فأنكر على الناس قولهم فلان الحافظ في الحديث ثم قال: وحفظ الحديث مما يذكر. فسمع به الحاكم ابن البيع (صاحب المستدرك) فوجه إليه بجزء وأجَّل له جمعة في حفظه فردَّ إليه الجزء بعد الجمعة وقال: مَنْ يحفظ هذا محمد بن فلان وجعفر بن فلان عن فلان أسامي مختلفة وألفاظ متباينة. فقال له الحاكم: فاعرف نفسك واعلم أنَّ هذا الحفظ أصعب مما أنت فيه
(3)
.
(1)
النكت على ابن الصلاح (1/ 282 - 283)، ونقله عنه الصنعاني في توضيح الأفكار (1/ 27).
(2)
انظر ح رقم (138).
(3)
سير أعلام النبلاء (17/ 173).
وقد وقع في مسند الإمام أحمد وهم منشأه الاختصار في ذكر اسم راوي الحديث، فقد أخرج في مسنده من مسند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: حدثنا وكيع، ثنا عبد الملك بن مسلم الحنفي عن أبيه، عن علي، قال: جاء أعرابي إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنا نكون بالبادية فتخرج من أحدنا الرويحة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنَّ الله لا يستحي من الحق، إذا فعل أحدكم فليتوضأ، ولا تأتوا النساء في أعجازهن» . وقال مرة: «في أدبارهن»
(1)
.
وعلي هذا ليس بعلي بن أبي طالب بل هو علي بن طلق
(2)
.
فالحديث أخرجه الترمذي قال: حدثنا قتيبة وغير واحد قالوا: حدثنا وكيع به. وقال عقبة: وعلي هذا هو علي بن طلق
(3)
.
وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» قال: باب ذكر حديث علي بن طلق في إتيان النساء في أدبارهن وأورد فيه هذا الحديث من طريق هناد بن السري عن وكيع
(4)
.
وقد روى هذا الحديث أحمد بن خالد الوهبي
(5)
عن عبد الملك بن مسلم فقال: علي بن طلق.
(1)
المسند (1/ 86)، وأخرجه الخطيب في تاريخه (10/ 398) من طريقه.
(2)
علي بن طلق بن المنذر بن قيس الحنفي اليمامي: صحابي له أحاديث (د، ت، ن).
(3)
سنن الترمذي (1166).
(4)
السنن الكبرى (5/ 324).
(5)
النسائي في الكبرى (9024) وابن جرير في تهذيب الآثار (3/ 204).
قال الخطيب في تاريخه: وعلي الذي أسند هذا الحديث ليس بابن أبي طالب وإنما هو علي بن طلق الحنفي بيَّن نسبه الجماعة الذين سميناهم في روايتهم هذا الحديث عن عبد الملك وقد وهم غير واحد من أهل العلم فأخرج هذا الحديث في مسند علي بن أبي طالب
(1)
. وقد نبَّه إلى هذا الوهم أيضاً ابن عساكر
(2)
، وابن كثير، والهيثمي
(3)
، وابن حجر
(4)
.
قال ابن كثير: ومن الناس مَنْ يورد هذا الحديث في مسند علي بن أبي طالب كما وقع في مسند الإمام أحمد بن حنبل والصحيح أنه علي بن طلق
(5)
.
وخالفهم الشيخ أحمد شاكر فذكر في تعليقه على المسند
(6)
إلى أنَّ قول الترمذي ومَن وافقه كابن كثير وابن حجر وغيرهم خطأ وأنَّ الصحيح ما ذهب إليه الإمام أحمد وأنَّ الحديث هو لعلي بن أبي طالب وليس لعلي بن طلق.
والصحيح هو ما ذهب إليه الترمذي والنسائي ومَن تابعهم وذلك لأن وكيعاً رواه عن عبد الملك بن مسلم ولم ينسب علياً، ورواه أحمد بن خالد فقال: علي بن طلق، فهو مفسر لما أبهمه وكيع.
(1)
تاريخ بغداد (10/ 398).
(2)
ذكره محققو المسند (2/ 82).
(3)
في المجمع (1/ 248)(4/ 302).
(4)
تلخيص الحبير (1/ 274).
(5)
في تفسيره (1/ 385).
(6)
المسند (1/ 655).
الأمر الثاني: روى هذا الحديث شعبة
(1)
، والثوري
(2)
، وجرير
(3)
، ومعمر
(4)
، وأبو معاوية
(5)
، وغيرهم
(6)
عن عاصم بن سليمان الأحول عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن علي بن طلق، ومسلم بن سلام هو الذي روى عنه ابنه عبد الملك وعنه وكيع هذا الحديث.
قلت: وقد وهم في هذا الحديث أيضاً ثلاثة من أئمة الحديث فقال شعبة: (طلق بن يزيد أو علي بن طلق). وقلب إسناده معمر كما تقدم وأسقط وكيع من الإسناد عيسى بن حطان لأن هذا الحديث قد خالفه فيه ستة من الحفّاظ فقالوا: (عن عبد الملك بن مسلم، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن علي) فانظره في أبوابهم
(7)
.
9 - اختلاف المتون والألفاظ:
قد يأتي في بعض المتون زيادات ليست في الحديث الآخر، فيدخل بعض الرواة في حديث شيخه ما ليس فيه، مثال ذلك: روى الزهري من حديث ابن عباس حديث الانتفاع بجلود الميتة ولم يذكر الدباغ.
(1)
أحمد (24000/ 35) وابن قانع في «معجم الصحابة» (2/ 43) و (3/ 271) إلا أنه قال فيه: عن طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق.
(2)
أحمد (24000/ 36) مجلد (39/ 470).
(3)
أبو داود (205)(1005)، والنسائي (9026)، وابن حبان (2237).
(4)
عبد الرزاق (2095)(529) وأحمد (24000/ 33) إلا أنه قلب إسناده فقال: مسلم بن سلام عن عيسى بن حطان عن علي بن طلق. وسيأتي في بابه.
(5)
الترمذي (1164)، والنسائي (9025)، وابن حبان (4199).
(6)
وسيأتي في باب أحمد بن حنبل ح (1377).
(7)
حديث شعبة (56)، حديث معمر (224) حديث وكيع (336).
ورواه عمرو بن دينار من حديث ابن عباس وذكر الدباغ.
وروى ابن عيينة حديث الزهري فذكر فيه الدباغ وخالف جماعة من أصحاب الزهري وخالف مذهب الزهري في كونه يرى الانتفاع بها بدون الدباغ
(1)
.
مثال آخر: روى ابن عمر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في تحري ليلة القدر في السبع الأواخر، وروى معاوية ذلك ليلة سبع وعشرين، وعند شعبة الحديثان، فأدخل متن حديث معاوية في حديث ابن عمر
(2)
.
10 - الجمع بين الشيوخ:
وهو أن يجمع الراوي بين حديث شيخين أو أكثر بإسناد واحد، وبين حديثهما اختلاف ولا يشير إليه، ويسوقه بلفظ أحدهما فيقع في الوهم إذ يحمل رواية أحدهما على الآخر.
والأصل تأدية كل حديث كما سمعه وإن أراد أن يجمع بينهما وجب عليه أن يميز بين لفظيهما إن كان هناك اختلاف.
وقال الخليلي: ذاكرت يوماً بعض الحفَّاظ فقلت: البخاري لم يخرج حماد بن سلمة في الصحيح وهو زاهد ثقة. قال: لأنه يجمع بين حديث أصحاب أنس فيقول: ثنا قتادة وثابت وعبد العزيز بن صهيب وربما يخالف في بعض ذلك، فقلت: أليس ابن وهب اتفقوا عليه وهو
(1)
انظره: في باب ابن عيينة ح (89).
(2)
انظره: في باب شعبة ح (62).
يجمع بين أسانيد فيقول: حدثنا مالك وعمرو بن الحارث والليث بن سعد والأوزاعي رحمة الله تعالى عليهم في أحاديث ويجمع بين غيرهم، فقال: ابن وهب أتقن لما يرويه وأحفظ له
(1)
.
ونقل الأثرم عن الإمام أحمد
(2)
قوله: (في حديث حماد بن سلمة عن أيوب وقتادة عن أبي أسماء، عن أبي ثعلبة الخشني، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في آنية المشركين، قال أحمد: هذا من قبل حماد كان لا يقوم على مثل هذا يجمع الرجال ثم يجعله إسناداً واحداً).
ومن أمثلة ذلك ما وقع لعبد الرحمن بن مهدي، وهو إمام ثقة ثبت حافظ، فقد روى عن سفيان الثوري، عن منصور والأعمش وواصل عن أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله بن مسعود، قال: قلت: يا رسول الله، أيّ الذنب أعظم عند الله
…
الحديث
(3)
. وهو وهم في ذلك فإنَّ سفيان يرويه عن واصل، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، لا يذكر عمرو بن شرحبيل، ويرويه عن منصور والأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل، عن ابن مسعود.
وقد نبَّهه على وهمه عمرو بن علي فقال: دعه دعه ذكره البخاري.
(1)
الإرشاد (1/ 417 - 418).
(2)
شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 670)، وانظره: في باب حماد بن سلمة ح رقم (243). انظر: منهج الإمام أحمد في إعلال الأحاديث للدكتور بشير علي عمر (1/ 378).
(3)
انظر ح (358).
وقد وقع لعبد الرزاق أوهام سببها جمعه حديث الثوري ومعمر وغيرهم أشرنا إليها في مواضع من كتاب الثوري وسيأتي مفصلاً في كتابه.
11 - الإدراج:
وهو أيضاً من أسباب وقوع الوهم في أحاديث الرواة الثقات. والإدراج مصدر أدرج وهو إدخال الشيء في الشيء وضمّه إياه، والحديث المدرج هو ما كان فيه زيادة ليست منه، وهو أن يدرج الراوي في حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم شيئاً من كلام غيره مع إيهامه كونه من كلامه.
ومن أمثلة ذلك ما وقع للإمام الأوزاعي
(1)
فإنه قد روى عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر، عن بريدة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:«بكِّروا بالصلاة في اليوم الغيم فإنَّ مَنْ فاته صلاة العصر فقد حبط عمله» .
خالفه هشام الدستوائي، وشيبان، ومعمر فرووه عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد فقالوا: كنا مع بريدة في غزوة في يوم غيم فقال: بكِّروا بصلاة العصر فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ ترك العصر فقد حبط عمله» . وهم الأوزاعي فأدرج قول بريدة: بكِّروا الصلاة في يوم الغيم في حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه
(2)
من حديث إبراهيم بن سعد عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة في قنوته صلى الله عليه وسلم
(1)
ح (233).
(2)
صحيح البخاري (4560) ومسلم (675).
يدعو على أحياء من العرب حتى أنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} وقد استشكل ذلك، فإنَّ هذه الآية نزلت في غزوة أُحد ودعائه على أحياء من العرب وهم رعل وذكوان كما جاء في رواية أخرى بعد أُحد، لكن بيَّن يونس بن يزيد أنَّ قوله:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} من كلام الزهري ذكره بلاغاً كما عند مسلم وغيره
(1)
؛ لذا كان موسى بن عقبة يقول للزهري: افصل كلامك عن كلام النبيِّ صلى الله عليه وسلم. لما كان يحدِّث به من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخلطه بكلامه
(2)
.
وهناك أحاديث كثيرة في كتابي هذا علّتها الإدراج يمكن أن تكون بحثاً مستقلاً أسأل الله بفضله وكرمه أن ييسِّر تمامه.
12 - التقليد:
وهو أن يقلِّد أحد الثقات فيتابعه في روايته أو يدلسه عنه فيتابعه في الوهم.
قال أبو داود: قال أبو عوانة يوماً: حدثنا مالك بن عرفطة عن عبد خير، فقال له عمرو الأعصف: رحمك الله يا أبا عوانة، هذا خالد بن علقمة، ولكن شعبة مخطاء فيه. فقال أبو عوانة: هو في كتابي خالد بن علقمة، ولكن قال لي شعبة: هو مالك بن عرفطة
(3)
.
وقال عبد الله بن المبارك في حديث وهم فيه سفيان بن عيينة وتابعه ابن جريج قال: أرى أنَّ ابن جريج أخذه عن ابن عيينة
(4)
.
(1)
انظر: فتح الباري (8/ 227)، والجمع بين الصحيحين للحميدي (3/ 35)، وانظره: في باب إبراهيم بن سعد، ح (743).
(2)
الفصل للوصل (1/ 330).
(3)
انظره: في باب شعبة ح رقم (49).
(4)
سنن الترمذي عقب الحديث (1009).
وأظن أنَّ حماد بن سلمة قد قلَّد الثوري فتابعه في الوهم إذ روى عنه متابعته ومخالفته
(1)
.
13 - اختلاف الأمصار:
وسببه قصر الصحبة والملازمة لاختلاف البلاد؛ فلهذا السبب قُدّم أحاديث بعض الرواة في شيخ ما على مَنْ هو أحفظ منهم لاختصاصه بشيخه وطول ملازمته له.
ومن ذلك قُدَّم يونس بن يزيد الأيلي على سفيان بن عيينة في الزهري وذلك لقصر صحبة سفيان له
(2)
.
كما قُدِّم حماد بن سلمة في ثابت على شعبة وحماد بن زيد وهما أحفظ منه.
وذكرنا في باب سفيان الثوري أنَّ هناك أربعة عشر حديثاً وهم فيها كان من علَّتها اختلاف الأمصار.
هذه هي أهم الأسباب وهناك أسباب أخرى ثانوية إلا أنها تدخل في عموم هذه الأسباب وأهمها عدم قيد الحديث حين سماعه والتحديث من غير كتاب، وقد ذكرت عقب بعض الأحاديث علة الوهم ممَّا ظهر لي، والله الموفِّق والهادي إلى سواء السبيل. وهنا أحب أن أتمثل بقول الحافظ ابن حجر:
(1)
انظر: ح رقم (7).
(2)
انظره: في خاتمة أحاديث ابن عيينة.
وقائل هل عمل صالح
…
أعددته ينفع عند الكرب
فقلت حسبي خدمة المصطفى
…
وحبه فالمرء مع من أحب
وفي الختام أسأل الله العظيم ربّ العرش الكريم أن يتقبّل عملي هذا ويكتب القبول له وأن ينفعني به وينفع المسلمين به وما كان فيه من صواب فبفضل الله وتوفيقه وما كان فيه من خطأ وزلل فأستغفر الله منه وأطلب من إخواني المسلمين مَنْ وجد خطأً أن ينبهني إلى الصواب وصلَّى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله ربّ العالمين.
كتبه أبو حمزة الشنفري سعيد بن عبد القادر بن سالم باشنفر غفر الله له ولوالديه وذريته والمسلمين بمدينة جدة في 7 صفر 1433 هـ
أوهام
 سفيان الثوري
الإمام سفيان الثوري
اسمه ونسبه
(1)
:
سفيان بن سعيد بن مسروق من ذرية ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، سيد العلماء العاملين في زمانه، أمير المؤمنين في الحديث، أبو عبد الله الثوري الكوفي.
ولد سنة 97 في بيت علم، فأبوه سعيد بن مسروق الثوري كان من أهل الحديث من أصحاب الشعبي وخيثمة بن عبد الرحمن، وعداده في صغار التابعين، وحديثه في الصحيحين وغيرهما من رواية ابنه سفيان وعمر ومبارك وشعبة وزائدة وأبو عوانة وغيرهم، وجده مسروق شهد الجمل مع علي، وهذا مما مكنه من طلب العلم وهو حدث حتى قال شيخه أبو إسحاق السبيعي لما رأى سفيان مقبلاً:{ .. وآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)} .
(1)
طبقات ابن سعد (6/ 270 - 274)، الجرح والتعديل (1/ 55 - 126)، تاريخ بغداد (9/ 171 - 174)، حلية الأولياء (6/ 356 - 393)، (7/ 3 - 144)، تهذيب الكمال (3/ 217 - 221)، المعرفة والتاريخ (1/ 713 - 728)، سير أعلام النبلاء (7/ 229 - 279)، العلل ومعرفة الرجال رواية المروذي وغيره (3/ 364).
وقال الوليد بن مسلم: رأيت الثوري بمكة يُستفتى ولما يخط وجهه بعد.
قال أبو المثنى: سمعتهم بمرو يقولون: قد جاء الثوري، قد جاء الثوري، فخرجت أنظر إليه، فإذا هو غلام قد بقل وجهه.
قال الذهبي معلقاً: كان ينوه بذكره في صغره من أجل فرط ذكائه وحفظه، وحدث وهو شاب.
ويقال: إن عدد شيوخه ستمائة شيخ وكبارهم الذين حدثوه عن أبي هريرة وجرير بن عبد الله وابن عباس وأمثالهم.
أما الرواة عنه فخلق كثير ذكر أبو الفرج ابن الجوزي أنهم أكثر من عشرين ألفاً، وهذا مبالغ فيه فأكثر مَنْ روي عنه من الحفاظ هو مالك وبلغوا نحو ألف وأربعمائة، قاله الذهبي.
سعة علمه وفقهه وفضله:
قال سفيان بن عيينة: ما رأيت رجلاً أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري.
وقال عبد الله بن المبارك: لا أعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان الثوري.
وقال أيضاً: ما رأيت مثل سفيان كأنه خلق لهذا الشأن.
وقال عبد الرحمن بن الحكم: ما سمعت بعد التابعين بمثل سفيان.
وقال أحمد بن حنبل: قال سفيان بن عيينة: لن ترى بعينك مثل سفيان الثوري حتى تموت، قال أحمد: هو كما قال.
وقال معمر لما بلغه قدوم سفيان اليمن: يقدم عليكم محدث العرب.
وقال ابن أبي ذئب: ما رأيت رجلاً من أهل العراق مثل ثوريكم هذا.
وقال أيضاً: ما رأيت أشبه بالتابعين من الثوري.
وقال بشر الحافي: كان الثوري عندنا إمام الناس، وقال أيضاً: سفيان في زمانه كأبي بكر وعمر في زمانهما.
وقال أيوب السختياني وهو من شيوخه: ما قدم علينا من الكوفة أحد أفضل من سفيان الثوري.
وقال ابن راهويه: سمعت عبد الرحمن بن مهدي ذكر سفيان وشعبة ومالكاً وعبد الله بن المبارك فقال: أعلمهم بالعلم سفيان.
وقال يونس بن عبيد: ما رأيت كوفياً أفضل من سفيان.
وقال يحيى القطان: سفيان الثوري أحب إليّ من مالك في كل شيء يعني: في الحديث وفي الفقه وفي الزهد.
وقال أيضاً: كان سفيان أعلم بحديث الأعمش من الأعمش.
وقال: ليس أحد أحب إليّ من شعبة ولا يعدله عندي أحد، فإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان.
وقال الدوري: رأيت يحيى بن معين لا يقدم على سفيان الثوري في زمانه أحداً.
وقال الدارمي: عن يحيى بن معين ليس أحد يخالف سفيان الثوري إلا كان القول قول سفيان.
وقال الدارمي ليحيى بن معين: سفيان أحب إليك في الأعمش أو شعبة؟ فقال: سفيان أحب إليّ من الأعمش.
وقال: كان يحيى بن معين يقدم سفيان على شعبة في حديث الكوفيين إذا اختلفا، وأما في حديث البصريين فقال يحيى: ليس يقال يخالف شعبة سفيان في حديث البصريين.
وقال إسحاق بن إبراهيم عن أحمد: الثوري أعلم بحديث الكوفيين ومشايخهم من الأعمش.
وقال أبو حنيفة: لو حضر علقمة والأسود وهما من أصحاب ابن مسعود لاحتاجا إلى سفيان.
وقال شعبة: سفيان أمير المؤمنين في الحديث، وكذا قال ابن عيينة ويحيى بن معين وغيرهم.
حفظه وإتقانه:
قال عبد الرزاق: كان سفيان يقول: ما استودعت قلبي شيئاً فخانني.
وقال وكيع: ذكر شعبة حديثاً عن أبي إسحاق، فقال رجل: إن سفيان خالفك فيه، فقال: دعوه سفيان أحفظ مني.
وقال أحمد بن حنبل: سفيان فقيه حافظ زاهد إمام أهل العراق،
وأتقن أصحاب أبي إسحاق، وهو أحفظ من شعبة، وإذا اختلف الثوري وشعبة فالثوري.
وقال أبو داود: ليس يختلف سفيان وشعبة في شيء إلا يظفر به سفيان خالفه في أكثر من خمسين حديثاً
(1)
.
من أقواله:
قال سفيان: لأن أخلف عشرة آلاف درهم يحاسبني الله عليها أحب إليّ من أن أحتاج إلى الناس.
وقال: ما بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً قط إلا عملت به ولو مرة، وقال: ليس الزهد بأكل الغليظ، ولبس الخشن، ولكنه قصر الأمل وارتقاب الموت.
وقال: المال داء هذه الأمة، والعالم طبيب هذه الأمة، فإذا جرّ العالم الداء إلى نفسه، فمتى يبراء الناس.
وقال: زيِّنوا العلم والحديث بأنفسكم، ولا تتزينوا به، وقال: إني لأرى الشيء يجب عليّ أن أتكلم فيه، فلا أفعل فأبول دماً.
وقال: كان المال فيما مضى يكره، فأما اليوم فهو ترس المؤمن.
وقال: السلامة في أن لا تحب أن تعرف.
وقال ابن المبارك: قال لي سفيان: إياك والشهرة فما أتيت أحداً إلا وقد نهى عن الشهرة.
(1)
ليس هذا على إطلاقه فقد خالفه شعبة في أحاديث كان القول فيها قول شعبة.
وقال: مَنْ أصغى إلى صاحب بدعة وهو يعلم خرج من عصمة الله ووكل إلى نفسه، ومَن سمع ببدعة فلا يحكها لجلسائه لا يلقها في قلوبهم.
وقال: ليس بفقيه مَنْ لم يعد البلاء نعمة، والرخاء مصيبة.
قال ابن حجر: ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة.
الحديث الأول
(1)
:
1 -
قال الإمام البخاري (3060): حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة رضي الله عنه قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اكتبوا لي مَنْ تلفظ بالإسلام من الناس» ، فكتبنا له ألفاً وخمسمائة رجل، فقلنا: نخاف ونحن ألف وخمسمائة؟! فلقد رأيتنا ابتلينا حتى إن الرجل ليصلي وحده وهو خائف.
حدثنا عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش: فوجدناهم خمسمائة، قال أبو معاوية: ما بين ستمائة إلى سبعمائة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه أبو بكر الشافعي في الفوائد (الغيلانيات)(868)،
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان الضبي الفريابي نزيل قيسارية من ساحل الشام ثقة فاضل
…
، من التاسعة مات سنة 212، روى له البخاري ومسلم.
سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي أبو محمد الكوفي الأعمش، ثقة حافظ عارف بالقراءات ورع، لكنه يدلس، من الخامسة، مات سنة 147 أو 148 روى له البخاري ومسلم.
شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل الكوفي ثقة، من الثانية، مخضرم مات في خلافة عمر بن عبد العزيز وله مائة سنة، روى له البخاري ومسلم.
حذيفة بن اليمان صحابي جليل من السابقين، وأبوه صحابي أيضاً، استشهد بأحد، ومات حذيفة في أول خلافة علي رضي الله عنه.
والبغوي في شرح السنّة (2744) من طريق أبي حذيفة، وابن منده في الإيمان (452) من طريق أحمد بن يوسف، والفريابي وموسى بن مسعود، والبيهقي (6/ 363) من طريق الفريابي ثلاثتهم الفريابي وأحمد بن يوسف وأبو حذيفة موسى بن مسعود عن سفيان الثوري به.
هكذا قال سفيان عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم:«اكتبوا لي مَنْ تلفظ بالإسلام من الناس» فكتبنا له ألفاً وخمسمائة.
خالفه أبو معاوية محمد بن خازم
(1)
، وعبد الله بن نمير
(2)
، وسليمان بن قرم
(3)
، فرووه عن الأعمش فقالوا: ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة، ورواه أبو حمزة محمد بن ميمون
(4)
، ويحيى بن سعيد الأموي
(5)
، وأبو بكر بن عياش
(6)
، فقالوا: خمسمائة، ورووه بلفظ:«احصوا» .
وقد رجح الحافظان ابن حجر والعيني رواية سفيان الثوري على رواية أبي معاوية، وكأني بهما لم يقفا على رواية ابن نمير وسليمان بن قرم الموافقة لرواية أبي معاوية.
(1)
مسلم (149)، وابن ماجه (4029)، والنسائي في الكبرى (8875)، وأحمد (5/ 384)، وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (375)، وأبو عوانة (299)، وابن منده (453).
(2)
أبو نعيم (375).
(3)
البزار (2665).
(4)
البخاري (3060)، وأبو عوانة (300).
(5)
الإسماعيلي كما في فتح الباري (6/ 178).
(6)
المصدر السابق.
ورجح الألباني رواية أبي معاوية، إلا أنه قصر فنسب رواية سفيان الثوري إلى أبي بكر الشافعي في الفوائد، وحمل الوهم على أبي حذيفة وفاته أن الحديث في البخاري، وقد توبع أبو حذيفة كما قدّمنا.
قال الحافظ ابن حجر: في رواية أبي معاوية عن الأعمش عند مسلم: «احصوا» بدل «اكتبوا» وهي أعم من «اكتبوا» ، وقد يفسر احصوا باكتبوا
…
، قوله (حدثنا عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش فوجدناهم خمسمائة).
يعني أن: أبا حمزة خالف الثوري عن الأعمش في هذا الحديث بهذا السند، فقال: خمسمائة
…
قال أبو معاوية: ما بين ستمائة إلى سبعمائة
…
وكأن رواية الثوري رجحت عند البخاري فلذلك اعتمدها لكونه أحفظهم مطلقاً وزاد عليهم، وزيادة الثقة الحافظ مقدمة، وأبو معاوية وإن كان أحفظ أصحاب الأعمش بخصوصه، ولذلك اقتصر مسلم على روايته، لكنه لم يجزم بالعدد، فقدم البخاري رواية الثوري لزيادتها بالنسبة لرواية الاثنين، ولجزمها بالنسبة لرواية أبي معاوية.
وأما ما ذكره الإسماعيلي أن يحيى بن سعيد الأموي وأبا بكر بن عياش وافقا أبا حمزة في قوله: خمسمائة، فتتعارض الأكثرية والأحفظية، فلا يخفى بعد ذلك الترجيح بالزيادة ولهذا يظهر رجحان نظر البخاري على غيره
…
(1)
.
وقال العيني نحو ذلك
(2)
.
(1)
فتح الباري (6/ 178).
(2)
عمدة القاري (14/ 305).
وقال الألباني عقب أن ذكر رواية أبي معاوية أخرجه مسلم
…
، وتابعه سفيان فقال أبو بكر الشافعي في الفوائد: حدثني إسحاق نا أبو حذيفة نا سفيان عن الأعمش به، إلا أنه قال:«ونحن ألف وخمسمائة» ، وهو وهم من أبي حذيفة، واسمه موسى بن مسعود النهدي، وهو صدوق سياء الحفظ، وسائر رواته ثقات
(1)
.
قلت: وقد علمت ما في قوله هذا من الوهم.
الترجيح:
رواية أبي معاوية ترجح على رواية سفيان للتالي:
1 أبو معاوية تابعه عبد الله بن نمير، وسليمان بن قرم، فقالوا: ما بين الستمائة إلى السبعمائة، وكذلك تابعوه في لفظ:«احصوا» ، وقريباً مما ذكراه قاله أبو حمزة السكري، ويحيى بن سعيد الأموي، وأبو بكر بن عياش، بينما تفرد سفيان بذكر ألف وخمسمائة.
2 قد جاء ذكر الألف وخمسمائة في حديث جابر رضي الله عنه في يوم الحديبية
(2)
وفي أصحاب الشجرة
(3)
، بينما لم يأتِ ذكر الستمائة إلى السبعمائة إلا في هذا الحديث، والعدد الذي جاء في حديث أقرب أن يوهم فيه من غيره، والله تعالى أعلم.
الخلاصة:
اختلف في هذا الحديث على الأعمش:
(1)
السلسلة الصحيحة (246).
(2)
البخاري (3383، 3384)، ومسلم (1856).
(3)
مسلم (1856).
فقال سفيان: «اكتبوا لي» وخالفه مَنْ ذكرنا من أصحاب الأعمش فرووه بلفظ: «احصوا لي» وهي أعم من اكتبوا لي.
وقال سفيان: إن عددهم ألف وخمسمائة.
وخالفه أبو معاوية وهو مع سفيان أحفظ أصحاب الأعمش، وتابعه ابن نمير وهو من الثقات، وكذلك تابعه سليمان بن قرم، فقال ثلاثتهم: ستمائة إلى سبعمائة، وذكر قريباً من روايتهم أبو حمزة السكري، ويحيى بن سعيد الأموي، وأبو بكر بن عياش، فقالوا: خمسمائة.
ولا شك أن رواية الجماعة أضبط من الواحد، خاصة إذا علم أن العدد الذي ذكره سفيان قد جاء في غير هذا الحديث.
أما ترجيح الحافظ لرواية سفيان لأنه زاد، وزيادة الثقة مقبولة، ففيه نظر، لأنه ليس في رواية الثوري زيادة على رواية الجماعة، بل هي مخالفة؛ إذ أن الزيادة هي أن يذكر ما ذكره غيره ويزيد لا أن يخالفه فيما ذكر.
أما ترجيحه إياها بشك أبي معاوية وعدم جزمه بالعدد، فلعله لم يطلع على مَنْ تابع أبا معاوية، فإن كان هناك شك فإنما هو من الأعمش، وتوافقهم بذكر هذا العدد بالشك يدل على ضبطهم.
أما تخريج الإمام البخاري لرواية سفيان فإنه أعقبها برواية أبي حمزة مقتصراً على موطن الخلاف، ثم علّق رواية أبي معاوية ليبين
الخلاف على الأعمش في العدد دون ترجيح، إذ مقصوده من الحديث إثبات الكتابة والإحصاء عموماً كما يدل عليه تبويبه، والله تعالى أعلم.
الحديث الثاني
(1)
:
2 -
قال الإمام مسلم (1206): حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما:
أن رجلاً أوقصته راحلته وهو محرم فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اغسلوه بماء وسدر، وكفِّنوه في ثوبيه، ولا تخمِّروا رأسه ولا وجهه، فإنه يُبعث يوم القيامة ملبياً» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، ورواه أبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (2780) من طريق وكيع به.
وأخرجه أبو عوانة (3103) و (3104) و (3105) من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي، والفريابي، والفضيل بن عياض ثلاثتهم عن سفيان به، والقطيعي في جزء الألف دينار (122) من طريق الفضيل عن سفيان به.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن العلاء بن كريب الهمداني أبو كريب الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة، حافظ، من العاشرة، مات سنة 247 وهو ابن 87 سنة، روى له البخاري ومسلم.
وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان الكوفي، ثقة، حافظ، عابد، من كبار التاسعة، مات في آخر سنة 196 أو أول 197، وله سبعون سنة، روى له البخاري ومسلم.
سفيان: تقدم.
عمرو بن دينار المكي أبو محمد الجمحي، ثقة، ثبت، من الرابعة، مات سنة 126، روى له البخاري ومسلم.
هكذا رواه سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه قال:«ولا تخمروا رأسه ولا وجهه» .
وخالفه حماد بن زيد
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، وابن جريج
(3)
، ويونس بن نافع
(4)
، وابن أبي ليلى
(5)
، وعمرو بن الحارث
(6)
، وحجاج
(7)
، والمثنى بن الصباح
(8)
، وقيس بن سعد
(9)
، وسليم بن حيان
(10)
.
فرووه عن عمرو بن دينار بهذا الإسناد، وقالوا فيه:«ولا تخمِّروا رأسه» .
وكذلك رواه أيوب السختياني
(11)
، وأبو بشر جعفر بن وحشية
(12)
، وحبيب بن أبي ثابت
(13)
، وإبراهيم بن أبي حرة
(14)
،
(1)
البخاري (1268)، و (1849)، ومسلم (1206).
(2)
مسلم (1206).
(3)
مسلم (1206).
(4)
النسائي (4/ 39)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (4/ 299).
(5)
الطبراني في الأوسط (4277)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 243)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 359)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 436).
(6)
الطبراني في الكبير (12530).
(7)
الطبراني في الكبير (12531).
(8)
الطبراني في الأوسط (6827).
(9)
الخطيب في تاريخ بغداد (14/ 214).
(10)
الطبراني في الصغير (1004/ الروض الداني).
(11)
البخاري (1265) و (1266) و (1268) و (1850)، ومسلم (1206)(94) و (97).
(12)
البخاري (1267)(1851)، ومسلم (1206)(99)(100)(101).
(13)
أبو نعيم في الحلية (4/ 300)، والطبراني في الكبير (12361).
(14)
الحميدي (467)، وتاريخ بغداد (9/ 373)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 234)، وأبو عوانة (3093)، وأحمد (1/ 221)، والشافعي (1/ 205)، والبيهقي (5/ 54).
وسالم الأفطس
(1)
، وعبد الكريم الجزري
(2)
، وقتادة
(3)
، والحكم بن عتيبة
(4)
فرووه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فقالوا: «ولا تخمِّروا رأسه» .
وقال أبو القاسم عبد الله بن محمد القاضي: قال محمد بن إسماعيل البخاري: الصحيح «ولا تخمِّروا رأسه»
(5)
.
قال الحاكم: ذكر الوجه تصحيف من الرواة لإجماع الثقات الأثبات من أصحاب عمرو بن دينار على رواية: «ولا تغطوا رأسه» وهو المحفوظ
(6)
.
وقال البيهقي: ذكر الوجه غريب، وهو وهم من بعض رواته
(7)
.
وقال الحافظ: ولا شك أن رواية ابن عيينة وابن جريج، ومَن تابعهم عن عمرو بن دينار أصح من رواية الثوري عنه، لاختصاص ابن عيينة في عمرو، وهو مقدّم على كل مَنْ خالفه
(8)
.
(1)
الطبراني في الصغير (215)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 153).
(2)
أحمد (1/ 333).
(3)
أحمد (1/ 286) مقروناً مع أيوب.
(4)
البخاري (1839).
(5)
حديث شعبة (1/ 123 عقب الحديث 177) لأبي الحسين محمد بن المظفر البغدادي.
(6)
معرفة علوم الحديث (1/ 148)، وتلخيص الحبير (2/ 271).
(7)
فتح الباري (4/ 54).
(8)
المصدر السابق قلت وقال ابن عيينة: سمعت من عمرو بن دينار ما لبث نوح في قومه، وقال أيضاً: جالست عمرو بن دينار ثنتين وعشرين سنة ومات سنة ست وعشرين وجالسته وأنا ابن أربع عشرة سنة، لذا قال الدارمي: سألت يحيى بن معين: ابن عيينة أحب إليك في عمرو بن دينار أو الثوري؟ قال: ابن عيينة أعلم به قلت: فابن عيينة أحب إليك فيه أو حماد بن زيد؟ قال: ابن عيينة أعلم.
وقد رواه الثوري عن عمرو بن دينار، فوافق الجماعة، ورواه عنه هكذا:«ولا تخمِّروا رأسه» محمد بن كثير
(1)
، ووكيع في رواية محمد بن عبد الله بن نمير
(2)
عنه وعبد الله بن الوليد العدني
(3)
.
ولم يختلف على ابن عيينة ولا حماد بن زيد ولا ابن جريج، وقد رواه عنهم جمع، واختلف فيه على الثوري، وقد رواه على لفظ الوهم أربعة من أصحابه مما يدل على أن الوهم منه، والله أعلم.
(1)
أبو داود (2238)، والطبراني في الكبير (12523)، والبيهقي (3/ 391).
(2)
البيهقي (5/ 54).
(3)
البيهقي (5/ 54).
الحديث الثالث
(1)
:
3 -
قال الإمام أحمد (4/ 311): حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن سنان عن ضرار بن الأزور:
أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ به وهو يحلب فقال: «دع داعي اللبن» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الصحابيين، لذا قال الطبراني في المجمع (8/ 196): رواه أحمد والطبراني بأسانيد، ورجال أحدها رجال الصحيحين.
وأخرجه أحمد أيضاً في (4/ 339)، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 339) من طريق مؤمل، والفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 654) من طريق قبيصة بن عقبة، والطبراني في الكبير (8127) من طريق محمد بن كثير، والحاكم في المستدرك (3/ 620) من طريق قبيصة بن
(1)
رجال الإسناد:
عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري مولاهم، أبو سعيد البصري، ثقة، ثبت، حافظ، عارف بالرجال والحديث، من التاسعة، مات سنة 198 وهو ابن 73 سنة، روى له البخاري ومسلم.
الأعمش: سليمان بن مهران تقدم.
عبد الله بن سنان بن نبيشة بن سلمة المزني، والد علقمة، وقيل: هو عبد الله بن عمرو بن هلال، صحابي، نزل البصرة وكان أحد البكائين، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه.
ضرار بن الأزور الأسدي، صحابي مشهور، ليست له رواية في الكتب الستة، وليس له إلا حديثان هذا أحدهما، واستشهد باليمامة. انظر: المستدرك (3/ 238)، والسير (1/ 315).
عقبة، والضياء في المختارة (95) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وفي (96) من طريق محمد بن كثير، وابن عساكر في تاريخ دمشق (24/ 379) من طريق عبد الرحمن كلهم عن سفيان الثوري بهذا الإسناد.
هكذا رواه سفيان الثوري فقال: «عن الأعمش عن عبد الله بن سنان عن ضرار بن الأزور» .
وخالفه عبد الله بن المبارك
(1)
، ووكيع
(2)
، وأبو معاوية محمد بن خازم
(3)
، وزهير بن معاوية
(4)
، وعبد الله بن داود الخريبي
(5)
، وحفص بن غياث
(6)
، ويعلى بن عبيد
(7)
، ومنصور بن أبي الأسود
(8)
، وجرير بن عبد الحميد
(9)
.
(1)
البخاري في التاريخ الكبير (4/ 338)، وعبد الله بن أحمد في زوائده المسند (4/ 76 و 33)، والطبراني في الكبير (8131)، والحاكم في المستدرك (3/ 237)، وابن عساكر في تاريخه (4/ 379)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 30).
(2)
أحمد في المسند (4/ 322، 339)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1060)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (4/ 76، 322)، وابن حبان في صحيحه (5283)، والضياء في المختارة (93).
(3)
أحمد (4/ 322) مقروناً بوكيع، وهناد بن السري في الزهد (795)، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 339)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 30).
(4)
أحمد (4/ 339)، والطبراني في الكبير (8128)، والضياء في المختارة (94، 97).
(5)
البخاري في التاريخ الكبير (9/ 339)، والطبراني في الكبير (8129)، والحاكم في المستدرك (2/ 72 حديث رقم 2366).
(6)
الطبراني في الكبير (8130).
(7)
الدارمي (2040)، والبيهقي (8/ 14)، وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 53).
(8)
البغوي في معجم الصحابة (1331)، وابن عساكر في تاريخه (24/ 381) مقروناً مع زهير.
(9)
ذكره يعقوب بن سفيان في المعرفة (2/ 654)، وأبو نعيم تعليقاً.
كلهم عن الأعمش عن يعقوب بن بحير عن ضرار بن الأزور.
فتحول الإسناد من إسناد صحيح إلى إسناد ضعيف لجهالة يعقوب بن بحير
(1)
.
قال الطبراني في عقب الحديث: هكذا رواه سفيان الثوري عن الأعمش عن عبد الله بن سنان، وخالفه أصحاب الأعمش فرووه عن الأعمش عن يعقوب بن بحير.
ونقل ابن عساكر في تاريخ دمشق (24/ 382) عن علي بن المديني قوله: «حديث ضرار بن الأزور أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ به وهو يحلب، فقال: «دع دواعي اللبن» رواه يحيى وأبو معاوية وزهير عن الأعمش عن يعقوب بن بحير عن ضرار بن الأزور.
ورواه يحيى بن سعيد عن سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن سنان عن ضرار، وغلط فيه يحيى إنما هو الأعمش عن يعقوب بن بحير، ويعقوب هذا مجهول لم يروِ عنه غير الأعمش»
(2)
.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (2225): وسألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه الثوري عن الأعمش عن عبد الله بن سنان عن عبد الله بن الأزور، قال: حلب رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «دع دواعي اللبن»
(3)
.
(1)
فيعقوب بن بحير ترجم له البخاري في التاريخ، المعجم الكبير (8/ 389)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 654)، والحافظ في تعجيل المنفعة (2/ 385)، ولم يروِ عنه سوى الأعمش، وقال الذهبي في الميزان: لا يعرف.
(2)
إن كان ثمة هناك وهم فهو من سفيان. لم ينفرد يحيى بن سعيد بهذه الرواية بل تابعه عليها عبد الرحمن بن مهدي وقبيصة بن عقبة ومحمد بن كثير كما تقدم في التخريج.
(3)
قال أبو عبيد في غريب الحديث (2/ 230 - 231)، يقول: ابق في الضرع قليلاً، لا تستوعبه كله في الحلب فإن الذي تبقيه فيه يدعو ما فوقه من اللبن فينزله، وإذا استنفُض كل ما في الضرع أبطأ عليه الدر بعد ذلك.
فقالا: روى هذا الحديث جماعة من الحفاظ عن الأعمش عن يعقوب بن بحير عن ضرار بن الأزور، بدلاً من عبد الله بن سنان، وهو الصحيح.
قال أبي: خالف الثوري الخلق في هذا الحديث، وقال غير سفيان: الأعمش عن يعقوب بن بحير، عن ضرار بن الأزور.
وخالف هؤلاء يحيى بن معين فصحح رواية سفيان، وذلك فيما رواه ابن عساكر في تاريخه (24/ 382) من طريق عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: حديث الأعمش عن يعقوب بن بحير عن ضرار بن الأزور قال سفيان: عن عبد الله بن سنان، قال يحيى: والقول قول سفيان.
الحديث الرابع
(1)
:
4 -
قال الإمام أحمد (3/ 389): حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن السليك قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاء أحدكم إلى الجمعة والإمام يخطب فليصلِّ ركعتين خفيفتين» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أن أبا سفيان روى له البخاري أربعة أحاديث مقروناً بغيره
(2)
.
ورواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1279) عن الحسن بن علي الحلواني وأبو عوانة من طريق الحسن بن أبي الربيع كما في الإتحاف (6/ 5).
والدارقطني (2/ 14) من طريق محمد بن عبد الملك بن زنجويه
(1)
رجال الإسناد:
عبد الرزاق بن همام الصنعاني، انظره في بابه.
سفيان: تقدم.
الأعمش: سليمان بن مهران، ثقة حافظ، ورع، انظره في بابه.
أبو سفيان: طلحة بن نافع الواسطي، أبو سفيان الإسكاف، نزيل مكة، صدوق، من الرابعة، روى له البخاري ومسلم.
جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، الأنصاري السلمي، صحابي ابن صحابي، غزا تسع عشرة غزوة، ومات بالمدينة بعد السبعين، وله 94 سنة، روى له البخاري ومسلم.
(2)
في الأشربة والفضائل، وحديث:«اهتزّ العرش» وفي تفسير سورة الجمعة كلها عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
وأحمد بن يوسف السلمي وآخرين كلهم عن عبد الرزاق عن سفيان به.
وقد تابع عبد الرزاق كلٌ من: الفريابي، وخالد بن إبراهيم المؤذن، وعبد الملك بن الصباح الصنعاني.
فقد رواه ابن عدي في الكامل (3/ 465) من طريق الفريابي وإبراهيم بن خالد المؤذن، والخطيب في الكفاية في علم الرواية (1/ 407) من طريق إبراهيم بن خالد، وابن عساكر في تاريخ دمشق (36/ 404) من طريق عبد الملك بن الصباح كلهم عن سفيان به.
هكذا رواه سفيان فقال: عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن سليك.
خالفه عيسى بن يونس
(1)
، ومعمر
(2)
، وحفص بن غياث
(3)
، وزائدة
(4)
، وشريك
(5)
، وداود الطائي
(6)
، وأبو معاوية محمد بن خازم
(7)
، فرووه عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر لم يذكروا سليكاً في الإسناد.
(1)
مسلم (875)(59)، وابن خزيمة (1835)، وابن حبان (2502).
(2)
عبد الرزاق (5514) مقروناً مع الثوري، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (4/ 93).
(3)
ابن أبي شيبة (2/ 110)، وأبو داود (1116)، وابن ماجه (1114)، وأبو يعلى (2276).
(4)
عبد بن حميد في المنتخب (1024).
(5)
أبو يعلى (2183).
(6)
ابن حبان (2501).
(7)
أحمد (3/ 316)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 365)، والدارقطني (2/ 13)، والخطيب في الكفاية (1/ 407).
وكذلك رواه عمرو بن دينار
(1)
وأبو الزبير
(2)
عن جابر رضي الله عنه، ولم يذكروا سليكاً، لذا قال البخاري في التاريخ الكبير (4/ 206): قال بعضهم عن جابر عن سليك، قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب:«صلِّ ركعتين» ولا يصح عن سليك.
قال الحافظ في الفتح (2/ 408): «واختلف فيه على الأعمش اختلافاً آخر رواه الثوري عنه عن أبي سفيان عن جابر عن سليك، فجعل الحديث من مسند سليك، قال ابن عدي: لا أعلم أحداً قاله عن الثوري هكذا غير الفريابي، وإبراهيم بن خالد اه، وقد قاله عنه أيضاً عبد الرزاق أخرجه هكذا في مصنفه، وأحمد عنه، وأبو عوانة والدارقطني من طريقه، ونقل ابن عدي عن النسائي أنه قال: هذا خطأ اه، والذي يظهر لي أنه ما عنى أن جابراً حمل القصة عن سليك، وإنما معناه أن جابراً حدثهم عن قصة سليك، ولهذا نظير
…
».
قلت: وهذا توجيه جيد منه، ومقتضاه أن سفيان الثوري ليس مراده أن جابراً يروي هذا الحديث عن سليك، إنما يخبر به عن قصة سليك، وقد روى عبد الرزاق في المصنف (5514) عن معمر وسفيان الثوري عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: جاء رجل يقال له: سليك
…
الحديث، ولم يذكر سليكاً في الإسناد فوافق الجماعة، ولعله يكون وهماً من عبد الرزاق حصل له بجمع رواية معمر وسفيان، وسيأتي في باب عبد الرزاق، والله أعلم.
(1)
البخاري (930، 931، 1166)، ومسلم (875)(54 - 57).
(2)
مسلم (875)(58).
علة الوهم:
روى الخطيب في الكفاية (1/ 407) من طريق أبي بكر الخلال عن سليمان بن الأشعث عن أحمد بن حنبل قال: كان مالك زعموا يرى عن فلان وأن فلاناً سواء، وذكر أحمد مثل حديث جابر أن سليكاً جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب.
فهذا لا يعده بعض أهل العلم وهماً، إنما كما ذكر هنا عن الإمام مالك، وذكره النسائي أن المقصود من الإخبار عن قصة سليك، وقد عقد الخطيب البغدادي في الكفاية (1/ 406): باب ذكر الفرق بين قول الراوي عن فلان وأن فلاناً فيما يوجب الاتصال والإرسال ذكر فيها حديث الباب كمثال.
الحديث الخامس
(1)
:
5 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي (8/ 130): أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا أبو داود عن سفيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع
(2)
.
قال أبو عبد الرحمن: حديث يحيى بن سعيد ومحمد بن بشر أولى بالصواب.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير أحمد بن سليمان، روى عنه النسائي فأكثر من الرواية عنه، وقال عنه: ثقة مأمون صاحب حديث.
وقال ابن أبي حاتم: صدوق، ثقة، وقال أبو عروبة: كان ثبتاً في الأخذ والأداء.
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن سليمان بن عبد الملك، أبو الحسين الرهاوي، ثقة، حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة 261، روى له النسائي.
أبو داود: عمر بن سعد بن عبيد أبو داود الحفري الكوفي، ثقة، عابد، من التاسعة، مات سنة 203، روى له مسلم.
سفيان الثوري: تقدم.
عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني، أبو عثمان، ثقة، ثبت، قدمه أحمد بن صالح على مالك في نافع، وقدمه ابن معين في القاسم عن عائشة على الزهري عن عروة عنها، من الخامسة، روى له البخاري ومسلم.
(2)
القزع: هو أن يحلق موضعاً ويترك موضعاً.
هكذا قال سفيان: عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر.
خالفه ابن جريج
(1)
، ويحيى بن سعيد القطان
(2)
، وأبو أسامة حماد بن أسامة
(3)
، وعبد الله بن نمير
(4)
، ومحمد بن بشر العبدي
(5)
، وشجاع بن الوليد
(6)
، فقالوا: عن عبيد الله بن عمر عن عمر بن نافع عن أبيه نافع عن ابن عمر، أسقط سفيان عمر بن نافع بين عبيد الله ونافع.
وقد تابع رواية الجماعة عن عبيد الله بن عمر كلٌّ من:
عثمان بن عثمان الغطفاني
(7)
، وروح بن القاسم
(8)
، وعبد الرحمن بن محمد بن أبي الرجال
(9)
، وزهير بن معاوية
(10)
، فرووه عن عمر بن نافع عن أبيه نافع عن ابن عمر.
لذا قال النسائي عقب الحديث: حديث يحيى بن سعيد ومحمد بن بشر أولى بالصواب.
قال ابن حجر في الفتح (10/ 634): وأخرجه النسائي من رواية
(1)
البخاري (5920)، قال ابن حجر في الفتح (10/ 364): نزل ابن جريج في هذا الإسناد درجتين، وفيه دلالة على قلة تدليسه.
(2)
مسلم (2120)، والنسائي (18318)، وأحمد (2/ 55).
(3)
مسلم (2120).
(4)
مسلم (2120).
(5)
أحمد (2/ 35)، والنسائي (8/ 182)، وفي الكبرى (9306).
(6)
البيهقي (9/ 305).
(7)
مسلم (2120)، وأحمد (2/ 4) و (2/ 39)، ومن طريقه أبو داود (4193).
(8)
مسلم (2120).
(9)
النسائي في الكبرى (9298).
(10)
مسند ابن الجعد (2684).
سفيان الثوري على الاختلاف عليه في إسقاط عمر بن نافع وإثباته، وقال: إثباته أولى بالصواب
…
وقد أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه
(1)
وابن حبان
(2)
وغيرهم من طرق متعددة عن عبيد الله بن عمر بإثبات عمر بن نافع، ورواه سفيان بن عيينة، ومعتمر بن سليمان، ومحمد بن عبيد
(3)
عن عبيد الله بن عمر بإسقاطه، وكأنهم سلكوا الجادة، لأن عبيد الله بن عمر معروف بالرواية عن نافع مكثر عنه، والعمدة على مَنْ زاد عمر بن نافع بينهما، لأنهم حفّاظ، ولا سيما فيهم مَنْ سمع عن نافع نفسه كابن جريج، والله أعلم.
(1)
من طريق أبي أسامة.
(2)
من طريق ابن جريج.
(3)
لم أجد روايتهم والله أعلم بصحة الإسناد إليهم، وقد روى النسائي (8/ 182)، والطبراني في الأوسط (2/ 74 رقم 1292) كلاهما من طريق حجاج عن ابن جريج عن عبيد الله عن نافع بإسقاط عمر بن نافع، وقد أخرجه البخاري في صحيحه كما سبق من طريق ابن جريج بإثباته، وحجاج فيه مقال، وقال الطبراني: لم يروِ هذا الحديث عن ابن جريج إلا حجاج أي: بهذا الإسناد فإن صحّ الإسناد إليهم فيكون عبيد الله ربما يذكر الحديث عن نافع، وربما يحدّث عن عمر بن نافع عن أبيه نافع، والله أعلم.
الحديث السادس
(1)
:
6 -
قال عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (6/ 426): حدثنا أبو بكر بن خلاد قال: سمعت يحيى بن سعيد قال: حدّث سفيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس» .
قال: فقلت له: تعست يا أبا عبد الله، قال لي: كيف هو؟ قلت: حدثني عبيد الله قال: حدثني نافع عن سالم عن أبي الجراح عن أم حبيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: صدقت.
التعليق:
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبي بكر بن خلاد من رجال مسلم.
ورواه القطيعي في جزء الألف دينار (169) عن عبد الله بن أحمد به، ورواه الدارقطني في العلل (15/ 283) من طريق النعمان عن أبي بكر بن خلاد به.
هكذا قال سفيان: عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن خلاد بن كثير الباهلي، أبو بكر البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة 240 على الصحيح، روى له مسلم.
يحيى بن سعيد القطان البصري، ثقة، متقن، حافظ، إمام، قدوة، من كبار التاسعة، مات سنة 198، وله 78 سنة، روى له البخاري ومسلم.
سفيان: هو الثوري تقدم.
عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب تقدم.
نافع: مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه مشهور من الثالثة روى له البخاري ومسلم.
وخالفه يحيى بن سعيد القطان
(1)
، وعبدة بن سليمان
(2)
، ومحمد بن بشر العبدي
(3)
، وإبراهيم بن طهمان
(4)
، فقالوا: عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبي الجراح عن أم حبيبة.
وتابعهم عبيدة بن حميد الضبي
(5)
، وعلي بن مسهر
(6)
، وإسماعيل بن زكريا
(7)
، وعبد الله بن نمير
(8)
، فقالوا: عن عبيد الله عن نافع عن أبي الجراح عن أم حبيبة، فجعلوه من رواية أبي الجراح عن أم حبيبة، إلا أنهم أسقطوا سالماً من الإسناد.
وكذلك رواه أصحاب نافع منهم:
مالك
(9)
، ويحيى بن سعيد الأنصاري
(10)
، وشعيب بن أبي حمزة
(11)
، والليث بن سعد
(12)
، وجويرية بن أسماء
(13)
، وهمام بن
(1)
أبو داود (2554)، وأحمد (6/ 327، 426)، وابن حبان (4705)، والطبراني في المعجم الكبير (23/ 475)، والدارقطني في العلل (15/ 285)، والمزي في تهذيب الكمال (23/ 185).
(2)
إسحاق بن راهويه (2067)، والطبراني (23/ 476).
(3)
إسحاق (2066)، وابن أبي شيبة (12/ 228)، والطبراني (23/ 476).
(4)
ذكره الدارقطني في العلل (15/ 283).
(5)
أحمد (6/ 426).
(6)
ذكرهم الدارقطني في العلل (15/ 283).
(7)
المصدر السابق.
(8)
المصدر السابق.
(9)
أحمد (6/ 327)، والنسائي في الكبرى (8811)، والدارمي (2675)، والمزي في تهذيب الكمال (33/ 185).
(10)
ابن حبان (4700).
(11)
أحمد (6/ 326).
(12)
أحمد (6/ 427)، والطبراني (23/ 473).
(13)
أبو يعلى (7133).
يحيى
(1)
، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة
(2)
، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان
(3)
، وعبيد الله بن الأخنس
(4)
.
هؤلاء التسعة تابعوا رواية الجماعة عن عبيد الله بن عمر عن نافع، فقالوا: عن نافع عن سالم عن أبي الجراح عن أم حبيبة.
وكذلك رواه أيوب السختياني
(5)
، وموسى بن عقبة
(6)
عن نافع، إلا أنهما أسقطا سالماً من الإسناد.
فجعلاه أيضاً من مسند أم حبيبة، ومن رواية أبي الجراح عنها.
وقد نبّه يحيى بن سعيد القطان سفيان إلى وهمه، فرجع عنه كما جاء عقب هذا الحديث.
قال يعني يحيى: نعست
(7)
يا أبا عبد الله، قال لي: كيف هو؟ قلت: حدثني عبيد الله قال: حدثني نافع، عن سالم، عن أبي الجراح، عن أم حبيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: صدقت.
قال الدارقطني: (رواه الثوري عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، ووهم فيه
…
وخالفه يحيى القطان، ومحمد بن بشر العبدي، وإبراهيم بن
(1)
أبو يعلى (7136).
(2)
الطبراني (23/ 474).
(3)
الطبراني (23/ 477).
(4)
إسحاق (2069).
(5)
عبد الرزاق (19698)، وإسحاق (2068)، والطبراني (23/ 472).
(6)
الطبراني في الأوسط (7040).
(7)
كذا عند القطيعي في جزء الألف دينار، وفي المسند (تعست) بالتاء، والأول أصح، والله أعلم.
طهمان، فرووه عن عبيد الله عن نافع، عن سالم، عن أبي الجراح عن أم حبيبة.
ورواه علي بن مسهر، وإسماعيل بن زكريا عن عبيد الله عن نافع عن أبي الجراح أسقطا منه سالماً.
وكذلك قال ابن نمير عن عبيد الله)
(1)
.
وقال الطبراني في الأوسط: ورواه الناس عن نافع عن سالم عن أبي الجراح عن أم حبيبة
(2)
.
(1)
العلل (15/ 381 - 382).
(2)
الأوسط (9/ 79 رقم 9182).
الحديث السابع
(1)
:
7 -
قال الإمام أحمد (1/ 232): حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي جهضم عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال:
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسباغ الوضوء.
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبي جهضم موسى بن سالم، وهو ثقة، روى له أصحاب السنن، ووثقه ابن معين، وأحمد بن حنبل، وأبو زرعة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات.
والحديث رواه كذلك الطبراني في الكبير (10/ 273) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع به.
والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 23) من طريق محمد بن كثير العبدي عن سفيان به، وهذه متابعة لرواية وكيع عن سفيان.
وقد خالف سفيان في روايته هذه عن أبي جهضم كلٌّ من:
(1)
رجال الإسناد:
وكيع بن الجراح تقدم.
سفيان: تقدم.
موسى بن سالم أبو جهضم، مولى آل العباس، صدوق، من السادسة، روى له أصحاب السنن الأربعة.
عبيد الله بن عبد الله بن عباس، ليس له ترجمة في التهذيب.
عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، ثقة، من الرابعة، روى له أصحاب السنن.
ابن علية
(1)
، وحماد بن زيد
(2)
، ووهيب بن خالد
(3)
، وعبد الوارث بن سعيد
(4)
، ومرجى بن رجاء
(5)
، وسعيد بن زيد
(6)
.
هؤلاء قد رووه عن أبي جهضم عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن ابن عباس به.
لذا وَهَّم البخاريُّ وأبو حاتم وأبو زرعة سفيان ومَن تابعه وهو حماد بن سلمة في هذا الإسناد.
وقد رواه وكيع أيضاً عن سفيان بمثل روايتهم
(7)
.
قال الترمذي في جامعه (1/ 179) عقب الحديث رقم (1701): (وروى سفيان الثوري هذا عن أبي جهضم فقال: عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس عن ابن عباس قال: وسمعت محمداً يقول: حديث الثوري غير محفوظ، ووهم فيه الثوري، والصحيح ما روى إسماعيل بن علية وعبد الوارث بن سعيد عن أبي جهضم عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن ابن عباس). ونحوه في العلل الكبير (1/ 38).
وقال البيهقي (10/ 23): كذا قاله الثوري في هذا الإسناد:
(1)
الترمذي (1701)، وابن خزيمة (175).
(2)
النسائي (1/ 89)، وابن خزيمة (175)، وابن ماجه (426)، والنسائي (6/ 224).
(3)
أحمد (1/ 248).
(4)
أبو داود (808)، والبيهقي (10/ 23).
(5)
الطحاوي (2/ 4).
(6)
الطحاوي (2/ 4).
(7)
أحمد (1/ 235 رقم 2092).
عبيد الله، وكذلك قاله حماد بن سلمة فيما روى عنه الطيالسي، وإنما هو عبد الله بن عبيد الله بن عباس. كذلك رواه حماد بن زيد وعبد الوارث بن سعيد وإسماعيل بن علية عن أبي جهضم، وحديث سفيان وهم قاله البخاري وغيره.
قال ابن أبي حاتم في العلل (44): وسألت أبي، وأبا زرعة عن حديث رواه حماد بن سلمة، عن أبي جهضم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، عن أبيه ابن عباس، قال: لم يعهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً لم يعهده إلى الناس إلا ثلاثة: أمرنا أن نسبغ الوضوء
…
فقال أبي: إنما هو عبد الله بن عبيد الله بن عباس، أخطأ فيه حماد وقالا جميعاً: رواه حماد بن زيد، وعبد الوارث، ومرجى بن رجاء، فقالوا كلهم عن أبي جهضم، عن عبد الله بن عبيد الله، وهو الصحيح.
وقال في الجرح والتعديل (8/ 144): سمعت أبي يقول: روى الثوري وحماد بن سلمة عن موسى بن سالم فقالا: عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس ووهما، والصحيح ما رواه حماد بن زيد وعبد الوارث ومرجى بن رجاء عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس.
قلت: رواه الطيالسي (2600) عن حماد بن سلمة عن أبي جهضم عن عبد الله، فذكره على الوجه الصحيح، والله تعالى أعلم.
علة الوهم:
1 اختلاف الأمصار، فكل الذين خالفوا سفيان في هذا الحديث
بصريون، وهم: ابن علية
(1)
، وحماد بن زيد
(2)
، ووهيب بن خالد
(3)
، وعبد الوارث بن سعيد
(4)
، ومرجى بن رجاء
(5)
، وسعيد بن زيد
(6)
، وسفيان كوفي.
2 التشابه بين (عبد الله بن عبيد الله) و (عبيد الله بن عبد الله) فقلب الاسم، والله تعالى أعلم.
(1)
إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي مولاهم أبو بشر البصري المعروف بابن علية، ثقة، حافظ، من الثامنة، مات سنة 193، روى له الجماعة. التقريب 420.
(2)
حماد بن زيد بن درهم الأزدي أبو إسماعيل البصري، ثقة، ثبت، فقيه، مات سنة 179 وله 81 سنة، روى له الجماعة. التقريب 1506.
(3)
وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم أبو بكر البصري، ثقة ثبت، مات سنة 165، روى له الجماعة. التقريب 7537.
(4)
عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري مولاهم أبو عبيدة التنوري البصري، ثقة ثبت، رمي بالقدر ولم يثبت عنه، مات سنة 180، روى له الجماعة. التقريب 4279.
(5)
مرجى بن رجاء اليشكري أبو رجاء البصري، صدوق، ربما وهم، استشهد به البخاري في الصحيح.
(6)
سعيد بن زيد بن درهم الأزدي، أخو حماد، صدوق، له أوهام، مات سنة 167، روى له مسلم والبخاري تعليقاً. التقريب 7325.
الحديث الثامن
(1)
:
8 -
قال أبو عيسى الترمذي (2755): حدثنا محمود بن غيلان حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز قال: خرج معاوية فقام عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوه فقال:
اجلسا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ سرّه أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، ورواه ابن أبي حاتم في العلل (2531) من طريق أبي زرعة عن قبيصة به.
وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار (841 مسند عمر بن الخطاب) من طريق وكيع وهارون بن المغيرة، والطبراني في الكبير 19/ (820) و (821) من طريق محمد بن يوسف الفريابي ووكيع، ثلاثتهم: وكيع وهارون بن المغيرة والفريابي عن سفيان الثوري به مختصراً، لم يذكروا القيام.
(1)
رجال الإسناد:
محمود بن غيلان العدوي مولاهم أبو أحمد المروزي، نزيل بغداد، ثقة، من العاشرة، مات سنة 239 وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
قبيصة بن عقبة بن محمد بن سفيان السُوائي، أبو عامر الكوفي، صدوق، ربما خالف، من التاسعة، مات سنة 215 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
سفيان: تقدم.
حبيب بن الشهيد الأزدي، أبو محمد البصري، ثقة، ثبت، من الخامسة، مات سنة 145 وله 66، روى له البخاري ومسلم.
أبو مجلز: لاحق بن حميد بن سعيد السدوسي البصري، مشهور بكنيته، ثقة، من كبار الثالثة، مات سنة 106 وقيل: 109، وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم.
هكذا رواه سفيان عن حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز، فذكر أن عبد الله بن الزبير وابن صفوان قاما لمعاوية.
خالفه شعبة
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، وأبو أسامة حماد بن أسامة
(3)
، وإسماعيل بن إبراهيم (بن علية)
(4)
، وحماد بن زيد
(5)
، وحماد بن سلمة
(6)
، وروح بن عبادة
(7)
، وغيرهم
(8)
.
فرووه عن حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز به.
إلا أنهم جميعاً ذكروا أن ابن الزبير لم يقم، وأن الذي قام هو ابن عامر، وعلل الحافظ ابن حجر ذكر ابن صفوان أنه يحتمل وقع لهما ذلك
(9)
معاً.
فبقي الوهم من سفيان في قوله أن ابن الزبير قام، وإن كان ابن أبي حاتم علّق على قول أبي زرعة: أن حديث حماد أصح، قال: يعني قيام ابن عامر بدلاً من ابن صفوان، والحق أن معناه كذلك أن ابن الزبير لم يقم بل قام ابن عامر.
(1)
أحمد (4/ 91)، والبخاري في الأدب المفرد (977)، والطبري في تهذيب الآثار (842).
(2)
الطبري في تهذيب الآثار (842).
(3)
ابن أبي شيبة (8/ 586)، وعبد بن حميد في المنتخب (413)، والطبري في تهذيب الآثار (840).
(4)
أحمد (4/ 93)، والطبري في تهذيب الآثار (840) مقروناً مع ابن عيينة وأبي أسامة.
(5)
الطبراني في الكبير 19/ (819).
(6)
أبو داود (5229)، وابن أبي حاتم في العلل (2531).
(7)
الطحاوي في مشكل الآثار (1127).
(8)
وهناك مَنْ أخرج حديث هؤلاء الأئمة مختصراً فلم نذكره في التخريج.
(9)
فتح الباري (11/ 50) وسيأتي بتمامه.
قال ابن أبي حاتم في العلل (2531): (سمعت أبا زرعة، وحدثنا: عن قبيصة بن عقبة، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب بن الشهيد، عن أبي مجلز، قال: خرج معاوية فقام عبد الله بن الزبير، وابن صفوان حين رأوه، فقال معاوية: اجلسا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«مَنْ سرّه أن يتمثل له الرجال قياماً، فليتبوأ بيته أو مقعده من النار» .
قال أبو محمد
(1)
: وحدثنا أبو زرعة، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد، عن حبيب بن الشهيد، عن أبي مجلز، قال: خرج معاوية على ابن الزبير، وابن عامر
(2)
، فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير، وكان أوزنهما، فقال معاوية: يا ابن عامر، اجلس، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«مَنْ أحبّ أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار» .
قال أبو زرعة: حديث حماد أصح، يعني: قيام ابن عامر بدل ابن صفوان
(3)
.
قال ابن حجر في فتح الباري (11/ 50): وسفيان وإن كان من جبال الحفظ إلا أن العدد الكثير، وفيهم مثل شعبة أوْلى بأن تكون روايتهم محفوظة من الواحد، وقد اتفقوا على أن ابن الزبير لم يقم، وأما إبدال ابن عامر بابن صفوان فسهل لاحتمال الجمع بأن يكونا معاً وقع لهما ذلك، ويؤيده الإتيان فيه بصيغة الجمع.
(1)
يعني: ابن أبي حاتم.
(2)
عبد الله بن عامر.
(3)
عبد الله بن صفوان الجمحي.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فشيخ سفيان في هذا الحديث بصري، لذا كانت رواية أهل البصرة شعبة والحمادان وابن علية وروح بن عبادة ومَن تابعهم أصح من رواية سفيان وهو من الكوفة، والله تعالى أعلم.
الحديث التاسع
(1)
:
9 -
قال الإمام أحمد (5/ 430): حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن زيد بن أسلم عن رجل من بني ضمرة عن رجل من قومه قال:
سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن العقيقة، فقال:«لا أحب العقوق، ولكن مَنْ ولد له ولد فأحبّ أن ينسك عليه أو عنه فليفعل» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله رجال الشيخين غير الرجل الضمري، فهو مجهول، ومن أجله صار الإسناد ضعيفاً.
وأخرجه الحارث بن أسامة في مسنده (404)(بغية الباحث) من طريق أحمد بن يونس، والطحاوي في شرح المشكل (1056) من طريق أبي نعيم كلاهما عن سفيان الثوري به.
هكذا رواه سفيان فقال: عن زيد بن أسلم عن رجل من بني ضمرة عن رجل من قومه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه مالك بن أنس
(2)
فقال: عن زيد بن أسلم عن رجل من بني ضمرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وتابعه الدراوردي
(3)
.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الرحمن بن مهدي: تقدم.
سفيان: هو الثوري تقدم.
زيد بن أسلم العدوي مولى عمر، أبو عبد الله وأبو أسامة المدني، ثقة، عالم، وكان يرسل، من الثالثة، مات سنة 136، روى له البخاري ومسلم.
(2)
في الموطأ (2/ 500)، وأحمد (5/ 369)، والبيهقي (9/ 300).
(3)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (980).
ورواه سفيان بن عيينة
(1)
عن زيد بن أسلم عن رجل عن أبيه أو عن عمه.
وقد رواه وكيع
(2)
عن سفيان الثوري كرواية مالك.
قال ابن عبد البر في التمهيد (3/ 304): والقول في ذلك قول مالك.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فزيد بن أسلم مدني، وسفيان الثوري كوفي، لذا كانت رواية الإمام مالك وعبد العزيز بن محمد الدراوردي وهما مدنيان أصح من رواية سفيان، والله تعالى أعلم.
(1)
أبو داود (1919)، وأحمد (5/ 430)، والطحاوي (1057)، والبيهقي (9/ 312)، وانظر: الفتح (9/ 588).
(2)
ابن أبي شيبة (24230).
الحديث العاشر
(1)
:
10 -
قال الإمام أحمد (3/ 294): حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان وأبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
جاء أبو حميد الأنصاري بإناء من لبن نهاراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالبقيع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«ألا خمّرته ولو أن تعرض عليه عوداً» .
التعليق:
هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير فمن رجال مسلم، وقد صرّح بالسماع من جابر كما عند مسلم (2010).
ورواه ابن أبي شيبة (24209) عن وكيع، وأبو عوانة في مسنده (8142)(8143) من طريق يعلى بن عبيد، وعبيد الله بن موسى عن سفيان الثوري به.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الرزاق بن همام الصنعاني، ثقة، حافظ، مصنف، شهير، انظر ترجمته في بابه.
الفضل بن دكين الكوفي أبو نعيم الملائي، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 218 وقيل: 219، وهو من كبار شيوخ البخاري، روى له البخاري ومسلم.
سفيان: تقدم.
أبو الزبير: محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم أبو الزبير المكي، صدوق إلا أنه يدلس من الرابعة، مات سنة 126، روى له البخاري ومسلم.
وفيه قوله: «وهو بالبقيع» .
ورواه النسائي في الكبرى (6633) من طريق علي بن مسهر وأبو عوانة (8141) من طريق عبد الرحمن بن مهدي كلاهما عن سفيان به، ولم يذكرا مكاناً.
هكذا رواه عبد الرزاق وأبو نعيم ووكيع ويعلى وعبيد الله بن موسى عن سفيان الثوري، وفيه قوله:«وهو بالبقيع» ، وهذا تصحيف ووهم منه.
فقد خالفه ابن جريج
(1)
، وزكريا بن إسحاق
(2)
، وموسى بن عقبة
(3)
، فروياه عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، وفيه «وهو بالنقيع» ، وهو الصحيح.
وكذلك رواه الأعمش عن أبي صالح (ذكوان السمان) عن جابر
(4)
وعن أبي سفيان (طلحة بن نافع) عن جابر
(5)
.
وكذلك رواه شيبان عن مبارك عن الحسن عن أبي سعيد أو جابر
(6)
، فذكر الحديث فقال:«النقيع» .
و (النقيع) بفتح النون: موضع من ناحية العقيق على عشرين
(1)
مسلم (2010)، وابن خزيمة (129)، وأحمد (5/ 425).
(2)
مسلم (2010)، وأحمد (5/ 425).
(3)
الخطيب في الفصل للوصل (2/ 815).
(4)
البخاري (5606)(5606)، ومسلم (2011)(95).
(5)
المصدر السابق.
(6)
مسند ابن الجعد (3218).
فرسخاً من المدينة
(1)
، حكاه الحافظ عن القرطبي.
وقيل: هو الموضع الذي حمي لرعي الغنم، وقيل غيره، وكان وادياً يجتمع فيه الماء، والماء الناقع هو المجتمع، وقيل: كانت تعمل فيه الآنية، وقيل: هو الباع، حكاه الخطابي، وعن الخليل: الوادي الذي يكون فيه الشجر.
وقال ابن التين: رواه أبو الحسن يعني القابسي بالموحدة، وكذا نقله عياض عن أبي بحر بن العاص، وهو تصحيف، فإن البقيع مقبرة بالمدينة، وقال القرطبي: الأكثر على النون. انتهى ملخصاً من فتح الباري (10/ 72).
تنبيه:
جاء في مسند أبي عوانة (8147) من طريق أبي الحسن الميموني وأبي الأزهر عن روح بن عبادة عن ابن جريج وزكريا بن إسحاق عن أبي الزبير عن جابر هذا الحديث، وفيه قوله: من البقيع، وهو تصحيف؛ إذ أن الحديث عند مسلم (2010) من رواية ابن جريج وزكريا فيه قوله: من النقيع، وما في الصحيح عنهما أصح، والله أعلم.
وقد وقع وهم لآخرين في قلب اسم النقيع إلى البقيع، فقد ذكر أبو أحمد العسكري في تصحيفات المحدثين (1/ 253) قال: ومنها حديث رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم نفى مخنثاً من المدينة إلى البقيع، رووه بباء
(1)
انظر: مراصد الاطلاع (3/ 1387)، مشارق الأنوار (2/ 34).
تحتها نقطة، وإنما هو النقيع بالنون موضع بالمدينة.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فسفيان من أهل الكوفة في العراق، وشيخه في هذا الحديث أبو الزبير من مكة، لذا كان رواية ابن جريج وزكريا بن إسحاق وهما مكيان أصح من رواية سفيان.
التشابه في كلمتَيْ (النقيع) و (البقيع)، فقلب النقيع إلى البقيع، والله تعالى أعلم.
الحديث الحادي عشر
(1)
:
11 -
قال أبو داود (748): حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم يعني: ابن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال:
قال عبد الله بن مسعود: ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فصلّى فلم يرفع يديه إلا مرة.
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عاصم بن كليب فمن رجال مسلم، روى له البخاري في الصحيح تعليقاً، وروى له في كتاب رفع اليدين وفي الأدب.
وأخرجه أحمد (1/ 388)، وابن أبي شيبة في مسنده (323) عن وكيع به، وأخرجه الترمذي (257) من طريق هناد، والنسائي (2/ 190)، وفي الكبرى (645) من طريق محمود بن غيلان، وأبو
(1)
رجال الإسناد:
عثمان بن أبي شيبة، ثقة، حافظ، شهير، له أوهام، من العاشرة، توفي سنة 239، روى له البخاري ومسلم.
وكيع بن الجراح: تقدم.
عاصم بن كليب بن شهاب بن المجنون الجرمي الكوفي، صدوق، رمي بالإرجاء من الخامسة، روى له مسلم، والبخاري تعليقاً.
عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، أبو حفص وأبو بكر الفقيه الكوفي، ثقة، من الطبقة الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي أبو شبل الكوفي، ثقة، ثبت، فقيه، عابد، من الطبقة الثانية، توفي سنة 61 هـ عن 90 عاماً، روى له البخاري ومسلم.
يعلى (5040) و (5302) من طريق زهير بن حرب، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 224) من طريق نعيم بن حماد ويحيى بن يحيى النيسابوري، والبيهقي (2/ 78) من طريق محمد بن إسماعيل الأحمسي، وابن المنذر في الأوسط (3/ 149) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، وابن حزم في المحلى (3/ 235) من طريق زهير.
كلهم من طريق وكيع به.
إلا أن بعضهم قال: إلا مرة واحدة.
وبعضهم قال: إلا في أول مرة.
وجاء في رواية زيادة: ثم لم يعد، وهذه جاءت من زهير بن حرب ويحيى بن يحيى عن وكيع.
وقد تابع وكيعاً عبد الله بن المبارك
(1)
، ومعاوية بن هشام
(2)
، وخالد بن عمرو
(3)
، وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي
(4)
، فرووه عن سفيان بنحو رواية وكيع.
هكذا قال سفيان عن عاصم عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن ابن مسعود في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يرفع يديه إلا مرة.
خالفه عبد الله بن إدريس
(5)
فرواه عن عاصم بن كليب عن
(1)
النسائي (2/ 182)، وزاد فيه: ثم لم يعد.
(2)
أبو داود (751).
(3)
المصدر السابق.
(4)
المصدر السابق.
(5)
أبو داود (747)، والنسائي (2/ 184)، وفي الكبرى (620)، وأحمد (1/ 418)، وابن الجارود (196)، وابن خزيمة (595)، والحاكم (1/ 224)، والبخاري في جزء رفع اليدين (ص 26)، وقال: وهذا المحفوظ عند أهل النظر من حديث عبد الله بن مسعود.
عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد الله: علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، فكبّر ورفع يديه، فلما ركع طبق يديه بين ركبتيه، قال: فبلغ سعداً، فقال: صدق أخي، قد كنا نفعل هذا، ثم أمرنا بهذا يعني: الإمساك على الركبتين.
وقد أعلّ حديث سفيان هذا عبد الله بن المبارك، وأحمد بن حنبل، والبخاري، وأبو حاتم، وأبو داود، والبزار، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم
…
قال عبد الله بن المبارك: قد ثبت حديث مَنْ يرفع يديه، وذكر حديث الزهري عن سالم عن أبيه.
ولم يثبت حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع يديه إلا في أول مرة
(1)
.
قال البخاري في جزء رفع اليدين (46): ويروى عن سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال ابن مسعود
…
فذكر الحديث.
وقال أحمد بن حنبل عن يحيى بن آدم قال: نظرت في كتاب ابن إدريس عن عاصم بن كليب ليس فيه: ثم لم يعد، وهذا أصح، لأن الكتاب أحفظ عند أهل العلم، لأن الرجل يحدّث بشيء ثم يرجع إلى الكتاب، فيكون كما في الكتاب.
(1)
سنن الترمذي (2/ 38)، والسنن الكبرى (2/ 75)، والخلافيات (2/ 75 مختصر) كلاهما للبيهقي.
ثم ساق البخاري حديث ابن إدريس، وقال: وهذا المحفوظ عند أهل النظر من حديث عبد الله بن مسعود.
وقال أبو داود عقب الحديث: هذا حديث مختصر من حديث طويل وليس هو بصحيح على هذا اللفظ.
وقال أبو حاتم كما في العلل لابنه (1/ 95): هذا خطأ، يقال: وهم فيه الثوري. وروى هذا الحديث عن عاصم جماعة، فقالوا كلهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم افتتح فرفع يديه، ثم ركع فطبق وجعلها بين ركبتيه، ولم يقل أحد ما رواه الثوري.
ونقل ابن عبد البر في التمهيد (4/ 541 فتح البر): عن البزار قوله: هو حديث لا يثبت ولا يحتج به.
وعن محمد بن وضاح قوله: الأحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في رفع اليدين ثم لا يعود ضعيفة كلها.
وقال الدارقطني في العلل (5/ 172) عن هذا الحديث: يرويه عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة حدّث به الثوري عنه. ورواه أبو بكر النهشلي، عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، وعلقمة، عن عبد الله. وكذلك رواه ابن إدريس عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن عبد الله. وإسناده صحيح، وفيه لفظة ليست بمحفوظة ذكرها أبو حذيفة في حديثه، عن الثوري، وهي قوله: ثم لم يعد. وكذلك قال الحماني، عن وكيع. وأما أحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وابن نمير، فرووه عن وكيع، ولم يقولوا فيه: ثم لم يعد.
وكذلك رواه معاوية بن هشام أيضاً، عن الثوري، مثل ما قال الجماعة، عن وكيع. وليس قول مَنْ قال: ثم لم يعد محفوظاً.
وقال الحافظ في الفتح (2/ 220): ورده الشافعي بأنه لم يثبت قال: ولو ثبت لكان المثبت مقدّماً على النافي.
وقال ابن القيم في تهذيب السنن (1/ 368): قال أبو حاتم البستي في كتاب الصلاة له: هذا الحديث له علة توهنه، لأن وكيعاً اختصره من حديث طويل، ولفظة «ثم لم يعد» إنما كان وكيع يقولها في آخر الخبر من قبله وقبلها يعني فربما أسقطت يعني، وحكى البخاري تضعيفه عن يحيى بن آدم وأحمد بن حنبل وتابعهما عليه وضعّفه الدارمي والدارقطني والبيهقي، وهذا الحديث روي بأربعة ألفاظ؛ أحدها: قوله: فرفع يديه في أول مرة ثم لم يعد، والثانية: فلم يرفع يديه إلا مرة، والثالثة: فرفع يديه في أول مرة لم يذكر سواها، والرابعة: فرفع يديه مرة واحدة، والإدراج ممكن في قوله: ثم لم يعد، وأما باقيها فإما أن يكون قد روي بالمعنى، وإما أن يكون صحيحاً.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار (2/ 194): وقول ابن حبان: هذا أحسن خبر روى أهل الكوفة في نفي رفع اليدين في الصلاة عند الركوع وعند الرفع منه، وهو في الحقيقة أضعف شيء يعول عليه، لأن له عللاً تبطله.
ونقل البيهقي في الخلافيات (2/ 75) عن أبي عبد الله الحاكم قوله: هذا الخبر مختصر من أصله، وعاصم بن كليب لم يخرج حديثه في الصحيحين، وذلك أنه كان يختصر الأخبار يؤديها على المعنى، وهذه اللفظة «ثم لم يعد» غير محفوظة في الخبر.
وممن نقل عنه أيضاً تضعيف هذه اللفظة محمد بن نصر المروزي وابن القطان.
فقد قال ابن القطان في كتاب الوهم والإيهام: ذكر الترمذي عن ابن المبارك أنه قال: حديث وكيع لا يصح، والذي عندي أنه صحيح، وإنما النكر فيه على وكيع زيادة: ثم لا يعود، وقالوا: إنه كان يقولها من قبل نفسه، وتارةً لم يقلها، وتارةً أتبعها الحديث، كأنها من كلام ابن مسعود، وكذلك قال الدارقطني: إنه حديث صحيح، إلا هذه اللفظة، وكذلك قال أحمد بن حنبل وغيره، وقد اعتنى الإمام محمد بن نصر المروزي بتضعيف هذه اللفظة في كتاب رفع اليدين.
فقد جعل ابن القطان وأبو حاتم البستي الوهم فيه من وكيع، وجعله أبو حاتم والبخاري وغيرهم من سفيان الثوري، واتفقوا جميعاً على نكارة هذه اللفظة:«ثم لا يعود» وأن الحديث ليس فيه ترك رفع اليدين إنما فيه التطبيق.
وقد جاء عن أحمد ما يدل أيضاً أنه جعل الخطأ في هذا الحديث على وكيع، قال ابن المنذر في الأوسط (3/ 149): كان يروي الأحاديث على غير ألفاظها، ويستعمل يعني كثيراً ويلحقها في الحديث، وذكر حديث عاصم بن كليب في الرفع، وحديث ابن مسعود، وقال أحمد: قال لي أبو عبد الرحمن الوكيعي: كان وكيع يقول فيه: يعني: ثم لم يعد، وقد تكلم بعض أصحابنا في هذا الحديث، فذكر أن ابن إدريس روى هذا الحديث بإسناده عن عاصم بن كليب عن عبد الله وليس فيه: ثم لم يعد.
قلت: لو أن وكيعاً انفرد بهذه الزيادة عن سفيان كان جعل الزيادة هذه عليه متأكدة، إلا أنه تابعه في ذكر هذه الزيادة عبد الله بن المبارك
عن سفيان كما عند النسائي (2/ 182) من طريق سويد بن نصر المروزي وهو ثقة وهو راوية ابن المبارك، لذا فالراجح ما ذهب إليه أبو حاتم والبخاري، والله أعلم.
وخالف هؤلاء الأئمة الأعلام بعض أهل الحديث فصححه بناءً على ظاهر السند، وأن رجاله ثقات ولا يضر تفردهم بما لم يذكره غيرهم، وحملوا ما جاء في هذا الحديث على بيان الجواز وأن الرفع سنّة، وقد تترك السنّة أحياناً.
وممن صحح هذا الحديث الترمذي في سننه (2/ 41) فقال: حديث ابن مسعود حديث حسن وبه يقول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، وصححه ابن حزم (3/ 235) فقال: قد صحّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند كل خفض ورفع، وأنه كان لا يرفع، وذكر هذا الحديث.
وكذلك صححه الطحاوي، والزيلعي، وابن التركماني، ومن المعاصرين الشيخ: أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي، والألباني.
الدلالة الفقهية:
لهذا الحديث دلالتان استدل بهما مَنْ صححه:
الأولى: أنه لا ترفع الأيدي في الصلاة إلا في تكبيرة الإحرام وحدها، وممن قال بهذا سفيان الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، وسائر فقهاء الكوفة، وروي هذا من فعل إبراهيم النخعي، والشعبي، وابن أبي ليلى.
وروي ذلك عن الإمام مالك.
قال الترمذي في السنن (2/ 41): حديث ابن مسعود حديث حسن، وبه يقول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة.
قال ابن عبد البر في التمهيد (9/ 212): واختلف العلماء في رفع اليدين في الصلاة، فروى ابن القاسم وغيره عن مالك أنه كان يرى رفع اليدين في الصلاة ضعيفاً إلا في تكبيرة الإحرام وحدها، وتعلق بهذه الرواية عن مالك أكثر المالكيين، وهو قول الكوفيين: سفيان الثوري، وأبي حنيفة وأصحابه، والحسن بن حي، وسائر فقهاء الكوفة قديماً وحديثاً.
قال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي في كتابه في رفع اليدين من الكتاب الكبير: لا نعلم مصراً من الأمصار ينسب إلى أهله العلم قديماً تركوا بإجماعهم رفع اليدين عند الخفض والرفع في الصلاة إلا أهل الكوفة.
ثم ذكر أن أكثر أصحاب مالك رووا عنه أنه كان يرفع يديه على حديث ابن عمر إلى أن مات.
ثم قال: وحجة مَنْ ذهب مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك ومذهب الكوفيين الموافقين له في ذلك حديث البراء بن عازب، وحديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يرفع بعد
(1)
.
(1)
انظر: الأوسط (3/ 148) لابن المنذر، وشرح السنّة (3/ 24)، والمغني (1/ 497)، والحاوي الكبير (2/ 116)، والمجموع (3/ 399 - 406)، وقد أطال الكلام فيه، وإعلاء السنن (2/ 60 - 92).
الدلالة الثانية: أن عدم رفع الأيدي في غير تكبيرة الإحرام سنّة دلّ عليها هذا الحديث، كما أن رفعها سنّة كذلك دلت عليه أحاديث أخرى.
وهذا قول ابن حزم حيث قال: فلما صحّ أنه عليه السلام كان يرفع في كل خفض ورفع بعد تكبيرة الإحرام ولا يرفع، كان كل ذلك مباحاً لا فرضاً، وكان لنا أن نصلي كذلك، فإن رفعنا صلينا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وإن لم نرفع فقد صلينا كما كان عليه السلام يصلي
(1)
.
فائدة:
ثبت رفع اليدين عند الركوع ورفع الرأس من الركوع عن سبعة عشرة نفساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما قال البخاري
(2)
.
وقال البيهقي: قال الحاكم أبا عبد الله: لا نعلم سنّة اتفق على روايتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة ثم العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة غير هذه السنة
(3)
.
وذكر الحافظ العراقي أنه تتبع مَنْ رواه من الصحابة فبلغوا خمسين رجلاً
(4)
.
لو صحّ حديث ابن مسعود رضي الله عنه لم يكن فيه حجة، لأن المثبت مقدّم على النافي، ومَن حفظ حجة على مَنْ لم يحفظ.
(1)
المحلى (3/ 235).
(2)
جزء رفع اليدين (ص 7)، وفتح الباري (2/ 220).
(3)
طرح التثريب (2/ 264).
(4)
طرح التثريب (2/ 264)، وفتح الباري (2/ 220).
وقد خفي على ابن مسعود رضي الله عنه السنّة في وضع اليدين على الركبتين فكان يطبق يديه على فخذيه.
قال ابن المنذر: ولما اختلف أسامة وبلال في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة أثبتها بلال، ونفى ذلك أسامة، وحكم الناس لبلال، لأنه شاهد ولم يحكموا لأسامة لأنه نفى شيئاً حضره غيره، وكذلك يجب أن يكون حال حديث ابن مسعود
(1)
.
(1)
الأوسط (3/ 151).
الحديث الثاني عشر
(1)
:
12 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي (5483): أخبرنا إسحاق بن منصور الكوسج المروزي قال: ثنا عبد الرحمن يعني: ابن مهدي عن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن حجاج الأسلمي قال:
قلت: يا رسول الله ما يذهب عني مذمة الرضاع (**)؟ قال: «غرة عبد أو أمة» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير حجاج الأسلمي تابعي، وثقه العجلي، وابن حبان، وقال الذهبي في الميزان: صدوق، وذكره البخاري في التاريخ الكبير (2/ 371)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 157)، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وصححه الترمذي، وأخرجه الطبراني في الكبير (3200) من طريق أبي نعيم عن سفيان به (ولم ينسبه).
(1)
رجال الإسناد:
إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج أبو يعقوب التميمي المروزي، ثقة، ثبت، من الحادية عشرة، مات سنة 251، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن مهدي: ثقة، ثبت، حافظ. انظر ترجمته في بابه.
سفيان: تقدم.
هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، ثقة، فقيه، ربما دلس، من الخامسة، مات سنة 145 أو 146، وله 87 سنة، روى له البخاري ومسلم.
حجاج بن حجاج بن مالك الأسلمي، مقبول، من الثالثة، ولأبيه صحبة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
(**) قال الترمذي رحمه الله عقب الحديث: إنما يعني به ذمام الرضاعة وحقها، يقول: إذا أعطيت المرضعة عبدة أو أمة فقد قضيت ذمامها.
هكذا قال سفيان: عن هشام بن عروة عن أبيه عن حجاج الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه غيره من أصحاب هشام فقالوا: عن هشام بن عروة عن أبيه عن حجاج الأسلمي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم منهم:
يحيى القطان
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، وأبو معاوية
(3)
، وعبد الله بن إدريس
(4)
، وحماد بن سلمة
(5)
، وحاتم بن إسماعيل
(6)
، والليث بن سعد
(7)
، وعمرو بن الحارث
(8)
، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي
(9)
، وعبد الله بن المبارك
(10)
، ومعمر
(11)
، وابن جريج
(12)
، وعبد الله بن نمير
(13)
،
(1)
أحمد (3/ 450)، والنسائي (6/ 108)، وفي الكبرى (5482)، والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 108)، والروياني في مسنده (1471).
(2)
الحميدي (877)، والطبراني في الكبير (3206).
(3)
أبو داود (2064)، وابن حبان (4231)، وأبو يعلى (6835)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 193).
(4)
أبو داود (2064).
(5)
الطبراني في الكبير (3207).
(6)
الترمذي (1153).
(7)
الطبراني في الكبير (3201)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (692)، والبيهقي (7/ 464)، والبخاري في التاريخ الكبير (2/ 371).
(8)
الطحاوي (694)، والطبراني (3208)، وابن حبان (4230)، والبيهقي (7/ 464).
(9)
الطحاوي (694)، والطبراني (3208)، والبيهقي (7/ 464).
(10)
البخاري في التاريخ الكبير (2/ 371).
(11)
الطبراني (3199).
(12)
الطبراني (3199).
(13)
أحمد (3/ 450)، والطبراني (3202)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2359).
وعبد العزيز بن محمد
(1)
، وحفص بن ميسرة
(2)
، وعبد الرحمن بن أبي الزناد
(3)
، وعبدة بن سليمان
(4)
، وداود بن عبد الرحمن
(5)
.
أسقط سفيان والد الحجاج، فقال: عن حجاج الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والصحيح كما رواه الجماعة عن حجاج بن حجاج عن أبيه حجاج بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم
(6)
.
ونقل الترمذي والبيهقي عن البخاري قوله: الصواب الحجاج بن الحجاج عن أبيه
(7)
.
وقال النسائي بعد أن أخرج الحديث من طريق يحيى بن سعيد القطان بمثل رواية الجماعة قال: خالفه سفيان بن سعيد الثوري
(8)
.
قلت: وقد وافق الثوري الجماعة أيضاً، فقد روى عبد الرزاق في مصنفه (13956) عن معمر وابن جريج والثوري قالوا: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن الحجاج الأسلمي عن أبيه أنه قال: قلت: يا رسول الله ما يذهب عني مذمة الرضاع
…
الحديث.
(1)
الطبراني (3203).
(2)
الطبراني (3204).
(3)
الطبراني (3205).
(4)
الدارمي (2254).
(5)
ابن قانع في معجم الصحابة (1/ 193).
(6)
حجاج بن عويمر بن أبي أسيد الأسلمي صحابي له حديث في الرضاع. التقريب 1134.
(7)
السنن الكبرى (7/ 462)، والعلل للترمذي (1/ 168).
(8)
السنن الكبرى (3/ 306).
ورواه الطبراني في الكبير (3199) عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق به
(1)
.
تنبيه:
قال الترمذي عقب أن روى الحديث من طريق حاتم بن إسماعيل: «هكذا رواه يحيى بن سعيد القطان وحاتم بن إسماعيل وغير واحد عن هشام بن عروة عن أبيه عن حجاج بن حجاج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن حجاج بن أبي حجاج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث ابن عيينة غير محفوظ».
قلت: حديث سفيان لم أقف عليه بهذا الإسناد (حجاج بن أبي حجاج عن أبيه)، إنما رواه الحميدي وهو أوثق أصحاب سفيان عنه عن هشام بن عروة عن أبيه عن الحجاج الأسلمي عن أبيه
(2)
.
ورواه الطبراني (3206) من طريقه بهذا الإسناد.
وقوله: الحجاج الأسلمي عن أبيه صحيح إذ نسبه إلى قبيلته ثم قال عن أبيه، وكذلك رواه عبد الرزاق في مصنفه (13956) عن معمر وابن جريج والثوري، فقالوا: عن الحجاج الأسلمي عن أبيه.
ولا عبرة لقول ابن الأثير
(3)
بعد أن ذكر هذا الإسناد: حديث ابن عيينة خطأ.
(1)
مع احتمال أن يكون عبد الرزاق جمع إسناد الثوري إلى إسناد معمر وابن جريج فهما اللذان يرويانه هكذا، فجمعهم عبد الرزاق ولم يميز أسانيدهم، والله تعالى أعلم.
(2)
مسند الحميدي (877) أو (901) ط حسين أسد.
(3)
أسد الغابة (1/ 694).
وقد وقع للأفاضل محققي مسند الإمام أحمد (25/ 8) وهمان:
الأول: قولهم أخرج النسائي في الكبرى والطبراني من طريق سفيان وهو ابن عيينة، وهذا وهم، وقد نصّ النسائي على أنه سفيان بن سعيد يعني: الثوري، وذكر الترمذي أن وهم ابن عيينة إنما هو قوله: الحجاج بن أبي الحجاج، وابن عيينة لم يسقط ذكر أبيه الثاني.
الثاني: قولهم: قال ابن الأثير فيما نقله عن النفيلي وحديث ابن عيينة خطأ، قلت: وهذا لم يقله النفيلي، وإنما قاله ابن الأثير، فقد روى أبو داود هذا الحديث فقال: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا أبو معاوية ح وحدثنا ابن العلاء حدثنا ابن إدريس عن هشام بن عروة عن أبيه عن حجاج بن حجاج عن أبيه.
ثم قال أبو داود: قال النفيلي: حجاج بن حجاج الأسلمي وهذا لفظه.
أي: أن النفيلي نسب الحجاج فقال: حجاج بن حجاج الأسلمي، ولفظ الحديث له.
وذكر هذا الحديث ابن الأثير من طريق أبي داود ثم قال: قال النفيلي: حجاج بن حجاج الأسلمي وهذا لفظه، وقد وافق حاتم بن إسماعيل معمر، والثوري، وابن جريج، والليث بن سعد، وعبد الله بن نمير، ويحيى القطان وغيرهم، فذكروا في الإسناد حجاج بن حجاج وحديث ابن عيينة خطأ.
فقوله: وقد وافق هو من كلام ابن الأثير وليس النفيلي، والله تعالى أعلم.
الحديث الثالث عشر
(1)
:
13 -
قال الإمام أحمد (4/ 300): حدثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أقبل من سفر قال: «آيبون تائبون لربنا حامدون» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، ورواه عبد الرزاق في المصنف (9240) عن الثوري بهذا الإسناد، ومن طريقه رواه الطبراني في الدعاء (841).
ورواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 629) من طريق أبي نعيم وعبيد الله بن موسى، والنسائي في الكبرى (10383)، وفي عمل اليوم والليلة (549) من طريق يحيى بن آدم، وأبو نعيم في الحلية (7/ 132) من طريق الطيالسي أربعتهم أبو نعيم وعبد الله بن موسى ويحيى بن آدم والطيالسي عن سفيان الثوري به.
وتحرف سفيان إلى منصور عند النسائي في الكبرى وعمل اليوم
(1)
رجال الإسناد:
عبد الملك بن عمرو القيسي أبو عامر العقدي، ثقة، من التاسعة، مات سنة 204 أو 205، روى له البخاري ومسلم.
أبو إسحاق السبيعي: عمرو بن عبد الله بن عبيد، ويقال: علي، ثقة، مكثر، عابد، من الثالثة، اختلط بأخرة، مات سنة 129، وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم.
البراء بن عازب بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي، صحابي ابن صحابي، استصغر يوم بدر، مات سنة 72، وحديثه في الصحيحين.
والليلة، والتصويب من تحفة الأشراف (2/ 42).
هكذا رواه سفيان الثوري فقال: عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب.
خالفه شعبة
(1)
، فرواه عن أبي إسحاق فقال: عن أبي إسحاق عن الربيع بن البراء عن البراء بن عازب.
وكذلك رواه يوسف بن أبي إسحاق
(2)
، وشريك
(3)
، وإسرائيل
(4)
، ويونس
(5)
فرووه عن أبي إسحاق بمثل إسناد شعبة.
أسقط سفيان الربيع بن البراء من الإسناد، وأثبته شعبة.
قال الترمذي: وروى الثوري هذا الحديث عن أبي إسحاق عن البراء، ولم يذكر فيه الربيع بن البراء، ورواية شعبة أصح
(6)
.
وقال النسائي: أبو إسحاق لم يسمع من البراء
(7)
.
(1)
الترمذي (3440)، والطيالسي (751)، وأحمد (4/ 281، 289، 298، 300)، والنسائي في الكبرى (10384)، وفي عمل اليوم والليلة (550)، وأبو يعلى (1664)، وابن حبان (2711)، والطبراني في الدعاء (842)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/)، والروياني (335)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(2)
الطبراني في الدعاء (843).
(3)
أخرجه المحاملي في الدعاء (14/ أ) كذا قال محقق الدعاء للطبراني.
(4)
المصدر السابق.
(5)
المصدر السابق.
(6)
السنن (5/ 439).
(7)
السنن الكبرى (6/ 141) يريد هذا الحديث، وإلا فقد أخرج البخاري (4492)، ومسلم (525) من طريق يحيى بن سعيد عن الثوري التصريح بسماع أبي إسحاق عن البراء بن عازب.
وقال الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي: (قال المباركفوري: لا يظهر وجه الأصحية.
قلت: هو بيِّن لا خفاء فيه، فإن أبا إسحاق عن البراء جادة، فسلك الثوري الجادة، وأما شعبة فلم يسلك الجادة بل زاد عن الربيع فدلّ على أنه حفظه، وكم من حديث رجحوه وصححوه على غيره على هذا الأصل)
(1)
.
قال محرره أبو حمزة: وقد تابع سفيان زكريا بن أبي زائدة
(2)
، وإسرائيل
(3)
، وفطر
(4)
ثلاثتهم عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء بن عازب به.
وفي رواية زكريا وفطر وإسرائيل عن أبي إسحاق نظر، لأنهم سمعوا منه بعد اختلاطه.
قال العجلي: زهير بن معاوية سمع من أبي إسحاق بأخرة، هو وزكريا بن أبي زائدة وإسرائيل، ويقال: إن شريكاً أقدم سماعاً من أبي إسحاق من هؤلاء
(5)
.
وقال الآجري: سألت أبا داود عن زهير وإسرائيل في أبي إسحاق فقال: زهير فوق إسرائيل بكثير كثير
(6)
.
(1)
حاشية مصنف عبد الرزاق (7/ 158).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 361) و (12/ 519)، والنسائي في الكبرى (10383).
(3)
النسائي في الكبرى (10383)، وفي عمل اليوم والليلة (546).
(4)
ابن حبان (2712) وصرح فيه بسماع أبي إسحاق السبيعي من البراء، وأبو يعلى (1663)، وابن جرير في تهذيب الآثار (3/ 162 مسند علي) ورواه بالعنعنة.
(5)
تاريخ الثقات (ص 165، 166).
(6)
سؤالات الآجري (1/ 224).
وقال الحافظ: صرّح فطر بن خليفة عن أبي إسحاق بسماعه من البراء أخرجه ابن حبان عنه، وفيه نظر
(1)
.
وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: زهير وزكريا وإسرائيل ما أقربهم في أبي إسحاق في حديثهم عنه لين، ولا أراه إلا من أبي إسحاق هو السبيعي قال: قلت لأحمد: شريك منهم؟ قال: شريك سمع قديماً، قال: قلت لأحمد: إسرائيل أحب إليك أو زهير في أبي إسحاق؟ قال: ما فيهما بحمد الله إلا يخطاء، وما أراه إلا من أبي إسحاق
(2)
.
وقال يحيى بن معين: زكريا بن أبي زائدة وزهير بن معاوية وإسرائيل حديثهم عن أبي إسحاق قريب من السواء، وإنما أصحاب أبي إسحاق سفيان وشعبة
(3)
.
وقال أبو زرعة: سماع يونس من أبي إسحاق وزكريا وزهير عن أبي إسحاق بعد الاختلاط
(4)
.
وقال أبو زرعة: سمعت ابن نمير يقول: سماع يونس وزكريا وزهير من أبي إسحاق بعد الاختلاط
(5)
.
قلت: فلذلك لعل الوهم في روايتهم عن أبي إسحاق من أبي
(1)
إتحاف المهرة (2/ 456). قلت: ولم يعرف سماع فطر من أبي إسحاق هل هو قبل الاختلاط أو بعده، ولم يصرح غيره بذلك، فلعله وهم منه.
(2)
سؤالات أبي داود للإمام أحمد (ص 309 - 310).
(3)
تاريخ الدوري (3/ 372).
(4)
سؤالات البرذعي لأبي زرعة (2/ 346).
(5)
شرح علل الترمذي (2/ 710).
إسحاق السبيعي نفسه، لأنه قد اختلط بأخرة، بخلاف رواية شعبة وسفيان الثوري، فإنهم أثبت الناس في أبي إسحاق، والله أعلم.
علة الوهم:
سفيان الثوري يحدّث حديث أبي إسحاق السبيعي من حفظه، قال أحمد بن حنبل: قال يحيى بن سعيد القطان: قال سفيان الثوري: وأي شيء حدثتكم عن أبي إسحاق ما حدثتكم إلا ما علق به قلبي
(1)
.
أن سفيان كان مقلّاً عن أبي إسحاق السبيعي بخلاف شعبة، لذا فالروايات التي في الصحيحين لشعبة أكثر من الروايات التي لسفيان
(2)
.
فقد روى البخاري في صحيحه لشعبة عن أبي إسحاق ثلاثة وخمسين حديثاً، وروى مسلم له: اثنين وثلاثين حديثاً، وروى البخاري لسفيان الثوري عن أبي إسحاق: ثلاثة عشر حديثاً، وروى مسلم له: عشرة أحاديث.
هذا هو علة الوهم إن كان هناك وهم، لاحتمال أن يكون أبا إسحاق سمع الحديث عن البراء بن عازب مباشرة، وعن طريق ابنه الربيع فحدّث به على الوجهين، خاصة أن سفيان قد توبع كما سبق، والله تعالى أعلم.
(1)
العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد (1/ 267) رواية ابنه عبد الله.
(2)
انظر مواضعها في: معجم المختلطين لمحمد طلعت (ص 256 وما بعده).
الحديث الرابع عشر
(1)
:
14 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي (4/ 180): أخبرنا عمر بن محمد بن الحسن بن التل قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سفيان الثوري عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم وعن الحبلى والمرضع» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، وأخرجه النسائي أيضاً في الكبرى (2583)، وابن خزيمة في صحيحه (2043) من طريق عبيد الله بن موسى، والبخاري في التاريخ الكبير (2/ 29) من طريق قبيصة ومحمد بن يوسف، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 469) من طريق قبيصة كلهم عن سفيان الثوري بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
عمر بن محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي الكوفي المعروف بابن التل، صدوق، ربما وهم، من الحادية عشرة، مات سنة 250، روى له البخاري.
محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي الكوفي، لقبه التل، صدوق، فيه لين، من التاسعة، مات سنة 200، روى له البخاري.
أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني، أبو بكر البصري، ثقة، ثبت، حجة من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة، مات سنة 131 وله 65 سنة، روى له البخاري ومسلم.
أبو قلابة: عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر الجرمي، أبو قلابة البصري، ثقة، فاضل، كثير الإرسال
…
من الثالثة، مات بالشام هارباً من القضاء سنة 104 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
أنس بن مالك القشيري الكعبي أبو أمية صحابي نزل البصرة، روى حديثه أصحاب السنن الأربعة.
هكذا رواه سفيان فقال: عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه إسماعيل بن علية
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، وحماد بن زيد
(3)
، ووهيب بن خالد
(4)
، ومعمر
(5)
، وشعبة
(6)
، فرووه عن أيوب السختياني، فقالوا: عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر عن أنس بن مالك، إلا أن شعبة لم يذكر أبا قلابة.
أسقط سفيان الواسطة بين أبي قلابة وأنس، ولم ينسب أنس، ورواه يحيى بن عبد العزيز عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة: أن رجلاً أخبره أن أبا أمية الحديث، وأبو أمية هو أنس بن مالك الكعبي
(7)
.
والاختلاف في هذا الحديث كبير، لذا قال ابن الأثير: إنه حديث مضطرب الإسناد
(8)
، إلا أنه من هذه الطريق خالف الثوري أصحاب أيوب فأسقط الواسطة بين أبي قلابة وأنس ولم ينسب أنس
(1)
النسائي (4/ 180 - 181)، وفي الكبرى (2585)، وابن خزيمة (2042)، وأحمد (5/ 29).
(2)
النسائي في الكبرى (2584)، والطحاوي (1/ 423)، وفي شرح المشكل (4268).
(3)
الطحاوي في شرح المشكل (4265)، والطبراني في الكبير (764).
(4)
يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 469)، والبيهقي (4/ 231).
(5)
عبد الرزاق (7560)، والبخاري في التاريخ الكبير (2/ 29).
(6)
يعقوب بن سفيان في المعرفة (2/ 461 - 469).
(7)
البخاري في التاريخ الكبير (2/ 29)، وأخرجه الطحاوي في شرح المعاني (1/ 423)، ويعقوب بن سفيان (2/ 461)، والطبراني (762) من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي أمية، وعند الطحاوي (أو عن رجل عن أبي أمية)، وهو غير أنس بن مالك بن المضر الأنصاري الخزرجي خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو حمزة المدني.
(8)
أسد الغابة (6/ 12).
فالذي يتبادر إلى الذهن أنه أنس بن مالك الأنصاري خادم رسول الله ورواية أبي قلابة عنه في الصحيحين والسنن الأربعة أما أنس راوي هذا الحديث فرواية أبي قلابة عنه عند النسائي فقط، وقد صحّح الحديث الألباني في صحيحه لسنن النسائي (2274) والله تعالى أعلم.
علة الوهم:
اختصر سفيان القصة، فذكر الحديث المرفوع فقط، فقد رواه إسماعيل بن علية عن أيوب قال: كان أبو قلابة حدثني بهذا الحديث، ثم قال لي: هل لك في الذي حدثنيه؟ قال: فدلني عليه فأثبته فقال: حدثني قريب لي يقال له: أنس بن مالك قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبل لجار لي فوافقته وهو يأكل فدعاني إلى طعامه، فقلت: إني صائم، فذكر الحديث.
ورواه ابن عيينة عن أيوب عن شيخ من قشير عن عمه حدثنا ثم ألفيناه في إبل له، فقال له أبو قلابة: حدثه، فقال الشيخ: حدثني عمي أنه: ذهب في إبل له فانتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يأكل أو قال: يطعم، فقال:«اُدن فكل» أو قال: «اُدن فأطعم» فقلت: إني صائم
…
الحديث.
اختلاف الأمصار: فأيوب بصري، وسفيان كوفي.
الحديث الخامس عشر
(1)
:
15 -
قال الترمذي (1987): حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقِ الله حيثما كنت وأتبِع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ميمون بن أبي شبيب، روى له مسلم في المقدمة، ورواه الترمذي أيضاً من طريق أبي أحمد وأبي نعيم عن سفيان به.
وأخرجه أحمد (5/ 153، 158، 177) من طريق وكيع، وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان عن سفيان به.
ورواه البزار (4022) من طريق عبد الرحمن، ورواه الدارمي
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة 252 وله بضع وثمانون سنة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن مهدي: تقدم.
حبيب بن أبي ثابت قيس، ويقال: هند بن دينار الأسدي مولاهم، ثقة، فقيه، جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس، من الثالثة، مات سنة 119، روى له البخاري ومسلم.
ميمون بن أبي شبيب الربعي أبو نصر الكوفي، صدوق، كثير الإرسال، من الثالثة، مات سنة 83 في وقعة الجماجم، روى له البخاري في الأدب المفرد ومسلم في مقدمة صحيحه.
(2791)
من طريق أبي نعيم، والحاكم في المستدرك (1/ 54)، من طريق قبيصة ومحمد بن كثير، وأبو نعيم في الحلية (2/ 378) من طريق أبي نعيم كلهم عن سفيان الثوري بهذا الإسناد.
وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
هكذا رواه سفيان فقال: عن حبيب عن ميمون عن أبي ذر.
خالفه الأعمش
(1)
، وليث بن أبي سليم
(2)
، وحماد بن شعيب
(3)
، وإسماعيل بن مسلم المكي
(4)
، وأبو مريم عبد الغفار بن القاسم
(5)
.
فرووه عن حبيب عن ميمون عن معاذ بن جبل.
وكذلك رواه أبو مريم عن الحكم بن عتيبة عن ميمون عن معاذ
(6)
.
وكذلك رواه سفيان الثوري
(7)
مرة، فجعله من مسند معاذ فوافق الجماعة.
(1)
الطبراني في الأوسط (3779)، وفي الصغير (530) الروض الداني، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 301).
(2)
أحمد (5/ 236)، والطبراني في الكبير (20/ 297، 298)، والشاشي في مسنده (367).
(3)
ذكره الدارقطني في العلل (6/ 72).
(4)
المصدر السابق.
(5)
الطبراني في الكبير (20/ 296)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 376).
(6)
أبو نعيم (4/ 376)، وأبو مريم متروك الحديث.
(7)
الترمذي (1987).
قال الإمام أحمد: قال وكيع: وقال سفيان مرة عن معاذ فوجدت في كتابي عن أبي ذر وهو السماع الأول
(1)
.
وقال في موضع آخر: وكان حدثنا به وكيع عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ ثم رجع
(2)
.
وقال أيضاً: وقال وكيع: وجدته في كتابي عن أبي ذر وهو السماع الأول، وقال سفيان مرة عن معاذ
(3)
.
وقال أبو نعيم: غريب من حديث ميمون عن أبي ذر
(4)
.
وقال الدارقطني: يرويه حبيب بن أبي ثابت واختلف عنه: فرواه وكيع عن الثوري عن حبيب عن ميمون عن معاذ، وأرسله جماعة عن وكيع فلم يذكروا فيه معاذ، وكذلك رواه أبو سنان واسمه سعيد بن سنان عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون مرسلاً، وقيل: عن الثوري عن حبيب عن ميمون عن ذر، ورواه أبو مريم عبد الغفار عن الحكم بن عيينة عن ميمون عن معاذ، وغيره يرويه عن الحكم مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكأن المرسل أشبه بالصواب.
ونقل الترمذي عقب الحديث عن شيخه محمود بن غيلان قوله: والصحيح حديث أبي ذر.
قلت: لكن ذكر أبو حاتم أن ميمون بن أبي شبيب روايته عن معاذ وأبي ذر مرسلة
(5)
.
(1)
المسند (5/ 153)، والعلل لعبد الله بن أحمد (3/ 246).
(2)
المسند (5/ 158).
(3)
المسند (5/ 228).
(4)
حلية الأولياء (4/ 378).
(5)
المراسيل لابن أبي حاتم (1/ 214) وحاشية تهذيب الكمال في ترجمته.
الخلاصة:
روى سفيان هذا الحديث فجعله من مسند أبي ذر- رضي الله عنه ولم يتابع على ذلك.
ورواه مرة أخرى فجعله من مسند معاذ بن جبل، وهذا هو الراجح عندي خلافاً لما نقله الترمذي عن شيخه محمود، وذلك للتالي:
تابعه على هذه الرواية الأعمش وجماعة كما سبق.
جاءت روايات أخرى تدل على أنه من حديث معاذ منها:
ما رواه ابن الجعد في مسنده (312) عن شعبة قال: قلت للحكم: أوصني، قال: أوصيك بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً: «اتقِ الله حيث ما كنت وخالق الناس بخلق حسن وأتبع السيئة الحسنة تمحها» .
وكذلك روى أبو بكر الشافعي في الفوائد (الغيلانيات)(357) من طريق مجاهد عن معاذ قال: قلت: يا رسول الله بمَ توصني فإني أريد أن أسافر؟ قال: «اُعبد الله لا تشرك به شيئاً، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» .
وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق (17/ 18) من طريق وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا معاذ أتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» .
وروى الطبراني في الكبير (20/ 175) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة قال معاذ: قلت: يا رسول الله أوصني، قال:«اُعبد الله كأنك تراه واعدد نفسك في الموتى، واذكر الله عند كل حجر وعند كل شجرة، وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة، السر بالسر والعلانية بالعلانية» ورجاله ثقات إلا أن أبا سلمة لم يدرك معاذاً (مجمع الزوائد 4/ 218).
الحديث السادس عشر
(1)
:
16 -
قال الإمام أحمد (5/ 153): حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا سفيان عن منصور عن ربعي بن حراش عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل يحب ثلاثة ويبغض ثلاثة، يبغض: الشيخ الزاني، والفقير المختال، والمكثر البخيل، ويحب ثلاثة: رجل كان في كتيبة فكر يحميهم حتى قتل أو يفتح الله عليه، ورجل كان في قوم فأدلجوا فنزلوا من آخر الليل، وكان النوم أحب إليهم مما يعدل به فناموا، وقام يتلو آياتي ويتملقني، ورجل كان في قوم فأتاهم رجل يسألهم بقرابة بينهم وبينه، فبخلوا عنه وخلف بأعقابهم فأعطاه حيث لا يراه إلا الله ومَن أعطاه» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وقد تابع عبد الملك بن عمرو محمد بن يوسف الفريابي، فقد أخرجه النسائي في الكبرى (1315) من طريقه عن سفيان الثوري بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الملك بن عمرو القيسي، أبو عامر العقدي، ثقة، من التاسعة، مات سنة 204 أو 205، روى له البخاري ومسلم.
سفيان: تقدم.
منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي، ثقة، ثبت، وكان لا يدلس، من طبقة الأعمش، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.
ربعي بن حراش العبسي الكوفي، ثقة، عابد، مخضرم، من الثانية، مات سنة 100 وقيل غير ذلك، روى له البخاري ومسلم.
هكذا رواه سفيان فقال: عن منصور عن ربعي عن أبي ذر.
خالفه شعبة
(1)
، وشيبان
(2)
، وجرير بن عبد الحميد
(3)
، فرووه عن منصور فقالوا: عن منصور عن ربعي عن زيد بن ظبيان عن أبي ذر.
وكذلك رواه الثوري في رواية نوفل بن إسماعيل عنه، إلا أنه لم يسمه فقال: عن منصور عن ربعي عن رجل عن أبي ذر
(4)
.
قال الدارقطني: والصواب حديث زيد بن ظبيان
(5)
.
وقال المزي في تهذيب الكمال في ترجمة زيد (3097): رواه سفيان عن منصور، فنقص منه زيد بن ظبيان.
وسيأتي في باب أبي بكر بن عياش ح (628)، فانظره لزاماً.
(1)
الترمذي (2568)، والنسائي (3/ 207)، وفي الكبرى (1354)، وأحمد (5/ 153)، وابن خزيمة (2456)، وابن حبان (339)، والحاكم (1/ 416).
(2)
ذكره الترمذي تعليقاً، والدارقطني في العلل (1103).
(3)
ابن حبان (3350)، والمروزي في قيام الليل (251).
(4)
أحمد (5/ 153)، وكذلك الأشجعي وأبو عامر قاله الدارقطني في العلل (1103).
(5)
العلل (1103).
الحديث السابع عشر
(1)
:
17 -
قال ابن ماجه (2842): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزناد عن المرقع بن عبد الله بن صيفي عن حنظلة الكاتب قال:
غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا على امرأة مقتولة قد اجتمع عليها الناس، فأفرجوا له فقال:«ما كانت هذه تقاتل فيمن يقاتل» ثم قال لرجل: «انطلق إلى خالد بن الوليد، فقل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك يقول: لا تقتلن ذرية ولا عسيفاً» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير المرقع بن صيفي تابعي، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وموسى بن عقبة وغيرهم، وذكره ابن حبان في الثقات.
(1)
رجال الإسناد:
أبو بكر بن أبي شيبة: عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان، الواسطي الأصل، الكوفي، ثقة، حافظ، صاحب تصانيف، من العاشرة، مات سنة 235، روى له البخاري ومسلم.
وكيع بن الجراح: تقدم.
سفيان: هو الثوري تقدم.
عبد الله بن ذكوان القرشي أبو عبد الرحمن المدني المعروف بأبي الزناد، ثقة، فقيه، من الخامسة، مات سنة 130 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
مرقع بن صيفي بالمهملة، وقيل: ابن عبد الله بن صيفي التميمي الحنظلي، صدوق، من الثالثة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
حنظلة بن الربيع بن صيفي التميمي، يعرف بحنظلة الكاتب، صحابي، نزل الكوفة، مات بعد علي، روى له مسلم.
والحديث في مصنف ابن أبي شيبة (12/ 382)، وأخرجه عبد الرزاق (9382) عن سفيان به.
وأخرجه أحمد (4/ 178)، والنسائي في الكبرى (8637)، وأبو عبيد في الأموال (95)، والطحاوي (3/ 222)، وفي شرح مشكل الآثار (6136)، وابن جرير في تهذيب الآثار (1/ 563)، وابن حبان (4791)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 201)، والطبراني في الكبير (3489) كلهم من طرق عن سفيان الثوري بهذا الإسناد.
هكذا قال سفيان: عن أبي الزناد عن المرقع بن عبد الله بن صيفي عن حنظلة.
خالفه المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي
(1)
، وعبد الرحمن بن أبي الزناد
(2)
وابن جريج
(3)
، وزياد بن سعد
(4)
.
فرووه فقالوا: عن أبي الزناد عن المرقع بن صيفي عن جده رباح بن الربيع أخي حنظلة الكاتب، وكذلك رواه عمر بن المرقع
(5)
وموسى بن عقبة
(6)
عن المرقع بن عبد الله عن رباح.
(1)
سعيد بن منصور (2623)، وأحمد (3/ 488)(4/ 346)، وابن ماجه (2842)، والنسائي في الكبرى (8626)، وأبو يعلى (1546)، وابن حبان (4789)، وابن أبي شيبة في مسنده (681)، والطبراني في الكبير (4619)، (4620)، والبيهقي (9/ 91).
(2)
أحمد (3/ 488)(4/ 178)، والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 314)، وفي الأوسط (1/ 722) رسالة دكتوراه/ د. تيسير بن سعد أبو حميد، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2751)، والطحاوي (6138)، والحاكم (2/ 122)، وابن جرير في تهذيب الآثار (1/ 512 الجزء المفقود)، والطبراني في الكبير (4617)(4618).
(3)
عبد الرزاق (10242)، وأحمد (3/ 488).
(4)
ذكره ابن أبي حاتم في العلل (1/ 304).
(5)
الروياني في مسنده (1464)، والطبراني في الكبير (4621)، والبيهقي في المعرفة (7/ 29)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 140).
(6)
الطبراني في الكبير (4622).
وهم سفيان في الإسناد فجعله من حديث حنظلة، وإنما هو من حديث رباح بن الربيع أخي حنظلة.
نقل ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عقب الحديث قوله: يخطاء الثوري فيه.
وقال البخاري: وقال الثوري عن أبي الزناد عن مرقع عن حنظلة الكاتب وهذا وهم
(1)
.
وقال الترمذي: حديث سفيان هذا خطأ، إنما هو عن المرقع عن رباح بن الربيع أخي حنظلة الكاتب، هكذا رواه غير واحد عن أبي الزناد، وسألت محمداً عن هذا الحديث، فقال: رباح بن الربيع، ومَن قال: رياح بن الربيع هو وهم
(2)
.
وقال أبو حاتم وأبو زرعة: هذا خطأ، يقال: إن هذا من وهم الثوري، إنما هو المرقع بن صيفي، عن جده رباح بن الربيع أخي حنظلة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، كذا يرويه مغيرة بن عبد الرحمن، وزياد بن سعد، وعبد الرحمن بن أبي الزناد. قال أبي: والصحيح هذا
(3)
.
وقال الطحاوي: لا نعلم أحداً تابع الثوري على روايته كذلك.
وقال الحاكم: وهكذا رواه المغيرة بن عبد الرحمن وابن جريج عن أبي الزناد فصار الحديث صحيحاً على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(1)
التاريخ الكبير (3/ 314)، وفي الأوسط (1/ 724 رقم 447).
(2)
العلل الكبير (471).
(3)
العلل لابن أبي حاتم (1/ 304 رقم 914).
علة الوهم:
كون سفيان الثوري من العراق وأبي الزناد من أهل المدينة، فكانت رواية تلاميذه من أهل المدينة كابن جريج والمغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله الأسدي المدني
(1)
، وابنه عبد الرحمن أصح من رواية الثوري، لاختلاف الأمصار ولقصر صحبة الثوري له
(2)
.
جاء في الإسناد ذكر حنظلة الكاتب، وأنه أخاً لراوي الحديث رباح بن الربيع.
فمن هنا دخل الوهم على سفيان فجعله من مسند حنظلة الكاتب، وهو أشهر من أخيه رباح
(3)
، وكلاهما صحابي، والله تعالى أعلم.
(1)
قال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة: المغيرة بن عبد الرحمن أحب إليك أو شعيب بن أبي حمزة أو عبد الرحمن بن أبي الزناد في حديث أبي الزناد؟ فقال: هو أحب إليّ من عبد الرحمن بن أبي الزناد.
(2)
جاء في الكامل لابن عدي: قال سفيان بن عيينة لسفيان الثوري: جالست أبا الزناد قال: ما رأيت بالمدينة أميراً غيره.
(3)
رباح بن الربيع الأسيدي أخو حنظلة الكاتب صحابي له حديث روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
الحديث الثامن عشر
(1)
:
18 -
قال ابن ماجه (160): حدثنا علي بن محمد وأبو كريب قالا: حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج قال:
جاء جبريل أو ملك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدون مَنْ شهد بدراً فيكم؟ قالوا: خيارنا، قال: كذلك هم عندنا خيار الملائكة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وأخرجه أحمد (3/ 465)، وابن أبي شيبة (14/ 385)، وعبد بن حميد (425)، والطبراني في الكبير (4412) من طريق وكيع به.
وأخرجه ابن حبان (7224) من طريق علي بن قادم عن سفيان به.
(1)
رجال الإسناد:
علي بن محمد بن إسحاق الطنافسي، ثقة، عابد، من العاشرة، مات سنة 233 وقيل: 235، روى له النسائي في مسند علي وابن ماجه.
محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب: تقدم.
وكيع بن الجراح: تقدم.
يحيى بن سعيد بن حيان، أبو حيان التيمي الكوفي، ثقة، عابد، من السادسة، مات سنة 145، روى له البخاري ومسلم.
عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج الأنصاري الزرقي أبو رفاعة المدني، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
رافع بن خديج بن رافع بن عدي الحارثي الأوسي الأنصاري، أول مشاهده أحد، ثم الخندق، مات سنة 93 أو 94 وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم.
وكذلك أخرجه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (1890) من طريق علي بن قادم به.
هكذا قال سفيان: عن يحيى بن سعيد عن عباية بن رفاعة عن رافع بن خديج.
خالفه جرير بن عبد الحميد
(1)
فقال: عن يحيى بن سعيد وهو الأنصاري عن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه رفاعة.
ورواه حماد بن زيد
(2)
فقال: عن يحيى عن معاذ بن رفاعة بن رافع وكان رفاعة من أهل بدر وكان رافع من أهل العقبة، فكان يقول لابنه: ما يسرني أني شهدت بدراً بالعقبة، قال: سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم
…
بهذا.
ورواه يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن معاذ بن رفاعة: أن ملكاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم
(3)
.
ورواه يزيد عن يحيى بن سعيد أن يزيد بن الهاد أخبره أنه كان معه يوم حدثه معاذ هذا الحديث
(4)
.
قال الحافظ في الفتح (7/ 312): (أورده عنه من ثلاثة طرق:
(1)
البخاري (3992).
(2)
البخاري (3993) قال في الفتح (7/ 312): هذا صورته مرسل، ولكن عند التأمل يظهر أن فيه رواية لمعاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه عن جده.
(3)
البخاري (3994).
(4)
البخاري (3995).
ففي رواية جرير معاذ عن أبيه وهذه موصولة، وفي رواية حماد وهو ابن زيد معاذ بن رفاعة بن رافع، وكان رفاعة من أهل بدر إلخ، وهذا صورته مرسل، ولكن عند التأمل يظهر أن فيه رواية لمعاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه عن جده، ورواية يزيد وهو ابن هارون وهي الثالثة، قال فيها معاذ (أن ملكاً سأله)، وهذا ظاهره الإرسال، لكن أفاد التصريح بسماع يحيى بن سعيد للحديث من معاذ).
قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله يعني: الإمام أحمد الثوري يقول: عن عباية بن رفاعة عن رافع بن خديج، وغيره يقول: عن معاذ بن رفاعة عن أبيه؟ قال: لم يقل فيه أحد عن عباية غير الثوري، وكنت أظن أن وكيعاً خالف فيه حتى رأيت غير واحد يرويه عن الثوري هكذا. قلت: فهذا من قبل الثوري؟ قال: نعم، وقال مهنا: سألت أحمد عن عباية. قلت: لم يدرك جده رافع بن خديج؟ قال: لا أدري. قلت: عباية بن رفاعة أخو معاذ بن رفاعة؟ قال: لا، هذا من ولد رافع بن خديج
(1)
.
وخالفه ابن حبان، فذكر أن جريراً هو الواهم، قال في صحيحه (16/ 207): روى هذا الخبر جرير بن عبد الحميد عن يحيى بن سعيد عن معاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه، وكان أبوه وجده من أهل العقبة قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رواه سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج، وسفيان أحفظ من جرير وأتقن وأفقه، كان إذا حفظ الشيء لم يبالِ بمَن خالفه.
(1)
المنتخب من العلل للخلال (ص 215).
وقال الحافظ في مقدمة الفتح (1/ 369): رادًّا على الدارقطني زعمه أن البخاري أخرج هذا الحديث من حديث حماد ويزيد بن هارون معاً عن يحيى بن سعيد عن معاذ مرسلاً، ولم يسنده غير جرير، وقد خالفه الثوري، قال: سياق البخاري يعطي أن طريق حماد متصلة، فإنه قال: حدثنا سليمان يعني: ابن حرب حدثنا حماد يعني: ابن زيد عن يحيى هو ابن سعيد عن معاذ بن رفاعة بن رافع، وكان رفاعة من أهل بدر، وكان رافع من أهل العقبة، وكان يقول لابنه يعني: لرفاعة: ما يسرني أني شهدت بدراً بالعقبة، قال: سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث.
الحديث التاسع عشر
(1)
:
19 -
قال الإمام أبو عيسى الترمذي (3608): حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو أحمد حدثنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن المطلب بن أبي وداعة قال:
جاء العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنه سمع شيئاً، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال:«مَنْ أنا؟» قالوا: أنت رسول الله عليك السلام، قال:«أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً، وخيرهم نفساً» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، وإن كان هناك كلام
(1)
رجال الإسناد:
محمود بن غيلان: تقدم.
محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن درهم الأسدي أبو أحمد الزبيري الكوفي، ثقة، ثبت إلا أنه قد يخطاء في حديث الثوري من التاسعة، مات سنة 203، روى له البخاري ومسلم.
يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم الكوفي، ضعيف، كبر فتغير، وصار يتلقن، وكان شيعياً من الخامسة، مات سنة 136، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي أبو محمد المدني أمير البصرة له رؤية ولأبيه وجده صحبة، قال ابن عبد البر: أجمعوا على ثقته، مات سنة 79 ويقال: سنة 84، روى له البخاري ومسلم.
المطلب بن أبي وداعة الحارث بن صبرة بن سُعيْد السهمي أبو عبد الله، وأمه أروى بنت الحارث بن عبد المطلب بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم، صحابي، أسلم يوم الفتح، ونزل المدينة ومات بها، روى له مسلم.
في يزيد بن أبي يزيد، وصححه الترمذي والحاكم، والألباني في الصحيحة (806).
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (20/ 672) من طريق عبد الرزاق عن الثوري به.
وأخرجه ابن البختري (51) من طريق أبي أحمد الزبيري عن سفيان به. (مجموع فيه مصنفات ابن البختري).
هكذا قال سفيان: عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن المطلب بن أبي وداعة.
خالفه جرير بن عبد الحميد
(1)
، وأبو عوانة الضحاك بن عبد الله
(2)
، وعلي بن عاصم
(3)
، وعمرو بن ثابت
(4)
، ويزيد بن عطاء
(5)
، وخالد بن عبد الله الواسطي
(6)
، ومحمد بن فضيل
(7)
، فقالوا: عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن المطلب بن ربيعة.
(1)
أحمد (1/ 207) و (4/ 165)، وفي فضائل الصحابة (1757) و (1774)، والطبراني في الكبير 20/ (674)، وابن شبة في تاريخ المدينة (2/ 639)، والحاكم (3/ 333)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 194)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 300)، والطحاوي في شرح المشكل (3/ 127)، والبزار (2175)(2176).
(2)
الترمذي (3758)، والنسائي في الكبرى (8176)، وفي فضائل الصحابة (73)، وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 164) و (3/ 56).
(3)
الطبراني في الكبير 20/ (672).
(4)
الطبراني (20/ 673)، وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 602).
(5)
أحمد في فضائل الصحابة (1760)، والطبراني 20/ (675).
(6)
أحمد في فضائل الصحابة (1783).
(7)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (439)، والحاكم (3/ 247)، وابن أبي شيبة في مصنفه (31639)، والبزار (2175)(2176)، والطبراني في الكبير 20/ (676)، والدولابي في الكنى والأسماء (1/ 4)، والخطيب في تاريخ بغداد (10/ 68).
ورواه إسماعيل بن أبي خالد عن يزيد بن أبي زياد وهو من أقرانه عن عبد الله بن الحارث عن العباس به
(1)
.
علة الوهم:
1 المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي صحابي، ويقال: إن اسمه عبد المطلب بن ربيعة، والمطلب بن أبي وداعة أيضاً صحابي، وكلاهما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2 تشابه في اسم الصحابيين فكلاهما يدعى المطلب.
3 إن سفيان يعتمد على حفظه ولا يكتب، ومخالفته لهذا العدد يشير إلى وهمه إلا أن يكون الطريقان محفوظين، والله تعالى أعلم
(2)
.
(1)
أحمد (1/ 207)، وفي فضائل الصحابة (1773)، وابن شبة في تاريخ المدينة (2/ 639)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 295)، والبزار (1315) و (1316)، والحاكم (3/ 333)، والبيهقي في دلائل النبوة (1/ 167)، واللالكائي في اعتقاد أهل السنّة (8/ 1415)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 300)، وقال البزار (6/ 132) /: خالف إسماعيل بن أبي خالد جريراً وغيره، ولا يحكم لواحد منهما أنه أثبت وأصح حديثاً من صاحبه إلا أن يزيد ليس بالقوي في الحديث.
(2)
وقد وهم ابن ماجه رحمه الله أيضاً في حديث (1325) فقال فيه عن المطلب يعني: ابن أبي وداعة، والصحيح عبد المطلب بن ربيعة، انظره في: كتاب ابن ماجه.
الحديث العشرون
(1)
:
20 -
قال أبو داود (4771): حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثني عبد الله بن حسن قال: حدثني عمي إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات، وأخرجه الترمذي (1420)، والنسائي (7/ 115)، وفي الكبرى (3551)، وأحمد (2/ 193) و (2/ 194)، والبيهقي (8/ 187)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 140) من طريق وكيع، وعبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن عبد الرحمن الكوفي كلهم عن سفيان بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد الأسدي البصري أبو الحسن، ثقة، حافظ، يقال: إنه أول مَنْ صنّف المسند بالبصرة، من العاشرة، مات سنة 228، روى له البخاري.
يحيى بن سعيد القطان إمام ثقة حافظ، انظر ترجمته في بابه.
عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني أبو محمد، ثقة جليل القدر، من الخامسة، مات في أوائل سنة 145، وله 75 سنة، روى له أصحاب السنن.
إبراهيم بن محمد بن طلحة التيمي أبو إسحاق المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة 110، روى له مسلم.
عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سعد بن سهم السهمي أبو محمد، أحد السابقين المكثرين من الصحابة، وأحد العبادلة الفقهاء، مات في ذي الحجة ليالي الحرة على الأصح بالطائف على الراجح، وحديثه في الصحيحين.
هكذا قال سفيان: عن عبد الله بن حسن عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عبد الله بن عمرو.
خالفه سعير بن الخمس
(1)
فقال: عن عبد الله بن الحسن عن عكرمة عن عبد الله بن عمرو.
قال النسائي عقب الحديث
(2)
: هذا خطأ والصواب حديث سعير بن الخمس.
قلت: ومما يرجح أن الحديث هو حديث عكرمة عن عبد الله بن عمرو:
أن البخاري أخرجه في صحيحه من طريق الأسود عن عكرمة عن عبد الله بن عمرو
(3)
.
وروى الطبراني من طريق إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن الثوري عن عبد الله بن حسن عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو هذا الحديث
(4)
.
فزاد في الإسناد: عيسى بن طلحة.
(1)
النسائي (7/ 115)، وفي الكبرى (3550)، والطبراني في الأوسط (2939)، والصغير (23)، والمزي في تهذيب الكمال (11/ 133). سعير بن الخمس التميمي: أبو الأحوص أو أبو مالك صدوق له عند مسلم حديث واحد في الوسوسة.
(2)
(7/ 115)، وفي الكبرى (2/ 309) عقب الحديث.
(3)
(4)
في الأوسط (2939).
علة الوهم:
روى عبد الله بن الحسن عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عبد الله بن الزبير هذا الحديث
(1)
.
وروى ابن أبي ذئب عن محمد بن زيد بن قنفذ عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن سعيد بن زيد هذا الحديث
(2)
.
فإبراهيم بن محمد بن طلحة يروي هذا الحديث من مسند عبد الله بن الزبير، ومن مسند سعيد بن زيد.
فلعل الوهم دخل على سفيان من هذا الوجه، والله تعالى أعلم.
أثر الوهم:
إبراهيم بن محمد بن طلحة وعكرمة كلاهما ثقة مع مزيد لعكرمة، والإسناد في الحالين صحيح، وليس للوهم أثر، فإنه أبدل ثقة بثقة، والله تعالى أعلم.
(1)
تاريخ بغداد (14/ 26) من طريق جويرية بن أسماء عن عبد الله بن حسن. قال الخطيب: قال الدارقطني: هذا حديث غريب من حديث عبد الله بن الزبير عن الزبير تفرد به أبو اليقظان عن جويرية.
(2)
تاريخ دمشق (7/ 142).
الحديث الحادي والعشرون
(1)
:
21 -
قال الإمام النسائي في السنن الكبرى (5382): أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم بن عبد الكريم المروزي قال: أنا حبان يعني: ابن موسى قال: أنا عبد الله يعني: ابن المبارك عن سفيان يعني: ابن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن يزيد عن خنساء بنت خِدام قالت:
أنكحني أبي وأنا كارهة وأنا بكر، فشكوت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:«لا تنكحها وهي كارهة» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات عدا عبد الله بن يزيد قال عنه الحافظ: مقبول، والحديث صحيح.
وأخرجه الطبراني في الكبير (24/ 641) من طريق حبان عن عبد الله بن المبارك عن سفيان به.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن حاتم بن نعيم المروزي ثقة من الثانية عشرة، روى له النسائي.
حبان بن موسى بن سوار السلمي أبو محمد المروزي، ثقة، من العاشرة، مات سنة 233، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن المبارك تقدم.
عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي أبو محمد المدني، ثقة، جليل، قال ابن عيينة: كان أفضل أهل زمانه، من السادسة، مات سنة 126، روى له البخاري.
عبد الله بن يزيد بن وديعة الأنصاري مقبول من الثالثة أغفله المزي، روى له النسائي.
خنساء بنت خدِام الأنصارية الأوسية زوج أبي لبابة صحابية معروفة، حديثها عند البخاري.
هكذا قال سفيان: عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن يزيد عن خنساء بنت خدام: أن أباها أنكحها كارهة وهي بكر.
خالفه مالك
(1)
فقال: عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن ومجمع ابنَيْ يزيد بن جارية عن خنساء بنت خدام: أن أباها زوّجها وهي ثيب فكرهت ذلك، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فردّ نكاحها.
وكذلك رواه يحيى بن سعيد الأنصاري
(2)
عن القاسم بن محمد عن عبد الرحمن ومجمع ابنَيْ يزيد بن جارية عن خنساء
…
ورواه محمد بن إسحاق عن الحجاج بن السائب بن أبي لبابة بن عبد المنذر الأنصاري أن جدته أم السائب خناس بنت خدام بن خالد كانت عند رجل قبل أبي لبابة تأيمت منه، فزوجها أبوها خدام بن خالد رجلاً من بني عمرو بن عوف بن الخزرج، فأبت إلا أن تحط إلى أبي لبابة
…
الحديث
(3)
.
وروى ابن سعد قال: أخبرنا وكيع بن الجراح والفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الأسدي عن سفيان عن أبي الحويرث الزرقي عن نافع بن جبير قال: تأيمت خنساء بنت خدام من زوجها، فزوجها أبوها وهي كارهة، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أبي تفوت عليّ فزوجني ولم يشعرني، قال:«لا نكاح له، انكحي مَنْ شئتِ» قال
(1)
البخاري (5138)(6945)، هو في الموطأ (2/ 535).
(2)
البخاري (5139)(6969)، وأحمد (6/ 328)، والدارمي (2191). وفي رواية أحمد والدارمي قال: فذكر يحيى أنه بلغه أنها كانت ثيباً.
(3)
أحمد (6/ 329)، والطبراني (24/ 643)، والدارقطني (3/ 231)، والبيهقي (7/ 89)، وابن عبد البر (19/ 320)، والتاريخ الكبير (2/ 376).
الفضل بن دكين في حديثه: فردّ نكاحه، فنكحت أبا لبابة بن عبد المنذر
(1)
.
ورواه عبد الرزاق عن الثوري بنحوه
(2)
.
فهنا وافق سفيان الجماعة أنها كانت ثيباً.
وقد جاء في رواية ابن سعد اسم زوجها الذي مات عنها، وهو ما رواه من طريق معمر عن سعيد بن عبد الرحمن الجحشي قال: كانت امرأة يقال لها: خنساء بنت خدام تحت أنيس بن قتادة الأنصاري، فقتل عنها يوم أحد، فأنكحها أبوها رجلاً، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أبي أنكحني، وإن عم ولدي أحب إليّ، قال: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم أمرها إليها
(3)
.
وروى عمر بن أبي سلمة قال: أخبرنا أبو سلمة أن امرأة من الأنصار من بني عمرو بن عوف يقال لها: خنساء بنت خدام زوّجها أبوها من رجل وهي كارهة وكانت ثيباً
…
(4)
.
وفي رواية له: وقد كانت ملكت أمرها يعني: ثيباً
(5)
.
وروى أبو الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله
(1)
الطبقات الكبرى (8/ 456).
(2)
المصنف (1037).
(3)
الطبقات (8/ 456 - 457).
(4)
سعيد بن منصور (566) عن هشيم به، وإسناده على شرط الشيخين، والطبراني في الكبير (24/).
(5)
المصدر السابق (567) عن أبي عوانة به، وسنده على شرط الشيخين.
إن أبي ونعم الأب هو، خطبني إليه عم ولدي فرده، وأنكحني رجلاً وأنا كارهة
…
الحديث
(1)
.
وروى الربيع بن حبيب الأزدي قال: أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت خنساء بنت خدام الأنصارية زوجها أبوها وهي ثيب، فكرهت ذلك، فأتت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فرد نكاحها
(2)
.
وروى قصتها ابن جريج عن عطاء الخرساني عن ابن عباس وقال فيه: وكانت ثيباً
(3)
.
خالف سفيان في هذا الحديث في سنده ومتنه.
أما في سنده فقال: عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن يزيد، والصحيح عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن ومجمع ابنَيْ يزيد.
أما في المتن فقال: إنها كانت بكراً، والصحيح أنها كانت ثيباً.
قال الحافظ: وخالفهما سفيان الثوري في راو من السند فقال: عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن يزيد بن وديعة عن خنساء أخرجه النسائي في الكبرى والطبراني من طريق ابن المبارك عنه، وهي رواية شاذة، لكن يبعد أن يكون لعبد الرحمن بن القاسم فيه شيخان، وعبد الله بن يزيد بن وديعة هذا لم أرَ مَنْ ترجم له، ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم ولا ابن حبان إلا عبد الله بن وديعة بن خدام الذي
(1)
المصدر السابق (568).
(2)
مسند الربيع (512).
(3)
عبد الرزاق (10308).
روى عن سلمان الفارسي في غسل الجمعة وعنه المقبري وهو تابعي غير مشهور إلا في هذا الحديث
…
وعبد الله بن يزيد بن وديعة هذا ممن أغفله المزي ومَن تبعه، فلم يذكروه في رجال الكتب الستة
…
ووقع في رواية الثوري قالت: أنكحني أبي وأنا كارهة وأنا بكر، والأول أرجح يعني: ثيب فقد ذكر الحديث الإسماعيلي من طريق شعبة عن يحيى بن سعيد عن القاسم فقال في روايته: «وأنا أريد أن أتزوج عم ولدي» وكذا أخرج عبد الرزاق عن معمر عن سعيد بن عبد الرحمن الجحشي عن أبي بكر بن محمد أن رجلاً من الأنصار تزوج خنساء بنت خدام، فقتل عنها يوم أحد، فأنكحها أبوها رجلاً، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبي أنكحني، وإن عم ولدي أحب إليّ، فهذا يدل على أنها كانت ولدت من زوجها الأول، واستفدنا من هذه الرواية نسبة زوجها الأول، واسمه أنيس بن قتادة سماه الواقدي
(1)
.
قال ابن عبد البر: وذكر ابن المبارك عن الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن يزيد بن وديعة أن خنساء بنت خدام أنها كانت يومئذ بكراً، والصحيح نقل مالك في ذلك
(2)
.
وقال ابن القيم: وقد اختلف في خنساء هذه هل كانت بكراً أو ثيباً؟ فقال مالك: هي ثيب، وكذلك ذكره البخاري في صحيحه
…
وخالف مالكاً سفيان الثوري، فرواه عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن يزيد عن خنساء قالت: أنكحني أبي وأنا كارهة وأنا بكر
…
رواه النسائي من حديث ابن المبارك عن سفيان. قال عبد الحق: روى
(1)
فتح الباري (9/ 195).
(2)
أسد الغابة (7/ 98)، وعمدة القاري (20/ 19).
أنها كانت بكراً، ووقع ذلك في كتاب أبي داود والنسائي، والصحيح أنها كانت ثيباً
(1)
.
قال في عون المعبود: وقع في بعض الروايات: أنكحني أبي وأنا كارهة وأنا بكر، والصحيح الأول كما حققه الحافظ في الفتح
(2)
.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار: فسفيان كوفي، وشيخه في هذا الحديث عبد الرحمن بن القاسم من المدينة، وصاحبة القصة كذلك، لذلك رواية أهل المدينة مالك بن أنس ويحيى بن سعيد الأنصاري أصح من رواية سفيان، فهم أعلم بأهل بلدهم، وسماعهم أتقن، لكثرة مجالستهم ومباشرتهم، والله أعلم.
أثر الوهم:
لم يروِ عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن يزيد الأنصاري إلا هذا الحديث، وكذلك لم يروِ عبد الله بن يزيد عن خنساء إلا هذا الحديث، والغالب أن ذكره في الإسناد وهم إما من سفيان أو من عبد الله بن المبارك، والأول أقرب، والله تعالى أعلم.
(1)
حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (6/ 90).
(2)
عون المعبود (6/ 90).
الحديث الثاني والعشرون
(1)
:
22 -
قال عبد الرزاق في المصنف (5232): عن الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن أبي رافع:
أن علياً كان يقرأ في الجمعة بسورة الجمعة، وإذا جاءك المنافقون. قال: فذكرت ذلك لأبي هريرة فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، ورواه الدارقطني في العلل (9/ 32) من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي
(2)
، ورواه ابن حبان (2806) من طريق ابن وهب كليهما عن سفيان بهذا الإسناد.
وقد نبّه إلى أن ابن وهب تابع عبد الرزاق وأبا حذيفة الدارقطني كما سيأتي.
(1)
رجال الإسناد:
سفيان الثوري: تقدم.
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد الله المعروف بالصادق، صدوق، فقيه، إمام، من السادسة، مات سنة 148، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.
محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو جعفر الباقر، ثقة، فاضل، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة، روى له البخاري ومسلم.
نفيع الصائغ أبو رافع المدني نزيل البصرة، ثقة، ثبت، مشهور بكنيته من الثانية، روى له البخاري ومسلم.
(2)
صدوق سياء الحفظ، وكان يصحف، من صغار التاسعة، البخاري في المتابعات، وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجه.
وذكر الدارقطني في العلل (9/ 30) أن عبد الله بن الوليد العدني، ويزيد بن أبي الحكم قد رووه عن سفيان بهذا الإسناد.
هكذا قال سفيان: عن جعفر بن محمد عن أبيه عن أبي رافع.
خالفه سليمان بن بلال
(1)
، وحاتم بن إسماعيل
(2)
، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي
(3)
، وعبد الوهاب الثقفي
(4)
، ويحيى بن سعيد القطان
(5)
، وابن جريج
(6)
، وإبراهيم بن محمد
(7)
، وأبو ضمرة
(8)
، وسفيان بن عيينة
(9)
، ويحيى بن أيوب
(10)
، وحميد الأسود
(11)
، ويزيد بن عبد الله بن الهاد
(12)
، وعلي بن غراب
(13)
، فقالوا: عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع.
وقد روي عن سفيان بمثل رواية الجماعة.
رواه عنه عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي
(14)
، ويونس بن أبي
(1)
مسلم (877)، وأبو داود (1624).
(2)
مسلم (877).
(3)
مسلم (877).
(4)
ابن خزيمة (1844)، وابن الجارود (301)، والبيهقي (3/ 200)، والبغوي في شرح السنّة (1088).
(5)
النسائي في الكبرى (1735)، وأحمد (2/ 429)، وابن خزيمة (1843).
(6)
عبد الرزاق (5231).
(7)
الشافعي في المسند (1/ 212)، ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن (2/ 485).
(8)
الدارقطني في العلل (1625) تعليقاً.
(9)
المصدر السابق.
(10)
المصدر السابق.
(11)
أبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (1971).
(12)
الدارقطني في العلل (1625) تعليقاً.
(13)
المصدر السابق.
(14)
معجم أبي يعلى (97)، ومن طريقه ابن عدي في الكامل (1/ 269) في ترجمة إبراهيم بن أبي الليث (2/ 133) وفي ترجمة جعفر بن محمد.
يعقوب
(1)
، وإبراهيم بن خالد
(2)
، فقالوا: عن سفيان الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع.
وتابعهم عبد الرزاق فيما قال الدارقطني، إلا أنه في المطبوع مثل ما تقدم في حديث الباب.
وعبيد الله بن أبي رافع المدني مولى النبي صلى الله عليه وسلم كان كاتب علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو الذي يروي هذا الحديث من فعل علي وذكره أبو هريرة أنه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً.
قال الدارقطني: يرويه عنه أبو جعفر محمد بن علي واختلف عنه؛ فرواه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبي هريرة، قاله عنه يحيى القطان، وحاتم بن إسماعيل، وأبو ضمرة، والدراوردي، وسليمان بن بلال، وحميد بن الأسود، وابن الهاد، وابن جريج، ويحيى بن أيوب، وابن عيينة، وعبد الوهاب الثقفي، وعلي بن غراب، اختلف عن الثوري، فقيل: عن عبد الرزاق عنه، عن جعفر بن محمد مثل قول مَنْ مضى، وكذلك روي عن الأشجعي، وإبراهيم بن خالد، جميعاً عن الثوري، عن جعفر، عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبي هريرة، وقال عبد الله بن الوليد العدني: عن الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أبي رافع، عن أبي هريرة. وكذلك قال ابن وهب، ويزيد بن أبي حكيم، عن الثوري. وتابعه أبو حذيفة، عن الثوري كذلك، والأول أصح
…
(1)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 414).
(2)
الدارقطني في العلل (1625).
ثم أورد بسنده حديث إبراهيم بن خالد عن الثوري، وفيه عبيد الله بن أبي رافع، وبسنده عن أبي حذيفة عن سفيان، وفيه عن أبي رافع.
الخلاصة:
اختلف على الثوري في هذا الحديث: فرواه عنه عبد الرزاق
(1)
، وأبو حذيفة، وعبد الله بن وهب
(2)
، وعبد الله بن الوليد العدني، ويزيد بن أبي حكم عن سفيان، فقالوا عنه: أبو رافع.
ورواه عنه الأشجعي، ويونس، وإبراهيم بن خالد، فقالوا: عبيد الله بن أبي رافع، وزعم الدارقطني أن عبد الرزاق قد رواه عنه كذلك، وإن كان في المطبوع خلافه، مما يدل على أن الاختلاف في هذا إنما هو من سفيان، والله تعالى أعلم.
(1)
في المصنف (5232).
(2)
في صحيح ابن حبان (2806)، وذكر المحقق أن في الأصل: عن أبي رافع وظن أنه سقط من الأصل كلمة (عبيد الله بن) والصحيح أنه لم يسقط من الأصل إنما كذلك يرويه ابن وهب عن سفيان كما قال الدارقطني.
الحديث الثالث والعشرون
(1)
:
23 -
قال الإمام أحمد (2/ 33): حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك عن ابن عمر قال:
صلّيت معه المغرب ثلاثاً، والعشاء ركعتين بإقامة واحدة، فقال له مالك بن خالد الحارثي: ما هذه الصلاة يا أبا عبد الرحمن؟ قال: صليتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان بإقامة واحدة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن مالك بن الحارث تابعي روى عن علي بن أبي طالب، وابن عمر، وذكره ابن حبان في الثقات، روى له أبو داود والترمذي هذا الحديث الواحد.
هكذا قال عبد الرزاق عن سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك أن السائل هو مالك بن خالد الحارثي.
وتابعه يزيد بن هارون
(2)
عن سفيان فسمّى السائل مالك بن خالد ولم ينسبه.
ورواه محمد بن كثير
(3)
عن سفيان فسمّى السائل: مالك بن الحارث.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الرزاق بن همام الصنعاني: انظره في بابه.
سفيان تقدم.
أبو إسحاق السبيعي: عمرو بن عبد الله بن عبيد، ثقة، مكثر، عابد، انظره في بابه.
عبد الله بن مالك بن الحارث الهمداني أو الأسدي الكوفي، مقبول، من الثالثة، روى له أبو داود والترمذي.
(2)
البيهقي (1/ 401).
(3)
أبو داود (1929).
ورواه يحيى بن سعيد القطان
(1)
عن سفيان، فذكر أن السائل عبد الله بن مالك راوي الحديث نفسه، وهو ظاهر معنى رواية محمد بن الحسن الشيباني
(2)
، وأبهمه أبو عامر العقدي
(3)
، ويزيد بن هارون
(4)
في رواية، فقال: قال رجل مما يدل على أنه عندهما غير عبد الله بن مالك راوي الحديث.
ويظهر أن هذا الاختلاف إنما هو من سفيان نفسه، وهؤلاء كلهم ثقات، وأوثقهم يحيى القطان.
وخالف سفيان شعبة
(5)
، وإسرائيل
(6)
فرووه عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك عن ابن عمر فسموا السائل خالد بن مالك.
فاختلاف الرواة عن سفيان في اسم السائل يدل على عدم ضبطه له، ولم يختلف على شعبة في أن السائل هو خالد بن مالك، وتابعه على ذلك إسرائيل وهو الصحيح، فإن خالد بن مالك هو المعروف عند أهل الحديث، وأنه أخو عبد الله بن مالك أو يقولون في عبد الله بن مالك أخو خالد بن مالك، فيعرفون أحدهما بالآخر، وقول الحارثي أيضاً وهم، فإنما هو الهمداني الأسدي، ولعله دخله الوهم هنا من
(1)
أحمد (2/ 18)، والترمذي (887)، ونص أحمد في روايته أن السائل هو عبد الله بن مالك.
(2)
في كتاب الحجة على أهل المدينة (1/ 416).
(3)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 212).
(4)
أبو يعلى (5792)، والطحاوي (2/ 212).
(5)
أحمد (2/ 78)(2/ 152) من طريق محمد بن جعفر وروح بن عبادة، والطيالسي في مسنده (1897)، والطحاوي (2/ 216) من طريق وهب بن جرير أربعتهم عن شعبة به، ولم يختلف على شعبة فيه.
(6)
البيهقي (1/ 401).
حيث إن خالد بن مالك جده اسمه الحارث، والله أعلم.
الخلاصة:
اختلف على سفيان في اسم السائل في هذا الحديث إلى أقوال:
فقيل: مالك بن خالد، وقيل: مالك بن الحارث، وقيل: عبد الله بن مالك، وقيل: رجل ولم يسمّ.
وسمّاه شعبة وإسرائيل خالد بن مالك، وعلى كل حال، فالاختلاف في اسم السائل لا يضر، وسيأتي الحديث في باب زهير بن معاوية إذ أنه وهم في الإسناد، فقال: عن أبي إسحاق عن مالك بن الحارث عن ابن عمر وسمّى السائل باسم راوي الحديث عنده مالك بن الحارث، ح (637)، والله تعالى أعلم.
الحديث الرابع والعشرون
(1)
:
24 -
قال عبد الرزاق في مصنفه (14813): عن الثوري عن أبي إسحاق عن امرأته قالت: سمعت امرأة أبي السفر تقول:
سألت عائشة، فقلت: بعث زيد بن أرقم جارية إلى العطاء بثمانمائة درهم وابتعتها منه بست مئة، فقالت لها عائشة: بئس ما اشتريت أو بئس ما اشترى أبلغي زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب، قالت: أفرأيت إن أخذت رأس مالي، قالت: لا بأس مَنْ جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات غير امرأة أبي إسحاق، ذكرها ابن سعد في طبقاته، وابن حبان في الثقات، وقال ابن الجوزي: امرأة معروفة جليلة القدر، وقال ابن عبد الهادي: هذا إسناد جيد، وإن كان لا يثبت مثله عن عائشة، وقال الدارقطني عنها: مجهولة
(2)
.
وأخرجه ابن حزم في المحلى (9/ 49) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، ومن طريق عبد الرزاق كليهما عن الثوري به.
(1)
رجال الإسناد:
أبو إسحاق السبيعي: تقدم.
العالية بنت أيفع بن شراحيل بن ذي كبار امرأة أبي إسحاق والدة يونس بن أبي إسحاق. الثقات (4886)، والإكمال (7/ 139).
(2)
الطبقات الكبرى (8/ 487)، والثقات لابن حبان (5/ 289/ 4886)، وتنقيح أحاديث التعليق (2/ 558)، ونصب الراية (4/ 15)، والإجابة لما استدركت عائشة على الصحابة (1/ 138).
وذكره البيهقي (5/ 331) عن سفيان تعليقاً.
هكذا قال سفيان: عن أبي إسحاق عن امرأته عن امرأة أبي السفر عن عائشة.
خالفه شعبة
(1)
، ومعمر
(2)
، وأبو الأحوص
(3)
، وجرير بن حازم
(4)
، فقالوا: عن أبي إسحاق عن العالية امرأة أبي إسحاق عن عائشة.
وكذلك رواه يونس بن أبي إسحاق
(5)
عن أمه العالية عن عائشة.
زاد سفيان امرأة أبي السفر في الإسناد بين عائشة والعالية امرأة أبي إسحاق.
وسئل الدارقطني عن حديث امرأة أبي إسحاق السبيعي في قصة زيد بن أرقم رضي الله عنه.
فقال: هي أم يونس، واسمها العالية، امرأة أبي إسحاق، ويرويه أبو إسحاق، عن امرأته أم يونس، عن عائشة، وقال عمار بن رزيق
(6)
، عن أبي إسحاق، عن العالية امرأة أبي السفر، ووهم في ذلك، وإنما أراد امرأة أبي إسحاق
(7)
.
(1)
أحمد في المسند كما في نصب الراية (4/ 15)، والبغوي في الجعديات (453)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 330).
(2)
عبد الرزاق (14812)، والدارقطني (3/ 52).
(3)
البيهقي (5/ 330).
(4)
ابن أبي حاتم في التفسير (2/ 545).
(5)
الدارقطني (3/ 52)، وابن حزم في المحلى (9/ 48) تعليقاً، والبيهقي (5/ 331) تعليقاً.
(6)
لم أقف على روايته.
(7)
العلل (14/ 443).
لم يشر الدارقطني إلى رواية سفيان لكنه ذكر أن قوله امرأة أبي السفر وهم.
وقد روى عبد الرزاق عن سفيان الثوري مقروناً بمعمر ما يوافق رواية الجماعة، والظاهر أنه وهم من عبد الرزاق بسبب جمعه إسناد معمر وسفيان، فحمل أحدهما على الآخر، والله أعلم.
الحديث الخامس والعشرون
(1)
:
25 -
قال الإمام أحمد (1/ 433): حدثنا وكيع وعبد الرحمن المعنى، وهذا لفظ وكيع حدثنا سفيان عن عبد الكريم الجزري عن زياد بن أبي مريم عن عبد الله بن معقل:
أن أباه معقل بن مقرن المزني قال لابن مسعود: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الندم توبة» قال: نعم.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وسيأتي في باب سفيان بن عيينة.
وأخرجه ابن أبي شيبة (9/ 361)، والشاشي (237)، والفسوي في المعرفة والتاريخ (3/ 135)، والطبراني في الأوسط (6795)، والخطيب في الموضح (1/ 249) كلهم من طرق عن سفيان بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
وكيع بن الجراح تقدم.
عبد الرحمن بن مهدي: تقدم.
عبد الكريم بن مالك الجزري، ثقة، متقن، من السادسة، مات سنة 127، روى له البخاري ومسلم.
زياد بن أبي مريم الجزري، وثقه العجلي، من السادسة، ولم يثبت سماعه من أبي موسى، وجزم أهل بلده أنه غير ابن الجراح، روى له ابن ماجه.
عبد الله بن معقل بن مقرن المزني الكوفي، ثقة من كبار الثالثة، مات سنة 88 روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال الثوري عن عبد الكريم الجزري عن زياد بن أبي مريم عن عبد الله بن معقل عن أبيه.
خالفه زهير بن معاوية، وابن جريج، ومعتمر بن سليمان، وشريك، وعبيد الله بن عمرو، وفرات بن سليمان، فرووه عن عبد الكريم عن زياد بن الجراح
…
ورجح حديثهم يحيى بن معين وأبو حاتم وعلي بن المديني والخطيب وغيرهم، وقد استوفيناه في باب ابن عيينة فانظره
(1)
، والله تعالى أعلم.
(1)
حديث رقم (108).
الحديث السادس والعشرون
(1)
:
26 -
قال النسائي (4/ 203): أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا عبيد الله بن سعيد الأموي قال: حدثنا سفيان عن ثور عن خالد بن معدان عن عائشة قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى الاثنين والخميس.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبيد الله بن سعيد من رجال مسلم.
وأخرجه النسائي في الكبرى (2671)، وهو عند إسحاق في مسنده (1665)، وأخرجه أحمد (6/ 80) من طريق عبيد الله الأشجعي، ومن طريق محمد بن أحمد بن سفيان، وفي (6/ 106) من طريق مؤمل بن إسماعيل، وأخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 123) من طريق الفريابي خمستهم:(عبيد الله بن سعيد، والأشجعي، والفريابي، ومحمد بن أحمد، ومؤمل) عن سفيان بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
إسحاق بن إبراهيم (هو ابن راهويه)، ثقة، حافظ، مجتهد، قرين أحمد بن حنبل. انظر ترجمته في بابه.
عبيد الله بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص الأموي، ثقة، من التاسعة، مات سنة 200، روى له مسلم.
ثور بن يزيد أبو خالد الحمصي، ثقة، ثبت إلا أنه يرى القدر من السابعة، مات سنة 150 وقيل: 153 أو 155، روى له البخاري ومسلم.
خالد بن معدان الكلاعي الحمصي أبو عبد الله، ثقة، عابد، يرسل كثيراً، من الثالثة، مات سنة 103 وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال سفيان: عن ثور عن خالد بن معدان عن عائشة.
خالفه عبد الله بن داود
(1)
ويحيى بن حمزة الحضرمي
(2)
فقالا: عن ثور عن خالد بن معدان عن ربيعة بن الغاز الجرشي عن عائشة، أسقط سفيان ربيعة بن الغاز من الإسناد، وخالد بن معدان لم يدرك عائشة.
وقد ذكر أبو حاتم أن الصحيح هو ثور عن خالد بن معدان عن ربيعة عن عائشة، وأن الثوري رواه أيضاً كذلك، ولكن لم أقف عليه مع البحث الطويل، فإن كان كذلك فيكون سفيان ربما يذكره، وربما لا يذكره، فقد رواه خمسة من أصحابه الثقات بدونه.
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن الحديث رواه الحفري أبو داود
(3)
، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن خالد، عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان ويتحرى الإثنين، والخميس. قال أبي: هذا خطأ، ليس هذا من حديث منصور، إنما هو الثوري، عن ثور، عن خالد بن معدان، عن ربيعة بن الغاز، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا رواه الثوري، ويحيى، وجماعة، عن ثور
(4)
.
وكذلك رجح المزي في ترجمة خالد بن معدان رواية ثور عن خالد عن ربيعة عن عائشة
(5)
.
(1)
الترمذي (745)، والنسائي (4/ 153)، وفي الكبرى (2487)(2670)، وأبو يعلى (4751)، والذهبي في تذكرة الحفاظ (2/ 656)، وقال: هذا حديث صحيح.
(2)
ابن ماجه (1649)(1739)، وابن حبان (3643).
(3)
انظر ح (1264).
(4)
العلل لابن أبي حاتم (705).
(5)
تهذيب الكمال (8/ 169).
الحديث السابع والعشرون
(1)
:
27 -
قال الإمام أحمد (3/ 448): حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب قال: أتيت أم كلثوم ابنة علي بشيء من الصدقة فردتها، وقالت: حدثني مولى للنبي صلى الله عليه وسلم يقال له: مهران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة، ومولى القوم منهم» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير أم كلثوم بنت علي رضي الله عنها وهي تابعية غير أم كلثوم بنت علي، والتي أمها فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يروِ عنها غير عطاء بن السائب كما قال الهيثمي في المجمع (3/ 90) وفيه كلام.
وأخرجه ابن أبي شيبة (3/ 215) وفي مسنده (570)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (465)، والروياني (731) كلهم عن وكيع بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
وكيع بن الجراح: تقدم.
عطاء بن السائب أبو محمد ويقال: أبو السائب الثقفي الكوفي صدوق، اختلط من الخامسة، مات سنة 136، روى له البخاري.
أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما هي الصغرى، ولعلي بنت أخرى يقال لها: أم كلثوم، وهي الكبرى أمها فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، والصغرى عمرت وسمع منها عطاء بن السائب وأمها أم ولد. تعجيل المنفعة 167.
ميمون مولى النبي صلى الله عليه وسلم أو مهران، روت عنه أم كلثوم بنت علي حديث:«إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة» ، فوقع في الرواية: حدثني ميمون أو مهران، ويقال فيه أيضاً: طهمان وكيسان وذكوان وهرمز، وقد قال الواقدي: إن اسم سفينة مهران والله أعلم.
ورواه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 27) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، وعبد الرزاق في مصنفه (6942)، ومن طريقه أحمد (4/ 35)، والطبراني في الكبير (20/ 836)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4392) من طريق خلاد بن يحيى، والبيهقي (7/ 32) من طريق قبيصة ومحمد بن كثير، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 284) من طريق أبي نعيم ومحمد بن كثير وأبي حذيفة، وابن زنجويه في الأموال (1711) من طريق محمد بن يوسف.
كلهم أبو نعيم وعبد الرزاق وخلاد بن يحيى وقبيصة ومحمد بن كثير وأبو حذيفة ومحمد بن يوسف الفريابي ثمانيتهم عن سفيان عن عطاء عن أم كلثوم عن ميمون أو مهران بالشك، ولا شك أن رواية الجماعة أصح من رواية وكيع.
هكذا قال سفيان: عن عطاء بن السائب عن أم كلثوم بنت علي عن ميمون أو مهران عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه ورقاء بن عمر
(1)
وحماد بن زيد
(2)
ومحمد بن فضيل
(3)
وحماد بن سلمة
(4)
وجرير بن عبد الحميد
(5)
وهمام بن يحيى
(6)
،
(1)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 9)، وفي شرح مشكل الآثار (4391)، والطبراني في الكبير (20/ 837)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 286).
(2)
البخاري في التاريخ الكبير (7/ 427)، وابن قانع في معجم الصحابة (1192).
(3)
الروياني في مسنده (677)، وابن أبي شيبة في مسنده (803)، والبغوي في معجم الصحابة (2033)، وابن عساكر (4/ 280).
(4)
أبو نعيم في معرفة الصحابة (6580)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 300)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 280) تعليقاً.
(5)
ابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 280).
(6)
ابن قانع في معجم الصحابة (2/ 386)(رقم 937)، وابن عساكر (4/ 280) تعليقاً.
فقالوا: عن عطاء بن السائب عن أم كلثوم بنت علي عن هرمز أو كيسان مولى النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه علي بن عابس
(1)
فقال: عدنا فاطمة بنت علي أو أم كلثوم قالت: سمعت مولى لنا يقال له: هرمز يكنى أبا كيسان.
وروى أبو حفص الأبار عن ابن أبي زياد عن معاوية بن قرة قال: شهد بدر عشرون مملوكاً منهم مملوك للنبي صلى الله عليه وسلم يقال له: هرمز فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«إن الله قد أعتقك وإن مولى القوم منهم، وإنا أهل بيت لا نأكل الصدقة فلا تأكلها»
(2)
.
وقد روى حماد بن زيد هذا الحديث مطولاً وذكر فيه قصة مما يدل على تجويده له قال: عن عطاء بن السائب قال: أوصى إليّ رجل من أهل الكوفة بتركته وزعم أنه مولى لآل علي بن أبي طالب، فقدمت المدينة فدخلت على محمد بن علي فذكرته له، فقال: ما أعرفه، وإن لنا سبايا فلا تدفعه إليهم، ودلني على أم كلثوم بنت علي، فدخلت عليها، فإذا عجوز على سرير فذكرت لها، فقالت: ما أعرفه، وإن مولى لنا يقال له: كيسان أو هرمز أخبرني أن رسول الله قال له: «يا هرمز» أو قال: «يا كيسان إن آل محمد لا يأكلون الصدقة وإن مولى القوم من أنفسهم» .
لذا فإن قول الطبراني عقب أن ذكر الخلاف: وقد اختلف في اسمه، فقالوا: كيسان أو هرمز، والصواب عندي: مهران، لأن الثوري أتقن مَنْ رواه
(3)
. فيه نظر لما تقدم، والله تعالى أعلم.
(1)
تاريخ دمشق (4/ 287).
(2)
أبو نعيم في معرفة الصحابة (6581)، وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 287) من طريق البغوي بنحوه.
(3)
المعجم الكبير (20/ 354).
الحديث الثامن والعشرون
(1)
:
28 -
قال الإمام أحمد (4/ 411): حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن أخيه عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قدم رجلان من الأشعريين على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فجعلا يعرضان بالعمل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن أخوَنكم عندي مَنْ يطلبه» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير الراوي عن أبي بردة وهو أخو إسماعيل بن أبي خالد، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في باب المبهمات في كتاب التقريب (8586) فقال: إسماعيل بن أبي خالد عن أخيه له أربعة أخوة: أشعث، وسعيد، وخالد، والنعمان.
وقد روى إسماعيل عنهم كلهم فهو غير مسمى، وكلهم ليسوا من رجال التهذيب غير سعيد بن أبي خالد، قال عنه ابن حجر: صدوق.
وأخرجه البزار (3161)، والنسائي في الكبرى (5931)(8746) من طريق ابن مهدي به، وأخرجه أحمد (4/ 393) من طريق عبد الرزاق، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (58)، وأبو تمام في
(1)
رجال الإسناد:
عبد الرحمن بن مهدي: تقدم.
إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي مولاهم البجلي، ثقة، ثبت، من الرابعة، مات سنة 146، روى له البخاري ومسلم.
أخو إسماعيل بن أبي خالد مجهول.
أبو بردة بن أبي موسى الأشعري ثقة من الثالثة، مات سنة 104، ووهم مَنْ قال له صحبة.
الفوائد (1163) من طريق حسين بن حفص الأصبهاني، وأبو عوانة (6926) من طريق أبي عاصم ثلاثتهم عن سفيان بهذا الإسناد.
هكذا قال سفيان: عن إسماعيل بن أبي خالد عن أخيه عن أبي بردة عن أبي موسى.
خالفه خالد بن عبد الله الواسطي
(1)
، وعباد بن العوام
(2)
، ومحمد بن علي
(3)
، فقالوا: عن إسماعيل بن أبي خالد عن أخيه عن بشر بن قرة الكلبي عن أبي بردة عن أبي موسى.
وروى حسن بن عطية
(4)
عن قيس عن ابن أبي خالد عن بشر بن قرة عن أبي بردة عن أبي موسى.
أسقط سفيان من الإسناد: بشر بن قرة.
قال النسائي: أدخل عباد بن العوام بين أخيه وبين أبي بردة قرة بن بشر.
(1)
أبو داود (2930)، وابن حيان في أخبار القضاة (1/ 66).
(2)
النسائي (5932)، والبخاري في التاريخ الكبير (7/ 184)(2/ 82).
(3)
البخاري في التاريخ الكبير (2/ 82).
(4)
ابن حيان في أخبار القضاة (1/ 167).
الحديث التاسع والعشرون
(1)
:
29 -
قال عبد الرزاق في المصنف (6314): عن الثوري عن يحيى بن سعيد عن نافع بن جبير عن مسعود بن الحكم عن علي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عند القبر ثم جلس.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، وأخرجه الدارقطني في العلل (4/ 128) من طريق إبراهيم بن أبي الليث الأشجعي عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن نافع بن جبير عن علي، ولم يذكر مسعود بن الحكم.
هكذا قال سفيان: عن يحيى بن سعيد عن نافع بن جبير عن مسعود بن الحكم عن علي رضي الله عنه.
خالفه جماعة من أصحاب يحيى بن سعيد فقالوا: عن يحيى عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ عن نافع بن جبير عن مسعود بن الحكم عن علي.
(1)
رجال الإسناد:
يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني أبو سعيد القاضي، ثقة، ثبت، من الخامسة، مات سنة 144 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.
نافع بن جبير بن مطعم النوفلي أبو محمد وأبو عبد الله المدني، ثقة، فاضل، من الثالثة، مات سنة 99.
مسعود بن الحكم بن الربيع بن عامر الأنصاري الزرقي أبو هارون المدني، له رؤية، وله رواية عن بعض الصحابة، روى له مسلم.
منهم:
الإمام مالك بن أنس
(1)
، والليث بن سعد
(2)
، وعبد الوهاب الثقفي
(3)
، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة
(4)
، وسفيان بن عيينة
(5)
، ويزيد بن هارون
(6)
، وعائذ بن حبيب
(7)
، وزهير بن معاوية
(8)
.
وكذلك رواه محمد بن عمرو عن علقمة الليثي عن واقد بن عمرو
(9)
.
وسيأتي في باب جرير بن عبد الحميد، إذ أنه أبدل واقد بن عمرو بسعيد بن أبي سعيد المقبري، انظر ح (865).
قال أبو زرعة متعقباً جريراً: هذا حديث وهم، رواه مالك، والليث بن سعد، وعائذ بن حبيب، عن يحيى بن سعيد، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم
(10)
.
(1)
الموطأ (1/ 232)، وأبو داود (3175)، والشافعي (1/ 162)، والبخاري في التاريخ الكبير (8/ 174).
(2)
مسلم (962).
(3)
مسلم (962).
(4)
مسلم (962).
(5)
الحميدي (51).
(6)
أبو يعلى (273)، وابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 556)، والمحاملي في أماليه (160).
(7)
ابن أبي شيبة في مصنفه (11518).
(8)
ابن عبد البر في التمهيد (23/ 266).
(9)
أحمد (1/ 82)، وابن حبان (3057)، والبيهقي في الصغرى (1108)، وابن جرير (2/ 558).
(10)
العلل لابن أبي حاتم (1100).
وقال الدارقطني: هو حديث يرويه يحيى بن سعيد الأنصاري عن واقد بن عمرو
…
قال ذلك الليث وعبد الوهاب ويزيد بن هارون
…
ورواه الثوري عن يحيى بن سعيد عن نافع بن جبير عن علي أسقط من الإسناد رجلين، ولم يقم إسناده.
والصواب قول الليث بن سعد ومَن تابعه عن يحيى بن واقد عن عمرو
(1)
.
قلت: مما جاء في حديث عبد الرزاق أن الثوري ذكر مسعود بن الحكم، وإنما أسقط واقد بن عمرو
(2)
، وما كنت لأخرج الحديث في باب سفيان لاحتمال أن يكون الوهم من عبد الرزاق أو سقط في الإسناد وهو كثير في المصنف، لولا أن وجدت الدارقطني ذكر سفيان، والله أعلم.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فرجال الإسناد كلهم مدنيون، فشيخ سفيان يحيى بن سعيد، وواقد بن عمرو، وهو الذي أسقط سفيان اسمه من الإسناد مدني، وكذلك من فوقه، والله تعالى أعلم.
(1)
العلل (4/ 127 - 128).
(2)
واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري الأشهلي أبو عبد الله المدني ثقة من الرابعة، مات سنة 120، روى له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
الحديث الثلاثون
(1)
:
30 -
قال أبو داود الطيالسي (229 ط التركي): حدثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن شيخ لهم، عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن لحم الصيد يهديه الحلال إلى الحرام، فرخص فيه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن فيه رجلاً مجهولاً، وبه يضعف الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى (652) و (653) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن محمد بن المنكدر حدثنا شيخ لنا عن طلحة، وظاهره أن الذي أبهم الشيخ هو محمد بن المنكدر بخلاف رواية الطيالسي، فإنها تشير إلى أن الذي أبهم الشيخ هو سفيان.
هكذا قال سفيان: عن محمد بن المنكدر عن شيخ لهم عن طلحة.
خالفه ابن جريج
(2)
فقال: عن محمد بن المنكدر عن معاذ بن
(1)
رجال الإسناد:
سفيان الثوري: تقدم.
محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير التيمي المدني ثقة فاضل من الثالثة، مات سنة 130 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.
طلحة بن عبيد الله: صحابي مشهور.
(2)
مسلم (1197)، والنسائي (5/ 182)، وأحمد (1/ 161)(1/ 162)، وأبو يعلى (630)، وابن خزيمة (2638)، والدارمي (1829)، والبزار (931)، وابن حبان (3977).
عبد الرحمن
(1)
عن أبيه عبد الرحمن بن عثمان التيمي
(2)
عن طلحة بن عبيد الله.
وتابعه ربيعة بن عمر
(3)
، فرواه عن ابن المنكدر بهذا الإسناد.
ورواه فليح بن سليمان
(4)
فقال: عن محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن عثمان عن طلحة، وتابعه بكير بن الأشج
(5)
.
وهم سفيان فنسي اسم شيخ ابن المنكدر، وأسقط أباه من الإسناد، فلم يقل عن شيخ لهم عن أبيه عن طلحة.
قال الدارقطني: «والصواب حديث ابن جريج وهو حفظ إسناده
…
»
(6)
.
(7)
.
وقال الحافظ: إنما رواه ابن المنكدر عن معاذ بن عبد الرحمن بن
(1)
معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله بن عثمان التيمي من آل طلحة لأبيه صحبة وهو صدوق من الثالثة ويقال: له صحبة أيضاً، روى له البخاري ومسلم والنسائي. التقريب 6337.
(2)
عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي ابن أخي طلحة صحابي قتل مع ابن الزبير.
(3)
الدارقطني في العلل (4/ 216).
(4)
أبو يعلى (658)، والشاشي (12)(13).
(5)
ابن حبان (3972).
(6)
العلل (4/ 216).
(7)
مسند البزار (3/ 147).
عثمان التيمي عن أبيه عن طلحة هكذا هو عند مسلم على الصواب
(1)
.
وخالفهم ابن حبان فقال بعد أن رواه من طريق بكير بن الأشج عن محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن طلحة وابن جريج بزيادة معاذ في الإسناد قال: لست أنكر أن يكون ابن المنكدر سمع هذا الخبر من عبد الرحمن بن عثمان التيمي وسمعه من ابن عبد الرحمن عن أبيه، فمرة روى عن معاذ، وأخرى عن أبيه
(2)
.
قلت: وهذا القول قوي إذا علمنا أن بكير بن الأشج وفليح بن سليمان وتابعهم الثوري إلا أنه نسي اسم الشيخ قد تتابعوا على ذكره، فتكون رواية ابن جريج من المزيد في متصل الأسانيد، والله تعالى أعلم.
تنبيه:
قال ابن حجر في التقريب في ترجمة معاذ: ويقال: له صحبة.
والصحيح أنه ليس له صحبة كما قرر في الإصابة، وذكر أن أبا حاتم الرازي قال: لا يصح له سماع عن عمر، ثم قال: وإذا لم يصح سماعه من عمر فكيف يدرك العصر النبوي
(3)
.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار.
(1)
الإيثار بمعرفة رواة الآثار لابن حجر (1/ 132).
(2)
صحيح ابن حبان (9/ 285).
(3)
الإصابة (6/ 142 رقم 8054).
الحديث الحادي والثلاثون
(1)
:
31 -
قال الإمام النسائي في الكبرى (7318): أخبرني محمود بن غيلان قال: ثنا السيناني واسمه الفضل بن موسى أبو عبد الله قال: ثنا سفيان عن سماك بن حرب عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني قد أصبت من امرأة غير أني لم آتها، فأنزل الله تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم رجال الشيخين غير سماك فمن رجال مسلم وأخرجه الترمذي (3118) عن محمود بن غيلان، وأحمد (1/ 406) عن الحسن بن يحيى، والواحدي في أسباب النزول
(1)
رجال الإسناد:
محمود بن غيلان العدوي المروزي نزيل بغداد، ثقة من العاشرة، مات سنة 239 وقيل بعدها روى عنه البخاري ومسلم.
الفضل بن موسى السيناني أبو عبد الله المروزي، ثقة ثبت وربما أغرب، من كبار التاسعة، مات سنة 192 روى له البخاري ومسلم.
سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلي الكوفي، صدوق وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة وقد تغير بأَخرة فكان ربما يلقن، من الرابعة، مات سنة 123 روى له مسلم واستشهد به البخاري.
إبراهيم بن يزيد النخعي أبو عمران الكوفي الفقيه، ثقة إلا أنه يرسل كثيراً من الخامسة، مات سنة 96 وهو ابن خمسين روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة من كبار الثالثة، مات سنة 83 روى له البخاري ومسلم.
(ص 722) من طريق أبي عبد الرحيم بن مسيب كلهم عن الفضل بن موسى بهذا الإسناد.
هكذا قال سفيان (عن سماك، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود).
خالفه أبو الأحوص
(1)
، وإسرائيل بن يونس
(2)
، وأبو عوانة وضاح اليشكري
(3)
، وحفص بن جميع
(4)
.
فقالوا: (عن سماك، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، عن ابن مسعود) ورواية أبي عوانة بالشك عن علقمة أو الأسود ورواه شعبة
(5)
، وأسباط بن نصر
(6)
(عن سماك، عن إبراهيم، عن الأسود، عن ابن مسعود).
ورواه عبد الغفار بن القاسم
(7)
عن سماك عن إبراهيم، عن علقمة عن ابن مسعود.
وقد اختلف على الثوري فرواه أبو الفضل عن موسى كما تقدم.
(1)
مسلم (2763)، والترمذي (3111)، وأبو داود (4468) وغيرهم.
(2)
الترمذي (3111) تعليقاً، وأحمد (1/ 449)، وابن خزيمة (313)، والشاشي (366)(426)، والطبري في التفسير (18670).
(3)
النسائي في الكبرى (7323)، وسعيد بن منصور (1102)، وأبو يعلى (5343)، وأحمد (1/ 449)، والبزار (1625)، والطيالسي (285)، والشاشي (365).
(4)
البزار (1539).
(5)
مسلم (2763)(43)، والترمذي تعليقاً (3170)، والنسائي (7315)(7321).
(6)
النسائي (7322).
(7)
الطبراني في الأوسط (7279).
ورواه محمد بن يوسف عن الثوري، عن الأعمش وسماك، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد به
(1)
.
وزاد الأعمش في الإسناد.
لذا قال الترمذي بعد أن أورده من طريق أبي الأحوص قال: هذا حديث حسن صحيح، وهكذا روى إسرائيل عن سماك عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
وروى شعبة عن سماك بن حرب، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
وروى سفيان الثوري عن سماك، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، ورواية هؤلاء أصح من رواية الثوري
(2)
.
ثم أورده من طريق محمد بن يوسف والفضل بن موسى عن سفيان ولم يسق متنه.
وقال البزار: هذا الحديث رواه غير واحد عن سماك عن إبراهيم عن علقمة والأسود وبعضهم شكّ فقال عن علقمة أو الأسود
(3)
.
(1)
الترمذي (3112) ولم يسق القصة، والنسائي (7317)، والطبراني في الكبير (10482)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 41).
(2)
سنن الترمذي (5/ 188 - 189).
(3)
مسند البزار (4/ 343 ح 1539).
الحديث الثاني والثلاثون
(1)
:
32 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي (2/ 158): أخبرنا موسى بن حزام الترمذي وهارون بن عبد الله واللفظ له قالا: حدثنا أبو أسامة قال: أخبرني سفيان عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عقبة بن عامر:
أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين، قال عقبة: فأمّنا بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، وأخرجه النسائي
(1)
رجال الإسناد:
موسى بن حزام الترمذي أبو عمران، نزيل بلخ، ثقة، فقيه، عابد، من الحادية عشرة، مات بعد 250، روى له البخاري.
هارون بن عبد الله بن مروان البغدادي أبو موسى الحمال البزاز، ثقة من العاشرة، مات سنة 243 وقد ناهز 80، روى له مسلم.
حماد بن أسامة القرشي مولاهم الكوفي أبو أسامة مشهور بكنيته، ثقة ثبت، ربما دلس، من كبار التاسعة، مات سنة 201 وهو ابن ثمانين، روى له البخاري ومسلم.
سفيان: تقدم.
معاوية بن صالح بن حدير الحضرمي أبو عمرو وأبو عبد الرحمن الحمصي، قاضي الأندلس، صدوق له أوهام، من السابعة، مات سنة 150 وقيل: بعد 170، روى له مسلم، والبخاري في جزء القراءة.
عبد الرحمن بن جبير بن نفير بنون الحضرمي الحمصي، ثقة، من الرابعة، مات سنة 118، روى له مسلم، والبخاري في الأدب المفرد.
جبير بن نفير بن مالك بن عامر الحضرمي الحمصي، ثقة، جليل، من الثانية، مخضرم، ولأبيه صحبة، فكأنه هو ما وفد إلا في عهد عمر، مات سنة 80، روى له مسلم، والبخاري في الأدب.
كذلك (8/ 252) عن موسى بن حزام وحده عن أبي أسامة به.
وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (10/ 539)، وابن خزيمة (536)، والحاكم (1/ 240، 567)، وأبو يعلى (1734)، والبيهقي (2/ 392)، وأبو زرعة الدمشقي (1/ 500)، كلهم من طريق أبي أسامة عن سفيان الثوري به.
هكذا رواه سفيان: عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن عقبة بن عامر.
خالفه عبد الرحمن بن مهدي
(1)
، وزيد بن الحباب
(2)
، وعبد الله بن وهب
(3)
، وعبد الله بن صالح
(4)
، وأسد بن موسى
(5)
.
فرووه عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن القاسم مولى معاوية عن عقبة بن عامر.
لذا قال بعض أهل الحديث إن سفيان وهم في الإسناد على معاوية بن صالح، إذ خالفه جمع من الثقات.
قال ابن خزيمة عقب الحديث (1/ 268): أصحابنا يقولون الثوري أخطأ في هذا الحديث، وأنا أقول غير مستنكر لسفيان أن يروي هذا عن معاوية وعن غيره.
(1)
أحمد (4/ 153)، وابن خزيمة (535)، والحاكم (1/ 240).
(2)
أحمد (4/ 149)، وابن خزيمة (535)، والحاكم (1/ 240)، والبيهقي (2/ 394).
(3)
أبو داود (1462)، والنسائي (8/ 252).
(4)
الطبراني في الكبير (17/ 936)، وفي مسند الشاميين (1987)، وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه (1312).
(5)
الطبراني في الكبير (17/ 926).
وقال الحاكم عقب الحديث: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقد تفرد به أبو أسامة عن الثوري وأبو أسامة ثقة معتمد وقد رواه عبد الرحمن بن مهدي وزيد بن الحباب عن معاوية بن صالح بإسناد آخر. ثم ساق روايته، ووافقه الذهبي.
وذهب أيضاً أبو زرعة إلى أن هذا الإسناد خطأ، وخالفه أبو حاتم.
قال ابن أبي حاتم في العلل (1667): وسألت أبي عن حديث رواه سفيان الثوري عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير عن عقبة بن عامر قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين. فقيل لأبي: إن أبا زرعة قال: هذا خطأ. قال أبي: الذي عندي أنه ليس بخطأ، وكنت أرى قبل ذلك أنه خطأ، إنما هو معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن معاوية، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قيل لأبي: كذا قاله أبو زرعة. قال أبي: وليس هو عندي كذا، الذي عندي أنه صحيح، الذي كان الحديثين جميعاً كانا عند معاوية بن صالح، وكان الثوري حافظاً، وكان حفظ هذا أسهل على الثوري من حديث العلاء، فحفظ هذا ولم يحفظ ذاك، ومما يدل أن هذا الحديث صحيح أن هذا الحديث يرويه الحمصيون، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عقبة، ومحال أن يغلط بين هذا الإسناد إلى إسناد آخر، وإنما أكثر ما يغلط الناس إذا كان حديثاً واحداً من اسم شيخ إلى شيخ آخر، فأما مثل هؤلاء فلا أرى يخفى على الثوري.
وقال أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (1/ 500): قلت له: فإن سفيان الثوري يحدث عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن
نفير عن أبيه عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة *** Insert non-referred Koran Selection nb 1 ***
قال أبو زرعة: وهاتان الروايتان عندي صحيحتان، لهما جميعاً أصل بالشام عن جبير بن نفير عن عقبة، وعن القاسم عن عقبة.
قال محرره أبو حمزة: ما ذهب إليه أبو حاتم وابن خزيمة وأبو زرعة الدمشقي هو الصواب إن شاء الله، ولم ينفرد سفيان الثوري بهذا، فقد تابعه بحير بن سعد
(1)
.
أخرج الطبراني في الكبير 17/ (931) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة وهارون بن عبد الله الحماني قالا: ثنا أبو أسامة عن بحير بن سعد عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عقبة بن عامر.
فدلّ هذا أن الإسنادين صحيحان إن شاء الله تعالى، ولم يهم سفيان فيه، والله تعالى أعلم، وسيأتي برقم (1104).
(1)
بحير بن سعد السحولي، أبو خالد الحمصي، ثقة، ثبت، من السادسة، روى له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
الحديث الثالث والثلاثون
(1)
:
33 -
قال أبو عبد الله المروزي في البر والصلة (347): حدثنا ابن المبارك قال: أخبرنا سفيان عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم رجال الصحيح، ورواه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 226) من طريقه.
ورواه أبو عوانة (6076) من طريق عبد الله بن الوليد، وأبو نعيم في حلية الأولياء (7/ 91) و (8/ 180) من طريق عباد بن موسى أبي عقبة الأزرق وعصام بن يزيد وعبد الله بن المبارك جميعهم عن سفيان الثوري بهذا الإسناد.
هكذا رواه سفيان فقال: محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن المبارك المروزي، ثقة، ثبت، فقيه، عالم، جواد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، من الثامنة، مات سنة 181 وله 63، روى له البخاري ومسلم.
سفيان: هو الثوري تقدم.
محمد بن عجلان المدني، صدوق، إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، من الخامسة، مات سنة 148، روى له مسلم، والبخاري تعليقاً.
عجلان مولى فاطمة بنت عتبة المدني، لا بأس به من الرابعة، روى له مسلم، والبخاري تعليقاً.
الحديث الرابع والثلاثون
(1)
:
34 -
قال أبو عبد الله المروزي في البر والصلة (347): حدثنا ابن المبارك قال: أخبرنا سفيان عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم رجال الصحيح، ورواه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 226) من طريقه.
ورواه أبو عوانة (6076) من طريق عبد الله بن الوليد، وأبو نعيم في حلية الأولياء (7/ 91) و (8/ 180) من طريق عباد بن موسى أبي عقبة الأزرق وعصام بن يزيد وعبد الله بن المبارك جميعهم عن سفيان الثوري بهذا الإسناد.
هكذا رواه سفيان فقال: محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن المبارك المروزي، ثقة، ثبت، فقيه، عالم، جواد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، من الثامنة، مات سنة 181 وله 63، روى له البخاري ومسلم.
سفيان: هو الثوري تقدم.
محمد بن عجلان المدني، صدوق، إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، من الخامسة، مات سنة 148، روى له مسلم، والبخاري تعليقاً.
عجلان مولى فاطمة بنت عتبة المدني، لا بأس به من الرابعة، روى له مسلم، والبخاري تعليقاً.
خالفه: سفيان بن عيينة
(1)
، والليث بن سعد
(2)
، ووهيب بن خالد
(3)
، وسعيد بن أبي أيوب
(4)
، وسليمان بن بلال
(5)
، وأبو ضمرة
(6)
، والفضل بن فضالة
(7)
، وطارق بن عبد العزيز
(8)
، ومحمد بن عبد الوهاب القناد
(9)
، وعبد العزيز الدراوردي
(10)
، فقالوا: محمد بن عجلان عن بكير بن عبد الله الأشج، عن عجلان عن أبي هريرة.
وكذلك رواه عمرو بن الحارث عن بكير عن عجلان عن أبي هريرة
(11)
.
وقد صوّب أبو داود والدارقطني وابن عبد البر رواية الجماعة عن ابن عجلان.
قال أبو داود: هذا الحديث إنما يرويه عن ابن عجلان عن بكير بن عبد الله الأشج عن عجلان عن أبي هريرة
(12)
.
(1)
الحميدي (1155)، وعبد الرزاق (17967)، والشافعي (1/ 35)، وأحمد (2/ 247)، وأبو عوانة (6068)، وابن حبان (4313)، والبيهقي (8/ 6).
(2)
أبو عوانة (6077)، والبيهقي (8/ 8)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 286).
(3)
أحمد (2/ 342)، وابن عبد البر (24/ 286).
(4)
البخاري في الأدب المفرد (192).
(5)
ابن عبد البر في التمهيد (24/ 286).
(6)
أبو نعيم في الحلية (8/ 181).
(7)
الدارقطني في العلل (11/ 134) تعليقاً.
(8)
المصدر السابق.
(9)
المصدر السابق.
(10)
ابن عبد البر في التمهيد (24/ 286) تعليقاً.
(11)
مسلم (1662).
(12)
التمهيد (24/ 286).
قال ابن عبد البر: هو كما قال أبو داود.
وقال أبو نعيم: كذا رواه سفيان عن ابن عجلان وتفرد به، وخالفه سفيان بن عيينة وسليمان بن بلال وأبو ضمرة فقالوا: عن ابن عجلان عن بكير بن عبد الله الأشج عن عجلان عن أبي هريرة بإدخال بكير بينه وبين أبيه
(1)
.
وقال الدارقطني في العلل عن رواية ابن عيينة ومَن تابعه أنها الصحيح
(2)
.
علة الوهم:
سلك به الجادة لكثرة رواية محمد بن عجلان عن أبيه حتى ذكر الآجري عن أبي داود أنه قال: لم يروِ عن عجلان غير ابنه محمد
(3)
.
اختلاف الأمصار: محمد بن عجلان مدني، وسفيان الثوري كوفي، والله تعالى أعلم.
(1)
الحلية (8/ 181).
(2)
العلل (11/ 134 - 135).
(3)
تهذيب التهذيب (7/ 147)، وعجلان هذا لم يروِ عنه سوى ابنه محمد وبكير بن عبد الله الأشج. انظر: التاريخ الكبير (7/ 61)، والجرح والتعديل (5/ 18).
الخاتمة
وهم الإمام الحافظ الثقة أمير المؤمنين في الحديث سفيان الثوري فيما وقفنا عليه في بضع وثلاثين حديثاً، وهي كالتالي:
ستة منها في المتن وهي كالتالي: (1، 2، 8، 10، 11، 22)، منها ما يتعلق بها حكم فقهي، أولها قوله في مَنْ مات محرماً:«ولا تخمروا رأسه ولا وجهه» والصحيح: «ولا تخمروا وجهه» ، والثاني قوله:«فلم يرفع يديه إلا مرة واحدة» ، والثالثة قوله في التي أنكحها أبوها وهي كارهة أنها كانت بكراً، والصحيح أنها ثيب، والبقية في أسماء أعلام أو أماكن وهم في تسميتها.
خالف شعبة سفيان في تسعة أحاديث كان القول فيها قول شعبة، وهي التي بالأرقام التالية:(8، 13، 14، 16، 21، 23، 24، 25، 31) منها أربعة أحاديث كوفية بلد سفيان، وهذا خلاف ما ذكره بعض أهل العلم من أنه ما اختلف سفيان وشعبة في سنن إلا كان القول قول سفيان.
قال الدوري: قال يحيى: ليس أحد يخالف سفيان الثوري إلا كان القول قول سفيان. قلت: وشعبة أيضاً إن خالفه؟ قال: نعم. قلت لأبي زكريا: فإن خالف شعبة في حديث البصريين القول قول مَنْ
يكون؟ قال: ليس يكاد يخالف شعبة سفيان في حديث البصريين
(1)
.
قلت: بل خالف شعبة سفيان في حديث البصريين، وكان القول في بعضها قول سفيان مع أن شعبة بصري، وانظره في باب شعبة
(2)
.
أربعة عشر حديثاً كان علة الوهم فيها اختلاف الأمصار، 11 حديثاً منها شيوخه من المدينة النبوية.
وذكرنا في باب شعبة أن سفيان وشعبة إمامان حافظان ويحدثان من حفظهما، وكان سفيان ربما حدّث في المجلس الواحد بثلاثمائة حديث من حفظه
(3)
، فرجل يحفظ الآلاف لا يضره الوهم في بضعة عشر حديثاً، والله تعالى أعلم.
وهم سفيان على أبي إسحاق السبيعي في ثلاثة أحاديث (13، 24، 25)، وخالفه شعبة فيها، وكان القول قول شعبة، فيما وهم شعبة على أبي إسحاق في حديثين (من أصل 45 حديثاً في بابه) كان القول قول سفيان في أحدها.
لذا كان قول عبد الرحمن بن مهدي: «ليس أحد أصح حديثاً عن أبي إسحاق من شعبة» صحيحاً مع أن أبا إسحاق كوفي مثل سفيان وشعبة بصري.
(1)
تاريخ ابن معين برواية الدوري (3/ 364)، وتاريخ بغداد (9/ 169).
(2)
حديثان فقط برقم (17، 21) من أصل سبعة عشر حديثاً كان القول فيها قول سفيان.
(3)
قال الإمام أحمد: إن سفيان الثوري يحدث بالكوفة ثلاثمائة حديث في اليوم من حفظه، ولم يكن له كتاب فكان الحفاظ يحفظون ثم يقومون فيكتبون. الجرح والتعديل (1/ 163).
ملخص لما جاء في باب سفيان الثوري من الأوهام
رقم الحديث
شيخ سفيان
مصره
الوهم
الصحيح
1
الأعمش
كوفي
ألف وخمسمائة
ستمائة إلى سبعمائة
2
عمرو بن دينار
مكي
ولا تخمروا رأسه ولا وجهه
ولا تخمروا وجهه
3
الأعمش
كوفي
عبدالله بن سنان
يعقوب بن بجير عن ضرار
4
الأعمش
كوفي
جابر بن عبدالله عن سليك
جابر أن سليكاً
5
عبيدالله بن عمر بن حفص
مدني
عبيدالله عن نافع عن ابن عمر
عبيدالله عن عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر
6
عبيدالله بن عمر
مدني
عبيدالله عن نافع عن ابن عمر
عبيدالله عن نافع عن سالم عن أبي الجراح عن أم حبيبة
7
أبو جهضم
مدني
عبيدالله بن عبدالله عن ابن عباس
عبدالله بن عبيدالله بن عباس
8
حبيب بن الشهيد
بصري
خرج معاوية فقام عبدالله بن الزبير وابن صفوان
خرج معاوية فقام عبدالله بن عامر وابن صفوان
رقم الحديث
شيخ سفيان
مصره
الوهم
الصحيح
9
زيد بن أسلم
مدني
عن رجل من قومه
عن أبيه
10
أبو الزبير
مكي
بالبقيع
بالنقيع
11
عاصم بن كليب
كوفي
فلم يرفع يده إلا مرة
زيادة شاذة
12
هشام بن عروة
مدني كوفي
حجاج عن النبي صلى الله عليه وسلم
حجاج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم
13
أبو إسحاق السبيعي
كوفي
أبو إسحاق عن البراء
أبو إسحاق عن الربيع عن البراء
14
أيوب
بصري
أبو قلابة عن أنس
أبو قلابة عن رجل عن أنس
15
حبيب بن أبي ثابت
كوفي
أبو ذر
معاذ بن جبل
16
منصور بن المعتمر
كوفي
ربعي عن أبي ذر
ربعي عن زيد بن ظبيان
17
أبو الزناد
مدني
عن حنظلة
عن أبي حنظلة
18
يحيى بن سعيد الأنصاري
مدني
عباية بن رفاعة
معاذ بن رفاعة
19
يزيد بن أبي زياد
الكوفة
المطلب بن أبي وداعة
المطلب بن أبي ربيعة
20
عبدالله بن حسن
مدني
إبراهيم بن محمد بن طلحة
عن عبدالله بن الحسن عن عكرمة
21
عبدالرحمن
مدني
وهي بكر
وهي ثيب.
22
جعفر بن محمد
مدني
عن أبي رافع
عن عبيدالله بن أبي رافع
23
أبو إسحاق
الكوفة
مالك بن خالد
خالد بن مالك
24
أبو إسحاق
الكوفة
امرأة أبي إسحاق عن امرأة أبي السفر عن عائشة
امرأة أبي إسحاق عن عائشة
25
عبدالكريم الجزري
حران
زياد بن أبي مريم
زياد الجراح
رقم الحديث
شيخ سفيان
مصره
الوهم
الصحيح
26
ثور بن يزيد
حمص
خالد بن معدان عن عائشة
خالد بن معدان عن ربيعة عن عائشة
27
عطاء بن السائب
الكوفة
مهران
هرمز أو كيسان
28
إسماعيل بن أبي خالد
الكوفة
إسماعيل عن أخيه عن أبي بردة
إسماعيل عن أخيه عن بشر عن أبي بردة
29
يحيى بن سعيد
المدينة
يحيى عن نافع عن علي
يحيى عن واقد عن نافع
30
محمد بن المنكدر
المدينة
محمد عن شيخ لهم عن طلحة
محمد عن معاذ بن عبدالرحمن عن أبيه عن طلحة
31
سماك بن حرب
الكوفة
عبدالرحمن بن يزيد عن ابن مسعود
علقمة والأسود عن ابن مسعود
32
معاوية بن صالح
حمص
عبدالرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه
العلاء بن الحارث عن القاسم مولى معاوية
33
محمد بن عجلان
المدينة
ابن عجلان عن أبيه
ابن عجلان عن بكير بن عبدالله عن عجلان
34
عكرمة
المدينة
ابن عمر وابن عباس
ابن عمر
أوهام شعبة
الإمام شعبة
(1)
اسمه ومنشأه:
شعبة بن الحجاج بن الورد الواسطي البصري أبو البسطام مولى للجهضم بن عتيك وعتيك اسم للقبيلة.
أصله من واسط وسكن البصرة من الصغر.
ولد نحو سنة 82 بواسط، وتوفي سنة 160 بالبصرة وهو ابن 78 سنة.
وهو أكبر من سفيان الثوري بنحو عشر سنين.
ولد ونشأ بواسط، وعلَّمه كوفي كان له ابن يقال له: سعد، وكان له أخوان.
نعته الذهبي في «السير» فقال: الإمام الحافظ أمير المؤمنين في الحديث عالم أهل البصرة وشيخها.
(1)
مصادر الترجمة:
الجرح والتعديل (1/ 126 - 176)، حلية الأولياء (7/ 144 - 209)، تاريخ بغداد (9/ 255 - 266)، طبقات ابن سعد (7/ 280 - 281)، تهذيب الكمال (12/ 479)، تهذيب التهذيب (4/ 297)، تاريخ الإسلام (6/ 190 - 201)، سير أعلام النبلاء (7/ 202 - 228)، وغيرها.
وقال: كان أبو البسطام إماماً ثبتاً حجة ناقداً جهبذاً صالحاً زاهداً قانعاً بالقوت نبراساً في العلم والعمل منقطع القرين، وهو أول مَنْ جرَّح وعدَّل.
شيوخه وتلاميذه:
ذكر أبو عبد الله الحاكم أنَّ شعبة سمع من أربعمائة شيخ من التابعين.
وسمَّى المزي في «التهذيب» لشعبة ثلاثمائة شيخ وامرأة.
فقد حدَّث عن أنس بن سيرين، وإسماعيل بن رجاء، وسلمة بن كهيل، وجامع بن شداد، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، والحكم بن عتيبة، وعمرو بن دينار، ويحيى بن أبي كثير، وأيوب السختياني، ومنصور بن المعتمر، وخلق كثير سواهم.
روى عنه الأعمش، وأيوب السختياني، ومحمد بن إسحاق، وسعد بن إبراهيم الزهري وهم من شيوخه، وسفيان الثوري، وجرير بن حازم، والحسن بن صالح بن حي وهم من أقرانه، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، وابن علية، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وخلق كثير سواهم.
علمه:
كان شعبة كثير الرواية والحديث وبلغ من كثر روايته أن قال عنه الإمام أحمد بن حنبل: إنه روى عن ثلاثين رجلاً من أهل الكوفة لم يروِ عنهم سفيان.
هذا؛ مع أنَّ سفيان الثوري كوفي وشعبة من البصرة، وقد بلغ في هذا الشأن أنَّ شيوخه صاروا يرشدون الناس إلى الأخذ منه.
قال حماد بن زيد: قال لنا أيوب السختياني وهو من شيوخه: الآن يقدم عليكم رجل من أهل واسط هو فارس في الحديث فخذوا عنه.
قال أبو داود الطيالسي: سمعت من شعبة سبعة آلاف حديث وسمع منه غندر سبعة آلاف.
قال الذهبي معقباً: يعني بالآثار والمقاطيع.
وبلغ من علمه أنَّ شيوخه يسألونه عن حديثهم.
قال عبد الله بن المبارك: حدثني معمر أنَّ قتادة كان يسأل شعبة عن حديثه يعني حديث نفسه.
قال ابن أبي حاتم بعد أن ذكر هذا الخبر: وكان قتادة بارع العلم نسيج وحده في الحفظ في زمانه لا يتقدمه كبير أحد، فحلَّ شعبة من نفسه محلًّا يرجع إليه في حديث نفسه.
وقد بلغ من علمه بحديث قتادة أنه يعرف ما سمعه قتادة وما لم يسمعه وذلك أنَّ قتادة كان يدلس.
قال يحيى القطان: قال شعبة: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا ثلاثة أشياء، ثم عدَّها.
وقال أبو داود الطيالسي: قال شعبة: كنت أعرف إذا حدَّث قتادة ما سمع مما لم يسمع.
وقال أبو داود عن شعبة: كان أيوب يعني ابن أبي تميمة السختياني يمشي معي إلى مسجد بني ضبعة يسألني عن الحديث.
قال الإمام أحمد بن حنبل: شعبة أعلم بحديث الحكم ولولا شعبة لذهب حديث الحكم ولم يكن في زمن شعبة مثله في الحديث ولا أحسن حديثاً منه كان قسم له من هذا حظ.
وقال شعبة: نصصت على قتادة سبعين حديثاً كلها يقول: سمعت من أنس، إلا أربعة.
وأنه حدثنا عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم: «سووا صفوفكم، فإنَّ تسوية الصف من تمام الصلاة» فكرهت أن أوقفه عليه فيفسد عليّ فلم أوقفه عليه.
تحرّيه في الحديث:
قال يحيى القطان: قال شعبة: كنت أجالس قتادة فيذكر الشيء فأقول: كيف إسناده؟ فيقول المشيخة الذين حوله: إنَّ قتادة سند؛ فأسكت، فكنت أكثر مجالسته فربما ذكر الشيء فأذكره فعرف مكاني ثم كان بعد يسند لي.
قال الحميدي: قيل لسفيان: إنَّ شعبة استحلف عبد الله بن دينار يعني في حديث ابن عمر: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته» . قال سفيان: لكننا لم نستحلفه سمعناه مراراً.
قال بشر بن المفضل: قدم علينا إسرائيل فحدثنا عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن عطاء، عن عقبة بن عامر بحديثين، فذهبت إلى شعبة فقلت: ما تصنع شيئاً، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن عطاء، عن عقبة بكذا.
فقال: يا مجنون، هذا حدثنا به أبو إسحاق فقلت لأبي إسحاق: مَنْ عبد الله بن عطاء؟ قال: شابٌّ من أهل البصرة قدم علينا، فقدمت البصرة فسألت عنه فإذا هو جليس فلان وإذا هو غائب في موضع فقدم فسألته فحدثني به، فقلت: مَنْ حدَّثك؟ قال: حدثني زياد بن مخراق فأحالني على صاحب حديث فلقيت زياد بن مخراق فسألته فحدثني به قال: حدثني بعض أصحابنا عن شهر بن حوشب
(1)
.
قال أبو داود الطيالسي: رأيت رجلاً يقول لشعبة: قل: حدثني أو أخبرني. فقال له شعبة: فقدتك أو عدمتك، وهل جاء بهذا أحد قبلي.
وكان شعبة جريئاً على شيوخه في مسألة السماع وكانوا إذا حدثوا فقالوا عن فلان يستوقفهم فيسألهم: هل سمعتموه منه؟ فقد كان لا يحب التدليس، ومن أقواله المشهورة: لَأن أزني أحب إليَّ من أن أدلس.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: قال شعبة: كنت أتفقد فم قتادة فإذا قال: سمعت أو حدثنا، تحفظته وإلا تركته.
(1)
فانتهى بحثه إلى أنَّ الحديث ضعيف إذ مداره على شهر بن حوشب.
قال أبو داود الطيالسي: كنا عند شعبة فجاء الحسن بن دينار فقال شعبة: يا أبا سعيد، حدِّثنا. فجلس فقال: حدثنا حميد بن هلال عن مجاهد، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول، قال: فجعل شعبة يقول: مجاهد سمع عمر؟ فقام الحسن فذهب.
وأنكر شعبة على ليث بن أبي سليم لمّا ذكر أنه سأل عطاء وطاووس ومجاهداً، كلهم في مجلس، فغضب ليث فقال: سلْ عن هذا خفّ أبيك.
وقال يحيى بن سعيد القطان: كل شيء يحدث به شعبة عن رجل فلا تحتاج أن تقول ذاك الرجل أنه سمع فلاناً، قد كفاك أمره.
قال وهب بن جرير: كان شعبة يأتي أبي وهو على حمار فيسأله عن أحاديث الأعمش فإذا حدَّثه قال: هكذا والله سمعته عن الأعمش، ثم يضرب حماره ويذهب.
قال حماد بن زيد: إذا خالفني شعبة في شيء تركته لأنه كان يكرر، ما أبالي مَنْ خالفني إذا وافقني شعبة، أن كان لا يرضى أن يسمع الحديث مرة واحدة.
وقال أبو الوليد: سألت شعبة عن حديث فقال: لا أحدِّثك لأني سمعته من أبي عون مرة واحدة.
قال شعيب بن حرب: سمعت شعبة يقول: اختلفت على عمرو بن دينار خمسمائة مرة وما سمعت منه إلا مائة حديث في كل خمس مجالس حديثاً.
ونقل عنه عبد الرحمن بن مهدي قوله: ما سمعت من رجل عدد حديث إلا اختلفت إليه أكثر من عدد ما سمعت منه من الحديث.
وقال سفيان بن عيينة: لقيت شعبة في مطر على حمار أبتر فقلت له: إلى أين؟ قال: أذهب إلى الأسود بن قيس فقد حدَّثنا عام كذا بأحاديث أبصر يحفظها العام.
فانظر إلى حرصه وتحرِّيه حفظ شيوخه للحديث.
وقال شعبة: كنت آتي قتادة فأسأله عن حديثين ثم يقول لي: أزيدك؟ فأقول: لا، حتى أتحفظهما وأتقنهما.
وحدَّث قتادة عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نبيذ الجر.
قال شعبة: فقلت لقتادة: ممن سمعته؟ قال: حدَّثنيه أيوب السختياني. قال شعبة: فأتيت أيوب فسألته فقال: حدَّثنيه أبو بشر. قال شعبة: فأتيت أبا بشر فقال: أنا سمعت سعيد بن جبير، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن نبيذ الجر.
وقال شعبة: سألت الحكم عن دية اليهودي والنصراني فقال: قال سعيد بن المسيب: إنَّ عمر جعل دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف، ودية المجوس ثمانمائة. فقلت للحكم: أنت سمعته من سعيد بن المسيب؟ فقال: لو شئت سمعت من ثابت بن الحداد. قال شعبة: فأتيت ثابتاً الحداد فحدثني عن سعيد بن المسيب، عن عمر مثله.
قال شعبة: روى الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن علي سبعة أحاديث. قال شعبة: فلقيت الحكم فسألته عنها فقال: ما حدَّثت بشيءٍ منها.
قال جرير: ترك شعبة حديث الحسن بن عمارة وتكلم فيه ثم تكلم الناس فيه بعد.
وإليك هذه القصة الدالة على تحري شعبة وحرصه ورحلته في بحثه عن حديث.
روى أبو نعيم في «الحلية» بسنده عن نضر بن حماد البجلي، قال: سمعني شعبة أحدِّث عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن عطاء،
عن عقبة بن عامر، قال: كنا نتناوب رعية الإبل، فتوضأت ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا أصحابه حوله فدنوت منه فسمعته يقول:«مَنْ توضأ ثم دخل المسجد فصلَّى ركعتين غفر الله له ما تقدم من ذنبه» ، فقلت: بخ بخ، فذكر الحديث. قال: فلطمني شعبة فتنحيت في ناحية أبكي، فقال: ما له يبكي؟ فقال له ابن إدريس: إنك أسأت إليه. فقال شعبة: انظر ما يحدِّث عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، أنا قلت لأبي إسحاق: من حدَّثك بهذا الحديث؟ فقال: حدثني عبد الله بن عطاء عن عقبة. فقلت: سمع عبد الله بن عطاء عن عقبة؟! ومسعر حاضر، فقال مسعر: عبد الله بن عطاء بمكة، فرحلت إليه بمكة ولم أرد الحج، أردت الحديث، فسألت عبد الله بن عطاء عن الحديث، فقال: سعد بن إبراهيم حدثني. فقال مالك بن أنس: سعد بالمدينة لم يحج العام. فرحلت إلى المدينة فسألت عنه سعداً فقال: الحديث من عندكم زياد بن مخراق حدثني. فقلت: أيّ شيء هذا الحديث بينا هو كوفي إذ صار مكياً، إذ صار مدنياً، إذ صار بصرياً، فأتيت البصرة فسألت زياد بن مخراق فقال: ليس الحديث من بابتك. فقلت: لا بد من أن تخبرني به. فقال: حدثني شهر بن حوشب، عن أبي ريحانة، عن عقبة بن عامر. فلمّا ذكر شهراً قلت: دمر على هذا الحديث. قال نصر بن حماد: قال شعبة: والله لو صحَّ لي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إليّ من أهلي ومالي ومن الناس أجمعين.
وذلك لأن شهر بن حوشب فيه كلام فهو كثير الأوهام والإرسال.
عبادته وزهده وورعه وسخاؤه:
قال أبو قطن: ما رأيت شعبة ركع قط إلا ظننت أنه نسي ولا قعد بين السجدتين إلا ظننت أنه نسي.
قال عفان: كان شعبة من العبّاد.
وقال أبو بحر البكراوي: ما رأيت أحداً أعبد لله من شعبة، لقد عبد الله حتى جفَّ جلده على عظمه واسودّ.
وكذلك ذكر حمزة الطوسي أنَّ شعبة كان قد يبس جلده من العبادة.
وقال عمر بن هارون: كان شعبة يصوم الدهر كله.
وقال مسلم بن إبراهيم: ما دخلت على شعبة في وقت صلاة قط إلا رأيته قائماً يصلِّي، وكان أبو الفقراء وأمهم وسمعته يقول: لولا الفقراء ما جلست إليكم.
قال عبد الرحمن بن مهدي: ما رأيت أعقل من مالك بن أنس، ولا أشد تقشفاً من شعبة، ولا أنصح للأمّة من عبد الله بن المبارك.
وقال سليمان بن حرب: خرج الليث يوماً فقوَّموا ثيابه ودابته وخاتمه وما كان عليه ثمانية عشر ألف درهم إلى عشرين ألفاً.
وقال: خرج شعبة يوماً فقيَّموا حماره وسرجه ولجامه ثمانية عشر درهماً إلى عشرين درهماً. قال: وكان شيخاً كثير الصدقة.
قال أبو قطن: كانت ثياب شعبة كالتراب وكان كثير الصلاة سخياً.
وقال عبد العزيز بن أبي رواد: كان شعبة إذا حكَّ جسمه انتثر منه التراب وكان سخياً كثير الصلاة.
وقال يحيى القطان: ما رأيت أشكر من شعبة.
وقال محمد بن عمرو: سمعت أصحابنا يقولون: وهب المهدي لشعبة ثلاثين ألف درهم فقسمها وأقطعه ألف جريب
(1)
بالبصرة فقدم البصرة فلم يجد شيئاً يطيب له فتركها.
وقال أبو داود الطيالسي: كنا عند شعبة فجاء سليمان بن المغيرة يبكي وقال: مات حماري وذهبت مني الجمعة وذهبت حوائجي. قال: بكم أخذته؟ قال: بثلاثة دنانير. قال شعبة: فعندي ثلاثة دنانير، والله ما أملك غيرها. ثم دفعها إليه.
(1)
الجريب من الأرض: مقدار معلوم الذرع والمساحة.
قال النضر بن شميل: ما رأيت أرحم بمسكين من شعبة.
وقال أبو النضر: كان شعبة إذا ركب مع قوم في زورق دفع كرى الزورق عنهم.
وقال أبو نوح: رأى شعبة عليَّ قميصاً فقال: بكم اشتريت هذا؟ فقلت: بثمانية دراهم. قال: ويحك، أما تتقي الله تلبس قميصاً بثمانية دراهم؟ ألا اشتريت قميصاً بأربعة وتصدقت بأربعة كان خيراً لك.
قال يحيى بن سعيد: كان شعبة من أرق الناس كان ربما مرَّ به السائل فيدخل بيته فيعطيه ما أمكنه.
وقال عفان: سمعت شعبة غير مرة كلما جلس يقول: لولا حوائج لي إليكم ما جلست معكم. وكانت حوائجه أن يسأل لجيرانه الفقراء.
وقال النضر بن شميل: ما رأيت أرحم لمسكين من شعبة إذا رأى المسكين لا يزال ينظر إليه حتى يغيب عن وجهه.
وقال مسلم بن إبراهيم: كان شعبة إذا قام في مجلسه سائل لا يحدِّث حتى يُعطى، فقام يوماً سائل ثم جلس فقال: ما شأنه؟ قالوا: ضمن عبد الرحمن بن مهدي أن يعطيه درهماً.
ثناء أهل العلم عليه:
قال سفيان الثوري: شعبة أمير المؤمنين في الحديث.
قال سلم بن قتيبة: أتيت سفيان الثوري فقال: ما فعل أستاذنا شعبة.
قال عبد الرحمن بن مهدي: شعبة إمام في الحديث.
قال الإمام الشافعي: لولا شعبة ما عُرف الحديث بالعراق، كان يجيء إلى الرجل فيقول: لا تحدِّث وإلا استعديت عليك السلطان.
قال الإمام أحمد بن حنبل: إذا رأيت شعبة يحدِّث عن رجل فاعلم أنه ثقة إلا نفراً بأعيانهم.
قيل لأبي: ألم يكن للثوري بصر بالحديث كبصر شعبة؟ قال: كان الثوري قد غلب عليه شهوة الحديث وحفظه، وكان شعبة أبصر بالحديث وبالرجال وكان الثوري أحفظ، وكان شعبة بصيراً بالحديث جداً فاهماً له كأنه خُلق لهذا الشأن.
وقال سفيان أيضاً: كانوا يخالفونني بالكوفة فأقول: ما قال شعبة؟ ما قال مسعر؟ ولا ألتفت إلى خلافهم.
وقال يحيى بن سعيد القطان: ليس أحدٌ أحب إليَّ من شعبة ولا يعدله أحد عندي.
وقال أيضاً: ما لقيت أحداً أحسن حديثاً من شعبة.
وقال علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد: أيهما أحفظ للأحاديث الطوال سفيان أو شعبة؟ قال: كان شعبة أمهر فيها.
وقال يحيى بن معين: شعبة إمام المتقين.
وقال محمد بن سعد: كان ثقة مأموناً ثبتاً حجة صاحب حديث وكان أكبر من الثوري بعشر سنين.
وقال يحيى القطان: شعبة أكبر من الثوري بعشر سنين والثوري أكبر من ابن عيينة بعشر سنين.
قال أبو بكر ابن منجويه: كان من سادات أهل زمانه حفظاً وإتقاناً وورعاً وفضلاً وهو أول مَنْ فتش بالعراق عن أمر المحدِّثين وجانب الضعفاء والمتروكين.
الحديث الأول
(1)
:
35 -
قال الإمام البخاري (663): «حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن حفص بن عاصم، عن عبد الله بن مالك ابن بحينة قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم برجل
…
قال: وحدثني عبد الرحمن، قال: حدثنا بهز بن أسد، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني سعد بن إبراهيم قال: سمعت حفص بن عاصم قال: سمعت رجلاً من الأزد يقال له: مالك ابن بحينة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً وقد أقيمت الصلاة، يصلِّي ركعتين فلمّا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم لاث به الناس، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الصبح أربعاً، الصبح أربعاً» .
تابعه غندر ومعاذ عن شعبة، عن مالك، وقال ابن إسحاق: عن سعد، عن حفص، عن عبد الله ابن بحينة، وقال حماد: أخبرنا سعد، عن حفص، عن مالك».
(1)
رجال الإسناد:
عبد الرحمن بن بشر بن الحكم العبدي، أبو محمد النيسابوري، ثقة، مات سنة 260، وقيل: بعدها، روى له البخاري ومسلم.
بهز بن أسد العمي، أبو الأسود البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات بعد سنة 200، روى له البخاري ومسلم.
شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم، أبو بسطام الواسطي ثم البصري، ثقة حافظ متقن عابد
…
، مات سنة 160، روى له البخاري ومسلم.
سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ولي قضاء المدينة، وكان ثقة فاضلاً عابداً، من الخامسة، مات سنة 125، وقيل: بعدها، وله 72 سنة، روى له البخاري ومسلم.
حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، ثقة من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
مالك ابن بحينة، صحابي، كذا وقع من البخاري والنسائي، والأكثر على أنَّ الصحبة والرواية لولده عبد الله بن مالك.
التعليق:
أخرجه أحمد (5/ 345) عن يحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن جعفر، وحجاج بن محمد المصيصي، وأبو عوانة (1361) من طريق حجاج والأسود بن عامر ووهب بن جرير وشبابة والطيالسي وأبي النضر، والبيهقي (2/ 481) من طريق بشر بن عمر، كلهم عن شعبة به.
هكذا رواه شعبة فقال: (عن سعد بن إبراهيم، عن حفص بن عاصم، عن مالك ابن بحينة).
خالفه إبراهيم بن سعد
(1)
فقال: (عن سعد بن إبراهيم، عن حفص بن عاصم، عن عبد الله بن مالك ابن بحينة).
وكذلك رواه جعفر بن محمد بن علي بن الحسين المعروف بالصادق، عن أبيه، عن عبد الله بن مالك ابن بحينة
(2)
.
وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير
(3)
، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن عبد الله بن مالك ابن بحينة
(4)
.
قال البيهقي في «السنن الكبرى» (2/ 481): «والصحيح قول مَنْ قال: عبد الله بن مالك ابن بحينة، وهو عبد الله بن مالك بن القشب من أزد شنوءة وأمه بحينة بنت الحارث بن المطلب قاله علي بن المديني.
وقال ابن رجب في «فتح الباري» (4/ 70): وقد أشار البخاري إلى الاختلاف في اسم (ابن بحينة) فخرَّجه من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، وسمَّى الصحابي (عبد الله بن مالك ابن بحينة)، وذكر أنَّ ابن إسحاق قال: عن (سعد عن عبد الله ابن بحينة)، وخرَّجه من طريق شعبة وسمّاه
(1)
البخاري (663)، ومسلم (711).
(2)
أحمد (5/ 346)، وأبو يعلى (915)، والبيهقي (2/ 482).
(3)
أحمد (5/ 345).
(4)
عبد الله بن مالك ابن بحينة الأسدي حليف بني عبد المطلب، يعرف بابن بحينة صحابي معروف وحديثه في الصحيحين وغيرهما، مات بعد سنة 50.
(مالك ابن بحينة) وذكر أنَّ حماداً رواه عن سعد كذلك، وحماد هو ابن سلمة وكذا رواه أبو عوانة عن سعد أيضاً، وقيل عنه عن (ابن بحينة): غير مسمى، والصحيح من ذلك عبد الله بن مالك ابن بحينة، قاله أبو زرعة والنسائي والترمذي والبيهقي وغيرهم.
وهو عبد الله بن مالك بن القشب من أزد شنوءة حليف لبني عبد المطلب وبحينة أمه، وهي بحينة بنت الحارث بن عبد المطلب، قاله ابن المديني وابن سعد والترمذي والبيهقي وغيرهم».
قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» (2/ 149): (هكذا يقول شعبة في هذا الصحابي، وتابعه على ذلك أبو عوانة وحماد بن سلمة.
وحكم الحفاظ يحيى بن معين وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي والإسماعيلي وابن الشرقي والدارقطني وأبو مسعود وآخرون عليه بالوهم فيه في موضعين:
أحدهما: أنَّ بحينة والدة عبد الله لا مالك.
ثانيهما: أنَّ الصحبة والرواية لعبد الله لا لمالك) اه.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار: فشعبة من البصرة، وشيخه في هذا الحديث الذي وهم عليه شعبة، من المدينة.
قال ابن حجر في «الفتح» : (قال أبو مسعود: أهل المدينة يقولون: عبد الله ابن بحينة، وأهل العراق يقولون: مالك ابن بحينة، والأول هو الصواب).
الخلاصة:
وهم شعبة في اسم الصحابي فقال: (مالك ابن بحينة) والصحيح هو (عبد الله بن مالك ابن بحينة).
والحديث صحيح حتى وإن لم يذكر اسم الصحابي، لأن الصحابة كلهم عدول، وإنما ذكر الإمام البخاري رواية شعبة عقب رواية إبراهيم بن سعد لأنه مسلسل بالتصريح بالسماع وله عناية خاصة بذلك، والله أعلم، وانظر ح (261) في باب حماد بن سلمة.
ويحتمل أن يكون الوهم من سعد بن إبراهيم لمّا حدّث به في العراق قاله في «الفتح» .
وقد رواه محمد بن الوليد البسري عن محمد بن جعفر (غندر) عن شعبة فقال: عبد الله بن مالك ابن بحينة على الصواب، كذا قال أبو عوانة في مسنده (1/ 376). والله تعالى أعلم.
وروى النسائي في «الكبرى» (596) من طريق وهب بن جرير، عن شعبة، عن عبد الله بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن مالك ابن بحينة: أنه صلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم فقام في الشفع الذي يريد أن يجلس فيه فسبحنا فمضى ثم سجد سجدتين.
قال النسائي: هذا خطأ، والصواب: عبد الله بن مالك ابن بحينة.
ثم أورد النسائي من طريق عبد الله بن المبارك، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن عبد الله بن مالك ابن بحينة.
ومن طريق مالك عن الزهري، عن الأعرج، عن عبد الله ابن بحينة.
ومن طريق هشام عن يحيى، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبد الله بن مالك ابن بحينة.
الحديث الثاني
(1)
:
36 -
قال الإمام البخاري (691): حدثنا حجاج بن منهال، ثنا شعبة، عن محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وأخرجه مسلم (427) من طريق معاذ بن معاذ العنبري، عن شعبة به، وأخرجه أحمد (2/ 456) و (2/ 504)، وإسحاق بن راهويه (66) و (67)، وأبو داود (623)، والدارمي (1316)، وأبو عوانة (1711)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (958)، وابن الجارود (325)، وابن الجعد (1129)، والبيهقي (2/ 93)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (7/ 164)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (4/ 398) من طرق عن شعبة به.
هكذا قال شعبة عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أو: يجعل صورته صورة حمار» .
خالفه جمع من أصحاب محمد بن زياد فقالوا: «أن يحول الله رأسه
(1)
رجال الإسناد:
حجاج بن المنهال الأنماطي أبو محمد السلمي مولاهم البصري، ثقة فاضل، من التاسعة، مات سنة 216 - 217، روى له البخاري ومسلم.
شعبة بن الحجاج: تقدم.
محمد بن زياد الجمحي مولاهم، أبو الحارث المدني، نزيل البصرة ثقة ثبت ربما أرسل، من الثالثة.
رأس حمار». ولم يذكروا الصورة ولم يشكوا، منهم: حماد بن زيد
(1)
، وحماد بن سلمة
(2)
، ومعمر
(3)
، وأيوب السختياني
(4)
، ويونس بن عبيد
(5)
، والربيع بن مسلم
(6)
، وعباد بن منصور
(7)
، وإبراهيم بن طهمان
(8)
، والحسن بن أبي جعفر
(9)
، وجرير بن حازم
(10)
، وحسين بن واقد
(11)
، وعلي بن زيد بن جدعان
(12)
، ويزيد بن إبراهيم
(13)
، وبحر السقاء
(14)
، وشعيب بن الحبحاب
(15)
، وإبراهيم بن أدهم
(16)
، وعثمان بن عبد الرحمن
(1)
مسلم (427)(114).
(2)
مسلم (427)(116)، وأحمد (2/ 469)(472)، وأبو داود الطيالسي (2490)، وأبو عوانة (1713)، والبيهقي (2/ 93)، والمزي في «تهذيب الكمال» (16/ 552)، وأبو بكر بن أبي شيبة (7147)، إلا أن مسلماً قرن حماداً مع شعبة وساقه بلفظ شعبة.
(3)
عبد الرزاق (3751)، وأحمد (2/ 260، 271)، وأبو عوانة (1713).
(4)
أبو عوانة (1712).
(5)
أبو عوانة (1709) من طريق محبوب بن الحسن.
(6)
أبو عوانة (1714) من طريق عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم، وأبو نعيم (957) من طريق مسلم بن إبراهيم، والذهبي في تذكرة الحفاظ (3/ 1161).
(7)
أبو يعلى في معجمه (122) وتمام الرازي في الفوائد (1350)، وابن عساكر في تاريخه (51/ 212)، وأبو عوانة (1713).
(8)
البيهقي (2/ 93).
(9)
الطبراني في الأوسط (3306)، وفي الصغير (1303 الروض الداني)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (6/ 276).
(10)
تاريخ بغداد (9/ 53).
(11)
ابن المقرئ في الأربعين في الخشوع في الصلاة: (37)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 170)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (43/ 243).
(12)
أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين (1/ 67)، والدارقطني في العلل تعليقاً (9/ 34).
(13)
الطبراني في الأوسط (3585) وتمام الرازي في الفوائد (1351).
(14)
الطبراني في الأوسط (9254) وفي الكبير قطعة من المفقود (19/ 289).
(15)
أبو يعلى في معجمه (121).
(16)
محمد بن بحر في مسند إبراهيم بن أدهم (6) و (7)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 4)، وفي تاريخ أصبهان (2/ 270)، والقزويني في التدوين في أخبار قزوين (3/ 414).
الجمحي
(1)
، وعبد الله بن المختار
(2)
، وسليمان بن حيان
(3)
، وخالد بن عبد الله القسري
(4)
، ومحمد بن نجيح
(5)
، وعبد العزيز بن أبي رواد
(6)
، وبكر الأعتق
(7)
، وإسماعيل بن عياش
(8)
، وعباد بن راشد التميمي
(9)
، ومسعر بن كدام
(10)
، ومحمد بن أدهم
(11)
، وخالد العبد
(12)
.
وكذلك رواه محمد بن خالد الوهبي
(13)
، والفضل بن فرقد
(14)
عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وإبراهيم بن طهمان
(15)
، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.
وحماد بن سلمة
(16)
عن أبي المنهزم، عن أبي هريرة، وكلهم قالوا:«رأس حمار» .
(1)
تمام الرازي في الفوائد (1352).
(2)
المصدر السابق (1353).
(3)
المصدر السابق (1356).
(4)
ابن عدي في الكامل (4/ 253)، والصيداوي في معجم الشيوخ (1/ 333).
(5)
المصدر السابق (6/ 233).
(6)
القزويني في أخبار قزوين (3/ 455).
(7)
تاريخ أصبهان (2/ 16).
(8)
المصدر السابق (2/ 188).
(9)
الطبراني في الأوسط (7197)، وفي الكبير الجزء المفقود (19/ 370).
(10)
الطبراني في الأوسط (3585)، وابن عدي في الكامل (3/ 204)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 73)، وتمام الرازي في الفوائد (1351)، والطبراني في الكبير الجزء المفقود (19/ 302).
(11)
تاريخ بغداد (3/ 155).
(12)
معجم الشيوخ للصيداوي (1/ 333).
(13)
الطبراني في الأوسط (2355)، والكبير في الجزء المفقود (19/ 206)، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (704).
(14)
العقيلي في الضعفاء (3/ 452).
(15)
البيهقي في السنن الكبرى (2/ 93)، وشعب الإيمان (3128)، وقال غريب من حديث ابن سيرين والصحيح حديث محمد بن زياد.
(16)
تاريخ دمشق (7/ 283).
مما سبق يتضح أن قول «أو: يجعل صورته صورة حمار» ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو شكّ من شعبة وليس كما قال الكرماني أنَّ الشك من أبي هريرة
(1)
.
وقد أشار البيهقي إلى أنَّ الشك من شعبة فقال بعد أن أخرج الحديث من طريقه مقروناً مع حماد بن سلمة وحماد بن زيد، فقال: قال شعبة في حديثه: «أو: صورته صورة حمار»
(2)
.
وبه جزم الحافظ ابن حجر فقال: (الشك من شعبة، فقد رواه الطيالسي عن حماد بن سلمة وابن خزيمة من رواية حماد بن زيد ومسلم من رواية يونس بن عبيد والربيع بن مسلم كلهم عن محمد بن زياد بغير تردد، فأما الحمادان فقالا:«رأس» وأما يونس فقال: «صورة» وأما الربيع فقال: «وجه» والظاهر أنه من تصرف الرواة، قال عياض: هذه الروايات متفقة لأن الوجه من الرأس ومعظم الصورة فيه. قلت: لفظ الصورة يطلق على الوجه أيضاً، وأما الرأس فرواتها أكثر وهي أشمل فهي المعتمدة وخصَّ الوعيد عليها لأن بها وقعت الجناية وهي أشمل
(3)
.
وتعقبه العيني فقال: وقال بعضهم: الظاهر أنه من تصرف الرواة. قلت: كيف يكون من تصرفهم ولكل واحد من هذه الألفاظ معنى في اللغة يغاير معنى الآخر
…
، والظاهر أنَّ هذا الاختلاف من اختلاف تعدد القضية ورواة الرأس أكثر وعليه العمدة.
ثم تعقب القاضي عياض في قوله هذه الروايات متفقة فقال: وفيه نظر لأن الوجه خلاف الرأس لغة وشرعاً)
(4)
.
وقال أيضاً متعقباً الحافظ في قوله: (الشك من شعبة): لا يلزم من
(1)
عمدة القاري (5/ 223).
(2)
السنن الكبرى (2/ 93).
(3)
فتح الباري (2/ 183).
(4)
عمدة القاري (5/ 224).
إخراجهم بغير تردد أن لا يخرج غيرهم بغير تردد وإذا كان الأمر كذلك يحتمل أن يكون التردد من شعبة أو من محمد بن زياد أو من أبي هريرة فمن ادعى تعيين واحد منهم فعليه البيان
(1)
.
قلت: البيان فيما ذكرنا من مخالفة شعبة لتسعة وعشرين ممن وقفنا على حديثهم رووه بدون تردد، ومخرج القصة واحد فيبعد التعدد.
وقال الألباني: (الصواب في الحديث لفظ «رأس» لأنه الذي اتفق عليه جمهور الرواة)
(2)
.
أما مَنْ قال في هذا الحديث: «في صورة حمار» :
1 يونس بن عبيد من طريق إسماعيل بن إبراهيم
(3)
المعروف بابن علية ومن طريق عبد الأعلى
(4)
.
وخالفهما محبوب بن الحسن
(5)
فرواه عن يونس فقال: «رأس حمار» .
ولا شك أنَّ روايتهما مقدمة على حديثه، ووهم يونس في حديثه هذا ولم أجد مَنْ تابعه في هذا إلا ما رواه شعبة على الشك.
أما ما جاء في رواية مسلم قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلام الجمحي وعبد الرحمن بن الربيع بن مسلم جميعاً عن الربيع بن مسلم ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة كلهم عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا غير أنَّ في حديث الربيع بن مسلم أن يجعل الله وجهه وجه حمار
(6)
.
(1)
المصدر السابق.
(2)
صحيح سنن أبي داود (3/ 186).
(3)
مسلم (427)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (956)، وأحمد (2/ 425).
(4)
أحمد (2/ 260).
(5)
محمد بن الحسن بن هلال لقبه محبوب، صدوق فيه لين ورمي بالقدر، روى له البخاري والترمذي. وأبي عوانة (1709).
(6)
مسلم (427).
وأحال إلى حديث يونس ففيه نظر لأن ظاهره يوحي أنَّ حماد بن سلمة تابع يونس، والصحيح أنَّ حماداً إنما يرويه بلفظ:«رأس حمار» وكذا هو في مصنف ابن أبي شيبة شيخ مسلم في هذا الحديث، وكذلك رواه عبد الرحمن بن مهدي
(1)
ووكيع
(2)
وأبو داود الطيالسي
(3)
ثلاثتهم عن حماد بهذا اللفظ.
وقد رواه البيهقي
(4)
من طريق عبد الملك بن إبراهيم الجدي عن حماد بن سلمة وحماد بن زيد وشعبة وإبراهيم بن طهمان كلهم عن محمد بن زياد بلفظ «رأس حمار» ثم قال: قال شعبة في حديثه: «أو: صورته صورة حمار» وميز الألفاظ.
أما مَنْ قال في هذا الحديث: «وجه حمار» : فلم أجده إلا من حديث الربيع عن مسلم في رواية عبد الرحمن بن سلام الجمحي وعبد الرحمن بن الربيع بن مسلم كلاهما عن الربيع بن مسلم
(5)
.
وخالفهما مسلم بن إبراهيم
(6)
فرواه عن الربيع بن مسلم بلفظ: «رأس حمار» . والله تعالى أعلم.
تنبيه:
بعد أن فرغت من البحث وجدت أنَّ بشر بن عمر الزهراني رواه عن شعبة بلفظ حديث الباب ثم قال: قال شعبة: محمد بن زياد شك
(7)
. فكأنه
(1)
أحمد (2/ 469).
(2)
أحمد (2/ 472).
(3)
في مسنده (2490)، وأبو عوانة (1713).
(4)
السنن الكبرى (2/ 93).
(5)
مسلم (427).
(6)
أبو نعيم في المستخرج على مسلم (957).
(7)
معرفة السنن والآثار (3/ 7) باب إنما الإمام ليؤتم به.
عندما حدَّث شعبة شك وحماد بن سلمة أروى الناس عن محمد بن زياد قاله الإمام أحمد. والله تعالى أعلم.
الخلاصة:
الحديث صحيح متفق عليه، وقال ابن رجب:(قال الحافظ أبو موسى المديني: اتفق الأئمة على ثبوت هذا الحديث من هذا الطريق رواه عن محمد بن زياد قريب من خمسين نفساً وبعضهم يقول: «صورته»، وبعضهم يقول: «وجهه»، ومنهم مَنْ قال: «رأس كلب أو: خنزير»، وتابع محمد بن زياد جماعة عن أبي هريرة)
(1)
.
إلا أنه قد تبين من البحث أنَّ الصحيح هو قول: «رأس حمار» وغير ذلك من تصرف الرواة وشكهم وروايتهم بالمعنى. والله تعالى أعلم.
(1)
فتح الباري (4/ 163) للحافظ ابن رجب الحنبلي.
الحديث الثالث:
37 -
قال الإمام مسلم في صحيحه (193) و (325): (حدثنا محمد بن منهال الضرير، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحدثني أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا معاذ، وهو ابن هشام، قال: حدثني أبي عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يخرج من النار مَنْ قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار مَنْ قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن بُرَّة، ثم يخرج من النار مَنْ قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرَّة» .
زاد ابن منهال في روايته: قال يزيد: فلقيت شعبة فحدثته بالحديث، فقال شعبة: حدثنا به قتادة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم بالحديث، إلا أنَّ شعبة جعل مكان الذَّرَّة ذُرَةً.
قال يزيد: صحف فيها أبو بسطام).
التعليق:
وأخرجه أبو يعلى (2948 طبعة دار القبلة) عن محمد بن المنهال الضرير به.
وأخرجه الحاكم في الكنى من طريق أبي بكر أحمد بن إسحاق، عن محمد بن المنهال به
(1)
.
وأخرجه أبو داود الطيالسي (2078) عن شعبة وهشام عن قتادة عن أنس به وقال في آخره: «ويخرج من النار مَنْ قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن
…
» قال هشام: ذَرَّة، وقال شعبة: ذُرَة.
(1)
ذكره السيوطي في «التطريف في التصحيف» (ص 20).
وأخرجه الترمذي (2593) من طريق الطيالسي به وقال فيه: وقال شعبة: «ما يزن ذرة» مخففة.
وقد وهم شعبة في قوله: (ذُرة) وإنما هي (ذَرَّة) كما رواه هشام الدستوائي
(1)
، وسعيد بن أبي عروبة
(2)
، وأبان
(3)
، عن قتادة عن أنس.
هكذا أخرج مسلم الحديث في صحيحه من طريق هشام وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس، فقال:(ذَرَّة) بفتح الذال وتشديد الراء.
والذرة بالفتح: صغير النمل، وقيل: معنى الذرة هي أقل الأشياء الموزونة، وقيل: هي الهباء الذي يظهر في شعاع الشمس مثل رؤوس الإبر، ويروى عن ابن عباس أنه قال: إذا وضعت كفك في التراب ثم نفضتها فالساقط هو الذر، ويقال: إنَّ أربع ذرات وزن خردلة، وقد روى البخاري في صحيحه عن طريق حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أدخل الجنة مَنْ كان في قلبه خردلة، ثم مَنْ كان في قلبه أدنى شيء» وهذا معنى الذرة.
وقال يزيد بن زريع وأبو داود الطيالسي عن شعبة أنه صحف الذَّرة إلى ذُرة وسببه مجانسة الذرة لما قبلها من الحبوب وهو الشعير والبر.
قال الحافظ في «الفتح» (1/ 104): ذَرَّة: بفتح المعجمة وتشديد الراء المفتوحة، وصحفها شعبة، فيما رواه مسلم من طريق يزيد بن زريع عنه فقال:(ذُرة) بالضم وتخفيف الراء، وكأن الحامل له على ذلك كونها من الحبوب فناسبت الشعير والبر.
قال في «إكمال المعلم» (1/ 598): وهذا التصحيف مما نُقِم على
(1)
البخاري (44)، ومسلم (191).
(2)
مسلم (193)، (325).
(3)
البخاري تعليقاً عقب الحديث (44).
شعبة، وذكره الدارقطني في تصحيف المحدِّثين وأوقعه فيه مجانسة الذرة لما قبلها من الحبوب، ووقع عند العذري وغيره (ذُرَّة) بضم الدال المهملة وشد الراء وهو من تصحيف التصحيف.
علة الوهم:
1 التشابه بين كلمتَي (ذَرَّة) و (ذُرة) فصحف شعبة كلمة (ذَرَّة) إلى (ذُرة).
2 جاء في الحديث ذكر الشعير والبر وهما من الحبوب وكذلك الذُرة من جنسهما فتناسب ذكرها معهما. والله تعالى أعلم.
الحديث الرابع
(1)
:
38 -
قال الإمام أحمد (4/ 34): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، يحدِّث عن رجل من الأنصار، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ثلاث حق على كل مسلم: الغسل يوم الجمعة، والسواك، ويمسّ من طيب إن وجد» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم رجال الشيخين غير الأنصاري، الراوي عن الصحابي مجهول. هكذا رواه الإمام أحمد موقوفاً، وأخرجه ابن أبي شيبة (2/ 94) عن محمد بن جعفر عن شعبة بهذا الإسناد مرفوعاً.
وأخرجه أبو يعلى (7168) من طريق الجعدي وهو عبد الملك بن إبراهيم عن شعبة به مرفوعاً، وأورده الهيثمي في «المجمع» (2/ 172) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
هكذا رواه شعبة فقال: (عن سعد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن رجل من الأنصار، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر الهذلي البصري المعروف بغندر، ربيب شعبة جالسه عشرين سنة، ثقة صحيح الكتاب إلا أنَّ فيه غفلة، من التاسعة، مات سنة 193 أو 194، روى له البخاري ومسلم.
شعبة بن الحجاج، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
سعد بن إبراهيم بن عوف، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان العامري، عامر قريش المدني، ثقة من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
خالفه سفيان الثوري
(1)
فقال: (عن سعد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
زاد شعبة في الإسناد: (رجل من الأنصار) بين محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان والصحابي، والأظهر ما ذهب إليه سفيان للتالي:
1 سفيان أحفظ من شعبة وكل منهما إمام، وقد قدَّم غير واحد من أهل الحديث سفيان على شعبة إذا اختلفا وهو ظاهر إذا تتبعنا ذلك في ما جمعته هاهنا من أوهام شعبة.
2 محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان تابعي روى عن غير واحد من الصحابة، فقد روى عن جابر بن عبد الله، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين وغيرهم. والله تعالى أعلم.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فشيخ شعبة سعد بن إبراهيم مدني، وشعبة كوفي. والله تعالى أعلم.
(1)
أحمد (4/ 34)، من طريق عبد الرحمن بن مهدي وفي (5/ 363)، من طريق وكيع وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وقال الألباني في «الصحيحة» (1796): وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وجهالة الصحابي لا تضر، وسفيان أحفظ من شعبة.
الحديث الخامس
(1)
:
39 -
قال الإمام أحمد (4/ 98): حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: حدثني قتادة عن أبي الطفيل، قال: حج ابن عباس ومعاوية فجعل ابن عباس يستلم الأركان كلها، فقال معاوية: إنما استلم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذين الركنين اليمانيين. فقال ابن عباس: ليس من أركانه مهجور.
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في «العلل» (5404) عن أبيه به.
ورواه أحمد (4/ 94 - 95) عن محمد بن جعفر وحجاج عن شعبة به.
وقال حجاج في آخره: قال شعبة: الناس يختلفون في هذا الحديث، يقولون: معاوية هو الذي قال: ليس من البيت شيء مهجور. ولكنه حفظه من قتادة هكذا.
هكذا رواه شعبة عن قتادة أنَّ ابن عباس هو الذي كان يستلم الأركان كلها وأنَّ معاوية هو الذي أنكر.
(1)
رجال الإسناد:
يحيى بن سعيد بن فرُّوخ التميمي، أبو سعيد القطان البصري، ثقة متقن حافظ إمام قدوة، مات سنة 198 وله 87 سنة، روى له البخاري ومسلم.
شعبة بن الحجاج، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
قتادة بن دعامة السدوسي، أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت، يقال: ولد أكمه، مات سنة مائة وبضع عشرة من الهجرة، روى له البخاري ومسلم.
أبو الطفيل: عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش الليثي، أبو الطفيل، ولد عام أُحد ورأى النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن أبي بكر فمَن بعده، وعمّر إلى أن مات سنة 110 على الصحيح، وهو آخر مَنْ مات من الصحابة قاله مسلم وغيره، وحديثه في الصحيحين.
خالفه سعيد بن أبي عروبة
(1)
فرواه عن قتادة، عن أبي الطفيل، قال: كان معاوية لا يأتي على ركن من أركان البيت إلا استلمه فقال ابن عباس: إنما كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يستلم هذين الركنين. فقال معاوية: ليس من أركانه شيء مهجور.
ومما يدل على وهم شعبة:
ما رواه مسلم في صحيحه (1269) من طريق عمرو بن الحارث: أنَّ قتادة بن دعامة حدثه أنَّ أبا الطفيل البكري حدثه أنه سمع ابن عباس يقول: لم أرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم غير الركنين اليمانيين.
وما كان ابن عباس رضي الله عنهما ليخالف ما روى فتأكد بذلك أنَّ الذي كان يستلم الأركان كلها معاوية، وأنَّ المنكر عليه ابن عباس لا كما قال شعبة.
وذكره البخاري في صحيحه (1/ 160) معلقاً بصيغة الجزم فقال: (وكان معاوية يستلم الأركان كلها فقال له ابن عباس رضي الله عنه: إنه لا يستلم هذان الركنان، فقال: ليس من البيت شيء مهجور، وكان ابن الزبير رضي الله عنهما يستلمهن كلهن).
وأخرج الإمام أحمد (1/ 246)، والحاكم (3/ 542) من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الطفيل: أنه رأى معاوية يطوف بالكعبة وعن يساره عبد الله بن عباس وأنا أتلوهما في ظهورهما أسمع كلامهما فطفق معاوية يستلم ركني الحجر فيقول له ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يستلم هذين الركنين، فيقول معاوية: يا ابن عباس، فإنه ليس شيء منها مهجور. فطفق ابن عباس لا يذره
(2)
، كلما وضع يده على شيء من الركنين إلا قال له ذلك.
وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد). ووافقه الذهبي.
(1)
أخرجه أحمد (1/ 372) عن روح بن عبادة وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن سعيد بن أبي عروبة وهذا سند على شرط الشيخين، والبيهقي (5/ 76) من طريق خالد بن الحارث.
(2)
في المسند: لا يزيده.
وما سبق من حديث أبي الطفيل هو ما رآه من حال ابن عباس ومعاوية رضي الله عنهما، وجاءت هذه القصة من لسان ابن عباس نفسه فقد روى أحمد (1/ 217) من طريق خصيف عن مجاهد عن ابن عباس: أنه طاف مع معاوية بالبيت فجعل معاوية يستلم الأركان كلها فقال له ابن عباس: لمَ تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما؟ فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجوراً؟ فقال ابن عباس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
…
(21)}. فقال معاوية: صدقت
(1)
. والله تعالى أعلم.
قال الحافظ في «الفتح» (3/ 474): قال عبد الله بن أحمد في «العلل» : سألت أبي عنه فقال: قَلَبَه شعبة
(2)
.
وقد روى هذا الحديث ابن عبد البر في «الاستذكار» (4/ 52) قال: حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا بكر بن حماد، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى عن شعبة عن قتادة عن أبي الطفيل، قال: حج ابن عباس فجعل معاوية يستلم الأركان كلها، قال ابن عباس: إنما استلم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذين الركنين الأيمنين. قال معاوية: ليس من أركانه شيء مهجور.
فهنا وافق شعبة الجماعة وقد سبق رواية يحيى بن سعيد وجماعة عن شعبة خلافه فلعل هذا هنا ممن دونه في الإسناد. والله تعالى أعلم.
الحديث السادس
(1)
:
40 -
قال الإمام أحمد (6/ 446): حدثنا محمد بن جعفر، وحجاج، قالا: حدثنا شعبة عن قتادة، قال حجاج في حديثه: سمعت سالم بن أبي الجعد يحدِّث عن معدان، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«مَنْ قرأ عشر آيات من آخر سورة الكهف عُصِمَ من فتنة الدجال» .
قال حجاج: مَنْ قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير معدان من رجال مسلم.
وأخرجه مسلم في صحيحه (809) عن محمد بن المثنى ومحمد بن بشار، كلاهما عن محمد بن جعفر، عن شعبة به.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (10786)، وفي «اليوم والليلة» (950) من طريق حجاج عن شعبة به.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، تقدم، انظر: رقم حديث (4).
حجاج: ابن محمد المصيصي الأعور، أبو محمد ترمذي الأصل، نزل بغداد ثم المصيصة، ثقة ثبت لكنه اختلط آخر عمره، من التاسعة، مات ببغداد سنة 206، وروى له البخاري ومسلم.
قتادة، تقدم، انظر: الحديث رقم (5).
سالم بن أبي الجعد رافع الغطفاني الأشجعي، مولاهم الكوفي، ثقة وكان يرسل كثيراً، من الثالثة، مات سنة 97 أو 98، وقيل مائة أو بعد ذلك، ولم يثبت أنه جاوز المائة، روى له البخاري ومسلم.
معدان بن أبي طلحة، ويقال: ابن طلحة اليَعمَري، شامي، ثقة من الثانية، روى له مسلم.
عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري، أبو الدرداء، مختلف في اسم أبيه وأمه، وأما هو فمشهور بكنيته، صحابي جليل، وكان عابداً مات في أواخر خلافة عثمان وقيل: بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
وأخرجه ابن حبان (786) من طريق محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، عن شعبة به.
وأخرجه أبو عوانة (3940) من طريق حجاج عن شعبة به، وأخرجه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1834) من طريق الإمام أحمد به.
هكذا قال شعبة: (عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قرأ عشر آيات من آخر سورة الكهف»).
خالفه هشام الدستوائي
(1)
، وهمام بن يحيى
(2)
، وسعيد بن أبي عروبة
(3)
، وشيبان النحوي
(4)
.
هؤلاء الأربعة خالفوا شعبة فرووه عن قتادة بنفس الإسناد.
فقالوا: «مَنْ حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف» .
خالفوه فقالوا: (حفظ)، وقال شعبة:(قرأ)، قالوا:(من أول سورة الكهف).
وقال شعبة: «من آخر سورة الكهف» .
وقد تابعهم معمر فرواه عن قتادة من قوله كما سيأتي.
(1)
مسلم (809)، وأبو عوانة (3780)، والبيهقي (3/ 249)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1833).
(2)
مسلم (809)، وأبو داود (4323)، وأحمد (5/ 196) و (6/ 449)، وأبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (1835)، وأبو عوانة (3783)، والحاكم (2/ 399) حديث رقم (3391)، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وابن أبي شيبة في سننه (38).
(3)
أحمد (6/ 449)، وأبو نعيم (1833)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (676)، وابن حبان (785)، إلا أنَّ لفظ ابن حبان:«مَنْ حفظ عشر آيات من سورة الكهف» ولم يقل: من أولها، وأبو عوانة (3781).
(4)
أحمد (6/ 449).
وقد أشار إلى خلاف شعبة الإمام مسلم في صحيحه وأبو عوانة وغيرهما.
قال مسلم عقب الحديث: (قال شعبة: «من آخر الكهف»، وقال همام: «من أول الكهف» كما قال هشام). كأنه يشير إلى ترجيح رواية هشام وهمام.
وقال أبو عوانة: (هؤلاء يعني هشاماً وهماماً قالوا: «أول الكهف»، وقال شعبة: «آخر الكهف»، والله أعلم). وقال أبو نعيم: كذا قال شعبة من آخرها، قلت: وقد تابعهما سعيد بن أبي عروبة، وشيبان النحوي كما تقدم.
وخالفهم أبو داود، فقال بعد أن أورد حديث همام (وكذا قال هشام الدستوائي عن قتادة إلا أنه قال:«مَنْ حفظ من خواتيم سورة الكهف» ، وقال شعبة عن قتادة:«من آخر الكهف» )
(1)
.
كذا قال أبو داود إنَّ هشاماً قال في حديثه: «من خواتيم سورة الكهف» ولم يسق إسناد الحديث، وقد أخرجه مسلم وغيره كما سبق من طرق عن هشام أنه قال:«أول سورة الكهف» .
ويدل على وهم شعبة في هذا الحديث ما يلي:
1 اضطراب شعبة في هذا الحديث على أوجه:
فتارة يقول: «آخر سورة الكهف» كما هو في هذا الحديث، وتارة
(1)
في سننه (4/ 117) عقب الحديث (4323).
قال الألباني في «الصحيحة» (528): (لا أدري أَوهم أبو داود أم أنَّ هذا (يعني هشاماً) اختلف عليه الرواة على نحو ما سبق من الخلاف على همام وهذا أقرب).
قلت: لم يختلف الرواة عن همام في قوله: «أول سورة الكهف» ، إلا ما رواه عبد الصمد عنه وقال فيه:«منَ حفظ عشر آيات من سورة الكهف» ، ولم يحدد، قصَّر فيه، وخالفه بقية الرواة عن همام فقالوا: أول.
يقول: «عشر آيات من الكهف» ولا يقول أولها ولا آخرها
(1)
، وثالثة قال:«مَنْ قرأ ثلاث آيات من أول الكهف»
(2)
، وفي هذه الرواية الثالثة وافق الجماعة على كونها «من أول الكهف» إلا أنه قال:«ثلاث آيات» بدلاً من «عشر» .
2 مخالفته لأربعة من الثقات، منهم: هشام وسعيد بن أبي عروبة وهما من أحفظ الناس عن قتادة
(3)
.
3 جاء في أحاديث أخرى بيان أنها من أوائل سورة الكهف وأنها عصمة من الدجال، منها:
حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال، فقال:«إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف فإنها جواركم من فتنته»
(4)
.
وفي حديث أبي أمامة رضي الله عنه نحوه
(5)
.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، قال:«مَنْ قرأ عشر آيات من أول الكهف عُصم من فتنة الدجال، ومَن قرأ آخرها أو: قرأها إلى آخرها كانت له نوراً من قرنه إلى قدمه»
(6)
.
(1)
النسائي (8025) و (10758)، وفي فضائل القرآن (1/ 59)، وفي عمل اليوم والليلة (949)، من طريق عمرو بن علي عن محمد بن جعفر عنه، وانظر: الصحيحة للألباني (2851).
(2)
الترمذي (2886)، وقال الترمذي: حسن صحيح.
(3)
قال أبو داود الطيالسي: كان سعيد بن أبي عروبة أحفظ أصحاب قتادة، وقال أبو زرعة وابن أبي خيثمة: أثبت الناس في قتادة، سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي، وقال أبو حاتم: كان سعيد أعلم الناس بحديث قتادة.
(4)
أخرجه أبو داود (4321)، والنسائي (8025) و (10783)، وهو عند مسلم (2937) ضمن حديث طويل.
(5)
أبو داود (4322) ولم يسق لفظه بل أحال على حديث النواس بن سمعان.
(6)
في المصنف (6022).
علة الوهم:
روى شعبة حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نوراً من مقامه إلى مكة، ومَن قرأ بعشر آيات من آخرها فخرج الدجال لم يسلط عليه»
(1)
.
ولعله من هنا دخل عليه الوهم لأنه في رواية أبي سعيد العشر الآيات من آخر سورة الكهف، فجعلها كذلك في حديث أبي الدرداء. والله تعالى أعلم.
أثر الوهم:
اغترَّ بحديث شعبة بعض أهل العلم فجعلوا العشر الآيات الأخيرة من سورة الكهف هي التي يعتصم بقراءتها من الدجال.
قال ابن حبان في صحيحه (3/ 66): ذكر البيان بأنَّ الآية التي يعتصم بقراءتها من الدجال هي آخر سورة الكهف، ثم ساق حديث شعبة.
وقال النووي في «شرح صحيح مسلم» (6/ 92): قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال» .
وفي رواية: «من آخر الكهف» ، قيل: سبب ذلك ما في أولها من العجائب والآيات فمَن تدبرها لم يفتتن بالدجال، وكذا في آخرها قوله تعالى:{أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا} .
(1)
رواه النسائي في الكبرى (10788) و (10789)، وفي عمل اليوم والليلة (81، 95)، ورواه الدارمي (3407)، والحاكم (1/ 562)، مقتصراً على الشطر الأول وقال: صحيح الإسناد.
الحديث السابع
(1)
:
41 -
قال الإمام أبو عبد الرحمن النسائي (8/ 318): أخبرنا محمد بن بشار، عن محمد، قال حدثنا شعبة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن نبيط، عن جابان، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يدخل الجنة منّان، ولا عاقّ، ولا مدمن خمر» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير نبيط وجابان فهما مجهولان وبهما يضعف الحديث.
وجابان ذكره ابن حبان في «الثقات» (4/ 121)، وقال أبو حاتم عنه: شيخ كما في «الجرح والتعديل» لابنه (2/ 546).
وقال ابن حجر في «التقريب» مقبول.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (4914)، وأحمد (2/ 201)، والطيالسي (2295)، والدارمي (2100)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 257) وفي «الأوسط» (1/ 408)، وابن خزيمة في «التوحيد» (2/ 866 - 858)، وعبد الله ابن الإمام أحمد في «السنَّة» (829)، وابن حبان (3384)،
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري، بندار، ثقة من العاشرة مات سنة 252 وله بضع وثمانون سنة، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن جعفر، تقدم، انظر: حديث رقم (4).
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي، أبو عتاب الكوفي، ثقة ثبت وكان لا يدلس، من طبقة الأعمش، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.
سالم بن أبي الجعد، تقدم في الحديث السابق.
نبيط غير منسوب، عن جابان، مقبول، من السادسة، روى له النسائي.
جابان غير منسوب، مقبول، من الرابعة، روى له النسائي.
والبيهقي في «شعب الإيمان» (7875)، وابن جرير في «تهذيب الآثار» (3/ 186) من مسند علي من طرق عن شعبة بهذا الإسناد.
وقد وهم شعبة في هذا الإسناد بذكر (نبيط بن شريط) إذ خالفه خمسة من أصحاب منصور الثقات فلم يذكروا أحداً بين سالم بن أبي جعد وجابان، وهم:
سفيان الثوري
(1)
، وهمام بن يحيى
(2)
، وجرير بن عبد الحميد
(3)
، وشيبان النحوي
(4)
، وعمر بن عبد الرحمن
(5)
. كلهم رووه عن منصور بدون ذكر نبيط.
لذا قال النسائي: لا نعلم أحداً تابع شعبة على نبيط بن شريط
(6)
.
وقال ابن حبان عقب الحديث (8/ 179): اختلف شعبة والثوري في إسناد هذا الخبر، فقال الثوري: عن سالم عن جابان، وهما ثقتان حافظان إلا أنَّ الثوري كان أعلم بحديث أهل بلده من شعبة وأحفظ لها منه، ولا سيما حديث الأعمش وأبي إسحاق ومنصور فالخبر متصل عن سالم عن جابان، فمرة روى كما قال شعبة وأخرى كما قال سفيان. اه.
(1)
النسائي في الكبرى (4915)، وعبد بن حميد في المنتخب (324)، والدارمي (2099)، وابن حبان (3383)، والبيهقي (10/ 58)، وعبد الرزاق (13859)، وأحمد (2/ 203)، وابن خزيمة في التوحيد (2/ 864)، والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 16).
(2)
أحمد (2/ 164).
(3)
النسائي في الكبرى (4916)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (3/ 189) مسند علي.
(4)
الطحاوي في شرح مشكل الآثار (914).
(5)
ابن جرير في تهذيب الآثار (3/ 188)، والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 191).
(6)
تحفة الأشراف (6/ 283).
وكذلك اختلف على شعبة في تسمية نبيط، فمرة يقال:(نبيط بن شميط)، ومرة يقال:(نبيط بن شريط)، ومرة يقال:(سميط بن نبيط)، وذكره المزي في «تهذيب الكمال» (29/ 318): نبيط، وقال: هكذا ذكره غير واحد غير منسوب وهو المحفوظ.
وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 257): لا يعرف لجابان سماع من عبد الله بن عمرو، ولا لسالم من جابان ولا نبيط.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار فشعبة من أهل البصرة ومنصور بن المعتمر من أهل الكوفة؛ لذا كانت رواية سفيان الثوري وجرير ومَن تابعهما وهما كوفيان أصوب من رواية شعبة.
وكما ذكر ابن حبان أنَّ الثوري أعلم بحديث أهل بلده من شعبة. والله تعالى أعلم.
الحديث الثامن
(1)
:
42 -
قال الإمام أحمد (5/ 418): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن ربيع بن خثيم، عن عمرو بن ميمون، عن امرأة، عن أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} تعدل ثلث القرآن» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير المرأة التي روت عن أبي أيوب، وقد جاء عند الترمذي (2896) أنها امرأة أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنهما ترجمها المزي في «التهذيب» قال: أم أيوب الأنصارية الخزرجية زوج أبي أيوب لها صحبة وهي بنت قيس بن سعد بن قيس بن عمرو بن امراء القيس.
والحديث رواه كذلك أبو عبيد القاسم بن سلام في «فضائل القرآن» (ص 143) عن حجاج عن شعبة به.
والنسائي في «الكبرى» (10516)، وأبو نعيم في «الحلية» (7/ 168 -
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، تقدم (4).
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
منصور بن المعتمر، تقدم، انظر: الحديث السابع.
هلال بن يساف، ويقال: ابن أساف الأشجعي مولاهم الكوفي، ثقة من الثالثة، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
ربيع بن خثيم بن عائذ بن عبد الله الثوري، أبو يزيد الكوفي، ثقة عابد مخضرم من الثانية، قال له ابن مسعود: لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك. مات سنة 61، وقيل: 63، روى له البخاري ومسلم.
عمرو بن ميمون الأودي، أبو عبد الله، ويقال: أبو يحيى، مخضرم مشهور ثقة عابد نزل الكوفة، مات سنة 47، وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
امرأة: هي امرأة أبي أيوب الأنصاري كما جاء مصرحاً بها عند الترمذي، وهي صحابية.
169)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (3/ 137) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة بهذا الإسناد.
هكذا رواه شعبة: (عن منصور، عن هلال، عن ربيع، عن عمرو بن ميمون، عن امرأة، عن أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه زائدة بن قدامة
(1)
، وإسرائيل
(2)
، والفضيل بن عياض
(3)
، فرووه كلهم عن (منصور، عن هلال، عن ربيع، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن امرأة من الأنصار، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم. أسقط شعبة عبد الرحمن بن أبي ليلى.
قال الترمذي بعد أن أخرج الحديث من طريق زائدة: (هذا حديث حسن، ولا نعرف أحداً روى هذا الحديث أحسن من رواية زائدة، وقد تابعه على روايته إسرائيل والفضيل بن عياض، وقد روى شعبة وغير واحد من الثقات هذا الحديث عن منصور واضطربوا فيه)
(4)
. انتهى.
وقال الدارقطني في «العلل» (6/ 101) عندما سئل عن حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} تعدل ثلث القرآن» .
فقال: حدَّث به الشعبي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي أيوب
(5)
، حدَّث به عنه عبد الله بن أبي السفر وزكريا بن أبي زائدة فأسنداه.
(1)
الترمذي (2896)، والنسائي (2/ 172)، وفي الكبرى (9946، 10517، 10680)، وأحمد (5/ 418 - 419)، والطبراني في الكبرى (4026)، والبيهقي في شعب الإيمان (2313).
(2)
الدارمي (3312 طبعة البغا)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 256) وانظره في بابه ح (827).
(3)
مسلم في التمييز (ص 95).
(4)
في سننه (5/ 154).
(5)
ذكره البخاري في التاريخ الكبير (3/ 173).
ورواه منصور بن المعتمر واختلف عنه، فرواه زائدة بن قدامة فضبط إسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن امرأة من الأنصار، عن أبي أيوب. وخالفه شعبة
(1)
، فرواه عن منصور عن هلال عن الربيع، عن عمرو بن ميمون، عن امرأة من الأنصار، عن أبي أيوب ولم يذكر ابن أبي ليلى. انتهى.
وقال ابن عبد البر: والصواب عندي فيه حديث منصور، عن هلال، عن الربيع، عن عمرو، عن ابن أبي ليلى، عن امرأة من الأنصار، عن أبي أيوب.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فشعبة بصري، وشيخه منصور بن المعتمر كوفي؛ لذا كانت رواية أهل بلده كزائدة
(2)
وإسرائيل
(3)
أصح من رواية شعبة. والله تعالى أعلم.
(1)
تصحف في المطبوع إلى الشعبي.
(2)
زائدة بن قدامة الثقفي، أبو الصلت الكوفي، ثقة ثبت صاحب سنة، من السابعة، مات سنة 160، وقيل: بعدها، روى له البخاري ومسلم.
(3)
إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني، أبو يوسف الكوفي ثقة تكلم فيه بلا حجة، من السابعة، مات سنة 160، وقيل: بعدها، روى له البخاري ومسلم.
الحديث التاسع
(1)
:
43 -
قال الإمام أحمد (6/ 325): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن منصور، عن أبي الضحى، عن شُتير بن شكل، عن أم حبيبة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُقبِّل وهو صائم.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير شتير من رجال مسلم.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (3084) من طريق خالد بن الحارث، والطبراني في «الكبير» (24/ 492) من طريق ابن المبارك كلاهما عن شعبة بهذا الإسناد.
هكذا قال شعبة: (عن منصور، عن أبي الضحى، عن شتير، عن أم حبيبة).
خالفه سفيان الثوري
(2)
، وجرير بن عبد الحميد
(3)
، وسفيان بن عيينة
(4)
، وأبو عوانة
(5)
، وإسرائيل
(6)
.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، تقدم، انظر: الحديث الرابع.
منصور بن المعتمر، تقدم، انظر: الحديث السابع.
مسلم بن صبيح الهمداني، أبو الضحى الكوفي العطار، مشهور بكنيته، ثقة فاضل، من الرابعة، مات سنة 100، روى له البخاري ومسلم.
شتير بن شكل العبسي الكوفي، يقال: إنه أدرك الجاهلية، ثقة من الثانية، روى له مسلم والبخاري في «الأدب المفرد» .
(2)
النسائي في «الكبرى» (3082)، وأحمد (6/ 286).
(3)
مسلم (1107).
(4)
الحميدي (287)، وأحمد (6/ 286)، والطبراني في الكبير (23/ 250، 251).
(5)
مسلم (1107)، وأحمد (6/ 286).
(6)
النسائي (3080)، إلا أنه زاد مسروقاً في الإسناد بين أبي الضحى وشتير بن شكل، وذكر المزي في تحفة الأشراف (11/ 281) عن النسائي قوله عقب الحديث: هذا خطأ ليس فيه مسروق.
فرووه (عن منصور، عن أبي الضحى، عن شتير، عن حفصة).
وكذلك رواه الأعمش، عن أبي الضحى، عن شتير، عن حفصة رضي الله عنها
(1)
.
قال النسائي عقب الحديث (2/ 205): (لا نعلم أحداً تابع شعبة على قوله أم حبيبة، والصواب: شتير عن حفصة). والله تعالى أعلم.
واضطرب فيه قول الدارقطني فصحح مرة حديث حفصة وأخرى حديث أم حبيبة.
وسئل الدارقطني عن حديث شتير بن شكل عن حفصة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّل وهو صائم؟
فقال: يرويه منصور والأعمش واختلف عنهما فرواه أبو معاوية الضرير وإبراهيم بن طهمان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن شتير، عن حفصة.
وكذلك رواه جرير وشيبان والثوري، عن منصور، عن أبي الضحى، عن شتير، عن حفصة
…
ورواه عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن شتير، عن أم حبيبة، وقيل: عن شتير، عن علي، ولا يصح.
والمحفوظ حديث حفصة
(2)
.
كذا قال الدارقطني هنا وخالف في موضع آخر:
فقال: قد سئل عن حديث شتير بن شكل عن علي: قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم؟
(1)
مسلم (1107).
(2)
العلل (15/ 197 - 198).
فقال: (كذا رواه المغيرة بن سلمة أبو هشام المخزومي، عن عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن شتير بن شكل، عن علي، ووهم فيه.
والناس يروونه، عن الأعمش ومنصور، عن أبي الضحى، عن شتير بن شكل، عن حفصة أم المؤمنين.
ومنهم مَنْ قال: عن أم حبيبة، وهو أشبه بالصواب)
(1)
.
(1)
العلل (3/ 241 رقم 382).
الحديث العاشر
(1)
:
44 -
قال الإمام أحمد (5/ 396): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت أبا إسحاق قال: سمعت الوليد أبا المغيرة أو المغيرة أبا الوليد يحدِّث أنَّ حذيفة رضي الله عنه قال: يا رسول الله، إني ذَرِبُ اللسان، وإنَّ عامة ذلك على أهلي. فقال:«أين أنت من الاستغفار؟» ، فقال: إني لأستغفر في اليوم والليلة أو: في اليوم مائة مرة.
التعليق:
هذا إسناد ضعيف لجهالة الوليد أبي المغيرة كما سمّاه شعبة والحديث صحيح.
وأخرجه البزار في مسنده (2971)، والنسائي في «الكبرى» (10283) من طريق محمد بن جعفر به.
وأخرجه الحاكم (1/ 510) من طريق بشر بن المفضل عن شعبة به، وأخرجه أبو داود الطيالسي (427)، ومن طريقه البيهقي في «شعب الإيمان» (644)، وجمال الدين الظاهري في «مشيخة ابن البخاري» (3/ 1885) عن شعبة به وسمّاه شعبة كما عندهم (الوليد بن المغيرة).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (10282) وفي «عمل اليوم والليلة»
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، تقدم، انظر: الحديث رقم (4).
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
أبو إسحاق السبيعي: عمرو بن عبد الله الهمداني، ثقة مكثر عابد، من الثالثة، اختلط بأخرة، مات سنة 129، وقيل: قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم.
أبو المغيرة البجلي أو الخارقي، الكوفي، اسمه عبيد بن المغيرة، وقيل: ابن عمرو، وقيل: المغيرة بن أبي عبيد، وقيل: الوليد، وقيل: أبو الوليد المغيرة، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وحده، فهو مجهول، من الثالثة.
حذيفة بن اليمان: صحابي.
(448)
من طريق سعيد بن عامر، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن مسلم بن نذير، عن حذيفة.
خالف أصحاب شعبة فالوهم هنا منه وسيأتي في باب سعيد بن عامر ح (895).
هكذا رواه شعبة فقال: (عن أبي إسحاق، عن الوليد أبي المغيرة، أو المغيرة أبي الوليد، عن حذيفة).
خالفه سفيان الثوري
(1)
، وإسرائيل
(2)
، وأبو الأحوص
(3)
، وأبو خالد الدالاني
(4)
، والأعمش
(5)
، ومالك بن مغول
(6)
، وأبو بكر ابن عياش
(7)
، وعمرو بن قيس الملائي
(8)
.
هؤلاء الثمانية قالوا في إسناد هذا الحديث: (عن أبي إسحاق، عن عبيد بن المغيرة، عن حذيفة).
وفي رواية بعضهم قال: (أبو المغيرة)، وقال بعضهم:(عبيد أبو المغيرة)، وقال بعضهم:(عبيد بن المغيرة البجلي)، وهذا كله صحيح، فقد ذكر الدارقطني في «أطراف الغرائب والأفراد» (3/ 33): أنَّ اسمه هو عبيد بن المغيرة أبو المغيرة).
(1)
أحمد (5/ 397، 402)، وابن حبان (926)، والحاكم في المستدرك (2/ 499)، والطبراني في الدعاء (1814)، والبيهقي في الدعوات الكبير (147).
(2)
أحمد (5/ 394)، والدارمي (2723)، والبزار (3120)، والروياني في مسنده (460).
(3)
ابن أبي شيبة (10/ 297)، والنسائي في الكبرى (10284)، وفي عمل اليوم (450)، والطبراني في الدعاء (1813)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 276).
(4)
النسائي في الكبرى (10827)، وفي عمل اليوم والليلة (453)، والطبراني في الدعاء (1815).
(5)
الطبراني في الدعاء (1816) و (1817).
(6)
الطبراني في الدعاء (1818)، وهناد في الزهد (916).
(7)
ابن ماجه (3815).
(8)
الطبراني في الدعاء (1819)، وابن عدي في الكامل (6/ 2257)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 276).
وترجمه البخاري في تاريخه الكبير (6/ 3) فذكر اسمه: عبيد بن المغيرة أبو المغيرة.
لذا قال النسائي عقب الحديث: خالفه (أي شعبة) عامة أصحاب أبي إسحاق.
وقال الحاكم (1/ 510): هذا عبيد أبو المغيرة بلا شك، وقد أتى شعبة بالإسناد والمتن بالشك، وحفظه سفيان بن سعيد (يعني الثوري) فأتى به بلا شك في الإسناد والمتن.
وقال الطبراني: والصواب عن أبي إسحاق عن عبيد بن المغيرة أبو المغيرة البجلي
(1)
.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار فشعبة كما تقدم من البصرة وشيخه في هذا الحديث من الكوفة، وكذا الراوي الذي وهم شعبة في اسمه من الكوفة، فلذا كانت رواية سفيان والأعمش وإسرائيل وأبي الأحوص وغيرهم من أهل الكوفة أصح لأنهم أعلم بحديث وشيوخ بلدهم من غيرهم. والله أعلم.
(1)
في كتاب الدعاء (1/ 511 عقب الحديث 1812).
الحديث الحادي عشر
(1)
:
45 -
قال الإمام أبو عيسى الترمذي (3403): حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا أبو داود، قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن رجل، عن فروة بن نوفل: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، علِّمني شيئاً أقوله إذا أويت إلى فراشي. قال:«اقرأ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} فإنها براءة من الشرك» .
قال شعبة: أحياناً يقول مرة، وأحياناً لا يقولها.
التعليق:
هذا إسناد ضعيف لجهالة الرجل الذي روى عنه أبو إسحاق وبقية رجاله ثقات.
وأخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة» (3/ 156) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن محمد بن جعفر، عن شعبة به.
هكذا قال شعبة (عن أبي إسحاق، عن رجل، عن فروة بن نوفل، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
رجال الإسناد:
محمود بن غيلان العدوي، أبو أحمد المروزي، نزيل بغداد، ثقة من العاشرة، مات سنة 239، وقيل: بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
أبو داود الطيالسي، سليمان بن داود بن الجارود البصري، ثقة حافظ (انظر: ترجمته في بابه).
أبو إسحاق السبيعي، تقدم، انظر: الحديث السابق.
فروة بن نوفل الأشجعي، مختلف في صحبته، والصواب أنَّ الصحبة لأبيه، من الثالثة، قتل قبل المائة في خلافة معاوية، روى له مسلم.
خالفه زهير بن معاوية
(1)
، وإسرائيل بن يونس
(2)
، وإسماعيل بن أبي خالد
(3)
، وشريك
(4)
، وأبو مريم
(5)
، ومحمد بن أبان
(6)
، وأشعث بن سوار
(7)
، وزيد بن أبي أنيسة
(8)
، وفطر بن خليفة
(9)
، فقالوا: (عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه سفيان الثوري فقال: عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل الأشجعي، عن ظئر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم
(10)
.
فوافق الجماعة لأن ظئر رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أبوه.
فقد جاء في رواية إسرائيل أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «إنما أنت ظئري»
(11)
.
وفي رواية أخرى له: عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عن أبيه وكان ظئراً لأم سلمة فروى الحديث
(12)
.
(1)
أبو داود (5055)، والدارمي (3427)، والنسائي في الكبرى (10637)، وابن أبي شيبة (9/ 74)، وابن الجعد (2560)، والبيهقي في الدعوات الكبير (358)، والبخاري في التاريخ الكبير (8/ 108) تعليقاً، وابن حبان (790) و (5526)، والحاكم (2/ 538)، وقال:(صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي، والطبراني في الدعاء (277)، والبيهقي في شعب الإيمان (2289).
(2)
الترمذي (3403 م)، والنسائي في الكبرى (10638)، وأحمد (5/ 456)، والبيهقي في شعب الإيمان (2290).
(3)
الخطيب البغدادي في الأسماء المبهمة (4/ 308).
(4)
ابن قانع في معجم الصحابة (3/ 156).
(5)
معجم الصحابة (3/ 156).
(6)
معجم الصحابة (3/ 156).
(7)
معجم الصحابة (3/ 156)، والطبراني في الدعاء (278).
(8)
ابن حبان (789) و (5525).
(9)
ذكره ابن الأثير في أسد الغابة تعليقاً (5/ 348).
(10)
النسائي في الكبرى (10639).
(11)
أحمد (5/ 456)، والبيهقي في شعب الإيمان (2290).
(12)
أحمد في العلل (3/ 237)، وفي الملحق المستدرك في مسنده (24009/ 50).
وفي رواية أخرى لسفيان قال: (عن أبي إسحاق، عن فروة الأشجعي، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال لرجل من أهله أو لظئر له).
وهذا الرجل هو والد فروة بن نوفل الأشجعي فوافق سفيان الجماعة في كون الحديث ليس لفروة بن نوفل إنما هو لرجل آخر وهو والده كما في الحديث السابق إلا أنه حديث مرسل.
وخالفهم شعبة فجعل الصحبة لفروة بن نوفل وأنه هو الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فوهم.
وهذا الحديث له قصة ذكرها إسرائيل وزهير في روايتهما عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عن أبيه، قال: دفع إلي النبي صلى الله عليه وسلم ابنة أم سلمة
(1)
وقال: «إنما أنت ظئري»
(2)
. قال: فمكث ما شاء الله ثم أتيته فقال: «ما فعلت الجارية أو الجويرية؟» ، قلت: عند أمها
(3)
. قال: «فمجيء ما جئت؟»
(4)
، قال: قلت: تعلمني ما أقول عند منامي. فقال: «اقرأ عند منامك: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} ثم نَمْ على خاتمتها فإنها براءة من الشرك» .
قال الترمذي عقب الحديث: (وروى زهير
(5)
، هذا الحديث عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (أي نحو رواية إسرائيل)، وهذا أشبه وأصح من حديث شعبة.
(1)
واسمها زينب (وكانت أمها أم سلمة ترضعها فخطبها النبي صلى الله عليه وسلم فجذبها عمار بن ياسر من حجرها وكان أخاها يعني أم سلمة لأمها وقال: هذه تمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته، أي من الرضاعة. الفتح (9/ 159).
(2)
المرضعة غير ولدها، ويقع على الذكر والأنثى يعني يقال للمرضعة وزوجها وقد علق البخاري طرفاً من هذا الحديث في صحيحه في كتاب النكاح (7/ 58) قبل الحديث (5106) فقال: ودفع النبي صلى الله عليه وسلم ربيبة له إلى مَنْ يكفلها.
(3)
أي: من الرضاعة.
(4)
أي أمر عظيم جاء بك.
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة (9/ 74) و (10/ 249 - 250) من طريق أبي مالك الأشجعي عنه.
وقد اضطرب أصحاب أبي إسحاق في هذا الحديث.
وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه، وقد رواه عبد الرحمن بن نوفل، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الرحمن هو أخو فروة بن نوفل)
(1)
. اه.
وقال المزي: رواه شعبة عن أبي إسحاق، عن رجل، عن فروة بن نوفل أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره والأول أصح
(2)
.
وقال ابن حجر: (وزعم ابن عبد البر بأنه حديث مضطرب وليس كما قال، بل الرواية التي فيها عن أبيه أرجح وهي الموصولة، رواته ثقات فلا يضره مخالفة مَنْ أرسله).
والحديث صححه ابن حبان والحاكم وقال الحافظ في «نتائج الأفكار» : (حديث حسن وفي سنده اختلاف كثير على أبي إسحاق فلذا اقتصرت على تحسينه)
(3)
، وسيأتي في باب عبد العزيز بن مسلم ح (664).
علة الوهم:
أبو إسحاق السبيعي كان ربما روى هذا الحديث، فيقول: (عن فروة بن نوفل، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا رواه الجماعة عنه.
وربما قال: (عن فروة، عن رجل، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا، رواه سفيان الثوري عنه.
ورواه شعبة فقلبه فقال: (عن رجل، عن فروة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم.
(1)
في سننه (5/ 442).
(2)
تحفة الأشراف (8/ 302 رقم 11718).
(3)
الفتوحات الربانية (3/ 156).
أثر الوهم:
ظاهر حديث شعبة أنَّ فروة له صحبة لأنه قال: إنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بينما أنَّ الصحبة لوالده وهو الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن معين في تاريخه (3/ 573): وسئل عن هذا الحديث؟ فقال: أبوه له صحبة.
وقال العلائي في «جامع التحصيل» (1/ 252): قال أبو حاتم وغيره: ليست له صحبة وحديثه مرسل ولأبيه صحبة.
الحديث الثاني عشر
(1)
:
46 -
قال عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائده على المسند (5/ 100): حدثنا أبو بكر خلَّاد بن أسلم، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا شعبة، عن سماك، قال: سمعت أبا ثور بن عكرمة بن جابر بن سمرة، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه:
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصلاة في مبات الغنم فرخص، وسئل عن الصلاة في مبات الإبل فنهى عنه، وسئل عن الوضوء من لحوم الإبل فقال:«توضؤوا» ، وسئل عن الوضوء من لحوم الغنم، فقال:«إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم عدا خلاد بن أسلم وهو ثقة، وثقه النسائي والدارقطني ومسلمة بن قاسم وابن حبان.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه (1126) من طريق إسحاق بن إبراهيم عن النضر بن شميل، والبخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 188) و «الأوسط» (2/ 1038 - 1039) تعليقاً من طريق النضر وروح عن شعبة.
(1)
رجال الإسناد:
خلاد بن أسلم الصفار أبو بكر البغدادي أصله من مرو، ثقة من العاشرة، مات سنة 294، وقيل: قبلها، روى له الترمذي والنسائي.
النضر بن شميل المازني، أبو الحسن النحوي البصري، نزيل مرو، ثقة ثبت من كبار التاسعة، مات سنة 204 وله 82 سنة، روى له البخاري ومسلم.
سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلي، البكري، الكوفي، أبو المغيرة صدوق، من الرابعة، مات سنة 123، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
جعفر بن أبي ثور واسم أبيه عكرمة وقيل غير ذلك يكنى أبا ثور، مقبول من الثالثة، روى له مسلم.
وأخرجه أبو داود الطيالسي (803) عن شعبة، عن سماك، عن أبي ثور.
هكذا رواه شعبة فقال: (عن سماك، عن أبي ثور بن عكرمة بن جابر، عن جابر).
خالفه زائدة بن قدامة
(1)
، وسفيان الثوري
(2)
، وزكريا بن أبي زائدة
(3)
، وحسن بن صالح
(4)
، وحماد بن سلمة
(5)
.
فرووه عن (سماك، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر).
وكذلك رواه عثمان بن عبد الله بن موهب
(6)
، وأشعث بن أبي الشعثاء
(7)
، ومحمد بن قيس
(8)
.
فقالوا: جعفر بن أبي ثور.
قال يحيى بن معين في «تاريخه» (3/ 555 برواية الدوري): جعفر بن أبي ثور جدّه جابر بن سمرة.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 187) في ترجمته: (جعفر بن أبي ثور، عن جدّه جابر بن سمرة
…
، وقال سفيان وزكريا وزائدة، عن سماك، عن جعفر بن أبي ثور بن جابر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم في لحوم الغنم وضوء.
(1)
مسلم (306).
(2)
أحمد (5/ 86، 88، 100، 101)، وابن الجارود في المنتقى (25)، والطحاوي (1/ 7).
(3)
الطبراني في الكبير (1861).
(4)
الطبراني في الكبير (1862).
(5)
الطبراني في الكبير (1860)، وأحمد (5/ 102).
(6)
مسلم (360)، وأحمد (5/ 98)، وابن خزيمة (31)، وابن حبان (1124) و (1154)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (794)، وغيره.
(7)
مسلم (360)، وأبو نعيم في مستخرجه (795)، وأحمد (5/ 102).
(8)
ابن أبي شيبة في مصنفه (3882).
وقال حماد بن سلمة، عن سماك، عن جعفر بن أبي ثور، عن جدّه جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وقال النضر، عن شعبة، عن سماك: سمعت أبا ثور بن عكرمة بن جابر بن سمرة، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أهل النسب: ولد جابر بن سمرة خالد وطلحة وسلمة وهو أبو ثور
(1)
.
وقال روح: (حدثنا شعبة، قال: حدثنا سماك وأشعث بن سليم عن أبي ثور بن عكرمة، عن جدّه جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم»)
(2)
. انتهى.
قال الحافظ في «التهذيب» في ترجمة جعفر بن أبي ثور معقباً: (وذكر البخاري في «التاريخ» الاختلاف في نسبته إلى جابر وصدَّر كلامه بقوله: قال سفيان وزكريا وزائدة فكأنه عنده أرجح. والله أعلم).
وقال أبو أحمد الحاكم في «الأسامي والكنى» (3/ 51): (وقال من حفظ من أصحاب سماك بن حرب والأشعث بن سُليم عنهما في هذا الحديث عن جعفر بن أبي ثور بن جابر بن سمرة عن جدّه جابر بن سمرة، وهو الصواب).
وقال أيضاً (3/ 12 - 13): (وقد اختلفوا في هذه الروايات على حسب ما بينتها وكلها علمي ملفقة إلا مَنْ قال: عن جعفر بن أبي ثور عن جابر بن سمرة. ثم قال: ولا أعرف لأبي ثور بن جابر بن سمرة أبي جعفر حديثاً عن أبيه جابر بن سمرة ولا غيره من الصحابة فاستشهد به على ما قاله شعبة بن الحجاج عن سماك بن حرب والأشعث بن سليم، ومن أمحل المحال قول شعبة أيضاً حين قال عنهما عن أبي ثور ابن عكرمة وليس ذكر عكرمة في
(1)
يعني اسم والد جعفر بن أبي ثور مسلمة، وقد قيل غير ذلك، كما سيأتي.
(2)
وذكره في التاريخ الأوسط (2/ 1036 رقم 825)، وقال كما في زيادات الخفاف: وهذا كله وهم إلا ما قاله سفيان وزائدة: (جعفر بن أبي ثور). انظر: حاشية التاريخ الأوسط (2/ 1037)، تحقيق د. تيسير بن سعد أبو حميد.
هذا النسب بمحفوظ ولا فيه فائدة
…
ومَن قال أيضاً عن جعفر بن ثور ولم يكنّه (أبي ثور) فهو علمي مخطاء في قوله وحديثه غير أنَّ شعبة بن الحجاج أقبح القوم وهماً في روايته وإن كان أحد الأئمة النبل وما مثله إلا كما قيل والجواد قد يعثر، والله يرحمنا وإياه)
(1)
.
وقال الإمام أحمد: جعفر بن أبي ثور روى عنه سماك بن حرب وعثمان بن عبد الله بن موهب وأشعث بن أبي الشعثاء وجدّه جابر بن سمرة من قِبل أمه
(2)
.
وقال الإمام الترمذي: (أخطأ شعبة في حديث سماك عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء من لحوم الإبل، فقال عن سماك، عن أبي ثور.
وجعفر بن أبي ثور رجل مشهور روى عنه سماك بن حرب وعثمان بن عبد الله بن موهب وأشعث بن أبي الشعثاء وهو من ولد جابر بن سمرة)
(3)
.
الخلاصة:
خالف شعبة أصحاب سماك الثوري وزائدة وحماد بن سلمة وزكريا وغيرهم ممن قالوا في هذا الإسناد عن سماك عن جعفر بن أبي ثور وسمّاه شعبة أبا ثور ابن عكرمة، أما الحديث فصحيح ولم يؤثر هذا الاختلاف على صحته، وقال ابن حجر في «التهذيب» في ترجمة جعفر:(وصحح حديثه في لحوم الإبل مسلم وابن خزيمة وابن حبان وأبو عبد الله بن منده والبيهقي وغير واحد). وقد اختلف في اسمه، قال ابن حجر في «التهذيب»: جعفر بن أبي ثور واسمه عكرمة، وقيل: مسلمة، وقيل: مسلم السوائي،
(1)
نقلاً من تحقيق د. تيسير بن سعد للتاريخ الأوسط (2/ 1038).
(2)
العلل ومعرفة الرجال (2/ 15).
(3)
العلل له (1/ 47) ونقله عنه في البدر المنير (2/ 410)، وابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود (1/ 218).
أبو ثور الكوفي، وقال ابن حبان في صحيحه (3/ 408): أبو ثور ابن عكرمة بن جابر بن سمرة اسمه جعفر وكنية أبيه ثور، فجعفر بن أبي ثور هو أبو ثور ابن عكرمة بن جابر بن سمرة روى عنه عثمان بن عبد الله بن موهب وأشعث بن أبي الشعثاء وسماك بن حرب، فمَن لم يحكم صناعة الحديث توهم أنهما رجلان مجهولان، فتفهموا رحمكم الله).
قلت: وليس في قوله هذا ما يدل على أنَّ مَنْ قال عن (جعفر بن أبي ثور) أبي ثور ابن عكرمة أنه ليس وهماً إنما غاية ما يدل عليه قوله: أنهما اسمان يطلقان على رجل واحد، وقد رجح البخاري وأبو أحمد الحاكم رواية الجماعة عن سماك وما سواها فهو وهم. والله أعلم.
الحديث الثالث عشر
(1)
:
47 -
قال الإمام الترمذي (74): حدثنا قتيبة وهناد قالا: حدثنا وكيع عن شعبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا وضوء إلا من صوت أو ريح» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه الطيالسي (2544)، وابن الجعد (1643) كلاهما عن شعبة به، وأخرجه ابن ماجه (515)، وأحمد (2/ 410، 435، 473)، وأبو عبيد في «الطهور» (405)، وابن الجارود في «المنتقى» (2)، وابن خزيمة (27)، وابن أبي شيبة (7997)، والبيهقي (1/ 117)، من طرق عن شعبة به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
هكذا قال شعبة عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:«لا وضوء إلا من صوت أو ريح» .
خالفه أصحاب سهيل فرووه عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيءٌ أم لا فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» ، منهم:
جرير بن عبد الحميد
(2)
، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي
(3)
،
(1)
رجال الإسناد:
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي أبو رجاء البغلاني، ثقة ثبت من العاشرة، مات سنة 240 عن 90 سنة، روى له البخاري ومسلم.
هناد بن السري بن مصعب التميمي، أبو السري الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة 243 وله 91 سنة، روى له البخاري ومسلم.
ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني، ثقة ثبت، وكان يجلب الزيت إلى الكوفة، من الثالثة، مات سنة 101، روى له البخاري ومسلم.
(2)
مسلم (362).
(3)
ابن خزيمة (24)، والترمذي (75).
وخالد بن عبد الله الواسطي
(1)
، وحماد بن سلمة
(2)
، ومحمد بن جعفر
(3)
، وزهير بن معاوية
(4)
، ويحيى بن المهلب البجلي
(5)
.
ولم يتابع شعبة إلا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي
(6)
وفيه كلام
(7)
.
قال أبو حاتم كما في «العلل» لابنه (107):
(هذا وهم، واختصر شعبة متن هذا الحديث فقال: «لا وضوء إلا من صوت أو ريح»).
ورواه أصحاب سهيل عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد ريحاً من نفسه فلا يخرجن حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» .
وقال البيهقي في «السنن الكبرى» (1/ 171): هذا مختصر وتمامه ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثم ذكر بسنده عن إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، الحديث كما ذكره أبو حاتم.
وقال الشيخ تقي الدين القشيري في «الإمام»
(8)
: (إسناده على شرط مسلم، وهو والله أعلم مختصر بالمعنى من حديث أطول منه أخرجه مسلم عن أبي هريرة مرفوعاً: «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا فلا يخرجن من المسجد
…
».
(1)
ابن خزيمة (24) و (28).
(2)
أبو داود (177)، والدارمي (721)، وأحمد (2/ 414).
(3)
البيهقي (1/ 161).
(4)
أبو عوانة (741).
(5)
الطبراني في الأوسط (1565).
(6)
أبو عبيد في الطهور (404).
(7)
وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: صالح. وقال النسائي: لا بأس به. وقال يعقوب بن سفيان: لين الحديث. وقال الساجي: يروي عن هشام وسهيل أحاديث لا يتابع عليها. وذكره ابن حبان في المجروحين، وقال ابن حجر: صدوق له أوهام. وأفرط ابن حبان في تضعيفه، روى له مسلم والبخاري في خلق أفعال العباد.
(8)
الإمام (2/ 267)، و «البدر المنير» (2/ 419).
حدثنا جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» ). اه.
قلت: ولا يخفى ما بين اللفظين من اختلاف في المعنى، فأما ما رواه شعبة فحصر النواقض بما ذكره وهو غير صحيح إلا إذا قيل ذلك لمن كان في الصلاة، وأما ما رواه الجماعة فيفيد أنَّ مَنْ تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فيبقى على الأصل وهو الطهارة.
وقد روى محمد بن أبي حفصة عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وعباد بن شميم عن عمِّه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا وضوء إلا فيما وجدت من الريح أو سمعت من الصوت»
(1)
، فوقع له من الوهم هنا كما وقع لشعبة.
فالحديث في الصحيحين وغيرهما من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وعباد بن شميم عن عمِّه: أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يجد الشيء في الصلاة، فقال:«لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً»
(2)
.
قال الحافظ في «الفتح» (4/ 296): اختصر ابن أبي حفصة هذا المتن اختصاراً مجحفاً فإنَّ لفظه يعمّ ما إذا وقع الشك داخل الصلاة وخارجها، ورواية غيره من أثبات أصحاب الزهري تقتضي تخصيص ذلك بمن كان داخل الصلاة، ووجهه أنَّ خروج الريح من المصلِّي هو الذي يقع له غالباً بخلاف غيره من النواقض فإنه لا يهجم عليه إلا نادراً، وليس المراد حصر نقض الوضوء بوجود الريح، وخالفهما ابن التركماني فقال في «الجوهر النقي»: وفي كلام البيهقي نظر إذ لو كان الحديث الأول مختصراً من الثاني
(1)
أخرجه أحمد (4/ 39)، وذكره البخاري تعليقاً عقب الحديث (2056).
(2)
البخاري (137، 177، 2056)، ومسلم (361)، والشافعي (1/ 36)، والحميدي (413)، وأحمد (4/ 40)، وأبو داود (175)، والنسائي (1/ 98)، وابن ماجه (513)، وغيرهم.
لكان موجوداً في الثاني مع زيادة، وعموم الحصر المذكور في الأول ليس في الثاني بل هما حديثان مختلفان
(1)
. وتابعه ابن الملقن حيث قال: (وفي كونه مختصراً منه نظر، إذ لو كان كذلك لوجد في الثاني مع زيادة وعموم الحصر المذكور في الأول ليس في الثاني فالظاهر اختلافهما)
(2)
.
قلت: والراجح ما ذكره ابن أبي حاتم والبيهقي للتالي:
1 رواية الجماعة وفيهم حفّاظ ثقات أَولى من رواية الواحد.
2 قد روى سعيد المقبري
(3)
، وأبو سلمة ابن عبد الرحمن
(4)
، عن أبي هريرة ما يوافق رواية الجماعة عن سهيل بن أبي صالح.
3 روى عباد بن تميم عن عمِّه (عبد الله بن زيد بن عاصم) أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال:«لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً»
(5)
.
وروى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ذلك
(6)
.
4 أنَّ قوله: «لا وضوء إلا من صوت أو ريح» يقتضي حصر النواقض بما ذكر وهو غير صحيح إلا إذا قيل: إنَّ ذلك كان حال الصلاة. والله تعالى أعلم.
علة الوهم:
اختصار الحديث.
(1)
في حاشية السنن الكبرى (1/ 417).
(2)
البدر المنير (2/ 420).
(3)
أحمد (2/ 330).
(4)
أبو عبيد في الطهور (402).
(5)
البخاري (137) و (177)(2056)، ومسلم (361).
(6)
أبو داود (1029)، وأحمد (3/ 12، 96)، وأبو يعلى (1241)، وابن ماجه (514)، وعبد الرزاق (533).
الحديث الرابع عشر
(1)
:
48 -
قال الإمام أبو عبد الرحمن النسائي (4/ 173): أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة، عن سهيل، عن صفوان، عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«مَنْ صام يوماً في سبيل الله عز وجل باعد الله وجهه من جهنم سبعين عاماً» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير صفوان، وهو تابعي، ذكره ابن حبان في «الثقات» ، وقال ابن حجر في «التقريب»: مقبول.
وهو في «السنن الكبرى» (2555).
وأخرجه الطيالسي (2300) عن شعبة به، وأخرجه أحمد (3/ 45) ومن طريقه المزي في «تهذيب الكمال» عن محمد بن جعفر عن شعبة به.
هكذا رواه شعبة فقال: (عن سهيل، عن صفوان، عن أبي سعيد الخدري).
خالفه ابن جريج
(2)
، ويزيد بن الهاد
(3)
، والدراوردي
(4)
، وسفيان
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن بشار، تقدم، انظر: الحديث رقم (7).
محمد بن جعفر المعروف بغندر، تقدم، انظر: الحديث رقم (4)(وانظره في بابه).
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بأخرة، روى له البخاري مقروناً وتعليقاً، من السادسة، مات في خلافة المنصور، روى له مسلم.
صفوان بن أبي يزيد، ويقال: ابن سليم المدني، مقبول من الرابعة، روى له النسائي والبخاري في الأدب المفرد.
(2)
البخاري (2840)، ومسلم (1153).
(3)
مسلم (1153).
(4)
مسلم (1153).
الثوري
(1)
، وابن عيينة
(2)
، وحماد بن سلمة
(3)
، وخالد بن عبد الله الواسطي
(4)
، وحميد بن الأسود
(5)
، وسليمان التيمي
(6)
، وعلي بن عاصم
(7)
، وعبيد الله بن موسى
(8)
، وإبراهيم بن طهمان
(9)
، ومعتمر بن سليمان
(10)
، وأبو إسحاق
(11)
.
فرووه (عن سهيل، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري).
وكذلك رواه يحيى بن سعيد الأنصاري عن النعمان بن أبي عياش
(12)
.
وهم شعبة فقال: (صفوان)، بدلاً من (النعمان بن أبي عياش).
وسئل الدارقطني في «العلل» (11/ 313) عن هذا الحديث فقال: يرويه يحيى بن سعيد، وعبد الله بن دينار، وصفوان بن سليم، وسهيل بن أبي صالح.
واختلف عنه:
فرواه أصحاب سهيل، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد.
وخالفهم شعبة فرواه عن سهيل، عن صفوان، عن أبي سعيد، وكان شعبة يغلط في أسماء الرجال لاشتغاله بحفظ المتن. اه.
(1)
الترمذي (1623)، والنسائي (4/ 174)، وفي الكبرى (2559، 2560)، وأبو عوانة (2814).
(2)
عبد الرزاق (9686).
(3)
عبد بن حميد (975)، وأحمد (3/ 83)، والدارمي (2/ 202 - 203).
(4)
سعيد بن منصور (2423)، وابن خزيمة (2112).
(5)
النسائي (4/ 173)، وفي الكبرى (2557).
(6)
ابن حبان (3417).
(7)
البيهقي (4/ 296).
(8)
الترمذي (1623).
(9)
البغوي في شرح السنّة (6/ 368).
(10)
أبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2617).
(11)
أبو عوانة (2815).
(12)
البخاري (2840)، وأبو عوانة (2813).
وقال ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (63/ 40): والمحفوظ حديث سهيل، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد.
لكن قال الحافظ في «الفتح» (6/ 48): لعل لسهيل فيه شيخين.
قلت: ما ذهب إليه الدارقطني أرجح حيث خالف شعبة هذا العدد الكبير من أصحاب سهيل، وشعبة إمام حافظ لكنه قد يغلط في الرجال والغلط لا يسلم منه أحد. والله أعلم.
أثر الوهم في الإسناد:
قلب هذا الوهم الإسناد من إسناد لا بأس به إلى صحيح على شرط الشيخين حيث أنَّ النعمان بن أبي عياش ثقة من رجال الشيخين، بخلاف صفوان. والله تعالى أعلم
(1)
.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فسهيل مدني؛ لذا كانت رواية أهل بلده يزيد بن الهاد
(2)
، ومحمد بن عبد العزيز الدراوردي
(3)
، ومَن وافقهم أصح من رواية شعبة. والله تعالى أعلم.
(1)
انظر هذا الحديث في باب: عبد الله بن نمير ح (916)، وأبي معاوية الضرير ح (390).
(2)
يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، أبو عبد الله المدني، ثقة مكثر من الخامسة، مات سنة 139، روى له الجماعة.
(3)
عبد العزيز بن محمد الدراوردي، مولاهم المدني، صدوق، روى له الجماعة.
الحديث الخامس عشر
(1)
:
49 -
قال الإمام أبو داود (112): (حدثنا محمد بن المثنى، حدثني محمد بن جعفر، حدثني شعبة، قال: سمعت مالك بن عرفطة، سمعت عبد خير، قال: رأيت علياً رضي الله عنه أتى بكرسي فقعد عليه ثم أتى بكوز ماء فغسل يديه ثلاثاً ثم تمضمض مع الاستنشاق بماء واحد. وذكر الحديث).
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنَّ شعبة وهم فقال: (مالك بن عرفطة) وإنما هو (خالد بن علقمة).
وأخرجه النسائي (1/ 68، 69) وفي «الكبرى» (83، 99، 164) من طريق عبد الله بن المبارك ويزيد بن زريع، وأحمد (1/ 122، 139) عن يحيى القطان، ومحمد بن جعفر، وحجاج بن محمد، والطيالسي (149) ومن طريقه البيهقي (1/ 50 - 51)، والخطيب في «المدرج» (ص 568) وفي «الموضح» (2/ 60)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/ 35) من طريق أبي عامر كلهم عن شعبة عن مالك بن عرفطة.
هكذا قال شعبة: (مالك بن عرفطة عن عبد خير).
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن المثنى بن عبيد العنزي، أبو موسى البصري المعروف بالزمن، ثقة ثبت من العاشرة، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن جعفر، تقدم، انظر: الحديث الرابع.
مالك بن عرفطة: صوابه خالد بن علقمة.
خالد بن علقمة الهمداني الوادعي، قال ابن معين والنسائي: ثقة، وقال أبو حاتم: شيخ. وقال ابن حجر في التقريب: صدوق.
عبد خير بن يزيد الهمداني، الكوفي، مخضرم ثقة من الثانية، لم يصح له صحبة، روى له أصحاب السنن.
خالفه زائدة بن قدامة
(1)
، وأبو عوانة وضاح اليشكري
(2)
، وشريك بن عبد الله النخعي
(3)
، وسفيان الثوري
(4)
، فقالوا:(خالد بن علقمة عن عبد خير).
قلب شعبة اسمه وقد صحح أئمة الحديث قول الجماعة وحكموا على شعبة بالوهم.
قال الإمام أحمد: (أخطأ شعبة في اسم خالد بن علقمة فقال: مالك بن عرفطة)
(5)
.
وقال الإمام البخاري: (خالد بن علقمة الهمداني، وقال شعبة: مالك بن عرفطة، وهو وهم، سمع منه زائدة وسفيان وشريك، وقال أبو عوانة مرة: خالد بن علقمة، ثم قال: مالك بن عرفطة)
(6)
.
وقال النسائي: هذا خطأ، والصواب خالد بن علقمة، ليس مالك بن عرفطة
(7)
.
وقال الترمذي: روى شعبة هذا الحديث عن خالد بن علقمة فأخطأ في اسمه واسم أبيه فقال: مالك بن عرفطة عن عبد خير عن علي
(8)
.
وقال أبو زرعة: (وهم فيه شعبة، إنما أراد خالد بن علقمة)
(9)
.
(1)
أبو داود (112)، والنسائي (1/ 67)، وأبو يعلى (286)، وابن خزيمة (147)، وابن حبان (1056)، والبزار (791)، والطحاوي (1/ 35).
(2)
أبو داود (111)، والنسائي (1/ 68)، والبزار (792)، والبيهقي (1/ 50).
(3)
ابن ماجه (404)، وأحمد (1/ 125)، وابن أبي شيبة (1/ 38).
(4)
عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (115، 116) رقم (928، 945).
(5)
العلل لابنه عبد الله (1210).
(6)
التاريخ الكبير (3/ 163).
(7)
في المجتبى (1/ 68).
(8)
في سننه (1/ 69 عقب الحديث 49) وقال: حديث حسن صحيح.
(9)
العلل لابن أبي حاتم (145).
وقال عبد الله عن الإمام أحمد: (هذا أخطأ فيه شعبة إنما هو عن خالد بن علقمة عن عبد خير)
(1)
.
قال علي بن المديني: وأما حديث عبد خير عن علي في الوضوء فهذا حديث كوفي وإسناده صالح، رواه مشيخة عن عبد خير عن علي لم يبلغنا منهم إلا خير، منهم خالد بن علقمة فرواه عنه زائدة وشريك، وشعبة كان يخالفهم في الاسم، يقول مالك بن عرفطة، ورواه أبو عوانة وكان زماناً فيما بلغني عنه يرويه ويقول: مالك بن عرفطة كما قال شعبة، ثم رجع أبو عوانة إلى كتابه فوجده خالد بن علقمة)
(2)
.
وقال ابن أبي داود: (هذا أخطأ فيه شعبة فقال: مالك بن عرفطة، إنما هو خالد بن علقمة حدث أبو عوانة هذا الحديث عن خالد بن علقمة فقال له شعبة: أخطأت إنما هو مالك بن عرفطة فرجع أبو عوانة من الصواب إلى الخطأ فحدَّث عن مالك بن عرفطة، ثم ثبت عند أبي عوانة أنه خالد بن علقمة فرجع إلى خالد بن علقمة)
(3)
.
وقال البزار: أخطأ شعبة في اسمه واسم أبيه
(4)
.
وقال الدارقطني: فأما شعبة فوهم في اسم خالد بن علقمة فسمّاه خالد بن عرفطة
(5)
.
وقال أبو حاتم: خالد بن علقمة الهمداني روى عن عبد خير، روى عنه الثوري وشعبة غير أنَّ شعبة وهم في اسمه فقال: مالك بن عرفطة
(6)
.
(1)
مسند أحمد (1/ 122).
(2)
الموضح (2/ 807).
(3)
الفصل للوصل للخطيب البغدادي (1/ 571).
(4)
في مسنده (3/ 41).
(5)
العلل (4/ 49) كذا قال (خالد بن عرفطة) وشعبة إنما سمّاه (مالك بن عرفطة).
(6)
الجرح والتعديل (3/ 343).
وقال أبو داود: مالك بن عرفطة إنما هو خالد بن علقمة أخطأ فيه شعبة
(1)
.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فخالد بن علقمة كوفي؛ لذا كانت رواية أهل بلده الكوفة عنه، سفيان وزائدة وشريك أصح من رواية شعبة وهو من البصرة. والله تعالى أعلم.
(1)
تحفة الأشراف (7/ 417).
الحديث السادس عشر:
50 -
قال الإمام أحمد (6/ 172): حدثنا محمد بن جعفر، وحجاج، قالا: حدثنا شعبة، عن مالك بن عرفطة، عن عبد خير، عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والحنتم والمُزفَّت.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات، وقد وهم شعبة في خالد بن علقمة فسمّاه مالك بن عرفطة أخطأ في اسمه واسم أبيه.
والحديث أخرجه كذلك أحمد (6/ 244) عن روح بن عبادة، وإسحاق بن راهويه (1229، 1249) من طريق النضر بن شميل كلاهما عن شعبة، ورواه الطيالسي (1538) عن شعبة بهذا الإسناد.
وقد سبق الكلام على وهم شعبة في هذا الإسناد في الحديث السابق.
الحديث السابع عشر
(1)
:
51 -
قال الإمام أبو عبد الرحمن النسائي في «المجتبى» (6/ 219): أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة ح. وأنبأنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا بشر، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره الشكال من الخيل.
التعليق:
هذا إسناد صحيح على شرط مسلم رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن يزيد فهو من رجال مسلم (ولم يروِ له مسلم غير هذا الحديث الواحد).
وهو في «الكبرى» للنسائي (4407) بهذا الإسناد.
والحديث أخرجه مسلم في صحيحه (1875) من طريق محمد بن
(1)
رجال الإسناد:
إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، أبو محمد ابن راهويه المروزي، قرين أحمد بن حنبل، ثقة حافظ مجتهد، مات سنة 238 وله 72 سنة، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن جعفر، تقدم.
إسماعيل بن مسعود الجحدري بصري يكنى أبا مسعود، ثقة من العاشرة، مات سنة 248، روى له النسائي، وقال عنه: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق. وذكره ابن حبان في الثقات «التهذيب» .
بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي، أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت عابد، من الثامنة، مات سنة 186 أو 187، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن يزيد النخعي الكوفي، عن أبي زرعة (في شكال الخيل) صدوق من السادسة، قال أحمد: صوابه: سلم بن عبد الرحمن أخطأ شعبة في اسمه، روى له مسلم.
أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي، قيل: اسمه هرم، وقيل: عمرو، وقيل: عبد الله، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: جرير، ثقة من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
جعفر ووهب بن جرير وأحمد (2/ 457، 461) من طريق عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن جعفر، والطيالسي (2512)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 156) من طريق يحيى بن آدم، وأبو عوانة (7297، 7298) من طريق وهب بن جرير وأبي النضر، والترمذي في «العلل الكبير» (1/ 279) من طريق وهب بن جرير، والمزي في «تهذيب الكمال» (3648) من طريق محمد بن جعفر، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (3/ 96) من طريق آدم بن إياس كلهم عن شعبة بهذا الإسناد.
هكذا قال شعبة: (عن عبد الله بن يزيد، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة).
خالفه سفيان الثوري
(1)
، وشريك
(2)
، فقالا: (عن سلم بن عبد الرحمن
(3)
، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة).
وقد وهم شعبة في اسم سلم بن عبد الرحمن فقال: عبد الله بن يزيد، كما قال ذلك الإمامان يحيى بن معين وأحمد بن حنبل، وخالفهما البخاري كما سيأتي.
قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: شعبة يخطاء في هذا القول: عبد الله بن يزيد، وإنما هو سلم بن عبد الرحمن النخعي
(4)
.
(1)
مسلم (1875)، وأبو داود (2547)، والترمذي (1698)، والنسائي (6/ 219)، وابن ماجه (2790)، وأحمد (2/ 250، 436)، وأبو عوانة (7296)، وإسحاق بن راهويه (179)، وابن حبان (4677)، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 156)، وابن أبي شيبة في المصنف (12/ 224 رقم 32569)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 96).
(2)
البخاري في التاريخ الكبير (4/ 156)، مقتصراً على الشطر الثاني وهو قوله:(مَنْ سمي باسمه فلا يكنى بكنيته، ومَن اكتنى بكنيته فلا يتسمى باسمه).
(3)
سلم بن عبد الرحمن النخعي الكوفي أخو حصين، قيل: يكنى أبا عبد الرحيم، صدوق، من السادسة، له عندهم حديث واحد، روى له مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
(4)
المسند (2/ 457)، والخطيب في الموضح (2/ 156)، العلل (1/ 96)، والمزي في تهذيب الكمال في ترجمة عبد الله بن يزيد.
وروى الخطيب بسنده عن علي بن الحسين بن حبان قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده قال: قال أبو زكريا يحيى بن معين: أخطأ شعبة في حديث سلم بن عبد الرحمن حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الشكال فقال: عن عبد الله بن يزيد قلب اسم سلم بن عبد الرحمن جعله عبد الله بن يزيد، وخالد بن علقمة جعله مالك بن عرفطة.
قال الخطيب: وكان شعبة يخطاء في الأسماء كثيراً
(1)
.
وقال عبد الله بن أحمد: حدثني أبي، قال: أخبرني عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:(«تسمّوا باسمي ولا تكنّوا بكنيتي» وكان يكره الشكال من الخيل). قال أبي: هو سلم بن عبد الرحمن أخطأ شعبة
(2)
.
قال الإمام الترمذي: سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: روى سفيان عن سلم بن عبد الرحمن، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة.
وكان أحمد بن حنبل يرى أنَّ حديث شعبة وهم، ويقول: إنما أراد شعبة حديث سلم بن عبد الرحمن. قال محمد: وأرى حديث شعبة صحيحاً.
قال أبو عيسى: (حديث سلم بن عبد الرحمن هو صحيح عندهم ليس فيه كلام وقد يحتمل أن يكونا روياه جميعاً عن أبي زرعة). والله تعالى أعلم.
وقال يعقوب بن سفيان: وأخطأ شعبة في إسناده.
علة الوهم:
1 قال الدارقطني في العلل (11/ 211)، إنما سمعه شعبة من سلم بن عبد الرحمن النخعي فوهم في اسمه، ويقال: إن سلم بن عبد الرحمن كان يجالس عبد الله بن يزيد فدخل على شعبة الوهم من أجل ذلك.
(1)
موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 156).
(2)
العلل ومعرفة الرجال (3/ 386).
الحديث الثامن عشر
(1)
:
52 -
قال الإمام أحمد (4/ 316): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن حُجر أبي العنبس، قال: سمعت علقمة يحدِّث عن وائل أو سمعه حجر من وائل قال:
صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا قرأ: { .. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} قال: «آمين» وأخفى بها صوته، ووضع يده اليمنى على يده اليسرى وسلَّم عن يمينه وعن يساره.
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، غير حجر بن عنبس الحضرمي وهو تابعي ثقة، شهد مع علي رضي الله عنه الجمل وصفّين، وثَّقه ابن معين، وقال الخطيب: كان ثقة احتج به غير واحد من الأئمة، روى له البخاري في القراءة خلف الإمام وروى له أبو داود والترمذي.
والحديث أخرجه الطيالسي (1024) عن شعبة بهذا الإسناد إلا أنه قال: سمعت علقمة بن وائل يحدِّث عن وائل وقد سمعت من وائل.
ورواه الطبراني في «الكبير» (22/ 43 - 45) رقم (109، 110، 112) من طريق أبي الوليد، وحجاج بن نضير، ووكيع عن شعبة به إلا أنه في رواية وكيع أدخل علقمة بين حجر ووائل.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، تقدم.
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
سلمة بن كهيل الحضرمي، ثقة، روى له البخاري ومسلم.
حجر بن العنبس الحضرمي الكوفي، صدوق مخضرم، من الثانية، روى له البخاري في القراءة، وأبو داود والترمذي.
علقمة بن وائل بن حجر الحضرمي الكوفي، صدوق، روى له مسلم في الصحيح، وروى له البخاري في رفع اليدين.
ورواه الحاكم في «المستدرك» (2/ 57) من طريق سليمان بن حرب وأبي الوليد عن شعبة به.
وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي، ورواه الدارقطني (1/ 57) من طريق الطيالسي عن شعبة به.
ورواه مسلم في «التمييز» (36) من طريق يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر وأبي عامر، كلهم عن شعبة به.
إلا أنَّ حفّاظ الحديث ومنهم الإمام البخاري وأبو زرعة قالوا: إنَّ شعبة وهم في هذا الحديث فقد رواه سفيان الثوري
(1)
، والعلاء بن صالح
(2)
، ومحمد بن سلمة بن كهيل
(3)
، فقالوا:(عن سلمة بن كهيل، عن حجر بن عنبس، عن وائل بن حجر) قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: «{ .. وَلَا الضَّالِّينَ (7)}» فقال: «آمين» يمدّ بها صوته.
قال أبو عيسى الترمذي في «السنن» (2/ 28 عقب الحديث 248): سمعت محمداً (يعني الإمام البخاري) يقول: حديث سفيان أصح من حديث شعبة في هذا، وأخطأ شعبة في مواضع من هذا الحديث، فقال:
عن حجر أبي العنبس، وإنما هو حجر بن عنبس، ويكنّى أبا السكن.
وزاد فيه (عن علقمة عن وائل) وليس فيه عن علقمة، وإنما هو عن حجر بن عنبس، عن وائل بن حجر.
(1)
أخرجه أحمد (4/ 316) ومسلم في التمييز (37)، وأبو داود (932)، والترمذي (248)، والطبراني في «الكبير» 22/ (111)، والدراقطني (1/ 334)، والبيهقي (2/ 57) وفي الصغرى (1/ 256)، وقال الترمذي: حديث حسن، وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومَن بعدهم، يرون أنَّ الرجل يرفع صوته بالتأمين ولا يخفيها.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 295)، وأبو داود (933)، والترمذي (249)، والطبراني في الكبير 22/ (114)، إلا أنه وقع عند أبي داود (علي بن صالح)، قال الإمام الحافظ المزي في تهذيب الكمال (22/ 513) في ترجمة العلاء بن صالح: وهو وهم.
(3)
ذكره البيهقي في «المعرفة» (3/ 391).
وقال: وخفض بها صوته، وإنما هو (ومدَّ بها صوته).
ثم قال أبو عيسى: وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث؟ فقال: حديث سفيان في هذا أصح من حديث شعبة، قال: وروى العلاء بن صالح الأسدي عن سلمة بن كهيل نحو رواية سفيان، انتهى كلام الترمذي، ونحوه في «العلل الكبير» (1/ 68).
وقال مسلم في «التمييز» ص 80 عقب الحديث: (أخطأ شعبة في هذه الرواية حين قال: وأخفى صوته. وسنذكر إن شاء الله رواية من حديث شعبة فيها، فأصابه).
وقال البيهقي في «المعرفة» (2/ 391): (وقد أجمع الحفّاظ محمد بن إسماعيل البخاري وغيره على أنَّ شعبة أخطأ في ذلك، فقد رواه العلاء بن صالح ومحمد بن سلمة بن كهيل عن سلمة بمعنى رواية سفيان).
ورواه شريك عن أبي إسحاق، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بآمين.
ورواه زهير بن معاوية وغيره عن أبي إسحاق، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
وفي كل ذلك دلالة على صحة رواية الثوري.
وكان شعبة يقول: سفيان أحفظ مني.
وقال يحيى بن سعيد القطان: ليس أحد أحب إليَّ من شعبة، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان.
وقال يحيى بن معين: ليس أحد يخالف سفيان الثوري إلا كان القول قول سفيان. قيل: وشعبة أيضاً إن خالفه؟ قال: نعم.
قال البيهقي: (وقد رويناه بإسناد صحيح عن أبي الوليد الطيالسي عن شعبة كما رواه الثوري). اه.
وقال الدارقطني في سننه (1/ 333): يقال: إنَّ شعبة وهم فيه، لأن سفيان الثوري ومحمد بن سلمة بن كهيل وغيرهما رووه عن سلمة فقالوا: ورفع صوته بآمين، وهو الصواب. انتهى.
وقال أبو بكر الأثرم: اضطرب فيه شعبة في إسناده ومتنه، ورواه سفيان فضبطه (التلخيص 1/ 237).
وحاول بعض أهل العلم التوفيق بين رواية سفيان وشعبة وقالوا: لا تعارض بين قول حجر بن عنبس وأبي العنبس وأنَّ اسمه حجر بن عنبس ويكنّى بأبي العنبس باسم أبيه فيكون له كنيتان أبو السكن وأبو العنبس، وأما ذكر علقمة فقد سمعه من علقمة وسمعه أيضاً من وائل كما في رواية الطيالسي.
قال الحافظ في «التلخيص» : فبهذا تنتفي وجوه الاضطراب عن هذا الحديث وما بقي إلا التعارض بين شعبة وسفيان في الرفع والخفض، وقد رجحت رواية سفيان بمتابعة اثنين له بخلاف شعبة فلذلك جزم النقاد بأنَّ روايته أصح. انتهى.
الدلالة الفقهية:
دلَّ هذا الحديث أنَّ الإمام يخفي التأمين ولا يجهر به وبذلك قال الأحناف وسفيان الثوري وأهل الكوفة وبعض أهل المدينة.
قال ابن عبد البر: وقال الكوفيون وبعض المدنيين لا يجهر بها، وهو قول الطبري.
وقال الشافعي وأصحابه وأبو ثور وأحمد بن حنبل وأهل الحديث يجهر بها
(1)
. انتهى.
(1)
التمهيد (4/ 669) فتح البر، الاستذكار (1/ 475).
وقال ابن المنذر في «الأوسط» (3/ 132): كان أصحاب الرأي يرون أن يخفي الإمام آمين، وقال سفيان الثوري: فإذا فرغت من قراءة فاتحة الكتاب فقُل آمين: تخفيها.
واختلف عن الأوزاعي، فحكى الوليد بن مسلم عنه أنه كان يرى الجهر بآمين وحكى عنه الوليد بن يزيد أنه قال: خمس يخفيهن الإمام فذكر آمين. انتهى.
وقال النووي في «المجموع» (3/ 373): وقال أبو حنيفة والثوري يسرّون التأمين، وكذا قاله مالك في المأموم، وعنه في الإمام روايتان؛ إحداهما:(يسرّ به)، والثانية:(لا يأتي به)، ودليلنا الأحاديث الصحيحة السابقة وليس لهم في المسألة حجة صحيحة صريحة، بل احتجت الحنفية برواية شعبة وقوله:(وخفض بها صوته). انتهى.
قلت: والعجيب فيما ذكر عن سفيان فهو يخالف روايته إن صح ما نقل عنه، ويقول برواية شعبة.
الحديث التاسع عشر
(1)
:
53 -
قال الإمام ابن ماجه (1707): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا شعبة، عن أنس بن سيرين، عن عبد الملك بن المنهال، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أنه كان يأمر بصيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة ويقول: «هو كصوم الدهر أو كهيئة صوم الدهر» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، غير عبد الملك وهو ابن قتادة بن ملحان لم يروِ عنه غير أنس بن سيرين وذكره ابن حبان في «الثقات» ، والحديث صحيح لغيره، وهو في مسند ابن أبي شيبة (680).
وأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2310) من طريقه به، وأخرجه أحمد (4/ 165) من طريق محمد بن جعفر، وفي (5/ 28) من طريق روح وبهز، والطيالسي (1321)، وعنه ابن سعد في «الطبقات» (7/ 43)، والنسائي (4/ 224) من طريق خالد بن الحارث، وعبد الله بن
(1)
رجال الإسناد:
أبو بكر ابن أبي شيبة: ثقة حافظ، صاحب تصانيف (انظر ترجمته في بابه).
يزيد بن هارون بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي، ثقة متقن عابد، من التاسعة، مات سنة 206 وقد قارب التسعين عاماً، روى له البخاري ومسلم.
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
أنس بن سيرين الأنصاري، أخو محمد، ثقة، من الثالثة، مات سنة 118، وقيل: 120، روى له البخاري ومسلم.
عبد الملك بن قتادة بن ملحان، ويقال: ابن قدامة بدل قتادة، ويقال: عبد الملك بن المنهال، مقبول، من الثالثة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
المنهال: هو قتادة بن ملحان العنبسي، صحابي له حديث في أيام البيض، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
المبارك وذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (8/ 11) تعليقاً من قول أبي عامر عن شعبة وابن حبان (3651) من طريق أبي الوليد الطيالسي، والطبراني في «الكبير» (19/ 24) من طريق يزيد بن هارون، والبيهقي (4/ 294) من طريق روح بن عبادة وغيره، وابن جرير في «تهذيب الآثار» (1/ 337 مسند عمر) من طريق محمد بن جعفر، هؤلاء السبعة كلهم رووه عن شعبة بهذا الإسناد إلا أنَّ عبد الله بن المبارك سمّاه عبد الملك بن أبي المنهال، وقال خالد بن الحارث عن رجل يقال له: عبد الملك بن أبي قيس بن ثعلبة.
هكذا رواه شعبة فقال: (عن أنس بن سيرين، عن عبد الملك بن المنهال، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه همام بن يحيى العوذي
(1)
، وهشام الدستوائي
(2)
، فقالا: (عن أنس بن سيرين، عن عبد الملك بن قتادة بن ملحان القيسي، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهم شعبة فجعل اسم الصحابي راوي الحديث المنهال وإنما هو قتادة بن ملحان.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (8/ 11) رقم (1962): (قال السراج: وإنما يهم فيه شعبة هو عبد الملك بن ملحان).
وقال في (7/ 185): (قتادة بن ملحان القيسي له صحبة يعدّ في البصريين، روى همام، عن أنس بن سيرين، عن عبد الملك بن قتادة، عن أبيه.
(1)
أبو داود (2449)، وابن ماجه (1707)، وأحمد (4/ 165)، وابن سعد (7/ 43)، والنسائي (4/ 224 - 225)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1646)، والطبراني (19/ 231)، وابن جرير في تهذيب الآثار (1/ 337)، والبيهقي (4/ 294) من طريق عفان بن مسلم، وروح بن عبادة، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وحبان بن هلال، ومحمد بن كثير عن همام به.
(2)
أخرجه الحارث بن أبي أسامة كما في الإصابة (6/ 380).
وقال أبو الوليد: وهم شعبة فيه فقال: عبد الملك بن المنهال).
وقال ابن ماجه: أخطأ شعبة وأصاب همام، ونقل البيهقي عن يحيى بن معين أنه قال:(هذا خطأ إنما هو عبد الملك بن قتادة بن ملحان القيسي) وكذا نقله الحافظ في «الإصابة» .
وقال ابن حجر في «الإصابة» (6/ 380): (قال أبو عمر
(1)
: الصواب ما قاله شعبة وليس همام ممن يعارض به شعبة، كذا قال: والذي أطلق غيره من الأئمة أنَّ رواية همام هي الصواب، وأنَّ ملحان أصح من منهال، وأنَّ زيادة قتادة في النسب لا بد منها
…
وأخرجه النسائي من رواية عبد الله بن المبارك عن شعبة فقال: عن أنس، عن عبد الملك بن المنهال، عن أبيه، قال: كان قتادة يكنّى أبا المنهال، فقد اتحدت رواية شعبة مع رواية همام.
وقد وافق هشام الدستوائي هماماً، رواه روح بن عبادة عن هشام وهمام جميعاً عن أنس، عن عبد الملك بن قتادة، عن أبيه أخرجه الحارث بن أبي أسامة عنه، فظهر أنَّ رواية همام هي الصواب وأنَّ صحابي الحديث قتادة بن ملحان لا المنهال، وأنَّ والد عبد الملك هو قتادة، وأنَّ مَنْ قال فيه ابن المنهال أو ابن ملحان نسبه إلى جدِّه.
(1)
هو ابن عبد البر وخبره هذا في الاستيعاب (4/ 484).
الحديث العشرون
(1)
:
54 -
قال الإمام أحمد (4/ 398): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن غالب التمار، قال: سمعت أوس بن مسروق، رجلاً منا كان أخذ الدرهمين على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغزا في خلافته يحدِّث عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الأصابع سواء» ، قال شعبة: فقلت عشر عشر؟ قال: «نعم» .
التعليق:
هذا إسناد لا بأس به، مسروق بن أوس تابعي روى عنه غالب وحميد بن هلال وقتادة، وذكره ابن حبان في «ثقات التابعين» وذكره ابن حجر في «الإصابة» (6/ 293) وقال: له إدراك وغزا في خلافة عمر.
هكذا رواه شعبة هنا فقال: (عن غالب التمار، عن أوس بن مسروق، عن أبي موسى).
خالفه إسماعيل بن علية
(2)
، وسعيد بن أبي عروبة
(3)
، وحنظلة بن أبي صفية
(4)
، فرووه عن غالب التمار بهذا الإسناد فذكروا أنَّ اسمه (مسروق بن أوس).
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، تقدم.
غالب بن مهران، وقيل: ابن ميمون التمار العبدي، أبو غفار البصري، صدوق من السادسة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
مسروق بن أوس، ويقال: أوس بن مسروق التميمي، مقبول، من الثانية روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
(2)
الشافعي في «المسند» (2/ 110)، وأحمد (4/ 403)، وابن أبي شيبة (9/ 192)، وأبو يعلى (7335)، والدارقطني (3/ 211)، والبيهقي (8/ 92)، والبزار في مسنده (3083).
(3)
أحمد (4/ 403)، وأبو يعلى (7334)، والبزار (3082)، والبيهقي (8/ 92).
(4)
التاريخ الكبير للبخاري (3/ 45)، الغيلانيات الفوائد (729)، وذكره البيهقي تعليقاً (8/ 92).
وكذلك رواه حميد بن أبي هلال عن مسروق بن أوس.
قلب شعبة اسمه فقال: (أوس بن مسروق). وشعبة كان يشك في اسمه فتارة يرويه على الشك، فيقول:(مسروق بن أوس) أو (أوس بن مسروق)، ورواه عن شعبة هكذا على الشك علي بن الجعد
(1)
، وأبو داود الطيالسي
(2)
، وهاشم بن القاسم
(3)
، وحسين بن محمد المروزي
(4)
، ووكيع
(5)
، وأبو نعيم
(6)
، وعفان
(7)
.
وتارة يذكره على الوجه الصحيح بدون شك فيقول: (مسروق بن أوس) هكذا رواه عنه: أبو عاصم النبيل
(8)
، وأبو الوليد
(9)
، وأبو نعيم
(10)
، ومحمد بن جعفر
(11)
، وعلي بن الجعد
(12)
.
قال البيهقي: لم يقم شعبة اسمه في أكثر الروايات عنه.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (8/ 36): مسروق بن أوس وكان أخذ الدرهمين في زمن عمر، وقال بعضهم أوس بن مسروق. وكذا قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (8/ 397)، وقال الحافظ في «الإصابة» (6/ 293): والأول الصواب. وقال الدارقطني في «العلل» (7/ 248): والصواب قول مَنْ قال مسروق بن أوس
(13)
.
(1)
في مسنده (1475) ومن طريقه البغوي في شرح السنّة (10/ 195).
(2)
في مسنده (511)، والبيهقي (8/ 92).
(3)
أحمد (4/ 397).
(4)
أحمد (4/ 398).
(5)
ذكره الدارقطني تعليقاً (3/ 211).
(6)
المصدر السابق.
(7)
المصدر السابق.
(8)
الدارقطني (3/ 211).
(9)
الدارمي (2/ 254) وأبو داود (4557).
(10)
ذكره الدارقطني تعليقاً (3/ 211).
(11)
أبو داود (4557).
(12)
في رواية ابن حبان (60013).
(13)
وانظر الاختلاف على غالب التمار في: العلل (7/ 248).
الحديث الحادي والعشرون
(1)
:
55 -
قال الإمام أحمد (5/ 297): حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا شعبة، حدثنا غيلان بن جرير، عن عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة، قال شعبة: قلت لغَيْلان: الأنصاري؟ فقال برأسه، أي نعم أنَّ رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صومه فغضب، فقال عمر: رضيتُ أو قال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام ديناً. قال: ولا أعلمه إلا قد قال: وبمحمدٍ رسولاً، وبيعتنا بيعة. قال: فقام عمر أو رجل آخر. فقال: يا رسول الله، رجل صام الأبد؟ قال:«لا صام ولا أفطرَ أو: ما صام وما أفطرَ» . قال: صوم يومين وإفطار يوم؟ قال: «ومَن يطيق ذاك؟!» . قال: إفطار يومين وصوم يومٍ؟ قال: «ليت الله عز وجل-قوَّانا لذلك» . قال: صوم يومٍ وإفطار يومٍ؟ قال: «ذاك صوم أخي داود» . قال: صوم الاثنين والخميسِ؟ قال: «ذاك يومٌ وُلدت فيه وأُنزل عليَّ فيه» . قال: «صوم ثلاثة أيامٍ من كلِّ شهرٍ، ورمضان إلى رمضان صوم الدهر وإفطاره» . قال: صوم يومِ عرفة؟ قال: «يُكَفِّرُ السنة الماضية والباقية» . قال: صومُ يومِ عاشوراء؟ قال: «يُكَفِّرُ السنة الماضية» .
التعليق:
هذا إسناد صحيح على شرط مسلم وقد أخرجه مسلم في صحيحه (1162)
(2)
إلا أنه حذف لفظة (الخميس) لما يظنه وهماً.
(1)
رجال الإسناد:
يحيى بن سعيد القطان، تقدم، انظر: الحديث رقم (5).
غيلان بن جرير المعولي الأزدي البصري، ثقة، من الخامسة، مات سنة 129، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن معبد الزماني، بصري، ثقة، من الثالثة، روى له مسلم.
أبو قتادة الأنصاري هو الحارث، ويقال: عمرو أو النعمان بن ربعي السلمي، (صحابي) شهد أُحداً وما بعدها، ولم يصح شهوده بدراً، مات سنة 54، وقيل: 38 والأول أصح، وحديثه في الصحيحين.
(2)
ولم يخرجه البخاري في صحيحه لأنه ذكر أنه لا يعرف لعبد الله بن معبد الزماني سماع من أبي قتادة «التاريخ الكبير» (5/ 198)، و «تحفة التحصيل» (1/ 181)، وانظر: الجرح والتعديل (5/ 173)، ومَن تكلم فيه وهو موثق (1/ 114)، والضعفاء للعقيلي (2/ 305).
وذكر ابن خزيمة في صحيحه (2118) قال: وفي حديث شعبة سمع عبد الله بن معبد الزماني.
والحديث أخرجه مسلم في صحيحه من طريق محمد بن جعفر ومعاذ بن معاذ، وشبابة والنضر بن شميل، كلهم عن شعبة.
وأخرجه أبو عوانة (1646) من طريق روح بن عبادة، وابن خزيمة (2118)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (2545) من طريق محمد بن جعفر والنضر بن شميل وعثمان بن أبي شيبة، وأخرجه ابن جرير في «تهذيب الآثار» (1/ 292 رقم 459 مسند عمر) من طريق محمد بن جعفر، وابن عبد البر في «التمهيد» (7/ 211) من طريق شبابة، كلهم عن شعبة وفيه قوله:(صوم الاثنين والخميس) إلا ابن جرير في «تهذيب الآثار» ، قال فيه:(صوم الاثنين) ولم يذكر الخميس.
هكذا رواه شعبة فقال: (صوم الاثنين والخميس).
وخالفه أبان بن يزيد العطار
(1)
، ومهدي بن ميمون
(2)
، وأبو هلال الراسبي
(3)
، وقتادة
(4)
.
(1)
مسلم (1162)(197)، والمسند المستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم الأصبهاني (2547).
(2)
مسلم (1162)، والمسند المستخرج على صحيح مسلم (2546)، والبيهقي (4/ 293) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع، ومحمد بن الفضل، وحجاج، وخالفهم موسى بن إسماعيل فرواه عن مهدي بن ميمون فقال:(الاثنين والخميس)، وانظر: في باب موسى بن إسماعيل.
(3)
أبو يعلى (144)، وابن جرير في تهذيب الآثار من مسند عمر (1/ 289)، وحنبل في الجزء التاسع من فوائد ابن السماك (27)، ورواه النسائي في الكبرى (2685)، وفي المجتبى (4/ 207) مختصراً.
(4)
ابن خزيمة في صحيحه (2117)، والحاكم في المستدرك (2/ 602)، وابن جرير في تهذيب الآثار (1/ 291)، وابن عدي في الكامل (4/ 224)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (3/ 66).
هؤلاء الأربعة رووه عن غيلان بن جرير فقالوا: (صوم الاثنين) ولم يذكروا الخميس.
ورواه حماد بن زيد
(1)
، عن غيلان به ولم يذكر (الاثنين والخميس).
لذا قال الإمام مسلم في صحيحه بعد أن روى الحديث من طرق عن شعبة واقتصر فيه على ذكر صوم الاثنين، قال:(وفي هذا الحديث من رواية شعبة قال: وسئل عن صوم الاثنين والخميس) فسكتنا عن ذكر الخميس لما نراه وهماً.
قال النووي في «شرح صحيح مسلم» (8/ 52): (قال القاضي عياض إنما تركه وسكت عنه لقوله: «فيه ولدت وفيه بُعثت أو: أُنزل عليّ»، وهذا إنما في يوم الاثنين كما جاء في الروايات الباقيات، يوم الاثنين دون ذكر الخميس، فلما كان في رواية شعبة ذكر الخميس تركه مسلم لأنه رآه وهماً، قال القاضي: ويحتمل صحة رواية شعبة ويرجع الوصف بالولادة والإنزال إلى الاثنين دون الخميس، وهذا الذي قاله القاضي متعين. والله أعلم). انتهى.
وقال أبو عوانة في مسنده (2/ 229 عقب الحديث 2950): قال مسلم: (أظن أنه سئل عن صوم يوم الاثنين والخميس هو غلط).
وسيأتي الحديث برقم (1105) فانظره.
(1)
أبو داود (2425)، والترمذي (749)، والنسائي (2/ 208)، وأبو نعيم في المسند المستخرج على صحيح مسلم (2544)، وابن خزيمة (2126).
الحديث الثاني والعشرون
(1)
:
56 -
وقال ابن قانع في «معجم الصحابة» (3/ 231): حدثنا إبراهيم بن هشام، حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة عن عاصم الأحول، قال: سمعت عيسى بن حطان يحدِّث عن مسلم بن سلام، عن طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«إنَّ الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أستاههن، وإذا فسا أحدكم فليتوضأ» .
التعليق:
هذا إسناد لا بأس به، والحديث صحيح.
وأخرجه أيضاً ابن قانع (2/ 43) عن معاذ بن المثنى، عن أبيه المثنى، عن أبيه معاذ بن معاذ به.
وأخرجه ابن الأثير في «أسد الغابة» (3/ 91) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن محمد بن جعفر، عن شعبة بهذا الإسناد، وأورده ابن كثير في تفسيره (1/ 387) فقال: قال الإمام أحمد: (حدثنا غندر ومعاذ بن معاذ عن شعبة بهذا الإسناد، قال ابن كثير عقبه: وكذا رواه غير
(1)
رجال الإسناد:
إبراهيم بن هاشم بن الحسين بن هاشم، أبو إسحاق البغوي، وثقه الدارقطني وقال: ثقة مأمون، وكذلك وثقه ابن الجوزي والذهبي، «تاريخ بغداد» (6/ 204)، «تاريخ الإسلام» (22/ 102).
عبيد الله بن معاذ بن معاذ بن نصر بن حسان العنبري، أبو عمرو البصري، ثقة حافظ، رجح ابن معين أخاه المثنى عليه، من العاشرة، مات سنة 237، روى له البخاري ومسلم.
معاذ بن معاذ بن نصر بن حسان العنبري، أبو المثنى البصري القاضي، ثقة متقن، من كبار التاسعة، مات سنة 196، روى له البخاري ومسلم.
عاصم بن سليمان الأحول، ثقة، من الرابعة، لم يتكلم فيه إلا القطان كأنه بسبب دخوله في الولاية، مات بعد سنة 140، روى له البخاري ومسلم.
عيسى بن حطان الرقاشي، مقبول، من الثالثة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
مسلم بن سلام الحنفي أبو عبد الملك، مقبول، من الرابعة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
واحد عن شعبة)، هو في أطراف المعتلي لابن حجر (4/ 384) في مسند علي بن طلق لا يزيد.
هكذا رواه معاذ بن معاذ ومحمد بن جعفر عن شعبة فقالا: (عن عاصم، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق).
خالفه سفيان الثوري
(1)
، ومعمر
(2)
، وجرير بن عبد الحميد
(3)
، وأبو معاوية
(4)
، وحفص بن غياث
(5)
، وعبد الواحد بن زياد
(6)
، وإسماعيل بن زكريا
(7)
، ومروان بن معاوية الفزاري
(8)
.
فقالوا: (عن عاصم عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام عن علي بن طلق).
وكذلك رواه عبد الملك بن مسلم
(9)
عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن علي بن طلق
(10)
.
(1)
أحمد (36/ 24002).
(2)
عبد الرزاق (529)، وأحمد (33/ 24002)، والبيهقي في شعب الإيمان (4990).
(3)
أبو داود (205، 1005)، والنسائي في الكبرى (9026)، والطحاوي (3/ 54)، وابن حبان (2237)، والدارقطني (1/ 153)، والبيهقي (2/ 255)، وابن جرير في تهذيب الآثار (3/ 274).
(4)
الترمذي (1164)، والنسائي في الكبرى (9025، 9026)، والطحاوي (3/ 54)، وابن حبان (4199، 4201)، وابن جرير (3/ 274)، وابن الأثير في أسد الغابة (4/ 134).
(5)
ابن أبي شيبة (4/ 251)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1679).
(6)
الدارمي (1141، 1142).
(7)
ابن قانع (2/ 260)، والطحاوي (3/ 45).
(8)
ابن عساكر في تاريخ دمشق (53/ 110).
(9)
النسائي في الكبرى (9024)، وابن جرير في تهذيب الآثار (3/ 274)، والخطيب في تاريخ بغداد (10/ 398).
(10)
علي بن طلق بن المنذر بن قيس الحنفي اليمامي، صحابي، له أحاديث (د ت س).
وهم شعبة فقلب اسم الراوي (علي بن طلق) إلى طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق.
قال الإمام الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (3/ 539): (طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق على الشك ذكره أحمد وابن أبي خيثمة وابن قانع والبغوي وابن شاهين كلهم من طريق شعبة عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أستاههن») هكذا رواه.
وخالفه معمر عن عاصم فقال: (علي بن طلق، ولم يشك وكذا قال أبو نعيم عن عبد الملك بن سلام، عن عيسى بن حطان، قال ابن أبي خيثمة: هذا هو الصواب).
وسيأتي هذا الحديث في باب الإمام أحمد
(1)
ومعمر
(2)
.
(1)
حديث رقم (1377).
(2)
حديث رقم (224).
الحديث الثالث والعشرون
(1)
:
57 -
قال أبو داود الطيالسي في مسنده (1519): حدثنا شعبة، عن يزيد بن خمير، عن عبد الله بن أبي موسى النضري قال: قالت: لي عائشة رضي الله عنها:
لا تدع قيام الليل فإن رسول صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو قالت: كسل صلى قاعداً.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (800) وابن خزيمة في صحيحه (1137) وأبو داود (1307) ثلاثتهم من طريق محمد بن بشار، وأخرجه الإمام أحمد (6/ 249)، والحاكم (1/ 308) من طريق إبراهيم بن مرزوق، والبيهقي (3/ 14) من طريق يونس بن حبيب، وابن أبي الدنيا في التهجُد (6) من طريق علي بن مسلم خمستهم (أحمد، ومحمد بن بشار، وإبراهيم بن مرزوق، ويونس بن حبيب، وعلي بن مسلم) عن أبي داود الطيالسي بهذا الإسناد إلا أنه عند أبي داود عبد الله بن أبي قيس.
ورواه أحمد (6/ 125)، والحاكم (1/ 38) من طريق محمد بن جعفر،
(1)
رجال الإسناد:
يزيد بن خمير بن يزيد الرحبي الهمداني، أبو عمر الشامي الحمصي، صدوق من الخامسة، روى له مسلم وروى له البخاري في «الأدب المفرد» .
عبد الله بن أبي موسى: هو عبد الله بن أبي قيس.
عبد الله بن أبي قيس، ويقال ابن قيس، ويقال ابن أبي موسى، أبو الأسود النضري الحمصي ثقة مخضرم من الثانية. وروى له مسلم والبخاري في «الأدب المفرد» .
والبيهقي (4/ 211) من طريق يزيد بن هارون، وروح بن عبادة ثلاثتهم عن شعبة بهذا الإسناد ورواية بعضهم مطولة.
هكذا قال شعبة: (عن يزيد بن خمير، عن عبد الله بن أبي موسى، عن عائشة).
وخالفه معاوية بن صالح
(1)
، وأبو بكر بن أبي مريم
(2)
، ومحمد بن زياد الألهاني
(3)
وعتبة بن ضمرة بن حبيب
(4)
.
فرووا هذا الحديث عن عبد الله بن أبي قيس عن عائشة.
وهم شعبة أو شيخه يزيد بن خمير في اسم التابعي الراوي عن عائشة وحمل أهل الحديث الوهم فيه على شعبة.
قال الإمام أحمد عقب الحديث: «عبد الله بن أبي موسى هو خطأ، أخطأ فيه شعبة هو عبد الله بن أبي قيس»
(5)
.
وقال أيضاً: «إنما هو عبد الله بن أبي قيس وهو الصواب مولى لبني ابن عمر بن معاوية»
(6)
.
(1)
مسلم (307)، وأبو داود (1362)(2325)(1437)(2430) والترمذي (449)(2424) والنسائي (1/ 199)(3/ 224)(4/ 199)، وإسحاق (1667)(1688)، وأحمد (6/ 149) و (6/ 188)، وابن خزيمة (1160) وابن الجارود (377) والحاكم (1/ 308).
(2)
الحاكم (1/ 308).
(3)
أبو داود (4712) وأحمد (6/ 89)(6/ 93)، وإسحاق (1036) و (1407)(1670)(1671)، وأبو يعلى (4513).
(4)
إسحاق (1672) والبخاري في التاريخ الكبير (5/ 172) والطبراني في مسند الشاميين (1240).
(5)
المسند (6/ 126) وعنه ابن عساكر في تاريخ دمشق (32/ 24).
(6)
المسند (6/ 249) وكذا في العلل لابنه عبد الله (2284، 2660).
وقال ابن خزيمة: «وهذا الشيخ عبد الله هو عندي الذي يقول له المصريون والشاميون عبد الله بن أبي قيس، روى عنه معاوية بن صالح أخباراً»
(1)
.
وقال أبو حاتم: هذا خطأ وهم فيه شعبة إنما هو يزيد بن خمير عن عبد الله بن أبي قيس عن عائشة
(2)
.
وقال ابن حجر: «عبد الله بن أبي قيس ويقال: ابن قيس ويقال: ابن أبي موسى والأول أصح»
(3)
.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فعبد الله بن أبي قيس الذي وهم شعبة في اسمه من حمص من الشام، لذا كانت رواية أهل بلده معاوية بن صالح وأبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، ومحمد بن زياد وعتبة بن ضمرة وكلهم من حمص أصح من رواية شعبة لمعرفتهم بأهل بلدهم وأسمائهم أكثر من غيرهم، والله أعلم.
(1)
في صحيحه (2/ 177) حديث (1137).
(2)
العلل لابن أبي حاتم (242)، والجرح والتعديل (5/ 140) بنحوه. والموضح للخطيب (2/ 199).
(3)
تهذيب التهذيب (2/ 407).
الحديث الرابع والعشرون
(1)
:
58 -
قال الطبراني في «المعجم الكبير» (5390): حدثنا أبو مسلم الكَشِّي ثنا عمرو بن مرزوق، أنا شعبة، عن يزيد بن أبي زياد، عن عيسى بن لقيط، عن رجل من أهل الشام، عن سعد بن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«ما من أحدٍ تعلَّم القرآن ثم نسيه إلا لقي الله عز وجل أجْذَم» .
التعليق:
هذا إسناد ضعيف لجهالة عيسى وهو ابن فائد، وضعف يزيد بن أبي زياد.
وأخرجه الحارث في مسنده (600) عن سعيد بن عامر بهذا الإسناد. والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (86) من طريق إبراهيم بن مرزوق عن سعيد بن عامر، فقال:(عيسى بن لقيط أو إياد بن لقيط)، والبزار (374) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة وفيه (عيسى بن فائد أو لقيط)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1961)
(1)
رجال الإسناد:
إبراهيم بن عبد الله بن مسلم بن ماعز بن مهاجر أبو مسلم البصري الكشي، ثقة ثبت، وثقه موسى بن هارون والدارقطني وقال عبد الغني بن سعيد: ثقة نبيل. وأثنى عليه الخليلي والخطيب وابن الجوزي وابن القطان وغيرهم، وقال الذهبي: الحافظ المسند كان نبيلاً عالماً بالحديث، ولد سنة 200 وتوفي سنة 292، (تراجم شيوخ الطبراني ص 66).
عمرو بن مرزوق الباهلي، أبو عثمان البصري، ثقة فاضل له أوهام، من صغار التاسعة، مات سنة 224، روى له البخاري.
يزيد بن أبي زياد الهاشمي الكوفي، ضعيف كبر فتغير وصار يلقن، وكان شيعياً، من الخامسة، مات سنة 136، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
عيسى بن فائد، أمير الرقة، مجهول، من السادسة، وروايته عن الصحابة مرسلة، روى له أبو داود.
من طريق سعيد بن عامر فقال: (عيسى بن لقيط أو إياد) وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (2744) من طريق سعيد بن عامر فقال: (عيسى بن لقيط أو ابن إياد).
وأخرجه أحمد (5/ 284)، والدارمي (2340)، وابن عبد البر في «التمهيد» (5/ 183)، ومحمد بن نصر المروزي كما في «مختصر قيام الليل» (ص 178) للتبريزي، وعبد بن حميد في «المنتخب» من طريق (محمد بن جعفر وابن أبي عدي وسعيد بن عامر ويزيد بن هارون وعثمان بن عمر بن فارس) عن شعبة، وفيه (عن عيسى) ولم ينسبوه.
هكذا قال شعبة: (عن يزيد بن أبي زياد، عن عيسى بن لقيط، عن رجل، عن سعيد بن عامر).
وفي رواية قال شعبة: (عيسى بن فائد أو لقيط) وقال ثالثة: (عيسى بن لقيط أو إياد).
خالفه جمع من أصحاب يزيد فقالوا: (عيسى بن فائد، منهم:
عبد الله بن إدريس
(1)
، وخالد بن عبد الله الواسطي
(2)
، ومحمد بن فضيل
(3)
، وأبو عوانة
(4)
، وسفيان بن عيينة
(5)
، وجرير بن عبد الحميد
(6)
،
(1)
أبو داود (1474)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (85)، وابن الأبار في المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (1/ 80).
(2)
أحمد (5/ 285)، وسعيد بن منصور (18)، وإبراهيم الحربي في غريب الحديث (2/ 428)، والطبراني في الكبير (5389) و (5392)، والبيهقي في شعب الإيمان (1970).
(3)
ابن أبي شيبة (10/ 478) و (12/ 2009)، وفي مسنده (823)، والبزار (3739).
(4)
أحمد (5/ 337).
(5)
عبد الرزاق (5985).
(6)
أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (104) والقزويني في التدوين في أخبار قزوين (1/ 162).
وعبد العزيز بن سلم
(1)
، وزائدة
(2)
، وأبو بكر ابن عياش
(3)
.
ورواه وكيع
(4)
عن أصحابه عن يزيد بن أبي زياد عن عيسى بن فائد ولم يتابع شعبة فيما أعلم أحد في قوله: (ابن لقيط).
وقد تابعهم شعبة في رواية حجاج عنه.
فقد رواه أبو عبيد عن الحجاج، عن شعبة على الصواب
(5)
.
قال البيهقي: كذا روي عن شعبة وهو خطأ، وإنما هو عيسى بن فائد. ورواه أبو عبيد عن الحجاج عن شعبة على الصواب، وكذلك رواه غير شعبة عن يزيد عن عيسى بن فائد
(6)
.
وقال المزي: وذلك معدود في أوهامه.
وقال أبو نعيم بعد أن ذكر رواية شعبة: رواه جرير وخالد وأبو عوانة وابن فضيل فقالوا: عن عيسى بن فائد
(7)
.
وقال ابن كثير: رواه شعبة عن يزيد فوهم في إسناده
(8)
.
(1)
أحمد (5/ 323).
(2)
عبد بن حميد (307).
(3)
ذكره المزي في تحفة الأشراف (3/ 234)، وابن كثير في مقدمة تفسيره (1/ 72)، وابن حجر في إتحاف المهرة (5/ 87).
(4)
المصدر السابق.
(5)
شعب الإيمان (2/ 336) حديث (1969).
(6)
تحفة الأشراف (3/ 234 حديث (3835).
(7)
معرفة الصحابة (8/ 465).
(8)
في مقدمة تفسيره (1/ 72).
الحديث الخامس والعشرون
(1)
:
59 -
قال الإمام النسائي في «الكبرى» (9865): أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن أبي المليح، عن أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع المؤذن قال كما يقول حتى يسكت.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين، وأخرجه أبو يعلى (7141) عن محمد بن بشار بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد (6/ 326) عن محمد بن جعفر، وإسحاق بن راهويه (2047، 2048) عن وهب بن جرير، والنضر بن شميل، جميعهم عن شعبة بهذا الإسناد.
هكذا رواه شعبة هنا فقال: (عن أبي بشر، عن أبي المليح، عن أم حبيبة).
خالفه أبو عوانة
(2)
، وهشيم
(3)
، وهشام
(4)
، فقالوا: (عن أبي بشر،
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن بشار، تقدم.
محمد بن جعفر، تقدم.
جعفر بن إياس، أبو بشر بن أبي وحشية، ثقة، من أثبت الناس في سعيد بن جبير، من الخامسة، مات سنة 125، وقيل: 126، روى له البخاري ومسلم.
أبو المليح بن أسامة بن عمير
…
، ثقة، من الثالثة، مات سنة 98، وقيل: 108، وقيل: بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
(2)
النسائي في الكبرى (9863)، وفي عمل اليوم والليلة (35)، وابن أبي شيبة (2/ 227)، وأبو يعلى (7146)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 34)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 368).
(3)
النسائي في الكبرى (9864)، وفي عمل اليوم والليلة (36)، وابن ماجه (719)، وأحمد (6/ 426)، وابن خزيمة (412)، وتاريخ بغداد (14/ 213)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 368).
(4)
ابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 369 - 370) هكذا جاء اسمه هشام ولم أجد في ذكر الرواة عن أبي بشر مَنْ اسمه هشام. والله أعلم.
عن أبي المليح، عن عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان، عن عمَّته أم حبيبة)، أسقط شعبة عبد الله بن عتبة من الإسناد.
لذا قال إسحاق عقب الحديث: (وأدخل أبو عوانة بين أبي المليح وأم حبيبة عبد الله بن عتبة).
وقال النسائي: (خالفه شعبة، رواه عن أبي بشر جعفر بن إياس عن أبي المليح ولم يذكر عبد الله بن عتبة).
قلت: وقد رواه شعبة مرة أخرى فذكر عبد الله بن عتبة بين أبي المليح وأم حبيبة، رواه عنه هكذا ستة من أصحابه، هم: عبد الرحمن بن مهدي
(1)
، وبهز بن أسد
(2)
، ووهب بن جرير
(3)
، وأبو الوليد الطيالسي
(4)
، وعمرو بن مرزوق
(5)
، وآدم بن أبي إياس
(6)
.
كلهم عن شعبة، عن أبي بشر، عن أبي المليح، عن عبد الله بن عتبة، عن أم حبيبة.
أثر الوهم:
أسقط شعبة عبد الله بن عتبة من الإسناد في إحدى الروايات عنه وقد رواها عنه كذلك محمد بن جعفر، ووهب بن جرير، والنضر بن شميل، وشبابة بن سوار.
(1)
أبو يعلى (7141)، وابن خزيمة (4131).
(2)
المصدر السابق.
(3)
الحاكم (1/ 204).
(4)
الطحاوي (1/ 143)، والطبراني في الكبير 23/ (428)، وفي الدعاء (440)، والحاكم (1/ 204).
(5)
الطبراني في الدعاء (440).
(6)
الحاكم (1/ 204).
فظاهر إسناده أنه على شرط الشيخين
(1)
، والصحيح كما رواه البقية عن شعبة، ورواه كذلك أبو عوانة وهشيم وهشام بإثبات عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان بن أبي المليح وأم حبيبة، وعبد الله هذا قال ابن حجر في «التقريب»: مقبول، وذكر المزي في ترجمته أنه لم يرو عنه غير أبي المليح، وتعقبه ابن حجر في تهذيبه بأنَّ ابن خزيمة أخرج حديثه في صحيحه فهو ثقة عنده، وأنه روى أيضاً عنه حديثاً غير هذا محمد بن سعد المؤذن، أخرجه أبو يعلى عنه.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فجعفر بن إياس واسطي، سكن واسط، وإن كان أصله من البصرة؛ لذا كانت رواية أهل بلده أبي عوانة
(2)
، وهشيم
(3)
أصح من روايته؛ لأنهم أعلم بحديث صاحبهم.
لذا؛ لمّا أنكر شعبة حديث أبي بشر عن مجاهد حديث الطير أنَّ ابن عمر رأى قوماً نصبوا طيراً يرمونه، قال شعبة: هذا حديث المنهال. فقال له هشيم: أنا سمعته من أبي البشر، إيش تنكر عليه؟
(1)
إلا أنه منقطع، أبو المليح لم يسمعه من أم حبيبة.
(2)
وضاح اليشكري الواسطي البزاز أبو عوانة، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، مات سنة 175 أو 176، روى له البخاري ومسلم.
(3)
هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية بن أبي حازم الواسطي، ثقة ثبت، كثير التدليس والإرسال الخفي، مات سنة 183 وله نحو 80 سنة، روى له البخاري ومسلم.
الحديث السادس والعشرون
(1)
:
60 -
قال الإمام أبو داود الطيالسي (1762): حدثنا شعبة، عن عبد الله أو محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عروة بن الزبير:
أنَّ مروان أرسل إلى بسرة بنت صفوان يسألها فحدَّثت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مّن مسَّ ذكره فليتوضأ» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، ورواه الدارقطني في «العلل» (15/ 342) من طريق الطيالسي بهذا الإسناد. ورواه الطبراني في «الكبير» (24/ 503) من طريق سعيد بن سفيان الجحدري عن شعبة، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عروة.
ورواه الدارقطني في «العلل» (15/ 342) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة قال: سمعت محمد بن أبي بكر ابن عمرو بن حزم عن عروة به.
هكذا قال شعبة عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عروة.
وقال مرة أخرى عن عبد الله أو محمد بن أبي بكر ابن عمرو بن حزم على الشك.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني القاضي، ثقة، من الخامسة، مات سنة 135 وله 70 سنة، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني، أبو عبد الملك القاضي، ثقة، من الخامسة، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.
عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 94 على الصحيح ومولده أوائل خلافة عثمان، روى له البخاري ومسلم.
خالفه مالك بن أنس
(1)
، وإسماعيل بن علية
(2)
، وسفيان بن عيينة
(3)
، والزهري
(4)
، وسفيان الثوري
(5)
، وعمر بن محمد العمري
(6)
، والضحاك بن عثمان
(7)
، وعمرو بن الحارث
(8)
، ومحمد بن إسحاق
(9)
، وابن لهيعة
(10)
، ويونس بن يزيد
(11)
، وسلامة بن عقيل
(12)
، وعقيل بن خالد
(13)
، والليث بن سعد
(14)
، وخالد بن مسافر
(15)
، وشعيب
(16)
، والأوزاعي
(17)
.
(1)
في الموطأ (1/ 42)، والشافعي في المسند (1/ 34)، وفي الأُم (1/ 15)، وأبو داود (181)، والنسائي (1/ 100)، وفي الكبرى (159)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3230)، وابن المنذر في الأوسط (89)، وابن حبان (1112)، والطبراني 24/ (496)، والبيهقي (1/ 128)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 186).
(2)
أحمد (6/ 406)، وابن أبي شيبة (1/ 163)، وابن أبي عاصم (3228)، والطبراني في الكبير 24/ (500).
(3)
النسائي (1/ 216)، وأحمد (6/ 406)، والحميدي (352)، وابن الجارود (16)، وابن عبد البر (17/ 186 - 187)، وإسحاق بن راهويه (217).
(4)
أحمد (6/ 407)، والنسائي (1/ 100 - 101)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3222) و (3223) و (3227)، والطحاوي (1/ 72)، والطبراني 24/ (492 و 493 و 494)، والبيهقي (1/ 132)، وفي الخلافيات (505)، والدارقطني في العلل (15/ 339).
(5)
الطبراني 24/ (497) والدارقطني في العلل (15/ 339).
(6)
الطبراني 24/ (498).
(7)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3229)، والطبراني في الكبير 24/ (501)، والدارقطني (15/ 340).
(8)
الطبراني 24/ (499).
(9)
الدارمي (725)، والطبراني (24/ 502)، والدارقطني (15/ 341).
(10)
الدارقطني في العلل (15/ 341).
(11)
الدارقطني (15/ 342، 343)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3227).
(12)
الدارقطني (15/ 344).
(13)
المصدر السابق (15/ 344).
(14)
المصدر السابق (15/ 344).
(15)
المصدر السابق (15/ 345).
(16)
المصدر السابق (15/ 346).
(17)
المصدر السابق (15/ 346).
فقالوا: عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم.
وقال بعضهم: أبو بكر بن عمرو بن حزم.
وهم شعبة فقال: محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، ورواه مرة أخرى على الشك فقال:(عبد الله أو محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم).
قال ابن عبد البر في «التمهيد» (7/ 184): وليس الحديث لمحمد بن عمرو بن حزم عند أحد من أهل العلم بالحديث، ولا رواه محمد بن عمرو بن حزم بوجه من الوجوه ومحمد بن عمرو بن حزم لا يروي مثله عن عروة
…
، وقد روى هذا الحديث أبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم عن عروة، كما رواه ابنه عبد الله عن عروة وقد جمع مع أبيه من شيوخ، وأما محمد بن عمرو بن حزم فلم يقُل أحد إنه روى عن عروة هذا الحديث ولا غيره، والمحفوظ في هذا الحديث رواية عبد الله بن أبي بكر عن عروة ورواية أبي بكر له عن عروة أيضاً.
وقال ابن عبد البر أيضاً، تعقيباً لما جاء في بعض نسخ «الموطأ» ، قال:(في نسخة يحيى في «الموطأ» في إسناد هذا الحديث وهم وخطأ غير مشكل، وقد يجوز أن يكون من خطأ اليد فهو من قبيح الخطأ في الأسانيد، وذلك أنَّ في كتابه في هذا الحديث مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن محمد بن عمرو بن حزم، فجعل في موضع (ابن)(عن) فأفسد الإسناد وجعل الحديث لمحمد بن عمرو بن حزم، وهكذا حدَّث به ابنه عبد الله بن يحيى، أما ابن وضاح فلم يحدِّث به هكذا وحدَّث به على الصحة فقال: مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وهذا الذي لا شك فيه عند جماعة أهل العلم وليس الحديث لمحمد بن عمرو بن حزم عند أحد من أهل العلم بالحديث
…
).
قال الدارقطني في «العلل» (15/ 319): (ورواه شعبة فاختلف عنه:
فرواه عبد الصمد بن عبد الوارث عن شعبة، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة، قال ذلك أبو قلابة عنه.
ورواه أبو داود الطيالسي عن شعبة، عن عبد الله بن أبي بكر أو أخيه محمد بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة.
ورواه معاذ بن معاذ وغندر والنضر بن شميل عن شعبة عن محمد بن أبي بكر بغير شك). انتهى.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، محمد بن أبي بكر من المدينة النبوية، وشعبة من أهل الكوفة، فلذلك كان مالك بن أنس أعلم بشيوخ بلده وعلمائه من شعبة فضبط اسمه. والله تعالى أعلم.
الحديث السابع والعشرون
(1)
:
61 -
قال الإمام أحمد (2/ 45): حدثنا محمد بن جعفر وحجاج المعنى، قالا: حدثنا شعبة، حدثنا مسلم بن أبي مريم، قال حجاج من بني أمية، قال: سمعت عبد الرحمن بن علي، قال حجاج الأموي، قال: سمعت ابن عمر ورأى رجلاً يعبث في صلاته فقال ابن عمر: لا تعبث في صلاتك واصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع. قال محمد: فوضع ابن عمر فخذه اليمنى على اليسرى ويده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع يده اليمنى على اليمنى وقال بإصبعه.
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، غير علي بن عبد الرحمن المعاوي من رجال مسلم وقد وهم شعبة في اسمه فقلبه.
وأخرجه أبو عوانة (2011) من طريق أبي عتاب سهل بن حماد ووهب بن جرير، كلاهما عن شعبة بهذا الإسناد.
هكذا رواه شعبة فقال: (عن مسلم بن أبي مريم، عن عبد الرحمن بن علي الأموي).
خالفه مالك
(2)
، وسفيان بن عيينة
(3)
، ويحيى بن سعيد
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، تقدم، انظر: الحديث رقم (4).
حجاج، تقدم، انظر: الحديث رقم (6).
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
مسلم بن أبي مريم، يسار المدني مولى الأنصار، ثقة، من الرابعة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن علي: ليس له ترجمة، وقد أخطأ شعبة في اسمه، والصحيح هو: علي بن عبد الرحمن المعاوي، بضمِّ الميم، الأنصاري المدني، ثقة، من الرابعة، روى له مسلم.
(2)
مسلم (580)(116) وهو في الموطأ (1/ 88).
(3)
مسلم (580)(116).
الأنصاري
(1)
، ووهيب بن خالد
(2)
، وإسماعيل بن جعفر المدني
(3)
، فقالوا:(عن مسلم، عن علي بن عبد الرحمن المعاوي).
وكذلك رواه يحيى بن حكيم فقال: عن علي بن عبد الرحمن
(4)
.
وهم شعبة فيه في موضعين:
الأول: قلب اسمه فقال: (عبد الرحمن بن علي)، وإنما هو (علي بن عبد الرحمن).
الثاني: وهم في نسبه فقال: (الأموي)، وإنما هو (المعاوي) وهو أنصاري مدني وليس بأموي؛ لذا قال أبو عوانة عقب الحديث: وهو غلط
(5)
.
قال ابن أبي حاتم في «العلل» (1/ 106 رقم 292): (سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه شعبة فذكر هذا الحديث.
فقالا: هذا وهَمٌ، وهِمَ فيه شعبة إنما هو علي بن عبد الرحمن المعاوي).
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فشعبة من البصرة، وشيخه في هذا الحديث مسلم من المدينة؛ لذا كانت رواية أهل بلده عنه كمالك ويحيى بن سعيد وإسماعيل بن جعفر أصح من رواية شعبة، وهم أعلم بأهل المدينة فضبطوا اسمه فقالوا:(علي بن عبد الرحمن)، وقال شعبة:(عبد الرحمن بن علي الأموي). والله تعالى أعلم.
(1)
مسلم (580)(116).
(2)
أحمد (2/ 73). وأبو عوانة (2008).
(3)
أبو عوانة (2010)، وابن خزيمة (719)، وابن حبان (1947).
(4)
ذكره ابن خزيمة تعليقاً (712).
(5)
ونقله ابن حجر في التهذيب (7/ 315).
الحديث الثامن والعشرون
(1)
:
62 -
قال الإمام أحمد (2/ 27): حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا شعبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كان منكم متحريها فليتحرها ليلة سبع وعشرين» . وقال: «تحروها ليلة سبع وعشرين» . يعني ليلة القدر.
التعليق:
هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وقد تابع يزيد بن هارون على رواية هذا الحديث عن شعبة آدم بن أبي إياس
(2)
، ووهب بن جرير
(3)
، والأسود بن عامر
(4)
، ثلاثتهم عن شعبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنه بهذا المتن وهو تحري ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، وقد وهم أمير المؤمنين في الحديث شعبة في هذا المتن على عبد الله بن دينار في قوله:«ليلة سبع وعشرين» .
فقد خالفه مالك بن أنس
(5)
، وسفيان الثوري
(6)
وهما مَنْ هما وعبد العزيز بن مسلم
(7)
، وإسماعيل بن جعفر
(8)
، وسليمان بن بلال
(9)
.
(1)
رجال الإسناد:
يزيد بن هارون، تقدم، انظر: الحديث رقم (19).
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
عبد الله بن دينار العدوي مولاهم، أبو عبد الرحمن المدني، مولى ابن عمر، ثقة، مات سنة 127، روى له البخاري ومسلم.
(2)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 91).
(3)
الطحاوي (3/ 91).
(4)
أحمد (2/ 157)، والبيهقي (4/ 311).
(5)
مسلم (1165)(206)، وهو في الموطأ (1/ 320).
(6)
أحمد (2/ 62)، وابن أبي شيبة (2/ 115)، والطحاوي (3/ 87).
(7)
أحمد (2/ 74).
(8)
ابن حبان (3681).
(9)
الطحاوي (3/ 84).
هؤلاء الخمسة كلهم رووه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنه بلفظ: (تحروها في السبع الأواخر).
ولم يجعلوا تحريها كما قال شعبة في ليلة سبع وعشرين لا غير.
قال البيهقي: الصحيح رواية الجماعة دون رواية شعبة
(1)
.
وقد ذكر شعبة شكّه هل الأمر كان في تحريها في السبع الأواخر أو في سبع وعشرين خاصة.
فقال الأسود بن عامر عنه عقب الحديث.
قال شعبة: (وذكر لي رجل ثقة عن سفيان أنه كان يقول: إنما قال: مَنْ كان متحريها فليتحرها في السبع البواقي. قال شعبة: فلا أدري قال ذا أو ذا؟).
قال عبد الله بن أحمد: (قال أبي: الرجل الثقة يحيى بن سعيد القطان). انتهى.
وقد رواه عن ابن عمر مثل رواية الجماعة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر نافع
(2)
، وسالم
(3)
، وعقبة بن حريث
(4)
.
الخلاصة:
1 قد وهم شعبة في قوله: «فليتحرها ليلة سبع وعشرين» على عبد الله بن دينار في حديثه عن ابن عمر رضي الله عنه.
2 خالفه خمسة من الثقات بينهم مالك وسفيان الثوري فرووه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر بلفظ: «تحروها في السبع الأواخر» .
(1)
السنن الكبرى (4/ 311).
(2)
البخاري (2015)، ومسلم (1165)(205).
(3)
مسلم (1165)(208).
(4)
مسلم (1165)(209).
قال وكيع: روى شعبة حديثاً فقيل له: إنك مخالف في هذا الحديث. فقال: مَنْ يخالفني؟ قالوا: سفيان. قال: دعوه، سفيان أحفظ مني
(1)
.
وعن أبي رزمة قال: سمعت أبي يقول: قال رجل لشعبة: خالفك سفيان؟ قال: (دمغتني)
(2)
.
3 وقد رواه بمثل رواية الجماعة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر نافع وسالم بن عبد الله بن عمر، وعقبة بن حريث.
فدلَّت روايتهم أنَّ المحفوظ عن ابن عمر التحري في السبع الأواخر كلها وليست في ليلة السابع والعشرين خاصة.
علة الوهم:
1 منشأ الوهم فيما ظهر لي والله أعلم، أنه قد روى شعبة، عن قتادة، عن مطرف بن عبد الله، عن معاوية، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ليلة القدر ليلة سبع وعشرين»
(3)
.
2 اختلاف الأمصار، فشعبة من البصرة، وشيخه في هذا الحديث عبد الله بن دينار من المدينة؛ لذا كانت رواية أهل بلده كمالك وسليمان بن بلال وإسماعيل بن جعفر ومَن تابعهم وفيهم سفيان أصح من رواية شعبة. والله تعالى أعلم.
(1)
تاريخ بغداد (14/ 81).
(2)
تاريخ بغداد (9/ 156).
(3)
أبو داود (1386)، وابن حبان (3681)، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
الحديث التاسع والعشرون
(1)
:
63 -
قال الإمام أبو عبد الرحمن النسائي (6/ 148): أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن علقمة بن مرثد، قال: سمعت سالم بن زرير، يحدِّث عن سالم بن عبد الله، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل تكون له المرأة يطلقها ثم يتزوجها رجل آخر فيطلقها قبل أن يدخل بها فترجع إلى الأول، قال:«لا، حتى تذوق عسيلته» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، غير سالم بن زرير وقد تصحف اسمه هنا، والصحيح كما يأتي (سالم بن رزين) ذكره ابن حبان في «الثقات» (6/ 389)، وقال الذهبي:(لم يثبت حديثه وفيه جهالة)«الميزان» (6/ 164).
وأخرجه ابن ماجه (1933)، وأحمد (2/ 85)، والطبراني في «الكبير» (13086)، والبيهقي (7/ 375)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 13) تعليقاً، والخطيب في «الموضح» (2/ 113)، وعبد الله بن أحمد في «العلل ومعرفة الرجال» (2/ 119)، والنسائي في «الكبرى» (5608).
كلهم من طريق محمد بن جعفر عن شعبة بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
عمرو بن علي بن بحر بن كنيز، أبو حفص الفلاس الصيرفي الباهلي البصري، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة 249، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن جعفر، تقدم، انظر: الحديث رقم (4).
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
علقمة بن مرثد الحضرمي: أبو الحارث الكوفي، ثقة، من السادسة، روى له البخاري ومسلم.
سالم بن زرير: هو سالم بن رزين أو رزين بن سالم، رزين بن سليمان الأحمري، ومنهم من قلبه، وقيل: سالم بن رزين، مجهول، من الثالثة.
وجاء في مطبوع النسائي وابن ماجه (سالم بن زرير) وهو تصحيف وجاء اسمه في باقي الروايات (سالم بن رزين).
هكذا قال شعبة: (عن علقمة بن مرثد، عن سالم بن رزين، عن سالم، عن سعيد، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه سفيان الثوري
(1)
، وغيلان بن جامع
(2)
، فقالا: (عن علقمة، عن رزين بن سليمان الأحمري، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهم شعبة في هذا الإسناد في موضعين:
الأول: في قوله: (سالم بن رزين)، والصحيح هو (رزين بن سليمان الأحمري).
الثاني: زاد في الإسناد سالم بن عبد الله بن عمر، وسعيد بن المسيب.
لذا قال النسائي عقب حديث سفيان: هذا أَولى بالصواب.
وقال البيهقي: وبلغني عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه وهن حديث شعبة وسفيان جميعاً، وعن أبي زرعة أنه قال: حديث سفيان أصح
(3)
.
قلت: ومما يدل على وهم شعبة في قوله: (سالم بن رزين) أمران:
أولهما: أنَّ أسلم
(4)
روى حديثاً عن علقمة بن مرثد فقال عن
(1)
النسائي (6/ 149)، وفي الكبرى (5608)، وابن أبي شيبة (4/ 274)، وأحمد (2/ 20، 25، 62)، والبيهقي (7/ 375)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 428)، والطبري في التفسير (493)، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 113).
(2)
ذكره المزي في تهذيب الكمال (9/ 188) وابن حجر في فتح الباري (9/ 467).
(3)
في السنن الكبرى (7/ 375)، وقد قال البخاري في التاريخ الكبير (4/ 13): ولا تقوم الحجة بسالم بن رزين ولا برزين لأنه لا يدري سماعه من سالم ولا من ابن عمر.
(4)
رواه ابن أبي شيبة (21405)، عن وكيع عن أسلم.
رزين بن سليمان عن سعيد بن المسيب في السلم في الثياب، وكذلك روى قيس بن الربيع
(1)
حديثاً عن علقمة بن مرثد عن رزين بن سليمان الأحمري، مما يدل على أنَّ الشيخ الذي يروي عنه علقمة بن مرثد هو رزين بن سليمان وليس سالم بن رزين.
ثانيهما: أنَّ سعيد بن المسيب لو كان عنده هذا الحديث عن ابن عمر ما كان يخالفه بمقالة الناس، فقد روى سعيد بن منصور (1989) عن هشيم، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيب قال: أما الناس فيقولون: حتى يجامعها، وأما أنا فإني أقول: إذا تزوجها تزويجاً صحيحاً لا يريد بذلك إحلالاً لها فلا بأس أن يتزوجها الأول.
قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» (9/ 467)
(2)
: قال النسائي: هذا أَولى بالصواب، وإنما قال ذلك لأن الثوري أتقن وأحفظ من شعبة، وروايته أَولى بالصواب من وجهين:
أحدهما: أنَّ شيخ علقمة شيخهما هو رزين بن سليمان كما قال الثوري، لا سالم بن رزين كما قال شعبة، فقد رواه جماعة عن علقمة كذلك منهم غيلان بن جامع أحد الثقات.
ثانيهما: أنَّ الحديث لو كان عند سعيد بن المسيب عن ابن عمر مرفوعاً ما نسبه إلى مقالة الناس الذين خالفهم. انتهى.
(1)
الدراقطني في أطراف الغرائب والأفراد (3/ 374).
(2)
قد ذكر الحافظ قبل هذا قول ابن المنذر: أجمع العلماء على اشتراط الجماع لتحلّ للأول إلا سعيد بن المسيب ثم ساق بسنده الصحيح عنه، قال: يقول الناس: لا تحلّ للأول حتى يجامعها الثاني. وأنا أقول: إذا تزوجها تزويجاً صحيحاً لا يريد بذلك إحلالها للأول فلا بأس أن يتزوجها الأول، وهكذا أخرجه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور، قال ابن المنذر: وهذا القول لا نعلم أحداً وافقه عليه إلا طائفة من الخوارج، ولعله لم يبلغه الحديث فأخذ بظاهر القرآن، قلت (أي الحافظ): سياق كلامه يشعر بذلك، وفيه دلالة على ضعف الخبر الوارد في ذلك وهو ما أخرجه النسائي من رواية شعبة عن علقمة. فذكر حديث الباب.
قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (3/ 507 رقم 2303):
رزين بن سليمان، ويقال: سليمان بن رزين، روى عن ابن عمر. روى غندر عن شعبة عن علقمة بن مرثد، عن سالم بن رزين عن سالم بن عبد الله، عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
سمعت أبي يقول: هذه الزيادة التي زاد غندر عن شعبة في الإسناد ليس بمحفوظ.
حدثنا عبد الرحمن قال: سمعت أبا زرعة يقول: الثوري أحفظ، وأما الثوري فيروي عن علقمة بن مرثد، وروى وكيع عنه مرة عن رزين بن سليمان، ومرة عن سليمان بن رزين عن ابن عمر، ورواه أبو أحمد الزبيري، وحسين بن حفص والفريابي، ومحمد بن كثير عن الثوري عن علقمة عن سليمان بن رزين عن ابن عمر. روى عنه علقمة بن مرثد سمعت أبي يقول ذلك. انتهى
(1)
. والحديث صححه الألباني في «صحيح سنن النسائي» (2/ 72)، وقال: صحيح بما قبله.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فعلقمة بن مرثد كوفي؛ لذا كانت رواية أهل الكوفة عنه مثل سفيان الثوري وغيلان بن جامع قاضي الكوفة أصح من رواية شعبة الذي هو من البصرة، إضافةً إلى أنَّ شعبة يهم فيما لا يضر، يهم في الأسماء شغله بحفظ المتون عنها.
(1)
وذكره الحافظ المزي في تهذيب الكمال في ترجمة رزين بن سليمان الأحمري، قلت: روى هذا الحديث عن سفيان غير واحد من الرواة.
الحديث الثلاثون
(1)
:
64 -
قال الإمام أحمد (6/ 100): حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن سليمان، قال: سمعت خيثمة، يحدِّث عن أبي عطية، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إني لأعلم كيف كانت تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم سمعتها بعد ذلك لبَّت: (لبيك اللَّهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنعمة لك).
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، والحديث أخرجه كذلك الطيالسي (1513) عن شعبة، ومن طريقه البيهقي (5/ 44)، وأحمد (6/ 243)، من طريق روح، وإسحاق بن راهويه (1592)، من طريق أبي عامر العقدي ثلاثتهم تابعوا محمد بن جعفر فرووه عن شعبة بهذا الإسناد.
وقد وهم شعبة في هذا الإسناد فيما قاله أبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني بذكره خيثمة.
خالفه عدد من أصحاب الأعمش فقالوا: (عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي عطية، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، تقدم.
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، أبو محمد الكوفي الأعمش، ثقة حافظ عارف بالقراءة ورع، من الخامسة، مات سنة 147 أو 148، روى له البخاري ومسلم.
خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي الكوفي، ثقة وكان يرسل، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
أبو عطية الوادعي الهمداني، اسمه مالك بن عامر أو ابن أبي عامر، أو ابن عوف، أو ابن حمزة، ثقة، من الثانية، روى له البخاري ومسلم.
(عمارة بن عمير) بدلاً من (خيثمة)، منهم: سفيان الثوري
(1)
، وأبو معاوية
(2)
، ومحمد بن فضيل
(3)
، وعبد الله بن نمير
(4)
، وأبو الأحوص
(5)
، وأبو خالد الأحمر
(6)
، وإسرائيل، وعبيدة بن حميد، وسعيد بن الصلت، وعبد الله بن داود الخريبي، كما ذكره الدارقطني في «العلل» كما سيأتي.
قال ابن أبي حاتم في «العلل» (807): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه شعبة عن الأعمش، عن خيثمة، عن أبي عطية، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في التلبية؟ فقالا: هذا خطأ، يخالفه أصحاب الأعمش فقالوا: عن الأعمش، عن عمارة عن أبي عطية، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت لهما: الوهم ممن هو؟
قالا: من شعبة.
وقال في «العلل» (843): هذا حديث غلط فيه شعبة، وأما أصحاب الأعمش فيقولون كلهم كما روى الثوري، عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي عطية عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصحيح عندي.
وقال الحافظ في «الفتح» (3/ 411): ورجح أبو حاتم في «العلل» رواية الثوري ومَن تبعه على رواية شعبة فقال: إنها وهم.
قال الدارقطني في «العلل» (15/ 247): (يرويه الأعمش واختلف عنه: فرواه الثوري، وإسرائيل، ومحمد بن فضيل، وعبيدة بن حميد، وسعيد بن الصلت، وعبد الله بن داود الخريبي، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي عطية، عن عائشة.
(1)
البخاري (1550).
(2)
أحمد (6/ 229)، والبخاري تعليقاً عقب الحديث (1550)، ونسبه ابن حجر في التغليق (3/ 54) أيضاً إلى مسدد في مسنده.
(3)
أحمد (6/ 32)، وانظره: في باب محمد بن فضيل، ح (990).
(4)
أحمد (6/ 230) وأبو يعلى (4671).
(5)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 124).
(6)
ابن أبي شيبة (13463 طبعة دار الكتب العلمية) مقروناً مع ابن نمير.
وخالفهم شعبة: فرواه عن الأعمش، عن خيثمة، عن أبي عطية، عن عائشة، وقول شعبة وهم).
وقال في «التتبع» (373): وأخرج البخاري حديث الثوري، عن الأعمش عن عمارة، عن أبي عطية في التلبية، وقال: تابعه أبو معاوية.
وقال شعبة: عن سليمان عن خيثمة
(1)
.
وقال أبو العباس ابن سعيد
(2)
: تابع شعبة يحيى القطان عن خيثمة وخالفهما إسرائيل وأبو الأحوص وعمار بن رزين، وزهير بن معاوية، وابن فضيل، وجراح بن الضحاك وغيرهم تابعوا الثوري.
ثم قال الدارقطني: رواه الخريبي عبد الله بن داود عن الأعمش، عن عمارة، عن أبي عطية، عن عائشة: إني لأحفظ تلبية النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يلبّي بها. فسمعتها تلبي ثلاثاً.
قال الأعمش: وذكر خيثمة عن الأسود أنه كان يزيد: والملك لا شريك لك، ورواه الشافعي عن معاذ بن المثنى عن مسدد عنه.
قال الخريبي: لم أصب عند ذلك، ويشبه أن يكون الوهم دخل على شعبة من ذكر الأعمش خيثمة في حديثه. والله أعلم.
قال الحافظ في مقدمة «الفتح» (358) معلقاً على كلام الدارقطني:
وهو تحقيق حسن ومقتضاه صحة ما اختاره البخاري واعتمده من رواية الأعمش، على أنَّ البخاري لم يهمل حكاية الخلاف، بل حكاه عقب حديث الثوري. والله أعلم. اه.
إلا أنه خالف في «الفتح» (3/ 411) وصحح الطريقين فقال: (والطريقان جميعاً محفوظان، وهو محمول على أنَّ للأعمش فيه شيخين).
(1)
في صحيحه حديث (1550).
(2)
هو أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ، الشهير بابن عقدة.
ويظهر لي والله أعلم أنَّ الإمام أحمد يميل إلى ذلك فقد جمع الطريقين في حديث واحد.
علة الوهم:
1 ما ذكره الخريبي وهو أنَّ الأعمش كان يذكر خيثمة في إسناد الحديث وأنه كان يزيد في التلبية (والملك لا شريك لك) فيشبه أن يكون من هنا دخل الوهم على شعبة.
2 اختلاف الأمصار، فالأعمش كوفي؛ لذا كانت رواية أهل بلده مثل سفيان
(1)
، وأبي معاوية محمد بن خازم
(2)
، ومحمد بن فضيل
(3)
، وعبد الله بن نمير
(4)
، وأبي الأحوص سلام بن سليم
(5)
، وأبي خالد الأحمر
(6)
، وإسرائيل بن يونس
(7)
، وعبيدة بن حميد
(8)
، وعبد الله بن داود الخريبي
(9)
.
هؤلاء كلهم كوفيون وكلهم من رجال الشيخين عدا عبيدة وعبد الله بن داود فهما من رجال البخاري بخلاف شعبة فإنه بصري. والله تعالى أعلم.
(1)
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله الكوفي، ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة. (انظر: ترجمته في بابه).
(2)
محمد بن خازم أبو معاوية الضرير الكوفي، ثقة ثبت، أحفظ الناس لحديث الأعمش. (انظر: ترجمته في بابه).
(3)
محمد بن فضيل بن غزوان الضبي، أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق عارف، ورُمي بالتشيع. (انظر: ترجمته في بابه).
(4)
عبد الله بن نمير أبو هشام الكوفي، ثقة صاحب حديث من أهل السنّة. (انظر: ترجمته في بابه).
(5)
سلَّام بن سليم الحنفي، أبو الأحوص الكوفي، ثقة متقن صاحب حديث. (انظر: ترجمته في بابه).
(6)
سليمان بن حبان الأزدي أبو خالد الأحمر الكوفي، صدوق يخطاء.
(7)
إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني، أبو يوسف الكوفي. (انظر: ترجمته في بابه).
(8)
عبيدة بن حميد الكوفي المعروف بالحذاء، صدوق، نحوي، ربما أخطأ.
(9)
عبد الله بن داود بن عامر الهمداني، أبو عبد الرحمن الخريبي، كوفي الأصل، ثقة عابد.
الحديث الحادي والثلاثون
(1)
:
65 -
قال الإمام النسائي في «السنن الكبرى» (2823): أنبأ إسحاق بن منصور الكوسج المروزي، قال: أنبأ عبد الرحمن، عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن أبي السوار، قال: سألت ابن عمر عن صوم يوم عرفة فنهاني.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
ورواه الإمام أحمد كما في «العلل» برواية ابنه عبد الله (1935) من طريق محمد بن جعفر (غندر) عن شعبة به.
هكذا قال شعبة: (عن عمرو بن دينار، عن أبي السوار، عن ابن عمر).
خالفه سفيان بن عيينة
(2)
، فقال:(عن عمرو بن دينار، عن أبي الثورين، عن ابن عمر).
(1)
رجال الإسناد:
إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج أبو يعقوب التميمي المروزي، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة 251، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري مولاهم، أبو سعيد البصري، ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث، من التاسعة، مات سنة 198 وله 73 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عمرو بن دينار المكي أبو محمد الأثرم الجمحي، مولاهم، ثقة ثبت من الرابعة، مات سنة 120، روى له البخاري ومسلم.
أبو السوار العنبري البصري، قيل: اسمه حسان بن حديث، وقيل العكس، ثقة، من الثانية، روى له البخاري ومسلم.
(2)
الحميدي في مسنده (682)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (2/ 11)، والدولابي في «الكنى» (1/ 412)، والدارقطني في «المؤتلف والمختلف» (1/ 331)، والخطيب في «الموضح» (2/ 338 - 339)، والعسكري في «تصحيفات المحدِّثين» (1/ 45).
وهم شعبة في اسم التابعي الراوي عن ابن عمر هذا الحديث فقال: (أبو السوار) وقد ذكر الإمام أحمد ويحيى بن معين والبخاري وأبو حاتم وغيرهم أنَّ شعبة وهم في هذا الإسناد.
قال الإمام أحمد في «العلل» (1935): (حدثنا غندر، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن دينار، عن أبي السوار يقول: سألت ابن عمر عن صوم يوم يعني عرفة فنهى عنه، وقال ابن عيينة عن عمر عن أبي الثورين. أخطأ شعبة).
وقال يحيى بن معين في تاريخه (4/ 339 رواية الدوري): (حديث أبي الثورين يحدِّث به سفيان بن عيينة يقول: أبو الثورين، ويقول: حماد بن سلمة عن محمد بن عبد الرحمن القرشي، ويقول شعبة: أبو السوار وكلهم يحدِّث به عن عمرو بن دينار هذا، وأخطأ فيه شعبة إنما هو عمرو بن دينار عن أبي الثورين
(1)
، وهو محمد بن عبد الرحمن القرشي).
وقال أيضاً الإمام أحمد في «العلل» لابنه عبد الله (1/ 516/ 1210): (وأخطأ شعبة في اسم أبي الثورين فقال: أبو السوار، وإنما هو أبو الثورين، قلت لأبي: مَنْ هذا أبو الثورين؟ فقال: رجل من أهل مكة مشهور اسمه محمد بن عبد الرحمن من قريش. قلت لأبي: إنَّ عبد الرحمن بن مهدي زعم أنَّ شعبة لم يخطاء في كنيته فقال: هو السوار؟ قال أبي: عبد الرحمن لا يدري أو كلمة نحوها) ونقله عنه الدولابي في «الكنى» (1/ 412).
وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (655): وسألت أبي عن حديث رواه شعبة عن عمرو بن دينار عن أبي السوار، قال: سألت ابن عمر عن صوم يوم عرفة فنهاني؟
قال أبي: هذا خطأ رواه ابن عيينة فقال: عن عمرو، عن أبي الثورين، عن ابن عمر وهو الصحيح.
(1)
محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الجمحي، أبو الثورين، مقبول، من الرابعة، روى له ابن ماجه.
قلت لأبي: ممن الخطأ؟
قال: من شعبة.
وقال البخاري في «التاريخ» (1/ 150): (وقال شعبة: عمرو بن دينار، عن أبي السوار، وهو وهم).
وذكره ابن حبان في «كتاب الثقات» (5/ 375) وقال: ومَن قال عن عمرو بن دينار عن أبي السوار فقد وهم.
وقال يعقوب بن سفيان في «المعرفة» (2/ 211): (حدثنا الحجاج، وحدثنا شعبة، حدثنا عمرو بن دينار، عن محمد بن عبد الرحمن القرشي أنَّ ابن عمر قال له: لا تصُم يوم عرفة، وهو أبو الثورين، فإن لم يكن فقد أخطأ شعبة إلا أن يكون كان يُكنّى بكنيتين).
ونقل الدارقطني عن ابن عيينة قوله: و (كان شعبة يقول: أبو السوار لم يفهم، كانت أسنان عمرو قد ذهبت).
ثم قال الدارقطني: والصواب أبو الثورين، وهذا مما يعتد به على شعبة فيما يهم فيه، المؤتلف والمختلف (1/ 334).
وقال ابن ماكولا في «الإكمال» (1/ 571): (وروى شعبة عن عمرو بن دينار فقال: عن أبي السوار وهو وهم).
وقال العسكري في «تصحيفات المحدِّثين» (1/ 44): حدثنا أبو عبيد محمد بن علي بن عثمان قال: سمعت أبا داود السجستاني يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: روى ابن علية
(1)
عن أبي الثورين.
قال أحمد: وشعبة أخطأ فيه فقال: عن أبي السوار، وإنما هو عن أبي الثورين.
(1)
كذا في المطبوع وهو والله أعلم تصحيف، والصحيح (ابن عيينة).
علة الوهم:
1 اختلاف الأمصار، فعمرو بن دينار مكي، وقد لزمه ابن عيينة مدة طويلة
(1)
، بخلاف شعبة وهو من أهل البصرة، لم يسمع من عمرو بن دينار حديثاً كثيراً، وكذلك أبو الثورين من مكة، فسفيان بن عيينة أعلم بشيوخ أهل بلده من غيره.
2 قصر مدة ملازمة شعبة لعمرو بن دينار بخلاف سفيان فإنه لزمه مدة طويلة وهو من أعلم الناس بحديثه وقدَّمه يحيى بن معين على الثوري وشعبة في عمرو بن دينار.
3 أنَّ شعبة سمع حديث عمرو بن دينار هذا بعدما كبر عمرو وكانت أسنانه ذهبت فلم يتبين لفظه وحديثه. قال ابن عيينة: كان شعبة يقول: أبو السوار لم يفهم كانت أسنان عمرو قد ذهبت. والله تعالى أعلم.
أثر الوهم:
1 قلب شعبة (أبي الثورين) إلى (أبي السوار) وأبو الثورين ليس له إلا حديث واحد عند ابن ماجه وليس له في السنن غيرها فهو من رجال ابن ماجه ورمز له الحافظ في «التقريب» : (مقبول). وأبو السوار العدوي البصري ثقة من رجال الشيخين روى عن علي بن أبي طالب وابنه الحسن وعن عمران بن حصين وجندب بن عبد الله وليس له رواية عن ابن عمر كما في «التهذيب» .
(1)
قال أبو مسلم المستملي: سمعت سفيان يقول: سمعت من عمرو بن دينار ما لبث نوح في قومه. وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين، قلت له: ابن عيينة أحب إليك في عمرو بن دينار أم الثوري؟ فقال: ابن عيينة أعلم به. فقلت: فشعبة؟ قال: وإيش روى عنه شعبة؟ إنما روى عنه نحواً من مائة حديث. وقال المزي في «تهذيب الكمال» في ترجمة عمرو بن دينار في ذكر الرواة عنه: سفيان بن عيينة وهو أثبت الناس فيه. قال نعيم بن حماد: سمعت ابن عيينة يقول: قال لي عمرو بن دينار: مثلك حفظت الحديث وكنت صغيراً. قال سفيان: وبلغه أني أكتب فشقَّ ذلك عليه.
فتحول الإسناد من إسناد لا بأس به لحال (أبي الثورين) إلى إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين لحال (أبي السوار).
2 أوهم سماع أبي السوار لعبد الله بن عمر، ورواية عمرو بن دينار عنه وليس له رواية عن ابن عمر وليس لعمرو بن دينار رواية عن أبي السوار. والله تعالى أعلم.
الحديث الثاني والثلاثون
(1)
:
66 -
قال الإمام أحمد (1/ 240): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «في السلف في حبل الحبل
(2)
(*) ربا».
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه النسائي في «المجتبى» (7/ 293)، وفي «الكبرى» (6216)، والبغوي في «الجعديات» (1207)، والضياء المقدسي في «المختارة» (52، 54) كلهم من طريق محمد بن جعفر عن شعبة بهذا الإسناد.
وتابعه عمرو بن محمد بن أبي رزين فرواه عن شعبة بهذا الإسناد كما عند الترمذي في «العلل الكبير» (316).
هكذا رواه شعبة فقال: (عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس).
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، تقدم.
شعبة، تقدم.
أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني، أبو بكر البصري، ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العبّاد، من الخامسة، مات سنة 131 وله 65 سنة، روى له البخاري ومسلم.
سعيد بن جبير الأسدي، مولاهم الكوفي، ثقة ثبت فقيه، من الثالثة، قُتل بين يدَي الحجاج سنة 95 ولم يكمل الخمسين.
(2)
*) حبل الحبلة: (وهو بيع كان يتبايعه أهل الجاهلية، قال ابن حبان في صحيحه (11/ 322): النهي عن بيع الحبلة هو أن يشتري المرء بعيراً على أن يوفر ثمنه إلى أن تنتج الناقة الفلانية، ثم تنتج التي في بطنها، فهذا أجل يتلقاه غرران اثنان ولا يحلّ استعماله، وقال ابن الأثير في «النهاية» (11/ 334): الحبل الأول: يراد به ما في بطون النوق من الحمل، والثاني: حبل الذي في بطون النوق وإنما نهى عنه لمعنيين: أحدهما: أنه غرر وبيع شيء لم يُخلق بعد
…
).
خالفه غيره من الثقات فرووه عن (أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر) منهم: سفيان بن عيينة
(1)
، ومعمر
(2)
، ووهيب
(3)
، وحماد بن سلمة
(4)
، وعبد الوهاب الثقفي
(5)
، وإسماعيل بن علية
(6)
.
قال الترمذي في جامعه (3/ 531 عقب حديث 1229): (وقد روى شعبة هذا الحديث عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
وروى عبد الوهاب الثقفي وغيره عن أيوب، عن سعيد بن جبير ونافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أصح).
ونقل الترمذي في «العلل» (1/ 181) عن البخاري قوله: حديث أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر أصح. وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (1171): وسئل أبو زرعة عن حديث رواه غندر عن شعبة، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«في بيع حَبَلِ الحبلة ربا» .
قال أبو زرعة: (وهِمَ شعبة عندي في هذا الحديث، إنما هو عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «في بيع حبل الحبلة»، وهو الصحيح).
قلت: وقد رواه عثمان بن عمر عن شعبة، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، فوافق الجماعة
(7)
.
(1)
الحميدي في مسنده (706)، وأحمد (2/ 11)، والنسائي (7/ 293)، وابن ماجه (2197)، وابن الجعد (1212)، والنسائي في الكبرى (6217).
(2)
ابن الجعد (1212).
(3)
ابن الجعد في مسنده (1212).
(4)
أبو يعلى (5653)، وابن الجعد (1213).
(5)
ابن حبان (4946)، والبيهقي في المعرفة (8/ 151).
(6)
ذكره الترمذي في الجامع الصحيح تعليقاً عقب الحديث (1229).
(7)
الأحاديث المختارة (10/ 62 رقم 57)، وتاريخ بغداد (8/ 432).
قلت: لم ينفرد بهذا الإسناد شعبة بل تابعه عليه حماد بن زيد وذلك فيما رواه أحمد (1/ 291) قال: (حدثنا عفان، حدثنا حماد بن زيد حفظي عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن حبل الحبلة). انظره في بابه ح (280).
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث أخرجه البخاري في صحيحه (2143) من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر، وفي (2256) من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
وأخرجه مسلم في صحيحه (1514) من طريق الليث، وعبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
وأعرضا عن حديث أيوب، عن سعيد بن جبير، مع أنه على شرطهما لما فيه من الاختلاف. والله أعلم.
الحديث الثالث والثلاثون
(1)
:
67 -
قال الإمام أحمد (4/ 3): حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن عبيدة، عن عبد الله بن الزبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّ رجلاً حلف بالله الذي لا إله إلا هو كاذباً فغفر الله له.
قال شعبة: من قبل التوحيد.
التعليق:
هذا إسناد على شرط البخاري (من حيث عدالة الرواة).
رجاله كلهم رجال الشيخين، غير عطاء بن السائب من رجال البخاري، وأخرجه الضياء في «المختارة» (9/ 320 رقم 281) من طريقه، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (586، 587) من طريق خالد بن الحارث ومعاذ بن هشام، والنسائي في «الكبرى» (6005) من طريق محمد بن جعفر، والبزار في مسنده (2177، 2178) من طريق خالد بن الحارث ومحمد بن جعفر، والطبراني في «الكبير» (13/ 287)، والبيهقي (10/ 37) من طريق خالد بن الحارث كلهم عن شعبة بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، تقدم.
شعبة، تقدم.
عطاء بن السائب أبو محمد، ويقال: أبو السائب الثقفي الكوفي، صدوق اختلط، من الخامسة، مات سنة 36، روى له البخاري.
أبو البختري: سعيد بن فيروز ابن أبي عمران الطائي مولاهم، ثقة ثبت فيه تشيع قليل، كثير الإرسال، من الثالثة، مات دون المائة سنة 83، روى له البخاري ومسلم.
عبيدة بن عمرو السلماني المرادي، أبو عمرو الكوفي، تابعي كبير، مخضرم، فقيه ثبت، كان شريح إذا أشكل عليه شيء سأله، مات سنة 72 أو بعدها والصحيح أنه مات قبل سنة 70، روى له البخاري ومسلم.
هكذا رواه شعبة فقال: (عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن عبيدة، عن ابن الزبير).
خالفه حماد بن سلمة
(1)
، وسفيان الثوري
(2)
، وعبد الوارث بن سعيد
(3)
، وشريك بن عبد الله
(4)
، وأبو الأحوص
(5)
، وجرير بن عبد الحميد
(6)
. فرووه (عن عطاء بن السائب، عن أبي يحيى الأعرج
(7)
، عن ابن عباس).
قال النسائي: هذا الصواب، ولا أعلم أحداً تابع شعبة على قوله عن أبي البختري، عن عبيدة، عن ابن الزبير).
وقال البزار: (وهذا الحديث لم يتابع شعبة على روايته هذه عن عطاء بن السائب أحد، وقد خالفوه فيها.
فقال حماد بن سلمة وجرير بن عبد الحميد: عن عطاء بن السائب، عن أبي يحيى، عن ابن عباس، أنَّ رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أحسب أتى هذا الاختلاف إلا من عطاء بن السائب لأنه قد كان اضطرب في حديثه، ولم يرو عبيدة عن ابن الزبير حديثاً مسنداً غير هذا الحديث من وجه صحيح.
قال: وسمعت أبا موسى محمد بن المثنى يقول: نسخت هذا الحديث من كتاب غندر عن شعبة، عن عطاء عن أبي البختري، عن عبيدة، عن ابن الزبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم أسمعه منه).
وقال البيهقي (10/ 37): «وهذا وهم من شعبة، والصواب رواية
(1)
أبو داود (3275)، وأحمد (1/ 253، 288)، والبيهقي (10/ 37).
(2)
النسائي في الكبرى (6006).
(3)
الحاكم في المستدرك (4/ 95 - 96).
(4)
أحمد (1/ 296، 322).
(5)
أبو داود (3620) والنسائي في الكبرى (6007).
(6)
ذكره أبو حاتم في العلل لابنه (1327)، والبزار (6/ 136)، والبيهقي (3/ 37) تعليقاً.
(7)
زياد أبو يحيى المكي ويقال: الكوفي الأعرج مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة، روى له أبو داود والنسائي.
الجماعة وعبيدة مات قبل ابن الزبير فيما زعم أهل التواريخ بتسع سنين فتبعد روايته عنه. والله أعلم.
تفرد به عطاء بن السائب مع الاختلاف عليه في إسناده».
وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (1327): سألت أبي عن حديث رواه شعبة عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن عبيدة، عن ابن الزبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ رجلاً حلف بالله كاذباً فغفر له.
قال أبي: رواه عبد الوارث وجرير عن عطاء بن السائب، عن أبي يحيى هو الأعرج، عن ابن عباس أنَّ رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فادعى أحدهما على صاحبه حقاً، فاستحلف النبي صلى الله عليه وسلم المدعى عليه فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له قبلي حق، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«غفر كذبه بتصديقه بلا إله إلا الله» .
قلت لأبي: أيهما أصح؟
قال: شعبة أقدم سماعاً من هؤلاء، وعطاء تغير بأخرة.
قلت: سماع سفيان وشعبة منه قديماً كما قال يحيى القطان
(1)
، والنسائي، وأبو حاتم وغيرهم، وقد اختلفا هنا عليه وقد تابع سفيان حماد بن سلمة وغير واحد فيحكم لروايته بالصحة ولرواية شعبة بالوهم. والله تعالى أعلم.
وهذا الحديث ذكره السيوطي في كتابه «الباهر في حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالباطن والظاهر» (ص 63)، وذلك أنَّ المدعى عليه حلف
(1)
قال يحيى القطان: ما حدَّث سفيان وشعبة عن عطاء بن السائب صحيح إلا حديثين، كان شعبة يقول: سمعتهما بأخرة عن زاذان. وقال ابن معين: وجميع مَنْ روى عن عطاء روى عنه في الاختلاط إلا شعبة وسفيان. وقال يعقوب بن سفيان: عطاء ثقة، حديثه حجة، ما روى عنه سفيان وشعبة وحماد بن سلمة وسماع هؤلاء سماع قديم. وكان عطاء تغير بأخرة، فرواية جرير وابن فضيل وطبقتهم ضعيفة. انظر:«تهذيب الكمال» ترجمة (4724) و «المعرفة» (3/ 84).
للنبي صلى الله عليه وسلم، والحاكم إذا طلب من المدعى عليه اليمين فحلف قبل ذلك منه إلا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أنه كذب وغفر له بقوله لا إله إلا الله وأمره أن يؤديه حقه.
ففي رواية لأحمد (1/ 253): قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنك قد فعلت ولكن غفر لك بإخلاصك قول: لا إله إلا الله» .
وفي رواية أخرى (1/ 296): فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إنه كاذب إن له عنده حقه، فأمره أن يعطيه حقه، وكفارة يمينه معرفته أن لا إله إلا الله أو شهادته). وقد وقفت على أحاديث أخرى لم يذكرها السيوطي في كتابه هذا وقد ذكرتها في كتابي «دلائل النبوة» وأفردتها وغيرها في رسالة أسميتها «الجواهر فيما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم بالباطن دون الظاهر» ، يسَّر الله طبعها.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فإنَّ عطاء بن السائب وكذا شيخه أبا يحيى الأعرج من أهل الكوفة؛ لذا كانت رواية أهل بلده سفيان الثوري وأبي الأحوص وجرير بن عبد الحميد وشريك أصح من رواية شعبة. والله تعالى أعلم.
الحديث الرابع والثلاثون
(1)
:
68 -
قال الإمام أحمد (1/ 439): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي التياح، عن ابن الأخرم رجل من طيء، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التبقر في الأهل والمال.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، غير ابن الأخرم واسمه كما جاء في روايات أخرى سأذكرها، المغيرة بن سعد بن الأخرم روى عنه شمر بن عطية، وأبو التياح وأبو حمزة جار شعبة، وذكره ابن حبان في «الثقات» ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قال البخاري لمغيرة بن سبيع
(2)
إنه يقال له: مغيرة بن سعد الطائي، فسمعت أبي يقول: مغيرة بن سبيع ليس هو بمغيرة بن سعد الطائي.
وقد قال ابن حجر في «التقريب» : وهم مَنْ خلطهما.
وأخرجه أحمد (1/ 439) عن حجاج وابن الجعد في مسنده (1420) كلاهما عن شعبة به.
وأخرجه أبو عبيد في «الأموال» (221)، والشاشي (815) كلاهما من طريق حجاج عن شعبة، عن أبي التياح، عن رجل من طيء، حسبته قال عن أبيه، عن ابن مسعود به.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، تقدم، انظر: الحديث رقم (4).
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
أبو التياح: يزيد بن حميد الضبعي أبو التياح، بصري مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة 128، روى له البخاري ومسلم.
المغيرة بن سعد بن الأخرم الطائي، مقبول، من الخامسة، ووهم مَنْ خلطه بالمغيرة بن سبيع.
(2)
المغيرة بن سبيع العجلي، ثقة، من الخامسة، روى له الترمذي والنسائي وابن ماجه.
هكذا رواه على الشك، وأخرجه الشاشي (814) من طريق بشر بن عمر الزهري، عن شعبة، عن أبي التياح، عن رجل من طيء، عن ابن مسعود به.
ثم قال: قال شعبة: قال أبو حمزة: سمعت الطائي يحدِّث بهذا عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وحديث شعبة عن أبي حمزة هذا أخرجه الطيالسي (379) ومن طريقه ابن الجعد (1295) قال: أخبرني أبو حمزة عن رجل من طيء، عن أبيه، عن ابن مسعود به، وقد ذكره أيضاً أحمد (1/ 439) عقب روايته عن حجاج.
قال: حدثنا حجاج، حدثنا شعبة، عن أبي التياح، عن رجل من طيء، عن عبد الله، قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التبقر في الأهل والمال. فقال أبو حمزة وكان جالساً عنده: نعم، حدثني أخرم الطائي، عن أبيه، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
مما سبق يظهر أنَّ شعبة كان يهم في هذا الإسناد.
فأسقط ذكر أبِ الرجل الطائي في حديث الباب وذكره على الشك في رواية أخرى.
وقد روى هذا الحديث الأعمش، عن شمر بن عطية، عن المغيرة بن سعد بن الأخرم الطائي، عن أبيه، عن ابن مسعود رضي الله عنه. رواه عن الأعمش: سفيان الثوري
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، وأبو معاوية محمد بن خازم
(3)
، وأبو بدر شجاع بن وليد
(4)
، وكذلك رواه
(1)
الترمذي (2328)، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 54)، والشاشي (817، 818).
(2)
رواه أحمد (1/ 377)، والحميدي (122).
(3)
ابن أبي شيبة (13/ 241)، وأبو يعلى (5200)، وابن حبان (710)، والخطيب في تاريخ بغداد (1/ 18).
(4)
تاريخ بغداد (1/ 18).
شعبة
(1)
، عن الأعمش بهذا الإسناد.
وقد تابع الأعمش: قيس بن الربيع
(2)
، ومغيرة بن مقسم الضبي
(3)
، وأبو إسحاق السبيعي
(4)
، رووه عن شمر بن عطية به.
قال الحافظ في «تعجيل المنفعة» في ترجمة أبي حمزة عن أبيه (2/ 442 - 443).
(وقد روى المتن غير شعبة فجود الإسناد، أخرجه أحمد والترمذي من رواية الأعمش عن شمر بن عطية، عن المغيرة بن سعد بن الأخرم، عن أبيه، عن عبد الله فذكر الحديث
…
، وعلى هذا فإنَّ الأخرم في رواية شعبة هو المغيرة بن سعد بن الأخرم نسب إلى جدّه، وأبوه على هذا هو سعد بن الأخرم، ويحتمل أن يكون المراد بأبيه أباه الأعلى وهو الأخرم).
فائدة:
قوله هنا: نهى عن التبقر في الأهل والمال، يعني الكثرة، فيه نكارة من حيث أنه مخالف لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من الاستكثار من الأولاد في قوله صلى الله عليه وسلم:«تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر الأنبياء يوم القيامة» . أخرجه أحمد من «حديث أنس» (3/ 158)، وله شاهد من حديث معقل بن يسار عند أبي داود (2050)، والنسائي (6/ 65)، وابن حبان (4056)، والحاكم (2/ 165).
(1)
الطيالسي (378)، وعلي بن الجعد (1335، 1466)، والشاشي (812، 813)، والحاكم (4/ 322).
(2)
ابن المبارك في «الزهد» (505)، والطيالسي (379)، ويحيى بن آدم في «الخراج» (254)، والشاشي (811).
(3)
الشاشي (816).
(4)
أبو الشيخ في طبقات المحدِّثين في أصبهان (2/ 135)، (4/ 168)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 116)، وانظر: حاشية المسند، طبعة الرسالة (6/ 55).
الحديث الخامس والثلاثون
(1)
:
69 -
قال الإمام أحمد (1/ 240): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن حبيب (يعني ابن الشهيد)، عن عبد الله بن أبي مليكة، قال: شهدت ابن الزبير وابن عباس، فقال ابن الزبير لابن عباس: أتذكر حين استقبلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاء من سفر؟ فقال: نعم، فحملني وفلاناً غلاماً من بني هاشم وتركك.
التعليق:
هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
هكذا رواه شعبة، عن حبيب بن الشهيد، عن ابن مليكة، فجعل هذا الحوار بين ابن الزبير وابن عباس رضي الله عنهما.
وخالفه يزيد بن زريع
(2)
، وحميد بن الأسود
(3)
، وإسماعيل بن علية
(4)
، وأبو أسامة
(5)
، ومحمد بن أبي عدي
(6)
، فرووه عن حبيب بن الشهيد، عن ابن أبي مليكة، قال ابن الزبير لابن جعفر:(أتذكر إذ تلقّينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس؟ قال: نعم، فحملنا وتركك)
(7)
.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، تقدم، انظر: الحديث رقم (4).
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
حبيب بن الشهيد الأزدي، أبو محمد البصري، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة 145 وله 66 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن عبيد بن أبي مُليكة، ابن عبد الله بن جدعان أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة 117، روى له البخاري ومسلم.
(2)
البخاري (3082).
(3)
البخاري (3082).
(4)
مسلم (2427)، وأحمد (1/ 203).
(5)
مسلم (2427).
(6)
ابن أبي حاتم في «العلل» (2268).
(7)
هذا لفظ البخاري.
فجعل هؤلاء الأربعة الحوار بين ابن الزبير وعبد الله بن جعفر وجعله شعبة بين ابن عباس وابن الزبير، فإن حمل على تعدد القصة وإلا ما في الصحيح أصح وإن كان شعبة أحفظ القوم.
قال ابن أبي حاتم في «العلل» (2268): وسمعت أبي وسئل عن حديث رواه ابن أبي عدي، عن حبيب بن الشهيد، عن ابن أبي مليكة، أنَّ ابن الزبير قال لعبد الله بن جعفر: أتذكر يوم تلقّينا النبي صلى الله عليه وسلم
…
؟
ورواه شعبة، عن حبيب بن الشهيد، عن ابن أبي مليكة أنَّ ابن الزبير قال لابن عباس: أتذكر يوم تلقّينا النبي صلى الله عليه وسلم أنا وأنت
…
؟
فقال أبي: يختلفون فيه، يقولون: هكذا وهكذا وشعبة حافظ.
(وانظر الحديث في باب إسماعيل بن علية). إذ جعل القائل هو عبد الله بن جعفر والذي قال: (نعم فحملنا) هو ابن الزبير، ح (752).
الحديث السادس والثلاثون
(1)
:
70 -
قال أبو داود (1296): حدثنا ابن المثنى، حدثنا معاذ بن معاذ، حدثنا شعبة، حدثني عبد ربه بن سعيد، عن أنس بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع، عن عبد الله بن الحارث، عن المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«الصلاة مثنى مثنى، أن تشهد في كل ركعتين، وأن تبأس وتمسكن وتُقنِعَ بيديك وتقول: اللَّهم اللَّهم فمَن لم يفعل ذلك فهي خداج» .
التعليق:
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، غير عبد الله بن نافع بن العمياء، قال علي بن المديني: مجهول، وقال البخاري: لم يصح حديثه، وذكره ابن حبان في «الثقات» ، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال ابن حجر في «التقريب»: مقبول.
وذكر أهل الحديث أنَّ شعبة قد غلط في هذا الإسناد في مواضع:
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن المثنى بن عبيد العنزي، المعروف بالزمن مشهور بكنيته وباسمه، ثقة ثبت، من العاشرة، روى له البخاري ومسلم.
معاذ بن معاذ، تقدم.
عبد ربه بن سعيد بن قيس الأنصاري، أخو يحيى المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة 139، وقيل: بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
أنس بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع صوابه عمران.
عبد الله بن نافع بن العمياء، مجهول، من الثالثة، روى له أصحاب السنن الأربعة.
عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي أبو محمد المدني، أمير البصرة، له رؤية، ولأبيه وجدّه صحبة، قال ابن عبد البر: أجمعوا على ثقته، مات سنة 99، ويقال: سنة 84، روى له البخاري ومسلم.
المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، له صحبة، وقيل في اسمه: عبد المطلب بن ربيعة (تهذيب الكمال، التقريب).
الأول: قال عن أنس بن أبي أنس، وإنما هو عمران بن أبي أنس
(1)
.
الثاني: قال عن عبد الله بن الحارث، وإنما هو ربيعة بن الحارث
(2)
.
الثالث: قال عن المطلب، وإنما هو الفضل بن عباس.
وهذا الحديث رواه كذلك النسائي في «الكبرى» (616، 1441) من طريق إسحاق بن إبراهيم، وابن ماجه (1322) من طريق شعبة بن سوار، وأحمد (4/ 167) من طريق محمد بن جعفر وحجاج، والطيالسي (1366) في مسنده، وابن خزيمة (1212) من طريق عيسى بن يونس، هؤلاء الستة تابعوا معاذ بن معاذ في روايته عن شعبة بهذا الإسناد
(3)
.
وخالفه الليث بن سعد فرواه عن عبد ربه بن سعيد، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع بن العمياء، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل بن عباس
(4)
.
(1)
عمران بن أبي أنس القرشي العامري المدني، نزل الإسكندرية، ثقة، من الخامسة، مات سنة 117 بالمدينة، روى له مسلم.
(2)
ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، له صحبة، مات في أول خلافة عمر، وقيل: في آخرها سنة 23.
(3)
وأخرجه كذلك ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (479)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1093)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 311)، والطبراني في الدعاء (211)، والدارقطني (1/ 418)، والبيهقي (2/ 488)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 264)، كلهم من طرق عنه.
(4)
أخرجه الترمذي (385)، والنسائي في الكبرى (615، 1440)، وابن خزيمة (1213)، وعبد الله بن المبارك في مسنده (53)، والزهد (1152)، وأحمد (4/ 167)، وأبو يعلى (6837)، والطبراني في الكبير (757)، والأوسط (8632)، والدعاء (210)، والبيهقي (2/ 487)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 310)، والطحاوي في شرح المشكل (1094) من طريق عبد الله بن المبارك وابن وهب وعبد الله بن صالح كلهم عن الليث بن سعد به.
وقد تابع الليث ابن لهيعة
(1)
، وعمرو بن الحارث
(2)
.
قال الترمذي في جامعه (2/ 226): سمعت محمد بن إسماعيل يقول: روى شعبة هذا الحديث عن عبد ربه فأخطأ في مواضع، فقال: عن (أنس بن أبي أنس) وهو (عمران بن أبي أنس)، وقال:(عن عبد الله بن الحارث)، وإنما هو عبد الله بن نافع بن العمياء عن (ربيعة بن الحارث)، وقال شعبة: (عن عبد الله بن الحارث عن المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو (عن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، عن الفضل بن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال محمد (يعني البخاري): (وحديث الليث بن سعد هو حديث صحيح يعني أصح من حديث شعبة). اه. وكذا قال في «العلل الكبير» (128).
وقال أبو حاتم في «العلل» لابنه (324): حديث الليث أصح
(3)
لأن أنس بن أبي أنس لا يعرف، وعبد الله بن الحارث ليس له معنى وإنما هو ربيعة بن الحارث.
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد بعد أن أورد الحديث من طريق الليث: (هذا هو عندي الصواب)«المسند» (4/ 167).
(1)
أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (1096)، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (439)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (48/ 325).
(2)
ذكره أبو حاتم كما في العلل لابنه (365)، هذا وقد قال أبو عبد الرحمن النسائي في الكبرى (1/ 451): ما نعلم أحداً روى هذا الحديث غير الليث وشعبة على اختلافهما فيه.
(3)
ونقله عنه المزي في تهذيب الكمال، والحافظ في التهذيب في ترجمة أنس هذا. قلت: وليس معنى هذا أنَّ الحديث صحيح عند البخاري، فقد قال البخاري في التاريخ (3/ 284) في ترجمة ربيعة بن الحارث: لا يتابع عليه. وقال في ترجمة عبد الله بن نافع (5/ 213): عن ربيعة بن الحارث روى عنه عمران بن أبي أنس، لم يصح حديثه، إنما مراد البخاري أنَّ الليث جود الإسناد ووهم فيه شعبة.
وقال الطبراني في «الأوسط» (8632): لم يجود إسناد هذا الحديث أحدٌ ممن رواه عن عبد ربه بن سعيد إلا الليث، ورواه شعبة عن عبد ربه بن سعيد فاضطرب في إسناده.
وقال في «الدعاء» (210): وضبط الليث إسناد هذا الحديث ووهم فيه شعبة.
وقال الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (2/ 202): قال أبو عبد الله (أي الإمام أحمد): الحديث حديث الليث بن سعد، أنس بن أبي أنس مَنْ هذا؟! معروف عمران بن أبي أنس.
قال: وسمعت أبا عبد الله. وذكر خطأ شعبة فقال: إنما وهم شعبة في الأسماء.
وقال ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (48/ 324): رواه شعبة عن عبد ربه بن سعيد فخالف الليث وأخطأ في ثلاثة مواضع.
ثم ذكر ما ذكره الترمذي عن البخاري في هذا.
وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (365): سألت أبي عن حديث رواه شعبة والليث عن عبد ربه بن سعيد واختلفا، كيف اختلافهما.
فقال أبي: اتفقا في عبد ربه بن سعيد، واختلفا فقال الليث: عن عمران بن أبي أنس، وقال شعبة: عن أنس بن أبي أنس. واختلفا، فقال الليث: عن ربيعة بن الحارث. وقال شعبة: عن عبد الله بن الحارث. واختلفا، فقال الليث: عن الفضل بن عباس. وقال شعبة: عن المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الصلاة مثنى مثنى، تخشع وتضرع وتمسكن وتقنع بيديك
…
». وقال أبي: ما يقول الليث أصح، لأنه قد تابع الليث عمرو بن الحارث وابن لهيعة، وعمرو والليث كانا يكتبان، وشعبة صاحب حفظ. قلت لأبي: هذا الإسناد عندك صحيح؟ قال: حسن. قلت لأبي: مَنْ ربيعة بن
الحارث؟ قال: هو ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.
قلت: سمع من الفضل؟ قال: أدركه. قلت: يحتج بحديث ربيعة بن الحارث؟ قال: حسن. ذكرت عليه مراراً فلم يزدني على قوله: حسن. ثم قال: الحجة سفيان وشعبة.
قلت: فعبد ربه بن سعيد؟ قال: لا بأس له. قلت: يحتج بحديثه. قال: هو حسن الحديث.
قال أبي: ويدل على أنَّ هذا الكلام في صلاة التطوع أو السنن، وليس هذا الكلام في شيء من الحديث. وقال الخطابي في «معالم السنن» (2/ 88): (أصحاب الحديث يغلطون شعبة في رواية هذا الحديث، وقال محمد بن إسماعيل البخاري: أخطأ شعبة في هذا الحديث، قال: عن أنس بن أبي أنس، وإنما هو عمران بن أبي أنس، وقال: عن عبد الله بن الحارث، وإنما هو عن عبد الله بن نافع عن ربيعة بن الحارث، وربيعة بن الحارث هو ابن المطلب فقال هو: عن المطلب، والحديث عن الفضل بن عباس ولم يذكر فيه الفضل.
قلت: ورواه الليث بن سعد، عن عبد ربه بن سعيد، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل بن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصحيح. وقال يعقوب بن سفيان في هذا الحديث مثل قول البخاري، وخطّأ شعبة وصوّب الليث بن سعد وكذلك قال محمد بن إسحاق بن خزيمة). انتهى كلامه.
وقال المنذري في مختصره لسنن أبي داود (2/ 88): وأخرجه النسائي وابن ماجه، وفي حديث ابن ماجه: المطلب بن أبي وداعة وهو وهم، وقيل: وهو المطلب بن ربيعة، وقيل الصحيح فيه: ربيعة بن الحارث عن الفضل بن العباس وأخطأ فيه شعبة في مواضع، وقال البخاري في «التاريخ»: لا يصح.
لكن أبى ذلك الطحاوي فصحح رواية شعبة
(1)
.
علة الوهم:
1 اختلاف الأمصار، فهذا الحديث يرويه عبد ربه بن سعيد وهو مدني، ورواه عنه أربعة من أصحابه، شعبة وهو بصري، والثلاثة الآخرون وهم: الليث بن سعد
(2)
، وابن لهيعة
(3)
، وعمرو بن الحارث
(4)
، وكلهم مصريون.
2 أنَّ شعبة يحدِّث من حفظه فلا بد أن يقع له بعض الأوهام، وأوهام شعبة غالباً في الأسماء، يشغله حفظ المتون عنها. والله أعلم.
(1)
مشكل الآثار (3/ 137).
(2)
الليث بن سعد بن عبد الرحمن، أبو الحارث المصري، ثقة ثبت، فقيه إمام مشهور، من السابعة، مات في شعبان سنة 175، روى له الجماعة.
(3)
عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي، أبو عبد الرحمن المصري القاضي، صدوق، من السابعة، خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن وهب وابن المبارك عنه أعدل من غيرهما روى له مسلم مقروناً وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
(4)
عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري، مولاهم المصري أبو أمية، ثقة فقيه حافظ، من السابعة، مات قديماً قبل سنة 150، روى له الجماعة.
الحديث السابع والثلاثون
(1)
:
71 -
قال الإمام أحمد (3/ 129): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن علي أبي الأسد، قال: حدثني بكير بن وهب الجزري، قال: قال لي أنس بن مالك رضي الله عنه: أحدِّثك حديثاً ما أحدِّثه كل أحد، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب البيت ونحن فيه فقال:«الأئمة من قريش، إنَّ لهم عليكم حقاً ولكم عليهم حقاً مثل ذلك، ما إن استرحموا فرحموا، وإن عاهدوا وفَوْا، وإن حكموا عدلوا، فمَن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» .
التعليق:
هذا إسناد لا بأس به، علي أبو الأسد وثقه يحيى بن معين، وقال أبو زرعة: صدوق، وبكير بن وهب ذكره ابن حبان في «الثقات» ، وأخرجه المزي في «تهذيب الكمال» (21/ 183) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه بهذا الإسناد في ترجمة (علي أبي الأسود الحنفي الكوفي).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (5942)، والدولابي في «الكنى» (1/ 106) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة. وسقط في مطبوع النسائي محمد بن جعفر
(2)
.
وذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 112) في ترجمة بكير تعليقاً. وذكره أيضاً في (4/ 99).
هكذا قال شعبة عن (علي أبي الأسد).
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، تقدم.
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
علي أبو الأسود الكوفي، صوابه سهل أبو الأسد، غلط شعبة في اسمه وكنيته، قال الدارقطني وغيره: مقبول، من الرابعة، روى له النسائي.
بكير بن وهب الجزري، مقبول، من الخامسة، روى له النسائي.
(2)
وقد أثبته الحافظ المزي في الأطراف (1/ 102 رقم 255) وذكر ذلك محقق السنن.
خالفه الأعمش
(1)
ومسعر
(2)
فقالا عن (سهل الأسد).
قال البيهقي: وكذلك رواه جماعة عن الأعمش عن سهل يكنّى أبا أسد، وكذلك رواه مسعر بن كدام عن سهل
(3)
. ورواه شعبة عن علي بن أبي الأسد وقيل عنه: عن علي أبي الأسد، وهو واهم فيه والصحيح ما رواه الأعمش ومسعر.
قال ابن حجر في «التهذيب» : جزم الدارقطني وجماعة قبله أنَّ شعبة وهم فيه إذ سمّاه علياً، وإنما هو سهل، وكناه أبا الأسود وإنما هو أبو الأسد.
قلت: غلط شعبة في اسمه، وأما كنيته فقد جاءت على الصواب، عند أحمد والبخاري والنسائي. والله أعلم.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، علي أبو الأسد كوفي؛ لذا كانت رواية أهل بلده الأعمش
(4)
، ومسعر بن كدام
(5)
، أصح من رواية شعبة.
(1)
ذكره البخاري في التاريخ الكبير (4/ 99) تعليقاً فقال: وقال وكيع: حدثنا الأعمش، حدثنا سهل أبو أسد، عن بكير، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن سهل الحنفي، عن بكير الجزري، عن أنس سمع النبي صلى الله عليه وسلم منه. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (8/ 143)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (16/ 12).
(2)
أخرجه ابن عساكر في تاريخه (16/ 14)، وذكره المزي وابن حجر في تهذيبهما.
(3)
«السنن الكبرى» (8/ 143).
(4)
سليمان بن مهران وهو من أهل الكوفة (انظره في بابه).
(5)
مِسعَر بن كِدام بن ظهير الهلالي، أبو سلمة الكوفي، ثقة ثبت فاضل، من السابعة، مات سنة 153 أو 155، روى له جماعة.
الحديث الثامن والثلاثون
(1)
:
72 -
قال الإمام أبو داود (3182): حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا شعبة، عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، أنه كان في جنازة عثمان بن أبي العاص، وكنا نمشي مشياً خفيفاً فلحقنا أبو بكرة، فرفع سوطه فقال: لقد رأيتنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نَرْمُلُ رملاً.
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات، مسلم بن إبراهيم وشعبة من رجال الشيخين.
وعيينة بن عبد الرحمن وثقه يحيى بن معين والنسائي والعجلي وابن حبان وغيرهم، وقال أحمد بن حنبل: صالح الحديث. وقال أبو حاتم: صدوق، وأبوه عبد الرحمن تابعي، وثقه يحيى بن معين وأبو زرعة والعجلي وابن حبان وابن حجر.
والحديث أخرجه كذلك الحاكم في «المستدرك» (3/ 446)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (4/ 22) كلاهما من طريق مسلم بن إبراهيم به، وتابعه محمد بن جعفر المدائني.
وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/ 477) من طريقه عن
(1)
رجال الإسناد:
مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي، أبو عمرو البصري، ثقة مأمون مكثر عمي بأخرة، من صغار التاسعة، مات سنة 298، روى له البخاري ومسلم.
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
عيينة بن عبد الرحمن بن جَوْشَن الغَطَفاني، صدوق، من السابعة، مات في حدود الخمسين، روى له البخاري في «الأدب المفرد» و «أصحاب السنن الأربعة» .
عبد الرحمن بن جَوْشَن الغَطَفاني البصري، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري في «الأدب المفرد» وأصحاب السنن.
شعبة به على الشك فقال: (كنا في جنازة عبد الرحمن بن سمرة أو عثمان بن أبي العاص).
وقد وهم أمير المؤمنين في الحديث شعبة في قوله: (جنازة عثمان بن أبي العاص)، وإنما هي (جنازة عبد الرحمن بن سمرة) كما روى جماعة من الأئمة الثقات عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه، منهم:
يحيى بن سعيد القطان
(1)
، وخالد بن الحارث
(2)
، وعيسى بن يونس
(3)
، ويزيد بن هارون
(4)
، وإسماعيل بن إبراهيم
(5)
، وابن أبي عدي
(6)
، وأبو داود الطيالسي
(7)
، وأبو عاصم
(8)
، ووكيع
(9)
.
قال البخاري في «التاريخ الأوسط» (1/ 669): (وقال شعبة: عن عيينة عن أبيه، جنازة عثمان بن أبي العاص، عثمان وهم).
قال البيهقي في «السنن الكبرى» بعد أن روى الحديث من طريق الطيالسي (4/ 22): (وكذلك رواه إسماعيل بن إبراهيم، ويحيى بن سعيد، ووكيع، وخالد بن الحارث، وعيسى بن يونس عن عيينة، وخالفهم شعبة عن عيينة فقال: في جنازة عثمان بن أبي العاص). وذكر أبو حاتم هذا
(1)
أحمد (5/ 38)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 417).
(2)
أبو داود (3183)، والنسائي (4/ 42)، ووقع عند النسائي: عيينة بن عبد الرحمن بن يونس وهو خطأ. والصحيح ابن جَوْشَن.
(3)
أبو داود (3183).
(4)
البخاري في التاريخ الأوسط (1/ 666 رقم 374)، وابن عساكر (34/ 418).
(5)
ابن حبان (3043)، وابن عساكر (34/ 317)، وذكره النسائي مختصراً (4/ 43).
(6)
البزار (3680).
(7)
في مسنده (924) ومن طريقه البيهقي (4/ 22).
(8)
البخاري تعليقاً في التاريخ الأوسط (1/ 669).
(9)
البيهقي تعليقاً في السنن الكبرى (4/ 22)، وأخرجه أحمد (5/ 36) مقتصراً على الحديث المرفوع عن وكيع، عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بكرة، قال:(لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنّا لنرمل بالجنازة رملاً). كذلك رواه أحمد (5/ 37) من طريق هشيم بدون ذكر القصة مقتصراً على الحديث المرفوع.
الوهم لشعبة إلا أنه يرى أنَّ الوهم في قوله: فلحقنا (عثمان بن أبي العاص) بدلاً من (أبي بكرة).
قال ابن أبي حاتم في «العلل» (1102): وسمعت أبي وذكر حديثاً رواه مسلم بن إبراهيم
(1)
، عن شعبة، عن عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن، عن أبيه، قال: شهدت جنازة ابن عبد الرحمن بن سمرة فجعل رجال من مواليه وأهله يمشون أمام السرير على أعقابهم ويقولون: رويداً، بارك الله فيكم. فكانوا يدبون دبيباً، فلحقنا عثمان بن أبي العاص فلما رأى أولئك وما يصنعون حمل عليهم بالسوط وقال: خلوا فوالذي كرم وجه أبي القاسم صلى الله عليه وسلم لقد رأيتنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نكاد نرمل بها رملاً.
فسمعت أبي يقول: روى الحديث هشيم، ووكيع، وأبو داود الطيالسي، وسعدان بن يحيى، عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه، وقال فيه:(فحمل عليهم أبو بكرة بدل عثمان بن أبي العاص، وهذا أصح).
(1)
قلت: قد رواه أبو داود والحاكم كما سبق من طريق مسلم بن إبراهيم عن شعبة وفيه: (وفي جنازة عثمان بن أبي العاص)، فلعله وهمٌ من أبي حاتم والله أعلم إذ أنَّ خبره هنا في حال العرض وليس في حال التحديث وقد يقع بعض التساهل في العرض بخلاف حال التحديث.
الحديث التاسع والثلاثون
(1)
:
73 -
قال الإمام أحمد (4/ 118): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن حبيب (يعني ابن أبي ثابت)، عن عبيد الله بن القاسم أو القاسم بن عبيد الله بن عتبة، عن أبي مسعود رضي الله عنه، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إنَّ هذا الأمر فيكم وإنكم ولاته، ولن يزال فيكم حتى تحدثوا أعمالاً، فإذا فعلتم ذلك بعث الله عز وجل-عليكم شر خلقه فيلتحيكم كما يُلتح
(2)
(*) القضيب».
التعليق:
هذا إسناد ضعيف لجهالة شيخ حبيب بن أبي ثابت، ورواه الطيالسي (653)(ط. التركي) عن شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن القاسم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي مسعود، ورواه المحاملي في آماليه (490) من طريق وهب بن جرير، والخطابي في غريب الحديث (1/ 120) من طريق يعلى بن عباد كلاهما عن شعبة به.
هكذا رواه شعبة فقال: (عن حبيب، عن القاسم بن عبيد الله بن عتبة، عن أبي مسعود).
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، تقدم.
شعبة، تقدم.
حبيب بن أبي ثابت: قيس، ويقال: هند بن دينار الأسدي مولاهم أبو يحيى الكوفي، ثقة فقيه جليل وكان كثير الإرسال والتدليس، من الثالثة، مات سنة 119، روى له البخاري ومسلم.
عبيد الله بن القاسم، أو القاسم بن عبيد الله بن عتبة: ليس له ترجمة بهذا الاسم وقد وهم في اسمه شعبة.
أبو مسعود: عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري أبو مسعود البدري، صحابي جليل، مات قبل الأربعين وقيل: بعدها، وحديثه في الصحيحين.
(2)
*) يقال: لحوت الشجرة، ولحيتها، والتحيتها: إذا أخذت لحاءها وهو قشرها.
خالفه سفيان الثوري
(1)
، وحمزة الزيات
(2)
، والأعمش
(3)
، وحماد بن شعيب
(4)
، والحسن بن عمارة
(5)
.
فقالوا: (عن حبيب، عن القاسم بن الحارث، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي مسعود).
وقال الحافظ ابن حجر في «تعجيل المنفعة» (2/ 126) بعد أن ذكر اختلاف سفيان وشعبة، قال: وسفيان أحفظ من شعبة ولا سيما في الأسماء، والقاسم بن الحارث هذا هو ابن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام
(6)
، نسب إلى جدّ أبيه
…
ثم قال: وقد روى حديث الباب الطبراني من طريق حمزة الزيات عن حبيب بن أبي ثابت، عن القاسم بن الحارث كما قال الثوري
…
والحاصل: أنَّ الذي وقع لشعبة أنه القاسم بن عبيد الله الصواب فيه القاسم عن عبيد الله، فعبيد الله شيخه لا أبوه. والله أعلم.
أثر الوهم:
قلب شعبة اسم القاسم بن الحارث، إلى القاسم بن عبيد الله وهو بهذا الاسم مجهول.
لذا قال الحسيني في «الإكمال» (2/ 126): القاسم بن عبيد الله أو عبيد الله بن القاسم، عن أبي مسعود، وعنه حبيب بن أبي ثابت مجهول.
(1)
أحمد (5/ 274)، والحاكم (4/ 502 - 503)، وابن أبي عاصم في السنّة (1119)، والطبراني في الكبير (17/ 720)، وابن أبي شيبة (37718).
(2)
الطبراني في الكبير (17/ 721).
(3)
ابن أبي عاصم في السنّة (1118)، والطبراني (17/ 722) إلا أنه لم ينسبه، وفي الأوسط (8513).
(4)
الدارقطني في العلل (6/ 188) والمحاملي في أماليه (489).
(5)
ابن طهمان في مشيخته (189).
(6)
المخزومي، مقبول، من السادسة.
وتعقبه الحافظ في «التعجيل» بقوله: كلا ليس بمجهول بل هو معروف.
(ثم ذكر اسمه كما مرَّ بنا).
فتحول الإسناد من إسناد ضعيف لجهالة القاسم بن عبيد الله إلى إسناد رجاله كلهم معروفون.
قال الهيثمي في «المجمع» (5/ 193): رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح عدا القاسم بن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث وهو ثقة.
كذا قال الهيثمي: ثقة، وقد سبقه ابن حبان فذكره في كتابه «الثقات» وقال الذهبي في «الميزان»: غير معروف، وقال ابن حجر في «التقريب»: مقبول، والحديث صححه الألباني في تحقيقه لكتاب السنّة (2/ 531) فقال: حديث صحيح ورجاله ثقات رجال مسلم غير القاسم وهو ابن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي وهو مجهول لم يرو عنه غير حبيب بن أبي ثابت، وقول الهيثمي فيه وهو ثقة إنما هو اعتماد على توثيق ابن حبان له.
ثم رجح رواية الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن مسعود. والله تعالى أعلم.
وقال الدارقطني في «العلل» (6/ 188): سئل عن هذا الحديث: يرويه حبيب بن أبي ثابت عن القاسم، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي مسعود.
والقاسم هذا هو القاسم بن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام واختلفوا في نسبه.
ورواه الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ذلك صالح بن كيسان عن الزهري. والله أعلم
(1)
.
ثم روى بسنده عن حماد بن شعيب، عن حبيب بن أبي ثابت، عن القاسم، عن عبد الله بن عبد الله، عن أبي مسعود هذا الحديث.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فحبيب بن أبي ثابت من الكوفة؛ لذا كانت رواية أهل بلده سفيان وحمزة الزيات والأعمش أصح من رواية شعبة، إضافة إلى أنَّ شعبة أكثر وهمه في الأسماء. والله تعالى أعلم.
(1)
أحمد (1/ 458)، وأبو يعلى (5024)، والشاشي (869) من طريق إبراهيم بن سعد عن صالح به.
قال الهيثمي في المجمع (5/ 192): رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط. ورجال أحمد رجال الصحيح ورجال أبي يعلى ثقات.
وقال الحافظ في الفتح (13/ 116): رجاله ثقات إلا أنه من رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه عبد الله بن مسعود ولم يدركه.
الحديث الأربعون
(1)
:
74 -
قال الإمام أحمد (5/ 418): حدثنا بهز، حدثنا شعبة، حدثنا محمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب، وأبوه عثمان بن عبد الله، أنهما سمعا موسى بن طلحة، عن أبي أيوب الأنصاري أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة. فقال القوم: ما له، ما له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَربٌ ما لَه
(2)
(*). قال: «تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم، ذرها» . قال: كأنه كان على راحلته.
التعليق:
هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه البخاري في صحيحه (5982)، (5983) من طريق عبد الرحمن بن بشر وأبي الوليد، ومسلم (13) من طريق محمد بن حاتم وعبد الرحمن بن بشر ولم يسق لفظه، والنسائي (1/ 234) من طريق محمد بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي، وابن حبان في صحيحه (3246) من طريق حفص بن عمرو.
(1)
رجال الإسناد:
بهز، تقدم، انظر: الحديث الأول.
شعبة، تقدم.
محمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب التيمي مولاهم، ثقة، من السادسة، ويقال: الصواب: عمرو، وقيل: هو أخوه، روى له البخاري ومسلم.
عثمان بن عبد الله بن موهب التيمي مولاهم المدني الأعرج، وقد ينسب إلى جدّه، ثقة، من الرابعة، مات سنة 160، روى له البخاري ومسلم.
موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي، أبو عيسى أو أبو محمد المدني نزيل الكوفة، ثقة جليل، من الثانية، ويقال: إنه وُلد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة 103 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
(2)
*) أرب ما له: يقال: أرب الرجل في الأمر: إذا بلغ فيه جهده، وقال الأصمعي: أرب في الشيء صار ماهراً فيه فهو أريب وكأنه تعجب من حسن فطنته، «فتح الباري» (3/ 264).
كلهم عن بهز عن شعبة بهذا الإسناد.
إلا أنَّ البخاري قال في روايته: (شعبة، عن ابن عثمان)، ولم يسمّه فيها محمداً.
ورواه البخاري (1396) من طريق حفص بن عمر، عن شعبة، عن ابن عثمان بن عبد الله بن موهب وحده، عن موسى بن طلحة، ولم يسمّه هنا أيضاً.
ثم قال: وقال بهز: حدثنا شعبة، حدثنا محمد بن عثمان وأبو عثمان فذكر رواية شعبة هذه تعليقاً.
وأخرجه ابن حبان (3246) من طريق بهز عن شعبة به.
ورواه النسائي (1/ 234) وفي «الكبرى» (328) و (5880) من طريق بهز عن أسد عن شعبة به.
هكذا روى الحديث شعبة فقال: (محمد بن عثمان عن موسى بن طلحة
…
).
وخالفه عبد الله بن نمير
(1)
، ويحيى بن سعيد القطان
(2)
، وأبو نعيم الفضل بن دكين
(3)
، وخالد بن عبد الله الواسطي
(4)
، وأبو أسامة حماد بن أسامة
(5)
، وعبيد الله بن موسى
(6)
، وإسحاق بن يوسف الأزرق
(7)
، ومحمد بن عبيد الله بن أبي داود
(8)
، ومروان بن معاوية
(9)
.
(1)
مسلم (13).
(2)
أحمد (5/ 417)، وابن مندة في الإيمان (123)، وأبو عوانة في مسنده (3).
(3)
البخاري في الأدب المفرد (49)، وأبو عوانة في مسنده (3)، والطبراني في الكبير (1924).
(4)
ابن مندة في الإيمان (123) وأبو نعيم في المستخرج (92).
(5)
أبو عوانة في مسنده (3).
(6)
أبو عوانة في مسنده (3).
(7)
ابن مندة في الإيمان (123).
(8)
ابن مندة في الإيمان (123).
(9)
ابن حبان في صحيحه (437).
هؤلاء كلهم خالفوا شعبة فقالوا: (عن عمرو بن عثمان، عن موسى بن طلحة).
قلب شعبة (عمرو بن عثمان) إلى محمد بن عثمان لذا لم يجارِ البخاري شعبة في وهمه هذا فقال: (ابن عثمان)، ولم يسمّه.
قال البخاري في صحيحه عقب الحديث (1396):
وقال بهز: حدثنا شعبة، حدثنا محمد بن عثمان وأبو عثمان بن عبد الله أنهما سمعا موسى بن طلحة، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا. قال أبو عبد الله (هو البخاري): أخشى أن يكون محمد غير محفوظ إنما هو عمرو.
قال الحافظ في «الفتح» (3/ 265): قوله (أي البخاري): (أخشى أن يكون محمد غير محفوظ إنما هو عمرو)، وجزم في «التاريخ» بذلك، وكذا قال مسلم في شيوخ شعبة، والدارقطني في «العلل» وآخرون المحفوظ عمرو بن عثمان، وقال النووي: اتفقوا على أنه وهم من شعبة).
قال النووي في «شرح مسلم» (1/ 172): اتفقوا على أنه وهم وغلط من شعبة وأنَّ صوابه عمرو بن عثمان، قال الكلاباذي وجماعات لا يحصون من أهل هذا الشأن:(هذا وهم من شعبة فإنه كان يسمّيه محمداً وإنما هو عمرو، وكذا وقع على الوهم من رواية شعبة في كتاب الزكاة من البخاري. والله أعلم)
(1)
.
وقال ابن مندة في «الإيمان» (1/ 266): أنبأ حمزة، حدثنا النسائي أبو عبد الرحمن قال: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: أخشى أن يكون محمد هو عمرو بن عثمان ولا أعرف محمداً، وهم شعبة في اسمه).
(1)
قلت: إنما ذكره البخاري تعليقاً عقب الحديث (1396) قال: قال بهز: حدثنا شعبة، حدثنا محمد بن عثمان، وأخرج الحديث من طرق عن شعبة (1396)، (5982)، (5983) ولم يسمِّه بل قال: ابن عثمان
…
فتنبه.
وقال في (1/ 268): سمعت محمد بن يعقوب الشيباني، قال: سمعت أحمد بن سلمة يقول: سمعت مسلماً وسألته عن هذا الحديث فقال: محمد بن عثمان هو عمرو لأن غيره رواه عن عمرو، والأب والابن اشتركا في هذا الحديث).
ثم قال ابن مندة: وهذا حديث مجمع على صحته أخرجه البخاري عن أبي الوليد وأبي عمر الحوضي وعبد الرحمن بن بشر عن بهز، وتكلم في رواية شعبة فقال: محمد بن عثمان وهم من شعبة، إنما هو عمرو بن عثمان بن موهب، وترك حسين بن محمد القباني رواية شعبة واختصر على حديث أبي إسحاق عن موسى بن طلحة، والصواب ما قال، وترك رواية شعبة أَولى. والله أعلم.
وقال المزي في «تهذيب الكمال» (26/ 89): (هكذا قال شعبة، وقال يحيى بن سعيد وعبد الله بن نمير وجعفر بن عون وغير واحد عن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب وهو الصواب، وأما محمد فهو معدود في أوهام شعبة، وقال البخاري: أخشى أن يكون محمد غير محفوظ، إنما هو عمرو.
ورواه أبو يحيى عن عبد الله بن أحمد بن أبي الميسرة المكي عن بدل بن المحبر عن شعبة وقال: هذا حديث صحيح سمعه شعبة من عثمان بن عبد الله بن موهب ومن ابنه محمد بن عثمان وسمعه محمد وأبوه عثمان وأخوه عمرو بن عثمان من موسى بن طلحة عن أبي أيوب).
وقال الدارقطني في «العلل» (6/ 112): (وسئل عن حديث موسى بن أبي طلحة عن أبي أيوب
…
، فقال: حدَّث به شعبة واختلف عنه، فرواه محمد بن كثير وغير واحد عن شعبة، عن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن موسى بن طلحة.
ورواه غندر وبدل بن المحبر وأبو الوليد وعبد الصمد، عن شعبة، عن محمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن موسى.
ورواه بهز بن أسد، عن شعبة بتصحيح الوجهين جميعاً فقال: عن محمد بن عثمان وأبيه عثمان بن موسى.
ويقال: إنَّ شعبة وهم في اسم ابن عثمان بن موهب فسمّاه محمداً وإنما هو عمرو بن عثمان، والحديث محفوظ عنه حدَّث به يحيى بن سعيد القطان ومحمد بن عبيد وإسحاق الأزرق وأبو أسامة وأبو نعيم ومروان الفزاري وغيرهم عن عمرو بن عثمان بن موهب).
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فالشيخ الذي روى عنه شعبة هذا الحديث وقلب اسمه مدني وشعبة بصري. والله تعالى أعلم.
الحديث الحادي والأربعون
(1)
:
75 -
قال الإمام أحمد (4/ 220): حدثنا عفان، حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن زيد بن وهب، عن ثابت ابن وداعة: أنَّ رجلاً من بني فزارة أتى النبي صلى الله عليه وسلم بضِبَابٍ. قال: فجعل يقلب ضبًّا منها بين يديه فقال: «إنَّ أمّة مُسخت» . قال: وأكثر علمي أنه قال: «ما أدري لعل هذا منها» .
قال شعبة: وقال حصين، عن زيد بن وهب، عن حذيفة، قال: فذكر شيئاً نحواً من هذا، قال: فلم يأمر به ولم ينه أحداً عنه.
التعليق:
وهذان إسنادان رجالهما ثقات رجال الشيخين.
والذي نحن بصدده هنا هو الإسناد الثاني.
وأخرجه البزار (7/ 239) من طريق عبيد الله بن موسى، حدثنا شعبة عن حصين، عن زيد بن وهب، عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الضب أمّة مسخت دواب في الأرض» .
(1)
رجال الإسناد:
عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي البصري، ثقة ثبت، قال ابن المديني: كان إذا شك في حرف من الحديث تركه، وربما وهم، مات سنة 219، روى له البخاري ومسلم.
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
زيد بن وهب الجهني، أبو سليمان الكوفي، مخضرم، ثقة جليل لم يُصِب مَنْ قال في حديثه خلل، مات بعد الثمانين، وقيل: سنة ست وتسعين، روى له البخاري ومسلم.
حصين بن عبد الرحمن السلمي، أبو الهذيل الكوفي، ثقة تغير حفظه في الآخر، من الخامسة، مات سنة 136 وله 93 سنة، روى له البخاري ومسلم.
حذيفة بن اليمان العبسي، حليف الأنصار، صحابي جليل من السابقين، وأبوه صحابي استشهد بأُحد، مات حذيفة في أول خلافة علي رضي الله عنه سنة 36، وحديثه في الصحيحين.
هكذا رواه شعبة فقال: (عن حصين، عن زيد بن وهب، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه خالد بن عبد الله الواسطي
(1)
، ومحمد بن فضيل
(2)
، وسلام بن سليم
(3)
، وأبو عوانة
(4)
، وأبو جعفر الرازي
(5)
، وورقاء بن عمر
(6)
، ويزيد بن عطاء
(7)
، وأبو زبيد عبثر
(8)
.
فرووه عن حصين فقالوا: (عن حصين، عن زيد بن وهب، عن ثابت بن وديعة).
وهذا هو المحفوظ من رواية حصين، ورواية الجماعة أَولى بالأخذ من رواية الواحد إلا أن يكون الطريقان محفوظين. والله أعلم.
وكذلك رواه عدي بن ثابت
(9)
، والحكم بن عتيبة
(10)
، عن زيد بن وهب فجعلاه من مسند ثابت بن وديعة.
(1)
أبو داود (3795)، وابن سعد (1/ 395)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 65).
(2)
ابن ماجه (3238)، وابن أبي شيبة (8/ 273)، والطحاوي في شرح المشكل (3237)، والطبراني في الكبير (1367).
(3)
النسائي (7/ 199)، وفي الكبرى (6651)، وابن جرير في تهذيب الآثار (1/ 79 مسند عمر).
(4)
الطحاوي في شرح المشكل (3178)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 179)، والبخاري في التاريخ الكبير (2/ 170).
(5)
النسائي في الكبرى (6652) وابن جرير في تهذيب الآثار (1/ 179).
(6)
الطبراني في الكبير (1366).
(7)
أحمد (4/ 220).
(8)
تهذيب الآثار (1/ 179).
(9)
النسائي (7/ 200)، وفي الكبرى (6650)، وأحمد (4/ 220)، والطحاوي (3281).
(10)
النسائي (7/ 200)، وفي الكبرى (6646)، وأحمد (4/ 220)، والطيالسي (1220)، والدارمي (3/ 92)، وابن أبي شيبة (1/ 227)، والطحاوي (3279، 3280)، والطبراني في الكبير (1363) و (1364)، والبيهقي (9/ 325) إلا أنه قال: عن زيد بن وهب، عن البراء، عن ثابت بن وداعة.
قال البزار عقب الحديث (7/ 239): (وهكذا رواه حصين عن زيد بن وهب عن حذيفة، وخالفه الأعمش والحكم بن عتيبة وعدي بن ثابت، وخالف كل واحد منهما صاحبه). اه.
قلت: قد تفرد شعبة بهذه الرواية عن حصين وخالفه جمهور أصحاب حصين كما سبق.
وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 170): (وقال أبو الوليد: حدثنا أبو عوانة، عن حصين، عن زيد بن وهب أبي سليمان، قال: حدثني ثابت بن وديعة الأنصاري (فذكر الحديث).
وقال لي صدقة: أخبرنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن زيد بن وهب، عن ثابت بن وديعة.
وعن شعبة، عن الحكم، عن زيد بن وهب، عن البراء بن عازب، عن ثابت بن وديعة
(1)
، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الأعمش: عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن حسنة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وحديث ثابت أصح وفي نفس الحديث نظر).
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فشيخ شعبة حصين كوفي سكن بأَخرة بواسط، وشعبة بصري؛ لذا كانت رواية أهل بلده محمد بن فضيل، وسلام بن سليم وأبو زبيد عبثر بن القاسم أصح من رواية شعبة.
(1)
ثابت بن وديعة، وقيل: ابن يزيد بن وديعة، وقيل: أبوه يزيد ووديعة أمه ابن عمرو بن قيس الخزرجي أبو سعيد المدني، صحابي جليل، التقريب (841). قلت: ويقال: ثابت بن وداعة.
وكذلك رواه الواسطيون وهم أروى الناس عنه: خالد بن عبد الله الواسطي، وأبو عوانة، وأبو جعفر الرازي، وورقاء بن عمر، ويزيد بن عطاء، وهؤلاء كلهم من واسط. والله تعالى أعلم
(1)
.
(1)
قال يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 93، 97): قال أحمد بن عبد الله العجلي: كوفي ثقة ثبت في الحديث، سكن المبارك بأخرة. وقال أبو نعيم: حدثنا سفيان عن حصين بن عبد الرحمن، متقن ثقة كوفي كان يكون بواسط.
الحديث الثاني والأربعون
(1)
:
76 -
قال الإمام ابن ماجه (2221): حدثنا محمد بن بشار، ومحمد بن الوليد، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، قال: سمعت مالكاً أبا صفوان بن عميرة رضي الله عنه قال: بعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل سراويل قبل الهجرة فوزن لي فأرجح لي.
التعليق:
هذا إسناد على شرط مسلم، رجاله كلهم رجال الشيخين، غير سماك بن حرب من رجال مسلم.
ورواه النسائي (7/ 281) وفي «الكبرى» (9672)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1671)، والحاكم (2/ 31) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (6/ 63) من طريق يزيد بن هارون وعمرو بن الهيثم وأبي قطن كلهم عن شعبة، وتابعهم أبو داود الطيالسي
(2)
، وحجاج
(3)
، وحفص بن عمر
(4)
، وسليمان بن حرب
(5)
،
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن بشار ثقة من رجال الشيخين، تقدم، انظر: الحديث رقم (7).
محمد بن الوليد بن عبد الحميد القرشي، البسري البصري، يلقب حمدان، ثقة من العاشرة، مات سنة 250 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن جعفر، تقدم، انظر: الحديث رقم (4).
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
سماك بن حرب، تقدم، انظر: الحديث رقم (12).
مالك بن عميرة، أبو صفوان، صحابي له حديث مختلف فيه، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
(2)
في مسنده (1289)، والنسائي في «الكبرى» (9671).
(3)
أحمد (4/ 352).
(4)
أبو داود (3337).
(5)
الطبراني في الكبير (7402).
ومسلم بن إبراهيم
(1)
، وسهل بن حماد
(2)
، وأبو عتاب الدلال
(3)
، وغيرهم كلهم عن شعبة بهذا الإسناد.
هكذا رواه شعبة فقال: (عن سماك بن حرب، عن مالك أبي صفوان).
خالفه سفيان الثوري
(4)
، وقيس بن الربيع
(5)
، وأيوب بن جابر
(6)
، فرووه عن (سماك بن حرب، عن سويد بن قيس).
ولفظ رواية سفيان عن سماك عن سويد بن قيس قال: (جلبت أنا ومخرفة العبدي بزاً من هجر فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى ووزان يزن بالأجر فاشترى منا سروايل فقال للوزان: «زن وأرجح»).
وقال الحاكم في «المستدرك» عقب روايته للحديث من طريق شعبة: (أبو صفوان كنية سويد بن قيس هما واحد، من صحابي الأنصار، والحديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه).
وقال المزي في «تهذيب الكمال» (2623): سويد بن قيس، أبو صفوان ويقال: أبو مرحب.
وتعقبهما ابن حجر في «التهذيب» فقال: ما جزم به من أنَّ كنيته أبو صفوان فيه نظر، والذي يكنّى أبا صفوان اسمه مالك.
وقد رجح الأئمة رواية سفيان ومَن تابعه.
(1)
أبو داود (3337).
(2)
النسائي في الكبرى (9673).
(3)
النسائي في الكبرى (9673).
(4)
أبو داود (3336)، والترمذي (1305)، والنسائي (7/ 284)، وفي الكبرى (9670)، وأحمد (4/ 352)، وابن الجارود (559)، وابن حبان (5147)، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 141 - 142)، والحاكم (2/ 30)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (2/ 571).
(5)
الطيالسي (1288 ط التركي)، والبيهقي (6/ 33).
(6)
البخاري في التاريخ الكبير (4/ 142).
قال أبو داود عقب الحديث (3337): رواه قيس كما قال سفيان، والقول قول سفيان.
وقال النسائي في «الكبرى» عقب الحديث (6185): وحديث سفيان أشبه بالصواب من حديث شعبة.
وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (2/ 444 رقم 2838): (سألت أبي وأبا زرعة عن هذا الحديث
…
قلت: أيهما أصح عندكما؟ فقالا: سفيان أحفظ الرجلين. ثم قالا: وقيس بن الربيع على ضعفه قد تابعه. فقلت لهما: هل تابع شعبة أحد في هذا الحديث؟ قال أبي: لا أعلمه. وقال أبو زرعة: تابعه عليه عمرو بن أبي المقدام مع ضعفه).
قلت: سفيان أحفظ الرجلين وقد ذكر مع الحديث قصة مما يدل على ضبطه
(1)
.
الخلاصة:
روى هذا الحديث شعبة وسفيان واختلفا في اسم الصحابي فقال شعبة: (أبا صفوان ابن عميرة)، وقال سفيان:(سويد بن قيس)، وقد تابع سفيان على قوله: قيس بن الربيع وأيوب بن جابر، وتابع شعبة عمرو بن أبي المقدام وثلاثتهم فيهم ضعف.
والأقرب صحة كلا القولين فشعبة كنّاه وسفيان ذكر اسمه. والله تعالى أعلم.
(1)
قال الإمام أحمد: إذا كان في الحديث قصة دلَّ على أنَّ راويه حفظه. «هدي الساري» (ص 382).
الحديث الثالث والأربعون
(1)
:
77 -
قال الإمام أحمد (1/ 151): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، قال: قيل لعلي رضي الله عنه: إنَّ رسول الله كان يخصّكم بشيء من دون الناس عامة؟ قال: ما خصَّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لم يخصّ الناس إلا بشيء في قراب سيفي هذا، فأخرج صحيفة فيها شيء من أسنان الإبل، وفيها:«إنَّ المدينة حرم مما بين ثور إلى عير، مَنْ أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فإنَّ عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل، وذمة المسلمين واحدة فمَن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يُقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل، ومَن تولّى مولى بغير إذنهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يُقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل» .
التعليق:
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد أيضاً في «فضائل الصحابة» (1204)، والنسائي في «الكبرى» (4277)، وأبو نعيم في «الحلية» (4/ 138) كلهم عن محمد بن جعفر بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن جرير الطبري في «تهذيب الآثار» (ص 197 رقم 319)
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر، انظر: الحديث رقم (4).
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
سليمان، تقدم، انظر: الحديث رقم (30).
إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي يكنّى أبا أسماء الكوفي العابد، ثقة إلا أنه يرسل ويدلس، من الخامسة، مات دون المائة سنة 92 وله 40 سنة، روى له البخاري ومسلم.
الحارث بن سويد التيمي أبو عائشة الكوفي، ثقة ثبت، من الثانية، مات بعد سنة 70، روى له البخاري ومسلم.
في مسند علي من طريق ابن أبي عدي عن شعبة به.
هكذا قال شعبة: (عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن علي).
وخالفه سفيان الثوري
(1)
، ووكيع
(2)
، وجرير بن عبد الحميد
(3)
، وحفص بن غياث
(4)
، وأبو معاوية محمد بن خازم
(5)
، ومحمد بن فضيل
(6)
، ويعلى بن عبيد
(7)
، وزيد بن أبي أنيسة
(8)
، وعبد الله بن نمير
(9)
، ومالك بن سعد
(10)
، فقالوا: (عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن علي.
قال الدارقطني في العلل (4/ 153 - 154)
(11)
: يرويه الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي.
حدَّث به الثوري وأبو معاوية وابن فضيل ويعلى بن عبيد وزيد بن أبي أنيسة وغيرهم.
وخالفهم شعبة فرواه عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن علي، والمحفوظ قول الثوري ومَن تابعه.
(1)
البخاري (1870)، وعبد الرزاق (17153).
(2)
البخاري (3172).
(3)
البخاري (6755).
(4)
البخاري (7300).
(5)
مسلم (2/ 1147)، والترمذي (2127).
(6)
الدارقطني في العلل (4/ 154).
(7)
أبو عوانة (4815).
(8)
أبو عوانة (4813).
(9)
أبو عوانة (4812).
(10)
أبو عوانة (4812).
(11)
ابن حجر في الفتح (4/ 85).
قال الترمذي (4/ 438): وروى بعضهم عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن علي نحوه (يريد شعبة).
قلت: وقد رواه الطيالسي في مسنده (184) عن شعبة، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن علي. فوافق رواية الجماعة.
علة الوهم:
1 روى إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن علي غير حديث في الصحيحين وغيرها من رواية الأعمش
(1)
وغيره.
وقال ابن معين: إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن علي ما بالكوفة أجود إسناداً منه. ومن هنا ربما دخل الوهم على شعبة، والأمر قريب فكلاهما ثقة من رجال الشيخين. والله تعالى أعلم.
2 اختلاف الأمصار، فشعبة بصري، والأعمش كوفي؛ لذا كانت رواية أهل بلده سفيان ووكيع وجرير، وحفص وأبي معاوية ومَن تابعهم أصح من رواية شعبة. والله تعالى أعلم.
(1)
البخاري (5272)، ومسلم (1955).
الحديث الرابع والأربعون
(1)
:
78 -
قال أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (1/ 187): حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن أبي عمران الجوني، عن محمد بن زهير بن أبي جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«مَنْ بات على ظهر بيت ليس عليه ما يستره فمات فلا ذمة له، ومَن ركب البحر حين يرتج فلا ذمة له» .
التعليق:
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
رواه البخاري في «التاريخ الكبير» (3/ 426) فقال: قال إبراهيم بن المختار عن شعبة بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن أحمد بن الحسن بن إسحاق أبو علي البغدادي، ابن الصواف، ثقة، قال الدارقطني: ما رأت عيناي مثل أبي علي ابن الصواف. وُلد في سنة 270 وتوفي سنة 359، ونعته الذهبي فقال: الشيخ الإمام المحدِّث الثقة الحجة (السير، 16/ 184).
عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، أبو عبد الرحمن ولد الإمام، ثقة، من الثانية عشرة، مات سنة تسعين وله بضع وسبعون سنة، روى له النسائي.
أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني المروزي، نزيل بغداد، أبو عبد الله أحد الأئمة، ثقة حافظ فقيه حجة، وهو رأس الطبقة العاشرة، مات سنة 241 وله سبعة وسبعون سنة، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن جعفر، تقدم، انظر: الحديث رقم (4).
أبو عمران الجوني: عبد الملك بن حبيب الأزدي أو الكندي، مشهور بكنيته، ثقة، من كبار الرابعة، مات سنة 128 وقيل: بعدها، روى له البخاري ومسلم.
زهير بن عبد الله بن أبي جبل نزيل البصرة ذكره جماعة من الصحابة، وجزم ابن أبي حاتم عن أبيه أن حديثه مرسل، وكذا ذكره ابن حبان في «ثقات التابعين» ، روى له البخاري في «الأدب المفرد» .
ورواه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (3/ 1228)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (2/ 324)، وابن ناصر الدين الدمشقي في «توضيح المشتبه» (5/ 293) من طريق عبد الله بن المبارك، عن شعبة، عن أبي عمران، عن زهير بن أبي جبل به.
هكذا قال شعبة: (عن أبي عمران الجوني، عن محمد بن زهير بن أبي جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم وسمّاه مرة أخرى (زهير بن أبي جبل).
وخالفه هشام الدستوائي
(1)
، وأبان بن يزيد العطار
(2)
، والحارث بن عبيد
(3)
، وحماد بن سلمة
(4)
، وحماد بن زيد
(5)
، وعباد بن عباد المهلبي
(6)
.
فقالوا عن أبي عمران الجوني، عن زهير بن عبد الله، عن رجل، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إلا أنَّ الحمادين وعباد بن عباد قالوا: (عن زهير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا بينهما أحداً.
وهم شعبة في شيخ أبي عمران الجوني فسمّاه (محمد بن زهير بن أبي جبل) وقال في موضع آخر: (زهير بن أبي جبل).
وخالفه ستة من الرواة فذكروا هذا الحديث عن أبي عمران.
فقالوا: (زهير بن عبد الله).
(1)
أحمد (5/ 79)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3132)، والبيهقي في شعب الإيمان (4399).
(2)
أحمد (5/ 271).
(3)
البخاري في الأدب المفرد (1200) وفي التاريخ الكبير (3/ 426).
(4)
البيهقي في شعب الإيمان (4397)، والبغوي في معجم الصحابة (2/ 515).
(5)
البيهقي (4398).
(6)
سعيد بن منصور (2391)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (1/ 275).
قال الحافظ: (قول شعبة شاذ لاتفاق الحمادين وهشام على أنه زهير بن عبد الله)، وهو زهير بن عبد الله بن أبي جبل الشنوئي من أزد شنوءة البصري.
عدّه أبو نعيم والبغوي وابن عبد البر وابن الأثير وجماعة في الصحابة بذكرهم إياه في كتبهم من جملة الصحابة.
وذكره ابن حبان في «ثقات التابعين» ، وذكره ابن حجر في القسم الرابع من «الإصابة» ، وهم مَنْ ذكروا في كتب الصحابة على سبيل الوهم والغلط ونص على أنه تابعي.
وسبب الاختلاف ما جاء في رواية الحمادين وعباد بن عباد ما يوهم أنه روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إلا أنَّ هشاماً وأبان والحارث زادوا في روايتهم رجلاً بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم.
والحديث أخرجه الألباني في الصحيحة (828).
وقد قال يحيى بن معين في حديث حماد بن زيد، عن أبي عمران الجوني، عن زهير بن عبد الله مرسل
(1)
.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: أبو عمران الجوني، عن زهير بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مات على إجار
…
» مرسل
(2)
.
(1)
تاريخ ابن معين برواية الدوري (4/ 137).
(2)
المراسيل لابن أبي حاتم (211) و (473).
الحديث الخامس والأربعون
(1)
:
79 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي (5/ 141): أخبرني كثير بن عبيد عن بقية عن شعبة، قال: حدثني إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثني عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التزعفر.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير كثير بن عبيد وهو ثقة. وهو عند النسائي في «الكبرى» (3687) بهذا الإسناد.
ورواه الترمذي (2815) من طريق آدم، وأبو عوانة (1479)، (8700) من طريق علي بن الجعد وقراد، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2/ 182) وفي «شرح المشكل» (4982)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (6/ 230) وفي (9/ 392) وفي «الكفاية» (1/ 168) من طريق علي بن الجعد، والصيداوي في «معجم الشيوخ» من طريق علي بن قادم كلهم عن شعبة به.
وهذا من رواية الأكابر عن الأصاغر ولم يرو شعبة عنه إلا هذا الحديث.
(1)
رجال الإسناد:
كثير بن عبيد بن نمير المذحجي، أبو الحسن الحمصي الحذاء المقرئ، ثقة من العاشرة، مات في حدود الخمسين ومائتين، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
بقية بن الوليد بن صائد بن كعب الكلاعي، أبو محمد، صدوق كثير التدليس عن الضعفاء من الثامنة، مات سنة 197 وله 87 سنة، وروى له مسلم والبخاري تعليقاً.
إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي مولاهم، أبو بشر البصري المعروف بابن علية، ثقة حافظ من الثامنة. مات سنة 193 وله 83 سنة، وروى له البخاري ومسلم.
عبد العزيز بن صهيب البناني البصري، ثقة من الرابعة، مات سنة 130، روى له البخاري ومسلم.
هكذا رواه شعبة عن إسماعيل بن علية، عن عبد العزيز، عن أنس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التزعفر.
وخالفه أبو بكر ابن أبي شيبة
(1)
، وعمرو الناقد
(2)
، وزهير بن حرب
(3)
، ومحمد بن عبد الله بن نمير
(4)
، وأبو كريب محمد بن العلاء
(5)
، والإمامان الشافعي
(6)
، وأحمد بن حنبل
(7)
، ومسدد
(8)
، وعبد الله بن وهب
(9)
، وإسحاق بن إبراهيم
(10)
، وأحمد بن منيع
(11)
، وزياد بن أيوب
(12)
، وموسى بن سهل بن كثير
(13)
، وعلي بن الجعد
(14)
.
فرووه عن ابن علية بهذا السند وقالوا فيه:
(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل).
وكذلك رواه أصحاب عبد العزيز بن صهيب عنه فقالوا: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل).
وفي رواية: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التزعفر للرجال).
(1)
مسلم (2101).
(2)
مسلم (2101).
(3)
مسلم (2101).
(4)
مسلم (2101).
(5)
مسلم (2101).
(6)
في مسنده (1/ 121)، ومن طريقه البيهقي (5/ 36).
(7)
في المسند (3/ 101).
(8)
أبو داود (4179)، ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (2/ 182)، وابن حزم في المحلى (4/ 67).
(9)
الطحاوي (2/ 127).
(10)
النسائي (5/ 141) و (8/ 189)، وفي الكبرى (3686).
(11)
ابن خزيمة (4762).
(12)
ابن خزيمة (2674).
(13)
الخطيب في الكفاية (1/ 168)، وابن البحتري (94).
(14)
الطحاوي (2/ 128).
منهم:
عبد الوارث بن سعيد
(1)
، وحماد بن زيد
(2)
، وهشيم
(3)
، وعبد الوهاب الثقفي
(4)
، وزكريا بن يحيى بن عمارة
(5)
، وعلي بن الحسن بن الحر
(6)
، وابن بنت مطر الوراق
(7)
، وأبو الربيع السمان
(8)
.
وذكر إسماعيل بن علية أنَّ شعبة أخطأ في رواية هذا الحديث عنه.
قال أبو يحيى العطار: سمعت إسماعيل بن علية يقول: روى عني شعبة حديثاً واحداً فأوهم فيه، حدثته عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى أنَّ يتزعفر الرجل، فقال شعبة: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التزعفر
(9)
.
وقال علي بن الجعد عقب أن روى الحديث عن شعبة: ثم لقيت إسماعيل بن إبراهيم فسألته عنه وحدثته أنَّ شعبة حدثنا به عنه فقال: ليس هكذا حدثته، وإنما حدثته أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزعفر الرجل.
قال ابن أبي عمران: (وهو الراوي عن علي بن الجعد): وهما مختلفان، أما قوله: أن يتزعفر الرجل فإنما دخل فيه الرجال دون النساء، وأما قوله: نهى عن التزعفر، فأدخل فيه الرجال والنساء.
قال الطحاوي: وقد رواه سائر أصحاب عبد العزيز عن عبد العزيز بالنهي أن يتزعفر الرجل
(10)
.
(1)
البخاري (5846).
(2)
مسلم (2101).
(3)
أبو عوانة (7801)، والطحاوي (2/ 127).
(4)
ابن خزيمة (2674).
(5)
النسائي (8/ 189)، وفي الكبرى (9414)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (1/ 390).
(6)
أبو عوانة (1478)(8699).
(7)
المصدر السابق.
(8)
الطبراني في الأوسط (8888).
(9)
الكفاية في علم الرواية (1/ 168)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (1/ 389).
(10)
نقله عنه الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 128)، وفي شرح المشكل (12/ 50).
وقال السخاوي: ألا ترى إلى أنّ إسماعيل بن علية كيف أنكر على شعبة مع جلالته وإتقانه روايته بالمعنى عنه بحديث النهي أن يتزعفر الرجل بلفظ: نهى عن التزعفر، الدال على العموم حيث لم يفطن لما فطن له إسماعيل الذي رواية شعبة عنه من رواية الأكابر عن الأصاغر من اختصاص النهي بالرجال
(1)
.
وقال الحافظ ابن حجر: (رواه شعبة عن ابن علية عند النسائي مطلقاً فقال: نهى عن التزعفر، وكأنه اختصره وإلا فقد رواه عن إسماعيل فوق العشرة من الحفاظ مقيداً بالرجل ويحتمل أن يكون إسماعيل اختصره لما حدَّث به شعبة
(2)
والمطلق محمول على المقيد، ورواية شعبة عن إسماعيل من رواية الأكابر عن الأصاغر)
(3)
. قلت: وقد روى أبو النضر هاشم بن القاسم
(4)
ومحمد بن عباد الهتاني
(5)
هذا الحديث عن شعبة كرواية الجماعة عن ابن علية فقالا: (نهى أن يتزعفر الرجل) على الوجه الصحيح. والله أعلم.
علة الوهم:
1 الرواية بالمعنى دون اعتبار اللفظ.
قال الخطيب: كأن شعبة قصد المعنى ولم يفطن لما فطن له إسماعيل فلهذا قلنا: إنَّ رواية الحديث على لفظه أسلم من روايته على المعنى.
وقال الرامهرمزي: وأحسب شعبة قصد المعنى ولم يفطن لما فطن له إسماعيل وشعبة شعبة.
(1)
فتح المغيث (2/ 242).
(2)
يرد الاحتمال أن ابن علية قال: أخطأ شعبة ليس هكذا حدثته.
(3)
فتح الباري (10/ 302).
(4)
تاريخ واسط (1/ 222).
(5)
المحدث الفاصل (1/ 390).
2 اختصار الحديث كما أشار إلى ذلك الحافظ في «الفتح» والعيني في «عمدة القاري»
(1)
.
فائدة:
قال الرامهرمزي: وروى شعبة عن ابن علية حديثاً آخر مخالفاً في اللفظ والإسناد حدثنا بذلك أبو جعفر ابن زهير، ثنا عبد الله بن أبي بكر الكرماني، ثنا يحيى بن أبي بكر، عن شعبة ح، وحدثنا محمد بن موسى الإصطخري، ثنا إبراهيم بن حماد بن داود البجلي، ثنا يحيى بن أبي بكير، عن شعبة، عن إسماعيل بن إبراهيم وهو ابن علية، عن عبد العزيز بن صهيب، قال: قلت لأنس أيّ دعاء كان يدعو به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: «اللَّهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار»
(2)
.
فلقيت إسماعيل فسألته عن الحديث فقال: أخبرنا عبد العزيز قال: سأل قتادة أنساً أيّ دعوة كان أكثر ما يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان أكثر دعوة يدعو بها: «اللَّهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار»
(3)
.
قال محرره أبو حمزة: أما وهمه في الإسناد فلم يذكر قتادة، وأما في المتن فإنَّ لفظ الحديث: أيّ دعوة كان أكثر ما يدعو بها؟
وقال شعبة: أيّ دعاء كان يدعو به؟ والله تعالى أعلم.
(1)
(22/ 22).
(2)
المحدث الفاصل (1/ 391).
(3)
المحدث الفاصل (1/ 390 - 391).
الحديث السادس والأربعون
(1)
:
80 -
قال ابن ماجه (4157): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، حدثنا غندر، عن شعبة، عن عباس الجريري، قال: سمعت أبا عثمان يحدِّث عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أنهم أصابهم جوع وهم سبعة قال: فأعطاني النبي صلى الله عليه وسلم سبع تمرات لكل إنسان تمرة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
ورواه الترمذي (2474) من طريق أبي حفص عمرو بن علي، والنسائي في «الكبرى» (6731) من طريق خالد بن الحارث، وأحمد (2/ 298) من طريق محمد بن جعفر، وأبو يعلى (6653) من طريق معاذ بن معاذ كلهم عن شعبة به.
هكذا قال شعبة: عن عباس، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أعطاهم تمرة تمرة، وكانوا سبعة لكل واحد تمرة.
خالفه حماد بن زيد
(2)
فرواه عن عباس الجريري بهذا الإسناد وقال:
(1)
رجال الإسناد:
أبو بكر بن أبي شيبة: تقدم.
غندر: محمد بن جعفر: تقدم.
شعبة: تقدم.
عباس بن فروخ الجريري البصري، أبو محمد، ثقة من السادسة، توفي قديماً بعد عام 120، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن ملْ، أبو عثمان النهدي مشهور بكنيته مخضرم من كبار الثانية، ثقة ثبت عابد، مات سنة 95 وقيل بعدها، وعاش 130 سنة وقيل أكثر، روى له البخاري ومسلم.
(2)
البخاري (5411)، (5441)، وإسحاق بن راهويه (13).
(قسم النبي صلى الله عليه وسلم يوماً بين أصحابه تمراً فأعطى كل إنسان سبع تمرات فأعطاني سبع تمرات إحداهن حشفة فلم يكن فيهن تمرة أعجب إلي منها شدت في مضاغي).
ورواه عاصم الأحول
(1)
عن أبي عثمان عن أبي هريرة فقال: قسم النبي صلى الله عليه وسلم بيننا تمراً فأصابني منه خمس: أربع تمرات وحشفة
(2)
، ثم رأيت الحشفة هي أشدهن لضرسي.
وهم شعبة فذكر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أعطى كل واحد منهم تمرة واحدة. وخالفه حماد وأبو عاصم فذكر الأول سبعاً والثاني خمساً. ومما يدل على وهم شعبة أمران:
الأول: أنهما اتفقا من حيث الزيادة على الواحدة.
الثاني: أنهما اتفقا على كون الواحدة هي حشفة والباقي تمر.
(1)
البخاري (5441 م).
(2)
الحشف: رديء التمر، وذلك أن تيبس الرطبة في النخلة قبل أن ينتهي طيبها، وقيل لها: حشفة ليبسها. المراد أنها كانت قوية عند مضغها وطال مضغه بها كالعلك.
الحديث السابع والأربعون
(1)
:
81 -
قال ابن المنذر في «الأوسط» (4/ 203 حديث 2037):
حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا شعبة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها:
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى خلف أبي بكر.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن عبد العزيز وهو ثقة حافظ، وأخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة» (1/ 452) عن مسلم بن إبراهيم به.
وأخرجه ابن خزيمة (1618)، والبيهقي (3/ 82) من طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة به.
وذكره البخاري تعليقاً عقب الحديث (664) فقال: ورواه أبو داود عن شعبة عن الأعمش بعضه.
(1)
رجال الإسناد:
علي بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور أبو الحسن البغوي عمّ أبي القاسم البغوي.
قال الدارقطني: ثقة مأمون. وقال ابن أبي حاتم: صدوق. وثقه الذهبي فقال: الإمام الحافظ الصدوق، جمع وصف «المسند الكبير» ، وكان حسن الحديث. (انظر: السير 13/ 348، وتراجم شيوخ الطبراني ص 436).
مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي، أبو عمرو البصري، ثقة مأمون مكثر، عمي بأخرة، من صغار التاسعة، مات سنة 222، وهو أكبر شيخ لأبي داود، روى عنه البخاري ومسلم.
الأعمش، تقدم، انظر: الحديث رقم (30).
إبراهيم بن يزيد بن قيس الأسدي النخعي الكوفي، الفقيه، ثقة إلا أنه يرسل كثيراً، من الخامسة، مات سنة 96، روى له البخاري ومسلم.
الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، مخضرم، ثقة مكثر فقيه، من الثانية، مات سنة 74 أو 75، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال شعبة عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلّى خلف أبي بكر.
وخالفه جماعة من أصحاب الأعمش فرووه عنه بأتم من هذا وذكروا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إماماً وأبو بكر يأتمّ به والناس يأتمّون بأبي بكر. منهم:
حفص بن غياث
(1)
، وعبد الله بن داود
(2)
، وأبو معاوية الضرير محمد بن خازم
(3)
، ومحاضر بن المورع
(4)
، ووكيع
(5)
، وعلي بن مسهر
(6)
، وعيسى بن يونس
(7)
، وأبو عوانة
(8)
.
وسأورد بعض ألفاظهم:
فلفظ حفص: (فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن مكانك، ثم أتى به حتى جلس إلى جنبه، قيل للأعمش: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلّي وأبو بكر يصلّي بصلاته والناس يصلّون بصلاة أبي بكر؟ فقال برأسه: نعم.
ولفظ أبي معاوية: (فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر فكان أبو بكر يصلّي قائماً يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يقتدون بصلاة أبي بكر).
ولفظ علي بن مسهر: (فأتى برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أجلس إلى جنبه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلّي بالناس وأبو بكر يُسمعهم التكبير).
(1)
البخاري (664).
(2)
البخاري (712).
(3)
البخاري (713)، ومسلم (418)(95).
(4)
البخاري (712) تعليقاً.
(5)
مسلم (418)(95) مقروناً مع أبي معاوية، وابن خزيمة (1616)، وأحمد (6/ 210)، وابن ماجه (1232) مقروناً مع أبي معاوية، وابن أبي شيبة (7160).
(6)
مسلم (418)(96).
(7)
مسلم (418)(96)، وإسحاق بن راهويه (1481).
(8)
ابن المنذر في «الأوسط» (2036).
ولفظ عبد الله بن داود: فلما رآه أبو بكر ذهب يتأخر، فأشار إليه أن صلّ، فتأخر أبو بكر وقعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبه، وأبو بكر يسمع الناس التكبير.
ولفظ وكيع بمثل لفظ أبي معاوية.
وحديث عيسى: (فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي وأبو بكر إلى جنبه وأبو بكر يُسمع الناس).
ولفظ أبي عوانة: (فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي بالناس جالساً وأبو بكر قائم يقتدي به والناس يقتدون بأبي بكر)
(1)
.
علة الوهم:
1 ورد في حديث عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلّى خلف أبي بكر.
وهو ما رواه نعيم بن أبي هند، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها أنَّ أبا بكر صلَّى بالناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف خلفه.
ورواه عنه شعبة
(2)
.
(1)
وهذه متابعة لرواية أبي معاوية أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جلس عن يسار أبي بكر وهو مقام الإمام، ويرد ما ذكره الحافظ ابن رجب في شرحه للبخاري (4/ 81)، أما ذكر جلوسه عن يسار أبي بكر فتفرد بذلك أبو معاوية عن الأعمش، وأبو معاوية وإن كان حافظاً لحديث الأعمش خصوصاً إلا أنَّ ترك أصحاب الأعمش لهذه اللفظة عنه توقع الريبة فيها، حتى قال الحافظ أبو بكر ابن مفوز المعافري إنها غير محفوظة، وحكاه عن غيره من العلماء. اه. وقد ساق مسلم والبيهقي من حديث وكيع مقروناً مع أبي معاوية جلوس النبي صلى الله عليه وسلم عن يساره وهو عند أحمد عن وكيع بدون ذكر مكان الجلوس. فالله أعلم.
(2)
الترمذي (362)، وأحمد (6/ 159)، وابن أبي شيبة (2/ 332)، وابن خزيمة (1620)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 453)، وابن المنذر في الأوسط (2040)، والطحاوي (1/ 406)، وابن حبان (2119)، والبيهقي (3/ 83) من طرق عن شعبة.
2 الأعمش سيقت رواية أصحابه عنه في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر في حديثه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام وأبو بكر يقتدي به والناس يقتدون بأبي بكر.
خالفهم شعبة فجعل متن حديث نعيم عن أبي هند في خبر الأعمش؛ لذا والله أعلم أعرض البخاري عن حديث شعبة عن الأعمش، وذكره معلقاً فقال:(ورواه أبو داود عن شعبة عن الأعمش بعضه).
الحديث الثامن والأربعون
(1)
:
82 -
قال الإمام أحمد (2/ 256): حدثنا يزيد، أنا شعبة، عن الجلاس، عن عثمان بن شماس، قال:
سمعت أبا هريرة ومر عليه مروان فقال: بعض حديثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو حديثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع فقلنا: الآن يقع به. قال: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي على الجنائز؟ قال: سمعته يقول:
التعليق:
هذا إسناد لا بأس به مع الاختلاف في اسم التابعي الذي رواه عن أبي هريرة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 292) و (10/ 410) عن يزيد بن هارون به.
وأخرجه أحمد (2/ 458)، والنسائي في «السنن الكبرى» (10916)، وابن جرير الطبري في «تهذيب الآثار» (1/ 172 الجزء المفقود) من طريق محمد بن جعفر، وإسحاق (463)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (3/ 124) ومن طريقه البيهقي في «السنن الكبرى» (4/ 42) من
(1)
رجال الإسناد:
يزيد بن هارون، تقدم انظر: الحديث رقم (19).
الجلاس، قيل: هو أبو الجلاس، ثقة، من السادسة، روى له النسائي.
أبو الجلاس عقبة بن سيار أو ابن سنان شامي نزل البصرة، ثقة، من السادسة، روى له أبو داود والنسائي في «عمل اليوم والليلة» .
عثمان بن شماس أو ابن جحاش قيل: وهو أصوب، مقبول، من الرابعة، روى له النسائي.
طريق أبي الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك ثلاثتهم عن شعبة بهذا الإسناد.
وذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (6/ 279) تعليقاً.
هكذا قال شعبة: (عن الجلاس، عن عثمان بن شماس، عن أبي هريرة).
وخالفه عبد الوارث بن سعيد
(1)
، وعباد بن صالح
(2)
فقالا: (أبو الجلاس عقبة بن سيار، عن علي بن شماخ).
أخطأ شعبة في موضعين في الإسناد:
أولاً: قال الجلاس، وإنما هو أبو الجلاس.
ثانياً: اسم شيخ أبي الجلاس راوي هذا الحديث عن أبي هريرة فقال: (عثمان بن شماس) وإنما هو (علي بن شماخ).
قال أبو داود: أخطأ شعبة في اسم علي بن شماخ، قال: عثمان بن شماس
(3)
.
قال أبو زرعة: أبو الجلاس أصح
(4)
.
وقال يحيى بن معين: كذا يقول شعبة، وقال عبد الوارث: عثمان بن جحاش، والقول قول عبد الوارث
(5)
.
(1)
أبو داود (3200)، والنسائي في الكبرى (10917)، وأحمد (2/ 363)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة (3/ 124)، والبيهقي (4/ 42)، والطبري في تهذيب الآثار (1/ 172 رقم 240 الجزء المفقود)، والدولابي في الكنى والأسماء (1/ 430)، والمزي في تهذيب الكمال (20/ 462).
(2)
ذكره البخاري في التاريخ الكبير (6/ 279)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 190).
(3)
في سننه عقب الحديث (3200).
(4)
الجرح والتعديل (6/ 310).
(5)
تاريخ ابن معين برواية الدوري (4/ 150).
وقال عباس الدوري: سمعت أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان في حديث الجلاس: عن عثمان بن شماس هكذا يقول شعبة، وعبد الوارث يقول: عثمان بن جحاش، والقول قول عبد الوارث
(1)
.
وقال أبو القاسم الطبراني: لم يضبط أبو بلج ولا شعبة إسناد هذا الحديث، وأتقنه عبد الوارث بن سعيد
(2)
.
وقال عبد الوارث بن سعيد: ذهبت بشعبة إلى أبي الجلاس وإذا بين يديه نقير فيه نبيذ وله جمة كان من الجند شامي وجعل شعبة أبا الجلاس جلاساً، قال: أنا ذهبت به إليه وقلب إسناده
(3)
.
وقال البيهقي: خالفه شعبة في إسناده ورواية عبد الوارث أصح
(4)
.
وقال ابن مندة: أبو الجلاس عقبة بن سيار البصري، حدَّث عن عثمان بن شماس، روى عنه شعبة بن الحجاج وعبد الوارث بن سعيد. قال شعبة: جلاس بن عثمان، وكذلك قاله أبو بلج يحيى بن أبي سلم، والصواب ما قاله عبد الوارث
(5)
.
وقال البخاري: قال علي: أخبرني عبد الصمد بن عبد الوارث: عقبة السلمي من أهل الشام، قال أبي: ذهبت بشعبة إليه فقلب إسناده
(6)
.
قال المزي: والصواب أبو الجلاس كما قال عبد الوارث ومَن تابعه
(7)
.
وسئل الدارقطني عن حديث عثمان بن شماس وقيل: عن علي بن شماخ عن أبي هريرة في الصلاة على الجنازة وما يدعى فيها.
(1)
المصدر السابق (4/ 151).
(2)
تهذيب الكمال (5/ 179).
(3)
المعرفة والتاريخ (3/ 203).
(4)
السنن الكبرى (4/ 42).
(5)
فتح الباب في الكنى والألقاب (1/ 203).
(6)
التاريخ الكبير (6/ 438)، ونقله ابن حجر في التهذيب (7/ 214).
(7)
تهذيب الكمال (5/ 180).
فقال: يرويه الجلاس السلمي ويقال: أبو الجلاس واختلف عنه.
فأما شعبة فرواه عنه فقال: عن الجلاس عن عثمان بن شماس عن أبي هريرة: أنَّ مروان مرَّ به فسأله عن الصلاة على الجنازة، ويقال: إنَّ شعبة وهم إلا سفيان جميعاً
(1)
.
وخالفه عبد الوارث فرواه عن أبي الجلاس واسمه عقبة بن سيار وقال علي بن شماخ عن أبي هريرة، وقول عبد الوارث أصح
…
لأنه ضبط اسمه وكنيته ووصل إسناده
(2)
.
(1)
كذا في المطبوع، قال المحقق: هكذا في الأصل والعبارة غير واضحة
…
قلت: لعله يريد الاسمين جميعاً حيث وهم شعبة في أبي الجلاس وشيخه.
(2)
العلل (11/ 141 - 142).
الحديث التاسع والأربعون
(1)
:
83 -
قال الإمام مسلم في صحيحه (2/ 912 حديث رقم 1244):
حدثنا محمد بن المثنَّى وابن بشار جميعاً عن ابن أبي عَدِيّ، قال ابن المثنى: حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن قتادة، عن أبي حسان، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بذي الحُلَيفة ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن وسلت الدم وقلَّدها نعلين ثم ركب راحلته فلما استوت به على البيداء أهلَّ بالحج.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي حسان الأعرج من رجال مسلم، وثقه ابن معين والعجلي وابن سعد وابن حبان وغيرهم.
وأخرجه أحمد (1/ 254، 280، 339، 347)، وأبو داود (1752)، والدارمي (197)، وابن خزيمة (2609)، وابن الجارود (454)، وابن حبان (4002)، وأبو عوانة (3702)، وابن الجعد (976)، والبيهقي (5/ 4)،
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن المثنى، تقدم، انظر: الحديث رقم (15).
محمد بن بشار، تقدم، انظر: الحديث رقم (7).
محمد بن إبراهيم بن أبي عدي وقد ينسب لجدِّه، ثقة، من التاسعة، مات سنة 194 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
شعبة، تقدم، انظر: الحديث رقم (1).
قتادة، تقدم، انظر: الحديث رقم (5).
أبو حسان الأعرج الأمرد البصري، مشهور بكنيته، واسمه مسلم بن عبد الله، صدوق رمي برأي الخوارج، قتل سنة 130، من الرابعة، روى له مسلم واستشهد به البخاري في «الصحيح» .
وابن عبد البر في «التمهيد» (27/ 230)، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح مسلم» (2881).
هكذا قال شعبة، عن قتادة، عن أبي حسان، عن ابن عباس، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى الظهر بذي الحليفة.
ورواه هشام الدستوائي
(1)
عن قتادة بهذا الإسناد وقال: لما أتى ذا الحليفة أشعر الهدي ولم يقل صلّى بها الظهر.
وقد نبّه مسلم إلى هذه المخالفة فأشار إلى أنَّ هشاماً لم يقل صلى بها الظهر
(2)
، وقد صح من حديث أنس رضي الله عنه
(3)
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلّى الظهر بالمدينة أربعاً وصلَّى العصر بذي الحليفة ركعتين.
بل جاء في رواية عند مسلم
(4)
أنه صلّاها مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعاً، وصلّيت معه العصر بذي الحليفة ركعتين؛ لذا والله أعلم نبّه الإمام مسلم إلى الزيادة التي في حديث شعبة عن حديث هشام.
وهنا قد اختلفت رواية أنس عن رواية ابن عباس، وإن صح ذلك عن ابن عباس فالأخذ برواية أنس أَولى فإنه ذكر فعله للصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم وعدد ركعاتها مما يدل على ضبطه، وابن عباس كان في حجة الوداع صغيراً.
(1)
مسلم (1244)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2882).
(2)
قال مسلم: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا أبي، عن قتادة في هذا الإسناد ومعنى حديث شعبة غير أنه قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم لما أتى ذا الحليفة، ولم يقل: صلّى بها الظهر.
(3)
البخاري (1546) و (1547) ومسلم (690).
(4)
مسلم (690).
قال ابن حزم: فهذا ابن عباس يذكر أنه صلّى الظهر في ذي الحليفة وأنس يذكر أنه صلّاها في المدينة، وكلا الطريقين في غاية الصحة.
وكنا توهمنا أنَّ أحد القولين وهم أو من بعض الرواة فأعملنا النظر في ذلك فتأملنا الروايتين ونظرنا فيهما فوجدنا أنساً أثبت في هذا المكان لأنه ذكر أنه حضر ذلك بقوله: صلّينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعاً وبذي الحليفة العصر ركعتين.
فهو أثبت لوجهين:
أحدهما: ذكره الحضور لذلك ولم يذكر ابن عباس حضوراً، والحاضر أثبت بلا شك.
الوجه الثاني: إخبار أنس أنه صلى الله عليه وسلم صلَّى الظهر أربعاً في ذلك اليوم وهذه صفة صلاة الحضر بلا شك، ولو صلّاها بذي الحليفة لصلّاها ركعتين، وإنما دخل الوهم من رواية ابن عباس لصغره ولأنه كان حينئذ ابن ثلاث عشرة سنة أو أقل بشهور
(1)
.
ثم حاول الجمع بين الحديثين فإنَّ حديث أنس كان يوم الخميس يوم خروجه من المدينة وحديث ابن عباس كان يوم الجمعة إذ إنه صلى الله عليه وسلم بات في ذي الحليفة.
واستدل الإمام الشافعي بحديث أنس هذا أنَّ الرجل لا يقصر الصلاة بمجرد نية السفر دون العمل لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى بالمدينة أربعاً ثم قصر في ذي الحليفة
(2)
.
(1)
حجة الوداع ص 251 - 252.
(2)
الأم (180).
فائدة:
من منهج الإمام مسلم في عرض الحديث المعل أنَّ العلة لو كانت في المتن بدأ به ثم أعقبه بما هو أصح.
ولو كانت العلة في الإسناد أخَّر ذكر الحديث المعل.
الخاتمة
وهم شعبة في كتابنا في (49) حديثاً، أحد عشرة منها في المتن:
الأول: قوله عشر آيات من آخر سورة (الكهف)، والصحيح عشر آيات من أول سورة (الكهف)
(1)
.
الثاني: قوله: ذُرَة، والصحيح «ذَرّة» في:«إنَّ الله يُخرج من النار مَنْ كان في قلبه من الخير ما يزن ذرّة»
(2)
.
الثالث: قوله: إنَّ معاوية أنكر على ابن عباس مخالفته للسنّة في استلام الأركان كلها وإنما يستلم الركنان فقط، والصحيح أنَّ ابن عباس هو الذي أنكر على معاوية
(3)
.
الرابع: قوله: لا وضوء إلا من صوت أو ريح، والصحيح أنَّ ذلك مختصر من حديث النهي عن الخروج من المسجد أو الصلاة حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً
(4)
.
الخامس: قوله: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خفض صوته في قوله: «آمين» في الصلاة، والصحيح أنه مدَّ بها صوته
(5)
.
(1)
انظر: حديث رقم (6).
(2)
انظر: حديث رقم (3).
(3)
انظر: حديث رقم (5).
(4)
انظر: حديث رقم (13).
(5)
انظر: حديث رقم (18).
السادس: قوله: صوم يوم الاثنين والخميس، والذي في الحديث صوم يوم الاثنين فقط
(1)
.
السابع: قوله: تحرّي ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، والصحيح في هذا الحديث تحرّيها في السبع الأواخر
(2)
.
الثامن: قوله: نهى عن التزعفر، والصحيح نهى أنَّ يتزعفر الرجل
(3)
.
التاسع: قوله: «لكل إنسان تمرة» ، والصحيح:«سبع تمرات إحداهن حشفة»
(4)
.
العاشر: قوله: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى خلف أبي بكر
(5)
.
الحادي عشر: قوله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة
(6)
.
وأغلبها في الفضائل ولا يتعلق بها حكم شرعي يستدل به على مخالفة سنّة صحيحة أو صريحة.
وأغلب وهم شعبة إنما هو في الأسماء.
قال الإمام أحمد: كان غلط شعبة في أسماء الرجال
(7)
.
وقال علي بن المديني: كان شعبة يخطاء في أسماء الرجال
(8)
.
وقال العجلي: كان شعبة يخطاء في أسماء الرجال
(9)
.
(1)
انظر: حديث رقم (21).
(2)
انظر: حديث رقم (28).
(3)
انظر: حديث رقم (45).
(4)
انظر: حديث رقم (46).
(5)
انظر: حديث رقم (47).
(6)
انظر: حديث رقم (49).
(7)
الجرح والتعديل (4/ 37).
(8)
تصحيفات المحدِّثين للعسكري (1/ 34).
(9)
التهذيب (2/ 169).
وقال أبو زرعة: كان أكثر وهم شعبة في أسماء الرجال
(1)
.
وقال أبو حاتم: وشعبة ربما أخطأ في أسماء الرجال
(2)
.
وقال الدراقطني: كان شعبة يخطاء في أسماء الرجال كثيراً لتشاغله في حفظ المتون
(3)
.
وسببه كذلك أن شعبة كان ألثغ، ففي منتخب العلل (162). قال أحمد: كان في لسانه لثغة، أراد أن يقول شريط فقال شنيط.
قال أبو داود: شعبة يخطاء فيما لا يضره ولا يعاب عليه، يعني في الأسماء.
وسببه أنه كان لا يكتب ولا يحدِّث إلا من حفظه، والمرء مهما بلغ من الحفظ فلا بدَّ له من النسيان، فرجل يحفظ بضعة آلاف من الحديث
(4)
لا يضره أن ينسى في بضعة عشر حديث، أي: ما يعادل 1?، وأغلبها في الأسماء.
جزى الله شعبة عن السنَّة والإسلام والمسلمين خير الجزاء وأسكنه فسيح جناته في الفردوس الأعلى مع المصطفى صلى الله عليه وسلم.
فوائد:
1 اختلف سفيان وشعبة في ثمانية عشر حديثاً، كان القول فيها لسفيان، هي:(3، 7، 9، 10، 13، 15، 16، 18، 29، 30، 31، 32، 33، 38، 39، 41، 42، 43).
وتقدم في كتاب سفيان أنَّ شعبة خالفه في سبعة أحاديث كان القول فيها لشعبة (من ضمن 33 حديثاً جمعناها في كتاب وهم سفيان).
(1)
العلل لابن أبي حاتم (45).
(2)
المصدر السابق.
(3)
التهذيب (2/ 170).
(4)
قال علي بن المديني: له نحو من ألفي حديث فتعقبه الذهبي فقال: ما أظنه إلا يروي أكثر من ذلك بكثير. وقال الطيالسي: سمعت من شعبة سبعة آلاف حديث وسمع منه غُندر سبعة آلاف.
2 ثلاثة وعشرون من هذه الأحاديث التسعة والأربعين علة الوهم فيها كان اختلاف الأمصار بأن يكون شيخه الذي يحدِّث عنه من غير بلده، وهي:(1، 3، 7، 8، 10، 14، 15، 16، 23، 25، 26، 27، 28، 29، 30، 31، 33، 36، 37، 39، 40، 41، 43).
3 الأحاديث التي في الصحيحين أو أحدها في هذا الجزء خمسة أحاديث (1، 2، 36، 37، 49).
ملخص لما جاء في باب شعبة بن الحجاج من الأوهام
ر/ ح
…
اسم شيخه فيه
…
مصره
…
الوهم
…
الصحيح
1
…
سعد بن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف
…
المدينة
…
مالك ابن بحينة
…
عبدالله بن مالك ابن بحينة
2
…
محمد بن زياد
…
أو يجعل صورته حمار
…
رأسه رأس حمار
3
…
قتادة بن دعامة
…
البصرة
…
ذُرة
…
ذرَّة
4
…
سعد بن إبراهيم
…
المدينة
…
ابن ثوبان عن رجل من الأنصار عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
…
ابن ثوبان عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
5
…
قتادة
…
البصرة
…
أنَّ ابن عباس كان يستلم الأركان كلها في طوافه وأنَّ معاوية أنكر عليه
…
أنَّ معاوية هو الذي كان يستلم الأركان كلها وأنَّ ابن عباس هو المنكر
6
…
قتادة
…
البصرة
…
أنَّ مَنْ قرأ عشر آيات من آخر سورة (الكهف) عُصم من الدجال
…
عشر آيات من أول سورة (الكهف)
7
…
منصور بن المعتمر
…
الكوفة
…
سالم بن أبي الجعد عن نبيط عن جابان
…
سالم بن أبي الجعد عن جابان
ر/ ح
اسم شيخه فيه
مصره
الوهم
الصحيح
8
منصور بن المعتمر
الكوفة
أسقط شعبة من الإسناد عبدالرحمن بن أبي ليلى
-
9
منصور بن المعتمر
الكوفة
شتير عن أم حبيبة
شتير عن حفصة
10
أبو إسحاق السبيعي
الكوفة
أبو إسحاق عن الوليد أبي المغيرة أو المغيرة أبي الوليد
أبو إسحاق عن عبيد بن المغيرة
11
أبو إسحاق السبيعي
الكوفة
عن فروة بن نوفل عن النبي صلى الله عليه وسلم
فروة بن نوفل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم (جعل شعبة الصحبة لنوفل والصحيح أنها لأبيه)
12
سماك بن حرب
الكوفة
سماك عن أبي ثور عن عكرمة
سماك، عن جعفر بن أبي ثور
13
سهيل بن أبي صالح
المدينة
لا وضوء إلا من صوت أو ريح
إذا وجد أحدكم من بطنه شيئاً فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتاً أو ريحاً (اختصره شعبة فقيد النواقض وهذا ليس بصحيح إلا لمَن كان داخل الصلاة)
14
سهيل بن أبي صالح
المدينة
سهيل عن صفوان
سهيل عن النعمان بن أبي عياش
15
مالك بن عرفطة
الكوفة
مالك بن عرفطة عن علي
خالد بن علقمة عن علي
16
مالك بن عرفطة
الكوفة
مالك بن عرفطة عن عائشة
خالد بن علقمة عن عائشة
ر/ ح
…
اسم شيخه فيه
…
مصره
…
الوهم
…
الصحيح
17
…
عبدالله بن يزيد
…
الكوفة
…
عبدالله بن يزيد عن أبي زرعة
…
سلم بن عبدالرحمن عن أبي زرعة (قال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين بوهم شعبة وخالفهم البخاري فصحح الروايتين)
18
…
سلمة بن كهيل
…
الكوفة
…
حجر أبي العنبس عن علقمة عن وائل، خفض صوته
…
حجر بن عنبس عن وائل، مدّ صوته
19
…
أنس بن سيرين
…
البصرة
…
أنس عن عبدالملك بن المنهال
…
أنس عن عبدالملك بن قتادة بن ملحان
20
…
غالب التمار
…
البصرة
…
أوس بن مسروق
…
مسروق بن أوس، ورواه شعبة مرة أخرى على الصحيح
21
…
غيلان بن جرير
…
البصرة
…
صوم الاثنين والخميس
…
صوم الاثنين
22
…
عاصم الأحول
…
البصرة
…
طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق
…
علي بن طلق
23
…
يزيد بن خمير
…
…
حمص
…
عبدالله بن أبي موسى
…
عبدالله بن أبي قيس، ورواه شعبة مرة أخرى على الوجه الصحيح
24
…
يزيد بن أبي زياد
…
الكوفة
…
ابن لقيط
…
فائد
ر/ ح
اسم شيخه فيه
مصره
الوهم
الصحيح
25
جعفر بن إياس أبو بشر
واسطي أصله من البصرة
عن أبي المليح عن أم حبيبة
عن أبي المليح، عن عبدالله بن عتبة عن أم حبيبة، ورواه شعبة مرة أخرى على الوجه الصحيح
26
عبدالله بن أبي بكر بن حزم
المدينة
عن عبدالله أو محمد بن أبي بكر بن حزم، وفي رواية عن محمد بن أبي بكر بن حزم
عبدالله بن أبي بكر بن حزم
27
مسلم بن أبي مريم
المدينة
عبدالرحمن بن علي الأموي
علي بن عبدالرحمن المعاوي
28
عبدالله بن دينار
المدينة
تحرّي ليلة القدر ليلة سبع وعشرين
تحرّيها في السبع الأواخر
29
علقمة بن مرثد
الكوفة
سالم بن رزين، عن سالم بن عبدالله عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر
رزين بن سالم عن ابن عمر
30
الأعمش
الكوفة
الأعمش عن خيثمة
الأعمش عن عمارة بن عمير
31
عمرو بن دينار
مكة
أبي السوار
أبي الثورين
32
أيوب السختياني
البصرة
سعيد بن جبير عن ابن عباس
سعيد بن جبير عن ابن عمر
33
عطاء بن السائب
الكوفة
أبو البختري عن عبيدة عن عبدالله بن الزبير
عن أبي يحيى الأعرج عن ابن عباس
ر/ ح
اسم شيخه فيه
مصره
الوهم
الصحيح
34
أبو التياح
البصرة
أبو التياح، عن ابن الأخرم، عن عبدالله بن مسعود
شمر بن عطية عن المغيرة بن سعد بن الأخرم، عن أبيه عن ابن مسعود
35
حبيب بن أبي الشهيد
البصرة
أنَّ الزبير قال لابن عباس
أنَّ ابن الزبير قال لعبدالله بن جعفر
36
عبد ربه بن سعيد
المدينة
أنس بن أبي أنس عن عبدالله بن نافع عن عبدالله بن الحارث، عن المطلب
عمران بن أبي أنس عن عبدالله بن نافع، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل بن عباس
37
علي أبي الأسد
الكوفة
علي أبي الأسد
سهل أبي الأسد
38
عيينة بن عبدالرحمن
البصرة
جنازة عثمان بن أبي العاص
جنازة عبدالرحمن ابن سمرة
39
حبيب بن أبي ثابت
الكوفة
حبيب، عن القاسم بن عبيدالله عن أبي مسعود
حبيب، عن القاسم بن الحارث عن عبيدالله بن عبدالله، عن أبي مسعود
40
محمد بن عثمان بن عبدالله بن موهب
المدينة
محمد بن عثمان
عمرو بن عثمان
41
حصين بن عبدالرحمن
الكوفة
حصين، عن زيد بن وهب عن حذيفة
حصين عن زيد بن وهب عن ثابت بن وديعة
42
سماك بن حرب
الكوفة
سماك، عن مالك بن أبي صفوان
سماك، عن سويد بن قيس
43
الأعمش
الكوفة
الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن علي
الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن علي
ر/ ح
اسم شيخه فيه
مصره
الوهم
الصحيح
44
أبو عمران الجوني
البصرة
محمد بن زهير بن أبي جبل
زهير بن عبدالله
45
إسماعيل بن إبراهيم
البصرة
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التزعفر
نهى أن يتزعفر الرجل
46
عباس الجريري
البصرة
لكل إنسان تمرة
سبع تمرات إحداهن حشفة
47
الأعمش
الكوفة
صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر
أنَّ أبا بكر يصلّي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم
48
الجلاس
الشام
1) الجلاس
2) عثمان بن شماس
أبو الجلاس علي بن شماخ
49
قتادة
البصرة
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة
صلى الظهر بالمدينة أربعاً