المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المقدمة   [ترجمة‌ ‌ الإمام مالك رحمه الله] (1) ‌ ‌ذكر اسمه ونسبه ومناقبه رحمه الله هو - أوهام المحدثين الثقات - جـ ٣

[سعيد باشنفر]

فهرس الكتاب

المقدمة

[ترجمة‌

‌ الإمام مالك رحمه الله]

(1)

‌ذكر اسمه ونسبه ومناقبه رحمه الله

هو الإمام الحافظ فقيه الأمة شيخ الإسلام، أبو عبد الله الأصبُحي المدني إمام دار الهجرة، مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان.

جدّه أبو عامر، صحابي جليل، شهد المغازي كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خلا بدر. وابنه مالك جد الإمام مالك من كبار التابعين وعلمائهم، وهو أحد الأربعة الذين حملوا عثمان ليلاً إلى قبره.

قال أبو مصعب الزبيري: مالك بن أنس من العرب صليبة، وحِلفه في قريش في بني تيم بن مرة. وكذا قال الواقدي: إنهم من حمير، وإنهم حلفاء لبني تيم إلى عثمان بن عُبَيْد الله أخي طلحة بن

(1)

نقلناها من كتاب ختم الموطأ رواية يحيى بن يحيى للعلامة الشيخ عبد الله بن سالم البصري المكي المتوفى 1134، اعتناء وتعليق يونس عزيز المكناسي.

ص: 5

عبيد الله

(1)

.

قال الإمام ابن عبد البر: ولا أعلم أن أحداً أنكر أن مالكاً ومَن ولده كانوا حلفاء لبني تيم بن مُرّة، ولا خالف فيه إلا محمد بن إسحاق، فإنه زعم أن مالكاً وأباه وجدّه وأعمامه موالي لبني تيم بن مُرّة.

قال: وهذا السبب لتكذيب مالك لمحمد بن إسحاق وطعنه عليه

(2)

.

قال أبو مصعب الزبيري: قدم مالك بن أبي عامر المدينة متظلماً من بعض وُلاة اليمن، فمال إلى بعض بني تيم بن مرة، فعاقده وصار معهم

(3)

.

* حملت به أمه سنتين، وقيل: ثلاث سنين، وقيل: سنة.

* واختُلف في عام ولادته:

قيل: سنة (93 هـ)، ونُسِبَ هذا القول إليه.

قال الذهبي: وهذا أصح الأقوال

(4)

.

وقيل: (91 هـ)، وقيل:(90 هـ)، وقيل:(94 هـ)

(5)

، وفيها ولد الليث بن سعد.

وقيل: (97 هـ).

(1)

ترتيب المدارك (1/ 102).

(2)

الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء لابن عبد البر (ص 40).

(3)

إتحاف السالك (ص 55).

(4)

السير (8/ 49).

(5)

هذا قول ابن عبد الحكم وغيره. انظر: ترتيب المدارك (1/ 118).

ص: 6

* وكان رحمه الله أشقر شديد البياض، رَبْعَة من الرجال، كبير الرأس أصلع.

* وكان لا يَخْضِب شَيبه، ويَكْرَه حلق الشارب ويَعِيبُه ويراه من المُثْلة، وكان يترك سَبْلَتين طويلتين، ويحتج بفتل عمر رضي الله عنه لشاربه إذا أهمّه أمر.

[رواية شيوخه وأقرانه عنه]

قال ابن عبد البر: روى عن مالك رحمه الله جماعة من شيوخه الذين روى عنهم، منهم: يحيى بن سعيد الأنصاري، وأبو الأسود القرشي المعروف ب: يتيم عروة، وزياد بن سعد.

وروى عنه من الأئمة دون هؤلاء: أبو حنيفة، وسفيان الثوري، وابن عيينة، وشعبة بن الحجاج، والأوزاعي، والليث بن سعد، وكلهم مات قبله إلا ابن عيينة.

وقيل: إنه روى عنه ابن شهاب، ولا يصح؛ وإنما روى عن عمِّه أبي سهيل نافع بن مالك حديثاً واحداً، فقال: حدثني نافع بن مالك مولى التيميين.

وقد رُوي عن مالك أنه قال: ليته لم يَرْوِ عنا شيئاً

(1)

.

(1)

قال عياض في ترتيبه (1/ 110): قول ابن شهاب هذا في صحيح البخاري أول كتاب الصيام، وذلك في الباب الخامس. قال: وتصرف (المولى) في لسان العرب بمعنى: (الحليف) و (الناصر) وغيرهما معروف، فلعله ما أراد ابن شهاب.

ص: 7

قال ابن عبد البر: وما زال العلماء يروي بعضهم عن بعض، ولكن رواية هؤلاء الجلّة عن مالك وهو حيّ، دليل على جلالة قدره ورفيع مكانه في علمه ودينه وحفظه وإتقانه. وأما الذين رووا عنه الموطأ والذين رووا عنه الحديث ومسائل الرأي، فأكثر من أن يُحصوا، قد بلغ فيهم الدارقطني في كتابٍ

(1)

جمعه في ذلك نحو ألف رجل

(2)

.

[إجلال مالك للعلم]

ذكر أبو عمر ابن عبد البر بسنده إلى مطرف بن عبد الله قال: سمعت مالكاً يقول: أدركت جماعة من أهل المدينة ما أخذت عنهم شيئاً من العلم، وإنهم لممّن يؤخذ عنهم العلم

(3)

.

وبسنده إلى إسماعيل بن أبي أويس

(4)

قال: سمعت خالي مالك بن أنس يقول: إن هذا العلم دين، فانظروا عمّن تأخذوا دينكم، لقد أدركت سبعين ممن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذه الأساطين وأشار إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أخذت عنهم شيئاً، وإن أحدهم لو اؤتمن على بيت مال لكان أميناً، إلا أنهم لم يكونوا من

(1)

وهو: «أحاديث الموطأ واتفاق الرواة عن مالك واختلافهم فيها» طبع بالقاهرة بتحقيق: محمد زاهد الكوثري، على نفقة عزت عطا الحسيني (1946 م).

(2)

الانتقاء (ص 45).

(3)

الانتقاء (ص 45).

(4)

إسماعيل بن أبي أويس عبد الله بن عبد الله المدني، ابن عم مالك وابن أخته وصهره على بنته. روى عن أبيه وخاله مالك، وحدّث عنه الشيخان في الصحيحين محتجين به. قال عنه أبو داود: هو ثقة حافظ لحديث بلده. توفي سنة (227 هـ). انظر: إتحاف السالك (ص 140).

ص: 8

أهل هذا الشأن، وقدم علينا ابن شهاب فكنا نزدحم على بابه.

وبسنده إلى معن بن عيسى ومحمد بن صدقة قالا: كان مالك بن أنس يقول: لا يؤخذ العلم من أربعة ويؤخذ ممن سواهم: لا يؤخذ من سفيه، ولا صاحب هوى يدعو إلى بدعته، ولا كذّاب يكذب في أحاديث الناس وإن كان لا يُتّهم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من شيخ له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحمل وما يُحدث به.

و‌

‌من كلامه رحمه الله

ما حدَّث به مطرف قال:

سمعت مالكاً يقول: قَلَّ ما كان رجل صادق لا يكذب في حديثه، إلا مُتِّع بعقله ولم تصبه مع الهرم آفةٌ ولا خَرَف.

ومن كلامه: الدنو من الباطل هَلَكة، والقول الباطل بُعْد عن الحق، ولا خير في شيء وإن كثر من الدنيا يُفْسِد دين المرء ومروءته.

وأما ثناء الأئمة عليه

[حديث عالم المدينة]:

روى الترمذي بسنده إلى سفيان بن عيينة في قوله صلى الله عليه وسلم: «يوشك

ص: 9

أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحداً أعلم من عالم المدينة»

(1)

.

وقد روي عن ابن عيينة أنه قال: أظنه مالك بن أنس.

وقال مَرّة: إنه عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب الزاهد العمري العابد، مات سنة (184 هـ) لم يُخَرّج له في الستة، وإنما خرّج له أبو داود في المراسيل.

قال: وذكر الزبير بن بكّار أنه كان إذا حدّث بهذا الحديث في حياة مالك يقول: أراه مالكاً. فأقام على ذلك زماناً، ثم رجع بعد ذلك فقال: أُراه عبد الله بن عبد العزيز العمري.

قال ابن عبد البر: ليس العمري هذا ممّن يلحق في العلم والفقه بمالك بن أنس، وإن كان عابداً شريفاً.

[ثناء بقيّة العلماء عليه]

ذكر ابن عبد البر بسنده إلى سفيان بن عيينة قال: رحم الله مالكاً ما كان أشد انتقاءً للرجال.

وقال أيضاً: وما نحن عند مالك إنما كنا نتتبع آثار مالك، وننظر الشيخ إن كتب عنه مالك كتبنا عنه

(2)

.

(1)

الترمذي (2680) والحميدي (1147) وأحمد (2/ 99) والحاكم (1/ 90) والبيهقي (1/ 86) وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

(2)

الانتقاء (ص 53).

ص: 10

وقال أيضاً: وما أرى المدينة إلا سَتَخْرب من موت ابن أنس

(1)

.

وقال أيضاً: وقد ذكر حديثاً فقيل له: إن مالكاً يخالفك في هذا الحديث. قال: أتقرنني بمالك؟ ما أنا ومالك إلا كما قال جرير:

وابن اللّبون إذا ما لزَّ في قرن

لم يستطع صولة البُزْل القناعيس

(2)

وبسنده إلى الشافعي رحمه الله قال: مالك وابن عيينة القرينان، ولولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز.

وقال أيضاً: العلم يدور على ثلاثة:

مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، والليث بن سعد

(3)

.

وجاء حمَّاد بن زيد نعي مالك، فسالت دموعه حتى جعل يمسحها بخِرقة كانت معه، وقال: رحم الله أبا عبد الله، لقد كان من الدين بمكان. ثم قال: سمعت أيوب يقول: لقد كانت له حَلْقة في حياة نافع

(4)

.

وعن الشافعي رحمه الله: إذا جاءك الحديث عن مالك فشُدّ به يديك

(5)

.

(1)

التمهيد (1/ 74).

(2)

الانتقاء (ص 53).

(3)

السير (8/ 94)، والتمهيد (1/ 62).

(4)

التمهيد (1/ 64)، والحلية (6/ 321) وغيرهما.

(5)

مناقب الشافعي (1/ 503)، والتمهيد (1/ 64).

ص: 11

وقال أيضاً: إذا جاءك الأثر، وفي رواية: إذا ذكر العلماء فمالك النجم، وما أحد أمنَّ عليَّ في علم الله من مالك بن أنس.

وعنه أنه قال: مالك معلّمي وعنه أخذت العلم.

وعن الشافعي قال: قال محمد بن الحسن: أقمت عند مالك ثلاث سنين وكسراً، وسمعت من لفظه أكثر من سبعمائة حديث، وكان إذا حدّثهم عن مالك امتلأ منزله وكثُر الناس عليه حتى يضيق بهم المنزل، وإذا حدثهم عن غير مالك من شيوخ الكوفيين لم يجئه إلا اليسير. وكان يقول: ما أعلم أحداً أسوأ ثناءً على أصحابكم منكم، إذا حدثتكم عن مالك ملأتم عليَّ الموضع، وإذا حدثتكم عن أصحابكم يعني الكوفيين إنما تأتون مكرهين

(1)

.

وقال ابن مهدي: لا أقدِّم على مالك في صحّة الحديث أحداً

(2)

.

وقال يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن معين: مالك أمير المؤمنين في الحديث

(3)

.

وقال ابن وهب: لولا مالك والليث لضللنا

(4)

.

وقال أبو مصعب: سمعت مالكاً يقول: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك

(5)

.

(1)

مناقب الشافعي (1/ 83)، وإتحاف السالك (ص 177).

(2)

التمهيد (1/ 65)، والحلية (6/ 322).

(3)

التمهيد (1/ 65).

(4)

التمهيد (1/ 61)، والانتقاء (ص 60).

(5)

الحلية (6/ 316).

ص: 12

وروي أيضاً: حتى قال لي ثلاثون مُعَمَّماً: أفتِ. فأفتيتُ وأنا ابن أربع عشرة سنة وكان في ذلك الزمان لا يتعمم تحت حلقة إلا فقيه.

قال أبو عمر ابن عبد البر: كان مالك يفتي في زمان كان يفتي فيه يحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ونافع مولى ابن عمر، ومثلهم.

وقال ابن مهدي: أئمة الناس في زمانهم أربعة: سفيان الثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام، وحمّاد بن زيد بالبصرة

(1)

.

وقيل للإمام أحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، رجل يريد أن يحفظ حديث رجل واحد بعينه، حديث مَنْ ترى له؟ قال: يحفظ حديث مالك

(2)

.

وقال أبو حاتم الرازي: الحجة على المسلمين الذين ليس فيهم لَبْس: سفيان الثوري، وشعبة، ومالك، وسفيان بن عيينة، وحماد بن زيد

(3)

.

وقال أبو داود صاحب «السنن» :

رحم الله مالكاً كان إماماً، رحم الله الشافعي كان إماماً، رحم الله أبا حنيفة كان إماماً.

وعن مصعب الزبيري: قال: كان مالك بن أنس يجلس إلى

(1)

الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (1/ 25).

(2)

الانتقاء (ص 64).

(3)

الانتقاء (ص 66)، والحلية (6/ 321).

ص: 13

ربيعة بن أبي عبد الرحمن وعنه أخذ مالك العلم، ثم اعتزله. فجلس إليه أكثر مَنْ كان يجلس إلى ربيعة، فكانت حَلْقة مالك في زمن ربيعة مثل حلقة ربيعة أو أكثر

(1)

.

وعن مطرف قال: حدثنا مالك قال: لَمّا أجمعت تحويلاً عن مجلس ربيعة، جلست أنا وسليمان بن بلال في ناحية المسجد، فلما قام ربيعة بن أبي عبد الرحمن من مجلسه عدل إلينا فقال: يا مالك تلعب بنفسك، زفنت وصفَّق لك سليمان بن بلال، أبلغتَ إلى أن تتخذ مجلساً لنفسك؟ ارجع إلى مجلسك

(2)

.

[ورع مالك في الفتوى]

وقال عبد الرحمن بن واقد: رأيت باب مالك بالمدينة كأنه باب الأمير

(3)

.

وعن الهيثم بن جميل قال: شهدت مالك بن أنس سئل عن ثمان وأربعين مسألة، فقال في اثنين وثلاثين منها: لا أدري

(4)

.

وعن خالد بن خداش قال: قدمت على مالك من العراق بأربعين مسألة فسألته عنها، فما أجابني منها إلا في خمس مسائل

(5)

.

(1)

الانتقاء (ص 67).

(2)

ترتيب المدارك (3/ 31).

(3)

ذلك لأنه كان عليها بواب ينادي: ليدخل أهل الحجاز، ثم أهل الشام، ثم أهل العراق. انظر: ترتيب المدارك (1/ 102).

(4)

ترتيب المدارك (1/ 42).

(5)

ترتيب المدارك (1/ 42).

ص: 14

وقال مالك: كان ابن عجلان يقول: إذا أخطأ العالم قول: لا أدري، أُصيبت مقاتله.

وقد روي مثل ذلك عن ابن عباس

(1)

.

وروى ابن وهب عن مالك قال: سمعت عبد الله بن يزيد بن هرِم يقول: ينبغي للعالم أن يوَرِّث جلساءه قول: لا أدري، حتى يكون ذلك أصلاً في أيديهم يفزعون إليه، فإذا سئل أحدهم عما لا يدري قال: لا أدري

(2)

.

وصحّ عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: «لا أدري نصف العلم»

(3)

.

[وقار مالك وهيبته]

* كان رضي الله عنه ذا وقار ومهابة. قال الزبير بن بكّار عن مشايخه قالوا: كان جلساء مالك بن أنس كأنّ على رؤوسهم الطير تزمتاً. أي: سكوتاً ووقاراً.

(1)

أورد الأثر ابن ناصر الدين بسنده عن مالك بن أنس، عن ابن عجلان قال: قال ابن عباس رضي الله عنه: «إذا ترك العالم لا أدري أصيبت مقاتله» . انظر: إتحاف السالك (ص 126).

(2)

التمهيد (1/ 73).

(3)

أخرجه الإمام الدارمي عن الشعبي من قوله. انظر: مسنده (1/ 208)، وكذلك الإمام البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (2/ 184)، وحكي عن الإمام أبي حنيفة. انظر: تعظيم قدر الصلاة للمروزي (ص 20)، وهو من كلام بعض السلف منهم مالك.

ص: 15

وعن أبي مصعب أنه قال: سمعت مالكاً يقول: دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين وهو على فراشه، وإذا بصبي يخرج ثم يرجع. فقال لي: أتدري مَنْ هذا؟ فقلت: لا، قال: هذا ابني وإنما يفزع من هيبتك.

* وكان إذا سئل عن المسألة فقال فيها: لم يَجْتَرِاء أحد أن يسأله من أين رأى ذلك؟

وقال الشافعي رحمه الله: كان مالك شديد الهيبة كثير الصمت، لا يكاد يتكلم إلا أن يُسأل، وربما سُئِل فصمت كثيراً حتى يتوهم السائل أنه لا يحسن، ثم يجيبه بعد مدة، فإذا أجاب فرح السائل بجوابه واستغنمه، وربما احتاج أن يستفهمه فمن هيبته يسكت

(1)

.

وعن أبي إبراهيم المِزِّي قال: حججت سنة فأتيت المدينة، فحدثني إسماعيل بن جعفر الخيّاط قال: نزلت بي مسألة فأتيت مالك بن أنس فسألته عنها، فقال لي مالك: انصرف حتى أنظر في مسألتك.

قال: فانصرفت وأنا مُتهاون بعلم مالك، وقلت: هذا الذي تُضرب إليه المطيّ لم يُحْسِن مسألتي. قال: فنمت فأتاني آت في منامي فقال: أنت المتهاون بعلم مالك بن أنس؟ أما إنه لو نزل بمالك أدقّ من الشعر، وأصلب من الصخر، لقوِيَ عليه باستعانته عليه بما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله

(2)

.

* وكان يكثر من قول: ما شاء الله.

قال رجل: ما أكثر ما يقول مالك: ما شاء الله. قال: فأُتي في

(1)

إتحاف السالك (ص 60).

(2)

إتحاف السالك (ص 60).

ص: 16

منامه فقيل له: أنت القائل: ما أكثر ما يقول (مالك)

(1)

: ما شاء الله. لو شاء مالك أن يثقب الخردَل بقوله: ما شاء الله، لفعل.

وعن ابن حبيب العبدي قال: كنا نأتي مالك بن أنس نجلس في دهليز

(2)

له، فتجيء بنو هاشم، وتجيء قريش فتجلس على منازلها، ثم نجيء نحن فنجلس. وتخرج جارية له بالمراوِح فيأخذ الناس يتروّحون، فيقوم الشيخ بِمِصْراع الباب فيفتحه، فيخرج فنَنْظر إلى قريش فكأن على رؤوسها الطير إذا نظروا إليه إجلالاً.

وفي ذلك يقول الشاعر:

يأبى الجواب فما يُراجَع هيبة والسائلون نواكس الأذقان

أدب الوقار وعزُّ سلطان التُّقى فهو الأمير وليس ذا سلطان

(3)

[كاتبه]

* وكان له كاتب قد نسخ كتبه يقال له: حبيب

(4)

، يقرأ للجماعة، وليس أحد ممّن حضر يدنو منه، ولا ينظر في كتابه، ولا يستفهمه هيبة له وإجلالاً.

(1)

ساقطة من الأصل.

(2)

الدِّهليز: ما بين الباب والدار، وهو فارسي معرب، والجمع دهاليز. انظر: مختار الصحاح (ص 89).

(3)

إتحاف السالك (ص 61)، والسير للذهبي (8/ 113): ونسبه لمصعب بن عبد الله.

(4)

حبيب بن أبي حبيب واسمه: إبراهيم أبو محمد المصري. روى عن الزهري وابن أبي ذئب وغيرهما، وقد خرّج حديث حبيب: ابن ماجه فقط. توفي بمصر سنة (218 هـ). انظر: إتحاف السالك (ص 237)، ترتيب المدارك (3/ 370).

ص: 17

* وكان حبيب إذا قرأ فأخطأ فتح عليه مالك، وكان ذلك قليلاً.

وقال ابن وهب: حججت سنة ثمان وأربعين وصائح يصيح لا يفتي بالناس إلا مالك، وعبد العزيز بن الماجشون

(1)

.

[تعظيم مالك للحديث النبوي]

* وكان رحمه الله شديد التعظيم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال يحيى بن بُكَير: كان مالك إذا عُرِض عليه الموطأ تهيّأ ولبس ثيابه وعمامته، ثم أطرق لا يَتَنَخَّم ولا يعبث بشيء من لحيته، حتى يفرغ من القراءة إعظاماً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

وعن إسماعيل بن أبي أويس قال: كان مالك إذا أراد أن يحدِّث توضأ وجلس على صدر فراشه وسرَّح لحيته، وتمكن في جلوسه بوقار وهيبة وحدَّث، فقيل له في ذلك، فقال: أحبّ أن أُعظّم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان يكره أن يحدِّث في الطريق أو هو قائم أو يستعجل، ويقول: أحب أن أتفهّم ما أُحدِّث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(3)

.

وعن معن بن عيسى قال: كان مالك إذا أراد أن يحدِّث بحديث

(1)

وروي مثله عن حمّاد بن زيد. انظر: ترتيب المدارك (1/ 60).

(2)

إتحاف السالك (ص 43).

(3)

المصدر السابق (ص 42).

ص: 18

رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل وتبخّر وتطيّب، فإذا رفع أحدٌ صوته عنده قال له: اغضض من صوتك، فإن الله عز وجل يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ

(2)} [الحجرات: 2]، فمَن رفع صوته عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما رفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

وعن عبد الله بن المبارك قال: كنت عند مالك بن أنس وهو يحدثنا، فجاء عقرب فلدغته ست عشرة مرة، ومالك مُتَغير لونه ومُتَصبِّر، ولا يقطع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلمّا فرغ وتفرّق الناس عنه قلت له: يا أبا عبد الله لقد رأيت منك عجباً؟! قال: نعم، أنا صبرت إجلالاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

* وكان لا يركب في المدينة مع ضعفه وكِبَرِ سِنِّه ويقول: لا أركب في مدينة فيها جُثّة رسول الله صلى الله عليه وسلم مدفونة.

[أخباره مع الرشيد والمهدي]

وعن عتيق بن يعقوب الزبيري قال: قدم هارون الرشيد المدينة وكان قد بلغه أن مالك بن أنس عنده الموطأ يقرؤه على الناس، فوجَّه إليه البرمكي فقال: أَقْرِئه السَّلام، وقل له يحمل إليَّ الكتاب فيقرؤه عليَّ.

فأتاه البرمكي، فقال: أقرئه السلام وقل له: العلم يُزَار ولا يزور، وإن العلم يُؤتى ولا يأتي. فأتاه البرمكي فأخبره، وكان عنده أبو

(1)

إتحاف السالك (ص 44).

(2)

إتحاف السالك (ص 45).

ص: 19

يوسف القاضي فقال: يا أمير المؤمنين، يبلغ أهل العراق أنك وجَّهت إلى مالك بن أنس في أمر فخالفك، اعزم عليه.

فبينا هو كذلك إذ دخل مالك بن أنس فسلّم وجلس، فقال: يا ابن أبي عامر، أبعث إليك فتُخالفني؟

فقال مالك: يا أمير المؤمنين أخبرني الزّهري وذكر سنده عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه رحمه الله قال: «كنت أكتب الوحي بين يدَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

(95)} [النساء: 95]، قال: وابن أم مكتوم عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني رجل ضرير، وقد أنزل الله في فضل الجهاد ما قد علمت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا أدري» وقلمي رطب ما جفَّ، حتى وقع فخذ النبي صلى الله عليه وسلم على فخذي، ثم أغمي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جلس فقال صلى الله عليه وسلم: «يا زيد اكتب: { .. غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ

(95)} [النساء: 95]».

فيا أمير المؤمنين: حرف واحد بُعث فيه جبرائيل والملائكة من مسيرة خمسين ألف عام، ألا ينبغي لي أن أُعِزّه وأُجِلّه؟ وأن الله تعالى رفعك وجعلك في هذا الموضع بعلمك، فلا تكن أنت أول مَنْ يضع عن العلم فيضع الله عزك.

قال: فقام الرشيد فمشى مع مالك إلى منزله يسمع منه الموطأ، وأجلسه معه على المنصّة، فلما أراد أن يقرأه على مالك قال: تقرؤه عليّ؟ قال مالك: ما قرأته على أحد منذ زمان.

قال: فَتُخرج الناس عني حتى أقرؤه أنا عليك، فقال مالك: إن العلم إذا مُنع من العامّة لأجل الخاصة لم ينفع الله به الخاصة. فأمر له معن بن عيسى القزَّاز ليقرأه عليه.

ص: 20

فلما بدأ ليقرأه قال مالك بن أنس لهارون الرشيد: يا أمير المؤمنين، أدركتُ أهل العلم ببلدنا وإنهم ليحبون التواضع للعلم. ونزل هارون عن المنصة فجلس بين يديه

(1)

.

قال ابن ناصر الدين: وقد رويت هذه القصة أطول من هذا عن عبد الله بن وهب، وهذه أمثل.

وأخرج الخطيب عن أبي بكر ابن أبي زيد الزبيري قال: قال الرشيد لمالك: لم نرَ في كتابك ذكراً لعلي وابن عباس، فقال: لم يكونا ببلدي، ولم ألقَ رجالهما.

وذكر الدّولابي عن حسين بن عروة قال: قدم المهدي المدينة فبعث إلى مالك بألفيّ دينار أو بثلاثة آلاف. ثم أتاه الربيع بعد ذلك فقال له: أمير المؤمنين يحب أن تعادله إلى مدينة السلام. فقال مالك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون»

(2)

، والمال عندي على حاله

(3)

.

[محنة الإمام مالك]

وأمّا سبب محنته رحمه الله ومَن ضربه فيها فاختلف فيهما:

فروى ابن عبد البر بسنده عن مروان الطاطري أن أبا جعفر

(1)

أورد القصة الإمام الذهبي في السير مختصرة (8/ 66).

(2)

أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (2/ 37)، والإمام مسلم في صحيحه (الحج: 487، 497).

(3)

ترتيب المدارك (1/ 310)، وإتحاف السالك (ص 48).

ص: 21

المنصور نهى مالكاً عن الحديث: «ليس على مستكره طلاق»

(1)

.

ثم دسّ إليه مَنْ يسأله عنه، فحدّث به على رؤوس الناس فضربه بالسِّيَاط

(2)

.

قال إبراهيم بن حماد: كان يُنظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه يحمل يده اليمنى أو يده اليسرى بالأخرى.

وروي عن محمد بن عمران قال: لما دُعي مالك بن أنس وشُووِر وسمع منه وقُبِل منه، حسده الناس وبَغَوْه بكل شيء، فلمّا وَلِيَ جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله المدينة، سعوا به إليه وكَثّروا عليه عنده، وقالوا: إنه لا يرى أَيْمان بَيْعتكم هذه بشيء، وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت الأحنف في طلاق المكره أنه لا يجوز.

فغضب جعفر بن سليمان، فدعا بمالك فاحتج بما رفع إليه عنه، ثم جرَّده ومدَّه فضربه بالسياط، وَمُدّت يده حتى انخلعت كتفه، وارْتُكِب منه أمرٌ عظيمٌ. فوالله ما زال مالك بعد ذلك الضرب في رِفْعَة من الناس وعلوّ من أمره وإعظام الناس له، وكأنما كانت تلك السياط التي ضرب بها حُلِيًّا حُلِّي به

(3)

.

وذكر ابن الجوزي في «شذور العقود» في سنة (144 هـ) قال: وفيها ضُرب الإمام مالك سبعين سوطاً، لأجل فتوى لم تُوَافق غرض السلاطين، والله أعلم.

وقال الواقدي: كان مالك يأتي المسجد ويشهد الصلوات

(1)

أخرجه مالك في الموطأ عن ثابت بن الأحنف (ص 374 برقم: 1245. التنوير).

(2)

الحلية (6/ 316)، والسير (8/ 80).

(3)

ترتيب المدارك (2/ 130).

ص: 22

والجمعة والجنائز، ويعود المرضى ويقضي الحقوق ويجلس في المسجد، وكان يصلي وينصرف إلى مجلسه. وترك حضور الجنائز، وكان يأتي أصحابها فيعزِّيهم، ثم ترك ذلك كله؛ فلم يكن يشهد الصلوات في المسجد ولا الجمعة، ولا يأتي أحداً يعزيه، ولا يقضي له حقاً، فاحتمل الناس له ذلك، فكانوا أرغب ما كانوا منه وأشد له تعظيماً حتى مات عليه، وكان ربما قيل له في ذلك فيقول: ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بِعُذْره.

[احتضاره ووفاته]

قال الإمام أبو عمر ابن عبد البر: ولم يختلف أصحاب التواريخ من أهل العلم بالخبر والسِّيَر، أنَّ مالكاً رحمه الله توفي سنة (179 هـ)

(1)

.

وبسنده إلى إسماعيل بن أبي أويس قال: اشتكى مالك بن أنس، فسألت بعض أهلنا عمّا قال عند الموت، قالوا: تشهَّد، ثم قال: للّه الأمر من قبل ومن بعد

(2)

.

وعن بكر بن سليم الصوّاف قال: دخلنا على مالك بن أنس في العَشِيّة التي قُبِض فيها فقلنا: يا أبا عبد الله، كيف تجدك؟ قال: ما أدري ما أقول لكم، إلا أنكم ستعاينون غداً من عفو الله ما لم يكن لكم في حساب.

(1)

التمهيد (1/ 88).

(2)

الطبقات الكبرى لابن سعد (ص 444).

ص: 23

قال: ثم ما بَرِحنا حتى أغمضناه رحمه الله تعالى

(1)

.

وحكى الحُمَيدي في كتاب «جذوة المقتبس» قال: حدّث القعنبي قال: دخلت على مالك بن أنس في مرضه الذي توفي فيه، فسلّمت عليه ثم جلست، فرأيته يبكي، فقلت: يا أبا عبد الله، ما الذي يبكيك؟

قال: فقال لي: يا ابن قعنب، وما لي لا أبكي ومَن أحق بالبكاء مني! والله لوَدِدْت أني ضُرِبت بكل مسألة أفتيت برأيي فيها بسوط سوط، وقد كانت لي السّعة فيما سُبِقت إليه، وليتني لم أفتِ بالرأي أوكما قال

(2)

.

* وتوفي صبيحة (14) من شهر ربيع الأول سنة (179 هـ) في خلافة هارون، وصلّى عليه عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وكان أمير المدينة والياً عليها لهارون، صلّى عليه في موضع الجنائز، ومشى في جنازته وحمل نعشه ودُفن بالبقيع

(3)

.

* وكان يوم مات ابن (85 سنة)، وهذا يوافق ما نقول بأن ولادته سنة (94 هـ).

وقال الواقدي: مات وله (90 سنة).

وروى ابن عبد البر أيضاً بسنده إلى مصعب بن عبد الله الزبيري أنه قال: أنا أحفظ الناس لموت مالك، مات في صفر سنة (179 هـ)

(4)

.

(1)

تزيين الممالك في مناقب مالك للسيوطي (1/ 39).

(2)

جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس لأبي محمد الأزدي (ص 314)، وأخبار الفقهاء والمحدثين للخشني (ص 144).

(3)

ترتيب المدارك (2/ 146).

(4)

التمهيد (1/ 88).

ص: 24

‌الحديث الأول

(1)

:

150 -

قال الإمام البخاري رحمه الله (185): حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه.

أن رجلاً قال لعبد الله بن زيد وهو جد عمرو بن يحيى: أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟

(1)

رجال الإسناد:

عبد الله بن يوسف التنيسي، أبو محمد الكلاعي، ثقة متقن، من أثبت الناس في الموطأ، من كبار العاشرة، مات سنة 218، روى له البخاري.

مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني الفقيه إمام دار الهجرة رأس المتقنين وكبير المتثبتين، من السابعة، مات سنة 179 وكان مولده سنة 93، روى له البخاري ومسلم.

عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني المدني، ثقة من السادسة، مات بعد سنة 130، روى له البخاري ومسلم.

يحيى بن عمارة بن أبي حسن الأنصاري المدني، ثقة، من الثامنة، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب الأنصاري المازني، أبو محمد، صحابي شهير، روى صفة الوضوء وغير ذلك، ويقال: إنه هو الذي قتل مسيلمة الكذاب واستشهد بالحرة سنة 63، وحديثه في الصحيحين.

ص: 25

فقال عبد الله بن زيد: نعم، فدعا بماء فأفرغ على يديه فغسل يده مرتين ثم مضمض واستنثر ثلاثاً ثم غسل وجهه ثلاثاً ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، وهو في الموطأ لمالك برواية، يحيى بن يحيى الليثي (36) وروايه أبي مصعب الزهري (43) ومحمد بن الحسن (5) والقعنبي (26) وابن القاسم (401 تلخيص القابسي) وسويد بن سعيد (70/ 39 ط. البحرين أو 53/ 23 ط. دار الغرب).

ورواه مسلم (235) من طريق معن بن عيسى ولم يسق لفظه، والنسائي (1/ 71) وفي الكبرى (103) من طريق ابن القاسم وعتبة بن عبد الله، والشافعي في مسنده (ص 14) ومن طريقه ابن ماجه (434) وأبو عوانة (658)، والبيهقي (1/ 59) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، والبغوي في شرح السنّة (1/ 434) من طريق أبي مصعب، وابن خزيمة (173) من طريق عبد الله بن وهب، والطوسي في مختصر الأحكام (29) من طريق يحيى بن بكير.

كلهم عن مالك به، وفيه:(فأفرغ على يديه فغسل يده مرتين).

ورواه ابن حبان (1084) من طريق القعنبي فقال: (ثلاثاً).

ورواه أحمد (4/ 39) والطيالسي (1102) وابن الجارود (73) وأبو عوانة (659) وأبو نعيم في مستخرجه (557) وأبو داود (118)

ص: 26

والروياني (1006) والشاشي (1087) من طرق عن مالك به مطلقاً.

هكذا قال مالك: عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد في هذا الحديث فقال:(فغسل يده مرتين).

خالفه أصحاب عمرو بن يحيى فقالوا: (فغسل يده ثلاثاً)، منهم: وهيب بن خالد

(1)

، وسليمان بن بلال

(2)

، وخالد بن عبد الله الطحّان

(3)

، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي

(4)

، وفليح بن سليمان

(5)

.

قال الحافظ: كذا في رواية مالك بإفراد يده، وفي رواية وهيب وسليمان بن بلال عند المصنف، وكذا للدراوردي عند أبي نعيم فغسل يديه بالتثنية فيحمل الإفراد في رواية مالك على الجنس.

وعند مالك (مرتين) وعند هؤلاء (ثلاثاً) وكذا لخالد بن عبد الله عند مسلم، وهؤلاء حفاظ وقد اجتمعوا فزيادتهم

(6)

مقدّمة على الحافظ الواحد وقد ذكر مسلم من طريق بهز عن وهيب أنه سمع هذا

(1)

البخاري (186) و (192) ومسلم (235) وأبو عوانة (663) وابن حبان (1074) والبيهقي (1/ 50).

(2)

البخاري (199) ومسلم (235) وأبو عوانة (660) وأبو نعيم في مستخرجه (556).

(3)

مسلم (2350) وأحمد (4/ 39 - 40) والدارمي (694) والبيهقي (1/ 150). وأخرجه البخاري (191) مطلقاً، وابن قانع في معجم الصحابة (566).

(4)

الدارمي (694) مقروناً مع خالد الطحان، وأبو نعيم فيما قاله ابن حجر في الفتح (1/ 291).

(5)

الدارقطني (1/ 82).

(6)

والأصح: فاجتماعهم، لأن هذا في الحقيقة ليس زيادة لأنهم إنما يروونه عن عمرو بن يحيى لفظه، ولو أن روايتهم كانت عن فعل عبد الله بن زيد لصح قول زيادتهم.

ص: 27

الخبر مرتين من عمرو بن يحيى إملاءً فتأكد ترجيح روايته، ولا يقال: يحمل على واقعتين، لأنا نقول:«المخرج متحد والأصل عدم التعدد»

(1)

.

‌علة الوهم:

جاء في حديث عبد الله بن زيد غسل اليدين إلى المرفقين مرتين مرتين، كما في رواية مالك والجماعة.

فحمل مالك هذا العدد فجعله أيضاً في غسل الكفين أول الوضوء.

والله تعالى أعلم.

‌الخلاصة:

خالف الإمام مالك رحمه الله في هذا الحديث فذكر غسل الكفين في ابتداء الوضوء مرتين، والصحيح في حديث عمرو بن يحيى المازني أنه غسلها ثلاث مرات، وذلك لما يلي:

1 أن الإمام مالك خالفه خمسة وكلهم ثقات من رجال الصحيح، واحتمال الخطأ في حديث الواحد أوْلى من الجماعة وإن كان أحفظهم.

2 ذكر الإمام مسلم أن وهيباً قال: أملى عليّ عمرو بن يحيى هذا الحديث مرتين، وهذا من أعلى أنواع التحمل.

(1)

فتح الباري (1/ 291).

ص: 28

قال أبو سعد السمعاني وهو يعدد أقسام التحمل: أصح هذه الأنواع أن يملي عليك وتكتبه من لفظه لأنك إذا قرأت عليه ربما يغفل أو لا يستمع، وإن قرأ عليك فربما تشتغل بشيء عن سماعه، وإن قراء عليه وتحضر سماعه كذلك

(1)

.

وقال السخاوي: الإملاء أعلى لما يلزم منه من تحرز الشيخ والطالب إذ الشيخ مشتغل بالتحديث والطالب بالكتابة عنه فهما لذلك أبعد عن الغفلة وأقرب إلى التحقيق وتبيين الألفاظ مع جريان العادة بالمقابلة بعده

(2)

.

وفي هذا يقول عبد الرحمن بن مهدي: أحاديث همام عن قتادة أصح من حديث غيره لأنه كتبها إملاءً

(3)

.

3 أكثر الأحاديث جاء فيها غسل الكفين ثلاثاً ابتداء الوضوء، منها: حديث عثمان بن عفان

(4)

، وحديث علي بن أبي طالب

(5)

، وحديث عائشة

(6)

، والمقدام بن معد يكرب

(7)

، والربيع بنت معوذ بن عفراء

(8)

، وأوس بن أوس

(9)

رضي الله عنهم أجمعين.

(1)

أدب الإملاء والاستملاء (1/ 122).

(2)

فتح المغيث (2/ 152).

(3)

السنن الكبرى للبيهقي (10/ 282).

(4)

البخاري (159)(164).

(5)

أبو داود (112)(113) والنسائي (1/ 68) وفي الكبرى (161) وأحمد (1/ 113)(1/ 124).

(6)

مسلم (316)(36) وهو في البخاري (262)(272) بدون ذكر العدد.

(7)

أبو داود (131) وأحمد (4/ 132).

(8)

أبو داود (126) والحميدي (342).

(9)

الدارمي (692).

ص: 29

وجاء في حديث ميمونة رضي الله عنها: مرتين أو ثلاثاً بالشك

(1)

.

وجاء في أحاديث أخرى: غسلهما مطلقاً بدون ذكر العدد.

والله تعالى أعلم.

(1)

البخاري (257)(274) ومسلم (317).

ص: 30

‌الحديث الثاني

(1)

:

151 -

قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه (516): حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، وهو في الموطأ لمالك برواية يحيى الليثي (1/ 155/ 87).

ورواه البيهقي (2/ 262) من طريق عبد الله بن مسلمة، وفي (2/ 311) و (2/ 47) من طريق يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.

هكذا رواه مالك عن عامر فسمّى زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبا العاص بن ربيعة بن عبد شمس).

(1)

رجال الإسناد:

عبد الله بن يوسف التنيسي: تقدم.

عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي، أبو الحارث المدني، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة 121، روى له البخاري ومسلم.

عمرو بن سليم بن خلدة الأنصاري الزرقي، ثقة، من كبار التابعين، مات سنة 104 ويقال: له رؤية، روى له البخاري ومسلم.

أبو قتادة الأنصاري هو الحارث، ويقال: عمرو أو النعمان بن ربعي، السليمي المدني، شهد أحداً وما بعدها ولم يصح شهوده بدراً، مات سنة 54، وقيل: 38، والأول أصح وأشهر، وحديثه في الصحيحين.

ص: 31

خالفه أصحاب عامر فقالوا: (لأبي العاص بن الربيع)، منهم:

عثمان بن أبي سليمان

(1)

، ومحمد بن عجلان

(2)

، وابن جريج

(3)

، ومحمد بن الوليد الزبيدي

(4)

، وفليح بن سليمان

(5)

.

فرووه عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة فقالوا: إن اسمه أبو العاص بن الربيع.

وكذلك رواه زيد بن أبي عتاب

(6)

، وبكير بن عبد الله الأشج

(7)

، وسعيد بن عمرو بن سليم الزرقي

(8)

، وسعيد بن أبي سعيد المقبري

(9)

أربعتهم عن عمرو بن سليم الزرقي بمثل رواية الجماعة فقالوا: أمامة بنت أبي العاص بن الربيع.

وقد رواه مالك أيضاً كذلك.

فقد أخرج مسلم في صحيحه قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب وقتيبة بن سعيد قالا: حدثنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير، ح وحدثنا يحيى بن يحيى قال: قلت لمالك: حدثك عامر بن

(1)

مسلم (543)(42).

(2)

مسلم (543)(42).

(3)

عبد الرزاق (2379) وأحمد (5/ 304).

(4)

النسائي في الكبرى (522) والطبراني في الكبير 22/ 439 وفي مسند الشاميين (1829).

(5)

ابن سعد في الطبقات الكبرى (5/ 323) والطبراني في الكبير 22/ 439 رقم 1069.

(6)

الطبراني في الكبير 22/ 441.

(7)

أبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (2/ 142).

(8)

الطبراني في الكبير (22/ 441)، وفي الصغير (436) الروض الداني.

(9)

أبو داود (918) و (920) وابن سعد (8/ 234) والطحاوي في شرح المشكل (5917) و (5918) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 142).

ص: 32

عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن الربيع: فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها؟ قال يحيى: قال مالك: نعم

(1)

.

قال الحافظ في الفتح

(2)

: ورواه يحيى بن بكير ومعن بن عيسى وأبو مصعب وغيرهم عن مالك فقالوا: (ابن الربيع) وهو الصواب

(3)

.

قال: وغفل الكرماني فقال: خالف القوم البخاري فقال: ربيعة، وعندهم الربيع، والواقع أن مَنْ أخرجه من القوم من طريق مالك كالبخاري فالمخالفة فيه إنما هي من مالك.

وادعى الأصيلي أنه ابن الربيع ابن ربيعة فنسبه مالك إلى جده، ورده عياض والقرطبي وغيرهما لإطباق النسابين على خلافه، نعم قد نسبه مالك إلى جده في قوله:(ابن عبد شمس)، وإنما هو ابن عبد العزى بن عبد شمس أطبق على ذلك النسّابون أيضاً.

وقال ابن رجب في فتح الباري (2/ 719): (أمامة هذه التي حملها النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته هي بنت ابنته زينب، وأبوها أبو العاص ابن

(1)

(41).

(2)

(1/ 591).

(3)

وقال ابن حجر أيضاً: وهذا السياق لمالك وحده، وقد رواه غيره عن عامر بن عبد الله فنسبوها إلى أبيها، ثم بيّنوا أنها بنت زينب كما هو عند مسلم (543)(42) وغيره.

ثم ذكر أن العلة في ذلك أن أباها كان مشركاً فنسبت إلى أمها تنبيهاً إلى أن الولد ينسب إلى أشرف والديه نسباً وديناً.

ص: 33

الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف. وأم أبي العاص: هالة بنت خويلد، أخت خديجة بنت خويلد.

وفي رواية مالك لهذا الحديث: (أبو العاص ابن ربيعة)، وكذا رواه عامة رواة الموطأ عنه، والصواب ابن الربيع.

وقد خرّجه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك على الصواب).

قال الدارقطني: روى مالك في الموطأ عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأبي العاص ابن ربيعة بن عبد شمس.

وهذا وهم، خالفه أصحاب عامر قالوا: لأبي العاص ابن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس.

وكذلك نسبه وهو الصواب

(1)

.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 94): رواه يحيى (ولأبي العاص ابن ربيعة) بهاء التأنيث، وتابعه ابن وهب والقعنبي وابن القاسم والشافعي وابن بكير، والتنيسي ومطرف وابن نافع.

وقال معن وأبو مصعب ومحمد بن الحسن الشيباني وغيرهم: (ولأبي العاص ابن الربيع) وكذلك أصلحه ابن وضاح في رواية يحيى، وهو الصواب إن شاء الله.

وقال جمال الدين أحمد الظاهري في مشيخة ابن البخاري (2/ 1230) بعد أن رواه عن طريق القعنبي عن مالك: كذا يقول مالك

(1)

الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس ص 104.

ص: 34

في حديثه: لأبي العاص ابن ربيعة، وغيره يقول: ابن الربيع، وهو الصواب.

قال النووي في شرح مسلم (5/ 33): قوله: (أبي العاص ابن الربيع) هو الصحيح المشهور في كتب أسماء الصحابة والأنساب وغيرها، ورواه أكثر رواة الموطأ عن مالك رحمه الله تعالى فقالوا:(ابن ربيعة) وكذا رواه البخاري من رواية مالك رحمه الله.

وقال القاضي عياض، وقال الأصيلي: هو ابن الربيع ابن ربيعة فنسبه مالك إلى جده. قال القاضي: وهذا الذي قاله غير معروف ونسبه عند أهل الأخبار والأنساب باتفاقهم أبو العاص ابن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس.

ص: 35

‌الحديث الثالث

(1)

:

152 -

قال الإمام مسلم في صحيحه (297): حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها قالت:

كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إليّ رأسه فأُرَجِّلُهُ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان.

‌التعليق:

هذا إسناد على شرط الشيخين.

وقد أخرجه مسلم في صحيحه، ولم يخرجه البخاري، ربما لأن الإمام مالك رحمه الله خالفه جمَعٌ من أصحاب الزهري فلم يذكروا عمرة في هذا الإسناد بين عروة وعائشة وبعضهم ذكرها مقرونةً مع عروة فكأنهما اشتركا في رواية هذا الحديث عن عائشة.

أما الإمام مالك فجعله من رواية عروة، عن عمرة عن عائشة، والحديث في الموطأ (1/ 296) في أول كتاب الاعتكاف، وأخرجه

(1)

رجال الإسناد:

يحيى بن يحيى بن بكر بن عبد الرحمن التميمي أبو زكريا النيسابوري، ثقة، ثبت إمام، من العاشرة، مات سنة 226 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

ابن شهاب، محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، الفقيه الحافظ، متفق على جلالته وإتقانه، وهو من رؤوس الطبقة الرابعة، مات سنة 125، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين، روى له البخاري ومسلم.

عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي المدني، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 94 على الصحيح ومولده في أول خلافة عثمان، روى له البخاري ومسلم.

عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية، أكثرت عن عائشة، ماتت قبل المائة وقيل بعدها، روى لها البخاري ومسلم.

ص: 36

النسائي في الكبرى (3374) من طريق ابن القاسم، وأبو داود (2467) من طريق عبد الله بن مسلمة.

وممن خالفه فرواه (عن الزهري، عن عروة، وعمرة، عن عائشة): الليث بن سعد

(1)

، ويونس بن يزيد

(2)

، وعقيل بن خالد

(3)

، والأوزاعي

(4)

.

وممن رواه (عن الزهري، عن عروة، عن عائشة) ولم يذكر عمرة: معمر

(5)

، والأوزاعي

(6)

، وزياد بن سعد

(7)

، وابن أخي الزهري

(8)

، وسفيان بن حسين

(9)

، وزمعة بن صالح

(10)

، ويونس بن يزيد

(11)

، وعبد الرحمن بن نمر

(12)

، ومحمد بن أبي حفصة

(13)

، وعبد الله بن بديل

(14)

وغيرهم.

وكذلك رواه تميم بن سلمة

(15)

، وهشام بن عروة

(16)

، وأبو

(1)

البخاري (2029) ومسلم (297).

(2)

ابن خزيمة (2230، 2231) وابن الجارود في المنتقى (409).

(3)

ذكرهم الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس ص 43.

(4)

ذكرها ابن عبد البر في التمهيد 8/ 319، وأشار إليها الدارقطني ص 43.

(5)

البخاري (2046).

(6)

النسائي في الكبرى (3382).

(7)

النسائي في الكبرى (3369).

(8)

أحمد 6/ 272.

(9)

النسائي في الكبرى (3372) وأحمد (6/ 264).

(10)

الطيالسي (1546).

(11)

النسائي في الكبرى (3371) وأحمد (1/ 247).

(12)

ذكرهم الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك ص 44.

(13)

ذكرهم الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك ص 44.

(14)

ذكرهم الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك ص 44.

(15)

النسائي في الكبرى (3383) وأحمد (6/ 32).

(16)

النسائي في الكبرى (3385).

ص: 37

الأسود

(1)

عن عروة عن عائشة ولم يذكروا عمرة.

ورواه عبد الرحمن بن مهدي

(2)

عن مالك، عن عروة عن عائشة، ولم يذكر مالك في روايته هذه عمرة.

وقال محمد بن يحيى الذهلي في كتابه في علل حديث الزهري: «اجتمع هؤلاء كلهم على خلاف مالك في ترجيل النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجامعه عليه منهم أحد.

فأما يونس والليث فجمعا عروة وعمرة عن عائشة، وأما معمر والأوزاعي وسفيان بن حسين فاجتمعوا على عروة عن عائشة.

قال: والمحفوظ عندنا حديث الجماعة»

(3)

.

وقال البخاري: لا أعلم أحداً قال: عن عروة عن عمرة، غير مالك وعبيد الله.

قال: وهو صحيح عن عروة وعمرة

(4)

.

وقال أبو داود: لم يتابع أحد مالكاً على عروة عن عمرة

(5)

.

وقال ابن حجر: اتفقوا على أن الصواب قول الليث، وأن الباقين

(1)

النسائي في الكبرى (3384).

(2)

النسائي في الكبرى (3373) وقال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 320): وقال القطان وابن مهدي فيه عن مالك عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة فخالف ابن مهدي الشافعي ومَن ذكرناه من رواة الموطأ في إسناد الحديثين جميعاً المرفوع والموقوف.

(3)

التمهيد لابن عبد البر (8/ 320).

(4)

تحفة الأشراف (12/ 79).

(5)

في السنن (2/ 587) عقب الحديث (2468).

ص: 38

اختصروا منه ذكر عمرة، وأن ذكر عمرة في رواية المزيد في متصل الأسانيد

(1)

.

وقال الترمذي في جامعه: هكذا رواه غير واحد عن مالك عن ابن شهاب، عن عروة وعمرة عن عائشة.

ورواه بعضهم عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عمرة عن عائشة، والصحيح عن عروة وعمرة عن عائشة

(2)

.

وقال الدارقطني: (روى مالك في الموطأ عن الزهري، عن عروة، عن عمرة، عن عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إليّ رأسه فأرجله).

خالفه عُقيل بن خالد، ويونس بن يزيد، والليث بن سعد، فرووه عن الزهري، عن عروة وعمرة، عن عائشة.

وقيل ذلك عن الأوزاعي.

وتابعهم: ابن جريج، والزبيدي، والأوزاعي، ومعمر، وزياد بن سعد، وابن أخي الزهري، وعبد الرحمن بن نمر، ومحمد بن أبي حفصة، وسفيان بن حسين، وعبد الله بن بديل وغيرهم فرووه عن الزهري عن عروة عن عائشة لم يذكروا فيه عمرة، ويشبه أن يكون القول قولهم لكثرة عددهم واتفاقهم على خلاف مالك

(3)

.

ثم قال: وقد رواه أنس بن عياض أبو ضمرة عن عبيد الله بن عمر

(1)

فتح الباري (4/ 321).

(2)

سنن الترمذي (2/ 157 عقب الحديث 804).

(3)

الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس رضي الله عنه ص 44.

ص: 39

عن الزهري فوافق مالكاً، ولا نعلم أحداً تابع أبا ضمرة عن عبيد الله بن عمر على هذه الرواية، والله أعلم).

وقال ابن عبد البر: مالك عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إليّ رأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان. هكذا قال مالك في الحديث عن ابن شهاب عن عروة عن عمرة عن عائشة، وكذلك رواه عنه جمهور الرواة للموطأ، ثم ذكر روايتين لبعض الرواة عن مالك بنفس المتن.

ثم قال: وذكره ابن وهب في موطأه فقال: وأخبرني مالك ويونس، والليث بن سعد عن ابن شهاب عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة: أنها كانت إذا اعتكفت في المسجد فدخلت بيتها، لم تسأل عن المريض إلا وهي مارّة، وقالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان، فأدخل حديث بعضهم في بعض، وإنما يعرف جمع عروة وعائشة ليونس، والليث لا لمالك، والمحفوظ لمالك عن أكثر رواته في هذا الحديث ابن شهاب عن عمرة عن عروة، وأما سائر أصحاب ابن شهاب غير مالك فقال أكثرهم فيه: عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، منهم: معمر، وسفيان بن حسين، وزياد بن سعد، والأوزاعي، وكذلك رواه بندار، ويعقوب الدورقي، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رسول الله

إلخ، لم تذكر عمرة في هذا الحديث، وتابع ابن مهدي على ذلك إسحاق بن سليمان الرازي وأبو سعيد مولى بني هاشم ومحمد بن إدريس الشافعي، على اختلاف عنه، وبشر بن عمر، وخالد بن مخلد على

ص: 40

اختلاف عنهما أيضاً، والمعافى بن عمران الحمصي، وقال محمد بن المثنى، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك عن ابن شهاب، عن عروة عن عمرة عن عائشة أنها كانت تعتكف، وتمر بالمريض وتسأل به وهي تمشي، قال عبد الرحمن: فقلت لمالك: عن عروة عن عمرة وأعدت عليه فقال الزهري: عن عروة عن عمرة أو الزهري عن عمرة.

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا محمد بن عبد السلام (الخشني) قال: حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الرحمن، عن مالك عن الزهري عن عروة عن عمرة عن عائشة أنها كانت تعتكف وذكره

إلخ.

وهذان حديثان، أحدهما: في ترجيل النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر: في مرور عائشة بالمريض وقولها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان، اختلف فيهما أصحاب الزهري عليه.

حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن معاوية قال: حدثنا إسحاق بن أبي حسان، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا عبد الحميد، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني الزهري، قال: حدثني عروة أن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني وهو يعتكف في المسجد حتى يتكاء على عتبة باب حجرتي فأغسل رأسه وأنا في حجرتي وسائره في المسجد.

قال الأوزاعي: وحدثني الزهري قال: حدثني عروة وعمرة أن عائشة كانت إذا اعتكفت في المسجد تعتكف العشر الأواخر من رمضان ولا تدخل بيتها إلا لحاجة الإنسان التي لا بد منها، وكانت تمر بالمريض من أهلها فتسأل عنه، وهي تمشي، لا تقف. فجعل

ص: 41

الأوزاعي المعنيين بإسنادين: أحدهما عروة عن عائشة، والآخر: عروة وعمرة عن عائشة.

وروى مالك حديث عائشة هذا عن الزهري، عن عمرة عنها، كذلك هو في الموطأ عند جمهور الرواة، وقال فيه الشافعي: عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة.

أخبرناه محمد حدثنا علي بن عمر، حدثنا الحسين بن يحيى، حدثنا الحسن بن محمد، حدثنا الشافعي، حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عروة أن عائشة كانت إذا اعتكفت لا تسأل عن المريض إلا وهي تمشي لا تقف.

وحدثناه محمد بن عبد الملك حدثنا ابن الأعرابي، حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، حدثنا الشافعي فذكره.

وقال ابن وهب وخالد بن سليمان في هذا الحديث: عن مالك عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة.

وقال القطان وابن مهدي فيه: عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة عن عمرة عن عائشة، فخالفها ابن مهدي والشافعي ومَن ذكرنا من رواة الموطأ في إسناد الحديثين جميعاً المرفوع والموقوف

(1)

.

هكذا أنكر هؤلاء الأئمة على الإمام مالك رحمه الله ذكر عمرة بين عروة وعائشة في هذا الإسناد.

(1)

التمهيد (8/ 316 - 321) باختصار.

ص: 42

أما الإمام مسلم رحمه الله فيظهر من صنيعه ترجيح رواية الإمام مالك إذ أخرجه في صحيحه مصدراً الباب.

ثم أتبعه بحديث الليث عن الزهري عن عروة وعمرة عن عائشة.

قال ابن رُشيد السبتي

(1)

مناقشاً مسلماً في ذلك: وأما أنت فظهر من فعلك في كتابك أنك لم يصفُ عندك كدر الإشكال في هذا الحديث، فأوردت في كتابك حديث مالك مصدراً به بناءً على اعتقادك فيه الاتصال وفي غيره الانقطاع فقلت: نا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك

(فذكر الحديث)

ثم أتبعته باختلاف الرواة فيه على شرطك من أنك لا تكرر إلا لزيادة معنى أو إسناد يقع إلى جنب إسناد لعلة تكون هناك فقلت: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: نا ليث ح، وحدثنا محمد بن رمح قال: أنا الليث عن ابن شهاب عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إن كنت لأدخل البيت للحاجة، والمريض فيه، فما أسأل عنه إلا وأنا مارّة وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل عليّ رأسه وهو في المسجد فأرجِّله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً.

فقد بيّن الليث في حديثه عندك وعند البخاري أنه له عندهما وقد كان يمكننا أنه عند ابن شهاب عن عروة وعمرة بهذا السياق الأتم وعن

(1)

محمد بن عمر بن محمد أبو عبد الله محب الدين بن رشيد الفهري السبتي، رحالة عالم بالأدب عارف بالتفسير والتاريخ، ولد بسبتة ومات بفاس ورحل إلى مصر والشام والحرمين سنة (683 هـ)، وصنف كتاباً سماه (ملء الغيبة فيما جمع بطول الغيبة في الرحلة إلى مكة وطيبة) في 6 مجلدات. قال ابن حجر: فيه من الفوائد شيء كثير، ومن كتبه:(السنن الأبين، والمورد الأمعن في المحاكمة بين الإمامين البخاري ومسلم في المسند المعنعن والتعريف بإسناد الجامع الصحيح) وغيرها.

ص: 43

عروة مختصراً، لولا ما أورده البخاري عن ابن شهاب عن عروة وعمرة مختصراً أيضاً.

وقد كفى الإمام أبو عبد الله البخاري مؤنة البحث وبيّن أنه عن عروة مسموع من عائشة فذكر رواية هشام عن أبيه بإسقاط عمرة من طريق مالك وابن جريج

(1)

عن هشام عن أبيه عن عائشة.

ووقع في رواية ابن جريج من قول عروة أخبرتني عائشة قال: كانت ترجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذٍ مجاور في المسجد يدني لها رأسه وهي في حجرتها فترجله وهي حائض.

فهذا نص جلي على سماع عروة من عائشة وذلك بخلاف ما اعتقده مسلم رحمه الله من انقطاع رواية مَنْ أسقط عمرة من الإسناد فيما بين عروة وعائشة.

ولم يقل فيه أحد: عن عروة عن عمرة إلا مالك رحمه الله وأنس بن عياض عن عبيد الله بن عمر عن الزهري فتابع مالكاً والجمهور على خلافهما، بين ذلك الإمام أبو الحسن الدارقطني في جزء له جمعه في الأحاديث التي خولف فيها مالك رضي الله عنه.

ثم قال ابن رشيد: (والصحيح عندي في هذا الحديث أنه عند ابن شهاب عن عروة وعمرة معاً، ولا شك أنه عند عروة مسموع من عائشة كما بيّنه البخاري من طريق ابن جريج حيث قال: أخبرتني عائشة، ويؤيد ذلك أن مالكاً رضوان الله عليه قد اختلف عليه في هذا الحديث كما نبينه فروايته فيه مضطربة)

(2)

. اه.

(1)

في صحيحه (295، 296).

(2)

السنن الأبين (99 - 107).

ص: 44

‌الخلاصة:

هذا الحديث رواه الليث بن سعد وحديثه في الصحيحين، ويونس بن يزيد وحديثه عند ابن خزيمة في صحيحه عن الزهري عن عروة وعمرة عن عائشة وتابعهما فيما قيل عقيل بن خالد والأوزاعي، أما الإمام مالك فاختلف عنه.

فرواه الأكثر عنه فقالوا: عن ابن شهاب عن عروة عن عمرة عن عائشة

(1)

.

ورواه بعضهم عنه فأسقطوا ذكر عمرة، كما رواه أكثر أصحاب الزهري.

ورواه ابن وهب، وخالد بن سليمان، وأبو مصعب المدني عن مالك، عن الزهري، عن عروة وعمرة عن عائشة.

كما رواه الليث بن سعد ويونس بن يزيد ومَن تابعهما.

وقد سبق ترجيح الإمام البخاري وابن حجر وغيرهم لهذه الرواية التي لم يختلف فيها عن الليث بخلاف مالك الذي اضطربت روايته واختلف عليه فيها، والله أعلم.

(1)

الترمذي (804).

ص: 45

‌الحديث الرابع

(1)

:

153 -

قال مسلم في صحيحه (736): حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة رضي الله عنها:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة، فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيصلي ركعتين خفيفتين.

‌التعليق:

هذا إسناد على شرط الشيخين.

والحديث في الموطأ لمالك برواية أبي مصعب (1/ 114 رقم 292).

ورواه عن مالك كذلك عبد الله بن نافع

(2)

، ومطرف

(3)

، وعبد الله بن وهب

(4)

، والقعنبي

(5)

.

هؤلاء رووه عن مالك بهذا اللفظ.

وهو في الموطأ برواية يحيى الليثي (1/ 111 رقم 8) وليس فيه ذكر إتيان المؤذن ولا صلاة ركعتين.

(1)

رجال الإسناد:

يحيى بن يحيى: تقدم.

مالك بن أنس: تقدم.

المنتقى لابن الجارود (279).

(2)

المنتقى لابن الجارود (279).

(3)

مسند أبي عوانة (2299).

(4)

مسند أبي عوانة (2299).

(5)

أحمد (6/ 35) والنسائي (3/ 234، 243).

ص: 46

ورواه عن مالك كذلك عبد الرحمن بن مهدي

(1)

، والقعنبي

(2)

، ومعن بن عيسى

(3)

، وقتيبة بن سعيد

(4)

.

ولفظهم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن).

هكذا رواه الإمام مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة، وظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضطجع قبل ركعتَيْ الفجر.

خالفه في هذا اللفظ أصحاب الزهري فرووه عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعد العشاء إحدى عشرة ركعة، فإذا أصبح صلّى ركعتين خفيفتين ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة.

فذكروا الاضطجاع بعد ركعتَيْ الفجر.

وممن رواه كذلك:

معمر

(5)

، وشعيب بن أبي حمزة

(6)

، وعمرو بن الحارث

(7)

، ويونس بن يزيد

(8)

، والأوزاعي

(9)

، وابن

(1)

أبو داود (1335).

(2)

الترمذي (440).

(3)

الترمذي (441) والنسائي في الكبرى (1418).

(4)

البخاري (6310) وأحمد (6/ 34).

(5)

البخاري (1123) ومختصراً (626، 994).

(6)

مسلم (736).

(7)

مسلم (736).

(8)

أبو داود (1336) وابن حبان (2431) وابن ماجه (1358) وأحمد (6/ 83).

(9)

أبو داود (1336) وأبو عوانة (2300) وأحمد (6/ 74) والنسائي (2/ 30) وابن ماجه (1358) وغيرهم.

ص: 47

أبي ذئب

(1)

، وعقيل

(2)

، فذهب بعض أهل العلم أن مالكاً وهم في ذلك.

قال أبو العباس الداني: قال مسلم في التمييز: وهم مالك في ذلك وخولف فيه عن الزهري.

ثم قال أبو العباس: والمحفوظ ذكر ركعتَيْ الفجر قبل الاضطجاع وكون الاضطجاع بعدهما

(3)

.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 121):

(تابع يحيى في هذا الحديث القعنبي وجماعة الرواة للموطأ، وأما أصحاب ابن شهاب فرووا هذا الحديث عن ابن شهاب بإسناده هذا فجعلوا الاضطجاع بعد ركعتَيْ الفجر لا بعد الوتر.

وذكر بعضهم فيه عن ابن شهاب أنه كان يسلّم من كل ركعتين في الإحدى عشرة ركعة، ومنهم مَنْ لم يذكر ذلك وكلهم ذكر اضطجاعه بعد ركعتَيْ الفجر في هذا الحديث.

وزعم محمد بن يحيى (الذهلي) وغيره أن ما ذكروا من ذلك هو الصواب دون ما قاله مالك). اه.

وقال الحافظ في الفتح (3/ 44): وأما ما رواه مسلم من طريق مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة أنه اضطجع بعد الوتر، فقد

(1)

التمهيد (8/ 123).

(2)

أطراف الموطأ: ل 151/ أ كما في الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس (ص 67).

(3)

البخاري (183) من طريق مالك عن مخرمة.

ص: 48

خالفه أصحاب الزهري عن عروة فذكروا الاضطجاع بعد الفجر وهو المحفوظ.

وقال الدارقطني: روى مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، وإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيصلي ركعتين خفيفتين).

ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتَيْ الفجر بعد اضطجاعه على شقه الأيمن وبعد إتيان المؤذن.

خالفه في لفظه جماعة، منهم: عقيل، ويونس، وشعيب بن أبي حمزة، وابن أبي ذئب والأوزاعي وغيرهم رووه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة فذكروا (أنه صلى الله عليه وسلم كان يركع الركعتين ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيخرج معه).

ذكروا أنه كان يركعهما قبل الاضطجاع على شقه الأيمن وقبل إتيان المؤذن.

وزادوا في الحديث ألفاظاً لم يأتِ بها، منها: أنه كان يسجد في صلاته بالليل قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية قبل أن يرفع رأسه).

وزاد الأوزاعي وابن أبي ذئب فيه: (أنه كان يسلّم في كل ركعتين). اه.

إلا أن الحافظ ابن عبد البر دافع عن رواية مالك فقال: (لا يدفع ما قاله مالك من ذلك لموضعه من الحفظ والإتقان وثبوته في ابن شهاب وعلمه بحديثه، وقد وجدنا معنى ما قاله مالك في هذا الحديث منصوصاً في حديثه عن مخرمة بن سليمان عن كريب، عن ابن عباس

ص: 49

حين بات عند خالته ميمونة قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلّى ركعتين ثم ركعتين حتى انتهى إلى اثنتي عشرة ركعة قال: ثم أوتر ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن فصلّى ركعتين)

(1)

.

ففي هذا الحديث أن اضطجاعه صلى الله عليه وسلم كان بعد الوتر وقبل ركعتَيْ الفجر على ما ذكر مالك في حديث ابن شهاب هذا، فغير نكير أن يكون ما قاله مالك في حديث ابن شهاب وإن لم يتابعه عليه أحد من أصحاب ابن شهاب.

‌علة الوهم:

ما ذكره ابن عبد البر رحمه الله دفاعاً عن رواية مالك هي علة وهمه، فالحديث رواه مالك عن مخرمة كذلك، وأدخل هذا الجزء من حديث مخرمة في حديث الزهري، وخالفه مَنْ سبقه من ثقات أصحاب الزهري فلم يذكروه في حديثه، منهم: يونس وعقيل ومعمر ومَن وافقهم، ولم يتابع مالكاً فيما ذكره أحد من أصحاب الزهري.

والله تعالى أعلم.

(1)

رجال الإسناد:

عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري، أبو سعيد البصري، ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث، قال ابن المديني: ما رأيت أعلم منه، من التاسعة، مات سنة 198 وله 73 سنة، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن مسلم الزهري: تقدم.

علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، زين العابدين، ثقة ثبت عابد فقيه فاضل مشهور. قال الزهري: ما رأيت قرشياً أفضل منه، من الثالثة، مات سنة 93 أو نحوها، روى له البخاري ومسلم.

عمر بن عثمان بن عفان، في حديث أسامة عند النسائي، صوابه عمرو، تفرد مالك بقوله عمر.

ص: 50

‌الحديث الخامس

(1)

:

154 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 208): حدثنا عبد الرحمن، حدثنا مالك عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمر بن عثمان، عن أسامة بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«لا يرث المسلم الكافر» .

‌التعليق:

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

والحديث في الموطأ (2/ 519) برواية يحيى الليثي، وبرواية أبي مصعب الزهري (3061)، وبرواية محمد بن الحسن (728).

ورواه الشافعي في الأم (1/ 263) عن مالك.

ورواه النسائي في الكبرى (6372) من طريق عبد الرحمن بن القاسم.

(1)

مسلم (1614) والشافعي في المسند (2/ 190) وفي المعرفة (9/ 101، 12/ 261) وأبو داود (2909) والترمذي (2107) وابن ماجه (2729) وأحمد (5/ 200) وغيرهم.

ص: 51

ورواه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 354) من طريق إبراهيم بن طهمان، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 162) من طريق مصعب بن عبد الله، والطحاوي (3/ 265) من طريق عبد الله بن وهب كلهم عن مالك به.

هكذا قال مالك: (عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمر بن عثمان، عن أسامة).

خالفه: سفيان بن عيينة

(1)

، وسفيان الثوري

(2)

، ويزيد بن عبد الله بن الهاد

(3)

، وعقيل بن خالد

(4)

، ومعمر

(5)

، ويونس بن يزيد

(6)

، وابن جريج

(7)

، ومحمد بن أبي حفصة

(8)

، وهشيم بن بشير

(9)

، وسفيان بن حسين

(10)

، وعبد الله بن بديل

(11)

، وزمعة بن

(1)

النسائي في الكبرى (6376).

(2)

النسائي في الكبرى (6377) والطبراني في الكبير (412).

(3)

النسائي (6378) وأبو عوانة (5594) والطبراني (412).

(4)

البخاري في صحيحه (6/ 175 ح 3058) ومسلم (1351)(440).

(5)

البخاري في صحيحه (3/ 450 ح 1588) ومسلم (1351) وابن ماجه (2730) وأبو عوانة (5590) والطحاوي (3/ 265) والطبراني (412) والدارقطني (4/ 69).

(6)

البخاري في صحيحه (12/ 50 ح 6764 الفتح).

(7)

البخاري في صحيحه (8/ 13 ح 4282) ومسلم (1351)(440).

(8)

الترمذي (2107) والنسائي (6382) وسعيد بن منصور (136) إلا أن هشيماً خالف في لفظ الحديث (انظره في باب هشيم)، ح (700).

(9)

الطبراني في الكبير (412) والحاكم (2/ 240).

(10)

الطيالسي (631) والطبراني (412).

(11)

مسلم (1351)(440) والدارقطني (3/ 62) والطبراني (412).

ص: 52

صالح

(1)

، ويحيى بن سعيد الأنصاري

(2)

، وصالح بن كيسان

(3)

فقالوا: (عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان عن أسامة).

قال ابن أبي حاتم: قال المزني: سمعت الشافعي يقول: (صحَّف مالك في عمر بن عثمان، وإنما هو عمرو بن عثمان

) قال: فذكرت ذلك لأبي فقال: صدق الشافعي

(4)

.

وذكر البخاري في التاريخ الكبير (6/ 354): عمرو بن عثمان بن عفان الأموي القرشي عن أسامة بن زيد وأبيه، روى ابن جريج وابن عيينة وصالح بن كيسان ومعمر عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو.

وقال مالك: عمر وهو وهم

(5)

.

وقال النسائي في الكبرى (4/ 81): والصواب من حديث مالك عمرو بن عثمان، ولا نعلم أن أحداً من أصحاب الزهري تابعه على ذلك، وقد قيل له: فثبت عليه، قال: هذه داره.

وقال الترمذي في سننه (4/ 369): هكذا رواه معمر وغير واحد عن الزهري نحو هذا.

(1)

الطبراني (412) وأبو نعيم في الحلية (3/ 144).

(2)

الطبراني (412).

(3)

آداب الشافعي ومناقبه لابن أبي حاتم الرازي (ص 224) وتتمته: وفي جابر بن عتيك، وإنما هو جَبرُ بن عتيك، وفي عبد الملك بن قُرير، وإنما هو عبد العزيز بن قُرير، (فذكرت ذلك لأبي فقال: صدق الشافعي هو كما قال).

وكذلك رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (46/ 291) من طريق ابن أبي حاتم ومن طريق ابن خزيمة عن المزني عن الشافعي.

(4)

ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (46/ 294).

(5)

تاريخ دمشق (46/ 291).

ص: 53

وروى مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

وحديث مالك وهمٌ، وهِم فيه مالك، وقد رواه بعضهم عن مالك فقال: عن عمرو بن عثمان، وأكثر أصحاب مالك قالوا: عن مالك عن عمر بن عثمان، وعمرو بن عثمان هو مشهور من ولد عثمان ولا يعرف عمر بن عثمان.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 49): وسئل أبو زرعة، عن حديث مالك، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمر بن عثمان، عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا يرث المسلم الكافر» .

قال أبو زرعة: الرواة يقولون: عمرو، ومالك يقول: عمر بن عثمان.

قال ابن أبي حاتم: أما الرواة الذين قالوا: عمرو بن عثمان: فسفيان بن عيينة ويونس بن يزيد عن الزهري. اه.

وقال الحافظ في الفتح (12/ 51): اتفق الرواة عن الزهري أن عمرو بن عثمان إلا أن مالكاً وحده قال: عمر، وشذّت روايات عن غير مالك على وفقه وروايات عن مالك على وفق الجمهور، وقد بيّن ذلك ابن عبد البر وغيره ولم يخرج البخاري رواية مالك، وقد عدّ ذلك ابن الصلاح في علوم الحديث له في أمثلة المنكر وفيه نظر. اه.

وقال يحيى بن سعيد القطان: قال مالك في حديث: «لا يرث الكافر المسلم» عمر بن عثمان، فقلت له: عمرو بن عثمان فأبى أن يرجع وقال: قد كان لعثمان ابن يقال له: عمر هذه داره

(1)

.

(1)

تاريخ دمشق (46/ 292).

ص: 54

وقال علي بن المديني: حديث أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يرث المسلم الكافر» قد رواه الزهري عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان، عن أسامة، فرواه عن الزهري ابن عنبسة ومالك وهشيم وابن الهاد ويونس بن يزيد ومعمر وخالفهم مالك فقال: عن عمر بن عثمان، وسماع مالك وابن أبي أويس واحد لا يحتج بهما على هؤلاء الذين قالوا عن عمرو بن عثمان أثبت مع أن مالكاً كان ثبتاً وكان يقول: هذه دار عمر

(1)

.

وقال أبو نصر الكلاباذي: عمرو بن عثمان القرشي الأموي المدني، وقال مالك: عمر ووهم فيه

(2)

.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (9/ 160 - 162): (وقد راجع مالكاً الشافعي ويحيى بن سعيد القطان على ذلك فقال: عمر وأبى أن يرجع وقال: قد كان لعثمان ابن يقال له: عمر، وهذه داره.

وقال أيضاً: أما أهل النسب فلا يختلفون أن لعثمان ابناً يسمى عمر وله أيضاً أبان والوليد وسعيد وكلهم بنو عثمان بن عفان، وقد روي الحديث عن عمر وعمرو وأبان

، فليس الاختلاف في أن لعثمان ابناً يسمى عُمراً وإنما الاختلاف في هذا الحديث هل هو لعمر أو عمرو، فأصحاب ابن شهاب غير مالك يقولون في هذا الحديث:(عمرو بن عثمان) ومالك يقول: (عمر بن عثمان)

ومالك لا يكاد يقاس به غيره حفظاً وإتقاناً لكن الغلط لا يسلم منه أحد وأهل الحديث يأبون أن يكون في هذا الإسناد إلا عمرو بالواو). اه.

(1)

الجمع بين رجال الصحيحين (1/ 367) وتاريخ دمشق (46/ 294).

(2)

السنن الكبرى (6373، 6374، 6375) من طريق عبد الله بن المبارك، وزيد بن الحباب، ومعاوية بن هشام ثلاثتهم عن مالك فقالوا: عمرو بن عثمان.

قلت: كأنه لكثرة المراجعات تردد الإمام مالك فقال فيه على الشك (عمر أو عمرو) رواه ابن بكر عنه ثم رواه عدد من تلاميذه لما ذكر النسائي فقالوا: عمرو، فوافق الجماعة، والله أعلم.

ص: 55

وقال البزار في مسنده (7/ 33 رقم 2581) بعد أن أخرج الحديث من طريق ابن عيينة: (هذا الحديث رواه ابن عيينة ومعمر وجماعة عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة، فاتفقوا على اسم عمرو بن عثمان إلا مالك بن أنس فرواه عن الزهري عن علي بن حسين، عن عمر بن عثمان عن أسامة. فيرون أنه غلط في ذلك على أنه قد وقف فقال: هذه دار عمرو وهذه دار عمر فأومأ إليهما، فأما في الرواية فلا نعلم أحداً تابعه على روايته إلا أن يكون أبو أويس، فإن سماعه من الزهري شبيه بسماع مالك). اه.

وقال أبو العباس الداني في (الإيماء إلى أطراف كتاب الموطأ (2/ 17): مالك يقول في إسناد هذا الحديث: عمر بن عثمان وهو المحفوظ عنه، وقال سائر رواة الزهري:(عمرو) مخففاً، وروجع مالك فيه فقال: نحن أعلم به، وهذا داره.

وروى ابن معين عن عبد الرحمن بن مهدي قال: قال لي مالك بن أنس: أتراني لا أعرف عُمر من عَمْرو، هذه دار عُمر وهذه دار عَمْرو.

وقال مسلم في التمييز: (وكانا جميعاً ولد عثمان عمر وعمرو غير أن هذا الحديث عن عمرو ليس عن عمر).

ولما لم ينازع مالك في ولد عثمان وخولف في راوي هذا الحديث منهم شكّ فقال مرة: (عن عمر أو عمرو) وهكذا في رواية ابن بكير عنه، ثم رجع بأخرة فقال:(عمرو) تابع الجماعة، هكذا ثبت في الموطأ في رواية يحيى بن يحيى صاحبنا وابن القاسم وسماعهما

ص: 56

متأخر، ورواه النسائي كذلك عن جماعة من أصحاب مالك

(1)

، وزعم أبو عمر ابن عبد البر أن رواية يحيى هذا في الموطأ عن مالك عُمر على الوهم.

قال شيخنا أبو علي الحياني رحمه الله: والمعروف في رواية يحيى بن يحيى صاحبنا عمرو، يعني مخففاً قال: وكذلك ذكر أحمد بن خالد في مسنده وكفى بنقله. اه.

وقال الزرقاني في شرح الموطأ (3/ 154):

وقال علي بن المديني: قيل لابن عيينة مالك يقول: عمر، فقال: لقد سمعته من الزهري كذا وكذا مرة وتفقدته منه فما قال إلا عمرو.

قال أحمد بن زهير: خالف مالك الناس، وكذا حكم مسلم وغيره على مالك بالوهم فيه.

وروى أبو الفضل السليماني عن معن بن عيسى قلت لمالك: الناس يقولون: إنك تخطاء في أسامي الرجال، تقول: عبد الله الصنابحي وإنما هو أبو عبد الله، وتقول: عمر بن عثمان وإنما هو عمرو، وتقول: عمر بن الحكم وإنما هو معاوية، فقال مالك: هكذا

(1)

وقد وهم في هذا الحديث أيضاً على الزهري هشيم ورواه بلفظ: «لا يتوارث أهل ملتين» ح 700 وعبد الله بن عيسى ح (591) أسقط عمرو بن عثمان من الإسناد. فانظره.

ص: 57

حفظنا وهكذا وقع في كتابي، ونحن نخطاء ومَن يسلم من الخطأ

(1)

؟

‌أثر الوهم في الإسناد:

عمرو بن عثمان بن عفان له حديث ورواية في الكتب الستة (الصحيحين والسنن الأربعة) وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى وقال: كان ثقة وله أحاديث.

وقال العجلي: مدني ثقة من كبار التابعين، وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال ابن حجر في التقريب: ثقة.

أما عمر بن عثمان فليس له في الكتب الستة إلا هذا الحديث الذي قيل فيه: إنه ليس له وإن مالكاً وهم فيه، وذكره ابن سعد وقال: كان قليل الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات.

وقد عدّ بعض أهل العلم هذا الحديث من أقسام المنكر

(2)

، وهو المنفرد المخالف لما رواه الثقات (والمراد بالنكارة هنا السند لا المتن).

قال في الشذا الفياح

(3)

: اعترض عليه بكونه جعل حديث مالك هذا منكراً.

قال: والحديث صحيح الإسناد لأن عمرو وعمراً كلاهما ثقة.

(1)

تدريب الراوي (1/ 239)، مقدمة ابن الصلاح (1/ 80) المقنع في علوم الحديث (1/ 182) المختصر في علم الأثر (1/ 126).

(2)

(1/ 185) من النوع الرابع عشر معرفة المنكر من الحديث.

(3)

رجال الإسناد:

عبد الرحمن بن مهدي: تقدم.

الزهري: تقدم.

عباد بن زياد المعروف أبوه بزياد بن أبي سفيان أبو حرب، من أهل البصرة، روى عن عروة وحمزة ابنَيْ المغيرة بن شعبة، وروى عنه الزهري، قدم دمشق غير مرة وشهد وقعة مرج راهط مع مروان بن الحكم. ذكره ابن حبان في ثقات أتباع التابعين، وقال علي بن المديني: مجهول. (تاريخ دمشق 26/ 227 - 234).

المغيرة بن شعبة، صحابي.

ص: 58

‌الحديث السادس

(*):

155 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 247): قرأت على عبد الرحمن، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة، عن أبيه المغيرة بن شعبة:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب لحاجته في غزوة تبوك، قال المغيرة: فذهبت معه بماء فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكبت عليه ماء فغسل وجهه ثم ذهب يخرج يديه من كمَّي جبّته فلم يستطع من ضيق كم الجبة، فأخرجهما من تحت الجبة فغسل يديه ومسح برأسه ومسح على الخفين.

فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن عوف يؤمهم وقد صلّى بهم ركعة فصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعة التي بقيت ففزع الناس فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أحسنتم» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله رجال الشيخين غير عباد بن زياد، وثقه ابن حبان وقال ابن المديني: مجهول.

ص: 59

والحديث في الموطأ لمالك برواية يحيى بن يحيى الليثي (1/ 36 ح 43)، ورواية أبي مصعب الزهري (1/ 39)، ورواية محمد بن الحسن (ص 43 ح رقم 47) ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في مسنده (1/ 42)، والبيهقي في المعرفة (1/ 102).

وأخرجه أحمد أيضاً (4/ 247) عن مصعب بن عبد الله بن الزبير عن مالك به.

ومن طريق أحمد أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (11/ 121)، وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 228) من طريق إبراهيم بن عبد الصمد عن أبي مصعب به.

وقد خالف الإمام مالك في هذا الحديث عن الزهري غيره من أصحاب الزهري الذين رووه عن الزهري، عن عباد بن زياد، عن عروة بن المغيرة عن أبيه المغيرة بن شعبة، وهم:

يونس بن يزيد الأيلي

(1)

، وابن جريج

(2)

، وعمرو بن الحارث

(3)

، ومعمر

(4)

، وصالح بن كيسان

(5)

، ومحمد بن إسحاق

(6)

،

(1)

أخرجه أبو داود (149) والنسائي (1/ 62) وابن حبان في صحيحه (2221) الإحسان، والبيهقي (1/ 123) والطبراني في الكبير (20/ 881).

(2)

مسلم (274) وعبد الرزاق (748) وأحمد (4/ 251) وعبد بن حميد (397) والنسائي (166) والبيهقي (1/ 274).

(3)

النسائي (1/ 62) وابن خزيمة (203).

(4)

عبد بن حميد (397).

(5)

أحمد (4/ 249) وابن عبد البر في التمهيد (11/ 124) من طريق أحمد، والنسائي في الكبرى (165) وابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 228) وأبو عوانة (1978).

(6)

الدارقطني في العلل (7/ 107).

ص: 60

وصالح بن أبي الأخضر

(1)

، وعقيل بن خالد

(2)

لذا قال أئمة الحديث ونقاده: إن مالكاً وهم في إسناد هذا الحديث في موضعين:

الأول: قوله: عباد بن زياد من ولد المغيرة، وإنما هو عباد بن زياد بن أبي سفيان.

الثاني: إسقاطه عروة من إسناد هذا الحديث.

فإن الزهري إنما يروي هذا الحديث عن عباد بن زياد عن عروة عن أبيه المغيرة، وقد يرويه عن عباد عن عروة وحمزة ابنَيْ المغيرة.

وممن نصّ على وهم الإمام مالك في هذا: الشافعي، ومصعب بن عبد الله الزبيري وهما من تلاميذه، ومسلم، وأبو حاتم، والدارقطني، والبيهقي، وابن عبد البر.

قال الشافعي: وهم مالك رحمه الله فقال: عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة، وإنما هو مولى المغيرة

(3)

.

وقال مصعب بن عبد الله الزبيري عقب أن روى هذا الحديث عن مالك: أخطأ فيه مالك خطأً قبيحاً

(4)

.

قال ابن عساكر مفسراً قوله: يعني في قوله وهو من ولد المغيرة،

(1)

البيهقي (3/ 123) والدارمي (1335).

(2)

معرفة السنن والآثار (2/ 102) وتاريخ دمشق (26/ 234).

(3)

وقال ابن عساكر: أصاب الشافعي رحمه الله في أخذه على مالك رحمه الله ووهم في قوله: مولى المغيرة.

(4)

مسند أحمد (4/ 247) وتاريخ دمشق (26/ 228).

ص: 61

وصوابه عباد بن زياد، عن رجل من ولد المغيرة وهو عروة والله أعلم

(1)

.

وقال مسلم: فالوهم من مالك في قوله: عباد بن زياد من ولد المغيرة وإنما هو عباد بن زياد بن أبي سفيان

(2)

.

وقال أبو حاتم كما في الجرح والتعديل لابنه (6/ 80): وهم مالك في نسب عباد وليس من ولد المغيرة، ويقال: إنه من ولد زياد بن أبي سفيان.

وقال الدارقطني في العلل (7/ 106): (رواه مالك عن الزهري، عن عباد بن زياد رجل من ولد المغيرة عن المغيرة، ووهم فيه رحمه الله، وهذا مما يعتد به عليه لأنه عباد بن زياد بن أبي سفيان وهو يروي هذا الحديث عن عروة بن المغيرة عن أبيه

(1)

تاريخ دمشق (26/ 228).

(2)

في كتابه التمييز ص 219 حيث قال: ثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك، عن ابن شهاب، عن عباد بن زياد وهو من ولد المغيرة بن شعبة عن المغيرة أنه ذهب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته

وساق الحديث.

وقال: ثنا أحمد بن جعفر المغفري، ثنا النضر بن محمد، ثنا أبو أويس، أخبرني ابن شهاب أن عباد بن زياد بن أبي سفيان أخبره أن المغيرة قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

).

ويونس عن ابن شهاب، حدثني عباد بن زياد والليث وقيل: قال ابن شهاب: أخبرني عباد بن زياد عن عروة.

عبد الرزاق، أنا ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عباد.

فالوهم من مالك في قوله: (عباد بن زياد من ولد المغيرة) وإنما هو عباد بن زياد بن أبي سفيان كما فسره أبو أويس في روايته.

والمحفوظ عندنا من رواية الزهري رواية ابن جريج لاقتصاصه الحديث عن الزهري، عن عباد بن زياد، عن عروة بن المغيرة، عن أبيه، ثم فصل في آخر الحديث زيادة الزهري عن حمزة بن المغيرة.

ص: 62

ثم قال: وقد روى هذا الحديث يونس بن يزيد الأيلي، وعمرو بن الحارث، وابن جريج، وابن إسحاق، وصالح بن أبي أخضر عن الزهري عن عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة عن أبيه وهو الصحيح عن الزهري) اه.

وقال أبو حاتم في العلل (182): وهم مالك في هذا الحديث في نسب عباد بن زياد وليس هو من ولد المغيرة، ويقال: عباد بن زياد بن أبي سفيان.

وإنما هو عباد بن زياد، عن عروة وحمزة ابنَيْ المغيرة بن شعبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال البيهقي في المعرفة (2/ 102): قصر مالك في إسناده فرواه مرسلاً (أي: لم يذكر عروة بن المغيرة).

وقال النسائي (1/ 62) عقب إخراجه الحديث من طريق ابن وهب عن مالك ويونس وعمرو بن الحارث عن الزهري عن عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة فذكر الحديث: قال رحمه الله: لم يذكر مالك عروة بن المغيرة.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (11/ 120): وهكذا قال مالك في هذا الحديث عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة، لم يخالف رواة الموطأ عنه في ذلك، وهو وهم وغلط منه لم يتابعه أحد من رواة ابن شهاب ولا غيرهم عليه، وليس هو من ولد المغيرة بن شعبة عند جميعهم.

وزاد يحيى بن يحيى في ذلك أيضاً شيئاً لم يقله أحد من رواة الموطأ وذلك أنه قال فيه: عن أبيه المغيرة بن شعبة، ولم يقل أحد

ص: 63

فيما علمت في إسناد هذا الحديث: عن أبيه المغيرة غير يحيى بن يحيى، وسائر رواة الموطأ عن مالك يقولون: عن ابن شهاب، عن عباد بن زياد وهو من ولد المغيرة بن شعبة عن المغيرة، لا يقولون: عن أبيه المغيرة كما قال يحيى.

قال: كتبت ذلك وأنا أظن أن يحيى بن يحيى وهم في قوله عن أبيه، حتى وجدته لعبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن ابن شهاب عن عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة عن أبيه كما قال يحيى.

وذكر الدارقطني أن سعد بن عبد الحميد بن جعفر قال فيه: عن أبيه كما قال يحيى، قال: وهو وهم

ثم قال: وإسناد هذا الحديث من رواية مالك في الموطأ وغيره إسناد ليس بالقائم لأنه إنما يرويه ابن شهاب عن عباد بن زياد عن عروة وحمزة ابنَيْ المغيرة عن أبيه المغيرة بن شعبة.

وربما حدّث به ابن شهاب عن عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة عن أبيه ولا يذكر حمزة بن المغيرة.

وربما جمع حمزة وعروة في هذا الحديث عن أبيهما المغيرة

(1)

.

ورواية مالك لهذا الحديث عن ابن شهاب عن عباد بن زياد عن

(1)

أخرجه ابن حبان في صحيحه (2222) الإحسان، من طريق جعفر بن برقان عن الزهري عن حمزة وعروة عن أبيهما المغيرة بن شعبة فذكر الحديث. قال ابن حبان: قصر جعفر بن برقان في سند هذا الخبر ولم يذكر عباد بن زياد فيه.

وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (11/ 121) من طريق يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عباد بن زياد عن عروة وحمزة.

ص: 64

المغيرة مقطوعة، وعباد بن زياد لم يرَ المغيرة ولم يسمع منه شيئاً.

وقال الدارقطني في «الأحاديث التي خولف فيها مالك» : روى مالك في «الموطأ» عن الزهري عن عبّاد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب لحاجته في غزوة تبوك

فذكر قصة وضوئه والمسح على الخفَّين.

خالفه صالح بن كيسان ومعمر وابن جريج ويونس وعَمرو بن الحارث وعُقَيل بن خالد وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر وغيرهم، فرووه عن الزهري عن عبّاد بن زياد عن عروة بن المغيرة بن شعبة عن أبيه، فزادوا على مالك في الإسناد:(عروةَ بنَ المغيرة) وبعضهم قال: عن ابن شهاب عن عبّاد بن زياد عن عروة وحمزة ابنَيْ المغيرة عن أبيهما، قال ذلك: عُقيل وعبد الرحمن بن خالد ويونس بن يزيد من رواية الليث عنه.

ولم ينسب أحد منهم عبّاداً إلى المغيرة بن شُعبة، وهو عبّاد بن زياد بن أبي سفيان. قال ذلك مصعب الزبيري، وقاله علي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهم.

ووهم مالك رحمه الله في إسناده في موضعين: أحدهما: قوله: (عبّاد بنُ زياد من ولد المغيرة بن شعبة) والآخرُ: إسقاطه من الإسناد عروة وحمزة ابنَي المغيرة. والله أعلم

(1)

، وانظر ح (1181).

(1)

تعليقة على العلل لابن عبد الهادي (ص 271)(وهذه ليست موجودة في الجزء المطبوع من كتاب الدارقطني).

ص: 65

‌الحديث السابع

(1)

:

156 -

قال الإمام أحمد (2/ 65): حدثنا عبد الرحمن، حدثنا مالك، عن الزهري، عن رجل من آل خالد بن أسيد قال:

قلت لابن عمر: إنا نجد صلاة الخوف في القرآن وصلاة الحضر ولا نجد صلاة السفر؟

فقال: إن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئاً، فإنما نفعل كما رأينا محمداً صلى الله عليه وسلم يفعل.

‌التعليق:

هذا إسناد وهم فيه الإمام مالك رحمه الله في موضعين وهو في الموطأ (1/ 137).

وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (9/ 290) من طريق يحيى بن يحيى وأبي مصعب عن مالك به.

الأول: في اسم الرجل الذي سأل ابن عمر رضي الله عنه فأبهمه واسمه أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد.

الثاني: أسقط من الإسناد رجلاً بين الزهري وأمية وهو عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

(1)

رجال الإسناد:

عبد الرحمن بن مهدي: تقدم.

الزهري: تقدم.

أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص المكي، أخو خالد، ثقة من الثالثة، مات سنة 87، روى له النسائي وابن ماجه.

ص: 66

فقد رواه الليث بن سعد

(1)

، ومعمر

(2)

، ويونس بن يزيد

(3)

، وعُقيل بن خالد

(4)

، وفليح بن سليمان

(5)

، ومحمد بن راشد

(6)

على الصواب فقالوا: (عن الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد به).

ورواه ابن وهب عن يونس أيضاً عن الزهري، عن عبد الملك بن أبي بكر، عن أمية بن عبد الله بن خالد

(7)

.

ورواه محمد بن عبد الله الشعيثي عن عبد الله بن أبي بكر بن الحارث بن هشام، عن أمية بن عبد الله بن خالد به، فوافق رواية الجماعة عن الزهري.

قال الدارقطني: (روى مالك في الموطأ عن الزهري، عن رجل من آل خالد بن أسيد أنه سأل عبد الله بن عمر قال: إنا لا نجد صلاة

(1)

أحمد (2/ 94) والنسائي (3/ 117) وفي الكبرى (1892) وابن ماجه (1066) وابن خزيمة (946) وابن حبان (1451)(2735) والحاكم (1/ 258) وابن عبد البر في التمهيد (11/ 163) وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقال: (هذا حديث رواته مدنيون ثقات ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي.

(2)

عبد الرزاق (4276) وأحمد (2/ 148).

(3)

الهروي في ذم الكلام (2/ 162) وابن عبد البر في التمهيد (11/ 163) وابن عساكر في تاريخ دمشق (9/ 289).

(4)

ذكره الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك ص 50، وابن عساكر (11/ 289) تعليقاً.

(5)

الهروي في ذم الكلام (2/ 162) والبخاري في التاريخ الكبير (5/ 55) تعليقاً.

(6)

ابن عساكر في تاريخ دمشق (11/ 289) تعليقاً.

(7)

يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 372) والبيهقي (3/ 136).

قال ابن عبد البر في التمهيد: قال ابن وهب عن يونس، فجعل موضع عبد الله بن أبي بكر عبد الملك بن أبي بكر فغلط ووهم.

ص: 67

السفر في القرآن

الحديث. خالفه جماعة من أصحاب الزهري، منهم: يونس وعقيل ومعمر والليث بن سعد وفليح بن سليمان وغيرهم، فرووه عن الزهري عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد: أنه سأل ابن عمر

) وهو الصواب

(1)

.

وقال البيهقي: رواه الليث عن ابن شهاب، ورواه جماعة عن ابن شهاب فلم يقيموا إسناده

(2)

.

وقال ابن عبد البر: (هكذا رواه جماعة الرواة عن مالك، ولم يقم مالك إسناد هذا الحديث، لأنه لم يسمِّ الرجل الذي سأل ابن عمر وأسقط من الإسناد رجلاً، والرجل الذي لم يسمه هو أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.

وهذا الحديث يرويه ابن شهاب، عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أمية بن عبد الله بن خالد بن عبد الله بن أسيد عن ابن عمر.

كذلك رواه معمر والليث بن سعد ويونس بن يزيد من غير رواية ابن وهب)

(3)

.

وقال ابن عساكر: قال أحمد بن صالح: رواه مالك عن الزهري فأفسده، أسقط عبد الله، ولم يسم أمية

(4)

.

(1)

الأحاديث التي خولف فيها مالك ص 50.

(2)

السنن الكبرى (3/ 136).

(3)

التمهيد (11/ 161).

(4)

تاريخ دمشق (11/ 289).

ص: 68

وقال ابن حجر: (كذا وقع في الموطأ، ورواه الليث عن ابن شهاب عن ثمامة بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد عن ابن عمر فجوّده وزاد فيه رجلاً بين ابن شهاب وأمية، وسمّى أمية، وقد روى الثوري هذا الحديث عن ابن إسحاق عن أمية فأرسله وليست لأمية صحبة)

(1)

.

وسيأتي في باب ابن أبي ذئب برقم (692)

(1)

تعجيل المنفعة (1/ 549).

ص: 69

‌الحديث الثامن

(1)

:

157 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي (2/ 194): أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا مالك بن أنس عن الزهري، عن سالم عن أبيه (ابن عمر) رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك، وإذا قال: سمع الله لمَن حمده، قال: ربنا لك الحمد، وكان لا يرفع يديه بين السجدتين.

‌التعليق:

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

وهكذا رواه مالك في الموطأ (1/ 75 ح 163) برواية يحيى الليثي، وبرواية أبي مصعب الزهري (204).

وقد رواه جماعة من أصحاب مالك الثقات عنه كذلك لا يذكرون الرفع عند الانحطاط إلى الركوع.

(1)

رجال الإسناد:

عمرو بن علي بن بحر بن كنيز (بنون وزاي) أبو حفص الفلاس الصيرفي الباهلي البصري، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة 249، روى له البخاري ومسلم.

يحيى بن سعيد بن فروخ التميمي، أبو سعيد القطان البصري، ثقة متقن حافظ إمام قدوة، من كبار التاسعة، مات سنة 198 وله 78 سنة، روى له البخاري ومسلم.

الزهري: تقدم.

سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، المدني، أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتاً عابداً فاضلاً، من كبار الثالثة، مات سنة 106، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن عمر بن الخطاب: صحابي مشهور.

ص: 70

وخالفهم آخرون فرووه عن مالك بزيادة ذكر الرفع عند الانحطاط إلى الركوع.

قالوا في روايتهم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا ركع صنع مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع صنع مثل ذلك، وإذا قال: سمع الله لمَن حمده، قال: ربنا ولك الحمد، ولا يصنع مثل ذلك في السجود.

قال ابن عبد البر في التمهيد (9/ 210 - 212) مبيناً أن هذا الوهم إنما هو من مالك.

قال رحمه الله: هكذا رواه يحيى يعني الليثي

(1)

عن مالك لم يذكر فيه الرفع ثم الانحطاط إلى الركوع، وتابعه على ذلك جماعة من الرواة للموطأ عن مالك، وأبو مصعب

(2)

، وابن بكير، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم، ومعن بن عيسى، والشافعي

(3)

، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وإسحاق بن الطباع، وروح بن عبادة، وعبد الله بن نافع الزبيري، وكامل بن طلحة، وإسحاق بن إبراهيم الجثني، وأبو حذافة أحمد بن إسماعيل، وابن وهب في رواية ابن أخيه عنه

(4)

.

ورواه ابن وهب

(5)

، وابن القاسم، ويحيى بن سعيد

(1)

الموطأ (1/ 75).

(2)

الموطأ (204).

(3)

في مسنده (1/ 72) بترتيب السندي، ومن طريقه رواه أبو عوانة (2/ 91) والبيهقي (2/ 69).

(4)

وممن لم يذكره ابن عبد البر في رواة هذا الوجه عن مالك عبد الله بن المبارك والبيهقي (2/ 68).

(5)

الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 223) والبيهقي (2/ 69).

ص: 71

القطان

(1)

، وابن أبي أويس، وعبد الرحمن بن مهدي

(2)

، وجويرية بن أسماء، وإبراهيم بن طهمان، وعبد الله بن المبارك

(3)

، وبشر بن عمر

(4)

، وعثمان بن عمر

(5)

، وعبد الله بن يوسف التنيسي

(6)

، وخالد بن مخلد

(7)

، ومكي بن إبراهيم، ومحمد بن الحسن الشيباني

(8)

، وخارجة بن مصعب، وعبد الملك بن زياد النصيبي، وعبد الله بن نافع الصائغ، وأبو قرة موسى بن طارق، ومطرف بن عبد الله، وقتيبة بن سعيد

(9)

.

كل هؤلاء رووه عن مالك فذكروا فيه الرفع ثم الانحطاط إلى الركوع قالوا فيه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة حذو منكبيه، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، ذكر الدارقطني الطرق عن أكثرهم عن مالك كما ذكرنا وهو الصواب.

وكذلك رواه سائر مَنْ رواه عن ابن شهاب

(10)

.

وممن روينا ذلك عنه من أصحاب ابن شهاب: الزبيدي

(11)

،

(1)

النسائي (18/ 2).

(2)

أحمد (2/ 62) وذكره البيهقي تعليقاً (2/ 69).

(3)

ابن حبان (1861) والنسائي (2/ 195) وفي الكبرى (646).

(4)

الطحاوي (1/ 223).

(5)

الدارمي (1250، 1309).

(6)

البخاري في رفع اليدين (12).

(7)

النسائي (2/ 122).

(8)

الدارمي (1308).

(9)

الموطأ رواية قتيبة بن سعيد (99).

(10)

وممن لم يذكره ابن عبد البر ممن روى هذا الوجه عن مالك: عبد الله بن مسلمة القعنبي والبخاري في صحيحه (735).

(11)

أبو داود (722) والدارقطني (1/ 287) والبيهقي (2/ 83) والزبيدي اسمه: محمد بن الوليد بن عامر.

ص: 72

ومعمر

(1)

، والأوزاعي، ومحمد بن إسحاق، وسفيان بن حسين، وعقيل بن خالد

(2)

، وشعيب بن أبي حمزة

(3)

، وابن عيينة

(4)

، ويونس بن يزيد

(5)

، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبيد الله بن عمر

(6)

.

كلهم رووا هذا الحديث عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه ابن وهب ومَن ذكرنا معه من أصحاب مالك.

وقال جماعة من أهل العلم: (إن إسقاط ذكر الرفع ثم الانحطاط في هذا الحديث إنما أتى من مالك، وهو الذي كان ربما وهم فيه لأن جماعة حفاظاً رووا عنه الوجهين جميعاً) انتهى.

قلت: وممن لم يذكر ابن عبد البر من أصحاب ابن شهاب الذين رووا عنه كذلك أي: بذكر الرفع عند الانحطاط إلى الركوع ابن جريج

(7)

، وابن أخ الزهري

(8)

، وقرة بن عبد الرحمن بن حيويل

(9)

، وإبراهيم بن أبي عبلة

(10)

.

(1)

النسائي (2/ 206) وأحمد (2/ 47)، (2/ 147) وأبو يعلى (5564) وعبد الرزاق (2517) والدارقطني (1/ 288).

(2)

مسلم (390)(23).

(3)

البخاري في صحيحه (738).

(4)

مسلم (390)(21).

(5)

البخاري (736) ومسلم (390)(23).

(6)

ابن خزيمة (693) وابن حبان (1868)، (1877) وعبد الرزاق (2519).

(7)

مسلم (390)(22) وابن خزيمة (456).

(8)

ابن الجارود (178) وأحمد (2/ 134) والدارقطني (1/ 288).

(9)

الطبراني في الكبير (13112).

(10)

الطبراني في الكبير (13111).

ص: 73

‌علة الوهم:

الأكثرون من أصحاب مالك قد رووه عنه فذكروا الرفع ثم الانحطاط إلى الركوع، وقد كان مالك أحياناً لا يذكره إما وهماً منه رحمه الله أو على سبيل الاختصار كما يظهر لي، والله تعالى أعلم.

ص: 74

‌الحديث التاسع

(1)

:

158 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (1/ 275): أخبرنا قتيبة عن مالك عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصُّنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان، فإذا ارتفعت فارقها، فإذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها، فإذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها» ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الساعات.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وهو في السنن الكبرى أيضاً (1542) والحديث عند مالك في الموطأ (1/ 219)، ومن طريقه أخرجه الشافعي في مسنده (1/ 55 بترتيب السندي)، وفي الرسالة (874)، وأحمد (4/ 349)، والبخاري في التاريخ الكبير (5/ 322)، والبيهقي (2/ 454) وفي المعرفة (3/ 412 - 413).

(1)

رجال الإسناد:

قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي، أبو رجاء البغلاني، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة 240 عن 90 سنة، روى له البخاري ومسلم.

زيد بن أسلم العدوي، مولى عمر، أبو عبد الله أو أبو أسامة المدني، ثقة عالم وكان يرسل، من الثالثة، مات سنة 136، روى له البخاري ومسلم.

عطاء بن يسار الهلالي، أبو محمد المدني مولى ميمونة، ثقة فاضل صاحب مواعظ وعبادة، من صغار الثانية، مات سنة 94 وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله الصنابحي، مختلف في وجوده، فقيل: صحابي مدني، وقيل: هو أبو عبد الله الصنابحي عبد الرحمن بن عسيلة الآتي وهو:

عبد الرحمن بن عسيلة، أبو عبد الله الصنابحي، ثقة من كبار التابعين، قدم المدينة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أيام، مات في خلافة عبد الملك، روى له البخاري ومسلم.

ص: 75

هكذا رواه مالك في موطئه، ورواه عنه الشافعي وعبد الرحمن بن مهدي عند أحمد وقتيبة بن سعيد عند النسائي فقال: عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله الصنابحي.

خالفه معمر

(1)

، ومحمد بن مطرف أبو غسان

(2)

، وسعيد بن أبي هلال

(3)

، وهشام بن سعد

(4)

، والدراوردي

(5)

، فقالوا: عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي عبد الله الصنابحي.

وقد وهّم البخاري مالك في قوله عبد الله الصُّنابحي.

قال الترمذي في العلل الكبير (21): (سألت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري عن حديث مالك بن أنس

عن عبد الله الصنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا توضأ العبد

» فقال: مالك بن أنس وهم في هذا الحديث فقال: عبد الله الصنابحي وهو أبو عبد الله الصنابحي، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الحديث مرسل وعبد الرحمن هو الذي روى عن أبي بكر الصديق، والصنابح بن الأعسر الأحمسي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم

(6)

.

(1)

أحمد (4/ 348) وابن ماجه (1253) وعبد الرزاق (3950).

(2)

أحمد (4/ 348 - 349).

(3)

البخاري في التاريخ الكبير (5/ 322) وفي الأوسط (2/ 930 رقم 693).

(4)

ذكره ابن عبد البر في التمهيد (4/ 2).

(5)

ذكره ابن عبد البر في التمهيد (4/ 2).

(6)

ذكر ابن حجر في التهذيب (3/ 308): أنه قد وافق مالكاً على تسمية الصنابحي بعبد الله حفص بن ميسرة، وأبو غسان محمد بن مطرف، وزهير بن معاوية، قال: فنسبة الوهم في ذلك إلى مالك وحده فيه نظر

وقد روي عن مالك الحديث المسند فقيل فيه: عن أبي عبد الله على الصواب هكذا رواه مطرف وإسحاق بن عيسى الطباع عن مالك، ولكن المشهور عن مالك عبد الله

).

ص: 76

وقال علي بن المديني: الصنابحي الذي روى عن أبي بكر اسمه عبد الرحمن بن عسيلة، خرج يريد النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغ بعض الطريق قبض النبي صلى الله عليه وسلم فلقي أبا بكر.

والذي روى عنه قيس بن أبي حازم في الحوض هو الصنابح بن الأعسر الأحمسي، سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو عبد الله الصنابحي هو عبد الرحمن بن عسيلة

(1)

.

وقال يعقوب بن شيبة: هؤلاء الصنابحيون الذين يروى عنهم في العدد ستة إنما هم اثنان فقط: الصُّنابحي الأحمسي وهو الصنابح الأحمسي هذان واحد فمَن قال: الصنابحي الأحمسي فقد أخطأ، ومَن قال الصنابح الأحمسي فقد أصاب، هو الصنابح بن الأعسر الأحمسي أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي يروي عنه الكوفيون، روى عنه قيس بن أبي حازم قالوا: وعبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، كنيته أبو عبد الله يروي عنه أهل الحجاز وأهل الشام، لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم دخل المدينة بعد وفاته بأبي هو وأمي لثلاث ليال أو أربع، روى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعن بلال، وعن عبادة بن الصامت وعن معاوية، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً أحاديث يرسلها عنه، فمَن قال: عن عبد الرحمن الصنابحي فقد أصاب اسمه، ومَن قال: عن أبي عبد الله الصنابحي فقد أصاب كنيته وهو رجل واحد: عبد الرحمن أو أبو عبد الله، ومَن قال: عن أبي عبد الرحمن الصنابحي فقد أخطأ قلب اسمه فجعل اسمه كنيته، ومَن قال: عن عبد الله الصنابحي فقد أخطأ، قلب كنيته فجعلها اسمه، هذا قول علي بن المديني ومَن تابعه على هذا

(1)

تاريخ دمشق (35/ 121).

ص: 77

وهو الصواب عندي، هما اثنان، أحدهما: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر: لم يدركه، يدل على ذلك الأحاديث

(1)

.

(1)

تاريخ دمشق (35/ 122) ومن طريق يعقوب رواه المزي في تهذيب الكمال (11/ 297) وابن حجر في الإصابة (3/ 97).

ص: 78

‌الحديث العاشر

(1)

:

159 -

قال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (1466): حدثنا يونس قال: وحدثنا ابن وهب عن مالك، عن عبد الكريم، عن رجل، عن أبيه، عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:

«الندم توبة» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله رجال الصحيح إلى مالك.

وقد وهم مالك رحمه الله في قوله: (عن عبد الكريم، عن رجل، عن أبيه).

إنما هو: (عن عبد الكريم، عن زياد بن الجراح، عن عبد الله بن معقل قال: دخلت: مع أبي على عبد الله بن مسعود.

وبعضهم قال: (زياد بن أبي مريم) بدلاً من (زياد بن الجراح) وبعضهم قال: زياد ولم ينسبه. هكذا رواه سفيان بن عيينة

(2)

، وسفيان

(1)

رجال الإسناد:

يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة الصدفي، أبو موسى المصري، ثقة من صغار العاشرة، مات سنة 264 وله 96 سنة، روى له مسلم.

عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم أبو محمد المصري الفقيه، ثقة حافظ عابد، من التاسعة، مات سنة 197 وله 72 سنة، روى له البخاري ومسلم.

عبد الكريم بن مالك الجزري أبو سعيد مولى بني أمية وهو الخضرمي، بالخاء والضاد نسبة إلى قرية من اليمامة، ثقة متقن، من السادسة، مات سنة 127، روى له البخاري ومسلم.

رجل: هو زياد الجراح، وقال بعضهم: زياد بن أبي مريم.

(2)

أحمد (1/ 376) والحميدي (105) وابن أبي شيبة (9/ 361) وابن ماجه (4252) وأبو يعلى (4969، 5129) والبزار (1926) والطحاوي في شرح المشكل (1465) وفي شرح المعاني (4/ 291) والحاكم (4/ 243)، والشهاب في مسنده (13)، والبيهقي (10/ 154) وقال الحاكم:(هذا حديث صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي.

ص: 79

الثوري

(1)

، وعمر بن سعيد أخو سفيان الثوري

(2)

، وابن جريج

(3)

، وعبد الرحمن بن ثابت

(4)

، وزهير بن معاوية

(5)

، وفرات بن سلمان الجزري الرقي

(6)

وغيرهم، وقد تقدم في باب ابن عيينة (108)، فانظره لزاماً.

وشريك بن عبد الله

(7)

، وعبيد الله بن عمرو

(8)

، والنضر بن عربي

(9)

.

هؤلاء كلهم رووه عن عبد الكريم، عن زياد، عن عبد الله بن معقل قال: دخلت مع أبي على عبد الله بن مسعود فقال له أبي: أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الندم توبة» ؟ قال: نعم.

(1)

ابن أبي شيبة (9/ 362) والشاشي (269) وأحمد (1/ 433) والفسوي (3/ 135) والطبراني في الأوسط (6799) والبيهقي في شعب الإيمان (6631) وفي السنن (9/ 512) وعلي بن الجعد (804) والخطيب (1/ 248) في الموضح، والشهابي (14).

(2)

البخاري في التاريخ الكبير (3/ 373) تعليقاً، والطبراني في الأوسط (5864) وأبو نعيم في الحلية (8/ 312) والخطيب في الموضح (1/ 249 - 250).

(3)

الفسوي في المعرفة (3/ 136) والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 375) تعليقاً.

(4)

الطبراني في الأوسط (6799) مقروناً مع الثوري.

(5)

الطيالسي (380) وابن أبي حاتم في العلل (1797) والطحاوي (4/ 291) والشاشي (270، 273) والخطيب في الموضح (1/ 239) والبيهقي (10/ 154).

(6)

أحمد (1/ 422 - 423).

(7)

أبو يعلى (5081) والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 375) والخطيب (1/ 242).

(8)

الشاشي (272) والخطيب (1/ 142).

(9)

الطبراني في الصغير (1/ 33).

ص: 80

قال ابن أبي حاتم في العلل (6/ 18): سألت أبي عن حديث رواه ابن وهب، عن مالك، عن عبد الكريم أبي أمية، عن رجل، عن أبيه، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الندم توبة» .

فقال أبي: إنما هو عبد الكريم، عن زياد بن الجراح، عن عبد الله بن معقل قال: دخلت مع أبي على ابن مسعود فسمعته يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الندم توبة» .

قال الدارقطني في «الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس» ص 129: «روى مالك، عن عبد الكريم الجزري، عن رجل، عن أبيه، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الندم توبة» .

خالفه جماعة، منهم: عبد الملك بن جريج، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وعمر بن سعيد الثوري، وشريك، وفرات بن سلمان، وعبيد الله بن عمرو، وغيرهم، رَوَوْه عن عبد الكريم، عن زياد بن أبي مريم، عن عبد الله بن معقل، عن أبيه، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الندم توبة» هذا قول ابن جريج، وقال الباقون: عن عبد الكريم بن زياد، عن ابن معقل أنه كان مع أبيه عند ابن مسعود نحوه».

وقال في «العلل» (5/ 190): «أما عبد الكريم فاختُلف عنه، فرواه مالك بن أنس، عن عبد الكريم، عن رجل لم يسمِّه، عن أبيه، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، تفرَّد به ابن وَهْب، عن مالك، وخالفه عمر بن سعيد بن مسروق، وفرات بن سلمان، وزهير بن معاوية، وعبيد الله بن عمرو الرقِّي، وشريك بن عبد الله، وسفيان الثوري، فرووه عن عبد الكريم، عن زياد بن الجراح، ومنهم مَنْ قال: زياد بن أبي مريم، عن عبد الله بن معقل؛ أنه سمع مع أبيه عن ابن مسعود» . ثم قال:

ص: 81

‌الحديث الحادي عشر

(1)

:

160 -

روى الإمام مالك رحمه الله في الموطأ (1/ 417) عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه:

أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرماً فأتاه القمل في رأسه فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه وقال: «صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين مدَّين لكل إنسان، أو انسك بشاة، أي ذلك فعلت أجزأ عنك» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.

وهكذا في الموطأ (1258) برواية أبي مصعب الزهري بمثل رواية يحيى الليثي هذه.

ورواه أبو داود (1860) من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، والبيهقي في السنن (5/ 169 - 170) من طريق عبد الله القعنبي وعبد الله بن يوسف وابن بكير، وفي معرفة السنن والآثار (10360) من طريق الشافعي أربعتهم عن مالك بهذا الإسناد.

(1)

رجال الإسناد:

عبد الكريم بن مالك الجزري: تقدم.

عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري المدني ثم الكوفي، ثقة من الثانية، اختلف في سماعه من عمر، مات بوقعة الجماجم سنة ثلاث وثمانين، قيل: إنه غرق، روى له البخاري ومسلم.

ص: 83

وهم مالك رحمه الله في هذا الإسناد فأسقط ذكر مجاهد

(1)

وقد رواه عنه آخرون من أصحابه فذكروا مجاهداً في الإسناد.

منهم: عبد الرحمن بن مهدي

(2)

، وابن القاسم

(3)

، وعبد الله بن وهب

(4)

، والحسين بن الوليد

(5)

، ومكي بن إبراهيم

(6)

هؤلاء كلهم رووه عن (مالك عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة).

ورواه البخاري في صحيحه (1814) من طريق عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك عن حميد بن قيس عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به. اه.

فقال لمالك في هذا الحديث شيخان هما عبد الكريم بن مالك الجزري وحميد بن قيس وكلاهما يرويان الحديث عن مجاهد.

وكان مالك أحياناً ربما لا يذكر مجاهداً في حديثه عن شيخه عبد الكريم كما رواه عنه يحيى الليثي وأبو مصعب الزهري والشافعي والقعنبي وعبد الله بن يوسف وابن بكير.

وأحياناً يذكره كما رواه عنه ابن مهدي ومن معه.

(1)

مجاهد بن جبر.

(2)

أحمد (4/ 241).

(3)

النسائي (5/ 194 - 195).

(4)

ابن الجارود في المنتقى (450) والبيهقي (5/ 169).

(5)

البيهقي (5/ 55).

(6)

ابن عبد البر في التمهيد (20/ 64).

ص: 84

وقد روى هذا الحديث سيف بن سليمان

(1)

، وابن أبي نجيح

(2)

، وأيوب السختياني

(3)

، وأبو بشر

(4)

، وابن عون

(5)

، وحميد بن قيس

(6)

، وعبد الكريم بن مالك الجزري

(7)

.

هؤلاء كلهم رووه عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة.

قال الشافعي: غلط مالك في هذا الحديث، الحفاظ حفظوه عن عبد الكريم عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة.

قاله البيهقي ثم قال: (إنما سقط ذكر مجاهد من إسناده في العرضة التي حضرها الشافعي، وكذلك في العرضة التي حضرها القعنبي وعبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير، وقد ذكرها في العرضة التي حضرها عبد الله بن وهب وذكر غيره عن عبد الكريم)

(8)

.

وقال أبو حاتم في العلل (828): أسقط مالك مجاهداً من الإسناد، إنما هو عبد الكريم، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

البخاري (1815) ومسلم (1201)(82).

(2)

البخاري (1817، 1818، 4159، 5665).

(3)

البخاري (4190، 5665، 5703) ومسلم (1201)(80)(82).

(4)

البخاري (4191).

(5)

مسلم (1201)(81).

(6)

مسلم (1201)(83).

(7)

مسلم (1201)(83) رواه سفيان بن عيينة عنه.

(8)

معرفة السنن والآثار (7/ 366 - 368) والسنن الكبرى (5/ 169 - 170).

ص: 85

وقال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 62): (هكذا روى يحيى هذا الحديث عن مالك عن عبد الكريم الجزري، عن ابن أبي ليلى، وتابعه أبو المصعب، وابن بكير، والقعنبي، ومطرف، والشافعي، ومعن بن عيسى، وسعيد بن عفير، وعبد الله بن يوسف التنيسي، ومصعب الزبيري، ومحمد بن المبارك الصوري، كل هؤلاء رووه عن مالك كما رواه يحيى لم يذكروا مجاهداً في إسناد هذا الحديث.

ورواه ابن وهب وابن القاسم ومكي بن إبراهيم عن مالك عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة، وذكر الطحاوي أن القعنبي رواه هكذا كما رواه ابن وهب وابن القاسم فذكر فيه مجاهداً.

قال ابن عبد البر: الصواب في إسناد هذا الحديث قول مَنْ جعل فيه مجاهداً بين عبد الكريم وابن أبي ليلى، ومَن أسقطه فقد أخطأ فيه، والله أعلم.

وزعم الشافعي أن مالكاً هو الذي وهم فيه).

ص: 86

‌الحديث الثاني عشر

(1)

:

161 -

قال الإمام مالك رحمه الله في الموطأ (2/ 482): عن عمرو بن الحارث، عن عبيد بن فيروز، عن البراء بن عازب رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: ماذا يُتقى من الضحايا؟ فأشار بيده وقال: «أربعاً وكان البراء يشير بيده ويقول: يدي أقصر من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم: العرجاء البين ظلعها، والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقي»

(2)

.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبيد بن فيروز وهو ثقة، وثقه أبو حاتم والنسائي وروى الترمذي حديثه هذا وقال: حسن صحيح، وذكره ابن حبان في الثقات.

ورواه أحمد في المسند (4/ 301) عن عثمان بن عمر العبدي، والدارمي (1883) عن خالد بن مخلد، والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 2) من طريق إسماعيل، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 168) من طريق عبد الله بن وهب، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 484) من طريق عبد الله بن مسلمة، ومن طريقه البيهقي في السنن (9/ 274).

(1)

رجال الإسناد:

عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري، مولاهم المصري، أبو أمية، ثقة فقيه حافظ، من السابعة، مات قديماً قبل سنة 150، روى له البخاري ومسلم.

عبيد بن فيروز الشيباني مولاهم، أبو الضحاك الكوفي، نزل الجزيرة، ثقة من الثالثة، روى له أصحاب السنن.

(2)

ظلعها: يعني عرجها، التي لا تنقي، أي: لا نقي لها، والنقي الشحم.

ص: 87

ورواه البيهقي في معرفة السنن والآثار (14/ 31، 33) من طريق الشافعي والقعنبي كلهم عن مالك بهذا الإسناد.

وقد وهم مالك رحمه الله في هذا الإسناد على عمرو بن الحارث فقال: (عن عمرو بن الحارث، عن عبيد بن فيروز، عن البراء بن عازب).

وخالفه عبد الله بن وهب

(1)

فرواه (عن عمرو بن الحارث، عن سليمان بن عبد الرحمن عن عبيد بن فيروز عن البراء).

أسقط مالك سليمان بن عبد الرحمن من الإسناد

(2)

.

وكذلك رواه شعبة

(3)

، والليث بن سعد

(4)

، ويزيد بن أبي حبيب

(5)

، وزيد بن أبي أنيسة

(6)

، وابن لهيعة

(7)

.

(1)

النسائي (7/ 215 - 216) وفي الكبرى (4461) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 168) وابن حبان (5921) وابن عساكر في تاريخ دمشق (22/ 349).

(2)

سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى، ويقال: سليمان بن يسار بن عبد الرحمن، ويقال: سليمان بن إنسان بن عبد الرحمن الدمشقي الكبير أبو عمرو مولى بني أسد بن خزيمة، وثقه يحيى بن معين وأبو حاتم والنسائي، وقال أحمد: ما أحسن حديثه عن البراء في الضحايا.

(3)

أحمد (4/ 284) والطيالسي (785) ط دار هجر، والدارمي (1884) وأبو داود (2802) والترمذي (1497) والنسائي (7/ 214) وفي الكبرى (4459، 4460) وابن ماجه (907) وابن الجارود (907) وابن خزيمة (2912) وابن حبان (5922) والحاكم (1/ 467) والبيهقي (5/ 242) وابن عساكر في تاريخه (22/ 349) والطحاوي (4/ 168).

(4)

النسائي (7/ 215) وفي الكبرى (4461) والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 2) والطحاوي (4/ 168) وابن حبان (5919) والبيهقي (9/ 274).

(5)

الترمذي (1497) والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 1) والبيهقي (9/ 274) وابن عساكر في تاريخ دمشق (22/ 348).

(6)

ذكره أبو حاتم كما في العلل لابنه (1607) وابن عبد البر في التمهيد (20/ 164) تعليقاً.

(7)

الطحاوي (4/ 168) وابن عبد البر في التمهيد (20/ 165) والنسائي (7/ 215 - 216) ولم يسمه.

ص: 88

فرووه عن (سليمان بن عبد الرحمن، عن عبيد بن فيروز، عن البراء بن عازب).

قال ابن حبان في صحيحه (13/ 244): يروى هذا الخبر عن مالك عن عمرو بن الحارث وأخطأ فيه، لأنه أسقط سليمان بن عبد الرحمن من الإسناد.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (1604): سألت أبي عن حديث رواه مالك عن عمرو بن الحارث، عن عبيد بن فيروز، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأضاحي:

فقال أبي: نقص مالك من هذا الإسناد، إنما هو عمرو بن الحارث عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، عن عبيد بن فيروز، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 164): هكذا روى مالك هذا الحديث عن عمرو بن الحارث عن عبيد بن فيروز، لم تختلف الرواة عن مالك في ذلك.

والحديث إنما رواه عمرو بن الحارث عن سليمان بن عبد الرحمن عن عبيد بن فيروز عن البراء بن عازب، فسقط لمالك ذكر سليمان بن عبد الرحمن ولا يعرف هذا الحديث إلا لسليمان بن عبد الرحمن هذا، ولم يروه غيره عن عبيد بن فيروز ولا يعرف عبيد بن فيروز إلا بهذا الحديث وبرواية سليمان عنه، ورواه عن سليمان جماعة من الأئمة منهم: شعبة، والليث، وعمرو بن الحارث، ويزيد بن أبي حبيب وغيرهم.

ص: 89

‌علة الوهم:

اختلاف الأمصار، فعمرو بن الحارث مصري لذا كانت رواية عبد الله بن وهب وهو من مصر أصح هنا من رواية الإمام مالك، والله تعالى أعلم.

ص: 90

‌الحديث الثالث عشر

(1)

:

162 -

روى الإمام مالك في الموطأ (2/ 776) عن هلال بن أسامة، عن عطاء بن يسار، عن عمر بن الحكم أنه قال:

أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن جارية لي كانت ترعى غنماً لي، فجئتها وقد فقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت: أكلها الذئب، فأسفت عليها وكنت من بني آدم فلطمت وجهها وعلي رقبة أفأعتقها؟

فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين الله؟» .

فقالت: في السماء.

فقال: «مَنْ أنا؟» .

فقالت: أنت رسول الله.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعتقها» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمر بن الحكم وقد

(1)

رجال الإسناد:

هلال بن علي بن أسامة العامري، المدني، وقد ينسب إلى جده، ثقة، من الخامسة، مات سنة بضع وعشرة، روى له البخاري ومسلم.

عطاء بن يسار الهلالي، أبو محمد المدني، مولى ميمونة، ثقة فاضل صاحب مواعظ وعبادة، من صغار الثانية، مات سنة 94 وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.

عمر بن الحكم السلمي، صوابه معاوية وهم فيه مالك.

ص: 91

وهم مالك رحمه الله في اسمه والصواب أن اسمه معاوية بن الحكم السلمي

(1)

.

وأخرجه من طريق مالك الإمام الشافعي في الرسالة (242) والنسائي في الكبرى (7756)، (11465) من طريق قتيبة بن سعيد، وابن القاسم، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 283) من طريق الشافعي، ويونس بن عبد الأعلى، وابن وهب، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4992، 5231) من طريق عبد الله بن وهب، والبيهقي في السنن (7/ 387)، (10/ 57) من طريق الشافعي، وعبد الله بن وهب، والخطيب في الموضح (1/ 187) وابن عبد البر في التمهيد (22/ 76 - 79) وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 226) من طريق مصعب.

هكذا روى هؤلاء الأئمة الثقات هذا الحديث عن الإمام مالك فقال: (عن هلال بن أسامة، عن عطاء بن يسار، عن عمر بن الحكم).

خالفه يحيى بن أبي كثير

(2)

، وأسامة بن زيد

(3)

، وفليح بن سليمان

(4)

فرووه عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي).

وقد وَهَّم أهل العلم مالكاً في قوله: (عمر بن الحكم) إذ لا يعرف في الصحابة مَنْ هو بهذا الاسم، إنما هو تابعي يعرف بهذا

(1)

معاوية بن الحكم السلمي، صحابي نزل المدينة، روى له مسلم في صحيحه.

(2)

مسلم (537) وأبو داود (930) والنسائي (3/ 14 - 18) والطيالسي (1150) وابن خزيمة (859) وابن الجارود (212) وابن حبان (165) و (2247) والطيالسي (1115).

(3)

ذكره الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس ص 100.

(4)

أبو داود (931).

ص: 92

الاسم

(1)

أما قول مالك: (هلال بن أسامة) فقد نسبه إلى جده وإنما هو هلال بن علي بن أسامة، ويقال له: هلال بن أبي ميمونة.

قال الطحاوي (12/ 524): سمعت المزني يقول: قال الشافعي: مالك سمّى هذا الرجل عمر بن الحكم، وإنما هو معاوية بن الحكم

(2)

.

وقال أيضاً (13/ 367): (هكذا يقول مالك في إسناد هذا الحديث: هلال بن أسامة، والذين يروونه سواه عن هلال يقول بعضهم: هلال بن علي، ويقول بعضهم: هلال بن أبي ميمونة.

وقد يحتمل أن يكون هلال هذا هو ابن علي بن أسامة، فيكون مالك نسبه إلى جده، ويحتمل أن يكون أبوه من علي أو من أسامة كان يكنى أبا ميمونة.

وفيه عن عمر بن الحكم والناس جميعاً يقولون فيه: عن معاوية بن الحكم ويخالفون مالكاً فيه).

وقال مسلم في التمييز: ومعاوية بن الحكم مشهور برواية هذا الحديث في قصة الجارية والكهان والطيرة، قال: ولا نعلم أحداً سماه عمر إلا مالك ووهم فيه.

وقال الدارقطني: ذلك مما يعتد به على مالك في الوهم

(3)

.

(1)

عمر بن الحكم بن ثوبان المدني، صدوق، من الثالثة، مات سنة 117 وله 80 سنة.

(2)

وذكره صاحب السنن المأثورة (1/ 406) ثم قال: قال لنا أبو جعفر: هو كما قال الشافعي، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 75).

(3)

أطراف الموطأ: ل: 136 أ نقلاً من حاشية كتاب الأحاديث الي خولف فيها مالك بن أنس للدارقطني ص 100.

ص: 93

وقال البزار: (روى مالك عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم السلمي أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فوهم فيه، وإنما الحديث لعطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي.

قال: وليس أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: عمر بن الحكم)

(1)

!

وقال أحمد بن خالد الأندلسي: (ليس أحد يقول فيه: عمر بن الحكم غير مالك ووهم فيه)، وكذلك رواه أصحابه جميعاً عنه، وإنما يقول ذلك مالك في حديثه عن هلال بن أسامة، وقد رواه عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن معاوية بن الحكم السلمي كما رواه الناس)

(2)

.

وقال أبو محمد بن الجارود: (ليس هو عمر بن الحكم، إنما هو معاوية بن الحكم وهو خطأ من مالك)

(3)

.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (22/ 76): (هكذا قال مالك في هذا الحديث عن هلال عن عطاء عن عمر بن الحكم لم يختلف الرواة عنه في ذلك وهو وهم عند جميع أهل العلم بالحديث وليس في الصحابة رجل يقال له: عمر بن الحكم وإنما هو معاوية بن الحكم، كذلك قال فيه كل مَنْ روى هذا الحديث عن هلال وغيره، ومعاوية بن الحكم معروف في الصحابة وحديثه هذا معروف له، وأما عمر بن الحكم فهو من التابعين).

ثم أورد ابن عبد البر الحديث الذي رواه مالك عن الزهري، عن

(1)

التمهيد (22/ 77).

(2)

التمهيد (22/ 77).

(3)

التمهيد (22/ 79).

ص: 94

أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن معاوية بن الحكم (فذكر حديث الباب)

(1)

وقال مدافعاً عن مالك وأن الخطأ إنما هو من شيخه هلال. قال رحمه الله: (فهذا مالك يقول في هذا الحديث: عن ابن شهاب عن معاوية بن الحكم كما سمعه منه وحفظه عنه ولو سمعه كذلك من هلال لأداه كذلك والله أعلم. وربما كان هذا من هلال، إلا أن جماعة رووه عن هلال فقالوا فيه: معاوية بن الحكم، والله أعلم

(2)

.

(1)

والحديث أخرجه مسلم في صحيحه (537).

(2)

لذا فالظاهر أن الوهم من مالك.

ص: 95

‌الحديث الرابع عشر

(1)

:

163 -

روى الإمام مالك رحمه الله في الموطأ (1/ 302 ط ابن حزم) عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال:

خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، فقال:«إني أريت هذه الليلة في رمضان، حتى تلاحى رجلان فرفعت فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة» .

‌التعليق:

هذا إسناد على شرط الشيخين، ورواه من طريق مالك النسائي في الكبرى (3396) والبيهقي في المعرفة (6/ 387) والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 353).

هكذا رواه الإمام مالك فقال: (عن حميد، عن أنس).

خالفه أصحاب حميد فرووه عن حميد، عن أنس، عن عبادة بن الصامت)، منهم:

إسماعيل بن جعفر

(2)

، وخالد بن الحارث

(3)

، وبشر بن المفضل

(4)

، وحماد بن سلمة

(5)

، ويزيد بن هارون

(6)

، ويحيى القطان

(7)

،

(1)

رجال الإسناد:

حميد بن أبي حميد الطويل، أبو عبيدة البصري، ثقة مدلس، من الخامسة، مات سنة 42 ويقال 43 وهو قائم يصلي، روى له البخاري ومسلم.

(2)

البخاري (49).

(3)

البخاري (2023).

(4)

البخاري (6049).

(5)

أحمد (5/ 313) والطيالسي (577 ط التركي) والطحاوي (3/ 89).

(6)

الدارمي (1781) والبيهقي (4/ 311) ومحمد بن نصر في قيام الليل (182).

(7)

أحمد (5/ 319).

ص: 96

ومعتمر بن سليمان

(1)

، ويزيد بن زريع

(2)

، وعبد الوهاب الثقفي

(3)

، ومحمد بن عبد الله الأنصاري

(4)

، وزهير بن معاوية

(5)

، وإبراهيم بن عبد الحميد

(6)

، ومحمد بن أبي عدي

(7)

.

وكذلك رواه ثابت البناني، عن أنس، عن عبادة بن الصامت

(8)

.

قال علي بن المديني: وهم فيه مالك، وخالفه أصحاب حميد، وهم أعلم به منه، ولم يكن له بحميد علم كعلمه بمشيخة أهل المدينة

(9)

.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (696): وسألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه مالك بن أنس، عن حميد الطويل، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر؟

قالا: إنما هو عن أنس عن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت لهما: الوهم ممن هو؟

قالا: من مالك.

(1)

أحمد (1/ 313).

(2)

النسائي في الكبرى (3395).

(3)

ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 514) وابن عبد البر في الاستذكار (3/ 411).

(4)

البيهقي في شعب الإيمان (1405).

(5)

الطحاوي (3/ 89).

(6)

الطبراني في الأوسط (4409).

(7)

أحمد (5/ 313) والبزار (2680).

(8)

الطيالسي (577) والبيهقي في الشعب (3679) وابن عساكر في تاريخه (26/ 175).

(9)

الاستذكار لابن عبد البر (3/ 411).

ص: 97

وقال ابن عبد البر في التمهيد (2/ 200): هكذا روى مالك هذا الحديث لا خلاف عنه في إسناده ومتنه

، وإنما الحديث لأنس عن عبادة بن الصامت.

وقال الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص 134): (روى مالك في الموطأ عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك

الحديث.

خالفه حماد بن سلمة، وأبو شهاب الحناط، وأبو ضمرة أنس بن عياض، وإسماعيل بن جعفر، ومحمد بن إسحاق، ويحيى بن أيوب، ويزيد بن هارون، وعبد الله بن بكر السهمي وغيرهم، فرووه عن حميد عن أنس، عن عبادة بن الصامت وهو الصواب، ومالك قصّر به لم يذكر عبادة.

ورواه قتادة وثابت البناني عن أنس عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ذلك).

وقال ابن حجر في الفتح (4/ 268): قوله: (عن أنس عن عبادة) كذا رواه أكثر أصحاب حميد عن أنس، ورواه مالك فقال: عن حميد عن أنس، قال: خرج علينا، ولم يقل: عن عبادة، قال ابن عبد البر: والصواب إثبات عبادة وأن الحديث من مسنده.

‌علة الوهم:

اختلاف الأمصار فحميد من البصرة ومالك من المدينة المنورة.

فلذا أحكم أهل البصرة الحديث ولم يحكمه مالك كما أشار إلى ذلك شيخ علل الحديث علي بن المديني، والله تعالى أعلم.

ص: 98

‌الحديث الخامس عشر

(1)

:

164 -

روى مالك في الموطأ (2/ 985) عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن بلال بن الحارث المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه. وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه» .

‌التعليق:

أخرجه الطبراني (1134) من طريق عبد الله بن أبي الحكم، والحاكم (1/ 46) من طريق ابن أبي أويس عن مالك بهذا الإسناد.

هكذا رواه مالك فقال: (عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن بلال بن الحارث).

خالفه غيره من أصحاب محمد بن عمرو فقالوا: (عن محمد بن عمرو، عن أبيه عن جده، عن بلال بن الحارث) أي: بزيادة جده علقمة.

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة 145 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم. (البخاري مقروناً بغيره ومسلم في المتابعات).

عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، مقبول، من السادسة، روى له الترمذي والنسائي وابن ماجه.

بلال بن الحارث المزني، أبو عبد الرحمن المدني، صحابي، مات سنة 60 وله 80 سنة، روى له أصحاب السنن.

ص: 99

وممن قال ذلك:

سفيان بن عيينة

(1)

، وعبدة بن سليمان

(2)

، ومحمد بن بشر

(3)

، ويزيد بن هارون

(4)

، وأبو معاوية الضرير

(5)

، وعبد العزيز الدراوردي

(6)

، وإسماعيل بن جعفر

(7)

، وسفيان الثوري

(8)

، وسعيد بن عامر الضبعي

(9)

، وعبد الله بن محمد المسندي

(10)

، وأبو ضمرة أنس بن عياض

(11)

، ويعلى بن عبيد

(12)

، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة

(13)

.

وقد صحح رواية الجماعة هذه البخاري والترمذي.

قال البخاري: وهذا أصح

(14)

.

وقال الترمذي: وهكذا رواه غير واحد عن محمد بن عمرو نحو هذا، قالوا: عن محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن بلال بن

(1)

الحميدي (911).

(2)

الترمذي (2319) وابن حبان (281) وقال الترمذي: حسن صحيح.

(3)

ابن ماجه (3969) والحاكم (1/ 45).

(4)

ابن حبان (287) والطبراني (1129).

(5)

أحمد (3/ 469).

(6)

الطبراني في الكبير (1169) والحاكم (1/ 45).

(7)

الطبراني (1129) والحاكم (1/ 45) والبغوي في شرح السنّة (4124).

(8)

الطبراني (1131، 1132) والحاكم (1/ 45) وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 415).

(9)

الحاكم (1/ 45) وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 416).

(10)

البخاري في التاريخ الكبير (2/ 106 - 107) وفي الصغير (1/ 94 - 95).

(11)

ابن عساكر (10/ 416).

(12)

ابن عساكر (10/ 416، 417، 418).

(13)

ابن عساكر (10/ 419).

(14)

التاريخ الكبير (2/ 107).

ص: 100

الحرث، وروى هذا الحديث مالك عن محمد بن عمرو عن أبيه عن بلال بن الحرث ولم يذكر فيه جده

(1)

.

وقال الطبراني: أسقط مالك ومحمد بن عجلان من الإسناد علقمة بن وقاص جد محمد بن عمرو

(2)

.

وقال الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس رضي الله عنه ص 146:

روى مالك في الموطأ عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن بلال بن الحارث المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة

».

خالفه سفيان بن عيينة، وأبو معاوية الضرير، وعبد العزيز الدراوردي، ومعاذ بن معاذ، وسعيد بن عامر، ويزيد بن هارون، ومحمد بن عبيد، ويعلى بن عبيد، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي وغيرهم فرووه عن محمد بن عمرو، عن أبيه عن جده عن بلال بن الحارث.

وكذلك رواه أيضاً حيوة بن شريح عن ابن عجلان، عن محمد بن عمرو عن أبيه، عن جده، عن بلال بن الحارث.

ورواه الليث وابن لهيعة، عن ابن عجلان فنقصا من إسناده علقمة

وقال الحاكم (1/ 46): قصر مالك بن أنس برواية هذا الحديث عن محمد بن عمرو ولم يذكر علقمة بن وقاص.

(1)

السنن 4/ 444 عقب الحديث (2319).

(2)

المعجم الكبير (1/ 369).

ص: 101

وهذا لا يوهن الإجماع الذي قدّمنا ذكره بل يزيدنا تأكيداً بمتابعة مثل مالك إلا أن القول فيه ما قالوه بالزيادة في إقامة إسناده.

وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق (1/ 414): قال أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الشرقي الحافظ: لم يقم بهذا الإسناد مالك بن أنس ولا موسى بن عقبة ترك أحدهما أباه والآخر جده، وأقامه سفيان الثوري فقال: عن محمد عن أبيه، عن جده عن بلال).

وقال ابن عبد البر في التمهيد (13/ 50): والقول عندي فيه والله أعلم قول مَنْ قال: عن أبيه، عن جده، وإليه مال الدارقطني رحمه الله.

ص: 102

‌الحديث السادس عشر

(1)

:

165 -

روى الإمام مالك في الموطأ (ص 837): عن الثقة عنده، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن بسر بن سعيد، عن أبي سعيد الخدري عن أبي موسى الأشعري أنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الاستئذان ثلاثاً، فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وهو في الموطأ (رواية أبي مصعب الزبيري (2029)) وابن القاسم (549) والثقة الذي عناه الإمام مالك هو عمرو بن الحارث وهو الذي يروي هذا الحديث عن بكير كما سيأتي في رواية مسلم.

وأخرجه أبو القاسم الجوهري في مسند الموطأ (627/ 846) من طريق القعنبي، وابن المظفر البزار في غرائب حديث مالك (191/ 125) من طريق عبد الله بن وهب كلاهما عن مالك:

هكذا روى مالك هذا الحديث عن عمرو بن الحارث، عن

(1)

رجال الإسناد:

عمرو بن الحارث: تقدم.

بكير بن عبد الله الأشج، مولى بني مخزوم، نزيل مصر، ثقة من الخامسة، مات سنة 120 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.

بُسر بن سعيد المدني العابد، مولى ابن الحضرمي، ثقة جليل، من الثانية، مات سنة 100، روى له البخاري ومسلم.

ص: 103

بكير بن عبد الله

(1)

وجعل أبا سعيد الخدري إنما يحدث هذا الحديث عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والصحيح عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكره قصة أبي موسى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وإنما حصل هذا الوهم في اختصار القصة والاقتصار على ذكر الحديث المرفوع.

وقد أخرج مسلم في صحيحه

(2)

هذا الحديث من طريق عمرو بن الحارث فذكر قصة أبي موسى مع عمر رضي الله عنهما وبيّن في آخره أن أبا سعيد شهد عند عمر أنه سمع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم.

قال مسلم في صحيحه

(3)

: (حدثني أبو الطاهر، أخبرني عبد الله بن وهب، حدثني عمرو بن الحارث، عن بُكير بن الأشج أن بُسر بن سعيد حدّثه أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: كنا في مجلس عند أبي بن كعب فأتى أبو موسى الأشعري مغضباً حتى وقف فقال: أنشدكم الله هل سمع أحد منكم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الاستئذان ثلاث، فإذا أذن لك وإلا فارجع» ، قال أبيّ: وما ذاك؟ قال: استأذنت على عمر بن الخطاب أمس ثلاث مرات فلم يؤذن لي فرجعت ثم جئته اليوم فدخلت عليه فأخبرته أني جئت أمس فسلّمت ثلاثاً ثم انصرفت، قال: قد سمعناك ونحن حينئذٍ على شغل فلو ما استأذنت

(1)

قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 202): يقال: إن الثقة هاهنا عن بكير هو مخرمة بن بكير، ويقال: بل وجدها مالك في كتب بكير أخذها من مخرمة.

وقال الحافظ في الفتح (11/ 29): رواية عمرو بن الحارث هي من الوجه الذي أخرجه منه مالك.

(2)

(34).

(3)

/ 1295 ح رقم (2153)(34).

ص: 104

حتى يؤذن لك. قال: استأذنت كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فوالله لأوجعن ظهرك وبطنك أو لتأتين بمَن يشهد لك على هذا.

فقال أبي بن كعب: فوالله لا يقوم معك إلا أصغرنا سناً، قم يا أبا سعيد، فقمت حتى أتيت عمر فقلت: قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا) اه.

قال الحافظ في الفتح (11/ 29): (واتفق الرواة على أن أبا سعيد حدّث بهذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وحكى قصة أبي موسى عنه إلا ما أخرجه مالك في الموطأ عن الثقة، عن بكير بن الأشج، عن بسر عن أبي سعيد عن أبي موسى بالحديث مختصراً دون القصة، وقد أخرجه مسلم من طريق عمرو بن الحارث عن بكير بطوله وصرّح في روايته بسماع أبي سعيد له من النبي صلى الله عليه وسلم.

وأغرب الداودي فقال: روى أبو سعيد حديث الاستئذان عن أبي موسى وهو يشهد له عند عمر فأدى إلى عمر ما قال أهل المجلس وكأنه نسي أسماءهم بعد ذلك فحدّث به عن أبي موسى وحده لكونه صاحب القصة.

وتعقبه ابن التين بأنه مخالف لما في رواية الصحيح لأنه قال: فأخبرك عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.

قلت أي: الحافظ: وليس ذلك صريحاً في رد ما قال الداودي وإنما المعتمد في التصريح بذلك رواية عمرو بن الحارث وهي من الوجه الذي أخرجه مالك.

والتحقيق أن أبا سعيد حكى قصة أبي موسى عنه بعد وقوعها بدهر طويل لأن الذين رووها عنه لم يدركوها، ومن جملة قصة أبي

ص: 105

موسى الحديث المذكور، فكأن الراوي لما اختصرها واقتصر على المرفوع خرج منها أن أبا سعيد ذكر الحديث المذكور عن أبي موسى وغفل عما في آخرها من رواية أبي سعيد المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير واسطة وهذا من آفات الاختصار فينبغي لمَن اقتصر على بعض الحديث أن يتفقد مثل هذا وإلا وقع في الخطأ وهو كحذف ما للمتن به تعلق وتختلف الدلالة بحذفه.

وقد اشتد إنكار ابن عبد البر على مَنْ زعم أن هذا الحديث إنما رواه أبو سعيد عن أبي موسى وقال: إن الذي وقع في الموطأ لهما هو من النقلة لاختلاط الحديث عليهم.

وقال في موضع آخر: ليس المراد أن أبا سعيد روى هذا الحديث عن أبي موسى وإنما المراد عن أبي سعيد عن قصة أبي موسى والله أعلم). اه.

قال ابن عبد البر في الاستذكار (8/ 474): هكذا قال مالك في إسناد حديثه هذا عن أبي سعيد الخدري عن أبي موسى وهذا وهم ممن رواه هكذا، وكذلك رواه ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث عن داود بن أبي هند عن أبي نضر عن أبي سعيد عن أبي موسى

، وهذا لا معنى له لأن أبا سعيد الخدري لم يروِ هذا الحديث قط عن أبي موسى الأشعري، وإنما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وشهد بذلك لأبي موسى.

وقد خرّج بعض الرواة له مخرجاً كأنه قال عن أبي سعيد عن قصة أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 106

‌علة الوهم:

1 اختصار الحديث كما قال ابن حجر: (هذا من آفات الاختصار).

2 مراده أن أبا سعيد يحكي قصة أبي موسى الأشعري لا أنه يرويه عنه ولهذا نظائر.

3 يقال: إن مالكاً لم يسمعه من مخرمة بل وجد ذلك في كتاب بكير.

قال في التمهيد (24/ 202): (يقال: إن الثقة هنا عن بكير هو مخرمة بن بكير وقال: بل وجده مالك في كتب بكير أخذها من مخرمة.

وقال ابن البرقي: قال لي يحيى بن معين: كان مخرمة ثبتاً ولكن روايته عن أبيه كتاب وجده لأبيه لم يسمع منه، قال: وبلغني أن مالكاً كان يستعير كتب بكير فينظر فيها ويحدّث عنها.

قال ابن عبد البر: وهذا الإسناد من أحسن أسانيد هذا الحديث).

ص: 107

‌الحديث السابع عشر

(1)

:

166 -

قال الإمام مالك رحمه الله في الموطأ (2/ 720): عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن أبي عمرة الأنصاري، عن زيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها، أو يخبر بشهادته قبل أن يُسألها» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن عمرو بن عثمان من رجال مسلم.

هكذا رواه يحيى بن يحيى الليثي في روايته عن مالك في الموطأ، ورواه أبو مصعب الزهري في الموطأ كذلك (2931) ومن طريقه ابن حبان (5079)، ورواه الترمذي (2295) من طريق معن بن عيسى، والنسائي في الكبرى (6029) من طريق ابن القاسم، وأحمد

(1)

رجال الإسناد:

عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني القاضي، ثقة من الخامسة، مات سنة 135، روى له البخاري ومسلم.

أبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري البخاري اسمه وكنيته واحد، وقيل: إنه يكنى أبا محمد، ثقة عابد، من الخامسة، مات سنة 125 وقيل غير ذلك، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن عمرو بن عثمان الأموي، يلقب بالمطرف، ثقة شريف، من الثالثة، مات بمصر سنة 96، روى له مسلم.

عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري البخاري، يقال: ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن أبي حاتم: ليست له صحبة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 108

في المسند (4/ 115) من طريق إسحاق بن عيسى، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 152) من طريق ابن وهب، والبيهقي في السنن الصغير (4195) من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير.

كلهم عن مالك بهذا الإسناد قالوا فيه: عن أبي عمرة الأنصاري.

هكذا رواه مالك هنا فقال: (عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن أبي عمرة الأنصاري، عن زيد بن خالد الجهني).

ورواه مالك أيضاً بهذا الإسناد فقال فيه: (عبد الرحمنبن أبي عمرة الأنصاري).

رواه عنه كذلك الشافعي

(1)

، ومحمد بن الحسن الشيباني

(2)

، وعبد الرزاق

(3)

، وابن وهب

(4)

، وعبد الله بن مسلمة القعنبي

(5)

، وعبد الله بن يوسف التنيسي

(6)

.

وهذا هو الصحيح من رواية مالك صححه الترمذي كما سيأتي.

وكذلك رواه عنه يحيى بن يحيى النيسابوري فقال فيه: (عن ابن أبي عمرة) أخرجه مسلم في صحيحه

(7)

.

(1)

السنن (530) ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن والآثار (14/ 270).

(2)

الموطأ (849) بروايته عن مالك.

(3)

المصنف (15557) ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (17/ 294).

(4)

أبو داود (3596).

(5)

الترمذي (2296) وأبو عوانة (6411) والطبراني في الكبير (5182).

(6)

البخاري في التاريخ الكبير (1/ 187) والطبراني (5182).

(7)

ص: 109

وابن أبي عمرة هو عبد الرحمن بن أبي عمرة.

ويتأيد ذلك أن أبيّ بن عباس بن سهل بن سعد

(1)

، ويحيى بن محمد بن عبد الله بن عمرو

(2)

رويا هذا الحديث فقالا: عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم حدثني عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة.

قال الترمذي في جامعه (4/ 472) عقب الحديث (2296): (واختلفوا على مالك في هذا الحديث، فروى بعضهم عن أبي عمرة، وروى بعضهم عن ابن أبي عمرة وهو عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري وهذا أصح لأنه قد روي من غير حديث مالك عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن زيد بن خالد.

وقد روي عن ابن أبي عمرة عن زيد بن خالد غير هذا الحديث، وهو حديث صحيح أيضاً، وأبو عمرة مولى زيد بن خالد الجهني، وله حديث الغلول، وأكثر الناس يقولون: عبد الرحمن بن أبي عمرة)

(3)

.

قال ابن عبد البر في التمهيد (17/ 293): هكذا قال يحيى عن مالك في إسناد هذا الحديث عن أبي عمرة الأنصاري. وكذلك قال فيه: عن مالك بن القاسم وأبو مصعب الزهري ومصعب الزبيري، وقال

(1)

الترمذي (2297) والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 188) وابن ماجه (2364) وأحمد (5/ 193) وأبيّ بن عباس ضعيف ما له في البخاري إلا حديث واحد، وقد وهم فزاد في الإسناد خارجة بن زيد بين عبد الله بن عمرو وعبد الرحمن بن أبي عمرة.

(2)

البخاري في التاريخ الكبير (1/ 188).

(3)

وسيأتي هذا الحديث في باب عبد الرحمن بن غزوان فانظره.

ص: 110

القعنبي ومعن بن عيسى وسعيد بن عفير ويحيى بن عبد الله بن بكير عن مالك بإسناده ابن أبي عمرة، وكذلك قال ابن وهب وعبد الرزاق إلا أنهما سمياه قالا: عبد الرحمن بن أبي عمرة.

وزاد في الاستذكار: وبعيد أن يروي أبو عمرة الأنصاري مع كبر سنه عن زيد بن خالد الجهني، وأما رواية ابنه عبد الرحمن بن أبي عمرة عنه فغير بعيدة ولا مدفوعة وعبد الرحمن بن أبي عمرة من خيار التابعين

(1)

.

(1)

الاستذكار (22/ 25).

ص: 111

‌الحديث الثامن عشر

(1)

:

167 -

قال مسلم في صحيحه (1031): وحدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد الخدري أو عن أبي هريرة رضي الله عنهما أنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل حديث عبيد الله

(2)

وقال: ورجل معلّق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه.

‌التعليق:

هذا إسناد على شرط الشيخين.

هكذا رواه مالك عن خبيب بالشك في راوي الحديث هل هو أبو هريرة أو أبو سعيد.

خالفه عبيد الله بن عمر

(3)

، ومبارك بن فضالة

(4)

، وشعبة

(5)

،

(1)

رجال الإسناد:

يحيى بن يحيى: تقدم.

خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف الأنصاري أبو الحارث المدني، ثقة من الرابعة، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.

حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.

(2)

«سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ بعبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه: ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه

».

(3)

البخاري (660، 1423، 6479، 6816) ومسلم (1031).

(4)

الطيالسي (2584) ط. التركي، والخطيب 12/ 239.

(5)

البيهقي في الأسماء والصفات (793).

ص: 112

وسعيد بن أبي الأبيض

(1)

فقالوا: (عن خبيب، عن حفص بن عاصم، عن الزهري) فحفظه هؤلاء ولم يشكوا فيه فجعلوه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

قال الدارقطني: روى مالك في الموطأ عن خبيب عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة أو أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله

» الحديث.

خالفه عبيد الله بن عمر، ومبارك بن فضالة، وشعبة، وسعيد بن أبي الأبيض، رووه عن خبيب، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير شك

(2)

.

قال ابن عبد البر في التمهيد (2/ 280): روى هذا الحديث عن مالك كل مَنْ نقل الموطأ عنه فيما علمت على الشك في أبي هريرة وأبي سعيد إلا مصعباً الزبيري وأبا قرة موسى بن طارق فإنهما قالا فيه: عن مالك، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة وأبي سعيد (ثم رواه من طريقهما عن مالك كذلك) وقال: وكذلك رواه أبو معاذ البلخي عن مالك.

‌الخلاصة:

الحديث صحيح والاختلاف في اسم الصحابي أو جهل اسمه لا يضر فالصحابة كلهم عدول.

وقد صدّر مسلم هذا الباب برواية عبيد الله الجازمة وأتى برواية مالك متابعة وعبيد الله بن عمر قال في رواية له: (حدثني خالي خبيب عن جدي حفص بن عاصم).

(1)

الطبراني في الأوسط (6324).

(2)

البيهقي في شعب الإيمان (7357).

ص: 113

‌الحديث التاسع عشر

(6)

:

168 -

قال ابن أبي عاصم في كتاب السنّة (1093): حدثنا أحمد بن عثمان الجوزاء، حدثنا محمد بن خالد بن عثمة، حدثنا مالك بن أنس، عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«الدين النصيحة للّه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير محمد بن خالد قال أحمد بن حنبل: ما أرى بحديثه بأساً، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ.

وقد تابعه غير واحد، والله تعالى أعلم.

وأخرجه ابن عدي في الكامل (1/ 180) و (1/ 183) من طريق أحمد بن صالح المصري، ويونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب به.

(6)

رجال الإسناد:

أحمد بن عثمان بن أبي عثمان، بصري يلقب أبا الجوزاء، ثقة، من الحادية عشرة، روى له مسلم.

محمد بن خالد بن عثمة، ويقال: إنها أمه، الحنفي البصري، صدوق يخطاء، من العاشرة، روى له أصحاب السنن الأربعة.

سهيل بن أبي صالح، ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بأخرة، روى له البخاري مقروناً وتعليقاً، وروى له مسلم.

ذكوان، أبو صالح السمان الزيات المدني، ثقة ثبت وكان يجلب الزيت إلى الكوفة، من الثالثة، مات سنة 101، روى له البخاري ومسلم.

ص: 114

وفي (1/ 184) من طريق محمد بن خالد بن عثمة ومعن بن عيسى ومحمد بن مخشي كلهم عن مالك به.

والبخاري في التاريخ الأوسط (2/ 34) من طريق معن تعليقاً.

وابن حجر في تغليق التعليق (2/ 58) من طريق ابن وهب وعبد الله بن نافع عن مالك.

لذا قال الألباني عقب الحديث: إسناده حسن ورجاله على شرط مسلم غير محمد بن خالد بن عثمة قال الحافظ: صدوق يخطاء.

هكذا قال مالك (عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة).

وخالفه سفيان بن عيينة

(1)

، وسفيان الثوري

(2)

، وروح بن القاسم

(3)

، ويحيى بن سعيد الأنصاري

(4)

، وزهير بن معاوية

(5)

، وجرير بن عبد الحميد

(6)

، وإسماعيل بن عياش

(7)

، وخالد بن عبد الله الواسطي

(8)

، والضحاك بن عثمان

(9)

، وسليمان التيمي

(10)

، ووهيب بن

(1)

مسلم (55).

(2)

مسلم (55).

(3)

مسلم (55).

(4)

أبو عوانة (103) وابن حبان (4574) والطبراني (1261).

(5)

أبو داود (4944) وابن الجعد (681).

(6)

البيهقي (8/ 163).

(7)

أبو يعلى (7161) والطبراني (1265) وابن عساكر (11/ 53) إلا أنه وهم فيه فزاد فيه (عن أبيه).

(8)

الروياني (1512) وابن أبي عاصم في السنّة (1091) والطبراني (1267).

(9)

ابن أبي عاصم (1090) والطبراني (1268).

(10)

الخطيب في تاريخ بغداد (14/ 207).

ص: 115

خالد

(1)

، وحماد بن سلمة

(2)

، وعبد العزيز بن أبي حازم

(3)

، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير

(4)

، وإبراهيم بن طهمان

(5)

، وعبد العزيز بن المختار

(6)

.

هؤلاء كلهم خالفوا مالكاً فقالوا: (عن سهيل بن أبي صالح، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن تميم الداري.

وكذلك رواه عمرو بن دينار عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن عطاء بن يزيد، عن تميم الداري)

(7)

.

وروي عن مالك كذلك.

قال البخاري: قال علي بن المديني: بلغني أن في كتاب عثمان بن عمر: عن مالك عن سهيل عن عطاء، عن تميم عن النبي صلى الله عليه وسلم

(8)

.

وهذا هو المحفوظ في هذا الحديث (سهيل بن أبي صالح عن عطاء عن تميم) بل قال الإمام البخاري رحمه الله: (فمدار هذا الحديث كله على تميم ولم يصح عن أحد غير تميم)

(9)

.

(1)

الطبراني (1262).

(2)

ابن عساكر في تاريخ دمشق (25/ 23).

(3)

ابن أبي عاصم في السنّة (1089).

(4)

الطبراني (1264) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 194).

(5)

ابن حجر في التغليق (2/ 57).

(6)

ابن مندة كما في التغليق (2/ 57).

(7)

مسلم (55).

(8)

التاريخ الأوسط (2/ 36) والكبير (6/ 459).

(9)

التاريخ الأوسط (2/ 35) ونحوه في الكبير (6/ 459).

ص: 116

وقال الحافظ: (وقد روي حديث النصيحة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة وهو وهم من سهيل أو ممن روى عنه لما بيّنّاه، قال البخاري في تاريخه: لا يصح إلا عن تميم)

(1)

.

وقال الدارقطني: روى مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدين النصيحة

» الحديث.

خالفه أصحاب سهيل، منهم: سليمان التيمي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وزهير بن معاوية، وخالد بن عبد الله، وجرير بن عبد الحميد، وجعفر بن أبي كثير، وإبراهيم بن طهمان وغيرهم رووه عن سهيل عن عطاء بن يزيد الليثي، عن تميم الداري.

وقال ابن عيينة: (قال سهيل: سمعته من الذي سمعه منه أبي)

(2)

.

وقال الحافظ أيضاً: وذكر ابن الجارود أن قول مَنْ قال: عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة خطأ

(3)

.

قال ابن عبد البر: وهذا حديث رواه مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم كذلك رواه كل مَنْ رواه عن مالك، وزعم ابن الجارود وغيره أن مالكاً وهم في إسناده لأن سفيان بن عيينة رواه عن سهيل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد، عن تميم الداري، ثم ساقه بإسناده، وكذلك رواه سفيان الثوري وحماد بن

(1)

فتح الباري (1/ 35).

(2)

الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس ص 112 - 114.

(3)

تغليق التعليق (2/ 59).

ص: 117

سلمة والضحاك بن عثمان وغيرهم عن سهيل، عن عطاء بن يزيد، عن تميم الداري، والحديث عندي صحيح من الوجهين.

ثم استدل بمتابعة محمد بن عجلان

(1)

فقال: (وهذا كله يعضد رواية مالك والله أعلم)

(2)

.

‌الخلاصة:

الصحيح في هذا الإسناد إنما هو سهيل بن أبي صالح، عن عطاء بن يزيد، عن تميم، وأبو صالح، عن عطاء بن يزيد عن تميم، وقد قال الإمام البخاري بعد أن ذكر أسانيد هذا الحديث: لم يصح عن أحد غير تميم.

وقد وهم الإمام مالك رحمه الله إذ خالفه أصحاب أبي سهيل الحفاظ، منهم: الثوري وابن عيينة ويحيى بن سعيد الأنصاري وخالد الواسطي وسليمان التيمي وغيرهم من الأئمة الثقات ولم يتابعه إلا ابن عجلان وهو دونهم جميعاً في الحفظ والإتقان، ويلاحظ أن مالكاً وابن عجلان كليهما مدنيان وكذلك شيخهم في هذه الرواية سهيل بن أبي صالح مدني ويحتمل أن يكون الوهم لذا فيه من سهيل بن أبي صالح إلا أنه مع ذلك كونه من مالك أكثر احتمالاً فقد خالفه فيه يحيى بن سعيد الأنصاري والضحاك بن عثمان وعبد العزيز بن أبي حازم وثلاثتهم من المدينة، وقد ذكر علي بن المديني أن في كتاب عثمان بن عمر عن مالك بمثل رواية الجماعة، والله تعالى أعلم.

(1)

انظره في باب محمد بن عجلان ح (1279).

(2)

التمهيد (21/ 284 - 285).

ص: 118

‌الحديث العشرون

(1)

:

169 -

قال أبو عوانة رحمه الله في مسنده (6074): حدثنا أحمد بن حفص، قال: حدثني أبي، عن إبراهيم بن طهمان، عن مالك، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلَّف من العمل إلا ما يطيق» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، وهو في مشيخة ابن طهمان (78) عن مالك بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار في مسنده (2/ 170) وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 213) وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (2/ 7) من طريق النعمان بن عبد السلام.

(1)

رجال الإسناد:

أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد السلمي النيسابوري، أبو علي أو أبو عمرو، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة 258، روى له البخاري.

حفص بن عبد الله بن راشد السلمي، أبو عمر النيسابوري قاضيها، صدوق، من التاسعة، مات سنة 209، روى له البخاري ومسلم.

إبراهيم بن طهمان الخراساني، أبو سعيد، سكن نيسابور ثم مكة، ثقة يغرب، تكلم فيه للإرجاء ويقال: رجع عنه، من السابعة، مات سنة 168، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن عجلان المدني، صدوق إلا أنه اختلفت عليه أحاديث أبي هريرة، من الخامسة، مات سنة 148، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

عجلان مولى فاطمة بنت عتبة المدني، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

ص: 119

وأخرجه الطبراني في الأوسط (1685)، والحاكم في معرفة علوم الحديث (71)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 283) من طريق إبراهيم بن طهمان عن مالك بهذا الإسناد.

وهو في الموطأ لمالك بلاغاً (1769) قال: بلغني أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.

ورواه عنه هكذا الحاكم في معرفة علوم الحديث (70) من طريق القعنبي عن مالك.

وقال الحاكم: هذا معضل عن مالك، أعضله هكذا في الموطأ، إلا أنه قد وُصل عنه خارج الموطأ.

هكذا رواه مالك فقال: (عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة).

خالفه سفيان بن عيينة

(1)

، والليث بن سعد

(2)

، ووهيب بن خالد

(3)

، وسعيد بن أبي أيوب

(4)

، وسليمان بن بلال

(5)

، وأبو ضمرة أنس بن عياض

(6)

، والمفضل بن فضالة

(7)

، وطارق بن عبد العزيز

(8)

،

(1)

الحميدي (1155) والشافعي (1/ 37) وعبد الرزاق (17967) وأحمد (2/ 247) وأبو عوانة (6078) وابن حبان (4313) والبيهقي (8/ 6).

(2)

أبو عوانة (6077) والبيهقي (8/ 8) وابن عبد البر في التمهيد (24/ 286).

(3)

أحمد (2/ 342) وابن عبد البر (24/ 286).

(4)

البخاري في الأدب المفرد (192).

(5)

ابن عبد البر (24/ 286).

(6)

أبو نعيم في الحلية (8/ 181).

(7)

الدارقطني في العلل (11/ 134) تعليقاً.

(8)

المصدر السابق.

ص: 120

ومحمد بن عبد الوهاب القناد

(1)

، وبكر من مضر

(2)

، وعبد العزيز الدراوردي

(3)

هؤلاء كلهم قالوا: (محمد بن عجلان عن بكير بن عبد الله الأشج، عن عجلان، عن أبي هريرة).

ومن هذا الوجه أخرجه مسلم من طريق (عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن عجلان عن أبي هريرة)

(4)

.

وقد صوّب أبو داود والدارقطني وابن عبد البر هذه الرواية.

قال أبو داود: «هذا الحديث إنما يرويه عن ابن عجلان، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن عجلان، عن أبي هريرة»

(5)

.

قال ابن عبد البر: هو كما قال أبو داود.

وقال الدارقطني وسئل عن هذا الحديث فقال:

(يرويه محمد بن عجلان واختلف عنه، فرواه مالك واختلف عنه، فرواه أصحاب الموطأ عن مالك أنه بلغه عن أبي هريرة بغير إسناد.

ورواه إبراهيم بن طهمان والنعمان بن عبد السلام، عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة.

وكذلك رواه ابن المبارك عن الثوري، وتابعه عبد الصمد بن حسان وعباد بن موسى رووه عن الثوري عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة

(6)

.

(1)

المصدر السابق.

(2)

المصدر السابق.

(3)

ابن عبد البر في التمهيد (44/ 286) تعليقاً.

(4)

مسلم (1668).

(5)

التمهيد (24/ 286).

(6)

انظره في باب سفيان الثوري، ح (33).

ص: 121

وخالفهم محمد بن عبد الوهاب القناد فرواه عن ابن عجلان، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن أبي هريرة.

ورواه المفضل بن فضالة واختلف عنه، فرواه يزيد بن موهب عن المفضل عن عياش بن عباس عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة.

وخالفه عبد الله بن الحكم فرواه عن المفضل عن ابن عجلان عن بكير عن عجلان عن أبي هريرة.

وكذلك رواه ابن عيينة وسعيد بن أبي أيوب وبكر بن مضر ووهيب بن خالد والليث بن سعد وأبو ضمرة وطارق بن عبد العزيز عن ابن عجلان عن بكير عن عجلان عن أبي هريرة وهو الصحيح.

ورواه عمرو بن الحارث عن بكير عن عجلان، عن أبي هريرة)

(1)

.

‌علة الوهم:

1 قلة رواية الإمام مالك عن محمد بن عجلان حتى أن البزار قال عقب هذا الحديث: ولا نعلم أسند مالك عن ابن عجلان إلا هذا الحديث.

2 كثرة رواية محمد بن عجلان عن أبيه حتى ذكر بعض أهل الحديث أنه تفرد بالرواية عن أبيه.

قال الآجري: قال أبو داود: لم يروِ عنه غير ابنه محمد

(2)

.

(1)

العلل (11/ 133 - 135).

(2)

تهذيب الكمال وتهذيب التهذيب في ترجمة عجلان.

ص: 122

‌الحديث الحادي والعشرون

(1)

:

170 -

قال الإمام الترمذي رحمه الله (1750): حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، قال: حدثنا معن قال: حدثنا مالك، عن أبي النضر، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة:

أنه دخل على أبي طلحة الأنصاري يعوده قال: فوجدت عنده سهل بن حنيف، قال: فدعا أبو طلحة إنساناً ينزع نمطاً تحته فقال له سهل: لمَ تنزعه؟ فقال: لأن فيه تصاوير وقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ما قد علمت، قال سهل: أوَلم يقل: «إلا ما كان رقماً في ثوب» ؟ فقال: بلى، ولكنه أطيب لنفسي.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

وهو في الموطأ (2/ 966 رقم 1735) وأخرجه النسائي (8/ 212)

(1)

رجال الإسناد:

إسحاق بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن يزيد الحطمي الأنصاري، أبو موسى المدني قاضي نيسابور، ثقة متقن من العاشرة، مات سنة 244، روى له مسلم.

معن بن عيسى بن يحيى الأشجعي مولاهم أبو يحيى المدني، ثقة ثبت، قال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك، من كبار العاشرة، مات سنة 198، روى له البخاري ومسلم.

سالم بن أبي أمية أبو النضر، مولى عمر بن عبيد الله التيمي المدني، ثقة ثبت وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة 129، روى له البخاري ومسلم.

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه ثبت، من الثالثة، مات سنة 94، وقيل: 98، روى له البخاري ومسلم.

ص: 123

وفي الكبرى (9766) وأحمد (3/ 486) والطحاوي (4/ 285) وابن حبان (5851) من طرق عن الإمام مالك به.

هكذا قال مالك عن أبي النضر عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن الذي كان معه في زيارة أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه هو سهل بن حنيف وأنه هو الذي قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إلا ما كان رقماً في ثوب» .

خالفه محمد بن إسحاق

(1)

فرواه عن أبي النضر عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة فقال: إن هذا الرجل إنما هو عثمان بن حنيف) وهو الصحيح لأن عبد الله بن عتبة لم يدرك سهل بن حنيف إنما أدرك عثمان بن حنيف.

قال ابن عبد البر: «لم يختلف الرواة عن مالك في إسناد هذا الحديث ومتنه في الموطأ وفيه: عن عبيد الله أنه دخل على أبي طلحة، فأنكر ذلك بعض أهل العلم وقال: لم يلقَ عبيد الله أبا طلحة وما أدري كيف قال ذلك وهو يروي حديث مالك هذا وأظن ذلك والله أعلم من أجل أن بعض أهل السير قال: توفي أبو طلحة سنة 34 في خلافة عثمان رضي الله عنه وعبيد الله لم يكن في ذلك الوقت ممن يصح له سماع.

قال أبو عمر: اختلف في وفاة أبي طلحة وأصح شيء في ذلك ما رواه أبو زرعة قال: سمعت أبا نعيم يحدّث عن حماد بن سلمة عن ثابت بن أنس قال: سرد أبو طلحة الصوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين سنة فكيف يجوز أن يقال: إنه مات سنة 34 وهو قد صام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

أبو يعلى (1440) والنسائي في الكبرى (9765) والطحاوي (4/ 285) والطبراني في الكبير (4732).

ص: 124

أربعين سنة، وإذا كان ذلك كما ذكرنا صحّ أن وفاته لم تكن إلا بعد خمسين سنة من الهجرة، والله أعلم.

وأما سهل بن حنيف فلا يشك عالم بأن عبيد الله بن عبد الله لم يره ولا لقيه ولا سمع منه، وذكره في هذا الحديث خطأ لا شك فيه لأن سهل بن حنيف توفي سنة 38 وصلّى عليه علي رضي الله عنه ولا يذكره في الأغلب عبيد الله بن عبد الله لصغر سنه يومئذ والصواب في ذلك والله أعلم عثمان بن حنيف، وكذلك رواه محمد بن إسحاق عن أبي النضر سالم عن عبيد الله بن عبد الله قال: انصرفت مع عثمان بن حنيف إلى دار أبي طلحة نعوده فوجدنا تحته غطاء، ساق الحديث بمعنى حديث مالك

، فصحّ بهذا وهم مالك في سهل بن حنيف

(1)

.

(1)

التمهيد (21/ 192) وانظر: فتح الباري (10/ 381).

ص: 125

‌الحديث الثاني والعشرون

(1)

:

171 -

قال البخاري في صحيحه (2198): حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن حميد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

نهى عن بيع الثمار حتى تزهى، فقيل له: وما تزهى؟ قال: «حتى تحمر» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أرأيت إذا منع الله الثمرة بمَ يأخذ أحدكم مال أخيه؟» .

‌التعليق:

وأخرجه مسلم في صحيحه (1555) من طريق عبد الله بن وهب عن مالك به.

وقد ذهب بعض أهل الحديث ونقاده إلى أن مالكاً رحمه الله قد وهم فأدرج كلام أنس رحمه الله في كلام النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن قوله: «أرأيت إذا منع الله الثمرة بمَ يأخذ أحدكم مال أخيه» إنما هو من كلام أنس. كذا قال أبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني والحاكم والخطيب البغدادي وغيرهم.

فقد خالفه إسماعيل بن جعفر

(2)

، ويزيد بن

(1)

رجال الإسناد:

عبد الله بن يوسف التنيسي: تقدم.

حميد بن أبي حميد الطويل: تقدم.

(2)

رواه البخاري في صحيحه (2208) قال: حدثنا قتيبة حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ثمن الثمر حتى يزهو، فقلنا لأنس: وما زهوها؟ قال: تحمر أو تصفر، أرأيت إن منع الله الثمر بمَ تستحل مال أخيك.

ورواه مسلم (1555) من طريق يحيى بن أيوب وقتيبة وعلي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر به.

ص: 126

هارون

(1)

، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي

(2)

، وأبو خالد الأحمر

(3)

.

فرووه عن حميد الطويل، عن أنس وفصلوا كلام النبي صلى الله عليه وسلم من كلام أنس وجعلوا قول: «أرأيت إن منع الله الثمرة

» من كلام أنس.

ورواه يحيى بن سعيد القطان

(4)

عن حميد قال: سئل أنس بن مالك عن بيع الثمر فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ثمرة النخل حتى تزهو؟ قيل لأنس: ما تزهو؟ قال: تحمر.

فجعل تفسير (يزهو) من كلام أنس ولم يذكر تتمة الحديث: «أرأيت إن منع الله الثمرة» .

ورواه هشيم

(5)

عن حميد عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها وعن النخل حتى يزهو.

(1)

الخطيب في الفصل للوصل (1/ 123 - 124) والبغوي في شرح السنة (8/ 94) ولفظه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر حتى تزهو؟ قلنا: ما زهوه؟ قال: حتى تحمر.

قال أنس: أرأيت لو منع الله الثمرة بمَ تستحل مال أخيك؟

ونسبه أيضاً الحافظ في الفتح (4/ 398) إلى الجوزقي.

(2)

الخطيب في الفصل (1/ 124) من طريق إبراهيم بن حمزة عن الدراوردي عنه كمثل رواية الجماعة، وخالفه محمد بن عباد عند مسلم (1555) فجعله كله مرفوعاً، لكن قال الخطيب: إبراهيم أتقن من محمد بن عباد، وليس يصح أن أحداً رفعه سوى مالك.

(3)

الخطيب في الفصل للوصل (1/ 126) من طريق أبي سعيد وأبي كريب عن خالد الأحمر به.

(4)

أحمد (3/ 115 رقم 12138).

(5)

البخاري (2197).

ص: 127

قيل: وما يزهو؟ قال: «يحمار أو يصفار» ولم يزد على ذلك.

وظاهره أن تفسير (يزهو) عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه عبد الله بن المبارك

(1)

وحماد بن سلمة

(2)

عن حميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نهى أن تباع ثمرة النخل حتى تزهو) ولم يزيدا على ذلك.

ورواه معتمر بن سليمان وبشر بن المفضل عن حميد عن أنس على سبيل الشك قال: أفرأيت إن منع الله الثمرة بمَ تستحل أكل مال أخيك؟ فلا أدري أنس قال: بمَ تستحل مال أخيك أم حدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

.

قال الدارقطني في كتاب التتبع (ص 359) مستدركاً على الشيخين:

(وأخرجا جميعاً حديث مالك عن حميد، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهى، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«أرأيت إن منع الله الثمرة» وقد خالف مالكاً جماعة، منهم: إسماعيل بن جعفر، وابن المبارك، وهشيم، ومروان، ويزيد بن هارون وغيرهم قالوا فيه: قال أنس: «أرأيت إن منع الله الثمرة»

(4)

.

(1)

البخاري (2195) واللفظ له.

(2)

أحمد (3/ 115، 221، 250) وأبو داود (3371) وابن ماجه (2217) والترمذي (1272).

(3)

الفصل للوصل (1/ 120 - 121) وفتح الباري (4/ 398).

(4)

وأضاف إلى الرواة الذين خالفوا مالكاً وفصلوا كلام أنس من كلام مالك: سليمان بن بلال، ومحمد بن إسحاق، ومعتمر بن سليمان، وإسماعيل بن يوسف، ومعاذ بن معاذ وغيرهم، وذلك في كتابه الأحاديث التي خولف فيها مالك.

ص: 128

ونقل الحافظ ابن حجر هذا الاستدراك في مقدمة الفتح (ص 360) ولم يتعقبه بشيء بل أضاف قائلاً: (قلت: فسبق الدارقطني إلى دعوى الإدراج في هذا الحديث أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان وابن خزيمة وغير واحد من أئمة الحديث كما أوضحته في كتابي تقريب المنهج بترتيب المدرج، وحكيت فيه عن ابن خزيمة أنه قال: رأيت أنس بن مالك في المنام فأخبرني أنه مرفوع وأن معتمر بن سليمان رواه عن حميد مدرجاً لكن قال في آخره: لا أدري أنس قال: بمَ يستحل أو حدّث به عن النبي صلى الله عليه وسلم والأمر في مثل هذا قريب.

وقال الحافظ أيضاً: أخرجه الشيخان، تفرد برفع الجميع مالك ولم يتابعه أحد من أصحاب حميد بل بيّنوا كلهم أن قوله: «أرأيت إن منع الله الثمرة

» آخره موقوف من كلام أنس، منهم: إسماعيل بن جعفر. أخرجه الشيخان.

ونص على إدراجه أبو حاتم وأبو زرعة.

ووهم محمد بن عباد المكي فروى عن الدراوردي عن حميد عن أنس مرفوعاً: «إن لم يثمرها الله فبمَ يستحل أحدكم مال أخيه» . أخرجه مسلم، وهو وهم فاحش إذ أسقط المرفوع ورفع الموقوف.

وقد رواه إبراهيم بن حمزة عن الدراوردي على الصواب وهو أحفظ وأتقن من محمد بن عباد

(1)

.

(1)

ذكره السيوطي في كتابه المدرج إلى المدرج وهو مختصر لكتاب الحافظ ترتيب المدرج نقلاً عن كتاب (بين الإمامين مسلم والدارقطني) للشيخ ربيع بن هادي المدخلي ص 271.

ص: 129

وقال في التلخيص (3/ 28): قد بينت في المدرج أن هذه الجملة موقوفة من قول أنس، وأن رفعها وهم، وبيانها عند مسلم.

وخالف ذلك في الفتح (4/ 398 - 399) فقال:

(هكذا صرّح مالك برفع هذه الجملة وتابعه محمد بن عبادة عن الدراوردي عن حميد مقتصراً على هذه الجملة الأخيرة).

وجزم الدارقطني وغير واحد من الحفاظ بأنه أخطأ فيه، وبذلك جزم ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه وأبي زرعة.

والخطأ في رواية عبد العزيز من محمد بن عباد، فقد رواه إبراهيم بن حمزة عن الدراوردي كرواية إسماعيل بن جعفر الآتي ذكرها.

ورواه معتمر بن سليمان وبشر بن المفضل عن حميد فقال فيه: قال: أفرأيت

إلخ، قال: فلا أدري أنس قال: بمَ يستحل أو حدّث به عن النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه الخطيب في المدرج.

ورواه إسماعيل بن جعفر عن حميد فعطفه على كلام أنس في تفسيره قوله: (تزهى) وظاهره الوقف.

وأخرجه الجوزقي من طريق يزيد بن هارون والخطيب من طريق أبي خالد الأحمد كلاهما عن حميد بلفظ: (قال أنس: «أرأيت إن منع الله الثمرة»

) الحديث.

ورواه ابن المبارك وهشيم عن حميد فلم يذكرا هذا القدر المختلف فيه وتابعهما جماعة من أصحاب حميد عنه على ذلك.

قلت: وليس في جميع ما تقدم ما يمنع أن يكون التفسير مرفوعاً

ص: 130

لأن مع الذي رفعه زيادة على من وقفه، وليس في رواية الوقف ما ينافي قول مَنْ رفعه.

وقد روى مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر ما يقوي رواية الرفع في حديث أنس ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو بعت من أخيك ثمراً فأصابته عاهة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بمَ تأخذ مال أخيك بغير حق» اه.

وقال الخطيب البغدادي في الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 121 - 122):

روى مالك بن أنس هذا الحديث عن حميد عن أنس فرفعه وفيه هذه الألفاظ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ووهم في ذلك لأن قوله: «أفرأيت إن منع الله الثمرة» إلى آخر المتن كلام أنس.

بيّن ذلك يزيد بن هارون

(1)

، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي

(2)

، وأبو خالد الأحمر

(3)

، وإسماعيل بن جعفر

(4)

كلهم في روايتهم هذا الحديث عن حميد، وفصلوا كلام أنس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه محمد بن عبد الله الأنصاري، وعبد الله بن المبارك،

(1)

الخطيب في الفصل للوصل (1/ 123 - 124) والبغوي في شرح السنة (8/ 94).

(2)

الخطيب في الفصل للوصل (1/ 124) من طريق إبراهيم بن حمزة عنه، وخالفه محمد بن عباد فرواه عن الدراوردي مرفوعاً، لكن قال الخطيب: إبراهيم أتقن من محمد بن عباد، وليس يصح أن أحداً رفعه سوى مالك، والله أعلم.

(3)

الخطيب في الفصل للوصل (1/ 126) من طريق أبي سعيد الأشج وأبي كريب عن خالد الأحمر. وقد رواه ابن الجارود في المنتقى (604) من طريق أبي سعيد وحده مقتصراً على أول الحديث.

(4)

مسلم في صحيحه (1555) والبخاري (2208).

ص: 131

وهشيم بن بشير، وعبيدة بن حميد أربعتهم عن حميد فاقتصروا على المرفوع حسب دون كلام أنس.

ثم قال: قال أبو القاسم بن منيع [البغوي]: روى هذا الحديث جماعة كلهم عن حميد من قول أنس، ولا نعلم أحداً رفعه إلا الدراوردي.

قال الخطيب: قد رواه إبراهيم بن حمزة الزبيري عن الدراوردي موقوفاً كما ذكرناه وإبراهيم أتقن من محمد بن عباد وليس يصح أن أحداً رفعه سوى مالك، والله أعلم.

وقال الدارقطني في العلل: هذا الحديث يرويه مالك بن أنس والدراوردي مسنداً كله.

وإبراهيم بن حمزة، ويحيى بن سليمان، وإسماعيل بن جعفر، وبشر بن المفضل، وأبو خالد الأحمر، ومعمر بن سليمان، وهشيم، وعبيدة بن معتب، وسفيان بن حبيب، ويحيى بن أيوب، ومروان بن معاوية، ويزيد بن هارون جعلوا آخر الحديث من قول أنس وهو الصواب

(1)

.

وقال الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص 409 رقم 335): هذه الزيادة في هذا الحديث: «أرأيت إن منع الله الثمرة» عجيبة فإن مالك بن أنس ينفرد بها ولم يذكرها غيره علمي في هذا الخبر

(2)

، وقد قال بعض أئمتنا: إنها من قول أنس.

(1)

نقله ابن الملقن في البدر المنير (6/ 578).

(2)

في البدر المنير (6/ 578): فيما علمت في هذا الخبر.

ص: 132

فسمعت الشيخ أبا بكر ابن إسحاق

(1)

يقول: رأيت مالك بن أنس في المنام شيخ أسمر طوال فقلت: أحدثكم حميد الطويل عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أرأيت إن منع الله الثمرة فبمَ يستحل أحدكم مال أخيه؟» ، قال: نعم.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (1129): وسألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه محمد بن عباد، عن عبد العزيز الدراوردي، عن حميد، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن لم يثمرها الله فبمَ يستحل أحدكم مال أخيه؟» .

فقالا: هذا خطأ، إنما هو كلام أنس.

قال أبو زرعة: كذا يرويه الدراوردي ومالك بن أنس، والناس يروونه موقوفاً من كلام أنس.

وقال الحافظ أبو مسعود الدمشقي: جعل مالك والدراوردي قول أنس: «أرأيت إن منع الله» مرفوعاً، وأظن حميداً حدّث به في الحجاز كذلك

(2)

.

وقال عبد الحق الإشبيلي في (جمعه) قوله: «أرأيت

» إلى آخره، ليس بموصول عنه في كل طريق

(3)

.

مَنْ صحح الزيادة مرفوعة:

ذهب الحافظ ابن عبد البر والقاضي عياض والحافظ ابن حجر في الفتح (كما سبق) إلى صحة هذه الزيادة وأنها مرفوعة.

(1)

هو ابن خزيمة صاحب الصحيح.

(2)

البدر المنير (6/ 580) ثم قال ابن الملقن: فتحصل أن المعظم على وقفه.

(3)

البدر المنير (6/ 580) ثم قال ابن الملقن: فتحصل أن المعظم على وقفه.

ص: 133

قال ابن عبد البر في التمهيد (2/ 190 - 191): أما قوله: (أرأيت إن منع الله الثمرة فبمَ يأخذ أحدكم مال أخيه) فيزعم قوم أنه من قول أنس بن مالك، وهذا باطل بما رواه مالك وغيره من الحفاظ في هذا الحديث إذ جعلوه مرفوعاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد روى أبو الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

وقال القاضي عياض كما في الإكمال (5/ 218) محتجاً برواية جابر

(1)

على صحة ما رفعه مالك قال: وهذا يدل أن هذه اللفظة في الحديث الآخر: «أرأيت إن منع الله الثمرة» من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو بمعناه.

وهذا الحديث الأول يعني حديث جابر يرفع الإشكال ويصحح رواية مالك.

‌الخلاصة:

ذهب أبو حاتم، وأبو زرعة، والدارقطني، والحاكم، والخطيب البغدادي، وابن خزيمة، وأبو مسعود الدمشقي، وعبد الحق الإشبيلي، وابن حجر في أحد قوليه، وأبو القاسم ابن منيع، إلى أن الزيادة في قوله:«أرأيت إذا منع الله الثمرة بمَ يأخذ أحدكم مال أخيه» إلى أنها من قول أنس.

وقد وهم مالك في رفع هذا الجزء من الحديث.

(1)

رواه مسلم (1554) من طريق ابن جريج أن أبا الزبير المكي أخبره عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن بعت من أخيك ثمراً فأصابتها جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً بمَ تأخذ مال أخيك؟» .

ص: 134

ووهم محمد بن عباد المكي فرواه عن الدراوردي مرفوعاً، وخالفه إبراهيم بن حمزة وهو أتقن منه فرواه من قول أنس.

قالوا: وقد خالف الإمام مالكاً كلٌّ من:

إسماعيل بن جعفر، ويزيد بن هارون، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وأبو خالد الأحمر، وعبد الله بن المبارك، وهشيم، ومروان، ومعتمر بن سليمان، وعبيدة بن معتب، وسفيان بن حبيب، ويحيى بن أيوب

(1)

.

وذهب ابن عبد البر والقاضي عياض وابن حجر في رواية أخرى إلى أن هذا الجزء من الحديث أيضاً مرفوع وأن رواية مَنْ رواه موقوفاً لا تعل رواية مَنْ رأى الرفع، ولم ينفرد مالك بهذا بل تابعه عليها كلٌّ من: عبد العزيز بن محمد الدراوردي

(2)

، ويحيى بن أيوب

(3)

، وسليمان بن بلال

(4)

، ويشهد له حديث جابر رضي الله عنه.

وقد أخرج الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما الحديث من كلا الطريقين مما يدل على ثبوت رواية مالك عندهما وهو الصحيح إن

(1)

كذا قالوا: وقد ذكرنا أول الموضوع من نص من هؤلاء الرواة على أن هذه الزيادة من قول أنس، ومَن اقتصر على أول الحديث ولم يذكر الزيادة، وعلى مَنْ رواه بالشك على ما وجدنا من روايتهم.

(2)

مسلم (1555).

(3)

الطحاوي في شرح المعاني (4/ 24) عن فهد، عن عبد الله بن صالح، عن الليث، عن يحيى بن أيوب، عن حميد الطويل، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا تتبايعوا الثمار حتى تزهو» ، قلنا: يا رسول الله ما تزهو؟ قال: «تحمر أو تصفر أرأيت إن منع الله الثمرة بمَ يستحل أحدكم مال أخيه؟» .

(4)

ذكره الحافظ في الفتح (4/ 398) قال: هكذا أخرجه الطحاوي من طريق يحيى بن أيوب، وأبو عوانة من طريق سليمان بن بلال كلاهما عن حميد وظاهره الرفع.

ص: 135

شاء الله فقد وافق مالكاً على روايته ثلاثة من الرواة، ولم نجد رواية مَنْ خالفه سوى إسماعيل بن جعفر ويزيد بن هارون والدراوردي وأبو خالد الأحمر.

ويظهر أن حميداً كان يحدّث به على كلا الوجهين، والله تعالى أعلم.

‌الدلالة الفقهية:

دلّ هذا القدر المختلف في رفعه ووقفه وهو قوله: «أرأيت إن منع الله الثمرة» على وضع الجوائح

(1)

.

وقد اختلف العلماء في هذا إلى ثلاثة أقوال:

القول الأول: لا يجب وضع الجائحة ولكن يستحب.

وبهذا قال أبو حنيفة والليث بن سعد والشافعي في أصح قوليه.

القول الثاني: إن كانت دون الثلث لم يجب وضعها، وإن كانت الثلث فأكثر وجب وضعها وكانت من ضمان البائع.

وهو قول مالك وأصحابه وجمهور أهل المدينة.

القول الثالث: يجب وضع الجائحة في القليل والكثير.

(1)

الجوائح: قال الشافعي: كل ما أذهب الثمرة أو بعضها من أمر سماوي بغير جناية آدمي، ونقل أبو داود في سننه في باب تفسير الجائحة عقب الحديث (3471، 3472) عن عطاء قال: الجوائح كل ظاهر مفسد من مطر أو برد أو جراد أو ريح أو حريق. وعن يحيى بن سعيد مثله لكنه قال: لا جائحة فيما أصيب دون ثلث.

وانظر: الأم للشافعي (3/ 57) وشرح مسلم للنووي (10/ 216) والتمهيد لابن عبد البر (12/ 238).

ص: 136

وبهذا قال عمر بن عبد العزيز وكان يقضي به، وهو مذهب أحمد بن حنبل وأصحاب الحديث وأهل الظاهر.

وهو قول الشافعي في القديم.

وهذه من المسائل التي علّق الشافعي القول بها إن صحّ الحديث وقد ذكرتها في كتابي (النظر فيما علّق الشافعي القول به على صحة الخبر) ص 380.

ص: 137

‌الحديث الثالث والعشرون

(1)

:

172 -

قال الإمام مالك في الموطأ: عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وهو في الموطأ برواية يحيى بن يحيى (1/ 505)، ورواية القعنبي (280) وأبو مصعب (517) وابن القاسم (185) وسويد بن سعيد (322).

ورواه الإمام أحمد (2/ 466) عن عبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن عيسى الطباع والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2875) و (2876) من طريق عبد الله بن وهب، ومطرف بن عبد الله المدني، والبغوي في شرح السنة (452) من طريق أبي مصعب، والعقيلي في الضعفاء (4/ 73) من طريق القعنبي كلهم عن مالك بهذا الإسناد بالشك في الصحابي راوي الحديث.

هكذا قال مالك: (عن خبيب، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة أو أبي سعيد).

(1)

رجال الإسناد:

خبيب بن عبد الرحمن: تقدم.

حفص بن عاصم: تقدم.

ص: 138

خالفه عبيد الله بن عمر العمري

(1)

، وأخوه عبد الله بن عمر

(2)

، وشعبة

(3)

، ومحمد بن إسحاق

(4)

، وابن أبي ذئب

(5)

فرووه (عن خبيب، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة وحده).

وكذلك رواه عبد الرحمن بن مهدي عن مالك فذكر أبو هريرة وحده

(6)

.

لذا والله أعلم ذكر الإمام البخاري رواية عبيد الله بن عمر في ثلاثة مواضع في صحيحه، ورواية مالك في موضع واحد من رواية ابن مهدي عنه التي فيها ذكر أبي هريرة وحده.

وقال الدارقطني: خالفه عبد الله وعبيد الله ابنا عمر، وشعبة، ومحمد بن إسحاق، وابن أبي ذئب، رووه عن خبيب عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة بغير شك

(7)

.

قال ابن عبد البر: «هكذا روى هذا الحديث عن مالك رواة الموطأ كلهم مما علمت على الشك من أبي هريرة وأبي سعيد إلا معن بن عيسى وروح بن عبادة وعبد الرحمن بن مهدي فإنهم قالوا فيه: عن أبي هريرة وأبي سعيد جميعاً على الجمع لا على الشك

(1)

البخاري (1196) و (1888) و (6588) ومسلم (1391).

(2)

عبد الرزاق (5243) وأحمد (2/ 401).

(3)

الطبراني في الصغير (1100) وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 307) والدارقطني في العلل (10/ 275).

(4)

أحمد (2/ 397)(2/ 528) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2878) وابن البختري (1/ 400).

(5)

الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (42).

(6)

البخاري (7335) وأحمد (2/ 236).

(7)

الأحاديث التي خولف فيها مالك (42) وانظر: العلل له (10/ 273 رقم 2007).

ص: 139

ثم قال: والحديث محفوظ لأبي هريرة بهذا الإسناد وكذلك رواه عبد الله بن عمر عن خبيب

(1)

.

قلت: رواية عبد الرحمن بن مهدي عن مالك على الجمع لم أقف عليها وهي عند البخاري كما سبق عن مالك بذكر أبي هريرة وحده وكذلك عند أحمد، ورواية (أحمد عنه مقروناً بأبي إسحاق الطباع بذكر أبي سعيد وأبي هريرة معاً، وذكر الدارقطني

(2)

أن عبد الرحمن بن مهدي رواه عن مالك عن أبي هريرة وحده بغير شك، وأن روح بن عبادة وأيوب بن صالح المري وهو ضعيف روياه عن مالك بدون شك، وسيأتي حديث روح بن عبادة في بابه ح (889)، والله أعلم.

ومما يؤيد رواية الجماعة أنه روي من طرق أخرى عن أبي هريرة، منها: حديث المسور بن رفاعة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة

(3)

.

وكذلك رواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة

(4)

.

وأبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة

(5)

.

وسهل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة

(6)

.

(1)

التمهيد (2/ 285 - 287).

(2)

العلل (11/ 273).

(3)

أحمد (2/ 397) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2878).

(4)

أحمد (2/ 450) وابن سعد في الطبقات (1/ 253) والبغوي (454).

(5)

أحمد (2/ 401 - 402).

(6)

أحمد (2/ 412) و (2/ 534).

ص: 140

وسلمة بن وردان، عن سعيد بن المعلى، عن علي بن أبي طالب وأبي هريرة

(1)

إضافة إلى أن الإمام مالكاً كان يشك فيه، والله تعالى أعلم.

‌فائدة:

وهم في هذا الحديث غير واحد، منهم في سنده ومنهم في متنه.

فرواه روح بن عبادة عن مالك فقال: (عن أبي هريرة وأبي سعيد) جمعهما، ومالك إنما يرويه على الشك أو بذكر أبي هريرة وحده وانظره في بابه ح (889).

ورواه محمد بن بشار عن عبد الرحمن بن مهدي عن الإمام مالك بلفظ: «ما بين قبري

» وخالف أصحاب عبد الرحمن وأصحاب مالك وانظره في بابه، ح (1107).

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي أسامة وابن نمير عن عبد الله بن عمر عن خبيب بلفظ: «ما بين قبري

» وأخرجه الإمام مسلم من طريق ابن نمير بلفظ: «بيتي»

(2)

، والله تعالى أعلم.

(1)

الترمذي (3915).

(2)

انظره في باب أبي بكر ابن أبي شيبة، ح (1070).

ص: 141

‌الحديث الرابع والعشرون

(1)

:

173 -

قال الإمام مالك في الموطأ (1/ 81/ 178): عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فكلهم كان لا يقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} إذا افتتح الصلاة.

‌التعليق:

هذا إسناد على شرط الشيخين، وهو في الموطأ رواية أبي مصعب الزهري (1/ 87/ 327) والقعنبي (ص 145) وسويد بن سعيد (107/ 145).

وأخرجه الطحاوي (1/ 202) وابن عدي في الكامل (1/ 186) وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (225/ 223) وابن المظفر البزار في غرائب حديث مالك (180/ 17) والبيهقي (2/ 51) وابن عبد البر في التمهيد (2/ 229 - 230) والبغوي في شرح السنّة (583) كلهم من طرق عن مالك به موقوفاً.

وذكر ابن عبد البر في التمهيد (2/ 228 - 230) أنه هكذا رواه جميع رواة الموطأ عن مالك موقوفاً وهو المحفوظ.

قال: وقد رواه جماعة عن مالك مرفوعاً فذكروا النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان وذلك ليس بمحفوظ، وذكر ممن رواه عنه

(1)

رجال الإسناد:

حميد بن أبي حميد الطويل: تقدم.

ص: 142

مرفوعاً: الوليد بن مسلم، وموسى بن طارق، وإسماعيل بن موسى.

قال ابن عبد البر: وهذا خطأ كله خلاف ما في الموطأ.

هكذا قال مالك: عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} .

خالفه جماعة من أصحاب حميد الطويل عن أنس فقالوا: (صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون القراءة ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}) منهم: سفيان بن عيينة

(1)

، وسفيان الثوري

(2)

، وعبد الوهاب الثقفي

(3)

، وزهير بن معاوية

(4)

، وشعبة

(5)

، وحماد بن سلمة

(6)

، ومعمر بن راشد

(7)

، ومحمد بن أبي عدي

(8)

، وأبو خالد الأحمر

(9)

، وهشيم

(10)

، ومعاذ بن معاذ

(11)

، ومروان بن معاوية الفزاري

(12)

.

(1)

الشافعي في السنن المأثورة (40) ومن طريقه البيهقي في المعرفة (2/ 379).

(2)

البخاري في جزء القراءة (126) وعبد الرزاق (2599) وأسقط من إسناده حميداً.

(3)

الشافعي في السنن المأثورة (42) ومن طريقه البيهقي في المعرفة (2/ 379).

(4)

الطحاوي (1/ 202).

(5)

ابن المظفر البغدادي في حديث شعبة (39).

(6)

أحمد (3/ 168)(3/ 286) وأبو يعلى (3093)(3522)(3874) وابن حبان (1800).

(7)

عبد الرزاق (2598) وأبو يعلى (3031).

(8)

ابن حبان (1798).

(9)

ابن أبي شيبة (1/ 410).

(10)

ابن أبي شيبة (1/ 410).

(11)

البيهقي (2/ 52).

(12)

ابن أبي شيبة (1/ 410).

ص: 143

وكذلك رواه قتادة

(1)

، وثابت البناني

(2)

، ومالك بن دينار

(3)

وغيرهم قالوا: (يفتتح القراءة ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}).

ومنهم مَنْ قالَ: مَنْ كانوا (لا يجهرون ب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)}).

ولم يقل أحد منهم لا يقرأ: ب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} إلا ما جاء في رواية الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن قتادة قال فيه: (لا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)})

(4)

.

خالف مالكاً أصحاب حميد الطويل وكلهم قالوا: كانوا يستفتحون، وفي رواية:(يفتتحون القراءة ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}) ولم يقل أحد منهم: إنهم كانوا لا يقرأون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} .

لذا رجح الإمام الشافعي رواية الجماعة وأعلّ رواية مالك.

قال البيهقي: قال حرملة: قال الشافعي: وفي رواية مالك عن حميد خالفه سفيان بن عيينة والفزاري والثقفي وعدد لقيتهم سبعة أو ثمانية متفقين مخالفين له، والعدد الكبير أولى بالحفظ من واحد.

قال البيهقي: ثم رجح روايتهم برواية أيوب عن قتادة، عن أنس.

قال الشافعي: يعني يبدأون بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها والله

(1)

البخاري (743) وأبو داود (782) والترمذي (244) والنسائي (2/ 133) وابن ماجه (813) وغيرهم.

(2)

أحمد (3/ 168)(3/ 286) وابن خزيمة (497) والطحاوي (1/ 203).

(3)

أبو يعلى (4159) والطبراني في الأوسط (5018) وابن عدي في الكامل (3/ 52).

(4)

مسلم (399).

ص: 144

أعلم، ولا يعني أنهم يتركون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)}

(1)

(2)

.

قال البيهقي معقباً: وكذلك رواه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وثابت البناني عن أنس بن مالك.

وكذلك رواه أكثر أصحاب قتادة عن قتادة عن أنس بن مالك

(3)

.

قال ابن عبد البر

(4)

: يقولون: إن أكثر رواية حميد عن أنس إنما سمعها من قتادة وثابت عن أنس ومنها ما سمع من أنس.

وأما قتادة فلا أعلم أحداً رواه عنه موقوفاً بل جماعة أصحابه ذكروا فيه عنه عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، واختلفوا عنه في ذكر عثمان وكلهم رفعه فذكر النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنهم اختلفوا في لفظه:

فمنهم مَنْ قال فيه: (كانوا يفتتحون القراءة ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)})، ومنهم مَنْ قال فيه:(كانوا لا يقرؤون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)})، ومنهم مَنْ قال فيه:(كانوا لا يجهرون ب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)})، ومنهم مَنْ قال:(فلم أسمع أحد منهم جهر ب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)})، (ثم سرد رواياتهم) ثم قال: فهؤلاء حفاظ أصحاب قتادة ليس في روايتهم لهذا الحديث ما يوجب سقوط {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} من أول فاتحة الكتاب إلا أن منه معلقاً لمَن ذهب إلى أنهم كانوا يخفونها ولا يجهرون بها

(5)

.

(1)

السنن الكبرى (2/ 52) ومعرفة السنن والآثار (2/ 380).

(2)

معرفة السنن والآثار (2/ 381).

(3)

المصدر السابق.

(4)

الإنصاف (ص 206 - 214).

(5)

انظر الحديث أيضاً في باب الإمام الأوزاعي ح (226).

ص: 145

‌علة الوهم:

الرواية بالمعنى، فإن الحديث جاء بلفظ: كانوا يفتتحون، وفي رواية يستفتحوا القراءة ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} فظن بعضهم أنه لا يقرأ:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} وبهذا كان الإمام مالك يفتي وهذا مذهبه، والله تعالى أعلم.

ص: 146

‌الخاتمة

وهم الإمام الحافظ الفقيه الثقة الثبت شيخ الإسلام أمير المؤمنين في الحديث مالك بن أنس إمام دار الهجرة في أربعة وعشرين حديثاً فيما وقفنا عليه في كتابنا هذا وإن كان في بعض ما توهمه خلاف وهو الحديث الثاني والعشرون، وبيانها كالتالي:

1 -

خمسٌ منها في المتن:

أولها: قوله: فغسل يده (مرتين) والصحيح (ثلاثاً) والحديث في البخاري ولم أجد مَنْ أشار إلى هذا غير الحافظ (انظر: حديث رقم 1).

ثانيها: قوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضطجع قبل ركعتَيْ الفجر والصحيح أنه كان يضطجع بعد ركعتَيْ الفجر (انظر: حديث رقم 4).

ثالثها: لم يذكر رفع اليدين عند الانحطاط إلى الركوع (انظر: حديث رقم 8). والصحيح ذكر الرفع.

رابعها: ذكر أن أبا بكر وعمر وعثمان كانوا لا يقرؤون: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} إذا افتتحوا الصلاة.

والصحيح: كانوا يستفتحون القراءة: ب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} .

ص: 147

خامسها: قوله: «أرأيت إن منع الله الثمرة بمَ يأخذ أحدكم مال أخيه» رفعه مالك ووقفه بعضهم واختلف أهل العلم فيه هل هو مدرج أو مرفوع.

2 -

وهم مالك على الزهري في ستة أحاديث، وهو من الطبقة الأولى من أصحاب الزهري بل يعده كثير من أهل العلم أوثق الناس في الزهري.

وشاركه في روايتها كلها يونس بن يزيد، وشاركه معمر في أربعة أحاديث، وسفيان بن عيينة في حديثين، فرووه على الصواب وكان القول قولهم.

وقد تقدم بيان ذلك في باب سفيان بن عيينة.

3 -

وهم مالك على حميد الطويل في ثلاثة أحاديث وكان القول فيها كلها لحماد بن سلمة وحماد من أوثق الناس في خاله حميد.

4 -

أكثر وهم الإمام مالك رحمه الله في تقصيره في الإسناد بإسقاط أحد الرواة وهي أوهام في مجملها لا تغير حكماً.

ص: 148

‌ملخص لما جاء في حديث الإمام مالك من الأوهام

رقم الحديث

شيخ الراوي

بلده

الوهم

الصحيح

1

عمرو بن يحيى بن المازني

المدينة

يغسل يده مرتين (الحديث في البخاري)

فغسل يده ثلاثاً

2

عامر بن عبدالله بن الزبير

المدينة

زينب بنت العاص بن ربيعة بن عبد شمس

زينب بنت العاص بن الربيع بن عبدالعزى

3

الزهري

مدني سكن الشام

الزهري، عن عروة، عن عمرة عن عائشة

الزهري، عن عروة وعمرة عن عائشة

4

الزهري

مدني سكن الشام

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضطجع قبل ركعتَيْ الفجر

أنه كان يضطجع بعد ركعتَيْ الفجر

5

الزهري

مدني سكن الشام

عمر بن عثمان عن أسامة بن زيد

عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد

6

الزهري

مدني سكن الشام

عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة عباد بن زياد عن المغيرة بن شعبة

عباد بن زياد بن أبي سفيان عباد، عن عروة عن المغيرة

7

الزهري

مدني سكن الشام

الزهري عن رجل، عن ابن عمر

الزهري، عن عبدالله بن أبي بكر عن أمية بن خالد، عن ابن عمر

ص: 149

رقم الحديث

شيخ الراوي

بلده

الوهم

الصحيح

8

الزهري

مدني سكن الشام

لم يذكر رفع اليدين عند الركوع

ذكرهما

9

زيد بن أسلم

المدينة

عبدالله الصنابحي

أبو عبدالله الصنابحي

10

عبدالكريم بن مالك الجزري

-

عبدالكريم عن رجل عن أبيه عن ابن مسعود

عبدالكريم، عن زياد بن الجراح عن عبدالله بن معقل عن ابن مسعود

11

عبدالكريم بن مالك الجزري

-

عبدالكريم، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة

عبدالكريم، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن كعب

12

عمرو بن الحارث

مصر

عمرو بن الحارث عن عبيد بن فيروز عن البراء بن عازب

عمرو بن الحارث عن سليمان بن عبدالرحمن عن عبيد بن فيروز عن البراء بن عازب

13

هلال بن أسامة

المدينة

عطاء بن يسار عن عمر بن عبدالحكم

عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي

14

حميد الطويل

البصرة

حيمد الطويل عن أنس

حميد، عن أنس عن عبادة بن الصامت

15

محمد بن عمرو بن علقمة

المدينة

محمد بن عمرو، عن أبيه، عن بلال بن الحارث المدني

محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جده، عن بلال بن الحارث

16

عمرو بن الحارث

مصري

بسر بن سعيد، عن أبي سعيد الخدري عن أبي موسى

بسر بن سعيد، عن أبي سعيد الخدري بذكر قصة أبي موسى

17

عبدالله بن أبي بكر بن محمد

المدينة

أبو عمرة الأنصاري

عبدالرحمن بن أبي عمرة الأنصاري

18

عبدالله بن أبي بكر بن محمد

المدينة

عن أبي سعيد الخدري أو عن أبي هريرة

عن أبي هريرة

ص: 150

رقم الحديث

شيخ الراوي

بلده

الوهم

الصحيح

19

سهيل بن أبي صالح

المدينة

سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة حديث (الدين النصيحة)

سهيل، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن تميم الداري

20

محمد بن عجلان

المدينة

محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة

محمد بن عجلان، عن بكير، عن عجلان، عن أبي هريرة

21

أبو النضر

المدينة

سهل بن حنيف

عثمان بن حنيف

22

حميد

المدينة

أرأيت إن منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم

قيل: مدرج من كلام أبي هريرة

23

خبيب بن عبدالرحمن

المدينة

عن أبي هريرة أو أبي سعيد

عن أبي هريرة

24

حميد

البصرة

كلهم كان لا يقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «1»}

كانوا يستفتحون القراءة ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ «2»}

ص: 151

‌معمر بن راشد

(1)

‌اسمه ونسبه:

معمر بن راشد الحراني الإمام الحافظ شيخ الإسلام أبو عروة بن أبي عمرو الأزدي مولاهم البصري نزيل اليمن.

مولده سنة خمس أو ست وتسعين، وشهد جنازة الحسن البصري، وطلب العلم وهو حدث، وتوفي سنة 153، وقيل: 154 في رمضان، وله نحو 58 عاماً.

‌شيوخه:

روى عن خلق كثير من التابعين، منهم: ثابت البناني، وعمرو بن دينار، وقتادة، والزهري، وهمام بن منبه، وأبي إسحاق السبيعي، وعطاء، وهشام بن عروة، ويحيى بن أبي كثير، ومحمد بن المنكدر، وأيوب السختياني، ولم يجمع الستة الذين يدور الحديث عليهم إلا معمر.

روى عنه:

أيوب، ويحيى بن أبي كثير، وعمرو بن دينار، وأبو إسحاق السبيعي، وهم من شيوخه.

(1)

انظر مصادر ترجمته في سير أعلام النبلاء (7/ 5).

ص: 153

وشعبة، والثوري، وسعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، وابن جريج، وهم من أقرانه.

وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، وابن علية وعبد الرزاق، وخلق كثير.

‌طلبه للعلم:

قال عبد الرزاق عن معمر: خرجت وأنا غلام إلى جنازة الحسن وطلبت العلم سنة مات الحسن.

قال البخاري: وقال محمد بن كثير عن معمر: سمعت من قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة فما شيء سمعت في تلك السنين إلا وكأنه مكتوب في صدري.

قال علي بن المديني: جمع لمعمر من الإسناد ما لم يجمع لأحد من أصحابه: أيوب، وقتادة بالبصرة، وأبو إسحاق والأعمش بالكوفة، والزهري وعمرو بن دينار بالحجاز، ويحيى بن أبي كثير.

وقال أيضاً: نظرت في الأصول من الحديث فإذا هي عند ستة ممن مضى: من أهل المدينة الزهري، ومن أهل مكة عمرو بن دينار، ومن أهل البصرة قتادة ويحيى بن أبي كثير، ومن أهل الكوفة أبو إسحاق والأعمش، ثم نظرت فإذا حديث هؤلاء الستة يصير إلى أحد عشر رجلاً: سعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، وشعبة، والثوري، وابن جريج، وأبي عوانة، ومالك، وابن عيينة، وهشيم، ومعمر بن راشد، والأوزاعي.

وكذلك ذكره أبو حاتم فيمن دار الإسناد عليهم.

ص: 154

قال عبد الواحد بن زياد: قلت لمعمر: كيف سمعت من ابن شهاب؟ قال: كنت مملوكاً لقوم من ضاحية فأرسلوني ببز أبيعه فقدمت المدينة فنزلت داراً فرأيت شيخاً والناس حوله يعرضون عليه العلم فعرضت عليه معهم.

وقال أحمد: ما أضم أحداً إلى معمر إلا وجدت معمراً أطلب للحديث منه وهو أول مَنْ رحل إلى اليمن.

قال عبد الرزاق: قال ابن جريج: إن معمراً شرب من العلم بأنقع، قال ابن قتيبة: الأنقع جمع نقع وهو هاهنا ما يستنقع.

وقال عبد الرزاق: سمعت ابن جريج يقول: عليكم بهذا الرجل لقي معمر فإنه لم يبقَ في زمانه أعلم منه.

قال عبد الرزاق: كتبت عن معمر عشرة آلاف حديث.

‌ورعه:

قال عبد الرزاق: ما نعلم أحداً عف عن هذا المال إلا الثوري ومعمراً.

وقال: أكل معمر من عند أهله فاكهة ثم سأل فقيل هدية من فلانة النواحة فقام فتقيأ.

قال: وبعث إليه والي اليمن بذهب فرده وقال لأهله: إن علم بهذا غيرنا لم يجتمع رأسي ورأسك أبداً.

وقال يحيى بن معين: سمعت أنه كان زوج أخت معمر مع معن بن زائدة فأرسلت إليها أختها بطعام، فعلم بذلك معمر بعدما أكل فقام فتقيأ.

ص: 155

‌المأخذ عليه:

‌الأمر الأول: ضعفه في الرواية عن بعض شيوخه:

قال يحيى بن معين: إذا حدثك معمر عن العراقيين فخافه إلا عن الزهري وابن طاووس فإن حديثه عنهما مستقيم، وأما أهل الكوفة والبصرة فلا، وما عمل في حديث الأعمش شيئاً

(1)

.

وقال الدارقطني: سياء الحفظ لحديث قتادة والأعمش.

وقال ابن حجر في التقريب: ثقة ثبت فاضل إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئاً.

‌الأمر الثاني: تحديثه من حفظه:

وهذه الأحاديث التي وهم فيها معمر بن راشد رحمه الله أكثرها كما بيّنّا في الإسناد وهي لا تعد شيئاً بجانب كثرة أحاديثه، ويكفي أن ينظر المرء إلى مصنف تلميذه عبد الرزاق الذي يحوي على أكثر من واحد وعشرين ألف حديث وأكثر ليدرك كثرة روايات معمر فقد أكثر عبد الرزاق فيه من حديثه، والله تعالى أعلم.

(1)

تاريخ دمشق (59/ 414) وانظر المسألة رقم (280).

ص: 156

‌الحديث الأول

(1)

:

174 -

قال البخاري رحمه الله في صحيحه (3058): (حدثنا

(1)

رجال الإسناد:

محمود بن غيلان العدوي مولاهم، أبو أحمد المروزي، نزيل بغداد، ثقة، من العاشرة، مات سنة 239 وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن المبارك المروزي، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، من الثامنة، مات سنة 181 وله 63 سنة، روى له البخاري ومسلم.

عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري، ثقة حافظ مصنف شهير عمي في آخر عمره فتغير وكان يتشيع، روى له البخاري ومسلم (سيأتي سبب ذكره هنا).

معمر بن راشد الأزدي، مولاهم أبو عروة البصري نزل اليمن، ثقة ثبت فاضل

، من كبار السابعة، مات سنة 154 وله 58 سنة، روى له البخاري ومسلم.

الزهري: محمد بن مسلم بن شهاب، فقيه حافظ متفق على جلالته وإتقانه وثبته (سبقت ترجمته مراراً)، روى له البخاري ومسلم.

علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، زين العابدين، ثقة ثبت عابد فقيه فاضل مشهور، قال الزهري: ما رأيت قرشياً أفضل منه، من الثالثة، مات سنة 93 أو نحوها، روى له البخاري ومسلم.

عمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاص الأموي، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.

أسامة بن زيد بن حارثة، صحابي مشهور، مات بالمدينة سنة 54 وله 75 سنة.

ص: 157

محمود، أخبرنا عبد الله، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد قال:

قلت: يا رسول الله أين تنزل غداً في حجته؟ قال: «وهل ترك لنا عقيل منزلاً» .

ثم قال: نحن «نازلون غداً بخيف بني كنانة المحصب حيث قاسمت قريش على الكفر، وذلك أن بني كنانة حالفت قريشاً على بني هاشم أن لا يبايعوهم ولا يؤوهم» .

قال الزهري: والخيف الوادي.

‌التعليق:

هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، والحديث قد أخرجه الإمام البخاري في صحيحه فيغني عن النظر في تراجمهم إلا أن مقصودنا هو معرفة الرواة.

محمود هو ابن غيلان، وعبد الله هو ابن المبارك كذا في النسخة الموجودة لدينا

(1)

.

وجاء في باقي النسخ عبد الرزاق وهو الصحيح إن شاء الله

(2)

.

(1)

المطبوع مع فتح الباري بإشراف محب الدين الخطيب ومحمد فؤاد عبد الباقي وبتعليق عبد العزيز بن باز في الأجزاء الأولى منه.

(2)

جاء في كتاب التعديل والتجريح لمَن خرّج عنه البخاري في الجامع الصحيح لأبي الوليد الباجي (2/ 811) المتوفى سنة 474 في ترجمة محمود بن غيلان قال: (أخرج البخاري في الصلاة وغير موضع عنه عن أبي أسامة وأبي أحمد الزبيري، وعبد الرزاق، وشبابة، وسعيد بن عامر) ولم يذكر عبد الله بن المبارك، وكذلك لم يذكر الحافظ المزي في ترجمته في تهذيب الكمال أن له رواية عن عبد الله بن المبارك، وكذلك في ترجمة عبد الله بن المبارك لم يذكر أن ممن روى عنه محمود بن غيلان.

ثم إن الحديث في مصنف عبد الرزاق (9851) ومن طريقه أخرجه غير واحد كما سيأتي في التخريج.

ص: 158

قال ابن حجر في الفتح (6/ 176): (عبد الله هو ابن المبارك، وهذه رواية أبي ذر وحده، وللباقين (عبد الرزاق) بدل عبد الله وبه جزم الإسماعيلي وأبو نعيم).

وأخرجه أحمد (5/ 202) ومن طريقه أبو داود (2010) عن عبد الرزاق به.

والحديث أخرجه كذلك النسائي في الكبرى (4256) عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق، عن معمر عن الزهري.

وعن إسحاق بن منصور، عن عبد الرزاق عن معمر والأوزاعي عن الزهري به.

وقال: حديث الأوزاعي غير محفوظ.

وأخرجه ابن ماجه (2942) وابن خزيمة (2985) كلاهما عن محمد بن يحيى الذهلي عن عبد الرزاق عن معمر به، ورواه أبو عوانة (5596) من طريق عبد الرزاق عن معمر، وهو في المصنف لعبد الرزاق (9851) عن معمر به، وأخرجه الدارقطني (3/ 62) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 689) من طريق محمد بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر به، إلا أن بعض أئمة الحديث ونقاده، منهم: علي بن المديني، وابن خزيمة، والخطيب، ذكروا أن معمراً وهم في هذا الحديث فأدخل حديثاً في حديث، فحديث: قلت: يا رسول الله أين تنزل غداً؟ قال:

ص: 159

«وهل ترك لنا عقيل منزلاً» ، (وزاد في بعضها ثم قال:«لا يرث الكافر المؤمن، ولا المؤمن الكافر» ).

رواه الزهري، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه.

هكذا رواه الثقات من أصحاب الزهري ولم يذكروا فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «نحن نازلون غداً بخيف بني كنانة» .

وممن رواه عن الزهري هكذا:

يونس بن يزيد

(1)

، ومحمد بن حفصة

(2)

، وزمعة بن صالح

(3)

، وصالح بن كيسان

(4)

، وسفيان بن حسين

(5)

، والأوزاعي

(6)

، ومعمر بن راشد

(7)

أيضاً، ومعاوية بن صالح

(8)

.

أما قوله: «نحن نازلون غداً بخيف بني كنانة» .

فهذا رواه الزهري، عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم من الغد يوم النحر وهو بمنى: «نحن نازلون غداً

(1)

البخاري (1588)، ومسلم (1351).

(2)

البخاري (4282)(4283)، ومسلم (1351)، وأحمد (5/ 201).

(3)

مسلم (1351) مقروناً بأبي حفصة.

(4)

الطبراني في المعجم الكبير (1/ 168/ 412).

(5)

الطبراني في الكبير (1/ 168/ 412).

(6)

أبو داود (2011).

(7)

مسلم (1351) ولفظه: (قلت: يا رسول الله أين تنزل غداً؟ وذلك في حجته حين دنونا من مكة، فقال: «وهل ترك لنا عقيل منزلاً» وزاد في رواية يونس عند مسلم أيضاً: (وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب ولم يرثه جعفر ولا علي شيئاً لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين)، والبخاري تعليقاً (4283).

(8)

الدارقطني (3/ 62).

ص: 160

بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر» يعني بذلك المحصب، وذلك أن قريشاً وكنانة تحالفت على بني هاشم وبني عبد المطلب، أو بني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبو عبد الله: ابن المطلب أشبه. هذا لفظ البخاري (1590).

وممن رواه هكذا عن الزهري:

الأوزاعي

(1)

، ويونس بن يزيد

(2)

، وشعيب بن أبي حمزة

(3)

، وإبراهيم بن سعد

(4)

، وعقيل بن خالد

(5)

، والنعمان بن راشد

(6)

.

فوهم معمر فجمع حديث أبي هريرة إلى حديث أسامة بن زيد.

قال إمام هذا الشأن علي بن المديني رحمه الله: حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «منزلنا غداً إن شاء الله بالخيف عند الضحى» رواه الزهري، فاختلف على الزهري في إسناده:

فرواه الأوزاعي، وإبراهيم بن شعيب، والنعمان بن راشد، وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع كلهم عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

إلا أن معمراً أدرجه في حديث علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد:«وهل ترك لي عقيل منزلاً» ، فأدرج الكلام فيه:«منزلنا غداً» .

(1)

البخاري (1590) ومسلم (1314) وابن خزيمة (2981).

(2)

البخاري (7479) ومسلم (1314).

(3)

البخاري (1589، 7479).

(4)

البخاري (4285).

(5)

البخاري (1590) تعليقاً، وابن خزيمة (2984).

(6)

الخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (2/ 694) وقد ذكر الخطيب معظم الروايات السابقة واكتفينا بالإشارة إلى الصحيحين.

ص: 161

وقد رواه محمد بن أبي حفصة، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة، ولم يذكر فيه:«ومنزلنا بالخيف»

(1)

.

وقال ابن المديني مستدلاً على وهم معمر فيما نقله الخطيب عنه بعد أن روى الحديث من طريقه عن روح بن عبادة، عن محمد بن أبي حفصة قال: قال ابن المديني: لم يزد على هذا الكلام، ويدل على أن الحديث هكذا أن سفيان حدثنا قال: حفظنا من عمرو بن دينار عن محمد بن علي بن الحسين قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة: أين تنزل؟ قال: «وهل ترك لي عقيل من ظل بمكة» ، قال علي: لم يذكر في حديثه (قصة بني كنانة) وما أشك أن محمد بن علي بن حسين إنما أخذ هذا الحديث عن أبيه عن علي بن الحسين

(2)

.

وقال ابن خزيمة في صحيحه (4/ 322/ 2984): سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أين ينزل غداً في حجته إنما هو عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، فأما آخر القصة:«لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» فهو عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة، ومعمر فيما أحسب واهماً في جمعه القصتين في هذا الإسناد، وقد بينت علة هذا الخبر في كتاب الكبير).

وقال الخطيب: روى معمر عن الزهري هذا الحديث هكذا سياقة واحدة بإسناد واحد، ووهم في ذلك لأنه حديثان بإسنادين مختلفين.

(1)

علل الحديث ومعرفة الرجال لابن المديني (ص 427).

(2)

الفصل للوصل (2/ 692) وفتح القدير (3/ 452).

ص: 162

فمن أوله إلى آخره قوله: «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» يرويه الزهري عن علي بن الحسين بالإسناد الذي ذكرناه.

وما بعد ذلك إلى آخر الحديث إنما هو عند الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة.

وقد روى محمد بن أبي حفصة وزمعة بن صالح عن الزهري الحديث الأول عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة ولم يذكر قصة خيف بني كنانة ولا ما بعدها.

وروى شعيب بن أبي حمزة، وعقيل بن خالد، والنعمان بن راشد، وإبراهيم بن سعد أربعتهم قصة الخيف مفردة دون ما قبلها عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة.

وكذلك روى الأوزاعي عن الزهري من قصة الخيف إلى آخر الحديث، وروى يونس بن يزيد عن الزهري الحديثين اللذين ذكرناهما عن معمر في سياقة واحدة إلا أن يونس بيَّنهما وميَّز بينهما وأفرد كل واحد منهم بإسناده عن الآخر

(1)

.

‌الخلاصة:

هكذا رأى إمام فن علم علل الحديث علي بن المديني شيخ البخاري

(2)

ومَن وافقه أن معمراً وهم في هذا الحديث فأدخل حديث أبي هريرة على حديث أسامة.

(1)

الفصل للوصل المدرج في النقل (2/ 698 - 691).

(2)

علي بن عبد الله بن جعفر المديني البصري، ثقة ثبت إمام، أعلم أهل عصره بالحديث وعلله حتى قال البخاري: ما استصغرت نفسي إلا عند علي بن المديني، وقال فيه شيخه ابن عيينة: كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني، وقال النسائي: كأن الله خلقه للحديث. (التقريب 4794).

ص: 163

وأتى بما يدل على قوله وتابعه ابن خزيمة والخطيب.

وأخرج الإمام البخاري في صحيحه هذا الحديث فكأنه ذهب إلى قبوله ولم يرَ فيه وهماً، بل رأى الطريقين محفوظين، فالزهري كثير الحديث واسع الرواية لا يستغرب أن يكون له أكثر من طريق لذات الحديث، والراوي عنه معمر ثقة متقن لا يضر انفراده برواية هذا الوجه عن الزهري.

وإلى هذا أيضاً ذهب الدارقطني في العلل (9/ 248):

فقد سئل عن حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين أراد أن ينفر من منى:«نحن نازلون إن شاء الله غداً بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر» .

فقال: (يرويه الزهري، واختلف عنه:

فرواه الأوزاعي، وعقيل، وعبد الله بن أبي زياد، وشعيب بن أبي حمزة، وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن الزهري عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

ورواه معمر، وابن أبي حفصة، وزمعة عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد.

وكلاهما محفوظان

).

والله تعالى أعلم.

ص: 164

‌الحديث الثاني

(1)

:

175 -

قال الإمام البخاري رحمه الله (7061):

حدثنا عَيَّاش بن الوليد، أخبرنا عبد الأعلى، حدثنا مَعْمَر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«يتقارب الزمان ويَنْقص العلم ويُلقى الشُّح وتَظهر الفتن ويكثر الهرج» ، قالوا: يا رسول الله أيما هو؟ قال: «القَتل القتل» . وقال شعيب ويونس والليث وابن أخي الزهري عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، غير عياش من رجال البخاري.

وأخرجه مسلم (4/ 2057 رقم 157) وابن ماجه (4052) وابن أبي شيبة (38433) أو (15/ 64) من طرق عن عبد الأعلى به.

وأخرجه أحمد (2/ 233) عن عبد الأعلى به ولم يذكر وينقص العلم.

(1)

رجال الإسناد:

عياش بن الوليد الرقام أبو الوليد البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة 226، روى له البخاري وأبو داود والنسائي.

عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري السامي، ثقة من الثامنة، مات سنة 189، روى له البخاري ومسلم.

معمر: تقدم.

الزهري: تقدم.

سعيد بن المسيب: تقدم.

ص: 165

ورواه عبد الرزاق (20751) عن معمر عن الزهري، عن سعيد مرسلاً ولم يقل:«وينقص العلم» ، وتابعهما حماد بن زيد فرواه عن معمر عن الزهري عن سعيد فيما قاله الدارقطني كما سيأتي.

هكذا قال معمر: (عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«يتقارب الزمان وينقص العلم» .

فخالف في الإسناد والمتن:

أولاً: في الإسناد:

خالفه شعيب بن أبي حمزة

(1)

، ويونس بن يزيد

(2)

، والليث بن سعد

(3)

، وابن أخي الزهري

(4)

، وإسحاق بن يحيى

(5)

، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر

(6)

فقالوا: (عن الزهري، عن حميد، عن أبي هريرة).

وقد رجح الدارقطني رواية الجماعة وقال ابن حجر باحتمال صحة الطريقين.

وسئل الدارقطني عن حديث ابن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يتقارب الزمان ويقبض العلم ويظهر الفتن

»، فقال: يرويه الزهري واختلف عنه:

(1)

البخاري (6037) ومسلم (4/ 2057 رقم 157).

(2)

مسلم (4/ 2057/ 157).

(3)

البخاري (7061) تعليقاً ووصله ابن حجر في تغليق التعليق (5/ 277).

(4)

البخاري (7061) تعليقاً، والطبراني في مسند الشاميين (623) والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (1/ 445) وابن عساكر في تاريخ دمشق (37/ 357) وابن حجر في تغليق التعليق (5/ 377).

(5)

ذكره الدارقطني في العلل (9/ 181 رقم 1703).

(6)

المصدر السابق.

ص: 166

فرواه معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وخالفه يونس بن يزيد وإسحاق بن يحيى فروياه عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.

وكذلك قال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر

(1)

عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة، والمحفوظ حديث حميد

(2)

.

وقال في التتبع: «وقد تابع حماد بن زيد عبد الأعلى، وخالفهما عبد الرزاق فلم يذكر أبا هريرة وأرسله، ويقال: إن معمراً حدّث بالبصرة من حفظه بأحاديث وهم في بعضها، وقد خالفه فيه شعيب ويونس والليث بن سعد وابن أخي الزهري رووه عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة

(3)

.

وقال الحافظ بعد أن ذكر قول البخاري وقال: شعيب ويونس والليث

قال: يعني أن هؤلاء الأربعة خالفوا معمراً في قوله عن

(1)

رواه الطبراني في الأوسط (4532) من طريق صدقة بن خالد عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن ابن أخي الزهري به، وكذلك في مسند الشاميين (623) وابن عساكر في تاريخ دمشق 37/ 257.

(2)

العلل (9/ 181).

(3)

التتبع ص 10 ح رقم 1، ونصر قوله المحقق الشيخ مقبل بن هادي الوادعي فقال: الذي يظهر لي أن معمراً يعتبر شاذاً في هذا الحديث أو قد خالف أربعة من أصحاب الزهري

وكذا إسحاق بن يحيى وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ومن الأدلة أنه لم يضبطه أنه تارة يرويه عن سعيد عن أبي هريرة، وتارة يرويه عن همام عن أبي هريرة كما عند مسلم، وتارة يرسله كما ذكر الدارقطني (وفي قوله هذا نظر كما سيأتي).

ص: 167

الزهري عن سعيد فجعلوا شيخ الزهري حميداً لا سعيداً، وصنع البخاري يقتضي أن الطريقين صحيحان، فإنه وصل طريق معمر هنا ووصل طريق شعيب في كتاب الأدب وكأنه رأى أن ذلك لا يقدح لأن الزهري صاحب حديث فيكون الحديث عنده عن شيخين ولا يلزم من ذلك اطراده في كل مَنْ اختلف عليه في شيخه إلا أن يكون مثل الزهري في كثرة الحديث والشيوخ ولولا ذلك لكانت رواية يونس ومَن تابعه أرجح وليست رواية معمر مدفوعة عن الصحة لما ذكرته»

(1)

.

قلت: والذي يترجح عندي وهم معمر في هذا الحديث لما يلي:

1 أن معمراً حدّث بهذا الحديث بالبصرة كما قال الدارقطني وهو قد وهم في بعض ما حدّث بالبصرة لأنه كان يحدثهم من حفظه ولم يكن يتعاهد كتبه هناك لبُعده هنا.

2 أنه خالف في هذا الحديث يونس بن يزيد وهو أثبت الناس في الزهري كما حققته في غير هذا الموضع

(2)

وتابعه شعيب بن أبي حمزة الذي قال عنه يحيى بن معين: من أثبت الناس في الزهري وتابعهما جماعة عن الزهري كما تقدم.

3 أنه اختلف على معمر في سنده فوصله عنه حماد بن زيد وعبد الأعلى فأرسله عنه عبد الرزاق وكلهم حفاظ ثقات.

واختلف عليه في متنه كما تقدم.

(1)

فتح الباري (13/ 15).

(2)

في باب سفيان بن عتبة.

ص: 168

ثانياً: في المتن:

قوله: «وينقص العلم» خالفه يونس بن يزيد

(1)

، وشعيب بن حمزة في الصحيح عنه

(2)

، والليث بن سعد

(3)

، وابن أخي الزهري

(4)

فقالوا: «ويقبض العلم» .

وكذلك رواه جماعة عن أبي هريرة فقالوا: «ويقبض العلم» ، منهم:

سالم بن عبد الله بن عمر

(5)

، وعبد الرحمن الأعرج

(6)

، وسعيد بن سمعان

(7)

، ويزيد الأصم

(8)

، وهمام بن منبه

(9)

، وأبو يونس مولى أبي هريرة

(10)

، وعياض بن دينار الليثي

(11)

، وعجلان مولى فاطمة

(1)

مسلم (4/ 2057) رقم (157).

(2)

مسلم (4/ 2057) من طريق الدارمي، والطبراني في مسند الشاميين (3065) من طريق أبي زرعة، وخالفهم أبو اليمان فرواه عن شعيب فقال:(وينقص العمل) فذكر العمل بدلاً من العلم، وينقص بدلاً من يقبض ووجد منه عند البخاري (6037) وانظره في بابه.

(3)

البخاري تعليقاً (7061) ووصله ابن حجر في تغليق التعليق (5/ 277) والطبراني في الأوسط (8682).

(4)

البخاري تعليقاً (7061) والطبراني في مسند الشاميين (623) والبيهقي في المدخل (1/ 449) وابن عساكر في تاريخ دمشق (37/ 357) والطبراني في الأوسط (4522) وابن حجر في تغليق التعليق (5/ 377).

(5)

البخاري (86) ومسلم (157)(11).

(6)

البخاري (1412) و (1036).

(7)

أحمد (2/ 519) وابن حبان (6718).

(8)

أحمد (2/ 539) وإسحاق (317)(318) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (8/ 408) والحارث في مسنده (63 زوائد).

(9)

مسلم (4/ 2057)(157) وأحمد (2/ 313).

(10)

مسلم (4/ 2058).

(11)

أحمد (2/ 257).

ص: 169

بنت عتبة والد محمد بن عجلان

(1)

، وعبد الرحمن بن حجيرة

(2)

، وزياد بن قيس

(3)

هؤلاء كلهم رووه عن أبي هريرة بلفظ: «ويقبض العلم» .

وكذلك جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص

(4)

، وأبو أمامة

(5)

، ومعاذ بن أنس

(6)

رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: «ويقبض العلم» .

أما وجه إخراج الشيخين لهذا الحديث، فالبخاري أخرجه لكن أشار إلى وجود علة فيه بدليل أنه ذكر الخلاف عقبها.

وكذلك فعل مسلم فإنه قدّم حديث يونس ثم حديث شعيب ثم ذكر في آخر الباب حديث معمر، ومنهج مسلم في هذا أنه يقدم الحديث الأصح أولاً، والله تعالى أعلم.

‌تنبيه:

أما قول الشيخ مقبل رحمه الله أن معمراً لم يضبطه، تارة يرويه عن همام وتارة عن سعيد فهو غير صحيح لأن الحديث الذي أشار إليه وعناه هو ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما

(1)

أحمد (2/ 428).

(2)

الطبراني في الأوسط (3277) والحاكم (4/ 457) وصححه، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (1/ 156).

(3)

الطحاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 280).

(4)

البخاري (100) ومسلم (2673).

(5)

ابن ماجه (228) وأحمد (5/ 265).

(6)

أحمد (439).

ص: 170

حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أحاديث، منها:«لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان وتكون مقتلة عظيمة دعواهما واحدة»

(1)

، فهذا حديث مختلف، والله تعالى أعلى وأعلم.

(1)

مسلم (2214).

ص: 171

‌الحديث الثالث

(1)

:

176 -

قال الإمام مسلم رحمه الله (1/ 295 ح 394 (36): حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا أبي، عن صالح عن ابن شهاب، أن محمود بن الربيع الذي مج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه من بئرهم، أخبره أن عبادة بن الصامت أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«لا صلاة لمَن لا يقرأ بأم القرآن» .

وحدثناه إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد قالا: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري بهذا الإسناد مثله، وزاد:«فصاعداً» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد بن حميد من رجال مسلم.

(1)

رجال الإسناد:

إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، أبو محمد بن راهويه المروزي، ثقة حافظ مجتهد، قرين أحمد بن حنبل، مات سنة 238 وله 72 سنة، روى له البخاري ومسلم.

عبد بن حميد، ثقة حافظ من الحادية عشرة، مات سنة 294، روى له مسلم، واستشهد به البخاري في الصحيح.

عبد الرزاق: تقدم.

الزهري: تقدم.

محمود بن الربيع بن سراقة الخزرجي المدني، صحابي صغير وصل روايته عن الصحابة.

ص: 172

وهو في مصنف عبد الرزاق (2623) ومن طريقه أخرجه أحمد (5/ 322) وأبو عوانة (1665) وابن حبان (1786) و (1793) والبخاري في خلق أفعال العباد (1/ 106) وابن المنذر في الأوسط (3/ 98) والبغوي في شرح السنّة (3/ 48). وأخرجه النسائي (2/ 137) وفي الكبرى (983) والبخاري في خلق أفعال العباد (1/ 106) من طريق عبد الله بن المبارك، وأخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (1/ 106) من طريق وهيب ثلاثتهم عن معمر به.

هكذا قال معمر: (عن الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«لا صلاة لمَن لم يقرأ بأم القرآن فصاعداً» .

وفي رواية: «بفاتحة الكتاب فصاعداً» .

خالفه جماعة من أصحاب الزهري فرووه عنه فلم يقولوا: «فصاعداً» ، منهم: سفيان بن عيينة

(1)

، ويونس بن يزيد

(2)

، وصالح بن كيسان

(3)

، ومالك

(4)

، وعقيل بن خالد

(5)

، وشعيب بن أبي حمزة

(6)

، وإبراهيم بن سعد

(7)

، وقرة بن عبد الرحمن

(8)

، والأوزاعي

(9)

.

(1)

البخاري (756) ومسلم (394)(34).

(2)

مسلم (394)(35).

(3)

مسلم (394)(36).

(4)

البيهقي في جزء القراءة خلف الإمام (25).

(5)

البيهقي (26).

(6)

ابن عبد البر في التمهيد (11/ 31) تعليقاً.

(7)

المصدر السابق.

(8)

البيهقي (26).

(9)

البيهقي في القراءة خلف الإمام (31)(32).

ص: 173

وكذلك رواه محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بنحوه

(1)

.

قال البخاري: «وعامة الثقات لم يتابع معمراً في قوله: «فصاعداً» ، مع أنه قد أثبت فاتحة الكتاب، وقوله:«فصاعداً» غير معروف ما أراد به حرفاً أو أكثر من ذلك إلا أن يكون كقوله: «لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعداً» ، فقد تقطع اليد في دينار وفي أكثر من دينار، قال البخاري: ويقال: إن عبد الرحمن بن إسحاق تابع معمراً، وأن عبد الرحمن ربما روى عن الزهري وأدخل بينه وبين الزهري غيره ولا نعلم أن هذا من صحيح حديثه أم لا»

(2)

.

وقد اقتصر الإمام مسلم في حديث معمر على موضع مخالفته.

وقال ابن حبان: وقوله: «فصاعداً» تفرد به معمر عن الزهري دون أصحابه

(3)

.

(1)

أبو داود (823)(824) والترمذي (311)، والضياء في المختارة (47) وابن الجارود (321) وابن حبان (1785) وابن خزيمة (1581).

(2)

القراءة خلف الإمام ص 8.

(3)

في صحيحه (5/ 87 ح 1586).

ص: 174

‌الحديث الرابع

(1)

:

177 -

قال الإمام أحمد (2/ 14): حدثنا إسماعيل، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:

أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «اختر منهن أربعاً» .

‌التعليق:

وهذا الإسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، إلا أن له علة ذكرها أهل الحديث ورأوا أن معمراً وهم في هذا الحديث الذي رواه بالعراق فحدّث به مَنْ حفظه فوصل إسناده وأخطأ فيه.

والحديث أخرجه كذلك الشافعي (2/ 16) وابن أبي شيبة (4/ 317) وأبو يعلى (50437) وابن حبان (4156) والحاكم (2/ 209) والبيهقي (7/ 182) والبغوي في شرح السنّة (2288) وابن عساكر في تاريخ دمشق (48/ 136) من طريق إسماعيل بن علية عن معمر بهذا الإسناد.

وقد رواه عن معمر أيضاً بهذا الإسناد:

(1)

رجال الإسناد:

إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي، أبو بشر البصري، المعروف بابن عُلية وهي أمه، وكان يكره هذا الاسم، ثقة حافظ، توفي عام 193 وله 83 سنة، روى له البخاري ومسلم.

الزهري: تقدم.

سالم بن عبد الله ابن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، أحد الفقهاء السبعة، ثبت عابد فاضل وكان يشبه أباه في الهدي والسمت.

ص: 175

يزيد بن زريع

(1)

، ومروان بن معاوية

(2)

، والفضل بن موسى

(3)

، وعيسى بن يونس

(4)

، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي

(5)

، ومحمد بن جعفر

(6)

، ويحيى بن أبي كثير

(7)

، وسفيان الثوري

(8)

، وسفيان بن عيينة

(9)

، وسعيد بن أبي عروبة

(10)

، وعبد الأعلى السامي

(11)

، وأبو اليمان

(12)

هؤلاء كلهم رووه عن معمر عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر به.

هكذا قال معمر: (عن الزهري، عن سالم، عن أبيه عبد الله بن عمر).

خالفه مالك

(13)

، وسفيان بن عيينة

(14)

، ويونس بن يزيد

(15)

،

(1)

ذكره البيهقي في السنن الكبرى تعليقاً (7/ 182).

(2)

ابن أبي شيبة (14/ 317) والدارقطني (3/ 269) والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 248) تعليقاً.

(3)

ابن حبان (4157) والحاكم (2/ 193).

(4)

ابن حبان (4158).

(5)

الحاكم (2/ 192).

(6)

أحمد (2/ 44) وابن ماجه (1953) والبيهقي (7/ 181).

(7)

ابن عدي في الكامل (1/ 182).

(8)

البيهقي (7/ 182) وابن عبد البر في التمهيد (12/ 55).

(9)

ابن أبي شيبة (14/ 216).

(10)

الترمذي (1128) وأحمد (2/ 83) والدارقطني (3/ 269) والبيهقي (7/ 182).

(11)

أحمد (2/ 44) والطحاوي (3/ 252) والروياني في مسنده (1399).

(12)

البخاري في التاريخ الكبير (6/ 248).

(13)

الموطأ (2/ 102) ومن طريقه سعيد بن منصور (3/ 472) والبيهقي (7/ 182) وابن أبي حاتم في العلل (1199).

(14)

البيهقي (7/ 182).

(15)

الدارقطني (3/ 270) والبيهقي (7/ 182) وابن عساكر في تاريخ دمشق (48/ 137).

ص: 176

وعقيل بن خالد

(1)

، وشعيب بن أبي حمزة

(2)

، فأرسلوه.

أما مالك وسفيان فلم يجاوزوا به الزهري، فقالوا: عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه يونس بن يزيد عن الزهري عن محمد بن أبي سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغيلان بن سلمة

ورواه عقيل بن خالد وشعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال عقيل: بلغنا، وقال شعيب: حدثت عن محمد بن سويد الثقفي أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة

الحديث.

قال الطحاوي: فبين عقيل في هذا عن الزهري مخرج هذا الحديث، وأنه إنما أخذه عما بلغه عن عثمان بن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلم فاستحال أن يكون الزهري عنده في هذا شيء عن سالم عن أبيه فيدع الحجة به ويحتج بما بلغه عن عثمان بن محمد بن أبي سويد عن النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

.

قلت: وقد تابعهم معمر في رواية عبد الرزاق

(4)

وأبي اليمان

(5)

.

وقد حكم أئمة الحديث ونقاده على معمر بالوهم في هذا الإسناد.

(1)

البخاري في التاريخ الكبير (6/ 248) والأوسط (1/ 442) والطحاوي (3/ 253).

(2)

نقله الترمذي في سننه عن البخاري (3/ 435).

(3)

شرح معاني الآثار (3/ 253).

(4)

مصنف عبد الرزاق (12621) ومن طريقه أبو داود في المراسيل (226) والطحاوي (3/ 253) والدارقطني (3/ 270) والبيهقي (7/ 8).

(5)

البخاري في التاريخ الكبير (6/ 248).

ص: 177

قال الإمام أحمد: هذا الحديث ليس بصحيح والعمل عليه. وأعله بتفرد معمر بوصله وتحديثه في غير بلده هكذا

(1)

.

وقال أحمد في رواية ابنه صالح: معمر أخطأ بالبصرة في إسناد حديث غيلان ورجع باليمن فجعله منقطعاً

(2)

.

وقال البخاري: هذا الحديث غير محفوظ

(3)

.

وقال أبو داود: أسند معمر هذا بالبصرة ووهم فيه

(4)

.

وقال الحافظ: وحكم مسلم في (التمييز) على معمر بالوهم فيه

(5)

.

وقال أبو حاتم: هذا وهم

(6)

.

وقال أبو زرعة: المرسل أصح

(7)

.

وقال الطحاوي: أخطأ معمر

ففسد هذا الحديث من جهة الإسناد

(8)

.

وقال ابن عدي في الكامل (1/ 179): وهذا الحديث إنما يرويه معمر عن الزهري، وهو مما أخطأ فيه معمر بالبصرة.

(1)

قاله الأثرم عن أحمد كما في التلخيص (3/ 168).

(2)

شرح علل الترمذي (2/ 768).

(3)

نقله عنه الترمذي في السنن (3/ 435).

(4)

المراسيل ص 317 عقب الحديث (226).

(5)

التلخيص (3/ 168).

(6)

العلل لابن أبي حاتم (1200).

(7)

العلل لابن أبي حاتم (1199).

(8)

في شرح معاني الآثار (3/ 253).

ص: 178

وقال ابن عبد البر: ولم يتابع معمر على هذا الإسناد

(1)

.

وقال أيضاً: ورواه معمر بالعراق حدّث به مَنْ حفظه فوصل إسناده وأخطأ فيه

(2)

.

وقال ابن عساكر: والمحفوظ عن الزهري حديث يونس بن يزيد

(3)

.

قال الترمذي (3/ 435): سمعت محمد بن إسماعيل يقول: هذا حديث غير محفوظ، والصحيح ما روى شعيب بن أبي حمزة وغيره عن الزهري قال: حُدثت عن محمد بن سويد الثقفي أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة.

قال محمد: وإنما حديث الزهري عن سالم عن أبيه أن رجلاً من ثقيف طلّق نساءه، فقال له عمر: لتراجعن نساءك أو لأرجمن قبرك كما رجم قبر أبي رغال

(4)

.

(1)

الاستيعاب (2059).

(2)

الاستذكار (18/ 142) والتمهيد (12/ 54).

(3)

تاريخ دمشق (48/ 137).

(4)

قيل: كان أبو رغال رجلاً عشاراً في الزمن الأول فقبره يرجم، وهو بين مكة والطائف، قال جرير:

إذا مات الفرزدق فارجموه

كما ترمون قبر أبي رغال

وروى أبو داود (3088) والبيهقي في دلائل النبوة (6/ 297) من طريق إسماعيل بن أمية، عن بجير بن أبي بجير قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خرجنا معه إلى الطائف، فمررنا بقبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هذا قبر أبي رغال، وهو أبو ثقيف، وكان من ثمود، كان بهذا الحرم يدفع عنه، فلما خرج أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه» قال: فابتدره الناس فاستخرجوا منه الغصن.

وإسناده ضعيف.

ص: 179

وقال ابن أبي حاتم في العلل (1200): وسألت أبي عن حديث رواه يزيد بن زريع، ومروان بن معاوية، وابن عُلية، وعيسى بن يونس عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة غيلان بن سلمة، حيث أسلم وتحته عشر نسوة فأمره أن يمسك أربعة

وذكر الحديث.

قال أبي: هو وهم، إنما هو الزهري، عن ابن أبي سويد قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم

ورواه عُقيل عن الزهري قال: بلغنا عن عثمان بن أبي سويد أن النبي صلى الله عليه وسلم

قال أبي: وهذا أيضاً وهم، إنما هو الزهري، عن عثمان بن أبي سويد، قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (3/ 168):

(قال البزار: جوده معمر بالبصرة، وأفسده باليمن فأرسله.

قال الترمذي: قال البخاري: هذا الحديث غير محفوظ

وحكم مسلم في (التمييز) على معمر بالوهم فيه، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه وأبي زرعة: المرسل أصح.

وحكى الحاكم عن مسلم: هذا الحديث مما وهم فيه معمر بالبصرة.

قال: فإن رواه عنه ثقة خارج البصرة حكمنا له بالصحة.

قلت: قد ذكر معمر أنه وهم فيه.

قال العباس بن يزيد البحراني: وهذا مما غلط فيه معمر بالبصرة

ص: 180

وذلك إذ لم يكن معه كتاب فغلط في هذا

(1)

، وغلط في حديث الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة

، وأراد حديث الزهري عن سالم أن غيلان بن سلمة طلّق نساءه وقسم ماله بين بنيه.

وأما حديث غيلان عن الزهري مرسل وسمع منه قديماً.

قال عبد الرزاق: فلما قدم علينا قال: إني قد غلطت بالبصرة في حديثين حدثتهم عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة، وإنما حدثنا الزهري عن أبي أمامة بن سهل، مرسل.

وحدثتهم عن الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة.

قال معمر: ذهبت إلى حديث الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة طلّق نساءه وقسم ماله بين ولده فبلغ ذلك عمر فقال له: والله لئن لم ترجع نساءك وترجع في مالك ثم مت لأورثنهم منك ولآمرن بقبرك أن يرجم كما رجم قبر أبي رغال. قال: فراجع نساءه ورجع في ماله.

قال معمر: فأخبرني أيوب أنه ما لبث سبعاً حتى مات

(2)

.

وقد أخذ ابن حبان والحاكم والبيهقي بظاهر هذا الحكم فأخرجوه من طرق عن معمر من حديث أهل الكوفة وأهل خراسان وأهل اليمامة عنه.

(1)

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة. رواه العباس بن يزيد عن يزيد بن زريع عن معمر عن الزهري عن أنس، وسيأتي بعد هذا الحديث.

(2)

تاريخ دمشق (59/ 393).

ص: 181

قلت: ولا يفيد ذلك شيئاً فإن هؤلاء كلهم إنما سمعوا منه بالبصرة وإن كانوا من غير أهلها، وعلى تقدير تسليم أنهم سمعوا منه بغيرها فحديثه الذي حدّث به في غير بلده مضطرب لأنه كان يحدث في بلده من كتبه على الصحة وأما إذا رحل فحدّث من حفظه بأشياء وهم فيها، اتفق على ذلك أهل العلم به كابن المديني والبخاري وأبي حاتم ويعقوب بن شيبة وغيرهم.

وقد قال الأثرم عن أحمد: هذا الحديث ليس بصحيح والعمل عليه، وأعله بتفرد معمر بوصله وتحديثه به في غير بلده هكذا.

وقال ابن عبد البر: طرقه كلها معلولة، وقد أطال الدارقطني في (العلل) تخريج طرقه، ورواه ابن عيينة ومالك عن الزهري مرسلاً، وكذا رواه عبد الرزاق عن معمر، وقد وافق معمراً على وصله بحر بن كثير السقاء عن الزهري، لكن بحر ضعيف، وكذا وصله يحيى بن سلام عن مالك ويحيى ضعيف). انتهى كلام الحافظ ابن حجر.

‌علة الوهم:

إن معمراً كان يحدّث بهذا الحديث في غير بلده من حفظه فأخطأ فيه

(1)

وكان عنده في قصة غيلان حديثان عن الزهري.

(1)

قال الإمام أحمد: قلت لإسماعيل بن علية: كان معمر يحدثكم من حفظه؟ قال: كان يحدثنا من حفظه. (العلل ومعرفة الرجال 1/ 305).

وقال أيضاً: حديث عبد الرزاق وهو صنعاني عن معمر أحب إليّ من حديث هؤلاء البصريين، كان يتعاهد كتبه وينظر يعني باليمن وكان يحدثهم بخطأ بالبصرة. شرح العلل لابن رجب (2/ 767).

وقال أبو حاتم: معمر بن راشد ما حدّث بالبصرة ففيه أغاليط. الجرح والتعديل.

وقال الذهبي: ومع كون معمر ثقة ثبتاً فله أوهام لا سيما لما قدم البصرة لزيارة أمه فإنه لم يكن معه كتبه فحدّث من حفظه فوقع للبصريين عنه أغاليط.

ص: 182

قال الإمام أحمد: هكذا حدّث به معمر بالبصرة وجل حديثه بالبصرة من حفظه، وحدّث به باليمن عن الزهري بالاستقامة

(1)

.

أحدهما: ما رواه الزهري، عن سالم، عن ابن عمر أن غيلان طلّق نساءه وقسم ماله فبلغ ذلك عمر.

الثاني: ما رواه الزهري قال: بلغنا عن عثمان بن سويد وهو حديث الباب فأدرج إسناد الحديث الأول في متن هذا الحديث.

قال الحافظ في التلخيص وقد كشف مسلم في كتاب التمييز عن علته وبيّنها بياناً شافياً فقال: إنه كان عند الزهري في قصة غيلان حديثان، أحدهما: مرفوع، والآخر: موقوف، قال: فأدرج معمر المرفوع على إسناد الموقوف، فأما المرفوع فرواه عقيل عن الزهري قال: بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة

الحديث.

وأما الموقوف فرواه الزهري، عن سالم عن أبيه أن غيلان طلّق نساءه في عهد عمر وقسم ميراثه بين بنيه

الحديث)

(2)

.

وكذلك قال الطحاوي (3/ 253) فقد قال: إنما أتي معمر في هذا الحديث لأنه كان عنده عن الزهري في قصة غيلان حديثان، هذا أحدهما والآخر عن سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة طلّق نساءه وقسم ماله، فبلغ ذلك عمر فأمره أن يرتجع نساءه وماله وقال: لو مت على

(1)

تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق (2/ 573).

(2)

أخرجه أحمد (2/ 14) وأبو يعلى (5437) وابن حبان (4156).

ص: 183

ذلك لرجمت قبرك كما رُجم قبر أبي رغال في الجاهلية، فأخطأ معمر، فجعل إسناد هذا الحديث الذي فيه كلام عمر للحديث الذي فيه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ففسد هذا الحديث من جهة الإسناد.

‌الدلالة الفقهية:

دلّ هذا الحديث أن الكافر إذا أسلم وكان في عقده أكثر من أربع نسوة فإنه يختار منهن أربعاً يمسكهن ويفارق الباقي ولا يلزمه الترتيب في ذلك كأن يمسك الأربع الأوائل ويفارق ما نكحهن بعدهن.

وهذا هو مذهب مالك والشافعي وأحمد وأهل الحديث وأكثر أهل العلم.

وذهب أبو حنيفة وسفيان الثوري إلى أنه صح نكاح الأربع الأوائل منهن وبطل ما زاد على ذلك

(1)

.

قال الترمذي في السنن (3/ 435)(بعد أن ذكر ضعف الحديث):

والعمل على حديث غيلان بن سلمة عند أصحابنا، منهم: الشافعي وأحمد وإسحاق. اه.

وقال الإمام أحمد: هذا الحديث ليس بصحيح والعمل عليه. (التلخيص 3/ 168).

وقال ابن عبد البر في التمهيد (10/ 74 فتح البر):

(1)

وحجتهم في ذلك ما ذكره الطحاوي إلى أن التخيير إنما كان لأن عقودهم كانت في الوقت الذي يجوز الجمع من أكثر من أربع نسوة، قال: وعقود المشركين الآن كلها بعد ورود الشرع بالتحريم. (شرح معاني الآثار 3/ 252) مختصر خلافيات البيهقي (4/ 147) بدائع الصنائع (2/ 314).

ص: 184

الأحاديث المروية في هذا الباب كلها معلولة، وليست أسانيدها بالقوية ولكنها لم يرد شيء يخالفها عن النبي صلى الله عليه وسلم والأصول تعضدها والقول بها والمصير إليها أوْلى، وبالله التوفيق.

وقد اختلف الفقهاء في ذلك فقال مالك والشافعي ومحمد بن الحسن والأوزاعي والليث بن سعد: إذا أسلم الكافر كتابياً كان أو غير كتابي وعنده عشر نسوة أو خمس نسوة أو ما زاد على أربع اختار منهن أربعاً ولا يبالي كنّ الأوائل أو الأواخر على ما روي في هذه الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم. اه.

ص: 185

‌الحديث الخامس

(1)

:

178 -

قال أبو يعلى رحمه الله (3582): حدثنا محمد بن المنهال، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا معمر، عن الزهري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الترمذي (2050) وابن حبان (6080) والطحاوي (4/ 321) والطبري في تاريخه (2/ 9) والحاكم (4/ 417) والضياء في المختارة (2627) والبيهقي (9/ 342) وابن عساكر في تاريخ دمشق (59/ 392) كلهم من طريق يزيد بن زريع عن معمر به، وقال الترمذي: حسن غريب.

وتابعه جرير بن حازم.

أخرجه أبو نعيم في الحلية (10/ 27) من طريق يونس بن محمد عن جرير بن حازم عن معمر به.

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن المنهال الضرير، أبو عبد الله أو أبو جعفر البصري التميمي، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة 231، روى له البخاري ومسلم.

يزيد بن زريع البصري، أبو معاوية ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة 182، روى له البخاري ومسلم.

معمر: تقدم.

الزهري: تقدم.

ص: 186

وصححه الحاكم وقال الذهبي: على شرط البخاري، وقال ابن كثير في البداية (2/ 239): رجاله ثقات.

هكذا رواه معمر فقال: (عن الزهري، عن أنس بن مالك).

خالفه صالح بن كيسان

(1)

، ويونس بن يزيد

(2)

، وابن جريج

(3)

، ويعقوب بن عطاء

(4)

.

فرووه (عن الزهري، عن أبي أمامة ابن سهل).

ورواه كذلك معمر مرة (عن أبي أمامة ابن سهل) رواه عنه عبد الرزاق

(5)

والواقدي

(6)

.

فأتى به هنا على الوجه الصحيح.

قال الضياء عقب الحديث: رجاله ثقات إلا أن فيه علة.

قال ابن عساكر عقب الحديث: رجاله ثقات إلا أن فيه علة، قال العباس: وهذا مما غلط فيه معمر بالبصرة وذلك أنه لم يكن معه كتاب فغلط في هذا وغلط في حديث الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة

قال عبد الرزاق: فلما قدم علينا قال: إني قد غلطت بالبصرة في

(1)

ابن سعد في الطبقات (3/ 610).

(2)

الحاكم (4/ 214) وقال: صحيح على شرط الشيخين إذا كان أبو أمامة عندهما من الصحابة. وقال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم لأن أبا أمامة ابن سهل عندهما من الصحابة. وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 11).

(3)

ابن عبد البر في التمهيد (24/ 11).

(4)

الطبراني في الكبير (5583).

(5)

في المصنف (19515) ومن طريقه الطبراني في الكبير (5584).

(6)

أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 611).

ص: 187

حديثين حدثتهم عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة، وإنما حدثنا الزهري عن أبي أمامة ابن سهل مرسل). اه

(1)

.

قال ابن أبي حاتم في العلل (2277): سألت أبي عن حديث رواه يزيد بن زُريع، عن معمر، عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة؟ فقال أبي: هذا خطأ، أخطأ فيه معمر، إنما هو الزهري، عن أبي أمامة ابن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد، مرسل.

وقال الدارقطني في العلل (12/ 201)

(2)

: (يرويه معمر عن الزهري عن أنس حدثهم به بالبصرة ووهم فيه، والصحيح عن الزهري عن أبي أمامة ابن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة).

وقال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 60): (قد روي مسنداً من حديث ابن شهاب عن أنس، إلا أنه لم يروه بهذا الإسناد عن ابن شهاب إلا معمر وحده، وهو عند أهل الحديث خطأ، يقولون: إنه مما أخطأ فيه معمر بالبصرة، ويقولون: إن الصواب في ذلك حديث ابن شهاب، عن أبي أمامة ابن سهل بن حنيف).

وقال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 767): قال يعقوب بن شيبة: سماع أهل البصرة من معمر حين قدم عليهم فيه اضطراب لأن كتبه لم تكن معه.

ثم قال ابن رجب: (فمما اختلف فيه باليمن والبصرة حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة) رواه باليمن عن الزهري

(1)

تاريخ دمشق (59/ 392).

(2)

ونقله عن الضياء في المختارة (7/ 194).

ص: 188

عن أبي أمامة ابن سهل مرسلاً، ورواه بالبصرة عن الزهري عن أنس.

وقال الحافظ ابن حجر في النكت الظراف: «جرى ابن حبان على ظاهر السند فصححه وقال: تفرد به يزيد بن زريع.

وأخرجه ابن السكن في كتاب الصحابة من رواية يزيد هذا وقال: هكذا حدّث به معمر بالبصرة وهو خطأ، والصواب عن الزهري عن أبي أمامة ابن سهل»

(1)

.

(1)

المطبوع بحاشية تحفة الأشراف (1/ 666).

ص: 189

‌الحديث السادس

(1)

:

179 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 275): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري قال: أخبرني القاسم بن محمد قال:

اجتمع أبو هريرة وكعب فجعل أبو هريرة يحدّث كعباً عن النبي صلى الله عليه وسلم وكعب يحدّث أبا هريرة عن الكتب، قال أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لكل نبي دعوة مستجابة وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة» .

‌التعليق:

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وهو في تفسير عبد الرزاق (3/ 150) وابن مندة في الإيمان (900) والبيهقي في شعب الإيمان (6946) ويحيى بن معين في تاريخه برواية الدوري (3/ 110) وابن عساكر في تاريخ دمشق (6/ 202) كلهم من طريق عبد الرزاق بهذا الإسناد ورواية بعضهم طويلة وبعضها مختصرة.

هكذا قال معمر: (عن الزهري، عن القاسم بن محمد).

قال يحيى بن معين عقب الحديث: قد خالفه الناس قالوا: عن الزهري عن عمر بن أسيد بن جابر به، إذ المحفوظ عن الزهري طريقان:

الطريق الأول: الزهري، عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(1)

رجال الإسناد:

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، ثقة أحد الفقهاء بالمدينة، من كبار الثالثة، مات سنة 106 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

ص: 190

كذا رواه مالك

(1)

، وشعيب بن أبي حمزة

(2)

، وابن أخي الزهري

(3)

، وأبو أويس عبد الله بن عبد الله

(4)

، ومعمر

(5)

.

الطريق الثاني: الزهري، عن عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي، عن أبي هريرة.

كذا رواه يونس بن يزيد الأيلي

(6)

، وابن أخي الزهري

(7)

، وعقيل بن خالد

(8)

، وشعيب بن أبي حمزة

(9)

.

وقال الدارقطني في العلل (8/ 55 - 57):

يرويه الزهري واختلف عنه:

فرواه مالك في غير الموطأ، وأبو أويس، وابن أخي الزهري، وشعيب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة.

وخالفهم يونس بن يزيد الأيلي، رواه عن الزهري، قال: أخبرني عمر بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي عن أبي هريرة.

وقيل: عن ابن أخي الزهري مثله، وكذلك رواه عقيل عن الزهري.

(1)

مسلم (198)(334).

(2)

البخاري (7474).

(3)

واسمه محمد بن عبد الله بن مسلم، مسلم (198)(335).

(4)

أحمد (2/ 396).

(5)

أحمد (2/ 381) وابن مندة في الإيمان (893).

(6)

مسلم (198)(337).

(7)

مسلم (198)(336).

(8)

أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (2/ 226).

(9)

الدارمي (2806) ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 206).

ص: 191

وخالفهم معمر رواه عن الزهري عن القاسم بن محمد عن أبي هريرة.

وحديث أبي سلمة محفوظ، وكذلك حديث عمر بن أبي سفيان.

وأما حديث معمر فليس بمحفوظ، ويشبه أن يكون معمر وهم في قوله: القاسم بن محمد، والله أعلم.

وقال عبد الرزاق: عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وعن الزهري عن القاسم بن محمد عن أبي هريرة. اه.

ص: 192

‌الحديث السابع

(1)

:

180 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (1/ 176): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن الزهري، عن عمر بن سعد أو غيره، أن سعد بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«مَنْ يُهن قريشاً يُهِنه الله عز وجل» .

‌التعليق:

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عمر بن سعد فمن رجال النسائي، والحديث في المصنف لعبد الرزاق (19905) ومن طريقه أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 746) والضياء في المختارة (1029) وقال: رواه إسحاق بن الزهري عن عبد الرزاق.

هكذا رواه معمر فقال: (عن الزهري، عن عمر بن سعد أو غيره، عن سعد بن أبي وقاص).

خالفه صالح بن كيسان فقال: (عن الزهري، عن محمد بن أبي سفيان عن يوسف بن الحكم، عن سعد بن أبي وقاص)

(2)

.

(1)

رجال الإسناد:

عمر بن سعد بن أبي وقاص المدني، نزيل الكوفة، صدوق ولكن مقته الناس لكونه كان أميراً على الجيش الذين قتلوا الحسين بن علي، من الثانية، قتله المختار سنة 65 أو بعدها، ووهم من ذكره في الصحابة، فقد جزم ابن معين بأنه ولد يوم مات عمر بن الخطاب، روى له النسائي.

سعد بن أبي وقاص مالك بن وهيب بن عبد مناف صحابي أحد العشرة

(2)

أحمد (1/ 171) وابن أبي شيبة (12/ 171) وابن أبي عاصم في السنّة (1504) والحاكم (4/ 74) وابن أبي شيبة في مصنفه (32392) والشاشي في مسنده (125) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 907 - 908).

ص: 193

ورواه مرة فقال: (عن الزهري، عن محمد بن أبي سفيان، عن يوسف بن الحكم، عن محمد بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص)

(1)

.

قال الدارقطني: (والقولان عنه أي: الزهري محفوظان، وقالوا: إنه حدّث به بالمدينة فقال فيه: عن محمد بن سعد ثم ترك محمد بن سعد بعد ذلك.

ثم قال: ورواه معمر عن الزهري، فقال: عن عمر بن سعد عن سعد ووهم فيه معمر، والصحيح حديث صالح بن كيسان)

(2)

.

وقال علي بن المديني: محمد بن أبي سفيان لا أعلم روي عنه شيء من العلم إلا حديث واحد هو: «من يهن قريشاً يهنه الله عز وجل»

(3)

.

(1)

الترمذي (3905) وأحمد (1/ 183) وأبو يعلى (775) والشاشي (123) وابن أبي عاصم في السنة (1503) وفي الآحاد والمثاني (215) والطبراني في الأوسط (3200) والحاكم (4/ 74) وابن عساكر في تاريخ دمشق (53/ 105) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 907) والبزار (1175) وتمام الرازي في الفوائد (1421).

(2)

العلل (4/ 360 - 361).

(3)

ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (7/ 275) وتهذيب الكمال (25/ 285) والعلل لابن المديني (1/ 97 - 98).

قلت: بل له حديث آخر عن أخته أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله تعالى على النار» ، رواه النسائي (3/ 265) وابن خزيمة (1190) وحديث ثالث عند إسحاق بن راهوية (2053) عن أم حبيبة قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يجامع فيه، وأحمد (6/ 426) بنحوه، وحديث آخر عن قبيصة عن بلال عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل المؤذنين أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (1888).

ص: 194

‌الحديث الثامن

(1)

:

181 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 125): حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن مروان بن الحكم، عن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، عن أبي بن كعب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«إن من الشعر حكمة» .

‌التعليق:

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري.

هو في مصنف عبد الرزاق (20499) ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 216) من طريق الإمام أحمد والمؤمل بن إهاب كلاهما عن عبد الرزاق به.

ورواه أحمد (5/ 125 ح رقم 21158) من طريق عتاب بن زياد

(1)

رجال الإسناد:

عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 94 على الصحيح، ومولده في أوائل خلافة عثمان، روى له البخاري ومسلم.

مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، أبو عبد الملك الأموي، المدني، ولي الخلافة في آخر سنة 64، ومات سنة 65، لا تثبت له صحبة، من الثانية، قال عروة بن الزبير: مروان لا يتهم في الحديث، روى له البخاري.

عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهري ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعدّ لذلك في الصحابة، وقال العجلي: من كبار التابعين، روى له البخاري.

أبي بن كعب: صحابي.

ص: 195

عن عبد الله بن المبارك عن معمر به (وسيأتي في باب إبراهيم بن سعد، ح (747).

ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 216).

هكذا قال معمر: (الزهري، عن عروة، عن مروان بن الحكم، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبي بن كعب).

وخالفه أصحاب الزهري فقالوا: (الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن مروان بن الحكم، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبي بن كعب).

منهم:

شعيب بن أبي حمزة

(1)

، ويونس بن يزيد الأيلي

(2)

، وزياد بن سعد الخراساني

(3)

، وعبيد الله بن أبي زياد الرصافي

(4)

، وعُقيل بن خالد

(5)

، ومحمد بن أبي عتيق

(6)

، وإسماعيل بن أمية

(7)

، ومحمد بن عبد الله ابن أخي الزهري

(8)

، وأسامة بن زيد

(9)

، وعبد الرحمن بن

(1)

البخاري (6145).

(2)

أبو داود (5010) وابن ماجه (3755) وتمام الرازي في الفوائد (167).

(3)

أحمد (5/ 125) والدارمي (2704) والبخاري في الأدب المفرد (888) وفي التاريخ الكبير (5/ 253) والشاشي في مسنده (1511) وابن عساكر في تاريخه (34/ 212).

(4)

زوائد عبد الله على مسند أحمد (5/ 126)، وابن عساكر (34/ 215).

(5)

ابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 214).

(6)

البيهقي (10/ 237).

(7)

ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1856) وابن عساكر (34/ 214).

(8)

ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني تعليقاً (3/ 428).

(9)

المصدر السابق.

ص: 196

عبد العزيز الأمامي

(1)

، وعبد الله بن عامر

(2)

، وإبراهيم بن سعد في إحدى الروايتين عنه

(3)

.

وهم معمر فقال: (عروة) والصحيح (أبو بكر ابن عبد الرحمن).

وقد رواه رباح بن زيد عن معمر بمثل رواية الجماعة.

أخرجه أحمد (5/ 125) عن إبراهيم بن خالد، ثنا رباح، عن معمر عن الزهري.

وقال أحمد: وخالف رباح رواية ابن المبارك وعبد الرزاق لأنهما قالا عن عروة قال رباح عن أبي بكر ابن عبد الرحمن.

وكذلك رواه هشام بن يوسف الصنعاني عن معمر بمثل رواية الجماعة

(4)

.

‌علة الوهم:

أن معمراً كان يحدث من حفظه فيقول: عروة، وفي كتابه (أبي بكر ابن عبد الرحمن).

فقد ذكر عبد الرزاق في الأمالي

(5)

فقال: حدثنا رباح، وأخرج

(1)

المصدر السابق.

(2)

المصدر السابق.

(3)

عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (5/ 126) وابن عساكر في تاريخه (34/ 215) وعبد الرزاق في الأمالي (ص 76) وابن حجر في النكت الظراف (1/ 32 بهامش تحفة الأشراف) تعليقاً.

(4)

أخرجه الواحدي في الوسيط (3/ 366)، وذكره الحافظ في الفتح (10/ 540).

(5)

ص 76 (102) الأمالي في آثار الصحابة، رواه أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار عن أحمد بن منصور الرمادي عن عبد الرزاق.

ص: 197

معمر كتابه فإذا هو عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن

وهو الصواب.

وذكره البخاري في التاريخ الكبير (5/ 250) فقال: «قال: عبد الرزاق وأخبرني رباح أنه وجد في كتاب معمر عن أبي بكر» .

قال ابن حجر في النكت الظراف (1/ 32 بهامش تحفة الأشراف) فقال: ذكر عبد الرزاق أن رباح بن زيد قال: أخرج معمر كتابه فإذا فيه: (عن أبي بكر ابن عبد الرحمن) لا عن (عروة) وكأن معمراً حدّث به من حفظه فأبدل، (وكتابه أتقن)، والله أعلم.

ص: 198

‌الحديث التاسع

(1)

:

182 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 233): حدثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما حدثاه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«إذا قال الإمام: { .. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} فقولوا: آمين، فإن الملائكة يقولون: آمين، وإن الإمام يقول: آمين، فمَن وافق تأمينه تأمين الإمام غفر له ما تقدم من ذنبه» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه ابن ماجه (852) والدارمي (1246) كلاهما من طريق عبد الأعلى به.

ورواه عبد الرزاق (2644) ومن طريقه أحمد (2/ 270) وابن حبان (1804) عن معمر عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.

ورواه النسائي (2/ 144) وابن خزيمة (575) من طريق يزيد بن زريع عن معمر به.

هكذا قال معمر عن الزهري في هذا الحديث: «إذا قال الإمام: { .. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)}، فقولوا: آمين» .

(1)

رجال الإسناد:

عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري السامي: تقدم.

سعيد بن المسيب: تقدم مراراً.

أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة مكثر، من الثالثة، مات سنة 94، روى له البخاري ومسلم.

ص: 199

وخالفه مالك بن أنس

(1)

، وسفيان بن عيينة

(2)

، ويونس بن يزيد

(3)

، وعُقيل بن خالد

(4)

، والأوزاعي

(5)

، والزبيدي

(6)

، وعبد الله بن أبي بكر

(7)

، وعبيد الله بن أبي بكر

(8)

، وشعيب بن أبي حمزة

(9)

، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر

(10)

، وإسماعيل بن مسلم

(11)

، وابن سمعان

(12)

.

فرووه عن الزهري بنفس الإسناد وقالوا: «إذا أمّن الإمام فأمِّنوا» رواه معمر بالمعنى

(13)

.

إلا أن معمراً وهم في متن هذا الحديث ويظهر أنه رواه بالمعنى فقال: «إذا قال الإمام: { .. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} فقولوا: آمين» ، وخالفه أصحاب الزهري الثقات، منهم: مالك بن أنس

(14)

ويونس بن يزيد

(15)

وغيرهم (كما سيأتي) فقالوا: «إذا أمن الإمام فأمنوا» .

قال الدارقطني في العلل (8/ 84):

(1)

البخاري (780) ومسلم (410).

(2)

البخاري (6402) ومسلم (410).

(3)

مسلم (410).

(4)

النسائي في الكبرى (997) وفي المجتبى (2/ 143) والطبراني في مسند الشاميين.

(5)

الطبراني في المعجم الأوسط (8956) و (9024).

(6)

النسائي (2/ 143).

(7)

الدارقطني في أطراف الغرائب والأفراد (5057).

(8)

المصدر السابق.

(9)

ذكرهم الدارقطني في العلل (8/ 84) كما سيأتي.

(10)

ذكرهم الدارقطني في العلل (8/ 84) كما سيأتي.

(11)

ذكرهم الدارقطني في العلل (8/ 84) كما سيأتي.

(12)

ذكرهم الدارقطني في العلل (8/ 84) كما سيأتي.

(13)

إلا أن بعضهم رووه عن الزهري، عن سعيد وحده، وبعضهم عن أبي سلمة وحده.

(14)

وهو في الموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي (1/ 87) ورواية محمد بن الحسن (135) وأخرجه البخاري (747) ومسلم (410).

(15)

مسلم (410).

ص: 200

رواه أصحاب الموطأ، عن مالك، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا أمّن الإمام فأمنوا» ، ثم قال:(ورواه يونس وعقيل وشعيب بن أبي حمزة، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر، وإسماعيل بن أمية، وإسماعيل بن مسلم، وابن سمعان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة عن أبي هريرة).

ثم قال: واختلف عن معمر:

فرواه عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة.

وخالفه يزيد بن زريع، وابن علية، وعبد الرزاق، رووه عن معمر عن الزهري عن سعيد وحده، عن أبي هريرة.

وكلهم قال عن معمر: «إذا قال الإمام: { .. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} فقولوا: آمين» .

وذلك وهم من معمر.

والمحفوظ عن الزهري: «إذا أمّن الإمام فأمِّنوا» انتهى.

‌الخلاصة:

المحفوظ من حديث الزهري عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله: «إذا أمّن الإمام فأمِّنوا» .

وروى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «وإذا قال: { .. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} فقولوا: آمين» .

رواه مسلم في صحيحه (415) وأحمد (2/ 440)، والله أعلم.

ص: 201

‌الحديث العاشر

(1)

:

183 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 57): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل؟ فقال: «أوَإنكم تفعلون؟» ، قالوا: نعم، قال:«فلا عليكم أن لا تفعلوا، فإن الله تعالى لم يقضِ لنفس أن يخلقها إلا وهي كائنة» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وهو في مصنف عبد الرزاق (12576) وأخرجه النسائي في الكبرى (9086) من طريق محمد بن رافع

(2)

عن عبد الرزاق به.

هكذا رواه معمر فقال: (عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد).

خالفه مالك

(3)

، ويونس بن يزيد

(4)

، وعقيل

(5)

، وشعيب بن أبي

(1)

رجال الإسناد:

عطاء بن يزيد الليثي المدني، نزيل الشام، ثقة، من الثالثة، مات سنة 105 أو 107 وقد جاوز 80 عاماً، روى له البخاري ومسلم.

(2)

محمد بن رافع القشيري النيسابوري، ثقة عابد، من الحادية عشرة، مات سنة 245، روى له البخاري ومسلم.

(3)

البخاري (5210) ومسلم (1438).

(4)

البخاري (6603).

(5)

النسائي في الكبرى (5046).

ص: 202

حمزة

(1)

، والزبيدي وهو محمد بن الوليد الحمصي

(2)

وغيرهم

(3)

.

فرووه عن: (الزهري، عن عبد الله بن محيريز الجمحي، عن أبي سعيد).

وهم معمر فقال: (عطاء بن يزيد) والصحيح رواية الجماعة (عبد الله بن محيريز).

ورواه محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن أبي سعيد

(4)

.

وقد صحح الدارقطني في العلل (11/ 281) رواية الجماعة عن الزهري، فقد سئل الدارقطني (2284) عن حديث عبد الله بن محيريز عن أبي سعيد قال: قال رجل من الأنصار: إنا نسبي سبايا ونحب الأغاني فكيف ترى في العزل؟

الحديث.

فقال: (يرويه الزهري واختلف عنه:

فرواه يونس بن يزيد، وعقيل، وشعيب بن أبي حمزة، وعمر بن سعيد بن سريج، وصالح بن أبي الأخضر، ومالك، والموقري عن الزهري عن ابن محيريز عن أبي سعيد.

وخالفهم معمر فقال: عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد.

(1)

البخاري (2229) وأحمد (3/ 88) والنسائي (5042) والبيهقي (10/ 347) وأبو عوانة (4344).

(2)

النسائي (9087).

(3)

وسيأتي ذكرهم في تعليل الدارقطني.

(4)

البخاري (2542، 4138، 7409) ومسلم (1438).

ص: 203

وخالفهم إبراهيم بن سعد

(1)

فرواه عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي سعيد.

والصحيح قول يونس وعقيل ومَن تابعهما) اه.

ونقل الحافظ في الفتح (9/ 306) عن النسائي قوله: رواية مالك ومَن وافقه أوْلى بالصواب.

(1)

انظره في بابه ح (749)، وانظر ح (463).

ص: 204

‌الحديث الحادي عشر

(1)

:

184 -

قال ابن أبي شيبة في مصنفه (23026): حدثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لا يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبة على جداره» .

‌التعليق:

وهذا إسناد على شرط الشيخين، وأخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 782 مسند ابن عباس) من طريق ابن وكيع عن عبد الأعلى بهذا الإسناد، وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (2416) وابن عبد البر في التمهيد (10/ 216) والخطيب في تاريخ بغداد (2/ 149)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 378)، والطبراني في الأوسط (2618) من طريق هشام الدستوائي عن معمر بهذا الإسناد.

هكذا قال معمر: (عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة).

خالفه مالك

(2)

، وسفيان بن عيينة

(3)

، ويونس بن يزيد

(4)

، وأبو

(1)

رجال الإسناد:

الزهري: تقدم.

سعيد بن المسيب: من كبار التابعين وقد تقدم.

(2)

البخاري (2463) ومسلم (1609) وهو في الموطأ (2/ 745).

(3)

مسلم (1609) والحميدي (1107) وأبو عوانة (5540).

(4)

مسلم (1609).

ص: 205

أويس

(1)

، وسليمان بن كثير

(2)

، وزياد بن سعد

(3)

، وسفيان بن حسين

(4)

، وعبد الله بن بديل

(5)

، وبرد بن سنان

(6)

، وإسماعيل بن أمية

(7)

، وعقيل بن خالد

(8)

فقالوا: (عن الزهري، عن الأعرج عن أبي هريرة).

وتابعهم صالح بن كيسان

(9)

، وأبو الزناد

(10)

فرووه عن الأعرج، عن أبي هريرة.

وقد تابعهم معمر في رواية عبد الرزاق عنه فجعله من حديث الأعرج عن أبي هريرة

(11)

.

قال الحميدي: قال سفيان: إني لأحفظ المكان الذي سمعته من الزهري فيه، ما قال فيه إلا الأعرج ما قال فيه سعيد بن المسيب

(12)

.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (1413): (سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه معمر عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن

(1)

أحمد (2/ 396).

(2)

الطحاوي (3/ 152).

(3)

أبو عوانة (5543) وابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 780 مسند ابن عباس).

(4)

الدارقطني في العلل تعليقاً (10/ 292).

(5)

المصدر السابق.

(6)

الطبراني في الأوسط (2748) وفي مسند الشاميين (369).

(7)

ابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 781).

(8)

الطحاوي (2419).

(9)

أحمد (2/ 396) وابن جرير في تهذيب الآثار (1156).

(10)

الدارقطني في العلل (10/ 292).

(11)

مسلم (1609) وأحمد (2/ 274) وابن جرير في تهذيب الآثار (1159).

(12)

الحميدي في مسنده (2/ 246) عقب الحديث (1107)، وأبو عوانة في مسنده (3/ 417) عقب الحديث (5540) كأنه ينكر على معمر ذكر الأعرج.

ص: 206

أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبة على جداره» ، فقالا: وهم فيه معمر، إنما هو الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة، كذا رواه مالك وجماعة وهو الصحيح).

وقال الدارقطني في العلل (10/ 292): وسئل عن حديث الأعرج، عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من سأله جاره أن يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه» .

فقال: يرويه الزهري، واختلف عنه:

فرواه سفيان بن عيينة، وزياد بن سعد، وسفيان بن حسين، وسليمان بن كثير، وعبد الله بن بديل، ويونس بن يزيد عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة.

وكذلك رواه مالك بن أنس عن الزهري، واختلف عنه:

فرواه يحيى القطان وعبد الله بن وهب وأصحاب الموطأ عن مالك عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة.

وروي عن بشر بن عمر عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة.

قاله أبو عبيدة ابن أبي السفر عنه ووهم فيه.

ورواه خالد بن مخلد عن مالك عن أبي الزناد عن أبي هريرة

(1)

.

والصحيح عن مالك، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة.

(1)

الطحاوي في المشكل (2413) وابن عدي في الكامل (3/ 905) وخالد بن مخلد القطواني، صدوق يتشيع له أفراد، روى له البخاري ومسلم (التقريب)، قلت: قال ابن سعد: كان منكر الحديث.

ص: 207

ورواه محمد بن أبي حفصة، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة ووهم فيه

(1)

.

ورواه معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة

ثم قال: والمحفوظ عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة.

وكذلك رواه صالح بن كيسان وغيره عن الأعرج عن أبي هريرة.

وكذلك رواه عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.

وقال الطبراني في الأوسط (3/ 101): لم يرو هذا الحديث عن الزهري، عن سعيد، إلا معمر.

وقال أبو نعيم في الحلية (3/ 378): رواه مالك والناس عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (10/ 217): والصواب فيه عن مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة.

ونقل ابن عساكر في تاريخه (59/ 415) عن يعقوب بن شيبة السدوسي عن علي بن المديني أنه سمعه يقول: (إن معمراً حدثهم بالبصرة بأحاديث على خلاف ما هي عندهم، وذكر حديثاً ثم قال: وحدثهم بالبصرة عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة:

(1)

الطحاوي في المشكل (2417) وأبو نعيم في الحلية (8/ 299)، وانظره في بابه ح (682).

ص: 208

«لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة» وحدثهم به باليمن عن الأعرج، عن أبي هريرة).

‌علة الوهم:

معمر حدّث بهذا الحديث في اليمن فقال عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فوافق رواية الجماعة، ومن هذا الوجه أخرجه مسلم في صحيحه من طريق عبد الرزاق الصنعاني.

ورواه عنه عبد الأعلى وهو من أهل البصرة فقال فيه: عن سعيد بن المسيب بدلاً من الأعرج.

وأحاديث معمر بالبصرة فيها كلام لأهل العلم كما ذكرنا في ترجمته أول الباب حيث كان يحدّث من حفظه لأن كتبه ليست معه، بخلاف حديثه في اليمن حيث كان يتعاهد كتبه، والله أعلم.

ومع هذا يحتمل أن يكون للزهري شيخان في هذا الحديث فيكون سمعه من الأعرج ومن سعيد بن المسيب.

قال ابن عبد البر في التمهيد (10/ 217) عن علي بن المديني قال لي معن بن عيسى: أتنكر الزهري وهو يتمرغ في أصحاب أبي هريرة أن يروي الحديث عن عدة.

‌الدلالة الفقهية:

الحديث صحيح وقد أخرجه مسلم في صحيحه من طرق عن الزهري، عن الأعرج

(1)

، عن أبي هريرة.

(1)

عبد الرحمن بن هرمز.

ص: 209

وقد اختلف الفقهاء في معنى هذا الحديث إلى قولين

(1)

:

القول الأول: أنه على سبيل الندب إلى بر الجار والتجاوز والإحسان وليس ذلك على الوجوب وبهذا قال مالك وأبو حنيفة والشافعي في أشهر قوليه فإن امتنع لم يجبر.

وهو كمثل قوله تعالى: { .. وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا

(33)} [النور: 33] وهذا بإجماع أهل العلم على الندب لا على الوجوب.

وكقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد» فهو أيضاً عند أهل العلم جميعاً على الحض والندب لا على الإيجاب.

القول الثاني: أنه على سبيل الوجوب، وبهذا قال أحمد وإسحاق وأهل الحديث، وابن حبيب من المالكية، وهو قول الشافعي في القديم.

(1)

انظر: شرح مشكل الآثار للطحاوي (6/ 206) والتمهيد لابن عبد البر (10/ 222) وفتح الباري (5/ 110).

ص: 210

‌الحديث الثاني عشر

(1)

:

185 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (8/ 197): أخبرنا الحسين بن حريث قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن معمر، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه قال:

رأيت على زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم قميص حرير سِيَرَاء

(2)

.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وهو في الكبرى للنسائي (9576) وأخرجه عبد الرزاق (19945) عن معمر به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (24669) و (24789) ومن طريقه ابن ماجه (3598) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2972) عن عيسى بن يونس، وابن سعد في الطبقات الكبرى (8/ 35) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 254) من طريق عبد الله بن المبارك، وأبو يعلى (3586) من طريق عبد الأعلى، وابن أبي عاصم في الآحاد

(1)

رجال الإسناد:

الحسين بن حريث الخزاعي مولاهم، أبو عمار المروزي، ثقة من العاشرة، مات سنة 244، روى له البخاري ومسلم.

عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، كوفي، نزل الشام مرابطاً، ثقة مأمون، من الثامنة، مات سنة 187 أو 191، روى له البخاري ومسلم.

معمر: تقدم.

الزهري: تقدم.

(2)

السيراء: المضلع بالقز.

ص: 211

والمثاني (2973) من طريق عبد الله بن معاذ وعبد الرزاق، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 163 - 164) من طريق سعيد بن زيد، والحاكم في المستدرك (4/ 45) من طريق عيسى بن يونس.

كلهم عن معمر به.

هكذا قال معمر عن الزهري عن أنس قال: (رأيت على زينب).

خالفه شعيب بن أبي حمزة

(1)

، ويحيى بن سعيد القطان

(2)

، وابن جريج

(3)

، والزبيدي

(4)

، وابن أبي عتيق

(5)

، ويونس بن يزيد الأيلي

(6)

، وإسحاق بن راشد

(7)

، والنعمان بن راشد

(8)

، وعبيد الله بن أبي زياد

(9)

، وابن أبي منيع عبد الله بن أبي زياد الرصافي

(10)

.

كلهم رووه عن الزهري، عن أنس قال:(رأيت على أم كلثوم).

قال النسائي: وهذا أوْلى بالصواب.

(1)

البخاري في صحيحه (5842).

(2)

البخاري في التاريخ الأوسط (1/ 248) والنسائي في الكبرى (9580) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2983) والطبراني في الكبير (1063).

(3)

النسائي في الكبرى (9579).

(4)

أبو داود (4055) والنسائي (8/ 197) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 254) وفي شرح المشكل (4840) والحاكم (4/ 58) والطبراني في مسند الشاميين (1695) ويعقوب بن سفيان في المعرفة (3/ 64) والبيهقي (2/ 425).

(5)

الطبراني في الكبير (1064) والبخاري في الأوسط (1/ 250) تعليقاً.

(6)

ذكره البخاري تعليقاً في التاريخ الأوسط (1/ 250).

(7)

المصدر السابق.

(8)

المصدر السابق.

(9)

الحاكم (4/ 58).

(10)

يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 163 - 164).

ص: 212

قال البخاري في التاريخ الأوسط (1/ 248): وقال معمر عن الزهري عن أنس أنه رأى على زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم وأم كلثوم أصح.

وقال ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 379) عقب الحديث: (هذا الصحيح رواه الزبيدي وشعيب والنعمان بن راشد وابن جريج وأبو منيع. وانفرد معمر بروايته فقال: على زينب، رواه عن معمر عبد الرزاق وعبد الأعلى وعبد الله بن معاذ).

وقال الطبراني في المعجم الكبير (22/ 437): هكذا رواه معمر (على زينب) ووهم فيه والصواب أم كلثوم.

وقال الدارقطني في العلل (12/ 188): والصحيح قول مَنْ قال أم كلثوم.

وقال ابن حجر في الفتح (10/ 300): والمحفوظ ما قال الأكثر.

‌تنبيه:

روى الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 254) وفي شرح مشكل الآثار (12/ 322) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن أنس أنه رأى على أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم برد حرير سيراء.

ثم أورد ما يفيد أن معمراً رواه كذلك فقال:

حدثنا أبو أمية قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي ومعمر عن الزهري عن أنس مثله.

وحدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري، قال: حدثنا سعيد بن

ص: 213

منصور، قال: حدثنا ابن المبارك عن معمر، عن الزهري عن أنس مثله

(1)

.

وهذا وهم فقد روى الحاكم (4/ 45) من طريق أبي حاتم عن عبد الله بن جعفر الرقي عن عيسى بن يونس عن الأوزاعي ومعمر عن الزهري هذا الحديث فقال فيه: رأيت على زينب.

فقد وهم الطحاوي وسبب وهمه إحالته الحديث على ما قبله.

(1)

وهذا الأخير ذكره فقط في شرح مشكل الآثار.

ص: 214

‌الحديث الثالث عشر

(1)

:

186 -

قال أبو داود رحمه الله في سننه (3842): حدثنا أحمد بن صالح والحسن بن علي واللفظ للحسن قالا: ثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها وإن كان مائعاً فلا تقربوه» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

والحديث عند عبد الرزاق في مصنفه (278).

ومن طريقه أخرجه أحمد (2/ 265) وإسحاق (2008) وابن الجارود في المنتقى (871) وابن حبان في صحيحه (1393) والبيهقي (9/ 353).

وأخرجه أحمد (2/ 233) من طريق محمد بن جعفر.

وأبو يعلى (5841) والبيهقي (9/ 353) والطحاوي في شرح المشكل (5354) من طريق عبد الواحد بن زياد.

(1)

رجال الإسناد:

أحمد بن صالح المصري، أبو جعفر ابن الطبري، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة 248 وله 78 سنة، روى له البخاري.

الحسن بن علي بن محمد الهذلي، أبو علي الخلال الحلواني، نزيل مكة، ثقة حافظ له تصانيف من الحادية عشرة، مات سنة 242، روى له البخاري ومسلم.

عبد الرزاق: تقدم.

سعيد بن المسيب: تقدم.

ص: 215

وابن أبي شيبة (24393) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى.

والطحاوي في شرح المشكل (5355) من طريق محمد بن دينار.

والطبراني في الأوسط (2452) من طريق يزيد بن زريع

(1)

كلهم عن معمر به.

هكذا رواه معمر فقال: (عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة).

خالفه مالك

(2)

، وسفيان بن عيينة

(3)

، والأوزاعي

(4)

، وعبد الرحمن بن إسحاق

(5)

، ويونس بن يزيد

(6)

، وعقيل بن خالد

(7)

فرووه (عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس عن ميمونة).

وقالوا فيه: (إن فأرة وقعت في سمن فماتت فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال: «ألقوها وما حولها وكلوه»).

فخالف معمر الجماعة في السند والمتن حيث ذكر التفصيل بين الجامد والمائع.

(1)

وقال الطبراني (3/ 54): (لم يرو هذا الحديث عن الزهري عن سعيد إلا معمر، ولا رواه عن معمر إلا يزيد بن زريع وعبد الواحد بن زياد).

قلت: وهو متعقب بمن ذكرنا من أصحاب معمر.

(2)

البخاري (235، 236، 5540).

(3)

البخاري (5538) والترمذي (1798).

(4)

أحمد (6/ 330).

(5)

ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3101).

(6)

البخاري (5539).

(7)

العقيلي في الضعفاء (3/ 87) وابن عبد البر في التمهيد (9/ 35) تعليقاً.

ص: 216

قال البخاري: وحديث معمر عن الزهري، عن ابن المسيب عن أبي هريرة، وهم فيه معمر ليس له أصل

(1)

.

وقال الترمذي في سننه (4/ 226): وروى معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه أي: حديث ميمونة وهو حديث غير محفوظ.

وسمعت محمد بن إسماعيل أي: البخاري يقول: (وحديث معمر عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا خطأ، أخطأ فيه معمر، قال: والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة).

وقال أبو حاتم: هذا وهم والصحيح الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

ونقل الحافظ عن أبي زرعة والدارقطني توهيمهما معمراً في إسناده

(3)

.

وقال الدارقطني: يرويه الزهري واختلف عنه، فرواه معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وخالفه أصحاب الزهري فرووه عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس، ومنهم مَنْ أسنده عن ميمونة.

وقال عبد الرزاق: أخبرني عبد الرحمن بن بوذيه أن معمراً كان

(1)

العلل الكبير للترمذي (2/ 759).

(2)

العلل لابن أبي حاتم (2/ 11).

(3)

موافقة الخبر الخبر (1/ 154).

ص: 217

يذكره أيضاً عن الزهري عن عبد الله عن ابن عباس وعن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة

(1)

.

وقال البزار: «وهذا الحديث لا نعلم أحداً رواه عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة إلا معمراً وقد خولف في إسناده ومتنه»

(2)

.

وقال البخاري في صحيحه (9/ 668 ح 5538) عقب أن أورد الحديث من طريق سفيان بن عيينة قال: قيل لسفيان، فإن معمراً يحدثه عن الزهري، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة؟ قال: ما سمعت الزهري يقول: إلا عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولقد سمعته منه مراراً. اه.

وقال البخاري أيضاً في صحيحه (1/ 343 ح رقم 236) بعد أن أورد هذ الحديث من طريق علي بن عبد الله المديني، عن معن، عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة قال: قال معن: حدثنا مالك ما لا أحصيه يقول: عن ابن عباس عن ميمونة.

وقال ابن القيم في تهذيب السنن بعد أن ذكر وجوه الاختلاف في هذا الحديث سنداً ومتناً (5/ 338 - 339) قال رحمه الله: وأما رواية معمر فإنه خالف أصحاب الزهري في حديثه المعضل في إسناده ومتنه في حديث أبي هريرة.

وخالف أصحاب الزهري في المتن في حديث عبيد الله عن ابن عباس ووافقهم في الإسناد.

(1)

العلل (7/ 284 - 287).

(2)

مسند البزار (1/ 45)، (2/ 44).

ص: 218

وهذا يدل على غلطه فيه وأنه لم يحفظه كما حفظ مالك وسفيان وغيرهما من أصحاب الزهري.

قال العقيلي: والمحفوظ حديث الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس عن ميمونة رواية مالك وابن عيينة

(1)

.

وقد روى معمر هذا الحديث أيضاً عن الزهري عن عبيد الله، عن ابن عباس عن ميمونة فوافق رواية الجمهور

(2)

.

ويرى محمد ين يحيى الذهلي

(3)

وهو من أعلم الناس بحديث الزهري صحة الطريقين، وكذا قال الطحاوي

(4)

وابن حبان

(5)

وابن عبد البر

(6)

وابن حجر

(7)

.

إلا أن حديث معمر قد أعلّ بعلة أخرى في المتن.

فقد أعلّ بمخالفة الزهري له إذ أن مذهب الزهري وفتواه في هذا عدم التفريق بين الجامد والذائب وهو خلاف ما رواه عنه معمر بالتفصيل ولو كان عنده هذا ما خالفه.

وممن أعله بذلك الإمام البخاري وتبعه ابن تيمية وابن القيم.

عقد البخاري في صحيحه باب: «إذا وقعت الفأرة في السمن

(1)

الضعفاء الكبير (3/ 87).

(2)

أبو داود (3843) والنسائي (7/ 178) وعبد الرزاق (279).

(3)

الضعفاء (3/ 87) وشرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 721) وفتح الباري (9/ 668).

(4)

شرح مشكل الآثار (3/ 366).

(5)

في صحيحه (4/ 238).

(6)

التمهيد (9/ 39 - 40).

(7)

فتح الباري (9/ 668).

ص: 219

الجامد أو الذائب» ثم أورد فيه حديث سفيان وما ذكر من مخالفة معمر ثم أعقبه بذكر أن الزهري لا يفرق بين السمن الجامد والذائب.

قال البخاري رحمه الله: حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله، عن يونس، عن الزهري، عن الدابة تموت في الزيت أو السمن وهو جامد أو غير جامد الفأرة أو غيرها؟

قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بفأرة ماتت في سمن فأمر بما قرب منها فطرح ثم أكل. من حديث عبيد الله بن عبد الله

(1)

. اه.

وقد بيّن مراد البخاري ابن تيمية وابن القيم وابن حجر.

قال ابن تيمية رحمه الله: ومَن اعتقد من الفقهاء أنه على شرط الصحيح فلم يعلم العلة الباطنة فيه التي توجب العلم ببطلانه، فإن علم العلل من خواص علم أئمة الحديث ولهذا بيّن البخاري في صحيحه ما يوجب فساد هذه الرواية

ثم قال: فذكر البخاري عن ابن شهاب الزهري أعلم الأمة بالسنة في زمانه أنه أفتى في الزيت والسمن الجامد وغير الجامد إذا ماتت فيه الفأرة أنها تطرح وما قرب منها، واستدل بالحديث الذي رواه عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة وقعت في سمن فقال:«ألقوها وما حولها وكلوه» ، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان مائعاً فلا تقربوه، بل هذا باطل، فذكر البخاري عنه هذا ليبين أن من ذكر عن الزهري أنه روى في هذا الحديث هذا التفصيل فقد غلط عليه

(2)

.

(1)

البخاري (9/ 668 مع الفتح ح 5578).

(2)

مجموع الفتاوى (21/ 527 - 527) وانظر: (21/ 490 وما بعده).

ص: 220

وقال ابن القيم: فذكر البخاري فتوى الزهري في الدابة تموت في السمن وغيره الجامد والذائب أنه يؤكل، واحتجاجه بالحديث من غير تفصيل دليل على أن المحفوظ من رواية الزهري إنما هو المطلق الذي لا تفصيل فيه وأنه مذهبه فهو رأيه وروايته، فحيث أفتى بحديث الإطلاق واحتج به دلّ على أن معمراً غلط عليه في الحديث إسناداً ومتناً

(1)

.

وقال ابن حجر عقب رواية يونس:

«ظاهر في أن الزهري كان في هذا الحكم لا يفرق بين السمن وغيره ولا بين الجامد منه والذائب لأنه ذكر ذلك في السؤال ثم استدل بالحديث في السمن فأما غير السمن فإلحاقه به في القياس عليه واضح، وأما عدم الفرق بين الذائب والجامد فلأنه لم يذكر في اللفظ الذي استدل به، وهذا يقدح في صحة مَنْ زاد في هذا الحديث عن الزهري التفرقة بين الجامد والذائب.

وليس الزهري ممن يقال في حقه لعله نسي الطريق المفصلة المرفوعة لأنه كان أحفظ أهل عصره فخفاء ذلك عنه في غاية البُعد

(2)

. اه.

‌علة الوهم:

1 روى الزهري عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر رضي الله عنه قوله التفريق بين الجامد والمائع، فمن هنا دخل الوهم على معمر.

(1)

تهذيب السنن (5/ 336).

(2)

فتح الباري (9/ 669).

ص: 221

2 إن صح أن للزهري في هذا الحديث شيخين وأن الطريقين محفوظان كما قال الذهلي وغيره فيكون معمر حمل متن سعيد بن المسيب على حديث عبيد الله بن عبد الله، والله تعالى أعلم

(1)

.

‌الخلاصة:

روى معمر هذا الحديث عن الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة وفيه التفريق بين السمن الجامد والمائع.

وذكر بعض أهل العلم أن معمراً وهم في إسناده ومتنه.

وممن قال بذلك: الإمام البخاري والبزار وابن تيمية وابن القيم.

واقتصر بعضهم على ذكر وهمه في الإسناد، منهم: أبو حاتم وأبو زرعة والترمذي والعقيلي.

ويرجع ذلك إلى أمرين:

الأول: تفرد معمر بهذا الإسناد وخالفه ستة من أصحاب الزهري، منهم: مالك وسفيان.

الثاني: أن الزهري كان يفتي بخلافه فمذهبه لا يفرق بين الجامد والمائع، ولو كان عنده هذا التفريق لما خالفه.

وذهب بعض أهل العلم إلى صحة كلا الإسنادين عن الزهري ويرجع قولهم هذا إلى أمرين اثنين أيضاً:

الأول: أن معمراً يروي الحديث بالإسنادين كليهما، وهذه قرينة

(1)

رواه البيهقي (9/ 354) والدارقطني (4/ 194) والعقيلي في الضعفاء (3/ 87) وابن عدي في الكامل (5/ 1961) من طريقين عن الزهري مرفوعاً، ورجح البيهقي وابن حجر أنه موقوف من قول ابن عمر، وروي من طرق أخرى عن ابن عمر.

ص: 222

كثيراً ما يستدل بها أهل الحديث على حفظ مَنْ تفرد بإسناد دون الجماعة ووافقهم أيضاً في إسنادهم.

الثاني: قد وجد ذكر سعيد بن المسيب في هذا الحديث من غير هذه الطريق وهو ما رواه الليث بن سعد قال: حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن ابن شهاب قال سعيد بن المسيب: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة وقعت في سمن؟ قال الذهلي: فقد وجدنا ذكر سعيد بن المسيب في هذا الحديث من غير رواية معمر، فالحديثان محفوظان

(1)

.

وقال ابن حجر: وذكر الإسماعيلي أن الليث رواه عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة وقعت في سمن جامد

الحديث.

هذا يدل على أن لرواية الزهري عن سعيد أصلاً، وكون سفيان بن عيينة لم يحفظه عن الزهري إلا من طريق ميمونة لا يقتضي أن لا يكون له عنده إسناد آخر

(2)

، والله تعالى أعلم.

والذي يترجح عندي وهم معمر لاختلاف الألفاظ المروية عنه.

فرواه عبد الرزاق بلفظ: «

وإن كان مائعاً فلا تقربوه».

ورواه عبد الواحد بن زياد بلفظ: «

وإن كان ذائباً أو مائعاً فاستصبحوا به أو فانتفعوا به» عند الطحاوي، وفي روايه البيهقي:«وإن كان ذائباً أو مائعاً لم يؤكل» .

(1)

التمهيد (9/ 39).

(2)

فتح الباري (9/ 668).

ص: 223

ورواه محمد بن دينار بلفظ: «إن كان مائعاً أهريق وإن كان جامداً أخذت وما حولها وأكل الآخر» .

ورواه محمد بن جعفر بلفظ: «إذ كان جامداً فخذوها وما حولها ثم كلوا ما بقي، وإن كان مائعاً فلا تأكلوا» .

أما يزيد بن زريع فرواه عنه بلفظ: سئل عن فأرة وقعت في سمن جامد، فقال:«تؤخذ وما تحتها وما حولها فيلقى ويؤكل البقية» .

فذكر هنا أن السائل هو الذي ذكر أن السمن كان جامداً وليس النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي فصل الجواب.

وهذا الاختلاف في اللفظ مما يدل على أن معمراً لم يحفظ الحديث بل كان يرويه بالمعنى فزاد في ألفاظه مما خالفه به الجماعة، والله تعالى أعلم.

‌فائدة:

هذا الحديث وهم فيه أربعة من الأئمة.

فأما معمر فكما تقدم.

وأما إسحاق فخالف أصحاب سفيان بن عيينة، فذكره بمثل حديث معمر فحمل حديث ابن عيينة على حديث معمر، انظر ح (1053).

وأما عبد الرحمن بن مهدي فرواه من طريق الإمام مالك فخالف أصحاب مالك فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة وقعت في سمن جامد، زاد كلمة (جامد) انظر ح (363).

ص: 224

وكذلك الطيالسي رواه عن ابن عيينة فخالف أصحاب ابن عيينة في الإسناد فلم يذكر ميمونة، وخالفهم في المتن فقال:(سمن جامد)، ح (468).

ص: 225

‌الحديث الرابع عشر

(1)

:

187 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 336): حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزهري عن ندبة مولاة ميمونة، عن ميمونة رضي الله عنها قالت:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر المرأة من نسائه حائضاً تكون عليها الخرقة إلى الركبة، أو إلى أنصاف الفخذ.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ندبة مولاة أم المؤمنين ميمونة، تفرد بالرواية عنها حبيب الأعور مولى عروة، وذكرها الذهبي في الميزان في المجهولات من النساء، وذكرها ابن حبان في الثقات

(2)

.

وهو عند عبد الرزاق في المصنف (1833)، وأخرجه إسحاق بن راهويه (2025) عن عبد الرزاق بهذا الإسناد.

(1)

رجال الإسناد:

نُدبة: مولاة ميمونة، مقبولة، من الثالثة، ويقال: إن لها صحبة، روى لها أبو داود والنسائي.

ميمونة بنت الحارث الهلالية، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قيل: إن اسمها برة فسماها النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة، وتزوجها بسرف سنة سبع، وماتت بها ودفنت سنة 51 على الصحيح، روى لها البخاري ومسلم.

(2)

قال ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود (1/ 176): فأما تعليله (أي: ابن حزم) حديث ندبة لكونها مجهولة فإنها مدنية روت عن مولاتها ميمونة وروى عنها حبيب ولم يعلم أحد جرحها، والراوي إذا كانت هذه حاله إنما يخشى من تفرده بما لا يتابع عليه، فأما إذا روى ما رواه الناس وكانت لروايته شواهد ومتابعات فإن أئمة الحديث يقبلون حديث مثل هذا ولا يردونه ولا يعللونه بالجهالة

ص: 226

ورواه الطبراني في الكبير (24/ 16) من طريق إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق به. وقد تابع عبد الرزاق عبد الله بن المبارك.

أخرجه أبو يعلى (7089) من طريق عبد الله بن المبارك عن معمر بهذا الإسناد.

هكذا قال معمر (عن الزهري، عن ندبة، عن ميمونة).

خالفه الليث بن سعد

(1)

، ويونس بن يزيد

(2)

، وشعيب بن أبي حمزة

(3)

، وصالح بن كيسان

(4)

، وخالد بن عبد الرحمن بن إسحاق

(5)

، وابن سمعان

(6)

، وعباد بن إسحاق

(7)

.

فقالوا جميعاً: (عن الزهري، عن حبيب مولى عروة، عن ندبة، عن ميمونة).

أسقط معمر حبيباً مولى عروة

(8)

من الإسناد، والصحيح وجوده، والزهري لم يسمع من ندبة.

(1)

أبو داود (267) والنسائي (1/ 151، 189) وفي الكبرى (280) وأحمد (6/ 332) وأبو يعلى (7104) والدارمي (1057) وابن أبي شيبة (4/ 256) وابن حبان (1365) والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 36) ويعقوب بن سفيان (1/ 421) والطبراني في الكبير (24/ 181) والبيهقي (1/ 313).

(2)

النسائي (1/ 251) وفي الكبرى (280) والطحاوي (3/ 36) والطبراني في الكبير (24/ 20).

(3)

البيهقي (1/ 313).

(4)

الطبراني (24/ 21).

(5)

الطبراني (24/ 19).

(6)

ذكره الدارقطني في العلل (15/ 250).

(7)

المصدر السابق.

(8)

حبيب الأعور المدني مولى عروة بن الزبير، مقبول، من الثالثة، روى له مسلم.

ص: 227

ورواه محمد بن إسحاق

(1)

، عن الزهري، عن عروة، عن ندبة، عن ميمونة، فوهم في قوله: عروة، والصواب: حبيب مولى عروة.

قال الدارقطني

(2)

وسئل عن حديث ندبه مولاة ميمونة، عن ميمونة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر المرأة من نسائه إذا كانت حائضاً إذا كان عليها إزار.

فقال: يرويه الزهري، واختلف عنه:

فرواه ليث بن سعد، ويونس بن يزيد، وابن سمعان، وعباد بن إسحاق، عن الزهري، عن حبيب مولى عروة، عن ندبة، عن ميمونة.

ورواه معمر وسفيان بن حسين

(3)

عن الزهري عن مولاة ميمونة، ولم يذكرا حبيباً مولى عروة.

والأول أصح. اه.

(1)

أحمد (6/ 332) وسيأتي في بابه.

(2)

العلل (15/ 269 - 270).

(3)

الطبراني (24/ 17) وسفيان بن حسين ليس على شرطنا فهو ليس من رجال الصحيح، وهو ثقة في غير الزهري (التقريب 2550).

ص: 228

‌الحديث الخامس عشر

(1)

:

188 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 167): حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن يحيى بن سعيد بن العاص، عن عائشة رضي الله عنها قالت:

استأذن أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه في مِرْط واحد، قالت: فأذن له، فقضى إليه حاجته وهو معي في المِرْط ثم خرج، ثم استأذن عليه عمر فأذن له فقضى إليه حاجته على تلك الحال، ثم خرج، ثم استأذن عليه عثمان فأصلح عليه ثيابه وجلس فقضى إليه حاجته ثم خرج فقالت عائشة: فقلت له: يا رسول الله استأذن عليك أبو بكر فقضى إليك حاجته على حالك تلك، ثم استأذن عليك عمر فقضى إليك حاجته على حالك تلك، ثم استأذن عليك عثمان فكأنك احتفظت؟ فقال:«إن عثمان رجل حيي وإني لو أذنت له على تلك الحال خشيت أن لا يقضي إليّ حاجته» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه أحمد أيضاً في فضائل الصحابة (760).

وهو عند عبد الرزاق في المصنف (20409) ومن طريقه أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (1140) و (1769) وابن حبان (6906) والبغوي في شرح السنة (3900) وابن عساكر في تاريخ دمشق

(1)

رجال الإسناد:

يحيى بن سعيد بن العاص الأموي، أخو عمرو الأشدق، ثقة، من الثالثة، مات قبل المائة في حدود سنة ثمانين، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.

ص: 229

(64/ 233) كلهم عن عبد الرزاق عن معمر بهذا الإسناد.

هكذا رواه معمر فقال: (عن الزهري، عن يحيى بن سعيد بن العاص، عن عائشة).

خالفه عُقيل بن خالد

(1)

، وصالح بن كيسان

(2)

، وشعيب

(3)

، ويونس بن يزيد

(4)

، ومالك بن أنس

(5)

، وابن أبي ذئب

(6)

.

فقالوا: عن الزهري، عن يحيى بن سعيد بن العاص، عن سعيد بن العاص، عن عائشة.

أسقط معمر سعيد بن العاص من الإسناد.

وسعيد بن العاص وابنه يحيى كلاهما يرويان عن عائشة رضي الله عنها

(7)

إلا أن هذا الحديث لم يسمعه يحيى من عائشة إنما سمعه من أبيه عنها.

وسئل الدارقطني عن هذا الحديث في العلل (14/ 230) فقال:

يرويه الزهري، واختلف عنه:

فرواه عقيل بن خالد، وابن أبي ذئب، وصالح بن كيسان عن

(1)

أحمد (6/ 155) وفي فضائل الصحابة (793) والطحاوي (1/ 474) وابن عساكر في تاريخه (64/ 232).

(2)

أحمد في فضائل الصحابة (794).

(3)

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (64/ 232).

(4)

ذكره ابن عساكر (64/ 232).

(5)

الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 474).

(6)

الطحاوي (1/ 474).

(7)

تاريخ دمشق (64/ 232) وتهذيب الكمال وتهذيب التهذيب في ترجمة يحيى بن سعيد.

ص: 230

الزهري، عن يحيى بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عن عائشة.

واختلف عن ابن أبي ذئب:

فقيل: عنه عن الزهري عن يحيى بن سعيد عن عائشة.

وحدّث به إبراهيم بن مرزوق البصري بمصر عن عثمان بن عمر عن مالك بن أنس عن الزهري، عن يحيى بن سعيد، عن أبيه عن عائشة.

تفرد به إبراهيم بن مرزوق.

وحدّث به عبيد الله بن أبي زياد الرصافي، عن الزهري، عن يحيى بن سعيد عن أبيه مرسلاً، لم يذكر عائشة.

ورواه معمر عن الزهري عن يحيى بن سعيد مرسلاً عن عائشة.

والصحيح عن الزهري عن يحيى بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عن عائشة.

وهو قول صالح بن كيسان وعقيل وابن أبي ذئب.

ص: 231

‌الحديث السادس عشر

(1)

:

189 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 305 رقم 18717): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

وقف النبي صلى الله عليه وسلم على الحَزْوَرة

(2)

فقال: «عَلِمتُ إنَّكِ خيرُ أرض الله وأحب الأرض إلى الله عز وجل، ولولا أن أهلك أخرجوني منكِ ما خرجت» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة (2/ 518) من طريق أحمد بن منصور الرمادي عن عبد الرزاق، والنسائي في الكبرى (4254) من طريق إبراهيم بن خالد بن معمر بهذا الإسناد.

وقد وهم معمر في هذا الإسناد فأتى به على الجادة فقال: (عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة).

خالفه بقية أصحاب الزهري فقالوا: (عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عدي بن الحمراء

(3)

هكذا رواه كلٌّ من:

(1)

رجال الإسناد:

أبو سلمة بن عبد الرحمن: ابن عوف الزهري المدني، ثقة مكثر، من الثالثة، مات سنة 94 أو 104 وكان مولده سنة بضع وعشرين، روى له البخاري ومسلم.

(2)

الحزورة: موضع بمكة يلي البيت، وكانت الحزورة سوق مكة، وقد دخلت في المسجد لما زيد فيه. معجم البلدان (2/ 255) ومعجم ما استعجم (2/ 444).

(3)

عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري، عداده في أهل الحجاز، وقيل: إنه ثقفي حالف بني زهرة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله في مكة:«والله إنك لخير أرض الله» وعنه أبو سلمة ابن عبد الرحمن ومحمد بن جبير بن مطعم (تهذيب التهذيب).

ص: 232

شعيب بن أبي حمزة

(1)

، وعُقيل بن خالد

(2)

، وابن أبي ذئب

(3)

، ويونس بن يزيد

(4)

، وعبد الله بن وهب

(5)

، ومعمر بن أبان

(6)

، وصالح بن كيسان

(7)

، وعبد الرحمن بن خالد بن مسفر

(8)

.

قال البيهقي في الدلائل عقب الحديث: وهذا وهم من معمر، والله أعلم.

وقد سبق محمد بن عمرو معمراً في هذا الوهم فروى الحديث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة (انظره في بابه ح 601).

قال الترمذي عقب الحديث (3925): (وقد رواه يونس عن الزهري نحوه أي: رواية عقيل ورواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث الزهري، عن أبي سلمة عن عبد الله بن عدي بن حمراء عندي أصح).

وقال ابن أبي حاتم في العلل (830): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب بالحزورة فقال: «إنك أحب أرض الله إليّ

».

(1)

أحمد (4/ 305) والحاكم (3/ 431) ويعقوب بن سفيان (1/ 241) وغيرهم.

(2)

الترمذي (3925) والدارمي (2510) والنسائي في الكبرى (4252) وابن ماجه (3108) وابن حبان (3708) والحاكم (3/ 7) وابن عبد البر في التمهيد (3/ 289) وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 342).

(3)

ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (622).

(4)

الترمذي تعليقاً (3925) والبيهقي (2/ 518) في الدلائل تعليقاً، وابن خزيمة كما في إتحاف المهرة (8/ 255) والمزي في تهذيب الكمال في ترجمة عبد الله بن عدي.

(5)

الدارقطني في العلل (1743).

(6)

الدارقطني في العلل (1743).

(7)

أحمد (4/ 305) وعبد بن حميد في المنتخب (491) والنسائي في الكبرى (4253).

(8)

الدارقطني في العلل (1743).

ص: 233

فقالا: هذا خطأ، وهم فيه محمد بن عمرو، ورواه الزهري، عن أبي سلمة عن عبد الله بن عدي بن الحمراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصحيح.

وقال المزي في تهذيب الكمال: (ورواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وحديث الزهري عندي أصح) يعني نقله من مسند عبد الله بن عدي الحمراء.

ورواه معمر عن الزهري فاختلف عليه فيه، فقيل: (عنه عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

وقيل: عنه، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن بعضهم

(1)

.

وقيل: عنه، عن الزهري، عن أبي سلمة مرسلاً).

وقال الحافظ في النكت (2/ 611) بعد أن ذكر حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء و (هو المحفوظ، والحديث حديثه وهو مشهور به).

وخالفهم الدارقطني فقال في العلل (9/ 255): والصحيح عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

(1)

رواه أحمد (4/ 305 رقم 18718) والنسائي في الكبرى (4254).

ص: 234

‌الحديث السابع عشر

(1)

:

190 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 163): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت:

لما نزلت {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ

(29)} [الأحزاب: 29] دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بي فقال: «يا عائشة إني ذاكر لك أمراً فلا عليكِ أن لا تعجلي فيه، حتى تستأمري أبويكِ؟

قالت: قد علم والله أن أبواي لم يكونا ليأمراني بفراقه. قالت: فقرأ عليّ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا

(28)}

} [الأحزاب: 28] فقلت: أفي هذا أستأمر أبويَّ؟ فإني أريد الله عز وجل ورسوله والدار الآخرة».

‌التعليق:

هذا إسناد على شرط البخاري ومسلم، وأخرجه مسلم (1083) عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق به.

وأخرجه ابن ماجه (2053) من طريق عبد الرزاق بهذا الإسناد.

وقد تابع عبد الرزاق محمد بن ثور عند النسائي (6/ 160) فرواه عن معمر بهذا الإسناد.

(1)

رجال الإسناد:

عبد الرزاق بن همام: تقدم أول هذا الباب.

الزهري: تقدم في هذا الباب.

عروة بن الزبير: تقدم في هذا الباب.

ص: 235

هكذا قال معمر: (عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة).

خالفه شعيب بن أبي حمزة

(1)

، ويونس بن يزيد الأيلي

(2)

، وموسى بن علي

(3)

فرووه (عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة).

وكذلك رواه محمد بن عمرو

(4)

، وعمر بن أبي سلمة

(5)

كلاهما عن أبي سلمة عن عائشة.

وقد وافقهم عمر في رواية موسى بن أعين عنه فقال: (عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة)

(6)

.

فكأن معمراً يرويه على الوجهين.

قال النسائي في المجتبى (6/ 160) بعد أن أخرج الحديث من طريق محمد بن ثور عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.

قال: هذا خطأ والأول أولى بالصواب.

(أي: حديث الزهري، عن أبي سلمة عن عائشة).

ونقل المزي في تحفة الأشراف (12/ 87) عن النسائي قوله: (هذا خطأ لا نعلم أحداً من الرواة تابع معمراً على هذه الرواية، وقد رواه

(1)

البخاري (4785).

(2)

البخاري (4786) ومسلم (1475).

(3)

النسائي (6/ 159) وفي الكبرى (5309) و (5632) والطبري في تفسيره (28467).

(4)

النسائي (6/ 55) وفي الكبرى (5312) وذكره البخاري تعليقاً عقب الحديث (4786).

(5)

الطبري في التفسير (28466).

(6)

الطبري في التفسير (28464).

ص: 236

موسى بن أعين عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، ومحمد بن ثور ثقة).

قلت: قد تابعه عبد الرزاق فلم ينفرد عن معمر بذلك.

وقال أبو حاتم في العلل لابنه (1302): الصحيح: الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وحديث عروة لم يخرجه البخاري في صحيحه ربما لهذا الاختلاف.

وذكره تعليقاً بصيغة الجزم عقب الحديث (4786) فقال:

(وقال عبد الرزاق وأبو سفيان المعمري، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة).

وأخرجه مسلم (1083) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة.

فكأنه لم يأبه لهذا الاختلاف ورأى كلا الطريقين صحيحاً.

قال في الفتح (8/ 523): وقد تابع معمراً على عروة جعفر بن برقان، ولعل الحديث كان عند الزهري عنهما فحدّث به تارة عن هذا وتارة عن هذا، وإلى هذا مال الترمذي.

قلت: وهذا هو الراجح إن شاء الله، والزهري واسع الرواية، وقد رواه معمر عنه وهو من الطبقة الأولى من أصحابه على الوجهين مما يدل على عدم وهمه فيها، والله تعالى أعلم.

ص: 237

‌الحديث الثامن عشر

(1)

:

191 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (1/ 194): حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن رداداً الليثي أخبره عن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«قال الله عز وجل: أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها من اسمي فمَن وصلها وصلته ومَن قطعها بتته» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير رداد الليثي تابعي لم يروِ عنه غير أبي سلمة وذكره ابن حبان في الثقات.

وهو في المصنف لعبد الرزاق (2034)، وأخرجه أبو داود (1695) من طريق محمد بن المتوكل العسقلاني، والضياء في المختارة (895) والحاكم في المستدرك (4/ 157) والبيهقي (7/ 26) وابن حبان في الثقات (4/ 241) من طريق عبد الرزاق.

وأخرجه ابن حبان في صحيحه (443) وفي الثقات (2712) وأبو عبد الله الحسين المروزي في كتاب البر والصلة (112) وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (204) من طريق عبد الله بن المبارك ثلاثتهم عبد الرزاق ومحمد بن المتوكل وابن المبارك عن معمر بهذا الإسناد وقال فيه: (رداد).

(1)

رجال الإسناد:

أبو سلمة بن عبد الرحمن: تقدم.

ردّاد الليثي، وقال بعضهم: أبو الرداد وهو أصوب، حجازي، مقبول، من الثانية، روى له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود.

ص: 238

ورواه البزار (993) من طريق وهيب بن خالد عن معمر بمثل ذلك.

ورواه الخرائطي في المنتقى من مكارم الأخلاق (120) وفي مساواء الأخلاق (264) من طريق وهيب وقال فيه: عن أبي الرداد.

هكذا قال معمر (عن الزهري، عن أبي سلمة، عن رداد الليثي، عن عبد الرحمن بن عوف).

خالفه شعيب بن أبي حمزة

(1)

، ومحمد بن أبي عتيق

(2)

، وعبيد الله بن أبي زياد الرصافي

(3)

فرووه (عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي الرداد الليثي، عن عبد الرحمن بن عوف).

ورواه سفيان بن عيينة

(4)

، وسفيان بن حسين

(5)

، وسليمان بن كثير العبدي

(6)

ثلاثتهم عن الزهري، عن أبي سلمة قال: اشتكى أبو الرداد فعاده عبد الرحمن بن عوف

الحديث.

(1)

أحمد (1/ 194) والضياء في المختارة (896) وابن جرير في تهذيب الآثار (1/ 121 رقم 165 الجزء المفقود) والحاكم (4/ 158).

(2)

البخاري في الأدب المفرد (53) والحاكم (4/ 158) والطبراني في الأوسط (4606).

(3)

البر والصلة (113) لأبي عبد الله المروزي.

(4)

أبو داود (1694) والترمذي (1907) والحميدي (65) وأحمد (1/ 194) وابن أبي شيبة (8/ 535) والبزار (992) وأبو يعلى (840) وابن جرير في تهذيب الآثار (رقم 166 الجزء المفقود) والحاكم (4/ 158) وغيرهم.

(5)

ابن جرير في تهذيب الآثار (167) والحاكم (4/ 158) والخرائطي (262) والبرتي في مسند عبد الرحمن بن عوف (17).

(6)

مسند عبد الرحمن بن عوف (16) لأحمد بن محمد البرتي.

ص: 239

وكذلك رواه أبو محمد إسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي

(1)

عن أبي سلمة قال: اشتكى أبو الرداد فعاده عبد الرحمن بن عوف

وهم معمر في اسم التابعي الذي عاده عبد الرحمن بن عوف وقيل: هو نسيبه، فقال:(رداد).

وخالفه سفيان بن عيينة وشعيب ومحمد بن أبي عتيق وسفيان بن حسين وسليمان بن كثير العبدي فرووه عن الزهري فقالوا: (أبو الرداد).

وكذلك رواه إسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي عن أبي سلمة فقال: (أبو الرداد) ورجح قولهم الإمام البخاري وأبو حاتم وابن حجر.

لذا قال الترمذي: «حديث سفيان عن الزهري حديث صحيح، وروى معمر هذا الحديث عن الزهري عن أبي سلمة عن رداد الليثي عن عبد الرحمن بن عوف، ومعمر كذا يقول قال محمد: وحديث معمر خطأ»

(2)

.

قال الحاكم عقب حديث معمر: «هذا أبو رداد الليثي، قد أضاف فيه سفيان بن عيينة، ومحمد بن أبي عتيق، وشعيب بن أبي حمزة، وسفيان بن حسين»

(3)

ثم أورد حديثهم.

وقال ابن حبان: «ما أحسب معمراً حفظه، روى أصحاب الزهري هذا الخبر عن أبي سلمة عن عبد الرحمن بن عوف»

(4)

.

(1)

الضياء في المختارة (894).

(2)

سنن الترمذي (4/ 278 - 279 عقب الحديث 1907).

(3)

المستدرك (4/ 157).

(4)

في الثقات (4/ 241) عقب الحديث (2712).

ص: 240

وقال ابن حجر: «قال محمد بن إسماعيل: حديث معمر خطأ. قلت: وكذا قال أبو حاتم الرازي أن المعروف أبو سلمة بن عبد الرحمن، وأما أبو الرداد الليثي فإن له في القصة ذكراً، إلا أن رواية شعيب بن أبي حمزة تقوي رواية معمر، لكن قول معمر: رداد خطأ»

(1)

.

قلت: كذا قال الإمام البخاري: أن حديث معمر خطأ ومراده قول معمر: (رداد الليثي) والصحيح هو (أبو الرداد) كما رواه سفيان.

ولم يتفطن الشيخ العلامة الألباني رحمه الله لمراد البخاري فتعقبه في الصحيحة فقال: (وهذان متابعان قويان لمعمر

(2)

تشهدان لحديثه بالصحة فكيف يصح الحكم عليه بالخطأ ولو من إمام المحدثين

)

(3)

.

وتفطن لمراد البخاري الشيخ العلامة أحمد شاكر فقال: «وأنا أظن أن حكم البخاري على معمر بالخطأ إنما هو فيما جاء في بعض الروايات عنه من ذكر «رداد» بدل «أبي الرداد» ولا من جهة زيادة أبي الرداد في الإسناد لكن رواية أحمد هنا فيها أن أبا الرداد على الصواب»

(4)

.

كذا قال الشيخ إن رواية أحمد في المسند جاءت على الصواب، لكن في مصنف عبد الرزاق جاء فيه «رداد» وكذا في المسند (طبعة

(1)

تهذيب التهذيب (3/ 234) ونحوه في الإصابة (7/ 137).

(2)

يريد شعيباً ومحمد بن أبي عتيق.

(3)

السلسلة الصحيحة (ح 520).

(4)

في تعليقه على المسند (3/ 139 عقب الحديث 1680).

ص: 241

الرسالة) وكذا في رواية الأكثر عن عبد الرزاق كما في التخريج.

وقال الضياء: «رواه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه عن عبد الرزاق وعندهما أن رداداً الليثي، وكذا رواه معمر»

(1)

.

بقي الاختلاف بين سفيان ومَن تابعه، وهم: سفيان بن حسين وسليمان بن كثير وإسحاق بن أحمد فلم يذكروا في الإسناد أبا الرداد فقالوا: عن أبي سلمة عن عبد الرحمن بن عوف، فالإسناد منقطع لأن أبا سلمة لم يسمع من أبيه عبد الرحمن، وبين رواية معمر وشعيب ومحمد بن أبي عتيق وعبد الله بن أبي زياد الذين قالوا: أبو سلمة، عن أبي الرداد، عن عبد الرحمن بن عوف، فوصلوا الإسناد، ورجح هذه الرواية الثانية الدارقطني

(2)

فقال: (والصواب حديث محمد بن أبي عتيق ومَن تابعه، وهو الصواب فإن في رواية الترمذي عن سفيان ذكر أبا الرداد في المتن وإن لم يذكره في الإسناد. قال الترمذي: حدثنا ابن أبي عمر وسعيد بن عبد الرحمن قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن أبي سلمة قال: اشتكى أبو الرداد الليثي فعاده عبد الرحمن بن عوف فقال: خيرهم وأوصلهم ما علمت أبا محمد، فقال عبد الرحمن: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكر الحديث قصر به سفيان، والله تعالى أعلم).

(1)

المختارة (3/ 92) وانظر: العلل للدارقطني (4/ 262 - 265).

(2)

في العلل (4/ 265).

ص: 242

‌الحديث التاسع عشر

(1)

:

192 -

قال عبد الرزاق في مصنفه (11/ 363 رقم 19):

أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن زينب بنت جحش قالت:

دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا» وحلق إبهامه بالتي تليها قالت: فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم إذا كثر الخبث» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه في تفسيره (1/ 375) والطبراني في الكبير (24/ 135) من طريق إسحاق الدبري عن عبد الرزاق به.

هكذا قال معمر: (عن الزهري، عن عروة، عن زينب بنت أبي سلمة، عن زينب بنت جحش).

خالفه عقيل بن خالد

(2)

، وشعيب بن أبي حمزة

(3)

، وسفيان بن

(1)

رجال الإسناد:

عروة بن الزبير بن العوام، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 94 على الصحيح، ومولده في أوائل خلافة عثمان، روى له البخاري ومسلم.

زينب بنت أبي سلمة المخزومية، ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، ماتت سنة 73، روى لها البخاري ومسلم.

زينب بنت جحش، أم المؤمنين رضي الله عنها، وحديثها في الصحيحين.

(2)

البخاري (3346) ومسلم (2880).

(3)

البخاري (3598)(7135).

ص: 243

عيينة

(1)

في رواية، ويونس بن يزيد

(2)

، وصالح بن كيسان

(3)

، ومحمد بن أبي عتيق

(4)

، ومحمد بن إسحاق

(5)

، والنعمان بن راشد

(6)

، ومحمد بن أبي حفصة

(7)

.

فقالوا: (عن الزهري، عن عروة، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم حبيبة

(8)

، عن زينب بنت جحش).

أسقط معمر أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم من الإسناد.

(1)

البخاري (7059) ومسلم (2880).

(2)

مسلم (2880).

(3)

مسلم (2880).

(4)

البخاري (7135).

(5)

أحمد (6/ 429).

(6)

ابن البحتري (1/ 301).

(7)

ذكره الدارقطني في العلل (15/ 382).

(8)

رملة بنت أبي سفيان بن حرب، أم المؤمنين، أم حبيبة، مشهورة بكنيتها، ماتت سنة 42، وقيل: 44، وقيل: 49، وقيل: 50، وحديثها في الصحيحين.

ص: 244

‌الحديث العشرون

(1)

:

193 -

قال الإمام أبو عيسى الترمذي (3224):

حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن ابن عباس قال:

بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في نفر من أصحابه إذ رمي بنجم فاستنار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما كنتم تقولون لمثل هذا في الجاهلية إذا رأيتموه؟» ، قالوا: كنا نقول: يموت عظيم أو يولد عظيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فإنه لا يُرمى به لموت أحد ولا لحياته ولكن ربنا عز وجل إذا قضى أمراً سبّح له حملة العرش ثم سبّح أهل السماء الذين يلونهم ثم الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح إلى هذه السماء، ثم سأل أهل السماء السادسة أهل السماء السابعة ماذا قال ربكم؟ قال: فيخبرونهم ثم يستخبر أهل كل سماء حتى يبلغ الخبر أهل السماء الدنيا وتَختَطِف الشياطين السَّمْعَ فيُرمون فيَقذفونه إلى أوليائهم فما جاؤوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يُحَرِّفونه ويزيدون» .

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح وقد روي هذا الحديث عن الزهري عن علي بن الحسين عن ابن عباس عن رجال من الأنصار قالوا: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه بمعناه حدثنا بذلك الحسين بن حُرَيْث، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي.

(1)

رجال الإسناد:

نصر بن علي بن صهبان الأزدي الجهضمي البصري، ثقة من السابعة، مات قبل سنة 250، روى له أصحاب السنن الأربعة.

عبد الأعلى بن عبد الأعلى: تقدم.

علي بن الحسين: تقدم قريباً.

ص: 245

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير نصر بن علي وهو ثقة وقد توبع.

وأخرجه أحمد (1/ 218) عن محمد بن جعفر وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، في مسنده (683) عن عبد الرزاق كلاهما عن معمر بهذا الإسناد وسندهما على شرط الشيخين.

وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة (2/ 328) من طريق عبد الرزاق به.

هكذا قال معمر: (عن الزهري، عن علي بن حسين، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه صالح بن كيسان

(1)

، ويونس بن يزيد

(2)

، والأوزاعي

(3)

، ومعقل بن عبيد الله

(4)

، والزبيدي

(5)

.

فقالوا: (عن الزهري، عن علي بن حسين، عن ابن عباس، عن رجال من الأنصار، عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن بعضهم (رجل من الأنصار).

أسقط معمر ذكر الأنصار الذي روى عنهم ابن عباس هذا الحديث وقد أشار إلى ذلك الترمذي عقب الحديث، والله تعالى أعلم.

(1)

مسلم (2229).

(2)

مسلم (2229) وابن مندة في الإيمان (698).

(3)

مسلم (2229) والترمذي (3224) وأحمد (1/ 218).

(4)

مسلم (2229).

(5)

النسائي في الكبرى (11272).

ص: 246

‌الحديث الحادي والعشرون

(1)

:

194 -

قال الإمام ابن ماجه رحمه الله (220): حدثنا بكر بن خلف أبو بشر، ثنا عبد الأعلى، عن معمر عن الزهري، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير بكر بن خلف وهو ثقة.

ورواه أحمد (2/ 234) عن عبد الأعلى، وأبو يعلى (5855) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1698) والطبراني في الأوسط (5424) والصغير (810) من طريق عبد الواحد بن زياد كلاهما عن معمر بهذا الإسناد.

ورواه عبد الرزاق (20851) عن معمر عن الزهري عن رجل عن أبي هريرة ضمن حديث طويل، وإسناد أحمد على شرط الشيخين.

هكذا قال معمر: (عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة).

(1)

رجال الإسناد:

بكر بن خلف البصري، أبو بشر، صدوق من العاشرة، مات بعد سنة 54، استشهد به البخاري في الصحيح، وروى له أبو داود وابن ماجه.

عبد الأعلى بن عبد الأعلى: تقدم.

ص: 247

خالفه يونس بن يزيد الأيلي

(1)

، وعبد الوهاب بن أبي بكر

(2)

فقالا: (عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن معاوية بن أبي سفيان).

ومن هذا الوجه أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح.

قال الدارقطني: «يرويه يونس بن يزيد وعبد الوهاب بن أبي بكر عن الزهري، وهو صحيح، ويرويه البصريون عن معمر عن الزهري، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عبد الواحد بن زياد وغيره.

والصحيح حديث حميد عن معاوية»

(3)

.

وقال الطبراني: لم يروه عن الزهري، عن سعيد بن المسيب إلا معمر، تفرد به عبد الواحد بن زياد

(4)

.

وقال البوصيري: «هذا إسناد ظاهره الصحة ولكن اختلف فيه على الزهري، فرواه النسائي من حديث شعيب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقال: الصواب رواية الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن معاوية، كما في الصحيحين»

(5)

.

قلت: حديث النسائي هذا في الكبرى

(6)

من طريق محمد بن يحيى الذهلي قال: حدثنا أبو اليمان، قال: حدثنا شعيب عن الزهري،

(1)

البخاري (71) و (3116)(7312) ومسلم (1037).

(2)

أحمد (4/ 101) والدارمي (224).

(3)

العلل (7/ 59 - 60).

(4)

في الصغير (2/ 18).

(5)

مصباح الزجاجة (1/ 30).

(6)

ص: 248

قال: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يرد الله به خيراً يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم ويعطي الله» .

قال أبو عبد الرحمن: خالفه يونس، رواه عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.

هكذا قال النسائي وربما اختلط على البوصيري قول الدارقطني فنسبه إلى النسائي، والله أعلم.

‌علة الوهم:

1 أشار إليه الدارقطني رحمه الله في أن معمراً حدّث بهذا الحديث في البصرة وأحاديث معمر في البصرة فيها كلام كما سبق.

ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن رجل عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تتركون المدينة خير ما كانت لا يغشاها إلا العواف عواف الطير والسباع، وآخر مَنْ يحشر راعيان من مزينة يتعقبان بغنمهما فيجدان وحوشاً حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرّا على وجوههما، مَنْ يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» .

قال الزهري: فيجيء الثعلب حتى يرقد تحت المنبر فيقضي وسنه ما يهجه أحد). اه.

وهذا وإن كان ليس من رواية البصريين عن معمر إلا أنه لم يجوده فلم يذكر الواسطة بين الزهري وأبي هريرة.

وهذا الحديث وأمثاله احتمال صحة الإسناد فيه وارد، والزهري إمام واسع الرواية فلا يستغرب أن يرويه من طريق سعيد بن المسيب وحميد وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.

ص: 249

وقد قال الترمذي (5/ 28) عقب حديث ابن عباس بهذا المتن: وفي الباب عن عمر وأبي هريرة ومعاوية، والله تعالى أعلم.

ص: 250

‌الحديث الثاني والعشرون

(1)

:

195 -

قال عبد الرزاق في المصنف (1235): عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:

كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في لحافه فحضت فانسللت منه، فقال:«ما لكِ أنفستِ؟» يعني الحيضة قالت: نعم، قال:«فشدي عليكِ ثيابك» ، قالت: فشددت عليّ ثياب حيضتي ثم رجعت فاضطجعت مع النبي صلى الله عليه وسلم.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

ورواه إسحاق في مسنده (1837) والطبراني في الكبير (23/ 533) كلاهما عن عبد الرزاق بهذا الإسناد.

هكذا قال معمر: (عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أم سلمة).

خالفه أصحاب يحيى بن أبي كثير فقالوا: (عن يحيى، عن أبي

(1)

رجال الإسناد:

يحيى بن أبي كثير الطائي، مولاهم، أبو نصر اليمامي، ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل، من الخامسة، مات سنة 132 وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم.

أبو سلمة ابن عبد الرحمن: تقدم.

أم سلمة، هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، أم المؤمنين، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أبي سلمة سنة أربع، وقيل: ثلاث، وعاشت بعد ذلك ستين سنة، ماتت سنة 62، وقيل: 61، وقيل قبل ذلك والأول أصح، وحديثها في الصحيحين.

ص: 251

سلمة ابن عبد الرحمن عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة)، منهم:

هشام بن أبي عبد الله الدستوائي

(1)

، وشيبان

(2)

، وقتادة

(3)

، وحرب بن شداد

(4)

، وحسين المعلم

(5)

، وأبان بن يزيد العطار

(6)

، وهمام بن يحيى العوذي

(7)

.

أسقط معمر زينب بنت أم سلمة من الإسناد.

‌علة الوهم:

روى هذا الحديث عن أبي سلمة: يحيى بن أبي كثير، ومحمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي

(8)

.

فرواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، عن زينب، عن أم سلمة.

ورواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أم سلمة، لم يذكر زينب (ويحيى بن أبي كثير أحفظ منه).

فلعل الوهم دخل على معمر من هذا الوجه، والله تعالى أعلم.

(1)

البخاري (298) و (323) و (1828) ومسلم (296).

(2)

البخاري (322).

(3)

أبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (680) والطبراني في الأوسط (1695).

(4)

أبو عوانة (898).

(5)

أبو عوانة (899).

(6)

عبد الله بن أحمد في زوائده (6/ 318).

(7)

أحمد (6/ 300).

(8)

أحمد (6/ 294) وإسحاق (1836) وابن ماجه (637) وأبو يعلى (7015).

ص: 252

‌الحديث الثالث والعشرون

(1)

:

196 -

قال عبد الرزاق في المصنف (5991): أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«تعلّموا القرآن فإنه شافع لأصحابه يوم القيامة، وتعلّموا البقرة وآل عمران، تعلّموا الزهراوين

(2)

فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان

(3)

أو كأنهما فِرْقان

(4)

من طير صواف

(5)

يحاجَّان عن صاحبهما، وتعلّموا البقرة فإن تعلمها بركة وتركها حسرة ولا يطيقها البطلة

(6)

يعني البطلة السحرة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أحمد (5/ 251) والطبراني في الكبير (8118) من طريق إسحاق بن إبراهيم الدبري كلاهما أحمد وإسحاق عن عبد الرزاق به.

(1)

رجال الإسناد:

يحيى بن أبي كثير: تقدم.

أبو سلمة: تقدم.

(2)

الزهراوين: مثنى الزهراء وسميتا بذلك لنورهما وعظيم أجرهما وهما البقرة وآل عمران.

(3)

غيايتان: الغياية: كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه من سحابة أو غمامة وغيرهما.

(4)

فِرْقان: جماعتان أو قطيعان.

(5)

صواف، أي: مصطفة بجانب بعضها.

(6)

البطلة: هم السحرة لأنهم ما يأتون به باطل، وكذلك فسرها راوي الحديث في صحيح مسلم.

ص: 253

هكذا رواه معمر فقال: (عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي أمامة).

خالفه أبان بن يزيد العطار

(1)

، وعلي بن المبارك

(2)

، وسعيد بن أبي هلال

(3)

.

فرووه عن يحيى بن أبي كثير فقالوا: (عن يحيى، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام عن أبي أمامة).

وكذلك رواه هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام عن أبي أمامة

(4)

.

فجعله أيضاً من رواية أبي سلام عن أبي أمامة إلا أنه أسقط من الإسناد زيد بن سلام.

والحديث أخرجه مسلم في صحيحه (704) من طريق معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام عن جده أبي سلام عن أبي أمامة الباهلي

(5)

.

وهم معمر رحمه الله فقلب أبا سلام

(6)

إلى أبي سلمة.

(1)

أحمد (5/ 249) والطبراني في الكبير (7542، 7543).

(2)

ابن حبان (116) والطبراني (7542).

(3)

الحاكم (1/ 564).

(4)

أحمد (5/ 249، 257) وابن الضريس في فضائل القرآن (98) والقضاعي في مسند الشهاب (1310) والبغوي في شرح السنة (1193).

(5)

وكذلك رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 125، والطبراني في الكبير (7544) والأوسط (471) والبيهقي في السنن (2/ 395 - 396) وفي الأسماء والصفات (975) وقال أبو عبيد: يعني ثوابهما.

(6)

ممطور الأسود الحبشي، أبو سلام، ثقة يرسل من الثالثة، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.

ص: 254

قال عبد الله بن أحمد: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده وقد ضرب عليه، فظننت أنه قد ضرب عليه لأنه خطأ، إنما هو عن زيد، عن أبي سلام، عن أبي أمامة

(1)

.

(1)

المسند (5/ 251).

ص: 255

‌الحديث الرابع والعشرون

(1)

:

197 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 179): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، عن عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه قال:

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفَّين.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وهو في مصنف عبد الرزاق (746) ورواه البيهقي (1/ 271) من طريق أحمد بن يوسف عن عبد الرزاق به.

وذكره البخاري في صحيحه تعليقاً عقب الحديث رقم (205).

هكذا رواه معمر فقال: (عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عمرو بن أمية).

خالفه شيبان بن عبد الرحمن النحوي

(2)

، والأوزاعي

(3)

، وأبان بن يزيد العطار

(4)

، وعلي بن المبارك

(5)

، وحرب بن شداد

(6)

.

(1)

رجال الإسناد:

عمرو بن أمية بن خويلد بن عبد الله، أبو أمية الضمري، صحابي مشهور، أول مشاهده بئر معونة، مات في خلافة معاوية، روى له البخاري ومسلم.

(2)

البخاري (204).

(3)

البخاري (205).

(4)

أحمد (4/ 179) وذكره البخاري تعليقاً عقب الحديث (204).

(5)

أحمد (4/ 139).

(6)

النسائي (1/ 81) وفي الكبرى (126) والطيالسي (1350) ط التركي.

ص: 256

فرووه (عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، عن أبيه عمرو بن أمية).

أسقط معمر جعفر بن عمرو، فأبو سلمة يروي هذا الحديث عن عمرو بن أمية بواسطة ابنه جعفر.

قال أبو حاتم الرازي: إنما هو أبو سلمة، عن جعفر بن عمرو بن أمية عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

وقال الحافظ في الفتح (1/ 308): هكذا رواه الأوزاعي وهو مشهور عنه، وأسقط بعض الرواة عنه جعفراً من الإسناد وهو خطأ قاله أبو حاتم الرازي.

(1)

العلل لابن أبي حاتم (179).

ص: 257

‌الحديث الخامس والعشرون

(1)

:

198 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 148): حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلَّام، عن عبد الله بن زيد الأزرق قال:

كان عقبة بن عامر الجهني يخرج فيرمي كل يوم وكان يستتبعه فكأنه كاد أن يمل فقال: ألا أخبرك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى، قال: سمعته يقول: «إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صاحبه الذي يحتسب في صنعته الخير، والذي يجهز به في سبيل الله، والذي يرمي به في سبيل الله

».

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبد الله بن زيد الأزرق مجهول لم يروِ عنه إلا أبو سلام الأسود، وذكره ابن حبان في الثقات.

وأخرجه أحمد أيضاً في (4/ 154).

والحديث في المصنف لعبد الرزاق (19522) و (21010)، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (2478) عن عبد الواحد بن بشر بن الحكم، والبيهقي في شعب الإيمان (3992) من طريق إسحاق بن إبراهيم الدبري وابن عساكر في الأربعين في الحث على الجهاد (1/ 98) من طريق محمد بن عبد الملك بن زنجويه، ثلاثتهم عن عبد الرزاق عن معمر بهذا الإسناد.

(1)

رجال الإسناد:

زيد بن سلام بن أبي سلام ممطور الحبشي، ثقة من السادسة، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.

عبد الله بن زيد الأزرق، مقبول، من الرابعة، روى له الترمذي وابن ماجه.

ص: 258

وأخرجه الحاكم (1/ 417 - 418) والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 380) والبغوي في شرح السنّة (2641) من طرق عن معمر به، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

هكذا رواه معمر فقال: (عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن عبد الله بن زيد الأزرق، عن عقبة بن عامر).

خالفه هشام الدستوائي

(1)

فرواه (عن يحيى بن أبي كثير، حدثنا أبو سلام، عن عبد الله الأزرق، عن عقبة بن عامر).

وهم معمر فقلب أبا سلام ممطور الحبشي، إلى زيد بن سلام

(2)

وزيد هذا حفيد أبي سلام.

وتترجح رواية هشام الدستوائي على رواية معمر لأمرين:

1 هشام أثبت من معمر في يحيى بن أبي كثير.

قال أبو حاتم: سألت أحمد بن حنبل عن الأوزاعي والدستوائي أيهما أثبت في يحيى بن أبي كثير؟ قال: الدستوائي لا تسأل عنه أحداً ما أرى الناس يروون عن أحدٍ أثبت منه، مثله عسى وأما أثبت منه فلا.

وقال أيضاً: أكبر من في يحيى بن أبي كثير من أهل البصرة هشام الدستوائي.

(1)

الترمذي (1637) وابن ماجه (2311) وأبو داود الطيالسي (1006) والدارمي (2405) وأحمد (4/ 144) ويعقوب بن سفيان (2/ 502) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (295) والطبراني في الكبير (17/ 940) و (941) والبيهقي (10/ 13 - 14) وابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 312 - 313).

(2)

زيد بن سلام بن أبي سلام ممطور الحبشي، ثقة، من السادسة، روى له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

ص: 259

وقال علي بن المديني: أثبت أصحاب يحيى بن أبي كثير هشام الدستوائي ثم الأوزاعي وحسين المعلم

2 وافق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر رواية هشام عن يحيى في كون الراوي هو أبو سلام وليس زيد بن سلام.

فقد روى عبد الرحمن بن يزيد هذا الحديث عن أبي سلام الحبشي، عن خالد بن زيد، عن عقبة بن عامر

(1)

.

فجعله من رواية أبي سلام الحبشي، وخالف يحيى بن أبي كثير فقال: عن خالد بن زيد بدلاً من عبد الله الأزرق، والله أعلم.

‌تنبيه:

وقع لشيخنا الألباني رحمه الله وهم فظن أن زيد بن سلام هو أبو سلام حيث قال: «وفيه نظر لأن الأزرق هذا لم يوثقه غير ابن حبان ولم يرو عنه غير زيد بن سلام وهو أبو سلام الأسود فهو مجهول»

(2)

، وزيد بن سلام هو حفيد أبي سلام.

(1)

أبو داود (2513) والنسائي (6/ 281 - 222) وابن الجارود (1062) وأبو عوانة (5/ 103، 104) وسعيد بن منصور (2450) وابن أبي شيبة (5/ 320 - 321).

(2)

الضعيفة (3962).

ص: 260

‌الحديث السادس والعشرون

(1)

:

199 -

قال عبد الرزاق رحمه الله في تفسيره (269): حدثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة في قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ

(224)} [البقرة: 224] قال:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يستلجج

(2)

أحدكم باليمين في أهله فهو آثم له عند الله من الكفارة التي أمر بها».

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.

والحديث رواه عبد الرزاق أيضاً في مصنفه (16037) إلا أنه لم يسق لفظه هنا وأحال على الحديث الذي قبله.

وهو ما رواه عن معمر، عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: «إذا استلج أحدكم بيمين في أهله، فإنه آثم له عند الله من الكفارة التي أمر الله بها» .

(1)

رجال الإسناد:

عكرمة أبو عبد الله مولى ابن عباس، أصله بربري، ثقة ثبت عالم بالتفسير لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر ولا ثبت عنه بدعة، من الثالثة، مات سنة 104 وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.

(2)

قال النووي في شرح صحيح مسلم (11/ 123): معنى الحديث أنه إذا حلف يميناً تتعلق بأهله ويتضررون بعدم حنثه ويكون الحنث ليس بمعصية فينبغي أن يحنث فيفعل ذلك الشيء ويكفر عن يمينه فإن قال: (لا أحنث بل أتورع عن ارتكاب الحنث خشية الإثم فهو مخطاء بهذا القول، بل استمراره على عدم الحنث وإقامة الضرر لأهله أكثر إثماً من الحنث). اه.

ص: 261

وقد وهم معمر رحمه الله في هذا الحديث في موضعين في متنه وإسناده.

الأول: في الإسناد: قصر به معمر، وخالفه معاوية بن سلام

(1)

فرواه (عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أسقط معمر أبا هريرة.

الثاني: في المتن: دخل عليه حديث في حديث.

فقد روى معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ استلج في أهله بيمين فهو أعظم إثماً، لِيَبَرَّ يعني الكفارة»

(2)

.

هكذا روى الحديث يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن أبي هريرة.

وقد روى معمر، عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه»

(3)

.

فروى معمر لفظ حديث همام بن منبه عن أبي هريرة، في إسناد يحيى بن أبي كثير عن عكرمة، عن أبي هريرة وأسقط ذكر أبي هريرة.

قال ابن حجر في فتح الباري (11/ 519): (كذا أسنده

(1)

البخاري (6626).

(2)

البخاري (6626).

(3)

البخاري (6625) ومسلم (1656) وهو في مصنف عبد الرزاق (16036).

ص: 262

معاوية بن سلام

(1)

وخالفه معمر فرواه عن يحيى بن أبي كثير فأرسله ولم يذكر فيه أبا هريرة. أخرجه الإسماعيلي من طريق ابن المبارك عن معمر لكنه ساقه بلفظ رواية همام عن أبي هريرة، وهو خطأ من معمر، وإذا كان لم يضبط المتن، فلا يتعجب من كونه لم يضبط الإسناد).

لكن خالف أبو حاتم فرجح رواية معمر، وما في الصحيح أصح.

قال ابن أبي حاتم في العلل (1330): سألت أبي عن حديث رواه معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ استلج بيمين في أهله فهو أعظم إثماً ليس الكفارة» .

قال أبي: روى هذا الحديث معمر عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة في قوله: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ

(224)} [البقرة: 224] وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يستلج أحدكم باليمين في أهله، فهو آثم له عند الله من الكفارة التي أمر بها» .

فقلت لأبي: أيهما أصح؟

فقال: لا أعلم أحداً وصله غير معاوية بن سلام، ومعمر أشهر وأحب إليّ من معاوية بن سلام

(2)

.

(1)

معاوية بن سلَّام بن أبي سلام، أبو سلام الدمشقي وكان يسكن حمص، ثقة، من السابعة، مات في حدود سنة 170، روى له البخاري ومسلم.

(2)

قال في كشف المشكل (3/ 503): استلج واستلجج في يمينه من اللجاج وهو أن يستمر على حكم اليمين وترك التكفير وهو يعلم أن الحنث أفضل كأنه حلف ألا يصل قرابته ولا يطأ زوجته فإقامته على ذلك شر له من أن يكفر وإن كانت الكفارة ليست شراً.

ص: 263

‌الحديث السابع والعشرون

(1)

:

200 -

قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله (1136): حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر رضي الله عنه قال:

قلنا: يا رسول الله إنا كنا نعزل فزعمت اليهود أنها الموؤودة الصغرى.

فقال: «كذبت اليهود إن الله إذا أراد أن يخلقه فلم يمنعه» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب فهو من رجال مسلم.

وأخرجه النسائي في الكبرى (9078) من طريق عبد الأعلى عن معمر به، وعبد الرزاق (12550) عن معمر به.

قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

إلا أن معمراً قد وهم والله أعلم في هذا الإسناد فقال: (عن

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب الأموي البصري، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة 244، روى له مسلم.

يزيد بن زُريْع البصري، أبو معاوية، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة 182، روى له البخاري ومسلم.

معمر: تقدم.

يحيى بن أبي كثير الطائي، تقدم قريباً.

محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان العامري، عامر قريش المدني، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 264

يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن، عن جابر).

خالفه هشام الدستوائي

(1)

، وأبان بن يزيد العطار

(2)

، وعلي بن المبارك

(3)

، وأبو إسماعيل القناد

(4)

.

فرووه (عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبي رفاعة، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك رواه عمرو بن دينار عن أبي سلمة عن رجل عن أبي سعيد فوافق هشاماً من أنه حديث أبي سعيد

(5)

.

قال ابن أبي حاتم في العلل (1314): وسئل أبي عن حديث اختلف هشام الدستوائي ومعمر في روايتهما عن يحيى بن أبي كثير.

فروى هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبي رفاعة

(6)

، عن أبي سعيد الخدري قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي وليدة وأنا أعزل عنها وأكره أن تحمل وإن

(1)

أحمد (3/ 51، 52 رقم 11477، 11502) والنسائي في الكبرى (9079) والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 31).

(2)

أبو داود (2171) والبيهقي (7/ 230).

(3)

أحمد (3/ 33 رقم 11288) والنسائي في الكبرى (9080)، (9081) والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 31).

(4)

النسائي في الكبرى (9082).

(5)

عبد الرزاق (12549).

(6)

رفاعة، ويقال: أبو رفاعة، ويقال: أبو مطيع بن عوف الأنصاري، روى عن أبي سعيد الخدري في العزل، وروى عنه محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، روى عنه أبو داود والنسائي، وقال في التقريب: مقبول.

انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر.

ص: 265

اليهود تقول: هي الموؤودة الصغرى، فقال:«كذبت اليهود، لو أراد الله أن يخلقه لم تستطع صرفه» .

وروى يزيد بن زريع، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن، عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبي: حديث هشام الدستوائي أشبه من حديث معمر.

ص: 266

‌الحديث الثامن والعشرون

(1)

:

201 -

روى عبد الرزاق (8337) ومن طريقه أحمد (5/ 304) قال: أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال:

خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية فأحرم أصحابي ولم أُحرم فرأيت حماراً فحملت عليه فاصطدته فذكرت شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرت أني لم أكن أحرمت وأني إنما اصطدته لك، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فأكلوا ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له.

‌التعليق:

هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وقد أخرجه من طريق عبد الرزاق أيضاً ابن ماجه (3093) وابن خزيمة في صحيحه (2642) والدارقطني (2/ 291) والبيهقي (5/ 190) وأبو عوانة تعليقاً في مسنده (2/ 407).

هكذا قال معمر: (عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبي قتادة) في قصة صيده الحمار الوحشي والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه محرمون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل منه حين أخبره أنه اصطاده له.

(1)

رجال الإسناد:

عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري أبو إبراهيم وأبو يحيى المدني، تابعي ثقة، تابعي، روى عن أبيه، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم، توفي سنة 95، وحديثه في الصحيحين.

ص: 267

خالفه هشام الدستوائي

(1)

، وعلي بن المبارك

(2)

، ومعاوية بن سلام

(3)

، وشيبان

(4)

.

فرووه عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبي قتادة.

ولم يذكر أحد منهم: (إنما اصطدته لك) ولم يقل أحد منهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل منه.

وكذلك رواه أبو حازم

(5)

، وعبد العزيز بن رفيع

(6)

، وصالح بن كيسان

(7)

، وعثمان بن عبد الله بن موهب

(8)

.

فرووه (عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبي قتادة) ولم يذكر أحد منهم ما قال معمر.

لذا أهل الحديث أنكروا عليه قوله: (إنما اصطدته لك) وقوله: (ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له) لأنه ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم أكل من ذلك الحمار.

من حديث أبي قتادة وغيره.

قال ابن خزيمة: هذه الزيادة: (إنما اصطدته لك) وقوله: (ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له) لا أعلم أحداً ذكره في خبر أبي قتادة غير معمر في هذا الإسناد. اه.

وقال أيضاً: وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قد أكل من لحم ذلك الحمار (4/ 180).

(1)

البخاري (1821) ومسلم (1196)(59).

(2)

البخاري (1822) و (4149).

(3)

مسلم (1196)(62) وأبو عوانة (3600) و (3611).

(4)

أبو عوانة (3602).

(5)

البخاري (2570) و (2854) و (5407) ومسلم (1196)(63). أبو حازم هو سلمة بن دينار لا كما ذكر الحافظ في الفتح (5/ 201) فقال: هو ابن أبي كثير أخو إسماعيل.

(6)

مسلم (1196)(64).

(7)

أبو عوانة (3612).

(8)

مسلم (1196)(60) وأبو عوانة (3603) و (3606).

ص: 268

وقال البيهقي: هذه لفظة غريبة لم نكتبها إلا من هذا الوجه.

وقد روينا عن أبي حازم ابن دينار عن عبد الله بن أبي قتادة في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل منها، وأودعها صاحبا الصحيح كتابيهما دون رواية معمر، وإن كان الإسنادان صحيحين. اه.

وقال ابن حزم في المحلى (7/ 253) مضعفاً رواية معمر قال رحمه الله:

ورواه عن يحيى بن أبي كثير معاوية بن سلام وهشام الدستوائي كلاهما يقول فيه: عن يحيى حدثني عبد الله بن قتادة ولا يذكران ما ذكر معمر.

ولم يذكر فيه معمر سماع يحيى له من عبد الله بن أبي قتادة.

ورواه أيضاً شعبة عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن عبد الله بن قتادة عن أبي قتادة، ولم يذكر فيه ما ذكر معمر.

ورواه أبو حازم عن قتادة عن أبي قتادة فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل منه

(إلى أن قال): فوجدنا مَنْ روى عن عبد الله بن قتادة عن أبي

ص: 269

قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل منه قد أثبت خبراً وزاد علماً على مَنْ روى عنه أنه عليه السلام لم يأكل منه فوجب الأخذ بالزائد وترك رواية مَنْ لم يثبت ما أثبته غيره. اه.

وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (2/ 447): الظاهر أن هذا الذي تفرد به معمر غلط فإن في الصحيحين أكل منه.

وفي لفظ لأحمد قال: (أطعمونا)

(1)

وفي لفظ له: (هذه العضد شويتها وأنضجتها وطيبتها قال: فهاتها. قال: فجئته بها فنهشها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فرغ منها)

(2)

.

(1)

أحمد (5/ 307).

(2)

أحمد (5/ 306).

ص: 270

‌الحديث التاسع والعشرون

(1)

:

202 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 449): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:

استقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفطر، فأُتي بماء فتوضأ.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير يعيش بن الوليد وهو ثقة.

وهو في مصنف عبد الرزاق (525) و (7548) ومن طريقه أخرجه النسائي في الكبرى (3129).

هكذا قال معمر: (يحيى بن أبي كثير، عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء).

خالفه حسين المعلم

(2)

، وحرب بن شداد

(3)

، وهشام

(1)

رجال الإسناد:

يعيش بن الوليد بن هشام بن معاوية الأموي، المعيطي الدمشقي، نزيل الجزيرة، ثقة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.

خالد بن معدان الكلاعي الحمصي، أبو عبد الله، ثقة عابد، يرسل كثيراً، مات سنة 113 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.

(2)

أبو داود (2381) والترمذي (87) والدارمي (1728) وأحمد (6/ 443) والنسائي في الكبرى (3121) وابن الجارود (8) وابن خزيمة (1957) وابن المنذر في الأوسط (82) وابن حبان (1097) والروياني في مسنده (609) والطبراني في الأوسط (3702) والدارقطني (1/ 158) و (2/ 181) والحاكم (1/ 426) والبيهقي (1/ 144) و (4/ 220).

(3)

ابن خزيمة (1958) والحاكم (1/ 426) ويعقوب بن شيبة في مسند عمر بن الخطاب (1/ 77).

ص: 271

الدستوائي

(1)

(في رواية) فقالوا: (يحيى بن أبي كثير، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن يعيش بن الوليد، عن أبيه، عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي الدرداء).

وهم معمر في هذا الحديث في ثلاثة مواضع:

أسقط ذكر الأوزاعي بين يحيى ويعيش وكذلك أسقط الوليد بن هشام والد يعيش، وقال خالد بن معدان: والصحيح معدان بن أبي طلحة.

وقد صحح البخاري والترمذي وغيرهما حديث حسين المعلم، وأن معمراً وهم في هذا الحديث.

قال الترمذي في سننه (1/ 146) عقب الحديث: (وقد جوّد حسين المعلم هذا الحديث وحديث حسين أصح شيء في الباب.

وروى معمر هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير فأخطأ فيه فقال: عن يعيش بن الوليد عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء، ولم يذكر فيه الأوزاعي، وقال: عن خالد بن معدان وإنما هو معدان بن أبي طلحة).

ونقل عن الإمام البخاري قوله: جوّد حسين المعلم هذا الحديث ثم قال الترمذي: وحديث معمر خطأ

(2)

.

(1)

النسائي في الكبرى (3124) وأحمد (5/ 195) وابن أبي شيبة (9201) والحاكم (8/ 426) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4/ 375) إلا أنه لم يسمِّ الأوزاعي فقال: عن رجل.

(2)

العلل الكبير (1/ 51) وذكره الطوسي في مختصر الأحكام (1/ 280).

ص: 272

وقال الحاكم عقب رواية حسين المعلم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لخلاف بين أصحاب عبد الصمد فيه، قال بعضهم: عن يعيش بن الوليد عن أبيه عن معدان وهذا وهم من قائله، فقد رواه حرب بن شداد وهشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير على الاستقامة.

وقال الألباني في الإرواء (1/ 146): ورجاله ثقات غير أن معمراً أخطأ في سنده على يحيى كما قال الترمذي، وخالفهم الشيخ أحمد شاكر

(1)

فصحح رواية معمر ورواية حسين المعلم ورأى أنها كلها صحيحة.

قلت: وحسين المعلم وهشام أثبت من معمر في يحيى من ابن أبي كثير.

قال أبو حاتم: سألت علي بن المديني مَنْ أثبت أصحاب يحيى بن أبي كثير؟ قال: هشام الدستوائي ثم الأوزاعي وحسين المعلم.

إلا أن هشاماً مع ذلك قد اضطرب فيه كما سيأتي في بابه ح (699).

(1)

حاشية الترمذي (1/ 146).

ص: 273

‌الحديث الثلاثون

(1)

:

203 -

قال ابن ماجه رحمه الله (1581): حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري، ومحمد بن يحيى قالا: ثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن معانق أو أبي معانق عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«النياحة من أمر الجاهلية، وإن النائحة إذا ماتت ولم تتب قطع الله لها ثياباً من قطران ودرعاً من لهب النار» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير ابن معانق، وثقه ابن حبان والعجلي، وقال الدارقطني مجهول (سؤالات البرقاني 1/ 77).

واسمه عبد الله بن معانق الأشعري، وقيل: إنه لم يسمع من أبي مالك الأشعري، وهو في المصنف لعبد الرزاق (6686) بلفظ: «أربعة

(1)

رجال الإسناد:

عباس بن عبد العظيم بن إسماعيل العنبري، ثقة حافظ، من كبار الحادية عشرة، مات سنة 240، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

محمد بن يحيى الذهلي، ثقة حافظ جليل، من الحادية عشرة، مات سنة 258 على الصحيح وله 86 سنة، روى له البخاري.

يحيى بن أبي كثير الطائي: تقدم.

عبد الله بن معانق، أبو معانق الشامي، وثقه العجلي، من الثالثة، روى له ابن ماجه.

أبو مالك الأشعري، قيل: اسمه عبيد، وقيل: عبد الله، وقيل: عمرو، وقيل: كعب بن كعب، وقيل: عامر بن الحارث، صحابي، مات في طاعون عمواس سنة 18.

ص: 274

بقين من أمر الجاهلية: الفخر بالأحساب، والطعن بالأنساب، والاستسقاء بالأنواء، والنياحة، وإن النائحة إذا ماتت ولم تتب كسيت ثياباً من قطران ودرعاً من لهب النار».

هكذا قال معمر: (عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن معانق، عن أبي مالك الأشعري).

خالفه أبان بن يزيد العطار

(1)

، وعلي بن المبارك

(2)

، وموسى بن خلف

(3)

فقالوا: (عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي مالك الأشعري) ومن هذا الوجه أخرجه مسلم ولفظه كما في المصنف.

لذا قال الدارقطني: «يرويه يحيى بن أبي كثير، واختلف عنه:

فرواه أبان العطار وعلي بن المبارك عن زيد بن سلام عن أبي سلام عن أبي مالك.

وخالفهما معمر فرواه عن يحيى عن ابن معانق أو أبي معانق، عن أبي مالك الأشعري.

وحديث أبي سلام أشبه بالصواب»

(4)

.

(1)

مسلم (934).

(2)

أحمد (5/ 343) والحاكم (1/ 383) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرج مسلم حديث أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير وهو مختصر، ولم يخرجاه بالزيادات التي في حديث علي بن المبارك وهو على شرطهما، ووافقه الذهبي.

(3)

الطبراني في المعجم الكبير (3425).

(4)

العلل (7/ 226 - 227).

ص: 275

‌علة الوهم:

المحفوظ في هذا الإسناد إنما هو حديث: «إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمَن أطعم الطعام وألان الكلام، وتابع الصيام وصلّى والناس نيام» .

رواه معمر، عن يحيى بن أبي كثير عن ابن معانق أو أبي معانق، عن أبي مالك الأشعري

(1)

.

ورواه معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي معانق، عن أبي مالك الأشعري

(2)

.

فإن لم يكن الطريقان محفوظين فما في الصحيح أصح وإن كان معمر أحفظهم كلهم، والله تعالى أعلم.

(1)

مصنف عبد الرزاق (20883) ومن طريقه أحمد (5/ 343) وابن خزيمة (2137) وابن حبان (509) والطبراني (3466) والبيهقي (4/ 300) وفي الشعب (3893).

(2)

الطبراني في الكبير (3467) وفي مسند الشاميين (2873).

ص: 276

‌الحديث الحادي والثلاثون

(1)

:

204 -

قال أبو داود رحمه الله (4205): حدثنا الحسن بن علي، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن سعيد الجريري، عن عبد الله بن بريدة، عن أبي الأسود الديلمي، عن أبي ذر رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحسن ما غير به هذا الشيب الحناء والكتم» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وهو في مصنف عبد الرزاق (20174) ومن طريقه أخرجه أحمد (5/ 147) و (5/ 150) وابن حبان (5474) والبيهقي (7/ 310) والطبراني في الكبير (1638) والبغوي في شرح السنّة (3178) والطبراني في الأوسط (3010).

(1)

رجال الإسناد:

الحسن بن علي بن محمد الهذلي، أبو علي الخلَّال الحلواني، نزيل مكة، ثقة حافظ له تصانيف، مات سنة 242، روى له البخاري ومسلم.

سعيد بن إياس الجُريري، أبو مسعود البصري، ثقة، اختلط قبل موته بثلاث سنين، مات سنة 144، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، أبو سهل المروزي قاضيها، ثقة، مات سنة 105، وقيل: 115 وله 100 سنة، روى له البخاري ومسلم.

أبو الأسود الديلمي، اسمه ظالم بن عمرو بن سفيان، ويقال: عمرو بن ظالم، ويقال: عمرو بن عثمان، ثقة فاضل مخضرم، مات سنة 69، روى له البخاري ومسلم.

ص: 277

كلهم من طريق عبد الرزاق عن معمر به.

هكذا قال معمر عن (سعيد الجريري، عن عبد الله بن بريدة، عن أبي الأسود الديلمي، عن أبي ذر).

خالفه يحيى بن سعيد القطان

(1)

، وعبد الله بن نمير

(2)

، وعبثر بن القاسم

(3)

، وعبد الله بن المبارك

(4)

، وابن أبي ليلى

(5)

، وعبد الوارث بن سعيد

(6)

، وهشيم

(7)

، والمسعودي عبد الرحمن بن عبد الله

(8)

، وجعفر بن عون

(9)

، وعبد الله بن إدريس

(10)

، وأبو أسامة حماد بن أسامة

(11)

، وسفيان الثوري

(12)

، وأبو حنيفة

(13)

، وزهير

(14)

.

هؤلاء كلهم قالوا: (عن الأجلح، عن عبد الله بن بريدة، عن أبي الأسود الديلمي، عن أبي ذر).

(1)

النسائي (8/ 138) وفي الكبرى (9350) وأحمد (5/ 156) والبزار (3921) وابن عدي في الكامل (1/ 428).

(2)

أحمد (5/ 154) و (5/ 169) وابن سعد في الطبقات الكبرى (1/ 439).

(3)

النسائي (8/ 139) وفي الكبرى (9352).

(4)

الترمذي (1753).

(5)

النسائي (8/ 139) وفي الكبرى (9351).

(6)

النسائي (8/ 139) وفي الكبرى (9353).

(7)

النسائي في الكبرى (9351).

(8)

ابن سعد في الطبقات الكبرى (1/ 439) وأمالي المحاملي (261).

(9)

الطحاوي في شرح مشكل الآثار (3682).

(10)

أحمد (5/ 150) وابن أبي شيبة (25001) والبزار (3922).

(11)

البزار (3922) والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 34).

(12)

ابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 349) والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (873).

(13)

في مسنده (1/ 264) و (1/ 201) والخطيب في الموضح (1/ 492) ولم يذكر أبو حنيفة ابن بريدة في إسناده.

(14)

الخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 491).

ص: 278

وهم معمر فقال: (سعيد الجريري) والصحيح (الأجلح)

(1)

.

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه عبد الرزاق عن معمر، عن الجريري، عن عبد الله بن بريدة فذكر الحديث.

قال أبي: إنما هو الأجلح وليس للجريري معنى

(2)

.

وقال الدارقطني: تفرد به معمر بن راشد وأغرب به

(3)

.

‌علة الوهم:

1 روى الجريري هذا الحديث من طريق أبي الطفيل عن النبي صلى الله عليه وسلم

(4)

، فلعله من هنا دخل الوهم على معمر في هذا الإسناد.

2 اختلاف الأمصار:

فالأجلح الكندي من الكوفة لذا كانت رواية أهل بلده عنه: ابن نمير

(5)

، وعبثر

(6)

، والمسعودي

(7)

، وجعفر بن عون

(8)

، وعبد الله بن

(1)

الأجلح بن عبد الله بن حجية، ويقال: أجلح بن عبد الله بن معاوية الكندي، أبو حجية الكوفي ضعفه يحيى القطان وأحمد بن حنبل والنسائي والجوزجاني، وأبو حاتم وغيرهم، ووثقه يحيى بن معين والعجلي، وقال ابن حجر في التقريب: صدوق شيعي.

(2)

العلل لابن أبي حاتم (2/ 301 رقم 2418).

(3)

العلل (6/ 278 - 279).

(4)

أخرجه البزار (7/ 206 رقم 2777) من طريق يحيى بن أبي كثير عنه.

(5)

عبد الله بن نمير أبو هشام الكوفي، ثقة صاحب حديث، مات سنة 199، روى له البخاري ومسلم.

(6)

عبثر بن القاسم الزبيدي، أبو زبيد الكوفي، ثقة، مات سنة 199، روى له البخاري ومسلم.

(7)

عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي، المسعودي، صدوق اختلط قبل موته.

(8)

جعفر بن عون بن جعفر بن عمرو بن حريث المخزومي، الكوفي، صدوق، روى له البخاري ومسلم.

ص: 279

إدريس

(1)

، وأبو أسامة

(2)

ومَن تابعهم أصح من رواية معمر، والله تعالى أعلم.

(1)

عبد الله بن إدريس بن يزيد، أبو محمد الكوفي، ثقة فقيه عابد، مات سنة 192، روى له البخاري ومسلم.

(2)

حماد بن أسامة القرشي مولاهم الكوفي، أبو أسامة، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، مات سنة 201، روى له البخاري ومسلم.

ص: 280

‌الحديث الثاني والثلاثون

(1)

:

205 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 266): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن منصور، عن عباد بن أنيس، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:

«إن المؤذن يغفر له مدى صوته ويصدقه كل رطب ويابس سمعه، وللشاهد عليه خمس وعشرون درجة» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عباد بن أنيس لم يروِ عنه غير منصور بن المعتمر وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 140) فقال: (من أهل المدينة يروي عن أبي هريرة، روى عنه منصور بن المعتمر). اه.

والحديث في مصنف عبد الرزاق (1863) ومن طريق أخرجه إسحاق بن راهويه (152)، وعبد بن حميد (1437)، وابن حبان (1670).

وقد قال أبو زرعة والدارقطني إن معمراً وهم في هذا الإسناد.

فالصحيح هو ما رواه جرير بن عبد الحميد، وفضيل بن عياض،

(1)

رجال الإسناد:

منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي، أبو عتاب، الكوفي، ثقة ثبت وكان لا يدلس، من طبقة الأعمش، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.

عباد بن أنيس، تابعي، ذكره ابن حبان في الثقات، وحدّث عنه منصور، وكان لا يحدث إلا عن ثقة (ولم يترجمه ابن حجر في التهذيب ولا في التقريب ولا في تعجيل المنفعة).

ص: 281

وزائدة بن قدامة (عن منصور، عن يحيى بن عباد، عن عطاء رجل من أهل المدينة عن أبي هريرة موقوفاً).

قال ابن أبي حاتم في العلل (555): وسئل أبو زرعة عن حديث رواه أبو أسامة عن الحسن عن الحكم، عن أبي هبيرة يحيى بن عباد الأنصاري عن شيخ من الأنصار، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إن المؤذن يغفر له مدى صوته ويصدقه كل رطب ويابس» .

وروى هذا الحديث وهيب، عن منصور، عن يحيى بن عباد، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذا رواه جرير، عن منصور، عن يحيى بن عباد، عن عطاء رجل من أهل المدينة عن أبي هريرة موقوف، ولم يرفعه.

فقال أبو زرعة: الصحيح حديث منصور.

قيل لأبي زرعة: قال عبد الرزاق، عن معمر، عن منصور، عن عباد بن أنيس، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبو زرعة: حديث معمر وهم

(1)

.

وقال الدارقطني في العلل (8/ 344 رقم 1613): وسئل عن حديث عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «يغفر للمؤذن مد صوته

» الحديث.

فقال: يرويه منصور بن المعتمر، واختلف عنه:

فرواه وهيب بن خالد، عن منصور، عن أبي هبيرة يحيى بن عباد، عن عطاء، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

ونقله ابن الملقن في البدر المنير (3/ 384 - 385).

ص: 282

وخالفه زائدة فرواه عن منصور، عن يحيى بن عباد، عن رجل من أهل المدينة يقال له: عطاء عن أبي هريرة موقوفاً.

وكذلك رواه فضيل بن عياض وجرير بن عبد الحميد عن منصور عن يحيى بن عباد عن عطاء، قال: حدثني رجل من أهل المدينة عن أبي هريرة موقوفاً.

وخالفهم معمر رواه عن منصور عن عباد بن أنيس، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ووهم فيه معمر

والصحيح قول زائدة وفضيل بن عياض وجرير، والله أعلم.

ص: 283

‌الحديث الثالث والثلاثون

(1)

:

206 -

قال عبد الرزاق في المصنف (4176): أخبرنا معمر، عن منصور، عن طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«زيِّنوا أصواتكم بالقرآن» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن عوسجة وهو تابعي ثقة.

ورواه الخطابي في غريب الحديث (1/ 357) وفي معالم السنن (2/ 138) من طريق الدبري عن معمر به.

ورواه الحاكم (1/ 572 - 573) من طريق عبد الرزاق عن الأعمش عن طلحة به.

هكذا قال معمر عن منصور عن طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم:«زيِّنوا أصواتكم بالقرآن» .

(1)

رجال الإسناد:

منصور بن المعتمر: تقدم.

طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب اليامي الكوفي، ثقة قاراء فاضل، من الخامسة، مات سنة 112 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.

عبد الرحمن بن عوسجة الهمداني الكوفي، ثقة من الثالثة، قتل بالزاوية مع ابن الأشعث، روى له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.

البراء بن عازب بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي، صحابي ابن صحابي نزل الكوفة، استصغر بيوم بدر وكان هو وابن عمر لدة، مات سنة اثنتين وسبعين، وحديثه في الصحيحين.

ص: 284

وخالفه سفيان الثوري

(1)

، وزائدة

(2)

، وجرير بن عبد الحميد

(3)

، وعمرو بن أبي قيس

(4)

، وإبراهيم بن طهمان

(5)

.

فرووه عن منصور بهذا الإسناد فقالوا: «زينوا القرآن بأصواتكم» .

وكذلك رواه جمع من أصحاب طلحة عنه بهذا اللفظ منهم:

سليمان بن مهران الأعمش

(6)

، وشعبة

(7)

، وزبيد بن الحارث

(8)

، وأبو إسحاق السبيعي

(9)

، ومالك بن مغول

(10)

، ومحمد بن طلحة

(11)

، والحسن بن عبيد الله

(12)

، وعبد الرحمن بن زبيد اليامي

(13)

، وحماد بن

(1)

الدارمي (3500) والروياني في مسنده (352) و (362) ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 177) وابن حبان (749).

(2)

الحاكم (1/ 571).

(3)

ابن خزيمة (1556) والروياني (358) والحاكم (1/ 571 - 572) والبيهقي (10/ 229).

(4)

الحاكم (1/ 571).

(5)

الحاكم (1/ 572).

(6)

أبو داود (1468) والنسائي (2/ 179) وفي الكبرى (1088) و (8050) والحاكم (1/ 572).

(7)

النسائي (2/ 179) وفي الكبرى (1089) وابن ماجه (1342) وأحمد (4/ 304) وابن خزيمة (1551) والطيالسي (738) والروياني في مسنده (353) وأبو عبيد في فضائل القرآن (ص 76)، والبخاري في خلق أفعاد العباد (ص 34).

(8)

الحاكم (1/ 572).

(9)

الحاكم (1/ 572) وأبو نعيم في الحلية (5/ 27).

(10)

الحاكم (1/ 571، 573).

(11)

أحمد (4/ 285) والبخاري في خلق أفعال العباد (ص 34) والحاكم (1/ 573) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (607).

(12)

النسائي في جزء إملائه (46) والحاكم (1/ 573) وتمام الرازي في الفوائد (458) والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 357).

(13)

الحاكم (1/ 573) والطبراني في الأوسط (7206).

ص: 285

أبي سليمان

(1)

، وفطر بن خليفة

(2)

، وزيد بن أبي أنيسة

(3)

، وأبو هاشم الرماني

(4)

، والحجاج بن أرطأة

(5)

، وليث بن أبي سليم

(6)

، وعيسى بن عبد الرحمن السلمي

(7)

، ومحمد بن عبد الله الفزاري

(8)

، وأبو اليسع المكفوف

(9)

، وعبد الملك بن أبجر

(10)

، وعبد الغفار بن القاسم

(11)

، ومسعر

(12)

، ومحمد بن عبيد الله الثوري

(13)

، وغيرهم

(14)

.

هؤلاء كلهم رووه عن طلحة بن مصرف بلفظ: «زيِّنوا القرآن بأصواتكم» .

وكذلك رواه طلحة بن نافع عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء

(15)

.

(1)

الحاكم (1/ 573) والإسماعيلي في مشيخته (160) والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1979).

(2)

الحاكم (1/ 573).

(3)

الحاكم (1/ 573).

(4)

الحاكم (1/ 574).

(5)

يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 235) والحاكم (1/ 554).

(6)

الروياني (360) والحاكم (1/ 574).

(7)

الحاكم (1/ 574).

(8)

الحاكم (1/ 574).

(9)

الحاكم (1/ 574).

(10)

الحاكم (1/ 574).

(11)

الطبراني في مسند الشاميين.

(12)

أبو نعيم في الحلية تعليقاً (5/ 27).

(13)

أبو نعيم في الحلية تعليقاً (5/ 27).

(14)

جابر الجعفي، وابن أبي ليلى، ومحمد بن سوقة، ورقية بن مصقلة، وأبو خباب الكلبي، وأشعث بن سوار، والحسن بن عمارة، والقاسم بن الوليد الهمداني، وأبان بن صالح، ومعاذ بن مسلم، ومحمد بن جابر في آخرين منهم، منهم مَنْ طوّله ومنهم مَنْ اختصره. كذا في الحلية (5/ 27).

(15)

أبو يعلى (1686).

ص: 286

ورواه أوس بن ضمعج

(1)

، وعمار بن محمد

(2)

، وزاذان أبو عمر

(3)

، وسعد بن عتبة

(4)

عن البراء بن عازب بهذا اللفظ.

وهم معمر رحمه الله فقلب الحديث فقال: «زيِّنوا أصواتكم بالقرآن» ورواه الجمع الغفير بلفظ: «زيِّنوا القرآن بأصواتكم» .

وقد أشار إلى خلاف معمر عبد الرزاق فقال بعد أن أورد من طريق الثوري عن منصور والأعمش عن طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول، وزيِّنوا القرآن بأصواتكم، ومَن منح منحة لبن أو منحة ورق أو أهدى زقاقاً فهو كعدل رقبة» .

قال: أخبرنا معمر عن منصور عن طلحة ثم ساق حديث الباب، قال: ثم ذكر مثل حديث الثوري.

فذكر ما خالف به معمر الثوري وأحال على باقي اللفظ لعدم اختلافه.

وأشار إلى خلاف معمر أيضاً الحاكم فقال بعد أن روى الحديث من طريق عبد الرزاق عن معمر والثوري معاً قال: وفي حديث معمر: «زيِّنوا أصواتكم بالقرآن»

(5)

.

(1)

أبو يعلى (1706) وفي معجمه (175) والإسماعيلي في معجم شيوخه (315).

(2)

الدارمي (3501) وتمام الرازي في فوائده (1071)(1072).

(3)

الروياني في مسنده (397).

(4)

المصنف (2/ 485) ح رقم (4175، 4176) وظهر أن الوهم إنما هو من معمر وليس من عبد الرزاق.

(5)

الحاكم (1/ 572 - 573).

ص: 287

وقد ذكر البخاري رحمه الله هذا الحديث معلقاً في صحيحه قال: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، وزيِّنوا القرآن بأصواتكم»

(1)

.

‌فائدة:

1 قال ابن حبان في صحيحه: هذا اللفظ من ألفاظ الأضداد يريد بقوله عليه السلام: «زيِّنوا القرآن بأصواتكم» «زيِّنوا بأصواتكم القرآن»

(2)

.

2 قال الخطابي: (معنى الحديث: «زيِّنوا أصواتكم بالقرآن»، كذا فسره غير واحد من أئمة الحديث وزعموا أنه من باب المقلوب كما قالوا: عرضت الناقة على الحوض. ثم قال: رواه معمر عن منصور عن طلحة فقدّم الأصوات على القرآن، وهو الصحيح، ثم أسنده من طريق عبد الرزاق عن معمر عن منصور بلفظ حديث الباب)

(3)

.

فتعقبه ابن الملقن فقال: «قد أخرجه الحاكم عن منصور من ست طرق: سفيان وزائدة وعمرو بن أبي قيس وجرير وابن طهمان وعمار كلهم عن منصور عن طلحة بتقديم القرآن الأصوات

فيتعين أن تقديم رواية القرآن هي الصحيحة ومعناها على ظاهرها وما عداها محمول عليها ويكون قوله: «القرآن» في موضع الحال أي: زيِّنوا

(1)

فتح الباري (13/ 518).

(2)

صحيح ابن حبان (3/ 26).

(3)

معالم السنن (2/ 137) وعون المعبود (4/ 239).

ص: 288

أصواتكم في حال القراءة وقد جاء ذلك مصرحاً في مسند الدارمي

(1)

ومستدرك الحاكم من حديث علقمة بن مرثد عن زاذان عن البراء رفعه: «زيِّنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً» وهذا لا يحتمل التأويل ولا القلب وليس المراد هنا بالقرآن الكلام القديم وإنما المراد ما يسمعه من الحروف والأصوات

(2)

.

ونقل ابن مفلح عن البغوي أنه قال في هذا الحديث: إنه من المقلوب كقولهم: خرق الثوب المسمار، وقال تعالى: { .. مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ

(76)} [القصص: 76]، أي: لتنهض

(3)

.

3 قال يحيى بن معين: حدثنا أبو قطن عن شعبة قال: نهاني أيوب أن أحدّث: «زيِّنوا القرآن بأصواتكم»

(4)

.

وقد أجاب عن هذه الشبهة أبو عبيد فقال: «إنما كره أيوب فيما نرى أن يتأول الناس بهذا الحديث الرخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الألحان المبتدعة فلهذا نهاه أن يحدث به»

(5)

.

4 قال القرطبي: معاذ الله أن يتأول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: إن القرآن يُزين بالأصوات أو بغيرها فمَن تأول هذا فقد واقع أمراً عظيماً وهو أن يحوج القرآن إلى مَنْ يزينه كيف وهو النور والضياء والزين الأعلى لمَن ألبس بهجته واستنار بضيائه

(6)

.

(1)

الدارمي (3501) والحاكم (1/ 575) وتمام الرازي في فوائده (1071)(1072).

(2)

البدر المنير (9/ 638) وقال الألباني في الصحيحة (771): إسناده جيد على شرط مسلم.

(3)

الآداب الشرعية (2/ 299).

(4)

تاريخ ابن معين رواية الدوري (4/ 211).

(5)

فضائل القرآن ومعالمه (ص 81).

(6)

المدخل لابن الحاج المالكي (1/ 53).

ص: 289

5 قال السندي: «زيِّنوا القرآن بأصواتكم» أي: بتحسين أصواتكم عند القراءة فإن الكلام الحسن يزيد حسناً وزينة بالصوت الحسن وهذا شاهد، وإنما رأى بعضهم أن القرآن أعظم من أن يحسن بالصوت بل الصوت أحق أن يحسن بالقرآن، قال: معناه: زيِّنوا أصواتكم بالقرآن، هكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث وزعموا أنه من باب القلب

(1)

.

6 الصحيح أن الحديث بلفظ: «زيِّنوا القرآن بأصواتكم» ليس من باب المقلوب في اللغة العربية، وحديث علقمة بن مرثد الذي جاء فيه فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً شاهد على ذلك، والله تعالى أعلم

(2)

.

(1)

المدخل لابن الحاج المالكي (1/ 404).

(2)

حاشية سنن ابن ماجه (1/ 404).

ص: 290

‌الحديث الرابع والثلاثون

(1)

:

207 -

قال أبو داود رحمه الله (2100): حدثنا الحسن بن علي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن صالح بن كيسان، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«ليس للولي مع الثيب أمر، واليتيمة تستأمر، وصمتها إقرارها» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.

والحديث عند عبد الرزاق في المصنف (10299) ومن طريقه النسائي في المجتبى (6/ 85) وفي الكبرى (5374) و (5391) وأبو عوانة (4257) والدارقطني (3/ 239) والبيهقي (7/ 118) وابن عبد البر في التمهيد (19/ 97).

ورواه ابن حبان في صحيحه (4089) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5735) والدارقطني (3/ 239) والبيهقي (7/ 118) من طريق عبد الله بن المبارك عن معمر بهذا الإسناد.

هكذا رواه معمر فقال: عن صالح بن كيسان، عن نافع بن

(1)

رجال الإسناد

الحسن بن علي بن محمد الهذلي: تقدم.

صالح بن كيسان المدني، أبو محمد أو أبو الحارث، مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز، ثقة ثبت فقيه، من الرابعة، مات بعد سنة 130 أو بعد 140، روى له البخاري ومسلم.

نافع بن جبير بن مطعم النوفلي، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة 99، روى له البخاري ومسلم.

ص: 291

جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس للولي مع الثيب أمر

».

خالفه سعيد بن سلمة بن أبي الحسام

(1)

، ومحمد بن إسحاق

(2)

فقالا:

عن صالح بن كيسان، عن عبد الله بن الفضيل، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الأيم أحق بنفسها من وليها واليتيمة تستأمر وصمتها قرارها» .

وكذلك رواه مالك

(3)

، وسفيان الثوري

(4)

، وزياد بن سعد

(5)

، وأبو أويس

(6)

، ويزيد بن عياض

(7)

، وعبيد الله بن عبد الله

(8)

فرووه عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر وإذنها سكوتها» .

وفي رواية: «الأيم» .

خالف معمر في الإسناد والمتن.

(1)

الدارقطني (3/ 239) وسعيد بن سلمة بن أبي الحسام المدني، صدوق، صحيح الكتاب، يخطاء من حفظه، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

(2)

أحمد (1/ 261) والنسائي (6/ 84 - 85) وفي الكبرى (5373) و (5392) والدارقطني (3/ 238).

(3)

مسلم (1421).

(4)

عبد الرزاق (10282).

(5)

مسلم (141).

(6)

البيهقي (7/ 118).

(7)

الطبراني في الكبير (10746).

(8)

الطبراني (10746).

ص: 292

أما في الإسناد: فأسقط عبد الله بن الفضل من الإسناد فقال: صالح بن كيسان ونافع بن جبير.

وأما في المتن فقوله: «ليس للولي مع الثيب أمر» .

ورواه الجماعة بلفظ: «الثيب» ، وفي رواية:«الأيم أحق بنفسها من وليها» .

قال الدارقطني عقب الحديث: (كذا رواه معمر عن صالح، والذي قبله أصح في الإسناد والمتن، لأن صالحاً لم يسمعه من نافع بن جبير، وإنما سمعه من عبد الله بن الفضل عنه

(1)

، اتفق على ذلك ابن إسحاق وسعيد بن سلمة عن صالح، سمعت النيسابوري يقول: الذي عندي أن معمراً أخطأ فيه).

وقال عقب أن رواه من طريق محمد بن إسحاق (3/ 238): تابعه سعيد بن سلمة، عن صالح بن كيسان.

وخالفهما معمر في إسناده فأسقط منه رجلاً، وخالفهما أيضاً في متنه فأتى بلفظ آخر وهم فيه، لأن كل من رواه عن عبد الله بن الفضل، وكل مَنْ رواه عن نافع بن جبير مع عبد الله بن الفضل خالفوا معمراً، واتفاقهم على خلافه دليل على وهمه، والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (1249): وسألت أبي عن حديث رواه معمر، عن صالح بن كيسان، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم:«الأيم أحق بنفسها» .

(1)

عبد الله بن الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المدني، ثقة، من الرابعة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 293

فقلت له: سمع صالح هذا الحديث من نافع بن جبير؟

فقال: هكذا معمر.

ورواه سعيد بن سلمة، عن صالح، عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير، وهو أشبه.

‌علة الوهم:

اختلاف الأمصار، فصالح بن كيسان مدني لذا كانت رواية أهل بلده محمد بن إسحاق، وسعيد بن سلمة أصح من رواية معمر، فزادوا في الإسناد عبد الله بن الفضل وهو أيضاً مدني.

ورواه عنه أهل المدينة مالك بن أنس وأبو أويس ويزيد بن عياض فدلّ أن الحديث حديثه، والله تعالى أعلم.

ص: 294

‌الحديث الخامس والثلاثون

(1)

:

208 -

روى عبد الرزاق رحمه الله في مصنفه (10/ 420 رقم 19563): عن معمر، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة رضي الله عنه قال:

كنا إذا دعينا إلى طعام والنبي صلى الله عليه وسلم معنا لم نضع أيدينا حتى يضع يده، قال: فأتينا بجفنة فكفّ يده فكففنا أيدينا، فجاء أعرابي كأنما يطرد فوضع يده فيها فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده فأجلسه، ثم جاءت جارية فوقعت بها فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم[بيدها]، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«إن الشيطان لما رآنا كففنا أيدينا جاء بهذا الرجل وهذه الجارية يستحل بهما طعامنا والذي لا إله غيره إن يده لمع أيديهما في يدي» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (5447) من طريق عبد الرزاق عن معمر به.

(1)

رجال الإسناد:

الأعمش: سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، أبو محمد الكوفي الأعمش، ثقة حافظ عارف بالقراءات، ورع لكنه يدلس، من الخامسة، مات سنة 147 أو 148 وكان مولده أول سنة 61، روى له البخاري ومسلم.

زيد بن وهب الجهني أبو سليمان الكوفي، مخضرم ثقة جليل لم يصب مَنْ قال: في حديثه خلل. مات بعد الثمانين وقيل: سنة 96، روى له البخاري ومسلم (أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق).

حذيفة بن اليمان: صحابي.

ص: 295

وأخرجه البزار (2814)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (596)، والطحاوي في شرح المشكل (1077) من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن معمر بهذا الإسناد.

هكذا قال معمر: (عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة).

ص: 296

خالفه سفيان الثوري

(1)

، وأبو معاوية

(2)

، وعيسى بن يونس

(3)

، وحفص بن غياث

(4)

، وأبو عوانة وضاح اليشكري

(5)

، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي

(6)

.

فرووه عن (الأعمش، عن خيثمة

(7)

، عن أبي حذيفة الأرحبي

(8)

، عن حذيفة).

قال الطحاوي عقب الحديث: وأهل العلم جميعاً بالحديث يقولون: إن معمراً غلط في إسناد هذا الحديث عن الأعمش وأن الصحيح في إسناده هو ما حدثنا. ثم ساقه من طريق أبي معاوية وحفص بن غياث.

وقال البيهقي في الشعب (10/ 385): والجماعة أوْلى بالحفظ من الواحد.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (1481): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه معمر، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة قال: كنا إذا دعينا إلى طعام والنبي صلى الله عليه وسلم معنا

الحديث.

فقالا: هذا خطأ، رواه الأعمش، عن خيثمة، عن أبي حذيفة الأرحبي، عن حذيفة، وليس هو من حديث زيد بن وهب.

فقلت لهما: الوهم ممن هو؟

قالا: من معمر.

‌علة الوهم:

ضعف معمر في الأعمش.

قال يعقوب بن سفيان: حدثنا زيد بن المبارك، عن محمد بن ثور، عن معمر قال: سقطت مني صحيفة الأعمش، فإنما أتذكر حديثه وأحدث من حفظي

(9)

.

(1)

مسلم (2017) وأحمد (5/ 398) وأبو عوانة (8238).

(2)

مسلم (2017) وأحمد (5/ 383) وأبو داود (3766) وأبو عوانة (8236) والطحاوي (1078).

(3)

مسلم (2017) والنسائي في عمل اليوم والليلة (273).

(4)

الطحاوي (1079) وأبو عوانة (8237).

(5)

أبو عوانة (8239).

(6)

أبو عوانة (8239).

(7)

خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي الكوفي، ثقة من رجال البخاري ومسلم، من الثالثة.

(8)

قال الطحاوي: هو من أصحاب عبد الله بن مسعود وقد ذكره البخاري في تاريخه (4/ 73 - 74) قال: واسمه سلمة بن صهبة الأرحبي، وأرحب من همدان.

وقال عبد الله بن أحمد في المسند (5/ 283): اسمه سلمة بن الهيثم بن صهيب. والمذكور في كتب التراجم ما ذكره البخاري.

وفي التقريب: سلمة بن صهيب، ويقال: ابن صهبة، ويقال غير ذلك. أبو حذيفة الأرحبي ثقة من الثالثة، روى له مسلم.

(9)

تاريخ دمشق (59/ 417).

ص: 297

لذا قال الدارقطني في العلل: سياء الحفظ لحديث قتادة والأعمش

(1)

.

وقال ابن حجر في التقريب: ثقة ثبت فاضل إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئاً.

وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: إذا حدثك معمر عن العراقيين فخافه إلا عن الزهري وابن طاووس، فإن حديثه عنهما مستقيم، وأما أهل الكوفة والبصرة فلا، وما عمل في حديث الأعمش شيئاً

(2)

.

(1)

العلل (4/ الورقة 39) كذا في حاشية تهذيب الكمال.

(2)

تاريخ دمشق (59/ 414).

ص: 298

‌الحديث السادس والثلاثون

(1)

:

209 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (1/ 176): حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن أبي إسحاق، عن عمر بن سعد، ثنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«قتال المؤمن كفر وسبابه فسوق ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عمر بن سعد بن أبي وقاص وهو تابعي.

والحديث في مصنف عبد الرزاق عنه (20224).

ورواه النسائي (7/ 121) والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (1098)، والضياء في المختارة (1021)، وعبد بن حميد (1380)، والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 89) تعليقاً، والطبراني في الكبير

(1)

رجال الإسناد:

عبد الرزاق: تقدم.

معمر: تقدم.

أبو إسحاق: عمرو بن عبد الله الهمداني، أبو إسحاق السبيعي، ثقة مكثر عابد، من الثالثة، اختلط بأخرة، مات سنة 129 وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم.

عمر بن سعد بن أبي وقاص المدني: تقدم.

سعد بن أبي وقاص: صحابي، أحد العشرة المبشرين بالجنة، مات بالعقيق سنة 55 على المشهور وهو آخر العشرة وفاة، وحديثه في الصحيحين.

ص: 299

(324)

، والبيهقي في شعب الإيمان (6198)، والطحاوي في شرح المشكل (1/ 395) ولم يسق لفظه.

هكذا قال معمر: (عن أبي إسحاق، عن عمر بن سعد، عن سعد).

وقد خالف معمر عدد من الثقات فرووه (عن أبي إسحاق عن محمد بن سعد عن سعد بن أبي وقاص)، منهم:

زكريا بن أبي زائدة

(1)

، وإسرائيل بن يونس

(2)

، وزهير بن معاوية

(3)

، وشريك بن عبد الله

(4)

، وعمرو بن ثابت

(5)

، وروح بن مسافر

(6)

.

قال البخاري (1/ 89) بعد أن أخرج الحديث من رواية زكريا بن أبي زائدة: وقال عبد الرزاق: عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عمر بن سعد، سمع سعداً عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، والأول أصح.

وقال البزار في مسنده (4/ 14): وهذا الحديث لا نعلم رواه عن سعد إلا ابنه محمد، ولا عن محمد إلا أبو إسحاق.

وقال الدارقطني في العلل (4/ 357): رواه زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن محمد بن سعد عن أبيه.

(1)

أحمد (1/ 178) والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 88) وفي الأدب المفرد (429) والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (1099) والطبراني في الدعاء (2039).

(2)

أحمد (1/ 183) والبزار (1171) وأبو يعلى (720) والضياء في المختارة (1046) و (1047).

(3)

الطبراني في الدعاء (2039).

(4)

ابن ماجه (3941) والطبراني في الدعاء (2039).

(5)

البزار (1172) والطبراني في الدعاء (2039).

(6)

الطبراني في الكبير (325) وفي الدعاء (2039).

ص: 300

وخالفه معمر فرواه عن أبي إسحاق عن عمر بن سعد عن سعد، وقيل: عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، ولا يصح.

والصواب حديث محمد بن سعد.

وقال الطحاوي: اختلف زكريا بن أبي زائدة ومعمر بن راشد على أبي إسحاق في ابن سعد الذي بينه وبين سعد في هذا الحديث، فذكر زكريا أنه محمد وذكر معمر أنه عمر، والله أعلم بحقيقة ذلك منهما مَنْ هو.

‌علة الوهم:

1 اختلاف الأمصار، فمعمر بصري سكن اليمن.

وأبو إسحاق السبيعي كوفي فلذلك كانت رواية أهل بلده من أهل الكوفة زكريا بن أبي زائدة

(1)

، وإسرائيل بن يونس

(2)

حفيده، وزهير بن معاوية

(3)

، وشريك بن عبد الله

(4)

، وعمرو بن ثابت

(5)

أصح من رواية معمر عنه.

(1)

زكريا بن أبي زائدة الهمداني الوادعي، أبو يحيى الكوفي، ثقة، وكان يدلس، وسماعه من أبي إسحاق بأخرة، روى له البخاري ومسلم.

(2)

إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني، أبو يوسف الكوفي، روى له البخاري ومسلم.

(3)

زهير بن معاوية أبو خيثمة الجعفي الكوفي، ثقة ثبت إلا أن سماعه من أبي إسحاق بأخرة، روى له البخاري ومسلم.

(4)

شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي بواسط ثم الكوفة، صدوق يخطاء، روى له البخاري ومسلم تعليقاً.

(5)

عمرو بن ثابت بن أبي المقدام الكوفي مولى بكر بن وائل، ضعيف رمي بالرفض، روى له أبو داود.

ص: 301

2 أن محمد بن سعد وعمر بن سعد كلاهما روى عن والده، وروى عن كليهما أبو إسحاق السبيعي، والله تعالى أعلم.

3 ضعف معمر في أبي إسحاق، والله تعالى أعلم.

ص: 302

‌الحديث السابع والثلاثون

(1)

:

210 -

قال عبد الرزاق رحمه الله في المصنف (20620): أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد، عن عائشة رضي الله عنها قالت:

ما شبع آل محمد من غداء وعشاء حتى مضى، كأنها تقول: حتى قبض.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 102) من طريق محمد بن يحيى الذهلي وأبي الأزهر كلاهما عن عبد الرزاق عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود

(2)

، عن الأسود، عن عائشة.

والدارقطني في العلل (14/ 260) تعليقاً.

هكذا قال معمر: (عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن عائشة).

وفي رواية: (عن عبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة).

(1)

رجال الإسناد

أبو إسحاق السبيعي: عمرو بن عبد الله بن عبيد: ثقة مكثر عابد. انظر ترجمته.

عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي: تقدم.

(2)

كذا في الأصل، وصوّبه المحقق في المطبوع إلى عبد الرحمن بن يزيد وأشار إلى ذلك، وكان الأوْلى أن يتركه كما جاء في الأصل ويشير إلى الصحيح في الحاشية.

ص: 303

وخالفه شعبة

(1)

، وزهير بن معاوية

(2)

، وإسرائيل

(3)

، فقالوا: (عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد

(4)

، عن أخيه الأسود بن يزيد

(5)

عن عائشة) وهو في الصحيح كذلك، وصححه الدارقطني كما سيأتي.

وقد تابع معمراً في إحدى روايتيه شريك

(6)

فرواه عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود عن عائشة، وشريك سياء الحفظ.

وفي سماع عبد الرحمن بن الأسود عن عائشة كلام، فقد قال أبو حاتم: عبد الرحمن بن الأسود أدخل على عائشة وهو صغير ولم يسمع منها

(7)

.

وتعقبه العلائي قائلاً: روى حماد بن زيد وغيره عن الصعب بن زهير عن عبد الرحمن عن الأسود قال: كنت أدخل على عائشة حتى إذا كان عام احتلمت سلّمت واستأذنت فعرفت صوتي

الحديث. وهذا خلاف ما ذكره أبو حاتم

(8)

.

قال الدارقطني: «يرويه أبو إسحاق السبيعي واختلف عنه، فرواه

(1)

مسلم (2970)(22) وأحمد (6/ 98).

(2)

ابن سعد في الطبقات (1/ 402).

(3)

أبو يعلى (4540) وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 101).

(4)

عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي أبو بكر الكوفي، ثقة من كبار الثالثة، مات سنة 83، روى له البخاري ومسلم.

(5)

الأسود بن يزيد بن قيس النخعي أبو عمرو أو أبو عبد الرحمن، مخضرم ثقة مكثر فقيه، من الثانية، مات سنة 74 أو 75، روى له البخاري ومسلم.

(6)

الطبري في تهذيب الآثار مسند ابن عباس (454) ومسند عمر (1006).

(7)

المراسيل.

(8)

جامع التحصيل ترجمة (422) وحاشية تهذيب الكمال ترجمة (3746).

ص: 304

شعبة وقد اختلف عنه، فقال يزيد بن زريع وعبد الملك الحراني: عن شعبة عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن أخيه الأسود بن يزيد، عن عائشة.

وقال وهب بن جرير: عن شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد عن عائشة، ولم يذكر عبد الرحمن.

ورواه شريك عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه أو عمه عن عائشة.

وقال معمر: عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن الأسود عن عائشة.

والصحيح من ذلك قول مَنْ قال: عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن أخيه الأسود، عن عائشة»

(1)

.

‌علة الوهم:

ضعف معمر في العراقيين، قال يحيى بن معين:(إذا حدثك معمر عن العراقيين فخافه إلا عن الزهري وابن طاووس فإن حديثه عنهما مستقيم، وأما أهل الكوفة والبصرة فلا، وما عمل في حديث الأعمش شيئاً).

وقال الدارقطني: (سياء الحفظ لحديث قتادة والأعمش)، مما يدل على أنه ليس بالقوة في حديث العراقيين، والله تعالى أعلم.

(1)

العلل (14/ 259 - 260).

ص: 305

‌الحديث الثامن والثلاثون

(1)

:

211 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 165): حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس، أو عن النضر بن أنس عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إن الله عز وجل وعدني أن يدخل الجنة من أمتي أربعمائة ألف» ، فقال أبو بكر: زدنا يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«وهكذا» ، وجمع كفه، قال: زدنا يا رسول الله، قال:«وهكذا» فقال عمر: حسبك يا أبا بكر، فقال أبو بكر: دعني يا عمر ما عليك أن يدخلنا الله الجنة كلنا!؟

فقال عمر: إن الله إن شاء أدخل خلقه الجنة بكف واحد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«صدق عمر» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

هكذا رواه الإمام أحمد والشك فيه لا يضر، فقتادة معروف بالرواية عن النضر بن أنس وعن أنس.

(1)

رجال الإسناد:

معمر: تقدم.

قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت، يقال: ولد أكمه، وهو رأس الطبقة الرابعة، مات سنة بضع وعشرة (بعد المائة)، روى له البخاري ومسلم.

النضر بن أنس بن مالك الأنصاري، أبو مالك البصري، ثقة من الثالثة، مات سنة بضع ومائة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 306

وكذلك رواه خلف بن هشام عن عبد الرزاق بالشك

(1)

.

والحديث في مصنف عبد الرزاق (20556) ووقع فيه (قتادة عن أبي النضر عن أنس)

(2)

ولعله تصحيف والمراد به (النضر بن أنس) وإن كان أبو النضر هذا أيضاً روى عن أنس بن مالك وحديثه عنه في الصحيح.

ورواه ابن أبي عاصم في السنة (590)، والطبراني في الأوسط (3400) وفي الصغير (342)، والضياء في المختارة (7/ 254)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 153 رقم 721)، والبغوي في شرح السنّة (15/ 163 - 164) كلهم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن النضر بن أنس عن أنس.

وتابعه أبو هلال الراسبي في أنه من مسند أنس.

أخرجه أحمد (3/ 193) والبزار (3548 كشف الأستار) وأبو نعيم في الحلية (2/ 334) من طريق أبي هلال محمد بن سليم الراسبي

(3)

، عن قتادة، عن أنس به.

هكذا رواه معمر (عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن أنس)

(4)

.

(1)

ذكره البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 154).

(2)

أبو النضر سالم بن أبي أمية، أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله التيمي المدني، ثقة ثبت وكان يرسل، مات سنة 129، روى له البخاري ومسلم.

(3)

صدوق فيه لين، روى له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن، قال عمرو بن علي: كان يحيى يعني القطان لا يحدث عنه، وكان عبد الرحمن بن مهدي يحدث عنه.

(4)

وقال الطبراني: لم يروه عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن أنس إلا معمر، تفرد به عبد الرزاق.

ص: 307

خالفه هشام الدستوائي

(1)

فرواه (عن قتادة، عن أبي بكر بن عمير عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذا رواه سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي بكر ابن أنس

(2)

.

وقال الطبراني في الأوسط: (ورواه معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن أبي بكر ابن أنس، عن أبي بكر بن عمير، عن أبيه).

كذا بزيادة أبي بكر ابن أنس، وعزاه الحافظ في الإصابة (7/ 170) إلى البغوي وابن أبي خيثمة وابن السكن، ونقل عن ابن السكن قوله:(تفرد به معاذ بن هشام عن أبيه، عن قتادة، وكان معاذ ربما ذكر أبا بكر ابن أنس في الإسناد وربما لم يذكره).

ونقل البغوي قوله: بلغني أن معاذ بن هشام كان في أول أمره لا يذكر أبا بكر ابن أنس في الإسناد، وفي آخر أمره كان يزيده في السند.

وقال البيهقي: ورواه معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة، مرة عن أبي بكر ابن عمير عن أبيه ومرة عن أبي بكر ابن أنس عن أبي بكر ابن عمير عن أبي عمير

(3)

.

(1)

أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 123) وقال في المجمع (10/ 405): وأبو بكر ابن عمير لم أعرفه وبقيه رجاله رجال الصحيح.

(2)

إلا أنه قال بعده: عن محمود بن عمير، بدلاً من أبي بكر ابن عمير.

وروايته ذكرها أبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 5225) وابن مندة كما في الإصابة (9/ 138) وقال ابن مندة: تابعه الحجاج وخالفهما هشام.

(3)

الأسماء والصفات (2/ 154 - 155).

ص: 308

وهشام أثبت الناس في قتادة، وهو مقدّم على معمر وغيره في حديث قتادة

(1)

.

لذا رجح أبو حاتم والدارقطني والضياء حديث هشام.

قال الدارقطني في العلل (12/ 221): (يرويه قتادة، واختلف عنه:

فرواه معمر عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن أنس.

وخالفه أبو هلال الراسبي فرواه عن قتادة، عن أنس.

وخالفهما هشام الدستوائي رواه عن قتادة، عن أبي بكر ابن أنس، عن أبي بكر ابن عمير الأنصاري عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والقول ما قال هشام، لأن أبا هلال ضعيف، ومعمر سياء الحفظ لحديث قتادة والأعمش).

وقال الضياء في المختارة (7/ 255): رجاله ثقات لكنه معلول

(ثم قال): قال الدارقطني: والقول ما قال هشام، والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (2158): وسألت أبي عن حديث

(1)

قال علي بن الجعد: سمعت شعبة يقول: كان هشام أحفظ مني عن قتادة.

وقال أيضاً: كان أعلم بحديث قتادة مني، وكذا قاله ابن معين عن شعبة.

وقال أبو حاتم وأبو زرعة: أثبت أصحاب قتادة هشام وسعيد.

ومعمر قال: سمعت من قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة، بينما ذكر أن بين قتادة وهشام سبع سنين.

لذا لم يخرج البخاري في صحيحه لمعمر من روايته عن قتادة إلا تعليقاً كما في مقدمة الفتح لابن حجر (ص 442) ولم يخرج له مسلم عن قتادة إلا حديثاً واحداً في المتابعات كما في تحفة الأشراف.

ص: 309

رواه سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي بكر ابن أنس، عن محمود بن عمير بن سعد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل وعدني في ثلاثمائة ألف من أمتي أن يدخلوا الجنة

» الحديث.

قال أبي: روى هذا الحديث معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن أبي بكر ابن عمير عن أبيه.

وهشام الدستوائي أحفظ ويحتمل أن يكون كنية النضر بن أنس أبو بكر، ويحتمل أيضاً أن يكون محمد بن عمير كنيته أبو بكر، وعمير بن سعد له صحبة، فقصر سعيد بن بشير ولم يقل: عن أبيه.

وقال الحافظ في الإصابة (4/ 729): وصحح الحاكم من طريق أبي بكر ابن عمير عن أبيه ولكن أبو بكر لا أعرف مَنْ وثقه.

‌فائدة:

روى الطبراني في الدعاء (355) عن إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق عن معمر، عن النضر بن أنس عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخلها أحدكم فليقل: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» .

قال البيهقي في السنن الكبرى (1/ 90): قال الإمام أحمد: وقيل عن معمر عن قتادة عن النضر بن أنس عن أنس وهو وهم. هكذا قاله بصيغة التمريض، وقد ذكر البيهقي مثل ذلك أن معمراً تابع شعبة فروى عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم.

واختلف قول الترمذي في ذلك فذكر في سننه أن معمراً رواه فقال: عن أنس.

ص: 310

وذكر في العلل الكبير (3) أن معمراً قال عن زيد، فلذلك لم أورد حديث معمر هنا. وانظر المسألة في باب إسماعيل بن علية، ح (756) وعيسى بن يونس، ح (824).

ص: 311

‌الحديث التاسع والثلاثون

(1)

:

212 -

قال عبد بن حميد في مسنده (1187): أخبرنا عبد الرزاق، أنا معمر عن قتادة وأبان عن أنس بن مالك قال:

نزلت: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)} [الحج: 1]، على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مسير له فرفع بها صوته حتى ثاب إليه أصحابه فقال:«أتدرون أي يوم هذا يوم يقول الله عز وجل لآدم عليه السلام: يا آدم قم فابعث بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحد في الجنة» فكبر ذلك على المسلمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«سدِّدوا وقاربوا وأبشروا فوالذي نفسي بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة وإن معكم لخليقتين ما كانتا مع شيء إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج ومَن هلك من كفرة الإنس والجن» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبان بن أبي عياش.

وأخرجه الضياء في المختارة (2485) من طريق عبد بن حميد.

وأخرجه ابن حبان (7354) والحاكم (1/ 29) و (4/ 567) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس.

(1)

رجال الإسناد:

أبان بن أبي عياش، فيروز البصري، أبو إسماعيل العبدي، متروك من الخامسة، مات في حدود سنة 140، روى له أبو داود.

ص: 312

ورواه إسحاق بن راهويه عن عبد الرزاق بهذا الإسناد (المختارة 7/ 75).

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

هكذا قال معمر: (عن قتادة، عن أنس).

خالفه هشام الدستوائي

(1)

، وسعيد بن أبي عروبة

(2)

، وشيبان بن عبد الرحمن

(3)

، وأبو عوانة

(4)

، وسعيد بن بشير

(5)

، والحكم بن عبد الملك

(6)

.

فقالوا: (عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين).

وكذلك رواه علي بن زيد بن جدعان

(7)

، وثابت البناني

(8)

، ويونس بن عبيد

(9)

عن الحسن عن عمران بن حصين.

(1)

الترمذي (1369) والنسائي في الكبرى (11340) وأحمد (4/ 435) والطيالسي (835) والروياني (69) والحاكم (1/ 29)(4/ 567).

(2)

الحاكم (2/ 417) و (4/ 567) وابن البختري (280).

(3)

الحاكم (1/ 81 رقم 71) والحسن بن موسى الأشيب في جزء أشيب (56).

(4)

الطبراني في الكبير (18/ 38).

(5)

الطبراني في مسند الشاميين (2636).

(6)

الحاكم (2/ 417) و (4/ 657) وابن البختري (281).

(7)

الترمذي (3168) وأحمد (4/ 432) من طريق ابن عيينة عن ابن جدعان.

(8)

الطبراني في الكبير (18/ 328) و (18/ 340).

(9)

الطبراني (18/ 328).

ص: 313

فتابعوا رواية الجماعة عن قتادة فجعلوه من حديث الحسن عن عمران.

وكذلك رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن العلاء بن زياد عن عمران بن حصين

(1)

.

وقد أعلّ هذا الإسناد محمد بن يحيى الذهلي.

قال الحاكم بعد أن أورده من طريق محمد بن يحيى عن عبد الرزاق قال: قال محمد بن يحيى في آخره: هذا الحديث عندنا غير محفوظ عن أنس ولكن المحفوظ عندنا حديث قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين

(2)

.

ولا شك أن رواية الجماعة عن قتادة أصح من رواية معمر للتالي:

1 أن فيهم هشاماً وسعيداً وهما من أثبت الناس في قتادة وتابعهم جماعة.

2 أن معمراً متكلم في روايته عن قتادة ولم يتابع عليها.

3 أن هذا الحديث لو كان عند قتادة عن أنس لما رغب عنه أصحاب قتادة ورووه عنه عن الحسن عن عمران، والحسن مختلف في سماعه من عمران بن حصين

(3)

، وتركوا هذا الطريق المتفق على صحته

(4)

، والله تعالى أعلم.

(1)

الطبراني (18/ 546).

(2)

المستدرك (4/ 567) ونقله الحافظ في الفتح (11/ 389) وسكت عنه.

(3)

قال الحاكم في المستدرك (1/ 81 ح 178): وهذا حديث صحيح الإسناد والذي عندي أنهما يعني البخاري ومسلم قد تحرجا من ذلك خشية الإرسال.

(4)

ومع ذلك لم يخرجه الشيخان ولا أصحاب السنن.

ص: 314

‌الحديث الأربعون

(1)

:

213 -

قال الإمام النسائي رحمه الله (1/ 61): أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر عن ثابت وقتادة عن أنس رضي الله عنه قال:

طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل مع أحد منكم ماء؟» ، فوضع يده في الماء وهو يقول:«توضؤوا بسم الله» فرأيت الماء يخرج من بين أصابعه حتى توضؤوا من عند آخرهم.

قال ثابت: قلت لأنس: كم تراهم؟ قال: نحواً من سبعين.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أيضاً في الكبرى (84) وهو في مصنف عبد الرزاق (20535) ومن طريقه أخرجه أحمد (3/ 165) وأبو يعلى (3036) وابن خزيمة (142) والدارقطني (1/ 71) والبيهقي (1/ 43) وفي السنن الصغرى (92) وابن حبان (6544).

هكذا قال معمر عن ثابت وقتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«توضؤوا بسم الله» .

(1)

رجال الإسناد:

إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي أبو محمد بن راهويه المروزي: تقدم.

ثابت البناني: تقدم.

ص: 315

خالفه جماعة من أصحاب ثابت وقتادة فلم يذكروا التسمية.

أولاً: مَنْ خالفه في روايته عن ثابت:

حماد بن زيد

(1)

، وحماد بن سلمة

(2)

، وسليمان بن المغيرة

(3)

وكلهم ثقات أثبات وفيهم حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت.

ثانياً: مَنْ خالفه في روايته عن قتادة:

سعيد بن أبي عروبة

(4)

، وهشام الدستوائي

(5)

، وهمام بن يحيى

(6)

، وشعبة بن الحجاج

(7)

.

وكذلك رواه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة

(8)

، والحسن البصري

(9)

، وحميد الطويل

(10)

، وسعيد بن سالم الضبي

(11)

عن أنس رضي الله عنه فلم يذكروا التسمية.

ومما يدل على أن القصة أو الواقعة واحدة أنهم كلهم ذكروا

(1)

البخاري (200) ومسلم (2279).

(2)

أحمد (3/ 175) و (3/ 228) وابن سعد في الطبقات (1/ 178).

(3)

أحمد (3/ 139) و (3/ 169) وابن سعد (1/ 177) وعبد بن حميد (1284) وأبو يعلى (3327) والفريابي في دلائل النبوة (23) وابن حبان (6543).

(4)

البخاري (3572) ومسلم (2279).

(5)

مسلم (2279).

(6)

أحمد (3/ 289) وأبو يعلى (2890).

(7)

أبو يعلى (3172).

(8)

البخاري (3573).

(9)

البخاري (3574).

(10)

البخاري (3575).

(11)

البخاري (5639).

ص: 316

العدد ما بين السبعين إلى الثمانين عدا سعيد بن أبي عروبة فذكر قال: نحو ثلاثمائة

(1)

.

وقد جاء تكثير النبي صلى الله عليه وسلم الماء وأمر أصحابه بالوضوء من ذلك الماء دون ذكر التسمية، منها:

1 حديث جابر رضي الله عنه:

ما رواه الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال: رأيتني مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد حضرت العصر وليس معنا ماء غير فضلة فجعل في إناء فأتي النبي صلى الله عليه وسلم به فأدخل يده وفرج أصابعه ثم قال: «حي على الوضوء البركة من الله» فتوضأ الناس وشربوا.

وفي رواية نبيح العنزي عن جابر: فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في الماء والقدح ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بسم الله» ، ثم قال: «فأسبغوا الوضوء

» الحديث

(2)

.

فتسميته صلى الله عليه وسلم لتكثير الماء، ولم يأمر أصحابه بالتسمية عند الوضوء.

2 حديث عبد الله بن مسعود:

ما رواه إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجد ماء فأتي بتور فأدخل يده، فلقد رأيت الماء

(1)

أبو يعلى (4238).

(2)

أحمد (3/ 292) و (3/ 358) بنحوه، وابن أبي شيبة (7/ 428) وابن خزيمة (107) والدارمي (26).

ص: 317

يتفجر من بين أصابعه ويقول: «حي على الطهور والبركة من الله عز وجل»

(1)

.

3 حديث جبير بن مطعم:

روى عمرو بن دينار عن نافع عن جبير عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر قال: «مَنْ يكلؤنا الليلة لا نرقد عن صلاة الصبح» ، قال بلال: أنا، فاستقبل مطلع الشمس فضرب على آذانهم حتى أيقظهم حر الشمس فقاموا فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«توضؤوا» ثم أذّن بلال

(2)

....

4 حديث أبي سعيد الخدري:

ما رواه أبو نضرة عن أبي سعيد قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتينا على غدير فيه جيفة فتوضأ بعض القوم وأمسك بعض القوم حتى يجيء النبي صلى الله عليه وسلم فجاء النبي صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس فقال: «توضؤوا واشربوا فإن الماء لا ينجسه شيء»

(3)

.

‌علة الوهم:

1 لم يذكر أحد من أصحاب أنس التسمية إلا جابر في رواته نبيح العنزي عنه أنهم طلبوا الماء فلم يجدوا إلا فضل ماء في قدح فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في القدح ثم قال: «بسم الله» حتى يكثر الماء، ثم أمرهم بالوضوء، فالتسمية كانت لتكثير الماء وليس أمراً عند الوضوء.

(1)

البخاري (2579).

(2)

النسائي (1/ 298).

(3)

الطيالسي (2269 ط التركي) والبيهقي (1/ 258).

ص: 318

2 استحباب التسمية عند الوضوء وإن لم يصح فيها حديث. قال الترمذي: قال أحمد بن حنبل: لا أعلم في هذا الباب حديثاً له إسناد جيد

(1)

.

3 في حديث معمر عن ثابت وقتادة مقال كما تقدم.

‌أثر الوهم:

عقد غير واحد من أهل الحديث باب التسمية عند الوضوء ولم يخرجوا فيه غير حديث الباب منهم: النسائي

(2)

، وابن خزيمة

(3)

.

وأخرجه الدارقطني

(4)

والبيهقي

(5)

ضمن أحاديث أخرى لكن ذكر البيهقي عقب حديث معمر هذا فقال: هذا أصح ما في التسمية، والله تعالى أعلم.

(1)

جامع الترمذي (1/ 38 ح 25). وانظر كتابي كشف اللثام عن الأحاديث الضعيفة في الأحكام (29 - 41).

(2)

في المجتبى (1/ 61) وفي الكبرى (1/ 81).

(3)

في صحيحه (1/ 74).

(4)

في سننه (1/ 71).

(5)

في السنن الكبرى (1/ 43) والصغرى (1/ 83).

ص: 319

‌الحديث الحادي والأربعون

(1)

:

214 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 136): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه قال:

خطب النبي صلى الله عليه وسلم على جُليبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها فقال: حتى أستأمر أمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«فنعم إذاً» .

قال: فانطلق الرجل إلى امرأته فذكر ذلك لها فقالت: لاها الله إذاً، أما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا جليبيباً وقد منعناها من فلان وفلان، قال: والجارية في سترها تستمع، قال: فانطلق الرجل يريد أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقالت الجارية: أتريدون أن تردوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره، إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه، قال: فكأنها حلت عن أبويها وقالا: صدقت، فذهب أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن كنت قد رضيته فقد رضيناه، قال:«فإني قد رضيته» فزوجها.

ثم فزع أهل المدينة فركب جليبيب فوجدوه قد قتل وحوله ناس من المشركين قد قتلهم، قال أنس: فلقد رأيتها وإنها لمن أنفق بيت في المدينة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وهو في مصنف عبد الرزاق (10333) ومن طريقه أيضاً أخرجه عبد بن حميد (1245) وابن حبان (4059).

(1)

رجال الإسناد:

ثابت بن أسلم البُناني: تقدم.

ص: 320

هكذا قال معمر: (ثابت، عن أنس).

خالفه حماد بن سلمة

(1)

فرواه (عن ثابت، عن كنانة بن نعيم العدوي، عن أبي برزة الأسلمي).

قال ابن أبي حاتم في العلل (1012): وسئل أبو زرعة عن حديث اختلف على ثابت البناني، فروى معمر، عن ثابت عن أنس فذكروا الحديث.

قال أبو زرعة: عن أبي برزة أصح من حديث ثابت.

وقال الحافظ في المطالب العالية (8/ 154): رواه معمر عن ثابت عن أنس رضي الله عنه، وتابعه ديلم بن غزوان عن ثابت عن أنس. ورواية حماد بن سلمة أصح.

وقال الإمام أحمد: ما حدّث به في الدنيا أحد إلا حماد بن سلمة، ما أحسنه من حديث

(2)

.

وقال علي بن المديني في علله (ص 360):

وفي أحاديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة، جعل ثابتاً عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كذا شيء ذكره وإنما هو حديث أبان بن أبي عياش عن أنس.

وعن ثابت في قصة جليبيب قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر لم يروه عن ثابت غيره.

قلت: مما سبق يتضح ترجيح الأئمة لحديث حماد بن سلمة على

(1)

مسلم (2472) والطيالسي (924) وأحمد (4/ 421) دون قصة التزويج. وأخرجه أحمد (4/ 422، 424) والنسائي في الكبرى (8246) وابن حبان (4059) بذكرها.

(2)

المسند (4/ 422) ونقله عنه ابن حجر في إتحاف المهرة (13/ 511).

ص: 321

حديث معمر، وحماد بن سلمة أثبت أصحاب ثابت. قال ذلك: يحيى بن معين والإمام أحمد وابن المديني ويحيى القطان، وذكر مسلم في كتاب التمييز (217) الإجماع على ذلك.

أما حديث معمر عن ثابت ففيه مقال، قال يحيى بن معين: حديث معمر عن ثابت مضطرب كثير الأوهام، وقال العقيلي: أنكرهم رواية عن ثابت معمر، وسبق قول ابن المديني أن أحاديثه عن ثابت غرائب ومنكرات.

أما متابعة ديلم له فلا تنفعه، لأن هذه الرواية مما أنكرت عليه كما ذكر ابن عدي في الكامل (3/ 104) ونقل عن إبراهيم بن عرعرة أحد الرواة عن ديلم أنه قال في هذه الرواية: عن ديلم (إذ كان حفظه) مما يدل على احتمال وهمه وقد قال في التقريب عنه: صدوق.

وقال ابن الأثير في أسد الغابة (1/ 429): رواه ديلم عن غزوان بن ثابت عن أنس وهو وهم.

ويحمل أيضاً وجه الوهم في هذا الإسناد أنهما حملاه على الجادة وذلك لكثرة حديث ثابت عن أنس، والله تعالى أعلم.

قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 804): (ضعف حديث معمر عن ثابت خاصة علي بن المديني وغيره وكذا قال يحيى بن معين حديث معمر عن ثابت ضعيف.

ومما أنكر عليه أنه حدّث عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث قصة جليبيب وأخطأ في إسناده، إنما رواه ثابت عن كنانة بن نعيم عن أبي برزة عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذا رواه حماد بن سلمة عن ثابت).

ص: 322

‌الحديث الثاني والأربعون

(1)

:

215 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 197): ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ثابت عن أَنَس قال:

أخذ النبي صلى الله عليه وسلم على النساء حتى بايعهن أن لا يَنُحْنَ فقُلْنَ: يا رسول الله إن نساءً أسْعَدْنَنا في الجاهلية أفنُسعِدهن في الإسلام؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا إسعاد

(2)

في الإسلام، ولا شِغار

(3)

، ولا عَقْر

(4)

في الإسلام، ولا جَلَبَ

(5)

في الإسلام، ولا جَنَبَ

(6)

ومَن انتهب فليس منا».

(1)

رجال الإسناد:

ثابت بن أسلم البُناني: تقدم.

(2)

لا إسعاد: إسعاد النساء في المناحات، تقوم المرأة فتقوم معها أخرى فتساعدها على النياحة (النهاية لابن الأثير 2/ 366).

(3)

لا شغار: هو نكاح معروف في الجاهلية، كأن يقول الرجل للرجل: شاغرني، أي: زوجني أختك أو ابنتك حتى أزوجك أختي أو ابنتي، ولا يكون بينهما مهر.

(4)

لا عقر: قال السندي: العقر ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف وهو قائم، وكانوا يعقرون الإبل على قبور الموتى، أي: ينحرونها، ويقولون: صاحب القبر كان يعقر للأضياف فتكافئه بمثله.

(5)

لا جلب: الجلب يكون في شيئين:

أحدهما: في الزكاة وهو أن يقدم المصدق على أهل الزكاة فينزل موضعاً ثم يرسل مَنْ يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها فنهى عن ذلك وأمر أن يأخذ صدقاتهم على مياههم وأماكنهم.

الثاني: أن يكون في السباق وهو أن يتبع الرجل فرسه فيزجره ويجلب عليه ويصيح حثاً له على الجري فنهى عن ذلك.

(6)

وكذا الجنب يكون في الزكاة، وهو أن ينزل العامل موضعاً بعيداً ثم يأمر الأموال أن تجنب إليه، أي تحضر، وقيل: أن يجنب رب المال بماله أي يبعده عن موضعه حتى يحتاج العامل إلى التعب في طلبه، ويكون في السباق، وهو أن يجنب فرساً إلى فرسه الذي يسابق عليه، فإذا فتر المركوب يتحول إلى المجنوب وكل ذلك منهي عنه. حاشية السندي (4/ 182)، (17/ 372).

ص: 323

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وهو في مصنف عبد الرزاق (6690)، وأخرجه ابن حبان (3146) والضياء في المختارة (1785) وعبد بن حميد (1253) من طرق عن عبد الرزاق به.

وأخرجه مختصراً على بعض منه أبو داود (3222) والترمذي (1601) وفي العلل (482) والنسائي (4/ 16) وابن ماجه (1885) والطحاوي في شرح المشكل (1895) وأبو عوانة (4052) و (4053) والطبراني في الأوسط (2999) والبيهقي (2/ 62) وأحمد (3/ 165) كلهم من طريق عبد الرزاق عن معمر.

وتابعه عبد الله بن المبارك، فرواه أبو عوانة (4051) من طريق نعيم بن حماد عن ابن المبارك عن معمر به.

هكذا قال معمر عن ثابت، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه سفيان الثوري

(1)

، وحماد بن سلمة

(2)

فقالا: عن أبان بن أبي عياش عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وربما قال سفيان

(3)

عمن سمع أنساً، لا يسميه لأنه متروك الحديث.

لذا أنكر أئمة الحديث ونقاده على معمرٍ هذا الحديث، أنكره الإمام أحمد وعلي بن المديني وأبو حاتم وغيرهم.

(1)

أبو نعيم في الحلية (7/ 118).

(2)

ابن عدي في الكامل (1/ 386).

(3)

أحمد (3/ 162).

ص: 324

قال المروذي: سألت أبا عبد الله عن حديث معمر عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار؟

قال: هذا حديث منكر من حديث ثابت

(1)

.

وقال أبو حاتم: هذا حديث منكر جداً

(2)

.

وقال الترمذي: سألت محمداً يعني البخاري عن هذا الحديث فقال: لا أعرف هذا الحديث إلا من حديث عبد الرزاق، لا أعلم أحداً رواه عن ثابت غير معمر، وربما قال عبد الرزاق في هذا الحديث: عن معمر عن ثابت وأبان عن أنس

(3)

.

وقال أبو عوانة: في هذا الحديث نظر

(4)

.

وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن ثابت إلا معمر

(5)

.

وقال الدارقطني: تفرد به معمر عن ثابت عن أنس ولا نعلم رواه عنه غير عبد الرزاق

(6)

.

قال علي بن المديني: «لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة، وفي أحاديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة،

(1)

سؤالات المروذي (266) ونحوه في العلل ومعرفة الرجال رواية عبد الله (1/ 110 رقم 260 ط المعارف).

(2)

العلل لابن أبي حاتم (1096).

(3)

علل الترمذي الكبير (482).

(4)

في مسنده (3/ 21).

(5)

الأوسط (3/ 428).

(6)

أطراف الغرائب والأفراد (2/ 53).

ص: 325

جعل ثابتاً عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كذا شيء ذكره، وإنما هذا حديث أبان بن أبي عياش عن أنس»

(1)

.

يريد هذا الحديث وسبب استنكار الأئمة له أنه مشهور عن أبان عن أنس ولو كان عند ثابت عن أنس لما رواه حماد بن سلمة عن حميد الطويل عن الحسن البصري عن عمران بن حصين

(2)

نازلاً وهو من أروى الناس عن ثابت بالاتفاق.

وتابعه بشر بن المفضل

(3)

، ويزيد بن زريع

(4)

، والحارث بن عمير

(5)

، وزهير بن معاوية

(6)

، وخالد الواسطي

(7)

، وشريك

(8)

.

كلهم رووه عن حميد عن الحسن عن عمران بن حصين.

وخالفهم محمد بن كثير عن الفزاري عن حميد فقال: عن أنس

(9)

، فتعقبه النسائي فقال: هذا خطأ فاحش والصواب حديث بشر، أي: أن الحديث حديث عمران وليس حديث أنس.

(1)

العلل لابن المديني (ح 114).

(2)

أحمد (3/ 413)(4/ 346) والطيالسي (838) وابن حبان (3267)(5130) والبيهقي (10/ 21).

(3)

الترمذي (1123) والنسائي (6/ 13) وابن ماجه (3937) وأحمد (4/ 438)(4/ 445).

(4)

ابن ماجه (3937).

(5)

أحمد (4/ 436).

(6)

أحمد (4/ 438) والطحاوي (3/ 49) وفي شرح مشكل الآثار (1315).

(7)

الطبراني في الكبير (18/ 383).

(8)

الطبراني (18/ 384).

(9)

النسائي في المجتبى (6/ 111).

ص: 326

وروي الحديث أيضاً من طرق أخرى عن عمران، ورواه عنه معمر كما سيأتي.

وقد اضطرب معمر في إسناد هذا الحديث فرواه على أوجه:

الأول: عن ثابت عن أنس كما في حديثنا هذا.

الثاني: عن ثابت وأبان وغير واحد عن أنس

(1)

.

الثالث: عن قتادة مرسلاً، ولا أعلمه إلا عن أنس

(2)

.

الرابع: عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين

(3)

.

وهذا الوجه الأخير هو الصحيح فقد رواه جماعة عن عمران بن حصين.

أما الوجه الثاني، فقوله:(عن ثابت وأبان) وهم إنما هو عن أبان وحده عن أنس.

والوجه الثالث: قوله: ولا أعلمه إلا عن أنس وهم منه، فقد رواه سعيد بن أبي عروبة وهو من أوثق الناس في قتادة عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين

(4)

.

وتابعه عمران القطان

(5)

، ولو كان عند قتادة عن أنس لما نزل ورواه عن الحسن عن عمران.

(1)

أحمد (3/ 165) وهو في مصنف عبد الرزاق (10434) والطبراني في الأوسط (2999).

(2)

عبد الرزاق (10436).

(3)

أحمد (4/ 441).

(4)

البزار (3544) والطبراني في الكبير (18/ 315).

(5)

الطبراني (18/ 316).

ص: 327

وسبب النكارة فيما يظهر لي والله أعلم ما يلي:

1 تفرد معمر به عن ثابت وهو في ثابت ضعيف.

قال يحيى بن معين: وحديث معمر عن ثابت وعاصم بن أبي النجود وهشام بن عروة وهذا الضرب مضطرب كثير الأوهام.

ولو كان عند ثابت عن أنس لما رواه حماد بن سلمة وهو من أثبت وأروى الناس عنه عن أبان وهو متروك.

2 أنه قرن ثابتاً بأبان بن أبي عياش، وإنما هو حديث أبان بن أبي عياش

(1)

.

‌علة الوهم:

قال ابن رجب: قد كان بعض المدلسين يسمع الحديث من ضعيف فيرويه عنه ويدلسه معه عن ثقة لم يسمع منه، فيظن أنه سمعه منهما كما روى معمر عن ثابت وأبان وغير واحد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الشغار، قال أحمد: هذا عمل أبان يعني أنه حديث أبان، وإنما معمر يعني لعله دلسه، ذكره الخلال عن هلال بن العلاء الرقي عن أحمد

(2)

.

(1)

أبان بن أبي عياش، فيروز البصري، متروك من الخامسة، روى له أبو داود.

(2)

شرح علل الترمذي (2/ 865).

ص: 328

‌الحديث الثالث والأربعون

(1)

:

216 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 309): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن ابن طاووس عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ حلف فقال: إن شاء الله، لم يحنث» .

قال عبد الرزاق: وهو اختصره، يعني معمراً.

‌التعليق:

هذا إسناد على شرط الشيخين.

والحديث في مصنف عبد الرزاق (16118) دون قوله في آخر الحديث.

ومن طريقه أخرجه الترمذي (1532) وفي العلل (456) وابن ماجه (2104) والنسائي (7/ 30) وأبو يعلى (6246) والطحاوي في شرح المشكل (1927) وابن حبان (4341) والطبراني في الأوسط (3000)، وقال الطبراني: لم يروِ هذا الحديث عن ابن طاووس إلا معمر.

هكذا روى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس، عن أبيه عن

(1)

رجال الإسناد:

عبد الله بن طاووس بن كيسان اليماني، أبو محمد، ثقة فاضل عابد، من السادسة، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.

طاووس بن كيسان اليماني، أبو عبد الرحمن الحميري مولاهم الفارسي يقال: اسمه ذكوان، وطاووس لقب، ثقة فقيه فاضل، من الثالثة، مات سنة 106 وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.

ص: 329

أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ حلف فقال: إن شاء الله، لم يحنث» .

قال بعض أهل الحديث: إن هذا الحديث تصرف فيه بعض رواته فاختصره فرواه بالمعنى.

فقد رواه محمود بن غيلان

(1)

، وعبد بن حميد

(2)

، والعباس بن عبد العظيم العنبري

(3)

، ومحمد بن يحيى الذهلي

(4)

، وأحمد بن حنبل

(5)

وغيرهم عن عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن طاووس عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة بمائة امرأة تلد كل امرأة غلاماً يقاتل في سبيل الله، فقال له الملك: قل: إن شاء الله، فلم يقل: ونسي، فأطاف بهن ولم تلد منهن إلا امرأة نصف إنسان.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو قال: إن شاء الله، لم يحنث وكان أرجى لحاجته» هذا لفظ البخاري.

وهذا هو المحفوظ من حديث طاووس عن أبي هريرة.

كذلك رواه هشام بن حجير عن طاووس، عن أبي هريرة

(6)

.

وكذلك رواه أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن

(1)

البخاري (5242).

(2)

مسلم (1654).

(3)

النسائي (7/ 31).

(4)

أبو عوانة (5958).

(5)

في مسنده (2/ 275).

(6)

البخاري (6720) ومسلم (11654) من طريق سفيان بن عيينة.

ص: 330

أبي هريرة

(1)

، وأبو الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة

(2)

.

لذا قال الإمام البخاري: إن هذا الحديث خطأ وهو مختصر من حديث سليمان بن داود الذي ذكرناه آنفاً ونسب الخطأ في هذا إلى عبد الرزاق.

قال الترمذي عقب الحديث: (سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: هذا حديث خطأ، أخطأ فيه عبد الرزاق اختصره من حديث معمر عن ابن طاووس، عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن سليمان بن داود قال: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة غلاماً، فطاف عليهن فلم تلد امرأة منهن إلا امرأة نصف غلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لو قال: إن شاء الله، لكان كما قال» . اه.

هكذا قال الإمام البخاري رحمه الله: إن الوهم فيه من عبد الرزاق وفي قوله هذا نظر، فقد صرّح عبد الرزاق كما في روايته هنا أن معمراً هو الذي اختصره

(3)

.

ويرى الشيخ أحمد شاكر أن الحديثين مختلفان تماماً وإن كان إسنادهما واحداً ولا وجود للوهم والاختصار.

قال رحمه الله (15/ 222): من البين الواضح في رواية المسند هنا أن البخاري أخطأ في نسبة اختصار الحديث لعبد الرزاق، لأن عبد الرزاق هو ذا يصرح بأن الذي اختصره هو شيخه معمر.

(1)

البخاري (7469) ومسلم (1654).

(2)

البخاري (3424) ومسلم (1654).

(3)

وتابعه أبو عوانة في مسنده (4/ 52) عقب الحديث 5997 فقال: يقال: غلط فيه عبد الرزاق إنما هو مختصر من الحديث الذي يليه.

ص: 331

وقصة سليمان بن داود التي يشير إليها البخاري وعبد الرزاق مضت (7715) من رواية عبد الرزاق نفسه عن معمر بهذا الإسناد وفيها: (لأطوفن الليلة بمائة امرأة).

وقد أخطأ عبد الرزاق وأخطأ البخاري تبعاً له في تعليل هذا الحديث والزعم بأنه اختصار من قصة سليمان، لأن الحديثين مختلفا المعنى تماماً وإن تشابهت بعض الألفاظ فيهما.

لأن قول سليمان: (لأطوفن فيه) معنى القسم ولكنه ينقسم على شيئين: أن يطوف بهن، وقد فعل، والآخر: أن تلد كل منهن غلاماً، وهذا ليس من فعله بل من قدر الله ومشيئته، فالاستثناء بقول:(إن شاء الله) إذا قاله يحله من قسمه إذا لم يطف بهن

فالحديثان في معنيين وإن تقاربا في بعض المعنى، ولفظ الحديث الذي هنا لا يمكن أن يكون اختصاراً من الحديث الآخر في قصة سليمان، بل لو صنع ذلك معمر أو عبد الرزاق لكان صنعه تزيداً في الرواية وجرأة على نسبة حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقله وكلاهما أجل عند أهل العلم من أن يفعلا ذلك

ثم إن معنى الحديث ثابت عن ابن عمر أيضاً مضى في المسند مراراً بألفاظ متقاربة (4510): «مَنْ حلف فاستثنى فهو بالخيار، إن شاء أن يمضي على يمينه وإن شاء أن يرجع غير حنث» ، و 4581:«مَنْ حلف على يمين فقال: إن شاء الله فقد استثنى» .

قال: (وقد حقق الحافظ في الفتح هذا الموضع على شيء من التردد وإن كان في مجموع كلامه يميل إلى إبطال هذا التعليل وإلى صحة الحديثين جميعاً). اه.

ص: 332

قال محرره أبو حمزة: بل الصواب ما قاله الإمام البخاري رحمه الله وقد سبقه إلى ذلك عبد الرزاق فذكر أن معمراً اختصر هذا الحديث وهو أعرف بشيخه وهو من أروى الناس عنه.

أما قول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله إلى أن الحافظ يميل إلى إبطال هذا التعليل

فظاهر كلام الحافظ أنه يؤيده، فقد قال الحافظ:(وإذا كان مخرج الحديث واحداً فالأصل عدم التعدد) وإليك ما ذكره الحافظ:

قال في الفتح (11/ 605): قال الترمذي: سألت محمداً عنه فقال: هذا خطأ أخطأ فيه عبد الرزاق فاختصره من حديث معمر بهذا الإسناد في قصة سليمان بن داود

وقد اعترض ابن العربي بأن ما جاء به عبد الرزاق في هذه الرواية لا يناقض غيرها لأن ألفاظ الحديث تختلف باختلاف أقوال النبي صلى الله عليه وسلم في التعبير عنها لتبين الأحكام بألفاظ، أي: فيخاطب كل قوم بما يكون أوصل لأفهامهم وإما بنقل الحديث على المعنى على أحد القولين.

وأجاب شيخنا في شرح الترمذي بأن الذي جاء به عبد الرزاق في هذه الرواية ليس وافياً بالمعنى الذي تضمنته الرواية التي اختصره منها فإنه لا يلزم من قوله صلى الله عليه وسلم: «لو قال سليمان: إن شاء الله، لم يحنث» أن يكون الحكم كذلك في حق أحد غير سليمان، وشرط الرواية بالمعنى عدم التخالف وهنا تخالف بالخصوص والعموم، قلت: وإذا كان مخرج الحديث واحداً فالأصل عدم التعدد، لكن قد جاء لرواية عبد الرزاق

(1)

(1)

هكذا تبع الجميع البخاري رحمه الله ونسبوا الوهم إلى عبد الرزاق مع أنه صرّح بأن الذي اختصره هو شيخه معمر.

ص: 333

المختصرة شاهد من حديث ابن عمر أخرجه أصحاب السنن الأربعة وحسّنه الترمذي

(1)

وصححه الحاكم من طريق عبد الوارث عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً: «مَنْ حلف على يمين فقال: إن شاء الله، لا حنث عليه» انتهى كلام الحافظ، والله تعالى أعلم.

(1)

أبو داود (3261) والترمذي (1531) والنسائي (7/ 25) وابن ماجه (2105).

ص: 334

‌الحديث الرابع والأربعون

(1)

:

217 -

قال عبد الرزاق رحمه الله في مصنفه (20105): عن معمر، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«الإيمان بضعة وسبعون أو قال: بضعة وستون باباً أفضلها شهادة أن لا إله إلا الله، وأصغرها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

هكذا قال معمر: (عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة).

خالفه سفيان الثوري

(2)

، وجرير بن عبد الحميد

(3)

، وحماد بن سلمة

(4)

، وخالد بن عبد الله الواسطي

(5)

.

(1)

رجال الإسناد:

سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بأخرة، في السادسة مات في خلافة المنصور، روى له مسلم، والبخاري مقروناً وتعليقاً.

ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني، ثقة ثبت وكان يجلب الزيت إلى الكوفة، من الثالثة، مات سنة 101، روى له البخاري ومسلم.

(2)

الترمذي (2614) والنسائي (8/ 110) وابن ماجه (57) وأحمد (2/ 445) وابن أبي شيبة (8/ 521) والبخاري في الأدب المفرد (598).

(3)

مسلم (35)(57).

(4)

أبو داود (4676) وأحمد (2/ 414) والبغوي في شرح السنّة (18) وابن عبد البر في التمهيد (9/ 235) والبيهقي في شعب الإيمان (3).

(5)

الآجري في الشريعة (ص 110).

ص: 335

فقالوا: (عن سهيل بن أبي صالح، عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة).

وكذلك رواه سليمان بن بلال

(1)

، ومحمد بن عجلان

(2)

، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار

(3)

، ويزيد بن عبد الله بن الهاد

(4)

.

أربعتهم عن: (عبد الله بن دينار، عن أبي هريرة).

وهم معمر فأسقط عبد الله بن دينار من الإسناد.

قال زهير: نا مهنا قال: سألت أحمد (بن حنبل) قلت: حدثنا عبد الرزاق عن معمر، عن سهيل، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وستون باباً

»، فقال أحمد: إنما هو عن سهيل، عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.

قلت: ممن الخطأ؟ من معمر أو من سهيل؟

قال: لا أدري

(5)

.

وقال الدارقطني: والصحيح قول مَنْ قال: عن سهيل عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة

(6)

.

(1)

البخاري (9) ومسلم (35)(58).

(2)

ابن أبي شيبة (8/ 522) و (9/ 28) وفي كتاب الأدب (108) و (9/ 451) وابن ماجه (57) وابن عبد البر في التمهيد (9/ 451) والنسائي (8/ 110).

(3)

ابن مندة (171).

(4)

ابن حبان (181) وابن مندة (173).

(5)

المنتخب من العلل للخلال (ص 245).

(6)

العلل (8/ 196).

ص: 336

قلت: وقد تابع معمراً وهيب بن خالد وسيأتي في بابه، ح (736).

‌علة الوهم:

سلك به الجادة لأن رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه مطروقة.

ص: 337

‌الحديث الخامس والأربعون

(1)

:

218 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (1/ 331): حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه قال:

شهدت النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم العيد ثم خطب فظن أنه لم يسمع النساء فأتاهن فوعظهن وقال: «تصدقن» فجعلت المرأة تلقي الخاتم والخرص

(2)

والشيء، ثم أمر بلالاً فجمعه في ثوب حتى أمضاه.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين وهو في مصنف عبد الرزاق (5633) ومن طريقه أخرجه الطبراني في الكبير (11849) وابن عبد البر في التمهيد (10/ 264)، (12/ 10).

هكذا رواه معمر فقال: (عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس) وخالفه شعبة

(3)

، وسفيان بن عيينة

(4)

، وابن جريج

(5)

، وحماد بن

(1)

رجال الإسناد:

أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني، أبو بكر البصري، ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة، مات سنة 131 وله 65 سنة، روى له البخاري ومسلم.

عكرمة أبو عبد الله مولى ابن عباس، أصله بربري، ثقة ثبت عالم بالتفسير، من الثالثة، مات سنة 104 وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.

(2)

الخرص: الحلقة الصغيرة من الحلي وهو من حلي الأذن، وهو ما يعرف الآن بالحلق.

(3)

البخاري (98) والطيالسي (2777) وأحمد (1/ 286) وغيرهم.

(4)

مسلم (884)(2).

(5)

البخاري (959).

ص: 338

زيد

(1)

، وإسماعيل بن إبراهيم (ابن علية)

(2)

، وعبد الوارث بن سعيد

(3)

، وعبد الرزاق

(4)

، ووهب

(5)

.

فقالوا: (عن أيوب، عن عطاء، عن ابن عباس).

ومن هذا الوجه أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

وكذلك رواه إبراهيم بن ميمون الصائغ، عن عطاء، عن ابن عباس

(6)

.

وقد روى هذا الحديث عن ابن عباس جمع من أصحابه، منهم: سعيد بن جبير

(7)

، وطاووس

(8)

، وعبد الرحمن بن عابس

(9)

من طرق عنهم ولم يأتِ ذكر عكرمة إلا من حديث معمر، ويحتمل أن يكون وهماً والله أعلم.

قال ابن عبد البر بعد أن أخرج الحديث من طريق عبد الرزاق، عن أيوب، عن عطاء، عن ابن عباس: (وهكذا رواه شعبة وحماد بن زيد،

(1)

مسلم (884)(2) وأبو داود (1144).

(2)

البخاري (1449) ومسلم (884)(2).

(3)

أبو داود (1143).

(4)

ابن عبد البر في التمهيد (10/ 264).

(5)

ذكره أبو نعيم في الحلية تعليقاً (3/ 316) قلت: كذا في الحلية ولعله (وهيب بن خالد).

(6)

أحمد (1/ 242)، (1/ 335) وأبو يعلى (2565) والطبراني (11357).

(7)

البخاري (964) ومسلم (884)(13).

(8)

البخاري (962)، (4895)، (5880) ومسلم (884).

(9)

البخاري (863)، (977)، (5249)، (7325).

ص: 339

عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس

، ورواه معمر عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس فجعل موضع عطاء عكرمة)

(1)

.

(1)

التمهيد (10/ 264)، (12/ 10).

ص: 340

‌الحديث السادس والأربعون

(1)

:

219 -

قال عبد الرزاق رحمه الله في مصنفه (20497): أخبرنا معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال:

كنت عند عبد الله بن مغفل رضي الله عنه فخذف رجل من قومه فقال: لا تخذف فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عنه وقال: «إنك لا تصطاد بها صيداً ولا تقتل بها عدواً ولكنها تكسر السن وتفقأ العين» .

قال: فلم ينتهِ الرجل فقال: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عنها ولا تنتهي لا أكلمك أبداً.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أحمد (4/ 88) عن عبد الرزاق به، والبغوي في شرح السنة (2575) من طريق أحمد بن منصور الرمادي عن عبد الرزاق به.

وقد وهم فيه معمر رحمه الله في قوله: (عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال: كنت عند عبد الله بن مغفل

).

(1)

رجال الإسناد:

أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني، ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة، مات سنة 131 وله 65 سنة، روى له البخاري ومسلم.

سعيد بن جبير الأسدي، مولاهم الكوفي، ثقة ثبت فقيه من الثالثة، وروايته عن عائشة وأبي موسى ونحوهما، مرسلة، قتل بين يدي الحجاج سنة 95 ولم يكمل الخمسين، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن مُغفل بن عبد نهم، أبو عبد الرحمن المزني، صحابي، بايع تحت الشجرة، ونزل بالبصرة، مات سنة 57 وقيل بعد ذلك، وحديثه في الصحيحين.

ص: 341

لأن سعيد بن جبير لم يسمع من عبد الله بن مغفل ولم يلقه.

قال عبد الله ابن الإمام أحمد عقب الحديث: أخطأ فيه معمر، لأن سعيد بن جبير لم يلقَ عبد الله بن مغفل

(1)

.

وقال الآجري: (قلت لأبي داود: سمع سعيد بن جبير من عبد الله بن مغفل؟ فقال: لا، إنما هو مرسل)

(2)

.

وقد روى هذا الحديث عدد من الحفاظ عن أيوب عن سعيد بن جبير فلم يذكروا فيه لقاء أو سماع سعيد بن جبير من عبد الله بن مغفل، منهم: إسماعيل بن علية

(3)

، وشعبة

(4)

، وحماد بن زيد

(5)

، ووهيب بن خالد

(6)

، وعبيد الله بن عمرو الرقي

(7)

، وعبد الوهاب الثقفي

(8)

هؤلاء رووه عن أيوب، عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن مغفل هكذا بالعنعنة ولم يذكروا سماعاً أو لقاءً بين سعيد بن جبير وعبد الله بن مغفل.

ورواية مسلم ليست بالعنعنة بل إخبار من سعيد بن جبير لحديث عبد الله بن مغفل

(9)

.

(1)

المسند (27/ 363 ح رقم 16808).

(2)

نقله الحافظ ابن حجر في تهذيبه في ترجمة سعيد بن جبير.

(3)

مسلم (1954)(56) في المتابعات، وابن ماجه (3226).

(4)

الطيالسي (919) وأبو عوانة (7734) وابن الجعد في مسنده (1214).

(5)

الدارمي (445).

(6)

أبو عوانة (7732).

(7)

أبو عوانة (7733).

(8)

مسلم (1954) وابن ماجه (17).

(9)

مات عبد الله بن مغفل سنة 57 وكان عمر سعيد بن المسيب آنذاك نحو عشر سنين.

ص: 342

قال مسلم: (حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، حدثنا إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن سعيد بن جبير: أن قريباً لعبد الله بن مغفل خذف قال فنهاه، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف وقال: «إنها لا تصيد صيداً ولا تنكأ عدواً، ولكنها تكسر السن وتفقأ العين» .

قال: فعاد، فقال: أحدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه ثم تخذف لا أكلمك أبداً.

وحدثناه ابن أبي عمر، حدثنا الثقفي، عن أيوب بهذا الإسناد نحوه).

ص: 343

‌الحديث السابع والأربعون

(1)

:

220 -

قال عبد الرزاق رحمه الله في مصنفه (19926): أخبرنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن أبي الجراح

(2)

مولى أم حبيبة، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«إن الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبي الجراح مولى أم حبيبة، روى عنه سالم بن عبد الله بن عمر، ونافع، وعبد الواحد بن عمير، وذكره ابن حبان في الثقات (1/ 266) وقال: تابعي ثقة.

هكذا قال معمر: (عن أيوب، عن نافع، عن أبي الجراح مولى أم حبيبة، عن أم سلمة).

(1)

رجال الإسناد

نافع، أبو عبد الله المدني مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 117 أو بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.

أبو الجراح مولى أم حبيبة أم المؤمنين، قيل: اسمه زبير، وفيه قيل: الجراح، وهو وهم، مقبول، من الثالثة، روى له أبو داود والنسائي.

أم سلمة: هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، أم المؤمنين، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أبي سلمة سنة أربع، وقيل: ثلاث وعاشت بعد ذلك ستين سنة، ماتت سنة 61 على الأصح، وحديثها في الصحيحين.

(2)

في النسخ المطبوعة: الجراح. قال ابن حبان وتبعه ابن حجر، مَنْ قال: الجراح فقد وهم.

ص: 344

وخالفه إسماعيل بن علية

(1)

، وحماد بن زيد

(2)

، وعاصم بن هلال

(3)

، ويزيد بن زريع

(4)

.

فقالوا: (عن أيوب، عن نافع، عن زيد بن عبد الله، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أم سلمة).

وكذلك رواه مالك

(5)

، والليث بن سعد

(6)

، ومحمد بن بشر

(7)

، ويحيى بن سعيد الأنصاري

(8)

، وعبيد الله بن عمر العمري

(9)

، وموسى بن عقبة

(10)

، وعبد الرحمن السراج

(11)

.

هؤلاء كلهم رووه عن نافع بمثل رواية الجماعة عن أيوب عن نافع.

فقالوا: (عن نافع، عن زيد بن عبد الله، عن عبد الله بن عبد الرحمن وهو ابن أبي بكر الصديق، عن خالته أم سلمة رضي الله عنها.

(1)

مسلم (2065) والنسائي في الكبرى (6873).

(2)

أبو عوانة (8457) وأحمد (6/ 302) والبغوي في الجعديات (3054، 3055).

(3)

النسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف.

(4)

أحمد (6/ 301) وأبو عوانة (8454) و (8458).

(5)

البخاري (5634) ومسلم (2065).

(6)

مسلم (2065).

(7)

مسلم (2065).

(8)

مسلم (2065).

(9)

مسلم (2065).

(10)

مسلم (2065).

(11)

مسلم (2065).

ص: 345

وكذلك رواه عثمان بن مرة، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أم سلمة

(1)

.

وقد صوّب النسائي

(2)

والدارقطني

(3)

هذه الرواية.

وقال ابن عدي: وهذا الحديث اختلف فيه على نافع على عشرة ألوان أو قريب منه

، وقال معمر: عن أيوب، عن نافع، عن أبي الجراح مولى أم حبيبة، وكل ذلك خطأ إلا مَنْ رواه عن نافع عن زيد بن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصواب

(4)

.

(1)

مسلم (2065).

(2)

في السنن الكبرى (4/ 197).

(3)

في العلل (13/ 8) و (14/ 445).

(4)

الكامل (3/ 337) في ترجمة سلمة بن سليمان الموصلي.

ص: 346

‌الحديث الثامن والأربعون

(1)

:

221 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 167): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها:

أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن لي زوجاً ولي ضرة وإني أتشبع عن زوجي، أقول: أعطاني كذا وكساني كذا وهو كذب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن المتشبع بما لم يعطَ كلابس ثوبَيْ زور»

(2)

.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

إلا إن معمراً فيما يقال وهم في الإسناد على هشام فقال: عن (هشام عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها.

كما في روايته هذه عند أحمد، وهو عند عبد الرزاق (20452) وإسحاق (736) والنسائي في الكبرى (8920) والقطيعي في جزء الألف دينار (317).

(1)

رجال الإسناد:

هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، ثقة فقيه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة 145 أو 146، وله 87 سنة، روى له البخاري ومسلم.

عروة بن الزبير بن العوام: تقدم.

(2)

قال إسحاق: سألت أبا العمر الأعرابي وهذا ابن ابنة ذي الرمة عن تفسير ذلك فقال: كانت العرب إذا اجتمعت في المحافل وكانت لهم جماع يلبسن أحدهم ثوبين حسنين فإن احتاجوا إلى شهادة شهد لهم بزور، ومعناه: أن يقول: امضي دوره بثوبه، يقولون: ما أحسن ثيابه، ما أحسن شهادته، فيتحرون شهادته فجعل المتشبع بما لم يعطه على ذلك.

ص: 347

والصحيح كما رواه غيره من أصحاب هشام فقالوا: (عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر، هكذا رواه: حماد بن زيد

(1)

، ويحيى بن سعيد القطان

(2)

، وأبو أسامة حماد بن أسامة

(3)

، وأبو معاوية محمد بن خازم

(4)

، وعبدة بن سليمان

(5)

، وسفيان بن عيينة

(6)

، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي

(7)

، وحماد بن سلمة

(8)

، وعبد الرحمن بن أبي الزناد

(9)

، وعبد العزيز بن أبي حازم

(10)

، وعلي بن مسهر

(11)

، وأبو ضمرة

(12)

، ومرجّي بن رجاء

(13)

، وحميد بن الأسود

(14)

.

هؤلاء كلهم رووه عن هشام عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير وهي زوج هشام وابنة عمه عن أسماء بنت أبي بكر وهي جدتهما لأبويهما.

(1)

البخاري (5219) وأبو داود (4997).

(2)

البخاري (5219).

(3)

مسلم (2130)(127).

(4)

مسلم (2131)(127) وأحمد (6/ 345) وإسحاق (2246).

(5)

مسلم (2130) والنسائي في الكبرى (8922).

(6)

الحميدي (319) ولفظه: «المتشبع بما لم ينل

» والشهاب في مسنده (308) ولفظه: «المتشبع بما لا يملك» .

(7)

ابن حبان (5739).

(8)

الحاكم في معرفة علوم الحديث ص 274.

(9)

الطبراني في الكبير (24/ 323).

(10)

الطبراني في الكبير (24/ 327).

(11)

ذكره الحافظ في الفتح (9/ 319) وعزاه لأبي عوانة.

(12)

ذكره الحافظ في الفتح (9/ 319) وعزاه لأبي عوانة.

(13)

ذكره الحافظ في الفتح (9/ 319) وعزاه لأبي نعيم في المستخرج.

(14)

الطبراني في الأوسط (8538) وانظر المعجم الكبير 24/ (335).

ص: 348

وكذلك رواه محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء

(1)

.

قال النسائي عن حديث معمر: إنه خطأ وأن الصواب هو مَنْ قال أسماء

(2)

.

ونقل الحاكم عن إبراهيم بن إسحاق الحربي أن الصواب قول مَنْ قال: عن هشام عن فاطمة عن أسماء

(3)

.

وذكر الدارقطني في التتبع أن مسلماً أخرجه من رواية وكيع وعبدة عن هشام عن أبيه عن عائشة مثل رواية معمر قال: وهذا لا يصح، وأحتاج أن أنظر في كتاب مسلم فإني وجدته في رقعة، والصواب عن عبدة ووكيع وغيرهما عن هشام عن فاطمة عن أسماء، وكذا قال سائر أصحاب هشام

(4)

.

وقال الدارقطني في العلل: (يرويه هشام بن عروة واختلف عنه: فرواه معمر ومبارك بن فضالة عن هشام عن أبيه عن عائشة).

وغيرهما يرويه عن هشام عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر وهو الصحيح

(5)

.

وقال الحافظ المزي: (المشهور أنه من حديث أسماء، وحديث عائشة غريب)

(6)

.

(1)

الطبراني في الكبير (24/ 351).

(2)

السنن الكبرى (5/ 292).

(3)

معرفة علوم الحديث (ص 274) ونقله هذا عنه موافقة منه لقوله.

(4)

التتبع (ص 345) وفتح الباري (9/ 318) وقال ابن حجر: الظاهر أن المحفوظ عن عبدة عن هشام عن فاطمة.

(5)

العلل (13/ 278) ورواية مبارك بن فضالة أخرجها الطبراني في الصغير (1064).

(6)

تحفة الأشراف (12/ 211).

ص: 349

وقال الحافظ ابن حجر: (وقد اتفق الأكثر من أصحاب هشام على هذا الإسناد (هشام عن فاطمة عن أسماء) وانفرد معمر والمبارك بن فضالة بروايته عن هشام بن عروة فقالا: عن أبيه عن عائشة)

(1)

.

وقال النووي: (قال عبد الغني بن سعيد: وليس يعرف حديث هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها إلا من رواية مسلم عن ابن نمير ومن رواية معمر بن راشد).

وقال الدارقطني في كتاب العلل: (حديث هشام عن أبيه عن عائشة إنما يرويه هكذا معمر والمبارك بن فضالة ويرويه غيرهما عن فاطمة عن أسماء وهو الصحيح، قال: وإخراج مسلم حديث هشام عن أبيه عن عائشة لا يصح والصواب حديث عبدة ووكيع وغيرهما عن هشام عن فاطمة عن أسماء، والله أعلم)

(2)

.

‌علة الوهم:

معمر بن راشد ثقة ثبت لكن في حديثه عن هشام بن عروة كلام.

فقد نقل ابن حجر في التهذيب عن يحيى بن معين أن معمراً مضطرب كثير الأوهام في حديثه عن هشام، والله تعالى أجل وأعلم.

(1)

فتح الباري (9/ 318).

(2)

شرح صحيح مسلم (14/ 111).

وانظر: (بين الإمامين مسلم والدارقطني) للشيخ الدكتور ربيع بن هادي المدخلي ص 361.

ص: 350

‌الحديث التاسع والأربعون

(1)

:

222 -

قال ابن خزيمة رحمه الله (119): حدثنا محمد بن الوليد، نا محمد بن جعفر، نا معمر، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت:

كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نتوضأ من إناء واحد.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

هكذا قال معمر: عن هشام عن أبيه عروة بن الزبير عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نتوضأ من إناء واحد.

خالفه جماعة من أصحاب هشام فرووه عنه فقالوا: (نغتسل من إناء واحد)، منهم:

عبد الله بن المبارك

(2)

، وعبد الله بن داود الخريبي

(3)

، وهشام بن

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن الوليد بن عبد الحميد القرشي البصري، يلقب حمدان، ثقة من العاشرة، مات سنة 250 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن جعفر الهذلي البصري، المعروف بغندر، صحيح الكتاب إلا أن فيه غفلة، من التاسعة، مات سنة 193 أو 194، روى له له البخاري ومسلم.

(2)

البخاري (273).

(3)

البخاري (5955).

ص: 351

حسان

(1)

، ومالك بن أنس

(2)

، ويحيى بن سعيد القطان

(3)

، وحماد بن سلمة

(4)

، وأبو معاوية محمد بن خازم

(5)

، وعبدة بن سليمان

(6)

، ويحيى بن محمد بن قيس المحاربي

(7)

، وهمام

(8)

، وعمر بن علي

(9)

، وجرير بن حازم

(10)

، وعبد الله بن نمير

(11)

، وعيسى بن يونس

(12)

، وعبيد الله بن موسى

(13)

، ووكيع

(14)

، وعبد الرحمن بن أبي الزناد

(15)

، وأبان بن يزيد العطار

(16)

، وعامر بن صالح

(17)

، وعبيد الله بن عمر

(18)

، وابن جريج

(19)

.

(1)

البخاري (7339).

(2)

الشافعي في الأم (2/ 25) وأبو داود (238) والنسائي (1/ 128) والطحاوي في شرح المعاني (1/ 24) وابن حبان (1194).

(3)

أحمد (6/ 193).

(4)

أبو يعلى (4484).

(5)

أحمد (6/ 230) وإسحاق (584) وأبو يعلى (4895) وابن ماجه (3067).

(6)

إسحاق (559).

(7)

إسحاق (892).

(8)

أحمد (6/ 130).

(9)

أبو يعلى (6/ 193).

(10)

أحمد (6/ 193).

(11)

أحمد (6/ 231).

(12)

ابن الأشعث في مسند عائشة (4).

(13)

ابن المنذر في الأوسط (210) والبيهقي (1/ 193).

(14)

أحمد (6/ 192) وأبو يعلى (4726).

(15)

الترمذي (1755) وفي الشمائل (25).

(16)

البيهقي (1/ 188).

(17)

عبد الله بن أحمد في زياداته (6/ 281).

(18)

الطبراني في الأوسط (1266) و (4554).

(19)

عبد الرزاق (1034) والبيهقي (1/ 88).

ص: 352

وكذلك رواه جماعة من أصحاب عروة عنه كذلك فذكروا الغسل وهم: أبو بكر ابن حفص

(1)

، وابن شهاب الزهري

(2)

، وتميم بن سلمة

(3)

.

وكذلك رواه جماعة عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فذكروا الغسل، منهم:

القاسم بن محمد

(4)

، والأسود بن يزيد

(5)

، وأبو سلمة ابن عبد الرحمن

(6)

، وحفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر

(7)

، ومعاذة العدوية

(8)

، وعبيد بن عمير

(9)

، وعطاء بن أبي رباح

(10)

، وعكرمة مولى ابن عباس

(11)

، ومسروق الأجدع

(12)

، وصفية بنت شيبة

(13)

، وشقيق بن سلمة

(14)

، ومجاهد

(15)

، وشريح

(1)

البخاري (263) وقد رواه عنه معمر كذلك كما عند مصنف عبد الرزاق (1027) وأحمد (6/ 999) وإسحاق (634) والنسائي (1/ 128).

(2)

البخاري (250) ومسلم (319).

(3)

أحمد (6/ 230) وإسحاق (584).

(4)

البخاري (261) ومسلم (321).

(5)

البخاري (299).

(6)

مسلم (321).

(7)

مسلم (321).

(8)

مسلم (328).

(9)

مسلم (331) وأحمد (6/ 43).

(10)

عبد الرزاق (1028) وأحمد (6/ 168، 170) وأبو يعلى (4457) وابن أبي شيبة (2383) وابن حبان (1193).

(11)

أحمد (6/ 255) وإسحاق (1203) وأبو يعلى (4852) والطحاوي (1/ 25).

(12)

أحمد (6/ 129)(6/ 157) والطحاوي (1/ 25).

(13)

ابن خزيمة (238) والطحاوي (1/ 25).

(14)

الطبراني في الأوسط (3465).

(15)

الطبراني (6087).

ص: 353

الحارثي

(1)

، وذر بن عبد الله

(2)

.

وهم معمر بن راشد في قوله «نتوضأ» والصحيح (نغتسل) فقد خالف أكثر من عشرين من أصحاب هشام ونحو أربعة عشر تابعياً ممن رواه عن عائشة ولم أقف على ذكر الوضوء إلا ما رواه ابن ماجه من طريق حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن هرم عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهما كانا يتوضآن جميعاً للصلاة

(3)

.

وخالفه أبان بن صمعة فقال: حدثتني عائشة أنها كانت تغتسل مع النبي صلى الله عليه وسلم في إناء واحد

(4)

.

ولعل الوهم من حبيب الجرمي. قال يحيى بن سعيد القطان: «كان رجلاً من التجار ولم يكن في الحديث بذاك، وقال أحمد بن حنبل: ما أعلم به بأساً. وهذا من رواية داود بن شعيب عنه. وقال أبو بكر ابن أبي خيثمة: كان معنا كتاب حبيب بن أبي حبيب عن داود بن شبيب فنهانا يحيى بن معين أن نسمعه من داود بن شبيب»

(5)

.

وقال ابن حجر في التقريب: صدوق يخطاء.

وما رواه الدارقطني من طريق أبي الزبير عن عبيد بن عمير عن عائشة قالت: «لقد رأيتني أتوضأ مع النبي صلى الله عليه وسلم في إناء واحد»

(6)

.

(1)

إسحاق (1572) والنسائي في الكبرى (49) مختصراً.

(2)

أبو بكر الإسماعيلي في معجمه (12).

(3)

ابن ماجه (383).

(4)

أحمد (6/ 255) وإسحاق (1203) وأبو يعلى (4872) والطحاوي (1/ 25) من طريقين عن أبان به، قال محقق ط الرسالة: إسناده صحيح.

(5)

تهذيب الكمال (1066).

(6)

الدارقطني (1/ 51) عن الحسين بن إسماعيل، عن إبراهيم بن راشد، عن عارم عن حماد.

ص: 354

هكذا رواه حماد بن زيد عن أيوب عن أبي الزبير.

وهو عند مسلم

(1)

وغيره من طريق إسماعيل بن علية عن أيوب عن أبي الزبير بلفظ الاغتسال.

وتابعه الحارث بن عمير

(2)

فرواه عن أيوب بلفظ: الاغتسال

(3)

.

وكذلك رواه إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير بلفظ: الاغتسال

(4)

.

فلعل الوهم وقع ممن دون حماد بن زيد، والله أعلم.

‌علة الوهم:

1 ضعف معمر في حديثه عن هشام، قال يحيى بن معين: معمر مضطرب كثير الأوهام في حديثه عن هشام كما تقدم.

2 هذا الحديث من رواية أهل البصرة عنه، وقد قال أبو حاتم: ما حدّث بالبصرة ففيه أغاليط

(5)

وذلك لأن كتبه ليست معه وكان في حديثه في اليمن ينظر كتبه ويتعاهدها.

3 المراد المعنى وهو اشتراكهما في استخدام الماء من إناء واحد سواء كان ذلك للوضوء أو للغسل.

(1)

مسلم (331).

(2)

إسحاق بن راهويه (1182) و (1773).

(3)

النسائي (1/ 203).

(4)

الجرح والتعديل (8/ 257).

(5)

أبو داود (80) وأحمد (2/ 103) وابن خزيمة (120) وابن الجارود (58) وغيرهم.

ص: 355

4 صح اشتراك النساء والرجال من إناء واحد كما في حديث ابن عمر قال: كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ندلي منه أيدينا

(1)

.

والله تعالى أعلم.

(1)

ابن خزيمة (121) وابن حبان (1263).

ص: 356

‌الحديث الخمسون

(1)

:

223 -

قال ابن حبان في صحيحه (5725): أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير الحافظ بتستر قال: حدثنا الحسن بن علي بن بحر بن البري قال: حدثنا أبي قال: حدثنا هشام بن يوسف، قال: حدثنا معمر، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:

رأى رجلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في النوم أنه لقي قوماً من اليهود فأعجبته هيئتهم فقال: إنكم القوم لولا أنكم تقولون: عزير ابن الله، فقالوا: وأنتم قوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد.

قال: ولقي قوماً من النصارى فأعجبته هيئتهم فقال: إنكم قوم لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله، فقالوا: وأنتم قوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، فلما أصبح قصّ ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«كنت أسمعها منكم فتؤذيني، فلا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد» .

(1)

رجال الإسناد:

أحمد بن يحيى بن زهير التستري الزاهد، مَنْ صار يضرب به المثل في الحفظ، توفي سنة 310 هـ، تذكرة الحفاظ (2/ 757) وسير أعلام النبلاء (14/ 362).

الحسن بن علي بن بحر بن البري، ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 468).

علي بن بحر بن بري البغدادي فارسي الأصل، ثقة فاضل، من العاشرة، مات سنة 234، روى له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي.

هشام بن يوسف الصنعاني، أبو عبد الرحمن القاضي، ثقة من التاسعة، مات سنة 197، روى له البخاري.

عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمي، ثقة فصيح عالم تغير حفظه، ربما دلس، من الثالثة، مات سنة 136 وله 103، روى له البخاري ومسلم.

ص: 357

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير شيخ ابن حبان أحمد بن يحيى وهو حافظ ثقة، والحسن بن علي وثقه ابن حبان، وقد تابعه في روايته هذه عن أبيه أبو أمية الطرسوسي واسمه محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي وهو صدوق صاحب حديث من رجال النسائي.

أخرجه الطحاوي في شرح المشكل (237) عنه.

وأخرجه عبد الرزاق (19813) عن معمر عن عبد الملك بن عمير مرسلاً ولم يذكر جابراً.

هكذا رواه معمر فقال: (عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة).

خالفه شعبة وحماد بن سلمة وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، وزياد بن عبد الله البكائي، وزائدة بن قدامة، وزيد بن أبي أنيسة، وعبيد الله بن عمرو الرقي، وعبد الله بن إدريس. هؤلاء الثمانية رووا هذا الحديث فقالوا: (عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش عن طفيل بن سخبرة أخي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.

وقد استوفينا الكلام عليه في باب سفيان بن عيينة رحمه الله ح (113) فانظره لزاماً.

قال البزار في (7/ 253): هكذا قال ابن عيينة عن عبد الملك عن ربعي عن حذيفة.

ص: 358

وقال شعبة وأبو عوانة: عن عبد الملك، عن ربعي بن حراش، عن الطفيل أخي عائشة.

وقال معمر: عن عبد الملك، عن جابر بن سمرة، والصواب حديث عبد الملك بن ربعي عن الطفيل.

ص: 359

‌الحديث الحادي والخمسون

(1)

:

224 -

قال عبد الرزاق في المصنف (20950): أخبرنا معمر، عن عاصم، عن مسلم بن سلام، عن عيسى بن حطان، عن علي بن طلق رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«إذا فسا أحدكم فليتوضأ، ولا تأتوا النساء في استاههن إن الله لا يستحي من الحق» .

‌التعليق:

هذا إسناد ضعيف، والحديث صحيح لغيره.

أخرجه أحمد (24000/ 33) في مسنده كما في الملحق المستدرك منه، (39/ 468) والبيهقي في شعب الإيمان (4990) من طريق إسحاق بن إبراهيم كلاهما عن عبد الرزاق به.

وأخرجه أيضاً عبد الرزاق (529) وجاء فيه قيس بن طلق بدلاً من علي بن طلق ولعله وهم من النساخ (وقد نبّه المحقق على ذلك).

(1)

رجال الإسناد:

عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرحمن البصري، ثقة من الرابعة، لم يتكلم فيه إلا القطان وكأنه بسبب دخوله في الولاية، مات بعد سنة 140، روى له البخاري ومسلم.

مسلم بن سلام الحنفي أبو عبد الملك، مقبول من الرابعة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.

عيسى بن حِطان الرقاشي، مقبول، من الثالثة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.

علي بن طلق بن المنذر بن قيس الحنفي اليمامي، صحابي، له أحاديث، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.

ص: 360

هكذا قال معمر: (عن عاصم بن سليمان، عن مسلم بن سلام، عن عيسى بن حطان، عن علي بن طلق).

خالفه سفيان الثوري

(1)

، وشعبة

(2)

، وجرير بن عبد الحميد

(3)

، وأبو معاوية

(4)

، وحفص بن غياث

(5)

، وعبد الواحد بن زياد

(6)

، وإسماعيل بن زكريا

(7)

، ومروان بن معاوية الفزاري

(8)

.

فقالوا: (عن عاصم بن سليمان، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن علي بن طلق).

وهم معمر رحمه الله فقلب إسناده، فجعل شيخ عاصم في هذا الحديث مسلم بن سلام، وعاصم ليس له رواية عن مسلم، والصحيح الذي رواه الجماعة أن شيخه في هذا الحديث عيسى بن حطان.

(1)

أحمد (24000/ 36)، مجلد (39/ 472).

(2)

أحمد (24000/ 35) وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 43) و (3/ 231) إلا أنه قال فيه: (عن طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق).

(3)

أبو داود (205) و (1005) والنسائي في الكبرى (9026) والطحاوي (3/ 54) وابن حبان (2237) والدارقطني (1/ 153) والبيهقي (2/ 255) وابن جرير في تهذيب الآثار (3/ 274) والبغوي في شرح السنّة (3/ 277).

(4)

الترمذي (1164) والنسائي في الكبرى (9025) و (9026) والطحاوي (3/ 45) وابن حبان (4199)(4201) وابن جرير في تهذيب الآثار مسند علي (3/ 274) وابن الأثير في أسد الغابة (4/ 134) وقال الترمذي: حسن.

(5)

ابن أبي شيبة (4/ 251) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1679).

(6)

الدارمي (1141) و (1142).

(7)

ابن قانع (2/ 260) والطحاوي (3/ 45).

(8)

ابن عساكر في تاريخ دمشق (53/ 110).

ص: 361

وكذلك رواه عبد الملك بن مسلم، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن علي بن طلق

(1)

.

قال محقق المصنف الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي: وفي الترمذي عن عاصم عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام وهو الصواب.

(1)

النسائي في الكبرى (9024) وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار مسند علي (3/ 274) كلاهما من طريق أحمد بن خالد به، ورواه ابن جرير أيضاً من طريق الفضل بن دكين عن عبد الملك بن مسلم به، وأخرجه الخطيب في تاريخه (10/ 398) من طريق شبابة بن سوار عن عبد الملك به.

ص: 362

‌الحديث الثاني والخمسون

(1)

:

225 -

قال البيهقي رحمه الله في السنن الكبرى (3/ 56): وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد، أنبأنا إسماعيل بن محمد الصفار، أنبا أحمد بن منصور الرمادي، ثنا عبد الرزاق، أنبا معمر، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«لقد هممت أن آمر فتياني أن يجمعوا حزماً من حطب ثم أنطلق فأحرق على قوم بيوتهم لا يشهدون الجمعة» .

(1)

رجال الإسناد:

عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار أبو محمد البغدادي السكري يعرف بابن وجه العجوز، أكثر الرواية عنه البيهقي، وروى عنه الخطيب، كان صدوقاً، وقال البرقاني: شيخ وحسن أمره. ونعته الذهبي فقال: الشيخ المعمر الثقة، مات في صفر سنة 417 (سير أعلام النبلاء 17/ 386) تاريخ بغداد (11/ 454).

إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن صالح بن عبد الرحمن أبو علي الصفار البغدادي النحوي صاحب المبرد، وثقه الدارقطني، ولد سنة 247 وتوفي سنة 341، نعته الذهبي فقال (الإمام النحوي الأديب مسند العراق). تاريخ بغداد (6/ 302 - 304) السير (15/ 440).

أحمد بن منصور بن سيار البغدادي الرمادي، ثقة حافظ، طعن فيه أبو داود لمذهبه في الوقف في القرآن، من الحادية عشرة، مات سنة 265 وله 83 سنة، روى له ابن ماجه.

جعفر بن برقان الكلابي، أبو عبد الله الرقي، صدوق يهم في حديث الزهري، من السابعة، مات سنة 150 وقيل بعدها، روى له مسلم.

يزيد بن الأصم واسمه عمرو بن عبيد بن معاوية البكائي، كوفي نزل الرقة وهو ابن أخت ميمونة أم المؤمنين، يقال: له رؤية ولا يثبت، ثقة من الثالثة، مات سنة 103، روى له مسلم.

ص: 363

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات، وأخرجه عبد الرزاق (1986) ولم يسق لفظه ورجاله رجال الصحيح.

هكذا قال معمر عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة (الجمعة).

خالفه جماعة من أصحاب جعفر فرووه بهذا الإسناد فأبهموا الصلاة فقالوا: (لا يشهدون الصلاة)، منهم:

وكيع بن الجراح

(1)

، وأبو نعيم الفضل بن دكين

(2)

، والفضل بن موسى السيناني

(3)

، وكثير بن هشام

(4)

.

ومما يدل على وهم تخصيص ذلك بالجمعة ما جاء في رواية يزيد بن يزيد بن جابر عن يزيد بن الأصم قال: قلت ليزيد بن الأصم: يا أبا عوف الجمعة عنى أو غيرها؟ قال: صمتا أذناي إن لم أكن سمعت أبا هريرة يأثره

(5)

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكر جمعة ولا غيرها

(6)

.

وجاء في رواية كثير بن هشام: فسئل يزيد أفي الجمعة هذا أم

(1)

مسلم (651)(253) والترمذي (217) وأحمد (2/ 472) وإسحاق (310).

(2)

إسحاق بن راهويه في مسنده (312) والبيهقي (3/ 55 - 56).

(3)

إسحاق (312).

(4)

أحمد (2/ 539) وإسحاق (311).

(5)

أي: يرويه.

(6)

أبو داود (549) والطبراني في الأوسط (1061) و (7551) والبيهقي (3/ 56) وفي إسناده يزيد بن يزيد. قال ابن حجر: مجهول. اختار الذهبي أنه يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي وهو ثقة، والله أعلم.

ص: 364

في غيرها؟ قال: ما سمعت أبا هريرة يذكر جمعة ولا غيرها إلا هكذا

(1)

.

والحديث في الصحيحين وغيرهما من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار»

(2)

.

ومن طريق الأعرج عن أبي هريرة بنحوه

(3)

.

وقال الحافظ: (إنه تأمل حديث أبي هريرة في هذا فوجدها في بعض طرقها تشير إلى العشاء والفجر، ثم قال: (ثم سائر الروايات عن أبي هريرة على الإبهام

) ثم قال: وخالفهم معمر فقال: (الجمعة).

أخرجه عبد الرزاق عنه والبيهقي من طريقه وأشار إلى ضعفها لشذوذها، ويدل على وهمه فيها رواية أبي داود والطبراني في الأوسط من طريق يزيد بن يزيد بن جابر عن يزيد بن الأصم

فظهر أن الراجح في حديث أبي هريرة أنها لا تختص بالجمعة)

(4)

.

وقد قال البيهقي رحمه الله عقب الحديث: كذا قال: الجمعة، وكذلك روي عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود، والذي يدل عليه سائر الروايات أنه عبّر بالجمعة عن الجماعة، والله أعلم

(5)

.

(1)

سبق تخريجه.

(2)

البخاري (657) ومسلم (651)(252) واللفظ له.

(3)

البخاري (644) ومسلم (651)(251).

(4)

فتح الباري (2/ 128).

(5)

السنن الكبرى (3/ 56 - 57).

ص: 365

وتعقبه ابن التركماني فقال: «التعبير بالجمعة وإرادة الجماعة بعيد، وفيه تلبيس على المخاطبين، والوجه أن يقال: لا منافاة بين رواية: لا يشهدون الجمعة، ورواية: لا يشهدون الصلاة، فيعمل بالروايتين ويتوجه الذم إلى مَنْ ترك الجمعة وإلى مَنْ ترك الجماعة» .

وتعقبه الألباني فقال: هذا الجمع إنما يصح أن يقال في حديث أبي هريرة، وحديث ابن مسعود الذي أشار إليه البيهقي، ولكنه لا يصح أن يقال: في الجمع بين روايتَيْ حديث أبي هريرة لأن في بعض طرقه في الصحاح الثلاثة ومسند أحمد أنها صلاة العشاء، ولذلك رجح الحافظ في الفتح أنها لا تختص بصلاة الجمعة، والله أعلم

(1)

.

‌علة الوهم:

روى أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: «لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم»

(2)

.

فهذا هو والله أعلم سبب وهم معمر ذلك أنه ورد هذا الوعيد أيضاً في صلاة الجمعة.

‌الخلاصة:

الوعيد في التخلف عن صلاة الجمعة وارد في حديث ابن مسعود، ولكن في حديث أبي هريرة ورد في صلاة الجماعة فوهم

(1)

صحيح سنن أبي داود (3/ 64).

(2)

مسلم (652).

ص: 366

معمرٌ رحمه الله فجعل الحكم الذي في حديث ابن مسعود في حديث أبي هريرة.

وما ذهب إليه البيهقي في تأويله أنه عبّر بالجمعة عن الجماعة، وما قاله ابن التركماني من الجمع غير صحيح، والصحيح أن يقال: وهم معمرٌ فقال: الجمعة والصحيح الجماعة، والله تعالى أعلم.

ص: 367

‌الخاتمة

1 -

وهم الإمام الحافظ الثقة الثبت معمر في نحو من خمسين حديثاً فيما وقفنا عليه، واحد وعشرون منها على الزهري

(1)

، وتسعة على يحيى بن أبي كثير

(2)

، وثلاثة أحاديث على كل من أيوب وثابت وقتادة والباقي على سواهم.

2 -

عشرة أحاديث وهم فيها في المتن وهي: (2، 9، 13، 26، 28، 33، 40، 43، 49، 52) والباقي في الإسناد.

3 -

معمر يعد في الطبقة الأولى من أصحاب الزهري مع مالك وابن عيينة ويونس، وقد وهم عليه كما في كتابنا هذا في عشرين حديثاً وهو مكثر في حديث الزهري لا يشاركه في كثرة الرواية عنه إلا يونس. وانظر خاتمة كتاب ابن عيينة.

4 -

وهم معمر فيما حدّث به في اليمن في ثلاثين حديثاً كلها

(1)

قال في التنقيح (2/ 573): وقد اتفق أهل العلم على أن معمراً كثير الوهم على الزهري.

(2)

شاركه هشام الدستوائي في سبعة منها كان القول فيها لهشام، وهشام من أوثق الناس في يحيى بن أبي كثير.

ص: 368

من رواية عبد الرزاق عنه عدا واحد من رواية هشام بن يوسف الصنعاني.

وسبب وهم معمر أنه كان يحدث من حفظه قال هشام بن يوسف: أقام معمر عندنا عشرين سنة ما رأينا له كتاباً، يعني كان يحدثهم من حفظه.

فرحم الله معمراً وأسكنه فسيح جناته جزاء لخدمته سنّة نبيه صلى الله عليه وسلم حفظاً وعلماً ونشراً، ورجل يحفظ آلاف الأحاديث

(1)

لا يضره أن يخطئ فيما لا يتجاوز نسبته 1% من حديثه الذي يحفظه عن ظهر قلب ويحدث به من حفظه، والله تعالى أعلم.

(1)

قال عبد الرزاق: كتبت عن معمر عشرة آلاف حديث (السير 7/ 11).

ص: 369

‌ملخص لما جاء في حديث معمر من الأوهام

رقم الحديث

شيخ الراوي

بلده

الوهم

الصحيح

1

الزهري

مدني سكن الشام

علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة. هل ترك لنا عقيل منزلاً ونحن نازلون غداً بخيف بني كنانة

بهذا الإسناد فقط هل ترك لنا عقيل منزلاً

2

الزهري

مدني سكن الشام

أ الزهري، عن سعيد عن أبي هريرة ب وينقص العلم

الزهري عن حميد عن أبي هريرة: ويقبض العلم

3

الزهري

مدني سكن الشام

لا صلاة لمَن لم يقرأ بأم القرآن فصاعداً

لا صلاة لمَن لم يقرأ بأم القرآن

4

الزهري

مدني سكن الشام

الزهري عن سالم عن ابن عمر

الزهري حدثت عن محمد بن سويد

5

الزهري

مدني سكن الشام

الزهري عن أنس بن مالك

الزهري، عن أبي أمامة بن سهل

6

الزهري

مدني سكن الشام

الزهري عن القاسم بن محمد

الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة

7

الزهري

مدني سكن الشام

الزهري، عن عمر بن سعد أو غيره عن سعد

الزهري، عن محمد بن أبي سفيان، عن يوسف بن الحكم عن سعد

8

الزهري

مدني سكن الشام

عروة عن مروان

أبو بكر ابن عبدالرحمن عن مروان

ص: 370

رقم الحديث

شيخ الراوي

بلده

الوهم

الصحيح

9

الزهري

مدني سكن الشام

إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين

إذا أمّن الإمام فأمِّنوا

10

الزهري

مدني سكن الشام

عطاء بن يزيد عن أبي سعيد

عبدالله بن محيريز عن أبي سعيد

11

الزهري

مدني سكن الشام

الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة

الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة

12

الزهري

مدني سكن الشام

رأيت على زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم قميص حرير سيراء

الصحيح أنه على أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم

13

الزهري

مدني سكن الشام

1) الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة

2) إن كان جامداً فألقوها وما حولها وإن كان مائعاً فلا تقربوه

1) الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة

2) ألقوها وما حولها وكلوه

14

الزهري

مدني سكن الشام

الزهري، عن ندبة، عن ميمونة

الزهري، عن حبيب مولى عروة، عن ندبة، عن ميمونة

15

الزهري

مدني سكن الشام

الزهري، عن يحيى بن سعيد بن العاص عن عائشة

الزهري، عن يحيى، عن سعيد بن العاص، عن عائشة

16

الزهري

مدني سكن الشام

الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة

الزهري، عن أبي سلمة، عن عبدالله بن عدي بن الحمراء

17

الزهري

مدني سكن الشام

الزهري، عن عروة، عن عائشة

الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة

18

الزهري

مدني سكن الشام

أن رداداً

أبو الرداد

19

الزهري

مدني سكن الشام

عن زينب بنت أبي سلمة عن زينب بنت جحش

عن زينب بنت أبي سلمة عن أم حبيبة عن زينب بنت جحش

ص: 371

رقم الحديث

شيخ الراوي

بلده

الوهم

الصحيح

20

الزهري

مدني سكن الشام

علي بن حسين عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم

علي بن حسين عن ابن عباس عن رجال من الأنصار عن النبي صلى الله عليه وسلم

21

الزهري

مدني سكن الشام

سعيد بن المسيب عن أبي هريرة

حميد بن عبدالرحمن عن معاوية

22

يحيى بن أبي كثير

اليمامة

يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أم سلمة

يحيى، عن أبي سلمة، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة

23

يحيى بن أبي كثير

اليمامة

يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي أمامة

عن يحيى، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي أمامة

24

يحيى بن أبي كثير

اليمامة

يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عمرو بن أمية

يحيى، عن أبي سلمة، عن جعفر بن عمرو بن أمية، عن عمرو بن أمية

25

يحيى بن أبي كثير

اليمامة

يحيى، عن زيد بن سلام، عن عبدالله بن زيد، عن عقبة بن عامر

يحيى، عن أبي سلام، عن عبدالله بن زيد، عن عقبة بن عامر

26

يحيى بن أبي كثير

اليمامة

1) يحيى عن عكرمة

2) لا يستلج أحدكم باليمين في أهله فهو آثم له عند الله من الكفارة التي أمر بها

1) يحيى عن عكرمة، عن أبي هريرة

2) مَنْ استلج أهله بيمين فهو أعظم إثماً ليَبَرَّ يعني الكفارة

27

يحيى بن أبي كثير

اليمامة

يحيى عن محمد بن عبدالرحمن عن جابر بن عبدالله

يحيى، عن محمد بن عبدالرحمن، عن أبي رفاعة، عن أبي سعيد الخدري

28

يحيى بن أبي كثير

اليمامة

إنما اصطدته لك ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له

ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أكل من لحمه

29

يحيى بن أبي كثير

اليمامة

يحيى، عن يعيش، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء

يحيى، عن الأوزاعي، عن يعيش، عن أبيه، عن معدان، عن أبي الدرداء

30

يحيى بن أبي كثير

اليمامة

ابن معانق أو أبي معانق

زيد بن سلام، عن أبي سلام

ص: 372

رقم الحديث

شيخ الراوي

بلده

الوهم

الصحيح

31

سعيد الجريري

البصرة

سعيد عن عبدالله بن بريدة عن أبي الأسود الديلمي عن أبي ذر

الأجلح، عن عبدالله بن بريدة عن أبي الأسود، عن أبي ذر

32

منصور بن المعتمر

الكوفة

منصور عن عباد بن أنيس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الأذان

منصور، عن يحيى بن عباد، عن عطاء رجل من أهل المدينة، عن أبي هريرة موقوفاً

33

منصور

الكوفة

في فضل الأذان، زيِّنوا أصواتكم بالقرآن

زيِّنوا القرآن بأصواتكم

34

صالح بن كيسان

المدينة النبوية

صالح، عن نافع بن جبير عن ابن عباس

صالح، عن عبدالله بن الفضل، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس

35

الأعمش

الكوفة

الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة

الأعمش، عن خيثمة، عن أبي حذيفة الأرحبي، عن حذيفة

36

أبو إسحاق السبيعي

الكوفة

أبو إسحاق، عن عمر بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص، حديث: قتال المؤمن كفر

أبو إسحاق، عن محمد بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص

37

أبو إسحاق

الكوفة

عبدالرحمن بن الأسود بن يزيد

عبدالرحمن بن يزيد، عن الأسود بن يزيد

38

قتادة

البصرة

قتادة، عن النضر بن أنس، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم

قتادة، عن أبي بكر بن عمير، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

39

قتادة

البصرة

قتادة عن أنس

قتادة، عن الحسن عن عمران

40

ثابت وقتادة

البصرة

توضؤوا باسم الله

توضؤوا

41

ثابت

البصرة

ثابت، عن أنس

ثابت، عن كنانة بن نعيم عن أبي برزة

ص: 373

رقم الحديث

شيخ الراوي

بلده

الوهم

الصحيح

42

ثابت

البصرة

ثابت، عن أنس

أبان بن أبي عياش، عن أنس

43

ابن طاووس

اليمن

مَنْ حلف فقال: إن شاء الله لم يحنث

اختصره من حديث طويل

44

سهيل بن أبي صالح

المدينة

سهيل، عن ابنه صالح

سهيل، عن عبدالله بن مسلم، عن صالح

45

أيوب

البصرة

عكرمة عن ابن عباس

عطاء عن ابن عباس

46

أيوب

البصرة

عن سعيد بن جبير قال: كنت عند عبدالله بن مغفل

لم يلقَ سعيد عبدالله بن مغفل ولم يسمع منه

47

أيوب

البصرة

أبو الجراح عن أم سلمة

زيد بن عبدالله عن عبدالله بن عبدالرحمن عن أم سلمة

48

هشام بن عروة

المدينة/ البصرة

عروة عن عائشة

فاطمة بنت المنذر عن أسماء

49

هشام

المدينة/ البصرة

نتوضأ من إناء واحد

نغتسل من إناء واحد

50

عبدالملك ابن عمير

الكوفة

جابر بن سمرة

ربعي، عن طفيل بن سخبرة

51

عاصم الأحول

البصرة

مسلم بن سلام عن عيسى بن حطان

عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام

52

جعفر بن برقان

الرقة

لا يشهدون الجمعة

لا يشهدون الصلاة

ص: 374

‌الأوزاعي

(1)

عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد شيخ الإسلام وعالم أهل الشام أبو عمرو الأوزاعي. كان يسكن بمحلة الأوزاع بدمشق ثم تحول إلى بيروت مرابطاً إلى أن مات بها، وقيل: كان مولده ببعلبك.

روى عن عطاء بن أبي رباح وعمرو بن مكحول وقتادة ومكحول والزهري وعبيدة بن أبي لبابة ويحيى بن أبي كثير ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم من التابعين.

روى عنه: مالك وشعبة والثوري وعبد الله بن المبارك ويحيى القطان وعبد الرزاق وخلق من أقرانه.

روى عنه من شيوخه: الزهري ويحيى بن أبي كثير وقتادة وغيرهم.

ولد سنة ثمان وثمانين، كان مولده في حياة الصحابة.

(1)

الجرح والتعديل (1/ 184 - 219) طبقات ابن سعد (7/ 488) المعرفة والتاريخ (2/ 390 - 397)، تهذيب الكمال (17/ 307 وما بعده) تاريخ دمشق (35/ 147 - 229) سير أعلام النبلاء (7/ 107 - 134).

ص: 375

‌ثناء أهل العلم:

قال عبد الرحمن بن مهدي: إنما الناس في زمانهم أربعة: حماد بن زيد بالبصرة، والثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام.

قال الشافعي: ما رأيت رجلاً أشبه فقهه بحديثه من الأوزاعي.

وقال ابن مهدي أيضاً: ما كان بالشام أعلم بالسنّة منه.

وقال ابن عيينة: كان إمام أهل زمانه.

وقال عبد الله بن المبارك: لو قيل: اختر لهذه الأمة لاخترت الثوري والأوزاعي ثم لاخترت الأوزاعي لأنه أرفق الرجلين.

وقال الوليد بن مزيد: ما رأيت أحداً كان أسرع رجوعاً للحق منه.

وقال ابن حبان: كان من فقهاء أهل الشام وقرائهم وزهادهم، وكان السبب في موته أنه كان مرابطاً ببيروت فدخل الحمام فزلق فسقط وغشي عليه ولم يعلم به حتى مات.

وذكر الأوزاعي عند مالك فقال: كان إماماً يقتدى به.

قال إسماعيل بن عياش: سمعت الناس في سنة أربعين ومائة يقولون: الأوزاعي اليوم عالم الأمة.

قال أحمد بن حنبل: دخل سفيان الثوري والأوزاعي على مالك، فلما خرجا قال: أحدهما أكثر علماً من صاحبه ولا يصلح للإمامة، والآخر يصلح للإمامة. يعني الأوزاعي للإمامة.

ص: 376

‌من أنفس كلامه:

كان هذا العلم كريماً يتلاقاه الرجال بينهم، فلما دخل في الكتب دخل فيه غير أهله.

وقال: تعلم ما لا يؤخذ به كما تعلم ما يؤخذ به.

وقال: طالب العلم بلا سكينة ولا حلم كالإناء المتخرق كلما حمل فيه شيء تناثر.

وقال: مَنْ أطال قيام الليل هوّن الله عليه وقوف يوم القيامة.

قال الدارمي: ما أحسب الأوزاعي إلا أخذه من هذه الآية { .. اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26)} {إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27)} .

وقال: عليك بآثار مَنْ سلف وإن رفضك الناس، وإياك ورأي الرجال وإن زخرفه لك بالقول، فإن الأمر ينجلي وأنت منه على طريق مستقيم.

وقال: ندور مع السنّة حيثما دارت.

وقال: إن المؤمن يقول قليلاً ويعمل كثيراً، وإن المنافق يقول كثيراً ويعمل قليلاً.

وقال: مَنْ أكثر ذكر الموت كفاه اليسير، ومَن عرف أن منطقه من عمله قلّ كلامه.

وقال: كنا نضحك ونمرح، فلما صرنا يقتدى بنا خشيت أن لا يسعنا التبسم. وفي رواية: فينبغي لنا أن نحفظ.

وقال: لا يجتمع حب علي وعثمان إلا في قلب مؤمن.

ص: 377

وقال: اصبر على السنّة، وقف حيث وقف القوم، وقل فيما قالوا، وكف عما كفوا، واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما يسعهم.

وقال: إذا أراد الله بقوم شراً فتح عليهم الجدل ومنعهم العمل.

‌عبادته:

قال الوليد بن مسلم: ما رأيت أكثر اجتهاداً في العبادة من الأوزاعي.

قال ضمرة بن ربيعة: حججنا مع الأوزاعي سنة خمسين ومائة فما رأيته مضطجعاً في المحمل في ليل ولا نهار قط، كان يصلي فإذا غلبه النوم استند إلى القتب.

قال بشر بن المنذر: رأيت الأوزاعي كأنه أعمى من الخشوع.

قال عفير بن عفان: حدثتني أمي قالت: دخلت على امرأة الأوزاعي فرأيت الحصير الذي يصلي عليه مبلولاً، فقلت: يا أختي أخاف أن يكون الصبي بال على الحصير، فبكت وقالت: ذلك دموع الشيخ.

وروى نحو هذه الحكاية إسحاق بن حماد النميري عن أبيه.

وقال أبو مسهر: ما رئي الأوزاعي باكياً قط ولا ضاحكاً حتى تبدو نواجذه، وإنما كان يبتسم أحياناً كما روي في الحديث، وكان يحيي الليل صلاةً وقرآناً وبكاءً.

وقال سلمة بن سلام: نزل الأوزاعي على أبي ففرشنا له فراشاً فأصبح على حاله ونزعت خفيه، فإذا هو مبطن بثعلب.

ص: 378

وقال الوليد بن مسلم أيضاً: وكان الأوزاعي من العبادة على شيء لم يسمع بأحد قوي عليه، ما أتى عليه زوال قط إلا وهو فيه قائم يصلي.

وقال عقبة بن علقمة: أحصيت على الأوزاعي يوم الجمعة صلاته قبل خروج الإمام فصلى أربعاً وثلاثين ركعة كان قيامه وركوعه وسجوده حسناً كله.

وقال عبيدة بن عثمان: مَنْ نظر إلى الأوزاعي اكتفى به مما يرى عليه من أثر العبادة، كنت إذا رأيته قائماً يصلي كأنما تنظر إلى جسد ليس فيه روح.

‌مَنْ تكلم في روايته عنهم:

قال يعقوب بن شيبة: الأوزاعي ثقة ثبت إلا روايته عن الزهري خاصة فإن فيها شيئاً

(1)

.

وقال يحيى بن معين: الأوزاعي ثقة وهو أحب إليّ من عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعبد الرحمن بن يزيد ثقة، والأوزاعي في الزهري ليس بذاك، أخذ كتاب الزهري من الزبيدي

(2)

.

وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سألته يعني يحيى بن معين عن الأوزاعي ما حاله في الزهري، فقال: ثقة، قلت أين يقع من يونس؟ قال: يونس أسند عن الزهري والأوزاعي ثقة، ما أقل ما روى الأوزاعي عن الزهري

(3)

.

(1)

تاريخ دمشق (35/ 181).

(2)

تاريخ دمشق (35/ 180).

(3)

تاريخ دمشق (35/ 180).

ص: 379

‌الحديث الأول

(1)

:

226 -

قال الإمام مسلم (1/ 299 ح 399):

حدثنا محمد بن مِهْرَان الرَّازِيُّ، حدثنا الوَلِيدُ بن مُسْلِمٍ، حدثنا الأَوْزَاعِيُّ عن عَبْدَةَ أنَّ عُمَرَ بن الخَطَّاب كان يَجْهَرُ بِهَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ يقول: سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ ولا إِلَهَ غَيْرُكَ. وَعَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إليه يُخْبِرُهُ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ أَنَّهُ حدّثه قال: صَلَّيْتُ خَلْفَ النبي صلى الله عليه وسلم وأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُون بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} لَا يَذْكُرُونَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} في أوَّلِ قِرَاءَةٍ ولا في آخِرِهَا.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم (886) من طريق موسى بن عامر، وأبو عوانة (1658) من طريق دحيم كلاهما عن الوليد بن مسلم. وأخرجه أحمد (3/ 223) من طريق أبي المغيرة، وأبو عوانة (1657) من طريق بشر بن بكر، والبيهقي (2/ 50) من طريق العباس بن الوليد بن مزيد، أربعتهم (الوليد بن مسلم، وأبو المغيرة،

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن مهران الرازي، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة 239 أو 238، روى عن البخاري ومسلم.

الوليد بن مسلم القرشي الدمشقي، ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية، من الثامنة، مات آخر سنة 194 أو أول 195، روى له البخاري ومسلم.

قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الحطاب البصري، ثقة ثبت وهو رأس الطبقة الرابعة، مات سنة بضع وعشرة بعد المائة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 380

وبشر بن بكر، والعباس بن الوليد) عن الأوزاعي عن قتادة عن أنس.

هكذا قال الأوزاعي عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: صلّيت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} لا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} .

خالفه جماعة من أصحاب قتادة عن أنس فلم يذكروا لا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} ، منهم:

شعبة

(1)

، وأبو عوانة

(2)

، وأيوب السختياني

(3)

، وهمام بن يحيى العوذي

(4)

، وسعيد بن أبي عروبة

(5)

، وهشام الدستوائي

(6)

، وشيبان

(7)

، وأبو داود الطيالسي

(8)

، وحماد بن سلمة

(9)

، ومعمر

(10)

، وأبان

(1)

البخاري (743).

(2)

الترمذي (246) والنسائي (2/ 133) وفي الكبرى (975) وابن ماجه (813) وابن خزيمة (491).

(3)

أبو داود (813) والنسائي (2/ 833) وفي الكبرى (976) وابن ماجه (813) والشافعي في السنن (41) وفي سننه (1/ 36) وأحمد (3/ 111) والحميدي (1199) وابن الجارود (182).

(4)

أحمد (3/ 289) وأبو يعلى (2881) والدارقطني (1/ 316) والبيهقي (2/ 51) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (412).

(5)

أحمد (3/ 205)(3/ 211)(3/ 255) وأبو يعلى (2980)(2981)(2982) وابن حبان (1798) وأبو عوانة (1658)(1659) والطحاوي (1/ 202).

(6)

أبو داود (782) وأحمد (3/ 273) و (3/ 114) وابن أبي شيبة (4145) وأبو يعلى (2983) والدارمي (1240).

(7)

الطحاوي (1/ 202) وابن حبان (1790) وأبو القاسم البغوي في الجعديات (6) والخطيب في تاريخ بغداد (2/ 335).

(8)

في مسنده (1975) وأحمد (3/ 278).

(9)

أحمد (3/ 168)(3/ 203)(3/ 286) وأبو يعلى (3093)(3522)(3874).

(10)

عبد الرزاق (2598) وأبو يعلى (3031).

ص: 381

المعلم

(1)

، وخليد بن دعلج

(2)

.

وكذلك رواه حميد الطويل

(3)

، وثابت البناني

(4)

، والحسن البصري

(5)

، ومحمد بن سيرين

(6)

، ومالك بن دينار

(7)

، وسعد بن بكر

(8)

، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة

(9)

.

سبعتهم عن أنس بن مالك فقالوا: (يستفتحون القراءة ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}).

وجاء في رواية بعضهم: (لا يجهرون ب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)}).

ورواية للحسن: (كانوا يسرون ب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)}).

ولم يأتِ عن أحد منهم نفي قراءة {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} بالكلية إلا ما جاء في رواية مالك عن حميد عن أنس

(1)

الطبراني في الأوسط (7824).

(2)

الطبراني في الأوسط (1080).

(3)

ابن حبان (1800) وأحمد (3/ 168) و (3/ 286) وأبو يعلى (2985)(3031) وعبد الرزاق (2598) والطحاوي (1/ 202) وغيرهم.

(4)

أحمد (3/ 203)(3/ 286) والطحاوي (1/ 203).

(5)

الطحاوي (1/ 203).

(6)

الطحاوي (1/ 203).

(7)

أبو يعلى (4155) والطبراني في الأوسط (5018) وابن عدي في الكامل (3/ 72) وتمام الرازي في الفوائد (1691).

(8)

الطحاوي (1/ 203).

(9)

الطحاوي (1/ 203).

ص: 382

وخالفه سبعة من أصحاب حميد، وبذلك أعلّ حديثه الإمام الشافعي وقد تقدم في باب مالك.

لذا قال الطحاوي: فلما تواترت هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم بما ذكرنا وكان في بعضها أنهم كانوا يستفتحون القراءة ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} وليس في ذلك دليل على أنهم كانوا لا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} قبلها ولا بعدها لأنه إنما عنى بالقراءة هاهنا قراءة القرآن، فاحتمل أنهم لم يعدوا {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} قرآناً وعدوها ذكراً مثل: سبحانك اللهم وبحمدك وما يقال عند افتتاح الصلاة، فكان ما يقرأ من القرآن بعد ذلك ويستفتح ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} وفي بعضها أنهم كانوا لا يجهرون ب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} ففي ذلك دليل على أنهم كانوا يقولونها من غير طريق الجهر ولولا ذلك لما كان لذكرهم نفي الجهر معنى

(1)

.

وقال الدارقطني: إن المحفوظ عن قتادة وغيره عن أنس أنهم كانوا يستفتحون ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} ليس فيه تعرض لنفي البسملة

(2)

.

وقال البيهقي: بعد أن أورده من طريق شعبة بلفظ: كانوا يستفتحون القراءة ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} قال: وهذا اللفظ أولى أن يكون محفوظاً، فقد رواه عامة أصحاب قتادة بهذا

(1)

شرح معاني الآثار (1/ 203).

(2)

في سننه (1/ 316).

ص: 383

اللفظ منهم: حميد الطويل، وأيوب السختياني، وهشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، وأبان بن يزيد العطار، وحماد بن سلمة وغيرهم.

وكذلك رواه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وثابت البناني عن أنس بن مالك

(1)

.

وقال ابن عبد البر: اختلفوا في لفظ هذا الحديث، فمنهم مَنْ قال فيه: كانوا يفتتحون القراءة ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} ، ومنهم مَنْ قال فيه:(كانوا لا يقرؤون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)})، ومنهم مَنْ قال:(كانوا لا يجهرون .. )، ثم قال: فليس في هذا الحديث ما يوجب سقوط {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} من أول فاتحة الكتاب إلا أن فيه متعلقاً لمَن ذهب إلى أنهم كانوا يخفونها ولا يجهرون بها.

وقد ذكر أهل المصطلح هذا الحديث مثالاً لما وقعت العلة فيه في المتن دون الإسناد.

قال الحافظ ابن حجر: مثال ما وقعت العلة في المتن دون الإسناد ما ذكر المصنف من أحد الألفاظ الواردة في حديث أنس رضي الله عنه وهي قوله: (لا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} في أول قراءة ولا في آخرها، فإن أصل الحديث في الصحيحين، فلفظ البخاري:(كانوا يفتتحون ب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)})

(2)

.

(1)

سنن البيهقي (2/ 51).

(2)

النكت على ابن الصلاح (2/ 751).

ص: 384

وقال جمال الدين بن بهادر الزركشي: هذا الحديث سنده صحيح ومتنه ضعيف لوجود العلة فيه وهو أن الأكثرين إنما قالوا فيه: فكانوا يستفتحون القراءة ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} من غير تعرض لنفي البسملة

(1)

.

قال الحافظ العراقي:

وأما رواية مسلم في صحيحه من رواية الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي عن قتادة أنه كتب إليه يخبره عن أنس بن مالك أنه حدثه قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فكانوا يستفتحون ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} لا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} في أول قراءة ولا في آخرها، فقد بيّن الأوزاعي في روايته أنه لم يسمعه من قتادة وإنما كتب إليه به، والخلاف في صحة الرواية بالكتابة معروف وعلى تقدير صحتها فأصحاب قتادة الذين سمعوه منهم: أيوب وأبو عوانة وغيرهما لم يتعرضوا لنفي البسملة كما تقدم، وأيضاً ففي طريق مسلم الوليد بن مسلم وهو مدلس وإن كان قد صرّح بسماعه من الأوزاعي فإنه يدلس تدليس التسوية أي: يسقط شيخ شيخه الضعيف كما تقدم نقله عنه. نعم، لمسلم من رواية شعبة عن قتادة عن أنس فلم أسمع أحداً منهم يقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} ولا يلزم من نفي السماع عدم الوقوع بخلاف الرواية المتقدمة.

وأما رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة فهي عند مسلم أيضاً ولم يسق لفظها وإنما ذكرها بعد رواية الأوزاعي عن قتادة عن أنس

(1)

النكت على مقدمة ابن الصلاح (1/ 118).

ص: 385

فقال: حدثنا محمد بن مهران، حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يذكر ذلك فاقتضى إيراد مسلم لهذه الرواية أن لفظها مثل الرواية التي قبلها وليس كذلك فقد رواها ابن عبد البر في كتاب الإنصاف من رواية محمد بن كثير قال: حدثنا الأوزاعي فذكرها بلفظ كانوا يفتتحون القراءة ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} ليس فيها تعرض لنفي البسملة موافقاً لرواية الأكثرين وهذا موافق لما قدمنا نقله عن البيهقي من أن رواية إسحاق بن عبد الله عن أنس لهذا الحديث كرواية أكثر أصحاب قتادة أنه ليس فيها تعرض لنفي البسملة، فقد اتفق ابن عبد البر والبيهقي على مخالفة رواية إسحاق للرواية التي فيها نفي البسملة، وعلى هذا فما فعله مسلم رحمه الله هنا ليس بجيد لأنه أحال بحديث على آخر وهو مخالف له بلفظ (فذكر ذلك) ولم يقل نحو ذلك ولا غيره، فإن كانت الرواية التي وقعت لمسلم لفظها كالتي قبلها التي أحال عليها فترجح رواية ابن عبد البر عليها لأن رواية مسلم من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي معنعناً، ورواية ابن عبد البر من طريق محمد بن كثير حدثنا الأوزاعي وصرّح بلفظ الرواية فهي أولى بالصحة ممن أبهم اللفظ وفي طريقه مدلس عنعنعه والله أعلم

(1)

.

‌علة الوهم:

الرواية بالمعنى:

قال السيوطي: «فقوله: لا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} زيادة من الراوي بناءً على ما فهمه فأخطأ فيه.

(1)

التقييد والإيضاح للعراقي (1/ 122) والشذا الفياح للأبناسي (1/ 208).

ص: 386

قال الشافعي: يستفتحون ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ

(2)} معناه يبدؤون بقراءة أم القرآن قبل السورة»

(1)

.

وكذلك قال ابن الصلاح وابن حجر وابن بهادر

(2)

وغيرهم

(3)

.

(1)

الديباج على مسلم (2/ 120).

(2)

علوم الحديث 83.

(3)

النكت على ابن الصلاح (2/ 748).

ص: 387

‌الحديث الثاني

(1)

:

227 -

قال النسائي رحمه الله في المجتبى (1/ 116) رقم (201): أخبرنا عمران بن يزيد، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله العدوي، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثني هشام بن عروة، عن عروة، عن فاطمة بنت قيس من بني أسد قريش:

أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أنها تُستحاض فزعمت أنه قال لها: «إنما ذلك عِرْق فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.

والحديث أخرجه النسائي أيضاً في (1/ 180) وفي الكبرى (209) بنفس الإسناد، والطبراني في الأوسط (2952) وفي الكبير (24/ 900)

(1)

رجال الإسناد:

عمران بن خالد بن يزيد بن مسلم القرشي، ويقال: الطائي الدمشقي، صدوق من العاشرة، مات سنة 244، روى له النسائي.

إسماعيل بن عبد الله بن سماعة العدوي مولى آل عمر الرملي، وقد ينسب إلى جده، ثقة، قديم الموت، من الثامنة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.

يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني، أبو سعيد القاضي، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة 144 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.

هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، ثقة فقيه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة 145 أو 146 وله 78 سنة، روى له البخاري ومسلم.

عروة بن الزبير: تقدم.

فاطمة بنت أبي حبيش، واسمه قيس بن المطلب، الأسدية، صحابية لها حديث في الاستحاضة، روى حديثها أبو داود والنسائي وابن ماجه.

ص: 388

وفي الصغير (230 الروض الداني)، من طريق إسماعيل بن عبد الله عن الأوزاعي.

هكذا رواه الأوزاعي فقال: (عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن هشام، عن عروة، عن فاطمة بنت قيس).

خالفه أصحاب هشام فرووه عن هشام فقالوا: (عن هشام، عن عروة، عن عائشة أن فاطمة بنت حبيش)، منهم:

مالك

(1)

، وأبو معاوية محمد بن خازم

(2)

، وسفيان بن عيينة

(3)

، وزهير بن معاوية

(4)

، وأبو أسامة حماد بن أسامة

(5)

، وعبد الله بن نمير

(6)

، وجرير بن عبد الحميد

(7)

، وعبد العزيز بن محمد

(8)

، وحماد بن زيد

(9)

، وسفيان الثوري

(10)

، ومعمر

(11)

، وعبدة بن سليمان

(12)

، وابن جريج

(13)

، وعبد الله بن المبارك

(14)

، وخالد بن الحارث

(15)

، والليث بن

(1)

البخاري (306).

(2)

البخاري (228) ومسلم (333) 62).

(3)

البخاري (320).

(4)

البخاري (331).

(5)

البخاري (325).

(6)

مسلم (333)(66).

(7)

مسلم (333)(62).

(8)

مسلم (333)(62).

(9)

مسلم (333)(62).

(10)

إسحاق (565).

(11)

عبد الرزاق (1165) وإسحاق (565).

(12)

إسحاق (563) والترمذي (125) والنسائي (1/ 132، 184) وفي الكبرى (217).

(13)

عبد الرزاق (1166).

(14)

النسائي (1/ 186).

(15)

النسائي (1/ 124، 186) وفي الكبرى (224).

ص: 389

سعد

(1)

، وعمرو بن الحارث

(2)

، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي

(3)

، وحماد بن سلمة

(4)

، ومحمد بن كناسة

(5)

، ومحاضر بن المورع

(6)

، وأيوب السختياني

(7)

، وأبو حمزة السكري

(8)

، ومحمد بن عجلان

(9)

، وأبو حنيفة

(10)

، ويحيى بن هاشم

(11)

، وجعفر بن عون

(12)

، وشعبة

(13)

، ووكيع

(14)

، ومسلمة بن قعنب

(15)

، وعبد الرحمن بن ثوبان

(16)

.

وهم الأوزاعي منه فأسقط عائشة من الإسناد.

قال الطبراني: لم يروه عن الأوزاعي إلا ابن سماعة تفرد به

(1)

الطحاوي (1/ 102 - 103) وفي شرح مشكل الآثار (2735) وأبو عوانة (928).

(2)

المصدر السابق.

(3)

المصدر السابق.

(4)

الدارمي (779) وابن عبد البر.

(5)

المصدر السابق.

(6)

البيهقي (1/ 329 - 330).

(7)

أبو عوانة (928) والطبراني في الأوسط (4293) والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 221 - 222).

(8)

ابن حبان (1354) والبيهقي (1/ 344).

(9)

الطبراني في الأوسط (7619).

(10)

الطحاوي (1/ 102) وفي شرح المشكل (2732) وابن عبد البر في التمهيد (22/ 103).

(11)

ابن عبد البر (22/ 103).

(12)

الدارمي (774) وابن الجارود (112) وأبو عوانة (927).

(13)

الطبراني في الكبير (24/ 359).

(14)

إسحاق (563) وأبو عوانة (927) وابن أبي شيبة (1344) وابن سعد في الطبقات الكبرى (8/ 245).

(15)

الطبراني (24/ 860).

(16)

الطبراني في مسند الشاميين (96).

ص: 390

عمران بن أبي جميل وفاطمة بنت أبي حبيش، واسم أبي حبيش قيس، وليست بفاطمة بنت قيس الفهرية التي روت قصة طلاقها

(1)

.

وقال الدارقطني: (رواه الأوزاعي عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن فاطمة بنت قيس، ووهم فيه، والصحيح عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش

)

(2)

.

قلت: قوله في الإسناد: فاطمة بنت قيس من بني أسد قريش صحيح، فإن أبا حبيش والد فاطمة اسمه قيس بن المطلب الأسدي والمشهور هو كما رواه الجمع الكثير من أصحاب هشام قالوا:(فاطمة بنت أبي حبيش).

أما المعروفة بفاطمة بنت قيس فهي صحابية أخرى لها قصة مشهورة في طلاقها.

وهي فاطمة بنت قيس بن خالد القرشية الفهرية أخت الضحاك بن قيس وهي أسن منه، وكانت من المهاجرات الأول، وكانت ذات جمال وعقل، وفي بيتها اجتمع أصحاب الشورى لما قتل عمر رضي الله عنه.

(1)

المعجم الصغير (1/ 150) والأوسط (3/ 214).

(2)

العلل (15/ 378).

ص: 391

‌الحديث الثالث

(1)

:

228 -

قال أبو يعلى الموصلي رحمه الله (5861): حدثنا أحمد، حدثنا مبشر، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، أنه سمع أبا هريرة قال:

قرأ ناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة جهر فيها بالقراءة، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل عليهم فقال:«هل قرأ معي أحد؟» ، قالوا: نعم، قال:«إني أقول: ما بالي أنازع القرآن» .

قال الزهري: فاتعظ الناس بذلك ولم يكونوا يقرؤون فيما جهر به.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين غير أحمد فهو من رجال مسلم.

والحديث أخرجه كذلك ابن حبان (1850) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 217) كلاهما من طريق جعفر بن محمد الفريابي.

(1)

رجال الإسناد:

أحمد بن إبراهيم بن كثير بن زيد الدورقي، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة 246، روى له مسلم.

مبشر بن إسماعيل الحلبي، أبو إسماعيل الكلبي، مولاهم، صدوق من التاسعة، مات سنة 200، روى له البخاري ومسلم.

الزهري محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب القرشي الزهري الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه وثبته، من رؤوس الطبقة الرابعة، مات سنة 125، روى له البخاري ومسلم.

سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، من كبار الثامنة، مات بعد عام 90 وعمره نحو ثمانين سنة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 392

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 158) وفي القراءة خلف الإمام (322) من طريق الوليد بن مزيد.

وأخرجه البزار في مسنده البحر الزخار (1/ 199 ح 460) والبيهقي في القراءة خلف الإمام (324) من طريق بشر بن بكر التنيسي.

هؤلاء كلهم رووه عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، إلا أن هذا الإسناد وهم فيه الإمام الأوزاعي رحمه الله كما قال جماعة من أهل الحديث، منهم: أبو حاتم والدارقطني وابن حبان والبزار والبيهقي وغيرهم، والصحيح ما رواه جماعة من الثقات من أصحاب الزهري فقالوا: عن الزهري، عن ابن أكيمة، عن أبي هريرة.

وممن قال ذلك:

مالك

(1)

، ومعمر

(2)

، ويونس بن يزيد

(3)

، وابن جريج

(4)

، وسفيان بن عيينة

(5)

، والليث بن سعد

(6)

، وأبو أويس عبيد الله بن

(1)

في الموطأ (1/ 86) وأحمد (2/ 301) وأبو داود (826) والترمذي (312) والنسائي (2/ 108).

(2)

عبد الرزاق (2795) وأحمد (2/ 284) وابن ماجه (849).

(3)

البخاري في جزء القراءة خلف الإمام (96).

وذكرها أبو داود تعليقاً قال: روى حديث ابن أكيمة هذا معمر ويونس وأسامة بن زيد عن الزهري على معنى مالك.

(4)

عبد الرزاق (2796) وأحمد (2/ 285).

(5)

أبو داود (827) وأحمد (2/ 240) والحميدي (953) وابن أبي شيبة (1/ 375) وابن ماجه (848) والبيهقي (2/ 157) وفي القراءة خلف الإمام (321) وابن عبد البر (11/ 25).

(6)

البخاري في جزء القراءة خلف الإمام (98) وابن حبان (1843) والبيهقي في القراءة خلف الإمام (318، 319).

ص: 393

عبد الله

(1)

، ومحمد بن الوليد الزبيدي

(2)

، ويحيى بن سعيد الأنصاري

(3)

، وابن أبي ذئب

(4)

، وأسامة بن زيد الليثي

(5)

.

قال البخاري في التاريخ الأوسط (2/ 973 رقم 742): وقال بعضهم: (الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة ولا يصح عن سعيد).

وقال البزار عقب الحديث: وهذا الحديث رواه ابن عيينة، ومعمر، وجماعة من أصحاب الزهري، عن الزهري، عن ابن أكيمة، عن أبي هريرة وهو الصواب.

وقال بعض أصحاب الزهري، عن الزهري قال: سمعت ابن أكيمة يحدّث سعيد بن المسيب.

وأخطأ في إسناده الأوزاعي، فقال: عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة). اه.

ونقل البيهقي من القراءة خلف الإمام (ص 141) عن الإمام أحمد أنه قال: (وقد رواه الأوزاعي عن الزهري ففصل كلام الزهري عن الحديث بفصل ظاهر، غير أنه غلط في إسناد الحديث).

ثم قال البيهقي (ص 142) بعد أن أخرج الحديث من طريق الوليد بن يزيد عن الأوزاعي.

وكذلك رواه كافة أصحاب الأوزاعي، عن الأوزاعي، وإنما جاء

(1)

ابن عبد البر في التمهيد (11/ 26).

(2)

البيهقي في القراءة خلف الإمام تعليقاً (ص 139).

(3)

البيهقي في القراءة خلف الإمام تعليقاً (ص 139).

(4)

الدارقطني في العلل (9/ 55).

(5)

البيهقي في السنن الكبرى (2/ 157) تعليقاً.

ص: 394

الوهم للأوزاعي في إسناده أن الزهري قال: سمعت ابن أكيمة يحدّث سعيد بن المسيب فنسي الأوزاعي رحمه الله قول الزهري: سمعت ابن أكيمة، وحسب أنه عن سعيد بن المسيب لأن الزهري ذكر ابن المسيب في حديث ابن أكيمة.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 172): (سألت أبي عن حديث رواه الأوزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث.

قال أبي: هذا خطأ، خالف الأوزاعي أصحاب الزهري في هذا الحديث، إنما رواه الناس عن الزهري قال: سمعت ابن أكيمة يحدث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (11/ 24):

وذلك وهم وغلط عند أهل العلم بالحديث، والحديث محفوظ لابن أكيمة وإنما دخل الوهم فيه عليه، لأن ابن شهاب كان يقول في هذا الحديث: سمعت ابن أكيمة يحدث عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فتوهم [الأوزاعي] أنه لابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.

ولا يختلف أهل العلم بالحديث أن هذا الحديث: ابن شهاب عن ابن أكيمة، عن أبي هريرة، وأن ذكر سعيد بن المسيب في إسناد هذا الحديث خطأ لا شك عندهم فيه، وإنما ذلك عندهم لأنه كان في مجلس سعيد بن المسيب فهذا وجه ذكر سعيد بن المسيب لا أنه في الإسناد!

وقال ابن حبان عقب الحديث: هذا خبر مشهور للزهري من

ص: 395

رواية أصحابه عنه عن ابن أكيمة، عن أبي هريرة، ووهم الأوزاعي إذ الجواد يعثر، فقال: عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، فعلم الوليد بن مسلم أنه وهم فقال عمن سمع أبا هريرة ولم يذكر سعيداً

(1)

.

وقال الدارقطني في العلل (9/ 55): يرويه الزهري واختلف عنه:

فرواه مالك، ومعمر، ويونس، والزبيدي، وابن جريج، وعبد الرحمن بن إسحاق، والليث بن سعد، وابن أبي ذئب، وابن عيينة عن الزهري عن ابن أكيمة، عن أبي هريرة.

وخالفهم الأوزاعي: فرواه عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة ووهم فيه.

وإنما هو عن الزهري قال: سمعت ابن أكيمة يحدث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.

كذلك قال يونس وابن عيينة في حديثهما. اه.

وقال الخطيب في الفصل (1/ 296): خالف (الأوزاعي) أصحاب الزهري فيه ووهم لإجماعهم على خلافه، فقال: عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.

ورواه كذلك عن الأوزاعي: المفضل بن يونس وأبو المغيرة عن القدوس بن الحجاج، ومحمد بن يوسف الفريابي، ويحيى بن عبد الله البابلتي، وأبو إسحاق الفزاري

(1)

قاله عقب الحديث (1850) الذي أخرجه من طريق الوليد، قال: حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عمن سمع أبا هريرة. فذكر الحديث.

ص: 396

‌علة الوهم:

منشأ الوهم في هذه الرواية كما ذكره البيهقي وابن عبد البر كون الزهري كان حاضراً في مجلس كان ابن أكيمة يحدث فيه سعيد بن المسيب هذا الحديث عن أبي هريرة.

فكان الزهري وهو يحدث هذا الحديث ربما قال: عن ابن أكيمة عن أبي هريرة، وربما قال: سمعت ابن أكيمة يحدث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، فظن الأوزاعي رحمه الله أن الزهري إنما سمعه من سعيد وهو مشهور بالرواية عنه، فمن هنا جاء الوهم والله أعلم.

وابن أكيمة اختلف في اسمه، قال ابن عبد البر

(1)

: قيل: عمارة، وقيل: عمرو، وقيل: عامر، وقيل: عمار، ذكر كله البخاري في كتابه وهو من بني ليث من أنفسهم (ثم قال ابن عبد البر موثقاً له).

الدليل على جلالته أنه كان يحدث في مجلس سعيد بن المسيب وسعيد يصغي إلى حديثه عن أبي هريرة، وسعيد أجلّ أصحاب أبي هريرة وذلك موجود في حديثه هذا من رواية ابن عيينة وغيره، وإلى حديثه ذهب سعيد بن المسيب في القراءة خلف الإمام فيما يجهر فيه، وبه قال ابن شهاب وذلك كله دليل واضح على جلالته عندهم وثقته، وبالله التوفيق.

(1)

التمهيد (11/ 22).

ص: 397

‌الحديث الرابع

(1)

:

229 -

قال الإمام ابن ماجه رحمه الله (393): حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني الأوزاعي، حدثني الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما حدثاه، أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إذا استيقظ أحدكم من الليل فلا يدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثاً فإن أحدكم لا يدري فيمَ باتت يده» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير دحيم من رجال البخاري.

وأخرجه الترمذي (24) من طريق أحمد بن بكار الدمشقي، والنسائي (1/ 215) من طريق إسماعيل بن عبد الله، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 22) وفي شرح مشكل الآثار (5094) من طريق بشر بن بكر والفريابي، والبيهقي (1/ 244) من طريق عبد القدوس بن الحجاج، والطوسي في مختصر الأحكام (33) من طريق بشر، وأبو الشيخ في

(1)

رجال الإسناد:

عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو العثماني مولاهم الدمشقي لقبه دُحيم، ثقة حافظ متقن، من العاشرة، مات سنة 245 وله 75 سنة، روى له البخاري.

الوليد بن مسلم: تقدم انظره في بابه.

أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة مكثر، من الثالثة، مات سنة 94 أو 104 وكان مولده سنة بضع وعشرين، روى له البخاري ومسلم.

ص: 398

طبقات المحدثين بأصبهان (4/ 94) من طريق محمد بن كثير كلهم عن الأوزاعي به.

هكذا قال الأوزاعي: (عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا استيقظ أحدكم من الليل فلا يُدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثاً» .

خالفه معمر بن راشد

(1)

، وسفيان بن عيينة

(2)

فروياه عن الزهري بهذا الإسناد

(3)

فقالا فيه: (يغسلها ثلاثاً).

وكذلك رواه محمد بن عمرو بن علقمة

(4)

عن أبي سلمة عن أبي هريرة فقال: (ثلاث مرات).

وكذلك رواه جابر بن عبد الله

(5)

عن أبي هريرة رضي الله عنهما فقال: (ثلاث مرات).

وكذلك رواه أصحاب أبي هريرة عنه فقالوا: (ثلاث مرات)، منهم: عبد الله بن شقيق

(6)

، وأبو رزين الأسدي

(7)

، وأبو صالح

(1)

مسلم (278) والنسائي (1/ 99) وأحمد (2/ 265) و (2/ 284) وأبو عوانة (730) وأبو نعيم (640).

(2)

مسلم (278) والشافعي (1/ 29) والحميدي (951) وأحمد (2/ 240) والدارمي (766) والنسائي (1/ 6 - 7) وابن الجارود (9) وغيرهم.

(3)

معمر يرويه عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة، وسفيان عن أبي سلمة وحده.

(4)

أحمد (2/ 348)(2/ 382) والطحاوي في شرح المشكل (5101).

(5)

مسلم (278) وأحمد (2/ 403).

(6)

مسلم (278).

(7)

مسلم (278).

ص: 399

السمان

(1)

، وأبو مريم الأنصاري

(2)

، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج

(3)

، ومحمد بن سيرين

(4)

، والحسن البصري

(5)

، وعمار بن أبي عمار

(6)

، وعبد الرحمن بن يعقوب

(7)

كل هؤلاء قالوا: (ثلاثاً).

فدلّ على أن الشك في قوله: «مرتين أو ثلاثاً» إنما هو من الأوزاعي، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم:(أنه يفرغ على يديه مرتين أو ثلاثاً).

وكذلك رواه عقيل بن خالد عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر

(8)

فقال: ثلاث مرات.

وكذلك رواه عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما.

فقد روى حمدان مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه رأى عثمان دعاه بإناء فأفرغ على كفّيه ثلاث مرار فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق

الحديث. ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلّى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه»

(9)

.

(1)

مسلم (278).

(2)

ابن حبان (1061).

(3)

الشافعي (1/ 14) وأبو عوانة (727).

(4)

أحمد (2/ 395) والطبراني في الأوسط (945).

(5)

جزء أبي الطاهر (99).

(6)

الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5099).

(7)

أبو عوانة (735) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، ورواه محمد بن جعفر عن العلاء، ولم يذكر فيه ثلاثاً، ومسلم (278).

(8)

ابن خزيمة (146) والدارقطني (1/ 49) والبيهقي (1/ 46) وابن ماجه (394).

(9)

البخاري (159، 164) ومسلم (226).

ص: 400

وروى عبد خير في صفة وضوء علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: دعا بإناء فيه ماء وطست فأخذ بيمينه الإناء فأكفأ على يده اليسرى ثم غسل كفيه ثم أخذ بيده اليمنى الإناء فأفرغ على يده اليسرى ثم غسل كفيه، فعله ثلاث مرار، كل ذلك لا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات

الحديث، ثم قال: مَنْ أحب أن ينظر إلى طهور نبي الله صلى الله عليه وسلم فهذا طهوره

(1)

.

وقد رواه الدارقطني من طريق محمد بن مصعب عن الأوزاعي عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة فقال: (ثلاث مرات) فوافق الجماعة

(2)

.

‌الخلاصة:

إن الإمام الأوزاعي رحمه الله أدرج شكه في هذا الحديث في المتن وكان الأوْلى أن يقول: لا أدري هل قال: مرتين أو ثلاثاً، لأن ظاهر حديثه أن قول: مرتين أو ثلاثاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وقد خالفه في هذا معمر وابن عيينة وهما من أثبت الناس في الزهري ومقدمان عليه فيه

(3)

. وقد روى كذلك أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه فقالوا: ثلاثاً، وقد روي هذا الحديث من طرق أخرى لا يذكر فيها العدد.

وقد ذكر الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه أن بعضهم ذكر أن

(1)

أبو داود (112) والنسائي (1/ 97) وأحمد (1/ 135) واللفظ له، والدارمي (701) والدارقطني (1/ 90) والبيهقي (1/ 47، 48، 58، 59) وابن الجارود (67).

(2)

في العلل (8/ 78).

(3)

قال ابن معين: الأوزاعي في الزهري ليس بذاك، أخذ كتاب الزهري من الزبيدي. شرح العلل (267).

ص: 401

العدد ثلاث، وبعضهم قال: يغسلها، ولم يذكر أي عدد.

قال رحمه الله: (في روايتهم جميعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث كلهم يقول: حتى يغسلها، ولم يقل واحد منهم: ثلاثاً، إلا ما قدّمنا من رواية جابر وابن المسيب وأبي سلمة وعبد الله بن شقيق، وأبي صالح وأبي رزين فإن في حديثهم ذكر الثلاث)

(1)

.

فتبين مما سبق أن قوله: «مرتين» لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم على التخيير وإنما قال: «ثلاثاً» ، والأمر في هذا للاستحباب كما بيّنه أهل العلم، وهذا الحديث لم أجد مَنْ سبق في التنبيه إليه، والله تعالى أعلم.

(1)

(1/ 234) عقب الحديث (78).

ص: 402

‌الحديث الخامس

(1)

:

230 -

قال الإمام ابن ماجه رحمه الله (626): حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:

استحيضت أم حبيبة بنت جحش وهي تحت عبد الرحمن بن عوف سبع سنين، فشكت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إن هذه ليست بالحيضة وإنما هو عرق، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي» .

قالت عائشة: فكانت تغتسل لكل صلاة ثم تصلي، وكان تقعد في مركن لأختها زينب بنت جحش حتى إن حمرة الدم لتعلو الماء.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح.

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذهلي النيسابوري، ثقة حافظ جليل، من الحادية عشرة، مات سنة 258 على الصحيح وله 86 سنة، روى له البخاري ومسلم.

عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، أبو المغيرة الحمصي، ثقة، من التاسعة، مات سنة 212، روى له البخاري ومسلم.

عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 94 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية، أكثرت عن عائشة، ثقة، من الثالثة، ماتت قبل المائة ويقال بعدها، روى لها البخاري ومسلم.

ص: 403

ورواه أحمد (6/ 83) والدارمي (768) والحاكم (1/ 173 - 174) من طريق أبي المغيرة، والنسائي (1/ 117، 181) وفي الكبرى (210) من طريق سهل بن هاشم، وأبو عوانة (931) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2740) من طريق بشر بن بكر، وأخرجه الشافعي في السنن المأثورة (1/ 203) ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن والآثار (2/ 154) من طريق أبي حفص عمرو بن أبي سلمة الدمشقي، وأبو يعلى (4405) من طريق هقل، والبيهقي (1/ 327) من طريق الوليد بن مزيد، كلهم عن الأوزاعي عن الزهري به.

هكذا قال الأوزاعي عن الزهري عن عروة وعمرة (أو أحدهما) عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم حبيبة بنت جحش: «إن هذه ليست بالحيضة وإنما هو عرق، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي» .

خالفه ابن أبي ذئب

(1)

، والليث بن سعد

(2)

، وعمرو بن الحارث

(3)

، وإبراهيم بن سعد

(4)

، ومعمر

(5)

، ويونس بن يزيد

(6)

، وعثمان التيمي

(7)

، وصالح بن أبي الأخضر

(8)

، وسفيان بن عيينة

(9)

في

(1)

البخاري (327).

(2)

مسلم (334).

(3)

مسلم (334).

(4)

مسلم (334).

(5)

عبد الرزاق (1164) وأحمد (6/ 434) وإسحاق (769) و (2061).

(6)

أبو داود (289).

(7)

الحاكم (4/ 62).

(8)

إسحاق (568).

(9)

الشافعي في الأم (1/ 244 ط د. أحمد حسون) وفي المسند (1/ 46 - 47) والسنن المأثورة (1/ 202) ومن طريقه الطحاوي (1/ 99) وفي شرح المشكل (2738) والبيهقي في المعرفة (2/ 121) ورواه عنه كذلك الحميدي (160).

ص: 404

إحدى الروايتين عنه، وسليمان بن كثير

(1)

، ومحمد بن إسحاق

(2)

فرووا هذا الحديث عن الزهري بهذا الإسناد فقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن هذه ليست بالحيضة ولكن هذا عرق فاغتسلي وصلي» ولم يذكروا الزيادة التي ذكرها الأوزاعي: «فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي» .

وقد رواه الأوزاعي كذلك بدون هذه الزيادة، رواها عنه إسماعيل بن عبد الله

(3)

، والوليد بن مسلم

(4)

، وبشر بن بكر

(5)

في رواية عنه فوافق هنا رواية الجماعة.

وقد نبّه على وهم الأوزاعي أبو داود والبيهقي.

قال أبو داود: زاد الأوزاعي في هذا الحديث: «إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي» .

قال أبو داود: ولم يذكر هذا الكلام أحد من أصحاب الزهري غير الأوزاعي، ورواه عن الزهري عمرو بن الحارث والليث ويونس وابن أبي ذئب ومعمر وإبراهيم بن سعد وسليمان بن كثير وابن إسحاق وسفيان بن عيينة، ولم يذكروا هذا الكلام.

قال أبو داود: وإنما هذا لفظ حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.

(1)

أبو داود (292) والبيهقي (1/ 350).

(2)

انظر ح رقم (309).

(3)

النسائي (1/ 117).

(4)

ابن حبان (1353).

(5)

البيهقي (1/ 328) والطوسي في مختصر الأحكام (109).

ص: 405

قال أبو داود: «وزاد ابن عيينة فيه أيضاً: (أمرها أن تدع الصلاة أمام أقرائها، وهو وهم من ابن عيينة، وحديث محمد بن عمرو عن الزهري فيه شيء يقرب من الذي زاد الأوزاعي في حديثه)

(1)

. اه.

قلت: حديث ابن عيينة ومحمد بن إسحاق استوفينا الكلام عليه في بابهما ح (143، 309) فانظره لزاماً.

وقال البيهقي: «وقوله: فإذا أقبلت الحيضة

»، «وإذا أدبرت

»، تفرد به الأوزاعي من بين ثقات أصحاب الزهري، والصحيح أن أم حبيبة كانت معتادة وأن هذه اللفظة إنما ذكرها هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش، وقد رواه بشر بن أبي بكر عن الأوزاعي كما رواه الثقات»

(2)

.

قلت: حديث هشام بن عروة تقدم في أول الباب، ح (227).

(1)

في السنن عقب الحديث (285).

(2)

السنن الكبرى (1/ 238) ومعرفة السنن والآثار (2/ 154).

قوله: معتادة، أي: أيام حيضتها معلومة لذا أخرج النسائي (1/ 83) حديث أم حبيبة في باب (المرأة تكون لها أيام معلومة تحيضها كل شهر).

ص: 406

‌الحديث السادس

(1)

:

231 -

قال ابن حبان رحمه الله في صحيحه (2303): أخبرنا ابن سلم، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رجل: يا رسول الله أيصلي الرجل في الثوب الواحد؟ فقال: «ليتوشح به ثم ليصلِّ فيه» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير ابن سلم وهو ثقة.

وقال المحقق: إسناده على شرط البخاري.

وأخرجه عبد الكريم القزويني في التدوين في أخبار قزوين (3/ 83) من طريق عقبة بن علقمة البيروتي، وابن عساكر في تاريخ دمشق (37/ 105) من طريق عبد الملك بن محمد الصنعاني كلاهما عن الأوزاعي به.

هكذا قال الأوزاعي، عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ليتوشح به ثم ليصلِّ فيه» .

(1)

رجال الإسناد:

عبد الله بن محمد بن سلم بن حبيب أبو محمد الفريابي الأصل المقدسي، وثقه ابن حبان وروى عنه أكثر من ثلاثمائة حديث في صحيحه، نعته الذهبي بالإمام المحدث العابد الثقة. (سير أعلام النبلاء 14/ 306).

عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو العثماني مولاهم الدمشقي لقبه دحيم، ثقة حافظ متقن من العاشرة، مات سنة 245 وله 75 سنة، روى له البخاري.

ص: 407

وخالفه أصحاب الزهري فقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أوَ لكلكم ثوبان» ، منهم:

مالك بن أنس الإمام

(1)

، ويونس بن يزيد

(2)

، وعقيل بن خالد

(3)

، وسفيان بن عيينة

(4)

، ومعمر بن راشد

(5)

، وابن جريج

(6)

، وأبو أويس

(7)

، وأبو حنيفة

(8)

، ومحمد بن أبي حفصة

(9)

.

وكذلك رواه محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: نادى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أيصلي أحدنا في ثوب واحد؟ فقال: «أوَكلكم يجد ثوبين» .

وكذلك رواه قيس بن طلق عن أبيه، وقال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما ترى في الصلاة في الثوب الواحد؟ فقال: «أوَكلكم يجد ثوبين»

(10)

.

وكذلك رواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة

(11)

.

لذا قال ابن حجر: روى ابن حبان هذا الحديث من طريق

(1)

البخاري (358) ومسلم (515) وابن حبان (2295) وأبو داود (625).

(2)

مسلم (515).

(3)

مسلم (515).

(4)

ابن الجارود (170) وابن حبان (2296) وابن ماجه (1047) والحميدي (937).

(5)

أحمد (2/ 265).

(6)

أحمد (2/ 265) و (2/ 285).

(7)

أبو يعلى (5888).

(8)

مسند أبي حنيفة (1/ 35).

(9)

الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 379).

(10)

ابن حبان (2297) وأبو داود (629).

(11)

شرح معاني الآثار (1/ 379).

ص: 408

الأوزاعي عن ابن شهاب لكن قال في الجواب: «ليتوشح به ثم ليصلِّ فيه» فيحتمل أن يكونا حديثين أو حديثاً واحداً فرقه الرواة وهو الأظهر، وكأن المصنف أشار إلى هذا لذكره التوشح في الترجمة والله أعلم

(1)

.

وقال الألباني معقباً: بل الصواب الأول، لأن رواية ابن حبان شاذة لمخالفتها لكل الطرق عن أبي هريرة وغيره، ولأن الوليد بن مسلم لم يصرح بحديث الأوزاعي عن الزهري والوليد معروف بأنه كان يدلس تدليس التسوية

(2)

.

قلت: قد تابع الوليد رجلان، وجاء التصريح في رواية عقبة بن علقمة بسماع الأوزاعي هذا الحديث عن الزهري، والصواب الثاني وهو ما قرره الحافظ إذ أنه حديث واحد لكن وهم فيه الأوزاعي والله تعالى أعلم.

‌علة الوهم:

أدخل الأوزاعي رحمه الله فعل النبي صلى الله عليه وسلم بديلاً لجوابه، فقد ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم أنه صلى في ثوب واحد متوشحاً به.

فقد روى هشام بن عروة عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد مشتملاً به في بيت أم سلمة واضعاً طرفيه على عاتقيه

(3)

.

وفي رواية الثوري عن هشام بلفظ: «متوشحاً به»

(4)

.

(1)

فتح الباري (1/ 451).

(2)

صحيح سنن أبي داود (3/ 185).

(3)

البخاري (354)(355)(356) ومسلم (517).

(4)

عبد الرزاق (1365).

ص: 409

وفي حديث أم هاناء بنت أبي طالب: (فقام فصلّى ثماني ركعات ملتحفاً به في ثوب واحد)

(1)

.

وقد أخرجه البخاري في باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفاً به.

وروى كذلك قوله صلى الله عليه وسلم، منها:

حديث عكرمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صلى في ثوب واحد فليخالف بين طرفيه»

(2)

.

وحديث عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء»

(3)

.

(1)

البخاري (357) ومسلم (336).

(2)

البخاري (360).

(3)

البخاري (359) ومسلم (516).

ص: 410

‌الحديث السابع

(1)

:

232 -

قال ابن ماجه رحمه الله (3792): حدثنا أبو بكر، حدثنا محمد بن مصعب عن الأوزاعي، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أم الدرداء، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«إن الله عز وجل يقول: أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن مصعب وهو متابع.

وأخرجه أحمد (2/ 540) من طريق محمد بن مصعب وأبي المغيرة.

ورواه البيهقي في الدعوات الكبير (13) وابن عساكر في تاريخ دمشق (25/ 311) و (70/ 52) من طريق أبي المغيرة، وأبو القاسم

(1)

رجال الإسناد:

أبو بكر ابن أبي شيبة: ثقة حافظ صاحب تصانيف (انظر ترجمته في بابه).

محمد بن مصعب بن صدقة القرقساني، صدوق كثير الغلط من صغار التاسعة، مات سنة 208، روى له الترمذي وابن ماجه.

إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي مولاهم الدمشقي، ثقة من الرابعة، مات سنة 131 وله 70 سنة، روى له البخاري ومسلم.

أم الدرداء، زوج أبي الدرداء، اسمها هجيمة، وقيل: جهيمة الأوصابية الدمشقية وهي الصغرى، وأما الكبرى فاسمها خيرة ولا رواية لها في الكتب الستة، والصغرى ثقة فقيهة من الثالثة، ماتت سنة 81، وروى لها البخاري ومسلم.

ص: 411

الجرجاني في تاريخ جرجان (1/ 478) من طريق أبي عصام العسقلاني، والبغوي في شرح السنة (1242) وابن عساكر (70/ 52) من طريق يحيى بن عبد الله، وابن عساكر (25/ 212) من طريق عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين كلهم عن الأوزاعي بهذا الإسناد.

وذكره البخاري في صحيحه (13/ 499) تعليقاً.

هكذا قال الأوزاعي (عن إسماعيل، عن أم الدرداء، عن أبي هريرة).

خالفه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر

(1)

، ومحمد بن مهاجر

(2)

، وربيعة بن يزيد

(3)

، وسعيد بن عبد العزيز

(4)

.

فقالوا: (عن إسماعيل، عن كريمة بنت الحسحاس

(5)

، عن أبي هريرة) وقد تابعهم الأوزاعي في رواية أيوب بن سويد عنه

(6)

.

وروي بإسناد ثالث عن الأوزاعي.

فقد روى بشر بن بكر

(7)

وعبد الحميد بن حبيب بن أبي

(1)

عبد الله بن المبارك في الزهد (956) ومن طريقه أحمد (2/ 540) والطبراني في مسند الشاميين (562) وابن عساكر (37/ 357) و (70/ 50).

(2)

الطبراني في الأوسط (6621) والمزي في تهذيب الكمال (35/ 295).

(3)

البيهقي في شعب الإيمان (509) وابن عساكر في تاريخ دمشق (70/ 50)، (70/ 51).

(4)

ابن عساكر (70/ 50).

(5)

كريمة بنت الحسحاس المزنية، ثقة، من الثالثة.

(6)

ابن حبان في صحيحه (815).

(7)

الحاكم (1/ 496) وقال: صحيح الإسناد.

ص: 412

العشرين

(1)

عن الأوزاعي عن إسماعيل، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء.

قال الحافظ: «وروي عن عبد الحميد بن أبي العشرين عن الأوزاعي عن إسماعيل عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء وهو المحفوظ عن الأوزاعي وأنه كان يهم بذكر أبي الدرداء فيه»

(2)

.

وقال الدارقطني: يرويه إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر واختلف عنه:

فرواه الأوزاعي عن إسماعيل بن عبيد الله قال: حدثتني أم الدرداء عن أبي هريرة. قاله أبو المغيرة عنه ووهم فيه.

وخالفه محمد بن مهاجر وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، روياه عن إسماعيل بن عبيد الله قال: حدثتني كريمة بنت الحسحاس قالت: حدثنا أبو هريرة في بيت أم الدرداء وهو الصواب

(3)

.

(1)

ابن عساكر في تاريخ دمشق (25/ 212)، (70/ 53).

(2)

تغليق التعليق (5/ 363) وذكر أن الحاكم رواه في المستدرك من طريق بشر بن بكر عن الأوزاعي بمثل رواية الجماعة والذي في المطبوع أمامنا ما ذكرناه.

(3)

الدارقطني في العلل (9/ 150 رقم 1635).

ص: 413

‌الحديث الثامن

(1)

:

233 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 361): حدثنا وكيع، حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر، عن بريدة رضي الله عنه قال:

كنا معه في غزاة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بكِّروا بالصلاة في اليوم الغيم، فإنه مَنْ فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه ابن ماجه (694) وابن أبي شيبة (1/ 342) و (2/ 237) وابن المنذر في الأوسط (2/ 366، 381) وابن حبان (1470) والبيهقي (1/ 444) والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 286) وابن عدي في الكامل (3/ 178) من طريق الوليد بن مسلم، ورواه ابن الجراح، وعيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.

هكذا رواه الأوزاعي فقال: (عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي

(1)

رجال الإسناد:

وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، ثقة حافظ عابد، أبو سفيان الكوفي، روى له البخاري ومسلم.

يحيى بن أبي كثير الطائي مولاهم، ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل، مات سنة 132، وقيل قبل ذلك. أخرج حديثه البخاري ومسلم.

أبو قلابة: اسمه عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر الجرمي، أبو قلابة البصري، ثقة فاضل كثير الإرسال، قال العجلي: فيه نصب يسير، من الثالثة، مات بالشام هارباً من القضاء سنة 104، وقيل بعدها.

أبو المهاجر: عن بريدة، صوابه أبو المليح، وهم فيه الأوزاعي.

ص: 414

المهاجر، عن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«بكروا بالصلاة في اليوم الغيم، فإنه مَنْ فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله» .

خالفه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي

(1)

، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي

(2)

، ومعمر بن راشد الأزدي

(3)

فقالوا: (عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي المليح قال: كنا مع بريدة في غزوة في يوم ذي غيم فقال: بكروا بصلاة العصر فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ ترك صلاة العصر فقد حبط عمله»).

هذا لفظ هشام ورواية شيبان ومعمر مختصراً بذكر المرفوع.

فوهم الإمام الأوزاعي رحمه الله في إسناده ومتنه.

أولاً: في الإسناد، قوله:(عن أبي المهاجر، عن بريدة) والصحيح هو (عن أبي المليح

(4)

، عن بريدة).

ثانياً: في المتن، حيث أدرج قول بريدة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فجعله كله مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإن قوله:«بكروا بالصلاة في اليوم الغيم» إنما هو من قول بريدة وليس من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن في هذا القول إشكالاً فإنه يستحب تأخير الصلاة حتى يتأكد من دخول الوقت.

(1)

البخاري (553) و (594).

(2)

أحمد (5/ 350).

(3)

عبد الرزاق (5005) وأحمد (5/ 360).

(4)

أبو المليح ابن أسامة بن عمير أو عامر بن عمير بن عتيق بن ناجية الهذلي، اسمه عامر، وقيل: زيد، وقيل: زياد، من الثالثة، مات سنة 98، وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.

ص: 415

وهناك نكتة أخرى في المتن حيث قال الأوزاعي: «مَنْ فاته صلاة العصر» ، وفي رواية الجماعة:«مَنْ ترك صلاة العصر» زاد معمر في روايته: «متعمداً» ولا شك أن هذا هو الأصوب في مقابلة الجزاء وهو قوله: «حبط عمله» .

ذكر الحافظ ابن عساكر بسنده في تاريخ دمشق (35/ 181) عن يعقوب بن شيبة قال: قال أحمد بن حنبل: حديث الأوزاعي عن يحيى مضطرب.

وقال الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 645): (تكلم الإمام أحمد في حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير خاصة وقال: لم يكن يحفظه جيداً فيخطاء فيه، وكان يروي عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي المهاجر، وإنما هو أبو المهلب.

وقال مهنا: سألت أحمد عن حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير؟

قال أحمد: كان كتاب الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قد ضاع منه فكان يحدّث عن يحيى بن أبي كثير حفظاً) اه.

قال ابن حبان (4/ 333): وهم الأوزاعي في صحيفته عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة فقال: عن أبي المهاجر، وإنما هو أبو المهلب عم أبي قلابة واسمه عمرو بن معاوية بن زيد الجرمي.

قال البخاري في التاريخ الكبير (6/ 449): (وروى الأوزاعي أيضاً أحاديث عن يحيى، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر، ولا يصح من أبي قلابة عن أبي المهاجر شيء).

قال ابن رجب في فتح الباري (3/ 126):

ص: 416

وقال الإمام أحمد في رواية مهنا: (هو خطأ من الأوزاعي والصحيح حديث هشام الدستوائي، وذكر أيضاً أن أبا المهاجر لا أصل له، إنما هو أبو المهلب عم أبي قلابة، كان الأوزاعي يسميه أبا المهاجر خطأ، وذكره في هذا الإسناد من أصله خطأ، فإنه ليس من روايته إنما هو من رواية أبي المليح. كذا قال الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله).

ثم قال ابن رجب: «وقيل: عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي قلابة، عن أبي المليح كما رواه هشام عن يحيى، وخرجه من هذا الوجه الإسماعيلي في صحيحه.

وقيل: عن الأوزاعي، عن يحيى، عن ابن بريدة.

وقيل: عن الثوري، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي قلابة، بغير واسطة بينهما.

وهذا كله مما يدل على اضطراب الأوزاعي فيه وعدم ضبطه».

ثم قال ابن رجب موضحاً وهم الأوزاعي في المتن:

(وأما متنه فقد قال الأوزاعي فيه: إن بريدة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فقال: «بكِّروا بالصلاة في اليوم الغيم، فإنه مَنْ فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله» .

فخالف هشاماً في ذلك فإن هشاماً قال في روايته: إن أبا المليح قال: كنا مع بريدة في غزوة في يوم غيم فقال أي: بريدة: بكِّروا بصلاة العصر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ ترك صلاة العصر فقد حبط عمله» .

ص: 417

فلم يرفع منه غير هذا القدر، وجعل الذين كانوا معه في الغزوة في يوم الغيم والذي أمر بالتبكير بصلاة العصر هو بريدة، وهو الصحيح.

واللفظ الذي رواه الأوزاعي لو كان محفوظاً لكان دليلاً على تأخير العصر في غير يوم الغيم، ولكنه وهم) اه.

وقال الحافظ في الفتح (2/ 32): (وتابع هشاماً على هذا الإسناد عن يحيى بن أبي كثير شيبان ومعمر وحديثهما عند أحمد، وخالفهم الأوزاعي فرواه عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي المهاجر عن بريدة، والأول هو المحفوظ).

‌الدلالة الفقهية:

الصحيح كما سبق وبيّنّا أن قوله: «بكروا بالصلاة في اليوم الغيم» هو من قول بريدة لأصحابه في إحدى الغزوات وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم.

وفيه إشكال وهو أنه في يوم الغيم الأصل أنه لا يستحب فيه التبكير بالصلاة لأنه لا يعرف دخول الوقت وإنما الأفضل تأخير الصلاة حتى يتيقن من دخول الوقت.

قال ابن رجب في فتح الباري (3/ 128):

والقول بالتبكير لجميع الصلوات في يوم الغيم مما لا يعرف به قائل من العلماء،

فإن التبكير بالصلوات في يوم الغيم مطلقاً يخشى منه وقوع

ص: 418

الصلاة قبل الوقت وهو محذور والأفضل أن لا يصلي الصلاة حتى يتيقن دخول وقتها.

فإن غلب على ظنه فهل يجوز له الصلاة حينئذٍ أم لا؟ فيه قولان:

أحدهما: أنه جائز، وهو قول الثوري والشافعي وأكثر أصحابنا.

والثاني: لا يجوز حتى يتيقن، وهو وجه لأصحابنا وأصحاب الشافعي

وقد اختلف العلماء في الصلاة يوم الغيم:

فقال الشافعي: يحتاط ويتوخى أن يصلي بعد الوقت، أو يحتاط بتأخيرها ما بينه وبين أن يخاف خروج الوقت.

وقال إسحاق نحوه.

ولا يستحب عند الشافعي التأخير في الغيم مع تحقق دخول الوقت، إلا في حال يستحب التأخير في الصحو كشدة الحر ونحوه.

وحكى بعض أصحابنا مثل ذلك عن الخرقي، وحكاه أيضاً رواية عن أحمد.

وعن أبي حنيفة رواية باستحباب تأخير الصلوات كلها مع الغيم.

وقالت طائفة: يؤخر الظهر ويعجل العصر، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء مع الغيم.

وهو قول أبي حنيفة والثوري وأحمد، وحكي أيضاً عن الحسن والأوزاعي ونقله ابن منصور عن إسحاق.

ص: 419

‌الحديث التاسع

(1)

:

234 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي في السنن الكبرى (7188): أخبرنا إسحاق بن منصور المروزي، قال: أخبرنا محمد بن يوسف، قال: ثنا الأوزاعي، قال: حدثني يحيى، قال: حدثني أبو قلابة، عن أبي المهاجر، عن عمران بن الحصين قال:

اشتكت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أصبت حداً فأقمه عليّ، فدعا وليها فقال:«أحسن إلى هذه حتى تضع ما في بطنها، فإذا وضعت ما في بطنها فأتِ بها» ، فلما وضعت ما في بطنها أتى بها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرُجمت ثم صلّى عليها، فقالوا: يا رسول الله أتعفو عنها وقد

(1)

رجال الإسناد:

إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج، أبو يعقوب التميمي المروذي، ثقة ثبت، من الحادية عشرة، مات سنة 251، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان الضبي، مولاهم، الفريابي، نزيل قيسارية من ساحل الشام، ثقة فاضل، يقال: أخطأ في شيء من حديث سفيان وهو مقدم مع ذلك عندهم على عبد الرزاق، من التاسعة، مات سنة 212، روى حديثه البخاري ومسلم، وكان رجلاً صالحاً عابداً، قال أبو بشر الدولابي عن البخاري: حدثنا محمد بن يوسف وكان من أفضل أهل زمانه، وقال محمد بن سهل بن عسكر: خرجنا مع الفريابي للاستسقاء فما أرسلهما حتى مطرنا.

يحيى بن أبي كثير: ثقة ثبت، سبقت ترجمته أول الباب.

أبو قلابة: ثقة فاضل سبقت ترجمته أول الباب.

أبو المهاجر: عن عمران بن حصين صوابه (أبو المهلب) وهم فيه الأوزاعي.

أبو المهلب الجَرْمي، البصري، عم أبي قلابة، اسمه عمرو، أو عبد الرحمن بن معاوية أو ابن عمرو، وقيل: النضر، وقيل: معاوية، ثقة، من الثامنة. روى له مسلم، وروى له البخاري في الأدب المفرد.

ص: 420

زنت؟ قال: «قد تابت توبة لو قسمت بين سبعين لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بمهجة نفسها إلى الله» .

‌التعليق:

هذا إسناد صحيح رجاله رجال الشيخين غير أبي المهلب فهو من رجال مسلم.

والحديث أخرجه كذلك ابن ماجه (2555) وابن حبان (4403) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2300) من طريق الوليد بن مسلم وعمر بن عبد الواحد كلاهما عن الأوزاعي، إلا أن الأوزاعي وهم فيه فقال: عن أبي المهاجر، وإنما هو أبو المهلب لما رواه الثقات من أصحاب يحيى بن أبي كثير، وهم: هشام الدستوائي

(1)

، ومعمر

(2)

، وأبان العطار

(3)

، وعلي بن المبارك

(4)

فرووه عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن الحصين.

لذا قال النسائي عقب الحديث (4/ 284): (لا نعلم أحداً تابع الأوزاعي على قوله: عن أبي المهاجر وإنما هو أبو المهلب).

ثم أخرج الحديث من طريق هشام وقال: (أبو المهاجر خطأ والصواب أبو المهلب).

(1)

مسلم (3/ 1324 رقم 1696).

(2)

الترمذي (1435) وأبو داود (4440) مقروناً مع هشام، والنسائي في الكبرى (7194) وابن الجارود (815) والطبراني في الكبير (18/ 474) وأحمد (4/ 440).

(3)

مسلم (1696).

(4)

الدارقطني (3/ 102).

ص: 421

وقال ابن حبان (10/ 252): (وهم الأوزاعي في كنية عم أبي قلابة، إذ الجواد يعثر، فقال: عن أبي قلابة، عن عمه أبي المهاجر، وإنما هو أبو المهلب، اسمه عمرو بن معاوية بن زيد الجرمي من ثقات التابعين وسادات أهل البصرة).

وقد سبق إلى بيان خطأ الأوزاعي في قوله: أبي المهاجر يحيى بن معين فقال: (الذي يروي الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر إنما هو أبو المهلب، ولكن الأوزاعي قلب كنيته، والذي يروي عن أبي المهلب أثبت من الأوزاعي)

(1)

.

وقد رواه الأوزاعي مرة ثانية فقال: (أبو المهلب) فوافق الجماعة

(2)

.

‌علة الوهم:

الأوزاعي إمام حافظ وقد أكثر الرواية عن يحيى بن أبي كثير إلا أن كتبه تلك احترقت فكان يحدث من حفظه. فلعل ذلك هو سبب وهم الأوزاعي.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: زعموا أن كتبه يعني الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير ضاعت

(3)

.

وقال مهنا: سألت أحمد عن حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي

(1)

تاريخ ابن معين برواية الدوري (4/ 467).

(2)

ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2300)، والطبراني في الكبير (18/ 197) من طريق يحيى بن عبد الله البابلتي والوليد بن مسلم وعمر بن عبد الواحد.

(3)

مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود (1952).

ص: 422

كثير، قال أحمد: كان كتاب الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قد ضاع منه فكان يحدّث عن يحيى بن أبي كثير حفظاً

(1)

.

قال الفسوي: سمعت عباس بن الوليد بن مزيد يذكر عن شيوخهم قالوا: قال الأوزاعي: فجالسته أي: يحيى بن أبي كثير وكتبت عنه أربعة عشر كتاباً أو ثلاثة عشر فاحترق كله)

(2)

.

لذا قدّم أهل الحديث أصحاب يحيى بن أبي كثير ممن هم دون الأوزاعي في حديثهم عن يحيى على الأوزاعي:

قال أبو زرعة الدمشقي: سألت أحمد بن حنبل عن أصحاب يحيى بن أبي كثير فقال: هشام، قلت: ثم مَن؟ قال: ثم أبان، قلت: ثم مَن؟ فذكر آخر، قلت له: فالأوزاعي؟ قال: الأوزاعي إمام

(3)

.

وذكر الإمام أحمد أصحاب يحيى بن أبي كثير فقال: (هشام يرجع إلى كتاب والأوزاعي حافظ)

(4)

.

وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة قلت في حديث يحيى بن أبي كثير: مَنْ أحب إليك هشام أو الأوزاعي؟ قال: هشام أحب إليّ لأن الأوزاعي ذهبت كتبه

(5)

.

(1)

شرح علل الترمذي (2/ 799).

(2)

المعرفة والتاريخ (2/ 409).

(3)

الكامل لابن عدي (1/ 100).

(4)

المصدر السابق.

(5)

الجرح والتعديل (9/ 61).

ص: 423

‌الحديث العاشر

(1)

:

235 -

قال الإمام أبو داود رحمه الله (3201):

حدثنا مُوسَى بن مَروان الرَّقِّيُّ، ثنا شُعَيْبٌ يَعْنِي بن إسحاق عن الأَوْزَاعِيِّ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هُرَيْرَةَ قال:

صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جَنَازَةٍ فقال: «اللهم اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، اللهم مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ على الإِيمَانِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنّا فَتَوَفَّهُ على الْإِسْلَامِ، اللهم لَا تَحْرِمْنَا أَجْرهُ ولا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير موسى بن مروان وقد توبع في طبقة شيخه شعيب.

وأخرجه الترمذي (1024) والنسائي في الكبرى (1091) وعمل اليوم والليلة (1080) والطبراني في الدعاء (1174) وابن حبان (3070) وابن جرير في تهذيب الآثار الجزء المفقود (219) والحاكم

(1)

رجال الإسناد:

موسى بن مروان أبو عمران التمار البغدادي نزيل الكوفة، مقبول من العاشرة، مات بالرقة سنة 240، روى عنه أبو داود والنسائي وابن ماجه.

شعيب بن إسحاق بن عبد الرحمن الأموي البصري ثم الدمشقي، ثقة، رمي بالإرجاء، من كبار التاسعة، مات سنة 189، روى له البخاري ومسلم.

يحيى بن أبي كثير الطائي: تقدم.

أبو سلمة بن عبد الرحمن: تقدم.

ص: 424

(1/ 358) والطحاوي (971) وأبو يعلى (6009) والبيهقي (4/ 41) كلهم من طرق (هقل بن زياد، وأبو المعتز، والوليد بن مسلم، ومحمد بن كثير، وإسماعيل بن عياش، كلهم عن الأوزاعي بهذا الإسناد).

هكذا قال الأوزاعي: (عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه هشام الدستوائي

(1)

، وسعيد بن أبي عروبة

(2)

، ومعمر

(3)

، وعلي بن المبارك

(4)

، وأبان بن يزيد العطار

(5)

، وهمام بن يحيى

(6)

فقالوا: (عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.

وتابعهم الأوزاعي في رواية رواها عنه الوليد بن مزيد وبشر بن بكر فوافق الجماعة عن يحيى عن أبي سلمة مرسلاً

(7)

.

وقد صحّح المرسل الأئمة: البخاري والترمذي وأبو حاتم والدارقطني والبيهقي.

وقد اختلف على يحيى بن أبي كثير في هذا الحديث على أوجه صحح أهل العلم منها وجهين:

(1)

الترمذي تعليقاً (3/ 344 ح 1024).

(2)

البيهقي تعليقاً (4/ 41).

(3)

عبد الرزاق (6419).

(4)

الترمذي تعليقاً (3/ 344).

(5)

أحمد (4/ 170)، (5/ 299).

(6)

أحمد (4/ 170)(5/ 299)(5/ 308).

(7)

البيهقي (4/ 410).

ص: 425

الأول: يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً كما تقدم.

الثاني: يحيى بن أبي كثير، عن أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه. هكذا رواه عنه جماعة من أصحابه الثقات وهم:

هشام بن عبد الله الدستوائي

(1)

، وأبان بن يزيد العطار

(2)

، وحرب بن شداد

(3)

، ومحمد بن يعقوب

(4)

، ورواه الأوزاعي

(5)

نفسه هكذا، رواه عنه: هقل بن زياد، والوليد بن مسلم، وبشر بن بكر، والوليد بن مزيد، والمعافى بن عمران، ويحيى بن عبد الله البابلتي.

وهناك أوجه فيها مقال:

منها: ما رواه همام بن يحيى عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه وانظره في بابه.

(1)

النسائي (4/ 74) وفي الكبرى (2113) وفي عمل اليوم والليلة (1085) وأحمد (4/ 170) وابن أبي شيبة (3/ 291) و (10/ 409) وابن الجارود (540) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2188) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (970) والدولابي في الكنى (1/ 14 - 15) والطبراني في الدعاء (1966).

(2)

أحمد (4/ 170) و (5/ 308) والمزي في تهذيب الكمال (33/ 6).

(3)

الطبراني في الدعاء (1170).

(4)

الطبراني (1168).

(5)

الترمذي (1024) والنسائي في الكبرى (10923) وفي عمل اليوم (1084) والطحاوي في شرح المشكل (969) والطبراني في الدعاء (1167) والبيهقي (4/ 40 - 41) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (7095) وابن الأثير في أسد الغابة (5/ 348).

ص: 426

ومنها: ما رواه عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة، فجعله من مسند عائشة والصحيح أنه مرسل كما تقدم. انظره في بابه.

قال الإمام البخاري: أصح الروايات في هذا حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه

(1)

.

وقال الترمذي: «حديث والد أبي إبراهيم حديث حسن صحيح»

(2)

.

وقال البيهقي: هذا هو الصحيح حديث أبي إبراهيم الأشهلي موصول، وحديث أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً

(3)

.

وقال ابن أبي حاتم

(4)

: وسألت أبي عن حديث رواه محمد بن ذكوان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى على جنازة

فذكر الحديث.

قال أبي: هذا خطأ، الحفاظ لا يقولون: أبو هريرة، إنما يقولون: أبو سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن أبي حاتم أيضاً: سألت أبي عن حديث رواه محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلّى على جنازة فقال: «اللهم اغفر لحيِّنا وميتنا وذكرنا وأنثانا» .

قال أبي: (رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل. لا يقول: أبو هريرة ولا يوصله عن أبي هريرة إلا غير متقن والصحيح مرسل

(5)

.

(1)

نقله عنه الترمذي في سننه (3/ 344).

(2)

سنن الترمذي (3/ 344 عقب الحديث 1024).

(3)

السنن الكبرى (4/ 41).

(4)

العلل لابن أبي حاتم (1047).

(5)

العلل (1058).

ص: 427

وقال الدارقطني: يرويه يحيى بن أبي كثير، واختلف عنه:

فرواه محمد بن يعقوب عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبيه.

ورواه الأوزاعي واختلف عنه:

فقيل: عنه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة.

وقيل: عنه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة مرسلاً.

ورواه غير واحد من البصريين عن يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم الأنصاري عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصحيح.

وعن أبي سلمة مرسل وهو الصحيح

(1)

.

وقال في موضع آخر: «والصحيح عن يحيى مَنْ قال: عن أبي إبراهيم عن أبيه وعن أبي سلمة مرسلاً»

(2)

.

‌الخلاصة:

اختلف على الأوزاعي في هذا الحديث على ثلاثة أوجه:

الأول: رواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة روى عنه هكذا جماعة من ثقات أصحابه، منهم: هقل بن زياد، وأبو المغيرة، والوليد بن مسلم، وشعيب بن إسحاق، ومحمد بن كثير، وإسماعيل بن عياش، كما في حديث الباب.

(1)

علل الدارقطني (4/ 270 - 273).

(2)

المصدر السابق (9/ 324 - 325).

ص: 428

الثاني: رواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.

رواه عنه هكذا الوليد بن مزيد وبشر بن بكر.

الثالث: رواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه.

رواه عنه هكذا: هقل بن زياد، والوليد بن مسلم، وبشر بن بكر، والوليد بن مزيد، والمعافى بن عمران، ويحيى البابلتي.

والوجهان الأخيران صحيحان.

والله تعالى أعلم.

ص: 429

‌الحديث الحادي عشر

(1)

:

236 -

قال الإمام الترمذي رحمه الله (108): حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت:

«إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل» فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وأورده الترمذي أيضاً في العلل (72).

وأخرجه النسائي (1/ 180) وفي الكبرى (195)(9127) وابن ماجه (608) وابن حبان (1176) وابن الجارود (93) تعليقاً، وأحمد (6/ 161) والدارقطني (1/ 110) والرامهرمزي في المحدث الفاصل (1/ 474) والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 383) كلهم من طرق عن الوليد بن مسلم به.

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن المثنى بن عبيد العنزي، أبو موسى البصري المعروف بالزمن، ثقة ثبت من العاشرة، روى له البخاري ومسلم.

الوليد بن مسلم: تقدم.

عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي، أبو محمد المدني، ثقة جليل من السادسة، مات سنة 126، وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه، من كبار الثالثة، مات سنة 106 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

ص: 430

وأخرجه الشافعي مرسلاً (1/ 159) عن الثقة عن الأوزاعي به، والثقة هو الوليد بن مسلم كما في رواية حرملة (البدر المنير 2/ 518).

ورواه ابن الجارود (93) من طريق بشر بن بكر، والدارقطني (1/ 110 - 111) من طريق الوليد بن مزيد كلاهما عن الأوزاعي به.

هكذا قال الأوزاعي: (عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه ابن علية

(1)

فرواه عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة موقوفاً. وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن نافع، عن عائشة موقوفاً.

وتابعه أبو الزناد عبد الله بن ذكوان فرواه عن القاسم بن محمد كما سيأتي.

وقد رواه جماعة عن الأوزاعي أيضاً عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة موقوفاً، منهم:

أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، وعمرو بن أبي سلمة، ومحمد بن كثير المصيصي، ومحمد بن مصعب، وبشر بن بكر.

ذكره الدارقطني فيما نقله عن ابن القطان كما سيأتي.

ونقل الترمذي عن الإمام البخاري أن المرفوع خطأ فقال بعد أن أورد حديث الباب: سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: هذا حديث خطأ، إنما يرويه الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلاً

(2)

.

(1)

ابن أبي شيبة في مصنفه (936).

(2)

الترمذي في العلل (72) عن البخاري.

ص: 431

وروى الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة شيئاً من قولها فأخذ الخرقة فمسح بها الأذى، وقال أبو الزناد: سألت القاسم بن محمد: سمعتَ في هذا الباب شيئاً؟ قال: لا.

فجعل البخاري الوهم من الوليد بن مسلم إذ خالفه غيره فرواه موقوفاً وما ذكر أبو الزناد عن القاسم بن محمد أنه لم يسمع في هذا الباب حديثاً مرفوعاً.

وقال الدارقطني: حدثنا أبو بكر النيسابوري، أخبرني العباس بن الوليد بن مزيد أخبرني أبي، قال: سمعت الأوزاعي قال: حدثنا عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن الرجل يجامع المرأة فلا يُنزل؟ قالت: فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا جميعاً.

قال الدارقطني: رفعه الوليد بن مسلم والوليد بن مزيد، ورواه بشر بن بكر وأبو المغيرة وعمرو بن أبي سلمة ومحمد بن كثير المصيصي ومحمد بن مصعب وغيرهم موقوفاً. اه.

هكذا ذكره الدارقطني ولم يرجح شيئاً، وقد رجح ابن القطان حديث الوليد مرفوعاً فقال بعد أن ذكر قول الدارقطني:

الوليد بن مزيد ثقة، أحد أكابر أصحاب الأوزاعي، وكان الأوزاعي يقول: عليكم به فإن كتبه صحيحة، أو كلاماً هذا معناه. وقال أيضاً: ما عرض عليّ كتاب أصح من كتب الوليد بن مزيد، وقال دحيم: صالح الحديث، وابنه العباس بن الوليد ثقة صدوق، وقد ذكر جميعهم سماع بعضهم من بعض فصحّ الحديث.

فإن كان حديث الترمذي معترضاً من طريق الوليد بن مسلم فقد

ص: 432

صحّ طريق الوليد بن مزيد وقد صحّ حديث عائشة بهذا المعنى من رواية جابر عنها ذكره مسلم

(1)

.

وقال ابن حجر في التلخيص: «وأعله البخاري بأن الأوزاعي أخطأ فيه، ورواه غيره عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلاً واستدل على ذلك بأن أبا الزناد قال: سألت القاسم بن محمد سمعت في هذا الباب شيئاً؟ فقال: لا، وأجاب مَنْ صححه بأنه يحتمل بأن يكون القاسم كان نسيه ثم تذكر فحدّث به ابنه، أو كان حدّث به ابنه ثم نسي، ولا يخلو الجواب من نظر»

(2)

.

قلت: وفيما نسبه إلى البخاري نظر، فلم يقل البخاري: إن الأوزاعي أخطأ فيه إنما نسب الخطأ إلى الوليد بن مسلم فقال: (إنما يرويه الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلاً) فحمل الخطأ على مَنْ هو دونه.

لكن لا يمنع هذا أن يكون الوهم من الأوزاعي.

فقد رواه عنه الوليد بن مسلم، والوليد بن مزيد، وبشر بن بكر موصولاً، وخالفهم عددٌ أكثر فرووه عن الأوزاعي موقوفاً كما تقدم.

(1)

بيان الوهم والإيهام (5/ 260).

(2)

التلخيص الحبير 1/ 134.

ص: 433

‌ملخص لما جاء في حديث الأوزاعي من الأوهام

رقم الحديث

شيخ الراوي

بلده

الوهم

الصحيح

1

قتادة

البصرة

لا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «1»}

يستفتحون ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ «2»}

2

يحيى بن سعيد الأنصاري

المدينة

فاطمة بنت قيس

فاطمة بنت أبي حبيش

3

الزهري

المدينة/ الشام

سعيد بن المسيب

ابن أكيمة

4

الزهري

المدينة/ الشام

مرتين أو ثلاثاً

ثلاثاً

5

الزهري

المدينة/ الشام

فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي

إن هذه ليست بالحيضة ولكن هذا عرق فاغتسلي وصلي

6

الزهري

المدينة/ الشام

ليتوشح به ثم ليصلِّ فيه

أوَ لكلكم ثوبان

7

إسماعيل بن عبدالله

دمشق

أم الدرداء

كريمة بنت الحسحاس

8

يحيى بن أبي كثير

اليمامة

أبو المهاجر بكِّروا بالصلاة يوم الغيم

أبو المليح بكروا لصلاة العصر

9

يحيى بن أبي كثير

اليمامة

أبو المهاجر

أبو المهلب

10

يحيى بن أبي كثير

اليمامة

عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً

عن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً

11

عبدالرحمن ابن القاسم

المدينة

إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل، مرفوعاً

موقوف على عائشة

ص: 434

‌حماد بن سلمة

(1)

‌اسمه ونسبه:

حماد بن سلمة بن دينار، الإمام القدوة شيخ الإسلام البصري النحوي البزاز الخرقي مولى آل ربيعة بن مالك وابن أخت حميد الطويل.

‌شيوخه:

روى عن ثابت البناني وقتادة وخاله حميد الطويل وأنس بن سيرين وأبي الزبير المكي وعمرو بن دينار وخالد الحذاء وسماك بن حرب وخلق من التابعين.

وعنه: روى ابن جريج وشعبة والثوري وهم أكبر منه، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطان، وأبو داود الطيالسي، وأبو الوليد الطيالسي، وغيرهم كثير.

‌طلبه للعلم:

قال حماد: كنت أسأل حماد بن أبي سليمان أحاديث مسندة

(1)

سير أعلام النبلاء (6/ 444) وانظر بقية مصادر الترجمة في حاشية السير.

ص: 435

والناس يسألونه عن رأيه فكنت إذا جئت قال: لا جاء الله بك.

وقال حماد بن زيد: ما كنا نرى أحداً يتعلم بغير نية غير حماد بن سلمة، وما نرى اليوم أحداً يعلم بنية غيره.

قال الفضل بن زياد: سألت أحمد بن حنبل أين كتب حماد بن سلمة عن سماك بن حرب؟ فقال: بواسط، وكتب عن حماد بن أبي سليمان وعاصم بن بهدلة بالبصرة وقدم عليهم.

قال أبو سلمة موسى بن إسماعيل: ثنا محمد بن سوار قال: ذكرت لشعبة حديث سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عمر كنت أبيع الإبل بالبقيع، فقال: مَنْ حدثك به؟ قلت: حماد بن سلمة، فقال: وكيف سمع حماد هذا ولعله إنما جلس إلى سماك مجلسين أو ثلاثة وقد جلست إلى سماك أكثر من مائة مجلس ولم أسمع هذا؟ قال: فذكرت ذلك لحماد بن سلمة فقال: قل له سمعته وأنت تضرب مع أبيك بالجف.

وقال أحمد بن حنبل: حدّث حماد بن سلمة عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عمر: كنت أبيع الإبل بالبقيع فقال شعبة: أين كنت يعني عن سماك قال له حماد: كنت في الحشر.

قال أحمد: كان حماد يستقل بنفسه وجعل يثبته.

وقال محمد بن سوار: أتيت حماد بن سلمة فكتبت عنه السماكية ثم انصرفت من عنده فمررت بشعبة فقال لي: من أين جئت؟ قلت: من عند حماد حدثني عن سماك فقال: وأيش سمع من مجلس سماك؟ فرجعت إلى حماد فقلت: إني مررت بشعبة فقال لي كذا، فقال: لقد أتيت سماك في حديث خالد بن عرعرة خمس مرات.

ص: 436

قال أبو عبد الرحمن: سمع حماد من سماك بواسط وكان سماك لا يكتبهم

(1)

.

وقال حماد بن سلمة: أخذ إياس بن معاوية بيدي وأنا غلام فقال: لا تموت حتى تقص، أما إني قد قلت هذا لخالك يعني حميداً الطويل فما مات حتى قصّ.

وقال حماد بن زيد: ما أتينا أيوب حتى فرغ حماد بن سلمة.

وقال حماد بن سلمة: كنت إذا أتيت ثابتاً البناني وضع يده على رأسي ودعا لي.

‌ثناء أهل العلم:

قال عفان بن مسلم: اختلف أصحابنا في سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة فصرنا إلى خالد بن الحارث فسألناه فقال: حماد أحسنهما حديثاً وأثبتهما لزوماً للسنّة، قال: فرجعنا إلى يحيى بن سعيد (القطان) فأخبرناه فقال: قال لكم: وأحفظهما، قال: فقلنا: ما قال إلا ما أخبرناك.

قال إسحاق الحربي: كنا عند عفان فقال له رجل: حدثك حماد، فقال: مَنْ حماد ويلك؟ قال: ابن سلمة، قال: ألا تقول أمير المؤمنين.

قال الأصمعي: أخبرني مَنْ سمع سفيان الثوري قال: ليس بالبصرة غير حماد بن سلمة

(2)

.

(1)

انظر الكامل لابن عدي (2/ 254).

(2)

وذلك بعد وفاة شعبة.

ص: 437

قال عبد الله بن المبارك: دخلت البصرة فما رأيت أحداً أشبه بمسالك الأول من حماد بن سلمة.

قال شهاب البلخي: كان حماد بن سلمة يعد من الأبدال.

قال عبد الرحمن بن مهدي: لو قيل لحماد بن سلمة إنك تموت غداً ما قدر أن يزيد في العمل شيئاً.

وقال الأصمعي: سمعت عبد الرحمن بن مهدي وذكر حماد بن سلمة فقال: حماد بن سلمة صحيح السماع أدرك الناس ولم يتهم بلون من الألوان ولم يلتبس بشيء أحسن ملكة نفسه ولسانه ولم يطلقه على أحد ولا ذكر خلقاً بسوء فسلم حتى مات.

وقال شهاب بن معتمر البلخي: كان حماد بن سلمة يعد من الأبدال وعلامة الأبدال أن لا يولد لهم، تزوج سبعين امرأة فلم يولد له.

وقال عفان: قد رأيت مَنْ هو أعبد من حماد بن سلمة، ولكن ما رأيت أشد مواظبة على الخير وقراءة القرآن والعمل للّه من حماد بن سلمة.

قلت: ومع هذه العبادة كان ورعاً وكان لا يحب القدوم على السلاطين فيروى عنه قوله: إن دعاك الأمير لتقرأ عليه {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} فلا تأته.

وقال سوار بن عبد الله العنبري عن أبيه: كنت آتي حماد بن سلمة في سوقه فإذا ربح في ثوب حبة أو حبتين شدّ جونته فلم يبع شيئاً فكنت أظن أن ذاك لقوته فإذا وجد قوته لم يزد عليه شيئاً.

ص: 438

وقال حاتم بن عبد الله: كان حماد بن سلمة يدخل السوق فيربح دانقين في ثوب واحد فيرجع، فإذا ربح لو عرض له ديناران ما عرض لهما.

وقال البخاري: سمعت آدم بن أبي إياس يقول: شهدت حماد بن سلمة ودعوه يعني السلطان فقال: أحمل لحية حمراء إلى هؤلاء، لا والله ما فعلت.

وقال أيضاً: عاد حماد بن سلمة سفيان الثوري فقال سفيان: يا أبا سلمة أترى الله يغفر لمثلي؟ فقال حماد: والله لو خيِّرت بين محاسبة الله إياي ومحاسبة أبوي لاخترت محاسبة الله على محاسبة أبوي وذاك أن الله أرحم بي من أبويّ.

‌طلبه للعربية:

وقال ياقوت الحموي: حماد بن سلمة بن دينار شيخ أهل البصرة في الحديث والعربية والفقه، أخذ عنه يونس بن حبيب النحوي، وسئل أيما أسن أنت أو حماد؟ فقال: حماد أسن مني ومنه تعلمت العربية.

قال: وكان سيبويه يستملي على حماد، فقال حماد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد من أصحابي إلا مَنْ شئت لأخذت عنه علماً ليس أبا الدرداء» فقال سيبويه: ليس أبو الدرداء، فقال له حماد: لحنت يا سيبويه، ليس أبا الدرداء .. ، فقال: لا جرم لأطلبن علماً لا تلحنني فيه أبداً، فطلب النحو ولزم الخليل بن أحمد.

وكان حماد يقول: مَنْ لحن في حديثي فقد كذب عليّ.

وكان حماد يمر بالحسن البصري في الجامع فيدعه ويذهب إلى أصحاب العربية يتعلم منهم.

ص: 439

قال: وكان مع تقدمه في العربية إماماً في الحديث ثقة ثبتاً.

‌سعة علمه:

قال عمرو بن سلمة: كتبت عند حماد بن سلمة بضعة عشر آلاف حديث.

وقال ابن المديني: كان عند يحيى بن الضرير عن حماد عشرة آلاف حديث.

وقال يحيى بن معين: هو أعلم الناس بثابت.

وقال أحمد بن حنبل: حماد أعلم الناس بحديث خاله حميد الطويل وأثبتهم فيه.

وقال وهيب: كان حماد بن سلمة سيدنا وأعلمنا وكان إماماً في العربية مفوهاً شديداً على المبتدعة، وله تآليف ولم يكن له كتاب غير كتاب قيس بن سعد يعني كان يحفظ علمه.

وقال العجلي: إن عند حماد ألف حديث حسن ليس عند غيره.

‌وفاته:

مات في ذي الحجة سنة سبع وستين ومائة في خلافة المهدي.

قال الفضل: وحدثنا أبو طالب عن أبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل قال: سألته عن حماد بن سلمة فقال: حماد بن سلمة من خيار عباد الله الصالحين ومن جمع من السنّة ما جمع، وقال أيوب: هاتوا مثل فتانا حماد.

ص: 440

وقال: سمعت أبا عبد الله يقول: قال رجل يوماً: العلم عند شعبة وسفيان وحماد، فأنكرت عليه حماد أن يكون مثل شعبة وسفيان ولم أكن بحديثه عالماً فلما كتبت حديثه علمت أنه قد صدق فإن حماداً عالم

(1)

.

قال يعقوب بن سفيان: حدثنا أبو ربيعة فهد بن عوف قال: جئنا إلى حماد بن سلمة في يوم حار شديد الحر وصلّينا معه الظهر وكان حماد صاحب ليل وظننا أنه صائم قال: فرحمناه مما به من الجهد وأجمعنا على أن ننصرف عنه لا نسأله عن شيء، فتفرقنا وبقي مَنْ بقي فركع بعد الفريضة وخرج من المسجد وصار في الطريق في الشمس فانبرى له غلام حدث فسأله عن شيء فوقف في الشمس معه يسائله ويحدثه.

قال: فقال له بعض مشيخة المسجد: يا أبا سلمة انصرف أصحابنا عنك لما رأوا بك من الضعف ووقفت مع هذا الغلام في الشمس تحدثه؟ قال: رأيت في هذه الليلة كأني أسقي فسيلة أصب الماء في أصلها فتأولت رؤياي على هذا الغلام حين سألني

(2)

.

روى له البخاري حديثاً واحداً في صحيحه

(3)

، واستشهد به في عدة مواضع، وروى له مسلم والباقون.

(1)

المعرفة والتاريخ (2/ 116).

(2)

المصدر السابق (2/ 115).

(3)

(6075 ط البغا) قال البخاري: وقال لنا أبو الوليد: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عن أبي (بن كعب) قال: كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} باب ما يتقى من فتنة المال وقول الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ

(15)}.

ص: 441

‌ضعفه في بعض شيوخه:

قال الإمام مسلم في التمييز: حماد بن سلمة عندهم يخطاء في حديث قتادة كثيراً

(1)

.

وقال البردعي: إذا روى حماد بن سلمة وهمام وأبان ونحوهم من الشيوخ عن قتادة وخالف سعيد أو هشام أو شعبة فإن القول قول هشام وسعيد وشعبة على الانفراد.

قال ابن رجب شارحاً قوله: مراده أن الحفاظ من أصحاب قتادة ثلاثة: شعبة وسعيد وهشام، والشيوخ من أصحابه مثل حماد بن سلمة وهمام وأبان ونحوهم.

وأما الشيوخ فإذا روى أحدهم حديثاً وخالفه واحد من الحفاظ الثلاثة فالقول قول ذلك الحافظ

(2)

.

(1)

شرح العلل لابن رجب (2/ 698).

(2)

المصدر السابق (2/ 695).

ص: 442

قال الشيخ المحدث عبد الله بن عبد الرحمن السعد وفقه الله في أقسام حديث حماد بن سلمة:

لقد ذهب القائلون بالتفصيل في حال حماد بن سلمة إلى تقسيم حديثه باعتبارات متعددة:

الاعتبار الأول: من جهة شيوخه.

الاعتبار الثاني: من جهة الرواة عنه.

الاعتبار الثالث: من جهة حديثه.

الاعتبار الأول: من جهة شيوخه، وهم على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: مَنْ ثُبِّت في الرواية عنهم، وقُدِّم فيهم.

القسم الثاني: مَنْ لم يُقدم فيهم، ولم يتكلم في روايته عنهم خاصة.

القسم الثالث: مَنْ تُكلم في روايته عنهم خاصة.

القسم الأول: مَنْ ثُبِّت في الرواية عنهم، وقُدِّم فيهم:

لقد أُثني على حمادٍ في روايته عن خمسةٍ من شيوخه:

ص: 443

1 على رأسهم: ثابت البناني؛ فإن حماداً أثبت الناس فيه بالاتفاق.

قال الإمام مسلم: (اجتماع أهل الحديث من علمائهم؛ على أن أثبت الناس في ثابت البناني: حماد بن سلمة، وكذلك قال يحيى القطان، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وغيرهم من أهل المعرفة).

2 حميد الطويل، وتقدم في كلام ابن حبان أنه خالٌ لحماد.

قال الإمام أحمد في رواية الأثرم: (لا أعلم أحداً أحسن حديثاً عن حميدٍ من حماد بن سلمة، سمع منه قديماً، يروي أشياء مرة يرفعها ومرة يوقفها) قال: (وحميد يختلفون عنه اختلافاً شديداً).

قلت: قوله: مرة يرفعها ومرة يوقفها، دليل على ضبط حديثه.

وقال في رواية أبي الحارث: (ما أحسن ما روى حمادٌ عن حميد).

وقال في رواية أبي طالب: (حماد بن سلمة أعلم الناس بحديث حميد، وأصح حديثاً).

وقال أيضاً في روايته: (حماد بن سلمة أثبت الناس في حميد الطويل، سمع منه قديماً، يخالف الناس في حديثه) يعني في حديث حميد.

قلت: قوله (يخالف الناس في حديثه) يعني: يرويها على الوجه الصحيح، بخلاف غيره.

وقال يحيى بن معين: (حماد بن سلمة أعلم الناس بحديث حميد).

ص: 444

3 علي بن زيد بن جدعان.

قال أبو حاتم: (حماد بن سلمة في ثابت وعلي بن زيد أحب إليّ من همام، وهو أضبط الناس وأعلمه بحديثهما بين خطأ الناس، وهو أعلم بحديث علي بن زيد من عبد الوارث).

قال ابن رجب: (حديثه عن علي بن زيد بن جدعان، هو حافظ له).

وقال عن حماد: (مَنْ أثبت الناس في شيوخه الذين لزمهم، كثابت البناني، وعلي بن زيد).

4، 5 محمد بن زياد البصري، وعمار بن أبي عمار.

ورواية حماد عنهما قريبة من السواء، ولعل روايته عن محمد بن زياد تقدم؛ قال أحمد في رواية علي بن سعيد:(محمد بن زياد صاحب أبي هريرة ثقة، وأجاد حماد بن سلمة الرواية عنه).

وقال شعبة: (كان حماد بن سلمة يفيدني عن محمد بن زياد).

وقال ابن أبي حاتم: (حدثنا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل، نا علي يعني ابن المديني قال: سمعت يحيى يعني ابن سعيد القطان قال: قال شعبة: كان حماد بن سلمة يفيدني عن عمار بن أبي عمار).

وقال يعقوب بن شيبة: (حماد بن سلمة ثقة في حديثه اضطراب شديد، إلا عن شيوخٍ فإنه حسن الحديث عنهم، متقن لحديثهم، مقدّم على غيره فيهم، منهم ثابت البناني وعمار بن أبي عمار).

ص: 445

لمَ قُدِّم حماد في هؤلاء الشيوخ؟

لأمور:

أولاً: سماعه من بعضهم في حال الصغر، وهم كبار شيوخه، وهذا أدعى لضبط حديثه:

فقد قال حماد: (كنت إذا أتيت ثابت البناني وضع يده على رأسي ودعا لي).

قلت: وهذا يدل على صغره حال مجيئه إلى ثابت.

وقال أيضاً عن خاله حميد: (ربما أتيت حميداً فقبّل يدي).

قلت: وتقبيله ليد ابن أخته يدل على صغر سنه.

ولعل الباقين كذلك، قال الإمام أحمد في رواية الأثرم:(حماد بن سلمة إذا روى عن الصغار أخطأ).

وأشار إلى روايته عن داود بن أبي هند.

قلت: قوله (الصغار) يعني: شيوخه الصغار.

وتقدم قول يحيى القطان: (إن كان ما حدّث به حماد بن سلمة عن قيس بن سعد؛ فليس قيس بن سعد بشيء، ولكن حديث حماد بن سلمة عن الشيوخ، عن ثابت، وهذا الضرب).

قلت: قوله (عن الشيوخ) يعني: شيوخه الكبار.

ثانياً: قُربه من بعضهم، كحالِ حميدٍ معه، والخؤولة مظنة قوة العلاقة، وكثرة المخالطة، وبالتالي ضبط حديثه والرواية عنه.

ثالثاً: أنهم من بلده، فجميعهم بصريون، وغالباً ما يكون حديث

ص: 446

الرجل عن أهل بلده أضبط من حديثه عن غيرهم. والله أعلم.

القسم الثاني: مَنْ لم يُقدّم فيهم، ولم يتكلم في روايته عنهم خاصة:

تقدم لنا أن بعض الحفاظ تكلم في حماد إلا مَنْ استثناهم، كثابت وغيره.

فهذا يفيد أن حديث حماد قسمين:

الأول: مَنْ قُدِّم في الرواية عنهم.

والثاني: بقية شيوخه.

ولكن الأوْلى جعلُ قسمٍ بين القسمين؛ لأن هناك من شيوخه مَنْ تُكلم في روايته عنهم خاصة، وهم القسم الآتي.

القسم الثالث: مَنْ تُكلم في روايته عنهم خاصة:

مثل: قيس بن سعد، وزياد الأعلم، وداود بن أبي هند، وسعيد الجريري، وأيوب السختياني وغيرهم.

قال الإمام مسلم: (وحماد يعدّ عندهم إذا حدّث عن غير ثابت؛ كحديثه عن قتادة، وأيوب، ويونس، وداود بن أبي هند، والجريري، ويحيى بن سعيد، وعمرو بن دينار، وأشباههم فإنه يخطاء في حديثهم كثيراً، وغير حماد في هؤلاء أثبت عندهم، كحماد بن زيد، وعبد الوارث، ويزيد بن زريع، وابن علية).

أما قيس بن سعد، فقال أحمد:(ضاع كتابه عنه فكان يحدّث من حفظه فيخطاء).

وتقدم نقل قول يحيى بن سعيد القطان: (حماد بن سلمة عن

ص: 447

زياد الأعلم وقيس بن سعد ليس بذاك) وقوله: (إن كان ما حدّث به حماد بن سلمة عن قيس بن سعد؛ فليس قيس بن سعد بشيء).

وقال البيهقي: (حماد ساء حفظه في آخر عمره، فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه، ويجتنبون ما تفرد به عن قيسٍ خاصة).

وقيس بن سعد ليس من أهل بلده؛ فإنه كان مكياً، ولعل حماداً سمع منه في مجلس أو مجلسين، ولم يُكثر من التردد عليه، وقد دوّن هذه الأحاديث وضاعت عليه، فلم يُتقن حديثه.

وأما زياد الأعلم فإنه كان بصرياً، ولكن قد قال الدارقطني:(هو قليل الحديث).

قلت: ولعلها أحاديث يسيرة، وهذا قد يؤدي إلى أن حماداً لا يتردد عليه، لقلّة حديثه، وبالتالي لا يضبطه.

الاعتبار الثاني: من جهة الرواة عنه:

وهم على قسمين:

القسم الأول: مَنْ كتب عنه من النسخ.

القسم الثاني: مَنْ سمع منه الأصناف.

والأول أقوى.

قال يحيى بن معين: (مَنْ سمع من حماد بن سلمة الأصناف ففيها اختلاف، ومَن سمع من حماد بن سلمة نسخاً فهو صحيح).

والمقصود بالنسخ ما سمعه عن كل شيخٍ على حدة، فنسخة حديثه عن ثابت، ونسخة حديثه عن حماد

وهكذا.

وأما الأصناف، فهي الكتب المصنفة التي تجمع أحاديث الرواة،

ص: 448

فتكون مختلطة بعضها ببعض، فمرة عن أيوب، ومرة عن حماد، ومرة عن ثابت، ومرة عن علي بن زيد بن جدعان

وهكذا. والأول أسهل في ضبط الرواية.

الاعتبار الثالث: من جهة حديثه:

فمَن سمع منه قديماً أقوى ممن سمع منه أخيراً.

وتقدم قول البيهقي: (حماد ساء حفظه في آخر عمره).

قلت: وهذا وإن لم يسبق إليه البيهقي صراحةً، إلا أن حديث الرجل في قوته ونشاطه أقوى في الجملة من حديثه حال كبر سنه وضعفه، والله أعلم) انتهى.

ص: 449

‌الحديث الأول

(1)

:

237 -

قال الإمام مسلم في صحيحه (1/ 110 ح 119): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال:

لما نزلت هذه الآية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ

(2)} [الحجرات: 2] إلى آخر الآية، جلس ثابت بن قيس في بيته وقال: أنا من أهل النار، واحتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم فسأل النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ فقال:«يا أبا عمرو ما شأن ثابت اشتكى؟» قال سعد: إنه لجاري وما علمت له بشكوى، قال: فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال

(1)

رجال الإسناد:

أبو بكر بن أبي شيبة الكوفي، ثقة حافظ صاحب تصانيف، من العاشرة، روى له البخاري ومسلم.

الحسن بن موسى الأشيب، أبو علي البغدادي، قاضي الموصل وغيرها، ثقة، من التاسعة، مات سنة 209 أو 210، روى له البخاري ومسلم.

ثابت بن أسلم البناني، أبو محمد البصري، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة بضع وعشرين بعد المائة وله 86 سنة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 451

ثابت: أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا من أهل النار، فذكر ذلك سعد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بل هو من أهل الجنة» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

ورواه أحمد (3/ 145) و (3/ 287) من طريق الحسن بن موسى وعفان، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (310) من طريق الحسن بن موسى، وأبو عوانة في مسنده (197) من طريق عفان بن مسلم كلاهما عن حماد به.

هكذا قال حماد في هذا الحديث أن الذي سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن شأن ثابت هو (سعد بن معاذ).

خالفه سعيد بن بشير فرواه عن قتادة عن أنس وقال: (سعد بن عبادة)

(1)

.

وقد رجح هذا الحافظ في الفتح لأن سعد بن معاذ مات في غزوة بني قريظة وكان ذلك سنة خمس، وهذه السورة نزلت في سنة تسع في الوفود بسبب الأقرع بن حابس وغيره ولأن سعد بن عبادة من قبيلة ثابت بن قيس فهو أشبه أن يكون جاره.

وقد أشار مسلم في صحيحه عقب الحديث إلى أن حماد بن سلمة تفرد بذكر سعد بن معاذ.

(1)

رواه ابن المنذر في تفسيره. ذكره ابن حجر في فتح الباري (6/ 620) والعيني في عمدة القاري (16/ 125).

ص: 452

فروى بسنده عن جعفر بن سليمان

(1)

، وعن سليمان بن المغيرة

(2)

، وسليمان بن طرخان

(3)

التيمي ثلاثتهم عن ثابت عن أنس هذا الحديث، ثم قال: ولم يذكروا سعد بن معاذ في الحديث.

وقد رواه البخاري في صحيحه

(4)

من طريق ابن عون، عن موسى بن أنس، عن أنس بن مالك، ولم يذكر سعد بن معاذ بل أبهمه فقال: قال رجل.

قال الحافظ في الفتح (6/ 620): (واستشكل ذلك الحفاظ بأن نزول الآية المذكورة كان في زمن الوفود بسبب الأقرع بن حابس وغيره وكان ذلك في سنة تسع كما سيأتي في التفسير

(5)

، وسعد بن معاذ مات قبل ذلك في بني قريظة وذلك سنة خمس، ويمكن الجمع بأن الذي نزل في قصة ثابت مجرد رفع الصوت والذي نزل في قصة الأقرع أول السورة وهو قوله: { .. لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ

(1)} وقد نزل في هذه السورة سابقاً أيضاً قوله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا

(9)}

}.

وروى ابن المنذر في تفسيره من طريق سعيد بن بشير عن قتادة، عن أنس في هذه القصة فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله هو جاري .. الحديث، وهذا أشبه بالصواب لأن سعد بن عبادة من قبيلة

(1)

مسلم (119)(188) وأبو يعلى (3427) والواحدي في أسباب النزول (ص 258).

(2)

مسلم (119)(188) والبخاري في خلق أفعال العباد (557) وأحمد (3/ 137) وابن حبان (7168) وعبد بن حميد (1209).

(3)

مسلم (119)(188) وأبو يعلى (3381) والنسائي في الكبرى (8227) و (11513) وفي التفسير (2/ 316) وابن حبان (7169).

(4)

البخاري (3613)(4846).

(5)

البخاري (4845).

ص: 453

ثابت بن قيس فهو أشبه أن يكون جاره من سعد بن معاذ لأنه من قبيلة أخرى) انتهى كلام الحافظ

(1)

ونحو ذلك قال العيني في عمدة القاري (16/ 146).

(1)

لكنه قال في الفتح (8/ 592) في شرح الحديث (4846)(فقال رجل يا رسول الله) قال: (هو سعد بن معاذ بيّنه حماد بن سلمة في روايته لهذا الحديث عن أنس، وقيل هو عاصم بن عدي وقيل أبو مسعود والأول المعتمد). وهذا خلاف ما رجحه سابقاً أن المعتمد هو سعد بن عبادة، ودلل على ذلك.

ص: 454

‌الحديث الثاني

(1)

:

238 -

قال الإمام مسلم في صحيحه (1675): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد، أخبرنا ثابت عن أنس رضي الله عنه:

أن أخت الربيع أم حارثة جرحت إنساناً فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القصاص القصاص» فقالت أم الربيع: يا رسول الله أيقتص من فلانة، والله لا يقتص منها أبداً، قال: فما زالت حتى قبلوا الدية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن من عباد الله مَنْ لو أقسم على الله لأبرَّه» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح.

هذا حديث تفرد به حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، لم يروه عن أنس إلا ثابت ولم يروه عن ثابت إلا حماد.

وأخرجه أحمد (3/ 284) عن عفان به.

وأخرجه النسائي (8/ 26)، وأبو يعلى (3383)، (3506) ط دار القبلة، وأبو عوانة (6512)، والبيهقي (8/ 39) كلهم من طريق عفان عن حماد بن سلمة به.

(1)

رجال الإسناد:

أبو بكر بن أبي شيبة الكوفي: تقدم.

عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي، أبو عثمان الصفار البصري، ثقة ثبت. قال ابن المديني: كان إذا شكّ في حرف من الحديث تركه، وربما وهم، من كبار العاشرة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 455

وأخرجه أبو عوانة (6513) من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن سلمة به.

وعلقه البخاري في صحيحه (12/ 214) في باب القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات قال: وجرحت أخت الربيع إنساناً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «القصاص» .

وقد وقع وهم في هذه الرواية ويغلب على الظن أنه من حماد رحمه الله وهو على ثقته وجلالته له بعض الأوهام.

وأخرجه البخاري من طرق عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك

(1)

.

وخالفه في ثلاث مواضع بل في أربع مواضع:

الأول: أن المرأة التي وقعت منها الجناية هي الربيع بنت النضر

(2)

نفسها وليست أختها.

(1)

البخاري (2806) و (4500) و (4611)، وأخرجه أبو داود (4595) والنسائي (8/ 26، 27، 28) وابن ماجه (2649) وابن أبي عاصم في الديات ص (62 - 63) وابن الجارود (841) والطحاوي (4/ 271) وفي شرح المشكل (675) و (4951) وابن حبان (6490) والحاكم (2/ 273).

(2)

الربيع بنت النضر بن ضمضم بن زيد بن حزم الأنصارية أخت أنس بن النضر وعمة أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم حارثة بن سراقة الذي استشهد بين يدَيْ النبي صلى الله عليه وسلم ببدر، فأتت أمه الربيع فقالت: يا رسول الله أخبرني عن حارثة فإن كان في الجنة صبرت واحتسبت وإن كان غير ذلك اجتهدت في البكاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إنها جنات وإنه أصاب الفردوس الأعلى» فرجعت أمه تضحك وتقول: بخ بخ لك يا حارثة.

أسد الغابة (7/ 109)، (1/ 650)، الإصابة (4/ 301).

ص: 456

الثاني: أن الذي أقسم أن لا يقتص منها هو أخوها أنس بن النضر

(1)

وليس أمها.

الثالث: أن جنايتها هي كسر سن جارية من الأنصار وليس جراحة إنسان.

الرابع: قوله: أخت الربيع أم حارثة، والمعروف أن حارثة بن سراقة بن الحارث أمه هي الربيع بنت النضر وليس هو ابن أختها

(2)

.

قال النووي في شرح مسلم (11/ 163): (هذه رواية مسلم

(1)

أنس بن النضر بن ضمضم عم أنس بن مالك استشهد في غزوة أحد، روى البخاري في صحيحه (2805) من طريق حميد الطويل عن أنس قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني أصحابه وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، قال: يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر إني أجد ريحها دون أحد. قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ووجدناه قد قتل وقد مثّل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه.

(2)

قال ابن الأثير في جامع الأصول: الذي وقع في كتب النسب والمغازي وأسماء الصحابة أن أم حارثة هي الربيع بنت النضر عمة أنس (الفتح 6/ 26).

فقد أخرج البخاري في صحيحه (2809) من طريق شيبان عن قتادة عن أنس بن مالك أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة وكان قتل يوم بدر أصابه سهم عزب فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء، قال:«يا أم حارثة إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى» . اه.

قوله الربيع بنت البراء وهم من شيبان وسيأتي في بابه، ح (655).

ص: 457

وخالفه البخاري في روايته فقال عن أنس بن مالك أن عمته الربيع

فحصل الاختلاف في الروايتين من وجهين:

أحدهما: أن في رواية مسلم أن الجارية أخت الربيع، وفي رواية البخاري أنها الربيع نفسها.

والثاني: أن في رواية مسلم أن الحالف لا تكسر ثنيتها هي أم الربيع، وفي رواية البخاري أنه أنس بن النضر.

قال النووي: قال العلماء: المعروف في الروايات رواية البخاري وقد ذكرها من طرقه الصحيحة وكذا رواه أصحاب كتب السنن).

وبسبب الاختلاف في روايتَيْ الإمامين البخاري ومسلم ذهب بعض أهل العلم إلى أنهما واقعتان.

قال البيهقي في السنن الكبرى (8/ 39): ثابت أحفظ ويحتمل أنهما قصتان وهذا هو الأظهر

(1)

.

وجزم ابن حزم بأنهما قصتان صحيحتان وقعتا لامرأة واحدة إحداهما أنها جرحت إنساناً فقضي عليها بالضمان، والأخرى أنها

(1)

قلت: نعم ثابت أحفظ من حميد الطويل لكن الوهم ليس منه بل هو ممن دونه وقد تعقب ابن التركماني البيهقي فقال: «كونهما قصتين في غاية البعد والصواب الترجيح ومقصود البيهقي بقوله (ثابت أحفظ) ترجيح روايته على رواية حميد، وكيف تترجح روايته والراوي عنه حماد بن سلمة ولم يحتج به البخاري وتكلموا فيه قال البيهقي في باب مَنْ مرّ بحائط إنسان: ليس بالقوي، وقال في باب زكاة الإبل: ساء حفظه في آخر عمره فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه.

فظهر من هذا أن رواية حميد أرجح من رواية ثابت ولهذا أخرجها البخاري دون رواية ثابت».

ص: 458

كسرت ثنية جارية فقضي عليها بالقصاص، وحلفت أمها في الأولى وأخوها في الثانية

(1)

.

وقال النووي: إنهما قضيتان، أما الرُبَيِّع الجارحة في رواية البخاري وأخت الجارحة في رواية مسلم فهي بضم الراء وفتح الباء وتشديد الياء، وأما أم الرَّبِيع الحالفة في رواية مسلم فبفتح الراء وكسر الباء وتخفيف الياء.

قال الحافظ في الإصابة (4/ 301) في ترجمة الربيع بنت النضر:

(وفي صحيح البخاري عن أنس أن الربيع بنت النضر عمة أنس لطمت إنساناً فطلبوا العفو فأبوا فطلبوا الأرش فأبوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كتاب الله القصاص» ، فقال أنس بن النضر: أيكسر سن الربيع لا والذي بعثك بالحق لا يكسر سنها، فرضوا بالأرش، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن من عباد الله مَنْ لو أقسم على الله لأبره، منهم أنس بن النضر» .

وأما ما وقع في صحيح مسلم من وجه آخر عن أنس أن أخت الربيع جرحت إنساناً فذكره، وفيه قالت أم الربيع: يا رسول الله أيقتص من فلانة، فتلك قصة أخرى إن كان الراوي حفظه وإلا فهو وهم من بعض رواته، ويستفاد إن كان محفوظاً أن لوالدة الربيع صحبة). اه.

وقال ابن الأثير في أسد الغابة (7/ 109): وهذه الربيع هي التي كسرت ثنية امرأة فعرضوا عليهم الأرش فأبوا وطلبوا العفو فأبوا فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقصاص فقام أخوها أنس بن النضر فقال: يا رسول الله أتكسر ثنية الربيع

(1)

فتح الباري (12/ 215).

ص: 459

وقد قيل إن التي فعلت ذلك كانت أخت الربيع.

وقال ابن الملقن: وجمع الرافعي في أحكامه أن كلّاً منهما حلف على أنه لا يقتص منها، وأن الجراحة نسبت إلى إحداهما بالمباشرة وإلى الأخرى بالسبب، ونسب القصاص إلى إحداهما من جهة أنها المباشرة للجناية وإلى الأخرى من جهة تأثرها بالاقتصاص من هذه فكل ما نيل منها نيل من أختها

(1)

.

قلت: احتمال التعدد بعيد، والأقرب أن حماداً وهم في هذا الحديث وقد اختلف عليه فيه:

ففي رواية عفان عنه أن الذي أقسمت أن لا يقتص منها هي أم الربيع.

وفي رواية سليمان بن حرب عنه أن التي أقسمت هي أم حارثة

(2)

والله تعالى أعلم.

(1)

البدر المنير (8/ 354 - 355).

(2)

أخرجه أبو عوانة في مسنده (6153).

ص: 460

‌الحديث الثالث

(1)

:

239 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 270): حدثنا عفان، حدثنا حماد، حدثنا ثابت عن أنس رضي الله عنه:

أن رقية لما ماتت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل رجل قارف أهله الليلة»

(2)

.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله رجال الصحيح.

ورواه أحمد (3/ 229) من طريق يونس بن محمد عن حماد به.

ورواه البخاري في التاريخ الأوسط (1/ 44) ويعقوب بن سفيان في المعرفة (3/ 163) والحاكم في المستدرك (4/ 47) من طريق عفان بن مسلم به، وصححه الحاكم على شرط مسلم.

وزاد في بعض الروايات (فلم يدخل عثمان القبر).

ورواه الطحاوي في مشكل الآثار (6/ 323) من طريق عبيد الله بن محمد عن حماد بن سلمة به وفيه قال: ماتت إحدى بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسمها.

وقد وهم حماد بن سلمة في قوله (رقية) والصواب (أم كلثوم) لأن رقية رضي الله عنها ماتت ودفنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر ولم يشهد النبي صلى الله عليه وسلم دفنها.

(1)

رجال الإسناد:

عفان بن مسلم: تقدم.

(2)

أي لم يجامع أهله تلك الليلة، وقيل: المراد لم يقارف الذنب.

ص: 461

قال الطحاوي في شرح المشكل: فابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه هي أم كلثوم توفيت وكانت وفاتها رضي الله عنها في سنة تسع من الهجرة.

وقد روى البخاري في صحيحه هذا الحديث (1285) ولم يسمها من طريق فليح بن سليمان عن بلال بن علي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (شهدنا بنتاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر قال: فرأيت عينيه تدمعان قال: فقال: «هل منكم رجل لم يقارف الليلة؟» فقال أبو طلحة: أنا، قال:«فانزل» قال: فنزل في قبرها.

قال الحافظ في الفتح (3/ 158): هي أم كلثوم زوج عثمان، رواه الواقدي عن فليح بن سليمان بهذا الإسناد، وأخرجه ابن سعد في الطبقات (8/ 38) في ترجمة أم كلثوم، وكذا الدولابي في الذرية الطاهرة، وكذا رواه الطبري والطحاوي من هذا الوجه.

ورواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس فسماها رقية. أخرجه البخاري في التاريخ الأوسط، والحاكم في المستدرك، قال البخاري: ما أدري ما هذا، فإن رقية ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم ببدر لم يشهدها، قلت أي الحافظ: وهم حماد في تسميتها فقط ويؤيد الأول ما رواه ابن سعد أيضاً في ترجمة أم كلثوم من طريق عمرة بنت عبد الرحمن قالت: نزل في حفرتها أبو طلحة) اه.

‌فائدة:

حماد بن سلمة أعلم الناس بحديث ثابت ومع ذلك فالوهم والخطأ لا يسلم منه أحد، وفي هذه الرسالة ثلاثة أحاديث وهم فيها حماد على ثابت كلها في المتن في أسماء لم تؤثر على صحة الحديث.

ص: 462

قال يحيى بن معين: حماد بن سلمة أعلم الناس بحديث ثابت

(1)

.

وقال أيضاً: مَنْ خالف حماد بن سلمة في ثابت فالقول قول حماد

(2)

.

وقال علي بن المديني: لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة

(3)

.

وقال أحمد بن حنبل: حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت البناني

(4)

.

وقال في رواية أبي داود: ليس أحد أثبت في ثابت من حماد بن سلمة، هؤلاء الشيوخ يتوهمون

(5)

.

وقال مسلم في كتاب التمييز:

والدليل على ما بيّنّا من هذا اجتماع أهل الحديث وعلمائهم على أن أثبت الناس في ثابت البناني حماد بن سلمة، كذلك قال يحيى القطان ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهم من أهل المعرفة

(6)

.

(1)

تاريخ ابن معين رواية الدوري (4483).

(2)

المصدر السابق (4299).

(3)

العلل لابن المديني ص 72.

(4)

العلل رواية عبد الله (2/ 131).

(5)

سؤالات أبي داود للإمام أحمد (514).

(6)

التمييز ص 170.

ص: 463

‌الحديث الرابع

(1)

:

240 -

قال أبو داود رحمه الله (532): حدثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب المعنى، قالا: حدثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر:

أن بلالاً أذّن قبل طلوع الفجر، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي ألا إن العبد قد نام، ألا إن العبد قد نام.

قال أبو داود: وهذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة.

‌التعليق:

هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، لكن أعله أئمة الحديث وقالوا إن حماداً أخطأ في رفعه والصواب وقفه على عمر.

والحديث رواه أيضاً عبد بن حميد في المنتخب (782) والدارقطني (1/ 244) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 139) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 383) كلهم من طريق حماد بن سلمة به.

(1)

رجال الإسناد:

موسى بن إسماعيل المنقري، أبو سلمة التبوذكي ثقة ثبت، روى له البخاري ومسلم.

داود بن شبيب الباهلي، أبو سليمان البصري، صدوق، روى له البخاري.

أيوب بن أبي تميمة: كيسان السختياني، ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء والعبّاد، مات سنة 131 وله 65 سنة، روى له البخاري ومسلم.

نافع: أبو عبد الله المدني مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 117 أو بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.

ص: 464

وذكره الترمذي في سننه (1/ 394) تعليقاً.

ثم قال الترمذي: (هذا حديث غير محفوظ، والصحيح ما روى عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» .

وروى عبد العزيز بن أبي راود عن نافع أن مؤذناً لعمر أذّن بليل فأمره عمر أن يعيد الأذان.

وهذا لا يصح أيضاً، لأنه عن نافع عن عمر منقطع.

ولعل حماد بن سلمة أراد هذا الحديث

(1)

.

والصحيح رواية عبيد الله

(2)

وغير واحد عن نافع عن ابن عمر، والزهري

(3)

عن سالم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن بلالاً يؤذن بليل» .

قال الترمذي: ولو كان حديث حماد صحيحاً لم يكن لهذا الحديث معنى، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن بلالاً يؤذن بليل» فإنما أمرهم فيما يستقبل، ولو أنه أمره بإعادة الأذان قبل طلوع الفجر لم يقل إن بلالاً يؤذن بليل.

قال علي بن المديني: حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع

(1)

يعني لعل حماداً سمع حديث ابن أبي رواد في حادثة مؤذن لعمر، فخانه حفظه فأخطأ في التحديث ظناً منه ووهماً أن الحادثة لبلال، وأن الآمر بالإعادة هو النبي صلى الله عليه وسلم (قاله أحمد شاكر).

(2)

البخاري (597) باب الأذان قبل الفجر، (1819) باب قول الله تعالى: { .. وَكُلُوا وَاشْرَبُوا

(187)}، ومسلم (1092).

(3)

البخاري (592) باب أذان الأعمى، (2513) باب شهادة الأعمى، ومسلم (1092).

ص: 465

عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم هو غير محفوظ، وأخطأ فيه حماد بن سلمة) انتهى.

وقال البيهقي نحو ذلك، ونقل عن ابن المديني ومحمد بن يحيى الذهلي تضعيف الحديث.

قال البيهقي (1/ 383): هذا حديث تفرد بوصله حماد بن سلمة عن أيوب

وحديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أصح منه، ومعه رواية الزهري عن سالم عن أبيه.

ثم قال: قال علي بن المديني أخطأ حماد في هذا الحديث، والصحيح حديث عبيد الله يعني عن نافع، وحديث الزهري عن سالم.

ثم أخرج بسنده عن محمد بن يحيى الذهلي أنه قال: حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن بلالاً أذّن قبل طلوع الفجر شاذ غير واقع على القلب، وهو خلاف ما رواه الناس عن ابن عمر.

وقال في الخلافيات (1/ 462 مختصر): (أما حماد بن سلمة فإنه أحد أئمة المسلمين حتى قال أحمد بن حنبل: إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة فاتهمه فإنه كان شديداً على أهل البدع، إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه ولذلك ترك البخاري الاحتجاج بحديثه، وأما مسلم فإنه اجتهد في أمره وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ أكثر من اثني عشر حديثاً أخرجها في الشواهد دون الاحتجاج به، وإذا كان الأمر على هذا فالاحتياط لمَن راقب الله تعالى أن لا يحتج بما يجد من أحاديثه مخالفاً لأحاديث الثقات الأثبات وهذا الحديث من جملتها).

ص: 466

وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 114): قال أبي: لا أعلم روى هذا الحديث عن أيوب إلا حماد بن سلمة، ورواية عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع

والصحيح عن نافع عن ابن عمر (أن عمر أمر مسروحاً أذّن قبل الفجر، وأمره أن يرجع).

فلو صحّ هذا الحديث لدفعه حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، والقاسم بن محمد عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» فقد جوّز النبي صلى الله عليه وسلم الأذان قبل الفجر، إن حديث حماد بن سلمة خطأ .. ).

وقال ابن رجب في شرحه للبخاري (3/ 512): (وكذلك أنكره الإمام أحمد على حماد.

وقال الشافعي: رأينا أهل الحديث من أهل العراق لا يثبتون هذا الحديث، ويزعمون أنها ضعيفة لا يقوم بمثلها حجة على الانفراد.

وقال الأثرم: هذا الحديث خطأ معروف من خطأ حماد بن سلمة.

وقال الدارقطني: أخطأ فيه حماد بن سلمة

ثم قال: روايات حماد بن سلمة عن أيوب غير قوية.

قال أحمد: أسند عن أيوب أحاديث لا يسندها الناس عنه

(1)

.

وقال مسلم: حماد يخطاء في حديث أيوب كثيراً). اه.

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 103): رجاله ثقات حفاظ، لكن اتفق أئمة الحديث علي ابن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري

(1)

رواه عبد الرزاق (1888) عن معمر عن أيوب قال: أذّن بلال مرة بليل .. (هكذا رواه معمر عن أيوب).

ص: 467

والذهلي وأبو حاتم وأبو داود والترمذي والأثرم والدارقطني على أن حماداً أخطأ في رفعه وأن الصواب وقفه على عمر بن الخطاب، وأنه هو الذي وقع له ذلك مع مؤذنه. اه.

وخالفهم جميعاً الألباني فصحح هذا الحديث

(1)

.

‌الدلالة الفقهية:

استدل بهذا الحديث أنه لا يشرع الأذان لصلاة الفجر قبل وقتها.

وبهذا قال أبو حنيفة وسفيان الثوري ومحمد بن الحسن وحجتهم حديث الباب

(2)

.

قال ابن قدامة في المغني (1/ 409):

أجمع أهل العلم أن من السنّة أن يؤذن للصلوات بعد دخول وقتها إلا الفجر ..

ويشرع الأذان للفجر قبل وقتها وهو قول مالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق.

ومنعه الثوري وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن لما روى ابن عمر

(1)

صحيح سنن أبي داود (3/ 32 - 35) واستدل بما لا يفيد.

(2)

انظر البناية شرح الهداية (2/ 126)، بدائع الصنائع (1/ 154)، الأوسط (3/ 30)، المغني (1/ 409)، التنقيح (1/ 281 - 287)، مختصر خلافيات البيهقي (1/ 460)، المجموع (3/ 89)، فتح الباري (2/ 104)، إعلاء السنن (2/ 119)، نصب الراية (1/ 285)، مختصر الأحكام (2/ 24) للطوسي.

ص: 468

أن بلالاً أذّن قبل طلوع الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي ألا إن العبد نام ألا إن العبد نام.

وعن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «لا تؤذن له حتى يستبين لك الفجر هكذا» ومدّ يديه عرضاً. رواهما أبو داود.

وقال الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 24):

وقد اختلف أهل العلم في الأذان بالليل.

فقال بعض أهل العلم: إذا أذّن المؤذن بالليل أجزأه ولا يعيد. وهو قول مالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق.

وقال بعض أهل العلم: إذا أذن المؤذن بالليل أعادوا وبه يقول سفيان الثوري.

وروى حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن بلالاً أذّن بالليل

وهذا حديث غير محفوظ.

قال النووي في المجموع (3/ 89):

فرع في مذاهب العلماء للصبح وغيرها:

أما غيرها، فلا يصح الأذان لها قبل وقتها بإجماع المسلمين، نقل الإجماع فيه ابن جرير وغيره.

وأما الصبح فقد ذكرنا أن مذهبنا جوازه قبل الفجر وبعده.

وبه قال مالك والأوزاعي وأبو يوسف وأبو ثور وأحمد وإسحاق وداود.

وقال الثوري وأبو حنيفة ومحمد: لا يجوز قبل الفجر

واحتج لأبي حنيفة وموافقيه بحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن

ص: 469

بلالاً أذّن قبل الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي ألا إن العبد نام ألا إن العبد نام.

دليلنا حديث ابن عمر رضي الله عنهما (إن بلالاً يؤذن بليل) وهو في الصحيحين

(1)

. اه.

‌فائدة:

عقد البخاري في صحيحه (2/ 103) باب الأذان قبل الفجر.

أخرج فيه حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنعن أحدكم أو أحداً منكم أذان بلال من سحور، فإنه يؤذن بليل» .

قال ابن حجر: (قوله (باب الأذان قبل الفجر): أي ما حكمه هل يشرع أو لا.

وإذا شرع هل يكتفى به عن إعادة الأذان بعد الفجر أو لا؟ وإلى مشروعيته مطلقاً ذهب الجمهور، وخالف الثوري وأبو حنيفة ومحمد.

وإلى الاكتفاء مطلقاً ذهب مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم.

وخالف ابن خزيمة وابن المنذر وطائفة من أهل الحديث وقال به الغزالي في الإحياء، وادعى بعضهم أنه لم يرد في شيء من الحديث ما يدل على الاكتفاء.

وتعقب بحديث الباب، وأجيب عنه بأنه مسكوت عنه فلا يدل،

(1)

البخاري (617) ومسلم (1092).

ص: 470

وعلى التنزل فمحله فيما إذا لم يرد نطق بخلافه، وهنا قد ورد حديث ابن عمر وعائشة بما يشعر بعدم الاكتفاء وكأن هذا هو السر في إيراد البخاري لحديثهما في هذا الباب عقب حديث ابن مسعود)

(1)

. والله أعلم.

(1)

رواه البخاري (622، 623) من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر وعن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن مكتوم» .

قلت: وهذا يقوي ما ذهب إليه ابن خزيمة وابن المنذر ويرجحه، والله أعلم.

ص: 471

‌الحديث الخامس

(1)

:

241 -

قال أبو داود رحمه الله (2134): حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن يزيد الخطمي، عن عائشة رضي الله عنها قالت:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول: «اللَّهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» يعني القلب.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

والحديث رواه أيضاً ابن ماجه (1971) والترمذي (1140) وفي العلل (286) والنسائي (7/ 63 - 64) وفي الكبرى (8891) وأحمد (6/ 144) وابن أبي شيبة (4/ 386) والدارمي (2207) وابن حبان (4205) والحاكم (2/ 187) والبيهقي (7/ 298) وإسحاق في مسنده (1370) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 214) من طرق عن حماد بن سلمة به.

وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان.

(1)

رجال الإسناد:

موسى بن إسماعيل: تقدم. انظر الحديث السابق.

أيوب: تقدم. انظر الحديث السابق.

أبو قلابة: عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر الجرمي، أبو قلابة البصري، ثقة فاضل كثير الإرسال، قيل فيه نصب يسير، توفي بالشام هارباً من العقاب، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن يزيد رضيع عائشة رضي الله عنها البصري، ثقة، من الطبقة الثالثة، روى له مسلم حديثاً في الميت يصلي عليه مائة.

ص: 472

وهذا الإسناد أعله نقاد الحديث بأن حماداً وهم في وصله والصحيح أنه مرسل.

فقد رواه حماد بن زيد

(1)

، وابن علية

(2)

، ومعمر بن راشد

(3)

، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي

(4)

(عن أيوب، عن أبي قلابة) مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكرون عبد الله بن يزيد ولا عائشة.

وروى أصحاب أيوب عنه بهذا الإسناد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه» منهم: سلام بن أبي مطيع

(5)

، وإسماعيل بن إبراهيم (ابن علية)

(6)

، وعبد الوهاب الثقفي

(7)

، ومعمر

(8)

، وسفيان بن عيينة

(9)

، وعبد الله بن عمرو

(10)

.

ورواه حماد عن أيوب كذلك

(11)

فوافق الجماعة.

(1)

الطبري في تفسيره (10656).

(2)

ابن أبي شيبة في مصنفه (4/ 386) وابن سعد في الطبقات (2/ 231) و (8/ 168) والطبري في تفسيره (10637).

(3)

عبد الرزاق في تفسيره (2/ 120).

(4)

الطبري في تفسيره (10637).

(5)

مسلم (947).

(6)

النسائي (4/ 76) وفي الكبرى (2119) والترمذي (1029) وأحمد (6/ 32).

(7)

الترمذي (1029) وأبو يعلى (4806) وإسحاق (1329).

(8)

عبد الرزاق (6581) وأحمد (6/ 231).

(9)

الحميدي (222) وأحمد (6/ 40).

(10)

أبو يعلى (4398) و (4872).

(11)

أحمد (6/ 144) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 214)(1/ 215) وإسماعيل بن إسحاق القاضي في جزء أحاديث أيوب (40).

ص: 473

ورواه شعبة عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة

(1)

.

قال الترمذي عقب الحديث: حديث عائشة هكذا رواه غير واحد عن حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن يزيد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم.

ورواه حماد بن زيد وغير واحد عن أيوب عن أبي قلابة مرسلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم.

وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة.

وقال في علله (1/ 448): سألت محمداً يعني البخاري عن هذا الحديث فقال: رواه حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة مرسلاً.

وقال النسائي (عقب الحديث): أرسله حماد بن زيد.

ونقل ابن أبي حاتم في العلل (1279) عن أبي زرعة أنه قال: لا أعلم أحداً تابع حماداً على هذا.

ثم قال ابن أبي حاتم: روى ابن علية، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه .. الحديث مرسل.

ونقل الزيلعي في نصب الراية (3/ 215) عن الدارقطني قوله: (والمرسل أقرب إلى الصواب).

(1)

أحمد (6/ 97) والطيالسي (1526).

ص: 474

وقال ابن حجر في التلخيص (3/ 139): أعله النسائي والترمذي والدارقطني بالإرسال. وقال أبو زرعة: لا أعلم أحداً تابع حماد بن سلمة على وصله.

وقال البغوي في شرح السنة (9/ 151): روى حماد بن زيد وغير واحد هذا الحديث عن أيوب عن أبي قلابة مرسلاً وهو الأصح.

ص: 475

‌الحديث السادس

(1)

:

242 -

قال الطبراني في المعجم الكبير (19/ 288 ح 636): حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال، ثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«يؤم القوم أكبرهم سناً» وكان مالك بن الحويرث إذا رفع رأسه من السجدة الثانية قعد ثم نهض.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير علي بن عبد العزيز وهو ثقة.

وتفرد به الطبراني وذكره في كنز العمال (3087) ونسبه إلى الطبراني.

هكذا قال حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أكبرهم سنًّا» .

(1)

رجال الإسناد:

علي بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور أبو الحسن البغوي عم أبي القاسم البغوي، قال الدارقطني: ثقة مأمون، وقال ابن أبي حاتم: صدوق، وعاب عليه النسائي أخذ الأجرة على التحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر: أحد الحفاظ المكثرين مع علو الإسناد، مشهور، وهو من طبقة صغار شيوخ النسائي. تراجم شيوخ الغزالي ص 435.

حجاج بن المنهال: تقدم.

أبو قلابة: تقدم في الحديث السابق.

مالك بن الحويرث: صحابي نزل البصرة، مات سنة 94 وحديثه في الصحيحين.

ص: 476

خالفه أصحاب أيوب فرووه عنه بهذا الإسناد وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك في واقعة معينة وليس على الإطلاق.

فرواه وهيب

(1)

عن أيوب عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رحيماً رفيقاً، فلما رأى شوقنا إلى أهالينا قال:«ارجعوا فكونوا فيهم وعلِّموهم وصلُّوا فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم» .

ونحو ذلك رواه حماد بن زيد

(2)

، وإسماعيل بن إبراهيم (ابن علية)

(3)

، وعبد الوهاب الثقفي

(4)

عن أيوب.

ورواه خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث قال: «إذا حضرت الصلاة فأذِّنا وأقيما ثم ليؤمكما أكبركما»

(5)

.

وفي رواية: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي فلما أردنا الإقفال من عنده قال لنا: «إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما وليؤمكما أكبركما» .

وزاد في رواية (قال الحذاء: وكانا متقاربين في القراءة).

أخرجهما مسلم

(6)

.

(1)

البخاري (628).

(2)

البخاري (653)(819) ومسلم (674) وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (1506).

(3)

البخاري (6008)، ومسلم (674) وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (1507).

(4)

البخاري (631)(7246) ومسلم (674).

(5)

البخاري (635)(658) و (2848) ومسلم (674).

(6)

مسلم (674).

ص: 477

وفي رواية: قال خالد: قلت لأبي قلابة: فأين القراءة؟ قال: كانا متقاربين

(1)

.

وفي رواية أبي داود: قال: وكنا يومئذ متقاربين في العلم

(2)

.

لذا عقد عليه البخاري وصححه باب (إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم)

(3)

.

والبيهقي قال: باب إذا استووا في الفقه والقراءة أمّهم أكبرهم سنًّا

(4)

.

قال الحافظ: (فقد وقع عند أبي داود وكنا يومئذ متقاربين في العلم، ولمسلم كنا متقاربين في القراءة، ومن هذه الزيادة يؤخذ الجواب عن كونه قدّم الأسن فليس المراد تقديمه على الأقرأ بل في حال الاستواء في القراءة)

(5)

.

قال أبو بكر الأثرم: غلط حماد في لفظه إنما رواه بالمعنى

(6)

.

(1)

أبو نعيم في المستخرج على مسلم (1509) وابن خزيمة (395) وابن حبان (5/ 52).

(2)

(3)

فتح الباري (2/ 170).

(4)

السنن الكبرى (3/ 120) أورد فيه حديث عبد الوهاب الثقفي عن أيوب، وخالد الحذاء عن أبي قلابة.

(5)

فتح الباري (13/ 236).

(6)

فتح الباري لابن رجب (4/ 133).

ص: 478

‌الحديث السابع

(1)

:

243 -

قال الإمام أحمد (4/ 195): حدثنا مهنا بن عبد الحميد وعفان، وهذا لفظ مهنا، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي عن أبي ثعلبة الخشني أنه قال:

يا رسول الله، إنا بأرض أهل كتاب أفنطبخ في قدورهم ونشرب في آنيتهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لم تجدوا غيرها فارحضوها

(2)

بالماء واطبخوا فيها».

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير مهنا وهو ثقة، روى له أبو داود وروايته هنا مقرونة، وعمرو بن مرثد فهو من رجال مسلم.

ورواه ابن الجعد في مسنده (1196) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2631) والترمذي (1797) والطبراني في الكبير (22/ 580)

(1)

رجال الإسناد:

مهنا بن عبد الحميد، أبو شبل، ويقال أبو سهل البصري، ثقة، من كبار العاشرة، روى له أبو داود.

عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي، تقدم.

أيوب بن أبي تميمة: تقدم.

أبو قلابة: تقدم.

عمرو بن مرثد، أبو أسماء الرحبي، الدمشقي، يقال اسمه عبد الله، ثقة، من الثالثة، مات في خلافة عبد الملك، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.

أبو ثعلبة الخشني: صحابي مشهور بكنيته، اختلف في اسمه واسم أبيه، مات سنة 75 وقيل قبل ذلك بكثير أو في خلافة معاوية بعد الأربعين.

(2)

الرحض: الغسل. (النهاية 2/ 208).

ص: 479

وأبو طاهر السلفي في مشيخة الرازي (1/ 132) وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

كلهم من طرق عن حماد به.

وقرن الترمذي والطبراني قتادة مع أبي أيوب.

هكذا قال حماد: (عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي ثعلبة الخشني).

خالفه شعبة

(1)

، ومعمر

(2)

، وحماد بن زيد

(3)

، وسعيد بن أبي عروبة

(4)

، وابن جريج

(5)

، وابن علية

(6)

، وعبد الوهاب الثقفي

(7)

، وسفيان بن عيينة

(8)

، وأحمد بن عياض

(9)

، وجابر بن إبراهيم

(10)

.

فرووه عن أيوب السختياني فقالوا:

(عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة الخشني) لم يذكروا فيه أبا أسماء الرحبي.

(1)

الترمذي (1560) و (1796) وأحمد (4/ 193) وابن الجعد (1193) و (1194) والحاكم (1/ 143).

(2)

عبد الرزاق في مصنفه (8503) و (10151) وأحمد (4/ 193 - 194).

(3)

الطيالسي (1014) والحاكم (1/ 143) والبيهقي في المعرفة (1/ 149).

(4)

الطبراني في الكبير (22/ 230 ح رقم 604) وابن عساكر في تاريخ دمشق (66/ 101).

(5)

الطبراني (22/ 605).

(6)

ابن الجعد (1195).

(7)

ذكره الدارقطني في العلل (6/ 321).

(8)

رواه الشافعي في سنن حرملة، قاله البيهقي في المعرفة (1/ 149) وذكره الدارقطني في العلل تعليقاً (6/ 321).

(9)

ابن عساكر في تاريخ دمشق (66/ 102).

(10)

ابن عساكر في تاريخ دمشق (66/ 102).

ص: 480

ولا شك أن روايتهم أوْلى من رواية حماد بن سلمة، خاصة وأن في حديثه عن أيوب مقالاً كما تقدم في ترجمته.

وقد رواه سفيان الثوري

(1)

، عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي ثعلبة الخشني، لم يذكر أحداً بين أبي قلابة وأبي ثعلبة.

قال الدارقطني في العلل (6/ 321): «وسئل عن حديث أبي أسماء الرحبي عن أبي ثعلبة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصيد بالكلب المعلَّم، وفيه استعمال آنية أهل الكتاب، فقال: يرويه أبو قلابة، واختلف عنه، فرواه أيوب السختياني وخالد الحذاء عن أبي قلابة، واختلف عنهما:

فرواه حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن أبي ثعلبة.

وخالفه ابن جريج ومعمر وشعبة وحماد بن زيد وعبد الوهاب الثقفي وابن عيينة فرووه عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي ثعلبة.

لم يذكروا فيه أبا أسماء

ثم قال الدارقطني: والقول قول مَنْ أرسله عن أبي قلابة عن أبي ثعلبة» اه.

قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 675): قال أحمد في

(1)

الحاكم (1/ 143) والطبراني في الكبير (22/ 604).

وخالفه هشيم فرواه عن خالد الحذاء فزاد أبا أسماء في الإسناد (الحاكم 1/ 143) وقد صحح الحاكم كلا الروايتين، ورواه البيهقي (1/ 33).

ص: 481

رواية الأثرم: في حديث حماد بن سلمة عن أيوب وقتادة

(1)

عن أبي أسماء عن أبي ثعلبة الخشني عن النبي صلى الله عليه وسلم في آنية المشركين، قال أحمد: هذا من قبل حماد كان لا يقوم على مثل هذا يجمع الرجال ثم يجعله إسناداً واحداً وهم يختلفون».

ثم ذكر ابن رجب أن سبب تجنب البخاري لحديث حماد بن سلمة هو من أجل هذه العلة وهو أنه يجمع الرجال في إسناد واحد.

قال ابن رجب: وقال أبو يعلى الخليلي في كتابه الإرشاد: (ذاكرت بعض الحفاظ قلت: لمَ لم يدخل البخاري حماد بن سلمة في الصحيح؟ قال: لأنه يجمع بين جماعة من أصحاب أنس يقول: حدثنا قتادة وثابت وعبد العزيز بن صهيب عن أنس، وربما يخالف في بعض ذلك.

فقلت: أليس ابن وهب اتفقوا عليه وهو يجمع بين أسانيد فيقول: أخبرنا مالك وعمرو بن الحارث والأوزاعي ويجمع بين جماعة غيرهم؟ فقال: ابن وهب أتقن لما يرويه وأحفظ).

قال الدكتور بشير علي عمر في رسالته للدكتوراه: منهج الإمام أحمد في إعلال الأحاديث (1/ 378): ووجه إعلال الإمام أحمد للحديث هو من حيث جمع حماد بن سلمة الإسنادين الأول عن أيوب والثاني عن قتادة فجعلهما إسناداً واحداً وحمل أحدهما على الآخر،

(1)

رواه هكذا الترمذي (1797) فقال: حدثنا علي بن عيسى بن يزيد البغدادي، حدثنا عبيد الله بن محمد القرشي، حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب وقتادة عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه به وقال:(حديث حسن صحيح).

ورواه كذلك الطبراني في الكبير (22/ 217، (580)).

ص: 482

والواقع أنهما مختلفان، فإسناد حديث أيوب وقع عنده بذكر أبي أسماء، وأما إسناد قتادة فتدل رواية أبي حنيفة

(1)

أنه بدون ذكر أبي أسماء، فحيث جعل الإسنادين واحداً وقع في الغلط، فحمل إسناد قتادة على إسناد أيوب والواقع أن بينهما اختلافاً) اه.

والحديث في آنية المشركين صحيح وقد أخرجه البخاري (5496) ومسلم (1930) من حديث أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة الخشني به.

وحديث الباب قد صححه الترمذي والحاكم (على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي.

وقال الألباني في الإرواء (1/ 75): «وهذا سند صحيح على شرط مسلم، وإن كان أبو قلابة قد نسب إلى التدليس، لكن الظاهر أنه إنما يدلس عن الصحابة).

والله أعلم.

‌علة الوهم:

العلة في هذا الحديث جاءت من جمع الراوي شيوخه بإسناد واحد، مع وجود اختلاف بين شيوخه في السند.

(1)

أشار إليها الدارقطني في العلل وهي في مسنده (1/ 216) وقد وهم الدكتور في هذا، فالصحيح من رواية أبي أيوب كما بيّنّا من دون ذكر أبي أسماء.

ص: 483

‌الحديث الثامن

(1)

:

244 -

قال الإمام الطحاوي في شرح مشكل الآثار (267): حدثنا محمد بن خُزَيمة حدثنا حجّاج بن مِنْهال ثنا حمّاد بن سلمة ثنا أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن عائشة رضي الله عنها:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يموت فيصلي عليه أمة من الناس يبلغون أن يكون مائة إلا شُفِّعوا فيه» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير محمد بن خزيمة وهو إمام ثقة ثبت.

وأخرجه إسماعيل بن إسحاق القاضي في جزء فيه من أحاديث أيوب (40) عن حجاج.

هكذا قال حماد (عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن يزيد الخطمي، عن عائشة).

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري، نعته الذهبي فقال: الحافظ الحجة الفقيه شيخ الإسلام إمام الأئمة

، ولد سنة 223 وتوفي سنة 311.

حجاج بن منهال: تقدم.

أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني: تقدم.

عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي، أبو قلابة البصري: تقدم.

عبد الله بن يزيد بن زيد بن حصين الأنصاري الخطمي، صحابي صغير ولي الكوفة لابن الزبير، روى له البخاري ومسلم.

ص: 484

خالفه سلام بن أبي مطيع

(1)

، وإسماعيل بن علية

(2)

، ومعمر

(3)

، وابن جريج

(4)

، وعبد الوهاب الثقفي

(5)

، وسفيان بن عيينة

(6)

، وحماد بن زيد

(7)

فقالوا: عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن يزيد رضيع عائشة، عن عائشة).

ورواه عبيد الله بن عمرو

(8)

عن أيوب ولم ينسبه بل قال: عبد الله بن يزيد.

وكذلك رواه شعبة

(9)

عن خالد الحذاء عن أبي قلابة فقال: عن عبد الله بن يزيد رضيع عائشة عن عائشة.

قال الطحاوي عقب الحديث: هكذا يقول حماد في إسناد هذا الحديث والناس يخالفونه في ذلك ويقولون: عبد الله بن يزيد رضيع عائشة

(10)

وهو أشبه بالصواب في ذلك، والله أعلم.

‌علة الوهم:

1 تطابق اسم راوي الحديث عن عائشة، فظن حماد أن

(1)

مسلم (947).

(2)

الترمذي (1029) والنسائي (4/ 76) وفي الكبرى (2119) وأحمد (6/ 32) والطحاوي (266).

(3)

عبد الرزاق (6581) وأحمد (6/ 231).

(4)

الطحاوي في شرح مشكل الآثار (265).

(5)

إسحاق بن راهويه (1329) وابن أبي شيبة (3/ 321) وأبو يعلى (4806) وابن حبان (3081).

(6)

الحميدي (222) وأحمد (6/ 40).

(7)

ذكره ابن عبد البر في التمهيد (6/ 258).

(8)

أبو يعلى (4398) و (4874).

(9)

الطيالسي (1526) وأحمد (6/ 97) والبغوي (1504).

(10)

عبد الله بن يزيد رضيع عائشة وثقه العجلي، من الثالثة، روى له مسلم.

ص: 485

عبد الله بن يزيد هو الخطمي فوهم لأن عبد الله بن يزيد الخطمي صحابي وليس له رواية عن عائشة رضي الله عنها.

والصحيح أنه عبد الله بن يزيد رضيع عائشة (أي أخيها من الرضاعة)

(1)

وهو تابعي.

2 ربما خالف حماد في حديثه عن أبي أيوب، قال أحمد بن حنبل: أسند حماد بن سلمة عن أيوب أحاديث لا يسندها الناس عنه.

(1)

قال في الفتح (9/ 147): كأن أمه التي أرضعت عائشة عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم فولدته، قال: وهذا تابعي باتفاق الأئمة.

ص: 486

‌الحديث التاسع

(1)

:

245 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي في السنن الكبرى (9248): أخبرني هلال بن العلاء، قال: نا الحجاج بن المنهال، قال: نا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بيت أم سلمة وعندها مخنث، فقال: يا عبد الله بن أبي أمية، لو قد فتحت الطائف لقد أريتك بادية بنت غيلان، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أرى هذا يعلم ما هاهنا، لا يدخلن عليكم» .

فحجبوه.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير هلال بن العلاء، قال عنه النسائي صالح، وقال في موضع آخر: لا بأس به، وقال الذهبي وابن حجر: صدوق.

وقد تابعه على روايته هذه عن حماد سهل بن بكار عند الطبراني في الكبير (8297) وقال الهيثمي في المجمع (8/ 104): رجاله رجال الصحيح.

(1)

رجال الإسناد

هلال بن العلاء بن هلال بن عمر الباهلي، مولاهم، أبو عمر الرقي، صدوق، من الحادية عشرة، مات في المحرم سنة 280 وقد قارب المائة، روى له النسائي.

حجاج بن المنهال: تقدم.

هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، ثقة فقيه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة 145 أو 146 وله 58 سنة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 487

هكذا رواه حماد فقال: (عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة).

خالفه غيره من الثقات فرووه عن (هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة به).

ومن هذا الوجه أخرجه الشيخان في الصحيح.

ومن هؤلاء الذين رووه على هذا الوجه:

سفيان بن عيينة

(1)

، وزهير

(2)

، وعبدة بن سليمان

(3)

، ووكيع

(4)

، وجرير بن عبد الحميد

(5)

، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير

(6)

، وعبد الله بن نمير

(7)

.

قال النسائي في الكبرى (5/ 396): حديث هشام أوْلى بالصواب

(8)

، والزهري أثبت في عروة من هشام، وهشام من الحفاظ، وحديث حماد بن سلمة خطأ.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (2200): وسألت أبي عن حديث

(1)

البخاري (4324).

(2)

البخاري (5887).

(3)

البخاري (5235) والنسائي في الكبرى (9245).

(4)

مسلم (2180) وأبو داود (4929) وابن ماجه (1902، 2614).

(5)

مسلم (2180).

(6)

مسلم (2180) والنسائي في الكبرى (9249).

(7)

مسلم (2180).

(8)

وذلك لأن الزهري رواه عن عروة (والد هشام) عن عائشة مرفوعاً، أخرجه مسلم (2181) وأبو داود (4108)(4109) وأحمد (6/ 152) والنسائي في الكبرى (9246، 9247) وهو من هذا الوجه أيضاً صحيح فقد أخرجه مسلم في صحيحه.

ص: 488

رواه حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيت أم سلمة فرأى عندها مخنثاً .. الحديث.

قال أبي: هذا خطأ، اضطرب فيه حماد، إنما هو هشام، عن أبيه، عن أم سلمة، وليس عن هشام عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة إلا ذاك الواحد، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى في ثوب واحد) اه.

‌الخلاصة:

الحديث صحيح من غير هذه الطريق وهو مخرَّج في الصحيحين، وقد وهم حماد بن سلمة على هشام في هذا الإسناد حيث خالفه سبعة من الحفاظ، والله تعالى أعلم.

ص: 489

‌الحديث العاشر

(1)

:

246 -

قال ابن حبان رحمه الله في صحيحه (4110): أخبرنا أبو خليفة، حدثنا داود بن شبيب، حدثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم حبيبة أنها قالت:

يا رسول الله هل لك في دُرَّة بنت أبي سفيان؟ قال: «أصنع بها ماذا؟» قالت: تنكحها، قال:«وهل تحل لي؟» قالت: والله لقد أخبرت أنك تخطب زينب بنت أم سلمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن زينب تحرم عليّ وإنها في حجري وأرضعتني وأباها ثويبة، فلا تعرضن عليّ بناتكن ولا أخواتكن ولا عمّاتكن ولا خالاتكن ولا أمهاتكن» .

‌التعليق:

هذا حديث، رجاله كلهم رجال الصحيح غير أبي خليفة وهو ثقة.

(1)

رجال الإسناد:

أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، قال الذهبي: كان ثقة صادقاً مأموناً فصيحاً مفوهاً، رحل إليه من الآفاق وعاش مائة عام إلا أشهر، حدّث عنه أبو مؤتة في صحيحه وابن حبان، ونعته الذهبي فقال: الإمام العلامة المحدث الأديب الأخباري شيخ الوقت. السير (1/ 7).

داود بن شبيب الباهلي أبو سليمان البصري، صدوق، من التاسعة، مات سنة 221 أو 222، روى له البخاري.

هشام بن عروة: تقدم.

زينب بنت أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومية ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، ماتت سنة 83 وحضر ابن عمر جنازتها قبل أن يحج ويموت بمكة، روى لها البخاري ومسلم.

أم حبيبة: رملة بنت أبي سفيان بن حرب الأموية، أم المؤمنين، مشهورة بكنيتها، ماتت سنة 42 أو 44 وقيل 49 وقيل 50، وحديثها في الصحيحين.

ص: 490

هكذا رواه حماد عن هشام فقال: (زينب بنت أم سلمة).

وخالفه أصحاب هشام فقالوا: (درة بنت أم سلمة) هي التي أخبرت أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد نكاحها.

منهم:

أبو أسامة

(1)

، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة

(2)

، وزهير بن معاوية

(3)

، ومحمد بن خازم

(4)

، والليث بن سعد

(5)

، وعبدة بن سليمان

(6)

، وابن جريج

(7)

، ومعمر

(8)

، وعبد الله بن نمير

(9)

، وأنس بن عياض

(10)

.

وكذلك رواه أصحاب الزهري عنه ولم يختلفوا عليه فقالوا: (عن عروة عن زينب عن أم حبيبة فذكروا أنها درة بنت أبي سلمة)

(11)

.

(1)

مسلم (1449).

(2)

مسلم (1449).

(3)

مسلم (1449).

(4)

أحمد (6/ 291) وابن أبي شيبة (17042) وأبو يعلى (7000) وأبو نعيم في مستخرجه (3391).

(5)

البخاري في صحيحه تعليقاً (5016).

(6)

النسائي (6/ 96).

(7)

عبد الرزاق (13794) وأبو عوانة (4400) والطبراني في الكبير 23/ (418).

(8)

المصدر السابق.

(9)

أبو نعيم (3391).

(10)

أبو عوانة (4399).

(11)

البخاري (5101، 5107، 5372) ومسلم (1449).

ص: 491

وكذلك رواه عراك بن مالك عن زينب بنت أبي سلمة فقال: درة بنت أبي سلمة

(1)

.

وكذلك وهم حماد في اسم بنت أبي سفيان فقال: (درة).

وقد جاء عند مسلم

(2)

من طريق يزيد بن أبي حبيب عن الزهري أن اسمها عزة.

وعند الطبراني

(3)

من طريق حماد بن سلمة عن هشام أن اسمها حمنة.

وذكر أبو موسى وأبو عمر أن الأشهر فيها عزة

(4)

، والله تعالى أعلم، وقد تقدم في باب ابن عيينة ح (117) فانظره.

(1)

البخاري (5123).

(2)

مسلم (1449).

(3)

المعجم الكبير (23/ 415).

(4)

فتح الباري (9/ 143) وأسد الغابة (7/ 102).

ص: 492

‌الحديث الحادي عشر

(1)

:

247 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 171): حدثنا عفان، حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن حفص بن عبد الله، عن يعلى بن مرة قال:

أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي ردع من زعفران، قال:«اغسله ثم اغسله ثم اغسله ثم لا تعد» قال: فغسلته ثم لم أعد.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير حفص بن عبد الله مجهول لم يروِ عنه غير عطاء بن السائب، وذكره ابن حبان في الثقات.

والحديث رواه الطبراني في الكبير (22/ 685) من طريق عفان بهذا الإسناد.

(1)

رجال الإسناد:

عفان بن مسلم: تقدم انظر ح (2).

عطاء بن السائب، أبو محمد، ويقال أبو السائب الثقفي الكوفي، صدوق اختلط، من الخامسة، مات سنة 136، روى له البخاري.

عبد الله بن حفص وقيل حفص بن عبد الله، أبو حفص بن عمرو، وقيل أبو عمرو بن حفص. مجهول، لم يروِ عنه غير عطاء بن السائب، من الرابعة، روى له الترمذي والنسائي.

يعلى بن مرة بن وهب بن جابر الثقفي، صحابي، شهد الحديبية وما بعدها.

ص: 493

ورواه أحمد أيضاً (4/ 171) من طريق يونس بن محمد عن حماد بهذا الإسناد.

وقد سماه حماد هنا (حفص بن عبد الله) وخالفه الثقات الذين رووه عن عطاء بن السائب فقالوا (عبد الله بن حفص) منهم:

سفيان بن عيينة

(1)

، ومحمد بن فضيل

(2)

، وموسى بن أعين

(3)

، وعبيدة بن حميد

(4)

، وورقاء بن عمر

(5)

، وقيس بن الربيع

(6)

.

قال أبو زرعة: عبد الله بن حفص أصح

(7)

.

قلت: وسماه شعبة حفص بن عمرو

(8)

.

والحديث إسناده ضعيف فيه حفص بن عبد الله مجهول

(9)

، ولذا ضعّفه الألباني في تعليقه على سنن النسائي (5124، 5125).

(1)

النسائي (8/ 152 - 153) وعبد الرزاق (7937) والحميدي (841).

(2)

ابن أبي شيبة (4/ 412) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1569) والطبراني في الكبير (22/ 686).

(3)

النسائي (8/ 152) والطبراني في الكبير 22/ (688).

(4)

أحمد (4/ 173).

(5)

الطبراني في الكبير 22/ (684).

(6)

الطبراني في الكبير 22/ (687).

(7)

العلل لابن أبي حاتم (1478).

(8)

النسائي (8/ 152).

(9)

نقل ابن حجر في التهذيب عن علي بن المديني قوله: عبد الله بن حفص لا نعرفه، ولم يروِ عنه غير عطاء بن السائب وكذلك نقله عن يحيى بن معين.

ص: 494

‌علة الوهم:

جهالة التابعي عبد الله بن حفص حيث لم يرو عنه غير عطاء بن السائب، وقال ابن حجر: مجهول.

ص: 495

‌الحديث الثاني عشر

(1)

:

248 -

قال عبد بن حميد في المنتخب (358): حدثنا حجاج بن المنهال، ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم، عن علقمة بن وقاص، عن بلال بن الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يدري بلغت ما بلغت فيكتب الله عز وجل له بها سخطه إلى يوم يلقاه.

وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يدري بلغت ما بلغت فيكتب الله عز وجل بها رضوانه إلى يوم يلقاه».

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

ورواه الطبراني في الكبير (1135) من طريق حجاج، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 52) من طريق أسد بن موسى، وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 415) عن حماد به.

(1)

رجال الإسناد:

حجاج بن المنهال، تقدم.

محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة 145، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي، أبو عبد الله المدني، ثقة له أفراد، من الرابعة، مات سنة 120 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

علقمة بن وقاص الليثي المدني، ثقة ثبت من الثانية، أخطأ مَنْ زعم أن له صحبة، وقيل: إنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مات في خلافة عبد الملك، روى له البخاري ومسلم.

بلال بن الحارث المزني، أبو عبد الرحمن المدني، صحابي، مات سنة 60 وله 80 سنة.

ص: 496

هكذا رواه حماد بن سلمة فقال: (عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن محمد بن إبراهيم، عن علقمة بن وقاص، عن بلال بن الحارث).

خالفه غيره من أصحاب محمد بن عمرو فرووه (عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه عمرو، عن جده علقمة عن بلال بن الحارث).

هكذا رواه سفيان الثوري، وابن عيينة، وعبدة بن سليمان، والدراوردي، وإسماعيل بن جعفر، وأبو معاوية الضرير، ويزيد بن هارون، وسعيد بن عامر وغيرهم.

وكذلك رواه مالك بن أنس، عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن بلال بن الحارث ولم يذكر جده.

وقد استوفينا تخريج أحاديثهم في باب الإمام مالك بن أنس رحمه الله، ح (164) فانظره.

قال الطبراني عقب الحديث: رواه حماد بن سلمة فخالف الناس فيه، والصحيح من هذه الروايات رواية جماعة الرواة عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه، عن جده، عن بلال بن الحارث.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (13/ 52): هكذا قال حماد بن سلمة في هذا الحديث عن محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم التيمي وهو عندي وهم والله أعلم، والصحيح ما قالته الجماعة عن محمد بن عمرو عن أبيه.

ص: 497

‌الحديث الثالث عشر

(1)

:

249 -

قال النسائي في المجتبى (3/ 54): أخبرنا أبو داود، قال: نا سليمان بن حرب، قال: نا حماد بن سلمة، عن سعيد الجريري، عن أبي العلاء، عن شداد بن أوس رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في صلاته: «اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك، وأسألك قلباً سليماً ولساناً صادقاً، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير أبي داود وهو الإمام الحافظ المشهور صاحب السنن.

(1)

رجال الإسناد:

سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني أبو داود، ثقة حافظ مصنف السنن وغيرها، من كبار العلماء، من الحادية عشر، مات سنة 275، روى له الترمذي والنسائي.

سليمان بن حرب الأزدي الواشجي، البصري قاضي مكة، ثقة إمام حافظ، من التاسعة، مات سنة 224 وله 80 سنة، روى له البخاري ومسلم.

سعيد بن إياس الجُرَيري، أبو مسعود البصري، ثقة، من الخامسة، اختلط قبل موته بثلاث سنين، مات سنة 144، روى له البخاري ومسلم.

أبو العلاء: يزيد بن عبد الله بن الشخير العامري، أبو العلاء البصري، ثقة من الثانية، مات سنة 111 أو قبلها، وكان مولده في خلافة عمر فوهم مَنْ زعم أن له رؤية، روى له البخاري ومسلم.

شداد بن أوس بن ثابت الأنصاري، صحابي مات بالشام قبل الستين أو بعدها، وهو ابن أخي حسان بن ثابت روى له الجماعة.

ص: 498

وأخرجه أيضاً النسائي في الكبرى (1227)، وأبو يعلى في مسنده الكبير (كما في كنز العمال 3912) ومن طريقه ابن حبان في صحيحه (1974) والطبراني في الكبير (7180) وفي كتاب الدعاء (627) كلهم من طريق حماد بن سلمة به.

هكذا رواه حماد: (عن الجريري، عن أبي العلاء، عن شداد بن أوس).

خالفه سفيان الثوري

(1)

، ويزيد بن هارون

(2)

، وبشر بن المفضل

(3)

، وخالد بن عبد الله الواسطي

(4)

.

فرووه عن (الجريري، عن أبي العلاء، عن رجل من بني حنظلة، عن شداد بن أوس).

جعلوا بين أبي العلاء وشداد بن أوس رجلاً وهو الحنظلي (مجهول) وقال بشر بن المفضل في إحدى الروايتين عن (رجل من بني مجاشع) وفي الأخرى (الحنظلي).

ورواه هلال بن لاحق

(5)

عن الجريري، عن أبي العلاء، عن رجلين من بني حنظلة عن شداد.

(1)

الترمذي (3407) والطبراني في الكبير (7175).

(2)

أحمد (4/ 125).

(3)

الطبراني في الكبير (7178) وفي الدعاء (628)، (629).

(4)

الطبراني في الكبير (7176)(7177) وأبو نعيم في الحلية (1/ 267).

(5)

النسائي في الكبرى (10648).

ص: 499

وهلال بن لاحق قال عنه الحافظ: مقبول، أي عند المتابعة وإلا فلين.

ورواه عدي بن الفضل

(1)

عن الجريري عن أبي العلاء، عن رجلين قد سمّاهما عن شداد.

وعدي بن الفضل متروك كما قال الحافظ.

‌أثر الوهم:

تحول من إسناد ضعيف لجهالة الحنظلي إلى إسناد رجاله ثقات، والحديث أخرجه النسائي من طريق أبي داود الذي لم يخرجه في سننه لهذه العلة، والله أعلم.

(1)

الطبراني في الكبير (7179) وفي الدعاء (626).

ص: 500

‌الحديث الرابع عشر

(1)

:

250 -

قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (1282): حدثنا حماد بن سلمة، عن الحجاج، عن محمد بن سهل، عن أبيه قال:

رأيت محمد بن مسلمة يطالع امرأة من فوق إجار ينظر إليها فقلت له: أتفعل هذا وأنت من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم! فقال: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا ألقى الله عز وجل في قلب أحدكم خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها» .

‌التعليق:

هذا إسناد ضعيف على وهم فيه.

ورواه الطبراني في الكبير 19/ (505) من طريق سليمان بن حرب عن حماد بن سلمة به.

هكذا رواه حماد فقال: (عن الحجاج، عن محمد بن سهل، عن أبيه).

(1)

رجال الإسناد:

حجاج بن أرطأة بن ثور بن هبيرة النخعي، أبو أرطأة الكوفي، القاضي، أحد الفقهاء، صدوق كثير الخطأ والتدليس، من السابعة، مات سنة 145، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.

محمد بن سهل: وهم، والصحيح محمد بن سليمان.

سهل بن حنيف بن واهب الأنصاري الأوسي، صحابي من أهل بدر، واستخلفه علي على البصرة، ومات في خلافته.

ص: 501

خالفه يزيد بن هارون

(1)

، وحفص بن غياث

(2)

، وأبو شهاب الحناط

(3)

، وعباد بن العوام

(4)

، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة

(5)

، وعبد الواحد بن زياد

(6)

فقالوا: (عن الحجاج، عن محمد بن سليمان، عن سهل بن أبي حثمة) وقال بعضهم: عمه سهل بن أبي حثمة.

وكذلك رواه يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن سليمان بن أبي حتمة، عن عمه سهل بن أبي حثمة، فوافق رواية الجماعة عن حجاج

(7)

.

قال الطبراني (19/ 226): هكذا رواه حماد بن سلمة وخالف الناس فيه، وقد اختلف الرواة عن الحجاج بن أرطأة في هذا الحديث

(8)

، والصواب عندي والله أعلم ما رواه حفص بن غياث

(1)

أحمد (3/ 493) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1991) والطبراني في الكبير 19/ (501) وذكره البخاري في التاريخ الكبير (1/ 97) وذكر ابن أبي عاصم أن اسمها نبيهة بنت الضحاك.

(2)

ابن أبي شيبة (4/ 356) وابن ماجه (1864) وابن أبي عاصم (1990) والطبراني 19/ (500).

(3)

سعيد بن منصور (519) والطحاوي في شرح المعاني (3/ 13) والبخاري في التاريخ (1/ 97).

(4)

البخاري في التاريخ الكبير (1/ 97).

(5)

المصدر السابق.

(6)

البخاري في التاريخ الكبير (1/ 97) والطبراني في الكبير 19/ (503) إلا أنه عند الطبراني قال عن حجاج عن محمد بن سليمان، عن أبيه، بدلاً من عمه سهل. قال الطبراني: هكذا رواه عبد الواحد بن زياد عن حجاج، عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة عن أبيه.

(7)

الطبراني في الكبير 19/ (509) والحاكم (3/ 434).

(8)

انظر المعجم الكبير للطبراني (19/ 223 - 226) والحديث أورده العلامة الألباني رحمه الله في الصحيحة (98) وصححه بطرقه، والله أعلم.

ص: 502

ويزيد بن هارون عن الحجاج عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة

(1)

عن عمه سهل بن أبي حثمة

(2)

عن محمد بن مسلمة.

قال الدارقطني في العلل (14/ 13): وسئل عن هذا الحديث.

(يرويه محمد بن سليمان بن أبي حثمة، عن عمه سهل بن أبي حثمة عن محمد بن مسلمة حدّث به إبراهيم بن صرمة عن يحيى بن سعيد عنه بهذا الحديث.

ورواه الحجاج بن أرطأة عنه واختلف عليه فيه:

فرواه عبد الواحد بن زياد، ويحيى بن سعيد الأموي، ويزيد بن هارون عن الحجاج بن أرطأة، عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، عن عمه سهل، عن محمد بن مسلمة).

وخالفهم أبو معاوية الضرير فقلب إسناده ولم يضبطه (انظره في بابه، ح 396).

ورواه حماد بن سلمة، عن الحجاج، عن محمد بن سهل بن حنيف، عن أبيه، عن محمد بن مسلمة ووهم أيضاً.

واختلفوا في اسم المرأة التي كان يطاردها محمد بن مسلمة:

في حديث إبراهيم بن صرمة عن يحيى بن سعيد أنها نبيتة بالنون.

(1)

محمد بن سليمان بن أبي حثمة الأنصاري المدني، مقبول من الرابعة.

(2)

سهل بن أبي حثمة بن ساعدة بن عامر الأنصاري الخزرجي المدني، صحابي صغير ولد سنة ثلاثة من الهجرة، له أحاديث، مات في خلافة معاوية، وحديثه في الصحيحين.

ص: 503

وفي حديث أبي معاوية الضرير: بثينة بنت الضحاك، وكلاهما وهم، والصواب ما ذكره الآخرون أنها ثبيتة بنت الضحاك وهي أخت أبي جبيرة بن الضحاك وأخت ثابت بن الضحاك. وقول حماد بن سلمة: بنت الضحاك بن قيس وهم) اه.

قلت: عند الطبراني في رواية حماد بنت الضحاك ولم يذكر اسمها، ولم أقف على ذكر اسمها من رواية حماد بن سلمة.

ص: 504

‌الحديث الخامس عشر

(1)

:

251 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 356): حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا حماد يعني ابن سلمة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم بن محمد، عن سهلة امرأة أبي حذيفة أنها قالت:

قلت: يا رسول الله إن سالماً مولى أبي حذيفة يدخل عليّ وهو ذو لحية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أرضعيه» فقالت: كيف أرضعه وهو ذو لحية؟ فأرضعته فكان يدخل عليها.

‌التعليق:

هذا إسناد رجال كلهم ثقات رجال الصحيح غير الصحابية ليس لها ترجمة في التهذيب ولا فروعه، وليس لها إلا هذا الحديث الواحد في المسند.

وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3372) من طريق

(1)

رجال الإسناد:

يونس بن محمد بن مسلم البغدادي أبو محمد المؤدب، ثقة ثبت، من صغار التاسعة، مات سنة 207، روى له البخاري ومسلم.

عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي، أبو محمد المدني، ثقة جليل، قال ابن عيينة: كان أفضل أهل زمانه، من السادسة، مات سنة 126 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، ثقة أحد الفقهاء بالمدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه، من كبار الثالثة، مات سنة 106 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

سهلة بنت سهيل بن عمرو العامرية امرأة أبي حذيفة، روت في رضاعة الكبير، روى عنها القاسم بن محمد. تعجيل المنفعة (2/ 656).

ص: 505

يونس بهذا الإسناد، ورواه الطبراني في الكبير 24/ (742) من طريق عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة به.

هكذا رواه حماد فقال: (عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم، عن سهلة به).

خالفه سفيان بن عيينة فقال: (عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم، عن عائشة جاءت سهلة بنت سهيل فقالت: يا رسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم عليّ؟ فقال: «أرضعيه» قالت: كيف أرضعه وهو رجل كبير؟ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألست أعلم أنه رجل كبير» ثم جاءت فقالت: ما رأيت في وجه أبي حذيفة شيئاً كرهه).

أسقط حماد عائشة من الإسناد وجعل الحديث من رواية القاسم عن سهلة

(1)

.

وقد رواه أيوب السختياني وابن جريج عن ابن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة

(2)

.

ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة بن عبد الرحمن عن القاسم عن عائشة

(3)

.

ورواه عبيد الله بن أبي زياد، عن القاسم، عن عائشة

(4)

.

(1)

مسلم (1453)(26) والحميدي (278) وأحمد (6/ 39) والنسائي (6/ 104 - 105) وابن ماجه (1943) وغيرهم.

(2)

مسلم (1453)(27)(28).

(3)

النسائي (6/ 105) وابن حبان (4213).

(4)

أحمد (6/ 249) والطبراني في الكبير (6374).

ص: 506

ورواه حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة عن عائشة

(1)

.

ورواه الزهري

(2)

، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها.

‌الخلاصة:

روى حماد هذا الحديث عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم، عن سهلة، وخالفه سفيان فرواه عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم، عن عائشة: أن سهلة، فجعل الحديث في مسند عائشة وليس في مسند سهلة.

وكذلك رواه ابن أبي مليكة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن أبي زياد، أربعتهم عن القاسم، عن عائشة.

وهذا هو المحفوظ. أما رواية القاسم عن سهلة فغير محفوظة

(3)

.

‌علة الوهم:

كون سهلة هي صاحبة القصة في هذا الحديث فكانت عائشة تحدث أن سهلة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم فوهم حماد رحمه الله فأسقط عائشة وأسند الحديث عن سهلة، والله تعالى أعلم.

(1)

مسلم (1453)(29) و (30).

(2)

البخاري (4000)(5018).

(3)

قال الهيثمي في المجمع (4/ 261): رواه القاسم بن محمد عن سهلة فلا أدري أسمع منها أم لا؟

ص: 507

‌الحديث السادس عشر

(1)

:

252 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 28): حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا مطر والمعلى، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«تملأ الأرض ظلماً وجوراً ثم يخرج رجل من عِترتي يملك سبعاً أو تسعاً فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

هكذا رواه حماد فقال: (عن مطر والمعلى، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد).

خالفه حماد بن زيد

(2)

، وجعفر بن سليمان الضبعي

(3)

فقالا:

(1)

رجال الإسناد:

عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العنبري مولاهم التنوري، أبو سهل البصري، صدوق ثبت في شعبة، من التاسعة، مات سنة 207، روى له البخاري ومسلم.

مطر بن طهمان الوراق، أبو رجاء السلمي، مولاهم الخراساني، سكن البصرة، صدوق كثير الخطأ وحديثه عن عطاء ضعيف، من السادسة، مات سنة 125، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

معلى بن زياد القُردوسي، أبو الحسن البصري، صدوق قليل الحديث زاهد، اختلف قول ابن معين فيه، من السابعة، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

أبو الصديق: بكر بن عمرو، وقيل ابن قيس، أبو الصديق الناجي، بصري، ثقة، من الثالثة، مات سنة 108، روى له البخاري ومسلم.

(2)

أحمد (3/ 52).

(3)

أحمد (3/ 37)، (3/ 52).

ص: 508

(عن المعلى بن زياد، عن العلاء بن بشير المزني، عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد) وهو الصحيح.

أسقط حماد بن سلمة العلاء بن بشير المزني.

ومما يدل أن حماداً لم يجوِّد إسناد هذا الحديث أنه رواه مرة أخرى فقال: (عن مطر وأبي هارون العبدي)

(1)

عن أبي الصديق به، أبدل المعلى بأبي هارون العبدي

(2)

.

‌علة الوهم:

هذا الحديث محفوظ عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري، ويرويه المعلى بن زياد

(3)

عن العلاء بن بشير

(4)

عن أبي الصديق، ويرويه مطر الوراق

(5)

عن أبي الصديق ليس بينهما أحدٌ.

فجمع حماد الإسنادين فحمل إسناد مطر على إسناد المعلى لما جمعهما، والله تعالى أعلم.

(1)

أحمد (3/ 70) من طريق الحسن بن موسى، والحاكم (4/ 558) من طريق أسد بن موسى كلاهمها عن حماد به. قال الحاكم (صحيح على شرط مسلم).

(2)

روى نعيم بن حماد في الفتن (1122) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي هارون، عن معاوية بن قرة، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«المهدي يعيش بعدما يملك سبع سنين أو ثمان أو تسع» ومعمر أتقن من حماد بن سلمة وأحفظ، والله أعلم.

وأبو هارون العبدي، متروك.

(3)

رواه عنه حماد بن زيد وجعفر بن سليمان كما تقدم.

(4)

العلاء بن بشير المزني البصري، مجهول، من السادسة، روى له أبو داود.

(5)

رواه عنه أبو معاوية شيبان بن عبد الرحمن النحوي وأحمد (3/ 17) وابن حبان (6826)، وعدي بن أبي عمارة وأبي يعلى (1128).

ص: 509

وقد ذكر الخليلي أن سبب تجنب الإمام البخاري لحديث حماد بن سلمة هو من أجل هذه العلة.

قال الخليلي: ذاكرت يوماً بعض الحفاظ فقلت: البخاري لم يخرج حماد بن سلمة في الصحيح وهو زاهد ثقة؟

فقال: لأنه جمع بين جماعة من أصحاب أنس فيقول: حدثنا قتادة وثابت وعبد العزيز بن صهيب وربما يخالف في بعض ذلك.

فقلت: أليس ابن وهب اتفقوا عليه وهو يجمع بين أسانيد فيقول: حدثنا مالك وعمرو بن الحارث والليث بن سعد والأوزاعي بأحاديث ويجمع بين جماعة وغيرهم؟

فقال: ابن وهب أتقن لما يرويه وأحفظ له

(1)

.

(1)

الإرشاد (1/ 417 - 418) وشرح علل الترمذي (2/ 676) باب ذكر مَنْ ضُعِف حديثه إذا جمع الشيوخ دون ما إذا أفردهم، وذكر فيه أمثلة أخرى.

ص: 510

‌الحديث السابع عشر

(1)

:

253 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 30): حدثنا عفان، حدثنا حماد يعني ابن سلمة قال: أخبرنا سهيل بن أبي صالح، عن سعيد بن يسار، عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 282) من طريق عفان، وأخرجه أبو يعلى (1432) ومن طريقه ابن السني في عمل اليوم والليلة (537) من طريق إبراهيم بن الحجاج كلاهما عن حماد به.

هكذا قال حماد (عن سهيل، عن سعيد بن يسار، عن أبي طلحة).

(1)

رجال الإسناد:

عفان بن مسلم: تقدم انظر ح (2).

سهيل بن أبي صالح، ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بأخرة، روى له البخاري مقروناً وتعليقاً، من السادسة، مات في خلافة المنصور، وروى له مسلم.

سعيد بن يسار أبو الحباب المدني، ثقة متقن، من الثالثة، مات سنة 117 وقيل قبلها بسنة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 511

وخالفه جرير بن عبد الحميد

(1)

، وخالد بن عبد الله الواسطي

(2)

، وعبد العزيز بن أبي حازم

(3)

، وأبو عوانة

(4)

، وإبراهيم بن طهمان

(5)

، وسليمان

(6)

فقالوا: (عن سهيل، عن سعيد بن يسار، عن زيد بن خالد الجهني عن أبي طلحة). ومن هذا الوجه أخرجه مسلم في صحيحه.

ورواه روح بن القاسم

(7)

عن سهيل عن سعيد بن يسار، عن زيد بن خالد عن أبي أيوب الأنصاري (بدلاً من أبي طلحة) إلا أنه وافق الجماعة في كونها من رواية سعيد بن يسار عن زيد بن خالد.

أسقط حماد رحمه الله زيد بن خالد بين سعيد وأبي طلحة.

ومما يدل على أنه من حديث زيد بن خالد عن أبي طلحة أنه في الصحيحين

(8)

من طريق بسر بن سعيد عن زيد بن خالد عن أبي طلحة.

(1)

مسلم (2106) و (2107).

(2)

أبو داود (4153) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1895) والشاشي (1069) والطبراني في الكبير (4695).

(3)

الدارقطني في العلل (6/ 7) تعليقاً.

(4)

المصدر السابق.

(5)

المصدر السابق.

(6)

البخاري في التاريخ الكبير (3/ 520) وسليمان هذا هو الأعمش أو سليمان بن بلال فكلاهما يروي عن سهيل.

(7)

الطبراني في الأوسط (2772) وقال الطبراني: هكذا روى روح هذا الحديث فقال عن أبي أيوب، ورواه الناس كلهم عن سهل عن سعيد بن يسار عن زيد بن خالد عن أبي طلحة (3/ 155 المعجم الأوسط).

(8)

البخاري (3226) و (5958) ومسلم (2806).

ص: 512

قال الدارقطني وسئل عن هذا الحديث فقال: «يرويه سهيل بن أبي صالح، عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن زيد بن خالد الجهني عن أبي طلحة.

حدّث به عن سهيل كذلك خالد بن عبد الله الواسطي وعبد العزيز بن أبي حازم وجرير بن عبد الحميد وأبو عوانة وإبراهيم بن طهمان اتفقوا على إسناده.

ورواه حماد بن سلمة عن سهل عن أبي الحباب عن أبي طحلة لم يذكر فيه زيد بن خالد.

وقد رواه بسر بن سعيد عن زيد بن خالد عن أبي طلحة حدّث به عن بكير بن الأشج وهو صحيح عنه

(1)

.

(1)

العلل (6/ 7 - 8).

ص: 513

‌الحديث الثامن عشر

(1)

:

254 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 354): حدثنا حسن، حدثنا حماد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أصبح: «اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نموت وإليك المصير» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه أحمد (2/ 522) من طريق عبد الصمد وعفان عن حماد به.

ومن طريقه عبد الغني المقدسي في الترغيب في الدعاء (96)، وأخرجه ابن أبي شيبة (10/ 244) عن الحسن بن موسى، وابن حبان (964) من طريق أبي نصر التمار عن حماد به.

هكذا قال حماد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في الدعاء إذا أصبح: «وإليك المصير» .

(1)

رجال الإسناد:

الحسن بن موسى الأشيب، أبو علي البغدادي، قاضي الموصل وغيرها، ثقة، من التاسعة، مات سنة 209 أو 210، روى له البخاري ومسلم.

ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني، ثقة ثبت، وكان يجلب الزيت إلى الكوفة، من الثالثة، مات سنة 101، روى له البخاري ومسلم.

ص: 514

خالفه وهيب بن خالد

(1)

، وعبد العزيز بن أبي حازم

(2)

، وروح بن القاسم

(3)

فرووه عن سهيل بن أبي صالح به فقالوا: (وإليك النشور) وزادوا (وإذا أمسى قال: اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير).

فجعلوا القول في الصباح (وإليك النشور) وفي المساء (وإليك المصير) وقد وافقهم حماد بن سلمة في رواية إبراهيم بن الحجاج السامي

(4)

، وعلي بن عثمان اللاحقي

(5)

.

وهو الصحيح، وقد جاءت أحاديث أخرى في الصحيحين تدل على ذلك، منها:

حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه قال: «باسمك أموت وأحيا» وإذا قام قال: «الحمد للّه الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور»

(6)

.

ورواه مسلم من حديث البراء بن عازب بنحوه

(7)

.

ورواه البخاري من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه

(8)

.

(1)

البخاري في الأدب المفرد (1105) والنسائي في الكبرى (10399) وفي عمل اليوم والليلة (564) وأبو داود (5068) من طريق موسى بن إسماعيل وقال: (النشور) في الصباح والمساء، وابن منده في التوحيد (321) من طريق منصور بن صقير كذلك، وانظره في بابه ح (734).

(2)

ابن ماجه (3868) وابن السني في عمل اليوم والليلة (33) واللفظ له.

(3)

البيهقي في الدعوات الكبير (25) وابن منده في التوحيد (133).

(4)

النسائي في الكبرى (9836).

(5)

الطبراني في الدعاء (291) وقرنه مع أبي نصر التمار.

(6)

البخاري (6312)(6314)(6324).

(7)

مسلم (2711).

(8)

البخاري (6325) و (7395).

ص: 515

وروى الطبراني من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أصبح قال: «اللهم بك أصبح وبك أمسي وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور» ويقول حين يمسي مثل ذلك، ويقول في آخرها:«وإليك المصير»

(1)

.

قال ابن القيم: فرواية أبي داود فيها النشور في المساء والمصير في الصباح

(2)

، ورواية الترمذي فيها النشور في المساء

(3)

والمصير في الصباح، ورواية ابن حبان

(4)

فيها النشور في الصباح والمصير في المساء وهي أوْلى الروايات أن تكون محفوظة، لأن الصباح والانتباه من النوم بمنزلة النشور وهو الحياة بعد الموت، والمساء والصيرورة إلى النوم بمنزلة النوم والمصير إلى الله ولهذا جعل الله سبحانه في النوم الموت والانتباه بعده دليلاً على البعث والنشور لأن النوم أخو الموت، والانتباه نشور وحياة)

(5)

. وقد وهم رحمه الله مما ذكره من رواية أبي داود وابن حبان ولعله كان يكتب ذلك من حفظه.

وقال صاحب الفواكه الدواني: وكان إذا فرغ من هذا الدعاء يقول في الصباح: «وإليك النشور» أي القيام من نومنا هذا معناه هنا، وأما معناه في اللغة فهو إنشار الناس من قبورهم يوم القيامة، فاستعجال

(1)

في كتاب الدعاء (290) وانظر البحر الزخار (683).

(2)

أبو داود (5068) ومنها النشور في الصباح وكذلك في المساء، ولم أجد ما ذكره ابن القيم.

(3)

الترمذي (3391) وفي سنده عبد الله بن جعفر المديني والد علي وهو ضعيف سياء الحفظ.

(4)

ابن حبان (964) وفيها المصير في الصباح، (965) من طريق وهيب بن خالد كذلك فيها المصير في الصباح.

(5)

حاشية على سنن أبي داود (7/ 330).

ص: 516

النشور في القيام من النوم على طريق الاستعارة

، وكان عليه الصلاة والسلام يقول زيادة على ما سبق في المساء:«وإليك المصير» أي إليك المرجع

وفيه استعارة أيضاً لتشبيه النوم المقبل عليه بالموت

(1)

.

وانظر الصحيحة للألباني

(2)

.

‌علة الوهم:

1 اختصار الحديث، فذكره هنا مختصراً على الصباح من رواية حسن بن موسى وعبد الصمد وعفان وأبي نصر التمار.

وذكره في رواية إبراهيم بن الحجاج وعلي بن عثمان كاملاً ذاكراً فيه الصباح والمساء فقال في الصباح (النشور) وفي المساء (المصير).

2 اشتمال الحديث على كلا اللفظين، والله تعالى أعلم

(3)

.

(1)

الفواكه الدواني (2/ 3300) للنفراوي المتوفى سنة 1125.

(2)

السلسلة الصحيحة (262)، (263).

(3)

وقد اختلف فيه أيضاً على وهيب بن خالد وسيأتي في بابه.

ص: 517

‌الحديث التاسع عشر

(1)

:

255 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي (7/ 309): أخبرني إبراهيم بن الحسن، قال: أنبأنا حجاج بن محمد، عن حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

نهى عن ثمن الكلب والسنور إلا كلب صيد.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحسن، وثقه النسائي وكتب عنه أبو حاتم وقال: صدوق، ووثقه ابن حبان.

ورواه النسائي في الكبرى (6264).

ورواه ابن أبي شيبة (20910) من طريق وكيع، والطحاوي (4/ 58) من طريق أبي نُعيم الفضل بن دكين، والدارقطني (3/ 73) من طريق عبيد الله بن موسى والهيثم بن جميل كلهم عن حماد به.

هكذا رواه حماد عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب والسنور إلا كلب صيد.

(1)

رجال الإسناد:

إبراهيم بن الحسن بن الهيثم الخثعمي، أبو إسحاق المصيصي المقسمي، ثقة، من الحادية عشرة، روى عنه أبو داود والنسائي (التقريب) وقال الذهبي: ثقة ثبت. الكاشف (1/ 79).

حجاج بن محمد المصيصي الأعور، أبو محمد، ترمذي الأصل، نزل بغداد ثم المصيصة، ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته، من التاسعة، مات ببغداد سنة 206، روى له البخاري ومسلم.

أبو الزبير: محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي، مولاهم، أبو الزبير المكي، صدوق إلا أنه يدلس، من الرابعة، مات سنة 126، روى له البخاري ومسلم.

ص: 518

خالفه معقل بن عبد الله الجزري

(1)

، وابن لهيعة

(2)

، وخير بن نعيم الحضرمي

(3)

، فرووه عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا استثناء كلب الصيد.

وقد روى غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم النهي عن ثمن الكلب ولم يذكر أحد منهم هذا الاستثناء وهو في الصحيحين وغيرهما، منهم:

أبو جحيفة

(4)

، وأبو مسعود الأنصاري

(5)

، ورافع بن خديج

(6)

، وابن عباس

(7)

، وأبو هريرة

(8)

، وعبد الله بن عمرو بن العاص

(9)

، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب

(10)

، وعبد الله بن عمر

(11)

.

وكذلك رواه الأعمش، عن أبي سفيان عن جابر

(12)

.

(1)

مسلم (1569).

(2)

ابن ماجه (2161) وأحمد (3/ 329).

(3)

الطبراني في الأوسط (1259) والدارقطني (3/ 72) وخير بن نعيم بن مرة بن كريب الحضرمي المصري قاضي برقة صدوق فقيه، روى له مسلم.

(4)

البخاري (1980) و (5032) ط. البغا.

(5)

البخاري (2122) و (2162) ط البغا، ومسلم (1567).

(6)

مسلم (1568).

(7)

أبو داود (3482) والنسائي (7/ 309) وفي الكبرى (6263) وأبو يعلى (2600) والحاكم (1/ 257 رقم 553) والبيهقي (1/ 19).

(8)

أبو داود (3484) والترمذي (1281) وابن ماجه (2160) وإسحاق (138) وأبو عوانة (4491) والحاكم (2/ 39 رقم 2242).

(9)

الطبراني في الأوسط (6033) والحاكم (2/ 39 رقم 2243).

(10)

الحاكم (3/ 656 رقم 6416).

(11)

الطبراني في الأوسط (5561).

(12)

الحاكم (2/ 38 رقم 2244) وقال: صحيح على شرط مسلم.

ص: 519

وقد تابع حماداً الحسن بن أبي جعفر الجفري وهو ضعيف

(1)

.

لذا قال النسائي عقب الحديث: هذا منكر

(2)

.

وقال في موضع آخر: حديث حجاج عن حماد بن سلمة ليس هو بصحيح

(3)

.

قال البيهقي في السنن الكبرى: والأحاديث الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن ثمن الكلب خالية من هذا الاستثناء، وإنما النهي في الأحاديث الصحاح في النهي عن الاقتناء، ولعله شبه على مَنْ ذكر في حديث النهي عن ثمنه من هؤلاء الرواة الذين هم دون الصحابة والتابعين، والله أعلم

(4)

.

وقال ابن رجب: (وروى حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب والسنور إلا كلب صيد، أخرجه النسائي وقال: هو حديث منكر، وقال أيضاً: ليس بصحيح؛ وذكر الدارقطني أن الصحيح وقفه على جابر

(5)

.

وقال أحمد: لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في كلب الصيد.

وأشار البيهقي وغيره إلى أنه اشتبه على بعض الرواة هذا الاستثناء فظنه من البيع وإنما هو من الاقتناء، وحماد بن سلمة في رواياته عن

(1)

أبو يعلى (1919) ولفظه: نهى عن ثمن الكلب إلا الكلب المعلّم، وهو ضعيف. قال البخاري: منكر الحديث وضعفه أحمد والنسائي، وقال النسائي في رواية: متروك، وقال أبو داود: ضعيف لا أكتب عنه.

(2)

المجتبى 7/ 309) وفي السنن الكبرى (4/ 53).

(3)

المجتبى (7/ 191).

(4)

السنن الكبرى (6/ 7) ومختصر الخلافيات (3/ 353).

وذكر هذا ابن الجوزي في التحقيق ولم ينسبه للبيهقي (التنقيح 2/ 582).

(5)

السنن (3/ 73).

ص: 520

أبي الزبير ليس بالقوي، ومَن قال إن هذا الحديث على شرط مسلم كما ظنه طائفة من المتأخرين فقد أخطأ لأن مسلماً لم يخرج لحماد بن سلمة عن أبي الزبير شيئاً، وقد بيَّن في كتاب (التمييز)

(1)

أن رواياته عن كثير من شيوخه أو أكثرهم غير قوية)

(2)

.

‌الدلالة الفقهية:

استدل بهذا الحديث وغيره على جواز بيع ما جاز اقتناؤه من الكلاب، وعلى هذا الحديث وغيره عقد النسائي في سننه باب (الرخصة في ثمن كلب الصيد) ذكر فيه حديث الباب وضعفه، وقد استدل بعض أهل العلم بأحاديث هذا الباب وعمل بها، وقد ذكرنا قول الإمام أحمد: لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في كلب الصيد

(3)

.

قال ابن رجب الحنبلي: ورخصت طائفة في بيع ما يباح اقتناؤه من الكلاب ككلب الصيد، وهو قول عطاء والنخعي وأبي حنيفة وأصحابه ورواية عن مالك، وقالوا: إنما نهى عن بيع ما يحرم اقتناؤه منها)

(4)

.

وقال ابن حجر في الفتح (4/ 426) عن ثمن الكلب: وظاهر النهي تحريم بيعه وهو عام في كل كلب معلماً كان أو غيره مما يجوز

(1)

ص 170 - 171.

(2)

جامع العلوم والحكم (2/ 452 - 453).

(3)

انظر الحاوي الكبير (5/ 375 وما بعده)، الخلافيات للبيهقي (مختصره 3/ 349 وما بعده)، تنقيح أحاديث التعليق (2/ 579 وما بعده)، السنن الكبرى للبيهقي والجوهر النقي بحاشيته (6/ 6 وما بعده)، شرح مسلم (10/ 232 وما بعده).

(4)

جامع العلوم والحكم (2/ 452).

ص: 521

اقتناؤه أو لا يجوز، ومن لازم ذلك أن لا قيمة على متلفه وبذلك قال الجمهور.

وقال مالك: لا يجوز بيعه وتجب القيمة على متلفه، وعنه كالجمهور وعنه كقول أبي حنيفة يجوز وتجب القيمة، وقال عطاء والنخعي: يجوز بيع كلب الصيد دون غيره.

وروى أبو داود من حديث ابن عباس مرفوعاً: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وقال: «إن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه تراباً

» والعلة في تحريم بيعه عند الشافعي نجاسته مطلقاً وهي قائمة في المعلم وغيره، وعلة المنع عند مَنْ لا يرى نجاسته النهي عن اتخاذه ولذلك خصّ منه ما أذن في اتخاذه، ويدل عليه حديث جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب إلا كلب صيد. أخرجه النسائي بإسناد رجاله ثقات إلا أنه طعن في صحته).

‌علة الوهم:

جاءت الأحاديث في النهي عن اقتناء كلب إلا كلب ماشية أو صيد.

فحمل حماد حديث النهي عن الاقتناء في حديث النهي عن الثمن فوهم رحمه الله والله تعالى أعلم.

ص: 522

‌الحديث العشرون

(1)

:

256 -

قال أبو داود رحمه الله (857): حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن عمه أن رجلاً دخل المسجد فذكر نحوه

(2)

قال فيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

«إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء يعني مواضعه ثم يكبّر ويحمد الله جلّ وعز ويثني عليه ويقرأ بما تيسر من القرآن ثم يقول: الله أكبر، ثم يركع حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: سمع الله لمَن حمده، حتى يستوي قائماً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: الله أكبر، ويرفع رأسه حتى يستوي قاعداً ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يرفع رأسه فيكبّر، فإذا فعل ذلك فقد تمّت صلاته» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

ورواه الطبراني في الكبير (4256) من طريق حجاج بن منهال، والحاكم في المستدرك (1/ 242) من طريق عفان كلاهما عن حماد به.

(1)

رجال الإسناد:

إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري المدني، أبو يحيى، ثقة حجة من الرابعة، مات سنة 132 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.

(2)

مثل الحديث الذي قبله (ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ).

ص: 523

هكذا رواه حماد فقال: (عن إسحاق بن عبد الله، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن عمه رفاعة).

خالفه همام بن يحيى

(1)

فقال: (عن إسحاق بن عبد الله، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه يحيى بن خلاد، عن عمه رفاعة).

وكذلك رواه داود بن قيس الفراء

(2)

، ومحمد بن عجلان

(3)

، ومحمد بن إسحاق

(4)

، ومحمد بن عمرو بن علقمة

(5)

، أربعتهم عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه رفاعة.

أسقط حماد يحيى بن خلاد

(6)

من الإسناد.

(1)

أبو داود (858) والنسائي (3/ 60) وابن ماجه (460) والدارمي (1329) وابن الجارود في المنتقى (194) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 35) والدارقطني (1/ 95) والحاكم (1/ 242) والبيهقي (1/ 40) و (2/ 102) و (2/ 345) والبزار (3727).

(2)

النسائي (3/ 60) وعبد الرزاق (3739) وابن حبان (1787) والحاكم (1/ 242) والبيهقي (2/ 374).

(3)

النسائي (3/ 59) وأحمد (4/ 340) وأبو يعلى (6623) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1976) وابن حبان (1787) والطبراني في الكبير (5/ 36 - 37) والبيهقي (2/ 353) وابن أبي شيبة (2958) والطحاوي في شرح المشكل (6/ 20).

(4)

أبو داود (860) وابن خزيمة (597) والطبراني (4528) والحاكم (1/ 243) والبيهقي (2/ 133).

(5)

أبو داود (859) وابن حبان (1787) والبيهقي (2/ 204) في المعرفة.

(6)

يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك بن العجلان الأنصاري الزرقي المدني له رؤية، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، مات في حدود سنة 70، روى له البخاري وأصحاب السنن.

ص: 524

وكذلك رواه إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير المدني

(1)

، عن يحيى بن علي بن خلاد، عن أبيه

(2)

، عن جده

(3)

، عن رفاعة به.

قال البخاري في التاريخ الكبير (3/ 320) في إسناد حماد بن سلمة: لم يقمه.

وقال الحاكم (1/ 242) بعد أن روى الحديث من طريق حجاج بن منهال عن همام به: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين بعد أن أقام همام بن يحيى إسناده فإنه حافظ ثقة، وكل مَنْ أفسد قوله فالقول قول همام .. ، وقد روى محمد بن إسماعيل هذا الحديث في التاريخ الكبير عن حجاج بن منهال وحكم له بحفظه ثم قال: لم يقمه حماد بن سلمة) ووافقه الذهبي.

ثم قال الحاكم: وأقام هذا الإسناد داود بن قيس الفراء،

(1)

أخرجه أبو داود (861) والنسائي (2/ 20) وفي الكبرى (1631) والطيالسي (1372) وابن خزيمة (545) والبيهقي (2/ 380) والترمذي (302) والطحاوي في شرح المشكل (6074) وقال الترمذي: حديث حسن). وتعقبه الألباني في صحيح سنن أبي داود (4/ 11 - 12) وقال: هذا إسناد صحيح على شرط البخاري، واقتصار الترمذي على تحسين الحديث قصور ظاهر فإن إسناده صحيح لا غبار عليه لا سيما أنه يعني بقوله: حديث حسن، أنه حسن لغيره كما نبّه عليه في آخر كتابه اه.

قلت: بل وهم شيخنا الألباني رحمه الله فالحديث ليس على شرط البخاري فإن يحيى بن علي لم يخرج له البخاري شيئاً، قال الذهبي في الميزان: قال ابن القطان: لا يعرف إلا بهذا الخبر. روى عنه إسماعيل بن جعفر وما علمت فيه ضعفاً. قلت (الذهبي) لكن فيه جهالة اه.

قال ابن حجر في التقريب: مقبول.

(2)

علي بن يحيى بن خلاد.

(3)

يحيى بن خلاد (وهو الذي أسقطه حماد بن سلمة من الإسناد).

ص: 525

ومحمد بن إسحاق بن يسار، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير) ثم ساق أسانيدهم.

وقال أبو حاتم كما في العلل لابنه (221): (والصحيح عن أبيه عن عمه رفاعة).

وقال أبو زرعة (221) فيما نقله عنه ابن أبي حاتم: (وهم حماد، والحديث حديث همام، عن إسحاق، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت: وقد كان حماد بن سلمة يضطرب في هذا الإسناد.

فرواه عنه هدبة بن خالد فيما أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1977) عن إسحاق بن عبد الله، عن علي بن يحيى بن خلاد، أراه عن أبيه، عن عمه أن رجلاً

هكذا رواه على الشك هنا.

ورواه عفان بن مسلم فيما أخرجه الحاكم (1/ 242) عنه عن إسحاق بن عبد الله، عن أبي طلحة، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه أن رجلاً

ولم يذكر جده في الإسناد.

وقال البيهقي (2/ 373): (رواه محمد بن يسار عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه، عن عمه رفاعة بن رافع، وكذلك قاله داود بن قيس عن علي بن يحيى بن خلاد، وكذلك رواه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى من رواية همام بن يحيى عنه.

وقصر حماد بن سلمة فقال: عن إسحاق عن علي بن يحيى بن خلاد عن عمه

، والصحيح رواية مَنْ تقدم.

ص: 526

وافقهم إسماعيل بن جعفر عن يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي عن أبيه، عن جده، عن رفاعة بن رافع

).

وقال المنذري في مختصر سنن أبي داود: (المحفوظ في هذا علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه رفاعة بن رافع).

ص: 527

‌الحديث الحادي والعشرون

(1)

:

257 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 190): ثنا بهز بن أسد أبو الأسود العمي ثنا حمّاد بن سلمة أنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك:

أن هوازن جاءت يوم حُنين بالصبيان والنساء والإبل والنَّعَم فجعلوهم صفوفاً يُكَثِّرون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما التقوا ولّى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله، يا معشر الأنصار أنا عبد الله ورسوله» فهزم الله المشركين، قال عفان: ولم يضربوا بسيف ولم يطعنوا برمح، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ:«مَنْ قتل كافراً فله سَلَبُهُ» فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلاً وأخذ أسلابهم، قال: وقال أبو قتادة: يا رسول الله ضربت رجلاً على حبل العاتق وعليه درع فأُجهِضْتُ عنه فانظر مَنْ أخذها، فقام رجل فقال: أنا أخذتها فأرْضِهِ منها وأعطنيها، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُسأل شيئاً إلا أعطاه أو سكت، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: لا والله لا يُفيئها الله على أسد من أُسده ويُعطيكها، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:«صدق عمر» قال: وكانت أم سُلَيم معها خنجر فقال أبو طلحة: ما هذا معك؟ قالت: اتخذته إن دنا مني بعض المشركين أن أبعج به بطنه، فقال أبو طلحة: يا رسول الله ألا تسمع ما

(1)

رجال الإسناد:

بهز بن أسد العمي، أبو الأسود البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات بعد سنة 200 وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.

إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري المدني، أبو يحيى، ثقة حجة من الرابعة، مات سنة 132 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.

ص: 528

تقول أم سُلَيم؟ قالت: يا رسول الله أقتل من بعدنا من الطلقاء انهزموا بك، قال:«إن الله قد كفانا وأحسن يا أم سُلَيم» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه أبو داود الطيالسي (2192) عن حماد بن سلمة، ومن طريقه أبو عوانة (6875)، وابن حبان (4836) من طريق عبد الله بن المبارك، والحاكم (3/ 130) من طريق روح بن عبادة، وأخرجه أحمد (3/ 279) وابن أبي شيبة (14/ 530) من طريق عفان بن مسلم.

كلهم عن حماد بن سلمة به.

هكذا قال حماد عن إسحاق بن عبد الله، عن أنس بن مالك وفيه أن عمر رضي الله عنه هو الذي قال: لا والله لا يفيئها الله على أسد من أسده ويعطيكها، وصدقه النبي صلى الله عليه وسلم.

وخالفه يحيى بن سعيد الأنصاري فرواه عن عمر بن كثير بن أفلح عن نافع بن عباس مولى أبي قتادة عن أبي قتادة، وفيه أن الذي قال ذلك أبو بكر رضي الله عنه

(1)

.

قال ابن كثير: وقوله (عمر) في هذا مستغرب، والمشهور أن ذلك (أبو بكر) الصديق

(2)

.

(1)

البخاري (3142) و (4321) ومسلم (1751) وأحمد (5/ 306).

(2)

البداية والنهاية (7/ 18).

ص: 529

وقال أيضاً: ولعله قاله متابعة لأبي بكر الصديق ومساعدة وموافقة له، أو قد اشتبه على الراوي، والله أعلم

(1)

.

وقال ابن حجر: الراجح أن الذي قال ذلك أبو بكر كما رواه أبو قتادة وهو صاحب القصة، فهو أتقن لما وقع فيها من غيره ويحتمل الجمع بأن يكون عمر أيضاً قال ذلك تقوية لقول أبي بكر، والله أعلم

(2)

.

قول الحافظ: أن أبا قتادة هو صاحب القصة، فهو أتقن كأنه يرى الوهم من أنس وهو محتمل، وهذا الحديث مداره على حماد بن سلمة ومن طريقه عرف فجعلناه في بابه، ونسبة الخطأ إلى حماد أو إلى شيخه أوْلى من نسبته إلى أنس رضي الله عنه، والله تعالى أعلم.

‌علة الوهم:

أن عمر بن الخطاب هو المشهور بإبداء رأيه في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه المواقف بخلاف الصديق رضي الله عنهما.

أما قولهم احتمال أن عمر قاله متابعة لأبي بكر فهو محتمل وإن كان الأرجح أنه اشتبه على الراوي كما قال ابن كثير، والله تعالى أعلم.

(1)

المصدر السابق (7/ 24).

(2)

فتح الباري (8/ 40).

ص: 530

‌الحديث الثاني والعشرون

(1)

:

258 -

قال ابن حبان رحمه الله في صحيحه (1070): أخبرنا ابن زهير بتُستر حدثنا عبد القدوس بن محمد بن عبد الكبير، حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر، عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«عليكم بالسواك فإنه مطهرة للفم مرضاة للرب عزا وجل» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير شيخ ابن حبان أحمد بن زهير التستري، نعته الذهبي في السير فقال: الإمام الحجة المحدث البارع علم الحفاظ شيخ الإسلام.

هكذا رواه حماد، عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة:«عليكم بالسواك فإنه مطهرة للفم .. » .

(1)

رجال الإسناد:

أحمد بن يحيى بن زهير أبو جعفر التستري الزاهد، ثقة حافظ، توفي سنة 310 هـ وله نحو 80 سنة، روى له ابن حبان نحو 75 حديثاً في صحيحه. انظر سير أعلام النبلاء (14/ 168) التذكرة (2/ 688).

عبد القدوس بن محمد بن عبد الكبير بن شعيب بن الحبحاب العطار البصري، صدوق، من الحادية عشرة، روى له البخاري.

حجاج بن المنهال الأنماطي: تقدم، انظر ح (6).

عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين، روى له البخاري ومسلم.

سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبري، أبو سعد المدني، ثقة من الثالثة، مات في حدود سنة 120 أو قبلها أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.

ص: 531

والمحفوظ بهذا الإسناد حديث «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» .

هكذا رواه أصحاب عبيد الله بن عمر عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، منهم:

حماد بن زيد

(1)

، وعبد الله بن المبارك

(2)

، ويحيى بن سعيد القطان

(3)

، وهشام الدستوائي

(4)

، وخالد بن الحارث

(5)

، وبقية بن الوليد

(6)

، وأبو معشر

(7)

، وأبو أسامة حماد بن أسامة

(8)

، وعبد الله بن نمير

(9)

، وعبد الرزاق

(10)

، والمعتمر بن سليمان

(11)

، وأبان بن يزيد العطار

(12)

.

قال الحافظ في التلخيص (1/ 60) بعدما أورده عن ابن حبان: والمحفوظ عن عبيد الله بن عمر بهذا الإسناد بلفظ: «لولا أن أشق على أمتي» .

وقال ابن عدي في الكامل (2/ 144) في ترجمة أرطأة بن المنذر في حديث رواه عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك

».

(1)

النسائي في الكبرى (3033).

(2)

النسائي في الكبرى (3034) وأحمد (2/ 287) وهو في مسنده (63).

(3)

أحمد (2/ 250) والنسائي في الكبرى (3035) وابن حجر في التغليق (3/ 16).

(4)

النسائي (3036).

(5)

النسائي (3037).

(6)

النسائي (3038).

(7)

النسائي (3039).

(8)

ابن ماجه (287) وابن أبي شيبة (1787).

(9)

ابن ماجه (287) وأحمد (2/ 433) وابن أبي شيبة (1787).

(10)

في المصنف (2106).

(11)

تاريخ بغداد (9/ 346).

(12)

الدارقطني في العلل (10/ 304).

ص: 532

قال: خطأ، إنما يرويه عبيد الله، عن سعيد المقبري عن أبي هريرة.

‌علة الوهم:

دخل عليه حديث في حديث والمحفوظ بهذا اللفظ هو حديث عائشة رضي الله عنها، وقد رواه حماد بن سلمة من طريق ابن أبي عتيق عن أبيه عن أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«السواك مطهرة للفم مرضاة للرب» (وسيأتي بعده) فحمله حماد على حديث أبي هريرة، والله تعالى أعلم.

ص: 533

‌الحديث الثالث والعشرون

(1)

:

259 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (1/ 3): حدثنا أبو كامل، قال: ثنا حماد يعني ابن سلمة عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«السواك مطهرة للفم مرضاة للرب» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.

والحديث أخرجه كذلك أبو يعلى (109) و (110) و (4915) وأحمد بن علي المروزي في مسند أبي بكر (108) و (110) من طريق عبد الأعلى بن حماد النرسي ويونس بن محمد كلاهما عن حماد بن سلمة به.

وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (668) عن عبد الأعلى به.

(1)

رجال الإسناد:

مظفر بن مدرك الخراساني، أبو كامل، نزيل بغداد، ثقة متقن، كان لا يحدث إلا عن ثقة، من صغار التاسعة، مات سنة 207، وقد ذكره ابن عدي وغيره في شيوخ البخاري وهو وهم فإنه لم يلحقه، روى له الترمذي والنسائي.

ابن أبي عتيق: هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق، محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر التيمي المدني، مقبول، من السابعة، روى له البخاري (التقريب 6047).

عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق المعروف بابن أبي عتيق، صدوق فيه مزاح، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 534

وهذا الإسناد أخطأ فيه حماد بن سلمة فجعله من مسند أبي بكر الصديق وإنما هو من مسند عائشة رضي الله عنها كما قاله غير واحد من أئمة الحديث ونقاده.

هكذا رواه حماد بن سلمة فقال: (عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن أبي بكر الصديق).

خالفه محمد بن إسحاق

(1)

، وسعيد بن أبي أيوب

(2)

فقالا: (عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن عائشة).

وكذلك رواه يزيد بن زريع

(3)

، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي

(4)

، عن عبد الرحمن بن أبي عتيق

(5)

، عن أبيه، عن عائشة.

فجعلاه من حديث عائشة، وهو المحفوظ.

وكذلك رواه القاسم بن محمد

(6)

، وعبيد بن عمير

(7)

عن عائشة

(1)

الشافعي (1/ 30) والحميدي (162) وأحمد (6/ 47) و (6/ 62) وأبو يعلى (4598) وابن المنذر في الأوسط (1/ 363) والبيهقي (1/ 34) وأبو نعيم في الحلية (7/ 159) وابن حجر في تغليق التعليق (3/ 164) من طريق ابن عيينة وابن علية وشعبة وعبدة، كلهم عن محمد بن إسحاق به.

(2)

الطبراني في الأوسط (276).

(3)

النسائي (1/ 10) وفي الكبرى (4) وأحمد (6/ 124) وابن حبان (1067) والبيهقي (1/ 34).

(4)

أبو يعلى (4916) والمروزي في مسند أبي بكر (109).

(5)

عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، أبو عتيق، مقبول من السابعة، روى له البخاري في الأدب المفرد والنسائي.

(6)

الدارمي (684) وابن أبي شيبة (1792) وأبو يعلى (4568) وإسحاق بن راهويه (936).

(7)

ابن خزيمة (135).

ص: 535

رضي الله عنها، وذكره البخاري في صحيحه

(1)

تعليقاً بصيغة الجزم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ونقل أبو يعلى عن شيخه عبد الأعلى بن حماد النرسي راوي هذا الحديث عن حماد قوله: هذا خطأ

(2)

.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 11): سألت أبي وأبا زرعة فذكر هذا الحديث فقالا: هذا خطأ، إنما هو ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن عائشة.

قال أبو زرعة: أخطأ فيه حماد.

وقال أبي: الخطأ من حماد أو ابن أبي عتيق. اه.

وقال الدارقطني في العلل (1/ 277) لما سئل عن هذا الحديث:

يرويه حماد بن سلمة، عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن أبي بكر رضي الله عنه.

وخالفه جماعة من أهل الحجاز وغيرهم.

فرووه عن ابن أبي عتيق عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصواب.

وابن أبي عتيق هذا: هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر. اه.

(1)

البخاري (1934).

(2)

المسند (1/ 103) و (8/ 315).

ص: 536

وقال ابن حجر في الفتح (4/ 158 - 159):

(وقالت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب» .

وصله أحمد والنسائي وابن خزيمة وابن حبان من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أبيه عنها.

ورواه عن عبد الرحمن هذا: يزيد بن زريع، والدراوردي، وسليمان بن بلال وغير واحد.

وخالفهم حماد بن سلمة فرواه عن عبد الرحمن بن أبي عتيق عن أبيه عن أبي بكر الصديق.

أخرجه أبو يعلى والسراج في مسنديهما عن عبد الأعلى بن حماد عن حماد بن سلمة، قال أبو يعلى في روايته: قال عبد الأعلى: هذا خطأ إنما هو عن عائشة!!

وقال في التغليق (3/ 166): وشذّ حماد بن سلمة فرواه عن ابن أبي عتيق عن أبيه عن أبي بكر وهو خطأ.

ص: 537

‌الحديث الرابع والعشرون

(1)

:

260 -

قال الدارمي في سننه (1471): أخبرنا محمد بن الفضل، ثنا حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن الأعرج، عن مالك بن بحينة:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في الركعتين من الظهر أو العصر فلم يرجع حتى فرغ من صلاته، ثم سجد سجدتَيْ الوهم، ثم سلّم.

‌التعليق:

وهذا حديث، رجاله ثقات رجال الصحيح.

وقد وهم حماد بن سلمة (أو من دونه) في اسم الصحابي راوي الحديث فقال (مالك بن بحينة) والصحيح هو (عبد الله بن مالك بن بحينة)، وقد رواه هكذا على الصحيح أصحاب يحيى بن سعيد كما في الصحيحين وغيرهما، منهم:

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن الفضل السدوسي، أبو النعمان البصري، لقبه عارم، ثقة ثبت تغير في آخر عمره، من صغار التاسعة، مات سنة 223 أو 224، روى له البخاري ومسلم.

يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني، أبو سعيد القاضي، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة 144 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.

عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، أبو داود المدني، مولى ربيعة بن الحارث، ثقة ثبت عالم، من الثالثة، مات سنة 117، روى له البخاري ومسلم.

مالك بن بحينة، صحابي، كذا وقع في البخاري والنسائي والأكثر على أن الصحبة والرواية لولده عبد الله بن مالك.

[عبد الله بن مالك بن القشب الأزدي أبو محمد حليف بني المطلب يعرف بابن بحينة، صحابي معروف، مات بعد الخمسين، روى له البخاري ومسلم].

ص: 538

مالك بن أنس

(1)

، وحماد بن زيد

(2)

، ومحمد بن فضيل

(3)

، وشعبة

(4)

، وسفيان بن عيينة

(5)

، والليث بن سعد

(6)

، وعبد الله بن نمير

(7)

، ويزيد بن هارون

(8)

، وأبو خالد الأحمر

(9)

، وأبو معاوية

(10)

، وعبد الرزاق

(11)

، وعمر بن عمران السدوسي

(12)

، وعبد الله بن المبارك

(13)

، وهشام بن عروة

(14)

، هؤلاء كلهم قالوا (عبد الله بن مالك بن بحينة) وبعضهم قال (ابن بحينة)، ولم ينسبه، وخالفهم حماد بن سلمة كما في هذا الحديث

(15)

.

وقد رواه الزهري

(16)

، ويحيى بن أبي كثير

(17)

، وجعفر بن ربيعة

(18)

، فقالوا:(عن الأعرج عن عبد الله بن مالك بن بحينة).

(1)

البخاري (1225) وهو في الموطأ (1/ 96 - 97).

(2)

مسلم (570)(87) والنسائي (2/ 244).

(3)

أحمد (5/ 345) وابن ماجه (1207).

(4)

النسائي (2/ 244) وابن خزيمة (1030).

(5)

الحميدي في مسنده (928 ط دار المأمون) وابن خزيمة (1029) وأحمد (5/ 346).

(6)

النسائي (3/ 20).

(7)

ابن ماجه (1207).

(8)

ابن ماجه (1207) وابن خزيمة (1031) وابن الجارود (242) وأبو عوانة (1912).

(9)

ابن ماجه (1207).

(10)

ابن ماجه (1207).

(11)

في المصنف (3451).

(12)

أبو عوانة (1911).

(13)

النسائي في الكبرى (599).

(14)

النسائي في الكبرى (601).

(15)

وكذلك قال في حديث آخر في قضاء ركعتَيْ الفجر عند الطحاوي 1/ 372.

(16)

البخاري (829، 1230، 6670) ومسلم (570)(86).

(17)

الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 438).

(18)

البخاري (830).

ص: 539

وقد تابع حماد بن سلمة شعبة في رواية فقال: (مالك بن بحينة) وذلك فيما أخرجه ابن أبي حاتم في العلل (516) قال: (سمعت أبا زرعة، وحدثنا عن الربيع بن يحيى، عن شعبة

(1)

، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن الأعرج، عن مالك بن بحينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في الركعتين فلما تشهد سجد سجدتَيْ الوهم، ثم سلّم.

فقال أبو زرعة: إنما هو عبد الله بن مالك بن بحينة الأسدي حليف بني عبد المطلب، لكن هكذا كان شعبة يقول).

قال الحافظ: (هكذا يقول شعبة في هذا الصحابي وتابعه على ذلك أبو عوانة وحماد بن سلمة، وحكم الحفاظ يحيى بن معين، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وابن الشرقي والدارقطني وأبو مسعود بالوهم فيه في موضعين:

أحدهما: أن بحينة والدة عبد الله لا مالك.

وثانيهما: أن الصحبة والرواية لعبد الله لا لمالك، وهو عبد الله بن مالك بن القشب بكسر القاف وسكون المعجمة بعدها موحدة وهو لقب واسمه جندب بن نضلة بن عبد الله، قال ابن سعد: قدم مالك بن القشب يعني مكة في الجاهلية فحالف بني المطلب بن عبد مناف،

(1)

لم أقف على رواية الربيع بن يحيى هذه عن شعبة، لكن رواه النسائي في الكبرى (596) من طريق وهب بن جرير عن شعبة عن عبد ربه بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن مالك بن بحينة به.

ثم قال النسائي: هذا خطأ، والصواب عبد الله بن مالك بن بحينة.

ورواه النسائي في المجتبى (2/ 244) وفي الكبرى (597) من طريق وهب بن جرير عن شعبة عن يحيى بن سعيد بن الأعرج عن ابن بحينة (ولم يسمه)، وانظر ح (35) في باب شعبة.

ص: 540

وتزوج بحينة بنت الحارث بن المطلب واسمها عبدة، وبحينة لقب، وأدركت بحينة الإسلام فأسلمت وصحبت، وأسلم ابنها عبد الله قديماً، ولم يذكر أحد مالكاً في الصحابة إلا بعض ممن تلقاه من هذا الإسناد ممن لا تمييز له)

(1)

.

(1)

فتح الباري (2/ 149).

ص: 541

‌الحديث الخامس والعشرون

(1)

:

261 -

قال أبو عبيد القاسم بن سلّام رحمه الله في كتاب الطهور (112): حدثنا الهيثم بن جميل، عن حماد بن سلمة عن قتادة، عن معاذة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بقدر المد ويغتسل بقدر الصاع.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير الهيثم بن جميل، وثقه أحمد وأثنى على حفظه، وقال العجلي: ثقة صاحب سنة، وقال الدارقطني: ثقة حافظ، غير أن حماداً وهم فيه فقال: عن قتادة عن معاذة عن عائشة، وخالفه أصحاب قتادة فرووه عن قتادة، عن صفية بنت شيبة

(2)

عن عائشة.

(1)

رجال الإسناد:

الهيثم بن جميل البغدادي، أبو سهل نزيل أنطاكية، ثقة، من أصحاب الحديث، من صغار التاسعة، مات سنة 213، روى له البخاري في الأدب المفرد، وابن ماجه والنسائي في مسند علي.

قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت، وهو رأس الطبقة الرابعة، مات سنة بضع وعشرة بعد المائة، روى له البخاري ومسلم.

معاذة بنت عبد الله العبدرية، أم الصهباء البصرية، ثقة، من الثالثة، روى لها البخاري ومسلم.

(2)

صفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدرية، لها رؤية، وحدثت عن عائشة وغيرها من الصحابة، وفي البخاري التصريح بسماعها من النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر الدارقطني إدراكها. روى لها البخاري ومسلم.

ص: 542

هكذا رواه همام بن يحيى العوذي

(1)

، وأبان بن يزيد العطار

(2)

، وسعيد بن أبي عروبة

(3)

، وهشام الدستوائي

(4)

وغيرهم كما سيأتي.

من المحتمل أن يكون قتادة رواه عن كلٍّ من صفية ومعاذة عن عائشة رضي الله عنها.

ومن المحتمل أن يكون الوهم ممن هو دون حماد في الإسناد.

إلا أن بهز بن أسد العمي قد رواه عن حماد بن سلمة عن قتادة عن معاذة أو صفية عن عائشة على الشك

(5)

، فدلّ أن حماداً كان يشك فيه هنا وقطع في رواية الهيثم بن جميل أنه من رواية (معاذة) فوهم، والله أعلم.

وعلة الوهم فيما أرى والله أعلم أن معاذة قد روت حديثاً عن عائشة في غسل النبي صلى الله عليه وسلم فلعله من هنا دخل عليه الوهم وهو ما رواه مسلم

(6)

من طريق عاصم الأحول عن معاذة، عن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي، قالت: وهما جنبان.

قال ابن أبي حاتم في العلل (41): (سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه شيبان النحوي

(7)

عن قتادة، عن الحسن، عن أمه، عن

(1)

أبو داود (92) وابن ماجه (268) وأحمد (6/ 238) وأبو يعلى (4858) وابن المنذر في الأوسط (643) والطحاوي (2/ 49) وأبو عبيد في الطهور (111).

(2)

أحمد (6/ 121) والطحاوي (2/ 49) والبيهقي (1/ 195).

(3)

في الرواية المشهورة عن أحمد (6/ 234) والنسائي (1/ 179) وإسحاق (1270).

(4)

الدارقطني (1/ 94).

(5)

أحمد (6/ 219).

(6)

مسلم (321)(46).

(7)

انظره في باب شيبان، ح (656).

ص: 543

عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد؟

قال أبي: هذا خطأ، إنما هو قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أشبه.

قال أبو زرعة: من حديث قتادة، حديث صفية بنت شيبة عن عائشة صحيح

).

وقال العقيلي في الضعفاء (2/ 149): هذا يرويه قتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح، وهو الصحيح.

وقال الدارقطني: «رواه هشام الدستوائي، وابن أبي عروبة، وشعبة، وهمام، وأبان العطار، والحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة.

وخالفهم حماد بن سلمة فرواه عن قتادة، عن معاذة العدوية، عن عائشة، قال ذلك هيثم بن جميل عن حماد.

وقال بهز بن أسد وهدبة وإبراهيم بن الحجاج وأبو عمر الضرير عن حماد عن قتادة عن معاذة أو صفية عن عائشة

وقال حجاج بن منهال عن حماد عن قتادة عن امرأة لم يسمها عن عائشة.

والقول قول مَنْ قال عن قتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة

(1)

.

(1)

العلل (12/ 130 - 131).

ص: 544

‌الحديث السادس والعشرون

(1)

:

262 -

قال أبو داود رحمه الله (3949): حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال موسى في موضع آخر عن سمرة بن جندب فيما يحسب حماد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ ملك ذا رحم محرم فهو حر» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

ورواه الترمذي (1365) وابن ماجه (2524) والنسائي في الكبرى (4898 - 4902) وأحمد (5/ 15، 18، 20) والطيالسي (910) وعبد الله بن المبارك (224) وابن الجارود (973) والروياني في مسنده (818) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5401 - 5403) والطبراني

(1)

رجال الإسناد:

مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي، أبو عمرو البصري، ثقة مأمون مكثر، عمي بأخرة، من صغار التاسعة، مات سنة 222 وهو أكبر شيخ لأبي داود، روى له البخاري ومسلم.

موسى بن إسماعيل المنقري، أبو سلمة التبوذكي، ثقة ثبت من صغار التاسعة، مات سنة 223، روى له البخاري ومسلم.

الحسن بن أبي الحسن يسار الأنصاري مولاهم أبو سعيد البصري، ثقة فقيه فاضل مشهور، كان يرسل كثيراً ويدلس، روى له البخاري ومسلم.

سمرة بن جندب: صحابي.

ص: 545

في الكبير (6852) والأوسط (822) وابن أبي شيبة (6/ 31) والحاكم (2/ 214) والبيهقي (10/ 289) كلهم من طرق عن حماد به.

هكذا قال حماد (عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه سعيد بن أبي عروبة

(1)

، وهشام الدستوائي

(2)

، فقالا:(عن قتادة، عن الحسن) موقوفاً عليه من قوله.

وكذلك رواه ابن أبي ليلى، عن عبد الكريم، عن الحسن موقوفاً

(3)

.

ورواه كذلك سعيد

(4)

، وهشام

(5)

، ومعمر

(6)

عن قتادة، عن عمر من قوله.

ورواه ابن أبي ليلى عن رجل عن عمر موقوفاً

(7)

.

لذا أعلّ حفاظ الحديث هذا الحديث مرفوعاً لتفرد حماد بن سلمة به لأمرين:

1 حماد كان يشك في رفعه كما صرّح به موسى بن إسماعيل في حديثه هنا.

2 لمخالفته مَنْ هو أوثق منه في قتادة.

(1)

أبو داود (3951)(3952) والنسائي في الكبرى (4904)(4905) والبيهقي (10/ 285).

(2)

النسائي (4904).

(3)

ابن أبي شيبة (20077).

(4)

أبو داود (3950) والنسائي (4903).

(5)

النسائي (4904).

(6)

عبد الرزاق (16856).

(7)

عبد الرزاق (16855).

ص: 546

لذا قال أبو داود عقب الحديث: ولم يحدّث ذلك الحديث إلا حماد بن سلمة وقد شكّ فيه.

ثم أورد حديث سعيد بن أبي عروبة وقال: سعيد أحفظ من حماد.

وقال الترمذي (3/ 646): هذا حديث لا نعرفه مسنداً إلا من حديث حماد بن سلمة.

وقد روى بعضهم هذا الحديث عن قتادة عن الحسن عن عمر شيئاً من هذا.

وقال الحافظ في بلوغ المرام (1339): ورجح جمع من الحفاظ أنه موقوف.

قال البيهقي في المعرفة (14/ 406): والحديث إذا انفرد به حماد بن سلمة ثم يشك فيه، ثم يخالفه غيره مَنْ هو أحفظ منه وجب التوقف فيه.

وقد أشار البخاري إلى تضعيف هذا الحديث، وقال علي بن المديني: هذا عندي منكر. اه.

وقال الخطابي في معالم السنن (5/ 408): حديث سمرة غير ثابت.

وقال الحافظ في الفتح (5/ 168): قيل إنه أشار يعني البخاري بهذه الترجمة إلى تضعيف الحديث الوارد فيمن ملك ذا رحم فهو حر وهو حديث أخرجه أصحاب السنن من حديث الحسن عن سمرة واستنكره ابن المديني ورجح الترمذي إرساله وقال البخاري: لا يصح،

ص: 547

وقال أبو داود: تفرد به حماد وكان يشك في وصله وغيره يرويه عن قتادة عن الحسن قوله وعن قتادة عن عمر قوله متفقاً.

وللحديث شاهد من حديث ضمرة بن ربيعة عن سفيان الثوري عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعاً

(1)

.

‌الدلالة الفقهية:

دلّ هذا الحديث أن مَنْ كان في ملكه من محارمه من ذوي أرحامه فهو حر وإن لم يعتقه.

قال الترمذي في سننه بعد أن ذكر الحديث (3/ 647): والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم.

قال الخطابي في معالم السنن (5/ 407): وقد اختلف الناس في هذا فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه إذا ملك ذا رحم محرم عتق عليه.

روي ذلك عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما ولا يعرف لهما مخالف في الصحابة.

وهو قول الحسن وجابر بن زيد وعطاء والشعبي والزبير والحكم وحماد وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري، وأحمد وإسحاق.

(1)

انظر للمزيد كتابي (كشف اللثام عن الأحاديث الضعيفة في الأحكام المعمول بها عند الأئمة الأعلام) ص 420.

وسيأتي في باب محمد بن بكر البرساني فقد قرن عاصماً الأحول مع قتادة وخالف ثلاثة عشر راوياً من أصحاب حماد لم يذكروا عاصماً في الإسناد، انظر ح (962).

ص: 548

وقال مالك بن أنس: يعتق عليه الولد والوالد والإخوة ولا يعتق عليه غيرهم.

وقال الشافعي: لا يعتق عليه إلا أولاده وآباؤه وأمهاته، ولا يعتق عليه إخوته ولا أحد من ذوي قرابته ولحمته. اه.

وفي مسائل أحمد وإسحاق للمروزي (3239): قلت: مَنْ ملك ذا رحمٍ محرم فهو حر؟

قال أحمد: إذا كان ذا رحم محرم أرجو أن يعتق عليه.

قال إسحاق: كل ما ملك ذا رحم محرم فهو حر، وإن لم يعتقه، فأما ذوو الرحم فلا يعتقون إلا أن يعتقهم.

ص: 549

‌الحديث السابع والعشرون

(1)

:

263 -

قال الإمام أحمد (2/ 23): حدثنا وكيع، حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إذا كان الماء قدر قلتين أو ثلاث لم ينجسه شيء» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير عاصم بن المنذر، قال أبو زرعة: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات.

وأخرجه أحمد (2/ 107) عن عفان به.

وأخرجه ابن ماجه (518) من طريق علي بن محمد الطنافسي، وقال تلميذه أبو الحسن بن سلمة القطان في زياداته عقب هذا الحديث: حدثنا أبو حاتم، حدثنا أبو الوليد وأبو سلمة وابن عائشة قالوا: حدثنا حماد بن سلمة فذكر نحوه، ورواه عبد بن حميد (818) من طريق أبي الوليد الطيالسي، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الطهور

(1)

رجال الإسناد:

وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان الكوفي، ثقة حافظ عابد، من كبار التاسعة، مات في آخر سنة 196 أو أول 197 وله 70 سنة، روى له البخاري ومسلم.

عاصم بن المنذر بن الزبير بن العوام الأسدي المدني، صدوق، من الرابعة، روى له أبو داود وابن ماجه.

عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المدني، شقيق سالم، ثقة، من الثالثة، مات سنة 106، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن عمر بن الخطابي، صحابي شهير مكثر، مات آخر سنة 73 أو أول 74.

ص: 550

(166)

من طريق زيد بن الحباب، والدارقطني (1/ 21) من طريق يزيد بن هارون، وهدبة بن خالد، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وكامل بن طلحة، وابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 734) من طريق يزيد بن هارون، وزيد بن الحباب، والبيهقي (1/ 262) من طريق هدبة بن خالد، وإبراهيم بن الحجاج، والحاكم (1/ 134) من طريق هدبة بن خالد كلهم:

(وكيع، والطنافسي، وأبو داود الطيالسي، وأبو سلمة، وابن عائشة، وزيد بن الحباب، ويزيد بن هارون، وهدبة بن خالد، وإبراهيم بن الحجاج، وكامل بن طلحة) عن حماد بن سلمة به.

هكذا قال حماد (عن عاصم بن المنذر، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا كان الماء قدر قلتين أو ثلاثٍ لم ينجسه شيء» .

وقد اختلف عليه:

فرواه عنه جماعة بالجزم بلفظ قلتين ولم يذكروا ثلاثاً منهم:

عفان

(1)

، وموسى بن إسماعيل

(2)

، ويعقوب بن إسحاق

(3)

، وبشر بن السري

(4)

، والعلاء بن عبد الجبار

(5)

، وعبيد الله بن محمد بن

(1)

ابن الجارود (46) والدارقطني (1/ 22) وابن المنذر في الأوسط (1/ 270) وأحمد (2/ 107).

(2)

أبو داود (65) والطحاوي (1/ 16) والدارقطني (1/ 22) والبيهقي (1/ 262).

(3)

الدارقطني (1/ 23).

(4)

الدارقطني (1/ 22).

(5)

الدارقطني (1/ 22).

ص: 551

عائشة

(1)

، وأبو داود الطيالسي

(2)

، ويزيد بن هارون

(3)

فهؤلاء ثمانية من أصحابه رووه عنه بلفظ قلتين وروايتهم أرجح.

قال البيهقي: «ورواية الذين لم يشكوا أوْلى»

(4)

.

ورواه إسماعيل بن إبراهيم (ابن علية) عن عاصم بن المنذر عن رجل عن ابن عمر موقوفاً فقال (قلتين)

(5)

.

ورواه محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه ابن عمر مرفوعاً ولفظه «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث»

(6)

.

‌علة الوهم:

روى أبو عبيد عن هشيم ومروان بن معاوية الفزاري عن يونس بن أبي إسحاق قال: سمعت مجاهداً يقول: (إذا بلغ الماء قلتين أو ثلاثاً لم ينجسه شيء)

(7)

.

فلعل حماداً نشأ وهمه من قول مجاهد الموقوف فأدخله في الحديث المرفوع.

(1)

الدارقطني (1/ 22).

(2)

في مسنده (1954) والبيهقي في السنن الصغرى (200).

(3)

الدارقطني (1/ 22) من طريق أبي مسعود الرازي عنه وهذه خلاف الرواية الأولى التي من طريق الحسن بن محمد الصباح.

(4)

السنن الكبرى (1/ 262).

(5)

ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 729 مسند ابن عباس).

(6)

أبو داود (63)(64) والترمذي (67) والنسائي (1/ 175) وابن ماجه (517) وأحمد (2/ 26) وغيره.

(7)

الطهور (168).

ص: 552

‌أثر الوهم:

أعلّ بعض أهل العلم هذا الحديث ومن جملة ما أعلوه به هذا الاختلاف في قوله (مرتين) أو ثلاثاً

(1)

.

قال في تحفة الأحوذي (1/ 183): (وقد اعتذروا أيضاً بأن الحديث مضطرب المتن ففي بعضها قلتين وفي بعضها قلتين أو ثلاثاً

).

ثم قال: (أما رواية قلتين أو ثلاثاً فقد قال البيهقي في المعرفة قوله أو ثلاث ثلاثاً شكّ وقع لبعض الرواة اه، وهي ترجع إلى رواية قلتين التي هي خالية من الشك، والظاهر أن الشك من حماد بن سلمة فإن بعض أصحابه يروون عنه قلتين وبعضهم قلتين أو ثلاثاً، أو من عاصم بن المنذر

(2)

، فإن كل مَنْ روى هذا الحديث غيره عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر إنما رواه بلفظ قلتين بغير شك، والله تعالى أعلم.

وقال ابن القيم: العلة الثالثة اضطراب متنه فإن في بعض ألفاظه إذا كان الماء قلتين، وفي بعضها إذا بلغ الماء قدر قلتين أو ثلاث، والذين زادوا هذه اللفظة ليسوا بدون مَنْ سكت عنها.

(1)

عمدة القاري (3/ 159) والتمهيد لابن عبد البر (1/ 329) وحاشية ابن القيم على سنن أبي داود (1/ 75).

(2)

بل هو من حماد فقد رواه ابن علية كما سبق عن عاصم بدون شك.

ص: 553

‌الحديث الثامن والعشرون

(1)

:

264 -

قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (77): حدثنا حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن موسى بن طلحة، عن حمران بن أبان، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال:

أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوضوء وهو بالمقاعد لصلاة العصر فقال: «إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم صلّى الصلوات قال حماد: أحسبه قال في جماعة فأتمّ ركوعها وسجودها غفر الله ما بينهما ما لم يركب مقتلة» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

وذكره الدارقطني في العلل تعليقاً (3/ 24).

هكذا قال حماد: (عن عاصم، عن موسى بن طلحة، عن حمران بن أبان، عن عثمان).

(1)

رجال الإسناد:

عاصم بن بهدلة وهو ابن أبي النجود الأسدي، مولاهم الكوفي أبو بكر المقراء، صدوق له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين مقرون، من السادسة، مات سنة 128، روى له البخاري ومسلم.

موسى بن طلحة بن عبيد الله التميمي المدني، نزيل الكوفة، ثقة جليل، من الثانية، ويقال إنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومات سنة 103 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

حُمران بن أبان مولى عثمان بن عفان اشتراه في زمن أبي بكر الصديق، ثقة، من الثانية، مات سنة 75 وقيل غير ذلك، روى له البخاري ومسلم.

ص: 554

خالفه أبو عوانة

(1)

الوضاح بن عبد الله فرواه وقال: (عن عاصم، عن المسيب بن رافع، عن موسى بن طلحة، عن حمران عن عفان).

أسقط حماد المسيب بن رافع من الإسناد.

قال الدارقطني: ورواه عاصم بن بهدلة عن موسى بن طلحة، واختلف عنه:

فقال حماد بن سلمة: عن عاصم عن موسى بن طلحة.

وخالفه أبو عوانة فرواه عن عاصم عن المسيب بن رافع عن موسى بن طلحة عن حمران، وقول أبي عوانة أشبه بالصواب

(2)

.

وقال البزار: حدّث به حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة فلم يوصله كما وصله أبو عوانة.

(1)

أحمد (1/ 67) والبزار (428).

(2)

العلل (3/ 24).

ص: 555

‌الحديث التاسع والعشرون

(1)

:

265 -

قال الإمام أحمد (4/ 9): حدثنا بهز بن أسد، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا يعلى بن عطاء عن أوس بن أبي أوس رضي الله عنه قال:

رأيت أبي يوماً توضأ فمسح على النعلين فقلت له: أتمسح عليهما؟ فقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير الصحابي وهو أوس بن حذيفة وهو والد عمرو بن أوس وجد عثمان بن عبد الله بن أوس وهما يرويان عنه

(2)

.

وأخرجه ابن حبان (1339) والطحاوي (1/ 96) وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 29) والطبراني في الكبير (605) والدولابي في الكنى والأسماء (107) من طرق عن حماد به.

(1)

رجال الإسناد:

بهز بن أسد العمي، أبو الأسود البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات بعد عام 200 وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.

يعلى بن عطاء العامري، ويقال الليثي، الطائفي، ثقة من الرابعة، مات سنة 120 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.

أوس بن أبي أوس واسم أبي أوس حذيفة الثقفي، صحابي، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه.

(2)

وروى عنه النعمان بن سالم وعطاء والد يعلى وهو طائفي وهؤلاء الرواة كلهم طائفيون وهو غير أوس بن أوس الثقفي صحابي سكن دمشق والرواة عنه شاميون، ترجم له الحافظ في الإصابة وفرّق بينهما وأنهما اثنان، وخطأ ابن معين وأبو داود مَنْ عدهما واحداً. انظر الإصابة (1/ 143، 144، 150) وتعليق الشيخ المعلمي على الموضح للخطيب (1/ 323 - 325).

ص: 556

هكذا قال حماد (عن يعلى بن عطاء، عن أوس بن أبي أوس عن أبيه).

خالفه هشيم بن بشير

(1)

، وشعبة

(2)

، فقالا: (عن يعلى بن عطاء عن أبيه، عن أوس بن أوس رأيت النبي صلى الله عليه وسلم.

أسقط حماد عطاء العامري والد يعلى من الإسناد، وجعل الحديث من رواية أوس بن أبي أوس عن أبيه.

وجعله هشيم وشعبة من حديث أوس بن أبي أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ووصلا الإسناد فجعلاه من رواية يعلى بن عطاء عن أبيه إذ أن يعلى لم يدرك أوس بن أبي أوس.

وقد وافقهم حماد في رواية أبي داود الطيالسي عنه

(3)

، فجعله من مسند أوس إلا أنه أسقط أيضاً عطاء العامري من الإسناد.

وقد تابع شريك بن عبد الله حماد بن سلمة فرواه عن يعلى بن عطاء عن أوس بن أبي أوس عن أبيه، وشريك سياء الحفظ

(4)

.

(1)

أبو داود (160) وأحمد (4/ 8) والطبراني في الكبير (603) والحازمي في الاعتبار (ص 61) وأسلم بن سهل الواسطي في تاريخ واسط (1/ 54).

(2)

أحمد (4/ 8) وأبو نعيم في معرفة الصحابة من طريق الإمام أحمد (978) والطبراني في الكبير (607) و (608) والحازمي في الاعتبار (ص 61) وقد تصحّف من المسند (يعلى عن أبيه) إلى (يعلى بن أمية) وأشير إلى ذلك طبعة (مؤسسة الرسالة).

(3)

مسند الطيالسي (1209) ط. التركي.

(4)

أحمد (4/ 9) و (4/ 10) وابن أبي شيبة (1/ 190) والطحاوي (1/ 97) والطبراني في الكبير (606).

ص: 557

‌الحديث الثلاثون

(1)

:

266 -

قال ابن ماجه رحمه الله (1942): حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا أبي، حدثنا حماد بن سلمة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:

كان مما أنزل الله من القرآن ثم سقط: لا يحرم إلا عشر رضعات أو خمس معلومات.

‌التعليق:

هذا إسناد على شرط مسلم (من جهة عدالة الرواة).

وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (2064)(4561) من طريق حجاج بن منهال.

هكذا قال حماد: (عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة).

(1)

رجال الإسناد:

عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، أبو عبيدة، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة 252، روى له مسلم.

عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العنبري، أبو سهل البصري، صدوق، ثبت في شعبة، من التاسعة، مات سنة 207، روى له البخاري ومسلم.

عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق: تقدم.

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق: تقدم.

عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية أكثرت عن عائشة، ثقة من الثالثة، ماتت قبل المائة ويقال بعدها، روى لها البخاري ومسلم.

ص: 558

خالفه محمد بن إسحاق

(1)

فقال: (عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة).

زاد حماد عمرة في الإسناد، وقد حكم الحافظان المزي وابن حجر عليه

(2)

بالوهم وعلى رواية محمد بن إسحاق بالصواب، والله أعلم.

‌علة الوهم:

1 روى هذا الحديث عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة، عن عائشة

(3)

.

وكذلك رواه يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن عائشة

(4)

.

أما عبد الرحمن بن القاسم فإنما يرويه عن أبيه عن عائشة، وقد رواه محمد بن إسحاق ففصل الإسناد.

قال ابن ماجه: حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف، ثنا عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة عن عائشة.

وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً ولقد كان في صحيفة تحت

(1)

ابن ماجه (1944) وأبو يعلى (4588) والطبراني في الأوسط (7805) والدارقطني (4/ 178).

(2)

تحفة الأشراف (11/ 856 - 857 رقم 17911).

(3)

مسلم (1452)(24) وأبو داود (2062) والترمذي (1150) والنسائي (6/ 100) وابن ماجه (1944) كلهم عن طريق مالك وهو في الموطأ (1270).

(4)

مسلم (1452)(24).

ص: 559

سريري، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها

(1)

.

2 اختلاف الأمصار، فشيخ حماد مدني، وحماد بصري، فكانت رواية محمد بن إسحاق المدني نزيل العراق أصح من رواية حماد، والله أعلم.

(1)

ابن ماجه (1944) وفيه وهم ونكارة في متنه وسيأتي في بابه، ح (322).

ص: 560

‌الحديث الحادي والثلاثون

(1)

:

267 -

قال النسائي رحمه الله (1/ 298) ح (624):

أخبرنا أبو عاصم خُشَيش بن أصرم قال: حدثنا يحيى بن حسّان قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن نافع بن جُبَير عن أبيه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في سفر له: «مَنْ يكلؤنا الليلة لا نرقد عن صلاة الصبح؟» قال بلال: أنا، فاستقبل مطلع الشمس فضُرب على آذانهم حتى أيقظهم حر الشمس فقاموا فقال:«توضؤوا» ثم أذّن بلال فصلّى ركعتين وصلُّوا ركعتَيْ الفجر ثم صلُّوا الفجر.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير خشيش بن أصرم وهو ثقة حافظ وقد توبع، وإسناد أحمد وأبي يعلى على شرط الشيخين.

(1)

رجال الإسناد:

خشيش بن أصرم بن الأسود أبو عاصم النسائي، ثقة حافظ، من الحادية عشر، مات سنة 253، روى عنه أبو داود والنسائي.

يحيى بن حسان التنيسي، أصله من البصرة، ثقة من التاسعة، مات سنة 208، روى له البخاري ومسلم.

عمرو بن دينار المكي، ثقة ثبت، من الرابعة، مات سنة 126، روى له البخاري ومسلم.

نافع بن جبير بن مطعم النوفلي المدني، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة 99، روى له البخاري ومسلم.

جبير بن مطعم: صحابي.

ص: 561

ورواه ابن عبد البر في التمهيد (5/ 254) من طريق النسائي.

ورواه أحمد (4/ 81) من طريق عبد الصمد وعفان، وأبو يعلى (7410) من طريق عفان، والبزار (3441) من طريق عفان، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (474) من طريق هدبة بن خالد، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 41) وفي شرح مشكل الآثار (3978) من طريق أبي عامر العقدي، والطبراني في الكبير (1565) من طريق حجاج بن منهال، وابن عائشة وهدبة كلهم عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد.

هكذا قال حماد (عن عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير، عن أبيه جبير بن مطعم).

خالفه سفيان بن عيينة

(1)

فقال: (عن عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

لذا قال البزار: وهذا الحديث لا نعلم له طريقاً عن جبير بن مطعم إلا هذا الطريق، ولا نعلم أحداً رواه فسمّى من بعد نافع بن جبير إلا حماد بن سلمة.

قال حمزة بن محمد الكناني: لم يقل فيه أحد عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير عن أبيه غير حماد بن سلمة، ورواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشبه بالصواب

(2)

.

(1)

الشافعي في مسنده (1/ 367) والبيهقي في معرفة السنن والآثار (2/ 266) والبزار (3442) من طريق أحمد بن عبدة وأحمد بن أبان كلاهما عن سفيان.

(2)

تحفة الأشراف (2/ 418).

ص: 562

وقد قال سفيان بن عيينة لما ذكر له أن حماداً يرويه عن عمرو عن نافع عن أبيه أنه لم يحفظه، وذكره الحافظ ابن حجر فقال: ويوافقه ما ذكر محمد بن نصر المروزي في كتاب قيام الليل عن محمد بن يحيى الذهلي عن علي بن المديني عن سفيان بن عيينة بالسند إلى نافع بن جبير: أتى رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال علي: فقلت لسفيان: فإن حماداً يقول فيه: عن نافع بن جبير عن أبيه.

وكذا في حديث (مَنْ يكلؤنا) فقال: لم يحفظ، حدّث عمرو بن دينار هذين الحديثين عن نافع بن جبير عن رجل، قال محمد بن يحيى: ويؤيد هذا رواية ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس، قال: فصار الحديثان عن نافع بن جبير عن أبيه واهيين)

(1)

.

‌أثر الوهم:

لم يؤثر الوهم على صحة الحديث، وإنما هو انتقال من ثقة إلى ثقة، فالصحابة كلهم عدول، ولا شك أن ابن عيينة أعلم الناس بحديث عمرو بن دينار

(2)

.

(1)

ذكره ابن حجر كما في حاشية تحفة الأشراف (2/ 560).

(2)

قال سفيان: سمعت من عمرو بن دينار ما لبث نوح في قومه، وقرن طول ملازمته له، وقال أيضاً: جالست عمرو بن دينار ثنتي وعشرين سنة.

وقال أحمد بن حنبل وغيره: ليس أحد أثبت من سفيان في عمرو بن دينار.

ص: 563

‌الحديث الثاني والثلاثون

(1)

:

268 -

قال الإمام النسائي رحمه الله (6/ 170): أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا النضر بن شميل قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أنبأنا هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن عباس رضي الله عنه:

أن رجلاً قال: يا رسول الله إن تحتي امرأة لا ترد يد لامس، قال:«طلقها» قال: إني لا أصبر عنها، قال:«فأمسكها» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

وهو في الكبرى للنسائي (5339) و (5659) من هذه الطريق.

وأخرجه الرامهرمزي في المحدث الفاصل (145) من طريق أبي داود الطيالسي عن حماد بهذا الإسناد.

(1)

رجال الإسناد:

إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، أبو محمد بن راهويه المروزي، ثقة حافظ مجتهد قرين أحمد بن حنبل، مات سنة 238 وله 72 سنة، روى له البخاري ومسلم.

النضر بن شميل المازني، أبو الحسن النحوي البصري نزيل مرو، ثقة ثبت، من كبار التاسعة، مات سنة 204 وله 82 سنة، روى له البخاري ومسلم.

هارون بن رِئاب التميمي، ثقة عابد من السادسة، اختلف في سماعه من أنس، روى له مسلم.

عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي المكي، ثقة من الثالثة، استشهد غازياً سنة 113، روى له مسلم.

ص: 564

وأخرجه النسائي (6/ 67) وفي الكبرى (5340) من طريق يزيد بن هارون، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (145) من طريق عفان بن مسلم، والبيهقي (7/ 154) من طريق أبي عمر الضرير ثلاثتهم عن حماد، عن هارون وعبد الكريم بن أبي المخارق، عن عبد الله بن عبيد، عن ابن عباس.

وجاء في رواية يزيد: عبد الكريم يرفعه إلى ابن عباس وهارون لم يرفعه.

وجاء في رواية عفان بن مسلم وأبي عمر الضرير: قال حماد: أحدهما عن ابن عباس.

هكذا قال حماد: (عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عبيد، عن ابن عباس

).

خالفه سفيان بن عيينة

(1)

، ومعمر

(2)

فقالا: (عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عبيد أن رجلاً

مرسلاً لم يذكرا فيه ابن عباس.

لذا قال النسائي عقب الحديث: هذا خطأ والصواب مرسل

(3)

.

وقال في موضع آخر: هذا الحديث ليس بثابت، وعبد الكريم ليس بالقوي، وهارون بن رئاب أثبت منه وقد أرسل الحديث، وهارون

(1)

الشافعي في مسنده (1206) وفي الأم (5/ 12) والبيهقي في المعرفة (10/ 88).

(2)

عبد الرزاق في مصنفه (12365).

(3)

المجتبى (6/ 170).

ص: 565

ثقة وحديثه أوْلى بالصواب من حديث عبد الكريم

(1)

.

وقال البيهقي: رواه ابن عيينة عن هارون بن رئاب مرسلاً.

وقد سبقهما إلى ذلك يحيى بن سعيد القطان وذلك فيما أخرجه الرامهرمزي من طريق أبي حفص قال: فحدثت بهذا الحديث يحيى بن سعيد فأنكره وقال: إنما هو مرسل عن عبد الله بن عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

وقال ابن الجوزي: وقد رواه عبيد بن عمير وحسان بن عطية كلاهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وقد حمله أبو بكر الخلال على الفجور ولا يجوز هذا وإنما يحمل على تفريطها في المال لو صحّ الحديث، وقال أحمد بن حنبل: هذا الحديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له أصل

(3)

.

‌علة الوهم:

عبد الكريم بن أبي المخارق يروي هذا الحديث عن عبد الله بن عبيد، عن ابن عباس مرفوعاً.

أما هارون بن رئاب فإنما يرويه عن عبد الله بن عبيد مرسلاً لا يذكر فيه ابن عباس.

وحماد بن سلمة اشتبه عليه حديثهما:

فمرة أدخل إسناد عبد الكريم على إسناد هارون كما في رواية

(1)

المجتبى (6/ 68) والسنن الكبرى (3/ 170 - 171 ح 5340).

(2)

المحدث الفاصل (145).

(3)

الموضوعات (2/ 272).

ص: 566

النضر بن شميل وأبي داود الطيالسي.

ومرة أتقنه كما في رواية يزيد بن هارون فقال: عبد الكريم يرفعه إلى ابن عباس وهارون لم يرفعه.

وثالثة يشك فقال: أحدهما عن ابن عباس كما في رواية عفان وأبي عمر الضرير.

وهما لا يستويان فهارون ثقة، أما عبد الكريم بن أبي المخارق فضعيف قال عنه يحيى بن معين

(1)

: ليس بشيء، ونقل ابن أبي حاتم عن أحمد بن حنبل قوله فيه: ليس هو بشيء، شبه متروك، ونقل عن أبيه قول فيه ضعيف الحديث، وذكره النسائي في الضعفاء والمتروكين، وقد روي الحديث مرفوعاً من طريق عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً

(2)

.

(1)

تاريخ يحيى بن معين (681) ورواية الدارمي، والجرح والتعديل (6/ 76) والضعفاء والمتروكون (401).

(2)

أبو داود (2049).

ص: 567

‌الحديث الثالث والثلاثون

(1)

:

269 -

قال أبو داود رحمه الله (1857): حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن داود، عن الشعبي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «إن شئت فانسك نسيكة، وإن شئت فصم ثلاثة أيام، وإن شئت فأطعم ثلاثة آصع من تمر لستة مساكين» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه أحمد (4/ 243) من طريق عفان، والطبراني في الكبير 19/ (244) والبيهقي (5/ 185) من طريق عبد الواحد بن غياث، كلاهما عن حماد بهذا الإسناد.

هكذا قال حماد: (عن داود، عن الشعبي، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة).

(1)

رجال الإسناد

موسى بن إسماعيل المِنقري: أبو سلمة التبوذكي، ثقة ثبت من صغار التاسعة، مات سنة 223، روى له البخاري ومسلم.

داود بن أبي هند القشيري مولاهم أبو بكر البصري، ثقة متقن، كان لهم بأخرة، من الخامسة، مات سنة 140 وقيل قبلها، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

عامر بن شراحيل الشعبي، ثقة مشهور، فقيه فاضل، من الثالثة، مات بعد المائة وله نحو من 80 سنة، روى له البخاري ومسلم.

عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري المدني ثم الكوفي، ثقة من الثانية، مات بوقعة الجماجم سنة 83 وقيل إنه غرق، روى له البخاري ومسلم.

كعب بن عجرة: صحابي.

ص: 568

خالفه عبد الوهاب الثقفي

(1)

، ويزيد بن زريع

(2)

، وشعبة

(3)

، ومعمر

(4)

، وإسماعيل بن علية

(5)

، وابن أبي عدي

(6)

، ووهيب بن خالد

(7)

، وبشر بن المفضل

(8)

، وزهير بن إسحاق

(9)

، وخالد بن عبد الله الواسطي

(10)

، ويزيد بن هارون

(11)

.

فقالوا: (عن داود، عن الشعبي، عن كعب بن عجرة).

وكذلك رواه إبراهيم بن طهمان، عن الشعبي، عن كعب بن عجرة.

زاد حماد في الإسناد عبد الرحمن بن أبي ليلى بين الشعبي وكعب.

ولم يُتابع حماد في روايته إلا من طريق ضعيف، فقد أخرجه الطبراني

(12)

عن إدريس بن جعفر العطار البغدادي عن يزيد بن هارون عن الشعبي، عن ابن أبي ليلى، عن كعب).

إلا أن إدريس بن جعفر هذا قال عنه الدارقطني:

(1)

أبو داود (1858) وابن حزم في المحلى (7/ 210).

(2)

أبو داود (1858) والطبري في تفسيره (2/ 238 رقم 3339).

(3)

الطبراني في الكبير 19/ (249).

(4)

الطبراني 19/ (248).

(5)

أحمد (4/ 243).

(6)

أحمد (4/ 243).

(7)

الطبراني 19/ (245).

(8)

الطبراني 19/ (246).

(9)

الطبراني 19/ (247).

(10)

الطبري في تفسيره (3348).

(11)

الدارقطني (2/ 299).

(12)

المعجم الكبير (19/ 243).

ص: 569

متروك، وقال الخطيب: حدّث عن شجاع بن الوليد خمسة أحاديث ولا يعرف أصحابنا البغداديون له شيئاً مسنداً سوى هذه الأحاديث

(1)

.

وقد خالفه أحمد بن سنان

(2)

، فرواه عن يزيد بن هارون عن داود عن عامر عن كعب فوافق رواية الجماعة.

‌علة الوهم:

روى هذا الحديث جماعة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة، منهم:

مجاهد بن جبر

(3)

، والحكم بن عتيبة

(4)

، وأبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي

(5)

.

‌أثر الوهم:

داود بن أبي هند يروي هذا الحديث عن الشعبي عن كعب بن عجرة كما جاء في رواية أحد عشر راوياً عنه، وهذا إسناد منقطع، الشعبي لم يسمع من كعب بن عجرة، فقد سئل يحيى بن معين هل سمع الشعبي من كعب بن عجرة؟ فقال: سمع من عبد الرحمن بن أبي

(1)

أسئلة الحاكم (66) وتاريخ بغداد (7/ 13) وضعفاء ابن الجوزي (1/ 93) وتراجم شيوخ الدارقطني (ص 200).

(2)

الدارقطني (2/ 299).

(3)

البخاري (1814)(1815)(1817)(1818) ومسلم (1201).

(4)

أبو داود (1860) والطبراني (19/ 257، 258) والبيهقي (5/ 55).

(5)

مسلم (1201)(84) وأحمد (4/ 542).

ص: 570

ليلى، عن كعب بن عجرة

(1)

. وقال ابن حزم: لم يسمع الشعبي من كعب بن عجرة

(2)

.

فالحديث بهذا السند ضعيف لانقطاعه.

أما حماد فقد زاد في الإسناد عبد الرحمن بن أبي ليلى بين الشعبي لم يسمع من كعب بن عجرة، فالحديث من طريقه إسناده على شرط مسلم إن خلا من الوهم وقد علمت ما فيه، والله تعالى أعلم.

(1)

تاريخ ابن معين (2561) برواية الدوري.

(2)

المحلى (7/ 210).

ص: 571

‌الحديث الرابع والثلاثون

(1)

:

270 -

قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 211): حدثنا محمد بن خُزيمة قال: ثنا حجّاج قال: ثنا حمّاد عن هشام عن أبيه أن مروان كان يقرأ في المغرب بسورة يس، قال عروة: قال زيد بن ثابت أو أبو زيد الأنصاري شكّ هشام لمروان وقال: لم تُقَصِّر صلاة المغرب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بأطوال (بأطول) الطولَيَيْن الأعراف.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير ابن خزيمة صاحب الصحيح وهو إمام ثقة، إلا أن حماداً وهم في إسناده ومتنه.

أولاً: في الإسناد:

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكير، ولد سنة 223 نعته الذهبي فقال: الحافظ الحجة الفقيه شيخ الإسلام إمام الأئمة أبو بكر السلمي النيسابوري الشافعي صاحب التصانيف يضرب به المثل في سعة العلم والإتقان. السير (14/ 365).

حجاج بن المنهال: تقدم انظر ح (6).

هشام بن عروة: تقدم.

عروة بن الزبير بن العوام، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 94 ومولده في خلافة عثمان، روى له البخاري ومسلم.

زيد بن ثابت، صحابي مشهور كتب الوحي وكان من الراسخين في العلم وخطباء الصحيحين.

عمرو بن أخطب أبو زيد الأنصاري، صحابي جليل نزل البصرة، مشهور بكنيته، وحديثه عند مسلم.

ص: 572

هكذا قال حماد (عن هشام، عن أبيه، عن زيد بن ثابت، أو أبو زيد الأنصاري).

خالفه وكيع

(1)

، ويحيى بن سعيد القطان

(2)

، وشعيب بن إسحاق

(3)

، وأبو معاوية الضرير

(4)

، وعبدة بن سليمان

(5)

، ومحمد بن بشر

(6)

، وعقبة بن خالد

(7)

، ومحاضر بن المورع

(8)

، والليث بن سعد

(9)

، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي

(10)

، وأبو أسامة حماد بن أسامة

(11)

فقالوا: (عن هشام، عن أبيه، عن أبي أيوب أو زيد بن ثابت، وبعضهم قال عن زيد وحده وهو الصحيح وهشام كان يشك فيه.

وكذلك رواه ابن أبي مليكة عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصار وقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بطولي الطوليين.

(1)

أحمد (5/ 418) وابن خزيمة (518) وابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 269) وفي مسنده (143) ووقع فيه (وزيد) والصحيح (أو زيد) والطبراني في الكبير (4823).

(2)

أحمد (5/ 185).

(3)

ابن خزيمة (518).

(4)

الطبراني (3893).

(5)

ابن أبي شيبة (1/ 269) وفي مسنده (143) والدارقطني في العلل (6/ 127).

(6)

الدارقطني في العلل (6/ 127).

(7)

الطبراني في الكبير (3892)(4824).

(8)

ابن خزيمة (517) والحاكم (1/ 237).

(9)

الطبراني في الكبير (4825).

(10)

الترمذي في العلل الكبير (108).

(11)

ابن خزيمة (518).

ص: 573

أخرجه البخاري في صحيحه

(1)

، وزاد أبو داود قلت: ما طولى الطوليين؟ قال: الأعراف والأخرى الأنعام.

والصحيح في حديث هشام (أبو أيوب أو زيد) والشك فيه من هشام، لذا لما أورد ابن خزيمة من طريق محاضر عن هشام عن أبيه عن زيد بن ثابت. قال ابن خزيمة: لا أعلم أحداً تابع محاضر بن المورع في هذا الإسناد. قال أصحاب هشام في هذا الإسناد عن زيد بن ثابت أو عن أبي أيوب، شكّ هشام.

والصحيح كما رواه ابن أبي مليكة عن عروة بن الزبير والد هشام أنه عن زيد بن ثابت وسيأتي بيانه في باب شعيب بن أبي حمزة فانظره، ح رقم (653).

ثانياً: في المتن:

قوله إن مروان كان يقرأ في المغرب بسورة يس، والصحيح أنه كان يقرأ فيها بقصار المفصل

(2)

.

‌علة الوهم:

روى ابن أبي شيبة من طريقين

(3)

عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قرأ في المغرب ب (يس) فلعله من هنا دخل الوهم على حماد في ذكر يس في صلاة المغرب، والله تعالى أعلم.

(1)

البخاري (764) وأبو داود (812).

(2)

انظر النسائي (2/ 169) وفتح الباري لابن حجر (2/ 247) وفتح الباري لابن رجب (4/ 427).

(3)

في المصنف (3599)(3600).

ص: 574

‌أثر الوهم:

جاء في حديث حماد عن عروة عن زيد أو أبو زيد الأنصاري، وليس لعروة رواية عن أبي زيد الأنصاري في الكتب الستة كما في التهذيب، وتحفة الأشراف (7/ 324 - 326)، والله تعالى أعلم.

ص: 575

‌الحديث الخامس والثلاثون

(1)

:

271 -

قال الإمام الترمذي رحمه الله (3119): حدثنا عبد بن حُمَيد حدثنا أبو الوليد حدثنا حماد بن سلمة عن شُعَيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك قال:

أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع عليه رُطَب فقال: { .. مَثَلًا كَلِمَةً طِيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)} {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا

(25)} قال: هي النخلة، {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)} قال: هي الحنظل، قال: فأخبَرْتُ بذلك أبا العالية فقال: صدق وأحسن.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه النسائي في الكبرى (1198) وأبو يعلى (4165) وابن حبان (475) والطبري في تفسيره (13/ 638، 654) وابن أبي حاتم في تفسيره (7/ 2242) والحاكم في المستدرك (2/ 352) كلهم من طرق عن

(1)

رجال الإسناد

عبد بن حميد، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة 249، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

أبو الوليد الطيالسي، هشام بن عبد الملك البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 227 وله 92 سنة، روى له البخاري ومسلم.

شعيب بن الحبحاب الأزدي مولاهم، أبو صالح البصري، ثقة من الرابعة، مات سنة 131 أو قبلها، روى له البخاري ومسلم.

ص: 576

حماد بن سلمة، ورواية النسائي والحاكم مقتصرة على الشطر الأول وابن أبي حاتم على الشطر الثاني.

هكذا قال حماد (عن شعيب، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه أبو بكر بن شعيب

(1)

، وحماد بن زيد

(2)

، وإسماعيل بن علية

(3)

، ومعمر بن راشد

(4)

، ومهدي بن ميمون

(5)

فقالوا: (عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس) موقوفاً، ولم يرفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

بل إن حماد بن سلمة نفسه قد رواه أيضاً موقوفاً.

ورواه حجاج بن منهال عن حماد

(6)

، وكذلك رواه شعبة عن معاوية بن قرة عن أنس موقوفاً

(7)

.

لذا قال الترمذي عقب حديث أبي بكر بن شعيب عن أبيه عن أنس موقوفاً قال: وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة، وروى غير واحد مثل هذا موقوفاً، ولا نعلم أحداً رفعه غير حماد بن سلمة، ورواه معمر وحماد بن زيد وغير واحد، ولم يرفعوه.

(1)

الترمذي عقب الحديث (3119).

(2)

المصدر السابق.

(3)

الطبري في تفسيره (13/ 637).

(4)

عبد الرزاق في تفسيره (2/ 342) والطبري (13/ 641) مقتصراً على الشطر الأول، وذكره الترمذي تعليقاً.

(5)

الطبري في تفسيره (13/ 638).

(6)

الطبري (13/ 638).

(7)

الطبري (13/ 637) والبغوي في الجعديات (111).

ص: 577

‌علة الوهم:

روي الشطر الأول من الحديث مرفوعاً إلا أنه من طريق مجاهد عن ابن عمر وهو ما رواه أحمد قال: حدثنا حجاج، حدثنا شريك، عن سلمة بن كهيل عن مجاهد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: { .. كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ

(24)} قال: هي التي لا تنفض ورقها، وظننت أنها النخلة

(1)

.

(1)

المسند (2/ 91) قال الهيثمي في المجمع (7/ 44): رجاله ثقات، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح، وجوّد السيوطي إسناده في الدر المنثور (8/ 513) وعزاه كذلك إلى ابن مردويه.

وأصل حديث ابن عمر في الصحيحين البخاري (72) ومسلم (2811) وليس فيه ذكر الآية أو الشجرة الطيبة.

ص: 578

‌الحديث السادس والثلاثون

(1)

:

272 -

قال النسائي في السنن الكبرى (8744): أخبرنا إبراهيم بن يعقوب قال: حدثنا الحجاج قال: حدثنا حماد بن سلمة عن يونس عن الحسن عن أبي بكرة قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قتل نفساً معاهدة بغير حقها لم يجد رائحة الجنة وإن ريحها لتوجد من مسيرة خمسمائة عام» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير إبراهيم بن يعقوب وهو ثقة حافظ وقد توبع.

وأخرجه ابن حبان في صحيحه (4881) من طريق أحمد بن يحيى بن حميد الطويل، والحاكم (1/ 44) من طريق موسى بن إسماعيل كلاهما عن حماد بهذا الإسناد. وذكره البخاري في التاريخ الكبير تعليقاً (1/ 428)، وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي.

هكذا قال حماد (عن يونس، عن الحسن، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

رجال الإسناد:

إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني نزيل دمشق، ثقة حافظ، رمي بالنصب، من الحادية عشرة، مات سنة 259، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.

حجاج بن محمد المصيصي الأعور: تقدم.

يونس بن عبيد بن دينار العبدي أبو عبيد البصري، ثقة ثبت فاضل ورع، من الخامسة، مات سنة 139، روى له البخاري ومسلم.

الحسن بن أبي الحسن البصري، تقدم.

ص: 579

خالفه إسماعيل بن إبراهيم (ابن علية)

(1)

، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى

(2)

، ويزيد بن زريع

(3)

، وسفيان الثوري

(4)

، وخالد بن عبد الله الواسطي

(5)

فقالوا: (عن يونس، عن الحكم بن الأعرج

(6)

، عن الأشعث بن ثرملة

(7)

عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك رواه علي بن المبارك

(8)

عن جميل أبي المغيرة العجلي، عن الأشعث بن ثُرملة، عن أبي بكرة مرفوعاً.

لذا صحح الأئمة البخاري والنسائي وأبو علي الحسين بن علي النيسابوري حديث الجماعة عن يونس، ورأوا أنه أصح من حديث حماد.

قال النسائي عقب الحديث: هذا خطأ والصواب حديث ابن علية، وابن علية أثبت من حماد بن سلمة والله أعلم، وحماد بن زيد أثبت من حماد بن سلمة.

(1)

النسائي (8/ 25) وفي الكبرى (6950) و (8743) وأحمد (5/ 38).

(2)

ابن أبي عاصم في الديات (1/ 46) وابن خزيمة في التوحيد (580) والحاكم (1/ 44).

(3)

البزار (3696) وابن أبي عاصم (1/ 47) وابن حبان (4882).

(4)

أحمد (5/ 36)(5/ 52) وابن أبي شيبة (27945) والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 428) والبيهقي (9/ 205).

(5)

الذهبي في سير أعلام النبلاء (6/ 296).

(6)

الحكم بن عبد الله بن إسحاق بن الأعرج البصري، ثقة ربما وهم، من الثالثة، روى له مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي.

(7)

الأشعث بن ثُرملة، ثقة من الثالثة، روى له النسائي.

(8)

الدولابي في الكنى والأسماء (3/ 1051 رقم 1852).

ص: 580

وقال البخاري في التاريخ الكبير: «أشعث بن ثرملة عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قتل معاهداً في غير كنهه لم يجد رائحة الجنة» .

قال لنا قبيصة عن سفيان عن يونس عن الحكم بن الأعرج عن الأشعث.

وقال حماد عن يونس عن الحسن عن أبي بكرة، والأول أصح»

(1)

.

وقال الحاكم: قد كان شيخنا أبو علي الحافظ يحكم بحديث يونس بن عبيد عن الحكم بن الأعرج.

ثم قال مصححاً الروايتين: والذي يسكن إليه القلب أن هذا إسناد وذاك إسناد آخر لا يعلل أحدهما الآخر، فإن حماد بن سلمة إمام، وقد تابعه عليه أيضاً شريك بن الحطاب وهو شيخ من أهل الأهواز، والله أعلم

(2)

.

قلت: حديث شريك بن الحطاب أخرجه الحاكم عقب حديث حماد شاهداً له.

وتعقبه الذهبي بقوله: علته حديث عبد الله بن عبد الأعلى ثنا يونس بن عبيد عن الحكم بن الأعرج عن الأشعث بن ثرملة عن أبي بكرة

(3)

.

(1)

التاريخ الكبير (1/ 428).

(2)

المستدرك (1/ 45).

(3)

التلخيص مطبوع في حاشية المستدرك (1/ 44) مع أنه وافق الحاكم في حكمه على حديث حماد بن سلمة أنه على شرط مسلم وهو يشارك حديث شريك في العلة.

ص: 581

قلت: لكن الذي يشهد لحماد بن سلمة أنه تابعه حماد بن زيد وذلك ما رواه ابن حبان في صحيحه (7382) عن الفضل بن الحباب قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي قال: حدثنا حماد بن زيد، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي بكرة، فذكره.

وهذا إسناد على شرط البخاري.

فسلم حماد بن سلمة من الوهم إلا أن يكون الوهم من أحد رجال الإسناد فقال حماد بن زيد بدلاً من حماد بن سلمة، خاصة أن النسائي يستدل من كلامه أن حماد بن زيد خالف حماد بن سلمة، والله تعالى أعلم.

ص: 582

‌الخاتمة

وهم شيخ الإسلام الإمام العابد الزاهد الورع الثقة حماد بن سلمة فيما وقفنا عليه في ست وثلاثين حديثاً:

1 حديثان منها في صحيح مسلم (1، 2) من حديث ثابت البناني وهو أثبت الناس فيه باتفاق، وهي أسماء وردت في متن الحديث ولا تقدح في إسناده ولا متنه.

2 سبعة أحاديث شاركه في روايتها حماد بن زيد، كان القول فيها قول حماد بن زيد

(1)

.

وسيأتي في باب حماد بن زيد سبعة أحاديث وهم فيها شاركه حماد بن سلمة في أربع منها وكان القول فيها لحماد بن سلمة.

3 ثمانية أحاديث شاركه فيها ابن عيينة كان القول فيها لسفيان

(2)

وسبعة أحاديث لمعمر

(3)

.

4 أحد عشرة حديثاً كان وهم حماد فيها في المتن

(4)

، بعضها أسماء وردت في المتن

(5)

وهي لا تضر ولا تغير حكماً، والباقي في الإسناد أكثرها كان بإسقاط بعض الرواة، والله تعالى أعلم.

(1)

وهي بالأرقام (5، 7، 8، 16، 22، 24، 35).

(2)

وهي (8، 9، 11، 12، 15، 24، 32، 31).

(3)

وهي بالأرقام (5، 7، 8، 10، 26، 32، 33، 35).

(4)

بالأرقام (1، 2، 3، 4، 6، 10، 18، 19، 22، 27، 34).

(5)

منها (1، 2، 3، 10).

ص: 583

‌ملخص أوهام حماد بن سلمة

رقم الحديث

شيخه

مصره

الوهم

الصحيح

1

ثابت البناني

البصرة

سعد بن معاذ

سعد بن عبادة

2

ثابت البناني

البصرة

أخت الربيع أم الربيع

الربيع أخوها أنس بن النضر

3

ثابت البناني

البصرة

رقية

أم كلثوم

4

أيوب

البصرة

إن بلالاً أذّن قبل طلوع الفجر فأمره النبي

إن بلالاً يؤذن بليل

5

أيوب

البصرة

عبدالله بن يزيد الخطمي عن عائشة

أيوب عن أبي قلابة

6

أيوب

البصرة

يؤم القوم أكبرهم سناً

إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما وليؤمكما أكبركما، وكانا متقاربين في القراءة

7

أيوب

البصرة

أبو قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن أبي ثعلبة

أبو قلابة عن أبي ثعلبة

8

أيوب

البصرة

عبدالله بن يزيد الخطمي

عبدالله بن يزيد رضيع عائشة (وهو غير الخطمي)

9

أيوب

البصرة

عروة عن عمرو بن أبي سلمة

عروة عن زينب بنت أم سلمة

ص: 584

رقم الحديث

شيخه

مصره

الوهم

الصحيح

10

هشام

البصرة

هل لك في درة بنت أبي سفيان يخطب زينب بنت أم سلمة

هل لك في عزة بنت أبي سفيان درة بنت أم سلمة

11

عطاء بن السائب

الكوفة

حفص بن عبدالله

عبدالله بن حفص

12

محمد بن عمرو

المدينة

محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم

محمد بن عمرو عن أبيه

13

سعيد الجريري

البصرة

أبو العلاء عن شداد بن أوس

أبو العلاء، عن رجل، عن شداد

14

حجاج بن أرطأة

الكوفة

محمد بن سهل عن أبيه

محمد بن سليمان، عن سهل بن أبي حثمة

15

عبدالرحمن بن القاسم

المدينة

القاسم عن سهلة

القاسم عن عائشة جاءت سهلة

16

المعلى

البصرة

المعلى عن أبي الصديق الناجي

المعلى، عن العلاء بن بشير عن أبي الصديق (أدخل إسناداً في إسناد)

17

سهيل بن أبي صالح

المدينة

سعيد بن يسار عن أبي طلحة

سعيد بن يسار عن زيد بن خالد عن أبي طلحة

18

سهيل بن أبي صالح

المدينة

وإليك المصير

وإليك النشور

19

أبو الزبير

مكة

إلا كلب صيد

بدون استثناء

20

إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة

المدينة

علي بن يحيى بن خلاد عن عمه

علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه عن عمه

21

إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة

المدينة

فقال عمر

فقال أبو بكر

ص: 585

رقم الحديث

شيخه

مصره

الوهم

الصحيح

22

عبدالله بن عمر

المدينة

عليكم بالسواك فإنه مطهرة للفم

لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة

23

ابن أبي عتيق

المدينة

عن أبي بكر الصديق

عن عائشة

24

يحيى بن سعيد

المدينة

مالك بن بحينة

عبدالله بن مالك بن بحينة

25

قتادة

البصرة

معاذة عن عائشة

صفية بنت شيبة عن عائشة

26

قتادة

البصرة

الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم

الحسن موقوفاً

27

عاصم بن المنذر

المدينة

الماء قلتين أو ثلاث لم ينجسه شيء

الماء قلتين لم ينجسه شيء

28

عاصم بن بهدلة

الكوفة

عاصم بن موسى بن طلحة

عاصم، عن المسيب بن رافع عن موسى بن طلحة

29

يعلى بن عطاء

-

يعلى عن أوس

يعلى عن أبيه عن أوس

30

عبدالرحمن ابن القاسم

المدينة

القاسم عن عمرة عن عائشة

القاسم عن عائشة

31

عمرو بن دينار

مكة

نافع بن جبير عن أبيه

نافع بن جبير عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

32

هارون بن رئاب

مكة

عبدالله بن عبيد عن ابن عباس

عبدالله بن عبيد مرسلاً

33

داود بن أبي هند

البصرة

الشعبي عن ابن أبي ليلى عن كعب

الشعبي عن كعب

34

هشام بن عروة

المدينة/ البصرة

1) أو أبو زيد

2) بسورة يس

أو أبو أيوب بقصار المفصل

35

شعيب بن الحبحاب

البصرة

عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم

عن أنس موقوفاً

36

يونس بن عبيد

البصرة

الحسن عن أبي بكرة

الحكم، عن الأشعث، عن أبي بكرة

ص: 586

‌حماد بن زيد

(1)

‌اسمه ونسبه:

حماد بن زيد بن درهم العلامة الحافظ الثبت محدث الوقت أبو إسماعيل الأزدي مولى آل جرير بن حازم البصري أحد الأعلام أصله من سجستان سبي جده درهم منها. كان ضريراً وكان يحفظ حديثه كله، عده ابن سعد في الطبقة السادسة قال: وكان عثمانياً وكان ثقة ثبتاً حجة كثير الحديث، قال: مات حازم أبو جرير بن حازم وزيد أبو حماد بن زيد مملوك له فأعتقه يزيد وجرير ابنا حازم.

ولد سنة ثمان وتسعين في آخر عهد سليمان بن عبد الملك وتوفي يوم الجمعة العاشر من رمضان سنة 179 وهو ابن 81 سنة.

‌ثناء أهل العلم:

قال عبد الرحمن بن مهدي: لم أرَ أحداً قط أعلم بالسنّة ولا

(1)

الجرح والتعديل (1/ 176 - 183) وتهذيب الكمال (7/ 39 وما بعده)، تهذيب التهذيب (3/ 9 وما بعده)، الطبقات الكبرى (7/ 286) وسير أعلام النبلاء (7/ 456 وما بعده) والوافي بالوفيات (13/ 90).

ص: 587

بالحديث الذي يدخل في السنّة من حماد بن زيد.

وقال أيضاً: ما رأيت أحداً لم يكتب الحديث أحفظ من حماد بن زيد ولم يكن عنده كتاب إلا جزء ليحيى بن سعيد وكان يختلط فيه.

وقيل لوكيع: حماد بن زيد أحفظ أو حماد بن سلمة؟ فقال: حماد بن زيد ما كنا نشبه حماد بن زيد إلا بمسعر.

وقال حماد بن زيد: جالست أيوب عشرين سنة.

وقال أحمد بن حنبل: حماد بن زيد أحب إلينا من عبد الوارث، حماد بن زيد من أئمة المسلمين من أهل الدين والإسلام وهو أحب إليّ من حماد بن سلمة.

وقال يحيى بن معين: حماد بن زيد أثبت من عبد الوارث وابن علية.

وقال عمر الأخرم: حضرت سفيان يعني الثوري وقيل له مات شعبة فاسترجع وترحم عليه ثم قال: مَنْ رجل أهل البصرة؟ فجعلوا يقولون: حماد بن زيد وفلان وفلان، فقال سفيان: رجل أهل البصرة ذاك الأزرق يعني حماد بن زيد.

وقال أبو زرعة: وسئل عن حماد بن زيد وحماد بن سلمة؟ فقال: حماد بن زيد أثبت من حماد بن سلمة وأصح حديثاً وأتقن.

‌حفظه:

قال عبد الرحمن بن مهدي: ما رأيت أحداً لم يكتب الحديث أحفظ من حماد بن زيد.

ص: 588

وقال سليمان بن حرب: سمعت حماد بن زيد يحدّث بالحديث فيقول: سمعته منذ خمسين سنة ولم أحدّث به قبل اليوم. ولم يكن له كتاب إلا كتاب يحيى بن سعيد الأنصاري.

ص: 589

‌الحديث الأول

(1)

:

273 -

قال الإمام مسلم رحمه الله (4/ 1889 ح 2438): حدثنا خَلَف بن هشام وأبو الربيع جميعاً عن حماد بن زيد واللفظ لأبي الربيع حدثنا حَمَّاد حدثنا هشام عن عائشة أنها قالت:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُريتكِ في المنام ثلاث ليال جاءني بكِ الملَك في سَرَقَةٍ من حرير فيقول هذه امرأتك فأكشف عن وجهك فإذا أنت هي فأقول إن يك هذا من عند الله يُمْضِهِ» .

(1)

رجال الإسناد:

خلف بن هشام بن ثعلب المقراء البغدادي، ثقة، من العاشرة، مات سنة 299، روى له مسلم.

أبو الربيع الزهراني: سليمان بن داود العتكي البصري، نزيل بغداد، ثقة لم يتكلم فيه أحد بحجة، من العاشرة، مات سنة 234، روى له البخاري ومسلم.

هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، ثقة فقيه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة 145 أو 146، روى له البخاري ومسلم.

عروة بن الزبير بن العوام، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 94 على الصحيح، ومولده في أوائل خلافة عثمان، روى له البخاري.

ص: 590

‌التعليق:

هذا حديث متفق عليه.

وأخرجه البخاري (5125) من طريق مسدد، وأبو يعلى (4498) من طريق أبي الربيع، وحنبل بن إسحاق في كتاب الفتن (76) والبيهقي (7/ 85) من طريق مسدد، والطبراني في المعجم الكبير 23/ (41) من طريق عارم، كلهم عن حماد بن زيد به.

ولم يذكر البخاري كلمة (ثلاث ليال) من متن الحديث.

هكذا قال حماد بن زيد عن هشام، عن أبيه، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم «أريتك في المنام ثلاث ليال .. » .

خالفه جماعة من أصحاب هشام فرووه عنه بهذا الإسناد فقالوا: (مرتين) منهم:

أبو أسامة حماد بن أسامة

(1)

، ووهيب بن خالد

(2)

، وأبو معاوية محمد بن خازم

(3)

، وحديثهم عند البخاري، وتابعهم الإمام مالك بن أنس

(4)

، وعبد الله بن إدريس

(5)

، وعبد العزيز بن المختار

(6)

، ويونس بن بكير

(7)

، وحماد بن سلمة

(8)

، وخارجة بن مصعب

(9)

.

(1)

البخاري (5078)(7011).

(2)

البخاري (3895).

(3)

البخاري (7012).

(4)

الطبراني في الكبير 23/ (43).

(5)

أحمد (6/ 41) وفي فضائل الصحابة (1638) ومسلم (2438) ولم يسق لفظه بل أحال على حديث حماد بن زيد.

(6)

ابن سعد في الطبقات (8/ 64) وأبو عوانة (4277).

(7)

محمد بن إسحاق في السيرة (364) والبيهقي في دلائل النبوة (2/ 410).

(8)

الطبراني 23/ (41) والآجري في الشريعة (1875).

(9)

الخطيب في تاريخ بغداد (5/ 427).

ص: 591

ورواية أبي معاوية وحماد بن سلمة مفصلة.

ففي رواية أبي معاوية التي عند البخاري قال: «أريتك قبل أن أتزوجك مرتين: رأيت الملك يحملك في سرقة من حرير فقلت له: إكشف، فكشف فإذا هي أنت، فقلت: إن يكن هذا من عند الله يمضه، ثم أريتك يحملك في سرقة من حرير فقلت: إكشف، فكشف فإذا هي أنت فقلت: إن يك هذا من عند الله يمضه» .

ورواية حماد بن سلمة كذلك إلا أنه لم يقل (مرتين) وذكر روايته بمثل رواية أبي معاوية وزاد فيه أن ذلك بعد وفاة خديجة.

هكذا رواه عنه حجاج بن منهال.

ورواه عنه حوثرة بن أشرس على الشك فقال (مرتين أو ثلاثاً)

(1)

وحوثرة بن أشرس ليس من رجال التهذيب، وذكره ابن حبان في الثقات، روى عنه مسلم في العلل وأبو يعلى وعبد الله بن أحمد. وقد أشار وهم حماد الحافظ فقال: «ووقع في هذه الطريق عند مسلم والإسماعيلي بعد قوله المنام (ثلاث ليال) فلعل البخاري حذفها لأن الأكثر رووه بلفظ مرتين

فاقتصر البخاري على المحقق وهو قوله (مرتين) وتأكد ذلك برواية أبي معاوية المفسرة وحذف لفظ ثلاث من رواية حماد بن زيد لأن أصل الحديث ثابت»

(2)

.

وقد رواه عبد الله بن عمر القواريري

(3)

عن حماد بن زيد بهذا

(1)

أبو يعلى (4600).

(2)

فتح الباري (12/ 400).

(3)

عبد الله بن عمر بن ميسرة القواريري، ثقة ثبت، روى له البخاري ومسلم.

ص: 592

الإسناد فقال: «إني رأيتك قبل أن أتزوجك مرتين

»

(1)

فوافق رواية الجماعة.

ورواه عنه سليمان بن حرب فلم يذكر عدداً

(2)

.

ولا شك في تقديم رواية الجماعة ولم يختلف عليهم على رواية حماد بن زيد وقد اختلف عليه فيه مما يدل على عدم ضبطه للعدد لذا ذكر الإمام البخاري حديث الجماعة في أربعة مواضع بذكر (مرتين) وذكر حديث حماد في موضع واحد وحذف منه الوهم وهو قوله (ثلاث ليال) أما الإمام مسلم رحمه الله فلم يرَ بذلك بأساً لأن العدد غير ذي بال ولا يغير أصل الحديث، ويؤخذ عليه أنه أحال حديث أبي أسامة وعبد الله بن إدريس على حديث حماد بن زيد وهما يخالفانه في العدد، والله تعالى أعلم.

(1)

اللالكائي في اعتقاد أهل السنة (2749).

(2)

حنبل بن إسحاق في كتاب الفتن (76) ومن طريقه ابن السماك في فوائده (1/ 11).

ص: 593

‌الحديث الثاني

(1)

:

274 -

قال ابن خزيمة رحمه الله (38): حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، أخبرنا حماد يعني ابن زيد، عن هشام بن عروة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنه:

أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل عظماً أو قال لحماً، ثم صلّى ولم يتوضأ.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن عبدة من رجال مسلم.

هكذا قال حماد (عن هشام بن عروة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ابن عباس).

خالفه جماعة من أصحاب هشام فقالوا:

(عن هشام، عن وهب بن كيسان، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ابن عباس) منهم:

يحيى بن سعيد القطان

(2)

، وعبدة بن سليمان

(3)

، ووهيب بن

(1)

رجال الإسناد:

أحمد بن عبدة بن موسى الضبي، أبو عبد الله البصري، ثقة رمي بالنصب، من العاشرة، مات سنة 245، روى له مسلم.

هشام بن عروة: تقدم.

محمد بن عمرو بن عطاء القرشي العامري المدني، ثقة من الثالثة، مات في صدر العشرين، روى له البخاري ومسلم.

(2)

مسلم (354) وابن خزيمة (39) و (40) وأحمد (1/ 227) وابن الجارود (22) وغيرهم.

(3)

ابن خزيمة تعليقاً (38).

ص: 594

خالد

(1)

، وحماد بن سلمة

(2)

، وجرير بن عبد الحميد

(3)

، وعمر بن علي المقدمي

(4)

، وداود بن عبد الرحمن العطار

(5)

، وإسماعيل بن عياش

(6)

، وأنس بن عياض

(7)

، وشعيب بن إسحاق

(8)

.

وكذلك رواه إسماعيل بن إبراهيم (ابن علية) عن أيوب عن وهب بن كيسان به

(9)

.

أسقط حماد بن زيد وهب بن كيسان من الإسناد.

لذا قال ابن خزيمة عقب الحديث: خبر حماد بن زيد غير متصل الإسناد، غلطنا في إخراجه فإن بين هشام بن عروة وبين محمد بن عمرو بن عطاء وهب بن كيسان، وكذلك رواه يحيى بن سعيد القطان وعبدة بن سليمان

(10)

.

(1)

أحمد (1/ 254)(1/ 281) والطبراني في الكبير (10789).

(2)

الطحاوي (1/ 64).

(3)

الطبراني (10789).

(4)

المصدر السابق.

(5)

المصدر السابق.

(6)

المصدر السابق.

(7)

أبو عوانة (761).

(8)

ابن حبان (1153).

(9)

ابن حبان (1131) وابن أبي شيبة (1/ 47) والطبراني (10790).

(10)

صحيح ابن خزيمة (1/ 26).

ص: 595

‌الحديث الثالث

(1)

:

275 -

قال الإمام النسائي رحمه الله (4/ 125 - 126): أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثني حفص بن عمر بن الحرث قال: حدثنا حماد قال: حدثنا معمر والنعمان بن راشد عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت:

ما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لعنة تذكر، كان إذا كان قريب عهد بجبريل عليه السلام يدارسه كان أجود بالخير من الريح المرسلة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، ومحمد بن إسماعيل البخاري هو الإمام صاحب الصحيح.

وأخرجه النسائي أيضاً في الكبرى (2406) عن محمد بن إسماعيل به.

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي، أبو عبد الله البخاري، جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث، من الحادية عشرة، مات سنة 256 في شوال وله 62 سنة، روى له الترمذي والنسائي.

حفص بن عمر بن الحارث بن سخبرة الأزدي النمري، أبو عمر الحوضي وهو بها أشهر، ثقة ثبت، عيب بأخذ الأجرة على الحديث، من كبار العاشرة، مات سنة 125، روى له البخاري.

معمر بن راشد الأزدي، ثقة ثبت فاضل. انظر ترجمته في بابه.

النعمان بن راشد الجزري، مولى بني أمية، صدوق سيء الحفظ، من السادسة، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

الزهري: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه. انظر ترجمته في بابه.

ص: 596

وأخرجه الإمام أحمد (6/ 130) مطولاً من طريق عفان قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: حدثنا معمر ونعمان أو أحدهما عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت:(ما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً من لعنة تذكر ولا انتقم لنفسه شيئاً يؤتى إليه إلا أن تنتهك حرمات الله عز وجل، ولا ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يضرب بها في سبيل الله، ولا سئل شيئاً قط فمنعه إلا أن يُسأل مأثماً فإنه كان أبعد الناس منه، ولا خيِّر بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما، وكان إذا كان حديث عهد بجبريل عليه السلام يدارسه كان أجود بالخير من الريح المرسلة).

ورواه الحاكم (2/ 613 - 614) بمثله مطولاً من طريق عارم بن الفضل عن حماد بن زيد، عن أيوب ومعمر والنعمان بن راشد زاد فيه أيوب

(1)

.

ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (1/ 367) من طريق عفان بن مسلم وسعيد بن سليمان عن حماد بن زيد عن معمر بن راشد ونعمان، قال عفان أو أحدهما: عن الزهري به.

وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (4/ 25) من طريق عارم عن حماد عن أيوب ومعمر والنعمان عن الزهري.

وأخرجه النسائي (4/ 125 - 126) وفي الكبرى (2406) من طريق حفص بن عمر بن الحارث، وابن سعد في الطبقات الكبرى (1/ 367) من طريق عفان، وسعيد بن سليمان، والحاكم في المستدرك

(1)

وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، ومن حديث أيوب السختياني غريب جداً، فقد رواه سليمان بن حرب وغيره عن حماد ولم يذكروا أيوب، وعارم ثقة مأمون. وقال الذهبي: (على شرط البخاري ومسلم).

ص: 597

(2/ 613) من طريق عارم بن الفضل ثلاثتهم عن حماد بن زيد به ورواية بعضهم مختصرة.

هكذا روى حماد بن زيد عن معمر ونعمان، عن الزهري، عن عروة عن عائشة هذا الحديث وزاد في آخره (وكان إذا كان حديث عهد بجبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة).

خالفه عبد الرزاق

(1)

، ويزيد بن زريع

(2)

، ومحمد بن حميد العبيدي

(3)

، فرووه عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة ولم يذكروا هذه الزيادة.

وكذلك رواه أصحاب الزهري عنه، ولم يذكروها منهم:

مالك

(4)

، وعُقيل بن خالد

(5)

، ويونس بن يزيد

(6)

، ومنصور بن المعتمر

(7)

، والأوزاعي

(8)

، وأبو أويس

(9)

، ومحمد بن أبي عتيق

(10)

، وموسى بن عقبة

(11)

، وبكر بن وائل

(12)

، وإبراهيم بن مرة

(13)

.

(1)

في المصنف (17942) ومن طريقه أحمد (6/ 232) وإسحاق بن راهويه (812) وعبد بن حميد (1481) والبيهقي في شعب الإيمان (8068).

(2)

أبو داود (4786) وابن حبان (6444).

(3)

ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 367).

(4)

البخاري (3560)(6129) ومسلم (2327).

(5)

البخاري (6786).

(6)

البخاري (6853) ومسلم (2327).

(7)

مسلم (2327).

(8)

أحمد (4/ 125).

(9)

أحمد (6/ 114).

(10)

النسائي في الكبرى (9163).

(11)

النسائي (9163).

(12)

النسائي (9164).

(13)

الطبراني في الأوسط (4265).

ص: 598

هؤلاء كلهم رووه عن الزهري، عن عروة عن عائشة بمثل رواية الجماعة عن معمر لم يذكروا الزيادة التي في آخره التي فيها ذكر جبريل ومدارسته القرآن.

وكذلك رواه هشام بن عروة، عن أبيه عروة، عن عائشة، ولم يذكر هذه الزيادة.

وهم حماد بن زيد في ذكر هذه الزيادة في هذا الإسناد وهو قوله: (وكان إذا كان حديث عهد بجبريل عليه السلام يدارسه القرآن كان أجود بالخير المرسلة).

هذا إنما يرويه الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما.

هكذا رواه عنه معمر

(1)

، ويونس

(2)

، وإبراهيم بن سعد

(3)

.

لذا قال النسائي عقب الحديث (هذا خطأ، والصواب حديث يونس بن يزيد، وأدخل هذا حديثاً في حديث).

وقال الدارقطني في العلل (14/ 147): رواه مالك، ومعمر وعقيل ويونس ومنصور بن المعتمر عن الزهري عن عروة عن عائشة.

ورواه حماد بن زيد عن النعمان بن راشد ومعمر عن الزهري عن عروة عن عائشة، وعن أيوب عن الزهري عن عائشة مرسلاً، وزاد فيه

(1)

البخاري (6) ومسلم (2308).

(2)

البخاري (6) و (3220) و (3554) ومسلم (2308).

(3)

البخاري (1902) و (4997) ومسلم (2308).

ص: 599

ألفاظاً وهِم في زيادتها في هذا الحديث، وهي قوله: (وكان إذا كان حديث عهد بجبريل

) وهذه الألفاظ إنما يرويها الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس). اه.

‌علة الوهم:

1 أن معمراً كان يروي كلا الحديثين عن الزهري.

2 أن الحديثين في الشمائل والخصال النبوية الشريفة، فالأول كان في خلقه وفي تعامله والثاني في جوده وكرمه، والله أعلم.

‌الخلاصة:

الزهري رحمه الله كان يروي أول الحديث عن عروة عن عائشة رضي الله عنها في خلقه صلى الله عليه وسلم.

وروى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس حديث إن النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان حديث عهد بجبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة.

فأدخل حماد حديث ابن عباس في حديث عائشة رضي الله عنها وهذا يسمى الإدراج.

قال الحافظ في النكت (2/ 293): وأما مدرج الإسناد فهو على خمسة أقسام، ثم قال: ثالثها: أن يكون متنان مختلفي الإسناد فيدرج بعض الرواة شيئاً من أحدهما في الآخر، ولا يكون ذلك الشيء من رواية ذلك الراوي، والله تعالى أعلم.

ص: 600

‌الحديث الرابع

(1)

:

276 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (5/ 184): أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنه عن الصعب بن جثامة رضي الله عنه:

أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل حتى إذا كان بودان

(2)

رأى حمار وحش فرده عليه وقال: «إنا حرم لا نأكل الصيد» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وهو في الكبرى له (3802).

وأخرجه الدارمي (1828) عن محمد بن عيسى، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (4/ 71)(1828) عن عبيد الله بن عمر القواريري.

وفي (4/ 72) من طريق محمد بن سليمان بن حبيب لوين ثلاثتهم عن حماد بهذا الإسناد.

(1)

رجال الإسناد:

قتيبة بن سعيد بن جميل، أبو رجاء البغلاني، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة 240 عن 90 سنة، روى له البخاري ومسلم.

صالح بن كيسان المدني، مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز، ثقة ثبت فقيه، من الرابعة، مات بعد سنة 130 أو 140، روى له البخاري ومسلم.

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه ثبت، من الثالثة، مات سنة 94 وقيل 98 وقيل غير ذلك، روى له البخاري ومسلم.

(2)

وَدَّان: موضع بقرب الجحفة، ويقال هو قرية جامعة من ناحية الفرع بينه وبين الأبواء ثمانية أميال ينسب إليه الصعب بن جثامة الليثي الودائي.

ص: 601

هكذا رواه حماد بن زيد فقال: (عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن الصعب بن جثامة).

خالفه إبراهيم بن سعد

(1)

فقال: (عن صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنه.

وكذلك رواه مالك

(2)

، وشعيب

(3)

، وسفيان بن عيينة

(4)

، ومعمر

(5)

، والليث بن سعد

(6)

، وابن جريج

(7)

، وابن أبي ذئب

(8)

، وعمرو بن دينار

(9)

، ومحمد بن عبد الله بن مسلم

(10)

، وأبو أويس

(11)

، والزبيدي

(12)

، وعبد الرحمن بن إسحاق

(13)

، ومحمد بن عمرو

(14)

، ومحمد بن إسحاق

(15)

، وعبيد الله بن عمر

(16)

، وعبد العزيز بن محمد بن

(1)

مسلم (1193)(51) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2732) وأحمد (4/ 72).

(2)

البخاري (3012)(3013) ومسلم (1193).

(3)

البخاري (2596) وأحمد (4/ 73) واللفظ له.

(4)

مسلم (1193)(52).

(5)

مسلم (1193)(51).

(6)

مسلم (1193)(51).

(7)

أحمد (4/ 38) وابن خزيمة (2637) والروياني في مسنده (999).

(8)

أحمد (4/ 38) والطيالسي (1229) وابن الجارود (436) والطبراني (7433) وغيرهم.

(9)

أحمد (4/ 71) والطبراني (7435).

(10)

أحمد (4/ 72) والطبراني (7439).

(11)

أحمد (4/ 71).

(12)

ابن حبان (3967) والطبراني في الكبير (7440).

(13)

الطبراني (7434).

(14)

الطبراني (7436) وأحمد (4/ 73) والروياني (995).

(15)

الطبراني (7442).

(16)

الطبراني (7443).

ص: 602

عبد الرحمن بن الحارث

(1)

، ويونس بن يزيد

(2)

، وإسحاق بن راشد

(3)

.

هؤلاء كلهم رووه عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، به.

قال في عمدة القاري (10/ 175): وروى القاضي إسماعيل عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن الصعب، هكذا قال عن صالح عن عبيد الله ولم يذكر ابن شهاب، ورواه إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب كما قدمنا وهو أوْلى بالصواب عند أهل العلم).

وقد ذكر ابن عبد البر أن صالح بن كيسان رواه عن الزهري مما دل على وهم حماد في روايته هذه عنه.

قال في التمهيد (9/ 55): وممن رواه عن ابن شهاب كما رواه مالك: معمر وابن جريج، وعبد الرحمن بن الحارث، وصالح بن كيسان

).

‌علة الوهم:

حماد بن زيد بصري، وصالح بن كيسان مدني، فلذا كانت رواية إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عوف الزهري المدني (نزيل بغداد) أصح من رواية حماد لاختلاف الأمصار، والله تعالى أعلم.

(1)

أحمد (4/ 71).

(2)

الروياني (1000).

(3)

تاريخ بغداد (4/ 133).

ص: 603

‌الحديث الخامس

(1)

:

277 -

قال عبد الله بن أحمد في زياداته على مسند أحمد (4/ 71): حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: حدثنا عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنه عن الصعب بن جثامة رضي الله عنه قال:

أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بودان بحمار فرده وقال: «إنا حرم لا نأكل الصيد» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

هكذا رواه حماد بن زيد فقال: (عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، عن الصعب بن جثامة).

خالفه سفيان بن عيينة

(2)

، وابن جريج

(3)

، ومحمد بن ثابت العبدي

(4)

فقالوا: (عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن الصعب بن جثامة).

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي، أبو عبد الله الثقفي مولاهم البصري، ثقة من العاشرة، مات سنة 234، روى له البخاري ومسلم.

عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الأثرم الجمحي مولاهم، ثقة ثبت، من الرابعة، مات سنة 126، روى له البخاري ومسلم.

(2)

البخاري (3012) و (3013).

(3)

مسلم (1745)(28).

(4)

أحمد (4/ 71) والطبراني في الكبير (7435).

ص: 604

أسقط حماد الزهري وشيخه من الإسناد.

وكذلك رواه جمع من أصحاب الزهري عنه بهذا الإسناد وقد ذكرناهم في الحديث السابق.

‌علة الوهم:

1 اختلاف الأمصار.

عمرو بن دينار مكي، وحماد بصري، لذا كانت رواية سفيان بن عيينة وابن جريج وهما مكيان أصح من رواية حماد، والله تعالى أعلم.

2 أن عمرو بن دينار تابعي روى عن ابن عباس وغيره من الصحابة.

ص: 605

‌الحديث السادس

(1)

:

278 -

قال أبو داود الطيالسي رحمه الله في مسنده (2229): حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أنس رضي الله عنه قال:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيماً بالعيال.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، ورواه أبو يعلى (4192) وأبو الشيخ من طريقه في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (135) قال أبو يعلى، نا أبو الربيع، نا حماد، عن أيوب، عن أنس قال: ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان استرضع لابنه إبراهيم في أقصى المدينة، وكان زوجها قيناً فيأتيه الغلام وعليه أثر الغبار فيلتزمه ويقبِّله ويشمه.

هكذا رواه حماد بن زيد فقال: (عن أيوب، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وخالفه ابن علية

(2)

، ووهيب بن خالد

(3)

، وسعيد بن زيد

(4)

(1)

رجال الإسناد:

أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني، أبو بكر البصري، ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العبّاد، من الخامسة، مات سنة 131 وله 65 سنة، روى له البخاري ومسلم.

(2)

مسلم (2316) وابن حبان (6950) وأبو يعلى (4195) وابن سعد في الطبقات الكبرى (1/ 136) وأحمد (3/ 112).

(3)

البخاري في الأدب المفرد (376) وأبو يعلى (4197) وأبو الشيخ (136).

(4)

ذكره ابن أبي حاتم في العلل (2267).

ص: 606

فرووه (عن أيوب، عن عمرو بن سعيد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أسقط حماد بن زيد عمرو بن سعيد، وأيوب لم يسمع من أنس بن مالك

(1)

.

قال ابن أبي حاتم في العلل (2267): (سألت أبي عن حديث رواه سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد، وابن علية، عن أيوب، عن عمرو بن سعيد، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم بالصغير، وكان يسترضع إبراهيم؟ قال أبي: رواه حماد بن زيد، عن أيوب، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبي: الصحيح: عن عمرو بن سعيد، وحماد بن زيد قصَّر برجل).

وقال ابن عساكر في تاريخه: روى إسماعيل بن علية عن أيوب عن عمرو بن سعيد عن أنس قال: ما رأيت أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ورواه حماد بن زيد عن أيوب عن أنس لم يدخل فيه عمرو بن سعيد

(2)

.

(1)

قال ابن أبي حاتم في المراسيل (ص 14): (أيوب بن أبي تميمة السختياني رأى أنس بن مالك ولم يسمع منه) وكذا في التهذيب.

(2)

تاريخ دمشق (4/ 88)، (46/ 49) وقد ذكر الدوري في تاريخه عن يحيى بن معين مثل ذلك (4/ 269).

ص: 607

‌الحديث السابع

(1)

:

279 -

قال أبو داود رحمه الله (1011): حدثنا علي بن نصر بن علي ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن أيوب وهشام ويحيى بن عتيق وابن عون عن محمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة ذي اليدين أنه كبَّر وسجد وقال هشام يعني ابن حسان: كبَّر ثم كبَّر وسجد.

قال أبو داود: روى هذا الحديث أيضاً حبيب بن الشهيد وحُميد ويونس وعاصم الأحول عن محمد عن أبي هريرة لم يذكر أحد منهم ما ذكر حماد بن زيد عن هشام أنه كبّر ثم كبّر وسجد. وروى حماد بن سلمة وأبو بكر بن عياش هذا الحديث عن هشام لم يذكرا عنه هذا الذي ذكره حماد بن زيد أنه كبّر ثم كبّر.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير علي بن نصر من رجال مسلم.

(1)

رجال الإسناد:

علي بن نصر بن علي بن نصر الجهضمي، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة 250، روى له مسلم.

سليمان بن حرب الأزدي، البصري، قاضي مكة، ثقة إمام حافظ، من التاسعة، مات سنة 224 وله ثمانون سنة، روى له البخاري ومسلم.

هشام بن حسان الأزدي القردوسي، بالقاف وضم الدال، أبو عبد الله البصري، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، من السادسة، مات سنة 147 أو 148، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن سيرين الأنصاري البصري، ثقة ثبت عابد كبير القدر، من الثالثة، مات سنة 116، روى له البخاري ومسلم.

ص: 608

ورواه الإمام أحمد في العلل (1910)، قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد قال: حدثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة في حديث ذي اليدين أنه قال: في سجدتي الوهم كبّر ثم كبّر ثم كبّر. وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 31 - 32) عن أبي خالد الأحمر عن هشام به وفيه (سجد النبي صلى الله عليه وسلم سجدتي السهو بعدما سلّم وكبّر وسجد وكبّر وهو جالس ثم رفع وكبّر ثم رفع وكبّر).

هكذا قال حماد بن زيد (عن هشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة: كبّر ثم كبّر وسجد).

أي أنه كبّر تكبيرة الإحرام لسجود السهو.

خالفه هشيم

(1)

، وعبد الله بن بكر السهمي

(2)

، وأبو خالد الأحمر

(3)

، وحماد بن سلمة

(4)

، وأبو بكر بن عياش

(5)

.

فرووه عن هشام بن حسان فلم يذكروا ما ذكره من أنه كبّر يعني تكبيرة الإحرام ثم كبّر للسجود.

وكذلك رواه جماعة عن محمد بن سيرين شيخ هشام في هذا الحديث ولم يذكروا ما ذكره حماد بن زيد منهم:

(1)

الترمذي (394).

(2)

ابن المنذر في الأوسط (3/ 316 ح رقم 1711) وابن عبد البر في التمهيد (1/ 359).

(3)

ابن المنذر في الأوسط (3/ 311 ح 1706).

(4)

أبو داود تعليقاً (1011).

(5)

أبو داود تعليقاً (1011).

ص: 609

أيوب السختياني

(1)

، وعبد الله بن عون

(2)

، ويزيد بن إبراهيم التستري

(3)

، وسلمة بن علقمة

(4)

، ويحيى بن عتيق

(5)

، وحبيب بن الشهيد

(6)

، وحميد الطويل

(7)

، ويونس بن عبيد

(8)

، وعاصم الأحول

(9)

، لذا أنكر هذه الزيادة الإمام أحمد وأبو داود.

قال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد، حدثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة في حديث ذي اليدين أنه قال: في سجدتَيْ الوهم كبّر ثم كبّر ثم كبّر، قال: سمعت أيوب قال: كبّر تكبيرة واحدة، وسمعت يحيى بن عتيق وابن عروة قال: كبّر تكبيرة واحدة.

قال الحافظ ابن حجر: «قال أبو داود: لم يقل أحد فكبّر إلا حماد بن زيد فأشار إلى شذوذ هذه الرواية»

(10)

.

وقال الألباني: هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، لكن قوله: كبّر ثم كبّر، وهم من حماد بن زيد

(11)

.

(1)

البخاري (714)(1228)(7250) ومسلم (573).

(2)

البخاري (482).

(3)

البخاري (1229)(6051).

(4)

أبو داود (1010) وابن خزيمة (1035) والطحاوي (1/ 445) والبيهقي (2/ 346)(2/ 353).

(5)

أحمد في العلل تعليقاً (1910).

(6)

أبو داود تعليقاً عقب الحديث.

(7)

أبو داود تعليقاً عقب الحديث.

(8)

أبو داود تعليقاً عقب الحديث.

(9)

أبو داود تعليقاً عقب الحديث.

(10)

فتح الباري (3/ 99).

(11)

ضعيف سنن أبي داود (9/ 382).

ص: 610

وخالفهم البيهقي فقال: تفرد به حماد بن زيد عن هشام، وسائر الرواة عن ابن سيرين ثم سائر الرواة عن هشام بن حسان لم يحفظ التكبيرة الأولى وحفظهما حماد بن زيد رحمه الله

(1)

.

(1)

السنن الكبرى (2/ 354).

ص: 611

‌الحديث الثامن

(1)

:

280 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (1/ 291): حدثنا عفان، ثنا حماد بن زيد حفظي عن أيوب عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه:

أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن حبل الحبلة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الضياء في المختارة (53) من طريق أحمد به.

وابن الجعد (1209)(1211) في مسنده من طريق أحمد بن إبراهيم الموصلي وعارم كلاهما عن حماد به، وقال حماد: ولا أدري عن ابن عباس أم لا.

ورواه ابن الجعد أيضاً (1210) من طريق أبي الربيع عن حماد

(1)

رجال الإسناد:

عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي، ثقة ثبت، قال ابن المديني: كان إذا شك في حرف من الحديث تركه، وربما وهم، مات سنة 219، روى له البخاري ومسلم.

أيوب السختياني: تقدم.

سعيد بن جبير الأسدي مولاهم الكوفي، ثقة ثبت فقيه، من الثالثة، قتل بين يدَيْ الحجاج سنة 95 ولم يكمل الخمسين، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفهم في القرآن وكان يسمى البحر والحبر لسعة علمه، وقال عمر: لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عشره منا أحد، مات سنة 68 بالطائف، وهو أحد المكثرين من الصحابة وأحد العبادلة، من فقهاء الصحابة.

ص: 612

عن أيوب عن سعيد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه اسم الصحابي.

هكذا قال حماد: (عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه سفيان بن عيينة

(1)

، ومعمر

(2)

، ووهيب بن خالد

(3)

، وحماد بن سلمة

(4)

، وابن علية

(5)

، وعبد الوهاب الثقفي

(6)

، وشعبة في رواية عثمان بن عمر عنه

(7)

.

فقالوا: (عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر).

وهو المحفوظ في هذا الباب.

فقد رواه مالك، وجويرية

(8)

، وعبيد الله

(9)

، والليث بن سعد

(10)

كلهم عن نافع عن ابن عمر.

وقد كان حماد بن زيد رحمه الله يشك فيه فجاء في رواية له أنه قال: ولا أدري هل هو عن ابن عباس أم لا، ولهذا لم يذكر في رواية

(1)

الحميدي (706) وأحمد (2/ 11) والنسائي (7/ 293) وابن ماجه (2197) وابن الجعد في مسنده (1212) والنسائي في الكبرى (6217).

(2)

ابن الجعد (1212).

(3)

ابن الجعد (1212).

(4)

أبو يعلى (5653) وابن الجعد (1213).

(5)

ابن حبان (4946) والبيهقي في معرفة السنن والآثار (8/ 151).

(6)

ذكره الترمذي في إسناده تعليقاً عقب الحديث (1229).

(7)

البخاري (2143).

(8)

البخاري (2256).

(9)

البخاري (3843) ومسلم (1514).

(10)

مسلم (1514).

ص: 613

الربيع عن ابن عباس بل قال: سعيد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد وهم في هذا الحديث شعبة بن الحجاج فجعله من مسند ابن عباس. وقد تقدم في بابه ح (66).

قال الترمذي: (وقد روى شعبة هذا الحديث عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، روى عبد الوهاب الثقفي وغيره عن أيوب، عن سعيد بن جبير ونافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أصح)

(1)

.

وقال الترمذي في العلل

(2)

: (سألت محمداً عن هذا الحديث

(3)

فقال: حديث أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر أصح).

(1)

في سننه (3/ 531) عقب الحديث (1229).

(2)

في العلل (1/ 181).

(3)

أي حديث شعبة وقد رواه بنفس هذا الإسناد وسبق في بابه.

ص: 614

‌ملخص أوهام حماد بن زيد

رقم الحديث

شيخه

الوهم

الصحيح

1

هشام بن عروة

ثلاث ليال

مرتين

2

هشام بن عروة

هشام عن محمد بن عمرو

هشام، عن وهب بن كيسان

3

معمر، والنعمان بن راشد

كان إذا كان قريب عهد بجبريل يدارسه كان أجود بالخير من الريح المرسلة

أدخل حديثاً في حديث

4

صالح بن كيسان

صالح، عن عبيدالله بن عبدالله

صالح عن الزهري

5

عمرو بن دينار

عمرو، عن ابن عباس

عمرو، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباس

6

أيوب

أيوب، عن أنس

أيوب، عن عمرو بن سعيد

7

هشام بن حسان

كبر ثم كبر وسجد

زيادة شاذة

8

أيوب

ابن عباس

ابن عمر

ص: 615

‌ابن جريج

(1)

عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج القرشي الأموي المكي أبو خالد وأبو الوليد العلامة الحافظ شيخ الحرم صاحب التصانيف وأول مَنْ دوّن العلم بمكة.

روى عن خلق من التابعين: روى عن عطاء بن أبي رباح فأكثر وجوّد وهو من أثبت الناس فيه، وروى عن نافع، وعمرو بن شعيب، وعمرو بن دينار، وعبد الله بن طاووس، وعبدة بن أبي لبابة، والزهري، وزيد بن أسلم وخلق كثير.

روى عنه: ثور بن يزيد، والأوزاعي، والسفيانان، والحمادان، والليث، وابن علية، ويحيى بن سعيد الأنصاري وهو من شيوخه، وخلق كثير.

‌طلبه للعلم:

لزم ابن جريج عطاء بن أبي رباح سبعة عشر عاماً وقيل ثمانية عشرة وكان قبل ذلك قد قرأ القرآن والفرائض ثم جالس عمرو بن دينار

(1)

تهذيب الكمال (ترجمة 4127) وسير أعلام النبلاء (6/ 325) وانظر فيه مصادر الترجمة من حاشية السير.

ص: 617

بعد أن فرغ من عطاء تسع سنين.

وقال ابن جريج: لم أسمع من الزهري إنما أعطاني جزءاً كتبته وأجازه لي

(1)

.

قال يحيى بن سعيد القطان: عن ابن جريج إذا قلت قال عطاء فأنا سمعته وإن لم أقل سمعته

(2)

.

وقال ابن خلاد عن يحيى القطان: إن لم يحدثك ابن جريج من كتابه لم تنتفع به.

وقال أيضاً: كنا نسمي كتب ابن جريج الأمانة.

وقال جعفر بن عبد الواحد عن يحيى القطان: كان ابن جريج صدوقاً فإذا قال حدثني فهو سماع، وإذا قال أخبرنا أو أخبرني فهو قراءة، وإذا قال: قال فهو شبه الريح

(3)

.

وقال الدارقطني: يتجنب تدليس ابن جريج فإنه وحش التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح مثل إبراهيم بن أبي يحيى، وموسى بن عبيدة وغيرهما

(4)

.

وقال أحمد بن صالح المصري: ابن جريج إذا أخبر الخبر فهو جيد وإذا لم يخبر فلا يعبأ له

(5)

.

(1)

التعديل والتجريح للباجي (2/ 905).

(2)

العلل ومعرفة الرجال رواية عبد الله بن أحمد (3/ 239).

(3)

تهذيب الكمال (18/ 351).

(4)

سؤالات الحاكم (174/ 265).

(5)

تاريخ ابن معين رواية الدارمي (ص 43).

ص: 618

وقال يحيى بن معين: ابن جريج ليس بشيء في الزهري

(1)

.

أخرج الإمام البخاري من طريق ابن جريج قال: أخبرني عبيد الله بن حفص أن عمر بن نافع أخبره عن نافع مولى عبد الله بن عمر أنه سمع ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن القزع

(2)

.

قال الحافظ: نزل ابن جريج في هذا الإسناد درجتين وفيه دلالة على قلة تدليسه

(3)

.

روى له البخاري (118) حديثاً صرح فيها بالسماع، و (71) حديثاً عنعن فيها

(4)

.

وروى له مسلم (214) صرح فيها بالسماع، (46) بالعنعنة

(5)

.

(1)

المصدر السابق.

(2)

صحيح البخاري (5920).

(3)

فتح الباري (10/ 364).

(4)

روايات المدلسين في صحيح البخاري (ص 396).

(5)

روايات المدلسين في صحيح مسلم (ص 184).

ص: 619

‌الحديث الأول

(1)

:

281 -

قال الإمام البخاري رحمه الله (3/ 407 ح رقم 1546): حدثني عبد الله بن محمد حدثنا هشام بن يوسف أخبرنا ابن جريج حدثنا محمد بن المنكدر عن أنَس بن مالك رضي الله عنه قال:

صلّى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعاً وبذي الحليفة ركعتين ثم بات حتى أصبح بذي الحُليفة فلما ركب راحلته واستوت به أهَلَّ.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.

(1)

رجال الإسناد:

عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر الجعفي، البخاري المعروف بالمسندي، ثقة حافظ، جمع المسند من العاشرة، روى عنه البخاري والترمذي.

هشام بن يوسف الصنعاني، أبو عبد الرحمن القاضي، ثقة من التاسعة، مات سنة 197، روى له البخاري وأصحاب السنن.

ابن جُريج: تقدم.

محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهُدير التيمي المدني: ثقة فاضل من الثالثة، مات سنة 130 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.

ص: 620

وأخرجه أبو داود (1773) وأحمد (3/ 378) من طريق محمد بن أبي بكر، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 122) من طريق مكي بن إبراهيم كلهم عن ابن جريج به.

هكذا قال ابن جريج عن ابن المنكدر عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى بالمدينة أربعاً وبذي الحليفة ركعتين ثم بات حتى أصبح بذي الحليفة.

خالفه سفيان الثوري

(1)

، وسفيان بن عيينة

(2)

، وشعبة

(3)

، وأسامة بن زيد

(4)

، وعمرو بن الحارث

(5)

، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة

(6)

، ومحمد بن إسحاق

(7)

، ومرزوق مولى طلحة بن عبد الرحمن الباهلي

(8)

، وعبد الحميد بن جعفر

(9)

، والمنكدر بن محمد

(10)

.

(1)

البخاري (1089) وعبد الرزاق (4316) وأحمد (3/ 11، 177) والدارمي (1507) وابن حبان (2478) وأبو عوانة (2374)(2375).

(2)

مسلم (690) وأبو داود (1202) والشافعي (1/ 25) والحميدي (1191) والدارمي (2508) وأحمد (3/ 110) وأبو يعلى (3633) وابن الجارود (145) وأبو عوانة (2356) والبيهقي (3/ 145).

(3)

ابن المظفر البغدادي من حديث شعبة (208) والخطيب في تاريخ بغداد (3/ 405).

(4)

ابن جرير في تهذيب الآثار (1/ 221 رقم 342، 343، 344، 348) وأبو نعيم في الحلية (3/ 158) والطحاوي في شرح المعاني (1/ 418).

(5)

ابن جرير (343) وابن حبان (2746).

(6)

أبو يعلى (3634).

(7)

أحمد (3/ 337).

(8)

ذكره الدارقطني في العلل (2631).

(9)

المصدر السابق.

(10)

المصدر السابق.

ص: 621

فرووه عن محمد بن المنكدر عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى بالمدينة أربعاً وبذي الحليفة ركعتين.

ولم يذكروا الزيادة التي زادها ابن جريج وهي قوله: (ثم بات حتى أصبح).

ورواه عبد الرزاق

(1)

، وعبد الله بن وهب

(2)

، ووهيب بن خالد

(3)

، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد

(4)

عن ابن جريج بهذا الإسناد ولم يذكروا الزيادة فوافق الجماعة.

لذا قال الدارقطني: «وهذه الزيادة ليست بمحفوظة عن ابن المنكدر ولم يذكرها غير ابن جريج.

وقال يحيى القطان: إنه وهم.

وروى هذا الحديث أبو عاصم عن ابن جريج بهذا الإسناد مثل ما رواه الثوري وغيره ولم يأتِ بهذه الزيادة.

والصحيح رواية الثوري وابن عيينة ومَن تابعهما»

(5)

.

‌علة الوهم:

هذه اللفظة أو الزيادة في حديث ابن المنكدر عن أنس وردت في

(1)

في المصنف (4320).

(2)

الطحاوي في شرح معاني الآثار (10/ 417 - 418) وقرن ابن جريج بعمرو بن الحارث وأسامة.

(3)

المصدر السابق.

(4)

الدارقطني في العلل (2631).

(5)

العلل (2631).

ص: 622

حديث أبي قلابة عن أنس بن مالك

(1)

، فأدخل ابن جريج لفظ حديث أبي قلابة في حديث ابن المنكدر وكلاهما يرويه عن أنس، والله تعالى أعلم.

‌الخلاصة:

اختلف على ابن جريج في هذا الحديث، فرواه هشام بن يوسف، ومحمد بن بكر البرساني، ومكي بن إبراهيم، فزادوا في هذا الحديث (ثم بات حتى أصبح) وذكر الدارقطني أن هشام بن سليمان بن عكرمة بن خالد المخزومي، وعبد المجيد، رووه عن ابن جريج كذلك بهذه الزيادة.

وخالفهم أربعة من أصحاب ابن جريج (عبد الرزاق وابن وهب ووهيب وأبو عاصم) فرووه عن ابن جريج بدون هذه الزيادة فوافق روايتهم عنه رواية الجماعة، مما يدل أن ابن جريج لم يضبطه فتارة يذكر هذه الزيادة وتارة لا يذكرها، وقد أعلّ هذه الزيادة يحيى القطان وهو من أعلم الناس بحديث ابن جريج ورواه عيسى بن يونس عن ابن جريج فوهم انظر ح (825)، والله تعالى أعلم.

(1)

البخاري (1547)(1551).

ص: 623

‌الحديث الثاني

(1)

:

282 -

قال الإمام البخاري رحمه الله باب قوله {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ

(11)} [النساء: 11](4577): حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا هشام أن ابن جريج أخبرهم قال: أخبرني ابن منكدر عن جابر رضي الله عنه قال:

عادني النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في بني سلمة ماشيين فوجدني النبي صلى الله عليه وسلم لا أعقل فدعا بماء فتوضأ منه ثم رشّ عليّ فأفقت فقلت: ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله؟ فنزلت {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ

(11)}.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1616) من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج به.

وأخرجه ابن الجارود (956) والنسائي في الكبرى (6323) و (11091) والبيهقي (6/ 212) وأبو عوانة (5601) و (5602) والبيهقي في السنن الصغرى (2248) وابن عساكر في تاريخ دمشق (11/ 232) من طريق حجاج وبعضهم من طريق ابن وهب كلاهما عن ابن جريج به.

(1)

رجال الإسناد:

إبراهيم بن موسى بن يزيد التميمي، أبو إسحاق الفراء الرازي، ثقة حافظ، من الطبعة العاشرة، مات بعد سنة 220، روى له البخاري ومسلم.

هشام بن يوسف: تقدم.

محمد بن المنكدر: تقدم.

ص: 624

هكذا قال ابن جريج عن ابن المنكدر، عن جابر

فنزلت {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ

(11)}.

وتابعه عمرو بن أبي قيس

(1)

.

خالفه سفيان بن عيينة

(2)

فرواه عن ابن المنكدر به فقال: فلم يرد عليّ شيئاً حتى نزلت آية الميراث {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)}.

ورواه شعبة عن ابن المنكدر وفيه: فقلت: يا رسول الله إنما يرثني كلالة، فنزلت آية الميراث، فقلت لمحمد بن المنكدر: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)} قال: هكذا أُنزلت.

رواه مسلم في صحيحه من طريق بهز عنه

(3)

.

ورواه أبو داود الطيالسي

(4)

وحجاج بن محمد

(5)

عن شعبة فقالوا: فنزلة آية الفرض {يَسْتَفْتُونَكَ} .

ورواه النضر بن شميل وأبو عامر العقدي ووهب بن جرير عن شعبة فقالوا آية الفرض

(6)

. قال مسلم: وليس في رواية أحد منهم قول شعبة لابن المنكدر.

(1)

الترمذي (2096) عمرو بن أبي قيس: صدوق له أوهام حت 4 التقريب 5131.

(2)

مسلم (1616) وأحمد (3/ 307) وأبو داود (2886) والترمذي (2097) والنسائي في الكبرى (6322)(11134) وأبو عوانة (5603)(5607) والبيهقي (6/ 223) وغيرهم.

(3)

مسلم (1616).

(4)

في مسنده (1709).

(5)

أبو عوانة (5604) وجاء في المطبوع ويستفتونك في النساء.

(6)

مسلم (1616). وفي رواية وهب: (الفرائض).

ص: 625

وكذلك رواه البخاري في صحيحه من طريق أبي الوليد، ومحمد بن جعفر، وعبد الله بن المبارك، ثلاثتهم عن شعبة

(1)

. واقتصروا على قول آية الفرائض أو الميراث، ولم يذكروا الآية.

ورواه سفيان الثوري عن ابن المنكدر فقال: حتى نزلت آية الميراث

(2)

.

ورواه هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر قال: اشتكيت وعندي سبع أخوات فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فنضح في وجهي فأفقت فقلت: يا رسول الله أوصي لأخواتي بالثلثين؟ قال: «أحسن» قلت: بالشطر؟ قال: «أحسن» قال: ثم خرج وتركني ثم رجع فقال: «يا جابر إني لا أراك ميتاً من وجعك هذا فإن الله عز وجل قد أنزل فبيّن الذي لأخواتك فجعل لهن الثلثين» فكان جابر يقول: نزلت هذه الآية فيّ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)}

(3)

.

لذا حكم ابن الملقن، والدمياطي

(4)

وغيرهم على ابن جريج بالوهم في ذكر قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ

(11)}

} والصحيح هو ما رواه سفيان بن عيينة وشعبة قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)}.

قال ابن الملقن: («كذا وقع هنا، ووهم ابن جريج فيه، إنما نزل في جابر الآية الأخيرة {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)}».

(1)

البخاري (194)(5676)(6743).

(2)

مسلم (1616).

(3)

أبو داود (2887) والنسائي في الكبرى (6324) وأحمد (3/ 372) والطيالسي (1748) وعبد بن حميد (1064) وأبو يعلى (2180) والبيهقي (6/ 231).

(4)

ذكره الحافظ في الفتح.

ص: 626

كذلك رواه شعبة والثوري وأبي عيينة عن محمد بن المنكدر

(1)

، ويؤيده ما ورد بعض الطرق وقول جابر: يا رسول الله إنما يرثني كلالة. والكلالة مَنْ لا ولد له ولا والد، ولم يكن لجابر حينئذ ولد ولا والد، وأما آية الوصية فنزلت في ورثة سعد بن الربيع قتل يوم أحد وخلف ابنتين وأمهما وأخاه، فأخذ أخوه المال ولم يدع لهما شيئاً فجاءت أمهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله قتل أبوهما يوم أحد شهيداً وإن عمهما أخذ مالهما والله لا ينكحان إلا ولهما مال، فقال صلى الله عليه وسلم:«يقضي الله في ذلك» فنزلت آية الميراث {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ

(11)} فدعا عمهما فقال: «أعطِ ابنتَيْ سعد الثلثين وأعطِ أمهما الثمن ولك ما بقي»

(2)

(3)

.

وأورد البيهقي في السنن الصغرى الحديث من طريق وهب بن جرير عن شعبة عن محمد بن المنكدر ثم قال: وأراد بآية الفرض {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)} وذلك بيِّن في رواية ابن عيينة عن ابن المنكدر عن جابر، وفي رواية هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر، وفي حديثهم أنه قال: ولي أخوات، وجابر بن عبد الله قتل أبوه يوم أحد وآية الكلالة نزلت بعده فقد قال البراء بن عازب: آخر آية نزلت {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)} فحين مرض جابر لم

(1)

كذا قال والصحيح أن ابن المنكدر لا يذكر الآية إنما هو مدرج من قول ابن عيينة وأدرجه بعضهم عن شعبة، فذكره بهز ورواه الأكثرون عنه بدون ذكر الآية، وأما الثوري فكان لا يذكرها.

(2)

رواه أبو داود (2891)(2892) والترمذي (2192) وابن ماجه (2720) وأحمد (3/ 352) وأبو يعلى (2039) والحاكم (4/ 333) والبيهقي (6/ 216) وقال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني.

(3)

التوضيح لشرح الجامع الصحيح (22/ 210).

ص: 627

يكن له ولد ولا والد وإنما كانت له أخوات فأنزل الله تعالى في أخواته آية الكلالة التي في آخر سورة النساء

(1)

.

وقال عقب حديث ابن جريج مشيراً إلى وهمه: «ورواه ابن عيينة عن ابن المنكدر وقال: نزلت آية الميراث {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)} وكذلك رواه أبو الزبير عن جابر، وأما آية الوصية فإنها نزلت في ابنتَيْ سعد بن الربيع»

(2)

.

ونقل ابن أبي حاتم عن أبي الزبير أنه قال: قال جابر: أُنزلت فيّ {يَسْتَفْتُونَكَ}

(3)

.

ونقل الطبري عن ابن المنكدر عن جابر مثل ذلك

(4)

.

وقال السيوطي: أخرج ابن سعد وابن أبي حاتم عن جابر قال: أُنزلت فيّ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)}

(5)

.

وقال العيني: هكذا وقع في رواية ابن جريج وقيل: إنه وهم في ذلك والصواب أن الآية التي نزلت في قصة جابر {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)}.

وقال مقاتل بن سليمان المتوفى سنة 150 في تفسيره: نزلت في جابر بن عبد الله الأنصاري من بني سلمة بن جشم .. وفي أخواته {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)} وذلك أن جابر بن عبد الله

(1)

السنن الصغرى (6/ 24).

(2)

السنن الصغرى (6/ 9 - 10).

(3)

في تفسيره (6325) وذكره ابن كثير في مسنده (1/ 593).

(4)

تفسير الطبري (6/ 41).

(5)

الدر المنثور (2/ 753).

ص: 628

الأنصاري رحمه الله مرض بالمدينة فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم

الحديث

(1)

.

لكن الحافظ ابن حجر رحمه الله رجح رواية ابن جريج وأنه إلى ذلك مال البخاري فقال: «وقد اختلف الرواة عن ابن المنكدر فالأكثر أبهموا الآية وكشفها ابن جريج وابن عيينة، فممن أبهمها سفيان الثوري ولفظه: نزلت آية الميراث، وكذا قال شعبة، وقال مرة: آية الفرائض. فأما ابن عيينة فقال: حتى نزلت {يَسْتَفْتُونَكَ} وكلها في الصحيح، ورواية أحمد بن حنبل عن ابن عيينة تشير إلى أن تعيين الآية من جهة ابن عيينة وأن آخر الحديث عنده كما عند الثوري وشعبة. قال أحمد عن ابن عيينة: حتى نزلت آية الميراث {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)} وكان له أخوات ولم يكن له ولد ..

والذي يظهر أن من قوله {يَسْتَفْتُونَكَ} إلى آخره من كلام ابن عيينة أُدرج في الخبر لخلو رواية الباقين عن قوله: وكان له أخوات .. إلى آخره، فرأى البخاري أن تعيين ابن جريج أوْلى بالقبول من تعيين ابن عيينة لقوله: إلى قوله: { .. عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)} { .. وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً

(12)} وقد فسرت الكلالة عمن لا ولد له ولا والد وهي منطبقة على حال جابر.

وقد توبع ابن جريج على هذا التعيين، قال عبد بن حميد: نا عبد الرحمن بن سعد نا عمرو بن أبي قيس عن ابن المنكدر .. إلى آخره، فنزلت {يُوصِيكُمُ اللَّهُ

(11)} إلخ.

(1)

تفسير مقاتل بن سليمان (1/ 274).

ص: 629

وهذا من المواضع التي تواردوا بها على استغراب ما وقع عند البخاري ولم يقفوا على دقة نظره»

(1)

.

وقال في الفتح: هكذا وقع في رواية ابن جريج وقيل: إنه وهم في ذلك، وأن الصواب أن الآية التي نزلت في قصة جابر هي {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)} لأن جابراً يومئذ لم يكن له ولد ولا والد، والكلالة مَنْ لا ولد له ولا والد

ثم قال الحافظ: فالحاصل أن المحفوظ عن ابن المنكدر أنه قال: آية الميراث، أو آية الفرائض، والظاهر أنها {يُوصِيكُمُ اللَّهُ

(11)} كما صرّح به في رواية ابن جريج ومَن تابعه، ومَن قال إنها {يَسْتَفْتُونَكَ} فعمدته أن جابراً لم يكن له حينئذ ولد وإنما كان يورث كلالة، فكان المناسب لقصته نزول الآية الأخيرة لكن ليس ذلك بلازم لأن الكلالة مختلف في تفسيرها فقيل هي اسم المال الموروث وقيل اسم الميت وقيل اسم الإرث وقيل ما تقدم، فلما لم يعين تفسيرها بمَن لا ولد له ولا والد لم يصح الاستدلال لما قدمته أنها نزلت في آخر الأمر وآية المواريث نزلت قبل ذلك بمدة.

كما أخرج أحمد وأصحاب السنن وصححه الحاكم من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر: جاءت امرأة سعد بن الربيع .. في آخر الحديث، وهذا ظاهر في تقدم نزولها لهم وبه احتج مَنْ قال إنها لم تنزل في قصة جابر إنما نزلت في قصة ابنَتيْ سعد بن الربيع وليس ذلك بلازم إذ لا مانع أن تنزل في الأمرين معاً، ويحتمل أن يكون نزول أولها في قصة البنتين وآخرها وهي قوله: { .. وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً

(12)} في قصة جابر، ويكون مراد جابر فنزلت {يُوصِيكُمُ

(1)

العجاب في بيان الأسباب (2/ 842 - 843).

ص: 630

اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ

(11)} أي ذكر الكلالة المتصل بهذه الآية، والله أعلم.

وإذا تقرر جميع ذلك ظهر أن ابن جريج لم يهم كما جزم الدمياطي ومَن تبعه، وأن مَنْ وهَّمهُ هو الواهم، والله أعلم

(1)

.

والذي ظهر لي بعد البحث والتأمل أن ابن جريج وهم في ذلك وأن رواية ابن عيينة أوْلى بالتقديم لما يلي:

1 أن ابن عيينة تابعه في ذلك شعبة كما تقدم عند مسلم، فيكون اختلف على ابن المنكدر على ثلاثة أوجه:

أولها: ما رواه ابن عيينة وشعبة من تعيين الآية قوله تعالى: {يستفتونك في الكلالة} .

ثانيها: ما رواه ابن جريج وعمرو بن أبي قيس عن ابن المنكدر وأنها {يُوصِيكُمُ اللَّهُ

(11)} وعمرو بن أبي قيس، قال الآجري عن أبي داود في حديثه خطأ، وقال عثمان بن أبي شيبة: لا بأس به كان يهم في الحديث قليلاً، لذا قال ابن حجر في التقريب: صدوق له أوهام.

ثالثها: ما رواه سفيان الثوري وشعبة في معظم رواياته عدم تحديد الآية وهذا هو الراجح وأن تعيينها مدرج من قبل الرواة، بيّنها ابن عيينة وشعبة وكتمها ابن جريج، فشعبة كما جاء في حديثه: قلت لمحمد بن المنكدر {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)} قال: هكذا أُنزلت، وسفيان بن عيينة أكثر أصحابه يدرجونها في الحديث

(2)

، ورواه

(1)

فتح الباري (8/ 243 - 244).

(2)

عمرو بن الناقد عند مسلم (1616) وأحمد في مسنده (3/ 307) وابن المقرئ عند (ابن الجارود (958) والفضل بن الصباح عند (الترمذي 2097) والحميدي (أبو عوانة 5603) وقتيبة بن سعيد (النسائي 7498) وغيرهم كما بيناه في باب (عبد بن حميد) ح (1252).

ص: 631

البخاري عن ثلاثة من أصحاب ابن عيينة بدون تعيين الآية ولعله هو الذي حذفها عمداً، ورواه إسحاق بن راهويه عنه فقال: حتى نزلت آية الميراث يرونها {يَسْتَفْتُونَكَ}

(1)

.

فإذا علم ذلك وأن ابن المنكدر لم يكن يذكر الآية بحثنا هل نجد مَنْ رواه عن جابر غيره، فوجدنا أبو الزبير وهو من رجال مسلم قد رواه عن جابر فذكر هذه الآية فترجحت رواية ابن عيينة وشعبة، وهذا ظاهر.

2 إن جابر بن عبد الله رضي الله عنه كان يقول: نزلت هذه الآية فيّ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)}.

3 ظاهر قول محمد بن المنكدر لشعبة هكذا أُنزلت أنه موافق له في تعيين هذه الآية.

أما صنيع الإمام البخاري رحمه الله فيدل على بُعد نظره وفقهه فقد أخرج حديث ابن عيينة وشعبة في كتاب الفرائض، واقتصر في حديث ابن عيينة إلى قوله: حتى نزلت آية المواريث، وحديث شعبة أخرجه في باب ميراث الإخوة والأخوات وانتهى من حديثه إلى قوله: فنزلت آية الفرائض، وأعقبه مباشرة باب {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)} ذكر فيه حديث أبي إسحاق عن البراء قال: آخر آية أُنزلت خاتمة سورة النساء {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)}

(2)

.

(1)

تاريخ دمشق (11/ 222).

(2)

البخاري (6744) ومسلم (1618).

ص: 632

وقال الحافظ: المراد بآية الفرائض هنا قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ}

(1)

.

أما حديث ابن جريج فأخرجه في كتاب التفسير مكان ذكر قول الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ

(11)} مناسب، ولم يخرجه في كتاب الفرائض ولذلك نظائر عند الإمام البخاري.

‌تنبيه:

روى عبد بن حميد عن يحيى بن آدم عن ابن عيينة هذا الحديث فذكر في آخره قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ

(11)} وهذا وهم من عبد بن حميد كما سيأتي في بابه إذ خالفه جمع من أصحاب سفيان فذكروا قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

(176)}.

(1)

فتح الباري (1/ 301).

ص: 633

‌الحديث الثالث

(1)

:

283 -

قال الإمام مسلم (2/ 1086 ح رقم 1465): حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن حاتم قال محمد بن حاتم: حدثنا محمد بن بكر أخبرنا ابن جُريج أخبرني عطاء قال:

حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بسَرِف فقال ابن عباس: هذه زوج النبي صلى الله عليه وسلم فإذا رفعتم نعشها فلا تُزَعزِعوا ولا تُزَلزلوا وارفقوا فإنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع فكان يقسم لثمان ولا يقسم لواحدة.

قال عطاء: التي لا يقسم لها صفية بنت حُيَي بن أخطب.

حدثنا محمد بن رافع وعبد بن حُمَيْد جميعاً عن عبد الرزاق عن ابن جُرَيج بهذا الإسناد، وزاد:

قال عطاء: كانت آخرهن موتاً ماتت بالمدينة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

(1)

رجال الإسناد:

إسحاق بن إبراهيم: هو إسحاق بن راهويه، تقدم.

محمد بن حاتم بن ميمون البغدادي، صدوق ربما وهم وكان فاضلاً، من العاشرة، مات سنة 235 أو 236، روى له مسلم.

محمد بن بكر بن عثمان البرساني أبو عثمان البصري، صدوق قد يخطاء، من التاسعة، مات سنة 204، روى له البخاري ومسلم.

عطاء بن أبي رباح القرشي مولاهم المكي، ثقة فقيه فاضل لكنه كثير الإرسال، من الثالثة، مات سنة 114 على المشهور، روى له البخاري ومسلم.

ص: 634

وأخرجه البخاري في صحيحه (5067) من طريق هشام بن يوسف، وأحمد (1/ 231) و (1/ 349) من طريق جعفر بن عون، ومحمد بن بكر، وعبد الرزاق في مصنفه (6252) وإسحاق بن راهويه (2033) من طريق محمد بن بكر، وابن سعد (8/ 140) من طريق الواقدي، وأبو نعيم في مستخرجه (3433) من طريق محمد بن بكر وأبي عاصم وحجاج، والطبراني في الكبير (11426) من طريق عبد الرزاق، والبيهقي (7/ 73) من طريق جعفر بن عون، والأزرقي في أخبار مكة (2/ 213) من طريق الزنجي ثمانيتهم (محمد بن بكر، وهشام بن يوسف، وجعفر بن عون، وعبد الرزاق، والواقدي، وأبو عاصم، وحجاج، والزنجي) عن ابن جريج به.

ورواية الإمام البخاري مختصرة إلى قوله (ولا يقسم لواحدة) ولم يذكر قول عطاء أنها صفية ولا قوله كانت آخرهن موتاً ..

ورواية بعضهم إلى قوله أنها صفية ولم يذكروا قول عطاء كانت آخرهن موتاً ماتت بالمدينة.

وقد وهم ابن جريج في هذا المتن في موضعين:

الأول: قوله أن التي لا يقسم لها النبي صلى الله عليه وسلم صفية.

خالفه عمرو بن دينار فرواه عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده تسعة نسوة يصيبهن إلا سودة فإنها وهبت يومها وليلتها لعائشة

(1)

وهذا هو الصحيح.

فقد روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن

(1)

أخرجه الطحاوي في شرح المشكل (6/ 133) وسيأتي.

ص: 635

سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة

(1)

.

ورد في رواية الزهري عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها غير أن سودة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

فقول عائشة رضي الله عنها في حديث الزهري (وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها) شامل كل نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إنها استثنت فقالت (غير أن سودة وهبت يومها وليلتها لعائشة) فأبانت أن التي لم يقسم لها هي سودة لأنها وهبت يومها لعائشة.

وجاء تأكيد ذلك في رواية أبي داود عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في أنه كان يقسم لكل امرأة منهن وبيان سبب هبة سودة لعائشة يومها وليلتها فقال: قالت عائشة: يا ابن أختي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا

، ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنّت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله يومي لعائشة، فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، قالت: تقول: في ذلك أنزل الله تعالى وفي أشباهها أراه قال: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا

(128)}

(3)

.

وروى سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه

(1)

البخاري (5212) ومسلم (1463).

(2)

البخاري (2593).

(3)

أبو داود (2135).

ص: 636

قال: خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله لا تطلقني وأمسكني واجعل يومي لعائشة، ففعل فنزلت هذه الآية {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا

(128)}

}

(1)

.

قال الحافظ بعد أن ذكر هذه الروايات وغيرها (فتواردت هذه الروايات على أنها خشيت الطلاق فوهبت)

(2)

.

قال الطحاوي: «قد كان أشكل عليّ المعنى الذي به لم يكن يَقسم لصفية حتى سألت عنه غير واحد ممن يُسأل عن مثله فما وجدت عندهم فيه شيئاً حتى وقفت أنا على أن ابن جُريج غلط في المرأة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقسم لها من نسائه فإنه ذكر أنها صفية ولم تكن صفية ولكنها سَوْدة كما حدثنا ابن أبي مريم قال: ثني سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: حدثني عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده تسعة نسوة يصيبهن إلا سَودة فإنها وهبت يومها وليلتها لعائشة رضي الله عنهن جميعاً، فوقفت بذلك على أن المرأة التي كان لا يقسم لها إنما كانت سودة، وأن ذلك إنما كان منه بطيب نفسها»

(3)

.

قال الخطابي: هذا وهم إنما هي سودة لأنها كانت وهبت يومها والغلط فيه من ابن جريج

(4)

.

(1)

الترمذي (3040) وأبو داود الطيالسي (2683) وانظر روايات أخرى في الطبقات الكبرى (8/ 53 - 54).

(2)

فتح الباري (9/ 313).

(3)

شرح مشكل الآثار (6/ 133).

(4)

مرقاة المفاتيح (6/ 354) والأبي في إكمال المعلم (5/ 163).

ص: 637

قال النووي: قال العلماء: هو وهم من ابن جريج الراوي عن عطاء وإنما الصواب سودة

(1)

.

قال القرطبي: وهم في قوله أن التي لا يقسم لها هي صفية، فإن المشهور التي لا يقسم لها هي سودة وهبت يومها لعائشة

(2)

.

وقال الحافظ: يترجح أن مراد ابن عباس بالتي لا يقسم لها سودة، كما قال الطحاوي لحديث عائشة أن سودة وهبت يومها لعائشة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة

، ولعل البخاري حذف هذه الزيادة عمداً

(3)

.

وذكر العيني في شرح البخاري قول الطحاوي والنووي كالموافق له

(4)

.

وقال ابن القيم: وقع في صحيح مسلم من قول عطاء أن التي لم يكن يقسم لها هي صفية وهو غلط من عطاء رحمه الله وإنما هي سودة فإنها لما كبرت وهبت يومها لعائشة.

ثم ذكر ابن القيم علة الوهم فقال: وسبب هذا الوهم والله أعلم أنه كان قد وجد على صفية في شيء فقالت لعائشة: هل لك أن ترضي رسول الله صلى الله عليه وسلم عني وأهب لك يومي؟ قالت: نعم، فقعدت عائشة إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم في يوم صفية، فقال: «إليك عني يا عائشة فإنه ليس

(1)

شرح صحيح مسلم (10/ 51).

(2)

المفهم (4/ 212).

(3)

فتح الباري (9/ 114).

(4)

عمدة القاري (20/ 69 - 70).

ص: 638

يومك» فقالت: { .. ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ

(54)} وأخبرته بالخبر فرضي عنها

(1)

.

قلت: الصحيح أن الوهم من ابن جريج كما حققه الطحاوي من رواية ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء.

وروى أبو عوانة من طريق ابن عيينة عن ابن جريج هذا الحديث فقال: «توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع نسوة وكان يقسم لثمان لأن سودة وهبت يومها وليلتها لعائشة»

(2)

.

فالظاهر أن قوله لأن سودة وهبت يومها في رواية ابن جريج هذه عن عطاء إنما هو من قول سفيان فإنه رواه عن عمرو بن دينار عن عطاء كذلك، والله أعلم.

الثاني: قول عطاء: كانت آخرهن موتاً، ماتت بالمدينة. ظاهره إن عطاء يريد ميمونة رضي الله عنها، فإن أول الحديث عنها ولا خلاف أن ميمونة كانت من آخر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم موتاً على الراجح، فقد روى الطبراني من طريق محمد بن إسحاق قال: ماتت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحرة سنة ثلاث وستين

(3)

.

وقال الواقدي: توفيت سنة إحدى وستين في خلافة يزيد بن معاوية وهي آخر مَنْ مات من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وكان لها يوم توفيت ثمانون أو إحدى وثمانون سنة

(4)

.

(1)

زاد المعاد (1/ 53).

(2)

في مسنده (4473).

(3)

في المعجم الكبير (23/ 1031) قال الهيثمي في المجمع (9/ 249): رجاله ثقات.

(4)

الطبقات الكبرى لابن سعد (8/ 140).

ص: 639

وكذا قال البلاذري في أنساب الأشراف

(1)

.

وذكر ابن عبد البر أنها توفيت سنة ست وستين

(2)

.

أما قوله (ماتت بالمدينة) فلا يستقيم مع قوله في أول الحديث: ماتت بسرف، وسرف من مكة بلا خلاف، وقيل إنها ماتت بمكة ونقلها ابن عباس إلى سرف فدفنت هناك.

فهذا وهم ظاهر لمخالفته لأول الحديث.

أما إن كان المراد به صفية فصحيح أنها ماتت بالمدينة لكنها لم تكن آخرهن موتاً، فقد ماتت سنة خمسين في رمضان، وقيل سنة اثنتين وخمسين ودفنت بالبقيع

(3)

.

وقال الحافظ: إن الصحيح أنها ماتت سنة خمسين

(4)

.

قال القاضي عياض: قوله (كانت آخرهن موتاً ماتت بالمدينة): إن أراد ميمونة فصحيح في الأول فإنها ماتت سنة 63 وقيل 66 دون قوله ماتت بالمدينة فإنها ماتت بسرف.

وإن أراد صفية فصحيح في الثاني فإنها ماتت بالمدينة لا في الأول لأنها ماتت سنة خمسين

(5)

.

قال النووي: «قال القاضي عياض: ظاهر كلام عطاء أنه أراد

(1)

(1/ 446).

(2)

التمهيد (3/ 151).

(3)

ذكر هذين القولين الواقدي كما في طبقات ابن سعد (8/ 128 - 129) وعند البلاذري في أنساب الأشراف سنة خمسين قولاً واحداً.

(4)

الفتح (4/ 278).

(5)

الديباج على مسلم للسيوطي (4/ 70).

ص: 640

بآخرهن موتاً ميمونة، وقد ذكر في الحديث أنها ماتت بسرف وهي بقرب مكة، فقوله بالمدينة وهم

»

(1)

.

قال القرطبي: قول عطاء قول مشكل يلزم عليه وهم، وذلك أنه إن كان أراد ميمونة فقد وهم في قوله أنها ماتت بالمدينة، وقد بيّنا أنها ماتت بسرف إلا أن يريد (المدينة) مكة وفيه بُعد.

وإن أراد صفية فقد وهم لأنها لم تكن آخرهن موتاً

(2)

..

قال الحافظ ابن حجر:

«وقد وقع عند مسلم أيضاً فيه زيادة أخرى من رواية عبد الرزاق عن ابن جريج قال عطاء: وكانت آخرهن موتاً ماتت بالمدينة كذا قال، فأما كونها آخرهن موتاً فقد وافق عليه ابن سعد وغيره، قالوا: وكانت وفاتها سنة إحدى وستين وخالفهم آخرون فقالوا: ماتت سنة ست وخمسين، ويعكر عليه أن أم سلمة عاشت إلى قتل الحسين بن علي وكان قتله يوم عاشوراء سنة إحدى وستين وقيل بل ماتت أم سلمة سنة تسع وخمسين والأول أرجح، ويحتمل أن تكونا ماتتا في سنة واحدة لكن تأخرت ميمونة وقد قيل أيضاً إنها ماتت سنة ثلاث وستين وقيل سنة ست وستين وعلى هذا لا ترديد في آخريتها في ذلك، وأما قوله: وماتت بالمدينة، فقد تكلم عليه عياض فقال: ظاهره أنه أراد ميمونة وكيف يلتئم مع قوله في أول الحديث أنها ماتت بسرف وسرف من مكة بلا خلاف فيكون قوله بالمدينة وهماً.

قلت: يحتمل أن يريد بالمدينة البلد وهي مكة، والذي في أول

(1)

شرح صحيح مسلم (10/ 51).

(2)

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (4/ 212).

ص: 641

الحديث أنهم حضروا جنازتها بسرف ولا يلزم من ذلك أنها ماتت بسرف فيحتمل أن تكون ماتت داخل مكة وأوصت أن تُدفن بالمكان الذي دخل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فنفذ ابن عباس وصيتها، ويؤيد ذلك أن ابن سعد لما ذكر حديث ابن جريج هذا قال بعده: وقال غير ابن جريج في هذا الحديث توفيت بمكة فحملها ابن عباس حتى دفنها بسرف»

(1)

.

(1)

فتح الباري (9/ 114).

ص: 642

‌الحديث الرابع

(1)

:

284 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 404): حدثنا حجاج قال: حدثنا ابن جريج، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أمه أم كلثوم بنت عقبة، أنها قالت:

رخص النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب في ثلاث: في الحرب وفي الإصلاح بين الناس وقول الرجل لامرأته.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (2913) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 266) من طريق أبي عامر كلاهما عن ابن جريج قال: حدثت عن ابن شهاب به.

هكذا رواه ابن جريج، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أم كلثوم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخص الكذب في ثلاث

(1)

رجال الإسناد:

حجاج بن محمد المصيصي الأعور، أبو محمد، ترمذي الأصل، نزل بغداد ثم المصيصة، ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته، من التاسعة، مات ببغداد سنة 206، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن مسلم بن شهاب الزهري: تقدم مراراً.

حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني ثقة من الثانية، مات سنة 105 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط الأموية، أسلمت قديماً، وهي أخت عثمان لأمه، صحابية لها أحاديث، ماتت في خلافة علي رضي الله عنه، روى لها البخاري ومسلم.

ص: 643

خالفه يونس بن يزيد الأيلي فرواه عن الزهري، عن حميد، عن أم كلثوم أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيراً وينمي خيراً» .

قال الزهري: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها.

أخرجه مسلم في صحيحه عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب عن يونس به

(1)

، وكذلك رواه معمر

(2)

.

بيَّن يونس ومعمر في روايتهما الزيادة المدرجة من كلام الزهري عن كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد وهم صالح بن كيسان فأدرج قول الزهري في الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل: قال الزهري

فجعل الحديث كله عن النبي صلى الله عليه وسلم ووهم ابن جريج فاقتصر على ذكر هذه الزيادة من قول الزهري فجعله من كلام النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

.

وقد روى هذا الحديث عن الزهري جماعة من أصحابه فاقتصروا على قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيراً وينمي خيراً» ولم يذكروا ما بعده، منهم:

(1)

(2)

الخطيب في الفصل للوصل (1/ 274) من طريق أحمد بن صالح عن عبد الرزاق عنه عن الزهري به، وقال في آخره: قال الزهري: ولم يرخص.

(3)

وذلك لأن قول الصحابي لم يرخص وأمرنا أن نفعل كذا ونهينا عن كذا وكذا ونحو ذلك فله حكم الرفع بخلاف قول التابعي ومَن دونه فليس له حكم الرفع. انظر معرفة علوم الحديث للحاكم (ص 806).

ص: 644

معمر

(1)

، ومالك

(2)

، وابن عيينة

(3)

، وشعيب بن أبي حمرة

(4)

، وأيوب السختياني

(5)

، وعبد الرحمن بن إسحاق

(6)

، وعقيل بن خالد

(7)

، والأوزاعي

(8)

وغيرهم، وسيأتي في باب صالح بن كيسان ح (494) فانظره لزاماً.

‌علة الوهم:

ابن جُريج لم يسمع هذا الحديث عن ابن شهاب الزهري كما صرّح في رواية أبي عاصم وأبي عامر عنه، وإنما أوقعه في هذا الوهم تدليسه فلم يذكر في رواية حجاج عنه أنه لم يسمعه من الزهري.

وقد رجح بعض أهل العلم أن ابن جُريج إنما سمع هذا الحديث من عبد الوهاب بن أبي بكر المدني وكيل الزهري

(9)

، والحديث معروف بهذا اللفظ عنه

(10)

.

(1)

مسلم (2605) وعبد الرزاق (20196) وإسحاق (2335) والبخاري في الأدب المفرد (385) وأبو داود (4919) والترمذي (1938) وغيرهم.

(2)

الطحاوي في شرح مشكل الآثار (2916) وابن حبان (5733).

(3)

أبو داود (4920).

(4)

الطحاوي (2917) والطبراني 25/ (168) وفي مسند الشاميين (3068).

(5)

الطحاوي (2920) والطبراني 25/ (195) وفي الأوسط (3020)(8058).

(6)

أحمد (6/ 403).

(7)

الطبراني 25/ (189).

(8)

الطبراني 25/ (191).

(9)

قال عنه في التقريب: ثقة، روى له أبو داود والنسائي وهو ليس على شرطنا في هذا الكتاب الذي اقتصرناه على رجال الشيخين لذا لم نذكره في هذا الكتاب.

(10)

رواه أبو داود (4921) والنسائي في الكبرى (9124) وأحمد (6/ 404) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3175) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2921، 2922) والطبراني في الكبير 25/ (193)، (194)، والبيهقي (10/ 197) والخطيب في الفصل (1/ 264، 265) والطبري في تهذيب الآثار مسند علي (218).

ص: 645

قال الخطيب: (قال موسى بن هارون: والذي نرى والله أعلم أن ابن جُريج إنما وقع إليه هذا الحديث من رواية عبد الوهاب، إما أن يكون ابن جُريج سمعه من عبد الوهاب أو بلغه عنه، والله أعلم.

قال موسى: وقد ذكرنا أنه وقع في هذا الحديث وهم غليظ ولعمري إنه لوهم غليظ جداً، لأن هذا الكلام إنما هو قول الزهري أنه لم يسمع يرخص في الكذب إلا في الثلاث خصال، وإنما روى الزهري عن حميد عن أمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ليس بالكاذب مَنْ أصلح بين الناس فقال خيراً أو نمى خيراً» ليس في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من هذا، واتفق على هذه الرواية أيوب السختياني، ومالك بن أنس، وصالح بن كيسان، وموسى بن عقبة، ومحمد بن عبد الله بن أبي عتيق، ومعمر بن راشد، والنعمان بن راشد، وعقيل بن خالد، ويونس بن يزيد، وشعيب بن أبي حمزة، وعبد الرحمن بن إسحاق، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وسفيان بن حسين)

(1)

.

ثم قال موسى: فلو أن عبد الوهاب روى عن الزهري عن حميد عن أمه عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث الذي يرويه الناس عن الزهري ثم أدرج كلام الزهري في الحديث كان أيسر لأنه كان يكون وهماً دون وهم، ولكنه لم يروِ كلام النبي صلى الله عليه وسلم أصلاً، وروى كلام الزهري بإسناد حديث النبي صلى الله عليه وسلم فجاء بوهم غليظ جداً، وهو عندنا غير معتمد لما فعل من ذلك)

(2)

.

وقال الحافظ: (ورويناه في فوائد ابن أبي ميسرة من طريق

(1)

الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 266 - 267).

(2)

الفصل للوصل (1/ 275).

ص: 646

عبد الوهاب بن رفيع عن ابن شهاب فساقه بسنده مقتصراً على الزيادة وهو وهم شديد)

(1)

.

وقال الدارقطني: (وروى هذا الحديث عبد الوهاب بن أبي بكر عن الزهري عن حميد عن أمه أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم لا يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعده كذباً، وذكر الثلاثة.

وهذا منكر ولم يأتِ بالحديث المحفوظ الذي عند الناس.

ورواه ابن جريج عن الزهري في نحو رواية عبد الوهاب فإنه روى عنه حديثاً غير هذا.

وقيل عن ابن جُريج في هذا: حُدثت عن الزهري فدلّ على صحة ما قلناه)

(2)

.

وخالف هؤلاء المحدثين الحفاظ الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة (545) فقال بعد أن ذكر رواية ابن جُريج، وهذا إسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه من هذا الوجه.

ثم قال متعقباً الحافظ ابن حجر في قوله أن هذه الزيادة مدرجة قال: (وأقول: لا وهم فيه ألبتة فإنه ثقة صحيح الحديث يعني عبد الوهاب وقد تابعه ثقتان ابن جُريج وصالح بن كيسان، واقتصر الأول منهما على الزيادة كما سبق بيانه، فهؤلاء ثلاثة من الثقات الأثبات اتفقوا على رفع هذه الزيادة فصلها اثنان منهما عن أول الحديث

(1)

فتح الباري (5/ 300).

(2)

العلل (15/ 359).

ص: 647

ووصلها به الآخر وهو صالح فاتفاقهم حجة وذلك يدل على أنها مرفوعة ثابتة) اه.

قلت: ما ذكره الألباني فيه نظر من وجوه:

1 رواية ابن جُريج منقطعة فهو لم يسمعه من الزهري وهو مدلس، وقد ذُكر أنه قال: حدثت عن ابن شهاب، وفات الشيخ هذا فصحح روايته على شرط الشيخين.

2 يونس بن يزيد ومعمر بن راشد أوثق من صالح بن كيسان في الزهري وهما مع الإمام مالك مقدَّمون على غيرهم في الزهري وقد حفظا ما لم يحفظه صالح ففصلوا كلام النبي صلى الله عليه وسلم من كلام الزهري، واختلط ذلك على صالح فأدرج قول الزهري في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر البخاري رحمه الله في صحيحه رواية صالح بن كيسان واقتصر على ذكر المرفوع دون كلام الزهري.

وأما مسلم فقد ذكر رواية صالح وبيَّن مخالفته ليونس ومعمر حيث قال (غير أن في حديث صالح: وقالت لم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث بمثل ما جعله يونس من قول ابن شهاب).

ص: 648

‌الحديث الخامس

(1)

:

285 -

قال عبد الرزاق رحمه الله في المصنف (8/ 227 ح رقم 14990): أخبرنا ابن جُريج قال: أخبرني ابن شهاب، عن عمرو بن سعد بن أبي وقاص كذا قال والصواب عمر بن سعد، أنه قال: سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول:

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة والمنابذة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وهو في المصنف أيضاً برقم (7884)، وأخرجه أحمد (3/ 94) عن عبد الرزاق بهذا الإسناد ولم يذكر قول عبد الرزاق الصواب عمر بن سعد.

هكذا قال ابن جُريج (عن الزهري، عن عمرو بن سعد، عن أبي سعيد الخدري).

خالفه يونس بن يزيد

(2)

، وصالح بن كيسان

(3)

، وعقيل بن خالد

(4)

، فقالوا (عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عن أبي سعيد).

قلب ابن جُريج (عامر) إلى (عمرو) وفي رواية (عمر).

(1)

رجال الإسناد:

ابن شهاب الزهري: تقدم.

عمرو بن سعد كذا قال والصواب عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة 104، روى له البخاري ومسلم.

(2)

البخاري (5820) ومسلم (1512).

(3)

مسلم (1512).

(4)

البخاري (2144)، والنسائي (7/ 260)، وفي الكبرى (6101).

ص: 649

وقد رواه روح بن عبادة

(1)

عن ابن جُريج فقال (عامر بن سعد).

وسئل الدارقطني عن حديث عامر بن سعد عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عند الملامسة والمنابذة فقال: «يرويه الزهري، واختلف عنه: فرواه صالح بن كيسان، ويونس وعقيل وابن جريج عن ابن شهاب عن عامر بن سعد عن أبي سعيد.

وقيل عن ابن جريج عن الزهري، عن عمر بن سعد بن أبي وقاص عن أبي سعيد، ولا يصح، والصحيح حديث عامر بن سعد»

(2)

.

قلت: وقد نبّه عبد الرزاق أن شيخه ابن جُريج كان يقول: عمرو بن سعد، وقال: الصواب عمر بن سعد

(3)

، وهو وهم أيضاً والصحيح كما جاء في الصحيحين عامر بن سعد.

‌علة الوهم:

أن عامر بن سعد أخ عمر بن سعد وكلاهما اشتركا في الرواية عن أبي سعيد، وروى عنهما الزهري، والله تعالى أعلم

(4)

.

(1)

أبو عوانة (4866).

(2)

العلل (11/ 298 - 299).

(3)

عمر بن سعد بن أبي وقاص المدني نزيل الكوفة، صدوق لكن مقته الناس لكونه كان أميراً على الجيش الذين قتلوا الحسين بن علي رضي الله عنه، من الثانية، قتله المختار سنة 65 أو بعدها ووهم من ذكره في الصحابة فقد جزم ابن معين أنه ولد يوم مات عمر بن الخطاب، روى له الترمذي والنسائي (التقريب 4927).

(4)

انظر تهذيب الكمال (21/ 356).

ص: 650

‌الحديث السادس

(1)

:

286 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 285): حدثنا محمد بن بكر قال: أخبرنا ابن جُريج قال: قال ابن شهاب وأخبرني عطاء بن يزيد أن المطلب بن أبي وداعة أخبره، أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته قالت:

ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي جالساً حتى كان قبل وفاته بعام أو عامين.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير المطلب وهو صحابي.

هكذا قال ابن جُريج: (عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد، عن المطلب بن أبي وداعة، عن حفصة).

خالفه مالك

(2)

، ومعمر

(3)

، ويونس

(4)

، وإبراهيم بن أبي عبلة

(5)

، ويزيد بن عياض

(6)

.

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن بكر: تقدم.

عطاء بن يزيد الليثي المدني نزيل الشام، ثقة، من الثالثة، مات سنة 105 أو 107 وقد جاوز الثمانين، روى له البخاري ومسلم.

المطلب بن أبي وداعة الحارث السهمي، أبو عبد الله، وأمه أروى بنت الحارث بن عبد المطلب بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم، صحابي أسلم يوم الفتح ونزل المدينة ومات بها، روى له مسلم.

(2)

مسلم (733) وهو في الموطأ (1/ 131).

(3)

مسلم (733).

(4)

مسلم (733).

(5)

الطبراني في الكبير 23/ (340).

(6)

الطبراني في الكبير 23/ (342).

ص: 651

فقالوا: (عن الزهري، عن السائب بن يزيد، عن المطلب بن أبي وداعة، عن حفصة).

قلب ابن جُريج (السائب بن يزيد)

(1)

إلى (عطاء بن يزيد)، والله تعالى أعلم.

ومما يدل على وهم ابن جُريج أن عطاء بن يزيد ليس له رواية عن المطلب بن أبي وداعة.

أما السائب فروايته عن المطلب بن أبي وداعة عند مسلم والترمذي والنسائي.

وفي هذا السند ثلاثة من الصحابة يروي بعضهم عن بعض وهم: السائب بن يزيد، والمطلب بن أبي وداعة، وحفصة أم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.

‌علة الوهم:

التشابه في اسميهما فهذا (السائب بن يزيد) وهذا (عطاء بن يزيد) واشتراكهما في التلميذ وهو محمد بن مسلم الزهري وروايته عنهما في الصحيحين وعند أصحاب السنن.

والوهم هنا لم يؤثر في الإسناد إذ أنه انتقال من ثقة إلى ثقة، والله تعالى أعلم.

(1)

السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة الكندي، صحابي صغير، وحج به في حجة الوداع وله سبع سنين، وهو آخر مَنْ مات بالمدينة من الصحابة.

ص: 652

‌الحديث السابع

(1)

:

287 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 136): حدثنا محمد بن بكر، قال: حدثنا ابن جُريج قال: قال ابن شهاب: أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهي مَحَمَّة، فحُمَّ الناس، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد والناس قعود يصلُّون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«صلاة القاعد نصف صلاة القائم» فتجشم الناس الصلاة قياماً.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، إلا أن ابن جُريج لم يصرح بسماعه من ابن شهاب الزهري. وهو مدلس.

وأخرجه أبو يعلى (3583) من طريق محمد بن بكر به.

وعبد الرزاق في مصنفه (4121) عن ابن جُريج به.

ورواه الضياء في المختارة (2631)، (2632) من طريق أحمد وعبد الرزاق.

والمروزي في قيام الليل (ص 198 مختصر) من طريق محمد بن يحيى، وابن عبد البر في التمهيد (12/ 48) من طريق عبد الرزاق.

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن بكر: تقدم.

ابن شهاب الزهري: تقدم.

ص: 653

كلهم (محمد بن بكر، وعبد الرزاق، ومحمد بن يحيى) عن ابن جُريج به.

هكذا رواه ابن جُريج فقال: (عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك).

خالفه مالك

(1)

، ومعمر

(2)

، وشعيب

(3)

، وعبيد الله بن عمر

(4)

، وبكر بن وائل بن داود

(5)

فقالوا: (عن ابن شهاب، عن عبد الله بن عمرو).

قال أبو حاتم: هذا خطأ

(6)

.

قال محمد بن يحيى الذهلي: (والمحفوظ عندنا يعني أحاديث معمر وشعيب، وعبيد الله بن عمر، وبكر بن وائل بن داود كلهم عن الزهري، عن عبد الله بن عمرو حديث هؤلاء، لأن الزهري لو كان سمعه من أنس لانتشر عنه ولقدّموا حديثه، لأن حديث عبد الله يعني ابن عمرو مرسل.

وحديث أنس من حديث المخرمي عن إسماعيل بن محمد بن

(1)

في الموطأ (1/ 136 رقم 308) باب فضل صلاة القائم على القاعد.

(2)

ذكره عن الذهلي المروزي كما في مختصر قيام الليل ص 198 للمقريزي، وابن عبد البر في التمهيد (12/ 47).

(3)

المصدر السابق.

(4)

المصدر السابق.

(5)

المصدر السابق.

(6)

العلل لابن أبي حاتم (452).

ص: 654

سعد عن أنس رضي الله عنه عندنا غير محفوظ، لأن مالكاً رواه عن إسماعيل بن محمد عن مولى لعمرو بن العاص أو لعبد الله بن عمرو عن عبد الله بن عمرو، ومالك أوْلى لحفظه، ولأنه عن عبد الله بن عمرو مستفيض، قال: ولا نعرفه عن أنس من وجه يثبت)

(1)

.

(1)

مختصر قيام الليل للمروزي (ص 198 - 199)، وسيأتي هذا الحديث في باب عبد الله بن جعفر المخرمي، فانظره.

ص: 655

‌الحديث الثامن

(1)

:

288 -

قال الإمام النسائي رحمه الله (5/ 235): أخبرنا يعقوب بن إبراهيم عن يحيى، عن ابن جُريج، عن كثير بن كثير عن أبيه، عن المطلب بن أبي وداعة قال:

رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين فرغ من سبعه جاء حاشية المطاف فصلّى ركعتين وليس بينه وبين الطوافين أحد.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير كثير بن المطلب وهو تابعي، وذكره ابن حبان في الثقات.

وأخرجه النسائي في الكبرى (834) و (3953) وابن خزيمة (815) ومن طريقه ابن حبان (2363) عن يعقوب بن إبراهيم به.

(1)

رجال الإسناد:

يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح العبدي، مولاهم، أبو يوسف الدورقي ثقة من العاشرة، مات سنة 252 وله 86 سنة وكان من الحفاظ، روى له البخاري ومسلم.

يحيى بن سعيد: تقدم.

كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي المكي، ثقة، من السادسة، روى له البخاري.

كثير بن المطلب بن أبي وداعة، أبو سعيد المكي، مقبول، من الثالثة روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.

المطلب بن أبي وداعة، أبو عبد الله أمه أروى بنت الحارث بن عبد المطلب بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم صحابي أسلم يوم الفتح ونزل المدينة، روى له مسلم.

ص: 656

وأخرجه أحمد (6/ 399) عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم (1/ 254) من طريق مسدد عن يحيى به.

ورواه أحمد (6/ 399) من طريق سفيان بن عيينة، والنسائي (2/ 172) وفي الكبرى (834) من طريق عيسى بن يونس، وأبو يعلى (6875)، وابن أبي شيبة (15040)، وابن ماجه (2958)، وابن الأثير في أسد الغابة (5/ 182) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، والطبراني (20/ 683) من طريق الليث بن سعد، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 300، 301) من طريق عيسى بن يونس، ويحيى الأموي، كلهم عن ابن جُريج بهذا الإسناد.

هكذا قال ابن جُريج (عن كثير بن كثير، عن أبيه، عن المطلب بن أبي وداعة).

وقد تابعه زهير بن محمد العنبري فرواه عن كثير بن كثير بهذا الإسناد

(1)

.

خالفه سفيان بن عيينة فقال:

(عن كثير بن كثير، عن بعض أهله، عن جده)

(2)

وهو جد المطلب بن أبي وداعة.

(1)

ابن حبان (2364) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (814).

(2)

أبو داود (2016) وأحمد (6/ 399) والحميدي (578) وأبو يعلى (7173) والطحاوي (1/ 461) وفي شرح المشكل (2607) والبيهقي (3/ 194) وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 301 الجزء المفقود).

من طرق عن سفيان وخالفهم عبد الرزاق فرواه عن سفيان بمثل رواية ابن جريج فوهم، وانظره في باب عبد الرزاق ح (427).

ص: 657

قال الدارقطني في العلل (14/ 43): وقول ابن عيينة أصح.

وكان سفيان قد سمع ابن جُريج يحدّث هذا الحديث عن كثير بن كثير عن أبيه فأراد سفيان أن يستوثق من ذلك فسأل كثير بن كثير فقال كثير: لم أسمعه من أبي ولكن من بعض أهلي عن جدي.

قال الإمام أحمد عقب الحديث: (قال سفيان: وكان ابن جُريج أخبرنا عنه قال: حدثنا كثير عن أبيه فسألته فقال: ليس من أبي سمعته ولكن من بعض أهلي)

(1)

.

وقال يعقوب بن سفيان: (حدثنا أبو بكر، ثنا سفيان قال: حدثنا كثير عن بعض أهله أنه سمع جده المطلب بن أبي وداعة يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي مما يلي باب بني سهم والناس يمرون بين يديه ..

قال سفيان: وكان ابن جُريج حدثنا أولاً عن كثير بن كثير عن أبيه، عن المطلب بن أبي وداعة، فلما سألناه عنه قال: ليس هو عن أبي إنما أخبرناه بعض أهلي أنه سمعه من المطلب)

(2)

.

قال ابن القطان تعقيباً على قول سفيان: (وتبين منه أن رواية ابن

(1)

ذكره ابنه عبد الله في العلل ومعرفة الرجال (3/ 456) وذكره عنه أبو داود في السنن (2016).

(2)

المعرفة والتاريخ (3/ 51).

ص: 658

جُريج منقطعة فإنه ذُكر أن سفيان راجع كثيراً وسأله ممن سمعه فأخبر أنه لم يسمعه من أبيه وإنما حدثه به بعض أهله)

(1)

.

وقال العلائي: فتبين أن الحديث مرسل

(2)

.

‌أثر الوهم:

الإسناد الذي ساقه ابن جُريج ظاهره الصحة إلا أن الصحيح أنه معلول لجهالة الواسطة بين كثير بن المطلب وجده، والله تعالى أعلم.

(1)

بيان الوهم والإيهام (5/ 541).

(2)

جامع التحصيل (1/ 258).

ص: 659

‌الحديث التاسع

(1)

:

289 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (7/ 312 - 313): أخبرني هارون بن عبد الله قال: حدثنا حماد بن مسعدة عن ابن جُريج عن عكرمة بن خالد قال: حدثني أسيد بن حضير بن سماك رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أنه إذا وجدها في يد الرجل غير المتهم فإن شاء أخذها بما اشتراها وإن شاء اتبع سارقه، وقضى بذلك أبو بكر وعمر.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير هارون من رجال مسلم.

وأخرجه أبو داود في المراسيل (180) عن هارون بن عبد الله بهذا الإسناد.

ورواه أحمد (4/ 226) عن روح بن عبادة عن ابن جُريج به.

(1)

رجال الإسناد:

هارون بن عبد الله بن مروان البغدادي، أبو موسى الحمال البزاز، ثقة من العاشرة، مات سنة 243 وله نحو 80 سنة، روى له مسلم.

حماد بن مسعدة التميمي، أبو سعيد البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة 202، روى له البخاري ومسلم.

عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي، ثقة من الثالثة مات بعد عطاء، روى له البخاري ومسلم.

أُسيد بن حُضير بن سماك بن عتيك الأنصاري الأشهلي، أبو يحيى صحابي جليل، مات سنة 20 أو 21، وحديثه في الصحيحين.

ص: 660

ورواه أحمد (4/ 226) والطبراني في الكبير (555) والحاكم (2/ 35 - 36) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 264) والضياء المقدسي في المختارة (1461) من طريق هوذة بن خليفة، عن ابن جُريج بهذا الإسناد فقالوا:(عن عكرمة بن خالد أن أسيد بن حضير).

هكذا رواه حماد بن مسعدة وروح وهوذة (عن ابن جُريج، عن عكرمة بن خالد، عن أسيد بن حضير بن سماك).

وقد وهم ابن جُريج حين حدّثهم بهذا، والصحيح إنما هو (عكرمة بن خالد، عن أسيد بن ظهير) وهكذا ..

هكذا رواه عبد الرزاق عن ابن جُريج، عن عكرمة بن خالد، عن أسيد بن ظهير

(1)

.

وقال أحمد بن حنبل إنه في كتاب ابن جُريج (أسيد بن ظهير) ولكن لما حدّث بالبصرة قال: (أسيد بن حضير).

فقد ذكر أبو داود في مراسيله عند روايته لهذا الحديث قال: قال هارون: قال لي أحمد يعني ابن حنبل هو في كتابه. قال أبو داود: يعني كتاب ابن جُريج أسيد بن ظهير ولكن كذا حدثهم بالبصرة.

(1)

في مصنفه (18829) ومن طريقه أحمد (4/ 226) وإسحاق بن راهويه كما في أطراف المسند (1/ 261) وإتحاف المهرة (1/ 370) والنسائي (7/ 313) والضياء في المختارة (1475) وابن عساكر في تاريخ دمشق (9/ 97) وقد تحرف في مطبوع النسائي (أسيد بن ظهير) إلى (أسيد بن حضير) والتصويب من التحفة ومن المختارة للضياء المقدسي فقد أخرجه من طريق أسيد بن ظهير بن رافع الأنصاري الأوسي، ولأبيه صحبة، مات في خلافة مروان.

ص: 661

وقد دلّل ابن عساكر في تاريخ دمشق

(1)

على وهم ابن جُريج في هذا الحديث بأربعة أمور:

1 أن أسيد بن حضير توفي سنة عشرين ودفن بالبقيع

(2)

.

2 قوله في هذا الحديث (من بني حارثة) وأسيد بن حضير إنما هو من بني عبد الأشهل، أما أسيد بن ظهير بن رافع بن خديج فهو من بني حارثة.

3 ما ذكره هارون بن عبد الله الحمال عن أحمد بن حنبل قال: هو في كتاب ابن جُريج أسيد بن ظهير، ولكن هكذا حدثهم بالبصرة.

4 رواه عبد الرزاق عن ابن جُريج على الوجه الصحيح.

‌علة الوهم:

ابن جُريج مكي وقد حدّث بهذا الحديث في البصرة فوهم فيه وربما كان حديثه عند ذاك من حفظه، وقد قال يحيى بن معين: ابن جُريج ثقة في كل ما روى عنه في الكتاب.

وقد رواه عنه عبد الرزاق الصنعاني على الصواب، والله تعالى أعلم.

(1)

تاريخ دمشق (9/ 96 - 97) قال: هذا وهم، إنما صاحب هذا الحديث أسيد بن ظهير

والحديث أخرجه الألباني في القسم الصحيح من سنن النسائي وقال: (إنما هو أسيد بن ظهير).

(2)

لأن الحديث ذكره في قصة له مع معاوية ومروان (كما سيأتي).

ص: 662

وقال الضياء المقدسي في المختارة (4/ 263 - 264): رجاله ثقات لكن وقع وهم في صاحب هذا الحديث والصحيح أنه أسيد بن ظهير كما بيّنه الإمام أحمد (فذكر قول أحمد السابق).

ثم روى بسنده عن يحيى بن بكير قال: توفي أسيد بن حضير سنة عشرين وحمله عمر رضي الله عنه بين عمودَيْ السرير حتى وضعه بالبقيع وصلّى عليه، ومَن مات في زمن عمر فكيف تدركه أيام معاوية، وقد رواه إسحاق بن راهويه عن عبد الرزاق، عن ابن جُريج، عن عكرمة بن خالد أن أسيد بن ظهير أخبره، ورواه أبو مسعود الرازي عن حماد بن مسعدة ولم ينسب أسيداً، ورواه روح بن عبادة

(1)

عن ابن جُريج فقال: أسيد بن ظهير اه.

قلت: روايته عند أحمد قال أسيد بن حضير ولم أجد له رواية أخرى غيرها، والله أعلم.

(1)

رواه الإمام أحمد (4/ 226) قال: حدثنا روح، حدثنا ابن جريج، أخبرني عكرمة بن خالد عن أسيد بن حضير الأنصاري ثم أحد بني حارثة أنه أخبره أنه كان عاملاً على اليمامة وأن مروان كتب إليه أن معاوية كتب إليه: أيما رجل سُرِق منه سرقة فهو أحق بها بالثمن حيث وجدها، قال: فكتبت إلى مروان أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أنه إذا كان الذي ابتاعها من الذي سرقها غير متهم خُيِّر سيدها فإن شاء أخذ الذي سُرِق منه بالثمن وإن شاء اتبع سارقه، قال: وقضى بذلك أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم.

ص: 663

‌الحديث العاشر:

290 -

قال عبد الرزاق في المصنف (4122): عن ابن جُريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«إن للقاعد في الصلاة نصف أجر القائم» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

هكذا قال ابن جُريج (عن عمرو بن دينار، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه سفيان بن عيينة

(1)

فقال: (عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وسفيان أثبت الناس في عمرو بن دينار، والله تعالى أعلم.

(1)

الطبراني في الأوسط (857) عن عمرو بن محمد الناقد عن ابن عيينة وإسناده على شرط الشيخين، وقال الطبراني: لم يروِ هذا الحديث عن عمرو إلا سفيان.

ص: 664

‌الحديث الحادي عشر

(1)

:

291 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 13): حدثنا محمد بن بكر وعبد الرزاق، قالا: أخبرنا ابن جُريج أخبرني أبو بكر بن حفص بن عمر، أخبرني أبو عبد الرحمن عن أبي عبد الله أنه سمع عبد الرحمن بن عوف يسأل بلالاً:

كيف مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الخفَّين؟ قال: تبرز ثم دعا بمطهرة أي إداوة فغسل وجهه ويديه ثم مسح على خفَّيه وعلى خمار العمامة.

قال عبد الرزاق: ثم دعا بمطهرة بالإداوة.

‌التعليق:

هذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عبد الله مولى تيم، أما أبو عبد الرحمن فقد ذكر شعبة في رواية أنه أبو عبد الرحمن السلمي

(2)

.

والحديث في مصنف عبد الرزاق (734) ومن طريقه أخرجه الطبراني في الكبير (1099) ووقع خطأ في إسناده فليصحح.

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن بكر: تقدم انظر ح (3).

عبد الرزاق بن همام الصنعاني، ثقة حافظ مصنف شهير (انظر ترجمته في بابه)، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، أبو بكر المدني، مشهور بكنيته، ثقة، من الخامسة، روى له البخاري ومسلم.

أبو عبد الرحمن عن بلال، قيل: هو مسلم بن يسار وإلا فهو مجهول من الثانية، روى له أبو داود والنسائي.

أبو عبد الله مولى بني تيم، مجهول، من السادسة، روى له أبو داود والنسائي.

(2)

أبو داود (153) والشاشي (965).

ص: 665

وذكره البخاري في التاريخ الكبير (2/ 106) تعليقاً عن أبي عاصم وعبد الرزاق عن ابن جُريج بهذا الإسناد.

هكذا قال ابن جُريج (عن أبي بكر بن حفص، عن أبي عبد الرحمن، عن أبي عبد الله

).

خالفه شعبة

(1)

فقال: (عن أبي بكر بن حفص، عن أبي عبد الله، عن أبي عبد الرحمن).

وتابعه عبد الملك بن أبجر عن أبي بكر بن حفص فجعله من رواية أبي عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن عوف إلا أنه سمّاه مسلم بن يسار

(2)

.

وهم ابن جُريج فقلب الإسناد فإنما هو عن أبي عبد الله عن أبي عبد الرحمن فجعله من رواية أبي عبد الرحمن عن أبي عبد الله.

قال ابن حجر: «وأما قول مَنْ قال فيه أبو عبد الرحمن عن أبي عبد الله عن بلال فقد قلبه ابن جُريج، صرّح بذلك غير واحد من الحفاظ» .

(1)

أبو داود (153) وابن أبي شيبة (1/ 481) والشاشي (963)(964)(965)(966) والطبراني في الكبير (1100)(1101) والحاكم (1/ 170) والبيهقي (1/ 288 - 289) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح فإن أبا عبد الله مولى بني تيم معروف بالصحة والقبول.

(2)

الدارقطني في العلل (7/ 176 رقم 1283) وقال: (ما سماه أحد إلا ابن أبجر فقال عن أبي عبد الرحمن مسلم بن يسار وليس عندي كما قال).

ص: 666

‌الحديث الثاني عشر

(1)

:

292 -

قال الإمام أحمد (2/ 494): حدثنا حجاج قال: قال ابن جُريج: أخبرني موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«مَنْ جلس في مجلس كثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم: سبحانك ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غُفر له ما كان في مجلسه ذلك» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير سهيل بن أبي صالح فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم (3433)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (397)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 289)، والطبراني في الأوسط (77، 6584) وفي كتاب الدعاء (1914)، والحاكم في

(1)

رجال الإسناد:

حجاج: بن محمد المصيصي: تقدم.

موسى بن عقبة: بن أبي عياش الأسدي مولى آل الزبير، ثقة فقيه، إمام في المغازي، روى له البخاري ومسلم.

سهيل بن أبي صالح: واسمه ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، صدوق تغير بأخرة، روى له مسلم والبخاري مقروناً بغيره.

أبو صالح: ذكوان أبو صالح السمان الزيات، مولى جويرية بنت الأحمس الغطفاني، المدني، سكن الكوفة، كان يجلب الزيت والسمن إلى الكوفة، ثقة ثبت، من الطبقة الثالثة، روى له البخاري ومسلم.

أبو هريرة: صحابي مشهور.

ص: 667

المستدرك (1/ 536) وفي معرفة علوم الحديث (273) كلهم من طريق حجاج بن محمد به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث سهيل إلا من هذا الوجه.

وقال الحاكم في المستدرك: (صحيح على شرط مسلم) ووافقه الذهبي.

وهذا الإسناد في ظاهره أنه على شرط مسلم.

إلا أن أئمة الحديث البخاري وأبا حاتم وأبا زرعة والإمام أحمد قد أعلُّوه وأعلّه أيضاً الحاكم في علوم الحديث، والعجيب أنه صححه في مستدركه.

قال الحاكم في معرفة علوم الحديث ص 362: هذا حديث مَنْ تأمله لم يشك أنه من شرط الصحيح وله علة فاحشة.

حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد الوراق قال: سمعت أبا حامد أحمد بن حمدون القصار يقول: سمعت مسلم بن الحجاج وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري فقبَّل بين عينيه وقال: دعني حتى أقبِّل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله، حدثك محمد بن سلام قال: حدثنا مخلد بن يزيد الحراني قال: أخبرنا ابن جُريج عن موسى بن عقبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في كفارة المجلس، فما علته؟

قال محمد بن إسماعيل: هذا حديث مليح، ولا أعلم بهذا

ص: 668

الإسناد في الدنيا إلا هذا الحديث

(1)

، إلا أنه معلول، حدثنا به موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا سهيل عن عون بن عبد الله قوله. قال محمد بن إسماعيل: هذا أوْلى، فإنه لا نذكر لموسى بن عقبة سماعاً من سهيل اه.

قال الحافظ في الفتح (13/ 545) تعليقاً على قول الإمام البخاري (لا أعلم بهذا الإسناد في الدنيا إلا هذا الحديث) قال: وهو كما قال لأن هذا الإسناد وهو ابن جُريج عن موسى بن عقبة عن سهيل لا يوجد إلا في هذا المتن، ولهذا قال البخاري: لا أعلم لموسى سماعاً من سهيل يعني أنه إذا لم يكن معروفاً بالأخذ عنه وجاءت عنه رواية خالف راويها وهو ابن جُريج مَنْ هو أكثر ملازمة لموسى بن عقبة منه رجحت رواية هذا الملازم فهذا يوجبه تعليل البخاري ..

قال الحافظ: وقد سبق البخاري إلى تعليل هذه الرواية أحمد بن حنبل فذكر الدارقطني في العلل عنه أنه قال: حديث ابن جُريج وهم، والصحيح قول وهيب عن سهيل عن عون بن عبد الله، قال الدارقطني والقول قول أحمد. اه.

قال الدارقطني في العلل (8/ 201 - 205): هذا الحديث يرويه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، واختلف عنه:

(1)

في نسخة الحاكم والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 103): ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث، هو خطأ، قال الحافظ في الفتح (13/ 544) قوله لا أعلم بهذا الإسناد في الدنيا هو المنقول عن البخاري لا قوله لا أعلم في الدنيا في هذا الباب فإن في الباب عدة أحاديث لا تخفى على البخاري، ثم ذكر الحافظ أن هذا يؤيده سياق الخليلي في الإرشاد (3/ 960) والبيهقي.

ص: 669

فرواه موسى بن عقبة عن سهيل، كذلك حدّث به عنه ابن جُريج، ولا نعلم رواه عن موسى غيره

ثم قال: وخالفهم وهيب بن خالد، رواه عن سهيل عن عون بن عبد الله عن عقبة قوله.

قال أحمد بن حنبل: حدّث به ابن جُريج عن موسى بن عقبة وفيه وهم والصحيح قول وهيب.

وقال: أخشى أن يكون ابن جُريج دلّسه عن موسى بن عقبة أخذه من بعض الضعفاء عنه، والقول كما قال أحمد. اه.

وكذلك ضعفه أبو حاتم وأبو زرعة ورجحا أن يكون الوهم من ابن جُريج أو سهيل.

قال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 195): سألت أبي وأبا زرعة عن هذا الحديث فقالا: هذا خطأ، رواه وهيب، عن سهيل، عن عون بن عبد الله موقوف وهذا أصح.

قلت لأبي: الوهم ممن هو؟

قال: يحتمل أن يكون الوهم من ابن جُريج، ويحتمل أن يكون من سهيل، وأخشى أن يكون ابن جُريج دلّس هذا الحديث عن موسى بن عقبة ولم يسمعه من موسى، أخذه عن بعض الضعفاء.

وسمعت أبي مرة أخرى يقول: لا أعلم روى هذا الحديث عن سهيل أحد إلا ما يرويه ابن جُريج فأخشى أن يكون أخذه عن إبراهيم بن أبي يحيى إذ لم يروه أصحاب سهيل.

ص: 670

لا أعلم روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من طرق أبي هريرة. اه.

وقال الحافظ ابن حجر: فاتفق هؤلاء الأئمة على أن هذه الرواية وهم، ولكن لم يجزم أحد منهم بوجه الوهم فيه، بل اتفقوا على تجويز أن يكون ابن جُريج دلسه، وزاد أبو حاتم تجويز أن يكون الوهم فيه من سهيل.

فأما الخشية الأولى فقد أمناها لوجود هذا الحديث من طرق عدة عن ابن جُريج قد صرّح فيها بالسماع من موسى

(وذكرها).

وبقي ما خشيه أبو حاتم من وهم سهيل فيه.

وذلك أن سهيلاً كان قد أصابته علة نسي من أجلها بعض حديثه ولأجل هذا قال فيه أبو حاتم (يكتب حديثه ولا يحتج به).

ثم ذكر الحافظ ترجيح رواية وهيب على موسى بن عقبة لأنه أعرف بحديث سهيل منه لملازمته له، فقال رحمه الله:

«فإذا اختلف عليه ثقتان في إسناد واحد أحدهما أعرف بحديثه وهو وهيب من الآخر وهو موسى بن عقبة قوي الظن بترجح رواية وهيب لاحتمال أن يكون عند تحديثه لموسى بن عقبة لم يستحضره كما ينبغي وسلك فيه الجادة فقال: عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه كما هي العادة في أكثر أحاديثه ولهذا قال البخاري في تعليله: (لا نعلم لموسى سماعاً من سهيل).

أي أنه إذا كان غير معروف بالأخذ عنه ووقعت عنه رواية واحدة

ص: 671

خالفه فيها مَنْ هو أعرف بحديثه وأكثر له ملازمة رجحت روايته على تلك الرواية المنفردة

(1)

. اه.

والحديث صححه بعض أهل الحديث منهم الترمذي والحاكم وابن حبان.

فيقول الحافظ مبيِّناً فضل المتقدمين في هذا الفن وأن التعليل أمر خفي لا يحسنه إلا نقاد أئمة الحديث دون غيرهم.

قال رحمه الله: (وبهذا التقرير يتبين عظم موقع كلام الأئمة المتقدمين وشدة فحصهم وقوة بحثهم وصحة نظرهم وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك والتسليم لهم فيه.

وكل مَنْ حكم بصحة الحديث مع ذلك إنما مشى فيه على ظاهر الإسناد كالترمذي كما تقدم وابن حبان فإنه أخرجه في صحيحه). اه.

(1)

النكت على ابن الصلاح (2/ 199 - 201) مع بعض الاختصار، وانظر أيضاً (2/ 192 - 211)، وانظر فتح الباري (13/ 544 وما بعده)، وتدريب الراوي (1/ 259) توضيح المشتبه (9/ 273 - 277).

ص: 672

‌الحديث الثالث عشر

(1)

:

293 -

قال ابن حبان في صحيحه (2499): أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همّام عن ابن جُريج عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سُلَيم عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس أو يستخبر» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الحسن بن سفيان وهو ثقة حافظ.

وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5715) من طريق همام عن ابن جُريج مقروناً مع محمد بن عجلان ولم يقل (أو يستخبر) قال الطحاوي: وزاد ابن جُريج: (ولا يجلس حتى يصلي).

(1)

رجال الإسناد:

الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز، أبو العباس الشيباني الخراساني النسوي، صاحب المسند، قال الحاكم: كان محدث خراسان في عصره مقدَّماً في الثبت والكثرة والفهم والعفة. وقال الحافظ أبو بكر الرازي: ليس للحسن في الدنيا نظير، توفي سنة 303 (السير 14/ 157، تذكرة الحفاظ 2/ 703).

هدبة بن خالد بن الأسود القيسي، أبو خالد البصري، ثقة عابد، تفرد النسائي بتليينه، من صغار التاسعة، مات سنة بضع وثلاثين، روى له البخاري ومسلم.

همام بن يحيى بن دينار العوذي، البصري، ثقة ربما وهم، من السابعة، مات سنة 164 أو 165، روى له البخاري ومسلم.

عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام، أبو الحارث المدني، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة 121، روى له البخاري ومسلم.

عمرو بن سليم بن خلدة الزرقي، ثقة، من كبار التابعين، مات سنة 104 يقال: له رؤية، روى له البخاري ومسلم.

ص: 673

هكذا قال ابن جُريج عن عامر، عن عمرو بن سليم عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم:«قبل أن يجلس أو يستخبر» .

خالفه جماعة من أصحاب عامر بن عبد الله فرووه بهذا الإسناد ولم يقل أحد منهم (أو يستخبر) منهم:

الإمام مالك بن أنس

(1)

، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند

(2)

، ويحيى بن سعيد الأنصاري

(3)

، وزيد بن أبي أنيسة

(4)

، وابن جُريج

(5)

، ومحمد بن عجلان

(6)

، وزياد بن سعد

(7)

، ومحمد بن إسحاق

(8)

، وعبد الله بن أبي بكر

(9)

، وعثمان بن أبي سليمان

(10)

، وعبد الرزاق

(11)

، وأبو الأسود

(12)

، ومحمد بن الوليد الزبيدي

(13)

، وفليح بن سليمان

(14)

، وعبيد الله بن عمر العمري

(15)

.

(1)

البخاري (444) ومسلم (714).

(2)

البخاري (1163).

(3)

النسائي في الكبرى (519) وابن خزيمة (1827) وابن حبان (2495).

(4)

ابن حبان (2498).

(5)

ابن حبان (2499).

(6)

أحمد (5/ 296) والحميدي (421) وابن خزيمة (1827) وغيرهم.

(7)

ابن خزيمة (1827).

(8)

ابن خزيمة (1827).

(9)

المصدر السابق.

(10)

أحمد (5/ 305) والحميدي (426) والطحاوي (5713) وأبو عوانة (1238).

(11)

في المصنف (1673).

(12)

الطبراني في الكبير (3280) والأوسط (8958) وأبو نعيم في حلية الأولياء (3/ 168).

(13)

أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين (66).

(14)

الدارمي (1365).

(15)

الطبراني في الأوسط (9170).

ص: 674

وكذلك رواه محمد بن يحيى بن حبان

(1)

عن عمرو بن سليم ولم يذكر هذه الزيادة.

ورواه سهيل بن أبي صالح

(2)

عن عامر بن عبد الله، عن عمرو بن سليم، عن جابر مرفوعاً ولم يذكر هذه الزيادة ووهم في جعله من مسند جابر وسيأتي في بابه.

ورواه أبو عميس عتبة

(3)

بن عبد الله عن عامر فلم يذكر الاستخبار ولكنه زاد ألفاظاً أخرى وهي قوله (ثم ليقعد بعد أن شاء أو ليذهب لحاجته) ولم يتابع على هذه الزيادة ولعلها مدرجة من أحد الرواة انظرها في بابه، ح (662).

ثم إن ابن جُريج مدلس ولم يصرح بالسماع، ورواه ابن خزيمة

(4)

من طريق أبي عاصم عنه عن زياد بن سعد عن عامر بن عبد الله، فلعله سمعه من زياد ثم سمعه من عامر كما فعل محمد بن إسحاق فإنه صرّح بأنه سمعه من عامر بن عبد الله قال: وحدثني عبد الله بن أبي بكر عن عامر

(5)

.

وقد نبّه إلى شذوذ هذه الزيادة العلامة الألباني رحمه الله فقال: وهي زيادة شاذة تفرد بها ابن جُريج مع العنعنة

(6)

.

(1)

مسلم (719).

(2)

أبو يعلى (2117) والترمذي في العلل الكبير (111) والطحاوي (5715).

(3)

أبو داود (468).

(4)

ابن خزيمة (1827).

(5)

المصدر السابق.

(6)

صحيح سنن أبي داود (2/ 266).

ص: 675

‌أثر الوهم:

قد عقد ابن حبان على هذا الحديث (ذكر البيان بأن المرء إنما أمر بركعتين عند دخوله المسجد قبل الجلوس والاستخبار)

(1)

.

وفي هذا نظر، لأن الحديث إنما صحّ الأمر بصلاة تحية المسجد لمَن أراد أن يجلس، أما إذ لم يرد الجلوس في المسجد إنما دخله لأمر آخر فلا يلزمه تحية المسجد، والله تعالى أعلم.

وقد ذكر هذه الزيادة ابن الملقن فقال: وفي رواية لابن حبان في صحيحه فذكر الحديث ثم قال: وفي رواية للحارث بن أبي أسامة: (لا يجلس ولا يستخبر حتى يصلي ركعتين)

(2)

.

وذكرها العيني في شرحه لصحيح البخاري

(3)

، والله تعالى أعلم.

(1)

صحيح ابن حبان (6/ 245).

(2)

البدر المنير (4/ 346).

(3)

عمدة القاري (4/ 202).

ص: 676

‌الحديث الرابع عشر

(1)

:

294 -

قال النسائي في السنن الكبرى (2747): أنبأ عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا ابن جُريج قال: أخبرني محمد بن عباد بن جعفر قال: قلت لجابر: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن يفرد يوم الجمعة بصوم قال: إي ورب الكعبة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

ورواه الإمام أحمد في العلل (3/ 239) عن ابن خلاد عن يحيى به.

ورواه النسائي في الكبرى (2748) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم والنسائي (2749) وأبو يعلى (2206) من طريق حفص بن غياث كلاهما عن ابن جُريج بهذا الإسناد.

هكذا رواه يحيى القطان، وأبو النضر وحفص بن غياث ثلاثتهم عن ابن جُريج فقالوا (عن ابن جُريج، عن محمد بن عباد، عن جابر).

وذكر بعضهم سماع ابن جُريج من محمد عن عباد.

(1)

رجال الإسناد:

عمرو بن علي بن بحر، أبو حفص الفلاس الصيرفي البصري، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة 249، روى له البخاري ومسلم.

يحيى بن سعيد القطان: انظر ترجمته في بابه.

محمد بن عباد بن جعفر بن رفاعة المخزومي، المكي، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 677

خالفهم أبو عاصم الضحاك بن مخلد

(1)

، وعبد الرزاق

(2)

، وحجاج بن محمد

(3)

، وعبد المجيد بن عبد العزيز

(4)

، وأبو قرة الزبيدي

(5)

فرووه عن ابن جُريج فقالوا: (عن ابن جُريج، عن عبد الحميد بن جبير عن محمد بن عباد عن جابر).

زادوا في الإسناد عبد الحميد بن جبير وهذا هو المحفوظ، والوهم فيه من ابن جُريج كما سيأتي.

وقد رواه سفيان بن عيينة

(6)

عن عبد الحميد بن جبير عن محمد بن عباد عن جابر).

وقد نقل الإمام أحمد عن يحيى القطان ما يفيد أن ابن جُريج كان يضطرب فيه.

قال أحمد: كتب إليّ ابن خلاد قال: سمعت يحيى يقول: حدثني ابن جُريج عن محمد بن عباد بن جعفر قال: أتيت جابر بن

(1)

البخاري (1984) والدارمي (1748) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2594) والبيهقي (4/ 301).

(2)

مسلم (1143) وهو في المصنف (7808).

(3)

النسائي في الكبرى (2746) وأبو عوانة (2940) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2594).

(4)

الشافعي في السنن (1/ 302) والبيهقي في معرفة السنن والآثار (3/ 445).

(5)

ذكره ابن الملقن في التوضيح (13/ 491) قال: رواه عن ابن جريج كما رواه البخاري الجم الغفير منهم ما رواه أبو قرة في سننه عن ابن جريج وهو من أثبت الناس فيه فذكر الحديث.

(6)

مسلم (1144) والحميدي (1226) وأبو نعيم في المستخرج (2593) وأحمد (3/ 312) والشافعي في السنن (1/ 301) وابن ماجه (1724).

ص: 678

عبد الله فقلت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن صوم يوم الجمعة؟ قال: إي ورب الكعبة.

قال يحيى: رفعه قال فيه: حدثنا يعني محمد بن عباد وهو في الكتب عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة، وإن لم يحدثك ابن جُريج في كتابه لم تنتفع به

(1)

.

وقال الإمام أحمد: قال يحيى: قلت لابن جريج فأبى إلا أنه سمعه منه يعني من محمد بن عباد بن جعفر ووجدته يعني يحيى يقول: وجدته في الكتب عن عبد الحميد بن جبير عن محمد بن عباد

(2)

.

لذا نقل ابن خلاد عن يحيى القطان قال: كنا نسمي كتب ابن جُريج كتب الأمانة

(3)

.

وحمل البيهقي الوهم في هذا الإسناد على يحيى القطان فقال: قصر بإسناده فلم يذكر فيه عبد الحميد بن جبير»

(4)

وقد علمت أن الوهم إنما هو من ابن جُريج، والله تعالى أعلم.

‌علة الوهم:

1 التحديث من حفظه، ولا شك أن ذلك يدركه الخطأ والنسيان، لذا قال القطان: إذا لم يحدثك ابن جُريج من كتابه لم تنتفع به.

(1)

العلل ومعرفة الرجال (3/ 239) رقم 5050.

(2)

المصدر السابق (3/ 89).

(3)

المصدر السابق (3/ 239) رقم 5051.

(4)

السنن الكبرى (4/ 301).

ص: 679

2 أن ابن جُريج قد روى عن محمد بن عباد غير حديث

(1)

.

(1)

ابن خزيمة (1014)(1431)(1649) والنسائي في الكبرى (2748)(2749) وأحمد (3/ 411).

ص: 680

‌ملخص أوهام ابن جُريج

رقم الحديث

شيخ الراوي

الوهم

الصحيح

1

محمد بن المنكدر

ثم بات حتى أصبح بذي الحليفة

لم يتابع على هذه الزيادة وإنما هي من رواية أبي قلابة عن أنس

2

محمد بن المنكدر

فنزلت {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ «11»}

{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ «176»}

3

عطاء بن أبي رباح

التي لا يقسم لها صفية بنت حيي أن ميمونة ماتت بالمدينة

سودة ماتت بسرف

4

الزهري

رخص النبي صلى الله عليه وسلم في الكذب في ثلاث

هو من قول الزهري

5

الزهري

عن عمرو بن سعد

عن عامر بن سعد

6

الزهري

عطاء بن يزيد

السائب بن يزيد

7

الزهري

أنس بن مالك

عبدالله بن عمرو

8

كثير بن كثير

عن أبيه

عن بعض أهله

9

عكرمة بن خالد

أسيد بن حضير

أسيد بن ظهير

10

عمرو بن دينار

عن عبدالله بن عمرو بن العاص

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبدالله بن عمرو

11

أبو بكر بن حفص بن عمر

أبو عبدالرحمن عن أبي عبدالله

أبو عبدالله عن أبي عبدالرحمن

ص: 681

رقم الحديث

شيخ الراوي

الوهم

الصحيح

12

موسى بن عقبة

سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة

سهيل بن أبي صالح، عن عون بن عبدالله موقوفاً

13

عامر بن عبدالله بن الزبير

إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس أو يستخبر

زاد أو يستخبر فهي شاذة

14

محمد بن عباد بن جعفر

محمد بن عباد، عن جابر

عبدالحميد بن جبير، عن محمد بن عباد، عن جابر

ص: 682